Professional Documents
Culture Documents
كلمة السيد الرئيس في الندوة الوطنية حول العمل القضائي وضمانات المحاكمة العادلة 2
كلمة السيد الرئيس في الندوة الوطنية حول العمل القضائي وضمانات المحاكمة العادلة 2
القضائية؛
-السيد وزيرالعدل؛
لشخصه.
يشرفني أن أتناول الكلمة نيابة عن السيد رئيس النيابة العامة الذي يتواجد
في مهمة رسمية خارج أرض الوطن ،فبمشاعر يطبعها السرور واالعتزاز ،يشرفني أن
أشارك بمعيتكم في أشغال الجلسة االفتتاحية لهذه الندوة العلمية املتميزة املنظمة
بشراكة بين املجلس األعلى للسلطة القضائية ورئاسة النيابة العامة ووزارة العدل
واملندوبية الوزارية لحقوق اإلنسان والتي تجسد املبدأ الدستوري املتعلق بالتعاون بين
السلط ،هذه الندوة التي التئم لجمعها في هذا اليوم املبارك من شهر شعبان قامات
وازنة من القضاة املمارسين واملحامين واألساتذة الجامعيين والحقوقيين من أجل
تدارس ومناقشة موضوع له راهنيته بالنظر لتعلقه بدور القضاء في إعمال وتكريس
ضمانات املحاكمة العادلة في ضوء الدستوروتحديات املمارسة.
1
وبهذه املناسبة يطيب لي أن أتقدم بجزيل الشكر وعظيم االمتنان لكل من
ساهم من قريب أو بعيد في تنظيم هذا اللقاء املتميز وتيسير أسباب انعقاده.
إن انعقاد هذه الندوة يأتي في سياق تطبعه مجموعة من التحوالت الحبلى
بالعديد من املستجدات التي أسهمت في تقوية ضمانات املحاكمة العادلة ببالدنا ،في
مقدمتها دستور اململكة الذي عمل على دسترة مجموعة من املبادئ األساسية
للمحاكمة العادلة حيث نص بشكل صريح في الفصل 23منه على أن قرينة البراءة
والحق في محاكمة عادلة مضمونان ،وهو ما أعاد الدستور التأكيد عليه في الفصل
120والذي نص على أن لكل شخص الحق في محاكمة عادلة وما هذا التأكيد إال دليل
على محورية ضمانات وشروط املحاكمة العادلة في مجال العدالة ،هذه املكتسبات
الدستورية التي تعززت بصدور القانون املتعلق بالتنظيم القضائي رقم 38.15والذي
حملت مقتضياته مجموعة من املستجدات التي تتصل بحقوق املتقاضين والحق في
الدفاع وتيسير الولوج إلى العدالة بما يضمن تحقيق الشروط العادلة للمحاكمة.
وكما ال يخفى على حضراتكم فموضوع املحاكمة العادلة والضمانات املتعلقة بها
في امليدان الجنائي يعد من أهم االنشغاالت الحقوقية في مختلف الدول وتتابعها
العديد من الهيئات واآلليات الدولية املهتمة بحقوق االنسان.
ويأتي مصدر هذا االنشغال من كون مجال ونطاق املحاكمة العادلة يخص قضايا
بالغة الدقة والخطورة ،بالنظر لكونها تنصب على حقوق أصيلة وجوهرية ،في مقدمتها
الحق في الحياة واألمن والسالمة والحرية والكرامة اإلنسانية باهتمام بالغ.
ولقد شاع تداول تعبير املحاكمة العادلة ،حتى كادت تختزل في امليدان الجنائي
ً
فقط ،وذلك بسبب آرتباطه في األذهان باملجاالت ذات الصلة بالحرية وبتقييدها ،علما
2
أن املحاكمة العادلة مطلوبة وضرورية في أي فرع من فروع العدالة ،سواء كانت مدنية
أو جنائية.
ً
واستحضارا لألهمية التي يحظى بها موضوع املحاكمة العادلة ضمن النقاشات
ً ً
القانونية والحقوقية ،فقد أولى الحوار الوطني حول إصالح منظومة العدالة حيزا هاما
لهذا املوضوع ،حيث شكل تعزيز ضمانات املحاكمة العادلة أحد األهداف الفرعية
ًُ َ
املكونة للهدف الرئيس ي الخاص بتعزيز حماية القضاء للحقوق والحريات.
كما حظي هذا املوضوع بحيز وافر من النقاش ضمن الندوات الجهوية التي عرفها
الحوار ،حيث تم تخصيص ندوتين جهويتين على غير العادة ملوضوع تطوير العدالة
الجنائية وتعزيز ضمانات املحاكمة العادلة مما يعكس األهمية القصوى التي يحظى
بها هذا املوضوع في عالقته بالعدالة الجنائية.
فالحق في املحاكمة العادلة يشكل أحد األعمدة األساسية لدولة القانون وهو
األمر الذي جعل هذا الحق يحظى بمكانة خاصة كرستها الصكوك الدولية املرتبطة
ً ً
بحقوق اإلنسان بدءا من اإلعالم العاملي لحقوق اإلنسان ،مرورا بالعهد الدولي الخاص
بالحقوق املدنية والسياسية ،والذي أكد في مادته 14على مجموعة من املبادئ التي
ً
باتت تشكل اليوم مرجعا كونيا لألنظمة الجنائية الحديثة وجوهرا لكل محاكمة
ً
عادلة ،وصوال إلى اتفاقية مناهضة التعذيب وغيرها من اإلعالنات والقواعد واملبادئ
الدولية ذات الصلة بحقوق اإلنسان.
وإذا كانت املحاكمة العادلة تختزل مجموعة من الحقوق والضمانات القانونية
والقضائية التي ينبغي أن يتمتع بها أطراف الدعوى ،فإن القضاء يظل املعول عليه
لتفعيل هذه الضمانات ،وهو ما فتئ جاللة امللك محمد السادس نصره هللا وأيده يؤكد
عليه في العديد من ذرره الغالية ،وفي هذا اإلطار جاء في نص الخطاب السامي الذي
ألقاه جاللة امللك بمناسبة افتتاح السنة القضائية بأكادير يوم 29يناير 2003ما
نصه( :وتظل غايتنا إيجاد قضاء متخصص يكفل الفعالية في البت في المنازعات
3
ويضمن الحق في المحاكمة العادلة ومساواة المواطنين أمام القانون في جميع
الظروف واألحوال) انتهى النطق امللكي السامي.
5
ً
إذا كانت املحاكمة العادلة حديث األمس فإنها ستظل حديث اليوم والغد أيضا
وذلك بالنظر ملا تحمله من القيم واملبادئ اإلنسانية الراقية التي أصبحت راسخة في
الضمير اإلنساني على مر عقود من الزمن ،وناضلت الشعوب من أجل ضمان تكريسها
َ ً
دستوريا وقانونيا وقضائيا ،كما ستظل نذرا يحمل فيه القضاة مهمة حمايتها وتكريسها
وضمان تمتع األطراف بظاللها.
ال يسعني في ختام هذه الكلمة إال أن أجدد شكري لكل القائمين على هذا العرس
العلمي املتميز.
والشكر موصول أيضا لكافة األساتذة الذين سيؤطرون بمداخالتهم القيمة
النقاش على مدار يومين كاملين ،سيتم خاللهما تناول مجموعة من املواضيع القانونية
الدقيقة ،وإني على يقين بأن هذه الندوة ستتمخض عنها مخرجات واقتراحات وأفكار
خالقة من شأنها اإلسهام في تعزيز إعمال الضمانات األساسية للمحاكمة العادلة
وتعزيز الحقوق والحريات بما يخدم العدالة ببالدنا لتكون في مستوى تطلعات جاللة
امللك محمد السادس نصره هللا وأيده.
وفقنا هللا ،جميعا ً لما يحبه ويرضاه والسالم عليكم ورحمة هللا وبركاته.
6