Professional Documents
Culture Documents
کتاب الجنایات
کتاب الجنایات
دانشگاه البیرونی
دانشکده شرعیات
دیپارتمنت فقه و قانون
«کتاب الجنایات»
سمستر هفتم
صا ٍل) بینها ث خِ َ سلّم قَالَ" :ال یَحِ ُّل قَتْ ُل ُمس ٍْلم إال بإ ْحدَى ثَال ِ علَ ْی ِه َو َصلّى هللا َ سو ِل هللا َ ع ْن َر ُشةَ رضي هللا عنها َ ع ْن عا ِئ َ (و َ َ
ْ َ ً ً ُ ْ
ص ٍن) یأتي تفسیره (فی ُْر َج ُمَ ،و َر ُج ٍل یَقت ُل ُم ْسلِما ُمتَعَ ِ ّمدا) قید ما أطلق في الحدیث األول (فیُقتَلَُ ،و َر ُج ٍل َ ان ُم َح َ بقوله( :زَ ٍ
ْ
ص ّح َحهُ ال َحا ِك ُم). ي َو َ سائ ُّ َ
ض" َر َواهُ أبُو دَاو َد َوالنّ َ األر ِ َ
صلبُ أ ْو یُ ْنفَى مِ نَ ْ َ َ ْ َ
َّللا َو َرسُولهُ فَیُقتَ ُل أ ْو یُ ْ ْالم فَیُ َحاربُ َّ َ ج مِ نَ اإلس ِ یَ ْخ ُر ُ
الحدیث أفاد ما أفاده الحدیث األول الذي قبله .
وقوله :فیحارب هللا ورسوله بعد قوله :یخرج من اإلسالم بیان لحكم خاص لخارج عن اإلسالم خاص وهو المحارب
وله حكم خاص هو ما ذكر من القتل أو الصلب أو النفي فهو أخص من الذي أفاده الحدیث الذي قبله .
والنفي الحبس عند أبي حنیفة وعند الشافعي النفي من بلد إلى بلد ال یزال یطلب وهو هارب فزع وقیل :ینفي من بلده
فقط .
وظاهر الحدیث واآلیة أیضا ً أن اإلمام مخیر بین هذه العقوبات في كل محارب مسلما ً كان أو كافراً.
ضى بَیْنَ النّا ِس یَ ْو َم ْال ِقیَام ِة في ال ّدِماءِ " سلّم" :أَ َّو ُل َما یُق َ صلّى هللا َ
علَ ْی ِه َو َ َّللا َبن َم ْسعُو ٍد قَالَ :قا َل َرسُو ُل َّ ِ ع ْب ِد َّ ِ
َّللا ِ ع ْن َ َو َ
َ
عل ْی ِه . ُمتّفَ ٌق َ
اس َی ْو َم ْال ِق َیام ِة ضى َبیْنَ النّ ِ سلّم" :أَ َّو ُل َما یُق َ صلّى هللا َ
علَ ْی ِه َو َ سو ُل َّ ِ
َّللا َ ع ْنهُ قَالَ :قا َل َر ُ َّللا َ ي ُّ ض َ بن َم ْس ُعو ٍد َر ِ ع ْب ِد َّ ِ
َّللا ِ ع ْن َ (و َ َ
َ
عل ْیهِ). ٌ ّ
في ال ّدِماءِ " ُمتفَق َ
فیه دلیل على عظم شأن دم اإلنسان فإنه ال یقدم في القضاء إال األهم .
ولكنه یعارضه حدیث" :أول ما یحاسب العبد علیه صالته" أخرجه أصحاب السنن من حدیث أبي هریرة.
ویجاب بأن حدیث الدماء فیما یتعلق بحقوق المخلوق وحدیث الصالة فیما یتعلق بعبادة الخالق وبأن ذلك في أولیة القضاء
واآلخر في أولیة الحساب .
كما یدل له ما أخرجه النسائي من حدیث ابن مسعود بلفظ" :أول ما یحاسب علیه العبد صالته وأول ما یقضى بین الناس
في الدماء" وقد أخرج البخاري من حدیث علي رضي هللا عنه وغیره" :أنه رضي هللا عنه أول من یجثو بین یدي
الرحمن للخصومة یوم القیامة في قتلى بدر ــــ الحدیث".
فبین فیه أول قضیة یقضي فیها وقد بین االختصام حدیث أبي هریرة" :أول ما یقضى بین الناس في الدماء ،ویأتي كل
قتیل قد حمل رأسه یقول :یا رب سل هذا فیم قتلني ــــ الحدیث".
وفي حدیث ابن عباس یرفعه" :یأتي المقتول معلقا ً رأسه بإحدى یدیه ُملَ ِبّبا ً قاتله بیده األخرى تشحط أوداجه دما ً حتى
یقفا بین یدي هللا تعالى" وهذا في القضاء في الدماء.
وفي القضاء باألموال ما أخرجه ابن ماجه من حدیث ابن عمر یرفعه" :من مات وعلیه دینار أو درهم قضى من حسناته
وفي معناه عدة أحادیث وأنها إذا فنیت حسناته قبل أن یقضي ما علیه طرح علیه من سیئات خصمه وألقي في النار .
وقد استشكل ذلك بأنه كیف یعطى الثواب وهو ال یتناهى في مقابلة العقاب وهو یتناهى؟ یعني على القول بخروج
الموحدین من النار .
وأجاب البیهقي :بأنه یعطى من حسناته ما یوازي عقوبة سیئاته من غیر المضاعفة التي یضاعف هللا تعالى بها الحسنات
ألن ذلك من محض الفضل الذي یخص هللا تعالى به من یشاء من عباده وهذا فیمن مات غیر ناو لقضاء دینه .وأما من
مات وهو ینوي القضاء فإن هللا یقضي عنه كما قدمناه في شرح الحدیث الثالث من أبواب السلم .
ع ْب َد ُه قَت َْلنَا ُهَ ،و َم ْن َجدَع َ
ع ْب َد ُه َج َد ْعنَا ُه" سلّمَ " :م ْن قَتَ َل َ صلّى هللا َ
علَ ْی ِه َو َ سو ُل َّ ِ
َّللا َ ع ْنهُ قالَ :قا َل َر ُ َّللا تَ َعالَى َ
ضي َّ ُ س ُم َرةَ َر َ ع ْن َ َو َ
روای ِةس َما ِع ِه مِ ْنهَُ ،وفي َ ِف في َ س ُم َرةَ َوقَ ْد ا ْختُل َ ع ْن َ يِ َ س ِن ْالبَصْر ّ ي َوه َُو من روایة ال َح َ َر َواهُ أَ ْح َم ُد واأل َ ْربَعَةُ َو َح ّ
سنَهُ التّ ِْرمِ ِذ ُّ
ص ّح َح ْال َحا ِك ُم َه ِذ ِه َّ
الزیَا َدةَ. ص ْینَاهُ" َو َ "و َم ْن خَصى َ
ع ْب َدهُ َخ َ ي ِ بزیَا َدةَِ : سائ ّ أبي دَاو َد والنّ َ
ع) بالجیم والدال ع ْب َد ُه قَت َْلناه .و َم ْن َج َد َ سلّمَ " :م ْن قَتَ َل َ صلّى هللا َ
علَ ْی ِه َو َ ( وعن سمرة رضي هللا عنه قال :قال رسول هللا َ
ع ْب َدهُ َج َد ْعنَاهُ" رواه أحمد واألربعة وحسنه الترمذي وهو من روایة الحسن البصري عن سمرة وقد اختلف في المهملة ( َ
ً
سماعه منه) على ثالثة أقوال .قال ابن معین :لم یسمع الحسن منه شیئا وإنما هو كتاب وقیل :سمع منه حدیث العقیقة
وأثبت ابن المدیني سماع الحسن من سمرة (وفي روایة أبي داود والنسائي بزیادة :ومن خصى عبده خصیناه وصحح
الحاكم هذه الزیادة).
والحدیث دلیل على أن السید یقاد بعبده في النفس واألطراف إذ الجدع :قطع األنف أو األذن أو الید أو الشفة كما في
القاموس .
ویقاس علیه إذا كان القاتل غیر السید بطریق األولى والمسألة فیها خالف .
ذهب النخعي وغیره إلى أنه یقتل الحر بالعبد مطلقا ً عمالً بحدیث سمرة وأیده عموم قوله تعالى{ :النفس بالنفس}.
وذهب أبو حنیفة إلى أنه یقتل به إال إذا كان سیده عمالً بعموم اآلیة وكأنه یخص السید بحدیث" :ال یقاد مملوك من مالكه
وال ولد من والده" أخرجه البیهقي.
إال أنه من روایة عمر بن عیسى یذكر عن البخاري أنه منكر الحدیث .
وأخرج البیهقي أیضا ً من حدیث ابن عمرو في قصة زنباع لما جب عبده وجدع أنفه أنه صلى هللا علیه وآله وسلم قال:
"من مثل بعبده وحرق بالنار فهو حر وهو مولى هللا ورسوله" فأعتقه صلى هللا علیه وآله وسلم ولم یقتص من سیده إال
أن فیه[تض] المثنى بن الصباح[/تض] ضعیف .
ورواه عن الحجاج بن أرطاة من طریق آخر وال یحتج به .
وفي الباب أحادیث ال تقوم بها حجة وذهبت الهادویة و الشافعي ومالك وأحمد إلى أنه ال یقاد الحر بالعبد مطلقا ً مستدلین
الحر .
ّ الحر بغیر ّ بما یفیده قوله تعالى{ :الحر بالحر} فإن تعریف المبتدأ یفید الحصر وأنه ال یقتل
وألنه تعالى قال في صدر اآلیة{ :كُتب علیكم القصاص} وهو المساواة {الحر بالحر} تفسیر وتفصیل لها وقوله تعالى
في آیة المائدة{ :النفس بالنفس} مطلق وهذه اآلیة مقیدة مبینة وهذه صریحة لهذه األمة وتلك سیقت في أهل الكتاب .
وشریعتهم وإن كانت شریعة لنا لكنه وقع في شریعتنا التفسیر بالزیادة والنقصان كثیراً فیقرب أن هذا التقیید من ذلك
وفیه مناسبة إذ فیه تخفیف ورحمة .
وشریعة هذه األمة أخف من شرائع من قبلها فإنه وضع عنهم فیها اآلصار التي كانت على من قبلهم.
والقول بأن آیة المائدة نسخت آیة البقرة لتأخرها مردود بأنه ال تنافي بین اآلیتین إذ ال تعارض بین عام وخاص ومطلق
ومقید حتى یصار إلى النسخ وألن آیة المائدة متقدمة حكما ً فإنها حكایة لما حكم هللا تعالى به في التوراة وهي متقدمة
نزوالً على القرآن.
وأخرج ابن أبي شیبة من حدیث عمرو بن شعیب عن أبیه عن جده" :أن أبا بكر وعمر كانا ال یقتالن الحر بالعبد
حر بعبد" وفي إسناده[تض] جابر الجعفي[/تض] وأخرج البیهقي من حدیث علي رضي هللا عنه" :من السنّة أن ال یقتل ّ
ومثله عن[تض] ابن عباس [/تض]وفیه ضعف وأما حدیث سمرة فهو ضعیف أو منسوخ بما سردناه من األحادیث .
تقرر أن الحر ال یقتل بالعبد فیلزم من قتله قیمته على خالف فیها معروف ولو بالحر فإجماع وإذا ّ ّ هذا وأما قتل العبد
بلغت ما بلغت وإن جاوزت دیة الحر وقد بیناه في حواشي ضوء النهار.
وأما إذا قتل السید عبده ففیه حدیث عمرو بن شعیب عن أبیه عن جده" :أن رجالً قتل عبده صبراً متعمداً فجلده النبي
سلّم مائة جلدة ونفاه سنة ومحا سهمه من المسلمین ولم یقده به وأمره أن یعتق رقبة. علَ ْی ِه َو َصلّى هللا َ َ
سلّم یَقُولُ" :ال یُقَا ُد ْال َوال ُد بالولد" َرواهُ علَ ْی ِه َو َصلّى هللا َ َّللاِ َسمِ ْعت َرسُو َل َّ ع ْنهُ قَالََ : َّللا َ
ب رضي َّ ُ ع ْن عُ َم َر ب ِْن ْالخ ّ
َطا ِ َو َ
ي :إنهُ ُمضْطربٌ . ّ ّ َ
ي َوقا َل الت ِْرمِ ِذ ُّ ْ
ارو ِد َوالبَ ْی َه ِق ُّ ْ
ي واب ُن َما َجهْ َوص ّح َحهُ ا ْب ُن ال َج ُ أَ ْح َم ُد َوالت ِْرمِ ذ ُّ
ّ
قال الترمذي :وروي عن عمرو بن شعیب مرسالً وهذا حدیث فیه اضطراب والعمل علیه عند أهل العلم انتهى ،وفي
إسناده عنده الحجاج بن أرطأة .
وجه االضطراب أنه اختلف على عمرو بن شعیب عن أبیه عن جده فقیل :عن عمر وهي روایة الكتاب وقیل :عن
سراقة وقیل :بال واسطة وفیها[تض] المثنى بن الصباح[/تض] وهو ضعیف.
قال الشافعي :طرق هذا الحدیث كلها منقطعة ،وقال عبد الحق :هذه األحادیث كلها معلولة ال یصح فیها شيء .
والحدیث دلیل على أنه ال یقتل الوالد بالولد .
قال الشافعي :حفظت عن عدد من أهل العلم لقیتهم أن ال یقتل الوالد بالولد .وبذلك أقول .وإلى هذا ذهب الجماهیر من
الصحابة وغیرهم كالهادویة والحنفیة والشافعیة وأحمد وإسحاق مطلقا ً للحدیث .
قالوا :ألن األب سبب لوجود الولد فال یكون الولد سببا ً إلعدامه وذهب البتي إلى أنه یقاد الوالد بالولد مطلقا ً لعموم قوله
تعالى{ :النفس بالنفس} وأجیب بأنه مخصص بالخبر ،وكأنه لم یصح عنده .
وذهب مالك إلى أنه یقاد بالولد إذا أضجعه وذبحه قال :ألن ذلك عمد حقیقة ال یحتمل غیره فإن الظاهر في مثل استعمال
الجارح في المقتل هو قصد العمد والعمدیة أمر خفي ال یحكم بإثباتها إال بما یظهر من قرائن األحوال .وأما إذا كان
على غیر هذه الصفة فیما یحتمل عدم إزهاق الروح بل قصد التأدیب من األب وإن كان في حق غیره یحكم فیه بالعمد.
وإنما فرق بین األب وغیره لما لألب من الشفقة على ولده وغلبة قصد التأدیب عند فعله ما یغضب األب فیحمل على
عدم قصد القتل وهذا رأي منه وإن ثبت النص لم یقاومه شيء.
وقد قضى به عمر في قصة المدلجي وألزم األب الدیة ولم یعطه شیئا ً وقال :لیس لقاتل شيء .فال یرث من الدیة إجماعا ً
وال من غیرها عند الجمهور .والج ّد واألم كاألب عندهم في سقوط القود.
س َمةَ،
ق ال َحبّةَ َوب ََرأَ النّ َ
آن؟ قَالَ :ال ،والّذِي فَلَ َ يَ :ه ْل ِع ْن َدكُ ْم شي ٌء مِ نَ ا ْل َو ْحي َ
غی َْر ا ْلقُ ْر ِ َوع َْن أَبي ُج َح ْیفَةَ قالَ :قُ ْلتُ ِلعَل َ
رآن َو َما في َه ِذ ِه الصهحِ یفةِ ،قُ ْلتُ َ :و َما في ه ِذ ِه الصهحِ یفَةِ؟ قَالَ :ا ْلعَ ْق ُل َوفِكاكُ َّللا تَعَالَى َر ُجالً في ا ْلقُ ِ إال فَهْما ً یُعْطِ ی ِه ه ُ
يسائي مِ ْن َو ْج ٍه آ َخ َر ع َْن عَلي ٍ َر ِض َ َاو َد والنّ َ خاريَ ،وأَ ْخ َر َجهُ أَ ْح َم ُد َوأَبُو د ُ ُّ س ِل ٌم بِكاف ٍِر" َر َواهُ ا ْلبُ األسِیرَ ،وأَ ْن ال یُ ْقتَ َل ُم ْ
سعَى ِب ِذ ّمت ِِه ْم أَدْناهُ ْمَ ،وهُ ْم یَ ٌد عَلى َم ْن س َِواهُ ْمَ ،وال یُ ْقتَ ُل ُمؤمِ ٌن ع ْنه َوقَا َل فِیهِ" :المؤمِ نُونَ تَتَكافأ ُ ِد َما ُؤهُ ْمَ ،ویَ ْ َّللا تَعَالَى َ
هُ
ص ّح َحهُ الحا ِك ُم. ع ْه ِدهِ" َو َ ع ْه ٍد في َ ِبكاف ٍِر وال ذُو َ
القرآن؟ قال :ال ،والذي فلق الحبة
ِ الو ْحي ِ ٍغی ُْر ي رضي هللا عنه :هل عندكم شيء من َ (وعن أبي جحیفة قال :قال لعل ّ
ً
وبرأ النسمة إال فه ٌم) استثناء من لفظ شيء مرفوع على البدلیة (یعطیه هللا رجال في القرآن وما في هذه الصحیفة) أي
"ال َع ْقلُ) أي الدیة سمیت عقال ألنهم كانوا یعقلون اإلبل التي هي دیة الورقة المكتوبة( :قلت :وما في هذه الصحیفة؟ قالْ :
وأن ال یُ ْقتَ َل ُم ْس ِل ٌم ِبكَافِر" رواه البخاري وأخرجه أحمد وأبو داودبفناء دار المقتول (وفِكاك) بكسر الفاء وفتحها (األسِیر ْ
ي رضي هللا عنه وقال فیه" :ال ْمؤُمِ نُونَ تَتَكافأ ُ ِد َما ُؤهُ ْم) أي تتساوى في الدیة والقصاص والنسائي من وجه آخر عن عل ّ
ع ْه ِدهِ" وصححه الحاكم).ع ْه ٍد في َ على َم ْن س َِواهُ ْم وال یُ ْقتَ ُل ُمؤمِ ٌن بِكافِر وال ذُو َ(ویَ ْسعَى بِ ِذ ّمتِه ْم أَ ْدنَاهُ ْم َوهُ ْم یَ ٌد َ
قال المصنف :إنما سأل أبو جحیفة علیّا ً رضي هللا عنه عن ذلك ألن جماعة من الشیعة كانوا یزعمون أن ألهل البیت
علیهم السالم ال سیّما علي رضي هللا عنه اختصاصا ً بشيء من الوحي لم یطلع علیه غیره وقد سأل علیا ً رضي هللا عنه
عن هذه المسألة غیر أبي جحیفة أیضاً.
صلّى هللاثم الظاهر أن المسؤول عنه هو ما یتعلق باألحكام الشرعیة من الوحي الشامل لكتاب هللا المعجز وسنة النبي َ
سلّم فإن هللا تعالى سماها وحیا ً إذ فسّر قوله تعالى{ :وما ینطق عن الهوى} بما هو أع ّم من القرآن . علَ ْی ِه َو َ
َ
ي رضي هللا عنه من الجفر وغیره وقد ویدل علیه قوله" :وما في هذه الصحیفة؟" فال یلزم منه نفي ما نسب إلى عل ّ
یقال :إن هذا داخل تحت قوله" :إال فهم یعطیه هللا تعالى رجالً في القرآن
ونور بصیرته أنه یستنبط ذلك من القرآن. فإنه كما نسب إلى كثیر ممن فتح هللا علیه بأنواع العلوم ّ
والحدیث قد اشتمل على مسائل:
األولى :العقل وهو الدیة ویأتي تحقیقها .
والثانیة :فكاك األسیر ،أي حكم تخلیص األسیر من ید العدو ،وقد ورد الترغیب في ذلك.
والثالثة :عدم قتل المسلم بالكافر قوداً وإلى هذا ذهب الجماهیر وأنه ال یقتل ذو عهد في عهده ،فذو العهد الرجل من
محرم على المسلم حتى یرجع إلى مأمنه . ّ أهل دار الحرب یدخل علینا بأمان فإن قتله
فلو قتله مسلم فقالت الحنفیة :یقتل المسلم بالذمي إذا قتله بغیر استحقاق وال یقتل بالمستأمن.
واحتجوا بقوله في الحدیث" :وال ذو عهد في عهده" فإنه معطوف على قوله :مؤمن فال بد من تقیید في الثاني كما في
الطرف األول فیقدر :وال ذو عهد في عهده بكافر وال بد من تقیید الكافر في المعطوف بلفظ الحربي ألن الذمي یقتل
بالذمي ویقتل بالمسلم.
وإذا كان التقیید ال بد منه في المعطوف وهو مطابق للمعطوف علیه فال بد من تقدیر مثل ذلك في المعطوف علیه .
فیكون التقدیر :وال یقتل مؤمن بكافر حربي ومفهوم حربي أنه یقتل بالذمي بدلیل مفهوم المخالفة وإن كانت الحنفیة ال
إن الحدیث یدل على أنه ال یقتل بالحربي صریحا ً . تعمل بالمفهوم فهم یقولون ّ
وأ ّما قتله بالذمي فبعموم قوله تعالى{ :النفس بالنفس} ولما أخرجه البیهقي من :أنه صلى هللا علیه وآله وسلم قتل مسلما ً
بمعاهد وقال" :أنا أكرم من وفى بذ ّمته" وهو حدیث مرسل من حدیث عبد الرحمن بن البیلماني وقد روي مرفوعاً.
قال البیهقي :وهو خطأ ،وقال الدارقطني :ابن البیلماني ضعیف ال تقوم به حجة إذا وصل الحدیث فكیف بما یرسله؟ .
وقال أبو عبید القاسم بن سالم :هذا الحدیث لیس بمسند وال یجعل مثله إماما ً تسفك به دماء المسلمین.
وذكر الشافعي في األم :إن حدیث ابن البیلماني كان في قصة المستأمن الذي قتله عمرو بن الضمیري قال :فعلى هذا
لو ثبت لكان منسوخا ً ألن حدیث" :ال یقتل مسلم بكافر" خطب به النبي صلى هللا علیه وآله وسلم یوم الفتح كما في روایة
عمرو بن شعیب وقصة عمرو بن أمیة متقدمة قبلذلك بزمان .
هذا وأما ما ذكرته الحنفیة من التقدیر فقد أجیب عنه بأنه ال یجب التقدیر ألن قوله" :وال ذو عهد في عهده" كالم تام فال
یحتاج إلى إضمار ألن اإلضمار خالف األصل فال یصار إلیه إال لضرورة فیكون نهیا ً عن قتل المعاهد .
وقولهم :إن قتل المعاهد معلوم وإال لم یكن للعهد فائدة فال حاجة إلى اإلخبار به.
جوابه :أنه محتاج إلى ذلك إذ ال یعرف إال بطریق الشارع وإال فإن ظاهر العمومات یقضي بجواز قتله ولو سلم تقدیر
الكافر في الثاني فال یسلم استلزام تخصیص األول بالحربي ألن مقتضى العطف مطلق االشتراك ال االشتراك من كل
وجه .
ومعنى قوله" :ویسعى بذمتهم أدناهم" أنه إذا أمن المسلم حربیا ً كان أمانه أمانا ً من جمیع المسلمین ولو كان ذلك المسلم
امرأة كما في قصة أم هانىء ویشترط كون المؤمن مكلفا ً فإنه یكون أمانا ً من الجمیع فال یجوز نكث ذلك وقوله" :وهم
ید على من سواهم" أي هم مجتمعون على أعدائهم ال یحل لهم التخاذل بل یعین بعضهم بعضا ً على جمیع من عاداهم
من أهل الملل كأنه جعل أیدیهم یداً واحدة وفعلهم فعالً واحداً.
سأَلُو َهاَ :م ْن َ
صنَ َع بِكِ هذَا؟ فُال ٌن ع ْنهُ" :أَ َّن جاریةً َو ِج َد َرأسُ َها قَ ْد ُرضَّ بَیْنَ َح َج َری ِْن فَ َ َّللاُ تَعَالَى َ بن َمالِكٍ َرضي َّ ع ْن أَ ْن ٍس ِ َو َ
سلّم أَ ْن ی َُرضَّ َرأسُهُعلَ ْی ِه َو َ صلّى هللا َ ي فَأَقَ َّر ،فَأ َ َم َر َرسُو ُل َّ ِ
َّللا َ ْ ُ
فال ٌن؟ َحتى ذَك َُروا یَ ُهودیّا ً فَأ َ ْو َمأَتْ بَرأ ِس َها ،فَأخِ ذَ الیَ ُهو ِد ُّ
علَ ْی ِه َواللّ ْفظُ ل ُمس ٍْلم. َبیْنَ َح َجری ِْن" ُمتّفَ ٌق َ
صنَ َع بِكِ هذَا؟ فُال ٌنسأَلُوهَاَ :م ْن َ ع ْنهُ" :أَ َّن جاریةً َو ِج َد َرأسُ َها قَ ْد ُرضَّ بَیْنَ َح َج َری ِْن فَ َ َّللا َ
بن َمالِكٍ َرضي َّ ُ ع ْن أَ ْن ٍس ِ (و َ َ
سلّم أَ ْن ی َُرضَّ َرأسُهُ و
َ َ َهِ یْ َ لع هللا ى ّ لص َ ِ َّللا
َّ ُ
ل وس
ُ ر ر م
َ َ َ َ أَ ف ،رَّ َ قَ أ َ ف ي دِ
ُ ُّ و ه ی
َ الْ َ ذ خِ ُ أَ ف ا، ه
َ س
ِ رأ ب
َ تَْ أ م و
ْ َ َ أ َ ف ً ای
ّ ود ه
ُ ی
َ وا َرُ كَ ذ تى حَ ؟ نٌ فال
علَ ْی ِه َواللّ ْفظُ ل ُمس ٍْلم). َ ٌ
ق َ فّ ت م
َبیْنَ َح َج ِ ُ
" ْنی ر
الحدیث دلیل على أنه یجب القصاص بالمثل كالمحدّد وأنه یقتل الرجل بالمرأة وأنه یقتل بما قتل به فهذه ثالث مسائل:
األولى :وجوب القصاص بالمثقل وإلیه ذهب الهادویة و الشافعي ومالك ومحمد بن الحسن عمالً بهذا الحدیث والمعنى
المناسب ظاهر قوي وهو صیانة الدماء من اإلهدار.
وألن القتل بالمثل كالقتل بالمحدّد في إزهاق الروح .
وذهب أبو حنیفة والشعبي والنخعي إلى أنه ال قصاص في القتل بالمثل واحتجوا بما أخرجه البیهقي من حدیث النعمان
بن بشیر مرفوعاً" :كل شيء خطأ إال السیف ولكل خطأ أرش" وفي لفظ" :كل شيء سوى الحدیدة خطأ ولكل خطأ
أرش.
وأجیب بأن الحدیث مداره على جابر الجعفي وقیس بن الربیعة وال یحتج بهما فال یقاوم حدیث أنس هذا.
وجواب الحنفیة عن حدیث أنس بأنه حصل في الرض الجرح أو بأن الیهودي كان عادته قتل الصبیان فهو من الساعین
في األرض فساداً :تكلف .
وأما إذا كان القتل بآلة ال یقصد بمثلها القتل غالبا ً كالعصا والسوط واللطمة ونحو ذلك فعند الهادویة و اللیث ومالك یجب
فیها القود .
وقال الشافعي وأبو حنیفة وجماهیر العلماء من الصحابة والتابعین ومن بعدهم :ال قصاص فیه وهو شبه العمد وفیه الدیة
مائة من اإلبل مغلظة فیها أربعون خلفة في بطونها أوالدها لما أخرجه أحمد وأهل السنن إال الترمذي من حدیث عبد
هللا بن عمرو أن رسول هللا صلى هللا علیه وآله وسلم قال" :أال وإن في قتل الخطإ شبه العمد ما كان بالسوط والعصا
مائة من اإلبل فیها أربعون في بطونها أوالدها.
قال ابن كثیر في اإلرشاد :في إسناده اختالف كثیر لیس هذا موضع بسطه .
قلت :إذا صح الحدیث فقد اتضح الوجه وإال فاألصل عدم اعتبار اآللة في إزهاق الروح بل ما أزهق الروح أوجب
القصاص .
المسألة الثانیة :قتل الرجل بالمرأة وفیه خالف ذهب إلى قتله بها أكثر أهل العلم وحكى ابن المنذر اإلجماع على ذلك
لهذا الحدیث ،وعن الحسن البصري أنه ال یقتل الرجل باألنثى وكأنه یستدل بقوله تعالى{ :األنثى باألنثى}.
ور َّد بأنه ثبت في كتاب عمرو بن حزم الذي تلقاه الناس بالقبول أن الذكر یقتل باألنثى فهو أقوى من مفهوم اآلیة:
وذهبت الهادویة إلى أن الرجل یقاد بالمرأة ویوفى ورثته نصف دیته قالوا لتفاوتهما في الدیة وألنه تعالى قال{ :والجروح
قصاص}.
ور َّد بأن التفاوت في الدیة ال یوجب التفاوت في النفس ولذا یقتل عبد قیمته ألف بعبد قیمته عشرون وقد وقعت المساواة
في القصاص ألن المراد بالمساواة في الجروح أن ال یزید المقتص على ما وقع فیه من الجرح .
المسألة الثالثة :أن یكون القود بمثل ما قتل به وإلى هذا ذهب الجمهور وهو الذي یستفاد من قوله تعالى{ :وإن عاقبتم
فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به} وقوله{ :فاعتدوا علیه بمثل ما اعتدى علیكم} وبما أخرجه البیهقي من حدیث البراء عنه
سلّم" :من غرض غرضنا له ومن حرق حرقناه ومن غرق غرقناه" أي من اتخذه غرضا ً للسهام. علَ ْی ِه َو َ صلّى هللا َ َ
وهذا یقید بما إذا كان السبب الذي قتل به یجوز فعله .
وأما إذا كان ال یجوز فعله كمن قتل بالسحر فإنه ال یقتل به ألنه محرم وفیه خالف ،قال بعض الشافعیة :إذا قتل باللواط
أو بإیجار الخمر أنه یدس فیه خشبة ویوجر الخل وقیل یسقط اعتبار المماثلة .
وذهب الهادویة والكوفیون و أبو حنیفة وأصحابه إلى أنه ال یكون االقتصاص إال بالسیف واحتجوا بما أخرجه البزار
سلّم أنه قال" :ال قود إال بالسیف" إال أنه ضعیف قال ابن عدي: علَ ْی ِه َو َ صلّى هللا َ و ابن عدي من حدیث أبي بكرة عنه َ
طرقه كلها ضعیفة.
سلّم" :إذا قتلتم فأحسنوا القتلة". علَ ْی ِه َو َ صلّى هللا َ واحتجوا بالنهي عن المثلة وبقوله َ
وأجیب بأنه مخصص بما ذكر .
وفي قوله" :فأقر" دلیل على أنه یكفي اإلقرار مرة واحدة إذ ال دلیل على أنه كرر اإلقرار.
علَ ْی ِهصلّى هللا َ ي َ َاس أَ ْغ ِن َیا َء فَأَت َْوا النب َّ الم ألن ٍ ط َع أُذُنَ غُ ٍ َاس فُقَ َرا َء قَ َ ع ْنهُ :أَ َّن غُالما ً ألن ٍ َّللا َ ضي َّ ُ صی ٍْن َر ِ ع ْن ِع ْم َرانَ ب ِْن ُح َ َو َ
صحیحٍ . شیْئاً" َر َواهُ أَ ْح َم ُد والثَّالثةُ بإ ْسنَا ٍد َ سلّم فَلَ ْم یَ ْجعَلْ لَ ُه ْم َ َو َ
علَ ْی ِهصلّى هللا َ ي َ َاس أَ ْغنِ َیا َء فَأَت َْوا النب َّ الم ألن ٍ ُ
ط َع أذُنَ غُ ٍ َاس فُقَ َرا َء قَ َ ُ
ع ْنهُ :أَ َّن غُالما ً ِألن ٍ َّللا َ ضي َّ ُ صی ٍْن َر ِ ع ْن ِع ْم َرانَ ب ِْن ُح َ (و َ َ
حیح)
َ ٍ ص د
ٍ َا ن س
ْ بإ ُ ة الث َّ ثوال د
ُ م ح
َ َ ُ ْ َ َ أ ها و ر "ً ا ْئ ی شَ م هَ ل لْ
ْ َ ْ َ ُْ ع ج ی م َ لَ ف م ّ لس َو َ
الحدیث فیه دلیل على أنه ال غرامة على الفقیر إال أنه قال البیهقي :إن كان المراد بالغالم فیه المملوك فإجماع أهل العلم
أن جنایة العبد في رقبته .
فهو یدل وهللا أعلم أن جنایته كانت خطأ وأن النبي صلى هللا علیه وآله وسلم إنما لم یجعل علیه شیئا ً ألنه التزم أرش
جنایته فأعطاه من عنده متبرعا ً بذلك .
حراً وكانت الجنایة خطأ وكانت عاقلته فقراء فلم یجعل علیهم شیئا ً إما لفقرهم وقد حمله الخطابي على أن الجاني كان ّ
وإما ألنه ال یعقلون الجنایة الواقعة على العبد إن كان المجني علیه مملوكا ً ــــ كما قال البیهقي .
حراً غیر بالغ وكانت جنایته عمداً فلم یجعل علیه في الحال أو رآه على عاقلته فوجدهم فقراء وقد یكون الجاني غالما ً ّ
فلم یجعله علیه لكون جنایته في حكم الخطإ وال علیهم لكونهم فقراء وهللا أعلم انتهى .
وقوله" :ولم یجعل أرشها على عاقلته" هذا مذهب الشافعي أن عمد الصغیر یكون في ماله وال تحمله العاقلة وقوله" :أو
رآه على عاقلته" یعني مع احتمال أنه خطأ وهذا اتفاق ،ومع احتمال أنه عمد كما ذهب إلیه الهادویة و أبو حنیفة ومالك.
صلّى طعَنَ َر ُجالً بِقَ ْر ٍن في ُر ْكبَتِ ِه فَ َجا َء إلى النّبي َ ع ْن ُه َما أَ َّن َر ُجالً َ ع ْن َج ّدِه َرضي هللا َ ع ْن أَبِی ِه َ ب َ ع ْمرو ب ِْن شُع ْی ٍ ع ْن َ َو َ
ع َر ْجتُ ، َّللا َ َ َ َ َ َ
سلم فَقَا َل أقِدْني ،فَقَالََ " :حتى تَب َْرأ" ث َّم َجا َء إل ْی ِه فَقَالَ :أقِدْني فَأقاده ث َّم َجا َء إل ْی ِه فَقَالَ :یَا َرسُو َل َّ ِ َ ّ عل ْی ِه َو َ َ هللا َ
ح َحتى أن یُقتَصَّ مِ ْن ُج ْر ٍ ْ سلم ْ ّ علَ ْی ِه َو َ صلى هللا َ ّ ع َرجُكَ " ث َّم نَ َهى َرسُو ُل َّ ِ
َّللا َ ط َل َ َّللا َوبَ َ
ص ْیتَني فأ ْبعَدَكَ َّ ُ َ فَقَالَ" :قَ ْد نَ َهیْتكَ فَعَ َ
باإلرسا ِل . ْ ُ
َّارقُطني َوأعِل ْ صاحِ بُهَُ .ر َواهُ أَ ْح َم ُد والد َ یَب َْرأَ َ
سلّم فَقَا َل صلّى هللا َ
علَ ْی ِه َو َ طعَنَ َر ُجالً بِقَ ْر ٍن في ُر ْكبَتِ ِه فَ َجا َء إلى النّبي َ ع ْن َج ّدِه أَ َّن َر ُجالً َ ع ْن أَبِی ِه َ ب َ ع ْمرو ب ِْن شُع ْی ٍ ع ْن َ َو َ
ص ْیتَني ع َر ْجتُ ،فَقَالَ" :قَ ْد نَ َهیْتكَ فَعَ َ أَقِدْني ،فَقَالََ " :حتى تَب َْرأ" ث َّم َجا َء إلَ ْی ِه فَقَالَ :أقِدْني فَأقاده ث َّم َجا َء إلَ ْی ِه فَقَالَ :یَا َرسُو َل َّ ِ
َّللا َ َ َ َ
صاحِ بُهَُ .ر َواهُ أَ ْح َم ُد ح َحتى یَب َْرأَ َ أن یُ ْقتَصَّ مِ ْن ُج ْر ٍ سلّم ْ صلّى هللا َ
علَ ْی ِه َو َ َّللا َ ع َرجُكَ " ث َّم نَ َهى َرسُو ُل َّ ِ ط َل َ فأ َ ْب َعدَكَ َّ ُ
َّللا َوبَ َ
باإلرسا ِل . ْ ُ
طني َوأعِل َّارقُ ْ والد َ
بناء على أن شعیبا ً لم یدرك جده وقد دفع بأنه ثبت لقاء شعیب لجده وفي معناه أحادیث تزیده قوة.
سِرایة. وهو دلیل على أنه ال یقتص من الجراحات حتى یحصل البرء من ذلك وتؤمن ال ّ
قال الشافعي :إن االنتظار مندوب بدلیل تمكینه صلى هللا علیه وآله وسلم من االقتصاص قبل االندمال.
سلّم صلّى هللا َ
علَ ْی ِه َو َ وذهب الهادویة وغیرهم إلى أنه واجب وإذنه صلى هللا علیه وآله وسلم باالقتصاص كان قبل علمه َ
بما یؤول إلیه من المفسدة .
ص ُموا إلى َان مِ ْن هُذَ ْی ٍل فَ َر َمتْ إحْداهُ َما األ ْخ َرى ب َح َج ٍر فَقَتَلَتْ َها َو َما في بَ ْ
طنِ َها .فا ْختَ َ ع ْن أَبي ه َُری َْرةَ قالَ :ا ْقتَتَلتْ ا ْم َرأَت ِ َو َ
َ
ع ْب ٌد أ ْو َولی َدةٌَ ،وقضى بِ ِدیَ ِة َ
أن دیَة َجنِینِ َها غُ َّرة ٌ َ سلم َّ ّ علَ ْی ِه َو َ
صلى هللا َ ّ سلم فَقَضى َرسُو ُل َّ ِ
َّللا َ ّ علَ ْی ِه َو َ
صلى هللا َ ّ َّللا ََرسُو ِل َّ ِ
َرب َوال َیف یُ ْغ َر ُم َم ْن ال ش َ َّللا ك َي :یَا رسو َل َّ ِ ْ
عاقِلَتِ َها َو َو َّرث َها َولَ َدهَا َو َم ْن َم َع ُه ْم ،فَقَا َل حمل ْب ُن النّابغ ِة ال ُهذَل ُّ على َ ْال َم ْرأَةِ َ
ان" مِ ْن أَجْل سلّم" :إنّ َما هذا مِ ْن إ ْخ َو ِ
ان الكُ ّه ِ علَ ْی ِه َو َ صلّى هللا َ ط ُّل فَقَا َل َرسُو ُل َّ ِ
َّللا َ طقَ وال ا ْستَ َهلَّ؟ فَمِ ثْ ُل ذلك یُ َ أَ َك َل َوال نَ َ
سو ِل ش ِهد قَ َ
ضا َء َر ُ سأ َ َل َم ْن َ ع َم َر َ ّاس" :أَ َّن ُ عب ٍث اب ِْن َ سائي مِ ْن َحدی ٍ علَ ْیهَِ ،وأَ ْخ َر َجهُ أَبُو د َُاو َد والن َ س َج َعُ ،متّفَ ٌق َ س ْج ِع ِه الذي َ َ
ْ
ض َربَتْ إحْداهُ َما األخ َرى" َ َ ْ ُ َ َ
ام َح َم ُل بن النابِغَ ِة فقالَ :كنتُ بَیْنَ یَدي ا ْم َرأتَ ْی ِن ف َ ّ َ َ
ِین؟ قالَ :فق َ سلم في ال َجن ِ ّ َ
عل ْی ِه َو َ صلى هللا َ ّ َّ ِ
َّللا َ
ص ّح َحهُ ا ْب ُن حِ بّانَ والحا ِك ُم . صرا َو َ ً فَذَك ََرهُ ُم ْختَ َ
(وعن أبي هریرة رضي هللا عنه قال :اقتتلت امرأتان من هذیل فرمت إحداهما األخرى بحجر فقتلتها وما في بطنها
فاختصموا إلى رسول هللا صلى هللا علیه وآله وسلم فقضى رسول هللا صلى هللا علیه وعلى آله وسلم" :أَ َّن ِدیّةَ َجنینها
ع ْب ٌد أَ ْو ولِی َدةٌ) هما بدل من غرة وأو للتقسیم ال للشك (وقضى بدیة المرأة غُ َّرةٌ) بضم الغین المعجمة وتشدید الراء منون ( َ
على عاقلتها وورثها ولدها من معهم).
سلّم أن میراثها لبنیها علَ ْی ِه َو َصلّى هللا َ في سنن أبي داود أن المرأة التي قضى علیها بالغرة توفیت فقضى رسول هللا َ
والعقل على عصبتها ،ومثله في مسلم فضمیر "ورثها" یعود إلى القاتلة وقیل :یعود إلى المقتولة وذلك أن عاقلتها قالوا:
إن میراثها لنا فقال :ال فقضى بدیتها لزوجها وولدها .
(فقال حمل) بفتح الحاء المهملة وفتح المیم (ابن النابغة) بالنون بعد األلف موحدة فغین معجمة وهو زوج المرأة القاتلة:
(الهذلي :یا رسول هللا كیف یغرم من ال شرب وال أكل وال نطق وال استهل) االستهالل رفع الصوت یرید أنه لم تعلم
ط ُّل ) بالمثناة التحتیة مضمومة وتشدید الالم على أنه مضارع مجهول من طل حیاته بصوت نطق أو بكاء (فمثل ذلك یُ َ
ومعناه یهدر ویلغى وال یضمن .
ویروى بالموحدة وتخفیف الالم على أنه ماض من البطالن (فقال رسول هللا صلى هللا تعالى علیه وآله وسلم" :إنّ َما هذَا)
ان" من أجل سجعه الذي سجع .متفق علیه). ان ْالكُ ّه ِإخو ِ أي هذا القائل (مِ ْن َ
وفي الحدیث مسائل:
الغرة مطلقا ً سواء انفصل عن أمه وخرج میتا ً أو األولى :فیه دلیل على أن الجنین إذا مات بسبب الجنایة وجبت فیه ّ
مات في بطنها .فأما إذا خرج حیا ً ثم مات ففیه الدیة كاملة ولكنه ال بد أن یعلم أنه جنین بأن تخرج منه ید أو رجل وإال
فاألصل براءة الذمة وعدم وجوب الغرة وقد فسر الغرة في الحدیث بعبد أو ولیدة وهي األمة.
ي :الغرة خمسمائة درهم ،وعند أبي داود والنسائي من حدیث بریدة مائة شاة وقیل خمس من اإلبل إذ هي قال الشعب ُّ
األصل في الدیّات وهذا في جنین الحرة وأما جنین األمة فقیل :یخصص بالقیاس على دیتها فكما أن الواجب قیمتها في
ضمانها فیكون الواجب في جنینها األرش منسوبا ً إلى القیمة .
وقیاسه على جنین الحرة فإن الالزم فیه نصف عشر الدیة فیكون الالزم فیه نصف عشر قیمتها.
الثانیة :قوله" :وقضى بدیة المرأة على عاقلتها" یدل على أنه یجب القصاص في مثل هذا وهو من أدلة من یثبت شبه
العمد وهو الحق ،فإن ذلك القتل كان بحجر صغیر أو عود صغیر ال یقصد به القتل بحسب األغلب فتجب فیه الدیة على
العاقلة وال قصاص فیه.
والحنفیة تجعله من أدلة عدم وجوب القصاص بالمثقل .
الثالثة :في قوله :على عاقلتها دلیل على أنها تجب الدیة على العاقلة ،والعاقلة هم العصبة وقد فسرت بمن عدا الولد
وذوي األرحام كما أخرجه البیهقي من حدیث أسامة بن عمیر فقال أبوها:
سلّم فقال" :الدیة على العصبة وفي الجنین غزة" ولهذا بوب علَ ْی ِه َو َ صلّى هللا َ إنما یعقلها بنوها فاختصموا إلى رسول هللا َ
البخاري" :باب جنین المرأة وأن العقل على الوالد وعصبة الوالد ال على الولد.
قال الشافعي :ال أعلم خالفا ً في أن العاقلة العصبة وهم القرابة من قبل األب وفسر باألقرب فاألقرب من عصبة الذكر
الحر المكلف وفي ذلك خالف یأتي في القسامة.
وظاهر الحدیث وجوب الدیة على العاقلة وبه قال الجمهور .
وخالف جماعة في وجوبها علیهم فقالوا :ال یعقل أحد عن أحد مستدلین بما عند أحمد وأبي داود والنسائي والحاكم" :أن
سلّم :من هذا؟ قال :ابني فقال له النبي صلى هللا علَ ْی ِه َو َصلّى هللا َ سلّم فقال له النبي َ علَ ْی ِه َو َ صلّى هللا َ رجالً أتى إلى النبي َ
علیه وآله وسلم :إنه ال یجني علیك وال تجني علیه" وعند أحمد وأبي داود والترمذي من حدیث عمرو بن األحوص أنه
صلى هللا علیه وآله وسلم قال" :ال یجني جان إال على نفسه وال یجني جان على ولده.
وجمع بینهما وبین وجوب الدیة على العاقلة بأن المراد به الجزاء األخروي أي ال یجني علیه جنایة یعاقب بها في
اآلخرة وعلى القول بأن الوالد والولد لیسا من العاقلة كما قاله الخطابي فال یتم به االستدالل .
سلّم" :إنما هو من إخوان الكهان من أجل سجعه الذي سجع" یظهر أن قوله من أجل علَ ْی ِه َو َ صلّى هللا َ الرابعة :قوله َ
سجعه مدرج فهمه الراوي ففیه دلیل على كراهة السجع قال العلماء :إنما كرهه من هذا الشخص لوجهین أحدهما :أنه
عارض به حكم الشرع ورام إبطاله .
الثاني :أنه تكلفه في مخاطبته وهذان الوجهان من السجع مذمومان .
وأما السجع الذي ورد منه صلى هللا علیه وآله وسلم في بعض األوقات وهو كثیر في الحدیث فلیس من هذا ألنه ال
یعارض حكم الشرع وال یتكلفه فال نهي عنه .
صلّى هللا (وأخرجه أبو داود والنسائي من حدیث ابن عباس رضي هللا عنه أن عمر سأل :من شهد قضاء رسول هللا َ
َي امرأتین فضربت سلّم في الجنین؟ قال :فقام حمل بن النابغة) المذكور في الحدیث الذي قبله( :فقال :كنت بین یَد ْ علَ ْی ِه َو َ
َ
إحداهما األخرى فذكره مختصرا وصححه ابن حبان والحاكم) ً
وأخرجه أبو داود بلفظ" :أن عمر سأل الناس عن إمالص المرأة فقال المغیرة :شهدت رسول هللا صلى هللا علیه وآله
وسلم قضى فیها بغرة عبد أو أمة فقال :ائتني بمن یشهد معك قال :فأتاه محمد بن مسلمة فشهد له
ي إمالصا ً ألن المرأة تزلقه قبل وقت الوالدة وكذلك كل ما زلق س ِ ّم َ ثم قال أبو داود :قال أبو عبید :إمالص المرأة إنما ُ
من الید وغیرها فقد ملص انتهى .
وال بد من أن یعلم أن الجنین قد تخلق وجرى فیه الروح لیتصف بأنه قتلته الجنایة ،والشافعیة فسروه بما ظهر فیه
صورة اآلدمي من ید وأصبع وغیرهما .فإن لم تظهر فیه الصورة ویشهد أهل الخبرة بأن ذلك أصل اآلدمي فحكمه
كذلك إذا كانت الصورة خفیة.
ُ
وإن شك أهل الخبرة لم یجب فیه شيء اتفاقاً .وفیه دلیل على أن في الجنین غرة ذكراً كان أو أنثى إلطالق الحدیث .
ش فَأَبَ ْوا ،فَأَت َْوا طلَبوا إلَ ْی َها ْال َع ْف َو فأ َبَ ْوا فَ َع َرضوا ْ
األر َ س َرتْ ثَنِیّةَ َجاریَ ٍة فَ َ ع ّمتَهُ ــــ َك َ الربَیِّ َع بِ ْنتَ النّضر ــــ َ ع ْن أَن ٍَس أَ َّن ُّ َو َ
َس ْب ُن النّضر: بالقِصاص ،فَقَا َل أَن ُ سلّم ْ علَ ْی ِه َو َصلّى هللا َ َّلل َ اص ،فَأ َ َم َر َرسُ ُ
وال َّ ِ ص َ سلّم فَأَبَ ْوا إال ْال ِق َ علَ ْی ِه َو َ صلّى هللا َ َرسُو َل َّ ِ
َّللا َ
َس سلّمَ " :یا أَن ُ علَ ْی ِه َو َصلّى هللا َ س ُر ثَ ِنیّت ُ َها ،فَقَا َل رسول َّ ِ
َّللا َ ق ال ت ُ ْك َ الر َب ِیّ ِع؟ ال ،والّذِي َب َعثَكَ بال َح ّ ِ س ُر ثَ ِنیّةُ َُّّللا أَت ُ ْك َ
سو َل َّ ِ َیا َر ُ
على َّ ِ
َّللا س َم َ َّللا َم ْن لَ ْو أَ ْق َ سلّمَّ :
"إن مِ ْن ِعبَا ِد َّ ِ صلّى هللا َ
علَ ْی ِه َو َ َّللا َ ضي ْالقَ ْو ُم فَعَف َْوا ،فَقَا َل َرسُو ُل َّ ِ اص" فَ َر ِ
ص ُ َّللا ْال ِق َِكتَابُ َّ ِ
يِ. ْ ُ ْ ّ
عل ْی ِه واللفظ للبُخَار ّ َ ألَبَ َّرهُ" متفَ ٌق َ
ّ
الر َب ِیّ َع) بضم الراء والباء الموحدة المفتوحة فمثناة تحتیة مشدّدة مكسورة أخت أنس ( ِب ْنتَ (وعن أنس رضي هللا عنه أن ُّ
معوذ ووقع في سنن البیهقي بنت معوذ قال المصنف :إنه ع ْمتَهُ) أي عمة أنس بن مالك وهي غیر الربیع بنت ّ ضر َ النّ ِ
غلط (كسرت ثنیة جاریة) أي شابة من األنصار كما في روایة (فطلبوا) أي قرابة الربیع (إلیها) أي إلى الجاریة (العفو
فأبوا فعرضوا األرش فأبوا فأتوا رسول هللا صلى هللا علیه وآله وسلم فأبوا إال القصاص فأمر رسول هللا صلى هللا علیه
َكسر ثَنِیّةُ الربیع؟ ال؛ والذي بعثك بالحق ال تكسر ثَنِیّتُها فقال وآله وسلم بالقصاص فقال أنس بن النضر :یا رسول هللا أت ُ
اص" فرضي القوم فعفوا فقال رسول هللا صلى هللا علیه ص ُ َّللا ْال ِق ََس ِكتَابُ َّ ِ رسول هللا صلى هللا علیه وآله وسلم" :یّا أَن ُ
َّللا ألبَ َّرهُ" متف ٌق علیه واللفظ للبخاري) على َّ ِ س َم َ َّللا َم ْن لَ ْو أَ ْق َ
"إن مِ ْن ِعبَا ِد َّ ِ وآله وسلمَّ :
فیه مسائل:
األولى :أن فیه دلیال على وجوب االقتصاص في السن بأن كانت بكمالها فهو مأخوذ من قوله تعالى{ :والسن بالسن}
وقد ثبت على قلع السن بالسن في العمد وأما كسر السن فقد دل هذا الحدیث على القصاص فیه أیضا ً .
قال العلماء :وذلك إذا عرفت المماثلة وأمكن ذلك من دون سرایة إلى غیر الواجب قال أبو داود :قلت ألحمد ــــ یرید
ي ِ علیه وقال بعضهم: أحمد بن حنبل ــــ :كیف في السن؟ قال تبرد أي یبرد من سن الجاني بقدر ما كسر من سن المجن ّ
إن الحدیث محمول على القلع وأنه أراد بقوله كسرت :قلعت وهو بعید .
وأما العظم غیر السن فقد قام اإلجماع على أنه ال قصاص في العظم الذي یخاف منه ذهاب النفس إذا لم تتأت فیه
المماثلة بأن ال یوقف على قدر الذاهب .
وقال اللیث والشافعي والحنفیة :ال قصاص في العظم غیر السن ألن دون العظم حائالً من جلد ولحم وعصب فیتعذر
معه المماثلة فلو أمكنت لحكمنا بالقصاص ولكن ال نصل إلى العظم حتى ننال ما دونه مما ال یعرف قدره .
الثانیة :قوله" :أتكسر ثنیة الربیع" ظاهر االستفهام اإلنكار وقد تُؤ ّ ُِو َل بأنه لم یرد به الحكم والمعارضة وإنما أراد به أن
سلّم بالقسم. علَ ْی ِه َو َ صلّى هللا َ سلّم طلب الشفاعة منهم وأكد طلبه من النبي َ علَ ْی ِه َو َ صلّى هللا َ یؤكد للنبي َ
وقیل :بل قاله قبل أن یعلم أن القصاص حتم وظن أنه یخیر بینه وبین الدیة أو العفو.
ویرشد إلیه قوله في جوابه" :یا أنس كتاب هللا القصاص" وقیل :إنه لم یرد اإلنكار بل قاله توقعا ً ورجاء من فضل هللا
أن یلهم الخصوم الرضا حتى یعفوا أو یقبلوا األرش وقد وقع األمر على ما أراد .
سلّم على الحلف دلیل على أنه یجوز الحلف فیما یظن وقوعه . صلّى هللا َ
علَ ْی ِه َو َ وفي إلهامهم العفو وفي تقریره َ
سلّم" :كتاب هللا القصاص" المشهور الرفع على أنه مبتدأ وخبر .ویجوز النصب في األول علَ ْی ِه َو َصلّى هللا َ الثالثة :قوله َ
على المصدر وفعله محذوف أي كتب كتاب هللا وفي الثاني على أنه مفعول للكتاب أو للفعل المقدر ویحتمل وجوها ً
أخر.
قیل أراد بالكتاب الحكم أي حكم هللا القصاص وقیل :أشار إلى قوله تعالى{ :والجروح قصاص} أو إلى {فعاقبوا بمثل ما
عوقبتم به} أو إلى {والسن بالسن}.
سلّم بوقوع مثل علَ ْی ِه َو َصلّى هللا َ سلّم" :إن من عباد هللا من لو أقسم ــــ إلى آخره" تعجب منه َ علَ ْی ِه َو َصلّى هللا َ وفي قوله َ
هذا من حلف أنس على نفي فعل الغیر وإصرار الغیر على إیقاع ذلك الفعل .
فبر قسم أنس ،وأن هذا االتفاق وقع إكراما ً وكأن قضیة العادة في ذلك أن یحنث في یمینه فألهم هللا تعالى الغیر العفو ّ
لیبر في یمینه وأنه من جملة عباد هللا الذین یعطیهم هللا تعالى أربهم ویجیب دعاءهم وفیه جواز من هللا تعالى ألنس ّ
الثناء على من وقع له مثل ذلك عند أمن الفتنة علیه .
س ْوطٍسلّمَ " :م ْن قُتِ َل في ِع ِ ّمیّا أَ ْو ِر ِ ّمیّا ً بح َجر أَ ْو َ صلّى هللا َ
علَ ْی ِه َو َ ع ْن ُه َما قالَ :قا َل رسو ُل هللا َ رضي هللا َ َ ّاس
عب ٍ ع ْن ِ
ابن َ َو َ
سائي وا ْب ُن َما َجهْ ّ َ ْ
َّللاِ" أخ َر َجهُ أبُو د َُاو َد والن َ َ ُ َ َ َ ً
ع ْمدا فَ ُه َو ق َودٌَ ،و َم ْن َحا َل دُونَهُ فَعَل ْی ِهل ْعنَة َّ ُ
عق ُل الخَطأَِ ،و َم ْن قتِ َل َ ْ ْ ُ ْ ً
عصا فَعَقلهُ َ أَ ْو َ
بإ ْسنَا ٍد قَوي .
سلّمَ " :م ْن قُتِ َل في ِع ِ ّمیّا) بكسر العین المهملة صلّى هللا َ
علَ ْی ِه َو َ ( وعن ابن عباس رضي هللا عنه قال :قال رسول هللا َ
وتشدید المیم والیاء المثناة من تحت بالقصر
ع ْق ُل ْال َخ َ
طأ و َم ْن قُ ِت َل عصا ً فَ َع ْقلُهُ َ س ْوطٍ أَ ْو َ فعیلى من العماء .قوله( :أَ ْو ر ِ ّمیّا) بزنته مصدر یراد به المبالغة ( ِب َح َج ٍر أَ ْو َ
َّللاِ" أخرجه أبو داود والنسائي وابن ماجه بإسناد قوي) ع ْمداً فَ ُه َو قَ َو ٌد و َم ْن َحا َل دونَهُ فَعلَ ْی ِه ل ْعنَهُ َّ
َ
قال في النهایة في تفسیر اللفظین :المعنى أن یوجد بینهم قتیل یعمى أمره وال یتبین قاتله فحكمه حكم قتیل الخطأ تجب
فیه الدیة وتكون على العاقلة وظاهره من غیر أیمان قسامة .وقد اختلف في ذلك:
فقالت الهادویة :إن كان الحاضرون الذین وقع بینهم القتل منحصرین لزمت القسامة وجرى فیها حكمها من األیمان
والدیة .
وإن كانوا غیر منحصرین لزمت الدیة في بیت المال .
وقال الخطابي :اختلف هل تجب الدیة في بیت المال أو ال؟ قال إسحاق بالوجوب وتوجیهه من حیث المعنى أنه مسلم
مات بفعل قوم من المسلمین فوجبت دیته في بیت مال المسلمین.
وذهب الحسن إلى أن دیته تجب على جمیع من حضر وذلك ألنه مات بفعلهم فال تتعدّاهم إلى غیرهم وقال مالك :إنه
یهدر ألنه إذا لم یوجد قاتله بعینه استحال أن یؤخذ به أحد.
َّع على من شئت واحلف فإن حلف استحق الدیة وإن نكل حلف المدّعى علیه على النفي وللشافعي قول :إنه یقال لولیه اد ِ
وسقطت المطالبة وذلك ألن الدم ال یجب إال بالطلب.
وإذا عرفت هذا االختالف وعدم المستند القوي في أي هذه األقوال وقد عرفت أن سند الحدیث قوي كما قاله المصنف:
علمت أن القول به أولى األقوال .
المسألة الثانیة :في قوله" :ومن قتل عمداً فهو قود" دلیل على أن الذي یوجبه القتل عمداً هو القود عینا ً .
وفي المسألة قوالن:
األول :أنه یجب القود عینا ً وإلیه ذهب زید بن علي وأبو حنیفة وجماعة ویدل له قوله تعالى{ :كُتب علیكم القصاص} ّ
وحدیث" :كتاب هللا القصاص.
قالوا :وأما الدیة فال تجب إال إذا رضي الجاني وال یجبر الجاني على تسلیمها.
والثاني :للهادویة وأحمد ومالك غیرهم .وقول للشافعي إنه یجب بالقتل عمداً أحد أمرین :القصاص أو الدیة لقوله صلى
هللا تعالى علیه وعلى آله وسلم :من قتل له قتیل فهو بخیر النظرین إما أن یقید وإما أن یدي" أخرجه أحمد والشیخان
وغیرهم.
وأجیب عنه بأن المراد من الحدیث أن ولي المقتول مخیر بشرط أن یرضى الجاني أن یغرم الدیة قالوا :وفي هذا التأویل
جمع بین الدلیلین .
قلنا :االقتصار في اآلیة وفي بعض األحادیث على بعض ما یجب ال یدل على أنه ال یجب غیر ما قام الدلیل على وجوبه
.
وقد أخرج أحمد وأبو داود عن أبي شریح الخزاعي قال :سمعت رسول هللا صلى هللا تعالى علیه وآله وسلم یقول" :من
أصیب بدم أو خبل ــــ والخبل الجراح ــــ فهو بالخیار بین إحدى ثالث:
إما أن یقتص أو یأخذ العقل أو یعفو .
فإن أراد الرابعة فخذوا على یدیه فإن قبل من ذلك شیئا ً ثم عدا بعد ذلك فإن له النار.
الر ُج َل َوقَتَلَهُ اآلخ َُر ُی ْقتَ ُل الذي الر ُج ُل َّسكَ َّ سلّم قالَ" :إذا أَ ْم َ صلّى هللا َ
علَ ْی ِه َو َ يِ َ ع ِن النّب ّ ع ْن ُه َما َ
َّللا َ
رضي َّ ُ
َ ع َم َرابن ُ ع ْن ِ َو َ
ي َر ّج َحانَ ،ور َجالُهُ ثَقَاتٌ .إال أَ َّن ْالبّ ْی َه ِق َّ ط ِ ص ّح َحهُ اب ُن ْالقَ ّسالًَ ،و َ صوالً َو ُم ْر َطني َم ْو ُ َّارقُ ْ
سكَ " َر َواهُ الد َ س الّذي أَ ْم َ قَتَ َل َویُ ْحبَ ُ
س َل . ْال ُم ْر َ
الر ُج َل َوقَتَلَهُ اآلخ َُر یُ ْقتَ ُل الذي الر ُج ُل َّسكَ َّ سلّم قالَ" :إذا أَ ْم َ علَ ْی ِه َو َصلّى هللا َ يِ َ ع ِن النّب ّ ع ْن ُه َما َ
َّللاُ َ
رضي َّ َ ابن عُ َم َر ع ْن ِ (و َ َ
ي َر ّج َح ْ َ َ ُ
انَ ،ور َجالهُ ثقَاتٌ .إال أ َّن البّ ْی َه ِق َّ ّ ْ
ص ّح َحهُ اب ُن القَط ِ سالَ ،و َ ً ً
صوال َو ُم ْر َ َّارقطني َم ْو ُ ْ ُ سكَ " َر َواهُ الد َ َ
س الذي أ ْم َ ّ قَتَ َل َویُ ْحبَ ُ
سلَ) ْال ُم ْر َ
قال الحافظ ابن كثیر في اإلرشاد :وهذا اإلسناد على شرط مسلم .قلت :إشارة إلى إسناد الدارقطني فإنه رواه من حدیث
سلّم" :الحدیث" صلّى هللا َ
علَ ْی ِه َو َ أبي داود الحفري عن الثوري عن إسماعیل بن أمیة عن نافع عن ابن عمر أن رسول هللا َ
ثم قال:
قال الحافظ البیهقي :ما رواه غیر أبي داود الحفري عن الثوري وغیره عن إسماعیل بن أمیة مرسالً وهذا هو الصحیح
.
والحدیث دلیل على أنه لیس على الممسك سوى حبسه ولم یذكر قدر مدته فهي راجعة إلى نظر الحاكم وأن القود أو
الدیة على القاتل وإلى هذا ذهبت الهادویة والحنفیة والشافعیة للحدیث ولقوله تعالى{ :فمن اعتدى فاعتدوا علیه بمثل ما
اعتدى علیكم}.
وذهب مالك والنخعي وابن أبي لیلى إلى أنهما یقتالن جمیعا ً إذ هما مشتركان.
وأجیب بأن النص منع اإللحاق فإن حكم ذلك حكم الحافر للبئر والمردي إلیها فإن الضمان على المردي دون الحافر
اتفاقا ً ولكن الحدیث اآلتي دلیل لألولین .
سلّم قَتَ َل ُمسْلما ً ب ُم َعا ِه ٍد َوقَالَ" :أَنَا أَ ْولى َم ْن وفى ِب ِذ ّمتِهِ" أَ ْخ َر َجهُ صلّى هللا َ
علَ ْی ِه َو َ يِ َ ي ِ أَ َّن النّب ّ
الرحْمن ب ِْن البَیْل َمان ّ ع ْب ِد َّ ع ْن َ َو َ
صو ِل َوا ٍه . ع َم َر فِی ِه َوإ ْسنَا ُد ال َم ْو ُ َّارقُطني ِب ِذ ْكر اب ِْن ُ صلَهُ الد َ سالً َو َو َ ق ُم ْر َ الر َّزا ِع ْب ُد َّ َ
(وعن عبد الرحمن بن البیلماني رضي هللا عنه) بفتح الموحدة وسكون المثناة التحتیة وفتح الالم ضعفه جماعة فال یحتج
صلّى هللا
بما انفرد به إذا وصل فكیف إذا أرسل فكیف إذا خالف ،وفیه إبراهیم بن محمد بن أبي لیلى ضعیف (أن النبي َ
سلّم قتل مسلما ً بمعاهد وقال" :أنا أَ ُولَى َم ْن وفي بِذ ّمتِهِ" أخرجه عبد الرزاق هكذا مرسالً ووصله الدارقطني بذكر علَ ْی ِه َو َ
َ
ابن عمر فیه وإسناده الموصول واه) تقدم الكالم في الحدیث قریبا ً .
صنّعَا َء لَقَت َْلت ُ ُه ْم بِهِ" أَ ْخ َر َجهُ ْالبُخَاري
ع ْن ُه َما قَالَ" :قُتِ َل غُال ٌم غِیلَةً فَقَا َل عُ َم ُر :لَو ا ْشت ََركَ فِی ِه أَ ْه ُل َ
رضي هللا ََ ع ِن اب ِْن عُ َم َرَو َ
.
(وعن ابن عمر رضي هللا عنهما قال :قتل غالم غیلة) بكسر الغین المعجمة وسكون المثناة التحتیة أي سراً( :فقال عمر
رضي هللا عنه :لو اشترك فیه أهل صنعاء لقتلتهم به .أخرجه البخاري) وأخرجه ابن أبي شیبة من وجه آخر عن نافع:
أن عمر قتل سبعة من أهل صنعاء برجل ،وأخرجه فیالموطإ بسند آخر من حدیث ابن المسیب :أن عمر قتل خمسة أو
ستة برجل قتلوه غیلة وقال :لو تماأل علیه أهل صنعاء لقتلتهم به جمیعا ً .
وللحدیث قصة أخرجها الطحاوي والبیهقي عن ابن وهب قال :حدثني جریر بن حازم أن المغیرة بن حكیم الصنعاني
حدثه عن أبیه" :أن امرأة بصنعاء غاب عنها زوجها وترك في حجرها ابنا ً له من غیرها غالما ً یقال له أصیل فاتخذت
المرأة بعد زوجها خلیالً فقالت له :إن هذا الغالم یفضحنا فاقتله فأبى فامتنعت منه فطاوعها فاجتمع على قتل الغالم
الرجل ورجل آخر والمرأة وخادمها فقتلوه ثم قطعوا أعضاءه وجعلوه في عیبة وطرحوه في ركیة في ناحیة القریة لیس
فیها ماء ــــ وذكر القصة وفیها ــــ فأخذ خلیلها فاعترف ثم اعترف الباقون فكتب یعلى وهو یومئذ أمیر شأنهم إلى عمر
رضى هللا عنه فكتب عمر بقتلهم جمیعا ً وقال :وهللا لو أن أهل صنعاء اشتركوا في قتله لقتلتهم أجمعین".
وفي هذا دلیل أن رأي عمر رضي هللا عنه أنه تقتل الجماعة بالواحد وظاهره ولو لم یباشره كل واحد ولذا قلنا إن فیه
دلیالً لقول مالك والنخعي وقول عمر :لو تماأل أي توافق دلیل على ذلك وفي قتل الجماعة بالواحد مذاهب:
األول :هذا وإلیه ذهب جماهیر فقهاء األمصار وهو مروي عن علي رضي هللا عنه وغیره وقد أخرج البخاري" :عن
علي رضي هللا عنه في رجلین شهدا على رجل بالسرقة فقطعه علي رضي هللا عنه ثم أتیاه بآخر فقاال :هذا الذي سرق
وأخطأنا على األول فلم یجز شهادتهما على اآلخر وأغرمهمادیة األول وقال :لو أعلم أنكما تعمدتما لقطعتكما" وال فرق
بین القصاص في األطراف والنفس .
والثاني :للناصر والشافعي وجماعة وروایة عن مالك أنه یختار الورثة واحداً من الجماعة وفي روایة عن مالك یقرع
بینهم فمن خرجت علیه القرعة قتل ویلزم الباقون الحصة من الدیة وحجتهم أن الكفاءة معتبرة وال تقتل الجماعة بالواحد
كما ال یقتل الحر بالعبد وأجیب بأنهم لم یقتلوا لصفة زائدة في المقتول بل ألن كل واحد منهم قاتل.
والثالث :لربیعة وداود أنه ال قصاص على الجماعة بل الدیة رعایة للمماثلة وال وجه لتخصیص بعضهم .هذه أقوال
العلماء في المسألة .
والظاهر قول داود ألنه تعالى أوجب القصاص وهو المماثلة وقد انتفت هنا ثم موجب القصاص هو الجنایة التي تزهق
الروح بها فإن زهقت بمجموع فعلهم فكل فرد لیس بقاتل فكیف یقتل عند الجمهور وإنما یصح على قول النخعي وإن
كان كل واحد قاتالً بانفراده لزم توارد المؤثرات على أثر واحد والجمهور یمنعونه على أنه ال سبیل إلى معرفة أنه مات
بفعلهم جمیعا ً أو بفعل بعضهم فإن فرض معرفتنا بأن كل جنایة قاتلة بانفرادها لم یلزم أنه مات بكل منها فال عبرة
باألسبق كما قیل .
وأما حكم عمر رضي هللا عنه ففعل صحابي ال تقوم به الحجة .ودعوى أنه إجماع غیر مقبولة وإذا لم یجب قتل الجماعة
بالواحد فإنها تلزمهم دیة واحدة ألنها عوض عن دم المقتول.
وحررنا دلیلهّ قررناه هنا ثم قوي لنا قتل الجماعة بالواحد وقیل :تلزم كل واحد ونسب قائله إلى خالف اإلجماع .هذا ما ّ
في حواشي ضوء النهار وفي ذیلنا على األبحاث المسدّدة.
سلّم" :فَ َم ْن قُتِ َل لَهُ قَتی ٌل بَ ْع َد َمقَالَتي ه ِذ ِه علَ ْی ِه َو َ
صلّى هللا َ ع ْنهُ قَالَ :قَا َل رسُو ُل ه ِ
َّللا َ َّللا َ
ي هُ ي ِ رض َ َوع َْن أَبي ش ٍ
ُریح ا ْل ُخ َزا ِع ّ
ث أَبي صلُهُ في الصحی َحی ِْن مِ ْن حَدی ِ یرتَی ِْن :إ ّما أَن یَأ ُخذُوا ا ْلعَ ْق َل أَ ْو یَ ْقتُلُوا" أَ ْخ َر َجهُ أَبُو َداو َد والنّسائيَ ،وأَ ْ فَأ َ ْهلُهُ بَ ْینَ خِ َ
ه َُری َْرةَ بم ْعنَا ُه .
(وعن أبي شریح رضي هللا عنه) بضم الشین المعجمة وسكون المثناة التحتیة فحاء مهملة (الخزاعي) بضم الخاء
سلّم:
علَ ْی ِه َو َ صلّى هللا َ
المعجمة فزاي بعد األلف عین مهملة واسمه عمرو بن خویلد وقیل غیره (قال :قال رسول هللا َ
َ
خیرتَی ِْن) بالخاء المعجمة فراء تثنیة خیرة ،بینهما بقوله( :إ ّما أ ْن یأ ُخذُوا
َ "ف َم ْن قُتِ َل لَهُ قَتِی ٌل بَ ْع َد َمقَالتي ه ِذ ِه فَأ َ ْهلُهُ بَیْنَ
الع ْق َل أَ ْو ی ْقتُلُوا" أخرجه أبو داود والنسائي ،وأصله في الصحیحین من حدیث أبي هریرة بمعناه).
أصل الحدیث أنه قال صلى هللا علیه وآله وسلم في أثناء كالمه" :ثم إنكم معشر خزاعة قتلتم هذا الرجل من هذیل وإني
عاقله فمن قتل له ــــ الحدیث" وتقدم حدیث أبي شریح فیه التخییر بین إحدى ثالث وال منافاة .
قال في الهدي النبوي :إن الواجب أحد الشیئین إما القصاص أو الدیة والخیرة في ذلك إلى الولي بین أربعة أشیاء :العفو
مجاناً ،أو العفو إلى الدیة أو القصاص ،وال خالف في تخییره بین هذه الثالثة .والرابعة المصالحة إلى أكثر من الدیة
وفیه وجهان.
أحدهما :أشهرهما مذهبا أي للحنابلة جوازه .
الثاني :لیس له العفو على مال إال الدیة أو دونها وهذا أرجح دلیال .
فإن اختار الدیة سقط القود ولم یملك طلبه بعد وهذا مذهب الشافعي وإحدى الروایتین عن مالك .وتقدم القول الثاني أن
موجبه القود عینا ً ولیس له العفو إلى الدیة إال برضا الجاني وتقدم المختار .
.2باب الدیات:
الدیات بتخفیف المثناة التحتیة جمع دیة كعدات جمع عدة .أصل دیة ِودْیة بكسر الواو مصدر ودي القتیل یدیه إذا
وعوضت عنها تاء التأنیث كما في عدة .وهي اسم ألعم مما فیه القصاص وماّ أعطى ولیه دیته حذفت فاء الكلمة
ال قصاص فیه .
بس ّلم َكتَ َ علَ ْی ِه َو َصلّى هللا َ ي َ ع ْن ُه ْم أَنه النّب ه
َّللا َ
ي هُ ع ْمرو ب ِْن ح َْزم ع َْن أَ ِبی ِه ع َْن َج ِ ّد ِه َرض َ ع َْن أَبي بَكْر ب ِْن مح ّم َد ب ِْن َ
یرضى أَ ّولِیا ُء ال َم ْقت ُو ِل، ط ُمؤمِ نا ً قَتْالً ع َْن َب ّینَ ٍة فإنّهُ قَ َو ٌد إال أَنّ ْ عتَ َب ََدیث َوفِیهِ" :إنه َم ْن ا ْ إلى أَ ْه ِل ا ْل َی َم ِن ،فَذَك ََر ا ْلح َ
سان ال ِ ّدیَةُ، ِب َج ْدعُهُ ال ِ ّدیَةَُ ،وفِي العَ ْینَی ِْن ال ِ ّدیَةَُ ،وفي ال ِلّ َ ف إذا أُوع َ َوإنه في النّ ْف ِس ال ِ ّدیَةَ َمائَةً مِ نَ اإلبِ ِلَ ،وفي األ ْن ِ
ْف ال ِ ّدیَةِ، ب ال ِ ّدیَةَُ ،وفي ِ ّ
الرجْ ِل ا ْل َواحِ د ِة نِص ُ ضتَی ِْن ال ِ ّدیَةَُ ،وفي الص ْل ِ شفَتَی ِْن ال ِ ّدیَةَُ ،وفي الذّكَر ال ِ ّدیَةَُ ،وفي البَ ْی َ وفَي ال ّ
صب ٍَع مِ ْن أَصَابع عش َْرةَ منَ اإل ِب ِل ،وفي كُ ِ ّل إ ْ س َ ث ال ِ ّد َیةَِ ،وفي ال ُمنَ ِقّلَ ِة َخ ْم َث ال ِ ّد َیةَِ ،وفي الجا ِئفَ ِة ثُلُ ُ وفي ال َمأ ُمو َم ِة ثُلُ ُ
بالمرأَ ِة،
ْ الر ُج َل یُ ْقتَل
س مِ نَ اإلبِ ِل ،وإنه ه وض َح ِة َخ ْم ٌ س مِ نَ اإلبِ ِل ،وفي ال ُم ِ ِن َخ ْم ٌ عش ٌْر مِ نَ اإلبِ ِل ،وفي ال ّ
س ِّ ا ْلیَ ِد ِ ّ
والرجْ ِل َ
َاو َد في ال َم َراسی ِلَ ،والنسائي وا ْب ُن ُخ َز ْی َمةَ وابُ ُن الجارو ِد وابْن حِ بّانَ ف دینَار" أَ ْخ َر َجهُ أَبُو د ُ ب أَ ْل ُ
َوعَلى أَ ْه ِل الذه َه ِ
اختَلَفُوا في ِص ّح ِت ِه . َوأَحْ َم ُد َو ْ
ِي القضاء في (وعن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم) بالحاء المهملة مفتوحة وسكون الزاي وهو تابعي ول َ
المدینة لعمر بن عبد العزیز اسمه كنیته (عن أبیه عن جده) عمرو بن حزم (أن النبي صلى هللا علیه وآله وسلم
كتب إلى أهل الیمن فذكر الحدیث) أوله "من محمد النبي إلى شرح بیل بن عبد كالل ونعیم بن عبد كالل والحارث
بن عبد كالل قیل ذي رعین أما بعد" إلى آخر ما هنا (وفیه" :أَ َّن َم ِن ا ْعتَبَ َ
ط) بالعین المهملة بعدها مثناة فوقیة ثم
موحدة آخرها طاء مهملة أي من قتل قتیالً بال جنایة منه وال جریرة توجب قتله .
ع ْن ب ْینَ ٍة فإنّهُ قَ َو ٌد إال أَ ْن یَ ْرضى أَ ْولِیا ُء ا ْل َم ْقتُول) فیه دلیل على أنهم مخیرون كما قررناه .
( ُمؤْ مِ نا ً قَتْالً َ
وإن في النّفس ال ّدِیة مِ ائةً مِنَ اإلبِ ِل) بدل من الدیة .
( َّ
ِب) بضم الهمزة وسكون والواو وكسر العین المهملة فموحدة ( َج ْدعُهُ) أي قطع جمیعه (ال ِ ّد َیةُ ( وفي األَ ْنفِ إذَا أوع َ
ان ال ِ ّدیَةُ) إذا قطع من أصله أو ما یمنع منه الكالم.
س ِوفي الل َ
شفَتَی ِْن ال ِ ّدیَةُ ،وفي الذكَر ال ِ ّدیَةُ) إذا قطع من أصله.
( وفي ال ّ
ف ال ِ ّدیَ ِة) إذا قطعت من مفصل الرجْ ِل ا ْل َواحِ َدةِ نِ ْ
ص ُ ب ال ِ ّدیَةُ وفي ا ْلعَ ْینَی ِْن ال ِ ّدیَةُ وفي ِ ّ
ص ْل ِ ( وفي ا ْلبَ ْی َ
ضتی ِْن ال ِ ّدیَةُ ،وفي ال ّ
الساق.
(وفي ا ْلمأ ُمو َمةِ) هي الجنایة التي بلغت أم الرأس وهي الدماغ أو الجلدة الرقیقة علیها( :ثُلُ ُ
ث ال َّدیَةِ)
(وفي ا ْل َجائِفَةِ) قال في القاموس :هي الطعنة تبلغ الجوف ومثله في غیره( :ثُلُ ُ
ث ال ّدِیةِ).
( وفي المنَ ِقّلَةِ) اسم فاعل من نقل مشدد القاف وهي التي تخرج منها صغار العظام وتنتقل من أماكنها وقیل التي
تنقل العظم أي تكسره .
س مِنَ اإلب ِل وفي ا ْل ُم ِ
وض َحةِ) ع ْش ٌر مِنَ اإلبِ ِل وفي ال ّ
س ِِّن َخ ْم ٌ صابع ا ْلیَ ِد ِ ّ
والرجْ ِل َ س مِنَ اإلبِل وفي كُ ِّل إِ ْ
صبَ ٍع ْ
مِن أ َ ( َخ ْم ٌ
اسم فاعل من أوضح وهي التي توضح العظم وتكشفه.
دینار" أخرجه أبو داود في المراسیل والنسائي
ٍ ب أَ ُ
لف على أَ ْه ِل الذَّ َه ِ
الر ُج َل یُ ْقتَل بال َمرأةِ و َ س مِنَ اإلبِلَّ ،
وإن َّ ( َخ ْم ٌ
وابن خزیمة وابن الجارود وابن حبان وأحمد واختلفوا في صحته).
قال أبو داود في المراسیل قد أسند هذا وال یصح .والذي قال في إسناده سلیمان بن داود وهم :إنما هو ابن أرقم .
وقال أبو زرعة :عرضته على أحمد فقال :سلیمان بن داود هذا لیس بشيء .
وقال ابن حبان[ :تض]سلیمان بن داود الیماني[/تض] ضعیف وسلیمان بن داود الخوالني ثقة وكالهما یرویان عن
الزهري .
والذي روى حدیث الصدقات هو الخوالني فمن ضعفه إنما ّ
ظن أن الراوي هو الیماني.
وقال الشافعي :لم ینقلوا هذا الحدیث حتى ثبت عندهم أنه كتاب رسول هللا صلى هللا علیه وآله وسلم.
قال ابن عبد البر :هذا كتاب مشهور عند أهل السیر معروف ما فیه عند أهل العلم معرفة تغني شهرتها عن اإلسناد
ألنه أشبه المتواتر لتلقي الناس إیاه بالقبول والمعرفة.
قال العقیلي :حدیث ثابت محفوظ إال أنا نرى أنه كتاب غیر مسموع عمن فوق الزهري .وقال یعقوب بن سفیان:
ال أعلم في الكتب المنقولة كتابا ً أصح من كتاب عمرو بن حزم فإن الصحابة والتابعین یرجعون إلیه ویدعون رأیهم
.
قال ابن شهاب :قرأت في كتاب رسول هللا صلى هللا علیه وآله وسلم لعمرو بن حزم حین بعثه إلى نجران وكان
الكتاب عند أبي بكر بن حزم ،وصححه الحاكم وابن حبّان والبیهقي.
وقال أحمد :أرجو أن یكون صحیحا ً .
وقال الحافظ ابن كثیر في اإلرشاد بعد نقله كالم أئمة الحدیث فیه ما لفظه :قلت وعلى كل تقدیر فهذا الكتاب متداول
بین أئمة اإلسالم قدیما ً وحدیثا ً یعتمدون علیه ویفزعون في مهمات هذا الباب إلیه ثم ذكر كالم یعقوب بن سفیان .
وإذا عرفت كالم العلماء هذا عرفت أنه معمول به وأنه أولى من الرأي المحض.
وقد اشتمل على مسائل فقهیة:
األولى :فیمن قتل مؤمنا ً اعتباطا ً أي بال جنایة منه وال جریرة توجب قتله كما قدّمناه وقال الخطابي :اعتبط بقتله أي
قتله ظلما ً ال عن قصاص .
وقد روى االغتباط بالغین المعجمة كما یفیده تفسیره في سنن أبي داود فأنه قال :إنه سئل یحیى بن یحیى الغساني
عن االغتباط فقال :القاتل الذي یقتل في الفتنة فیرى أنه في هدى ال یستغفر هللا تعالى منه .
فهذا یدل أنه من الغبطة الفرح والسرور وحسن الحال .
فإذا كان المقتول مؤمنا ً وفرح بقتله فإنه داخل في هذا الوعید ودل على أنه یجب القود إال أن یرضى أولیاء المقتول
فإنهم مخیرون بینه وبین الدیة كما سلف .
الثانیة:أنه دل على أن قدر الدیة مائة من اإلبل .
وفیه دلیل أیضا ً على أن اإلبل هي الواجبة وأن سائر األصناف لیست بتقدیر شرعي بل هي مصالحة وإلى هذا
ذهب القاسم والشافعي وأما أسنانها فسیأتي في حدیث بعد هذا بیانها إال أن قوله في هذا الحدیث "وعلى أهل الذهب
ألف دینار" ظاهره أنه أصل أیضا ً على أهل الذهب ،واإلبل أصل على أهل اإلبل .
ویحتمل أن ذلك مع عدم اإلبل وأن قیمة المائة منها ألف دینار في ذلك العصر.
ویدل لهذا ما أخرجه أبو داود والنسائي عن عمرو بن شعیب عن أبیه عن جده أن رسول هللا صلى هللا علیه وآله
ویقومها على أثمان اإلبل إذا غلت
ّ وسلم كان یُقَ ّ ِو ُم دیة الخطأ على أهل القرى أربعمائة دینار أو عدلها من الورق
رفع من قیمتها وإذا هاجت ورخصت نقص من قیمتها.
َف لي شَي ٌء یب ا ْم َرأَتي َف َ
ظاه َْرتُ مِ ْن َها فَا ْن َكش َ ص َ ضا ُن َفخِ ْفتُ أَ ْن أ ُ ِ ع ْنهُ قالََ :د َخ َل َر َم َ َّللا َ ص ْخ ٍر َر َ
ضي َّ ُ بن َ سلَ َمةَ ِ ع ْن َ َو َ
سلّمَ " :ح ِ ّر ْر َرقَبَةً" فَقُ ْلتُ َ :ما أَ ْم ِلكُ إال َرقَبَتي ،قَالَ" :فَ ُ
ص ْم صلّى هللا َ
علَ ْی ِه َو َ علَ ْیهَ ،فَقَا َل لي َرسُو ُل َّ ِ
َّللا َ علَ ْی َها لَ ْیلَةً فَ َوقَ ْعتُ َ َ
َ
مِن تَ ْم ٍر ِس ِت ّینَ مِ سْكیناً" أ ْخ َر َجهُ ْ
صیّام؟ قَالَ" :أط ِع ْم فَ َرقا ً ْ صبْتُ إال مِنَ ال ِ ّ َ
صبْتُ الذي أ َ َ ْ
ین" قُلتُ :و َهلْ أ َ ش ْه َری ِْن ُمتَتَابِعَ ِ َ
ص ّح َحهُ ا ْب ُن ُخزَ ْی َمةَ َوا ْب ُن ا ْل ُ
جارو ِد . واألر َب َعةُ إال النسائ َّ
ي َو َ ْ أَحْ َم ُد
وبلغت على عهد رسول هللا صلى هللا علیه وآله وسلم ما بین أربعمائة إلى ثمانمائة وعدلها من الورق ثمانیة آالف
درهم .
قال :وقضى على أهل البقر مائتي بقرة ومن كان دیة عقله في الشاء بأل َف ْي شاة .وأخرج أبو داود عن ابن عباس
رضي هللا عنهما" :أن رجالً من بني عدي قتل فجعل رسول هللا صلى هللا علیه وآله وسلم دیته اثني عشر ألفاً"
ومثله عند الشافعي وعند الترمذي وصرح بأنها اثنا عشر ألفدرهم .
وعند أهل العراق أنها من الورق عشرة آالف درهم ومثله عن[اث] عمر[/اث] رضي هللا عنه وذلك بتقویم الدینار
بعشرة دراهم واتفقوا على تقویم المثقال بها في الزكاة.
وأخرج أبو داود عن عطاء أن رسول هللا صلى هللا علیه وآله وسلم" :قضى في الدیة على أهل اإلبل مائة من اإلبل
وعلى أهل البقر مائتي بقرة وعلى أهل الشاء ألفي شاة وعلى أهل الحلل مائتي حلة وعلى أهل القمح شیئا ً لم یحفظه
محمد بن إسحاق.
وهذا یدل على تسهیل األمر وأنه لیس یجب على من لزمته الدیة إال من النوع الذي یجده ویعتاد التعامل به في
ناحیته وللعلماء هنا أقاویل مختلفة وما دلت علیه األحادیث أولى باالتباع وهذه التقدیرات الشرعیة كما عرفت .
وقد استبدل الناس عرفا ً في الدیات وهو تقدیرها بسبعمائة قرش ثم إنهم یجمعون عروضا ً یقطع فیها بزیادة كثیرة
في أثمانها فتكون الدیة حقیقة نصف الدیة الشرعیة وال أعرف لهذا وجها ً شرعیا ً فإنه أمر صار مأنوسا ً ومن له
الدیة ال یعذر عن قبول ذلك حتى أنه صار من األمثال "قطع دیة" إذا قطع شيء بثمن ال یبلغه .
المسألة الثالثة :قوله" :وفي األنف إذا أوعب جدعه" أي استؤصل وهو أن یقطع من العظم المنحدر من مجمع
الحاجبین فإن فیه دیة وهذا حكم مجمع علیه.
واعلم أن األنف مركب من أربعة أشیاء :من قصبة ومارن وأرنبة وروثة فالقصبة هي العظم المنحدر من مجمع
الحاجبین والمارن هو الغضروف الذي یجمع المنخرین والروثة بالراء وبالمثلثة طرف األنف وفي القاموس المارن
األنف أو طرفه أو ما الن منه .
واختلف إذا جنى على أحد هذه فقیل :تلزم حكومة عند الهادي وذهب الناصر والفقهاء إلى أن في المارن دیة لما
سلّم" :في األنف إذا قطع مارنه مائة من صلّى هللا َ
علَ ْی ِه َو َ رواه الشافعي عن طاوس قال :عندنا في كتب رسول هللا َ
اإلبل" قال الشافعي :وهذا أبین من حدیث آل حزم.
وفي الروثة نصف الدیة لما أخرجه البیهقي من حدیث عمرو بن شعیب عن أبیه عن جده قال :قضى النبي صلى
هللا علیه وآله وسلم إذا قطعت ثندوة األنف بنصف العقل خمسون من اإلبل أو عدلها من الذهب أو الورق .
قال في النهایة :الثندوة هنا روثة األنف وهي طرفه ومقدمه .
المسألة الرابعة :قوله" :وفي اللسان الدیة" أي إذا قطع من أصله كما هو ظاهر اإلطالق وهذا مجمع علیه وكذا إذا
قطع منه ما یمنع الكالم .
وأما إذا قطع ما یبطل بعض الحروف فحصته معتبرة بعدد الحروف وقیل بحروف اللسان فقط وهي ثمانیة عشر
حرفا ً ال حروف الحلق وهي ستة وال حروف الشفة وهي أربعة .واألول أولى ألن النطق ال یتأتى إال باللسان .
المسألة الخامسة :قوله" :وفي الشفتین الدیة" واحدتهما شفة بفتح الشین وتكسر كما في القاموس وح ُّد الشفتین من
تحت المنخرین إلى منتهى الشدقین في عرض الوجه وفي طوله من أعلى الذقن إلى أسفل الخدّین وهو مجمع علیه
.
واختلف إذا قطع إحداهما فذهب الجمهور إلى أن كل واحدة نصف الدیة على السواء.
وروي عن[اث] زید بن ثابت[/اث] أن في العلیا ثلثا ً وفي السفلى ثلثین إذ منافعها أكثر لحفظها للطعام والشراب .
السادسة :قوله "وفي الذكر الدیة" هذا إذا قطع من أصله وهو مجمع علیه فإن قطع الحشفة ففیها الدیة عند مالك
وبعض الشافعیة واختاره المهدي كمذهب الهادویة وظاهر الحدیث أنه ال فرق بین العنین وغیره والكبیر والصغیر
وإلیه ذهب الشافعي.
وعند األكثر أن في ذكر الخصي والعنین حكومة .
السابعة :قوله" :وفي البیضتین الدیة" وهو حكم مجمع علیه وفي كل واحدة نصف الدیة .وفي البحر عن[اث]
علي[/اث] رضي هللا عنه وعن ابن المسیب رضي هللا عنه أن في البیضة الیسرى ثلثي الدیة ألن الولد یكون منها
وفي الیمنى ثلث الدیة.
الثامنة :أن في الصلب الدیة وهو إجماع والصلب بالضم والتحریك عظم من لدن الكاهل إلى العجب بفتح العین
المهملة وسكون الجیم أصل الذنب كالصالبة قال تعالى{ :یخرج من بین الصلب والترائب} فإن ذهب المني مع
الكسر فدیتان .
التاسعة :أفاد أن في العینین الدیة وهو مجمع علیه وفي إحداهما نصف الدیة وهذا في العین الصحیحة واختلف في
األعور إذا ذهبت عینه بالجنایة فذهبت الهادویة والحنفیة والشافعیة إلى أنه یجب فیها نصف الدیة إذ لم یفصل الدلیل
وهو هذا الحدیث وقیاسا ً على من له ید واحدة فإنه لیس له إال نصف الدیة وهو مجمع علیه .
وذهب جماعة من الصحابة و مالك وأحمد إلى أن الواجب فیها دیة كاملة ألنها في معنى العینین واختلفوا إذا جنى
على عین واحدة فالجمهور على ثبوت القود لقوله تعالى{ :والعین بالعین} وعن أحمد أنه ال قود فیها .
العاشرة :قوله وفي الرجل الواحدة نصف الدیّة وح ّد الرجل التي تجب فیها الدیة من مفصل الساق فإن قطع من
الركبة لزم الدیة وحكومة في الزائد .
واعلم أنه ذكر البیهقي عن الزهري أنه قرأ في كتاب عمرو بن حزم :وفي األذن خمسون من اإلبل قال :وروینا
وعلي أنهما قضیا بذلك .
َ عن عمر
وروى البیهقي من حدیث معاذ أنه قال :وفي السمع مائة من اإلبل وفي العقل مائة من اإلبل وقال البیهقي :إسناده
لیس بقوي .
قال ابن كثیر :ألنه من روایة[تض] رشدین بن سعد المصري[/تض] وهو ضعیف .
قال زید بن أسلم :مضت السنة أن في العقل إذا ذهب :الدیة .رواه البیهقي .
الحادیة عشرة :أنه دل على أن في المأمومة والجائفة وتقدم تفسیرهما في كل واحدة ثلث الدیة قال الشافعي :ال أعلم
خالفا ً أن رسول هللا صلى هللا تعالى علیه وعلى آله وسلم قال" :قال في الجائفة ثلث الدیة" ذكره ابن كثیر في اإلرشاد
وقال في نهایة المجتهد :اتفقوا على أن ا لجائفة من جراح الجسد ال من جراح الرأس وأنه ال یقاد منها وأن فیها ثلث
الدیة وأنها جائفة متى وقعت في الظهر والبطن واختلفوا إذا وقعت في غیر ذلك من األعضاء فنفذت إلى تجویفه .
ي عضو كان ذلك
فحكى مالك عن سعید بن المسیب أن في كل جراحة نافذة إلى تجویف عضو من األعضاء أ ّ
العضو ثلث الدیة واختاره مالك .
وأما سعید فإنه قاس ذلك على الجائفة على نحو ما روي عن عمر رضي هللا عنه في موضحة الجسد.
الثانیة عشرة :وفي المنقلة خمس عشرة من اإلبل وتقدّم تفسیرها .
الثالثة عشرة :أفاد أن في كل أصبع عشرا ً من اإلبل سواء كانت من الیدین أو الرجلین فإن فیها عشرا ً وهو رأي
الجمهور .
وفي حدیث عمرو بن شعیب مرفوعا ً بلفظ" :واألصابع سواء" أخرجه أحمد وأبو داود.
وقد كان لعمر في ذلك رأي آخر ثم رجع إلى الحدیث لما روي له .
الرابعة عشرة :أنه یجب في كل سن خمس من اإلبل وعلیه الجمهور وفیه خالف لیس له دلیل یقاوم الحدیث.
الخامسة عشرة :أنه یلزم في الموضحة خمس من اإلبل وإلیه ذهب الهادویة والفریقان وفیه خالف لیس له ما یقاوم
النص .
فائدة" روى البیهقي عن[اث] زید بن ثابت[/اث] أن في الهاشمة عشرا ً من اإلبل وحكاه البیهقي عن عدد من أهل
العلم.
وروى عبد هللا بن أحمد أن عمر بن الخطاب رضي هللا عنه قضى في رجل ضرب فذهب سمعه وبصره وعقله
ونكاحه بأربع دیات .رواه عبد هللا بن أحمد .
سلّم قضى في العین صلّى هللا َ
علَ ْی ِه َو َ وروى النسائي من حدیث عمرو بن شعیب عن أبیه عن جده :أن رسول هللا َ
العوراء السادّة لمكانها إذا طمست بثلث دیتها وفي الید الشالء إذا قطعت بثلث دیتها وفي السن السوداء إذا نزعت
بثلث دیتها .ذكره ابن كثیر في اإلرشاد.
وأما قوله :وإن الرجل یقتل بالمرأة فتقدم الكالم فیه .
ط ِأ أَ ْخ َماساًِ :عش ُْرونَ حِ قّةً َو ِعشْرون َجذَعَةً سلّم قَالَِ " :دیَةُ ا ْل َخ َ
علَ ْی ِه َو َ
صلّى هللا َ سعُو ٍد عن النّبي َ َوع َِن اب ِْن َم ْ
األربَعَةُ بِلَ ْفظِ :
طني وأَ ْخ َر َجهُ ْ ون" أَ ْخ َر َجهُ الد َ
هارقُ َ ت لَبُون وعشرونَ بَني لَبُ ٍ اض َو ِعشْرونَ بَنَا ِ ت َم َخ ٍ
وعشرونَ بَنَا ِ
ش ْیبَةَ مِ ْن َوجْ ٍه آ َخ َر َم ْوقُوفا ً َوه َُو األو ِل أَ ْق َوىَ ،وأَ ْخ َر َجهُ ا ْب ُن أَبي َ
سنَا ُد ه ون" وإ ْ اض" بَ َد َل "لَبُ ٍ "و ِعش ُْرونَ بَنُو م َخ ٍ
ع ْن ُه َما
َّللا َ
ي هُ ب ع َْن أَبی ِه ع َْن َج ِ ّد ِه َر ِض َع ْمرو ب ِْن شُعَ ْی ٍ ریق َط ِ َاو َد والت ّْرمِ ذي مِ ْن َص ُّح مِ نَ ال َم ْرفُوعَ ،وأَ ْخ َر َجهُ أَبُو د ُ
أَ َ
أربَعُونَ َخ ِلفَةً في بُطُونها أَ ْوال ُد َها". َرفَعَهُ "ال ِ ّدیَةُ ثَالثُونَ حِ قّةًَ ،وثَالثُونَ َجذَعَةًَ ،و ْ
أخ َماساً)
طأ ْ (وعن ابن مسعود رضي هللا تعالى عنه عن النبي صلى هللا تعالى علیه وعلى آله وسلم قال" :دیة ا ْل َخ َ
ت لَب ٍ
ُون و ِع ْش ُرونَ َاض و ِع ْش ُرونَ َبنَا ِ عةً و ِع ْش ُرونَ بنَا ِ
ت َمخ ٍ أي تؤخذ أو تجب ،بینه بقوله (ع ْش ُرونَ حِ قّةً و ِع ْش ُرونَ َجذَ َ
ُون" أخرجه الدارقطني وأخرجه األربعة بلفظ :وعشرون بنو مخاض بدل بني لبون وإسناد األول أقوى) أي بَني لب ٍ
من إسناد األربعة فإن فیه خشف بن مالك الطائي قال الدارقطني :إنه رجل مجهول وفیه الحجاج بن أرطاة.
واعلم أنه اعترض البیهقي على الدارقطني وقالّ :
إن جعله لبني اللبون غلط منه ثم قال البیهقي :والصحیح أنه
موقوف على عبد هللا بن مسعود .
والصحیح عن عبد هللا أنه جعل أحد أخماسها بني المخاض ال كما ت ََوهم شیخنا الدارقطني رحمه هللا تعالى .
والحدیث دلیل على أن دیة الخطأ تؤخذ أخماسا ً كما ذكر وإلیه ذهب الشافعي ومالك وجماعة من العلماء وإلى أن
الخامس بنو لبون .
وعن أبي حنیفة أنه بنو مخاض كما في روایة األربعة .
وذهب الهادي وآخرون إلى أنها تؤخذ أرباعا ً بإسقاط بني اللبون واستدل له بحدیث له لم یثبته الحفاظ وذهبوا إلى
أنها أرباع مطلقا ً .
وذهب الشافعي ومالك إلى أن الدیة تختلف باعتبار العمد وشبه العمد والخطأ فقالوا :أنها في العمد وشبه العمد تكون
أثالثا ً كما في الخطأ .
وأما التغلیظ في الدیة فإنه ثبت عن[اث] عمر[/اث] و[اث]عثمان[/اث] رضي هللا عنهما فیمن قتل في الحرم بدیة
وثلث تغلیظ في الدیة وثبت عن جماعة القول بذلك ویأتي الكالم فیه.
(وأخرجه) ــــ أي حدیث ابن مسعود ــــ (ابن أبي شیبة من وجه آخر موقوفاً) على ابن مسعود (وهو أصح من
المرفوع)
(وأخرجه أبو داود والترمذي من طریق عمرو بن شعیب عن أبیه عن جده رفعه) إلى النبي صلى هللا علیه وآله
وأر َب ُعونَ خِ ْلفَةً في بُطُونِها ْأوال ُدهَا") وقد تقدم تفسیر هذه األسنان في
وسلم"( :ال ِ ّد َیةُ ثَالثُونَ حقةً وثالثُونَ جذعة ْ
الزكاة .
َّللا ثَالثةٌَ :م ْن قَتَ َل في "إن أَعتى النّاس َ
على َّ ِ قَالَّ : سلّم صلّى هللا َ
علَ ْی ِه َو َ عن ال ّنبي َ ع ْن ُه َما ِ َّللا َ
ابن عُ َم َر َرضي َّ ُ ع ِن ِ َو َ
ص ّح َحهُ .
ث َ
في َحدی ٍ غی َْر قَا ِت ِلهِ ،أَ ْو ِلذَحْ ِل ا ْل َجا ِه ِلیّةِ" أَ ْخ َر َجهُ ا ْب ُن حِ بّانَ
َّللاِ ،أَ ْو قَتَ َل َ
َح َر ِم َّ
"إن أَعْتى) بفتح الهمزة وسكون العین المهملة سلّم قالَّ : صلّى هللا َ
علَ ْی ِه َو َ (وعن ابن عمر رضي هللا عنه عن النبي َ
َ
َّللاِ ،أو قَتَ َل من قَتَ َل في َ
حر ِم َّ ٌ علَى َّ ِ
َّللا ثَالثةْ : اس َفمثناة فوقیة فألف مقصورة اسم تفضیل من العتو وهو التجبر (النّ ِ
غی َْر قَا ِت ِل ِه ،أَ ْو قَتَ َل ِلذَحْ ل) بفتح الذال المعجمة وسكون الحاء المهملة الثأر وطلب المكافأة بجنایة جنیت علیه من قتل
َ
أو غیره (ا ْل َجا ِه ِلیّةِ" .أخرجه ابن حبان في حدیث صححه)
الحدیث دلیل على أن هؤالء الثالث أزید في العتو على غیرهم من العتاة .
األول من قتل في الحرم فمعصیة قتله تزید على معصیة من قتل في غیر الحرم وظاهره العموم لحرم مكة والمدینة،
ولكن الحدیث ورد في غزاة الفتح في رجل قتل بالمزدلفة إال أن السبب ال یخص به إال أن یقال :اإلضافة عهدیة
والمعهود حرم مكة .
وقد ذهب الشافعي إلى التغلیظ في الدیة على من وقع منه قتل الخطأ في الحرم أو قتل محرما ً من النسب أو قتل في
األشهر الحرم .قال :ألن الصحابة غلظوا في هذه األحوال .وأخرج السدي عن مرة عن[اث] ابن مسعود[/اث] قال:
"ما من رجل یهم بسیئة فتكتب علیه إال أن رجالً لو هم بعدن أن یقتل رجالً بالبیت الحرام إال أذاقه هللا تعالى من
عذاب ألیم".
وقد رفعه في روایة.
قلت :وهذا مبني على أن الظرف في قوله تعالى{ :ومن یرد بإلحاد بظلم نذقه من عذاب ألیم} متعلق بغیر اإلرادة
بل باإللحاد وإن كانت اإلرادة في غیره واآلیة محتملة .وورد في التغلیظ في الدیة حدیث عمرو بن شعیب مرفوعا ً
بلفظ" :عقل شبه العمد مغلظ مثل قتل العمد وال یقتل صاحبه وذلك أن ینزو الشیطان بین الناس فتكون دماء في غیر
ضغینة وال حمل سالح" رواه أحمد وأبو داود .
والثاني :من قتل غیر قاتله أي من كان له دم عند شخص فیقتل رجالً آخر غیر من عنده له الدم سواء كان له
مشاركة في القتل أو ال .
الثالث قوله" :أو قتل لذحل الجاهلیة" تقدم تفسیر الذحل وهو العداوة أیضا ً وقد فسر الحدیث حدیث أبي شریح
الخزاعي أنه صلى هللا علیه وآله وسلم قال" :أعتى الناس من قتل غیر قاتله أو طلب بدم في الجاهلیة من أهل
اإلسالم أو بصر عینه ما لم تبصر" أخرجه البیهقي .
طأ سلّم قالَ" :أال ّ
إن ِدیَ َة ال َخ َ صلّى هللا َ
ع َل ْی ِه َو َ ع ْن ُهما أَ َّن َرسُو َل َّ ِ
َّللا َ َّللا َ
اص َرضي َّ ُ ع ْمرو ب ِْن ا ْل َع ِ ع ْن َ
ع ْب ِد َّ ِ
َّللا ب ِْن َ َو َ
صا مِ ائةٌ مِنَ اإل ِب ِل مِ ْن َها أَ ْر َبعْونَ في بُطُونِ َها أَ ْوال ُدهَا" أَ ْخ َر َجهُ أبُو َد ُاو َد والنسائي وا ْب ُنَو ِشبْه ا ْل َع ْم ِد َما َكانَ ِبالس ّْوطِ َوا ْل َع َ
ص ّح َحهُ اب ُن حِ بّانَ .َماجه َو َ
طأ َو ِشبْه ا ْل َع ْم ِد َما َكانَ سلّم قالَ" :أال ّ
إن ِدیَةَ ال َخ َ علَ ْی ِه َو َ صلّى هللا َ َّللا َاص أَ َّن َرسُو َل َّ ِ ع ْمرو ب ِْن ا ْل َع ِ َّللا ب ِْن َ ع ْن َ
ع ْب ِد َّ ِ (و ََ
ص ّح َحهُ
َ َو اجه م
َ ُ
ن ب
ْ وا والنسائي د او
َ ُ َد ُو بأ ُ ه ج ر
َ َ خْ َ أ َا"
ه د
ُ الو َ أ
َِ ْ ا هن وُ ط ب
ُ في ع
ْونَ ب ر َ أ ا ه
ِ ِ مِ َ ْ َ ْ
ن ل باإل مِنَ ٌ ة ائ ْ
ِب ْ طِ َ َ َ مِ
ا ص عل ا و ّوس ال
اب ُن حِ بّانَ ).
قال ابن القطان وهو صحیح وال یضره االختالف .
وتقدم الكالم في الحدیث وإنما ذكره المصنف تفسیرا ً للحدیث الذي سلف من حدیث عمرو بن شعیب وفیه تغلیظ
عقل الخطأ ولم یبینه هنالك فبیّنه هنا .
امَ ،ر َواهُ ا ْلبُخاري. سلّم َقالَ" :ه ِذ ِه وهذه سوا ٌء" یَ ْعني الخِ ْن َ
ص َر واإل ْب َه َ صلّى هللا َ
علَ ْی ِه َو َ ع ِن النّبي َ ّاس َ عب ٍ
ابن َ ع ِن ِ َو َ
س َوا ٌء"َ ،وال ْب ِن حِ بّانَ ِ " :د َیةُ أَصابع
س َ
ض ْر ُس َوا ٌء ،الث ّ ِنیّةُ َوال ِ ّ
س َوا ٌءَ ،واأل ْسنَا ُن َ يِِ " :د َیةُ األ َ
صاب ُع َ َوألبي َد ُاو َد والت ّ ِْرمِ ِذ ّ
عش ََرة ٌ مِنَ اإلبِ ِل لِك ِّل إ ْ
صبَ ٍع. س َوا ٌءَ :الرجْ لَی ِْن َا ْلیدی ِْن َو ِ ّ
س َوا ٌء یَ ْعني
(وعن ابن عباس رضي هللا عنهما عن رسول هللا صلى هللا تعالى علیه وآله وسلم قال" :ه ِذ ِه وه ِذ ِه َ
س َوا ٌء) هذا أعم من صابع َ خنصر واإلبهام" رواه البخاري وألبي داود والترمذي) أي من حدیث ابن عباس ( ِد َیةُ األ َ َ ا ْل
سوا ٌء) فال یقال الدیة على قدر النفع والضرس أنفع في س َ س َوا ٌء" زاده بیانا ً بقوله( :الثّنِیّةُ وال ِ ّ
ض ْر ُ األول "واأل ْسنَا ُن َ
عش ََرة ٌ مِنَ اإلبِ ِل ِل ُك ِّل إ ْ
صبَع) سوا ٌء َ صابع ا ْلیَ َدی ِْن ِ ّ
والرجْ لَی ِْن َ المضغ (والبن حبان) أي من حدیث ابن عباسِ ( :دیَةُ أَ َ
وقد قدمنا الكالم في هذا مستوفى.
اب
ص َ طبّ ِ َم ْع ُروفا ً فَأ َ َّب َولَ ْم یَكُ ْن بال ِ ّ ع ْن ُه ْم َرفَعَهُ ،قَالََ " :م ْن تَ َ
طب َ َّللا َ ع ْن أَبِی ِه َ
ع ْن َج ِ ّد ِه َرضي َّ ُ ب َ ع ْمرو ب ِْن شُعَ ْی ٍ ع ْن َ َو َ
َ
غی ِْر ِه َما ،إال أ َّن َم ْن ص ّح َحه الحا ِك ُمَ ،وه َُو ِع ْن َد أبي َدا ُو َد والنسائي َو َ ْ ُ َ
ضامِ نٌ" أ ْخ َر َجهُ الدارقطني َو َ نَ ْفسا فَ َما دُونَ َها فَ ُه َو َ
ً
صلَهُ . سلَهُ أَ ْق َوى م ّم ْن َو َ أَ ْر َ
ّب) أي تكلف الطب ولم یكن طبیبا ً ( وعن عمرو بن شعیب عن أبیه عن جده رضي هللا عنهم رفعه قالَ " :م ْن تَ َ
طب َ
كما یدل له صیغة تفعّل .
اب نَ ْفسا ً فما دونَها فَ ُه َو َ
ضامِ نٌ" أخرجه الدارقطني وصححه الحاكم وهو عند أبي ص َطبّ ِ َم ْع ُروفا ً فأ َ َ
( و َل ْم َی ُك ْن بال ِ ّ
داود والنسائي وغیرهما إال أن من أرسله أقوى ممن وصله)
الحدیث دلیل على تضمین المتطبب ما أتلفه من نفس فما دونها سواء أصاب بالسرایة أو المباشرة وسواء كان عمدا ً
ِي على هذا اإلجماع وفي نهایة المجتهد :إذا أعنت أي المتطبب كان علیه الضرب والسجن والدیة أو خطأ وقد ا ُّدع َ
في ماله وقیل :على العاقلة.
واعلم أن المتطبب هو من لیس له خبرة بالعالج ولیس له شیخ معروف والطبیب الحاذق هو من له شیخ معروف
وثق من نفسه بجودة الصنعة وإحكام المعرفة .
قال ابن القیم في الهدي النبوي :إن الطبیب الحاذق هو الذي یراعي في عالجه عشرین أمرا ً وسردها هنالك .قال:
والطبیب الجاهل إذا تعاطى علم الطب أو علمه ولم یتقدم له به معرفة فقد هجم بجهله على إتالف األنفس وأقدم
بالتّهور على ما ال یعلمه فیكون قد ّ
غرر بالعلیل فیلزمهالضمان وهذا إجماع من أهل العلم.
قال الخطابي :ال أعلم خالفا ً في أن المعالج إذا تعدى فتلف المریض كان ضامنا ً والمتعاطي علما ً أو عمالً ال یعرفه
متعدّ ،فإذا تولد من فعله التلف ضمن الدیة وسقط عنه القود ألنه ال یستبد بذلك دون إذن المریض .وجنایة الطبیب
على قول عا ّمة أهل العلم على عاقلته اهـ.
وأما إعنات الطبیب الحاذق فإن كان بالسرایة لم یضمن اتفاقا ً ألنها سرایة فعل مأذون فیه من جهة الشرع ومن جهة
المعالج وهكذا سرایة كل مأذون فیه لم یتعد الفاعل في سببه كسرایة الحد وسرایة القصاص عند الجمهور خالفا ً
ألبي حنیفة رضي هللا عنه فإنه أوجب الضمان بها.
وفرق الشافعي بین الفعل المقدر شرعا ً كالحد وغیر المقدر كالتعزیر فال یضمن في المقدر ویضمن في غیر المقدر
ألنه راجع إلى االجتهاد فهو في مظنة العدوان .وإن كان اإلعنات بالمباشرة فهو مضمون علیه إن كان عمداً ،وإن
كان خطأ فعلى العاقلة .
واألربَعَةَُ ،وزَ ا َد أَحْ َمدُ:
ْ س مِنَ اإلبِ ِل" َر َواهُ أَحْ َم ُد س َخ ْم ٌ ح َخ ْم ٌاض ِ سلّم قالَ" :في ا ْل َم َو ِ صلّى هللا َ
علَ ْی ِه َو َ ي َ ع ْنهُ أَ َّن النّب َّ
َو َ
ارو ِد . ْ
ص ّح َحهُ اب ُن ُخزَ ْی َمةَ َوا ْب ُن ال َج ُع ْش ٌر مِنَ اإلبِ ِل" َو َع ْش ٌر َ س َوا ٌء :كُل ُه َّن َصاب ُع َ "واأل َ َ
اضح) جمع موضحة (وعنه) أي عن عمرو بن شعیب عن أبیه عن جده (أنه صلى هللا علیه وآله وسلم قال" :في ا ْل َم َو ِ
ع ْش ٌر مِنَ اإلبِ ِل" وصححه س َوا ٌء كُلُّ ُه َّن َ
ع ْش ٌر َ صابِ ُع َ
س مِنَ اإلبل" رواه أحمد واألربعة .وزاد أحمد "واأل َ
س َخ ْم ٌ
( َخ ْم ٌ
ابن خزیمة وابن الجارود)
وهو یوافق ما تقدم في حدیث كتاب عمرو بن حزم وموضحة الوجه والرأس سواء باإلجماع إذ هما كالعضو الواحد.
ع ْق ِل ال ُم ْسلِمِینَ " َر َواهُ أَحْ َم ُد
صف َ ع ْق ُل أَ ْه ِل ال ِذّ ّم ِة نِ ْ
سلّمَ " : صلّى هللا َ
علَ ْی ِه َو َ ع ْنهُ َقالََ :قا َل َرسو ُل هللا َ ع ْنهُ رضي َّ ُ
َّللا َ َو َ
ْ ُّ
الر ُج ِل َحتى یَ ْبلُ َغ الثلثَ ع ْق ِل َّ ْ َ ْ
عق ُل ال َم ْرأةِ مِ ث ُل َ يَِ " : ْ
ف دیَ ِة ال ُح ِ ّر" ،وللنّ َ
سائ ّ ص ُ ْ َ
األربَ َعةَُ ،ولَ ْفظُ أبي َد ُاو َدِ " :دیّةُ ال ُم َعا َه ِد نِ ْ
َو ْ
ص ّح َحهُ اب ُن ُخز ْی َمةَ . ْ
مِن دیَتِ َها" َو َ
ع ْق ُل أَ ْه ِل ال ِذّ ّم ِة
سلّمَ " : صلّى هللا َ
علَ ْی ِه َو َ ع ْنهُ) أي عن عمرو بن شعیب عن أبیه عن جده ( َقالََ :قا َل َرسو ُل هللا َ (و ََ
عق ُل ا ْل َم ْرأَةِ يَِ " : ف د َی ِة ا ْل ُح ِ ّر" ،وللنّ َ
سائ ّ ص ُاألر َب َعةَُ ،ولَ ْفظُ أَبي َد ُاو َدِ " :دیّةُ ا ْل ُم َعا َه ِد نِ ْ
ع ْق ِل ال ُم ْسلِمِ ینَ " َر َواهُ أَحْ َم ُد َو ْ
صف َ نِ ْ
ص ّح َحهُ اب ُن ُخز ْی َمةَ)مِن دیَتِ َها" َو َ الر ُج ِل َحتى یَ ْبلُ َغ الث ُّ ْلثَ ْ مِ ثْ ُل َ
ع ْق ِل َّ
لكنه قال ابن كثیر :إنه من روایة إسماعیل بن عیاش وهو إذا روى عن غیر الشامیین ال یحتج به عند جمهور
األئمة وهذا منه .
قلت :تعنتوا في إسماعیل بن عیاش إذا روى عن غیر الشامیین وقبوله في الشامیین والذي یرجح عند الظن قبوله
مطلقا ً لثقته وضبطه وأنه لذلك صحح ابن خزیمة هذه وهي عن إسماعیل عن ابن جریج وابن جریج لیس بشامي .
واعلم أنه اشتمل الحدیث على مسألتین :األولى في دیة أهل الذ ّمة ،وههنا للعلماء ثالثة أقوال:
األول :أنها نصف دیة المسلم كما أفاده الحدیث .قال الخطابي في معالم السنن :لیس في دیة أهل الكتاب شيء أبین
من هذا وإلیه ذهب عمر بن عبد العزیزو[اث] عروة بن الزبیر[/اث] وهو قول مالك وابن شبرمة وأحمد بن حنبل
.
غیر أن أحمد قال إذا كان القتل خطأ فإن كان عمدا ً لم یقد به وتضاعف علیه اثني عشر ألفاً.
وقال أصحاب الرأي و سفیان الثوري :دیته دیة المسلم وهو قول الشعبي والنخعي ویروى ذلك عن[اث] عمر[/اث]
و[اث]ابن مسعود[/اث] وقال الشافعي وإسحاق بن راهویه :دیته الثلث من دیة المسلم اهـ .
فعرفت أن دلیل القول األول حدیث الكتاب ،واستدل للقول الثاني وهو قول الحنفیة وإلیه ذهب الهادویة بقوله تعالى:
{وإن كان من قوم بینكم وبینهم میثاق فدیة مسلمة إلى أهله} قالوا :فذكر الدیة والظاهر فیها اإلكمال وبما أخرجه
البیهقي عن ابن جریج عن الزهري عن أبي هریرة قال :كانت دیة الیهودي والنصراني في زمن النبي صلى هللا
تعالى علیه وعلى آله وسلم مثل دیة المسلمین ،الحدیث .
وأجیب بأن الدیة مجملة وحدیث الزهري عن أبي هریرة مرسل ومراسیل الزهري قبیحة وذكروا آثارا ً كلها ضعیفة
اإلسناد .
ودلیل القول الثالث هو مفهوم قوله في حدیث عمرو بن حزم" :وفي النفس المؤمنة مائة من اإلبل" فإنه دل على أن
غیر المؤمنة بخالفها وكأنه جعل بیان هذا المفهوم ما أخرجه الشافعي نفسه عن ابن المسیب أن عمر بن الخطاب
رضي هللا عنه قضى في دیة الیهودي والنصراني بأربعة آالفوفي دیة المجوسي بثمانمائة".
ومثله عن عثمان رضي هللا عنه فجعل قضاء عمر رضي هللا عنه مبینا ً للقدر الذي أجمله مفهوم الصفة.
وال یخفى أن دلیل القول األول أقوى ال سیما وقد صحح الحدیث إمامان من أئمة أهل السنة.
المسألة الثانیة :ما أفاده قوله :وللنسائي أي من حدیث عمرو بن شعیب عن أبیه عن جده" :عقل المرأة مثل عقل
الرجل حتى یبلغ الثلث من دیتها.
وهو دلیل على أن أرش جراحات المرأة یكون كأرش الرجل إلى الثلث وما زاد علیه كان جراحتها مخالفة لجراحاته
.
صلّى هللا
والمخالفة بأن یلزم فیها نصف ما یلزم في الرجل وذلك ألن دیّة المرأة على النصف من دیة الرجل لقوله َ
سلّم في حدیث معاذ" :دیة المرأة على النصف من دیة الرجل علَ ْی ِه َو َ
َ
وهو إجماع فیقاس علیه مفهوم المخالفة من أرش جراحة المرأة على الدیة الكاملة.
وإلى هذا ذهب الجمهور من الفقهاء وهو قول[اث] عمر[/اث] وجماعة من الصحابة.
وذهب[اث] علي[/اث] رضي هللا عنه والهادویة والحنفیة والشافعیة إلى أن دیة المرأة وجراحاتها على النصف من
دیة الرجل .
وأخرج البیهقي عن علي أیضا ً أنه كان یقول" :جراحات النساء على النصف من دیة الرجل فیما قل وكثر
وال یخفى أنه قد صحح ابن خزیمة حدیث" :إن عقل المرأة كعقل الرجل حتى یبلغ الثلث" فالعمل به متعین والظن
به أقوى وبه قال فقهاء المدینة السبعة وجمهور أهل المدینة وهو مذهب مالك وأحمد ونقله أبو محمد المقدسي
عن[اث] عمر[/اث] وابنه وقال :ال نعلم لهما مخالفا ً من الصحابة إال عن علي رضي هللا عنه وال نعلم ثبوته عنه.
قال ابن كثیر :قلت :هو ثابت عنه .وفي المسألة أقوال أخر بال دلیل ناهض .
ع ْق ِل ا ْلعَ ْمدِ ،وال یُ ْقتَ ُل صاحِ بُهُ ،وذلِكَ أَ ْن ع ْق ُل ِش ْب ِه ا ْلعَ ْمد ُمغَلّظٌ مِ ثْ ُل َ
سلّمَ " : صلّى هللا َ
علَ ْی ِه َو َ ع ْنهُ قالَ :قا َل َرسُو ُل هللا َ َو َ
ضعّفَهُ . ْ
ارقُطني َو َ َ
سالح" أ ْخ َر َجهُ ال َّد َ
ٍ ضغِین ٍة َوال َح ْم ِل اس في غیر َ شیْطا ُن فَتَكُو ُن ِد َما ٌء بین النّ ِیَ ْن ُز َو ال ّ
ع ْق ُل ِش ْب ِه ا ْل َع ْم ِد
(وعنه) أي عمرو بن شعیب عن أبیه عن جده (قال :قال رسول هللا صلى هللا علیه وآله وسلمَ " :
ع ْق ِل ا ْلعَ ْمدِ) بینه في حدیث أبي داود بلفظ "مائة من اإلبل منها أربعون في بطونها أوالدها" وتقدم (وال ُمغَ ْلظٌ مِ ثْ ُل َ
طانُ) النزو بفتح النون فزاي فواو أي یثب (فَتَكُونَ ِد َما ٌء صاحِ بُهُ) وبین شبه العمد بقوله( :وذلِكَ أَ ْن ی ْن ُز َو ال ّ
ش ْی َ یُ ْقتَ ُل َ
ِالح" أخرجه الدارقطني وضعفه). ضغینَ ٍة وال َح ْم ِل س ٍ غیْر َ اس في َ َبیْنَ النّ ِ
وأخرجه البیهقي بإسناده ولم یضعفه .والحدیث دلیل أنه إذا وقع الجراح من غیر قصد إلیه ولم یكن بسالح بل بحجر
أو عصا أو نحوهما فإنه ال قود فیه وأنه شبه العمد فیلزم فیه الدیة مغلظة كما تقدم في دیة العمد .
وقد تقدم أن الدیة في العمد وشبه العمد تكون أثالثا ً عند الشافعي ومالك وأنها أرباع عند الهادویة وتقدم ذلك .
وأما أنها تكون أخماسا ً كما أفاده حدیث ابن مسعود الماضي في الخطأ فتقدم أنه قال به أصحاب الرأي وغیرهم،
وفیه دلیل على إثبات شبه العمد وقدمنا أنه الحق.
سلّم ،فَ َج َع َل النّبي صلّى هللا َ
علَ ْی ِه َو َ سو ِل َّ ِ
َّللا َ ع ْه ِد َر ُ
على َ ع ْن ُه َما قَالَ" :قَتَ َل ر ُج ٌل َر ُجالً َ
َّللا َ
ّاس َرضي َّ ُ عب ٍ ابن َ
ع ِن ِ َو َ
سالَهُ .
إر َ سائي َوأَبو َح ٍ
اتم ْ عش ََر أَ ْلفاً" َر َواهُ ْ
األربَعَةُ َو َر ّج َح النّ َ سلّم ِدیَتَهُ اثني َ صلّى هللا َ
علَ ْی ِه َو َ َ
سلّم فجعل النبي صلّى هللا َ
علَ ْی ِه َو َ ( وعن ابن عباس رضي هللا عنهما قال :قتل رجل رجالً على عهد رسول هللا َ
سلّم دیته اثنى عشر ألفاً) بین البیهقي أن المراد درهماً( .رواه األربعة ورجح النسائي وأبو حاتم صلّى هللا َ
علَ ْی ِه َو َ َ
إرساله)
وقد أخرج البیهقي عن علي رضي هللا عنه وعائشة وأبي هریرة وعمر بن الخطاب رضي هللا عنهم مثل هذا .وإنما
رجح النسائي وأبو حاتم إرساله لما قاله البیهقي :إن محمد بن میمون رواه عن سفیان بن عیینة عن عمرو بن دینار
عن عكرمة عن ابن عباس ،إنما قال لنا فیه :عن ابن عباس مرة واحدة وأكثر ما كان یقول :عن عكرمة عن النبي
صلى هللا علیه وآله وسلم انتهى .
قلت :وزیادة العدل مقبولة وكونه مرة واحدة كاف في الرفع فإنه لو اقتصر علیها لحكم برفع الحدیث فإرساله مرارا ً
ال یقدح في رفعه مرة واحدة .وإلى هذا ذهب أكثر العلماء.
وذهب الهادویة وأهل العراق أنها عشرة آالف درهم واستدل له في البحر بقوله :لقول علي به وهو توقیف انتهى.
ي اجتهاد وال
إال أنه لم یطرد هذا فیما ینقله عن علي رضي هللا عنه بل تارة یقول مثل هذا وتارة یقول إن قول عل ّ
یلزمنا ،ودعوى التوقیف غیر صحیحة إذ مثل هذا فیه لالجتهاد مسرح .
سلّم َو َمعِي ابْني ،فَقَالََ " :م ْن هذَا؟" فَقُ ْلتُ :ابْني َوأَ ْش َه ُد بِهِ ،قَالَ" :أَ َما صلّى هللا َ
علَ ْی ِه َو َ ي َ ع ْن أَبي ِر ْمثَةَ قالَ :أَتَیْتُ النّب َّ
َو َ
ص ّح َحهُ اب ُن ُخزَ ْی َمةَ وابْن ا ْل َج َ
ارودِ. سائي َوأَبُو َد ُاو َد َو َ علَ ْیهِ" َر َواهُ النّ َعلَیْكَ وال تَجْ ني َ إنّهُ ال َیجْ نِي َ
(وعن أبي رمثة) بكسر الراء وسكون المیم وبالمثلثة اسمه رفاعة بن یثربي بفتح المثناة التحتیة وسكون المثلثة فراء
فموحدة فیاء النسبة ،قدم على النبي صلى هللا علیه وآله وسلم وعداده في أهل الكوفة( :قال :أتیت النبي صلى هللا
علَ ْیهِ" علیه وآله وسلم ومعي ابني فقالَ " :م ْن هذَا؟" فقلت :ابني وأشهد به قال" :أَ َما إنّهُ ال َیجْ ني َ
علَیْكَ وال تَجْ ني َ
رواه النسائي وأبو داود وصححه ابن خزیمة وابن الجارود) وأخرجه أبو داود والترمذي وابن ماجه من حدیث
عمرو بن األحوص أنه شهد حجة الوداع مع النبي صلى هللا علیه وآله وسلم فقال" :ال یجني جان إال على نفسه وال
یجني جان على ولده.
في الباب روایات أخر تعضده .
والجنایة الذنب أو ما یفعله اإلنسان مما یوجب علیه العقاب أو القصاص .
وفیه داللة على أنه ال یطالب أحد بجنایة غیره سواء كان قریبا ً كاألب والولد وغیرهما ،أو أجنبیاً .فالجاني یطلب
وحده بجنایته وال یطالب بجنایته غیره .
قال هللا تعالى{ :وال تزر وازرة وزر أخرى} فإن قلت :قد أمر الشارع بتحمل العاقلة الدیة في جنایة الخطأ والقسامة.
قلت :هذا مخصص من الحكم العام وقیل :إن ذلك لیس من تحمل الجنایة بل من باب التعاضد والتناصر فیما بین
المسلمین.