Professional Documents
Culture Documents
02 ظاهرة التعريب في العربية والقرآن
02 ظاهرة التعريب في العربية والقرآن
1
ُ ً والت ُ َّ
عريب عند اللغويين القدامى بإعطاء تعريف للفظ التعريب نقال عن العرب ،حيث
َّ ُ ُ َّ ُي ُّ
األج َج ِيِّ إلى
اللفظ ْ
ِ سمون اللفظ األججيِّ الذي أدخلته في لغتها ُم ْع َرًبا ُوم َع َّرًبا ،والتعريب نقل
منه ِاج َها؛ كما قال الجوهري ،فما أمكن حمله على العرب على َ ُ العربي ِة ،وليس الز ًما ْأن َّ
تتفو َه به َّ
َ تلقوه ،إال َّ تكل ُموا به كما ُّ ٌ َّ نظيره حملوهْ ،
العرب ليس ِ عند األججيِّ العلم أن نظير له يكن لم فإن
دخيلة على اللغة العربية من لغات ٍ كلمات
ٍ جديدة ُت ُ
قابل ٍ كلمات
ٍ
ُ
إيجاد والت ُ
عريب هو ُبمعربَّ .
ٍ
اللغويّ ُّ ُ ُ َ ُّ ُ ّ
عملية ثر ٍاء لغوي ت ُ ُ ُ َّ
أجنبية؛ أي :أنها َّ
ِ أصيلة من
ٍ هود
غة ,وتحتاج ِلج ٍ تجديد الل ِ ِ سهم في ٍ
عريب له دو ٌر ٌ والت ُ الحديث بلغة أخرى في صميم لغتنا األمَّ . َ للتنقيب في اللغة ,لكي ال ُ َّ
كبير ٍ نقبل ِ
َّ ً
شتى غربية في َّ
صطجحات َّ ٍ
ٍ يضطلع به علم املصطجح لكي نحقق هويتنا العربية؛ بدال من الت ُّرن ِم ُبم ُ
جاالت ثقافاتنا الصناعية واألدبية والسياسية. َم ِ
ُ
َّ -أما املعنى االصطالحي للتعريب فقد استعمل ألربعة معان:
تم هذا النقل دون سواء َّ األول :التعريب هو نقل الكلمة األجنبية ومعناها إلى اللغة العربيةٌ :
تم نقل اللفظ األجنبِّ إلى اللغة العربية من تغيير في الكلمة أم بعد إجراء تغيير وتعديل عليها ،وإذا َّ
(دخيال ،وإذا وقع عليه التغيير ُس ِ ّيِّ ُ(م َّ ً
عرًبا ،ومن أمثلة الدخيل ألفاظ دون تغيير ُس ِ ّيِّ
:األوكسجين ،والنتروجين ،والنيترون ،ومن أمثلة املعرب ألفاظ :التليفون والتلغراف([ . ]5ويطلق
على العملية كلها مصطجح":االقتراض اللغوي أو االستعارة اللغوية" وهي عملية تمارسها اللغات
ً
الحية باستمرار إذ تقترض اللغة ألفاظا معينة من لغات أخرى للتعبير عن مفاهيم جديدة لم
يعهدها الناطقون بتلك اللغة من قبل .
الثاني :التعريب بمعنى الترجمة :فقد اخذ التعريب في العصر العباس ِّ والعصر الحديث
مفهوما آخر هو :نقل فكرة أو مفهوم من لغة إلى أخرى ،أو نقل معنى نص من لغة أجنبية إلى ً
اللغة العربية ،وقد يتألف هذا النص من فقرة أو كتاب كامل ،والتعريب بهذا املعنى يكون مرادفا
للفظ (الترجمة ([. ]6
كالماالثالث :التعريب هو استعمال اللغة العربية لغة لإلدارة في فروع املعرفة املختلفةً :
ً ً اسة وتدر ً ً ً
وتأليفا ،لذلك عربت حكومات الدول العربية بعد استقاللها في يسا وترجمة وكتابة ودر
العصر الحديث اإلدارات واملؤسسات االقتصادية والتعليمية بعد أن كانت فرنسية أو انكليزية أو
ايطالية ،فنشأ شعور بأهمية إحياء دور اللغة العربية في التعليم وجعلها لغة العلم وتدريس
2
العلوم ،فنشأت حركة التعريب في مصر في القرن التاسع عشر ،ومن ثم في سوريا والعراق في
القرن العشرين بعدها توالت حركات التعريب في بلدان الوطن العربي مثل تونس والجزائر
واملغرب واألردن والسودان وغيرها([ ... ]7وهذا يعنِّ أن مفهوم التعريب في بداية عهد االستقالل
ينصرف إلى تعريب اإلدارةَّ ،أما اآلن فإنه ينصرف إلى تعريب التعليم بمراحله املختلفة ،ولكن
البلدان العربية لم تكن تسير بخطى واحدة في هذا املجال فبعضها مض ى إلى تعريب التعليم حتى
بلغ املرحلة الجامعية ،في حين أن بعضها اآلخر ال يزال مزدوجا للغته في مراحل تعليمه االبتدائي
والثانوي ،مثل بعض بلدان املغرب العربي.
الرابع :هو اتخاذ قطر بأكمله اللغة العربية لغة حضارية له ":أي تصبح لغة التخاطب
والكتابة السائدة فيه ،ممثلة للثقافة العربية واإلسالمية]8[( .
وينقسم التعريب عن طريق التغيير في اللفظ املعرب إلى أربعة أنواع:
أ -إبدال حرف صامت بآخر صامت(لكام:لجام استبدلت الكاف بالجيم،وصرد بسرد السين
بدل الصاد .
َ
ب -إبدال حركة صائت بحركة صائت ( شطرنجِ :شطرنجَ ،دستورُ :دستور .
ج -زيادة حرف ونحوه ( رنده :أرندج زيدت األلف واستبدلت الهاء جيما .
د -حذف حرف أو أكثر ( سابور أصلها شاه بور ،وبريد أصله ُب َريدة .
ورتين ،هما: ص ْ فق التغيير واإللحاق إلى ُ وينقسم اللفظ املُعرب َو َ
ِ ِ ِ
العربية نحو آجر وفرند ،والذي ِ باألبنية
ِ
ْ َ َّ
تغير وهو نوعان :الذي تغي َر ولم ُيجحق -األولى :املُ ُ
هم. ْ َ َ
العربية نحوِ :در ٍ
ِ األبنية
ِ بأحد
وألحق ِ تغير ِ
ُ َّ
بأبنيتهم نحو خراسان املتغير وهو نوعان كذلك :الذي لم يتغي ْر ولم يجحقوه ِ ِ
-الثانيةُ :
غير
ُ َ لم ْ وكركم وقهرمان ،والذي ْ
العربية نحو خ ّرم. ِ األبنية
ِ بأحد
وألحق ِ يتغير ِ ْ
ّ ى ُ بعض الدارسين ْأن ُ ُ وحاو َل
الصوتي وتغييرا ِته ،فكان
ِ ستو امل على املعرب للفظ قعدوا ي
النحو: ُ
األمر على هذا
ِ
بحركة :فقالوا ُ :دستور وأصلها الفارس ُِّّ َدستور. ٍ حركة
ٍ ُ
إبدال 1
بحرف :فقالوا َ :جورب وأصلها كورب. ٍ حرف إبدال ٍ ُ 2
أكثر :فقالوا :فهرس وأصلها فهرست. حرف ْأو َ 3إسقاط ٍ
3
حرف :فقالوا :ديباج وأصلها ديبا. 4زيادة ٍ
معرب نموده. ُ معرب بالوده وأنموذج ُ إبدال حرفين بحرفين أو أكثر :فقالوا :فالوذج ُ 5
معرب نشابور. ُ آخر :فقالوا :نيسابور صوت وزيادة َ ٍ إبدال ُ 6
الكلمة التقاء الساكنين في َ معرب parsفغيروا ُ املقطعي :فقالوا :فا ِرس ّ النظام تغيير في ٌ 7
ِ ِ ِ
التقاء rsمن َ واضح في ٌ التقاء ساكنين ،كما هو َ ُّ
املقطعي يقبل ُ
نظامها ألن العربية ال ُ األجنبيةّ ،
ِ
األجنبية.
ِ الكلمة
ِ
ُّ ّ 8قبو ُل
األصل ِ تغيير :فقالوا :كركم وخرم وخراسان كما هي في ٍ الغريبة بدو ِن ِ
أي ِ الكلمة
ِ
ّ
األجنبِّ.
ِ
ربي، ّ َ ّ اللغات األخرى الصرفي ّ ّ وعلى املستوى
الصرفي الع ِ ِ للنظام
ِ ِ طوعوا ما اقترضوه من ِ
ُ ُ
عربة ،واشتقوا الكلمات امل ِ ِ والتنكير إلىِ والتعريف
ِ والتذكير
ِ للتأنيث
ِ العالمات امل َميزة ِ فأضافوا
من ِد ْر َهم .وما هم ُت ْ الفعل َد ْر ْ َ التعريف ،واشتقوا الم ُ َ َ
ِ بإدخال ِ
ِ الديباج واألسماء ،فقالوا: األفعال
الباص بتعريف كلمة busاملُ َعربة بـ باصْ ، َ
وتلفن ُت ِ ِ ِ ُ فهم يقولون: اليومْ ، َ العرب يفعلون هذا ُ زالت
والعجيب ّأن ُع َ ُ
القدماء ق ْد تنبهوا ِلهذا ِكله، ِ األفاضل من َ لماءنا ُ املشتقة من ،telephoneوهكذا.
الع َر ُب أج َرْته َ قد ْ ":إن ما أعر َب (أيُ :ع ّر َب من أجناس األججمية ْ جنِّ في الخصائص ّ ابن ّ فقال ُ َ
ِ ِ ِ ِ ِ
فرند ...وجميع ما ْتدخله ُ صرفون في َ ْ َ ْ َ
الم ِ ٍ الع ِلم نحو... كالمها؛ أال تراهم ي ِ مجرى أصو ِل ِ
قلت: علي :إذا َ الصرف ومن ِعه َم ْجراها" .وور َد في الخصائص كذلك":وقال أبو ّ التعريف..فجرى في
ِ ِ ِ
كالم العرب"([. ]9 ْ ُ َ
طاب الخشكنان ،فهذا من ِ
من العربي ْ ّ اللفظ ُ
أحكام عليه ي ر تج أصبح عربيا ْ َ أججمية ألفاظ من الع ُ
رب ّإن ما َع ّر ْبته َ
ِ ِ ِ ٍ ٍ
يذهب إلى هذا ُ أحك ٍام ،كما من ْ إعراب وتعريف وإضافة وتذكير وتأنيث وتثنية وجمع وغير ذلك ْ ْ
ِ ٍ ٍ ٍ ٍ ٍ ٍ
بية َ باستعمال ما َع ّربوه ُ ّ السيد ُ ُ
األلفاظ العر ِ ِ استعمال ِ أجدادنا املغربي ،وكما أقره القادر
ِ عبد
الكريم. الجاهلي ،وفي القر ِآن ّ الشعر األمر فيتماما .هكذا كان ُ
ِ ِ
فإن فأهم ما يميز العربية ،في هذا املستوى ،ظاه َرة اإلعراب ،وعليه ّ وعلى املستوى النحو ّي ُ
ِ ِ
قليل ،في هذه َ ْ ّ
الظاهرة فعلماؤنا اعتبروه عربيا ،وقد َّ َ َ عر َب إذا اللفظ املُ ّ
مر بنا قبل ٍ ِ خضع لهذه
كالم ُ َ َ ّ
أستاذه ،أنك إذا قلت :طاب الخشكنان ،فهذا من ِ ِ علي
املقالة ،عن ابن جنِّ يروي عن أبي ٍ ِ
عددا من ّ
اب عليه .ومن باب النحو كذلك املمنوع من الصرف ،ولذلك فإن ً ُ العرب ،إل ْجرائك اإلعر َ
ِ ِ ِ
4
العرب بذلك ُ وع ِلم ّي ِتها ،فاعتبرها لع َدم َتمكنها من العربية َ الص ْرف َ األلفاظ املُ َع ّربة ُمن َع ْت من ّ
ِ ِ ِ ِ ِ ِ ِ
جمل الصرف .ومن هذا الباب كذلك ما َ ُ عربية ْ
العربية من ٍ ِ دخل إلى ِ املمنوع من ِ أحكام عليها جرت
ُ ُ ْ ْ َ ُ ّ َ ْ ْ أو تر َ
لغة اقت ِرضت ،أو قد نعرف ،كما هو الحال عن أي ٍ ِ من نعرف أن ن دو فيها فاستقرت اكيب
ُ
الفرنسية.
ِ اإلنجليزية أو
ِ رض ْت من اقت َ بعض الدارسين أنها بعض التراكيب التِّ ر ّج َح ُ
ِ
ّ ْ َ ّ ُ ْ َ ّ ُ
العربي
ِ وعلى املستوى الداللي ،فقد اقترضت العربية األلفاظ املعربة ،ثم ألحقتها بنسبها
أكان هذا سواء َ ٌ العربية، اللفظية الثروة أص ّليا من فأصبحت ُجزءا ْ ْ فأكسبتها معنى التصق بها،
ِ ِ ِ
كان هذا باملعنى قب َل انتسابها إلى العربية أم َ كانت األلفاظ املُعربة تحمله ْ األصلي الذي ِ ّ باملضمو ِن
ِ ِ
اللفظ. أعطته العربية لهذا ْ الجديد الذي
ِ ِ
سية بمعنى ْ
العربية من الفار ِ ِ وفدت إلى "الديوان" التِّ ِ الجلية في هذا الباب كلمة ِ األمثلة
ِ ومن
دخلت بها إلى ْ غير تلك التِّ دالالت كثيرة َ ُ
تكتسب َ
اليوم الدفتر ،غير أنها الصحف ،أو ُمجتمع
ٍ ِ ِ
ْ الكتاب الذي َي ْج ُ َ العربية ُ
مع بين دفتيه أشعارا ،كقولنا ديوان املتنبِّ أو ديوان شوقي نذكر منها ِ
ُ ُ كثيرٌ . وغير هذا املعنى ٌ وهكذاُ ،
أجنبية
ٍ ألفاظ
ٍ تزدحم به لغتنا املعاصرة من التعريف ما ِ وغنِّ عن
الظاهرة كلمة مثل على هذه ُ ْ
ِ وأيسر ٍ األصلية،
ِ لغتهاالعربية أو من ِ ِ دالالت من ٍ اكتسبت
ُ يكاد ٌ الديمقراطية التِّ ال ُ
سلطانها. ِ ألسنة العرب املعاصرين ينجو من ِ لسان من ِ
هضم هذا ياتها في بل َح ُ بالدخيلْ ، تفس ُد َّ يقول رمضان عبد التواب":وفي رأيي ّأن اللغة ال ُ
ِ ِ
َ
تعد َم ِزّية وخصيصة لها ،إذا هي صاغ ْته على األجنبُِّ ،
ِ
ّ الكالم
ِ تمثل
لغة ما على ِ الدخيل؛ ألن َمقدرة ٍ
ّ
ِ
العلم ،وال والتعريب ضرور ٌي ُ ْ ْ ّ َ
لحياة ِ ِ روحها"([، ]10 أوز ِانها ،وصبته في قوالبها ،ونفخت فيه من ِ
وص ْ بحروف معانيها وأفعالها َ خوف منه على كيان اللغة ،فإنما اللغة قائمة ُ َ
وبيانها ونحوهاِ ، ِ ها ف
ِ ر ِ ِ ِ ِ ِ
فكس َيتْ ُ ْ ْ ْ
قد التجأت إليهاِ ، غريبة عنهاِ ، ٍ مفردات
ٍ وخصائصها التِّ تمتاز بها ،ال ببضع ِ وشعرها، ِ
ْ
الئها ،حتى أصبحت منها ْ
وعليها. ْ َ َ ْ ْ َ
بط ِ وطليت ِ سائهاِ ، ِبك ِ
نظرا النفجار املعرفة والثورة َّأما في العصر الحديث فقد زادت الحاجة إلى التعريبً ،
أقر مما ساعد على زيادة استخدام املصطجحات الحضارية والعلمية .وقد َّ العلمية والتقنيةَّ ،
مجمع اللغة العربية بالقاهرة بالحاجة املاسة إلى التعريب وغيره من وسائل تنمية الثورة اللغوية
حرصا على اللغة ً قيد التعريب بالضرورة، عند نقل تلك املصطجحات العلمية إلى العربيةّ ،إال َّأن ُه َّ
العربية ،لغة القرآن الكريم والتراث األدبي ،حتى ال يفقد طبائعها وخصائصها ،وتضيع في خضم
5
أمواج تيار األلفاظ األجنبية .ولهذا فقد أجاز املجمع استعمال بعض األلفاظ األججمية عند
ُ َّ
الضرورة بعد تعريبها على طريقة العرب .وال ضير للتعريب كما يقول األمير مصطفى الشهابى كلما
عربي ٍة ُت ُ
كلمة َّ الع ُ َّ
تعذ َر ُ ُ َّ َّ
الكلمات األجنبية ،أو تعذر إيجاد ِ قابل ثور على ٍ مست الحاجة إليه ،وكلما
كلمة عربية تفيد معناها بوسائل االشتقاق املعروفة([ . ]11أو كما يقول محمد هيثم الخياط
أشد ججمية من الكلمات الدخلية ،أو يكون اللفظ حين تكون الكلمات العرابية األصلية املقترحة ّ
ّ
من األلفاظ التِّ اكتسبت صفة العاملية بدخوله كما في لغات العالم أو ُج ِلها([. ]12
ٌ
وكان ملجمع اللغة العربية بالقاهرة موقف من مصطجحات الحضارة ،فقد مال إلى أن يسجل
مظانها ،ثم يهذبها ويقر منها ما يرتضيه ،وما ال سبيل إلى ما شاع من هذه األلفاظ ،ويجمعها من ّ
ِ
ً
جهودا إقراره يدعه للزمن ،لكي يصجح من شأنه ،ويقوم من عوجه .وقد كرست للمجامع العربية
ؤدي إلى تطوير اللغة للوفاء بأن هذا املوقف ُي ّ إيمانا منها َّكبيرة لخدمة املصطجحات العلمية ،وذلك ً
ِ
مما يدخل ضمن أهداف املجامع ،وملعاونة بحاجات العالم ،واملتطلبات العصرية املختلفة؛ َّ
حتى يمكن السير في طريق تعريب العلم، العلماء والباحثين على التأليف العليِّ باللغة العربية؛ َّ
والدراسة العلمية باللغة العربية.
مقصور على ما ورد في عصور االستشهاد اللغويَّ .أما ما ٌ وقد رأى بعض العلماء أن التعريب
أكد ّأن املعرب سيى ُم َّول ًدا .كما ّ ورد بعد عصر االحتجاج من الكلمات ذات األصل األججيِّ ُفي َّ
ماع([ ، ]13وال دليل على اقتصاره على َّ
الس كلمة ،وقلته ٌ ألف ٍ الصحيح ال يزيد عدده في اللغة على ِ
ِ
اجعا إلى خشيتهم يجوز ملولدين أن يعربوا كالقدماء .وقد يكون تبنِّ أولئك العلماء لهذا املوقف ر ً
من طغيان الكلمات األججمية على الفصحى.
كثيرا من األلفاظ املعربة في املصطجحات املختلفة أقر ً ولكن مجمع اللغة العربية بالقاهرة َّ
التِّ عالجها ،كما أباح االشتقاق من هذه الكلمات ،فشاع استخدام األلفاظ املعربة في
وات َ
فق املصطجحات ،وزوال الحرج من املواقف على معربات لم يقرها العرب األقدمون([َّ . ]14
يضم علماء اللغة البارزين من مختلف الجنسيات على ضرورة لماء أعضاء هذا املجمع الذي ّ ُ
الع ُ
تنمية الثورة اللغوية العربية ،وتطويعها ألداء املتطلبات الفكرية والحضارية للعرب في العصر
الحديث ،وكذلك على صحة استعمال مصطجحات العلوم العرابية القديمة ،على الرغم من أنها
6
مولدة ،كما اتفق علماء املجمع أيضا على قبول األساليب املولدة ،مادامت خاضعة لتراكيب
الجمل العرابية.
ُ
عالمات يعرف بها األلفاظ املعربة في اللغة العربية استنتجها من ٍ وذكر اإلمام السيوطي
مقارنة نسج األلفاظ العربية بنسج هذه األلفاظ املعربة ،وهي([: ]15
.1النقل بأن ينقل ذلك أحد أئمة العربية.
.2خروجها عن أوزن األسماء العربية نحو ِإ ْي َرْي َسم ،فإن مثل هذا الوزن مفقود في أبنية األسماء في
اللسان العربي.
َ
ثم راء نحو ن ْر َجس ،فإن ذلك ال يكون في كلمة عربية. .3أن يكون أولها نون ّ
ٓ
.4أن يكون اخرها زاي بعد دال نحو املهندز .فإن ذلك ال يكون في كلمة عربية.
ّ
والجص. .5اجتماع الصاد والجيم نحو الصولجان،
خلو الكلمات الرباعية والخماسية من حروف الذالقة وهي الباء والراء والفاء وامليم والنون، ّ .6
نحو عقجش .فإنه متى كانت عربية فال بد أن يكون فيها شيئ منها ،نحو َس َف ْرجل ،جحمرش.
ُّ َّ َّ ُ ُ
خيلة إلى اللغة العربية حتى تتوارى إلى األجنبي ِة الد ِ األلفاظ
ِ بعضِ استعمال يشيع وقد
جانبها األلفاظ العربية األصلية ويندر استعماله .ومن أمثلة ذلك استعمال العرب "اإلبريق" مكان
"التامورة" ،و"امليزاب" مكان "املثعب" ،و"املسك" مكان "املشموم" ،و"الجاسوس" مكان
"السمسق" و"الباذنجان" مكان "الحدج" ،و"الرصاص" مكان "الناطس" ،و"الياسمين" مكان ّ
"الصرفان"([. ]16
املعربة :الفردوس؛ أي :البستان ،والقسطاس؛ أي :امليزان، ّ -ومن أمثلة األلفاظ الرومية
والقنطار؛ أي :اثنا عشر ألف أوقية ،والقسطال أي الغبار ،وقومس أي األمير ،واإلسفنط وهو
ضرب من الخمر.
-ومن أمثلة األلفاظ السريانية املعربة :فجج من فالغا:أي :الفقير ،والتأمور؛أي :موضوع السر،
والدربخة؛أي :اإلصغاء إلى الش ِّء.
-ومن أمثلة األلفاظ الفارسية املعربة :البستان ،والبهرمان؛ أي :لون أحمر ،والقرمز؛ أي :دود
ّ
يصبغ به ،والقيروأن؛أي:الجماعة وأصله كاروان ،والسراويل ،والبط؛ أي:الطائر املعروف،
والجاموس،واملغنطيس ،وللصولجان.
7
الصيق؛أي :الغبار ،وأصله صديقا ،والجداد؛ أي :الخيوط ّ -ومن األلفاظ النبطية املعربة:
املعقدة وأصله كداد.
-ومن أمثلة األلفاظ الحبشية املعربة :الهرج؛ أي :القتل .ومن أمثلة األلفاظ الهندية املعربة:
َ
االهل ْيناج([. ]17
ِ
-ومن أمثلة األلفاظ اليونانية املعربة :فلسفة ،وترياق ،وقولنج؛ أي :نوع من املرض ،قبرس؛ أي:
أجواد النحاس.
-ومن أمثلة األلفاظ الالتينية املعربة :بالط ،وامبراطور ،ودوق ،وكونت ،وقنصل ،وبارحة ،وبوق،
وكردوسة؛ أي :طائفة من الخيل([. ]18
-ومن أمثلة األلفاظ األجنبية املعاصرة املعربة :السينماّ ،
والتلفون ،والتلفزيون أو التلفاز،
والتلغراف ،ورادار،و املورفيم ،واأللوفون ،والسجارة ،واستوديو ،وبوتيك وما إلى ذلك.
غير َّأن بعض اللغويين العرب أطلقوا على مثل هذه األلفاظ اسم "التغريب" أي نقل اللفظ
أو التعبير األجنبِّ إلى العربية كما هو في لغته بغير تغيير دون أن تكون اللغة في حاجة إليه([. ]19
ً
وعاملت العرب األلفاظ املعربة معاملة األلفاظ العربية في االشتقاق منها؛ فمثال كلمة "لجام"
اشتق منها العربية :ألجم تججم والفرس مججم ،ومثل "تلفون" اشتق منها في العربية تلفن ،ومثل
تعرف تلك األلفاظ ،وتضاف ويضاف "تلفيزيون" اشتق منها في العربية تلفز وتلفزة ،وكذلك قد ّ
إليها ،وتثنى وتجمع ،وتذكر وتؤنث وفق أوزان العرب وقوالبها.
وبالتعريب نستطيع إدخال ألفاظ أججمية إلى اللغة العربية كما في قولك( :بدروم وهو
القبو أو السرداب( .كبوت غطاء السيارة األمامي( .سندويتش شطيرة ،أو فطيرة(.كتشب
طماطم ،أو بندورة(.كمبيوتر حاسب آلي ،أو حاسوب(.تلفزيون تلفاز ،أو رائي أو مرناة(.تلفون
هاتف .فاكس :فقس(.ماصة طاولة(.بريك كابح السيارة( .دركسيون مقود السيارة...فهذا تعريب
أللفاظ شتى من كالم األعاجم ،عربناه بإدخال مرادفه ،أو ما يدل عليه ،على اللغة العربية،
فأصبح ً
عربيا.
8