Professional Documents
Culture Documents
د .فاضل موسى حسن د .سـلطان جاســم سلطان أ.د عدنان حسـين يونس
Abstract
Despite recent trends in anti-protectionist policies in international
trade, led by the major industrialized countries, these countries, in the
face of occasional economic crises and the desire to reduce their
balance of payments problems, have found a return to protectionist trade
policies But with updated methods and procedures that do not contradict
WTO rules in the light of developments in what has become known as
environmental standards, health safety measures and import
procedures. In this context, the aim of this research is to shed light on
aspects of the implications of the new protectionist policies on the
commercial interests of developing and industrially rising countries and
in a method based on the indicative and deductive approaches to
identify the realities of new protectionist measures, Drawing conclusions
through analysis of data and information, drawing on a number of
sources and previous studies involved in this subject. The research
concluded with a number of concluding and recommendations, notably
that protectionist policies have not been abandoned and are no longer
limited to traditional restrictions and measures that are contrary to the
rules of the World Trade Organization, but there are many new
protectionist measures that contribute to the same objectives which have
become used by the major industrial countries in order to limit their
imports from developing and developing countries, which has negative
repercussions on their exports. The countries affected by the new
protectionist measures should therefore develop production techniques
and respond to environmental standards and quality standards in their
products in the context of their development policies. The World Trade
Organization (WTO) should also be responsible for establishing the rules
governing the use of new protectionist measures based on their
credibility and importance
المقدمة
تلعب السياسة التجارية دوراً أساسيا ً في اقتصادات الدول المتقدمة والنامية على حد
سواء ،ال سيما في ظل العولمة واالنفتاح االقتصادي ،وفي ظل نظام عالمي متعدد األطراف.
وفي ضوء التطورات المتالحقة التي تشهدها التجارة الدولية تبرز أهمية السياسات
التجارية في تكوين االستثمارات وزيادة الدخل واإلنتاج القومي ،ومن ث َم تحقيق األهداف التي
تصبو اليها الدولة.
ومع تطور التبادل التجاري وتنوع أشكال تدخل الدولة في إدارة عالقاتها التجارية ،بدأت
الدول تتبع أساليب جديدة وأدوات جديدة من اجل تحقيق أهدافها التنموية وتحسين حالة موازينها
التجارية وتصحيح االختالل في موازين مدفوعاتها ،إما بتقيد التجارة من خالل وضع القيود
وتشديد اإلجراءات ،أو من خالل تحريرها إزاء تدفق السلع والخدمات ،تبعا ً للظروف واألوضاع
االقتصادية التي تمر بها تلك الدول ،أو بين هذا وذاك من اإلجراءات التي تأخذ من التقييد ومن
الحرية التجارية بعض العناصر.
وتجدر اإلشارة إلى إن الربع األخير من القرن العشرين شهد اهتماما ً متزايداً باستخدام
أدوات وإجراءات حمائية جديدة من الواليات المتحدة األمريكية والدول الصناعية ،وأصبحت تلك
الدول تتشدد في منع نفاذ صادرات الدول النامية إلى األسواق العالمية وتحت مسميات عدة من
أجل حماية صناعاتها ،ال سيما تلك الصناعات التي تمتلك فيها الدول النامية قدرة تنافسية ،األمر
الذي أدى إلى خلق تأثيرات سلبية اضافية على موازين مدفوعات هذه الدول التي أصبحت تعاني
من خسائر فادحة في بعض القطاعات اإلنتاجية نتيجة لهذه الممارسات واإلجراءات التقييدية.
إن ظاهرة السياسات الحمائية الجديدة تُعد مناهضة لمبدأ حرية التجارة الذي يدعو إلى
ضرورة إزالة القيود عن حركة التجارة العالمية وجعلها حرة وخالية من اإلجراءات التقييدية.
وقد تناولت الكثير من الدراسات السابقة هذا الموضوع باعتباره يمثل عودة باتجاه معاكس
للسياسات الحمائية من الدول المتقدمة صناعيا الى الدول النامية والناهضة صناعيا ،وعلى وفق
أساليب وأدوات محدثة .ومن هذه الدراسات يمكن االشارة الى ما يلي:
.1بحـثZeynep Beyhan & Edgardo Sica & Serap Durusoy :
بعنوانEconomic Crisis And Protectionism Policies : The Case of the EU ( :
) Countriesومن أبرز النتائج التي توصل اليها البحث ،أن هنالك الكثير من القيود الحمائية
الجديدة غير التعريفية والحواجز التجارية غير المرئية أصبحت ال تعرفها منظمة التجارة العالمية
وان مثل هذه القيود التي تمارسها الدول الصناعية الكبرى ال يمكن أن تمثل حال ألزماتها
االقتصادية .
.2دراســةRoberto Bendini & Barbara Barone :
بعنوان ،)Protectionism In The G20( :تناولت الدراسة التدابير الحمائية الجديدة
التي اتبعتها مجموعة دول العشرين في أعقاب االنكماش االقتصادي عام .2008وقد توصلت
الى أن تدابير الحمائية الجديدة قد تزايدت كثيرا مقابل الجهود القليلة لتحرير التجارة ،وان
الحمائية تغيّرت من ناحية الشكل والجغرافية ،وان مثل هذا االنحراف نحو الحمائية الجديدة كان
نتيجة لتدهور األداء االقتصادي للدول التي تعمل على استخدام هذه التدابير.
.3بحـث :عبد السالم مخلوفي ،وسفيان بن عبد العزيز ،بعنوان( :اشكالية ضبط المعايير
البيئية في التجارة الدولية وتأثيراتها على تنافسية االقتصاد الوطني الجزائري) .يسلط هذا البحث
الضوء على التأثيرات التي أصبحت تحدثها األبعاد البيئية بوصفها احدى أدوات الحمائية الجديدة،
وتوصل البحث الى أن المعايير البيئية أضحت من العوائق غير الكمركية في التجارة الدولية،
وان االقتصاد الجزائري على الرغم من قلة صادراته غير النفطية ،االّ أنه لم يسلم من تدابير
الحمائية الجديدة.
.4بحـث :محمد األمين شربي ،ومحمد لحسن عالوي ،بعنوان( :الحمائية الجديدة ،حرب
العمالت وأهمية تفعيل دور منظمة التجارة العالمية) .يسلط هذا البحث الضوء على تخفيضات
القيمة الخارجية للعمالت التي تمارسها بعض الدول بشكل متقابل بوصفها أداة من أدوات
الحمائية الجديدة ،وهو ما حاولت الدول الصناعية استخدامه من أجل التأثير في القدرات التنافسية
والحد من االستيرادات وزيادة الصادرات ،وتوصل البحث الى أن (حرب العمالت) ليس حال
ناجعا لمشاكل موازين المدفوعات وان تنمية القدرات التنافسية الحقيقية للمنتجات هو الحل
األمثل.
.5دراســة Carl J. Green:بعنوان )The New Protectionism( :ومن أبرز
النتائج التي خلصت اليها هذه الدراسة ،أن االشكال الجديدة للحمائية أصبحت األكثر انتشارا
مقارنة بما يتم ازالته من العوائق ،وهو ما يمثل تهديدا خطيرا لمستقبل النظام التجاري العالمي
المتعدد األطراف.
أهمية البحث:
تبرز أهمية البحث من خالل كونه يسلط الضوء على سياسات تجارية ترتكز على أدوات
وإجراءات ذات طبيعة رمادية غير واضحة المعالم تستخدمها الدول الصناعية المتقدمة ،والتي
وان الظاهر المعلن من هذه توصف بالحمائية الجديدة بهدف تقييد استيراداتها وزيادة صادراتهاّ ،
األدوات واالجراءات التتعارض مع قواعد منظمة التجارة العالمية ،والباطن منها يهدف الى
وضع العراقيل بوجه المنتجات الداخلة الى الدول التي تطبق هذه األساليب ،مما يسـهم في الحاق
األضرار االقتصادية بصادرات الدول األخرى ،السيما الدول النامية التي التستطيع مواجهة مثل
هذه األساليب ،في ظل سكوت منظمة التجارة العالمية وعدم تنظيمها بقواعد ملزمة ،ومن ثم فان
ما يتسم به البحث هو محاولته التعرف على جوانب من التأثيرات التي تولّدها التدابير الحمائية
الجديدة على المصالح التجارية للدول النامية ،السيما ما يتعلق بصادراتها ذات الميزة التنافسية .
مشكلة البحث:
تتمثل مشكلة البحث في إن الكثير من الدول الصناعية المتقدمة أخذت تمارس أنواعا ً
مختلفة من السياسات التجارية الحمائية التي توصف بالجديدة ،وما تتضمنه من أساليب
واجراءات متعددة ،بهدف تقليل استيراداتها والحد من صادرات الدول النامية اليها ،ال سيما من
أصناف السلع التي تمتلك هذه الدول قدرة تنافسية في إنتاجها وتصديرها إلى األسواق العالمية.
الى جانب استخدام هذه األساليب للحد من العجوزات في موازين مدفوعاتها ،ومواجهة التداعيات
التي تنجم عن األزمات المالية وفق تدابير وأدوات متجددة ال تتعارض مع قواعد منظمة التجارة
العالمية .
فرضية البحث:
أن الدول الصناعية المتقدمة لم تتخل عن السياسات يستند البحث على فرضية مفادها ّ
التجارية الحمائية ،وإنها عملت على تكييف هذه السياسات وتطبيقها بأساليب حمائية جديدة ،والتي
أصبحت تمارس تأثيرات سلبية عديدة على صادرات الدول النامية ك ُل حسب درجة تطور هياكله
اإلنتاجية وظروفه االقتصادية والتقنية.
أهداف البحث:
يهدف البحث إلى تحقيق أهداف عدة منها:
-1معرفة ماهية السياسات الحمائية الجديدة وأدواتها واألسباب التي أدت إلى
استخدامها.
-2تسليط الضوء على جوانب من تأثيرات الحمائية الجديدة على صادرات الدول
النامية.
-3تقديم مجموعة من اإلجراءات والسبل لمواجهة الحمائية الجديدة.
منهجية البحث :استند البحث على المنهج االستقرائي لدراسة وتحليل واقع التطبيقات
المتعلقة بتدابير الحمائية الجديدة التي تستخدمها الدول الصناعية الكبرى ،ومن ثم االنتقال الى
المنهج االستنباطي من اجل استخالص النتائج ومالحظة مدى التأثيرات التي تولّدها هذه التدابير
على المصالح التجارية للدول النامية ،معتمدين على عدد من المصادر والدراسات السابقة في هذا
الموضوع.
هيكلية البحث:
تم تقسم البحث إلى مبحثين:
المبحث األول :الحمائية الجديدة ،صورها ،أدواتها ،دوافعها ،عالقتها بالنظام االقتصادي
المعاصر.
المبحث الثاني :تأثيرات الحمائية الجديدة في صادرات الدول النامية.
المبحث األول
الحمائية الجديدة ،صورها ،أدواتها ،دوافعها ،وعالقتها بالنظام االقتصادي المعاصر
لقد اقترنت الدعوة إلى الحمائية الجديدة في القرن الماضي بقيام الصناعات الناشئة ،كذلك
اقترنت باالتجاه نحو التدويل وانتشار ظاهرة العولمة .كما تركزت الحمائية على منتجات كانت
صناعاتها قد نقلت إلى البلدان النامية ،مثل المنسوجات والمالبس والصلب ،وأصبحت سياساتها
تمارس في ثمانينيات القرن الماضي على قطاعات جديدة مثل السيارات واإللكترونيات وامتدت
لتصيب الكثير من المنتجات الزراعية للدول النامية (.)1
ومن خالل مالحظة واقع التطورات الحاصلة في االقتصاد العالمي نجد أن اضطراد
التقدم العلمي والتكنلوجي بات يعني قدرة متزايدة لدى الدول الصناعية المتقدمة على إنتاج العديد
من السلع الصناعية والزراعية بوفرة كبيرة تحتاج الى أسواق واسـعة لتصريفها من أجل
استمرار االنتاج وحماية الوظائف .وفي دراسة للبنك الدولي تبين حصول زيادة صافية في حوالي
2500حاجز من الحواجز التجارية غير التعريفة الكمركية خالل المدة 19862-1985
وقد اتخذت ظاهرة الحمائية الجديدة اتجاهين في إطار أهدافها:
-1دفع األطراف المتنافسة األخرى من أجل االتفاق ،ومن أمثلة ذلك النزاعات التجارية
بين الواليات المتحدة األمريكية وكندا والمكسيك والمجموعة األوروبية في المنتجات الزراعية،
إذ استخدمت التعريفة الكمركية في هذا المجال .كما قامت الواليات المتحدة األمريكية بفرض
رسوم على منتجات الخشب من كندا وتقييد استيرادات السيارات والصلب األمريكية من اليابان.
إن استخدام هذه القيود أدى إلى تشكيل منطقة التجارة الحرة بين الواليات المتحدة األمريكية وكندا
والمكسيك ( )FATوالكارتل الذي عقدته الواليات المتحدة عام 1986حول اإللكترونيات
اليابانية الرخيصة ومحاولة التخلص من منافستها .ومن هنا برهنت الشركات الدولية قدرتها على
المحافظة على األسعار العالمية مهما كان حجم الطلب ضعيفا.
-2الحد من التوسع الصناعي لبعض الدول النامية المتميزة بصادرات المنسوجات
والمالبس واألحذية وبعض البتروكيماويات من خالل استخدام التعريفة الكمركية ضد هذه
الصادرات ،وقد أدى ذلك إلى انخفاض معدل نمو الصادرات للدول النامية إلى البلدان الصناعية
المتقدمة من %22للمدة 1981-1973إلى %4للمدة .1986-1981
أوالً :انتشار الحمائية الجديدة عالميا ً
بالرغم من أن اتفاقية الجات كانت قد دعت إلى ضرورة العودة إلى حرية التجارة
الدولية ،والعودة إلى حرية صرف العمالت منذ خمسينيات القرن الماضي وتخفيض الحواجز
))1فؤاد مرسي ،الرأسمالية تجدد نفسها ،سلسلة عالم المعرفة ،147المجلس الوطني للثقافة والفنون والداب ،الكويت،
،1990ص.327
))2المصدر السابق نفسه ،ص.328
أمام التدفقات التجارية والنمو الكبير لألسواق المالية والنقدية ،إال إنه منذ بداية السبعينيات وتدابير
الحماية تتصاعد ال سيما في الدول األوروبية والواليات المتحدة األمريكية.
وفي نهاية الستينيات وافقت الدول الصناعية على منح معاملة تفضيلية لمجموعة من
الواردات من دول العالم الثالث سمي " نظام األفضليات المعمم" وهو يشمل 16نظاما ً من 26
دولة .غير إن هذا النظ ام كان قد استخدم لصالح منتجات الشركات المتعددة الجنسيات ،إذ لم تكن
الدول النامية مستفيدة منه ،وكانت التجارة تنمو بمعدل %3.9في المتوسط بين عامي 1963و
، 1973االّ أنه في عام 1973كانت فرنسا تخضع %55من وارداتها إلى قيود غير التعريفة
الكمركية ،كما بلغت هذه القيود في الواليات المتحدة األمريكية ما يقارب .)1(%40
بالمقابل ،فشلت جهود الدول النامية في إقامة تكتالت لحماية خاماتها ،ففشل كارتل
الفوسفات الذي سعى المغرب إلى تكوينه ،كما فشل كارتل النحاس عام 1976من شيلي وبيرو.
ولم تنجح جهود االونكتاد في إقرار االتفاقية المجمعة للسلع التي تصدرها الدول النامية إلى الدول
الصناعية.
أما في مجال المنتجات الزراعية فزادت حدة الصراعات على األسواق بين الدول
الصناعية نفسها وبين الواليات المتحدة واليابان على منتجات البقر ،وبين الواليات المتحدة
واليابان على السكر.
إن الدعوة إلى حمائية جديدة ،القت الترحيب الحار من الدول األوروبية والواليات
المتحدة األمريكية وتتصاعد الدعوات من أجل الحماية مستعينة بدعوى مواجهة األزمات وضعف
االنتعاش وتفاوت أسعار الصرف والجمود الهيكلي وغير ذلك.
أن منظمة التعاون والتنمية واجهت عجزاُ إجماليا ً في ميزانها وتجدر اإلشارة،إلى ّ
التجاري يصل إلى ما يقارب 30مليار دوالر عام 1987مقابل 16مليار في عام ،1986في
حين بلغ العجز في الميزان التجاري للواليات المتحدة األمريكية نحو 132مليار دوالر في عام
1986بالمقارنة مع 117.7مليار دوالر في عام .1985
على الجانب اآلخر ،بلغ الفائض التجاري لليابان ما يقارب 77مليار دوالر في عام
1986بعدما كان نحو 36.8مليار عام .1984لذلك طرح صندوق النقد الدولي مسألة
االختالالت بين الدول الصناعية الكبرى ،اذ ع ّدها في مقدمة دواعي الحماية.
وعليه لجأت الدول الصناعية إلى االحتماء بنصوص الوقاية " "Safeguardsلكي تبرر
وضع القيود على واردات الدول ،فتضمنت المادة 19من قانون الجات حقوق الدولة المستوردة
في حماية اقتصادها إذا كانت االستيرادات تضر باالقتصاد ،ولكن هذه اإلجراءات تكون مؤقتة
وبما يسمح للدولة تعديل أوضاعها والعودة إلى الحرية التجارية من جديد .وقد قدر عدد المرات
التي استخدم فيها سالح الوقاية نحو 151مرة حتى عام ،1994منها 136مرة بين الدول
المصدر :االمانة العامة لجامعة الدول العربية (وآخرون) ,التقرير االقتصادي العربي الموحد ,صندوق النقد العربي ,
ابو ظبي ,المالحق االحصائية لسنوات متفرقة .
أن معدالت نمو حجم التجارة العالمية كان متذبذبا ً ،فبعدما كان نالحظ من خالل جدول (ّ )1
نحو %12.4في عام 2000انخفض ليصل إلى %0.2في العام 2001وهو اقوى انخفاض
شهدته التجارة الخارجية مقارنة بسنوات أخرى .ويعود هذا االنخفاض إلى عوامل عدة منها،
أزمة األسواق المالية المتعلقة بتجارة تكنولوجيا المعلومات التي أثرت على نشاط وحركة هذا
النوع الواسع من التجارة ،إلى جانب تداعيات أحداث الحادي عشر من أيلول /سبتمبر والتي
أثرت بشكل ملموس على حركة التجارة العالمية.
ومن ثم بدأت حركة التجارة العالمية بالتعافي التدريجي قبل أن تسجل هبوطا ً حاداً آخر بلغ
ذروته في عام 2009بسبب تداعيات األزمة المالية العالمية (أزمة الرهن العقاري) التي انطلقت
من الواليات المتحدة األمريكية لتمتد إلى اغلب دول العالم.
أن أداءها كان مخيبا لآلمال ولم وبالرغم من تحسن أداء التجارة العالمية بعد عام ،2010إال ّ
تصل إلى مستويات ما قبل األزمة المالية ،وذلك بسبب التوترات السياسية في المنطقة العربية،
وكذلك أزمة منطقة اليورو ،إلى جانب ضعف أداء االقتصاد األمريكي والصيني ،وأجواء عدم
اليقين التي تسود االقتصاد العالمي وحالة اإلرتباك التي تشهدها األسواق المالية ،إلى جانب
تطبيق السياسات الحمائية الجديدة ،والتي تُعد من العوامل المهمة في ضعف أداء التجارة الدولية.
ثانياً :أدوات السياسات الحمائية الجديدة:
شهد الربع األخير من القرن الماضي استخدام أنواع وأساليب جديدة من أدوات
السياسة التجارية الحمائية من اجل تقليل االستيرادات ،وظهرت أنواع جديدة من القيود أخذت
تعترض سبيل التجارة الدولية ،وسميت هذه األساليب باألساليب الرمادية نذكر منها :ــ
.1اتفاقات تقييد الصادرات اختياريا ً :تهدف هذه االتفاقات إلى تقليل الكميات
المصدرة من السلع ،إذ تقبل الدولة المصدرة بإرادتها بأن ال تزيد الكميات التي تصدرها من سلع
معينة عن مقدار معين يتم االتفاق عليه مع الدولة المستوردة خالل مدة محددة .وفي ظل غياب
هذا االتفاق فإن الصادرات من السلع كانت تتجاوز الحد المتفق عليه .ومن أمثلة هذه االتفاقات
تلك التي تمت بين اليابان والدول األوروبية ،والتي كان الغرض منها الحد من صادرات اليابان
من السيارات وبعض المنتجات األلكترونية الى أسواق الدول األوروبية (.)1
.2التوسع االختياري في االستيرادات :تلتزم الدولة بأن تستورد كمية أو قيمة معينة
من سلعة تزيد عما كان يستورد طبقا ً للتفاعل الحر بين قوى السوق .ومن أمثلة تلك االتفاقات قيام
الواليات المتحدة األمريكية بتطبيق هذا اإلجراء على اليابان إلجبارها على استيراد بعض السلع
الزراعية األمريكية مثل الرز واللحوم بأكثر مما تستورد سابقاً.
.3معايير الصحة والبيئة والسالمة :هذا المعيار يمتلك بعض الجوانب الشرعية
ويكون مقبوال ،اذ ّ
أن الهدف ال ُمعلن هو توفير البيئة المناسبة للمواطن ،والحفاظ على مصالح
المستهلك ،إال أن هذه المعايير ال تخلو من قيود ضمنية على االستيرادات تكون غير معلنة .ومن
))1محمد توفيق عبد المجيد ،اإلقليمية في اطار العولمة المالية :ماذا بعد األزمة العالمية ،جامعة المنصورة – كلية الحقوق،
بدون تاريخ ،ص.21
أمثلتها لجوء بعض الدول إلى فرض شروط ومعايير على المنتجات المحلية في الدول التي
تستورد منها تتضمن االلتزام بمواصفات نوعية معينة ،وأيضا ً مواصفات معينة للسالمة في
صناعة السيارات ،يكون من السهل على الصناعة المحلية في الدولة التي تفرض الشروط
االستجابة لهذه المعايير ،ومن ثم تقلل من استيراداتها بحجة عدم توفر معايير الصحة والبيئة
والسالمة.
.4ترتيبات السوق المنظم :تجد هذه الترتيبات أساسها في استخدام المادة 19من
الجات 47والمتعلقة باإلجراءات الوقائية أو الطارئة لتقييد الواردات ،إذ تجيز هذه المادة للطرف
المتعاقد أن يوقف التزاماته وفقا ً لالتفاقية بالنسبة للمنتج األجنبي إن تم استيراده بكميات متزايدة
في ظروف يكون من شأنها الحاق الضرر .وكانت الواليات المتحدة األمريكية من اهم الدول التي
لجأت إلى استخدام هذا األسلوب ،إذ عمدت إلى تقييد الواردات من منتجات معينة لبعض السلع
اليابانية.
ويوضح الجدول اآلتي أمثلة لترتيبات السوق المنظم وقيود التصدير االختيارية :ــ
جدول ()2
((أمثلة لترتيبات السوق المنظم وقيود التصدير االختيارية))
نوع االتفاق الدول المنتج
اتفاق لمدة خمس سنوات حددت فيه حصص اكثر من 40دولة المنسوجات والمالبس
االستيراد والتصدير
عقدت اليابان اتفاقية الحصص النسبية مع الواليات المتحدة األمريكية ،اليابان، الفوالذ المتخصص
الواليات المتحدة األمريكية. دول السوق األوروبية المشتركة،
الواليات المتحدة األمريكية فرضت حصص السويد ،كندا
نسبية على الدول األخرى
اليابان فرضت المعوقات االختيارية للتصدير السوق المشتركة ،اليابان ،جنوب فوالذ الكربون
للسوق المشتركة أفريقيا ،إسبانيا
السوق المشتركة طلبت من الجميع اتباع
السياسة نفسها
تفاوضت الواليات المتحدة األمريكية مع اليابان الواليات المتحدة األمريكية ،اليابان، التلفزيونات
على الترتيبات المنظمة محددة االستيرادات لعام الصين ،كوريا
1977
فرضت الواليات المتحدة األمريكية معاهدة الواليات المتحدة األمريكية 12 ،دولة اللحوم
لتحديد معدل تصدير اللحوم أخرى مصدرة
اتفاقية لمدة ثالث سنوات بداية عام 1980تحدد الواليات المتحدة األمريكية ،الصين المالبس والمنسوجات
كمية التصدير من الصين إلى الواليات المتحدة
األمريكية مع السماح بزيادة سنوية.
اتفاقية لتحديد كمية التصدير من السيارات الواليات المتحدة األمريكية ،اليابان السيارات
اليابانية ألمريكا مدتها 3سنوات بداية عام
.1981
المصدر:
-جون هدسون ،مارك هرندر ،العالقات االقتصادية الدولية ،ترجمة :طه عبد هللا منصور ومحمد
عبد الصبور محمد علي ،دار المريخ للنشر ،الرياض ،1987 ،ص445-444
.5سياسة المنافسة والممارسات التقييدية للشركات الدولية :وهي عبارة عن
إجراءات تتخذها الشركات الدولية للحد من المنافسة واستبعاد الغرباء والوافدين الجدد مما يؤدي
إلى تعزيز مكانة تلك الشركات ،أما بصورة منفردة أو تدعيم النفوذ السوقي لها مع الشركات
األخرى ،هذه اإلجراءات تفرضها الشركات المهيمنة على المتعهدين األصغر في التوريد
والتوزيع مثل اتفاقات اإلبقاء على سعر إعادة البيع أو حظر منح الخصم وحظر التصدير ورفض
التعامل والتسعير االفتراضي .ويمكن ادراج اجراءات الحمائية الجديدة في إطار التدابير غير
التعريفية والتي تتضمن طائفة متنوعة من السياسات واالجراءات التي تطبقها الدول على السلع
المستوردة والمصدرة ،الى جانب نظام التراخيص والحصص وتدابير الحظر التقليدية .وتعد
االونكتاد هذه التدابير (( تدابير سياساتية تختلف عن التعريفات الكمركية العادية ويمكن ان يكون
لها تأثيرات اقتصادية على تجارة السلع على الصعيد الدولي من حيث تغير الكميات المتداولة أو
أسعارها ،أو تغير الكميات واألسعار معاً))(.)1
مخطط ()1
((تصنيف التدابير غير التعريفية))
-1التدابير الصحية ومعايير البيئة والسالمة
التدابير التقنية
-2الحواجز التقنية أمام التجارة
المصدر :مؤتمر األمم المتحدة للتجارة والتنمية ،تطور النظام التجاري وتوجهاته من منظور إنمائي ،مذكرة من
إعداد االونكتاد ،جنيف ،أيلول /سبتمبر ،2012ص.16
))1مؤتمر األمم المتحدة للتجارة والتنمية ،تطور النظام التجاري وتوجهاته من منظور إنمائي ،مذكرة من إعداد االونكتاد،
جنيف ،أيلول /سبتمبر ،2012ص.15
ويمكن القول ،إن هذه التدابير بصرف النظر عن الغاية الحقيقية المقصودة منها ،فإنها
تؤدي إلى تأثيرات تقييدية وتشويهية ،وهي تثير مشكلتين أساسيتين فيما يتصل بنفاذ البلدان النامية
إلى األسواق الدولية (:)1
-1على الرغم من أن التدابير غير التعريفية ليست تمييزية في األصل االّ أن تأثيرها
يفضي إلى التميز بين الشركاء التجاريين السيما على حساب الدول النامية.
-2إن التدابير غير التعريفية كثيراً ما تنطبق على فئات منتجات ذات أهمية تصديرية
خاصة بالنسبة للدول النامية وهي منتجات غالبا ً ما يكون لهذه الدول ميزة نسبية فيها.
وتتركز صادرات الدول النامية في قطاعات يتواتر فيها تطبيق التدابير غير التعريفية ،ويمكن
توضيح ذلك من خالل الجدول االتي.
جدول ()3
((مؤشر تواتر التدابير غير التعريفية في مختلف القطاعات االقتصادية))
مراقبة الكميات مراقبة األسعار متطلبات ما الحواجز التقنية التدابير الصحية القطاع
قبل الشحن أمام التجارة وتدابير الصحة
النباتية
33.4 5.7 21.3 36.2 71.3 الحيوانات الحية
27.1 3.6 24.0 31.7 69.2 المنتجات النباتية
20.7 8.0 12.9 26.8 51.1 الدهون والزيوت
20.3 3.6 17.7 41.7 57.0 األغذية المجهزة
10.9 0.6 8.1 25.5 9.8 المنتجات المعدنية
19.6 1.7 6.8 35.8 11.3 المنتجات الكيمائية
6.3 0.8 5.7 24.1 1.2 المطاط والبالستك
12.9 0.0 9.9 23.7 12.8 الجلود واللحوم
المذبوحة
15.2 0.8 12.4 30.2 26.2 الخشب
11.4 0.6 8.2 18.4 1.7 الورق
16.3 4.7 15.6 34.3 1.8 النسيج
17.9 3.3 16.7 38.8 0.7 األحذية
6.3 1.1 9.7 19.0 3.1 الحجارة واإلسمنت
12.2 1.2 9.6 21.0 1.6 المعادن النفيسة
13.1 0.8 8.2 20.8 1.1 اآلالت والمعدات
الكهربائية
22.5 0.7 8.4 26.2 0.3 السيارات
8.1 0.2 7.9 20.0 0.4 األدوات البصرية
والطبية
7.2 4.1 7.2 23.0 1.6 سلع متنوعة
المصدر :مؤتمر األمم المتحدة للتجارة والتنمية ،تطور النظام التجاري وتوجهاته من منظور إنمائي ،مذكرة من
إعداداالونكتاد ،جنيف ،أيلول /سبتمبر ،2012ص.18
من خالل الجدول يتضح ،انه تم تطبيق أكثر من %60من الضوابط على التدابير
الصحية وتدابير الصحة النباتية ،في حين تطبق الحواجز التقنية أمام التجارة على مجموعة أوسع
من المنتجات وعلى نحو أكثر توحيداً بين مختلف القطاعات االقتصادية ،فهي تستهدف اغلب
القطاعات االقتصادية ذات األهمية التصديرية األكبر بالنسبة للدول النامية كالنسيج والمالبس
)(1مؤتمر األمم المتحدة للتجارة والتنمية ،تطور النظام التجاري وتوجهاته من منظور إنمائي ،المصدر السابق ،ص .17
واألحذية ،وبالمثل تتركز متطلبات ما قبل الشحن وتدابير مراقبة األسعار بالقدر األكبر في
قطاعات المنتجات الزراعية والنسيج واألحذية.
ثالثاً :دوافع وأسباب الحمائية الجديدة:
شهد االقتصاد العالمي خالل سبعينيات القرن الماضي مصاعب وتحديات جمة على اثر
انهيار نظام بريتن وودز وبروز ظاهرة الكساد التضخمي Stagflationوارتفاع أسعار النفط
العالمية وتوسع مديات التضخم ،والعجز الكبير في ميزان المدفوعات بالواليات المتحدة
األمريكية واالختالالت التجارية التي شهدها االقتصاد العالمي ،هذا إلى جانب بروز ظاهرة
العولمة وانتشارها بشكل كبير ،هذه األسباب وغيرها أدت إلى تعاظم ظاهرة الحمائية الجديدة
والتي تستهدف ،بشكل أساس ،الحد من دخول منتجات الدول النامية إلى الدول الصناعية
المتقدمة .ويمكن أن نذكر بعض الدوافع واألسباب التي أدت الى اتباع سياسات حمائية جديدة :ــ
-1الكساد التضخمي :ظهرت هذه المشكلة في بداية السبعينات من القرن الماضي
والتي تعني إن هناك تزامنا ً ما بين حالة البطالة والتضخم ،وهو على عكس ما كانت تشير إليه
األدبيات االقتصادية قبل تلك المدة ،والتي كانت ترى أن هناك عالقة عكسية ما بين التضخم
والبطالة وهذا ما شار إليه منحنى فيلبس في التفسير الذي قدمه عن العالقة ما بين البطالة
والتضخم .ومع بداية السبعينات أصبح التضخم والبطالة حالة متالزمة ،وعانت الدول الصناعية
من زيادة معدالت البطالة ،األمر الذي أدى بتلك الدول بضرورة إيجاد الحلول لمواجهة تلك
المشكلة .ويوضح الجدول االتي معدالت البطالة والعمالة في الدول الصناعية والتي لم تكن
متناسبة مع نمو العمال المنخفضة.
جدول ()4
((البطالة والعمالة في البلدان الصناعية المتقدمة للمدة ))2015-1975
2015 2014 2013 2012 2011 2010 2009 2008 2007 2006 2005 1990 1985 80-75
نمو التوظيف
1.3 1.2 0.5 0.7 0.6 0.2- 2.2- 0.4 1.4 1.5 1.3 1.2 1.3 0.9 الدول
المتقدمة
1.7 1.6 1.0 1.8 0.6 0.6- 3.8- 0.5- 1.1 1.9 1.8 0.5 2.1 1.9 الواليات
المتحدة
0.4 0.6 0.7 0.3- 0.1- 0.6- 3.8- 0.4- 0.5 0.4 0.4 2.0 0.7 1.0 اليابان
0.6 0.9 1.0 1.0 2.5 0.5 0.1- 1.4 1.7 0.7 0.1- 2.6 0.7 0.2 ألمانيا
0.7 0.2 0.3 0.4 0.3- 0.0 1.2- 0.6 1.4 1.0 0.6 1.2 0.3- 0.0 فرنسا
1.5 2.3 1.2 1.1 0.5 0.3 1.6- 0.7 0.7 0.9 1.0 0.3 1.1 0.8 المملكة
المتحدة
معدالت البطالة
6.7 7.3 7.9 8.0 8.0 8.3 8.0 5.8 5.4 5.8 6.2 6.2 7.9 6.2 الدول
المتقدمة
5.3 6.2 7.4 8.1 8.9 9.6 9.3 5.8 4.6 4.6 5.1 5.5 7.2 7.7 الواليات
المتحدة
3.4 3.6 4.0 4.3 4.6 5.1 5.1 4.0 3.8 4.1 4.4 2.1 2.6 2.2 اليابان
4.6 5.0 5.2 5.3 5.8 6.9 7.5 7.3 8.4 9.8 10.6 6.2 8.0 4.8 ألمانيا
10.4 10.3 10.3 9.8 9.2 9.7 9.6 7.8 8.3 9.2 9.3 9.0 10.2 6.4 فرنسا
5.4 6.2 7.6 8.0 8.1 7.8 7.5 5.6 5.4 6.8 4.8 5.8 10.9 6.4 المملكة
المتحدة
المصدر:
-األعمدة 1و2و 3من توفيق عباس عبد عون ،الحمائية الجديدة واثرها على الصادرات العربية ،أطروحة دكتوراه
مقدمة إلى مجلس كلية الدارة واالقتصاد في الجامعة المستنصرية ،1997 ،ص. 90
-األعمدة 4و5و6و7و8و9و10و11و12و13و 14من األمانة العامة لجامعة الدول العربية (وآخرون) ،التقرير
االقتصادي العربي الموحد ،صندوق النقد العربي ،أبو ظبي ،أعداد مختلفة.
من خالل الجدول يتضح إن معدالت البطالة في الدول المتقدمة كانت قد بلغت نحو
%6.2خالل المدة ،1980-75ثم وصلت إلى ما يقارب %7.9في عام ،1985ووصلت في
عام 2009إلى ،%8وفي عام 2010كانت تقريبا ً ،%8.3ومن ثم انخفضت بشكل نسبي لتصل
إلى نحو %6.7في عام .2015
أما في الواليات المتحدة األمريكية فنجد إن متوسط معدالت البطالة كانت نحو %7.7
خالل المدة ،1980-1975ثم ارتفعت لتصل إلى اعلى مستوياتها خالل عامي 2009و2010
بسبب تداعيات األزمة المالية العالمية ،وما إن بدأ االقتصاد األمريكي بالتعافي التدريجي من
تداعيات األزمة حتى بدأت معدالت البطالة باالنخفاض التدريجي لتصل إلى نحو %5.3في عام
.2015
وفيما يتعلق بمعدالت نمو العمالة والتوظيف فنجدها أصبحت سالبة في البعض الدول ال
سيما خالل المدة 2010-2007وذلك بسبب تداعيات األزمة المالية العالمية (أزمة الرهن
العقاري) التي بدأت في الواليات المتحدة األمريكية لتمتد آثارها السلبية على اغلب دول العالم
السيما المتقدمة منها.
-2تقلبات أسعار الصرف:إن التقلبات في أسعار الصرف وعدم التناسق فيها منذ
التخلي عن نظام بريتن وودز أدى إلى انتشار الحمائية من خالل سعي الحكومات إلى تنظيم
التدفقات التجارية.
إن االضطرابات في أسعار الصرف تؤدي إلى زيادة انعدام اليقين االقتصادي ،ومن ثم
عندما ترتفع أسعار الصرف لدولة ما يؤدي ذلك إلى التراجع في الصادرات المصنعة في هذه
الدول ،فعلى سبيل المثال عندما ارتفعت قيمة الريال البرازيلي والرند الجنوب أفريقي خالل
المدة 2011-2009إلى نحو %30وارتفعت قيمة الروبية اإلندونيسية بنحو %20أدى ذلك إلى
تراجع الصادرات المصنعة والذي بدوره أدى إلى مضاعفة القلق بإزاء استخدام أسعار الصرف
لدعم الصادرات وتأثير ذلك على التحول عن التصنيع ،مما اثر نقاشات حادة حول تضاربات
أسعار الصرف وحروب العملة.1
-3احتواء التوسع الصناعي للدول الناشئة :إن اغلب الدول النامية تصدر سلعا
ال تحتاج إلى مهارة ،وقد حاولت الدول الصناعية استخدام التعريفة الكمركية على المنسوجات
))1مؤتمر األمم المتحدة للتجارة والتنمية ،تطور النظام التجاري وتوجهاته من منظور إنمائي ،المصدر السابق ،ص .15
والمالبس واألحذية وبعض البتروكيماويات ،كذلك وضعت قيودا على استيراداتها لمواجهة بعض
السلع الغذائية وصناعة الجلود المنتجة في الدول النامية ،عندما شعرت بتحول الميزة النسبية
عنها لصالح نمو الواردات من هذه الدول النامية بين عامي 1973و 1981وبمعدل نمو سنوي
بلغ %22في المتوسط ،االّ أن معدل نمو هذه الواردات عاد ليهبط الى نحو %4فيما بين عامي
1981و 1986نتيجة لفرض هذه القيود (.)1
وإذا كانت المنافسة بين الواليات المتحدة األمريكية واليابان هي القوة المركزية التي تعيد
هيكلة االقتصاد العالمي ،فإنها لم تصل بعد إلى تسوية يعيد االستقرار إلى التجارة الدولية ،وإن
نظام التجارة الحرة الذي كرسته الكات وأسسته على النموذج الريكاردي بدأ يتهاوى باضطراد
أمام نظام الحماية الذي يتوسع في كل مكان.
-4االختالالت التجارية :تؤدي االختالالت التجارية إلى زيادة التوتر في العالقات
الثنائية ،وقد وصل عجز ميزان المدفوعات للواليات المتحدة األمريكية في عام 1987إلى 155
مليار دوالر وبنسبة %3.5من الناتج المحلي اإلجمالي بالرغم من انخفاض قيمة الدوالر عام
،1985كما عانت الواليات المتحدة األمريكية من ديون خارجية صافية بلغت 400مليار دوالر
لغاية ،1987في حين وصل عجز الميزان التجاري إلى نحو 165.9مليار دوالر عام 1994
بالمقارنة مع 138.5مليار دوالر عام ،1993بينما وصل عجز الحساب الجاري إلى 142.5
مليار دوالر عام 1994مقارنة مع 127مليار دوالر في عام .)2(1993
هذه االضطرابات التي عاشها االقتصاد األمريكي دفع باتجاه زيادة الضغوط الحمائية
وضرورة استخدام أدوات الحمائية الجديدة لمعالجة أوضاع االقتصاد األمريكي.
ويوضح الجدول اآلتي موجز ألرصدة الحساب الجاري لدول العالم للمدة 2015-2000
جدول ()5
((أرصدة الحساب الجاري لدول العالم للمدة 2015-2000ـــ (مليار دوالر)
2015 2014 2013 2012 2011 2010 2009 2008 2007 2006 2005 2004 2003 2002 2001 2000
302.7 232.9 18.8 222.1 40.4- 6.0- 268.6- 430.2- 368.8- 454.0- 392.2- 206.1- 209.3- 213.2- 200.9- 264.8- الدول المتقدمة
484.1- 389.5- 449.7- 376.8- 460- 443.9- 485.9- 664.1- 731.2 788.1- 729.0- 625.0- 523.4- 461.3- 382.4- 417.4- الواليات
المتحدة
344.7 320.1 159.8 257.6 33.2 3.7- 54.3- 65.5- 29.3 32.9 46.7 120.3 48.4 49.8 8.3 35.2- منطقة اليورو
137.5 24.4 59.7 40.7 129.8 217.9 179.2 194.3 211.0 170.4 165.7 172.1 136.2 112.6 87.8 119.6 اليابان
374.6 369.3 40.7 357.2 280.7 267.9 92.4 105.2 122.1 130.8 124.5 126.5 129.6 85.7 85.4 68.2 اقتصادات
متقدمة أخرى*
197.0 197.0 357.2 217.0 383.3 315.7 612.9 784.9 634.2 617.0 144.5 215.1 144.5 76.9 41.2 86.5 األسواق
الصاعدة
والبلدان النامية
* اقتصادات متقدمة أخرى تعني االقتصادات المتقدمة عدا الواليات المتحدة األمريكية ودول منطقة اليورو واليابان.
المصدر :األمانة العامة لجامعة الدول العربية (وآخرون) ،التقرير االقتصادي العربي الموحد ،صندوق النقد
العربي ،أبو ظبي ،أعداد مختلفة.
من خالل الجدول أعاله يتضح ،إن الحساب الجاري للواليات المتحدة األمريكية يعاني
من عجز دائم ومستمر ولم يحقق فائضا ً خالل المدة .2015-2000
))1يُنظر في ذلك:
-األمانة العامة لجامعة الدول العربية (وآخرون) ،التقرير االقتصادي العربي الموحد ،صندوق النقد العربي ،أبو
ظبي ،أعداد مختلفة.
ومع نهاية عام 2007حدث انهيار كبير في االقتصاد األمريكي أدى إلى إصابة االقتصاد
العالمي بخلل كبير تسبب في نشوء أسوأ أزمة مالية منذ أزمة الكساد الكبير مسببة بحدوث تباطؤ
كبير في االقتصاد العالمي .وقد جاءت هذه األزمة بالتزامن مع انهيار المفاوضات المتعددة
األطراف لتحرير التجارة في الدوحة.
وقد أدت هذه األزمات إلى إعادة إحياء التفكير وبشكل جدي بضرورة العودة إلى
السياسات الحمائية ،ال سيما وإن اغلب هذه األزمات انطلقت من قلب النظام الرأسمالي والذي ما
فتأ ينادي بالحرية االقتصادية واالنفتاح ورفع الحواجز وإزالة القيود عن حركة التجارة الدولية .
ومن ث ًم ،فإن تواتر األزمات المالية لعب دوراُ بارزاً ومؤثراً في تقوية موقف السياسات
الحمائية الجديدة والعمل على تطوير أساليبها وأدواتها بشكل مستمر بما يتناسب مع األوضاع
االقتصادية التي تفرضها هذه األزمات ،كذلك بما يساعد الدول الصناعية المتقدمة على التعامل
مع المستجدات الحاصلة في تنامي القدرات التنافسية لبعض السلع والخدمات التي تظهرها دول
معينة والتي يكون لها تأثيرات واضحة على عمليات االستثمار واألنشطة االقتصادية المحلية
وحالة موازين المدفوعات ،وفي ظل األهداف االقتصادية التي تسعى اليها هذه الدول في الحد
من تداعيات الركود االقتصادي وتحقيق معدالت نمو مضطردة والحد من معدالت البطالة
والضغوط التضخمية .ومن ثم فقد كان هناك تفوق لالجراءات الحمائية مقارنة باجراءات الحرية
االقتصادية ،والشكل البياني اآلتي يوضح ذلك:
شـكل()1
(مقارنة بين اجراءات الحمائية الجديدة واجراءات الحرية االقتصادية للمدة 2008ــ ) 2015
Source:
-Barbara barone, Roberto bendini, protectionism in
the G2o, directorate-general forexternal
policies,policydepartment, European parliament , 2015
, p16
المبحث الثاني
تأثيرات السياسات الحمائية الجديدة في صادرات الدول النامية
تختلف اآلثار التي تولّدها السياسات الحمائية على الدول النامية ،على وفق درجة وفرة
مواردها االقتصادية وتطور هياكلها االنتاجية.
وإجماالً ،تعاني الدول النامية من مشكالت واختالالت كبيرة وتدهور في معدالت التبادل
التجاري وعجزاً مستمراً في الموازين التجارية ،ناهيك عن ضعف القدرة التنافسية في األسواق
العالمية.
وقد قامت الدول الصناعية المتقدمة باستخدام قيود حمائية عدة ضد الدول النامية منها(:)1
-1قامت المجموعة األوروبية باستخدام القيود الطوعية للتصدير على صادرات
المنسوجات من المغرب وتونس ،كما قامت الواليات المتحدة األمريكية باستخدام هذه القيود ضد
الصادرات العربية.
-2قامت الدول األوروبية بتطبيق رسم كمركي يبلغ % 14.5-12.5على وارداتها من
البتروكيماويات من الدول العربية لمواجهة انخفاض كلفة اإلنتاج الناجمة عن رخص المواد
الخام.
-3فرضت أستراليا رسوما ً مضادة لإلغراق بنسبة %11على واردات البوليتين
المنخفض الكثافة من قطر.
وتجدر اإلشارة إلى إن هناك مظاهر جديدة ظهرت في سماء االقتصاد العالمي ،والتي
أدت إلى قيام الدول الصناعية والواليات المتحدة األمريكية على وجه الخصوص ،باستخدام
اإلجراءات الحمائية الجديدة ،وتتمثل أبرز تلك المظاهر:
-1أصبحت اغلب الدول المتقدمة أكثر نظرة إلى الداخل ،فقد ازداد الضغط الداخلي
عليها ،وهي غير قادرة على مقاومة هذه الضغوط ،وغالبا ً ما تتجه إلى التركيز على االحتياجات
القصيرة المدى.
-2بعد النجاح في مواجهة أو التصدي لمشكلة الزيادة المفاجئة ألسعار النفط ،أصبحت
أن بإمكانها معالجة مشاكلها الصعبة باالعتماد على نفسهاهناك ثقة لدى الدول الصناعية المتقدمة ّ
دون الحاجة إلى مساندة الدول النامية.
-3هناك تصور لدى الدول الصناعية المتقدمة بضرورة تحقيق التعاون والتنسيق بينها،
في حين إن التعاون مع الدول النامية لم يكن بالمستوى المطلوب ،ومن ثم االبقاء على الدول
النامية تحت ضغوط مستمرة لبقاء أسواقها مفتوحة أمام صادرات الدول المتقدمة.
-4بدأت الدول النامية تعاني من تصاعد وتيرة المشكالت الداخلية ،ولم تعط اهتماما ً
لألوضاع الخارجية باستثناء حاجاتها إلى المساعدات ،ولم تستطع أن نتتج عناصر ضغط
))1الخطة االستراتيجية ،2015-2012مركز التجارة الدولية جنيف ،ص .9متوفر على الرابط http//www.intercen.org
التنفيذ في عام ،2010ويواجه المصدرون بيئة شديدة التعقيد ،وهو ما يؤثر سلبا ً على تجارة
الدول النامية (.)1
وعلى الرغم من العهود التي قطعتها دول مجموعة العشرين G20بعدم لجوئها إلى
أن ذلك لم يمنع الكثير من هذه استخدام اإلجراءات الحمائية لمواجهة تداعيات األزمات ،إال ّ
الدول من اتخاذ إجراءات حمائية على حساب شركائهم التجاريين(.)2
ومن ثم فقد استمرت هذه الدول باستخدام أدوات وأساليب رمادية متنوعة وجديدة وبما
يتالءم والظروف واألوضاع االقتصادية التي تمر بها.
وقد تعززت الكثير من التدابير واالجراءات بهذا الخصوص نذكر منها (:)3
-1برامج الدعم واإلنقاذ الحكومي للمؤسسات والشركات الوطنية.
-2معامالت تميزية بمختلف أشكالها.
-3التأثير على القيمة الخارجية للعملة الوطنية (تخفيض أسعار الصرف)
أن ارتفاع سعر صرف الدوالر األمريكي قد وفي هذا الصدد ،أشار معهد روزفيلت ّ ،
جعل ما يقارب %26من المنتجات األمريكية اغلى في األسواق الخارجية وجعل أسعار السلع
األجنبية ارخص من السلع األمريكية ،ومن ثم البد من ضبط أثر ارتفاع قيمة العملة الخارجية
على أوضاع التجارة الخارجية للواليات المتحدة األمريكية(.)4
وقد أشارت منظمة التجارة العالمية في تقريرها الدوري لرصد التطورات في السياسة
التجارية لدول مجموعة العشرين أن ( )17دولة من المجموعة اتخذت إجراءات حمائية،
وأشارت التقارير إلى إن القيود التجارية المتخذة من الدول المتقدمة تتعلق بقطاعات ذات كثافة
عمالة كصناعة المنسوجات والمالبس والتعدين ،فضال عن قطاعات تكتسب الدول النامية فيها
ميزة نسبية وقدرة تنافسية.
وقد سعت الواليات المتحدة األمريكية الى فرض مزيد من االجراءات بهدف تقليل
االستيرادات ،منها منح اإلعانات للسلع المنتجة محليا ً في إطار ما يُعرف بشرط " اشتري محليا ً
،"Buy Local Requirementإذ قام الكونغرس األمريكي في عام 2009بإصدار تشريعات
تتضمن إجراءات حمائية تشترط تقديم الدعم المالي لمشاريع القطاع العام الذي يستخدم مدخالت
ومستلزمات اإلنتاج المصنوعة في الواليات المتحدة األمريكية.
وتشير اإلحصاءات إلى زيادة عدد التدابير التعريفية وغير التعريفية لسياسة " اشتري
المنتج الوطني" عام ، 2011منها حوافز المحتوى المحلي والتفضيالت الوطنية ،السيما على
مستوى األسواق الصاعدة األعضاء في مجموعة العشرين ،فعلى سبيل المثال حددت روسيا
))1طارق عبد الرحمن الزهد ،القضايا البيئية واقع مرير يهدد حياة األجيال ،متوفر على الرابط،
http://www.alyaum.com/article/1081883
البحث والتطوير التي تقوم بها الشركات ،والدعم المقدم لتكييف مرافق اإلنتاج لتتطابق مع
المتطلبات البيئية الجديدة شريطة أن يقدم هذا الدعم مرة واحدة وأن يكون محدداً بنسبة %20من
تكلفة التكييف ،فضال عن الدعم الذي يقدم للمساعدة على تطوير الصناعات (.)1
ومن هنا نجد إن اتفاقية منظمة التجارة العالمية قد أوجدت مضلة حمائية جديدة فيما يتعلق
بالسلع والخدمات المتاجر بها دوليا والتي تستوفي الشروط والمعايير البيئية ،وهو ما استغلته
الدول المتقدمة من أجل الحد من تدفق السلع األجنبية إليها ،وكذلك الحد من منافستها في األسواق
العالمية ،وهو ما تراه الدول النامية وبعض الدول األخرى نوعا ً جديداً من الحمائية غير العادلة
والتي سوف تؤدي إلى الحد من قدرتها على النفاذ إلى األسواق العالمية.
وتشير اإلحصاءات الصادرة من بوابة المعلومات التجارية Integrated Trade
) Intelligence Portal (ITIPوالتي تُعد هيأة مستقلة لمراقبة السياسات التجارية العالمية ،إلى
حدوث تزايد كبير في اإلجراءات الحمائية المتصلة بالبيئة المتعلقة بالعوائق التقنية أو المتعلقة
بإجراءات الصحة والصحة النباتية والمعايير البيئية ،السيما بعد األزمة المالية العالمية ،ويمكن
توضيح ذلك من خالل الجدول اآلتي :ــ
جدول()7
((اإلجراءات الحمائية المعلن عنها والمطبقة خالل المدة ))2014-2008
اإلجراءات الحمائية المطبقة اإلجراءات الحمائية المعلن عنها
2014 2013 2012 2011 2010 2009 2008 2014 2013 2012 2011 2010 2009 2008
368 344 346 361 419 313 353 831 651 545 685 703 521 588 الصحة
والصحة
النباتية
190 208 237 226 282 252 49 1430 1533 1478 1140 1268 1349 1239 العوائق
التقنية أمام
التجارة
المصدر:
خير الدين بلعز ،التحديات الراهنة للتجارة العالمية وتأثيرها على الدول النامية في ضوء نظام تجاري -
متعدد األطراف – مع اإلشارة إلى حالة الجزائر ،أطروحة دكتوراه مقدمة إلى مجلس كلية العلوم
االقتصادية والتجارية وعلوم التيسير ،الجزائر ،2015-2014 ،ص .101
من خالل الجدول يتضح ،إن هناك تزايدا واضحا وملموسا في تطبيق السياسات الحمائية
الجديدة من الدول الصناعية المتقدمة والدول األعضاء في منظمة التجارة العالمية ،فقد بلغ عدد
اإلجراءات الحمائي ة المعلن عنها فيما يتعلق بتدابير الصحة والصحة النباتية نحو 831إجراءا في
عام 2014بالمقارنة مع 588إجراءا في عام ،2008في حين بلغ عدد اإلجراءات الحمائية
المطبقة نحو 368في عام 2014بالمقارنة مع 353إجراءا في عام .2008
))1طارق عبد الرحمن الزهد ،القضايا البيئية واقع مرير يهدد حياة األجيال ،المصدر السابق
أما بالنسبة للعوائق التقنية أمام التجارة فقد شهدت هي األخرى ارتفاعا ملموسا ،إذ بلغ
عدد اإلجراءات الحمائية المعلن عنها ما يقارب 1430إجراءا في عام 2014بالمقارنة مع
1239إجراءا في عام ،2008في حين كان عدد اإلجراءات المطبقة نحو 190إجراءا في عام
2014بالمقارنة مع 49إجراءا في عام .2008
من جانب آخر ،تُشير اإلحصاءات إلى أن عدد اإلجراءات التي طبقتها دول االتحاد
األوروبي فيما يخص العوائق التقنية أمام التجارة بلغ 140إجراءا من بين 727إجراءا معلن في
حين طبقت الواليات المتحدة األمريكية 287إجراءا من بين 856إجراءا معلن عنه ،في حين بلغ
عدد اإلجراءات التي طبقتها دول االتحاد األوروبي والمتعلقة بمعايير الصحة والصحة النباتية
105إجراءا من بين 431إجراءا معلن عنه ،في حين طبقت الواليات المتحدة األمريكية 564
إجراءا من بين 2158إجراءا معلن عنه(.)1
وفي قمة دول مجموعة العشرين التي عقدت في المانيا في تموز ، 2017على الرغم
أن الواليات المتحدة األمريكية ودول صناعية متقدمة من االتفاق على مبدأ مناهضة الحمائية ،االّ ّ
أخرى قد أوضحت في هذه القمة عن حقها في الدفاع عن مصالحها التجارية من خالل ما أسموه
باســتخدام ( األدوات الدفاعية الشرعية في التجارة ) ،وهو المصطلح الذي تستخدمه هذه الدول
لتبرير فرضها القيود والتدابير الحمائية الجديدة ،أو التوسـع في فرض الضرائب الكمركية على
أصناف المنتجات التي تسـتوردها من أجل مواجهة القدرة التنافسـية التي تبديها الدول األخرى .
مما تقدم يتضح ،ان الدول الصناعية المتقدمة ،السيما الواليات المتحدة األمريكية ،كذلك
بعض الدول األعضاء في منظمة التجارة العالمية ،على الرغم من تعهداتها بااللتزام بحرية
التجارة وبضرورة ازالة القيود والعوائق أما حرية التجارة ،إال انهم أصبحوا يستخدمون العديد
من األساليب الحمائية الجديدة تحت ذريعة حماية البيئة وغير ذلك من الذرائع ،من اجل حماية
صناعاتهم من المنافسة الخارجية.
إن هذه اإلجراءات من شأنها أن تضر بمصالح الدول النامية في ضوء ضعف اإلمكانات
التقنية والقدرات اإلنتاجية لهذه الدول ،األمر الذي يحد من قدرتها على الولوج إلى األسواق
العالمية ويحد من قدرتها على االستفادة من نظام تجاري عالمي متعدد األطراف ،ومن ثم ستكون
المحصلة النهائية وجود تجارة خارجية غير عادلة بالنسبة لهذه الدول.
( )1خير الدين بلعز ،التحديات الراهنة للتجارة العالمية وتأثيرها على الدول النامية في ضوء نظام تجاري متعدد األطراف
– مع اإلشارة إلى حالة الجزائر ، -أطروحة دكتوراه مقدمة إلى مجلس كلية العلوم االقتصادية والتجارية وعلوم التيسير،
الجزائر ،2015-2014 ،ص .101
االستنتاجات والتوصيات
أوال :االســتنتاجات:
. 1تعد السياسات التجارية الحمائية عنص ار مهما ضمن حزمة متكاملة من السياسات االقتصادية التي تنتهجها
دول العالم على وفق مصالحها وطبيعة أنظمتها السياسية واالقتصادية والمرحلة التنموية التي تمر بها .وقد
تغير منهج السياسات التجارية الحمائية على المستوى العالمي ,وتباينت أساليبه واختلفت دوافعه بين الدول
ّ
الصناعية المتقدمة والدول النامية.
.2على الرغم من دعوات الحرية االقتصادية وحرية التجارة التي سادت العالم في إطار التوجهات االقتصادية
أن
التي تمخضت عن سياسات العولمة والدور الذي أصبحت تلعبه منظمة التجارة العالمية في هذا المجال ,االّ ّ
دول العالم ظلت تمارس أنماطا متعددة من السياسات التجارية الحمائية من أجل حماية منتجاتها الوطنية أزاء
المنتجات المستوردة وتعزيز حالة موازين مدفوعاتها مما أضفى على سياساتها التجارية مزيجا من قواعد
ان السياسات الحمائية التقليدية (الكمية والتعريفية) التي تستخدم في تقييد التجارة ,لم تعد الوحيدة ,وا ّنما
ّ .3
أصبحت هنالك العديد من السياسات واألساليب الحمائية الجديدة التي تسهم في تحقيق األهداف نفسها دون
ان الدول الصناعية المتقدمة وعلى رأسها الواليات المتحدة التي ما لبثت تدعو الى حرية التجارة وازالة
ّ .4
العوائق والقيود أمام حركة التجارة الدولية ,أصبحت في مقدمة الدول التي تعمل عل تطبيق سياسات حمائية
جديدة من خالل ما تفرضه على استيراداتها من تدابير تقنية وادارية ومعايير تتعلق بحماية البيئة والصحة
والسالمة على وفق الشروط والمواصفات التي تضعها والتي تتناسب مع قدراتها االنتاجية والتقنية ,وما تريد
تحقيقه من أهداف حمائية غير معلنة لزيادة العوائق أمام استيراداتها من الدول األخرى.
.ان الشروط والمعايير التي تعتمدها الدول الصناعية المتقدمة في تعامالتها التجارية ,والتي تعد بمثابة
ّ 5
أساليب وتدابير حمائية جديدة ,أخذت تتطور بمرور الزمن في إطار التطورات الحاصلة في عمليات االنتاج
والمعايير البيئية وشروط الصحة والسالمة ,وهو ما يمثل عودة الى أفكار السياسات التجارية الحمائية
.6لقد أصبحت االجراءات المتعلقة بتطبيق معايير وشروط الحمائية الجديدة تؤثر بشكل أساس على صادرات
الدول النامية وتؤدي الى خلق تأثيرات سـلبية حتى بالنسـبة لمنتجات التصدير التي تمتلك فيها الدول النامية
ميزات تنافسـية في األسواق الدولية لعدم قدرتها على مجاراة هذه المعايير والشروط ,مما يسهم في زيادة
تدهور شروط تبادالتها التجارية مع العالم الخارجي ويقلل من فرص النمو االقتصادي والتطور التنموي في
هذه الدول.
ثانيا :التـوصيـات:
. 1العمل على تطوير تقنيات االنتاج ومعايير الكفاءة االنتاجية في الدول التي تواجه صعوبات في االستجابة
لشروط وتدابير الحمائية الجديدة في اطار السياسات التنموية بما يمكنها من االرتقاء الى المستويات
المناسبة للتطورات الحاصلة في المعايير والشروط المطلوبة في منتجاتها من أجل الدخول لألسواق العالمية,
واعتبار مثل هذه المعايير والشروط جزءا ال يتج أز من عناصر القدرة التنافسية في هذه األسـواق.
.2ضرورة أن تعمل المؤسسات والمنظمات الدولية ,السـيما منظمة التجارة العالمية على وضع قواعد من
شأنها تنظيم تطبيق االجراءات والتدابير المتعلقة بسياسات الحمائية الجديدة على وفق مصداقيتها وأهميتها
دون أن تترك مثل هذه االجراءات والتدابير للدول نفسـها ,وبما يراعي مبدأ التوازن في المصالح التجارية
المشتركة ,والحد من حاالت االسـراف والنوايـا غير المعلنة التي غالبا ما ترافق تطبيق مثل هذه االجراءات
والتدابير.
.3توسيع نطاق التعاون والتنسـيق بين الدول المتضررة من سياسات التطبيق الجائر الجراءات وتدابير
الحمائية الجديدة من خالل زيادة التوجه نحو عقد االتفاقيات الثنائية والجماعية وتشـكيل التكتالت التجارية
في اطار مجموعة العشـرين وخارجها ,من أجل مواجهة السياسات التجارية للواليات المتحدة والدول الصناعية
.4االسـتفادة من النصوص الواردة في قواعد منظمة التجارة العالمية التي تعطي للدول النامية والدول
الصناعية الناشـئة الحق في اتخاذ التدابير التجارية الالزمة لحماية منتجاتها الوطنية من المنافسـة غير
المشـروعة التي تولدها المنتجات المماثلة المسـتوردة من الدول الصناعية الكبرى ,وذلك من خالل تفعيل دور
األدوات الح مائية التقليدية بما يساعد على تقليل التأثيرات التي تمارسـها التدابير الحمائية الجديدة ,على وفق
مبدأ التعامل بالمثل وعدم االضرار بالشـركاء التجاريين من خالل حزمة من األدوات والتدابير المتاحة في
.ان السياسات الحمائية الجديدة والتي أصبحت واقعا تمثل حزمة من التدابير المتجددة ذات المشروعية
ّ 5
ضمن نواياها المعلنة ,تتطلب من الدول النامية مراجعة سياساتها االقتصادية ,السيما ما يتعلق بتنمية
قطاعاتها االنتاجية السلعية ,والدور الذي يمكن أن تلعبه التدابير الحمائية في هذه التنمية على وفق ما
.6وفي هذا اإلطار تكون هنالك ضرورة ملحة بالنسبة للعراق أن يعيد النظر بسياساته التنموية ,ومراجعة
الدور السلبي الذي لعبته سياسة (الباب المفتوح) التجارية في اجهاض تنمية المشاريع الزراعية والصناعية
الوطنية وزيادة معدالت البطالة لحساب تعظيم األرباح في القطاع التجاري االستيرادي لصالح التنمية والتطور
تنمية القطاعات السلعية األساسية وتوفير النسبة المطلوبة من بدائل االستيرادات ,وبين الحجم المطلوب من
المصادر
-1عادل احمد حشيش ،العالقات االقتصادية الدولية ،الدار الجامعية للطباعة والنشر ،اإلسكندرية،
.1982
-2توفيق عباس عبد عون المسعودي ،الحمائية الجديدة واثرها على الصادرات العربية ،أطروحة
دكتوراه مقدمة إلى مجلس كلية اإلدارة واالقتصاد في الجامعة المستنصرية.1997 ،
-3بهاجير اثالل داس ،اتفاقية منظمة التجارة العالمية :المثالب واالختالفات والتغيرات الالزمة،
تعريب :رضا عبد السالم ،دار المريخ للنشر ،الرياض.2005 ،
-4موردخاي كريانين ،االقتصاد الدولي :مدخل السياسات ،تعريب :محمد إبراهيم منصور وعلي
مسعود عطية ،دار المريخ للنشر ،الرياض.2007 ،
-5حازم الببالوي ،النظام االقتصادي الدولي المعاصر :من نهاية الحرب العالمية الثانية إلى نهاية
الحرب الباردة :سلسلة عالم المعرفة ،257المجلس الوطني للثقافة والفنون واآلداب ،الكويت.2000 ،
-6احمد الكواز ،النظام الجديد للتجارة العالمية ،جسر التنمية ،سلسلة دورية تُعنى بقضايا التنمية
في الوطن العربي( ،المعهد العربي للتخطيط :الكويت) ،بدون تاريخ.
-7حشماوي محمد ،االتجاهات الجديدة للتجارة الدولية في ظل العولمة االقتصادية ،أطروحة لنيل
الدكتوراه في العلوم االقتصادية وعلوم التيسير – جامعة الجزائر،2006 ،
-8مغاوري شلبي علي ،مستقبل العالقة بين العولمة والحمائية ،مجلة السياسة الدولية ،العدد ،75
.2009
-9كريم مهدي الحسناوي ،االقتصاد الدولي ،مطبعة التعليم العالي ،بغداد.1987 ،
-10عدنان حسين يونس الخياط ،محاضرات في االقتصاد الدولي ألقيت على طلبة الدكتوراه في كلية
اإلدارة واالقتصاد ،جامعة كربالء للعام الدراسي .2013-2012
-11فؤاد مرسي ،الرأسمالية تجدد نفسها ،سلسلة عالم المعرفة ،147المجلس الوطني للثقافة
والفنون والداب ،الكويت.1990 ،
-12برنارد هوكمان ،السياسة التجارية هل تسير على ما يرام حتى اآلن ،مجلة التمويل والتنمية،
(واشنطن :صندوق النقد الدولي) ،العدد ،49الرقم ،2ســنة . 2012
-13محمد توفيق عبد المجيد ،اإلقليمية في اطار العولمة المالية :ماذا بعد األزمة العالمية ،جامعة
المنصورة – كلية الحقوق ،بدون تاريخ.
-14جون هدسون ،مارك هرندر ،العالقات االقتصادية الدولية ،ترجمة :طه عبد هللا منصور ومحمد
عبد الصبور محمد علي ،دار المريخ للنشر ،الرياض.1987 ،
-15مؤتمر األمم المتحدة للتجارة والتنمية ،تطور النظام التجاري وتوجهاته من منظور إنمائي،
مذكرة من إعداداالونكتاد ،جنيف ،أيلول /سبتمبر .2012
-16األمانة العامة لجامعة الدول العربية (وآخرون) ،التقرير االقتصادي العربي الموحد ،صندوق
النقد العربي ،أبو ظبي،
-17الخطة االستراتيجية ،2015-2012مركز التجارة الدولية جنيف ،ص .9متوفر على الرابط
http//www.intercen.org
-18جمال الدين زرويق ،التجارة الدولية وتمويلها وضمان ائتمان الصادرات في أعقاب األزمة
العالمية ،دراسات اقتصادية ،صندوق النقد العربي ،أبو ظبي.2011 ،
،Trump’s New Protectionism: Economic and Strategic Impact -19متوفرعلى
الرابطhttps://www.foreignpolicyjournal.com/2017/02/01/trumps-new-
/protectionism-economic-and-strategic-impact
Barbara Barone : Roberto Bendini , Protectionism in the G20 Directorate -20
general for external policies , policy department, European parliament,
2015 .
-21
National Board of Trade , Protectionism in the 21 century , First edition ,
ISBN 978 – 91- 88201- 13- 3, Stockholm , 2016 .