You are on page 1of 62

‫الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية‬

‫وزارة التعليم العالي و البحث العلمي‬

‫‪-‬جامعة وهران محمد بن أحمد ‪02-‬‬

‫كلية العلوم االقتصادية تجارية و علوم التسيير‬

‫قسم المالية و المحاسبة‬

‫مذكرة مقدمة لنيل شهادة ماستر في العلوم االقتصادية تجارية و علوم التسيير حول‪:‬‬

‫دور إدارة املوارد البشرية في اإلدارات العامة‬

‫تحت إشراف األستاذ ‪:‬‬ ‫إعداد الطالب‪:‬‬

‫‪2021-2022‬‬
‫شكـ ـ ـ ـ ـ ــر و تقدي ـ ـ ـ ــر‬

‫﴿امحلد هلل رب العاملني و الصالة و السالم عىل أرشف األنبياء و املرسلني نبينا و سيدان محمد‬
‫و عىل آهل و صبحه أمجعني اما بعد‪﴾.‬‬

‫بداية فإننا نشكر هللا عز وجل أوال و أخريا عىل توفيقه إبمتام هذا البحث فهو أحق ابلشكر و‬
‫الثناء و أوىل هبام ‪ ،‬و إنطالقا من قول سيدان محمد عليه الصالة و السالم " ال يشكر هللا من‬
‫ال يشكر الناس" فإننا نتوجه ابلشكر و التقدير و العرفان ألستاذان القدير األستاذ "زين‬
‫العابدين جليل" اذلي أرشف عىل هذا البحث و وقف جبانبنا و أرشدان بتوجهياته حىت وصلنا‬
‫ابلبحث اىل ما هو عليه ‪ ،‬جفزاء هللا عنا خري اجلزاء و ابرك فيه و جعهل ذخرا للعمل و العلامء‪.‬‬

‫كام نتقدم ابلشكر للك من علمنا حرف و أمدان علام اىل لك أساتذتنا عىل طول املشوار‬
‫ادلرايس و اجلامعي‪.‬‬
‫و أخريا أتقدم جبزيل شكران اىل لك من مدو لنا يد العون يف إخراج هذه ادلراسة عىل أمكل‬
‫وجه‪.‬‬
‫اإلهـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــداء‬
‫الحمد هلل الذي بعونه تتم الصالحات والصالة على رسوله الكريم سيدنا‬

‫إىل من علمين حرف يف هذه الدنيا اىل من علمين النجاح و الصرب اىل "أبي" حفظه اهلل و أطال عمره‬
‫أهدي مثرة جهدي هذا اىل أعز و أغلى إنسانة يف حيايت ‪ ،‬اليت أنارت دريب بنصائحها ‪ ،‬و كانت حبرا‬
‫صافية جيري بفيض احلب ‪ ،‬و البسمة اىل من زينت حيايت بشموع الفرح‪ ،‬إىل من منحتين القوة و‬
‫العزمية ‪ ،‬ملواصلة الدرب‪ ،‬إىل من علمنيت الصرب و اإلجتهاد ‪ ،‬اىل الغالية على قليب ‪-‬أمي‪.-‬‬
‫اىل إخوايت و أخواني حفظهم اهلل عز وجل‪.‬‬
‫اىل كل العائلة الكرمية ‪ ،‬و زمليت " إكرام"‪" ،‬مسية"‪،‬و أصدقاء الدفعة الدراسية متمنية هلم التوفيق‪.‬‬
‫اىل صديقيت العزيزة "أحالم" ‪ ،‬من ساعدتين يف حيايت ‪.‬‬
‫اىل كل من نسيه القلم و حفظه القلب‪.‬‬
‫اىل كل من ساعدين يف إجناز هذا العمل من قريب أو من بعيد‪.‬‬
‫أهدي هذا البحث املتواضع سائلة اهلل سبحانه و تعاىل ان يكتب يل النجاح فمن اهلل التوفيق‪.‬‬

‫‪-‬فاطمة‪-‬‬
‫قائ ـ ـ ــمة المحتـ ــويات‬
‫الشكر‬
‫إهداء‬
‫مقدمة‪.................................................................................................‬أ‪-‬ب‬

‫المدخل‪ :‬االطار المفاهيمي للنقد و النظرية‬


‫أوال‪ :‬تعريف النقد‪.........................................................................................‬‬
‫‪2‬‬
‫المصطلح النقدي‪2.................................................................................‬‬ ‫‪-1‬‬
‫مفهوم النقد‪2.......................................................................................‬‬ ‫‪-1-1‬‬
‫النقد لغة‪2......................................................................................‬‬ ‫‪-1-1-1‬‬
‫النقد اصطالحا‪3...............................................................................‬‬ ‫‪-1-1-2‬‬
‫ثانيا‪ :‬مفهوم النظرية‪.......................................................................................‬‬
‫‪4‬‬

‫الفصل األول‪ :‬محتوى الكتاب‬


‫أوال‪ :‬عتبات النص‪.......................................................................................‬‬
‫‪11‬‬
‫‪ -1‬المناص النشري‪12....................................................................................‬‬
‫‪ -2‬المناص التأليفي‪13....................................................................................‬‬
‫‪ -1‬الصورة‪14.............................................................................................‬‬
‫‪ -2‬اللون‪15...............................................................................................‬‬
‫‪ -3‬نوع الخط‪16...........................................................................................‬‬
‫‪ -4‬التجنيس‪17............................................................................................‬‬
‫‪ -5‬اسم المؤلف‪17........................................................................................‬‬
‫‪ -6‬العنوان‪18.............................................................................................‬‬
‫‪ -7‬نظرية‪18..............................................................................................‬‬
‫‪ -8‬النقد‪19...............................................................................................‬‬
‫‪ -9‬ملخص الكتاب‪21.....................................................................................‬‬

‫الفصل الثاني‪ :‬المناهج النقدية "في نظرية النقد" لعبد المالك مرتاض‬
‫أوال‪ :‬النقد و النقاد الماهية و المفهوم‪28....................................................................‬‬
‫ثانيا‪ :‬النقد ماهية مستحيلة‪30..............................................................................‬‬
‫ثالثا‪ :‬جدلية االبداع و النقد‪36..............................................................................‬‬
‫رابع‪AA‬ا‪ :‬نق‪AA‬د النق‪AA‬د عن‪AA‬د عب‪AA‬د المال‪AA‬ك مرت‪AA‬اض‪..................................................................‬‬
‫‪39‬‬
‫الخاتمة‪53...................................................................................‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع‬
‫مقدمــــــــــة‬
‫مقدمــــــــة‬

‫ش‪AA‬هد االدب الع‪AA‬ربي من‪AA‬ذ الق‪AA‬ديم ألوان‪AA‬ا مختلف‪AA‬ة من االتجاه‪AA‬ات النقدي‪AA‬ة‪ ،‬حيث اهتمت بدراس‪AA‬ة الخط‪AA‬اب االدبي و‬
‫الظاهرة اللغوية بشكل عام‪.‬‬
‫ل‪AA‬ذلك فالحرك‪AA‬ة النقدي‪AA‬ة األدبي‪AA‬ة لم تع‪AA‬رف توقف‪AA‬ا ‪ ،‬وق‪AA‬د ش‪AA‬هدت تط‪AA‬ورات كب‪AA‬يرة وبص‪AA‬فة مس‪AA‬تمرة‪ ،‬كم‪AA‬ا تم‪AA‬يزت ك‪AA‬ل‬
‫مرحلة بتف‪A‬وق منهج نق‪A‬دي على آخ‪A‬ر‪ ،‬وه‪A‬ذا م‪A‬ا ك‪A‬ان يض‪A‬من له‪A‬ا تل‪A‬ك الدينامي‪A‬ة والحركي‪A‬ة ال‪A‬تي تم‪A‬يزت به‪A‬ا‪ ،‬ومن‬
‫بين الظ‪AA‬واهر ال‪AA‬تي أص‪AA‬بحت مح‪AA‬ل نق‪AA‬اش وج‪AA‬دل بين الب‪AA‬احثين الع‪AA‬رب في عص‪AA‬رنا ه‪AA‬ذا‪ ،‬ظ‪AA‬اهرة تج‪AA‬اوز المنهج‬
‫التقلي‪AA‬دي المع‪AA‬روف في الدراس‪AA‬ات النقدي‪AA‬ة األدبي‪AA‬ة وخاص‪AA‬ة في العق‪A‬ود األخ‪AA‬يرة‪ ،‬وذل‪AA‬ك يرج‪AA‬ع إلى التح‪AA‬ول العمي‪AA‬ق‬
‫الذي طرأ على ذات معنى األدب والنقد‪.‬‬
‫ولق ‪AA‬د أولى الناق ‪AA‬د الع ‪AA‬ربي أهمي ‪AA‬ة بالغ ‪AA‬ة إليج ‪AA‬اد نظري ‪AA‬ة نقدي ‪AA‬ة وذل ‪AA‬ك الرتباطه ‪AA‬ا الوثي ‪AA‬ق ب ‪AA‬المنهج‪ ،‬ألن المنهج ال‬
‫يتحرك إال في إط‪A‬ار النظري‪A‬ة‪ ،‬وال يق‪A‬وم المنهج على وض‪A‬وح الرؤي‪A‬ة تطبيقه‪A‬ا يجع‪A‬ل الب‪A‬احث يظ‪A‬ل الس‪A‬بيل‪ ،‬ومن‬
‫وراءه يس‪AA A‬يء اس‪AA A‬تخدام منهج‪AA A‬ه‪ ،‬ألن التحكم ألن س‪AA A‬وء في النظري‪AA A‬ة ه‪AA A‬و في النهاي‪AA A‬ة تحكم في المعرف‪AA A‬ة الم‪AA A‬راد‬
‫إيصالها‪ ،‬والقدرة على ضبط أنساق ه‪A‬ذه المعرف‪AA‬ة‪ ،‬والتمكن من إب‪A‬راز االنس‪A‬جام الق‪A‬ائم بين النظري‪A‬ة والمنهج‪ ،‬أو‬
‫على األق ‪AA‬ل إب ‪AA‬راز العالق ‪AA‬ة الموج ‪AA‬ودة بينهم ‪AA‬ا وال ش ‪AA‬ك أن ك ‪AA‬ل إخالل به ‪AA‬ذه الق ‪AA‬درات من ش ‪AA‬أنه أن يخ ‪AA‬ل بالقص ‪AA‬د‬
‫المنهجي والمع ‪AA‬رفي ال ‪AA‬ذي ي ‪AA‬رمي إلي ‪AA‬ه مس ‪AA‬تعمل النظري ‪AA‬ة‪ ،‬وللتخفي ‪AA‬ف من ه ‪AA‬ذه اإلش ‪AA‬كالية تك ‪AA‬اتفت جه ‪AA‬ود فردي ‪AA‬ة‬
‫وجماعية لضبط النظرية النقدية‪ ،‬حيث يعد الناقد عبد الملك مرتاض واحدا من النقاد الجزائريين الذين اهتم‪AA‬وا‬
‫اهتماما بالغا بالنظرية النقدية‪ ،‬ال يقل هذا االهتمام عن ذلك الذي أواله للتأصيل المعرفي والتحديث المنهجي‪.‬‬

‫اإلشكالية‪:‬‬
‫كيف تلقى و حاور عبد المالك مرتاض تلك النظريات و ما النقد الذي وجهه بهذا الخصوص؟‬ ‫‪‬‬

‫أهداف الدراسة‪:‬‬
‫محاولة تبرير و تعليل األهمية عند عبد الملك مرتاض ‪ ،‬و ذلك من خالل تتبع اهم اعماله و دراساته‬ ‫‪-‬‬
‫النقدية و خاصة كتابه " في نظرية النقد" بالدراسة و التحليل و استنتاج نظريته النقدية المنحوتة ‪ ،‬و‬
‫الياتها اإلجرائية‪.‬‬
‫الرغبة الملحة في تكوين زاد معرفي و عدة نقدية تعين على بناء قواعد متينة يمكن التأسيس عليها‬ ‫‪-‬‬
‫في مستقبل الدراسة ‪.‬‬
‫اماطة اللثام حول مصطلح "نقد النقد" الذي اربكنا في البداية و غابت عنا حقيقته‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫الوقوف عند المراس النقدي لألستاذ "عبد الملك مرتاض" و االنتفاع بجانب كبير من ثقافته و‬ ‫‪-‬‬
‫طريقته ‪ ،‬و لغته و مصطلحاته‪.‬‬

‫ا‬
‫مقدمــــــــة‬

‫أهمية الدراسة‪:‬‬
‫تكمن أهمية هذه الدراسة في إلقاء الضوء على جهود عبد الملك مرتاض في دراسة في النقد االدبي و‬
‫الوقوف على جزيئات النقد الروائي عنده و مدى قدرته على توظيف كافة معارفه الخلفية في حقل الدراسات‬
‫النقدية‪ ،‬و إفادته من المرجعيات الثقافية ‪ ،‬كذلك تأتي للوقوف على النتاج النقدي له‪.‬‬

‫أسباب اختيار الموضوع‪:‬‬


‫كان من أسباب اختيارنا لهذا الموضوع ما هو موضوعي تمثل في قلة الدراسات التي سلطت الضوء على‬
‫أعمال الناقد الجزائري "عبد الملك مرتاض"‪ ،‬و منها ما هو ذاتي في ميولنا لهذا الموضوع و اهتمامنا‬
‫بالجانب النقدي باعتباره أداة تقوية لألدب و االبداع‪.‬‬

‫صعوبة الدراسة‪:‬‬
‫صعوبة التنقل من منهج الى اخر لمعرفة مبادئه و أسسه ‪ ،‬ثم العودة الى "عبد الملك مرتاض" و‬ ‫‪-‬‬
‫تحديد تعامله معه تنظيرا و ممارسة‪.‬‬

‫المنهج المتبع‪:‬‬
‫طبيع ‪AA‬ة الموض ‪AA‬وع المنهج الت ‪AA‬اريخي تتبعت من خالل ‪AA‬ه مراح ‪AA‬ل تط ‪AA‬ور النق ‪AA‬د ع ‪AA‬بر العص ‪AA‬ور و المنهج الوص ‪AA‬في‬
‫التحليلي الذي تالءم مع الموضوع المدروس‪.‬‬

‫ب‬
‫املدخل‬
‫الاطار املفاهميي للنقد و النظرية‬
‫االطار المفاهيمي للنقد و النظرية‬ ‫المدخل ‪:‬‬

‫واج ‪AA‬ه النق ‪AA‬د الع ‪AA‬ربي في العص ‪AA‬ر الح ‪AA‬ديث والمعاص ‪AA‬ر العدي ‪AA‬د من التط ‪AA‬ورات و التح ‪AA‬والت ال ‪AA‬تي أنتجت لن ‪AA‬ا ب ‪AA‬دورها‬
‫إشكاليات ارتكزت في مجملها على المصطلح النقدي « إذ ليس من مسلك يتوسل به اإلنسان إلى منط‪AA‬ق العلم غ‪AA‬ير‬
‫ألفاظه االصطالحية حتى لكأنها تقوم من العلم مقام جهاز الدوال ليس‪AA‬ت مدلوالت‪AA‬ه إال مح‪AA‬اور العلم ذات‪AA‬ه و مض‪AA‬امین‬
‫قدره من يقين المعارف و حقيق األقوال‪ ،‬ف‪AA‬إذا اس‪A‬تبان خط‪A‬ر المص‪AA‬طلح في ك‪A‬ل فّن توض‪AA‬ح أن الس‪A‬جل االص‪AA‬طالحي‬
‫‪1‬‬
‫الكشف المفهومي الذي يقيم للعلم سوره الجامع و حضنه المانع‪ ،‬فهو له كالسياج هو العقلي‪".‬‬
‫انطالق ‪AA‬ا حص ‪AA‬ونه و من ه ‪AA‬ذا الق ‪AA‬ول يتض ‪AA‬ح لن ‪AA‬ا أن لك ‪AA‬ل علم مص ‪AA‬طلحاته الخاص ‪AA‬ة ال ‪AA‬تي تقيم ح ‪AA‬دوده وترف ‪AA‬ع تكش ‪AA‬ف‬
‫مفاهيم‪AA‬ه‪ ،‬فله‪AA‬ذا اهتم الدارس‪AA‬ون بعلم المص‪AA‬طلح و أف‪AA‬ردوا ل‪AA‬ه الكتب و ال‪AA‬دواوين لم‪AA‬ا ينط‪AA‬وي علي‪AA‬ه من أهمي‪AA‬ة بالغ‪AA‬ة‪،‬‬
‫فهو وسيلة تواصل معرفية مهمة داخل الثقافة الواحدة‪ ،‬وتزداد أهميته بوص‪AA‬فه جس‪AA‬ر تواص‪AA‬ل بين الثقاف‪AA‬ات المختلف‪AA‬ة‬
‫أيضا‪.‬‬
‫و تأسيسا على هذا ال يمكن أ يفهم المتلقي جمالي‪A‬ة النص‪A‬وص و أهميته‪A‬ا و معانيه‪A‬ا دون الم‪A‬رور بالمص‪A‬طلح‪ ،‬و ه‪A‬ذا‬
‫أبدا ال يقتصر على ميدان النقد األدبي فحسب بل تحتسب على مجموع العلوم األخرى‪.‬‬

‫أوال‪ :‬تعريف النقد‪:‬‬


‫المصطلح النقدي‪:‬‬ ‫‪-1‬‬
‫إن قيمة المصطلح و البحث فيه ظل محط إجماع ال غنى عن‪A‬ه‪ ،‬فالوض‪A‬ع األمث‪A‬ل للمص‪A‬طلحات في ش‪ّA‬تى العل‪A‬وم أنه‪A‬ا‬
‫تكفل التواصل البناء بين مرسل المعرفة و متلقيها‪ ،‬و قبل التطرق لمفهوم المصطلح النقدي علينا بادئ ذي بدء أن‬
‫نعرج على مفهوم النقد فالمصطلح على وجه العموم‪.‬‬

‫مفهوم النقد‪:‬‬ ‫‪-1-1‬‬


‫النقد لغة‪:‬‬ ‫‪-1-1-1‬‬
‫وردت كلمة نقد في لسان العرب « النق‪A‬د خالف النس‪A‬يئة‪ ،‬و النق‪A‬د و إخ‪A‬راج الزي‪A‬ف منه‪A‬ا‪ ،‬ناق‪A‬دت فالن‪A‬ا إذ ناقش‪A‬ته في‬
‫‪2‬‬
‫األمر‪".‬‬

‫‪1‬‬
‫عبد الرزاق جعنيد المصطلح النقدي قضايا و إشكاالت عالم الكتب الحديث للنشر و التوزيع‪ ،‬اريد‪ ،‬األردن‪ ،‬ط ‪ ،2011 ، 1‬ص ‪.5‬‬
‫‪2‬‬
‫ابن منظور لسان العرب دار صادر‪ ،‬بیروت‪ ،‬لبنان د ط ‪ 1823،‬م‪ ،3‬مادة ( نقد)‪ ،‬ص ‪.426‬‬

‫‪2‬‬
‫االطار المفاهيمي للنقد و النظرية‬ ‫المدخل ‪:‬‬

‫وج‪AA‬اء في معجم الوس‪AA‬يط « نق‪AA‬د الش‪AA‬يء نق ‪ًA‬د ا نق‪AA‬ره ليخت‪AA‬بره أو لم‪AA‬يز جي‪AA‬ده من رديئ‪AA‬ه‪ ،‬يق‪AA‬ال نق‪AA‬د الط‪AA‬ائر الفخ و نق‪AA‬دت‬
‫رأسه بإصبعي و نقد الدراهم‪ ،‬و يقال نقد النثر و نقد الشعر‪ ،‬أظهر ما فيهما من عيب أو حس‪AA‬ن و فالن ينق‪AA‬د الن‪AA‬اس‬
‫‪1‬‬
‫يعيبهم و يغتابهم ‪:‬‬
‫و عليه فإّن النقد قد ورد بعدة معاني أبرزها‪:‬‬
‫تمييز الدراهم و إخراج الزيف منها‬ ‫‪-‬‬
‫المناقشة‬ ‫‪-‬‬
‫اظهار محاسن الشيء و عيوبه‬ ‫‪-‬‬
‫و على العموم فلفظة النقد ال تخرج عن مفهوم الحكم الفاصل بين ما هو جيد و ما هو رديء‪.‬‬

‫النقد اصطالحا‬ ‫‪-1-1-2‬‬


‫تعددت التعاريف و اختلفت ح‪A‬ول مص‪AA‬طلح النق‪A‬د غ‪A‬ير أن االختالف ك‪A‬ان من حيث الص‪AA‬يغة ال من حيث المع‪A‬نى فق‪A‬د‬
‫عرفه أحمد الشايب بأنه « دراسة األش‪A‬ياء و تفس‪A‬یرها و تحليله‪A‬ا و موازنته‪A‬ا المش‪A‬ابه له‪A‬ا أو المقابل‪A‬ة ثم الحكم عليه‪A‬ا‬
‫‪2‬‬
‫ببيان قيمتها و درجتها‪".‬‬
‫فالنق‪AA A‬د ه‪AA A‬و دراس‪AA A‬ة خاض ‪AA A‬عة لمنهج التحلي‪AA A‬ل و التفس‪AA A‬ير للحكم على االش‪AA A‬ياء بالحس‪AA A‬ن أو القبح وق ‪AA A‬د ورد في معجم‬
‫التعريفات مفهوم النقد األدبي على أّن ه « مجموعة من األساليب والطرق المتبعة لفحص النصوص واآلث‪AA‬ار االدبي‪AA‬ة‬
‫‪3‬‬
‫و كشف الغموض و تعرية النصوص على مناهج تطبع كل ناقد ‪".‬‬
‫و هن‪AA‬اك من ذهب إلى تحدي‪AA‬د مع‪AA‬نى ه‪AA‬ذه اللفظ‪AA‬ة بقول‪AA‬ه ‪ « :‬فن دراس‪AA‬ة النص‪AA‬وص األدبي‪AA‬ة لمعرف‪AA‬ة اتجاهه‪AA‬ا األدبي و‬
‫‪4‬‬
‫تحديد مكانتها في مسيرة اآلداب والتعرف على مواطن الُح سن و القبح التفسير و التعليل ‪".‬‬
‫مع فالنقد فّن يخضع ألساليب و مناهج يعتمدها الناقد لكشف النصوص و تحلیلها و تفسیرها وهناك من يراه علما‬
‫قائم‪AA‬ا ل‪AA‬ه اسس‪AA‬ه ومناهج‪AA‬ه غ‪AA‬ير أن‪AA‬ه ال يمكن تط‪AA‬بيق المن‪AA‬اهج العلمي‪AA‬ة بح‪AA‬ذافيرها علي‪AA‬ه « ألن طبيع‪AA‬ة الظ‪AA‬اهرة االدبي‪AA‬ة‬

‫‪1‬‬
‫إبراهيم مصطفى وآخرون‪ :‬معجم الوسيط‪ ،‬دار الدعوة للتأليف والطباعة‪ ،‬استانبول‪ ،‬تركيا‪ ،‬د ط‪ ،1989 ،‬مادة (نقد)‪ ،‬ص ‪520‬‬
‫‪2‬‬
‫أحمد الشايب ‪ :‬أصول النقد األدبي‪ ،‬مكتبة النهضة المصرية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مصر‪ ،‬ط‪ ،10‬دت‪ ،‬ص‪115‬‬
‫‪3‬‬
‫مجدي وهبة كامل المهندس معجم المصطلحات العربية في اللغة واالدب‪ ،‬مكتبة بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ط ‪،1984 ،02‬ص‪417‬‬
‫‪4‬‬
‫هاشم صالح مناع بدايات في النقد األدبي‪ ،‬دار الفكر العربي‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ط ‪ ،1994 ،01‬ص ‪.92‬‬

‫‪3‬‬
‫االطار المفاهيمي للنقد و النظرية‬ ‫المدخل ‪:‬‬

‫تح ‪AA‬ول دون تحقي ‪AA‬ق ذل ‪AA‬ك‪ .‬ك ‪AA‬ذا بيع ‪AA‬ة اللغ ‪AA‬ة المرن ‪AA‬ة الخاض‪AAA‬عة للتغي ‪AA‬ير و التب ‪AA‬دل‪ ،‬وعلي ‪AA‬ه فالنق ‪AA‬د م ‪AA‬زيج بين الفّني ‪AA‬ة و‬
‫‪5‬‬
‫العلمية ‪".‬‬
‫فالنقد يخضع لمنهج و ضوابط محددة‪ ،‬إذ ال يمكن اعتباره مجرد ممارسة عشوائية عبثية فه‪AA‬و ممازج‪AA‬ة بين الفن و‬
‫العلم معا‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬مفهوم النظرية‬


‫أول ه‪AA‬ذه المف‪AA‬اهيم وأكثره‪AA‬ا دوران‪AA‬ا في ه‪AA‬ذه الدراس‪AA‬ة مفه‪AA‬وم (النظري‪AA‬ة) ال‪AA‬تي يمت‪AA‬د ذكره‪AA‬ا بالض ‪AA‬رورة إلى عناص ‪AA‬ر‬
‫أخ ‪AA‬رى ذات ص ‪AA‬لة ؛ وهي نظري ‪AA‬ة األدب والنظري ‪AA‬ة النقدي ‪AA‬ة ونظري ‪AA‬ة المعرف ‪AA‬ة ‪ ،‬على أنن ‪AA‬ا هن ‪AA‬ا نقص ‪AA‬ر الح ‪AA‬ديث على‬
‫مفهوم النظرية فقط ‪ ،‬ألننا سنخصص فصال ك‪AA‬امال للكالم عن ه‪AA‬ذه النظري‪AA‬ات ‪ ،‬وه‪AA‬و الموض‪AA‬وع ال‪AA‬ذي سنفص‪AA‬ل في‪AA‬ه‬
‫القول في الفصل األول من القسم األول من هذا البحث كما سيأتي ‪ ،‬ونكتفي هنا بتحديد مفه‪A‬وم النظري‪A‬ة بش‪A‬كل ع‪A‬ام‬
‫‪ .‬ب ‪AA‬العودة إلى المع ‪AA‬اجم العربي ‪AA‬ة تحي ‪AA‬ل م ‪AA‬ادة نظ ‪AA‬ر إلى النظ ‪AA‬ر ب ‪AA‬العين أو النظ ‪AA‬ر ب ‪AA‬القلب وهي مجتمع ‪AA‬ة في م ‪AA‬ا أورده‬
‫الزمخشري في األساس ‪:‬‬
‫نظ‪AA‬رت في الكت‪AA‬اب‪ ،‬ويق‪AA‬ال م‪AA‬ربي على ب‪AA‬ني نظ‪AA‬ري وال تم‪AA‬ر بي على بن‪AA‬ات نق‪AA‬ري‪ ،‬أي على رج‪AA‬ال ينظ‪AA‬رون إلي ال‬
‫على نساء ينقرنني أي يعينني ‪.‬‬
‫يشير هذا النص إلى نوع من النقد والتعبير اختصت به طائفة من الناس فقد أورد ابن منظور‪:‬‬
‫وبن‪AA‬و نظ‪AA‬ري ونظ‪AA‬ري أه‪AA‬ل النظ‪AA‬ر والتغ‪AA‬زل بهن ومن‪AA‬ه ق‪AA‬ول األعرابي‪AA‬ة لبعله‪AA‬ا م‪AA‬ر بي على ب‪AA‬ني نظ‪AA‬ري وال تم‪AA‬ر بي‬
‫على بن‪AA‬ات نق‪AA‬ري ‪ ،‬أي م‪AA‬ر بي على الرج‪AA‬ال ال‪AA‬ذين ينظ‪AA‬رون إلي ف‪AA‬أعجبهم وأروقهم وال يعيبون‪AA‬ني من وراني ‪ ،‬وال‬
‫تم‪AA‬ر بي على النس‪AA‬اء الالتي ينظرن‪AA‬ني فيعين‪AA‬ني حس‪AA‬دا وينق‪AA‬رن عن عي‪AA‬وب من م‪AA‬ر بهن ‪ :‬لس‪AA‬ان الع‪AA‬رب ‪ :‬م‪AA‬ادة نظ‪AA‬ر‪،‬‬
‫المجلد ‪ ، 06‬ص ‪ ،4466‬دار المعارف ‪ :‬القاهرة تح ‪ :‬عبد اهلل ‪ ،‬محمد أحمد هاشم محمد الشادي ‪.‬‬
‫وأقرب دالل‪A‬ة في مع‪A‬اني النظ‪A‬ر إلى موض‪A‬وعنا لغوي‪A‬ا على األق‪A‬ل م‪A‬ا أورده ابن منظ‪A‬ور من مع‪A‬نى التأم‪A‬ل في الش‪A‬يء‬
‫حيث يق‪AA‬ول ‪ (( :‬تق‪AA‬ول نظ‪AA‬رت إلى ك‪AA‬ذا وك‪AA‬ذا من نظ‪AA‬ر العين ونظ‪AA‬ر القلب ويق‪AA‬ول القائ‪AA‬ل إلى المؤم‪AA‬ل يرج‪AA‬وه ‪ :‬إنم‪AA‬ا‬
‫تنظر إلى اهلل ثم إليك أي إنما أتوقع فضل اهلل ثم فضلك (( لسان العرب ‪ :‬مج ‪ ، 6‬الصفحة نفسها ‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫سمير سعيد حجازي‪ ،‬النقد العربي و وهام رواد الحداثة‪ ،‬مؤسسة طيبة للنشر و التوزيع‪ ،‬القاهرة ‪ ،‬مصر‪،‬ط‪،1‬ص‪25-23‬‬

‫‪4‬‬
‫االطار المفاهيمي للنقد و النظرية‬ ‫المدخل ‪:‬‬

‫وفيما أورده ابن منظور زيادة معنى التأمل والرجاء ‪ ،‬فكأن الناظر بعين القلب يأمل شيئا في موضوعه الذي يفكر‬
‫في‪AA‬ه يق‪AA‬ول‪ (( :‬النظ‪AA‬ر ‪ :‬الفك‪AA‬ر في الش‪AA‬يء تق‪AA‬دره وتقيس‪AA‬ه ‪ ،‬والمن‪AA‬اظرة أن تن‪AA‬اظر أخ‪AA‬اك في أم‪AA‬ر إذا نظرتم‪AA‬ا في‪AA‬ه مع‪AA‬ا‬
‫كيف تأتيانه (( المصدر نفسه ‪ :‬الصفحة نفسها ‪.‬‬
‫وق ‪AA‬د أطل ‪AA‬ق الع ‪AA‬رب ق ‪AA‬ديما اس ‪AA‬تنادا إلى ه ‪AA‬ذه الم ‪AA‬ادة المعجمي ‪AA‬ة ‪ -‬اس ‪AA‬م النظ ‪AA‬ارة على الق ‪AA‬وم ينظ ‪AA‬رون إلى الش ‪AA‬يء أي‬
‫يشاهدونه مجتمعين ‪ ،‬وقد ارتفع هذا المصطلح مرتبة أخرى على يد علماء الكالم منهم ! الجاحظ الذي أدخل عليه‬
‫ح‪AA‬رف الت‪AA‬اء ليص‪AA‬بح (النظ‪AA‬ارة) ‪ ،1.‬كم‪AA‬ا ي‪AA‬رى عب‪AA‬د المل‪AA‬ك مرت‪AA‬اض مس‪AA‬تندا في ذل‪AA‬ك إلى نص لـ للجاح‪AA‬ظ أن الق‪AA‬دامي‬
‫كانوا (( يصطنعون مصطلح النظارة كما تالحظ ذلك في نص الجاحظ (( فيا أيها المتكلم الجماعي والمتفقه الس‪AA‬ني‬
‫والنظار المعتزلي ) لمعنى يقترب من معنى المنظر في اللغة المعاصرة ‪ ،‬إذ ليس النظار أجم‪AA‬ل من المنظ‪AA‬ر وأفخم‬
‫في السمع إال كثير النظر‪ ،‬أي كثير التفكير واالستنتاج في المسائل العقلية الخاصة والفكري‪A‬ة المحض‪A‬ة ‪ .‬فه‪A‬و كأن‪A‬ه‬
‫‪2‬‬
‫يقرر نظريات المعرفة ويقلبها في أصولها العليا ‪.‬‬
‫وسواء أستخدم القدامى مصطلح (النظرية) أم مصطلح (النظارة) أو غيرهما ‪ ،‬ف‪AA‬إن م‪A‬ا يهمن‪A‬ا هن‪A‬ا ه‪A‬و أنهم ك‪A‬ان لهم‬
‫م ‪AA‬ا يقابل ‪AA‬ه في وعيهم النظ ‪AA‬ري ‪ ،‬إذ ال مش ‪AA‬احة في المص ‪AA‬طلح كم ‪AA‬ا يق ‪AA‬ال ‪ -‬على م ‪AA‬ا ذهب إلي ‪AA‬ه مرت ‪AA‬اض أن الع ‪AA‬رب‬
‫استخدموا مصطلح (( نظر ونظار في مقابل االستعمال الحديث‪ :‬نظرية ومنظر)) وذل‪AA‬ك كي ال نق‪AA‬ع في التهوي‪AA‬ل أو‬
‫التضليل الذي وقع فيه ناظم عودة عندما بحث عن مصطلح علمي بمفهومه المعاصر في قاموس لغوي ليص‪AA‬ل إلى‬
‫نتيجة مغلوطة وهي أن المعجم العربي كما يق‪A‬ول ك‪A‬ان يع‪A‬نى بالج‪A‬ذر اللغ‪A‬وي للكلم‪A‬ات وداللته‪A‬ا الوض‪A‬عية‪ ،‬وعراقته‪A‬ا‬
‫‪3‬‬
‫األعرابية غير المشوبة باللحن ‪ ،‬أو باالختالط األجنبي‪".‬‬
‫ذلك في الوقت الذي يقول فيه وبحق بأن المعجم العربي (غير مشغول بمالحق‪A‬ة ال‪AA‬تراكيب والص‪AA‬ياغات الجدي‪AA‬دة)) ‪،‬‬
‫ولكن لو كلف الباحث نفسه بالعودة إلى ما كتبه عبد القادر الجرجاني في كتابه التعريفات‪-‬كما سنذكر – لظفر بم‪AA‬ا‬
‫يبحث عنه ‪ ،‬إال أن يكون له غرض آخر ال تعلمه كأن يبحث عن المصطلح المطابق لفظا ومعنى لمفهوم النظري‪AA‬ة‬
‫بالمعنى المعاصر ‪ ،‬وهذا غير ممكن‪ ،‬ألن العرب لم تكن تنسب الشيء أو المصطلح إلى ذاته ‪ ،‬وإ نما ك‪AA‬انت تنس‪AA‬به‬
‫إلى ص‪AA‬احبه ‪ ،‬وك‪AA‬ذلك ش‪AA‬أنهم في تس‪AA‬مية الف‪AA‬رق والم‪AA‬ذاهب والطوائ‪AA‬ف ب‪AA‬دءا من أص‪AA‬حاب الم‪AA‬ذاهب األربع‪AA‬ة (الحنفي‪AA‬ة‪،‬‬

‫‪ 1‬عبد الملك مرتاض‪ :‬نظرية النص األدبي‪ ، ،‬دار هومة ‪ -‬الجزائر‪2007 ،‬م‪ ،‬ص‪ ،32‬وينظر كالم الجاحظ في‪ :‬رسائل الجاحظ‪ ،‬فصل في صناعة الكالم‪ ،‬ج‪،4‬‬
‫ص‪243‬‬
‫‪ 2‬نظرية النص األدبي من نفسها ‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫ناظم عودة‪ :‬تكوين النظرية في الفكر اإلسالمي والفكر العربي المعاصر‪ ،‬دار الكتاب الجديدة‪ ،‬بن غازي ليبيا‪ ،‬ط ‪1،2009‬م‪ ،‬ص ‪26‬‬

‫‪5‬‬
‫االطار المفاهيمي للنقد و النظرية‬ ‫المدخل ‪:‬‬

‫المالكي‪AA‬ة‪ ،‬الش‪AA‬افعية الحنبلي‪AA‬ة ثم الف‪AA‬رق الكالمي‪AA‬ة (الجاحظي‪AA‬ة ‪ ،‬األش‪AA‬اعرة‪ ،‬الجهمي‪AA‬ة ‪ ،‬الواص‪AA‬لية ‪ ، )..‬ويع‪AA‬بر ه‪AA‬ذا عن‬
‫مرحل ‪AA‬ة من مراح ‪AA‬ل الفك ‪AA‬ر اإلنس ‪AA‬اني ال ‪AA‬تي ك ‪AA‬ان يرتب ‪AA‬ط فيه ‪AA‬ا الم ‪AA‬ذهب ال ‪AA‬ديني أو الفلس ‪AA‬في بص ‪AA‬احبه كم ‪AA‬ا في الفلس ‪AA‬فة‬
‫اليونانية مثل األفالطونية والفيثاغورية ‪.‬‬
‫وإ ذا أردن‪AA‬ا أن نع‪AA‬ود إلى مفه‪AA‬وم النظري‪AA‬ة في الفك‪AA‬ر الع‪AA‬ربي اإلس‪AA‬المي‪ ،‬ف‪AA‬إن علين‪AA‬ا أن نتتب‪AA‬ع المس‪AA‬ميات أو مض‪AA‬امين‬
‫األس‪AA A‬ماء ال األس‪AA A‬ماء أنفس‪AA A‬ها ‪ ،‬وبمنظ‪AA A‬وراتهم هم عمال بعب‪AA A‬ارة أبي حام‪AA A‬د الغ‪AA A‬زالي (( من طلب المع‪AA A‬نى من اللف‪AA A‬ظ‬
‫ض ‪AA‬ل )‪ 1‬إنم ‪AA‬ا الع ‪AA‬برة بالمس ‪AA‬ميات ال باألس ‪AA‬ماء ‪ ،‬ومن ه ‪AA‬ذا المنطل ‪AA‬ق يمكنن ‪AA‬ا ‪ -‬بيس ‪AA‬ر ‪ -‬تلمس مفه ‪AA‬وم النظري ‪AA‬ة كم ‪AA‬ا‬
‫يطرحه ‪AA‬ا الع ‪AA‬رب الق ‪AA‬دامى باس ‪AA‬م النظ ‪AA‬ارة أو في مقاب ‪AA‬ل المنظ ‪AA‬ر الي ‪AA‬وم أو باس ‪AA‬تخدام اس ‪AA‬م (النظ ‪AA‬ر) كمع ‪AA‬ادل لمفه ‪AA‬وم‬
‫النظرية ‪ ،‬يقول صاحب التعريفات‪:‬‬
‫(( النظري هو الذي يتوقف حصوله على نظر وكسب كتصور النفس ‪ ،‬والعقل كالتصديق بأن العالم حادث)) ‪.‬‬
‫وقد أورد البستاني هذا النص في قاموسه المحيط ولم يش‪A‬ر إلى مص‪AA‬دره ‪ ،‬ومعن‪A‬اه ق‪AA‬ريب من مع‪A‬نى ق‪AA‬ول الجرج‪A‬اني‬
‫عن النظري‪:‬‬
‫نس‪A‬بة إلى النظ‪A‬ر يطل‪A‬ق على مقاب‪A‬ل الض‪A‬روري ويس‪A‬مى كس‪A‬بيا وض‪A‬روريا ومطلوب‪A‬ا وه‪A‬و ال‪A‬ذي يتوق‪A‬ف حص‪A‬وله على‬
‫نظر وكسب كتصور النفس والعقل ‪ ،‬وكالتصديق بأن العالم حادث )‪.‬‬
‫وهذه إشارة إلى الفقهاء قديما حيث كانوا يقسمون العل‪A‬وم إلى ض‪AA‬رورية ونظري‪A‬ة ؛ فالض‪AA‬روري م‪A‬ا ال يس‪A‬ع اإلنس‪A‬ان‬
‫جهله ويتعلق بالفرائض والواجبات‪ ،‬والنظري ما يختص به طائفة من النظار والعلماء كل في محاله العلمي‪.‬‬
‫أم‪AA‬ا اعتب‪AA‬ار ن‪AA‬اظم ع‪AA‬ودة أن مص‪AA‬طلح (النظري‪AA‬ة) يتوق‪AA‬ف عن‪AA‬د البس‪AA‬تاني كم‪AA‬ا عرف‪AA‬ه في قاموس‪AA‬ه عن‪AA‬دما ق‪AA‬ال‪ :‬النظري‪AA‬ة‪:‬‬
‫م‪AA‬ؤنث النظ‪AA‬ري وفي الهندس‪AA‬ة قض‪AA‬ية محتاج‪AA‬ة إلى بره‪AA‬ان إلثب‪AA‬ات ص‪AA‬حتها والجم‪AA‬ع نظري‪AA‬ات ‪ ،‬ف‪AA‬إن ه‪AA‬ذا تقريب‪AA‬ا عين‬
‫كالم مرت ‪AA‬اض حيث يق ‪AA‬ول‪ :‬إن مص ‪AA‬طلح نظري ‪AA‬ة في ح ‪AA‬دود م ‪AA‬ا بلغن ‪AA‬اه من اإلطالع ‪ ،‬ظ ‪AA‬ل غائب ‪AA‬ا من المص ‪AA‬طلحات‬
‫‪2‬‬
‫النقدية والفلسفية والعلمية في التراث العربي ‪".‬‬
‫وق ‪AA‬د خف ‪AA‬ف مرت ‪AA‬اض من ح ‪AA‬دة ه ‪AA‬ذا ال ‪AA‬رأي عن ‪AA‬دما أردف ق ‪AA‬ائال‪ (( :‬غ ‪AA‬ير أن اس ‪AA‬تعمال المع ‪AA‬ادل له ‪AA‬ذين المعن ‪AA‬يين أم ‪AA‬ر‬
‫مش‪AA‬روع )) وف‪AA‬ات الب‪AA‬احثين مع‪AA‬ا أن ص‪AA‬احب التعريف‪AA‬ات ق‪AA‬د تح‪AA‬دث عن النظري‪AA‬ة بش‪AA‬كل واض‪AA‬ح وص‪AA‬ريح قياس‪AA‬ا إلى‬

‫‪1‬‬
‫يوظف أبو حامد الغزالي هذا المبدأ في الكشف عن خطأ منهج المتكلمين في االستدالل‪ ،‬ينظر‪ :‬بنية العقل‪ :‬الجابري‪ ،‬ص ‪439‬‬
‫‪2‬‬
‫نظرية النص األدبي‪ :‬ص ‪.34‬‬

‫‪6‬‬
‫االطار المفاهيمي للنقد و النظرية‬ ‫المدخل ‪:‬‬

‫عص‪AA‬ره‪ ،‬إذ يق‪AA‬ول ‪ :‬آداب البحث ‪ :‬ص‪AA‬ناعة نظري‪AA‬ة يس‪AA‬تفيد منه‪AA‬ا اإلنس‪AA‬ان كيفي‪AA‬ة المن‪AA‬اظرة وش‪AA‬رائطها ص‪AA‬يانة ل‪AA‬ه عن‬
‫الخبط في البحث وإ لزاما للخصم و إفحامه ‪.‬‬
‫وواضح هن‪A‬ا أن قول‪A‬ه ((ص‪A‬ناعة نظري‪A‬ة)) يقص‪A‬د به‪A‬ا على لغتن‪A‬ا الي‪A‬وم أنه‪A‬ا تخص‪A‬ص نظ‪A‬ري ‪ ،‬أي أن‪A‬ه يتعل‪A‬ق بقواع‪A‬د‬
‫ومب ‪AA‬ادئ نظري ‪AA‬ة عام ‪AA‬ة تك ‪AA‬ون مق‪AA‬دمات عقلي ‪AA‬ة ينطل ‪AA‬ق منه ‪AA‬ا الفك ‪AA‬ر في معالج ‪AA‬ة مس ‪AA‬ائل المعرف ‪AA‬ة حيث (( يس ‪AA‬تفيد منه ‪AA‬ا‬
‫اإلنس‪AA‬ان كيفي‪AA‬ة المن‪AA‬اظرة وش‪AA‬رائطها (( ‪ ،‬أم‪AA‬ا قول‪AA‬ه ((ص‪AA‬يانة ل‪AA‬ه عن الخب‪AA‬ط في البحث وإ لزام‪AA‬ا للخص‪AA‬م و إفحام‪AA‬ه ))‬
‫فهو كالم يدل على وعي تام وتفرقة صارمة صحيحة بين القواعد النظري‪A‬ة والمق‪A‬دمات العلمي‪A‬ة ال‪A‬تي ينبغي أن يق‪A‬ف‬
‫عليها الطرفان عند المناظرة والحج‪A‬اج من أج‪A‬ل االحتك‪A‬ام إليه‪A‬ا ‪ ،‬وم‪A‬ؤدى ه‪A‬ذا أن النظري‪A‬ة به‪A‬ذا المع‪A‬نى بن‪A‬اء نظ‪A‬ري‬
‫محكم ترتب‪AA‬ط في‪AA‬ه المق‪AA‬دمات بالنت‪AA‬ائج ارتباط‪AA‬ا ملزم‪AA‬ا للمتن‪AA‬اظرين وه‪AA‬ذا المع‪AA‬نى غ‪AA‬ير بعي‪AA‬د تمام‪AA‬ا عن مفه‪AA‬وم النظري‪AA‬ة‬
‫المعاصر ‪.‬‬
‫ومهما يكن المصطلح الذي وظفه الفكر العربي القديم س‪AA‬واء ك‪AA‬ان ص‪AA‬ناعة نظري‪AA‬ة ‪ ،‬أو العلم النظ‪AA‬ري أو النظ‪AA‬اري ‪،‬‬
‫فإن‪AAA‬ه ك‪AAA‬ان ألص‪AAA‬حابه وعي عمي‪AAA‬ق بوج‪AAA‬ود بن‪AAA‬اء عقلي ومنهجي يأخ ‪AA‬ذ بعض‪AA A‬ه برق‪AA A‬اب بعض يص‪AA A‬ححون ب‪AAA‬ه آراءهم‬
‫ويفرقون ويميزون به الحق من الباطل ‪ ،‬والصواب من الخطأ ‪ ،‬وه‪A‬و م‪A‬ا ت‪A‬دل علي‪A‬ه ممارس‪A‬تهم وكتاب‪A‬اتهم واختالف‬
‫طرق تفكيرهم ونتائج‪A‬ه ‪ ،‬وليس من الفائ‪A‬دة في ش‪A‬يء إس‪A‬قاط حال‪A‬ة حاض‪A‬رة على حال‪A‬ة س‪A‬ابقة ‪ ،‬فليس بإمك‪A‬ان مرحل‪A‬ة‬
‫سابقة أن تحتوي مرحل‪A‬ة الحق‪A‬ة‪ ،‬فض‪AA‬ال عن أن تطابقه‪A‬ا ‪ ،‬س‪A‬واء على مس‪A‬توى المن‪A‬اهج واألدوات ‪ ،‬أو على مس‪A‬توى‬
‫المفاهيم والمصطلحات التي تكون فيها العبرة بالمسميات ال باألسماء كما قدمنا‬
‫‪1‬‬
‫قريب من هذا الذي عرضناه في الفكر‪.‬‬
‫وب‪AA‬العودة إلى مفه‪AA‬وم النظري‪AA‬ة كم‪AA‬ا تطرح‪AA‬ه الفلس‪AA‬فة الغربي‪AA‬ة نج‪AA‬د أن‪AA‬ه اإلس‪AA‬المي يق‪AA‬ول " الالن‪AA‬د أندري‪AA‬ه في موس‪AA‬وعته‬
‫‪2‬‬
‫الفلسفية وهو يقدم لها تعريفا عاما وشامال ‪ :‬نظري (‪ : )theorie‬إنشاء تنظيري للعقل يربط النتائج بالمبادئ ‪".‬‬
‫ويقابل هذا التعريف معاني عدة بحسب الالند منها ‪:‬‬
‫مقابل ممارسة (‪ )pratique‬في نظام الوقائع كالقسم النظري والقسم التطبيقي في الفيزياء مثال‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫في مقاب ‪AA‬ل المعرف ‪AA‬ة العامي ‪AA‬ة‪ :‬أي م ‪AA‬ا يك ‪AA‬ون موض ‪AA‬وعا لتص ‪AA‬ور منهجي منظم نس ‪AA‬قيا ‪ ،‬أي في مح ‪AA‬ال م ‪AA‬ا أو‬ ‫‪-‬‬
‫تخصص معين علمي ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫محمد صاب ر عبيد ‪:‬تجلي الخطاب النقدي من النظرية إلى الممارسة‪ ،‬دار األمان ‪ ،‬الرباط ط‪1‬سنة‪، 2013‬ص‪172‬‬
‫‪2‬‬
‫خليل أحمد خليل ‪ ،‬إشراف أحمد عويدات ‪ ،‬منشورات عويدات بيروت وباريس ‪ ،‬ط‪2001 ،2‬م‪ ،‬مج ‪ ،3‬ص ‪1454‬‬

‫‪7‬‬
‫االطار المفاهيمي للنقد و النظرية‬ ‫المدخل ‪:‬‬

‫في مقابل المعرفة اليقينية‪ :‬أي أن النظرية هنا هي إنشاء فوضي مبني على افتراضات غير يقينية‬ ‫‪-‬‬
‫مقابل الممارسة في النظام المعياري ‪ :‬أي المثال والنموذج أو الحق المحض والخير المحض مثال‬ ‫‪-‬‬
‫وتعني هذه التم‪A‬ثيالت والتق‪A‬ابالت أن مفه‪A‬وم النظري‪A‬ة يتس‪A‬ع ويض‪AA‬يق بحس‪A‬ب الموض‪AA‬وع المبح‪A‬وث ‪ ،‬وبحس‪A‬ب المح‪A‬ال‬
‫ال ‪AA‬ذي يتح ‪AA‬رك في ‪AA‬ه ه ‪AA‬ذا المفه ‪AA‬وم‪ ،‬والجه ‪AA‬ة ال ‪AA‬تي ينتمي إليه ‪AA‬ا موض ‪AA‬وع البحث واختصاص ‪AA‬ه وطبيعت ‪AA‬ه ‪ ،‬وق ‪AA‬د ج ‪AA‬اء في‬
‫المعجم الشامل لمصطلحات الفلسفة ( نظرية )‪ theorie theory‬تصور أو فرض أشبه بالمبدأ ‪ ،‬ل‪AA‬ه قيم‪AA‬ة التعري‪AA‬ف‬
‫على نحو ما يتسم بالعمومية وينتظم علما أو عدة عل‪AA‬وم ويق‪A‬دم منهج‪AA‬ا للبحث والتفس‪AA‬ير‪ ،‬ويرب‪AA‬ط النت‪AA‬ائج بالمب‪AA‬ادئ في‬
‫ه‪AA‬ذا التعري‪AA‬ف تأكي‪AA‬د على مب‪AA‬دأ الق‪AA‬درة التفس‪AA‬يرية ال‪AA‬تي ينبغي أن تحوزه‪AA‬ا النظري‪AA‬ة ‪ ،‬س‪AA‬واء في ش‪AA‬كلها الع‪AA‬ام أي في‬
‫المعرفة العامة ‪ ،‬أم في ش‪A‬كلها الخ‪A‬اص عن‪A‬د اختص‪A‬اص بعين‪A‬ه أو علم مح‪A‬دد ‪ ،‬وال يش‪A‬ترط في ه‪A‬ذه الق‪A‬درة التفس‪A‬يرية‬
‫أن تن ‪AA‬ال اإلجم ‪AA‬اع ال في ش ‪AA‬كلها الع ‪AA‬ام وال في ش ‪AA‬كلها الخ ‪AA‬اص ‪ ،‬ألن المعرف ‪AA‬ة بص ‪AA‬فة عام ‪AA‬ة نس ‪AA‬بية وهي في العل ‪AA‬وم‬
‫اإلنسانية تراكمية وليست إلغائية ‪ ،‬إضافة إلى أنه‪A‬ا ته‪A‬دف إلى الفهم وليس إلى االكتش‪A‬اف كم‪A‬ا ه‪A‬و الح‪A‬ال في العل‪A‬وم‬
‫‪1‬‬
‫التجريبية‪.‬‬
‫من المفي‪AA‬د هن‪AA‬ا أن ن‪AA‬ورد م‪AA‬ا قال‪AA‬ه عب‪AA‬د المل‪AA‬ك مرت‪AA‬اض به‪AA‬ذا الش‪AA‬أن ‪ (( :‬يمكن أن نع‪AA‬د النظري‪AA‬ة جه‪AA‬ازا ص‪AA‬ارما جامع‪AA‬ا‬
‫لمف ‪AA‬اهيم معرفي ‪AA‬ة ‪ ،‬أو أداة معرفي ‪AA‬ة ‪ ،‬لتحدي ‪AA‬د المف ‪AA‬اهيم وت ‪AA‬داولها ابتغ ‪AA‬اء منطق ‪AA‬ة التفك ‪AA‬ير ‪ ،‬وعلمن ‪AA‬ة االس ‪AA‬تنتاج ‪ .‬فك ‪AA‬أن‬
‫النظرية علم تكثير األشياء بالقياس والتوليد على نح‪A‬و واح‪A‬د‪ ...‬إنه‪A‬ا مجموع‪A‬ة من اآلراء واألفك‪A‬ار تثبت أم‪A‬ام العق‪A‬ل‬
‫بيرهان وتكون قابلة ألن تغريل بها القضايا فيقع االس‪A‬تنتاج بواس‪A‬طة ه‪A‬ذه الغربل‪A‬ة إم‪A‬ا أنه‪A‬ا علمي‪A‬ة فيتحكم فيه‪A‬ا العق‪A‬ل‬
‫والمنطق وإ ما أنها مجرد آراء ال ترمي إلى مستوى التنظير ))‪.‬‬
‫إن أهم م‪AA A‬ا تخلص إلي‪AA A‬ه بع‪AA A‬د ه‪AA A‬ذا الع‪AA A‬رض الم‪AA A‬وجز أن النظري‪AA A‬ة بمفهومه‪AA A‬ا الواس‪AA A‬ع تولي‪AA A‬ف عقلي منض‪AA A‬بط ‪ ،‬يتس‪AA A‬م‬
‫بالتجري‪AA‬د ‪ ،‬وينتظم مف‪AA‬اهيم وتص‪AA‬ورات معرفي‪AA‬ة منس‪AA‬جمة ترتب‪AA‬ط في‪AA‬ه النت‪AA‬ائج بالمب‪AA‬ادئ والمق‪AA‬دمات ‪ ،‬وينبغي أن يك‪AA‬ون‬
‫هذا البناء النظري قادرا على تفسير ظاهرة أو مجموعة من الظواهر في مج‪A‬ال أو في ع‪A‬دة مج‪A‬االت ‪ ،‬ومهم‪A‬ة ه‪A‬ذا‬
‫التوليف هو عقلنة التفكير وعلمن‪A‬ة االس‪A‬تنتاج‪ ،‬كم‪A‬ا أن‪A‬ه يطل‪A‬ق في مقاب‪A‬ل الممارس‪A‬ة اليومي‪A‬ة أو المعرف‪A‬ة العلمي‪A‬ة ‪ ،‬كم‪A‬ا‬
‫يطل‪AA‬ق في مقاب‪AA‬ل المعرف‪AA‬ة غ‪AA‬ير العلمي‪AA‬ة (الس‪AA‬اذجة أو غ‪AA‬ير المنظم‪AA‬ة) ‪ ،‬ويش‪AA‬تمل ه‪AA‬ذا التولي‪AA‬ف على الفرض‪AA‬يات العام‪AA‬ة‬

‫‪1‬‬
‫عبد المنعم الحفني‪ :‬المعجم الشامل‪ ،‬مكتبة مدبولي القاهرة ‪ ،‬ط‪2000 ،3‬م ‪ ،‬ص ‪880‬‬

‫‪8‬‬
‫االطار المفاهيمي للنقد و النظرية‬ ‫المدخل ‪:‬‬

‫ال‪AA‬تي تفس‪AA‬ر الك‪AA‬ون ‪ ،‬وتك‪AA‬ون قريب‪AA‬ة من الحقيق‪A‬ة أو يتوص‪AA‬ل إليه‪AA‬ا العلم في تخص‪AA‬ص م‪AA‬ا كنظري‪AA‬ة ال‪AA‬وحي والنب‪AA‬وة ‪ ،‬أو‬
‫‪2‬‬
‫نظرية في تفسير الواقع ‪ ،‬أو رأي في قضية ما ‪ ،‬وتشمل علما بعينه كما أنها تشمل مجموعة من العلوم ‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫نظرية النص األدبي‪ :‬ص ‪.38‬‬

‫‪9‬‬
‫الفصل األول‪:‬‬
‫حمتوى الكتاب‬
‫محتوى الكتاب‬ ‫الفصل االول ‪:‬‬

‫أوال‪ :‬عتبات النص‪:‬‬


‫تشكل العتبات المحيطة بالنص أيقونا عالماتيا يشي بكثير من الدالالت واإليح‪A‬اءات وال‪A‬تي تعم‪A‬ل بش‪A‬كل متكام‪A‬ل‬
‫لتشكيل لوحة جمالية تقترح نفسها على القارئ وتمارس عليه سلطتها من اإلغ‪A‬راء واإلغ‪A‬واء‪ ،‬ليتس‪A‬نى له‪A‬ا ب‪A‬ذلك‬
‫‪1‬‬
‫إما التشويش على تلقي النص‪ ،‬و إما التحول إلى المؤشر الدال على األبعاد اإليحائية للنص"‪.‬‬
‫فالعتبات هي كل النصوص الموازية‪ ،‬والمصاحبة للنص‪ ،‬وال‪A‬تي تتمث‪A‬ل في ك‪A‬ل من الغالف الص‪AA‬ورة المص‪AA‬احبة‬
‫اسم المؤلف العناوين الرئيسية‪ ،‬العناوين الفرعية المقدمات كلمات الناشر الهوامش‪.‬‬
‫إض‪AA‬افة إلى النص‪AA‬وص الغائب‪AA‬ة عن دائ‪AA‬رة الض‪AA‬وء‪ ،‬وغ‪AA‬ير المعلن عنه‪AA‬ا مث‪AA‬ل المس‪AA‬ودات المش‪AA‬اريع غ‪AA‬ير المكمل‪AA‬ة‬
‫‪2‬‬
‫للكاتب‪ ،‬كالمذكرات‪ ،‬خطط األعمال التي لم تنجز بعد‪.‬‬
‫نس‪AAA‬تنتج من ه‪AAA‬ذين النص‪AAA‬ين أن النص الم‪AAA‬وازي عب‪AAA‬ارة عن نص ‪AA‬وص مج ‪AA‬اورة تراف ‪AA‬ق النص في ش‪AAA‬كل عتب‪AAA‬ات‬
‫وملحقات قد تكون داخلية أو خارجية‪ ،‬ولها عدة وظائف داللية وجمالية وتداولية تواصلية‬
‫فالوظيفة الجمالية تتمثل في تزيين الكتاب وتنميقه بإرفاقه بالصور واأللوان‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫والوظيفة التداولية تكمن في استقطاب القارئ‪ ،‬واستغوائه‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫إذن فللعتب‪AA‬ات أهمي‪AA‬ة ك‪AA‬برى في فهم النص‪ ،‬وتفس‪AA‬يره وتأويل‪AA‬ه من ك‪AA‬ل الج‪AA‬وانب وذل‪AA‬ك باإللم‪AA‬ام بجمي‪AA‬ع تمفص‪AA‬الته‬
‫‪3‬‬
‫البنيوية‪ ،‬المجاورة من الداخل ومن الخارج التي تشكل عمومية النص ومدلوليته اإلنتاجية التقابلية‪.‬‬
‫و ق‪AA‬د ق‪AA‬دم لن‪AA‬ا ج‪AA‬يرار جي‪AA‬نيت ( ‪ ) Gerard genette‬في كتاب‪AA‬ة " عتب‪AA‬ات"( ‪ )seuils‬ع‪AA‬ام ‪ 1987‬دراس‪AA‬ة ش‪AA‬املة‬
‫مفصلة لعتبات النص ‪ ،‬حيث أعاد االعتبار للمناص‪ ،‬بانتقاله من شعرية النص إلى شعرية المناص" حيث ح‪AA‬دد‬
‫المتعاليات النصية في خمسة أنماط هي‪:‬‬
‫التناص‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫المناص‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫الميتائص‬ ‫‪-3‬‬
‫النص الالحق‪.‬‬ ‫‪-4‬‬

‫‪4‬‬
‫النص الجامع" ‪.‬‬ ‫‪-5‬‬
‫‪1‬‬
‫‪ -‬مراد عبد الرحمان مبروك‪ ،‬جيوبوليتيكا النص األدبي ( تضاريس الفضاء الروائي‪ ،‬طال‪ ،‬دار الوفاء اإلسكندرية‪ ،‬مصر‪ ،2002،‬ص ‪124‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬سعدية نعيمة‪ ،‬إستراتيجية النص المصاحب في الرواية الجزائرية‪ ،‬مجلة المخبر‪ ،‬جامعة بسكرة‪ ،‬الجزائر‪ ،‬ع ‪ ،2002 ،05‬ص ‪224‬‬
‫‪3‬‬
‫مراد عبد الرحمان مبروك‪ ،‬جيولوليتيكا النص األدبي‪ ،‬ص ‪130‬‬
‫‪4‬‬
‫عبد الحق بلعايد عتبات لجيرار جينيت من النص إلى المناص طالء‪ ،‬منشورات االختالف الجزائر‪ ،2008 ،‬ص ‪26‬‬

‫‪11‬‬
‫محتوى الكتاب‬ ‫الفصل االول ‪:‬‬

‫حيث حق‪AA‬ق جي‪AA‬نيت في كتاب‪AA‬ه ه‪AA‬ذا م‪AA‬ا أجل‪AA‬ه في كتابات‪AA‬ه الس‪AA‬ابقة بتوس‪AA‬يعه ل‪AA‬دائرة الش‪AA‬عريات‪ ،‬و تنويع‪AA‬ه لم‪AA‬داخلها‪،‬‬
‫بتخصيص‪AA‬ه ه‪AA‬ذا الكت‪AA‬اب ألح‪AA‬د المواض‪AA‬يع المعق‪AA‬دة للش‪AA‬عريات المعاص‪AA‬رة ‪ ،‬و ه‪AA‬و ‪ :‬المن‪AA‬اص‪ .)Paratexte( 1‬و‬
‫المتجلي في الكتاب‪.‬‬
‫فقد انتقل جنيت من دراسة النص إلى دراسة المناص‪ :‬الكتاب‪.‬‬

‫داللة المصطلح‪ " :‬المناص" عند جيرار جينيت من خالل كتابه‪ " :‬عتبات" ‪:‬‬
‫" يق‪AA‬دم جي‪AA‬نيت تعريف‪AA‬ا للمن‪AA‬اص يجعل‪AA‬ه نمط‪AA‬ا من أنم‪AA‬اط المتعالي‪AA‬ات النص‪AA‬ية و الش‪AA‬عرية عام‪AA‬ة‪ ،‬يتش‪AA‬كل من رابط‪AA‬ة‬
‫هي عموم‪AA A‬ا أق‪AA A‬ل ظه‪AA A‬ورا‪ ،‬و أك‪AA A‬ثر بع‪AA A‬دا من المجم‪AA A‬وع ال‪AA A‬ذي يش‪AA A‬كله عم‪AA A‬ل أدبي‪ ،‬ف‪AA A‬النص في الواق‪AA A‬ع ال يمكنن‪AA A‬ا‬
‫معرفته‪ ،‬و تسميته إال بمناصه‪ ،‬فنادرا ما يظهر النص عاريا من عتبات لفظية‪ ،‬أو بصرية مث‪A‬ل ( اس‪A‬م الك‪A‬اتب‪،‬‬
‫العنوان العنوان الفرعي‪ ،‬اإله‪A‬داء االس‪A‬تهالل ص‪A‬فحة الغالف‪ ،)...‬و ه‪A‬ذا قص‪AA‬د تقديم‪A‬ه للجمه‪A‬ور‪ ،‬أو بمع‪A‬نى أدق‬
‫جعل‪A‬ه حاض‪A‬را إلى الوج‪A‬ود الس‪A‬تقباله و اس‪A‬تهالكه فالمن‪A‬اص ه‪A‬و ك‪A‬ل م‪A‬ا يجع‪A‬ل من النص كتاب‪A‬ا يق‪A‬ترح نفس‪A‬ه على‬
‫قرائه‪ ،‬أو بصفة عامة على جمهوره ‪ ،‬فهو أكثر من جدار ذو حدود متماسكة‪ ،‬نقصد ب‪AA‬ه هن‪AA‬ا تل‪AA‬ك العتب‪AA‬ة بتعب‪AA‬ير‬
‫(ب‪AA‬ورخيس) البه‪AA‬و ال‪AA‬ذي يس‪AA‬مح لك‪AA‬ل من‪AA‬ا دخول‪AA‬ه أو الرج‪AA‬وع من‪AA‬ه ‪ ،‬و ه‪AA‬و البه‪AA‬و ال‪AA‬ذي نلج إلي‪AA‬ه لنتح‪AA‬اور في‪AA‬ه م‪AA‬ع‬
‫‪2‬‬
‫المؤلف الحقيقي أو المتخيل‪.‬‬
‫أقسام المناص عند جيرار جنيت‪:‬‬
‫يقسمها جنيت إلى قسمين‪:‬‬
‫المناص النشري ‪ /‬االفتتاحي مناص الناشر‪)paratexte editorial( :‬‬ ‫‪-1‬‬
‫وهي كل اإلنتاجيات المناصية التي تعود مس‪AA‬ؤوليتها للناش‪AA‬ر المنخ‪AA‬رط في ص‪AA‬ناعة الكت‪AA‬اب‪ ،‬و طباعت‪AA‬ه وهي أق‪AA‬ل‬
‫تحدي‪AA A‬دا عن‪AA A‬د (ج‪AA A‬نيت) إذ تتمث‪AA A‬ل في الغالف الجالدة‪ ،‬كلم‪AA A‬ة الناش‪AA A‬ر‪ ،‬اإلش‪AA A‬هار الحجم‪ ،‬السلس‪AA A‬لة ‪ ....‬حيث تق‪AA A‬ع‬
‫‪3‬‬
‫مسؤولية هذا المناص على عاتق الناشر و معاونيه (کتاب دار نشر مدراء السالسل‪ ،‬الملحقين الصحفيين)"‪.‬‬

‫المناص التأليفي ( مناص المؤلف) ‪:) paratexte autorail( :‬‬ ‫‪-2‬‬

‫‪1‬‬
‫عبد الحق بلعابد ‪ ،‬مرجع ساٌب ‪ ،‬ص‪27-26‬‬
‫‪2‬‬
‫المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.44/43‬‬
‫‪3‬‬
‫المرجع نفسه‪،‬ص‪45‬‬

‫‪12‬‬
‫محتوى الكتاب‬ ‫الفصل االول ‪:‬‬

‫يمث ‪AA‬ل ك ‪AA‬ل تل ‪AA‬ك االنتاج ‪AA‬ات و المص ‪AA‬احبات الخطابي ‪AA‬ة ال ‪AA‬تي تع ‪AA‬ود مس ‪AA‬ؤوليتها باألس ‪AA‬اس إلى الك ‪AA‬اتب المؤل ‪AA‬ف حيث‬
‫‪4‬‬
‫ينخرط فيها كل من اسم الكاتب العنوان العنوان الفرعي‪ ،‬اإلهداء ‪ ،‬االستهالل‪".‬‬

‫‪ -‬مبادئ المناص‪:‬‬
‫ي‪AA‬رى ج‪AA‬يرار ج‪AA‬نيت أن‪AA‬ه لفهم المن‪AA‬اص ‪ ،‬ال ب‪AA‬د من اإلحاط‪AA‬ة ب‪AA‬أهم المب‪AA‬ادئ ال‪AA‬تي يق‪AA‬وم عليه‪AA‬ا فلقهم ذل‪AA‬ك الب‪AA‬د من‬
‫طرح األسئلة التالية الموجهة لمبادئ المناص‪ ،‬و المتمثلة في خمسة أسئلة هي‪:‬‬

‫سؤال المكانية ) أين؟) و يطرح قصد تحديد موضعه‪ ،‬و موقعه‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫سؤال الزمانية (م‪A‬تى؟)‪ :‬يح‪A‬دد ب‪A‬ه ت‪A‬اريخ ظه‪A‬ور المن‪A‬اص‪ ،‬أو اختف‪A‬اءه المف‪A‬اجئ (أي م‪A‬تى يظه‪A‬ر‪ ،‬و م‪A‬تى‬ ‫‪-2‬‬
‫يختفي؟)‪.‬‬
‫سؤال الكيفية ( كيف؟)‪ :‬يطرح لتحديد الصيغة الوجودية‪ ،‬لفظية كانت أم غيرها‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫س ‪AA‬ؤال التداولي ‪AA‬ة (ممن و إلى من؟)‪ :‬يرص ‪AA‬د ب ‪AA‬ه العملي ‪AA‬ة التواص ‪AA‬لية‪ ،‬و التداولي ‪AA‬ة (مرس ‪AA‬ل رس ‪AA‬الة مرس ‪AA‬ل‬ ‫‪-4‬‬
‫إليه)‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫سؤال الوظيفة ( ماذا نفعل به؟ ‪ :‬يحدد الوظائف المحركة للرسالة المناصية"‪.‬‬ ‫‪-5‬‬
‫و يخلص ج‪AA‬نيت إلى أن للمص‪AA‬احبات النص‪AA‬ية ق‪AA‬درة هائل‪AA‬ة على إص‪AA‬دار األوام‪AA‬ر الملزم‪AA‬ة‪ ،‬كم‪AA‬ا أن في وس‪AA‬عها أن‬
‫تأتي ببعض من مثل ‪ :‬يمكن قراءة هذا النص‪ ،‬وفق ذلك النظام‪ ،‬أو يمكن القف‪AA‬ز هن‪AA‬ا على ك‪AA‬ذا وك‪AA‬ذا‪ ،‬ب‪AA‬ل أن في‬
‫إمكانها أن تنجز ما تصف‪ ،‬و آي‪A‬ة ذل‪A‬ك م‪A‬ا نج‪A‬ده في اإله‪A‬داءات لم‪A‬ا تحم‪A‬ل المص‪AA‬احبات النص‪AA‬ية ق‪AA‬رارا باإله‪A‬داء‪،‬‬
‫‪3‬‬
‫فإنها لن تكتفي بأن يكتب على إحدى الصفحات عبارة إلى فالن‪.‬‬
‫وانطالق‪AA A‬ا من ك‪AA A‬ل م‪AA A‬ا س‪AA A‬بق‪ ،‬نح‪AA A‬اول دخ‪AA A‬ول معم‪AA A‬ار كت‪AA A‬اب " في نظري‪AA A‬ة النق‪AA A‬د" لعب‪AA A‬د المل‪AA A‬ك مرت‪AA A‬اض أي ع‪AA A‬بر‬
‫النصوص المصاحبة أو العتبات التي تميز فضاء الكتاب كمفاتيح رئيسية‪:‬‬
‫الغالف أول م‪AA‬ا نق‪AA‬ف عن‪AA‬ده ‪ ،‬و ه‪AA‬و الش‪AA‬يء ال‪AA‬ذي يلفت انتباهن‪AA‬ا بمج‪AA‬رد رؤي‪AA‬ة الكت‪AA‬اب‪ ،‬ألن‪AA‬ه من العتب‪AA‬ات األولى‬
‫‪4‬‬
‫الهامة ‪ ،‬إذ " تدخلنا إشارته إلى اكتشاف عالقات النص بغيره من النصوص‪".‬‬
‫المصاحبة له من صورة تجنيس‪ ،‬ألوان‪ ...‬خط‪...‬‬
‫يتكون غالف هذا الكتاب من مجموعة من العتبات التي تحمل العديد من الدالالت والمتمثلة في‪:‬‬
‫‪4‬‬
‫المرجع نفسه‪ ،‬ص‪48‬‬
‫‪2‬‬
‫المرجع السابق‪ ،‬ص‪51‬‬
‫‪ 3‬سليمة لو كام‪ ،‬شعرية النص عند جيرار جينيت من األطراس إلى العتبات‪ ،‬مجلة التواصل العدد الصادر في ‪ 23‬جانفي ‪ ،2009‬المركز الجامعي سوق‬
‫اهراس‪ ،‬الجزائر‪ ،‬ص ‪.40‬‬
‫‪ 4‬محمد حسان حماد‪ ،‬تداخل النصوص في الرواية العربية (دراسة أدبية)‪ ،‬دل‪ ،‬الهيئة المصرية العامة للكتاب‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مصر‪ ،‬دت‪،‬ص‪.148‬‬

‫‪13‬‬
‫محتوى الكتاب‬ ‫الفصل االول ‪:‬‬

‫الصورة‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫اللون الذي ميز الغالف‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫الخط ‪ ،‬نوع الخط‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫التجنيس‪.‬‬ ‫‪-4‬‬
‫إسم المؤلف‪.‬‬ ‫‪-5‬‬
‫العنوان ‪ :‬الذي يشكل وحدة كبرى مستقلة بذاتها‪.‬‬ ‫‪-6‬‬

‫الصورة‬ ‫‪-1‬‬
‫لق‪A‬د ص‪AA‬ار من الش‪A‬ائع الي‪A‬وم ل‪A‬دى معظم الكت‪A‬اب والمب‪A‬دعين توظي‪A‬ف لوح‪A‬ات فني‪A‬ة لبعض الرس‪A‬امين على واجه‪A‬ات‬
‫الكتب لتك‪AA‬ون رس‪AA‬الة وتعب‪AA‬يرا عن فح‪AA‬وى المض‪AA‬مون و ذل‪AA‬ك بتفس‪AA‬ير الق‪AA‬ارئ للرم‪AA‬وز و الش‪AA‬فرات المخت‪AA‬ارة ‪ ،‬و‬
‫هدف صاحب الكتاب من وراء هذا ج‪A‬ذب الق‪A‬ارئ و اس‪A‬تقطابه‪ ،‬من خالل إث‪A‬ارة ذهن‪A‬ه و نفس‪A‬يته ال‪A‬تي تس‪A‬عى إلى‬
‫تفكيك تلك الشفرات والرموز التي أودعها لتجعل من الصورة عالمة أيقونية‪ ،‬و " لغة بصرية يتم عبرها توليد‬
‫مجمل الدالالت داخل الصورة بوصفها لغة بالغة التركيب‪ ،‬كما أنها لغة تعم‪A‬ل على نق‪A‬ل األفك‪A‬ار وال‪A‬دالالت من‬
‫لغ‪AA‬ة إلى أخ‪AA‬رى ‪ ،‬ألنه‪AA‬ا تحكى بلغ‪AA‬ة الش‪AA‬كل الخ‪AA‬ط‪ ،‬الل‪AA‬ون‪ ،‬الظ‪AA‬ل‪ ،‬لتض‪AA‬عها في س ‪ّA‬لم الق‪AA‬راءة‪ ،‬و تنتهي إلى الفهم‬
‫‪1‬‬
‫واإلدراك عبر تحريك‪ ،‬و إعمال العقل ومهاراته"‪.‬‬
‫وللصورة هنا شريط عريض من الفسيفساء العربية اإلسالمية تقسم الكتاب بشكل مائل من اليمين إلى اليسار‪.‬‬

‫نالحظ أن الشريط منمنم بزخ‪A‬ارف عربي‪A‬ة‪ ،‬و ه‪A‬ذه الزخ‪A‬ارف ترم‪A‬ز إلى الفني‪A‬ة واإلبداعي‪A‬ة وال‪A‬رقي ال‪A‬ذي تم‪A‬يزت‬
‫به الثقافة العربية اإلسالمية‪.‬‬

‫وك‪AA‬أن ه‪AA‬ذا الش‪AA‬ريط ه‪AA‬و ش‪AA‬ريط ال‪AA‬ذكريات ال‪AA‬تي تحتف‪AA‬ظ به‪AA‬ا مخيلتن‪AA‬ا‪ ،‬فم‪AA‬رور الش‪AA‬ريط في منتص‪AA‬ف فض‪AA‬اء الغالف‬
‫يشبه شريط التراث الذي يمر في فضاء ذاكرتنا حين نستحضره‪.‬‬

‫نالح‪AA‬ظ أن ه‪AA‬ذا الش‪AA‬ريط يتوس‪AA‬طه عن‪AA‬وان " في نظري‪AA‬ة النق‪AA‬د" ‪ ،‬أي أن نظري‪AA‬ة النق‪AA‬د و م‪AA‬ا تحمل‪AA‬ه من فلس‪AA‬فات‪ ،‬و‬
‫أراء ‪ ،‬و نظ‪AA‬رات ‪ ،‬و مع‪AA‬ايير كله‪AA‬ا تنبت من خلفي‪AA‬ات عربي‪AA‬ة إس‪AA‬المية‪ ،‬و ه‪AA‬ذا م‪AA‬ا يتف‪AA‬ق اتفاق‪AA‬ا ال م‪AA‬راء في‪AA‬ه م‪AA‬ع‬
‫مض‪AA‬مون الكت‪AA‬اب‪ ،‬حيث نج‪AA‬د الناق‪AA‬د يرب‪AA‬ط" الش‪AA‬كالنية" و" الحداثي‪AA‬ة" ب‪AA‬ابن قتيب‪AA‬ة و ابن س‪AA‬الم الجمعي حيث احتكم‪AA‬ا‬
‫إلى معايير الجودة الفنية في الحكم على النصوص‪ ،‬و لم يقبال الزمن معيارا لذلك‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫سعدية نعيمة استراتيجية النص المصاحب في الرواية الجزائرية ص ‪.227‬‬

‫‪14‬‬
‫محتوى الكتاب‬ ‫الفصل االول ‪:‬‬

‫وعن‪AA‬د التمعن في عالق‪AA‬ة ه‪AA‬ذا العن‪AA‬وان بالش‪AA‬ريط المزخ‪AA‬رف نالح‪AA‬ظ أن العن‪AA‬وان لم يخ‪AA‬رج عن ح‪AA‬دود ه‪AA‬ذا الش‪AA‬ريط‬
‫المرس‪AA‬وم‪ ،‬و ك‪AA‬أن الناق‪AA‬د أراد أن يق‪AA‬ول أن أي نظري‪AA‬ة في النق‪AA‬د إال و له‪AA‬ا ب‪AA‬ذور أو ج‪AA‬ذور أو إرهاص‪AA‬ات عربي‪AA‬ة‬
‫قديمة‪ ،‬و كأن الغرب لم ينتجوا أي نظرية جديدة من اختراعهم ال تستند إلى أص‪AA‬ل ع‪A‬ربي ق‪AA‬ديم‪ ،‬وك‪A‬ل م‪A‬ا فعل‪A‬وه‬
‫أنهم ط ‪ّA‬و روا ‪ ،‬وج ‪ّA‬د دوا ه‪AA‬ذه النظ‪AA‬رات لتص‪AA‬بح نظري‪AA‬ات‪ .‬و إذا تمعن‪AA‬ا في ه‪AA‬ذا الش‪AA‬ريط أك‪AA‬ثر ‪ ،‬وج‪AA‬دناه مزخ‪AA‬رف‬
‫بأشكال هندسية منظمة و مبنية بشكل تناظري جميل جدا يوحي بتطور المعمار والعم‪AA‬ران والحض‪AA‬ارة ‪ ،‬و ه‪AA‬ذه‬
‫إشارة من الناقد إلى أن الفكر ينتج النظريات عندما تكون الحضارة المادية قوية‪ ،‬مزدهرة و غير تابعة لغيرها‬
‫فاألج ‪AA‬داد أب ‪AA‬دعوا و هم في أوج تط ‪AA‬ورهم وق ‪AA‬وتهم‪ ،‬و ازده ‪AA‬ارهم‪ ،‬عن ‪AA‬دما انفتح ‪AA‬وا على الحض ‪AA‬ارات اليوناني ‪AA‬ة و‬
‫الفارسية والهندية‪ ،‬من غير أن يذوبوا‪ ،‬أو يتماهوا فيها‪ ،‬فهم أخذوا بأسباب الحضارة والمدنية‪ ،‬وكيفوه‪AA‬ا م‪AA‬ع م‪AA‬ا‬
‫يتناس ‪AA‬ب وه ‪AA‬ويتهم العربي ‪AA‬ة و خصوص ‪AA‬يتهم اإلس ‪AA‬المية و ه ‪AA‬ذا مح ‪AA‬ور فك ‪AA‬رة الكت ‪AA‬اب و فك ‪AA‬رة كتاب ‪AA‬ات مرت ‪AA‬اض‪،‬‬
‫ومشروعه النق‪A‬دي عام‪A‬ة‪ .‬لكن إذا دققن‪A‬ا النظ‪A‬ر في ه‪A‬ذا الش‪A‬ريط الجمي‪A‬ل المزخ‪A‬رف المل‪A‬ون ب‪A‬ألوان جميل‪A‬ة وج‪A‬دناه‬
‫تكس‪AA‬وه مس‪AA‬حة من الض‪AA‬بابية ‪ ،‬وع‪AA‬دم الوض‪AA‬وح ‪ ،‬و لع‪AA‬ل الناق‪AA‬د ي‪AA‬رمي من وراء ه‪AA‬ذا إلى أن نظرتن‪AA‬ا له‪AA‬ذا ال‪AA‬تراث‬
‫الغني الزاخر نظرة قاصرة ‪ ،‬يشوبها نوع من الضبابية وعدم وضوح الرؤية ‪ ،‬فرؤيتنا لتراثن‪AA‬ا رؤي‪AA‬ة قاص‪AA‬رة ‪،‬‬
‫غير واعية‪.‬‬

‫اللون الذي ميز الغالف (داللة األلوان)‪:‬‬ ‫‪-2‬‬


‫نج‪AA‬د األل‪AA‬وان الموظف‪AA‬ة في واجه‪AA‬ة ه‪AA‬ذا الكت‪AA‬اب هي األزرق‪ ،‬األحم‪AA‬ر‪ ،‬الب‪AA‬ني‪ ،‬وله‪AA‬ذه األل‪AA‬وان دالالت مترابط‪AA‬ة ‪،‬‬
‫ومتقاربة مع بعضها البعض‪.‬‬
‫فللون األزرق عدة دالالت في الدراسات النفسية منها الخيال الواسع ‪ ،‬فهو يلهم ب‪AA‬الكثير من األفك‪AA‬ار وه‪AA‬و رم‪AA‬ز‬
‫للبحث عن الحقيق ‪AA‬ة ‪ ،‬و إثب ‪AA‬ات ال ‪AA‬ذات ‪ ،‬وك ‪AA‬ل ه ‪AA‬ذه ال ‪AA‬دالالت بش ‪AA‬كل نس ‪AA‬بي ‪ -‬نج ‪AA‬دها موج ‪AA‬ودة في مض ‪AA‬مون ه ‪AA‬ذا‬
‫الكتاب ‪ ،‬وفي شخصية صاحب هذا الكتاب‪.‬‬
‫فمن المع‪AA‬روف عن عب‪AA‬د المل‪AA‬ك مرت‪AA‬اض أن‪AA‬ه واس‪AA‬ع الخي‪AA‬ال‪ ،‬و يتجلى ذل‪AA‬ك من خالل كتابات‪AA‬ه اإلبداعي‪AA‬ة ‪ :‬قص‪AA‬ص‬
‫ورواي ‪AA‬ات كرواي ‪AA‬ة ن ‪AA‬ار ون ‪AA‬ور دم ‪AA‬اء و دم ‪AA‬وع ‪ ،‬مراي ‪AA‬ا متشض ‪AA‬ية حي ‪AA‬اة بال مع ‪AA‬نى مملك ‪AA‬ة الع ‪AA‬دم‪ ،‬رواي ‪AA‬ة ثالثي ‪AA‬ة‬
‫الجزائ ‪AA‬ر‪ ،‬حيزي ‪AA‬ة ‪ ،‬قل ‪AA‬وب تبحث عن الس ‪AA‬عادة كم ‪AA‬ا يتجلى خيال ‪AA‬ه الواس ‪AA‬ع في الق ‪AA‬درة على الغ ‪AA‬وص في أعم ‪AA‬اق‬
‫ال‪AAA‬تراث والتحلي‪AAA‬ق بعي‪AAA‬دا حالم‪AAA‬ا ب‪AAA‬أن ينهض أبن‪AAA‬اء ه‪AAA‬ذه األم‪AAA‬ة بتك ‪AA‬اليف العلم والبحث ح ‪AA‬تى يعي‪AAA‬دوا بعث أمج‪AAA‬اد‬
‫ماضيهم الغابر و يصلوا إلى ما وصل إليه أجدادهم من تقدم وازدهار‪.‬‬

‫‪15‬‬
‫محتوى الكتاب‬ ‫الفصل االول ‪:‬‬

‫أم‪A‬ا البحث عن الحقيق‪A‬ة إلثب‪A‬ات ال‪A‬ذات‪ ،‬ف‪A‬ذلك عقي‪A‬دة الناق‪A‬د‪ ،‬ومس‪A‬يرته في حيات‪A‬ه العلمي‪A‬ة فنج‪A‬ده يبحث عن الحقيق‪A‬ة‬
‫التي يربطها بالتراث إلثبات عبقرية األجداد‪.‬‬
‫أم ‪AA‬ا الل ‪AA‬ون الب ‪AA‬ني ‪ ،‬في ‪AA‬دل على التفك ‪AA‬ير العمي ‪AA‬ق‪ ،‬فكلم ‪AA‬ا رأين ‪AA‬ا الب ‪AA‬ني ت ‪AA‬ذكرنا األرض وت ‪AA‬ذكرنا الخص ‪AA‬ب والنم ‪AA‬اء ‪،‬‬
‫ت ‪AA‬ذكرنا ه ‪AA‬ذه األرض ال ‪AA‬تي تربطن ‪AA‬ا بج ‪AA‬ذورنا ‪ ،‬وأص ‪AA‬لنا ‪ ،‬فت ‪AA‬ذكرنا ماض ‪AA‬ينا المجي ‪AA‬د و أج ‪AA‬دادنا األف ‪AA‬ذاذ ‪ ،‬وه ‪AA‬ذا م ‪AA‬ا‬
‫يزخر به مضمون الكتاب‪.‬‬
‫فص‪AA‬احب الكت‪AA‬اب عم‪AA‬د إلى الرج‪AA‬وع إلى بعض عمالق‪AA‬ة الفك‪AA‬ر الع‪AA‬ربي الق‪AA‬ديم من نق‪AA‬اد ش‪AA‬عراء ‪ ،‬و لغ‪AA‬ويين ‪ ،‬فهم‬
‫بمثاب‪AA‬ة األرض‪ ،‬واألص‪AA‬ل والج‪AA‬ذور لتط‪AA‬ور الفك‪AA‬ر والثقاف‪AA‬ة العربي‪AA‬ة‪ .‬الناق‪AA‬د أراد أن يوص‪AA‬ل رس‪AA‬الة تتمح‪AA‬ور ح‪AA‬ول‬
‫فك‪AA‬رة أن األج‪AA‬داد س‪AA‬اهموا في ص‪AA‬نع الت‪AA‬اريخ وأن الغ‪AA‬رب اس‪AA‬تفاد مم‪AA‬ا توص‪AA‬ل إلي‪AA‬ه علم‪AA‬اء الع‪AA‬رب ق‪AA‬ديما فاعتم‪AA‬دوا‬
‫عليه ‪ ،‬و وظفوه في كتاباتهم‪.‬‬
‫أم‪A‬ا بالنس‪A‬بة لل‪A‬ون األحم‪A‬ر ال‪A‬ذي ه‪A‬و رم‪A‬ز للحب و التعل‪A‬ق غالب‪A‬ا ‪ ،‬فق‪A‬د وظف‪A‬ه الناق‪A‬د في كتاب‪A‬ة العن‪A‬وان ‪ ،‬ليع‪A‬بر ب‪A‬ع‬
‫عن حبه الشديد للتراث‪ ،‬واالعتزاز به ‪ ،‬و الوفاء له‪ ،‬وهذا أيضا مرتبط أشد االرتباط بمضمون الكتاب‪.‬‬

‫نوع الخط‪:‬‬ ‫‪-3‬‬


‫نالحظ أن العنوان" في نظرية النقد" ُك ِتب بنوع خاص من الخط ‪ ،‬و هو الخط الكوفي وه‪A‬و من أش‪A‬هر الخط‪A‬وط‬
‫العربية األصيلة‪ ،‬و"الكوفي" نسبة إلى الكوفة التي كانت من أشهر الحواضر العباس‪AA‬ية عمران‪AA‬ا ‪ ،‬و علم‪AA‬ا وفن‪AA‬ا و‬
‫حضارة ‪ ،‬فالكوفة مهد النحويين واللغويين ‪ ،‬النحاة ‪ ،‬الرواة‪....‬‬
‫ون‪AA‬ادرا م‪AA‬ا نج‪AA‬د الكتب النقدي‪AA‬ة األكاديمي‪AA‬ة تعتم‪AA‬د ه‪AA‬ذا الخ‪AA‬ط لص‪AA‬ياغة عناوينه‪AA‬ا‪ .‬إال أن عب‪AA‬د المل‪AA‬ك مرت‪AA‬اض اخت‪AA‬ار‬
‫ه ‪AA‬ذا الن ‪AA‬وع من الخ ‪AA‬ط رم ‪AA‬زا للكوف ‪AA‬ة مه ‪AA‬د الحض ‪AA‬ارة العباس ‪AA‬ية العربي ‪AA‬ة األص ‪AA‬يلة‪ ،‬في عنوان ‪AA‬ه ‪ ،‬وفي ذل ‪AA‬ك رب ‪AA‬ط‬
‫للنظريات النقدية بالتراث العربي‪.‬‬

‫التجنيس‬ ‫‪-4‬‬
‫و الذي يطلق عليه جيرار ج‪A‬نيت بالمؤش‪A‬ر الجنس‪A‬ي ‪ ."Indication générique‬إن التج‪A‬نيس ملح‪A‬ق ب‪A‬العنوان ‪،‬‬
‫و يعت‪AA‬بر من أهم العتب‪AA‬ات المس‪AA‬اعدة على ول‪AA‬وج النص وذل‪AA‬ك بتهيئ‪AA‬ة الق‪AA‬ارئ على استحض‪AA‬ار أف‪AA‬ق انتظ‪AA‬اره"‪ ،‬ه‪AA‬ذا‬

‫‪16‬‬
‫محتوى الكتاب‬ ‫الفصل االول ‪:‬‬

‫التجنيس يفيد عملية التلقي بتحدي‪A‬ده اس‪A‬تراتيجيات آلي‪A‬ات التلقي‪ ،‬ورب‪A‬ط ه‪A‬ذا النص المجنس بالنص‪AA‬وص األخ‪A‬رى‪،‬‬
‫‪1‬‬
‫التي من نوعيه في ذاكرتنا النصية‪ ،‬ألننا نتلقى هذا النص من خالل هذا التجنيس‪ ،‬و نعقد معه عقدا للقراءة"‪.‬‬
‫أم‪A‬ا ج‪A‬يرار ج‪A‬نيت ف‪A‬يرى أن المؤش‪A‬ر الجنس‪A‬ي" يع‪A‬د نظام‪A‬ا رس‪A‬ميا يع‪A‬بر عن مقص‪A‬ودية ك‪A‬ل من الك‪A‬اتب والناش‪A‬ر ‪،‬‬
‫لم‪AA‬ا يري‪AA‬دان نس‪AA‬بته للنص‪ ،‬و في ه‪AA‬ذه الحال‪AA‬ة‪ ،‬ال يس‪AA‬تطيع الق‪AA‬ارئ تجاه‪AA‬ل‪ ،‬أو إهم‪AA‬ال ه‪AA‬ذه النس‪AA‬بة و إن لم يس‪AA‬تطع‬
‫‪2‬‬
‫تصديقها أو إقرارها‪ ،‬فهي باقية كموجه قرائي لهذا العمل"‪.‬‬
‫نس‪AA A‬تنتج من خالل ه‪AA A‬ذه التأص‪AA A‬يالت للمؤش‪AA A‬ر الجنس‪AA A‬ي ب‪AA A‬أن وظيفت‪AA A‬ه األساس‪AA A‬ية تتمث‪AA A‬ل في إخب‪AA A‬ار الق‪AA A‬ارئ بجنس‬
‫العمل ‪ /‬الكتاب الذي سيشرع في قراءته‪.‬‬
‫يتحدد جنس العمل من خالل كتاب" في نظرية النقد" في‪:‬‬
‫العنوان الرئيسي الذي يدل على أن جنس هذا الكتاب هو نقد النقد‪ ،‬ليس رواية و ال قصة وال‪..‬‬ ‫‪-1‬‬
‫العن ‪AA‬وان الف ‪AA‬رعي‪ :‬متابع ‪AA‬ة ألهم الم ‪AA‬دارس النقدي ‪AA‬ة المعاص ‪AA‬رة‪ ،‬ورص ‪AA‬د لنظرياته ‪AA‬ا ‪ :‬فالمتابع ‪AA‬ة ت ‪AA‬دل على‬ ‫‪-2‬‬
‫الدراسة‪ ،‬المقاربة النقد‪.‬‬
‫كما تكرر التجنيس كثيرا داخل متن الكاتب بشكل جلي و واضح‪ ،‬و الفت للنظر مثال في‪:‬‬
‫عناوين الفصول‪ :‬النقد النقاد‪ ،‬ص ‪ 24‬النقد و الخلفيات الفلسفية‪ ،‬ص ‪79‬‬

‫إسم المؤلف‪:‬‬ ‫‪-5‬‬


‫يعد اسم الكاتب من العناصر المناصية المهمة‪ ،‬فال يمكن تجاهله‪ ،‬أو مجاوزته‪ ،‬ألن‪AA‬ه العالم‪AA‬ة الفارق‪AA‬ة بين ك‪AA‬اتب‬
‫وآخر فيه تثبت هوية الكتاب لصاحبه و يحقق ملكيت‪A‬ه األدبي‪A‬ة و الفكري‪A‬ة على عمل‪A‬ه‪ ،‬دون النظ‪A‬ر لالس‪A‬م إذا ك‪A‬ان‬
‫‪3‬‬
‫حقيقيا أو مستعارا"‪.‬‬
‫نجد اسم المؤلف عبد الملك مرتاض مكتوب ومتموضع عاليا على الواجهة اإلشهارية للكت‪A‬اب‪ ،‬يخاطبن‪A‬ا بص‪A‬ريا‬
‫لش‪A‬رائه‪ ،‬ألن من أهم وظ‪A‬ائف " اس‪A‬م المؤل‪A‬ف" الوظيف‪A‬ة اإلش‪A‬هارية‪ .‬فه‪A‬ذه الوظيف‪A‬ة اإلش‪AA‬هارية نس‪A‬تطيع من خالله‪A‬ا‬
‫فهم و معرف ‪AA‬ة طبيع ‪AA‬ة المض ‪AA‬مون ال ‪AA‬داخلي للكت ‪AA‬اب ألن اس ‪AA‬م عب ‪AA‬د المل ‪AA‬ك مرت ‪AA‬اض يحيلن ‪AA‬ا مباش ‪AA‬رة إلى الدراس ‪AA‬ات‬
‫النقدي‪AA‬ة‪ ،‬وإ لى إيديولوجيت‪AA‬ه المع‪AA‬روف به‪AA‬ا وهي دراس‪AA‬ة ال‪AA‬تراث الع‪AA‬ربي الق‪AA‬ديم بمن‪AA‬اهج حداثي‪AA‬ة عربي‪AA‬ة‪ ،‬و ه‪AA‬ذا م‪AA‬ا‬
‫يتوافق ومحتوى الكتاب‪.‬‬

‫العنوان‪ :‬فك شفرة العنوان ‪:‬‬ ‫‪-6‬‬

‫‪1‬‬
‫المرجع السابق‪ ،‬ص ‪229‬‬
‫‪2‬‬
‫عبد الحق بلعايد‪ ،‬عقبات لجيرار جينيت من النص إلى المناص‪ ،‬ص ‪.89‬‬
‫‪3‬‬
‫المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.64‬‬

‫‪17‬‬
‫محتوى الكتاب‬ ‫الفصل االول ‪:‬‬

‫يعتبر العنوان من أهم العتبات التي ال يمكن تخطيها في دراسة النصوص‪ ،‬ألنها بمثابة الموجه الرئيس للنص‪،‬‬
‫فالعنوان من خالل طبيعت‪A‬ه المرجعي‪A‬ة‪ ،‬و اإلحالي‪A‬ة يتض‪AA‬من غالب‪A‬ا أبع‪A‬ادا تناص‪AA‬ية ‪ ،‬فه‪A‬و دال إش‪A‬اري إلى مقص‪AA‬دية‬
‫‪1‬‬
‫الباث ‪ ،‬و أهدافه اإليديولوجية والفنية ‪".‬‬
‫نس‪AA‬تنتج من ه‪AA‬ذا المفه‪AA‬وم أن‪AA‬ه من خالل العن‪AA‬وان يمكن معرف ‪AA‬ة طبيع‪AA‬ة النص‪ ،‬و بالت‪AA‬الي تنب‪AA‬ؤ ن‪AA‬وع الق‪AA‬راءة ال‪AA‬تي‬
‫تناسب هذا النص‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫إن العنوان لدى السيميائيين بمثابة سؤال إشكالي ‪ ،‬بينما النص بمثابة إجابة على هذا السؤال‪.‬‬
‫أي أن العنوان يحيل إلى النص‪ ،‬والنص يحيل إلى العنوان‪.‬‬
‫من خالل ك‪AA‬ل ه‪AA‬ذه المف‪AA‬اهيم يمكن أن نس‪AA‬تنبط أن للعن‪AA‬وان أهمي‪AA‬ة في الدراس‪AA‬ات الحديث‪AA‬ة باعتب‪AA‬اره رس‪AA‬الة لغوي‪AA‬ة‬
‫تع‪AA‬رف بهوي‪AA‬ة النص‪ ،‬وباعتب‪AA‬اره ن‪AA‬واة للنص‪ ،‬ف‪AA‬العنوان لم يع‪AA‬د ج‪AA‬زء من النص‪ ،‬ب‪AA‬ل ص‪AA‬ار نص‪AA‬ا موازي‪AA‬ا مس‪AA‬تقال‬
‫يشكل إشكاال و إش‪A‬كالية ‪ ،‬بع‪A‬د أن ص‪A‬ار علم‪A‬ا قائم‪A‬ا بذات‪A‬ه يس‪A‬مى علم العنون‪A‬ة أو العن‪A‬وا ني‪A‬ات" ‪ tilrologie‬و بع‪A‬د‬
‫أن أعلن ج ‪AA‬يرار ج ‪AA‬نيت ان ‪AA‬ه ص ‪AA‬ار باإلمك ‪AA‬ان أن نتح ‪AA‬دث عن ش ‪AA‬عرية العن ‪AA‬وان كح ‪AA‬ديثنا عن ش ‪AA‬عرية النص ‪AA‬وص‬
‫المعروضة بعد العنوان‪ .‬لدراسة العنوان " في نظرية النقد يمكن أن نقسمه إلى فاصلتين نظرية ‪ ،‬النقد‪.‬‬

‫نظرية ‪:‬‬ ‫‪-1‬‬

‫النظري‪AA‬ة مص‪AA‬در مش‪AA‬تق من الفع‪AA‬ل نظ‪AA‬ر‪ ،‬ينظ‪AA‬ر نظ‪AA‬را‪ ،‬ومنظ‪AA‬را‪ ،‬ومنظ‪AA‬رة‪ ،‬والمنظ‪AA‬ر مص‪AA‬در النظ‪AA‬ر‪ ،‬وه‪AA‬و حس‬
‫العين والمناظرة أن تناظر أخاك في أمر‪ ،‬إذا نظرتما فيه معا كيف تأتيانه‪.‬‬
‫و النظر الفكر في الشيء‪ ،‬تقدره‪ ،‬و تقيسه منك‬ ‫‪-‬‬
‫والنظ ‪AA‬ر يق ‪AA‬ع على األجس ‪AA‬ام والمع ‪AA‬اني ‪ ،‬فم ‪AA‬ا ك ‪AA‬ان باإلبص ‪AA‬ار فه ‪AA‬و لألجس ‪AA‬ام ‪ ،‬و م ‪AA‬ا ك ‪AA‬ان بالبص ‪AA‬ائر فه ‪AA‬و‬ ‫‪-‬‬
‫للمعاني‬
‫‪3‬‬
‫والنظر توقع الشيء ‪ ،‬وإ مراة تنظر ‪ ،‬تتكهن ‪ ،‬و هو تعلم‪ ،‬ونظر‪ ،‬وفراسة‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫و يرى عبد الملك مرتاض أن " العرب عرفوا أول األم‪A‬ر فيم‪A‬ا يب‪A‬دو ‪ -‬مقاب‪A‬ل ه‪A‬ذا المفه‪A‬وم أي النظري‪A‬ة‬ ‫‪-‬‬
‫‪ -‬تحت مص ‪AA‬طلح " النظ ‪AA‬ر " ‪ ،‬بمع ‪AA‬نى الفك ‪AA‬ر ال ‪AA‬ذي يطلب ب ‪AA‬ه علم أو غلب ‪AA‬ة الظن‪ ،‬ال النظري ‪AA‬ة بمفهومه ‪AA‬ا‬
‫‪4‬‬
‫العلمي المعاصر و الفلسفي‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫عواد كاظم لفئة ضياء غني لفتة سردية النص األدبي‪ ،‬طال‪ ،‬دار ومكتبة الحامد للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪ ،‬األردن‪ ،2011 ،‬ص ‪.132‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬الناصر حسن محمد سميوطيقا العنوان في الشعر البياني‪ ،‬ط دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مصر‪ ،2002 ،‬ص‪.10‬‬
‫‪3‬‬
‫جمال الدين بن منظور‪ ،‬لسان العرب‪ ،‬مج‪ ،14‬ط‪ ،1‬دار صادر‪ ،‬بیروت‪ ،‬لبنان ‪ ،2000‬ص ‪.294-293‬‬
‫‪4‬‬
‫عبد الملك مرتاض نظرية النص األدبي‪ ،‬لعله منشورات دار هومة للطباعة والتوزيع‪ ،‬الجزائر‪ ،2007 ،‬ص ‪34‬‬

‫‪18‬‬
‫محتوى الكتاب‬ ‫الفصل االول ‪:‬‬

‫كم ‪AA‬ا ي ‪AA‬رى أن " النظري ‪AA‬ة" من المف ‪AA‬اهيم الفلس ‪AA‬فية الغربي ‪AA‬ة ال ‪AA‬تي يقص ‪AA‬د به ‪AA‬ا‪" :‬مجموع ‪AA‬ة من الموض ‪AA‬وعات‬ ‫‪-‬‬
‫القابلة للبرهنة ‪ ،‬والقوانين المنتظمة ‪ ،‬التي تخضع للفحص التجريبي وتكون غايتها وضع حقيقة لنظ‪AA‬ام‬
‫‪1‬‬
‫علمي‪.‬‬

‫النقد‪:‬‬ ‫‪-2‬‬
‫ورد الج‪AA‬ذر " نق‪AA‬د" في المع‪AA‬اجم العربي‪AA‬ة القديم‪AA‬ة كلس‪AA‬ان الع‪AA‬رب و أس‪AA‬اس البالغ‪AA‬ة‪ ،‬و مق‪AA‬اييس اللغ‪AA‬ة وتك‪AA‬اد تجم‪AA‬ع‬
‫كلها على المعنى الحسي لهذه اللفظة‪ :‬الخدش‪ ،‬الشق ‪ ،‬فنجد‪:‬‬
‫نقد الرجل الشيء بنظره‪ ،‬ينقده نقدا‪ ،‬و نقد إليه اختلس النظر نحوه ‪ ،‬و م‪A‬ازال فالن ينق‪A‬د بص‪A‬ره إلى الش‪A‬يء إذا‬
‫لم يزل ينظر إليه‪.‬‬
‫النق‪AA‬د‪ ،‬والنق‪AA‬اد‪ ،‬تم‪AA‬يزه ال‪AA‬دراهم و إخ‪AA‬راج الزي‪AA‬ف منه‪AA‬ا ‪ ،‬و نق‪AA‬دت ال‪AA‬دراهم‪ ،‬انتق‪AA‬دتها إذا أخ‪AA‬رجت الزي‪AA‬ف‪ ،‬و نق‪AA‬دني‬
‫ثمنه‪ ،‬أي أعطانيه نقدا معجال‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫ناقدت فالنا‪ ،‬إذ ناقشته في األمر‪ ،‬و نقد الطائر الحب‪ ،‬ينقده‪ ،‬إذا كان يلتقطه واحدا واحدا‪ ،‬و هو مثل النقر ‪.‬‬
‫من خالل ه‪A‬ذه المف‪A‬اهيم المتقارب‪A‬ة يمكن أن نس‪A‬تنتج أن النق‪A‬د األدبي تق‪A‬ويم و تق‪A‬ييم للنص‪AA‬وص المنق‪A‬ودة‪ ،‬وق‪AA‬د ش‪A‬اع‬
‫ه‪AA‬ذا المفه‪AA‬وم في ج‪AA‬ل المص‪AA‬ادر النقدي‪AA‬ة القديم‪AA‬ة‪ :‬كنق‪AA‬د الش‪AA‬عر الموازن‪AA‬ة بين الط‪AA‬ائيين الش‪AA‬عر و الش‪AA‬عراء ‪ ،‬طبق‪AA‬ات‬
‫فحول الشعراء الوساطة بين المتنبي و خصومه‪...‬‬
‫حيث نجد النق‪A‬اد يحكم‪A‬ون على النص‪A‬وص الش‪A‬عرية بمعي‪A‬ار ‪ :‬الج‪A‬ودة ‪ /‬ال‪A‬رداءة‪ :‬أي إظه‪A‬ار العي‪A‬وب و الس‪A‬قطات‬
‫والهنات التي يجدونها في النصوص المدروسة‪ ،‬حيث اهتموا بالموازنات و المفاضالت و مسائل السرقات‪.‬‬
‫أما النقد في العصر الح‪A‬ديث فص‪A‬ار" يفي‪A‬د األس‪A‬اليب‪ ،‬أو الطرائ‪A‬ق المتبع‪A‬ة في تحلي‪A‬ل النص‪A‬وص أو اآلث‪A‬ار األدبي‪A‬ة‬
‫و تصنيفها و تميز الجيد من الضعيف به‪A‬دف الكش‪A‬ف عن وج‪A‬ود اإلحس‪A‬ان في اإلب‪A‬داع األدبي واإلدالء ببيان‪A‬ات‬
‫تحكم على ه‪AA‬ذه اآلث‪AA‬ار ق‪AA‬وة‪ ،‬أو ض‪AA‬عفا‪ ،‬في ض‪AA‬وء مب‪AA‬ادئ يف‪AA‬ترض أن يختص به‪AA‬ا ناق‪AA‬د‪ ،‬أو مجموع‪AA‬ة من النق‪AA‬اد‬
‫‪3‬‬
‫يصدرون هذا الحكم أو ذاك‪.‬‬
‫ه‪AA‬ذا عن‪AA‬د الع‪AA‬رب ال‪AA‬ذين يزال‪AA‬ون متمس‪AA‬كين بحكم القيم‪AA‬ة الجي‪AA‬د‪ /‬ال‪AA‬ردئ ‪ ،‬في حين أن‪AA‬ه عن‪AA‬د الغ‪AA‬رب ه‪AA‬و دراس‪AA‬ة و‬
‫تحليل و تفسير و تأويل للنصوص‪ ،‬دون أن يكون حكم القيمة شرطا في ذلك‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ .‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.35‬‬
‫‪2‬‬
‫جمال الدين بن منظور‪ ،‬لسان العرب‪ ،‬ص ‪.335 ،334‬‬
‫‪3‬‬
‫ابراهيم محمود خليل النقد األدبي الحديث ( من المحاكاة إلى التفكيك)‪ ،‬ط‪ ،1‬دار المسيرة للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪ ،2003 ،‬ص‪.11‬‬

‫‪19‬‬
‫محتوى الكتاب‬ ‫الفصل االول ‪:‬‬

‫عن ‪AA‬د قراءتن ‪AA‬ا لعن ‪AA‬وان ‪ " :‬في نظري ‪AA‬ة النق ‪AA‬د" انطالق ‪AA‬ا من ك ‪AA‬ل م ‪AA‬ا س ‪AA‬بق يمكن أن نص ‪AA‬ل ل ‪AA‬دالالت ه ‪AA‬ذا العن ‪AA‬وان في‬
‫نظري‪AA‬ة النق‪AA‬د ‪ :‬ش‪AA‬به جمل‪AA‬ة تق‪AA‬ديرها ه‪AA‬ذا بحث ه‪AA‬ذه نظ‪AA‬رات ه‪AA‬ذه آراء في نظري‪AA‬ة النق‪AA‬د انطالق‪AA‬ا من ه‪AA‬ذا المفه‪AA‬وم‬
‫نستطيع قراءة العنوان بقول الناقد‪ :‬هذه آرائي‪ ،‬و تصوراتي ونظراتي حول تقويم تق‪A‬ييم األعم‪A‬ال اإلبداعي‪A‬ة‪ ،‬أي‬
‫حول تفسير و شرح هذه األعمال‪.‬‬
‫أي في الكت ‪AA A‬اب توج ‪AA A‬د مجموع ‪AA A‬ة من الموض ‪AA A‬وعات القابل ‪AA A‬ة للبرهن ‪AA A‬ة‪ ،‬ح ‪AA A‬ول كيفي ‪AA A‬ة دراس ‪AA A‬ة النص ‪AA A‬وص و ه ‪AA A‬ذه‬
‫الموض‪AA‬وعات القابل‪AA‬ة للبرهن‪AA‬ة هي النظري‪AA‬ات بمختل‪AA‬ف تقس‪AA‬يماتها‪ :‬التقليدي‪AA‬ة و المعاص‪AA‬رة الس‪AA‬ياقية منه‪AA‬ا والنس‪AA‬قية‬
‫وهل استطاعت فعال هذه النظريات النجاح في مقاربة النصوص و دراستها؟‬
‫فعبد الملك مرتاض مارس النقد على هذه النظريات بتتب‪A‬ع مس‪A‬ارها‪ ،‬و ظ‪A‬روف نش‪A‬أتها و العوام‪A‬ل ال‪A‬تي س‪A‬اعدت‬
‫على تطورها و أقولها هل نجحت حقا في مساعيها في اإلحاط‪AA‬ة ب‪AA‬النص‪ .‬إض‪AA‬افة إلى إظه‪AA‬ار الج‪AA‬وانب المض‪AA‬يئة‬
‫من هذه النظريات و جوانب قصورها‪ ،‬كما أنه لم يهمل أهم المنطلقات و األسس التي قامت عليها‪.‬‬
‫كل هذا النشاط الذهني الذي مارسه مرتاض على هذه النظري‪A‬ات مرتب‪A‬ط ك‪A‬ل االرتب‪A‬اط بمنب‪A‬ع ه‪A‬ذه النظري‪A‬ات‪ ،‬و‬
‫هو التراث العربي األصيل‪ ،‬و نستشف ذلك من الموق‪AA‬ع ال‪A‬ذي اخت‪A‬اره الناق‪AA‬د ليتموق‪AA‬ع في‪A‬ه العن‪A‬وان و ه‪A‬و الش‪A‬ريط‬
‫المزخرف المنمنم الذي يرمز للتراث كما ذكرنا آنفا ‪.‬‬
‫و هذا ما نجده باد بوضوح تام في ثنايا المضمون‪.‬‬
‫و منه نستطيع أن نستشرف موضوع المضمون بأنه بحث أنجزه الناقد من أجل دراسة النظري‪AA‬ات المعاص‪AA‬رة ‪،‬‬
‫ومدارسها‪ ،‬أودع في‪A‬ه تأمالت‪A‬ه‪ ،‬و نظرات‪A‬ه‪ ،‬و آراءه ‪ ،‬ال‪A‬تي تحم‪A‬ل إيديولوجيت‪A‬ه الخاص‪A‬ة المتمثل‪A‬ة في رد االعتب‪A‬ار‬
‫لهذا التراث بوصفه أصال وانتماء‪ .‬نستنتج مما سبق أن المناص أو العتبات المحيطة ب‪AA‬النص ق‪AA‬د س‪AA‬اعدتنا كث‪AA‬يرا‬
‫في الولوج إلى داخل النص‪ ،‬بتعرفنا على هويته و تجنيسه‪ ،‬و تحديد مضمونه‪.‬‬

‫ملخص الكتاب‬ ‫‪-3‬‬


‫يع‪AA A‬د عب‪AA A‬د المل‪AA A‬ك مرت‪AA A‬اض من أب‪AA A‬رز النق‪AA A‬اد الجزائ‪AA A‬ريين و أغ‪AA A‬زرهم كتاب‪AA A‬ة و إنتاج‪AA A‬ا و أش‪AA A‬دهم وعي‪AA A‬ا بأهمي‪AA A‬ة‬
‫المصطلح ‪ ،‬و المنهج‪.‬‬
‫فكتاب‪ ":‬في نظرية النق‪A‬د"‪ 1‬ال‪A‬ذي ه‪A‬و مح‪A‬ل الدراس‪A‬ة تن‪A‬اول ه‪A‬ذه القض‪A‬ية‪ ،‬حيث نج‪A‬د أن الناق‪A‬د يتح‪A‬دث في‬ ‫‪-‬‬
‫الفصل األول عن النقد والنق‪A‬اد الماهي‪A‬ة و المفه‪A‬وم" ‪ :‬حيث ي‪A‬رى أن النق‪A‬د لم يكن معروف‪AA‬ا كم‪A‬ا ه‪A‬و اآلن‪،‬‬
‫فقب‪A‬ل الق‪A‬رن التاس‪A‬ع عش‪A‬ر ك‪A‬ان النق‪A‬د موجه‪A‬ا لألدب‪A‬اء‪ ،‬ال األعم‪A‬ال األدبي‪A‬ة‪ " :‬فك‪A‬ان النق‪A‬د من ه‪A‬ذا المنظ‪A‬ور‬

‫‪ 1‬عبد الملك مرتاض‪ ،‬في نظرية النقد‪ ،‬دل‪ ،‬منشورات دار هومة للطباعة والتوزيع‪ ،‬الجزائر‪ ،2005 ،‬ص ‪06‬‬

‫‪20‬‬
‫محتوى الكتاب‬ ‫الفصل االول ‪:‬‬

‫إنما كان يعني طبقة النقاد منفصلين عن جنس األدب‪ ،1‬كم‪A‬ا ي‪A‬رى أن النق‪A‬د ك‪A‬ان متلبس‪A‬ا بنظري‪A‬ة األدب "‬
‫حيث كانوا يصرفونه في وظيفة الشعر‪ ،‬ووصف األدب‪.2‬‬
‫كما أن الناقد يقرر أن النقد أسير ثالث إشكاليات‪:‬‬ ‫‪-‬‬
‫الفنية‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫العلمية‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫االحترافية‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫و يثمن في معرض حديثه عن إمكانية تأسيس مدرسة نقدية عربية أصيلة الجهود النقدي‪A‬ة للنق‪A‬اد الع‪A‬رب الق‪A‬دامى‬
‫التي اعترفت الموسوعة العالمية الفرنسية بجهودهم مثل ابن سالم ‪ ،‬ابن قتيبة‪.‬‬
‫و في الفصل الثاني والموسوم بالنقد ‪ ،‬هذه الماهية المستعملة‪:‬‬ ‫‪-‬‬
‫يصدر الناقد مناقشته لماهية النقد بطرح إشكالية ما النقد؟ و يجيب علميا ‪ " :‬لو زعم زاعم أنه يستطيع اإلجاب‪AA‬ة‬
‫‪3‬‬
‫على هذا السؤال بصورة نهائية وقطعية أيضا‪ ،‬لكان زعم للناس أن العقل البشري انتهى إلى الكل المطلق"‪.‬‬
‫كما يدرج فكرة أخرى للنقاش‪ :‬فكرة تفريع النقد إلى ثالثة مس‪AA‬تويات‪ ،‬نق‪A‬د نظ‪AA‬ري‪ ،‬و آخ‪AA‬ر تط‪AA‬بيقي و ث‪AA‬الث‪ :‬نق‪A‬د‬
‫النق‪A‬د‪ ،‬إذ يخلص إلى أن غاي‪A‬ة النق‪A‬د" خدم‪A‬ة النص األدبي و اإلبان‪A‬ة عم‪A‬ا في طواي‪A‬اه من جم‪A‬ال و لكش‪A‬ف عم‪A‬ا في‬
‫‪4‬‬
‫خباياه من أبعاد أو دالالت أو عالقات‪.‬‬
‫ثم يع‪AA‬رج الناق‪AA‬د إلى مناقش‪AA‬ة قض‪AA‬ية الص‪AA‬راع بين الق‪AA‬ديم والجدي‪AA‬د" و م‪AA‬ا تبوأت‪AA‬ه من مق‪AA‬ام كب‪AA‬ير في التفك‪AA‬ير النق‪AA‬دي‬
‫العربي القديم‪ ،‬ومثل ل‪A‬ذلك بكتاب‪A‬ه الموازن‪A‬ة بين الط‪A‬ائيين لألم‪A‬دي و " الوس‪A‬اطة بين المتن‪A‬بي و خص‪AA‬ومه للقاض‪AA‬ي‬
‫الجرج ‪AA‬اني"‪ ،‬ليخلص إلى أن القض ‪AA‬ية م ‪AA‬ازالت حاض ‪AA‬رة في الخط ‪AA‬اب النق ‪AA‬دي الع ‪AA‬ربي الح ‪AA‬ديث وبش ‪AA‬كل ق ‪AA‬وي م ‪AA‬ع‬
‫المعارك األدبية بين صادق الرافعي و طه حسين مثال‪.‬‬
‫كما طرح الناقد أيضا قضية ال تقل أهمية عن قض‪A‬ية الص‪A‬راع بين الق‪A‬ديم و الجدي‪A‬د‪ ،‬تتجلى في النق‪A‬د الجدي‪A‬د بين‬
‫التحليل و القراءة مشيرا إلى أن النقد القديم تبلورت قراءته في مستويات ثالث‪:‬‬
‫شرح غريب اللغة‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫تخريج مشكالت النحو‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫نثر البيت الشعري‪.‬‬ ‫‪-3‬‬

‫‪1‬‬
‫المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪10‬‬
‫‪2‬‬
‫المرجع نفسه ‪ ،‬نفس الصفحة‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪29‬‬
‫‪4‬‬
‫المرجع نفسه‪ ،‬نفس الصفحة‬

‫‪21‬‬
‫محتوى الكتاب‬ ‫الفصل االول ‪:‬‬

‫ثم ختم الناق‪AA A‬د ه‪AA A‬ذا الفص‪AA A‬ل بط‪AA A‬رح أس‪AA A‬ئلة إش‪AA A‬كالية ‪ :‬ه‪AA A‬ل للنق‪AAA‬د ماهي‪AA A‬ة؟ و ب‪AA A‬أي منهج؟ متعجب‪AA A‬ا و منك‪AA A‬را ت‪AA A‬دخل‬
‫السيس‪A‬يولوجي‪ ،‬و مع‪A‬ه النفس‪A‬اني‪ ،‬و معهم‪A‬ا غيرهم‪A‬ا ممن يت‪A‬دخلون ذاك إلى في النق‪A‬د انطالق‪AA‬ا من م‪A‬ذاهب أجنبي‪A‬ة‬
‫‪1‬‬
‫عن النقد األدبي ‪ ،‬ال يمكن أن يفضي سعيهم أي نتيجة تذكر‪.‬‬
‫أما في الفصل الثالث و الذي يحمل عنوان ‪ " :‬النقد و الخلفيات الفلسفية"‬
‫ينطل‪AA‬ق عب‪AA‬د المل‪AA‬ك مرت‪AA‬اض من أن ك‪AA‬ل نظري‪AA‬ة تق‪AA‬وم على فلس‪AA‬فة و خلفي‪AA‬ة مس‪AA‬بقة ‪ ،‬ألن معظم الم‪AA‬ذاهب النقدي‪AA‬ة‬
‫تنهض على أص‪AA‬ول فلس‪AA‬فية‪ ،‬أم‪AA‬ا األدب فه‪AA‬و معرف‪AA‬ة جمالي‪AA‬ة أساس‪AA‬ها الخي‪AA‬ال و اإلنش‪AA‬اء و إن العالق‪AA‬ة ال‪AA‬تي ترب‪AA‬ط‬
‫‪2‬‬
‫األدب بالفلسفة جدلية و هذا ما عبر عنه الناقد بـ " جدلية الفلسفة و الظاهرة األدبية‪.‬‬
‫بعدها س‪A‬لط الناق‪AA‬د الض‪AA‬وء على موق‪AA‬ف الفالس‪AA‬فة من الكتاب‪A‬ة " فك‪A‬ان "هيج‪A‬ل ‪ "Hygel‬ي‪A‬ؤثر المفه‪A‬وم أو المض‪AA‬مون‬
‫على التعب ‪AA‬ير في بح ‪AA‬وث علم الجم ‪AA‬ال"‪ .3‬و ق ‪AA‬د ش ‪AA‬ايعه في ذل ‪AA‬ك "هيلمس ‪AA‬ليف ‪ ، "Helmslev -‬و "ج ‪AA‬اك دري ‪AA‬دا‪-‬‬
‫‪j.Derridda‬‬
‫كما اهتم الناقد في هذا الفصل بنظرية التق‪A‬ويض القائم‪A‬ة على مب‪A‬دأ اله‪A‬دم و البن‪A‬اء و تق‪A‬ويض مركزي‪A‬ة العق‪A‬ل ‪ ،‬و‬
‫العق‪AA‬ل األوروبي خصوص‪AA‬ا ‪ ،" Logocentrisme‬وال‪AA‬تي هي من أهم النظري‪AA‬ات ذات الج‪AA‬ذور الفلس‪AA‬فية الغربي‪AA‬ة‪،‬‬
‫والتي القت رواجا في النقد العربي ثم يختم فصله هذا بنقد لهذه النظرية‪.‬‬
‫و خصص الناقد في الفصل الرابع‪ :‬النقد االجتماعي في ضوء النزعة الماركسية‪:‬‬
‫من أج‪AA‬ل تعمي‪AA‬ق فك‪AA‬رة الفلس‪AA‬فة الجدلي‪AA‬ة الماركس‪AA‬ية ال‪AA‬تي يق‪AA‬وم عليه‪AA‬ا النق‪AA‬د االجتم‪AA‬اعي‪ ،‬مش‪AA‬يرا لجه‪AA‬ود المدرس‪AA‬ة‬
‫النقدي ‪AA A‬ة الماركس ‪AA A‬ية ألص ‪AA A‬ولها ‪ ،‬خصائص ‪AA A‬ها‪( ،‬خص ‪AA A‬ائص فلس ‪AA A‬فتها ف ‪AA A‬أبرز أعالمه ‪AA A‬ا كل ‪AA A‬نين ‪،‬م ‪AA A‬اركس هيج ‪AA A‬ل‬
‫بلیخ‪A‬انوف ‪ ...‬م‪A‬برزا مفه‪A‬وم االي‪A‬دولوجيا في مس‪A‬ار التحلي‪A‬ل الماركس‪A‬ي ‪ ،4‬وموض‪A‬حا ب‪A‬ذلك مف‪A‬اهيم متقارب‪A‬ة مث‪A‬ل‪:‬‬
‫ال ‪AA‬وعي ‪ ،‬الطبق ‪AA‬ات الص‪AAA‬راع الطبقي الب ‪AA‬ني التحتي ‪AA‬ة ‪ /‬الب ‪AA‬نى الفوقي ‪AA‬ة ‪ ،‬النق ‪AA‬د االجتم ‪AA‬اعي ‪ /‬علم اجتم ‪AA‬اع األدب‪،‬‬
‫سوسيولوجي األدبية‪.‬‬
‫ثم ينهي عب‪AA‬د المل‪AA‬ك مرت‪AA‬اض ه‪AA‬ذا الفص‪AA‬ل بغل‪AA‬ق ب‪AA‬اب الج‪AA‬دل و وض‪AA‬ع مق‪A‬ترح وس‪AA‬ط يق‪A‬رر من خالل‪AA‬ه " أن الكتاب‪AA‬ة‬
‫ليست شكال خالصا ‪ ،‬كما أنه‪A‬ا أيض‪AA‬ا ليس‪A‬ت مض‪AA‬مونا خالص‪AA‬ا‪ ،‬و لكنه‪A‬ا مع‪A‬اني‪ ،‬و أفك‪A‬ار مض‪AA‬خمة ب‪A‬العواطف و‬

‫‪1‬‬
‫المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪40‬‬
‫‪2‬‬
‫المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.66‬‬
‫‪3‬‬
‫المرجع السابق‪ ،‬ص‪89‬‬
‫‪4‬‬
‫المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪103‬‬

‫‪22‬‬
‫محتوى الكتاب‬ ‫الفصل االول ‪:‬‬

‫محمل ‪AA‬ة بالمش ‪AA‬اعر تظ ‪AA‬رف في األلف ‪AA‬اظ و تجلى في س ‪AA‬مات‪ ،‬و ه ‪AA‬ذه الس ‪AA‬مات اللفظي ‪AA‬ة هي ال ‪AA‬تي تش ‪AA‬كل جمالي ‪AA‬ات‬
‫‪1‬‬
‫الكتاب ‪ ،‬و تجسد نسيجا أسلوبيا قائما على النظام اللغوي"‪.‬‬
‫و في الفصل الخامس‪ :‬يتناول الناقد مناقشة العالقة القائمة بين النق‪A‬د و التحلي‪A‬ل النفس‪A‬ي و قب‪A‬ل الخ‪A‬وض في ذل‪A‬ك‬
‫نج ‪AA‬د عب ‪AA‬د المل ‪AA‬ك مرت ‪AA‬اض يؤس ‪AA‬س لمص ‪AA‬طلح جدي ‪AA‬د ص ‪AA‬نعه و نحت ‪AA‬ه من ‪ " :‬التحلي ‪AA‬ل النفس ‪AA‬ي" و ه ‪AA‬و " التحلفس ‪AA‬ي"‬
‫ووضح بشيء من التفصيل‪ :‬الطريقة الصحيحة في صياغته‪.‬‬
‫ثم يشير إلى أن نشأة هذه النزعة كانت على يد عالم النفس النمساوي " فرويد" ‪،‬ثم انتشرت في العقد األول من‬
‫القرن العشرين لتطال األدب و اإلب‪A‬داع و المب‪A‬دعين بالتحلي‪A‬ل و الدراس‪A‬ة‪ ،‬وق‪A‬د ق‪A‬ام المفه‪A‬وم التحلفس‪A‬ي على ثالث‪A‬ة‬
‫‪2‬‬
‫أسس مركزية هي ‪:‬‬
‫نظرية للحياة النفسية وضعها فرويد و هي تنتهي على وض‪A‬ع الالوعي على أس‪A‬اس أن‪A‬ه موض‪A‬وع يوج‪A‬ه‬ ‫‪-1‬‬
‫بعض التصرفات انطالقا من عناصر مكبوتة‪.‬‬
‫منهج للبحث المعمق النفساني ينهض على هذه النظرية‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫عالج يباشر هذه المنهجية‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫ثم كشف الناقد عن عالقة التحليل النفسي بالنزعات النقدية األخرى‪ :‬موضحا عالقة التحلفسي بالنقد الجدي‪AA‬د‪ ،‬ثم‬
‫باللسانيات‪ ،‬ثم عقد مقارنة بين فروید و هیبولیت تین‪.‬‬
‫و يلخص الناقد في نهاية هذا الفصل إلى نقد لنظرية التحلفسي بعد أن أقر أن أسمى غاية لهذه النظرية ‪ ،‬وه‪AA‬ذا‬
‫المنهج هي الولوج إلى تحليل النصوص األدبي‪A‬ة اعتم‪A‬ادا على تتب‪A‬ع األلف‪A‬اظ ‪ ،‬و البحث عن الوش‪A‬ائج و العالق‪A‬ات‬
‫‪3‬‬
‫القائمة بين اإلبداع و المبدع الخاضع في إبداعه لحاالت الالوعي و الوعي المتدفقة من ذكريات الطفولة"‪.‬‬
‫الفصل السادس تناول فيه تفصيل ‪ :‬عالقة النقد باللغة واللسانيات‪:‬‬
‫و هو شرح وتوسيع للفكرة الواردة في الفصل السابق ‪ :‬النقد و نزعة التحليل النفسي‪.‬‬
‫تتجسد عناصر اللسانياتية في نظرة الناقد في ثالث‬ ‫‪-‬‬
‫اللغة‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫النقد األدبي‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫األسلوب‪.‬‬ ‫‪-3‬‬

‫‪1‬‬
‫المرجع السابق‪ ،‬ص‪133‬‬
‫‪2‬‬
‫المرجع نفسه‪ ،‬ص‪140‬‬
‫‪3‬‬
‫المرجع السابق‪ ،‬ص ‪141‬‬

‫‪23‬‬
‫محتوى الكتاب‬ ‫الفصل االول ‪:‬‬
‫‪1‬‬
‫و التي يراها " ليست شيئا إذا لم يضف لها عنصر رائع ‪ ،‬و هو المتحكم الفاعل ‪ :‬و هو الكاتب األديب"‪.‬‬
‫ثم يسهب في وصف اللغة تلك الثنائيات الضدية فهي الم‪A‬ادة الحي‪A‬ة الميت‪A‬ة‪ ،‬الس‪A‬اكنة المتحرك‪A‬ة‪ ،‬الناطق‪A‬ة الخرس‪A‬اء‬
‫‪2‬‬
‫معا ال يجوز أن يكون بدونها بناء أسلوبي في عالم اإلبداع"‪.‬‬
‫كم‪AA A A A‬ا يص‪AA A A A‬فها ب‪AA A A A‬البحر الط‪AA A A A‬امي والح‪AA A A A‬بر الج‪AA A A A‬اري‪ ...‬والس‪AA A A A‬يل ال‪AA A A A‬دافق‪ ...‬العط‪AA A A A‬اء التنحي‪ ،‬البح‪AA A A A‬ر‬ ‫‪-‬‬
‫المزدخ‪AA‬ر ‪..‬الس‪AA‬ر العجيب‪ ...‬ثم ينص‪AA‬رف للح‪AA‬ديث عن العالئ‪AA‬ق بين النق‪AA‬د و اللغ‪AA‬ة واألس‪AA‬لوب و المب‪AA‬دع‬
‫مبين ‪AA‬ا الوش ‪AA‬ائج ال ‪AA‬تي تغ ‪AA‬ذي ه ‪AA‬ذا التعل ‪AA‬ق ‪ ،‬كم ‪AA‬ا يم ‪AA‬يز الناق ‪AA‬د في ه ‪AA‬ذا الس ‪AA‬ياق بين اللغ ‪AA‬ة و اللغ ‪AA‬ة األدبي ‪AA‬ة‬
‫اإلبداعية متحدثا عن الكتابة األدبية بين اللغة و اللسان‪ ،‬و اللغة األدبية الموضوع و ما وراءها‪.‬‬
‫أي " ما يتجاوز اللغة األدبية ‪ :‬أي اللغة األدبية الثانية‪ ،‬أو لغة اللغة كم‪A‬ا ن‪A‬ود نحن أن نطل‪A‬ق عليه‪A‬ا ه‪A‬ذا المفه‪A‬وم‬
‫‪3‬‬
‫(‪". )meta langue‬‬
‫الفصل السابع‪ :‬خصص الناقد لمناقشة النقد البنيوي‪ ،‬و التمرد على القيم‪:‬‬
‫واض ‪AA‬عا تحت ‪AA‬ه عنوان ‪AA‬ا فرعي ‪AA‬ا ‪ " :‬ح ‪AA‬ول مص ‪AA‬طلح "البني ‪AA‬ة ‪ :‬للول ‪AA‬وج إلى عن ‪AA‬وان ف ‪AA‬رعي أخ ‪AA‬ر ‪ :‬ه ‪AA‬و البع ‪AA‬د اللغ ‪AA‬وي‬
‫للمصطلح ‪ ،‬حيث يستهل الناقد هذا الفصل بتصويب الخطأ الذي ي‪A‬راه فاحش‪A‬ا إذ ن‪A‬راه يط‪A‬رح الس‪A‬ؤال‪ ":‬فه‪A‬ل هي‬
‫بنيوي‪AA‬ة كم‪AA‬ا يقول‪AA‬ون؟ أم بنيوي‪AA‬ة كم‪AA‬ا نق‪AA‬ول نحن" ‪،4‬ثم يجيب على ه‪AA‬ذا الس‪AA‬ؤال بس‪AA‬ؤال أخ‪AA‬ر متعجب‪AA‬ا ‪ " :‬فال ن‪AA‬دري‬
‫كيف ذهب االستعمال النقدي العام المعاصر إلى هذا الخطأ الفاحش الذي ال مبرر له‪ ، 5‬معلال إجابته ب‪AA‬براهين‬
‫‪ ،‬و أدلة من قواعد الصرف العربي في كتاب سيبويه‪ ،‬و بهذا هو يصوب و يصحح صياغة هذا المص‪AA‬طلح‪ ،‬و‬
‫يستفيض الناق‪A‬د في ه‪A‬ذا التعلي‪A‬ل ليباش‪A‬ر الحف‪A‬ر في البع‪A‬د المع‪A‬رفي للمص‪A‬طلح ( بنوي‪A‬ة)‪ ،‬و في الخلفي‪A‬ات التاريخي‪A‬ة‬
‫للبنوية‪ ،‬وموقفها من التيارات النقدية انطالقا من مبادئها التي أوجزها عبد الملك مرتاض في خمسة مبادئ‪:‬‬
‫النزوع إلى الشكالنية‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫رفض التاريخ‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫رفض المؤلف‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫رفض المرجعية االجتماعية‪.‬‬ ‫‪-4‬‬
‫رفض المعنى في اللغة‪.‬‬ ‫‪-5‬‬

‫‪1‬‬
‫المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪161‬‬
‫‪2‬‬
‫المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪162‬‬
‫‪3‬‬
‫المرجع نفسه ‪ ،‬ص ‪.177‬‬
‫‪4‬‬
‫المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.190‬‬
‫‪5‬‬
‫المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.191‬‬

‫‪24‬‬
‫محتوى الكتاب‬ ‫الفصل االول ‪:‬‬

‫مقارنا بين بعض الدراسات الحديثة الغربية و مثيالتها العربية القديمة‪ ،‬ممثال لذلك بأمثلة لش‪A‬رحها في حينه‪A‬ا ‪-‬‬
‫إنشاء اهلل ‪. -‬‬
‫الفصل الثامن ‪ :‬و هو فصل في " نقد النقد" ‪:‬‬
‫أسس الناقد من خالله لبعض المفاهيم و اقترح الب‪A‬ديل ال‪A‬ذي طرح‪A‬ه مقاب‪A‬ل ‪ " :‬م‪A‬ا وراء اللغ‪A‬ة" أو " م‪A‬ا بع‪A‬د اللغ‪A‬ة‬
‫و ال ‪AA A‬ذي رآه ض ‪AA A‬ربا من الركاك ‪AA A‬ة والقص ‪AA A‬ور‪ ،‬و ن ‪AA A‬ادى بمص ‪AA A‬طلح جدي ‪AA A‬د ه ‪AA A‬و ‪ ":‬اللغ ‪AA A‬ة الواص ‪AA A‬فة " ‪ ،‬و تب ‪AA A‬نى‬
‫مصطلحي‪ " :‬لغة اللغة "و" كتابة الكتابة" على غرار ما صاغه النقاد القدامى معنى المعنى و زمان الزمان" ‪.‬‬
‫ثم تطرق الناقد إلى إش‪A‬كالية نق‪A‬د األعم‪A‬ال األدبي‪A‬ة ‪ ،‬حيث ط‪A‬رح ع‪A‬دة أس‪A‬ئلة إش‪A‬كالية منه‪A‬ا‪ ":‬م‪A‬ا ه‪A‬و األس‪A‬اس ال‪A‬ذي‬
‫‪1‬‬
‫تنهض عليه هذه العملية ؟ و كيف يتفق على هذا األساس؟"‬
‫ثم يجيب أن هذه العملية تخضع لثالثة مستويات‪:‬‬
‫نثر البيت الشعري‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫شرح األلفاظ و التعابير الغربية‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫تخريج المسائل النحوية المساعدة على فهم النص‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫أما في العصر الحديث " أصبح مذاهب و تيارات تق‪A‬وم على خلفي‪AA‬ات معرفي‪AA‬ة‪ ،‬و فلس‪AA‬فية تنطل‪AA‬ق منه‪AA‬ا في ص‪AA‬وغ‬
‫نظرياته‪AA‬ا‪ ،‬فالنق‪AA‬د لم يع‪AA‬د مج‪AA‬رد اص‪AA‬درا أحك‪AA‬ام س‪AA‬اذجة‪ ،‬أو متح‪AA‬يزة‪ ،‬أو ح‪AA‬تى نزيه‪AA‬ة و موض‪AA‬وعية و لكن‪AA‬ه أمس‪AA‬ى‬
‫‪2‬‬
‫ممارسة معرفية شديدة التعقيد"‪.‬‬
‫" و يعم ‪AA‬د إلى تحلي ‪AA‬ل الظ ‪AA‬اهرة األدبي ‪AA‬ة ض ‪AA‬من جنس ‪AA‬ها األدبي‪ .‬ثم يختم الناق ‪AA‬د فص ‪AA‬له األخ ‪AA‬ير بش ‪AA‬يء من التط ‪AA‬بيق‬
‫فاقترح أربعة نماذج للدراسة‪ :‬نموذجان ‪،‬عربیان و اآلخران غربیان‪:‬‬
‫‪3‬‬
‫" تجربة نقد النقد لدى علي بن عبد العزيز الجرجاني" ‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫‪4‬‬
‫" تجربة نقد النقد لدى طه حسين ‪".‬‬ ‫‪-2‬‬
‫‪5‬‬
‫" ممارسة نقد النقد لدى النقاد الغربيين المعاصرين"‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫لدى دوالن بارط ( ‪)r.barthes‬‬ ‫أ‪-‬‬
‫لدى طودوروف (‪.)t.todorov‬‬ ‫ب‪-‬‬

‫‪1‬‬
‫المرجع السابق ص ‪225‬‬
‫‪2‬‬
‫المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪227‬‬
‫‪3‬‬
‫المرجع السابق‪ ،‬ص‪229‬‬
‫‪4‬‬
‫المرجع السابق‪،‬ص‪235‬‬
‫‪5‬‬
‫المرجع السابق‪ ،‬ص‪243‬‬

‫‪25‬‬
‫الفصل الثاين‬
‫املناجه النقدية "يف نظرية النقد" لعبد املاكل مراتض‬
‫المناهج النقدية "في نظرية النقد" لعبد المالك مرتاض‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫أوال‪ :‬النقد والنقاد الماهية والمفهوم ‪:‬‬


‫یری (مرت‪AA‬اض ) أن اإلحاط‪AA‬ة بمفه‪AA‬وم النق‪AA‬د يمثال إش‪AA‬كاال ش‪AA‬ديد التعقي‪AA‬د وذل‪AA‬ك أن النق‪AA‬د بمفهوم‪AA‬ه المع‪AA‬رفي‬
‫المعق‪AA‬د‪ ،‬ماهيت‪AA‬ه الجمالي‪AA‬ة المتناهي‪AA‬ة اللط‪AA‬ف ين‪AA‬درج ض‪AA‬من االهتمام‪AA‬ات الفكري‪AA‬ة المس‪AA‬تمرة فمن‪AA‬ذ ك‪AA‬ان اإلب‪AA‬داع‬
‫الشعري خصوصا كان النقد‪ ،‬ويواصل في هذا االتجاه ق‪A‬ائال ‪ ":‬والنق‪A‬د في مدلول‪A‬ه الع‪A‬الي إب‪A‬داع ف‪A‬ني ث‪A‬ان‪،‬‬
‫وأي نق‪AA‬د ال ي‪AA‬رقى إلى ه‪AA‬ذه المكان‪AA‬ة فه‪AA‬و مج‪AA‬رد لغ‪AA‬و محض باط‪AA‬ل وفض‪AA‬ول‪ ،‬وك‪AA‬ل دراس‪AA‬ة تق‪AA‬ام ح‪AA‬ول نص‬
‫على أصولها المنهجية المستندة إلى العلم والموضوعية الص‪AA‬ارمة ال ت‪A‬رقى في إط‪A‬ار مفهومه‪A‬ا إلى منزل‪A‬ة‬
‫اإلب‪AA‬داع الث‪AA‬اني ال يج‪AA‬وز أن تس‪AA‬مى دراس‪AA‬ة‪ 3‬وفي نفس الس‪AA‬ياق يق‪AA‬ول ‪ :‬والح‪AA‬ق أنن‪AA‬ا حين تق‪AA‬ول‪ ،‬م‪AA‬ا النق‪AA‬د ؟‬
‫فنحن كأننا نقول أيض‪A‬ا م‪A‬ا األدب؟ وال أح‪A‬د بق‪A‬ادر على اإلجاب‪A‬ة عن ه‪A‬ذين الس‪A‬ؤالين المت‪A‬والجين المعق‪A‬دين‪،‬‬
‫حيث إن سرج دوبروفسكي كان يرى أن هذين السؤالين معا مرتبطان على نحو يجعلهما يشكالن س‪AA‬ؤاال‬
‫واحدا تحت جهتين مختلفين‪ :‬اإلبداع وتأويل اإلبداع ‪ ،‬وكان ظهور النقد في الثقافة الغربية‪.‬‬
‫قب‪AA‬ل الق‪AA‬رن التاس‪AA‬ع عش‪AA‬ر ك‪AA‬ان متوجه‪AA‬ا إلى األنب‪AA‬اء‪ ،‬ولم يكن يع‪AA‬نى بنق‪AA‬د اآلث‪AA‬ار األدبي‪AA‬ة واإلبداعي‪AA‬ة‪ ،‬وك‪AA‬ان‬
‫أيض‪AA‬ا يلتبس بمفه‪AA‬وم نظري‪AA‬ة األدب‪ ،‬ول‪AA‬ذلك ف‪AA‬إن الثقاف‪AA‬ة الغربي‪AA‬ة لم تع‪AA‬رف النق‪A‬د بمفهوم‪AA‬ه المعاص‪AA‬ر إال في‬
‫القرن التاسع عشر‪ ،‬ومن خالل رصده لالضطراب الشديد في تصورات المنظ‪AA‬رين اللتم‪AA‬اس حقيق‪AA‬ة النق‪AA‬د‬
‫ال‪AA‬تي تلتبس ب‪AA‬األدب ونظريت‪AA‬ه خصوص‪AA‬ا (أدبي‪AA‬ة النق‪AA‬د) ونقدي‪AA‬ة النق‪AA‬د) ق‪AA‬ائال‪ ":‬إن األدب ه‪AA‬و األدب ‪ ،‬ولكن‬
‫النق‪AA‬د ه‪AA‬و النق‪AA‬د‪ ،‬وإ ن األدب ينتمي إلى اإلي‪AA‬ديولوجيا والثقاف‪AA‬ات واالتجاه‪AA‬ات الفكري‪AA‬ة والنظري‪AA‬ات المعرفي‪AA‬ة‬
‫على اختالفها"‪ ،1‬وعلى ضوء هذا االضطراب فالنق‪A‬د عن‪A‬د عب‪A‬د المل‪A‬ك مرت‪A‬اض ه‪A‬و أس‪A‬ير لثالث إش‪A‬كاليات‬
‫تالحق‪A‬ه ويالحقه‪A‬ا وهي‪ :‬إش‪A‬كالية علم النق‪A‬د فنيت‪A‬ه واحترافيت‪A‬ه‪ ،‬فه‪A‬ل النق‪A‬د ش‪A‬يء خ‪A‬الص من ه‪A‬ذه األش‪A‬ياء ثم‬
‫يخلص إلى أن النق‪AA‬د األدبي في ال‪AA‬زمن ال‪AA‬راهن على األق‪AA‬ل ليس ق‪AA‬ادر على أن يك‪AA‬ون علم‪AA‬ا خالص‪AA‬ا فيس‪AA‬لم‬
‫الناس بأحكامه تسليما مطلقا مثلما يسلمون بنتائج العلوم الدقيقة وال هو بالقادر على أن يكون فن‪AA‬ا خالص‪AA‬ا‬
‫فيتداخل مع اإلبداع الخالص وينافس‪AA‬ه وظيفت‪AA‬ه ال‪AA‬تي هي غ‪A‬ير وظيفت‪AA‬ه‪ ،‬وإ ن كن‪AA‬ا نجنح إلدراج‪AA‬ه تحت ل‪AA‬واء‬
‫الفني ‪AA‬ة في بعض الوج ‪AA‬وه على األق ‪AA‬ل ففني ‪AA‬ة النق ‪AA‬د ربم ‪AA‬ا هي أق ‪AA‬رب إلى حقيق ‪AA‬ة النق ‪AA‬د من عمليت ‪AA‬ه‪ ،‬حيث أن‬
‫اإلب‪AA‬داع في ح‪AA‬د ذات‪AA‬ه ض‪AA‬رب من الفن الخ‪AA‬الص‪ ،‬ليس ص‪AA‬ناعة خالص‪AA‬ة مج‪AA‬ردة من الفن وال‪AA‬ذوق من جه‪AA‬ة‪،‬‬
‫والعلم والمنط ‪AA‬ق من جه ‪AA‬ة أخ ‪AA‬رى‪ ،2‬ثم يش ‪AA‬ير إلى أن العملي ‪AA‬ة النقدي ‪AA‬ة ك ‪AA‬انت تق ‪AA‬وم على األحك ‪AA‬ام الجزئي ‪AA‬ة‬
‫والمقتصرة على الحكم بالجودة أو الرداءة على العمل اإلبداعي ليس إال‪ ،‬واألحكام النقدية المطلقة والتي‬

‫‪1‬‬
‫عبد المالك مرتاض‪ ،‬في نظرية النقد‪ ،‬دار هومة للطباعة و النشر و التوزيع‪ ،‬الجزائر‪( ،‬د‪،‬ط)‪،2002،‬ص ‪.30‬‬
‫‪2‬‬
‫عبد المالك مرتاض‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪32‬‬

‫‪28‬‬
‫المناهج النقدية "في نظرية النقد" لعبد المالك مرتاض‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫يصطلح عليها في نقدنا القديم باألحكام غير المعلل‪A‬ة‪ ،‬ويض‪A‬رب مث‪A‬اال على ذل‪A‬ك الناق‪A‬د (دي‪A‬دور) (‪)Dudor‬‬
‫الذي أصدر حكم‪A‬ا على بعض أعم‪A‬ال (س‪A‬وفوكليس) (‪ )Sofeklusse‬ق‪A‬ائال‪" :‬ال يوج‪A‬د لف‪A‬ظ واح‪A‬د يض‪A‬اف‪،‬‬
‫‪1‬‬
‫وال لفظ واحد يحذف"‪.‬‬
‫كم‪AA‬ا يش‪AA‬ير إلى أن ه‪AA‬ذه األحك‪AA‬ام وس‪AA‬مت باألحك‪AA‬ام القض‪AA‬ائية‪ ،‬أو م‪AA‬ا يص‪AA‬طلح علي‪AA‬ه بالوظيف‪A‬ة القض‪AA‬ائية‪ ،‬ألن‬
‫مهمة الناقد إصدار األحكام ليس إال وأغلب هذه األحكام تبلورت في حكمين اثنين هما‪:‬‬
‫الجودة‪-2 /‬الرداءة‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫ومن ثم يخلص (مرتاض) إلى أن عجز النقاد وإ صدارهم مثل هذه األحك‪AA‬ام يرج‪AA‬ع إلى ع‪A‬دم الق‪A‬راءة‪ ،‬ألن‬
‫القراءة هي أساس النقد‪ ،‬وألنها القدرة على التسلط والق‪A‬درة على النس‪AA‬ج‪ ،‬كم‪AA‬ا أن الق‪A‬راءة الناق‪AA‬دة هي ال‪AA‬تي‬
‫ت‪A‬برز خصوص‪AA‬يات اإلب‪A‬داع‪ ،‬وتظه‪A‬ر تمفص‪AA‬الت النص المب‪A‬دع ‪ .‬كم‪A‬ا يلح‪A‬ظ (مرت‪A‬اض) أن األحك‪A‬ام النقدي‪A‬ة‬
‫الصادرة قبل الق‪A‬رن التاس‪A‬ع عش‪A‬ر لم تكن لتختل‪A‬ف عن تل‪A‬ك األحك‪A‬ام ال‪A‬تي ك‪A‬ان يص‪A‬درها الناق‪A‬د الع‪A‬ربي من‬
‫حيث العموم واإلطالق والجزئية‪ ،‬والنقد األدبي لم يظهر إال مع ظه‪A‬ور الش‪A‬كالنية الروس‪A‬ية وال‪A‬تي نجمت‬
‫عنها الشكالنية الفرنسية ويطرح الناقد إشكاليات عديدة أهمها ما يتعلق بـ‪:‬‬
‫الوظيفة الجمالية (ماهية اإلبداع في ذاتها)‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫الوظيفة التقويمية (التنويرية أو التقديرية)‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫ثم يح ‪AA A‬اول التفري ‪AA A‬ق بين األدب والنق ‪AA A‬د‪ ،‬فيق ‪AA A‬ول‪ :‬أن األدب كتاب ‪AA A‬ة قوامه ‪AA A‬ا الخي ‪AA A‬ال‪ ،‬والنق ‪AA A‬د كتاب ‪AA A‬ة قوامه ‪AA A‬ا‬
‫‪2‬‬
‫المعرفة"‪.‬‬
‫بعدها ينتقل بنا بعد ذلك إلى الح‪AA‬ديث عن ابن س‪AA‬الم الجمحي) ال‪AA‬ذي يعت‪AA‬بره أول من أس‪AA‬س نزع‪A‬ة ش‪AA‬كالنية‬
‫في ت‪AA‬اريخ النق‪AA‬د اإلنس‪AA‬اني والش‪AA‬كالنية ال‪AA‬تي دعى إليه‪AA‬ا (ابن س‪AA‬الم) في كتاب‪AA‬ه طبق‪AA‬ات فح‪AA‬ول الش‪AA‬عراء ال‪AA‬تي‬
‫تهتم بالنص وما فيه من ظواهر فنية تبرز في جماليات الس‪A‬طح وعبقري‪A‬ة النس‪A‬ج وتأس‪A‬يس ه‪A‬ذا الكالم كم‪A‬ا‬
‫ي‪AA‬رى (مرت‪AA‬اض) أن المع‪AA‬ايير ال‪AA‬تي اس‪AA‬تند إليه‪AA‬ا ابن س‪AA‬الم في تص‪AA‬نيف الش‪AA‬عراء في طبق‪AA‬ات يعتم‪AA‬د أساس‪AA‬ا‬
‫على االختيارات النص‪A‬ية‪ ،‬وك‪A‬ان متجه‪A‬ا إلى الش‪A‬كل قب‪A‬ل المض‪A‬مون‪ ،‬وفي ه‪A‬ذا الس‪A‬ياق يق‪A‬ول‪ :‬أن المع‪A‬ايير‬
‫‪3‬‬
‫التي كان يحتكم إليها في االختيارات كانت نصية أساسا "‪.‬‬
‫ثم يعرج (مرتاض بعد ذلك إلى أن شكالنية ابن قتيب‪A‬ة) ال‪A‬ذي نظ‪A‬ر إلى العملي‪A‬ة اإلبداعي‪A‬ة نظ‪A‬رة نقدي‪A‬ة تع‪A‬د‬
‫مخالف‪A‬ة لمن س‪AA‬بقه من النق‪A‬اد‪ ،‬فه‪AA‬و ي‪AA‬رفض عام‪AA‬ل الس‪AA‬بق الت‪AA‬اريخي في الحكم على اإلب‪AA‬داع والمب‪AA‬دعين‪ ،‬ب‪AA‬ل‬
‫‪1‬‬
‫المرجع نفسه‪ ،‬ص‪25‬‬
‫‪2‬‬
‫المصدر السابق‪ ،‬ص ‪.30‬‬
‫‪3‬‬
‫المصدر السابق ‪ ،‬ص ‪.42‬‬

‫‪29‬‬
‫المناهج النقدية "في نظرية النقد" لعبد المالك مرتاض‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫احتكم إلى النص وجع‪AA‬ل المح‪AA‬ك الج‪AA‬ودة‪ ،‬وب‪AA‬ذلك ي‪AA‬رى أن ابن قتيب‪AA‬ة) ي‪AA‬راعي الج‪AA‬وانب الفني‪AA‬ة في اختي‪AA‬اره‬
‫للشعراء وتقديمهم أو تأخيرهم‪ ،‬بمعنى أن (ابن قتيبة) ينطل‪AA‬ق من النص الش‪AA‬عري ال الن‪AA‬اص الش‪AA‬اعر‪ ،‬كم‪AA‬ا‬
‫أنه امتاز بالجرأة األدبية في الطرح‪ ،‬ورفضه لمعايير القدامى في تقويم األعمال اإلبداعية واحتكام‪AA‬ه إلى‬
‫النص ورفض‪AA‬ه مب‪AA‬دأ الس‪AA‬بق الت‪AA‬اريخي‪ .‬ومن هن‪AA‬ا أب‪AA‬ان (مرت‪AA‬اض) على أن حداثي‪AA‬ة ابن قتيب‪AA‬ة تنب‪AA‬ني أساس‪AA‬ا‬
‫على أن الجدي ‪AA‬د في زمان ‪AA‬ه س ‪AA‬يكون ق ‪AA‬ديما في غ ‪AA‬ير زمان ‪AA‬ه والعكس‪ ،‬ألن ك ‪AA‬ل ق ‪AA‬ديم ك ‪AA‬ان في عه ‪AA‬ده جدي ‪AA‬د‬
‫والعكس وت‪AA‬برز حداثي‪AA‬ة (ابن قتيب‪AA‬ة) في تحدي‪AA‬ده ل‪AA‬دواعي اإلب‪AA‬داع و لحظات‪AA‬ه و به‪AA‬ا ع‪AA‬د أول من آث‪AA‬ار ه‪AA‬ذه‬
‫القضية في تاريخ الشعر العربي‪ ،‬وعلى هذا يقول (مرتاض)‪ :‬وأن هذا الكالم يمكن أن يرقى إلى الكتابة‬
‫التنظيرية‪ ،‬حيث يؤسس الشيخ هن‪A‬ا لألوق‪AA‬ات ال‪A‬تي يمكن أن تك‪A‬ون أمث‪A‬ل من س‪A‬واها للكتاب‪A‬ة األدبي‪A‬ة ش‪A‬عرها‬
‫‪1‬‬
‫ونثرها ‪ ،‬كما أشار ابن قتيبة إلى أن عامل المكان قبل عامل الزمان في العملية اإلبداعية ‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬النقد ماهية مستحيلة‬


‫يستهل (مرتاض) حديثه عن ماهية النقد بطرح هذه اإلشكالية‪ :‬ما النقد؟ ويري الصعوبة بمكان أن يس‪AA‬أل‬
‫المره عن إشكالية معق‪A‬دة ك‪A‬ل التعقي‪A‬د بس‪A‬ؤال بس‪A‬يط كه‪A‬ذا‪ ،‬ومن الص‪A‬عوبة بمك‪A‬ان أيض‪A‬ا أن يج‪A‬اب عن‪A‬ه كم‪A‬ا‬
‫يجاب عن أي سؤال‪ :‬لماذا؟ يجيبنا الناقد بقوله‪ :‬ذلك بأن النقد بمفهومه المعرفي المعق‪A‬د وماهيت‪A‬ه الجمالي‪A‬ة‬
‫المتناهي‪AA‬ة اللط‪AA‬ف ين‪AA‬درج في ص‪AA‬لب االهتمام‪AA‬ات الفكري‪AA‬ة المس‪AA‬تمرة‪ 2".‬فمن‪AA‬ذ أن وج‪AA‬دت العملي‪AA‬ة اإلبداعي‪AA‬ة‬
‫وخصوص ‪AA‬ا اإلب ‪AA‬داع الش ‪AA‬عري إال وج ‪AA‬د حول ‪AA‬ه اآلراء أو م ‪AA‬ا ع ‪AA‬بر عن ‪AA‬ه الك ‪AA‬اتب (باللغ ‪AA‬ة الواص ‪AA‬فة) أو (لغ ‪AA‬ة‬
‫اللغة)‪ ،‬و يشير إلى أن من زعم أن‪A‬ه يق‪A‬دم إجاب‪A‬ة نهائي‪A‬ة وجازم‪A‬ة له‪A‬ذا اإلش‪A‬كال (م‪A‬ا النق‪A‬د؟) يك‪A‬ون ب‪A‬ذلك ق‪AA‬د‬
‫أوص‪AA‬ل العق‪AA‬ل البش‪AA‬ري إلى ص‪AA‬ورة الكم‪AA‬ال النه‪AA‬ائي‪ ،‬وتوق‪AA‬ف عن التفك‪AA‬ير المس‪AA‬تمر والمتج‪AA‬دد حيث يق‪AA‬ول‪:‬‬
‫فالنق‪AA‬د على أص‪AA‬وله الموض‪AA‬وعية الص‪AA‬ارمة يظ‪AA‬ل ض‪AA‬ربا من اإلب‪AA‬داع الف‪AA‬ني‪ ،‬ف‪AA‬إن رض‪AA‬ي لنفس‪AA‬ه أن يك‪AA‬ون‬
‫ابت‪AA‬ذاال لمع‪AA‬ايير ج‪AA‬اهزة وقواع‪AA‬د متك‪AA‬ررة وأحك‪AA‬ام بالي‪AA‬ة ول‪AA‬و ادعى على نفس‪AA‬ه ص‪AA‬فتي الج‪AA‬دة والحداث‪AA‬ة فه‪AA‬و‬
‫مجرد كالم ممجوج يرصف ح‪A‬ول كالم تف‪A‬ترض في‪A‬ه اإلبداعي‪A‬ة والش‪A‬عرية‪ ،3‬حيث تظ‪A‬ل إبداعي‪A‬ة النق‪A‬د عن‪A‬د‬
‫(مرت‪AA‬اض) نس‪AA‬بية ج‪AA‬دا‪ ،‬بحيث يجب أن ينض‪AA‬اف النق‪AA‬د إلى اإلب‪AA‬داع من خالل تن‪AA‬اول ه‪AA‬ذا األخ‪AA‬ير‪ ،‬ثم يح‪AA‬دد‬
‫إطار اإلجابة عن هذا السؤال‪ ،‬والذي يتفرع إلى شقين‪:‬‬
‫النقد النظري‪.‬‬ ‫‪-1‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬المصدر نفسه‪ ،‬ص ‪.47‬‬
‫‪2‬‬
‫المصدر السابق‪ ،‬ص ‪.49‬‬
‫‪3‬‬
‫عبد الملك مرتاض ‪ :‬النص األدبي من أين؟ وإلى أين؟‪ ،‬ص ‪.50‬‬

‫‪30‬‬
‫المناهج النقدية "في نظرية النقد" لعبد المالك مرتاض‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫النقد التطبيقي‪.‬‬ ‫‪-2‬‬


‫وي ‪AA‬رى (مرت ‪AA‬اض) أن النق ‪AA‬د النظ ‪AA‬ري ه ‪AA‬و نق ‪AA‬د تأسيس ‪AA‬ي تأص ‪AA‬يلي‪ ،‬فه ‪AA‬و يبحث في أص ‪AA‬ول النظري ‪AA‬ات‪ ،‬وفي‬
‫ج‪AA A‬ذور المعرفي‪AA A‬ات وفي الخلفي‪AA A‬ات الفلس‪AA A‬فية‪ ،‬وه‪AA A‬و من الض‪AA A‬رورة بمك‪AA A‬ان األط‪AA A‬وار المعرف‪AA A‬ة وازدهاره‪AA A‬ا‬
‫ويقارن فيما بينها ويناقش تياراتها المختلفة عبر العصور المتباعدة والمتالحقة مع‪A‬ا أو ع‪A‬بر عص‪A‬ر واح‪A‬د‬
‫من العص‪AA‬ور‪ ،‬وأي‪AA‬ا ك‪AA‬انت دراس‪AA‬تها س‪AA‬واء تحت عن‪AA‬وان (نظري‪AA‬ة األدب) أم (نظري‪AA‬ة األجن‪AA‬اس األدبي‪AA‬ة) أم‬
‫(األدب المق‪AA‬ارن)‪ ،‬أم تحت أي عن‪AA‬وان آخ‪AA‬ر مث‪AA‬ل (نظري‪AA‬ة الكتاب‪AA‬ة) ف‪AA‬إن اإلط‪AA‬ار الع‪AA‬ام الحقيقي يظ‪AA‬ل النق‪AA‬د‬
‫الع‪AA‬ام‪ ،‬فه‪AA‬و كم‪AA‬ا يق‪AA‬ول (مرت‪AA‬اض)‪ ":‬يج‪AA‬تزئ بالتأص‪AA‬يل والتعل‪AA‬ق ب‪AA‬البحث في المج‪AA‬ردات‪ ،‬وه‪AA‬و به‪AA‬ذا الس‪AA‬لوك‬
‫‪1‬‬
‫يضارع الفلسفة إلى حد ما من بعض الوجوه المنهجية ‪.‬‬
‫أم‪AA‬ا النق‪AA‬د التط‪AA‬بيقي‪ ،‬فه‪AA‬و نت‪AA‬اج وثم‪AA‬رة النق‪AA‬د النظ‪AA‬ري‪ ،‬ول‪AA‬وال النق‪AA‬د النظ‪AA‬ري التأسيس‪AA‬ي لم‪AA‬ا ك‪AA‬ان هن‪AA‬اك نق‪AA‬د‬
‫تط‪A‬بيقي‪ ،‬وي‪A‬رى أن‪A‬ه يك‪A‬ون ثم‪A‬رة من ثم‪A‬رات النق‪A‬د النظ‪A‬ري ال‪A‬ذي ي‪A‬زوده باألص‪A‬ول والمع‪A‬ايير واإلج‪A‬راءات‬
‫واألدوات‪ ،‬ويؤس‪A‬س ل‪A‬ه األس‪A‬س المنهجي‪A‬ة ال‪A‬تي يمكن أن يتخ‪A‬ذ منه‪A‬ا س‪A‬بيال ل‪A‬دى التأس‪A‬يس لقض‪AA‬ية نقدي‪A‬ة‪ ،‬أو‬
‫لدى دراسة نص أدبي‪ ،‬أو تشريحه‪ ،‬أو التعليق عليه‪ ،‬أو تأويله‪ ....‬وتظل غاي‪AA‬ة النق‪AA‬د في الح‪AA‬الين االث‪AA‬نين‬
‫هي اهت‪AA‬داء الس‪AA‬بيل إلى حقيق‪AA‬ة النص‪ ...‬ب‪AA‬اختالف االتجاه‪AA‬ات الفني‪AA‬ة والتي‪AA‬ارات الفكري‪AA‬ة‪ ،2‬وي‪AA‬رى أن النق‪AA‬د‬
‫التطبيقي أشبه بالعلوم التطبيقية بالقي‪A‬اس إلى النق‪A‬د التنظ‪A‬يري ال‪A‬ذي يش‪A‬به العل‪A‬وم التأسيس‪A‬ية‪ ،‬وبفض‪A‬له نلمس‬
‫ثمرة الجهد النقدي في إجراء التنظير‪ ،‬أي بفضله تس‪A‬تطيع ترجم‪A‬ة المج‪A‬رد إلى المحس‪A‬وس والغ‪A‬امض إلى‬
‫الواض‪AA‬ح فه‪AA‬و ق‪AA‬راءة مجهري‪AA‬ة ال س‪AA‬طحية وال ع‪AA‬ابرة‪ ،‬ب‪AA‬ل ق‪AA‬راءة تنعت نفس‪AA‬ها في الكش‪AA‬ف عن ك‪AA‬ل م‪AA‬ا ه‪AA‬و‬
‫ممكن الكم‪A‬ون‪ ،‬ومن ثم‪A‬ة ف‪AA‬إن النق‪A‬د النظ‪A‬ري والنق‪A‬د التط‪A‬بيقي أم‪A‬ران متالزم‪A‬ان أو إن ش‪A‬ئت وجه‪A‬ان لعمل‪A‬ة‬
‫واح‪A‬دة‪ ،‬إض‪A‬افة إلى ذل‪A‬ك أن النق‪A‬د يمكن تج‪A‬اوز ه‪A‬ذين النق‪A‬دين االث‪A‬نين إلى ث‪A‬الث ه‪A‬و م‪A‬ا يك‪A‬ون نق‪A‬دا لهم‪A‬ا أو‬
‫نق‪A‬دا عنهم‪AA‬ا‪ ،‬أي م‪AA‬ا ه‪AA‬و مت‪AA‬داول الي‪AA‬وم تحت مص‪AA‬طلح (نق‪A‬د النق‪A‬د) (‪ ،)Meta Critique‬وه‪AA‬و النش‪AA‬اط ال‪AA‬ذي‬
‫ك ‪AA‬ان ش ‪AA‬ائعا في جمي ‪AA‬ع اآلداب الك ‪AA‬برى مث ‪AA‬ل األدب اإلغ ‪AA‬ريقي‪ ،‬والالتي ‪AA‬ني والع ‪AA‬ربي الق ‪AA‬ديم‪ ،3‬وواض ‪AA‬ح أن‬
‫الع‪AA A A‬رب عرف‪AA A A‬وا ه‪AA A A‬ذا الض‪AA A A‬رب من التعب‪AA A A‬ير العلمي وخصوص‪AA A A‬ا المتكلمين منهم وخصوص‪AA A A‬ا في حقلي‬
‫اللسانيات والبالغيات‪.‬‬
‫وي‪AA‬رى (مرت‪AA‬اض) أن الغاي‪AA‬ة األس‪AA‬مى من النق‪AA‬د النظ‪AA‬ري والتط‪AA‬بيقي ت‪AA‬برز في أن كليهم‪AA‬ا يس‪AA‬عى إلى حقيق‪AA‬ة‬
‫النص أو تأويل ‪AA‬ه أو تفس ‪AA‬يره أو استكش ‪AA‬اف عالق ‪AA‬ة ال ‪AA‬دال بالم ‪AA‬دلول‪ ،‬أو معرف ‪AA‬ة اإلش ‪AA‬ارات أو تقويض‪AAA‬ه أو‬
‫‪1‬‬
‫‪ -‬عبد الملك مرتاض في نظرية النقد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.52‬‬
‫‪2‬‬
‫المصدر السابق ‪ ،‬ص ‪.51-50‬‬
‫‪3‬‬
‫المصدر نفسه‪ ،‬ص ‪. 53‬‬

‫‪31‬‬
‫المناهج النقدية "في نظرية النقد" لعبد المالك مرتاض‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫تفكيك ‪AA‬ه‪ ،‬ومن ثم ‪AA‬ة اختلفت الغاي ‪AA‬ة النقدي ‪AA‬ة تبع ‪AA‬ا الختالف االتجاه ‪AA‬ات والتي ‪AA‬ارات الفكري ‪AA‬ة وآي ‪AA‬ة الق ‪AA‬ول‪ :‬أن‬
‫الغاية المثلى في النقد تتجلى في خدمة النص األدبي والكش‪AA‬ف عن جماليت‪AA‬ه وس‪AA‬بر أغ‪AA‬واره‪ ،‬والغ‪AA‬وص في‬
‫خفاياه و أبعاده‪.‬‬
‫ثم يعرج بعد ذلك إلى إيضاح العالقة بين النقد النظ‪A‬ري والنق‪A‬د التط‪A‬بيقي‪ ،‬والمتمثل‪A‬ة في أن النق‪A‬د التط‪A‬بيقي‬
‫هو ترجمة حقيقية لتلك النظريات واالتجاهات الجمالية والتيارات الفكرية فيقوم بعملي‪AA‬ة تص‪AA‬نيفها وفرزه‪AA‬ا‬
‫وذل‪AA‬ك خدم‪AA‬ة للنص األدبي‪ ،‬والممارس‪AA‬ة ال تك‪AA‬ون دون ه‪AA‬ذين الن‪AA‬وعين حيث يعت‪AA‬بر ك‪AA‬ل واح‪AA‬د منهم‪AA‬ا مكمال‬
‫للث ‪AA‬اني في دراس ‪AA‬ة األث ‪AA‬ر األدبي خاص ‪AA‬ة والغ ‪AA‬ني عام ‪AA‬ة بتحدي ‪AA‬د الخط ‪AA‬وات واألدوات وجمي ‪AA‬ع اإلج ‪AA‬راءات‬
‫نظريا وتطبيقها عمليا على األعمال األدبية ‪.‬‬
‫ثم يتح ‪AA‬دث (مرت ‪AA‬اض عن الق ‪AA‬راءة المجهري ‪AA‬ة المتس ‪AA‬مة بالدق ‪AA‬ة والق ‪AA‬درة على التنف ‪AA‬ير والتنقيب داخ ‪AA‬ل النص‬
‫األدبي‪ ،‬والعم ‪AA‬ل على تعريت ‪AA‬ه‪ ،‬وال ش ‪AA‬ك أن الق ‪AA‬راءة ال ‪AA‬تي ي ‪AA‬دعو إليه ‪AA‬ا ليس ‪AA‬ت أي ق ‪AA‬راءة‪ ،‬ب ‪AA‬ل " ي ‪AA‬دعو إلى‬
‫‪1‬‬
‫القراءة االحترافية التي تمكننا من إنتاج نص على أنقاضها هي"‪.‬‬
‫كم‪AA‬ا ي‪AA‬ومئ إلى ق‪AA‬راءة ثالث‪AA‬ة تتج‪AA‬اوز الق‪A‬راءتين النظري‪AA‬ة والتطبيقي‪AA‬ة‪ ،‬وال‪AA‬تي اص‪AA‬طلح عليه‪AA‬ا (نق‪A‬د النق‪A‬د)‪ ،‬ثم‬
‫يشير إلى أن أول من اصطنع مثل هذا المعنى‪ ،‬وأش‪A‬ار إلى مث‪A‬ل ه‪A‬ذا المص‪A‬طلح وألول م‪A‬رة العالم‪A‬ة عب‪A‬د‬
‫‪2‬‬
‫القاهر الجرجاني الذي اصطنع في العربية (معنى المعنى)‪.‬‬
‫ثم بعد ذلك يطرح (مرتاض) إشكاليات كثيرة تتعلق بالنق‪AA‬د من حيث ض‪AA‬رورته لألدب ومن حيث الماهي‪AA‬ة‬
‫والوظيف ‪AA A‬ة‪ ،‬ومن حيث المن ‪AA A‬اهج واألش ‪AA A‬كال وم ‪AA A‬ا إلى ذل ‪AA A‬ك من التس ‪AA A‬اؤالت ال ‪AA A‬تي ت ‪AA A‬ؤرق الناق ‪AA A‬د والب ‪AA A‬احث‬
‫والدارس على حد سواء وبعد ذلك يحاول التمييز بين النق‪A‬د ال‪A‬ذاتي ونق‪A‬د النق‪A‬د‪ ،‬ف‪AA‬يرى أن نق‪A‬د النق‪A‬د يختل‪A‬ف‬
‫أيما اختالف عن النقد الذاتي‪ ،‬ذلك أن نقد النقد يقع وس‪A‬طا بين ت‪A‬اريخ النق‪A‬د والتوق‪A‬ف ل‪A‬دى المع‪A‬الم الك‪A‬برى‬
‫له ‪AA‬ذا النق ‪AA‬د ع ‪AA‬بر مدرس ‪AA‬ة بعينه ‪AA‬ا أو ع ‪AA‬بر ع ‪AA‬دة م ‪AA‬دارس‪ ،‬في حين أن النق ‪AA‬د ال ‪AA‬ذاتي يمكن أن ينص ‪AA‬ب على‬
‫مراجعة األعمال النقدية الشخصية أو األعمال النقدية‪ ،‬التي كتبت ضمن مدرسة من المدارس‪ ،‬ثم يجته‪AA‬د‬
‫‪3‬‬
‫في انتقادها من موقف تلك المدرسة النقدية نفسها‪.‬‬
‫وعن قض ‪AA‬ية الص ‪AA‬راع بين الق ‪AA‬ديم والجدي ‪AA‬د ي ‪AA‬رى مرت ‪AA‬اض) أن ابن قتيب ‪AA‬ة) يعت ‪AA‬بر أول من أش ‪AA‬ار إلى ه ‪AA‬ذه‬
‫القض‪AA‬ية‪ ،‬وأوض‪AA‬ح أن الحداث‪AA‬ة واجهت الع‪AA‬رب من‪AA‬ذ ظه‪AA‬ور اإلس‪AA‬الم ال‪AA‬ذي غ‪AA‬ير المف‪AA‬اهيم والمرجعي‪AA‬ات‪ ،‬ثم‬
‫يش‪AA‬ير إلى ح‪AA‬يرة (أبي عم‪AA‬رو بن العالء تج‪AA‬اه ش‪AA‬عر المح‪AA‬دثين‪ ،‬وتجلى ذل‪AA‬ك في مقولت‪AA‬ه الش‪AA‬هيرة‪ :‬لق‪AA‬د ك‪AA‬ثر‬
‫‪1‬‬
‫المصدر السابق ‪ ،‬ص ‪.53‬‬
‫‪2‬‬
‫المصدر نفسه‪ ،‬ص ‪.54‬‬
‫‪3‬‬
‫المصدر نفسه‪ ،‬ص ‪.56‬‬

‫‪32‬‬
‫المناهج النقدية "في نظرية النقد" لعبد المالك مرتاض‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫ه‪AA‬ذا المح‪AA‬دث وحس‪AA‬ن ح‪AA‬تى لق‪AA‬د هممت بروايت‪AA‬ه"‪ ،1‬ويط‪AA‬رح تس‪AA‬اؤال عن إش‪AA‬كالية ‪ :‬أي النق‪AA‬دين نري‪AA‬د ؟ ه‪AA‬ل‬
‫النق ‪AA‬د التقلي ‪AA‬دي أم النق ‪AA‬د الجدي ‪AA‬د؟ ثم من أي ج ‪AA‬انب يؤخ ‪AA‬ذ النق ‪AA‬د في ماهيت ‪AA‬ه ‪ ،‬أمن جانب ‪AA‬ه الت ‪AA‬اريخي‪ ،‬أم من‬
‫جانبه المعرفي اإلبستيمولوجي؟ ‪.‬‬
‫ثم يش‪AA‬ير إلى أن القض‪AA‬ية ب‪AA‬رزت س‪AA‬افرة ل‪AA‬دى (اآلم‪AA‬دي) في كتاب‪AA‬ه (الموازن‪AA‬ة بين الط‪AA‬ائيين البح‪AA‬تري وأبي‬
‫تمام في أيهما أشعر ؟ وفي كتاب الوساطة بين المتنبي وخصومه للقاضي‬
‫الجرج‪AA‬اني)‪ .‬يتن‪AA‬اول (مرت‪AA‬اض المع‪AA‬ارك األدبي‪AA‬ة ال‪AA‬تي احت‪AA‬دمت في العص‪AA‬ر الح‪AA‬ديث بين ص‪AA‬ادق ال‪AA‬رافعي‬
‫وط‪AA‬ه حس‪AA‬ين وغيرهم‪AA‬ا‪ ،‬وعلى وج‪AA‬ه الخص‪AA‬وص ح‪AA‬ول مس‪AA‬ألة الق‪AA‬ديم والجدي‪AA‬د ومن هن‪AA‬ا يمكن الق‪AA‬ول ب‪AA‬أن‬
‫قض‪A‬ية الق‪A‬ديم والجدي‪A‬د ليس‪A‬ت من القض‪A‬ايا النقدي‪A‬ة الحديث‪A‬ة وإ نم‪A‬ا هي قض‪A‬ية قديم‪A‬ة ق‪A‬دم النق‪A‬د الع‪A‬ربي الق‪A‬ديم‪،‬‬
‫وه‪AA‬ذه المس‪AA‬ألة (الق‪AA‬ديم والجدي‪AA‬د) ليس‪AA‬ت مقتص‪AA‬رة على النق‪AA‬د الع‪AA‬ربي وح‪AA‬ده‪ ،‬ولكنه‪AA‬ا تمت‪AA‬د إلى جمي‪AA‬ع اآلداب‬
‫العالمي‪AA A‬ة ق ‪AA A‬ديمها وجدي‪AA A‬دها‪ ،‬ومثاله‪AA A‬ا م‪AA A‬ا ك‪AA A‬ان من س‪AA A‬جاالت ح‪AA A‬ول كتاب‪AA A‬ات روالن) (ب‪AA A‬ارت) (‪Roland‬‬
‫‪ )barthes‬في ب‪AA‬دايات س‪AA‬تينات الق‪AA‬رن الماض‪AA‬ي‪ ،‬وك‪AA‬انت جري‪AA‬دة ‪ Le Monde‬الباريس‪AA‬ية من‪AA‬برا من من‪AA‬ابر‬
‫الخصومة التي وقعت بين أش‪A‬ياع الق‪A‬ديم والجدي‪A‬د وأفض‪AA‬ى ذل‪A‬ك إلى ت‪A‬أليف كتب ض‪AA‬خمة ح‪A‬ول مس‪A‬ألة النق‪A‬د‬
‫وكيف يجب أن يكون؟ ه‪A‬ل يك‪A‬ون تقلي‪A‬ديا أم جدي‪A‬دا كت‪A‬اب ريم‪A‬ون بيك‪A‬ار) النق‪A‬د الجدي‪A‬د" وه‪A‬و ناق‪A‬د متعص‪A‬ب‬
‫للنقد القديم وينال من خالل كتابه هذا نيال الذعا من النقد الجدي‪AA‬د‪ ،‬وك‪AA‬ذلك نج‪AA‬د رد ناق‪AA‬د فرنس‪AA‬ي من خالل‬
‫جريدة "العالم الباريسية من أشياع النقد الجديد أن يكتب كتابا يتناص م‪AA‬ع عن‪AA‬وان ريم‪AA‬ون بيك‪AA‬ار وعنوان‪AA‬ه‪:‬‬
‫‪2‬‬
‫لماذا النقد الجديد؟ دافع فيه عن النقد الجديد ‪).‬‬
‫إن قضية الصراع بين القديم والجديد كما يرى الناقد أنه‪AA‬ا ش‪AA‬ملت جمي‪AA‬ع اآلداب العالمي‪AA‬ة ق‪AA‬ديمها وح‪AA‬ديثها‪،‬‬
‫ومن ثم بعدها يعرج على أهم خصائص النقد التقليدي والممثلة في‪:‬‬
‫‪-1‬الذوق ‪ -2 /‬الوضوح ‪ -3- /‬النظام ‪.‬‬
‫أما النقد الجديد فيقوم على‪:‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -1‬الوحدة ‪ -2‬الشمولية ‪ -3-‬الترابط ‪.‬‬
‫وبع‪AA‬دها يح‪AA‬اور قض‪AA‬ية أخ‪AA‬رى ال تق‪AA‬ل خط‪AA‬ورة عن س‪AA‬ابقتها‪ ،‬وهي كي‪AA‬ف يتعام‪AA‬ل النق‪AA‬د التقلي‪AA‬دي م‪AA‬ع العم‪AA‬ل‬
‫اإلب‪AA‬داعي؟ ويوض‪AA‬ح أن النق‪A‬د التقلي‪AA‬دي‪ " :‬يق‪A‬وم على التم‪AA‬اس فهم اإلب‪AA‬داع من خالل فهم المب‪AA‬دع"‪ ،‬ويض‪AA‬رب‬
‫مثاال على ذلك بأبي تم‪AA‬ام وش‪AA‬عره‪ ،‬حيث أن‪AA‬ه ال يمكن بش‪AA‬عر ابن تم‪AA‬ام) إال بع‪AA‬د اإللم‪AA‬ام بش‪AA‬ظايا المعلوم‪AA‬ات‬
‫‪1‬‬
‫المصدر السابق‪ ،‬ص‪56‬‬
‫‪2‬‬
‫المصدر نفسه‪ ،‬ص ‪.56‬‬
‫‪3‬‬
‫المصدر السابق ‪ ،‬ص ‪.61‬‬

‫‪33‬‬
‫المناهج النقدية "في نظرية النقد" لعبد المالك مرتاض‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫التاريخي‪AA A‬ة‪ ،‬ثم بن‪AA A‬اء ص‪AA A‬ورة الفهم ال‪AA A‬تي تتش‪AA A‬كل على أنقاض‪AA A‬ها أم‪AA A‬ا النق ‪AA‬د الجدي‪AA A‬د فه‪AA A‬و على خالف أي أن‬
‫اإلب‪AA A‬داع يفهم من اإلب‪AA A‬داع ذات‪AA A‬ه‪ ،‬فال يع‪AA A‬ترف بالمب‪AA A‬دع وال بالمالبس‪AA A‬ات والظ‪AA A‬روف الخارج‪AA A‬ة عن ص‪AA A‬ميم‬
‫اإلبداع‪ ،‬حيث نجد (روالن بارت يرى أن النقد الجدي‪A‬د يجب أن ي‪A‬ؤدي وظيفت‪A‬ه المتجس‪A‬دة في اللغ‪A‬ة وال‪A‬تي‬
‫هي ترابط وشمول في الوقت ذاته ‪.‬‬
‫ثم يوج‪AA‬ه النق‪AA‬د للم‪AA‬وقفين‪ ،‬حيث ي‪AA‬رى الناق‪AA‬د (مرت‪AA‬اض أن التقلي‪AA‬ديين ب‪AA‬الغوا في رب‪AA‬ط اإلب‪AA‬داع بك‪AA‬ل م‪AA‬ا يل‪AA‬ف‬
‫حياة المب‪A‬دع‪ ،‬على ال‪A‬رغم من أنن‪A‬ا ق‪AA‬د نحت‪A‬اج إلى بعض اللقط‪A‬ات من حي‪A‬اة المب‪A‬دع ال‪A‬تي تس‪A‬اعدنا على فل‪A‬ك‬
‫بعض الشفرات المتعلقة بإبداعه‪ ،‬كما أن أصحاب النقد التجديد أيض‪A‬ا ب‪A‬الغوا في تنكبهم عن ك‪A‬ل م‪A‬ا يتعل‪A‬ق‬
‫بحياة المبدع‪ ،‬والظروف المحيطة باإلبداع‪.‬‬
‫كما عرج الناقد مرتاض على قضية أخرى‪ ،‬وهي النق‪A‬د الجدي‪A‬د بين التحلي‪A‬ل والق‪A‬راءة مش‪A‬يرا إلى أن النق‪A‬د‬
‫القديم لم يعن بالقراءة إال نادرا‪ ،‬وأن هذه القراءة تبلورت في مستويات ثالثة‪:‬‬
‫شرح غريب اللغة‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫تخريج مشكالت النحو‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫‪1‬‬
‫نثر البيت الشعري‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫كم‪AA‬ا فع‪AA‬ل ذل‪AA‬ك (الم‪AA‬رزوقي) و(الت‪AA‬بريزي) في ش‪AA‬رحهما لكت‪AA‬اب‪( :‬الحماس‪AA‬ة ألبي تم‪AA‬ام)‪ ،2‬أم‪AA‬ا النق‪AA‬د الجدي‪AA‬د‬
‫أولى عناية فائقة للقراءة والتأويل‪ ،‬فالغيناه ينصرف من الشرح إلى التأويل والتحليل‪ ،‬ثم يطرح مرت‪AA‬اض‬
‫إشكالية أخرى تتعلق بالنقد والقراءة مفادها‪ :‬هل يمكن أن تحل القراءة مكان النقد؟‪.‬‬
‫ي ‪AA‬رى (مرت ‪AA‬اض) أن الق ‪AA‬راءة ال يمكن أن تح ‪AA‬ل مح ‪AA‬ل النق ‪AA‬د‪ ،‬وال النق ‪AA‬د أن يح ‪AA‬ل مح ‪AA‬ل الق ‪AA‬راءة‪ ،‬وفي ه ‪AA‬ذا‬
‫السياق يقول ‪ " :‬فالقراءة شكل من أشكال المعرفة األدبية الجديدة بحيث ال هي أرفع من النقد درج‪AA‬ة وال‬
‫هي أح ‪AA‬ط من ‪AA‬ه منزل ‪AA‬ة‪ ،3‬لكن كال منهم ‪AA‬ا يص ‪AA‬نف في منزلت ‪AA‬ه‪ ،‬وي ‪AA‬رى ك ‪AA‬ذلك أن الق ‪AA‬راءة تعين الناق ‪AA‬د أثن ‪AA‬اء‬
‫الممارس ‪AA‬ة النقدي ‪AA‬ة‪ ،‬ثم ينتق ‪AA‬د تل ‪AA‬ك االتجاه ‪AA‬ات ال ‪AA‬تي ح ‪AA‬اولت علمن ‪AA‬ة األدب ذل ‪AA‬ك فش ‪AA‬ال ذريع ‪AA‬ا وذك ‪AA‬ر منه ‪AA‬ا‬
‫الشكالنية الروسية‪ ،‬البنوية‪ ،‬التقويضية والسيميائية "‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫المصدر السابق ‪ ،‬ص ‪64‬‬
‫‪2‬‬
‫المصدر نفسه‪ ،‬ص‪65‬‬
‫‪3‬‬
‫المصدر نفسه‪ ،‬ص‪66‬‬

‫‪34‬‬
‫المناهج النقدية "في نظرية النقد" لعبد المالك مرتاض‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫وفي النهاي‪AA‬ة يخلص إلى أن النق‪AA‬د عملي‪AA‬ة تنظيري‪AA‬ة لإلب‪AA‬داع‪ ،‬أم‪AA‬ا النق‪AA‬د التط‪AA‬بيقي فه‪AA‬و عملي‪AA‬ة تجس‪AA‬يدية للنق‪AA‬د‬
‫التنظ‪A‬يري‪ ،‬ونق‪A‬د النق‪A‬د ه‪A‬و المظه‪A‬ر الث‪A‬الث للمعرف‪A‬ة النقدي‪A‬ة الجدي‪A‬دة‪ ،‬والمتمث‪A‬ل في التعقيب أو التعلي‪A‬ق على‬
‫‪1‬‬
‫نقد كان كتب من قبل حول ظاهرة أدبية ما‪.‬‬
‫كما يخلص أيضا إلى أن النقد هو درج‪A‬ة وس‪A‬طى بين الفلس‪A‬فة والعلم والفن‪ ،2‬ومن‪A‬ه ينب‪A‬ع الج‪A‬دل‪ :‬ه‪A‬ل النق‪A‬د‬
‫علم؟ وإ ذا ك‪AA‬ان علم‪AA‬ا ف‪AA‬أين تكمن علميت‪AA‬ه؟ أهي في األحك‪AA‬ام المس‪AA‬تنبطة ال‪AA‬تي هي في أص‪AA‬لها مس‪AA‬تورد من‬
‫الفلس‪AA A‬فة أو علم االجتم‪AA A‬اع أو ح‪AA A‬تى بعض العل‪AA A‬وم األخ‪AA A‬رى؟ ثم ه‪AA A‬ل يمكن تط‪AA A‬بيق المن‪AA A‬اهج ال‪AA A‬تي هي في‬
‫األص‪AA‬ل لم تكن إال ل‪AA‬ذاتها‪ ،‬على غ‪AA‬ير م‪AA‬ا وض‪AA‬عت ل‪AA‬ه وه‪AA‬و اإلب‪AA‬داع؟ وه‪AA‬ل يج‪AA‬وز تهجين التفك‪AA‬ير النق‪AA‬دي‬
‫الخالص مع التفكير الفلسفي الخالص لتأس‪A‬يس منهج مس‪A‬تخلص من ه‪A‬ذين التفك‪A‬يرين المتق‪A‬اربين على نح‪A‬و‬
‫م ‪AA A A‬ا على األق ‪AA A A‬ل؟ وكي ‪AA A A‬ف يج ‪AA A A‬وز تط ‪AA A A‬بيق منهج لم يكن إال من أج ‪AA A A‬ل تأس ‪AA A A‬يس المعرف ‪AA A A‬ة في نص ‪AA A A‬اعتها‬
‫وخصوص‪AA‬يتها‪ ،‬أو البحث في أص‪AA‬ولها المعق‪A‬دة‪ ،‬ولع‪A‬ل أهم س‪A‬ؤال ‪ :‬ه‪A‬ل ي‪A‬رقى النت‪A‬اج الخي‪A‬الي إلى مس‪A‬توى‬
‫تس‪AA‬تطيع مع‪AA‬ه أن نؤس‪AA‬س علي‪AA‬ه؟ أو انطالق‪AA‬ا من‪AA‬ه ه‪AA‬ل يمكن تأس‪AA‬يس نظري‪AA‬ة معرفي‪AA‬ة كم‪AA‬ا تؤس‪AA‬س نظري‪AA‬ات‬
‫معرفي ‪AA‬ة ح ‪AA‬ول النت ‪AA‬اج العقلي البحث؟ إن الغاي ‪AA‬ة من ط ‪AA‬رح ه ‪AA‬ذه األس ‪AA‬ئلة ه ‪AA‬و االهت ‪AA‬داء إلى تأس ‪AA‬يس نظري ‪AA‬ة‬
‫‪3‬‬
‫نقدية قد تكون أساسا لمعرفة نقدية مستقبلية‪ ،‬إذ أن السؤال هو مظهر من مظاهر التفكير‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬جدلية اإلبداع والنقد‪:‬‬


‫‪4‬‬
‫أي هل يمكن تأسيس نظرية نقدية بناءا على أشكال اإلبداع‪) ......‬‬
‫یری مرت‪AAA‬اض) أن النق ‪AA‬د ال يمكن على اإلطالق أن يك‪AAA‬ون ص ‪AA‬نوا لإلب ‪AA‬داع‪ ،‬وه ‪AA‬ذا ال ‪AA‬رأي بإجم‪AAA‬اع النق ‪AA‬اد‬
‫ق‪AA A‬ديمهم وجدي‪AA A‬دهم‪ ،‬ألن نقط‪AA A‬ة االبت‪AA A‬داء ليس‪AA A‬ت واح‪AA A‬دة‪ ،‬ومن ثم فاإلب‪AA A‬داع األول ه‪AA A‬و الكتاب‪AA A‬ة األدبي‪AA A‬ة على‬
‫مختل‪AA‬ف أنواعه‪AA‬ا وألوانه‪AA‬ا‪ ،‬وال‪AA‬تي قوامه‪AA‬ا الخي‪AA‬ال المحض والس‪AA‬مة الجمالي‪AA‬ة الش‪AA‬عرية الس‪AA‬امقة‪ ،‬ومن خالل‬
‫هذه اإلشكالية أوقفنا الكاتب على أهم سمات اإلبداع األول‪( :‬النص األدبي) وهي‪:‬‬
‫الخيال الخالص‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫الجمالية اإلنشائية‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫الشعرية الرفيعة‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫أما النص الثاني‪ ( :‬النص النقدي) أو ( النص الوصفي ) قله سماته من أبرزها‪:‬‬
‫‪1‬‬
‫المصدر نفسه‪،‬ص‪68‬‬
‫‪2‬‬
‫المصدر نفسه‪،‬ص‪70‬‬
‫‪3‬‬
‫المصدر السابق‪ ،‬ص‪72‬‬
‫‪4‬‬
‫المصدر نفسه‪ ،‬ص‪71‬‬

‫‪35‬‬
‫المناهج النقدية "في نظرية النقد" لعبد المالك مرتاض‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫إصدار األحكام‪.‬‬ ‫‪-1‬‬


‫التعليق‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫االعتماد على النص األول في الصياغة المعرفية ( التناص مع نصوص أخرى )‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫ثم يخلص من خالل هذه الخصائص والسمات التي يتصف بها كل من النص األدبي والنص النق‪AA‬دي إلى‬
‫نتيجة جوهرية تجلت في أن اإلبداع س‪AA‬يد نفس‪AA‬ه‪ ،‬والنق‪A‬د يتكئ على غ‪A‬يره‪ .‬نج‪AA‬د (مرت‪AA‬اض) بع‪AA‬د ذل‪AA‬ك يوج‪AA‬ه‬
‫نقدا إلى أولئك الذين أرادوا أن يجعلوا من النقد إبداعا يض‪AA‬اهي اإلب‪A‬داع األول النص األدبي ق‪AA‬ائال‪ :‬فلعلهم‬
‫‪1‬‬
‫يريدوا األشياء أن تمثل لهم على غير طبائعها"‪.‬‬
‫وعلى هذا الصعيد يمكن االستشهاد بمقولة الباحث األكاديمي السوفياتي (ديمتري لیخایش‪AA‬ن) (‪Dumitru‬‬
‫‪ )Likheyshane‬فهو يرى أن ‪ :‬دراسة النص األدبي بذات‪A‬ه ق‪A‬د ي‪A‬أتي ببعض النت‪A‬ائج المفي‪A‬دة‪ ،‬ولكنه‪A‬ا رغم‬
‫م‪A‬ا ق‪AA‬د تتم‪A‬يز ب‪A‬ه من ماهي‪A‬ة ونف‪A‬اذ ليس‪A‬ت كله‪A‬ا خالي‪A‬ة من الذاتي‪A‬ة واالنطباعي‪A‬ة‪ ...‬وإ ن أك‪A‬ثر األعم‪A‬ال األدبي‪A‬ة‬
‫لمعان‪AA‬ا وتألق‪AA‬ا‪ ،‬وك‪AA‬ذلك روائ‪AA‬ع النق‪AA‬د األدبي ال‪AA‬تي ت‪AA‬درس أس‪AA‬لوب العم‪AA‬ل األدبي س‪AA‬وف تظ‪AA‬ل عب‪AA‬ارات فارغ‪AA‬ة‬
‫وح‪AA‬تى غ‪AA‬ير مفهوم‪AA‬ة أحيان‪AA‬ا إذا لم نض‪AA‬ف إليه‪AA‬ا المحت‪AA‬وى الت‪AA‬اريخي العمي‪AA‬ق فدراس‪AA‬ة العم‪AA‬ل األدبي كعملي‪AA‬ة‬
‫متحركة وليست لش‪A‬يء منغل‪A‬ق على ذات‪A‬ه‪...‬ال ي‪A‬برهن فق‪A‬ط على الظ‪A‬اهرة‪ ،‬ولكن‪A‬ه يوض‪A‬حها أيض‪A‬ا ويجعله‪A‬ا‬
‫‪2‬‬
‫واضحة بسيطة ‪".‬‬
‫كم‪A‬ا أن (مرت‪A‬اض) ي‪A‬رفض علماني‪A‬ة النق‪A‬د مطلق‪A‬ا‪ ،‬ويلمح إلى أن الش‪A‬كالنيين ال‪A‬روس لم يوفق‪A‬وا في مس‪A‬عاهم‬
‫حين أرادوا للنق‪AA‬د أن يك‪AA‬ون علمي‪AA‬ا خالص‪AA‬ا‪ ،‬وبع‪AA‬د التحقي‪AA‬ق والنظ‪AA‬ر والت‪AA‬دقيق توص‪AA‬ل إلى أن النق‪AA‬د يجب أن‬
‫يصطبغ بالعلمانية واالنطباعية‪ ،‬وكل منهما في حدود المعقول‪ ،‬وم‪AA‬ا ت‪AA‬دعو إلي‪AA‬ه الحاج‪AA‬ة‪ ،‬وأن العالق‪AA‬ة بين‬
‫النص األدبي والنص النقدي تمثلت في‪ :‬أن العالق‪AA‬ة بين النق‪AA‬د والنص المب‪AA‬دع وس‪AA‬طا بين األم‪AA‬رين‪ :‬ج‪AA‬انب‬
‫‪3‬‬
‫موضوعي و جانب ذاتي"‪.‬‬
‫أم ‪AA‬ا المس ‪AA‬ألة المتعلق ‪AA‬ة بالنق ‪AA‬د ه ‪AA‬ل النق ‪AA‬د إب ‪AA‬داع كم ‪AA‬ا ه ‪AA‬و الح ‪AA‬ال بالنس ‪AA‬بة للنص األدبي المب ‪AA‬دع أم أنه ‪AA‬ا على‬
‫خالف؟ من خالل االستقراء ت‪A‬بين أن إبداعي‪A‬ة النق‪A‬د نس‪A‬بية كم‪A‬ا يع‪A‬رض (مرت‪A‬اض) إلى اإلش‪A‬كاليات الثالث‬
‫في النقد وهي‪:‬‬
‫النزعة الفنية‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫‪1‬‬
‫المصدر السابق‪ ،‬ص ‪.64‬‬
‫‪ 2‬ديميمري ليخايشن ‪ ( :‬التاريخ ‪ -‬أم الحقيقة حوار مع (غالب همسا)‪ ،‬مجلة األقالم‪ ،‬وزارة الثقافة والفنون ببغداد‪ ،‬العراق‪ ،‬ع‪ ،1978 ،12‬ص‬
‫‪.155‬‬
‫‪ 3‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.18‬‬

‫‪36‬‬
‫المناهج النقدية "في نظرية النقد" لعبد المالك مرتاض‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫النزعة العلمية‪.‬‬ ‫‪-‬‬


‫النزعة االحترافية‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫ومن خالله‪AA A‬ا يش‪AA A‬ير إلى أن كال من المدرس‪AA A‬ة الش‪AA A‬كالنية الروس‪AA A‬ية‪ ،‬والنظري‪AA A‬ة الس‪AA A‬يميائية حاولت‪AA A‬ا توحي‪AA A‬د‬
‫القراءة‪ ،‬بمعنى أن النتائج المستخلصة من قراءة أي عمل إبداعي ال بد أن تكون نتائجه‪AA‬ا المتوص‪AA‬ل إليه‪AA‬ا‬
‫كنت‪AA‬ائج المس‪AA‬ائل الرياض‪AA‬ية‪ ،‬وه‪AA‬ذا يع‪AA‬ني أنهم‪AA‬ا نادت‪AA‬ا بعلمي‪AA‬ة النق‪AA‬د أو علماني‪AA‬ة النق‪AA‬د‪ ،‬ومن ثم‪AA‬ة ف‪AA‬إن نظري‪AA‬ة‬
‫هؤالء ما هي إال دعوة للقضاء على اإلبداع والمبدعين وفي هذا السياق يقول ‪((:‬مرتاض)‪" :‬ال العلماني‪AA‬ة‬
‫النق‪AA‬د األدبي لم‪AA‬اذا؟ ألنه‪AA‬ا قت‪AA‬ل لإلب‪AA‬داع والمب‪AA‬دعين‪ ،‬ومن هن‪AA‬ا خلص الناق‪AA‬د إلى أن فني‪AA‬ة النق‪AA‬د ممكن‪AA‬ة وهي‬
‫‪1‬‬
‫أقرب إلى حقيقة النقد من علميته‪.‬‬
‫ه ‪AA‬ل للنق ‪AA‬د من ماهي ‪AA‬ة‪...‬؟ النق ‪AA‬د في تص ‪AA‬وره ليس علم ‪AA‬ا خالص ‪AA‬ا‪ ،‬وه ‪AA‬و م ‪AA‬ا س ‪AA‬عى إلي ‪AA‬ه الش ‪AA‬كالنيون ال ‪AA‬روس‬
‫إلثباته بالتنظير والتطبيق في أبحاثهم‪ ،‬فهو ليس فنا خالصا وال فلسفة خالصة وال إبداعا خالصا لكنه نقد‬
‫وفق ‪AA‬ط‪ ،‬فكأن ‪AA‬ه المج ‪AA‬ال المع ‪AA‬رفي المهجن عن مجموع ‪AA‬ة الج ‪AA‬واهر الس ‪AA‬الفة ال ‪AA‬ذكر‪ ،‬والتهجين ليس عيب ‪AA‬ا في‬
‫تأسيس النظريات وذلك من أجل الوصول إلى نتيجة من النتائج‪ ،‬فاألسلوبية حسب الناقد هي مهجن‪AA‬ة عن‬
‫النح ‪AA‬و والبالغ ‪AA‬ة وعلم اللغ ‪AA‬ة‪ ،‬وك ‪AA‬ذا علم البالغ ‪AA‬ة ال ‪AA‬ذي هجن عن ش ‪AA‬يء من البالغ ‪AA‬ة والنح ‪AA‬و واللس ‪AA‬انيات‬
‫العام‪AA‬ة ‪ 2.‬ثم يط‪AA‬رح الس‪AA‬ؤال الج‪AA‬وهري الت‪AA‬الي‪ :‬ب‪AA‬أي منهج أم ب‪AA‬أي من المن‪AA‬اهج ب‪AA‬ل أم ب‪AA‬أي من الالمنهج؟‬
‫يمكن التحدث بالدليل العقلي والبرهان عن شيء اسمه النقد ‪.‬‬
‫يميل (مرتاض) إلى فكرة ( الالمنهج ) خاصة وأول م‪AA‬رة في كتاب‪AA‬ه ( النص األدبي من أين؟ وإ لى أين؟‪،‬‬
‫حيث ق‪AA‬ال ‪ :‬بعب‪AA‬ارة ص‪AA‬غيرة ولكنه‪AA‬ا جامع‪AA‬ة‪ ،‬إن الالمنهج في تش‪AA‬ريح النص األدبي ه‪AA‬و المنهج‪ ، 3‬يع‪AA‬ترف‬
‫(مرتاض) بثورته على المناهج قائال‪ :‬ونحن نؤثر الثورة على المناهج وانتقادها لتبي‪A‬ان وهنه‪A‬ا‪ ،‬ولكن من‬
‫أجل محاولة تكمل‪A‬ة نقص‪AA‬ها أو العث‪A‬ور على ب‪A‬دائل ق‪AA‬د تك‪A‬ون أحس‪A‬ن وأمث‪A‬ل‪ ،‬ال من أج‪A‬ل رفض‪AA‬ها على وج‪A‬ه‬
‫اإلطالق‪ ،4‬فالنص مهما ك‪A‬ان ق‪AA‬ديما أو ح‪A‬ديثا ط‪A‬ويال أو قص‪A‬يرا‪ ،‬يظ‪A‬ل واح‪A‬دا بينم‪A‬ا تناول‪A‬ه يتع‪A‬دد ومعالجت‪A‬ه‬
‫تتب‪AA A‬اين‪ ،‬األم‪AA A‬ر ال‪AA A‬ذي دف‪AA A‬ع بـ (مرت‪AA A‬اض إلى اس‪AA A‬تحداث ال‪AA A‬تركيب المنهجي المفت‪AA A‬وح والمنتش‪AA A‬ر في خطاب‪AA A‬ه‬
‫النق‪AA‬دي‪ ،‬كي يس‪AA‬د ب‪AA‬ه متطلب‪AA‬ات النص‪ ،‬حيث أن أي محل‪AA‬ل له‪AA‬ذا األخ‪AA‬ير في نظ‪AA‬ره ‪ :‬إذا انس‪AA‬اق وراء منهج‬

‫‪1‬‬
‫عبد الملك مرتاض‪ :‬في نظرية النقد‪ ،‬ص ‪70‬‬
‫‪2‬‬
‫المصدر نفسه‪ ،‬ص ‪.75‬‬
‫‪3‬‬
‫يوسف وغليسي ‪ :‬الخطاب النقدي عند عبد الملك مرتاض‪ ،‬ص ‪. 86‬‬
‫‪4‬‬
‫عبد الملك مرتاض‪ :‬مائة قضية وقضية‪ ،‬ص ‪.15‬‬

‫‪37‬‬
‫المناهج النقدية "في نظرية النقد" لعبد المالك مرتاض‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫ذي خلفية بعينها فال يحيد عنها‪ ،‬وال يضيف إليها وال ينقص منها‪ ،‬يكون قد أقحم نفس‪AA‬ه في نف‪AA‬ق مظلم ق‪AA‬د‬
‫‪1‬‬
‫ال يستطيع الخروج منه"‪.‬‬
‫ويث ‪AA‬ير ك ‪AA‬ذلك قض ‪AA‬ية تع ‪AA‬اقب المن ‪AA‬اهج تعاقي ‪AA‬ا متسلس ‪AA‬ال وبالخص ‪AA‬وص خالل الق‪AA‬رون الثالث ‪AA‬ة األخ ‪AA‬يرة‪ ،‬حيث‬
‫يرى أن هذا ال يعني إال أن المناهج قد تكون حقيقتها ضربا من المعرفة المفتوحة‪ .....‬وثبات المنهج أو‬
‫معياريته ال يعني إال جموده وقصوره عن مواكبة التطور المعرفي‪ ،‬ومثال ذلك المنهج االجتم‪AA‬اعي ال‪AA‬ذي‬
‫ض‪AA A‬رب (روالن ب‪AA A‬ارث) ب‪AA A‬ه المث‪AA A‬ل في المعياري‪AA A‬ة والثب‪AA A‬ات والقص‪AA A‬ور والعقم‪ ،2‬حيث يس‪AA A‬تند (ب‪AA A‬ارث) إلى‬
‫مجموع‪AA‬ة من اإلي‪AA‬ديولوجيات واألفك‪AA‬ار االقتص‪AA‬ادية واالجتماعي‪AA‬ة ال‪AA‬تي تس‪AA‬تقي مبادئه‪AA‬ا الك‪AA‬برى من النزع‪AA‬ة‬
‫الماركس‪AA A‬ية‪ ،‬فالسوس‪AA A‬يولوجي والنفس‪AA A‬اني وغيرهم‪AA A‬ا ممن يت‪AA A‬دخلون في النق‪AA A‬د األدبي انطالق‪AA A‬ا من م‪AA A‬ذاهب‬
‫‪3‬‬
‫أجنبية عن األدب "ال يمكن أن يفضي سعيهم ذالك إلى أي نتيجة تذكر‪:‬‬

‫رابعا‪ :‬نقد النقد عند عبد الملك مرتاض‬


‫النق‪AA‬د نق‪AA‬دان ‪ -‬كم‪AA‬ا رأين‪AA‬ا س‪AA‬ابقا عن‪AA‬د الب‪AA‬احث عب‪AA‬د المل‪AA‬ك مرت‪AA‬اض وهم‪AA‬ا‪ :‬النق‪AA‬د النظ‪AA‬ري؛ مجال‪AA‬ه البحث في‬
‫أص‪A‬ول النظري‪A‬ات وفي ج‪A‬ذورها المعرفي‪A‬ة و خلفياته‪A‬ا الفلس‪A‬فية‪ ..‬والنق‪A‬د التط‪A‬بيقي ال‪A‬ذي يمث‪A‬ل ثم‪A‬رة منثم‪A‬ار‬
‫النق‪AA‬د النظريفه‪AA‬و ي‪AA‬زوده باألص‪AA‬ولو المع‪AA‬ايير و االج‪AA‬راءات ‪..‬أم‪AA‬ا ث‪AA‬الث النق‪AA‬ود فه‪AA‬و ص‪AA‬نف متج‪AA‬اوز له‪AA‬ذين‬
‫النق‪AA‬دين ه‪AA‬و م‪AA‬ايكون نق‪AA‬دا لهم‪AA‬ا أو نق‪AA‬دا عنهم‪AA‬ا أيم‪AA‬ا ه‪AA‬و مت‪AA‬داول الي‪AA‬وم تحت مص‪AA‬طلح ‪..‬نق‪AA‬د النق‪AA‬د ( ‪Meta‬‬
‫‪4‬‬
‫‪.)critique‬‬
‫‪ .‬وقبل الخوض في هذا المصطلح وما يتعلق به عند الباحث ن‪AA‬ؤد فق‪A‬ط أن نش‪AA‬ير إلى أن خط‪AA‬اب نق‪A‬د النق‪A‬د‬
‫لم يح‪AA A‬ظ باهتم‪AA A‬ام كب‪AA A‬ير من الب‪AA A‬احثين وال من قب‪AA A‬ل البحث الج‪AA A‬امعي مثلم‪AA A‬ا حظيت ب‪AA A‬ه الدراس‪AA A‬ات األدبي‪AA A‬ة‬
‫األخ‪AA‬رى وربم‪AA‬ا ال تقتص‪AA‬ر ه‪AA‬ذه الظ‪AA‬اهرة على البحث الج‪AA‬امعي الع‪AA‬ربي فق‪AA‬ط وإ نم‪AA‬ا هي ظ‪AA‬اهرة أيض‪AA‬ا في‬
‫الدراس ‪AA‬ات األدبي ‪AA‬ة الحديث ‪AA‬ة ب ‪AA‬ل إن ق ‪AA‬راءة كت ‪AA‬اب على كت ‪AA‬اب التث ‪AA‬ير اهتم ‪AA‬ام الق ‪AA‬راء كث ‪AA‬يرا س ‪AA‬واء في أدبن ‪AA‬ا‬
‫‪5‬‬
‫العربي أو في بعض اآلداب األخرى كما يرى تودوروف في كتابه ‪ :‬نقد النقد‪".‬‬

‫‪1‬‬
‫المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.19‬‬
‫‪2‬‬
‫عبد الملك مرتاض في نظرية النقد‪ ،‬ص ‪.130‬‬
‫‪3‬‬
‫المصدر نفسه‪ ،‬ص ‪.77‬‬
‫‪4‬‬
‫عبد الملك مرتاض في نظرية التقدم ‪53 ،50‬‬
‫‪5‬‬
‫الخضر العربي ‪ :‬مفهوم هلل البالد عدد علي حرب‪ ،‬جامعة قاصدي مرباح بوراللة بالجزائر‬
‫‪reviues.univ-ouargla.dz/index.php/nomino-11-2011/666-2013-05‬‬

‫‪38‬‬
‫المناهج النقدية "في نظرية النقد" لعبد المالك مرتاض‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫ومن ه‪AA‬ذا المنطل‪AA‬ق ن‪AA‬رى أن مس‪AA‬اهمة عب‪AA‬د المل‪AA‬ك مرت‪AA‬اض في ه‪AA‬ذا المج‪AA‬ال ومن خالل مدونت‪AA‬ه ال‪AA‬تي نحن‬
‫بص‪AA‬دد دراس‪AA‬تها و تخصيص‪AA‬ه لفص‪AA‬له الث‪AA‬امن في تق‪AA‬د النق‪AA‬د ن‪AA‬راه من قبي‪AA‬ل االجته‪AA‬ادات التنظيري‪AA‬ة الفاحص‪AA‬ة‬
‫البناءة التي تخدم النقد العربي في بالدنا ‪ -‬خاصة وتزيد صرحه مراجع‪A‬ة وتأس‪A‬يس او تأص‪A‬يال باإلض‪A‬افة‬
‫إلى تزويد الطالب ومريدي النقد عدة و زادا نقديا وثقافيا متنوعا‪.‬‬
‫وحرص ‪AA‬ا من الب ‪AA‬احث عب ‪AA‬د المل ‪AA‬ك مرت ‪AA‬اض على تن ‪AA‬اول المص ‪AA‬طلح و اش ‪AA‬كالياته المعق ‪AA‬دة باحث ‪AA‬ا عن آلي ‪AA‬ات‬
‫متع ‪AA‬ددة ووس ‪AA‬ائل علمي ‪AA‬ة مختلف ‪AA‬ة لص‪AAA‬ياغته راغب ‪AA‬ا في إخ ‪AA‬راج المص ‪AA‬طلح الع ‪AA‬ربي الق ‪AA‬ديم من رتابت ‪AA‬ه م ‪AA‬ع‬
‫الح‪AA‬رص على مس‪AA‬ايرته المص‪AA‬طلحات اللس‪AA‬انياتية الغربي‪AA‬ة ثم اق‪AA‬تراح حل‪AA‬ول مناس‪AA‬بة وض‪AA‬وابط علمي‪AA‬ة ذات‬
‫كفاءة لغوية تنظيرية ‪ 1.‬ففي هذا اإلطار و ضمن هذا التصور الفكري يتن‪A‬اول الب‪A‬احث مص‪AA‬طلح نق‪A‬د النق‪A‬د‬
‫(‪ )metacritique‬بشيء من التأصيل و الضبط المفهومه استعماال ومناقشة و تحليال ‪ ،‬مش‪AA‬يرا ب‪AA‬ذلك إلى‬
‫إشكالية مهمة تتمثل في كيفية ترجمته و صياغته بإيج‪A‬اد المقاب‪A‬ل الع‪A‬ربي المناس‪A‬ب لم‪A‬ا يحمل‪A‬ه المفه‪A‬وم في‬
‫الثقافة العربية فالباحث من المؤمنين المعتقدين بأن جدلية التفك‪A‬ير األص‪A‬يل المتج‪A‬دد يك‪A‬ون في حس‪A‬ن تمث‪A‬ل‬
‫‪2‬‬
‫قطب التراث و الحداثة وكيفية االفادة منهما و التعلق بهما ‪.‬‬
‫يرى عبد المل‪A‬ك مرت‪A‬اض أن اس‪A‬تعمال "تق‪A‬د النق‪A‬د" كم‪A‬ا ه‪A‬و مت‪A‬داول في اللغ‪A‬ة النقدي‪A‬ة العربي‪A‬ة الجدي‪A‬دة وذل‪A‬ك‬
‫انطالق‪AA‬ا من التنظ‪AA‬يرات النقدي‪AA‬ة الغربي‪AA‬ة الجدي‪AA‬دة أيض‪AA‬ا‪ ،‬يق‪AA‬وم على أص‪AA‬لين اث‪AA‬نين كالهم‪AA‬ا ج‪AA‬ائز االس‪AA‬تعمال‬
‫فأما االستعمال المبتذل فهو ( ‪ ) critique de critique‬وأنا استعمال المقصور على لغة العلماء فه‪AA‬و (‬
‫‪ )meta critique‬وي ‪AA‬رى أن مع ‪AA‬نى س ‪AA‬ابقة(‪ )meta‬ذات األص ‪AA‬ل اإلغ ‪AA‬ريقي كم ‪AA‬ا ي ‪AA‬ذهب إلى ذل ‪AA‬ك معجم‬
‫روبير التعاقب و التغيير و المشاركة في حين أنها تع‪A‬ني في الفلس‪A‬فة و العل‪A‬وم اإلنس‪A‬انية غ‪A‬ير ماتعني‪A‬ه في‬
‫العلوم الطبيعية ذلك بأنها تعني في مصطلحات تلك العلوم ما يمكن أن يعني "ماوراء أو "ما بعد"‬
‫أو مايج ‪AA‬اوز أو م ‪AA‬ا يش ‪AA‬مل" بالقي ‪AA‬اس إلى ش ‪AA‬يء من األش ‪AA‬ياء أو علم من العل ‪AA‬وم‪ .‬وق ‪AA‬د تتع ‪AA‬دى دالل ‪AA‬ة "الميت ‪AA‬ا"‬
‫حس ‪AA‬ب الب ‪AA‬احث إلى مع ‪AA‬ان أخ ‪AA‬رى ك ‪AA‬ا نض ‪AA‬ياف ش ‪AA‬يء إلى ش ‪AA‬يء أو علم إلى علم آخ ‪AA‬ر أثن ‪AA‬اء المهامش ‪AA‬ة و‬
‫المج‪AA‬اورة خيلتح‪AA‬ق ش‪AA‬يء بش‪AA‬يء أو يتس‪AA‬رب علم في علم وذل‪AA‬ك االقتض‪AA‬اء العالق‪AA‬ة المعرفي‪AA‬ة فتص‪AA‬بح اللغ‪AA‬ة‬
‫ال ‪AA‬تي تتح ‪AA‬دث عن اللغ ‪AA‬ة مثال بمثاب ‪AA‬ة ه ‪AA‬ذه الالحق ‪AA‬ة االغريقي ‪AA‬ة ال ‪AA‬تي تض ‪AA‬اف إلى علم م ‪AA‬ا ‪...‬وهن ‪AA‬ا يتس ‪AA‬اءل‬
‫"مرت‪AA‬اض‪ :‬فه‪AA‬ل نق‪AA‬ول للغ‪AA‬ة الثاني‪AA‬ة "م‪AA‬اوراء اللغ‪AA‬ة أو م‪AA‬ا بع‪AA‬د اللغ‪AA‬ة وه‪AA‬و االس‪AA‬تعمال الج‪AA‬اري أم يجب أن‬
‫نبحث عن إيجاد معادل لهذا التعبير ‪ ،‬أو مقابل لذلك المعنى بمصطلح آخر؟‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫موالي علي بوسالم الدين السيميائي المغاربي‪ ،‬من ‪241‬‬
‫‪2‬‬
‫محمد الملك مرتاض ( أدي ) ابن ليالي مر ‪.10‬‬

‫‪39‬‬
‫المناهج النقدية "في نظرية النقد" لعبد المالك مرتاض‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫ال يرى الناقد باستعمال مصطلح "ماوراء اللغة و كذا ما بعد اللغة ترجمة أو مقابال للمصطلح األجن‪AA‬بي (‬
‫‪ )meta- langage‬ألن معنى الالحقة هنا يفيد التعاقب ويقترح لذلك بديال ه‪A‬و مص‪AA‬طلح اللغ‪A‬ة الواص‪AA‬فة‬
‫أو اللغة الحاوية أو حتى لغة اللغة أو كتاب‪A‬ة الكتاب‪A‬ة والمص‪AA‬طلحان األخ‪A‬يران هم‪A‬ا من اقتراح‪A‬ه‪ ..‬ويتس‪A‬اءل‬
‫الباحث عن العلة التي دفعت بتودوروف إلى تنكب مص‪AA‬طلح (‪ )metacritique‬وه‪A‬و االس‪AA‬تعمال الج‪A‬اري‬
‫في لغتهم عنوانا لكتابه الذي ترجمه سامي سويدان إلى نقد النقد " (‪.)critique de la critique‬‬
‫وما يالحظ من خالل ما اقترحه مرتاض من مصطلحات وكذا مما رفض استعماله (أو تس‪AA‬اءل في ش‪AA‬أنه‬
‫( أنه يستلهم التراث العربي اإلسالمي و يوظف مصطلحاته فنقد النق‪A‬د قياس‪A‬ا على طريق‪A‬ة علم‪A‬اء (الكالم)‬
‫األش‪AA‬عرية في ص‪AA‬ياغة مص‪AA‬طلحاته من مث‪AA‬ل "زم‪AA‬ان الزم‪AA‬ان و زم‪AA‬ان زم‪AA‬ان الزم‪AA‬ان إذا أرادوا إلى ت‪AA‬راكب‬
‫األزمنة و اتصالها ‪ ...‬أو كما كان عبد القاهر الجرجاني اصطنع ألول مرة في العربية مص‪AA‬طلح "مع‪A‬نى‬
‫المعنى" وهذه السيرة حسب الباحث هي التي يصطنعها النقاد المنظ‪A‬رون الغربي‪A‬ون ‪ -‬وذل‪A‬ك حين يقول‪A‬ون‬
‫في اللغة الثالثة التي تتراكب م‪A‬ع اللغ‪A‬ة ثاني‪A‬ة ( ‪ .)Méta - métacritique‬فه‪A‬ذه الس‪A‬ابقة إذن من بين م‪A‬ا‬
‫تك‪AA‬ل علي‪AA‬ه التع‪AA‬اقب فيك‪AA‬ون نق‪AA‬د النق‪AA‬د أو ( ‪ )Meta - critique‬واردا بمع‪AA‬نى النق‪AA‬د الث‪AA‬اني ال‪AA‬ذي يكتب عن‬
‫األول وقياسا على ذلك "نقد النقد مثال‪ ،‬فالعبارة مركبة واردة بمعنى النقد الثالث الذي يجيء أو يمكن أن‬
‫‪1‬‬
‫يكتب عن الثاني ‪ ...‬وهذا التركيب إنما يفيد التعاقب ال األفضلية التي تظل حسب الباحث شأنا آخر‪.‬‬
‫وإ ذا ك‪AA‬ان النق‪AA‬د يتخ‪AA‬ذ من العم‪AA‬ل األدبي موض‪AA‬وعا ل‪AA‬ه ف‪AA‬إّن ه‪AA‬ذا النق‪AA‬د يص‪AA‬بح موض‪AA‬وعا في نق‪AA‬د النق‪AA‬د وك‪AA‬أن‬
‫الباحث يذهب إلى الق‪A‬ول أن النق‪A‬د ال‪A‬ذي يعت‪A‬بر لغ‪A‬ة واص‪A‬فة للغ‪A‬ة واص‪A‬فة ‪ .‬غ‪A‬ير أن ه‪A‬ذه اللغ‪A‬ة تمتل‪A‬ك ق‪A‬درة‬
‫على ض ‪AA‬بط موض ‪AA‬وعها من خالل لغ ‪AA‬ة تس ‪AA‬عفها على الوق ‪AA‬وف على كيفي ‪AA‬ة اش ‪AA‬تعال اللغ ‪AA‬ة النقدي ‪AA‬ة األولى‬
‫وعلي‪A‬ه ف‪AA‬إن خط‪A‬اب نق‪A‬د النق‪A‬د ينتج لغت‪A‬ه حينم‪A‬ا يق‪A‬وي على ت‪A‬أطير موض‪AA‬وعه بأدوات‪A‬ه النظري‪A‬ة والمنهجي‪A‬ة و‬
‫‪2‬‬
‫المصطلحية التي تميزه عن الخطابات األخرى ‪.‬‬
‫وي‪AA‬رى "عب‪AA‬د المل‪AA‬ك مرت‪AA‬اض أن مص‪AA‬طلح تق‪AA‬د النق‪AA‬د" في اللغ‪AA‬ة العربي‪AA‬ة ق‪AA‬د يفهممن‪AA‬ه أن‪AA‬ه يع‪AA‬ني النق‪AA‬د الث‪AA‬اني‬
‫يس ‪AA‬عى إلى نق‪AA‬د النق‪AA‬د األول ال ‪AA‬ذي يكتب عن ‪AA‬ه بني ‪AA‬ة الغم ‪AA‬ز و التهجين و ب ‪AA‬دافع النعي و التنقيص وه ‪AA‬و أم ‪AA‬ر‬
‫غير وارد في أصل المفهوم الغربي القائم على استعمال السابقة اإلغريقية التي تعني االحتواء و اإليم‪AA‬اء‬
‫أو المجانب‪AA‬ة و المهامش‪AA‬ة دون أن تع‪AA‬نى على وج‪AA‬ه الض‪AA‬رورة بتس‪AA‬ليط الض‪AA‬وء على النق‪AA‬ائص المنهجي‪AA‬ة و‬
‫الض ‪AA‬حالة المعرفي ‪AA‬ة فك ‪AA‬ل نق ‪AA‬د يكتب عن النق ‪AA‬د األول ثاني ‪AA‬ا أو ثالث ‪AA‬ا أو ح ‪AA‬تى رابع ‪AA‬ا أي) الراب ‪AA‬ع يكتب عن‬

‫‪1‬‬
‫عبد المالك مرتاض علي نظرية النقد ‪ ،‬ص ‪.223‬‬
‫‪2‬‬
‫عبد الملك مرتاض ‪ ،‬نظرية النقد‪ ،‬ص ‪228‬‬

‫‪40‬‬
‫المناهج النقدية "في نظرية النقد" لعبد المالك مرتاض‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫الثالث ) ليس بالضرورة أن يكون من أجل المعارض‪AA‬ة و المناوب‪AA‬ة ولكن وظيف‪A‬ة نق‪A‬د النق‪A‬د" تكمن في إلق‪A‬اء‬
‫مزيد من الضياء على أصول الم‪AA‬ذهب النق‪A‬دي و تبي‪AA‬ان أص‪AA‬وله المعرفي‪AA‬ة و توض‪AA‬يح الخلفي‪AA‬ات ال‪AA‬تي تس‪AA‬تمد‬
‫منه ‪AA‬ا مرجعيات ‪AA‬ه ‪ :‬على المس ‪AA‬تويين المع ‪AA‬رفي و المنهجي جميع ‪AA‬ا ‪ ...‬لكن تق ‪AA‬د النق ‪AA‬د الع ‪AA‬ربي المعاص ‪AA‬ر ‪-‬‬
‫حس‪AA‬ب مرت‪AA‬اض‪ -‬يتم غالب‪AA‬ا بإب‪AA‬داء المعارض‪AA‬ة لموق‪AA‬ف نق‪AA‬دي على نح‪AA‬و م‪AA‬ا و قلم‪AA‬ا يتس‪AA‬امي إلى البحث في‬
‫أص‪AA‬ول المعرف‪AA‬ة النقدي‪AA‬ة على نح‪AA‬و منهجي عمي‪AA‬ق ولع‪AA‬ل ذل‪AA‬ك يع‪AA‬ود إلى أن الع‪AA‬الم الع‪AA‬ربي على عه‪AA‬دنا ه‪AA‬ذا‬
‫يمتلك نقادا كبارا‪ ،‬ولكنه ال يمتلك نقدا كبيرا ومما يالحظه "عبد الملك مرتاض أنه كثيرا م‪AA‬ا يص‪AA‬ادفه من‬
‫الكتابات النقدية في الشرق وفي الغرب في الق‪A‬ديم و في الح‪A‬ديث تم‪A‬ارس موض‪A‬وع نق‪A‬د النق‪A‬د لكن دون أن‬
‫تدرج نشاطها تحت عنوان (نقد النقد) على الوجه الصريح ولم يكن ذلك صراحة في الكتابات النقدية إال‬
‫مع عمل (تزيفيتان تودوروف) المترجم إلى العربية (نقد النق‪A‬د) إض‪AA‬افة إلى بعض مق‪A‬االت روالن ب‪A‬ارت)‬
‫في كتابه مقاالت نقدية‬
‫(‪ )éssales critiques‬وق‪AA‬د يتب‪AA‬ادر إلى ال‪AA‬ذهن س‪AA‬ؤال أش‪AA‬به بم‪AA‬ا ذكرن‪AA‬اه في المبحث الس‪AA‬ابق ح‪AA‬ول الف‪AA‬رق‬
‫بين القراءة و النقد وهو ما الفرق أيضا بين مصطلحي (ق‪AA‬راءة الق‪AA‬راءة) (‪ )meta- lecture‬و نق‪AA‬د النق‪AA‬د‬
‫(‪ )metacritique‬وذل‪AA A‬ك طبع‪AA A‬ا من منظ‪AA A‬ور مرت‪AA A‬اض؟ ي‪AA A‬ذكر لخض‪AA A‬ر الع‪AA A‬رابي أن الب‪AA A‬احث عب‪AA A‬د المل‪AA A‬ك‬
‫مرت‪AA‬اض يج‪AA‬ري في حديث‪AA‬ه عن ماهي‪AA‬ة الق‪AA‬راءة ووظيفته‪AA‬ا مقارن‪AA‬ة بينه‪AA‬ا وبين النق‪AA‬د فالنق‪AA‬د يختل‪AA‬ف اختالف‪AA‬ا‬
‫طفيف ‪AA‬ا عن الق ‪AA‬راءة وهم ‪AA‬ا على التق ‪AA‬ارب متباع ‪AA‬دان وهم ‪AA‬ا على التش ‪AA‬ابه مختلف ‪AA‬ان ف ‪AA‬القراءة حري ‪AA‬ة وتح‪ّA A‬ر ر‬
‫جمالية النزعة قبل أي شئ آخر في حين مسؤولية وموقف ينتهض على خلفية فلسفية أو إيديولوجي‪AA‬ة من‬
‫كتاب‪AA‬ة م‪AA‬ا أو اتخ‪AA‬اذ موق‪AA‬ف من موق‪AA‬ف ناق‪AA‬د‪ ،‬س‪AA‬ابق ك‪AA‬ان ق‪AA‬د اتخ‪AA‬ذه ه‪AA‬و من ه‪AA‬ذه الكتاب‪AA‬ة (نق‪AA‬د) النق‪AA‬د ) و ق‪AA‬د‬
‫يكون النقد تحليال لكن على خلفية فلسفية واضحة المعالم دقيقة اإلجراءات‪ ...‬في حين أن تحلي‪AA‬ل الق‪AA‬راءة‬
‫التي هي تحسس و تلطف و تقبل ينتهض على الذوق اللطيف واستلهام الجمالية الرقيقة التي استقى منها‬
‫النص المع ‪AA‬الج ‪ ....‬و ق ‪AA‬راءة الق ‪AA‬راءة حق ‪AA‬ل يتمحض لمتابع ‪AA‬ة نش ‪AA‬اط الق ‪AA‬راءات ال ‪AA‬تي تم ‪AA‬ارس على النص‬
‫األدبي و النقد مبل نقد النق‪A‬د ال يعم‪A‬د تحليل‪A‬ه ولكن إلى التعلي‪A‬ق علي‪A‬ه في الغ‪A‬الب أو إص‪AA‬دار أحك‪A‬ام حول‪A‬ه ‪،‬‬
‫أو موقعت ‪AA‬ه ‪ ..‬فالنق ‪AA‬د مس ‪AA‬ؤلية وموق ‪AA‬ف‪ ...‬ورص ‪AA‬د للتن ‪AA‬اص ومتابع ‪AA‬ة وموقع ‪AA‬ة للت ‪AA‬أثر ‪ ...‬على أن حين أن‬
‫القراءة في حد ذاتها تناص صراح مع قراءة سبقتها من أجل أن تعوم فيه‪AA‬ا وت‪AA‬ذوب ‪ ،‬أو تقوض‪AA‬ها لتطلب‬
‫‪1‬‬
‫على آثارها قراءة جديدة‪ ،‬في حين أن نقد النقد تنظير وتقرير حول تنظير وتقرير سبقه‪".‬‬

‫‪1‬‬
‫لخضر عرابي‪ ،‬المدارس التقدية المعاصرة دار الغرب للنشر والتوزيع‪ ،2007 ،‬ص ‪299 ،298‬‬

‫‪41‬‬
‫المناهج النقدية "في نظرية النقد" لعبد المالك مرتاض‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫وانطالق ‪AA‬ا من إيم‪AA‬ان "مرت‪AA‬اض بالممارس‪AA‬ات النقدي‪AA‬ة العربي‪AA‬ة القديم‪AA‬ة‪ ،‬وب‪AA‬الطبع أن ينك‪AA‬ر أح‪AA‬د ب‪AA‬أن النق‪AA‬د ال‬
‫يمكن أن يك ‪AA‬ون ثم ال يك ‪AA‬ون حول ‪AA‬ه نق ‪AA‬د نق ‪AA‬دبل لق ‪AA‬د أث ‪AA‬رى المعرف ‪AA‬ة النقدي ‪AA‬ة العالمي ‪AA‬ة وأض ‪AA‬اف إليه ‪AA‬ا معرفي ‪AA‬ا‬
‫وجماليا‪ ،‬وسواء كان ذلك في إطار االتجاه األول أم في اطار االتجاه اآلخر‪.‬‬
‫وعليه يتوقف مرتاض على نص كتبه النقد العربي علي بن عبد العزيز الجرجاني يتصنف في حق‪AA‬ل نق‪AA‬د‬
‫النق‪A‬د" وذل‪A‬ك في مع‪A‬رض دفاع‪A‬ه عن أبي الطيب المتن‪A‬بي من خالل كتاب‪A‬ه الوس‪A‬اطة بين المتن‪A‬بي وخص‪AA‬ومه‬
‫ولع‪A‬ل الجرج‪A‬اني ‪ -‬حس‪A‬ب الب‪A‬احث أول من اص‪AA‬طنع مص‪AA‬طلح "الس‪A‬رقات وبل‪A‬ور مفهوم‪A‬ه في النق‪A‬د الع‪A‬ربي‬
‫القديم‪ ،‬فتحدث عنه ‪ ،‬وأرسى مبادئ من أسسه وتوسع فيه حتى اختصه بحيز واسع من تفكيره ‪1 ..‬كم‪AA‬ا‬
‫اجتهد في إثبات نظرية مخالفة للنظرية السائدة آن‪A‬ذاك فق‪A‬د أثبت "الجرج‪A‬اني أن هن‪A‬اك أفك‪A‬ارا مش‪A‬تركة بين‬
‫الن ‪AA‬اس في ق ‪AA‬دمائهم و مح ‪AA‬دثيهم وأن هن ‪AA‬اك أم ‪AA‬ورا يمكن أن تنض ‪AA‬وي فيم ‪AA‬ا يج ‪AA‬وز أن يطل ‪AA‬ق علي ‪AA‬ه ت ‪AA‬وارد‬
‫الخواطر ‪ ..‬ويرى عبد الملك مرتاض أن كتابة الجرجاني النقدية من هذه الزاوية كانت ممارسة متقدم‪AA‬ة‬
‫في التبش‪AA A‬ير بنظري‪AA A‬ة التن‪AA A‬اص ال‪AA A‬تي لم تتبل‪AA A‬ور في الفك‪AA A‬ر النق‪AA A‬دي الغ‪AA A‬ربي الجدي‪AA A‬د إال في أواخ‪AA A‬ر الق‪AA A‬رن‬
‫‪2‬‬
‫العشرين‪.‬‬
‫ومن خالل متابعتن‪AA‬ا لنص القاض‪AA‬ي علي عب‪AA‬د العزي‪AA‬ز الجرج‪AA‬اني" ال‪AA‬ذي اقترح‪AA‬ه مرت‪AA‬اض" في مدونت‪AA‬ه ال‪AA‬تي‬
‫نحن بصدد دراستها نقف فعال على تحليل نقدي بارع للمباحث يصل فيه إلى كث‪AA‬ير القض‪AA‬ايا و النظري‪AA‬ات‬
‫العربي ‪AA‬ة في تق‪AA‬د النق‪AA‬د وأص ‪AA‬وله وأليات ‪AA‬ه فالقاض ‪AA‬ي "الجرج ‪AA‬اني" في تنظ ‪AA‬يره المبك ‪AA‬ر يكش ‪AA‬ف عن فك ‪AA‬ر ث ‪AA‬اقب‬
‫وذك‪A‬اء خ‪A‬ارق يق‪A‬ول "مرت‪A‬اض"‪ :‬فيس‪A‬تنبط من حيث ال يش‪A‬عر نظري‪A‬ة حديث‪A‬ة هي نظري‪A‬ة التن‪A‬اص فه‪A‬و ينس‪A‬ج‬
‫ح‪AA A‬ول نق‪AA A‬د س‪AA A‬ابق في الزم‪AA A‬ان ث‪AA A‬ابت في الوج‪AA A‬ود ويب‪AA A‬نى علي‪AA A‬ه ‪ ،‬كم‪AA A‬ا أن‪AA A‬ه ين‪AA A‬اقش الناق‪AA A‬دين الس‪AA A‬ابقين أو‬
‫‪3‬‬
‫المعاصرين (المتشددين في مسالة السرقات الشعرية)‪.‬‬
‫في ه‪AA‬دوء ورص‪AA‬انة يلقن خص‪AA‬مه درس‪AA‬ا في أخالقي‪AA‬ات ال‪AA‬رأي وأص‪AA‬ول النق‪AA‬د متقبال لل‪AA‬رأي اآلخ‪AA‬ر خاص‪AA‬حا‬
‫لخصمه أن يأتي هو أيضا ذلك‪ « :‬غير أن لخصمك حججا تقابل حججك و مق‪AA‬اال ال يقص‪AA‬ر عن مقال‪AA‬ك ‪.‬‬
‫) وذل‪AA A‬ك ح‪AA A‬تى يمكن توس‪AA A‬عة دائ‪AA A‬رة المعرف‪AA A‬ة‪ ،‬وإ ث‪AA A‬راء رواف‪AA A‬دها والعلم ال يراجع‪AA A‬ه إال أهل‪AA A‬ه وال يص‪AA A‬حح‬
‫أخط‪AA‬اءه إال من احترف‪AA‬ه وليس بق‪AA‬ادر على تص‪AA‬ويب مس‪AA‬يرة العلم من ك‪AA‬ان معترض‪AA‬ا على وج‪AA‬وده أص‪AA‬ال‪،4‬‬
‫وأهم ما استنبطه والحظه عبد الملك مرتاض هو ع‪A‬دم تمي‪A‬يز النق‪A‬اد الم‪A‬دعين للس‪A‬رقة الش‪A‬عرية على جمل‪A‬ة‬

‫‪1‬‬
‫عبد الملك مرتاض في نظرية النص األدبي الي ‪299 ،233‬‬
‫‪2‬‬
‫محمد الملك مرتاض في نظرية القديس ‪.231‬‬
‫‪3‬‬
‫مرجع نفسه‪ ،‬ص‪233‬‬
‫‪4‬‬
‫مرجع نفسه‪ ،‬ص‪234‬‬

‫‪42‬‬
‫المناهج النقدية "في نظرية النقد" لعبد المالك مرتاض‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫من كب‪AA‬ار الش‪AA‬عراء وخصوص‪AA‬ا أب‪AA‬و الطيب المتن‪AA‬بي وفص‪AA‬ل الناق‪AA‬د الب‪AA‬ارع علي بن عب‪AA‬د العزي‪AA‬ز الجرج‪AA‬اني"‬
‫بحنكة في تلك المسألة لكال الطرفين من خالل ثم اعتبرت ما يصح فيه االختراع واالبت‪AA‬داع فوج‪AA‬دت من‪AA‬ه‬
‫مستفيضا متداوال متناقال ال يعد في عصرنا مسروقا وال يحسب مأخوذا ) وهي دعوة للنقاد بالتوج‪AA‬ه إلى‬
‫الغربل‪AA‬ة والتبص‪AA‬ر والتمي‪AA‬يز بين طب‪AA‬ائع األش‪AA‬ياء والفص‪AA‬ل بين م‪AA‬ا يمكن أن س‪AA‬رقا ش‪AA‬عريا ص‪AA‬راحا وبين م‪AA‬ا‬
‫يطلق عليه في النظرية السيميائية (حديثا) مصطلح‪ :‬التناصية ‪." intertextualite‬‬
‫لقد الحظ عبد الملك مرتاض إن الجرجاني يبدو من خالل نصه متناوال لفك‪A‬رة نق‪A‬د النق‪A‬د بص‪A‬ورة مباش‪A‬رة‬
‫‪1‬‬
‫ممارسا ليها بحيث يقع االحتجاج للرأي الجديد أثناء محاولة دفع الرأي النقدي السابق‪.‬‬
‫ويع ‪AA‬رج الب ‪AA‬احث بع ‪AA‬د ذل ‪AA‬ك إلى العص ‪AA‬ر الح ‪AA‬ديث يتن ‪AA‬اول تجرب ‪AA‬ة عربي ‪AA‬ة أخ ‪AA‬رى في تق ‪AA‬د النق ‪AA‬د ل ‪AA‬دى الناق ‪AA‬د‬
‫المص ‪AA‬ري ط ‪AA‬ه حس ‪AA‬ين ال ‪AA‬ذي ه ‪AA‬ز األدب الع ‪AA‬ربي المعاص ‪AA‬ر ه ‪AA‬ذا قوي ‪AA‬ا فرس ‪AA‬م بص ‪AA‬ماته على وجه ‪AA‬ة‪ ،‬وت ‪AA‬رك‬
‫لمساته على ص‪A‬فحته‪ ....‬ف‪A‬رغم انص‪A‬باب أعمال‪A‬ه النقدي‪A‬ة على الكتاب‪A‬ات األدبي‪A‬ة المص‪A‬رية واقتص‪A‬اره عليه‪A‬ا‬
‫فإّن ذلك في نظر الباحث ال ينقص من قيمة جهوده النقدية فتيال‪ .‬ويتوقف عبد الملك مرت‪AA‬اض عن‪AA‬د مقال‪AA‬ة‬
‫طه حس‪A‬ين يون‪A‬اني فال يق‪A‬رأ"‪ ،‬وهي ت‪A‬درج ض‪AA‬من نق‪A‬د النق‪A‬د واع‪A‬ترض فيه‪A‬ا الك‪A‬اتب على م‪A‬ا ك‪A‬ان كتب عب‪A‬د‬
‫العظيم أنيس و محمود أمين العالم وهما صاحبا كتاب الثقافة المصرية الصادر سنة ‪ ،1955‬والذي أث‪AA‬ار‬
‫نقاش‪AA‬ا واس‪AA‬عا ل‪AA‬دى المثقفين الع‪AA‬رب كم‪AA‬ا ش‪AA‬كل في ال‪AA‬وقت نفس‪AA‬ه حص‪AA‬يلة‪ ،‬معرك‪AA‬ة هام‪AA‬ة من مع‪AA‬ارك األدب‬
‫والنقد األدبي الحديث بدأت في األربعينيات ولم تنته إال مع نهاية السبعينيات ‪ ،‬وظلت آثارها قائمة ح‪AA‬تى‬
‫‪2‬‬
‫اآلن في المعارك الجديدة التي تتمحور حول االلتزام االجتماعي لألدب‪.‬‬
‫ولقد كان اعتراض طه حسين عليها من حيث أمرين اثنين ‪:‬‬
‫أولهم ‪AA‬ا من حيث الح ‪AA‬دود ال ‪AA‬دنيا من المع ‪AA‬ايير ال ‪AA‬تي ت ‪AA‬تيح للمتلقي أن يفهم عن الب ‪AA‬اث‪ ،‬وأن على الب ‪AA‬اث أن‬
‫ي ‪AA‬راعي ش ‪AA‬روطا معين ‪AA‬ة لتبلي ‪AA‬غ رس ‪AA‬الته للق ‪AA‬ارئ وإ ال اعت ‪AA‬دت الغ ‪AA‬ازا غامض ‪AA‬ة‪ ،‬وطالس ‪AA‬م مش ‪AA‬كلة وآخرهم ‪AA‬ا‬
‫تتناول قضية الصراع بين القديم والجديد‬
‫ب‪AA‬دأ عب‪AA‬د المل‪AA‬ك مرت‪AA‬اض يتن‪AA‬اول إش‪AA‬ارة الناق‪AA‬د ط‪AA‬ه حس‪AA‬ين في مطل‪AA‬ع المقال‪AA‬ة إلى الس‪AA‬ياق الت‪AA‬اريخي العب‪AA‬ارة‬
‫يونان فال يقرأ في الثقافة الالتينية المتخلفة حيث كان التعليق به‪A‬ذه العب‪A‬ارة في الق‪A‬رون الوس‪A‬طى على ك‪A‬ل‬
‫م ‪AA‬دبج باإلغريقي ‪AA‬ة منب ‪AA‬وذ‪ ....‬فالناق ‪AA‬د حين قراءت ‪AA‬ه مقال ‪AA‬ة الناق ‪AA‬دين االث ‪AA‬نين عجب كي ‪AA‬ف لم يفهم عنهم ‪AA‬ا م ‪AA‬ا‬
‫يكتب‪A‬ان ‪ ...‬القص‪A‬ور في‪A‬ه أم إلقص‪A‬ار منهم‪A‬ا؟‪ ...‬لق‪A‬د قرأط‪A‬ه حس‪A‬ين المق‪A‬ال ثالث م‪A‬رات ولم يس‪A‬تطع فهم م‪A‬ا‬

‫‪1‬‬
‫عبد المالك مرتاض في نظرية القداس ‪235‬‬
‫‪2‬‬
‫أحمر عياالت النقد العربي الحديد المقارية في نقد العقد) منشورات االختالف‪ ،‬ط‪ ،2010 ،1‬من ‪189‬‬

‫‪43‬‬
‫المناهج النقدية "في نظرية النقد" لعبد المالك مرتاض‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫يري ‪AA‬دان حينه ‪AA‬ا رد العيب والقص ‪AA‬ور إلى نفس ‪AA‬ه و ببراعت ‪AA‬ه األدبي ‪AA‬ة يق ‪AA‬ول "مرت ‪AA‬اض لم ي ‪AA‬رد ط ‪AA‬ه حس ‪AA‬ين أن‬
‫يجع‪AA A‬ل العيب فيهم‪AA A‬ا على الوج‪AA A‬ه الص‪AA A‬ريح ولكن‪AA A‬ه لمح إلى وج‪AA A‬ود العيب في‪AA A‬ه ‪ ،‬م‪AA A‬ع اإليح‪AA A‬اء للق‪AA A‬ارئ في‬
‫س ‪AA‬خرية بادي ‪AA‬ة ب ‪AA‬أن العيب في الحقيق ‪AA‬ة في الناق ‪AA‬دين االث ‪AA‬نين ال في ‪AA‬ه‪....‬وفي ذل ‪AA‬ك إش ‪AA‬ارة ض ‪AA‬منية لهم ‪AA‬ا أن‬
‫المتلقي لم يفهم عن الباث الذي لم ي‪A‬راعي ش‪A‬روط التبلي‪A‬غ فهم‪A‬ا كان‪A‬ا يكتب‪A‬ان ش‪A‬يئا لم يكون‪A‬ا يفهمان‪A‬ه‪ ،‬واآلي‪A‬ة‬
‫على ذل‪AA‬ك أن ط‪AA‬ه حس‪AA‬ين لم يس‪AA‬تطع فهم م‪AA‬ا كتب وه‪AA‬و من أفهم الف‪AA‬اهمين وال يعق‪AA‬ل أن ال يفهم ط‪AA‬ه حس‪AA‬ين‬
‫نقدا يكتبه معاصروه ‪،‬وفي بلده وباللغة العربية ‪ :‬ثم يقصر عن فهم‪A‬ه وليس يع‪A‬ني ذل‪A‬ك ‪ ،‬يق‪A‬ول الب‪A‬احث ‪:‬‬
‫إال أن هن‪A‬اك خلال فكري‪A‬ا ‪ ...‬يع‪A‬ود إلى جمل‪A‬ة األلف‪A‬اظ والمص‪AA‬طلحات الملغ‪A‬زة وربم‪A‬ا يع‪A‬ود ذل‪A‬ك أساس‪A‬ا إلى‬
‫األفكار المطروحة من غير فهم معرفي لدى الكاتبين‪....‬‬
‫ويرى عبد الملك مرتاض أن طه حسين كأنه يتهم في مقالته االعتراضية هذه أربع‪A‬ة أط‪A‬راف ‪ :‬الط‪A‬رفين‬
‫االث ‪AA‬نين الل ‪AA‬ذين كتب ‪AA‬ا والط ‪AA‬رف ال ‪AA‬ذي تلقى وكتب ين ‪AA‬اقش مب ‪AA‬ديا أن ‪AA‬ه فهم الرس ‪AA‬الة المرس ‪AA‬لة (ويقص ‪AA‬د عب ‪AA‬اس‬
‫العقاد‪ ،‬والطرف الرابع الذي كان واسطة بين المرسلين والمتلقي معاء وهو الصحيفة التي نشرت المقال‬
‫الغامض (ويقصد صحيفة المصري)‪.‬‬
‫يق ‪AA‬ول "مرت ‪AA‬اض ‪ :‬وم ‪AA‬ا يمكن أن يس ‪AA‬تخلص أن طبيع ‪AA‬ة ه ‪AA‬ذا الكالم الغ ‪AA‬امض ال ت ‪AA‬وحي إال بعب ‪AA‬ارة المثقفين‬
‫الالتينيين ‪ ،‬أثناء القرون الوسطى ‪ ،‬وهي قولهم‪ :‬يوناني فال يقرأ"‪.‬‬
‫ويبن‪AA‬و عب‪AA‬د المل‪AA‬ك مرت‪AA‬اض " مؤي‪AA‬دا نق‪AA‬د ط‪AA‬ه حس‪AA‬ين من خالل إب‪AA‬داء رأي‪AA‬ه في نقص‪AA‬ان الفق‪AA‬رة النقدي‪AA‬ة ال‪AA‬تي‬
‫كتبه ‪AA A‬ا عب ‪AA A‬د العظيم أنيس " و "محم ‪AA A‬ود أمين الع ‪AA A‬الم " للذق ‪AA A‬ة على أك ‪AA A‬ثر من مس ‪AA A‬توى ‪ ،‬ومن خالل النق ‪AA A‬د‬
‫المتوازي مع نقد طه حسين مونوجزه في بعض النقاط أهمها‪:‬‬
‫أن المق ‪AA‬ال من حيث اس ‪AA‬تعمال المص ‪AA‬طلح خاللغ ‪AA‬ة النقدي ‪AA‬ة للناق ‪AA‬دين كأنه ‪AA‬ا لم توف ‪AA‬ق في إيص ‪AA‬ال م ‪AA‬ا‬ ‫‪-1‬‬
‫تقص ‪AA‬د تبليغ ‪AA‬ه والمص ‪AA‬طلح النق ‪AA‬دي غ ‪AA‬ير متبل ‪AA‬ور وم ‪AA‬ادة العم ‪AA‬ل األدبي تفتق ‪AA‬ر إلى الوض ‪AA‬وح‪ ،‬وك ‪AA‬ذا‬
‫مصطلح العمليات " الذي هو مصطلح عسكري أو طبي وليس نقديا ‪.‬‬
‫من حيث التأس‪AA‬يس المع‪AA‬رفي ‪ ،‬ف‪AA‬النص غ‪AA‬ير م‪AA‬تين وال عميق‪AA‬ة و ال واض‪AA‬ح االرتك‪AA‬از إلى أي تي‪AA‬ار‬ ‫‪-2‬‬
‫نقدي‪...‬‬
‫يق ‪AA‬رر الناق ‪AA‬دان وج ‪AA‬وب ت ‪AA‬دخل ال ‪AA‬ذوق الع ‪AA‬ام في وق ‪AA‬وع الظ ‪AA‬اهرة األدبي ‪AA‬ة وتحققه ‪AA‬ا‪ ،‬في حين هم ‪AA‬ا‬ ‫‪-3‬‬
‫يتهمان طه حسين بأن‪A‬ه انطب‪A‬اعي يعتم‪A‬د على ال‪A‬ذوق في تحلي‪A‬ل األعم‪A‬ال وه‪A‬ذا تن‪A‬اقض ص‪A‬ارخ في‬
‫‪1‬‬
‫أفكار المقال ‪....‬‬
‫‪1‬‬
‫عبد المالك مرتاض‪ ،‬في نظرية النقد‪ ،‬ص‪242-236‬‬

‫‪44‬‬
‫المناهج النقدية "في نظرية النقد" لعبد المالك مرتاض‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫ومن خالل معالج ‪AA‬ة عب ‪AA‬د المل ‪AA‬ك مرت ‪AA‬اض المقال ‪AA‬ة ط ‪AA‬ه حس ‪AA‬ين "‪ ،‬ومتابع ‪AA‬ة حيثياته ‪AA‬ا تتأك ‪AA‬د حقيق ‪AA‬ة تق ‪AA‬د النق ‪AA‬د‬
‫الع‪AA‬ربي الح‪AA‬ديث وطبيعت‪AA‬ه ‪ ،‬فه‪AA‬و يتعام‪AA‬ل م‪AA‬ع النق‪AA‬د انطالق‪AA‬ا من طبيع‪AA‬ة الرؤي‪AA‬ة ال‪AA‬تي كث‪AA‬يرا م‪AA‬ا تك‪AA‬ون ض‪AA‬يقة‬
‫األفق بسبب التقليد للنظريات الغربية ‪ ..‬كما تتبين أيضا شجاعة وحنكة الناقد طه حسين في ه‪AA‬ذا االتج‪AA‬اه‬
‫من النقد‪...‬وكما تبدو الطباعيته تبدو أيضا عقالنيت‪A‬ه المتش‪A‬بعة ب‪A‬المنهج الش‪A‬كي ال‪A‬ديكارتي فق‪A‬د ع‪A‬اش س‪A‬نين‬
‫طويل‪A‬ة ي‪A‬دافع عن حريت‪A‬ه ويتمس‪A‬ك بم‪A‬ا اقتن‪A‬ع ب‪A‬ه‪ .‬ون‪A‬ادی ب‪A‬ه من حري‪A‬ة الفك‪A‬ر وحري‪A‬ة النق‪A‬د والق‪A‬ول وبحري‪A‬ة‬
‫‪1‬‬
‫العقل المطلقة فهو ال يتصور أديبا غير حر‪".‬‬
‫وبعد تناولنا لتجربتين عربيتين في نقد النقد عند مرتاض نع‪AA‬رج فيم‪AA‬ا يلي على تجرب‪AA‬تين غربي‪AA‬تين في نق‪A‬د‬
‫النقد إحداهما ‪ ،‬الروالن بارت واألخرى للناقد تزفيتان تودوروف"‪.‬‬
‫يركز الباحث عبد الملك مرتاض من خالل مقاالت الناقد الفرنسي روالن بارت " السيما مقالتاه‬ ‫‪-1‬‬
‫‪ :‬النقدان االثنان والنقد على تناول مقاصد وموقف "بارت" وكذا رؤيته النقدية بشيء من التحليل‬
‫من خالل متابعة عرضه لمسألة تعامل الناس مع النقد خاصة في فرنساء وذلك إزاء ن‪AA‬وعين من‬
‫النق ‪AA A‬د هم ‪AA A‬ا‪" :‬النق ‪AA A‬د الج ‪AA A‬امعي ال ‪AA A‬ذي ينهض في األس ‪AA A‬اس على المنهج الوض‪AA A A‬عي الم ‪AA A‬وروث عن‬
‫"النس‪AA‬ون" والنق‪AA‬د الق‪AA‬ائم على اص‪AA‬طناع التأوي‪AA‬ل ( ‪ .. )une critique d'interpretation‬وي‪AA‬ذكر‬
‫"ب‪AA‬ارت" أن‪AA‬ه يوج‪AA‬د بين النق‪AA‬دين االث‪AA‬نين عالق‪AA‬ات ووش‪AA‬ائج تق‪AA‬ارب بينهم‪AA‬ا أك‪AA‬ثر مم‪AA‬ا تباع‪AA‬د فأس‪AA‬اتذة‬
‫الجامع ‪AA‬ات ال ‪AA‬ذين يمارس ‪AA‬ون النق ‪AA‬د اإلي ‪AA‬ديولوجي ال يرفض ‪AA‬ون في جمل ‪AA‬ة من األط ‪AA‬وار على األق ‪AA‬ل‬
‫الكتابات النقدية التي يكتبها المثقفون حيث ما أكثر ما يتشاكل النقدان اإلثنان معا فإذا الج‪AA‬امعيون‬
‫يعترفون بمكانة النقد التأويلي ‪.‬‬
‫ویرى " عب‪AA‬د المل‪AA‬ك مرت‪AA‬اض أن "ب‪AA‬ارت" من خالل مقال‪AA‬ه يعم‪AA‬د إلى كتاب‪AA‬ة وص‪AA‬فية فوقي‪AA‬ة تب‪AA‬دأ خارجي‪AA‬ة ثم‬
‫تنتهي داخلي‪AA‬ة ‪ ...‬فمن خالل اس‪AA‬تنطاق الب‪AA‬احث للنص (المقال‪AA‬ة) وتفكي‪AA‬ك عناص‪AA‬ره وتحليل‪AA‬ه ‪...‬توص‪AA‬ل إلى‬
‫أن غاي‪AA‬ة "ب‪AA‬ارت" من كتابت‪AA‬ه عن الض‪AA‬ربين االث‪AA‬نين من النق‪AA‬د ‪ :‬أن النق‪AA‬د الت‪AA‬أويلي فيمارس‪AA‬ه عام‪AA‬ة المثقفين‬
‫واألدباء وأما النقد "الوضعاني فيمارسه األساتذة الجامعيون في المؤسسات األكاديمية العلي‪AA‬اء وأن تب‪AA‬ارت‬
‫لم يستطع إخفاء إيديولوجيته في الدعوة إلى البنوية والنزعة الشكالنية فإحساسه في عدم بل‪AA‬وغ غايت‪AA‬ه في‬
‫مسألة النقد االيدولوجي القائم على التأويل دفع‪A‬ه إلى ط‪A‬رح المس‪A‬ألة في مقال‪A‬ه الث‪A‬اني م‪A‬ا النق‪A‬د؟ وذل‪A‬ك بغي‪A‬ة‬
‫التوس ‪AA‬ع فيم ‪AA‬ا أوج ‪AA‬زه في المقال ‪AA‬ة األولى ‪ ...‬تعميم ‪AA‬ه ووتأكي ‪AA‬ده من جدي ‪AA‬د وم ‪AA‬رة أخ ‪AA‬رى أن النق ‪AA‬د الفرنس ‪AA‬ي‬
‫تط ‪ّA‬و ر تط‪AA‬ورا كب‪AA‬يرا انطالق‪AA‬ا من أرب‪AA‬ع فلس‪AA‬فات ك‪AA‬برى هي ‪ :‬الوجودي‪AA‬ة (‪ ) existentialisme‬ال‪AA‬تي ك‪AA‬ان‬
‫‪1‬‬
‫فؤاد مرعي‪ ،‬بالنقد األدبي الحديث منشورات كلية اآلداب‪ ،1981 ،‬ص ‪118‬‬

‫‪45‬‬
‫المناهج النقدية "في نظرية النقد" لعبد المالك مرتاض‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫يمثله‪AA A‬ا ج‪AA A‬ان ب‪AA A‬ول س‪AA A‬ارتر ‪ ،‬والماركيس‪AA A‬ية ونزع‪AA A‬ة التحلي‪AA A‬ل النفس‪AA A‬ي (‪ ،)la psycanalyse‬والبنوي‪AA A‬ة(‪le‬‬
‫‪ )structuralisime‬والنزع ‪AA‬ة الش‪AAA‬كلية المت‪AAA‬أثرة ب‪AAA‬النموذج اللس ‪AA‬انياتي ال ‪AA‬ذي بن ‪AA‬اه دوسوس ‪AA‬ير وتوس‪AAA‬ع في‪AAA‬ه‬
‫‪1‬‬
‫رومان باكبسون‪.‬‬
‫ومم‪AA‬ا الحظ‪AA‬ه مرت‪AA‬اض أن "ب‪AA‬ارت بع‪AA‬د أن يتح‪AA‬دث عن أص‪AA‬ول النق‪AA‬د الفرنس‪AA‬ي ويعي‪AA‬ده إلى رواف‪AA‬ده األربع‪AA‬ة‬
‫ي ‪AA‬ترك ذل ‪AA‬ك ليع ‪AA‬ود إلى تعري ‪AA‬ف النق ‪AA‬د األدبي من وجه ‪AA‬ة نظ ‪AA‬ره‪ .‬وبطريق ‪AA‬ة ذكي ‪AA‬ة ي ‪AA‬رى مرت ‪AA‬اض أن روالن‬
‫ب ‪AA‬ارت يوج ‪AA‬ه قارئ ‪AA‬ه إلى النق ‪AA‬د الب ‪AA‬نيوي الش ‪AA‬كالني فيتح ‪AA‬دث عن حقيق ‪AA‬ة اللغ ‪AA‬ة ال عن الحقيق ‪AA‬ة ب ‪AA‬المفهومين‬
‫التاريخي ‪ ،‬أو الفلسفي وفي ذلك يق‪A‬ول "مرت‪A‬اض ت‪A‬درج بالق‪A‬ارئ في ش‪A‬يء من االحترافي‪A‬ة النقدي‪A‬ة البارع‪A‬ة‬
‫إلى أن الكتاب‪AA‬ة ليس‪AA‬ت إال مجموع‪AA‬ة من الس‪AA‬مات ال‪AA‬تي تش‪AA‬كل م‪AA‬ا يطل‪AA‬ق علي‪AA‬ه اللغ‪AA‬ة فاللغ‪AA‬ة إذن هي أس‪AA‬اس‬
‫المعرفة االدبية التي ليست أوال وأخيرا إال اللغة‪.‬‬
‫ولما كان النق‪A‬د ه‪A‬و ايض‪AA‬ا ينحص‪AA‬ر موض‪AA‬وعه ونش‪A‬اطه ح‪A‬ول اللغ‪A‬ة فه‪A‬و لغ‪A‬ة ثاني‪A‬ة واص‪AA‬فة للغ‪A‬ة األولى ‪...‬‬
‫فالشيء يوجد من حقيقة خارج اللغ‪A‬ة بغض الط‪A‬رف عن كونه‪A‬ا لغ‪A‬ة ‪،‬موض‪A‬وعا (‪ ، )Langue objet‬أو‬
‫لغ‪AA‬ة واص‪AA‬فة (‪ .)Metalangage‬ویری مرت‪AA‬اض أن تب‪AA‬ارت ي‪AA‬دعو ويم‪AA‬ارس توجيه‪AA‬ا من ط‪AA‬رف خفي لم‪AA‬ا‬
‫يجب أن يك‪AA‬ون علي‪AA‬ه النق‪AA‬د الح‪AA‬داثي ‪،‬ومن ثم‪AA‬ة نق‪AA‬د ماع‪AA‬دا ذل‪AA‬ك ودفع‪AA‬ه من ال‪AA‬ذهن ‪ .‬ه‪AA‬و ذل‪AA‬ك ال‪AA‬ذي يتوق‪AA‬ف‬
‫لدي‪AA‬ه فيحلل‪AA‬ه بع‪AA‬د أن ألف‪A‬اه يع‪AA‬زف عن تحلي‪AA‬ل األس‪AA‬س النقدي‪AA‬ة للنزاع‪A‬ات النقدي‪AA‬ة الثالث األخ‪AA‬رات الوجودي‪AA‬ة‪،‬‬
‫‪2‬‬
‫الماركسية والتحلفسية‪.‬‬
‫وفي هذا السياق نالحظ أن مرتاض" يبدو متقارب‪A‬ا م‪A‬ع ج‪A‬ان ك‪A‬وهن في نق‪A‬ده ال‪A‬ذي يختل‪A‬ف م‪A‬ع النق‪A‬اد الج‪A‬دد‬
‫ومنهم روالن بارت الذي يرى أن النقد ‪( :‬كالم يساق حول كالم آخر)‪ ،‬وأن‪AA‬ه في الحقيق‪AA‬ة إب‪AA‬داع يق‪AA‬وم في‬
‫صف واحد مع اإلبداع الروائي أو الشعري‪.‬‬
‫ه‪AA‬ذا م‪AA‬ا يتعل‪AA‬ق عن تجرب‪AA‬ة تق‪AA‬د النق‪AA‬د عن‪AA‬د روالن ب‪AA‬ارت من منظ‪AA‬ور عب‪AA‬د المل‪AA‬ك مرت‪AA‬اض وفيم‪AA‬ا يلي تتن‪AA‬اول‬
‫تجرب‪AA‬ة أخ‪AA‬رى في كت‪AA‬اب ‪ :‬تق‪AA‬د النق‪AA‬د" لص‪AA‬احبه تزفيت‪AA‬ان ت‪AA‬ودوروف"‪ .‬ي‪AA‬رى عب‪AA‬د المل‪AA‬ك مرت‪AA‬اض أن الناق‪AA‬د‬
‫تودوروف من أوائل من اصطنع مص‪AA‬طلح تق‪A‬د النق‪A‬د ص‪AA‬راحة ومنح‪A‬ه اإلط‪A‬ار المنهجي ورس‪A‬خ ل‪A‬ه األس‪A‬س‬
‫المعرفية من خالل كتابه تقد النقد الذي ترجم إلى العربية ببيروت‪ .‬لقد أعاد تودوروف النظر في حرك‪AA‬ة‬
‫النق‪AA‬د الجدي‪AA‬د والم‪AA‬وروث الش‪AA‬كالني ناق‪AA‬دا ومش‪AA‬ككا ومقوم‪AA‬ا ‪،‬وذل‪AA‬ك في س‪AA‬يرته النقدي‪AA‬ة "تق‪AA‬د النق‪AA‬د" واض‪AA‬عا م‪AA‬ا‬
‫أسماه "بالنقد الحواري بديال ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫عبد المالك مرتاض‪ ،‬في نظرية النقد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪246-243‬‬
‫‪2‬‬
‫مرجع نفسه‪ ،‬ص‪247-246‬‬

‫‪46‬‬
‫المناهج النقدية "في نظرية النقد" لعبد المالك مرتاض‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫ومصطلح الحوار" في الممارسات النقدي‪A‬ة يأخ‪A‬ذ داللت‪A‬ه من كون‪A‬ه نقط‪A‬ة تلتقي فيه‪A‬ا مقاص‪AA‬د الناق‪AA‬د بالمقاص‪AA‬د‬
‫المض ‪AA‬مرة للنص ‪AA‬وص ض ‪AA‬من س ‪AA‬ياق ثق ‪AA‬افي معين مم ‪AA‬ا يفض ‪AA‬ي إلى ض ‪AA‬رب من التفاع ‪AA‬ل يص ‪AA‬طلح علي ‪AA‬ه في‬
‫األدبي‪AA A‬ات النقدي‪AA A‬ة "الق‪AA A‬راءة‪ .‬والق‪AA A‬راءة من منظ‪AA A‬ور ت‪AA A‬ودوروف ‪ -‬هي مس‪AA A‬ار في فض‪AA A‬اء النص مس‪AA A‬ار ال‬
‫ينحصر في وصل األحرف بعضها ببعض من اليمين إلى اليس‪AA‬ار ومن أعلى إلى أس‪AA‬فل وإ نم‪AA‬ا ه‪AA‬و يفص‪AA‬ل‬
‫المتالحم ويجم‪AA‬ع المتباع‪AA‬د وه‪AA‬و على وج‪AA‬ه الت‪AA‬دقيق يش‪AA‬كل النص في فض‪AA‬ائه ال في خطيت‪AA‬ه ‪ ..‬يس‪AA‬تهل عب‪AA‬د‬
‫المل‪AA‬ك مرت‪AA‬اض متابعت‪AA‬ه لكت‪AA‬اب تق‪AA‬د النق‪AA‬د بع‪AA‬رض م‪AA‬ا تناول‪AA‬ه ت‪AA‬ودوروف من عن‪AA‬اوين فص‪AA‬وله الثماني‪AA‬ة‪ ،‬ال‪AA‬تي‬
‫تبين له منها أن تودوروف لم يكن يريد أن ينتقد مذهبا بعينه بالمعنى الحرفي المص‪AA‬طلح النق‪A‬د في نزعت‪A‬ه‬
‫التقليدية على األقل ‪ ،‬ولكنه كان بصدد تقديم رؤي ش‪A‬املة أو واس‪A‬عة األبع‪A‬اد على األق‪A‬ل ومن وجه‪A‬ة نظ‪A‬ر‬
‫فكري ‪AA‬ة خاص ‪AA‬ة عن تي ‪AA‬ارات نقدي ‪AA‬ة عالمي ‪AA‬ة أث ‪AA‬رت فس ‪AA‬ادت ثم ق ‪AA‬ل تأثيره ‪AA‬ا ‪ ...‬فتن ‪AA‬اول الش ‪AA‬كالنية والبنوي ‪AA‬ة‬
‫والوجودي ‪AA‬ة والواقعي ‪AA‬ة‪ ،‬ومعظم التي ‪AA‬ارات النقدي ‪AA‬ة ال ‪AA‬تي ك ‪AA‬ان له ‪AA‬ا ش ‪AA‬أن في الق ‪AA‬رن العش ‪AA‬رين ‪ :‬انطالق ‪AA‬ا من‬
‫‪1‬‬
‫حركة الشكالنيين الروس إلى بنوية روالن بارت"‪ ،‬أي على مدى سبعين عاما على األقل‪.‬‬
‫لكن مرت‪AA‬اض يالح‪AA‬ظ أن ت‪AA‬ودوروف على مس‪AA‬توى الواق‪AA‬ع يب‪AA‬دي ش‪AA‬يئا من المعارض‪AA‬ة الش‪AA‬ديدة لك‪AA‬ل م‪AA‬ذهب‬
‫ينتق ‪AA‬د الش ‪AA‬كالنية الروس ‪AA‬ية أو يتج ‪AA‬انف على البنيوي ‪AA‬ة الفرنس ‪AA‬ية ‪،‬وه ‪AA‬و م ‪AA‬ا يع ‪AA‬ني تعص ‪AA‬به للبنيوي ‪AA‬ة والنزع ‪AA‬ة‬
‫الشكالنية مثله مثل "بارت" في النم‪A‬وذج الس‪A‬ابق وه‪A‬و م‪A‬ا يلمس‪A‬ه مرت‪A‬اض من خالل تخص‪AA‬يص ت‪A‬ودوروف‬
‫الفص‪AA‬ل كام‪AA‬ل ه‪AA‬و الراب‪AA‬ع من كتاب‪AA‬ه نق‪AA‬د النق‪AA‬د يح‪AA‬وي اتهام‪AA‬ا المخائي‪AA‬ل ب‪AA‬اختين (‪) baktine1975-1895‬‬
‫وكتاباته النقدية والمنتقدة للشكالنيين‪ :‬فالمذهب الشكالني يقول تودوروف على لس‪A‬ان ب‪A‬اختين‪ :‬ه‪A‬و م‪A‬ذهب‬
‫جمالي‪AA‬ة م‪AA‬واد البن‪AA‬اء ألن‪AA‬ه يخ‪AA‬تزل مش‪AA‬اكل الخل‪AA‬ق الش‪AA‬عري إلى مس‪AA‬ائل لغوي‪AA‬ة وه‪AA‬ذا تش‪AA‬يئ ومادي‪AA‬ة لمص‪AA‬طلح‬
‫اللغة الشعرية "‪ ،‬فقد أهمل الشكالنيون المقومات األخرى لفعل الخلق ( اإلبداع) والتي هي المضمون أو‬
‫العالق‪AA‬ة ب‪AA‬العلم والش‪AA‬كل‪....‬ومن ط‪AA‬رف خفي ك‪AA‬يرى "م‪AA‬رتض" أن " ت‪AA‬ودوروف يعم‪AA‬د إلى ال‪AA‬دفاع عن ه‪AA‬ذه‬
‫الش ‪AA‬كالنية إزاء اتهام ‪AA‬ات ب ‪AA‬اختين وذل ‪AA‬ك ب ‪AA‬البحث عن نق ‪AA‬اط الض ‪AA‬عف في ثقاف ‪AA‬ة ب ‪AA‬اختين وعص ‪AA‬ره ووس ‪AA‬طه‬
‫الثقافي فيزعم أن "باختين أكثر شكالنية منهم‪ ،‬إذا أعطينا من جديد للشكل معناه الكامل " كتفاع‪AA‬ل ووح‪AA‬دة‬
‫مختلف عناصر العمل وهذه الفق‪A‬رة األخ‪A‬يرة ‪ -‬تقودن‪A‬ا للح‪A‬ديث بعض الش‪A‬يء عن طبيع‪A‬ة حرك‪A‬ة الش‪A‬كالنية‬
‫الروسية و منطلقاتها التنظيرية ‪...‬وأول ما نبدأ به ونشير إليه ‪" :‬مخائيل باختين" كان واح‪AA‬دا من رؤوس‬

‫‪ 1‬کردستان تودوف الشعرية الشكري المبعوث و رجاء سالمة دار يقال للمداشر دار البيضاء بالمغرب ال ‪ 2,1990‬مرة الحمد هلل البراهيم‪ :‬الثقافة‬
‫العربية والمرجعيات المستعارة الدار العربية للعلوم ناشرون‪ ،‬بوروت‪ ،‬لبنان ‪ ،‬ط‪، 2010 ،1‬ص ‪.57‬‬

‫‪47‬‬
‫المناهج النقدية "في نظرية النقد" لعبد المالك مرتاض‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫حلق‪AA‬ة موس‪AA‬كو اللغوي‪AA‬ة (‪ 1915( 1920‬ثم ت‪AA‬برأ منه‪AA‬ا بع‪AA‬د ذل‪AA‬ك نتيج‪AA‬ة انتمائ‪AA‬ه السياس‪AA‬ي واختالف‪AA‬ه الفك‪AA‬ري‬
‫‪1‬‬
‫حيث كان يحاول المصالحة بين الشكالنية والماركسية (وكان منظرا لألدب ومؤرخا له)‪.‬‬
‫وأما قضية الشكل (‪ )form‬فقد كان مصدر نعت خصوم الشكالنيين الروس لهم وهي تسمية لم ت‪AA‬رق لهم‬
‫ب‪A‬رغم مالزمته‪A‬ا لهم واش‪A‬تهارهم به‪A‬ا ولطالم‪A‬ا ش‪A‬كا الش‪A‬كالنيون منه‪A‬ا وح‪A‬اولوا التنص‪AA‬ل منه‪A‬ا وإ يج‪A‬اد تس‪A‬مية‬
‫بديلة لها ‪ ،‬لكنهم فشلوا على ما يبدو في كل ما ح‪AA‬اولوه لق‪A‬د أري‪AA‬د به‪AA‬ذه التس‪AA‬مية احتق‪A‬ار دعاته‪AA‬ا وإ ظه‪AA‬ارهم‬
‫بمظه‪AA A‬ر من يناص‪AA A‬ر الش‪AA A‬كل وينش‪AA A‬غل ب‪AA A‬ه على حس‪AA A‬اب المض‪AA A‬مون مم‪AA A‬ا رأوا في‪AA A‬ه ظاهري‪AA A‬ة ال تخل‪AA A‬وا من‬
‫سطحية‪...‬ولق‪A‬د س‪A‬موا أنفس‪A‬هم "مورفولوج‪A‬يين "‪ ،‬وعمل‪A‬وا ب‪A‬ل الح‪A‬وا على اس‪A‬تقالل علم األدب وش‪A‬ددوا على‬
‫األث‪AA‬ر األدبي وأجزائ‪AA‬ه المكون‪AA‬ة واألث‪AA‬ر األدبي ه‪AA‬و مكمن خاص‪AA‬ية األدب ‪ ،‬وليس اإلحال‪AA‬ة النفس‪AA‬ية للمؤل‪AA‬ف‬
‫كم‪AA‬ا ي‪AA‬رى فيكت‪AA‬ور اريخ (‪ ، )VERLICH‬فمم‪AA‬ا انتهى إلي‪AA‬ه الش‪AA‬كالنيون في أن م‪AA‬ا يم‪AA‬يز النص‪AA‬وص األدبي‪AA‬ة‬
‫من س ‪AA‬ائر األنظم ‪AA‬ة االجتماعي ‪AA‬ة والفكري ‪AA‬ة ه ‪AA‬و ب ‪AA‬روز ش ‪AA‬كلها وأن موض ‪AA‬وع علم األدب ليس األدب ولكن‬
‫األدبية (‪ )La literature‬أي ما يجعل من أثر ما أدبيا ‪،‬وإ ذا كانت الدراسات تريد لنفسها صفة العلمية ‪،‬‬
‫فعليه‪AA‬ا أن تجع‪AA‬ل من الوس‪AA‬يلة موض‪AA‬وعها الوحي‪AA‬د وعلي‪AA‬ه يرك‪AA‬ز الش‪AA‬كالنيون على اللغ‪AA‬ة ودوره‪AA‬ا في العم‪AA‬ل‬
‫األدبي ‪ ..‬ويذكر "مرت‪A‬اض أن ت‪A‬ودوروف ي‪A‬رى أن‪A‬ه في ال‪A‬وقت ال‪A‬ذي س‪A‬يطر في‪A‬ه الش‪A‬كالنيون ال‪A‬روس على‬
‫الساحة األدبية كان باختين طامحا لتحقيق مكانته كمؤرخ ومنظر لألدب فلم يتح له ذلك‪ ،‬والح‪A‬ال ه‪A‬ذه أن‬
‫‪2‬‬
‫يظهر إلى جانب الشكالنيين الروس في النقاش األدبي والجمالي فكان عليه تحديد موقعه منهم !‬
‫وعلي ‪AA‬ه يق ‪AA‬ول ت ‪AA‬ودوروف ‪ -‬كتب في ه ‪AA‬ذا الموض ‪AA‬وع بعض ذل ‪AA‬ك في مق ‪AA‬التين اثن ‪AA‬تين األولى نش ‪AA‬رها ع ‪AA‬ام‬
‫‪ 1924‬تحت عن‪AA‬وان ‪ :‬نظري‪AA‬ة الرواي‪AA‬ة وجماليته‪AA‬ا واألخ‪AA‬رى نش‪AA‬رها ع‪AA‬ام ‪ 1928‬بعن‪AA‬وان‪ :‬المنهج الش‪AA‬كلي‬
‫في الدراس‪AA A‬ات األدبي‪AA A‬ة " ‪ .)Methode formelle en études littéraires‬وم‪AA A‬ا يج‪AA A‬ده "مرت‪AA A‬اض أن‬
‫تودوروف" بعد ذلك يموقع "باختين" موقعة تاريخية وثقافية وإ يديولوجية لكي يلم بسائر أط‪AA‬راف مكون‪AA‬ات‬
‫ثقافت ‪AA‬ه النقدي ‪AA‬ة للوق ‪AA‬وف على م ‪AA‬دى ص ‪AA‬دقه في تن ‪AA‬اول الم ‪AA‬ذهب الش ‪AA‬كلي وانتق ‪AA‬اده وم ‪AA‬دى توفيق ‪AA‬ه في ذل ‪AA‬ك ‪،‬‬
‫وصدقه أم كان مدعيا راغبا في مكانة له بين الشكالنيين الروس ‪.‬‬
‫ويختم "عب‪AAA‬د المل‪AAA‬ك مرت‪AAA‬اض فص‪AAA‬له الث‪AAA‬امن واألخ‪AAA‬ير من مدونت ‪AA‬ه ال ‪AA‬تي نحن بص ‪AA‬دد دراس ‪AA‬تها بش‪AAA‬يء من‬
‫الح‪A‬ديث عن موق‪A‬ف ت‪A‬ودوروف ح‪A‬ول ص‪A‬ديقه روالن ب‪A‬ارت"‪ .‬وي‪A‬رى أن ت‪A‬ودوروف" ال يج‪A‬د أي ح‪A‬رج في‬
‫اإلقرار بصداقته هذه لبارت لكن ذلك ال يعني أن‪A‬ه لن يك‪A‬ون موض‪A‬وعيا في تقدم‪A‬ة فك‪A‬ره النق‪A‬دي من خالل‬

‫‪1‬‬
‫عبد المالك مرتاض‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪250‬‬
‫‪2‬‬
‫صالح هودي النقد األدبي الحديث ‪ ،‬فضابات‪ ،‬ومناهجه‪ ،‬ص ‪.175 ،174‬‬

‫‪48‬‬
‫المناهج النقدية "في نظرية النقد" لعبد المالك مرتاض‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫كتابه ‪ :‬مق‪A‬االت نقدي‪A‬ة " وخصوص‪A‬ا المقال‪A‬ة ال‪A‬تي أث‪A‬ار "مرت‪A‬اض حوله‪A‬ا النق‪A‬اش في التجرب‪A‬ة األولى الس‪A‬الفة‬
‫الذكر والموسومة بـ (النقدان االثنان)‪...‬‬
‫ومم‪AA‬ا الحظ‪AA‬ه مرت‪AA‬اض ه‪AA‬و لج‪AA‬وه ت‪AA‬ودوروف" إلى تخص‪AA‬يص فص‪AA‬ل كام‪AA‬ل لنق‪AA‬د ب‪AA‬اختين وح‪AA‬ده بينم‪AA‬ا يق‪AA‬ف‬
‫فص‪AA‬ال واح‪AA‬دا على ثالث‪AA‬ة مفك‪AA‬رين من النق‪AA‬اد الفرنس‪AA‬يين هم‪ :‬ج‪AA‬ان ب‪AA‬ول س‪AA‬ارتر وم‪AA‬وريس بالنش‪AA‬و وروالن‬
‫ب‪AA‬ارت ‪ ...‬ويس‪AA‬تنتج ت‪AA‬ودوروف بع‪AA‬د أن ي‪AA‬ورد ك‪AA‬ل الحم‪AA‬والت الثقافي‪AA‬ة األوروبي‪AA‬ة والعالمي‪AA‬ة ال‪AA‬تي ت‪AA‬أثر به‪AA‬ا‬
‫روالن ب‪AA‬ارت في كتابات‪AA‬ه ‪ ،‬فيحكم ب‪AA‬أن مجم‪AA‬وع ه‪AA‬ذه األفك‪AA‬ار واآلراء يجب أن ال تعطى أهمي‪AA‬ة زائ‪AA‬دة عن‬
‫الح‪AA‬د ‪ ...‬ف‪AA‬إذا ك‪AA‬ان اعتب‪AA‬ار ه‪AA‬ذه الجم‪AA‬ل مع‪AA‬برة عن فك‪AA‬ره ‪ ،‬ف‪AA‬إن مجم‪AA‬ل النص‪AA‬وص تكش‪AA‬ف أن األم‪AA‬ر ليس‬
‫ك‪AA‬ذلك أب‪AA‬دا ألن‪AA‬ه يت‪AA‬بين أن "ب‪AA‬ارت" يغ‪AA‬ير موقف‪AA‬ه باس‪AA‬تمرار وأن‪AA‬ه يكفي‪AA‬ه أن يص‪AA‬يغ رأي‪AA‬ا كي يفق‪AA‬د االهتم‪AA‬ام ب‪AA‬ه‬
‫وأن هذا التغيير المستمر ال يفتر ببعض االستخفاف وانما بموقف مختلف تجاه اآلراء " ‪ .‬فمن المميزات‬
‫الك‪A‬برى في المس‪A‬ار النق‪A‬دي والفك‪A‬ري ال‪A‬روالن ب‪A‬ارت أن‪A‬ه ي‪A‬رفض أن يص‪A‬نف في خان‪A‬ة ثم يغل‪A‬ق على نفس‪A‬ه‬
‫األب‪AA‬واب ش‪AA‬أن كث‪AA‬ير من النق‪AA‬اد والمفك‪AA‬رين ‪ ،‬فه‪AA‬و ينش‪AA‬د المعرف‪AA‬ة أني وج‪AA‬دها فيفي‪AA‬د منه‪AA‬ا في إع‪AA‬ادة ص‪AA‬وغ‬
‫أفكاره‪ ...‬يقول "عبد الملك مرتاض معلال أنه‪A‬ا تع‪A‬ود إلى ال‪A‬زوح المفتوح‪A‬ة ال‪A‬تي وهبه‪A‬ا روالن ب‪A‬ارت" من‬
‫وجهة وإ لى كثرة القراءات المتنوعة التي كان يدمنها ‪ ،‬وإ لى المناقش‪AA‬ات والمح‪AA‬اورات وك‪AA‬ذا المحاض‪AA‬رات‬
‫في مختلف النوادي العلمية ‪.‬‬
‫إن "بارت" يغ‪A‬ير موقف‪A‬ه باس‪A‬تمرار فه‪A‬و متقلب من منهج إلى آخ‪A‬ر وذل‪A‬ك لموس‪A‬وعية فك‪A‬ره ووعي‪A‬ه بقص‪AA‬ور‬
‫منهج ما أو تجاور رؤية أو نظري‪A‬ة‪ ،‬م‪A‬ا ولق‪A‬د ك‪A‬ان بنوي‪A‬ا ثم تح‪A‬ول عنه‪A‬ا إلى السيس‪A‬يولوجيا ‪ ...‬وم‪A‬ا تص‪AA‬ل‬
‫إليه في ختام هذا المبحث هو أن "مرتاض يرى أن نقد النقد شكل معرفي مكمل للنق‪AA‬د ومه‪AA‬دئ من ط‪AA‬وره‬
‫وض‪AA‬ابط لمس‪AA‬اراته وه‪AA‬و معق‪AA‬د بتعقي‪AA‬د ثقاف‪AA‬ة الناق‪AA‬د وتعقي‪AA‬د تجارب‪AA‬ه وممارس‪AA‬اته القرائي‪AA‬ة ‪،‬وه‪AA‬و ليس اختالف‪AA‬ا‬
‫مع المنقودين‪ ،‬بل هو إضاءة لألفكار وتأثيل المصادر المعرفة فوظيفة نقد النقد عن‪AA‬د عب‪AA‬د المل‪AA‬ك مرت‪AA‬اض‬
‫ال تقل أهمية عن وظيفة النقد نفسها وسيظل نقد النقد يتطور ما ظ‪A‬ل النق‪A‬د األدبي نفس‪A‬ه في س‪A‬يرورة نح‪A‬و‬
‫األفض ‪AA‬ل متط ‪AA‬ورا‪ ...‬وإ ذا ك ‪AA‬ان النق ‪AA‬د ص ‪AA‬نو األدب وجناح ‪AA‬ه اإلب ‪AA‬داعي الث ‪AA‬اني ف ‪AA‬إن نق ‪AA‬د النق ‪AA‬د من األهمي ‪AA‬ة‬
‫والضرورة للنقد ما يجعل منه خطابا ناصحا ضابطا للمسيرة النقدية في األدب ‪.‬‬

‫‪49‬‬
‫اخلامتة‬
‫الخاتمة‬

‫في خاتم‪AA‬ة دراس‪AA‬تنا و بع‪AA‬د التط‪AA‬رق لمفه‪AA‬وم المص‪AA‬طلح النق‪AA‬دي و أهم اإلش‪AA‬كاليات ال‪AA‬تي تمح‪AA‬ورت وانبثقت‬
‫منه و التعقيب على أعمال عبد الملك مرتاض و جهوده في ترسيخ مصطلح موحد قائم على أسس ثابت‪AA‬ة‬
‫نخلص في نهاية دراستنا إلى عدة نتائج يمكن تلخيصها في نقاط كاآلتي‪:‬‬
‫تكمن قيم‪A‬ة و المص‪A‬طلح في فهم المع‪A‬نى و تحدي‪A‬د الدالل‪A‬ة‪ ،‬ف‪A‬العلم ب‪A‬ه و معرفت‪A‬ه ض‪A‬رورة علمي‪A‬ة و‬ ‫‪-‬‬
‫منهجي‪AA‬ة و ذل‪AA‬ك ل‪AA‬دوره الكب‪AA‬ير في تق‪AA‬ريب مس‪AA‬افة الفهم وابع‪AA‬اد الغم‪AA‬وض‪ ،‬إذ تع‪AA‬د لغ‪AA‬ة االص‪AA‬طالح‬
‫نقطة التقاء اللغات المتباعدة‪.‬‬
‫أهمية المصطلح تتجلى وتبرز بشكل ملحوظ و كبير في العص‪AA‬ر الح‪AA‬الي أك‪AA‬ثر منه‪AA‬ا في العص‪AA‬ور‬ ‫‪-‬‬
‫السابقة‪ ،‬لما هذا العصر من خصوصية و ثورة معلوماتية هائلة ضبطها و تنظيمها‪.‬‬
‫تمكنن‪A‬ا آلي‪A‬ات ص‪AA‬ياغة المص‪AA‬طلح النق‪A‬دي م انت‪A‬اج مص‪AA‬طلحات جدي‪A‬دة و بالت‪A‬الي اث‪A‬راء رص‪AA‬يد اللغ‪A‬ة‬ ‫‪-‬‬
‫العربية‪.‬‬
‫إن ال‪AA‬وعي بالمص‪AA‬طلح النق‪AA‬دي في الفك‪AA‬ر النق‪AA‬دي الع‪AA‬ربي ض‪AA‬ارب بج‪AA‬ذوره في الق‪AA‬دم و ليس ولي‪AA‬د‬ ‫‪-‬‬
‫النهضة األدبية النقدية الحديثة فحسب اعتمادها‪.‬‬
‫إش‪AA‬كالية المص‪AA‬طلح غ‪AA‬دت إش‪AA‬كالية ثقافي‪AA‬ة وفكري‪AA‬ة بلوره‪AA‬ا انع‪AA‬دام ال‪AA‬وعي ل‪AA‬دى المثق‪AA‬ف و ال‪AA‬دارس‬ ‫‪-‬‬
‫الع ‪AA‬ربي و خ ‪AA‬روج مؤسس ‪AA‬ة النق‪AA‬د عن م ‪AA‬دار فلكه ‪AA‬ا الم ‪AA‬وروثي و المطل ‪AA‬ق على جلب المص ‪AA‬طلحات‬
‫األجنبية و ادخالها في المنظومة اللغوية العربية دون مراعاة لخصوصية كل لغة‪.‬‬
‫يعتبر مرتاض من أكثر النقاد الع‪A‬رب اهتمام‪A‬ا ب‪A‬المنهج و المص‪AA‬طلح النق‪A‬دي و ه‪A‬ذا م‪A‬ا يتجلى في‬ ‫‪-‬‬
‫معظم كتبه و دراسات النقدية‬
‫اعتمد عبد الملك مرتاض في تأصيله لمنهجه النقدي على عاملين اثنين؛ أحدهما ت‪AA‬راثي و الث‪AA‬اني‬ ‫‪-‬‬
‫حداثي فهو يرى أن كل واحد منهما قاصر في دراسته ما لم يكمله الثاني‪.‬‬
‫توظيف عبد الملك مرتاض آلليات توليد المصطلح كاالشتقاق ‪ ،‬النحت‪ ،‬الترجمة‪ ،‬االحياء‪...‬‬ ‫‪-‬‬
‫اس‪A‬تطعنا أن نلمس نوع‪A‬ا من التس‪A‬امح عن‪A‬د الناق‪AA‬د عب‪A‬د المل‪A‬ك مرت‪A‬اض فه‪A‬و ال يتعص‪AA‬ب و ال ينظ‪A‬ر‬ ‫‪-‬‬
‫لوجهة دون أخرى بل يحاول استقصاء الحقيقة العلمية سواء في التراث أو من الغرب‪.‬‬
‫اشتغل (عب‪A‬د المل‪A‬ك مرت‪A‬اض على المن‪A‬اهج الس‪A‬ياقية لف‪A‬ترة تق‪A‬ارب العق‪A‬دين‪ ،‬حيث ق‪AA‬ام ب‪A‬التنقيب عن‬ ‫‪-‬‬
‫المنج ‪AA A‬ز الع ‪AA A‬ربي في جانب ‪AA A‬ه الن ‪AA A‬ثري القص ‪AA A‬ة المقام ‪AA A‬ة الخطاب ‪AA A‬ة‪ ،"...‬توج ‪AA A‬ه بع ‪AA A‬د ذل ‪AA A‬ك إلى األدب‬

‫‪40‬‬
‫الخاتمة‬

‫الجزائ‪AA‬ري‪ ،‬فس‪AA‬اهم ذل‪AA‬ك في تكوين‪AA‬ه الرص‪AA‬يد ثق‪AA‬افي ولغ‪AA‬وي امت‪AA‬از بالمتان‪AA‬ة والق‪AA‬وة ال يض‪AA‬اهيه في‪AA‬ه‬
‫أحد‪ ،‬وصار أحد الدعامتين الذي يقوم عليها مشروعه النقدي‪.‬‬
‫لم يحف ‪AA‬ل (عب ‪AA‬د المل ‪AA‬ك مرت ‪AA‬اض ) بالمن ‪AA‬اهج الس ‪AA‬ياقية حيث لمس فيه ‪AA‬ا ع ‪AA‬دم المق ‪AA‬درة على مالمس ‪AA‬ة‬ ‫‪-‬‬
‫الج‪AA‬وانب الجمالي‪AA‬ة في النص‪AA‬وص ‪ ،‬بق‪AA‬در المنهج الت‪AA‬اريخي ال‪AA‬ذي أف‪AA‬اده في اإلطالع على المنج‪AA‬ز‬
‫األدبي القديم والتأصيل لكل األشكال األدبية المستحدثة‪.‬‬
‫دع‪AA‬وة (عب‪AA‬د المل‪AA‬ك مرت‪AA‬اض) إلى ال‪AA‬تركيب المنهجي في النق‪AA‬د م‪AA‬ادام النص المب‪AA‬دع يمتلك‪AA‬ه ك‪AA‬ل من‬ ‫‪-‬‬
‫وجده‪ ،‬حيث أن تبني المنهج الواحد في دراسة النص غير كاف‪.‬‬
‫النص العربي له خصوصياته وبيئت‪A‬ه ال‪A‬تي يتم‪A‬يز به‪A‬ا‪ ،‬األم‪A‬ر ال‪A‬ذي يجع‪A‬ل مقاربت‪A‬ه بمن‪A‬اهج غربي‪A‬ة‬ ‫‪-‬‬
‫غير ممكن‪ ،‬وبالتالي االبتعاد عن المحاكاة لكل ما هو غربي وحداثي على حس‪AA‬اب أسس‪AA‬نا النقدي‪AA‬ة‬
‫األصيلة‪.‬‬
‫دع ‪AA‬وة (عب ‪AA‬د المل ‪AA‬ك مرت ‪AA‬اض) إلى تأس ‪AA‬يس نظري ‪AA‬ة نقدي ‪AA‬ة عربي ‪AA‬ة تنطل ‪AA‬ق من إع ‪AA‬ادة ق ‪AA‬راءة ت ‪AA‬راث‬ ‫‪-‬‬
‫األسالف النقدي‪ ،‬ثم االنفتاح على التيارات واالتجاهات النقدية الغربية الحديثة المعاصرة‪.‬‬
‫العملية اإلبداعية عند مرتاض هي عملي‪A‬ة كلي‪A‬ة ش‪A‬مولية ال تتج‪A‬زأ فال ش‪A‬كل وال مض‪AA‬مون وال دال‬ ‫‪-‬‬
‫وال مدلول‪ ،‬فكل منها ينهض على اآلخر‪.‬‬
‫رفض )عبد الملك مرتاض ) مبدأ علمية اللغة التي تجعل ك‪A‬ل الق‪A‬راءات ق‪AA‬راءات متح‪A‬يزة‪ ،‬ورأى‬ ‫‪-‬‬
‫أن النص الثاني هو إبداع وليس تمطيطا للنص األول‪.‬‬
‫االع‪AA‬تراف بالمدرس‪AA‬ة النقدي‪AA‬ة العربي‪AA‬ة األص‪AA‬يلة ممثل‪AA‬ة بنقاده‪AA‬ا العمالق‪AA‬ة من أمث‪AA‬ال‪( :‬الجاح‪AA‬ظ‪ ،‬و بن‬ ‫‪-‬‬
‫س‪A‬الم الجمحي‪ ،‬وابن قتيب‪A‬ة والقاض‪AA‬ي الجرج‪A‬اني‪ ،‬وعب‪A‬د الق‪A‬اهر الجرج‪A‬اني‪...‬إلخ)‪ ،‬وع‪A‬دم التفري‪A‬ط‬
‫في مكتسبات هؤالء النقاد‪ ،‬ألنها تشكل عمقا ال يق‪A‬ل ش‪A‬أنا عن المدرس‪A‬ة الغربي‪A‬ة‪ ،‬إال أنه‪A‬ا لم ت‪A‬رق‬
‫إلى نظري ‪AA‬ات لغي ‪AA‬اب المنهج فيه ‪AA‬ا‪ .‬ه ‪AA‬ذه أب ‪AA‬رز النت ‪AA‬ائج الرئيس ‪AA‬ية ال ‪AA‬تي ظه ‪AA‬رت في البحث‪ ،‬وهن ‪AA‬اك‬
‫نتائج فرعي‪A‬ة كث‪A‬يرة ب‪A‬رزت في المعالج‪A‬ة مم‪A‬ا يض‪AA‬يق المق‪A‬ام بحص‪AA‬ره وفي األخ‪A‬ير ه‪A‬ذا جه‪A‬د المق‪A‬ل‬
‫المع‪AA‬ترف بالتقص‪AA‬ير‪ ،‬ف‪AA‬إن ذلت الرض‪AA‬ى وبلغت الس‪AA‬داد فه‪AA‬ذا أملي وإ ال فحس‪AA‬بي الص‪AA‬دق في الني‪AA‬ة‬
‫واإلخالص في العمل‪ ،‬وما أمله أن تقال العثرات ويغضى عن الهفوات‪.‬‬

‫‪41‬‬
‫قامئة املصادر و املراجع‬
‫المصادر‪:‬‬ ‫‪-1‬‬
‫عبد الملك مرتاض ‪ :‬في نظرية النقد (متابعة) ألهم المدارس النقدية المعاصرة ورصد لنظرياتها)‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫دار هومة للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬الجزائر‪( ،‬دط)‪.2002 ،‬‬

‫المراجع‪:‬‬ ‫‪-2‬‬
‫ابراهيم عبد اهلل الثقافة العربية والمرجعيات المستعارة الدار العربية للعلوم ناشرون ‪ ،‬بیروت‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫لبنان ‪1،2010‬م‪.‬‬
‫ايرليخ فيكتور الشكالنية الروسية‪ ،‬ترجمة الولي محمد‪ ،‬المركز الثقافي العربي بيروت‪ ،‬لبنان ‪ ،‬ط‬ ‫‪-‬‬
‫‪2000 ،1‬م‪.‬‬
‫بارت روالن ‪ :‬الكتابة في درجة الصفر‪ ،‬ترجمة محمد نديم خشفة‪ ،‬مركز االنماء الثقافي ‪ ،‬ط‪،1‬‬ ‫‪-‬‬
‫‪ 2002‬م‪.‬‬
‫بن زايد عمار النقد األدبي الجزائري الحديث ‪ ،‬المؤسسة الوطنية للكتاب ‪ ،‬وحدة الرغاية ‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫الجزائر‪1990 ،‬م‪.‬‬
‫بوخاتم موالي علي الدرس السمياني المغاربي ‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية الجزائر ‪2005 ،‬م‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫تاوريرت بشير الحقيقة الشعرية على ضوء المناهج النقدية المعاصرة‪ ،‬والنظريات الشعرية ‪ ،‬عالم‬ ‫‪-‬‬
‫الكتب الحديث ‪ ،‬اريد االردن عط‪2010 ،1‬م‪.‬‬
‫تزفيتان تودوروف‪ :‬الشعرية‪ ،‬ترجمة شكري المبخوت ورجاء سالمة ‪ ،‬دار توبقال للنشر‪ ،‬الدار‬ ‫‪-‬‬
‫البيضاء ‪ ،‬المغرب‪ ،‬ط‪1990 ،2‬م‪.‬‬
‫الجاحظ أبو عثمان عمرو الحيوان تحقيق عبد السالم محمد هارون نشر مصطفی البابي الحلبي‬ ‫‪-‬‬
‫مصر ‪1965 2‬م‬
‫جمعة حسين ‪ :‬المسبار في النقد األدبي ‪ ،‬دار الفكر ‪ ،‬دمشق‪ ،‬سوريا‪ ،‬ط‪1997 ،1‬م‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫حجازي سمير سعيد ‪ :‬قضايا النقد األدبي المعاصر ‪ ،‬دار اآلفاق العربية ‪ ،‬القاهرة ‪ ،‬مصر ‪ ،‬ط‪،1‬‬ ‫‪-‬‬
‫‪2007‬م‪.‬‬
‫هويدي صالح ‪ :‬النقد األدبي الحديث ‪ ،‬قضاياه ومناهجه‪ ،‬کتاب الكتروني) ‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫‪www.kotobarabia.com‬‬
‫وغلسي يوسف ‪ :‬الخطاب النقدي عند عبد الملك مرتاض اصدارات رابطة ابداع الثقافية‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫الجزائر ‪2002 ،‬م‪.‬‬

‫الدوريات‬ ‫‪-3‬‬
‫مجلة األثر ‪ ،‬اشغال الملتقى الدولي الثالث في تحليل الخطاب ‪ ....‬جامعة قاصدي مرباح ‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫ورقلة ‪ ،‬الجزائر ‪ ،‬العدد ‪2007 ،11‬م‪.‬‬
‫مجلة المترديات مخبر السرد العربي ‪ ،‬جامعة منتوري ‪ ،‬قسنطينة ‪ ،‬الجزائر ‪ ،‬العدد ‪2008 2‬م‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫الرسائل الجامعية ‪:‬‬ ‫‪-4‬‬


‫ساري محمد النقد األدبي ‪ ،‬مناهجه وتطبيقاته عند الدكتور محمد مصايف‪ ،‬مخطوط ماجستير ‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫اشراف واسيني األعرج‪ ،‬جامعة الجزائر ‪1993 ،‬م‪.‬‬
‫غانم رشيدة ‪ :‬اللغة الواصفة عند عبد الملك مرتاض مخطوط ماجستير‪ ،‬اشراف مصطفى‬ ‫‪-‬‬
‫دراوش ‪ ،‬جامعة مولود معمري ‪ ،‬تيزي وزو ‪ ،‬الجزائر ‪2012 ،‬م‪.‬‬

You might also like