You are on page 1of 12

‫التعليم الثانوي في المملكة العربية السعودية‬

‫رؤية نقدية‬
‫‪ )1‬مفهوم التعليم الثانوي وأهميته‪:‬‬

‫ميكن إعطاء هذه املرحلة تعريفا إجرائيا ‪ ،‬و هو التعليم الذي يتوسط النظام التعليمي‬
‫الرمسي ‪ ،‬ويقابل مرحلة املراهقة ‪ ،‬وميتد من انتهاء املرحلة االبتدائية وينتهي عند مدخل‬
‫التعليم العايل ‪ ،‬بغض النظر عما إذا كان النظام التعليمي يقدمه يف وحدة متماسكة أو‬
‫يقسمه إىل وحدتني منفصلتني ‪ ..‬مها ‪:‬‬
‫املرحلة املتوسطة وتقابل مرحلة املراهقة املبكرة‬ ‫‪‬‬
‫‪ ‬املرحلة الثانوية‪ ،‬وتقابل من مراحل النمو مرحلة املراهقة الوسطى‪.‬وهي جمال البحث‬
‫يف هذه الورقة ‪ ،‬ومدهتا ثالث سنوات ‪ ،‬ويهدف التعليم الثانوي عموما اىل اإلعداد‬
‫العام للحياة ‪ ،‬واإلعداد العلمي ملواصلة التعليم اجلامعي ‪.‬‬
‫وبناء عليه فإن التعليم الثانوي ميثل أمهية كبرية من كونه ‪:‬‬
‫‪ -‬يغطي مرحلة بناء الذات وتكوين الشخصية السوية ‪ ،‬فالفرتة العمرية من ‪18 – 15‬‬
‫متثل ‪ :‬مرحلة اإلعداد اجلاد للمواطن ‪ ،‬وحتقيق األهداف الرئيسية للتعليم‬
‫اجلماهريي‪.‬وهي مرحلة تغطي فرتة حرجة من حياة الشباب وما يصاحب ذلك من‬
‫تغريات يف البناء واإلدراك والسلوك ‪.‬‬
‫‪ -‬ارتباط هذه املرحلة مبشكالت اجملتمع ‪ ،‬فكثريا ما تكون مشكالت الفرد املراهق‬
‫امتدادا ملشكالت البيئة اليت حتيط به ‪ ،‬وانعكاسا لألحداث واألفكار واألزمات اليت‬
‫حتدث يف اجملتمع ‪.‬‬
‫تعترب مرحلة عبورية ‪ ،‬إذ هي مرحلة متصلة مبا يسبقها وما بعدها ‪ ،‬وبالتايل فهي‬ ‫‪-‬‬
‫مرحلة تتطلب دقة وعناية يف التخطيط ‪.‬‬

‫‪ )2‬مظاهر النمو للمتعلم في المرحلة الثانوية‬


‫أطلق علماء النفس على املرحلة العمرية اليت تبدأ بـسن ‪ 12‬وتنتهي عند سن ‪ 22‬مبرحلة‬
‫املراهقة ‪ ،‬وقسمت إىل ثالثة أقسام ‪ ،‬مبكرة ‪ ،‬و سطى ‪ ،‬متأخرة و الوسطى هي الفرتة العمرية‬
‫اليت تقابل املرحلة الدراسية الثانوية أي من سن ‪ ، 18-16‬وتعترب من أهم املراحل العمرية إذ‬
‫يعتربها علماء النفس بدء ميالد جديد‪ ،‬وهي بني البلوغ اجلنسي والرشد‪.‬‬
‫وفيما يلي ِذكٌر ملظاهر منو املتعلم يف هذه املرحلة ‪:‬‬
‫أ‌‪ -‬النمو اجلسمي ‪ ،‬ويتميز اجلسم يف هذه املرحلة بـالنمو السريع ‪ ،‬وحتدث تغريات‬
‫فسيولوجية مثل اخنفاض معدل النبض ‪ ،‬وارتفاع ضغط الدم ‪ ،‬واخنفاض نسبة استهالك األكسجني‬
‫‪ ،‬وما يتبع ذلك من إحساس بالتعب وعدم القدرة على بذل اجملهود ‪ ،‬والقلق واحلساسية الشديدة‬
‫بسبب التغريات اجلسمية والنقد املوجه له بسببها ‪.‬‬
‫ب‌‪ -‬النمو الديين ‪ :‬إذ تظهر لدى املراهق نزعة التدين أو ما أمساه العلماء النفسيني‬
‫بالرهبنة ‪ ،‬فيتميز الشاب باالجتهاد يف العبادة وكثرة التأمل واحلماس الديين ‪ ،‬وهنا تكمن اخلطورة‬
‫إذا مل يتم توجيه هذه الثورة الدينية العارمة حنو األهداف الرتبوية اإلسالمية السليمة ‪.‬‬
‫ت‌‪ -‬النمو االجتماعي ‪ :‬إذ تبدأ لدى الشاب مظاهر االجنذاب أو النفور من‬
‫اآلخرين ‪ ،‬ويصبح لديه الرغبة يف االستقاللية وتأكيد الذات ‪ ،‬واالبتعاد عن سيطرة األسرة‬
‫واخلضوع لسيطرة األقران ‪ ،‬ويتصف سلوكه أيضا بالتمرد والتعصب لآلراء واتساع عالقاته‬
‫االجتماعية ‪.‬‬
‫ث‌‪ -‬النمو العقلي ‪ :‬يف هذا اجلانب هتدأ سرعة منو الذكاء القرتابه من االكتمال ‪،‬‬
‫ويزداد منو القدرات العقلية ‪ ،‬وتظهر السمة االبتكارية ‪ ،‬وتزداد القدرة على التحصيل وعلى نقد‬
‫ما يقرأ ‪ ،‬وتنمو امليول واالهتمامات ‪ ،‬ويزداد تفكريه يف مستقبله التحصيلي واملهين ‪.‬‬
‫ج‌‪ -‬النمو االنفعايل ‪ :‬تعترب هذه املرحلة مرحلة قلق انفعايل وقلق جنسي نتيجة‬
‫للتغريات النفسية واجلسمية الظاهرة واخلفية فهو يشعر هبا ولكنه ال يعرف حقيقتها ‪ ،‬فيمر بصراع‬
‫نفسي ‪ ،‬متأرجح بني املثالية والواقعية وبني الغرية واألنانية ‪ ،‬ويكون مرهف احلس سريع التأثر‬
‫يكبت مشاعره وانفعاالته خوف النقد ‪.‬‬

‫‪ )3‬المشكالت التي تواجه المتعلم في المرحلة الثانوية‪:‬‬


‫وبناء على ما تقدم من حديث عن مظاهر النمو لدى املتعلم يف املرحلة الثانوية وهي‬
‫مرحلة املراهقة الوسطى واحلرجة ‪ ،‬فإن البحوث والدراسات وجدت أن الشاب يف هذه‬
‫املرحلة يواجه جمموعة من املشكالت اليت ُأمهل حلها بسبب انشغال املدرسة بالعملية‬
‫التعليمية البحتة عن العملية الرتبوية ‪ ،‬بالرغم من أثرها الكبري على منو وحتصيل املتعلم ومن‬
‫هذه املشكالت إمجاال ‪:‬‬
‫مش ــكالت الص ــحة والنم ــو ‪ ،‬كقل ــة الرعاي ــة الص ــحية ‪،‬و نقص الش ــهية ‪،‬و التعب‬ ‫‪‬‬
‫واضطرا بات النمو ‪.‬‬
‫املشـ ــكالت االنفعاليـ ــة ‪ ،‬الشـ ــعور بتـ ــأنيب الضـ ــمري ‪ ،‬القلـ ــق ‪ ،‬الشـ ــعور بـ ــالنقص ‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫االستغراق يف أحالم اليقظة ‪.‬‬
‫املشكالت األسرية ‪ :‬اخلالفات األسرية ‪ ،‬الطالق ‪ ،‬اإلفراط يف العقاب ‪ ،‬الفقر‬ ‫‪‬‬
‫مشكالت مدرسية‪ :‬صعوبة االندماج‪ ،‬صعوبة الرتكيز‪ ،‬التأخر الدراســي‪ ،‬ضــعف‬ ‫‪‬‬
‫العالقات مع املدرسني‪.‬‬
‫املشكالت األخالقية ‪ :‬الشذوذ اجلنسي ‪ ،‬عدم إقامة الشـعائر الدينيـة ‪ ،‬التنـدر بـالقيم‬ ‫‪‬‬
‫والعادات ‪.‬‬
‫ويزداد األمر سوءًا إذا ما عرف حجم اإلمكانيات املتاحة يف املدرسة لعالج مثل هذه‬
‫املشكالت يف العامل النامي و عدم توفرها ‪ ،‬وقلة اخلربة وضعف التأهيل املهين واإلرشادي‬
‫لدى القائمني بالتوجيه وحل املشكالت اليت يعاين منها املتعلم ‪.‬‬
‫القسم الثاني‬
‫‪ )1‬التطور التاريخي للمدرسة الثانوية في المملكة ‪:‬‬
‫مدخل ‪:‬‬

‫قبل إنشاء اململكة مل يكن هناك نظام تعليمي حمدد للمراحل التعليمية حىت ميكن أن تتبني‬
‫موقع التعليم الثانوي منها ‪ ،‬غري ان تاريخ التعليم يوضح وجود مدارس أنشأها العثمانيون أو‬
‫اهلامشيون أو مدارس أنشئت جبهود املواطنني آنذاك ‪ ،‬ومن تلك املدارس ‪:‬‬
‫‪ ‬املدرسة الصولتية ‪ ،‬أنشأها أحد علماء اهلند بدعم من سيدة هندية امسها (صولت‬
‫النساء) ‪ ،‬وذلك عام ‪ 1291‬هـ‬
‫‪ ‬املدرسة الفخرية ‪ ،‬أنشأها أحد أساتذة املدرسة الصولتية ‪ ،‬الشيخ عبداحلق قاري ‪ .‬عام‬
‫‪1296‬هـ‬
‫‪ ‬مدارس الفالح ‪( :‬مدرستان ) وأنشأها احلاج حممد علي زينل عام ‪1323‬هـ‬
‫‪ ‬املدارس اهلامشية ‪ :‬أسسها الشريف احلسني بن علي عام ‪1334‬هـ ‪ ،‬بدأت باملدرسة‬
‫اخلريية التحضريية ‪ ،‬مث مدرستني أوليتني ‪ ،‬مث املدرسة الراقية وهي أعلى ‪ ،‬مث املدرسة العالية وهي‬
‫مدرسة ثانوية ‪.‬‬
‫وعلى سبيل املثال فاملدرسة الصولتية ‪،‬مدهتا أربعة عشرة سنة ‪ ،‬حتتوي على أربع مراحل‬
‫تعليمية ‪ ،‬تأخذ التقسيم التايل ‪ :‬حتضريية ‪4‬سنوات ‪ ،‬ابتدائية ‪ 4‬سنوات ‪ ،‬ثانوية ‪ 4‬سنوات ‪،‬‬
‫عالية سنتان ‪ .‬وهذه األخرية تقابل التعليم اجلامعي حاليا ‪.‬‬
‫أما أول مدرسة ثانوية أنشئت يف عهد الدولة السعودية احلالية فكانت ممثلة يف املعهد‬
‫العلمي السعودي الذي افتتح يف مكة املكرمة عام ‪ 1345‬هـ(‪ )1926‬ومدة الدراسة فيه أربع‬
‫سنوات ألعداد معلمي املرحلة االبتدائية ‪ ،‬مث زيدت الدراسة فيه اىل مخس سنوات عام ‪1366‬‬
‫هـ وكان الطالب الناجح من السنة الثالثة مينح شهادة تسمى (شهادة القسم التجهيزي ) أما بعد‬
‫اجتياز السنة اخلامسة فيمنح شهادة قسم املعلمني الثانوي ‪.‬‬
‫غري أن البداية احلقيقية للتعليم الثانوي مبفهومه احلديث الذي يعد الستكمال الدراسات‬
‫اجلامعية‪ ،‬فقد كان يف عام ‪1355‬هـ بافتتاح مدرسة حتضري البعثات يف مكة املكرمة ‪ ،‬ومدة‬
‫الدراسة فيها ثالث سنوات ‪ ،‬يلتحق فيها من محل شهادة املعهد العلمي السعودي ‪ ،‬مث زادت‬
‫مدة الدراسة فيها إىل مخس سنوات عام ‪ 1364‬هـ وقسمت إىل قسمني‪ :‬مرحلة الكفاءة الثانوية‬
‫ومدهتا ثالث سنوات ‪ ،‬واملرحلة الثانوية وهي سنتان ‪ ،‬مث زادت سنة لتصبح الدراسة الثانوية‬
‫ثالث سنوات ‪.‬‬
‫ويف عام ‪1378‬هـ ُقسمت املرحلة الثانوية إىل قسمني مها ‪ :‬املرحلة املتوسطة ‪،‬‬
‫واملرحلة الثانوية ومدة كل منهما ثالث سنوات ‪ ،‬وهو ما يعترب بداية نظام التعليم احلديث القائم‬
‫حاليا يف اململكة العربية السعودية ‪.‬‬
‫أما التعليم الثانوي للبنات فقد تأخر ‪ -‬تبعا لتأخر تعليم املرأة يف اململكة ‪ -‬حىت عام‬
‫‪ 1385‬هـ حينما محل لواء ه القطاع األهلي ‪ ،‬فافُتِتح يف مدرسةُ الزهراء مبكة املكرمة أول‬
‫الفصول الثانوية للبنات ‪.‬‬

‫‪ )2‬أهداف التعليم الثانوي في المملكة‬


‫املرحلة الثانوية هي قمة اهلرم يف التعليم العام يف اململكة ‪ ،‬وباعتبارها مرحلة منتهية لشرحية‬
‫كبرية من الطالب ‪ ،‬ولكوهنا تقوم بإعداد بعضهم ملواصلة التعليم اجلامعي ‪ ،‬فإن أهداف هذه‬
‫املرحلة تتمركز حول ثالثة حماور وهي ‪:‬‬
‫‪ )1‬استكمال منو الطالب املتوازن‪.‬‬
‫‪ )2‬إعدادهم ملواجهة احلياة ‪.‬‬
‫‪ )3‬إعدادهم ملواصلة التعليم العايل ‪.‬‬
‫ويف ضوء واقع اجملتمع السعودي فإن أهداف التعليم الثانوي تتحدد فيما يلي ‪:‬‬
‫دعم العقيدة اإلسالمية حىت يتحقق الوالء هلل وحدة وتكون األعمال‬ ‫أ‌‪-‬‬
‫خالصة لوجه تعاىل ومستقيمة يف كافة جوانبها مع شرعه ‪.‬‬
‫ب‌‪ -‬متكني االنتماء احلي لألمة اإلسالمية وحتقيق الوفاء للوطن اإلسالمي وللمملكة‬
‫العربية السعودية ‪ ،‬والوعي مبكانتها الدينية اليت حتتلها يف نفوس املسلمني وتقدير‬
‫مسؤولياهتا ‪.‬‬
‫تزويد الطالب باملفاهيم األساسية للثقافة اإلسالمية اليت جتعلهم معتزين‬ ‫ت‌‪-‬‬
‫باإلسالم قادرين على الدعوة إليه والدفاع عنه واجلهاد يف سبيله ‪.‬‬
‫تنمية قدرات الطالب واستعداداته اليت تظهر يف مرحلة املراهقة وتوجيهها‬ ‫ث‌‪-‬‬
‫يف ضوء املفهوم ا لعام للرتبية اإلسالمية ‪.‬‬
‫ج‌‪ -‬رعاية الشباب ومعاجلة مشكالهتم الفكرية واالنفعالية من منطلق إسالمي‬
‫ومساعدهتم على اجتياز فرتة املراهقة بنجاح ‪ ،‬ومواجهة األفكار اهلدامة واالجتاهات‬
‫املظللة ‪.‬‬
‫ح‌‪ -‬تكوين االجتاهات الصحيحة واخلربات الالزمة واملهارات املناسبة ‪ ،‬لتكون حياة‬
‫الطالب اليومية ‪ ،‬الفردية واجلماعية ‪ ،‬هي احلياة اليت يعيشها املسلم احلق ‪.‬‬
‫خ‌‪ -‬تنمية الصفات االجتماعية اليت حيتاجها املسلم يف تعامله مع جمتمعه كالتعاون والرب‬
‫‪ ،‬والبذل والتضحية بالنفس واملال يف سبيل اهلل وابتغاء رضوانه وتنظيم العمل والتخطيط‬
‫اهلادف احلكيم ‪.‬‬
‫تنمية التفكري العلمي لدى الطالب وحتقيق روح البحث والتجريب‬ ‫د‌‪-‬‬
‫واستخدام املنهج العلمي والتعود على طرق الدراسة السليمة‪.‬‬
‫هتيئة سائر الطالب للعمل يف ميادين احلياة وسد حاجات البالد من‬ ‫ذ‌‪-‬‬
‫القوى العاملة املدربة اليت تتطلبها خطط التنمية‪.‬‬
‫إتاحة الفرصة أمام الطالب القادرين ملواصلة الدراسة يف املعاهد العليا‬ ‫ر‌‪-‬‬
‫والكليات اجلامعية يف خمتلف التخصصات‪.‬‬
‫حتقيق الوعي األسري لبناء أسرة إسالمية مؤمنة‪.‬‬ ‫ز‌‪-‬‬
‫األميان بوحدة األمة اإلسالمية واستشعار مهمتها العاملية ووظيفتها‬ ‫س‌‪-‬‬
‫احلضارية‪.‬‬

‫نماذج المدرسة الثانوية في المملكة‬

‫شهد النظام التعليمي في المملكة العربية السعودية أكثر من نموذج للمدارس‬


‫الثانوية وفيما يلي نبذة مختصرة عن كل نموذج ‪:‬‬
‫‪ .1‬المدارس الثانوية الشرعية (الدينية ) وتمثلها‪ :‬ثانويات تحفيظ القرآن الكريم ‪ ،‬و‬
‫ثانويات المعاهد العلمية التابعة لجامعة األمام محمد بن سعود اإلسالمية ‪ ،‬والمعهد‬
‫الثانوي التابع للجامعة اإلسالمية بالمدينة المنورة ‪.‬وهذه المدارس للبنين دون‬
‫البنات ‪ ،‬وهي نهارية ‪.‬‬
‫‪ .2‬المدارس الثانوية العامة ‪ :‬وهي متاحة للبنين والبنات ‪ ،‬وهي النمط الشائع في‬
‫المملكة أو القديم الحديث ‪ ،‬إذ ما تلبث تجارب التطوير التي تصيب المدرسة‬
‫الثانوية إال إن تعود إليها‪ ،‬بعد مدة من التجريب وكأنها قاعدة انطالق يعود إليها كل‬
‫نموذج مستحدث في التعليم الثانوي قبل أن يبلغ هدفه !! ‪ .‬وكان نظامها حتى العام‬
‫الدراسي ‪ 1413 /1412‬دراسة عامة في السنة األولى ثم تتفرع من السنة الثانية‬
‫إلى فرعين ‪:‬أدبي وعلمي ‪ ،‬ثم تم بعض التعديل لتصبح أربعة أقسام مدة كل قسم‬
‫سنتان ‪ ،‬وهذه األقسام هي ‪:‬‬
‫قسم العلوم الشرعية و العربية‪.‬‬ ‫أ‌‪-‬‬
‫قسم العلوم اإلدارية و االجتماعية‪.‬‬ ‫ب‌‪-‬‬
‫قسم العلوم الطبيعية ‪.‬‬ ‫ت‌‪-‬‬
‫قسم العلوم التطبيقية‪.‬‬ ‫ث‌‪-‬‬
‫‪ . 3‬المدارس الثانوية الشاملة ‪ :‬وهذا النموذج نتيجة لتأثر التجربة السعودية بنموذج‬
‫المدرسة األمريكية الشاملة ‪ ،‬وبدأ العمل بهذا النموذج عام ‪1395‬هـ (‪ ، )1975‬ومن‬
‫مبررات إنشاء هذه المدرسة ضرورة إيجاد مدرسة ثانوية تهيئ الطالب للدراسة‬
‫الجامعية وللحياة العملية في آن واحد ‪ .‬وتشمل البرامج الدراسية فيها مواد إجبارية‬
‫وأخرى اختيارية و أنشطة إضافية ‪.‬‬
‫وتضم المدرسة سبعة أقسام هي ‪:‬‬
‫قسم العلوم الشرعية‬ ‫‪-‬‬
‫قسم العلوم االجتماعية‬ ‫‪-‬‬
‫قسم اللغات ‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫قسم العلوم الطبيعية ويضم شعبة الفيزياء والرياضيات ‪ ،‬وشعبة الفيزياء‬ ‫‪-‬‬
‫واإلحياء ‪ ،‬وشعبة الفيزياء والكيمياء ‪.‬‬
‫قسم الدراسات العامة ‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫قسم العلوم التجارية ‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫قسم التقنيات ‪ :‬ويضم شعبة الزراعة ‪ ،‬وشعبة التجارة ‪ ،‬وشعبة الصناعة‬ ‫‪-‬‬
‫والمدارس الشاملة مدارس نهارية ومقصورة على الذكور دون اإلناث ‪ ،‬وبالرغم من‬
‫تقويم هذه التجربة في عدة ندوات وصلت إلى ثمان والتي أوصت بالتوسع في هذه‬
‫التجربة ‪ ،‬إال انه تم إيقاف العمل بها دون مبرر علمي ‪.‬‬
‫‪ .4‬المدارس الثانوية المطورة ‪ :‬في عام ‪ 1405‬هـ تم تطبيق تنظيم جديد لبرامج التعليم‬
‫الثانوي للبنين ‪ ،‬ويرمي هذا النظام الى تطبيق الساعات المعتمدة في فصلين‬
‫دراسيين وآخر صيفي ‪ ،‬وتتضمن برامج الدراسة مقررات إجبارية عامة (دين ولغة‬
‫عربية ) ومقررات إجبارية تخصصية ‪ ،‬ومقررات اختيارية ‪ ،‬ويتخرج الطالب بعد‬
‫النجاح في ‪ 180‬ساعة موزعة على النحو التالي ‪ 44 :‬ساعة عامة ‪ ،‬و‪ 100‬ساعة‬
‫إجبارية تخصصية ‪ ،‬و‪ 36‬ساعة مواد اختيارية ‪.‬وبالرغم من ان هذه التجربة تعتبر‬
‫رائدة في التعليم الثانوي السعودي إال أنها لم تحض بحقها من الدراسة والتقييم ‪،‬‬
‫ومن ثم تم إيقاف العمل بها اعتبارا من العام ‪1412‬هـ‪.‬‬

‫‪ )4‬بعض المشكالت التي يعاني منها التعليم الثانوي في المملكة‪:‬‬


‫يوجز تقرير اليونسكو بعض المشاكل التي يواجهها التعليم الثانوي في البالد‬
‫العربية حين يقول ‪ " :‬فالتعليم الثانوي يبدو هو أيضا مفتقرا الى المالءمة والتجاوب مع‬
‫مطالب المجتمع ‪،‬ودليل ذلك‪:‬‬
‫عجز هذا التعليم عن استيعاب كل الراغبين في االلتحاق به ‪.‬‬ ‫‪.1‬‬
‫ارتفاع نسبة المتسربين والمعيدين ‪.‬‬ ‫‪.2‬‬
‫تضخم عدد الملتحقين بالتعليم الثانوي العام بالنسبة الى الملتحقين بالتعليم الثانوي‬ ‫‪.3‬‬
‫الفني‬
‫وعجز الكثير من خريجي المدارس الثانوية عن االلتحاق بالتعليم العالي أو عن‬ ‫‪.4‬‬
‫مواصلة تعليمهم بأساليب ذاتية ‪ ،‬وفوق ذلك كله عجزهم عن االلتحاق بعمل‬
‫يصلحون له "‬
‫والمدرسة الثانوية في المملكة ليست بعيدة عن وصف اليونسكو خاصة في بعض‬
‫الجوانب التي تشكل هاجسا مقلقا للتربويين في هذا البلد وعلى وجه الخصوص‬
‫تضخم الملتحقين به نسبة الى من يلتحق بالتعليم الفني ‪ ،‬والعجز عن استيعاب خريجيه‬
‫في التعليم العالي ‪ ،‬وأخيرا المأزق الذي يوجد فيه خريج المدرسة الثانوية بعد‬
‫التخرج فال هو نال فرصة االنضمام الى جيش المقبولين في الجامعات ‪ ،‬وال هو‬
‫أصاب خبرة تضيفه إلى القوى العاملة المدربة في سوق العمل ‪.‬‬
‫وفي هذه الورقة يمكن وضع بعض المشكالت باعتبارها محاور بحث ونقاش ‪ ،‬مع‬
‫التأكيد على أن المشكلة ال تنشأ بمعزل عن المشكالت األخرى ‪ ،‬وإنما هناك ترابط‬
‫بينها وتوالد ‪ ،‬وهي على النحو التالي مرتبة ليس وفقا لألهمية وإنما وفقا لتواردها‬
‫على الفكر‪:‬‬

‫ضعف القدرة المهنية للمدرسين ‪:‬‬ ‫‪‬‬

‫ويتصل به التدريس بكونه مهنة للمدرس وانتماء أخالقي قبل أن يكون انتماء معيشي ‪،‬‬
‫والنقطة اليت أود ان أثريها هي‪ :‬مقدار اخلربة اليت يتمتع هبا معلم هذه املرحلة ‪ ،‬واالختبارات‬
‫اليت خضع هلا ليكون مؤهال للتدريس والرتبية ‪ ،‬فما يزال هناك حتفظ على أن ينتقل الطالب‬
‫اجلامعي بعد خترجه بشهر أو شهرين وعمره ‪ 22‬سنة ليصبح مدرسا وصانعا للجيل القادم‬
‫والذين ال يفصله عنهم عمريا سوى سنوات قليلة ‪.‬‬

‫الضغوط االجتماعية واإلعالمية على التعليم‪:‬‬ ‫‪‬‬

‫إن تلك الضغوط وهي غالبا من غري املؤهلني علميا وفكريا ( صحفيون مثال) تؤثر‬
‫سلبا على قرار املخطط الرتبوي ‪ ،‬ومتثل التجارب الشخصية للكتاب واإلعالميني‬
‫أساسا يعولون عليها يف مناقشة قضايا الرتبية والتعليم ومن مث يصدرون أحكامهم على‬
‫القضايا العامة واملؤثرة يف التعليم ويتبعهم العامة والرعاع يف اجملتمع ‪ ،‬فعلى سبيل‬
‫املثال ‪ :‬جتارب املدرسة الشاملة واملطورة ونظام الساعات يف اجلامعات ‪ ،‬واألستاذ‬
‫اجلامعي واخلبري األجنيب ‪ ،‬وتطوير العلوم الدينية ‪..‬اخل‬

‫ضغوط التطور والتحديث‪:‬‬ ‫‪‬‬


‫وهي مشكلة ال يعاين منها التعليم الثانوي وحده ‪ ،‬وكذلك ال يعاين منها النظام التعليمي‬
‫السعودي فقط ‪ ،‬ولكن السؤال يف حجم املشكلة أو اهلوة القائمة بني الوضع القائم‬
‫والتحديث املطلوب ‪ ،‬وهل اإلمكانات املادية والبشرية والقرارات املنظمة والقوانني‬
‫املستحدثة تقلل اهلوة أم تزيدها؟‬
‫هناك ثورة عارمة يف وسائل التعليم ويف أخالقيات العلم ‪ ،‬وهناك اقتناع تام عند املفكرين‬
‫واخلرباء بأن النظم املختلفة يف اجملتمع ومنها النظام التعليمي ليست قادرة منفردة على‬
‫مواجهة تلك الثورة ‪ ،‬وبالتايل هل يعي املخطط االسرتاتيجي حجم الكارثة عندما يسمح‬
‫للتعليم مثال ان يواجه العاصفة لوحده ؟!‬

‫عزل التعليم الثانوي عن ما يدور في التعليم العالي ‪:‬‬ ‫‪‬‬


‫فالطالب املتخرج من املرحلة الثانوية ال ينساب اىل التعليم العايل إنسيابا ‪ ،‬بل يغمس فيه‬
‫غمسا ! فال يكاد أن يسرتد أنفاسه ويفهم نظام اجلامعة وقوانينها ‪ ،‬إال والفصل الدراسي قد‬
‫انتهى واملعدل الرتاكمي قد هوى !!‬
‫هذا الوضع نتيجة لضعف االهتمام مبدخالت التعليم اجلامعي ‪ ،‬فغياب التنسيق أودى حبياة‬
‫كثري من املتعلمني سواء ُبعيد التخرج من التعليم الثانوي أو أثناء التعليم اجلامعي ‪.‬وتظل‬
‫الدورات املكثفة ‪ ،‬واختبارات القدرات ‪ ،‬ومقررات إعادة التأهيل دليل واضح على العزلة‬
‫اليت تعيشها املرحلة الثانوية ( بصفتها مدخالت ) عن املرحلة اجلامعية ( العمليات ) ‪.‬‬

‫‪ ‬مشكلة تزايد الطلب على التعليم الثانوي األكاديمي ‪:‬‬

‫وما تبعه من تكدس الطالب يف الفصول ‪ ،‬ومن مث ازدياد الشعور بعدم االرتياح إىل اجلو‬
‫املدرسي و التقاليد املدرسية ‪ ،‬والنتيجة ضعف يف التحصيل لشرحية من املتعلمني الغري قادرة‬
‫على التجاوب مع هذا اجلو ‪ ،‬وضعف يف األداء أيضا من قبل املعلمني الذين ال يستطيعون‬
‫التفاعل داخل هذا النوع من البيئات ‪.‬‬
‫كما يتصل بذلك موضوع يف غاية األمهية أال وهو التكامل بني أنواع التعليم الثانوي ‪ ،‬أو‬
‫تقليص حجم االنفصام ما بني التعليم الثانوي العام والتعليم الثانوي املهين و الفين ‪ ،‬إذ ال‬
‫تزال األنظمة تقيد حرية االنتقال بني مسارات التعليم املختلفة ‪ ،‬بل وتكرس دونية العمل‬
‫الفين واملهين يف الوقت الذي حيتاج فيه اجملتمع اىل حشود من املؤهلني فنيا ومهنيا ‪ ،‬هذا من‬
‫ناحية ‪ ،‬وحشود أخرى تتخرج من الثانويات تود لو أن بيدها صنعة تقتات منها ‪ ،‬أليست‬
‫مفارقة أن ُ يرتك املتعلم يأكل من خشاش أرض تنطوي على مقدرات هائلة من العمل‬
‫واالنتاج‪.‬‬
‫وأخريا فال بد أن يتّو ج الشعور بعدم االرتياح الذي يسود حول أمناط التعليم الثانوي ‪،‬‬
‫والشعور بأن املدرسة الثانوية ال تزال على وظيفتها التقليدية ‪ ،‬تعد الكتبة واإلداريني‬
‫واملنخرطني يف التعليم اجلامعي ‪ ،‬البد ان يتوج ذلك بصيغ جديدة للتعليم الثانوي خيطط هلا‬
‫جبدارة ‪ ،‬وأن تنبع كل خطة من االقتناع الشخصي أو الرأي الفردي لتصبح خطة وطنية‬
‫شاملة ‪ ،‬وأن يتم استنبات التجربة يف بيئتها وتربتها ‪ ،‬فإن أرَض جنٍد ال تنبُت األرَّز‪.‬‬

‫وأخيرا ما هي المدرسة الثانوية التي نريد ؟‬


‫إن المرحلة الثانوية بما تحمله من معالم وبما تتبوؤه من منزلة ‪ ،‬تحتاج الى نظرة‬
‫متأنية منطلقة من األهداف العليا للمجتمع ‪ ،‬أي أن يعاد صياغة المدرسة الثانوية‬
‫بحيث تكون المسؤولية ملقاة على الجميع وليس على التربويين وحدهم ‪ ،‬إذ البد ان‬
‫تنتهي الفوضى التعليمية الى غير رجعة‪.‬‬
‫إن الواقع والحاجة تريدان مدرسة يتكامل فيها التعليم الثانوي العام والتعليم المهني‬
‫والفني ‪ ،‬بحيث ُتربط أنواعه بجسور ‪ ،‬فتصبح أنواعا مفتوحة ‪ ،‬من أجل ان يتم‬
‫تقليص الفجوة الحاصلة اليوم بين أنواعها وأفرعها ‪ ،‬ولن يتم ذلك إال بإحداث‬
‫تغييرات جذرية في المناهج ‪ ،‬وثمة صيغ متعددة تحل هذا اإلشكال ‪ ،‬مثل نظام‬
‫الساعات المعتمدة أو النظام الشامل ‪ ،‬واللذين يؤِّم نان وجود مواد إلزامية تخصصية‬
‫وأخرى عامة مشتركة ‪ ،‬ومقررات نشاط تلبي الميول والنشاطات ‪.‬‬
‫المدرسة التي البد ان ُترى في المجتمع ‪ ،‬هي التي ترتبط بالبيئة واحتياجاتها وظروف‬
‫تطويرها وتنميتها ‪ ،‬وحل مشكالتها ‪ ،‬فلن ُيدّر س فيها مثال تضاريس دولة الكنغو إال‬
‫إذا كانت من ضمن أهدافنا التنموية! وإنما سيدَّر س فيها ‪ :‬علم بناء األسرة ‪ ،‬ومبادئ‬
‫االستثمار ‪ ،‬وعلم األخالق والعالقات االجتماعية ‪ ،‬وقيم اإلنتاج والعمل ‪ ،‬ثم علوم‬
‫التخصص كل حسب قدرته واستعداداته ‪ ،‬هذه المدرسة سيكون فيها أولوية للتوجيه‬
‫واإلرشاد االجتماعي والنفسي ‪ ،‬واكتشاف المشكالت التي تنتشر بين طالب المدرسة‬
‫الثانوية ‪.‬‬
‫هذه المدرسة لن ينتمي إليها إال المعلم الكفء ‪ ،‬وإيجاده ليس صعبا إذا ما تم‬
‫االستفادة ممن سبقنا في ذلك ‪ ،‬والمقصود التدريب والتأهيل بعد التخرج من كليات‬
‫التربية وقبل الدخول إلى عالم المهنة ‪.‬‬

‫واهلل الموفق ‪،،،،‬‬

‫د ‪ .‬عبداهلل بن حمد العباد‬

You might also like