You are on page 1of 16

‫ا‬

‫ادارة ‪ ...............‬التعليمية‬
‫مدرسة ‪:‬‬

‫بحث عن‬

‫اﻻسم ‪:‬‬

‫‪-١‬‬
‫‪-٢‬‬
‫‪-٣‬‬
‫‪-٤‬‬
‫‪-٥‬‬

‫الفصل‬
‫ا‬

‫ﻣﻘﺪﻣﺔ‬

‫تعد المواطنة أحد المصطلحات الحديثة نسبيًا في عالم السياسة‪ ،‬على الرغم من وجود‬
‫إرهاصات لها منذ أيام الفﻼسفة اليونانيين مثل أفﻼطون وأرسطو عندما تحدّثا عن‬
‫المواطن في أثينا‪ ،‬وقد بدأ التنظير لها منذ منتصف القرن الماضي تقريبا‪ ،‬كما أنها أصبحت‬
‫إحدى الكلمات المفتاحية للعلوم السياسية والتاريخ في العقد اﻷخير من القرن ذاته‪ .‬وتشكل‬
‫المواطنة حاليًا موضوع الساعة بما تتضمن من تحديدات للعﻼقة بين المواطن والدولة من‬
‫خﻼل الواجبات والحقوق‪.‬‬
‫ا‬

‫ًّ‬
‫ﺃﻭﻻ‪ :‬ﺗﻌﺮﻳﻒ اﳌﻮاﻃﻨﺔ‬

‫مصطلح المواطنة ‪ citizenship‬عﻼقة بين فرد ودولة كما يحددها قانون تلك الدولة‪،‬‬
‫وبما تتضمنه تلك العﻼقة من واجبات وحقوق في تلك الدولة‪ ،‬والمواطنة تدل ضمنًا على‬
‫مرتبة من الحرية مع ما يصاحبها من مسؤوليات‪ ،‬وهي على وجه العموم تسبغ على‬
‫المواطنة حقوقًا سياسيةً مثل حق اﻻنتخاب وتولي المناصب العامة”‪.‬‬

‫تعددت الرؤية حول مفهوم المواطنة فمنهم من رأى أنها المساواة في الحقوق والواجبات‬
‫بين أبناء الوطن الواحد‪ ،‬ومنهم من رأى أنها خلق المواطن الصالح‪ ،‬وآخرون قالوا إن‬
‫المواطنة هي رد يف للديمقراطية‪ ،‬ومنهم من رأى حقه المشروع في إدارة شؤون الدولة‬
‫والمشاركة السياسية وحق تقرير المصير‪ ،‬و ما ﻻ يختلف عليه اثنان أن المواطنة هي‬
‫جملة من القيم المعيارية تمثل حق اﻹنسان في الحياة اﻵمنة الكريمة وفي العدالة‬
‫والمساواة في الحقوق اﻻجتماعية لكل فرد في المجتمع‪ ،‬بصرف النظر عن جنسه أو دينه‬
‫أو مذهبه‪ ،‬وكذا حقه في التعبير عن رأيه وانتخاب من يمثله على قمة السلطة السياسية‬
‫في وطنه‪.‬‬
‫ا‬

‫ورد في الموسوعة السياسية أن المواطنة هي “صفة المواطن الذي يتمتع بالحقوق‬


‫ويلتزم الواجبات التي يفرضها عليه انتماؤه إلى الوطن”‪ ،‬وفي قاموس علم اﻻجتماع تم‬
‫تعريف المواطنة‪ :‬بأنها مكانة أو عﻼقة اجتماعية تقوم بين فرد طبيعي ومجتمع سياسي‬
‫“دولة” ومن خﻼل هذه العﻼقة يقدم الطرف اﻷول “المواطن” الوﻻء‪ ،‬ويتولى الطرف‬
‫الثاني الحماية‪ ،‬وتتحدد هذه العﻼقة بين الفرد والدولة عن طريق أنظمة الحكم القائمة‪،‬‬
‫ومن منظور نفسي‪ :‬فالمواطنة هي الشعور باﻻنتماء والوﻻء للوطن وللقيادة السياسية‬
‫التي هي مصدر اﻹشباع للحاجات اﻷساسية وحماية الذات من اﻷخطار المصيرية‪ ،‬وبذلك‬
‫فالمواطنة تشير إلى العﻼقة مع اﻷرض والبلد‪.‬‬

‫وبمعنى ما‪ ،‬فإن المواطنة تعطي اﻹنسان صفته الوطنية واﻹنسانية‪ .‬ﻷن اﻻنتماء إلى بلد ما‬
‫في المنظومة العالمية هو في الوقت نفسه انتما ٌء إلى العالم‪ ،‬غير أن هذا البعد بمستوييه‬
‫الوطني واﻹنساني بما يتضمنه من حقوق وطنية وإنسانية أمر منقوص الحضور قي البﻼد‬
‫كثيرا فيها‪ ،‬بسبب تغليب البﻼد العربية للواجبات‪ ،‬على الحقوق كافّة‪.‬‬
‫العربية‪ ،‬وسيئ الحظ ً‬

‫كما أن الديمقراطية والمواطنة مفهومان ﻻ يمكن الفصل بينهما‪ .‬حيث أن اﻷول يضمن‬
‫مشاركة المواطن ويعترف بحقوقه وواجباته‪ ،‬والثاني يعمل على تقوية الديمقراطية‬
‫اﻻجتماعية التي تسمح للمواطنين )بغض النظر عن مستواهم المعيشي والثقافي… إلخ‪(.‬‬
‫باﻻندماج في المجال العمومي‪ ،‬باستمتاعهم بجميع الحقوق والحريات من دون تمييز‪.‬‬
‫ويرى بعض المحلّلين أنه ﻻ يمكن الحديث عن الديمقراطية أو عن المواطنة في أي بلد من‬
‫سياسي للحكم‪.‬‬
‫ّ‬ ‫دون تحقيق العلمانية كنمط‬
‫ا‬

‫ظل مفهوم المواطنة مفهو ًما بدائيا حتى عصر التنوير‪ ،‬فقام رموز عصر التنوير “هوبز‪،‬‬
‫ولوك‪ ،‬وروسو‪ ،‬ومونتسكيو‪ ،‬وغيرهم” بطرح مفهوم آخر يقوم على العقد اﻻجتماعي ما‬
‫بين أفراد المجتمع والدولة أو الحكم‪ ،‬وعلى آلية ديمقراطية تحكم العﻼقة بين اﻷفراد‬
‫أنفسهم باﻻستناد إلى القانون الذي يتساوى عنده الجميع‪ .‬ومن أجل منع استبداد الدولة‬
‫وسـلطاتها؛ نشأت فكرة المواطن الذي يمتلك الحقوق غير القابلة لﻸخذ أو اﻻعتداء عليها‬
‫من جانب الدولة‪ .‬فهذه الحقوق هي حقوق مدنية تتعلق بالمساواة مع اﻵخرين‪ ،‬وحقوق‬
‫سـياسية تتعلق بالمشاركة في اتخاذ القرار السياسي‪ ،‬وحقوق جماعية ترتبط بالشؤون‬
‫اﻻقتصادية واﻻجتماعية والثقافية والبيئية‪.‬‬

‫سا في النظرية والممارسة الديمقراطية الحديثة‪،‬‬


‫محورا رئي ً‬
‫ً‬ ‫وبما أن قضية المواطنة تمثل‬
‫فإن تحديد أبعادها وكيفية ممارستها ينبع من الطريقة التي يمنح بها هذا النظام أو ذاك‬
‫حقوق المواطنة للجميع‪ ،‬ومدى وعي المواطنين وحرصهم على أداء هذه الحقوق‬
‫والواجبات‪ .‬كما أنّه ﻻ يمكن اﻻعتماد على مبادئ عامة محددة لتحديد معنى المواطنة‬
‫بشكل دقيق‪ ،‬فهو مفهوم تاريخي شامل يختلف من زمان إلى آخر‪ ،‬ومن مكان إلى مكان‪،‬‬
‫والرقي الحضاري للدولة‪.‬‬
‫ويتأثر بالنضج السياسي ُ‬

‫فمهما اختلفت المعاني حول مفهوم المواطنة يبقى هنالك مبدأ أساس لمعنى المواطنة وهو‬
‫اﻻنتماء‪ ،‬على الرغم من أنه هو اﻵخر يختلف في معناه من حيث اﻻنتماء إلى الوطن‪ ،‬أو‬
‫اﻻنتماء إلى الموطن الذي يستقر فيه اﻹنسان‪ ،‬أو اﻻنتماء إلى اﻷمة‪.‬‬
‫ا‬

‫ً‬
‫ﺛﺎﻧﻴﺎ‪ :‬اﳌﻮاﻃﻨﺔ ﻭاﳌﺴﺎﻭاﺓ‬

‫تقوم المواطنة على ركنين أساسيين هما‪ :‬المساواة “حيث تعرف المواطنة في بعض‬
‫اﻷحيان بأنها حالة من المساواة في الحقوق والواجبات” والمشاركة الفاعلة في الفضاءات‬
‫السياسية واﻻقتصادية واﻻجتماعية والثقافية‪.‬‬

‫المساواة في علم اﻷخﻼق هي المبدأ الذي يقرر أن اﻹنسان من حيث هو إنسان مسا ٍو‬
‫ﻷخيه اﻹنسان في الحق والكرامة‪ .‬ولهذه المساواة نوعان‪ :‬مساواة مدنية‪ ،‬ومساواة‬
‫سياسية‪.‬‬

‫المساواة المدنية هي المبدأ الذي يوجب معاملة جميع اﻷفراد معاملة واحدة من حيث‬
‫دعوتهم إلى القيام بالواجبات الملقاة على عواتقهم‪ ،‬ومن حيث تمتعهم بالحقوق المعترف‬
‫لهم بها في القانون‪ ،‬دونما تفريق بينهم بحسب نسبهم وحسبهم أو ثروتهم أو طبقتهم‪.‬‬

‫وأما المساواة السياسية فهي المبدأ الذي يعترف لجميع اﻷفراد بحق اﻻشتراك في الحكم‬
‫وبحق تسلم الوظائف العامة‪ ،‬بما فيها رئاسة الدولة‪ ،‬وفق الشروط التي يحددها القانون‪،‬‬
‫والتي يفترض أن تكون خاضعة لمبدأ المنافسة أو المسابقة أو اﻻنتخاب الحر‪ ،‬دونما تمييز‬
‫بينهم حسب طبقتهم أو انتمائهم اﻹثني أو الديني أو المذهبي‪ ،‬حيث يكونون متساوين أمام‬
‫نص القانون على‬
‫القانون ﻻ يختلفون إﻻ من حيث كفاءتهم واستحقاقهم أو جدارتهم‪ .‬فإذا ّ‬
‫خﻼف ذلك وجب على المواطنين مقاومته‪.‬‬
‫ا‬

‫ليس الغرض من القول بالمساواة إنكار اﻻختﻼف الطبيعي بين اﻷفراد‪ ،‬بل الغرض منه‬
‫تحقيق العدالة اﻻجتماعية في جميع مناحي الحياة‪ .‬المساواة هي التعبير العملي عن‬
‫العدالة‪ ،‬فلوﻻ اﻻختﻼف والتفاوت لما كان الناس في حاجة إلى المساواة‪ .‬وما تجدر‬
‫مﻼحظته هنا أن اﻻختﻼف يمنع المساواة نظريًا وواقعيًا‪ ،‬مهما كان اﻻختﻼف طفيفًا‪ .‬ولما‬
‫وذكورا مختلفين اختﻼفات ﻻ حصر لها كانت المساواة المدنية والسياسية‪،‬‬
‫ً‬ ‫كان اﻷفراد إناثًا‬
‫على نحو ما ذكرنا‪ ،‬مساواة في الحقوق والواجبات‪ ،‬ﻻ في مقاديرها‪ ،‬ومساواة في‬
‫المشاركة في الشؤون العامة وفي حياة الدولة‪ ،‬وﻻ سيما ما يتعلق منها بتسلم الوظائف‬
‫العامة‪ ،‬سواء في السلطة التشريعية أم في القضاء أم في مؤسسات السلطة التنفيذية‪.‬‬
‫المساواة في الحقوق والواجبات مؤسسة على المساواة في الماهية اﻹنسانية وفي‬
‫المواطنة‪ .‬ولذلك قيل‪ :‬المواطن هو تجريد الفرد الطبيعي من جميع صفاته ومحموﻻته‬
‫وتحديداته الذاتية‪ .‬والدولة هي تجريد المجتمع المدني من جميع صفاته وخصائصه‪.‬‬

‫التفريق بين المساواة المدنية والمساواة السياسية ضروري‪ ،‬وعلى درجة كبيرة من‬
‫ً‬
‫فضﻼ عن‬ ‫اﻷهمية‪ ،‬وﻻ سيما حين نتحدث عن تساوي الجماعات في الحقوق والواجبات‪،‬‬
‫تساوي اﻷفراد‪ .‬المساواة المدنية تتعلق بعضوية اﻷفراد والجماعات في المجتمع المدني‪.‬‬
‫فجميع منظمات المجتمع المدني من جمعيات ونواد ونقابات وأحزاب ومؤسسات دينية‬
‫متساوية في الحقوق والواجبات‪ ،‬وهذا متفق عليه‪ ،‬كما أظن‪ .‬لكن ما يحتاج إلى نقاش هو‬
‫تساوي الجماعات اﻹثنية والجماعات الدينية والمذهبية في الحقوق المدنية‪ ،‬بغض النظر‬
‫عن عدد أفراد كل منها‪ ،‬ﻷن المساواة في الحقوق مطلقة‪ ،‬ﻻ تتعلق بالك ّم‪.‬‬
‫ا‬

‫المبدأ الوطني واﻹنساني في هذا الموضوع يقضي بتساوي جميع اﻹثنيات واﻷديان‬
‫والمذاهب في القيمة اﻹنسانية والروحية‪ ،‬وفي الحقوق المدنية والواجبات المدنية‪ ،‬بغض‬
‫النظر عن عدد أفراد كل منها‪ ،‬ﻷن الكم ﻻ يضيف شيئ ًا إلى ماهيﱠ ِة إثني ٍة معين ٍة أو دين معين‬
‫أو مذهب معين وﻻ ينقص منها شيئ ًا‪.‬‬

‫حقوق المواطنة‪ :‬للمواطن حقوق مختلفة تتمثل في المجال المدني والمجال السياسي‬
‫والمجال اﻻقتصادي واﻻجتماعي والثقافي والفكري وغيرها‪ .‬لذا هناك من يرى أ ّن حقوق‬
‫اﻹنسان هي حقوق المواطنة وهناك من يميز بينها‪ .‬وحقوق المواطنة تختلف من بلد إلى‬
‫آخر بينما حقوق اﻹنسان حقوق عامة مستحقة داخل التراب الوطني وخارجه‪ .‬وهناك حق‬
‫اللغة أيضًا‪.‬‬

‫‪-‬والمواطنة تكون في مجتمع سياسي مؤسساتي يحترم الحقوق والواجبات في إطار‬


‫القانون‪ ،‬الذي هو فوق أي اعتبار مهما كان‪ .‬وبالتالي المواطنة ﻻ تمارس في مجتمع غير‬
‫مؤسساتي أو إثني أو شمولي‪ .‬وممارسة المواطنة لها أساسيات ومداخل ﻻبد منها أهمها‬
‫الفكر المؤسساتي‪ .‬وﻻ وجود لمواطنة حقيقية ضمن النظام الشمولي اﻻستبدادي ‪-‬‬
‫اﻷوتوقراطي‪ -‬مهما حاول النظام أن يصبغ نفسه بصبغة ديمقراطية‪ .‬فمفهوم المواطنة‬
‫تبلور جنبًا إلى جنب مع مفهوم الدولة الدستورية ملكية كانت أم ديمقراطية‪ .‬ومع غياب‬
‫الدستور‪ ،‬تنتفي كل المقومات الحديثة للدولة بما فيها المواطنة‪.‬‬
‫ا‬

‫‪-‬والمواطنة تقتضي مساواة اﻷفراد أمام القانون والدستور‪ ،‬بما يعني ممارسة المواطن‬
‫حقوقه كاملة وأداء واجباته كاملة من دون ميز أو مضايقة أو إلغاء أو تهميش‪ .‬والحقوق‬
‫تضمن له حق المشاركة في المجتمع السياسي أو المدني كما تضمن له ممارسة حقوقه‬
‫المتنوعة اﻷخرى‪ .‬فالمواطنة إذًا تتعلق بالمساواة بين جميع المواطنين والفرص‬
‫المتساوية لجميع المواطنين للمشاركة في الحياة السياسية والعامة‪ ،‬أي أن ركني المواطنة‬
‫هما المساواة والمشاركة‪ .‬وبذلك ففي دولة المواطنة جميع المواطنين متساوون في‬
‫الحقوق والواجبات‪ ،‬ﻻ تمييز بينهم بسبب اﻻختﻼف في الدين أو النوع أو اللون أو العرق‬
‫أو الموقع اﻻجتماعي … إلخ‪.‬‬

‫– كما أن المواطنة ﻻ تتحقق على الوجه اﻷكمل إﻻ في إطار من الشفافية والديمقراطية‪،‬‬


‫وضمن عﻼقة سليمة بين المواطن والدولة واضحة‪ ،‬بحكم وضوح القوانين وشفافيتها‪ .‬وﻻ‬
‫يمكن تفعيل مفهوم المواطنة ّإﻻ تحت مظلة نظام سياسي دستوري ديمقراطي يشمل جميع‬
‫شرائح المجتمع‪ ،‬قائم على حفظ حقوق اﻹنسان وصون كرامته والعمل على توفير‬
‫متطلبات الحياة الكريمة له‪ .‬وﻻ معنى للمواطنة من غير ممارسة فعلية لها على أرض‬
‫الواقع‪ ،‬ﻷن الممارسة هي التي تعطيها القيمة التداولية في سوق المواطنة‪ ،‬حيث تصبح‬
‫بدون ممارسة ترفًا فكريا ﻻ فائدة منه‪.‬‬
‫ا‬

‫ً‬
‫ﺛﺎلﺜﺎ‪ :‬ﺃﻫﻤﻴﺔ اﳌﻮاﻃﻨﺔ‬

‫– تع ّد المواطنة فكرة اجتماعية وقانونية وسياسية ساهمت في تطور المجتمع اﻹنساني‬


‫بشكل كبير بجانب الرقي بالدولة إلى المساواة والعدل واﻹنصاف‪ ،‬وإلى الديمقراطية‬
‫والشفافية‪ ،‬وإلى الشراكة وضمان الحقوق والواجبات‪.‬‬

‫– كما تتطلب متانة النسيج الوطني التسليم بمفهوم المواطنة‪ ،‬مفهوم تتحقق فيه المساواة‬
‫بين البشر‪ ،‬وينال فيه الفرد موقعه اﻻجتماعي ووظيفته عن طريق كفاءته وقدراته‬
‫ونزاهته‪ .‬فالواقع يؤكد أن ثمة عﻼقة في المضمون بين مفهومي المواطن والمواطنة‪.‬‬
‫شعورا حقيقيا بحقوقه وواجباته‬
‫ً‬ ‫حيث ﻻ يمكن أن تتحقق المواطنة‪ ،‬من دون مواطن يشعر‬
‫في وطنه‪ .‬فﻼ مواطنة من دون مواطن‪ ،‬وﻻ مواطن إﻻ بمشاركة حقيقية في شؤون الوطن‬
‫على مختلف مستوياته‪.‬‬

‫– تضمن المساواة والعدل واﻹنصاف بين المواطنين أمام القانون وخدمات المؤسسات‪،‬‬
‫وأمام الوظيفة العمومية والمناصب في الدولة‪ ،‬وأمام المشاركة في المسؤوليات على قدم‬
‫ومساواة‪ ،‬وأمام توزيع الثروات العامة‪ ،‬وكذلك أمام الواجبات من دفع الضرائب والخدمة‬
‫العسكرية والمحافظة على الوطن والدفاع عنه؛ فـالمواطنة هي الحق الفردي لجميع أبناء‬
‫الوطن في تقرير مصير الوطن‪ ،‬والتمتع بكل خيراته‪.‬‬
‫ا‬

‫ـ تعترف بالتنوع والتعدد العقدي والعرقي واللغوي والسياسي والثقافي والطائفي‬


‫واﻻقتصادي واﻻجتماعي واﻻتجاه اﻷيديولوجيي‪.‬‬

‫في اختصار‪ ،‬المواطنة إطار يستوعب الجميع‪ ،‬فهو يحافظ على حقوق اﻷقلية واﻷكثرية في‬
‫نطاق مفهوم المواطنة الجامعة‪ ،‬والمواطنة هي المساواة بين المواطنين بصرف النظر عن‬
‫الصبغات الدينية أو المذهبية أو القبلية أو العرقية أو الجنسية‪ .‬فكل مواطن له جميع‬
‫الحقوق وعليه جميع الواجبات‪ ،‬والمواطنة الحقيقية ﻻ تتجاهل حقائق التركيبة الثقافية‬
‫تغييرا في نسب مكوناتها‪ ،‬وﻻ تمارس تزييفًا‬
‫ً‬ ‫واﻻجتماعية والسياسية في الوطن وﻻ تحدث‬
‫للواقع‪ ،‬وإنما تتعامل مع هذا الواقع من منطلق حقائقه الثابتة‪ ،‬حيث توفر البيئة الصحيحة‬
‫والخصبة لتكوين ثقافة الوطن التي تتشكل من تفاعل ثقافات أبناء الوطن‪ .‬وهي التعبير‬
‫الطبيعي عن حالة التنوع والتعدد الموجودة في الوطن‪ .‬ثقافة تؤكد حاجة كل منا إلى اﻵخر‬
‫وأن ثقافة الفرد هي محصلة ثقافة كل أبناء الوطن‪ ،‬فهي ليست ثقافة فئوية أو طائفية أو‬
‫جنسوية‪ ،‬إنما هي ثقافة وطن بكل تنوعاته وأطيافه وتعبيراته‪ .‬كما أنه في المجتمع المدني‬
‫يتجاوز أفراد المجتمع اﻻعتقاد الديني إلى مبدأ المواطنة‪ ،‬ويعترفون بمبدأ اﻻختﻼف في‬
‫العقيدة الدينية التي يجب ّأﻻ تحول دون اﻻنتساب إلى مواطنة مشتركة‪ ،‬ﻷن المواطنة توفر‬
‫آلية العيش وسط التنوع واﻻختﻼف‪ ،‬وتولد جانبي الواجبات والحقوق‪.‬‬
‫ا‬

‫وهي تمكن المواطن من تدبير الشأن العام من خﻼل النظام اﻻنتخابي ناخبًا ومنتخبًا‬
‫للمؤسسات المنتخبة التي تعبر عن دولة القانون والمؤسسات‪ ،‬وتحدد منظومة القيم‬
‫والتمثﻼت والسلوك اﻷساس ﻻكتساب المواطنة والتربية عليها‪ ،‬كما تحدّد اﻹطار‬
‫اﻻجتماعي المرجعي لممارسة الحقوق والواجبات والعﻼقات بين اﻷفراد والجماعات‬
‫والدولة‪ ،‬وهي تضمن حقوق اﻹنسان في المجتمع والوطن والدولة؛ لكونها تنقل الحق‬
‫اﻹنساني إلى حق للمواطنة عبر تشريعه وتقنينه‪ .‬وتضمن استمرار المجتمع في اﻹطار‬
‫السياسي الذي يعبر عنه وهو الدولة‪ .‬فـالمواطنة أرقى من أن تكون مفهو ًما‪ ،‬هي في‬
‫الحقيقة مبدأ الدولة الحديثة ومرتكزها‪ ،‬بل عمودها الفقري في النشوء واﻻستمرارية في‬
‫التكوين والبقاء‪ ،‬فهي قيمة أخﻼقية واجتماعية وسياسية وسلوك ممارس‪ ،‬قبل أن تكون‬
‫معرفة وثقافة‪ .‬وهنا تنتقل المواطنة من كونها توافقًا أو ترتي ًبا سياسيا تعكسه نصوص‬
‫قانونية‪ ،‬لتصبح المساواة بين المواطنين في الحقوق والواجبات قيمة اجتماعية وأخﻼقية‬
‫وممارسة سلوكية‪ ،‬يعبر أداؤها من جانب المواطنين عن نضج ثقافي‪ ،‬ورقي حضاري‪،‬‬
‫وإدراك سياسي إيجابي بّناء‪ .‬وتؤدي إلى بناء نظام سياسي مدني تعددي متنوع في العرق‬
‫والمؤسسات )اﻷسرة‪ ،‬العائلة‪ ،‬القبيلة‪ ،‬الحزب‪ ،‬النقابة( والثقافة واﻷيديولوجيا والدين‪،‬‬
‫مرتفع عن تعدديته نحو تكاملها وتفاعلها من باب احترام المشاركة الشعبية للمواطنين‬
‫وتبويئها صدارة السلطة على مؤسسات الدولة‪ ،‬ﻷنها هي المصدر للسلطة والممارسة‬
‫السياسية عبر المؤسسات التمثيلية‪ .‬وعليه فالمواطنة توفر مساحة للمواطن كي يعمل‬
‫على تطوير نوعية الحياة في المجتمع‪ .‬تتطور وتتقدم المجتمعات بجهد أبنائها جمي ًعا‪.‬‬
‫ا‬

‫ﺷﺮﻭﻁ اﳌﻮاﻃﻨﺔ ﻭﻣﻘﻮﻣﺎﺗﻬﺎ اﻷسﺎسﻴﺔ‬

‫توجد بعض الشروط والمقومات اﻷساسية‪ ،‬التي ﻻ غنى عنها في اكتمال وجود المواطنة‪،‬‬
‫ويُشار إليها على النحو التالي‪:‬‬

‫اﳌﻘﻮﻡ اﻷﻭﻝ‬

‫يعد اكتمال نمو الدولة ذاتها بُعدا ً أساسيا ً من أبعاد نمو المواطنة‪ ،‬ويتحدد نمو الدولة‬
‫بامتﻼكها لثقافة تلك الدولة‪ ،‬التي تؤكد على المشاركة والمساواة أمام القانون‪ .‬وعلى هذا‬
‫النحو‪ ،‬فإن الدولة اﻻستبدادية ﻻ تتيح الفرصة الكاملة لنمو المواطنة؛ ﻷنها تحرم قطاعا ً‬
‫كامﻼً من البشر من حقهم في المشاركة‪ ،‬أو أن الدولة ذاتها قد تسقط فريسة ُحكم القلة‬
‫التي تسيطر على الموارد الرئيسية للمجتمع‪ ،‬ومن ثم تحرم بقية اﻷفراد من حقوقهم في‬
‫المشاركة‪ ،‬أو الحصول على نصيبهم من الموارد‪ .‬اﻷمر هذا يدفعهم‪ ،‬بداهة‪ ،‬إلى التخلي‬
‫عن القيام بواجباتهم والتزاماتهم اﻷساسية‪ ،‬وهو ما يعني تقلص مواطنتهم بسبب عدم‬
‫حصول المواطن على جملة الحقوق واﻻلتزامات اﻷساسية‪ ،‬التي ينبغي أن تتوافر له‪ .‬وهذا‬
‫يوضح أن ثمة رابطة عضوية بين اكتمال نمو الدولة واقترابها من النموذج المثالي للدولة‬
‫الحديثة‪ ،‬والمجتمع القوي المتماسك‪ ،‬وبين اكتمال المواطنة في مستوياتها غير الناقصة‪.‬‬

‫اﳌﻘﻮﻡ الﺜﺎﻧﻲ‬

‫ارتباط المواطنة بالديموقراطية‪ ،‬وذلك بوصف أن الديموقراطية هي الحاضنة اﻷولى لمبدأ‬


‫المواطنة‪ .‬وفي هذا اﻹطار تعني الديموقراطية التأكيد على ﻻ مركزية القرار‪ ،‬في مقابل‬
‫اختزال مركزية الجماعة‪ .‬كما تعني أن الشعب هو مصدر السلطات‪ ،‬إضافة إلى التأكيد على‬
‫مبدأ المساواة السياسية والقانونية بين المواطنين‪ ،‬بصرف النظر عن الدين أو العُرف أو‬
‫المذهب أو الجنس‪ .‬وحتى تكون المواطنة فعالة‪ ،‬فمن الضروري أن يتوافر لها قدر من‬
‫الوعي المستند إلى إمكانية الحصول على المعلومات من مصادرها المختلفة‪ ،‬بحيث تُصبح‬
‫ا‬

‫هذه المعرفة قاعدة القدرة على تحمل المسؤولية‪ ،‬كما تشكل أساس القدرة على المشاركة‬
‫والمساءلة‪.‬‬

‫اﳌﻘﻮﻡ الﺜﺎلﺚ‬

‫تمتع المواطنين‪ ،‬بكافة الحقوق السياسية والقانونية واﻻجتماعية واﻻقتصادية والثقافية‪.‬‬


‫وهذا يعني قيام عقد اجتماعي يؤكد على أن المواطنة في اﻷمة‪ ،‬هي مصدر كل الحقوق‬
‫والواجبات‪ ،‬وأيضا ً مصدرا ً لرفض أي تحيز فيما يتعلق بالحقوق والواجبات وفق أي‬
‫معيار‪ ،‬سواء الجنس أو الدين أو العرق أو الثروة أو اللغة أو الثقافة‪ .‬في نطاق ذلك‪ ،‬فإنه‬
‫من الضروري تأكيد التﻼزم بين الحقوق والواجبات القانونية والسياسية‪ ،‬والحقوق‬
‫اﻻجتماعية واﻻقتصادية والثقافية‪ ،‬وذلك حتى تتحقق الديموقراطية الكاملة‪ .‬وفي هذا‬
‫اﻹطار يتطلب التأكيد على المواطنة التأكيد على المساواة والعدل اﻻجتماعي‪ ،‬فيما يتعلق‬
‫بتوزيع الفرص اﻻقتصادية واﻻجتماعية والثقافية‪ ،‬وبطبيعة الحال السياسية‪.‬‬

‫اﳌﻘﻮﻡ الﺮاﺑﻊ‬

‫يُعد الفرد البالغ العاقل أحد المكونات اﻷساسية للمواطنة‪ ،‬وذلك بوصف أن هذا الفرد‬
‫يخضع لعملية التنشئة اﻻجتماعية والثقافية والسياسية‪ ،‬التي تقوم بها مؤسسات المجتمع‬
‫المختلفة‪ ،‬بإشراف الدولة وسيطرتها‪ .‬وتساعد عملية التنشئة ــ في حالة اكتمالها ــ الفرد‬
‫على أن يستوعب أهداف الجماعة وتراثها‪ ،‬ويعبّر عن مصالحها‪ ،‬ويتعايش مع الجماعة‪،‬‬
‫دون أن يذوب في إطارها‪.‬‬
‫ا‬

‫اﳌﻘﻮﻡ اﳋﺎﻣﺲ‬

‫يُعد إشباع الحاجات اﻷساسية للبشر‪ ،‬في أبعادها اﻻقتصادية والسياسية واﻻجتماعية‬
‫والثقافية‪ ،‬أحد المقومات الرئيسية للمواطنة‪ .‬وفي هذا اﻹطار تواجه المواطنة أزمة إذا‬
‫تخلت الدولة عن القيام بالتزاماتها المتعلقة بتهيئة البيئة المﻼئمة لتحقيق الرفاهية‬
‫اﻻجتماعية واﻻقتصادية للبشر‪ .‬ومن الطبيعي أن يؤدي عدم إشباع الحاجات اﻷساسية‬
‫للبشر إلى ظواهر عديدة‪ ،‬تُشير في مجملها إلى تآكل اﻹحساس بالمواطنة‪ .‬وتبدأ هذه‬
‫الظواهر باﻻنسحاب من القيام بالواجبات‪ ،‬مادامت الحقوق قد تآكلت مرورا ً بعدم اﻹسهام أو‬
‫المشاركة الفعالة على كافة اﻷصعدة‪ ،‬وحتى الهروب من المجتمع‪ ،‬والبحث عن مواطنة‬
‫جديدة‪ ،‬أو التمرد على الدولة والخروج عليها‪ ،‬واﻻحتماء بجماعات وسيطة‪ ،‬أو أقل من‬
‫الدولة‪ .‬وتؤدي كل هذه الظواهر إلى تآكل المواطنة‪ ،‬بسبب تآكل إشباع الحاجات اﻷساسية‪.‬‬
‫ا‬

You might also like