Professional Documents
Culture Documents
موضوع البحث:
هللا
وأطال في عمرهما وقدرني على رد أفضالهما.
-2-
الحمد هلل والشكر هلل وكفى،
والصالة والسالم على المصطفى
أتقدم بخالص شكري ،وفائق
عبارات تقديري ألستاذي
الفاضل
الدكتور "البشير المتاقي"
الذي تفضل باإلشراف على
بحتي والذي وجهني بالنصائح
القيمة وتشجيعي على مواصلة
ً
هذا البحث وإتمامه ،فشكرا
لك أستاذي الكريم وأدامك هللا
تعالى شمعة تضيء درب طلبة
العلم.
-3-
التقـديــم:
في خضم التحوالت السياسية واالجتماعية التي شهدها المغرب ،تم إقرار دستور جديد
أقر العديد من المكتسبات الديمقراطية التي تكرس دولة القانون والمؤسسات :كما اعترف
بالمجتمع المدني ،كفاعل في مسار التنمية ،بل وكشريك أساسي لمؤسسات الدولة في اقتراح
التشريعات ،وإعادة المشاريع وكدا تفعيلها وتقييمها.
لقد اعتبر دستور ،2011ومند تصديره الديمقراطية التشاركية ،من أهم أركان
الدولة،حيث تواصل المملكة المغربية مسيرة توطيد وتقوية مؤسسات الدولة الحديثة؛ مرتكزاتها
المشاركة والتعددية والحكامة الجيدة ،وإرساء مجتمع متضامن وفي الفصل األول منه ،جعلها
أي الديمقراطية التشاركية إحدى أسس النظام الدستوري للمملكة ،والذي تقوم على أساس فصل
السلط وتوازنها وتعاونها ،والديمقراطية المواطنة التشاركية ،وعلى مبادئ الحكامة الجيدة
وربط المسؤولية بالمحاسبة ،وفي محاولة لتفسير هذه المبادئ ،حيث الفقرة الثانية من الفصل
السادس تحمل السلطات العمومية على توفير الظروف التي تمكن من تعميم الطابع الفعلي
لحرية المواطنات والمواطنين ،والمساواة بينهم ،ومن مشاركتهم في الحياة السياسية
واالقتصادية والثقافية واالجتماعية ،وهذا ما يعكس وضوح رغبة المشرع الدستوري في
تجاوز احتكار الدولة والدور الفاعل والوحيد في رسم السياسات العمومية ،وذلك باعتماد
مقاربة ت شاركية غايتها االستماع ألصوات المواطنات والمواطنين واالنفتاح على كافة فعاليات
المجتمع المدني.1
المنهج التاريخي :ذلك إلظهار اإلطار التاريخي لمفهوم المجتمع المدني ومدى
تطوره.
1رضوان زهرو "الدولة ،المجتمع المدني ودينامية التحول الديمقراطي ،مجلة مسالك ،عدد 56،2019/55ص.14/12
-4-
المنهج التحليلي :وتم االعتماد على هذا المنهج لتحليل مقتضيات دستور عام
2011للوقوف على فاعليه ونجاعة المجتمع المدني ومدى قدرته على تحقيق
التنمية.
-تقسيمـات البحـث:
المبحث األول :اإلطار العام لمفهوم المجتمع المدني.
-5-
المبحث :Iاإلطار العام لمفهوم المجتمع المدني في
الفكر السياسي الغربي
شكل موضوع المجتمع المدني واإلشكاليات المرتبطة به موضوعا مهما للنقاشات بين
المفكرين والكتاب لعصور طويلة ،كون المجتمع المدني أخد حيزا كبيرا في أدبيات الفكر
السياسي ،باعتباره يشكل عامال ضروريا ً من عوامل استقرار المجتمعات ،واالنتقال إلى حالة
الدولة المدينة ،وفي الوقت ذاته العمل على تلبية االحتياجات العصرية للمواطنين ،وعلى
جعلهم يشعرون بمقومات شخصيتهم ،بوصفهم أفراد لهم حقوق وحريات ،وعليم واجبات،
حيث يشير مفهوم المجتمع المدني الكثير من النقاشات والجدل لتأصيل المفهوم ،لذلك يجب
القول أن تعريف المفاهيم أمر في غاية األهمية في أي مجال علمي والحقيقة أن أغلب المفاهيم
وخاصة االجتماعية تتداخل في معناها.2
بناءا على ذلك سنتناول في هذا المبحث مفهوم المجتمع المدني في الفكر السياسي من
خالل مطلبين أساسيين هما:
المطلب األول :مفهوم المجتمع المدني في الفكر السياسي الغربي.
المطلب الثاني :تمظهرات مفهوم المجتمع المدني في الفكر السياسي العربي.
ريهام أحمد خفاجي" مؤسسات المجتمع المدني الغربية قراءة في األدوار المحلية " والدولية" مركز نماء للبحوث و الدراسات وتجارب .09ص.28 3
-6-
الفقرة األولى :المجتمع المدني في الفكر السياسي اليوناني
والمسيحي:
اتجهت بعض اآلراء للقول أن الفالسفة اليونان هم السابقون إلى بلورة مفهوم أولي -
بدائي للمجتمع المدني– من خالل استخدامه السياسي واالجتماعي في إطار التنظيم العام للمدن
اليونانية القديمة؛ فأفالطون في كتابه "الجمهورية" طرح أفكار جد متقدمة حول الدولة المدنية؛
كما رسم صورة للمجتمع المدني كمجتمع عاقل داخل دولته المثالية ،إال أن تلميذه أرسطو
اعتبر المجتمع المدني كمجموعة سياسية تخضع للقوانين ،أي أنه لم يكن يميز بين الدولة
والمجتمع المدني في فلسفة أرسطو ،هو تجمع سياسي أعضاؤه هم المواطنون الدين يعترفون
بقوانين الدولة ويتصرفون وفقا لها.4
أما جون لوك فقد اعتبر من أكثر مفكري مدرسة العقد االجتماعي اهتماما بمفهوم
المجتمع المدني ،فوصفه بالمجتمع المدني الذي يداخله األفراد طوعية لضمان حقوقهم
المتساوية التي تمتعوا بها في ظل القانون الطبيعي،ولكن غياب السلطة القادرة على ضبط
المجتمع الطبيعي ،جعل هؤالء األفراد يتفقون على تكوين مجتمع مدني ضامن لهذه الحقوق
ورفض فكرة الحكم الملكي المطلق ،وهو يعتقد بأنه كلما ازدادت الدولة قوة ،ضعف المجتمع
المدني ،وأسس نظريته على حق الملكية الفردية ،فوجود الملكية الفردية شرط أساسي لبناء
المجتمع المدني ،6لكن فكرة جون جاك روسو فتتلخص في أن العقد االجتماعي يجب أن يقوم
بانتزاع اإلنسان من الحالة الطبيعية ،ويرتقي به إلى حالة التكامل اإلنساني ،وتتلخص نظريته
عن المجتمع المدني ،في هجومه على المصلحة الذاتية والحساب العقالني للمنفعة ،حيث اعتبر
روسو المجتمع المدني مجتمع صاحب سيادة ،باستطاعته صياغة إدارة عامة ،يتماهى فيها
4ستيفت ديليو "التفكير السياسي والنظرية السياسية والمجتمع المدني" ،ترجمة ربيع وهبة ،مراجعة عالء أبو زيد ،المجلس األعلى للثقافة ،المشروع
القومي للترجمة ،القاهرة العدد 467السنة ،2003ص .41
5سعيد بن سعيد العلوي وأخرون "،المجتمع المدني في الوطن العربي" ،مركز دراسات الوحدة العربية ،بيروت السنة ،1992ص.64
6عبد الجبار حيضر عباس" ،المجتمع المدني ،المفهوم والظهور العالمي".
-7-
الحاكم والمحكومين ،فنشأة وظهور المجتمع المدني هي سابقة على ظهور الدولة ،وأن هذه
األخيرة تستمد مشروعيتها من إرادة أفراد المجتمع الذي تشكل قبل وجودها.7
7صالح ياسر "المجتمع المدني والديمقراطية،بعض إشكاليات المجتمع المدني والمجتمع السياسي والديمقراطي" مطبعة الرواد للطباعة والنشر بغداد
العراق السنة 2005ص .79
8كلود مايز عطية" يبين المجتمع المدني والمجتمع األهلي" منشورات زين الحقوقية ،بيروت لبنان ،ط 2012 .1ص.52
9بون اهرتبرغ "المجتمع المدني :التاريخ النقدي للفكرة" ترجمة علي حاكم صالح ،حسين ناظم ،مراجعة فالح عبد الجبار ترييف المدن ،مركز
دراسات الوحدة العربية بيروت 2002ص.94
10علي الدين هالل ونيغين مستعد" النظم السياسية العربية :قضايا االستمرار والتغيير" ،مركز دراسات الوحدة العربية ،بيروت الطبعة األولى ،السنة
2000ص.178
11أما ني قنديل المجتمع المدني في مصر" مركز البحوث والدراسات السياسية بكلية االقتصاد والعلوم السياسية ،القاهرة ،السنة,2001ص.263
12شهيدة البازـ المنظمات األهليةـ صفحة .34
-8-
الفقرة الثانية :مفهوم المجتمع المدني في الفكر السياسي المغربي
تعود اإلرهاصات األولى للتجربة المغربية في مجال المجتمع المدني ،إلى بداية
الممارسة الجمعوية ،أي في عهد الحماية ،إال أن الصراع السياسي بين الملكية وباقي الفاعلين
السياسيين ،حسم في السنوات األولى لالستقالل ،لغير صالح الحركة الوطنية ،حيث يمكن
اعتبار المجتمع المدني من بين المفاهيم المتداولة بإفراط في السنوات األخيرة بالمغرب ،ويكاد
يمثل احد أهم المصطلحات في المعجم السياسي المغربي المعاصر ،من حيث كثافة االستعمال،
إلى جانب مفاهيم أخرى ،كدولة الحق والقانون،الديمقراطية،حقوق اإلنسان المواطنة المناصفة،
إن المجتمع المدني هو مجتمع مدين للسلطة في كل شيء ،وذلك ألنها منحته مقومات وجوده،
فالدساتير والحريات ممنوحة والتناوب ممنوح والسلطة ال تستمر مشروعيتها من المجتمع؛
فاهم مستوى من مستويات المشروعية في النظام السياسي المغربي هو مستوى المشروعية
الدينية؛ وهو ما يتم التعبير عنه بإمارة المؤمنين التي تعتبر أسمى من حقل الدولة الحديثة؛
فالحديث عن المجتمع المدني يقضي االنتقال من مجتمع الرعاية إلى مجتمع المواطنين،13
وبالتالي وجب توفير بعض الشروط لالعتراف بوجود مجتمع مدني:
االعتراف بالفرد كوجود مستقل.
االعتراف بالفرد كمواطن له حقوق وعليه واجبات.
االعتراف بسيادة الشعب ،حيت يقع التشديد على كون الشعب هو مصدر كل
سلطة ،وان ال إرادة تعلو إرادته.
13محمد ضريف" الحقل السياسي المغربي :األسئلة الحاضرة واألجوبة الغائبة" المجلة المغربية لعلم االجتماع السياسي ،الطبعة األولى الدار البيضاء،
السنة ،1998ص.42
-9-
المطلب األول :اشتراك المجتمع المدني في تدبير الشأن العام:
لقد نصت الفقرة الثانية من الفصل 12من الدستور على مايلي << :تساهم الجمعيات
المهنية بقضايا الشأن العام ،والمنظمات غير الحكومية في إطار الديمقراطية التشاركية في
إعداد القرارات والمشاريع لدى المؤسسات المنتخبة والسلطات العمومية وكذا في تفعيلها
وتقييمها وعلى هذه المؤسسات والسلطات تنظيم هذه المشاركة ،طبق شروط وكيفيات
يحددها القانون>>.
14حسن بوزبدي " دور المجتمع المدني في دستور " 2011ضمن المجتمع الدني المغربي ،مجلة الفرقان :العدد 2014 ،74صفحة .34
15حيت كانت المادة 14من الميثاق الجماعي ،87.00كما وقع تعديله سنة 2008تنص على أنه" يحدث لدى المجلس الجماعي لجنة المساواة وتكافؤ
الفرص ،تتكون من شخصيات تنتمي لجمعيات محلية وفعاليات من المجتمع المدني ،يقترحها رئيس المجلس الجماعي.
16راجع في ذالك شعبان عبد الحسين " ،المجتمع المدني الوجه األخر للسياسة ،دار ورد عمان ط 2008 ،1ص 34وما بعدها.
- 10 -
الفقرة الثانية :اآلليات التشاركية المؤسسة لمساهمة المجتمع
المدني:
إن الهدف الذي يؤسس له الدستور الحالي يتجاوز منطق اإلنصات والحوار ،إلى
المشاركة الفعلية في عملية إعداد واتخاذ القرارات العمومية ،وأخذ الحلول المقترحة من طرف
هيئات المجتمع المدني بعين االعتبار ،لذ لم يمكن االنطالق من بعض اآلليات التشاورية
باعتبارها مدخال أساسي للمشاركة الفعلية في صناعة القرار ،ويمكن اعتبار أحداث الجنة
الوطنية للحوار حول األدوار الدستورية للمجتمع المدني ،مرحلة مهمة وأولية إليجاد الحلول
المقبولة والمتوافق عليها لمجموعة من القضايا المتعلقة بالمجتمع المدني كتمرين على تنزيل
فصول الدستور بخصوص المشاركة.
ورغم أن مخرجات هذا الحوار الوطني لم تفرز أي قانون بخصوص آليات المشاركة
المدنية في صناعة القرار العمومي ،كما أن توصياتها كانت عامة وغير واضحة ،إال أن
المسار الذي سلكه هذا الحوار يمكن اعتباره بمثابة نموذج للعملية التشاركية وآلياتها ،في ظل
شح الكتابات الفكرية واألكاديمية في هذا المجال ،ومن بين الممارسات التي تم اعتمادها في
مشاركة المجتمع المدني ،هو فتح المجال أمامه لتقديم مقترحاته بخصوص األدوار المفترضة
للعمل الجمعوي ببالدنا ،لكونه يشكل سياسة عمومية في مجال العمل المدني ،تنزيال لمقتضيات
الدستور.
أبرز النقاش الذي أجري خالل الحوار الوطني حول المجتمع المدني واألدوار
الدستورية الجديدة ،وأهمية التشاور العمومي بوصفه اآللية الفضلى لتفعيل المقاربة التشاركية
وتعزيز انخراط المواطنين في الشأن العام والمساهمة في دورة السياسات العمومية؛ لذلك
وجب تأطيره بنص قانوني يتيح خلق فضاءات حقيقية للتواصل والحوار والشراكة بين
المواطنين ومؤسسات الدولة والجماعات الترابية وكذا تنفيد االلتزام بالتعددية وعدم التمييز في
واقع وتفعيل السياسات العمومية ،كما ينبغي أن يستند هذا النص القانوني على تعريف للتشاور
العمومي يسمح بتنظيم مجمل اآلليات واألنشطة التداولية والتواصلية والتفاوضية ،تسعى من
- 11 -
خاللها السلطات العمومية إلى اإلنصات والتواصل وتبادل المعلومات مع المواطنين ،وذلك
بغاية الوقوف على آرائهم وتطلعاتهم وحاجاتهم بخصوص مشروع أو مخطط أو سياسة
عمومية خالل جميع المراحل التي تمر منها.17
بالموازاة مع أهمية الدور الذي خصه المشرع الدستوري للمجتمع المدني في الوثيقة
الدستورية لسنة ،2011وتحديدا في مجال السياسات العمومية والمساهمة في مختلف مراحلها،
وقصد تمكينه وتكريس هذه األدوار الدستورية في إطار الديمقراطية التشاركية التي أصبحت
من مرتكزات النظام الدستوري للمملكة فقد نص -وألول مرة – على إحداث هيئات للتشاور
قصد إشراك مختلف الفاعلين االجتماعيين في إعداد السياسات العمومية وتفعيلها وتنفيذها
وتقييمها ،18وهي مجموعة من المؤسسات واللجان والهيئات العمومية الدائمة أو المؤقتة،
القطاعية األف قية التي تحدثها السلطات العمومية قصد تدبير مختلف عمليات التشاور ألجل
التواصل والتفاعل مع المواطنين ،وطنيا أو جهويا أو محليا ،واستطالع آرائهم بخصوص
مشروع أو مخططا أو سياسة عمومية خالل مراحل اإلعداد والتنفيذ والتقييم.19
تحدث هذه الهيئات في شكل لجان أو مجالس أو أي نسبة مؤسساتية أخرى من -
طرف السلطات العمومية المركزية ،لتدبير التشاور العمومي حول السياسات
والقرارات والبرامج والمخططات والتشريعات ذات الطبيعة العمومية
واإلستراتيجية والهيكلية أو المتعلقة بحقوق وحريات المواطنين والمواطنات.
تجمع هيئات التشاور العمومي الوطنية بين فاعلين عموميين يمثلون الدولة، -
وفاعلين خواص يمثلون المواطنات والمواطنين ،ومنظمات المجتمع المدني
والقطاع الخاص ،وكذا الفاعلين المعنيين بالمشروع أو السياسة العمومية....
يراعى في إحداث هيئات التشاور العمومي المركزية ،مقاربة النوع -
االجتماعي ،وتمثلية متوازية لمختلف الفعاليات المدنية المعنية ،وكذا التخصص
القطاعي ،وجودة القوة االقتراحية.
تتوفر هيئات التشاور الوطنية وجوبا ،على مقر خاص داخل المؤسسات -
العمومية المعنية بعملية التشاور وعلى موارد بشرية كافية ومتخصصة.
تعمل السلطات الحكومية على تمكين هيئات التشاور من المعلومات والوثائق -
الالزمة لالضطالع بمهامها.
الحوار الوطني حول المجتمع المدني واألدوار الدستورية الجديدة ،التقرير التركيبي الصادر سنة ،2014ص .24 17
مخرجات الحوار الوطني حول المجتمع المدني واألدوار الدستورية الجديدة المتعلق بأحكام الدستورية.49 ، 19
- 12 -
-تشتغل هيئات التشاور وفق قواعد وشروط مسطرية يحددها نص تنظيمي يأخذ
بعين االعتبار خصوصية المجال والقطاع المعني ،وكدا طبيعة األهداف
والنتائج المنتظرة من عملية التشاور.
-وتجدر اإلشارة إلى أن الوزارة المنتدبة لدى رئيس الحكومة المكلفة بالعالقات
مع البرلمان والمجتمع المدني ،قد سلكت هذا النهج التشاوري عندما أحدثت
للجنة الوطنية للحوار الوطني حول المجتمع المدني واألدوار الدستورية
الجديدة ،وذلك بفرض فتح حوار بناء ،وإقامة جسور التواصل وتقريب وجهات
النظر المتباينة بين مختلف فعاليات المجتمع المدني ،وفي هذا السياق وبغرض
تعزيز النقاش واستقصاء أراء المجتمع المدني بغية وضع تصور شامل
وواضح حول األدوار الدستورية للتنظيمات المدنية ،عقدت للجنة سلسلة من
اللقاءات التشاورية مع الجمعيات في مختلف جهات المملكة ومع مغاربة العالم؛
وقامت بتنظيم مجموعة من الندوات العلمية والموضوعاتية وجلسات إنصات،
أطرها مغاربة وأجانب ،وتلقي مذكرات تفصيلية من عدد كبير من الفعاليات
المدنية ،كما عقدت مجموعة من اللقاءات مع مجموعة من المؤسسات الوطنية
والقطاعات الحكومية المعنية والمنظمات الدولية المهنية لتوسيع مجاالت
المشاركة المدنية وتنظيمها وتأهيلها ،20والغاية من هذه المنهجية التشاركية
والتشاورية هو توسيع وتعميق النقاش حول أهمية العمل المدني والخروج
بتوصيات ومقترحات حول تفعيل األدوار الدستورية بما ينسجم وواقع المجتمع
المغربي.
بالعودة إلى السياق المغربي كما أشرفنا سابقا فإن الفصل 13من الدستور الذي يؤكد
على إحداث هيئات للتشاور قصد إشراك مختلف الفاعلين االجتماعيين في مسار السياسة
العامة ،ال ينبغي قراءته بشكل منعزل عن باقي فصول الدستور ،ويمكن في هذا الخصوص،
ربطه بالفصل 139الذي ينص على وضع آليات تشاركية للحوار والتشاور على المستوى
الجهوي والمحلي ،بغية تسهيل مساهمة المواطنين والمواطنات والمنظمات المدنية في إعداد
- 13 -
برامج التنمية وتتبعها ،المدني واألدوار الدستورية ،هذه الهيئات الجهوية والمحلية 22وهي
عبارة عن:
+تقوم مجالس الجماعات الترابية والسلطات العمومية المحلية المذكورة ،بمبادرة منها،
بتوجيه دعوة عمومية ،يتم نشرها على كل الفاعلين المهنيين بالمشروع أو برامج موضوع
التشاور ،وتكون الدعوة في شكل إعالن يتم تعميمه بكل الطرق المتاحة وعلى أوسع
نطاق ،على كل المعنيين وذوي الحقوق ،بدون تمييز وعلى أساس الشفافية وتكافؤ
الفرص. ...
وفي هذا الخصوص ،نستحضر النهج الذي سلكه المشرع المغربي عند إقراره القانونين
التنظيميين المتعلقين بالجماعات والعماالت واألقاليم.23
تفعيال للفصل 139من الدستور ،حيث أكد على إحداث هيئة استشارية بشراكة مع
فعاليات المجتمع المدني ،تختص بدراسة القضايا المتعلقة بتفعيل مبادئ المساواة وتكافؤ
الفرص ومقاربة النوع ،في حين أكد القانون التنظيمي المتعلق بالجهات 24على إحداث ثالث
هيئات إستشارية تختص األولى بدراسة القضايا الجهوية المتعلقة بتفعيل مبادئ المساواة وتكافؤ
الفرص ومقاربة النوع ،والثانية بدراسة القضايا الجهوية المتعلقة بالشباب واهتماماتهم كما
تختص الثالثة بالقضايا الجهوية ذات الطابع االقتصادي.
تكمن أهمية هذه الهيئات التشاورية في كونهم تضع – من بين مكوناتها – فعاليات
المجتمع المدني ،والتي تعتبر اهتمامات المواطنين ،وتنقلها إلى أصحاب القرار غير أن السؤال
الذي يطرح بخصوص هذه الهيئات التشاورية ،يتعلق بمدى الحيز المتاح لها لتقديم أرائها
بخصوص القضايا التي تهم المواطنين على المستوى المحلي؟ خاصة وأن المشرع قد ربط
22مخرجات الحوار الوطني ،مرجع سابق ،ص .53
23أنظر المواد 120 :من القانون التنظيمي رقم 113.14المتعلق بالجماعات 111من القانون التنظيمي رقم 112.14المتعلق بالعمالت واألقاليم.
24المادة 117من القانون التنظيمي رقم 111-14المتعلق بالجهات.
- 14 -
ممارسة مهامها وكيفية تسييرها بالنظام الداخلي للمجلس الذي تكون له كامل الحرية في تقييدها
أكثر مما هي مقيدة بالنص القانوني أو توسيع صالحياتها.
وفي هذا السياق ،فإن المشرع المغربي حسب ما فعل في القانون التنظيمي المتعلق
بالجهات بالتنصيص على إحداث ثالث هيئات إستشارية تختلف مجاالت تداخلها بين مقاربة
النوع واهتمامات الشباب والشؤون االقتصادية على المستوى المحلي ،على األقل فإنه يوسع
من مجاالت تدخل المجتمع المدني في صناعة القرار على المستوى الجهوي ،بالرغم من أن
رايه استشاريا وليس تقريريا ،ويبقى مرتبطا بطلب المجلس.
25كريمة غانم السياسات العمومية المتعلقة بالشباب دراسة حالة ،بحث لنيل دبلوم ا لدراسات العليا للجامعة ،جامعة محمد الخامس السويسي كلية
العلوم القانونية االقتصاد واالجتماعية السويسي ،سنة 2013/2012ص .134
- 15 -
الفقرة األولى :على المستوى الوطني
نص الباب األول الذي يحمل اسم األحكام العامة في فقرة األولى على أن نظام الحكم
بالمغرب نظام ملكية دستورية ديمقراطية برلمانية واجتماعية.
يقوم النظام الدستوري للمملكة على أساس فصل السلط وتوزيعها وتعاونها،
والديمقراطية المواطنة والتشاركية وعلى مبادئ الحكامة الجيدة ،وربط المسؤولية بالمحاسبة،
إن النظام الدستوري للمملكة يقوم على أساس الديمقراطية المواطنة والتشاركية ،وهو ما
يوضح بشكل جلي توسيع قاعدة االنخراط في األوراش الديمقراطية الحديثة الذي ينخرط فيه
المغرب من أجل توفير شروط التنمية ،بما يخدم مصالح وانتصارات المواطنين ،كما ينص
نفس الفصل على مبادرات الحكامة الجيدة وربط المسؤولية بالمحاسبة كمرتكزات إلعادة ثقة
المغاربة في مؤسساتهم وفي الحياة السياسية و االهتمام بالشأن العام.26
كما وضع الفصل 12اإلطار العام لتأسيس جمعيات المجتمع المدني والمنظمات الغير
الحكومية ،حيث يعد اإلقرار بمبدأ الحرية كقاعدة للممارسة في نطاق احترام الدستور
والقانون ،ثم ضمان وحماية هذه الجمعيات بمقرر قضائي كوسيلة وحيدة أو توقيفها من طرف
السلطات العمومية ،وقد نصت الفقرة الثانية من هذا الفصل على مساهمة جمعيات المجتمع
المدني وخصوصا منها المهتمة بقضايا الشأن العام والمنظمات الغير الحكومية في إعداد
قرارات ومشاريع لدى المؤسسات المنتخبة والسلطات العمومية وكذا في تفعيلها وتقييمها وذلك
في إطار الديمقراطية التشاركية.
لقد دستر هذا الفصل األول مرة مفهوم المجتمع المدني وأعطى مضمونا الختيار
الوثيقة الدستورية الديمقراطية التشاركية ،كإحدى مقومات النظام المغربي ،وجعل من
الجمعيات والمنظمات الغير الحكومية شريكا خالل كل مرحلة دورة السياسات العمومية ،من
الصياغة إلى اإلعداد مرورا بالتنفيذ تم التقييم ،ومن جهة أخرى يوسع مجال هذه الديمقراطية
التشاركية لكي ال تقتصر فقط على المؤسسات المنتخبة بل ليشمل كذلك السلطات العمومية.27
وعمل الدستور المغربي أيضا على ضمان أوسع لمشاركة المغاربة المقيمين بالخارج
في المؤسسات االستشارية وهيئات الحكامة الجيدة ،بموجب الفصل ،18وتوسيع هذه
المشاركة ،جاء نتيجة مطالب طلما رفعتها جمعيات المغاربة المقيمين بالخارج ،بحقوق مواطنة
كاملة في مستوى ما يساهمون به في تقديم اقتصاد البالد.28
26كريم لحرش الدستور الجديد للمملكة المغربية شرح وتحليل ،سلسلة العمل التشريعي واالجتهادات القضائية العدد 3ص.16
27طارق الثالثي ،ال مجتمع المدني ودوره في تعزيز المشاركة السياسية في دستور ،2011لنيل دبلوم الماجستير في القانون العام ،جامعة الحسن
الثاني كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية.المحمدية 2013/2012ص75-74
28
MOHAMMD BEN JALLOUN état, démocratisations et société civil au Maroc, in le système politique et la
problématique de la reforme constitutionnelle au Maroc. RMSPS. n3. top presse. Rabat juillet 2012. p :103
- 16 -
الفقرة الثانية :على المستوى الجهوي والترابي
فقد نص الفصل 136على أن التنظيم الترابي من شأن تأمين مشاركة السكان المعنيين
في تدبير شؤونهم والرفع من مساهمتهم في التنمية البشرية المندمجة والمستدامة ،وفي نفس
االتجاه كلف الفصل 139مجالس الجهات ورؤساء مجالس الجماعات الترابية بوضع آليات
تشاركية للحوار والتشاور ،ومن أجل تسيير مساهمة المواطنين والجمعيات في إعداد برامج
التنمية وتتبعها وتقديم العرائض ،والهدف منها مطالبة المجالس بإدراج نقطة تدخل في
اختصاصه ضمن جدول أعماله ،على أن يحدد القانون التنظيمي شروط تقديم العرائض من
قبل المواطنين والمواطنات والجمعيات.29
وتجدر اإلشارة إلى على أن الشراكة تعد أحد اآلليات الضرورية لتفعيل االستثمار
وذلك بين جميع الفاعلين من جماعات ترابية ومؤسسات عمومية ونسيج جمعوي وقطاع
خاص ،لذلك فإن القوانين التنظيمية للجماعات الترابية سوف تحدث مجموعة من اآلليات
الجديدة المنسجمة مع الدستور وهكذا من أجل تيسير عمل ففعاليات المجتمع المدني في إعداد
وتتبع برامج التنمية على المستوى الترابي عملت القوانين التنظيمية على إحداث آليات
تشاورية كأداة للعمل التشاركي بين مختلف مكونات المجتمع المدني ،إضافة إلى ذلك تم
التنصيص على آلية جديدة والمتمثلة في تقديم العرائض لمجالس الجماعات الترابية سواء منها
الجهات 30أو الجماعات 31أو العماالت واألقاليم ،32وذلك من أجل إدراجها في جدول أعمالها.
- 17 -
المبحث :IIIالمجتمع المدني بين آليات تدبير وإكراهات
الواقع.
تعتبر الديمقراطية التشاركية من اآلليات الهامة والجديدة التي يتم من خاللها ضمان
مشاركة المواطنين والمواطنات والهيئات المدنية ،في اتخاذ القرارات العمومية التنموية،
االقتصادية واالجتماعية والثقافية والبيئية ،...وتتبعها وتنفيذها وتقييمها ،وهي شكل من أشكال
الرقابة الشعبية والمجتمعية على صانعي القرار العمومي ،ومدخال أساسيا لتحقيق الحكامة في
تدبير الشأن العام ،وتساهم في تفعيل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة.
وقد نص الدستور الجديد لسنة 2011في العديد من فصوله واألول مرة في تاريخ
التعديالت الدستورية بالمغرب ،على مبدأ الديمقراطية التشاركية وحق المواطنين والجمعيات
في التشاركية في وضع السياسات العمومية سواء على المستوى الوطني أو المحلي الترابي،
وذلك من خالل الفصول التالية 139 -15 -14 –13 – 12 -1أحال إلى السلطات الحكومية
العمومية المعنية إلصدار القوانين التنظيمية المحددة لشروط وكيفيات ممارسة هذه الحقوق.
وتنزيال لفصول الدستور أعاله وخاصة الفصل 139المتعلق بمشاركة المواطنين
والمواطنات والجمعيات في تدبير الشأن العام المحلي ،انطالقا من مبدأ الديمقراطية التشاركية،
تم بمناسبة تعديل القوانين التنظيمية لكل من الجماعات والجهات والعماالت واألقاليم
بالتنصيص على مواد قانونية تؤطر أنواع وكيفية وشروط هذه المشاركة.
فعلى مستوى الجماعات حدد القانون التنظيمي الجديد رقم 14-113من خالل ثالث
مواد ،آليات ممارسة حق مشاركة المواطنين والمواطنات والجمعيات في تدبير الشأن العام
المحلي وهي :عقد لقاءات للتشاور والحوار ( المادة )119وإحداث هيئة استشارية للمساواة
وتكافؤ الفرص ومقاربة النوع ( المادة )120تقديم العرائض لإلدراج نقطة جدول أعمال
المجالس (المادة .)121
- 18 -
كانت تطورات النص القانوني مرتبطة بشكل كبير بحيوية المجتمع المدني ،وقوته االقتراحية،
ونباهته المتيقظة ،ونضج مرافعاته حول الحرية والحق في المشاركة المدنية ،وفي تثمين
أدواره في الوساطة االجتماعية وفي ديمقراطية القرب.
- 19 -
المعطيات التي لها صلة بهذه الميادين من أجل دراسة وإعداد توصيات بشأن إدماج مقاربة
النوع االجتماعي في برامج الجماعة وتبدي الهيأة رأيها ،بطلب من المجلس أو رئيسه.
وتحدد المواد من 62إلى 81من النظام الداخلي للمجالس الجماعية مهام ومعايير
تشكيل الهيئة وكيفية اشتغالها كما يلي:
تتكون هيئة المساواة وتكافؤ الفرص ومقاربة النوع من شخصيات تنتمي إلى -
جمعيات محلية وفعاليات من المجتمع المدني يقترحهم رئيس المجالس
الجماعية ،ويحدد أعضاء ( الهيئة ) الهيئة باعتبار أهمية النسيج الجمعوي
والفاعلين المحليين بالتشاور معهم.
يأخذ بعين االعتبار في تشكيل الهيئة المعايير التالية: -
مقاربة النوع االجتماعي حيث يتم تخصيص نسبة 30%للنساء من
مجموع أعضاء الهيئة للسعي نحو تحقيق مبدأ المناصفة.
تحديد نسبة لكل فئة من الفئات المستهدفة ( أشخاص من ذوي احتياجات
خاصة ،أطفال ،مسنون). ...
المكانة والسمعة داخل المجتمع المحلي.
التجربة في ميدان التنمية البشرية.
الخبرة في مجال النوع االجتماعي
التنوع المهني.
االرتباط بالجماعة.
يجوز لرئيس الهيئة أن يأذن لبعض األشخاص دوي االختصاص لحضور -
أشغالها إذا كان من شأن ذلك أن يفيد الهيئة في إتحاد قرار المناسب
بخصوص الموضوع المعروض عليها ،ويمكن للهيئة تكوين مجموعات عمل
تهتم بقضايا معينة في مجال اختصاصاتها.
إن نشاط الهيئة عمل تحضيري داخلي ال يجوز نشره وال إبالغه إلى العموم، -
ويمكن للهيئة أن تقدم لمجلس الجماعة توصيات وملتمسات ،ويقوم رئيس
المجلس الجماعي بصفة دورية بإخبار أعضاء الهيئة مآل توصياتها
وملتمساتها واقتراحاتها.
- 20 -
الفقرة الثالثة :تقديم العرائض إلدراج نقطها في جدول أعمال
المجالس:
حدد القانون التنظيمي للجماعات من المادة 121إلى 125شروط تقديم العرائض من
قبل المواطنين والمواطنات والجمعيات ،يكون الهدف منها مطالبة المجلس بإدراج نقطة تدخل
في صالحياته ضمن جدول أعماله ،كما حدد كيفية إبداعها لدى المجالس ،في ما أحال إلى
إصدار نص تنظيمي لتحديد شكل العريضة والوسائل المنشئة التي سيتم إرفاقها بالعريضة
حسب الحالة.
العريضة حسب مدلول القانون التنظيمي هو كل محرر يطالب بموجب المواطنات
والمواطنين الشروط التالية:
-أن يكونوا من ساكنة الجماعة المعنية أو يمارسوا بها نشاطا اقتصاديا أو تجاريا
أو مهنيا.
-أن يكونوا مسجلين في اللوائح االنتخابية العامة.
-أن تكون لهم مصلحة مباشرة مشتركة في تقديم العريضة.
-أن عدد الموقعين عن 100مواطن أو مواطنة بالنسبة للجماعات التي يقل
عدد سكانها 350000نسمة ،و 200مواطن ومواطنة بالنسبة لغيرها من
الجماعات ذات نظام المقاطعات.
شروط تقديم العريضة من طرف الجمعيات:
أن تكون الجمعية قانونية ونشيطة لمدة تزيد عن ثالثة سنوات.
أن يكون مقرها أو احد فروعها داخل تراب الجماعة.
أن يكون نشاطها مرتبط بموضوع العريضة.
تودع العريضة لدى رئيس مجلس الجماعة مرفقة بالوثائق المثبت للشروط
المنصوص عليها مقابل وصل يسلم فورا ،وتحال العريضة من قبل رئيس المجلس إلى مكتب
المجلس الذي يتحقق من استيفائها للشروط.
-وفي حالة قبول للعريضة تسجل في جدول أعمال المجلس في الدورة العادية
الموالية وتحال إلى اللجنة أو اللجان الدائمة المختصة لدراستها قبل عرضها
عن المجلس للتداول في شأنها ويخير رئيس المجلس الوكيل أو الممثل القانوني
للجمعية حسب الحالة بقبول العريضة.
-أما في حالة عدم قبول العريضة من قبل مكتب المجلس يتعين على رئيس
المجلس تبليغ الوكيل أو الممثل القانوني للجمعية حسب الحالة بقرار الرفض
معلال داخل أجل ثالثة أشهر ابتداء من تاريخ توصله بالعريضة.
- 21 -
المطلب الثاني :معوقات المجتمع المدني وأسس تفعيله:
إن محدودية فعالية المجتمع المدني المغربي يحيلنا إلى طرح عدة تساؤالت تتمحور
كلها حول الموانع والعراقيل التي يرى أغلب الباحثين أنها جاءت كنتيجة حتمية لتظافر
مجموعة من العوامل الداخلية ،وأخرى خارجية متعلقة بالبيئة التي يتحرك فيها.
33هند عروب ،المجتمع المدني المغربي :فعالية أم أوهام الفعالية في المغرب في مفترق الطرق ،توفيق بوعشرين (المحرر) ،الرباط :دفاتر وجهة
نظر 2005 2004 :ص .170.17
34عبد العزيز بناني ،الحركة المغربية لحقوق اإلنسان ،ورقة مقدمة إلى الندوة التي نظمت حول ،وعي المجتمع بذاته عن المجتمع المدني في المغرب
العربي ( الدار البيضاء دار توبقال للنشر ،ط )1998 1الصفحة .197
35المملكة المغربية القانون رقم 75.00المتعلق بتنظيم حق تأسيس الجمعيات الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم .01.02.206
- 22 -
الحالة2 : الحالة1:
عدم تسليم الوصل +استيفاء اإلجراءات =يمكن تسليم الوصل النهائي في ظرف
للجمعية ممارسة نشاطها وفق األهداف المسطرة في 60يوم.
قوانينها.
تسليم السلطة المحلية نسخة من التصريح والوثائق المرفقة إلى األمانة العامة للحكومة.
تسليم السلطة المحلية إلى النيابة العامة بالمحكمة االبتدائية نسخة من التصريح والوثائق
المرفقة إلبداء رأيها في الطلب عند االقتضاء.
ملحوظة :تم إعداد هذه التصريح لدى مقر السلطة اإلدارية المحلية.
الخطاطة بناء على مقتضيات
يتم التصريح مباشرة من طرف أحد أعضاء أو عون قضائي.
القانون 75.00المتعلقة
بتأسيس الجمعيات.
المصدر :ندير المومني "،تقديم وطني لمشاركة المواطنين والمجتمع المدني في
إصالح القطاع العام في المغرب " كلية العلوم القانونية واالجتماعية واالقتصادية ،الرباط ،ص
.57
وهو اإلجراء الذي لم يكن موجود مع ظهير ،1958والذي كان يميز بين نوعين من
الجمعيات ( جمعيات األشخاص) التي تؤسس وبكل حرية دون سابق إذن والجمعيات المتمتعة
بالشخصية المعنوية ،والتي تخضع إلى تقديم صريح.
وهكذا يمكن القول بأن التعديالت التي جاءت متممة للظهير المنظم للحريات العامة
الصادر في نوفمبر 1958ونقصد بذلك ( قانون 1973و ،) 2002وملت معها مند البداية في
تقييد الحريات العامة ،مما انعكس سلبا على دينامكية المجتمع المدني المغربي وفاعليته.
- 23 -
الفقرة الثانية :التركيبة الهجينة لمنظماته:
باإلضافة إلى عائق النخبوية الذي ساهم في توسيع الفجوة ما بين منظمات المجتمع
المدني المغربي والمجتمع ككل ،تعيش هذه المنظمات أيضا حالة " تمازج حاد " بين مجتمع
محلي ذي بنية وراثية ومجتمع مدني ناشئ ،بين مجتمع القبيلة واألسرة ومجتمع النقابة
والعصبة والجمعية .36فالفاعلين داخل المجتمع المدني المغربي متراكبون داخل سلطة الدولة،
سلطة األحزاب السياسية وسلطة النقابات ،وهو ما يمنع كل حياد واستقالل ويعيد -وهذا هو
األخطر – توجيه نشاطهم ويحصر أعمالهم 37ويعجل نخبة تقطع في كثير من األحيان مع ثقافة
النقد والمساءلة وترتكن بالمقابل لنزعة التبرير والتواطؤ ،وهو ما ينتج ويبعد إنتاج نخبة مدينة
غير فاعلة ال تجيد إال الترديد الصدوي لمل يخطط ويقرر في مربع السلطة في غالب
األحيان.38
فتصور مجتمع مدني مستقل يقتضي االعتراف بالمصالح االجتماعية المختلفة
والمتشبعة ،ويتطلب إعادة بناء العقل السياسي القائم على التنافس بين مختلف القوى الموجودة،
كما يستوجب حضور القواعد التي يحترمها الجميع ،فالمجتمع المدني قبل كل شيء يتأسس
انطالقا من انتصار القانون على الديانات كما يقول ( جون لوك) .هذه العراقيل والمعيقات
السابقة والتي هي أعطاب قصوى يعتل بها المجتمع المدني المغربي ،تجعل من نخبه في
الكثير من الحاالت مجرد كائنات صدوية تعيد إنتاج ما يريد صناع القرار الفاعلين فعله في
النسق المجتمعي ،وهي بالضبط المسؤولية إلى حين بعيد عن استمرارية فرضية هذا المجتمع
بما تعنيه من جنينية المفهوم وتشوهات الفعل وعجزه عن االضطالع باألدوار الريادية
المنتظرة منه كفعاليات ومؤسسات أوجدت أساسا لحماية الفرد من شطط السلطة.
36عبد اإلله بلقزيز < ،المجتمع المدني إدارة االنتهاض وكوابح الدولة > مجلة آفاق ،ع ،)1991( 4-3 ،ص .191 -188
37عائشة بلعربي " ،الحركة الجمعوية النسائية بالمغرب :تأكيد مواطنة النساء" ورقة مقدمة إلى الندوة التي نظمت حول ،وعن المجتمع بذاته عن
المجتمع المدني في المغرب العربي ( الدار البيضاء :دار توبقال للنشر ،ط )1998 .1ص .132
38عبد الرحيم العطري " :صناعة النخبة بالمغرب :المخزن والمال والنسب والمقدس طرق الوصول إلى القمة مجلة دفاتر وجهة نظر ،ع ( 9الرباط
:مطبعة النجاح الجديدة ط )2006 1.،ص .136
- 24 -
الفقرة الثالثة :أسس تفعيل المجتمع المدني:
إن اضطالع منظمات المجتمع المدني باألدوار واألوضاع التي ذكرناها سابقا ،يبقى
رهين توفر جملة من الشروط والوسائل وفي ضوء ذلك ذهبنا لتحديد ثالث وسائل رئيسة لنمو
المجتمع المدني أو لتدعيم نجاعته وفعاليته.
أوال -اإلطار القانوني والسياسي.
يتضمن اإلطار القانوني والسياسي مبادئ وقواعد قانونية وسياسية ،تسمح بتفعيل
المجتمع المدني وإعطائه الضمانات الالزمة لحركته ونشاطه وهي كما يلي:
أ -وجود دستور مستفتى عليه شعبيا ،يقر التعددية الحزبية وحرية تكوين الهيئات
والمنظمات السياسية والنقابية واالجتماعية والثقافية = ،ويحمي الديمقراطية والحريات وحقوق
اإلنسان.
ب -أن يضمن نظام الحكم الدستوري الفصل بين السلطات.
ج -أن توجد وتحترم القواعد القانونية التي تنظم وتحكم تكوين مؤسسات المجتمع
المدني.
د -احترام النظام القضائي واستقالله لحماية الشريعة الدستورية والحريات
الديمقراطية.
ه -أن تحول القوانين دون انتهاك الحريات ،أو حل السلطة التشريعية أو تجميد
الدستور ،أو إعالن حالة الطوارئ والقوانين االستثنائية أو التهديد بها.39
و -المشاركة الشعبية في صناعة القرارات على المستويات المختلفة بما يتطلب ذلك
من الالمركزية ،ومن توزيع المهام والصالحيات ،إذا ثم التسليم بضرورة وبوجود كل هذه
المبادئ والقواعد القانونية والسياسية فإن أنسب وسيلة لهذا الغرض هو تحقيق الديمقراطية
وتكريس مبادئها ،ل لوصول إلى المجتمع الديمقراطي ،هذا األخير الذي ال يقوم على وجود دولة
قانونية وديمقراطية فحسب ،ولكنه يتجاوز ذلك نحو توطين مبادئ الديمقراطية في ممارسات
الفرد والجماعة معا لتصبح بذلك ممارسة يومية تعمق في داخله تقاليدها.40
أحمد شكر الصبحي" ،مستقبل المجتمع المدني في الوطن العربي" ( بيروت :دراسات الوحدة العربية ،ط 2ص .)218 39
40
Jhan keam , democracy and civil society )London New York: verso : 1988( p 101.
- 25 -
على العملية الحضارية النسقية والعلمية واإلنتاجية ( الحداثة ) ،بالمقابل تعيش األمم المتحدة
والشعوب األخرى – من بينها المغرب األقصى – التي أنفقت في السيطرة على هذه الحداثة
بشكل دائم ،ومن أكثر من قرن ،وفي ظل سلطة مطلقة وتعسفية ،41فمسار الخصوصية الذي
اخدت به لم يتم لصالح المجتمع المدني ،بل تحولت هذه العملية إلى خدمة قوى أخرى عبر
عنها عادل غنيم ،مثيرا إلى أن ما حدث في البلدان العربية إبان سياسة االنفتاح وإعطاء
المبادرة للقطاع الخاص كان في حقيقته تحوال في وظيفة الدولة اقتصاديا واجتماعيا ،فبعد أن
كانت الدولة هي األداة اإلستراتيجية لتعبئة الفائض االقتصادي وعنصر أساسي في عملية
اإلنتاج االجتماعي ،وفي توسعه المطرد ،أي في عملية التنمية االقتصادية واالجتماعية
المستقلة ،أصبحت الدولة أداة رأس المال الدولي والمحلي في استنزاف الفائض االقتصادي
وتبديده ،بل وفي نهب أصول المجتمع اإلنتاجية ذاتها وتبديدها42؛ وتبعا لهذا التحليل ،فإن فهم
اإلشكال المشوهة للمجتمع المدني يكون من خالل النظر إلى األمر في سياقه الصحيح وهو
المبدأ المدخل أو المرتكز االقتصادي االجتماعي ،بمعنى ،أن التطور االقتصادي واالجتماعي،
بمعنى ،أن التطور االقتصادي واالجتماعي المحتجز ال يمكن أن يوله ديمقراطية محتجزة النمو
ومن ثم مجتمعنا مدنيا محتجز االكتمال ،أما نهاية هذه اإلحتجازات ،في أشكال دكتاتورية
منمقة ،وعليه فالمطلوب هو االستناد إلى نظام اقتصادي يرتكز على دور أكبر للقطاع الخاص
الوطني والمبادرات الفردية ،ويسمح لألفراد بإشباع حاجياتهم األساسية بعيدا عن الدولة ،التي
يجب أن يقتصر تدخلها في المجال االقتصادي على وضع بعض القواعد التنظيمية لألنشطة
الخاصة ،والقيام ببعض المشروعات التي يعجز القطاع الخاص عن أدائها ،ذلك ألن تدخل
الدولة في مختلف أوجه النشاط االقتصادي واالجتماعي يقلص من إمكانية تبلور المجتمع
المدني المستقل عن الدولة.43
ثالثا -اإلطار الثقافي:
من الواضح أن المجتمع المدني ال ينشط فقط لوجود هياكل تنظيمية تستقل رسميا عن
السلطات العامة ،فال قيمة لهذه الهياكل في حد ذاتها ،ما لم تعززها بل تسبقها ثقافة مواكبة
تشدد على ضرورة تقييد السلطات العامة بحدود معينة في تعاملها مع المواطنين فرادى كانوا
أو جماعات واحترامها حق هؤالء المواطنين في التنظيم واالجتماع والتفكير والتعبير ،وأن ال
يقتصر األمر على مجرد المعرفة بمثل هذه الحقوق ،وإنما تقترن المعرفة بالتمسك بقيم أخالقية
وبأنماط من السلوك منسقة معا ،وتشير بعض الكتابات إلى كل هذه العناصر تحت اسم الثقافة
المدنية ،44بمعنى أخر ال يمكن لمؤسسات المجتمع المدني أن تكون فاعلة من دون إطار ثقافي
يساعد في ترسيخ قيم الممارسة الديمقراطية ومبادئها ،لهذا فإن تفعيل المجتمع المدني العربي
– والمغربي على وجه الخصوص -يحتاج مسبقا إلى تأصيل المفاهيم والمبادئ المدنية في حياة
- 26 -
الناس ،ليس في الفكر وحده ،بل أيضا في التنشئة والممارسة ،وهذا يستدعي إحداث تغيير عمل
في العادات العقلية والروحية ،حيث يخرج الناس من األطر الطائفية اإلثنية إلى منازل
المجتمع ،حيث المجال مفتوح على التفاعل والتكامل هما الشرطين الضروريين لتوليد
اإلحساس العلمي بقيمة األخر ،عندها تصبح القناعة حقا بضرورة العمل الجماعي والتوجه
نحو الممارسة المدنية.45
وبناءا على ما سبق ،يمكن القول بأنه ال يمكن لمؤسسات المجتمع المدني بوصفها
أبرز أدوات العمل السياسي أن تكون فعالة في سياق العملية الديمقراطية ومبادئها ،فالعقبة
األساسية التي تعترض تطور قوى المجتمع المدني ومؤسساته في بلدان المغرب العربي
(والمغرب األقصى) أحدهما ،ليست سوى شيوع ثقافة الخضوع والتبعية وهيمنتها على مجمل
عالقات الحكم والسلطة.46
وعلى العموم تعتبر األطر السابقة بمثابة ركائز أساسية يمكن أن تساهم بشكل متفاوت
في تفعيل المجتمع المدني المغربي ،بشكل يسمح له أن يضطلع باألدوار الجديدة المندرجة
ضمن سياق الديمقراطية التشاركية الذي نص عليها الدستور الجديد ( دستور .) 2011
علي عمران ،في أزمة الحراك المدني الديمقراطي مجلة تحوالت ،ع ( 10شتاء ،)2006ص .5 45
- 27 -
المطلب الثالث :رؤية مستقبلية لمكانة المجتمع المدني
بالمغرب:
وفي ضوء ما هو شائع أن الدراسات التي ال تنفتح على المستقبل هي دراسات
مبتورة ،لهذا جاء هذا المطلب إلعطاء قراءة مستقبلية لمكانة المجتمع المدني بالمعرب عبر
ثالث فقرات.47
47
Augustus Richard Norton, << the future of civil in the Middle East >> middle east journal, vol, 47 no. 2(spring
1993). p, 214.
أحمد شكري الصبحي ،مرجع سابق ،ص .170 48
- 28 -
-شيوع الالمباالة السياسية وبروز ظاهرة االغتراب السياسي على المستوى
المجتمعي والفردي ،وكذا تفاقم حالة الفقر واألمية واتساعها لتحتضن المزيد
من المجموعات السكانية ،ويتجسد هذا االغتراب في استجابة سلوكية ،تكون
في صورتين:
* التبلد السياسي ،وعدم الرغبة في المشاركة السياسية والعزوف عن اإلدالء
بالصوت االنتخابي ،وشيوع روح عدم االنتماء ،أما الصورة الثانية لالستجابة
السلوكية الناجمة عن الشعور باالغتراب السياسي فهي العنف ،وبخاصة بين
أبناء الطبقات الدنيا في المجتمع ،ومع ازدياد هذا الشعور نتيجة الحرمان
االجتماعي ،تصبح هذه المشاعر مصدر تهديد خطير ال للنظام السياسي وحده
بل المجتمع بأسره.50
- 29 -
محلية في نظام كوني ،ومع هذا أفال تزال الدولة تحتفظ بدور مركزي يؤمن
لها السيطرة على مجتمعها.52
إن تكاثر منظمات المجتمع المدني وفعالياتها سيشعر أعدادا متزايدة من أفراد -
المجتمع المغربي ،بأن هناك بديال وظيفيا للتكوينات اإلرثية من أن يؤدي
تدريجيا إلى تقوية الوالء لألولى ،وإضعاف الوالء للثانية ،كما أنه قد يدفع
التكوينات االجتماعية – االقتصادية األخرى لإلسراع بتنظيم نفسها في شكل
أحزاب أو نقابات أو روابط 53ويمكن تلمس التطور األفقي للممارسة
االجتماعية فيما بدأ يدب في الحركة االجتماعية ( النقابية مثال ) من استمرارية
وحيوية وما بدأ ينكشف في سياق ذلك من صيرورة االستقالل هذه الحركة عن
الدولة بعد طول احتواء وكبح ،باإلضافة للظهور الحثيث لديناميات جديدة –
غير حزبية بالضرورة – في تشكل المجتمع المدني ،وبالخاصة منها تلك التي
يمكن اعتبارها ديناميات ثقافية أو حقوقية ،54وكنتائج لما ذكرناه سيترتب ما
يلي:
أن هذا النوع من اإلصالحات المحدودة والمقننة ،ال يسهل عملية تأكيد الدور -
الفعال للمجتمع المدني ،ففي الغالب يتسم موفق الدولة إزاء مؤسسات المجتمع
المدني إما بالتردد وإما بعدم الثقة ،فالدولة تسمح قانونا بالمجتمعات
والتنظيمات المدنية ربما اعترافا منها بقيمة إحياء هذه المؤسسات ،ولكنها في
الوقت نفسه تضع من القيود القانونية واإلدارية ،ما يجعل لها اليد الطويلة في
مراقبة هذه الجمعيات والمؤسسات أو حلها ،أو تحديد مجال حريتها مما يترتب
عليه وجود مجتمع مدني ممنوح من المؤسسات العليا (أي الدولة).55
السماح بمشاركة سياسية مقيدة لقوى المجتمع المدني ،ربما يمكنها من التعبير -
عن مصالحها ،كما يمكنها من التعبير عن سخطها بوسائل مؤسسية أكثر
جدوى وفاعلية ،وما دام ذلك مستمرا ،فإن التكوينات االجتماعية المنظمة نفسها
ستكون مثلها مثل الدولة ،بمثابة كابح لجماح بعض قوى التطرف فالدولة
ومنظمات المجتمع المدني ستكون لها مصلحة مشتركة في حماية االستقرار
الداخلي.56
فعملية التغيير االجتماعية وما يترتب عليها من ظهور قوى اقتصادية -
واجتماعية جديدة ،تطرح مطالب جديدة ( سياسية اقتصادية اجتماعية ) لم تكن
مطروحة من قبل وتتطلب وجود أطر مؤسسية فاعلة تقوم باستيعاب هذه
52
Samuel Huntington, after twenty years, the future of third wave, journal of democracy, vol, 08, n04,( Décombre
1997). pp. 01-07.
53سعد الدين ابراهيم " وآخرون" مستقبل المجتمع والدولة في الوطن ال عربي ،سلسلة دراسات الوطن العربي ،سلسلة دراسات الوطن العربي ط 2
عمان منتدى الفكر العربي ،ص .392
54أحمد شكري الصبحي ،مرجع سابق ،ص .181
55ثناء فؤاد عبد هللا ،مرجع سابق ،ص . 284
56حسنين توفيق ابراهيم ،ظاهرة العنف السياسي في النظم العربية ،سلسلة أطروحات الدكتوراه ( 17 ،بيروت ،مركز دراسات الوحدة العربية،
،)1992ص .283-282
- 30 -
المطالب وتجمعها وتوصيلها ،وكذا تمتعها بالمرونة والقدرة على التكيف من
شأنه أن يمكن النظام السياسي من إدارة عملية التغيير بفعالية كبيرة بعيدا كل
البعد عن استعمال كل إشكال العنف.
وكنتائج منتظر للمظاهر السابقة سيفرز لنا هذا السيناريو عدة نتائج أهمها:
-قيام عالقة سوية بين الدولة والمجمع تنطوي على قدر كبير من المشاركة
السياسية للمواطنين وتنظيماتهم غير الحكومية في اتخاذ القرارات ،يقدر ما
تكون الدولة تعبيرا أمنيا عن مجتمعها تزداد المشاركة السلمية المنتظمة ألفراد
57
حسنين توفيق ابراهيم مرجع سابق ص .700
58سعد الدين ابراهيم ،مجتمع المدني والتحول الديمقراطي في الوطن العربي ( القاهرة مركز التنمية السياسية والدولية )1991 ،ص .16
- 31 -
المجتمع في الشؤون العامة سواء بصفتهم الفردية أو الجماعية عبر المؤسسات
الطوعية.
سيكون طابع التكاملية الوظيفية إحدى النتائج المدنية ،إذ تتولى مؤسسات -
المجتمع المدني عملية التعبير عن مصالح المجتمع المتنوعة وتقديمها إلى
المؤسسات الحكومية التي تتولى بدورها عملية تحويلها وإنتاجها بصيغة
قرارات وسياسات عامة.
تمتع المجتمع بهامش واسع من االستقرار السياسي واالجتماعي ،59وإلكمال -
التصور عن مستقبل العالقة بين المجتمع المدني والنظام السياسي نشير إلى ما
يأتي:
إن األزمة التي يعيشها المجتمع العربي -والمجتمع المغربي على وجه -
الخصوص -اليوم تتركز كليا على الدولة ،ويفترض هذا المبحث في الدولة
وفهم مشكالتها ،يشكالن المدخل الرئيس لتحليل األزمة الشاملة التي يعيشها
المجتمع المغربي.
إن المجتمع المدني مرتبط في المغرب وغيره من البلدان العربية ،ارتباطا -
وثيقا بالنسبة للدولة ،وال يكون من المبالغة في شيء إن قلنا أنه من صنع
الدولة الحديثة.
إن النظام السياسي والمجتمع المدني ليس أمرين مستقلين أحدهما عن األخر، -
ولكنهما مرتبطان كليا ،فلكل نظام سياسي المجتمع المدني الذي يتماشى معه،
بل إن المجتمع المدني هو جزء من السياسة بمعناها الواسع العميق ،أي أن
أصول المجتمع المدني هي في المجتمع السياسي ،60لهذا نجد الصعوبة في فهم
الحد الفاصل بين المجتمع المدني والسياسي من دون فهم طبيعة السلطة،
فحدود المجتمع المدني تختلف مع تغير النظم االجتماعية وما كان يعتبر في
حقبة ما من شؤون المجتمع المدني يمكن أن يصبح من شؤون المجتمع
السياسي ،والعكس صحيح كما يقول عبد هللا العروي في سياق تناوله لمفهوم
الدولة.
وبناء على مختلف السيناريوهات السابقة فإن السيناريوا الذي يظهر بأنه األقرب
للحدوث في المملكة المغربية هو الشافي ،والمتمثل في انفتاح الدولة جزئيا على المجتمع
المدني وتدعيمه تدريجيا إليجاد صيغة توفيقية بين السلطة السياسية والمعارضة ،والذي يمكن
اعتباره بمثابة امتداد لما حدث سنة ،1998أيان عاش المغرب تجربة حكومة التناوب التوافقي
بقيادة المعارضة ،رغم أن البعض من الباحثين يرى فيها " منحة ملكية " وأنها جاءت بهدف
ضمان االستمرارية واالستقرار للعرش الملكي ،ولعل ما يعزز اختيار هذا السيناريو
59سعد الدين ابراهيم " آخرون " ،مرجع سابق ،ص .186
60برهان غليون " :بناء المجتمع المدني في الوطن العربي :دور العوامل الداخلية والخارجية " ،ورقة قدمت إلى :المجتمع المدني في الوطن العربي
ودوره في تحقيق الديمقراطية ،بيروت ،مركز دراسات الوحدة العربية )1992 ،ص .737
- 32 -
اإلصالحات األخيرة التي قام بها الملك محمد السادس ( دستور ،)2011والتي أعطت مكانة
وهامش واسع من الحرية للعمل الجمعوي يبقى رهان تحقيقها متعلق بممارستها ميدانيا وهو
الشيء الذي أظهره االستطالع الوطني الذي أنجزه من طرف فريق من الباحثين في العلوم
االجتماعية في إطار التقرير الوطني لتقييم خمسون سنة من التنمية البشرية ،والذي شمل عينة
من 1000شخص حدد باستعمال الحصص مفارقة تتمثل في نسب االنخراط المحدود في
تنظيمات المجتمع المدني 7%بالنسبة للجمعيات ،و 2%بالنسبة للنقابات) ،مقابل رغبة
متزايدة لالنخراط مستقبال في الجمعيات ( مابين %32و %41تعاونيات) ،تعاونيات
( ،)%36النقابات ( ،)12%من جهة أخرى وفي نفس السياق أفضى استطالع أخر قامت به
جريدة l’eonomisteخالل شهر أكتوبر ونوفمبر سنة 2005والذي شمل حوالي 776شابا
( من 16سنة إلى 29سنة ) في العالمين القروي والحضري ،وبالرغم من أن االستمارة لم
تتضمن سؤاال يتعلق باالنتصارات فقد أوضحت نتائج االستطالع أن %5يزاولون نشاطا
جمعويا خالل أوقات الفراغ ،وهو ما يمكن فهمه بوصفه توسعا ألفق االنتظارات من المجتمع
المدني وتتمين متزايد ألدواره.
- 33 -
خـاتــمـــة:
انطالقا من مبدأ الديمقراطية ،كرس
الدستور المغربي األدوار المحورية التي
يلعبها المجتمع المدني ،ومختلف
هيئاته ،61بغية تحقيق العدالة
المجالية على مستوى المحلي أو
الترابي ،انسجاما مع مقتضيات دستور
2011وتماشيا مع إستراتيجية النموذج
التنموي الجديد التي ينهجها المغرب.
كلمة عامل الرحامنة خالل اليوم الدراسي " دور المجتمع المدني في التنمية المحلية". 61
- 34 -
الئــحة المراجــع المعــتمـدة:
-أ -الكتــب:
الدستور المغربي ،صادر بتاريخ 29يوليوز .2011
عبد العزيز بناني ،الحركة المغربية ( حقوق اإلنسان ،المجتمع المدني بذاته
عن المجتمع المدني في المغرب العربي ( الدار البيضاء دار توبقال للنشر
ط.)1998 1،
صالح ياسر "المجتمع المدني والديمقراطية ،وبعض إشكاليات المجتمع
المدني والمجتمع السياسي والديمقراطي" مطبعة الرواد للطباعة والنشر
بغداد العراق السنة.2005
كلود مايز عطية " بين المجتمع المدني والمجتمع األهلي" من منشورات
زين الحقوقية بيروت لبنان الطبعة األولى؛ .2015
علي الدين ونيفين مستعد " النظم السياسية العربية :قضايا االستمرار
والتغيير" ،مركز دراسات الوحدة العربية ،بيروت الطبعة األولى ،السنة
.2000
كريم لحرش الدستور الجديد للمملكة المغربية شرح وتحليل سلسلة العمل
التشريعي واالجتهادات القضائية العدد .3
هند عروب المجتمع المدني المغربي فعالية أم أوهام الفعالية في المغرب في
مفترق الطرق ،توفيق بوعشرين (المغرب) ،الرباط؛ دفاتر وجهة نظر؛
.2005 -2004
أحمد شكر الصبحي " مستقبل المجتمع المدني في الوطن العربي" (بيروت
دراسة الوحدة العربية ،ط )2
ثناء فؤاد عبد هللا ،الدولة والقوة االجتماعية في الوطن العربي ،عالقة التفاعل
والصراع ( بيروت ط) 2001-1
سعد الدين إبراهيم " وآخرون " مستقبل المجتمع والدولة في الوطن العربي،
سلسلة دراسات الوطن العربي الطبعة الثانية ،عمان منتدى الفكر العربي.
- 35 -
-ب -المجالت :
عبد اإلله بلقزيز<< المجتمع المدني إدارة اإلنتهاض وكوابح الدولة >> مجلة
آفاق عدد .)1991(4-3
عبد الرحيم العطري ":صناعة النخبة بالمغرب" المخزن والمال والنسب
والمقدس طرق الوصول إلى القمة مجلة دفاتر وجهة نظر عدد ( 9الرباط
مطبعة النجاح الجديدة ط)2006 1
علي عمران ،في ازمة الحراك المدني الديمقراطية مجلة تحوالت العدد 10
(.)2006
رضوان زهرو ،الدولة المجتمع المدني ودينامية التحول الديمقراطي مجلة
مسالك العدد .2019 ،56/55
وجيع عفد وعلي ،مفهوم المجتمع المدني في الفكر السياسي المعاصر ،مجلة
تكريت للعلوم اإلنسانية ،العدد .7
أحمد أعراب –محمود بوزيد ،المجتمع المدني قراءة في آليات المشاركة
وصياغة القرارات ،مجلة مسالك العدد .2019 56/55
حكيمة ماهر " 2019المجتمع المدني بالمغرب :بين نصوص الدستور
وإكراهات الواقع)" ،مجلة القانون واألعمال العدد .22
موازي بالل " ،دور المجتمع المدني في عملية التحول الديمقراطي بالمملكة
المغربية" مجلة الباحث للدراسات األكاديمية ،العدد 2يوليوز .2014
- 36 -
-د -األطروحات والرسائل الجامعية:
أماني قنديل المجتمع المدني في مصر " مركز البحوث والدراسات السياسية
بكلية االقتصاد والعلوم السياسية ،السنة .2001
كريمة غانم السياسات العمومية المتعلقة بالشباب ،دراسة حالة ،بحث لنيل
دبلوم الدراسات العليا الجامعية ،جامعة محمد الخامس السويسي كلية العلوم
القانونية واالقتصادية واالجتماعية السويسي ،سنة .2014 /2013
طارق الثالثي تي المجتمع المدني ودوره في تعزيز المشاركة السياسية في
دستور ، 2011لنيل دبلوم الماجستير في القانون العام ،جامعة الحسن الثاني،
كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،المحمدية .2013/2012
حسنين توفيق إبراهيم ،ظاهرة العنف السياسي في النظم العربية ،سلسة
أطروحات الدكتورة ( بيروت ،مركز دراسات الوحدة العربية.)1992 ،
-ه – الندوات:
كلمة عامل الرحامنة ( عزيز بوينيان )ـثناء اليوم الدراسي" دور المجاتمع
المدني في التنمية المحلية"
ثانيا :مراجع بالغات أجنبية.
Steve Joab, “instutonnaliser l’evaluation des politiques
publique’’edition pie bruxelles 1ere édition.
mouhaemd ben jalloun etat, démocratisations et société
civil au Maroc, in système politique et la problématique de
la reforme constitutionnelle au Maroc. RMSPS. n 3 top
presse. rabat juillet 2012.
John Keam, democracy and civil society (London new York:
verso:1988).
Augustus richard norton, << the future of civil in the
middle east >> middle east journal, vo, 47 no,2 ( spring
1993).
Samuel Huntington, after twenty years, the future of third
wave journal of demorcacy, vol,08, no 4 (December 1997).
ثالثا :مواقع الكترونية.
المواقع االلكتروني التبريس
- 37 -
فهرس المحتويات
التقـديــم4......................................................................................................
المبحث :Iاإلطار العام لمفهوم المجتمع المدني في الفكر السياسي الغربي6......................
المطلب األول :مفهوم المجتمع المدني في الفكر السياسي الغربي6.................................
الفقرة األولى :المجتمع المدني في الفكر السياسي اليوناني والمسيحي7............................
الفقرة الثانية :المجتمع المدني عند فالسفة العقد االجتماعي7.........................................
المطلب الثاني :تمظهرات مفهوم المجتمع المدني في الفكر السياسي العربي8....................
الفقرة األولى:ظهور المفهوم في العالم العربي8........................................................
الفقرة الثانية :مفهوم المجتمع المدني في الفكر السياسي المغربي9..................................
المبحث :IIدور المجتمع المدني في المشاركة السياسية9............................................
المطلب األول :اشتراك المجتمع المدني في تدبير الشأن العام10...................................:
الفقرة األولى :سبل التفاعل المدني مع المؤسسات العمومية والمنتخبة10.........................:
الفقرة الثانية :اآلليات التشاركية المؤسسة لمساهمة المجتمع المدني11............................:
الفقرة الثالثة :إحداث هيئات للتشاور العمومي11......................................................:
المطلب الثاني :دسترة األدوار الجديدة للمجتمع المدني15.............................................
الفقرة األولى :على المستوى الوطني16..................................................................
الفقرة الثانية :على المستوى الجهوي والترابي 17......................................................
المبحث :IIIالمجتمع المدني بين آليات تدبير وإكراهات الواقع18...................................
المطلب األول :آليات المشاركة المواطنة في تدبير الشأن العام المحلي بالجماعات18............
الفقرة األولى :عقد لقاءات للتشاور والحوار19........................................................ .
الفقرة الثانية :إحداث هيئة استشارية للمساواة وتكافؤ الفرص ومقاربة النوع19..................:
الفقرة الثالثة :تقديم العرائض إلدراج نقطها في جدول أعمال المجالس21.........................:
المطلب الثاني :معوقات المجتمع المدني وأسس تفعيله22............................................:
الفقرة األولى :اإلكراهات القانونية والمالية22..........................................................:
الفقرة الثانية :التركيبة الهجينة لمنظماته24..............................................................:
الفقرة الثالثة :أسس تفعيل المجتمع المدني25............................................................:
المطلب الثالث :رؤية مستقبلية لمكانة المجتمع المدني بالمغرب28................................. :
الفقرة األولى :استمرارية هيمنة النظام السياسي على المجتمع المدني28............................
الفقرة الثانية :دور محدود للمجتمع المدني في ظل انفتاح جزئي للنظام السياسي المغربي29 ....
الفقرة الثالثة :التوازن بين المجتمع المدني والنظام السياسي31........................................
خـاتــمـــة34....................................................................................................
الئحة المراجــع المعتمدة 35................................................................................
فهرس المحتويات 38...........................................................................................
- 38 -