Professional Documents
Culture Documents
منهجية التعليق على الاستشارة القانونية
منهجية التعليق على الاستشارة القانونية
من المعلوم أنه إذا قام نزاع قانوني بين طرفين وأراد أحدهما أن يقاضي اآلخر ،فله
قبل أن يلجأ إلى القضاء أن يستشير محاميا إلعطائه رأيا قانونيا يرتكز عليه لرفع دعواه.
وبما أن كل نزاع يعرضه المستشير على المحامي يتعلق بمسألة قانونية معينة ،فإن
االستشارة القانونية هي األخرى تتعلق حتما بمسألة من المسائل القانونية النظرية التي
يتعلمها الطالب في المحاضرة.
فمنهجية التعليق على االستشارة القانونية هي األخرى وسيلة تكسب الطالب القدرة
على استيعاب المعلومات القانونية بأسلوب سهل ،إذ تسمح له بوضع نفسه مكان المحامي
والبحث عن الحل القانوني األنسب لكل نزاع يعرضه عليه المستشير وفقا للمعلومات التي
تعلمها في المحاضرة .وهكذا تترسخ المعلومات النظرية في ذهنه كلما تذكر المثال التطبيقي
المتعلق بها ،مما يسهل عليه فهم واستيعاب الدروس بشكل أفضل.
ويسرد المستشير على المحامي وقائع النزاع ،ثم يطرح عليه سؤاال عام عن طريقة
مقاضاة خصمه الستيفاء حقوقه .وهكذا ،فإن االستشارة القانونية التي تعطى للطالب تتضمن
فقط وقائع وسؤال.
وعندما يقرأ الطالب االستشارة القانونية المعطاة له بوقائعها وبالسؤال المطروح فيها،
فإنه سيسهل عليه معرفة المسألة القانونية التي يدور حولها النزاع ،مما يجعله مستعدا
لدراستها نظريا بالرجوع إلى المعلومات على القضية المعطاة له من خالل االستشارة،
وذلك للوصول إلى الحل القانوني السليم الذي ينتظره منه المستشير.
يتبين إذن ،أن منهجية التعليق على االستشارة القانونية هي دراسة نظرية وتطبيقية
لمسألة قانونية معينة داخلة في نطاق برنامج الدروس التي يتلقاها الطالب في المحاضرة.
وهذه الدراسة المزدوجة تتطلب هي األخرى مرحلتين:
-مرحلة تحضيرية :يستخرج فيها الطالب من االستشارة المعطاة له الوقائع والمشكل
القانوني.
-مرحلة تحريرية :يناقش فيها الطالب مسألة النزاع المطروح في االستشارة نظريا
باالستعانة بالمعلومات النظرية التي تتعلق بالمسألة المذكورة ،وتطبيقيا بتطبيق تلك
المعلومات على قضية اال ستشارة ،ويتم هذا وفق خطة متكونة من مقدمة وصلب موضوع
وخاتمة.
في االستشارة القانونية يستخرج الطالب المشكل القانوني من السؤال الذي يطرحه
عليه المستشير ،وهذا السؤال قد يطرحه المستشير بأسلوب عام ،على الطالب أن يعيد
صياغته بأسلوب قانوني ،كما عليه أن يطرحه دقيقا وتطبيقيا.
مثال:
قد يذكر زيد أن عمرا باع له سيارة ولم يخبره أنها تعرضت لحادث ،ولما عرضها
على ميكانيكي أخبره باألمر ،فأراد زيد أن يرجع السيارة لعمر ويسترد منه ثمنه ،فإنه لما
يستشر المحامي سيطرح عليه هذا السؤال :كيف يمكن استرجاع الثمن؟ .لكن هذا السؤال
عام يجب إفراغه في قالب قانوني ،ومن أجل التوصل إلى ذلك ،يناقش الطالب مسألة النزاع
بأسلوب قانوني .فاسترجاع الثمن ورد المبيع يعني ،رجوع الطرفين إلى الحالة التي كانا
عليها قبل العقد ،ولكي يحدث هذا يجب إبطال العقد .إذن فالمشكل القانوني هو :هل العقد
المبرم بين زيد وعمر قابل لإلبطال؟ فهذا مشكل قانوني مصاغ بأسلوب قانوني ،لكنه
مطروح بشكل عام يجب تدقيقه كالتالي :هل وقع زيد في عيب التدليس؟ وهل يعتبر سكوت
عمر عن الحادث الذي تعرضت له السيارة حيلة تدليسية تؤدي إلى قابلية العقد لإلبطال؟.
والطرح الصحيح للمشكل القانوني هو الذي يساعد الطالب على دراسة المسألة القانونية
دراسة صحيحة.
ثانيا -المرحلة التحريرية:
تقتضي هذه المرحلة وضع خطة مناسبة ،وذلك لمناقشة المسألة القانونية المعروضة
من خالل االستشارة.
-1الخطة:
خطة االستشارة ولو أنها أبسط من خطة القرار ،إال أنها ال تختلف عنها في وجوب
كونها تطبيقية ،دقيقة ،متوازنة ،ومتسلسلة .فهي األخرى يجب أن تجيب عن المشكل
القانوني المطروح ،ولهذا نجدها عادة تتكون من مبحثين اثنين.
-2المناقشة:
بما أن الخطة التي يضعها الطالب مصممة في شكل مقدمة وصلب موضوع وخاتمة،
فإن مناقشة مسألة االستشارة القانونية ستتم عبر هذه النقاط الثالث.
أ -المقدمة:
وفيها يقدم الطالب موضوع المسألة القانونية المطروحة من خالل االستشارة ،وهذا في
جملة وجيزة ،يليها ملخص وقائع القضية منتهيا بالسؤال الذي طرحه المستشير ،مصاغا
بشكل قانوني ومختصر كمدخل إلى صلب الموضوع.
ب -صلب الموضوع:
في هذه المرحلة يحرر الطالب ما جاء في الخطة من مسائل بالتسلسل وبالترتيب باحثا
بذلك عن الحل المالئم للمشكل القانوني المطروح .وللوصول إلى ذلك يعود الطالب إلى
الوقائع لينظر في الن زاع المطروح فيها ،ثم يستخرج المسألة القانونية التي تتعلق بالنزاع
ويبحث عن النص القانوني المنظم لها مع تبريره ،ويضع كل اإلمكانيات التي تمكنه من
الوصول إلى الحل المطلوب.
مثـــال:
إذا كان المستشير يبحث عن كيفية استرجاع ثمنه من البائع ،يبحث الطالب عما إذا
كان العقد باطال أو قابال لإلبطال .فيبحث في أركان العقد وشروطه وعيوب الرضا .فإذا
وجد أن العقد قد اختل أحد أركانه ،توصل إلى أن العقد باطل بطالنا مطلقا .أما إذا كانت كل
أركان العقد متوفرة ،إال أن المستشير قد شاب رضائه عيب من عيوب الرضا ،وهو ال يريد
إجازة العقد ،توصل الطالب إلى أن العقد باطل بطالنا نسبيا أي أنه قابل لإلبطال ،ومن ثم
يشير أو ينصح ويوجه المستشير بأن يرفع دعوى إبطال العقد لعيب من عيوب الرضا.
ولهذا على الطالب أن يستعين بالمعلومات النظرية لمناقشة المسألة القانونية المعطاة له من
خالل االستشارة.
خاتمة:
في الخاتمة يضع الطالب خالصة بحثه مجيبا على سؤال المستشير باختصار
وبوضوح مبينا موقف القانون من النزاع .وما دامت الخاتمة تجيب على سؤال المستشير
فهي إذن إجبارية ،على خالف التعليق على الحكم والقرار القضائي الذي تكون فيه ذكر
الخاتمة اختيارية ،ألن الحكم أو القرار القضائي يحتوي في مضمونه على الحل القانوني
للنزاع ،فال داعي لتكرار ذكره.
مثال نموذجي
علق على االستشارة التالية:
إنخرط الطفل موساوي نبيل البالغ من العمر 10سنوات في صفوف فريق كرة القدم
التابع للمؤسسة الوطنية للنقل بالسكك الحديدية.
وقد نظمت هذه األخيرة بتاريخ 2010/10/16مقابلة في كرة القدم أجريت في أحد
المالعب التابعة لها ،وشارك الطفل نبيل في هذه المقابلة.
وأثناء المباراة تشاجر الطفل نبيل مع زميله الطفل فريد فسبب له أضرار جسمانية
بليغة.
يستشيركم والد الطفل فريد عن إمكانية حصوله عن التعويض عن الضرر الالحق
بإبنه؟.
الحــــــل
الوقـائـع:
بتاريخ 2010/10/16شارك الطفل موساوي نبيل البالغ من العمر 10سنوات في
مقابلة لكرة القدم نظمتها المؤسسة الوطنية للنقل بالسكك الحديدية ،التي كان الطفل نبيل
منخرطا في صفوق فريقها .وأثناء اللعب تشاجر الطفل نبيل مع زميله الطفل فريد ،فسبب له
أضرار جسمانية بليغة.
المشكل القانوني:
هل يحق لوالد الطفل فريد أن يتحصل على التعويض عن الضرر الذي لحق بإبنه؟ من
الذي توفرت فيه صفة متولي الرقابة (والد الطفل نبيل باعتباره وليا ،أم المؤسسة الوطنية
للنقل بالسكك الحديدية بسبب انتقال رقابة الطفل نبيل إليها اتفاقا)؟ وهل أخلت بواجب رقابة
الطفل موساوي نبيل؟ وبالتالي فهل هي مسؤولة عن تعويض الضرر الذي ألحقه الخاضع
للرقابة بزميله الطفل فريد طبقا لنص المادة 134من القانون المدني؟
الخـطــة:
-المبحث األول :إلتزام المؤسسة برقابة الطفل نبيل.
-المطلب األول :إنتقال رقابة الطفل نبيل من والده إلى المؤسسة بموجب االتفاق.
-المطلب الثاني :حاجة الطفل نبيل للرقابة بسبب قصر سنه.
-المبحث الثاني :قيام مسؤولية المؤسسة.
-المطلب األول :إلحاق ضرر بالطفل فريد أثناء تواجد الطفل نبيل تحت رقابة المؤسسة.
-المطلب الثاني :إلزامية التعويض.
التحليل
مقـدمـة :تتعلق ال قضية المعروضة من خالل االستشارة بمسؤولية متولي الرقابة ،فقد كان
الطفل موساوي نبيل قاصرا يبلغ من العمر 10سنوات ،وقد سبب أضرارا جسمانية بليغة
بزميله فريد ،حدثت أثناء مباراة في كرة القدم التي نظمتها المؤسسة الوطنية للنقل بالسكك
الحديدة ،التي كان نبيل منخرطا في صفوفها .فهل تسأل المؤسسة عن ذلك بصفتها متولية
الرقابة عليه اتفاقا ،أم يتحمل المسؤولية والده قانونا؟.
المبحث األول :إلتزام المؤسسة برقابة الطفل نبيل.
الرقابة هي اإلشراف على الشخص الخاضع للرقابة وتوجيهه وحسن تربيته واتخاذ
االحتياطات الالزمة لمنعه من اإلضرار بالغير .فالرقابة إذن تستلزم وجود شخصين:
شخص متولي الرقابة ،وشخص خاضع للرقابة .فهل تحققت صفة متولي الرقابة في والد
الطفل نبيل باعتباه الولي القانوني له أم توفرت في المؤسسة؟ وهل تحققت صفة الخاضع
للرقابة في الطفل موساوي نبيل؟.
المطلب األول :إنتقال رقابة الطفل نبيل من والده إلى المؤسسة بموجب االتفاق.
حتى تسأل المؤسسة كمتولية الرقابة ،يجب أن تتوفر فيها هذه الصفة ،أي صفة متولي
الرقابة ،ومعنى هذا أن يكون على عاتقها إلتزام بالرقابة.
وطبقا للمادة 1/134ق.م التي تقضي بما يلي" :كل من يجب عليه قانونا أو اتفاقا
رقابة شخص .".....يتبين أن مصدر االلزام بالرقابة قد يكون مصدره القانون أو االتفاق
وتبعا لهذا ،فإن متولي الرقابة قد يتولى الرقابة قانونا أو اتفاقا.
-فأما الملزمون بالرقابة قانونا ،فهم األشخاص الذين لهم الوالية على النفس ،وهم األب ثم
الجد ثم العم ثم غيرهم من األقارب ،بحسب الترتيب ممن خول لهم الشارع الوالية على
النفس ،ويدخل في الوالية على النفس سلطة التأديب والتطبيب والتعليم والتوجيه والموافقة
على الزواج ،وسائر أمور العناية بشخص القاصر.
-وأما الملزمون بالرقابة اتفاقا ،فهم األشخاص الذين تنتقل إليهم الرقابة تلقائيا بانتقال
الخاضع للرقابة إليهم بعد خروجه من رقابة وليه ،كالمعلم في المدرسة والطبيب في
المستشفى....إلخ.
وفي قضية الحال ،كان الطفل موساوي نبيل منخرطا في فريق كرة القدم التابع
للمؤسسة الوطنية للنقل بالسكك الحديدية .وأثناء الحادث لم يكن في مسكن والده ،وإنما كان
قد التحق بصفوف فريق المؤسسة ،وتبعا لهذا فهو لم يكن يخضع لرقابة والده ،وإنما لرقابة
المؤسسة ،باعتبار أن الرقابة قد انتقلت إليها باالتفاق .فالمؤسسة إذن هي متولية الرقابة على
الطفل نبيل ،وهي بالتالي مسؤولة عن األضرار التي يسببها هذا األخير بالغير.
المطلب الثاني :حاجة الطفل نبيل للرقابة بسبب قصر سنه.
نص المشرع في المادة 1/134من التقنين المدني على أنه " :كل من يجب عليه قانونا
أو اتفاقا رقابة شخص في حاجة إلى الرقابة بسبب قصره أو بسبب حالته العقلية أو
الجسمية ،يكون ملزما بتعويض الضرر الذي يحدثه ذلك الشخص للغير بفعله الضار." ....
فطبقا لهذا النص ،الخاضع للرقابة هو كل شخص يحتاج إلى الرقابة بسبب قصره أو
بسبب حالته العقلية أو بسبب حالته الجسمية.
-فأما عن الخاضع للرقابة بسبب قصره ،فالقاصر طبقا للمادة 40من التقنين المدني هو من
لم يبلغ سن الرشد وهو 19عاما ،ونظرا لصغر سنه ،فهو ال يسأل شخصيا عن أفعاله
الضارة ،وإنما يسأل عنها وليه ،أو من انتقلت إليه الرقابة اتفاقا.
-وأما الخاضع للرقابة بسبب حالته العقلية ،فهو الذي تأثرت حالته العقلية بعارض من
العوارض العقلية كالجنون والعته ،فيصبح هذا الشخص فهذا الشخص في حاجة إلى الرقابة.
-وأما الخاضع للرقابة بسبب حالته الجسمية ،فهو المصاب بمرض أثر على حالته الجسمية
كالشلل والعمى والصرع ،فيصبح هو اآلخر في حادة إلى الرقابة.
وفي قضية الحال ،الطفل نبيل غير مصاب بعاهة عقلية وال عاهة جسمية ،لكنه يبلغ
من العمر 10سنوات ،فهو لم يبلغ بعد سن التمييز وال سن الرشد .إذن فهو قاصر غير
مميز ويحتاج إلى الرقابة بسبب قصره ،وهو غير مسؤول عن أفعاله الضارة ،وإنما يسأل
عنها من يتولى رقابته.
نخلص إلى أن صفة متولي الرقابة متوفرة في المؤسسة الوطنية للسكك الحديدية وليس
الوالد ،وصفة الخاضع للرقابة متوفرة في الطفل نبيل ،وما دام المؤسسة تتولى رقابته ،فهي
مسؤولة عن الضرر الجسماني الذي ألحقه بالطفل فريد.
المبحث الثاني :قيام مسؤولية المؤسسة.
لقيام مسؤولية متولي الرقابة يجب توفر شرطين أساسيين وهما:
-1تولي شخص الرقابة على شخص آخر.