Professional Documents
Culture Documents
اﻟﱪﻳﺪ اﻻﻟﻜﱰوﱐ:
markaz_ bassira@.yahoo.fr
اﳌﻮﻗﻊ اﻻﻟﻜﱰوﱐ:
www.albasseera.net
ﺗﻘﺒﻞ اﻟﺒﺤﻮث واﻟﺪراﺳﺎت اﻟﱵ ﺗﻌﺎﰿ ﻗﻀﺎ ﻋﻠﻮم اﻟﻠﻐﺎت وآدا ﺎ ،وﻳﺸﱰط ﰲ ﺗﻠﻚ اﻷﻋﻤﺎل ﻣﺮاﻋﺎة ﻗﻮاﻋﺪ اﻟﻨﺸﺮ اﻟﺘﺎﻟﻴﺔ:
(1أن ﻳﺘﻮاﻓﻖ اﻟﺒﺤﺚ ﻣﻊ أﻫﺪاف اﻟﺪورﻳﺔ وﳏﺎورﻫﺎ.
(2أن ﻳﻜﻮن اﻟﺒﺤﺚ ﻏﲑ ﻣﻨﺸﻮر ﺳﺎﺑﻘﺎ.
(3ﻳﺮﻓﻖ اﻟﺒﺤﺚ ﻗﺮار ﺧﻄﻲ ﺑﻌﺪم ﺗﻘﺪﱘ اﻟﺒﺤﺚ إﱃ أي ﺟﻬﺔ أﺧﺮى ﻟﻐﺮض اﻟﻨﺸﺮ.
(4أن ﻻ ﻳﻜﻮن اﻟﺒﺤﺚ ﺟﺰءا أو ﻣﻘﺘﻄﻔﺎ أو ﻣﻘﺘﺒﺴﺎ ﻣﻦ رﺳﺎﻟﺔ ﲣﺮج ل ﺎ ﺻﺎﺣﺒﻬﺎ ﺷﻬﺎدة ﻋﻠﻤﻴﺔ.
(5ﻳﺮﻓﻖ اﻟﺒﺤﺚ ﲟﻠﺨﺼﲔ) :اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ واﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ(أو ) اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ واﻹﳒﻠﻴﺰﻳﺔ(.
(6ﻳﻘﺪم اﻟﺒﺎﺣﺚ ﻧﺒﺬة ﳐﺘﺼﺮة ﻋﻦ ﺳﲑﺗﻪ اﻟﺬاﺗﻴﺔ.
(7ﺗﺮﺳﻞ اﻟﺒﺤﻮث واﻟﺪراﺳﺎت إﻟﻜﱰوﻧﻴﺎ أو ﺗﺴﻠﻢ ﰲ ﻗﺮص ﻣﻀﻐﻮط إﱃ إدارة اﺠﻤﻟﻠﺔ.
(8ﺗﻘﺒﻞ اﻟﺒﺤﻮث ﻟﻠﻐﺎت :اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ واﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ واﻹﳒﻠﻴﺰﻳﺔ ،ﻋﻠـﻰ أﻻ ﻳﻘـﻞ ﻋـﺪد ﺻـﻔﺤﺎت اﻟﺒﺤـﺚ ﻋـﻦ 15ﺻـﻔﺤﺔ وﻻ ﻳﺰﻳـﺪ ﻋـﻦ 25ﺻـﻔﺤﺔ،
وأﻻ ﻳﺰﻳﺪ ﻋﺪد اﻷﺷﻜﺎل واﳌﻼﺣﻖ ﻋﻦ 15ﳌﺎﺋﺔ ﻣﻦ ﺣﺠﻢ اﻟﺒﺤﺚ.
(9أن ﻳﻜﺘــﺐ اﻟﺒﺤــﺚ ﺑــﱪ ﻣﺞ ) .(Wordﺑ ـ :ﲞــﻂ (Arabic Transparent) :ﺣﺠــﻢ 14ﻟﻨﺴــﺒﺔ إﱃ اﳌــﱳ وﺣﺠــﻢ 10ﻟﻨﺴــﺒﺔ
إﱃ اﳍـﻮاﻣﺶ )اﻟﻠﻐــﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴـﺔ( وﲞــﻂ (Times New Roman) :ﺣﺠــﻢ 12ﻟﻨﺴـﺒﺔ إﱃ اﳌــﱳ وﺣﺠــﻢ 10ﻟﻨﺴـﺒﺔ إﱃ اﳍـﻮاﻣﺶ )اﻟﻠﻐــﺔ
اﻷﺟﻨﺒﻴﺔ(.
(10أن ﻳﺮاﻋﻰ ﰲ اﻟﺒﺤﺚ اﳌﻨﻬﺠﻴﺔ اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ،وﻣﻨﺎﻫﺞ اﻟﺒﺤﺚ اﻟﻌﻠﻤﻲ .وﻋﻠﻰ ﺻﺎﺣﺒﻪ اﻻﻟﺘﺰام ﳌﻮﺿﻮﻋﻴﺔ.
(11ﺗﻮﺛﻖ ﻫﻮاﻣﺶ اﻟﺒﺤﺚ وﻗﺎﺋﻤﺔ ﻣﺼﺎدرﻩ وﻣﺮاﺟﻌﻪ ﰲ ﺎﻳﺔ اﻟﺒﺤﺚ.
(12ﲣﻀﻊ اﻟﺒﺤﻮث ﻟﻠﺘﺤﻜﻴﻢ اﻟﻌﻠﻤﻲ اﳌﺘﻌﺎرف ﻋﻠﻴﻪ ﻋﺎﳌﻴﺎ ،وﻳﺒﻠﻎ اﻟﺒﺎﺣﺚ ﺑﻘﺮار ﻫﻴﺌﺔ اﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﰲ آﺟﺎﳍﺎ.
(13ﻳﻌ ّﺪ اﻟﺒﺤﺚ ﰲ ﺣﻜﻢ اﳌﺴﺤﻮب إذا ﺧﺮ اﻟﺒﺎﺣﺚ ﻋﻦ إﺟﺮاء اﻟﺘﻌﺪﻳﻼت اﳌﻄﻠﻮﺑﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺒﺤﺚ ﳌﺪة ﺗﺰﻳﺪ ﻋﻦ ﺷﻬﺮ ﻣـﻦ رﻳـﺦ ﺗﺴـﻠﻤﻪ اﻟـﺮد
ﺑﻮﺟﻮب اﻟﺘﻌﺪﻳﻞ.
(14ﻻ ﳝﻜﻦ ﻟﻠﺒﺎﺣﺚ أن ﻳﺴﺤﺐ ﲝﺜﻪ ﺑﻌﺪ ﻣﻮاﻓﻘﺔ اﳍﻴﺌﺔ اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ﻋﻠﻴﻬﺎ وإدراﺟﻬﺎ ﺿﻤﻦ ﻣﻮاﺿﻴﻊ اﺠﻤﻟﻠﺔ.
(15اﻹدارة ﻟﻴﺴﺖ ﻣﻠﺰﻣﺔ ﺑﻨﺸﺮ ﻛﻞ اﻟﺒﺤﻮث اﻟﱵ ﺗﺼﻠﻬﺎ وﻟﻴﺴﺖ ﻣﻠﺰﻣﺔ ﻛﺬﻟﻚ ﻋﺎد ﺎ ﻧﺸﺮت أم ﱂ ﺗﻨﺸﺮ.
(16ﺗﻌﱪ اﻟﺒﺤﻮث ﻋﻦ رأي ﺻﺎﺣﺒﻬﺎ وﻻ ﲤﺜﻞ ﻟﻀﺮورة رأي اﻟﺪورﻳﺔ أو اﳌﺆﺳﺴﺔ اﻟﱵ ﺗﺼﺪرﻫﺎ.
(17ﳛــﻖ ﻟﻠﺪورﻳــﺔ إﻋــﺎدة ﻧﺸــﺮ اﻟﺒﺤــﺚ ﻛــﺎﻣﻼ أو ﺟــﺰءا ﻣﻨــﻪ ي ﺷــﻜﻞ و ي ﻟﻐــﺔ دون اﳊﺎﺟــﺔ إﱃ اﺳــﺘﺌﺬان اﻟﺒﺎﺣــﺚ ،إذ ﺗﺘﻤﺘــﻊ اﻟﺪورﻳــﺔ ﺑﻜﺎﻣــﻞ
اﳊﻘﻮق اﻟﻔﻜﺮﻳﺔ ﻟﻠﺒﺤﻮث اﳌﻨﺸﻮرة ﻓﻴﻬﺎ.
ﻣﻦ ﺣﻖ اﻟﺪورﻳﺔ إﺻﺪار ﻋﺪد ﳜﺼﺺ ﻛﻤﻠﻪ ﻟﻐﺮض واﺣﺪ ﻋﻨﺪ اﳊﺎﺟﺔ.
اﻟﺪﻛﺘﻮر ﻋﺒﺪ اﳊﻜﻴﻢ ﻣﻨﻘﻼت /ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻟﺒﻠﻴﺪة 2
اﻟﺪﻛﺘﻮرة ﻫﺪى أﻛﻤﻮن /ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻟﺒﻠﻴﺪة 2
اﳍﻴﺌﺔ اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ
-اﻷﺳ ــﺘﺎذ اﻟـ ــﺪﻛﺘﻮر ﻋﺒـ ــﺪ اﻟـ ــﺮﲪﻦ ﺑـــﻦ ﺣﺴـ ــﻦ اﻟﻌـ ــﺎرف وﻛﻴـ ــﻞ ﻣﻌﻬـ ــﺪ اﻟﺪﻛﺘﻮرة وردﻳﺔ آﺻﻲ /ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻟﺒﻠﻴﺪة 2
اﻟﺪﻛﺘﻮرة ﻧﻮال ﺑﻮرﻛﺎﻳﺐ /ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻟﺒﻠﻴﺪة 2 اﻟﺒﺤﻮث اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ وإﺣﻴﺎء اﻟﱰاث اﻹﺳﻼﻣﻲ ،ﻣﻜﺔ اﳌﻜﺮﻣﺔ ،اﻟﺴﻌﻮدﻳﺔ.
اﻟﺪﻛﺘﻮرة ﺳﺎﻣﻴﺔ ﻋﻠﻴﻮات /ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻟﺒﻮﻳﺮة اﻷﺳﺘﺎذ اﻟﺪﻛﺘﻮر ﻋﻠﻲ ﻣﻼﺣﻲ ،ﺟﺎﻣﻌﺔ اﳉﺰاﺋﺮ .2
اﻷﺳــﺘﺎذ اﻟــﺪﻛﺘﻮر ﺳــﻌﻴﺪ ﺑﻨﻜـﺮاد ،ﻛﻠﻴــﺔ اﻵداب ،ﺟﺎﻣﻌــﺔ ﻣــﻮﻻي إﲰﺎﻋﻴــﻞ ،اﻟﺪﻛﺘﻮرة ﺳﺎﻣﻴﺔ ﳏﺼﻮل /اﳌﺪرﺳﺔ اﻟﻌﻠﻴﺎ ﻟﻸﺳﺎﺗﺬة ﺑﻮزرﻳﻌﺔ
ﷴ رﺿﺎ ﺑﻮﺷﺎﻣﺔ /ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻟﺒﻠﻴﺪة 2 ﻣﻜﻨﺎس ،اﳌﻤﻠﻜﺔ اﳌﻐﺮﺑﻴﺔ.
اﻷﺳــﺘﺎذ اﻟــﺪﻛﺘﻮر ﻋﺒــﺪ ﷲ ﷴ اﻟﻌﻀــﻴﱯ أﺳــﺘﺎذ اﻷدب واﻟﻨﻘــﺪ ،ﻛﻠﻴــﺔ اﻟﺪﻛﺘﻮر ﷴ ﺑﻠﻌﺰوﻗﻲ /ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻟﺒﻠﻴﺪة 2
اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ،ﺟﺎﻣﻌﺔ أم اﻟﻘﺮى ﻣﻜﺔ اﳌﻜﺮﻣﺔ ،اﻟﺴﻌﻮدﻳﺔ.
اﻷﺳ ــﺘﺎذ اﻟ ــﺪﻛﺘﻮر ﻋﺒ ــﺪ اﳉﻠﻴ ــﻞ ﻣ ــﺮ ض ،ﺟﺎﻣﻌ ــﺔ أﰊ ﺑﻜ ــﺮ ﺑﻠﻘﺎﻳ ــﺪ،
اﻷﺳــﺘﺎذ اﻟــﺪﻛﺘﻮر ﺳــﻌﻴﺪ ﻳﻘﻄــﲔ ،ﻛﻠﻴــﺔ اﻵداب واﻟﻌﻠــﻮم اﻹﻧﺴــﺎﻧﻴﺔ ،ﺗﻠﻤﺴﺎن ،اﳉﺰاﺋﺮ.
اﻟﺮ ط ،اﳌﻤﻠﻜﺔ اﳌﻐﺮﺑﻴﺔ.
اﻷﺳﺘﺎذ اﻟﺪﻛﺘﻮر ﺟـﻴﻼﱄ ﺑـﻦ ﻳﺸـﻮ ،ﺟﺎﻣﻌـﺔ ﻋﺒـﺪ اﳊﻤﻴـﺪ ﺑـﻦ دﻳـﺲ،
ﻣﺴﺘﻐﺎﱎ. اﻷﺳــﺘﺎذ اﻟــﺪﻛﺘﻮر ﻋﺒــﺪ اﻟﻜــﺮﱘ ﻋــﻮﰲ ،ﻛﻠﻴــﺔ اﻟﻠﻐــﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴــﺔ ،ﺟﺎﻣﻌــﺔ أم
اﻟﻘﺮى ﻣﻜﺔ اﳌﻜﺮﻣﺔ ،اﳌﻤﻠﻜﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﺴﻌﻮدﻳﺔ.
اﻷﺳﺘﺎذ اﻟﺪﻛﺘﻮر ﷴ زﻣﺮي ،ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺗﻠﻤﺴﺎن.
اﻷﺳﺘﺎذ اﻟﺪﻛﺘﻮر ﷴ اﳌﺸﺪ ،ﻗﺴﻢ اﻟﻠﻐـﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴـﺔ وآدا ـﺎ ،ﺟﺎﻣﻌـﺔ اﻟﻜﻮﻳـﺖ
اﻷﺳﺘﺎذ اﻟﺪﻛﺘﻮر ﷴ ﻣﺮ ض ،ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺗﻠﻤﺴﺎن.
اﳌﻔﺘﻮﺣﺔ ،اﻟﻜﻮﻳﺖ.
اﻟﺪﻛﺘﻮر ﻫﺸﺎم ﺧﺎﻟﺪي ،ﺟﺎﻣﻌﺔ أﰊ ﺑﻜﺮ ﺑﻠﻘﺎﻳﺪ ﺗﻠﻤﺴﺎن.
اﻷﺳﺘﺎذ اﻟﺪﻛﺘﻮر ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻄﻴﻒ ﻋﺒﻴﺪ ،ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺗﻮﻧﺲ.
اﻟﺪﻛﺘﻮر ﻋﺒﺪ اﳊﻠﻴﻢ ﺑﻦ ﻋﻴﺴﻰ ،ﺟﺎﻣﻌﺔ وﻫﺮان.
اﻷﺳﺘﺎذ اﻟﺪﻛﺘﻮر ﷴ ﻫﺎﺷﻢ ﻓﺎﻟﻮﻗﻲ ،ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻃﺮاﺑﻠﺲ ،ﻟﻴﺒﻴﺎ.
اﻷﺳﺘﺎذ اﻟﺪﻛﺘﻮر ﻋﺒﺪ اﳉﻠﻴﻞ ﻣﺼﻄﻔﺎوي ،ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺗﻠﻤﺴﺎن.
اﻷﺳــﺘﺎذ اﻟــﺪﻛﺘﻮر ﻋﺒــﺪ اﻟــﺮﺣﻴﻢ ﻣﺮاﺷــﺪة ،رﺋــﻴﺲ ﻗﺴــﻢ اﻟﻠﻐــﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴــﺔ،
اﻷﺳﺘﺎذ اﻟﺪﻛﺘﻮر أﲪﺪ ﻋﺰوز ،ﺟﺎﻣﻌﺔ وﻫﺮان. ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺟﺪارا ،اﳌﻤﻠﻜﺔ اﻷردﻧﻴﺔ اﳍﺎﴰﻴﺔ.
اﻷﺳــﺘﺎذ اﻟــﺪﻛﺘﻮر ﻋﻄــﺎ ﷴ إﲰﺎﻋﻴــﻞ أﺑــﻮ ﺟﺒــﲔ ،اﳌﺪﻳﺮﻳــﺔ اﻟﻌﺎﻣــﺔ ﻟﺘﻄ ـﻮﻳﺮ اﻷﺳﺘﺎذ اﻟﺪﻛﺘﻮر ﻋﺒﺪ اﻟﻘﺎدر ﺳﻼﻣﻲ ،ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺗﻠﻤﺴﺎن.
اﻷﺳﺘﺎذ اﻟﺪﻛﺘﻮر :ﻋﺒﺪ اﳊﻜﻴﻢ واﱄ دادة ،ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺗﻠﻤﺴﺎن اﳌﻨﺎﻫﺞ ،ﺳﻠﻄﻨﺔ ﻋﻤﺎن.
اﻷﺳ ــﺘﺎذ اﻟ ــﺪﻛﺘﻮر ﷴ ﻋﺒ ــﺪ اﳊ ــﻲ ،ﺟﺎﻣﻌ ــﺔ ﻋﺠﻤ ــﺎن ﻟﻠﻌﻠ ــﻮم واﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴ ــﺎ ،اﻟﺪﻛﺘﻮر :رﻗﻴﻖﻛﻤﺎل .ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺑﺸﺎر
اﻹﻣﺎرات اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﳌﺘﺤﺪة.
آراء اﻟﺒﺎﺣﺜﲔ ﻻ ﺗﻌﱪ ﻟﻀﺮورة ﻋﻦ وﺟﻬﺔ ﻧﻈﺮ اﻟﺪورﻳﺔ
اﻷﺳﺘﺎذ اﻟﺪﻛﺘﻮر ﻳﺴـﺮي ﻋﺒـﺪ اﻟﻐـﲏ ﻋﺒـﺪ ﷲ ،ﺧﺒـﲑ ﻟـﱰاث اﻟﺜﻘـﺎﰲ،
ﻣﺮﻛﺰ اﻟﺒﺼﲑة ﻳﺮﺣﺐ ﲝﺎﺛﻜﻢ واﻗﱰاﺣﺎﺗﻜﻢ وﻧﺼﺎﺋﺤﻜﻢ. ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻟﻘﺎﻫﺮة ،ﻣﺼﺮ
اﻷﺳـ ـ ــﺘﺎذ اﻟـ ـ ــﺪﻛﺘﻮر ر ح اﻟﻴﻤـ ـ ــﲏ ﻣﻔﺘـ ـ ــﺎح ،ﻛﻠﻴـ ـ ــﺔ اﻵداب ،ﺟﺎﻣﻌـ ـ ــﺔ
اﻷﻗﺼﻰ ،ﻏﺰة ،ﻓﻠﺴﻄﲔ.
اﻟﺪﻛﺘﻮر ﻣﻴﺎود ﺷﻨﻮﰲ /ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻟﺒﻠﻴﺪة 2
اﻟﺪﻛﺘﻮر ﺳﻌﻴﺪ ﺑﻮﺧﺎوش /ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻟﺒﻠﻴﺪة 2
ﺍﻻﻓﺗﺗﺎﺣﻳﺔ
وﺑﻌﺪ.
ﻪﻠﻟ اﳊﻤﺪ واﻟﺸﻜﺮ واﻟﻔﻀﻞ ﻋﻠﻰ ﻧﻌﻤﻪ اﻟﱵ ﻻ ﺗﻌﺪ وﻻ ﲢﺼﻰ وﻣﻦ ﻧﻌﻤﻪ إرﺳﺎل ﻫﺬا اﻟﻌﺪد اﳋﺎص ﻣﻦ ﳎﻠﺔ دراﺳﺎت أدﺑﻴﺔ ﻟﻠﻘﺮاء
ﻟﻴﻨﺘﻔﻌﻮا ﺑﻪ وﻟﺜﺮي اﳌﻜﺘﺒﺔ ااﻟﺒﺤﺜﻴﺔ ،ﻫﺬا اﻟﻌﺪد اﻟﺬي ﲤﻴﺰ ﺑﺜﺮاء اﳌﻘﺎﻻت اﻟﱵ ﺿﻤﻬﺎ ﺑﲔ دﻓﺘﻴﻪ .ﻣﺘﻨﻮﻋﺔ اﳌﺸﺎرب واﻟﻔﻨﻮن اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ﰲ ﻓﻠﻚ اﻟﻠﻐﺔ
اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ وآدا ﺎ.
اﻟﻘﺎرئ ﳚﺪ ﻣﻘﺎﻻ ﻣﻬﻤﺎ ﺣﻮل ﻓﺼﺎﺣﺔ اﻟﻜﻠﻤﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﰲ ﻣﻀﻤﺎر اﻹﻋﺠﺎز ﻋﻨﺪ اﳉﺮﺟﺎﱐ ،وﳚﺪ أﻳﻀﺎ ﲝﺜﺎ ﻣﺘﻤﻴﺰا ﻳﺮﺻﺪ اﻟﻈﺎﻫﺮة
اﻻﺳﺘﺸﺮاﻗﻴﺔ ﺣﻮل رﻳﺦ اﻟﻨﺤﻮ اﻟﻌﺮﰊ ،وﻳﺘﻠﻮﻩ ﻣﻘﺎل ﻣﻬﻢ ﺟﺪﻳﺪ ﰲ ﻃﺮﺣﻪ ﺣﻮل اﻟﻠﺴﺎﻧﻴﺎت اﻟﻌﺮﻓﺎﻧﻴﺔ ،وﺑﻌﺪﻩ ﳝﻜﻦ ﻟﻠﻘﺎرئ أن ﻳﺘﻤﺘﻊ ﺑﺒﺤﺚ
ﲰﺎت اﳋﻄﺎب اﻟﻘﺮآﱐ ،وﻳﻐﻮص ﺑﻨﺎ ﺣﺚ ﻣﺘﻤﻴﺰ ﺑﺒﺤﺚ ﳑﻴﺰ أﻳﻀﺎ وﻫﻮ ﻣﻘﺎل اﻟﻜﻠﻤﺔ ﰲ ﺷﻌﺮ اﻟﺸﻨﻔﺮى ﺑﲔ اﻟﺪﻻﻟﺔ واﻟﺒﺪاﺋﻞ ،وﻣﻦ أﻛﱪ ﺑﻠﺪ
إﺳﻼﻣﻲ ﺟﺎء ﻣﻘﺎل ﻣﻦ أﻧﺪوﻧﻴﺴﻴﺎ ﻟﲑﺻﺪ اﻟﻔﺮوق اﻟﻠﻐﻮﻳﺔ ﺑﲔ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ واﻷﻧﺪوﻧﻴﺴﻴﺔ ،وﻣﻦ ﺑﻌﺪﻩ ﻣﻘﺎل اﻟﺘﻮﺟﻴﻪ اﻟﻠﻐﻮي ﻻﻧﻔﺮادات ﻗﺎﻟﻮن
ﰲ ﻗﺮاءﺗﻪ ،وﻫﻮ ﻣﻘﺎل ﻟﻪ ﻃﺮح ﻗﻮي وﳚﺬب اﻻﻧﺘﺒﺎﻩ.
ﻣﻘﺎل اﺳﺘﻤﺘﻌﺖ أ ﺷﺨﺼﻴﺎ ﺑﻘﺮاءﺗﻪ وﻣﺘﺎﺑﻌﺘﻪ ﻵﺧﺮ ﻛﻠﻤﺔ ﻓﺎﳌﻘﺎل ﻳﺮﺻﺪ ﻇﺎﻫﺮ اﻟﺘﺸﻜﻴﻞ اﻟﺒﺼﺮي ﰲ اﻟﺸﻌﺮ ﺧﺎﺻﺔ ﰲ اﻟﺸﻌﺮ اﳉﺰاﺋﺮي
اﳊﺪﻳﺚ واﳌﻌﺎﺻﺮ .و ﻟﺖ اﻟﺘﺪاوﻟﻴﺔ ﺣﻘﻬﺎ ﰲ ﻫﺬا اﻟﻌﺪد ﺣﻴﺚ أورد ﻣﻘﺎﻻ ﻳﺮﺻﺪ اﻟﻔﻜﺮ اﻟﺘﺪاوﱄ ﰲ اﻟﻔﻜﺮ اﻟﻌﺮﰊ اﻟﻘﺪﱘ ،ﺷﻜﻠﺖ ﻇﺎﻫﺮة
اﻟﻐﻤﻮض ﰲ اﻟﺸﻌﺮ اﳌﻌﺎﺻﺮ ﲤﻴﺰا وﲰﺔ واﺿﺤﺔ ،وﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﺮﺻﺪﻩ ﻣﻘﺎل دواﻋﻲ اﻟﻐﻤﻮض ﰲ اﻟﺸﻌﺮ اﻟﻌﺮﰊ اﳌﻌﺎﺻﺮ ،وآﺧﺮ اﳌﻘﺎﻻت ﻛﺎن
ﺧﺘﺎﻣﻬﺎ ﻣﺴﻚ ،وﻛﻤﺎ ﻗﺎل اﻟﺒﻠﻐﺎء ﻋﻠﻴﻜﻢ ﲝﺴﻦ اﳌﺪﺧﻞ واﳌﺨﺮج ،ﻓﺎﺧﱰ ﻣﻘﺎﻻ ﻳﺼﻠﺢ ﻟﻴﻜﻮن ﺧﺘﺎﻣﻬﺎ ﻣﺴﻚ وﻳﻜﻮن ﺣﺴﻦ ﳐﺮج وﻫﻮ ﻣﻘﺎل
ﰲ ﺻﻨﺎﻋﺔ اﳌﻌﺎﺟﻢ ﻳﺮﺻﺪ ﻇﺎﻫﺮة اﻟﻐﻤﻮض اﳌﻌﺠﻤﻲ ﰲ اﻟﱰﲨﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ اﳉﻨﺎس اﻟﻠﻔﻈﻲ.
ﻛﻞ ﻣﺎ ﻧﻄﻤﺢ إﻟﻴﻪ إﺛﺮاء اﻟﺮﺻﻴﺪ اﳌﻌﺮﰲ واﳌﻜﺘﱯ واﻟﺒﺤﺜﻲ ﲟﻘﺎﻻت ﻣﺘﻤﻴﺰة ﻫﺎدﻓﺔ ﰲ ﻃﺮﺣﻬﺎ وﻣﺴﺘﻮاﻫﺎ ،ﻣﻞ أن ﻧﻜﻮن ﻋﻨﺪ ﻫﺬا اﳊﺪ
ﻣﻦ اﻟﺘﻄﻠﻊ واﻟﻄﻤﻮح.
اﶈﺘـﻮ ت
5 ﻫﻴﺌﺔ اﻟﺘﺤﺮﻳﺮ اﻻﻓﺘﺘﺎﺣﻴﺔ
دة /ﺳﺎﻣﻴﺔ ﻋﻠﻴﻮات. ﻣﻦ ﻓﺼﺎﺣﺔ اﻟﻜﻠﻤﺔ إﱃ ﻓﺼﺎﺣﺔ
ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻟﺒﻮﻳﺮة. اﻟﻜﻼم:
9
ﻣﻀﻤﺎر اﻹﻋﺠﺎز ﰲ "دﻻﺋﻞ اﻹﻋﺠﺎز"
ﻟﻌﺒﺪ اﻟﻘﺎﻫﺮ اﳉﺮﺟﺎﱐ.
اﻟﺪﻛﺘﻮر ﲪﺪاد ﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﷲ
ﻣﻮﻗﻒ اﳊﺮﻛﺔ اﻻﺳﺘﺸﺮاﻗﻴﺔ
أﺳﺘﺎذ ﳏﺎﺿﺮ أ/ﻗﺴﻢ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ وآدا ﺎ
25 ﻣﻦ رﻳﺦ اﻟﻨﺤﻮ اﻟﻌﺮﰊ وﻧﻘﺪﻫﺎ
ﻛﻠﻴﺔ اﻵداب واﻟﻠﻐﺎت واﻟﻔﻨﻮن
ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻣﻮﻻي اﻟﻄﺎﻫﺮ ﺳﻌﻴﺪة اﳉﺰاﺋﺮ
د:/ﳒﺎة ﺑﻮﻗﺰوﻟﺔ اﻟﻠّﺴﺎﻧﻴﺎت اﻟﻌﺮﻓﻨﻴّﺔ ﳓﻮ ﻣﻨﻬﺞ ﺟﺪﻳﺪ
41 اﳏﻤﺪ ﺑﻮﻗﺮة ﺑﻮدواو –ﺑﻮﻣﺮداس
ﺟﺎﻣﻌﺔ ّ اﻟﻨﺺ اﻷدﰊ
ﳌﻘﺎرﺑﺔ ّ
-ﲡﺮﺑﺔ اﻷزﻫﺮ زّ د أﳕﻮذﺟﺎ –
اﻟﺪﻛﺘﻮر ﻋﺒﺪ ﷲ ﻋﻠﻤﻲ ﲰﺎت اﳋﻄﺎب اﻟﻘﺮآﱐ
55
,ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻋﻴﺎض/اﳌﻐﺮب دراﺳﺔ ﰲ اﻷﺳﻠﻮب
د .اﻟﻌﻴﻔﺎوي ﲪﺰة
اﻟﻜﻠﻤﺔ ﰲ ﺷﻌﺮ اﻟﺸﻨﻔﺮى
ﻗﺴﻢ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ وآدا ﺎ
ﺑﲔ اﻟﺪﻻﻟﺔ واﻟﺒﺪاﺋﻞ
69 ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻟﺒﻠﻴﺪة 2
ﺳﻮﻛﺎﻣﺘﻮ ﺳﻌﻴﺪ اﻟﻔﺮوق ﰲ اﻟﻌﻨﺎﺻﺮ اﻟﻠﻐﻮﻳﺔ ﺑﲔ اﻟﻠﻐﺘﲔ
اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ واﻹﻧﺪوﻧﻴﺴﻴﺔ وأﳘﻴﺔ ﻣﻌﺮﻓﺘﻬﺎ ﰲ ﻣﺪرس اﻟﱰﲨﺔ ﻣﻦ اﻹﻧﺪوﻧﻴﺴﻴﺔ إﱃ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ و ﻟﻌﻜﺲ
ﻗﺴﻢ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ وأد ﺎ /ﻛﻠﻴﺔ اﻵداب واﻟﻌﻠﻮم اﻟﱰﲨﺔ
81
اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﻣﻦ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ إﱃ اﻟﻠﻐﺔ اﻹﻧﺪوﻧﻴﺴﻴﺔ
ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺳﻮ ن ﻛﺎﻟﻴﺠﺎﻛﺎ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ اﳊﻜﻮﻣﻴﺔ و ﻟﻌﻜﺲ
/ﺟﻮﻛﺠﺎﻛﺮﺗا /أﻧﺪوﻧﻴﺴﻴﺎ )دراﺳﺔ ﺗﻘﺎﺑﻠﻴﺔ(
أ/ﺧﺎﻟﺪ ﺧﺎﻟﺪي
اﻟﺘﻮﺟﻴﻪ اﻟﻠﻐﻮي ﻻﻧﻔﺮادات اﻹﻣﺎم ﻗﺎﻟﻮن
أﺳﺘﺎذ ﻣﺴﺎﻋﺪ ﺑﻘﺴﻢ اﻟﻌﻠﻮم اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ
101 ﰲ رواﻳﺘﻪ ﻋﻦ اﻹﻣﺎم ﻓﻊ
ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺗﻠﻤﺴﺎن
أ/ﻃﻴﱯ ﺑﻮﻋﺰة
ﻇﺎﻫﺮة اﻟﺘﺸﻜﻴﻞ اﻟﺒﺼﺮي ﰲ اﻟﺸﻌﺮ
)ﻃﺎﻟﺐ دﻛﺘﻮراﻩ -ﲣﺼﺺ :اﲡﺎﻫﺎت اﻟﻨﻘﺪ اﳌﻌﺎﺻﺮ
اﳉﺰاﺋﺮي اﳌﻌﺎﺻﺮ
113 ﰲ اﳉﺰاﺋﺮ(
دﻳﻮان "ﻣﺎ ﱂ ﻳﻘﻠﻪ اﳌﻬﻠﻬﻞ" ﻟﻠﺸﺎﻋﺮ
إﺷﺮاف :د ﻛﱪﻳﺖ ﻋﻠﻲ.
اﷴ زﺑﻮر أﳕﻮذﺟﺎ
ﺟﺎﻣﻌﺔ اﺑﻦ ﺧﻠﺪون ﺗﻴﺎرت.
ﷴ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﲪﻦ ﺣﺴﻮﱐ اﻟﺘﻔﻜﲑ اﻟﺘﺪاوﱄ
ﺣﺚ دﻛﺘﻮراﻩ :ﻗﺴﻢ اﻟﻠﻐﺔ واﻷدب اﻟﻌﺮﰊ ﰲ
121
اﻷﺳﺘﺎذ اﳌﺸﺮف :أ.د ﻫﻮاري ﺑﻠﻘﻨﺪوز .ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻟﱰاث اﻟﻠﻐﻮي اﻟﻌﺮﰊ اﻟﻘﺪﱘ
ﺳﻌﻴﺪة
ـ اﻟﻄﺎﻟﺐ :ﺿﺎﻣﺮي ﻣﺼﻄﻔﻰ دواﻋﻲ اﻟﻐﻤﻮض ﰲ اﻟﺸﻌﺮ اﻟﻌﺮﰊ
134 ـ ﺷﺮاف :أ.د اﻟﻌﺮاﰊ ﳋﻀﺮ اﳌﻌﺎﺻﺮ
ـ ﺟﺎﻣﻌﺔ أﰊ ﺑﻜﺮ ﺑﻠﻘﺎﻳﺪ ـ ﺗﻠﻤﺴﺎن
اﻷﺳﺘﺎذة اﻟﺒﺎﺣﺜﺔ :ﺑﻮﺣﻔﺺ اﲰﻬﺎن ﻣﻈ ـ ـ ـ ـ ــﺎﻫﺮ اﻟﻐﻤـ ـ ـ ــﻮض اﳌﻌﺠ ـ ــﻤﻲ ﰲ
-ﻣﻌﻬﺪ اﻟﱰﲨﺔ -ﺟﺎﻣﻌﺔ أﲪﺪ ﺑﻦ ﺑﻠﺔ -1-وﻫﺮان اﻟﱰﲨـ ـ ـ ـ ـ ــﺔ اﻻﻗﺘﺼ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺎدﻳﺔ
ّ
143
اﻷﺳﺘﺎذة اﳌﺸﺮﻓﺔ :أ.د أﺣﻼم ﺻﻐﻮر )اﳉﻨﺎس اﻟﻠّﻔﻈﻲ( أﳕ ـ ـ ــﻮذﺟﺎ.
ﻣﻦ ﻓﺼﺎﺣﺔ اﻟﻜﻠﻤﺔ إﱃ ﻓﺼﺎﺣﺔ اﻟﻜﻼم:
ﻣﻀﻤﺎر اﻹﻋﺠﺎز ﰲ "دﻻﺋﻞ اﻹﻋﺠﺎز" ﻟﻌﺒﺪ اﻟﻘﺎﻫﺮ اﳉﺮﺟﺎﱐ
9
وأرﳛﻴﺔ ﻧﻔﺴﻴﺔ رﺟﺎ أن ﻳﱪأ ﻣﻦ ﻋﻠّﺘﻪ وﻳﻘﻒ ﻋﻠﻰ ﻣﻜﺎﻧﺔ وإذا ﻛﺎن ﻛﺘﺎب "أﺳﺮار اﻟﺒﻼﻏﺔ" ﻗﺪ ﻏﻄّﻰ ﻣﺒﺎﺣﺚ
اﻟﻜﺘﺎب ورﺗﺒﺘﻪ ،وإن ﺑﻘﻲ ﻋﻠﻰ ﺿﻼﻟﻪ اﻟﻘﺪﱘ وﺟﻬﻠﻪ ﻋﻠﻢ اﻟﺒﻴﺎن ،ﻓﺈ ّن "دﻻﺋﻞ اﻹﻋﺠﺎز" ﻗﺪ ﻏﻄّﻰ ﳎﺎﻻت ﻋﻠﻢ
)(1
اﳌﻘﻴﻢ ،ﻓﺄﺣﻜﻢ ﺈﺑﻋﻀﺎل داﺋﻪ وﺗﻌﺬر ﺷﻔﺎءﻩ«. اﳌﻌﺎﱐ ،واﳊﻘﻴﻘﺔ أ ّن ﻋﻨﻮان اﻟﻜﺘﺎب وﻣﻮﺿﻮﻋﻪ �ﺑﻌﺎن ﻣﻦ
ﻓﺎﻟﻜﺘﺎب إذن ﺑﻼﻏﻲ ﻳﻌﺎﰿ ﻗﻀﺎ� اﻟﺒﻼﻏﺔ واﻟﻔﺼﺎﺣﺔ اﻟﺒﻌﺪ اﻟﺪﻳﲏ ﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ﻋﺒﺪ اﻟﻘﺎﻫﺮ اﳉﺮﺟﺎﱐ ،ذﻟﻚ أﻧّﻪ
وﻣﻌﺎﱐ اﻟﻨﺤﻮ وﻣﺎ ﻳﺪﺧﻞ ﰲ أﺑﻮاﻬﺑﺎ ،ﻓﻬﻮ ﻳﺆّﻛﺪ ﺟﺎﻧﺐ واﺣﺪ ﻣﻦ اﳌﺘﻜﻠّﻤﲔ اﻷﺷﺎﻋﺮة ،ﻳﻌﲎ ﺎﺑﻟﺒﺤﺚ ﰲ
ﺑﻨﺎء اﻟﻜﻼم وﺻﻠﺔ ﻣﻌﺎﻧﻴﻪ ﺑﻌﻀﻬﺎ ﺑﺒﻌﺾ ،وﻗﺪ اﻫﺘﻢ ﻓﻴﻪ "اﻹﻋﺠﺎز اﻟﻘﺮآﱐ" ،واﻟﻔﺮوق اﳉﻮﻫﺮﻳﺔ ﺑﲔ ﻛﻼم ﷲ وﻛﻼم
ﺻﺎﺣﺒﻪ ﺑﻘﻀﻴﺔ اﻹﻋﺠﺎز اﻟﻘﺮآﱐ ،وﻳﻨﺼﺮف إﻟﻴﻬﺎ اﻧﺼﺮاﻓﺎ ﻳﻔﺴﺮ ﻬﺑﺎ اﻹﻋﺠﺎز اﻟﻘﺮآﱐ
ﺗﻮﺻﻞ إﱃ ﻧﻈﺮﻳﺔ ّ اﻟﺒﺸﺮ ،وﻗﺪ ّ
ﺎﺗﻣﺎ ،إﻻّ أ ّن ﻫﺬا ﱂ ﳝﻨﻊ وﺟﻮد ﺑﻌﺾ اﻵراء اﻟﻨﻘﺪﻳﺔ ﺣﻮل
ً ﲰﻴﺖ "ﻧﻈﺮﻳﺔ اﻟﻨﻈﻢ" وﻋﻠﻰ أﺳﺎﺳﻬﺎ ﻗﺎم ﻋﻠﻢ اﳌﻌﺎﱐ ﰲ
ﻫﺪﻩ اﳌﻮﺿﻮﻋﺎت اﻟﺒﻼﻏﻴﺔ. اﻟﺪراﺳﺎت اﻟﺒﻼﻏﻴﺔ.
ﺳﻌﻰ ﻋﺒﺪ اﻟﻘﺎﻫﺮ اﳉﺮﺟﺎﱐ إذن ﻣﻦ ﺧﻼل ﻫﺬا ﻟﻌﻠﻢ اﳌﻌﺎﱐ أﺻﻮل وﻗﻮاﻋﺪ ﺗﻌﺮف ﻬﺑﺎ ﻛﻴﻔﻴﺔ ﻣﻄﺎﺑﻘﺔ
اﻟﻜﺘﺎب إﱃ أن ﻳﻜﺸﻒ ﻣﻮاﻃﻦ اﻹﻋﺠﺎز ﰲ اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﻼم ﳌﻘﺘﻀﻰ اﳊﺎل ،ﲝﻴﺚ ﻳﻜﻮن وﻓﻖ اﻟﻐﺮض اﻟﺬي
اﻟﻜﺮﱘ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻧﻈﺮﻳﺔ ﻟﻐﻮﻳﺔ ﺷﺎﻣﻠﺔ ﻋﻠﻰ أﺳﺎﺳﻬﺎ ﻗﺎم ﺳﻴﻖ ﻟﻪ ٬وﻣﻮﺿﻮﻋﻪ اﻟﻠّﻔﻆ اﻟﻌﺮﰊ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ إﻓﺎدﺗﻪ
ﻋﻠﻢ اﳌﻌﺎﱐ ﰲ اﻟﺪراﺳﺎت اﻟﺒﻼﻏﻴﺔ وﻫﻲ ﻧﻈﺮﻳﺔ اﻟﻨﻈﻢ. ﻟﻠﻤﻌﺎﱐ اﻟﱵ ﻫﻲ اﻷﻏﺮاض اﳌﻘﺼﻮدة ﻟﻠﻤﺘﻜﻠﻢ ،ﻣﻦ ﺟﻌﻞ
ﻔﺼﻞ ﻓﻴﻪ ﻓﺼﻮل اﻟﻜﺘﺎب- ﻳﺒﺪأ اﻟﻜﺘﺎب ﲟﺪﺧﻞ -ﺗ ّ اﻟﻜﻼم ﻣﺸﺘﻤﻼ ﻋﻠﻰ ﺗﻠﻚ اﻟﻠﻄﺎﺋﻒ واﳋﺼﻮﺻﻴﺎت اﻟﱵ
ﺗﻨﺎول ﻓﻴﻪ أﻗﺴﺎم اﻟﻜﻠﻢ وأﺷﻜﺎل ﺗﻌﻠّﻘﻬﺎ ﺑﺒﻌﻀﻬﺎ اﻟﺒﻌﺾ، ﺗﻄﺎﺑﻖ ﻣﻘﺘﻀﻰ اﳊﺎل ،ﻓﺎﺋﺪﺗﻪ إﻇﻬﺎر إﻋﺠﺎز اﻟﻘﺮآن ﻣﻦ
ﻳﻘﻮل» :واﻟﻜﻠﻢ ﺛﻼث :اﺳﻢ ،وﻓﻌﻞ ،وﺣﺮف ،وﻟﻠﺘﻌﻠﻖ ﺟﻬﺔ ﻣﺎ ﺧﺼﻪ ﷲ ﺑﻪ ﻣﻦ ﺟﻮدة اﻟﺴﺒﻚ وﺣﺴﻦ اﻟﻮﺻﻒ٬
ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻴﻨﻬﺎ ﻃﺮق ﻣﻌﻠﻮﻣﺔ ،وﻫﻮ ﻻ ﻳﻌﺪو ﺛﻼﺛﺔ أﻗﺴﺎم ﺗﻌﻠﻖ وﺑﺮاﻋﺔ اﻟﱰاﻛﻴﺐ ،وﻟﻄﻒ اﻹﳚﺎز ،وﻣﺎ اﺷﺘﻤﻞ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻦ
اﺳﻢ ﺎﺑﺳﻢ وﺗﻌﻠﻖ اﺳﻢ ﺑﻔﻌﻞ وﺗﻌﻠّﻖ ﺣﺮف ﻬﺑﻤﺎ (2)«.وﻫﻮ ﺳﻬﻮﻟﺔ اﻟﱰﻛﻴﺐ وﺟﺰاﻟﺔ اﻟﻜﻠﻤﺎت ٬وﻋﺬوﺑﺔ اﻷﻟﻔﺎظ.
ﻔﺼﻞ ﺎﺑﻷﻣﺜﻠﺔ واﻟﺸﻮاﻫﺪ ﻫﺬﻩ اﻷﻗﺴﺎم اﻟﺜﻼﺛﺔ، ﻳﺸﺮح وﻳ ّ -1اﻟﻘﻴﻤﺔ اﳌﻀﺎﻓﺔ ﰲ دﻻﺋﻞ اﻹﻋﺠﺎز :ورد ﰲ ﺗﻘﺪﱘ
ﰒّ ﻳﻨﺘﻘﻞ إﱃ اﳊﺪﻳﺚ ﰲ ﻓﺎﲢﺔ اﳌﺼﻨﻒ ﻋﻦ اﻟﻌﻠﻢ وﻓﻀﻠﻪ ﻋﺮﻓﻪ ﺑﻪ "ﳏﻤﺪ رﺷﻴﺪ رﺿﺎ" ﰲ اﻟﻄﺒﻌﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻟﻠﻜﺘﺎب ﻣﺎ ّ
وﻣﻜﺎﻧﺘﻪ ﻳﻘﻮل » :ﻓﺈ ّ� إذا ﺗﺼﻔﺤﻨﺎ اﻟﻔﻀﺎﺋﻞ ﻟﻨﻌﺮف ﻳﺼﺢ ﻟﻨﺎ أن ﳓﻜﻢ ﺄﺑ ّن
اﻟﻄﺒﻌﺔ اﻷوﱃ ﺳﻨﺔ 1321هّ » :
وﻧﺘﺒﲔ ﻣﻮاﻗﻌﻬﺎ ﻣﻦ اﻟﻌﻈﻢ ،وﻧﻌﻠﻢ أي
ﻣﻨﺎزﳍﺎ ﰲ اﻟﺸﺮفّ ، ﺻﺢ اﻟﻜﺘﺐ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﳌﻄﺒﻮﻋﺔ ،إن ﱂﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب ﻣﻦ أ ّ
أﺣﻖ ﻣﻨﻬﺎ ﺎﺑﻟﺘﻘﺪﱘ واﺳﺒﻖ ﰲ اﺳﺘﺠﺎب اﻟﺘﻌﻈﻴﻢ وﺟﺪ� أﺻﺤﻬﺎ ،إذ ﻻ ﻃﺮﻳﻖ إﱃ ﻛﻤﺎل اﻟﺘﺼﺤﻴﺢ ﻣﺜﻞ ﻗﺮاءة
ﻧﻘﻞ ّ
اﻟﻌﻠﻢ أوﻻﻫﺎ ﺑﺬﻟﻚ ،و ّأوﳍﺎ ﻫﻨﺎﻟﻚ ،إذ ﻻ ﺷﺮف إﻻّ وﻫﻮ اﳌﺪرس ﻣﺜﻞ اﻷﺳﺘﺎذ اﻟﻜﺘﺎب درﺳﺎ ﻻﺳﻴﻤﺎ إذا ﻛﺎن ّ
اﻟﺴﺒﻴﻞ إﻟﻴﻪ ،وﻻ ﺧﲑ إﻻّ وﻫﻮ اﻟﺪﻟﻴﻞ ﻋﻠﻴﻪ ،وﻻ ﻣﻨﻘﺒﺔ إﻻّ اﻹﻣﺎم ﰲ ﺳﻌﺔ اﻟﻌﻠﻢ ،وﺻﺤﺔ اﳊﻜﻢ ...أ ّﻣﺎ اﻟﻜﺘﺎب
وﻫﻮ ذروﻬﺗﺎ وﺳﻨﺎﻣﻬﺎ ،وﻻ ﻣﻔﺨﺮة إﻻ وﺑﻪ ﺻﺤﺘﻬﺎ ﻓﻴﻌﺮف ﻣﻜﺎﻧﺘﻪ ﻣﻦ ﻳﻌﺮف ﻣﻌﲎ اﻟﺒﻼﻏﺔ وﺳّﺮ ﺗﺴﻤﻴﺔ ﻫﺬا
وﲤﺎﻣﻬﺎ ،وﻻ ﺣﺴﻨﺔ إﻻ وﻫﻮ ﻣﻔﺘﺎﺣﻬﺎ ،وﻻ ﳏﻤﺪة إﻻّ اﻟﺴﺮ وﳛﺴﺐ اﻟﺒﻼﻏﺔ اﻟﻔﻦ ﺎﺑﳌﻌﺎﱐ ،و ّأﻣﺎ ﻣﻦ ﳚﻬﻞ ﻫﺬا ّ
ﻛﻞ ﺻﺎﺣﺐ، وﻣﻨﻪ ﻳﺘّﻘﺪ ﻣﺼﺒﺎﺣﻬﺎ ،ﻫﻮ اﻟﻮﰲ إذا ﺧﺎن ّ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﻟﻔﻈﻴﺔ ﳏﻀﺔ ﻗﻮاﻣﻬﺎ اﻧﺘﻘﺎء اﻷﻟﻔﺎظ اﻟﺮﻗﻴﻘﺔ أو
واﻟﺜّﻘﺔ إذا ﱂ ﻳﻮﺛﻖ ﺑﻨﺎﺻﺢ ،ﻟﻮﻻﻩ ﳌﺎ ﻛﺎن اﻹﻧﺴﺎن ﻣﻦ اﻟﻜﻠﻤﺎت اﻟﻀﺨﻤﺔ اﻟﻐﺮﻳﺒﺔ ،ﻓﻤﺜﻞ ﻫﺬا ﻳﻌﺎﰿ ﻬﺑﺬا
ﺳﺎﺋﺮ اﳊﻴﻮان إﻻّ ﺑﺘﺨﻄﻴﻂ ﺻﻮرﺗﻪ وﻫﻴﺌﺔ ﺟﺴﻤﻪ وﺑﻨﻴﺘﻪ اﻟﻜﺘﺎب ،ﻓﺈ ّن اﻫﺘﺪى ﺑﻪ إﱃ ﻛﻮن اﻟﺒﻼﻏﺔ ﻣﻠﻜﺔ روﺣﻴﺔ
10
ﻓﻀﻞ ﻣﻊ ﻋﺪﻣﻪ ،وﻻ ﻗﺪر ﻟﻜﻼم إذا ﻫﻮ ﱂ ﻳﺴﺘﻘﻢ ﻟﻪ، وﻻ وﺟﺪ إﱃ اﻛﺘﺴﺎب اﻟﻔﻀﻞ ﻃﺮﻳﻘﺎ ،وﻻ وﺟﺪ ﺑﺸﻲء
وﻟﻮ ﺑﻠﻎ ﰲ ﻏﺮاﺑﺔ ﻣﻌﻨﺎﻩ ﻣﺎ ﺑﻠﻎ (5) «.وﻧﺮى ﻫﻨﺎ أﻧّﻪ ﺟﻌﻞ ﻣﻦ اﶈﺎﺳﻦ ﺧﻠﻴﻘﺎ (3)« ...وﻫﻮ ﻳﻄﻴﻞ اﻟﻜﻼم ﰲ ﻫﺬا
ﻗﻤﺔ ﰲ اﻟﻐﺮاﺑﺔ،ﺣﱴ ﻟﻮ ﻛﺎن اﳌﻌﲎ ّ اﻟﻨﻈﻢ ﻣﻌﻴﺎرا ﻟﻠﺒﻼﻏﺔ ّ اﺠﻤﻟﺎل وﻳﺆّﻛﺪ أ ّن ﻛﻼﻣﻪ ﻫﺬا ﻻ ﳜﺘﻠﻒ ﻓﻴﻪ ﻋﺎﻗﻼن وﻻ
وﻳﻌﺮف اﻟﻨﻈﻢ ﺑﻘﻮﻟﻪ» :وﻟﻴﺲ اﻟﻨﻈﻢ إﻻ أن ﺗﻀﻊ ﻛﻼﻣﻚ ّ ﳝﻜﻦ أن ﻳﻨﻔﻴﻪ أﺣﺪ ،ﰒّ ﻳﻨﺘﻘﻞ إﱃ اﳊﺪﻳﺚ ﻋﻦ اﻟﻨﺤﻮ
)(6
اﻟﻮﺿﻊ اﻟﺬي ﻳﻘﺘﻀﻴﻪ ﻋﻠﻢ اﻟﻨﺤﻮ «.وﻳﺴﺘﻔﻴﺾ ﰲ ﻳﻔﺴﺮ ﺣﻜﻢ واﻟﺸﻌﺮ وﻣﺸﺮوﻋﻴﺔ اﻻﺷﺘﻐﺎل ﻬﺑﻤﺎ ،واﻧﱪى ّ
ﺷﺮﺣﻪ وﺑﻴﺎن ﻋﻼﻗﺘﻪ ﲟﻌﺎﱐ اﻟﻨﺤﻮ وأﺣﻜﺎﻣﻪ ،ﻓﻴﻨﻈﺮ ﰲ اﻟﻘﺮآن واﻟﺴﻨﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺸﻌﺮ وﺻﻨّﻒ أراء اﻟﻨﺎس ﰲ ﺛﻼﺛﺔ
اﳋﱪ واﻟﺸﺮط واﳉﺰاء واﳊﺎل...اﱁ ،وﻳﻨﻈﺮ ﰲ اﳊﺮوف أﻗﺴﺎم.
اﻟﱵ ﺗﺸﱰك ﰲ ﻣﻌﲎ ﰒ ﻳﻨﻔﺮد ﻛﻞ واﺣﺪ ﻣﻨﻬﺎ ﲞﺼﻮﺻﻴﺔ اﻟﺘﻔﺮد ﰲ ﻋﻤﻞ اﳉﺮﺟﺎﱐ ﲞﻼﺻﺔ ﻣﺮﻛﺰة ﺗﺒﺪأ ﻣﻼﻣﺢ ّ
ﰲ ذﻟﻚ اﳌﻌﲎ ،ﻓﻴﻮﺿﻊ ﻛﻞ ﰲ ﻣﻮﺿﻌﻪ اﳌﻨﺎﺳﺐ ﻟﻐﺮض ﺗﻘ ّﺪم رﲰﺎ ﻟﻠﺘﺤﻮﻳﻼت اﻟﺪﻻﻟﻴﺔ اﻟﺒﻼﻏﻴﺔ اﻟﱵ ﺗﺘﻠﺒّﺲ
اﳌﺘﻜﻠّﻢ ،وذﻟﻚ ﺿﻤﻦ اﻹﺟﺮاءات اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ اﻟﺘﺎﻟﻴﺔ: أﺣﻴﺎ� ﺎﺑﻟﻠّﻔﻆ ،ﺣﻴﺚ أرﺟﻌﻬﺎ إﱃ اﻟﻜﻨﺎﻳﺔ واﺠﻤﻟﺎز،
اﻟﺘﻘﺪﱘ واﻟﺘﺄﺧﲑ واﻟﺘﻌﺮﻳﻒ واﻟﺘﻨﻜﲑ واﳊﺬف واﻹﺿﻤﺎر وﻣﻌﻨﺎﻫﺎ أ ّن ﺑﻨﺎء اﳌﻌﲎ ﻳﺘﻌﻠّﻖ ﻬﺑﺬﻳﻦ اﻟﻌﻨﺼﺮﻳﻦ ،ﻳﻘﻮل:
واﻹﻋﺎدة واﻟﺘﻜﺮار ...اﱁ. ﻋﻮل اﻟﻨﺎس ﰲ ﺣ ّﺪﻩ ﻋﻠﻰ ﺣﺪﻳﺚ »و ّأﻣﺎ اﺠﻤﻟﺎز ﻓﻘﺪ ّ
أﺳﺲ ﻟﻪ اﳉﺮﺟﺎﱐ ﻣﻦ ﺟﻌﻞ اﻟﻨﻈﻢ ﻋﻨﺼﺮا إ ّن ﻣﺎ ّ ﻛﻞ ﻟﻔﻆ ﻧﻘﻞ ﻋﻦ ﻣﻮﺿﻮﻋﻪ ﻓﻬﻮ ﳎﺎز، اﻟﻨﻘﻞ ،وأ ّن ّ
أﺳﺎﺳﻴﺎ ﰲ ﺑﻨﺎء اﳌﻌﲎ ﻳﻀﺎف إﱃ اﻟﻜﻨﺎﻳﺔ واﺠﻤﻟﺎز وإﻣﻜﺎﻧﻴﺔ واﻟﻜﻼم ﰲ ذﻟﻚ ﻳﻄﻮل وﻗﺪ ذﻛﺮت ﻣﺎ ﻫﻮ اﻟﺼﺤﻴﺢ ﻣﻦ
وﺟﻮد اﳌﺰﻳّﺔ )ﺣﺼﻮل اﻟﻔﻬﻢ وﲢﻘﻴﻖ اﻟﻐﺮض( اﻟﺒﻼﻏﻴﺔ ﻓﻴﻪ ذﻟﻚ ﰲ ﻣﻮﺿﻮع آﺧﺮ ،وأ ّن أﻗﺼﺮﻫﺎ ﻫﻨﺎ ﻋﻠﻰ ذﻛﺮ ﻣﺎ ﻫﻮ
ﻣﺮة وﺛﻼﺛﻴﺎ ﻣﺮة وﺣﺪﻩ ّأدى إﱃ ﺗﺼﻨﻴﻔﻪ ﻟﻠﻜﻼم ﺛﻨﺎﺋﻴﺎ ّ أﺷﻬﺮ ﻣﻨﻪ وأﻇﻬﺮ ،واﻻﺳﻢ واﻟﺸﻬﺮة ﻓﻴﻪ ﻟﺸﻴﺌﲔ اﻻﺳﺘﻌﺎرة
أﺧﺮى .ﻳﻘﻮل» :اﻋﻠﻢ أ ّن اﻟﻜﻼم اﻟﻔﺼﻴﺢ ﻳﻨﻘﺴﻢ ﻗﺴﻤﲔ: واﻟﺘﻤﺜﻴﻞ ،وإّﳕﺎ ﻳﻜﻮن اﻟﺘﻤﺜﻴﻞ ﳎﺎزا إذا ﺟﺎء ﻋﻠﻰ ﺣ ّﺪ
)(4
ﻗﺴﻢ ﺗﻌﺰى اﳌﺰﻳّﺔ واﳊﺴﻦ ﻓﻴﻪ إﱃ اﻟﻠﻔﻆ ،وﻗﺴﻢ ﻳﻌﺰى اﻻﺳﺘﻌﺎرة«.
ذﻟﻚ ﻓﻴﻪ إﱃ اﻟﻨﻈﻢ ،ﻓﺎﻟﻘﺴﻢ اﻷول اﻟﻜﻨﺎﻳﺔ واﻻﺳﺘﻌﺎرة ﻳﻜﺸﻒ اﳊﺪﻳﺚ ﻋﻦ اﻟﻜﻨﺎﻳﺔ واﺠﻤﻟﺎز ،ﻋﻦ ﺣﺼﺮ
ﻛﻞ ﻣﺎ ﻛﺎن ﻓﻴﻪ واﻟﺘﻤﺜﻴﻞ اﻟﻜﺎﺋﻦ ﻋﻠﻰ ﺣ ّﺪ اﻻﺳﺘﻌﺎرة ،و ّ اﺠﻤﻟﺎز ﰲ اﻻﺳﺘﻌﺎرة ،وﻫﺬا ﻳﻌﲏ اﻟﺴﻜﻮت ﻋﻦ اﺠﻤﻟﺎز
ﻋﻠﻰ اﳉﻤﻠﺔ ﳎﺎز واﺗﺴﺎع وﻋﺪول ﺎﺑﻟﻠّﻔﻆ ﻋﻦ اﳌﺮﺳﻞ ،ﻋﻠﻰ أﻧّﻪ ﻳﻮﻗﻒ اﳊﺪﻳﺚ ﻋﻦ ﺑﻨﺎء اﳌﻌﲎ ﺑﻌﺪ
اﻟﻈﺎﻫﺮ (7)«.واﻟﻘﺴﻢ اﻟﺜﺎﱐ ﻫﻮ اﻟﺬي »ﺗﻌﺰى ﻓﻴﻪ اﳌﺰﻳّﺔ ﲢﺪﻳﺪ ﻣﻔﻬﻮﻣﻲ اﻟﻜﻨﺎﻳﺔ واﻻﺳﺘﻌﺎرة ووﻇﻴﻔﺘﻬﻤﺎ ﻟﻴﻨﺘﻘﻞ إﱃ
إﱃ اﻟﻨﻈﻢ (8)«.وﻟﺘﻮﺿﻴﺢ ﻣﻌﺎﱐ اﻟﻨﺤﻮ ﻳﻘﻮم ﺈﺑﻋﺮاب ﻋﻨﺼﺮ ﺟﺪﻳﺪ وﻫﻮ "اﻟﻨﻈﻢ" ،وﻫﻮ ﻳﺮى أ ّن ﻏﺮاﺑﺔ اﳌﻌﲎ
اﻟﻔﺎﲢﺔ وﺑﻴﺎن اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﻨﺤﻮﻳﺔ ﺑﲔ أﻟﻔﺎﻇﻬﺎ. ﻟﻴﺴﺖ اﳌﻌﻴﺎر اﻟﻮﺣﻴﺪ ﻟﻠﺒﻼﻏﺔ وإّﳕﺎ اﳌﺰﻳّﺔ ﰲ ذﻟﻚ ﺗﻌﻮد
وﻳﻘﻮل ﻋﻦ اﻟﺘﻘﺴﻴﻢ اﻟﺜﻼﺛﻲ» :وﲨﻠﺔ اﻷﻣﺮ أ ّن ﻫﺎﻫﻨﺎ إﱃ اﻟﻨﻈﻢ » :اﻋﻠﻢ أ ّن ﻫﺎﻫﻨﺎ أﺳﺮارا ودﻗﺎﺋﻖ ﻻ ﳝﻜﻦ ﺑﻴﺎ�ﺎ
ﻛﻼﻣﺎ ﺣﺴﻨﻪ ﻟﻠّﻔﻆ دون اﻟﻨﻈﻢ ،وآﺧﺮ ﺣﺴﻨﻪ ﻟﻠﻨّﻈﻢ دون إﻻّ ﺑﻌﺪ أن ﻧﻌﺪ ﲨﻠﺔ ﻣﻦ اﻟﻘﻮل ﰲ اﻟﻨﻈﻢ وﺗﻔﺴﲑﻩ واﳌﻮاد
اﻟﻠّﻔﻆ وﺎﺛﻟﺜﺎ ﻗﺮى اﳊﺴﻦ ﻣﻦ اﳉﻬﺘﲔ ،ووﺟﺒﺖ ﻟﻪ اﳌﺰﻳّﺔ وأي ﺷﻲء ﻫﻮ وﻣﺎ ﳏﺼﻮﻟﻪ وﳏﺼﻮل اﻟﻔﻀﻴﻠﺔ ﻓﻴﻪ ﻓﻴﻨﺒﻐﻲ
ﺑﻜﻼ اﻷﻣﺮﻳﻦ ،واﻹﺷﻜﺎل ﰲ ﻫﺬا اﻟﺜﺎﻟﺚ ،وﻫﻮ اﻟﺬي ﻻ ﻟﻨﺎ أن �ﺧﺬ ﰲ ذﻛﺮﻩ ،وﺑﻴﺎن أﻣﺮﻩ ،وﺑﻴﺎن اﳌﺰﻳّﺔ اﻟﱵ ﺗﺪﻋﻰ
ﺗﺰال ﺗﺮى اﻟﻐﻠﻂ ﻗﺪ ﻋﺎرﺿﻚ ﻓﻴﻪ ،وﺗﺮاك ﻗﺪ ﺣ ّﻔﺖ ﻓﻴﻪ ﻟﻪ ﻣﻦ أﻳﻦ ﺄﺗﺗﻴﻪ ...وﻗﺪ ﻋﻠﻤﺖ إﻃﺒﺎق اﻟﻌﻠﻤﺎء ﻋﻠﻰ
ﻋﻠﻰ اﻟﻨﻈﻢ ﻓﱰﻛﺘﻪ ،وﻃﻤﺤﺖ ﺑﺒﺼﺮك إﱃ اﻟﻠﻔﻆ ،وﻗﺪرت ﺗﻌﻈﻴﻢ ﺷﺄن اﻟﻨﻈﻢ وﺗﻔﺨﻴﻢ ﻗﺪرﻩ ...وإﲨﺎﻋﻬﻢ أن ﻻ
11
ﰲ وﺣﺪة اﻟﻜﻼم أي ﰲ ﳎﻤﻮع أﺟﺰاﺋﻪ اﳌﱰاﺑﻄﺔ وﳍﺬا ﰲ ﺣﺴﻦ ﻛﺎن ﺑﻪ وﺎﺑﻟﻠّﻔﻆ أﻧّﻪ ﻟﻠﻔﻆ ﺧﺎﺻﺔ ،وﻫﺬا ﻫﻮ
ﳒﺪﻩ ﻳﻌﺮف اﻟﻨﻈﻢ ﻓﻴﻘﻮل اﻟﻨﻈﻢ ﻫﻮ» ﺗﻌﻠﻴﻖ اﻟﻜﻠﻢ ﺑﻌﻀﻬﺎ اﻟﺬي أردت ﺣﲔ ﻗﻠﺖ ﻟﻚ أن ﰲ اﻻﺳﺘﻌﺎرة ﻣﺎ ﻻ ﳝﻜﻦ
ﺑﺒﻌﺾ وﺟﻌﻞ ﺑﻌﻀﻬﺎ ﺑﺴﺒﺐ ﻣﻦ ﺑﻌﺾ (10) «.أي أﻧّﻪ ﺑﻴﺎﻧﻪ إﻻّ ﻣﻦ ﺑﻌﺪ اﻟﻌﻠﻢ ﺎﺑﻟﻨﻈﻢ واﻟﻮﻗﻮف ﻋﻠﻰ ﺣﻘﻴﻘﺘﻪ«.
)( 9
ﺗﻮﺧﻲ ﻣﻌﺎﱐ اﻟﻨﺤﻮ واﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﻘﺎﺋﻤﺔ ﺑﲔ أﺟﺰاء اﻟﻜﻠﻢ ّ ﻳﺒﲔ ﺗﺪاﺧﻞ اﻟﻨّﻈﻢ ﺄﺑوﺟﻪ اﳊﺴﻦ اﻷﺧﺮى ،وﻫﻮ ﻓﻬﻮ ّ
ﻛﻤﺎ ﻳﻘﻮل أﻳﻀﺎ» :إ ّ� ﻻ ﻧﻌﻠﻢ ﺷﻴﺌﺎ ﻳﺒﺘﻐﻴﻪ اﻟﻨﺎﻇﻢ ﺑﻨﻈﻤﻪ ﺗﺪاﺧﻞ دﻗﻴﻖ ﻳﺆدى اﳋﻮض ﻓﻴﻪ إﱃ اﻟﻐﻠﻂ.
ﻛﻞ ﺎﺑب وﻓﺮوﻋﻪ ﻓﻴﻨﻈﺮ ﰲ اﳋﱪ ﻏﲑ أن ﻳﻨﻈﺮ ﰲ وﺟﻮﻩ ّ ﻳﻔﻬﻢ ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﻜﻼم أن ﺑﻼﻏﺔ اﳋﻄﺎب -اﻟﺸﻌﺮ
إﱃ اﻟﻮﺟﻮﻩ اﻟﱵ ﺗﺮاﻫﺎ ﰲ ﻗﻮﻟﻚ زﻳﺪ ﻳﻨﻄﻠﻖ ،وﻳﻨﻄﻠﻖ زﻳﺪ ﺧﺎﺻﺔ -ﺗﻨﺤﺼﺮ ﰲ اﻟﻠّﻔﻆ -ﳎﺎزا وﻛﻨﺎﻳﺔ -وﰲ اﻟﻨّﻈﻢ-
وﻣﻨﻄﻠﻖ زﻳﺪ ،وزﻳﺪ اﳌﻨﻄﻠﻖ ،واﳌﻨﻄﻠﻖ زﻳﺪ وزﻳﺪ ﻫﻮ اﻟﺘﻘﺪﱘ واﻟﺘﺄﺧﲑ ،اﳊﺬف واﻟﺬﻛﺮ ،اﻟﻔﺼﻞ واﻟﻮﺻﻞ-...
اﳌﻨﻄﻠﻖ ﻓﻬﺬا ﻫﻮ اﻟﺴﺒﻴﻞ ،ﻓﺎﻟﻔﺮق ﺑﲔ ﻫﺬﻩ اﻷﺳﺎﻟﻴﺐ وأﺧﲑا ﰲ اﻟﻠّﻔﻆ واﻟﻨّﻈﻢ ﻣﻌﺎ.
ﻟﻴﺲ ﻓﺮﻗﺎ ﺑﲔ اﳊﺮﻛﺎت ،وﻣﺎ ﻳﻄﺮأ ﻋﻠﻰ اﻟﻜﻠﻤﺎت ﻣﻦ ﻛﻤﺎ ﻳﻈﻬﺮ أﻧﻪ ﻗﺪ اﺳﺘﻌﻤﻞ اﻟﻠﻔﻆ ﻛﺠﻨﺲ أﻋﻠﻰ
ﺗﻘﺪﱘ أو ﺄﺗﺧﲑ ،وإّﳕﺎ ﰲ ﻣﻌﺎﱐ اﻟﻌﺒﺎرات اﻟﱵ ﳛﺪﺛﻬﺎ ﻟﻠﺼﻮر اﻟﺒﻼﻏﻴﺔ اﻟﻘﺎﺋﻤﺔ ﻋﻠﻰ اﺠﻤﻟﺎز واﻟﻜﻨﺎﻳﺔ واﻻﺳﺘﻌﺎرة.
ّ
-2ﻣﻦ اﻟﻨﻈﻢ إﱃ ﻧﻈﺮﻳﺔ اﻟﻨﻈﻢ :ﻟﻘﺪ ّ
)(11
ذﻟﻚ اﻟﻮﺿﻊ واﻟﻨﻈﻢ«. ﺗﺮددت ﻛﻠﻤﺔ
ﻳﻔﻬﻢ ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﻜﻼم أﻧّﻪ ﻟﻴﺲ ﻟﻠّﻔﻈﺔ ﻣﻔﺮدة ﻻ ﰲ اﻟﻨّﻈﻢ ﻛﺜﲑا ﰲ اﳌﺆﻟﻔﺎت اﻟﺒﻼﻏﻴﺔ اﻟﱵ ﺳﺒﻘﺖ ﻋﺒﺪ اﻟﻘﺎﻫﺮ
ﺻﻮﻬﺗﺎ وﻻ دﻻﻟﺘﻬﺎ ﻣﺰﻳّﺔ –ﻓﻀﻞ -وﻻ ﺗﻔﺎﺿﻞ ﺑﲔ ﺗﻌﺮضاﳉﺮﺟﺎﱐ ،ﻓﺎﻟﻘﺎﺿﻲ "ﻋﺒﺪ اﻟﻌﺰﻳﺰ اﳉﺮﺟﺎﱐ" ﻗﺪ ّ
ﻣﻌﲔ وﻣﺎاﻷﻟﻔﺎظ ﻣﻨﻔﺮدة إﻻّ ﻋﻨﺪ دﺧﻮﳍﺎ ﰲ ﺳﻴﺎق ّ ﳍﺬﻩ اﳌﺴﺄﻟﺔ ،وذﻛﺮ اﺿﻄﺮاب اﻟﻨﻈﻢ ﰲ ﺣﺪﻳﺜﻪ ﻋﻦ ﻋﻴﻮب
ﲢﺪﺛﻪ ﻣﻦ ﺗﻨﺎﺳﻖ اﻟﺪﻻﻟﺔ ﺣﻴﺚ ﻳﻈﻬﺮ اﳌﻌﲎ ﻋﻠﻰ وﺟﻪ اﻟﺸﻌﺮ ،ﻏﲑ أﻧّﻪ اﻛﺘﻔﻰ ﺎﺑﻟﺪﻻﻟﺔ اﻟﻈﺎﻫﺮة ﻟﻠﻔﻈﺔ وﱂ ﳛ ّﺪد
ﻳﻘﺘﻀﻴﻪ اﻟﻌﻘﻞ وﻳﺮﺗﻀﻴﻪ ،ﻓﺎﳌﻌﺎﱐ إذن ﻫﻲ اﳌﻘﺼﻮدة ﰲ ﻳﺒﲔ أﺳﺒﺎب اﺿﻄﺮاب اﻟﻨﻈﻢ أو اﺳﺘﻘﺎﻣﺘﻪ،ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ وﻻ أن ّ
إﺣﺪاث اﻟﻨﻈﻢ واﻟﺘﺄﻟﻴﻒ .ﻓﻼ ﻧﻈﻢ ﰲ اﻟﻜﻠﻢ وﻻ ﺄﺗﻟﻴﻒ ﻛﻤﺎ ﳒﺪ أﺎﺑ ﻫﻼل اﻟﻌﺴﻜﺮي ﰲ ﻛﺘﺎﺑﻪ-اﻟﺼﻨﺎﻋﺘﲔ -ﻳﻔﺮد
ﺣﱴ ﻳﻌﻠﻖ ﺑﻌﻀﻬﺎ ﺑﺒﻌﺾ وﻳﺒﲎ ﺑﻌﻀﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺾ. ﺎﺑﺎﺑ ﺧﺎﺻﺎ ﻟﻠﺤﺪﻳﺚ ﻋﻦ ﺣﺴﻦ اﻟﻨﻈﻢ وﺟﻮدة اﻟﺮﺻﻒ
وﻗﺪ ﻓﺮق ﻋﺒﺪ اﻟﻘﺎﻫﺮ اﳉﺮﺟﺎﱐ ،وﻫﻮ ﻳﻘﺪم ﻧﻈﺮﻳﺘﻪ ﰲ ﻛﻞ ﻛﻠﻤﺔ وإّﳕﺎ اﺳﺘﻌﻤﻠﻬﺎ
واﻟﺴﺒﻚ ،إﻻّ أﻧّﻪ ﱂ ﳛ ّﺪد دﻻﻟﺔ ّ
اﻟﻨّﻈﻢ ،ﺑﲔ اﻟﻠّﻐﺔ واﻟﻜﻼم وﻋﲎ ﻋﻨﺎﻳﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﲟﺎ ﻳﻘ ّﺪﻣﻪ ﻣﱰادﻓﺔ ،ﺎﺑﻹﺿﺎﻓﺔ إﱃ ّأ�ﺎ ﻋﺮﻓﺖ ﻋﻨﺪ اﳌﻌﺘﺰﻟﺔ ﻣﺜﻞ
اﳌﺘﻜﻠّﻢ ،اﻟﺬي ﻻ ﳝﻜﻨﻪ أن ﳛﺪث وﺿﻌﺎ ﺟﺪﻳﺪا ﰲ اﳉﺎﺣﻆ ،وأﻫﻞ اﻟﺴﻨّﺔ ﻣﺜﻞ "اﳋﻄّﺎﰊ" و"اﻟﺒﺎﻗﻼﱐ"،
ﻛﻼﻣﻪ ،ﻓﺬﻟﻚ ﻓﺴﺎد ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﻪ وﻳﺼﺒﺢ ﻟﻴﺲ ﲟﺘﻜﻠّﻢ، أﻫﻢ
ﻟﻌﻞ ّﲤﺨﻀﺖ ﻋﻨﺪﻩ ﻋﻦ ﻣﻨﺎﺑﻊ ﻛﺜﲑة ،و ّ ﻓﺈ�ﺎ ّوﺎﺑﻟﺘﺎﱄ ّ
ﻷ ّن اﳌﺘﻜﻠّﻢ ﻳﺴﺘﻌﻤﻞ أوﺿﺎع اﻟﻠّﻐﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ وﺿﻌﺖ ﻫﻲ اﻷﻓﻜﺎر اﻟﱵ اﺳﺘﻘﻰ ﻣﻨﻬﺎ ﻫﺬﻩ اﻟﻨﻈﺮﻳﺔ :ﻓﻜﺮة ارﺗﺒﺎط
ﻋﻠﻴﻪ وﻻ ﳛﺪث ﻓﻴﻬﺎ ﺗﻐﻴﲑا. اﻷﻟﻔﺎظ ﺎﺑﳌﻌﺎﱐ -ﻓﺎرﺗﻘﺖ إﱃ اﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﺳﺮ اﳉﻮدة ﰲ
-3اﻟﻨﻈﻢ وﻋﻼﻗﺘﻪ ﺎﺑﻟﻨﺤﻮ :ﻳﻘﻮل اﳉﺮﺟﺎﱐ» :اﻋﻠﻢ أ ّن اﻟﻜﻼم اﳌﻨﻈﻮم ﻻ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﺟﺮس أﻟﻔﺎﻇﻪ واﺋﺘﻼﻓﻬﺎ ﰲ
ﻟﻴﺲ اﻟﻨّﻈﻢ إﻻّ أن ﺗﻀﻊ ﻛﻼﻣﻚ اﻟﻮﺿﻊ اﻟﺬي ﻳﻘﺘﻀﻴﻪ اﻟﺴﻤﻊ وﺧﻔﺘﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻠﺴﺎن ﺑﻞ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ اﺋﺘﻼف
ﻋﻠﻢ اﻟﻨﺤﻮ ،وﺗﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﻗﻮاﻧﻴﻨﻪ وأﺻﻮﻟﻪ ،وﺗﻌﺮف ﻣﻨﺎﻫﺠﻪ ﻣﻌﺎﻧﻴﻬﺎ ﻋﻠﻰ وﺟﻪ ﺧﺎص ﻟﻴﻜﻮن ﻟﻠﻜﻼم ﻓﻀﻞ ﻣﺰﻳّﺔ-
اﻟﱵ �ﺠﺖ ﻓﻌﻼ ﻓﻼ ﺗﺰﻳﻎ ﻋﻨﻬﺎ ،وﲢﻔﻆ اﻟﺮﺳﻮم اﻟﱵ ﻓﻘﺪ اﺳﺘﻘﻰ ﻣﻦ اﻟﻨﺤﻮ ﻧﻈﺮة ﺧﺎﺻﺔ إﱃ اﻟﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ أﻧﻪ
)(12
ﺗﻮﺧﻲرﲰﺖ ﻟﻚ ﻓﻼ ﲣﻞ ﺑﺸﻲء ﻣﻨﻬﺎ «.ﻓﺎﻟﻨّﻈﻢ ﻫﻮ ّ ارﺗﺒﺎط ﻣﻌﻨﻮي ﺑﲔ اﻟﻌﺎﻣﻞ واﳌﻌﻤﻮل ،اﻋﺘﺒﺎر اﻟﻘﻮل اﳊﺴﻦ
12
أﺣﻜﺎم اﻟﻨﺤﻮ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻴﻨﻬﺎ ﻳﻔﺴﺪ اﳌﻌﲎ .ﻓﻤﺎ اﻟﻨﻈﻢ إﻻ ﻣﻌﺎﱐ اﻟﻨﺤﻮ ،أي أﻧّﻪ ﻳﺴﲑ ﻋﻠﻰ ﻗﻮاﻧﻴﻨﻪ اﻟﻨﺤﻮﻳﺔ واﻟﺼﺮﻓﻴﺔ
ﺗﻮﺧﻲ ﻫﺬﻩ اﳌﻌﺎﱐ وﺗﻌﻠﻖ اﻟﺬﻫﻦ ﻬﺑﺎ ﻓﺈذا ﻛﺎن اﻟﻨﻈﻢ ﻗﺎﺋﻤﺎ ﻓﻠﻴﺲ ﻫﻨﺎك ﻛﻼم ﻳﻮﺻﻒ ﺑﺼﺤﺔ أو ﻓﺴﺎد ،إﻻّ وﻳﺮﺟﻊ
ﻋﻠﻰ أﺳﺎس ﻣﻌﺎﱐ اﻟﻨﺤﻮ ﻓﺎن اﳌﻮﺿﻮﻋﺎت اﻟﺒﻼﻏﻴﺔ وﻛﻞ ذﻟﻚ ﻛﻠّﻪ إﱃ ﻣﻌﺎﱐ اﻟﻨﺤﻮ وأﺣﻜﺎﻣﻪ وﻳﺪﺧﻞ ﰲ أﺻﻞ
أﻧﻮاع اﺠﻤﻟﺎز ﻻ ﳝﻜﻦ أن ﻳﻜﻮن إﻻّ ﻣﻊ اﻟﻨﻈﻢ ).(17 ﻣﻦ أﺻﻮﻟﻪ وﺎﺑب ﻣﻦ أﺑﻮاﺑﻪ.
ﻓﺎﻻﺳﺘﻌﺎرة واﺠﻤﻟﺎز واﻟﻜﻨﺎﻳﺔ وﻏﲑﻫﺎ ﻻ ﳝﻜﻦ أن ﺗﻜﻮن ﰲ وﻗﺪ أﺷﺎر إﱃ أ ّن ﻣﻌﺮﻓﺔ ﻋﺒﺎرات اﻟﻨﺤﻮﻳﲔ
اﻟﻜﻠﻤﺎت اﳌﻔﺮدة ،ﻓﻘﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﱃ )ﻟﻴﺨﺮﺟﻜﻢ ﻣﻦ اﻟﻈﻠﻤﺎت ﻳﻬﻢ ﻫﻮ
واﺻﻄﻼﺣﺎﻬﺗﻢ اﻟﻨﺤﻮﻳﺔ ﻟﻴﺲ ﺎﺑﻷﻣﺮ اﳍّﺎم وإّﳕﺎ ﻣﺎ ّ
إﱃ اﻟﻨﻮر( اﺳﺘﻌﺎرة ﺷﺒّﻪ ﻓﻴﻬﺎ اﻟﻜﻔﺮ ﺎﺑﻟﻈﻠﻤﺎت ﰒ ﺣﺬف ﻓﻬﻢ ﻣﺪﻟﻮل ﻫﺬﻩ اﻟﻌﺒﺎرات ،ﻓﺎﻟﻌﺮﰊ ﻛﺎن ﻳﺘﻜﻠّﻢ ﺳﻠﻴﻘﺔ وﱂ
اﳌﺸﺒﻪ وأﺑﻘﻰ ﻋﻠﻰ اﳌﺸﺒﻪ ﺑﻪ وﻫﻮ اﻟﻈﻠﻤﺎت ،ﻓﻼ ﳝﻜﻦ أن ﻳﻜﻦ ﻳﻌﺮف اﳌﺒﺘﺪأ واﳋﱪ واﻟﺼﻔﺔ واﳊﺎل ...ﻟﻜﻨّﻪ ﻛﺎن
ﻧﺘﺼﻮر ﻫﺬﻩ اﻟﺼﻮرة اﻟﺒﻼﻏﻴﺔ ﻣﻦ دون ﻟﻔﻈﺔ اﻟﻈﻠﻤﺎت. ﻳﻌﺮف اﻟﻔﺮق ﰲ اﳌﻌﲎ ﺑﲔ اﻟﻌﺒﺎرﺗﲔ :ﺟﺎء ﳏﻤﺪ راﻛﺒﺎ،
ﻛﻤﺎ أن ﺗﺮﺗﻴﺐ اﻟﻜﻠﻤﺎت ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻴﻨﻬﺎ ﻳﺮﺗﺒﻂ أﺳﺎﺳﺎ وﺟﺎء ﳏﻤﺪ اﻟﺮاﻛﺐ .ﻓﻠﻢ ﻳﻌﻨﻴﻪ ﻣﻌﺮﻓﺔ رأي اﻟﻨﺤﻮﻳﲔ ﻣﻦ
ﺎﺑﻟﺘﻔﻜﲑ وﲟﻘﺘﻀﻴﺎت ﻋﻠﻢ اﻟﻨﺤﻮ ،وﻳﻌﻄﻰ اﳉﺮﺟﺎﱐ ﻣﺜﺎﻻ أن راﻛﺒﺎ ﺣﺎل واﻟﺮاﻛﺐ ﺻﻔﺔ ).(13
ﻟﺬﻟﻚ ﺑﺒﻴﺖ اﻣﺮئ اﻟﻘﻴﺲ: وﻫﻮ ﻳﺆّﻛﺪ ﰲ ﺳﻴﺎق آﺧﺮ أ ّن اﻟﻨّﻈﻢ ﻟﻴﺲ ﺷﻴﺌﺎ ﻏﲑ
-ﻗﻔﺎ ﻧﺒﻚ ﻣﻦ ذﻛﺮى ﺣﺒﻴﺐ وﻣﻨﺰل ﺗﻮﺧﻲ ﻣﻌﺎﱐ اﻟﻨﺤﻮ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﲔ اﻟﻜﻠﻢ وإﻧّﻚ ﺗﺮﺗّﺐ اﳌﻌﺎﱐ
ﺑﺴﻘﻂ اﻟﻠﻮى ﺑﲔ اﻟﺪﺧﻮل ﻓﺤﻮﻣﻞ. ّأوﻻ ﰲ ﻧﻔﺴﻚ ﰒّ ﲢﺬو ﻋﻠﻰ ﺗﺮﺗﻴﺒﻬﺎ اﻷﻟﻔﺎظ ﰲ ﻧﻄﻘﻚ،
اﻷول ﻓﻠﻮ
ﻓﺎﻟﻔﻜﺮ إذن ﻳﺘﻌﻠّﻖ ﺎﺑﳌﻌﲎ اﻟﻜﻠّﻲ ﻟﻠﺸﻄﺮ ّ ﻳﺘﺼﻮر أن ﻳﻜﻮن ﺑﺸﺎر »ﻗﺪ ﺧﻄﺮت ﻣﻌﺎﱐ ﻗﻮﻟﻪ: ﻓﻼ ّ
أزﻟﻨﺎﻩ ﻋﻦ ﻣﻮﺿﻌﻪ وﻗﻠﻨﺎ )ﻣﻦ ﻧﺒﻚ ﻗﻔﺎ ﺣﺒﻴﺐ وﻣﻨﺰل( ﻓﻼ ﻛﺄن ﻣﺜﺎر اﻟﻨﻘﻊ ﻓﻮق رؤوﺳﻨﺎ
ﻳﺘﻌﻠﻖ اﻟﻔﻜﺮ ﲟﻌﲎ أي ﻛﻠﻤﺔ ﻣﻨﻬﺎ .ﻓﺎﻟﻔﻜﺮ إذن ﻻ ﻳﺘﻌﻠﻖ وأﺳﻴﺎﻓﻨﺎ ﻟﻴﻞ ﻬﺗﺎوى ﻛﻮاﻛﺒﻪ.
)(14
ﲟﻌﺎﱐ اﻟﻜﻠﻢ ﳎﺮدة ﻣﻦ ﻣﻌﺎﱐ اﻟﻨﺤﻮ وﻣﻨﻄﻮﻗﺎ ﻬﺑﺎ ﻋﻠﻰ ﺑﺒﺎﻟﻪ أﻓﺮادا ﻋﺎرﻳﺔ ﻣﻦ ﻣﻌﺎﱐ اﻟﻨﺤﻮ اﻟﱵ ﻳﺮاﻫﺎ ﻓﻴﻬﺎ«.
وﺟﻪ ﻻ ﻳﺘﺄﺗﻰ ﻣﻌﻪ ﺗﻘﺪﻳﺮ ﻣﻌﺎﱐ اﻟﻨﺤﻮ ).(18 وﻳﺴﺘﺸﻬﺪ ﲟﺎ »ﳚﺮى ﻋﻠﻰ أﻟﺴﻨﺔ اﻟﻨﺎس ﻗﺎﻃﺒﺔ ﻣﻦ آن
)(15
ﻟﻘﺪ ﺟﻌﻞ اﳉﺮﺟﺎﱐ اﻟﺒﻼﻏﺔ ﰲ اﻟﻨﻈﻢ وأ ّﻛﺪ أﻧﻪ ﻻ اﻟﻌﺎﻗﻞ ﻳﺮﺗﺐ ﰲ ﻧﻔﺴﻪ ﻣﺎ ﻳﺮﻳﺪ أن ﻳﺘﻜﻠﻢ ﺑﻪ«.
ﻳﻜﻮن إﻻ ﺣﺴﺐ ﻗﻮاﻧﲔ اﻟﻨﺤﻮ وﺗﻮﺧﻴﺎ ﳌﻌﺎﻧﻴﻪ وﻫﺬا ﻳﻌﲏ ﺗﻮﺧﻲ ﻣﻌﺎﱐ اﻟﻨﺤﻮ وﰲ ﻧﻈﺮﻩ ﻟﻴﺲ ﻣﻌﲎ ﺳﻮى ّ
أن اﻟﻨﺤﻮ واﻟﺒﻼﻏﺔ ﻣﺮﺗﺒﻄﺎن ﺎﺑﻟﻨﻈﻢ وﺎﺑﻟﺘﺎﱄ ﻻ ﳝﻜﻦ وﺗﻮﺧﻲ اﻟﻘﺼﺪ ﻣﻦ اﻟﻘﻮل ،ﻓﻌﻨﺪﻣﺎ ﻧﻘﻮل :ﺿﺮب زﻳﺪ
ﻓﺼﻞ اﻟﻨﺤﻮ ﻋﻦ اﻟﺒﻼﻏﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻓﻬﻤﺎ ﻳﻠﺘﻘﻴﺎن ﰲ ﻧﻈﻢ ﻋﻤﺮا ﻳﻮم اﳉﻤﻌﺔ ﺄﺗدﻳﺒﺎ ﻟﻪ ﻻ ﻧﺘﻠﻔﻆ ﻬﺑﺬﻩ اﳉﻤﻠﺔ ﻗﺒﻞ أن
اﻟﻜﻠﻢ وﺿﻤﻪ ﺑﻌﻀﻪ إﱃ ﺑﻌﺾ» :ﻟﻘﺪ ﺧﺮج "دﻻﺋﻞ ﻧﺴﺘﺤﻀﺮ ﰲ اﻟﺬﻫﻦ اﻟﻀﺮب ﺎﺑﻋﺘﺒﺎرﻩ ﺧﱪا ﻋﻦ زﻳﺪ واﻗﻌﺎ
اﻹﻋﺠﺎز" ﺎﺑﻟﻨﺤﻮ ﻣﻦ داﺋﺮة اﻟﺘﻌﻠﻴﻼت اﻟﻌﻘﻴﻤﺔ ﻋﻨﺪ ﺑﻌﺾ ﻣﻨﻪ ﻋﻠﻰ ﻋﻤﺮو ،وﳒﻌﻞ ﻳﻮم اﳉﻤﻌﺔ زﻣﺎﻧﻪ وﳒﻌﻞ اﻟﺘﺄدﻳﺐ
اﻟﻨﺤﻮﻳﲔ إﱃ ﳏﻴﻂ اﳌﻌﺎﱐ اﻟﱵ ﺗﻜﻤﻦ ﰲ ﻃﻴﺎت ﺗﻮﺧﻲ ﻣﻌﺎﱐﻏﺮﺿﻪ اﻟﺬي وﻗﻊ اﻟﻀﺮب ﻷﺟﻠﻪ ،وﻫﺬا ﻫﻮ ّ
اﻟﱰاﻛﻴﺐ ...ﲣﻄﻰ ﺎﺑﻟﻨﺤﻮ ﻣﻦ ﻣﺮﺣﻠﺔ وﻗﻮف ﺑﻌﺾ اﻟﻨﺤﻮ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﲔ ﻣﻌﺎﱐ ﻫﺬا اﻟﻜﻠﻢ ).(16
اﻟﻨﺤﻮﻳﲔ ﻋﻨﺪ اﻟﻘﺎﻋﺪة إﱃ اﻻﻧﻄﻼق ﰲ آﻓﺎق اﳌﻌﺎﱐ اﻟﱵ ﻳﺘﺨﲑ ﳍﺎ
ﻳﺒﲔ أ ّن وﺿﻊ اﻟﻜﻠﻤﺎت ﰲ اﻟﻨﻈﻢ ّ ﻓﻬﻮ إذن ّ
)(19
ﳍﺎ ﲦﺎر وﺿﻊ اﻟﻘﻮاﻋﺪ اﻟﻨﺤﻮﻳﺔ« ﻳﺘﻮﺧﻰ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻦاﳌﻮاﻗﻊ وﻳﺘﻢ ﻓﻴﻬﺎ اﻟﱰﻛﻴﺐ ﺣﺴﺐ ﻣﺎ ّ
ﻣﻌﺎﱐ اﻟﻨﺤﻮ ،ﻓﻨﻘﻞ اﻟﻜﻠﻤﺎت ﻣﻦ ﻣﻮاﻗﻌﻬﺎ وﻋﺪم ﻣﺮاﻋﺎة
13
وﻫﻜﺬا ﻻ ﺗﺪل ﻛﻠﻤﺔ إﻧﺴﺎن ﻋﻠﻰ اﻵدﻣﻲ اﳌﻌﺮوف -4ﻋﻼﺋﻖ اﻟﻔﺼﺎﺣﺔ ﺎﺑﻟﺒﻼﻏﺔ وﺎﺑﻟﻨﺤﻮ :ﺗﻄﻠﻖ
أﻛﺜﺮ ﳑّﺎ ﺗﺪل ﻛﻠﻤﺔ ﺣﻴﻮان ﻋﻠﻰ اﳊﻴﻮان اﳌﻌﺮوف ،وﻫﺬا اﻟﻔﺼﺎﺣﺔ ﰲ اﻟﻠّﻐﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﻌﺎﱐ ﻛﺜﲑة ﻣﻨﻬﺎ اﻟﺒﻴﺎن واﻟﻈﻬﻮر.
اﻷﻣﺮ ﻣﻨﻄﺒﻖ أﻳﻀﺎ ﺣﱴ ﻋﻠﻰ اﻟﻠّﻔﻈﲔ اﻟﺬﻳﻦ وﺿﻌﺎ )(20
ﻗﺎل ﺗﻌﺎﱃ ﴿وأﺧﻲ ﻫﺎرون ﻫﻮ أﻓﺼﺢ ﻣﲏ ﻟﺴﺎ�﴾
ﳌﺴﻤﻰ واﺣﺪ .وﻟﺬﻟﻚ ﻓﺈﻧّﻪ ﻳﻌﻴﺐ ﻋﻠﻰ أوﻟﺌﻚ اﻟﺬﻳﻦ ّ ﻣﲏ ﻗﻮﻻ وﻟﻮ أ ّن ﻛﻠﻤﺔ ﻟﺴﺎن اﳌﻘﺼﻮد ﻬﺑﺎ ﻫﻨﺎ أي أﺑﲔ ّ
ﻳﺮون اﻟﻔﺼﺎﺣﺔ ﰲ اﻟﻠّﻔﻆ اﳌﻔﺮد ،ﻓﻠﻴﺲ ﻟﻠّﻔﻆ اﳌﻔﺮد ﻣﻦ ﻫﻮ اﳉﺎرﺣﺔ وﻟﻴﺲ اﻟﺒﻴﺎن ﻋﻠﻰ اﻋﺘﺒﺎر أ ّن ﺳﻴﺪ� ﻣﻮﺳﻰ
ﻧﺼﻴﺐ ﰲ اﻟﻔﺼﺎﺣﺔ إﻻّ أن ﻳﻜﻮن أﻳﺴﺮ ﻋﻠﻰ اﻷﻟﺴﻨﺔ ﻛﺎن ﻣﺼﺎﺎﺑ ﰲ ﻟﺴﺎﻧﻪ ﻣﻦ ﺟﺮاء ﲨﺮة ﺣﺎول أﻛﻠﻬﺎ وﻫﻮ
وأﻛﺜﺮ اﺳﺘﻌﻤﺎﻻ ﻣﻦ اﻵﺧﺮ ،وإّﳕﺎ ﺗﻨﺴﺐ اﻟﻔﺼﺎﺣﺔ إﱃ ﺻﻐﲑ ﻓﺴﺒّﺒﺖ ﻟﻪ ﻋﺎﻫﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮى اﻟﻠّﺴﺎن ﻛﻤﺎ ﻳﻘﻮل
اﻟﻠّﻔﻈﺔ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ اﻋﺘﺒﺎر ﻣﻜﺎ�ﺎ ﻣﻦ اﻟﻨّﻈﻢ وﺣﺴﻦ اﳌﻔﺴﺮون.
)(23
ﻣﻼﺋﻤﺔ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ ﳌﻌﺎﱐ ﺟﺎرﻬﺗﺎ وﻣﺆاﻧﺴﺘﻬﺎ ﻷﺧﻮاﻬﺗﺎ. وﰲ اﺻﻄﻼح أﻫﻞ اﳌﻌﺎﱐ ﻫﻲ ﻋﺒﺎرة ﻋﻦ اﻷﻟﻔﺎظ
ﻓﺎﻟﻔﺼﺎﺣﺔ إذن ﻫﻲ ﻟﻠﻜﻼم اﳌﻨﻈﻮم وﻟﻴﺴﺖ ﻟﻠﻜﻠﻢ اﻟﺒﻴﻨﺔ اﻟﻈﺎﻫﺮة اﳌﺘﺒﺎدرة إﱃ اﻟﻔﻬﻢ واﳌﺄﻧﻮﺳﺔ اﻻﺳﺘﻌﻤﺎل ﺑﲔ
وﺿﻢ ﺑﻌﻀﻪ
اﳌﻔﺮد ،ﻓﺎﻟﻔﺼﻴﺢ ﻫﻮ اﻟﺬي ﻳﺘﻢ ﻧﻈﻤﻪ وﺄﺗﻟﻴﻔﻪ ّ اﻟﻜﺘّﺎب ﳌﻜﺎن ﺣﺴﻨﻬﺎ ،وﻫﻲ ﺗﻘﻊ وﺻﻔﺎ ﻟﻠﻜﻠﻤﺔ
إﱃ ﺑﻌﺾ ﻟﺼﻨﻌﺔ ﺗﺮاﻋﻰ ﻓﻴﻬﺎ ﻗﻮاﻧﲔ اﻟﻨﺤﻮ وأﺻﻮﻟﻪ .وﻫﻮ واﻟﻜﻼم ،واﳌﺘﻜﻠﻢ ،أﻣﺎ اﻟﺒﻼﻏﺔ ﻓﺘﻘﻊ وﺻﻔﺎ ﻟﻠﻜﻼم
ﻳﺆّﻛﺪ أ ّن اﻟﻔﺼﺎﺣﺔ ﻣﺰﻳّﺔ اﳌﺘﻜﻠﻢ ﻻ واﺿﻊ اﻟﻠّﻐﺔ ،ﻓﺎﳌﺘﻜﻠﻢ واﳌﺘﻜﻠﻢ ،ﻓﺒﻼﻏﺔ اﻟﻜﻼم ﻫﻲ ﻣﻄﺎﺑﻘﺘﻪ ﳌﻘﺘﻀﻰ اﳌﻘﺎم ﻣﻊ
ﻻ ﻳﺰﻳﺪ ﰲ اﻟﻠّﻔﻈﺔ ﺷﻴﺌﺎ ﻋﻤﺎ وﺿﻌﻪ اﻟﻮاﺿﻊ ،ﻓﺎﳌﺰﻳّﺔ إذن ﻓﺼﺎﺣﺔ أﻟﻔﺎﻇﻪ ﻣﻔﺮدﻫﺎ ﻣﺮﻛﺒﻬﺎ.
ﻫﻲ ﻟﻠﻤﻌﲎ اﻟﺬي �ﰐ ﺑﻪ اﳌﺘﻜﻠّﻢ واﻟﺬي ﻻ ﻳﺘﺤﻘﻖ إﻻّ ﺗﻨﺎول اﳉﺮﺟﺎﱐ ﻫﺬﻩ اﳌﻮﺿﻮﻋﺔ ﻓﺄ ّﻛﺪ أ ّن اﻷﻟﻔﺎظ ﲝ ّﺪ
ﺑﻀﻢ اﻟﻜﻠﻢ ﺑﻌﻀﻪ إﱃ ﺑﻌﺾ .وﻫﻮ ﻳﺴﺘﺪل ﺎﺑﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﱘ ذاﻬﺗﺎ ﻻ ﺗﺘﻔﺎﺿﻞ ﺑﻴﻨﻬﺎ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ دﻻﻻﻬﺗﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺪﻟﻮﻻﻬﺗﺎ،
اﻟﺬي أﻋﺠﺰ اﻟﻌﺮب ﲨﻴﻌﺎ ﺎﺑﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أﻧّﻪ ﺟﺎء ﺑﻠﺴﺎ�ﻢ أدل ﻋﻠﻰ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ ﻣﻦ ﻟﻔﻈﺔ أﺧﺮى، أي ﻟﻔﻈﺔ ّﻓﻠﻴﺲ ﻫﻨﺎك ّ
واﺳﺘﺨﺪم أﻟﻔﺎﻇﻬﻢ وﱂ ﻳﺰد ﻓﻴﻬﺎ ﺷﻴﺌﺎ ،وﺎﺑﻟﺘﺎﱄ ﻓﺎﻟﻔﺼﺎﺣﺔ ﻳﻘﻮل» :إ ّن اﻷﻟﻔﺎظ ﻻ ﺗﺘﻔﺎﺿﻞ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﻫﻲ أﻟﻔﺎظ
واﻟﺒﻼﻏﺔ ﻻ ﺗﻜﻮ�ن إﻻّ ﺑﻌﺪ اﻟﺘﺄﻟﻴﻒ واﻟﻨﻈﻢ. ﳎﺮدة ،وﻻ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﻫﻲ ﻛﻠﻤﺔ ﻣﻔﺮدة ،وأن اﻷﻟﻔﺎظ
وﻳﺆّﻛﺪ ﰲ ﺧﻀﻢ ﺣﺪﻳﺜﻪ ﻋﻦ اﻟﻔﺼﺎﺣﺔ أﻧّﻪ ﻻ اﻧﻔﺼﺎل ﺗﺜﺒﺖ ﳍﺎ اﻟﻔﻀﻴﻠﺔ وﺧﻼﻓﻬﺎ ﰲ ﻣﻼﺋﻤﺔ ﻣﻌﲎ اﻟﻠﻔﻈﺔ ﲟﻌﲎ
ﺑﲔ اﻟﻨﺤﻮ واﻟﺒﻼﻏﺔ وإ ّن اﻟﻔﺼﺎﺣﺔ واﻟﺒﻼﻏﺔ ﻫﻲ ﰲ اﻟﱵ ﺗﻠﻴﻬﺎ أو ﻣﺎ أﺷﺒﻪ ذﻟﻚ ﳑّﺎ ﻻ ﺗﻌﻠﻖ ﻟﻪ ﺑﺼﺮﻳﺢ
اﻟﻨﻈﻢ ،وﻫﻨﺎ ﻳﺮﺑﻂ ﺑﲔ اﻟﺒﻼﻏﺔ وﻏﺮض اﳌﺘﻜﻠّﻢ واﳌﻌﺎﱐ اﻟﻠﻔﻆ (21) «.وﻳﺴﺘﺸﻬﺪ ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ ﺑﻘﻮﻟﻪ» :إﻧّﻚ ﺗﺮى
اﻟﱵ ﻳﺮﻳﺪ إﺛﺒﺎﻬﺗﺎ أو ﻧﻔﻴﻬﺎ ﻓﻴﻘﻮل» :ﻻ ﻳﻜﻮن ﻹﺣﺪى اﻟﻜﻠﻤﺔ ﺗﺮوﻗﻚ وﺗﺆﻧﺴﻚ ﰲ ﻣﻮﺿﻊ ﰒ ﺗﺮاﻫﺎ ﺑﻌﻴﻨﻬﺎ ﺗﺜﻘﻞ
اﻟﻌﺒﺎرﺗﲔ ﻣﺰﻳّﺔ ﻋﻠﻰ اﻷﺧﺮى ﺣﱴ ﻳﻜﻮن ﳍﺎ ﰲ اﳌﻌﲎ ﺄﺗﺛﲑ ﻋﻠﻴﻚ وﺗﻮﺣﺸﻚ ﰲ ﻣﻮﺿﻊ آﺧﺮ ...ﻓﻠﻮ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻜﻠﻤﺔ
ﻻ ﻳﻜﻮن ﻟﺼﺎﺣﺒﺘﻬﺎ ،إ ّن اﻟﺒﻼﻏﺔ واﻟﻔﺼﺎﺣﺔ وﲣﲑ اﻟﻠّﻔﻆ إذا ﺣﺴﻨﺖ ﺣﺴﻨﺖ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﻫﻲ ﻟﻔﻆ ،وإذا اﺳﺘﺤﻘﺖ
ﻋﺒﺎرة ﻋﻦ ﺧﺼﺎﺋﺺ ووﺟﻮﻩ ﺗﻜﻮن ﻣﻌﺎﱐ اﻟﻜﻼم ﻋﻠﻴﻬﺎ، اﳌﺰﻳّﺔ واﻟﺸﺮف اﺳﺘﺤﻘﺖ ذﻟﻚ ﰲ ذاﻬﺗﺎ وﻋﻠﻰ اﻧﻔﺮادﻫﺎ
وﻋﻦ ز�دات ﲢﺪث ﰲ أﺻﻮل اﳌﻌﺎﱐ ﻣﺜﻞ زﻳﺪ ﻛﺎﻷﺳﺪ، دون أن ﻳﻜﻮن اﻟﺴﺒﺐ ﰲ ذﻟﻚ ﺣﺎل ﳍﺎ ﻣﻊ أﺧﻮاﻬﺗﺎ
)(24
وﻛﺄ ّن زﻳﺪا أﺳﺪ«. اﺠﻤﻟﺎورة ﳍﺎ ﰲ اﻟﻨﻈﻢ ،ﳌﺎ اﺧﺘﻠﻒ ﻬﺑﺎ اﳊﺎل وﻛﺎﻧﺖ إ ّﻣﺎ أن
ﺑﻀﻢ اﻟﻜﻠﻤﺎت إﱃ ﺑﻌﻀﻬﺎ ﻻ ﺗﻜﻮن اﻟﻔﺼﺎﺣﺔ ّ
)(22
ﲢﺴﻦ أﺑﺪا أو ﻻ ﲢﺴﻦ أﺑﺪا«.
ﻓﺤﺴﺐ ،وإّﳕﺎ ﺗﺘﺤ ّﻘﻖ أﻳﻀﺎ ﰲ اﻟﺮﺑﻂ ﺑﲔ اﳉﻤﻞ ﻟﺬﻟﻚ
14
ﻛﻞ ﻣﻨﻬﻢ ﻋﻦ اﳌﻌﲎ ﻓﻴﻌﱪ ّوﻳﺘﻔﺎﺿﻞ ﰲ ذﻟﻚ اﳌﺘﻜﻠّﻤﻮن ّ ﻓﺎﻟﻔﺼﻞ واﻟﻮﺻﻞ ﺑﲔ اﳉﻤﻞ ﻣﻦ أﺳﺮار اﻟﺒﻼﻏﺔ ،ﻳﻘﻮل:
اﻟﻮاﺣﺪ ﺑﻜﻼم أو ﺑﻨﻈﻢ ﳐﺘﻠﻒ ،وﻣﻦ ﺧﻼل ذﻟﻚ ﻳﻈﻬﺮ ﺣﺪا ﻟﻠﺒﻼﻏﺔ ،ﻓﻘﺪ ﺟﺎء ﻋﻦ ﺑﻌﻀﻬﻢ أﻧّﻪ »وﻗﺪ ﺟﻌﻠﻮﻩ ً
)(25
إﻋﺠﺎز اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﱘ اﻟﺬي ﻻ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﻣﺘﻜﻠّﻢ أن ﻳﺼﻞ ﺳﺌﻞ ﻋﻦ اﻟﺒﻼﻏﺔ ﻓﻘﺎل :ﻣﻌﺮﻓﺔ اﻟﻔﺼﻞ ﻣﻦ اﻟﻮﺻﻞ«.
ﻗﻤﺔ ﰲ أداء اﳌﻌﲎ وﲤﺎم إﱃ ﻣﺴﺘﻮاﻩ ﻣﻦ اﻟﻨﻈﻢ اﻟﺬي ﻫﻮ ّ وﻫﻨﺎ ﻳﺸﺮح ﻣﱴ ﻳﻜﻮن اﻟﻔﺼﻞ وﻣﱴ ﻳﻜﻮن اﻟﻮﺻﻞ ،وﻳﻌﻠّﻞ
اﻟﺪﻻﻟﺔ ﻣﻊ ﺣﺴﻦ اﻟﺼﻮر وﻬﺑﺎء اﻟﻌﺒﺎرة وﻗﻮة ﺄﺗﺛﲑﻫﺎ ،وﻫﺬا ذﻟﻚ ﺑﺘﻮﺿﻴﺢ اﳌﻌﺎﱐ اﳌﻘﺼﻮدة ﺣﺴﺐ ﻣﻘﺘﻀﻰ اﳊﺎل
ﻣﺎ أرادﻩ اﳉﺮﺟﺎﱐ ﻣﻦ ﻋﻨﻮان ﻛﺘﺎﺑﻪ ) دﻻﺋﻞ اﻹﻋﺠﺎز ﰲ وﻣﻌﺮﻓﺔ ﺣﺎل اﻟﺴﺎﻣﻊ .ﻓﺎﻟﻔﺼﻞ واﻟﻮﺻﻞ ﻫﻮ اﻻﺷﱰاك ﰲ
ﻳﻌﱪ ﻋﻨﻬﺎ ﻋﻠﻢ اﳌﻌﺎﱐ( ﻣﻦ أ ّن اﻷﻏﺮاض واﳌﻘﺎﺻﺪ اﻟﱵ ّ اﳊﻜﻢ اﻹﻋﺮاﰊ ﺑﲔ اﳉﻤﻞ أو ﻋﺪﻣﻪ ،ﻓﻬﻮ إذن ﺎﺑب ﻣﻦ
اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﱘ ﺑﺼﻮرة ﻣﻌﺠﺰة ﻻ ﳝﻜﻦ ﻟﻠﺒﺸﺮ ﳏﺎﻛﺎﻬﺗﺎ، ﺳﺮ
أﺑﻮاب اﻟﻨﺤﻮ وﻫﺪف ﻣﻦ أﻫﺪاﻓﻪ ،وﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﻫﻮ ّ
ﻳﻮﺿﺢ أ ّن ﻻ ﻣﺰﻳّﺔ ﻟﻠﻜﻠﻤﺔوﻣﻦ أﺟﻞ ﺗﺒﻴﺎن ذﻟﻚ ﻓﺈﻧّﻪ ّ اﻟﺒﻼﻏﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ،وﺎﺑﻟﺘﺎﱄ ﻻ ﳝﻜﻦ اﻟﻔﺼﻞ ﺑﲔ اﻟﻨﺤﻮ
ﻛﻞ
ﻣﻔﺮدة ،ﻷ ّن اﻟﻌﺮﰊ ﻗﺒﻞ ﻧﺰول اﻟﻘﺮآن ﻛﺎن ﻳﻌﺮف ّ واﻟﺒﻼﻏﺔ ،ﻓﻤﻌﺮﻓﺔ واﺣﺪ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﻳﻘﻮد إﱃ ﻣﻌﺮﻓﺔ اﻵﺧﺮ.
اﻷﻟﻔﺎظ اﻟﱵ ﺟﺎءت ﰲ اﻟﻘﺮآن ،وﻟﻜﻨّﻪ ﱂ ﻳﺴﺘﻄﻊ أن ﻓﺎﻟﻔﺼﺎﺣﺔ واﻟﺒﻼﻏﺔ ﻣﻦ اﻟﻠّﺤﻤﺔ ﰲ ﺻﻨﺎﻋﺔ اﻟﻜﻼم وﻻ
وﻳﺒﲔ أﻳﻀﺎ أﻧّﻪ ﻻ ﻓﺼﻞ ﺑﲔ اﻟﻠّﻔﻆ واﳌﻌﲎ ﻳﺮّﻛﺒﻬﺎ ﻣﺜﻠﻪّ ، ﳝﻜﻦ ﻓﺼﻞ إﺣﺪاﳘﺎ ﻋﻦ اﻷﺧﺮى ،واﻟﻨﻈﻢ ﻣﺮاﻋﺎة ﻟﻘﻮاﻧﲔ
وأ ّن ﻧﻈﻢ اﻟﻜﻼم ﻻ ﻳﻜﻮن اﻋﺘﺒﺎﻃﺎ وإّﳕﺎ ﻫﻮ اﻟﻘﺪرة ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺤﻮ وﻻ ﻳﻔﻮﺗﻪ أن ﻳﺮﺑﻂ اﻟﺒﻼﻏﺔ ﺑﻐﺎﻳﺔ اﳌﺘﻜﻠّﻢ وﻏﺮﺿﻪ
اﺳﺘﺨﺪام اﳌﻌﺎﱐ اﻟﻨﺤﻮﻳﺔ .ﻓﺒﻼﻏﺔ اﻟﻜﻼم ﺗﻘﻊ ﰲ ﺄﺗﻟﻴﻔﻪ ﻣﻦ وراء اﻟﻠّﻔﻆ وﺗﺒﻴﲔ اﳌﻌﺎﱐ اﻟﱵ ﻳﺮﻳﺪ إﺛﺒﺎﻬﺗﺎ.
وﺗﻌﻠﻴﻖ ﺑﻌﻀﻪ ﺑﺒﻌﺾ ﻃﺒﻘﺎ ﻟﻘﻮاﻧﲔ اﻟﻨﺤﻮ ،وأ ّن أي ﺗﻐﻴﲑ أﻗﺮ اﳉﺮﺟﺎﱐ -5ﻣﻀﻤﺎر اﻹﻋﺠﺎز اﻟﺒﻴﺎﱐ ﰲ اﻟﻘﺮآنّ :
ﳛﻮﳍﺎ ﻣﻦ اﻟﺒﻨﻴﺔ اﻟﻨﺤﻮﻳﺔ
ﰲ اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﻨﺤﻮﻳﺔ ﰲ اﳉﻤﻠﺔ ّ ﻳﺘﺒﲔ ﻣﻮاﻃﻦ
ﻣﻦ اﻟﺒﺪاﻳﺔ أ ّن اﻟﻘﺮآن ﻣﻌﺠﺰ ،وﺣﺎول أن ّ
ﻣﺘﻐﲑة ﺣﺴﺐ اﻟﻌﻤﻴﻘﺔ إﱃ اﻟﺒﻨﻴﺔ اﻟﻈﺎﻫﺮﻳﺔ اﻹﺧﺒﺎرﻳﺔ ّ اﻹﻋﺠﺎز ﻓﻴﻪ :ﻫﻞ ﻫﻲ ﰲ اﻷﻟﻔﺎظ؟ ﻓﺄﺟﺎب ﺎﺑﻟﻨﻔﻲ ،ﻷ ّن
اﳌﻘﺎم ،ﻓﻔﻲ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﱃ) :اﺷﺘﻌﻞ اﻟﺮأس ﺷﻴﺒﺎ( ﻫﺬﻩ اﻟﺒﻨﻴﺔ اﻷﻟﻔﺎظ اﳌﻔﺮدة ﻣﻮﺟﻮدة ﰲ اﻻﺳﺘﻌﻤﺎل ﻗﺒﻞ ﻧﺰول اﻟﻘﺮآن،
اﻟﻈﺎﻫﺮﻳﺔ ﻧﺘﺠﺖ ﻋﻦ اﻟﺒﻨﻴﺔ اﻟﻌﻤﻴﻘﺔ اﻟﱵ ﻫﻲ اﺷﺘﻌﻞ ﺷﻴﺐ ﻷ�ﺎ ،ﰲوﻻ ﳝﻜﻦ أن ﻳﺘﺤ ّﻘﻖ ﻛﺬﻟﻚ ﰲ اﻟﻔﻮاﺻﻞ ّ
اﻟﺮأس ،وﻗﺪ ﰎّ ﲢﻮﻳﻞ اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﻨﺤﻮﻳﺔ ﻓﺄﺻﺒﺢ اﻟﺸﻴﺐ اﻵ�ت ﻛﺎﻟﻘﻮاﰲ ﰲ اﻟﺸﻌﺮ ،وﻻ ﳝﻜﻦ أن ﻳﻜﻮن ﻣﻦ
اﻟﺬي أﺳﻨﺪ إﻟﻴﻪ اﻟﻔﻌﻞ اﺷﺘﻌﻞ ﰲ اﻟﺒﻨﻴﺔ اﻟﻌﻤﻴﻘﺔ ﻓﻜﺎن اﻻﺳﺘﻌﺎرة أﻳﻀﺎ ﻷ ّن ذﻟﻚ ﳚﻌﻠﻪ ﺧﺎﺻﺎ ﺎﺑﻵ�ت اﻟﻄﻮال
ﻓﺎﻋﻼ ﻣﻨﺼﻮﺎﺑ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻤﻴﻴﺰ ،وﺻﺎر اﻟﺮأس اﻟﺬي ﻫﻮ ﻣﻦ )(26
ﻓﻘﻂ ...
) ( 27
ﺳﺒﺒﻪ وﺎﺗﺑﻊ ﻟﻪ ﻓﺎﻋﻼ ﰲ اﻟﺒﻨﻴﺔ اﳉﺪﻳﺪة ﻟﻠﻔﻌﻞ اﺷﺘﻌﻞ ﻛﻞ ﻫﺬﻩ اﻷﻣﻮر ﳎﺘﻤﻌﺔ أو ﻣﻨﻔﺮدة ﻻوإذا ﻛﺎﻧﺖ ّ
ﻓﺎﻟﻨﺤﻮ واﻟﺒﻼﻏﺔ ﻻ ﳝﻜﻦ أن ﻳﻨﻔﺼﻼ ،ﻓﻴﻬﻤﺎ ﻧﺪرك ﲢ ّﻘﻖ اﻹﻋﺠﺎز ،ﻓﻠﻢ ﻳﺒﻖ إﻻّ أن ﻳﻜﻮن اﻹﻋﺠﺎز ﰲ اﻟﻨﻈﻢ
ﺳﺮ اﻹﻋﺠﺎز ﰲ اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﱘ ،وﻫﺬا أﺳﺮار اﻟﻠّﻐﺔ وﻧﻌﺮف ّ واﻟﺘﺄﻟﻴﻒ اﻟﺬي ﻳﻘﻮم ﻋﻠﻰ ﺗﺮﺗﻴﺐ اﻟﻜﻼم ﺣﺴﺐ اﳌﻌﲎ ﰲ
وﻗﻮة ﺑﻴﺎﻧﻪ ﺗﺘﺠﻠّﻰ ﰲ ﻧﻈﻤﻪ ﻳﻌﲏ أ ّن ﺑﻼﻏﺔ اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﱘ ّ اﻟﺬﻫﻦ وﺣﺴﺐ ﻣﺎ ﻳﻘﺘﻀﻴﻪ اﻟﻨﺤﻮ ،وﻳﻈﻬﺮ اﻟﻔﺮق ﺑﻌﺪ
وﻓﻖ ﻗﻮاﻧﲔ اﻟﻨﺤﻮ وﺧﺼﺎﺋﺺ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﻳﻌﺠﺰ اﻟﺒﺸﺮ ذﻟﻚ ﰲ ﺣﺴﻦ وﺻﺤﺔ دﻻﻟﺔ اﻟﻜﻼم ﻋﻠﻰ اﳌﻌﲎ اﳌﺮاد
ﻓﺴﺮ اﻹﻋﺠﺎز إذن ﻫﻮ اﺳﺘﺨﺪام ﻋﻦ اﻹﺗﻴﺎن ﲟﺜﻠﻬﺎّ ، وﻗﻮة ﺄﺗﺛﲑﻩ ﰲ ﻧﻔﺲ اﻟﺴﺎﻣﻊ ،وﻣﻦ ﺟﻬﺔ أﺧﺮى ﻳﻈﻬﺮ ّ
أﻟﻔﺎظ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ وﻧﻈﻤﻬﺎ وﻓﻖ ﻧﻈﺎم اﻟﻠّﻐﺔ اﻟﻌﺎم وﻗﻮاﻧﲔ ﳓﻮﻫﺎ ﻳﺆدي اﳌﻌﲎ وﺗﺘﻢ اﻟﺪﻻﻟﺔ
اﻟﻔﺮق ﻣﻦ ﻗﺪرة اﳌﺘﻜﻠّﻢ ،ﲝﻴﺚ ّ
وﺻﺮﻓﻬﺎ ،واﻟﱵ ﻻ ﳝﻜﻦ ﻟﻠﻌﺮﰊ اﻟﺬي ﻳﺪرك ﻗﻮاﻧﲔ اﻟﻠّﻐﺔ ﺑﺪﻗّﺔ ﻣﻊ ﻬﺑﺎء وﲨﺎل اﻟﻌﺒﺎرة اﳌﺆدﻳﺔ ﻟﺬﻟﻚ اﳌﻌﲎ،
15
ﻳﻘﻮل اﻟﻨﺤﻮﻳﻮن» :إ ّن ﻣﻌﲎ ذﻟﻚ أﻧّﻪ ﻗﺪ ﻳﻜﻮن ﻣﻦ ﻳﻌﱪ ﻋﻦ ﻣﻌﺎﱐ اﻟﻘﺮﻳﻦ ﺎﺑﻟﻄﺮﻳﻘﺔ اﻟﻔﺮﻳﺪة
ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﻓﻄﺮﻳﺔ أن ّ
أﻏﺮاض اﻟﻨﺎس ﰲ ﻓﻌﻞ ﻣﺎ أن ﻳﻘﻊ ﺈﺑﻧﺴﺎن ﺑﻌﻴﻨﻪ وﻻ ﻳﺒﺎﻟﻮن اﻟﱵ ﺟﺎءت ﰲ اﻟﻘﺮآن.
ﻣﻦ أوﻗﻌﻪ (29) «.ﻓﻤﺜﻼ إن ﻛﺎن ﻫﻨﺎك رﺟﻞ ﻳﻔﺴﺪ وﻳﻜﺜﺮ -6ﺑﻼﻏﺔ اﻟﺘﻘﺪﱘ واﻟﺘﺄﺧـﲑ :ﺗﺘﺠﻠّﻰ ﺑﻼﻏﺔ اﻟﺘﻘﺪﱘ
ﺷﺮﻩ
ﻓﻜﻞ اﻟﻨﺎس ﻳﺘﻤﻨﻮن اﳋﻼص ﻣﻦ ّ اﻷذى ﺎﺑﻵﺧﺮﻳﻦ ّ واﻟﺘﺄﺧﲑ ﰲ اﻟﻘﺪرة ﻋﻠﻰ ﲢﻮﻳﻞ اﻟﻠّﻔﻆ ﻣﻦ ﻣﻜﺎن إﱃ
وﻻ ﻳﻌﻨﻴﻬﻢ ﰲ ذﻟﻚ ﻣﻦ ﻳﻜﻮن ﻗﺎﺗﻠﻪ ،ﻓﺈن ﺣﺪث ذﻟﻚ ﻣﻜﺎن ﺑﺸﻜﻞ ﻳﻨﺘﺞ اﳌﻌﲎ ﻧﻔﺴﻪ ﰲ ﺣﺎل اﶈﺎﻓﻈﺔ ﻋﻠﻰ
وأراد ﻣﺮﻳﺪ اﻹﺧﺒﺎر ﺑﺬﻟﻚ ﻓﺈﻧّﻪ ﻳﻘﺪم اﳌﻔﻌﻮل ﺑﻪ ﻋﻠﻰ ﺣﺮﻛﺎت اﻹﻋﺮاب ،أو ﻳﻨﺘﺞ ﻣﻌﲎ ﳐﺎﻟﻔﺎ ﲤﺎﻣﺎ ﰲ ﺣﺎل
ﺴﺪ ﳏﻤ ٌﺪ وﻻاﻟﻔﺎﻋﻞ ،أي اﻟﺮﺟﻞ اﳌﻔﺴﺪ ﻓﻴﻘﻮل ﻗﺘﻞ اﳌﻔ َ ﺗﻐﲑﻫﺎ .ﻳﻘﻮل » :اﻋﻠﻢ أ ّن ﺗﻘﺪﱘ اﻟﺸﻲء ﻋﻠﻰ وﺟﻬﲔ ّ
ﺴﺪ ،ﻷﻧّﻪ ﻳﻌﻠﻢ أن اﻟﻨﺎس ﻟﻴﺴﻮا ﰲ ﻳﻘﻮل :ﻗﺘﻞ ﳏﻤ ٌﺪ اﳌﻔ َ ﻛﻞ ﺷﻲء ﺗﻘﺪﱘ ﻳﻘﺎل أﻧّﻪ ﻋﻠﻰ ﻧﻴّﺔ اﻟﺘﺄﺧﲑ وذﻟﻚ ﰲ ّ
ﺣﺎﺟﺔ ﳌﻌﺮﻓﺔ ﻣﻦ ﻫﻮ اﻟﻘﺎﺗﻞ وﻻ ﻓﺎﺋﺪة ﻣﻦ ذﻛﺮﻩ ،وإّﳕﺎ أﻗﺮرﺗﻪ ﻣﻊ اﻟﺘﻘﺪﱘ ﻋﻠﻰ ﺣﻜﻤﻪ اﻟﺬي ﻛﺎن ﻋﻠﻴﻪ وﰲ
اﻟﺬي ﻳﻌﻴﻨﻬﻢ وﻳﻬﻤﻬﻢ وﻳﻔﺮﺣﻬﻢ ،وﻛﺎﻧﻮا ﻣﺘﻄﻠّﻌﲔ إﻟﻴﻪ ﻫﻮ ﺟﻨﺴﻪ اﻟﺬي ﻛﺎن ﻓﻴﻪ ...وﺗﻘﺪﱘ ﻻ ﻋﻠﻰ ﻧﻴّﺔ اﻟﺘﺄﺧﲑ
وﻗﻮع اﻟﻘﺘﻞ ﺎﺑﳌﻔﺴﺪ ،وﻛﺬﻟﻚ اﻷﻣﺮ ﺎﺑﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﺘﻘﺪﱘ وﻟﻜﻦ ﻋﻠﻰ أن ﻧﻨﻘﻞ اﻟﺸﻲء ﻋﻦ ﺣﻜﻢ إﱃ ﺣﻜﻢ وﲡﻌﻠﻪ
اﻟﻔﺎﻋﻞ ﻋﻠﻰ اﳌﻔﻌﻮل ﺑﻪ. ﺎﺑﺎﺑ ﻏﲑ ﺎﺑﺑﻪ وإﻋﺮاﺎﺑ ﻏﲑ إﻋﺮاﺑﻪ ،وذﻟﻚ أن ﲡﻲء إﱃ
ﻛﻞ ﺷﻲء ﻗ ّﺪم ﰲ ﻣﻮﺿﻊ ﻟﺬﻟﻚ ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻳﻌﺮف ﰲ ّ ﻛﻞ واﺣﺪ ﻣﻨﻬﻤﺎ أن ﻳﻜﻮن ﻣﺒﺘﺪأ وﻳﻜﻮن اﲰﲔ ﳛﺘﻤﻞ ّ
وﻳﻔﺴﺮ ﺎﺑﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﺬﻳﻦ اﻛﺘﻔﻮا
ﻣﻦ اﻟﻜﻼم ﻣﺜﻞ ﻫﺬا اﳌﻌﲎّ ، ﺧﱪا ﻟﻪ ﻓﺘﻘﺪم ﺎﺗرة ﻫﺬا ﻋﻠﻰ ذاك وأﺧﺮى ذاك ﻋﻠﻰ
أﻫﻢ ﻣﻦ دون ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺎﺑﻟﻘﻮل إﻧّﻪ ﻗﺪم ﻟﻠﻌﻨﺎﻳﺔ ،وﻷ ّن ذﻛﺮﻩ ّ ﻫﺬا (28) «.وﻟﺘﻮﺿﻴﺢ ﻫﺬﻳﻦ اﻟﻮﺟﻬﲔ ﻧﺴﻮق اﻷﻣﺜﻠﺔ
اﻟﺴﺒﺐ ﰲ ذﻟﻚ ،ﻓﻬﻮﻧﻮا اﳋﻄﺐ ﻓﻴﻪ وأﺻﺒﺢ ﺗﺘﺒﻌﻪ واﻟﻨﻈﺮ اﻟﺘﺎﻟﻴﺔ :ﺿﺮب ﳏﻤﺪا ﻋﻠﻲ ،ﻣﻨﻄﻠﻖ زﻳﺪ ،إﻧّﻪ ﻣﻦ اﳌﻌﻠﻮم
ﻓﻴﻪ ﺿﺮﺎﺑ ﻣﻦ اﻟﺘﻜﻠﻒ ،وﻛﺬﻟﻚ ﻓﻌﻠﻮا ﰲ ﺳﺎﺋﺮ اﻷﺑﻮاب أن ﻣﻨﻄﻠﻖ وﳏﻤﺪا ﱂ ﳜﺮﺟﺎ ﺎﺑﻟﺘﻘﺪﱘ ﻋﻤﺎ ﻛﺎن ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻦ
ﻓﻠﻢ ﻳﻨﻈﺮوا ﰲ اﳊﺬف واﻟﺘﻜﺮار ،واﻹﻇﻬﺎر واﻹﺿﻤﺎر، ﺣﻜﻢ اﻹﻋﺮاب ﻣﻦ ﻛﻮن ﻣﻨﻄﻠﻖ ﺧﱪ ﻟﻠﻤﺒﺘﺪأ زﻳﺪ ﻣﺮﻓﻮﻋﺎ
واﻟﻔﺼﻞ واﻟﻮﺻﻞ ،وﻻ ﰲ ﻧﻮع ﻣﻦ أﻧﻮاع اﻟﻔﺮوق ﺑﺬﻟﻚ ،وﻛﺬا ﺎﺑﻟﻨﺴﺒﺔ ﶈﻤﺪ ﻣﻦ ﻛﻮﻧﻪ ﻣﻔﻌﻮﻻ وﻣﻨﺼﻮﺎﺑ
واﻟﻮﺟﻮﻩ ...ﻛﻤﺎ أﻧّﻪ ﻣﻦ اﳋﻄﺄ أن ﻳﻘﺴﻢ اﻷﻣﺮ ﰲ ﺗﻘﺪﱘ ﻫﺬا ﻋﻦ اﻟﻮﺟﻪ اﻷول ﻣﻦ اﻟﺘﻘﺪﱘ ،أﻣﺎ ﻋﻦ اﻟﻮﺟﻪ اﻟﺜﺎﱐ
اﻟﺸﻲء وﺄﺗﺧﲑﻩ ﻗﺴﻤﲔ ﻓﻴﺠﻌﻠﻪ ﻣﻔﻴﺪا ﰲ ﺑﻌﺾ اﻟﻜﻼم ﻓﺈﻧﻨﺎ ﻧﺬّﻪﻠﻟ ﺑﻘﻮﻟﻨﺎ :ﳏﻤﺪ اﻟﻘﺎدم وﻗﻮﻟﻨﺎ :اﻟﻘﺎدم ﳏﻤﺪ،
وﻏﲑﻩ ﻣﻔﻴﺪ ﰲ ﺑﻌﺾ واﻟﺘﻌﻠﻴﻞ ﻳﻜﻮن ﺎﺑﻟﻌﻨﺎﻳﺔ ﺎﺗرة وﺄﺑﻧﻪ ﻓﻬﻨﺎ ﻗﺪﻣﻨﺎ اﻟﻘﺎدم ﻟﻨﻨﻘﻠﻪ ﻋﻦ ﻛﻮﻧﻪ ﺧﱪ إﱃ ﻛﻮﻧﻪ ﻣﺒﺘﺪأ
ﺗﻮﺳﻌﻪ ﻋﻠﻰ اﻟﺸﺎﻋﺮ أو اﻟﻜﺎﺗﺐ ﺎﺗرة أﺧﺮى ).(30 وﻛﺬﻟﻚ ﳏﻤﺪ ﱂ ﻧﺆﺧﺮﻩ ﻋﻠﻰ أن ﻳﻜﻮن ﻣﺒﺘﺪأ ﻛﻤﺎ ﻛﺎن ﺑﻞ
وﻫﻮ ﻳﺘﺤ ّﺪث ﰲ ﻫﺬا اﳌﻮﺿﻊ أﻳﻀﺎ ﻋﻦ ﺗﻘﺪﱘ اﳌﺴﻨﺪ ﻋﻠﻰ أن ﳔﺮﺟﻪ ﻋﻦ ﻛﻮﻧﻪ ﻣﺒﺘﺪأ إﱃ ﻛﻮﻧﻪ ﺧﱪا ،وﻣﺜﻠﻪ
إﻟﻴﻪ ﻣﻊ اﻻﺳﺘﻔﻬﺎم اﻟﺘﻘﺮﻳﺮي واﻹﻧﻜﺎري ،وﻳﺆﻛﺪ ﻋﻠﻰ أﻳﻀﺎ ﻗﻮﻟﻨﺎ ﻛﺎﻓﺄت اﺠﻤﻟﺘﻬﺪ واﺠﻤﻟﺘﻬﺪ ﻛﺎﻓﺄﺗﻪ .وﻟﻜﻦ ﻣﺎ ﻋﻠﺔ
ﺿﺮورة أﻧﻪ ﻻ ﺗﻜﻮن اﻟﺒﺪاﻳﺔ ﺎﺑﻟﻔﻌﻞ ﻛﺎﻟﺒﺪاﻳﺔ ﺎﺑﻻﺳﻢ ،ﻓﻠﻮ ﻫﺬا اﻟﺘﻘﺪﱘ واﻟﺘﺄﺧﲑ؟
ﻗﻠﻨﺎ :أﻗﻠﺖ ﺷﻌﺮا ﻗﻂ؟ أرأﻳﺖ اﻟﻴﻮم إﻧﺴﺎ�؟ ﻳﻜﻮن اﻟﻜﻼم ﻳﺬﻫﺐ اﳉﺮﺟﺎﱐ إﱃ أ ّن ﺳﺒﺐ اﻟﺘﻘﺪﱘ واﻟﺘﺄﺧﲑ ﻳﺮﺟﻊ
ﻂ؟ أأﻧﺖ رأﻳﺖ ﻣﺴﺘﻘﻴﻤﺎ ،أﻣﺎ ﻟﻮ ﻗﻠﻨﺎ :أأﻧﺖ ﻗﻠﺖ ﺷﻌﺮا ﻗ ّ إﱃ اﻟﻌﻨﺎﻳﺔ واﻻﻫﺘﻤﺎم ،ﻓﻤﺜﻼ ﰲ اﻟﻔﺎﻋﻞ واﳌﻔﻌﻮل ﺑﻪ ،ﻣﱴ
اﻟﻴﻮم إﻧﺴﺎ� ،ﻓﺎﻟﻜﻼم ﻳﻜﻮن ﺧﺎﻃﺌﺎ ،ﻷﻧّﻪ ﻻ ﻣﻌﲎ ﻧﻘﺪم أﺣﺪﳘﺎ ﻋﻦ اﻵﺧﺮ أو ﻧﺆﺧﺮﻩ؟
ﻟﻠﺴﺆال ﻋﻦ اﻟﻔﺎﻋﻞ ﻣﻦ ﻫﻮ ﰲ ﻣﺜﻞ ﻫﺬا ،ﻷ ّن ذﻟﻚ إّﳕﺎ
16
وﻗﻮة ﻗﻠﺒﻪ ،وإﻧّﻪ ﻻ ﻳﺮوﻋﻪ ﺷﻲء ﲝﻴﺚ ﻻ ﻳﺘﻤﻴّﺰ ﻋﻦ اﻷﺳﺪ
ّ ﻳﺘﺼﻮر إذا ﻛﺎﻧﺖ اﻹﺷﺎرة إﱃ ﻓﻌﻞ ﳐﺼﻮص ﻣﺜﻞ أن ّ
وﻻ ﻳﻘﺼﺮ ﻋﻨﻪ ﺣﱴ ﻳﻔﻬﻢ أﻧّﻪ أﺳﺪ ﰲ ﺻﻮرة إﻧﺴﺎن. ﻧﻘﻮل ﻣﻦ ﻗﺎل ﻫﺬا اﻟﺸﻌﺮ؟ ﻣﻦ ﺑﲎ ﻫﺬﻩ اﻟﺪار؟ ﻣﻦ أﺎﺗك
-7ﺿﺮوب اﳋﺒ ــﺮ ووﻇﺎﺋﻔﻪ :اﳋﱪ ﻫﻮ ﻧﻘﻞ ﻓﺎﺋﺪة ﻳﻨﺺ ﻋﻠﻰ ﻣﻌﲎ .و ّأﻣﺎ إذا ﻗﻴﻞ ﺷﻌﺮ
اﻟﻴﻮم؟ ﻓﺎﻟﺴﺆال ﻫﻨﺎ ّ
أﻫﻢ ﻣﻌﺎﱐ اﻟﻜﻼم .ﳝﻴّﺰ ﺟﺪﻳﺪة إﱃ اﻟﺴﺎﻣﻊ ،وﻫﻮ ﻣﻦ ّ ﻋﻠﻰ اﳉﻤﻠﺔ ورؤﻳﺔ إﻧﺴﺎن ﻋﻠﻰ اﻹﻃﻼق ﻓﺬﻟﻚ ﳏﺎل ﻓﻴﻪ،
اﳉﺮﺟﺎﱐ ﺑﲔ ﻧﻮﻋﲔ ﻣﻦ اﳋﱪّ ،أوﳍﻤﺎ :ﺧﱪ ﻫﻮ ﺟﺰء ﻣﻦ ﳜﺘﺺ ﻬﺑﺬا دون ذاك ﺣﱴ ﻳﺴﺄل ﻋﻦ ﻋﲔ ﻷﻧّﻪ ﻟﻴﺲ ﳑّﺎ ّ
اﳉﻤﻠﺔ أو رﻛﻦ ﻓﻴﻬﺎ ﻻ ﺗﺘﺤﻘﻖ اﻟﻔﺎﺋﺪة دوﻧﻪ .ﻓﻌﻨﺪﻣﺎ ﻓﺎﻋﻠﻪ ،وﻟﻮ ﻛﺎن ﺗﻘﺪﱘ اﻻﺳﻢ ﻻ ﻳﻮﺟﺐ اﻟﺴﺆال ﻋﻦ
ﻧﻘﻮل :ﳏﻤﺪ ﻣﺴﺎﻓﺮ .ﻓﻤﺴﺎﻓﺮ ﻫﻮ ﺧﱪ اﳌﺒﺘﺪأ ﳏﻤﺪ اﻟﺸﻚ ﰲ اﻟﻔﻌﻞ واﻟﻐﺮض ﻫﻮاﻟﻔﺎﻋﻞ ﻣﻦ ﻫﻮ .وإّﳕﺎ ﻛﺎن ّ
)(31
وﻛﺬﻟﻚ ﰲ ﻗﻮﻟﻨﺎ :ﺧﺮج ﳏﻤﺪ ،ﻓﺎﻟﻔﻌﻞ ﻫﻨﺎ ﳜﱪ ﻛﺬﻟﻚ ﻣﻌﺮﻓﺔ وﺟﻮدﻩ أو ﻋﺪﻣﻪ ﻓﺈ ّن اﻟﻜﻼم ﻳﻜﻮن ﺻﺤﻴﺤﺎ
ﻋﻦ ﻫﻴﺌﺔ ﳏﻤﺪ .ﻓﻜﻞ ﻣﻦ ﻣﺴﺎﻓﺮ و"ﺧﺮج" ﻫﻮ ﺟﺰء ﻣﻦ ﻟﺬﻟﻚ ﻓﻘﻮﻟﻨﺎ أأﻧﺖ ﻓﻌﻠﺖ ﻫﺬا ،اﻟﻐﺮض ﻫﻮ اﻟﺘﻘﺮﻳﺮ ﺄﺑﻧّﻪ
اﳉﻤﻠﺔ وﻫﻮ اﻷﺻﻞ ﰲ اﻟﻔﺎﺋﺪة .وﺎﺛﻧﻴﻬﻤﺎ :ﻫﻮ ﺧﱪ ﻟﻴﺲ اﻟﻔﺎﻋﻞ ،وﰲ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﱃ ﴿أأﻧﺖ ﻓﻌﻠﺖ ﻫﺬا ﺂﺑﳍﺘﻨﺎ �
ﲜﺰء ﻣﻦ اﳉﻤﻠﺔ وﻟﻜﻨّﻪ ز�دة ﰲ ﺧﱪ آﺧﺮ ﺳﺎﺑﻖ ﻟﻪ ﻛﻤﺎ ﻳﻘﺮ ﳍﻢ ﺄﺑﻧﻪ اﻟﻔﺎﻋﻞ.
ﻻﺷﻚ ﰲ أ�ﻢ ﻳﺮﻳﺪون أن ّ
ّ إﺑﺮاﻫﻴﻢ﴾
ﰲ اﳊﺎل ﰲ ﻗﻮﻟﻨﺎ ﻣﺜﻼ :ﺟﺎء ﳏﻤﺪ ﻣﺴﺮﻋﺎ ،ﻓﺎﳊﺎل وﻟﻜﻦ ﳝﻜﻦ أن ﻧﻘﻮل ﻫﻨﺎ :أو ﻟﻴﺲ إذا ﻗﺎل :أﻓﻌﻞ؟ ﻓﻬﻮ
"ﻣﺴﺮﻋﺎ" ﻫﻮ ﺧﱪ ﰲ اﳊﻘﻴﻘﺔ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ أﻧﻪ ﻳﺜﺒﺖ اﳌﻌﲎ ﻳﻘﺮ أن اﻟﻔﻌﻞ ﻛﺎن ﻣﻨﻪ؟ ﻓﺄي ﻓﺮق ﺑﲔ ﻳﺮﻳﺪ أﻳﻀﺎ أن ّ
ﻟﺬي اﳊﺎل ﻛﻤﺎ ﻳﺜﺒﺘﻪ ﲞﱪ اﳌﺒﺘﺪأ ﻟﻠﻤﺒﺘﺪأ وﺎﺑﻟﻔﻌﻞ اﳊﺎﻟﺘﲔ؟
ﻟﻠﻔﺎﻋﻞ ،ﻓﻔﻲ ﻫﺬا اﳌﺜﺎل ﻓﺈﻧّﻨﺎ أﺛﺒﺘﻨﺎ اﻹﺳﺮاع ﶈﻤﺪ ،إﻻ ﻳﺒﲔ اﳉﺮﺟﺎﱐ ذﻟﻚ ﺄﺑﻧّﻪ إذا ﻗﺎل :أﻓﻌﻠﺖ؟ ﻓﻬﻮ ﻳﻘﺮرﻩ ّ
أﻧّﻪ ﻫﻨﺎك ﻓﺮق وﻫﻮ أﻧّﻨﺎ ﺟﺌﻨﺎ ﺑﻪ ﻟﻨﺰﻳﺪ ﻣﻌﲎ ﰲ إﺧﺒﺎر� ﺎﺑﻟﻔﻌﻞ ﻣﻦ ﻏﲑ أن ﻳﺮددﻩ ﺑﻴﻨﻪ وﺑﲔ ﻏﲑﻩ ،وﻛﺎن ﻛﻼﻣﻪ
ﻋﻨﻪ ﺎﺑﺠﻤﻟﻲء وﻫﻮ أن ﳒﻌﻠﻪ ﻬﺑﺬﻩ اﳍﻴﺌﺔ ﰲ اﺠﻤﻟﻲء ،وﱂ ﳒﺮد ﻛﻼم ﻣﻦ ﻳﻮﻫﻢ أﻧّﻪ ﻻ ﻳﺪري أن ذﻟﻚ اﻟﻔﻌﻞ ﻛﺎن ﻋﻠﻰ
إﺛﺒﺎﺗﻨﺎ ﻟﻺﺳﺮاع وﱂ ﻧﺒﺎﺷﺮﻩ ﺑﻪ ﺑﻞ اﺑﺘﺪأ� ﻓﺄﺛﺒﺘﻨﺎ اﺠﻤﻟﻲء ،ﰒّ اﳊﻘﻴﻘﺔ .أﻣﺎ إذا ﻗﺎل :أأﻧﺖ ﻓﻌﻠﺖ؟ ﻛﺎن ﻗﺪ ردد اﻟﻔﻌﻞ
وﺻﻠﻨﺎ ﺑﻪ اﻹﺳﺮاع ﻓﺎﻟﺘﺒﺲ ﺑﻪ اﻹﺛﺒﺎت ﻋﻠﻰ ﺳﺒﻴﻞ اﻟﺘﺒﻊ ﺗﺮدد وﱂ
ﺑﻴﻨﻪ وﺑﲔ ﻏﲑﻩ ،وﱂ ﻳﻜﻦ ﻣﻨﻪ ﰲ ﻧﻔﺲ اﻟﻔﻌﻞ ّ
اﻷول
ﻟﻠﻤﺠﻲء)ﺑﺸﺮط أن ﻳﻜﻮن ﰲ ﺣﻴﻨﻪ( ّأﻣﺎ ﰲ اﳋﱪ ّ ﻳﻜﻦ ﻛﻼﻣﻪ ﻛﻼم ﻣﻦ ﻳﻮﻫﻢ أﻧﻪ ﻻ ﻳﺪري أﻛﺎن اﻟﻔﻌﻞ أم
ﳎﺮدا ﻟﻪ
ﰲ ﻗﻮﻟﻨﺎ :ﳏﻤﺪ ﻣﺴﺎﻓﺮ ،ﻓﺈﻧّﻨﺎ ﻣﺜﺒﺘﲔ ﻟﻠﻤﻌﲎ إﺛﺒﺎﺎﺗ ّ ﱂ ﻳﻜﻦ ،ﺑﺪﻻﻟﺔ أﻧّﻪ ﻳﻘﻮل ذﻟﻚ واﻟﻔﻌﻞ ﻇﺎﻫﺮ ﻣﻮﺟﻮد
وﺟﻌﻠﻨﺎﻩ ﻳﺒﺎﺷﺮﻩ ﻣﻦ ﻏﲑ واﺳﻄﺔ ).(33 ﳜﺺ
ّ ﻣﺸﺎر إﻟﻴﻪ ﻛﻤﺎ ﰲ اﻵﻳﺔ ) .(32واﻷﻣﺮ ﻫﻨﺎ
وﻷ ّن اﻟﺮﺟﻞ ﺗﻌﻤﻖ ﺑﺬﻫﻨﻪ اﻟﻨﺎﻓﺬ ﰲ ﻣﻌﺮﻓﺔ أﺳﺮار اﻻﺳﺘﻔﻬﺎم اﻟﺘﻘﺮﻳﺮي.
اﻟﻠّﻐﺔ ،ﻓﺈﻧّﻪ ﻗﺪ ﻣﻴّﺰ ﺑﲔ اﻹﺧﺒﺎر ﺎﺑﻟﻔﻌﻞ واﻹﺧﺒﺎر ﺎﺑﻻﺳﻢ، وﻫﻜﺬا اﺳﺘﻨﺒﻂ اﳉﺮﺟﺎﱐ ﲨﻴﻊ اﻟﱰاﻛﻴﺐ اﻟﱵ ﻳﻼﻣﺴﻬﺎ
ﻓﺎﻹﺧﺒﺎر ﺎﺑﻟﻔﻌﻞ ﻳﻔﻴﺪ ﲡ ّﺪد اﳌﻌﲎ اﳌﺜﺒﺖ ﺑﻪ ﺷﻴﺌﺎ ﻓﺸﻴﺌﺎ. اﻟﺘﻘﺪﱘ واﻟﺘﺄﺧﲑ ،وأ ّﻛﺪ ﻋﻠﻰ ﺿﺮورة اﻟﱰﺗﻴﺐ ﰲ اﳌﻌﲎ
ّأﻣﺎ اﻹﺧﺒﺎر ﺎﺑﻻﺳﻢ ﻓﺈﻧّﻪ ﻻ ﻳﻔﻴﺪ إﺛﺒﺎت اﳌﻌﲎ دون ﲝﻴﺚ ﻻ ﻳﻜﻮن ﻹﺣﺪى اﻟﻌﺒﺎرﺗﲔ ﻣﺰﻳّﺔ ﻋﻠﻰ اﻷﺧﺮى ،ﻣﺎ
ﲡ ّﺪدﻩ .ﻳﻘﻮل »اﻟﻔﻌﻞ ﻳﻘﺘﻀﻲ ﻣﺰاوﻟﺔ وﲡﺪد اﻟﺼﻔﺔ ﰲ ﱂ ﻳﻜﻦ ﳍﺎ ﺄﺗﺛﲑ ﻟﺼﺎﺣﺒﺘﻬﺎ ﻣﻘﺎر� ﺑﲔ )زﻳﺪ ﻛﺎﻷﺳﺪ وﻛﺄن
اﻟﻮﻗﺖ ،وﻳﻘﺘﻀﻲ اﻻﺳﻢ ﺛﺒﻮت اﻟﺼﻔﺔ وﺣﺼﻮﳍﺎ ﻣﻦ ﻏﲑ زﻳﺪ اﻷﺳﺪ( ﻓﻨﺮى أ ّن اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﺗﺰﻳﺪ ﰲ اﳌﻌﲎ ﺗﺸﺒﻴﻬﻪ ﺑﻪ
أن ﻳﻜﻮن ﻫﻨﺎك ﻣﺰاوﻟﺔ وﺗﺰﺟﻴﺔ ﻓﻌﻞ وﻣﻌﲎ ﳛﺪث ﺷﻴﺌﺎ اﻷول وﻫﻲ أن ﲡﻌﻠﻪ ﻣﻦ ﻓﺮط ﺷﺠﺎﻋﺘﻪ ز�دة ﱂ ﺗﻜﻦ ﰲ ّ
)(34
ﻓﺸﻴﺌﺎ«.
17
اﻟﻮﺟﻮب ﺈﺑدﺧﺎل ﺿﻤﲑ ﻓﻴﺼﺒﺢ اﳋﱪ :زﻳﺪ ﻫﻮ اﳌﻨﻄﻠﻖ وﻫﻮ ﻳﺒﲔ اﻟﻔﺮق ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ وﻳﺆّﻛﺪ ﻋﻠﻰ أﻧّﻪ ﻻ ﻳﺼﻠﺢ أن
).(35 ﻳﻮﺿﻊ أﺣﺪﳘﺎ ﰲ ﻣﻮﺿﻊ اﻵﺧﺮ .ﻳﻘﻮل ﷲ ﺗﻌﺎﱃ
ﻛﻞ ﻫﺬا إﱃ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻫﺎﻣﺔ وﻫﻲ أ ّن اﳌﺒﺘﺪأوﻳﺼﻞ ﻣﻦ ّ ﻳﺸﻚ
﴿وﻛﻠﺒﻬﻢ ﺎﺑﺳﻂ ذراﻋﻴﻪ ﺎﺑﻟﻮﺻﻴﺪ﴾ ﻓﻬﻨﺎ ﻻ أﺣﺪ ّ
ﻳﺴﻢ
ﱂ ﻳﻄﻠﻖ ﻋﻠﻴﻪ ﻫﺬا اﻻﺳﻢ ﻟﻜﻮﻧﻪ اﳌﻨﻄﻮق ﺑﻪ أوﻻ ،وﱂ ّ ﰲ اﻣﺘﻨﺎع اﻟﻔﻌﻞ ،وإ ّن ﻗﻮﻟﻨﺎ :ﻛﻠﺒﻬﻢ ﻳﺒﺴﻂ ذراﻋﻴﻪ ،ﻻ
اﻷول ﻫﻮ اﳌﺴﻨﺪ اﳋﱪ ﺧﱪا ﻷﻧّﻪ ﻧﻄﻖ ﺑﻪ ﺎﺛﻧﻴﺎ ،ﺑﻞ ﻷ ّن ّ ﻳﺆدي اﻟﻐﺮض ،ﻷﻧّﻪ ﰲ اﻹﺧﺒﺎر ﺎﺑﻻﺳﻢ ﻓﺈﻧّﻨﺎ ﻻ ﻧﺜﺒﺖ ّ
اﻷول ﰲ اﻟﺬﻫﻦ أو ﻫﻮ ﻣﺎ ﻛﺎن إﻟﻴﻪ وﻣﺜﺒﺖ ﻟﻪ ﻓﻬﻮ ّ ﻣﺰاوﻟﺔ وﻻ ﳒﻌﻞ اﻟﻜﻠﺐ ﻳﻔﻌﻞ ﺷﻴﺌﺎ ﺑﻞ ﻧﺜﺒﺘﻪ ﺑﺼﻔﺔ ﻫﻮ
ﻣﻌﺮوﻓﺎ وﻷ ّن اﻟﺜﺎﱐ ﻫﻮ اﳌﺜﺒﺖ ﺑﻪ اﳌﻌﲎ. ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻓﺎﻟﻐﺮض إذن ﺄﺗدﻳﺔ ﻫﻴﺌﺔ اﻟﻜﻠﺐ .وإن ﳓﻦ ﻧﻈﺮ�
وﻳﺒﲔ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﻣﺴﺄﻟﺔ اﻟﺘﻘﺪﱘ واﻟﺘﺄﺧﲑ ﺎﺑﻟﻨﺴﺒﺔ ّ ﰲ ﺣﺎل اﻟﺼﻔﺎت اﳌﺸﺒﻬﺔ ﻓﺈ ّن اﻟﻐﺮض ﻳﺒﺪو ﺟﻠﻴّﺎ واﺿﺤﺎ
ﻟﻠﻤﺒﺘﺪأ واﳋﱪ )ﺑﻨﻮﻋﻴﻬﻤﺎ( ﳑﺎ أﺻﻠﻪ إﱃ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻫﺎﻣﺔ وﻫﻲ ﻓﻘﻮﻟﻨﺎ ﻣﺜﻼ :ﳏﻤﺪ ﻃﻮﻳﻞ وزﻳﺪ ﻗﺼﲑ ،ﻻ ﻳﺼﻠﺢ ﻣﻜﺎﻧﻪ
أ ّن ﲨﻠﺔ اﻟﻔﻌﻞ واﻟﻔﺎﻋﻞ )اﻧﻄﻠﻖ زﻳﺪ( ﲣﺘﻠﻒ ﰲ اﳌﻌﲎ ﻗﻮﻟﻨﺎ ﳏﻤﺪ ﻳﻘﻮل زﻳﺪ ﻗﺼﲑ ،وإّﳕﺎ ﻳﺼﻠﺢ ذﻟﻚ إذا ﻛﺎن
ﻋﻦ ﲨﻠﺔ اﳌﺒﺘﺪأ واﳋﱪ )زﻳﺪ اﻧﻄﻠﻖ( وأ ّن ﺗﺴﻤﻴﺘﻪ زﻳﺪ ﰲ اﳊﺪﻳﺚ ﻋﻦ ﺷﻲء ﻳﻄﻮل وﻳﻘﺼﺮ ﻛﺎﻟﻨﺒﺎت واﻟﺸﺠﺮ.
اﳉﻤﻠﺔ اﻷوﱃ ﻓﺎﻋﻼ وﺗﺴﻤﻴﺘﻪ ﰲ اﳉﻤﻠﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻣﺒﺘﺪأ ﳍﺎ وﻣﺜﻠﻤﺎ أ ّن اﻻﺳﻢ ﻻ ﻳﻘﻊ ﺣﻴﺚ ﻻ ﻳﺼﻠﺢ اﻟﻔﻌﻞ ﻣﻜﺎﻧﻪ،
ﻳﱪرﻫﺎ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ اﳌﻌﲎ ،ﻓﺎﻷوﱃ ﲢﻤﻞ ﺧﱪا اﺑﺘﺪاﺋﻴﺎ، ﻣﺎ ّ ﻳﺆدي
ﻓﺈ ّن اﻟﻔﻌﻞ ﻳﻘﻊ ﺣﻴﺚ ﻻ ﻳﺼﻠﺢ اﻻﺳﻢ ﻣﻜﺎﻧﻪ وﻻ ّ
ﺑﻴﻨﻤﺎ ﲢﻤﻞ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﺧﱪا ﻏﲑ اﺑﺘﺪاﺋﻲ )ﻃﻠﱯ(. ﻳﺆدﻳﻪ أﻳﻀﺎ.
ﻣﺎ ﻛﺎن ّ
ﻳﺮﺑﻂ اﳉﺮﺟﺎﱐ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ أﺧﺮى ﺑﲔ ﺗﺮﺗﻴﺐ أﺟﺰاء ﻳﻔﺼﻞ اﳉﺮﺟﺎﱐ ﻓﻮق ذﻟﻚ ﻧﻮع اﳋﱪ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﺣﺎل ّ
اﻟﻜﻼم ﰲ اﻻﺳﺘﻔﻬﺎم وﺗﺮﺗﻴﺒﻬﺎ ﰲ اﳋﱪ ،ﻓﺘﻘﺪﱘ اﻟﻔﻌﻞ ﻣﻊ اﻟﺴﺎﻣﻊ ﻓﻴﻤﻴﺰ ﺑﲔ اﳋﱪ اﻻﺑﺘﺪاﺋﻲ اﻟﺬي ﻳﻨﻘﻞ إﱃ اﻟﺴﺎﻣﻊ
ﳘﺰة اﻻﺳﺘﻔﻬﺎم ﰲ ﻗﻮﻟﻨﺎ" أﻓﻌﻠﺖ ﻫﺬا؟" ﻏﺮﺿﻪ اﻻﺳﺘﻔﻬﺎم ﻷول ﻣﺮة واﳋﱪ ﻏﲑ اﻻﺑﺘﺪاﺋﻲ ،ﺣﻴﺚ ﻳﻜﻮن ﻟﻠﺴﺎﻣﻊ
ﻋﻦ وﺟﻮد اﻟﻔﻌﻞ ،واﻟﺴﺎﺋﻞ ﳛﺘﺎج إﱃ ﺧﱪ اﺑﺘﺪاﺋﻲّ ،أﻣﺎ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺎﺑﳋﱪ وﻟﻜﻨﻪ ﻣﺘﺸ ّﻜﻚ ﰲ ﻧﺴﺒﺘﻪ ،وﻣﻨﻪ اﳋﱪ
ﺗﻘﺪﱘ اﻻﺳﻢ ﻛﻘﻮﻟﻨﺎ "أأﻧﺖ ﻓﻌﻠﺖ؟" ﻓﺈ ّن وﺟﻮد اﻟﻔﻌﻞ اﻹﻧﻜﺎري ﺣﻴﺚ أ ّن اﻟﺴﺎﻣﻊ ﻳﻜﻮن ﰲ ﺣﺎﻟﺔ إﻧﻜﺎر
اﻟﺸﻚ ﻳﻘﻊ ﻋﻠﻰ اﻟﻔﺎﻋﻞ وﳛﺘﺎج اﻟﺴﺎﻣﻊ ﻫﻨﺎ إﱃ ﺎﺛﺑﺖ و ّ ﻟﻠﺨﱪ.
ﺧﱪ ﻏﲑ اﺑﺘﺪاﺋﻲ ،وﻣﺎ ﻳﻘﺎل ﰲ اﻹﺛﺒﺎت ﻳﻘﺎل ﰲ اﻟﻨﻔﻲ. ﻓﺎﳋﱪ اﻻﺑﺘﺪاﺋﻲ ﻳﻜﻮن ﻧﻜﺮة ﳓﻮ ﻗﻮﻟﻨﺎ زﻳﺪ ﻣﻨﻄﻠﻖ ،وإذا
وﻫﻜﺬا رﺑﻂ اﳉﺮﺟﺎﱐ ﺑﲔ اﻹﺛﺒﺎت واﻟﻨﻔﻲ واﻻﺳﺘﻔﻬﺎم ﻗﻠﻨﺎ زﻳﺪ اﳌﻨﻄﻠﻖ ﻓﺎﳋﱪ ﻫﻨﺎ ﻣﻌﺮﻓﺎ ﺑـ"ال" ﻓﻬﻮ ﺧﱪ ﻏﲑ
واﺳﺘﻨﺘﺞ أن ﺗﺮﺗﻴﺐ اﻟﻜﻼم ﰲ اﻻﺳﺘﻔﻬﺎم ﻣﻌﲎ ﳚﺐ أن اﺑﺘﺪاﺋﻲ)ﻃﻠﱯ( ،ﻓﺎﻟﺴﺎﻣﻊ ﻫﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﻋﻠﻢ أن ﻫﻨﺎك اﻧﻄﻼق
ﻳﻜﻮن ﻧﻔﺴﻪ ﰲ اﳋﱪ اﳌﻨﻔﻲ أو اﳌﺜﺒﺖ .إ ّن ﻣﻌﲎ اﳋﱪ ﺣﺪث وﻟﻜﻦ ﻻ ﻳﻌﻠﻢ إن ﻛﺎن ﻣﻦ زﻳﺪ أو ﻣﻦ ﻏﲑﻩ،
ﻋﻨﺪﻩ ﻳﺘﺄﺛّﺮ ﺑﻌﺎﻣﻠﲔ اﺛﻨﲔ: ﻓﻨﻌﻠﻤﻪ أﻧّﻪ ﻛﺎن ﻣﻦ زﻳﺪ دون ﻏﲑﻩ.
-1اﻟﺴﻴﺎق اﻟﻜﻼﻣﻲ اﻟﺬي ﻳﺪﺧﻞ ﻓﻴﻪ اﳋﱪ ﻓﻴﻜﻮن وﻫﻜﺬا ﻓﺈ ّن ﰲ اﳋﱪ اﻻﺑﺘﺪاﺋﻲ ﱂ ﻳﻌﻠﻢ اﻟﺴﺎﻣﻊ ﻣﻦ أﺻﻠﻪ
ﻧﻜﺮة أو ﻣﻌﺮﻓﺔ ،وأن اﳋﱪ ﻳﻜﻮن اﲰﺎ أو ﻓﻌﻼ. ﺑﻮﻗﻮع اﻟﻔﻌﻞ.
-2اﳌﻮﻗﻒ واﳊﺎل اﻟﺬي ﻳﻘﺎل ﻓﻴﻪ اﳋﱪ ﺣﺴﺒﻤﺎ ﺗﺘﻄﻠّﺒﻪ ّأﻣﺎ ﰲ اﳋﱪ اﻹﻧﻜﺎري ﻓﻨﻨﻘﻞ اﳋﱪ ﻣﻦ اﳋﱪ ﻏﲑ
وﺿﻌﻴﺔ اﻟﺴﺎﻣﻊ ﻓﻴﻜﻮن اﳋﱪ اﺑﺘﺪاﺋﻴﺎ أو ﻏﲑ اﺑﺘﺪاﺋﻲ. اﻻﺑﺘﺪاﺋﻲ اﳌﻌﻠﻮم ﻋﻠﻰ ﺟﻬﺔ اﻟﻮﺟﻮب إﱃ ﺄﺗﻛﻴﺪ ﻫﺬا
18
اﻟﻠّﻔﻈﺔ وإّﳕﺎ ﻫﻲ ﰲ اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ اﻟﻔﻜﺮﻳﺔ اﻟﱵ ﺗﺼﻨﻊ اﻟﱰﻛﻴﺐ. وﻗﺪ أورد ﻟﻠﺘﺪﻟﻴﻞ ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ ﻫﺬﻩ اﳊﺎدﺛﺔ» :روي ﻋﻦ
وﻫﻮ ﻳﺮﺟﻊ ﺳﺒﺐ ﺗﻘﺪﱘ ﻫﺆﻻء اﻟﻨﻘﺎد اﻟﻠّﻔﻆ ﻋﻠﻰ اﳌﻌﲎ اﺑﻦ اﻷﻧﺒﺎري أﻧّﻪ ﻗﺎل :رﻛﺐ اﻟﻜﻨﺪي اﳌﺘﻔﻠﺴﻒ إﱃ أﰊ
ﺗﺘﺒﲔ ﺎﺑﻷﻟﻔﺎظ .ﻳﻘﻮل» :اﻋﻠﻢ أﻧّﻪ ﳌﺎ ﻛﺎن
إﱃ أ ّن اﳌﻌﺎﱐ ّ إﱐ ﻻ أﺟﺪ ﰲ ﻛﻼم اﻟﻌﺒﺎس إﻣﺎم ﺗﻐﻠﺐ ،وﻗﺎل ﻟﻪّ :
اﻟﻐﻠﻂ اﻟﺬي دﺧﻞ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺎس ﰲ ﺣﺪﻳﺚ اﻟﻠّﻔﻆ ﻛﺎﻟﺪاء اﻟﻌﺮب ﺣﺸﻮا ،ﻓﻘﺎل ﻟﻪ أﺑﻮ اﻟﻌﺒﺎس :ﰲ أي ﻣﻮﺿﻮع
اﻟﺬي ﻳﺴﺮي ﰲ اﻟﻌﺮوق ،وﻳﻔﺴﺪ ﻣﺰاج اﻟﺒﺪن ،وﺟﺐ أن ﺣﺪث ذﻟﻚ؟ ﻓﻘﺎل :أﺟﺪ اﻟﻌﺮب ﻳﻘﻮﻟﻮن )ﻋﺒﺪ ﷲ ﻗﺎﺋﻢ(
ﺗﻌﻬﺪﻩ
ﻳﺘﻮﺧﻰ داﺋﻤﺎ ﻓﻴﻬﻢ ﻣﺎ ﻳﺘﻮﺧﺎﻩ اﻟﻄﺒﻴﺐ ﰲ اﻟﻨﺎﻗﺔ ﻣﻦ ّ
ّ و)إ ّن ﻋﺒﺪ ﷲ ﻗﺎﺋﻢ( ﰒّ ﻳﻘﻮﻟﻮن )إن ﻋﺒﺪ ﷲ ﻟﻘﺎﺋﻢ(
ﲟﺎ ﻳﺰﻳﺪ ﰲ ﻣﺘﻨﺘﻪ ،وﻳﺒﻘﻴﻪ ﻋﻠﻰ ﺻﺤﺘﻪ ،وﻳﺆﻣﻨﻪ اﻟﻨﻜﺲ ﰲ ﻓﺎﻷﻟﻔﺎظ ﻣﺘﻜﺮرة واﳌﻌﲎ واﺣﺪ ،ﻓﻘﺎل أﺑﻮ اﻟﻌﺒﺎس :ﺑﻞ
ﻋﻠّﺘﻪ ،وﻗﺪ ﻋﻠﻤﻨﺎ أ ّن أﺻﻞ اﻟﻔﺴﺎد وﺳﺒﺐ اﻵﻓﺔ ﻫﻮ اﳌﻌﺎﱐ ﳐﺘﻠﻔﺔ ﻻﺧﺘﻼف اﻷﻟﻔﺎظ ﻓﻘﻮﳍﻢ )ﻋﺒﺪ ﷲ ﻗﺎﺋﻢ(
ذﻫﺎﻬﺑﻢ إﱃ أ ّن ﻣﻦ ﺷﺄن اﳌﻌﺎﱐ أن ﲣﺘﻠﻒ ﻋﻠﻴﻬﺎ اﻟﺼﻮر، إﺧﺒﺎر ﻋﻦ ﻗﻴﺎﻣﻪ ،وﻗﻮﳍﻢ )إ ّن ﻋﺒﺪ ﷲ ﻗﺎﺋﻢ( ﺟﻮاب ﻋﻦ
وﲢﺪث ﻓﻴﻬﺎ ﺧﻮاص وﻣﺰا� ﻣﻦ ﺑﻌﺪ أن ﻻ ﺗﻜﻮن ،ﻓﺈﻧﻚ ﺳﺆال ﺳﺎﺋﻞ ،وﻗﻮﳍﻢ )إ ّن ﻋﺒﺪ ﷲ ﻟﻘﺎﺋﻢ( ﺟﻮاب ﻋﻦ
ﺗﺮى اﻟﺸﺎﻋﺮ ﻗﺪ ﻋﻤﺪ إﱃ ﻣﻌﲎ ﻣﺒﺘﺬل ﻓﺼﻨﻊ ﻓﻴﻪ ﻣﺎ ﻟﺘﻜﺮر اﳌﻌﺎﱐ«.
ﺗﻜﺮرت اﻷﻟﻔﺎظ ّإﻧﻜﺎر ﻣﻨﻜﺮ ﻗﻴﺎﻣﻪ ،ﻓﻘﺪ ّ
)(36
ﻳﺼﻨﻊ اﻟﺼﺎﻧﻊ اﳊﺎذق إذا ﻫﻮ أﻏﺮب ﰲ ﺻﻨﻌﺔ ﺧﺎﰎ... وﻳﺒﲔ رأﻳﻪ ﰲ أ ّن
ﻳﻌﻠﻖ اﳉﺮﺟﺎﱐ ﻋﻠﻰ ﻫﺬا اﻟﻘﻮل ّ
ﻓﺈ ّن ﺟﻬﻠﻬﻢ ﺑﺬﻟﻚ ﻣﻦ ﺣﺎﳍﺎ ﻫﻮ اﻟﺬي أﻏﻮاﻫﻢ )إ ّن( ﺗﺴﺘﺨﺪم ﰲ اﳉﻮاب ﻋﻦ ﺳﺆال ﺳﺎﺋﻞ إذا ﻛﺎن ﻋﻨﺪﻩ
واﺳﺘﻬﻮاﻫﻢ ...وإذا ﻛﺎن ﻷﺣﺪ اﻟﻜﻼﻣﲔ ﻓﻀﻴﻠﺔ ﻻ ﺗﻜﻮن ﺠﻤﻟﺮد
ﻇﻦ ﰲ اﳌﺴﺆول ﻋﻨﻪ ...وﻻ ﺗﻜﻮن إ ّن ﰲ اﳉﻮاب ّ ّ
ﻟﻶﺧﺮ ،ﰒّ ﻛﺎن اﻟﻐﺮض ﻣﻦ أﺣﺪﳘﺎ ﻫﻮ اﻟﻐﺮض ﻣﻦ اﻟﺴﺆال ،ﻓﻠﻮ ﺳﺄل أﺣﺪﻫﻢ )ﻛﻴﻒ ﳏﻤﺪ( ﻗﻠﻨﺎ )ﳏﻤﺪ(
ﺻﺎﺣﺒﻪ أن ﻳﻜﻮن ﻣﺮﺟﻊ ﺗﻠﻚ اﻟﻔﻀﻴﻠﺔ إﱃ اﻟﻠﻔﻆ وﻻ ﻧﻘﻮل )إﻧّﻪ ﳏﻤﺪ( .وﻳﺴﺘﺤﺴﻦ اﳉﺮﺟﺎﱐ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ أن
ﺧﺎﺻﺔ ....وأﺑﻮا أن ﻳﻨﻈﺮوا ﰲ اﻷوﺻﺎف اﻟﱵ اﺗﺒﻌﻮﻫﺎ ﺗﻜﻮن اﻟﻼم ﻣﻌﻬﺎ ﻟﻠﻤﻨﻜﺮ ﻷ ّن اﳊﺎﺟﺔ إﱃ اﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ﻫﻨﺎ
ﻧﺴﻴﺘﻬﻢ اﻟﻔﻀﻴﻠﺔ إﱃ اﻟﻠﻔﻆ ﻗﻮﳍﻢ :ﻟﻔﻆ ﻣﺘﻤﻜﻦ ﻏﲑ ﻗﻠﻖ أﺷ ّﺪ.
)(37
وﻻ �ب ﺑﻪ ﻣﻮﺿﻌﻪ«... -8ﻗﻀﺎ� اﻟﻨﻘﺪ ﰲ دﻻﺋﻞ اﻹﻋﺠﺎز:
ﻓﻬﻮ ﻳﺮى أن ﻫﺆﻻء اﻟﻨﻘﺎد ﻗﺪ ﺗﻮرﻃﻮا ﰲ ﺟﻬﻞ ﻓﺎﺣﺶ -1-8ﻣﻮﻗﻔﻪ ﻣﻦ أﻧﺼﺎر اﻟﻠّﻔﻆ :ﻟﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ ﺛﻨﺎﺋﻴﺔ
ﻳﺘﺼﻮر أن ﻳﻜﻮن ﰲ اﻷﻟﻔﺎظ ﻷن إﻋﺠﺎز اﻟﻘﺮان ﻻ ّ اﻟﻠّﻔﻆ واﳌﻌﲎ ﻣﻦ ﺑﲔ اﻟﻘﻀﺎ� اﻟﻨﻘﺪﻳﺔ اﻟﱵ ﺗﻨﺎوﳍﺎ
ﻣﻨﻔﺮدة إذ ﻫﻲ ﻣﺎدة اﻟﻠّﻐﺔ ﻋﺎﻣﺔ وﻛﺎﻧﺖ ﻣﻌﺮوﻓﺔ ﻋﻨﺪ اﳉﺮﺟﺎﱐ ،ﻓﻤﻦ اﳌﻌﻠﻮم أ ّن ﻫﻨﺎك رواﻓﺪ ﻧﻘﺪﻳﺔ ﻣﺘﻌ ّﺪدة
ﻳﺘﺼﻮر أن ﻳﻘﻊ ﺑﻴﻨﻬﺎ
اﻟﻌﺮب ،ﰒّ إ ّن اﻷﻟﻔﺎظ اﳌﻔﺮدة ﻻ ّ اﻟﺘﻘﺖ ﰲ ذﻫﻨﻪ وﺑﺪت ﻟﻪ ﻣﺘﻀﺎرﺑﺔ ﻛﻤﺎ ﻫﻮ اﻟﺸﺄن ﺣﻮل
ﺗﻔﺎﺿﻞ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﻫﻲ أﻟﻔﺎظ ﻣﻔﺮدة ،دون أن ﺗﺪﺧﻞ ﰲ ﻗﻀﻴﺔ اﻹﻋﺠﺎز ،ﻟﺬا ﻓﻘﺪ اﻧﺰﻋﺞ ﻛﺜﲑا ﻣﻦ اﻟﺬﻳﻦ ﻗ ّﺪروا
ﺗﺮاﻛﻴﺐ ،إﻻّ ﰲ ﻗﻮﳍﻢ »ﻫﺬﻩ ﻣﺄﻟﻮﻓﺔ ﻣﺴﺘﻌﻤﻠﺔ ،وﺗﻠﻚ اﻟﻠّﻔﻆ وﻗﺪﻣﻮﻩ ﻋﻠﻰ اﳌﻌﲎ وﻣﻦ ﺑﻴﻨﻬﻢ "اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻋﺒﺪ
ﻏﺮﻳﺒﺔ ﺣﻮﺷﻴﺔ وﻫﻞ ﲡﺪ أﺣﺪا ﻳﻘﻮل ،ﻫﺬﻩ اﻟﻠّﻔﻈﺔ ﻓﺼﻴﺤﺔ اﳉﺒﺎر" و"اﺑﻦ ﻗﺘﻴﺒﺔ" .وﻗﺪ رأى ّأ�ﺎ أﺻﺒﺤﺖ ﺧﻄﺮا ﻋﻠﻰ
إﻻّ وﻫﻮ ﻳﻌﺘﱪ ﻣﻜﺎ�ﺎ ﻣﻦ اﻟﻨﻈﻢ ،وﺣﺴﻦ ﻣﻼﺋﻤﺔ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻨﻘﺪ واﻟﺒﻼﻏﺔ ﻣﻌﺎ .ﻓﻌﻠﻰ اﳌﺴﺘﻮى اﻟﻨﻘﺪي ﻓﺈ ّن اﻻﳓﻴﺎز
ﳌﻌﺎﱐ ﺟﺎراﻬﺗﺎ (38) «.ﻓﻼ ﲨﺎل إذن ﰲ اﻟﻠّﻔﻆ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﻳﻈﻦ اﳉﺮﺟﺎﱐ أﻧّﻪ وراء ﻋﻤﻠﻴﺔ
إﱃ اﻟﻠّﻔﻆ ﻗﺘﻞ اﻟﻔﻜﺮ اﻟﺬي ّ
ﻫﻮ ﺻﻮت ﻣﺴﻤﻮع ،وﺣﺮوف ﺗﺘﻮاﱃ ﰲ اﻟﻨﻄﻖ، أدق ﻣﻦ اﻟﻮﻗﻮف ﻋﻨﺪ ﻣﻴﺰة ﻟﻔﻈﺔ دون أﺧﺮىّ ،أﻣﺎ ﻋﻠﻰّ
وﺎﺑﻹﺿﺎﻓﺔ إﱃ ﻫﺬا ﻓﺈ ّن دﻻﻟﺔ اﻷﻟﻔﺎظ ﻋﻠﻰ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ ﻳﺘﺼﻮر اﻟﻔﺼﺎﺣﺔ ﰲ اﳌﺴﺘﻮى اﻟﺒﻼﻏﻲ ﻓﺈﻧّﻪ ﱂ ﻳﺴﺘﻄﻊ أن ّ
19
وﻇﺎﻫﺮ اﻷﻣﺮ دون ﲤﻌﻦ ﻛﺒﲑ ﻗﺪ ﻳﻜﻮن ﰲ ﺟﺎﻧﺐ ﻣﻦ ﲢﻜﻤﻲ وﺿﻌﻲ ،ﻓﻠﻮ أ ّن واﺿﻊ اﻟﻠّﻐﺔ ﻛﺎن ﻗﺪ وﺿﻊ رﺑﺾ
ﻳﺬﻫﺐ ﻫﺬا اﳌﺬﻫﺐ ،وﻟﻜﻦ ﻋﻨﺪ اﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ اﳊﻘﺎﺋﻖ ﻳﺆدي إﱃ ﻓﺴﺎد )،(39 ﻣﻜﺎن ﺿﺮب ﳌﺎ ﻛﺎن ﰲ ذﻟﻚ ﻣﺎ ّ
اﳌﺘﻔﻬﻤﲔ ﻗﺪ ﻋﺎﺑﻮا ﻫﺬا اﳌﺬﻫﺐﳒﺪ أن ﲨﻴﻊ اﻟﺒﻼﻏﻴﲔ ّ ﻓﺎﻷﻟﻔﺎظ ﲟﻌﺰل ﻋﻦ اﳌﺰﻳّﺔ إﻻّ ﰲ ﺄﺗﻟﻴﻒ اﻟﻜﻼم ،وﺗﻨﻈﻴﻢ
ﻳﻘﻮل» :ﻻ ﻧﺮى ﻣﺘﻘﺪﻣﺎ ﰲ ﻋﻠﻢ اﻟﺒﻼﻏﺔ ،ﻣﱪزا ﰲ ﺷﺎ�ﺎ أﺟﺰاء اﻟﺼﻮر اﻷدﺑﻴﺔ وﺟﻼء اﻟﻔﻜﺮة ﺑﻮﺳﺎﺋﻞ اﻟﺼﻴﺎﻏﺔ
إﻻ وﻫﻮ ﻳﻨﻜﺮ ﻫﺬا اﻟﺮأي وﻳﻌﻴﺒﻪ وﻳﺰري ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺎﺋﻞ ﺑﻪ اﻟﻠّﻐﻮﻳﺔ .وﻫﻲ ﻣﺰا� ﺗﺮﺟﻊ إﱃ اﻟﺼﻴﺎﻏﺔ ودﻻﻟﺘﻬﺎ ﻋﻠﻰ
)(43
وﻳﻐﺾ ﻣﻨﻪ«. اﻟﺼﻮرة ،وﻫﺬا ﳝﻜﻦ ﻧﺴﺒﺘﻪ إﱃ اﻷﻟﻔﺎظ ﰲ دﻻﻟﺘﻬﺎ ﻋﻠﻰ
ﰒّ ﻳﻌﻠّﻞ ذﻟﻚ» :ﺄﺑ ّن ﺳﺒﻴﻞ اﻟﻜﻼم ﺳﺒﻴﻞ اﻟﺘﺼﻮﻳﺮ ﻓﺨﻢ اﻟﻘﺪﻣﺎء ﺷﺄن اﻟﻠّﻔﻆ وﻗﺎﻟﻮاﺻﻮرﻫﺎ .وﳍﺬﻩ اﻟﺪﻻﻟﺔ ّ
واﻟﺼﻴﺎﻏﺔ ،وأ ّن ﺳﺒﻴﻞ اﳌﻌﲎ اﻟﺬي ﻳﻌﱪ ﻋﻨﻪ ﺳﺒﻴﻞ اﻟﺸﻲء ﻣﻌﲎ ﻟﻄﻴﻒ وﻟﻔﻆ ﺷﺮﻳﻒ ،وﻗﺪ ﻋﺎب اﳉﺮﺟﺎﱐ ﻋﻠﻰ
اﻟﺬي ﻳﻘﻊ اﻟﺘﺼﻮﻳﺮ واﻟﺼﻮغ ﻓﻴﻪ ،ﻛﺎﻟﻔﻀﺔ واﻟﺬﻫﺐ ﻳﺼﺎغ ﻗﺴﻢ اﻟﺸﻌﺮ ﰲ أﻧﻮاع ﻳﺴﻤﻴﻪ -ﻷﻧّﻪ ّ
"اﺑﻦ ﻗﺘﻴﺒﺔ" -دون أن ّ
ﻣﻨﻬﺎ ﺧﺎﰎ أو ﺳﻮار ،ﻓﻜﻤﺎ أ ّن ﳏﺎﻻ إذا أﻧﺖ أردت اﻟﻨﻈﺮ ﻷ�ﻢ أﺧﺬوا أﺿﻞ ﻣﻦ ﺟﺎء ﺑﻌﺪﻩ ﺿﻼﻻ ﺑﻌﻴﺪاّ ، وﻫﻮ ﻣﺎ ّ
ﰲ ﺻﻮغ اﳋﺎﰎ ،وﰲ ﺟﻮدة اﻟﻌﻤﻞ ورداءﺗﻪ أن ﺗﻨﻈﺮ إﱃ ﻫﺬﻩ اﻟﻘﺴﻤﺔ ﻋﻠﻰ ﻇﺎﻫﺮﻫﺎ واﻋﺘﻘﺪوا ﺎﺑﺳﺘﻘﻼل اﻟﻠّﻔﻆ ﻋﻦ
اﻟﻔﻀﺔ اﳊﺎﻣﻠﺔ ﻟﺘﻠﻚ اﻟﺼﻮرة ،أو اﻟﺬﻫﺐ اﻟﺬي وﻗﻊ ﻓﻴﻪ اﳌﻌﲎ ،وﺄﺑ ّن اﳌﻌﺎﱐ ﻻ ﺗﺘﺰاﻳﺪ وإّﳕﺎ ﺗﺘﺰاﻳﺪ اﻷﻟﻔﺎظ ﻷ ّن
اﻟﻌﻤﻞ وﺗﻠﻚ اﻟﺼﻨﻌﺔ ،ﻛﺬﻟﻚ ﳏﺎل إذا أردت أن ﺗﻌﺮف ﺗﺘﺒﲔ ﺎﺑﻷﻟﻔﺎظ وﻻ ﺳﺒﻴﻞ ﳌﻦ ﻳﺮﺗّﺒﻬﺎ إﱃ أن ﻳﺪﻟّﻨﺎ
»اﳌﻌﺎﱐ ّ
ﳎﺮد ﻣﻌﻨﺎﻩ،
ﻣﻜﺎن اﻟﻔﻀﻞ واﳌﺰﻳّﺔ ﰲ اﻟﻜﻼم أن ﺗﻨﻈﺮ ﰲ ّ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺻﻨﻊ ﰲ ﺗﺮﺗﻴﺒﻬﺎ إﻻّ ﺑﱰﺗﻴﺐ اﻷﻟﻔﺎظ ،ﳍﺬا ﲡ ّﻮر
وﻛﻤﺎ ﻟﻮ أ ّ� ﻓﻀﻠﻨﺎ ﺧﺎﲤﺎ ﻋﻠﻰ ﺧﺎﰎ ﺄﺑن ﺗﻜﻮن ﻓﻀﺔ ﻫﺬا اﻟﻘﺪﻣﺎء ﻓﻜﻨّﻮا ﻋﻦ ﺗﺮﺗﻴﺐ اﳌﻌﺎﱐ ﺑﱰﺗﻴﺐ اﻷﻟﻔﺎظ ﻧﻔﺴﻬﺎ
أﺟﻮد أو ﻓﻀﺘﻪ أﻧﻔﺲ ،ﱂ ﻳﻜﻦ ذﻟﻚ ﺗﻔﻀﻴﻼ ﻟﻪ ﻣﻦ ﰒّ ﲢﺪﺛﻮا ﻋﻦ اﻷﻟﻔﺎظ ﲝﺬف اﻟﱰﺗﻴﺐ (40) «.وﻣﻦ ﺑﻴﻨﻬﻢ
ﺣﻴﺚ ﻫﻮ ﺧﺎﰎ ،ﻛﺬﻟﻚ ﻳﻨﺒﻐﻲ-إذا ﻓﻀﻠﻨﺎ ﺑﻴﺘﺎ ﻋﻠﻰ ﺑﻴﺖ "اﳉﺎﺣﻆ" اﻟﺬي أﺳﻘﻂ أﻣﺮ اﳌﻌﺎﱐ وﺟﻌﻠﻬﺎ ﻣﻄﺮوﺣﺔ ﰲ
ﻣﻦ اﺟﻞ ﻣﻌﻨﺎﻩ -أن ﻻ ﻳﻜﻮن ﺗﻔﻀﻴﻼ ﻟﻪ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﻫﻮ اﻟﻄﺮﻳﻖ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻗﻮﻟﻪ اﳌﺸﻬﻮر »واﳌﻌﺎﱐ ﻣﻄﺮوﺣﺔ ﰲ
ﺷﻌﺮ وﻛﻼم ...واﻋﻠﻢ أﻧّﻚ ﻟﺴﺖ ﺗﻨﻈﺮ ﰲ ﻛﺘﺎب ﺻﻨﻒ اﻟﻄﺮﻳﻖ "...وﻗﻮﻟﻪ" :ﺄﺑن ﻓﻀﻞ اﻟﺸﻌﺮ ﺑﻠﻔﻈﻪ ﻻ ﲟﻌﻨﺎﻩ
ﰲ ﺷﺄن اﻟﺒﻼﻏﺔ ،وﻛﻼم ﺟﺎء ﻋﻦ اﻟﻘﺪﻣﺎء ،إﻻّ وﺟﺪﺗﻪ وأﻧﻪ إذا ﻋﺪم اﳊﺴﻦ ﰲ ﻟﻔﻈﻪ وﻧﻈﻤﻪ ﱂ ﻳﺴﺘﺤﻖ ﻫﺬا
)(41
ﻳﺪل ﻋﻠﻰ ﻓﺴﺎد ﻫﺬا اﳌﺬﻫﺐ ،وراﻳﺘﻬﻢ ﻳﺘﺸﺪدون ﰲ ّ اﻻﺳﻢ ﺎﺑﳊﻘﻴﻘﺔ«.
إﻧﻜﺎرﻩ وﻋﻴﺒﻪ واﻟﻌﻴﺐ ﺑﻪ ،وإذا ﻧﻈﺮت ﰲ ﻛﺘﺐ اﳉﺎﺣﻆ -2-8ﻣﻮﻗﻔﻪ ﻣﻦ أﻧﺼﺎر اﳌﻌﲎ :ﱂ ﻳﺮض اﳉﺮﺟﺎﱐ ﻋﻦ
وﺟﺪﺗﻪ ﻳﺒﻠﻎ ﰲ ذﻟﻚ ﻣﺒﻠﻎ وﻳﺸ ّﺪد ﻏﺎﻳﺔ اﻟﺘﺸ ّﺪد ،وﻗﺪ رأي ﻣﻦ وﻗﻔﻮا ﻋﻨﺪ ﺣﺪود اﳌﻌﲎ ﰲ ﻋﻤﻮﻣﻪ ﻟﻴﺤﻜﻤﻮا ﺑﻪ
اﻧﺘﻬﻰ ﰲ ذﻟﻚ إﱃ أن ﺟﻌﻞ اﻟﻌﻠﻢ ﺎﺑﳌﻌﺎﱐ ﻣﺸﱰﻛﺎ وﺳﻮى ﻋﻠﻰ ﲨﺎل اﳌﻮﺿﻮع أو ﻗﺒﺤﻪ ،ﻓﻘﺪ ﻗﺎل» :واﻋﻠﻢ أن اﻟﺪاء
)(44
ﻓﻴﻪ ﺑﲔ اﳋﺎﺻﺔ واﻟﻌﺎﻣﺔ«... اﻟﺪوى واﻟﺬي أﻋﲕ أﻣﺮﻩ ﰲ ﻫﺬا اﻟﺒﺎب ﻏﻠﻂ ﻣﻦ ﻗﺪم
ﻳﺪل ﻋﻠﻰ
وﻫﻨﺎ ﻳﺴﺘﺸﻬﺪ ﺑﺮأي اﳉﺎﺣﻆ ،وﻳﻌ ّﻘﺐ ﻋﻠﻴﻪ ﲟﺎ ّ أﻗﻞ اﻻﺣﺘﻔﺎل ﺎﺑﻟﻠّﻔﻆ وﺟﻌﻞ ﻻ ﻳﻌﻄﻴﻪ ﻣﻦاﻟﺸﻌﺮ ﲟﻌﻨﺎﻩ و ّ
اﻟﺒﺎﻋﺚ اﻟﺪﻳﲏ اﻟﺬي ﻳﺪﻓﻊ ﺑﻪ أﻻّ ﻳﻐﻔﻞ ﺷﺄن اﻟﻠّﻔﻆ اﳌﺰﻳّﺔ إن ﻫﻮ أﻋﻄﻰ إﻻّ ﻣﺎ ﻓﻀﻞ ﻋﻦ اﳌﻌﲎ .ﻳﻘﻮل ﻣﺎ ﰲ
وﻣﺰﻳﺘﻪ ﻓﻴﻘﻮل» :واﻋﻠﻢ ّأ�ﻢ ﱂ ﻳﺒﻠﻐﻮا ﰲ إﻧﻜﺎر ﻫﺬا اﻟﻠّﻔﻆ ﻟﻮﻻ اﳌﻌﲎ وﻫﻞ اﻟﻜﻼم إﻻّ ﲟﻌﻨﺎﻩ ،ﻓﺄﻧﺖ ﺗﺮاﻩ ﻻ
اﳌﺬﻫﺐ ﻣﺎ ﺑﻠﻐﻮﻩ إﻻّ ﻷ ّن اﳋﻄﺄ ﻓﻴﻪ ﻋﻈﻴﻢ وأﻧّﻪ ﻳﻘﻀﻰ ﻳﻘﺪم ﺷﻌﺮا ﺣﱴ ﻳﻜﻮن ﻗﺪ أودع ﺣﻜﻤﺔ وأدﺎﺑ واﺷﺘﻤﻞ
ﻟﺼﺎﺣﺒﻪ إﱃ أن ﻳﻨﻜﺮ اﻹﻋﺠﺎز وﻳﺒﻄﻞ اﻟﺘﺤ ّﺪي ﻣﻦ )(42
ﻋﻠﻰ ﺗﺸﺒﻴﻪ ﻏﺮﻳﺐ وﻣﻌﲎ �در«.
20
اﻷﻟﻔﺎظ اﻟﺪاﻟﺔ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﰲ اﻟﻨﻄﻖ (47) «.ﻓﻼ ﻳﻌﻘﻞ إذن أن ﺣﻴﺚ ﻻ ﻳﺸﻌﺮ ،وذﻟﻚ أﻧّﻪ إذا ﻛﺎن اﻟﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ
ﻳﻘﺼﺪ اﳌﺮء ّأوﻻ ﰲ ﺗﺮﺗﻴﺐ اﳌﻌﺎﱐ ﰲ اﺳﺘﻘﻼل ﻋﻦ اﻟﻠّﻔﻆ ﻳﺬﻫﺒﻮن إﻟﻴﻪ ﻣﻦ أن ﻻ ﳚﺐ ﻓﻀﻞ وﻣﺰﻳّﺔ ،إﻻّ ﻣﻦ ﺟﺎﻧﺐ
ﰒّ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﻳﻨﻈﺮ ﰲ اﻷﻟﻔﺎظ اﻟﺪاﻟﺔ ﻋﻠﻴﻬﺎ وﻻ ﳝﻜﻦ اﳌﻌﲎ وﺣﱴ ﻳﻜﻮن ﻗﺪ ﻗﺎل ﺣﻜﻤﺔ أو أدب واﺳﺘﺨﺮج
ﻌﲔ ﰲﻛﺬﻟﻚ أن ﻳﻘﺼﺪ إﱃ ﺗﺮﺗﻴﺐ اﻷﻟﻔﺎظ ﻋﻠﻰ ﻧﻈﺎم ﻣ ّ ﻣﻌﲎ ﻏﺮﻳﺐ أو ﺷﺒﻴﻬﺎ �درا ﻓﻘﺪ وﺟﺐ ﻃﺮح ﲨﻴﻊ ﻣﺎ ﻗﺎﻟﻪ
اﺳﺘﻘﻼل ﻋﻦ اﻟﻔﻜﺮ ،وﻟﻜﻦ ﻫﺬا اﻟﱰﺗﻴﺐ ﻟﻸﻟﻔﺎظ ﻳﻘﻊ اﻟﻨﺎس ﰲ اﻟﻔﺼﺎﺣﺔ واﻟﺒﻼﻏﺔ وﰲ ﺷﺄن اﻟﻨﻈﻢ واﻟﺘﺄﻟﻴﻒ
اﻷول وﻫﻮ اﳌﻌﲎ اﳌﺪﻟﻮل ﻋﻠﻴﻪ ﺿﺮورة ﻣﻼزﻣﺎ ﻟﻠﻤﻄﻠﻮب ّ وﺑﻄﻞ أن ﳚﺐ ﺎﺑﻟﻨﻈﻢ ﻓﻀﻞ وأن ﺗﺪﺧﻠﻪ اﳌﺰﻳّﺔ وإن
ﻳﺘﻮﺟﻪ داﺋﻤﺎ إﱃ اﳌﻌﲎ
ﰲ اﻟﺼﻮرة .ﻷ ّن ﻃﻠﺐ اﳌﺘﻜﻠّﻢ ّ ﺗﺘﻔﺎوت ﻓﻴﻪ اﳌﻨﺎزل ،وإذا ﺑﻄﻞ ﻓﻘﺪ ﺑﻄﻞ أن ﻳﻜﻮن ﰲ
ﻳﺘﻌﺮض
ﻳﺪل ﻋﻠﻴﻪ ،وﻗﺪ ّاﻟﺬي ﻳﺮﻳﺪ أن ﻳﺼﻮﻏﻪ ﰲ ﺗﺮﻛﻴﺐ ّ اﻟﻜﻼم إﻋﺠﺎز وﺻﺎر اﻷﻣﺮ إﱃ ﻣﺎ ﻳﻘﻮﻟﻪ اﻟﻴﻬﻮد وﻣﻦ ﻗﺎل
ﻟﻠﺼﻌﻮﺑﺔ ﺑﺴﺒﺐ اﻟﻠّﻔﻆ ﻓﺎﻟﻌﻤﻠﻴﺔ اﻟﺬﻫﻨﻴﺔ ﻳﺘﻼزم ﻓﻴﻬﺎ اﳌﻌﲎ ﲟﺜﻞ ﻣﻘﺎﳍﻢ ﰲ ﻫﺬا اﻟﺒﺎب ودﺧﻞ ﰲ ﻣﺜﻞ ﺗﻠﻚ اﳉﻬﺎﻻت
واﻷﻟﻔﺎظ اﻟﺪاﻟﺔ ﻋﻠﻴﻪ ،وﺑﺪﻳﻬﻲ أ ّن اﳌﻄﻠﻮب اﳌﻌﲎ إذ وﻧﻌﻮذ ﺎﺑﻪﻠﻟ اﻟﻌﻤﻰ ﺑﻌﺪ اﻹﺑﺼﺎر (45) «.أي أﺻﺒﺢ
اﻷﻟﻔﺎظ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﻫﻲ أﺻﻮات ﻻ ﺗﻄﻠﺐ أﺑﺪا وﻟﻜﻦ اﻹﻋﺠﺎز أن ﳛﺘﻮي اﻟﻜﻼم ﻋﻠﻰ ﺣﻜﻤﺔ وأدب واﺳﺘﺨﺮاج
اﳌﻌﺎﱐ إّﳕﺎ »ﺗﻄﻠﺐ ﺎﺑﻷﻟﻔﺎظ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ دﻻﻟﺘﻬﺎ ﰲ ﻣﻌﲎ ﻏﺮﻳﺐ أو ﺗﺸﺒﻴﻪ �در ،وﰲ ﻫﺬا ﺗﺴﻮﻳﺔ ﺑﲔ اﻟﻘﺮان
اﻟﺼﻴﺎﻏﺔ ،ﻓﺄﻧﺖ إﳕﺎ ﺗﻄﻠﺐ اﳌﻌﲎ ،وإذ ﻇﻔﺮت ﺎﺑﳌﻌﲎ وأﻳﺔ ﻣﻬﺎرة ذﻫﻨﻴﺔ إﻧﺴﺎﻧﻴﺔ.
ﻓﺎﻟﻠﻔﻆ ﻣﻌﻚ ،وإزاء �ﻇﺮك ،وإﳕﺎ ﻛﺎن ﻳﺘﺼﻮر أن ﻳﺼﻌﺐ -3-8ﻣﻮﻗﻔﻪ ﻣﻦ ﻗﻀﻴﺔ اﻟﻠّﻔﻆ واﳌﻌﲎ :ﻳﺘﻀﺢ ﳑﺎ
ﻣﺮام اﻟﻠﻔﻆ ﻣﻦ أﺟﻞ اﳌﻌﲎ أن ﻟﻮ ﻛﻨﺖ ﻃﻠﺒﺖ اﳌﻌﲎ، ﺳﺒﻖ ذﻛﺮﻩ أن ﻋﺒﺪ اﻟﻘﺎﻫﺮ اﳉﺮﺟﺎﱐ ﱂ ﻳﺮض ﺎﺑﻟﺮﺟﻮع إﱃ
اﺣﺘﺠﺖ إﱃ أن ﺗﻄﻠﺐ اﻟﻠّﻔﻆ ﻋﻠﻰ ﺣﺪة ،وذﻟﻚ ﳏﺎل«. ﳎﺮد اﳌﻌﲎ ﰲ ﺗﻘﻮﱘ اﻷدب ،وﱂ ﻳﻘﻨﻊ ﻛﺬﻟﻚ ﺎﺑﻟﻮﻗﻮف ّ
)(48
ﻋﻨﺪ ﺣﺪود اﻷﻟﻔﺎظ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﻫﻲ أﻟﻔﺎظ .ﻓﻤﺎ ﻫﻲ
وﻫﺬا ﻟﻴﺲ ﻣﻌﻨﺎﻩ إﳘﺎل اﻷﻟﻔﺎظ ﰲ ﻣﻮاﻗﻌﻬﺎ ﻣﻦ اﳉﻤﻞ وﺟﻬﺘﻪ؟ ﻟﻘﺪ رﻣﻰ اﳉﺮﺟﺎﱐ إﱃ رﺑﻂ اﻷﻟﻔﺎظ ﺑﺪﻻﻻﻬﺗﺎ ﰲ
وإّﳕﺎ ﺣﺴﻦ اﻟﺪﻻﻟﺔ وﲤﺎﻣﻬﺎ ،وﺟﻼؤﻫﺎ ووﺿﻮﺣﻬﺎ ﰲ اﻟﺴﻴﺎق ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﺗﻜﻮﻳﻦ اﻟﺼﻮرة اﻷدﺑﻴﺔ ﻓﺎﻟﻠّﻔﻆ واﳌﻌﲎ
ﺻﻮرة أﻬﺑﻰ وأﻛﺜﺮ أﺛﺮا ﰲ اﻟﻨﻔﺲ ﻟﻴﺴﺖ ﺳﻮى ﺧﺼﺎﺋﺺ ﻋﻨﺪﻩ ﻣﺜﻼ زﻣﺎن وﳘﺎ وﺟﻬﺎن ﻟﺼﻔﺤﺔ واﺣﺪة ﻓﺎﻟﻠّﻔﻆ
ﻻ ﺗﺘﺤ ّﻘﻖ إﻻّ ﺄﺑن ﳚﻲء »اﳌﻌﲎ ﻣﻦ ﺟﻬﺘﻪ وﳜﺘﺎر ﻟﻪ ﺎﺗﺑﻊ ﻟﻠﻤﻌﲎ ﺿﺮورة ،إذ اﻷﻟﻔﺎظ أوﻋﻴﺔ ﻟﻠﻤﻌﺎﱐ وﻫﻲ
ﺧﺺ ﺑﻪ واﻛﺘﺸﻒ ﻋﻨﻪ ،وأﰎّ ﻟﻪ، اﻟﻠّﻔﻆ اﻟﺬي ﻫﻮ أ ّ أدواﺗﻨﺎ ﻟﻔﻬﻢ ﻫﺬﻩ اﳌﻌﺎﱐ »ﻓﺈذا وﺟﺐ ﳌﻌﲎ أن ﻳﻜﻮن ّأوﻻ
)(49
وأﺣﺮى ﺄﺑن ﻳﻜﺴﺒﻪ ﻧﺒﻼ وﻳﻈﻬﺮ ﻓﻴﻪ ﻣﺰﻳّﺔ«. ﰲ اﻟﻨﻔﺲ ،وﺟﺐ ﻟﻠّﻔﻆ اﻟ ّﺪال ﻋﻠﻴﻪ أن ﻳﻜﻮن ﻣﺜﻠﻪ ّأوﻻ
ﺗﻈﻬﺮ أﳘﻴّﺔ اﻷﻟﻔﺎظ إذن ﰲ أداء اﳌﻌﺎﱐ ،وﻳﺘّﻀﺢ )(46
ﰲ اﻟﻨﻄﻖ «.ﻓﻼ ّ
ﻳﺘﺼﻮر أن ﻳﻌﺮف اﳌﺮء ﻟﻠﻔﻆ ﻣﻮﺿﻌﺎ
ذﻟﻚ ﰲ ﺄﺗﻟﻴﻒ اﻟﻜﻼم وﻫﻨﺎ ﺗﻈﻬﺮ ﻣﺰﻳّﺔ اﻟﺼﻴﺎﻏﺔ وﻣﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﻳﺘﻮﺧﻰ ﰲ اﻷﻟﻔﺎظ ﺗﺮﺗﻴﺒﺎ
ﻣﻦ ﻏﲑ أن ﻳﻌﺮف ﻣﻌﻨﺎﻩ وﻻ ّ
ﻣﻦ اﻷﻟﻔﺎظ ﰲ ﺟﻼﺋﻬﺎ ﻟﻠﺼﻮرة ،ﻓﺎﻟﺒﻼﻏﺔ واﻟﻔﺼﺎﺣﺔ ﻳﺘﻮﺧﻰ اﻟﱰﺗﻴﺐ ﰲ اﳌﻌﺎﱐ ،ﻓﺈذا ﰎّ ذﻟﻚ وﻧﻈﻤﺎ ،وإّﳕﺎ ّ
وﺳﺎﺋﺮ ﻣﺎ ﳚﺮي ﰲ ﻃﺮﻳﻘﻬﻤﺎ أوﺻﺎف راﺟﻌﺔ إﱃ اﳌﻌﺎﱐ ﺗﺒﻌﺘﻬﺎ اﻷﻟﻔﺎظ وﻗﻔﺖ آﺎﺛرﻫﺎ »إﻧّﻚ إذا ﻓﺮﻏﺖ ﻣﻦ ﺗﺮﺗﻴﺐ
)(50
ﻳﺪل ﻋﻠﻴﻪ ﺎﺑﻷﻟﻔﺎظ .إ ّن اﻟﻨﻈﻢ ﺑﻌﺪ ّ
ﻛﻞ ﻫﺬا وإﱃ ﻣﺎ ّ اﳌﻌﺎﱐ ﰲ ﻧﻔﺴﻚ ﱂ ﲢﺘﺞ إﱃ أن ﺗﺴﺘﺄﻧﻒ ﻓﻜﺮا ﰲ ﺗﺮﺗﻴﺐ
ﻳﻌﱪ ﻋﻨﻪ اﶈﺪﺛﻮن ﺎﺑﻟﻘﻮل إﻧّﻪ» :ﻣﻌﺎﱐ اﻟﻨﺤﻮ ﻟﻴﺲ إﻻّ ﻣﺎ ّ اﻷﻟﻔﺎظ ﺑﻞ ﲡﺪﻫﺎ ﺗﱰﺗﺐ ﻟﻚ ﲝﻜﻢ أ�ﺎ ﺧﺪم ،وﺎﺗﺑﻌﺔ ﳍﺎ
)(51
اﻟﱵ ﻳﺪور ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺗﻌﻠّﻖ اﻟﻜﻼم ﺑﻌﻀﻪ ﺑﺒﻌﺾ«. وﻻﺣﻘﺔ ﻬﺑﺎ وان اﻟﻌﻠﻢ ﲟﻮاﻗﻊ اﳌﻌﺎﱐ ﰲ اﻟﻨﻔﺲ ،ﻋﻠﻢ ﲟﻮاﻗﻊ
21
ﲟﻌﻨﺎﻩ اﻟﻌﺎم أي ﲟﻌﲎ اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﻘﺎﺋﻤﺔ ﺑﲔ اﳌﻌﺎﱐ ،وﻫﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أﺻﺎﻟﺔ ﻋﺒﺪ اﻟﻘﺎﻫﺮ اﳉﺮﺟﺎﱐ ﻓﻴﻤﺎ
ﻋﻼﻗﺎت ﺗﺮﺗﻴﺐ ﰲ اﻟﻨﻔﺲ ﻗﺒﻞ أن ﺗﻨﺘﻘﻞ إﱃ اﻟﻠﻔﻆ ذاﺗﻪ ﺳﻘﻨﺎﻩ ﻣﻦ آراﺋﻪ ﰲ اﻟﻨﻈﻢ ،ﻓﻘﺪ ﺄﺗﺛﺮ ﺂﺑراء ﻣﻦ ﺳﺒﻘﻮﻩ
ﰲ ﺣﲔ ﺗﻨﻈﺮ اﻷﺳﻠﻮﺑﻴﺔ إﱃ اﻟﻨﺤﻮ ﲟﻌﻨﺎﻩ اﳋﺎص أي وإ�ﺎ ﻧﻈﲑ اﻟﺘﺼﻮﻳﺮوﺣﺬا ﺣﺬوﻫﻢ ﰲ اﻻﻋﺘﺪاد ﺎﺑﻟﺼﻴﺎﻏﺔّ ،
ﲟﻌﲎ ﻫﺬﻩ اﻟﻘﻮاﻋﺪ اﻟﺼﺎرﻣﺔ اﻟﱵ ﺗﻨﻈﻢ اﻟﻠﻐﺔ ،وﲡﻌﻞ ﳍﺎ ﺟﻞ أﻓﻜﺎرﻩ ﺗﺪور ﺣﻮل ﻫﺬﻩ اﻟﺼﻴﺎﻏﺔ. واﻟﻨﻘﺶ وﻛﺎﻧﺖ ّ
ﻛﻴﺎ� ﻣﺘﻤﻴﺰا ﺑﺼﻔﺎﺗﻪ وﺧﺼﺎﺋﺼﻪ. وﻗﺪ أﻓﺎد ﺑﺸﻜﻞ ﻛﺒﲑ ﻣﻦ أﻧﺼﺎر أﺻﺤﺎب اﻟﻠّﻔﻆ
ﻷ�ﺎ ﺗﺮﺑﻂ
-ﻳﻄﻐﻰ ﻋﻠﻰ ﻧﻈﺮﻳﺔ اﻟﻨﻈﻢ اﳉﺎﻧﺐ اﻟﻠّﺴﺎﱐ ّ وﺗﺮﺟﻴﺤﻪ ﻋﻠﻰ اﳌﻌﲎ ،وﲞﺎﺻﺔ اﳉﺎﺣﻆ ،ﻓﻔﻲ ﻛﺘﺐ
ﺟﺎﻧﺐ اﻟﻨﺤﻮ ﺎﺑﻟﺒﻼﻏﺔ ،وﻧﻈﺮا ﳊﺼﺎﻓﺔ ﺻﺎﺣﺒﻬﺎ ﰲ ﺣﻜﻢ اﳉﺎﺣﻆ ،ﺑﺬور ﻷﻓﻜﺎر ﻋﺒﺪ اﻟﻘﺎﻫﺮ ﲨﻴﻌﻬﺎ ،وﻟﻜﻦ ﲡﻠّﺖ
اﻟﺘﺄﻟﻴﻒ ،ﻓﺈﻧﻪ ﲨﻊ اﻟﻜﻼم وﺗﺮاﻛﻴﺐ وأﺳﺎﻟﻴﺐ اﻟﺒﻼﻏﺔ أﺻﺎﻟﺘﻪ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﰲ ﺛﻮرﺗﻪ ﻋﻠﻰ ﻣﻌﺎﺻﺮﻳﻪ ﳑﻦ اﺷﺘﻄّﻮا ﰲ
واﻹﻋﺠﺎز ﻣﻌﺎ ورﺻﺪ ﻟﻨﺎ ﺛﻼث ﻣﺴﺘﻮ�ت :أوﳍﺎ ﻣﺴﺘﻮى ﻣ ّﺪ ﻧﺼﺮة اﻟﻠّﻔﻆ ﺣﱴ ﻏﻔﻠﻮا ﺑﻪ ﻋﻦ اﻟﻐﺎﻳﺔ ،وﳑﻦ اﻋﺘ ّﺪوا ﲟﺎ
اﻟﺴﻼﻣﺔ ﰲ اﻟﻜﻼم اﻟﻌﺎدي ﰒ اﳌﺴﺘﻮ�ت اﻷرﻗﻰ درﺟﺔ ﻳﺮوﻗﻬﻢ ﻣﻦ ﻣﻌﲎ أو ﻣﻦ ﺣﺴﻦ ﳎﺎزي ﰲ اﻷﻟﻔﺎظ،
ﻣﻨﻪ ﻛﺎﻷدب واﻟﺸﻌﺮ واﻟﻨﺜﺮ وﺻﻮﻻ إﱃ أﻋﻠﻰ وأرﻗﻰ ﻣﻐﻔﻠﲔ أﻣﺮ اﻟﺼﻮرة اﻷدﺑﻴﺔ .وﻛﺎن ﻟﻌﺒﺪ اﻟﻘﺎﻫﺮ ﻓﻀﻞ ﻻ
اﳌﺴﺘﻮ�ت وﻫﻲ اﻟﻨﻈﻢ اﳌﺜﺒﺖ ﺎﺑﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﱘ. ﻳﺪاﻧﻴﻪ ﻓﻴﻪ �ﻗﺪ ﻋﺮﰊ ﰲ ﺗﻮﺛﻴﻖ اﻟﺼﻠﺔ ﺑﲔ اﻟﺼﻴﺎﻏﺔ
-إ ّن اﳌﺴﺘﺤﺪث ﻫﺬﻩ اﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ﻳﻜﻤﻦ ﰲ اﻻﻧﺘﻘﺎل ﻣﻦ واﳌﻌﲎ ،وﰲ اﻻﻋﺘﺪاد ﰲ ذﻟﻚ ﺎﺑﻷﻟﻔﺎظ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ
اﻻﻫﺘﻤﺎم ﺎﺑﻷﻟﻔﺎظ وﻫﻲ ﻣﻨﻔﺮدة ،وﻣﻌﺰوﻟﺔ إﱃ اﻻﻫﺘﻤﺎم ﻬﺑﺎ دﻻﻟﺘﻬﺎ وﻣﻮﻗﻌﻬﺎ ،ﳎﺎزﻳﺔ ﻛﺎﻧﺖ أم ﺣﻘﻴﻘﺔ ،وﺑﻴﺎن ﺄﺗﺛﲑﻫﺎ
وﻫﻲ داﺧﻞ ﻧﺴﻘﻬﺎ اﻟﻜﻼﻣﻲ ،أي داﺧﻞ اﳉﻤﻠﺔ أو ﰲ ﺄﺗﻟﻴﻒ اﻟﺼﻮرة اﻷدﺑﻴﺔ .وﺎﺑﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أﻧّﻪ ﻗﺪ ﺄﺗﺛﺮ ﰲ
اﻟﱰﻛﻴﺐ ،وﻋﺪم اﻟﻔﺼﻞ ﺑﲔ اﻟﻠﻔﻆ واﳌﻌﲎ ﺑﻮﺻﻔﻬﻤﺎ اﻋﺘﺒﺎر اﻷﻟﻔﺎظ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﻫﻲ أﻟﻔﺎظ ﱂ ﻳﺪاﻧﻪ �ﻗﺪ ﰲ
وﺣﺪة ﻣﺘﻜﺎﻣﻠﺔ. ﺑﻴﺎن ﻗﻴﻤﺔ أﻟﻔﺎظ وﺻﻠﺘﻬﺎ ﺑﻌﻤﻠﻴﺔ اﻟﻔﻜﺮ اﻟﻠّﻐﻮﻳﺔ ،وﺄﺗﺛﲑﻫﺎ
-ﱂ ﻳﺘﻤﻴّﺰ ﻋﺒﺪ اﻟﻘﺎﻫﺮ اﳉﺮﺟﺎﱐ ﺎﺑﻟﻨﻈﺮة اﻟﺸﺎﻣﻠﺔ ﰲ اﻟﺼﻮرة اﻷدﺑﻴﺔ ،ﻓﺈ ّن ﻟﻪ ﰲ ﻫﺬا اﺠﻤﻟﺎل ،وﰲ اﻟﻨﻘﺪ
ﻟﻌﻠﻤﻲ اﻟﺒﻴﺎن واﳌﻌﺎﱐ ،وﺎﺑﻟﻨﻈﺮﻳﺔ اﻟﱵ أﺳﺲ ﳍﺎ ﺎﺑﻟﻨﻈﻢ ﻋﺎﻣﺔ ،أﺻﺎﻟﺔ ﺟﺪﻳﺮة ﺎﺑﻟﺘﻨﻮﻳﻪ ﻬﺑﺎ.
وﺟﻌﻠﻬﺎ ﻗﺎﻋﺪة ﻟﻌﻠﻢ اﳌﻌﺎﱐ ﻓﻘﻂ ،وإّﳕﺎ ﲤﻴﺰ ﻛﺬﻟﻚ ﲟﻨﻬﺞ ﺧﺎﲤ ـ ـ ـ ـ ــﺔ وﻧﺘﺎﺋﺞ:
ﺧﺎص ﰲ ﲢﻠﻴﻞ اﻟﻨﺼﻮص اﻟﱵ ﺗﻨﺎوﳍﺎ وﲰّﺎﻫﺎ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﳎﺮد
-ﱂ ﺗﻌﺪ ﻗﻮاﻋﺪ اﻟﻨﺤﻮ ﻣﻊ ﻋﺒﺪ اﻟﻘﺎﻫﺮ اﳉﺮﺟﺎﱐ ّ
"ﻓﻘﻪ اﻟﻨﺼﻮص" ﻟﻜﻨﻪ ﻛﺎن ﻳﺮى اﻟﻨﺺ ﻫﺪﻓﺎ ﰲ ذاﺗﻪ ﺣﺎﻓﺔ ﻣﻘﺼﻮرة ﻋﻠﻰ اﻹﻋﺮاب ﻛﻌﻬﺪ� ﻬﺑﺎ ،وإﳕﺎ أﺿﺤﺖ
ﻓﻴﺄﻣﻞ ﻛﺜﲑا ﰲ أﺳﺮار ﺑﻨﺎﺋﻪ وﻳﻘﻒ ﻋﻠﻰ اﻟﻜﺜﲑ ﻣﻦ ﻣﻦ وﺳﺎﺋﻞ اﻟﺘﺼﻮﻳﺮ واﻟﺼﻴﺎﻏﺔ ،وﻫﻨﺎ ﺗﻈﻬﺮ ﻟﻨﺎ ﻣﻔﺎرﻗﺔ
ﺧﺼﺎﺋﺺ ﺗﺮاﻛﻴﺒﻪ ،وﻗﺪ ﻓﻌﻞ ذﻟﻚ ﺑﺬوق �ﻗﺪ وﺣﺴﻦ وﻣﻮاﻓﻘﺔ ﺑﻴﻨﻪ وﺑﲔ اﻷﺳﻠﻮﺑﲔ اﶈﺪﺛﲔ ذﻟﻚ أن ﻛﻼ ﻣﻨﻬﻤﺎ
أدﻳﺐ. ﻧﻈﺮ إﱃ اﻟﻨﺤﻮ ﺎﺑﻋﺘﺒﺎرﻩ ﻋﻤﻠﻴﺔ أﺳﺎﺳﻴﺔ ﰲ اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ
-ﻟﻘﺪ اﺳﺘﻄﺎع اﳉﺮﺟﺎﱐ ﻣﻦ ﺧﻼل "دﻻﺋﻞ اﻹﻋﺠﺎز" اﻹﺑﺪاﻋﻴﺔ أو اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ اﻹﺧﺒﺎرﻳﺔ ،ﻟﻜﻦ اﻷﺳﻠﻮﺑﻴﺔ ﻧﻈﺮت
أن ﻳﻀﻊ ﻧﻈﺮﻳﺔ ﰲ ﺗﻔﺴﲑ اﻹﻋﺠﺎز اﻟﻘﺮآﱐ ﺣﺎول ﻛﺜﲑ إﻟﻴﻪ ﺎﺑﻋﺘﺒﺎرﻩ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺳﺎﺑﻘﺔ وان ﻛﺎﻧﺖ ﺿﺮورﻳﺔ ﰲ ﺗﺮﻛﻴﺐ
ﻣﻦ اﳌﻔﺴﺮﻳﻦ ﺗﻄﺒﻴﻖ ﺗﻔﺼﻴﻼﻬﺗﺎ ﻋﻠﻰ آ�ت اﻟﻘﺮآن ،وأن اﻷﺳﻠﻮب ،ﰲ ﺣﲔ ﻳﻨﻈﺮ إﻟﻴﻪ ﻋﺒﺪ اﻟﻘﺎﻫﺮ ﺎﺑﻋﺘﺒﺎرﻩ داﺧﻼ
ﻳﻀﻊ إﻃﺎرا ﻋﺎﻣﺎ ﻟﻌﻠﻢ اﳌﻌﺎﱐ ،ﻓﺎﺳﺘﺤﻖ ﺑﺬﻟﻚ أن ﻳﻜﻮن ﰲ ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻟﺼﻴﺎﻏﺔ ذاﻬﺗﺎ وﺎﺑﻋﺘﺒﺎرﻩ ﻣﻈﻬﺮ ﻓﻨﻴﺔ اﳌﺒﺪع
ﻣﻦ أﳌﻊ اﻷﲰﺎء اﳌﺘﺄﻟﻘﺔ ﰲ ﺎﺗرﻳﺦ اﻟﺒﻼﻏﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ. وﻣﻘﺪرﺗﻪ ﻋﻠﻰ اﻹﻧﺸﺎء ،وﻋﺒﺪ اﻟﻘﺎﻫﺮ ﻳﻨﻈﺮ إﱃ اﻟﻨﺤﻮ
22
– 30ﻳﻨﻈﺮ اﳌﺼﺪر ﻧﻔﺴﻪ ،ص .88- 87 اﳍﻮاﻣﺶ:
-31ﻳﻨﻈﺮ اﳌﺼﺪر ﻧﻔﺴﻪ ،ص.89 -1ﳏﻤﺪ رﺷﻴﺪ رﺿﺎ ﰲ :ﻋﺒﺪ اﻟﻘﺎﻫﺮ اﳉﺮﺟﺎﱐ ،دﻻﺋﻞ اﻹﻋﺠﺎز
-32ﻳﻨﻈﺮ اﳌﺼﺪر ﻧﻔﺴﻪ ،اﻟﺼﻔﺤﺔ ﻧﻔﺴﻬﺎ. ﰲ ﻋﻠﻢ اﳌﻌﺎﱐ ،ط ،1دار اﳌﻌﺮﻓﺔ ،ﺑﲑوت /ﻟﺒﻨﺎن ،ص.7
-33ﻳﻨﻈﺮ اﳌﺼﺪر ﻧﻔﺴﻪ ،ص .123 -2ﻋﺒﺪ اﻟﻘﺎﻫﺮ اﳉﺮﺟﺎﱐ ،دﻻﺋﻞ اﻹﻋﺠﺎز ﰲ ﻋﻠﻢ اﳌﻌﺎﱐ ،دار
34ﻳﻨﻈﺮ اﳌﺼﺪر ﻧﻔﺴﻪ ،ص .124 اﳌﻌﺮﻓﺔ ،ﺑﲑوت /ﻟﺒﻨﺎن ،ص.15
-35ﻳﻨﻈﺮ اﳌﺼﺪر ﻧﻔﺴﻪ ،ص .126 -3اﳌﺼﺪر ﻧﻔﺴﻪ ،ص.22-21
-36اﳌﺼﺪر ﻧﻔﺴﻪ ،ص .209 -4اﳌﺼﺪر ﻧﻔﺴﻪ ،ص.60
-37اﳌﺼﺪر ﻧﻔﺴﻪ.305-304 ، -5اﳌﺼﺪر ﻧﻔﺴﻪ ،ص.69
-38اﳌﺼﺪر ﻧﻔﺴﻪ ،ص.47 -6اﳌﺼﺪر ﻧﻔﺴﻪ ،ص.80
-39ﻳﻨﻈﺮ اﳌﺼﺪر ﻧﻔﺴﻪ ،ص.51 -7اﳌﺼﺪر ﻧﻔﺴﻪ ،ص.275
-40اﳌﺼﺪر ﻧﻔﺴﻪ ،ص.52-51 -8اﳌﺼﺪر ﻧﻔﺴﻪ ،ص.288
-41ﻳﻨﻈﺮ اﳌﺼﺪر ﻧﻔﺴﻪ ،ص.173 -9اﳌﺼﺪر ﻧﻔﺴﻪ ،ص.82-81
-42اﳌﺼﺪر ﻧﻔﺴﻪ ،ص.170 -10اﳌﺼﺪر ﻧﻔﺴﻪ ،ص.15
-43اﳌﺼﺪر ﻧﻔﺴﻪ ،ص.171 -11اﳌﺼﺪر ﻧﻔﺴﻪ ،ص .70
-44اﳌﺼﺪر ﻧﻔﺴﻪ ،ص.173 - 12اﳌﺼﺪر ﻧﻔﺴﻪ ،اﻟﺼﻔﺤﺔ ﻧﻔﺴﻬﺎ.
-45اﳌﺼﺪر ﻧﻔﺴﻪ ،ص.174 - 13ﻳﻨﻈﺮ :اﳌﺼﺪر ﻧﻔﺴﻪ ،ص .268
-46اﳌﺼﺪر ﻧﻔﺴﻪ ،ص.43 - 14اﳌﺼﺪر ﻧﻔﺴﻪ ،ص .266
-47اﳌﺼﺪر ﻧﻔﺴﻪ ،ص.44 - 15اﳌﺼﺪر ﻧﻔﺴﻪ ،ص .267
-48اﳌﺼﺪر ﻧﻔﺴﻪ ،ص.49 - 16اﳌﺼﺪر ﻧﻔﺴﻪ ،اﻟﺼﻔﺤﺔ ﻧﻔﺴﻬﺎ.
-49اﳌﺼﺪر ﻧﻔﺴﻪ ،ص.35 - 17ﻳﻨﻈﺮ اﳌﺼﺪر ﻧﻔﺴﻪ ،ص .260
-50ﻳﻨﻈﺮ اﳌﺼﺪر ﻧﻔﺴﻪ ،ص.200 - 18ﻳﻨﻈﺮ اﳌﺼﺪر ﻧﻔﺴﻪ ،ص .264- 263
ﺗﻄﻮر وﺎﺗرﻳﺦ ،ط ،9دار اﳌﻌﺎرف،
-51ﺷﻮﻗﻲ ﺿﻴﻒ ،اﻟﺒﻼﻏﺔ ّ – 19ﻓﺆاد ﻋﻠﻲ ﳐﻴﻤﺮ ،ﻓﻠﺴﻔﺔ ﻋﺒﺪ اﻟﻘﺎﻫﺮ اﳉﺮﺟﺎﱐ اﻟﻨﺤﻮﻳﺔ ﰲ
اﻟﻘﺎﻫﺮة .د .ت .ص.168 دﻻﺋﻞ اﻹﻋﺠﺎز ،د .ط .دار اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﻟﻠﻨﺸﺮ واﻟﺘﻮزﻳﻊ ،د .م.
اﳌﺼﺎدر واﳌﺮاﺟﻊ: ،1983ص.6
-1اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﱘ ﺑﺮواﻳﺔ ﺣﻔﺺ ﻋﻦ اﻹﻣﺎم �ﻓﻊ. - 20ﺳﻮرة اﻟﻘﺼﺺ ،اﻵﻳﺔ .34
-2ﳏﻤﺪ رﺷﻴﺪ رﺿﺎ ﰲ :ﻋﺒﺪ اﻟﻘﺎﻫﺮ اﳉﺮﺟﺎﱐ ،دﻻﺋﻞ اﻹﻋﺠﺎز - 21ﻋﺒﺪ اﻟﻘﺎﻫﺮ اﳉﺮﺟﺎﱐ ،اﳌﺼﺪر اﻟﺴﺎﺑﻖ ،ص .49 -48
ﰲ ﻋﻠﻢ اﳌﻌﺎﱐ ،ط ،1دار اﳌﻌﺮﻓﺔ ،ﺑﲑوت /ﻟﺒﻨﺎن ،د .ت. - 22اﳌﺼﺪر ﻧﻔﺴﻪ ،ص .50 – 49
-3ﻋﺒﺪ اﻟﻘﺎﻫﺮ اﳉﺮﺟﺎﱐ ،دﻻﺋﻞ اﻹﻋﺠﺎز ﰲ ﻋﻠﻢ اﳌﻌﺎﱐ ،ط،1 - 23ﻳﻨﻈﺮ :اﳌﺼﺪر ﻧﻔﺴﻪ ،ص .47
دار اﳌﻌﺮﻓﺔ ،ﺑﲑوت /ﻟﺒﻨﺎن.د.ت. - 24اﳌﺼﺪر ﻧﻔﺴﻪ ،ص .272
-4ﻓﺆاد ﻋﻠﻲ ﳐﻴﻤﺮ ،ﻓﻠﺴﻔﺔ ﻋﺒﺪ اﻟﻘﺎﻫﺮ اﳉﺮﺟﺎﱐ اﻟﻨﺤﻮﻳﺔ ﰲ - 25اﳌﺼﺪر ﻧﻔﺴﻪ ،ص .152
دﻻﺋﻞ اﻹﻋﺠﺎز ،د .ط .دار اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﻟﻠﻨﺸﺮ واﻟﺘﻮزﻳﻊ ،د .م. - 26اﳌﺼﺪر ﻧﻔﺴﻪ ،ص .250 – 249
.1983 - 27اﳌﺼﺪر ﻧﻔﺴﻪ ،ص .262
ﺗﻄﻮر وﺎﺗرﻳﺦ ،ط ،9دار اﳌﻌﺎرف، -5ﺷﻮﻗﻲ ﺿﻴﻒ ،اﻟﺒﻼﻏﺔ ّ - 28اﳌﺼﺪر ﻧﻔﺴﻪ ،ص .86
اﻟﻘﺎﻫﺮة .د .ت. - 29اﳌﺼﺪر ﻧﻔﺴﻪ ،اﻟﺼﻔﺤﺔ ﻧﻔﺴﻬﺎ.
23
موقف احلركة االستشراقية من اتريخ النحو العريب ونقدها
25
concept arabe a été et étudié et expliqué vue terminologique. J’ai constaté qu’en
facilement grâceà son développent dépit des divergences définitionnelles de
sémantique au sein de la culture ce concept chez les penseurs européens
islamique, et à la présence des termes et arabes, tous convergent vers une
étrangère dans la philosophie, conception commune : les études
lamédecine, et d’autre sciences arabes, occidentales sur le moyen islamique.
ce que nous ne rencontrons pas dans la Mon étude s’accentue sur les
grammaire et l’éloquence. En plus de orientalistes de la langue arabe en
cela, les références ne mentionnent général et la grammaire en particulier à
aucune influence étrangère de la partir du 16 e siècleoù des ouvrages ont
grammaire arabe. C’est ce que nous été rédigés sur ce sujet.
avons constaté, par exemple, dans le Dans cette approche, j’ai pu montrer
livre d’Ibn Al –Nadim (Elfihrist). qu’il y a une multiplicité d’opinions sur
Nous pouvons conclure en nous l’authenticité de la grammaire arabe.
demandons si le fondement de toute Toutefois, j’ai exposé l’hypothèse des
analyse linguistique est la philosophie et orientalistes qui estiment que cette
la logique. L‘hypothèse de l’influence grammaire a été influencée par la
grecque manque de preuve et de logique grecque sous prétexte qu’il
précision surtout quand on savait que les existe une relation entre les termes
linguistesarabes ont étudié la science de arabes et la pensée, la diffusion de la
la langue arabe au début à la lumière du culture de l’école hellénistique, et la
saint coran, ce livre miraculeux. traduction des livres grecques en arabe,
etc. Je suis arrivé après l’étude, l’analyse
ال ريب أن لظاهرة االستشراق أثرا عظيما يف et l’examen à réfuter cette hypothèse en
me basant sur des preuves présentées par
ونستطيع،العامل اإلسالمي والعامل الغريب على السواء
des penseurs arabes et des orientalistes
إن االستشراق يف واقع أمره كان وال يزال جزءا ال:القول
eux –mêmes. A titre d’exemple, notre
يتجزأ من قضية الصراع احلضاري بني العامل اإلسالمي grammaire arabe est fondée sur la
بل ذهب أحد الباحثني إىل جعله أبعد،والعامل الغريب théorie du facteur qui n’existe pas dans
" ونقول إن االستشراق ميثل:من ذلك فذكر قائال une grammaire étrangère, sur la liaison
ولذا فال جيوز التقليل من،اخللفية الفكرية هلذا الصراع de cette science a hadith et la
شأنه ابلنظر إليه على أنه قضية منفصلة عن ابقي دوائر jurisprudence. Le coran et le hadith ont
été, à cet égard, les sources de la
فقد كان االستشراق من غري.هذا الصراع احلضاري
grammaire arabe et du lexique. Le
التصورات األوروبية عن
ّ شك أكرب األثر يف صياغة
26
املضمار يرى أن الدراسة تركزت على الشرق األوسط اإلسالم ،ويف تشكيل مواقف الغرب إزاء اإلسالم على
أي على العرب واملسلمني أماسا. مدى قرون عديدة"(.)1
وإذا كان هناك متايز يف التعريف االصطالحي مفهوم االستشراق واختالف التعاريف حوله:
لالستشراق ،فهذا آيل ال حمالة إىل تباين املشارب لقد تباينت الرؤى يف حد هذا املصطلح،
والرؤى ،وكذا اخللفيات الفكرية اليت ينطلق منها كل فألفينا تعريف العرب خيالف تعريف الغربيني له ،فمنهم
ابحث ،وهو ما نلمسه من هذا القبيل يف قول أحد من يرى أنه طلب علوم الشرق ولغاته ،مولده عصرية
املهتمني ابلظاهرة االستشرافية حيث يقول" :على رغم تقال ملن يعين بذلك من علماء الفرجنة ،ويتبدى هذا
القواسم املشرتكة بني خمتلف اخلطاابت االستشراقية ،إال التعريف ملن يهتم ابجلانب العلمي يف هذه املسألة ،غري
أنه ال ميكننا أن هنمل الفروقات املتدرجة الكائنة بينها، أننا جند يف تعاريف أخرى ما ميت بقرىب إىل السياسة
وهي فروقات مهمة أحياان .صحيح أهنا تدافع مجيعها والسيطرة .فهذا الكاتب الشهري إدوارد سعيد يورد عن
عن املنهجية الغربية ،أو املنهجية العلمية التارخيية [يف هذا املفهوم فيقول ":االستشراق هو املؤسسة املشرتكة
زعمهم] ،وتدعو إىل تطبيقها على الرتاث اإلسالمي ،إال للتعامل مع الشرق إبصدار تقريرات حوله ،وبوصفه
أهنا ختتلف فيما عدا ذلك ،فمنهجية رودنسون ذات وتدريسه ،واالستقرار فيه وحكمه ،وهو إبجياز أسلوب
تلوين اجتماعي -ماركسي -أكثر من منهجية برانرد غريب للسيطرة على الشرق واستبنائه ،وامتالك السيادية
لويس اليت يبدو أهنا تنتمي إىل منهجية اتريخ األفكار عليه"( .)2وقد نقصد ابلشرق معناه الواسع ليشمل
التقليدي كما هو سائد يف الغرب منذ القرن التاسع شعوب اهلند وفارس ،والصني والياابن ،وهو ما نفقهه
عشر .منهجية فيلولوجية -اترخيية كالسيكية ال تعىن من أحد كبار الباحثني املستعربني اإليطاليني يف هذا
كثريا ابملشروطية االجتماعية -االقتصادية للموضوع القرن وهو فرانسيسكو غابرييلي إذ يقول" :وقد اعترب
املدروس ،وإمنا تدرس األفكار ،وكأهنا ذات كيان مستقل يف البداية كعلم واحد متكامل مت سرعان ما انقسم إىل
بذاته .وكذلك منهجية كلود كاهني ،فهي تويل أمهية فروع وختصصات مستقلة بعضها عن بعض ،ومتعلقة
للعوامل االجتماعية واالقتصادية أكثر من منهجية مبختلف احلضارات اخلاصة ابلشرق اإلفريقي-األسيوي.
فرانسيسكو غابرييلي ،أو وليام كانتول مسيت"(.)4 وهكذا شهدان ظهور االستشراق الصيين واهلندي،
أما إذا ميمنا وجهنا شطر الوجه اآلخر أي نظرة والدراسات اإليرانية والرتكية ،والعامل السامي
العرب إىل ظاهرة االستشراق فسنجد أيضا هذا التباين، واإلسالميات ،والدراسات املصرية القدمية ،ودراسة
فعلى سبيل املثال نلحظ أن تعريف املفكر اإلسالمي إفريقيا ،وبقية التجمعات املناسبة أو املتعلقة بتقسيمات
الشهري حممود شاكر هلذا املصطلح غري تعريف إدوارد حمددة متاما من النواحي اللغوية ،والتارخيية ،والعرفية
سعيد الذي أشران إليه آنفا ،وذلك أن هذا األخري كان للحضارات .كل هذه التخصصات راح ت حتل حمل
نصرانيا ،وإن كان شرقيا ،فنرى تركيزه على اجلانب التسمية العامة واملشرتكة لالستشراق ،وأصبحت هذه
السياسي متأثرا بـ ميشال فوكو يف نظرته الفلسفية .أما التسمية القاسم املشرتك بينها أو اللحمة املشرتكة
الباحث حممود شاكر فكان ينظر إىل أن هذا األمر هو هلا"( .)3غري أن املتأمل يف اجلهود املبذولة يف هذا
27
احلديث إجيااب أو سلبا أحببنا أم كرهنا .وهلذه العلة ال حماولة هليمنة املسيحية الشمالية كما نعتها على البالد
نستطيع أن نتجاهله ،أو نكتفي مبجرد رفضه ،وكأننا اإلسالمية( .)5وعموما فإن كثريا من املستشرقني يتفقون
بذلك قد قمنا حبل املشكلة ،ولو فعلنا ذلك يف تصوران على عناصر مشرتكة لالستشراق ،وعلى أية حال فهو
كنا كالنعامة اليت تدفن رأسها يف الرمال .ويف هذه احلال يف صورته العامة :عبارة عن اجتاه فكري غريب يقوم
فليس هناك بد من مواجهة املشكلة وطرحها على بدراسة حضارة األمم من جوانبها الثقافية والفكرية،
بساط البحث ودراستها ومقاربتها ،واستخالص النتائج، والدينية ،واالقتصادية والسياسية كافة لغرض التأثري قيها.
ووضع احللول ،واقرتاح البدائل ،وما إىل ذلك(.)7 وقد ذهب يف هذا السياق الباحث حممود محدي زقزوق
وإذا كانت جهود فئة من هؤالء قد اتسمت على أن "املعىن اخلاص ملفهوم االستشراق الذي يعين
ابإلجيابية ،فإنه البد لنا من اإلشارة إىل ما لدى فئة الدراسات الغربية املتعلقة ابلشرق اإلسالمي يف لغاته
أخرى من سلبيات ،وقد أسهبت الباحثة القديرة وآدابه ،واترخيه وعقائده ،وتشريعاته وحضارته بوجه عام،
الدكتورة نفوسة زكراي يف احلديث عن هذا الصنف يف وهذا هو املعىن الذي ينصرف إليه الذهن يف عاملنا العريب
مؤلفها الشهري (اتريخ الدعوة إىل العامية وآاثرها يف واإلسالمي عندما يطلق لفظ استشراق أو مستشرق،
مصر) ،وقد وصف الدكتور عبد الصبور شاهني يف هذا وهو الشائع أيضا يف كتاابت املستشرقني املعنيني"(.)6
السياق آفتهم فقال" :وآفة املستشرقني أهنم يسوقون جمرد وقد يعين هذا املفهوم كل ما يصدر عن الغربيني من
االحتماالت العقلية مساق احلقائق املسلمة ،ويقيسون أوروبيني شرقيني وغربيني مبا يف ذلك السوفيات
املاضي – الذي مل يكن يوما جزءا من اترخيهم ،وابلتايل وأمريكيني من دراسات أكادميية جامعية تتناول قضااي
مل يكن من مكوانت ضمائرهم -مبقياس حاضرهم مع اإلسالم واملسلمني يف شىت احلقول املعرفية فضال عما
تباين املكان والزمان ،والعقلية والروح .وآية ذلك أهنم تنشره وسائل اإلعالم املتباينة بلغاهتا ،أو لغة الضاد
يغضون أبصارهم عن الطابع امليتافيزيقي الذي نشأت يف ملعاجلة قضااي العرب واملسلمني .كما ميكننا أن نلحق
ظله أحداث التاريخ القرآين على عهد النبوة(.)8 هبذا التعريف ما خيطه النصارى العرب ممن ينظر إىل
ولعله من النصف أن نقول للمحسن أحسنت اإلسالم من خالل املخيال الغريب ،وكذلك تالمذة
وللمسيء أسأت ،فقد كان هناك منهم من أنصف املستشرقني من بين جلدتنا الذين تبنوا كثريا من أفكار
التاريخ اإلسالمي ،وخدم احلضارة العربية بعامة ،وهو ما املستشرقني ،ويتبدى أن هذا التعريف األخري هو األعم
نلمحه عند املستشرق عوستان لوبون يف مؤلفه (حضارة واألمشل إذ أومأ إىل كل ما له عالقة ابلتأثري يف العقل
العرب) ،وتوما س أرنولد يف كتابه العظيم (الدعوة إىل العريب واملشرقي ،أو هو ابختصار تذوق أشياء الشرق.
اإلسالم) ،وكذا املستشرق الفرنسي دينيه مؤلف (أشعة واالستشراق يف واقع أمره قضية تتناقض حوهلا
خاصة بنور اإلسالم) ،واملستشرقة األملانية سيغريد اآلراء يف عاملنا العريب اإلسالمي ،فبني مؤيد له
هونكه صاحبة كتاب (مشس هللا تسطع على الغرب) ومتحمس إىل أقصى حد ،وبني رافض له مجلة
وغريهم. وتفصيال ،لكن احلقيقة اليت ال ميكن إنكارها هي أن
االستشراق له انعكاساته القوية على الفكر اإلسالمي
28
محزة املزيين مبكانة العربية يف الدراسات اللغوية املعاصرة اهتمام املستشرقني ابلدر س النحوي العريب:
يف مؤلفه (مكانة اللغة العربية يف الدراسات اللسانية لقد كان للمستشرقني جهود ضخمة يف جمال
املعاصرة) .ويف الواقع إن االهتمام ابللغة العربية يف أورواب الدراسات التارخيية متثل ذلك جليا وواضحا يف سعيهم
كان منذ زمن بعيد ،وكان االهتمام بذلك خيتلف من إىل أتليف املعاجم التارخيية للغة العربية ،كما كثرت
عصر إىل آخر ،وهو ما أفصح عنه غري قليل من حبوثهم وآتليفهم يف فقه اللغة ،ودراسة لباقي العلوم،
املستشرقني(.)11 ومنها النحو العريب دراسة اترخيية تطورية .كما ألفوا يف
وقد ارأتى يوهان فك أن فتوحات العرب اجملال النحوي كتبا كثرية .وقد أصحبت الدراسات
الكربى ،واملواجهة املسلحة بني الدولة اإلسالمية االستشرافية للغة العربية وآداهبا وعلومها مهمة حىت أننا
واإلمرباطورية البيزنطية ،وبني الدول األوروبية األخرى لن نبالغ لو قلنا :إن ما يكتب عن العربية وعلومها
فيما بعد ،وقيام العامل اإلسالمي ابحملافظة على تراث بلغات الغرب حاليا يف الكتب والدورايت الغربية على
القدماء مثل اليوانن وغريهم يف اجملاالت العلمية ،كانت أيدي املستشرقني ،وتالميذهم من العرب لكثري إىل احلد
الدافع إىل حث األوروبيني على الرتمجة من العربية إىل الذي يستدعي عند بعضنا الغرابة( .)9ولعل كتاب
الالتينية ،لكن هذا الصنيع مل يؤد إىل القيام بدراسات الدكتور حممد حسن ابكال (اللسانيات العربية)،
فقهية للغة ،برغم احملاولة ،فإن أقدم ترمجة التينية للقرآن (مقدمة وبيبلوغرافيا اللسانيات ،أو البيبلوغرافيا) اليت
ترجع إىل سنة 1143م ،وقد اضطلعت بتقدمي مضمون صنعها دمي ،وأكملها فرستيج للدراسات االستشراقية
الفكرة ،ومل تكرتث أبسلوب األصل العريب للنحو العريب ،ونشرت يف اجمللة اليت يرأس حتريرها األملاين
وصياغته(.)12 (Journal of Arabic وهي فيشر
واحلقيقة أن بداايت االهتمام ابلعربية عموما، ) Linguisticsخلري دليل على وجود كم كبري من
وابلنحو العريب خصوصا قد بدأت منذ أن كتب ألكاال البحوث املكتوبة مبختلف اللغات األوروبية عن اللغة
) (Pedro Alcalaيف إسبانيا عن النحو العريب يف عبد الرمحن العربية ،ولقد أثبت الدكتور
سنة ،1505وأعيد طبع مؤلفه ابختصار يف ابريس يوسي يف حبث له موسوم بـ (أتوجد لسانيات
سنة 1538م على يد وليم يوستل ،ويف عام is there an orientalis استشراقية؟:
1610م طبع بيرت كريسني ) (P. Kristenترمجة )luiguisticsاهتمام الغرب ابلعربية منذ اإلسباين
ابلالتينية ملقدمة ابن داود ،وهذه هي الرتمجة األوىل ألكاال (1505م) ،حىت عصران هذا موضحا اجتاهاهتم
لكتاب حنو عريب .كما أن رميوند (Jean Baptist البحثية(.)10
) Raymandطبع يف روما نص وترمجة كتاب ويتجلى االهتمام ابللغة العربية من قبل عدد
(التصريف) لـ النحوي البغدادي الزجناين ،وكان توماس كبري من املستشرقني وغريهم يف اجلامعات الغربية من
إربنيوس كتب ابلالتينية قواعد العربية ،وألول مرة يكتب خالل دائرة املعارف اخلاصة ابللسانيات العربية ،حيث
كتاب عن النحو العريب بيد وتصور أوروبيني حسب يرأس حتريرها املستشرق اهلولندي كيس فرستيج ،وقد
تعبري فوك( .)13ويف سنة 1613م نشر يف ابريس صدرت يف مخسة أجزاء حىت اآلن ،وقد ّنوه الدكتور
29
تتعلق بتاريخ اللغة العربية متتبعا خطوطها وخمطوطاهتا جابريل سيونيتا ) ،(G.Sionitaوجان هسرونينا
وتطور هلجاهتا( .)15وقد عقد مقارنة بني اللغة التقليدية ) (J. Hesronitاجلزء األول من كتاهبم (حنو اللغة
– كما وصمها هو -واللغة املعاصرة يف األساليب. العربية) ويقع يف 48صفحة( .)14وهكذا تتعدد
ويلقاان أيضا كتاب آخر للمستشرق برجسرتاسر بعنوان (E. األعمال إىل أن يلقاان كلود إتني سفاري
(التطور النحوي للغة العربية) وأصل هذا الكتاب ) Savaryالذي ألف مؤلفا ومسه بـ (حنو اللغة العربية
حماضرات ألقاها هذا املستشرق يف اجلامعة املصرية عام العامية والفصحى) وذلك عام 1813م.
،1929وقد طرح املؤلف يف بداءة كالمه مع طالبه ولقد كانت املرحلة اجلديدة يف دراسة النحو
فذكر قائال ":أيها السادة ...إن الغرض من حماضرايت العريب مع املستشرق الشهري سلفسرت دي ساسي الذي
اليت سألقيها عليكم ،هو درس اللسان العريب من الوجهة نشر أكثر من مؤلف عن النحو العريب ،واألدب العريب،
وتكونه ،وأصول حروفه،
التارخيية ،أي من جهة نشأتهّ ، وأهم كتبه (النحو العريب) ،وامللحوظ أن مناهج
وأبنيته ،وأشكال اجلملة فيه ،والتغريات اليت وقعت فيه املستشرقني يف بداايت اهتمامهم ابلنحو العريب كانت
مع توايل األزمان"(.)16 متمايزة عن درس دي ساسي ،ومستشرقي القرن التاسع
والغريب عند هؤالء الباحثني حول تراثنا اللغوي عشر .وقد ملس هذا املستشرق جوانب من النحو العام
بعامة ،والنحوي خباصة ما نراه جليا يف مزاعم بعض ) (Grammaire Généraleيف معاجلته للنحو
األوروبيني من غمط حلقوق غريهم يف أسبقيتهم للعلوم، العريب متأثرا يف ذلك بروح بوروايل (Port-
وفد ادعوا يف كثري من املواطن أهنم أهل األمر أصالة، ) ،Royalكما كانت دراسته متأثرة ابلدراسات
وأن العرب قد تط ّفلوا على تراثهم فنقلوا واجرتوا ،وقد النحوية القدمية.
أضحى من مناهج هؤالء املستشرقني ،بل ومن مساهتم وهكذا توالت الكتابة يف النحو العريب حىت
الراسخة عندهم أن أغلبهم على اختالف تناوهلم القرن التاسع عشر ،فقد وجدان يف هذه املرحلة إفالد
للمواضيع وتفرعهم يف شىت العلوم ينتهون إىل أمور منها: ) ،(Ewaldونولد كه ،وركندروف ،ووليام رايت
أ .أن العنصر العريب عنصر متخلف بفطرته ،وطبيعته وغريهم.
اجلنسية واملناخية األمر الذي عطّل فيه دواحي أما يف القرن العشرين فاالهتمام يزيد زايدة
اإلبداع واالبتكار. كبرية ،واملناهج تتعدد ،وتالقينا أمساء أخرى منها:
ب .إن دور العلماء املسلمني يف كل أطوار التاريخ مل بالشري ،وفيشر ،وبرجسرتاسر وغريهم .ولقد كان
يتعد النقل عن احلضارات واللغات األخرى نقال املستشرق األملاين فيشر من أكثر املستشرقني عناية
حرفيا جمردا ،وأحياان نقال حمرفا دون ابتكار أو بتقسيم العربية إىل مراحل زمنية ،ومن أهم أحباثه يف هذا
إضافة. اجملال (املراحل الزمنية للعربية الفصحى) الذي نشر يف
وهكذا مل جيد كثري منهم بدا من الزعم أبن اجمللة الثقافية ،اجلامعة األردنية سنة 1987م برتمجة
الفقه العظيم مستمد من الفقه الروماين ،وكأن العرب الدكتور إمساعيل أمحد عمايرة ،ويف مؤلف فيشر
أيضا عند هؤالء تالمذة األغارقة يف اجلغرافيا ،كما كانوا (األساس يف فقه اللغة العربية) مباحث وموضوعات
30
جولدزيهر ) ،(I.Goldziherوكان األبرز يف هذه يف جمال اهلندسة والبناء يعتمدون على حذاق احلرفيني
القضية مركس ) (A.Merxمقتفيا أثر جويدي من اإلغريق ،والسراين ،واألرمن يف تشييد املساجد(.)17
) (I.Guidiالذي نشر حبثا سنة 1877م ابللغة أما فيما خيص النحو العريب ونشأته ،فقد
اإليطالية زاعما فيه أن أصل النحو العريب مأخوذ من تباينت آراؤهم حول قضية أصالته ،وقد حتامل بعضهم
الفكر اليوانين(.)20 على الفكر اللغوي العريب حتامال يفضي إىل خلع كل
ويف عرض هذه اآلراء أنلف األستاذ رينان، فضيلة عنا ،وهو ما نفقهه من كالم الباحث اللغوي
وهو أول من مثّل االجتاه النقدي التارخيي بني الشهري عبد الرمحن احلاج صاحل إذ يقول ":والغريب
املستشرقني الفرنسيني – يف مؤلفه (اتريخ عام ومنهج املقلق أن هذه البحوث ألبست لباس البحث النزيه اليت
مقارن للغات السامية) -يتطرق إىل مسألة أصالة تنفي كل طرافة للمناهج العربية يف النحو ،وتنكر أن
النحو العريب متسائال فـ :هل هناك أتثريات أجنبية يف يكون النحاة العرب أخرجوا شيئا جديدا ...وذهبوا
نشأة النحو العريب ،أو هل أخذه املسلمون عن يقارنون بني مصطلحاهتم وما تواضع عليه اليوانن من
السراين ،وهل أبدع النحاة العرب عملهم اقتداء ابلنحو قبلهم يف علم النحو ،ورأوا يف تقسيم العرب للكالم
اليوانين؟ وقد استبعد ذلك معلال بقوله" :إن اإلجابة تقسيما أرسطو طاليسيا حمضا"( .)18كما جند هذا الزعم
ابلنفي ،فلو أن النصارى السراين كانوا املؤسسني للنظام يف كثري من إصدارات دائرة املعارف اإلسالمية(،)19
النحوي عند العرب لظل هذا ابقيا ومذكورا يف اتريخ ونومئ يف هذا املوضع إىل أنه من أظهر املوضوعات اليت
العرب ...كما أن إبداع النحو العريب كان من خالل تتعلق بتاريخ النحو قضية نشأة الدراسات اللغوية ،فقد
كتاب كل املسلمني ،وهو القرآن الكرمي ،فالنحو جاء استوقفت كثريا من املستشرقني ،وأوالها هؤالء عناية
حلفظ لغة القرآن املوضوع األساس الذي طرح من خالل ابلغة لكن هذا الصنف نظر إليها بشيء من االستعالء
النحاة األوائل"( .)21كما ارأتى أن تقسيم الكالم عند والفوقية.
النحاة العرب إىل اسم وفعل وحرف أصيل ،وذلك أن ومن أجل ذلك سوف أبسط الفرضيات القائلة
أتثرهم ابليواننيني جتلى يف العلوم األخرى كالفلسفة بتأثر النحو العريب ابملنطق اليوانين أو أبي جهة
والطب وغريمها ،وقد أكد هذا العامل ذلك من خالل خارجية ،وذلك ابلدرس والتحليل ،واملناقشة والنقد
املصطلحات املقرتضة من اليواننية ،وخيلص من ذلك أن معتمدا على منهج البحث العلمي مع نشدان احلقيقة -
لو كان العرب اقرتضوا شيئا يف النحو العريب لظهر يف ليس إال -وال يهمنا من أي وعاء صدرت.
مسميات املصطلحات ،فالذي يف العلوم األخرى غري اختالف فرضيات املستشرقني حول أصالة النحو
موجود يف النحو والبالغة ،فأمساء هذين العلمني، العريب:
ومصطلحاهتما ،وتقسيماهتما ،وحمتوايهتما العامة عربية، لقد شرع موضوع أصالة النحو العريب أيخذ
أما العلوم األخرى ،فقد أخذها العرب عن علوم اليوانن صورة سجال بني املستشرقني يف النصف الثاين من القرن
القدمية( .)22لكننا جند املستشرق اجملري إجناس التاسع عشر امليالدي ،وكأن أشهر هؤالء يف هذا
جولدزيهر خيالف رؤية رينان ،وينظر إىل القضية من املضمار أرنست رينان ) ،(A.Rénanوإجناس
31
اجلنس ،وفكرة الظرف أي ظرفا الزمان واملكان يربطها زاوية أخرى ليذهب إىل أن ال أحد ميكن أن يفرتض
هبذا الرتاث أيضا ،وكذا مقولة احلال ،والتمييز بني أهنم أخذوا النحو مباشرة( .)23ولعله يشري هنا إىل
األزمنة الثالثة عند النحاة العرب يربطها ابلرتاث السراين ،ويصل هذا املستشرق إىل أن القضية ليست ما
اليوانين(.)28 إذا كان النظام النحوي اقرتض ،ولكن املسألة هي كيف
ومل ينته هذا األمر إىل هذا احلد بل أطلت علينا هذه وصل العرب إىل احملتوايت اللغوية األساسية يف حتليالت
الفرضية اليواننية مرة أخرى يف السبعينيات من القرن أقسام اجلمل والكالم ،وكذا تقعيد القواعد .كل ذلك يف
العشرين ،وقد تبىن ذلك كل من روندجرين وفرستيج غياب أي أتثري أجنيب ،ويستنتج من كل ذلك إىل أن
ومن بعدمها رايف طلمون. العرب ال توجد أصالة يف حياهتم وال يف عقليتهم(.)24
وقد زعم روندجرين أن التأثري اليوانين يف النحو يطوروا معظم
كما ّنوه هذا الباحث بكون العرب مل ّ
العريب يؤول حىت إىل مرحلة ما قبل ترمجة العلوم اليواننية حمتوايت النحو من خالل نبوغهم ،وإمنا كان ذلك من
للعرب مشريا إىل أن املعرفة ابملنطق اليوانين ،والفلسفة خالل السراين ألهنم عرفوهم ،كما يذكر أبنه لو كان
اليواننية وصلت إىل العرب من خالل الرتمجات علم النحو عربيا مميزا كما يزعم رينان لوجدت بداايت
الفارسية ،اليت صنعت يف أكادميية جنديشابور .وهذه العلم األوىل يف املدينة ،كما وجدت فيها مدرسة علم
الرتمجات الفارسية ،وبعض عناصر املنطق اليوانين احلديث ،وعلى أي شيء يدل أن هذا العلم تطور على
أصبحت متاحة للعرب من خالل كتاب (املنطق) لـ ابن شاطئ الفرات ،وعلى أي شيء يدل أن معظم علمائه
املقفع( .)29أما كيس فرستيج فقد تعددت أحباثه منذ من جنسيات أجنبية وخباصة الفرس(.)25
مؤلفه األول سنة 1977م ،وفيه ذهب إىل أنه ال يؤكد وما هو قمني ابلذكر أن أكثر املستشرقني شهرة
على أن الفكر اللغوي العريب كان نسخة من النحو ابلفرضية اليواننية يف القرن التاسع عشر هو املستشرق
اليوانين ،ولكن يرى فعال أن الدرس النحوي اليوانين مركس حيث قرر أن العرب أتثروا يف حنوهم ابليواننيني
كان النموذج ونقطة االنطالق للنحو العريب( .)30ويف من خالل السراين ،وهو ما نقرأه من قوله ":فقد عرف
مقاربته املعنونة بـ ":الرتبية اهليلينية وأصل النحو العريب"، النحاة السراين أفكار ثراكس وغريه من النحاة
يرأتي أن النحاة العرب كانوا على األقل متآلفني مع اليواننيني ،وقد وصلت أفكار السراين إىل النحاة
عناصر من الفكر النحوي اليوانين ،كما يزعم فرستيج العرب ،وللتأكيد على زعمه قرر وجود عالقة ما بني
أن كتاب ثراكس (فن النحو) ترمجته للسراينية أصبحت املصطلحات واملفاهيم النحوية العربية والفكر
معروفة؛ ألن التأثري اليوانين يف النحو السرايين واضح، اليوانين"( .)26وقد أشار أيضا إىل سبب عدم ذ كر
ومنه إىل النحو العريب ،ولدعم نظرته هذه يورد أن وجود املؤرخني العرب ألي أتثري أجنيب ،فلم يتكلموا فيه أبدا،
الفكر اليوانين جاء من خالل املراكز العلمية اليت كانت وذلك أهنم جهلوا العمل الذي وضع النحو مع املنطق،
هبا الثقافة والتعاليم اليواننية يف احلرية وحاران ،ونصبني، وتطلب ذلك زمنا من املؤرخني العرب ملعرفة ذلك(.)27
وغريمها من املراكز اليت نشرت الثقافة اهليلينية ،وهذه وقد أكد أيضا أن مفهومي اإلعراب والصرف يرجعان
األماكن ليست بعيدة عن العرب فقد انتشرت فيها إىل الرتاث اليوانين ،وكذلك مفهوم اخلرب ،ومقولة
32
إن املتأمل يف الزعم املتمثل يف أن أصالة النحو الثقافة اهليلينية ليؤكد على وصول الفكر اليوانين إىل
العريب ،وبداية نشأته أتثرت بفكر يوانين عن طريق ترمجة النحاة األوائل ،وليؤكد فرستيج أيضا بكل ذلك على
الكتب اليواننية إىل العربية أيلفها حمفوفة ابلشك التشابه بني أمثلة سيبويه يف تقسيم الكالم والرتاث
واالرتياب ،وإن حماولة هؤالء أن يصلوا بني نشوء النحو اهليليين( .)31ويركز هذا املستشرق على فرضيته من
يف البصرة ،والنحو السرايين أو اهلندي ال ميكن إثباته خالل حبثه املعنون بـ "أصل مصطلح القياس قي النحو
إثباات علميا ،وخباصة إذا علمنا أن النحو العريب يقوم العريب" ،وفيه يقرر أن كثريا من عناصر الثقافة اهليلينية
على نظرية العامل ،وهي ال توجد يف أي حنو من األحناء أصبحت موجودة يف العامل العريب من خالل دراسة
األجنبية على حد تعبري الدكتور شوقي ضيف يف كتابه الفقه ،وقد لوحظ أن علم الفقه كان غري خال من
(املدارس النحوية)( ،)35كما ذ هب الدكتور متام حسان التأثري اهليليين ،ويضيف حسب زعمه ليصل إىل أن
مرت بطورين: يف مؤلفه (األصول) إىل أن الثقافة الغربية ّ تعاليم املدرسة اهليلينية كانت عامال أساسيا يف أصل
الطور األول ما قبل الرتمجة حيث كان النحو أصيال مل الثقافة اإلسالمية ككل(.)32
يتأثر البتة ابلفلسفة اليواننية أو املنطق اليوانين ،أما وكان املستشرق رايف بدوره متمسكا مبوضوع التأثري
الطور الثاين فهو عصر املأمون حيث تسربت الثقافة اليوانين على النحو العريب ،فكان حياول إجياد األدلة
اليواننية إىل العرب ،وذلك بدءا بـ الفراء املتوىف سنة لذلك ،ففي حبث له سنة 1990م خيلص إىل أن
207هـ ،وانتهاء بـ أيب علي الفارسي وابن جين يف دراسته لكتاب (معاين القرآن) لـ الفراء فتحت له أبوااب
هناية القرن الرابع( .)36وقد ندعم ما ارآته هذا الباحث جديدة للبحث يف التأثري الضخم للدراسات املنطقية يف
األخري بكون انتشار عملية وضع القواعد النحوية يف عامل ابرز من علماء الفرتة املبكرة للنحو العريب أال وهو
القراء ،وهم يف الغالب من
البد ء كانت أبيدي أوائل ّ الفراء ،ويف مقاربته هذه يقرر أن الفراء خيتلف يف
تالميذ أيب األسود الدؤيل ،ونصر بن عامر وعبد نظريته عن سيبويه ،ومرجعه أن الفراء لديه أتثري يوانين
الرمحن بن هرمز ،وحيىي بن يعمر وعنبسة الفيل، ضخم ،أما سيبويه فلم تفلح حماوالت الباحثني يف ربط
وميمون األقرن ،وأما تالميذ هؤالء الذين قاموا فكره النحوي ابلتأثري اهليليين( .)33ويعتقد رايف طلمون
بتطويرها فهم عبد هللا بن أيب إسحاق احلضرمي، يف ضوء حبثه أنه جيوز مثال أن هؤالء النحاة ا لقدماء
وعيسى بن عمر الثقفي ،وأبو عمرو بن العالء، كانوا على معرفة ببعض املبادئ الفلسفية بل ببعض
ويونس بن حبيب ،واخلليل بن أمحد الفراهيدي فصول مصنفاته الرئيسة إال أهنم تغافلوا عنها رغبة منهم
وسيبويه ،وكان أكثرهم من البصريني الذين سبقوا إىل يف إنشاء علم إسالمي أصيل( .)34وهكذا يتضح لنا من
وضع النحو ،ولعل عبقرية سيبويه ووضعه ملؤلفه خالل متجه هؤالء املستشرقني ذيوع الفرضية اليواننية
(الكتاب) هو الذي أغرى هؤالء املستشرقني مما حدا وأثر ذلك على النحو العريب حيث سادت ردحا من
هبم األمر إىل الطعن يف أصالة النحو العريب ،وذلك ما الزمن.
نص عليه الدكتور عبد العال سامل مكرم فذ كر" :ومع نقد نظرة املستشرقني القائلني أبثر اليوانن على النحو
أن املستشرقني قد جبلوا على التعمق يف البحوث العريب:
33
أيضا شيئا من النحو ،وبرهان هذا أن تقسيم الكلمة العربية ،وأهنم حياولون أن يستنبطوا من النصوص العربية
خيتلف ،قال سيبويه ":فالكالم اسم وفعل وحرف جاء حقائق جديدة ،وأفكارا متطورة ،ومادة حية ،فإهنم وقفوا
ملعىن ،وهذا تقسيم أصلي"( ،)40كما رفض املستشرق يف حرية وتعجب إزاء هذه املرحلة ،وقد كان منشأ هذه
تربو هذا الزعم القائل أبن تقسيم الكالم عند النحاة احلرية ،وهذا التعجب هو كتاب سيبويه ،إذ كيف يولد
العرب متأثر برتاث أرسطو ،فالعرب عندهم ثالثة كتاب سيبويه عمالقا من دون أن يسبق مبراحل منو
أقسام ،أما أرسطو فنجد يف كتابه (الشعر) سبعة وتطور تؤدي إىل والدته والدة طبيعية"(.)37
أقسام( .)41وما يؤكد ذلك أنه ال يوجد أتثري من قبل وهذا الدكتور إبراهيم السامرائي يرد على
ترمجة السرايين مىت بن يونس لكتب أرسطو يف املستشرق فيشر أنه فات هذا األخري أن اليواننية ختتلف
مصطلحات النحاة العرب ،فعنده الفعل يستخدم له حنوا وطبيعة عن العربية ،ومل يكن واضع النحو صارفا أو
مصطلح كلمة ،ويستخدم مصطلح رابطة مقابل حرف، متأثرا ابليواننية أبي وجه من الوجوه( ،)38وقد اعتقد
كما أن مفاهيم الفعل يف الرتاث اليوانين غري متكافئة احملدثون أيضا أن هناك جوانب معيّنة تصل النحو العريب
مع مفاهيم النحاة العرب ،وينتهي تربو إىل القول أبن مبنطق أرسطو ،وهي فكرة القياس والتعليل ،واستخدام
النحو العريب منذ بدايته كان مرتبطا ابحلديث املقوالت وغري ذلك ،وقد رد الدكتور عبده الراجحي
والفقه( .)42وهذه الرؤية تقرتب من فهم السياق الثقايف هذا الرأي بتبيان العناصر احملددة اليت ختتص ابلدرس
اإلسالمي آنئذ ،وهذا املستشرق لوثر كوبف أكثر تبياان النحوي اختصاصا مباشرا ،وذلك أن التعريف عند
هلذه املسألة حيث يشري إىل أن الدين كان عامال مهما أرسطو خيتلف عن التعريف عند النحاة العرب(.)39
يف التأثري املباشر وغري املباشر يف العرب ،فالقرآن الكرمي وإذا كان هؤالء الباحث ين وغريهم من العرب قد
واحلديث الشريف كما يذكر كوبف مها مصدرا النحو نقضوا هذا الزعم فإننا جند أيضا ثلة من املستشرقني
واملعجم [دون أن ننس األدب بشعره خاصة ونثره] ،وأن يعرتضون أيضا على من ادعى هذا التأثر الكلي
اللغويني العرب تباهوا خبدمتهم يف نشاط العلوم ابحلضارة اليواننية يف اجملال النحوي ،ولذا فقد كانت
اإلسالمية ،ومن هنا فالتأثري الديين يف الفكر اللغوي الكتاابت االستشراقية أبقالم خمتلفة ثقافيا ،وابلتايل
كان مؤسسا بعمق يف تفكري املسلمني ،وقد ذكر هذا نلمح أن هناك تطورا واضحا قد حدث لكثري من
الباحث عددا من مواضع التأثري يف املنهج والرؤى(.)43 املستشرقني املنصفني الذين تناولوا الرتاث النحوي العريب
وهذه املسألة أي أسباب نشأة النحو العريب قد فصل ابلدرس والتمحيص والتدقيق ،وقد ردوا فيها حىت على
فيها علماء املسلمني يف القدمي واحلديث ،فهي ال حتتاج بعض العرب الذين قالوا ابلتأثر ومن أبرز هؤالء
إىل أدىن تعليق أو إيضاح ،إذ أرجعوا ذلك إىل سبب املستشرقني ليتمان الذي قال ":وحنن نذهب يف هذه
ديين وقومي وسياسي .ولعل دراسات فرستيج الذي املسألة مذهبا وسطا ،وهو أن العرب ابتدعوا علم النحو
تبىن فكرة أتثري اليوانن يف العرب للتفاسري القرآنية األوىل يف االبتداء ،وأنه ال يوجد يف كتاب سيبويه إال ما
جعلته يقرر أن وجهات نظره حتولت بشكل ملحوظ، اخرتعه هو ،والذين تقدموه ،ولكن ملا تعلم العرب
فقد أقنعته دراسته للتفاسري القرآنية املبكرة أن كثريا مما الفلسفة اليواننية من السراين يف بالد العراق تعلموا
34
األوىل من اتريخ النحو العريب كانت بدائية وعقيمة ،وأن اعتقد أنه اقرتاض من الرتاث اليوانين كان يف حقيقته
سيبويه يف كتابه (الكتاب) مل يعتمد على تعاليم سابقيه تطورا داخليا للفكر العريب( .)44كما ارأتى يف حبثه
عليه يف دراسة النحو العريب ،وأن كتابه هو العمل املعنون بـ"النحو العريب وتفاسري القرآن يف بداية اإلسالم"
النحوي األول من نوعه ،كما أن سيبويه يف زعمه دمج أن مسألة التأثري من خالل املصطلحات مسلم بعدم
مراحل النحو العريب( .)47كما يشري األستاذ إىل أنه ال فاعليتها من خالل املعطيات املأخوذة من كتب
يوجد يف كتاب سيبويه مصطلح دال على مفهوم "حنو" املفسرين األوائل ،وذهب هذا املستشرق أيضا إىل أن
ابملفهوم التقين ،غري أن هناك مصطلحات دالة على الربط بني مصطلحات النهاايت اإلعرابية ،وأقراهنا يف
الطريقة اليت يتكلم هبا الناس ،وهي استخدامات لدى الدرس اليوانين أصبح إسهااب ،ألن املصطلح العريب
الدارسني للفكر اإلسالمي ومنها كلمة "طريقة" اليت حسب نظرته فُ ّسر بسهولة من خالل التطور الداليل
تدل على الطريقة الصوفية و"سنة" ،وهي مصطلح تقين الداخلي يف الثقافة العربية ،ومن هنا حسب هذه النظرة
للداللة على السنة اإلسالمية ،وكذلك مصطلح تكون الفرضية اليواننية متخلى عنها كلية ،أو قد تكون
"مذهب" الدال على طريقة التفكري ،وكذا "وجه" مبعىن مساعدة يف تفسري بعض الغموض احمليط أبصل النحو
الطريقة املميزة ،وكذلك "جمرى" ومشتقاهتا العديدة، العريب(.)45
ولكن أكثر املصطلحات استعماال يف الكتاب – وهذا أرنست رينان الذي أشران إليه أعاله يؤكد
حسب نظرة كارتر -للداللة على طريقة الكالم هو أصالة النحو العريب ،فمن انحية تقسيم الكالم عند
"حنو" ،وأنه حرفيا مبعىن طريقة ،اجتاه ،منط( .)48كما مل النحاة العرب إىل اسم وفعل وحرف فهو أصيل ،وذلك
يرق مصطلح حنويني -حسب رأيه -عند سيبويه -وال أن العرب يف العلوم األخرى كالفلسفة والطب ،وغريمها
عند سابقيه من النحاة إىل املعىن التقين ،وأن هذا املعىن كان علماؤهم متأثرين ابليواننيني ،وينوه هذا املستشرق
اكتسب فيما بعد صاحب الكتاب ،وذلك بعد على ذلك من خالل املصطلحات ،والذي يوجد فيها
االحتكاك مع مصادر الفكر اليوانين ،وهكذا يتضح لنا عدد مقرتض من اليواننية ،ويصل من خالل ذلك إىل
جليا أن هذا املستشرق قد اختذ من دالالت مصطلحي أنه لو كان العرب اقرتضوا شيئا يف النحو العريب لظهر يف
حنو وحنويني عند سيبويه وسابقيه بياان على فرضيته مسميات املصطلحات ،فالذي يف العلوم األخرى غري
القائلة بعدم أتثر النحو العريب ابلفكر اليوانين يف مرحلة موجود يف النحو والبالغة ،فأمساه هذين العلمني،
البدء. ومصطلحاهتما وتقسيماهتما وحمتوايهتما العامة عربية ،أما
ومن أجل دحض التأثري اليوانين يؤكد األستاذ كارتر العلوم األخرى فالعرب عرفوها عن علوم اليوانن
على العالقة بني النحو والفقه ،حيث جند أن سيبويه قد القدمية(.)46
استعمل مصطلحات أخالقية مثل :حسن وقبيح ويف النصف الثاين من القرن العشرين خصص
ومستقيم وحمال ،وكان صاحب (الكتاب) – حسب املستشرق الشهري كارتر حبثا معمقا درس من خالل
املستشرق -قد استخدم هذه املصطلحات بعد أن جذور النحو العريب مشاطرا رأي رينان يف نفي فرضية
منحها املعىن النحوي التقين ،وأن مصطلح "جائز" التأثر ابلفكر اليوانين ،ويعتقد هذا املستشرق أن املرحلة
35
ولعلنا خنلص بعد هذه املقاربة النقدية ملوقف بعض أعطى مظهرا فقهيا يف (الكتاب) وعند كل النحاة
املستشرقني إزاء النحو العريب إىل مجلة من النقاط اليت العرب الالحقني( .)49كما يومئ إىل أن مصطلحات
نراها صائبة وصحيحة أال وهي: حنوية مهمة مثل :بدل وعوض ،وشرط ولغو ،وخيار
.1إن نظرة هؤالء إىل أتثر النحو العريب ابلرتاث اللغوي وحد ،وحجة وأصل ،ودليل ونية ،ومصطلحات أخرى
اليوانين يقوم على التعصب األورويب الذي يبني من بدون ريب ال ميكن أن تكون مفهومة إال يف ضوء
خالل ذلك أن اهلدف هو كون اليوانن مصدرا استعماهلا يف السياقات الفقهية( .)50وقد حبث هذا العامل
لكل اإلبداعات العلمية يف القرون الوسطى العالقة بني الفقه والنحو يف أكثر من حبث ،وخيلص إىل
معتمدين يف ذلك على الرتمجات اليت ترمجت من أن هناك عالقة قوية خاصة بني النحو العريب والفقه يف
بداية القرن الثالث اهلجري/التاسع امليالدي ،وهم كل من اهلدف واملنهج ،فكل منهما وسيلة للتحكم
بذلك يهمشون مسامهة احلضارة العربية اإلسالمية االجتماعي ،كما أن هناك عالقات متبادلة بني األسس
يف بناء صرح احلضارة اإلنسانية ،وهو موقف ال اللغوية للفقه ،والطبيعة الفقهية لألفكار النحوية(.)51
ميت أبدىن قرىب إىل املوضوعية أو األمانة العلمية. وإن كان النحو متأثرا ابلفقه ،فالفقه بدوره متأثر
.2إن عدم وجود التأثري األجنيب يف النحو العريب يدل ابلنحو ،وقد ذهب يف هذا السياق الدكتور أمحد
عليه عدم وجود أي ذكر أو قل الغياب الكامل اجلندي قائال" :معظم أبواب أصول الفقه ومسائله مبين
ألي ذكر للتأثري األجنيب عند مؤرخي النحو العريب على علم اإلعراب ،وأنه إذا عجز الفقيه عن تعليل
وهو ما ارآته املستشرق كارتر ،حيث يذكر أيضا احلكم قال هذا تعبدي ،وإذا عجز النحوي عنه قال هذا
أن ابن الندمي صاحب كتاب (الفهرست) مل يشر مسموع ،وأن أصول النحو هي أدلة النحو اليت تفرعت
إىل أية عالقة بني النحو اليوانين والنحو العريب(.)54 منها فروعه وأصوله ،كما أن أصول الفقه أدلة الفقه اليت
كما أن املصادر العربية مل ت ذكر أي أتثري أجنيب تنوعت عنها مجلته وتفصيله"( ،)52وراح أحد الباحثني
يف النحو العريب ،وهل رفض العرب فعال هذا الذكر إىل أن "مسرية النحو خالل تطور الفقه اإلسالمي من
رغبة منهم يف إنشاء علم إسالمي أو عريب؟ وإذا بداايته األوىل على يد الصحابة والتابعني إىل أن صار
كان هذا االحتمال صحيحا ،فلماذا ذكر العرب يف صناعة هلا منهجها ومنطقها الواضح الذي هو أصول
بعض العلوم األخرى التأثري اليوانين ،وهو واضح يف الفقه ،وجدان النحو عنصرا أصيال من عناصر هذا
مصطلحاهتا ،وإن تشكيك هؤالء املستشرقني يف املنهج وإن اختلف قوة وضعفا"(.)53
املصادر العربية لكوهنا أمهلت ذكر التأثري األجنيب وإذا كان األمر كذلك فهذا يدفعنا إىل حبث أصول
هلو موقف ينأى عن موقف العامل املتمسك مبنهجية النحو العريب يف مصطلحات ومناهج الفقهاء املسلمني،
البحث العلمي األكادميي. وهو ما خلص إليه املستشرق كارتر ،فقد ألفى
.3عدم اعتماد النحو العريب على الفكر اليوانين يف مصطلحات أخالقية وفقهية كثرية يف كتاب إمام النحاة
تقسيم الكالم ،ذلك أن هذا الفكر أي اليوانين سيبويه ،ويعد ذلك دليال جليا على أتثري الفقه يف النحو
عرف مثانية أقسام من الكالم ،أما النحو العريب وهو األجدر ابلرجحان عند توافر األدلة.
36
ب -وجود تعريفات لكل أقسام الكالم ،وهذا يتضح فيعتمد على ثالثة :اسم وفعل وحرف ،فهناك إذن
جيدا من كتب النحو العريب يف القرن الثالث اهلجري متايز جوهري ونوعي بني النحوين العريب واليوانين،
وما بعده. كما أن التقسيم األرسطي جاء على مستوى اجلملة
ويف اخلتام نستطيع أن نقول بعد املعاجلة والدرس حماذاي لـ أفالطون مع تفصيالت ،أما التقسيم العريب
والتحليل والتمحيص ،إن املالبسات كانت غري مهيأة فهو على مستوى الكلمة مع التنويع يف أقسامها
يف البحث يف قضية أصالة النحو العريب يف القرن التاسع عند إمام النحاة سيبويه.
عشر يف أورواب بفكر حمايد ،وبعقل نزيه ،وذلك أن .4امللحوظ أن كالم سيبويه كالم وصفي أكثر منه
الفرضية اليواننية بنيت جبهل إذا طبقت على أوائل تعريف ،فهو إذن مل يطبق التعريف األرسطي ،كما
النحاة حىت إمامهم يف كتابه (الكتاب) .ولعلنا نتساءل: أن الكتاب غالبا ما خيلو من التعريف ،فهو مل
هل ابلفعل أصل كل حتليل لغوي الفلسفة واملنطق؟، يعرف احلال أو البدل ،أو الفاعل ،كما أن طريقته
فقد كان اهتمام العرب ابجملال اللغوي يف بدايته من تبدأ بذكر اسم الباب ،مث يشرع مباشرة يف عرض
تنزل
أجل خدمة النص القرآين ،وخدمة هذه اللغة اليت ّ القاعدة املستخلصة من االستعمال ،فإذا انتقلنا إىل
هبا ،أو بعبارة أخرى فقد ُوجد ذلك يف سياق ثقايف القرن الرابع اهلجري وجدان اختالفا كبريا ،إذ نلمس
مغاير متاما عن التحليل النحوي عند اليوانن وعند أتثر النحاة ابملنطق األرسطي ،ومبنهجه يف
اهلنود ،وكذلك ُوجد عند الصينيني ملقاصد أخرى انمجة التعريف( .)55وهو ما نراه جليا من تعريف
عن ظروفهم الثقافية ،وهذه النظرة املوضوعية ال تنفي الزجاجي للنحو الذي يعد منوذجا للتأثري اليوانين،
أبدا قضية التأثري فيما بعد ،وذلك ألن احلضارات دول يقول ":علم قياسي ومسبار ألكثر العلوم ال يقبل
ومتداولة ،وكل األفكار العلمية تبدأ بسيطة يف حضارة إال برباهني وحجج"( .)56ولذا نؤكد أن التأثري
ما ،مث تنطلق يف حضارة أخرى بشكل آخر .ولذا اليوانين مل يكن إال يف القرن الثالث اهلجري ،وقد
نستطيع أن نقول :إن ليس من املوضوعية العلمية أن بدأ هذا التأثري بفعل ميزتني مها :أ -ذكر النحاة
يذهب أحد املستشرقني مثل رايف طلمون إىل القول: العرب أن التقسيم الثالثي يف كل اللغات ،فقد ذكر
"إين مقتنع مما مثلناه هنا أبن النحو العريب يف عهد الزجاجي يف هذا السياق ":وأما االحتجاج لألولني
نشأته مل جيهل تراث الفلسفة اليواننية بل إنه اسرتشد به الذين زعموا أن الكالم كله اسم وفعل وحرف،
إىل حد ما وخاصة يف جمال االصطالح ...ويبدو اآلن فجعلوا العريب وغريه يف ذلك سواء ،فهو بعينه
أن قلة التأثر هبذا الرتاث إمنا هي نتيجة جمهود النحويني االحتجاج الذي تقدم ذكره ملذهب سيبويه ...وقد
القدماء الواعي الصارم يف خلق علمي يتصف ويتسم اعتربان ذلك يف عدة لغات عرفناها سوى العربية،
بعالمات النحو الوطين العريب"( .)58وهل ابلفعل كانت فوجدانه كذلك ،ال ينفك كالمهم كله من اسم
هذه األيديولوجية موجودة عند سيبويه واخلليل، وفعل وحرف ،وال يكاد يوجد فيه معن رابع وال
واحلضرمي والفراء ،وغريهم من األجيال املتتابعة اليت أكثر منه"(.)57
شاركت يف بناء هذا الصرح الكبري الذي صنعه العرب
37
اهلوامش: من نشأته إىل كتايب سيبويه والفراء يف سنني كثرية؟ هل
هؤالء كلهم هبذه األيديولوجية؟ وهل كانوا كلهم عراب،
( – )1د/حمم ـ ـ ــود مح ـ ـ ــدي زق ـ ـ ــزوق :اإلس ـ ـ ــالم واالستشـ ـ ـ ـراق ،دار
فالنحاة كانوا ينتمون إىل أوطان شىت ،وأعراق متباينة
التض ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــامن للطباع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة ،الطبع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة األوىل ،الق ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاهرة،
(1404هـ1984/م) ،ص.3 وهذا ما نسيه طلمون؟( .)59كما أقنعت املستشرق
( – )2إدوارد ســعيد :االستش ـراق ،تــر مجــة :د/حممــد عنــاين ،رؤيــة فرستيج دراسته للتفاسري القرآنية املبكرة أن كثريا مما
للنشر والتوزيع ،الطبعة األوىل ،القاهرة2006 ،م ،ص.39 اعتقده اقرتاضا من الرتاث اليوانين كان يف الواقع تطورا
( – )3د/فرانسيســكو غــابرييلي وآخــرون :االستش ـراق بــني دعاتــه داخل احلضارة العربية .وأشري يف هذا الصدد إىل أن
ومعارض ــيه ،ترمج ــة وإع ــداد :هاش ــم ص ــاحل ،دار الس ــاقي ،ط،3/
هناك كتاابت كثرية تقرر أتثري مدرسة لغوية يف أخرى،
بريوت ،لبنان2016 ،م ،ص.22-21:
وعامل يف عامل ،وعامل يف مدرسة ،وذلك حنو أتثري مدرسة
( – )4هاشم صاحل :االستشراق بني دعاته ومعارضيه ،ص.8
( – )5ينظــر :حممــود شــاكر :رســالة يف الطريــق إىل ثقافتنــا ،اهليئــة
براغ يف اللغويني األمريكيني ،وأتثري دوركامي يف
املصرية العامة للكتاب ،ص.48 دوسوسري ،وأتثري ايكوبسون يف اللغويني األمريكيني،
( – )6م ـراد ابه ــي :فك ــرة تيس ــري النح ــو عن ــد املستش ــرقني م ــذكرة وكذا أتثري البوروايل يف اللغوي تشومسكي ،وتتنوع
ماجســتري ،جامعــة اجلــياليل ليــابس ،ســيدي بلعبــاس ،قســم اللغــة الكتاابت يف هذا املضمار مما يتسىن لنا تناول البحث يف
العربي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة وآداهب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا ،الس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــنة اجلامعي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة (1436ه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ- موضوع التأثري يف تراثنا بشيء خمتلف عن تلكم النظرة
1437ه ـ ــ2015/م2016-م) ،ص 14عـ ــن محـ ــدي زقـ ــزوق،
املتعصبة لدى ذلك الصنف من املستشرقني .ويعود
االستشراق واخللفية الفكرية للصراع احلضاري ،ص.18
موقفهم هذا من كل تلك االحتماالت أهنا حتاول أن
( – )7ينظـ ــر :د/حممـ ــود محـ ــدي زقـ ــزوق :اإلسـ ــالم واالستش ـ ـراق،
ص.4-3: تفسر جممل الرتاث النحوي بعامل واحد فقط ،وينتهون
( – )8د/عب ـ ــد الص ـ ــبور ش ـ ــاهني :اتري ـ ــخ الق ـ ــرآن ،دار النهض ـ ــة، إىل أنه بصرف النظر عن النموذج الذي احتذاه -إذا
ط ،5/مصر ،أبريل ،2015ص.9-8: كان حقا موجودا هذا النموذج -فإن النحو العريب قد
( – )9ينظ ــر :د /عب ــد امل ــنعم الس ــيد أمح ــد ج ــدامي :املستش ــرقون تطور إىل تعاليم خمتلفة وأصيلة متاما .ونقول عندما
والـرتاث النحـوي العـريب ،دار كنـوز املعرفـة للنشـر والتوزيـع ،ط،1/ تنقشع احلقيقة العلمية تفرض علينا احلذر يف اخلوض يف
(1437هـ2016/م) ،ص.9
الكالم عن التأثري والتأثر يف العلوم من حضارة إىل
( – )10ينظر:
أخرى دون بينة ،وذلك ألن هناك تشاهبات كثرية بني
Youssi, A., 2004: is there an orientalist
linguistic? In haak, M. et AL (eds): كثري من النقاط العلمية املشرتكة بني علم يف حضارة ما،
approaches to arabic dialects, Birll: وآخر يف حضارة أخرى ،وال يكون التشابه دليال أو
lindex, boston, P329. مؤكدا لتأثري أحدمها يف اآلخر ،فقد يوجد واحلال هذه-
()11
- Versteegh, K., 2001, Greek ما يدعى توارد األفكار أو اخلواطر ليس إال.
elements in arabic linguistics thinking,
leiden, P335
38
()25
- Ibid, P9. ( – )12ينظــر :يوهــان فــك :اتريــخ حركــة االستش ـراق ،الدراســات
( – )26د/عب ـ ــد امل ـ ــنعم ج ـ ــدامي :املستش ـ ــرقني والـ ـ ـرتاث النح ـ ــوي العربي ــة اإلس ــالمية يف أورواب ح ــىت بداي ــة الق ــرن العشـ ـرين ،ترمج ــة:
العريب ،ص27 د/عمر لطفي العلم ،دار قتيبة ،دمشق1996 ،م ،ص.11
( -)27ينظــرMerx A., l'origine de la : ( – )13ينظـ ـ ــر :املصـ ـ ــدر السـ ـ ــابق ،ص ،69وتومـ ـ ــاس إربينيـ ـ ــوس
grammaire arabe, Ble 3(2) , 1891, P16. ( :)1623 /1584هولنـ ـ ـ ــدي نشـ ـ ـ ــر يف 1617كتـ ـ ـ ــااب عـ ـ ـ ــن
()28
- Ibid, P19-27. األجروميـ ــة النحويـ ــة ،وكتـ ــاب العوامـ ــل املائـ ــة للجرجـ ــاين ،ويسـ ــري
( – )29ينظـ ـ ــر :د/عبـ ـ ــد املـ ـ ــنعم جـ ـ ــدامي :املستشـ ـ ــرقون وال ـ ـ ـرتاث يوه ــان ف ــك إىل أن االهتم ـام ال ــذي دف ــع إربيني ــوس حن ــو املص ــادر
النحوي العريب ،ص27 اإلسالمية كان ذا طبيعة لغوية على الراجح..
( – )30ينظـرK. Versteegh: Greek element : ( – )14ينظر :عبد املنعم جـدامي :املستشـرقون والـرتاث النحـوي،
in arabic linguistic thinking, leiden ص18
1993, P16 ( – )15ينظ ـ ــر :فيش ـ ــر فول ـ ــف دي ـ ـرتي :األس ـ ــاس يف فق ـ ــه اللغ ـ ــة
()31
- K. Versteegh : 1980a, PP336-339.. العربيــة ،نقلــه إىل العربيــة وعلــق عليــه :د/ســعيد حســن البحــريي،
()32
- Ibid, 1980b, PP13-14 مؤسسة املختار ،الطبعة األوىل ،القاهرة ،2002 ،ص.51
( – )33ينظـ ـ ــر :د/عبـ ـ ــد املـ ـ ــنعم جـ ـ ــدامي :املستشـ ـ ــرقون وال ـ ـ ـرتاث ( – )16املصدر نفسه ،ص.7
النحوي العريب ،ص.33 ( – )17ينظــر :مـراد ابهــي :فكــرة تيســري النحــو عنــد املستشــرقني،
( – )34ينظر :رايف طلمون :التفكري النحـوي قبـل كتـاب سـيبويه، ص67
دراســة يف اتريــخ املصــطلح النحــوي العــريب ،نشــر مبجلــة الكرمــل، ( – )18احلاج صاحل عبد الرمحن :حبـوث ودراسـات يف اللسـانيات
العدد ،1984 ،5ص53-37: العربية ،موفم اجلزائر2007 ،م ،ج ،1ص43-42:
( – )35ينظــر :د/شــوقي ضــيف :املــدارس النحويــة ،دار املعــارف، ( – )19ينظــر :دائــرة املعــارف اإلســالمية ،الطبعــة الفرنســية ،ج،1
الطبعة احلادية عشر ،ص.20 ص.435
( – )36ينظـ ــر :د/متـ ــام حسـ ــان :األصـ ــول دراسـ ــة ايبسـ ــتمولوجية ( -)20ينظــر :د/املهــريي عبــد القــادر :نظ ـرات يف ال ـرتاث اللغــوي
ألص ـ ــول الفك ـ ــر اللغ ـ ــوي الع ـ ــريب ،دار الثقاف ـ ــة ،ال ـ ــدار البيض ـ ــاء، الع ـ ـ ـ ــريب ،دار الغ ـ ـ ـ ــرب اإلس ـ ـ ـ ــالمي ،ط ،1/ت ـ ـ ـ ــونس1993 ،م،
املغرب ،الطبعة األوىل1401( ،هـ1981/م) ،ص.56-55: ص.85
( – )37م ـ ـ ـراد ابهـ ـ ــي :فكـ ـ ــرة تيسـ ـ ــري النحـ ـ ــو عنـ ـ ــد املستشـ ـ ــرقني، ()21
- Renan E., histoire générale et
ص ،71عــن د/عبــد العــال ســامل مكــرم ،احللقــة املفقــودة يف اتريــخ système comparé des langues sémitiques,
النحو العريب ،ص.6 première partie, 6ème édition, Paris,
( – )38ينظ ــر :د/إبـ ـراهيم الس ــامراين ،دراس ــات يف اللغ ــة ،مطبع ــة 1863, PP377-378
()22
العاين ،بغداد ،1961 ،ص.13 - Ibid, P378.
( – )39د/عبــده الراجحــي :النحــو العــريب والــدرس احلــديث ،دار ()23
- Goldziche, on the history of
النهضة العربية بريوت ،1979 ،ص88 grammar among the arabs, translated
( – )40أمح ــد أم ــني :ض ــحى اإلس ــالم ،جلن ــة الت ــأليف والرتمج ــة، and edited by devenyi, K. et Ivanyi T,
القاهرة ،1969 ،ج ،3ص.293 Benjamins, Amsterdam, Philadelphia,
( – )41ينظـ ـ ــر :د/عبـ ـ ــد املـ ـ ــنعم جـ ـ ــدامي :املستشـ ـ ــرقون وال ـ ـ ـرتاث 1877, 1994, P5.
()24
النحوي العريب ،ص.35 - Ibid, P5.
39
( – )55ينظر :د/عبده الراجحي :النحو العريب والدرس احلـديث، ( – )42ينظــر :تربــو ج ـريار :نشــأة النحــو العــريب يف ضــوء كتــاب
دار املعرفة اجلامعية ،اإلسكندرية ،ص73-72: ســيبويه ،حب ــث منش ــور مبجل ــة جممــع اللغ ــة العربي ــة األردين ،اجملل ـد
( – )56الزج ــاجي أب ــو القاس ــم عب ــد ال ــرمحن :اإليض ــاح يف عل ــل األول ،العدد األول ،1978 ،ص.137
النحو ،حتقيق :د/مازن املبارك ،دمشق ،1974 ،ص..41 ( -)43ينظــر :د/أمحــد عبــد املــنعم جــدامي :املستشــرقون وال ـرتاث
( – )57املصدر نفسه ،ص45-44: النحوي العريب ،ص.37
( – )58رايف طلمون :التفكري النحوي قبـل كتـاب سـيبويه ،دراسـة ()44
- K. Verstreegh: the notion of
يف اتريــخ املصــطلح النحــوي العــريب ،نشــر مبجلــة الكرمــل ،العــدد underlying levels' in the arabic
،5ص..53 grammatical tradition, HL 21 (3), PXII.
( - )59ينظر :د/إمساعيل عمايرة :املستشرقون ونظـرايهتم يف نشـأة ()45
- K. Verstreegh: Arabic grammar and
الدراسـ ــات اللغويـ ــة عنـ ــد العـ ــرب ،دار املالحـ ــي ،بغـ ــداد ،ط،1/ qur anic exergesis in early islam leiden,
ص.89 1993, P200.
()46
- Renan E., histoire générale et
système comparé des langues sémitiques,
première partie, 6ème édition, Paris,
1961, P379.
()47
- M.G.Carter: les origines de la
grammaire arabe, Rei 40, 1972, P95.
( -)48ينظر :د/عبد املنعم جدامي :املستشـرقون والـرتاث النحـوي
العريب ،ص41
()49
- M.G. Carter, 1972, PP83-84.
()50
- Ibid, P80.
( – )51ينظــرM.G. Carter: writing the :
)history of arabic grammar, In H.L 21(3
., 1994, P409
( – )52د/أمح ــد عل ــم ال ــدين اجلن ــدي :يف األص ــول والف ــروع ب ــني
الدراسات الفقهية والنحوية يف القرآن والعربية :الصـراع بـني القـراء
والنحاة ،حبـث منشـور يف جملـة جممـع اللغـة العربيـة ابلقـاهرة ،اجلـزء
،59ص.91
( – )53د/مصـ ـ ـ ــطفى مجـ ـ ـ ــال الـ ـ ـ ــدين :البحـ ـ ـ ــث النحـ ـ ـ ــوي عنـ ـ ـ ــد
األصــوليني ،منشــورات وزارة الثقافــة واإلعــالم ،اجلمهوريــة العراقيــة،
ص.38
( – )54ينظـرM.G. Carter: les origines de la :
.grammaire arabe, Rei 40, 1972, P72
40
النص األديب
اللّسانيات العرفنيّة حنو منهج جديد ملقاربة ّ
زّند أمنوذجا –
-جتربة األزهر ّ
41
جت ّذر ال ّذكاء يف العامل العصيب،وابلكشف عن ذلك and theories to consider how to transfer
عما به كان إنساّن ذكيّا فردا ونوعا and affect, which was carried out by
يكشف اإلنسان ّ
these procedural tools, and how it
منشئا للحضارات علما وفنّا وعمارة 4......يتداخل
served the new field to which it was
ختصصات تشرتك مجيعا يف إذا جمال العلوم العرفنية مع ّ transferred. To narrow the circle a bit as
اشتغاهلا على ال ّذهن وال ّذكاء البشري والنّظام املفهومي required by the title, and to narrow the
الذي يستعمله البشر يف متثّل املعلومات وبنائها يف study on the experience of the Tunisian
التخصصات يف البحث عن ّ ال ّدماغ وتتضافر تلك researcher Al-Azhar Znad through his
الشيء املشرتك بني مجيع البشر يف عملية التّفكري وما ّ book theories of the cognitive linguistic
وعما به يكون اإلنسان ذكيّا ومسات ال ّدماغ on the side of This theory
ينتج عنهاّ ،
البشري كحامل عصيب جلهاز اإلبداع ،وذلك للكشف /1العلوم العرفنية ماهيتها وجماّلهتا:
عن طبيعة ذلك اجلهاز ،وضمن هذا املنظور وجب تع ّد العرفنيات أو العلوم املعرفية حقال واسعا يرتبط
"افرتاض مستوايت للتّمثيل ال ّذهين تتضافر فيها ابختصاصات عديدة ،كعلم النّفس املعريف وعلم ال ّذكاء
املعلومات القادمة من أجهزة بشرية أخرى مثل جهاز االصطناعي واللّسانيات وحتليل اخلطاب فضال عن
البصر واجلهاز احلركي واألداء غري اللّغوي....إخل وبدون "تقصي العملياتصوف ،ومدار هذا احلقل ّ الفلسفة والتّ ّ
افرتاض هذه املستوايت التّمثيلية يستحيل أن نقول أنّنا عرف والتّذ ّكر
ال ّذهنية املتوخاة يف التّفكري واإلدراك والتّ ّ
نستعمل اللّغة يف وصف إحساساتنا وإدراكاتنا وجتاربنا والتّصنيف" .1
املختلفة بوجه عام 5".نفهم من هذا أ ّن اجلهاز املفهومي ويعرف أندلر(1989م) العلوم املعرفية بقوله" :إ ّن هذه ّ
للبشر يستقي معلوماته من العامل احمليط به ،وتشرتك يف العلوم ترمي إىل وصف استعدادات ال ّذهن البشري
عملية مقولة املعىن واملعارف املستقاة مثّ جتسيدها يف وقدراته كاللّغة واإلدراك والتنسيق احلركي والتّخطيط
حسية كالبصر واللّمس وجهاز ...وتفسريها وحماكاهتا عند االقتضاء" 2وحي ّدد اليكوف
شكل خطاابت ،أجهزة ّ
النّطق ليقوم النّظام ال ّذكي يف الدماغ برتتيبها وتبويبها جمال العلوم العرفنية بقوله "علم العرفنة cognitive
وتصنيفها حسب ما تقتضيه حاجاته وهذا مدار مفصلة عن أسئلة sienceحقل جديد ينشد أجوبة ّ
البحث يف العلوم العرفنية. من قبيل ما هو العقل؟ وكيف نعطي لتجربتنا معىن؟ ما
هو النّظام املفهومي وهل يستعمل مجيع البشر النّظام
/2نشأة اللّسانيات العرفنية وعالقتها ابلعلوم الشيء املشرتك بني مجيع
املفهومي نفسه ....ما هو ّ
العرفنية: البشر فيما به يف ّكرون؟ فاألسئلة ليست جديدة ولكن
تضم بعض األجوبة جديد 3".وإذا كانت العلوم العرفنية
متشعبة ّ
اللّسانيات العرفنية عبارة عن مناويل ّ
كل ماله عالقة ابملنهج العرفين .وجتمع ال ّدراسات على تسعى للبحث فيما به يكون ال ّذكاء يف النّظم
ّ
أ ّن نشأهتا تعود إىل سنة 1987م وهي السنة اليت البيولوجية وكان حامله األساسي (حامل ال ّذكاء) حامال
ظهرت فيها بعض املؤلّفات هتيّئ األرضية النتشار هذه متوجه للكشف عن عصبيا ،فإ ّن الربّنمج املستقبلي ّ
42
رتسخا يف نطاق اإلدراك متجسدا أي م ّ ّ اعتبار الفكر املناويل من مثل كتاب اليكوف 1987م .والنقاكر
وحركة اجلسد ويف إطار التّجربة ببعديها الفزايئي 1987ومقال طاملي 1988م ،وقد صاحب هذا
واالجتماعي. التّأسيس املعريف العلمي حبث مجعية اللّسانيات العرفنية
املتصورات
ّ -اإلقرار بسمة الفكر اخليالية ممّا جيلوه قيام العاملية عام 1977م International
املاثلة يف التّجربة على االستعارة وخمتلف ضروب اجملاز cognetive linguistics association
ع ّد الفكر ذا خصائص جشطلتية ألنبنائه على أشكال ) .(ICILAوأتسيس مجعية العلوم العرفنية
مطّردة وبىن دالّة تنتظم إدراكاتنا وضروب تفاعلنا مع cognitive science societyأبمريكا
9
البيئة. 1979م. 6
فاللسانيات العرفنية عادت ابلنّشاط اللغوي إىل أرضيته وقد أسهم الكثري من الباحثني يف توسيع ال ّدرس اللّساين
ال ّذهنية العرفنية أبن جعلت منه مهارة من مجلة مهارات العرفين ،من أمثال اتيلور 1996م2002-م.كما
عامه ال
ميتلكها البشر وهي مهارة حمكومة مببادئ عرفنية ّ ظهرت يف العامل الغريب بعد ذلك العديد من مجعيات
خاصة ابللّغة دون سائر امللكات العرفنية، مببادئ لسانية ّ لسانية عرفنية حملية أو وطنية.
فاللّغة متناولة يف حركيتها واشتغاهلا متثّل مدخال لفهم فإّنا تقطع مع النّهجّأما منهج الللّسنيات العرفنية ّ
الكثري من مظاهر العرفنة البشرية من حيث طبيعتها االجتاه التّجرييب وممّا ورد يف كتاب
املوضوعي وتتمثل ّ
الزمن ونشوئها أو اكتساهبا ـوهو ما تقصر وتغريها خالل ّ
ّ اّلستعارات اليت حنيا هبا عن ذلك "املعرفية /العرفنية
10
الشكلية املعهودة .تقوم اللّسانيات دونه املداخل ّ تقوم على نقض الطّرح املوضوعي الذي ينظر إىل املعىن
العرفنية إذا على ربط الفكر ابلتخييل واللّغة كواحدة من انطالقا من نظرية توافقية correspondance
متظهرات الفكر وهي ما يرتجم عالقتنا وتفاعلنا مبحيطنا ،وتتبىن
ّ الرموز إىل األشياء اخلارجية
تضم ّ
ّ theory
يتم التعبري عن جتاربنا ،كانت بسب ذلك وسيلة وهبا ّ الطّرح التّجرييب الذي يعترب املعىن مرتبطا أبساس خيايل
لفهم الطبيعة العرفنية لل ّذهن البشري ودراستها سيسهم imaginative projectionيستعمل آليات
يف الكشف عن الكثري من لظواهر العرفنية ونعين مثل املقولة واالستعارة والكناية تتيح أن ينتقل البشر
بدراستها كل ما يكتب أو يلفظ هبذه اللّغة من ممّا يقومون بتجربته بكيفية منبنية إىل مناذج معرفية
خطاابت ونصوص وقصص ورواايت ... يسري
جمردة" وال ّذهن وفق هذه املقاربة اجلديدة ال ّ
7
ّ
ولئن القت األسس واملفاهيم اجلديدة رواجا عند الغرب اجملردة على منوال احلاسوب عرب خوارزميات الرموز ّ ّ
فإّنا التزال متأخرة يف البالد العربية ،وتع ّد
كما أسلفنا ّ مهيكلة بدقّة ،بل يشتغل على حنو تفاعلي ،إذ يعاجل
الرائدة يف هذا اجملال منحماولة األزهر زّّند من احملاوالت ّ املعلومة من خالل شبكة مرتابطة متوازية من األنظمة
خالل عرضه جململ األسس واملبادئ اليت قامت عليها صورية املتولّدة عن جتربتنا احلياتية واجلسدية وال ّذهن
التّ ّ
هذه النظرايت الغربية وكذا اخللفيات الفكرية جمردا بل هو نظام جمسدن .8 وهو إىل ذلك ليس ّ
السيربنتينية والذكاء
واملعرفية هلا مثل علم النّفس املعريف و ّ ومن املسلّمات اليت تقوم عليها اللّسانيات العرفنية:
احلاسويب ....إخل مما هيّأ األرضية لظهور هذه املناويل
43
خيتص بتحليل
سنرّكز يف حبثنا على منوال واحد والذي ّ فضال عن أنّه حاو ل إجراء مقارابت تطبيقية معتمدا
النّصوص واخلطاابت فسوف نطرق ّأوال إىل: على مناذج خمتلفة عربية ،منها ما هو استعاري ومنه ممّا
ص األديب يف عالقته ابملناويل العرفنية:
النّ ّ جيري يف احلياة اليومية البسيطة ممّا عداها ومنها ما
إ ّن النّصوص واخلطاابت متع ّددة بتع ّدد معارف البشر يندرج ضمن النصوص األدبية -سنأيت على ذكره يف
واحلقول املعرفية اليت تنتمي إليها من مثّ كانت "حاضرة ابلشمولية وينبئ عن فهم حينه-وهو ما جعل حبثه يتّسم ّ
املادي الذي نعيش فيه مثّ نتفاعل وفاعلة يف الكون ّ بكل هذه املناويل اليت عرض هلا .ويق ّدمووعي عميقني ّ
14
متنوعة"
بواسطته عرب وسائط فنّية تشكيلية وسيميائية ّ بكل هذه املناويل العرفنية الباحث سبب إملام كتابه ّ
فما علق بنفوسنا من أحوال وجتارب وأتثّريات لعل أبرز ال ّدوافع الكامنة وراء هذا العمل ما قائال" :و ّ
مادة ّأولية تصنع
ومقروءات وأساليب ،ومواقف يصبح ّ الحظناه من اجتزاء النظرايت أبخذ ما يناسب ويصلح
ص نسيج استعاري تؤلّف خيوطه وفق منوال جديد ،فالنّ ّ واجتثاث دون فهم يف األغلب عند املبتدئني ابعتقادهم
بىن ذهنية متآلفة تتجاذب وتتداعى حلظة إنشاء اخلطاب ا ّن العرفنيات شعار يرفع 11"..وقد وقف الباحث على
تعمقت ّإّنا مبثابة طبقات من املواد القدمية واجلديدة اليت ّ مناويل خمتلفة منها ما رّكز على النّحو كنظرية النّحو
يف الوجدان والفكر ،وكان هلا أتثري حمسوس أو غري العرفين من أعالمها النقاكر وجاكندوف وتشومسكي
الصعب أن ينتبه إليها صانع اخلطاب حمسوس ،ومن ّ وهي "واحدة من نظرايت لسانية عرفنية قليلة يكون
ترسبت يف ألّنا تصدر أحياّن عن أصداء بعيدة ّ نفسه ّ الشاملالسعي فيها إىل استيعاب النّحو يف انتظامه ّ ّ
حّت تستدعيها بناءوتظل قابعة هناك ّ
الذاكرة منذ عقود ّ أصواات وصرفا وإعرااب وداللة وتداوال يف اسرتساهلا ،فال
اخلطاابت وما يتعلّق هبا من حاجيات راهنة وأحوال يكون انفصال ما بني اإلعراب وال ّداللة وال مابني اللّغة
15
ودواع وظرفيات وامللكات العرفنية عند املتكلّم " 12ومنها ما ميثّل مناويل
وقد ش ّكلت النصوص واخلطاابت موضوعا خصبا لع ّدة تنصب العناية فيها على املظهر ال ّداليل مطلقا أو ّ
تتفرع لتكتمل يف دراسة جمال حتليل اختصاصات ّ خمصوصا ابالستعارة مثل أعمال اليكوف ،أو ابل ّداللة
اخلطاب" .الذي ارتبط مبسألة اإلنتاج والتّأويل ومها املعجمية يف أعمال طاملي ،ومنها ما رّكز على ال ّداللة يف
مسألتان ال تتصالن ابجلانب اللّساين وحسب وإّمنا هلا مستوى اخلطاب كما يف أعمال فوكونياي والذي تبلورت
عالقات مع األبعاد األخرى غري اللّسانية اليت تساهم يف اختصت برصد ّ أفكاره يف نظرية األفضية ال ّذهنية واليت
تشكيل حتليل اخلطاب 16والزال هذا امليدان يف حاجة الرابطة بني العامل
شبكة األفضية ال ّذهنية والعالقات ّ
تبني كيفيات تشكيل إىل "أدوات وبالغات قادرة على ّ املتصور (يف اخلطاب )ونظريه يف الواقع ،والعالقات ّ
موضوعاته يف الوعي املدرك والباين لألفكار واملعاين لدى العاملة يف اجملاز املرسل وما به يكون االهتداء إىل
الكتاب واملؤلّفني" 17.وإذا كان "التأويل خطااب على املدلول (املعىن) يف حال استعمال دال آخر ليس له يف
الرتكييب وتداخل األنساق خطاب ،فهو يتميّز بطابعه ّ األصل ،وما به تبىن األفضية الذهنية من آليات وأدوات
املعرفية فيه وتباين أدوات اإلبالغ واختالفها ،ممّا يتطلّب ابعتماد مناذج اللّغة العربية مجال ونصوصا .13ومبا انّنا
االعتماد على كل ما هو متاح يف املعرفة اإلنسانية وما
44
موسعة"،
واخلطاب" ،و"البىن اّلستعارية حنو بالغة ّ يتقبل االستحضار واإلدماج والتّوظيف لتخريج داليل أو
ينضاف إليهما حماولة سليم العمري اليت أجراها على النص يتّسع حقل إعادة بناء املعىن وبقدر غىن هذا ّ
القصيدة اجلاهلية يف مقاله املوسوم ببنية القصيدة املعرفة اليت تسمح تبيّنه وتبنّيه" 18من مثّ ش ّكلت
السائدة إىل املنظور
اجلاهلية من النّماذج التّفسريية ّ املباحث العرفنية آليات جديدة ملقاربة النّصوص
العرفاين ،وكذا حماولة الباحثة خدجية وحيد مبقاهلا واخلطاابت وتنمية اخلربة هبا والكشف عن طرق انبنائها
النص بني النّزعة ال ّذهنية وللّغة واحلركية اّلبداعية
" ّ يف ذهن مبدعيها ،لذلك سعى بعض النّقاد والباحثون
لنصني سردي مقطع من الغربة القوة االبداعيّة
أهم مسات ّ إىل استثمارها يف تشخيص ّ
حبيث ق ّدمت قراءة ّ
الظل اّلل العروي ،وشعري "هو مديح املؤسسة للخطاب كنتاج يتجاوز اللّغة املعيارية حنو لغة
ّ واليتيم لعبد ّ ّ
العايل حملمود درويش ،وتع ّد هذه احملاوالت وغريها على ذكيّة ترتجم نشاطا ذكائيا على مستوى اللّفظ واملعىن
تباينها من حيث الكم والعمق فاحتة للبحث يف النص والقصد.
خنص حبثنا مبا ق ّدمه النصوص واخلطاابت وضمن هذا املنظور تتموضع قراءة ّ
األديب من منظور عرفاين .وسوف ّ
األرهر زّّند يف هذا اجملال ونرّكز على "نظرية األفضية جمردة حيتاج تطبيقها إىل استعمال كـ "عملية إدراكية ّ
جرهبا هذا الباحث كمنوال ملقاربة بعض فإّنا ال تتح ّقق
املكونة للعرفان لذلك ّخمتلف املعطيات ّ
ال ّذهنية "اليت ّ
الرغم من ّأّنا جاءت يكوّنا نتيجةقارة وإّمنا ختتلف ابختالف من ّ بطريقة ّ
النصوص من األدب العريب على ّ 19
مقتضبة مراعاة منه لطبيعة البحث الذي مجع بني مجيع تباين املعطيات العرفانية"
تلك املناويل اليت أشرّن إليها ابإلضافة إىل تقدميه لنماذج فأما
ويتّخذ اإلسهام العرفاين هنا وجهني متكاملني ّ
تطبيقية هلا مجيعا .فما هي نظرية األفضية وماهي األول فإبستيمولوجي قوامه اخلروج ابملقارنة من الوجه ّ
فك املقر
حدود املثال العلموي املنشود ذي املنحى الوضعي و ّ
منطلقاهتا وأسسها؟ وكيف ميكن أن تسهم يف ّ
ومعمياهتا وصوال إىل اهلدف املنشود بوجود شروط ضرورية كافية حبكم انتظام أصناف
مغاليق النّصوص ّ
من أتويلها؟ يتجسد يف عمليةّ النّصوصّ .أما الوجه اآلخر فإجرائي
نظرية األفضية ال ّذهنية: تصنيف النّصوص ابستلهام مكتسبات علم النّفس
لقد حاول األزهر زّّند أن يق ّدم لنا منوذجا للمقاربة كما العرفين وعلم ال ّداللة املعجمي ...ومتّ هلذا الغرض تشفري
قعد له فوكونياي -ومل يستغن عن أحباث ال يكوف مفاهيم يف مقاربة النّصوص عرفنيا من قبيل األفضية
ّ
النص األديب ال ّذهنية mental spacesواخلطاطات schemas
ومارك جونسون -وهي فاحتة للبحث يف ّ 20
من منظور عرفاين آبليات تبحث يف قدرة ال ّذهن على واألطر formesواملزج blendingوغريها ....
اإلبداع والتّخييل ،وقد ع ّد نظرية األفضية بدءا "منواال وعربيا التزال هذه املسامهات العرفنية يف املقاربة النّصيّة
يف العالقة بني ال ّداللة والعرفنة ينطلق من تفسري الظواهر حمتشمة –كما أسلفنا-وال تكاد تظهر إالّ ملاحا ،ينظر
املتواترة ،سعيا إىل إقامة نظرية أوسع يف عالقة اللّغة السياق إىل جانب –ماحنن بصدد عرضه -تلك يف هذا ّ
ابلعرفنة يكون فيها الكشف عن االتّصال مابني النّحو حملمد ابزي من خالل كتابيه الرائدة ّ
احملاوالت التطبيقية ّ
والتّجربة يف مجيع املستوايت وما يكون به بناء الواقع ابلنص
ّ "نظرية الـتّأويل التّقابلي مق ّدمات بديلة
45
يطابق فضاء ذهين حاال من األشياء يف الكون مطابقة والتّجربة والتّعبري عنهما عند اإلنسان ابعتماد العبارة
كلّية أو جزئية ،فيكون التّطابق بني عنصر من عناصرها اللّغوية" .21ومن أهم منطلقات فوكونياي وهو يبين
وشيء يف الواقع ،ويكون التّطابق بني خصائص ذلك تصوره اجلديد "أ ّن اللّغة ال ترتبط رأسا بعامل حقيقي أو
ّ
الشيء الواقعية" 25نفهم من ذلك العنصر وخصائص ّ فرايئي إ ّن بني اللّغة والعامل الفرايئي سريورة بناء واسعة
أنّه تسهم بعض العناصر يف نشوء األفضية ال ّذهنية وهي السريورة ال تعكس العبارات اللّغوية اليت ينشئهاوهذه ّ
نوعان؛ واقعية ومتخيّلة وليس شرطا أن تتطابق العناصر وال العامل احلقيقي الذي تعترب األوضاع فيه اهدافا
املتخيّلة مجيعها مع خصائص الشي املتخيّل يف الواقع يسميه
للعبارات اليت ينطبق عليها ،هذا املستوى الوسيط ّ
22
فقد تتطابق جزئيا فقط وهذا عائد إىل خاصيّة ال ّذهن التصوري
فوكونياي املستوى املعريف لذلك فإ ّن النّسق ّ
التّخييلية. "جل
للبشر ال ميكن أن نعيه بشكل عادي ففي ّ
ويعرض زّّند نظرية فوكونياي يف كيفية نشوء األفضية يف نتحرك
التّفاصيل اليت نسلكها يف حياتنا اليومية نف ّكر و ّ
تطورها وما يربط بني هذه األفضية الذهن مثّ انبنائها و ّ أقل أو أكثر آلية ،وذلك تبعا ملسارات سلوكية بطريقة ّ
من روابط كما حي ّدد بناهتا ،ويربطها على وجه خاص السهل القبض عليها ،وتش ّكل اللّغة إحدى ليس من ّ
ابلنشاط اللّغوي لإلنسان ألنّه أبرز ممثل هلا قائال: مؤسسالطّرق املوصلة إىل اكتشافها ،ومبا أ ّن التّواصل ّ
"فاملتكلّم ينشئ ماال ّناية له من األفضية ال ّذهنية يف على نفس النّسق التّصوري الذي نستعمله يف تفكريّن
لعل أبرز ممثّل هلا هو النّشاطالرمزية ّ مجيع األنشطة ّ مهما للربهنة على
ويف أنشطتنا ،فإ ّن اللّغة تع ّد مصدرا ّ
اللّغوي ،فاملتكلّم إّمنا ينشئ ما الّناية له من األفضية الكيفية اليت يشتغل هبا هذا النّسق" .23فاللّغة إذا
ال ّذهنية يف مجيع األقول اليت ينجزها من قبيل احملاداثت إبمكاّنا أن تساعدّن على الكشف عن ما به يشتغل
الرواية واملسرح.26"...الشعر و ّ
والقصص واخلرافات و ّ ال ّذهن ألنّنا نستعمل اللّغة للتّعبري عن رؤيتنا للوجود
ولئن اختلفت هذه املظاهر يف طبيعتها مبا تقوم عليه من والظواهر والوقائع واملوجودات كما هي يف الواقع
للزمن ومن العوامل املمكنة والعوامل املستحيلة ،ومن
تقسيم ّ والتّجربة أي ما كان او ما ميكن ان يكون وما جيب أن
أحوال القصد وأحوال املعرفة ابألشياء والكون وغري وعما نقنع
وعما نراه رؤية للعيان ّ
يكون ،وما هو حمتمل" ّ
فإّنا جتتمع يف مستوى ذلك من مظاهر االختالفّ ، الرواايت "ولئن اختلفت به وما نتخيّله يف القصص و ّ
يكون هلا فيه نفس األدوات يف تكوين األبنية العرفنية، للزمن
هذه املظاهر يف طبيعتها مبا تقوم عليه من تقسيم ّ
كل ما جيب فعله هو البحث يف ما به تشتغل هذه و ّ ومن العوامل املمكنة والعوامل املستحيلة ومن احوال القصد
الوجوه اشتغاال واحدا من زاوية داللية ومنطقية وحنوية واحوال املعرفة ابألشياء والكون وغري ذلك من مظاهر
ولغوية 27".مبعىن أن الظّواهر اللّغوية من نصوص فإّنا جتتمع يف مستوى يكون هلا فيه نفس االختالف ّ
ورواايت وأحاديث عادية وغريها من التّمثالت ال ّذهنية األدوات يف تكوين األبنية العرفنية" .24والفضاء ال ّذهين
السطحية ولكن النّظام اللّغوية ختتلف يف متظهرها وبنيتها ّ هو مجلة من املعلومات املنظّمة املتعلّقة ابملعتقدات
الراجح أنّه مشرتك بني البشراملفهومي الذي أنتجها من ّ الضروري أنويتكون من عناصر وليس من ّ ّ واألشياء
-وإن تفاوتت نسب ال ّذكاء بتفاوت مجالية تلك تكون لتلك العناصر مراجع (يف الواقع)وقد حيدث أن
46
يتولّد منه فضاء واحدا أو مجلة من األفضية –يف التّمظهرات اللّغوية -وقد ّبني فوكونياي أ ّن اآلليات
متعرش .وهو ما متفرع أو ّ املستوى الثّاين -ذات شكل ّ املسؤولة عن بناء املعىن النّووي هي نفسها اليت تنتج
يسمح لنا ابالنتقال بني األفضية حبيث ننحدر نزوال من املعىن اهلامشي فع ّدة ألفاظ حت ّدد بصورة مباشرة بعض
نتدرج صعودا من فضاء فضاء أعلى إىل فضاء أسفل أو ّ معني آخر تلعب شروط استعماهلا وهبذا فإ ّن بنية جمال ّ
فيعرفها
.أما عن بناة األفضية ّ أسفل إىل فضاء أعلى ّ السواء إ ّن
دورا يف إنتاج املعىن احلريف والبالغي على ّ
ليجر سامعه أبّنا "آليات يستعملها املتكلّم ّ فوكونياي ّ هذين اجملالني او الفضاءين خمتلفني من حيث حمتوامها
إىل أتسيس فضاء ذهين جديد وهي العبارات املتح ّققة املوضوعي وقد يشرتكان يف خصائص رئيسة يف مستوى
تؤسس فضاء ابنا يف اخلطاب تراكيب أو وحدات حنوية ّ معني من التمثيل ال ّداليل 28".نفهم من ذلك أن ّ
لفضاء أساس يرتابطان بوجه ما ،وال حتمل بناة األفضية فوكونياي يهدف للكشف عن عملية اشتغال النظام
وتتكون منّ يف ذاهتا معلومات عن الفضاء اجلديد املفهومي من زوااي ع ّدة ،ويتم ذلك من خالل تتبعه
الزمان واملكان يعرب عن ّ كل ما ّ الصفات و ّ األمساء و ّ لسريورة انبناء املعىن يف ال ّذهن .ولئن كانت اللّغة متثيال
وغريها من األطر االفرتاضية 31".ومن املظاهر املقرتنة لالنتظام املفهومي فإ ّن بنيتها تعكس بنية الفضاء
ابنتظام األفضية ال ّذهنية بناء وتناسال وترابطا ممّا ال يتّسع ال ّذهين .وهذا ما يسعفنا يف الكشف عن عدد من
الضيّق دينامية بناء املعىنالشكلي ّ له التّناول املنطقي ّ آليات تش ّكل اخلطاب على مستوى ال ّذهن من مثل
والبعد ال ّذايت يف ذلك ...واالنتظام املفهومي الكامن يف "نقطة االنطالق يف اخلطاب ويسميها فوكونياي الفضاء
انبناء املعىن مرتبط بعدد من اآلليات قوامها أفضية يف األساس وأيضا الفضاء الذي ميثّل موطن البؤرة أي ذاك
اخلطاب مرتابطة يـُتّخذ الواحد منها منظور أو بؤرة مادة الوعي يف حلظة ما وإليه ينضاف شيء الذي ميثّل ّ
الشبكة وعليه تبىن يهتدي منه إىل سائر األفضية خالل ّ جديد من قبيل التّش ّكالت ال ّداخلية يف الفضاء الواحد،
سائر األفضية" .32نفهم من ذلك أ ّن طريقة انبناء املعىن وقوام هذه العمليات مجيعا عند فوكونياي هو مبدأ
النص يرجع إىل آليات تتمركز حول شبكة من يف ّ ويتم نشوء هذه ّ
29
االهتداء .access principale
كل فضاء هو عبارة عن بؤرة أو نواة تنجدل األفضية ّ بطريقة فورية أثناء الكالم .كما تتع ّدد األفضية
يؤدي
حتته جمموعة من األفضية يش ّكل مجيعها تعريشة ّ هتم
وتتناسل بنفس الطّريقة أي آنيا .onlineوقد ّ
الواحد منها إىل توليد الثّاين وتسهم مجيعها عرب ترابطات الربط بينها ،كما فوكونياي بطريقة بناء األفضية وعناصر ّ
يف تشكيل املعىن. عرض كيفية تزايدها أو تب ّدهلا أو انصهارها يف بعضها
ويف سياق احلديث عن الرتابطات فإ ّن فوكونياي يقصد كل فضاء من البعض" ،إذ تتكاثر األفضية أبن يتولّد ّ
هبا "ا ّن البشر يهتدون إىل نفس املعلومات ويعاجلوّنا يفرخه يطلق على الوالد -جمازا -الفضاء فضاء آخر ّ
بطرق خمتلفة" 33وجيد فوكونياي يف ذلك مدخال يثبت األب parentوعلى الفضاء املولود الفضاء االبن
ضرورة البحث فيما ميكن لل ّذهن ان يقيمه من عمليات –childجمازا 30"-مبعىن أ ّن الفضاء األب أو الفضاء
للسياقاتالسياقات وفيما يكون ّ ربط يف خمتلف ّ األساس هو الفضاء االبتدائي الذي ينتج عنه ابقي
34
املختلفة من أاثر يف انبناء املعىن كل فضاء منحدر من فضاء أب ميكن أن األفضية .و ّ
47
واملغ ّفلني اختفى –عرب الزمن -املؤطّر احلقيقي لعملية املخزنة يف
تدخل املعطيات العرفانية ّ يتبني كيفية ّ
فالسياق ّ
ّ
35
اإلنتاج اللّغوي ،ليختفي تباعا أثناء مراقبة اشتغال النّظام تصور العالقات بني عناصر اخلطاب" .إذا ّ
الشخصية البطلة "جحا" للنص من مثّ برزت ّاملفهومي ّ فللرتابطات أمهّية قصوى ذلك أ ّن الكشف عن طرق ّ
فاختذه زّّند كشخصية النص ّ
لتعوض ذلك الفراغ ملؤطّر ّ ّ الرتابط بني انبناء املعىن يف ال ّذهن رهني اكتشاف أوجه ّ
جل املسار التّحليلي العرفين .وميكنحمورية انبىن عليها ّ السياق يف ذلك عناصر اخلطاب مع عدم إغفال دور ّ
أن نقف قبل عرض هذه املقاربة على مالحظتني؛ واالحتكام "إىل ما يف ال ّذهن من اهتمامات وميوالت
أوالمها تذكري أ ّن من مساعي التّحليل العرفين للنّصوص ومعارف ومواقف وأهداف وغريها من املعطيات
36
واخلطاابت هي البحث فيما يكون به املبدع ذكيا الربط بني جمال Domin العرفنية" .ومن مظاهر ّ
والكشف عن كيفية انبناء املعىن ومن مث سريورة انتاج وآخر أن جيري اللّفظ يف الواحد أو العبارة الواحدة
لكن
النص ،و ّوتش ّكل هذه النّصوص يف ذهن منتج ّ املنتمية إىل جمال ما قادحا triggerحييل على وحدة
الباحث قصر اشتغاله على مراقبة تلك العمليات على هدف targetمن جمال عرفين آخر .37ويصوغ
مستوى ذهن جحا ،ومن الواضح أن يكون الباحث فوكونياي ملبدأ االهتداء التّعريف التّايل "ميكن لعبارة
عليما هبذه اخلطوة ويقصد إليها قصدا ،على اعتبار ا ّن تسمي أو تصف وحدة معلومة من جمال ما ان جيري ّ
النص موضوع املقاربة جاء يف سياق أخبار احلمقى ّ تسمى الوحدة لإلحالة على وحدة أخرى من جمال آخر ّ
واملغ ّفلني .أين تنتفي أو تكاد عملية ال ّذكاء ،لتبدأ يف وتسمى الثانية هدفا وعملية اإلحالة اهتداء األوىل قادحا ّ
االحندار إىل مستوى أدىن وهو سلّم املغفلني .وهذا ما وال ّشرط يف قيام عملية االهتداء ان يكون اجملال الثّاين ممّا
يقودّن إىل املالحظة الثانية أ ّن البحث فيما به يكون األول وأنميكن ان يكون االهتداء إليه عرفنيا من اجملال ّ
اإلنسان ليس ذكيا"مغ ّفال"قد يقارب يف الوقت ذاته الرتابط أداة أو قرينة ظاهرة" .38وترتابط األفضية يكون ّ
النص احلقيقي إذ بتنضيده لألشياء والعناصر
ذكاء واضع ّ أبن يهتدي إىل الواحد منها انطالقا من اآلخر بتوفّر
اليت يكون هبا اإلنسان ليس ذكيّا يكون عارفا مبا به العنصر الواحد يف الواحد منها وبتوفّر نظري له يف اآلخر،
يكون االنسان ذكيّا -فبض ّدها تتضح األشياء –مبعىن وحبدوث نقلة االنتباه من الفضاء الواحد إىل اآلخر
النص يكون ذكيّا بقدر بنائه أفضية ذهنية أ ّن واضع ّ تتع ّدد األفضية األساس فتتناءى األفضية يف اخلطاب
39
يتح ّقق على مستواها عدم ذكاء البطل مع حتقيق فكل
فتنقطع سبل االهتداء بينها وضمن هذا املنظور ّ
النص.
التناسق والرتابط الذي حكى به ّ عنصر من الفضاء األساس الب ّد له من نظري يف الفضاء
احلمال.
األول عيّنة املقاربة :خرب جحا و ّ
النص ّ
ّ الرتابط داخل عالقات واسعة املولّد منه ليتحقق شرط ّ
"اشرتى جحا يوما دقيقا ومحله على محّال فهرب وهذا النّظري أو العنصر يكون ّإما لغواي أو عرفنيّا
فلما كان بعد ّأايم رآه جحا فاسترت منه فقيل له
ابل ّدقيق ّ وسيتضح ذلك أكثر يف املقاربة التّطبيقية.
ّ
مين
مالك فعلت كذا؟ فقال :أخاف أن يطلب ّ املقاربة التطبيقية:
كراه".40 صية خيتار
جيرب منواال جديدا يف املقارابت النّ ّ
وهو ّ
نص ّني نثريني أحدمها؛ ّندرة من نوادر احلمقى
الباحث ّ
48
وهكذا ميضي الباحث يف تتبّع سريورة توالد ابقي النص على سبع أفضية؛ واحد أساس وزع الباحث ّ ّ
األفضية وهي ابختصار: العامة هلذه األفضية
والبقيّة مولّدة ،كما رسم األطر ّ
احلمال ابل ّدقيق ،من
نشوء فضاء اثلث جديد هو هرب ّ مؤسس وله مقابل واقعي حال األشياء يف حم ّددا "ما هو ّ
احلمال بعد
هذا الفضاء بين فضاء رابع متثّل يف رؤية ّ الكون ،وما هو افرتاضي موجود فقط يف ذهن املؤطّر"
ثالثة ّأايم مثّ نشأ فضاء خامس هو االستتار من الروابط العرفنية واللّغوية بني هذه
كما قام ابستخراج ّ
احلمال ،ففضاء سادس هو سؤال جحا عن سبب ّ النص ذا
عما به كان ّ األفضية ليصل يف النّهاية للكشف ّ
السابع واألخري وقد ع ّدهاستتاره ،ومنه تولّد الفضاء ّ بنية ساخرة هزلية.
الباحث فضاء افرتاضيا صرفا ألنّه جواب عن سؤال فح ّدد الفضاء األساس الذي هو الفضاء الوالد بنقطة
دافعه اخلوف من طلب الكراء "إذ حييل على حال الشراء"
انطالق احلكي وع ّدها النّواة األوىل وهي "عملية ّ
يربر سلوك االستتار بنوع من ذهنية عند جحا هبا ّ اليت انطلقت منها ابقي األفضية األخرى يقول يف هذا
خاص به ،واالفرتاض يف فضاء اخلوف قائم علىاحلجاج ّ الشراء ....
الصدد :يتمثّل الفضاء األساس يف عمل ّ ّ
43
السابقة"
الواقع الذي توفّرت عناصره يف مجلة األفضية ّ الشراء إطار كامل مبا يقوم عليه من األسس واألطراف و ّ
يعني األفضية وقف الباحث أثناء ذلك على وهو ّ املعلومة وكذلك شخص جحا إطار كامل مبا يصاحبه
الروابط بينها وحصرها يف نوعني؛ لغوية وعرفنية ومن ّ من اخلصائص اليت نسجتها الثّقافة العربية عنه ...بين
احلمال يف
الروابط اللّغوية مثال الضمري العائد على ّ ّ الزمان يوما" .41إذ أ ّن الفضاء قد هذا الفضاء مبح ّدد ّ
الروابط العرفنية ذلك التّطابق الذي
الفضاء الثّاين ،ومثل ّ الشراء" ،وهذا الفضاء تسهم يف نشوئه يكون حداث " ّ
احلمال وقد هرب ابل ّدقيق وصورة عقده جحا بني ّ عناصر عديدة منها "جحا"وهو إطار كامل يف ذهن
احلمال كما بدت يف الفضاء اخلامس حني رآه جحا ّ ترسخ يف ذهنه من معلومات استقاها املتل ّقي العريب مبا ّ
"واهتدى إىل أنّه هوهو مبالحمه وليس محّاال آخر رغم الشعبية ،وقد تبىن األفضية مبح ّدد أو بعنصر من ثقافته ّ
أبايم" .44مثّ إنّه مثّل هلذه األفضية وهي
الزمن ّتباعد ّ زمين "يوم" مبعىن أ ّن الباحث يرّكز على األطراف الثّالثة
تتوالد من بعضها البعض برسم بياين ميكننا استعارته منه النص والبطل واملتل ّقي حيث يقوم بتتبع سريورة انبناءّ
لنفهم ما قام به: النص يف ذهنية جحا واملتل ّقي يف آن معا ويف معىن ّ
حديثه عن األفضية املولّدة عن الفضاء األب يقول:
"ومن هذا الفضاء ينشأ فضاء ابن هو محل ال ّدقيق
(احلمال جحا ،دقيق ،وأمور أخرى كاالتّفاق يف األجر ّ
42
كل فضاء واملسايرة أو املتابعة وما إىل ذلك )..إذا ّ
مؤثّث بعناصر تسهم يف نشوئه ففضاء محل ال ّدقيق
كفضاء مولّد من الفضاء األب ،تسهم يف تكوينه
(احلمال ،جحا .احلمل ال ّدقيق ..
العناصر ّ
49
العملية " 45هكذا إذا يرجع الباحث ظاهرة األثر اهلزيل الشراء
.الفضاء األساس ّ
العامة أي ما هو دارج إىل عدم التناسب بني اخلطاطة ّ
يف جمال املعامالت وخطاطة جحا وعدم التّطابق بني .محل ال ّدقيق
تصوراته ال ّذهنية وما جيب أن يكون .وتستوقفنا عبارة ّ
الباحث "وكأنّه ال يعلم أنّه خاسر منذ أصل العملية" احلمال
.هرب ّ
حتيلنا مباشرة على النّواة املركزية لعملية املسار التّحليلي
للباحث وهو يتتبّع سريورة األفضية ال ّذهنية يف ترابطها .الرؤية
ّ
النص لكنّه وصل إىل
وتوالدها اليت سامهت يف تشكيل ّ
نقطة مبهمة توقّف فيها ذهن جحا عن أداء وظيفته .االستتار
تشعب غري طبيعي يف اخلطاطات العرفنية ووقف على ّ
اجملردة والواقع
لل ّذهن جنم عن عدم التّطابق بني املعطيات ّ السبب
السؤال عن ّ
ّ .اخلوف من دفع الكراء
هوة شاسعة بني القادح واهلدف فولّد ممّا ّأدى لوجود ّ
تباعا األثر اهلزيل عند املتلقي. الروابط بينها ،واألطر
مفصل هلذه األفضية و ّ
وبعد عرض ّ
النص الثّاين الذي عرض له الباحث فهو مدخل ّأما ّ اليت تنضوي حتتها قصد الكشف عن مسات القوة
مسرحية الس ّد للكاتب التونسي "املسعدي" وابل ّذات اإلبداعية فيه ،يصل ختاما إىل أ ّن األثر اهلزيل يف خرب
الشخصيات أفردها صاحب املسرحية صفحة عنواّنا ّ جحا واحلمال ال يكمن يف عناصر األفضية ال ّذهنية؛
لعرض الشخصيات يف شكل قائمة من األمساء ّأما األحداث واألشخاص واألرمنة.....إخل ،وال يف بنية
البعض منها صفات وخصائص وال شيء أمام البعض اخلطاب ذاهتا وإّمنا يكمن يف" الفارق بني القيمة يف
اآلخر: اخللفية املعرفية ملا تقتضيه من سري الكراء العادي ،وقيمة
األشخاص: احلمل عمال وقيمة احملمول بضاعة من جهة منطق
-ميمونة :امرأة. جحا ،فقد حدث خالف ما تقتضيه اخللفية املعرفية ،إذ
-عيالن :رجل كائن ،زائف. احلمال ال ّدقيق لنفسه وقيمة احملمول تفوق بكثري
محل ّ
وحب ومجال.
-ميارى :خيال وطيف ّ قيمة األجر ،وبعبارة أخرى ال يتوفّر التّناسب بني
-بغل ذكي. مؤجر ،محل-دفع األجر، اخلطاطة الع ّامة (محّال – ّ
-ذئب ذو عواء بضاعة -تسليم البضاعة لآلخر ،قيمة األجر –قيمة
-أطياف وهواتف. البضاعة) وخطاطة جحا (محّال -جحا ،محل-أجر،
46
-وواد وجبل دقيق-تسليم ال ّدقيق ،قيمة األجر=قيمة البضاعة)
لقد قصر الباحث حتليله على نقطتني؛ األوىل عرضه فجحا خاسر يف العملية ويعتقد انّه مطالب بدفع األجر
للوصف الذي ق ّدمه كاتب املسرحية لشخصياته من مثّ وقد فقد دقيقه ،وعليه أن يعمد إىل احليلة ابالستتار
توصل إىل القول بتأرجح األفضية ال ّذهنية املوجودة يف
ّ لتجنّب دفع األجر وكأنّه ال يعلم أنّه خاسر منذ أصل
50
ملقاربة النّصوص يف اجملال املعريف العريب وهذا -كما مل النص بني التخصيص والتّعميم ورأى أ ّن "أكثرها ّ
47
خيف على القارئ -عائد الفتقارّن لنظرية نقدية عربية ختصيصا فضاء ميارى وأفقرها ميمونة" مثّ ذكر تواليا
حديثة. كل
كل شخصية حبيث مثّل ّ الوصف كما هو ظاهر أمام ّ
ومن بني النّتائج اليت ميكن أن نقف عندها: مبجرد قراءته.
وصف فضاء ذهنيا ينشأ يف ذهن املتل ّقي ّ
أ ّن هذه النظرايت العرفنية ظهرت سليلة لعلم النّفس ّأما الثّانيّة فإ ّن هذه األفضية اليت نشأت من القراءة
املعريف وال ّذكاء االصطناعي وهي تقوم على الطّرح الشخصيات "هي أفضية أساس أابء سيتولّد منها ألمساء ّ
التّجرييب وتقطع مع الطّرح املوضوعي للمعرفة ،وتسعى مفردة وجمتمعة على درجات أفضية سليلة هلا يف
للبحث فيما به ما يكون به اإلنسان كائنا معرفنا ذكيّا. كل فضاء منها إطار سيصحبه وهذا املسرحية ويف ّ
كما تبحث يف آليات اشتغال ال ّذهن. الركيزة يف كامل الّرواية وهو يبىن شيئا اإلطار سيقوم ّ
-هذه املناويل اعتمدت أساسا على إرجاع ال ّذهن إىل فشيئا إىل منتهاها" .48يكتفي الباحث هبتني النّقطتني
طبيعته رجعته التّخييلية. السابق.
النص ّعلى خالف ما قام به يف ّ
-أ ّن نظرية األفضية ال ّذهنية اليت هي أحد املناويل خيص مقاربته لنص إ ّن ما ميكن مالحظته يف ما ّ
العرفنية تشتغل يف انبناء األفضية يف ال ّذهن واخللفية املسرحية ،هو اكتفائه بتقدمي حتليل موجز هلذا املدخل
املعرفية يف شكل أطر ومناويل ثقافية .وتسعى هذه املقتضب منها قصد تتبّع بناء األفضية فيه وتوالدها إذ
النّظرية للكشف عن آليات اإلبداع عند البشر وفيما هم لعل
الصفحة الواحدة من الكتاب و ّ مل يتجاوز عمله ّ
مشرتكون فيه حلظة اإلبداع. ذلك راجع إىل أمرين؛ فعدا عن تقدميه منوذجا للمقاربة
-أ ّن اإلبداع ال يرتبط فقط ابلعقل بل تشرتك فيه مجلة للنص السابق –على اقتضابه ّ املفصلة نوعا ما
اإلجرائية ّ
من العوامل النّفسية والثّقافية واالجتماعية ....وبقدر هو اآلخر -متوقّعا أ ّن الفكرة أو الطّريقة قد بلغت
متفردا ،وبقدر
ما يكون اإلنسان ذكيا يكون إبداعه ّ ابلضرورات املنهجية اليت
القارئ ،فإ ّن األمر الثّاين متعلّق ّ
ذكاء القارئ ميكنه الكشف عن ذكاء املبدع. ألزم الكاتب نفسه هبا من حيث أ ّن عنوان الكتاب
هذه النّتيجة تقودّن إىل نتيجة حتمية علّها تكون طرحا مؤسس أكثر منه منحى تطبيقي يصب يف منحى نظري ّ ّ
املهم أن نذ ّكر هبا
مل نطرق له يف منت البحث لكن من ّ لذلك شغله العرض النّظري ملختلف املناويل العرفنية
وهي ا ّن طبيعة النّصوص اليت تصلح مقاربتها مبنوال واكتفى بعرض بعض النّماذج التّطبيقية ،وهي وإن
األفضية ال ّذهنية الب ّد تكون إبداعا بشراي (رواايت كانت خمتصرة كما أسلفنا ّإال ّاّنا أسهمت يف إعطاء
قصص حكاايت شعر رسومات )...مادام البحث فيها صورة عن طرق املقاربة اإلجرائية .وإذا كانت املفاهيم
يسعى بدءا للكشف عن عملية اشتغال ال ّذهن البشري واملناويل املعرفية "يف رحلة دائمة بني اجملاالت احلياتية
حلظة إبداعها حملاكاة ال ّذكاء البشري .وهو جيعلنا لزاما وهي يف حاجة إىل عقل قادر على استمدادها ودجمها
نستثين من ال ّدراسة اخلطاب القرآين. يف اجملال املناسب ويف الوقت األنسب" 49فإ ّن األزهر
ختاما سعينا عرب هذ البحث املقتضب لتقدمي بعضا زّّند كان العقل الذي فتح –مع بعض الباحثني-ابب
من األنوال النّظرية احلديثة اليت عمل الباحث على النّقل املعريف هلذه األنوال العرفنية وقد حاول أن يكيّفها
51
األول الغريب إىل جمال ال ّدراسات النّقدية
نقلها من جماهلا ّ
-جورج اليكوف ومارك جونسون :اإلستعارات اليت حنيا هبا.
العربية ،إمياّن أب ّن املعارف تتناسل وتتناسخ ولكنّها يف
تر :عبد اجمليد جحقة .دار توبيقال ط2009، 2مص 5من
5
مق ّدمة املرتجم. ستؤدي إىل تش ّكل الوعي املنهجي والفهم ّ األخري
6
-ينظراألزهر زّّند :نظرايت لسانية عرفنية ص.130 ابلسنن املعريف الذي قامت عليه هذه النّظرايت، العميق ّ
ارتبطت فكرة املقولة categorization ليح ّقق الباحث وآخرون -يف ّناية املطاف -عرب
ببناء املعرفة فهي أداة يستعملها البشر لتصنيف املعطيات قصد تراكمات معرفية إجياد نظرية نقدية عربية ملقاربة اإلبداع
السيطرة عليها وفهمها (ينظر جليلة محودة :املعىن وآليات مقولته ّ العريب الناتج عن ذهنية متمايزة يف ثقافتها وخلفياهتا
يف اللّغة العربية مقاربة داللية عرفانية الدار التونسية للكتاب
وجتربتها عن ذهنية اآلخر.
ط،1،2017ص.)9
-اليكوف وجونسون :االستعارات اليت حنيا هبا ص 117
النص واخلطاب يف املباحث العرفنية
املنجي القلفاط وآخرونّ :
ص 58 هوامش البحث:
9
-سليم العمري :بنية القصيدة اجلاهلية من النماذج التفسريية
1
النص واخلطاب يف املباحث -املنجي القلفاط وآخرونّ :
السائدة إىل املنظور العرفاين ،ضمن كتاب النص واخلطاب يف ّ
العرفانيّة ،أعمال النّدوة ال ّدولية الثّانية املعهد العايل للّغات
املباحث العرفنية ،املنجي القلفاط وآخرون ص .214نقال عن
جامعة قابس تونس دار كنوز املعرفة للنّشر ط 2018 1:م
lakoff.G.women,Fire ,and Dangerous
ص.
things what categories reveal about the
نقال عن مصطفى احل ّداد :اللّغة والفكر وفلسفة ال ّذهن ،دار ورد
mind ,university of chicago and
2
األردنية ،االردن ط1،2013م ص.36
london ;1987, pp .XI-XVII
10 -النّظام املفهومي هو نظام يشتغل على احمليط ترتيبا وتبويبا وما
-األزهر زّّند نظرايت لسانية عرفنية ص .34
إىل ذلك من وجوه التّنضيد واملقولة واحلفظ والتّسجيل والتّخزين
املرجع نفسه ص 1111
(ينظر األزهر زّّند :لسانيات نظرية عرفنية منشورات االختالف
املرجع نفسه ص 13712
ص)15
املرجع نفسه ص 9613
-األزهر زّند :املرجع نفسه ص15نقالعن اليكوف1987:من
ص
حممد ابزي :نظرية التّأويل التّقابلي ،مق ّدمات بديلة ابلنّ ّّ - 3
14 املق ّدمه
الرابط ط2013 1م ص .319 واخلطاب دار األمان ّ
يقسم العامل
-الكائن ال ّذكي هو ذلك الكائن الذي يقدر أن ّ
موسعة دار األمان
حممد ابزي :البىن االستعارية حنو بالغة ّ ّ -
املع ّقد الذي يعيش فيه إىل جمموعات أو عناصر صغرى ميكن
الرابط ط1،2017م ص 12015 ّ
حتديدها ومعرفتها مثّ هو الكائن الذي يستعمل تلك املعرفة
-خليفة امليساوي :املصطلح اللّساين وأتسيس املفهوم منشورات
16 ألداء اعمال وفق ما تقتضيه حاجاته وظروفه على وجه خيطّط له
االختالف ط2،2015م ص.176
ويتح ّكم يف مساره ومن أسس ال ّذكاء بركيزتيه حصول التمثيالت
حممد ابزي :نظرية التّأويل التّقابلي مق ّدمات ملعرفة بديلة
ّ -
والقدرة على توليف املعلومات( .ينظر األزهر زّّند :املرجع نفسه
ابلنص واخلطاب ص 30217 ّ
18 ص.)16
املرجع نفسه ص .179
19 -األزهر زّّند :املرجع نفسه ص 364
-جليلة محّودة :املعىن وآليات مقولته ص.292
52
44
-املرجع نفسه ص.213 النص واخلطاب يف املباث العرفنية
-املنجي القلفاط وآخرونّ :
45
-املرجع نفسه ص.215 ص620 /5
-املرجع نفسه ص219نقال عن املسعدي :مسرحية الس ّد -األزهر رّنّد :نظرايت لسانية عرفنية ص 19821
46
ص.13 -اليكوف جونسون :االستعارات اليت حنيا هبا ص 822
-املرجع نفسه ص 21947 -املرجع نفسه ص 2123
48 24
-املرجع نفسه ص .219 -األزهر زّّند :نظرايت لسانية عرفنية ص.199
49 25
موسعة ص.68 حممد ابزي :البىن االستعارية حنو بالغة ّ
ّ -املرجع نفسه ص.206
ا املرجع نفسه ص20626 .
املرجع نفسه ص - 19927
املعىن النّووي هي اخلصائص ال ّداللية اليت تفيدها عبارة لغوية
ما مبقتضى بنيتهاّ .أما املعىن اهلامشي فهي اخلصائص
أو البالغية اليت تفيدها pragmatic propretiesال ّذريعية
السياق "(ينظر اليكوف العبارة اللّغوية انطالقا من االستعمال و ّ
وجونسون ص ).5
28
-اليكوف وجونسون :االستعارات اليت حنيا هبا ص.:.5
السابق ص 19929 -األزهر زّّند :املرجع ّ
30
-املرجع نفسه ص.211
-املرجع نفسه ص 20731
32
-املرجع نفسه ص.211
-املرجع نفسه ص19933 .
34
-املرجع نفسه ص.206
السابق ص 29335 -جليلة محّودة :املرجع ّ
-جليلة محّودة :املرجع نفسه ص293نقال عن فان ديك:
36
النص بىن ووظائف ص.161 ّ
37
السابق ص 200 -األزهر زّّند :املرجع ّ
38
-املرجع نفسه ص.206
املرجع نفسه ص21239
اجتزأ منه الباحث
ينظر يف هذا االمر عنوان الكتاب الذي َ
اجلوزي
ّ النص وهو اخبار احلمقى واملغ ّفلني البن
هذا ّ
-األزهر زّّند :املرجع نفسه ص212نقال عن ابن اجلوزي:
40
أخبار احلمقى واملغ ّفلني ص.46
41
-املرجع نفسه ص.212
42
-املرجع نفسه
-املرجع نفسه ص 21543
53
مسات اخلطاب القرآين دراسة يف األسلوب
55
نط َق الطَِّْري َوأوتِينَا ِمن ك ِل َش ْيء إِ َّن أَيـُّها النَّاس علِمنَا م ِ وتكامال" ،فالكالم يقوم أبشياء ثالثة لفظ حامل ومعىن
ْ َ َ
ضل الْمبِني﴾ ،ويتجلى ذلك أكثر يف قوله 5
ََٰه َذا َهل َو الْ َف ْ به قائم وربط هلما انظم ،مث إن القرآن هو الذي مجع
تعاىلَ ﴿ :اي أَيـُّ َها النَّاس ْاعبدوا َربَّكم الَّ ِذي َخلَ َقك ْم هناايت الفضل يف هذه العناصر الثالثة ،فإذا أتملته
ين ِمن قَـْبلِك ْم لَ َعلَّك ْم تَـتـَّقو َن﴾.6 َّ ِ
َوالذ َ وجدت هذه األمور منه يف غاية الشرف والفضيلة؛ حىت
ويف السياق نفسه يقول عز من قائلَ ﴿ :اي ال ترى شيئا من األلفاظ أفصح وال أجزل وال أعذب
ض َح َالاال طَيِباا َوَال تَـتَّبِعوا أَيـُّ َها النَّاس كلوا ِممَّا ِيف ْاأل َْر ِ من ألفاظه ،وال ترى نظما أحسن أتليفا؛ وأشد تالؤما
ات الشَّيطَ ِ خطو ِ
ني ﴾ ،7وقال جل ان إِنَّه لَك ْم َعد ٌّو ُّمبِ ٌ ْ َ وتشاكال من نظمه ،وأما املعاين فال خيفى على ذي
ِ
الرسول ِاب ْحلَِق من شأنهَ ﴿ :اي أَيـُّ َها النَّاس قَ ْد َجاءَكم َّ عقل أهنا هي اليت تشهد هلا العقول ابلتقدم يف أبواهبا
ّلِل َما ِيف َّربِكم فَآ ِمنوا خريا لَّكم وإِن تَكْفروا فَِإ َّن َِِّ 2
والرتقي إىل أعلى درجات الفضل يف نعوهتا وصفاهتا"
َ ْا ْ َ ْ
8 ِ
اّلِل َعل ايما َحك ايما﴾ ،ويف غري ِ ض َوَكا َن َّ ِ
الس َم َاوات َو ْاأل َْر ِ
َّ فأسلوب اخلطاب القرآين معجز اتصاال وانفصاال،
ذلك من اآلايت؛ اليت يكون فيها اخلطاب موجها أما االنفصال :فعباراته الدالة على احلقيقة؛ واجملاز املعربة
للعموم ،على عكس بعض اآلايت اليت يبتغي فيها أبساليب التشبيه؛ واالستعارة؛ والكناية ...أسلوب لني
القرآن أسلوب التخصيص. إذا أراده هللا كذلك ،وعنيف قاصف إن أراده ذلك.
-2خطاب خاص: واالتصال :يظهر يف طريقة تركيب اجلمل املرتابطة
أ -خطاب موجه لألنبياء والرسل: مع أخواهتا ،بشكل جيسد مشاهد ختتلف من موضع
اْسه مثل قوله تعاىلَ ﴿ :اي َزَك ِرَّاي إِ َّان نـبَ ِشرَك بِغ َالم ْ آلخر ال سبيل للبشر هبا؛ وال طاقة هلم يف اتباعها؛ أو
َْحي َ َٰي َملْ ََْن َعل لَّه ِمن قَـْبل َِْسيًّا﴾ ،9وقوله تعاىلَ ﴿ :اي َْحي َ َٰي السري على منواهلا .3
صبِيًّا﴾ ،10وقوله جل اب بِق َّوة َوآتَـْيـنَاه ْ ِ ِ ومما يزيد أسلوب القرآن متيزا وتفردا؛ أنه يظل
ْم َ احلك َ خذ الْكتَ َ
ك َو َعلَ َٰى يسى ابْ َن َم ْرَميَ اذْك ْر نِ ْع َم ِيت َعلَْي َ ِ
وعالَ ﴿ :اي ع َ جاراي على نسق واحد يف السمو واجلمال لفظا ودقة
َّاس ِيف الْ َم ْه ِد ِ
وح الْقد ِس ت َكلم الن َ ُّك بِر ِ ك إِ ْذ أَيَّدت َ
ِ
َوال َدتِ َ وعمقا؛ مع تباين موضوعاته املختلفة.
يل ِِ ك الْ ِكتَاب و ِْ َوَك ْه اال َوإِ ْذ َعلَّ ْمت َ فالقرآن تشريع؛ وقصص؛ وأخبار غيب؛ ومواعظ
ْمةَ َوالتـ َّْوَرا َة َو ْاإلَن َاحلك َ َ َ
ني َك َهْيـئَ ِة الطَِّْري إبِِ ْذِين فَـتَنفخ فِ َيها وإِ ْذ َختْلق ِمن ِ
الط ِ
َ َ خاطب هبا صنوفا خمتلفة من الناس تتعاقب مع تعاقب
ص إبِِ ْذِين َوإِ ْذ ِِ
فَـتَكون طَْ اريا إب ْذِين َوت ِْربئ ْاألَ ْك َمهَ َو ْاألَبْـَر َ الزمان.
نك إِ ْذ ِ ِ ِِ ِ ِ
يل َع َ ختْرِج الْ َم ْوتَ َٰى إب ْذين َوإ ْذ َك َف ْفت بَِِن إ ْسَرائ َ إنه أسلوب يروم اخلطاب مرة بصيغة العموم،
ات فَـ َق َال الَّ ِذي َن َك َفروا ِمْنـه ْم إِ ْن ََٰه َذا إَِّال ِجْئـتـهم ِابلْبـيِنَ ِ
َ َ واترة بصيغة اخلصوص ،ويوجه كالمه اترة للمرسلني؛
ِ
ني ﴾.11 س ْحٌر ُّمبِ ٌ وأخـرى للمسلمني؛ واملؤمنني؛ والكافرين؛ واملنافقني.
ب -خطاب موجه للمؤمنني والصاحلني: احملور األول :أنواع اخلطاب القرآين
َّ ِ
ين َآمنوا َال تَـقولوا مثال قوله تعاىلَ ﴿:اي أَيـُّ َها الذ َ -1خطاب عام:
اْسَعوا﴾ ،12و قوله سبحانهَ ﴿ :اي اعنَا َوقولوا انظ ْرَان َو ْ رِ حنو قوله تعاىل﴿ :ق ْل َاي أَيـُّ َها النَّاس إََِّّنَا أ ََان لَك ْم
َ
ات ما رزقْـناكم وا ْشكروا َِّّلِلِ ِ ِ ِ ِ َّ ِ
ين َآمنوا كلوا من طَيبَ َ َ َ َ ْ َ أَيـُّ َها الذ َ ني﴾ ،4وقوله تعاىل على لسان سليمانَ ﴿ :اي نَذ ٌير ُّمبِ ٌ
56
َنفقوا طَْو اعا أ َْو َك ْراها لَّن مثل قول هللا﴿ :قل أ ِ إِن كنت ْم إِ َّايه تَـ ْعبدو َن﴾ ،13وقوله جل شأنهَ ﴿ :اي أَيـُّ َها
ْ
ِ ِ ِ َّ ِ ِ ِ ِ َّ ِ
يـتَـ َقبَّ َل منك ْم إِنَّك ْم كنت ْم قَـ ْواما فَاسق َ
21
ني﴾ ،وقوله جل ين
ب َعلَى الذ َ ب َعلَْيكم الصيَام َك َما كت َ ين َآمنوا كت َ الذ َ
ِج َّما ََْت َذرو َن﴾.22 استَـ ْه ِزئوا إِ َّن َّ
اّلِلَ خمْر ٌ شأنه﴿ :ق ِل ْ ِمن قَـْبلِك ْم لَ َعلَّك ْم تَـتـَّقو َن﴾ ،14وقوله جل ذكرهَ ﴿ :اي
آايتِِه َوَرسولِِه كنت ْم ِ
وقوله تعاىل﴿ :ق ْل أَ ِاب َّّلِل َو َ ول َوأ ِوِل ْاأل َْم ِر الرس َ َطيعوا َّ اّلِل وأ ِ ِ
ين َآمنوا أَطيعوا ََّ َ
َّ ِ
أَيـُّ َها الذ َ
تَ ْستَـ ْه ِزئو َن َال تَـ ْعتَ ِذروا قَ ْد َك َف ْرُت بَـ ْع َد إِميَانِك ْم إِن نـ َّْعف َعن ِمنك ْم ﴾ ... 15وغريها من اآلايت املدنية اليت تبتدئ
ِ ِ ِ ِ ِ
ني ﴾ .23 ب طَائ َفةا ِأب ََّهن ْم َكانوا ُْم ِرم َ طَائ َفة منك ْم نـ َعذ ْ ب (اي أيها الذين آمنوا )؛ واليت أتيت إما آمرة أو انهية؛
احملور الثاين :أسلوب اخلطاب القرآين مجي اعا َوَال صموا ِِبب ِل َِّ
اّلِل َِ مثل قول هللا جل وعز﴿ :و ْاعتَ ِ
َْ َ
راوح القرآن بني العام واخلاص يف األسلوب اّلِل َعلَْيك ْم﴾ ،وقوله عز وجل: 16 تَـ َفَّرقوا واذْكروا نِعمت َِّ
َْ َ َ
بشكل فريد شامل ،خياطب العقل والضمري ،ال هو ﴿ َوَال تَـ ْقتـلوا أ َْوَال َدك ْم َخ ْشيَةَ إِ ْم َالق َّْحنن نَـ ْرزقـه ْم َوإِ َّايك ْم
ابألديب الذي ينساق وراء العاطفة والوجدان ،وال الزَان إِنَّه َكا َن إِ َّن قَـْتـلَه ْم َكا َن ِخطْئاا َكبِ اريا َوَال تَـ ْقربوا ِ
َ
اّلِل إَِّالس الَِّيت َحَّرَم َّ ِ ِ
ابلعلمي أو الفلسفي الذي يهتم ابلعقل وحده. فَاح َشةا َو َساءَ َسب ايال َوَال تَـ ْقتـلوا النَّـ ْف َ
ِ
إنه آايت علمية تعرض حقائق الكون ،وروعته، اان فَ َال وما فَـ َق ْد َج َع ْلنَا لَِوليِ ِه س ْلطَ ا ِ
ِاب ْحلَِق َوَمن قت َل َمظْل ا
ودقة قوانينه ،ونظمه ،واتساق ُمراته. ي ْس ِرف ِيف الْ َقْت ِل إِنَّه َكا َن َمنص اورا َوَال تَـ ْقَربوا َم َال الْيَتِي ِم
مثال ذلك ما َنده يف أتملنا لقوله عز وجل: َح َسن َح َّ َٰىت يَـْبـل َغ أَشدَّه َوأَْوفوا ِابلْ َع ْه ِد إِ َّن ِ
إَِّال ِابلَِّيت ه َي أ ْ
آّلِل
صطََف َٰى َّ ين ا ْ
ِ ِ ِ َّ ِ ﴿ق ِل ْ ِ ِ
احلَ ْمد َّّلِل َو َس َال ٌم َعلَ َٰى عبَاده الذ َ الْ َع ْه َد َكا َن َم ْسئ اوال َوأ َْوفوا الْ َكْي َل إِ َذا كِْلت ْم َوِزنوا
خري أ ََّما ي ْش ِركو َن أَ َّمن خلَق َّ ِ ِ ِ ِابلْ ِق ْسطَ ِ
َنزَلض َوأ َ الس َم َاوات َو ْاأل َْر َ ْ َ َ َ ٌْ َح َسن َأتْ ِو ايال َوَال ك َخ ْريٌ َوأ ْ اس الْم ْستَقي ِم ََٰذل َ
ِ ِ ِ ِ ك بِِه ِع ْل ٌم إِ َّن َّ
ات َهبْ َجة َّما الس َماء َماءا فَأَنبَـْتـنَا بِه َح َدائ َق َذ َ لَكم م َن َّ صَر َوالْف َؤ َاد ك ُّل الس ْم َع َوالْبَ َ س لَ َ تَـ ْقف َما لَْي َ
اّلِل بَ ْل ه ْم قَـ ْوٌم َكا َن لَكم أَن تنبِتوا شجرها أَ إَِٰلَه َّمع َِّ
ٌ َ َ َََ ْ ك َكا َن َعْنه َم ْسئ اوال ﴾.17 أوَٰلَئِ َ
ِ ِ ج -خطاب موجه ألهل الكتاب:
ض قَـَر اارا َو َج َع َل خ َال َهلَا أ َْهنَ اارا يَـ ْعدلو َن أَ َّمن َج َع َل ْاأل َْر َ
اجازا أَ إَِٰلَهٌ َّم َع وجعل َهلا رو ِاسي وجعل بني الْبحري ِن ح ِ اب تَـ َعالَ ْوا حنو قوله تعاىل ﴿:قل اي أَ ْهل الْ ِكتَ ِ
َ َ َ َ َ َ َ َ َ َ َ َ َْ َ َ ْ َْ َ ْ َ َ
ضطََّر إِ َذا اّلِل بَ ْل أَ ْكثَـره ْم َال يَـ ْعلَمو َن أ ََّمن ِجييب الْم ْ َِّ اّلِلَ َوَال ن ْش ِرَك إِ َ َٰىل َكلِ َمة َس َواء بَـْيـنَـنَا َوبَـْيـنَك ْم أََّال نَـ ْعب َد إَِّال َّ
ض أَإَِٰلَهٌ َّم َع السوءَ َوَْجي َعلك ْم خلَ َفاءَ ْاأل َْر ِ دعاه ويك ِ اّلِل﴾،18 ون َِّ ضا أَراباب ِمن د ِ ِ ِِ
ْشف ُّ َ َ ََ به َشْيـئاا َوَال يَـتَّخ َذ بَـ ْعضنَا بَـ ْع ا ْ َ ا
ات الَِْرب اّلِل قَلِ ايال َّما تَ َذ َّكرو َن أ ََّمن يـه ِديكم ِيف ظلم ِ
َ َْ ْ
َِّ اب ِملَ تَصدُّو َن َعن وقوله جل شأنه﴿ :قل اي أ َْهل الْ ِكتَ ِ
ْ َ َ
ني يَ َد ْي َر ْْحَتِ ِه أَإَِٰلَهٌ َّم َع َوالْبَ ْح ِر َوَمن يـ ْرِسل ِ وهنَا ِع َو اجا َوأَنت ْم ش َه َداء َوَما َّ
اّلِل اّلِل َم ْن َآم َن تَـْبـغ َ سبِي ِل َِّ
الرَاي َح ب ْشارا بَْ َ َ
اخلَْل َق مثَّ يعِيده اّلِل َع َّما ي ْش ِركو َن أ ََّمن يَـْب َدأ ْ ّلِل تَـ َع َاىل َّا َِّ بِغَافل َع َّما تَـ ْع َملو َن﴾ ،وقوله تعاىل﴿ :ق ْل َاي أ َْه َل
19 ِ
ض أَإَِٰلَه َّمع َِّ ومن يـرزقكم ِمن َّ ِ ِِ ِ ِ ِ
اّلِل ق ْل َهاتوا الس َماء َو ْاأل َْر ِ ٌ َ َ َ َ َْ يل
الْكتَاب لَ ْست ْم َعلَ َٰى َش ْيء َح َّ َٰىت تقيموا التـ َّْوَرا َة َو ْاإلَن َ
السماواتِ ِ
ني قل َّال يَـ ْعلَم َمن يف َّ َ َ
ِ
صادق َ
ِ
بـ ْرَهانَك ْم إِن كنت ْم َ َوَما أن ِزَل إِلَْيكم ِمن َّربِك ْم ﴾.20
اّلِل َوَما يَ ْشعرو َن أ ََّاي َن يـْبـ َعثو َن﴾.24 ب إَِّال َّض الْغَْي ََو ْاأل َْر ِ د -خطاب موجه للمنافقني:
أوردت هذا النص رغم طوله؛ ألنه يلخص
أسلوب اخلطاب القرآين ،اجلامع بني دقة خطاب تقريري
57
املشتقات منها كالقشور والنوى ابلنسبة إىل أطايب يلخص حقائق كونية علمية ،وسالسة العبارة؛ اليت
الثمر ،وكاحلثالة والتنب ابلنسبة إىل لبوب احلنطة . 25 جتذب متلقي اخلطاب.
إن خطاب القرآن ينبو عن الغريب احلوشي، فالنص َتدث عن السماوات واألرض ،مبينا
ألفاظه سهلة ميسرة ملن أراد أن َّ
يذكر. قدرة اخلالق ،وذكر حقائق برهن عليها عقـال ،لكن املثري
2مناسبة األلفاظ للمعاين: هو الكيفية اليت سرد هبا هذه املسائل العلمية ،واليت
هذه اخلصيصة يتفرد هبا أسلوب اخلطاب القرآين، تقتضي توظيف أسلوب جاف تقريري كما هي العادة،
فرمبا ختري األلفاظ للمعاين املتداولة يسهل؛ لكن األمر لكن النص جاء بشكل عذب سائغ متصل يشعر
شاق مع املعىن البارع ،وهذا ما َنده مكينا يف خطاب مستمعه ابملتعة ،وخياطبه ابحلجة والربهان يف اآلن نفسه.
القرآن؛ الذي أتى أبلفاظ بديعة ملعان جديدة يف العقيدة فاخلطاب القرآين جيمع بني :بالغيت اإلمتاع واإلقناع.
والشريعة. وهبذا االعتبار يظل أسلوب القرآن يف منزلة
فوافق بذلك املعىن اللفظ يف الرباعة ،عكس عليا من الفصاحة والبالغة؛ رغم التباين يف املوضوعات
بلغاء البشر ،فكثريا ما يتعثرون وخيفقون يف اختيار كما سبق ذكره.
األلفاظ املثلى للمعاين املألوفة. فاخلطاب القرآين؛ وعد ووعيد؛ و ِحكم
ومن أقرب ما يدل على ذلك ،نقد اخلنساء ومواعظ ،...كلها ختدم قضية التوحيد وابقي املكارم اليت
حلسان بن اثبت يف سوق عكاظ عند قوله: ترتقي ابإلنسانية.
ُّحى
يلمعن ابلض َ
َ فنات الغُُّر
لنا اجلَ ُ هذا إن نظران إىل كتاب هللا بشكل كلي ،أما
َسيَافُنَا يَ ْقطُْر َن ِمن ََْن َد ٍة َد َما
وأ ْ إن فككنا بنيته؛ فإننا َنده ميتاز خبصائص تتجلى يف:
...قالت اخلنساء :أضعفت افتخارك يف مثانية 1فصاحة األلفاظ:
مواضع ،26وهي اليت وقع فيها الوهن حلسان يف بيت ألننا إذا أتملنا اخلطاب القرآين وجدان اإلبداع
الشعر ،وهذا يبني عظم األمر. ظاهرا يف احتوائه أفصح األلفاظ الرائعة املعربة؛ اليت
3الدقة يف االختيار: يستحسنها السمع ،فأي مفردة منه تناولتها ابلفحص
كل لفظة من ألفاظ اخلطاب القرآين ختتار بشكل وجدت حروفها متآلفة.
دقيق؛ لتؤدي املعىن بطريقة بليغة ،وأمثلة ذلك يف القرآن فتجد يف مفرداته البليغ الرصني؛ اجلزل يف موطنه،
كثرية .يقول اجلاحظ" :وقد يستخف الناس ألفاظا والفصيح القريب اللني يف موطنه أيضا ،ولو استعرضته
ويستعملوهنا ،وغريها أحق بذلك منها .أال ترى أن هللا كله مرارا وتكرارا ما رأيت فيه البتة لفظا حوشيا
تبارك وتعاىل مل يذكر يف القرآن الكرمي (اجلوع) إال يف موحشا ،وال هجينا مذموما؛ أو ثقيال كريها مما تنفر منه
موضع العقاب ،أو يف موضع الفقر املدقع والعجز الطباع املهذبة؛ أو متجه األْساع امل َرهفة.
الظاهر ،والناس ال يذكرون السغب ويذكرون اجلوع يف وقد شهد جل علماء العربية أن ألفاظ القرآن هي
حال القدرة والسالمة .وكذلك ذكر (املطر)؛ ألنك ال لب كالم العرب وزبدته ،وأن ما عداها وعدا األلفاظ
جتد القرآن يلفظ به إال يف موضع االنتقام .والعامة
58
ذلك أن لفظة (تؤذي) إذا جاءت يف الكالم وأكثر اخلاصة ال يفصلون بني ذكر املطر وبني ذكر
ينبغي أن تكون مندرجة مع ما أييت بعدها متعلقة به الغيث (.)...
ِ ِ
كقوله تعاىل﴿ :إِ َّن ََٰذلك ْم َكا َن يـ ْؤذي النِ َّ
َِّب﴾ ،ال كما واجلاري على أفواه العامة غري ذلك ،ال يتفقدون
جاءت يف قول املتنِب: من األلفاظ ما هو أحق ابلذكر ،وأوىل ابالستعمال
روءةُ وهيَ تُؤذي
تَ لَ ّذ لهُ املُ َ ( )...والعامة رمبا استخفت أقل اللغتني وأضعفهما،
ش ْق يَلَ ّذ لهُ الغَر ُام .29
وم ْن يَع َ
َ وتستعمل ما هو أقل يف أصل اللغة استعماال؛ وتدع ما
إذن :اخلطاب القرآين تفوق بنظمه أوال على هو أظهر وأكثر ،ولذلك صران َند البيت من الشعر قد
أعذب الشعر وأكثره هباءا ورونقا وجزالة ،فهو كما قال سار ومل يسر أجود منه وكذلك املثل السائر".27
الرماين" :أتى بطريقة مفردة خارجة عن العادة ،هلا منزلة فاجلاحظ يشري إىل الدقة الشديدة يف اختيار ألفاظ
يف احلسن تفوق به كل طريقة" .30 اخلطاب القرآين؛ ألن املعىن يتغري وحيسن بلفظ ،ويصبح
5جودة السبك: رديئا آبخر .ورب لفظ حيمل من الداللة ما ال ميلكه
تتماسك ألفاظ اخلطاب القرآين بشكل يشد مرادفه .ويتأكد هذا بتأملنا أسلوب اخلطاب القرآين؛
بعضها بعضا؛ لتتآخى جرسا وإيقاعا؛ إذ يستحيل الذي لو أردت أن تستبدل فيه كلمة مكان أخرى
االستغناء عن كلمة من اآلايت دون اإلخالل ابملعىن؛ ألرقك األمر ،وأحسست ِبمل ال طاقة لك به.
ألن الكلمات يف القرآن خمتارة ملغزى يقصد اخلطاب 4حسن النظم:
إبالغه. فالنظم أكثر ما يشد وجيذب يف خطاب
فاخلطاب يف القرآن أييت بصياغة مقصودة، القرآن ،وبه فاق مجيع أنواع اخلطاب؛ ألن الكلمة َتسن
وحروف حمكمة؛ تؤدي جرسا وإيقاعا دقيقا ،ال يتم يف موطن وتتألق؛ يف حني تظهر شوهاء شنيعة يف موقع.
املعىن إال هبا ،وهذه خصيصة من خصائص اخلطاب حيث جتد لفظة واحدة يف آية من القرآن؛ ويف بيت من
القرآين. الشعر؛ أتت يف القرآن جزلة متينة ،ويف البيت الشعري
6دقة الفواصل: ركيكة ضعيفة ،مثل خطاب هللا لصحابة الرسول ،قال
يذيِل اخلطاب القرآين بفواصل متنحه طابعا خاصا ني ِحلَ ِديث إِ َّن ِِ ِ ِ
تعاىل﴿ :فَِإ َذا طَع ْمت ْم فَانتَشروا َوَال م ْستَأْنس َ
َِّب فَـيَ ْستَ ْحيِي ِمنك ْم َو َّ ِ ِ
مميزا ،هذه الفواصل ترتبط ارتباطا وثيقا ودقيقا ابملعاين، اّلِل َال يَ ْستَ ْحيِي ََٰذلك ْم َكا َن يُ ْؤذي النِ َّ
ولذلك دور عظيم "فالفواصل حروف متشاكلة يف احلَِق﴾. 28 ِم َن ْ
املقاطع ،توجب حسن إفهام املعاين".31 وقول املتنِب:
وهي خبالف قوايف الشعر وابقي أنواع اخلطاب ش ْق يَلَ ّذ لهُ الغَر ُام
وم ْن يَع َ
َ روءةُ وهيَ تُؤذي
تَ لَ ّذ لهُ املُ َ
املؤثر؛ اليت تتماثل يف احلرف األخري ،حيث نالحظ هذا فهذا البيت من أبيات املعاين الشريفة؛ إال أن لفظة
بكثرة يف اخلطاب امل ِكي ،والذي ترتبط فيه الفاصلة مبا (تؤذي) جاءت فيه ويف اآلية من القرآن ،فحطت من
َ
قبلها من اآلية ،وهذا ما يسمى ابلتصدير ،أو ما يسميه قدر البيت لضعف تركيبها ،عكس تركيب اآلية؛ الذي
البالغيون رد األعجاز على الصدور ،32أو تدل على وافق فيه اللفظ غرض اخلطاب.
59
مث أبطل عدوهلم عن الصواب ،وبني ابحلجة اليت معىن قبلها ،كما يف قول هللاَ ﴿ :وآيَةٌ َّهلم اللَّْيل نَ ْسلَخ ِمْنه
تعرض حقيقة خلق اإلنسان وتقدير أجله؛ ليقول﴿ :مثَّ َّه َار فَِإ َذا هم ُّمظْلِمو َن﴾.33النـ َ
أَنت ْم متََْرتو َن﴾ ،أي :أهنم يكابرون وهللا عليم هبذا ،فهو فكلمة مظلمون دلت على انسالخ النهار من
يف السماء ويف األرض مطلع على السر والعلن. الليل ،وقد متهد اآلية مبعىن يناسب الفاصلة ،كما
ويف خطاب القرآن على لسان إبراهيم -سالم يف قوله تعاىل ﴿ :قَالوا َربـُّنَا يَـ ْعلَم إِ َّان إِلَْيك ْم لَم ْر َسلو َن َوَما
هللا عليه -قومه َند االستعراض الواضح البني َعلَْيـنَا إَِّال الْبَ َالغ الْمبِني ﴾.34
للمعتقدات املخالفة ،قال هللا تعاىل ﴿:فَـلَ َّما َرأَى الْ َق َمَر فتبليغ الرسالة أاثر يف الذهن وظيفة مهمة وهي
َاب ِز اغا قَ َال ََٰه َذا َرِيب فَـلَ َّما أَفَ َل قَ َال لَئِن َّملْ يَـ ْه ِدِين َرِيب اإلبالغ؛ لذا جاءت الفاصلة ابلبالغ املبني ،ويسمى
س َاب ِز َغةا قَ َال ِ ِ ِ هذا متكينا . 35
َّم َ ني فَـلَ َّما َرأَى الش َْألَكونَ َّن م َن الْ َق ْوم الضَّال َ
ت قَ َال َاي قَـ ْوِم إِِين بَِريءٌ ِممَّا
ََٰه َذا َرِيب ََٰه َذا أَ ْك َرب فَـلَ َّما أَفَـلَ ْ وقد أتيت اآلية مبعىن اتم ،مث تزيد الفاصلة هذا
السماو ِ ِ ِِ ِِ َّك َال ت ْس ِمع الْ َم ْوتَ َٰى َوَال ت ْس ِمع
ات ت ْش ِركو َن إين َو َّج ْهت َو ْجه َي للَّذي فَطََر َّ َ َ املعىن كقوله تعاىل﴿ :إِن َ
ِ ِ و ْاألَر ِ ِ الص َّم الد َ ِ َّ
ني ﴾.40 ض َحني افا َوَما أ ََان م َن الْم ْش ِرك َ َ ْ َ ين﴾ .36وهذا يسمى ُّعاءَ إ َذا َول ْوا م ْدب ِر َ ُّ
فأقام إبراهيم -عليه السالم -خطابه هذا على إيغاال ،37فالفاصلة أوغلت يف التعبري عن التوِل،
احلجة العقلية؛ واليت تستعرض املعتقدات املختلفة وابلغت يف تصوير اإلعراض ،وهذا غرض اخلطاب يف
لتثبيت العقيدة اليت ينوي تبليغها. هذا املقام.
وهذا جلي أيضا يف خطابه للنمرود عند قول هللا احملور الثالث :ميزات اخلطاب القرآين
اج إِبْـَر ِاه َيم ِيف َربِِه أَ ْن
-عز وجل﴿ :أََملْ تَـَر إِ َىل الَّ ِذي َح َّ توجيه اخلطاب جلميع العقائد: -1
يب الَّ ِذي ْحييِي َوميِيت ِ ِ آاته ا َّّلِل الْم ْل َ ِ
ك إ ْذ قَ َال إبْـَراهيم َرِ َ َ خاطب النص القرآين مجيع الناس على اختالف
سَّم ِ قَ َال أ ََان أ ْحيِي َوأ ِميت قَ َال إِبْـَر ِاهيم فَِإ َّن َّ
اّلِلَ َأيِْيت ِابلش ْ ّلِل الَّ ِذي َخلَ َق
احلمد َِِّ
معتقداهتم ،ودليل ذلك قول هللا ْ َْ " :
ت الَّ ِذي َك َفَر ِ ِ ِ ِ
م َن الْ َم ْش ِرق فَأْت هبَا م َن الْ َم ْغ ِر ِب فَـب ِه َ
ِ ين َّ ِ
ُّور مثَّ الذ َ
ِ
ض َو َج َع َل الظُّل َمات َوالن َ
ِ
ال َّس َم َاوات َو ْاأل َْر َ
ِِ ِ ِ ِ ِ ِِ ِ
ني﴾.41 اّلِل َال يَـ ْهدي الْ َق ْوَم الظَّالم ََو َّ َك َفروا بَِرهب ْم يَـ ْعدلو َن ه َو الَّذي َخلَ َقكم من طني مثَّ قَ َ
ض َٰى
وابألسلوب نفسه خاطب موسى -عليه َج ٌل ُّم َس ًّمى ِع َنده مثَّ أَنت ْم متََْرتو َن َوه َو َّ
اّلِل ِيف َج اال َوأ َ أَ
السالم -فرعون ملا ادعى أنه هو اإلله ،وأن ليس يف ض يَـ ْعلَم ِسَّرك ْم َو َج ْهَرك ْم َو يَـ ْعلَم َما
ات َوِيف ْاأل َْر ِالسماو ِ
َّ َ َ
الدنيا رب سواه ،قال موسى -عليه السالم - ْسبو َن ".38 تَك ِ
وس َٰى قَ َال َربـُّنَا الَّ ِذي متسائال ﴿ :قَ َال فَ َمن َّربُّك َما َاي م َ فاآلية تضمنت إفراد هللا تعاىل ابحلمد كله،39
أ َْعطَ َٰى ك َّل َشيء خ ْل َقه مثَّ ه َد َٰى قَ َال فَما ابل الْقر ِ
ون وأبطلت يف احلني نفسه مجيع املعتقدات مهما تعددت
َ َ َ ْ َ
ض ُّل َرِيب َوَال وىل قَ َال ِع ْلمها ِع َند رِيب ِيف كِتَاب َّال ي ِ ْاأل َ َٰ واختلفت؛ ألن هللا تعاىل بني أنه خالق السماوات
َ َ َ
ك لَك ْم فِ َيها ض َم ْه ادا َو َسلَ َ
ِ
نسى الَّذي َج َع َل لَكم ْاأل َْر َ يَ َ واألرض ،والظلمات والنور ،فتأكد ضمنا أن عباد هذه
اجا ِمن نـَّبَات ِِ سب اال وأَنزَل ِمن َّ ِ َّ ِ
الس َماء َماءا فَأَ ْخَر ْجنَا به أ َْزَو ا ََ َ ين َك َفروااملخلوقات على ضالل ،وقال بعدها ﴿مثَّ الذ َ
َش َّ َٰىت ﴾.42 بَِرهبِِ ْم يَـ ْع ِدلو َن﴾.
60
وإىل األذكياء واألغبياء ،وإىل السوقة وامللوك يف كتابنا وأييت اخلطاب يف القرآن قواي للمتطفلني على
العظيم. حاكمية هللا يف األرض ،املعتقدين أهنم مشرعون حيلون
فرياها كل منهم مقدرة على مقاس عقله ووفق وحيرمون حسب أهوائهم من دون هللا ،قال هللاَ ﴿ :مثَانِيَةَ
ني قل َّ
آلذ َكَريْ ِن ِ ِ أ َْزواج ِمن َّ ِ ِ ِ
حاجته ،45ورسول هللا -صلى هللا عليه وسلم ،-بعث الضأْن اثْـنَ ْني َوم َن الْ َم ْعز اثْـنَ ْ ْ َ َ
يف أمة أمية؛ ليبني هلم الطريق احلق. ني نـَبِئ ِوين ت َعلَْي ِه أ َْر َحام ْاألنثَـيَ ْ ِ َحَّرَم أَِم ْاألنثَـيَ ْ ِ
ني أ ََّما ا ْشتَ َملَ ْ
ني وِمن الْبَـ َق ِر اثْـنَ ْ ِ ِ ص ِادقِ َ ِ ِ ِ بِع ْلم إِن كنت ْم َ
ِ
اّلِل
وكان ذلك على قدر عقوهلم ﴿لََق ْد َم َّن َّ ني ني َوم َن ْاإلب ِل اثْـنَ ْ َ َ
ث فِي ِه ْم َرس اوال ِم ْن أَنف ِس ِه ْم يَـْتـلو ني إِ ْذ بَـ َع َ ِِ
َعلَى الْم ْؤمن َ ت َعلَْي ِه أ َْر َحام ني أ ََّما ا ْشتَ َملَ ْ آلذ َكريْ ِن َحَّرَم أَِم ْاألنثَـيَ ْ ِ َّ
ق ْل َ
ْمةَ َوإِن علَي ِهم آايتِِه ويـَزكِي ِهم ويـعلِمهم الْ ِكتَاب و ِْ اّلِل ِهبََٰ َذا فَ َم ْن أَظْلَم ني أ َْم كنت ْم ش َه َداءَ إِ ْذ َو َّ ْاألنثَـيَ ْ ِ
احلك َ َ َ َْ ْ َ َ ْ َ َ صاكم َّ
ض َالل ُّمبِني﴾ .
46 ِ ِ
َكانوا من قَـْبل لَفي َ َّاس بِغَ ِْري ِع ْلم إِ َّن َّ ِممَّ ِن افْرت َٰى علَى َِّ ِ ِ ِ
اّلِلَ اّلِل َكذ ااب ليض َّل الن َ ََ َ
ِ ِ ِ
َال يَـ ْهدي الْ َق ْوَم الظَّالم َ
43
يقول السيوطي يف معرض شرح اآلية" :إن ني ﴾ .
املائل إىل دقيق احملاجة هو العاجز عن إقامة احلجة كما خاطب القرآن امللحدين ملا﴿ :قَالوا أَإِ َذا ِمْتـنَا
ِ ِ ِ
ابجلليل من الكالم؛ فإن من استطاع أن يفهم ابألوضح آابؤَان َوكنَّا تـَر اااب َوعظَ ااما أَإ َّان لَ َمْبـعوثو َن لََق ْد وع ْد َان َْحنن َو َ
الذي يفهمه األكثرون مل يتخط إىل األغمض الذي ال ني﴾ ،فقال﴿ :قل ِ َٰه َذا ِمن قَـبل إِ ْن َٰه َذا إَِّال أ ِ
َساطري ْاأل ََّول َ َ َ ْ َ
يعرفه إال األقلون ،ومل يكن م ْلغِزا ،فأخرج هللا تعاىل لِم ِن ْاألَرض ومن فِيها إِن كنتم تَـعلَــمــو َن سيـقولو َن َِّّلِلِ
ََ ْ ْ َ ْ ََ َ
خماطبته يف حماجات خلقه يف أجلى صورة؛ ليفهم العامة ب السْب ِع َوَر ُّ ِ
الس َم َاوات َّ ب َّ ق ْل أَفَ َال تَ َذ َّكرو َن ق ْل َمن َّر ُّ
من جليلها ما يقنعهم ويلزم احلجة ،وتفهم اخلواص من ّلِل ق ْل أَفَ َال تَـتـَّقو َن ق ْل َمن الْعر ِش الْع ِظي ِم سيـقولو َن َِِّ
ََ َْ َ
أثنائها ما يرىب على ما أدركه فهم اخلطباء".47 بِيَ ِد ِه َملَكوت ك ِل َش ْيء َوه َو ِجيري َوَال جيَار َعلَْيه إِن كنت ْم
ِ
لقد زاوج كتاب هللا يف حواره بني السهل واملبهر يف ََّن ت ْس َحرو َن﴾.44 ّلِل ق ْل فَأ ََّٰ تَـعلَمو َن سيـقولو َن َِِّ
ََ ْ
اآلايت نفسها بشكل معجز أخاذ للعقل ،إنه يتماشى -2التوجه ابخلطاب للعامة واخلاصة:
على قدر طاقة ضعيف الفهم ،ويرتقي ليبهر قوي العقل، خطاب القرآن اجلميع على تفاوت الدرجات،
فمن الناس من يصدق ابلربهان ومنهم من يصدق واختالف القدرات؛ ليجد فيه الكل بغيته يف آن واحد.
ابألقوال اجلدلية تصديق صاحب الربهان ابلربهان ،إذ فالقرآن مجع بني العمق واملتانة مع السهولة
ليس يف طباعه أكثر من ذلك ،ومنهم من يصدق واليسر ،ولو أنه خاطب األذكياء ابلواضح املكشوف؛
ابألقاويل اخلطابية كتصديق صاحب الربهان ابألقاويل الذي ختاطب به األغبياء؛ لنزل هبم إىل مستوى ال
الربهانية .48 يرضونه ألنفسهم يف اخلطاب ،ولو أنه خاطب به العامة
وقد أعلن هللا -جل وتقدس -عن منهج ابللمحة واإلشارة؛ اليت خياطب هبا األذكياء؛ جلاء من
اخلطاب القرآين ِصراحا ،وألزم رسوله به أثناء ُمادلة ذلك مبا ال تطيقه عقوهلم؛ ألنه ال غىن للمخاطب إن
ْم ِة ﴿ادع إِ َ َٰىل سبِ ِيل ربِ َ ِ ِ
ك اب ْحلك َ َ َ قومه ،قال -تعاىل ْ :- أراد أن يعطي الطائفتني حظهما من تنويع البيان.
ِ والْمو ِعظَِة ْ ِ ِ
َح َسن﴾.49 احلَ َسنَة َو َجاد ْهلم ِابلَِّيت ه َي أ ْ َ َْ فما خياطب به األطفال ،غري ما خياطب به
الرجال؛ ألن اجلملة الواحدة تلقى إىل العلماء واجلهالء،
61
هبذا الكالم الواحد؛ الذي جييء من احلقيقة الربهانية ألن الناس ختتلف قدرهتم العقلية اليت فطرهم هللا
الصارمة مبا يرتضي حىت أوالئك الفالسفة املتعمقني ،مع عليها ،بني عقل ال يقنعه النظر األوِل بل يتغلغل
املتعة الوجدانية الطيبة مبا يرضي حىت هؤالء الشعراء ويتبحر يف األدلة ،وهذا حيتاج لبسط الدليل إليصال
املرحني ،52ذلك هللا رب العاملني ،فهو الذي ال يشغله الفكرة والتدليل على عمقها ،ومن الناس من تكفيه
شأن. الفكرة املتناسبة مع وجدانه ،ومنهم من يروقه اجلدال.
وهو القادر على أن خياطب العقل والقلب معا خطاب اإلقناع واإلمتاع: -3
بلسان واحد ،وأن ميزج احلق واجلمال معا يلتقيان وال إن األسلوب القرآين عامة هو أسلوب تصويري،
يبغيان .وأن خيرج من بينهما شرااب خالصا سائغا ميتاز ابلتشويق وحسن النظم ،أضف إىل ذلك قوة
للشاربني.53 اإلقناع وشدة التأثري.
-4اإلحاطة مبا يؤثر يف النفس: وهذا جلي يف اخلطاب الدعوي ،50وما جيعلِن
يقول تعاىل﴿ :أََال يَـ ْعلَم َم ْن َخلَ َق وه َو اللَّ ِطيف أقف عند هذه اخلصيصة ،هو اجلمع العجيب
ا ْخلَبِري﴾ ،54فاهلل -جل شأنه -هو العامل ابخلصائص بني قوة اإلقناع يف اخلطاب املتوجه للعقول بشكل
الذاتية للمخلوقات املخاطبة ابلقرآن وما جبلت عليه خاص ،وبني اجلمال األخاذ؛ الذي ينبعث من
من غرائز؛ وفطرت عليه من حاجات. الوجدان؛ ليشد العاطفة.
ولذا فإن اخلطاب القرآين يركز على هاته وحمال أن جيمع أسلوب بني الضربني مهما
املؤثرات. بلغت بالغته وارتفعـت حكمته ،سل علماء النفس هل
فهو خياطب احلنان والعاطفة امليالة للجنس رأيتم أحدا تتكافأ فيه قوة التفكري وقوة الوجدان وسائر
واالنتماء األسري؛ وحب البيت والقبيلة ،قال تعاىل مثريا القوى النفسية على السواء؟ ولو مالت هذه القوى إىل
اّلِل َج َع َل لَكم ِم ْن ﴿و َّ
عاطفة اإلنسان االجتماعيةَ : شيء من التعادل عند قليل من الناس فهل تروهنا تعمل
ني ِ ِ ِ ِ
اجا َو َج َع َل لَكم م ْن أ َْزَواجكم بَن َ أَنفسك ْم أ َْزَو ا يف النفس دفعة واحدة؟ جييبوك بلسان واحد :كال بل ال
َو َح َف َد اة﴾.55 تعمل إال متناوبة يف احلال وكلما تسلطت واحدة منهن
آايتِِه أَ ْن َخلَ َق لَكم ِم ْن أَنف ِسك ْم ِ
وقالَ ﴿:وم ْن َ اضمحلت األخرى وكاد ينمحي أثرها . 51
اجا لِتَ ْسكنوا إِلَْيـ َها َو َج َع َل بَـْيـنَكم َّم َوَّد اة َوَر ْْحَةا ۚ إِ َّن
أ َْزَو ا ولعل السر يف ذلك راجع إىل علم هللا املطلق،
ك َآل َايت لَِق ْوم يَـتَـ َف َّكرو َن ﴾. 56 ِ
ِيف ََٰذل َ فاهلل احلكيم -جل شأنه -أحاط بكل شيء علما ،ال
كما قال يف ذم ما يصبو إليه البشر من حب يعرتيه نقص حكيم البشر؛ الذي يتوجه ملخاطبة العقل
املال؛ والتملك؛ واحلرص؛ والطمع؛ وحب اخللود؛ مستجليا احلقائق ،منهمكا يف الرباهني ،ال يباِل جلفاء
﴿و َِتبُّو َن الْ َم َال حبًّا َمجًّا﴾.57
والتمسك بطول األمدَ : األسلوب .
فاملالحظ من خطاب القرآن أنه يركز كثريا أما الشاعر فعلى النقيض انقص هو اآلخر،
على الغرائز احمليطة ابإلنسان؛ ألن ذلك أَنع طريق بينما هو يستجلب النفوس ويدغدغ العواطف يذهب
عن قوة الربهان ،ويتيه عن إشباع العقل ،فمن لك إذا
62
أي :إن القرآن سلك طرقا للحجاج العقلي، للهداية والدفع ابألقوام لسبل الطاعة؛ وإبعادهم عن
وقد ذكرها بتسمية امليزان ،وهبذا اللفظ عرب اإلمامان ابن طرق الغواية.
تيمية والغزاِل واستدال بقوله تعاىل﴿ :لََق ْد أ َْر َس ْلنَا رسلَنَا فالقرآن رغب ورهب؛ ألن خطابه األول يف
ِ ِ ِ ِ
وم النَّاس اب َوالْم َيزا َن ليَـق َ َنزلْنَا َم َعهم الْكتَ َ ِابلْبَـيِنَات َوأ َ نظري كان مع النفس البشرية؛ اليت ترغب يف نعيم
ِابلْ ِق ْس ِط﴾ .وبقوله جل وعزَ ﴿ :و َّ املؤمنني ،وَتذر من عذاب الكافرين ،يقول تعاىل﴿ :إِ َّن
60
ض َعالس َماءَ َرفَـ َع َها َوَو َ
الْ ِم َيزا َن أََّال تَطْغَ ْوا ِيف الْ ِم َيز ِان ﴾.61 ِ فن ِ ِ َّ ِ
ت ين َك َفروا ِآب َايتنَا َس ْو َ ْ
صلي ِه ْم َان ارا كلَّ َما نَض َج ْ الذ َ
اب إِ َّن َّ ِ
وهذا امليزان ليس خاصا ابألعيان ،62بل اّلِلَ ودا َغ ْ َريَها ليَذوقوا الْ َع َذ َجلودهم بَ َّدلْنَاه ْم جل ا
يشتمل كل ما تعرف به املقادير من األوزان؛ واألطوال؛ اتاحل ِ َكا َن ع ِزيزا ح ِكيما والَّ ِذين آمنوا وع ِملوا َّ ِ
الص َ َ ا َ ا َ َ َ ََ
ِ ِ ِ ِ ِ ِ
واألحجام. ين ف َيهاَسن ْدخله ْم َجنَّات َْجت ِري من ََْتت َها ْاأل َْهنَار َخالد َ
وتعرف به متاثل املتماثالت ،واختالف اج ُّمطَ َّهَرةٌ َون ْد ِخله ْم ِظ ًّال ظَلِ ايال﴾.58 ِ
أَبَ ادا َّهل ْم ف َيها أ َْزَو ٌ
املختلفـات ،وكذلك تعرف به الفروع املقيسة ابملوازين -5عرض اآلراء بال زايدة وال نقصان:
املشرتكة بينها ،وهي الوصف اجلامع املشرتك؛ الذي يف حال اختالف وجهات النظر؛ ويف حال
يسمى احلد الوسط أو العلة ،63واملقصود ابلعلة :ما ائتالفها؛ يسعى اخلطاب القرآين إىل عرض اآلراء بشكل
يتوقف عليه وجود الشيء ويكون خارجا مؤثرا فيه.64 تتضح فيه مجيع األطراف بشكل جلي.
-7خطاب وجيز اتم املعىن: مثال :خطاب موسى للعبد الصاحل ،أو خطاب
إذا كان اإلجياز مرغواب فيه يف سائر الكالم، ملكة سبأ لقومها؛ الذي تتفق فيه األطراف ،عكس
فهو يف اخلطاب املباشر أكثر إحلاحا وأشد ضرورة؛ ألن حوارات الرسل وأقوامهم املعاندين ،الذي تتضارب فيه
من دعائم الفصاحة أن ينتقل الكالم للطرف اآلخر اآلراء.
بشكل خمتزل بال نقص خمل وال إسهاب ممل رتيب، والقرآن يف هذه احلالة؛ أو تلكم يسعى إىل
وهذا حمال يف كالم البشر ،فالذي يعمد إىل إدخال كشف وجهة نظر كل طرف بصدق وأمانة ودقة.
اللفظ وعدم االتفاق منه إال على حد الضرورة ال ينفك فهو ال يضيق ذرعا بذكر آراء املخالفني مهما
من أن حييف على املعىن قليال أو كثريا. بلغ حد اخلالف ،ويف الوقت ذاته يسعى لكشف زيغهم
وذلك أنه إما أن يؤدي لك مراده مجلة ال تفصيال، وإظهار زيف كالمهم ،كما يف األمثلة السالفة.
وإما أن يذهب فيه إىل شيء من التفصيل. -6أتسيس اخلطاب على دالئل وبراهني وأقيسة
لكنه إذ أيخذه احلذر من اإلكثار واإلسراف عقلية:
يبذل جهده يف ضم أطرافه ،وحذف ما استطاع يقول القاضي عياض" :فجمع فيه -أي القرآن
من أدوات التمهيد ،والتشويق ،ووسائل التقرير والتثبيت، -من بيان علم الشرائع واحلجج والتنبيه على طرق
وما إىل ذلك مما متس إليه حاجة النفس يف البيان ،حىت احلجج العقليات؛ والرد على فرق األمم برباهني قوية
خيرجه ثواب متقلصا يقصر عن غايته ،أو هيكال من وأدلة بينة سهلة األلفاظ موجزة املقاصد".59
العظم ال يكسوه حلم وال عصب.
63
ويرجع السبب الرئيس يف َناح إبراهيم -عليه ب حرف واحد من الكالم يذهب مبائه ور َّ
السالم -يف مناظرته إىل اختياراته املباشرة ،وأسلوبه ب اختصار يطوي ورونقه ،ويكسف مشس فصاحته ،ور َّ
املختصر يف الكالم. الكالم طيا يزهق روحه ويعمي طريقه ويرد إجيازه عيا
حيث احتج ِبجة واضحة يدركها كل عاقل، وإلغازا .65
وهي أن الرب احلق هو الذي حييي ومييت ،وكل واحد ولنستبني متكن القرآن وتفرده فيما أورد،
يعلم ابلضرورة أنه ال يستطيع إحياء ميت ،فلذلك ابتدأ أسوق َّنوذجا سبق وأن اعتمدته :الحظ معي براعة
إبراهيم احلجة بداللة عجز الناس عن إحياء املوتى.68 اإلجياز و غزارة املعىن ،يقول -تعاىل﴿ :-أََملْ تَـَر إِ َىل
لكن النمرود رد أبسلوب مغالط ،فبدل أن يرد ك إِ ْذ قَ َال اّلِل الْم ْل َ
آاته َّ اج إِبْـَر ِاه َيم ِيف َربِِه أَ ْن َ
الَّ ِذي َح َّ
على طرح إبراهيم ابحلجة نفسها؛ جتاهل املطلوب. يب الَّ ِذي ْحييِي َوميِيت قَ َال أ ََان أ ْحيِي َوأ ِميت ِ ِ
إبْـَراهيم َرِ َ
وراح يربهن على طريق اجملاز عن شيء آخر س ِم َن الْ َم ْش ِرِق فَأْ ِت ِهبَا َّم ِ قَ َال إِبْـَر ِاهيم فَِإ َّن َّ
اّلِلَ َأيِْيت ِابلش ْ
اعتمادا على منصبه السلطوي ،قال﴿ :أ ََان أ ْحيِي اّلِل َال يـَ ْه ِدي الْ َق ْوَمت الَّ ِذي َك َفَر َو َّ م َن الْ َم ْغ ِر ِب فَـب ِه َ
ِ
َوأ ِميت﴾ ،أي :أنه أيخذ الرجل وحيكم عليه ابلقتل ،يف ني﴾ ،66فاآلية اختزلت معاين ِعظَام ،ودالئل ِِ
الظَّالم َ
حني يعفو عن اآلخر. كبرية اإلهبار ،بشكل يف غاية االختصار.
وهو هتديد ضمِن إلبراهيم ليرتاجع ،وهذا حيث بدأت مشهد املناظرة بني إبراهيم والنمرود
سلوك كل متكرب متسلط بعدما حيس ابهلزمية والفشل. يف القرآن بتحديد اهلدف العام منها ،وهو :تفرد هللا
ومل يدخل إبراهيم البتة يف جو املِراء ،بل سلم ابلربوبية دون غريه.
كأن النمرود على حق ،ورد عليه ابألسلوب نفسه: مث تشكلت بعد ذلك أطراف املناظرة األربع
س ِم َن الْ َم ْش ِرِق فَأْ ِت ِهبَا ِم َن ﴿إِ َّن َّ
اّلِلَ َأيِْيت ِابلش ْ
َّم ِ بتصوير خمتصر ،واليت حصرها طه عبد الرْحان يف أربعة
الْ َم ْغ ِر ِب﴾ ،على طريق احلجاج ابالنتقال. أركان:67
حيث أخرجه من دائرة الربوبية؛ اليت أدخل -طرفا املناظرة يف اخلطاب القرآين( :إبراهيم
نفسه فيها ابالستدالل املنطقي؛ الذي ال سبيل فيه والنمرود)
للمغالطة. -الدعوى يف اخلطاب القرآين( :إثبات الربوبية،
أي :إذا كنت تدعي أنك َتيي ومتيت، هل هي هلل وحده ال شريك له ،أم للنمرود
فالذي حييي ومييت هو الذي يتصرف يف الوجود يف أيضا؟)
خلق ذواته ،وتسخري كواكبه وحركاته. -أخالق الطرفني يف اخلطاب القرآين :حيث
فهذه الشمس تبدو كل يوم من املشرق ،فإن كنت اتصف إبراهيم ابهلدوء والذكاء ،واتصف
إهلا كما ادعيت فات هبا من املغرب؟ فلما علم عجزه النمرود ابلكرب واالدعاء واملغالطة ابلقول.
وانقطاعه ،وأنه ال يقدر على املكابرة يف هذا املقام -املآل يف اخلطاب القرآين :وهي النهاية ،واليت
هبت ،وقامت عليه احلجة ،69وهبذا فند إبراهيم -عليه ت الَّ ِذي َك َفَر﴾. خلصها قوله تعاىل﴿ :فَـب ِه َ
64
القرآن الكرمي • السالم -طرح النمرود األول بطريق غري مباشر ،ليحسم
إرشاد العقل السليم إىل مزااي الكتاب الكريـم، - املناظرة ،ولريد على هتديد النمرود السالف.
للقاضـي أبو السعود حمـمد ابن مصـطـفـى تقومي:
العـمادي ت982هــ ،وضــع حـواشـيه :عبد برع اخلطاب القرآين أسلوبيا اتصاال وانفصاال،
اللطيف عبد الرْحان ،دار الكتب العلمية فالرتكيب جاء مرتابطا شديد اإلحكام ،والعبارات
بريوت لبنان ،الطبعة األوىل ،سنة1999م. سيقت بدقة خمتارة حسب املقام :غيب وعقيدة ،قصص
إعـجاز القرآن الكـرمي والبالغة النبوية ،مصطفى - وأخبار ،تشريع ،مث وعظ أخالقي ...
صادق الرافعي ،دار الكتب العريب بريوت، وجاء هذا أبسلوب َخطايب مجع بني صيغة العموم
بدون اتريخ. وصيغ اخلصوص؛ ليخاطب القرآن اجلميع بعبارة (اي أيها
أضواء بالغية على جزء الذارايت ،عبد القادر - الناس) ،مث يفرد كل واحد حسب املقام واملقصد املراد
حسني حممد ،دار غريب للطباعة والنشر إبالغه.
والتوزيع القاهرة ،الطبعة األوىل ،بدون اتريخ. فيخاطب املسلم والكافر ،واملؤمن واملنافق ،مث
اإلتقان يف علوم القرآن ،جالل الدين - ليخص ابخلطاب أحياان املرسلني املكلفني إبيصال معاين
السيوطي ،مطبعة مصطفى البايب مصر ،الطبعة الوحي.
الرابعة1978 ،م. وصاغ القرآن خطابه أبسلوب وازن بني العقل
اإلعجاز البالغي دراسة َتليلية لرتاث أهل - والعاطفة؛ ليقنع وميتع ،وجاء هذا كله يف قالب اصطلح
العلم ،حممد حممد أبو موسى ،مكتبة وهبة عليه علماء البالغة ابلنظم.
القاهرة ،الطبعة الثانية1997 ،م. ولعل أهم أسباب اإلعجاز اخلَطايب يف القرآن
البـيـان والتبني ،أليب عثمان عمرو بن ِبر - املخاطب( :هللا) -تقدس -مبا يؤثر يف النفوسِ إحاطة
اجلاحظَ ،تقيق وشرح :عبد السالم حممد املخاطَبة ،وهذا ال يتأتى ألحد مهما بلغ درجة الكمال.
هارون ،مكتبة اخلاَني القاهرة ،الطبعة وعليه :فاخلطاب القرآين ،أقنع املخاطَب أحياان
السابعة1998 ،م. أبسلوب عاطفي وجداين ،وأخرى أبسلوب علمي عقلي
الربهان يف علوم القرآن ،بدر الدين الزركشي - حسب املقام؛ ليجمع بني الرتغيب والرتهيب.
ت794هـَ ،تقيق حممد أبو الفضل ،املكتبة مث عرض كل اآلراء مبنهجية شديدة احلياد والصدق،
العصرية صيدا بريوت1972 ،م. وأبمانة ودقة ،وصاغ كل هذا يف قالب موجز اتم املعىن،
التعريفات ،علي بن حممد بن علي اجلرجاين - ليخرج ابخلطاب أحياان بطريق مباشر كمقامات التشريع
ت816هـَ ،تقيق :إبراهيم األابري ،دار مثال ،ويوجه اخلطاب أخرى عن طريق احلوار واملناظرة
الكتاب العريب ،لبـنان ،الطبعة األوىل، واليت تتغيا ابلدرجة األوىل إبالغ رسائل القرآن العقدية
1405هـ. بشكل مشوق يثري انتباه املخاطب خبطاب التوحيد.
املصادر واملراجع:
65
املثل السائر يف أدب الكاتب والشـاعر ،ضياء - تفسري القرآن العظيم ،لعماد الدين إْساعيل بن -
الدين بن األثري ت637هــ ،قدمه وعلق عليه: كثري ت784هــ ،علق عليه أْحد حممد شاكر
أْحد احلويف وبدوي طبانة ،دار هنضة مصر وعبد الرْحان بن انصر السعدي ،وحممد بن
للطبع والنشر القاهرة ،بدون اتريخ. صاحل العثيمني ،وحممد انصر الدين األلـباين،
معرتك األقران يف إعجاز القرآن ،جالل الدين - ومقبل بن هادي الـوادعي ،وصاحل بن عبد
السيوطي ،ضبطه وصححه وكتب فهارسه: العزيز آل الشيخ ،دار اآلاثر للنشر والتوزيع،
أْحد مشس الدين ،دار الكتب العلمية بريوت 2009م.
لبنان ،الطبعة األوىل.1988 ، التحرير والتـنـويـر ،حملمـد بن عاشور ،الدار -
النكـت فـي إعجاز القرآن ،أليب احلسن علي - التونسية للنشر ،بدون اتريخ.
بن عيسى الرماينَ ،تقيق :حممد خلف هللا ثقـافة احلـوار يف اإلسـالم ،حملمد الكتاين، -
وحممد زغلول النجار سالم ،دار املعارف منشـورات وزارة األوقاف والشـؤون اإلسالمية،
القاهرة ،الطبعة الثانية 1968 ،م. الطبعة األوىل2007 ،م.
النبأ العظيم نظرات جديدة يف القرآن ،حملمد - الرد عـلى املنطقيني ،تقي الدين أْحد بن تيمية -
عبد هللا دراز ،دار القلم ،بدون اتريخ. ت 728هـ ،دار املعرفة بريوت لبنان ،بدون
شرح الشفا بتعريف حقوق املصطفى للقاضي - اتريخ.
عياض ،علي القاري ،دار النواذر ،دون اتريخ. الصناعتني الكتابة والشعر ،أليب اهلالل -
العسكري ت395هــَ ،تقـيـق :علي حمـمـد
هوامش البحث: البجاوي وحممد أبو الفضل إبراهيم ،املكتبة
العصرية بريوت لبنان1986 ،م.
1الصناعتني ،أبو اهلالل العسكري ،ص167:
فصل املقال فيما بني احلكمة والشريعة من -
2اإلعجاز البالغي ،أبو موسى ،ص53:
3أضواء بالغية على جزء الذارايت ،عبد القادر حسني، االتصال ،ابن رشد ،دراسة وَتقـيق :حممد
ص4: عمارة ،دار املعارف ،دون اتريخ.
4احلج ،اآلية49: يف أصول احلوار وجتديد علم الكالم ،طه عبد -
5النمل ،اآلية16: الرْحان ،املركز الثقايف العريب الدار البيضاء
6البقرة ،اآلية21: املغرب ،الطبعة الثانية 2000 ،م.
7البقرة ،اآلية168:
معجم مفردات ألفاظ القرآن ،أبو القاسم -
8النساء ،اآلية 170:
الراغب األصفهاينَ ،تقيق :إبراهيم مشس
9مرمي ،اآلية6:
10مرمي ،اآلية 11: الدين ،دار الكتب العلمية بريوت لبنان،
11املائدة ،اآلية112: الطبعة األوىل1997 ،م.
12البقرة ،اآلية104:
66
45عبد هللا دراز ،النبأ العظيم ،ص - 113:بتصرف - 13البقرة اآلية 172:
46آل عمران ،اآلية164: 14البقرة ،اآلية 183:
47السيوطي ،معرتك األقران ،ج/1ص346: 15النساء ،اآلية 59:
48ابن رشد ،فصل املقال فيما بني احلقيقة والشريعة من 16آل عمرآن ،اآلية 103:
اإلتصال ،ص31: 17اإلسراء ،اآلايت34-31:
49النحل ،اآلية127: 18آل عمران ،اآلية64:
50املقصود ابحلوار الدعوي :أنباء الرسل ،وما كان هلم سالم 19آل عمران ،اآلية99:
هللا عليهم من شأن يف احلوار ،أنظر ثقافة احلوار يف اإلسالم، 20املائدة ،اآلية70:
حملمد الكتاين ،أَّناط احلوار يف القرآن وموضوعاته ،احلوار 21التوبة ،اآلية53:
الدعوي ،ص162 : 22التوبة ،اآلية 64:
51النبأ العظيم ،عبد هللا دراز ،ص114 : 23التوبة ،اآلية65:
52نفسه ،ص114 : 24النمل :اآلايت65-59:
53نفسه ،ص - 116:بتصرف - 25مقدمة مفردات القرآن ،الراغب األصفهاين
54امللك ،اآلية15: 26إعجاز القرآن ،الرافعي ،ص - 255:بتصرف -
55النحل ،اآلية 72: 27البيان والتبني ،اجلاحظ ،ج/1ص40:
56الروم ،اآلية20: 28االحزاب ،اآلية53:
57الفجر ،اآلية20: 29املثل السائر ،ابن األثري ،ج/1ص- 146-145:
58النساء ،الآلايت56-55: بتصرف-
59شرح الشفا يف مشائل املصطفى ،ج/2ص748: 30النكت ،الرماين ،ص102:
60احلديد ،اآلية24: 31الزركشي ،الربهان يف علوم القرآن ،ج/1ص53:
61الرْحان ،اآليتان6-5: 32نفسه ،ج/1ص78:
62أي :األشياء بعينها 33يس ،اآلية36:
63الرد على املنطقيني ،ابن تيمية ،ج/2ص113: 34يس ،اآلية16-15:
64التعريفات ،اجلرجاين ،ص66: 35الزركشي ،الربهان يف علوم القرآن ،ج/1ص78:
65النبأ العظيم ،عبد هللا دراز ،ص109: 36النمل ،اآلية 80:
66البقرة ،اآلية257: 37السيوطي ،اإلتقان يف علوم القرآن ،ج/2ص96:
67يقول طه عبد الرْحان" :ملا كان غرض املناظرة أو البحث 38األنعام ،اآلايت4-1:
كما أطلق عليه إظهار الصواب ،فقد حددت هلا شروط عامة 39ألن إضافة (احلمد) لالم التمليك أفاد التخصيص ،أنظر
كاآليت :أ -ال بد من جانبني ،ب -ال بد هلا من دعوى ،ج – إرشاد العقل السليم ،أبو السعود ،ج/3ص104:
ال بد هلا من مآل يكون بعجز أحد اجلانبني ،د – لكل من 40االنعام ،اآلايت80-76:
اجلانبني آداب ووظائف" ،طه عبد الرْحان ،يف أصول احلوار 41البقرة ،اآلية258:
وجتديد علم الكالم ،ص74 : 42طه ،اآلايت 53-48:
68الطاهر بن عاشور ،التحرير والتنوير33/3 ، 43األنعام ،اآلايت145-143:
69ابن كثري ،تفسري القرآن العظيم287/1 ، 44املومنون ،اآلايت90-82:
67
الكلمة يف شعر الشنفرى بني الداللة والبدائل
69
فليس املقصود ابلعيال هنا أهل البيت من األوالد، الكلمات استخداما خاصا ابالختيار واإليثار ،أو
إّنا يشري الشاعر إىل خاله وصديقه يف التصعلك أتبّط استخدامه استخداما خاصا عن طريق توظيف السياق
حتمل مسؤولية إدارة شؤون فئة الصعاليك شرا الذي ّ ّ أو حتميلها دالالت رمزية أو امليل إىل الكلمات ذات
وتسيري أمورهم ،واستعار الشاعر الكلمة هنا ملا هلا من الطول ...وهذه الوسائل جتتمع معا على غاية أسلوبية
()2
قوة داللة فأم العيال دائما ما حترص على سالمة أبنائها، واحدة ،وهي حتقيق التأثري والفعالية للكلمات.
ونفس األمر ابلنسبة لتأبّط شرا الذي حيرص دائما على ومقاربتنا ألسلوبية توظيف الكلمة يف شعر
عودة أقرانه الصعاليك من غزواهتم ساملني مظفرين. الشنفرى سنتطرق هلا عرب مخسة عناصر :أوال الداللة
()6
ويف قوله: الرمزية للكلمة ،اثنيًا طول الكلمة وداللتها ،اثلثا
قاع داً ول و أْ أيفم يف أب ل بي الرتادف السياقي ،رابعا التطابق اللفظي وأخريا املصاحبة
أَتَ ْتِن إذن بني العمودين حمي
املعجمية.
-01الداللة الرمزية
فليس املقصود ابلعمود ذلك القضيب من خرسانة أو
يتألّف معجم الشعر اجلاهلي من طائفة من
خشب أو فوالذ ،إّّنا املقصود هنا هو البيت أو اخليمة،
األلفاظ «خترج عن حوزة معانيها املعجمية العرفية ،إىل
ومعىن البيت أ ّن املوت الب ّد منه حىت لو الزم املرء بيته
دالالت رمزية شبه اصطالحية وهذه الدالالت الرمزية
عرض نفسه للخطر. ومل يُ ّ
خاصية لغوية كامنة يف بعض األلفاظ دون األخرى؛
ومن الرموز الشائعة يف الشعر اجلاهلي الصفات
فليست مجيع ألفاظ اللغة قادرة على أن ترمز ،أو ليست
اللونية ( )7ومن األلوان اليت استخدمها الشاعر األبيض،
()3
()8 صاحلة ألن يُْرمز هبا»
الذي جنده يف قوله:
إذا فَ يزعُ وا ط ايفت أبب ي َ ص ايفم
ويعترب الشنفرى أحد أولئك الشعراء الذين آثروا يف
ويفام ت ا يف مث ْفرب ا م س ل ي
مت َ بعض احلاالت التعبري ابلرمز واإلحياء بدل التعبري املباشر
()4
االعتيادي ،وهذا ما نلمسه يف األمثلة التالية ،يقول:
حيث انزاحت كلمة أبيض عن معناها املعجمي إىل لق ْد أَ ْع َجبَ ْت يِن ال سقوطاً قينَاعُها
ُ تلف ي مشت وال ي
املعىن العريف ومحلت مدلول السيف ،إذ أن السيف عند ت بذات ُّ ْ إذا ما
العرب يكىن هبذا اللون ،ويف هذا البيت يتحدث الشاعر يف هذا البيت ال يعين الشاعر بكلمة تلفت املعىن احلريف
عن أتبط شرا بعدما كىن عنه يف بيت سابق ب "أم املباشر الذي يعين إمالة أو إدارة الرأس ميينا أو مشاال،
العيال" وهو جيالد بسيفه األبيض أعداءه ويبعدهم عن وإّّنا ينزاح ابلكلمة إىل توظيف داليل رمزي ،يف إشارٍة
أصدقائه الصعاليك. منه إىل حياء حبيبته وخفرها عند مشيها ،فعدم
ومن األلوان ذات الداللة الرمزية اليت وظَّفها ٍ
مستحب عند النساء. االلتفات إشارة إىل خلق كرمي
ّ
()9
الشاعر أيضا :األمحر للتعبري عن القوس ،يقول: ()5
ويف قوله:
ومن ي غْ ُز يغْنَ مرًة وي َش َّم ي
ت الق يس مث بع تُه ا
وابض عة حُْ ر ي
ي
وأ ُُّم يعيَ ا،ق ق ْد َش يه ْد ُ
ْ م ُ َْ َ ت تَ ُق و ُُ ْ
ت وأَقَ لَّ ْ
ت إذا أَط َْع َم ْت ُه ْ أ َْوََتَ ْ
70
ليدفعها إىل أعلى درجات اإلحياء والداللة وقدمياً الحظ يرمز اللون األمحر يف هذا البيت إىل القوس اليت ُجعِلت
النحاة أ ّن زًّيدة املبىن تدل على زًّيدة املعىن )15( .ومن وإما لِِق َد ِمها
محراء ّإما الختاذها من شجر النبع األمحر ّ
()10
هذا الضرب من الكلمات يف شعر الشنفرى نذكر والشاعر غريت لوهنا
وإما أل ّن الشمس واألنواء ّ ّ
الكلمات التالية: يتحدث عن أهم عدة رفاقه الصعاليك املتمثلة يف
()16
املتعسف ،يف قوله:
كلمتا :غماليلّ ، القسي اليت تعترب أهم أسلحتهم ،واليت حتول لوهنا إىل
ف ي
عس ُ ي األمحر تبعا للعوامل الطبيعية.
يل خيشى عليها املُتَ م
غَ َمال َ ا النم دى
ت من بع دما س ق َ
تعس ْف ُ
م
()17
العسيف يف قوله: ومن الرتميز توظيف الصفات ،وهذا على حنو
كلمة ّ ()11
انتحت
ْ ت يي ْحيَا ييف الظ ي
مالم إذا ولس ُ
ْ
ما نلمسه يف قوله:
ومثل
العسيف يهماءُ َب ُ
ُب َدى اهلومثل م ُمث را كأقْط ياغ الغَ يدي ير املُنَ مع ت امللح صاف حدي ُدهُ
حسام كلون ي
الغملول
فكلمة غماليل يرجع أصلها إىل َغ َم َل ،و ُ
فاحلسام صفة للسيف ومن أمسائه ،واجلَُراز هو القاطع،
ابلضم من بني معانيه الرابية ( )18وهو ما يقصده يف
ويف توظيف هذه الصفات إشارة إىل حرص الشاعر
العسيف ترجعان إىل ٍ
أصل املتعسف و ّ
ّ البيت ،وكلمتا
ِ ()19 على ختري أجود السيوف وأح ّدها.
ف
واملُتَ َع ّس ُ وع َد َل
ف اليت تعين َم َال َواحد وهو َع َس َ
-02الطو ،والداللة
يف البيت األول تعين الراكب عن غري هداية ،وهو نفس
يعتربُ طول الكلمة «من أبرز مسات لغة الشعر
العسيف.
املعىن الذي محلته كلمة ّ
()20 ِ أهم العالمات اليت تعرف هبا
اجلاهلي وأظهرها ،بل من ّ
ف ،وذلك يف قوله: كلمة ِْم َش ْ ()12
تلك اللغة»
أمث َرى اوَبَ ان و نُّ ُ فل ث حي ُ َخيْ َش ى أن ُوَ ا يوَ يِمْ َش ُ
ف وآب إذا ْ
َ
وتكتسب الكلمات الطويلة طوهلا من خالل ما
ف واليت تعين ِ
ف إىل األصل الثالثي َخ َش َ
تعود كلمة خمْ َش ُ صل جبذعها األصلي من الزوائد ،ومهما يكن فإ ّن يتّ ُ
()21
السرى أو اجلوال ابلليل
احلس اخلفي واجلريء على ُّ طوهلا وثقلها يتناسب وحياة اجلاهلية الثقيلة الغريبة قبل
وتبدو الكلمة غريبة من حيث الداللة وهذا راجع إىل أن تتخلص رويداً رويدا من ذلك الطول والثقل لتناسب
قلة تداوهلا على األلسن هذا ما ّأدى إىل غرابتها. بيئة امتدت مع اإلسالم وتثبتت مع العصر العباسي،
()22 ()13
كلمة ُُمَ ّد َعةً ،يف قوله: يطبعها التغري يف إيقاع احلياة ومقتضيات العصر.
ُُمَ مد َع ةً ُس ْقبَا ُاَا وب ث َُّ ُل ت يي ْهياف يُ َع يم
شث َس َو َام ُ ولس ُ
ْ ضاف إىل الطول «عدد من اخلصائص وممّا يُ ُ
فاألصل اللغوي لكلمة ُُمَ ّد َعة يعود إىل اجلذر األخرى تتحقق مجيعها أو بعضها يف هذه الكلمات
الثالثي جدع الذي يعين املنع ()23وهي يف هذا البيت ومنها الغرابة والندرة ،والثقل الصويت ،وعدم سهولة
()14
تدل على املاشية سيئة الغذاء واليت ُمنعت من التغذية التعرف إىل األصل»
اجليدة لسوء رعيها من قبل هذا الراعي األمحق الذي استغل الشاعر
ّ وابلرغم من إدراك ما سبق فقد
اجلاهلي عناصر الطول والثقل والغرابة يف هذه األلفاظ
يُبعد ماشيته طالبا املرعى على غري علم فيعود هبا عشاءً
استغالال شعراًّي فنياا ،وكأنّه كان يعمد إىل إطالة الكلمة
71
()30
فكلمة مهللة يعود أصلها إىل هلل مهللة وتتقلقل وأوالدها جائعة ،وجوع األوالد كناية عن جوع األمهات
()32
(ّ )31أما كلمة تتقلقل فيعود أصلها إىل الفعل قلل اليت ال لنب فيها فيتغذى أوالدها منه.
()24
حثحثوِمابيض ( )33يعود أصل كلمة حثحث إىل حثث أكهى يف قوله:
كلمة َ
()35
( )34أما كلمة ِمابيض فيعود إىل األصل حبض. يُطالعُه ا يف َش أ يْاا كي ف يَ ْفع ُل رب يبع ْر يس
وال ُمثبَّ أَ ْك َهى ُم يم
()37
تتصلصل ( )36اليت يرجع أصلها إىل اجلذر صلل. إذا ما عدان إىل املعجم جند أ ّن أصل كلمة
أكهى يعود إىل َك ِهي ،وأكهى عن الطعام امتنع ّ
()39
تتغلغل ( )38اليت يرجع أصلها إىل اجلذر غلل. وسخن
()41
يتململ ( )40اليت يرجع أصلها إىل اجلذر ملل أطراف أصابعه بنفس ( )25وتعين يف هذا البيت ال َك ِد َر
فج ّل كلمات أما ابلنسبة خلاصية الثقل الصويت ُ األخالق الذي ال خري فيه والبليد ،والشاعر ينفي عن
الشاعر وردت مؤتلفة األصواتّ ،أما ما يشعر به الدارس نفسه هذه الصفة.
اجع إىل غرابة األلفاظ من انحية من ثقل صويت فر ٌ
()26
كلمة التنائف يف قوله:
حىت أن قارئ ديوان الداللة وقلة تداوهلا على األلسنّ ، اداه التنَ ائي ُ
ف أطح ُل أَ َ َُّ َ ، الزبيد كما غدا
وأغدو على القوت م
الشاعر البد له من اصطحاب املعجم للتعرف على يعود أصل كلمة التنائف إىل اجلذر تنف ،والتنوفة هي
نساري،
ٌّ كلمات من قبيل :ابضعةْ ،أوحتت ،احلسيل، وهو ()27
املفازة أو األرض الواسعة البعيدة األطراف
ِ ِْملج ،بَِّزي ،سجيس ،مهياف ،سقبانُ ،جبّأ ،أكهى، نفس املعىن الذي حتمله يف هذا البيت ،ومعىن البيت أ ّن
ٍ
هرتة،عزُ ،مَّرًة ،اخلَمص ،اخلشرمُ ،م ّ َخ ِرقَ ،هْي ٍق ،األم ُ الشاعر يف هذا البيت يشبه حاله بذئب حنيل اجلسم
ش ،بَ ْغ ٍ
شُ ،س َع ٌارْ ،إرزير، شدوق ،مهامه ،الدكادك ،غطْ ٍ
جائع يتنقل بني الفلوات حبثا عن الطعام ،وُمي كلمة
وجر ،أفكل..... ، التنائف دل على أ ّن املكان واسع رحب مما جيعل عملية
هذه الكلمات وغريها مما ورد يف معجم الشاعر مل البحث عن الطعام غاية يف الصعوبة ،وجاء طول الكلمة
تعد مستعملة يف وقتنا احلايل ،مما جيعلنا نشعر بغرابتها داال بطول واتساع األرض اليت يبحث فيه عن الطعام.
وتنافر أصواهتا ،واحلقيقة أهنا كلمات عربية أصيلة انبعة ()28
كلمة أضاميم يف قوله:
من عمق البيئة العربية. ض يامي ُ من َس ْف ير ال َقبائ يل نُ َّز ُ،
أَ وح ْولَ ي
كأ من َوغَابا َح ْج َرتَ ْي َ
وما ميكن استخالصه مما سبق هو أ ّن «األلفاظ
فكلمة أضاميم تعود إىل الفعل الثالثي ضمم،
ذات الطول الدال من النوع السابق كانت وسيلة موظفة ٍ ٍ
فانضم إليه
َّ ضمه
الضم قبض شيء إىل شيء ،وقد ّ و ُّ
لغاية فنية أدائية ،ومل تكن –كما قد نشعر هبا اآلن- ()29
اضطم الشيء مجعه إىل نفسه
وضامهُ ،و ّ
َّ وتضام
َّ
مرة» مرة بعد ّ أحجاراً ُملقاة يف طريق املتلقي ،يعثر فيها ّ ينضم بعضهم إىل
وتدل هذه الكلمة على القوم الذين ّ
طوعها خلدمة املعاين اليت ( )42وقد استطاع الشاعر أن يُ ِّ
بعض يف السفر.
أراد تبليغها.
إ ّن مستقرئ معجم الشنفرى يلمس عددا مهم ا
-03الداللة والرتادف السياقث
من الكلمات الطويلة نذكر منها على سبيل املثال ال
تعرض الكثري من الدارسني لظاهرة الرتادف الذي ّ
ٍ احلصر:
يُ ُّ
عد « َمظْ َهَر ثراء يف اللغة ،فهو حشد لغوي ترتادف فيه
72
()50 ()43
وقوله: ويقصد به األلفاظ ،وتتواىل على املعىن الواحد»
ابلح عال ي ي «وقوع لفظتني مبعىن واحد أو متقاربتني فيه يف مجلة
َم َهام ُ بي د ْتعتَل ث م أال ب ل أت ى ُس عاد ودوا ا
()44
()51
وقوله: واحدة أو بيت واحد ،متجاورتني أو منفصلتني»
َ يحَ َام املَن ااي ُّ
ابلس ي
يوف البواتي ي ي
ص يف ُح مير َدا ييفب ْ
الع ْو َ يأب ََّّن َ
صبَ ْحنَا َ ولن نتعرض ملواقف العلماء جتاه هذه الظاهرة اليت تع ّد
فتجاور الكلمات اليت سبق ذكرها على الرغم من توحد «حبراً زاخراً ال يُ ْس َربُ َغ ْوُرهُ ،وال ُْحتصى ُدرره» ( )45كوننا
الداللة فيهم ّأدى إىل أتكيد الداللة ،فاحلْتف واملنيّة يف دراسة تطبيقية ال حتتاج إىل كثري من التفصيل
امله ِامه اليت والبيان.
حيمالن نفس املدلول الذي يعين املوت ،و َ
تعين الصحراء الواسعة اليت ال ماء فيها ،والبيد مجع ْبيداء وشواهد هذه الظاهرة من اللغة كثرية ومتنوعة ،تشمل
وهي الصحراء كذلك ،فالكلمتان هلما نفس الداللة، األمساء واألفعال والصفات واحلروف ،وهذه الكثرة
واحلِ َمام اليت تعين قضاء املوت وقدره ،واملناًّي مجع منية أمر اسرتعى انتباه
وذلك التنوع يف املرتادفات العربية ٌ
وهي أيضا تعين املوت. مر العصور ،فللماء مائة وسبعون امساً، اللغويني على ّ
ففي البيت األول والثالث أدى جتاور هذه الكلمات وللسيف ألف اس ٍم وللداهية ما ال ُْحيصى من األمساء
()46
للداللة على ثبوت أمر الفناء واملوت ،وللتأكيد على حىت قالوا :أمساء الدواهي من الدواهي
رحابة وشساعة الصحراء وصعوبة العيش فيها يف البيت مرتني
والرتادف هو «ترديد املعىن الواحد بعينه ،وابلعدد ّ
الثاين. فصاعداً بلفظتني متفقيت الداللة ترادفاً أو تداخال .وقد
()52
كلمتا (أحفى ،ال أتنعل) يف قوله: نرمسه ابجمليء بكلمتني خمتلفيت اللفظ متفقيت املعىن،
عل ى ييفقَّ ة أ ْ
َح َف ى وال أَتَ نَ َّع ُل الرم يل ض ي
احياً ي
ف مم ا تَ َريْيِن كابْ نَ ة َّ ْ
وقوهتما واحدة» ( )47ومن بني صور الرتادف الواردة يف
الديوان نذكر النماذج اآلتية:
فتجاور الكلمتني املرتادفتني :أحفى ،ال أتنعل
كلمتاِ (:غشاشاًُُْ ،م ِفل) يف قول الشاعر وهو
على الرغم من توحد داللتهما جعل الشاعر ينفي ()48
يصف طيور القطاة ،يقول:
الصفة األوىل بنفي الصفة الثانية ليؤكد على خاصية
ُحا َ ةَ ُُْم يف ُل
من أَ الح بح َيفْك
مل ُ كأاا
ت م ت يغ َشاشاً َُّ َم مر ْ
فغَبم ْ
غري مألوفة التصقت به ،وهذا الرتادف يبدو زًّيدة
وإطنااب ،ألنه ال يضيف معىن جديدا فاحلفاء فكلمة ِغشاشاً األوىل حتمل معىن منالعجلة ،بينما تدل
يستوجب عدم التنعل ،وهي وسيلة إلهناء البيت كلمة ُُْم ِفل على السرعة ،وكالمها حيمل معىن اآلخر،
بقافيته املطلوبة. والشاعر هنا يصف سرب القطا وهو يشرب املاء على
ومن الكلمات املرتادفة اليت جاءت على وجه تفرق بسرعة بعدما شرب عجلة لفرط عطشه ،مثّ ّ
استدعته القافية ال غري كلمات مثل (أوحتت ،أقلّت) وارتوى.
()53 الكلمات (حتف ،منية) (مهامه ،بيد) ِ
(محَام،
(ق ّدمت ،أزلت) يف قول الشاعر:
()49
ت وأقلَّ ْ
ت إذا أط َْع َم ْته ْأوََتَ ْ وأم عي ا ،ق ْد ش ه ْدت تق و ُ
ُّ املناًّي) يف قوله:
أو بل ي ذايف ُم َس يلم يمث ي اي ي
()54
وقوله:
محرف
ِتف منيمة من ْ يب ب يل اِ ُ
صاح م
َ
73
وما اتفق عليه مجهور البالغيني هو أ ّن الطباق مجع ت أيْ يدي يه وأ َلَّ ي
ت ا قَ َد َم ْ ض ها
َمث َزيْنا َس َالمان بن ُم ْفرج قر َ
ُ
َ َ
بني متضادين ،والفرق بينه وبني املقابلة هو أ ّن الطباق أقل كالمها حيمالن معىن اإلقالل والتقتري،فأوتح و ّ
تتشكل بنيته من اللفظ املفرد ونقيضه (ّ )59أما املقابلة أزل هلما نفس الداللة ،وُميء هذه الكلمات وق ّدم و ّ
فهي عبارة عن طباق متعدد أبن أتيت مبعنيني متوافقني أو استدعتها القافية إلهناء البيت ومل حتمل
مرتادفة ضرورة ْ
()60
فاملقابلة مبعان متوافقة مثّ مبا يُقابلها على الرتتيب معىن جديد ميكن أن يُضاف.
هبذا املفهوم أعم من الطباق. مما سبق من خالل ما متّ التدليل به على ظاهرة
واملطابقة أو الطباق من األساليب اليت عرفها الشعر الرتادف يف شعر الشنفرى يتضح لنا أنه مظهر من
العريب القدمي ،ويؤتى هبا يف الكالم «إذا كانت الفكرة مظاهر شاعرية الشاعر اليت تشي بقدرته على التحكم
تقتضيها واملوقف يتطلبها ،وليس جملرد الصنعة اللفظية، مبفردات اللغة والتوسع فيها ،كما أنه ساهم يف ضبط
وهي حينئذ تضفي على الكالم مجاال ورونقا ،وتزيده نظام القافية والتحكم فيها من حيث الروي ومن
عما تضفيه كل مطابقة على ُح ْسناً وقبوالً ...فضالً ّ حيث األصوات بصفة عامة.
()61
حدة على الكالم من دالالت ومشاعر» -04الداللة والتطابق اللفظث
يشذ الطباق عن هذه القاعدة ،إذ ولدى الشنفرى مل ُ يعترب الطباق «اثلث أنواع فنون البديع اخلمسة اليت
كان وروده عفوًّي ال تكلُّ َ
ف فيه ،والسياق الذي اجتلبه بىن عليها عبد هللا بن املعتز كتاب البديع ،قبل أن
ليس له عنه ِميد أو بديل فهو يقع موقع احلسن فيه، ()55 ي ِ
لح َقها بباقي احملاسن األخرى ،وأمساه :املطابقة»ُ
استبدلنا أسلواب آخر شبيهاً له غاب وجه احلسن وإذا ما ْ ومعناه يف اللغة «املوافقة ،يُقال :طابقت بني الشيئني إذا
()62
الذي كان له من قبل. ()56
مجعت بينهما على حذو واحد»
()63
ومن مطابقات الشاعر ،قوله: ّأما اصطالحا فقد «أمجع الناس أن املطابقة يف
ت وم ر إذا ن ْف الع ي
زوف اس تم َّر ي الوي وإّن ُِْل و إ ْن أُيفي َد ْ
َ ُ َ ُ تح َ م الكالم هي اجلمع بني الشيء وضده يف جزء من أجزاء
يسمى الرسالة أو اخلطبة أو البيت من بيوت القصيدة ،مثل
ومر وهذا النوع عند البالغيني ّ حلو ٌّ
فطابق بنيٌ :
طباق اإلجياب ،ومن مجالياته أنه جيمع بني متناقضني يف اجلمع بني البياض والسواد ...والليل والنهار ...واحلر
()57
ذات الشاعر ليدل على لني وسهولة الشاعر مل ْن ُْحي ِسن والربد»
َ واملغزى من اجلمع بني األمور املتضادة أنّه يكسو الكالم
قاس على الذي خيالفه ويقف ض ّده. معاملته ،وصعب ٍ
()64
وقوله: ضد –كما قالوا -يُظهر مجاالً ويزيده هباءً ورونَقاً ،فال ُّ
سرى يف ي
اغب اً أو يف يابب اً وب و ْيع يق ُل ََ لعم ُرك ما ابأليفض ضيق على امرئ
ْ
لكن وظيفة الطباق ال تقف عند هذا حسنه الضدُّ ،و ّ
ٍ
غاًّيت الزخرف وتلك الزينة الشكلية ،بل يتع ّداها إىل
فطابق بني راغبا وراهبا ليبني أ ّن األرض واسعة
أمسى ،فالبد أن يكون هناك معىن لطيف ومغزى دقيق
ألصحاب اآلمال والرغبات ،وكذلك للخائفني ،فهي
وراء مجع الضدين يف إطا ٍر واحد ،وإالّ كان هذا اجلمع
كل من ميشي فوق ثراها.
تقبل َّ ()58
()65
عبثا وضراب من اهلذًّين
وقوله:
74
وب فَ تَأيْي من َُتَْي ُ
ت ومن ع ُل تَ ُ ُ َص َد ْيفَُا َُّ مإاا
تأ ْ
إذا َوَيف َد ْ اج أَ ْع ُ
ز، َّ
ألف إذا ما ُيف ْعت ْابتَ َ ت بي َع ل ش ُّرهُ دون خ ه
ولس ُ
ْ
يف هذا البيت جاءت املقابلة بني وردت فطابق بني كلميت شره وخريه يف صدر البيت ،ومجع بني
وأصدرت ،وكذلك بني ُحتيت وعل ،وهذه املتناقضات شره.
املتضادين ليبني يف النهاية أ ّن خريُه أكثر من ّ
()66
اليت أابن عليها الشاعر كشفت لنا مقدار اهلموم اليت وقوله:
يعاين منها فكلّما أقبلت عليه من جانب صرفها عنه إالّ ت
وايف َع َو ْ
ت ُم ْايف َعوى بَ ْعد ْ
شكا و َش َك ْ
ّأهنا تعود إليه من كل اجلوانب ،يف صورة توحي مبصاحبة أْجَ ُل
الشكو ْ
ُ وللحرب إن أْ يَ ْن َف يل
حل وارحتل.
اهلموم للشاعر أينما ّ فطابق بني الصرب والشكو ،واملعىن أ ّن صرب الشاعر على
()70
ويف قوله: قساوة احلياة اليت يعيشها أفضل من الشكوى اليت ال
الغ َ ذو البُ ْع َد ية املُتَ بَ ميذ ُ،
ينا ،ي
ُ َحي اَّنً وأَ ْغ َ وإ مّن ا ي
وأَ ْع د ُم أ ْ ُجتدي وال تنفع ،وهنا يؤكد الشاعر على اتصافه ابلصرب
ٍ
جانب جاءت املطابقة بني أعدم وأغىن لتكشف عن والتجلد.
()67
من جوانب حياة الشاعر الذي يفتقر حيناً ويغىن حيناً وقوله:
آخر ،فحياته بني الفقر اترة ،وبني الغىن اترة أخرى ،وقد وَشَّ َر يم يمِن فَ ا ييفُ ُمتَ َم يه ُل
َ َت
َس َدل ْ
ََّت وابْ تَ َد ْيفََّن وأ ْ
ت ومه ْ
مهَ ْم ُ
دلّت املطابقة على حياة الالستقرار اليت يعيشها. ط ومتمهل ليجمع بني جاءت املطابقة بني فار ٌ
()71
ويف قوله: خاصيت السرعة والتمهل يف عدوه ،ليجمع بني نقيضني
وال مريح َتت ي
الغ َ أ َََتَيَّ ُل َ فال َمثزيغ من ُخلَّ ة ُمتَ َك يم
شف وهذا ما ال يستطيعه غريه ،فهو عندما سابق القطا
قابل الشاعر بني جزع ومرح وكذلك بني خلَّة لشرب املاء أسرع يف البداية ليتفوق عليها ،وعندما أتكد
والغىن ،وهذه الثنائيات الضدية أابنت على أ ّن الشاعر صور لنا
له السبق وتيقن من الفوز ،متهل يف عدوه ،وقد ّ
ال يبتئس وال جيزع من فقره ،كما أ ّن الغِ َىن ال جيعله بفضل مجعه بني املتناقضني لريسم لنا صورة مشهدية
خيتال وميرح ،وقد أوحت هذه التناقضات ابضطراب جعلتنا نتخيل املشهد وكأنه أمام مرأى العني.
()68
املشاعر وتداخلها يف ُخ ْلد الشاعر اضطراب حياته اليت ويف قوله:
يح َ اإً إَ مك ي
ْروب ي تتَ غَ ْلغَ ُل ام إذا م ا َّنم ي ْقظ ى عيُوا ا
مل تعرف االستقرار من صباه إىل غاية تصعلكه. َ تَ نَ ُ
()72
ومن املطابقة نذكر أيضا قوله: استلهم الشاعر املطابقة احلاصلة بني كلميت تنام،
وإ ْن يَ ُكي نْساً ما كها اإلنْ ُ تَ ْف َع ُل ح طا ييفق اً ي
ف ْن يَ ُ م ن مث من ألَبْ َر ُ يقظى لإلابنة عن مدى ترصد أعدائه له من بين قومه
جاء طباق اإلجياب بني جن وإنس ،وقد أفاد فحىت يف نومهم تبقى عيوهنم يقظى ِح ْرصاً على اإلمساك
ّ
يف البيت معىن احلرية واالرتباك الذي وقع فيه قومه بعد دل هذا الطباق على حال قومه الذين أصبح به ،وقد ّ
أن أغار عليهم فلم يستطيعوا حىت حتديد الفاعل، ليلهم هنار ،وأصبحوا يعيشون حالة من الرتقب الدائم
للسرعة اخلارقة اليت متت هبا عملية اإلغارة لدرجة الشك واملستمر علّهم يظفرون ابإلمساك ابلشاعر واالنتقام
يف أ ّن هذه العملية مل يقم هبا ال إنس وال جن ،وهذا منه.
()69
يدل على إتقان وتفنن الشاعر يف تنفيذ غاراته على قومه ويف قوله:
75
وعلى ضوء ما متّ إيراده خنلص إىل القول ابطمئنان بكل دقة واحرتافية مما يدل على حسن تدبريه وتفكريه
أ ّن الشاعر ا ّختذ من أسلوب الطباق مطيّةً لإلفصاح عن ومعرفته الوقت األمثل لتنفيذ خمططاته.
()73
املعاين اخلفية وكشفها من خالل نقيضها .ممّا ش ّكل ومن املطابقة كذلك قوله:
أساليب مجالية دفعت ابملعاين حنو التوهج والتأللؤ. على قُنم ة أُق يْع ث م رايفاً وأ َْم ُ ُل ت أُوال ُببي أُ ْخ َر ياه ُموفيي اً
فأ َِْْق ُ
وقد أثّر هذا احملسن البديعي يف انحيتني« :لفظية جاءت املطابقة بني كلمات :أواله وأخراه يف الشطر
تتأتى مبجيئه يف األسلوب َسلِساً طيِّعاً غري متكلف، أمثل اليت تعين أنتصب قائماً األول وأقعي مبعىن أجلس و ُ
فيخلع عليه جزالة وفخامة ،وجيعل له وقعاً مجيالً مؤثراً. يف الشطر الثاين ،والشاعر يف هذا البيت ومن خالل
ومعنوية تتحقق من إيضاحه املعىن وإظهاره ،وأتكيده هذه املقابلة أشار إىل سرعته الكبرية اليت يُْل ِح ُق أول
وتقويته عن طريق املقارنة بني الضدين ،وتصور أحد وسائر حيناً آخر. األرض آبخرها ،وهو جالس حيناً،
ٌ
تصور لآلخر ،على هذا فالذهن عند ذكر الضدين فيه ٌ فاملطابقة بني أول اخلَْرِق وآخره ،وكذا بني جلوسه
ومستعداً له ،فإن ورد عليه الضد يكون ُم َهيّأً لآلخر ُ وانتصابه ماشياً ،خدمت الصورة الفنية اليت رمسها
()81
وقد ساهم الطباق يف خدمة ثبت وأت ّكد فيه» الشاعر ملشهد السرعة.
الداللة وتغذية اإليقاع العام للديوان ،والكشف عن ()74
وقوله:
االضطراابت النفسية النامجة عن حاالت التضاد الداليل وش ْع ي َْْ د أ أ ََب ْ عُ َر َام مثئت من يَ يام
ب غَ يويف ُ
اي ُيف َّ
الذي حتكمها ثنائيات اثبتة التقابل.
جاءت املطابقة بني غور وهو ما اخنفض من األرض
الداللة واملحاحبة املعجمية -05 ِ
وهتَامه وهي ما ارتفع من األرض لتدل على أ ّن الشاعر
تعين املصاحبة املعجمية ُميء «مفردات متتالية معاً صال وجال يف الرباري يف املنخفضات واملرتفعات.
على حنو مطرد مثل :الليل والنهار ،والشمس والقمر،
ومن الطباق نذكر الكلمات اآلتية :تقبلوا ،تدبروا
واإلقبال واإلدابر ،وغريها ...حبيث كلما ذُكِرت األوىل ()78
( )75مشاهلا ،ميينها ( )76وارد ،صادر ()77يروح ،يغدو
يف تعبري ما ،توقّع املتلقي ُميء الثانية معانقة لسابقتها» ()79
وقد ذكران موضع الشاهد دون مشرب ،مأكل
()82
تضمنها معجم
ومن هذه املصاحبات اليت ّ شرح كوننا سنتطرق هلا يف مبحث الداللة واملصاحبة
()83
الشنفرى ،كلميت :تقبلوا ،تدبروا يف قوله:
حىت ال يشعر القارئ بنشاز من خالل إعادة املعجمية ّ
وإ ْن تُ ْدبيروا ف أ ُُّم م ن نيي ل فُتَّ ي
ت فأ ْن تُ ْقبيلُوا تُ ْقبي ْل ن نيي َل م نه
ْ َ ُ
األبيات نفسها يف كل مبحث.
حىت وإن
فكلمة تقبلوا تصطحب معها كلمة تدبروا ّ لقد سامهت هذه الثنائيات الضدية يف توليد قيمة
مل يذكرها الشاعر فالذهن مهيّأٌ الستحضار الكلمة موسيقية مضافة خيلقها ذلك التنافر الداليل بني الصيغة
وتوقع مكان ُميئها. والصيغة املعاكسة هلا ()80وكذلك مسحت بتوضيح املعىن
()84
ويف قوله: وتقريبه إىل األذهان ألنه كما يقال ابألضداد تتضح
اس تَ َهلَّ ي
ت وع ْوف ل َدى املََع دَّى أوان ْ
َ غليلن ا بع شفينا بعب د
املعاين.
فكلمة شفينا تستحضر مصاحبتها املعجمية
غليلنا ،وال تكاد تذكر إال وتذكر معها.
76
()85
فال يكاد يُذكر اخلري إال وذُكر معه الشر والعكس، ويف قوله:
معا سواء إن ذُكراَ معاً كما يف من أْ يُ َو َّس يد ا ،يش ُّق
والذهن يستحضرمها ً ضاغ ْ
على َمثنَف قد َ ض ْعتُ أ إ ْذ َم َأَ
البيت ،أو إذا ذ ُكر أحدمها فقط. اده يو َس
يقال جنف فالن إذ مال أحد شقيه عن اآلخر،
()92
ومن املصاحبة املعجمية كذلك قوله: فكلمة مال تصطحب معها كلمة جنف.
دا ومأْ َك ُل
اه ب إالم ل َّ اب الذأْيم أْ يُ ْل َ وال ْ ي
ف َم ْش َرب يُ َع ُ امثتنَ ُ و ()86
ويف قوله:
فكلمة مشرب تصطحب معها كلمة مأكل ،فال ح َرا أ ي
ُمثنم ُ بَ ميزا َماقب ا ق د تَ َع م
َ ومقرونَ ة يَشَا ُهلَ ا بيَميني َه ا
املفردات اليت وظفها ،فجاءت كل كلمة حاملة ملعىن ال فالرواح والغدو مقرتانن ببعضهما البعض ،ويصطحب
يوجد يف كلمة أخرى ،وهذا دليل على حسن اختياره يف كل منهما اآلخر.
ضبط كلمات قصائده ،وعلى الزاد اللغوي الثري الذي ()91
شره وخريه يف قوله:
وأيضاً بني ّ
ميتلكه ،إضافة إىل دقته يف التعبري اليت جتلت يف اختياره اج أَ ْع َز ُ، َّ
ألف إذا م ا ُيف ْعتَ ُ ابت َ ت بع مل ش ُّرهُ دو َن َخ ْييه
َس ُ
ول ْ
77
قائمة املحاديف واملرامثل ألفاظا مرتبطة بواقعه ِمددة ألماكن تواجده أو راصدة
-1ديوان الشنفرى ،حتقيق وشرح يعقوب إميل ألحداث وقعت.
بديع ،ط ،2دار الكتاب العريب ،بريوت -لبنان.1996 ، وتوظيف هذه األساليب اللغوية ساهم يف الكشف
-2أبو ِممد القاسم السجلماسي ،املنزع البديع يف عن بعض أسرار الشنفرى ،وشخصيته القوية يف التعامل
جتنيس أساليب البديع ،تقدمي وحتقيق عالل غازي ،ط،1
مع خمتلف العوائق واملصاعب اليت واجهها.
مكتبة املعارف ،الرابط.1980 ،
-3أبو هالل العسكري ،الفروق اللغوية ،تحِ :ممد
إبراهيم سليم ،دار العلم والثقافة ،القاهرة.
-4بيوين عبد الفتاح فيّود ،علم البديع –دراسة اترخيية
وفنية ألصول البالغة ومسائل البديع -ط ،2مؤسسة
املختار-دار املعامل الثقافية ،القاهرة.1998 ،
-5الشحات ِممد أبو ستيت ،دراسات منهجية يف
علم البديع ،ط ،1دار خفاجي ،مصر.1944 ،
-6عبد العاطي غريب عالم ،دراسات يف البالغة
العربية ،ط ،1منشورات جامعة قان يونس ،بنغازي ،ليبيا،
.1997
-7عبد الكرمي الرحيوي ،الشعر اجلاهلي يف ضوء
الدرس اللغوي األسلويب احلديث ،قراءة يف شعر زهري بن أيب
سلمى ،ط ،1دار كنوز املعرفة للنشر والتوزيع ،عمان،
األردن.2015 ،
-8الفريوزآابدي ،القاموس احمليط ،تح :أنس ِممد
الشامي وزكرًّي جابر أمحد ،دار احلديث ،القاهرة.
ِ -9ممد العبد ،إبداع الداللة يف الشعر اجلاهلي،
مدخل لغوي أسلويب ،ط ،1دار املعارف ،القاهرة،
.1988
78
بوامش الديفاسة
()22الديوان ،ص.61 :
()23الفريوزآابدي ،القاموس احمليط (م ،س) ،ص.247 : (ِ)1ممد العبد ،إبداع الداللة يف الشعر اجلاهلي ،مدخل
()24الديوان ،ص.61 : لغوي أسلويب ،ط ،1دار املعارف ،القاهرة ،1988 ،ص51:
()25الفريوزآابدي ،القاموس احمليط (م ،س) ،ص: ()2عبد الكرمي الرحيوي ،الشعر اجلاهلي يف ضوء الدرس
.1443 اللغوي األسلويب احلديث قراءة يف شعر زهري بن أيب سلمى،
()26الديوان ،ص.63 : ط ،1دار كنوز املعرفة للنشر والتوزيع ،عمان ،األردن،2015 ،
()27الفريوزآابدي ،القاموس احمليط (م ،س) ،ص.199 : ص66 ،65 :
()28الديوان ،ص.66 : (ِ)3ممد العبد ،إبداع الداللة يف الشعر اجلاهلي ،مدخل
()29الفريوزآابدي ،القاموس احمليط (م ،س) ،ص.982 : لغوي أسلويب( ،م ،س) ص53:
()30الديوان ،البيت 30من الالمية ،ص.64 : ()4الديوان ،ص.32 :
()31الفريوزآابدي ،القاموس احمليط( ،م ،س) ،ص1705: ()5الديوان ،ص.35 :
()32املرجع نفسه ،ص1360 ،1359 : ()6الديوان ،ص.38 :
()33الديوان ،البيت 31من الالمية ،ص.64 : ()7عبد الكرمي الرحيوي ،الشعر اجلاهلي يف ضوء الدرس
()34الفريوزآابدي ،القاموس احمليط( ،م ،س) ،ص.329: اللغوي األسلويب احلديث (م ،س) ،ص.67 :
()35الفريوزآابدي ،القاموس احمليط( ،م ،س) ،ص.323: ()8الديوان ،ص.36 :
()36الديوان ،البيت 37من الالمية ،ص66 : ()9الديوان ،ص.34 :
()37الفريوزآابدي ،القاموس احمليط( ،م ،س) ،ص.942: ()10الديوان ،كالم الشارح ص.34 :
()38الديوان ،البيت 47من الالمية ،ص68 : ()11الديوان ،ص.36 :
()39الفريوزآابدي ،القاموس احمليط( ،م ،س)، (ِ)12ممد العبد ،إبداع الداللة يف الشعر اجلاهلي (م ،س)
ص.1200: ص56 :
()40الديوان ،البيت 62من الالمية ،ص.71 : ()13عبد الكرمي الرحيوي ،الشعر اجلاهلي يف ضوء الدرس
()41الفريوزآابدي ،القاموس احمليط( ،م ،س) ،ص1556: اللغوي األسلويب احلديث (م ،س) ،ص68 :
(ِ)42ممد العبد ،إبداع الداللة يف الشعر اجلاهلي (م ،س)، (ِ)14ممد العبد ،إبداع الداللة يف الشعر اجلاهلي (م ،س)
ص66 ،65 : ص56 :
()43أبو هالل العسكري ،الفروق اللغوية ،تحِ :ممد ()15املرجع نفسه ،ص.57 ،56 :
إبراهيم سليم ،دار العلم والثقافة ،القاهرة ،ص17 : ()16الديوان ،ص.55 :
(ِ )44ممد العبد ،إبداع الداللة يف الشعر اجلاهلي( ،م، ()17الديوان ،ص.62 :
س) ،ص.66 : ()18الفريوزآابدي ،القاموس احمليط ،تح :أنس ِممد
()45أبو هالل العسكري ،الفروق اللغوية( ،م ،س) ،ص: الشامي وزكرًّي جابر أمحد ،دار احلديث ،القاهرة،2008 ،
17 ص.1204:
( )46املرجع نفسه ،الصفحة نفسها. ( )19املرجع نفسه ،ص.1091 :
()47أبو ِممد القاسم السجلماسي ،املنزع البديع يف جتنيس ()20الديوان ،ص.55 :
أساليب البديع ،تقدمي وحتقيق عالل غازي ،ط ،1مكتبة ()21الفريوزآابدي ،القاموس احمليط (م ،س) ،ص،468 :
املعارف ،الرابط 1980 ،ص333 : .469
79
( )72الديوان ،ص.71 : ()48الديوان ،ص.67 :
( )73الديوان ،ص.72 : ()49الديوان ،ص.56 :
( )74الديوان ،ص.75 : ()50الديوان ،ص.57 :
()75الديوان ،البيت ،30ص37: ()51الديوان ،ص.57 :
()76الديوان ،البيت ،03ص46: ()52الديوان ،ص.68 :
()77الديوان ،البيت ،07ص50: ()53الديوان ،ص.35 :
()78الديوان ،البيت ،18ص61: ()54الديوان ،ص.37 :
()79الديوان ،البيت ،24ص63: ()55عبد الكرمي الرحيوي ،مجاليات األسلوب يف الشعر
()80عبد الكرمي الرحيوي ،الشعر اجلاهلي يف ضوء الدرس اجلاهلي (م ،س) ،ص247 :
اللغوي األسلويب احلديث (م ،س) ،ص80 : ()56بيوين عبد الفتاح فيّود ،علم البديع –دراسة اترخيية
()81الشحات ِممد أبو ستيت ،دراسات منهجية يف علم وفنية ألصول البالغة ومسائل البديع -ط ،2مؤسسة املختار-
البديع ،ط ،1دار خفاجي ،مصر ،1944 ،ص 51 ،50 دار املعامل الثقافية ،القاهرة ،1998 ،ص135 :
()82عبد الكرمي الرحيوي ،الشعر اجلاهلي يف ضوء الدرس ()57أبو هالل العسكري ،الصناعتني :الكتابة والشعر،
اللغوي األسلويب احلديث (م ،س) ،ص81 : ط ،1مطبعة ِممود بك ،مصر ،ص238 :
()83الديوان ،ص.37 : ()58بيوين عبد الفتاح فيّود ،علم البديع (م ،س) ،ص:
( )84الديوان ،ص.37 : 136
( )85الديوان ،ص.45 : ()59عبد الكرمي الرحيوي ،مجاليات األسلوب يف الشعر
( )86الديوان ،ص.46 : اجلاهلي (م ،س) ،ص248 :
()87الديوان ،ص.53 : ()60بيوين عبد الفتاح فيّود ،علم البديع (م ،س) ،ص:
( )88الديوان ،ص.57 : .152
( )89الديوان ،ص.59 : ()61عبد العاطي غريب عالم ،دراسات يف البالغة العربية،
()90الديوان ،ص.61 : ط ،1منشورات جامعة قان يونس ،بنغازي ،ليبيا،1997 ،
( )91الديوان ،ص.62 : ص.170:
( )92الديوان ،ص.63 : ()62عبد الكرمي الرحيوي ،مجاليات األسلوب يف الشعر
()93الديوان ،ص72 : اجلاهلي (م ،س) ،ص249 ،248:
()94عبد الكرمي الرحيوي ،الشعر اجلاهلي يف ضوء الدرس ( )63الديوان ،ص.38 :
اللغوي األسلويب احلديث (م ،س) ،ص82 : ()64الديوان ،ص.59 :
( )65الديوان ،ص.62 :
( )66الديوان ،ص.65 :
( )67الديوان ،ص.66 :
( )68الديوان ،ص.68 :
( )69الديوان ،ص.68 :
( )70الديوان ،ص.69 :
( )71الديوان ،ص.69 :
80
الفروق يف العناصر اللغوية بني اللغتني العربية واإلندونيسية وأمهية معرفتها يف الرتمجة
من اللغة العربية إىل اللغة اإلندونيسية وابلعكس
(دراسة تقابلية)
سوكامتو سعيد
مدرس الرتمجة من اإلندونيسية إىل العربية وابلعكس
قسم اللغة العربية وأدهبا /كلية اآلداب والعلوم الثقافية
جامعة سوانن كاليجاكا اإلسالمية احلكومية /جوكجاكرﺗا /أندونيسيا
81
واجلاوية مكتوبتني ابحلروف العربية مث ﺗغريت احلالة مع بلغة اثنية (اللغة اهلدف) من املعاين اليت مت التعبري عنها
دخول نظام التعليم الغريب الذي جاء به االستعمار بلغة أوىل (اللغة املصدر) .فهناك مستواين :مستوى
اهلوالندي. املعاين ومستوى التعبري .رغم أن العرب واإلندونيسيني
على أن دخول املفردات العربية إىل اإلندونيسية يتساوون يف كيفية اكتساب املعاين فإهنم خيتلفون يف
له أثر يف الرتمجة يف النواحي التالية: طريقة التعبري عنها ،وذلك ألن كل لغة له وسائله
ا) انحية النطق وذلك ألن الكثري من املفردات لرتكيبية والصرفية والصوﺗية والداللية اليت يستعملها
العربية اليت دخلت يف اللغة العربية منطوقة ابلنطق للتعبري عن املعاين املختلفة ،على سبيل املثال إن معىن
اإلندونيسي ،فالعني يف اول الكلمة ﺗنطق ابهلمزة ويف التعجب موجود لدى العرب واإلندونيسيني ولكن طريقة
وسط الكلمة أو آخرها ﺗنطق ابلكاف ،والعني والقاف التعبري عنه ختتلف بني الناطقني ابلعربية وبني الناطقني
يف العربية ﺗنطقان حبرف الكاف يف اإلندونيسية بينما ابإلندونيسية .بناء على ما سبق ﺗصعب –إذا مل نقل
ﺗنطق الظاء حبرف الالم ،مثل: ﺗستحيل -الرتمجة احلرفية من العربية إىل اإلندونيسية
Nikmatظاهر Alimنعمة عليم وابلعكس لوجود الكثري من االختالفات بني اللغتني يف
Nikmatظهور نقمة Alim أليم نظام ﺗراكيب اجلمل ونظام الصرف والصوت والداللة.
Taklimمساع ﺗعليم Kalbu قلب وزاد الطني بلة ﺗسرب املفردات العربية إىل اللغة
Taklimخشوع Takwaﺗعظيم ﺗقوى اإلندونيسية حيث ﺗغري نطقها واحنرفت معانيها قليال أو
فيرتﺗب على ذلك ظهور االلتباس يف إرجاع املفردات كثريا.
اإلندونيسية ذات اجلذور العربية ،األمر الذي يؤثر أ -الفروق اليت تتعلق ابملفردات
الرتمجة من اإلندونيسية إىل العربية ،على سبيل املثال: -1املفردات اإلندونيسية ذات اجلذور العربية
كلمة Nikmatقد ﺗكون من نعمة وقد ﺗكون من إن املعاين اليت حتملها األلفاظ متر عليها مراحل
نقمة؟ وكذلك كلمة alimمن أليم أو عليم ؟ وهل اترخيية ،وال ريب أن األلفاظ اليت متر يف ﺗلك املراحل
الكلمة kalbuمن القلب أو من الكلب .يف هذا وﺗنتقلها األجيال مبا حتمله من معان قد ﺗبقى وقد ﺗتغري
الصدد ال بد للمرتجم من مالحظة سياق اجلملة فهو وقد ﺗنحرف حسب عادات وأسباب ال ميكن التنبؤ هبا
الذي يعني املعىن. مجيعا .كما أن املعىن قد يتغري مفهومه لدى األجيال
ميكننا ﺗقسيم الكلمات العربية األصل اليت دخلت إىل كذلك أصوات األلفاظ عرضة للتغري 3.هناك كلمات
اللغة اإلندونيسية إىل أقسام هي-1:الكلمات اليت عربية دخلت يف اللغة اإلندونيسية مع انتشار اإلسالم
خيتلف نطقها وخيتلف معناها ،مثل عليم (ينطق أليم)؛ يف سومطرة وجاواة وكاليمانتان وسوالويسي واجلزر
ب)؛ علماء (ينطق: اإلندونيسية األخرى .وكلما انتشر اإلسالم انتشرت معه
عا ممل (ينطق أ ممل)؛ قلب (ينطق مكل ُ
أملاء)-2 .الكلمات اليت خيتلف نطقها ولكن ال خيتلف اللغة العربية .فال غرو أن دخلت املفردات العربية يف
م
معناها ،مثل :ظاهر (ينطق الهر)؛ لفظ (ينطق اللغة اإلندونيسية بشكل قد ال يعرف الكثري من
دعوة )lafal؛ حفظ (ينطق )hafal اإلندونيسيني أهنا عربية األصل ،بل كانت اللغة املاليوية
82
من اللغة العربية ‘دائرة‘ ولكنها يف اللغة اإلندونيسية (ينطق )dakwah؛ ضرورة (ينطق )darurat؛
مبعىن ‘منطقة‘ أما كلمة ‘دائرة‘ نفسها يف اإلندونيسية غالب (ينطق (galib؛ غائب ينطق) (gaibحاضر
مبعىن . lingkaran ينطق هادر)؛ عموم (ينطق )umum؛ شراهة (ينطق
بناء على ما سبق من األمثلة ال بد للمرتجم شراكة (serakah/؛طمع (ينطق)tamak :؛ نعمة
من اللغة العربية إىل اللغة اإلندونيسية وابلعكس من (ينطق )nikmat :؛ ﺗعليم (ينطق )taklim؛
االنتباه أنه قد يكون هناك احنراف يف املعىن يف بعض دهشة(ينطق )dahsyat؛ معىن ( )makna؛ قوم
املفردات اإلندونيسية اليت هلا جذور عربية. (ينطق )kaum؛ -3الكلمات اليت ال خيتلف نطقها
-2املفردات ذات األصول الثقافية اخلاصة وال خيتلف معناها ،مثل :إمام؛ ممأموم؛ نيب؛ وجود؛
ليس من السهل ﺗرمجة املفردات اليت هلا أصول أبدي؛ أزيل؛ وقت؛ زمان؛ واجب؛ جواب؛ جملس؛
ثقافية سواء كانت من العربية أو اإلندونيسية .فال بد إخالص ،روح؛ خصوص؛ خطبة؛ خرافات؛ ختيل؛
من التفريق يف ﺗرمجة لفظ عم وخال وعمة وخالة ،الناقة مسافر ؛ أمانة؛ إميان؛ إسالم؛ إنكار؛ أمان؛ عورات؛
واجلمل ،إىل اللغة اإلندونيسية ،وكذلك يف اللغة مشهور-4.الكلمات اليت ال خيتلف نطقها ولكن
اإلندونيسية ال بد من التفريق يف الرتمجة بني padi خيتلف معناها ،مثل :دفرت؛ كلمات؛ صرب؛ نقمة؛
و gabahو berasفكلمة األرز ال متثل مجيع علماء؛ عمل؛ عرب؛ شاعر؛ أفضل.
املفردات املذكورة .وكذلك ﺗرمجة كلمات: ب) انحية املعىن :أما من انحية املعىن فمنها ما بقيت
meninggal dunia, wafat, berpulang, كما كانت ومنها ما احنرفت داللتها عن أصلها قليال أو
tewas, mati, gugurال ﺗكفينا كلمة كثريا .من الكلمات اإلندونيسية ذات العربية اليت بقي
‘مات‘وكذلك املفردات اإلندونيسية التاليةtempat : معناها كما كان مثل( iman :من إميان)،
tinggal, rumah, hunian, kediaman, (akidahمن عقيدة)؛ ( hakekatمن حقيقة).
gubuk.ال ﺗكفينا كلمة ‘بيت‘و isteri, وأما الكلمات اليت احنرف معناها عن أصلها فمثل
nyonya, pasangan hidup, ibunya (kalimat:من كلمة) مبعىن مجلة وهي ما ﺗكون من
anak-anakال ﺗكفينا كلمة ‘زوجة‘ رغم أهنا هي املبتدأ واخلرب أو الفعل والفاعل؛ فإذا أردان أن نعرب عن
املعىن الذي احتوت عليه ﺗلك املفردات اإلندونيسية، معىن ‘ كلمة‘ نقول يف اللغة اإلندونيسية . kataو
ذلك ألن لكل واحدة منها معىن خاصا ابلثقافة ulamaمن كلمة ‘علماء‘ مجع عليم مبعىن من له علم
اإلندونيسية .فعلى املرتجم من اإلندونيسية إىل العربية أن بصفة عامة غري مقصورة على العلوم الدينية .أما
يتزود ابملعارف الثقافية املوجودة يف كليت اللغة املصدر ‘العلماء‘ يف اللغة اإلندونيسية فهي مبعىن املفرد،
واللغة اهلدف .فالرتمجة السليمة جيب أال ﺗقف عند مجعها para ulama :هذه الكلمة ﺗدل على من له
حدود مراعاة التكافؤ بني املفردات املعجمية ،وال عند علوم الدين اإلسالمية؛ وكلمة afdalمن اللغة العربية
ﺗطبيق القواعد النحوية وإمنا جيب أن ﺗتعداه إىل مراعات ‘ أفضل‘ إال أهنا يف اللغة اإلندونيسية ليست ﺗفضيال،
املواضعات الثقافية والتصورات املختلفة .وهذا ابلطبع أما التفضيل فيهاlebih afdal :؛ كلمة daerah
83
يستغل للكسب ،يف مثل ّ ‘-3البقرة احللوب‘ 7مبعىن ما حيتاج إىل خربات واسعة يف جمال اللغة املرتجم منها
العبارة " :ظلت مصر أحقااب طويلة البقرة احللوب وإليها.
لالستعماراألجنيب" .هذه العبارة مفهومة يف أوساط ب-الفروق املتعلقة ابلتعبريات االصطالحية
اإلندونيسيني فتكفيهم الرتمجة احلرفية منها مبا يلي: التعبري االصطالحي عبارة ال يفهم معناها
“Mesir dalam jangka waktu yang الكلي مبجرد فهم معاين مفرداهتا وضم هذه املعاين
cukup lama menjadi sapi perah بعضها إىل بعض فهو جمموعة كلمات ﺗكون مبجموعها
bagi penjajah asing”. داللة جديدة ،غري الداللة املعجمية مفردة ومركبة .وقد
‘-4دق طبول احلرب‘ كان من عادة الناس قدميا دق كثرت التعابري االصطالحية يف زماننا اآلن نتيجة لعوامل
الطبول إلعالن احلرب .فدق الطبول مبعىن التهديد خمتلفة منها :نشاط حركة الرتمجة والنقل عن اللغات
ابحلرب والدعوة إليها ،يف مثل العبارة :فور وقوع األخرى ،وانتشار الصحافة وكثرة العلوم والفنون اليت
أحداث 11سبتمرب بدأ الرئيس بوش يف دق طبول ﺗتطلب إجياد التعابري اخلاصة ،إىل غري ذلك4.وهناك
احلرب 8.هذه العبارة مفهومة لدى اإلندونيسيني، بعض التعبريات االصطالحية اليت كانت جذورها من
فتكفيهم الرتمجة احلرفية منها مبا يلي: األمثال ،ألن املثل إذا ﺗكرر استعماله وشاع أصبح ﺗعبريا
“Segera setelah terjadi peristiwa 11 اصطالحيا ،وميكن ﺗقسيمها فيما يلي:
September Presiden Bush mulai ا) -التعبريات االصطالحية العربية اليت هلا ﺗشابه يف
”menabuh genderang perang. اللفظ واملعىن مع التعبريات االصطالحية اإلندونيسية،
ب) التعبريات االصطالحية العربية اليت هلا ﺗشابه يف مثل:
املعىن ال يف اللفظ مع التعبريات االصطالحية ‘-1رفع له القبعة‘ ،5مبعىن التحية والتقدير واإلعجاب
اإلندونيسية ،مثل: يف مثل العبارة" :رفعت اجلماهري القبعات لالعب
‘-1حفظ عن ظهر قلب‘ 9مبعىن حفظ حفظا اتما املتميز ".كانت هذه العبارة ﺗقليدا منقوال من اإلجنليز.
واستقر يف عقله ،يف مثل العبارة" :حفظ اإلمام الشافعي وهي مفهومة لدى اإلندونيسيني ،فتكفيهم الرتمجة
القرآن عن ظهر القلب منذ صغره .هذه العبارة غري احلرفية هلا ،وهي:
معروفة يف اللغة اإلندونيسية إال أن هناك عبارة أخرى “Publik (para penonton) angkat
بنفس املعىن مع اختالف اللفظ ،فال بد يف ﺗرمجتها إىل ”topi untuk pemain yang hebat itu.
اللغة اإلندونيسية ألجل اإلفهام من التفسري ابلتعبري ‘-2الغاية ﺗربر الوسيلة‘ 6مبعىن استباحة األساليب غري
املتداول يف اللغة اإلندونيسية ،كما يلي: الشريفة لتحقيق هدف ما .وهو مبدأ سياسي شهري قال
“Imam Syafi’i telah hafal al-Qur’an به ميكيافيللي .هذه العبارة مفهومة يف أوساط
dari punggung hati (= di luar اإلندونيسيني فتكفيهم الرتمجة احلرفية منها مبا يلي:
kepala) sejak kecil. “Tujuan itu membolehkan
( = di luar kepalaخارج الرأس) ”(menghalalkan) segala cara.
84
"اهلروب من الواقع ودفن الرؤوس يف الرمال ال حيل ‘-2حدث وال حرج‘10مبعىن قل ما شئت وابلغ كما
املشاكل" .هذه العبارة غري معروفة يف اللغة اإلندونيسية حتب ،وأكثر ما يقال يف التعبري عن سوء األحوال ،يف
إال أن هناك عبارة أخرى بنفس املعىن مع اختالف مثل العبارة " :أصاب التدهور األخالقي والفساد كثريا
اللفظ‘ فال بد يف ﺗرمجتها إىل اللغة اإلندونيسية ألجل من الدول يف العامل .أما عن البالد النامية فحدث وال
اإلفهام من التفسري ابلتعبري املتداول يف اللغة اإلندونيسية حرج ".هذه العبارة غري معروفة يف اللغة اإلندونيسية إال
،كما يلي: أن هناك عبارة أخرى بنفس املعىن مع اختالف اللفظ‘
“Lari dari kenyataan dan menanam فال بد يف ﺗرمجتها إىل اللغة اإلندونيسية ألجل اإلفهام
kepala dalam pasir (= tutup mata من التفسري ابلتعبري املتداول يف اللغة اإلندونيسية ،كما
tutup )telinga itu tidak يلي:
”memecahkan masalah. “Kemerosotan moral dan korupsi
(غض البصر واألذن = tutup mata tutup melanda banyak Negara di dunia.
)telinga Adapun tentang negara-negara
ج) التعبريات االصطالحية العربية اليت ليس هلا ﺗشابه يف berkembang maka ceritakan saja
املعىن وال يف اللفظ مع التعبريات االصطالحية dan tiada dosa”. (= jangan ditanya
اإلندونيسية ،مثل: )lagi
‘-1ذرا للرماد يف العيون‘ 13للداللة على التضليل (ال ﺗسأل مرة أخرى= ) jangan ditanya lagi
والتمويه وإخفاء حقيقة األمر ،يف مثل العبارة" :ﺗتظاهر ‘-3جناح بعوضة‘ 11للتعبري عن القلة والضآلة وضعف
إسرائيل برغبتها يف التفاوض من أجل السالم ذرا للرماد القيمة ،يف مثل العبارة " :هذا الشيء ال يساوي جناح
يف العيون" .ليس يف اللغة اإلندونيسية مثل هذه العبارة بعوضة" .هذه العبارة غري معروفة يف اللغة اإلندونيسية
لفظا أو معىن فال بد يف ﺗرمجتها إىل اللغة اإلندونيسية إال أن هناك عبارة أخرى بنفس املعىن مع اختالف
ألجل اإلفهام من التفسري كما يلي: اللفظ‘ فال بد يف ﺗرمجتها إىل اللغة اإلندونيسية ألجل
“Israel berpura-pura bersemangat اإلفهام من التفسري ابلتعبري املتداول يف اللغة اإلندونيسية
untuk melakukan perundingan ،كما يلي:
damai karena untuk menaburkan “Hal ini tidak menyamai sayap
abu di mata orang-orang. (= untuk nyamuk”. (=Hal ini tak ada seujung
mengelabuhi orang-orang). )kukunya
‘ -2البكاء على اللنب املسكوب‘ 14مبعىن الندم بعد ( =tak ada seujung kukunyaال يساوي
فوات األوان حني ال ينفع الندم ،يف مثل العبارة" :ال طرف الظفر)
يكفي العرب البكاء على اللنب املسكوب بعد ضياع -4دفن الرؤوس يف الرمال 12مبعىن جتاهل احلقائق
فلسطني" ليس يف اللغة اإلندونيسية مثل هذه العبارة وعدم الرغبة يف الرؤية الصحيحة للواقع ،يف مثل العبارة:
85
penyebabnya. Sama seperti لفظا أو معىن فال بد يف ﺗرمجتها إىل اللغة اإلندونيسية
bingungnya orang Arab zaman ألجل اإلفهام من التفسري كما يلي:
dahulu untuk memecahkan “Tidak lah cukup orang-orang
)perkalian 1/5 x 1/6 Arab menangisi air susu yang
-5يلقي الكالم على عواهنه :16للداللة على الكالم tumpah (= menyesali sesuatu yang
الذي يقال بغري روية وال ﺗفكري ،ودومنا اهتمام ابلصواب sudah tidak dapat diambil kembali,
واخلطأ ،يف مثل العبارة" :ال ينبغي للعامل أن يلقي الكالم sehingga penyesalan tak berguna
على عواهنه ،بل عليه أن يتحرى الصدق واحلقيقة. ”lagi) setelah hilangnya Palestina.
"ليس يف اللغة اإلندونيسية مثل هذه العبارة لفظا أو ‘-3رهن إشارﺗك‘ 15للتعبري عن االستجابة التامة
معىن فال بد يف ﺗرمجتها إىل اللغة اإلندونيسية ألجل والطاعة املطلقة ،يف مثل العبارة " :إذا أردت مساعدة
اإلفهام من التفسري كما يلي: فأان رهن إشارﺗك" .ليس يف اللغة اإلندونيسية مثل هذه
“Tidak seyogyanya orang yang العبارة لفظا أو معىن فال بد يف ﺗرمجتها إىل اللغة
pandai itu ketika berbicara اإلندونيسية ألجل اإلفهام من التفسري كما يلي:
melepaskan perkataan apa adanya “Jika kamu menghendaki bantuan
dan tergesa-gesa. (= Seyogyanya =(maka saya digadaikan isyaratmu.
orang pandai itu kalau berbicara saya siap kapan saja, layaknya
jangan asal bicara, tetapi harus barang yang sudah digadaikan yang
)dilandasi kejujuran dan kebenaran. sudah ada di tangan si penerima
مما سبق بيانه فعلى املرتجم يف ﺗرمجة التعابري gadai).
االصطالحية ذات اجلذور األمثال كما سبق بيانه أن ‘-4ضرب أمخاسا يف أسداس‘ للتعبري عن احلرية
يبحث عما يقابلها يف لغة اهلدف فإن مل جيد فعليه أن الشديدة ،يف مثل العبارة " :السقوط املريب للطائرة
يفهم املقصود منها مث يرتمجها ﺗرمجة ﺗفسريية. املنكوبة جعل اخلرباء يضربون أمخاس يف أسداس" .ليس
جـ) التعبريات االصطالحية يف شكل الفعل أو يف اللغة اإلندونيسية مثل هذه العبارة لفظا أو معىن فال
املصدر واحلرف بد يف ﺗرمجتها إىل اللغة اإلندونيسية ألجل اإلفهام من
هناك بعض الفروق بني اللغتني العربية التفسري كما يلي:
واإلندونيسية يف التعبريات االصطالحية يف شكل الفعل “Pesawat naas yang jatuh dengan
أو املصدر واحلرف أمثال: tragis itu membuat para ahli
--1خبالف يف مثل العبارة" :قراءة احلروف العربية من mengalikan seperlima ke dalam
اليمني إىل اليسار ،خبالف احلروف الالﺗينية فإن قراءهتا seper enam.” (membuat para ahli
من اليسار إىل اليمني". amat kebingungan, tidak tahu
86
يستعمل يف العربية20الﺗرهقين من أمري عسرا-1 “Membaca huruf Arab itu dari
: مثل العبارة،21املعاصرة مبعىن ال حتملين مبا ال أطيق kanan ke kiri, dengan berbeda (=
كفى جداال اي:صاح الرجل بصاحبه بعد طول جدال berbeda dengan) bahasa huruf
. وال ﺗرهقين من أمري عسرا،أخي Latin,membacanya dari kiri ke
“Orang itu teriak pada temannya kanan.”
setelah perdebatan yang panjang: "الرجاء من مجيع الطالب حضور احملاضرة:رجا من-2
cukup debatnya saudaraku, jangan ".العامة يف الساعة التاسعة صباحا يف قاعة اجلامعة
tambah beban lebih lagi padaku “Dimohon dari (=kepada) semua
dengan sesuatu yang aku tak mahasiswa menghadiri ceramah
mampu”. umum pukul sembilan pagi di aula
يف مثل23. مبعىن ال لوم عليك22 ال ﺗثريب عليك-2 universitas.”
"معذرة إين ال: قال الطالب ملدرسه هاﺗفيا:العبارة يف مثل17 عرف السر والسبب:... وقف على-3
" ال: فأجابه،"أستطيع أن أحضر احملاضرة ألين مريض " "وقف الطبيب على سبب شكوى املريض:العبارة
."ﺗثريب عليك “Dokter itu berhenti atas
Mahaiswa itu berkata kepada (=mengetahui sebab) keluhan
dosennya melalui telpon: “Ma’af, pasien itu.”
sungguh saya tidak dapat hadir : يف مثل العبارة18.. مقصورا على:... ُوقف على-4
kuliah karena saya sakit”, maka ،"اإلرهاب ليس موقوفا على بعض الدول دون بعض
dijawabnya: “tidak ada cela (= tak ".ولكنه ظاهرة عاملية
masalah)” “Terorisme tidak diberhentikan
atas (= tidak terbatas pada) sebagian
"ال: من العبارة القرآنية24 ال حمالة، ال بد:ال جرم-3 negara tertentu bukan yang lain,
)25."جرم أن هلم النار وأهنم مفرطون tetapi terorisme itu adalah
“Tidak bisa tidak/ pasti, bahwa fenomena gelobal.”
nerakalah bagi mereka dan للداللة على النفي القاطع وعدم:ميت بصلة ل ّ ال-5
sesungguhnya mereka segera "اإلرهاب ال: يف مثل العبارة.وجود عالقة بني الشيئني
19
dimasukkan.” ."ميت لإلسالم بصلة
ّ
ﺗعبري قرآين يستعمل،26ال يسمن وال يغين من جوع-4 “Teror sama sekali tak ada
يف مثل.يف العربية املعاصرة للداللة على الشيء التافه hubungannya dengan Islam”.
: مثل،التعبريات االصطالحية ذات اجلذور القرآنية
87
tidak jelas alang ujungnya daripada العبارة" :كان مرﺗب املوظف احلكومي قبل أربعني سنة
27
”yang lain. ال يسمن وال يغين من جوع".
-3محي الوطيس :لوصف املعارك احلقيقية أو املعنوية. “Dulu gaji pegawai negeri empat
للتعبري عن اشتباك احلرب .الوطيس = التنور أي الفرن. puluh tahun yang lalu tidak
يف مثل العبارة " :اشتد القتال ومحي الوطيس بني قوات membuat gemuk dan tidak
32
االحتالل والفدائيني" menghilangkan lapar (= amat tidak
Perang antara tentara pendudukan seberapa)”.
dengan para pejuang seru dan panas -5ما لبث أن :للتعبري عن سرعة الفعل أو التحول من
tungkunya (=amat dahsyat, amat التعبري القرآين :فما لبث أن جاء بعجل حنيذ.28
)seru فاستعمل يف مثل العبارة" :بعد اخنفاض أسعار السلع ما
-4ال يلدغ املؤمن من جحر مرﺗني 33مبعىن ال يصيبه 29
لبثت أن ارﺗفعت".
مكروه أصابه من مصدر واحد مرﺗني .يف مثل العبارة: “Setelah harga-harga itu turun,
"ينبغي على العرب أن يتعلموا الدرس من احملن segera naik lagi”.
املعاصرة ،فاملؤمن ال يلدغ من جحر مرﺗني". د) التعبريات االصطالحية ذات اجلذور احلديثية:
“Seyogyanya bangsa Arab itu dapat -1ال فض فوك :دعاء ملن قال فأحسن القول أو
mengambil pelajaran dari dari للتعبري يف سياقات ساخرة ،ملن يقول كالما يف غري
cobaan-cobaan yang mereka alami موضعه ،مثل العبارة :أحسن الشيخ خطبة اجلمعة فقال
sekarang ini, karena orang mukmin له املصلون :ال فض فوك( .معناه احلريف :ال نثرت
30
itu (semestinya) tidak disengat dari أسنانك أو ال يسقط أسنانك ،الفم ههنا األسنان)
lobang yang sama dua kali (= tidak Syaikh itu bagus khutbah
jatuh pada kesalahan yang sama dua jum’atnya, maka para jama’ah
”kali). berkata padanya: “semoga tidak
التعبريات االصطالحية من نوع آخر: )rontok gigi-gigimu (= hebat
-1ذهااب وإاياب ،يف مثل العبارة" :ركب الطالب من -2القيل والقال :وهو القول مبا ال يصح وال ﺗعلم
بيوهتم إىل اجلامعة حافلة اجلامعة ابجملان ذهااب وإاياب". حقيقته ،وحكاية أقوال الناس ،وﺗناقل الشائعات بني
“Para mahasiswa itu naik bus dari الناس ،يف مثل العبارة" :ﺗتعرض الشخصيات املهمة
rumah ke kampus dengan gratis للقيل والقال أكثر من غريها".31
pergi pulang (=pulang pergi). “Tokoh-tokoh penting itu lebih
-2على عالﺗه يف مثل العبارة" :عامل الناس على banyak menghadapi isu-isu yang
34
عالهتم فال أحد خيلو من عيب".
88
حروف اجلر أيضا ﺗقوم ابلوظائف املعنوية ،فإذا قلت: “Perlakukan orang-orang
"ليس زيد بقائم" فمعىن ذلك :ليس زيد حقا قائما. sebagaimana adanya, karena tak ada
وإذا قلت " :أمسكت ابحلبل" فمعىن ذلك :أمسكته satu pun orang yang lepas dari
مالصقة يدي له وإذا قلت " :أكلت من الطعام ،فمعىن kekurangan”.
ذلك :أكلت بعض الطعام .مما سبق علمنا أن حرف -3على رأس( ..ص)378
الباء قد انب عن معىن ‘حقا‘ أو ‘ املالصقة‘ كما انب األمم املتحدة ﺗطالب إسرائيل بتطبيق اﺗفاقيات السالم
عن معىن ‘ بعض‘ .واملدار يف ﺗعيني معىن حرف اجلر وعلى رأسها مبدأ " األرض مقابل السالم".
سياق الكالم. PBB menuntut Israel untuk
على أن معاين حروف اجلر قد ﺗتوسع فدل menjalankan kesepakatan-
بعضها على معاين بعض ،مع مالحظة بالغية ال ختفى kesepakatan damai di atas
على املتأمل ،مثل ‘من‘ أتيت للظرفية (مبعىن يف)" :إذا kepalanya
نودي للصالة من يوم اجلمعة ( أي يف يوم اجلمعة)؛ ويف (terutama) prinsip “tanah sebagai
أتيت لالستعالء (مبعىن على)" :ألصلبنكم يف جذوع imbalan damai”.
النخل" (أي على جذوع النخل)؛ و‘على‘ أتيت للظرفية 4الت حني مناص ،مبعىن ال ميكن التخلص والفرار
(مبعىن يف) :على حني غفلة (أي يف حني غفلة)؛ منه ،35مثل العبارة" :حياول كثري من الناس أن يفروا من
و‘عن‘ أتيت للتعليل" :ما حنن بتاركي آهلتنا عن قولك أقدارهم ،ولكن القدر إذا جاء فالت حني مناص".
(أي لقولك)؛ والباء أتيت للتبعيض (مبعىن من) :عينا “banyak orang yang berupaya lari
يشرب هبا ( أي منها) ،وللظرفية (مبعىن يف) :وما كنت dari takdir, tetapi ketika takdir
36
جبانب الغريب (أي يف جانب الغريب) datang mereka tak dapat lari
أما يف اللغة اإلندونيسية فإن احلروف الرابطة ”darinya.
اليت ﺗقابل احلروف اجلر اليت سبق ذكرها مثل ;(dari -5فما ابلك ،مبعىن ال سيما يف مثل العبارة" :هذا
ke; atas; dalam; pada, seperti, متعذر على أبناء اللغة أنفسهم فما ابلك ابألجانب"
) untukال ﺗتوسع معانيها كما ﺗتوسع حروف اجلر يف “Ini amat sulit bagi para penutur
اللغة العربية. bahasa, apalagi bagi orang-orang
د -ترمجة الكلمات اليت هلا أكثر من معىن ”asing.
ينبغي للمرتجم أن يتنبه دائما أن الكلمة جـ -الفروق املتعلقة ابستعمال حروف اجلر
الواحدة قد يكون – بل كثريا ما يكون -هلا أكثر من عرف ابن منظور احلرف أبنه األداة اليت ﺗسمى ّ
معىن فال بد له من فهم سياق الكالم فهما جيدا .مثل الرابطة ألهنا ﺗربط االسم ابالسم والفعل ابلفعل ،واملراد
كلمة مالك وساعة ومكتب فيما أييت: حبروف اجلر مثل :من وإىل وعن وعلى ويف والباء
-1قال حممد هو ابن مالك أمحد ريب هللا خري مالك والكاف والالم .ابإلضافة إىل الوظيفة البنائية فإن
89
البناء للمجهول يف اإلندونيسية وبينه يف العربية حىت ال -2ويوم ﺗقوم الساعة يقسم اجملرمون ما لبثوا غري ساعة
يقع يف اخلطأ .وفيما بعد أمثلة على ذلك. ( ...الروم)55 :
يسمى البناء للمعلوم أو البناء للفاعل يف اللغة -3اشرتى عمى املكتب بعد أن رجع من مكتب الربيد
اإلندونيسية ،bentuk aktifبينما يسمى البناء ابإلضافة إىل ذلك فيما خيص بنص القرآن ال بد
للمجهول أو البناء للمفعول يف اللغة اإلندونيسية للمرتجم من مطالعة كتب التفسري ليتحقق له فهم القرآن
.bentuk pasifوإمنا يسمى البناء معلوما ألن وﺗدبره .ذلك ألن هناك بعض الكلمات اليت يفهمها
الفاعل معلوم أي مذكور يف سياق اجلمل ،كما يسمى بعض الناس فهما خاطئا ،مثل:
أيضا البناء للفاعل ألن الفاعل أسند إىل الفاعل .بينما -1الذين يظنون أهنم مالقوا رهبم( .البقرة )46 :يظنون
يسمى البناء جمهوال ألن الفاعل جمهول أي غري مذكور مبعىن يتيقنون ال مبعىن يش ّكون.
يف سياق اجلمل ،كما يسمى أيضا البناء للمفعول ألن -2ويستحيون نساءكم (البقرة )49 :مبعىن يرتكوهنن
الفعل أسند إىل املفعول احلقيقي املسمى بنائب الفاعل. على قيد احلياة ،ال من احلياء.
والفرق بني العربية واإلندونيسية يف هذا األخري أن -3ويسئلونك ما ذا ينفقون قل العفو (البقرة)219 :
الفاعل يف اللغة اإلندونيسية قد يكون مذكورا يف اجلمل مبعىن :الفضل والزايدة أي أنفقوا مما فضل وزاد عن قدر
وإن كان البناء جمهوال ،وليس كذلك يف العربية .فما دام احلاجة من أموالكم.
البناء جمهوال فالفاعل فيها غري مذكور .يبدو أن هذا -4فجاءها أبسنا بياات أو هم قائلون (األعراف)4 :
الفرق هو الذي سبب بعض االندونيسيني خيطئون يف قائلون من القيلولة أي يف وقت القائلة منتصف النهار
ﺗرمجة اجلمل اليت حتتوي على البناء للمجهول من وليست من القول.
اإلندونيسية إىل العربية. -5فلما رأينه أكربنه وقطّعن أيديهن (يوسف)32 :
البناء للمعلوم واجملهول يف اللغتني: أ- قطّعن أيديهن مبعىن جرحن أيديهن ابلسكاكني حينما
اإلندونيسية والعربية ،وترمجتها:38 ذهلن جبمال يوسف وليس مبعىن برتهنا.
يف األساس إن األفعال املبنية للمعلوم يف اللغة -6إال وهلا كتاب معلوم (احلجر )4 :كتاب مبعىن أجل
37
اإلندونيسية ﺗقابلها األفعال املبنية للمعلوم يف مقدر ومدة معروفة .وليس املراد هنا كتاب يُقرأ.
اللغة العربية ،وكذلك األفعال املبنية للمجهول يف اللغة هـ -ﺗرمجة بناء املعلوم واجملهول
اإلندونيسية ﺗقابلها األفعال املبنية للمجهول يف اللغة ونظام اللغة اإلندونيسية خيتلف عن نظام العربية يف
العربية ،ولكن هناك بعض املستثنيات فيما خيص كثري من الظواهر اللغوية وال سيما ﺗرﺗيب الكلمات يف
ابختالف بعض ﺗركيب اجلمل يف اللغة العربية كما يلي: ﺗكوين اجلملة .أما الرتمجة من العربية إىل اإلندونيسية
-1األفعال اليت على البناء للمعلوم يف العربية فهناك بعض األفعال املبنية للمجهول يف اللغة العربية،
وترمجتها إىل اإلندونيسية ابلبناء للمجهول وهي قليلة ،ولكن ﺗوافقها األفعال املبنية للمعلوم يف اللغة
كثريا ما ﺗرتجم األفعال املبنية للمعلوم يف اجلمل العربية اإلندونيسية .فعلى املرتجم أن يعرف الفرق بني نظام
اليت على ﺗرﺗيب نظام اجلملة على شكل :الفعل -
90
Tersebut dalam hadis bahwa الضمري الواقع موقع املفعول به – الفاعل ،ابألفعال
banyak orang yang berpuasa املبنية للمجهول يف اللغة اإلندونيسية ،كما يف األمثلة
yang tak mendapat apa-apa dari اآلﺗية:
puasanya kecuali lapar. -1هذا احلديث رواه البخاري ومسلم
)3نشأت يف بيئة متدينة Hadis ini meriwayatkannya
Saya dibesarkan di lingkungan (diriwayatkan oleh) al-Bukhari.
yang agamis. -2طوىب ملن شغلته عيوبه عن عيوب الناس
وهناك أيضا استخدام أفعال مثل :مت /يتم + Beruntung, orang yang
مصدر للداللة على صيغة املبين للمجهول ،39مثل: menyibukkannya kekurangan-
)1مت نقل املعلومات يف التوراة واإلجنيل بشكل يفهمه kekurangannya (disibukkan oleh
الناس )kekurangan-kekurangannya
Pengalihan informasi dalam Taurat )(sehingga tidak sempat meneliti
dan Injil dilakukan dengan cara kekurangan-kekurangan orang
yang dipahami oleh orang-orang lain.
)2هذا املسجد سيتم بناؤه يف آخر هذا العام. -3هذا ما اﺗفق عليه العلماء
Masjid ini akan selesai dibangun di Ini adalah apa yang telah
akhir tahun ini. menyepakati atasnya (disepakati
-2البناء للمجهول يف العربية وترمجتها إىل oleh) para ulama.
اإلندونيسية ابلبناء للمعلوم:
هناك بعض األفعال املبنية للمجهول يف اللغة وهناك بعض األفعال يف اللغة العربية وهي على
العربية اليت ﺗرمجت إىل اللغة اإلندونيسية ابألفعال املبنية شكل البناء للفاعل ولكن حيسن ﺗرمجتها إىل اللغة
للمعلوم أو ما يف معناها .والبناء للمجهول املراد هنا هو اإلندونيسية ابألفعال املبدوءة ب " " terعلى
ما ضم أوله وكسر ما قبل آخره يف املاضي ،وفتح ما قبل شكل البناء للمجهول كما يف األمثلة التالية.
آخره يف املضارع .وصيغة اسم املفعول داخلة يف معىن )1ثبت علميا أن للصوم منافع صحية لإلنسان
البناء للمجهول .أما البناء للمجهول يف اللغة Terbukti secara ilmiah bahwa
اإلندونيسية هو األفعال املبدوءة ب diأو terوإليك puasa itu bermanfaat dari sisi
هذه األمثلة: kesehatan bagi manusia
)1أُعجبت جبمال هذه املناظر الطبيعية )2ورد يف احلديث أنه كم من صائم ليس له من
Saya kagum dengan indahnya صيامه إال اجلوع
pemandangan alam ini
91
التعبري عن املعىن يف كلتا اللغتني .فعلى املرتجم معرفة ﺗرمجت كلمةُ أُع ِجبت ب kagum :ومل ﺗرتجم
الفروق بني اللغتني :لغة األصل ولغة اهلدف. ب dikagumkan :مع أهنا على شكل البناء
-3البناء للمعلوم يف اللغة اإلندونيسية وترمجتها إىل للمجهول .وفيما يلي أمثلة يف نفس الشكل:
العربية إىل البناء للمجهول 40
)2عُنِيت احلكومة ابلقضاء على اإلرهابية
1)-Di Indonesia ada lebih dari 13 Pemerintah mempunyai perhatian
000 pulau besar dan kecil. untuk memerangi terorisme
يو مجد يف إندونيسيا أكثر من ثالثة عشر ألف جزيرة ُ )3س ِررت بلقاءك /أان مسرور بلقاءك
كبرية وصغرية. Saya senang bertemu denganmu
2)-Saya senang bertemu denganmu )4اجملنون من ليس له عقل سليم
pagi ini Orang gila adalah orang yang tak
ُس ِررت بلقاءك يف هذا الصباح. punya akal sehat.
3)-Saya kagum akan kemampuan )5ﺗُويف أيب قبل أكثر من عشر سنوات
anak umur 10 tahun telah hafal al- Ayahku telah wafat lebih dari
Qur’an tiga puluh juz di luar sepuluh tahun lalu.
kepala. -)6لقد أفاق الرجل الذي أُغمي عليه
أُع ِجبت مبهارة الولد الذي بلغ من عمره عشر سنوات Orang yang pingsan itu telah sadar.
وقد حفظ القرآن ثالثني جزءا على ظهر القلب. )7هل أخوك موجود يف الفصل؟
4)-Surat yang saya terima sebulan Apakah saudaramu ada di dalam
yang lalu itu sungguh telah hilang. ?kelas
لقد فُِقدت الرسالة اليت ﺗلقيتها قبل شهر. ُ )8ولِد أمحد يف هذه املدينة
5)-Dia (lk) lahir dibesarkan dan Ahmad lahir di kota ini.
meninggal di kota ini. )9مل يذهب حممود إىل اجلامعة هذا اليوم ألنه مشغول
يف يف هذه املدينة. ِ ِ يف البيت
ُول مد ونشأ وﺗُ ُو ّم
مما سبق من األمثلة ميكننا أن نالحظ أن Mahmud tidak pergi ke kampus
الكلماتmeninggal, lahir, hilang, : hari ini karena ia sibuk di rumah
kagum, senang, ada,هذه كلها مبنية أنظر الكلمات اليت حتتها خط يف اللغة اإلندونيسية اليت
للمعلوم ولكنها كلها ﺗرتجم إىل اللغة العربية ابألفعال هي ﺗرجة الكلمات اليت حتتها خط يف العربية ،ليس
املبنية للمجهول حيث ضم أوهلا وكسر ما قبل آخرها، هناك عالمات البناء للمجهول حيث مل ﺗبدأ الرتمجة
وبعبارة أخرى :ميكننا أن نقول أن بعض األفعال املبنية حبرف diأو ،terوذلك يرجع إىل اختالف نظام
92
اللغة االجنليزية قد درسها بل أملّ هبا الطالب الذين للمعلوم ﺗقابلها األفعال املبنية للمجهول يف اللغة العربية.
يريدون أن يواصلوا دراستهم إىل لندن إملاما جيدا. فاألمر يرجع إىل استعمال الناطقني ابللغة نفسها.
4)Kesulitan pertama yang dihadapi -4البناء للمجهول يف اللغة اإلندونيسية وترمجتها
oleh sebagian mahasiswa Indonesia إىل اللغة العربية ابلبناء للمعلوم
di negara-negara Eropa adalah الفرق األساسي بني ﺗركيب البناء للمجهول يف
penyesuaian diri dengan cuacanya. اللغة اإلندونيسية وبينه يف اللغة العربية أن الفاعل يف
املشكلة األوىل اليت يواجهها بعض الطالب البناء للمجهول غري مذكور يف اللغة العربية .أما يف اللغة
اإلندونيسيني يف الدول األوربية التكيف ابملناخ. اإلندونيسية فالفاعل قد يذكر وإن كان الفعل مبنيا
5) Undang-undang yang telah للمجهول .وعلى هذا األساس ،إذا كان الفعل على بناء
dibuat oleh DPR itu dapat diubah اجملهول يف اللغة اإلندونيسية ،ومع ذلك ذكر فيه
sesuai dengan tuntutan zaman. الفاعل ،فرتمجتها يف اللغة العربية على شكل البناء
القوانني اليت وضعها جملس النواب قابلة للتغيري وفقا للمعلوم وليس للمجهول ،على أن يكون ﺗركيب اجلملة
ملتطلبات الزمان. يف اللغة العربية يف شكل :فعل – ضمري (مفعول به) –
ويف عصران احلاضر هناك عبارة "من قبل" يف فاعل كما يف األمثلة اآلﺗية:
اللغة العربية كرتمجة حرفية حلرف " “byابللغة اإلجنليزية 1) Buku bahasa Arab yang akan
الدرس ب ِ
ُ الذي يرد يف صيغ املبين للمجهول مثلُ :كت م saya beli itu sudah dibeli oleh
من قِبمل على مقابل العبارة اإلجنليزيةThe lesson : seseorang dua hari yang lalu
.was written by Aliهذا ابلطبع من أتثري كتاب اللغة العربية اليت سأشرتيه قد اشرتاه أحد قبل
اللغة األجنبية مثل اإلجنليزية 41.واللغة اإلندونيسية يف يومني
هذه العبارة مثل اللغة اإلجنليزية من انحية الرتكيب متاما. 2) Buku itu sedang dibaca oleh
يسهل
لو أن هذا األسلوب مقبول يف اللغة العربية فهو ّ ayahku di kamarnya dan majalah
املرتمجني اإلندونيسيني ،إال أنه خارج عن قواعد اللغة itu sedang dibaca oleh ibuku di
العربية وأقيستها املعروفة وهو من أتثري الرتمجة على لغة depan rumah.
اإلعالم.42 الكتاب يقرأه أيب يف غرفته واجمللة ﺗقرأها أمي أمام
وقد ﺗكون الرتمجة يف اللغة العربية على شكل صيغة البيت.
املصدر ألهنا حتتمل معىن البناء للمعلوم واجملهول على 3)Bahasa Inggris itu sudah
السواء ،مثل ﺗرمجة dapat diubahب قابلة dipelajari bahkan sudah dikuasai
للتغيري كما ذكر آنفا ويف األمثلة اآلﺗية: dengan baik oleh para mahasiswa
yang akan melanjutkan studinya ke
London.
93
األصل أن األفعال ذات املعىن املثبت يف 6) Sesungguhnya minuman keras
اللغتني :العربية واإلندونيسية ﺗقابلها األفعال ذات املعىن itu tidak layak diminum dari sisi
املثبت ،كما أن األفعال ذات املعىن املنفي ﺗقابلها kesehatan maupun syari’ah.
األفعال ذات املعىن املنفي ،ولكن هناك بعض األفعال إن اخلمر غري صاحلة للشرب صحة وشرعا.
املثبة يف اللغة العربية ﺗرتجم إىل اللغة اإلندونيسية 7) Ini perkara yang jelas tak perlu
ابألفعال املنفية ،والعكس صحيح .أما األفعال املثبتة يف dijelaskan.
العربية ولكنها ﺗرتجم إىل اللغة اإلندونيسية ابلنفي فمثل: هذا أمر واضح غين عن البيان
-)1يبدو أن هناك أمورا مهمة ما زالت جيهلها كثري األفعال املبنية للمجهول يف اللغة اإلندونيسية
من الطالب. قد ﺗرتجم بصيغة املصدر يف اللغة العربية وذلك ألن
Ternyata ada hal-hal penting yang مصدر األفعال املبنية للمجهول هو نفس مصدر
masih tidak diketahui oleh para األفعال املبنية للمعلوم فيمكن استخدامه لرتمجة األفعال
mahasiswa. املبنية للمجهول يف اللغة اإلندونيسية كما سبق ،وميكن
-)2يوجد كثري من خرجيي املدارس الثانوية عجزوا عن استخدامه كذلك لرتمجة األفعال املبنية للفاعل يف اللغة
مواصلة دراساهتم ألسباب اقتصادية. اإلندونيسية كما يف األمثلة اآلﺗية:
Ada banyak alumni Sekolah 1) Kita harus membiasakan diri kita
Lanjutan yang tidak mampu disiplin dalam belajar.
melanjutkan studinya karena ال بد لنا من ﺗعويد أنفسنا على االنضباط يف الدراسة.
masalah-masalah ekonomi. 2)Sebaiknya anda menghadiri rapat
-)3إن شهرة جامعة األزهر يف مصر غنية عن النقاش hari ini.
ألهنا من أقدم اجلامعات اإلسالمية يف العامل. حيسن بك حضور االجتماع هذا اليوم.
Sesungguhnya ketenaran مما سبق بيانه ال بد يف ﺗرمجة صيغة املصدر من
Universitas al-Azahar di Mesir itu النظر إىل سياق الكالم ألهنا قد ﺗفيد معىن البناء للفاعل
tak perlu diperdebatkan karena مر بيانه.
كما قد ﺗفيد معىن البناء للمجهول كما ّ
Universitas tersebut adalah أما األفعال ذات املعىن املثبت واملنفي فهناك يف
Universitas Islam tertua di dunia. العربية بعض األفعال املتضمنة معىن اإلثبات ولكن
-)4االنضباط يف الدراسة شيء يرغب عنه الكساىل ﺗوافقها األفعال املتضمنة معىن النفي يف اللغة
Kedisiplinan dalam studi adalah اإلندونيسية ،والعكس صحيح .فعلى املرتجم االنتباه
merupakan sesuatu yang tidak هبذه األفعال حىت ال يقع يف خطأ الرتمجة.
disukai (dibenci) oleh para pemalas. ب -األفعال ذات املعىن املثبت واملنفي يف اللغتني
العربية واإلندونيسية
94
dengan jiwa yang amat menyesali tidak يرى الكاﺗب أن هناك فرقا ذوقيا لطيفا بني
(dirinya sendiri).44 فيميل الكاﺗب يف هذاdibenci وبنيdisukai
إن أركان اإلسالم اخلمسة أمر ال بد أال جيهلها-)5 .السياق إىل الرتمجة اليت حتتها خط
.املسلمون )رغم غياب مدير الشركة فإن العمل ظل يسري على5
Rukun Islam yang lima itu suatu قدم وساق
hal yang harus diketahui oleh umat Meskipun direktur perusahaan itu
Islam. tidak masuk pekerjaan tetap
إن الواجبات الشرعية اإلسالمية شيء ال يعجزه-)6 berjalan dengan baik.
.كل من له نية صادقة ألداءه كاد الفقر أن يكون كفرا-5
Kewajiban-kewajiban syari’ah األمثلة من األفعال املنفية يف العربية-2
Islam adalah sesuatu yang setiap :ولكنها ترتجم ابألفعال املثبة يف اإلندونيسية
orang yang memiliki niat yang ال يستغين كل طالب العلوم الشرعية عن اإلملام-)1
sungguh-sungguh dapat .ابللغة العربية إملاما جيدا
melaksanakannya. Setiap mahasiswa yang menekuni
لغة األصل:) ال بد للمرتجم من اإلحاطة ابللغتني7 ilmu-ilmu syari’ah harus menguasai
.ولغة اهلدف إحاطة اتمة bahasa Arab dengan baik.
Penerjemah harus menguasai dua ال يزال الكثري من طالب اجلامعات اإلسالمية-)2
bahasa: bahasa sumber dan bahasa .يهتمون ابللغة العربية
sasaran. Masih banyak mahasiwa
ال أعرف هذا األمر إال اآلن-)8 Universitas Islam yang
Saya baru tahu perkara ini sekarang memperhatikan bahasa Arab.
( Saya tidak tahu hal ini kecuali وأنت حل هبذا البلد. ال أقسم هبذا البلد-)3
sekarang). Aku benar-benar bersumpah
ّلِل ُك هل يموٍم ثِن مىت معشمرمة مرك معة
ِ) ما ِمن عب ٍد مسلٍِم يصلِّى ِه9
م ُ ُم م dengan kota ini (Mekah). Dan
ِ ِ ِ ِ ٍ
ىنِ ه
اّلِلُ لمهُ بمي تا ِف اجلمنهة أمو إال بُ م ﺗمطمُّوعا مغ مري فم ِر م
يضة إاله بم مىن ه kamu (Muhammad) bertempat di
45
رواه مسلم.ت ِِف اجلمن ِهة ٌ لمهُ بمي kota Mekah ini.43
Setiap orang Islam yang salat وإنه لقسم لو ﺗعلمون. فال أقسم مبواقع النجوم-)4
karena Allah setiap hari dua belas عظيم
rakaat, salat sunat, selain yang Aku bersumpah dengan hari
fardlu, Allah pasti buatkan kiamat. Dan Aku bersumpah
95
ما كاد يعرف صديقي أن الرجل الذي أمامه هو صديقه untuknya sebuah rumah di sorga
احلميم الذي كان يدرس معه قبل ثالثني سنة حىت atau ia pasti dibuatkan sebuah
أو.عانقه rumah di sorga. Diriwayatkan oleh
ما إن عرف صديقي أن الرجل الذي أمامه هو صديقه Imam Muslim.
احلميم الذي كان يدرس معه قبل ثالثني سنة حىت )" ما إن وقف القطار حىت ازدحم الركاب على10
.عانقه "46 "وما إن طلع الفجر حىت أذن املؤذن،"الصعود إليه
3)Mereka berkata: sekarang Begitu kereta berhenti, para
barulah kamu menerangkan penumpang berdesakan naik.
hakikat sapi betina yang Begitu terbit fajar, muazzin
sebenarnya. Kemudian mereka mengumandangkan azan.
menyembelihnya dan mereka baru نتيجة ملا ذكر فإن هناك نفس األساليب يف
melaksanakan perintah itu ( hampir اللغة اإلندونيسية اليت ﺗتضمن معىن اإلثبات ولكنها
saja mereka tidak melaksanakan :ﺗرتجم ﺗرمجة منفية يف العربية مثل
perintah itu). 1) Setiap mahasiswa harus
47
قالوا اآلن جئت ابحلق فذحبوها وما كادوا يفعلون mempersiapkan diri dengan hal-hal
4) Aku selalu berusaha yang amat diperlukan dalam
memperbaiki hubunganku dengan studinya.
teman-temanku selama mereka على كل طالب االستعداد ابألشياء اليت ال يستغين عنها
memperlakukanku dengan baik. .يف دراسته
ال أزال أحاول حتسني عالقيت مع أصدقائي ما داموا 2) Dasar-dasar budi pekerti adalah
.يعاملونين معاملة حسنة sesuatu yang harus diketahui oleh
setiap orang yang beradab.
األفعال املنفية يف اإلندونيسية اليت ترتجم ترمجة-4 .املبادئ األخالقية شيء ال يستغين عنه كل مثقف
:مثبتة يف العربية مثل 3) Begitu teman saya tahu bahwa
1)Problem-problem kehidupan itu yang di depannya adalah teman
terkadang amat komplek sehingga akrabnya yang dulu belajar
banyak orang tidak mampu bersamanya di Sekolah Dasar 30
memecahkannya. tahun yang lalu, ia memeluknya.
قد ﺗكون مشكالت احلياة معقدة للغاية حىت عجز كثري
.من الناس عن حلها
96
Siapa yang mengganti keimanan 2) Jangan ungkapkan kata-kata tak
dengan kekufuran maka ia sungguh disukai oleh temanmu agar dia
telah sesat dari jalan yang lurus. tidak menjauh darimu.
-5أولئك الذين اشرتوا الضاللة ابهلدى فما رحبت ال ﺗعرب عن الكلمات اليت يرغب عنها صديقك لكيال
جتارهتم وما كانوا مهتدين 51.يف اإلندونيسية: يبتعد عنك.
Mereka itulah orang yang membeli -5استخدام حرف الباء يف اللغة العربية ملا هو
kesesatan dengan petunjuk, maka مرتوك يف أفعال :أبدل – ب ّدل – تب ّدل – استبدل
tiadalah beruntung perniagaan وما يشبهها ،48أما اللغة اإلندونيسية فحرف الباء
mereka dan tidaklah mereka ( )denganللداللة على املأخوذ واملستخدم ،ال
mendapat petunjuk. املرتوك ،األمثلة:
اخلامتة: -1ب ّدل أمحد مالبس الشتاء مبالبس الصيف إذا جاء
ال بد لعمل الرتمجة من االهتمام خبصائص موسم الربد؛ أو ب ّدل أمحد مبالبس الصيف مالبس
اللغتني :لغة األصل ولغة اهلدف ،إذ لكل منهما منطقه الشتاء إذا جاء موسم الربد .يف اإلندونيسية:
ونظامه يف التعبري عن املعىن ،وذلك ألن الرتمجة نقل Ahmad mengganti baju-baju
املعىن الذي ﺗتضمنه لغة األصل إىل لغة اهلدف حبيث musim panas dengan baju-baju
ﺗفيد لغة اهلدف املعاين اليت ﺗتضمنها لغة األصل ،مع أن musim dingin, ketika datang
يف كلتا اللغتني أوجه الشبه والفروق سواء كانت قريبة أو musim dingin.
بعيدة .وقد ﺗكون الرتمجة التامة شبه املستحيلة يف
مواضع ﺗكون بني اللغتني اختالفات كبرية .ومهما يكن -2من اخلري أن ﺗستبدل بقلم احلرب السائل قلم احلرب
من أمر ،فإن الرتمجة كثريا ما ﺗكون ﺗقريبية ألهنا قد اجلاف ..يف اإلندونيسية:
ﺗكون معقدة جدا .واملعيار يف الرتمجة هو أن يكون Sebaiknya kau mengganti pena
املعىن يف لغة اهلدف اليت ﺗرجم إليه نص لغة األصل هو basah (pena tinta) dengan pena
نفس املعىن اليت يف لغة األصل .ولذلك من الشروط اليت kering (bulpoin).
يلم املرتجم إملاما اتما ابللغتني:
جيب ﺗوفرها يف الرتمجة أن ّ -3وال ﺗتبدلو اخلبيث ابلطيب 49.يف اإلندونيسية:
لغة األصل ولغة الرتمجة .واإلملام التام بلغة من اللغات Dan janganlah kaliah ganti yang
يكاد يكون مستحيال ،وال سيما العربية اليت بلغ عمرها baik dengan yang buruk.
أكثر من أربعة عشر قران واليت ﺗتطور يف هذه املدة -4ومن يتبدل الكفر ابإلميان فقد ضل سواء
الطويلة .وخري ما يقال يف هذا األمر :ما ال يدرك كله ال السبيل 50.يف اإلندونيسية:
يرتك أقله .فاملهم على القائمني بعمل الرتمجة احملاولة
بكل اجلهود لإلملام ابللغتني :لغة األصل ولغة الرتمجة.
97
حممد شحرور ،الكتاب والقرآن :قراءة معاصرة، فما قدمنا من األمثلة يف الرتمجة من نتائج جتربة الكاﺗب
دمشق :األهايل1990 ، يف ﺗدريس الرتمجة من اإلندونيسية إىل العربية وابلعكس
حممد حممد داود ،معجم التعبري االصطالحي يف العربية أكثر من عشرين سنة ،مع ما فيها من قصور ونقصان،
املعاصرة ،القاهرة :دار غريب،203 ، إذ الكمال هلل وحده.
حممود إمساعيل عمار ،األخطاء الشائعة يف استعماالت
حروف اجلر ،الرايض :دار عامل الكتب1998 :
وزارة الشؤون الدينية اإلندونيسية ،القرآن وﺗرمجة معانيه املصادر واملراجع:
إىل اللغة اإلندونيسية ،املدينة املنورة :جممع امللك فهد كتاب صحيح مسلم
لطباعة املصحف الشريف 1433 ،ه حسن منديل حسن عكيلي ،دراسات حنوية ،بريوت:
Ahmad Warson Munawwir. Al- دار الكتب العلمية2012 ،
Munawwir. Yogyakarta: علي يونس الدهش ،األساليب اإلجنليزية يف اللغة العربية
Pesantren al-Munawwir, 1984 املعاصرة ،يف دور اللغة العربية يف عملية البناء احلضاري،
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/sh 2011
owthread.php?t=279017 diakses 28 حسن منديل حسن عكيلي ،دراسات حنوية ،بريوت:
Juli 2015 دار الكتب العلمية2012 ،
عبد العظيم الزرقاين ،مناهل العرفان يف علوم القرآن،
جملد ،2
هوامش البحث: عبد الغفار حامد هالل ،علم اللغة بني القدمي
واحلديث ،شربا :مطبعة اجلبالوي ط 1986 ،2
1كارم السيد غامن ،اللغة العربية والصحوة العلمية احلديثة،
علي حسين املزين ،جملة الدراسات اللغوية واألدبية،
الرايض :مكتبة الساعي ،1990 ،ص32 :
العدد الثاين السنة الثانية
2حسن منديل حسن عكيلي ،دراسات حنوية ،بريوت :دار
الكتب العلمية ،2012 ،ص5 : عبد اجمليد إبراهيم السيد ،مائة كلمة قرآنية قد ﺗفهم
3عبد الغفار حامد هالل ،علم اللغة بني القدمي واحلديث ،ص: خطأ ،الرايض :مكتبة امللك فهد الوطنية2012 ،
105 كارم السيد غامن ،اللغة العربية والصحوة العلمية احلديثة،
4علي حسين املزين ،جملة الدراسات اللغوية واألدبية ،العدد الرايض :مكتبة الساعي1990 ،
الثاين السنة الثانية ،ص222 : حممد عناين ،فن الرتمجة ،القاهرة :الشركة العاملية للنشر
5حممد حممد داود ،معجم التعبري االصطالحي يف العربية
لوجنمان2004 ،
املعاصرة ،القاهرة :دار غريب ،203 ،ص 288
حممود امساعيل صيين وآخرون ،العربية للناشئني،
6حممد حممد داود ،معجم التعبري االصطالحي ......ص
116 بريوت :مؤسسة سعيد الصباغ ،1983 ،اجمللد الرابع،
7حممد حممد داود ،معجم التعبري االصطالحي......ص 76
98
36حممود إمساعيل عمار ،األخطاء الشائعة يف استعماالت 8حممد حممد داود ،معجم التعبري االصطالحي ......ص
حروف اجلر ،الرايض :دار عامل الكتب ،1998 :ص -24 268
26 9حممد حممد داود ،معجم التعبري االصطالحي......ص:
37عبد اجمليد إبراهيم السنيد ،مائة كلمة قرآنية قد ﺗفهم خطأ، 240
الرايض :مكتبة امللك فهد الوطنية ،2012 ،ص23-9 : 10حممد حممد داود ،معجم التعبري االصطالحي......ص235
38قارن :حممد عناين ،فن الرتمجة ،القاهرة :الشركة العاملية للنشر 11حممد حممد داود ،معجم التعبري االصطالحي......ص
لوجنمان ،2004 ،ص 96 - 67 225
39علي يونس الدهش ،األساليب اإلجنليزية يف اللغةالعربية 12حممد حممد داود ،معجم التعبري االصطالحي .....ص
املعاصرة ،يف دور اللغة العربية يف عملية البناء احلضاري ،ص 268
384 13حممد حممد داود ،معجم التعبري االصطالحي......ص
40
Ahmad Warson Munawwir. Al- 272
Munawwir. Yogyakarta: Pesantren al- 14حممد حممد داود ،معجم التعبري االصطالحي ....ص 77
Munawwir, 1984, hlm 667-961-1052 15حممد حممد داود ،معجم التعبري االصطالحي ....ص292
41علي يونس ،نفس املصدر ،ص 384 16داود ،معجم التعبري االصطالحي......ص591
42على يونس ،نفس املصدر ،ص 385 17داود ،معجم التعبري االصطالحي.........ص559
43وزارة الشؤون الدينية اإلندونيسية ،القرآن وﺗرمجة معانيه إىل 18داود ،معجم التعبري االصطالحي.... .....ص 559
اللغة اإلندونيسية ،املدينة املنورة :جممع امللك فهد لطباعة 19داود ،معجم التعبري االصطالحي.... .....ص 467
املصحف الشريف 1433 ،ه ،ص 1060 20سورة الكهف73 :
44املصدر نفسه ،ص 998 21داود ،معجم التعبري االصطالحي.... .....ص 459
هب -صلى هللا عليه ِِ ِ ِ 45
22سورة يةسف92 :
متام احلديث :معن أ ُّم محبيبمةم مزو ِج الن ّ
ول هِ ِ
اّلِل -صلى هللا عليه وسلم- ت مر ُس م وسلم -أ همهنما قمالمت ممسع ُ 23داود ،معجم التعبري االصطالحي.... .....ص 459
ّلِل ُك هل يموٍم ثِن مىت معشمرمة مرك معة
ول «ما ِمن عب ٍد مسلٍِم يصلِّى ِهِ
م ُ ُم يم ُق ُ م 24داود ،معجم التعبري االصطالحي.... .....ص 458
ت
ىن لمهُ بمي ٌ ِ ِ ِه ِ يض ٍة إِاله بم مىن ه
ﺗمطمُّوعا مغ مري فم ِر م 25سورة النحل62 :
اّلِلُ لمهُ بمي تا ِف اجلمنهة أمو إال بُ م
ُصلِّي ِه هن بمع ُد .موقم مال معمٌرو
تأ م
ِ
ِِف اجلمنهة» .قمالمت أ ُُّم محبِيبمةم فم مما بمِرح ُ 26سورة الغاشية7 :
ِ ما ب ِرحت أ ِ
ك .رواه مسلم. ُصلّي ِه هن بمع ُد .موقم مال النُّع مما ُن ِمث مل مذل م
م م ُ م 27داود ،معجم التعبري االصطالحي.... .....ص 464
46
28سورة هود69 :
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showth 29داود ،معجم التعبري االصطالحي.... .....ص 481
read.php?t=279017 diakses 28 Juli 2015: 30داود ،معجم التعبري االصطالحي.... .....ص461
كثريا ما يقع خطأ يف كلميت "أمن" و"إِن" إذا سبقتهما ما يفتح 31داود ،معجم التعبري االصطالحي.... .....ص123
األم بكاءم طفلها حىت سارعت مهزهتما فيقال" :ما أمن مسعت ُّ 32داود ،معجم التعبري االصطالحي.... .....ص 244
إليه ".والصواب هو "ما إن مسعت" بكسر اهلمزة؛ ألن "إِن" 33داود ،معجم التعبري االصطالحي.... .....ص 467
مكسورة اهلمزة اليت أتيت بعد "ما" النافية ﺗكون زائدة إذا ﺗبعتها 34داود ،معجم التعبري االصطالحي.... .....ص 381
مجلة فعلية .واملعىن على ذلك "يف اللحظة اليت مسعت ،ومبجرد 35داود ،معجم التعبري االصطالحي.... .....ص 458
99
ما مسعت" .أما "أمن" املفتوحة فال ﺗكون زائدة ،بل هلا أثر يظهر
على بنية الكلمة وهو غري موجود يف التعبري؛ لذا يبقى الصواب
هو "ما إن" .ونقول" :ما إن وقف القطار حىت ازدحم الركاب
على الصعود إليه"" ،وما إن طلع الفجر حىت أذن املؤذن".
47البقرة71 :
48حممود إمساعيل عمار ،األخطاء الشائعة يف استعمال حروف
اجلر ،الرايض ،دار عامل الكتب ،1998 :ص 283
( 49النساء)2 :
50البقرة108 :
51البقرة16 :
100
التوجيه اللغوي النفرادات اإلمام قالون
يف روايته عن اإلمام انفع
أ/خالد خالدي
أستاذ مساعد بقسم العلوم اإلسالمية
جامعة تلمسان
101
وأمحد بن صاحل املصري ،10وإبراهيم بن احلسي والفقه وعلوم العربية .وقراءة انفع املدين إحدى هاته
الكسائي،11وغريهم.12 القراءات ،والّذي روى عنه القراءة اإلمام قالون واإلمام
األول لإلمام انفع أنّه
الراوي ّ ومن أهم ما اتّصف به ّ كل واحد منهما أبحرف مل يشاركه فيها ورش ،فانفرد ّ
الصمم ال يسمع البوقّ ،أما إذا قرأ أصم شديد ّ كان َّ القراء وال رواهتم .فجاءت الدراسة موسومةغريه من ّ
عليه قارئ فإنّه يسمع .وقيل إ ّن الصمم هذا أصابه يف "التوجيه اللغوي النفرادات اإلمام قالون يف روايته
13
آخر عمره بعد أن أُخذت القراءة عنه. عن اإلمام انفع" .واإلشكال الّذي نطرحه والّذي حناول
تويف اإلمام قالون –رمحه هللا –سنة عشرين ومائتي اإلجابة عنه هو :ماهية االنفرادات؟ وما طبيعة ما انفرد
املنورة.14
ابملدينة ّ تعرضتبه اإلمام قالون يف روايته عن اإلمام انفع؟ وهل ّ
ماهية االنفرادات الرواية للطعن من قبل النّحويّي واللّغويّي؟
هاته ّ
ـالشيء :إذا استفرده، االنفراد لغة :يق ــال انـ ـ ــفرد ب ـ ّ التمهيد :اإلمام قالون واالنفرادات
تفرد به .15والفرد" ويقال :أفرد وانفرد واستفرد مبعىن ّ التعريف بقالون
أخص من أعم من الوتر و ّ الّذي ال خيتلط به غريه ،فهو ّ هو أبو موسى عيسى بن مينا بن وردان بن عيسى
الواحد ومجعه فرادى"16.ومنه قوله تعاىلَ :وَزَك ِرََّّي إِ ْذ الزرقي موىل الصمد بن عمر بن عبد هللا املدين ّ بن عبد ّ
ب َال تَ َذرِين فَـردا وأَنْت خري ِ ِ
ي الوا ِرث َ ْ ْ ً َ َ َ ُْ َ َان َدى َربّهُ َر ّ بين زهرة ،1ل ّقب بقالون وهي كلمة روميّة تعين :جيّد،
يعزى من أوجه (األنبياءّ .)89 :أما اصطالحا :هي "ما ّ وكان ّأول من أطـلق عليـه هـذا اللقب شيخه انفع ،فــقد
األئمة أو أحد رواهتم أو أحد القراءات إىل قارئ من ّ روي أنـّـه كـ ــان إذا ق ـ ـ ـرأ عليـه يق ــول ل ــه :ق ـ ــالون أي:
طرقهم ،ومنها ما هو يف عداد الشاذّ ،ومنها ما هو عي الروم 2
جيـّد ،يالطــفه بلغته .قال ابن اجلزري"":سألت ّ
ب(التفرد) ،و(االنفراد)، ّ ويعرب عنها عداد املتواترّ ، عن ذلك فقالوا :نعم غري ّأّنم نطقوا يل ابلقاف كافا
و(األفراد) .17جاء يف معجم مصطلحات علم القراءات على عادهتم هكذا (كالون).3
األول :ما انفرد بقراءته أحد "االنفرادات هلا معنيانّ : ولد اإلمام قالون سنة عشرين ومائة ،4وق ـرأ القرآن
القراء".18 القراء العشرة على وجه منفرد خمالف لبقيّة ّ علــى شـيخه اإلمام انفع مـ ّـرات كــثرية ،وقيل إنّه كان
ـبي أ ّن االنـفراد ميـكن أن ينـفرد بـه مّـا سـبق يت ّ ربيبه ،وقد سئل هذا اإلمام اجلليل :كم قرأت على انفع؟
اإلمـام املقـرئ الّذي تـروى عنـه الـقراءة ،أو أحد رواته فقال :ماال أحصيه كثرةّ ،إال أنّين جالسته بعد الفراغ
الّذين رووا عنه القراءة ،أو أحد طرقهم .فمثال ميكن أن 5
عشرين سنة.
نقول :انفرد اإلمام انفع بقراءة كذا ،أو انفرد اإلمام كــما قرأ القرآن عـلى عيسى بن وردان احل ّذاء.6
األول عنه –بقراءة كذا ،أو انفرد الراوي ّ قالون –وهو ّ وقد انقطع قالون إلقراء القرآن وتعليمه ،وتعليم العربية،
ورش عن طريق األزرق بقراءة كذا. وتوىل منصب شيخه بعده ،فقد فذاع صيته يف املدينة ّ
القراء السبعة هلا أمهّيّة كبرية ودراسة انفرادات ّ عاش حنو نيّفا ومثاني سنة. 7
أمجلها يف النّقطتي اآلتيتي: تتلمذ عليه كثريون أشهرهم :ابناه أمحد وإبراهيم،
حممد بن هارون ،8وأمحد بن يزيد احللواين،9 وأبو نشيط ّ
102
ان ــفرد اإلمـ ــام نــافع ف ــي رواية ق ــالون عنه بقراءة وحجة
ّأما أحدمها فهذه االنفرادات دليل قاطع ّ
قولــه تع ــاىل :قُل أَ ُؤنَبِّّئُ ُكم مب ـ ّدة بعد مهزة االستفهام، أي تناقض أو دامغة على أ ّن القرآن وقراءاته ليس فيهما ّ
ين ُهم ِّ َّ ِّ تنافر ،وهي طاردة مـن األذهــان ُشبهة التّضاد الّيت أاثرها
وكذلك يف قوله تعاىلَ :و َج َعلُوا املَََلئ َكةَ الذ َ
اد َّ ِّ ِّ
اد ُُتُم
ب َش َه َ الرْحَان إِّ َان اًث أَ َش ِّه ُدوا َخل َق ُهم َستُكتَ ُ عبَ ُ ـاصة املســتشرقي الـّذين حــاولوابعض امللحدين ،وخـ ّ
َويُسئَ لُو َن ،23 ولـكن بـخـالف فـي هذا احلرف .24 النّيــل مـن القرآن والتــشكيك فــيهّ ،إمــا عــن قصــد أو
جــاء فـي التيــسري :نـافع "اُشهدوا" هبــمزتي الـثانية القراء واالنفرادات
عدم فهم .فاالختالف املوجود بي ّ
مسهلــة بــي اهلمزة والواو ،وقالون من رواية أيب مضمومــة ّ تنوع
تنوع حممود ال ّ من بي هاته االختالفات إّّنا هو ّ
الشي ساكنة، نشيط حبالف عنه يدخل قبلها ألفا و ّ تضاد.19
والباقون "اُشهدوا" هبمزة واحدة مفتوحة وفتح الشي و ّأما اآلخر فتعترب هذه االنفرادات جماال خصبا
ويبي عبد الفتّاح القاضي ذلك اخلالف يف حرف " ّ .
25 لل ّدراسات اللّغوية ،وذلك مبا حتتويه من ظواهر صوتية
الزخرف اخلالف يف إدخال الزخرف إذ يقول" :يف سورة ّ ّ وصرفيّة وحنويّة وداللية مبا ّأّنا جزء من القراءات
ألف الفصل بي مهزتي لقالون ،فله بينهما اإلدخال القرآنية.20
وتركه .26"... وانفرد اإلمام قالون بستّة أحرف قد ذكرها اإلمام
وخالصة ذلك كلّه أ ّن قالون يقرأ بتسهيل اهلمزة ال ّداين يف كتابه التهذيب ،وهي كاآليت:21
الثانيّة من اهلمزتي الواقعتي يف كلمة مع إدخال ألف -1قُ ْل أَ ُؤنَبِّّئُ ُكم . قرأها مب ّدة بعد مهزة االستفهام.
ِّ
الفصل بينهما سواء أكانت الثانيّة مفتوحة ،أم مكسورة ك.قرأ يف اهلاء املتّصلة ابلفعل اجملزوم -2يُ َؤِّّده إِلَْي َ
أم مضمومة .27 ابختالس كسرهتا.
احتج م ّكي لقراءة قالون":أنّه ملا كانت اهلمزة وقد ّ َ -3ال تَ ع ُدوا .قرأ إبسكان العي وتشديد ال ّدال.
ّ
املخ ّففة بزنتها خم ّففة ق ّدر بقاء االستثقال على حاله مع -4إن أان ّإال نذير.قرأ إبثبات األلف يف الوصل
التّخفيف ،فأدخل بينهما ألفا ليحول بي اهلمزتي حبائل والوقف.
َّب إِ ْن أ ََر َاد.قرأ بتشديد الياء من غري مهز. ِّ
مينع اجتماعهما ".28 -5للنِّ ِّّ
يتبي من توجيه م ّكي لقراءة قالون أ ّن سبب ّ الالم ُول .قرأ هبمزة ساكنة بعد ّ
ضمة ّ َ -6ع ًادا األ َ
إدخال األلف بعد تسهيل اهلمزة هو :لتحول هاته النقول إليها حركة اهلمزة.
األلف بي اهلمزتي حبائل تكون مانعة من اجتماعهما األول :قُ ْل أَ ُؤنَبِّّئُ ُكم . قرأها مب ّدة بعداحلرف ّ
ِّ
ك.قرأ يف اهلاء املتّصلة احلرف الثاين :يُ َؤِّّده إِلَْي َ مهزة االستفهام.
ِّ ِّ ِّ ِّ ِّ ِّ
ابلفعل اجملزوم ابختالس كسرهتا. قال تعاىل :قُل أَ ُؤنَبّئُ ُكم ِبَ ٍْي ّمن َذل ُكم للَّذ َ
ين
اب َمن إِّن ََت َمنهُ بِِّّقنطَا ٍر قال تعاىل :وِّمن أَه ِّل ِّ ِّ ِّ
الكتَ ِّ َ ين ِّ ِّ
َّات ََت ِّري من ََتت َها األَْنَ ُ
ار َخالد َ اتَّ َقوا ِّعن َد َرِّّّبِّم َجن ٌ
ك ك َوِّمن ُهم َّمن إِّن ََت َمنهُ بِّ ِّدينَا ٍر َّال يُ َؤِّّد ِّه إِّلَي َ يُ َؤِّّد ِّه إِّلَي َ ِّ ِّ
َّرةٌ َوِّرض َوا ٌن ّم َن هللا َوهللا بَصْيٌ اج ُّمطَه َف َيها َوأَزَو ٌ
ِّ
س َعلَي نَا ِّيف ت َعلَي ِّه قَائِّما َذلِّ َ ِّ َّ إَِّّال َما ُدم َ ِِّب ِّلعب ِّ
ك ِبَْنُم قَالُوا لَي َ ا اد.22 َ
103
ب َو ُهم ِّ
يل َويَ ُقولُو َن َعلَى هللا ال َكذ َ األ ُِّّميِّّ َ ِّ
حترك
فبعض القبائل العربية تسكن هاء الضمري إذا ّ ني َسب ٌ
بته ضراب مشبهي ذلك مبيم ما قبلها ،فيقولون مثال :ضر ْ يَعلَ ُمو َن. 29
اجلمع.34 انفرد اإلمام انفع يف رواية قالون عنه بقراءة هاته
السبعة ""أنّه أتى ابهلاء مع
القراء ّ
وحجة قراءة ابيف ّ
ّ اهلاء املتّصلة ابلفعل اجملزوم ابختالس كسرهتا يف هذا
تقويتها على األصل ،وأيضا فإنّه ملا زالت الياء الّيت قبل املوضع ،وكذلك يف قوله تعاىل":نؤته منها ".30وقرأ أبو
ّ
اهلاء ،الّيت من أجلها حتذف الياء الّيت بعد اهلاء عند بكر قي روايته عن عاصم وأبو عمر ومحزة إبسكان اهلاء
سبويه ،أبقى الياء الّيت بعد اهلاء ،إذ ال علّة يف اللّفظ يف هذه املواضع ،وقرأ ابقي القراء السبعة بصلة اهلاء بياء
توجب حذفها"".35 يف الوصل .31
يتّضح مّا سبق أ ّن اإلمام قالون قرأ هذا احلرف وما ووجه قراءة قالون ""أنّه أجري على أصله قبل
يعرب عنهاالصلة ،وقد ّأي :بعدم ّ شاهبه بقصر اهلاءّ ، اجلزم ،وذلك أ ّن أصله كلّه أن يكون بياء قبل اهلاء،
وحجته يف ذلك أنّه أجراه على أصله قبل ابالختالسّ ، وهي الم الفعل ،وبياء بعدها بدال من الواو دخلت
اجلزم ،أل ّن أصله قبل ذلك هكذا "نؤتيهي" فلما كانت اهلاء خفيا للتّقويّة ،نــحو :نــؤتيهي ونصليه ــاّ ،
الساكني و"نصليهي" ،فحذفت الياء الثانيّة اللتقاء ّ الساكنتي فحذفت الثانيّة اللتقاء مل حتجز بي الياءين ّ
فتبقى اهلاء الّيت قبلها مكسورة ،مثّ حذفت الياء الثانيّة الساكني وبقيت اهلاء مكسورة ،مثّ حذفت الياء الّيت ّ
الّيت قبل اهلاء للجزم ،فتبقى اهلاء أيضا مكسورة على ما قبل اهلاء للجزم ،فبقيت اهلاء مكسورة على ما كانت
كانت عليه قبل احلذف فتصري "نؤته" 32
عليه قبل احلذف ،وهذه علّة حسنة ال داخلة فيها "
الصلة مراعاةفمعىن ذلك أ ّن اإلمام قالون قرأ بعدم ّ
احلرف الثالثَ :ال تَ ع ُدوا .قرأ إبسكان العي لألصل ،أل ّن األصل يف هذا احلرف (يـُ َؤِد ِيه) فحذفت
وتشديد ال ّدال. الياء للجازم الّذي قبلها.
ور ِِّبِّيثَاقِّ ِّهم َوقُلنَا
قال تعاىلَ :وَرفَ عنَا فَ وقَ ُه ُم الطُّ َ حجة قراءة أبو بكر وأبو عمرو ومحزة ""أ ّن ّأما ّ
اب ُس َّج ادا َوقُلنَا ََلُم َال تَ ع ُدوا ِّيف ََلُ ُم اد ُخلُوا البَ َ هذه األفعال قد حذفت الياء الّيت قبل اهلاء فيها للجزم،
ت َوأَ َخذ َان ِّمن ُهم ِّّميثَاقاا غَلِّيظاا .36 السب ِّ
َّ وصارت اهلاء يف موضع الم الفعل ،فحذفت حملّها
انفرد اإلمام انفع يف رواية قالون عنه بقراءة قوله فأسكنت كما تسكن الم الفعل للجزم ،أال ترى ّأّنم
تعاىل َ"ال تَـ ْع ُدوا" إبسكان العي وتشديد ال ّدال، قــد قالوا :مل يَـ ْقَر فالن القرآن ،فحذفوا حركــة اهلــمزة
وكذلك يف قوله تعاىل ":أ َّمن َّال يَ ِه ِّدي" يف سورة يونس، الساكنة ألفا النفتاح ما قبلها،للــجزم فأبدلوا من اهلمزة ّ
قرأها إبسكان اهلاء وتشديد ال ّدال ،وأيضا يف قوله مثّ حذفوا أيضا األلف للجزم ،كذلك حذفوا الياء قبل
ِِ حمل
ص ُمو َن "سورة يس قرأها إبسكان اخلاء "وُه ْم َخي ّ
تعاىلَ : اهلاء للجزم وأسكنوا اهلاء للجزم ،إذ حلّت ّ
صاد.37وتشديد ال ّ الفعل".33
احلجة ملن قرأ ابختالس ويرى م ّكي القيسي أ ّن ّ
"أّنا حركة عارضة عليها، حركة العي وتشديد ال ّدال ّ
104
مّا سبق يتّضح لنا أ ّن قراءة انفع يف رواية قالون عنه أل ّن أصلها "تَـ ْعتَدوا" فأصلها السكون ،مثّ أدغمت التاء
الساكني،
يؤسس عليها قاعدة التّخلّص من التقاء ّ ّ يف ال ّدال بعد أن ألقيت حركتها على العي ،فاختلس
وذلك ابالختالس ،ألنّه جيمع بي ال ّداللة على حركة العي ليخرب ّأّنا حركة غري الزمة ،ومل ميكنه أن
الساكني.
اإلعراب ،ويؤمن معها اجتماع ّ يسكن العــي لئـ ّـال يــلتقي ســاكنــان :العي و ّأول املــدغم،
الرابع :إن أان ّإال نذير.قرأ إبثبات احلرف ّ وحسن
وكــره ت ــسكيــن احل ــركــة ،إذ لــيست بــأصل فيهــاُ ،
األلف يف الوصل والوقف. ذلك للتّشديد الّذي يف الكلمة ولطوهلا".38
ك لِّنَ ف ِّسي نَف اعا َوَال َ
ض ًّرا قال تعاىل :قُل َّال أَملِّ ُ فقراءة اإلمام قالون ابختالس حركة العي تنبيها
ت ِّم َنب َالستَكثَ ر ُ ت أَعلَ ُم الغَي َ اء هللا َولَو ُكن ُ إِّّال َما َش َ السكون ،فقبل إدغام التاء يف ال ّدال كان على أ ّن أصلها ّ
السوءُ إِّن أ ََان إَِّّال نَ ِّذ ٌير َوبَ ِّشْيٌ لَِّقوٍم
ِن ُّ اخلَ ِّْي َوَما َم َّ
س ِّ َ
(تعتَدوا) وبعد اإلدغام نقلت حركت التاء إىل أصلها ْ
يُؤِّمنُو َن . 44 العي فاختلسها.
انفرد األمام انفع يف رواية قالون عنه بقراءة قوله وقد وصف ابن خالويه قراءة قالون هاته ابلقبح،
تعاىل من سورة األعراف ""إن أان ّإال نذير" ،وكذلك يف إذ قال" :مجع ساكني وهو قبيح ج ّدا ،أل ّن العرب ال
الشعراء قوله تعــاىل" :إن أان ّإال نذير" ،ويف سورة سورة ّ جتمع بي ساكني ّإال إذا كان أحدمها حرف لي ،وكأنّه
األحقاف قوله تعــاىل":وما أان ّإال نذير" إبثبات األلف الفراء حكى عن عبد القيس ّأّنا أراد احلركة فأسكن أل ّ
يف الوصل والوقف.45 متحرك،
تقول (:أسل زيدا) ،فتُدخل ألف الوصل على ّ
يقول ال ّداين" :وهذه قراءيت على فارس بن أمحد يف ألّنم أرادوا اإلسكان ".39 ّ
روايه أيب نشيط عنه ،وكذلك أخربين طاهر بن غلبون، ّأما النّحاس فاعترب القراءة خطأ ،يقول يف
عن أبيه ،عن صاحل بن إدريس ،عن علي بن سعيد ،عن السبت" من عدا تعدوا ذلك":وقلنا هلم ال تعدوا يف ّ
األشعث ،عن أيب نشيط ،عن قالون ،عن انفع ،ومل يروه وتع ّدوا ،واألصل فيه تعتدوا فأدغمت التّاء يف ال ّدال ،وال
عن قالون غري أيب نشيط".46 الساكنيجيوز إسكان العي وال يوصل إىل اجلمع بي ّ
وحجة قراءة انفع يف رواية قالون عنه" :أنّه أتى يف هذا ،والّذي يقرأ هبذا إّّنا يروم اخلطأ".40
ّ
ابلكلمة على أصلها ،وما وجب يف األصل هلا ،أل ّن وعكس ابن خالويه والنّ ّحاس اعترب كل من
األلف يف (أان)كالتّاء يف (أنت).47"...وقيل أيضا يف املهدوي 41والعكربي 42أ ّن االختالس أحسن وأجود يف ّ
حجتها":أنّه ملا مت ّكن له م ّد األلف للهمزة كره أن العربية ،ألنّه جيمع بي التّخفيف وال ّداللة على اإلعراب،
ّ ّ
حيذف األلف ،أو حيذف م ّدهتا ،فأثبتها يف املوضع الساكنيّ .أمــا البنّــا الدمياطي
وألنّه يؤمن معه اجــتماع ّ
الّذي يصحب األلف فيه امل ّد ،وحذفها يف املوضع الّذي فــريى االختالس فــي هــاته القراءة أقيس .يــقول فــي
ال تصحب األلف فيه امل ّد ،حنو":أان ومن اتّبعين "- ذلــك" :لقالون اختالس حركة العي مع تشديد ال ّدال
يوسف-108:واألـلف زائــدة عنـد الـبصريّيـن ،واالسـم وعرب عنه ابإلخفاء فرارا من ذلك (التقاء أيضاّ ،
املض ــمر عنــدهم اهلــمزة والــنون وزيدت األلف للتّقويّة الساكني) ...وروى الوجهي عنه ال ّداين ،وقال :إ ّن
".48 اإلخفاء أقيس واإلسكان آثر.43"...
105
ِ ِ
وكذلك قوله تعاىل :إِ َّن َذال ُك ْم َكا َن يـُ ْؤذي النِ َّ
َِّب وقد اختلف علماء النّحو حول أصل الضمري(أان)،
فَـيَ ْستَ ْحيِي ِمْن ُك ْم َوهللا َال يَ ْستَ ْحيِي ِم َن احلَِّق.56 هل هو (أن) أو (أان) كلّها .49فذهب األمشوين إىل أ ّن
انفرد اإلمام انفع يف رواية قالون عنه بقراءة ـأصحهن إثبات ألــفه
ّ هذا الضمري "فيه مخس لغات ...فـ
ِب) بتشديد الياء من غري مهز يف هذين كلمة (النّ ّ وقــفا وحذفها وصال ،والثانيّة إثباهتا وصال ووقفا ،وهي
خاصة يف الوصل دون الوقف . 57 املوضعي ّ لغة متيم".50
فقالون يف هذا الباب ليس له يف هذين احلرفي ّإال إذن فإثبات األلف وقفا ووصال هلجة متيميّة،
اإلبدال ،أي :إبدال اهلمزة َّيءً مع اإلدغام ،وذلك حالة السرعة يفوالّذي تتميّز به هاته اللّهجة ّأّنا متيل إىل ّ
الوصلّ ،أما حال الوقف فريجعان إىل أصلهما مهزتي الكالم ،فنسب إليها حذف بعض األصوات ،ولكن إذا
حم ّققتي .58 الرواية الّيت تثبت األلف يف (أان) أمعنّا النّظر يف هاته ّ
قال ال ّداين":وترك قالون اهلمز يف قوله (النِّب إن جندها وردت يف قراءة بعدها مهزة ،واملشهور عن هلجة
أراد) و(بيوت النِّب ّإال أن) يف املوضعي يف الوصل متيم ّأّنا حت ّقق اهلمزة ،فقد يكون إثبات األلف هنا من
خاصة على أصله يف اهلمزتي املكسورتي".59وإّّنا عمل ّ أجل حتقيق اهلمزة .51
قالون ابلبدل يف هذين املوضعي يف الوصل أل ّن قاعدته والــجدير ابل ّذكر أ ّن النّ ّحاس قد طعن يف القراءة،
يسهلإذا اجتمع مهزاتن مكسوراتن من كلمتي ظان ّ فهو يرى أ ّن إثبات األلف شاذّ يف الشعر ،يقول يف
األوىل ومي ّد ويقصر ،فالبدل على هذا أخف من ذلك" :واألوىل حذفها يف اإلدراج وإثباهتا لغة شاذّة
التسهيل ،فعدل إىل البدل عن التّسهيل .60 خارجة عن القياس ،أل ّن األلف حي جيئ هبا لبيان
ُول .قرأ هبمزة السادسَ :ع ًادا األ َ احلرف ّ الفتحة وأنت إذا أدرجت مل تثبت فال معىن لأللف".52
الالم النقول إليها حركة اهلمزة. ضمة ّ
ساكنة بعد ّ الراجح أ ّن إثبات األلف وصال ووقفا هلجة اثبتة يف وّ
ُول . 61ادا األ َ قال تعاىلَ :وأَنَّهُ أَهلَ َ
ك َع ا العربية ،ال ميكن إنكارها ،أل ّن القراءة ال حتمل على
(ع ًادا
انفرد اإلمام انفع يف رواية قالون بقراءة َ املقاييس النّحويّة ،والنّ ّحاس نفسه يذهب إىل هذا حيث
الالم املنقول إليها حركة ضمة ّ
ُوىل) هبمزة ساكنة بعد ّ األ َ وجل ال حيمل على املقاييس، عز ّ يقول" :إ ّن كتاب هللا ّ
الالم حبركة
بضم ّ
اهلمزة ،وقرأ اإلمامان انفع وأبو عمرو ّ يؤديه اجلماعة".53بل يوثّق قراءة انفع وإّّنا حيمل مبا ّ
السبعة بكسر اهلمزة وإدغام النون فيها ،وقرأ ابقي ّ ويؤّكدها بقوله" :وإّّنا تؤخذ القراءة كما قلنا أو كما قال
الالم وحي ّققون اهلمزة بعدها .62
التنوين ويس ّكنون ّ حّت جيتمع عليه انفع بن أيب نعيم :ما قرأت حرفا ّ
وعلى رواية قالون جيوز يف االبتداء هبذه الكلمة األئمة أو أكثر".54 رجالن من ّ
َّب إِ ْن أ ََر َاد .قرأ بتشديد ِّ
وضم
األول :إبثبات مهزة الوصل ّ بثالثة أوجه وهيّ : احلرف اخلامس :للنِّ ِّّ
الالم ومهزة ساكنة على الواو ،هكذا( :أَلُْؤَىل) .الثاين: ّ الياء من غري مهز.
قال تعاىل :وامرأَةٌ مؤِّمنَةٌ إِّن َّوهبت نَف ِّ
الالم وحذف مهزة الوصل ومهزة الواو ،هكذا: بضم ّ
ّ س َها للنِّ ِّّ
َّب َ ََ َ َ ُ
ك ِّمن ُدونِّ صةا لَ َ ِّ ِّ إِّن أ ََر َ
اد النِّ ُّ
الالموىل) .والثالث :إبثبات مهزة الوصل وإسكان ّ (ولُ َ
َ َّب أَن يَّستَ نك َح َها َخال َ
ِّ
املُؤمنِّ َ
63
ُوىل).
وحتقيق مهزة فاء الفعل بعدها ،هكذا( :أَْأل َ ني . 55
106
ت ،إبسكان العي وتشديد ال ّدال جنم عنها السب ِّ
ِّيف َّ فوجه رواية قالون أنّه ملا كانت قبل الواو من
ّ
لساكني وذلك أتسيس قاعدة التّخلص من التقاء ا ّ الضمة ،كموسى من ّ جملاورة ضمة مهزت الواو (اللُّوىل) ّ
ابالختالس. الشاعر:64
قول ّ
ب امل ْؤقَ َد ِان إِ ََّ
65
-4مل تسلم رواية قالون –هي أيضا -من طعن النّحاة يل ُم ْؤ َسى َحل َّ
ُ ُ
واللّغويّي ،فوصفوها أحياان ابخلطأ ،وأحينا أخرى (عادا
ووجه قراءة انفع وأبو عمرو أ ّن أصلـه ً
ابلرغم من أنّه روى قراءته عن اإلمام انفع ،وهو ابلقبحّ ، األوىل فخ ّففت
ّ األوىل) ،بـتنوين عـاد ،وبـ ــاهل ــمزة فـي
القراء السبعة الّي أثبت الع ـلماء ابلـ ـ ّدليل القـ ـاطع
أحد ّ الساكنة الّيت قبلها،
الالم ّ اهلمزة بــأن نقلت حركته ــا إىل ّ
الصحابة ع ـن رسـ ـول هللا على رسولنا تواتر قـ ـراءته ع ـن ّ وىل) ،مثّ أدغم التنوين يف (عاد الُ َ
وحذفت اهلمـ ــزة فبقيً :
الصالة وأزكى التّسليم.
أفضل ّ (عادا اللّوىل) ،وال ــتنوين نــون س ــاكنة، الالم ،فبقي ً ّ
-5تعترب رواية قالون عن انفع كغريها من القراءات الالم إّّنا يكون أبن تقلب النّون وإدغام النّون يف ّ
الصرفيّة
الرواَّيت غنيّة ابلظّواهر اللّغوية ،الصوتيّة منها و ّ وّ الالم ،فبقيوىل) ،مثّ أدغم التنوين يف ّ فبقي(:عادا لُ َ
ً
يهتموا
والنّحوية ،لدا جيب على الباحثي وال ّدارسي أن ّ (عادا اللّوىل) ،والتنوين نون ساكنة ،وإدغام النّون يف ً
حضها من البحث شأّنا يف الرواية ،وأن أتخذ ّ هباته ّ الالم يف
الالم أّّنا يكون أبن تقلب النّون الما ،مثّ تدغم ّ ّ
66
ذلك شأن رواية ورش عن انفع. الالم.
ّ
ووجه قراءة ابقي السبعة أ ّن اهلمزة جمراة على أصلها
من التّحقيق مل خت ّفف ،فس ّكنت الم التعريف لذلك،
املصادر واملراجع: وكان التنوين قبلها ساكنا ،فكسر التنوين الــلتقاء
القرآن الكرمي برواية حفص عن عاصم. (عادا األوىل) وهو األصل.67 الس ــاكني فب ــقي ً ّ
-1إحتاف فضالء البشر ابلقراءات األربعة عشر-ألمحد بن اخلامتة:
حممد إمساعيل-لبنان-عامل
حممد البنّا-تح :شعبان ّّ بعد الوقوف على مجيع احلروف الّيت انفرد هبا اإلمام
الكتب-ط1407-1هـ1987،م. وصلت قالون يف روايته عن اإلمام انفع ،رواية ودراية ،ت ّ
-2إعراب القرآن-للنّحاس-تح :زهري غازي زاهد-العراق- ال ّدراسة إىل النّتائج التّالية:
مطبعة العاين-دط1397-هـ1977،م.
-1إ ّن تع ّدد القراءات القرآنيّة واختالفها ال ينشأ
-3إعراب القراءات السبع وعللها-البن خالويه -تح :عبد
تنوع ،وكلّها
تضاد وتضارب بينها ،بل هو خالف ّ عنه ّ
الرمحان بن سليمان العثيمي-مصر-مكتبة اخلاجني- ّ
ط11413هـ1992،م.
من لدن حكيم محيد.
-2أجازت رواية قالون عن انفع لقوله تعاىل :إِّن
حممد أمحد -4إعراب القراءات ّ
الشواذ -للعكربي-تحّ :
عزوز-لبنان-عامل الكتاب-ط1996-1م.
ّ
أ ََان إَِّّال نَ ِّذ ٌير َوبَ ِّشْيٌ لَِّّقوٍم يُؤِّمنثو َن األعراف-188:
-5انفرادات ّ
القراء السبعة-دراسة لغوية-خلليل رشيد إثبات األلف يف الضمري املنفصل (أان) وصال ووقفا.
أمحد-لبنان-دار ابن حزم-ط1434-1هـ2013،م. أسست رواية قالون عن انفع لبعض -3لقد ّ
القواعد ،مثل قراءته لقوله تعاىلَ :وقُلنَا ََلُم َال تَ ع ُدوا
107
للمهدوي -تح :حاز مسعيد حيدر-
ّ -19شرح اهلداية - -6البدور ّ
الزاهرة يف القراءات العشر املتواترة -للنّشار-تح:
الرشد-دط1415-هـ.
السعوديّة-مكتبة ّ معوض وعادل أمحد عبد املوجود-لبنان-عامل علي حمّمد ّ
-20غاية النّهاية يف طبقات ّ
القراء –البن اجلزري-لنان –دار الكتب-ط1421-1هـ2000،م.
الكتب العلمية-ط1427-1هـ2006،م. -7واتريخ اإلسالم –للذهِب -تح :عمر عبد ال ّسالم
-21غيث النّفع يف القراءات السبع -للسفاقسي -تح: العريب-ط-1 الكتاب تدمري-لنان-دار
أمحد حممود عبد السميع احلفيان-لبنان-دار الكتب 1411هـ.1990،
العلمية-ط1425-1هـ2004،م. القراء السبعة -
تفرد به كل واحد من ّ -8التّهذيب ملا ّ
-22الكشف عن وجوه القراءات السبع وعللها وحججها- الضامن-سورَّي-دار نينوى-
لل ّداين -تح :حامت صاحل ّ
الرحيم الطّرهوين-مصر-دار ط1426-1هـ2005،م.
القيسي-تح :عبد ّ
ّ مل ّكي
احلديث-دط1428-هـ2007،م. -9التيسري-لل ّداين -اعتىن به :أوتويرتزل -مصر -مكتبة
-23اللّهجات العربية يف القراءات القرآنية –لعبده الثقافة الدينيّة-ط1426-1هـ2005،م.
الراجحي -مصر-دار املعارف-دط1969-م.ّ -10الثمر اجل ّ
ين يف بيان أصول رواية قالون عن انفع املدينّ-
108
-2معجم القراءات-لعبد اللّطيف اخلطيب-مصر-دار
حممد بن هارون أبو نشيط إمام مقرئ ولد سنة نيّف هو ّ
8
سعد ال ّدين-ط1422 -1هـ.2002
ومثاني ومائة قرأ على اإلمام قالون واإلمام روح بن عبادة .ينظر:
-3معجم مصطلحات علم القراءات القرآنية وما يتعلّق به-لعبد
سري أعالم النبالء-للذهِب -ص108:ج. 12 : ّ السالم-ط1428-1هـ2007،م. العلي املسئول-مصر-دار ّ
اجملودين األعالم ،قرأ على قالون
اإلمام أبو احلسن من كبار ّ
9
-4معجم املصطلحات يف علمي التجويد والقراءات-إلبراهيم
تويف سنة مخسي ومائتي .ينظر: عمار ،وخلفّ . وهشام بن ّ بن سعيد الدوسري-السعودية-مطبوعات جامعة اإلمام
قراء الكبار-للذهِب -ص437:ج.1: ال ّ حممد بن سعود اإلسالميّة-دط1425-هـ2004،م. ّ
الطربي احلافظ املقري ،أحد األعالم ،ولد
ّ 10اإلمام أبو جعفر
الرسائل اجلامعيّة:
وتويف سنة مثان وأربعي ومائتي ،أخذ القراءة
سنة سبعي ومائةّ ، القراء العشرة وبيان ما انفرد بقراءته
-1طبيعة االختالف بي ّ
القراء الكبار-
عرضا ومساعا عن ورش وقالون .ينظر :معرفة ّ كل منهم-لكوليبايل سيكو-رسالة ماجستري-مجهوريّة ساحل
للذهِب -ص377:ج.1:
العاج1423-هـ.
11بن علي بن دازيل احلافظ ،أبو إسحاق اهلمذاين ،روى القراءة
اجملَلت:
ّ
مساعا عن قالون ،تويف سنة إحدى ومثاني ومائتي .ينظر :غاية
القراء والنّحاة -ألكرم علي محدان- --1اهلمز بي ّ
النّهاية-البن اجلزري -ص17:ج.1:
مقال مبجلة البحوث وال ّدراسات القرآنية-اململكة العربية
12ينظر :السبعة يف القراءات –البن جماهد -تح :شوقي
الرابعة.
السعوديّة -العدد-8:السنة ّ
ضيف-مصر-دار املعارف-دط-دت-ص.63:
13ينظر :غاية النّهاية –البن اجلزري -ص542:ج1:
صفحة. هوامش البحث:
ينظر :نفسه وال ّ
14
حممد نعيم
ينظر :القاموس احمليط -للفريوز آابدي -تحّ :
15
1ينظر :غاية النّهاية –البن اجلزري-لنان –دار الكتب العلمية-
العرقسوسي-لنان-مؤسسة الرسالة-ط1426-8هـ2005،م-
ط1427-1هـ2006،م-ص542:ج.1:
مادة(فرد) -ص443:ج.1: ّ 2ينظر :غاية النّهاية-البن اجلزري -ص542:ج ،1:واتريخ
حممد سيّد كيالين-لبنان-للراغب األصفهاين-تحّ : املفرداتّ -
16
السالم تدمري-لنان-داراإلسالم -للذهِب -تح :عمر عبد ّ
دار املعرفة-دط-دت-مادة(فرد)-ص.629:
الكتاب العريب-ط1411-1هـ1990،م-ص351:ج.15:
17معجم املصطلحات يف علمي التجويد والقراءات-إلبراهيم بن
3غاية النّهاية-البن اجلزري -ص542:ج.1:
حممد بنسعيد الدوسري-السعودية-مطبوعات جامعة اإلمام ّ القراء الكبار -للذهِب -تح :طيّار قوالج ينظر :معرفة ّ
4
109
املوضح يف
القيسي -ص440:ج .1:وينظرّ : ّ 38الكشف-مل ّكي 20ينظر :طبيعة االختالف بي القراءات القرآنية العشرة-
وجوه القراءات وعللها-البن أيب مرمي -تح :عمر محدان القراء السبعة –دراسة
لكوليبايل سيكو-ص ،254:وانفرادات ّ
الكبيسي-ددن-ط1414-1هـ1993،م -ص1268:ج.3: لغوية-خلليل رشيد أمحد-ص.51:
39إعراب القراءات السبع وعللها-البن خالويه -تح :عبد القراء السبعة-
تفرد به كل واحد من ّ ينظر :التّهذيب ملا ّ
21
الرمحان بن سليمان العثيمي-مصر-مكتبة اخلاجني- ّ الضامن-سورَّي-دار نينوى-ط-1 لل ّداين -تح :حامت صاحل ّ
احلجة يف
ط11413هـ1992،ه -ص139:ج .1:وينظرّ : 1426هـ2005،م-ص36:
القراءات السبع-البن خالويه-تح :عبد العال سامل مكرم- 22سورة آل عمران اآلية .-15-
لبنان-دار الشروق-ط1399-3هـ1979،م-ص.65: الزخرف اآلية.-19- سورة ّ
23
40إعراب القرآن-للنّحاس-تح :زهري غازي -العراق-مطبعة 24ينظر :التّهذيب -لل ّداين -ص ،36:والسبعة –البن جماهد-
العاين-دط1397-هـ1977،م -ص467:ج.1: ص.585:
للمهدوي -تح :حاز مسعيد حيدر-ّ 41ينظر :شرح اهلداية - 25التيسري-لل ّداين -اعتىن به :أوتويرتزل-مصر-مكتبة الثقافة
الرشد-دط1415-هـ-ص.450: السعوديّة-مكتبة ّ الدينيّة-ط1426-1هـ2005،م-ص.196:
عزوز-
حممد ّالشواذ -للعكربي -تحّ : 42ينظر :إعراب القراءات ّ 26شرح النّظم اجلامع لقراءة اإلمام انفع-لعبد الفتّاح القاضي-
عامل الكتاب-ط1996-1م -ص662:ج1: السالم-ط1428-1هـ2007،م-ص.45: مصر-دار ّ
حممد
إحتاف فضالء البشر ابلقراءات األربعة عشر-ألمحد بن ّ
43
القراء والنّحاة -ألكرم علي محدان-مقال ينظر :اهلمز بي ّ
27
110
حممد
شرح األمشوين على ألفية ابن مالك -لألمشوين -تحّ :
50
61سورة النّجم-اآلية.-50-
62ينظر :السبعة-البن جماهد-ص ،615:والتيسري-لل ّداين-
ص.204:
63ينظر :التيسري-لل ّداين-ص.205:
ود.
الوقُ ُ 64هذا صدر بيت جلرير وعجزهَ :و َج ْع َدة إِ َذا أ َ
َضاءَ ُمهَا ُ
للفراء-لبنان-عامل الكتب-ط-3 ينظر :معاين القرآنّ -
65
الرسالة-ط1418-5هـ1997،م-ص،361: لبنان-مؤسسة ّ
وإعراب القرآن-للنّحاس -ص276:ج.3:
حجة القراءات-البن زجنلة-تح :سعيد األفغاين- ينظرّ :
67
الرسالة-ط1418-5هـ1997،م-ص،361: لبنان-مؤسسة ّ
وإعراب القرآن-للنّحاس -ص276:ج.3:
111
ظاهرة التشكيل البصري يف الشعر اجلزائري املعاصر
ديوان "ما مل يقله املهلهل" للشاعر احممد زبور أمنوذجا
طييب بوعزة
طالب دكتوراه -ختصص :اجتاهات النقد املعاصر يف اجلزائر
اشراف :د كربيت علي
جامعة ابن خلدون تيارت
113
زوااي يؤرقها اللهب -1تقسيم الصفحة:
أن (النساء حبيباتنا) كل من قالَّ : عمد فيها الشاعر
واملقصود هبا تلك الطريقة اليت ي ُ
رحيق احلضور... إىل "توظيف مساحة الصفحة يف انتاج داللة النص
غواية هذا املدى... الشعري"( )1فالصفحة البيضاء مفتوحة على كل
قال ما تدَّعيه اخلرافة... االحتماالت ،تُشعر املتلقي ابالرتباك واحلرية بفعل
ما يتناهبه الكذب. الغموض الذي يكتنف أتويل بياضها وما ُُتليه الذات
-حالة اثلثة: الشاعرة من رؤى وتصورات وتُرتمجه اللغة إىل ألفاظ
حاصر أمساءكـ وعبارات ،يُزيل غموض البياض .ابإلضافة إىل كون
كيما ال ترث األمساء سواكـ الصفحة يف بنية اخلطاب الشعري عبارة عن حيِّّز
وتوحد فيك ومنكـ. َّ مكاين ،ومن هنا حازت أمهيتَّي اسرتاتيجيتَّي ،فاألوىل
فخ ْخ أحجارك ..ب ْركـ.. ِّ أثناء كتابة النص الشعري وتتمثَّل يف كيفية استثمار
ّ
واخرج منك إليهم، الشاعر ملساحتها ،والثانية أثناء تل ِّّقي النص الشعري
من منل الطرقات، وأتويل املتلقي لبياضه وسوداه ،فالشكل احلقيقي للنَّص
ومن شجر الشهداء إىل زمن األحباب... الشعري املعاصر يظهر يف تشكله على الصفحة اليت
(أاب ذر) ال أخبار سوى قتالكـ. تتشكل ابللغة وهبا تُستنطق (.)2
جلأ الشاعر يف هذه النص إىل تقسيم القصيدة إىل ختضع الصفحة يف الشعر العريب املعاصر إىل عدَّة
ثالث وحدات شعرية ،جاعال على رأس كل ِّوحدة منها جندها ماثلة يف ديوانتشكيالت ،ومن األشكال اليت ُ
خصص لكل ِّوحدة صفحة مستقلة عنوا اان فرعياا ،كما َّ "مامل يقله املهلهل":
يف إشارة منه إىل انفصال الوحدات يف ُجزئيتها واتفاقها – التفريع يف العنونة:
يف كليتها ،فالشاعر هنا جلأ إىل الفن الروائي واستعار منه وهو أ ْن يكون هناك عنواان رئيسا للنص الشعري
إحدى تقنياته ،وهي تقسيم الرواية إىل مقاطع وفصول، تتفرع عنه عناوين فرعية ،وهو ما جنده يف قصيدة َّ
نصا
فمن عناصر "أو اسرتاتيجيات السرد الروائي بوصفه ا "حاالت لصوت واحد" يقول الشاعر:
واب ،تقسيم املادة املسرودة (القصة) أو (احلكاية) إىل مكت ا
()3
-حالة أوىل:
وحدات متفاوتة احلجم تسمى :األجزاء واألقسام داخل سقطت وردة من رفوف اجلنوب ْ
الرواية املفردة ،والفصول ،واملقاطع داخل الفصل هتامس رمل األحبَّة...
()4
يفصل بَّي ثالث حاالت هي ُ فالشاعر الواحد"... مل ننتبه...
تعكس حالة واحدة ،يبدو يف احلالة ُ يف األصل مرااي سقطت ورداتن...ثالث...
آلت إليه األوضاع ،وهو األوىل ساخط على اجملتمع وما ْ ومضى الليل يطوي صباابتنا...
يرمز ابجلنوب إىل فئة تعاين الكثري من التهميش واالمهال كل هذا اخلراب ومل ننتبه.
والالمباالة ،فئة ال يلتفت إليها أحد ،فئة ُتثل اجلزء -حالة اثنية:
األكرب من الشعب ،ويف اجلنوب أيضا تتالشى وتسقط مل تكن غري هند...
114
سأزوجه قدم ِّّ وحدي يف هذا الوهم العايت، الكثري من األحالم وميوت األمل يف االنسان ،ويف احلالة
ِّّ الثانية ينتقل من العام إىل اخلاص يف ِّّ
()7
الرتحال أدق خصوصيته،
وأسأله عن أحبايب ،عن أقمار البدو وعن سفر ال ينقل حالة شعورية عاطفية تتملَّ ُكه فتُسبِّّب له األرق،
ُ
أُدرك وجهته ،وأانم على اخلُبز احلايف. فيكفر ابحلب وال يعرتف به ،وكل أحاديث احلب عنده ُ
وحدي أتسلَّق فلسفة األشياء ،أُش ِّّكل من طَّي ييف للواقع ،وهو بذلك ال ٍ
كذب وأقاويل وتز ٌ جمرد
َّ
النَّهر شخص عالقة االنسان العريب ِّ
يتحدَّث عن ذاته بل يُ ّ
األمساء ،ومن ِّحكم الطري اهلامات ،ومن وجهي تغَّن به ،فهو ال
كتب وي َّ
ابملرأة ،فهو صورة مناقضة ملا ي ُ
مدن احلب الصايف. حيمل يف أعماقه إالَّ صورة اجلسد وشهوة ال ُ
ختمدَّ ،أما
وحدي َّ
أتذك ُر ليلى ،اي أعراسي األوىل ،اي مائي احلالة الثالثة فهو يرسم لنا صورة لإلنسان العريب املكافح
كت هبائي ،حضن املهدور على سفح العشاق ،تر ُ عن أرضه وشرفه ،يف ظل وحدته فال اخوة وال أصدقاء
الطَّي الدافئ. ينصرونه ،وحدة أشبه بوحدة أيب ذر ،وهي حالة ِّّ
تعرب
فيفضحين ذنيب ،أُتنَّاك وحدي اي هللا أُهاجر فيك حتد لكل من تسبَّب يف أالمه وأحزانه وخذله .إذن عن ٍ
ُ
وأدنو ...أدنو ،كم و ِّسع الكرسي األشياء ،وكم هي ثالث حاالت يف ظاهرها ،حالة واحدة يف ابطنها،
وسعت ي ُدك الرمل اجلايف.
ْ وما على املتلقي إالَّ أ ْن يستنفر معارفه ويستحضر رؤاه
نصه على أربعة صفحات ،مبعدل وزَّع الشاعر َّ وجيمع احلاالت الثالث ويوائم بينها ليدرك مقاصد
أن مساحة السواد ثالثة أسطر يف كل صفحة ،ممَّا يعين َّ الشاعر.
أن بعض تساوي ُخُْس ( )5/1مساحة البياض ،ابعتبار َّ –2تشكيل البياض:
طرا،
تضم ُخسة عشرة س ا النصوص الواردة يف الديوان ُّ سبق وأن أشران إىل َّ
أن الصفحة البيضاء ال أمهية هلا
كأن الشاعر مينح املتلقي مساحة كافية من البياض و َّ مامل ُتتزج مساحتها ابلسواد ،وهو ما ال يتأتى إالَّ
ليمألها مبا يُوحي به النص من دالالت وإحياءات ،وهذا بِّتش ُك ِّل النص الشعري عليها ،وهذا ال ينفي أمهية
عد يف التجربة الشعرية املعاصرة وسيلة من وسائل ما "يُ ُّ البياض ،بل على العكس فلكل منهما أمهية يف أتويل
توفري اإلحياء وتوصيل الداللة للقارئ )8(".كما َّ
أن األثر األديب "...فمن ُتازج بياض الصفحة وسواد النص
الشاعر يتوقَّف يف كل صفحة عند اجلملة املِّفتاح تتجلى أمهية كل ِّمنهما"( ، )5والشاعر اجلزائري املعاصر
للمسكوت عنه (اخلبز احلايف/احلب الصايف/الطَّي يو ِّظّف الكتابة ابلبياض أو ابحلرب السري -يف عُرف
الدافئ/الرمل اجلايف) ويرتك احلرية الكاملة للمتلقي بعض النقاد والدَّارسَّي -وميزج بَّي البياض والسواد
لتأويلها والكشف عن دالالهتا ،وجيعل منه شريك يف لفت لالنتباه ،فالبياض يف األصل ليس إالَّ بشكل م ٍ
ُ
إنتاج النص الشعري وذلك مبواصلة الكتابة انطالقا من "توقف ضروري للمتكلم ألخذ نفسه .وهو ابلتَّايل ليس
النقطة اليت توقَّف عندها. َّإال ظاهرة فيزيولوجية خارجة عن النص ،ولكنَّها بطبيعة
إن توقف الشاعر عند هذه اجلمل مدَّة زمنية معينة َّ ()6
حمملة بداللة لغوية".
احلال َّ
تعادل يف احلقيقة حجم بياض الصفحة ،مث استئنافه يف ومن النصوص اليت اعتمد فيها الشاعر "احممد
الصفحة املوالية مل يكن عشوائيااَّ ،إمنا خاضع لتجربة زبور" على تشكيل البياض قصيدة "ترحال" ،يقول:
115
الرتكيبية أو الداللية أم غري اتم 11".فالسطر الشعري الشاعر الشاعرية والشعورية ،فالشاعر وصل إىل درجة
مضموان شعراي قد
ا حتمل
جمموعة من الرتاكيب والتفاعيل ُ َّسعت الرؤية "وعند الوصول إىل ضاقت فيها العبارة وات ْ
يكتمل معناه يف سطر واحد أو سطرين أو أكثر ...وهو هذا احل ِّّد أييت الغموض والغياب والبياض يف القصيدة
يتَّخذ عدَّة أشكال :كالتفاوت املوجي واألطوال السطرية جناحا ُحيلق به الشاعر إىل ما وراء اللغة إىل لغة اللغة،
ا
املتساوية ...ومن التشكيالت اليت استعان هبا "احممد هكذا ُجيابه الشاعر شيطان اللغة ويغالب سلطته
زبور": وهيمنته بتعاويذ يكتبها يف بُقع البياض ب ٍرب مفرغ من
أ -التفاوت املوجي :يظهر يف النص الشعري عرب ()9
اللون ،وُتائم حتملها كل العناصر الغائبة عن النص".
"تنوع امتدادات سطوره بَّي الطول والقصر على غري ويف نص آخر حيمل عنوان "الفجيعة" جند الشاعر
تسلسل مطرد ،فال جتىيء مسافات امتداداهتا جمموعة يف يضا ،وهو بذلك يوسع املسافة بَّي يرتك سطرا أب ا
القصيدة على صورة واحدة متساوية"( )12ومن النصوص األسطر ،يقول:
تشكلت وفق هذه التقنية نص "رَّمبا" يقول: اليت َّ ()10
املعابر شاخت
ُ
()13
رَّمبا يعرتيك التفرد واالشتباه فأي متاه يكون دليال
ُّ
اي ابن هذا اخلريف الغز ْير أهنكتين مواويل أهلي
تؤججك األسئلة ِّ وأخناب أهلي وفرسان أهلي.
قد ّ
مبهم كل ما سرتاه تطري الشعوب إىل ُمنتهى الفكرة
الرمل...
خلفك َّ والعروبة ترجع يوما فيوما منازهلا والصهيل.
عري القبيلة... فالشاعر هنا ال يوظف نقاطاا ليعرب عن املسكوت
وجه أبيك... سطرا كامال
عنه ،بل يذهب إىل أبعد من ذلك ليرتك ا
طفولة أشيائكـ احلافية. من البياض ،وهو يف األصل (السطر األبيض) حذف
ذا وضوحكـ. داليل ومجايل له أثر عميق يف املتلقي .وللسطر األبيض
يعرتف الشاعر منذ البداية بجم احلرية اليت جتتاحه ُ داللته اخلاصة عند "احممد زبور" فهو يستحي من أن
وهو ما يُفصح عنه العنوان ،فـ"رَّمبا" حتتمل أكثر من ضاعا
جمدا ُم ايعرتف ابنتمائه هلذه األمة اليت تبكي ا
شَّت،
أتويل وتذهب بتفكري املتلقي يف اجتاهات َّ وتكتفي ابلوقوف على مشارف احلضارة والتطور بينما
والشاعر حياول مع كل سط ٍر شعر ٍي أن يُب ِّّدد هذه احلرية تطري الشعوب إىل منتهى الفكرة على ح ِّّد تعبريه ،وهو
أن حماوالته تبوء ابلفشل ،وهي وجيعل منها يقيناا ،غري َّ بذلك يُشرك القارئ يف مأل الفراغ وإعادة كتابة النص
حرية تنمو وتكرب يف منحَّن تصاعدي ،فكلَّما ك ُرب عرب هذا الفراغ الذي خلَّفه وراءه ،وذلك بتِّعداد املفاخر
قل طول السطر الشعري ،لذلك جنده يتوقَّف حجمها َّ والبطوالت واالنتصارات اليت مازال العرب يفتخرون هبا
دون أن يُ َّتم املعَّن وينتقل إىل سط ٍر آخر ،وهو بذلك إىل اليوم ،رافضَّي مواجهة الواقع املعيش.
ِّ
ويسجلها يف ثنااي ينقل للمتلقي حالته الشعورية لفظاياا -3تشكيل السطر الشعري:
ّ
النص تسجيال بصرايا فرّمبا " كان قول الصمت َّ
أشد السطر الشعري هو "كمية القول الشعري املكتوبة
مضاعفة وكثافة ألنَّه يف حتليقه فيما وراء اللغة يطمح إىل يف سط ٍر واحد سواء أكان القول ا
اتما من النَّاحية
116
جاءت األسطر متساوية من حيث الرتكيب ْ لذلك أن توزيع الكلمات أن يلتقط حركة الروح ،وعندئذ نرى َّ
اللغوي واإليقاع. جمرد أداة للتوافق
على السطور يف القصيدة ليس َّ
َّأما التساو الضمين فهو "التساوي السطري الوارد اإليقاعي يف األوزان ،بقدر ما هي طريقة يف تشعري
ضمن النص الشعري من غري أن تكون له وظيفة تكف عن نثريتها وهي تسعى إىل اقتناص اللغة ،إ ْذ ُ
تكرارية"( )18ومن أمثلته نص "طائر خرايف" يقول: فائض داللتها )14(".فتفاوت أسطر القصيدة يرجع يف
()19
احلي
طائر كان أييت إىل ِّّ
ٌ املقام األول للدفقة الشعورية عند "احممد زبور".
كل مساء ... ب -األطوال السطرية املتساوية :وهي أن يتساوى
عندما يُطلق الليل قطعانه.. تساواي تركيبياا
ا طول سطرين شعريَّي متواليَّي أو أكثر
عندما ينتحى الضوء زاوية يف املالذ.. وايقاعياا ( ،)15وهو نوعان :تساو افتتاحي وتساو
عندما يسقط النَّهر من دفرت الوقت.. ضمين ،فالتساو االفتتاحي هو "التساوي السطري الذي
ختلو الشوارع من مننمات األحبَّة يفتتح مقاطع النص معتمدا على تكرار البنيتَّي الرتكيبية
والذكرايت ُّ
حتط بعيدا عن الغرابء املكررة"( )16ومن أمثلة ذلك يف وااليقاعية لألسطر َّ
فاألسطر األربعة األخرية متساوية من حيث ديوان "احممد زبور" ما افتتح به نصه "حزن ونشريسي"
الرتكيب واإليقاع ،وتنطوي على نفس املعَّن والداللة، يقول:
وهو تساو ضمين ،فالشاعر حي ِّّدثنا عن الوقت الذي كان ()17
يف (الونشريس) ساديت
أييت فيه الطائر اخلرايف إىل احلي. فقري
مر النهار عابرا ْ َّ
-4عالمات الرتقيم: واملاء الذ انزفا أعشابهُ
تُعرف عالمات الرتقيم أو الوقف على َّأهنا "وضع واحلزن كلها اخليام.
رموز خمصوصة ،يف أثناء الكتابة ،لتعيَّي مواقع الفصل كانت لنا أعراسنا
والوقف واالبتداء وأنواع النربات الصوتية واألغراض نصفف األشجار فيها اترة
ِّ
يسر ()20
الكالمية يف أثناء القراءة" ،فعالمات الرتقيم تُ ّ الغمام
ْ واترة ندعو
عملية الفهم على مستويَّي على مستوى الكاتب أثناء نعد قمحنا وظلَّنا وامسناكنَّا ُّ
الكتابة وعلى مستوى املتلقي أثناء القراءة .وميكن أن حد ما ،وهو ما تبدو أسطر القصيدة متساوية إىل ٍ
نقف على بعضها يف ديوان "احممد زبور": يتناسب واحلالة النَّفسية والشعورية للشاعر ،فقد افتتح
أ -نقطيت التوتر ( :)..ومها "نقطتَّي أفقيتَّي بَّي قصيدته بشبه مجلة (يف الونشريس) حدَّد من خالهلا
مفردتَّي أو عبارتَّي أو أكثر من مفردات أو عبارات احليِّّز املكاين آلالمه وأحزانه ،واستعمل مفردات تدل
النص الشعري"( )21وهي ذات صلة وثيقة ابلتل ِّّقي (فقري ،انزفا ،احلزن) كما وظَّف أفعاالا ْ على ذلك
ف ،كنَّا) ِّ ماضيةا يف بداية كل سط ٍر َّ
البصري يف الشعر املعاصر من خالل داللتها البصرية كانت ،نص ّف ُ
(مرْ ،
على توقف صوت الشاعر مؤقتا بسبب التوتر السارد هلذه اآلالم واألحزان داللة على أنَّه يف موقف َّ
واالضطراب اللَّذان تشهده حالته النَّفسية ،ومن أخف
فجميعها كانت يف املاضي ،األمر الذي جيعلها ُّ
وطأةا عليه ،وهو ما يُشعره ببعض اهلدوء والسكينة،
117
وظَّف الشاعر نقاط احلذف بكثرٍة يف نصوصه ،كنص النصوص اليت اعتمدت بكثرة على نقطيت التوتر نص
"حالة جنون" ،يقول: "نشيد آخر للشنفرى" يقول:
()24 ()22
للبحر ُمتَّسع من األذكار الزمان
هو ذا (الشنفرى) يطلع من شقوق َّ
العباب
ْ السفر
و َّ من فراغ الصحاري البعيدة ...
وهلا القناديل اليت... من زمر الكادحَّي ...
يل شهوة النَّمل الذي... من حبَّة خردل ...
يل وسوسات هذا االنبهار تفر
شردته ُّهو ذا والكراسي اليت َّ
ِّ
الكالم. ويل املدى ضيِّّ ٌق..
الكثيف...
ْ سأطوق األشجار ابلوهم تربز نقطيت التوتر يف السطر الثاين والثالث ُ
باب... ِّ والسادس من القصيدة ،ويبدو َّ
أبْين القبيلة ابلق ْ أن الشاعر يستدرك
إن نقاط احلذف يف آخر كل سط ٍر ُتنح املتلقي ما َّ بعض أشعار الشاعر اجلاهلي الشنفرى ،الذي عُرف
يستعَّي النَّاقد يف
ُ ال هناية من املعاين والدالالت ،وهبا ابنتمائه إىل الصعاليك ،وتوظيف الشاعر له هنا كان
استنطاق النص والكشف عن املسكوت عنه ،فالتنقيط توظيفا رمزاي له أبعاد اجتماعية وسياسية فـ"الشنفرى"
"كناية بصرية عن دال (كلمة أو مجلة) ُمغيَّب بنحو وصوِّره،
موجود يف كل زمان ومكان بكل جتلياته ُ
مقصود من قِّبل الشاعر جتنباا للحساسية الداللية اليت
ٍ وشنفرى اليوم موجود يف اجلنوب حيث تنعدم التنمية
ميكن أن يُثريها ذلك الدال لو ظهر علنياا يف واحلضارة موجود يف الطبقة الكادحة ...ونقطيت التوتر
القصيدة"( )25وتوظيف "احممد زبور" لنقاط احلذف يف األسطر الثالثة تُظهر احجام الشاعر عن الكالم
دليل على االمتداد البصري الذي يساهم يف منح النص لكي ي ِّقيس املتلقي ما يتالءم وحالته االجتماعية
مساحات شاسعة للتأويل ،وتوظيفه هلا يف سطور متتالية والنفسية .كما يسعى من خالهلا إىل احلفاظ على تدفق
ينم عن قلق واضطراب نفسي كبري ،األمر الذي مينعه ُّ اإليقاع الشعري عرب جتسيد اليأس الذي يسكنه ونقطيت
من البوح واالفصاح ،فيلجأ إىل اإلحياء ويرتك الباقي اعا بَّي البياض والسواد ،هذا التوتر ختلق بدورها صر ا
للمتلقي ليُفكك هذه النقاط بغية الوصول للمسكوت الصراع هو مبثابة معادل موضوعي للصراع النفسي
عنه ،فاملتلقي ميكن له أن يُضيف أي صفة لـلقناديل أو العميق الذي ُحي ُّسه .وتكتسي نقطيت التوتر داللة أخرى
ألن أي صفة سيأيت هبا ستخدم املعَّن النمل أو الوهمَّ ، تتمثَّل يف عجر الشاعر عن حتديد املكان الذي أييت منه
العام للنص وتضيف إليه داللة أخرى. بهم ال يتبيَّنه أحد ،وما يُصرح "الشنفرى" فهو مكان ُم ٌ
ج -الفاصلة ( :)،وهي "الوقوف على القليل يف به ليس إالَّ ختمينات فقط ،وعلى املتلقي أن جيتهد
اجلملة الواحدة )26(".ومن نصوص "احممد زبور" اليت بدوره يف حتديده وكشف معامله.
وظَّف فيها الفاصلة نص "ما مل يقله املهلهل" ،يقول: ب -نقاط احلذف ( :)...وهي "ثالث نقط ال َّ
أقل
()27 كل ٍ
شيء على ما يُرام وال أكثر ،تُوضع على السطور متتالية أفقي ا لتشري إىل َّ
أن
الصباح
ْ تقول جرائد هذا هناك برت أو اختصار يف طول اجلملة" ( ،)23ويف الكثري
يُشعل الصمت هبو الطفولة ،بيض اخلطى، من األحيان تنصرف داللتها إىل املسكوت عنه.
118
نفسه وأحالمه بقدر ما يتحدَّث عن جمتمع أبكمله، ايفتات احلب والثلج ،هند سعاد اخلجول،
فهو يشعر بنوع من الغربة يف ونشريسه. أراجيز أمي ،متون أيب،
-وظَّف الشاعر عالمات الرتقيم بعناية شديدة، وقرى البدو والربتقال.
ومل يُسرف كثريا يف استعماهلا إالَّ ما استدعته احلاجة جاءت الفاصلة يف هناية كل سطر داللة على
منها ،فهو يُوظفها كي يُنبِّّه املتلقي ملا ال يقله وهو قادر اختالف الداللة بَّي السطور (الثالث والرابع واخلامس)
على قوله. واتفاقها يف السطر الواحد ،فالطفولة تتوافق واللَّون
-اظهار الشاعر "احممد زبور" خصوصية شعرية أن احلب واخلجل األبيض والرباءة الصادرة عنهم ،كما َّ
جزائرية واعية من خالل توظيفه لبعض مظاهر التشكيل والثلج من حقل داليل واحد فكلها تتَّسم ابلنقاوة
البصري يف نصوصه كتقسيم الصفحة وتشكيل البياض والصفاء ،واألم واألب ميثالن العائلةَّ ،أما الفاصلة يف
وعالمات الرتقيم. مهمة ،تتمثل يف كون داللةآخر السطر فتكتسي داللة َّ
السطر تتوقف عند آخر مفردة فيه ،فهي غري قابلة
للزايدة كما هو احلال مع نقطيت التوتر ونقاط احلذف.
-احاالت البحث وهوامشه: -خامتة:
استنادا إىل ما متَّ التطرق إليه من مظاهر التشكيل
( )1حممد الصفراين ،التشكيل البصري يف الشعر العريب احلديث
وحتديدا يف ديوان
ا البصري يف الشعر اجلزائري املعاصر،
( )2004 - 1950بث يف مسات األداء الشفهي "علم جتويد
الشعر" املركز الثقايف العريب ،بريوت ،الدار البيضاء ،ط،1 "ما مل يقله املهلهل" للشاعر "احممد زبور" نذكر أهم
2008م ،ص.134 النتائج املتوصل إليها:
( ) 2ينظر :م ن ،ص .151 -الشاعر املعاصر ال يكتفي بلغته الشعرية إليصال
( )3احممد زبور ،ما مل يقله املهلهل ،دار أسامة للطباعة والنشر رسالته بل يدعمها بتشكيالت بصرية هلا داللة مباشرة
والتوزيع ،اجلزائر ،ط ،01د ت ،ص.50 بالته النفسية والشعورية.
( ) 4حممد بن سليمان القويفلي ،البياض السردي :األعراف
-قدرة الشعر اجلزائري املعاصر على مواكبة ثورات
ودالالت العدول ،جملة جامعة امللك سعود ،اجمللد ،15العدد،2
التَّجديد احلاصلة يف عامل الشعر ،وجتاوز املقوالت
1423ه2003/م ص ص.318 – 317
( ) 5حممد الصفراين ،التشكيل البصري يف الشعر العريب احلديث، التقليدية.
ص .151 -اجتاه الشعر املعاصر إىل توظيف الصور البصرية،
( ) 6حممد بنيس ،ظاهرة الشعر املعاصر يف املغرب -مقاربة بنيوية وإبراز حضوره من خالل ثنائية البياض/السواد.
تكوينية –املركز الثقايف ،الدار البيضاء ،املغرب ،ط1985 ،02م، -تكتسي ظاهرة التشكيل البصري أمهية ابلغة يف
ص.54 اإلفصاح عن مقصدية الشاعر وفتح دالالت النص أمام
( ) 7احممد زبور ،ما مل يقله املهلهل ،ص .39
املتلقي.
( )8عبد القادر جبار ،طائر الوجد دراسة تطبيقية يف بنية النص
-الشاعر "احممد زبور" يرسم لنا صورة واضحة
الشعري العريب احلديث -سعدي يوسف امنوذجا –دار الشؤون
الثقافية – بغداد ط2011 ،01م ،ص .63 املعامل لالضطراب املتنامي بداخله ،وهو ال يتحدَّث عن
119
-املصادر واملراجع: ( ) 9حممد بنيس ،ظاهرة الشعر املعاصر يف املغرب ،ص ص
-املصادر: .208-207
-احممد زبور ،ما مل يقله املهلهل ،دار أسامة للطباعة والنشر ( )10احممد زبور ،ما مل يقله املهلهل ،ص.64
والتوزيع ،اجلزائر ،ط ،01د ت. ( ) 11حممد الصفراين ،التشكيل البصري يف الشعر العريب احلديث،
-املراجع: ص .171
( )01أمحد جار هللا ايسَّي ،شعرية القصيدة القصرية عند منصف ( ) 12أمحد جار هللا ايسَّي ،شعرية القصيدة القصرية عند منصف
املزغين ،جملة أباث كلية الرتبية األساسية ،امللجلد ،2العدد4 املزغين ،جملة أباث كلية الرتبية األساسية ،امللجلد ،2العدد،4
بغداد ،جامعة املوصل2005 ،م. بغداد ،جامعة املوصل2005 ،م ،ص.171
( )02أمحد زكي ،الرتقيم وعالماته يف اللغة العربية ،مؤسسة ( ) 13احممد زبور ،ما مل يقله املهلهل ،ص.06
هنداوي للتعليم والثقافة ،مصر ،د ط2012 ،م. ( ) 14صالح فضل ،أساليب الشعرية العربية ،دار اآلداب،
( )03صالح فضل ،أساليب الشعرية املعاصرة ،دار اآلداب، بريوت ،لبنان ،ط1995 ،01م ،ص.223
بريوت ،لبنان ،ط1995 ،01م. ( ) 15ينظر :حممد الصفراين ،التشكيل البصري يف الشعر العريب
( )04عبد الستَّار العوين ،مقاربة اترخيية لعالمات الرتقيم ،جملة احلديث ،ص .176
عامل الفكر ،مج ،26ع ،02الكويت1997 ،م. ( )16م ن ،ص.176
( )05عبد القادر جبار ،طائر الوجد دراسة تطبيقية يف بنية النص ( ) 17احممد زبور ،ما مل يقله املهلهل ،ص.32
الشعري العريب احلديث -سعدي يوسف أمنوذج ا – دار الشؤون ( ) 18حممد الصفراين ،التشكيل البصري يف الشعر العريب احلديث،
الثقافية ،بغداد ،ط2011 ،01م. ص .177
( )06عمر أوكان ،دالئل اإلمالء وأسرار الرتقيم ،أفريقيا الشرق، ( ) 19احممد زيور ،ما مل يقله املهلهل ،ص.85
طرابلس ،ط2002 ،01م. ( ) 20أمحد زكي ،الرتقيم وعالماته يف اللغة العربية ،مؤسسة
( )07حممد الصفراين ،التشكيل البصري يف الشعر العريب احلديث هنداوي للتعليم والثقافة ،مصر ،د ط2012 ،م ،ص .12
( ،)2004 - 1950بث يف مسات األداء الشفهي "علم جتويد ( ) 21حممد الصفراين ،التشكيل البصري يف الشعر العريب احلديث،
الشعر" ،املركز الثقايف العريب -بريوت الدار البيضاء ط1 ص .204
2008م. ( ) 22احممد زبور ،ما مل يقله املهلهل ،ص ص.98-97
( )08حممد بن سليمان القويفلي ،البياض السردي :األعراف ( )23عمر أوكان ،دالئل االمالء واسرار الرتقيم ،أفريقيا الشرق
ودالالت العدول ،جملة جامعة امللك سعود ،مج ،15العدد 02 طرابلس ،ط2002 ،01م ،ص .119
1423هـ2003/م. ( )24احممد زبور ،ما مل يقله املهلهل ،ص.77
( )25أمحد جار هللا ايسَّي ،شعرية القصيدة القصرية عند منصف
املزغين ،ص.172
( ) 26عبد الستَّار عوين ،مقاربة اترخيية لعالمات الرتقيم ،جملة عامل
الفكر ،مج ،26ع ،02الكويت1997 ،م .ص.281
( ) 27احممد زبور ،ما مل يقله املهلهل ،ص.24
120
التفكري التداويل يف الرتاث اللغوي العريب القدمي
the matching of speech as appropriate, امللخص :يهدف البحث إىل إبراز حضور التداولية –
the speaker, the hearer, whether that كمفهوم لساين غريب -يف الرتاث اللغوي العريب القدمي
presence is explicit or a reference and a
مبختلف حمطاته وجماالته وتوجهاته ،من خالل الوقوف
hint.
على اجلانب املفاهيمي للتداولية ،تعريفا واترخيا ونشأة،
Mots clés : Pragmatic, the ancient
مث حماولة رصد لبعض املفاهيم التداولية احلاضرة يف تراثنا
Arabic linguistic, context,
اللغوي العريب القدمي ،على غرار :القصدية ،املقام،
Discourse
مطابقة الكالم ملقتضى احلال ،املتكلم ،السامع ،سواء
توطئة:
كان ذلك احلضور صرحيا أو إشارة وتلميحا.
تعد التداوليات أحد أحدث االجتاهات اللسانية اللغوية
الكلمات املفتاحية :التداولية -الرتاث اللغوي-
اليت تربعت على ساحة الدرس اللساين يف هذا العصر،
املقام -اخلطاب -القصدية -املتكلم.
فبعدما كان الدرس اللساين قاصراً على اجتاهني اثنني- ،
Astract:
االجتاه البنيوي الذي يهتم بدراسة اللغة وإجراءاهتا
The purpose of the research is to
الداخلية ،واالجتاه التوليدي الذي يهتم بوصف وتفسري
highlight the presence of deliberation -
النظام اللغوي ودراسة امللكة اللسانية -جاءت a Western linguistic concept - in the
التداوليات لتعاجل يف مقابل ذلك ما يسمى بـ"لسانيات ancient Arabic linguistic heritage in its
االستعمال" ،أو "دراسة اللغة أثناء استعماهلا يف different stations, fields and orientations,
املقامات املختلفة" ،وهذا ما جعلها أكثر دقة وضبطاً by standing on the conceptual side of
من االجتاهات اللسانية السابقة ،وجعلها تتبوأ هذه the circulation, in terms of definition,
history and origin, and then trying to
املكانة ،وتسرتجع ثقتها بني الباحثني والدارسني بعد أن
monitor some of the deliberative
كانت يف وقت ما توسم بـ"سلة مهمالت".
concepts present in our ancient Arabic
وأييت هذا البحث لتسليط الضوء على جانب من هذا linguistic heritage, the denominator,
االجتاه اللساين ،من خالل الكشف عن مالمح ومعامل
حضور هذا املنحى التداويل يف الرتاث العلمي اللغوي
121
املقدمة للتداولية إال أهنا مل تسلم من االعرتاض والنقاش، لعلمائنا العرب ،مبختلف توجهاته وجماالته املتنوعة،
بل قد يناقض بعضها بعضا. انطالقاً من مجلة من إشكالية مطروحة ،مفادها :هل
ولعل أوجز تعريف للتداولية وأقربه للقبول هو هناك حضور للمنحى التداويل يف تراثنا العريب القدمي
أهنا" :دراسة اللغة يف االستعمال in useأو يف عموماً؟ ،وإذا فرضنا حضوره ،فأين وكيف مت تناول
التواصل "interaction؛ ألنه يشري إىل أن املعىن وحبث ذلك؟ نتناول اإلجابة عن هذه األسئلة من خالل
ليس شيئا متأصال يف الكلمات وحدها ،وال يرتبط خطة حبثية ،تضم جمموعة من العناصر ،وفق اآليت:
ابملتكلم وحده ،وال السامع وحده ،فصناعة املعىن تتمثل -1مفهوم التداولية
يف تداول اللغة بني املتكلم والسامع يف سياق حمدد تشري املصادر إىل أن كلمة "التداولية" تعود يف
(مادي ،واجتماعي ،ولغوي) وصوال إىل املعىن الكامن أصلها األجنيب pragmatiqueإىل الكلمة الالتينية
يف كالم ما(.)4 ،pragmaticusواليت يعود استعماهلا إىل سنة
فهي إذن "ختصص لساين يدرس كيفية 1440م ،ومبناها على اجلذر ،pragmaومعناه
استخدام الناس لألدلة اللغوية يف صلب أحاديثهم الفعل ،Actionمث صارت الكلمة بفعل الالحقة
وخطاابهتم ،كما يعىن من جهة أخرى بكيفية أتويلهم تطلق على كل ما له نسبة إىل الفعل أو التحقيق
لتلك اخلطاابت واألحاديث" ،فال بد "من معرفة العملي(.)1
مقاصد املتكلم ،وأغراض كالمه؛ ألن املعىن ال يستقى ويف معاجم اللغة العربية ،وردت مادة "دول"
من البنية وحدها ،وهي اجلانب اللغوي منه ،بل من يف عدة معاجم لغوية ،مثل لسان العرب ،والقاموس
اجلانب السياقي أيضاً؛ فقد يكون بعيداً جداً عن احمليط ،وأصل هذه املادة من "دول" :فالدولة يف احلرب:
اجلانب األول ،وعلى السامع أو اللساين إدراك ذلك، أن تدال إحدى الفئتني على األخرى .يقال :كانت لنا
حنو قول أحدهم ملن ما زال حيادثه يف غرفة -مثال -يف عليهم الدولة .واجلمع الدول .و ُّ
الدولة ابلضم ،يف املال
وقت متأخر من الليل( :إين متعب) ،فمعىن املتكلم ويقال :صار الفيء دولة بينهم ،يتداولونه ،يكون مرة
هنا ،هو أوقف احلديث ،أو دعين أمن ،وليس اإلخبار هلذا ،ومرة هلذا ،واجلمع دوالت ،ودول ... ،ودالت
ابلتعب ،وذلك بتوفر شروط معينة طبعاً .أو أن يذكر األايم ،أي :دارت .وهللا يداوهلا بني الناس .وتداولته
املتكلم أمراً و هو يعين أمرا آخر ،حنو قوله ملن يدخل األيدي ،أي :أخذته هذه مرة ،وهذه مرة .وقوهلم:
عليه املكتب ويرتك الباب مفتوحاً" :أال ترى أن اجلو دواليك ،أي تداول بعد تداول( .)2هذا من الناحية
ابرد" ،وقصده يف ذلك :أن أغلق الباب ،وعلى السامع اللغوية للكلمة
أن يدرك ذلك القصد لنجاح التواصل ،وإحداث أما التداولية يف االصطالح اللساين ،فمن
التفاعل(.)5 الصعب حتديد تعريف دقيق لكلمة التداولية ،نتيجة
ولذلك ،عمد الباحثون إىل االهتمام ابملنهج لتداخل التداولية مع علوم أخرى( ،)3وكذا اتساع
التداويل نتيجة لقصور الدراسات الشكلية ،وإمهاهلا جماالت هذا املصطلح ،وتنوعها ،فأصبح من العسري
ملقاربة اللغة يف جتليها احلقيقي -أي يف االستعمال وضع تعريف جامع مانع هلا ،ورغم كثرة التعريفات
122
ب .علم الداللة : semanticsوهو يدرس التواصلي بني الناس -وقد رأى "ليفنسون" أن األساس
عالقة العالمات ابألشياء اليت تدل عليها ،أو حتيل األول يف نشوء املنهج التداويل كان مبثابة ردة فعل على
عليها. معاجلة "تشومسكي" للغة بوصفها شيئا جتريدايً أو
ج .التداولية :وهتتم بدراسة عالقة العالمات قصرها على كوهنا ذهنية حبتة ،غفال من اعتبار
مبفسريها(.)11 ()6
استعماهلا ،ومستعملها ،ووظائفها
على أن التداولية مل تصبح جماال يعتد به يف الدرس فالتداولية إذن يف عمومها ،هتتم جبميع شروط
اللغوي املعاصر إال يف العقد السابع من القرن العشرين اخلطاب ،وتعتمد أسلوابً ما يف فهمه وإدراكه ،بدراسة
بعد أن قام على تطويرها ثالثة من فالسفة اللغة املنتمني كيفية استخدام اللغة ،وبيان األشكال اللسانية اليت ال
إىل الرتاث الفلسفي جلامعة أكسفورد هم :أوسنت J.L. يتحدد معناها إال ابالستعمال ،وشرح سياق احلال
Austinوسريل J.R. Searleوجرايس H.P. واملقام الذي يؤدي فيه املتكلمون خطاابهتم ،فاهتمامها
،Griceوقد كان هؤالء الثالثة ينتمون إىل مدرسة ينصب أساساً على املتكلم ،انطالقاً من سياق
فلسفة اللغة الطبيعية natural languageأو امللفوظات اليت يؤديها ،إىل جانب حتليل األفعال
العادية ordinaryيف مقابل مدرسة اللغة الشكلية أو الكالمية ،ووظائف املنطوقات اللغوية ،ومساهتا يف
الصورية ،formal languageوكانوا مجيعاً مهتمني عمليات االتصال ،ولذا مساها البعض" :لسانيات
بطريقة توصيل معىن اللغة اإلنسانية الطبيعية من خالل االستعمال اللغوي"(.)7
إبالغ مرسل رسالة إىل مستقبل يفسرها ،وهذا ما هتتم فنتبني مما سبق أن التداولية يف مفهومها العام هي:
به التداولية أيضاً ،لكن من الغريب أن أحداً منهم مل "دراسة االتصال اللغوي يف السياق"( .)8أو نقول:
يستعمل مصطلح التداولية فيما كتب من أحباث(.)12 هي"علم استعمال اللغة يف املقام"(.)9
وقد كانت التداولية يف نشأهتا األوىل مرادفة .2نشأة التداولية ومميزاهتا
لألفعال الكالمية ،ولذلك يعد الفيلسوف جون أوستني يعود مصطلح التداولية( pragmatics )10مبفهومه
( ) Jhon Austinأابً للتداولية ،واملؤسس األول هلذه احلديث إىل الفيلسوف األمريكي تشارلز موريس
النظرية ،وذلك سنة 1955عندما ألقى حماضرات وليام Charles Morrisالذي استخدمه سنة 1938
جاميس ، Wiliam james lecturesومل يكن داال على فرع من فروع ثالثة يشتمل عليها علم
هدف أوستني عند دراسته لتلك احملاضرات أتسيس العالمات أو السيمية ،semioticsوهذه الفروع
اختصاص فرعي يف اللسانيات ،إمنا كان هدفه أتسيس هي:
اختصاص جديد هو "فلسفة اللغة" ،وبذلك ميكننا أ .علم الرتاكيب syntacticsأو : syntax
اعتبار "حماضرات وليام جاميس" بوتقة التداولية وهو يعىن بدراسة العالقات الشكلية بني العالمات
اللسانية(.)13 يعضها مع بعض.
وكان هدف "أوستني" يف حماضراته التصدي،
والرد على فالسفة اللغة الوضعية واملنطقية Logical
123
وكان أهم ما قدمه "أوستني" لنظرية األفعال الكالمية positivismeالذين يرون يف اللغة وسيلة لوصف
متييزه بني نوعني من األفعال" :أفعال إخبارية الواقع ،أو الوقائع املوجودة يف العامل اخلارجي بعبارات
:"constativeوهي أفعال تصف وقائع العامل إخبارية ،يتم احلكم عليها ابلصدق أو الكذب.
اخلارجي ،وتكون صادقة أو كاذبة .و"أفعال أدائية ابلصدق إن طابقت الواقع ،وابلكذب إن مل
:"performativeوهي أفعال تنجز هبا يف تطابقه ،فإن مل تطابق العبارة الواقع ،ال ميكننا احلكم
ظروف مالئمة أفعال أو تؤدى ،وال توصف بصدق ،وال عليها ابلصدق والكذب ،وابلتايل فالعبارة ال معىن هلا،
كذب ،بل تكون موفقة happyكما أطلق عليها أو وهذا ما يطلق عليه أوستني "املغالطة الوضعية
()14
غري موفقة ،un happyويدخل فيها التسمية، "descriptive fallacy
والوصية ،واالعتذار ،والرهان ،والنصح والوعد(.)18 وأنكر "أوستني" فكرة أن تقتصر وظيفة اللغة على
مث تبني لـ "أوستني" أن متييزه بني األفعال اإلخبارية وصف وقائع العامل وصفاً يكون إما صادقاً وإما كاذاب؛
واألدائية غري حاسم ،وأن كثرياً مما تنطبق عليه شروط ألهنم هبذه النظرة والفكرة خيرجون من اللغة معظم أنواع
األفعال األدائية ليس منها ،وأن كثرياً من األفعال اخلطاب األديب والديين واألخالقي؛ ألهنا مبعيارهم ال
اإلخبارية تقوم بوظيفة األدائية ،رجع عوداً على بدء إىل معىن هلا(.)15
السؤال :كيف ننجز فعال حني ننطق قوال؟ ورأى "أوستني" أن هناك نوع آخر من
وحماولة منه لإلجابة عن هذا السؤال رأى أن الفعل العبارات يشبه العبارات الوظيفية يف تركيبها ،لكنه ال
الكالمي مركب من ثالثة أفعال ،تعد جوانب خمتلفة يصف وقائع العامل ،state of affairsوال يوصف
لفعل كالمي واحد ،وال يفصل أحدمها عن اآلخر إال بصدق وال كذب ،كأن يقول رجل مسلم المرأته :أنت
لغرض الدرس ،وهي :الفعل اللفظي(القويل) طالق ،أو يقول :أوصي بنصف مايل ملرضى السرطان،
،locutionary acteوالفعل اإلجنازي (الفعل أو يقول وقد بشر مبولود :مسيته حيىي ،فهذه العبارات
املتضمن يف القول) ،illocutionary acteوالفعل وأمثاهلا ال تصف شيئاً من وقائع العامل اخلارجي ،وال
التأثريي perlocutionary act توصف بصدق أو كذب ،بل إنك إذا نطقت بواحدة
وقدم "أوستني" أيضاً تصنيفاً لألفعال الكالمية على منها أو مثلها ال تنشئ قوال( to make
أساس قوهتا اإلجنازية ،illocutionary force )statementبل تؤدي فعال ( perform
يشتمل على مخسة أصناف ،ومل يرتدد يف القول أبنه غري ،)actionفهي أفعال كالم ،أو هي أفعال
راض عن هذا التصنيف ،وهي :احلكميات كالمية(.)16
( ،)verdictifsوالتنفيذايت (،) exerctifs فاألقوال اليت ننتجها يف حياتنا اليومية هلا جانبان:
والسلوكيات (،)promissifs والوعدايت جانب لغوي ،وجانب فعلي إجنازي ،إهنا أقوال وأفعال،
والعرضيات (،)comportementaux أو هي أقوال ميتزج فيها القول ابلفعل ،ومن هنا جاء
()19
()expositifs كتاب أوستنيHow to do things with :
" "wordsكيف ننجز األشياء ابلكلمات"(.)17
124
sociopragmaticsاليت هتتم بدراسة شرائط على أن ما قدمه "أوستني" مل يكن كافياً لوضع نظرية
االستعمال اللغوي املستنبطة من السياق االجتماعي. متكاملة لألفعال الكالمية ،لكنه كان كافياً ليكون نقطة
linguistic وهناك التداولية اللغوية انطالق إليها بتحديده لعدد من املفاهيم األساسية فيها،
pragmaticsاليت تدرس االستعمال اللغوي من وخباصة مفهوم الفعل اإلجنازي الذي أصبح مفهوماً
وجهة نظر تركيبية ،structural حمورايً يف هذه النظرية ،حىت جاء "جون سريل" فأحكم
applied وهناك أيضا التداولية التطبيقية وضع األسس املنهجية اليت تقوم عليها ،وكان ما قدمه
،pragmaticsوهي تعىن مبشكالت التواصل يف عن الفعل اإلجنازي والقوة اإلجنازية كافياً جلعل الباحثني
املواقف املختلفة ،وخباصة حني يكون لالتصال يف يتحدثون عن نظرية "سريل" يف األفعال الكالمية،
موقف بعينه نتائج خطرية كاالستشارة الطبية ،وجلسات بوصفها مرحلة أساسية اتلية ملرحلة االنطالق عند
احملاكمة. "أوستني"(.)20
مث هناك التداولية العامة ،general pragmatics وتتميز التداولية عن غريها من اجتاهات البحث
وهي اليت تعىن بدراسة األسس اليت يقوم عليها استعمال اللغوي مبا أييت:
اللغة استعماال اتصالياً(.)22 .1التداولية تقوم على دراسة االستعمال اللغوي أو
هذه أهم املراحل واملفاهيم اليت عرفتها التداولية ،واليت هي لسانيات االستعمال اللغوي ،وموضوع البحث فيها
هتتم بدراسة اللغة يف االستعمال ،وذلك من لدن هو توظيف املعىن اللغوي يف االستعمال الفعلي من
"أوستني" إىل "سريل" ،وال زال البحث والتطوير هلذه حيث هو صيغة مركبة من السلوك الذي يولد املعىن.
النظرية مستمراً من طرف الباحثني والدارسني من خمتلف .2ليس للتداولية وحدات حتليل ( units of
التخصصات ،وتعترب الدراسات البالغية يف الرتاث )analysisخاصة هبا ،وال موضوعات مرتابطة
العريب من بني الدراسات اليت أولت اهتماماً كبرياً (.)correlational topics
بدراسة اللغة يف االستعمال ضمن سياقات ومقامات .3التداولية تدرس اللغة من وجهة وظيفية عامة
متعددة ،وسنحاول فيما يلي الكشف عن أبعاد (معرفية ،cognitiveواجتماعية ،socialوثقافية
التداولية يف الرتاث البالغي العريب القدمي. )cultural
.3معامل التداولية يف الرتاث اللغوي العريب القدمي .4تعد التداولية نقطة التقاء point of
إن ما جاءت به التداولية ليس ابألمر اهلني convergenceجماالت العلوم ذات الصلة ابللغة
ابعتبارها مبحثاً لسانيا جديداً ،وهي كمفهوم للممارسة بوصفها وصلة بينها وبني لسانيات الثروة اللغوية
()21
الكالمية ،تقوم بتحويل اللغة إىل كالم أو مبا يسمى Linguistics of language resources
عملية التلفظ. وملا كان جمال البحث يف التداولية شديد
واهلدف من ذلك إيصال رسالة ما إىل االتساع ،فقد أخذت تظهر هلا فروع يتميز كل منها عن
املخاطب أبسلوب حجاجي أتثريي .وهناك شروط ال االجتماعية التداولية فهناك اآلخر،
ب ّد أن تتوفر يف صاحب الرسالة ،ويف الرسالة نفسها،
125
فقد ُوظف املنهج التداويل بوعي يف حتليل الظواهر، وكذا يف املخاطب ،حىت حيدث نوع من التفاعل بني
()26
والعالقات املتنوعة" األطراف مجيعها ،وهذا ما وجدانه عند بعض العلماء
.1-3مبدأ القصدية العرب ،أمثال اجلاحظ(255هـ).
.1-1-3قصدية املتكلم وحنن إذ نقف أمام التداولية ،فإننا نسجل من
لو انطلقنا من مبدأ القصدية ،الذي يعد الكشف عنه ابب اإلنصاف ما قدمه روادها على تعدد توجهاهتم
غاية األدوات اإلجرائية يف التداولية ،لوجدان له أثراً بيناً وأهدافهم ،إال أننا -ومن قبيل عدم التنكر للذات،-
عند سيبويه ،وسنكتفي مبجرد اإلشارة إىل بعض نشري إىل أن جل مبادئ التداولية احلديثة حاضر يف
املواضع؛ أل ّن تقصي ذلك حيتاج إىل مبحث منفرد. تراثنا العريب ،ولو مبصطلحات مغايرة ،وذلك منذ بداية
ففي معرض حديث سيبويه عن األفعال اليت طالئع الدرس اللغوي مع سيبويه(180هـ) وصوالً إىل
تقتضي مفعولني ،حنو :ظننت اجلو صحواً ،يكشف عن البالغيني ،والنقاد املتأخرين(.)23
أن التأليف النحوي - ،أو ما يعرف يف املنظور الغريب وهنا إذ نلتفت هذه االلتفاتة ،ونعود هذه
التداويل حتت مسمى تداولية الدرجة الثانية ،أو مستوى العودة إىل الرتاث اللغوي العريب القدمي ،فإن ذلك "ال
التعبري ،)27(-خيضع يف املقام األول ملراد املتكلم ،حيث يعين أن النص العريب ،يسلك يف اتساقه ،وانسجامه
يقول سيبويه" :وإمنا منعك أن تقتصر على أحد سبيال خمالفاً متاما للنص الغريب ،حبيث تعجز األدوات
املفعولني هاهنا ،أنك إمنا أردت أن تبني ما استقر اليت اقرتحها الغربيون عن مقاربته من هذه الزاوية ،وإمنا
عندك من حال املفعول األول ،يقيناً كان أو شكاً، تعين إعادة احلياة إىل هذه اإلسهامات ابعتبار أن فيها
وذكرت األول؛ لتعلم الذي تضيف إليه ما استقر له نظرات ،ال تقل أمهية ،وخصوبة عما قدمه
عندك من هو .فإمنا ذكرت ظننت وحنوه؛ لتجعل خرب الغربيون"(.)24
املفعول األول يقيناً أو شكاً ،ومل ترد أن جتعل األول فيه وقد تعددت أشكال االهتمام بدراسة اخلطاب
()28
الشك ،أو تقيم عليه يف اليقني". واإلقناع عند العرب ،فتناولوا نص اخلطاب يف ذاته،
وهذا يعين أن الداللة اللغوية -كما يقول عبد ِ
ابملخاطب وطريقة أدائه ،واملخاطَب ودرسوا ما يرتبط
السالم املسدي" -فعل إرادي مقصود بصاحبه ،وهو وطريقة تلقيه ،ومطابقة اخلطاب ملقتضى الظاهر
ما ينتفي به ومعه يف نفس الوقت أن تكون داللة اللغة وخمالفته ،إىل غري ذلك من املسائل اليت ميكن أن جيمعها
فعال ذاتيا هلا ...معىن ذلك أن الداللة ليست حقاً موضوع التداولية اللسانية ،واليت ميكن أن متثل مبادئ
لصيقاً ابللغة يف أصل تصورها"(.)29 رائدة للتفكري التداويل اللغوي عند العرب(.)25
بعدا نظرًاي ضمن نظرية وعن أسبقية العرب ملعرفة أصول هذا االجتاه،
وأتخذ هذه الفكرة ً
النظم للجرجاين(471هـ) يف إحلاقه األلفاظ للمعاين، يقول(سويريت)" :إن النحاة والفالسفة املسلمني،
وربطهما مبقاصد املستعملني عند حديثه عن ذكر والبالغني ،واملفكرين مارسوا املنهج التداويل قبل أن يَذيع
املفعول به وحذفه ،العائدين رأساً إىل مراد املتكلم، صيتُه بصفته فلسفة وعلماً ،رؤية واجتاهاً أمريكياً وأوربياً،
حيث يقول ..." :فاعلم أن أغراض الناس ختتلف يف
126
يف إطار التقعيد آللة البالغة جند عند اجلاحظ ذكر األفعال املتعدية ،فهم يذكروهنا اترة ومرادهم أن
(255هـ) رؤية متقدمة يف وضع شروط للتواصل يقتصروا على إثبات املعاين اليت اشتقت منها لفاعلني،
الناجح؛ وذلك أبن يراعي املتكلم أحوال ،ومستوايت من غري أن يتعرضوا لذكر املفعولني ...ومثال ذلك ،قول
خماطبه ،فال "يكلم سيد األمة بكالم األمة ،وال امللوك الناس :فالن حيل ويعقد ،وأيمر وينهى ،ويضر
بكالم السوقة"( .)34وقد هنل اجلاحظ يف هذا السياق وينفع"(.)30
من وثيقة مشهورة يف البالغة ،هي صحيفة بشر بن وقد يذكر اجلرجاين القصدية عند املتكلم حتت
املعتمر(220هـ) اليت حث فيها على ضرورة املوازنة يف تسمية "معاين النفس" ،ويربطها بغرض املتكلم الذي له
الكالم بني أقدار املعاين والسامعني واحلاالت ،قال فيما الدور احلاسم يف التنضيد والرصف ،فقد يوجب تقدمياً
ينقله عنه يف "البيان والتبيني"" :وقال :ينبغي للمتكلم أو أتخرياً ،أو حذفاً أو ذكراً ،أو وصال أو فصال ،حيث
أن يعرف أقدار املعاين ،ويوازن بينها وبني أقدار يقول يف هذا" :وأما نظم الكلم ،فليس األمر فيه
املستمعني وبني أقدار احلاالت ،فيجعل لكل طبقة من كذلك؛ ألنك تقتضي يف نظمها آاثر املعاين ،وترتبها
ذلك كالماً ،ولكل حالة من ذلك مقاما ،حىت يقسم على حسب ترتيب املعاين يف النفس"( .)31ويؤكد هذا
أقدار الكالم على أقدار املعاين ،ويقسم أقدار املعاين املعىن يف موضع آخر بقوله" :أن العلم مبواقع املعاين يف
على أقدار املقامات ،وأقدار املستمعني على أقدار تلك النفس علم مبواقع األلفاظ الدالة عليها يف النطق"(.)32
احلاالت.)35( ".. .2-1-3قصدية املخاطب
فهذه نظرة بالغية اثقبة فاحصة متقدمة ،ترسم من جهة أخرى ،فإن القصدية ترتبط
اخلطوط والضوابط اليت تقوم عليها البالغة بشكل عام، ابملخاطب ،أو املستمع ،ال بوصفه طرفاً منتجاً أساسياً،
فليس البليغ من يلقي كالما هكذا فقط ،دون انتقاء بل لكونه معترباً يف العملية التواصلية ،فعندما نتكلم،
لأللفاظ ،ومراعاة للمخاطب ،حسب ما يقتضيه املقام فإننا ال ننظر إىل اآلخرين ،ابعتبارهم طرفاً مستهلكاً
واحلال ،إمنا البليغ حقيقة (حسب رؤية بشر بن سلبياً ،بل ابعتبارهم طرفاً فاعال يف العملية التواصلية؛
املعتمر) ،هو من له قدرة على املوازنة والتقسيم بني: لذلك جيب مراعاة هذا الطرف يف ارتباطه ابلقصد
-أقدار الكالم= على اقدار املعاين دائماً ،وهو ما أشار إليه سيبويه يف ابب اإلخبار ابلنكرة
-أقدار املعاين= على اقدار املقامات عن النكرة ،ابعتبار حال املخاطب ،فقال" :وإمنا َح ُس َن
-أقدار املستمعني= على أقدار احلاالت. اإلخبار ههنا -أي يف عبارة :ما كان أحد مثلك -عن ُ
وكذلك ،جند إشارات إىل عنصر (املقام) ،وضرورة النكرة حيث أردت أن تَـْن ِفي أن يكون يف مثل حاله
مطابقة الكالم ملقتضى احلال ،فيما نقل من كالم بشر شيءٌ أو فوقَه؛ ألن املخاطب قد حيتاج إىل أن تُعلِمه
بن املعتمر يف صحيفته ،وقد أشار اجلاحظ إىل هذه مثل هذا ،وإذا قلت :كان رجلٌ ذاهباً ،فليس يف هذا
الفكرة ،ومما ساقه يف ذلك قوله" :قال أبو احلسن: شيءٌ تُعلِمه كان ج ِهله"(.)33
خطب مصعب بن حيان ،أخو مقاتل بن حيان خطبة .2-3شروط التواصل الناجح
نكاح ،فحصر ،فقال :لقنوا مواتكم قول ال إله إال هللا،
127
التخييل الذي هو قوام الشعر يف مقوالت اخلطابة. فقالت أم اجلارية :عجل هللا موتك ،أهلذا
وغاية هذين االستعمالني متحدة ،وهي" :إعمال احليلة دعوانك؟"(.)36
يف إلقاء الكالم من النفوس مبحل القبول ،لتتأثر فاملقام هنا مقام فرح وسرور وحبور وابتهاج ،يناسبه من
ملقتضاه ،فكانت الصناعتان متؤاخيتني؛ ألجل اتفاق الكالم ما فيه هتنئة وتربيك وشكر ،ودعاء مناسب
املقصد والغرض فيهما"(.)39 للمقام ،واخلطيب -كما يف املثال السابق -مل يراع هذا
.4-3مراعاة األدوات غري اللغوية يف اخلطاب الشرط يف اخلطاب ،فخالف مقتضى احلال ،وجاء مبا
إذا رجعنا إىل بعض أهم اجلوانب الواجب مراعاهتا يف مج خطابه جمّاً من
يناسب مقام احلزن واملأمت ،لذلك ّ
التحليل التداويل ،وهو اجلانب غري اللغوي يف أهل العرس املخاطبني.
التخاطب ،فإننا جند اجلاحظ ،يكاد حيوز قصب السبق .3-3التأثري يف املخاطب معيار للتواصل
يف اإلشارة إليه ،حينما انتبه إىل خمتلف الوسائط التعبريية قد يغدو السامع معيار الكالم أحياانً ،فتتحدد درجته،
غري اللغوية ،حيث أرجع بيان الداللة إىل مخسة أمناط، بناء على ردة فعله أحياانً ،مثلما يفهم من كالم أيب
يهمنا منها يف هذا املقام :اإلشارة والنصبة(.)40 هالل العسكري(395هـ) الذي نص على أنه" :إذا
وقد ذكر اجلاحظ أضرابً عديدة لإلشارة ،حيث كان الكالم قد مجع العذوبة ...وورد على الفهم الثاقب
قال" :فأما اإلشارة فباليد ،وابلرأس ،وابلعني، قبله ،ومل يرده ،وعلى السمع املصيب استوعبه ،ومل ميجه،
واحلاجب ،واملنكب إذا تباعد الشخصان ،وابلثوب، والنفس تقبل اللطيف ،وتنبو عن الغليظ ،وتقلق من
وابلسيف ،وقد يتهدد رافع السوط والسيف ،فيكون اجلاسي البشع.)37("..
ذلك زاجراً رادعاً ،ويكون وعيداً وحتذيراً.)41( ".. فمىت اجتمعت يف النظم الذي حيركه القصد
فاإلشارة إذاً من أدوات البيان اليت يستعني هبا املتكلم بالغةُ اللفظ ،وشرف املعىن ،والبعد عن الشذوذ ،كان
لزايدة الداللة على معىن قد يقصر عنه الكالم ،أو تغين له التأثري املرغوب يف السامع ،وحيفظ لنا التاريخ ضروابً
هي عنه ،حيث يقول اجلاحظ" :فاإلشارة واللفظ ملثل هذا التأثري ،كقصة ربعي بن عامر مع ملك الفرس*،
شريكان ،ونعم العون هي له ،ونعم الرتمجان هي عنه، وجعفر بن أيب طالب مع النجاشي* ،ومها مبسوطتان يف
وما أكثر ما تنوب عن اللفظ ،وما تغين عن اخلط،... كتب األخبار والسري.
ويف اإلشارة ابلطرف واحلاجب وغري ذلك من اجلوارح إن هذه النتيجة احلاصلة من عقد التواصل بني
مرفق كبري ،ومعونة حاضرة يف أمور ،يسرتها بعض الناس طريف التداول -وهي التأثري -تعد الغاية يف كل موقف،
من بعض ،وخيفوهنا من اجلليس وغري اجلليس ،ولوال حىت أنه -كما يرى حازم القرطاجين(684هـ) -قد
اإلشارة مل يتفاهم الناس معىن خاص اخلاص ،...هذا تنتهك بعض خصوصيات اخلطاب ،بقدر ما حتقق
ومبلغ اإلشارة أبعد من مبلغ الصوت ... ،وحسن الغاية املرجوة من ذلك االنتهاك املقصود( ،)38وقد ذكر
اإلشارة ابليد والرأس من متام حسن البيان لذلك اإلجراء منوذجني:
ابللسان"(.)42 أما األول ،فاستعمال اإلقناع ،وهي خاصية مالزمة
للحجاج يف فن اخلطابة والشعر ،وأما الثاين ،فاستعمال
128
ويف هذا إشارة متقدمة من ابن جين على أن تقاسيم أما النوع الثاين ،وهو ما أمساه اجلاحظ ابلنصبة،
الوجه أو "لغة اجلسد" -كما تعرف اليوم -تقوم مقام "فهي احلال الناطقة بغري اللفظ ،واملشرية بغري اليد"(،)43
اإلدالء أو التعبري ،بل أهنا يف أحايني أخرى تكون هذه ويوضح هذا املعىن بعد ذلك بقوله" :ومىت دل الشيء
القناة اللغوية أبلغ يف التعبري من الكالم نفسه ابلنسبة على معىن ،فقد أخرب عنه ،وإن كان صامتا ،وأشار إليه،
للمخاطب. وإن كان ساكتاً ،وهذا القول شائع يف مجيع اللغات،
.5-3البعد التداويل عند األصوليني ومتفق عليه مع إفراط االختالفات"(.)44
ال ميكن أن نغفل عن جهود األصوليني والفقهاء يف وهذا املفهوم ألصق بواحد من أقسام العالمة يف
العناية أبطراف العملية التواصلية ،وأبعاد الكالم السيميوليجا الغربية ،واملسمى" :الرمز" ،املوصل لكل ما
()45
املختلفة ،فقد اهتموا هبا اهتماماً فاق – ال حمالة – له قابلية ألن يعرفه اإلنسان ،ويدركه العقل البشري
اهتمام اللغويني؛ ذلك ألن األصوليني وجدوا يف احلديث وبناءًا على كالم اجلاحظ ندرك أبنه كان عاملا بشىت
ً
عن أطراف العملية التواصلية خدمة ملقاصدهم؛ وألن يف جوانب العملية التخاطبية.
ذلك تعلق شديد ابألحكام الشرعية اليت تسوس حياة وعلى ذكر بعض أبعاد التخاطب ،فإننا نسجل
الناس ،وتوجههم خلريهم يف العاجل واآلجل؛ ونظراً حضورها أيضاً عند لغوي عريب آخر هو ابن
لعظم هذه املصلحة اليت ال مصلحة فوقها ،انصب جين(392هـ) عندما أشار إىل أنه قد حتذف الصفة؛
انشغال األصوليني أبطراف احلكم الشرعي( )48وهي لداللة احلال عليها ،فتحس يف كالم القائل من املدح أو
أربعة: الذم ما يقوم مقام التصريح ابلصفة،
أوال :احلاكم أو الشارع وهو هللا تعاىل. -مثال ذلك ،قولنا" :كان وهللا رجال" ،فالصفة
اثنيا :احلكم وهو مضمون خطاب هللا تعاىل للمكلفني احملذوفة غامضة ،وغموضها الداليل انبع من انفتاح
من عباده. البنية على احتمالني متضادين :املدح أو الذم ،لكن
اثلثا :احملكوم فيه أو الشأن املتعلق به احلكم. ابن جين يرى أن أداء لفظ اجلاللة (هللا) بزايدة م ّده
رابعا :احملكوم عليه ،وهم املكلفون املتعلق احلكم أكثر مما يستحق ،وتتمكن يف متطيط الالم وإطالة
()49
بفعلهم. الصوت هبا ،تؤدي دور اإلفصاح عن معىن املدح،
ويف قضية القصد كوهنا من األمهية مبكان يف تبيان فكأنك قلت :كان وهللا رجال كرميًا(.)46
داللة الكالم مييز أبو حامد الغزايل(505هـ) بني ضربني إنساان" ،ومت ّكن
-مثال آخر ،تقول" :سألناه فوجدانه ً
من الكالم :الكالم املنجز فعال ،وحديث النفس، وتفخمه ،فتستغين بذلك عن َّ الصوت إبنسان
متخذاً من القصد معياراً للتمييز بينهما ،فبعد أن يدرج مسحا ،أو جو ًادا ،أو حنو إنساان ً
ً وصفه بقولك:
جنس اخلرب ضمن أقسام الكالم القائم ابلنفس يالحظ ذلك.
أن العبارة ليست إال أصوااتً مقطعة حتكي صيغتها صيغة إنساان" ،وتزوي
ً -مثال آخر ،تقول" :سألناه وكان
ما هو قائم يف النفس( ،)50لينتهي إىل تقرير أن "هذا إنساان
ً وجهك وتقطبه ،فيغين ذلك عن قولك:
ليس خربا لذاته ،بل يصري خربا بقصد القاصد إىل لئيماً ،أو خبيال(.)47
ً
129
املصادر واملراجع العربية التعبري به عما يف النفس"( ،)51وبنفس املقياس عرف
.1أوشان علي آيت :السياق والنص الشعري من ابن حزم الكالم مجلة فجعل القصد املؤشر املبدئي يف
البنية غلى القراءة ،ط ،2000/1421 ،1مطبعة كل نظام إبالغي تواصلي ،حيث قال" :وأما الصوت
النجاح اجلديدة ،الدار البيضاء. الذي يدل ابلقصد ،فهو الكالم الذي يتخاطب الناس
البغدادي :خزانة األدب ولب لباب لسان .2 به فيما بينهم ،ويرتاسلون ابخلطوط املعربة عنه يف كتبهم؛
العرب ،حتقيق :عبد السالم حممد هارون ،ط،4 إليصال ما استقر يف نفوسهم من عند بعضهم إىل
1418هـ1997 /م ،مكتبة اخلاجني ،القاهرة، بعض"(.)52
بوجادي خليفة :يف اللسانيات التداولية ،ط،1 .3 وهذا القاضي عبد اجلبار(415هـ) يف كتابه"املغين" يزرع
،2009بيت احلكمة ،اجلزائر. الدعامات األساسية للكالم ،فيجعل القصد شرطًا
بوقرة نعمان :اخلطاب األديب ورهاانت التأويل .4 أساسيا ينبغي توافره يف عملية الكالم ابلعودة إىل مسألة
ً
قراءات نصية تداولية حجاجية ،ط ،2012 ،1عامل املواضعة اللغوية ،ويف ذلك يقول" :أن أهل اللغة مىت
الكتب احلديث ،إربد ،شارع اجلامعة. علموا وقوع الكالم حبسب قصد زيد ،وإرادته،
اجلاحظ :البيان والتبيني ،حتقيق :فوزي عطوي، .5 ودواعيه ،وصفوه أبنه متكلم ،ومىت مل يعلموا ذلك من
()53
ط ،1968 ،1دار صعب ،بريوت. حاله ،مل يصفوه به" .وهبذا يصبح القصد قانوانً
اجلرجاين عبد القاهر :دالئل اإلعجاز ،حتقيق: .6 داخلياً يف صلب املواضعة ،حيدد نوعية أجناس اخلطاب
حممد التنجي ،ط ،1995 ،1دار الكتاب العريب، من خرب أو أمر ،أو استخبار ،فيتحول ابلصياغة
بريوت. اللسانية من الوظيفة اإلبالغية إىل الوظيفة االقتضائية
ابن جين :اخلصائص حتقيق :حممد علي .7 كما يف األمر والنهي ،والطلب(.)54
النجار ،ط ،عامل الكتب ،بريوت. خامتة
اجلوهري إمساعيل بن محاد :الصحاح اتج اللغة .8 لعل هذه اإلشارات ،ليست كافية يف عرض البعد ّ
وصحاح العربية ،حتقيق :أمحد عبد الغفور عطار ،ط،4 التداويل عند العلماء العرب يف تعاملهم مع النصوص،
1407ه 1987/م ،دار العلم للماليني ،بريوت. املوسع لديهم ،كما
ولكنها ترشد إىل حقيقة االهتمام ّ
حباشة صابر :التداولية واحلجاج (مداخل .9 يوسع آفاق البحث التداويل
أهنا متثل نواة ملن يريد أن ّ
ونصوص) ط ،2008 ،1دار صفحات ،دمشق. بشيء من التحليل واملقارنة بني نصوص الرتاث العريب
.10ابن حزم :التقريب حلد املنطق واملدخل إليه وبني املقارابت التداولية الراهنة ،وكذا الوقوف عند
ابأللفاظ العامية واألمثلة الفقهية ،حتقيق :إحسان حمطات هذا الرتاث ،حمطة حمطة ،خاصة احملطات اليت
عباس ،ط ،1900 ،1دار مكتبة احلياة ،بريوت. كانت منعطفا حامساً ومنوذجاً من النماذج املتميزة يف
.11خطايب حممد :لسانيات النص (مدخل إىل جبني هذا الرتاث ،مبا طرحته من أفكار ،ورؤى منهجية
انسجام اخلطاب) ،ط ،2006 ،2املركز الثقايف العريب، متميزة.
الدار البيضاء ،املغرب.
130
.23نواري سعودي أبو زيد :يف تداولية اخلطاب .12سيبويه :الكتاب ،حتقيق :عبد السالم هارون،
األديب (املبادئ واإلجراءات) ط ،2009 ،1بيت ط ،1988/1408 ،3مكتبة اخلاجني ،القاهرة.
احلكمة ،اجلزائر. .13الشهريي عبد اهلادي بن ظافر :اسرتاتيجيات
.24النويري :هناية األرب يف فنون األدب حتقيق: اخلطاب مقاربة لغوية تداولية ،ط ،2004 ،1دار
مفيد قمحية ومجاعة ،ط 1424 ،1هـ 2004 ،م، الكتاب اجلديدة املتحدة ،بريوت ،لبنان.
دار الكتب العلمية ،بريوت ،لبنان. .14طه عبد الرمحن :يف أصول احلوار وجتديد علم
املراجع األجنبية املرتمجة الكالم ،ط ،2000 ،2املركز الثقايف العريب ،الدار
.25آن روبول ،جاك موشالر :التداولية اليوم علم البيضاء ،املغرب.
جديد يف التواصل ،ترمجة :سيف الدين دغفوس وحممد .15عبد اجلبار القاضي :املغين يف أبواب التوحيد
الشيباين ،ط ،2003 ،1دار الطليعة ،بريوت. والعدل ،خلق القرآن ،قوم نصه إبراهيم األبياري ،ج 7
.26فليب بالنشيه :التداولية من أوستني إىل .16العسكري أبو هالل :كتاب الصناعتني،
غوفمان ،ترمجة صابر حباشة ،ط ،2007 ،1دار حتقيق :علي حممد البجاوي وحممد أبو الفضل إبراهيم،
احلوار ،سورية. ط 1406هـ1986 ،م ،املكتبة العصرية ،بريوت.
اجملالت والدورايت .17عمران قدور :البعد التداويل واحلجاجي يف
.27جملة اآلداب والعلوم االجتماعية ،جامعة اخلطاب القرآين ،ط ،2012 ،1عامل الكتب احلديث،
سطيف ،2العدد16 األردن.
جملة عامل الفكر ،اجمللس الوطين للثقافة والفنون .28 .18الغزايل أبو حامد :املستصفى يف علم األصول،
واآلداب ،دولة الكويت ،جمـ،28ع،3يناير/مارس،2000 حتقيق :حممد عبد السالم عبد الشايف ،ط،1413 ،1
مواقع األنرتنيت دار الكتب العلمية ،بريوت.
http://takhatub.ahlamontada.com .19القرطاجين :منهاج البلغاء وسراج األدابء،
. تقدمي وحتقيق حممد احلبيب بن اخلوجة ،ط،1986 ،3
هوامش البحث: دار الغرب اإلسالمي.
.20املسدي عبد السالم :التفكري اللساين يف
( )1ينظر :نواري سعودي أبو زيد :يف تداولية اخلطاب األديب
(املبادئ واإلجراءات) ط ،2009 ،1بيت احلكمة ،اجلزائر، احلضارة العربية ،ط1986 ،2م ،الدار العربية للكتاب.
ص.18 .21ابن منظور :لسان العرب ،ط ،1دار صادر،
( )2ينظر :إمساعيل بن محاد اجلوهري :الصحاح اتج اللغة بريوت.
وصحاح العربية ،حتقيق :أمحد عبد الغفور عطار ،ط،4 .22حنلة حممود أمحد :آفاق جديدة يف البحث
1407ه 1987/م ،دار العلم للماليني ،بريوت،1700/4 ،
اللغوي املعاصر ،ط 2002م ،دار املعرفة اجلامعية.
ابن منظور :لسان العرب ،ط ،1دار صادر ،بريوت،
.252/11مادة "دول".
131
( )11ينظر :آن روبول ،جاك موشالر :التداولية اليوم علم ( )3ومن هذه العلوم :علم الداللة ،semanticsعلم اللغة
جديد يف التواصل ،ترمجة :سيف الدين دغفوس وحممد اللغة علم ،sociolinguistics االجتماعي
الشيباين ،ط ،2003 ،1دار الطليعة ،بريوت.ص 29 حتليل ،psycholinguistics النفسي
( )12ينظر :حممود أمحد حنلة :مرجع السابق ،ص.9 اخلطاب ،Discourse analysisفعلم الداللة يشارك
( )13ينظر :آن روبول وجاك موشالر :مرجع سابق ،ص.29 التداولية يف دراسة املعىن ،وعلم اللغة االجتماعي يشارك التداولية
( )14ينظر :حممود حنلة :مرجع سابق ،ص.43 ،42 يف تبيني أثر العالقات االجتماعية بني املشاركني يف احلديث وأثر
( )15ينظر :حنلة ،نفسه ،ص.43 ،42 السياق غري اللغوي يف اختيار السمات اللغوية وتنوعها ،وأما
( )16نفسه ،ص.43 علم اللغة النفسي فيشرتك مع التداولية يف االهتمام بقدرات
( )17قدور عمران :البعد التداويل واحلجاجي يف اخلطاب املشاركني اليت هلا أثر كبري يف أدائهم مثل االنتباه ،والذاكرة
القرآين ،ط ،2012 ،1عامل الكتب احلديث ،األردن ،ص.49 والشخصية .،وأما حتليل اخلطاب فيشركها يف االهتمام أساساً
( )18حممود حنلة :مرجع سابق ،ص.44 ،43 بتحليل احلوار .ينظر :حممود أمحد حنلة :آفاق جديدة يف البحث
( )19ينظر :فليب بالنشيه :التداولية من أوستني إىل غوفمان، اللغوي املعاصر ،ط 2002م ،دار املعرفة اجلامعية .ص،10
ترمجة صابر حباشة ،ط ،2007 ،1دار احلوار ،سورية ،ص62 .11
( )20حممود حنلة :مرجع سابق ،ص.47 ( )4ينظر :حممود أمحد حنلة ،املرجع السابق ،ص.14
( )21ينظر :حممود أمحد حنلة( :مرجع سابق) ،ص.15 ،14 ( )5ينظر :خليفة بوجادي :يف اللسانيات التداولية ،ط،1
( )22ينظر :حممود حنلة :نفسه ،ص.15 ،2009بيت احلكمة ،اجلزائر ،ص71
للتداولية العربية اجلذور ينظر: ()23 ( )6ينظر :عبد اهلادي بن ظافر الشهريي :اسرتاتيجيات
http://takhatub.ahlamontada.com اخلطاب مقاربة لغوية تداولية ،ط ،2004 ،1دار الكتاب
( )24حممد خطايب :لسانيات النص(مدخل إىل انسجام اجلديدة املتحدة ،بريوت ،لبنان ،ص21
اخلطاب) ،ط ،2006 ،2املركز الثقايف العريب ،الدار البيضاء، ( )7ينظر :خليفة بوجادي :املرجع السابق ،ص69
املغرب ،ص.95 ( )8عبد اهلادي بن ظافر الشهريي :املرجع السابق ،ص22
( )25خليفة بوجادي :التفكري اللغوي التداويل عند العرب ( )9صابر حباشة :التداولية واحلجاج (مداخل ونصوص) ط،1
مصادره وجماالته ،جملة اآلداب والعلوم االجتماعية ،جامعة ،2008دار صفحات ،دمشق ،ص11
سطيف ،2العدد ،16ص.32 ( )10يعود الفضل إىل الفيلسوف طه عبد الرمحن يف وضعه هلذا
( )26حممد سويريت :اللغة ودالالهتا ،تقريب تداويل للمصطلح املصطلح مقابال للمصطلح األجنيب براغماتية سنة 1970داال
البالغي (مقال) ،جملة عامل الفكر ،اجمللس الوطين للثقافة والفنون به على الرباكسيس ( )praxisوهلذا املصطلح ترمجات عربية
واآلداب ،دولة الكويت،جمـ،28ع،3يناير/مارس،2000 أخرى أقل شهرة مثل :الذرائعية ،والنفعية ،والتخاطبية
ص.31-30 واملقاماتية ،والوظائفية.
( )27صنف هانسن Hansson 1974خمتلف االجتاهات ينظر :طه عبد الرمحن :يف أصول احلوار وجتديد علم الكالم،
التداولية اعتماداً على تشغيلها ملصطلح السياق إىل ثالث ط ،2000 ،2املركز الثقايف العريب ،الدار اليبضاء ،املغرب،
درجات .1 :الدرجة األوىل :وتتمثل يف دراسة الرموز ص .28ونعمان بوقرة :اخلطاب األديب ورهاانت التأويل قراءات
اإلشارية ،Les symboles indexauxوذلك مثل( :أان، نصية تداولية حجاجية ،ط ،2012 ،1عامل الكتب احلديث،
هنا ،اآلن .2.)..الدرجة الثانية :وهتتم بكيفية التعبري(معرفة إربد ،شارع اجلامعة ،ص.68
كيفية انتقال الداللة من املستوى الصريح إىل املستوى
132
ونسيء اجلوار ،وأيكل القوي منا الضعيف ،فكنا على ذلك التلميحي).3.الدرجة الثالثة :و"تتمثل يف نظرية أفعال الكالم".
حىت بعث هللا إلينا رسوالً منا ،نعرف نسبه ،وصدقه ،وأمانته، ينظر :علي آيت أوشان :السياق و النص الشعري من البنية إىل
وعفافه ،فدعاان إىل هللا لنوحده ونعبده ،وخنلع ما كنا نعبد حنن القراءة ،ط ،2000/1421 ،1مطبعة النجاح اجلديدة ،الدار
وآابؤان من دونه من احلجارة واألواثن ،وأمران بصدق احلديث، البيضاء ،ص .59و نواري سعودي أبو زيد :يف تداولية اخلطاب
وأداء األمانة ،وصلة الرحم ،وحسن اجلوار ،والكف عن احملارم األديب (املبادئ و اإلجراءات) هامش ص.27
والدماء ،وهناان عن الفواحش وقول الزور ،وأكل مال اليتيم، ( )28سيبويه :الكتاب ،حتقيق :عبد السالم هارون ،ط،3
وقذف احملصنة ."..ينظر :النويري :املرجع السابق.175/16 ، ،1988/1408مكتبة اخلاجني ،القاهرة.40/1 ،
( )38ينظر :نواري سعود أبو زيد :املرجع السابق ،ص.36 ( )29عبد السالم املسدي :التفكري اللساين يف احلضارة العربية،
( )39القرطاجين :منهاج البلغاء وسراج األدابء ،تقدمي وحتقيق ط1986 ،2م ،الدار العربية للكتاب ،ص.111 ،110
حممد احلبيب بن اخلوجة ،ط ،1986 ،3دار الغرب اإلسالمي، ()30اجلرجاين :دالئل اإلعجاز ،حتقيق :حممد التنجي ،ط،1
ص.361 ،1995دار الكتاب العريب ،بريوت ،ص.127
( )40ينظر :نواري سعود أبو زيد :املرجع السابق ،ص.39 ()31اجلرجاين :دالئل اإلعجاز ،ص.56
( )41اجلاحظ ،البيان والتبيني ،ص.55 ( )32نفسه ،ص.59
( )42اجلاحظ :املرجع نفسه ص.56 ،55 ( )33سيبويه :الكتاب.54/1 ،
()43اجلاحظ ،املرجع نفسه ،ص.86 ()34اجلاحظ :البيان والتبيني ،حتقيق :فوزي عطوي ،ط،1
()44اجلاحظ ،املرجع نفسه ،ص.86 ،1968دار صعب ،بريوت ،ص.64
()45ينظر :نواري سعود أبو زيد :املرجع السابق ،ص.39 ()35اجلاحظ :املرجع نفسه ،ص.88 ،87
( )46ينظر :ابن جين :اخلصائص ،حتقيق :حممد علي النجار، ( )36اجلاحظ :املرجع السابق ،ص.337
ط ،عامل الكتب – بريوت.371/2 ، ( )37أبو هالل العسكري :كتاب الصناعتني ،حتقيق :علي
()47ينظر :ابن جين :املرجع السابق.371/2 ، حممد البجاوي وحممد أبو الفضل إبراهيم ،ط 1406هـ،
()48ينظر :نواري سعود أبو زيد :املرجع السابق ،ص،41 1986م ،املكتبة العصرية ،بريوت ،ص.57
.42 * وملخص القصة :أن رستم قائد جيش الفرس أرسل إىل سعد
( )49ينظر :أبو حامد الغزايل :املستصفى يف علم األصول، بن أيب وقاص أن ابعث إلينا رجال نكلمه ويكلمنا ،فبعث إليه
حتقيق :حممد عبد السالم عبد الشايف ،ط ،1413 ،1دار ربعي بن عامر ،فلما انتهى إليه ،قال له الرتمجان ،وامسه عبود
الكتب العلمية ،بريوت ،ص.66 من أهل احلرية :ما جاء بكم ،قال :هللا ابتعثنا ،وهللا جاء بنا
( )50عبد السالم املسدي :التفكري اللساين يف احلضارة العربية، لنخرج من شاء من عبادة العباد إىل عباد هللا ،ومن ضيق الدنيا
ص.146 إىل سعتها ،ومن جور األداين إىل عدل اإلسالم ،فأرسلنا بدينه
( )51أبو حامد الغزايل :املرجع السابق ،ص.106 إىل خلقه لندعوهم إليه ،فمن قبل منا ذلك قبلنا ذلك منه،
( )52ابن حزم :التقريب حلد املنطق واملدخل إليه ابأللفاظ ورجعنا عنه ،وتركناه وأرضه يليها دوننا ،ومن أىب قاتلناه = =
العامية واألمثلة الفقهية ،حتقيق :إحسان عباس ،ط،1900 ،1 أبدا حىت نفضي إىل موعود هللا" .ينظر :النويري :هناية األرب يف
دار مكتبة احلياة ،بريوت ،ص.12 فنون األدب حتقيق :مفيد قمحية ومجاعة ،ط 1424 ،1هـ،
( )53القاضي عبد اجلبار :املغين يف أبواب التوحيد والعدل، 2004م ،دار الكتب العلمية ،بريوت ،لبنان.126/19 ،
خلق القرآن ،قوم نصه إبراهيم األبياري ،ج ،7ص48 * ومما جاء يف كالم جعفر" :أيها امللك ،كنا قوما أهل جاهلية؛
( )54عبد السالم املسدي :املرجع السابق ،ص.146 نعبد األصنام ،وأنكل امليتة ،وأنيت الفواحش ،ونقطع األرحام،
133
دواعي الغموض يف الشعر العريب املعاصر
ضامري مصطفى
إبشراف :أ.د العرايب خلضر
جامعة أيب بكر بلقايد ـ تلمسان
134
أن يستمدها من الواقع حوله ،وهكذا حتولت الصورة التأمل .فال ميكن أن تكون املسألة يف هذا الشعر عدوالً
الشعرية يف ظل جتارب الشعر اجلديد إىل صور انفعالية معتمداً عن الوضوح إىل الغموض ،وال ميكن أن تكون
متوج ابأللوان واألصوات والرموز املتداخلة. كذلك جمرد رغبة من الشعراء يف إرضاء ذواهتم عن طريق
واستطاعت الصورة الشعرية املعاصرة أن تكون تركيبة إغاظة متلقي الشعر بوضعه يف إطار من الطالسم اليت
وجدانية تنتمي إىل عامل الشعر اجلديد ،وبرزت من تعىي على الفهم كما ال ميكن أن يكون النص وما حيمله
خالهلا أمهية الوجود الذايت والالشعور وأمهية األساطري من مواضيع السبب الرئيس يف اإلهبام املباشر1.
كعامل جوهري يف حياة اإلنسان املعاصر وبسبب هذه وكأن أاب متام قد وعى وظيفة الغموض يف الشعر حني
الصور الذاتية واألسطورية طغى الغموض على القصيدة أجاب رجال سأله "اي أاب متام ،مل ال تقول من الشعر ما
العربية املعاصرة ،ذلك الغموض الذي جاء نتيجة طبيعية يعرف؟ فقال" :وأنت ملا ال تعرف من الشعر ما
لطرح الواقع اخلارجي وعدم االعتماد عليه كمصدر يقال؟"3 .
أساسي للصورة الشعرية ،واالعتماد يف ذلك على الواقع لقد استطاع الشاعر العريب املعاصر من خالل جتربته
الذايت والواقع األسطوري ومها واقعان عاملهما الرمز اجلديدة يف الشعر اجلديد عرب ما يقرب عقدين من
واإلحياء والغموض5 . الزمن ،أن يصنع للشعر العريب مصطلحا جديدا يعايش
وجند وليام أمبسون يشري إىل الغموض بقوله " :الغموض العصر وينبض بروحه ،وإن كانت اللغة املركبة منه
يعين يف الكالم شيئا ملفوظا متاما ،وعادة ما يكون هذا جديدة وغريبة على األمساع ،إال أنه حيمل طاقة تعبريية
الشيء ذكيا وخادعا" .فالغموض كما يراه أمبسون هو تعرب عن مكانة هذا الشعر ،والشيء الذي ال ميكن
تلك العبارات اليت تكون غامضة املعىن غري مفهومة يف إنكاره هنا هو أن ظهور املصطلح الشعري اجلديد الذي
النص الشعري. يسمى بشعر احلداثة قد صحبه لدى املتلقني إحساس
حاول بعض الدارسني يف العصر احلديث أن يتعرفوا على بغموض هذا الشعر وخاصة الذي ألف قراءة الشعر
األسباب اليت أدت ابلقصيدة املعاصرة إىل الغموض، العريب القدمي قد يواجه صعوبة كبرية يف التجاوب مع
ومنهم وليام أمبسون يف كتابه "سبعة أمناط من الشعر اجلديد ،ورمبا رفضه من أجل هذه الصعوبة،
الغموض" وهو حيدد معىن الغموض بقوله ":إنك ال فاملؤكد أن هذا الشعر اجلديد ميثل اجتاها مجاليا خيتلف
حتسم حسما فيما تعنيه ،أو أن تقصد إىل أن تعين عن اجتاه الشعر القدمي ،ورمبا حاول البعض التغلب على
أشياء عديدة وفيه احتمال أنك تعين أنك تعين واحدا تلك الصعوبة أبن يكيفوا أنفسهم وهذا االجتاه اجلديد،
أو آخرا من شيئني ،أو تعين كالمها معا ،أن احلقيقة ولكن كثريا ما يقف حائال دوهنم ،وهذا التكيف خاصة
الواحدة ذات معان عدة"6. يف الشعر اجلديد هي يف احلقيقة مقوم من مقومات
يصنف أمبسون الغموض يف سبعة أمناط ،ويبدأها وجوده ،وهي ظاهرة الغموض يف هذا الشعر اجلديد4 .
أبمهها ،وهو الغموض الذي يكاد يف نظره أن يغطي كل لقد اعتمد الشاعر العريب املعاصر اخليال الشعري
شيء وله أمهية أدبية وفنية ،ويركز فيه على الغموض للكشف عن عامل يقوم على احلرية اإلبداعية املطلقة،
الناتج عن اجملاز واالستعارة والنعوت واإليقاع ،مث يتوقف وأصر هذا اخليال اخلالق على أن خيلق صورة بنفسه ال
135
لكن الشاعر قد تدفعه ظروف خارجة عن إرادته إىل بعد ذلك عند أمناطه السبعة وهو الذي يتضمن اجتماع
الغموض بسبب ظروف عصره أو جمتمعه الذي يعيش معنيني أو أكثر يف معىن واحد يكون الشاعر قد قصده
فيه ،يقول أدونيس ":إن الشعر صورة عن حياتنا يف قوله" :والغموض نفسه ميكن أن يعين الرتدد وعدم
املعاصرة يف عبثها وخللها إنه صورة من التشققات يف اختاذ قرار بشأن ما تعنيه أنت ،مبعىن أن الغموض قد
الكينونة املعاصرة" ،10كما يشري إىل ذلك بتعريف آخر يعين القصد إىل العديد من األشياء ،أو مبعىن آخر
" الشعر نقيض الوضوح الذي جيعل من القصيدة الغموض هو احتمالية أن يعين اإلنسان أمرا أو آخر أو
سطحا بال عمق ،الشعر كذلك نقيض اإلهبام الذي األمرين معا ،كما قد يعين أيضا أن تكون العبارة معان
جيعل من القصيدة كهفا مغلقا" .11ولذا وجب على عدة"7 .
الشاعر العريب املعاصر ختطي احلدود وجتاوز القيود ومن هنا ميكن أن نقول إن أمبسون استطاع أن يفرق
املفروضة عليه ليعاجل قضااي عصره وجمتمعه بتعقيداهتا بني الغموض الفين واإلهبام ،وذهب إىل أن اإلهبام ضار
ولذا تبدوا قصيدته غامضة. ابلعملية الشعرية ،يف حني أن تعدد اإلشارات فهو
أما الغموض الفين الناجم عن النص الشعري فهو يتجلى يضيف غىن وتعقيدا لبنية املعىن وال يبهمها8 .
يف أشكال خمتلفة جيمع بينها تعدد الداللة واختالف لغة إن بناء القصيدة احلديثة يدعو إىل الغموض ،ألن
العصر ،وكثرة املعارف متعددة املنابع ومتلونة الروافد اليت الشعراء يف هذا العصر ال يبنون فكرهم على حتديد اجتاه
خيتلط فيها العلمي واخلرايف والتارخيي واألسطوري والديين يدعون إليه ،وال حيددون املوضوع والغرض من القصيدة
والفلسفي وكل ألوان معارف العصر ،ولذلك وجد الواحدة ،حىت تستطيع أن تربط عناصر الرتكيب
الشاعر العريب نفسه يف مواجهة العديد من املعارف اليت ومدلوالته هبذا الغرض ،فهو أيضا ال وجود له ،بل
ترفض أن تتلقاها الواحدة تلوى األخرى بل جيب تناوهلا يعمدون إىل إخفائه ،مث أن املعاين اجلزئية واملضمون من
دفعة واحدة ،وهذا ما ولد ازدحاما دالليا فيه من منطوق ومفهوم للرتكيب ال ضابط هلا.
الغموض والتعدد ما يصيب املتلقي ابحلرية أمام النص وهم يرون أن من دواعي الغموض للقصيدة احلديثة ما
الشعري12. تتسم به من البعد املعريف ،حيث تنصهر الثقافات يف
ولذلك فإن ظاهرة الغموض ال تقتصر على القصيدة صميم التكوين البنائي للشعر ،لكن ذلك يعارض
وحدها ،وإمنا تشمل الفنون والعالقات االجتماعية فلسفتهم اليت تقوم على حتطيم اللغة ومدلوالهتا ،وتفريغ
نفسها ،ولذلك فإن من حق النص الشعري أن يعرب عن اللفظة والرتاكيب مما حتمله من دالالت ،ومعىن ذلك
عالقات اإلنسان االجتماعية والنفسية واملصريية ،وأن أهنم يرفضون البنيوية واألسلوبية وداللتهما9 .
يطور من مكوانته وتقنياته وبنيته الفنية ملواكبة العصر جيمع كثري من الباحثني على أن الغموض إذا كان
وجتاربه. مصدره الشاعر فهو يعود إىل عجز يف التعبري عن
إذا تتبعنا الشعر العريب املعاصر ندرك قدر القلق التجربة الشعرية أو عدم نضجها واكتماهلا ،أو القصدية
والتشتت الذي يعاين منه العريب من خالل لغته اليت يف التعقيد واإلهبام.
تراوحت بني التناقض أحياان والرفض أحياان أخرى
136
الشاعر يف حد ذاته قد فقد لغته الشعرية ،وهذا ما والغموض يف كل األحايني ،واللغة اليت تكتب هبا
يؤدي إىل اإلهبام والغموض. القصيدة هي وصف لصورة يرمسها الشاعر انطالقا من
فالقصيدة املعاصرة ابتعدت عن النموذجية يف الشعر ذاته ،وألن ذات الشاعر ومشاعره تسريها أمور ابطنية
وراحت تبحث عن شكل يناسبها ضمن التجربة مقرها الالشعور أتيت قصائده غامضة مبهمة13.
اجلديدة ،وما حتمله من تغريات معاانة اإلنسان وجتربته، وبذلك اختلفت رسالة الشعر حيث استبدل الشاعر
فالبحث عن اجلديد واالبتعاد عن القدمي هو ما قد يولد املعاصر العامل الداخلي ابلعامل اخلارجي ،فاجته إىل داخله
القطيعة بني القارئ والشاعر ،ففي حني يرى الشاعر يف الستنطاقه واكتشافه ،وصار هذا العامل مصدرا أساسيا
نفسه قمة اإلبداع يرى فيه القارئ قمة األلغاز للطاقة الشعرية ،وهكذا اجته النص الشعري من املعلوم
والغموض. إىل اجملهول ،وصار الشاعر املعاصر يطرح أسئلة ويثري
على القارئ أثناء عملية القراءة أن ينفعل مع الشاعر اختالفات ،ولذلك اجته الشعراء املعاصرين صراحة إىل
ألن القصيدة ما هي إال شحنة عاطفية ال ختلو من الغموض14 .
الروعة ،صبغها الشاعر هبذا الغموض ليس عجزا منه يطوف الشاعر املعاصر أحياان يف آفاق ميتافيزيقية
التوصيل وإمنا ليمنح القارئ فرصة للتفاعل مع النص وسرايلية مستمدة من احللم ،وهي تنم عن مناخ شعري
األديب17 . سراييل من الصعوبة القبض على داللته وعلى هذا
كذلك جيب على القارئ أن يكون يف مستوى هذا األساس يصبح انفتاح الشعر للفهم صعب املنال ،ألن
النص األديب ،ألن الشعر املعاصر ال يستخدم اللفظ مهمة الشاعر األوىل هي إخراج اللفظة من احليز
املعتاد بداللته احملدودة اليت نعلمها وال يستخدم كذلك العقلي ،حىت تصبح الكلمة قادرة على أن تعرب عن
اللفظ بداللته اليت نقصدها حني نستخدمه يف حياتنا فعالية الروح وحاجتها ،وتصبح ثورة من اإلحياءات
اليومية ،مث أنه ال يفسر لنا األشياء تفسريا منطقيا يقبله الصوتية أكثر من قيمتها الداللية ،وهلذا يتسم جانب
العقل ،ومن مث نصف الشاعر أبنه غامض يف نصه، كبري من الشعر احلديث ابلغموض ،ألن الشعر ال
ألننا اعتدان أن نتعامل ابللغة يف وضوح ،أما الشاعر خيضع للمواصفات العقلية ،أي ال يقصد فيه التوصيل
فيدرك األشياء إدراكا أبعد مدى مما نتصور18 . املباشر بني الشاعر والقارئ ،ولذلك وجب على هذا
إن الشاعر ال يطلب من القارئ فهما فوراي للمعىن يف القارئ أن يبحث عن عالقة أخفاها الشاعر ،وعن معىن
شعره فهو يريد خلق نوع من اإلحياء لدى القارئ لينقله ضمين مل يقله صراحة15 .
إىل جتربته الشعرية ويشاركه فيها ووسيلته يف ذلك إعادة كما أن ظاهرة الغموض هي حتمية لفقدان اللغة
صياغة األشياء على غري ما هي عليه يف الواقع وذلك املشرتكة بني الشاعر والقارئ يقول أدونيس "هكذا
من خالل اللغة اليت حياول حتطيمها ليصنع منها لغة تتضح لنا بشكل أكثر تعقيدا إشكالية احلداثة اليوم،
جديدة ختدمه يف نقل عامله الداخلي اخلاص إىل على مستوى اللغة ،لقد فقد حسن اللغة وبذلك يبدوا
اآلخرين. كأنه جيهل ما أعطاه هويته أو جيهل ما هو16 "...
وهذا ما ولد التنافر الكبري بني الشاعر والقارئ ،ألن
137
وهي عدم القدرة على بلورة الفكرة ،وإلباسها حلال ومن دواعي الغموض عدم مراعاة نظم الربط بني أجزاء
لفظية تعبريا عنها وهذا يكون عيبا إذا عاد إىل ضعف القصيدة إبمهال حروف العطف وغريها من وسائل
الشاعر اللغوي واألسلويب ويرجع أحياان إىل عدم اقتناع الربط يف اللغة وهذا ابلطبع خروج على قوانني اللغة
الشاعر ابلفكرة أو عدم وضوح رؤيتها أمامه ،كما أن املتعارف عليها مما يوقع القارئ يف حرية هي الغموض
طبيعة التالقح بني عوامل التجربة اخلارجية واألعماق عينه ،ولعل أحدا يقول إن الشاعر يستبدل تلك
الشعورية والفكرية وقدرة اللغة الشعرية يؤدي إىل كثافة احلروف والوسائل بطرق ربط أخرى وذلك ليحقق
يف التجربة الشعرية وابلتايل يطغى عليها الغموض. االنسيابية يف النص ومن هذه الطرق ،التكرار والفاصلة
والقصيدة احلديثة تعتمد على الرؤاي واحللم ومن مث تتسم والنقطة أو النقط املتوالية أو وضع كلمات يف غري
ابلضبابية وعدم التجلي والوضوح ،وتكون الرؤاي اليت مكاهنا لرتتبط مع بقية اجلملة كأن يضع الفعل يف آخر
متثل الصريورة الشعرية يكسوها الظالم والغموض ،ومن السطر الشعري ،والفاعل يف بداية السطر الشعري
هنا يتسرب الغموض إىل الشعر21 . الالحق له ،أو يضع املضاف يف السطر الشعري،
فالشاعر املعاصر انطلق من فضاء الرؤاي واألحالم واملضاف إليه يف بداية السطر الذي يليه.
وتصوير ما خيتلج يف الداخل اإلنساين من غرائبه ولعل أهم ما مييز الشعر العريب املعاصر هو اعتماده على
وعجائبه ،ولذلك خلف الشاعر القارئ وراءه يبحث اجملاز بشكل كبري ،واستخدام اجملاز يف اللغة يفتح الباب
عن احلقيقة وعن االجتاه الذي ذهب فيه املعىن ،وصار أمام التأويل وتعدد القراءات ،حيث تستخدم اللفظة يف
الشاعر يتلذذ هبذه األلعوبة وخيفي معاين نصه ضمن غري ما وضعت له ،وابلتايل ينقلها من مدلول واحد إىل
ألغازه ورموزه22 . عدد ال هنائي من املدلوالت وهو ما جيعل الشعر يبدوا
2ـ جدية القصيدة وخروجها عن املألوف: غامضا19 .
إن القصيدة احلديثة تصدر هلا نفر من الشعراء الذين لكن إذا توقفنا عند القارئ يف ظاهرة الغموض وجدانها
ساروا على هنج املدرسة السرايلية واملدرسة الرمزية نسبية ،فما هو غامض عند قارئ رمبا كان واضحا عند
واعتمدوا الرمز ومن مث استلهموا املذهب الغامض، آخر ،فإن القارئ الذي اعتاد أصواات حمددة ال أيلف
وأعرضوا عن الرمز الذي يصحبه ما يدل عليه ،إذن غريها ،ومن هنا ينشأ الغموض إذا حاول قراءة أصوات
فالقصيدة اجلديدة مل تنمو منوا طبيعيا ،بل ولدت جيهل أسرارها ،فقارئ الشعر املعاصر ينبغي أن يلم
متكاملة وهذه الوالدة انمجة عن سياقات خارجية جعلها ابلسياق األكرب واألصغر هلذا الشعر ،ولذلك ال يواجه
تبتعد عن الذوق والنموذج العريب األصيل واملعاصر معا. غموضا مثل القارئ الذي جيهل أحد هذين السياقني أو
3ـ املفارقة بني السياق القدمي واجلديد: كالمها معا20 .
ومنها فقدان األفكار املشرتكة بني الشاعر والقارئ نظرا أن الغموض يف الشعر العريب املعاصر تسببت فيه روافد
هليمنة الفكر الغريب على الفكر العريب بتياراته املتعارضة كثرية منها:
والذين تصدروا لتنظيم احلداثة واإلبداع ،يف حني كان 1ـ غموض الفكرة:
العامل العريب يف عزلة عن مفاهيمها.
138
املوحية ،كما يسهم فيه املتلقي خبربته الفنية وذوقه وحىت الثقافة املكونة للجميع وثقافة أولئك كانت
اجلمايل ،فالعالقة بني هذه احملاور تشبه بناء هرميا قمته متعارضة ومتباينة يف كثري من مناحيها ،لذا غلب على
النص يف لغته ومعطياته ،وقاعدته األديب واملتلقي. القصيدة اجلديدة ظاهرة الغموض من داخلها وخارجها.
إن قراءة القارئ للنص املعاصر أضحت بال فائدة ،يقرأ 4ـ ندرة النماذج املتكاملة البناء:
وال يفهم ما يقرأ ،األمر الذي أحدث قطيعة بني الشاعر ومنها عدم توفري النصوص وتكاثرها حىت تفرض
واملتلقي شلت العملية اإلبداعية ،وسبب ذلك غياب وجودها وتثبت فنيتها ،وابلتايل أصبح عمل الشعراء
املرجعية الثقافية لدى املتلقي ،فالنص الشعري اجلديد ال عبارة عن جتارب متعددة ،ألن احلداثة اليت ثبتت
يلقى للقارئ جاهزا يعرفه كل الناس ،وإمنا يقتصر على الغموض واحتضنته قوضت الضوابط الفنية من حيث
فئة من القراء أصحاب القدرة على التأويل25 . الصور البالغية ،واللغة املعيارية واجلرس املوسيقي وحىت
وكثريا ما يقع القارئ يف حرية من أمره ويقف عاجزا أمام املضامني العليا أرادت حتطيمها وأصبح الشعر كالنثر
حل شفرات هذا النص الشعري اجلديد ،ورمبا ال أييت له الفين23 .
ذلك إال ابلرجوع إىل القواميس ،ولذلك يرجع البعض إن الشعر يف حد ذاته نشاط شعوري إنساين داخلي
أن أزمة التواصل بني الشاعر والقارئ ترجع إىل إساءة يصل إىل درجة التعقيد ،أي أنه يف طبيعته فن غامض،
بعض الشعراء يف استخدام اللغة الشعرية فيصبح كالمهم ففي حلظات اإلبداع الشعري يكون الشاعر أمام حالة
غامضا غري مفهوم. تدفق شعوري ضاغط ،وما يستوحيه أو يتكون عنده من
كما يتلقى القارئ النص الشعري الغامض ،فيشرع يف معان وأفكار ،إمنا يتكون يف قبضة هذا الشعور املتفق
حتوير صوره وتفسريها ،إذ تتداخل املعاين مع بعضها الذي ينبع من أشد املراكز غموضا عند اإلنسان ،أي أن
البعض للتعبري عن معىن آخر مل يعهده القارئ يف طبعه هناك من يتسبب يف غموض الشعر وهو منبع الشعور
العادي ،نتيجة لتبادل الكلمات واملعاين ألدوارها يف الغامض عند الشاعر والشعور الغامض عند املتلقي.
السياق الذي أصبح يقدم للقارئ معاين متعددة ،أي فالشاعر حياول أن يصوغ شعورا غامرا فياضا ال خيلو من
إمكانية متنوعة ألكثر من معىن ،ومن هنا ينشأ االختالط وعدم وضوح الرؤية ،لكن هذا الشعور النوعي
الغموض. ال ميكن أن يصاغ إال يف نسق أسلويب متناسق معه،
واملشكلة اليت يعانيها القارئ العادي يف هذه النصوص وهذا مما دفع وليام أمبسون إىل القول إن" :مكائد
الشعرية ظاهرة للعيان ورمبا كان أهم أسباهبا أنه يتلقى الغموض توجد يف الشعر نفسه 24"..إذن من خالل
هذا النوع من النصوص املعاصرة أبدوات قدمية األمر هذا فإن الغموض طبيعة الشعر أو أن من طبيعته أن
الذي يصعب عليه فهم النص وحتليله .ولكن على يكون غامضا ،بل ليس الشعر نفسه يكون غامضا،
القارئ يف هذا العصر أن حيسن من أدواته وآلياته قبل وإمنا ينتج الغموض عن الشاعر وعن املتلقي للنص
مواجهة هذه النصوص اليت قد تصدمه من خالل ما الشعري.
ختفيه وترمز إليه26 . وابلتايل فهو عمل فين مشرتك يسهم فيه صاحب النص
خبالصة التجربة اليت عايشها ،وتسهم فيه اللغة بداللتها
139
ما يقوله ويبلغه وفكرة الرتكيز على التأثري أتيت واحدا من إن الغموض املعاصر تطور حسب التكوين الفلسفي
عدة اجتاهات يف إطار الفكرة بني النص واملتلقي ،منها الذي انبثق منه ،فهناك الرمز التشبيهي الذي يرمز
اجتاه يربط بني النص وما حيدثه يف املتلقي من أتثريات للحرية ابملرأة أو يرمز للوطن ابلفتاة ،وهناك الرمز
مجالية ،وأصحاب هذا االجتاه يفضلون املتعة املوجودة يف الرتاثي ،وهذا النوع هو الذي وظف الرمز من أجل
النص أحسن من جمرد الوصول إىل املعىن ،ومنها االجتاه الغموض ولذلك يدعوا للتأمل والتدبر لفك شفرات
الذي يربط بني النص ومضمونه وعلى هذا يكون الربط النصوص ،فالشاعر املعاصر استخدم الرمز القدمي
بني النص واملتلقي من خالل ما يثبته له من دالالت، وحاول إسقاطه على أحداثه اليت يعيشها ،ليقع ذلك
وليس من خالل أتثريه اجلمايل فيه ،وهذا يستلزم وبدون شعور يف ظاهرة الغموض.
احلضور الداليل يف النص ،يف حني أن اآلخر يتسبب كما أن غياب املوضوع يف النص الشعري املعاصر ،هو
بشكل ما يف اإلهبام الداليل. من أسباب الغموض فقد ال يفهم املتلقي عم يتحدث
ويبدو أن فكرة التأثري قد بدأت مع الرمزية اليت تسعى الشاعر وال حىت فكرته اليت يعاجلها ،وبذلك يكون
إىل إاثرة األحاسيس الذاتية املبهمة لدى القارئ دون غياب املوضوع أو الفكرة الرئيسة من النص هو غياب
استهداف الفكرة الواضحة ،إذ ال حاجة لفهم معىن أبعاده الداللية ،واملتلقي يف هذه احلالة جيهل ما حتيل
الشعر يف نظرهم ،إال الشعر املنبعث عن موسيقى إليه لغة النص وتصبح لغة النص معزولة عن السياق
األبيات اليت تؤثر يف النفس أتثريا مباشرا. املوضوعي ،وابلتايل يبقى على القارئ سوى االجتهاد يف
فالغموض يف الشعر ليس نقيضا للبساطة ،وأن الشعر أتويل املعاين وفق آلياته ،بعد أن غاب عليه املوضوع
املعاصر يظهر بسيطا لكنه يف الوقت نفسه يتميز الشعري وذلك يعين غياب حقله الداليل27 .
ابلعمق ،ألن البساطة الساذجة يف الشعر ال ميكن أن ورمبا يغمض املوضوع يف ذهن الشاعر نفسه ،إما لعمقه
هتزان من أعماقنا ،وهذه البساطة العميقة اليت نصادفها أو ملعاجلته له ابلصياغة والتعبري قبل نضجه وتبلوره يف
لدى بعض الشعراء ال جتعلنا نرفض الشعر الغامض بل ذهنه ،فيكون هذا سببا يف غموضه إىل درجة الغياب،
جتعلنا منيل إليه بطريقة أو أبخرى .ألن البساطة العميقة يقول الشاعر حممد الفيتوري ":إذا كنت صاحب رسالة
والغموض كالمها شديد املماس جبوهر الشعر األصيل، فيجب أن أوصل هذه الرسالة إىل أصحاهبا ،ولن تصل
الذي يغلب عليه طابع الوضوح والسهولة ،ألنه هذه الرسالة إذا مل تكن واضحة يف ذهن أو روح
يستخدم لغة حمددة األبعاد ومنطقية ،أما الشعر اجلديد شاعرها ،ومن هنا حيدث اللبس أو الغموض يف
يغلب عليه طابع الغموض ،ألن الشاعر عاد يدرك معطيات كثري من الشعراء املعاصرين" .28إذن هذه
بوعي كاف طبيعة عمل ،وهي أن يقول الشعر أوال ،مث شهادة أحد مبدعي الشعر العريب املعاصر ،اليت ميكن أن
يبتكر له صوره وألفاظه فيكسبه بذلك غموضا29 . تربهن أن غياب املوضوع يعين غياب احلقل الداليل
للنص مما يؤدي إىل التباسه يف ذهن صاحبه.
إن هناك شيئا آخر يقف خلف الغموض أو اإلهبام يف
الشعر وهو التأثري على أثر الشعر بدال من الرتكيز على
140
اهلوامش واملراجع خامتة:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ إن الغموض ميكن أن يغطي كل شيء ذي أمهية أدبية،
1ـ ينظر ،آليات القراءة يف الشعر العريب املعاصر ،خليل موسى، ولالطالع على دواعي الغموض يف الشعر العريب البد
منشورات اهليئة العامة السورية للكتاب ،دمشق،2010، من دراستها عند الشاعر والقارئ ويف النص ،ميكن أن
ص129ـ.130
ينتج عن معنيني أو أكثر يف معىن واحد يكون الشاعر
2ـ ينظر ،الغموض واإلهبام يف شعر أبو متام ،سعيد شيباين،
قد قصده ،وميكن أن يتولد من احتاد عدة معان بغرض
جملة العلوم اإلنسانية ،العدد احلادي عشر ،السنة ،2004ص
37ـ .38
توضيح حالة ذهنية خفية أو معقدة ،وميكن أن يكون
3ـ آليات القراءة يف الشعر العريب املعاصر ،خليل موسى، الغموض يف قراءة القارئ فيذهب إىل عدة دالالت يف
ص.133 تفسرياته ملا يقرأ.
4ـ ينظر ،الشعر العريب املعاصر قضاايه وظواهره الفنية واملعنوية، وما ميكن استنتاجه أن الغموض هو ما مييز القصيدة
عز الدين إمساعيل ،دار الفكر العريب ،ط ،3ص .187 العربية املعاصرة ،اليت تعرب هي األخرى عن اإلنسان
5ـ ينظر ،لغة الشعر العريب احلديث مقوماهتا الفنية وطاقاهتا
املعاصر بكل ما يعيشه من أزمات وتناقضات انعكست
اإلبداعية ،السعيد الورقى ،دار املعارف1983 ،م ،ط،2
على جتربته الشعرية ،لكن ال ميكن هلذا الغموض أن
ص181ـ .182
6ـ ينظر ،سبعة أمناط من الغموض ،وليام أمبسون ،ترمجة صربي
يصل إىل حد غياب املعىن أو الداللة ألنه يتسبب من
حممد حسن عبد النيب ،اجمللس األعلى للثقافة2000 ،م ،ص جهة أخرى يف غياب موضوع القصيدة وجتريدها من
23ـ واقعها وخياهلا ،ويفقدها لذهتا الفنية واألدبية اليت خلقت
7ـ املرجع نفسه ،ص .24 من أجلها.
8ـ آليات القراءة يف الشعر العريب املعاصر ،خليل موسى ،ص
.134
9ـ ينظر ،الغموض يف الشعر العريب ،مسعد بن عيد العطوي،
مكتبة امللك فهد الوطنية ،تبوك ،ط ،2ص.165
10ـ مقدمة للشعر العريب ،أدونيس ،دار العودة ،بريوت،
1979م ،ط ،3ص.124
11ـ املرجع نفسه ،ص .126
12ـ ينظر ،احلداثة يف الشعرية العربية املعاصرة بني الشعراء
والنقاد ،اندية يوذراع ،جامعة احلاج خلضر،ابتنة2007 ،م
ـ2008م ،رسالة ماجستري،ص 92ـ
13ـ املرجع نفسه ،ص.93
14ـ آليات القراءة يف الشعر العريب املعاصر ،خليل موسى ،ص
.141
15ـ ينظر ،اجتاهات الشعر العريب املعاصر ،إحسان عباس ،عامل
املعرفة ،الكويت1978 ،م ،ص8
141
16ـ ينظر ،الشعرية العربية ،أدونيس ،دار اآلداب ،بريوت،
1989م ،ط ،2ص.89
17ـ ينظر ،ظاهرة الغموض يف الشعر العريب املعاصر ،أمال
دهنون ،جملة كلية اآلداب واللغات ،العدد الثاين عشر ،ص
.236
18ـ ينظر ،الشعر العريب املعاصر ،عز الدين إمساعيل ،ص
.193
19ـ ينظر ،ظاهرة الغموض يف الشعر العريب املعاصر ،أمال
دهنون ،ص.238
20ـ ينظر ،آليات القراءة يف الشعر العريب املعاصر ،خليل
موسى ،ص .156
21ـ ينظر ،الغموض يف الشعر العريب ،مسعد بن عيد العطوي،
ص .168
22ـ ينظر ،آليات القراءة يف الشعر العريب املعاصر ،خليل
موسى ،ص .156
23ـ ينظر ،الغموض يف الشعر العريب ،مسعد بن عيد العطوي،
ص .169
24ينظر ،سبعة أمناط من الغموض ،وليام أمبسون ،ص 34
25ـ ينظر ،اإلهبام يف شعر احلداثة ،عبد الرمحن حممد القعود،
عامل املعرفة ،الكويت2002 ،م ،ص.223
26ـ ينظر ،قراءة النص ومجاليات التلقي بني املذاهب الغربية
احلديثة وتراثنا النقدي ،حممود عباس عبد الواحد ،دار الفكر
العريب1996 ،م ،ط ،1ص .95
27ـ ينظر ،ظاهرة الغموض يف الشعر العريب املعاصر ،آمال
دهنون ،ص .235
28ـ ينظر ،الغموض يف الشعر العريب ،مسعد بن عيد العطوي،
ص .217
29ـ ينظر ،اإلهبام يف شعر احلداثة ،عبد الرمحن حممد القعود،
مرجع سابق ،ص .76
30ـ ينظر ،الشعر العريب املعاصر ،عز الدين إمساعيل،
ص.193
142
الّتمجـ ـ ـ ـ ـ ــة االقتص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــادية
مظ ـ ـ ـ ـ ــاهر الغمـ ـ ـ ــوض املعج ـ ــمي يف ر
Abstract: أهم
نتعرف على ّ
سوف حناول من خالل هذا العمل ،أن ّ
أنواع الغموض املعجمي واملتمثل يف اجلناس اللّفظي ،الذي
The theme of ambiguity has been
addressed by many linguists since a long عكف على دراسته علماء اللّغة واملرتمجني على ح ّد سواء،
time, and they had a care for better to والذين استعانوا يف الكثري من أحباثهم أبعمال اللّغويني
know its reasons, and its causes, which مهدوا هلم الطّريق بفضل أسس نظرية متينة ،اليتالذين ّ
varied between what is involuntary and قاموا بتوفريها للبحث الرتمجي ،ممّا جعل الكفاءة اللغوية
what is contrary premeditated.
أهم الكفاءات اليت حيتاج إليها املرتجم لدراسة هذه
متثّل ّ
However, the lexical ambiguity is the الظاهرة ،على غرار ابقي الكفاءات الالّزمة لتحليل ظاهرة
most common form, and it contains نتعرف أكثر على هذا الغموض
اجلناس ،وسوف حناول أن ّ
143
يتعمدون
ذلك بقصد أم ال ،بل وإن بعض املتح ّدثني ّ generally two types, namely the polysemy
وحّت األفكار ،بغية إضافات فنّية and the homonymy, of which the use
التّالعب ابأللفاظ ّ
defers from a linguistic system to another.
للغتهم ،ويعرف هذا النّوع من التّالعب ابحلديث
ب":الغموض" ،والذي خيتلف من نظام لغوي إىل آخر، In this paper, we will try to better
understand the homonymy, one of the
ويتّصف بتع ّدد أنواعه ،فهناك الغموض النّحوي والغموض
major components of lexical ambiguity,
الرتكييب والغموض املعجمي الذي هو موضوع
صريف و ّ ال ّ and that has been studied both by
دراستنا. translators and linguists who offered them
a solid theoretical basis, because it is
)1مفهوم الغموض املعجمي وأنواعه: certain that the study of homonymy by
إ ّن دراسة ظاهرة الغموض من قبل املصطلحيني the translator requires as well linguists
skills as translatological ones, so then, we
وحّت املرتمجني ليست ابل ّدراسة احلديثة ،بل قد
واللّغويني ّ
will try to better study this lexical
كل هؤالء املشتغلني يف حقل اللّغة الواسع منذ قرون
تناوهلا ّ ambiguity, and its different mechanisms,
عديدة ،ابإلضافة إىل غريهم من العلماء وال ّدارسني الذين that permit its raising, and we will tempt
عكفوا على حتليلها من زوااي خمتلفة .وحيدث الغموض also, to study its treatment and the way to
apprehend it generally, an exercise which
الصيغة الواحدة ع ّدة أتويالت ،أو
عادة ،عندما تفرتض ّ can be simple and complex at a time, and
عّبت عنه "كاترين فوكس" «Catherine كما ّ our study will be applied to the model of
» FUCHSيف أبسط تعريفاته: the economic text and its translation, in
order to make our approach more
« Est dite une ambigüité, une particle.
144
(يتفق مع القارئ أو املرتجم الذي يقوم بتفضيل معىن وجل املهتمني هبذه الظاهرة من غري أهل
اللّساين والنّاقد ّ
ويفسرون ذلك حبدوث نشاط
واحد دون غريه من املعاينّ ، اللّغة ،فيضعهم يف نوع من اللّبس واحلرية.
معني واحد ومنفرد عند أولذهين وفكري يستنتج معىن ّ وميثّل تع ّدد املعىن» ،«la polysémieواجلناس
وهلة على حساب ابقي االحتماالت) (ترمجتنا ابقتباس
اللفظي » «l’homonymieأهم أنواع هذا النّوع من
الفكرة).
حمل
الغموض ،إىل جانب ابقي األنواع اليت كانت وال تزال ّ
-2.1اجلناس اللفظي :L’homonymie الرتادف والتّضاد اليت
خالف بني املنظّرين ،مثل حاالت ّ
ضمها إىل املظاهر اللّغوية واجلمالية
يرفض بعض ال ّدارسني ّ
أما اجلناس الّلفظي فإنّه ميثّل اثين أنواع الغموض
األقل ع ّدها من بني حاالت الغموض،
أو الفنّيّة ،أو على ّ
"جورج فيعرفه
ّ وشيوعا،
أمهّية املعجمي
واليت نرجو أن تكون موضوع دراسات الحقة.
موانن"» « George MOUNINأبنه:
-1.1تعدد املعىن :La polysémie
« Homonymie Lexic.:relation
يشري حلمي خليل يف كتابه" :العربية والغموض" ،إىل
existant entre deux (ou plusieurs
أهم أسباب الوقوع يف الغموض حيث
أ ّن تع ّدد املعىن ميثّل ّ
formes linguistiques ayant le même
":السبب األساسي لغموض ال ّداللة فيما يتصل أ ّن ّ
signifiant, mais des signifiés
ابملفردات يرجع عنده* إىل تع ّدد املعىن أو خمالفة ظاهر
radicalement différents. Les formes
اللّفظ ملعناه ،أو الستخدام اللفظ اخلاص يف معىن العموم
présentant cette relation sont dites 2
أو العكس أو استخدام اللّفظ الواحد للمعاين املختلفة".
homonymes. Ex. coq, coke.
L’homonymie peut dépasser le وقد أخذت هذه الظاهرة ،حظّا وافرا عند علماء اللّغة
niveau du mot : elle est alors utilisé احملدثني ،حيث يربط معظمهم تع ّدد املعىن بنيّة املؤلّف
pour les jeux de mots ou calembours وقصده الذي سواء تعمد ذلك أم ال:
et les rimes : bohémien/ beau et « L’énonciateur procède à la
mien, d’aout/doux (Aragon). Plus nomination en fonction d’un sens
précisément, on distingue les d’intention lequel inhibe toutes les
homophones, formes ayant le même autres valeurs possibles du
)son et des sens différents (bon, bond polysème ».3
et les homographes, formes ayant la
même graphie et des sens différents,
145
ولكن لفظ التجانس الذي يبدو دخيال على اللغة que le son soit semblable (cor de
العربية ،ال ينفي وجود ظاهرة "اجلناس" بل إن اللّغة العربية chasse, cor au pied) ou différent :
احملسنات البديعية اليت متّ
غنية ابجلناس وتع ّده من ّ « les poules du couvent couvent» »4 .
استغالهلا وتوظيفها ألغراض فنية ومجالية يف أكثر من
"اجلناس معجميا :العالقة املوجودة بني بنيتني لغويتني
موضع ،خاصة يف نظم الشعر ابختالف أمناطه ،مثل قول
تعّبان عن ال ّدال نفسه ،مع اختالف
فأكثر ،واللّتان ّ
اإلمام الشافعي:
املدلولني متاما ،وتعرف مثل هذه البنيات ،ابملشرتكة أو
رأيت الناس قد مالوا إىل من عنده مال املتجانسة لفظيا،مثل coqو ،cokeوميكن للجناس
ومن ال عنده مال ،فعنه الناس قد مالوا. اللفظي أن يتجاوز مستوى الكلمة ليتم استعماله يف
لعل كون القرآن الكرمي الذي يزخر ابجلناس اللفظي ،قد تالعب الكلمات وجناس التورية) (calemboursمثل:
و ّ
كان سببا القتفاء العرب هلذا األثر ،سواء قاموا بتأليف bohémien/beau et mien,
كتب ورواايت أو نظم قصائد وأشعار .ومتيّز اللغة العربية ).d’aout/doux(aragonكما ميكن أن منيّز بني
بني نوعني ابرزين من أنواع اجلناس ،أما ابقي األنواع فهي جناس الوحدات اللفظية الصوتية)(homophones
قليلة التواجد واالستعمال مثل: عّب الصيغ الصوتية نفسها عن معاين خمتلفة ،مثل
حيث ت ّ
) (bon/bondوجناس الوحدات اللفظية
ِ فيه الَّ ِ التام :وهو ما اتفق ِ
املتجانسان يف لفظان "اجلناس ُّ َ َ َ تعّب الصيغ املكتوبة
ِ ِ ِ أر ِ الكتابية) (homographesحيث ّ
من
نوع احلروف ،وعددها ،وهيئاِتا احلاصلة َ بعة أشياءَِ ،
نفسها عن معاين خمتلفة ،سواء كان الصوت نفسه(cor ،
املعىن ،كقولِِه - ِ
احلركات والسكنات ،وترتيبِها مع اختالف َ
ِ ِ
)de chasse, cor au pied
اعةُ يُ ْق ِس ُم الْ ُم ْج ِرُمو َن َما لَبِثُوا
الس َ
وم َّ ﴿ويَ ْوَم تَ ُق ُ
تَ َع َاىل َ :-
ِ « les poules du مثل خمتلفا أو
ك َكانُوا يُ ْؤفَ ُكو َن﴾.اع ٍة َك َذل َ
َغ ْ َري َس َ
» ("couvent couventترمجتنا).
اجلناس غري التام :هو ما اختلف فيه اللفظا ِن ِيف و ٍ
احد َ ر َُ َ
ِ
اجلناس افرها ِيف بعة َّ ِ َّ ِمن األمور األر ِ أما يف لسان العرب ،فيمكننا مصادفة القول اآليت:
ب تو ُ السابقة اليت ََي ُ َ
ِ التام ِ "كان األَصمعي يدفع قول العامة هذا ُُمانِس هلذا إِذا كان
وعددها ،وهيئا ُِتا احلاصلةُ من ُ احلروف، وه َي :نوعُ ِّ
اختالف املعىنِ ،
كقول ِ السكنات ،وترتيبُها مع ِ كات واحلر ِ من شكله ،ويقول :ليس بعريب صحيح ،ويقول :إِنه مولَّد.
َ
السائِ َل فَ َال ِ ناس كالم مولَّد ألَن
َج ِوسة لأل ْ
وقول املتكلمني :األَنواع َُْمنُ َ
هللا -تَ َع َاىل ﴿ :-فَأ ََّما الْيَتِ َيم فَ َال تَ ْق َه ْر * َوأََّما َّ
6
تَْن َه ْر﴾ مثل هذا ليس من كالم العرب .وقول
املتكلمني ََ :تانَس الشيئان ليس بعريب أَيضاً إِمنا هو
توسع".5
146
الكاتب ،على غرار ابقي حاالت الغموض واإلهبام اليت ال ّأما ابلنسبة للّغة الفرنسية ،فيبدو أن ظاهرة اجلناس
ختلو أي لغة منها .فاللّغة الفرنسية كما سبق ذكر ذلك، اللفظي تش ّكل إحدى خصائص اللّغة نفسها ،كما
غنيّة ج ّدا هبذه الظاهرة ،مع أن بعض علماء اللغة ،يرون سفلتاان" "جاكيموفسكا ذلك إىل أشارت
أبهنا ليست سوى "حادثة اخلطاب"un accident ، » :« Jakimovska SVETLANA
، du discoursكما أ ّكدت "فوكس" ذلك:
« Il est à noter que le français est plus
«L’ambigüité est due à la collision incliné à ce phénomène que les
accidentelle entre les formes de deux langues slaves et c’est une des raisons
signes linguistiques distincts. C’est ce pour lesquelles le français est difficile
qui se passe, par exemple, avec pour les étudiants. La langue dispose
so/bière, on dit alors qu’il s’agit de certains instruments pour éviter
d’expressions homonymes, qui l’homonymie et l’ambiguïté. En
peuvent être soit simplement français ce sont parfois le genre le
homophones (comme le sont sot, poste/la poste, puis la différente
saut, seau) soit homophones et prononciation il fait/le fait de même
homographes (comme le sont bière que l’utilisation de certains accents
» « boisson et la bière dû/du ; la/là etc.»7.
« cercueil »8. "يبدو أبن اللغة الفرنسية متيل إىل هذه الظاهرة أكثر من
"ميكننا احلديث عن الغموض إثر وقوع تصادم عرضي ما أهم أسباب
السالفية ،ممّا قد ميثّل ّ
غريها ،مثل اللّغات ّ
بني وحدتني لغويتني خمتلفتني .فهذا ما حدث على سبيل تع ّذر تعلّم اللغة الفرنسية عند الطّلبة .ومن بني األدوات
املثال ابلنسبة ل ، so/bièreحيث متثل كل تلك اليت تساعد على تفادي اجلناس اللفظي وحاالت
العبارات وحدات معجمية تشكا جناسا ،واليت قد تكون الغموض ،جند ضمائر حتديد النوع مثل ،le/la poste
عبارة عن وحدات معجمية قد مثّلت جناسا صوتيا فقط والنطق املختلف ،il fait/le faitوأيضا استعمال بعض
مثل ( ،(sot, saut, seauأو وحدات معجمية أخرى النّبات ) (accentمثل dû/duو( "..la /làترمجتنا).
قد شكلت جناسا صوتيا و كتابيا يف الوقت ذاته مثل، وعلى الرغم من تفاوت اللّغات فيما بينها يف استغالل
( bièreاليت تدل على املشروب أو bièreاليت تدل اجلناس ويف طبيعة تواجده ،فإنه يبقى سببا حلدوث
على اتبوت امليت" (ترمجتنا) . الغموض ،وقد حيدث أيضا ،من دون قصد املتح ّدث أو
147
على الغموض املعجمي من خالل القيام بعملية التفكيك يف حني ،يبقى توظيف هذا "احلدث العارض" ألغراض
والتقطيع اليت يتم من خالهلا حتديد نوع الغموض ،سواء فنّية وارد بكثرة ،ويف ُماالت عديدة ،مثل عامل اإلعالانت
كان ذلك بسبب تعدد املعىن أو اجلناس اللفظي ،ويبدو واإلشهار الذي يزخر به ،و يستخدمه كأداة إقناع،
أيضا ،أبن لعملية التحليل على املستوى املعجمي والداليل وإسرتاتيجية تسويقية :نذكر على سبيل املثال جناسا كتابيا
أمهية قصوى ،حيث يكون ذلك التحليل مرحلة متهيدية Demandez يف العبارة:
لعملية معاجلة الغموض ،أي أنه يكون معجميا يف حال 9MON€Oحيث مت استبدال احلرف Eبصفة
وجود غموض معجمي ،أو حتليال أو تركيبيا أو صوتيا أو مقصودة برمز عملة "اليورو" ،وهو عبارة عن خطاب
حنواي.. حيث املستهلكني على الشراء وإنفاق املال ،بصفة
الواعي ّ
ملتوية وإسرتاتيجية تسويقية "مقصودة" ،حيث أ ّن
-1.1.2التحليل املعجمي:
MONEOعبارة عن عالمة َتارية لبطاقة بنكية.أو
يبدو إذن يف ضوء ما متّ ذكره ،أب ّن عملية التحليل ضرورية
العبارةDo mi si la do ré sur de " :
للتم ّكن من معاجلة أي غموض يعرتض القارئ أو املرتجم،
nombreux pavillons de
حّت
أو على األقل التمكن من حتديد نوعه وماهيتهّ ، .10"banlieue
مهمة ابلنسبة
يتسىن التعامل معه ،فإذا كانت هذه اخلطوة ّ
لنصوص اللّغة العادية ،فهي من دون أدىن شك حتمل أين متّ تغيري الكتابة األصلية للعالمة التجارية
حتديد انتمائه إىل ميادين متعددة ،و تعبريه على دالالت Do, ré, mi, fa , sol..فينتج عن ذلك خطااب
خمتلفة ،بني ميدان عام وآخر اقتصادي وآخر رايضي، فعاال ،وسببه ليس سوى
اشهاراي فريدا وشيّقا ،وابلتايل ّ
على غرار املصطلحات" :كشف" و"حساب" و"الطاقة" استعماال ذكيا ل"جناس كتايب".
و"احملصول" ... )2التعرف على الغموض املعجمي وأتكيد وجوده:
وتذكر "فوكس" يف السياق ذاته ،أبن عملية التحليل -1.2التعرف على الغموض املعجمي:
لقد قام عديد من الّلسانيني املعاصرين بدراسة ظاهرة
املعجمي على غرار ابقي عمليات التحليل ابلنسبة لباقي
اجلناس وفق مناهج ومقارابت خمتلفة ،فتذكر "فوكس" يف
املستوايت (الرتكييب ،النحوي ،الصويت ،)...كفيلة بتأكيد
كتاهبا "غموض اللغة الفرنسية" ،أبن إقرار وجود غموض
وجود غموض معجمي أم ال ،حيث تقول:
فيتم التعرف إذن
ما ،يقتضي القيام بعملية حتليل مسبقاّ ،
148
املؤ ّشر) (indiceالذي يساعد يف عملية التقطيع إىل « On retrouve donc, au niveau de
وحدات معجمية منفصلة ،مثل: l’analyse lexicale d’une part, des
problèmes de segmentation : pour
Devant la faire/l’affaire- Passe moi
comprendre le message, il faut savoir
la fiche/l’affiche ,12 -
distinguer les unités lexicales,
أما يف حاالت الكتابة فتشري فوكس إىل أن غموض complexes, et d’autres parts des
"اجلناس بني الوحدات /املقاطع" املعجمية ،حيتمل problèmes de caractérisation en cas
أتويالت عديدة ،وعادة ما يكون االحتمال األرجح هو d’unités lexicales homonymes, il faut
أوىل االحتماالت اليت تتبادر إىل األذهان يف حني تنفي pouvoir reconnaitre à quelle unité
العودة إىل السياق وجودها متاما. on a affaire, et en cas de polysémie,
-2.1.2السي ـ ـ ـ ـ ــاق: il faut être en mesure de déterminer
quel est le sens de l’unité dans le
يرى "حلمي خليل" أيضا ،أب ّن العودة إىل السياق قد
contexte particulier ou elle se trouve
تنفي متاما وجود الغموض ،السيما يف حالة الغموض
employée».11
املعجمي" :وقد حيدث اللبس أو الغموض يف بعض
الكلمات فيظن أهنا من املشرتك اللفظي أو تع ّدد املعىن، " ميكننا إذن أن نصادف صعوابت عند القيام ابلتحليل
وهي ليست كذلك ،واحلكم يف مثل هذه احلاالت املعجمي ،وذلك عند القيام ابلتقطيع حيث أن عملية
للسياق .وبذلك نستطيع أن حندد الفرق بني تعدد املعىن الفهم تقتضي التمييز بني الوحدات املعجمية املع ّقدة من
واملشرتك اللفظي ابلنظر إىل الصيغة أو السياق أو جهة ،وبني صعوابت التمييز بني الوحدات معجمية اليت
االشتقاق أحياان ،وذلك قبل القول أبن هذه الكلمة أو تدل على اجلناس حيث يتم حتديد الوحدة بصفة دقيقة،
تلك من قبيل االشرتاك اللفظي أو تعدد املعىن".13 أما عند مصادفة حاالت تعدد املعىن فإن الصعوبة تكمن
يف حتديد املعىن الذي يعّب عن وحدة معجمية ما ،ضمن
ومن بني العلماء املعاصرين الذين اهتموا بدراسة الغموض
سياق معني( ".ترمجتنا).
بصفة عامة والغموض املعجمي بصفة خاصة جند أيضا،
« Ronald العامل اهلولندي "روانلد النديري" وتواصل "فوكس" حديثها عن التحليل املعجمي أبنه
كرس معظم أحباثه لدراسة مرتبط أيضا ابلقناة التواصلية اليت حت ّدد اخلطاب ،ففي
» LANDHEERالذي ّ
ظاهرة الغموض ،و قد اقرتح ثالث تصنيفات يفصل بينها حاالت اخلطاب الشفهي تكون النّّبات عبارة عن
بوجود السياق أيضا ،حيث يقول:
149
dédoublement de sens : deux ou « Contrairement à Catherine
plusieurs sens s’imposent à la fois, Il FUCHS (1996 :13), qui parle
y’a encore un troisième type seulement d’ambigüité s’il est
d’ambigüité, que nous appellerons question d’une « alternative entre
allusive : il ya une lecture plusieurs significations
dominante, intellectuellement mutuellement exclusives associées à
‘correcte’, et une autre lecture qui une même forme », nous
ne s’ajoute qu’allusivement. ».15 considérons aussi comme ambigus
des énoncés qui présentent un
"ابلتايل فإننا ندعو إىل التمييز من جهة بني الغموض
cumul de deux ou plusieurs
االنتقائي (حيث يكون من الضروري القيام خبيار واحد
significations »14.
يعّب عن
ّ وهو ما،من بني أتويلني متناقضني فأكثر
التعريف الصارم الذي تقرتحه فوكس أي وجود ازدواجية ) عندما1996:13( "على عكس ما تراه فوكس
حيث،للمعىن) وبني الغموض الرتاكمي من جهة أخرى حصرت الغموض يف "ضرورة االختيار بني دالالت خمتلفة
يكون املعىن مزدوجا على الرغم من أن املعاين املختلفة واليت تنفي كل منها األخرى بصفة،تعّب عن البنية نفسها
ّ
وهناك نوع اثلث من الغموض والذي،واردة يف آن واحد فإننا نرى أبن الغموض يقع أيضا عندما حيدث،قطعية
والذي،"سوف نطلق عليه اسم "الغموض غري املصرح به )تراكم لداللتني أو أكثر ضمن خطاب ما" (ترمجتنا
يتجلى من خالل أتويل سليم يسيطر على أتويل آخر :ويضيف قائال
)والذي ال يرد إال بصفة ضمنية"" (ترمجتنا
« Nous proposons ainsi de faire une
Zuzana RAKOVA» "كما تشري"سوزاان راكوفا distinction entre l’ambigüité
:"النظرايت الرتمجية" خبصوص السياق:«يف مؤلفها sélective (où il faut effectivement
faire un choix entre deux ou
« La distinction entre le texte, le
plusieurs lectures incompatibles : i.e.
cotexte et le contexte : le premier
L’ambigüité au sens strict de Fuchs,
désigne les signes verbaux à traduire
il est alors question d’une bifurcation
; le deuxième, l´environnement
de sens), et l’ambigüité cumulative
immédiat de ces signes ; le troisième,
(où il est question d’un
150
يعرف البعض
احلاالت االستعانة بعملية حبث توثيقي .كما ّ l´arrière-plan socioculturel dans
اآلخر هذا العامل ،ب"السياق اخلارجي". lequel s´inscrit l´ensemble »16
151
السياق اخلارجي أو غري اللساين كل تلك املعلومات غري وظهور اللّغات املتخصصة ،حيث يتم توظيف اللفظ
تتيسر
اللّسانية احمليطة ابلنص واليت تساعد على الفهم حّت ّ الواحد يف ُماالت متعددة ما بني اللغة العادية أو املتداولة
عملية النقل. يتم إالّ
واجملاالت اجملاورة لذلك ،وال ميكن هلذا االنتقال أن ّ
ضمن سياق حمدد ،ويقول أيضا "د .املهدي إبراهيم
-2.2.1.2السياق الداخلي:
الغويل" يف هذا الصدد" :قد أولت الدراسات احلديثة
أما ابلنسبة للسياق ال ّداخلي ،فمن املؤكد أنه يدل يف وخباصة عند علماء اللغة الغربيني اهتماما خاصا ابلسياق.
تدل عليه لغة التخصص من
مفهومه الواسع على نفس ما ّ فقد عرفت مدرسة لندن ما يسمى املنهج السياقي أو
مصطلحات متخصصة وعبارات جاهزة واستخدامات املنهج العملي وكان زعيم هذا االَتاه فريت
معينة أيضا للّغة املتداولة ،مثل ما هو الشأن ابلنسبة للّغة ) (FIRTHت1960ف الذي تبلور اَتاهه فيما
االقتصادية اليت تعرف ابتصافها ب"احليوية" يف عباراِتا عرف ابسم النظرية السياقية ،ومن ضمن ما أ ّكد عليه
مثل عبارات :الدوالر يتعاىف ،تدهور القيمة ،حدوث فريت يف هذه النظرية قوله ":أبن املعىن ال ينكشف إال من
شراكة زوجية ،فك الرابطة الزوجية بني الشركتني ،املعاانة خالل تسييق الوحدة اللغوية ،أي وضعها يف سياقات
واالنزعاج من السمعة اليت آلت إليها ،رد االعتبار ،فقدان خمتلفة ،فاملعىن عنده ابعتباره وظيفة يف سياق".19
الثقة ،حدوث طالق ابلرتاض ،العودة بعد فرتة النقاهة.
وإذا كان السياق ميثل احليز االجتماعي أو التارخيي أو
وعن دور السياق الداخلي أو املناص ابلنسبة لعمل مرتجم
الثقايف للنص ،و الذي يشكل عنصرا أساسيا ابلنسبة
النصوص االقتصادية ،فقد حت ّدثت "جاكلني برسوبوا"
للفهم والتحليل لدى املتلقي أو اللساين ،فإن هذا السياق
عن « Jacqueline » PERCEBOIS
عبارة عن عنصر جوهري ابلنسبة لعمل املرتجم إذ أن
املصطلح االجنليزي policyفتقول:
معرفة طبيعة النص ونوعه وحيّزه ،تع ّد املفتاح الذي يتوفّر
« Le terme policy présente des لدى املرتجم قبل ولوج خبااي النص وطالمسه ،حيث يقوم
difficultés de traduction récurrentes بفتح ابب معني ودخول عامل حمدد دون ابقي العوامل ،فال
en contexte économique, difficultés يسعى إىل فهم املصطلحات ضمن ما تقتضيه قوانني
qui trouveront diverses solutions, اخلطاب السياسي أو القانوين ،بل االقتصادي أو
telles que l’adjonction d’un adjectif االشهاري على سبيل املثال ،فيتم ّكن بذلك من تقليص
en français après identification du ُمال حبثه ،وكسب وقت مثني ،فيتجنب شتات األفكار
contexte précis ; ainsi, en fonction الذي يعرقل العملية الرتمجية على غرار أي جهد فكري أو
de son insertion dans la phrase, يضم
إجناز علمي تضبطه آجال والتزامات حمددة .كما ّ
policy decision pourra se traduire
152
الدينامكي" هلا ،حيث لن تكون نظرة املرتجم وفق أبعاد par « décision de politique
سطحية لغوية فحسب ،بل وفق نظرة أخرى متسعة économique / environnementale /
اآلفاق أيضا ،فيكون حتليل املرتجم عميقا ،حّت يتم ّكن « financière », etc., mais aussi par
من تقدمي عمل ترمجي بدرجة العمق نفسها. décision stratégique » (entreprises,
management) ou encore « décision
وقد أولت الدراسة اللغوية واألسلوبية لظاهرة الغموض،
de principe » (administration
عنصر السياق األمهية القصوى سواء يف رفع هذا الغموض
publique), tandis que policy
أو نفي وجوده ،وأصبح ميثل الفيصل الذي يستعني به
« instrument pourra se rendre par
الباحث والدارس ،سواء كان حقل اشتغاله اللغة أم
« instrument d’intervention » ou
الرتمجة ،بل وقد ش ّكل العلرة اليت ّ
فسر من خالهلا علماء
instrument stratégique ».20
اللغة النفسانيني واالجتماعيني وجود ظاهرة الغموض،
شّت.
واستغالهلا فنيا ألغراض ّ "أبنه يش ّكل صعوابت ابلنسبة للمرتجم ،خاصة ابلنسبة
مليدان االقتصاد ،وأبنه ميكن َتاوز تلك الصعوابت إبتباع
وابلتايل ،فإن الغموض املعجمي قد اقرتن عند عديد من
حلول خمتلفة ،مثل ضم اسم منعوت ابللغة الفرنسية بعد
اللّغويني بطبيعة السياق الذي حي ّده ،ويع ّده أغلبهم،
التعرف على السياق الدقيق ،وابلتايل ميكن ترمجة
العنصر اجلوهري الذي يصنّف على أساسه الغموض
عامة ،والغموض املعجمي على وجه أخص ،ومن بني policy decision décision deب
هؤالء املنظرين اقرتحت "كاترين فوكس" التصنيفني (قرار سياسة politique économique
التاليني ،واللذين تبنّامها عديد من املنظّرين ،على الرغم من اقتصادية/بيئية/مالية) أو
انتقادهم لوجهة نظرها اللّسانية البحتة ،اليت أمهلت أحياان
ويتم اقرتاح املكافئ "أداة تدخل" أو "أداة إسرتاتيجية"
طبيعة اخلطاب "املصفيّة")(réducteurلبعض حاالت
ابلنسبة ل
الغموض ،ومن بينهم"مارك بونوم"
policy instrument « instrument
« Marc BONHOMMEالذي يقول:
d’intervention » ou « instrument
« Les zones du langage porteuses
(ترمجتنا)" » stratégique
d’ambigüité et nullement envisagées
وعليه ،ميثل السياق "الركيزة" اليت يلجأ إليها املرتجم
comme figurales par les analystes
لتجاوز حاالت الغموض اليت قد تعرتضه ،ويبدو أبن
sont en effet légion. Par exemple
"حسن استغالل" تلك األداة ،يكمن يف "االستغالل
l’ouvrage de C.FUCHS consacré
153
-1.2.2الغموض املفّتض: )aux ambigüités du français (1996
n’aborde pratiquement pas la
يف ضوء التصنيف الذي اقرتحته "فوكس" للغموض ميكننا
question de l’équivocité des figures
أن نقرتح املثال اآليت ":متّت عملية اإلنقاذ بفضل احلصان
du discours »21.
األبيض" ،فقد تبدو العبارة غامضة ،فما الوضع الذي
أنقذه هذا احلصان؟ وكيف أمكنه ذلك؟ ّأما عند "يزخر الكالم ابملقاطع اخلطابية اليت حتمل يف طيّاِتا
توسيع"دائرة السياق" فنجد عبارة أخرى " :متت عملية غموضا ،واليت يغفل عنها عادة الدارسني ،فمؤلَف فووكس
اإلنقاذ بفضل احلصان األبيض ،الذي شارك يف عملية على سبيل املثال"،غموض اللغة الفرنسية" ،يكاد خيلو من
املزاد العلين ،حيث قام بتمثيل شركة ،"ENSBTP أي اهتمام بقضية التباس اخلطاب" (ترمجتنا).
فمن خالل عملية توسيع السياق ،يتضح أبن "احلصان
-2.2تصنيف الغموض:
تدل ضمن السياق االقتصادي
األبيض" عبارة عن شركة ّ
على شركة تقوم بدور إغاثة شركة أخرى ،بعد أن كانت متيز "كاترين فوكس" بني نوعني من الغموض ،ميثل
إبفشال العملية بعرض شراء آخر" .23وبعملية توسيع املفرتض على غموض ميكن َتاوزه ابلعودة إىل السياق ،إذ
عبارة منعزلة ،وخيتفي مبجرد العودة إىل السياق السليم « L’ambigüité ne peut se définir qu’à
وضمن اخلطاب "املتخصص". contexte explicite : il est bien connu
154
لكل كلمة صيغة دالة على معىن ،فإذا تنوعت الصيغ و االقتصادي واردا ،وابلتايل يتأكد الغموض املعجمي،
اختلفت تعددت الكلمات و ابملثل ،لو تنوعت الدالالت ويصبح انفذا ومؤكدا غري حمتمال وال خياليا.
وتعددت الصيغ فإن هذا يعين أن صيغة لغوية واحدة هلا
التعرف على أمهية السياق يف
ويتضح إذن ،من خالل ّ
أكثر من داللتني ،إحدامها تتمثل يف املعىن املباشر
التعامل مع حاالت اجلناس ،أبن التمييز بني تلك احلاالت
واألخرى اليت حدثت عن طريق التطور الداليل أو
املتعددة وبني تعدد املعىن ليس ابألمر اهلني ،خاصة بني
24
اجملاز"
اجلناس التام وتعدد املعىن.
وللتمييز بني الظاهرتني ،ولتفادي ما عرف ب "غموض
)3بني تعدد املعىن واجلناس اللفظي:
الغموض" فقد مت وضع بعض املعايري من قبل العلماء كما ميكن إذن لعملية التحليل األولية ،أن تكون حريَّة بتحديد
أشارت إىل ذلك "فوكس" حيث اقرتحت ثالثة معايري نوع الغموض املعجمي وماهيته ،ولكن االستعماالت
تساعد على التمييز بني الظاهرتني ،فتقول: اليومية للّغة تؤكد غري ذلك ،و غالبا ما تظهر للعيان بعض
« On invoque classiquement trois األمثلة للغة العادية واملتخصصة على حد سواء
ordres de critères pour distinguer ختص الغموض املعجمي بنوعيه "تعدد املعىن
"تعقيدات" ّ
l’homonymie de la polysémie : des واجلناس اللفظي" ،وتعرف عادة ب "غموض الغموض" اليت
critères diachroniques, des critères تتجلّى من خالل "اخللط" الذي قد يقع بني الظاهرتني،
synchroniques, d’ordre théorique et حيث جند أن العرب على سبيل املثال ،قد استعملوا لفظا
des critères synchroniques d’ordre عّب يف
آخر منذ القدم وهو "االشرتاك اللفظي" الذي ّ
» « épi-linguistique (c'est-à-dire بعض احلاالت عن تعدد املعىن ،واترة عن اجلناس مبختلف
ayant trait à la façon non théorisée أنواعه ،واترة أخرى متّ استعماله للتعبري عن الظاهرتني معا.
dont les locuteurs réagissent وعن اخلالف بني العرب القدامى واحملدثني يف حتقيق الفرق
spontanément à la langue ».25 بني "املشرتك اللفظي" يقول حلمي خليل" :يبدو أن
"ميكن عادة ،التمييز بني اجلناس اللفظي وتعدد املعىن وفق اخلالف بني القدماء واحملدثني يف حتقيق الفرق بني املشرتك
ثالثة معايري :معايري تعاقبية ،ومعايري تزامنية ،ذات بعد اللفظي Homonymyوتعدد املعىن Polysemy
نظري ،ومعايري آنية ذات بعد "فوق-لساين" (أي أهنا تركز يتّصل مبفهوم الكلمة عندهم ألن املصطلحيني يشريان إىل
على البعد غري النظري ،وِتتم ابلسلوك العفوي داللة كلمة واحدة على مدلولني ،وعلى ذلك فإن املشرتك
للمتحدثني) (ترمجتنا). اللفظي ليس اختالف الداللة يف إطار الكلمة نفسها ،بل
هو وجود داللتني أو أكثر لكلمتني أو عدة كلمات ،ألن
155
.avocado27حيث تظهر الدراسة االيتيمولوجية أبهنما -1.3الفرق بني اجلناس اللفظي وتعدد املعىن من
خمتلفني متاما ،على عكس حالة تعدد املعىن. وجهة نظر تعاقبية:
تشري كاترين فوكس إىل أنه ميكن التمييز بني وحدتني
فإذا حاولنا إسقاط وجهة النظر تلك ،على املصطلح
معجميتني حتمالن معنيني خمتلفني ،وبني وجود جناس بني
االقتصادي "العملة " :
28
وحدتني معجميتني ،من خالل القيام بعملية مقارنة،
دل
فإننا سوف جند أن املصطلح ميلك معان متعددة ،فقد ّ تتمثل يف دراسة التطور الداليل عّب الزمن(التاريخ) وتقول:
اللفظ بضم العني" :عُملة" ،ومجعه :عُمالت/عُ ْمالت بضم
« Du point de vue diachronique, les
امليم أو تسكينها ،على "أجرة العامل" أما املعىن املتداول
termes homonymes ont des
حاليا ،فهو العملة النقدية اليت ترمز إىل الدوالر أو
étymologies distinctes…en revanche
الدينار ،...ويكون إذن هذا "املعىن املتقارب" للّفظني،
les différentes significations d’un
ومؤشرا على كوهنما من قبيل "البوليسيميا" أي تعدد
دليال ّ polysème, si diverses soient-elles,
املعىن.
correspondent toutes à une seule et
29
يف حني تبني الدراسة االيتيمولوجية ملصطلح "الدين" même unité d’origine »26.
على وجود "فعلني خمتلفني" ،فاألول ابستخدام الشدة
"حتمل املصطلحات اليت تشكل جناسا لفظيا ،من وجهة
"ديّن " ،يدل على أقرض ،أما "الدين" الذي يرتبط
النظر األلسنية التعاقبية أصوال اشتقاقية خمتلفة ،يف حني
ابملصدر" دان" ،فإنه يرمز إىل معىن مغاير متاما للمعىن
تتقاطع مجيع الدالالت املختلفة ل "املعىن املتعدد الواحد"
األول ،وهو امللّة واالنتماء االيديولوجي .ويكون ذلك
) (polysèmeيف معىن أصلي واحدا ،وذلك مهما
دليال على أن "الدين" حيتمل جناسا وليس تعددا للمعاين.
تعددت استعماالته عّب الزمن" (ترمجتنا) .وقد ضربت
-2.3الفرق بني اجلناس اللفظي وتعدد املعىن من مثاال لذلك ابللفظ conseilيف اللغة الفرنسية اليت يعين
وجهة نظر آنية: النصيحة ،واملعىن اآلخر الذي يدل على "االجتماع من
أجل املداولة" ،حيث تعود أصول الكلمتني إىل اللغة
أما عن الدراسة اآلنية اليت قد تشكل معيارا للتفرقة بني
الالتينية ،consiliumوذلك على الرغم من تطور
الظاهرتني فتقول "فوكس":
الداللتني .وبني جناس اللفظني avocatالذي يدل على
« Du point de vue théorique en احملامي والذي تعود أصول استعماله إىل اللغة الالتينية
synchronie, on parle de plusieurs يدل على
،advocatusوبني اللفظ avocatالذي ّ
unités homonymes lorsque les أحد أنواع الفواكه والذي تعود أصوله إىل اللغة االسبانية:
156
comme des homonymes les formes représentations sémantiques que l’on
dont les sujets parlants s’accordent construit pour rendre compte des
spontanément à considérer les différentes significations sont
significations correspondantes totalement disjointes…on parle en
comme étrangères les unes aux revanche d’un polysème lorsque l’on
autres : ainsi pour a plupart des est capable de représenter la parenté
locuteurs francophones, la glace des significations, en terme de sens
« eau congelée » n’a rien à voir avec communs ».30
la glace « plaque de verre»31.
"ميكن احلديث نظراي من خالل بعد زمين تزامين عن عدة
"ميكن معاجلة وحدات معجمية على أهنا تشكل جناسا وحدات تشكل جناسا لفظيا ،عندما تكون التصورات
لفظيا ،من وجهة نظر فوق-لسانية تعاقبية ،إذا ما مت الداللية اليت نبنيها للتعبري عن عدة دالالت خمتلفة متاما،
اتفاق املتحدثني بطريقة عفوية على دالالِتا املختلفة ،أبهنا يف حني نتحدث عن "معىن متعدد" عندما نستطيع حتديد
متباينة فيما بينها ،فعلى سبيل املثال glace eau التقارب بني الدالالت" (ترمجتنا) .ميكننا أن نضرب مثال
"congelée, glace plaque de verre لذلك من خالل غياب معىن مشرتك بني "الصمم" ،الذي
(ترمجتنا).وتصبح إذن ،االستعانة يف مثل هذه احلالة "صمم" أي من "التصميم"
يعّب عن فقدان حاسة السمع و ّ
مبعلومات غري لسانية كفيلة بضبط املصطلح الدقيق الذي يدل على التخطيط قصد البناء .ويف املقابل بني
واالستعمال احمل ّدد فيتفادى املرتجم الوقوع يف الغموض أو السري"
"احلبل" الذي يساعد على عملية الش ّد و"احلبل ّ
اللبس ،وكثريا ما تكون الدراية الكافية ابلعبارات اجلاهزة الذي يشد اجلنني إىل ّأمه ،وابلتايل أتكيد ما قالته فوكس،
بلم شتات الباحث
واالستعانة مبعاجم متخصصة كفيلة ّ حيث يبدو أن هذين املعياران حيمالن أمهية فائقة من أجل
واملرتجم ،وس ّد ثغرات العملية الرتمجية ،خاصة عندما التمييز بني الظاهرتني.
تعرتضه صعوابت ذات أبعاد معجمية ،حيث يصبح
-3.3الفرق بني اجلناس اللفظي وتعدد املعىن وفق
البحث التوثيقي من دون شك األداة و الركيزة األمثل
معايري آنية ذات بعد "فوق-لساين":
واألنسب من خالل َتلياته املتنوعة واملتشعبة.
تواصل فوكس حديثها بذكر معيار اثلث وأخري:
ونالحظ إذن من خالل األمثلة اليت أوردانها أبن املعايري
اليت اقرتحتها "فوكس" تكتسب أمهية فائقة ليس ابلنسبة « Du point de vue épi-linguistique
للّغة الفرنسية فحسب ،بل ابلنسبة للغة العربية أيضا ،على en synchronie, sont traitées, de fait
157
العلوم يتميّز بتع ّدد فروعه وتباينها ،وهو األمر الذي يكاد الرغم من اختالف هاذين النظامني اللغويني ،وميكننا أيضا
يكون أهم مميزات عامل االقتصاد ،وعلى الرغم من النقاط املتخصصة،
ّ أن نتأكد من فاعليتها ابلنسبة للمصطلحات
اليت تتقاطع فيها تلك الفروع مثل اتصاف معظمها ممّا َيعلها من دون شك أداة ترمجية مثينة.
مبميزات اللغة املتخصصة( املصطلحات املتخصصة والدقة
)4ترمجة اجلناس اللفظي يف النصوص االقتصادية:
والوضوح ،واملوضوعية ،)...إال أهنا قد ختتلف يف الكثري يتضح إذن ،من خالل ما رأيناه ،أبن عملية معاجلة
من اخلصائص ،مثل العبارات اجلاهزة املستعملة الغموض مبختلف أنواعه أمر نسيب ابلنسبة للمرتجم أكثر
واملصطلحات ذات درجة التخصص العالية ،حيث تصبح ممّا هو ابلنسبة للّساين ،فبينما يستعني أهل اللغة أبدوات
لغة البورصة ،وما تعتمده من تنبؤ الرتفاع واخنفاض لفك الغموض الذي يعرتضهم ،يبقى املرتجم مقيّدا خمتلفة ّ
األسعار أي امتالك براعة عالية يف اختاذ القرارات السريعة، أبمور أخرى أمهّها أخالقية مهنته وأمانة النقل اليت كثريا ما
خمتلفة جدا عن عملية اختتام امليزانية ضمن ميدان متثّل صعوبة أخرى إىل جانب تلك الصعوابت اليت
احملاسبة ،اليت تنطلق من معطيات دقيقة جدا من أجل يواجهها ،مثل حاالت الغموض ،واليت تفرضها من دون
احلصول على نتائج بدرجة الدقة نفسها ،من دون أي ملح أكثر ،فيتحتّم على
شك ميادين التخصص بشكل ّ
تكهنات أو مهارات شخصية سوى تلك اليت تتعلق املرتجم التم ّكن من املصطلح واملعىن الدقيق الذي تفرضه
«Guy بقوانني احملاسبة ،وقد أحصى"قيي رانبو" اللغة املتخصصة (قانونية كانت أم طبية أم اقتصادية. )...
» Raimbaultسبعة أنواع من الفروع االقتصادية، حتريها ال ّدقة
وإذا كانت اللغات املتخصصة تشرتك يف ّ
صنّف كل منها يف "عامل خمتلف" وهي: والوضوح واإلَياز ،فإهنا ختتلف أيضا يف انفرادها
« Sept mondes différents, mais très مبصطلحات متخصصة وخصائص أخرى تتباين من لغة
dépendants les uns des autres : le إىل أخرى ،فلغة القانون على سبيل املثال ،تتميّز
monde économique, le monde ابستخدامها للعبارات اجلاهزة أكثر من املصطلحات
financier, le monde boursier, le املتخصصة يف حد ذاِتا ،يف حني تتميز العلوم الرايضية
ّ
monde bancaire, le monde des ابلرموز واألرقام أكثر من غريها .أما لغة االقتصاد فإهنا
sociétés, le monde fiscal, et le تعّب عن عامل أبكمله ،متّسع ابتساع ُماالتتكاد ّ
monde des instituions ».32 وتفرعها.
االقتصاد ّ
158
التعريف بتلك "األراضي" كان حيمل كل البعد العميق ولعل هذا االختالف َيعل احلديث عن نوع واحد من
لأللف والالم ...ويصبح استعمال الغموض يف مثل هذه النصوص االقتصادية أمرا نسبيا ،والتعامل مع هذا النوع
احلاالت أي ضمن نصوص تقتضي الدقة والصرامة، من النصوص املتخصصة خمتلفا من فرع إىل آخر .وال
سالحا يف غاية األمهية واخلطورة .وقد يرتتب عنه عواقب ميكن استبعاد وجود أنواع عديدة يف نص واحد ،مما َيعل
وخيمة قد تكون بسبب "جناس" ،كما هو احلال ابلنسبة دراسة الغموض أمرا مرتبطا ارتباطا وثيقا بطبيعة هذا
للغة الفرنسية اليت تستعمل يف كثري من املواضع أشكال التداخل.
كحل لظاهرة اجلناس مثل
ّ على احلروف ((accents
-2.4اجلناس اللفظي والنص االقتصادي:
àو،. aمثل un client à découvertو un
client a découvertحيث أن العبارة تضم يبدو إذن ،أبن تفرع العامل االقتصادي إىل عوامل خمتلفة،
"جناسا للفظيني " ،يتمثالن يف االكتشاف واإلفالس ،يف ميثّل يف حد ذاته أحد أسباب غموض هذا امليدان
حني تشكيل احلرف aقد غري املعنيني بني" :زبون لعل الغموض املعجمي ميثل أهم َتلياته،
املتخصص ،و ّ
يكتشف" و "زبون آخر يواجه حالة إفالس" ،هذا إذا فمثال لفظ publicالذي ميثل ما هو عام أو عمومي قد
اعتّبان اجلناس لفظيا فحسب ،أما إذا كان اجلناس صوتيا يعّب يف الوقت نفسه عن اجلمهور ،وإذا ما مت توظيفه
،homophoneفقد يؤدي إىل احتماالت أخرى اجلمهور ميثل فإنه التسويق ُمال ضمن
مثل le client a des couvertsحينئذ يصبح املستهدف)(public viséالذي يتوجب إقناعه .ولفظ
املعىن خمتلفا متاما ،حيث يعين ذلك أن الزبون ميلك أواين bienالذي يتواجد يف اللغة الفرنسية يف مواضع عديدة،
املائدة34للطعام .إىل جانب أمهية "األفعال املساعدة" قد يعين اخلري يف مفهومه الواسع ،كما قد يعين امللكية
» .« les verbes auxiliaires ضمن ميدان االقتصاد ،وإذا ما مت إضافته للفظ public
فقد يعين "النفع العام" كما قد يعين "امللكية العمومية" إىل
وبناء على ما قد قيل فإن النصوص االقتصادية عرضة هلذا
جانب التغري الذي قد حيدث بسبب إضافة حلرف sأو e
النوع من الغموض املعجمي على غرار ابقي النصوص
أو الالحقة (publique) queالكفيلة ابلتفريق بني
املتخصصة ،حيث أن أسباب ذلك قد ختتلف من خطأ
جناس اللفظ الفرنسي يف صيغة التأنيث أو التذكري.
مطبعي إىل إضافة لأللف والالم ،والذي من شأنه أن يفقد
الشرعية. وعلى غرار اخلطاب االقتصادي فإن اخلطاب الدبلوماسي
عقدا أبكمله للمصداقية أو ّ
غين أيضا ابلغموض ،ونذكر الغموض الشهري الذي
)5آليات معاجلة غموض اجلناس اللفظي يف الّتمجة
استخدم يف صياغة القرار 242جمللس األمن؛ حيث
االقتصادية:
استعملت العبارة الغامضة "أراض حمتلة" بصيغة النكرة،
املعرفة "األراضي احملتلة" ،33ويبدو أن
مقابل الصيغة ّ
159
et restituer le sens exact dans la يبدو إذن ،أبن ظاهرة اجلناس اللفظي أتخذ صبغة اللغة
langue d’arrivée »35. اليت متثل الوعاء الذي تصب فيه ،ومهما اختلفت أسباب
توظيفها ،فإن عملية التحليل املعجمي ضرورية ،للتعرف
"إن املفردات االقتصادية اليت يتم استعماهلا ضمن نصوص
على طبيعة الغموض وماهيته .وقد خيتلف األمر ابلنسبة
خاصة مبيدان األعمال ،تتداخل مع اللغة الدبلوماسية ،أو
للمرتجم ،خاصة إذا ما تعلّق األمر بنصوص متخصصة
اإلدارية-القانونية (العقود ،النزاعات ،قانون الشركات،
تستدعي الفهم الدقيق قبل القيام أبي حماولة نقل إىل اللغة
السياسات االقتصادية الدولية ،)... ،مما َيعل املرتجم
املستهدفة ،فمرتجم النص االقتصادي على غرار نظرائه من
يقوم جبهود معتّبة حّت يتمكن من فهم املصطلحات
املرتمجني املتخصصني ،قد يواجه الغموض املعجمي الذي
املستعملة ،وابلتايل نقل املعىن الدقيق إىل اللغة املستهدفة"
مهما ابلنسبة لعمله ،وحبكم التداخل الذي مييز
ميثل عائقا ّ
(ترمجتنا)
علم االقتصاد مع ابقي العلوم (القانون ،الفقه ،السياسة،
فيمثل اجلناس إذن ،ابلنسبة للمرتجم ظاهرة لغوية قبل أي االجتماع ،)..فإن التعرف على املعىن الدقيق أمر حتمي
تعرف عليها يف مراحله
شيء آخر ،وقد يكون قد ّ حّت يتسىن للمرتجم إيصاله ،إذ أن األلفاظ عبارة عن
التعليمية األوىل ،أما ابلنسبة ملرتجم النصوص االقتصادية مصطلحات يتم توظيفها ضمن سياق معني ،وضمن
فقد يتوجب عليه القيام قبل الرتمجة بتصحيح العمل ختصص دون غريه ،وتذكر الباحثة اإليطالية "أليسندرا
املقدم ،حّت أن البعض يتح ّدث عن نوع ترمجي قائم رولو"» « Alessandra ROLLOاليت اشتهرت
بذاته ،وهو "الرتمجة التصحيحية" ،ألن أسباب اجلناس قد مبقاالِتا اليت عُنيت ابلبحث يف ُمال الرتمجة االقتصادية":
تكون نقطة انقصة أو زائدة ،أو حروف تشكيل ال غري،
« Dans plusieurs textes produits dans
أي أن هذا النوع من الغموض املعجمي الذي يصادف
le domaine des affaires, le lexique
املرتجم قد يكون أحياان بسبب أخطاء مطبعية ،أو حّت
économique s’entrecroise avec le
على مستوى حترير النص املقدم للرتمجة ،وال ُمال لتحليله
langage politique ou juridico-
يتوجب على املرتجم أن "يقوم برفعه"،
أو معاجلته ،بل ّ
administratif (contrats, différends,
بفضل قيامه بتعديالت و عمليات إعادة الصياغة.
droit des sociétés, politiques
التأكد من عدم كون الغموض غري -1.4 économiques internationales, …), ce
مقصود:
qui implique un effort majeur pour
تقول"كريستني دورابن" »«Christine Durban
comprendre la terminologie utilisée
عن األخطاء اليت قد يصادفها مرتجم النصوص
االقتصادية:
160
وتكون عملية إعادة التحرير والصياغة كفيلة برفع ما مل « Face à ces textes maladroits (voire
يكن مقصودا. )incompréhensibles dans certains cas
notre travail ne consiste ni à rire ni à
وميكننا أن نذكر املثال اآليت الذي ميثّل جزءا من نص
pester, mais plutôt à nous dire que
اقتصادي (مرتمجا من اللغة الروسية)
leurs auteurs sont des spécialistes des
"Cet auteur "tentait de répondre à marchés et non des écrivains. A
une question essentielle: De quelle nous, donc, de rajuster le tir,
manière peut-on, dans le cadre du d'arranger leurs phrases, de travailler
capitalisme, liquider le retard avec eux pour nous assurer que les
économique des pays qui, parleurs textes qu'ils signent (en anglais et en
particularités historiques et français) correspondent bien à ce
économiques se tiennent au dernier qu'ils voulaient dire (peu importe ce
rang" de la "communauté mondiale qu'ils ont écrit à l'origine)36.
?".37
"يف مواجهة نصوص مبثل هذه الركاكة( ،أحياان غري
حيث ميكننا أن نالحظ ،ألول وهلة أبن بعض املفردات مفهومة متاما) ،فال َيب أن نستهزئ مبا نراه أو أن نسخر
قد متت ترمجتها بطريقة حرفية ،مما ّأدى إىل "أسلوب منه ،وذلك حبكم عملنا ،بل أن نقول أبن من قاموا
ركيك" .مثل: بتحريره عبارة عن أشخاص يشتغلون يف األسواق املالية
" "Liquider le retard économiqueحيث وليسوا كتّااب ،وعلينا أن حناول تقومي اخلطأ ،وإعادة صياغة
liquider/liquidationحيمل أن املصطلح عباراِتم ،والعمل برفقتهم بغية التأكد من أن األعمال اليت
"شحنة داللية معينة" يف عامل االقتصاد ،و الذي غالبا ما قاموا ابملصادقة عليها (ابللغة الفرنسية أو االجنليزية)
يقصد به "التصفية أو الفصل" ،أي على املستوى املادي تتطابق مع ما يريدون قوله ،وذلك (بغض النظر عما كتبوا
أو املعنوي فإنه يدل على "التخلص بصفة شبه هنائية"، منذ البداية)"(ترمجتنا) .وتساعد هذه اخلطوة إذن ،على
أما إذا ما عدان إىل السياق العام للمقطع ،فيبدو أن ال تأكد من أن الغموض الذي قد يستغرق جهدا ووقتا
الكاتب مل يقصد سوى "تدارك/النهوض" ابلركوض طويال ملعاجلته ،ليس يف حقيقة األمر إال غموضا غري
االقتصادي ،و ابلتايل ميكن للمرتجم أن يستبدل مقصود .أو بسبب ضعف لغوي لدى مق ّدم العمل،
liquiderب rattraper-faire face..أي:
161
عديدة،فيتم رفع غموض قد يتبادر إىل األذهان
ّ وأتويالت Faire face/ rattraper/ le retard
ضمن ُمال ضيق وحيّز حم ّدد مثل اخلطاب املنطوق .و économique .
لنذكر األمثلة التالية من جريدة "ليّباسيون"
يف حني نالحظ أبن الصياغة اخلاطئة ل ،par leurs
Libérationالفرنسية:
أين مل يستخدم الكاتب سهوا (يف أغلب االحتماالت)
(12) Palestiniens : la mer patrie (21 الفراغ بني parوleursقد ترتّب عنها ،وحدة معجمية
)décembre 1983 حتتمل جناسا متمثال يف (parleursاملتكلمني) ،إذ أن
”(14) Boxe : un combat qui “pèze استعماهلا يف السياق العام يبدو غري وارد متاما .ممّا
)lourd (6 avril 1987
يستدعي إذن القيام ب"ترمجة تصحيحية" قبل البدء
(15) Tyson : mise au poing (28 juin
ابلرتمجة.
)1991
(16) Un jour sans faim (16 octobre -2.5قناة التواصل (بني اخلطاب الشفهي والكتايب):
)2003
(17) L’air de la crise (27 avril 2004)38 كما مت ذكر ذلك من ذي قبل ،فإن رفع الغموض ،قد
وكما يظهر من خالل األمثلة اليت أوردانها ،فيمكن يكون مرتبطا بصفة وطيدة بقناة التواصل ،أي أن حاالت
مالحظة حاالت "اجلناس الصويت" ،homophone اجلناس تع ّد من أهم حاالت الغموض اليت ختتفي عند
معني ابلكالم ،والذي يتجلى
واليت متّ استغالهلا يف تالعب ّ تدوينها سواء إبضافة sأو eأو âأو aأو ضمة أو شدة
يف توظيف "الغموض" ،حيث ال ميكن هلذا النوع من أو كسرة ،وهي أدوات لغوية بسيطة لكنها كفيلة برفع
الغموض أن أيخذ "أبعاده املرجوة" إال يف "سياق كتايب"، الغموض.
أين يتم التح ّقق من وجود تالعب ابلكالم " un jeu وإذا كان اخلطاب االشهاري الشفوي غين ابستعمال
."de motsففي املثال األخري قد يوحي استعمال عديد من الصور البيانية مثل االستعارة والتورية والغموض
un air l’airالذي قد يتم ربطه بوصلة موسيقية املعجمي (اجلناس و"البوليسيميا" كما قد اقرتض البعض
،musicalإىل "جو عام لألزمة" ،يف حني يبدو جليّا املصطلح األجنيب) ،فقد يتم "رفع غموض اجلناس" عند
أبن قصد املتح ّدث ،هو " l’ère de la crise االنتقال إىل "اخلطاب املقروء" أي كتابته وتدوينه ،حيث
"économiqueأي "مرحلة األزمة االقتصادية". يتم رفعه مبجرد "كتابة" عالمات التنقيط أو ضمائر الصلة
-3.5التعرف على العبارات اجلاهزة: أو أداة التعريف ،أو ابستعمال بسيط للفراغات املناسبة
اليت تفصل الكلمة عن ُماورِتا ،فيصبح اخلطاب بعد
إن النص املتخصص كما دلت على ذلك األمثلة اليت
ذلك واضحا بّينا ،بعد أن كان غامضا حمتمال لقراءات
أوردانها غين ابلعبارات اجلاهزة اليت حتمل معىن حم ّددا
162
بسبب الغموض الناجم عن عدم اضطالعه من ذي قبل ضمن ُمال التخصص ،مثل عامل االقتصاد الذي يزخر
عن العبارات اجلاهزة اليت يفرضها السياق العام للنص. بفضل حيويته وطبيعة َت ّدده الدائمة ،عددا ال حيصى من
فيسيء االختيار وابلتايل تصبح الرتمجة انقصة أو خاطئة تلك العبارات ،ويكون توفّق املرتجم يف عديد من احلاالت
إذا ما اكتفى ابستعمال "املقابالت" :كتب ،أو رهن مت ّكنه الدقيق ودرايته الكافية ابملعىن االصطالحي.
القفز...على سبيل املثال واليت "تفقد معناها" عند الرتمجة
ولنذكر على سبيل املثال بعض العبارات اجلاهزة يف عامل
احلرفية ،مثل ما هو احلال عند ترمجة مجيع العبارات
االقتصاد ،واليت لو مل يكن املرتجم على إملام مبعناها ،فإنه
اجلاهزة.
لن يكون قادرا على تقدمي ترمجة سليمة يف اللغة
-4.5النصوص املوازية: املستهدفة.
على غرار ابقي اللّغات املتخصصة فإن استعانة املرتجم ابللغة اجلاهزة العبارة املكافئ يف اللغة العربية
االقتصادي بنصوص موازية يساعده يف التّعرف على طبيعة (اللغة االجنليزية
عرفها "جون دوليل" Jean
تلك النصوص ،وقد ّ القتصادية)
DELISLEأبهنا:
Make a motion39 تقدمي اقرتاح خالل جلسة
« Texte en langue d’arrivée qui عمل.
appartient au même genre de texte
Jump off يقال عن املبيعات اليت the
de départ ou qui traite d’un sujet
تعرف رواجا كبريا يف shelves40
connexe et duquel le traducteur
السوق
extrait les termes, expressions ou
connaissances thématiques dont il a تدقيق احملاسبات (اخلاصة Keep books41
besoin pour effectuer sa بعملية البيع)
traduction ». 43 االتصال/أو زايرة زبون Make a cold call42
" عبارة عن نصوص يف اللغة املستهدفة تنتمي إىل نوع حمتمل جديد.
نصوص اللغة األصل نفسه ،أو تلك اليت تتناول املواضيع
اجملاورة ،حيث تساعد املرتجم يف استخالص املصطلحات
يقوم املرتجم ،إذن ،ابختيار املعىن "املالئم" أي "املكافئ
والعبارات أو املعلومات املوضوعاتية اليت حيتاج إليها يف
الدقيق" عند الرتمجة وليس ما ميكن أن يستنتجه عند
عمله الرتمجي( ".ترمجتنا)
القراءة السطحية واليت قد َتعله يواجه "عدة احتماالت"
163
املتخصص .مثل مصادفته لتوظيف معني للفظ carte ط التجميع"
ويف مثل هذه احلاالت يتأكد املرتجم أبن "خ ّ
والذي قد يرتبط ب ،Copiage de carteحيث متثّل الرتمجة املتداولة ل
يقوم برتمجته بصفة "بسيطة" ب "نسخ البطاقة" ،يف حني
« Assembly line/chaîne de
يساعده التعرف على املعىن املعجمي املتخصص على
montage »44
اختيار املعىن الدقيق ،فيضيف على سبيل املثال " النسخ
املزور للبطاقة" .حّت يتسىن نقل املعىن املالئم والذي حيمل على الرغم من وجود احتماالت عديدة لوحدات معجمية
ر
أخرى ،نتيجة اجلناس الذي قد يسبب غموضا ابلنسبة
يف طيّاته "معىن التحايل والتزوير".
للمرتجم ،والذي يزول ب"اعتياده" النصوص املوازية يف
Copiage de carte ♦ Domaine :
ِتمه .وعند اعتياد
اللغة املستهدفة واللغة املتخصصة اليت ّ
Finances. ♦ Définition : Technique
املرتجم ملثل هذه النصوص ،ومطالعتها املستمرة هلا ،خاصة
de fraude visant à obtenir les
إذا ما أصبحت الرتمجة االقتصادية اختصاصها األول،
données confidentielles d’une carte
يصبح إذن قادرا على سبيل املثال على اختيار مصطلح
de paiement en copiant sa piste
titreو ل واحد"، "مكافئ
magnétique et éventuellement en
obligationوeffetوbilletو bonوهو "السند"
captant son code secret au moyen
يتبني أبنه "املكافئ الرتمجي" الذي يتداول بني
الذي ّ
d’un copieur de carte installé sur des
مستعملي اللغة االقتصادية.
terminaux de paiement ou de
retrait.45 -5.5دور املعجم املتخصص:
معرفة نوع الغموض بصفة حم ّددة وابلتايل توجيهه حنو املتخصصة" ،ومير عليه مرور الكرام ،يف حني يقوم بعض
ّ
اخليار الرتمجي األسلم .فلنقم على سبيل املثال بدراسة املرتمجني الذين صقلت اخلّبة مراسهم ابالستعانة ابملعجم
164
يف اللغتني (العربية والفرنسية) ،سوف جند االستعماالت "كوتلر" كتاب من اآليت املقطع
التالية: »«KOTLERالذي يتحدث فيه عن التسويق
• Market niche syn. niche créneau (النسخة االجنليزية األصلية ،والنسختني الفرنسية والعربية
; débouché ; niche [lorsqu’il s’agit املرتمجتني):
]d’un petit marché spécialisé] [COM
• Niche strategy 1. Stratégie du • Volvo’s case is interesting in that
secteur réservé [Nota : dans le cas Volvo recognized that in every
d’une stratégie défensive : défendre country of the world, some car
une position forte dans un segment buyers make safety their highest
susceptible de mieux résister en priority. In discovering this global
phase de déclin] – 2. Stratégie de niche, Volvo is able to sell its cars all
créneau ; stratégie de niche [Nota : over the world.46
]dans le cas d’une stratégie offensive • Le cas de Volvo est intéressant car
][COM le constructeur a compris que
ويظهر إذن أبن املكافئ السليم هو créneauأو partout dans le monde, il existait des
clients pour qui la sécurité primait
التخصص يف اللغة العربية .49وعليه فإن "اخللط" الذي
sur tout le reste. Au de la de cette
كان قد يبدو واردا عند القراءة األولية ابلنسبة للمصطلح
« niche globale », Volvo a réussi au
nicheأي القيام إبخضاعه للمعايري اليت اقرتحتها Mexique où la durabilité est plus
"فوكس" ،حّت يتسىن معرفة ماهيته (جناس/تعدد املعىن) importante que la sécurité.47
واليت تساعد على التعرف على طبيعة الغموض الذي قد • تدعو حالة فولفو إىل االنتباه ألن فولفو أدركت أنه يف
يستدعيه اللفظ ،أي "هل اللفظ nicheالذي يدل أي دولة يف العامل ،يضع مشرتو السيارات األمان على
على "بيت الكلب » « Niche de chienحيمل رأس األسبقيات .والكتشاف هذه الرغبة املتفردة للعمالء
nicheتستطيع فولفو بيع سيارِتا يف كل أحناء العامل.
« une niche نفس اجلذور الداللية ل 48
a global » ،archéologiqueو من مثة
إذا ما قمنا ابلتحليل املعجمي للمصطلح االقتصادي،
، nicheحيث تساعد هذه الدراسة االتيمولوجية على
سوف يتبني لنا من أول وهلة أبنه قد يكون من من
أتكيد وجود غموض معجمي من قبيل تعدد املعىن و ليس
قبيل"غموض الغموض" الذي تطرقنا إليه آنفا (أي اخللط
جناسا لفظيا ،إذا ما اتضح وجود "أصل مشرتك للفظ"
الذي قد يقع بني "اجلناس اللفظي" و"تعدد املعىن"ّ ،أما
كما أشارت "فوكس" لذلك.
إذا قام املرتجم ابالستعانة مبعجم اقتصادي يضم املكافئات
165
إن عنصر الفهم الذي ميثل أوىل املراحل الثالث اليت ميّزت يتبني بعد مواصلة التحليل واالستعانة ابملعجم
يف حني ّ
نظرية املعىن ،يشكل إىل جانب اهتمامها بعنصر السياق املتخصص أبن املصطلح يف حقيقة األمر ،من قبيل
مرجعا رئيسا ابلنسبة لعمل املرتجم عند مصادفته لغموض "املتصاحبات الكاذبة" بني اللغتني "االجنليزية والفرنسية"،
معجمي يتجلى يف جناس سواء كان انقصا أو اتما ،حيث ويع ّد هذا االستنتاج جوهراي ابلنسبة للمرتجم ،ويكفي أن
"دانيكا سياسكوفستش" تقول مؤسسة هذه املدرسة نضطلع على الرتمجتني حّت ندرك أبن النقص الذي ميّز
» « Danica SELESKOVITCHهبذا الشأن: عملية التحليل أدى إىل أتثري سليب يف العملية الرتمجية
أبكملها ،يف حني كان من املمكن االستغناء عن
« La compréhension du discours ne
"االقرتاض واحملاكاة" ل nicheكتقنية ترمجية (بسيطة
suit ni l’organisation verticale ni la
جدا) واقرتاح مكافئ مالئم متّ استخالصه بعد عملية
stricte linéarité des structures de la
حتليل مسبقة.
langue ; elle ne procède pas d’abord
à une discrimination phonémique, -7.5العودة إىل السياق (النظرية السياقية):
puis à l’identification des mots,
ويبدو أيضا أبن دور السياق أيخذ بعدا أكّب يف مثل هذه
suivie de la levée de leur ambiguïté,
املعاجلة ،مما قد َيعل املرتجم يستعني يف عمله بنظرايت
puis de la saisie de la signification
غري ترمجية ،مثل النظرية السياقية حيث " :تعتّب نظرية
syntaxique de la phrase, de la levée
السياق واحدة من نتائج البحث الداليل ،فعندما تدرس
de l’ambiguïté de cette dernière ...
أحوال اللفظ ومادته اللغوية يكون ذلك مبثابة متهيد
La compréhension du discours se
إلعطاء هذا اللفظ بعده يف النص ،أو بعبارة أخرى ميثل
construit cybernétiquement en des
السياق دراسة الوحدة اللغوية يف الواقع العملي وهي خطوة
allers et retours constants entre des
متهيدية يف املنهج التحليلي للخطاب".50
perceptions partielles et des
associations cognitives qui se ويكون حتليل النص ضروراي وفق منهج حتليلي للخطاب
produisent en de brusques وحبث داليل يسمح بتحديد سياق النص والقيام بعد ذلك
166
مرحلة القراءة والفهم :بعد القيام بعملية قراءة وفهم متأين الغموض ،والتعرف بعد ذلك كله على ماهية تركيب
global للمقطع ،سوف نكتفي ابختيار املقطع اجلملة وكيف مت رفع الغموض الذي ميزها ،بل إن حتليل
،nicheولنع ّده وحدة ترمجية حتتمل إشكاال .ميكننا يف اخلطاب يبىن أساسا بطريقة ديناميكية تتجلى من خالل
هذا املقام أن نتعرف أوال على طبيعة النص ،ومبا أنه ينتمي القيام بعمليات ذهاب وإايب متكررة بني اإلدراك اجلزئي
إىل مؤلَف اقتصادي ،فسوف نفرتض أبن لغة النص والرتابط الذهين الذي يظهر من خالل استنتاجات
اقتصادية .وابلتايل حن ّدد السياق الذي يستعمل فيه مفاجئة"( .ترمجتنا).
اللفظني/املصطلحني ،وتثمني ذلك ببحث توثيقي.
وعليه ،فإن هذه النظرة العميقة للغموض يف معظم
مرحلة التجريد اللغوي :فإذا ما قمنا بتجريد "وحدة حاالته ،متثّل أداة مثينة ابلنسبة للمرتجم ،حيث حتثّه إىل
املعىن" "global niche"unité de sens:من النظر إىل الغموض من زوااي خمتلفة ،فإىل جانب االهتمام
اللغة ،فنتعرف على املكافئات املمكنة: الضروري ابللّغة ،تؤّكد "سيليسكوفيتش" أبن ذلك ليس
كافيا ،فتقرتح االهتمام ابجلانب الصويت أيضا ،ولعل ذلك
مفهوم العاملية /العوملة +البيت Global niche : /
ميثل أمرا مهما عند حماولة التفريق بني حاالت الغموض
الكوخ
الصويت وحاالت غموض اجلناس (اتما أو انقصا) خاصة
التعميم +البيت الكوخ Global niche : ابلنسبة للّغة الفرنسية.
مفهوم العاملية/العوملة +مفهوم االنتقاء Global niche لو قمنا مبحاولة فك الغموض الوارد ضمن ما تقرتحه
والتوزيع املركز (بعد االستعانة مبعجم متخصص -التسويق) املدرسة التأويلية ،استنادا إىل املثال الذي مت ذكره سابقا:
:
• Volvo’s case is interesting in that
Niche marketing or Volvo recognized that in every
concentrated country of the world, some car
segmentation: buyers make safety their highest
priority. In discovering this global
تسويق انتقائي ،توزيع مركز هو اختيار جزء صغري niche, Volvo is able to sell its cars all
53
متخصص من سوق والذي ال يشغل ابل املنافسني over the world. Volvo has added a
second benefit positioning of their
مبدأ العوملة+املعىن املتخصص Global niche
automobile, namely the claim that it
مرحلة إعادة الصياغة: is one of the most durable cars.52
167
parmi celles qu'ils me proposaient, يف األخري ويف ضوء ما مت التوصل إليه عند مرحلة التجريد
quelle solution j'aurais choisie si اللغوي ،يبدو أبن املعىن األخري "مبدأ العوملة+املعىن
j'avais dû écrire dans leur langue et, يعّب عن األثر
املتخصص" ميثّل ،اخليار الرتمجي الذي " ّ
en ce cas, ma décision était légitime, املكافئ يف اللغة املستهدفة" ،من بني ابقي اخليارات
puisqu'en fin de compte c'était moi املتوفرة لدينا.
qui signais ce livre »54.
منر إىل املرحلة األخرية من النظرية التأويلية حيث
وابلتايل ّ
"أذكر أبنين كنت أطلع املرتمجني الذين أتعامل معهم عن نقوم إبعادة الصياغة يف اللغة املستهدفة (اللغة العربية)،
النقاط احلساسة اليت ميكن أن تؤدي إىل الوقوع يف وإثر ذلك نقرتح ما هو آت:
الغموض ،وأنصحهم بتوخي احلذر ،وذلك من دون حماولة
ل •
التأثري على ترمجتهم ،كما أنين كنت أجيب على قد انفردت حالة "فولفو" عن غريها ،بعد أن
تساؤالِتم ،وكنت أحاول أن أقرتح احلل األجنع يف نظري كانت سبّاقة يف التفطّن إىل أن البحث عن
خاصة إذا ما كنا نستخدم اللغة نفسها عند الصياغة، األمان لدى مشرتي السيارات ،يع ّد من
ألنين سوف أختذ حينئذ قرارا ذو الشرعية املرجوة ،مبا أنين أولوايِتم ،وقد م ّكنها اكتشافها هلذا التسويق
سأصادق على املؤلَّف" (ترمجتنا) العاملي املرركز من بيع سياراِتا عّب شّت أحناء
العامل.
وميكننا هنا أن نالحظ ،أبن املرتجم يتحدث حبكم َتربته )6بني رفع الغموض ونقله إىل اللغة املستهدفة:
امليدانية اليت غالبا ما تؤكد أن حماولة التشبث األعمى بنقل مما ال شك فيه ،أبن التعامل مع الغموض ومعاجلته ابلنسبة
الغموض ،قد تؤدي إىل الوقوع يف أخطاء وتناقضات عند للمرتجم ليس حمل إمجاع بني منظري الرتمجة ،حيث يقول"
إعادة الصياغة يف اللغة املستهدفة ،وهو األمر الذي يعين إيكو" يف هذا الصدد:
ترمجة خاطئة عند البعض وخسارة مالية عند البعض
« J’espère qu'on notera que j'ai
اآلخر.
toujours signalé à mes traducteurs les
حتث "كاترين فوكس" على نقل الغموض حبذافريه،
بينما ّ points critiques pouvant engendrer
وذلك حرصا منها على عدم الوقوع يف "الالمعىن" ،وتشري une ambiguïté, leur conseillant d'y
يف هذا الصدد: être attentifs, sans essayer
d'influencer leur interprétation; ou
« Il est bien connu dans la profession
alors que je répondais à leurs
que le traducteur astucieux est celui
requêtes, quand ils me demandaient,
168
ancrage dans la pratique de la qui, rencontrant dans le texte
traduction. Dans la plupart des cas, d’origine une ambigüité effective
le maintien de l’ambigüité fortuite qu’il ne sait pas résoudre, s’arrange
mène à une absence de clarté et pour la conserver, c'est-à-dire pour
d’intelligibilité dans la lange trouver un équivalent-cible qui soit
d’arrivée ».56 lui aussi ambigu ».55
تفضل احلفاظ على الغموض عند النقل ونالحظ "إهنا ّ "من املعروف يف مهنة الرتمجة ،أبن املرتجم احلاذق هو من
أبهنا وجهة نظر ابحثة لسانية ِتتم ابملعاجلة اآللية للغات، حيافظ على الغموض النافذ الذي يعرتضه ويستعصي عليه
مما قد يكون بعيدا عن الرتمجة االحرتافية .ففي أغلب حلّه فيقوم بنقله ،أي إَياد املكافئ الغامض بدوره يف اللغة
احلاالت ،يؤدي إبقاء الغموض غري املقصود إىل عدم املستهدفة " (ترمجتنا)
الوضوح يف اللغة املستهدفة" (ترمجتنا) .أي أن األمر نسيب
ويبدو أبن العمل على إَياد "املكافئ الغامض يف اللغة
يف معظم حاالته ،فبعض حاالت الغموض تستلزم رفعها
املستهدفة" أمرا نظراي أكثر منه عمليا وتطبيقيا ،ألن
قبل الرتمجة ،يف حني قد يؤدي الرفع يف حاالت أخرى إىل
اللغات ختتلف ،ابختالف الثقافات واألنظمة النحوية
توخي
اقرتاف "خيانة ترمجية" ،مما يؤكد مرة أخرى ضرورة ّ والصرفية ،وإبقاء هذا الغموض ،قد يساعد فعال على
احلذر ،واالستعانة جبميع األدوات املتاحة لدى املرتجم.
َتنب الوقوع يف "الالمعىن" وذلك أخشى ما خيشاه أي
)7الكفاءات الّتمجية الالزمة ملعاجلة الغموض: مرتجم ،ولكن قد يؤدي أيضا إىل إعطاء نص جاف ُمرد
ميكننا القول إذن ،أبن مرتجم النصوص االقتصادية الذي من املرونة والسالسة.
يعرتض عمله ،غموضا معجميا يتجلى يف اجلناس حيتاج
وقد القى موقفها ذلك ،بعض املعارضة ،حيث يقول"أنتني
إىل كفاءات عديدة من دون أي شك لكي يتمكن من
Antin FOUGNER فوقنر رايدنينغ"
َتاوزه ،وقد الحظنا من خالل األمثلة اليت مت التطرق إليها
:RYDNING
من ذي قبل ،أبن ما تدعو إليه "فوكس" إبَياد مكافئ
غامض يف اللغة املستهدفة ،ال يبدو أمرا ممكنا ابلنسبة هلذا « Elle préconise donc le maintien de
النوع ابلذات ،أساسا ألن ما يشكل جناسا يف لغة معينة، l’ambigüité. On voit bien que ce
قد يرفع بتمرين الرتمجة يف حد ذاِتا ،خاصة عند اختالف conseil émane d’une linguiste
األنظمة اللغوية وتباعدها ،مثل اللغة العربية واللغة influencée par le traitement
169
املعجمي وتفكيك النص إىل وحدات يستلزم أن يكون ويبدو أن توفّق املرتجم يف معاجلة هذا النوع من الغموض
املرتجم متمكنا من اللغة األصل وحميطا جبميع خصائصها املرجوة خاصة عند ترمجة
ّ مرتبط جبميع كفاءات املرتجم
اللغوية اليت تعينه على فهم النص ،سواء تعلق األمر نصوص متخصصة مثل النصوص االقتصادية ،وأبرز
مبصطلحات أو ألفاظ عادية ،كما يبدو أن اجلناس خيص الكفاءات اليت أمجع عليها العلماء هي كما أشارت إىل
"استعماالت متخصصة للّغة العادية" أو ألفاظ عادية مت سكالبا" ذلك"فيديريكا
توظيفها ضمن خطاب اقتصادي أكثر من املصطلحات :Federica SCLAPA
املتخصصة ،كما أن متكنه من اللغتني يساعده مثال يف
« Parmi les six composantes relevées
التعرف على "املتصاحبات الكاذبة" « faux
(compétence bilingue, compétence
» amisأي تلك الظاهرة الرتمجية اليت قد تكون سببا
extralinguistique, savoir sur la
مصطلح مثال ترمجة عند اجلناس حلدوث
compétence traductionnelle,
commissionالذي يدل يف سياق اجنليزي
compétence stratégique et
commission houseأي اقتصادي على
composante
: maison de courtageشركة وساطة ،يف حني
psychophysiologique) ».57
يدل اللفظ الفرنسي على هيئة أو جلنة.
"الكفاءة اللسانية (التمكن من اللغتني-األصل واهلدف-
-2.7
) ،الكفاءة غري اللسانية (املوسوعاتية) ،الكفاءة الرتمجية
لكفاءة اإلسّتاتيجية:
(كفاءة النقل) ،الكفاءة اإلسرتاتيجية ،والسيكولوجية)"
ميكننا القول أبن هذه الكفاءة ضرورية ابلنسبة لعمل
(ترمجتنا)
املرتجم الذي يصادف الغموض مهما كان نوعه ،ألهنا
تعين يف مفهومها العميق ،قدرة املرتجم على مواجهة ويف ضوء ما مت التوصل إليه من مالحظات حول تعامل
الصعوابت اليت تعرتضه ،ومبا أن الرتمجة االقتصادية تعىن املرتجم االقتصادي مع ظاهرة اجلناس ميكننا أن نقرتح
برتمجة نصوص متخصصة ،فإن الغموض يع ّد يف مثل هذه الرتتيب اآليت للكفاءات املرجوة ملعاجلة هذا النوع من
النصوص "من بني الصعوابت" اليت تواجه عمل املرتجم الغموض:
املتخصص ،خبالف ترمجة الشعر على سبيل املثال والذي
ل -1.7
يستغل اجلناس فنيا ومجاليا .فهذه الكفاءة ضرورية ،ألهنا كفاءة اللسانية:
متكن املرتجم من التمييز بني ما هو جناس وما هو من ميكننا أن نع ّد هذه الكفاءة أهم املهارات اليت َيب أن
تعدد املعىن ،وما يعّب عن غموض من نوع آخر مثل يكتسبها املرتجم حّت يستطيع "فك الغموض"ألن التحليل
الغموض الصويت أو "املتصاحبات الكاذبة" ومما ال شك
170
حيتاج أيضا إىل دراية بعلم اللغة النفسي ،و يبدو أن هذه فيه أبنه لن يتم ّكن من "اخليار السليم" إال مرتجم حمنّك
الكفاءة مهمة عند ترمجة النصوص االقتصادية على غرار صقلت التجربة عمله ،وقام برتمجات عديدة مماثلة ،م ّكنته
ابقي النصوص املتخصصة ،خاصة عند ترمجة بعض من اكتساب "اسرتاتيجيات حمكمة" إىل جانب رصيده
تعمدت املراوغة والتأثري مثل بعض نصوص
األساليب اليت ّ اللغوي الثري..
التسويق واخلطاب التحفيزي ،إال أن ترمجة اجلناس تتلخص
-3.7الكفاءة الّتمجية:
يف معظمها يف ترمجة ألفاظ تساعد سياقات معينة على
فكها ،وتكفي يف أغلب األحيان ملعاجلتها ،وال حتتاج إىل ميكننا القول أبهنا تضم الكفاءات اليت مت ذكرها.
الغوص يف أفكار املؤلف العميقة مثل اليت يعتمدها مؤلف -4.7الكفاءة غري اللسانية:
الرواايت والقصص املثرية أو األشعار واخلواطر اليت تعتمد
تلخص هذه الكفاءة يف القدرة على القيام
ميكن أن ّ
على اخليال الواسع.
تعّب عن معلومات املرتجم
ابلبحث التوثيقي ،وإن كانت ّ
)8مثال تطبيقي: غري اللسانية وعن ثقافته الشخصية ،فإن األمر يبدو قد
إذا أخذان على سبيل املثال املقطع التايل: أصبح يف متناول أي مرتجم ،خاصة وفق كل ما توفره
• Dans le troisième chapitre, sont أدوات اإلعالم اآليل واللوجيسيات واملعاجم االلكرتونية
examinés les marchés plus récents واملوسوعات ،حيث أصبح اآلن من الصعب أن حيمل
tels que les marchés des facilités املرتجم هذا اللقب من دون أن يكون قادرا على االستعانة
d’émission (euro-note et euro- بتلك األدوات احلديثة ،وعلى الرغم من أمهيتها ابلنسبة
papier commercial) qui lient les
للرتمجة املتخصصة على غرار الرتمجة االقتصادية ،إال أهنا
marchés des eurocrédits et des
تبدو أقل نفعا عند التعامل مع اجلناس إذا ما مت مقارنتها
euro-obligations, et les marchés des
actions internationales58. مع الكفاءة اللسانية.
• En termes d’émission, les
-5.7الكفاءة السيكولوجية:
montants émis sur les marchés
obligataires et des notes à moyen كثريا ما يكون هذا النوع من الكفاءات ضروراي لعمل
terme nationaux étaient de l’ordre املرتجم عند تعامله مع الغموض ،خاصة عند وجود
de 4 000 milliards de dollars et ceux احتمال نقله إىل اللغة املستهدفة ،حيث تتجلى كفاءة
émis sur le marché international de
املرتجم السيكولوجية يف قدرته على التعرف على قصد
2 600 milliards de dollars. En fait,
املؤلف والسبب الذي دفعه إىل استعمال الغموض ،والذي
quel que soit le mode de
171
des الوحدتني املعجميتني d’émissionو financement considéré, les marchés
،missionsوابلتايل بني الوحدتني الرتمجيتني facilité internationaux ont un poids
d’émissionو ،facilités des missions important qui s’accentue d’année
خاصة إذا كان اخلطاب كما سبق و أشران إىل ذلك، en année59.
"مقروءا" حيث َيد املرتجم صعوبة يف الرتمجة ،فهل يوجد • Les émissions d’actions
"سهولة يف البث /النشر/اإلصدار" أم " ،املهام (مجع internationales, qui étaient
مهمة) سهلة"؟ négligeables il y a une quinzaine
ميكن البدء ابلقيام بتوسيع دائرة السياق ،لنجد qui d’années, représentent maintenant
،lientواليت قد توحي أبن أسواق البث البسيطة/السهلة des volumes conséquents et
مرتبطة ابألسواق األوروبية ،كما ميكن أن تكون املهام témoignent de la mondialisation
des entreprises. Les marchés
سهلة ويسرية أيضا ،مما َيعل الغموض "انفذا"
d’euro-papier commercial et
بعد ذلك ميكننا أن منر إىل عملية التحليل املعجمي
d’autres instruments sur le marché
مباشرة ،لنتأكد من وجود لفظني خمتلفني متاما ،يعود كل monétaire ont représenté des
واحد منهما إىل أصل مغاير ،فاألول ينتمي إىل الفعل montants importants en 1999
émettreالذي يدل على مصدر une et 2000 ; leur baisse, et plus
émission /des émissionsو اليت قد حتتمل précisément les remboursements
massifs de ce type d’emprunts
بدورها "تعدد للمعىن" مع اللفظ الذي تطورت داللته
en 2001 et en 2009, reflète en fait
ليعّب حاليا "على بث إذاعي/تلفزيوين" يف حني تظل
leur flexibilité et leur adaptation au
الوحدة املعجمية une mission/des missions
contexte – en l’occurrence, des
تدل على أصل خمتلف متاما اليت تدل على مصدر un faibles taux d’intérêt à court terme
missionnaireالذي يرمز إىل الرسالة و املهمة.أي et un détournement des
حالة جناس لفظي صويت homophoneو بعد emprunteurs de ces produits vers
صويت لفظي جناس وجود من التأكد les financements à long terme60.
لقد قمنا ابنتقاء ثالث مقاطع من املقال نفسه ،ولنفرض
،homophoneميكن للمرتجم أن حيدد خيارا ترمجي،
أبن النص قد ق ّدم للرتمجة ،ولكن عن طريق اإللقاء ،أي
إما بتدوين اخلطاب والتعرف مباشرة على املعىن الدقيق ،أم
أن املرتجم ملزم بتدوينه.
ابستعمال معجم متخصص ،أم مبطالعة نصوص اقتصادية
موازية تكشف "معىن العبارة اجلاهزة"" :تسهيالت إصدار • يف املثال األول جند أبن اللفظ émissionقد يكون
السندات". حمل غموض معجمي بسبب احتمال وجود جناس بني
172
والتوثيقي ،خاصة النصوص املوازية اليت َتعله يعتاد • أما ابلنسبة للمثال الثاين ،جند نوع الغموض املعجمي
العبارات اجلاهزة. نفسه" :جناس لفظي صويت "homophoneولكننا
نالحظ أبن توسيع السياق يساعد أكثر من املثال األول،
ومن مثة ميكننا أن نتأكد أيضا من أمهية الكفاءة اللسانية فإذا قام املرتجم ابلتأكد من نوع النص "اقتصادي"،
يف التعامل مع هذا النوع من الغموض ،الذي ختتلف وابلتايل التعرف على السياق الداخلي واخلارجي الذي
أسس معاجلته من موضع إىل آخر وتتفاوت يف درجة يساعد على اختيار "إصدار" لرتمجة العبارة en
التعقيد. ،termes d’émissionsأي "إذا ما تعلق األمر
ابإلصدارات" ،كما ميكنه االطالع على النصوص املوازية
صل إليه من نتائج فيما يلي
وميكن تلخيص ما متّ التو ّ يتمكن من مالحظة ترمجة obligataireابملكافئ أين ّ
ذكره: "سندات" أيضا.
• ابلنسبة لالستعمال الثالث للفظ فإننا نالحظ أنه قد
• َيب على املرتجم التأكد من نوع الغموض قبل الرتمجة
استخدم بصيغة اجلمع ،les émissionsوابلتايل فإن
الذي قد يكون غري مقصود يف بعض احلاالت ،والذي
هذا االستعمال يف حد ذاته ينفي الغموض املعجمي
ترفعه "ترمجة تصحيحية"
ويرفعه ،حيث أن مجع لفظ missionهو des
• الدور املهم الذي ميلكه نوع النص يف التعامل مع
les missions/missionsبينما مجع une
الغموض ،حيث أن ترمجة جناس ضمن بيت شعري،
des émissions/les émissionهو
ختتلف من دون شك عن ترمجة اجلناس بني وحدات
émissions
معجمية ضمن نص متخصص.
يتضح إذن من خالل األمثلة اليت أوردانها ،أين مت
• ضرورة القيام بتحليل معجمي ،الذي يساعد على
حتديد األهداف واخليارات الرتمجية من خالل التمييز استخدام اللفظ نفسه ،والذي قد حيتمل استعماال عاداي
بني حاالت تعدد املعىن واجلناس اللفظي وفق معايري للغة ضمن ُمال التخصص ،كما قد يكون مصطلحا
ودراسة ايتيمولوجية ،أو استنتاج أسباب أخرى مثل متخصصا حيتمل توظيفا معينا للمعىن ،أبن اجلناس بني
وجود "متصاحبات زائفة" الوحدات املعجمية متواجد بكثرة يف اللغة الفرنسية ،وأبن
• ضرورة االستعانة بنظرايت غري ترمجية مثل النظرية يتسىن للمرتجم إذا ما استعان أبدوات
رفعه ومعاجلته ،قد ّ
السياقية ،بسبب أمهية املناص ) (cotexteوالسياق
وآليات مثينة على الرغم من بساطتها ،مثل النظرية السياقية
اخلارجي يف رفع هذا النوع من الغموض ،الذي ميكن
اليت تتخذ السياق عنصرا جوهراي عند التعامل مع
تثمينهما ابلبحث املصطلحي والبحث التوثيقي على
حد سواء ،مما يؤكد ضرورة التكوين اجليد للمرتجم الغموض الذي قد يشكله اجلناس بني الوحدات املعجمية
الذي قد يتحتم عليه القيام مبهام املصطلحي أو رجل والرتمجية ،وأيضا بفضل األدوات اليت ال ميكن للمرتجم
االقتصاد. املتخصص االستغناء عنها ،أي البحث املصطلحي
173
نقل اجلناس كخيار ترمجي غري وارد ،بسبب األدوات اليت • أمهية النظرية التأويلية يف التعامل مع اجلناس ،لعنايتها
ترفع هذا النوع من الغموض املعجمي ،واليت تتفاوت بني الفائقة مبرحلة 'الفهم" و"السياق يف مفهومه الواسع"
البساطة اليت تلخصها نقطة على حرف ،والتعقيد الذي وبعدها التواصلي والرتمجي ،اليت ال تكتفي ابلنظرة
اللغوية السطحية مثل املدرسة البنيوية.
قد يتضح من خالل سياق آخر خمتلف متاما مثل اللغة
• استحالة القيام مبا يدعو إليه بعض اللسانيني أمثال
تعمد السكوت
املنطوقة ،اليت تغّري ُمراها نّبة أو تنغيم أو ّ "كاترين فوكس" ،الذين حيثون على إَياد املكافئ
يقل أمهية
ضمن قول ما ،وهو جانب آخر من اخلطاب ال ّ الغامض يف اللغة املستهدفة ،والذي يبدو غري ممكنا
عن اللغة املكتوبة ،مما َيعل تعامل املرتجم مع هذا النوع ابلنسبة للجناس ،ألن اللفظ الغامض ضمن اللغة
من الغموض املعجمي على غرار ابقي أنواع الغموض أمرا األصل بسبب اجلناس ال يعين أبنه غامض ابلضرورة
مرتبطا أساسا بكفاءة املرتجم الشخصية اليت تظهر من ضمن اللغة املستهدفة ،خاصة عندما تنتمي اللغتني إىل
خالل كفاءة لسانية وإسرتاتيجية حمكمة ،إىل جانب ابقي نظامني لغويني خمتلفني ،مثل اللغة العربية والفرنسية.
• أكثر َتليات اجلناس يف اللغة االقتصادية ختص األلفاظ
الكفاءات اليت ال ب ّد ملرتجم النصوص املتخصصة أن
وليس املصطلحات ،ويظهر إذن يف معظم حاالته يف
ميلكها ،حيث يساعده حسن استغالل وتوظيف النظرية
استعمال متخصص أللفاظ اللغة العادية أو املتداولة.
الرتمجية أو اللسانية أو النفسية حبسب اختالف نوع خامتـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة:
الغموض يف إَياد احلل األجنع ،و ملّ احلرية اليت قد تنتابه
ختاما ،ميكننا القول أبن اجلناس اللفظي الذي ميثل أحد
عند مصادفة هذه "الصعوبة" و اليت ألقى عليها "روانلد
أنواع الغموض املعجمي ،يشبه ابلنسبة للمرتجم الذي
النديري" اسم "التحدي الرتمجي" ،ورمبا يعني يف املستقبل
اجلراح الذي قد
يصادفه وحياول ف ّكه أو معاجلته ،عمل ّ
املتوفرة لدى املرتمجني و
ّ االستعمال الدقيق لألدوات
يقوم بعملية يف غاية البساطة ،ولكنها قد تكون أيضا سببا
تطويرها ،إىل ضبط العملية الرتمجية وتفنيد الرؤية االعتباطية
يف هالك املريض بعد اقرتاف خطأ صغري جدا أثناء القيام
لعلم الرتمجة.
بتلك العملية ،مما َيعل التعامل مع هذا النوع من
الغموض سهال ومستعصيا يف الوقت ذاته،
اهلوامـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــش: حيث أن الرتمجة تبقى عمال شيقا وشائكا ،ألن خيارات
املرتجم مرتبطة بعوامل متعددة ،ختتلف من نص إىل آخر
ومن وضعية ترمجية إىل أخرى ،وإذا ما تعلق األمر
ابلغموض ،فإن معاجلته تستلزم كفاءات عديدة تتفاوت
1
Catherine FUCHS, les ambiguïtés
بتفاوت طبيعة هذا الغموض ،و قد يكمن توفّق املرتجم يف
du français, 1996, OPHS, Paris, P.07.
معاجلته يف قدرته على نقل الغموض ،يف حني يبدو أبن
174
sémantiques dans la langue du *عند ابن قتيبة
droit. Les études françaises 2
حلمي: عن،32 ص، أتويل مشكل القرآن، ابن قتيبة،ينظر
aujourd'hui. pp. 325-337. P326.
العربية والغموض دراسة لغوية يف داللة املبىن على،خليل
Les langues slaves ،2013 ،2 ط، جامعة اإلسكندرية، دار املعرفة العلمية،املعىن
.47ص
https://www.almaany.com/fr/dict/ar-
fr/accident/?c=Tous ترمجة من املعاين 3
Cf, Olivier SOUTET, La polysémie,
Presses De L’Université Paris-Sorbonne,
8
Catherine FUCHS, les ambiguïtés
Paris, 2005, P.84
du français, P.9.
9
4
Geroge MOUNIN, Dictionnaire de
Chantal RITTAUD-HUTINET,
la linguistique, 4ème Edition, 2004,
équivoque Homophonique En
Presse Universitaires de France, Paris,
Français : Polyvalence Fortuite Et
P164
Ambiguïté Volontaire Etudes Romanes
5
De Brno 35, 1, 2014, P.149. https://www.almaany.com/ar/dict/arar/%
D8%AC%D9%86%D8%A7%D8%B3/?c=
10
Op.cit, P.147
%D9%84%D8%B3%D8%A7%D9%86%2
11
Catherine FUCHS, les ambiguïtés 0%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%
du français, P.92. D8%A8
12
Idem, P.93 6
https://www.almaaref.org/books/content
simages/books/allougha_alarabeya/albalag
séquences ترمجة
ha_almoyasara/page/lesson24.htm#4-
79 ص، العربية والغموض،حلمي خليل13 _%D8%B3%D9%88%D8%B1%D8%A9_
14
Ronald LANDHEER Université de %D8%A7%D9%84%D8%B6%D8%AD%
175
23 16
Zuzana Raková Masarykova, Les
https://fr.mimi.hu/economie/chevalier_bl théories de la traduction, Univerzita
anc.html Brno, 2014, P.124.
17
Umberto ECO, Dire presque la
virtuel ترمجة même chose, 2003 R.C.S. Libri S.p.A.,
79 ص، العربية والغموض، حلمي خليل24 Bompiani, Milan. © Éditions Grasset &
Fasquelle, 2006. Pour la traduction
25
Catherine FUCHS, les ambigüités
française, P 37.
du français, P.26.
دراسة، السياق وأثره يف املعىن،املهدي إبراهيم الغويل 18
26
Idem.
،2011، ليبيا، بنغازي، أكادميية الفكر اجلماهريي،أسلوبية
27
Idem, P.26. 17ص
28
https://www.almaany.com/ar/dict/ar- 14 ص، املرجع نفسه19
ar/%D8%B9%D9%85%D9%84%D8%A9/ 20
Jacqueline Percebois, « De l’anglais
/
au français en langue de spécialité
https://www.almaany.com/ar/dict/ar-29 économique : équivalences attestées et
ar/%D8%AF%D9%8A%D9%86 détours des choix traductologiques », ASp
[En ligne], 45-46 | 2004, mis en ligne le
30
Op.cit, P.26.
28 mars 2010, consulté le 30 septembre
31
Idem. P.27. 2016. URL : ttp://asp.revues.org/1055 ;
32
RAIMBAULT, Guy. Comprendre DOI : 10.4000/asp.1055.
details.php?id=30 22
Catherine FUCHS, les
ambiguïtés du français, P.35
176
39 34
https://www.reussir- https://www.almaany.com/ar/dict/ar-
toeic.com/vocabulaire-toeic-50- ar/%D8%B3%D9%85%D8%A7%D8%B7/
expressions-idiomatiques-liees-a- 35
Alessandra ROLLO, Approche
lentreprise-que-vous-devez-connaitre/
cognitive de la traduction
40
Idem économique : réflexion théorique et
41 retombées pratiques, MonTI 8 (2016 :
Idem
61-93). ISSN 1889-4178, P75.
42
Idem
36
DURBAN, Christine. « La
43
Jean DELISLE, Terminologie de la
traduction financière ». In : Universités
traduction, John Benjamin Publishing et Colloques Rennes 2. Spécialisation de
Company, Philadelphia, USA, métiers : actes du Colloque international
1999, P.81. sur les Spécialités et spécialisations dans la
، قاموس املصطلحات التجارية واالقتصادية واملالية،جريج مىن 44 formation et les pratiques professionnelles
، لبنان، الطبعة األوىل، مكتبة انشرون،فرنسي-عريب-انكليزي des traducteurs, Université Rennes
18 ص.2000 2,2002[en ligne]. Disponible sur :
45
http://academie- http://www.colloque.net/archives/2002/S
francaise.fr/sites/academie- pecM%E9tiers/Specimet021.htm.
francaise.fr/files/economie_finances_2012 37
Cf, Thèse de doctorat d'état option :
.pdf .P.65 théorie du développement : Les
46
KOTLER Philip, KOTLER on fondements théoriques de l'expérience
177
56
Antin FOUGNER RYDNING, Kotler France, BERNARD DUBOIS
Notion d’ambigüité, tradterm, 5(1),1° Groupe HEC, p.71
semestre de 1998, p.11-40, P.26.
فيصل: ترمجة، كوتلر يتحدث عن التسويق،كوتلر فيليب 48
57
SCARPA Federica, la traduction 68. ص، مكتبة جرير،عبد هللا اببكر
spécialisée : une approche 49
https://www.almaany.com/fr/dict/ar-
professionnelle à l’enseignement de
fr/cr%C3%A9neau/?c=Tous
la traduction, les presses de l’université
d’OTTAWA, OTTAWA, 2010. P.289. دراسة، السياق وأثره يف املعىن،املهدي إبراهيم الغويل 50
14 ص،أسلوبية
58
Les marchés financiers internationaux
2011 (3e éd.) Pages : 128 ISBN
51
Séleskovitch, D., 1981. «Introduction.
53
https://static.lexicool.com/dictionary/KU
1MG816392.pdf
54
Umberto ECO, Dire presque la
même chose, R.C.S. Libri S.p.A.,
Bompiani, 2003, Milan. Éditions Grasset
& Fasquelle, 2006.pour la traduction
française P. 16.
55
Catherine FUCHS, les ambiguïtés
du français, P.88.
178