Professional Documents
Culture Documents
Dia6tity Alukahnet
Dia6tity Alukahnet
www.alukah.net
النقل الديداكتيكي يف الكتاب املدرسي "املنهج البنيوي أمنوذجا"
ﺷﺒﻜﺔ
www.alukah.net
النقل الديداكتيكي يف الكتاب املدرسي "املنهج البنيوي أمنوذجا"
اعتماد مبدأ التدرج في مقاربة هذه المناهج ،بدءا من السنوات األولى للتعليم الثانوي
التأهيلي.
ويهدف هذا البحث إلى:
تشخيص صعوبات تلقي المتعلمين للمناهج النقدية بشكل عام والمنهج البنيوي بشكل
خاص داخل الكتاب المدرسي.
محاولة رصد مكان الخلل ،واقتراح بعض الحلول لعلها تكون مسهمة في التغلب على هذه
الصعوبات.
وقد استند اختياري لهذا الموضوع إلى عدة أسباب ،منها ما هو ذاتي ،ومنها ما هو موضوعي يرتبط الذاتي:
رغبتي في استكناه عوالم الكتاب المدرسي.
التدرب على كيفية إنجاز بحث ميداني.
الرغبة في التعرف على المناهج النقدية بصفة عامة والمنهج البنيوي بصفة خاصة.
بينما ترتبط األسباب الموضوعية:
قلة البحوث التي تناولت المناهج النقدية في الكتاب المدرسي.
محاولتي تسليط الضوء على الصعوبات التي يعاني منها التالميذ أثناء دراستهم لهذا
المنهج.
محاولة البحث عن الطريقة الديداكتيكية السليمة لمقاربة هذا المنهج من لدن األستاذ.
كل هذه العوامل شكلت رؤيتي لموضوع البحث منذ البدء ،بالرغم من وعيي بصعوبته؛ حيث إن خوض غمار البحث
يضع أمام كل باحث مجموعة من الصعوبات والعراقيل التي قد تقف حاجزا دون إتمامه ،ومن هذه المعيقات أذكر ما
يلي:
ضيق الوقت؛ حيث إن إ نجاز البحث تزامن مع فترة العمل وتحمل المسؤولية الكاملة
للقسم.
صعوبة الوصول إلى المعلومة ،وخاصة أثناء توزيعنا لالستمارات على أساتذة التعليم الثانوي.
هذا فضال عن الصعوبات التي واجهناها ونحن نعد العدة إلنجاز هذا العمل المتواضع.
وفيما يخص أدوات وعينات البحث فقد اعتمدت االستمارة كأداة لتجميع معطيات البحث ،أما العينة فتمثلت في
أساتذة اللغة العربية بالسلك الثانوي التأهيلي.
وقد فرضت علي طبيعة البحث اعتماد منهجية وصفية تحليلية ساعدتني على مقاربته.
كما حتم علي موضوع البحث اتخاذ التصميم اآلتي:
تقديم
المبحث األول :دراسة ومقاربة نظرية للمفاهيم المؤطرة للعنوان
ﺷﺒﻜﺔ
www.alukah.net
النقل الديداكتيكي يف الكتاب املدرسي "املنهج البنيوي أمنوذجا"
ﺷﺒﻜﺔ
www.alukah.net
النقل الديداكتيكي يف الكتاب املدرسي "املنهج البنيوي أمنوذجا"
املبحث األول
دراسة ومقاربة نظرية للمفاهيم املؤطرة للعنوان
املطلب األول :مفهوم النقل الديداكتيكي وعالقته باملقرر الدراسي
مصطلح "النقل الديداكتيكي" مركب من كلمتين تركيبا وصفيا ،لذلك وجب في البداية أن نتطرق إلى تعريف
موجز للفظي "النقل" و"الديداكتيك".
جاء في معجم مقاييس اللغة العربية أن النون والقاف والالم أصل صحيح يدل على تحويل شيء من مكان إلى
مكان.2
أما "الديداكتيك" فقد جاء في كتاب المنهل التربوي أن له معنيين اثنين:
المعنى األول :استعمال طرق وتقنيات الدريس الخاصة بكل مادة دراسية ،وهذا المعنى عام ومشترك.
المعنى الثاني :دراسة التفاعالت التي يمكن أن تقام داخل وضعية تعليمية – تعلمية بين دراية محددة ومدرس
ممتلك لهذه الدراية ،وبين تليمذ متقبل لهذه الدراية.3
والديداكتيك بصفة عامة هو نهج أو أسلوب معين لتحليل الظاهرة المعينة.
أما النقل الديداكتيكي فيكتسي أهمية كبيرة في حقل ديداكتيك العلوم تحديدا ،وقد كان (إيف شيفالد) من
السباقين إلى تطبيق هذا المفهوم واستعماله في تدريس الرياضيات ،وما تم االحتفاظ به من تأمل (إيف شيفالد) حول
هذا المفهوم هو :التمييز بين "المعرفة العالمة" كما تبرز في البحث األكاديمي ،والمعرفة التي يصادفها المالحظ في
الممارسات الفصلية.4
وقد عرف (لورس كورنو) و (أالن فرينو) النقل الديداكتيكي بأنه ذلك العمل الخاص بتكييف وتحويل المعرفة
العالمة إلى موضوع التدريس ،وذلك حسب المكان والجمهور المتلقي والغايات واألهداف التي تم تحديدها.5
أما (عبد الكريم غريب) فقد عرفه بقوله" :تحويل الدراية العارفة إلى دراية تعليمية أو تدريسية ،مع العلم أن
هذه الدراية األخيرة تختلف عن الدراية المدرسة التي تختلف بدورها عن الدراية المتعلمة".6
وبناء على ما سبق نخلص إلى أن مفهوم النقل الديداكتيكي يفيد تحويل المعرفة من فضائها العلمي إلى فضاء
الممارسة التربوية من أجل أن تتناسب مع خصوصيات المتعلمين ،وهو نوعان:
َريّا ،معجم مقاييس اللغة العربية ،مادة (نقل) ،371/5تح :عبد السَّالم محمد هَارُون ،ط 1423هـ 2002 /م ،اتحاد الكتاب
فارس بن زك ِ
2أبو الحسين أحمد بن ِ
العرب.
3عبد الكريم غريب :المنهل التربوي ،263/1 ،ط األولى ،2006مطبعة النجاح الجديدة – الدار البيضاء.
4لورنس كورنو ،أالن فرينو :الخطاب الديداكتيكي أسئلته ورهاناته ،ص ، 72 :ترجمة عبد اللطيف المودني وعز الدين الخطاب ،تقديم عبد الكريم غريب ،ط
األولى ،2006مطبعة النجاح – الدار البيضاء.
5المرجع نفسه ،ص.7 :
6عبد الكريم غريب :المنهل التربوي ،275/1ط األولى ،2006دار النجاح الجديدة – الدار البيضاء.
ﺷﺒﻜﺔ
www.alukah.net
النقل الديداكتيكي يف الكتاب املدرسي "املنهج البنيوي أمنوذجا"
النوع األول :نقل خارجي :وهذا النوع يتم على مستوى المكلفين بالتفكير في محتويات التعليم من
أساتذة جامعيين ومؤلفي الكتب المدرسية والمفتشين والمهتمين بالتربية.
النوع الثاني :نقل داخلي :وهذا النوع يعنى به التكيفات الخاصة التي يدخلها كل مدرس على المعرفة
الموضوعة للتدريس.
إن المادة الدراسية ومحتوياتها تعد عنصرا هاما من عناصر التربية ،يجدر باألستاذ أن يحضرها بدقة ،من خالل
اللجوء إلى بعض المصادر والمراجع ،ومن أهمها وأوالها "المقرر الدراسي" كما جاء على لسان (عبد الكريم
غريب)...":وهو األساس الذس يستند إليه المدرس في إعداد درسه قبل أن يواجه تالميذه في حجر ة الدرس".7
وقد عرف الدكتور (العربي السليماني) المقرر الدراسي بأنه" :مجموعة من الدروس أو المجزوءات الموضوعة
في كتاب مدرسي".8
وال شك أن المقرر الدراسي تربطه عالقة متينة بالنقل الديداكتيكي ،تكمن هاته العالقة في كونه يعتبر المرحلة
الثانية من مراحل المعرفة خالل عملية النقل الديداكتيكي ،وهي مرحلة "المعرفة المراد تدريسها" ،وهذا هو ما أشار
إليه (العربي السليماني) خالل تحديده للمراحل األربع " :مرحلة المعرفة الواجب تدريسها :هي مرحلة المعرفة
المتضمنة في المقررات الدراسية".9
عالوة على ذلك فإن المقرر الدراسي يتم نقله من المعرفة العالمة إلى المعرفة المتعلمة من طرف لجنة تتكون
من أساتذة جامعيين ومفتشين وأساتذة مدرسين ذوي خبرة وتجربة طويلة.10
وتجدر اإلشارة في هذا الصدد إلى أن المقررات الدراسية الجديدة على الرغم من تميزها بمجموعة من
اإليجابيات ،إال أنها تشكو من بعض الثغرات تتجلى باألساس في عدم قدرة المدرس والمتعلم على إنجاز الكفايات
ال واردة فيها ،وذلك ألن لجنة التأليف تتكون من أساتذة جامعيين ومفتشين وأساتذة مدرسين ذوي خبرة وتجربة
طويلة ،الشيء الذي يجعلهم يضمنون هذا الكتاب كفايات وأهدافا تناسب مستواهم وكفايتهم ،وال تناسب في أغلبها
مستوى المدرسين الجدد وكفاياتهم.11
وعطفا على ما سبق نشير في هذا الجانب أيضا إلى بعض المالحظات التي قدمها الدكتور (العربي اكنينح)
لألساتذة فيما يتعلق بالكتاب المدرسي ،ويمكن تلخيصها في االتي:
ﺷﺒﻜﺔ
www.alukah.net
النقل الديداكتيكي يف الكتاب املدرسي "املنهج البنيوي أمنوذجا"
إن الكتب المدرسية وضعت لمساعدة األستاذ على تحضير دروسه ،وهذا ال يعني أن يستقي حرفيا كل
ما ورد فيها.
المضامين الموجودة في الكتب المدرسية موجهة إلى جميع التالميذ بغض النظر عن مستوياتهم،
واألستاذ ينبغي أن يختار ما يناسب تالميذه ،ويراعي مستواهم المعرفي والعقلي واالجتماعي.
المضامين الواردة في محتويات الكتب المدرسية ال تتصف بصفة الكمال ،لذا ينبغي لألستاذ أن يرجع
إلى مصادر أخرى لتكميل النقص أو تصحيح الخطأ.
من المستحسن أال يكون ملخص األستاذ مطابقا لمحتويات الكتاب المدرسي بالحرف؛ كيال يفقد
التالميذ ثقتهم في قدراته العلمية ،ويتهمونه بالكسل والقصور.12
وبناء على هذا فإنه يتضح لنا أن المقرر الدراسي له عالقة متينة بالنقل الديداكتيكي ،كما أنه يعد
المرجع والمصدر األساس للتلميذ في استقاء معلوماته ،وكذا للمدرس في إعداد دروسه.
املطلب الثاني :مفهوم الكتاب املدرسي وأهدافه وأهميته
المفهوم اللغوي:
الكتاب لغة :كل ما يكتب فيه ،من كتب يكتب كتبا ،ويجمع على كتب – بضم التاء ،-وفي القرآن الكريم:
"ذلك الكتاب ال ريب فيه" ،ويطلق على القدر والفرض واألجل ،ومنه قوله تعالى" :لكل أجل كتاب" ،ومنه قوله
صلى اهلل عليه وسلم :ألقضين بينكما بكتاب اهلل ،وأم الكتاب الفاتحة ،وأهل الكتاب اليهود والنصارى.13
المفهوم االصطالحي:
يعتقد زكي نجيب محفوظ أن الكتاب هو الذاكرة التي تحفظ ما مضى ليكون نقطة لما قد حضر.14
وإذا انتقلنا إلى ال حقل التربوي فإننا غالبا ما نجد أن الكتاب يستعمل مقرونا بوصف "المدرسي" ،تمييزا له عن
باقي الكتب المعرفية والثقافية األخرى ،الموجهة إلى شرائح وفئات مختلفة من القراء والمتلقين.
ويعرف الكتاب المدرسي بكونه الوعاء الذي يحتوي المادة التعليمية التي يفترض فيها أنها األداة ،أو إحدى
األدوات على األقل ،التي تستطيع أن تجعل التالميذ قادرين على بلوغ أهداف المنهج المحددة سلفا.15
12العربي اكنينح :ديداكتيك االجتماعية من األهداف إلى الكفايات ،ص( 33-22 :بتصرف) ،ط الثالثة ،مطبعة أنفو – فاس.
13المعجم الوسيط ،مادة (كتب) ،774/2ط الرابعة ،مجمع اللغة العربية ،جمهورية مصر العربية.
14حسان الجيالن/لوحيدي فوزي :أهمية الكتاب المدرسي في العملية التربوية ،ص ،195 :مجلة الدراسات والبحوث االجتماعية ،جامعة الوادي ،العدد ،2014
.09
15عبد الكريم غريب :المنهل التربوي .575/2
ﺷﺒﻜﺔ
www.alukah.net
النقل الديداكتيكي يف الكتاب املدرسي "املنهج البنيوي أمنوذجا"
ويرى حسان الجيالني أن الكتاب المدرسي صورة تطبيقية للمحتوى التعليمي ،وهو الذي يرشد المعلم إلى
الطريقة التي يستطيع بها إنجاز أهداف المناهج العامة والخاصة ،كما أنه يمثل في الوقت نفسه الوسيلة األكثر ثقة
في يد التلميذ ،نظرا لمقاييس الرقابة الصارمة التي تخضع لها محتوياته من قبل السلطات العليا.16
ويعرف كذلك بأنه الصورة التنفيذية للمنهج ،يعمل على إخراج األنماط المختلفة من الموضوعات والبناءات
والصياغات التي يتسنى لها أن تحقق أهداف المنهاج الدينية والوطنية واالجتماعية والسلوكية والعصرية ،فمنه يثري
معارفه وخبراته ،وينال به الطلبة قدرا مميزا من ثقافة مجتمعهم وأمتهم ،ويزودهم بألوان الثقافات األخرى.17
أما (باسكال غوسان) فيرى أن الكتاب المدرسي الورقي يطرح محتوى تعليمي مرتبط بمستوى معين ،ويقترح
دروسا تترافق مع وثائق وصور وخطاطات وخرائط ونصوص وإحاالت بيبليوغرافية...وهذه الوثائق تصاغ حصرا أو
تستنسخ لهذا الغرض ،ويضم الكتاب المدرسي تمارين تسمح بتقويم مكتسبات التلميذ ،ويعتمد على إجراءات
ديداكتيكية خاصة.18
وعلى الرغم من تعد د التعاريف للكتاب المدرسي وتنوعها ،إال أنها متفقة على جعله أحد أهم الوسائل في
العملية التعليمية – التعلمية ،وأحد أدوات المنهج الرئيسية نحو تحقيق األهداف التربوية ،التي يسعى المجتمع إلى
التوصل إليها عن طريق التربية المدرسية ،كما أنه وسيلة المتعلم األساسية الكتساب المعرفة ،وأداة المعلم – أيضا –
لتنفيذ المقررات الرسمية بمستواها ومحتواها المحددين.
يهدف الكتاب المدرسي إلى تحقيق مجموعة من األهداف ،ويمكن إجمال هذه األهداف فيما يلي:
أن يكون أداة تساهم إلى جانب عناصر أخرى في تحقيق جودة التربية والتكوين.
أن يساهم في تنمية كفايات التعلم الذاتي.
ألن يعمل على تعزيز التمكن من الكفايات األساسية.
أن يساهم في تنمية مختلف جوانب الذكاء لدى المتعلم.
أن يساهم في تحقيق التفاعل بين التعلمات وبين محيطها السوسيوثقافي واالقتصادي.19
وبناء على هذا فإنه يتضح لنا جليا مكانة وأهمية الكتاب المدرسي داخل العملية التعليمية التعلمية ،فهو
المنهل الذي يأخذ منه المتعلم معارفه ،والوسيلة الفاعلة في تشكيل أفكاره وميوله وسلوكه ،وهو خير معين يسترشد
به على أداء عمله ،وإعداد دروسه والتخطيط لها.
ﺷﺒﻜﺔ
www.alukah.net
النقل الديداكتيكي يف الكتاب املدرسي "املنهج البنيوي أمنوذجا"
وقد حاول (محمد صدوقي) في كتابه "المفيد في التربية" أن يبرز هاته األهمية التي ينطوي عليها الكتاب
المدرسي ،إذ قال :إنه هو والمدرس المصدران الوحيدان للمعرفة بالنسبة للمتعلم ،وأهميته تكمن في العناصر اآلتية:
يالزم التالميذ خالل مراحل التمدرس ،فهو المصدر األساس الذي يستقى منه في معظم األوقات
المعرفة.
يحدد للمدرسين ما ينبغي تدريسه للتالميذ وكيف ،فهو يشمل توزيع المواد ووقت العمل ،والمنهجية
المتبعة".20
ومن هنا فإن الكتاب المدرسي يستحوذ على أعلى نسبة من النشاط التعليمي ،ال سيما فيما يتعلق بتدريس
المواد االجتماعية ،ونذكر تجليات هذه األهمية فيما يلي:
يقدم الكتاب المدرسي الخبرات والتعلمات بطريقة تتناسب مع مستوى الطالب ،فهو بسيط ويقرب
لهم المعلومات ويعرضها بأسلوب جذاب.
يسهل على المتعلم تحضير الدروس؛ إذ يهيئ القدر الضروري من المعلومات.
يحدد للمعلم ما الذي ينبغي تدريسه للتالميذ ،وذلك طبقا للبرامج المقررة.
الكتاب المدرسي أداة أساسية لتنمية مهارة القراءة والدراسة لدى التالميذ.
الكتاب المدرسي أساسي لنقل المجتمع للتلميذ.21
وبناء على ما تم عرضه آنفا يمكن القول إن الكتاب المدرسي يعد من أهم الوسائل الالزمة لتحقيق أهداف
المنهاج التربوي ،ويضطلع بدور محوري في عملية الربط بين أطراف العملية التعليمية – التعلمية (التالميذ –
األستاذ – المعرفة)ْ ،بيد أنه مهما كانت أهمية الكتاب المدرسي وجودته وإتقانه ،فإنه ال يمكن أن يحل محل األستاذ
في العملية ا لتعليمة التعلمية ،كما أن فعاليته تبقى رهينة بمدى توظيفه الجيد ،وذلك بالتعرف عليه وعلى توجيهاته،
وطريقة تبويبه ،وتنفيذ مفرداته ،وإرشاد التالميذ الستعماله استعماال سليما ،وتوجيههم إلى االستعانة بمصادر أخرى
للمعرفة ،لتدارك ما قد يعتريه من نقص وقصور.
املطلب الثالث :مفهوم املنهج البنيوي ومنطلقاته ومستوياته
يتم االنطالق عادة في تعريف البنيوية من مصطلح البنية ،وهو المصطلح التأسيسي والجوهري في هذا
المنهج...وأشهر تعريف متداول للبنية تعريف المفكر الفرنسي (جان بياجي) ،ذلك أن حد البنية عنده :نظام من
التحوالت تحكمها ثالث مبتدئ أساسية:
ﺷﺒﻜﺔ
www.alukah.net
النقل الديداكتيكي يف الكتاب املدرسي "املنهج البنيوي أمنوذجا"
مبدأ الشمول (الكلية) :ومعناه أن كل بنية تتكون من عناصر ،وال قيمة لهذه العناصر إال فيما تنسجه
من عالقات محكومة بقوانين كلية ومنظمة لتفاعالتها وصالتها ،وعلى هذا األساس فإن الموقف
البنيوي يرى أنه لفهم عنصر ما في أي بنية ال بد من تفسيره ،وانطالقا من الكل يندرج ضمنه ومن
الموقع الذي يحتله ويشغله داخل هذا الكل ،فيكون الكل بذلك مفسرا للجزء ،وبهذا اعتبرت البنيوية
العالقات بين العناصر أهم من العناصر نفسها.
مبدأ التحوالت :ومعناه أن خواص البنية تكمن في أنها مجموعة تحوالت دائمة تنتج عنها أشكال من
التفاعل ،تنقل النظام من سكونيته إلى حركيته المولدة ألشكال ال نهائية ،مع احتفاظ النظام بقوانينه
بوصفه نظاما من التحوالت الدائمة.
مبدأ التنظيم الذاتي :ويقصد به أن البنية تتضمن قوانين تتحكم في تنظيم عناصرها ،وأنها تنظم نفسها
بنفسها ،فالتح والت تخضع لضبط ذاتي يحقق للبنية انغالقها وتوازنها من غير أن تقودها إلى أبعد من
حدودها .وفي هذا اإلطار يرى البنيويون أن خاصية انغالق البنية وتحكمها الذاتي في التحوالت
الناجمة عن تفاعالتها يعطي الدارس إمكانية معرفة نظام البنية ومحركها الحقيقي ،وتتموقع ردود فعلها
على التغييرات والتحوالت التي تطرأ عليها.22
ينطلق المنهج البنيوي من مبدأ التركيز على أدبية األدب ،وليس على وظيفة األدب؛ أي أن الناقد البنيوي
يهتم في المقام األول بتحديد الخصائص التي تجعل من األدب أدبا ،وتجعل القصة والرواية أو القصيدة نصا أدبيا.
ولكي يحقق الناقد ذلك يجعل اهتمامه منصبا على دراسة عالقة الوحدات بعضها ببعض داخل النص ،في محاولة
للوصول إلى تحديد النظام أو البناء الكلي الذي يجعل النص موضوع الدراسة أدبا ،ويتم التركيز في ذك على
المستويات اللغوية اآلتية:
المستوى الصوتي :حيث تدرس الحروف ورمزيتها وتكويناتها الموسيقية من نبر وتنغيم وإيقاع.
المستوى الصرفي :وتدرس فيه الوحدات الصرفية ،ووظيفتها في التكوين اللغوي واألدبي خاصة.
المستوى المعجمي :وتدرس فيه الكلمات لمعرفة خصائصها الحسية والتجريدية والحيوية والمستوى
األسلوبي لها.
المستوى النحوي :إذ تدرس فيه تأليف وتركيب الجمل وطرق تكوينها وخصائصها الداللية والجمالية.
المستوى التركيبي :يتم التركيز فيه على تركيب الكالم وبنائه وطرق تأليفه وفق نظام نحوي مخصوص.
22كتاب التلميذ :في رحاب اللغة العربية ،السنة الثانية باكلوريا ،شعبة اآلداب والعلوم اإلنسانية ،ص .239
ﺷﺒﻜﺔ
www.alukah.net
النقل الديداكتيكي يف الكتاب املدرسي "املنهج البنيوي أمنوذجا"
المستوى الداللي :يهتم بتحليل المعاني المباشرة وغير المباشرة والصور المتصلة باألنظمة الخارجة عن
حدود اللغة ،التي ترتبط بعلوم النفس واالجتماع ،وتمارس وظيفتها على درجات في األدب والشعر.
المستوى الرمزي :تقوم فيه المستويات السابقة بدور الدال الجديد الذي ينتج مدلوال أدبيا جديدا،
يقود بدوره إلى المعنى الثاني ،أو ما يسمى باللغة داخل اللغة.23
والخالصة إن دراسة جميع هذه المستويات في نفسها أوال ،وفي عالقتها المتبادلة وتوافقاتها ،والتداعي الحر
فيما بينها واألنشطة الخالقة المتمثلة فيها ثانيا ،هو ما يحدد في نهاية األمر البنية األدبية المتكاملة.
23نظرية البنائية في النقد العربي لصالح فضل ،ص 294 :وما بعدها ،إفريقيا الشرق ،ط - 2002المغرب
ﺷﺒﻜﺔ
www.alukah.net
النقل الديداكتيكي يف الكتاب املدرسي "املنهج البنيوي أمنوذجا"
املبحث الثاني
دراسة تطبيقية للمنهج البنيوي يف الكتاب املدرسي
املطلب األول :طريقة اشتغال املنهج البنيوي يف الكتاب املدرسي
يعد المنهج البنيوي من المناهج المعتمدة في تحليل النصوص الشعرية والسردية في الكتاب المدرسي ،وهذا
ال يلغي حضور باقي المناهج األخرى (المنهج التاريخي – المنهج االجتماعي – المنهج النفسي) ،غير أن الطريقة
التي يشتغل بها هذا المنهج تختلف تماما عن الطرق التي تشتغل بها باقي المناهج األخرى؛ حيث إنه يتطلب جهدا
معرفيا كبيرا يتمثل في ضبط الجهاز المصطلحي والمفاهيمي ،فهو منهج يقتصر على النص في ذاته ولذاته ،بغض
النظر عما هو مرجعي أو سياقي أو واقعي24؛ غذ إن األدب في تصوره ال يتكون من أفكار ومشاعر وآراء ،وإنما هو
نظام لغوي فحسب؛ ومن ثم فإن أي مقاربة لتحليل النصوص يجب أن تنطلق من مستويات اللغة:
المستوى الصوتي :وتدرس فيه األصوات (وهي أصغر وحدات اللغة) ،ورمزيتها وتكويناتها الموسيقية من
نبر وإيقاع ووزن وقافية وغيرها من الظواهر الصوتية.
المستوى الصرفي :وتدرس فيه الوحدات الصرفية ووظيفتها في التكوين اللغوي واألدبي نفسه.
المستوى المعجمي :ويتم التركيز فيه على الكلمات والوحدات المعجمية.
المستوى التركيبي :ويتم التركيز فيه على ترتيب الكالم وبنائه وطرق تأليفه وفق نظام نحوي مخصوص.
المستوى الداللي :وتدرس فيه المعاني والحقول الداللية والعالقات الناتجة عن توظيف الكلمات
ووظيفتها.
المستوى الرمزي :ويتم التركيز فيه على إيحاءات استعمال اللغة في العمل األدبي ،وعلى اإلشارات
المتولدة عن توظيف األدب للغة في مستوى آخر غير المستوى التواصلي العادي.25
املطلب الثاني :حتليل استمارة املنهج البنيوي يف الكتاب املدرسي
.1هل من شأن كثرة المناهج في الكتاب المدرسي أن يؤثر سلبا على التلميذ؟
مبيان ميثل وجهة نظر األساتذة حول تعدد املناهج يف الكتاب املدرسي
38% نعم
62% ال
24كتاب التلميذ :في رحاب اللغة العربية ،السنة الثانية باكلوريا ،شعبة اآلداب والعلوم اإلنسانية ،ص .240
25المرجع نفسه ،ص.240 :
ﺷﺒﻜﺔ
www.alukah.net
النقل الديداكتيكي يف الكتاب املدرسي "املنهج البنيوي أمنوذجا"
من خالل المبيان تبين أن %62من األساتذة اجابوا بنعم؛ أي أن من شان كثرة المناهج أن يؤثر على
التلميذ؛ ألن التلميذ في هذه المرحلة سيخلط بين هذه المناهج ،في حين أن %62من األساتذة أثبتوا العكس،
وأكدوا على أهمية تنوع المناهج داخل الكتاب المدرسي؛ ألن هذا التنوع في نظرهم يمنح فرصة للتعرف عليها
وعلى كيفية اشتغالها ،ويعلمهم كيف أن النص يمكنه أن يقرأ بطرق مختلفة.
.2هل الطريقة التي تمت من خاللها مقاربة هذه المناهج داخل الكتاب المدرسي هي طريقة سليمة؟
العينة 10 :أساتذة للغة العربية بالتعليم الثانوي
هل الطريقة المعتمدة سليمة أم ال؟ عدد ا األساتذة ()10
سليمة 5أساتذة
غير سليمة 5أساتذة
اتضح من خالل الجدول أعاله أنني قمت بطرح هذا السؤال على 10أساتذة ،خمسة منهم أجابوا بالنفي،
في حين أن الخمسة اآلخرين أجابوا باإليجاب.
.3هل بالفعل مستويات المنهج البنيوي تكشف عن أدبية النص؟
مبيان يكشف وجهة نظر األساتذة خبصوص مستويات املنهج البنيوي عن أدبية النص
11%
نعم
ال
89%
من خالل المبيان يتضح أن المستويات التي ينطلق منها البنيوي في مقاربة نصوصه تكشف عن أدبية النص؛
حيث إن % 89من األساتذة أكدوا ذلك ،نظرا ألن هذه الطريقة توضح مستويات اللغة على األقل ،وألنها تقوم
بتجزيء النص وتقطيعه إلى أجزاء ،ثم الوصول في كل جزء إلى نتيجة تكون في نفسها نتيجة الجزء الثاني والثالث
وهكذ ،كما أنها تجعل المتعلم يهتم بالنص فقط دون النظر في الروافد الخارجية ،في حين أن فئة قليلة قالت :إن
المنهج البنيوي ليس دائما يكشف عن أدبية النص.
.4هل تتالءم مستويات المنهج البنيوي مع مستوى التالميذ؟
ﺷﺒﻜﺔ
www.alukah.net
النقل الديداكتيكي يف الكتاب املدرسي "املنهج البنيوي أمنوذجا"
33%
67%
من خالل المبيان اتضح أن %67من األساتذة صوتوا على أن مستويات المنهج البنيوي تتناسب مع
التلميذ ،في حين أن %33منهم أثبتوا العكس ،بدعوى أن البنيوية أكبر من قرائها (المتعلمين).
.5هل يواجه التلميذ صعوبات في فهم المنهج البنيوي؟
مبيان يربز وجهة نظر األساتذة حول الصعوبات اليت يواجهها التلميذ يف فهم املنهج البنيوي
30%
نعم
70% ال
أكد % 70من األساتذة على أن التالميذ يجدون صعوبة في فهم وتطبيق المنهج البنيوي ،وأول هذه
الصعوبات عدم استيعابهم لمفهوم البنية(المصطلح) ،وعدم اإللمام بالمفاهيم البنيوية ،إضافة إلى كثرة مستويات
التحليل ،وأشار بعض األساتذة إلى أن النصوص المعتمدة في الكتاب المدرسي هي نصوص نقدية فق ،يغيب فيها
عنصر اإلبداع ،والمتعلم ال يمتلك آليات التحليل والتشريح ،فحتى إن تمكن من فهمه نظريا فإنه يصعب عليه
تطبيقه لصعوبة مستويات المنهج البنيوي وكثرتها ،وللنتيجة النهائية التي يجب أن يصل إليها في كل مستوى من
مستويات التحليل ،التي يجب أال تكون متناقضة لباقي نتائج المستويات األخرى ،وهذا ما يدفع المتعلم إلى عدم
قبول تفكيك النص إلى مستويات(صوتية ،تركيبية ،داللية ،)...كما أنه ال يمكن االنسالخ من العوامل الخارجية في
مقاربتهم للنصوص.
.6هل البنيوية تصنع التعلم؟
ﺷﺒﻜﺔ
www.alukah.net
النقل الديداكتيكي يف الكتاب املدرسي "املنهج البنيوي أمنوذجا"
نعم
50% 50%
ال
من خالل المبيان نالحظ أن %50من األساتذة كانت أجوبتهم بنعم؛ ألن المنهج البنيوي في نظرهم يجعل
المتعلم يبحث عن المعرفة بنفس ،ويكتفي األستاذ بالتوجيه والتصحيح ،في حين أن % 50أجابوا بال؛ ألن التعلم
الذاتي في نظرهم يحتاج إلى االنفتاح على األعمال اإلبداعية.
.7ما هي الطريقة الديداكتيكية السليمة التي يمكن من خاللها تبسيط المنهج البنيوي في مرحلة الثانوي؟
اقترح علي بعض المفتشين التربويين وجملة من األساتذة المتمكنين طريقة يمكن من خاللها تبسيط المنهج
البنيوي في هذه المرحلة ،وهي كاآلتي:
أوال :التعريف بالمنهج البنيوي.
ثانيا :شرح وتبسيط المفاهيم الخاصة به.
ثالثا :تمكين التلميذ من آليات المنهج البنيوي في التحليل وإحاطته بها.
رابعا :التدرج في شرح وتبسيط مستوياته.
خامسا :االشتغال على تحليل بعض النماذج بنيويا.
سادسا :التوضيح للتلميذ أهمية اللغة في التعبير عن فكرة العمل األدبي.
.8هل يمكن اعتماد المنهج البنيوي بمعزل عن باقي المناهج؟
مبيان جيلي وجهة نظر األساتذة خبصوص االعتماد يف التحليل على املنهج البنيوي
فقط
10%
نعم
90% ال
من خالل المبيان تبين أن % 90من األساتذة أكدوا أنه ال يمكن االعتماد على المنهج البنيوي فقط في
تحليل النصوص؛ إذ ال بد من النظر فيما هو خارجي من ظروف تاريخية واجتماعية ونفسية....
ﺷﺒﻜﺔ
www.alukah.net
النقل الديداكتيكي يف الكتاب املدرسي "املنهج البنيوي أمنوذجا"
خامتة:
بعد سبر أغوار هذا البحث ارتأيت أن أتوقف في خاتمته عند مجموعة من المقترحات والحلول التي يمكن
من خاللها تدريس المناهج النقدية للمتعلم بشكل ديداكتيكي يتناسب ومستواه التعليمي ،ولعل من أهم هذه
المقترحات:
أن على اللجن المكلفة بإعداد الكتاب المدرسي أن تعيد النظر في طريقة صياغة المناهج النقدية
داخل الكتاب المدرسي ،وما أقترحه بهذا الخصوص هو إدراج الشق النظري للمناهج النقدية في
السنوات األولى من التعليم الثانوي التأهيلي ،حتى يستوعب المتعلم مفاهيمها اإلجرائية ،ويستطيع بعد
ذلك تطبيقها بدون صعوبة.
اعتماد مختلف المناهج النقدية منذ السنوات األولى بالتدريج.
مراعاة اهتمامات التالميذ وحاجياتهم وميوالتهم في اختيار النصوص.
تجنب األساتذة التخبط والعشوائية في تقديم المناهج.
المنهج بصفة عامة كيفما كان نوعه يجعل المتدرب يتدرب على اتباع منهج علمي منظم في تحليل
النصوص وتجنب العشوائية في ذلك ،فالمنهج البنيوي مثال يفتح المجال أمام التلميذ لتذوق النص من
الداخل ،إال أنه يمكن االقتصار على مستوى أو مستويين في التحليل ،ألن كثرة هذه المستويات تربك
المتعلم وتشتت تركيزه.
أما فيما يخص الطريقة التي وضعت بها هذه المناهج في الكتاب المدرسي للثانية باكلوريا فهي طريقة
غير سليمة؛ إذ كان من المفترض أن يتعرف التلميذ على مفهوم المنهجين :االجتماعي والبنيوي في
بداية السنة وليس في آخرها.
وبهذا كله يمكن القول إنه لمن األهمية بمكان أن توجه الجهود إلى موضوع " النقل الديداكتيكي للمنهج
البنيوي في الكتاب المدرسي" وأن يعتنى ويهتم به ،نظرا لمركزيته وأهميته البالغة في صناعة التعلم.
ﺷﺒﻜﺔ
www.alukah.net
النقل الديداكتيكي يف الكتاب املدرسي "املنهج البنيوي أمنوذجا"