You are on page 1of 1

‫‪avis et idées‬‬

‫‪Accueil‬‬ ‫‪Nous contacter‬‬ ‫‪Annonces et abonnements‬‬ ‫‪sur la gamme‬‬ ‫‪archive de termes‬‬

‫‪Un État démocratique est un État de citoyenneté‬‬


‫‪*Hussein Darwich Al Adly‬‬
‫‪*Écrivain et chercheur irakien‬‬
‫الترابط ب‪ B‬الديمقراطية وا>واطنة هو ترابط عضوي بالصميم‪ ،‬فك‪-‬هما يُنتج ا‪#‬خر‬
‫برغم عوارض التن ّكر الذي يعتري ع‪-‬قتهما البُنيوية كما في الدولة ا>ستبدة ال‪-‬غية‬
‫لفروض واستحقاقات ا>واطنة‪ .‬من هنا فليس كل مواطنة ديمقراطية‪ ,‬إ‪ S‬أن كل‬
‫ديمقراطية حقيقية مواطنة‪ .‬إ ‪a‬ن ا>واطنة الحقة هي وليدة النظام الديمقراطي القائم‬
‫على مبدأ سيادة الشعب وا‪e‬عتراف والتمك‪ B‬لحقوق رعايا الدولة وفي طليعتها‬
‫ا>ساواة والتكافؤ وحق ا‪e‬ختيار وا>شاركة السياسية‪ .‬إ ‪a‬ن الدولة الديمقراطية تعي أ ‪a‬ن‬
‫ا>واطنة الصالحة والف ّعالة تمثّل إمكانية مثلى لتكريس سيادة القانون وحكومة‬
‫الشعب‪ ،‬ومن هنا أيضا ً تنتج التبادلية العضوية ب‪ B‬الديمقراطية وا>واطنة‪ ،‬إذ تكون‬
‫ا>واطنة على أساس هذه التبادلية ا>نطلق للمطالبة بالديمقراطية لغرض صنع‬
‫السلطة ا>تأتية من خ‪-‬ل حق ا>شاركة‪a u ،‬ن الديمقراطية في حقيقتها تعني حكم‬
‫ممثلي الشعب بموجب القيم الديمقراطية وعلى رأسها قيم ا>واطنة الحقة والف ّعالة‪.‬‬
‫ولضمان سيادة ا>واطنة ‪S‬بد من اشتراطات ديمقراطية حقيقية وفعالة في جوهر بنية‬
‫الدولة‪ ،‬ومنها‪ :‬الفصل ب‪ B‬الدولة كمؤسسة دستورية راسخة والحكم كسلطة تداولية‪،‬‬
‫وأيضا ً إقصاء التحكم الفردي أو الفئوي بالسلطة‪ ،‬كذلك اعتبار الشعب مصدرا ً‬
‫للسلطات وأساس شرعيتها‪ ،‬وتمتع الكل الوطني بنفس درجات ومستويات الحقوق‬
‫والواجبات ا>دنية والسياسية وا‪e‬قتصادية دونما أدنى تمييز‪ ،‬لضمان إنتاج ا>واطنة‬
‫الكاملة‪ .‬من هنا نقول‪ :‬إن جميع أنماط ا>واطنة غير الديمقراطية هي مواطنة‬
‫وا>همشة وا>حجورة‪ ..‬هي مواطنة ناقصة‬ ‫ّ‬ ‫منقوصة‪ ،‬فا>واطنة ا>ضطهدة والباهتة‬
‫ومنقوصة إذ أ ‪a‬ن وجودها مقترن با‪e‬نتهاك القانوني والسياسي والثقافي بفعل‬
‫التمييز أو ا‪e‬ستبداد أو ا‪e‬ستعباد‪ .‬ولتمتع ا>واطنة بكامل وجودها واستحقاقاتها‬
‫يتوجب اعتماد النظام الديمقراطي الذي يعني دولة القانون وا>ؤسسات ا>ستندة‬
‫إلى إدارة ا>واطن‪ B‬واختيارهم الحر ومساهمتهم الف ّعالة في خلق تجاربهم على‬
‫أساس من الحرية وا‪u‬هلية التامة غير ا>ُصادرة‪ .‬من هنا يُعتبر ا>واطن في الدولة‬
‫الديمقراطية كيانا ً سياسيا ً كونه أساس العملية الديمقراطية القائمة على ا‪e‬نتخابات‬
‫الحرة‪ ،‬فتمتعه با>واطنة الكاملة غير ا>نقوصة يعني ممارسة وتفعيل حقوقه‬
‫ا‪u‬ساسية وفي طليعتها حقه السياسي من خ‪-‬ل الترشيح وا‪e‬نتخاب‪ ،‬وهو ما‬
‫سينتج عنه نظام الدولة الديمقراطي‪.‬‬
‫لذا ‪ S‬يمكن ضمان ا>واطنة الكاملة إ‪ ّS‬وفق قواعد النظام الديمقراطي‪ ،‬فا‪e‬قرار‬
‫بالحقوق ا>دنية والقانونية وا‪e‬جتماعية وا‪e‬قتصادية والسياسية ليس كافيا ً للتعبير‬
‫عن مراعاة وتكريس مبدأ ا>واطنة واستحقاقاته من دون حاضن من نظام سياسي‬
‫يف ّعلها با>شاركة الحقيقية وهو ما يجود به النظام الديمقراطي ذاته‪ .‬إ ‪a‬ن ا>واطنة‬
‫الديمقراطية هنا ليست عبارة عن قيمة ناجمة عن توافق عقدي جامد ب‪ B‬الدولة‬
‫ورعاياها‪ ،‬بل هي التوافق وا>شاركة وا‪e‬عتماد ا>تبادل وا‪e‬عتراف ا>شترك‪ ،‬وعليه‬
‫فهي رابطة عضوية ف ّعالة وزاخرة بالحركة والنتاج على قاعدة الحقوق ا‪e‬جتماعية‬
‫وا‪e‬قتصادية والسياسية والثقافية وا>دنية العامة‪.‬‬
‫إ ‪a‬ن قاعدة الحقوق والواجبات الوطنية التي ُينتجها النظام الديمقراطي هي قاعدة‬
‫الفاعلية ا>جتمعية التي تُنتج التناغم والتطور الوطني‪ ،‬ف‪ -‬يمكن تصور فاعلية‬
‫مجتمعية حقيقية مع غياب الحقوق ومصادرتها تحت وطأة ا‪e‬ستبداد‪ ،‬فكما ‪S‬‬
‫عضوية حقيقية ب‪ B‬الدولة ورعاياها في ظل ا‪e‬ستبداد‪ ،‬كذلك ‪ S‬فاعلية حقيقية‬
‫معطاء وتصاعدية في ظل ا‪e‬ستبداد‪ .‬إ ‪a‬ن ا>نظومة القانونية والثقافية التي تُنتجها‬
‫الديمقراطية على قواعد النظام والقانون وا>ساواة والحرية وا>شاركة هي ذاتها‬
‫مقومات ا>واطنة الف ّعالة الواهبة للتجدد وا‪e‬ندكاك الصميمي بالدولة‪.‬‬
‫إ ‪a‬ن ا‪e‬ندكاك الصميمي بالدولة ‪ S‬ينبثق عن تعاقد سياسي ترتضيه الجماعة‬
‫السياسية ا>كونة للدولة فحسب‪ ،‬بل هو أيضا ً رهن ا‪e‬لتزامات الدستورية والقانونية‬
‫التي تُلزم الدولة بجميع مقوماتها الطبيعية‪ ،‬وفي مقدمة ا‪e‬لتزامات حماية الحقوق‬
‫ا‪e‬نسانية والوطنية وتجذر ا>ؤسسات الراعية للكل الوطني الداخل في تشكيلة‬
‫الدولة‪ ،‬وهنا يكون ا‪e‬ندكاك بالدولة خير تعبير عن ا‪e‬نتماء والو‪S‬ء وا‪e‬رادة الصادقة‬
‫في انخراط ا>واطن‪ B‬بفاعليات الدولة ومشاريعها بجدية وشوق‪ .‬وإذا ما تخلفت‬
‫الدولة عن ا‪e‬لتزام بمنظومة الحقوق تجاه رعاياها ف‪ -‬تلبث أن تتحول إلى قيد‬
‫وأسر‪ ..‬لتفقد الدولة بعدها ا>برر ا>وضوعي لوجودها أص‪.ً-‬‬
‫إ ‪a‬ن ا>برر ا>وضوعي لوجود الدولة يتمثل أساسا ً بتحقيق ا>صالح العامة‪ ،‬وتحقيق‬
‫ا>صالح العامة ا>عب‪Œ‬رة عن طموح وأمل الجماعة السياسية ا>ُش ّكلة للدولة ‪ S‬تنشأ إ‪ّS‬‬
‫على أساس ا‪e‬عتراف وا>شاركة وقاعدة الحريات‪ .‬إ ‪a‬ن الدولة هي ذلك الجوهر ا>ُنتج‬
‫ل•نا الوطنية الجماعية الكلية من خ‪-‬ل حركة التفاع‪-‬ت العميقة >كوناتها ا‪u‬صيلة‬
‫من مجتمع ونظام وإقليم وسلطة‪ ،‬وا>واطنة هي الرابط ا>وضوعي والقانوني الذي‬
‫يشد مكونات وأركان الدولة بما يحقق مصالح ا>نتم‪ B‬إليها‪ ،‬وكلما كان رابط ا>واطنة‬
‫سمى الدولة‪ .‬ولن يتم‬ ‫ف ّعا‪ ًS‬وحقيقيا ً ومتمرسا ً أنتج جوهرا ً متطورا ً وف ّعا‪ ًS‬ومتجذرا ً يُ ّ‬
‫إنتاج هذا الجوهر ا>تمثل بالدولة إ‪ ّS‬من خ‪-‬ل الديمقراطية التي تُقر وتُفرز حاكمية‬
‫ا>ؤسسات الدستورية على أرضية الحرية وا>ساواة والتكافؤ‬ ‫‪a‬‬ ‫القانون وسيادة‬
‫وا‪e‬لتزام وا‪e‬لزام‪ .‬من هنا كانت الدولة الديمقراطية منتجة للمواطنة ‪u‬نها تقوم على‬
‫قوة وسيادة قوانينها ومؤسساتها‪ ،‬وقوة مجتمعها وفاعليته وحركيته‪ ،‬وبنفي‬
‫مظلةا‪e‬ستبداد عنه‪ ،‬وبإضعاف قبضة الحكومة عليه لضمان خلق حركية ا‪e‬بداع‬
‫والتط ّور ا>جتمعي الذاتي‪.‬‬

‫ا>واطنة الديمقراطية والفاعلية ا‪e‬جتماعية‬


‫))‪((1‬‬
‫ا>واطنة كإنتماء عضوي بالدولة ‪ S‬تحيا أو تتف ّعل دونما حاضن ديمقراطي يهبها‬
‫ا‪e‬نتماء وا‪e‬عتراف والتجذر‪ ،‬فالع‪-‬قة ب‪ B‬ا>واطنة والديمقراطية ع‪-‬قة توأمة ‪u‬ية‬
‫تجارب تُنتجها الجماعة السياسية ا>كونة للدولة‪ ،‬كون أ ‪a‬ن الديمقراطية تقوم على‬
‫أساس ا‪e‬عتراف با‪e‬نسان وحقوقه ا‪u‬ساسية من كرامة واختيار وحرية وإرادة‪،‬‬
‫وصنع القرار‪ ..‬وهي ذاتها مقومات‬ ‫وعلى أساس حق ا>واطن بالتعبير وا>شاركة ُ‬
‫ا>واطنة الف ّعالة والصالحة في ظل ا‪e‬نتماء للدولة الحديثة‪ ،‬من هنا كانت ا>واطنة‬
‫الديمقراطية أساس الفاعلية ا‪e‬جتماعية ‪u‬نها تهب شروط النهضة وركائز الفاعلية‬
‫ا‪e‬نسانية والوطنية‪.‬‬
‫وبا>قابل ‪ S‬يمكن تص ّور نشوء أية فاعلية إنسانية أو وطنية حقيقية في ظل ا>واطنة‬
‫الدكتاتورية‪ ..،‬فا>واطنة القابعة تحت سيطرة ا‪e‬ستبداد وا‪e‬ستعباد‪ ،‬الفاقدة للحرية‬
‫وا‪e‬رادة‪ ،‬ا>حرومة من التعبير وا>شاركة‪ S ..‬يمكنها أن تُبدع أو تُنتج‪ ،‬والفاعلية‬
‫وا‪e‬بداع ‪ S‬يصدران عن مجتمع السادة والعبيد‪ ..‬بل يصدران عن مجتمع ا>ساواة‬
‫والتكافؤ وا>شاركة‪ ..،‬وا>واطنة الديمقراطية هي ا‪u‬ساس ا>وضوعي الواهب‬
‫‪e‬مكانات النمو الف ّعال صوب التكامل الوطني كونه يهب شروط النهضة ومقومات‬
‫الفاعلية ا>تواصلة‪.‬‬
‫))‪((2‬‬
‫إ ‪a‬ن مؤشرات الركود أو الفاعلية ‪u‬ي مجتمع‪ ،‬إنما هي رهينة الوجود والفاعلية‬
‫ا>جتمعية ا>رتبطة جوهريا ً بمنظومة الرؤى والبرامج ا>ديرة للجهد ا‪e‬جتماعي العام‬
‫في تش ّك‪-‬ته ا>عرفية والسياسية وا‪e‬قتصادية‪ .‬ففي ضوء الفهم والتخطيط لطبيعة‬
‫ا>جتمع وتشخيص ركائزه وثوابته ا‪u‬ساسية وإدراك مناحي حركيته ومعالم تط ّوره‬
‫ضمن مسارات ُكل ّية ُمحددة‪ ..‬تنتج لدينا مؤشرات النهوض والتقدم ا>جتمعي العام‪.‬‬
‫وأي عمل يتجافى مع طبيعة ا>جتمع أو يجهل آليات حركته أو يعجز عن رسم معالم‬
‫تط ّوره أو يفشل في حل إشكاليات السلطة لديه‪ ..‬سيقود لكارثة ‪ S‬تزيد الواقع‬
‫ا‪e‬جتماعي سوى تقهقر ورائي في مناحي واتجاهات الحياة برمتها‪ .‬من هنا يرتبط‬
‫وجود وفاعلية ا>جتمع ا‪e‬نساني والوطني با>شروع ا‪e‬جتماعي ‪ -‬السياسي الصالح‬
‫والناهض والقادر على حفظ الوجود ا‪e‬جتماعي ودفعه ُقدما ً نحو التط ّور‪ .‬ومشروع‬
‫يؤسس وجوده على‬ ‫ّ‬ ‫الدكتاتورية ‪ S‬يمكنه ذاتا ً من إنتاج الفاعلية والتط ّور كونه‬
‫ا‪e‬ستبداد وا‪e‬ستعباد القاتل للروح ا‪e‬نسانية وا‪e‬نتماء الوطني‪ ،‬بخ‪-‬ف ا>شروع‬
‫يؤسس كيانه على ا‪e‬عتراف وا>شاركة والحرية وا‪e‬رادة‪.‬‬ ‫الديمقراطي الذي ّ‬
‫))‪((3‬‬
‫إ ‪a‬ن ا>جتمع أساسا ً هو‪ :‬الهيئة الحاصلة من اجتماع مجموعة من البشر يعيشون‬
‫في بيئة واحدة ويتألف بينهم الترابط من جهة القيم وا‪u‬نظمة والقوان‪ B‬والتقاليد‬
‫وا‪#‬داب والحوائج وا‪u‬شغال وا>صالح ا>شتركة لتنتج عنهم حياة إجتماعية‪.‬‬
‫إ ‪a‬ن الحياة ا‪e‬جتماعية من ا‪u‬مور الفطرية ا>ودعة في كينونة ا>خلوق البشري‪،‬‬
‫خلق ّية طبيعية ‪ S‬تتو ّلد عن‬ ‫فا‪e‬نسان إجتماعي ومدني بالخلقة‪ ،‬أي أنها ميزة َ‬
‫ا‪e‬ضطرار أو ا‪e‬ختيار أو التعاقد‪ ،‬فا‪e‬نسان إنسان بالقوة ))أي استعداد إنساني‬
‫محض(( وإنما تخرج إنسانيته إلى الفعل والتحقق من خ‪-‬ل ا>جتمع‪.‬‬
‫ومع أ ‪a‬ن وجود ا>جتمع –كوجود‪ -‬يُعتبر وجودا ً اعتبارياً‪،‬حيث أ ‪a‬ن ا>وجود في الخارج‬
‫هم ا‪u‬فراد على سبيل التحقق‪ ،‬إ‪ ّS‬أ ‪a‬ن وجود ا>جتمع وجود حقيقي بالتبع‪a u ،‬ن الناتج‬
‫من التفاعل القائم ب‪ B‬أفراد ا>جتمع إنما هو ناتج حقيقي وهو الروح أو الطبيعة‬
‫الجماعية‪ ،‬وهذه الروح الجماعية هي في الحقيقة ناتج جديد حقيقي هي بمثابة‬
‫نفس جديدة ناتجة عن النفوس الفردية الداخلة في التشكيل ا‪e‬جتماعي‪ ،‬فا‪u‬فراد‬
‫وح‪ B‬انخراطهم في الهيئة ا‪e‬جتماعية يتفاعلون كوجودات حقيقية فيما بينهم من‬
‫جهة ا‪u‬فكار وا>شاعر وا‪u‬حاسيس والحاجات وا>صالح ا>تبادلة‪ ،‬وهنا فالناتج من‬
‫تفاعلهم الحقيقي هذا هي الروح الجماعية أو النفس ا‪e‬جتماعية التي هي وجود‬
‫حقيقي بدوره‪ ،‬فيكون للمجتمع وجود حقيقي وإن كان إعتباريا ً من حيث ا‪u‬صل‪.‬‬
‫))‪((4‬‬
‫نقول‪ :‬إ ‪a‬ن للمجتمع أصالة كما للفرد أصالة‪ ،‬فأصالة الفرد متحققة بذاته وعلمه وعمله‬
‫وثقافته‪ ..‬الخ‪ ،‬وأصالة ا>جتمع متحققة من الروح والشخصية وا‪e‬دراك وا‪e‬رادة‬
‫الجماعية العامة التي يؤلفها اجتماع ا‪u‬فراد وما ينتج عنهم من تفاعل‪ ،‬فحياة وموت‬
‫ورقي وتخلف ا>جتمعات حقيقة واقعية‪ ،‬فيمكنك أن تحكم على مجتمعٍ ما بالتخلف‬
‫مع أ ‪a‬ن صفة التخلف ‪ S‬تصدق على جميع أفراده ففيهم الواعي وا>تعلم وا>ثقف‪،‬‬
‫وهنا فحكمنا جاء على ا>جتمع باعتبار أ ‪a‬ن له وجودا ً أصي‪ ً-‬إلى جانب أصالة‬
‫سننها التأريخية الخاصة رقيا ً أو انحطاطا ً مجدا ً‬ ‫أفراده‪ ،‬من هنا كان للمجتمعات ُ‬
‫أو ذل ًة قوةً أو ضعفاً‪ ،‬وأ ‪a‬ن لها أج‪ ً-‬ومصيرا ً مشتركا ً واحداً‪ ..،‬لذا نعي‪ :‬أ ‪a‬ن الع‪-‬قة‬
‫ب‪ B‬ا>جتمع وفاعليته وتأريخه هي ع‪-‬قة تبعية بالضرورة‪ ،‬فا>جتمع هو الذي يصنع‬
‫قدره ومصيره‪ ،‬من هنا كان عليه إعداد ذاته وا‪e‬رتفاع بمحتواه والرقي بمضامينه‬
‫و ُمثله وأخ‪-‬قياته واستعداداته في القوة وا>نعة والعلم والعمل لضمان خلق مجده‪،‬‬
‫وبخ‪-‬ف ذلك فسيكتب بيده تأريخ اندحاره ل ُيشطَب من سجل التأريخ ا‪e‬نساني‬
‫كمجتمع حي وفاعل ومؤثر‪.‬‬

‫))‪((5‬‬
‫وهنا يبرز السؤال ا‪u‬هم‪ :‬تُرى كيف يكسب ا>جتمع الحياة والفاعلية التأريخية؟‬
‫ونقول‪ :‬إ ‪a‬ن ا‪u‬مر مرهون بقدرة ا>جتمع على إدارة ذاته بحكمة وواقعية وتناغم‬
‫وس‪-‬م‪ ..‬وهي إدارة تتطلب مشروعا ً سياسيا ً بالعمق يستطيع إنتاج دولة وسلطة‬
‫قادرة على تمثيل الكل ا‪e‬نساني والوطني بحيادية ونزاهة‪ ،‬وقادرة على خلق أنساق‬
‫من الرؤى وا>رتسمات على أرضية البقاء والبناء والتقدم‪ ،‬وهنا فا>واطنة الديمقراطية‬
‫هي لبنة ا>شروع ا‪e‬جتماعي السياسي الضامن لتمثيل ال ُكل الوطني ا>تناغم‬
‫والف ّعال‪ ،‬كونها تقوم على أساس ا‪e‬عتراف والتكافؤ وا>شاركة والحريات ا>سؤولة‬
‫والهادفة‪.‬‬
‫إ ‪a‬ن ا>شروع الحضاري الديمقراطي الذي تُش ّكل ا>واطنة الف ّعالة عموده الفقري هو‬
‫الضامن ‪e‬نتاج فاعلية إجتماعية تصاعدية من خ‪-‬ل إنتاجه للسلطة الحيادية تقف‬
‫على مسافة واحدة من ال ُكل الوطني بعيدا ً عن ا‪e‬قصاء والتهميش وا‪e‬كراه والحجر‪،‬‬
‫وهو ا>وفر >قومات البناء والبقاء من خ‪-‬ل حله إشكاليات السلطة وا‪e‬دارة العامة‬
‫للمشروع ا‪e‬نساني السياسي‪ .‬من هنا كان ا>جتمع الديمقراطي هو ذلك ا>جتمع‬
‫ا>تناغم في تشكي‪-‬ته الهادفة ‪e‬قرار ا>صالح العامة التي تعود على مؤسساته‬
‫وأفراده بالنفع ا>باشر‪ ،‬وهو ا>جتمع ا>متليء أصال ًة وسيادةً ووعيا ً لذاته وأدواره‬
‫ومسؤولياته‪ ،‬وهو ا>جتمع الرافض ثقافيا ً ومعرفيا ً وعمليا ً لشرعية القوة وا‪e‬حتكار‬
‫السياسي للحياة العامة‪ ،‬وهو مجتمع ا‪e‬ختيار والقانون ‪ S‬مجتمع القوة وا‪e‬ستبداد‪،‬‬
‫إذ ‪ S‬يتأسس على الغريزة والخوف بل يقوم على الحرية ا>ُنتجة ل•ختيار والقانون‬
‫ا>ُنتج للنظام‪ ،‬لذا فالحركية والفاعلية وا‪e‬بداع والتقدم نتائج موضوعية للمجتمع‬
‫القائم على أساس ا>واطنة الديمقراطية‪.‬‬

‫نــظــرة قــانــونــيــة‪:‬الــوضعـيــة الـقـانـونـيــة لعـضــو البـرلـمـان‬

‫د‪ .‬فــ‪-‬ح اســماعيل حــاجــم*‬

‫*استاذ جامعي متخصص بالقانون الدستوري ‪ -‬موسكو‬


‫شهدت ا‪S‬يام ا‪S‬ولى من عمل مجلس النواب العراقي ظاهرة غريبة تمثلت بعدم‬
‫انعقاد جلساته وتأجيلها ا>تكرر وذلك بسبب عدم اكتمال النصاب القانوني ا>حدد‬
‫وفقا للمادة السابعة والخمس‪ - B‬او‪ -S‬أ‪ -‬با‪S‬كثرية ا>طلقة )‪ 50‬عضو ‪ +‬عضو‬
‫واحد(‪ ,‬ما يشير الى خلل واضح في عمل الجهاز التشريعي – التمثيلي ا‪S‬هم في‬
‫ب‪-‬دنا‪ .‬ان تخلف النواب عن حضور جلسات البر>ان اضافة الى كونه يمثل خرقا‬
‫لقواعد التشريع ا>نظمة للعمل البر>اني وقواعد النظام الداخلي >جلس النواب وحنثا‬
‫بالقسم‪ ,‬فانه يوشر ايضا خل‪ ً-‬واضحا ً في العملية السياسية الجارية في ب‪-‬دنا‬
‫ا‪#‬ن وعملية اعادة البناء التي هي احوج ما تكون الى السند التشريعي‪ ,‬ناهيك عن‬
‫الدور الرقابي الذي ينبغي ان يقوم به مجلس النواب على نشاط السلطة التنفيذية‪,‬‬
‫إضافة الى ذلك فان واحدة من اهم القضايا التي يفترض ان تحتل مكان الصدارة‬
‫في اجندة مجلس النواب هي محاربة الفساد ا‪S‬داري ا>ستشري حاليا في اجهزة‬
‫الدولة‪ ,‬وخصوصا التنفيذية منها‪ .‬واذا كانت معضلة ا‪S‬حجام عن ا>ساهمة في‬
‫جلسات مجلس النواب تعبر عن سوء التزام النائب البر>اني ذاته‪ ,‬فانها تعبر‪ ,‬وربما‬
‫بنفس القدر‪ ,‬عن خلل واضح في عمل الكتل السياسية البر>انية وحياتها الداخلية‪.‬‬
‫من هنا ارى ضرورة البحث في الوضعية القانونية لعضو البر>ان‪ ,‬اي حجم الحقوق‬
‫وا‪S‬متيازات التي يتمتع بها النائب البر>اني ومجموعة ا‪S‬لتزامات ا>لقاة على عاتقه‬
‫اضافة الى طريقة وصوله الى ا>قعد البر>اني ‪.....‬الخ ‪ .‬على انه ‪S‬بد من التنبيه هنا‬
‫الى ان ثمة عوامل تبدو وثيقة الصلة بتحديد الوضعية القانونية لعضو البر>ان‪ ,‬ربما‬
‫يقف في ا>قدمة منها شكل الحكم ) ملكي مطلق‪ ,‬جمهوري رئاسي‪ ,‬جمهوري او‬
‫ملكي بر>اني‪....‬الخ(‪ ,‬والنظام السياسي للدولة )ديمقراطي ام شمولي(‪ ,‬وحتى‬
‫شكل الدولة ) بسيط ام فيدرالي(‪ .‬وفي جميع ا‪S‬حوال سنقوم بالتركيز في مقالتنا‬
‫هذه على الوضعية القانونية لنائب البر>ان في ا‪S‬نظمة البر>انية ا>تأصلة‪ ,‬سيما ان‬
‫دستور دولتنا يؤسس لهذا الشكل من الحكم‪ .‬يعرف التأريخ ا‪S‬نتخابي نوع‪ B‬من‬
‫التفويض هما التفويض التمثيلي )ويطلق عليه في ا‪S‬دب القانوني ا‪S‬وروبي‬
‫التفويض الحر(‪ ,‬اما الثاني فهو التفويض ا>شروط‪ .‬ويكتسب هذا التمييز اهمية‬
‫استثنائية سواء بالنسبة لنائب البر>ان او بالنسبة للبر>ان كجهاز تمثيلي وتشريعي‪.‬‬
‫فالنائب ا>نتخب على اساس التفويض )التوكيل( التمثيلي يمثل من الناحية النظرية‬
‫الشعب باسره بغض النظر عن انتمائه الى هذه الطائفة او تلك‪ ,‬او ان انتخابه قد تم‬
‫في دائرة انتخابية محددة‪ .‬ذلك انه ما ان يصبح النائب عضوا في بر>ان الدولة‬
‫حتى يصبح ممث‪ -‬للسيادة الوطنية العامة‪ .‬وهذا يعني ان يقوم النائب بتنفيذ ا‪S‬رادة‬
‫العامة وليس ارادة ا>جاميع التي اوصلته الى قبة الجهاز التشريعي للدولة‪ .‬وتعتبر‬
‫الوكالة التمثيلية ا‪S‬كثر انتشارا في الوقت الراهن حيث تضمنتها الكثير من دساتير‬
‫الدول الديموقراطية )ا>ادة ‪ 27‬من الدستور الفرنسي وا>ادة ‪ 67‬من الدستور‬
‫ا‪S‬يطالي والفقرة ‪ 2‬من ا>ادة ‪ 67‬من الدستور ا‪S‬سباني والفقرة ‪ 1‬من ا>ادة ‪ 38‬من‬
‫دستور ا>انيا الفيدرالية‪....‬الخ(‪ .‬اما التفويض ا>شروط )او ا‪S‬لزامي كما يطلق عليه‬
‫بعض الحقوقي‪ B‬العرب(‪ ,‬فيعني ان ارادة النائب تكون مرتبطة بارادة ناخبيه الذين‬
‫بامكانهم الطلب الى بر>ان الدولة اعتبار التفويض ‪S‬غيا‪ ,‬ما يعني اقالة العضو‬
‫البر>اني‪ .‬اضافة الى ذلك فان التفويض ا‪S‬لزامي يتيح للنائب الجمع ب‪ B‬الوظيفة‬
‫البر>انية ووظيفته ا‪S‬ساسية مما يفقد النائب صفة التفرغ مما يؤثر سلبا انتاجية‬
‫العمل في ك‪ -‬ا>جال‪ .B‬وما زال مبدأ التفويض ا‪S‬لزامي منتشرا في بلدان الحزب‬
‫الواحد مثل كوبا والص‪ B‬الشعبية وكوريا الشمالية وفيتنام‪....‬الخ‪ .‬من هنا يبدو‬
‫واضحا ان التفويض الحر اصبح من السمات الرئيسية للبر>انات ا>نتخبة على‬
‫اساس التعددية الحزبية‪ .‬اما في العراق فيتضح من نص ا>ادة )‪ (47‬من الدستور‬
‫ان ا>شرع العراقي قد اخذ بمبدأ الوكالة التمثيلية‪ ,‬حيث نصت الفقرة )او‪ (S‬من‬
‫ا>ادة ا>ذكورة على انه " يتكون مجلس النواب من عدد من ا‪S‬عضاء بنسبة مقعد‬
‫واحد لكل مائة الف نسمة من نفوس العراق يمثلون العراق باكمله‪ ."......‬فيما منعت‬
‫الفقرة )سادسا( من نفس ا>ادة "الجمع ب‪ B‬عضوية مجلس النواب واي عمل او‬
‫منصب رسمي آخر"‪ .‬وبهذا الخصوص اجد مناسبا ا‪S‬شارة الى ان قوة التمثيل‬
‫على ا‪S‬ساس الطائفي يجعل من حصر النائب ا‪S‬هتمام بشؤون منطقه طائفته‬
‫)وهي منطقته ا‪S‬نتخابية في اغلب ا‪S‬حيان( امرا واردا‪ ,‬وهذا ما بدا واضحا من‬
‫الجلسات ا‪S‬ولى >جلس النواب العراقي‪ ,‬حيث ت‪-‬شت القضايا الوطنية العامة في‬
‫خضم الجدل حول الهموم الفئوية والطائفية الضيقة‪ .‬وربما كان اعتماد نظام الدائرة‬
‫ا‪u‬نتخابية الواحدة عام‪ -‬بالغ ا‪S‬همية للتقليل من سلبيات التمثيل الطائفي ا>عمول‬
‫به حاليا‪ ,‬ذلك ان اعتماد نظام الدوائر ا‪S‬نتخابية سيزيد من امكانية التخندق وراء‬
‫ا>صالح ا>ناطقية والجهوية واهمال ا>صلحة الوطنية العامة‪ .‬في ذات السياق اجد‬
‫لزاما التأكيد على ان اعتماد مبدأ التفويض الحر ‪ S‬يعني القطيعة ب‪ B‬النائب‬
‫البر>اني وناخبيه‪ ,‬او التقليل من ا‪S‬هتمام بمصالح دائرته ا‪S‬نتخابية والدفاع عنها‪,‬‬
‫ذلك ان ليس هنالك من تشريع يمنع عضو البر>ان من التواصل مع ناخبيه والسماع‬
‫الى قضاياهم وتبنيها امام اجهزة الدولة ا>ختلفة‪ ,‬سواء تم ذلك بشكل فردي ومباشر‬
‫او من خ‪-‬ل فعاليات الناخب‪ B‬ا>ختلفة ومنظمات الحزب الذي ينتمي اليه النائب‪.‬‬
‫ان واحدا من العناصر ا>همة ا>ؤلفة لوضعية النائب القانونية هو حزمة الحقوق‬
‫وا‪S‬متيازات ا>منوحة لعضو البر>ان‪ ,‬وربما كان مبدأ الحصانة ا‪u‬هم من ب‪ B‬جميع‬
‫امتيازاته ا‪S‬خرى‪ .‬ويذهب فقهاء القانون الدستوري الى تعريف الحصانة على انها‬
‫مجموعة الضمانات الدستورية التي تؤمن الحد ا>ناسب من ا‪S‬ستق‪-‬لية والحرية في‬
‫اداء مهامه النيابية‪ ,‬اضافة الى الحماية من ا>سؤولية القانونية اثناء ا>ناقشة‬
‫والتصويت وابداء الرأي حول مختلف ا>سائل ا>ثارة تحت قبة البر>ان‪ .‬اضافة الى‬
‫تحريم احتجاز او اعتقال النائب البر>اني من دون اذن مسبق من رئاسة الجهاز‬
‫التشريعي‪ .‬ومع ان اغلب التشريعات ذهبت الى منح اعضاء البر>ان الحصانة‬
‫البر>انية‪ ,‬ا‪ u‬انها اختلفت في تحديد دائرة سريان تلك الحصانة وكيفية تأمينها‪.‬‬
‫ويجمع الكثير من الحقوقي‪ B‬على ان بريطانيا كانت السباقة الى شرعنة مبدأ‬
‫ال‪-‬مسؤولية عن ابداء الرأي داخل البر>ان‪ ,‬حيث اكدت ‪S‬ئحة الحقوق الصادرة في‬
‫عام ‪ 1689‬على عدم جواز تحريك الدعوى القضائية ضد النائب استنادا الى خطابه‬
‫داخل البر>ان‪ .‬ويحرم الدستور ا‪S‬مريكي استجواب عضو الكونغرس عن ابداء ارائه‬
‫سواء داخل البر>ان او في اي مكان آخر )الفصل السادس من ا>ادة ا‪S‬ولى‬
‫للدستور(‪ ,‬وكان الدستور الفرنسي لعام ‪ 1958‬اكثر تفصي‪ -‬فيما يخص الحصانة‬
‫البر>انية حيث نصت ا>ادة )‪ (26‬منه على ان " ‪ S‬يجوز تعرض عضو البر>ان‬
‫للم‪-‬حقة والتفتيش وا‪S‬عتقال او ا>حاكمة بسبب التصويت وابداء ارائه في اثناء‬
‫القيام بمهامه البر>انية"‪ .‬ولم يخل الدستور العراقي الجديد من مبدأ ال‪-‬مسؤولية‬
‫حيث اكدت ا>ادة )‪ – 60‬او‪ – S‬أ( على ان "يتمتع عضو مجلس النواب بالحصانة‬
‫عما يدلي به من اراء في اثناء دورة ا‪S‬نعقاد و‪ S‬يتعرض للمقاضاة امام ا>حاكم‬
‫بشأن ذلك"‪ .‬فيما ذهبت الفقرة )ب( من نفس ا>ادة الى تثبيت مبدأ الحصانة‬
‫الشخصية حيث نصت على عدم جواز " القاء القبض على العضو خ‪-‬ل مدة الفصل‬
‫التشريعي ا‪ S‬اذا كان متهما بجناية‪ ,‬وبموافقة ا‪S‬عضاء با‪S‬غلبية ا>طلقة على رفع‬
‫الحصانة عنه او اذا ضبط متلبسا بالجرم ا>شهود في الجناية"‪ .‬وفي الوقت الذي‬
‫ذهبت فيه الكثير من الدول البر>انية الى اعتماد مبدأ الحصانة النسبية ‪ ,‬اي‬
‫حصرها في فترة انعقاد الفصل التشريعي‪ ,‬يتبنى مشرع الدستور العراقي مبدأ‬
‫الحصانة ا>طلقة حيث تؤكد الفقرة )ج( من ا>ادة )‪ (60‬ا>ذكورة آنفا ً على ان " ‪S‬‬
‫يجوز القاء القبض على العضو خارج مدة الفصل التشريعي ا‪ S‬اذا كان متهما‬
‫بجناية‪ ,‬وبموافقة رئيس مجلس النواب على رفع الحصانة عنه‪ ,‬واذا ضبط متلبسا‬
‫بالجرم ا>شهود في جناية"‪ .‬ان ضمان استق‪-‬لية النائب البر>اني عن السلطة‬
‫التنفيذية و عن محاور صراع ا>صالح ا>ختلفة )بما في ذلك الخارجية منها( ‪ S‬يتم‬
‫من خ‪-‬ل منحه الحصانة النيابية فحسب‪ ,‬وانما بتأم‪ B‬استق‪-‬له ا>ادي ايضا‪ .‬من‬
‫هنا ذهبت الكثير من الدساتير الى تحديد مكافأة مادية مجزية )اسبانيا‪ ,‬الو‪S‬يات‬
‫ا>تحدة ا‪S‬مريكية‪ ,‬ا>انيا الفيدرالية‪ ,‬مصر العربية‪ ,‬الجمهورية اللبنانية ‪.........‬الخ(‪.‬‬
‫وفي الوقت الذي ذهب البعض منها الى تحريم الت‪-‬عب بمقدار تلك ا>كافأة طيلة‬
‫فترة ص‪-‬حية البر>ان )التعديل ‪ 27‬من الدستور ا‪S‬مريكي(‪ ,‬ارتأت اخرى ان يسن‬
‫مقدار ا>كافأة بقانون )ا>ادة ‪ 91‬من الدستور ا>صري وا>ادة ‪ - 60‬أو‪ -S‬من‬
‫الدستور العراقي(‪ ,‬لكن ا>تعارف عليه ان تتم معادلة حجم ا>كافأة مع الراتب‬
‫ا>خصص لعضو الحكومة )النمسا(‪ ,‬او كبار موظفي الدولة )فرنسا(‪ .‬ويبدو حجم‬
‫ا>كافأة كبيرا جدا اذا ما اضيفت اليها ا>بالغ ا>خصصة ‪S‬دارة مكتب النائب‬
‫ورواتب مساعديه )وحمايته الخاصة في الحالة العراقية(‪ ,‬وتكاليف اقامة نواب‬
‫الدوائر البعيدة عن العاصمة‪ ,‬اضافة الى تكاليف ا‪S‬يفادات‪...‬الخ‪ .‬واذا كانت اغلب‬
‫حرمت الجمع ب‪ B‬العمل النيابي وا‪S‬عمال ا‪S‬خرى‪ ,‬فانها‬ ‫َ‬ ‫التشريعات قد‬
‫)التشريعات( استثنت العمل الفكري وا‪S‬دبي وكذلك التعليمي من هذا ا>نع‪ ,‬ما‬
‫يشكل لعضو البر>ان مصدرا ماديا اضافيا‪ .‬مقابل تلك ا‪S‬متيازات تتضمن‬
‫التشريعات جملة من ا‪S‬لتزامات التي ينبغي على عضو البر>ان القيام بها‪ ,‬يقف في‬
‫ا>قدمة منها التزام النائب بحضور جلسات البر>ان وا>شاركة في النقاش‬
‫والتصويت وا‪S‬لتزام بقواعد العمل البر>اني‪...‬الخ‪ .‬و‪ S‬تخلو ا‪S‬نظمة الداخلية‬
‫للبر>انات من اجراءات انضباطية اذا ما خرق النائب التزاماته ا‪S‬ساسية‪ ,‬وربما‬
‫كان حرمان عضو البر>ان من النقاش لفترة محددة ا‪S‬كثر انتشارا من ب‪ B‬تلك‬
‫ا‪S‬جراءات‪ ,‬وفي بعض ا‪S‬حيان قد تصل الى حد ا‪S‬عفاء ا>ؤقت من مهامه النيابية‬
‫)بريطانيا وفرنسا(‪.‬‬
‫ان واحدة من ا>سائل التي استأثرت باهتمام كبير من قبل فقهاء القانون الدستوري‬
‫و ا>شرع‪ B‬هي حجم الص‪-‬حيات وا‪S‬ختصاصات ا>وكلة للعضو البر>اني او‬
‫>جموعة من البر>اني‪ .B‬و‪u‬ن ا>وضوع على قدر كبير من ا‪S‬همية نأمل ان نفرد له‬
‫مقالة خاصة في القريب ا>نظور‪.‬‬
‫عند الحديث عن الوضعية القانونية لعضو البر>ان ارى مناسبا ا‪S‬شارة الى‬
‫موضوعة انتهاء التفويض النيابي‪ ,‬حيث عرف التراث البر>اني للد ّول الديمقراطية‬
‫اساليب مختلفة ‪S‬نهاء النيابة البر>انية‪ ,‬وقد كان من ب‪ B‬اكثرها انتشارا اسلوب‬
‫الفصل استنادا الى حكم قضائي بحق النائب نتيجة ‪S‬رتكابه الجرم ا>شهود او‬
‫ا‪S‬ساءة واظهار عدم ا‪S‬حترام الواضح للبر>ان )الهند(‪ ,‬وكذلك التخلف عن جلسات‬
‫البر>ان لفترة معينة من دون موافقة هيئة رئاسة البر>ان )النمسا(‪ .‬على انه ‪S‬بد من‬
‫ا‪S‬شارة هنا الى ان السلطة ا>خولة بانهاء نيابة العضو البر>اني اما ان تكون‬
‫البر>ان ذاته من خ‪-‬ل التصويت‪ ,‬او ان يتخذ القراربالفصل من قبل ا>حكمة‬
‫الدستورية بناءا على توصية رئيس الجمهورية )النمسا(‪ .‬وقد منح التشريع ا‪>S‬اني‬
‫عضو البندوستاغ ا>ُقال امكانية ا‪S‬عتراض على قرار البر>ان لدى ا>حكمة‬
‫الدستورية الفيدرالية‪ .‬وقد ذهبت اغلب التشريعات الى منح العضو البر>اني الحق‬
‫با‪S‬ستقالة الطوعية من جهاز الدولة التشريعي‪ ,‬سواء كانت تلك ا‪S‬ستقالة ‪S‬سباب‬
‫شخصية او بسبب ا‪S‬نتقال الى عمل آخر ‪ S‬يمكن الجمع بينه وب‪ B‬الوظيفة‬
‫البر>انية‪ .‬ذلك ان الجمع ب‪ B‬الوظيفة البر>انية وممارسة ا‪u‬عمال الحرة او بشغل‬
‫مناصب حكومية اخرى قد يفقد النيابة البر>انية واحدا من اهم خصائصها‪ ,‬أ‪S‬‬
‫وهي صفة التخصص‪.‬‬
‫انني ارى ان تفعيل الجوانب ا‪S‬جرائية في النظام الداخلي >جلس النواب العراقي‬
‫وايفاء اعضاء ا>جلس التشريعي لدولتنا بوعودهم ا‪S‬نتخابية سيكون حافزا ليس‬
‫لتنشيط دور البر>ان في العملية السياسية فحسب‪ ,‬وانما لتعزيز ثقة الناخب‬
‫العراقي بممثليه ايضا‬

‫عمليـــة ا‪e‬صـــ‪-‬ح البورقيبيـــــة ‪ ..‬هل هي نموذج يحتذى ؟‬

‫د‪ .‬ابوخولة‬

‫تثبت عديد التجارب أن ا‪e‬ص‪-‬ح السياسي ‪ S‬يعني الكثير ولن يحالفه النجاح في‬
‫غياب ا‪e‬ص‪-‬ح ا‪S‬جتماعي وا‪S‬قتصادي‪ .‬في محاضرة أخيرة لبرهان غليون‪،‬‬
‫ا‪u‬ستاذ بجامعة السوربون بباريس‪ ،‬قال " إن معضلة ا‪e‬ص‪-‬ح قديمة بدأت مع‬
‫الثورة العربية‪ ،‬لكن لم يكن هناك إص‪-‬ح بعدها "‪ .‬من الواضح هنا أن ا‪u‬ستاذ‬
‫غليون قد تجاهل عملية إص‪-‬ح كبرى ونموذجية لباقي الدول العربية وا‪e‬س‪-‬مية‪ ،‬أ‪S‬‬
‫وهي عملية ا‪e‬ص‪-‬ح البورقيبية لعام ‪ 1956‬في تونس‪ ،‬والتي تواصلت في ‪ 1962‬مع‬
‫اعتماد برنامج حازم لتحديد النسل وإدماجه في مخططات التنمية ا‪S‬قتصادية مع‬
‫توفير ا‪e‬طار ا>ؤسسي له بإنشاء الديوان الوطني للتنظيم العائلي‪ .‬ونتج عن عملية‬
‫ا‪e‬ص‪-‬ح هذه التخفيض في عدد السكان إلى قرابة ‪ 10‬م‪-‬ي‪ B‬حاليا‪ ،‬مقابل ‪ 15‬لو‪S‬‬
‫تحديد النسل‪ .‬وسمح هذا بنمو لدخل الفرد يفوق ضعف النمو الذي تحقق في مجمل‬
‫الدول العربية ا‪u‬خرى‪ ،‬مما أدى في النهاية إلى معدل دخل الفرد في تونس‪ ،‬مقوم‬
‫بالقدرة الشرائية للدو‪S‬ر ا‪u‬مريكي )أي مضاعفة الدخل للدول التي تكون أسعارها‬
‫نصف ا‪u‬سعار في أمريكا ‪ ،‬على سبيل ا>ثال(‪ ،‬في حدود ‪ 7.2‬آ‪S‬ف دو‪S‬ر‪ ،‬مقابل‬
‫‪ 3.6‬آ‪S‬ف دو‪S‬ر في سوريا و‪ 4‬أ‪S‬ف دو‪S‬ر في ا>غرب و‪ 4.3‬آ‪S‬ف دو‪S‬ر في ا‪u‬ردن و‬
‫‪ 3.9‬آ‪S‬ف دو‪S‬ر في مصر )ا>صدر ‪ :‬تقرير التنمية البشرية لعام ‪ – 2005‬برنامج‬
‫ا‪u‬مم ا>تحدة ا‪e‬نمائي(‪.‬‬
‫بدأت عملية ا‪e‬ص‪-‬ح البورقيبية في شهر أغسطس ‪ 1956‬بصدور مجلة ا‪u‬حوال‬
‫الشخصية التي منعت منعا باتا تعدد الزوجات وحددت العمر ا‪S‬دني لزواج الفتيات‬
‫بـ ‪ 18‬سنة‪ ،‬كما وفرت الحماية ال‪-‬زمة للمرأة في حالة الط‪-‬ق‪ ،‬الذي تم تقييده بقرار‬
‫يصدر عن ا>حكمة‪.‬‬
‫تم اعتماد هذه ا‪e‬جراءات الثورية والضرورية اقل من ‪ 5‬أشهر بعد حصول الدولة‬
‫على ا‪S‬ستق‪-‬ل التام من فرنسا في ‪ 20‬مارس ‪ 1956‬مما يعني ان العمل على‬
‫إعداد القانون كان من أولى أولويات الحبيب بورقيبة‪ ،‬الذي وجه ومنذ حصول الدولة‬
‫على ا‪S‬ستق‪-‬ل بتكوين لجنة مختصة ‪e‬عداد القانون‪ .‬لكن أعضاءها فشلوا في‬
‫ا‪e‬قرار بإلغاء تعدد الزوجات‪ ،‬حيث حصل اتفاق على تحديد ذلك بزوجت‪ B‬عوضا عن‬
‫أربع‪ .‬عندها اخذ الحبيب بورقيبة مسودة القانون واحدث التغييرات التي أراد )‬
‫أهمها إلغاء تعدد الزوجات (‪ ،‬ثم تمت ا>صادقة على ذلك في البر>ان‪ ،‬وقدم بورقيبة‬
‫القانون بنفسه في خطاب مشهود للشعب‪ ،‬يوم ‪ 13‬آب ‪ ،1956‬شرح فيه أبعاد‬
‫ا‪e‬جراءات ا>تخذة >ستقبل تونس‪ .‬ومن يومها أصبح هذا التاريخ عيدا وطنيا للمرأة‬
‫تحتفل به الب‪-‬د بأكملها‪ ،‬رجا‪ S‬ونساءا ً‪.‬‬
‫ما كان با‪e‬مكان اتخاذ هذه ا‪e‬جراءات الثورية والحضارية التي أنقذت نصف‬
‫ا>جتمع من حالة الشلل والدونية وا‪S‬ستعباد لو‪ S‬شجاعة الرجل ا‪u‬خ‪-‬قية‬
‫والسياسية ا>نقطعة النظير‪ ،‬التي خبرها في ما بعد عرب ا>شرق عندما صدمهم‬
‫خطاب بورقيبة الشهير بمخيم أريحا ل‪-‬جئ‪ B‬الفلسطيني‪ B‬عام ‪ ،1964‬الذي طالب‬
‫فيه بقبول الشرعية الدولية ا>تمثلة في قرار التقسيم‪.‬‬
‫أمثال عبد الناصر وبن بلة وبومدين وحتى الحسن الثاني لم يقدروا على اتخاذ‬
‫هكذا قرارات‪ .‬عبدالناصر‪ ،‬على سبيل ا>ثال‪ ،‬هنأ بورقيبة على انجازه هذا في لقاء‬
‫بينهما بمناسبة ج‪-‬ء القوات الفرنسية عن قاعدة بنزرت‪ ،‬لكنه لم يجرؤ على اتخاذ‬
‫نفس القرارات التي كانت مصر في أمس الحاجة لها‪ ،‬متذرعا أمام بورقيبة بعدم‬
‫تقبل الرأي العام لها‪.‬‬
‫إضافة إلى عامل القناعة الشخصية والشجاعة ا‪u‬خ‪-‬قية والسياسية‪ ،‬أهم ميزة‬
‫أفادت بورقيبة مقابل نظرائه من الحكام العرب ا‪#‬خرين‪ ،‬ضعف القوى التقليدية‬
‫ا>مثلة أساسا بجامع الزيتونة ‪ ،‬التي وقع تهميشها تدريجيا منذ تأسيسه الحزب‬
‫الدستوري الجديد عام ‪ . 1934‬وهذا خ‪-‬فا للدور الكبير الذي يلعبه ا‪u‬زهر في‬
‫مصر‪ ،‬على سبيل ا>ثال‪ ،‬الذي وقف وعلى مر العصور عائقا أمام تحرير ا>رأة‪ ،‬كما‬
‫ثبت مجددا عندما عارض الشيخ الطنطاوي ا>شروع الجديد لقانون ا>رأة‪ ،‬مما أدى‬
‫‪S‬ستدعائه للحضور >جلس الوزراء‪.‬‬
‫يعني هذا أهمية التغلب على قوى التخلف والظ‪-‬م في سبيل انعتاق ا>رأة العربية‪،‬‬
‫مما يتطلب تقوية ساعد القوى التنويرية في ا>جتمع ) نقابات ‪ ،‬أحزاب إص‪-‬حية ‪،‬‬
‫جمعيات نسوية ‪ ،( ...‬عوضا عن طعنها من الخلف كما يحدث حاليا في أكثر من بلد‬
‫عربي‪ .‬ولعل الطريقة ا‪u‬نجع لتطور هذه القوى تتمثل في إص‪-‬ح التعليم الذي يغرس‬
‫في النشئ مبادئ ا>ساواة واحترام الذات البشرية‪ ،‬وإشاعة ثقافة ا>واطنة والتقدم‬
‫بدعم إع‪-‬م ذي اتجاه تحرري يتصدى ‪e‬ع‪-‬م قوى الظ‪-‬م الذي قوي عوده بالدعم‬
‫البترو – دو‪S‬ري ال‪-‬محدود‪ .‬لكن ا‪e‬ص‪-‬ح ممكن حتى في هذه الظروف غير ا>‪-‬ئمة‪.‬‬
‫في ا>غرب قامت القوى ا‪u‬صولية بإنزال مئات ا‪S#‬ف من ا>تظاهرين إلى الشوارع‬
‫منذ ‪ 1999‬للتصدي ‪e‬صدار مدونة قوان‪ B‬ا‪u‬حوال الشخصية مأخوذة في معظمها‬
‫من مدونة ا‪u‬حوال الشخصية التونسية أيام حكومة ا>عارض ا‪S‬شتراكي عبدالرحمن‬
‫اليوسفي‪ .‬لكن ا>لك اغتنم فرصة ضعف هذه القوى بعد الحادث ا‪e‬رهابي لتفجيرات‬
‫الدار البيضاء بتاريخ ‪ 16‬أيار ‪ ، 2003‬وتمكن من تمرير ا>دونة‪ .‬و في الكويت‪،‬‬
‫عارضت القوى السلفية في البر>ان القرار ا‪u‬ميري لعام ‪ 1999‬بإعطاء ا>رأة حق‬
‫ا‪S‬نتخاب ولم تقبل هذه القوى با‪u‬مر الواقع إ‪ S‬يوم ‪ 16‬أيار ‪ 2005‬عندما ذهبت‬
‫الحكومة الكويتية إلى البر>ان بالقانون في يد والتهديد بحل البر>ان في اليد‬
‫ا‪u‬خرى ‪.‬‬
‫هذه ا‪u‬مثلة تعني أن ا‪e‬ص‪-‬ح ليس مستحي‪ ،-‬عندما تتوفر العزيمة السياسية لذلك‪.‬‬
‫اليوم والحكومات العربية تقتنع بضرورة إصدار قوان‪ B‬جديدة لصيانة حقوق ا>رأة‪،‬‬
‫عليها الرجوع لعملية ا‪e‬ص‪-‬ح البورقيبية لعام ‪ 1956‬بل اعتماد مجلة ا‪u‬حوال‬
‫الشخصية التونسية كأنجع واقصر الطرق لتحقيق ا‪e‬ص‪-‬ح ا>نشود‪.‬‬

‫ل‪-‬تصال بنا ‪ -‬عن ا>دى ‪ -‬الصفحة الرئيسة‬

You might also like