You are on page 1of 34

‫دراساتٌٌلغويّة‪ٌ :‬‬

‫علم اللغة اجلغرايف بني حداثة املصطلح وأصوله لدى العرب‬


‫‪Geographical Linguistic Study between Modern Terminology and its‬‬
‫‪Origin among Arab People‬‬

‫‪Kajian Linguistik dan Geografi antara Terminologi Moden dan Asal‬‬


‫‪Usulnya di Kalangan Masyarakat Arab‬‬

‫‪‬‬
‫عبد العزيز بن محيد احلميد‬

‫ملخص البحث‪:‬‬
‫يتناول هذا البحث علماً جديداً يف اصطالحه وتكوينه‪ ،‬وهو (علم اللغة اجلغرايف)‪ ،‬وهو‬
‫تسمية حديثة لعلم يشرتك يف حبوثه علمان مها‪ :‬علم اللغة‪ ،‬وعلم اجلغرافيا‪ ،‬يأيت علم اللغة‬
‫وعلم اجلغرافيا علمني منفصلني يف ميدانني متباعدين‪ ،‬فعلم اللغة يتعلق بلغة اإلنسان وما‬
‫يتصل به من فروع وقضايا‪ ،‬وعلم اجلغرافيا يتعلق بالبلدان واملناطق وما يتصل هبا من‬
‫العريب أنه كان "عند العرب بذور‬
‫يشك املطلع على الرتاث ّ‬ ‫مسائل بعيدة عن اللغة‪ ،‬وال ّ‬
‫علم اللغة اجلغرايف الذي يدرس العالقة بني الظاهرة اللغوية وجمال انتشارها‪ ،‬وإن مل تكن‬
‫على حنو علمي صارم‪ ،‬وتبدو يف أخذهم رواية اللغة عن األعراب يف البوادي ووضع‬
‫احلدود بني اللهجات وقبائلها‪ .‬سأحاول يف الصفحات اآلتية أن أكشف عن حداثة علم‬
‫ايف لدى الغربيّني وهو من علم اللغة التطبيقي‪ ،‬مع الكشف عن أعمال العرب‬ ‫اللغة اجلغر ّ‬
‫اليت تدخل حتته‪ ،‬سواء أكانوا لغويّني أم جغرافيّني‪ .‬وحماوليت هذه هي إلبراز تكامل اجلهود‬

‫‪ ‬كلية اللغة العربية بالرياض‪ ،‬جامعة اإلمام حممد بن سعود اإلسالمية‪ ،‬السعودية‪.‬‬
‫جملة الدراسات اللغوية واألدبية‬

‫ ويف موضوعنا هذا يتجلّى النضج احلديث‬.‫بلغات خمتلفة وحضارات متع ّددة‬ٍ ‫وإن كانت‬
.)‫على أيدي الغربيّني هلذا العلم (علم اللغة اجلغرايف‬

.‫املقدسي‬ -‫ جهود القدامى‬-‫ املعاصرون‬-‫ األطلس اللغوي‬-‫ علم اللغة‬:‫الكلمات المفتاحية‬

Abstract:
This research studies new knowledge both in its term and composure. It is
(Geographical Linguistic study). It is a new name for a study which contains
two different knowledge in its works; Linguistics and Geography. These
disciplines come from two different fields of knowledge. Linguistics deals
with Human languages and entire what relate to it from branches and issues,
while Geography studies what relate to towns, regions and all matters that
have links with it, which are so far from Language. Whoever has access to
Arab Heritage will not maintain no doubt that source of Geo- Linguistics
existed in Arab Legacy, which takes care of relationship between Linguistics
phenomenon and its expansion; it may not be capable of been based on
organized scientific way as it is in Western study. The vast example for
Geo- Linguistics in Arab Heritage can be traced to reporting of language
from Arab Bedouins and erecting boundaries among the dialects and tribes
in the work of early Arabia Grammarians. This paper will explore in the next
pages, recent Geo- Linguistics study in the West, which was laid down under
Applied Linguistics and bring out some Arab works that have links with this
knowledge either from Linguistics or Geographers. My effort is to exhibit
integrated endeavors from different languages and multi civilizations. In this
topic, current discovery from Westerners will be exhibit for this knowledge
Geo- Linguistics.

Keywords: Linguistics- Linguistic Atlas- Contemporary- Ancient efforts-


Sanctified.

Abstrak:
Kajian ini mengupas satu istilah yang menggabungkan di antara dua disiplin
kajian: linguistic dan geografi; kedua-duanya adalah cabangan disiplin ilmu
yang berbeza di dalam dua bidang yang berbeza. Linguistik adalah kajian
bahasa manusia dan isu-isu yang berkaitan dengannya manakala geografi
pula adalah kajian berkenaan tempat-tempat dan isu-sisu yang berkaitan
dengannya. Tidak dinafikan bagi mereka yang melakukan kajian yang
berkenaan bahawa bangsa Arab telah mempunyai benih-benih cabang
disiplin kajian ini yang melihat hubungkait di antara fenomena bahasa dan
juga kawasan ia tersebar. Ia mungkin tidak sejelas kaedah ilmiah moden,
namun usaha mereka merekodkan ungkapan bahasa daripada penutur Badwi
dan melukis sempadan dialek kabilah-kabilah di sesuatu tempat merupakan
landasan cabang disiplin ini. Artikel ini akan menghuraikan perkembangan
cabang disiplin ilmu ini di kalangan sarjana Barat dan bagaimanakah usaha-
usaha pengkaji bahasa Arab lampau dan para sarjana geografinya turut boleh

‫ السنة الثانية‬-‫العدد الثاين‬ 62


‫علم اللغة اجلغرايف بني حداثة املصطلح وأصوله لدى العرب‬

‫‪dianggap sebagai usaha awal cabang kajian moden tentang bahasa ini. Usaha‬‬
‫‪ini ialah untuk menunjukkan susur galur perkembangan sesuatu cabang ilmu‬‬
‫‪itu yang datang dari latar sejarah, tamadun serta bahasa yang berbeza-beza‬‬
‫‪dan bagaimana ia telah mencapai tahap kematangannya yang turut di‬‬
‫‪sumbangkan oleh sarjana-sarjana moden Barat.‬‬

‫‪Kata kunci: Linguistik– Atlas Bahasa– Sarjana Kontemporer– Usaha‬‬


‫‪Sarjana lampau– Al–Maqdisiy.‬‬

‫مقدمة‪:‬‬
‫عند احلديث عن علم اللغة اجلغرايف وتطبيقاته على اللغة العربية جيب أالّ ننسى اجلهود الغربيّة‬
‫يف نضوج هذا العلم واستقالله وتأصيله‪ ،‬مع النظر إىل ما يدخل حتت هذا العلم من جهود‬
‫علماء العرب من جغرافيّني ولغويّني بالتقدير واإلشادة‪.‬‬
‫يتناول هذا البحث علماً جديداً يف اصطالحه وتكوينه‪ ،‬وهو (علم اللغة اجلغرايف)‪ ،‬وهو‬
‫يسميه‬
‫تسمية حديثة لعلم يشرتك يف حبوثه علمان مها‪ :‬علم اللغة‪ ،‬وعلم اجلغرافيا‪ ،‬وقد ّ‬
‫عجب يف كون العرب‬ ‫َ‬ ‫بعضهم بـ(اللغويّات اجلغرافيّة) وآخرون بـ(اللسانيّات اجلغرافيّة)‪ ،‬وال‬
‫لغويني وجغرافيني مل يعرفوا هذا العلم بامسه هذا؛ ذلك أن املعارف اإلنسانية تراكميّة‪ ،‬والعرب‬
‫مع سبقهم أغلب األمم القدمية يف دراساهتم اللغويّة وجهودهم اجلغرافية اليت شهد كبار‬
‫لكن تأسيس هذا العلم حُيسب‬ ‫علماء الشرق والغرب بتميّزها وتأثريها يف املعارف اإلنسانية‪ّ ،‬‬
‫للغربيّني؛ فالعرب وضعوا أصول بعض العلوم اللغويّة ‪-‬ومنها علم اللغة اجلغرايف‪ -‬وبذلوا فيها‬
‫جهوداًكبرية‪ ،‬لكنّها نضجت عند غري العرب بعد هنضتهم يف العصر احلاضر‪ ،‬فوضعوا أصوهلا‬
‫ونظريّاهتا وتش ّكلت علوماً مستقلة‪.‬‬
‫يأيت علم اللغة وعلم اجلغرافيا علمني منفصلني يف ميدانني متباعدين‪ ،‬فعلم اللغة يتعلق‬
‫بلغة اإلنسان وما يتصل به من فروع وقضايا‪ ،‬وعلم اجلغرافيا يتعلق بالبلدان واملناطق وما‬
‫لكن هذين العلمني يتقاربان جداً يف ظروف معيّنة‬ ‫يتصل هبا من مسائل بعيدة عن اللغة‪ّ ،‬‬
‫ليكونا علماً واحداً تبدو الصلة وثيقةً بني هذين اجلانبني فيه‪.‬‬
‫التمعن فيها مناطق واسعة يغفل عنها‬ ‫إ ّن نقاط االلتقاء بني اللغة واجلغرافيا تبدو عند ّ‬
‫ايف عن قضايا‬ ‫اللغوي عن قضايا اللغة املتصلة باجلغرافيا‪ ،‬وغفلة اجلغر ّ‬
‫ّ‬ ‫الباحثون؛ بسبب غفلة‬
‫اجلغرافيا املتصلة باللغة‪ .‬ولذا ُيجم أكثر الباحثني عن الدراسات املتصلة هبذا امليدان؛ ملا‬
‫‪62‬‬ ‫ديسمرب‪6122 -‬م‬
‫جملة الدراسات اللغوية واألدبية‬

‫حتتاجه من اتساع نظرة من خيوض فيه‪ ،‬وأكثر اللغويّني يؤثر البحث فيما هو واضح من‬
‫قضايا اللغة وموضوعاهتا‪ ،‬وال يلتفت إىل ما ُيتاج لعل ٍم آخر‪.‬‬
‫التماس بني العلوم ميداناً خصباً إلقامة العديد من الدراسات احليّة‪ ،‬وهي يف‬
‫ّ‬ ‫تبدو نقاط‬
‫أغلبها قضايا وموضوعات تربط بني القدمي واحلديث‪ ،‬وخيرج منها علوم حديثة يف اصطالحها‬
‫وإن كان لبعضها أصول قدمية يف كتب العلماء‪.‬‬
‫ولو أنا نظرنا إىل أمساء العلوم اآلتية لوجدنا لكل علم ميداناً مستقالً‪:‬‬
‫علم اللغة‪ ،‬علم اجلغرافيا‪ ،‬علم التاريخ‪ ،‬علم النفس‪ ،‬علم االجتماع‪ ،‬علم احلاسوب‪.‬‬
‫فاعل يف حياة اإلنسان‪ ،‬ومرتَ َكٌز تدور حوله العديد من تلك العلوم؛‬
‫عنصر ٌ‬
‫وأل ّن اللغة ٌ‬
‫فإ ّهنا تتداخل معها ليخرج منها علوم جديدة جتمع بني اللغة وأحد تلك العلوم‪ .‬ولذا تحعرف‬
‫علوم حديثةٌ حتمل األمساء املذكورة آنفا‪.‬‬
‫اآلن ٌ‬
‫صالت مفتعلةٌ أو‬
‫ٌ‬ ‫ولست أعين من إشارايت السابقة أ ّن الصلة بني اللغة وتلك العلوم‬
‫حمدثةٌ‪ ،‬بل أعين إيضاح تلك الصالت‪ ،‬وبيان جميئها من ٍ‬
‫علوم تبدو يف ظاهرها متباعدة‪ .‬كما‬
‫قدمية‬ ‫ٍ‬
‫ووقفات ٍ‬ ‫أصول وردت يف إشار ٍ‬
‫ات‬ ‫أ ّن هذه العلوم احلديثة يف اصطالحاهتا ونضجها هلا ٌ‬
‫تستقل لديهم‪ ،‬فأكثر‬
‫ّ‬ ‫يدل على أهنم عرفوا موضوعات تلك العلوم وإن مل‬ ‫للعلماء‪ ،‬مما ّ‬
‫مسائل تلك العلوم وردت متناثرة لدى القدماء على ّأهنا جزء من دراساهتم حول اللغة‪.‬‬
‫لقد أدرك اجلغرافيون العرب أمهية املوقع اجلغرايف وأثره يف اللغة‪ ،‬وكذلك أدرك اللغويّون‬
‫ذلك عند مجعهم اللغة؛ فاعتنوا بتحديد املوقع اجلغرايف للقبائل اليت رووا عنها‪ ،‬واليت رأوا عدم‬
‫الرحالة وأحكامهم‬
‫الرواية عنها لتأثر لغتها مبؤثرات خارجيّة‪ ،‬كما أ ّن مالحظات اجلغرافيني و ّ‬
‫اللغويّة على ما يسمعونه من لغات البلدان عالمة جليّة على أمهيّة املوقع اجلغرايف وصلته‬
‫باللغة‪.‬‬
‫العريب أنه كان "عند العرب بذور علم اللغة اجلغرايف الذي‬
‫يشك املطلع على الرتاث ّ‬
‫وال ّ‬
‫يدرس العالقة بني الظاهرة اللغوية وجمال انتشارها‪ ،‬وإن مل تكن على حنو علمي صارم‪ ،‬وتبدو‬
‫‪2‬‬
‫يف أخذهم رواية اللغة عن األعراب يف البوادي ووضع احلدود بني اللهجات وقبائلها"‪.‬‬

‫العدد الثاين‪ -‬السنة الثانية‬ ‫‪62‬‬


‫علم اللغة اجلغرايف بني حداثة املصطلح وأصوله لدى العرب‬

‫علم اللغة الجغرافي مفهومه‪ ،‬وحدوده‪ ،‬وبداياته‪:‬‬


‫تع ّددت تسميات هذا العلم مع االختالف بني الباحثني يف املساواة بني تلك التسميات أو‬
‫ألهم هذه التسميات‪:‬‬
‫التفرقة بينها‪ ،‬وفيما يأيت بيان ّ‬
‫‪ -‬علم اللغة اجلغرايف أو علم اللغة اإلقليمي ‪" :Area Linguistics‬فرع من فروع علم‬
‫اللغة يبحث يف تصنيف اللهجات واللغات على أساس جغرايف‪ ،‬كما يبحث يف‬
‫توزيع هلجات ٍ‬
‫لغة ما‪ ،‬ويف الفروق بني هذه اللهجات‪.‬‬
‫‪ -‬ويسمى هذا العلم أيضاً جغرافيا اللهجات أو اجلغرافية اللغوية ‪Linguistic‬‬
‫‪geography‬‬
‫‪ -‬ويطلق مصطلح علم اللغة اإلقليمي أو اجلغرايف أيضاً على دراسة اللغات أو‬
‫اللهجات اليت يتكلمها السكان يف منطقة معينة‪ .‬ومثال ذلك دراسة لغتني‬
‫كل منهما يف األخرى فيما يتعلق بالنحو‪ ،‬واملفردات‪،‬‬ ‫متجاورتني ملعرفة كيف تؤثر ٌ‬
‫والنطق‪ ،‬إخل‪.‬‬
‫‪ -‬ويطلق على علم اللغة اجلغرايف مصطلح‪ ،Geographical Linguistics :‬وهو‬
‫أحد فروع علم اللغة الذي يدرس التوزيع اإلقليمي للهجات‪.‬‬
‫‪ -‬ويحطلق أيضاً على علم اللغة اجلغرايف‪ Geolinguistics :‬ويعرفونه بأنه دراسة‬
‫اللغات من حيث توزيعها اجلغرايف والسكين‪ ،‬ومن حيث تأثري كل لغة يف اللغات‬
‫األخرى‪.‬‬
‫‪ -‬ويهتم علم اللغة اجلغرايف بدراسة اللغات يف احلالة اليت هي عليها اآلن‪ ،‬مع‬
‫اإلشارة بصفة خاصة إىل عدد املتحدثني بكل لغة‪ ،‬والتوزيع اجلغرايف‪ ،‬واألمهية‬
‫‪6‬‬
‫االقتصادية والعلمية والثقافية؛ وأيضاً التعرف عليها يف أشكاهلا املنطوقة واملكتوبة‪.‬‬
‫معني دراسة جغرافية تارخيية واجتماعية يف وحدة‬ ‫‪ -‬وعحّرف بأنّه دراسة إقليم جغرايف ّ‬
‫‪3‬‬
‫لغوية معيّنة‪.‬‬
‫ويتضح من املصطلحات املتع ّددة السابقة أنّه يف أغلبه تع ّدد يف املصطلح لعل ٍم و ٍ‬
‫احد‪،‬‬ ‫ٌ‬
‫وهو ما يعطي هذا العلم اتساعاً يصعب حصر قضاياه اليت تدخل حتته‪ ،‬ولذا ال نعجب من‬
‫‪62‬‬ ‫ديسمرب‪6122 -‬م‬
‫جملة الدراسات اللغوية واألدبية‬

‫اختالف الكتب اليت تتحدث عن هذا العلم فيما يدخل حتته من دراسات‪ ،‬وهو ما يعطينا‬
‫اتساعاً يف تطبيقه على املسائل اليت تتصل فيها اللغة باجلغرافيا‪.‬‬
‫اللغوي ماريوباي من وظيفة علم اللغة اجلغرايف أن يصف ‪-‬بطريقة علمية‬
‫ّ‬ ‫وقد جعل‬
‫وموضوعية‪ -‬توزيع اللغات يف مناطق العامل املختلفة ليوضح أمهيّتها السياسية واالقتصادية‬
‫واالجتماعية واإلسرتاتيجية والثقافية‪ ،‬وأن يدرس طرق تفاعل اللغات بعضها مع بعض‪،‬‬
‫‪4‬‬
‫شك أن ما ذكره ماريوباي‬
‫وكيفية تأثري العامل اللغوي يف تطور الثقافة والفكر الوطنيني‪ .‬وال ّ‬
‫من بعض وظائف هذا العلم‪ ،‬فهو علم واسع متج ّدد يتناول مسائل كثرية تلتقي فيها اللغة‬
‫باجلغرافيا‪.‬‬

‫أهم قضايا علم اللغة الجغرافي وتطبيقاته في العصر الحديث‪:‬‬


‫ّ‬
‫ونضجت يف هذا العصر‪ ،‬مع وجود ٍ‬
‫أصول له‬ ‫ْ‬ ‫استوت‬
‫ْ‬ ‫مبا أ ّن هذا العلم من العلوم احلديثة اليت‬
‫بأهم مسائله واجلهود اليت بحذلت فيها‪:‬‬
‫يف القدمي‪ُ ،‬يسن التعريف ّ‬
‫القضية األولى‪ :‬األطالس الجغرافيّة للهجات والظواهر اللغويّة‬
‫األطلس اللغوي طريقة حديثة لتسجيل الظواهر اللغوية على خرائط جغرافية‪ ،‬وذلك عند‬
‫إيضاح لظاهرة لغويّة هلا عالقة‬
‫ٍ‬ ‫احلاجة إىل حتديد مناطق تلك الظواهر‪ ،‬فتأيت اخلريطة وسيلة‬
‫معني‪ ،‬وهي من أقوى مظاهر اتصال علمي اللغة واجلغرافيا‪.‬‬
‫مبكان ّ‬
‫ومل يعرف العرب األطالس اللغوية‪ ،‬فهي وسيلة حديثة لتصوير ما ذكره القدماء‬
‫واحملدثون عن اختالف اللهجات يف البالد املختلفة‪ ،‬فيأيت األطلس ليظهر تلك االختالفات‬
‫اللغوية على خرائط جغرافية‪.‬‬
‫وفكرة األطلس اللغوي بدأت يف النصف الثاين من القرن التاسع عشر امليالدي‪ ،‬وكان‬
‫رائدا هذا النوع من الدراسة فنكر )‪ (Wenker‬األملاين‪ ،‬وجليريون )‪ (Gilliéron‬الفرنسي‪ ،‬فقد‬
‫قام كل منهما بعمل أطلس لبالده‪ ،‬ظهر أحدمها وهو األطلس الفرنسي بعد أن أمته جليريون‬
‫مع مساعده (‪ )Edmond Edmont‬وبدأ نشره من سنة ‪2216‬م إىل سنة ‪2221‬م‪ ،‬ويف‬
‫العدد الثاين‪ -‬السنة الثانية‬ ‫‪31‬‬
‫علم اللغة اجلغرايف بني حداثة املصطلح وأصوله لدى العرب‬

‫سنة ‪2222‬م بدأ فنكر (‪ )Wenker‬العمل يف األطلس األملاين سنة ‪2222‬م إال أن عمله‬
‫حيث عمل على نشر‬ ‫‪Wrede‬‬ ‫هذا مل يتحقق على يده‪ ،‬بل حتقق على يد تلميذه فرده‬
‫‪ )Deutscher‬سنة‬ ‫(‪sprachetlas‬‬ ‫أطلس لسان أملانيا‪ ،‬وحسن منهاجه‪ ،‬وظهر حتت اسم‬
‫‪2262‬م‪.‬‬
‫وقد أخذت فكرة عمل األطالس تتسع منذ ظهور األطلس الفرنسي سنة ‪2212‬م‪.‬‬
‫ويف سويسرا قام األستاذان‪ :‬يابرج (‪ )Jaberg‬ويود (‪ )Jud‬بعمل أطلس لغوي إليطاليا‬
‫وبوجمارتنر‬ ‫‪Hozenkoecherle‬‬ ‫وجنوب سويسرا‪ ،‬وكذلك األستاذان‪ :‬هوتسنكشريل‬
‫‪ Baumgartner‬قاما بعمل أطلس لغوي للقسم األملاين من سويسرا‪.‬‬
‫ومن األطالس للبالد العربية أطلس لغوي صغري لسوريا ولبنان وفلسطني‪ ،‬نشره‬
‫‪1‬‬
‫املستشرق برجشرتيسر ‪ Bergstraesser‬سنة ‪2221‬م‪.‬‬
‫وقد قام برجشرتيسر بعمل تسجيالته كلها بنفسه يف عام ‪2224‬م‪ ،‬بعد أن حصل‬
‫شهورا يف بالد الشرق‪ ،‬فسافر إىل اآلستانة‪ ،‬ومنها إىل‬
‫على إجازة من جامعة ليبزج‪ ،‬ليقضي ً‬
‫سوريا‪ .‬وفيها تنقل بني بالدها باحثًا وراء اختالف اللهجات الدارجة هبا‪ ،‬فمكث أوالً يف‬
‫(دمشق)‪ ،‬مث سافر إىل اجلنوب يف (معان) مث إىل (حلب) يف الشمال وفلسطني ولبنان‪.‬‬
‫أطلسا لغويا لسوريا وفلسطني‪ ،‬وهو عبارة‬
‫وكانت حصيلة هذه التسجيالت أن وضع ً‬
‫عن ‪ 46‬خريطة تفصيلية‪ ،‬وخريطة واحدة إمجالية‪ ،‬مع شرح لغوي يف كتاب مستقل‪ ،‬نشر يف‬
‫‪2‬‬
‫ليبزج سنة ‪2221‬م‪.‬‬
‫أ‪-‬أهميّة األطلس اللغويّ للعربيّة‪:‬‬
‫أبان شتيجر"‪ "Steiger‬العامل السويسري الذي له هبذا املوضوع عناية خاصة‪ ،‬عن قيمة‬
‫األطلس اللغوي وأمهيته للغة العربية بقوله من تقرير له‪" :‬وبالنسبة للغة العربية نقول‪ :‬إن القيام‬
‫بعمل أطلس لغوي هلا سيحدث ثورة يف كل الدراسات اخلاصة بفقه اللغات السامية؛ ألنه‬
‫شك الدراسات اليت تعتمد على النصوص القدمية بكشفه عن التطورات‬
‫سيكمل من غري ّ‬
‫املتعلقة باللهجات وباللغات الشعبية العصرية‪ .‬وسيكون هلذا األطلس الفضل يف إطالعنا‬
‫‪32‬‬ ‫ديسمرب‪6122 -‬م‬
‫جملة الدراسات اللغوية واألدبية‬

‫على تاريخ علم األصوات والتغريات اليت أصابت اللغة العربية يف األماكن املختلفة اليت غزهتا‪،‬‬
‫وعن مدى انتشارها وتأثرها باملراكز الثقافية‪ ،‬وتنوع مفرداهتا‪ ،‬إىل غري ذلك من املكتشفات‬
‫اليت ال ميكن أن تتم إال إذا مجعت هذه املواد‪ .‬إنه سيكون عمالً ثقافيّاً من الطراز األول‬
‫‪2‬‬
‫وسيكون حتقيقه عنوان جمد وفخار يف تاريخ الثقافة العاملية"‪.‬‬
‫ب‪-‬تسجيل اللهجات العربية تسجيلا جغرافيا على خرائط‪:‬‬
‫اللغوي يف العربية إلبراز اللغة الفصحى بلهجاهتا على خرائط جغرافية‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ميكن تطبيق األطلس‬
‫كما ميكن أن يحطبّق األطلس على اللهجات العربيّة املعاصرة مبا فيها من قحرب أو بحعد عن‬
‫الفصحى‪ ،‬ومع ما يف دراسة العاميّات من اختالف حول جدواها وضرر ذلك على‬
‫لغوي يرى فيها باحثون‬
‫سجل على أطلس ّ‬ ‫لكن هذه الدراسة العلميّة حينما تح ّ‬ ‫الفصحى‪ّ ،‬‬
‫فوائد علميّة عديدة أذكر أمهّها‪:‬‬
‫‪ -‬يعني على دراسة اللهجات يف ذاهتا‪ ،‬ومعرفة خصائصها‪.‬‬
‫‪ -‬يعني على معرفة ما يتصل من اللهجات بالفصحى‪ ،‬وما هو قدمي‪ ،‬فنربط بني‬
‫القدمي واجلديد‪ ،‬وما هو حديث عهد حبياتنا اللغوية فنحاول تقريبه من الفصحى‪.‬‬
‫اللغوي‪:‬‬
‫ّ‬ ‫وفيما يلي أذكر بعض التطبيقات لألطلس‬
‫الرحالة العرب يف جمموعة من اخلرائط اجلغرافية‬
‫‪ -‬إخراج املالحظات اللغويّة ألحد ّ‬
‫الرحالة من ألفاظ ومالحظات لغوية‪.‬‬‫خاص مبا ذكره ذلك ّ‬‫ضم يف أطلس واحد ّ‬ ‫تح ّ‬
‫ومن أمثلة ذلك حماوليت يف كتايب "ابن بطوطة وجهوده اللغوية اجلغرافية‪ :‬ألفاظ‬
‫األطعمة واألشربة أمنوذجاً"؛‪ 2‬فقد أضفت ملحقاً يف آخر البحث عنوانه (ملحق‬
‫خبرائط لغويّة أللفاظ األطعمة واألشربة)‪ ،‬أضفت فيه اخلرائط اجلغرافيّة ملراحل‬
‫كل بلد يف مرب ٍع جبانب‬‫الرحلة‪ ،‬مثّ ذكرت ألفاظ األطعمة واألشربة الواردة يف ّ‬
‫معنوناً باسم ذلك البلد؛ أمالً يف اإلسهام بالربط بني علمي اللغة‬ ‫اخلريطة َ‬
‫واجلغرافيا‪.‬‬

‫العدد الثاين‪ -‬السنة الثانية‬ ‫‪36‬‬


‫علم اللغة اجلغرايف بني حداثة املصطلح وأصوله لدى العرب‬

‫لغوي يشتمل على خرائط للقبائل العربيّة اليت ذكر العلماء أنّه‬
‫‪ -‬إخراج أطلس ّ‬
‫يحستشهد بكالمها واليت ال يحستشهد بكالمها‪ ،‬فتح ّدد اخلرائط املوقع اجلغرايف‬
‫للقبيلة مع ذكر خصائصها اللهجيّة املختلفة‪.‬‬
‫لغوي شامل للعربيّة يف أقدم عصورها‪ُ ،‬يوي هلجاهتا املختلفة حنواً‬
‫‪ -‬إخراج أطلس ّ‬
‫وداللةً وأصواتاً‪ ،‬ومع ضخامة هذا املشروع لكنّه سيق ّدم صورة جديدة حلالة العربيّة‬
‫يف األقاليم املختلفة‪ ،‬وسيكشف عن ميادين كل هلجة‪ ،‬والتطور التارخيي يف‬
‫انتشارها أو احنسارها‪.‬‬
‫ج‪-‬طرق عمل األطلس اللغوي‪:‬‬
‫تحعرف طريقتان لعمل األطالس إحدامها أملانية واألخرى فرنسية‪:‬‬
‫الطريقة األلمانية‪ :‬ابتكرها وقام بتنفيذها (فنكر) وخالصتها‪ :‬أنه ألف أربعني مجلة متثل‬
‫أهم ما جيري على ألسنة الناس كل يوم يف بالده‪ ،‬وطبعها على شكل استمارة هبا بيانات‬
‫خاصة‪ .‬وهلذه الطريقة تفصيالت طويلة ليس هذا مكان ذكرها‪.‬‬
‫الطريقة الفرنسية‪ :‬وهي الطريقة السائدة يف عمل األطالس ‪ -‬خالصتها أن تعمل‬
‫خريطة لإلقليم املراد عمل أطلس له‪ ،‬وتنتخب منه قرى وبالد يالحظ يف كل منها أن متثل‬
‫إىل حد ما البيئة اللغوية اليت توجد البلدة أو القرية فيها‪ .‬وقد بلغ جمموع هذه البالد يف‬
‫أطلس إيطاليا حوايل أربعمائة بلدة‪.‬‬
‫والفرق بني الطريقتني يف عمل األطلس أن الطريقة األملانية متتاز بالشمول؛ ألهنا ال ترتك‬
‫جهة إال ذكرت رواية اللفظ فيها‪ ،‬على حني متتاز الطريقة الفرنسية بالدقة؛ ألن الرواد الذين‬
‫يقومون جبمع مادة األطلس قد دربوا التدريب الكايف يف الناحيتني اللغوية والصوتية‪ ،‬وبذلك‬
‫يعتربون ثقة فيما يدونون عن الرواة اللغويني‪.‬‬
‫ها تان مها الطريقتان املعروفتان لعمل األطالس اللغوية‪ ،‬وقد اعتمد العلماء السويسريون‬
‫على الطريقة الفرنسية‪ ،‬مع زيادات وحتسينات أكسبتهم إياها اخلربة والتجربة‪ ،‬لذلك مل جيئ‬

‫‪33‬‬ ‫ديسمرب‪6122 -‬م‬


‫جملة الدراسات اللغوية واألدبية‬

‫تطورا له‬
‫األطلس اللغوي إليطاليا صورة طبق األصل من أطلس فرنسا جليريون‪ ،‬بل جاء ً‬
‫‪2‬‬
‫وتنقيحا لطريقته‪.‬‬
‫ً‬
‫هاتان الطريقتان أصبحتا قدميتني العتمادمها على الوسائل الورقية واخلطوات التقليدية‪،‬‬
‫ويف الوقت احلاضر ميكن تطوير طريقة عمل األطلس اللغوي اعتماداً على اإلمكانات اليت‬
‫يتيحها احلاسب اآليل ووسائل االتصاالت األخرى‪ ،‬إىل جانب االستفادة من نظام حتديد‬
‫يف حتديد املواقع اجلغرافية ذات الظواهر اللغوية‪ ،‬وال‬ ‫‪GPS‬‬ ‫املواقع العاملي باألقمار الصناعية‬
‫شك أن هذا مما يعطي األطلس اللغوي قيمة أكرب‪ ،‬إىل جانب التقدم الكبري يف رسم اخلرائط‬
‫ّ‬
‫اجلغرافية باحلاسوب‪ ،‬والتصوير الرقمي للمواقع‪ .‬كل هذا جيعل من الطرق املعروفة إلعداد‬
‫األطالس اللغوية قدمية ويعطي إمكانية الوصول إىل طرق أخرى أكثر دقةً وسرعة‪.‬‬
‫د‪ -‬محاوالت لصنع أطلس جغرافي للعربيّة‪:‬‬
‫لغوي‪ ،‬سواء أكان‬‫أمثّل هنا ببعض احملاوالت اليت قام هبا بعض الباحثني لصناعة أطلس ّ‬
‫خاصاً بإقليم حم ّدد أم كان أكرب من ذلك‪ ،‬ويدخل فيه ما إذا جاء استعمال اخلرائط اجلغرافية‬
‫ّ‬
‫إلبراز ظواهر لغوية مدروسة‪:‬‬
‫‪ -2‬قام خليل محمود عساكر خبري جلنة اللهجات يف جممع اللغة العربية بالقاهرة يف‬
‫صيف عام ‪2242‬م برحلة لغوية على نفقة كلية اآلداب جبامعة القاهرة إىل مديرية الفيوم مدة‬
‫تيادا‬
‫عشرا من املدن والقرى‪ ،‬يف نواحيها الشمالية واجلنوبية والغربية‪ ،‬ار ً‬
‫شهر كامل‪ ،‬زار أثناءه ً‬
‫متهيدا لعمل أطلس لغوي ملصر‪ ،‬وقد مجع منها مادة كافية إلعطاء فكرة أولية عن‬
‫ملناطقها‪ ،‬و ً‬
‫‪21‬‬
‫مناطق اللهجات يف الفيوم‪.‬‬
‫وفيما يلي منوذج من اخلرائط اليت أع ّدت لألطلس [وهي منوذج لظواهر هلجية معاصرة]‪:‬‬

‫العدد الثاين‪ -‬السنة الثانية‬ ‫‪34‬‬


‫علم اللغة اجلغرايف بني حداثة املصطلح وأصوله لدى العرب‬

‫‪31‬‬ ‫ديسمرب‪6122 -‬م‬


‫جملة الدراسات اللغوية واألدبية‬

‫‪ -6‬ختم أحمد عبد اهلل عبد ربه ياغي رسالته للدكتوراه (املالحظات اللغوية‬
‫للجغرافيني العرب‪ :‬دراسة يف ضوء علم اللغة) خبرائط جغرافية لغوية للتبادالت الصوتية اليت‬
‫ذكرها اجلغرافيون‪ ،‬وقد بدأ خبريطة تبني أماكن سكىن القبائل العربية يف اجلزيرة العربية‪ ،‬لتتضح‬
‫أصول التبادالت ألن أصوهلا منسوبة إىل القبائل العربية‪ ،‬وقد اعتمد يف توزيع التبادالت على‬
‫ثالثة أركان‪ :‬األول‪ :‬حتديد نوع التبادل‪ ،‬الثاين‪ :‬نسبته إىل القبائل العربية يف اجلزيرة‪ ،‬الثالث‪:‬‬
‫انتشار التبادالت يف األقاليم اجلغرافية املختلفة‪ ،‬وجعل لكل تبادل رمزاً أجبدياً‪.‬‬
‫أما اخلرائط فقد قسمها إىل ثالثة أنواع‪ :‬األول‪ :‬خرائط خاصة بالتبادالت الصوتية‬
‫الشائعة يف املناطق العربية‪ ،‬الثاين‪ :‬خرائط خاصة بالتبادالت الصوتية غري الشائعة مع‬
‫احنصارها يف إقليم معني‪ ،‬الثالث‪ :‬خرائط تبني أشهر التبادالت الصوتية لألصوات العربية يف‬
‫املناطق غري العربية‪.‬‬
‫وقبل أن يورد خرائط النوع األول للتبادالت الشائعة‪ ،‬وهي أربع خرائط‪ ،‬ذكر أنواع‬
‫التبادل والقبائل واملناطق املنسوب إليها‪ ،‬وجعل لكل تبادل رمزاً‪ ،‬وبلغ عددها ثالثة عشر‬
‫تبادالً‪ ،‬أذكرها فيما يلي باختصار دون ذكر املناطق اليت وقع فيها اإلبدال‪:‬‬
‫إبدال اهلمزة عيناً‪ ،‬والعني مهزة‪ /‬ب‪ -‬إبدال اهلمزة هاءً‪ ،‬واهلاء مهزة‪ /‬ج‪ -‬إبدال اهلمزة‬
‫واواً‪ ،‬والواو مهزة‪ /‬د‪ -‬إبدال اهلمزة ياءً‪ /‬ه ‪ -‬إبداء التاء طاءً‪ ،‬والطاء تاءً‪ /‬و‪ -‬إبدال الثاء فاءً‪،‬‬
‫والفاء ثاءً‪ /‬ز‪ -‬إبدال الضاد ظاءً‪ ،‬والظاء ضاداً‪ /‬ح‪ -‬إبدال العني نوناً‪ /‬ط‪ -‬إبدال القاف‬
‫كافاً‪ ،‬والكاف قافاً‪ /‬ي‪ -‬إبدال الكاف شيناً‪ /‬ك – إبدال الم التعريف ميماً‪ /‬ل ‪ -‬إبدال‬
‫الالم نوناً‪ ،‬والنون الماً‪ /‬م‪ -‬إبدال النون ميماً‪ ،‬وامليم نوناً‪.‬‬
‫وقد وضع احلرف الذي يشري إىل أحد اإلبداالت السابقة يف اخلرائط األربع اليت رمسها‬
‫وهي (أماكن سكىن القبائل العربية) و(العراق وبالد الشام) و(مصر وليبيا) و(املغرب‬
‫واألندلس)‪ ،‬فقد وضع احلرف املقصود على اخلريطة جبانب اسم القبيلة اليت نحسب إليها هذا‬
‫‪22‬‬
‫التبادل‪.‬‬

‫العدد الثاين‪ -‬السنة الثانية‬ ‫‪32‬‬


‫علم اللغة اجلغرايف بني حداثة املصطلح وأصوله لدى العرب‬

‫وفيما يلي أورد خريطة من اخلرائط األربع‪ ،‬وهي خريطة (المغرب واألندلس)‪،‬‬
‫وستتضح فيها البلدان والقبائل اليت نحسب إليها كل إبدال مما سبق ذكره‪ ،‬فبالنظر إىل اسم‬
‫القبيلة واحلرف الذي جبانبها نعرف اإلبدال الذي نحسب إليها‪.‬‬

‫‪32‬‬ ‫ديسمرب‪6122 -‬م‬


‫جملة الدراسات اللغوية واألدبية‬

‫مث ذكر أنواع التبادالت غري الشائعة وهي مخسة وعشرون تبادالً‪ ،‬وقد بلغت خرائط‬
‫هذا النوع مخس خرائط‪.‬‬
‫مث ذكر أنواع التبادالت يف األقاليم غري العربية‪ ،‬وهي اثنا عشر تبادالً صوتياً‪ ،‬وعدد‬
‫خرائط هذا النوع ثالث خرائط‪.‬‬
‫ما ق ّدمه أمحد ياغي ‪-‬هنا‪ -‬من حماو ٍلة لرسم خرائط جغرافية للتبادالت الصوتية اليت‬
‫ذكرها بأنواعها يف األقاليم املختلفة حماولة متميّزة؛ لكوهنا متثل جزءاً من أعمال األطلس‬
‫رسم خرائط جغرافية جملموعة كبرية من التبادالت الصوتية اليت ذكرها‬ ‫اجلغرايف‪ ،‬فقد َ‬
‫اجلغرافيون‪ ،‬وبذا فهذه اخلرائط تشكل أطلساً جغرافياً هلذه التبادالت‪.‬‬
‫غري أ ّن الباحث الكرمي مع متيّز حبثه يف موضوعه ومجعه للمالحظات اللغوية يف كتب‬
‫عمل متميّز ال‬
‫اجلغرافيني‪ ،‬ومع ما بذله من جهد كبري يف دراستها يف فصول الرسالة‪ ،‬وهو ٌ‬
‫لكن اخلرائط اجلغرافية اليت ذكرحهتا مل يبذل فيها جهداً يناسب اجلهد‬
‫أعلم أنه حسبق إليه‪ّ ،‬‬
‫يدوي غري دقيق لكل خريطة‪ ،‬مع كتابة أمساء املدن‬ ‫الذي بذله يف الدراسة؛ فقد اكتفى برس ٍم ّ‬
‫رمز هبا إىل التبادالت الصوتية‬
‫يدوي غري واضح‪ ،‬وكذا كتابته للحروف اليت َ‬ ‫ط ّ‬ ‫واألقاليم خب ّ‬
‫لكن اجتاهه إىل رسم تلك‬‫املختلفة ليست واضحة‪ ،‬فقراءة بعضها قد تصعب على القارئ‪ّ ،‬‬
‫اخلرائط واستعماله الرموز لإلشارة إىل التبادالت الصوتية‪ ،‬مع حتديد املنطقة اجلغرافية لكل‬
‫تبادل هو مما حُيمد له‪.‬‬
‫‪ -3‬ق ّدم إبراهيم محمد الخطابي دراسة قيمة عن األطالس اللغوية يف ٍ‬
‫حبث عنوانه‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وفصل فيه احلديث حول أطلس‬ ‫"األسس النظرية واملنهجية ألطلس لسان اجملتمع العريب" ّ‬
‫وقصد به أطلساً لغوياً للهجات العربيّة املعاصرة‪ ،‬وهو وإن مل يبدأ هبذا‬
‫َ‬ ‫لسان اجملتمع العريب‪،‬‬
‫األطلس لكنّه طرح فكرته وخطّته‪ ،‬وفيما يلي أعرض خمتصراً ملا طرحه‪:‬‬
‫يتلخص منهجه يف مجع املعلومات اللسانية املمثلة من عينات هلجية وحتليلها حتليالً‬
‫كمياً‪ ،‬لتحديد طبيعة التوزيع اللساين‪ ،‬جغرافياً وجمتمعياً‪ ،‬وحتديد كثافة التوزيع كما يفعل عامل‬
‫اجلغرافية‪ ،‬يف دراسة الكثافة السكانية‪ ،‬وطبيعة االنتشار واجتاهاته‪ ،‬ورسم خرائط أولية‪ ،‬وربط‬
‫االنتشار والتوزيع بالعوامل التارخيية والنزوح‪.‬‬
‫العدد الثاين‪ -‬السنة الثانية‬ ‫‪32‬‬
‫علم اللغة اجلغرايف بني حداثة املصطلح وأصوله لدى العرب‬

‫واللبنة األساسية يف منهجه املختار هلا ثالثة أركان‪:‬‬


‫‪ -2‬حتديد اجملتمع املْنوي دراسته جغرافياً وتارخيياً‪.‬‬
‫‪ -6‬حتديد أبعاد املتغريات اجلغرافية واجملتمعية اليت تؤثر يف اللسانيات وتصنيف‬
‫املتغريات‪.‬‬
‫‪ -3‬حتديد حجم العينات بعدد األشخاص‪ ،‬وحتديد انتمائهم اجملتمعي‪.‬‬
‫‪26‬‬
‫وقد ق ّدم تفصيالت دقيقة للعمل يف هذا املشروع املقرتح‪.‬‬
‫‪ -4‬استعان تشيم رابين ‪ Chaim Rabin‬يف دراسته القيّمة للهجات العربية الغربية‬
‫القدمية‪ 23‬برسم عدد من اخلرائط اجلغرافية إلبراز ظواهر لغوية متع ّددة‪ ،‬وقد رسم عشرين‬
‫للتعرف على حماولته هذه‬
‫خريطة‪ ،‬وهي خرائط تع ّد منوذجاً مصغّراً لألطلس اجلغرايف للعربيّة‪ ،‬و ّ‬
‫سأختار ثالثاً منها لعرضها هنا مع التعليق املختصر عليها‪:‬‬

‫‪32‬‬ ‫ديسمرب‪6122 -‬م‬


‫جملة الدراسات اللغوية واألدبية‬

‫صور رابني ما ذكره اهلمداين عند حديثه عن لغات اجلزيرة من ذكر‬ ‫يف هذه اخلريطة ّ‬
‫‪24‬‬
‫املناطق اليت حتدثت احلمريية اخلالصة واليت خلطت كالمها باحلمريية‪.‬‬

‫العدد الثاين‪ -‬السنة الثانية‬ ‫‪41‬‬


‫علم اللغة اجلغرايف بني حداثة املصطلح وأصوله لدى العرب‬

‫ذكر رابني إلزام املثىن األلف يف مجيع حاالته وذكر القبائل املختلفة اليت نحسبت إليها‬
‫هذه اللغة‪ 21،‬وقد حاول يف هذه اخلريطة تصوير التوزيع اجلغرايف هلذه اللغة‪.‬‬

‫‪42‬‬ ‫ديسمرب‪6122 -‬م‬


‫جملة الدراسات اللغوية واألدبية‬

‫ذكر رابني لغيت حركة حرف املضارعة‪ ،‬ومها الفتح والكسر‪ ،‬فلهجات احلجاز وأعجاز‬
‫هوازن وأزد السرات وبعض هذيل الفتح‪ ،‬وعند متيم وقيس وأسد وربيعة وعامة العرب‬
‫الكسر‪ 22،‬وقد صور رابني مواضع هاتني اللغتني على هذه اخلريطة‪.‬‬

‫العدد الثاين‪ -‬السنة الثانية‬ ‫‪46‬‬


‫علم اللغة اجلغرايف بني حداثة املصطلح وأصوله لدى العرب‬

‫القضية الثانية‪ :‬توزيع اللغات المختلفة في جميع أنحاء العالم وذكر الفصائل اللغوية‬
‫ممّا عحين به علم اللغة دراسة انتشار اللغات يف العامل وتوزيعها إىل فصائل وجمموعات جتمع‬
‫بينها خصائص معيّنة‪ ،‬حبسب األسس اليت يحبىن عليه ذلك التقسيم‪ ،‬وهذا العمل يدخل يف‬
‫ميدان علم اللغة اجلغرايف‪.‬‬
‫لكن تلك التصنيفات يتبعها‬
‫ومع اختالف اللغويني يف تصنيف اللغات إىل جمموعات‪ّ ،‬‬
‫حتديد املواطن اجلغرافية لتلك اجملموعات‪ ،‬وقد اختلفت تلك التقسيمات بني تقسيمات‬
‫خيص القسم الواحد‬
‫كربى تضم كل فصيلة فيها جمموعات من اللغات‪ ،‬وتقسيمات صغرى ّ‬
‫‪22‬‬
‫لكن تلك التقسيمات تعتمد على توزيع جغرايف للغة‪.‬‬
‫أقل من اللغات‪ّ ،‬‬
‫عدداً ّ‬
‫القضية الثالثة‪ :‬دراسة اللهجات وعلقة بعضها ببعض‬
‫اعتىن اللغويون احملدثون بدراسة اللهجات يف مجيع اللغات‪ ،‬وع ّدوا دراسة اللهجات جزءاً من‬
‫التغريات اليت‬
‫األم ميكن هبا معرفة ّ‬
‫دراسة اللغات األ ّحمات هلا؛ فدراسة اللهجة وربطها بلغتها ّ‬
‫األم‪.‬‬
‫تفرعها إىل هلجات‪ ،‬ومدى قحرب اللهجة وبحعدها عن اللغة ّ‬
‫أصابت اللغة عند ّ‬
‫خاص به هو (علم جغرافيا اللهجة‬
‫ّ‬ ‫وألمهيّة هذا امليدان جعله بعضهم علماً مبصطلح‬
‫‪ )Dialect Geography‬وتتصل به مسائل تفصيلية فرعية يصعب حصرها‪ ،‬منها‪ :‬كيف‬
‫ختتلف هلجات اللغة الواحدة‪ ،‬وما العالقات بينها؟ وما درجة استقالليتها؟ وما حدود مناطق‬
‫‪22‬‬
‫كل هلجة؟‬
‫ّ‬
‫والدراسات اليت تتناول اللهجات العربية ليست على منهج واحد يف التناول‪ ،‬بل تأيت‬
‫مبناهج خمتلفة وألغراض متع ّددة‪ ،‬وميكنين هنا سرد أمساء جمموعة من األعمال اليت تدخل يف‬
‫هذا امليدان مع اختالفها‪:‬‬
‫أ‪ -‬من كتب العرب عن اللهجات‪:‬‬
‫‪" -‬دراسات يف هلجات مشال وجنوب اجلزيرة العربية" ألمحد حسني شرف الدين‪،‬‬
‫وهي دراسة قيمة خمتصرة جتمع بني الظواهر اللهجية القدمية يف هلجات اجلزيرة‬
‫واللهجات احلديثة‪.‬‬
‫‪43‬‬ ‫ديسمرب‪6122 -‬م‬
‫جملة الدراسات اللغوية واألدبية‬

‫‪" -‬يف اللهجات العربية"‪ ،‬إلبراهيم أنيس‪ ،‬وهلذا الكتاب قيمة كبرية لتعلقها بلهجات‬
‫الفصحى وظواهرها‪ ،‬مع ربطها بالظواهر املعاصرة‪.‬‬
‫‪" -‬املعجم الكامل يف هلجات الفصحى" لداود سلوم‪ ،‬وهو معجم قيّم مجع فيه‬
‫مؤلفه الظواهر اليت ذكرها العلماء للهجات العربية املختلفة‪ ،‬بذكر الظاهرة حتت‬
‫اللفظ الذي وردت فيه‪ ،‬وذكر مصادرها القدمية اليت ذكرهتا‪.‬‬
‫‪" -‬معجم لغات القبائل واألمصار" جلميل سعيد‪ ،‬داود سلوم‪ ،‬وهو معجم قيّم يف‬
‫ذكر اللفظ الذي ورد يف اللغة أو يف القرآن الكرمي مع ذكر القبيلة اليت نحسب‬
‫إليها‪.‬‬
‫وال خيفى أ ّن دارسي العربيّة من غري العرب أكثر عناية بدراسة اللهجات‪ ،‬وقد قامت‬
‫دراسات متع ّددة أذكر منها دراستني ممّا تحرجم إىل العربية‪:‬‬
‫‪" -‬اللهجات العربية الغربية القدمية" لتشيم رابني‪ ،‬ترمجه عبد الرمحن أيوب‪ ،‬وقد‬
‫ق ّدمت عنه عرضاً عند ذكر بعض الدراسات اليت تدخل يف علم اللغة اجلغرايف‪،‬‬
‫شك أن دراسته تدخل‬ ‫كما أين أوردت العديد من خرائطه اجلغرافية اللغوية‪ ،‬وال ّ‬
‫يف ميدان اللهجات‪ ،‬وال حاجة ملزيد من التفصيل هنا‪.‬‬
‫‪" -‬دراسات يف هلجات شرقي اجلزيرة العربية" ملؤلفه ت‪ .‬م‪ .‬جونستون‪ ،‬ترمجه أمحد‬
‫بن حممد الضبيب‪ ،‬وهي دراسة حول هلجات اخلليج العريب بدوله املتعددة‪ ،‬ومع‬
‫تدل على جهد علمي جدير باالهتمام‪،‬‬‫كوهنا تتعلق باللهجات العامية لكنّها ّ‬
‫وقد استعان بعدد من اخلرائط اجلغرافية لتصوير مناطق توزيع اللهجات‪ ،‬وإبراز‬
‫بعض الظواهر اللهجية على املواقع اجلغرافية‪.‬‬
‫ب‪ -‬ما يدخل تحت هذا العلم من جهود العرب السابقين لغويّين وجغرافيّين‪:‬‬
‫ووقفات تدخل يف حقل اللغويات اجلغرافية‪ ،‬وهم‬
‫ٌ‬ ‫ات‬
‫ورد عن العرب لغويني وجغرافيني إشار ٌ‬
‫وإن مل يعرفوا هذا املصطلح أو ما يرادفه من املصطلحات احلديثة‪ ،‬لكنّهم أدركوا الصلة‬
‫الوثيقة بني اللغة واجلغرافيا‪ ،‬واحلاجة إىل العلمني معاً يف بعض القضايا‪ ،‬فاللغوي يف بعض‬
‫العدد الثاين‪ -‬السنة الثانية‬ ‫‪44‬‬
‫علم اللغة اجلغرايف بني حداثة املصطلح وأصوله لدى العرب‬

‫املسائل اللغويّة يربط بني اللغة واملوقع اجلغرايف‪ ،‬واجلغرايف عند حديثه عن بعض املواضع يشري‬
‫إىل مسألة لغويّة‪.‬‬
‫وفيما يلي أذكر بعض تلك القضايا عند اللغويّين‪:‬‬
‫األولى‪ -‬الفصاحة وحدودها الجغرافية عند اللغويين العرب‪:‬‬
‫من عناية علماء العربيّة وحرصهم على نقاء اللغة وسالمتها وضعهم حدوداً مكانيّةً وزمانيّةً‬
‫للفصاحة‪ ،‬مع اختالفهم يف تلك احلدود نظريّاً وتطبيقيّاً‪ّ ،‬أما احلدود املكانيّة – وهي املتصلة‬
‫النظري وردت أقو ٌال خمتلفة أحياناً ومتناقضةٌ أحياناً عن القبائل اليت‬
‫ّ‬ ‫مبوضوعنا ‪ -‬ففي اجلانب‬
‫شهد العلماء هلا بالفصاحة والقبائل اليت رأوا أ ّن لغتها مل تسلم من الفساد‪ ،‬فجعلوا القبائل‬
‫اليت عاشت يف وسط اجلزيرة وابتعدت عن املؤثرات اخلارجيّة فصيحة‪ ،‬وذهبوا إىل أن قبائل‬
‫أطراف اجلزيرة ال يحستشهد بكالمهم بسبب اختالطهم باألعاجم‪ّ ،‬أما يف اجلانب التطبيقي‬
‫فالعلماء مل يلتزموا مجيعاً مبا اشتهر عنهم حول تلك القبائل فاستشهد بعضهم بكالم‬
‫لكن مع كل هذا‪ ،‬فقد وضع‬‫متح ّدثني من بعض تلك القبائل اليت ال يحستشهد بكالمها‪ْ .‬‬
‫العلماء حدوداً ومعايري مكانيّةً للفصاحة دليل على مالحظتهم ارتباط اللغة باملوضع‬
‫‪22‬‬
‫اجلغرايف‪.‬‬
‫واملطلع على كتب اللغة يدرك عناية علماء العرب هبذه املسألة‪ ،‬فحرصهم الكبري على‬
‫شك أ ّن هذا‬
‫العربيّة جعلهم يسعون إىل وضع معايري ملعرفة الفصيح من البشر والكالم‪ ،‬وال ّ‬
‫العمل ممّا يدخل يف ميدان علم اللغة اجلغرايف باصطالحه احلديث‪ ،‬فهي قضيّة لغويّة هلا صلة‬
‫باجلغرافيا‪.‬‬
‫ومن أشهر األقوال اليت محلت تفصيالً يف ذكر القبائل الفصيحة قول أيب نصر الفارايب‬
‫تج هبا واليت ال‬
‫يف أول كتابه املسمى (األلفاظ واحلروف)‪ ،‬فقد ذكر عدداً من القبائل اليت حُي ّ‬
‫‪61‬‬
‫نص طويل ميكن مراجعته يف موضعه‪.‬‬
‫تج هبا‪ ،‬وهو ّ‬
‫حُي ّ‬
‫النص التفاصيل املرتبطة باملوقع اجلغرايف للقبائل اليت ذكرها مع‬
‫وال خيفى على قارئ ّ‬
‫لغوي يتحدث عن الفصاحة‪ ،‬مع أ ّن تلك التفاصيل مل حجيمع عليها العلماء‬
‫نصاً لعامل ّ‬
‫كونه ّ‬
‫‪41‬‬ ‫ديسمرب‪6122 -‬م‬
‫جملة الدراسات اللغوية واألدبية‬

‫اضح للربط بني علمي اللغة واجلغرافيا‪ ،‬كما ّأهنم رّمبا خالفوا أحياناً تلك احلدود‬
‫مثال و ٌ‬
‫لكنّها ٌ‬
‫فاستشهدوا مبن ذكروا أنّه ال يحستشهد بكالمه‪.‬‬
‫نص الفارايب‪ ،‬حول أمساء القبائل‬
‫عما ورد يف ّ‬ ‫لغوي آخر نلحظ اختالفات ّ‬ ‫نص ّ‬ ‫ويف ّ‬
‫النص لكونه عن األصمعي تأيت‬‫اليت يستشهد بكالمها واليت ال يستشهد بكالمها‪ ،‬وألمهيّة ّ‬
‫أمهيّته للداللة على ارتباط قضية الفصاحة باملوقع اجلغرايف‪ ،‬قال األصمعي‪" :‬قال أبو عمرو‬
‫بن العالء‪ :‬أفصح الشعراء لساناً وأعذهبم أهل السروات‪ ،‬وهن ثالث (وهي اجلبال املطلة‬
‫على هتامة مما يلي اليمن)‪ :‬فأوهلا هذيل‪ ،‬وهي تلي السهل من هتامة‪ ،‬مث بجيلة يف السراة‬
‫الوسطى‪ ،‬وقد شركتهم ثقيف يف ناحية منها‪ ،‬مث سراة األزد أزد شنوءة وهم بنو احلارث بن‬
‫كعب بن احلارث بن نصر بن األزد‪ .‬وقال أبو عمرو أيضاً‪ :‬أفصح الناس عليا متيم وسفلى‬
‫قيس‪ ،‬وقال أبو زيد‪ :‬أفصح الناس سافلة العالية وعالية السافلة‪ ،‬يعين َع حجز هوازن‪ ،‬قال‪:‬‬
‫ولست أقول‪ :‬قالت العرب إال ما مسعت منهم‪ ،‬وإال مل أقل‪ :‬قالت العرب‪ ...‬وأهل العالية‬
‫‪62‬‬
‫أهل املدينة ومن حوهلا ومن يليها ودنا منها‪ ،‬ولغتهم ليست بتلك عنده"‪.‬‬
‫يدل على اختالف تلك املعايري عند العلماء؛ ففي نص الفارايب‬ ‫يف النص السابق ما ّ‬
‫جعل قبيلة ثقيف وأهل الطائف ممن ال يؤخذ منهم ملخالطتهم جتار اليمن املقيمني عندهم‪،‬‬
‫النص الثاين فهي يف ناحية منها مثل جبيلة من الفصحاء‪.‬‬
‫أما ثقيف يف ّ‬
‫الثانية‪ -‬الفروق بين اللهجات العربيّة القديمة في البلد المختلفة‪ ،‬وأثر البيئة الجغرافية‬
‫فيها‪:‬‬
‫عرف اللغويّون القدماء اللهجات عند تدوين الفصحى ودراستها‪ ،‬وال ختفى جهودهم الكبرية‬ ‫َ‬
‫يف تد وين هلجات القبائل عند تقعيدهم اللغة لبيان اختالفهم يف بعض قواعد النحو‪ ،‬وكذا‬
‫عند تدوينهم ألفاظ اللغة ومعانيها وأصواهتا ودالالهتا عند مجع الثروة اللغوية‪ ،‬وهم مع ذلك‬
‫كانوا يربطون بني اللهجة وأهلها وموطنهم اجلغرايف‪ ،‬وهي مظاهر على الربط بني اللغة‬
‫واجلغرافيا‪.‬‬
‫ومما جيدر ذكره هنا ما ذكره اللغويون من الفروق بني لغيت احلجازيني والتميميني يف‬
‫النحو والداللة واألصوات‪ ،‬وكذلك هلجات القبائل األخرى‪ ،‬وال خيفى أن كتب اللغة ال تكاد‬
‫العدد الثاين‪ -‬السنة الثانية‬ ‫‪42‬‬
‫علم اللغة اجلغرايف بني حداثة املصطلح وأصوله لدى العرب‬

‫ختلو من اإلشارة إىل االختالفات اللهجية بينها‪ ،‬سواء يف كتب النحو والتصريف أو املعاجم‬
‫أو األصوات‪.‬‬
‫ومثل اللغويني تأيت جهود الجغرافيين وإشاراهتم اليت تدخل حتت علم اللغة اجلغرايف‪،‬‬
‫وفيما يلي أذكر بعض تلك اجلهود‪:‬‬
‫والرحالة العرب إلى التغيرات الصوتية التي تصيب اللغة‬
‫األولى‪ -‬إشارات الجغرافيّين ّ‬
‫في البيئات الجغرافية المختلفة‪:‬‬
‫وهذا ميدان واسع تدخل حتته الكثري من مالحظات اجلغرافيني حول لغات البلدان يف‬
‫مستويات اللغة املختلفة من صوتية وحنوية وداللية وصرفية‪ ،‬ومن اإلشارات إىل التغريات‬
‫الصوتية ما يلي‪:‬‬
‫إبدال أهل المغرب اللم نونا‪:‬‬
‫‪ -‬ذكر اإلدريسي (ت ‪121‬ه) أهنم يقولون لـ (قلّة اجلبل)‪( :‬قنّة اجلبل)‪.‬‬
‫‪ -‬وذكر ياقوت احلموي (ت ‪262‬ه) أن بعض أهل املغرب يقولون‪ :‬تنمسان بدالً‬
‫‪66‬‬
‫من تلمسان‪.‬‬
‫إبدال القاف همزة‪:‬‬
‫نسبه العبدري (ت ‪222‬ه) إىل أهل القاهرة وقال‪( :‬اللكنة فيهم فاشية‪ ،‬ومجهورهم‬
‫‪63‬‬
‫جيعل القاف والكاف مهزة)‪.‬‬
‫وهو ميدان واسع تكثر أمثلته وتقسيماته‪.‬‬

‫الثانية‪ -‬إشارات الجغرافيين إلى تسميات أهل البلدان لألشياء‪:‬‬


‫ِ‬
‫تسميات أهلها لألشياء اليت يروهنا‪ ،‬وعند‬ ‫كان اجلغرافيون عند حديثهم عن البلدان يذكرون‬
‫ذكرهم تلك التسميات فإهنم يذكرون التسميات اليت ختتلف عما يعرفونه‪.‬‬
‫وأكثر الرحالة سلكوا هذا املسلك‪ ،‬وال عجب من ذلك؛ فاإلنسان حمغرم بذكر ما‬
‫مسميات أو أمسائها‪ ،‬وممن اعتىن بذكر تسميات البلدان املقدسي وابن بطوطة‪،‬‬
‫يستغربه من ّ‬
‫وفيما يلي أمثلة غزيرة هلذه الظاهرة تدليالً على عناية جغرافيي العرب هبذا العلم‪:‬‬
‫‪42‬‬ ‫ديسمرب‪6122 -‬م‬
‫جملة الدراسات اللغوية واألدبية‬

‫‪-‬ما ذكره المقدسي من تسميات بعض البلد لألشياء‪:‬‬


‫ذكر أبو عبد اهلل املقدسي يف رحلته "أحسن التقاسيم يف معرفة األقاليم"‪ 64‬بعضاً من األلفاظ‬
‫لكن‬
‫اليت يطلقها أهل األقاليم على األشياء‪ ،‬ومع كوهنا أمساء متفرقة ال تقع يف موضوع واحد ّ‬
‫مجْعها وإيرادها يعطي مناذج عن تلك التسميات‪ ،‬ومن ذلك‪:‬‬
‫‪ -‬تسمية أهل العراق العجم أهل فوق وأهل الغرب أهل أسفل‪[ .‬ص ‪.]62‬‬
‫‪ -‬تسمية أهل مكة املكرمة ما نزل عن املسجد احلرام المسفلة‪ ،‬وما ارتفع عنه‬
‫المعلة‪[ .‬ص‪.]21‬‬
‫‪ -‬تسمية أهل مكة املكرمة ِح ْجر إمساعيل الحطيم‪[ .‬ص‪.]21‬‬
‫‪ -‬تسمية أهل مكة امل ّن املعروف يف مجيع بالد اإلسالم الرطل‪[ .‬ص‪.]24‬‬
‫َ‬
‫‪ -‬تسمية أهل العراق كل ما كان وراء الفرات شاما‪[ .‬ص‪.]234‬‬
‫‪ -‬تسمية أهل األندلس الرستاق إقليما‪[ .‬ص‪. ]224-223‬‬
‫‪ -‬تسمية أهل جرجان العامل معلّما‪[ .‬ص‪.]623‬‬
‫‪-‬ما ذكره ابن بطوطة من تسميات بعض الشعوب لألشياء‪:‬‬
‫اعتىن ابن بطوطة يف رحلته‪ 61‬بأمساء األشياء اليت يراها ويصفها‪ ،‬وقد التفت إىل اختالف‬
‫تسميات تلك األشياء يف البالد املختلفة‪ ،‬وفيما يلي بعض املواضع اليت ذكر فيها تسميّات‬
‫الشعوب لألشياء وما يتصل هبا‪:‬‬
‫مما ذكره من تسميات العرب‪:‬‬
‫‪ -‬تسمية املغاربة أم احلحبني بـ (حنيشة اجلنة)‪.]22/3[ .‬‬
‫‪ -‬تسمية املصريني الفندق بـ (اخلان) [‪.]636/2‬‬
‫‪ -‬تسمية أهل مكة ال حق ّفة بـ (املِ ْكتَل) [‪.]322/2‬‬
‫الربّان) [‪.]211/6‬‬
‫‪ -‬تسمية أهل جزيرة سواكن رئيس املركب بـ ( ح‬
‫‪ -‬تسمية أهل السودان الذئب بـ ( حو ّجني) [‪.]623/4‬‬
‫مما ذكره من تسميات العجم‪:‬‬
‫العدد الثاين‪ -‬السنة الثانية‬ ‫‪42‬‬
‫علم اللغة اجلغرايف بني حداثة املصطلح وأصوله لدى العرب‬

‫‪ -‬تسمية اهلنود املنج املطبوخ مع األرز بـ ( حك َشري)‪.]22/3[ .‬‬


‫‪ -‬تسمية اهلنود لقيمات القاضي بـ (اهلامشي) [‪.]22/3‬‬
‫‪ -‬تسمية أهل خوارزم اخلبز املعجون بالسمن بـ (ال حكليجا)‪.]26/3[ .‬‬
‫‪ -‬تسمية أهل اهلند العجلة بـ (العربة) [‪.]622/6‬‬
‫‪ -‬تسمية أهل اهلند زيت السمسم بـ (السرياج) [‪.]41/3‬‬
‫‪ -‬تسمية أهل اهلند الباب بـ (دروازة) [‪.]211/3‬‬
‫وحواء بـ (ماما) [‪.]21/4‬‬
‫‪ -‬تسمية أهل جزيرة سيالن آدم بـ (بابا)‪ّ ،‬‬
‫الثالثة‪ -‬إشارات الجغرافيّين اللغويّة إلى اختلف تسميات األشياء من بلد إلى آخر‪:‬‬
‫رحالة‪ ،‬يذكرون احلالة اللغوية للبلدان اليت يتحدثون عنها‪ ،‬ويذكرون‬
‫كان اجلغرافيون‪ ،‬وأكثرهم ّ‬
‫أمساء األشياء فيها‪ ،‬وهم بذلك يشريون إىل ترادف األمساء للداللة على شيء واحد‪ ،‬وفيما‬
‫يلي أورد أمثلة غزيرة هلذه الظاهرة من رحلة أيب عبد اهلل املقدسي‪ ،‬فهو من أبرز من اعتىن‬
‫بذكر اختالف البلدان يف التسميات‪ ،‬بل إ ّن له منهجاً فريداً سأذكره فيما يلي‪:‬‬
‫‪-‬ذكر المقدسيّ ما تختلف فيه األقاليم‪:‬‬
‫ذكر ما ختتلف فيه األقاليم من التسميات‪،‬‬
‫الرحالة ح‬
‫من اإلشارات اللغويّة لدى اجلغرافيّني و ّ‬
‫املقدسي يف رحلته (أحسن التقاسيم يف معرفة األقاليم)‪ ،‬فقد‬
‫ُّ‬ ‫ومن أبرز من عحين هبذا اجلانب‬
‫إقليم‬
‫إقليم ويستخدم اآلخر ٌ‬ ‫ذكر يف بداية كتابه جمموعةً من املرتادفات اليت يستخدم أحدها ٌ‬
‫آخر‪ ،‬فذكر مائةً ومثانني كلمة تنقسم إىل جمموعات من األلفاظ املرتادفة‪ ،‬كل جمموعة لفظان‬
‫أو ثالثة أو أكثر‪ ،‬بل إنّه سعى إىل أن يستخدم يف حديثه عن اإلقليم الكلمة املرادفة الشائعة‬
‫فيه‪ ،‬قال عن ذلك‪" :‬وسنتكلم يف كل إقليم بلساهنم ونناظر على طريقتهم‪ ،‬ونضرب من‬
‫ورسوم فقهائهم‪ ،‬فإن كنّا يف غري األقاليم مثل هذه األبواب تكلّمنا‬
‫ح‬ ‫أمثاهلم‪ ،‬لتحعرف لغتحهم‬
‫نشأت" [ص‪.]32‬‬‫ح‬ ‫بلغة الشام‪ ،‬ألهنا إقليمي الذي به‬

‫‪42‬‬ ‫ديسمرب‪6122 -‬م‬


‫جملة الدراسات اللغوية واألدبية‬

‫أما عن األ لفاظ اليت ذكر املقدسي اختالف األقاليم فيها فسأذكر فيما يلي بعضها‪،‬‬
‫أي البالد ينتسب كل لفظ‪ ،‬وإّمنا سعى إىل استعمال‬ ‫لكنّه مل يشر عند سرده األلفاظ إىل ّ‬
‫كل ّّ‬
‫اللفظ يف كالمه عند حديثه عن البلد الذي يشيع فيه ذلك اللفظ‪ ،‬كما أنّه مل يستعمل ّ‬
‫تلك األلفاظ املائة والثمانني‪ ،‬وإّمنا استعمل بعضها‪ ،‬وفيما يلي أمثلة باستعمال املقدسي يف‬
‫كالمه للمجموعتني (لحام جزار قصاب)‪( ،‬كرسف عطب قطن)‪:‬‬
‫‪( -2‬حلام جزار قصاب)‪:‬‬
‫ّحلّام‪ :‬قال يف حديثه عن القريوان يف إقليم املغرب‪" :‬وهلم باب اللحامني" [ص‪.]222‬‬
‫َجّزار‪ :‬قال عن اليمن يف إقليم جزيرة العرب‪" :‬يقع عصبيات بني اخلياطني وهم شيعة‬
‫واجلزارين وهم سنة" [ص‪.]22‬‬
‫وقال عن سجلماسة يف إقليم املغرب‪" :‬هلا باب القبلي باب الغريب باب غدير اجلزارين‬
‫باب موقف زناتة وغريها" [ص‪.]222‬‬
‫صاب‪ :‬قال عن شرياز يف إقليم فارس‪" :‬كول‪ :‬عامرة اجلامع يف البزازين والقصابني‬ ‫قَ ّ‬
‫واخلبازين ومن الوجه اآلخر ميدان شرهبم من هنر" [ص‪.]331‬‬
‫‪( -6‬كرسف عطب قطن)‪:‬‬
‫كرسف‪ :‬مل يستعملها يف كتابه‪.‬‬
‫عحطْب‪ :‬قال عن إقليم فارس‪" :‬كازرون‪ :‬عامرة كبرية هي دمياط األعاجم وذلك أن‬
‫ثياب الكتان اليت على عمل القصب وشبه الشطوي‪ ،‬وإن كانت من عحطْب تعمل هبا وتباع‬
‫فيها إال ما يعمل بتوز" [ص‪.]332‬‬
‫قحطْن‪ :‬قال عن جزيرة العرب‪ ..." :‬أكثر ثياهبم ال حقطْن منتعلني ال يقولون باملماطر وال‬
‫ثلج هلم وال جليد وال فواكه يف الشتاء وال قديد إال ما جيفف من ذبائح مىن" [ص‪.]21‬‬
‫وقال عن التجارات يف إقليم آقور‪" :‬ومن حران القبيط وعسل النحل يف أدنن وال حقطْن‬
‫واملوازين" [ص‪ .]262‬وقال عن إقليم الشام‪" :‬والتجارات به مفيدة‪ ،‬يرتفع من فلسطني‬
‫الزيت والقطني والزبيب واخلرنوب واملالحم والصابون والفوط‪ .‬ومن بيت املقدس اجلنب‬

‫العدد الثاين‪ -‬السنة الثانية‬ ‫‪11‬‬


‫علم اللغة اجلغرايف بني حداثة املصطلح وأصوله لدى العرب‬

‫والقطن" [ص‪ .]214‬واستعمل لفظ (قطن) يف حديثه عن مخسة من أقاليم العجم‪ ،‬ومل‬
‫أذكر أمثلتها اختصاراً‪.‬‬
‫ويتضح مم ا سبق أن كثرة النصوص اليت استعمل فيها (قطن) يف أكثر األقاليم دليل على‬
‫شيوع الكلمة فيها‪ ،‬أما (عطب) فلم يستعملها إال يف إقليم فارس‪ ،‬مع جميء كلمة (قطن) يف‬
‫إقليم فارس أيضاً‪ ،‬أما (كرسف) فلم ترد يف كتابه‪.‬‬
‫وفيما يلي أسرد بعض الكلمات سرداً كما ذكرها املقدسي (بني كل جمموعة خط‬
‫مائل)‪:‬‬
‫قطان‪ ،‬حالج‪ِ /‬ميزاب‪ِ ،‬مرزاب‪ِ ،‬مزراب‪ِ ،‬مثعب‪ /‬باقلّى‪ ،‬فول‪ /‬قدر‪ ،‬بـحْرمة‪ِ /‬زنبيل‪،‬‬
‫ِمكتل‪ ،‬ق ّفة‪ /‬خادم‪ ،‬قيّم‪ ،‬مفرك‪ ،‬بالن‪ /‬حصن‪ ،‬قلعة‪ ،‬قهندز‪ ،‬كالت‪ /‬خماصم‪ ،‬خصيم‪/‬‬
‫زجاج‪ ،‬قواريري‪ /‬صفع‪ ،‬صك‪ /‬بقعة‪ ،‬موضع‪ /‬قطة‪ ،‬سنّور‪،‬‬ ‫حاكم‪ ،‬قاض‪ /‬شريج‪ ،‬سليط‪ّ /‬‬
‫صرام‪ ،‬أدمي‪ ،‬سختياين‪ ،‬جلودي‪/‬‬ ‫هرة‪ /‬معلم‪ ،‬خادم‪ ،‬أستاذ‪ ،‬شيخ‪ ،‬خصي‪ /‬دبّاغ‪ّ ،‬‬ ‫دمة‪ّ ،‬‬
‫قريايت‪ ،‬رستاقي‪ ،‬سوادي‪ /‬زراع‪ ،‬فالح‪ ،‬حراث‪ /‬فندق‪ ،‬خان‪ /‬زرنوق‪ ،‬دوالب‪ ،‬حنّانة‪/‬‬
‫‪62‬‬
‫مسحاة‪ ،‬جمرفة‪ /‬معول‪ ،‬فاس‪ /‬مالح‪ ،‬نويت‪.‬‬
‫الرابعة‪ -‬أحكام الجغرافيّين على لغات البلدان‪:‬‬
‫أحكام الحسن بن أحمد الهمداني على لغات جزيرة العرب‪:‬‬
‫مع شهرة اهلمداين ‪-‬لسان اليمن كما ل ّقب نفسه‪ -‬جغرافيّاً لكن عحرف عنه عنايته باللغة‪،‬‬
‫ورمبا كان لتق ّدم عصره (تويف بعد سنة ‪344‬ه) أثر يف عنايته باللغة ومتيّز أسلوبه باجلزالة‪ ،‬ومع‬
‫ينس‬
‫ايف حت ّدث فيه عن اجلزيرة ومواضعها‪ ،‬لكنّه مل َ‬
‫أ ّن كتابه (صفة جزيرة العرب) كتاب جغر ّ‬
‫نص مرتابط‪ ،‬وال‬
‫احلكم على لغاهتا فأصدر جمموعة كثرية من األحكام جاءت متصلة يف ّ‬
‫ختفى أمهيّته وداللته على أحد مظاهر اجلغرافيا اللغوية‪ ،‬ومع غموض بعض كلماته وكثرة‬
‫النص يف الداللة على عناية اجلغرافيني يف وقت مب ّكر‬
‫األمساء اليت أوردها للقبائل تبقى قيمة ّ‬
‫نص كالمه مقسماً على فقرات متوالية‪:‬‬
‫مبا يتصل من اللغة باجلغرافيا‪ ،‬وفيما يلي مقاطع من ّ‬

‫‪12‬‬ ‫ديسمرب‪6122 -‬م‬


‫جملة الدراسات اللغوية واألدبية‬

‫قال اهلمداين‪( :‬لغات أهل هذه اجلزيرة‪ :‬أهل الشحر واألسعاء ليسوا بفصحاء‪َ .‬م ْهرة‬
‫غحْتم يشاكلون العجم‪ .‬حضرموت ليسوا بفصحاء ورمبا كان فيهم الفصيح‪ ،‬وأفصحهم كندة‬
‫ي اللغة منهم‬ ‫ورِد ُّ‬
‫وحريب فصحاء َ‬‫ومهْدان وبعض الص َدف‪َ .‬س ْرحو َم ْذحج ومأ ِرب وبـَْيحان َ‬
‫َ‬
‫قليل‪ ....‬صنعاء يف أهلها بقايا من العربية احملضة ونبذ من كالم محري‪ ،‬ومدينة صنعاء خمتلفة‬
‫وم ْن يحصاقِب شعوب خيالف اجلميع‪ ....‬وأما‬ ‫اللغات واللهجات لكل بقعة منهم لغة‪َ ،‬‬
‫العروض ففيها الفصاحة ما خال قراها‪ ،‬وكذلك احلجاز فنجد السفلى فإىل الشام وإىل ديار‬
‫مضر وديار ربيعة فيها الفصاحة إال يف قراها‪.‬‬
‫‪62‬‬
‫فهذه لغات اجلزيرة على اجلملة دون التبعيض والتفنني)‪.‬‬
‫النص لكونه يف‬
‫ومع ما يف أحكام اهلمداين من غموض وكثرة لكين رأيت أمهيّة هذا ّ‬
‫يدل على عناية اهلمداين باجلانب اللغوي من حديثه عن‬
‫القرن الثالث اهلجري‪ ،‬كما أنّه ّ‬
‫البلدان‪ ،‬ولذا أوردته مبا فيه من مشكالت‪.‬‬
‫نص اهلمداين وقفة عميقة‪ ،‬فقد تساءل يف‬
‫وقد وقف تشيم رابني ‪ Chaim Rabin‬عند ّ‬
‫البداية عن املقياس الذي اختذه اهلمداين يف احلكم على اللغات باجليد أو الرديء؛ ألن أغلب‬
‫اللهجات الذي ذكرها مل تبق لنا دون تغيري‪ ،‬وقد ذكر احتمال أن تكون حركة التعريب قد‬
‫أحدثت أثرها نتيجة لوفود عرب الصحراء من ناحية‪ ،‬وحلركة التعليم اإلسالمية اليت ظلت‬
‫حية طوال ثالثة عشر قرناً‪.‬‬
‫وقدم صورة للوضع اللغوي ما بني القرنني الرابع – وهو زمن اهلمداين – والعاشر‪ ،‬فذكر‬
‫أن العربية الصحيحة كانت تستعمل يف املرتفعات الشرقية من السرات‪ ،‬ويف اجلنوب واملناطق‬
‫اجملاورة للمرتفعات وهي املنحدرات الغربية للسرات‪ ،‬وهي مواضع اللهجات اليت وصفها‬
‫‪62‬‬
‫اهلمداين بأهنا متوسطة أو خليطى‪.‬‬
‫أحكام المقدسي على لغات األقاليم وذكر خصائصها‪:‬‬
‫حوت رحلة املقدسي (أحسن التقاسيم يف معرفة األقاليم) أحكامه على لغات البلدان‬ ‫ْ‬
‫لكن أحكامه اللغوية‬
‫مدح وقدح‪ ،‬ومع شهرته جغرافياً ّ‬ ‫ووصفه هلا بأوصاف خمتلفة‪ ،‬بني ٍ‬
‫جديرة بالدراسة؛ لكونه عرف تلك البلدان ودخلها ومسع أهلها‪.‬‬
‫العدد الثاين‪ -‬السنة الثانية‬ ‫‪16‬‬
‫علم اللغة اجلغرايف بني حداثة املصطلح وأصوله لدى العرب‬

‫مجعت بعض أقوال املقدسي أحكاماً ع ّد ًة على عدد من لغات األقاليم‪ ،‬أعرض بعضها‬
‫فيما يلي‪:‬‬
‫أحسن لساناً من أهل بغداد‪،‬‬ ‫طويل عن خصائص األقاليم‪ ..." :‬وال‬ ‫ٍ‬
‫حديث ٍ‬ ‫قال يف‬
‫َ‬
‫أصح من لسان خراسان‪ ،‬وال أحسن عجمي ًة من أهل‬
‫وال أوحش من لسان صيدا وهراة‪ ،‬وال ّ‬
‫بلخ والشاش‪ ،‬وال أعفط من أهل البطائح‪ ،‬وال أسلم صدوراً من أهل هيطل‪ ،‬وال أخري قوماً‬
‫من أهل غرج الشار" [ص‪46‬‬
‫وفيما يلي أعرض منوذجاً من أحكامه على لغة اإلقليم الواحد‪:‬‬
‫أ‪ .‬إقليم جزيرة العرب‪:‬‬
‫‪ -‬أطلق املقدسي حكمه عن أفصح العرب بقوله‪" :‬مجيع لغات العرب موجودة يف‬
‫أصح هبا لغة حه َذيل‪ ،‬مث النّجدين‪ ،‬مث بقية احلجاز‪ ،‬إال‬
‫بوادي هذه اجلزيرة إال أ ّن ّ‬
‫األحقاف فإن لساهنم َوحش‪[ .‬ص‪.]22‬‬
‫سيتكرر يف مواضع ع ّدة‪ ،‬وقد وصف‬
‫ّ‬ ‫‪ -‬وصفه لسان األحقاف بأنه َوحش وصف‬
‫أهل األحقاف بعدم اإلفصاح يف موضع آخر فقال‪" :‬أهل األحقاف نواصب‬
‫غتم" [ص‪ ،]22‬والغحْت َمةح‪ :‬ح‬
‫العجمة‪ ،‬واألَ ْغتَ حم الذي ال يحفصح شيئاً واجلمع غحْتم‪.‬‬
‫خمتار الصحاح (غتم)‪.‬‬
‫بصحار‬
‫‪ -‬ذكر املقدسي لغة أهل اجلزيرة بقوله‪" :‬أهل هذا اإلقليم لغتهم العربية إال َ‬
‫فإن نداءهم وكالمهم بالفارسيّة" [ص‪ ،]22‬وهو هنا استثىن صحار العمانية لكون‬
‫لغتهم الفارسيّة‪.‬‬
‫خص َع َدن وج ّدة باحلكم فقال عنهما‪" :‬أكثر أهل عدن وج ّدة فرس إال أن اللغة‬
‫‪ّ -‬‬
‫عربية" [ص‪.]22‬‬
‫‪ -‬وذكر بعض ظواهر لغة َع َدن اليت ختالف اللغة الفصحى‪ ،‬قال‪" :‬أهل عدن يقولون‬
‫اجليم كافاً فيقولون َلر َجب‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫س عليه‪ ،‬وجيعلون َ‬
‫لر ْجلَيه‪ :‬ر ْجلينه‪ ،‬وليَديه‪ :‬يَدينه‪ ،‬وق ْ‬
‫َرَكب‪ ،‬ولرجل‪ :‬ركل" [ص‪.]22‬‬
‫‪13‬‬ ‫ديسمرب‪6122 -‬م‬
‫جملة الدراسات اللغوية واألدبية‬

‫ب‪ .‬أحكام المقدسي على لغات أقاليم العجم‪:‬‬


‫أورد أحكاماً عديدة ومالحظات لغويّة على لغات بعض بالد إقليم املشرق‪،‬‬ ‫يف كالم طويل َ‬
‫نص جيمع بني احلكم على تلك اللغات وبيان‬ ‫وهو من أقاليم العجم‪ ،‬وهي أحكام كثرية يف ّ‬
‫نوع اللسان‪ ،‬قال فيه‪" :‬وألسنتهم خمتلفة أما لسان نيسابور ففصيح مفهوم‪ ،‬غري أهنم‬
‫يش ْو‪ ،‬ويزيدون السني بال فائدة مثل‪:‬‬‫يكسرون أوائل الكلم‪ ،‬ويزيدون الياء مثل بِيكو وبِ َ‬
‫خبردسيت وبكفتسيت وخبفتسيت‪ ،‬وما جيري جمراها‪ ،‬وفيه رخاوة وجلاج‪ ،‬وأهل طوس ونسا‬
‫أحسن لساناً‪ ،‬ويف كالم سجستان حتامل وخصومة‪ ،‬خيرجونه من صدورهم وجيهرون فيه‪،‬‬
‫‪62‬‬
‫ولسان بست أحسن‪."...‬‬
‫بيد أن عناية املقدسي اللغوية‬
‫وعلّق يوهان فك على معرفة املقدسي غري العربية بقوله‪َ " :‬‬
‫مل تقتصر على العربية‪ ،‬بل متت ّد إىل مجيع اللغات اليت جيري الكالم هبا يف إيران لذلك العهد‪،‬‬
‫وكالمه صريح يف أنه كان يفهم الفارسية إىل ح ّد كبري حىت إنه كان يستطيع أن ُيكم على‬
‫‪31‬‬
‫هلجاهتا حبسب مكانتها من قانون لغة الكتابة"‪.‬‬
‫وصف المقدسي اللغات بالتوحّش‪:‬‬
‫ممّا متيّز به أسلوب املقدسي دوران بعض الكلمات والعبارات يف كالمه كثرياً‪ ،‬ومن ذلك‬
‫سرد بتلك املواضع‬
‫التوحش يف حديثه عن ألسنة بعض األقاليم‪ ،‬وفيما يلي ٌ‬
‫استعماله صفة ّ‬
‫ليظهر لنا متيّز أسلوبه مبثل هذا‪:‬‬
‫‪ -‬قال يف أحكامه عن بعض األلسنة‪" :‬وال أحسن لساناً من أهل بغداد‪ ،‬وال أوحش‬
‫من لسان صيدا وهراة" [ص‪]46‬‬
‫‪ -‬وقال عن إقليم جزيرة العرب‪" :‬ومجيع لغات العرب موجودة يف بوادي هذه اجلزيرة‬
‫أصح هبا لغة حه َذيل‪ ،‬مث النّجدين‪ ،‬مث بقية احلجاز‪ ،‬إال األحقاف فإن‬
‫إال أ ّن ّ‬
‫لساهنم وحش" [ص‪]22‬‬
‫‪ -‬وقال عن إقليم املشرق – جانب خراسان ‪" :-‬ولسان َهراة وحش تراهم يفقمون‬
‫ملوثاً بال َك َوه" [ص‪]622‬‬
‫ويتكلّفون ويتحاملون مث خيرجون الكالم آخر ذلك ّ‬

‫العدد الثاين‪ -‬السنة الثانية‬ ‫‪14‬‬


‫علم اللغة اجلغرايف بني حداثة املصطلح وأصوله لدى العرب‬

‫‪ -‬وقال عن قاين وهي يف إقليم املشرق‪" :‬قاين‪ :‬هي قصبة قوهستان ال طيّبة وال‬
‫سريّة بل صغرية ضيقة ظمئة‪ ،‬لسان وحش وبلد قذر ومعاش قليل" [ص‪]611‬‬
‫تنوع املسائل يف كتب اجلغرافيني وهي مما يحع ّد يف ميدان علم اللغة‬
‫ويتضح مما سبق ّ‬
‫اجلغرايف‪ ،‬وقد سبقها املسائل اليت تدخل حتت هذا العلم مما ذكره اللغويّون‪.‬‬
‫لعل فيما مضى من صفحات ما يكشف باختصار شديد عن املفاهيم املتعلقة بذلك‬
‫و ّ‬
‫العلم وتطبيقاته‪.‬‬

‫الخاتمة‪:‬‬
‫فيما مضى من صفحات البحث حاولت أمراً صعباً‪ ،‬هو إعطاء صورة متوازنة عن عل ٍم‬
‫ٍ‬
‫حديث له جذور قدمية لدى العرب‪ ،‬هو علم اللغة اجلغرايف يف عدد قليل من الصفحات‪،‬‬
‫وجاءت الصعوبة من كونه علماً حديثاً ُيمل مفاهيم تحطبّق على ميادين جديدة للبحث‪ ،‬مع‬
‫دخول العديد من جهود علماء العرب حتت مظلّته‪ ،‬وهو ما ُيتاج إىل موازنة بني اجلديد فيه‬
‫والقدمي الذي ينضوي حتته‪.‬‬
‫حاولت يف حبثي اجلمع بني إعطاء صورة تقريبية للعلم يف جانبه النظري‪ ،‬مع تقدمي‬
‫جوانب تطبيقية له‪ ،‬سواء يف عاملنا املعاصر‪ ،‬أو يف جهود العلماء السابقني‪.‬‬
‫لقد خرجت بنتائج إجيابيّة من عملي يف هذا البحث‪ ،‬ميكن تقدمي أمهّها‪:‬‬
‫‪ -‬كثريٌ من العلوم اللغوية اليت حتمل اصطالحات حديثة يف تسميتها هلا جذور‬
‫كل جوانب اللغة‪،‬‬
‫راسخة يف أعمال القدماء؛ ذلك أ ّن جهود علماء العرب مشلت ّ‬
‫بل إ ّهنم سعوا إىل التجديد يف دراساهتم على مدى التاريخ‪ ،‬بل إ ّن إسهام غري‬
‫بتخصصه هو ممّا يغين الدراسات‬
‫ّ‬ ‫اللغوي يف احلديث عن اللغة حينما تتصل‬
‫ّ‬
‫اللغويّة‪ ،‬وهو الذي حصل يف دراسات هذا العلم (علم اللغة اجلغرايف)؛ فقد كان‬
‫جلهود اجلغرافيّني أثر كبري يف نضج هذه الدراسات‪ ،‬فقد اجتهدوا يف الكشف عن‬
‫امتدادات اللغة واتصاهلا باجلغرافيا‪.‬‬
‫‪11‬‬ ‫ديسمرب‪6122 -‬م‬
‫جملة الدراسات اللغوية واألدبية‬

‫التماس بني العلوم من أغىن امليادين للدراسة‪ ،‬مع انصراف كثري من‬ ‫ّ‬ ‫‪ -‬مناطق‬
‫الباحثني عنها لغفلتهم عن الصلة بني العلوم وإيثارهم املسائل اخلالصة يف‬
‫ختصصاهتم‪ ،‬كما أ ّن البحث يف هذه امليادين ُيتاج إىل اجتهاد واطالع وسعة أفق‬
‫ختصصه‪.‬‬
‫جتعله خيرج أحياناً من بعض ما اعتاد عليه يف ّ‬
‫العريب إىل مزيد من العناية الستخراج ما فيه من كنوز تسهم يف‬
‫ّ‬ ‫‪ -‬حاجة الرتاث‬
‫تقريب العلوم احلديثة إلينا وتقبّلنا هلا؛ فشعورنا بأ ّن ما ج ّد يف ميادين العلم من‬
‫استقالل بعض العلوم له أصول يف الرتاث العريب سيجعل الباحث العريب أكثر‬
‫تفاعالً مع هذه العلوم؛ أل ّن أسالفه سبقوه يف اخلوض فيها‪.‬‬
‫‪ -‬تأيت كتب الرحالت من أغىن املصادر يف تصوير لغات األقاليم والتغريات اللغويّة‬
‫اليت تصيبها‪ ،‬وهي من أصدق املصادر يف إعطاء الصورة احلقيقية عن احلالة اللغوية‬
‫يف البلدان اليت تصفها‪.‬‬

‫هوامش البحث‪:‬‬
‫‪ 2‬املصري‪ ،‬عبد الفتاح‪" ،‬التفكري اللساين يف احلضارة العربية"‪ ،‬مجلة الموقف األدبي‪ ،‬جملة أدبية شهرية تصدر عن‬
‫احتاد الكتاب العرب بدمشق‪ ،‬العدد (‪ )231‬و( ‪ ،)232‬متوز وآب ‪2226‬م‪.‬‬
‫‪ 6‬انظر عن مصطلحات هذا العلم‪ :‬اخلطيب‪ ،‬أمحد شفيق‪ ،‬قراءات في علم اللغة‪( ،‬مصر‪ :‬دار النشر للجامعات‪،‬‬
‫‪2462‬ه)‪ ،‬ص‪ ،14-13 ،46‬باب املصطلح ‪ LINGUISTICS‬وفروعه يف أهم املعاجم العربية واإلجنليزية‬
‫املتخصصة يف علم اللغة؛ وبريتون‪ ،‬رونالد ل‪ ،‬علم اللغة الجغرافي‪ :‬السنن اللغوية وعلم الجغرافيا العرقي‬
‫اللغوي‪ ،‬ترمجة‪ :‬هارولد ف‪ .‬شفمان إىل اإلجنليزية‪ ،‬وترمجه إىل العربية‪ :‬عواد بن أمحد األمحدي‪( ،‬نشر اجلمعية‬
‫اجلغرافية السعودية ‪2462‬ه)‪ ،‬ص‪.63‬‬
‫‪ 3‬انظر‪ :‬ياغي‪ ،‬أمحد عبد اهلل عبد ربه‪ ،‬الملحظات اللغوية للجغرافيين العرب دراسة في ضوء علم اللغة‪ ،‬رسالة‬
‫دكتوراه‪ ،‬إشراف‪ :‬حلمي خليل‪( ،‬قسم اللغة العربية واللغات الشرقية بكلية اآلداب جبامعة اإلسكندرية ‪2222‬م)‪،‬‬
‫ص‪.2‬‬
‫‪ 4‬انظر‪ :‬ماريوباي‪ ،‬أسس علم اللغة‪ ،‬ترمجة‪ :‬أمحد خمتار عمر‪ ،‬ط‪( ،3‬القاهرة‪ :‬عامل الكتب‪2222،‬م)‪ ،‬ص‪.32‬‬
‫‪ 1‬انظر‪ :‬عساكر‪ ،‬خليل حممود‪" ،‬األطلس اللغوي"‪ ،‬مؤتمر الدورة الخامسة عشرة‪ :‬الجلسة الحادية عشرة‪ ،‬سنة‬
‫‪2242‬م‪ ،‬ونشر البحث يف مجلة مجمع اللغة العربية‪ ،‬اجلزء (‪ ،)2‬ص‪.324-322‬‬
‫‪ 2‬انظر‪ :‬عبد التواب‪ ،‬رمضان‪" ،‬اجلغرافيا اللغوية وأطلس برجسرتاشر"‪ ،‬مجلة المجمع‪ ،‬اجلزء (‪ ،)32‬ص‪.264 -222‬‬
‫العدد الثاين‪ -‬السنة الثانية‬ ‫‪12‬‬
‫علم اللغة اجلغرايف بني حداثة املصطلح وأصوله لدى العرب‬

‫‪ 2‬عساكر‪" ،‬األطلس اللغوي"‪ ،‬مجلة المجمع‪ ،‬ج (‪ ،)2‬ص‪.324-322‬‬


‫‪ 2‬نشرته اجلمعية اجلغرافية السعودية ضمن سلسلة (دراسات جغرافيّة) وهي سلسلة حمكمة غري دوريّة تصدرها اجلمعية‪،‬‬
‫ورقمه (‪ 6112 )23‬م‪.‬‬
‫‪ 2‬انظر عن طرق عمل األطلس‪ :‬عساكر‪" ،‬األطلس اللغوي"‪ ،‬مجلة المجمع‪ ،‬اجلزء (‪ ،)2‬ص‪324-322‬؛ وعبد‬
‫التواب‪" ،‬اجلغرافيا اللغوية وأطلس برجشرتاسر"‪ ،‬مجلة المجمع‪ ،‬اجلزء (‪ ،)32‬ص‪.264 -222‬‬
‫‪ 21‬انظر‪ :‬عساكر‪" ،‬األطلس اللغوي"‪ ،‬مجلة المجمع‪ ،‬اجلزء (‪ ،)2‬ص‪.324 -322‬‬
‫‪ 22‬لالطالع على مجيع اخلرائط ومجيع أنواع التبادالت اليت ذكرها بتفصيل انظر‪ :‬ياغي‪ ،‬الملحظات اللغوية‬
‫للجغرافيين العرب‪ :‬دراسة في ضوء علم اللغة‪ ،‬ص‪.421-424‬‬
‫‪ 26‬انظر عن تفصيل املوضوع‪ :‬اخلطايب‪ ،‬إبراهيم حممد‪" ،‬األسس النظرية واملنهجية ألطلس لسان اجملتمع العريب"‪ ،‬مجلة‬
‫اللسان العربي‪ ،‬العدد (‪ ،)44‬ديسمرب ‪2222‬م‪ ،‬ص‪.222‬‬
‫‪ 23‬سبق التعريف باختصار بكتاب رابني (اللهجات العربية الغربية القدمية) عند ذكر أبرز الدراسات حول علم اللغة‬
‫اجلغرايف‪.‬‬
‫‪24‬‬
‫نص كالم اهلمداين عن أحكامه على لغات اجلزيرة عند احلديث عن أحكام اجلغرافيّني على لغات‬ ‫سيأيت جزء من ّ‬
‫البلدان‪ ،‬وانظر‪ :‬رابني‪ ،‬تشيم‪ ،‬اللهجات العربية الغربية القديمة‪ ،‬ترمجة‪ :‬عبد الرمحن أيوب‪(،‬الكويت‪ :‬طبعة جامعة‬
‫الكويت‪2222 ،‬م)‪ ،‬ص ‪ ،24-23‬يف مناقشته رأي اهلمداين‪.‬‬
‫‪ 21‬انظر‪ :‬السابق نفسه‪ ،‬ص‪ 261‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪ 22‬انظر السابق نفسه‪ ،‬ص‪ 224‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪ 22‬انظر عن األسر اللغوية املعاصرة‪ :‬بريتون‪ ،‬علم اللغة الجغرافي‪ :‬السنن اللغوية وعلم الجغرافيا العرقي اللغوي‪،‬‬
‫ص‪ 222‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪ 22‬انظر‪ :‬السابق نفسه‪ ،‬ص‪ 34‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪22‬‬
‫العريب التارخيي"‪ ،‬مجلة المعجميّة‪ ،‬السنة (‪،)2-1‬‬
‫انظر‪ :‬الودغريي‪ ،‬عبد العلي‪" ،‬قضية الفصاحة يف القاموس ّ‬
‫ص‪.664-661‬‬
‫‪61‬‬
‫انظر‪ :‬السيوطي‪ ،‬جالل الدين‪ ،‬المزهر في علوم اللغة وأنواعها‪ ،‬حتقيق‪ :‬حممد أمحد جاد املوىل‪ ،‬علي حممد‬
‫البجاوي‪ ،‬حممد أبو الفضل إبراهيم‪( ،‬دار إحياء الكتب العربية‪ ،‬د‪.‬ت)‪ ،‬ج‪ ،2‬ص‪.626-622‬‬
‫‪62‬‬
‫ابن رشيق‪ ،‬القريواين‪ ،‬العمدة في محاسن الشعر وآدابه ونقده‪ ،‬ط‪ ،4‬حتقيق‪ :‬حممد حمىي الدين عبد احلميد‪،‬‬
‫(بريوت‪ :‬دار اجليل‪2226 ،‬م)‪ ،‬ج‪ ،2‬ص‪.22-22‬‬
‫‪ 66‬انظر‪ :‬ياغي‪ ،‬الملحظات اللغوية للجغرافيين العرب دراسة في ضوء علم اللغة‪ ،‬ص‪.236-232‬‬
‫‪ 63‬انظر‪ :‬السابق نفسه‪ ،‬ص‪.266‬‬
‫‪ 64‬اعتمدت على‪ :‬املقدسي‪ ،‬أبو عبد اهلل‪ ،‬أحسن التقاسيم في معرفة األقاليم‪ ،‬نشر‪ :‬حممد خمزوم‪( ،‬دار إحياء الرتاث‬
‫العريب‪2222 ،‬م)‪ ،‬والختصار احلواشي فإين وضعت رقم الصفحة أمام كل فقرة‪.‬‬
‫‪12‬‬ ‫ديسمرب‪6122 -‬م‬
‫جملة الدراسات اللغوية واألدبية‬

‫‪ 61‬ابن بطوطة‪ ،‬رحلة ابن بطوطة المسماة تحفة النظار في غرائب األمصار وعجائب األسفار‪ ،‬نشر‪ :‬عبد اهلادي‬
‫التازي‪( ،‬املغرب‪ :‬مطبوعات أكادميية اململكة املغربية‪2222 ،‬م)‪ ،‬والختصار احلواشي وضعت رقم اجلزء والصفحة‬
‫أمام كل فقرة‪ .‬وقد ذكرت الكثري من تسميات الشعوب لألطعمة واألشربة وغريها يف كتايب‪ :‬ابن بطوطة وجهوده‬
‫اللغويّة الجغرافية‪ :‬ألفاظ األطعمة واألشربة أنموذجا‪ ،‬ص‪.61‬‬
‫‪ 62‬انظر لالطالع على مجيع األلفاظ اليت ذكرها املقدسي‪ ،‬أحسن التقاسيم في معرفة األقاليم‪ ،‬ص‪.32‬‬
‫‪ 62‬اهلمداين‪ ،‬لسان اليمن احلسن بن أمحد‪ ،‬صفة جزيرة العرب‪ ،‬ط‪ ،6‬حتقيق‪ :‬حممد بن علي األكوع احلوايل‪( ،‬صنعاء‪:‬‬
‫مكتبة اإلرشاد‪6112 ،‬م)‪ ،‬ص‪.642-642‬‬
‫‪ 62‬للتوسع يف االطالع على آراء رابني حول ما ذكره اهلمداين انظر كتابه‪ :‬اللهجات العربية الغربية القديمة‪ ،‬ص‪-21‬‬
‫‪.22‬‬
‫‪ 62‬انظر‪ :‬املقدسي‪ ،‬أحسن التقاسيم في معرفة األقاليم‪ ،‬ص‪.622‬‬
‫‪ 31‬فك‪ ،‬يوهان‪ ،‬العربية‪ :‬دراسات في اللغة واللهجات واألساليب‪ ،‬ترمجة‪ :‬عبد احلليم النجار‪( ،‬القاهرة‪ :‬الدار‬
‫املصرية السعودية‪ ،‬د‪.‬ت)‪ ،‬ص‪.621‬‬

‫العدد الثاين‪ -‬السنة الثانية‬ ‫‪12‬‬

You might also like