Professional Documents
Culture Documents
التنصيب البرلماني للحكومة 26-12-2022
التنصيب البرلماني للحكومة 26-12-2022
أل
تحت إشراف ا ستاذ المصطفى منار
:من إعداد الطلبة
-فاطمة أحوجيل
-نجاة ليت حميدان
-عبد العزيز الحسني
مقدمة:
تع د مس ألة تنص يب الحكوم ة مس ألة جوهري ة في أي نظ ام برلم اني ،لكونه ا األس اس
الدس توري والق انوني ال ذي يمكن الحكوم ة بع د تش كيلها من ممارس ة مهامه ا وتط بيق
برنامجه ا ال ذي على أساس ه ح ازت على ثق ة البرلم ان ،وهك ذا يكتس ي موض وع تنص يب
الحكومة من طرف البرلمان أهمية دستورية في النظام السياسي المغربي ( )1خاصة وأن
دس تور س نة 2011أدخ ل مجموع ة من المس تجدات ج اءت في الفص ل 47من الدس تور
ال ذي نص على أن المل ك يعين رئيس الحكوم ة من الح زب المتص در النتخاب ات أعض اء
مجلس الن واب بينم ا الفص ل 88من ه نص على أن تنص يب ه ذا األخ ير للحكوم ة ،ورغم
المكتس بات ال تي ج اء به ا الدس تور الجدي د الت زال عملي ة تنص يب البرلم ان للحكوم ة تلفه ا
مجموعة من االختالالت التي تظهر على مستوى التطبيق ،بحيث يتم طرح التساؤل هل
هناك تنصيب أحادي أم مزدوج (أي يتم من طرف الملك أم البرلمان أو هما معا) ،ويمكن
القول أن نفس التساؤل مطروح بالنسبة للنظام الفرنسي ،ولمعالجة هذه اإلشكالية البد من
معرفة كيفية تنصيب الحكومة سواء في النظام المغربي و نظيره الفرنسي مع تبيان أوجه
التش ابه واالختالف من خالل م ا نص علي ه دس تور كال البل دين وم ا ج رى العم ل ب ه على
الصعيد التطبيقي والعملي.
وعلي ه سنقس م ه ذا الموض وع إلى مطل بين :األول س نتناول في ه عملي ة التنص يب
البرلماني للحكومة في النظام الدستوري المغربي والثاني سنتطرق فيه إلى أوجه التشابه
واالختالف بين النظامين.
وذلك وفق التصميم التالي:
مقدمة
المطلب الثاني :أوجه االختالف والتشابه في عملية التنصيب البرلماني للحكومة بين
المغرب وفرنسا
خاتمة
المطلب األول عملية التنصيب البرلماني للحكومة في النظام الدستوري المغربي
يعت بر التنص يب البرلم اني للحكوم ة آلي ة أساس ية لتعزي ز الت وازن الدس توري بين
المؤسس ات تتجلى خصوص ا في مراقب ة المؤسس ة التش ريعية لعم ل الحكوم ة( ،)2وعلي ه
سنتناول عملية التنصيب البرلماني للحكومة بالمغرب من خالل الفقرتين التاليتين.
أث يرت إش كالية التنص يب البرلم اني ألول م رة في ظ ل دس تور 1962أثن اء ع رض
حكومة "باحنيني" لبرنامجها على أنظار البرلمان ،وبرزت من جديد على إثر إقرار دس تور
1992بخالف الدساتير الثالثة لسنوات 1962و 1972و 1992التي كانت تعطي للملك
وح ده ص الحية تع يين الحكوم ة ،رغم أن الفص ل 59من دس تور س نة 1992س مح ألول
مرة في التاريخ الدستوري المغربي برط تشكيل الحكومة بمناقشة وتصويت مجلس الن واب
وه ذا أدى إلى نق اش فقهي بين رأيين :األول ي رى أن هن اك ازدواجي ة التنص يب الحك ومي
بين الملك الذي يعين الحكومة والبرلمان الذي يناقش برنامجها ويصوت عليه ،والثاني كان
يرى أن الملك وحده يملك صالحية تعيين وتنصيب الحكومة ،حيث كان يرى هذا االتجاه
أن المستجدات التي جاءت في دستور 1992لم تؤد إلى أية تغييرات في مراكز السلطة
الممارسة وخاصة بعد صدور دستور 1996التي ذهبت في اتجاه التنصيب األحادي من
مطلق ة للمل ك في مج ال تع يين الحكوم ة حيث أص بح لزام ا حص ولها على تزكي ة البرلم ان
حيث اعت بر الفص ل 60من الدس تور ( )1996أن الحكوم ة مس ؤولة أم ام المل ك و أم ام
البرلم ان وعلى ال وزير األول تق ديم برن امج حكومت ه ال ذي يك ون موض وع مناقش ة أم ام
المجلس ين( الن واب والمستش ارين) ثم التص ويت علي ه بع دم رفض ه من األغلبي ة المطلق ة
لألعضاء الذين يؤلفون مجلس النواب كما نصت عليه الفقرة الثانية من الفصل ،75وفي
حالة سحب الثقة تستقيل الحكومة جماعة حسب الفقرة األخيرة من نفس الفصل ال ذي يحي ل
عليه الفصل 60عند عدم المصادقة على برنامج الحكومة الذي عرضه الوزير األول .
جاء دستور سنة 2011لتكريس قواعد ومفاهيم جديدة في مجال تنصيب الحكومة،
حيث نص على نظ ام الملكي ة البرلماني ة ،ف أقر بتع يين رئيس الحكوم ة من داخ ل الح زب
السياسي المتصدر لالنتخابات التشريعية (مجلس النواب) ،كما تم استعمال مفهوم التنصيب
مقرون ا بمفه وم الثق ة البرلماني ة ،فق د نص الفص ل 88على "يتق دم رئيس الحكوم ة أم ام
مجلسي البرلمان مجتمعين ،ويعرض البرنامج الذي يعتزم تطبيقه… يكون البرنامج المشار
إليه أعاله ،موضوع مناقشة أمام كال المجلسين ،يعقبه تصويت في مجلس النواب ،تعتبر
الحكوم ة منص بة بع د حص ولها على ثق ة مجلس الن واب ،المع بر عنه ا بتص ويت األغلبي ة
المطلقة لألعضاء الذين يتألف منهم ،لصالح البرنامج الحكومي".
ك ل ه ذه االعتب ارات دفعت العدي د من المختص ين إلى اعتب ار التنص يب البرلم اني
شرطا أساسيا في التشكيل النهائي للحكومة)4( .
وعلي ه الب د من التط رق إلى مقتض يات الفص ل 47من الدس تور الح الي فيم ا يخص
تعيين رئيس الحكومة
ينص الفص ل 47من دس تور 2011في فقرت ه األولى على أن" :المل ك يعين رئيس
الحكوم ة من الح زب السياس ي ال ذي تص در انتخاب ات أعض اء مجلس الن واب وعلى أس اس
نتائجها".
مما يفيد أن سلطة التعيين تبقى اختصاصا خالصا للملك ومجاال محفوظا له ،وليس
لغ يره ح ق اختي ار أو تع يين رئيس الحكوم ة ،وإ ن ك ان ه ذا االختي ار مش روطا بض رورة
انتماء هذا األخير للحزب المتصدر النتخابات مجلس النواب وعلى أساس نتائجها.
كما أن الصيغة التي جاءت بها هذه الفقرة من الفصل 47لم تحدد من هو الشخص
المع ني به ذا التع يين ،مم ا يفي د على أن للمل ك س لطة تقديري ة في اختي ار ه ذا الش خص من
داخل الحزب دون أن يكون هو بالضرورة زعيما له أو من ضمن قياداته.
غ ير أن الفص ل 47من الدس تور ال يتح دث عن رئيس حكوم ة "بالفع ل" ،وإ نم ا عن
رئيس حكوم ة “ب القوة” بتعب ير آخ ر فلن يتح ول رئيس حكوم ة "بالفع ل" إلا "إذا نجح في
تكوين غالبية وتشكيل حكومة تحظى بتنص يب مجلس النواب كم ا ينص على ذلك الفصل
88من الدس تور في فقرت ه الثالث ة“ :تعت بر الحكوم ة منص بة بع د حص ولها على ثق ة مجلس
النواب المعبر عنها بتصويت األغلبية المطلقة لألعضاء الذين يتألف منهم لصالح البرنامج
الحكومي"
وب الرجوع للتج ارب االنتخابي ة التش ريعية ،ال تي عرفه ا المغ رب بع د دخ ول دس تور
2011ح يز التنفي ذ ،نج د أن التع يين انص ب على المس ؤول األول عن الح زب الف ائز ،كم ا
جرى في أول االنتخابات التشريعية التي تم تنظيمها بعد دخول دستور 2011حيز التنفيذ
بتاريخ 25نونبر 2011التي أفرزت تقدما لحزب العدالة والتنمية ،وتم على إثرها تعيين
عب د اإلل ه بنك يران رئيس ا للحكوم ة في 3ين اير ،2012و تم تعيين ه للم رة الثاني ة وكل ف
بتشكيل الحكومة بعد فوز العدالة والتنمية بانتخابات 7أكتوبر ،2016مما يسمح بالقول
بتشكل عرف دستوري لهذا اإلجراء الذي تبنته المؤسسة الملكية والذي يعد بمثابة احترام
الختي ار القواع د الحزبي ة ال تي انتخبت زعيم ا لحزبه ا ،لكن تم الخ روج على ه ذا الع رف
ومخالفت ه بس بب ع دم اس تطاعة عب د اإلل ه بنك يران تش كيل الحكوم ة وتم إعف اؤه من ط رف
المل ك وتع يين رئيس حكوم ة آخ ر من نفس الح زب وه و س عد ال دين العثم اني ،ويع ود ه ذا
األمر لمجموعة من العوامل منها عدم دسترة مدة تشكيل الحكومة فرئيس الحكومة غير
مقيد بمدة زمنية لتشكيل حكومته ،فتحديد مدة تشكيل الحكومة ضروري للفاعلين السياس يين
ي دفعهم لتش كيل تح الف حك ومي في أق رب وقت ،ووض ع اس تراتيجيات دقيق ة لت دبير زمن
المش اورات الحكومي ة ،ومن ناحي ة أخ رى تحدي د م دة تش كيل الحكوم ة يقط ع الطري ق أم ام
ه در ال زمن الحك ومي فيم ا ل و ط ال أم د المش اورات ب دون تحقي ق تق دم في بن اء ائتالف
حكومي.
المطلب الثاني :أوجه االختالف والتشابه في عملية التنصيب البرلماني للحكومة بين
المغرب وفرنسا
تنص الم ادة الثامن ة من الدس تور الفرنس ي على م ا يلي "يعين رئيس الجمهوري ة
الوزير األول وينهي مهامه بناء على تقديم هذا األخير استقالة الحكومة .كما يعين أعضاء
الحكوم ة اآلخ رين وينهي مه امهم بن اء على اق تراح من ال وزير األول " حس ب مقتض يات
ه ذه الم ادة ف إن رئيس الجمهوري ة ه و من يعين ال وزير األول أي ه و المخول ل ه دستوريا
هذا التعيين بدون قيد أو شرط وبالتالي فهذه المسألة ال تثير أي إشكاالت ،وهو الذي يقيله
بع د تق ديم اس تقالة الحكوم ة إلي ه ،كم ا يعين أعض اء الحكوم ة ب اقتراح من ال وزير األول
وينهي مه امهم بن اء على اق تراح ال وزير األول أيض ا ،فس لطة التع يين ال تش مل إال ال وزير
األول ،في حين أن ب اقي أعض اء الحكوم ة ال يس تطيع أن يعينهم أو يقيلهم إال بن اء على
اقتراح الوزير األول ،كما أن المادة الثامنة ال تشير إلى المشاورات االعتيادية كالتي كانت
في عه د الجمهوري تين الثالث ة والرابع ة ال تي ك ان يق وم به ا رئيس الجمهوري ة م ع رؤس اء
الكتل البرلمانية)5(.
لكن المادة 49من الدستور التي تنص على "يحرك الوزير األول ،بعد مداولة مجلس
الوزراء ،مسؤولية الحكومة أمام الجمعية الوطنية عن برنامجها أو عند االقتضاء عن بيان
السياسة العامة"
فهي مث ار الج دال الق ائم بين الفقه اء في فرنس ا ،ال ذي يتمح ور ح ول إمكاني ة اعتب ار
الحكوم ة ملزم ة بطلب الثق ة من البرلم ان بع د تعيينه ا من ط رف رئيس الدول ة أم ال ،إذ
ي ذهب البعض إلى أن الحكوم ة غ ير مقي دة عن د تش كيلها بع رض البرن امج الحك ومي على
الجمعية الوطنية ،وإ نما تبقى السلطة التقديرية في طلب ثقة البرلمان من عدمه رهينة بها،
هذا في الوقت الذي يقول البعض( ،)6بض رورة ع رض الحكوم ة لبرنامجه ا على الجمعي ة
الوطنية.
ومن أنصار التنصيب األحادي نجد "جورج بوردو" G.Burdeauالذي يقول أن
الحكومة غير ملزمة بطرح مسألة الثقة على الجمعية الوطنية بخصوص برنامجه ا ،مبررا
ذل ك بك ون الفق رة األولى من الم ادة 49من الدس تور الفرنس ي لس نة ،1958ق د اس تعملت
عبارة "ربط الحكومة مسؤوليتها" وليس عبارة "مسألة الثقة" التي كانت في دستور ،1946
معتبرا أن هذا الغموض في الصياغة يؤكد أن المفترض في النظام الدستوري الفرنسي هو
تمت ع الحكوم ة مب دئيا بثق ة الجمعي ة الوطني ة بمج رد تعيينه ا ،لك ون المش رع الدس توري
الفرنس ي لم يخص ص م ادة مس تقلة لمس ألة الثق ة وم ادة أخ رى للملتمس البرلم اني بس حب
الثقة ،كما كان عليه الشأن في دستور الجمهورية الرابعة ،وإ نما جمعهما في مادة واحدة،
مما يزيد من تأكيد الموقف.
في حين يذهب فقيه آخر وهو "الفروف" D.G lavroffبعدم وجود أي مقتضى في
الدستور يل زم الحكوم ة بع رض برنامجه ا على الجمعي ة الوطني ة أو بإث ارة مس ؤوليتها به ذا
الخصوص إال إذا دعت الضرورة إلى ذلك ،إذ أن الممارسة القديمة للتنصيب تم اس تبعادها
بص فة كلي ة ،في حين يتحجج "ش ارل ديب اش" Ch.Debbachبغم وض الفق رة األولى من
الم ادة 49من الدس تور الفرنس ي المتمث ل في ع دم إح داثها الل تزام واض ح به ذا الش أن
موضحا في نفس الوقت أنه في حالة إنشاء هذا االلتزام فإنه سيظل بدون جزاء.
إن مختل ف اآلراء الس ابقة الذكر ،انطلقت من تحلي ل الفق رة األولى من الم ادة 49من
دستور الجمهورية الخامسة الصادر سنة ،1958لتستدل على كون الحكومة غير ملزمة
بعرض برنامجها على الجمعية الوطنية بمجرد تعيينها وال بإثارة مسؤوليتها ،إال إذا كانت
هن اك ض رورة إليه ا ،في حين هن اك م بررات اس تند إليه ا الفري ق الآخ ر ،ال ذي اعت بر أن
الحكومة ملزمة بعرض برنامجها على الجمعية الوطنية بمجرد تعيينها ،و من بين أبرز
المدافعين على هذا الرأي نجد" ،بيير باكنت" ،Pierre Pactatالذي اعتبر أن المادة 49
تض منت في مقتض ياتها التمي يز بين ن وعين من المس ؤولية :مس ؤولية البرن امج الحك ومي،
وهي إلزامي ة ب دليل أن فع ل "تحم ل" En Gagerال ذي ال يكتس ب قيمت ه اآلم رة إال به ا،
ومسؤولية بيان حول السياسة العامة التي هي اختيارية وخاضعة لتقدير الحكومة.
وهنا يبرز الكاتب نظريتين :األولى ،تتمثل في الشكل العادي لسير النظام السياسي،
بمع نى أن ال وزير األول ل ه مطل ق الحري ة في ط رح المس ؤولية السياس ية أم ام الجمعي ة
الوطنية ،ألنه مسؤول أمامها ومسألة الثقة تطرح منذ البداية ،أما الثانية ،فتتمثل في الشكل
االس تثنائي لس ير النظ ام السياس ي ،إذ أن ال وزير األول آن ذاك ال يس تمد ش رعيته من رئيس
الجمهورية فقط ،بل من موافقة أغلبية الجمعية الوطنية أيضا ،التي يلتزم بطرح المسؤولية
السياسية أمامها والتي تعتبر ضرورية لبقائه ،أما العميد "أندريه هوريو" فقد ذهب في نفس
االتجاه القائل ب أن منح الجمعية الوطنية الثقة للحكومة واضحة ،ولو أن تأويل المادة 49
من ذ س نة 1966وح تى س نة 1969لم يكن يل زم الحكوم ة ال تي تتقل د مهامه ا ح ديثا بطلب
هذه الثقة ،إلى أن الوزير األول يتحمل مسؤولية الحكومة وليس إمكانية تحملها.
هذا الخالف الفقهي والنظري ،امتد أيضا إلى جانب الممارسة ،فالحكومات المتعاقبة
اختلفت في تعامله ا م ع ه ذه الم ادة ،حيث ق امت حكوم ة "بومبي دو" األولى س نة 1962
والثاني ة في 1964بع رض برنامجه ا للتص ويت علي ه من قب ل الجمعي ة الوطني ة ،في حين
امتنعت حكومات أخرى عن ذلك ،منها حكومة ("كوفي ذي مورفيل"" ،ميسمير" و "شابان
دالم اس") ،لم ترتب ط مس ؤولية الحكوم ة ببرن امج معين يع رض على الجمعي ة الوطني ة عن د
بداي ة عمله ا ،غ ير أنه ا بع د م رور ال وقت ق امت بع رض تص اريح بالثق ة ح ول سياس تها
العامة.
وعليه ف أغلب الشخصيات التي تقلدت منصب الوزير األول في فرنسا ،كانت تعتبر
اللج وء إلى الفق رة األولى من الم ادة 49من الدس تور ،ه و إج راء ي دخل في س لطتهم
التقديرية ،لذلك يرى أحد الباحثين أن مسؤولية الحكومة أمام الجمعية الوطنية ،فقدت في
ظ ل الجمهوري ة الخامس ة معناه ا اإليج ابي عكس م ا ك ان علي ه الح ال خالل الجمهوري ة
الرابعة.
ه ذا فيم ا يخص الفق ه الفرنس ي وكي ف انقس م بين ف ريقين لك ل منهم ا وجه ة نظ ره
ودالئله ،كما سبق توضيح ذلك ،إذ هناك من أيد فكرة التنصيب األحادي مستندا في ذلك
على تحلي ل الم ادة 49من الدس تور الفرنس ي خاص ة فقرته ا األولى ،وانطالق ا من نفس
المادة دافع اآلخرون على رأيهم المؤيد لفكرة التنصيب المزدوج.
مقارن ة م ع النص وص المنظم ة لمس ألة تنص يب الحكوم ة في كال النظ امين المغ ربي
نج د الم ادة الثامن ة من دس تور الجمهوري ة الخامس ة الفرنس ي تنص على أن رئيس
الجمهورية هو من يعين الوزير األول ويعفيه من مهامه ويرأس مجلس الوزراء كما جاء
في المادة التاسعة ،في المقابل نجد الفصل 47من الدستور المغربي ينص على أن الملك
يعين رئيس الحكوم ة من الح زب ال ذي تص در انتخاب ات أعض اء مجلس الن واب وي رأس
الملك المجلس الوزاري حسب الفصل 48من الدستور المغربي.
فاإلطار الدستوري الفرنسي يسمح لرئيس الجمهورية باختيار من يراه مناسبا وأهال
لثقت ه في منص ب ال وزير األول وأن ه ذا األخ ير يق ترح ال وزراء على رئيس الجمهوري ة
الذين يعينهم بهدف مباشرة مهامهم وله حق إعفاء الوزير األول من مهامه وكذا الوزراء
بخالف اإلطار الدستوري المغربي الذي ينص على أن الملك ملزم بتعيين رئيس الحكومة
من الح زب ال ذي حص ل على المرتب ة األولى في االنتخاب ات التش ريعية ويق ترح ال وزراء
ال ذين يعين ون أيض ا من ط رف المل ك ،فتع يين ال وزير األول من ط رف رئيس الجمهوري ة
غ ير مرتب ط بحص ول حزب ه ألغلبي ة حزبي ة ب ل يخت ار من ي راه مناس با وف ق منظ وره
الشخص ي في حين أن رئيس الحكوم ة في المغ رب يعين من ط رف المل ك ويك ون من
الحزب المتصدر لالنتخابات البرلمانية وإ ن جرت العادة أن يكون هو رئيس الحزب ،في
كال النظ امين ال وزير األول في فرنس ا ورئيس الحكوم ة في المغ رب يقترح ان ب اقي
ال وزراء ال ذين يتم تع يينهم بع د ذل ك من قب ل رئيس الجمهوري ة في فرنس ا والمل ك في
المغ رب ،يمكن ل رئيس الجمهوري ة إعف اء ال وزير األول وك ذلك ال وزراء من مه امهم لكن
في المغرب لم يعد بإمكان الملك إقالة رئيس الحكومة كما تم تقييد سلطته أيضا في إقالة
الوزراء إال بعد استشارة رئيسها وإ ن كان رأيه غير ملزم للملك ،أما بخصوص تنصيب
الحكوم ة فهن اك خالف في تفس ير منط وق الفق رة األولى من الم ادة 49من الدس تور لس نة
1958التي استعملت "ربط الحكومة مسؤوليتها" بدل "مسألة الثقة" وهذا ما تم تفصيله في
الفقرة األولى من هذا المطلب ،حيث يوجد اتجاهان هناك من يرى ان التنصيب أحادي أي
ال دخل للجمعية الوطنية في تنصيب الحكومة باعتبار هذه األخير غير ملزمة عن د تش كيلها
بتقديم برنامجها لممثلي الشعب وحيازة ثقتهم واالتجاه الثاني يرى بأن الحكومة ملزمة بعد
تعيينه ا من ط رف رئيس الجمهوري ة بع رض برنامجه ا على الجمعي ة الوطني ة ،حيث
اعتبرت أغلب الشخصيات التي تولت منصب الوزير األول أن اللجوء إلى الفقرة األولى
من الم ادة 49من الدس تور ه و إج راء ي دخل في س لطتهم التقديري ة أم ا في المغ رب ف إن
الفصل 88ينص بكل وضوح على ضرورة تنصيب الحكومة من طرف البرلمان "تعتبر
الحكومة منصبة من بعد حصولها على ثقة مجلس النواب "...وبذلك يكون األمر قد حسم
في ج دال ط ال من ذ س نة ،1962إذا الحكوم ة ال يمكنه ا مباش رة مهامه ا المخول ة له ا
دس توريا إال بع د حوزته ا لثق ة مجلس الن واب وذل ك بالتص ويت على برنامجه ا المزم ع
تطبيقه)7( .
خاتمة
لقد أثارت مسألة تعيين وتنصيب الحكومة نقاشات مهمة وكثيرة على مستوى النص
الدس توري في كال النظ امين المغ ربي والفرنس ي ب النظر إلى تطورهم ا ع بر محط ات
تاريخي ة مهم ة ،فك ل مرحل ة ج اءت بمقتض يات مختلف ة تتالءم م ع س ياقها السياس ي
واالجتماعي الذي أفرزها ،فما تضمنته الوثيقة الدستورية لسنة 2011بدا أوفر حظا من
غيره ا ،من حيث التق دم ،إال أن الممارس ة هي من تثبت م دى ق درة الدس تور على ف رض
نفس ه ،ولئن ك ان الدس تور يرب ط تس مية "رئيس الحكوم ة" بنت ائج انتخاب ات مجلس الن واب؛
فإنه لم يقطع مع ممارسات قد تصنف في خانة "التقاليد" ،ومن جهة أخرى فالتنصيب وإ ن
ك ان الي وم أحادي ا كم ا يحي ل النص ،والتع يين ش كلي ،إال أن مس ؤولية الحكوم ة ال زالت
حاضرة وبقوة أمام الملك ،الذي يمكنه إعفاء الوزراء بمبادرة منه وإ ن بعد استشارة رئيس
الحكومة،
وعليه فمسألة تعيين رئيس الحكومة الواردة بالفصل 47من الدستور ،أفرزت نقاشا
دستوريا وسياسيا كما حالة التنصيب البرلماني المنصوص عليها بالفصل ،88ولعل هذا
م ا ي زكي فرض ية تط ور تنص يب الحكوم ة ب المغرب وبالت الي ،ففي خض م ك ل م ا س لف،
ص ارت إش كالية تع يين وتنص يب الحكوم ة بدس تور 2011تث ير اهتم ام الب احثين ،في ظ ل
نظ ام “ملكي ة دس تورية ،ديمقراطي ة ،برلماني ة واجتماعي ة” تحظى في ه المؤسس ة الملكي ة
بصالحيات موسعة في تعيين األداة الحكومية ،الشيء الذي أدى إلى اختالفات في قراءات
الفصلين 47و 88من دستور 2011بصفوف أهل السياسة والفقه الدستوري ،كذلك األمر
في اإلشكاالت التي أثارتها المادة 49من الدستور الفرنسي بين فقهاء القانون الدستوري،
لكن مايميزها هو محاوالتها القطيعة مع ما كان من هيمنة السلطة التشريعية التي أدت إلى
عدم االستقرار الحكومي ،فكان لزاما البحث عن صيغة تبعد الجمعية الوطنية في تقرير
مصير الحكومة المعين رئيسها من طرف رئيس الجمهورية .
المراجع:
-1الدكتور عبد النبي كياس باحث في علم السياسة والقانون الدستوري -موقع العلوم القانونية ، MarocDroit -نشر بتاريخ 31
مارس ) 2012
-2ذ محم د ص الح ب احث بس لك ال دكتوراه تخص ص الق انون الدس توري والعل وم السياس ية – كلي ة الحق وق السويس ي-موق ع العل وم
القانونية)Maroc Droit-
-4م قال لألستاذ جواد عبيبي في هسبريس بتاريخ 21أكتوبر 2021صالحيات الحكومة قبل التنصيب البرلماني)-
-5د .محمد أتركين النظام الدستوري والسياسي الفرنسي األنظمة الدستورية الكبرى)
-6الحكومة وتنصيبها في النظام الدستوري المغربي حنان بوقطيب طالبة باحث&&ة في س&&لك ال&&دكتوراه حن&&ان ب&&وقطيب طالب&&ة
باحثة في سلك الدكتوراه كلية العلوم القانوني&&ة واالقتص&ادية واالجتماعي&&ة وجـدة مرك&&ز ال&رقيم للدراس&ات واألبح&اث العلمي&&ة
األكاديمية المحكمة)
-7محمد صالح باحث بسلك الدكتوراه تخصص القانون الدستوري –تحصص القانون الدستوري والعلوم السياسية -كلية الحقوق
السويسي)