Professional Documents
Culture Documents
ادارة ...............التعليمية
مدرسة :
بحث عن
اﻻسم :
-١
-٢
-٣
-٤
-٥
الفصل
ا
ﻣﻘﺪﻣﺔ
تعد المواطنة أحد المصطلحات الحديثة نسبيًا في عالم السياسة ،على الرغم من وجود
إرهاصات لها منذ أيام الفﻼسفة اليونانيين مثل أفﻼطون وأرسطو عندما تحدّثا عن
المواطن في أثينا ،وقد بدأ التنظير لها منذ منتصف القرن الماضي تقريبا ،كما أنها أصبحت
إحدى الكلمات المفتاحية للعلوم السياسية والتاريخ في العقد اﻷخير من القرن ذاته .وتشكل
المواطنة حاليًا موضوع الساعة بما تتضمن من تحديدات للعﻼقة بين المواطن والدولة من
خﻼل الواجبات والحقوق.
ا
ًّ
ﺃﻭﻻ :ﺗﻌﺮﻳﻒ اﳌﻮاﻃﻨﺔ
مصطلح المواطنة citizenshipعﻼقة بين فرد ودولة كما يحددها قانون تلك الدولة،
وبما تتضمنه تلك العﻼقة من واجبات وحقوق في تلك الدولة ،والمواطنة تدل ضمنًا على
مرتبة من الحرية مع ما يصاحبها من مسؤوليات ،وهي على وجه العموم تسبغ على
المواطنة حقوقًا سياسيةً مثل حق اﻻنتخاب وتولي المناصب العامة”.
تعددت الرؤية حول مفهوم المواطنة فمنهم من رأى أنها المساواة في الحقوق والواجبات
بين أبناء الوطن الواحد ،ومنهم من رأى أنها خلق المواطن الصالح ،وآخرون قالوا إن
المواطنة هي رد يف للديمقراطية ،ومنهم من رأى حقه المشروع في إدارة شؤون الدولة
والمشاركة السياسية وحق تقرير المصير ،و ما ﻻ يختلف عليه اثنان أن المواطنة هي
جملة من القيم المعيارية تمثل حق اﻹنسان في الحياة اﻵمنة الكريمة وفي العدالة
والمساواة في الحقوق اﻻجتماعية لكل فرد في المجتمع ،بصرف النظر عن جنسه أو دينه
أو مذهبه ،وكذا حقه في التعبير عن رأيه وانتخاب من يمثله على قمة السلطة السياسية
في وطنه.
ا
وبمعنى ما ،فإن المواطنة تعطي اﻹنسان صفته الوطنية واﻹنسانية .ﻷن اﻻنتماء إلى بلد ما
في المنظومة العالمية هو في الوقت نفسه انتما ٌء إلى العالم ،غير أن هذا البعد بمستوييه
الوطني واﻹنساني بما يتضمنه من حقوق وطنية وإنسانية أمر منقوص الحضور قي البﻼد
كثيرا فيها ،بسبب تغليب البﻼد العربية للواجبات ،على الحقوق كافّة.
العربية ،وسيئ الحظ ً
كما أن الديمقراطية والمواطنة مفهومان ﻻ يمكن الفصل بينهما .حيث أن اﻷول يضمن
مشاركة المواطن ويعترف بحقوقه وواجباته ،والثاني يعمل على تقوية الديمقراطية
اﻻجتماعية التي تسمح للمواطنين )بغض النظر عن مستواهم المعيشي والثقافي… إلخ(.
باﻻندماج في المجال العمومي ،باستمتاعهم بجميع الحقوق والحريات من دون تمييز.
ويرى بعض المحلّلين أنه ﻻ يمكن الحديث عن الديمقراطية أو عن المواطنة في أي بلد من
سياسي للحكم.
ّ دون تحقيق العلمانية كنمط
ا
ظل مفهوم المواطنة مفهو ًما بدائيا حتى عصر التنوير ،فقام رموز عصر التنوير “هوبز،
ولوك ،وروسو ،ومونتسكيو ،وغيرهم” بطرح مفهوم آخر يقوم على العقد اﻻجتماعي ما
بين أفراد المجتمع والدولة أو الحكم ،وعلى آلية ديمقراطية تحكم العﻼقة بين اﻷفراد
أنفسهم باﻻستناد إلى القانون الذي يتساوى عنده الجميع .ومن أجل منع استبداد الدولة
وسـلطاتها؛ نشأت فكرة المواطن الذي يمتلك الحقوق غير القابلة لﻸخذ أو اﻻعتداء عليها
من جانب الدولة .فهذه الحقوق هي حقوق مدنية تتعلق بالمساواة مع اﻵخرين ،وحقوق
سـياسية تتعلق بالمشاركة في اتخاذ القرار السياسي ،وحقوق جماعية ترتبط بالشؤون
اﻻقتصادية واﻻجتماعية والثقافية والبيئية.
فمهما اختلفت المعاني حول مفهوم المواطنة يبقى هنالك مبدأ أساس لمعنى المواطنة وهو
اﻻنتماء ،على الرغم من أنه هو اﻵخر يختلف في معناه من حيث اﻻنتماء إلى الوطن ،أو
اﻻنتماء إلى الموطن الذي يستقر فيه اﻹنسان ،أو اﻻنتماء إلى اﻷمة.
ا
ً
ﺛﺎﻧﻴﺎ :اﳌﻮاﻃﻨﺔ ﻭاﳌﺴﺎﻭاﺓ
تقوم المواطنة على ركنين أساسيين هما :المساواة “حيث تعرف المواطنة في بعض
اﻷحيان بأنها حالة من المساواة في الحقوق والواجبات” والمشاركة الفاعلة في الفضاءات
السياسية واﻻقتصادية واﻻجتماعية والثقافية.
المساواة في علم اﻷخﻼق هي المبدأ الذي يقرر أن اﻹنسان من حيث هو إنسان مسا ٍو
ﻷخيه اﻹنسان في الحق والكرامة .ولهذه المساواة نوعان :مساواة مدنية ،ومساواة
سياسية.
المساواة المدنية هي المبدأ الذي يوجب معاملة جميع اﻷفراد معاملة واحدة من حيث
دعوتهم إلى القيام بالواجبات الملقاة على عواتقهم ،ومن حيث تمتعهم بالحقوق المعترف
لهم بها في القانون ،دونما تفريق بينهم بحسب نسبهم وحسبهم أو ثروتهم أو طبقتهم.
وأما المساواة السياسية فهي المبدأ الذي يعترف لجميع اﻷفراد بحق اﻻشتراك في الحكم
وبحق تسلم الوظائف العامة ،بما فيها رئاسة الدولة ،وفق الشروط التي يحددها القانون،
والتي يفترض أن تكون خاضعة لمبدأ المنافسة أو المسابقة أو اﻻنتخاب الحر ،دونما تمييز
بينهم حسب طبقتهم أو انتمائهم اﻹثني أو الديني أو المذهبي ،حيث يكونون متساوين أمام
نص القانون على
القانون ﻻ يختلفون إﻻ من حيث كفاءتهم واستحقاقهم أو جدارتهم .فإذا ّ
خﻼف ذلك وجب على المواطنين مقاومته.
ا
ليس الغرض من القول بالمساواة إنكار اﻻختﻼف الطبيعي بين اﻷفراد ،بل الغرض منه
تحقيق العدالة اﻻجتماعية في جميع مناحي الحياة .المساواة هي التعبير العملي عن
العدالة ،فلوﻻ اﻻختﻼف والتفاوت لما كان الناس في حاجة إلى المساواة .وما تجدر
مﻼحظته هنا أن اﻻختﻼف يمنع المساواة نظريًا وواقعيًا ،مهما كان اﻻختﻼف طفيفًا .ولما
وذكورا مختلفين اختﻼفات ﻻ حصر لها كانت المساواة المدنية والسياسية،
ً كان اﻷفراد إناثًا
على نحو ما ذكرنا ،مساواة في الحقوق والواجبات ،ﻻ في مقاديرها ،ومساواة في
المشاركة في الشؤون العامة وفي حياة الدولة ،وﻻ سيما ما يتعلق منها بتسلم الوظائف
العامة ،سواء في السلطة التشريعية أم في القضاء أم في مؤسسات السلطة التنفيذية.
المساواة في الحقوق والواجبات مؤسسة على المساواة في الماهية اﻹنسانية وفي
المواطنة .ولذلك قيل :المواطن هو تجريد الفرد الطبيعي من جميع صفاته ومحموﻻته
وتحديداته الذاتية .والدولة هي تجريد المجتمع المدني من جميع صفاته وخصائصه.
التفريق بين المساواة المدنية والمساواة السياسية ضروري ،وعلى درجة كبيرة من
ً
فضﻼ عن اﻷهمية ،وﻻ سيما حين نتحدث عن تساوي الجماعات في الحقوق والواجبات،
تساوي اﻷفراد .المساواة المدنية تتعلق بعضوية اﻷفراد والجماعات في المجتمع المدني.
فجميع منظمات المجتمع المدني من جمعيات ونواد ونقابات وأحزاب ومؤسسات دينية
متساوية في الحقوق والواجبات ،وهذا متفق عليه ،كما أظن .لكن ما يحتاج إلى نقاش هو
تساوي الجماعات اﻹثنية والجماعات الدينية والمذهبية في الحقوق المدنية ،بغض النظر
عن عدد أفراد كل منها ،ﻷن المساواة في الحقوق مطلقة ،ﻻ تتعلق بالك ّم.
ا
المبدأ الوطني واﻹنساني في هذا الموضوع يقضي بتساوي جميع اﻹثنيات واﻷديان
والمذاهب في القيمة اﻹنسانية والروحية ،وفي الحقوق المدنية والواجبات المدنية ،بغض
النظر عن عدد أفراد كل منها ،ﻷن الكم ﻻ يضيف شيئ ًا إلى ماهيﱠ ِة إثني ٍة معين ٍة أو دين معين
أو مذهب معين وﻻ ينقص منها شيئ ًا.
حقوق المواطنة :للمواطن حقوق مختلفة تتمثل في المجال المدني والمجال السياسي
والمجال اﻻقتصادي واﻻجتماعي والثقافي والفكري وغيرها .لذا هناك من يرى أ ّن حقوق
اﻹنسان هي حقوق المواطنة وهناك من يميز بينها .وحقوق المواطنة تختلف من بلد إلى
آخر بينما حقوق اﻹنسان حقوق عامة مستحقة داخل التراب الوطني وخارجه .وهناك حق
اللغة أيضًا.
-والمواطنة تقتضي مساواة اﻷفراد أمام القانون والدستور ،بما يعني ممارسة المواطن
حقوقه كاملة وأداء واجباته كاملة من دون ميز أو مضايقة أو إلغاء أو تهميش .والحقوق
تضمن له حق المشاركة في المجتمع السياسي أو المدني كما تضمن له ممارسة حقوقه
المتنوعة اﻷخرى .فالمواطنة إذًا تتعلق بالمساواة بين جميع المواطنين والفرص
المتساوية لجميع المواطنين للمشاركة في الحياة السياسية والعامة ،أي أن ركني المواطنة
هما المساواة والمشاركة .وبذلك ففي دولة المواطنة جميع المواطنين متساوون في
الحقوق والواجبات ،ﻻ تمييز بينهم بسبب اﻻختﻼف في الدين أو النوع أو اللون أو العرق
أو الموقع اﻻجتماعي … إلخ.
ً
ﺛﺎلﺜﺎ :ﺃﻫﻤﻴﺔ اﳌﻮاﻃﻨﺔ
– كما تتطلب متانة النسيج الوطني التسليم بمفهوم المواطنة ،مفهوم تتحقق فيه المساواة
بين البشر ،وينال فيه الفرد موقعه اﻻجتماعي ووظيفته عن طريق كفاءته وقدراته
ونزاهته .فالواقع يؤكد أن ثمة عﻼقة في المضمون بين مفهومي المواطن والمواطنة.
شعورا حقيقيا بحقوقه وواجباته
ً حيث ﻻ يمكن أن تتحقق المواطنة ،من دون مواطن يشعر
في وطنه .فﻼ مواطنة من دون مواطن ،وﻻ مواطن إﻻ بمشاركة حقيقية في شؤون الوطن
على مختلف مستوياته.
– تضمن المساواة والعدل واﻹنصاف بين المواطنين أمام القانون وخدمات المؤسسات،
وأمام الوظيفة العمومية والمناصب في الدولة ،وأمام المشاركة في المسؤوليات على قدم
ومساواة ،وأمام توزيع الثروات العامة ،وكذلك أمام الواجبات من دفع الضرائب والخدمة
العسكرية والمحافظة على الوطن والدفاع عنه؛ فـالمواطنة هي الحق الفردي لجميع أبناء
الوطن في تقرير مصير الوطن ،والتمتع بكل خيراته.
ا
في اختصار ،المواطنة إطار يستوعب الجميع ،فهو يحافظ على حقوق اﻷقلية واﻷكثرية في
نطاق مفهوم المواطنة الجامعة ،والمواطنة هي المساواة بين المواطنين بصرف النظر عن
الصبغات الدينية أو المذهبية أو القبلية أو العرقية أو الجنسية .فكل مواطن له جميع
الحقوق وعليه جميع الواجبات ،والمواطنة الحقيقية ﻻ تتجاهل حقائق التركيبة الثقافية
تغييرا في نسب مكوناتها ،وﻻ تمارس تزييفًا
ً واﻻجتماعية والسياسية في الوطن وﻻ تحدث
للواقع ،وإنما تتعامل مع هذا الواقع من منطلق حقائقه الثابتة ،حيث توفر البيئة الصحيحة
والخصبة لتكوين ثقافة الوطن التي تتشكل من تفاعل ثقافات أبناء الوطن .وهي التعبير
الطبيعي عن حالة التنوع والتعدد الموجودة في الوطن .ثقافة تؤكد حاجة كل منا إلى اﻵخر
وأن ثقافة الفرد هي محصلة ثقافة كل أبناء الوطن ،فهي ليست ثقافة فئوية أو طائفية أو
جنسوية ،إنما هي ثقافة وطن بكل تنوعاته وأطيافه وتعبيراته .كما أنه في المجتمع المدني
يتجاوز أفراد المجتمع اﻻعتقاد الديني إلى مبدأ المواطنة ،ويعترفون بمبدأ اﻻختﻼف في
العقيدة الدينية التي يجب ّأﻻ تحول دون اﻻنتساب إلى مواطنة مشتركة ،ﻷن المواطنة توفر
آلية العيش وسط التنوع واﻻختﻼف ،وتولد جانبي الواجبات والحقوق.
ا
وهي تمكن المواطن من تدبير الشأن العام من خﻼل النظام اﻻنتخابي ناخبًا ومنتخبًا
للمؤسسات المنتخبة التي تعبر عن دولة القانون والمؤسسات ،وتحدد منظومة القيم
والتمثﻼت والسلوك اﻷساس ﻻكتساب المواطنة والتربية عليها ،كما تحدّد اﻹطار
اﻻجتماعي المرجعي لممارسة الحقوق والواجبات والعﻼقات بين اﻷفراد والجماعات
والدولة ،وهي تضمن حقوق اﻹنسان في المجتمع والوطن والدولة؛ لكونها تنقل الحق
اﻹنساني إلى حق للمواطنة عبر تشريعه وتقنينه .وتضمن استمرار المجتمع في اﻹطار
السياسي الذي يعبر عنه وهو الدولة .فـالمواطنة أرقى من أن تكون مفهو ًما ،هي في
الحقيقة مبدأ الدولة الحديثة ومرتكزها ،بل عمودها الفقري في النشوء واﻻستمرارية في
التكوين والبقاء ،فهي قيمة أخﻼقية واجتماعية وسياسية وسلوك ممارس ،قبل أن تكون
معرفة وثقافة .وهنا تنتقل المواطنة من كونها توافقًا أو ترتي ًبا سياسيا تعكسه نصوص
قانونية ،لتصبح المساواة بين المواطنين في الحقوق والواجبات قيمة اجتماعية وأخﻼقية
وممارسة سلوكية ،يعبر أداؤها من جانب المواطنين عن نضج ثقافي ،ورقي حضاري،
وإدراك سياسي إيجابي بّناء .وتؤدي إلى بناء نظام سياسي مدني تعددي متنوع في العرق
والمؤسسات )اﻷسرة ،العائلة ،القبيلة ،الحزب ،النقابة( والثقافة واﻷيديولوجيا والدين،
مرتفع عن تعدديته نحو تكاملها وتفاعلها من باب احترام المشاركة الشعبية للمواطنين
وتبويئها صدارة السلطة على مؤسسات الدولة ،ﻷنها هي المصدر للسلطة والممارسة
السياسية عبر المؤسسات التمثيلية .وعليه فالمواطنة توفر مساحة للمواطن كي يعمل
على تطوير نوعية الحياة في المجتمع .تتطور وتتقدم المجتمعات بجهد أبنائها جمي ًعا.
ا
توجد بعض الشروط والمقومات اﻷساسية ،التي ﻻ غنى عنها في اكتمال وجود المواطنة،
ويُشار إليها على النحو التالي:
اﳌﻘﻮﻡ اﻷﻭﻝ
يعد اكتمال نمو الدولة ذاتها بُعدا ً أساسيا ً من أبعاد نمو المواطنة ،ويتحدد نمو الدولة
بامتﻼكها لثقافة تلك الدولة ،التي تؤكد على المشاركة والمساواة أمام القانون .وعلى هذا
النحو ،فإن الدولة اﻻستبدادية ﻻ تتيح الفرصة الكاملة لنمو المواطنة؛ ﻷنها تحرم قطاعا ً
كامﻼً من البشر من حقهم في المشاركة ،أو أن الدولة ذاتها قد تسقط فريسة ُحكم القلة
التي تسيطر على الموارد الرئيسية للمجتمع ،ومن ثم تحرم بقية اﻷفراد من حقوقهم في
المشاركة ،أو الحصول على نصيبهم من الموارد .اﻷمر هذا يدفعهم ،بداهة ،إلى التخلي
عن القيام بواجباتهم والتزاماتهم اﻷساسية ،وهو ما يعني تقلص مواطنتهم بسبب عدم
حصول المواطن على جملة الحقوق واﻻلتزامات اﻷساسية ،التي ينبغي أن تتوافر له .وهذا
يوضح أن ثمة رابطة عضوية بين اكتمال نمو الدولة واقترابها من النموذج المثالي للدولة
الحديثة ،والمجتمع القوي المتماسك ،وبين اكتمال المواطنة في مستوياتها غير الناقصة.
اﳌﻘﻮﻡ الﺜﺎﻧﻲ
هذه المعرفة قاعدة القدرة على تحمل المسؤولية ،كما تشكل أساس القدرة على المشاركة
والمساءلة.
اﳌﻘﻮﻡ الﺜﺎلﺚ
اﳌﻘﻮﻡ الﺮاﺑﻊ
يُعد الفرد البالغ العاقل أحد المكونات اﻷساسية للمواطنة ،وذلك بوصف أن هذا الفرد
يخضع لعملية التنشئة اﻻجتماعية والثقافية والسياسية ،التي تقوم بها مؤسسات المجتمع
المختلفة ،بإشراف الدولة وسيطرتها .وتساعد عملية التنشئة ــ في حالة اكتمالها ــ الفرد
على أن يستوعب أهداف الجماعة وتراثها ،ويعبّر عن مصالحها ،ويتعايش مع الجماعة،
دون أن يذوب في إطارها.
ا
اﳌﻘﻮﻡ اﳋﺎﻣﺲ
يُعد إشباع الحاجات اﻷساسية للبشر ،في أبعادها اﻻقتصادية والسياسية واﻻجتماعية
والثقافية ،أحد المقومات الرئيسية للمواطنة .وفي هذا اﻹطار تواجه المواطنة أزمة إذا
تخلت الدولة عن القيام بالتزاماتها المتعلقة بتهيئة البيئة المﻼئمة لتحقيق الرفاهية
اﻻجتماعية واﻻقتصادية للبشر .ومن الطبيعي أن يؤدي عدم إشباع الحاجات اﻷساسية
للبشر إلى ظواهر عديدة ،تُشير في مجملها إلى تآكل اﻹحساس بالمواطنة .وتبدأ هذه
الظواهر باﻻنسحاب من القيام بالواجبات ،مادامت الحقوق قد تآكلت مرورا ً بعدم اﻹسهام أو
المشاركة الفعالة على كافة اﻷصعدة ،وحتى الهروب من المجتمع ،والبحث عن مواطنة
جديدة ،أو التمرد على الدولة والخروج عليها ،واﻻحتماء بجماعات وسيطة ،أو أقل من
الدولة .وتؤدي كل هذه الظواهر إلى تآكل المواطنة ،بسبب تآكل إشباع الحاجات اﻷساسية.
ا