You are on page 1of 47

‫د‪.

‬ابراهيم أحمد نورالدين حامد‬ ‫القيادة بين الفهم القرآني والفهم الغربي‬

‫بسم هللا الرحمن الرحيم‬

‫القيادة بين الفهم القرآني والفهم الغربي‬

‫*‬
‫د‪.‬ابراهيم أحمد نورالدين حامد‬

‫المقدمة ‪:‬‬
‫إن أول ما يتبادر إلى الذهن في مفهوم القيادة ‪ ،‬قيادة الجيوش في المعارك‬
‫الحربية ‪ ،‬ربما ألن نتائجها عظيمة جداً في حالة نجاح قادتها في قيادة الجيوش‬
‫وتحقيق اإلنتصارات العظيمة ‪ ،‬وبالمقابل فإن خسائرها وخيمة وموجعة في حالة‬
‫فشل قادتها في تحقيق اإلنتصارات ‪ ،‬ورغم ذلك فإنه من غير المعقول أن يحصر‬
‫مفهوم القيادة في هذا المعنى الضيق ‪ ،‬فالقيادة سلوك إنساني واسع ينبغى أن‬
‫يكتنف كافة أنشطة اإلنسان على وجه البسيطة ‪ ،‬فقيادة الجيش جزئية في قيادة‬
‫الحكومات واألنظمة وهي بدورها جزئية في قيادة األمم نحو المعالي وهكذا ‪.‬‬
‫مشكلة البحث‬
‫األمة اإلسالمية اليوم أمة محاربة بشتى أنواع الحروب ومحاصرة بشتى أنواع‬
‫الحصار وهو واقع يستوجب الوقوف والنظر أين نحن من كتاب اهلل تعالى ونسأل‬
‫أنفسنا ‪ :‬لماذا تخلفت القيادات اإلسالمية عن قيادة الشعوب واألمة نحو المجد‬
‫والعز واإلستخالف والتمكين ؛ لقد كان التخلف ألننا نبحث في المناهج الغربية عن‬

‫* مدير مركز االعحاز القرآني والتأصيل المعرفي‪ ،‬الخرطوم‬


‫‪171‬‬
‫العدد(‪ )3‬شوال ‪1440‬هـ يونيو ‪2019‬م‬ ‫مجلة العلوم اإلدارية‬
‫د‪.‬ابراهيم أحمد نورالدين حامد‬ ‫القيادة بين الفهم القرآني والفهم الغربي‬

‫مفهوم القيادة وألن الشخصية القيادية الغربية أصبحت هي األنموذج الماثل‬


‫والمهيمن على ثقافة القياديين في األمة اإلسالمية ‪.‬‬

‫أهمية البحث‬
‫البحث في اإلطار العام حلقة من حلقات المدافعة عن اإلسالم ‪ ،‬وخطوة جادة‬
‫نحو المفهوم الراقي للقيادة وتحقيقها عبر الفهم القرآني في كل الظروف السياسية‬
‫واإلقتصادية واإلجتماعية والعسكرية واإلستراتيجية واإلعالمية المعيشة في ضوء‬
‫اإلستهداف العالمي لتشويه صورة اإلسالم بالنقد الموجه لمنهج اإلسالم في الحياة‬
‫كدين ودولة ‪ ،‬وبلورة النظام الغربي للقيادة كبديل متقدم يحتذى به ‪ .‬وهو من‬
‫ناحية أخرى محاولة لتنبيه حكامنا من الغفلة التي هم فيها وذلك بالتركيز على‬
‫المنهج التربوي العملي الذي نهجه السلف الصالح ‪ .‬لتزكية نفوسهم واحياء قلوبهم‬
‫‪ ،‬وشحذ هممهم وتنوير وتبصير عقولهم بإعالء القيم ‪ ،‬وقدح المعاني والغايات‬
‫العظيمة ‪ ،‬وازكاء الحماس في نفوسهم ‪ ،‬ليستبين طريقهم ووجهة أمرهم ‪ ،‬ويتضح‬
‫مقصدهم ويتحدد هدفهم ‪ ،‬فيتحقق تأهيلهم ويسهل سوقهم ؛ نحو القيادة الرشيدة‬
‫المطلوبة ‪ .‬وتحقيق البعد الروحي المفقود في القيادات اليوم وذلك طاعة اهلل‬
‫ورسوله صلى اهلل عليه وسلم والتأسي به في كل أموره والتزام هذا المنهج في كافة‬
‫مناشط الحياة ‪.‬‬

‫‪172‬‬
‫العدد(‪ )3‬شوال ‪1440‬هـ يونيو ‪2019‬م‬ ‫مجلة العلوم اإلدارية‬
‫د‪.‬ابراهيم أحمد نورالدين حامد‬ ‫القيادة بين الفهم القرآني والفهم الغربي‬

‫هدف البحث‪:‬‬
‫البحث في األساس جزء يسير من قراءة في مفهوم القيادة ـ دراسة موضوعية‬
‫في ضوء القرآن الكريم ـ وكيفية تتطبيقها في واقعنا عبر الفهم القرآني والتطبيق‬
‫النبوي الراقي ‪ ،‬مع اعتبار ظروف الواقع اإلسالمي ‪ ،‬مع سرعة إيقاع الحياة‬
‫واشكاالتها المتعددة ‪ .‬فاألمة اإلسالمية في حاجة عاجلة لقيادة رشيدة راقية ‪ ،‬تقود‬
‫األمة المسلمة بحنكة ودراية لتغيير واقعنا الماثل ‪.‬‬

‫منهج البحث‬
‫في هذا البحث إتبعت المنهج الوصفي التحليلي ‪ ،‬راجعت فيه النصوص‬
‫الدلة على مفهوم القيادة في القرآن الكريم ‪ ،‬قمت فيه بالوقوف على تفسير اآليات‬
‫وفقهها ثم عملت على دراستها دراسة وصفية تحليلية ‪ ،‬واضعاً في اإلعتبار‬
‫الظروف والعالقات القائمة ‪ ،‬والممارسات الشائعة ‪ ،‬حتى تبلورت النتائج والحلول‬
‫المطلوبة لمشكلة البحث ‪.‬‬

‫‪173‬‬
‫العدد(‪ )3‬شوال ‪1440‬هـ يونيو ‪2019‬م‬ ‫مجلة العلوم اإلدارية‬
‫د‪.‬ابراهيم أحمد نورالدين حامد‬ ‫القيادة بين الفهم القرآني والفهم الغربي‬

‫المبحث األول ‪ :‬مفهوم القيادة‬


‫أوالً‪ :‬تعريف القيادة‪:‬‬
‫‪ -1‬تعريف القيادة فى اللغة‪:‬‬
‫ود الدابَّة من أ ِ‬
‫َمامها‬ ‫‪1‬‬
‫قال ابن منظور األفريقي ‪ :‬القَ ْوُد نقيض الس َّْوق َيقُ ُ‬
‫ت الفرس وغيره أَقُودهُ قَ ْوداً‬ ‫ق من َخْلف قُ ْد ُ‬ ‫وي ُسوقُها من َخْل ِفها فالقَ ْوُد من أَمام والس َّْو ُ‬ ‫َ‬
‫تاده معناه َج َّره خلفه وفي حديث الصالة ‪ [ :‬ا ْقتادوا‬ ‫البعير وا ْق َ‬
‫َ‬ ‫قادة وقَ ْي ُدودة وقاد‬
‫وم َ‬ ‫َ‬
‫تادها‬
‫ودة األَخيرة نادرة وهي تميمية وا ْق َ‬ ‫وم ْق ُو َ‬
‫‪2‬‬ ‫ِ‬
‫َرواحلَهم ] قاد الدابةَ قَ ْوداً فهي َمقُودة َ‬
‫وقادهُ بمعنى وقَ َّوَدهُ ِّ‬
‫شد َد للكثرة والقَ ْوُد الخيل يقال َم َّر بنا‬ ‫تادهُ َ‬ ‫واال ْقتِ ُ‬
‫ياد والقَ ْوُد واحد وا ْق َ‬
‫قاد‬
‫ود بال همز الذي ينقاد والبعير مثله والقَ ْود من الخيل التي تُ ُ‬ ‫قَ ْود الكسائي فرس قَ ُو ٌ‬
‫ود َعة ُم َع ّدة لوقت الحاجة إِليها يقال هذه الخي ُل قَ ْوُد‬ ‫قاوِدها وال تركب وتكون ُم َ‬‫بِ َم ِ‬
‫القيادة والقائِ ُد واحد القُ َّواد‬
‫قادة وقُ َّواد وهو قائد بيِّن ِ‬
‫َ‬ ‫فالن القائِد وجمع قائد الخيل َ‬
‫و ِ‬
‫القادة ورجل قائد من قوم قُ َّود وقُ َّواد وقادة وأَقاده خيالً أَعطاه إِياها َيقُودها وأَقَ ْدتُك‬

‫‪ . 1‬هو حممد بن مكرم بن علي أبو الفضل ‪ ،‬مجال الدين إبن منظور األنصاري الرويفعي األفريقي ‪،‬‬
‫صاحب لسان العرب ‪ ،‬اإلمام اللغوي احلجة ‪ ،‬ولد مبصر عام ‪ 630‬من اهلجرة وقيل يف طرابلس الغرب ‪،‬‬
‫خدم ديوان اإلنشاء بالقاهرة ‪ ،‬مث توىل القضاء بطرابلس ‪ ،‬مث عاد للقاهرة وتوىف فيها عام ‪ 711‬من اهلجرة ‪،‬‬
‫من مصنفاته خمتار االغاين ‪ ،‬وخمتصر مفردات ابن بيطار ‪ [ .‬خري الدين الزركلي ‪ ،‬اإلعالم ‪ ،‬دار العلم‬
‫للماليني ‪ ،‬بريوت ـ لبنان ‪ ،‬الطبعة السادسة عشر يناير ‪2005‬م ‪ .‬ج‪ 7‬ص ‪. ] 108‬‬
‫‪ . 2‬احلديث اخرجه ابن ماجة يف سننه من حديث أيب هريرة ‪ ،‬يف كتاب الصالة ‪ ،‬باب من نام عن الصالة أو نسيها ‪ [ .‬حممد‬
‫بن يزيد أبو عبداهلل القزويين ‪ ،‬سنن ابن ماجه ‪ ،‬دار الفكر ـ بريوت ‪ ،‬حتقيق ‪ :‬حممد فؤاد عبد الباقي ‪ ،‬ج‪ 1‬ص ‪ 227‬حديث‬
‫رقم ‪. ] 697‬‬
‫‪174‬‬
‫العدد(‪ )3‬شوال ‪1440‬هـ يونيو ‪2019‬م‬ ‫مجلة العلوم اإلدارية‬
‫د‪.‬ابراهيم أحمد نورالدين حامد‬ ‫القيادة بين الفهم القرآني والفهم الغربي‬

‫وده ‪ ...‬وفي حديث الس َِّقيفَ ِة ‪ [ :‬فانطلق أَبو بكر وعمر َيتَقاودان حتى أَتَ ْو ُهم‬ ‫خيالً تَقُ ُ‬
‫لس ْرَعتِه ‪ ...‬واإلسم من‬ ‫اآلخر ُ‬
‫َ‬ ‫] أَي َي ْذهبان ُم ْس ِرَعين كأَن كل واحد منهما َيقُ ُ‬
‫ود‬ ‫‪1‬‬

‫ِ‬ ‫القيادةُ ‪...‬و ِ‬


‫ذلك كله ِ‬
‫َقبل على‬ ‫يادةُ مصدر القائد ‪ ...‬واألَقود من الناس الذي إِذا أ َ‬ ‫الق َ‬
‫الشيء بوجهه لم َي َك ْد يصرف وجهه عنه ‪ 2 ...‬فالظاهر أن القيادة تكون من األمام‬
‫؛ فالقائد يكون أمام من يقود أي متقدمهم وأما السائق يكون خلف من يسوق فهو‬
‫خلفهم ‪ ،‬فالمعنى عميق ‪.‬‬
‫‪ -2‬تعريف القيادة في إصطالح الفقهاء‬
‫عرف الفقهاء الدورالقيادي اإلسالمي بتعاريف كثيرة وكلها تدور في محور‬
‫واحد وهو محور السلوك اإلنساني الفردي أو الجماعي ؛ ومن هذه التعاريف ‪:‬‬
‫[ الدور القيادي اإلسالمي عبارة عن عمليات سلوكية فردية أو تنظيمية تتميز‬
‫بدفعة شعورية مهتدية وبلغة تعاملية مؤثرة وبدفقة حركية متكيفة متولدة من‬
‫محددات قيادية فطرية ومنجزات نفسية داخلية ومهيئات بيئية هادئة ومتأثرة بتفكير‬
‫سوي وتخطيط راقي وتقدير عملي يخضع لموازين ومقاييس شرعية ومنعكسة‬
‫بمحاولة جادة ومخلصة هادفة إلى وضع البشر على خطوط الهداية وأرصفة‬

‫‪ . 1‬احلديث أخرجه اإلمام أمحد يف مسنده من حديث محيد بن عبد الرمحن ‪ ،‬يف مسند أيب بكر الصديق ‪ [ .‬أبو عبداهلل أمحد‬
‫بن حممد بن حنبل بن هالل بن أسد الشيباين ‪ ،‬املسند ‪ ،‬مؤسسة الرسالة ‪ ،‬بريوت ـ لبنان ‪ ،‬الطبعة األوىل ‪1416‬هـ ـ ‪1995‬م ‪،‬‬
‫حتقيق شعيب األرنؤوط وعادل مرشد ‪ ،‬ص ‪ 198‬ـ ‪ ، 199‬حديث رقم ‪. ] 18‬‬
‫‪ . 2‬إبن منظور األفريقي ‪ ،‬لسان العرب ‪ ،‬دار صادر بريوت ـ لبنان ‪ ،‬الطبعة األوىل ‪1410‬هـ ـ ‪1990‬م ‪ ،‬ج‪ 3‬ص ‪370‬‬
‫مادة ( قود ) ‪.‬‬
‫‪175‬‬
‫العدد(‪ )3‬شوال ‪1440‬هـ يونيو ‪2019‬م‬ ‫مجلة العلوم اإلدارية‬
‫د‪.‬ابراهيم أحمد نورالدين حامد‬ ‫القيادة بين الفهم القرآني والفهم الغربي‬

‫‪1‬‬
‫] ‪ .‬فالدور القيادي هو السلوك‬ ‫اإلستقامة من أجل إقامة الحجة وتحقيق الشهادة‬
‫القيادي الذي يقوم به شاغل مركز الخالفة عامة ومنصب القيادة خاصة ‪ ،‬وأن‬
‫الدور القيادي الوظيفي هو حركة سلوكية منظورة متولدة عن إستعدادات فطرية‬
‫ومعطيات نفسية ومالبسات بيئية ذات جذور تنشئية وفكرية منعكسة بإنجازات أو‬
‫إخفاقات قيادية ‪ .2‬ويعرف مكتب التربية العربي لدول الخليج القيادة بأنها ‪[ :‬‬
‫ظاهرة إجتماعية كما انها ظاهرة تنظيمية ؛ فهي ظاهرة إجتماعية بحكم أن القيادة‬
‫‪3‬‬
‫] وجاء في تعريف أخر أنها ـ بمفهومها العام ـ‬ ‫هي عبارة نشاط إجتماعي هادف‬
‫‪ [ :‬ظاهرة إجتماعية وعملية إجتماعية وسلوك إجتماعي ‪ ،‬وبمفهومها الخاص فهي‬
‫ظاهرة تنظيمية أو عملية تنظيمية او سلوك تنظيمي ‪ ،‬وهذه الظاهرة التنظيمية‬
‫‪4‬‬
‫] ‪ ،‬وهذا ما تؤكده‬ ‫تنطوي على عملية إجتماعية اي أنها ذات وظيفة إجتماعية‬
‫الدراسات الحديثة التي تشير إلى ان القيادة هي ‪ [ :‬نشاط إجتماعي هادف لصالح‬
‫الجماعة عن طريق التعاون في رسم الخطة وتوزيع المسؤوليات حسب الكفايات‬

‫‪ . 1‬بدرية إبراهيم أسد إبراهيم وعائشة عبد اهلل جاسم ‪ ،‬الدور القيادي اإلسالمي مع رؤية لنظريات القيادة ‪ ،‬دار الثقافة ‪،‬‬
‫قطر ـ الدوحة ‪ ،‬الطبعة األوىل ‪ 1407‬هـ ـ ‪ 1987‬م ‪ ،‬ص ‪. 17‬‬
‫‪ . 2‬املصدر السابق ص ‪. 104‬‬
‫‪ . 3‬مكتب الرتبية العريب لدول اخلليج ‪ ،‬اإلجتاهات العاملية املعاصرة يف القيادة الرتبوية ‪ ،‬اململكة العربية السعودية ـ الرياض ‪،‬‬
‫طبعة ‪ 1984‬م ‪ ،‬ص‪. 23‬‬
‫‪ . 4‬عائشة عبد اهلل جاسم وبدرية إبراهيم أسد إبراهيم ‪ .‬الدور القيادي اإلسالمي مع رؤية لنظريات القيادة‬
‫‪ ،‬دار الثقافة ‪ ،‬قطر ـ الدوحة ‪ ،‬الطبعة األوىل ‪ 1407‬هـ ـ ‪ 1987‬م ‪ ،‬ص ‪. 105‬‬
‫‪176‬‬
‫العدد(‪ )3‬شوال ‪1440‬هـ يونيو ‪2019‬م‬ ‫مجلة العلوم اإلدارية‬
‫د‪.‬ابراهيم أحمد نورالدين حامد‬ ‫القيادة بين الفهم القرآني والفهم الغربي‬

‫‪1‬‬
‫] ‪ ،‬وجاء في تعريف أخر أن القيادة‬ ‫واإلستعدادات واإلمكانيات المادية المتاحة‬
‫هي ‪ [ :‬فن التأثير على األخرين لتحقيق أهداف اإلدارة ‪ ،‬تشمل النشاط الذي‬
‫يمارسه شخص للتاثير على الناس وجعلهم يتعاونون لتحقيق هدف يرقبون في‬
‫‪2‬‬
‫] ‪ ،‬وتعريف أخر كذلك القيادة هي ‪ [ :‬فن تنسيق عمل األشخاص‬ ‫تحقيقه‬
‫‪3‬‬
‫] ‪ ،‬والقول أنها فن‬ ‫والجماعات ورفع روحهم المعنوية للوصول ألهداف معينة‬
‫يعني الفن الذي يستطيع القائد عن طريقه التأثير على توجيه األخرين إلى هدف‬
‫‪4‬‬
‫‪.‬‬ ‫معين بطريقة يحصل بها على ثقتهم واحترامهم وطاعتهم وتعاونهم المخلص‬
‫مما تقدم يمكن أن يقال أن القيادة هي عملية التأثير على األخرين لتوحيد الجهود‬
‫لتحقيق األهداف في الواقع وهي عملية تكتنف الجماعة يتم من خاللها ‪[ :‬‬
‫التوضيح أو التفسير أو التأويل أو الشرح والتبيين لتزكية النفوس واحياء القلوب ‪،‬‬
‫واعالء القيم وشحذ الهمم وتنوير وتبصير العقول ‪ ،‬وقدح المعاني والغايات‬
‫العظيمة ‪ ،‬وازكاء الحماس في نفس الجماعة المقودة ‪ ،‬ليستبين طريقهم ووجهة‬

‫‪ . 1‬مكتب الرتبية العريب لدول اخلليج ‪ ،‬مصدر سابق ص ‪23‬‬


‫‪ . 2‬سعود حممد النمر وحممد فتحي وأخرون ‪ ،‬اإلدارة العامة ‪ :‬األسس والوظائف ‪ ،‬الرياض ـ اململكة العربية‬
‫السعودية ‪ ،‬الطبعة الثالثة ‪1994‬م ‪ ،‬ص ‪ 315‬ـ ‪. 316‬‬
‫‪ . 3‬سعد الدين عشماوي ‪ ،‬أسس اإلدارة ‪ ،‬القاهرة ‪ ،‬مكتبة عني مشس ( غري مذكور تاريخ الطبعة ) ‪ ،‬ص‬
‫‪232‬‬
‫‪ . 4‬أمحد عبدربه بصبوص ‪ ،‬فن القيادة يف اإلسالم ‪ ،‬مكتبة املنار ‪ ،‬الزرقاء ‪1988 ،‬م ـ األردن ص ‪28‬‬
‫‪177‬‬
‫العدد(‪ )3‬شوال ‪1440‬هـ يونيو ‪2019‬م‬ ‫مجلة العلوم اإلدارية‬
‫د‪.‬ابراهيم أحمد نورالدين حامد‬ ‫القيادة بين الفهم القرآني والفهم الغربي‬

‫أمرهم ويتضح مقصدهم ويتحدد هدفهم وتسهل قيادتهم ويتحقق تأهيلهم ؛ ألداء‬
‫دورهم المنوط بهم في تحقيق األهداف المرسومة بالقدر المستطاع ] ‪.‬‬
‫‪ : 3‬تعريف القيادة في إصطالح الغربيين‬
‫أكدت الدراسات الحديثة أن القيادة هي ‪ [ :‬نشاط إجتماعي هادف لصالح‬
‫الجماعة عن طريق التعاون في رسم الخطة وتوزيع المسؤوليات حسـب الكفايات‬
‫‪1‬‬
‫] ‪ ،‬فقد عرف أستونر [ ‪Stoner‬‬ ‫واإلسـتعدادات واإلمكانيات المادية المتاحة‬
‫مفهوم القيادة على أنها ‪ [ :‬عبارة عن عملية التوجيه والتأثير على‬ ‫‪]1982‬‬
‫األنشطة المتعلقة بمهام المجموعة ‪ . ] 2‬ولهذا التعريف ثالثة مدلوالت كما يلي ‪:‬‬
‫أوالً ‪ :‬يجب أن تحتوي القيادة على األفراد األخرين ـ معاونين أو تابعين ‪ ،‬ويساعد‬
‫مدى أستعداد هؤالء األفراد لقبول التوجيهات من القائد على تحديد مكانة القائد ‪،‬‬
‫وجعل عملية القيادة ممكنة التطبيق في الواقع العملي ‪.‬‬
‫ثانياً ‪ :‬القيادة تحتوي على توزيع غير متساوي للسلطة بين القائد وأفراد المجموعة ‪.‬‬
‫فالقائد تكون لديه سلطة لتوجيه بعض أنشطة أفراد المجموعة بينما ال يمكن لهؤالء‬
‫األفراد توجيه أنشطة القائد ‪ .‬إال أن األفراد يمكنهم التأثير على تلك األنشطة بطرق‬
‫عدة ‪.‬‬

‫‪ . 1‬مكتب الرتبية العريب لدول اخلليج ‪ ،‬مصدر سابق ص ‪23‬‬


‫‪ . 2‬الدكتور أمحد عثمان املقلي ‪ ،‬مبادئ اإلدارة ‪ ،‬شركة مطابع السودان للعملة احملدودة ‪ ،‬اخلرطوم ‪ ،‬الطبعة‬
‫األوىل ‪2002‬م ‪ ،‬ص ‪ 442‬ـ ‪.443‬‬
‫‪178‬‬
‫العدد(‪ )3‬شوال ‪1440‬هـ يونيو ‪2019‬م‬ ‫مجلة العلوم اإلدارية‬
‫د‪.‬ابراهيم أحمد نورالدين حامد‬ ‫القيادة بين الفهم القرآني والفهم الغربي‬

‫ثالثاً ‪ :‬باإلضافة إلى السلطة الشرعية المتاحة للقائد إلعطاء التوجيهات لمعاونيه أو‬
‫تابعيه فإنه يمكن أن يكون للقادة كذلك القدرة على التأثير ؛ وبمعنى أخر يمكنهم‬
‫ليس فقط توجيه معاونيهم بما هو مطلوب منهم عمله ‪ ،‬ولكنهم كذلك يؤثرون على‬
‫التوجيهات ‪ .1‬ويذهب شريشيم [‬ ‫الكيفية التي ينفذ بها المعاونون هذه‬
‫‪ ]Schriesheim et al 1978‬إلى أن القيادة ‪ [ :‬هي عبارة عن عملية التأثير‬
‫اإلجتماعي الذي يسعى فيه القائد إلى المشاركة الطوعية للمعاونين في الجهود‬
‫الموجهة لتحقيق أهداف المنظمة ‪ ،‬ولتشجيع المشاركة الطوعية على القادة دعم‬
‫السلطات الرسمية المتاحة لهم بالخصائص الشخصية والمهارات اإلجتماعية ] ‪،‬‬
‫أما ديسلر [ ‪ ] Dessler 1998‬فقد عرف القيادة على أنها تعني ‪ [ :‬التأثير على‬
‫األخرين لبذل أقصى جهد لتحقيق أهداف المنظمة ] ‪ ،‬أما كونتز [ ‪Koontz et‬‬
‫[ عبارة عن عملية التأثير على‬ ‫‪ ]al 198‬فقد عرف القيادة على أنها ‪:‬‬
‫‪2‬‬
‫المنظمة ‪].‬‬ ‫األفراد بحيث يعملون بحماس وهمة عالية نحو تحقيق أهداف‬

‫‪ . 1‬املرجع السابق نفسه ‪.‬‬


‫‪ . 2‬املرجع السابق نفسه ‪.‬‬
‫‪179‬‬
‫العدد(‪ )3‬شوال ‪1440‬هـ يونيو ‪2019‬م‬ ‫مجلة العلوم اإلدارية‬
‫د‪.‬ابراهيم أحمد نورالدين حامد‬ ‫القيادة بين الفهم القرآني والفهم الغربي‬

‫ثانياً‪ :‬نظريات القيادة الحديثة‬


‫سأقوم هنا بطرق عالم نظريات القيادة على ضوء الدراسات الحديثة ؛‬
‫تجدر اإلشارة إلى أن كل النظريات الحديثة تحوم في أطر علمية متشابهة ‪ ،‬ويمكن‬
‫تلخيصها على النحو اآلتي ‪:‬‬
‫‪ - 1‬النظرية الوظيفية [‪] Functional Theory‬‬
‫هذه النظرية تعتمدعلى معايير تتصل بالمهام الوظيفية التي تحملها الهمم‬
‫الوظيفية ‪ ،‬إن هذه النظرية ذات رؤية نوعية تتركز حول أن القيادة وظيفة تنظيمية‬
‫‪1‬‬
‫‪ .‬وتتركز على‬ ‫غايتها القيام بالوظائف اإلجتماعية التي تحقق أهداف الجماعة‬
‫دراسة المهام والوظائف [ األعمال ] التي يتعين على الجماعة القيام بها لتحقيق‬
‫أهدافها ‪ ،‬ودراسة دور كل عضو في هذه األعمال ‪ ،‬ودور القائد من الناحية‬
‫التنظيمية في مساعدة الجماعة على بلوغ أهدافها ‪ ،‬ويهتم أصحاب هذه النظرية‬
‫‪2‬‬
‫[ الوظائف ] بين أفراد الجماعة‪.‬‬ ‫بكيفية توزيع المسؤوليات والمهام القيادية‬
‫‪ -2‬النظرية الموقفية [‪]Situational Theory‬‬
‫تدور فكرة هذه النظرية حول قضية القيادة من ناحية ارتباطها بالسلوك القيادي‬
‫في الموقف النوعي أو الظرف العمومي ‪ ،‬وبالتالي فإن القائد الذي يصلح ألن يقود‬
‫المجتمع في حالة المهادنة قد ال يصلح للقيادة في حالة المصادمة ‪ ،‬فالقيادة هنا‬

‫‪ . 1‬د‪ .‬عطوف حممود يس ‪ ،‬مدخل يف علم النفس اإلجتماعي ‪ ،‬دار النهار للنشر ‪ ،‬بريوت ـ لبنان ‪ ،‬طبعة ‪1981‬م‬
‫ص ‪. 75‬‬
‫‪ . 2‬بدرية إبراهيم أسد إبراهيم وعائشة عبد اهلل جاسم ‪ ،‬مصدر سابق ص‪107‬‬
‫‪180‬‬
‫العدد(‪ )3‬شوال ‪1440‬هـ يونيو ‪2019‬م‬ ‫مجلة العلوم اإلدارية‬
‫د‪.‬ابراهيم أحمد نورالدين حامد‬ ‫القيادة بين الفهم القرآني والفهم الغربي‬

‫ترتبط بالظروف ؛ فهي قيادة ظرفية ‪ ،‬وبالنظر في تراثنا اإلسالمي الناصع نجد‬
‫الموقف الذي برز فيه أبو بكر الصديق كقيادة قادرة على إدارة الموقف في الوقت‬
‫الذي لم يوفق فيه عمر ‪ .‬والموقف هو في تلقي خبر وفاة الرسول ‪ ‬وقدرة أبي‬
‫بكر الصديق على قيادة الموقف حين جمع الناس وقال قولته ‪ :‬من كان يعبد‬
‫محمداً فإن محمداً قد مات ومن كان يعبد اهلل فإن اهلل حي ال يموت ‪1‬؛ ثم تال قوله‬
‫ات أ َْو قُتِ َل َ‬
‫انقلَْبتُ ْم‬ ‫تعالى ‪َ [ :‬و َما ُم َح َّم ٌد إِالَّ َر ُسو ٌل قَ ْد َخلَ ْ‬
‫ت ِمن قَْبلِ ِه ُّ‬
‫الر ُس ُل أَفَِإن َّم َ‬
‫ب علَى ع ِقب ْي ِه َفلَن يض َّر اللّه َش ْيئاً وسي ْج ِزي اللّه َّ ِ‬ ‫ِ‬
‫الشاك ِر َ‬ ‫َعقَابِ ُك ْم َو َمن َي َنقل ْ َ َ َ َ‬
‫‪2‬‬
‫ين‬ ‫ُ‬ ‫َ ََ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َعلَى أ ْ‬
‫]‪.‬‬
‫هذه النظرية تؤكد ضرورة توافر ثالث عوامل تهم القائد في إنتخابه‬
‫واختياره للنمط القيادي الذي يناسب متطلبات الموقف وهي ‪ :‬سمات القائد‬
‫الشخصية وقواه وقدرته الكامنة ‪ ،‬وسمات األتباع والمرؤوسين واستعدادهم وقدراتهم‬
‫على الفهم والتعاون وتحمل المسؤولية ‪ ،‬وسمات الموقف وأهميتها ونمط التنظيم‬
‫وفلسفته ومدى فعالية المجموعة العالمة المرتبطة بالموقف ‪ ،‬وطبيعة المشكلة‬
‫والظروف التي أوجدت الموقف ودرجة تعقدها ومتطلب حلها والموقف المتوفر‬
‫إليجاد الحل المناسب‪. 3‬‬

‫‪ 1‬أنظر صفي الرمحن املباركفوري ‪ ،‬الرحيق املختوم ‪ ،‬دار املنار القاهرة ـ مصر ‪ ،‬الطبعة الثانية ‪1418‬هـ ـ ‪1998‬م ‪،‬‬
‫ص ‪. 391‬‬
‫‪ . 2‬سورة آل عمران اآلية ( ‪) 144‬‬
‫‪ . 3‬بدرية إبراهيم أسد إبراهيم وعائشة عبد اهلل جاسم ‪ ،‬مصدر سابق ‪ ( ،‬ص ‪ 109‬ـ ‪. ) 110‬‬
‫‪181‬‬
‫العدد(‪ )3‬شوال ‪1440‬هـ يونيو ‪2019‬م‬ ‫مجلة العلوم اإلدارية‬
‫د‪.‬ابراهيم أحمد نورالدين حامد‬ ‫القيادة بين الفهم القرآني والفهم الغربي‬

‫‪ -3‬النظرية التفاعلية [‪]Influential Theory‬‬


‫تدور هذه النظرية حول مسألة التفاعل والتكامل بين كافة األولويات أو‬
‫األسس والمتغيرات الرئيسة في القيادة وهذه المتغيرات يمكن تحديدها في الوحدات‬
‫العالمية التالية ‪:‬‬
‫أ ‪ .‬القائد ‪ :‬شخصيته ونشاطه في الجماعة ‪.‬‬
‫ب‪ .‬األتباع ‪ :‬إتجاهاتهم ومشكالتهم واحتياجاتهم ‪.‬‬
‫ج ‪ .‬الجماعة ‪ :‬نوع الجماعة وعالقاتها وخصائصها وأهدافها ‪.‬‬
‫د ‪ .‬المواقف ‪ :‬طبيعة العمل وظروف العمل والعوامل المادية للموقف ‪.‬‬
‫وتتركز هذه النظرية على مدى تفاعل القائد مع األتباع وادراكهما لبعضهما وبذلك‬
‫‪1‬‬
‫[ القائد ‪ ،‬والموقف ‪ ،‬واألتباع ‪ ،‬والتفاعل بينها ] ‪.‬‬ ‫يمكن التعرف على‬
‫‪-4‬النظرية السماتية [‪]Trait Theory‬‬
‫تركز هذه النظرية على القائد من ناحية شخصيته ومن ناحية سماته سواء‬
‫كانت سمات روحية أوسمات إنفعالية أو سمات إجتماعية ‪ ،‬والقيادة في رأي هذه‬
‫النظرية سمة بارزة يتميز بها القائد بمجرد النظر إلى ثقافته وحضارته والموقف‬
‫الذي هو فيه ‪ ،‬وهناك سمات شائعة بين القادة وهذا يشير إلى أن السمة الواحدة‬
‫غير ثابتة ‪ ،‬رغم إختالف المعايير في تحديد السمات القيادية ‪ ،‬وقد ال تتوفر كل‬
‫السمات المطلوبة في قائد واحد ‪ ،‬ولذلك هناك فوارق كبيرة بين القادة في الدرجة‬

‫‪ . 1‬املصدر السابق نفسه ص ‪110‬‬


‫‪182‬‬
‫العدد(‪ )3‬شوال ‪1440‬هـ يونيو ‪2019‬م‬ ‫مجلة العلوم اإلدارية‬
‫د‪.‬ابراهيم أحمد نورالدين حامد‬ ‫القيادة بين الفهم القرآني والفهم الغربي‬

‫وليست النوع ؛ وتتوقف السمات على طبيعة المواقف اإلجتماعية التي تحيط‬
‫بالجماعة والفرد وأهداف الجماعة ومدى تغييرها عبر الزمن ‪. 1‬‬
‫ومن خالل األبحاث توصل العلماء إلى خمسة أنواع من السمات القيادية ‪:‬‬
‫‪ .1‬السمات الجسمية كالطول والعرض والصحة ‪.‬‬
‫‪ .2‬السمات العقلية المعرفية ‪ ،‬ومدى ما يمتلكه القائد من قدرات عقلية كالقدرة‬
‫على التنبؤ والذكاء والثقافة العامة ‪.‬‬
‫‪ .3‬السماتاإلجماعية كالقدرة على التعامل وكسب محبة األخرين وثقتهم ‪.‬‬
‫‪ .4‬السمات اإلنفعالية كالنضج اإلنفعالي والثقة بالنفس ‪.‬‬
‫‪ .5‬السمات العامة كحسن المظهر والوفاء بالعهد والقدوة الحسنة ‪ ..‬إلخ ‪.‬‬
‫تختلف المعاير التي تحدد هذه السمات في القائد من مجتمع ألخر وفق تغير‬
‫الثقافة ‪ .‬وقد ذكر القرآن الكريم في شخصية طالوت الذي بعثه اهلل ملكاً على قومه‬
‫طةً ِفي‬
‫طفَاهُ َعلَ ْي ُك ْم َوَز َادهُ َب ْس َ‬ ‫ال إِ َّن اللّهَ ْ‬
‫اص َ‬ ‫سمتين قياديتين هما في قوله تعالى ‪ [ :‬قَ َ‬
‫اْل ِعْلِم َواْل ِج ْسِم ‪ ] 2‬فذكر السمة الجسمية والسمة العقلية المعرفية ؛ وربط العلم‬
‫والجسم معاً وراءها مكون معين فالجسم يحتاج إلى العلم ليطوره والعلم يحتاج‬
‫للجسم ليحمله ‪ .‬وربما كانت هناك حكمة ما في بيئة طالوت ‪ .‬وفي سورة يوسف‬
‫عليه السالم نرى قوله تعالى على لسان يوسف عندما طلب من عزيز مصر أن‬

‫‪ . 1‬املصدر السابق نفسه ص ‪111‬‬


‫‪ . 2‬سورة البقرة اآلية ( ‪) 247‬‬
‫‪183‬‬
‫العدد(‪ )3‬شوال ‪1440‬هـ يونيو ‪2019‬م‬ ‫مجلة العلوم اإلدارية‬
‫د‪.‬ابراهيم أحمد نورالدين حامد‬ ‫القيادة بين الفهم القرآني والفهم الغربي‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اج َعْلنِي َعلَى َخ َزآئِ ِن األ َْر ِ‬


‫ض إِِّني َحفيظٌ َعل ٌ‬
‫يم‬ ‫ال ْ‬
‫يجعله على خزائن مصر فقال ‪ [ :‬قَ َ‬
‫‪ ] 1‬فذكر هنا صفتي الحفظ األمانة وهي القدرة على تولي المسؤولية والعلم هي‬
‫‪2‬‬
‫‪ .‬لو حاولنا حصر السمات القيادية التي حددها العلماء لوجدنا‬ ‫السمة المعرفية‬
‫أن كل سمة من تلك السمات تمتع بها شخص الرسول صلى اهلل عليه وسلم في‬
‫موقف عديدة ‪ ،‬حتى السمات الجسدية التي حدوها نرى أن كتب السيرة تذكر‬
‫الصفات الخلقية لرسول اهلل ‪ ‬بكل إعجاب حتي أنها تذكر أنه لم يكن فيه عيب‬
‫يذكر ‪ ،‬وكان أحسنهم وأجملهم ‪ ..‬إلخ ‪ .‬والسمات األخرى كالسمة العقلية المعرفية‬
‫فقد برز الرسول اهلل ‪ ‬في مواقف كثيرة منها موقفه قبل البعثة الذي بين فيه قدرته‬
‫على حل المشكالت ‪ ،‬فالمشكلة التي واجهت قريش عند بناء الكعبة واختالفهم‬
‫على من يضع الجحر األسود وأستطاع أن يوفق بين أطراف المشكلة حيث جعل‬
‫الجميع يشاركون بوضعه حيث وضع الثوب الذي حمله كل األفراد يمثلون كل‬
‫قبيلة ‪.‬‬
‫والسمة اإلجتماعية فقد برزت عنده من خالل مواقف كثيرة ؛ أستطاع من خاللها‬
‫أن يحول الكراهية الشديدة من قبل إلى حب شديد ؛ وذلك هو المفقود اليوم ألن‬
‫قيمة التسامح في المجتمعات أصبحت شبه مفقودة ؛ مما أثر مباشرة في خلق‬

‫‪ . 1‬سورة يوسف اآلية ( ‪) 55‬‬


‫‪ . 2‬بدرية إبراهيم أسد إبراهيم وعائشة عبد اهلل جاسم ‪ ،‬مصدر سابق ‪ ،‬ص ‪ 111‬ـ ‪112‬‬
‫‪184‬‬
‫العدد(‪ )3‬شوال ‪1440‬هـ يونيو ‪2019‬م‬ ‫مجلة العلوم اإلدارية‬
‫د‪.‬ابراهيم أحمد نورالدين حامد‬ ‫القيادة بين الفهم القرآني والفهم الغربي‬

‫ُمَّيةَ ‪[ :1‬‬ ‫ْب ِن أ َ‬ ‫ان‬


‫ص ْف َو َ‬
‫النسيج اإلجتماعي المتماسك المتحابب والمتجانس ؛ قال َ‬
‫اس إِلَ َّى فَ َما‬
‫الن ِ‬ ‫َّ ِ‬ ‫َع َ ِ‬
‫َّ‬ ‫ض‬‫طانى َر ُسو ُل الله ‪-‬صلى اهلل عليه وسلم‪َ -‬ي ْوَم ُح َن ْي ٍن َوِاَّنهُ أل َْب َغ ُ‬ ‫أْ‬
‫اس إِلَ َّى ‪. ] 2‬‬ ‫َز َ ِ ِ‬
‫ب ا َّلن ِ‬ ‫ال ُي ْعطينى َحتَّى َ‬
‫ص َار َوِاَّنهُ أ َ‬
‫َح ُّ‬

‫‪ -5‬النظرية اإللهامية [ الرجل العظيم ] [‪]The Great Man Theory‬‬


‫هذه النظرية تؤكد أن هناك رجال عظماء يبرزون كقادة وذلك بما يتصفون‬
‫به من قدرات ومواهب غير عادية ‪ ،‬وهم الذين يحققون التغيير في الحياة الجماعية‬
‫‪ .‬وفي التاريخ اإلسالمي توجد مثل هذه القيادات اإللهامية التي كانت تتحرك من‬

‫‪ . 1‬هو صفوان بن أمية بن خلف بن وهب بن حذافة بن مجح أبو وهب اجلمحي أمه صفية بنت معمر بن‬
‫حبيب مجحية أيضا ‪ ،‬قتل أبوه يوم بدر كافرا ‪ ،‬وحكى الزبري أنه كان إليه أمر األزالم يف اجلاهلية فذكره بن‬
‫إسحاق وموسى بن عقبة وغريمها وأورده مالك يف املوطأ عن بن شهاب قالوا ‪ :‬إنه هرب يوم فتح مكة‬
‫وأسلمت امرأته وهي ناجية بنت الوليد بن املغرية ‪ ،‬قال‪ :‬فأحضر له بن عمه عمري بن وهب أمانا من النيب‬
‫صلى اهلل عليه وسلم فحضر وحضر وقعة حنني قبل أن يسلم مث أسلم ورد النيب صلى اهلل عليه وسلم امرأته‬
‫بعد أربعة أشهر رواه بن إسحاق عن الزهري ‪ ( .‬كتاب الثقات لالمام احلافظ حممد بن حبان بن أمحد أيب‬
‫حامت التميمي البسيت ( املتوىف سنة ‪ 354‬هـ ـ ‪ 965‬م ) ‪ ،‬طبع باعانة وزارة للحكومة العالية اهلندية حتت‬
‫مراقبة الدكتور حممد عبد املعيد خان مدير دائرة املعارف العثمانية الطبعة األوىل مبطبعة جملس دائرة املعارف‬
‫العثمانية حبيدر آباد الدكن اهلند ‪ 1393‬هـ ـ ‪1973‬م ‪ ،‬ج ‪3‬ص ‪. ) 191‬‬
‫‪ . 2‬أخرج احلديث اإلمام أمحد يف مسند صفوان بن أمية [ أبو عبداهلل أمحد بن حممد بن حنبل بن هالل بن‬
‫أسد الشيباين ‪ ،‬مسند أمحد ‪ ،‬مصدر سابق ‪ ،‬ص ‪17‬ـ ‪ 18‬حديث رقم ‪. ] 15304‬‬
‫‪185‬‬
‫العدد(‪ )3‬شوال ‪1440‬هـ يونيو ‪2019‬م‬ ‫مجلة العلوم اإلدارية‬
‫د‪.‬ابراهيم أحمد نورالدين حامد‬ ‫القيادة بين الفهم القرآني والفهم الغربي‬

‫خالل المعايير اإلسالمية ‪ ،‬تأخذ في حسابها األسباب الظاهرة أو الشروط المادية‬


‫‪ ،‬واألسباب غير الظاهرة أو الشروط المعنوية اإليمانية ‪ ،‬وكانت نتيجة التحرك من‬
‫خالل هذه األسباب حدوث تغيرات في الضمير اإلنساني أحدثت تغيرات في‬
‫التاريخ اإلنساني ‪ ،‬ومن هذه الشخصيات شخصية عمر بن عبد العزيز رضي اهلل‬
‫‪1‬‬
‫عنه التي أحدثت تغيي اًر إيجابياً رهيباً في المجتمع اإلسالمي في فترة زمنية قصيرة‬
‫‪.‬‬
‫هذا بصورة مجملة عن النظريات في المسألة القيادية والتي تعكس فلسفات‬
‫متنوعة وخلفيات متباينة وان إشتركت بعضها في بعض المتغيرات ‪.‬‬

‫‪ . 1‬بدرية إبراهيم أسد إبراهيم وعائشة عبد اهلل جاسم ‪ ،‬مصدر سابق ‪ ،‬ص ‪ 112‬ـ ‪114‬‬
‫‪186‬‬
‫العدد(‪ )3‬شوال ‪1440‬هـ يونيو ‪2019‬م‬ ‫مجلة العلوم اإلدارية‬
‫د‪.‬ابراهيم أحمد نورالدين حامد‬ ‫القيادة بين الفهم القرآني والفهم الغربي‬

‫المبحث الثالث ‪ :‬المفهوم القرآني للقيادة‬


‫تمهـــيد ‪:‬‬
‫كثي اًر ما يعترضنا إشكال منهجي بالغ الحرج في ما يتعلق بتأصيل كثير من‬
‫المسائل الماثلة كنظرية القيادة وغيرها من القرآن ‪ ،‬وهو إشكال يمتد إلى كثير من‬
‫القضايا والموضوعات التي يسعى الباحثون المعاصرون إلى تأصيلها من القرآن‬
‫على الخصوص ‪ .‬ويتعلق األمر بشح النصوص المباشرة في الموضوع ‪ ،‬مما‬
‫يضطر الباحث بنوع من التجوز إلى البحث في النصوص غير المباشرة وهي‬
‫دائماً كثيرة ‪ .‬ولتوضيح ذلك في الحالة التي نحن بصددها ‪ ،‬أشير إلى أن أغلب‬
‫الباحثين في موضوع تأصيل القيادة من القرآن والسنة ‪ ،‬يلجؤون إلى شبكة واسعة‬
‫من النصوص ‪ ،‬موجهة أصالً إلى المكلفين عموماً ‪ ،‬وال تختص بالقيادة ‪ ،‬وقد‬
‫يكون لها وجه من أوجه اإلرتباط ببناء نظرية القيادة في اإلسالم فيما يتصل‬
‫بالمفاهيم أو الميادين أو المستويات أو الشروط أو القضايا التي تؤسس مفهوم‬
‫القيادة ‪ ،‬ولكنه ارتباط َبعدي ‪ ،‬يتأتى من توسيع النظر في هذا المجال ‪ ،‬وقد يتأتى‬
‫من قراءة التجربة اإلسالمية ‪ ،‬أو حتى اإلنسانية ‪ ،‬الممتدة على طول التاريخ‬
‫السياسي لألمم ‪ .‬ربما يتأتى ذلك من النظر في ما أنجزه الفكر السياسي والفكر‬
‫التربوي والفكر اإلداري ‪ ،‬في الموضوع ‪ .‬ثم السعي بأثر رجعي إلى إعادة‬
‫استكشافه في ثنايا نصوص الوحي ‪ .‬وهذا يطرح علينا سؤال ويثير إشكالية‬
‫الب ْعِدي لمفاهيم خارج نصوص الوحي على هذه النصوص ‪ ،‬التي تصبح‬
‫اإلسقاط َ‬
‫قابلة إلستيعاب أي نوع من المفاهيم ‪ ،‬والتعايش مع كل أشكال النظريات في‬
‫‪187‬‬
‫العدد(‪ )3‬شوال ‪1440‬هـ يونيو ‪2019‬م‬ ‫مجلة العلوم اإلدارية‬
‫د‪.‬ابراهيم أحمد نورالدين حامد‬ ‫القيادة بين الفهم القرآني والفهم الغربي‬

‫الموضوع ‪ .‬قد يتجه الباحث في هذا االتجاه ‪ ،‬تحت ضغط الرغبة في البحث عن‬
‫مناطات للموضوع في القرآن والسنة ‪ ،‬ولكن ينبغي توخي الحذر الشديد من الوقوع‬
‫في منزلق اإلفتراء على النص باسم [ التأصيل ]‪ .‬صحيح أنه ليس كل إسقاط‬
‫ُمتَ َح ّمالً ‪ ،‬ولكن يثور سؤال منهجي أخر يتصل بالضوابط العلمية والمنهجية‬
‫للممارسة اإلسقاط السليم ‪ ،‬بعيداً عن التكلف بل واإلختالق أحياناً ‪ ،‬كلما كان‬
‫الب ْعدية والنص القَْبلي ‪ ،‬عليه وجب علينا المزاوجة‬
‫هناك رابط معقول بين الفكرة َ‬
‫بين التضييق المنهجي للموضوع بالوقوف على النصوص المباشرة ‪ ،‬مع التوسع‬
‫المحدود في المفاهيم القريبة في إطار ما يسمح به اإلسقاط السليم حتى لو كان‬
‫بمفاهيم بعدية على نصوص قبلية ‪ ،‬إال أن الرابط ينبغي أن يكون قريباً ومعقوالً‬
‫وطبيعياً ‪.‬‬
‫أوالً‪ :‬القيادة في القرآن الكريم‬
‫لم يرد في القرآن الكريم مصطلح القيادة بلفظه الخاص ‪ ،‬كما لم يستخدم‬
‫مشتقاته على مستوى جذر الكلمة [ ق و د ] ‪ ،‬أما مشتقات جذر كلمة [ ق د و ]‬
‫َٰ ِ َِّ‬
‫ين َه َدى اللَّهُ فَبِهُ َد ُ‬
‫اه ُم‬ ‫فقد استخدمت مرتين فقط في قول اهلل تعالى ‪ [ :‬أُولَئ َك الذ َ‬
‫ير إِ َّال قَ َ‬
‫ال‬ ‫ا ْقتَِد ْه ‪ ، ] 1‬وقوله تعالى ‪َ [ :‬و َك ََٰذلِ َك َما أ َْر َسْل َنا ِم ْن قَْبلِ َك ِفي قَ ْرَي ٍة ِم ْن َنِذ ٍ‬
‫متْرفُوها إَِّنا وج ْد َنا آباء َنا علَ َٰى أ َّ ٍ‬
‫ون ‪ . ] 2‬وأما على مستوى‬ ‫ُمة َوِاَّنا َعلَ َٰى آثَ ِارِه ْم ُم ْقتَ ُد َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫ََ‬ ‫َُ َ‬

‫‪ . 1‬سورة االنعام اآلية ( ‪) 90‬‬


‫‪ . 2‬سورة الزخرف اآلية ( ‪) 23‬‬
‫‪188‬‬
‫العدد(‪ )3‬شوال ‪1440‬هـ يونيو ‪2019‬م‬ ‫مجلة العلوم اإلدارية‬
‫د‪.‬ابراهيم أحمد نورالدين حامد‬ ‫القيادة بين الفهم القرآني والفهم الغربي‬

‫المعنى فنجد استخدامات قرآنية عدة تحمل المعنى بصورة أو بأخرى ؛ فكلمة‬
‫ب لََنا ِم ْن أ َْزو ِ‬
‫اج َنا‬ ‫ون َرب ََّنا َه ْ‬
‫ين َيقُولُ َ‬
‫َِّ‬
‫[ َوالذ َ‬ ‫اإلمامة ومشتقاتها في قوله تعالى ‪:‬‬
‫َ‬
‫ين إِ َماماً ‪ . ] 1‬وكلمة الحكم ومشتقاتها ؛ من مثل‬ ‫ِ ِ‬ ‫َوُذِّريَّاتَِنا قَُّرةَ أ ْ‬
‫اج َعْل َنا لْل ُمتَّق َ‬
‫َعُي ٍن َو ْ‬
‫النُب َّوةَ ‪ . ] 2‬وكلمة الخالفة ‪،‬‬ ‫اب َواْل ُح ْك َم َو ُّ‬ ‫قوله تعالى ‪ [ :‬ولَقَ ْد آتَْي َنا بنِي إِسرائِ َ ِ‬
‫يل اْلكتَ َ‬ ‫َْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫الن ِ‬
‫اس‬ ‫اح ُك ْم َب ْي َن َّ‬
‫ض فَ ْ‬ ‫اك َخلِيفَةً ِفي ْاأل َْر ِ‬ ‫ود إَِّنا َج َعْل َن َ‬
‫من مثل قوله تعالى ‪َ [ :‬يا َد ُاو ُ‬
‫ق‪.]3‬‬ ‫بِاْل َح ِّ‬
‫كذلك في الحديث النبوي ‪ ،‬لم ترد كلمة قيادة بلفظها في الكتب التسعة المعروفة‬
‫‪ ،‬ولكن مشتقاتها وردت كثي اًر ‪ ،‬ومنها قوله صلى اهلل عليه وسلم ‪ [ :‬أنا قائد‬
‫‪4‬‬
‫] ‪ .‬وقد أشارت السنة كذلك في غير موضع لمفهوم اإلمارة‬ ‫المرسلين وال فخر‬
‫كأساس يقوم عليه مفهوم القيادة في قوله صلى اهلل عليه وسلم ‪ [:‬إِ َذا َخ َرَج ثَالَثَةٌ‬
‫َح َد ُه ْم ‪ ، ] 5‬وقوله صلى اهلل عليه وسلم ‪َ [ :‬والَ َي ِح ُّل لِثَالَثَ ِة َنفَ ٍر‬ ‫ِ‬
‫فى َسفَ ٍر َفْلُي َؤ ِّم ُروا أ َ‬

‫‪ . 1‬سورة الفرقان اآلية ( ‪) 74‬‬


‫‪ . 2‬سورة اجلاثية اآلية ( ‪) 16‬‬
‫‪ . 3‬سورة ص اآلية ( ‪) 26‬‬
‫‪.4‬‬
‫أخرج احلديث الدارمي من حديث جابر بن عبد اهلل ‪ ،‬يف كتاب املقدمة ‪ ،‬باب ما أعطي النيب من الفضل ‪ .‬ومتام احلديث ‪:‬‬
‫[ وأنا خامت النبيني وال فخر وأنا أول شافع وأول مشفع وال فخر ] ‪ ( .‬احلافظ أبو حممد عبد اهلل بن عبد الرمحن بن الفضل بن‬
‫هبرام الدارمي ‪ 181‬ـ ‪ 255‬هـ ‪ ،‬سنن الدارمي ‪ ،‬دار املغين للنشر ‪ ،‬الرياض ـ اململكة العربية السعودية ‪ ،‬الطبعة األوىل ‪1421‬هـ‬
‫‪2000‬م ‪ ،‬ج‪ 1‬ص ‪196‬ـ ‪ ، 197‬حديث رقم ‪) 50‬‬
‫‪ . 5‬أخرج احلديث أبو داود يف كتاب اجلهاد ‪ ،‬باب يف القوم يسافرون يؤمرون أحدهم ‪ ،‬من حديث أيب سعيد اخلدري‬
‫( سليمان بن األشعث أبو داود السجستاين األزدي ‪ ،‬سنن أيب داود ‪ ،‬دار الفكر ‪ ،‬بريوت ـ لبنان ‪ ،‬حتقيق حممد حميي الدين عبد‬
‫احلميد ‪ ،‬حديث رقم ‪. ) 2610‬‬
‫‪189‬‬
‫العدد(‪ )3‬شوال ‪1440‬هـ يونيو ‪2019‬م‬ ‫مجلة العلوم اإلدارية‬
‫د‪.‬ابراهيم أحمد نورالدين حامد‬ ‫القيادة بين الفهم القرآني والفهم الغربي‬

‫َح َد ُه ْم ] ‪ .‬وقد استعمل القرآن الكريم أيضاً‬


‫‪1‬‬
‫ض فَالَ ٍة إِالَّ أ َّ‬
‫َم ُروا َعلَ ْي ِه ْم أ َ‬ ‫ون بِأ َْر ِ‬
‫َي ُكونُ َ‬
‫ُمةً قَانِتًا لِلَّ ِه َحنِيفًا ‪.] 2‬‬
‫ان أ َّ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫مصطلح أمة مرة واحدة بمعنى القيادة ‪ [ :‬إ َّن إ ْب َراه َ‬
‫يم َك َ‬
‫وكذلك من المصطلحات الدالة على القيادة مصطلح األسوة ‪ ،‬فقد ورد في القرآن‬
‫في ثالثة مواضع منسوباً في أوالها إلى الرسول صلى اهلل عليه وسلم قوله تعالى ‪:‬‬
‫ُس َوةٌ َح َس َنةٌ ‪ ، ] 3‬وورد في ثانيها منوطاً بسيدنا‬ ‫[ لَقَ ْد َكان لَ ُكم ِفي رس ِ َّ ِ‬
‫ول الله أ ْ‬ ‫َُ‬ ‫َ ْ‬
‫‪4‬‬ ‫اه َِّ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫ين َم َعهُ‬
‫يم َوالذ َ‬ ‫ُس َوةٌ َح َس َنةٌ في إ ْب َر َ‬
‫ت لَ ُك ْم أ ْ‬
‫إبراهيم عليه السالم وأتباعه ‪ [ :‬قَ ْد َك َان ْ‬
‫ِ‬
‫ان لَ ُك ْم في ِه ْم أ ْ‬
‫ُس َوةٌ‬ ‫] ‪ ،‬وتم التأكيد في ثالثها على األسوة بشكل مفتوح ‪ [ :‬لَقَ ْد َك َ‬
‫َح َس َنةٌ ‪ . ]5‬وليس بمستغرب أن يكون مصطلح األسوة من مصطلحات القيادة ألن‬
‫التأسي ال يكون إال بالقادة ذوي القبول واإلعجاب الباهرين ‪ ،‬ومن هنا وجه اإلشارة‬
‫فيما سلف إلى مصطلح اإلقتداء الذي يقاسم مصطلح األسوة المعنى ‪ ،‬كما يقاسم‬
‫مصطلح القدوة اللفظ ‪.‬‬

‫‪ . 1‬احلديث أخرجه اإلمام أمحد بن حنبل يف مسند عبد اهلل بن عمرو ‪ ( .‬أبو عبداهلل أمحد بن حممد بن حنبل بن هالل بن أسد‬
‫الشيباين ‪ : ،‬مسند أمحد بن حنبل ‪ ،‬عامل الكتب – بريوت ‪ ،‬الطبعة ‪ :‬األوىل ‪1419 ،‬هـ ـ ‪ 1998‬م ‪ ،‬حتقيق السيد أبو‬
‫املعاطي النوري ‪ ،‬ج‪ 2‬ص‪ 176‬حديث رقم ‪. ) 6647‬‬
‫‪ . 2‬سورة النحل اآلية (‪) 120‬‬
‫‪ . 3‬سورة األحزاب اآلية ( ‪) 21‬‬
‫‪ . 4‬سورة املمتحنة اآلية ( ‪) 4‬‬
‫‪ . 5‬سورة املمتحنة اآلية ( ‪) 6‬‬
‫‪190‬‬
‫العدد(‪ )3‬شوال ‪1440‬هـ يونيو ‪2019‬م‬ ‫مجلة العلوم اإلدارية‬
‫د‪.‬ابراهيم أحمد نورالدين حامد‬ ‫القيادة بين الفهم القرآني والفهم الغربي‬

‫ثانياً ‪:‬التطبيق الراقي للقيادة بالفهم القرآني‬


‫إهتمـ ــت النظريـ ــة اإلسـ ــالمية بموضـ ــوع القيـ ــادة وأفـ ــردت لـ ــه فص ـ ـوالً تحـ ــت‬
‫بـ ـ ــاب اإلمامـ ـ ــة والخالفـ ـ ــة واإلمـ ـ ــارة والواليـ ـ ــة ‪ .‬وذلـ ـ ــك ألن القيـ ـ ــادة هـ ـ ــي المحـ ـ ــرك‬
‫الرئيس ـ ـ ـ ــي لعناص ـ ـ ـ ــر اإلدارة وتمث ـ ـ ـ ــل القي ـ ـ ـ ــادة بمفرداته ـ ـ ـ ــا األربع ـ ـ ـ ــة ‪ ،‬اإلمام ـ ـ ـ ــة ‪،‬‬
‫الخالفـ ــة ‪ ،‬اإلمـ ــارة ‪ ،‬الواليـ ــة ‪ ،‬ركن ـ ـاً رئيس ـ ـاً فـ ــي الفكـ ــر اإلداري اإلسـ ــالمي ألنهـ ــا‬
‫تتـ ــرجم أهـ ــداف الدولـ ــة اإلسـ ــالمية الـ ــي واقـ ــع ‪ ،‬وتحـ ــول الواقـ ــع الـ ــي ب ـ ـرامج عمـ ــل‬
‫ـداء بقبـ ــول البيعـ ــة [ اختيـ ــار القائـ ــد ] ‪ ،‬وبـ ــث الدعـ ـ ــوة للجهـ ــاد والتعبئـ ــة العام ـ ـة‬ ‫‪ .‬بـ ـ ً‬
‫واإلس ـ ـ ــتنفار والحش ـ ـ ــد ‪ ،‬وقي ـ ـ ــادة العم ـ ـ ــل السياس ـ ـ ــي وتنظ ـ ـ ــيم دواويـ ـ ـ ـن الدول ـ ـ ــة وادارة‬
‫المـ ـ ـ ـ ـوارد البشـ ـ ـ ـ ـرية ‪ ،‬وانت ـ ـ ـ ــاج الث ـ ـ ـ ــروة وتوزيعه ـ ـ ـ ــا ‪ ،‬وتحدي ـ ـ ـ ــد الس ـ ـ ـ ــلطة وتخويله ـ ـ ـ ــا‬
‫وتفويضـ ــها واعـ ــالن الحـ ــرب وقيادتهـ ــا وفـ ــض المنازعـ ــات والقضـ ــاء علـ ــى المظـ ــالم‬
‫واحق ــاق الح ــق وابط ــال الباط ــل ‪ .‬كم ــا أن القي ــادة تعن ــي الق ــدرة الت ــي إظه ــار الق ــيم‬
‫والمعاني التي ينطوي عليها مفهوم الدولة ‪.‬‬
‫أهتمـ ـ ــت النظريـ ـ ــة اإلسـ ـ ــالمية بالقيـ ـ ــادة وأفـ ـ ــردت لهـ ـ ــا باب ـ ـ ـاً فـ ـ ــي الفقـ ـ ــه اإلسـ ـ ــالمي‬
‫وقـ ـ ـ ــدمت إجتهـ ـ ـ ــادات أسـ ـ ـ ــهمت فـ ـ ـ ــي أث ـ ـ ـ ـراء األدب اإلداري ‪ .‬القيـ ـ ـ ــادة فـ ـ ـ ــي الفكـ ـ ـ ــر‬
‫اإلداري اإلسـ ــالمي ليسـ ــت ترفـ ــا ذهني ـ ـاً ُك وانمـ ــا هـ ــي سـ ــلوك وأخـ ــالق وواجـ ــب دينـ ــي‬
‫ـون بِ ـ ـأ َْر ِ‬
‫ض‬ ‫لقـ ــول الرسـ ـ ــول صـ ــلي اهلل عليـ ــه وسـ ــلم ‪َ [ :‬والَ َي ِحـ ـ ُّـل لِثَالَثَـ ـ ِـة َنفَـ ـ ٍـر َي ُك ُ‬
‫ونـ ـ َ‬
‫فَالَ ٍة إِالَّ أ َّ‬
‫َم ُروا َعلَ ْي ِه ْم أ َ‬
‫َح َد ُه ْم ‪. ] 1‬‬

‫‪ . 1‬سبق خترجيه ‪.‬‬


‫‪191‬‬
‫العدد(‪ )3‬شوال ‪1440‬هـ يونيو ‪2019‬م‬ ‫مجلة العلوم اإلدارية‬
‫د‪.‬ابراهيم أحمد نورالدين حامد‬ ‫القيادة بين الفهم القرآني والفهم الغربي‬

‫‪ -1‬قيادة الرسول صلى اهلل عليه وسلم [القدوة وبناء الدولة ]‬


‫كان الرسول صلي اهلل عليه وسلم يحرض على القيادة فينتقي خير الرجال‬
‫للقيادة ‪ .‬شرطه الوحيد لتقلد المناصب القيادية هو الكفاءة والمحبة ألداء المهمة ‪،‬‬
‫فكان يرسل الجيش وعليه أمير وخليفة لألمير وخليفة للخليفة ‪ ،‬وقد راينا أنه أمر‬
‫زيد بن حارثة علي رأس جيش لغزو الروم وجعل له خليفة وهو جعفر بن أبي‬
‫طالب وجعل للخليفة خليفة هو عبد اهلل بن رواحة ‪ ،‬فكان يقول ‪ [ :‬أيما رجل‬
‫إستعمل رجالً على عشرة أنفس وعلم أن في العشرة أفضل ممن إستعمل ‪ ،‬فقد‬
‫ُّما َرُج ٍل أ ََّم‬ ‫‪1‬‬
‫المسلمين ] ويقول ‪ [ :‬أَي َ‬ ‫غش اهلل وغش رسوله وغش جماعة‬
‫صالتُهُ أُ ُذ َنهُ‪. ] 2.‬‬ ‫قَ ْو ًما َو ُه ْم لَهُ َك ِارُه َ‬
‫ون لَ ْم تَ ُج ْز َ‬

‫ِّرايَة ِ ي‬
‫يف َختي ِريي ِج‬ ‫‪ .1‬احلديث ذكره احلافظ ىف الدراية يف كتاب أدب القاضي ‪ :‬احلافظ ابن حجر العسقالين ‪ ،‬الد َ‬
‫ث ا يهلِ َدايَِة ‪ ،‬دار املعرفة بريوت ـ لبنان غري مذكور تاريخ الطبعة ‪ ،‬حتقيق السيد عبداهلل هاشم اليماين املدين ‪ ،‬ج‬
‫أَح ِأدي ِ‬
‫َ ي‬
‫‪ 2‬ص‪ ، 164‬حديث رقم ‪. 815‬‬

‫صالِح ‪،‬‬ ‫‪ . 2‬أخرجه الطرباين يف املعجم الكبري من حديث طلحة ‪ ،‬واحلديث بأكمله ‪َ [ :‬ح َّدثـَنَا َيَي َي بن عثي َما َن بن َ‬
‫صلَّى بِ َق يوم فَـلَ َّما‬
‫وسى بن طَيل َحةَ ‪َ ،‬ع ين طَلي َحةَ ‪ ،‬أَنَّه َ‬ ‫ال ‪َ :‬ح َّدثَِين أَِيب ‪َ ،‬ع ين َجدِّي ‪َ ،‬ع ين م َ‬ ‫َح َّدثـَنَا سلَيي َمان بن أَيُّ َ‬
‫وب ‪ ،‬قَ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ال ‪ :‬نَ ِسيت أَ ين أ ِ‬
‫ي‬‫ك يَا َح َوا ِر َّ‬ ‫الت ؟ ‪ ،‬قَالوا ‪ :‬نـَ َع يم ‪َ ،‬وَم ين يَكَيره َذل َ‬ ‫ص ِ‬ ‫َّمك يم أَفَ ِرضيت يم بِ َ‬
‫َستَأيمَرك يم قَـيب َل أَ ين أَتَـ َقد َ‬
‫ي‬ ‫ف ‪ ،‬قَ َ‬ ‫صَر َ‬‫اني َ‬
‫صلَّى اللَّه َعلَيي ِه َو َسلَّ َم يـَقول ‪ :‬أَُُّّيَا َرجل أ ََّم قَـ يوما َوه يم‬ ‫ال ‪ :‬إِ ِّين ََِسعت رس َ ِ‬
‫ول اللَّه َ‬ ‫ي َ‬ ‫صلَّى اللَّه َعلَيي ِه َو َسلَّ َم ؟ ‪ ،‬قَ َ‬ ‫ِ ِ‬
‫َرسول اللَّه َ‬
‫صالته أذنَه‪ ( . ] .‬أبو القاسم سليمان بن أمحد الطرباين ‪260‬ـ ‪ 360‬هـ ‪ ،‬املعجم الكبري ‪،‬‬ ‫لَه َكا ِرهو َن َملي َجت يز َ‬
‫مكتبة ابن تيمية ‪ ،‬القاهرة ـ مصر ‪ ،‬حتقيق محدي عبد اجمليد السلفي ‪ ،‬غري مذكور تاريخ الطبعة ‪ ،‬ج‪ 1‬ص ‪115‬‬
‫حديث رقم ‪. ) 210‬‬
‫‪192‬‬
‫العدد(‪ )3‬شوال ‪1440‬هـ يونيو ‪2019‬م‬ ‫مجلة العلوم اإلدارية‬
‫د‪.‬ابراهيم أحمد نورالدين حامد‬ ‫القيادة بين الفهم القرآني والفهم الغربي‬

‫أقام الرسول نظاماً إدارياً متمي اًز عمالقاً ‪ ،‬فاإلمامة والخالفة واإلمارة لم تكن في‬
‫نظام الفرس ‪ ،‬وال فكر قيصر ‪ ،‬وال ثقافة الفرعون ‪ ،‬ليست لصنع الجاه وكنز الثروة‬
‫وتعضيد قاعدة الحكم كما رأيناها في النظام الفارشي ‪ ،‬وليس أداة ظلم واستبداد‬
‫وقهر في يد الطبقة الحاكمة إلستغالل الطبقات المسحوقة كما عرفها النظام‬
‫الروماني ‪ ،‬وليس نظام للسخرة والتمييز الطبقي واإلحتكار كما عرفها النظام‬
‫الفرعوني ‪ ،‬إنما هي أمانة وهي يوم القيامة خزي وندامة إال من أخذها بحقها‬
‫وحقها هو المساواة والعدالة والتواضع وايثار الغير والزهد والتقشف والقدرة ‪.‬‬
‫كان الرسول صلى اهلل عليه وسلم قدوة في كل ذلك ‪ ،‬قالت زوجته أم سلمه تصف‬
‫ما وجدته في بيته ليلة عرسها ‪ :‬فإذا جرة‪ .‬فإطلعت فيها فإذا فيها شئ من شعير‪.‬‬
‫واذا رحى وبرمة وقدر ‪ .‬فنظرت فإذا فيها كعب من إهالة ‪ .‬قالت ‪ :‬فأخذت ذلك‬
‫الشعير فطحنته ثم عصدته في البرمة وأخذت الكعب من اإلهالة فأدمته به ‪ .‬قالت‬
‫‪ :‬فكان ذلك طعام رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم ‪ .‬وطعام أهله ليلة عرسه‪. 1‬‬
‫ومات ودرعه مرهونة ‪ ،‬وال ميراث ألهله مما ترك من عقار وهو قليل ‪ .‬حقاً فقد‬
‫كان رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم قائداً في كل جانب الحياة العقدية والتعبدية‬
‫والتعاملية واألخالقية والسلوكية ‪ ،‬فكان األنموذج لإلنسان الكامل الراقي صاحب‬
‫الرسالة الخالدة ؛ فوجب التاسي به ‪.‬‬

‫‪ . 1‬سعيد أيوب ‪ ،‬زوجات النيب صلى اهلل عليه وسلم ‪ ،‬دار اهلادي للطباعة والنشر والتوزيع ‪ ،‬بريوت ـ لبنان ‪،‬‬
‫الطبعة األوىل ‪1417‬هـ ـ ‪1997‬م ‪ ،‬ج‪ 1‬ص ‪. 59‬‬
‫‪193‬‬
‫العدد(‪ )3‬شوال ‪1440‬هـ يونيو ‪2019‬م‬ ‫مجلة العلوم اإلدارية‬
‫د‪.‬ابراهيم أحمد نورالدين حامد‬ ‫القيادة بين الفهم القرآني والفهم الغربي‬

‫‪-2‬قيادة أبي بكر الصديق [ الخالفة وصيانة الدولة]‬


‫سوف أحاول في الصفحات التالية تقديم بعض النماذج للقيادة بتركيز‬
‫على قيادة أبي بكر الصديق وعمر الفاروق ‪ ،‬ونرمي من خالل هذا العرض الي‬
‫أبراز جانب هام من نظرية اإلدارة في اإلسالم وهو موضوع القيادة في جانبها‬
‫التطبيقي ‪ ،‬كيف تتحول المبادئ والنظريات المجردة الي سلوك وعمل ملموس ؟‬
‫القيادة عند أبوبكر هي طاعة اهلل وطاعة رسوله ‪ .‬تتجلي هذه الطاعة في أبهي‬
‫صوره في تجهيز جيش أسامة وفي حروب الردة ‪ ،‬كانت القبائل تتسابق بعد‬
‫موت الرسول صلي اهلل عليه وسلم الي الردة وكاد األمر ينفلت ‪ ،‬بدأت المشاكل‬
‫الداخلية تطل برأسها فأصبحت المدينة عاصمة دولة اإلسالم نفسها في خطر ‪،‬‬
‫خطر التمزق والتشرزم ‪ ،‬كان اإلتجاه العام في المدينة هو تأمين الجبهة الداخلية‬
‫علي حساب التمدد الخارجي ‪ ،‬فسعي أهل المشروة إلي أبي بكر يحثونه على أن‬
‫ينصرف عن تجهيز جيش أسامة لمواجهة التمرد وتأمين المدينة ‪ ،‬كانوا يخشون‬
‫علي المدينة إذا خرج الجيش ‪ .‬منهم من نصح ببقاء البعثة بالمدينة بعد موت‬
‫الرسول صلى اهلل عليه وسلم وفي مقدمتهم أسامة ‪ ،‬ومنهم من اقترح بتولية القيادة‬
‫من هو أسن من أسامة أخبر بفنون القتال ومنهم عمر بن الخطاب ‪.‬‬
‫بماذا رد أبوبكر ؟ قال الصديق ‪ [ :‬واهلل ال أحل عقده عقدها رسول اهلل ! ولو أن‬
‫الطير تخطفتنا والسباع من حول المدينة ‪ ،‬ولو أن الكالب جرت بأرجل أمهات‬
‫المؤمنين الجهزن جيش أسامة ] ‪ .‬جهز أبوبكر جيش أسامة وفيه عمر الفاروق‬
‫جندياً ‪ .‬فشيع البعثة وهو ماشي على قديمه وعبد الرحمن بن عوف يقود دابته‬
‫‪194‬‬
‫العدد(‪ )3‬شوال ‪1440‬هـ يونيو ‪2019‬م‬ ‫مجلة العلوم اإلدارية‬
‫د‪.‬ابراهيم أحمد نورالدين حامد‬ ‫القيادة بين الفهم القرآني والفهم الغربي‬

‫بجواره ‪ .‬فقال أسامة ‪ :‬يا خليفة رسول اهلل واهلل لتركبن أو ألنزلن ‪ ،‬فقال ‪ :‬واهلل ال‬
‫‪1‬‬
‫‪ .‬إصرار‬ ‫تنزل ‪ ،‬وواهلل ال أركب ‪ ،‬وما علي أن أغبر قدمي في سبيل اهلل ساعة‬
‫يصل إلى درجة العناد في سبيل اهلل ‪ .‬ورؤية واضحة لوظيفة القائد ووظيفة الدولة‬
‫‪ .‬تبليغ الدعــوة ونشر اإلسالم وعبادة اهلل وعمارة األرض فوق اعتبارات الموت‬
‫والحياة واألمن ‪ .‬جيل رسالي يعشق الموت كما يعشق أعداؤهم الحياة ‪ ،‬يقدمون‬
‫غير هيابين وال وجلين وال يهتمون في أي جنب في اهلل يكون رقادهم ‪ ،‬الطير‬
‫والسباع والكالب لن تثنيهم عن عزمتهم ‪ .‬عزم يفضي إلى غضب ‪ .‬غضب‬
‫أبوبكر وهو يجادل صاحبه عمر بن الخطاب ‪ ،‬كان عمر يقول لصحابه ‪ :‬يا‬
‫خليفة رسول اهلل ‪ ،‬تألف الناس وأرفق بهم ! كيف تقاتلهم وقد قال رسول اهلل صلي‬
‫اهلل عليه وسلم ‪ [ :‬أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا ال إله إال اهلل فمن قالها فقد‬
‫‪2‬‬
‫] وكان أبو بكر يقول ‪ :‬واهلل‬ ‫عصم مني ماله ونفسه إال بحقه وحسابه على اهلل‬
‫ألقاتلن من فرق بين الصالة والزكاة فإن الزكاة حق المال واهلل لو منعوني عناقاً‬

‫‪ .1‬إَساعيل بن عمر بن كثري القرشي أبو الفداء ‪ ،‬البداية والنهاية ‪ ،‬مكتبة املعارف – بريوت ( غري مذكور‬
‫تاريخ الطبعة ) ج ‪6‬ص ‪. 304‬‬
‫‪ . 2‬احلديث أخرجه البخاري يف كتاب اجلهد والسري ‪ ،‬باب دعاء النيب صلى اهلل عليه وسلم إىل اإلسالم والنبوة وأن‬
‫ال يتخذ بعضهم بعضا أربابا من دون اهلل ‪ ،‬من حديث أيب هريرة ‪ ( .‬حممد بن إَساعيل أبو عبداهلل البخاري اجلعفي ‪،‬‬
‫صحيح البخاري ‪،‬دار ابن كثري ‪ ،‬اليمامة ـ بريوت ‪ ،‬الطبعة الثالثة ‪1407 ،‬هـ ‪1987 -‬م ‪ ،‬حتقيق د‪ .‬مصطفى‬
‫ديب البغا أستاذ احلديث وعلومه يف كلية الشريعة ‪ -‬جامعة دمشق ‪ ،‬ج ‪ 3‬ص ‪ 1074‬حديث رقم ‪. ) 101‬‬
‫‪195‬‬
‫العدد(‪ )3‬شوال ‪1440‬هـ يونيو ‪2019‬م‬ ‫مجلة العلوم اإلدارية‬
‫د‪.‬ابراهيم أحمد نورالدين حامد‬ ‫القيادة بين الفهم القرآني والفهم الغربي‬

‫كانوا يؤدونها إلى رسول اهلل صلى اهلل عليه و سلم لقاتلتهم على منعها ‪ .1‬ويملكه‬
‫الغضب فيصيح بصاحبه ‪ :‬يا ابن الخطاب رجوت نصرتك وجئتني بخزالنك ‪،‬‬
‫أجبار في الجاهلية وخوار في اإلسالم ؟ إنه قد إنقطع الوحي وتم الدين ‪ ،‬أو ينقص‬
‫الدين وأنا حي ؟ قال أبو رجـاء العطاردي ‪ : 2‬دخلت المدينة فرأيت الناس مجتمعين‬
‫ورأيت رجالً يقبل رأس رجل ويقول له ‪ :‬أنا فداؤك ولو ال اهلل ثم أنت لهلكنا ‪ ،‬قلت‬
‫من المقبِّل ومن المقبَّل ؟ قالوا هو عمر يقبل رأس أبي بكر في قتال أهل الردة إذ‬
‫منعوا الزكاة حتى أتوا بها صاغرين ‪ .3‬طوبى لهما ‪ .‬فقد إجتهد أبو بكر برأيه‬
‫واجتهد عمر برأيه ‪ ،‬فأصاب كالهما ‪ ،‬أصاب أبو بكر حينما غضب هلل فأنصف‬
‫الدين ‪ ،‬وأصاب عمر فأنصف أبا بكر‪ .‬واذا نظرنا إلى قيادة أبي بكر الصديق في‬
‫عزمته الكبرى في حروب الردة وهو يقلد النصح ألحد قادته األفذاذ خالد بن الوليد‬

‫‪ . 1‬أخرجه البخاري يف كتاب الزكاة ‪ ،‬باب وجوب الزكاة ‪ ،‬من حديث أيب هريرة ‪ ( .‬املصدر السابق ‪ ،‬ج ‪ 2‬ص‬
‫‪ 507‬حديث رقم ‪. ) 1335‬‬
‫‪ . 2‬هو عمران بن تيم ويقال ابن ملحان أبو رجاء العطاردي البصري التابعي الكبري ‪ ،‬ولد قبل اهلجرة بإحدى عشرة‬
‫سنة وكان خمضرما أسلم يف حياة النيب صلى اهلل عليه وسلم ومل يره ‪ ،‬وعرض القرآن على ابن عباس ‪ ،‬وتلقنه من أيب‬
‫موسى ولقي أبا بكر الصديق وحدث عن عمر وغريه من الصحابة رضي اهلل عنهم ‪ ،‬روى القراءة عرضا ‪ ،‬وعنه قال ‪:‬‬
‫كان أبو موسى يعلمنا القرآن مخس آيات مخس آيات ‪ ،‬قال ابن معني مات سنة مخس ومائة وله مائة وسبع وعشرين‬
‫سنة وقيل مائة وثالثون ‪ ( .‬أنظر حممد بن حبان بن أمحد أبو حامت التميمي البسيت ‪ ،‬مشاهري علماء األمصار ‪،‬‬
‫دار الكتب العلمية ‪ -‬بريوت ـ لبنان ‪ ،‬طبعة سنة ‪ 1959‬م ‪ ،‬ج ‪ 1‬ص ‪. ) 87‬‬
‫‪ . 3‬عبد الرمحن بن علي بن حممد أبو الفرج ‪ ،‬صفة الصفوة ‪ ،‬دار املعرفة ‪ ،‬بريوت ـ لبنان ‪ ،‬الطبعة الثانية ‪،‬‬
‫‪ 1979 – 1399‬م ‪ ،‬حتقيق حممود فاخوري ‪ -‬د‪.‬حممد رواس قلعجي ‪ .‬ج ‪ 1‬ص ‪. 250‬‬
‫‪196‬‬
‫العدد(‪ )3‬شوال ‪1440‬هـ يونيو ‪2019‬م‬ ‫مجلة العلوم اإلدارية‬
‫د‪.‬ابراهيم أحمد نورالدين حامد‬ ‫القيادة بين الفهم القرآني والفهم الغربي‬

‫فقال ‪ :‬يا خالد عليك بتقوى اهلل والرفق بمن معك من رعيتك فإن معك أصحاب‬
‫رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم أهل السابقة من المهاجرين واألنصار ‪ ،‬فشاورهم‬
‫فيما نزل بك ثم ال تخالفهم وقدم أمامك الطالئع ترتاد لك المنازل ‪ ،‬وسر في‬
‫أصحابك على تعبئة جيدة فإذا لقيت أسداً وغطفان فبعضهم لك وبعضهم عليك‬
‫وبعضهم ال عليك وال لك متربص دائرة السوء ينظر لمن تكون الدبرة فيميل مع من‬
‫تكون له الغلبة ‪ ،‬ولكن الخوف عندي من أهل اليمامة فاستعن باهلل على قتالهم‬
‫فإنه بلغني أنهم رجعوا بأسرهم ‪ ،‬وان كفاك اهلل الضاحية فامض إلى أهل اليمامة‬
‫فإنك تلقى عدواً كلهم عليك لهم بالد منكرة فال تؤتي إال من مفازة فاًرفق بجيشك‬
‫في تلك المفازة فإن في جيشك قوماً أهل ضعف أرجو أن تنصر بهم حتى تدخل‬
‫بالدهم إن شاء اهلل تعالى ‪ ،‬فإن دخلت بالدهم فالحذر الحذر إذا لقيت القوم فقاتلهم‬
‫بالسالح الذي يقاتلونك به السهم للسهم والرمح للرمح والسيف للسيف فإن أعطاك‬
‫اهلل الظفر عليهم فأقل البقيا عليهم إن شاء اهلل تعالى ‪ ،‬واياك أن تلقاني غداً بما‬
‫يضيق صدري به منك ‪ .‬أسمع عهدي ووصيتي ال تغيرن على دار سمعت فيها‬
‫أذاناً حتى تعلم ما هم عليه ‪ ،‬واياك وقتل من صلى واعلم يا خالد أن اهلل يعلم من‬
‫سريرتك ما يعلم من عالنيتك ‪ ،‬واعلم أن رعيتك إنما تعمل بما تراك تعمل ‪ ،‬كف‬
‫عليك أطرافك وتعاهد جيشك وأنههم عما ال يصلح لهم فإنما تقاتلون من تقاتلون‬
‫بأعمالكم وبهذا نرجو لكم النصر على أعدائكم سر على بركة اهلل تعالى‪. 1‬‬

‫‪ . 1‬أبو الربيع سليمان بن موسى الكالعي األندلسي ‪ ،‬اإلكتفاء مبا تضمنه من مغازي رسول اهلل والثالثة‬
‫‪197‬‬
‫العدد(‪ )3‬شوال ‪1440‬هـ يونيو ‪2019‬م‬ ‫مجلة العلوم اإلدارية‬
‫د‪.‬ابراهيم أحمد نورالدين حامد‬ ‫القيادة بين الفهم القرآني والفهم الغربي‬

‫التقوى واإليثار والرفق والحذر والشورى ‪ ،‬واإلستعداد والتعبئة والشجاعة واإلقدام ‪،‬‬
‫وعدم أخذ الناس بالشبهات ‪ ،‬والسماحة في التعامل مع األخرين كل هذه المعطيات‬
‫هي التي ميزت نظرية القيادة اإلسالمية عن غيرها ‪ ،‬فالقيادة في الفهم اإلسالمي‬
‫قوة في غير عنف ولين في غير ضعف ‪ ،‬وأهم وظائف القيادة هي اإلعتدال في‬
‫غير تطرف ‪ ،‬والعدل في الحكم وال يؤخذ الصغير بجريرة الكبير وال المرأة بجريرة‬
‫الرجل ‪ ،‬وال الكريم بجريرة اللئيم ‪ ،‬وال المسالم بجريرة المعتدي ؛ وقد تمثلت تلك‬
‫المعاني القيادية العظيمة في وصية أبي بكر الصديق ألسامة بن زيد وهو ذاهب‬
‫إلى القتال حين قال ‪ :‬يا أيها الناس قفوا أوصكم بعشر فاحفظوها عني ‪ :‬ال تخونوا‬
‫وال تغلوا وال تغدروا وال تمثلوا وال تقتلوا طفالً صغي اًر وال شيخاً كبي اًر وال امرأة ‪ ،‬وال‬
‫تعقروا نخالً وال تحرقوه وال تقطعوا شجرة مثمرة ‪ ،‬وال تذبحوا شاة وال بقرة وال بعي اًر إال‬
‫لمأكلة ‪ ،‬وسوف تمرون بأقوام قد فرغوا أنفسهم في الصوامع فدعوهم وما فرغوا‬
‫أنفسهم له ‪ ،‬وسوف تقدمون على قوم يأتونكم بآنية فيها ألوان الطعام فإذا أكلتم‬
‫منها شيئاً بعد شيء فاذكروا اسم اهلل عليها ‪ ،‬وتلقون أقواماً قد فحصوا أوساط‬
‫رؤوسهم وتركوا حولها مثل العصائب فاخفقوهم بالسيف خفقاً اندفعوا باسم اهلل ‪. 1.‬‬
‫لم يكن أبو بكر في حاجة لمن يحرك قلبه نحو الحق في القيادة والمشاورة والعدل‬

‫اخللفاء ‪ ،‬عامل الكتب ‪ -‬بريوت – لبنان ‪ ،‬الطبعة األوىل ‪1417‬هـ ‪ ،‬حتقيق د‪ .‬حممد كمال الدين عز الدين‬
‫علي ‪ ،‬ج‪ 3‬ص ‪. 21‬‬
‫‪ . 1‬حممد بن جرير الطربي أبو جعفر ‪ ،‬تاريخ األمم وامللوك ‪ ،‬دار الكتب العلمية ‪ ،‬بريوت ـ لبنان ‪ ،‬الطبعة األوىل ‪،‬‬
‫‪ 1407‬هـ ‪ ،‬ج‪ 2‬ص ‪. 246‬‬
‫‪198‬‬
‫العدد(‪ )3‬شوال ‪1440‬هـ يونيو ‪2019‬م‬ ‫مجلة العلوم اإلدارية‬
‫د‪.‬ابراهيم أحمد نورالدين حامد‬ ‫القيادة بين الفهم القرآني والفهم الغربي‬

‫فإن إيمانه يعدل إيمان األمة ‪ ،‬وقد تشرب فلسفة القيادة من قائده األعظم محمد‬
‫صلى اهلل عليه وسلم ‪.‬‬
‫‪ -3‬قيادة عمر بن الخطاب [ العدل وأساسيات الحكم ]‬
‫المعيار الذي إنطلق منه عمر ليسوس دولته هو العدل ‪ ،‬لماذا ؟ ألن اهلل‬
‫ين لِلّ ِه ُشهَ َداء بِاْل ِق ْس ِط َوالَ َي ْج ِرَمَّن ُك ْم‬ ‫ِ‬
‫ونوْا قَ َّوام َ‬
‫آمُنوْا ُك ُ‬ ‫ين َ‬
‫َِّ‬
‫أمر بالعدل قال ‪َ [ :‬يا أَيُّهَا الذ َ‬
‫ب لِلتَّ ْق َوى َواتَّقُوْا اللّهَ إِ َّن اللّهَ َخبِ ٌير بِ َما‬ ‫َش َنآن قَوٍم علَى أَالَّ تَعِدلُوْا ْ ِ‬
‫اعدلُوْا ُه َو أَ ْق َر ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُ ْ َ‬
‫ون ‪ ] 1‬وسمي اهلل نفسه بالعدل فحرم الظلم على نفسه بالعدل فحرم الظلم‬ ‫تَ ْع َملُ َ‬
‫ظ َّالٍم لِّْل َعبِ ِيد‪] 2‬‬
‫ُّك بِ َ‬
‫َساء فَ َعلَ ْيهَا َو َما َرب َ‬ ‫على نفسه ‪ [ :‬من ع ِم َل ِ ِ ِ ِ‬
‫صالحاً َفل َن ْفسه َو َم ْن أ َ‬
‫َ‬ ‫َْ َ‬
‫ألن الظلم مرتعة وخيم ‪ ،‬فهو مثار الفتنة والغبن اإلجتماعي ومدعاة لإلنحراف‬
‫فالظلم إذا كثر أحتقن واذا أحتقن أنفجر ‪ ،‬فكل الحركات المدمرة في العالم أساسها‬
‫الغبن اإلجتماعي الناجم عن الظلم ‪ .‬كان عمر منهجة العدل ‪ ،‬ال يفرق بين الوالي‬
‫وأصغر الرعية ‪ ،‬فمن غصب رد ما غصب ومن ضرب ضرب ‪ ،‬عمر يغضب‬
‫لقضية المظلوم خاصة إذا كان الظالم يشغل منصباً عاماً يتطاول به علي الرعية ‪.‬‬
‫جاء مصري فشكا إليه واليها عمرو بن العاص وزعم أن الوالي أجري الخيل فأقبلت‬
‫فرس المصري فحسبها محمد بن عمرو بن العاص فرسه وصاح ‪ :‬فرسي ورب‬
‫الكعبة ! ثم اقتربت وعرفها صاحبها فغضب محمد بن عمرو ووثب علي الرجل‬

‫‪ .1‬سورة املائدة ‪ ،‬آية ( ‪) 8‬‬


‫‪ .2‬سورة فصلت ‪ ،‬آية ( ‪) 46‬‬
‫‪199‬‬
‫العدد(‪ )3‬شوال ‪1440‬هـ يونيو ‪2019‬م‬ ‫مجلة العلوم اإلدارية‬
‫د‪.‬ابراهيم أحمد نورالدين حامد‬ ‫القيادة بين الفهم القرآني والفهم الغربي‬

‫يضربه بالسـوط ويقول له ‪ :‬خذها وأنا ابن األكرمين ‪ ،‬وبلغ ذلك أباه فخشي أن‬
‫يشكوه المصري فحبسه زمناً ‪ ،‬وما زال محبوساً حتي أفلت وقدم إلى الخليفة‬
‫البالغه شكواه ‪ .‬قال أنس بن مالك رواي القصة ‪ :‬فو اهلل ما زاد عمر علي أن‬
‫قال له أجلس ‪ ،‬ومضت فترة إذا به في خاللها قد استقدم عم اًر وابنه من مصر‬
‫فقدما ومثال في مجلس القصاص ‪ ،‬فنادي عمر ‪ :‬أين المصري ؟ دونك الدرة‬
‫فأضرب بها ابن األكرمين ‪ [ .‬فضربه حتي أثخنه ] والرواية ألنس بن مالك ‪:‬‬
‫ونحن نشتهي أن يضربه فلم ينزع حتي أحببنا أن ينزع من كثرة ما ضربه ‪ ،‬وعمر‬
‫يقول ‪ :‬أضرب إبن األكرمين ‪ ،‬ثم قال أجعلها [ أي أدرها ] على صلعه عمرو فو‬
‫اهلل ما ضربك ابنه إال بفضل سلطانه ‪ ،‬قال عمرو فزعاً يا أمير المؤمنين قد‬
‫استوفيت واشتفيت ‪ ،‬وقال المصري معتذ اًر ‪ :‬يا أمير المؤمنين قد ضربت من‬
‫ضربني ‪ ،‬فقال عمر ‪ :‬أما واهلل لو ضربته ما حلت بينك وبينه حتي تكون أنت‬
‫الذي تدعه والتفت إلي عمرو يقول له ‪ :‬أيا عمرو متي استعبدتم الناس وقد ولدتهم‬
‫‪1‬‬
‫؟ ‪ .‬وتحكي هذه القصة قصة أخري وهي قصة السلوك اإلداري‬ ‫أمهاتهم أح ار اًر‬
‫المنضبط وقصة بناء اإلنسان ‪ ،‬أداته في السلوك اإلداري المنضبط الرقابة الذاتية‬
‫ثم المتابعة والرقابة النظامية ‪ ،‬تحكي قصة المصري منظور عمر للحكم والحكام‬
‫والرعية والالمركزية ‪ .‬كان يولي الوالي الوالية ويفوض كل صالحيات الخليفة ـ‬
‫أمير المؤمنين ـ ويملكه ادوات الحكم ؛ السلطة والمسؤولية والمعلومة ‪ ،‬يزوده بكل‬

‫‪ .1‬عباس حممود العقاد ‪ ،‬عبقرية عمر ‪ ،‬منشورات املكتبة العصرية ‪ ،‬بريوت ـ لبنان ص ‪. 118‬‬
‫‪200‬‬
‫العدد(‪ )3‬شوال ‪1440‬هـ يونيو ‪2019‬م‬ ‫مجلة العلوم اإلدارية‬
‫د‪.‬ابراهيم أحمد نورالدين حامد‬ ‫القيادة بين الفهم القرآني والفهم الغربي‬

‫ما تتطلب وظيفة الوالية ؛ اإلجراء اإلداري المبسط ‪ ،‬الهيكل التنظيمي المميز ‪،‬‬
‫القوانين واللوائح الواضحة ‪ ،‬ثم فوق كل ذلك يمنحه التفويض الالزم لتصريف‬
‫شؤون الوالية المالية بما يحقق عمارة األرض ويالحقه بالضوابط المالية الصارمة ‪.‬‬
‫ص َنع القائد ‪ .‬فمعيار الكفاءة عند عمر هو جودة الخدمة فالوالي قائداً‬
‫وهكذا ُي ْ‬
‫خادماً تقاس كفاءته بمستوى خدماته ‪. 1‬‬
‫لنرى كيف يصنع القيادة في شخصية سعد بن وقاص وهو يرسل إلى القادسية ؛‬
‫فكان مما أوصاه ‪ :‬يا سعد بن وهيب ال يغرنك من اهلل أن قيل خال رسول اهلل‬
‫صلى اهلل عليه وسلم وصاحبه ‪ ،‬فإن اهلل ال يمحو السيئ بالسيئ ‪ ،‬ولكن يمحو‬
‫السيئ بالحسن ‪ ،‬وان اهلل ليس بينه وبين أحد نسب إال بطاعته ‪ ،‬فالناس شريفهم‬
‫ووضيعهم في ذات اهلل سواء ‪ ،‬اهلل ربهم وهم عباده ‪ ،‬يتفاضلون بالعافية ويدركون‬
‫ما عند اهلل بالطاعة فانظر األمر الذي رأيت رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم منذ‬
‫بعث إلى أن فارقنا عليه فألزم فإنه األمر‪ .‬هذه عظتي إياك ‪ ،‬إن تركتها ورغبت‬
‫عنها حبط عملك وكنت من الخاسرين ‪ .‬ولما أراد فراقه قال له ‪ :‬إنك ستقدم على‬
‫أمر شديد ‪ ،‬فالصبر الصبر على ما أصابك ونابك ‪ ،‬تُ ْج َمع لك خشية اهلل ‪ ،‬واعلم‬
‫أن خشية اهلل تجتمع في أمرين ‪ ،‬في طاعته واجتناب معصيته ‪ ،‬وانما طاعة من‬
‫أطاعه ببغض الدنيا وحب األخرة ‪ ،‬وانما عصيان من عصاه بحب الدنيا وبغض‬
‫األخرة ‪ .‬وللقلوب حقائق ينشئها اهلل إنشاء ‪ ،‬منها السر ومنها العالنية ‪ ،‬فأما‬

‫‪ . 1‬املصدر السابق ص ‪120‬ـ ‪121‬‬


‫‪201‬‬
‫العدد(‪ )3‬شوال ‪1440‬هـ يونيو ‪2019‬م‬ ‫مجلة العلوم اإلدارية‬
‫د‪.‬ابراهيم أحمد نورالدين حامد‬ ‫القيادة بين الفهم القرآني والفهم الغربي‬

‫العالنية فأن يكون حامده وذامه في الحق سواء ‪ ،‬وأما السر فيعرف بظهور الحكمة‬
‫من قلبه على لسانه ‪ ،‬وبمحبة الناس ‪ ،‬فال تزهد في التحبب فإن النبيين قد سألوا‬
‫محبتهم ‪ ،‬وان اهلل إذا أحب عبدا حببه ‪ ،‬واذا أبغض عبدا بغضه ‪ ،‬فاعتبر منزلتك‬
‫عند اهلل بمنزلتك عند الناس ‪ .1‬فسار سعد قائداً فذاً حتى طرق أبواب المدائن ودك‬
‫حصون كسرى المنيعة ‪ .‬فعمر كان أول همه بناء القائد التقي الورع والعادل‬
‫والمتوكل على اهلل تعالى ؛ كان البد له من غرس القيم واألخالق الرفيعة فيه‬
‫متأسياً برسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم ؛ فالوظيفة تكليفاً وليست تشريفاً وهي‬
‫ليست للوجاهة واإلستعالء بل هي أمانة ال تعطى لمن طلبها ‪ ،‬فالبد للقائد وهو‬
‫يلي أمر هذه الوظيفة أن يقسم بالسوية ويعدل في القضية ويغزو في السرية ‪ ،‬وهو‬
‫نفس لمعيار الذي استخدمه أمير المؤمنين في تقويم الشكوى ضد سعد بن أبي‬
‫وقاص من أهل العراق ‪ :‬أن أهل الكوفة شكوا سعداً إلى عمر في كل شئ حتى‬
‫قالوا ‪ :‬ال يحسن يصلي ‪ ،‬فقال سعد ‪ :‬أما إني ال آلو أن أصلي بهم صالة رسول‬
‫اهلل ‪ ،‬أطيل األوليين وأحذف األخرتين ‪ ،‬فقال ‪ :‬الظن بك يا أبا إسحاق ‪ ،‬وكان قد‬
‫بعث من يسأل عنه بمحال الكوفة ‪ ،‬فجعلوا ال يسألون أهل مسجد إال أثنوا خي اًر ‪،‬‬
‫‪2‬‬
‫فقال ‪ :‬إن سعداً كان ال يسير في‬ ‫حتى مروا بمسجد لبني عبس فقام رجل منهم‬

‫‪ . 1‬إَساعيل بن عمر بن كثري القرشي أبو الفداء ‪ ،‬البداية والنهاية ‪ ،‬هجر للطباعة والنشر والتوزيع واإلعالن بالتعاون‬
‫مع مركز البحوث والدراسات العربية واإلسالمية بدار هجر ‪ ،‬القاهرة ـ مصر ‪ ،‬الطبعة األوىل ‪1418‬هـ ـ ‪1997‬م ‪،‬‬
‫حتقيق الدكتور عبد اهلل عبد احملسن الرتكي ‪ ،‬ج ‪ 9‬ص ‪. 614‬‬
‫‪ . 2‬يقال هو أبو سعدة أسامة بن قتادة ‪ ( .‬املصدر السابق ج ‪ 11‬ص ‪. ) 296‬‬
‫‪202‬‬
‫العدد(‪ )3‬شوال ‪1440‬هـ يونيو ‪2019‬م‬ ‫مجلة العلوم اإلدارية‬
‫د‪.‬ابراهيم أحمد نورالدين حامد‬ ‫القيادة بين الفهم القرآني والفهم الغربي‬

‫السرية ‪ ،‬وال يقسم بالسوية ‪ ،‬وال يعدل في الرعية القضية ‪ ،‬فبلغ سعداً فقال ‪ :‬اللهم‬
‫إن كان عبدك هذا قام مقام رياء وسمعة فأطل عمره وأدم فقره ‪ ،‬وأعم بصره‬
‫وعرضه للفتن ‪ ،‬قال‪ :‬فأنا رأيته بعد ذلك شيخاً كبي اًر قد سقطت حاجباه على عينيه‬
‫يقف في الطريق فيغمز الجواري فيقال له ‪ ،‬فيقول ‪ :‬شيخ مفتون أصابته دعوة سعد‬
‫‪.1‬‬
‫منهج عمر في القيادة كان يقوم على العدل ‪ ،‬والعدل في كل شيء ؛ ومن العدل‬
‫الرقا بة على السلوك واألداء واألمانة في الرعية ‪ ،‬ما كان يأخذ الناس بالشبهات أو‬
‫بالقيل والقال ؛ إنما كان ينتدب من يحقق في الشكوى التي ترد إليه ‪ ،‬فقد إنتدب‬
‫‪2‬‬
‫للتحقيق مع سعد بن أبي وقاص ‪ ،‬وكان يجمع الوالة في موسم‬ ‫محمد بن مسلمة‬
‫الحج للتحقيق فيما ينسب إليهم ‪ ،‬بل كان يطوف بنفسه على األمصار ليقف على‬
‫األمر بنفسه ‪ .‬لذلك قال يوماً لمن حوله ‪ :‬أرأيتم إن استعملت عليكم خير من أعلم‬
‫ثم أمرته بالعدل فأقضيت ما علي ؟ قالوا ‪ :‬نعم ‪ ،‬قال ‪ :‬ال حتى أنظر في عمله‬

‫‪ . 1‬تاريخ األمم وامللوك ‪ ،‬حممد بن جرير الطربي أبو جعفر ‪ ،‬دار الكتب العلمية – بريوت ‪ ،‬الطبعة األوىل ‪،‬‬
‫‪1407‬م ‪ ،‬ج‪ 2‬ص‪. 522‬‬
‫‪ . 2‬هو ‪ :‬حممد بن مسلمة بن سلمة بن حريش بن خالد بن عدى بن جمدعة بن حارثة بن احلارث بن اخلزرج‬
‫األنصارى احلارثى ‪ ،‬أبو عبد اهلل ‪ ،‬و يقال ‪ :‬أبو عبد الرمحن ‪ ،‬و يقال ‪ :‬أبو سعيد املدىن ‪ ،‬حليف بىن عبد األشهل ‪.‬‬
‫شهد بدرا ‪ ،‬و املشاهد كلها مع رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم ‪ ،‬و قيل ‪ :‬إن النىب صلى اهلل عليه وسلم استخلفه‬
‫على املدينة عام تبوك ‪ ،‬روى له البخاري ومسلم وأبو داود والرتمذي والنسائي وابن ماجه ‪ ( .‬أنظر حممد بن سعد بن‬
‫منيع أبو عبداهلل البصري الزهري ‪ ،‬الطبقات الكربى ‪ ،‬دار صادر – بريوت ـ لبنان ‪ ،‬الطبعة األوىل ‪ 1968‬م ‪ ،‬ج‪3‬‬
‫ص ‪. ) 443‬‬
‫‪203‬‬
‫العدد(‪ )3‬شوال ‪1440‬هـ يونيو ‪2019‬م‬ ‫مجلة العلوم اإلدارية‬
‫د‪.‬ابراهيم أحمد نورالدين حامد‬ ‫القيادة بين الفهم القرآني والفهم الغربي‬

‫‪1‬‬
‫‪ .‬ألن من أساسيات القيادة التأكد من حسن األداء ال‬ ‫أعمل بما أمرته أو ال‬
‫الوقوف على التقارير غير السليمة وغير الواقعية ‪ .‬وعمر قبل مبدأ الرقابة الشعبية‬
‫حتى على نفسه فكان يحث المسلمين على رقابته ومناصحته حتى ال يحيد عن‬
‫سلوك القائد القدوة فيقول ‪ ... :‬ثم إني قد وليت أموركم أيها الناس واعلموا أن هذه‬
‫الشدة قد أضعفت ‪ ،‬ولكنها إنما تكون على أهل الظلم والتعدي على المسلمين ‪،‬‬
‫فأما أهل السالمة والدين والفضل فأنا ألين لهم من بعضهم لبعض ‪ ،‬ولست أدع‬
‫أحداً يظلم أحداً ويتعدى عليه ‪ ،‬حتى أضع خده على األرض وأضع قدمي على‬
‫الخد األخر حتى يذعن بالحق ‪ ،‬ولكم علي أيها الناس خصال أذكرها لكم فخذوني‬
‫بها ؛ لكم علي أن ال أخبأ شيئاً من خراجكم مما أفاء اهلل عليكم إال من وجهه ولكم‬
‫علي إذا وقع عندي أن ال يخرج إال بحقه ‪ ،‬ولكم علي أن أرد عطاياكم وأرزاقكم إن‬
‫شاء اهلل تعالى ‪ ،‬ولكم علي أن ال ألقيكم في المهالك ‪ ،‬واذا رغبتم في البعوث فأنا‬
‫أبو العيال حتى ترجعوا إليهم ‪ .2‬فإلى أي مدى تجلت مسؤولية القيادة في قلب‬
‫عمر ؟ بل أن عمر يطلب من الرعية أن تقوم إعوجاجه بالقوة ألن في صالح‬
‫القائد صالح الرعية ؛ قال يوماً ‪ -‬وحوله المهاجرون واألنصار ‪ : -‬أرأيتم لو‬

‫‪ . 1‬أمحد بن احلسني بن علي بن موسى أبو بكر البيهقي ‪ ،‬سنن البيهقي الكربى ‪ ،‬مكتبة دار الباز ‪ -‬مكة املكرمة ‪،‬‬
‫‪ 1414‬هـ ‪1994 -‬م ‪ ،‬حتقيق حممد عبد القادر عطا ‪ ،‬ج ‪ 8‬ص ‪. 163‬‬
‫‪ . 2‬الدكتور علي حممد حممد الصاليب ‪ ،‬تاريخ اخللفاء الراشدين ( ‪ ) 2‬فصل اخلطاب يف سرية أمري املؤمنني عمر بن‬
‫اخلطاب ـ شخصيته وعصره ‪ ،‬املكتبة التوفيقية ـ القاهرة ـ مصر ‪ ،‬غري مذكور تاريخ الطبعة ‪ ،‬ج ‪ 2‬ص ‪96‬ـ‪. 97‬‬
‫‪204‬‬
‫العدد(‪ )3‬شوال ‪1440‬هـ يونيو ‪2019‬م‬ ‫مجلة العلوم اإلدارية‬
‫د‪.‬ابراهيم أحمد نورالدين حامد‬ ‫القيادة بين الفهم القرآني والفهم الغربي‬

‫‪1‬‬
‫‪ :‬لو‬ ‫أترخص في بعض األمر ماذا كنتم فاعلين ؟ قال ‪ :‬فقال له بشير بن سعد‬
‫‪2‬‬
‫‪ .‬ولنا أن ناخذ العبرة‬ ‫فعلت ‪ ،‬قومناك تقويم القدح ‪ ،‬قال عمر ‪ :‬أنتم إذن أنتم‬
‫قوم بالقوة ومن الرعية التي تناصح القائد‬
‫من هذا الموقف ؛ من القائد الذي يطلب ُي َّ‬
‫إلى هذه الدرجة الرفيعة ‪ .‬ومن أعظم الدروس في فنون القيادة فن التعامل مع‬
‫المال العام فقد كان عمر أنموذجاً فريداً حقاً ؛ دخل عمر وعثمان وعلي مكان‬
‫الصدقة فجعل عثمان في الظل يكتب ‪ ،‬وقام علي على رأسه يملي عليه ما يقول‬
‫عمر وعمر قائم في الشمس في يوم شديد الحر ‪ ،‬عليه بردتان سوداوان مؤتزر‬
‫بواحدة وقد وضع األخرى على رأسه ‪ ،‬وهو يتفقد إبل الصدقة يكتب ألوانها وأسنانها‬
‫ت‬
‫‪ ،‬فقال علي لعثمان ‪ :‬أما سمعت قول ابنة شعيب في كتاب اهلل عز وجل ‪ [ :‬قَالَ ْ‬

‫‪ . 1‬هو بشري بن سعد بن ثعلبة بن اجلالس بن زيد بن مالك بن ثعلبة بن كعب بن اخلزرج األكرب ‪ ،‬األنصارى‬
‫اخلزرجى ‪ ،‬والد النعمان بن بشري ‪ .‬شهد بدرا مع رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم ‪ ،‬و هو أول أنصارى بايع أبا بكر‬
‫بعد وفاة رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم ‪.‬له عن النىب صلى اهلل عليه وسلم ‪ ،‬حديث واحد ‪ ،‬و هو حديث النحل ‪،‬‬
‫على خالف فيه ‪ .‬وروى عنه ابنه النعمان بن بشري ‪ ،‬و احملفوظ ىف ذلك حديث النعمان بن بشري عن النىب صلى اهلل‬
‫عليه وسلم ‪ ،‬و قال املزى ‪ :‬ذكره أبو بكر بن أىب عاصم فيمن مات سنة ثالث عشرة ‪ ( .‬أنظر حممد بن سعد بن‬
‫منيع أبو عبداهلل البصري الزهري ‪ ،‬مصدر سابق ‪ ،‬ج ‪3‬ص ‪. ) 235‬‬
‫‪ . 2‬أبو القاسم علي بن احلسن ابن هبة اهلل بن عبد اهلل الشافعي املعروف بابن عساكر ‪ - 499‬هـ ‪ 571 -‬هـ ‪،‬‬
‫تاريخ مدينة دمشق وذكر فضلها وتسمية من حلها من االماثل أو اجتاز بنواحيها من وارديها وأهلها ‪ ،‬دراسة وحتقيق‬
‫علي شريي ‪ ،‬دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع ‪ ،‬بريوت ـ لبنان ‪ ،‬الطبعة األوىل ‪ 1419‬هـ ‪ 1998 -‬م ‪ ،‬ج‪10‬‬
‫ص ‪. 292‬‬
‫‪205‬‬
‫العدد(‪ )3‬شوال ‪1440‬هـ يونيو ‪2019‬م‬ ‫مجلة العلوم اإلدارية‬
‫د‪.‬ابراهيم أحمد نورالدين حامد‬ ‫القيادة بين الفهم القرآني والفهم الغربي‬

‫ت اْلقَ ِو ُّ ِ‬ ‫استَأ ِ‬ ‫ِ‬


‫ْج ْرهُ إِ َّن َخ ْي َر َم ِن ْ‬ ‫إِ ْح َد ُ‬
‫‪1‬‬
‫]‪ .‬وأشار إلى عمر‬ ‫ين‬
‫ي ْاألَم ُ‬ ‫ْج ْر َ‬
‫استَأ َ‬ ‫اه َما َيا أ ََبت ْ‬
‫وقال ‪ :‬هذا القوي األمين ‪ .2‬وسمع عمر أن األشعث بن قيس‪ 3‬قصد خالد بن‬
‫الوليد فمدحه فأجازه خالد بعشرة أالف درهم ؛ فلما بلغ ذلك عمر كتب إلى أبي‬
‫عبيدة بن الجراح يأمره أن يقيم خالداً ويكشف عمامته وينزع عنه قلنسوته ويقيده‬
‫بعمامته ويساله عن هذه العشرة أالف إن كان أجازها األشعث من ماله فهو سرف‬
‫وان كان من مال الصائفة فهى خيانة ثم أعزله عن عمله ‪ .4‬وقد فعل أبو عبيدة‬
‫فالقائد أحرص ما يكون على المال العام ‪ .‬ولو تدبرنا رعايته للفقراء والمساكين من‬
‫الرعية ؛ فالقائد يهمه كل أمر من أمور الرعية ؛ قال عمر يوماً ‪ :‬لو استقبلت من‬
‫أمري ما استدبرت ‪ ،‬ألخذت فضول أموال األغنياء ‪ ،‬فقسمتها على فقراء‬
‫المهاجرين ‪ .5‬؛ كان عمر القائد ينطلق من مرجعية إسالمية قامت فلسفتها العدل‬
‫والحق وعلى الوسطية واإلعتدال بين الفقر المدقع والغنى الفاحش ‪ ،‬وبين‬

‫‪ . 1‬سورة القصص ‪. 26‬‬


‫‪ . 2‬الدكتور علي حممد حممد الصاليب ‪ ،‬مصدر سابق ‪ ،‬ج ‪ 44‬ص ‪. 274‬‬
‫‪ . 3‬هو األشج بن معدى كرب بن معاوية بن جبلة بن عدى بن ربيعة بن معاوية األكرمني بن احلارث بن معاوية بن‬
‫ثور بن مرتع الكندى ‪ ،‬أبو حممد ‪ ،‬صحاىب جليل ‪ ،‬و كان أبدا أشعث الرأس ‪ ،‬فسمى األشعث ‪ ،‬وفد األشعث بن‬
‫قيس على النىب صلى اهلل عليه وسلم ‪ ،‬بسبعني رجال من كندة ‪ ،‬روى له البخاري ومسلم وأبو داود والرتمذي والنسائي‬
‫وابن ماجه ‪ ،‬نزل الكوىف ابتىن هبا دارا ‪ ،‬وتوىف هبا سنة ‪ 40‬أو ‪ 41‬هـ ‪ ( .‬أنظر حممد بن سعد بن منيع أبو عبداهلل‬
‫البصري الزهري ‪ ،‬مصدر سابق ‪ ،‬ج ‪ 2‬ص ‪. ) 22‬‬
‫‪ . 4‬إبن كثري ‪ ،‬البداية والنهاية ‪ ،‬مصدر سابق ‪ ( ،‬ج ‪ 7‬ص ‪. ) 80‬‬
‫‪ . 5‬اإلمام الطربي ‪ ،‬تاريخ الرسل وامللوك مصدر سابق ‪ ( ،‬ج ‪ 2‬ص ‪. ) 419‬‬
‫‪206‬‬
‫العدد(‪ )3‬شوال ‪1440‬هـ يونيو ‪2019‬م‬ ‫مجلة العلوم اإلدارية‬
‫د‪.‬ابراهيم أحمد نورالدين حامد‬ ‫القيادة بين الفهم القرآني والفهم الغربي‬

‫اإلستحواز المطلق على وسائل اإلنتاج وتقييده ‪ .‬عمر يهدف إلى بناء اإلنسان ‪،‬‬
‫قبل تأسيس أنظمة الحكم ‪ ،‬يريد أن يربي القائد على األخالق الفاضلة ‪ ،‬والياً كان‬
‫أو قائداً للجيش أو عامالً أو تاج اًر ‪ ،‬فهو القائد الفاروق الذي يفرق بين الحق‬
‫والباطل ‪.‬‬
‫الخاتــــمة‬
‫النتـــائج ‪:‬‬
‫أوالً ‪ :‬إعتماد المسلمين على النظريات الغربية في مفهوم القيادة أحدث خلالً كبي ًار‬
‫في مفهوم القيادة في أذهان القادة المسلمين فتأرجحوا بين المثالية المطلوبة والواقع‬
‫المقدور مما ترك أث اًر مباش اًر في إيجاد قيادات غير جديرة بالقيادة من الناحيتين‬
‫الشكلية والموضوعية ‪.‬‬
‫ثانياً ‪ :‬يمكن أن نستشف أن قياس كفاءة القائد تتم في إطار المهمة التي يقوم‬
‫بأدائها واألهداف التي يسعى لتحقيقها ‪ ،‬نجاح القائد يحدد بمقدرته على تحقيق‬
‫أهدافه عن طريق اإلستخدام األمثل لموارده البشرية والمادية ‪ ،‬واألداء المتميز يتم‬
‫في إطار هياكل تنظيمية متميزة ‪ ،‬واجراءات إدارية مبسطة ‪ ،‬ولوائح وقونين وأنظمة‬
‫وتشريع واضح ‪ ،‬واألهم السلوك التنظيمي المنضبط من القائد القدوة في قمة‬
‫التنظيم وحتى أدنى القوم في قاعدة التنظيم ؛ لقد طبق ذلك رسول اهلل صلى اهلل‬

‫‪207‬‬
‫العدد(‪ )3‬شوال ‪1440‬هـ يونيو ‪2019‬م‬ ‫مجلة العلوم اإلدارية‬
‫د‪.‬ابراهيم أحمد نورالدين حامد‬ ‫القيادة بين الفهم القرآني والفهم الغربي‬

‫عليه وسلم بدرجة اإلكتمال وترك لنا مجاهدة التأسي ‪ ،‬لتحقيق المحاور التي تدور‬
‫فيها القيادة وهي ‪:‬‬
‫‪ .1‬تحقيق األهداف المعلنة ‪ :‬وهي تحقيق اإلستخالف في األرض وعمارتها‬
‫وعبادة اهلل تعالى وحده ‪.‬‬
‫‪ .2‬خدمة األجهزة التي ترتبط بالبناء الهيكلي للدولة ‪ :‬النظام األقتصادي‬
‫والبيئي ‪ ،‬والنظام اإلداري ‪ ،‬والنظام اإلجتماعي ‪ ،‬والنظام السياسي ؛ مما‬
‫يحقق الرفاهية لإلنسان في كافة مناشط الحياة مع استصحاب عدم ترك‬
‫النصيب من الدنيا والسعي لألخرة ‪.‬‬
‫‪ .3‬توفير القاعدة المعرفية إلتخاذ القرار واستنباط األحكام وتوفير األطر التي‬
‫يستلزمها البحث والعمل العلمي ؛ فإدارة الرعية واجب شرعي يستوجب‬
‫العلم والمعرفة قبل العمل ‪.‬‬
‫‪ .4‬بناء اإلنسان نفسه ‪ :‬العامل العابد والمجتهد والورع ‪.‬‬
‫التوصيات ‪:‬‬
‫‪ .1‬الخروج عن نمطية التفكير الغربي في قيادة الشعوب ‪.‬‬
‫‪ .2‬بناء وصنع القيادات بالبرامج التربوية العملية وهذا أمر تحتمه ظروف‬
‫األمة اليوم حتى تخرج األمة من الزيلية والتخلف والخوف والجوع ؛ لماذا‬
‫ال تكون هناك مدارس للقادة يتلقون فيها علوم القيادة وفنونها وآدابها‬
‫وشروطها و‪..‬إلخ ‪.‬‬

‫‪208‬‬
‫العدد(‪ )3‬شوال ‪1440‬هـ يونيو ‪2019‬م‬ ‫مجلة العلوم اإلدارية‬
‫د‪.‬ابراهيم أحمد نورالدين حامد‬ ‫القيادة بين الفهم القرآني والفهم الغربي‬

‫‪ .3‬الخروج عن مألوفات النفس من الشهوات واألغراض وما شابهها وتوخي‬


‫العدل والشورى في اختيار القائد المناسب لوضعه في المكان المناسب [‬
‫وهي مرض العصر ] ‪.‬‬
‫‪ .4‬إعتماد برامج دوري معلوم لمناصحة القادة الحكام يرتضيه القادة والحكام‬
‫مع إعمال فقه المناصحة المطلوب ‪ ،‬فالرجوع للحق خير من التمادي في‬
‫البالطل ‪.‬‬

‫‪209‬‬
‫العدد(‪ )3‬شوال ‪1440‬هـ يونيو ‪2019‬م‬ ‫مجلة العلوم اإلدارية‬
‫د‪.‬ابراهيم أحمد نورالدين حامد‬ ‫القيادة بين الفهم القرآني والفهم الغربي‬

‫المصادر والمراجع‬
‫القرآن الكريم ‪.‬‬
‫ثانياً‪:‬كتب الحديث ‪:‬‬
‫‪ .1‬أبو القاسم سليمان بن أحمد الطبراني ‪ ،‬المعجم الكبير ‪ ،‬مكتبة‬
‫ابن تيمية ‪ ،‬القاهرة ـ مصر ‪ ،‬تحقيق حمدي عبد المجيد السلفي ‪،‬‬
‫(د‪.‬ت) ‪.‬‬
‫‪ .2‬أبو عبداهلل أحمد بن محمد بن حنبل بن هالل بن أسد الشيباني ‪،‬‬
‫مسند أحمد بن حنبل ‪ ،‬عالم الكتب – بيروت ‪ ،‬تحقيق السيد أبو‬
‫المعاطي النوري ‪ 1998 ،‬م‬
‫‪ .3‬أبو عبداهلل أحمد بن محمد بن حنبل بن هالل بن أسد الشيباني ‪،‬‬
‫المسند ‪ ،‬مؤسسة الرسالة ‪ ،‬بيروت ـ لبنان ‪ ،‬تحقيق شعيب‬
‫األرنؤوط وعادل مرشـد‪1995 ،‬م‬
‫‪ .4‬أحمد بن الحسين بن علي بن موسى أبو بكر البيهقي ‪ ،‬سنن‬
‫البيهقي الكـبرى ‪ ،‬مكتبة دار الباز ‪ -‬مكة المكرمة ‪ ،‬تحقيق محمد‬
‫عبد القادر عطا ‪1994 ،‬م‬
‫‪ .5‬الحافظ أبو محمد عبد اهلل بن عبد الرحمن بن الفضل بن بهرام‬
‫الدارمي ‪ ،‬سنن الدارمي ‪ ،‬دار المغني للنشر ‪ ،‬الرياض ـ المملكة‬
‫العربية السعودية ‪2000 ،‬م ‪.‬‬
‫َح ِأد ْي ِث‬ ‫ِ‬
‫الد َرَايةُ ف ْي تَ ْخ ِرْي ِج أ َ‬
‫‪ .6‬الحافظ أحمد ابن حجر العسقالني ‪ِّ ،‬‬
‫‪210‬‬
‫العدد(‪ )3‬شوال ‪1440‬هـ يونيو ‪2019‬م‬ ‫مجلة العلوم اإلدارية‬
‫د‪.‬ابراهيم أحمد نورالدين حامد‬ ‫القيادة بين الفهم القرآني والفهم الغربي‬

‫اْل ِه َد َاي ِة ‪ ،‬دار المعرفة بيروت ـ لبنان ‪ ،‬تحقيق السيد عبداهلل هاشم‬
‫اليماني المدني ‪( ،‬د‪.‬ت)‬
‫‪ .7‬سليمان بن األشعث أبو داود السجستاني األزدي ‪ ،‬سنن أبي داود‬
‫‪ ،‬دار أبن حزم ‪ ،‬بيروت ـ لبنان ‪ ،‬إعداد وتعليق عزت عبيد‬
‫الدعاس وعادل السـيد ‪1997 ،‬م‬
‫‪ .8‬محمد بن إسماعيل أبو عبداهلل البخاري الجعفي ‪ ،‬صحيح البخاري‬
‫‪ ،‬دار ابن كثير ‪ ،‬اليمامة – بيروت ‪ ،‬الطبعة الثالثة ‪1407 ،‬هـ‬
‫‪ ،‬تحقيق د‪ .‬مصطفى ديب البغا أستاذ الحديث وعلومه في كلية‬
‫الشريعة ‪ -‬جامعة دمشق ‪.‬‬
‫‪ .9‬محمد بن يزيد أبو عبداهلل القزويني ‪ ،‬سنن ابن ماجه ‪ ،‬دار الفكر‬
‫ـ بيروت ‪ ،‬تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي ‪.‬‬
‫ثالثا‪:‬كتب اللغة والمعاجم ‪:‬‬
‫‪ .1‬إبن منظور األفريقي ‪ ،‬لسان العرب ‪ ،‬دار صادر ‪ ،‬بيروت ـ لبنان ‪.‬‬
‫الطبعة األولى ‪1410 ،‬هـ ـ ‪1990‬م ‪.‬‬
‫رابعاً‪ :‬كتب التراجم ‪:‬‬
‫‪ .1‬اإلمام الحافظ محمد بن حبان بن أحمد أبو حاتم التميمي البستي ‪،‬‬
‫مشاهير علماء األمصار ‪ ،‬دار الكتب العلمية ‪ -‬بيروت ـ لبنان ‪ ،‬طبعة‬
‫سنة ‪ 1959‬م ‪.‬‬

‫‪211‬‬
‫العدد(‪ )3‬شوال ‪1440‬هـ يونيو ‪2019‬م‬ ‫مجلة العلوم اإلدارية‬
‫د‪.‬ابراهيم أحمد نورالدين حامد‬ ‫القيادة بين الفهم القرآني والفهم الغربي‬

‫‪ .2‬اإلمام الحافظ محمد بن حبان بن أحمد أبي حاتم التميمي البستي (‬


‫المتوفى سنة ‪ 354‬هـ ـ ‪ 965‬م ) ‪ ،‬كتاب الثقات ‪ ،‬طبع باعانة و ازرة‬
‫للحكومة العالية الهندية تحت مراقبة الدكتور محمد عبد المعيد خان مدير‬
‫دائرة المعارف العثمانية الطبعة األولى بمطبعة مجلس دائرة المعارف‬
‫العثمانية بحيدر آباد الدكن الهند ‪ 1393‬هـ ـ ‪1973‬م ‪.‬‬
‫‪ .3‬خير الدين الزركلي ‪ ،‬اإلعالم ‪ ،‬دار العلم للماليين ‪ ،‬بيروت ـ لبنان ‪،‬‬
‫الطبعة السادسة عشر يناير ‪2005‬م ‪.‬‬
‫‪ .4‬محمد بن سعد بن منيع أبو عبداهلل البصري الزهري ‪ ،‬الطبقات الكبرى ‪،‬‬
‫دار صادر – بيروت ـ لبنان ‪ ،‬الطبعة األولى ‪ 1968‬م ‪.‬‬
‫خامساً‪ :‬كتب اإلدارة ‪:‬‬
‫‪ .1‬أحمد عبدربه بصبوص ‪ ،‬فن القيادة في اإلسالم ‪ ،‬مكتبة المنار ‪ ،‬الزرقاء‬
‫‪ ،‬طبعة سنة ‪1988‬م ‪ ،‬األردن ‪.‬‬
‫‪ .2‬الدكتور أحمد عثمان المقلي ‪ ،‬مبادئ اإلدارة ‪ ،‬شركة مطابع السودان‬
‫للعملة المحدودة ‪ ،‬الخرطوم ‪ ،‬الطبعة األولى ‪2002‬م ‪.‬‬
‫‪ .3‬سعد الدين عشماوي ‪ ،‬أسس اإلدارة ‪ ،‬القاهرة ‪ ،‬مكتبة عين شمس ‪( ،‬‬
‫غير مذكور تاريخ الطبعة ) ‪.‬‬

‫‪212‬‬
‫العدد(‪ )3‬شوال ‪1440‬هـ يونيو ‪2019‬م‬ ‫مجلة العلوم اإلدارية‬
‫د‪.‬ابراهيم أحمد نورالدين حامد‬ ‫القيادة بين الفهم القرآني والفهم الغربي‬

‫‪ .4‬سعود محمد النمر ومحمد فتحي وأخرون ‪ ،‬اإلدارة العامة ‪ :‬األسس‬


‫والوظائف ‪ ،‬الرياض ـ المملكة العربية السعودية ‪ ،‬الطبعة الثالثة ‪1994‬م‬
‫‪.‬‬
‫‪ .5‬عائشة عبد اهلل جاسم وبدرية إبراهيم أسد إبراهيم ‪ .‬الدور القيادي‬
‫اإلسالمي مع رؤية لنظريات القيادة ‪ ،‬دار الثقافة ‪ ،‬قطر ـ الدوحة ‪،‬‬
‫الطبعة األولى ‪ 1407‬هـ ـ ‪ 1987‬م ‪.‬‬
‫‪ .6‬عطوف محمود يس ‪ ،‬مدخل في علم النفس اإلجتماعي ‪ ،‬دار النهار‬
‫للنشر ‪ ،‬بيروت ـ لبنان ‪ ،‬طبعة ‪1981‬م‬
‫‪ .7‬مكتب التربية العربي لدول الخليج ‪ ،‬اإلتجاهات العالمية المعاصرة في‬
‫القيادة التربوية ‪ ،‬المملكة العربية السعودية ـ الرياض ‪ ،‬طبعة ‪1984‬م ‪.‬‬
‫سادساً‪ :‬كتب السيرة ‪:‬‬
‫‪ .1‬أبو الربيع سليمان بن موسى الكالعي األندلسي ‪ ،‬اإلكتفاء بما تضمنه من‬
‫مغازي رسول اهلل والثالثة الخلفاء ‪ ،‬عالم الكتب ‪ -‬بيروت – لبنان ‪ ،‬الطبعة‬
‫األولى ‪1417‬هـ ‪ ،‬تحقيق د‪ .‬محمد كمال الدين عز الدين علي ‪.‬‬
‫‪ .2‬أبو القاسم علي بن الحسن ابن هبة اهلل بن عبد اهلل الشافعي المعروف بابن‬
‫عساكر ‪ 499‬هـ ‪ 571 -‬هـ ‪ ،‬تاريخ مدينة دمشق وذكر فضلها وتسمية من‬

‫‪213‬‬
‫العدد(‪ )3‬شوال ‪1440‬هـ يونيو ‪2019‬م‬ ‫مجلة العلوم اإلدارية‬
‫د‪.‬ابراهيم أحمد نورالدين حامد‬ ‫القيادة بين الفهم القرآني والفهم الغربي‬

‫حلها من االماثل أو اجتاز بنواحيها من وارديها وأهلها ‪ ،‬دراسة وتحقيق علي‬


‫شيري ‪ ،‬دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع ‪ ،‬بيروت ـ لبنان ‪ ،‬الطبعة األولى‬
‫‪ 1419‬هـ ‪ 1998 -‬م ‪.‬‬
‫‪ .3‬إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي أبو الفداء ‪ ،‬البداية والنهاية ‪ ،‬مكتبة‬
‫المعارف – بيروت ( غير مذكور تاريخ الطبعة ) ‪.‬‬
‫‪ .4‬إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي أبو الفداء ‪ ،‬البداية والنهاية ‪ ،‬هجر‬
‫للطباعة والنشر والتوزيع واإلعالن بالتعاون مع مركز البحوث والدراسات‬
‫العربية واإلسالمية بدار هجر ‪ ،‬القاهرة ـ مصر ‪ ،‬الطبعة األولى ‪1418‬هـ ـ‬
‫‪1997‬م ‪ ،‬تحقيق الدكتور عبد اهلل عبد المحسن التركي ‪.‬‬
‫‪ .5‬الدكتور علي محمد محمد الصالبي ‪ ،‬تاريخ الخلفاء الراشدين ( ‪ ) 2‬فصل‬
‫الخطاب في سيرة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ـ شخصيته وعصره ‪،‬‬
‫المكتبة التوفيقية ـ القاهرة ـ مصر ‪ ،‬غير مذكور تاريخ الطبعة ‪ ،‬ج ‪ 2‬ص‬
‫‪96‬ـ‪. 97‬‬
‫‪ .6‬سعيد أيوب ‪ ،‬زوجات النبي صلى اهلل عليه وسلم ‪ ،‬دار الهادي للطباعة‬
‫والنشر والتوزيع ‪ ،‬بيروت ـ لبنان ‪ ،‬الطبعة األولى ‪1417‬هـ ـ ‪1997‬م ‪.‬‬
‫‪ .7‬صفي الرحمن المباركفوري ‪ ،‬الرحيق المختوم ‪ ،‬دار المنار القاهرة ـ مصر ‪،‬‬
‫الطبعة الثانية ‪1418‬هـ ـ ‪1998‬م ‪.‬‬

‫‪214‬‬
‫العدد(‪ )3‬شوال ‪1440‬هـ يونيو ‪2019‬م‬ ‫مجلة العلوم اإلدارية‬
‫د‪.‬ابراهيم أحمد نورالدين حامد‬ ‫القيادة بين الفهم القرآني والفهم الغربي‬

‫‪ .8‬عباس محمود العقاد ‪ ،‬عبقرية عمر ‪ ،‬منشورات المكتبة العصرية ‪ ،‬بيروت ـ‬


‫لبنان ‪.‬‬
‫‪ .9‬ع بد الرحمن بن علي بن محمد أبو الفرج ‪ ،‬صفة الصفوة ‪ ،‬دار المعرفة ‪،‬‬
‫بيروت ـ لبنان ‪ ،‬الطبعة الثانية ‪ 1979 – 1399 ،‬م ‪ ،‬تحقيق محمود‬
‫فاخوري ‪ -‬د‪.‬محمد رواس قلعجي ‪.‬‬
‫‪-10‬محمد بن جرير الطبري أبو جعفر ‪ ،‬تاريخ األمم والملوك ‪ ،‬دار الكتب‬
‫العلمية – بيروت ‪ ،‬الطبعة األولى ‪ 1407 ،‬هـ ‪.‬‬

‫‪215‬‬
‫العدد(‪ )3‬شوال ‪1440‬هـ يونيو ‪2019‬م‬ ‫مجلة العلوم اإلدارية‬
‫د‪.‬ابراهيم أحمد نورالدين حامد‬ ‫القيادة بين الفهم القرآني والفهم الغربي‬

‫‪216‬‬
‫العدد(‪ )3‬شوال ‪1440‬هـ يونيو ‪2019‬م‬ ‫مجلة العلوم اإلدارية‬

You might also like