Professional Documents
Culture Documents
لطائف الجود في وحدة الوجود لعبد الرحمن العيدروس
لطائف الجود في وحدة الوجود لعبد الرحمن العيدروس
……
اللطيفة االولي
قال اهل المعرفة نفع هللا بهم :دلت البراهين العقلية النيرة على وجود الوجود المطلق ووجوبه ،وأنه شخص ألنه
واجب الوجود وهو موجود في الخارج باإلتفاق والضرورة ،وكل موجود في الخارج فهو شخص ،وأنه واحد ال
ثاني له إذ لو لم يتميز الثاني عن األول بوجه من الوجوه فهو عين األول ال ثانيه ،إذ الشيء ال يكون ثانيا لغيره إال
إذا وجد في أحدهما ما ليس في اآلخر ،وحيث فرضنا أنه ال زيادة فال اثنينية ،وإن تميز األول بأمر محقق لإلثنينية
ولو بوجه اعتباري لم يكن الثاني مطلقا بالمعنى المذكور ،بل مقيد بذلك األمر المميز له عن المطلق ،والمقيد ال
يكون ثانيا للمطلق بل وجها من وجوهه ،ثم ليس معنى الشخص الجسم المؤلف بل الشخص هو الموجود المتعين
في الخارج ،وهو أعم من الجسم وغيره.
اللطيفة الثانية
قال أهل المعرفة نفع هللا بهم :الوجود المطلق إذا أطلق على الحق تعالى فهو الوجود المجرد عن األعيان
والمظاهر ،وإذا أطلق على الوجود العام المفاض على حقايق المكنات فهو الوجود المقترن بالحقايق المتعدد
بحسبها المتعين بمقتضى أحكامها وآثارها المتميز عن الوجود بالمعنى االول بهذه النسب واإلعتبارات ،وهو
المعبر عنه بالعماء في حديث أبي رزين الصحابي نفع هللا به ،فهذا العماء الذي فتح هللا فيه صور ما سواه من
العالم هو الوجود الفائض المنبسط على حقائق الممكنات ،ولهذا قال القونوي نفع هللا به :وتوحيد الوجود هنا عبارة
عن انبساطه على الحقائق المتميزة في علم الموجد أزال فيوجد كثرتها يعني يظهر صور الممكنات فيه على
مقتضى حقائقها الغير المجعولة المختلفة من اللطافة والكثافة والعلو والسفل والصغر والكبر واأللوان واألشكال،
فالوجود المنبسط عليها وهو العماء الذي هو صورة النفس الرحماني موجود في الخارج ،وإال لم يوجد شيء من
الممكنات.