You are on page 1of 2

‫مدخل عام لمحور أساس اإلجتماع البشري‬

‫حسب معجم الالند الفلسفي‪ ،‬يحيل على مجموعة من األفراد تجمع بينهم عالقات منظمة ومصالح‪ La Société‬إن المجتمع‬
‫متبادلة‪ ،‬ومن هنا يبدو أن العالقة بين افراد المجتمع الواحد هي عالقات منظمة وفق ضوابط وقواعد يلتزم بها األفراد‪ ،‬وهي‬
‫ليست عالقات عابرة ناشئة عن تجمع طارئ بين األفراد‪ ،‬كتجمعهم مثال على شاطئ البحر‪ ،‬أو على حادث معين‪ ... ،‬فمثل هذه‬
‫التجمعات ال يمكن أن تؤسس مجتمعا‪ ،‬ألن كل فرد من هؤالء يسعى إلى إشباع حاجات واهتمامته بمفرده‪ ،‬لكن بمجرد ما يبدؤوا‬
‫في تقديم المساعدات لبعضهم البعض‪ ،‬حينها نكون أمام بداية شرط من شروط تأسيس المجتمع‪ ،‬وهذا الشرط هو شبكة العالقات‬
‫المتبادلة بين األفراد‪ ،‬عالقات تقوم على التأثير والتأثر‪ ،‬وبالتالي‪ :‬على أي أساس يقوم المجتمع البشري؟ هل يرتبط بما هو فطري‬
‫‪.‬طبيعي أم يرتبط بإرادة اإلنسان في التعايش مع أخيه اإلنسان وفق قوانين مشاركة؟‬

‫إن المجتمع‬‫تحليل نص جون جاك روسو "المجتمع تعاقد" ص ‪46‬‬


‫يعود النص موضوع التحليل إلى صاحبه جون جاك روسو‪ ،‬وهو فيلسوف ومفكر فرنسي‪ ،‬ولد سنة ‪1712‬م‪ ،‬وتوفي سنة ‪1778‬م‪ ،‬وهو من‬
‫أتباع حركة التنوير‪ ،‬اشتهر كفيلسوف وكعالم اجتماع وعالم جمال‪ ،‬كما أنه أحد المنظرين البارزين في علوم التربية‪ ،‬وقد عرف بفكرة العقد‬
‫االجتماعي كأساس للمجتمع والدولة‪ ،‬من أبرز أعماله‪ :‬العقد االجتماعي‪ ،‬في أصل وأسس التفاوت بين الناس‬

‫البنية المفاهيمية لنص جون جاك روسو‬


‫إن مضمون نص المجتمع والتعاقد تم بناؤه من طرف جون جاك روسو استنادا إلى العديد من المفاهيم الفلسفية‪ ،‬من أبرزها مفهوم حالة‬
‫الطبيعة‪ ،‬وهي مجرد حالة افتراضية اعتمدها فالسفة العقد اإلجتماعي لتفسير نشأة المجتمع والدولة‪ ،‬وتتسم هذه الحالة بتمتع األفراد بحريتهم‬
‫المطلقة‪ ،‬أما المفهوم الثاني فهو مفهوم الحالة المدنية‪ ،‬وهي حالة المجتمع التي أصبح فيها االنسان‪ ،‬بعد خروجه من حالة الطبيعة‪ ،‬يعيش‬
‫‪ .‬تنظيما سياسيا واجتماعيا‪ ،‬احتكاما لقوانين تعاقدية تقنن سلوكهم وتحد من حريتهم المطلقة‬

‫أما المفهوم الثالث فهو مفهوم العقد اإلجتماعي‪ ،‬وهو عبارة عن اتفاق بين األفراد خرجوا بموجبه من حالة الطبيعة نحو الحالة المدنية‪،‬‬
‫وتختلف طبيعة هذا التعاقد من فيلسوف آلخر‪ ،‬إضافة إلى ذلك‪ ،‬هناك مفهوم الحرية‪ ،‬والتي تعني استقاللية الفرد على مستوى التفكير‬
‫والتصرف‪ ،‬بمعنى تصرف الفرد وفق إرادته في غياب تام للقيود‪ ،‬والنص يميز بين نوعين من الحرية‪ ،‬وهي الحرية المطلقة الطبيعية التي‬
‫‪.‬تغيب فيها القيود‪ ،‬والحرية المدنية المقيدة بقوانين المجتمع‬

‫أطروحة نص جون جاك روسو‬


‫أرجع جون جاك روسو نشأة المجتمع والسلطة السياسية إلى التعاقد بين أفراد المجتمع‪ ،‬وذلك بتنازل الناس عن جزء من حقوقهم (الحرية‪،‬‬
‫الملكية‪ )...،‬لسلطة الدولة والمجتمع‪ ،‬وهكذا أصبحت نظرية التعاقد االجتماعي (سيادة الشعب‪ ،‬المساواة أمام القانون‪ )...‬هي جوهر التصور‬
‫‪ .‬الحديث للمجتمع‪ ،‬فاالجتماع البشري حسب تصور روسو ليس نتاج ميول طبيعية بل هو نتاج تعاقد إرادي بين األفراد‬

‫شرح وتوضيح أطروحة جون جاك روسو‬


‫يرى جون جاك روسو أن االنسان كائن خير بطبعه‪،‬لذلك كانت السعادة هي سمة المرحلة األولى من حالة الطبيعة‪ ،‬فقد كانت هذه المرحلة‬
‫تسود فيها الحرية والعدالة‪ ،‬لكن بعد ظهور الملكية الفردية التي كانت سببا مباشرا في إحداث تفاوتات في الثروة بين الناس‪ ،‬ذلك ما أدى إلى‬
‫ظهور الصراع والحروب والقتال حول الثروة‪ ،‬وبالتالي للخروج من هذا الصراع كان البد من اللجوء إلى التعاقد االجتماعي‪ ،‬بموجب هذا‬
‫األخير سينتقل اإلنسان إلى الحالة المدنية حالة المجتمع والدولة‪ ،‬وذلك عبر التنازل عن بعض الحقوق الطبيعية لألفراد (الحرية المطلقة)‪ ،‬من‬
‫‪ .‬أجل التمتع بالحقوق المدنية كالحرية المدنية‪ ،...‬وهو تنازل لصالح اإلرادة العامة‪ ،‬بحيث تكون السيادة للشعب‬

‫البنية الحجاجية لنص جون جاك روسو‬


‫إن جون جاك روسو في بنائه لهذا النص بشكل عام‪ ،‬اعتمد على أسلوب العرض والتفسير‪ ،‬بحيث لجأ إلى عرض وتفسير موقفه حول أهمية‬
‫الخروج من حالة الطبيعة نحو الحالة المدنية‪ ،‬وتفسير أهمية العيش داخل المجتمع أو الدولة‪ ،‬وذلك ما نجد بارزا من خالل أفكار النص جملة‬
‫وتفصيال‪ ،‬وفي سياق تفسيره لموقفه حول مزايا االنتقال إلى الحالة المدنية‪ ،‬اعتمد أسلوب المقارنة بين ما يتميز به االنسان في حالة الطبيعة‬
‫‪.‬وما يتميز به في الحالة المدينة‬

‫حسب معجم الالند الفلسفي‪ ،‬يحيل على مجموعة من األفراد تجمع بينهم عالقات منظمة ومصالح متبادلة‪ ،‬ومن هنا يبدو أن العالقة بين افراد‬
‫المجتمع الواحد هي عالقات منظمة وفق ضوابط وقواعد يلتزم بها األفراد‪ ،‬وهي ليست عالقات عابرة ناشئة عن تجمع طارئ بين األفراد‪،‬‬
‫كتجمعهم مثال على شاطئ البحر‪ ،‬أو على حادث معين‪ ... ،‬فمثل هذه التجمعات ال يمكن أن تؤسس مجتمعا‪ ،‬ألن كل فرد من هؤالء يسعى إلى‬
‫إشباع حاجات واهتمامته بمفرده‪ ،‬لكن بمجرد ما يبدؤوا في تقديم المساعدات لبعضهم البعض‪ ،‬حينها نكون أمام بداية شرط من شروط تأسيس‬
‫المجتمع‪ ،‬وهذا الشرط هو شبكة العالقات المتبادلة بين األفراد‪ ،‬عالقات تقوم على التأثير والتأثر‪ ،‬وبالتالي‪ :‬على أي أساس يقوم المجتمع‬
‫‪ .‬البشري؟ هل يرتبط بما هو فطري طبيعي أم يرتبط بإرادة اإلنسان في التعايش مع أخيه اإلنسان وفق قوانين مشاركة؟‬

You might also like