Professional Documents
Culture Documents
596
596
“ موعد مع القمة”
مع
د.مصطفى أبوسعد
-دكتوراه في علم النفس التربوي
– مدرب في التنمية البشرية والتربية اإليجابية
mostafabac1@gawab.com
Fax:009654752570
مركز النخبة
1
د.مصطفى أبوسعد الذكاء الوجداني ” :موعد مع القمة “ مفاجآت صيف دبي 2005
ما هو الذكاء الوجداني؟
أجريت أبحاث خالل 25سنة من قبل 1000مؤسسة على عشرات األلوف من األشخاص وكلها توصلت
إلى النتيجة نفسها :
“ ” .إن نجاح اإلنسان يتوقف على مهارات ال عالقة لها بشهاداته وتحصيله العلمي
هو قدرة اإلنسان على التعامل اإليجابي مع نفسه ومع اآلخرين بحيث
.يحقق أكبر قدر من السعادة لنفسه ولمن حوله
2
د.مصطفى أبوسعد الذكاء الوجداني ” :موعد مع القمة “ مفاجآت صيف دبي 2005
الذكاء الوجداني
مصطلحات
الذكاء هو مجموعة من القدرات العقلية التي تمكن من اكتساب المعرفة و التعلم و حل المشكالت .أما •
االنفعال ،Emotionفيعرفها معجم السمات الوجدانية بأنه "حالة وجدانية حادة و فجائية ،مضطربة و غير
منظمة ،تختلف عن الحالة االعتيادية للفرد ،تتسم باالستثارة و التنبيه و التوتر و الرغبة في القيام بعمل ما،
و لالنفعال مكونات داخلية (فيزيولوجية و شعورية و معرفية) ،و خارجية (سلوكية مثل تعبيرات الوجه) ،و
تعتمد هذه الحالة على مواقف معينة ،و تستثير ردود أفعال الفرد المتطرفة و التي توجه عادة نحو مصدر
االنفعال ،و يشمل االنفعال بوجه عام مشاعر قوية أو حاالت وجدانية إيجابية أو سلبية" .و االنفعاالت تساعد
الفرد على التكيف أمام مواقف الحياة ذات الصلة بالبقاء.
أما الذكاء االنفعالي فهو يجمع بين الجانب العقلي و الجانب االنفعالي للفرد ،و يقدم "ماير و سالوفي " •
ذكاء ،و فكرة التفكير بشكلً ( )1997تعريفا ً للذكاء الوجداني ،يجمع بين فكرة أن االنفعال يجعل تفكيرنا أكثر
ذكي نحو حاالتنا االنفعالية ،و يركز على القدرة على إدراك و تنظيم االنفعاالت ،و التفكير فيها ،و هو أن
"الذكاء الوجادني يشمل القدرة على إدراك االنفعاالت بدقة ،و تقييمها ،و التعبير عنها ،و القدرة على توليد
االنفعاالت ،أو الوصول إليها عندما تيسر عملية التفكير ،و القدرة على فهم االنفعال و المعرفة الوجدانية ،و
القدرة على تنظيم االنفعاالت بما يعزز النمو الوجداني و العقلي".
و التعريف المشار إليه يعرف الذكاء الوجداني من خالل مجموعة من القدرات المنفصلة ،و لكنها متجانسة •
مع بعضها ،بمعنى أن الفرد قد يكون عالي القدرة في فهم انفعاالت اآلخرين من خالل حساسيته في قراءة
إشارات الوجه غير اللغوية ،و التمييز بين التعابير الصادقة و غير الصادقة مثالً ،و لكنه منخفض القدرة في
تنظيم انفعاالته و التعبير عنها .و مفهوم القدرة يشير إلى توقع انتشار األفراد إعتداليا ً على طرفي منحنى
القدرة.
لعله من المناسب هنا أن تقوم بتحديد ما نعنيه هنا بجملة من المصطلحات النفسية ذات الصلة بمفهوم •
االنفعال الذي عرفناه سابقاً ،و تحديداً المزاج ،و المشاعر ،و العواطف ،و الوجدان ،و األحاسيس.
فالمزاج Moodأو الحالة المزاجية ،فهي حالة انفعالية أقل حدة نسبيا ً في شدتها من االنفعال ،تحدث لسبب •
مجهول ،و غالبا ً ما يكون مصدرها هرمونات الجسم ،في حين أن االنفعال غالبا ً ما يكون معلوم المصدر ،و
يستمر المزاج مدة أطول نسبيا ً من اإلنفعال ،الذي يحدث و يختفي بصورة أسرع من المزاج .و من الممكن
أن ينشأ المزاج بعد االنفعال ،كما في تحول انفعال الحزن ،إذا استمر مدة طويلة و انخفضت حدته ،إلى أسى.
و يفضل عبدالخالق هنا استخدام مصطلح الحالة االنفعالية الممتدة بدالً من المزاج ،و يرى أن المزاج يقابله
مصطلح Temperamentباإلنجليزية ،و الذي هو قابلية أو تهيؤ أو ميل الفرد لالستجابة اإلنفعالية
بطريق معينة مع مواقف الحياة المختلفة ،كميل البعض للحساسية و التهيج ،أو للهدوء و السكينة ،و يبدو أن
الوراثة لها تأثيرها في مثل هذا االستعداد.
أما المشاعر ،Feelingsفتشير إلى الجانب الحسي من الخبرة اإلنفعالية ،كالشعور بالدفء أو الراحة ،و •
بذلك يمكن إعتبارها المكون الحسي لإلنفعال .كما يمكن اعتبار المشاعر ،بهذا المعني ،كلمة مرادفة
لالحساس .العاطفة ، Sentimentمن جانب آخر ،تعني استعداداً كامنا ً نسبيا ً و مركبا ًمن عدة انفعاالت
حول موضوع معين.
و يمكن اعتبار الوجدان Affectمصطلح عام جامع يشمل على االنفعال ،و المشاعر ،و المزاج ،رغم أن •
بعض الباحثين يرادف بينها .و يمكن القول بأن الوجدان أعم من اإلنفعال.
و لقد الحظ الباحث عدة ترجمات عربية إلصطالح ،Emotional Intelligenceفإلى جانب "الذكاء •
االنفعالي" ،هناك "الذكاء الوجداني" ،و "الذكاء الوجداني " ،و "ذكاء المشاعر" .و رغم أن الترجمة
الحرفية للمفهوم هي الذكاء اإلنفعالي ،إال أن هذه الترجمة قد يساء فهمها لدى الذين يميلون إلى حصر
اصطالح "انفعال" في جوانبه غير السارة أو المرضية ،كالخوف و الحزن و الغضب ،و حصر اصطالح
"العواطف" في جوانب االنفعاالت السارة ،كالسرور و الحب .لذا قد يكون استخدام مصطلح "الذكاء
الوجداني" أكثر شمولية لجوانب المفهوم السارة و غير السارة و أكثر تقبالً لدى أوساط العامة.
3
د.مصطفى أبوسعد الذكاء الوجداني ” :موعد مع القمة “ مفاجآت صيف دبي 2005
نشأة الذكاء الوجداني
ولد مصطلح الذكاء الوجداني في الواليات المتحدة في التسعينيات إذ الحظ
الباحثون هناك من خالل أبحاث ودراسات شملت عشرات األلوف من
األشخاص أن نجاح اإلنسان وسعادته في الحياة ال يتوقفان فقط على
شهاداته وتحصيله العلمي والتي تعبر عن ذكائه العقلي IQ وإنما
يحتاجان إلى نوع آخر من الذكاء سموه الذكاء الوجداني . EQ
5
د.مصطفى أبوسعد الذكاء الوجداني ” :موعد مع القمة “ مفاجآت صيف دبي 2005
النضج الوجداني :دكتور محمد المهدي
أwهمية الذكاء الوجداني :
-1يلعب الذكاء الوجداني دوراً هاما ً في توافق الطفل مع والديه
وإخوته وأقرانه وبيئته بحيث ينمو سويا ً ومنسجما ً مع الحياة،
كما أنه يؤدي إلى تحسين ورفع كفاءة التحصيل الدراسي.
-2يساعد الذكاء الوجداني على تجاوز أزمة المراهقة وسائر
األزمات بعد ذلك مثل أزمة منتصف العمر بسالم.
-3يعتبر الذكاء الوجداني عامالً مهما ً في استقرار الحياة
الزوجية فالتعبير الجيد عن المشاعر وتفهم مشاعر الطرف
اآلخر ورعايتها بشكل ناضج ،كل ذلك يضمن توافقا ً زواجيا ً
رائعا ً .
-4والذكاء الوجداني وراء النجاح في العمل والحياة ،فاألكثر
ذكاءاً وجدانيا ً محبوبون ومثابرون وتوكيديون ،ومتألقون
وقادرون على التواصل والقيادة ومصرون على النجاح.
ونظراً لتلك األهمية البالغة للذكاء الوجداني ،فقد أوصى علماء
النفس بتنميته من خالل دروس تعليمية ودورات تدريبية
وورش عمل بهدف الوصول إلى درجات عالية من الذكاء
الوجداني ،وهو ما نطلق عليه النضج الوجداني ،وسوف نتحدث
عنه اآلن بشيء من التفصيل نظراً ألهميته.
6
د.مصطفى أبوسعد الذكاء الوجداني ” :موعد مع القمة “ مفاجآت صيف دبي 2005
:المقاييس المختلفة للعمر
حين نسأل شخصا ً ما :ما عمرك ؟ يجيبنا على الفور :خمسون سنة (مثالً) .هذه اإلجابة
قاصرة جداً ألنه هنا ذكر عمره الزمني فقط ،وهذا العمر الزمني ال يفيدنا كثيراً في
معرفة أبعاد شخصية من سألناه ألن هناك مقاييس وأبعاد أخرى للعمر (أحيانا ً تكون
منسجمة مع العمر الزمني وأحيانا ً أخرى ال تنسجم) ،نذكرها فيما يلي:
- Jerome Murray (2004) . Are you growing up or just getting older?. An internet article
under the title" Emotional Maturity" with modifications .
7
د.مصطفى أبوسعد الذكاء الوجداني ” :موعد مع القمة “ مفاجآت صيف دبي 2005
كيف نحسن نضجنا الوجداني؟
هي رحلة طويلة تبدأ من الطفو+لة المبكرة وتستمر حتى آخر لحظة في الحياة إذ ليس هناك سقف للنضج
الوجداني .وإليك عزيزي القارئ بعض التو+صيات:
-1الوعي بالذات:
حاول أن ترى نفسك كما هي ال كما يجب أن تراها ،ستواجهك بعض المصاعب حيث أن الدفاعات النفسية
(مثل الكبت Repressionواإلسقاط Projectionواإلنكار Denialوالتبرير
) Rationalizationستحول بينك وبين هذه الرؤية الموضوعية ،لذلك اسأل الناس المخلصين
الصادقين من حو+لك أن يحدثوك عن نفسك بص+راحة ،وتقبل رؤيتهم حتى ولو لم تعجبك .تدرب جيداً
و+طو+يالً على قراءة ما يدور بداخلك من أفكار وما يعتمل في نفسك من مشاعر.
-2تقبل الذات:
وتقبل الذات ال يعني موافقتها على ما هي عليه دائما ً وإنما هي مرحلة مهمة يبدأ منها التغيير لألفضل.
-3ال تحاول السيطرة على اآلخرين:
فبدالً من السيطرة والتحكم في اآلخرين حاو+ل أن تتعاون معهم ،وعندما يكون هناك صراع أو خالف مع
طرف آخر فحاول أن تصل إلى حل يكون الطرفان فيه رابحين ،وال تحرص على أن تكون أنت
الرابح الو+حيد دائماً.
-4كن مستعداً لتغيير صالتك االجتماعية:
تجنب الناس والمواقف التي تخرج أسوأ ما فيك ،واحرص على أن تعرض نفسك للناس وللمو+اقف التي
تخرج أحسن ما فيك.
-5ابحث عن معنى للحياة يتجاوز حدود ذاتك:
ذلك المعنى الذي يعطيك منظوراً تلسكوبيا ً واسعا ً للحياة ،وليس ذلك المعنى المحدود الضيق الذي ال يتجاوز
حدود اهتمامك الذاتي .+وإذا كان لديك هذا المعنى الكبير الممتد للحياة فإنك ستعمل للخلود وبالتالي
ستكو+ن أهدافك عظيمة ومحفزة لقدراتك لكي تنمو بشكل مضطرد .وعالمة نجاحك في الوصول إلى
هذا المعنى هي شعو+ر ثري وممتلئ بالحياة ،ليس حياتك فقط بل أيضا ً حياة اآلخرين ،و+عمارة الكون،
ذلك الشعور الجميل ال يحس به إال من وصلو+ا إلى النضج الوجداني سعيا ً لو+جه هللا الذي امتدح
صفات النضج الوجداني في رسوله صلى هللا عليه وسلم قائالً:
- Jerome Murray (2004) . Are you growing up or just getting older?. An internet article
under the title" Emotional Maturity" with modifications .
8
د.مصطفى أبوسعد الذكاء الوجداني ” :موعد مع القمة “ مفاجآت صيف دبي 2005
الذكاء الوجداني في المدرسة
في تجربة استمرت لمدة عامين ُأدخلت مادة الذكاء الوجداني ضمن
البرنامج الدراسي لمجموعة من الطالب ثم تمت متابعة هؤالء الطالب
:لمدة ست سنوات بعد انتهاء التجربة فكانت النتيجة كما يلي
.ازدياد قwwدرة اwwلطالبعلىاwwلتأقwلم wمع wاwwلشدة اwwلنفسية 1-
.اwنخفاضنwwسبة ا wإلدمانواwwلعwاداwتاwwلغwذاwئية اwwلسلبية2-
.اwنخفاضنwwسبة اwwلتصرفاتاwwلعwدواwنية3-
.اwنخفاضنwwسبة اwwلتدخين4-
كما ثبت أيضا ً أن تنمية مهارات الذكاء الوجداني عند المدرسين يساعدهم
.على التواصل مع الطالب بشكل أفضل
الفهم الجيد للذكاء العاطفى للطفل مفيد لألباء الذين يحاولوا المحافظة
النظرية على ما هو مهم في تنشأة أطفالهم وبذلك فان الجينات الوراثية
لنا تمدنا بنظم ونزعة اتجاة الصفات الشخصية و تجاربنا من خالل
الحياة فى السنوات المبكرة للطفولة .األطفال يطوروا جوهر شخصيتهم
وحسهم بانفسهم و هم يطوروا المنظور االجتماعي والطبيعي للعالم
ومهارتهم فى قيادة السائدة والضحلة التى تتدعمهم على طول و الحافز
للنجاح ينبع من الداخل و األطفال يظهرعاطفته لألخرين و القدرة
.لألستجابة الوجداني ة طلوعا ً ونزوالً عن األخرين
9
د.مصطفى أبوسعد الذكاء الوجداني ” :موعد مع القمة “ مفاجآت صيف دبي 2005
معدل الذكاء الوجداني لطفلك
كيف
ممكن ان نكون األفضل بكوننا أباء (ولسنا معلمين ! ) لتحسين
ي
معدل الذكاء الوجداني بتشكيل الذكاء العاطفى فى سلوكنا
ة مساعدة
بطريقة أخرى .األباء الذين فى مقدرتهم مساعدة األطفال ذو
الذكاء العاطفى العالى هم :
.1منتبهين جيداً لمشاعر ابنائهم ومساعدتهم فى فهم
مشاعرهم
أطفالنا بت
· .2مساعدة اطفالهم فى فهم ومعرفة مشاعر األخريين
· .3تحديد االهداف الطفالهم·
.4مساعدة اطفالهم في تطوير نظرتهم التفاؤلية للحياة·
.5اإلمداد بالروابط والحدود واالتجاهات حتى يصبح أطفالنا
أعضاء مسئولة في المجتمع·
حسين معد
مساندة عملية تطوير الكفاءة و الثقة بالنفس و المثابرة
ضرورى للنجاح فى المهمات مع التدريب اللطيف والتدقيق.
في العادة هذه اكثر الطرق فعالية لمساعدة األطفال .تجاهل
العواطف يكون عادة للتغلب علي المخاوف التي تتقبل جميع
االنفعاالت،او االنفعال السلبي لردود أفعال األطفال لن تفيد
األطفال الذين يطوروا إحساسهم بأنفسهم ومهارات هم
محتاجين لها للنجاح.يوجد كثير من الكتابات الرائجة المتاحة ل ذكائهم ا
عن مبادئ معدل الذكاء العاطفى .الوالدين البد ان يختاروا وان
يبحثوا عن كتب التي تكون مبينة على أبحاث حقيقية ،الطريقة
الهندسية لتنمية معدل الذكاء الوجداني للطفل تكون على
األرجح إيجابية .أحسن نصيحة للوالدين يمكن ان تكون هي
لوجداني ؟
10
د.مصطفى أبوسعد الذكاء الوجداني ” :موعد مع القمة “ مفاجآت صيف دبي 2005
أبعاد الذكاء الوجداني
:الذكاء الوجداني يبنى على األتى
.1معرفة العواطف الفرد
المعرفة الشخصية أو القدرة على معرفة المشاعر كما تحدث هى حجر
الزاوية للذكاء العاطفى
أن نكون علي عالم بأمزجتنا ،أفكارنا ،و مشاعرنا عن أمزجتنا هذا
ضرورى ألدارة العواطف.
.2إدارة العواطف
إ دارة المشاعر هكذا تؤدى إلى سلوك مالئم َيكون مهارة طبيعية التى تبنى
الوعى الشخصى
.3التحفيز النفسى
المواجهه واألصرار لمواجهة القلق والخوف و العقبات يترتكز علي اإلنجاز
المنفرد.
صدق انك تمتلك الرغبة الدارة األحداث الرئيسية والتنبؤات الحاسمة
للنجاح فى الحياة والمدرسة.
.4مالحظة عواطف األخرين
بالتأكيد بناء على المعرفة الشخصية للعواطف و تطبيقها عمليا ً على
األخريين هى المهارة الوجداني ة األساسية للنجاح فى التفاعل الداخلى.
.5التعامل في العالقات الشخصية
فن العالقات هو على نطاق موسع يقاس بواسطة كيفية التأثير على
األخريين وكيفية قدرتنا على التعرف و األستجابة لهذا األحساس بسلوك مالئم.
11
د.مصطفى أبوسعد الذكاء الوجداني ” :موعد مع القمة “ مفاجآت صيف دبي 2005
ما هي االنفعاالت الوجدانية؟
االنفعاالت الوجدانية هي التعبير الذي ال يزال علماء النفس والفلسفة ينتقدونه منذ قرابة
القرن ،وفي أدق معناه الحرفي يعرف قاموس أوكسفورد اصطالح emotionبأنه حاالت
اضطراب في الدفاع والمشاعر والعواطف وأي حالة ذهنية عميقة أو انفعالية ،ويأخذ المؤلف
هذه الكلمة على انها اشارة الى المشاعر واالفكار الخاصة بها والحالتين النفسية والبيولوجية
وحاالت من النزوع الطبيعي للتحرك أو العمل .وهناك المئات من االنفعاالت العاطفة مع مزيج
خاص بها وتنوعات والطفرات والمضايقات .وهناك الكثير من العناوين الفرعية لالنفعاالت
اكثر ما لدى الباحثين والعلماء من كلمات مرادفة لها أو تشرحها.
ويواصل الباحثون جدلهم حول اي بالضبط االنفعاالت التي يمكن اعتبارها أولية أو يجادلون
ما اذا كانت هناك انفعاالت عاطفية أولية .ويفترض بعض المنظرين عائالت أساسية على
الرغم من ان الجميع ال يشاطرون الرأى .وفيما يلي التعريفات المرشحة الرئيسية وبعض
اعضاء عائالتها :الغضب :االثارة والحنق واليأس والنبض والضيق والحيرة والعداء ويجوز
ان تكون حاالت مرضية مثل الكراهية والعنف.
الحزن :األسي ،والحزن الشديد وعدم البهجة والكآبة واالنقباض والرعب والذعر.
االنبساط :السعادة ،المتعة ،الخالص الفرحة والمتعة والتسلية.
الحب :القبول ،الصداقة والثقة ،واللطف العشق واالفتتان.
المفاجأة :الصدمة ،المفاجأة والدهشة والتعجب.
االشمئزاز :االزدراء ،الغثيان ،االحتقار ،التجنب ،الخجل :الذنب ،االرباك واألسى ،الندم،
االذالل ،إماثة الجسد .للتأكد من ذلك فإن هذه القائمة ال تحل كل قضية ازاء كيفية فرز
العواطف واالنفعاالت ،وعلى سبيل المثال ما هي قضية الخليط مثل الحسد الذي يحتوي على
مزيج من الغضب والحزن والخوف ،والواقع فإنه ال وجود الجابات شافية ،وال يزال النقاش
العلمي حول كيفية تصنيف العواطف االنفعالية قائماً .ولكن لم يظهر نموذج علمي للعقلية
االنفعالية التي توضح ان ما نقوم به يمكن ان يدفعنا بصورة انفصالية اال في السنوات
االخيرة ،وهي كيف يمكن ان نكون عقالنيين في لحظة وغير عقالنيين أو منطقيين في
لحظات اخرى .والشعور الذي تكون لالنفعاالت حاالتها المنطقية المتعلقة بها وكيف يكون لها
منطقها.
ويقدم عدد من العلماء قائمة من االدلة العلمية المختلفة ويوفرون قائمة من السمات التي
تميز االنفعاالت الوجداني ة عن بقية الحياة الذهنية
12
د.مصطفى أبوسعد الذكاء الوجداني ” :موعد مع القمة “ مفاجآت صيف دبي 2005
مكونات الذكاء الوجداني
13
د.مصطفى أبوسعد الذكاء الوجداني ” :موعد مع القمة “ مفاجآت صيف دبي 2005
من مكونات الذكاء الوجداني 1
• هي قدرتك على اإلحساس بما يشعر به اآلخرون من خالل كلماتهم ولغة أجسادهم .
التعاطف :
• هي قدرتك على إظهار مشاعرك لآلخرين وأن تجعل ذلك جزءاً أساسيا ً من تفاعالتك اليومية مع الناس .
• هي قدرتك على إنشاء شبكة من العالقات مع اآلخرين بحيث تجد في هذه العالقات نفسك بشكل
حقيقي وكامل وتستطيع أن تعبر عن اهتمامك باآلخرين وتقديرك لهم وأن تشاركهم آالمك وآمالك .
• عدم تفهم اإلنسان لمشاعر اآلخرين يؤدي إلى المفاجآت في التعامل معهم .
– يجب عدم الحكم على مشاعر اآلخرين وإبداء الرأي فيها وإنما تفهمها واحترامها كما هي .
– عندما نطلب من اآلخرين أن يشعروا مثلنا ونربط تقبلنا لهم بذلك فنحن نمحو هويتهم ونعتدي على حقهم في
الوجود كأشخاص مستقلين عنا .
رجل يجلس في مقعده في الطائرة و إلى جانبه مقعد فارغ .هو ال يريد ألحد أن يجلس في
المقعد المجاور له و يزعجه ,يضع حقيبته في المقعد المجاور و يمسك بجريدة و يبدأ
بقراءتها .تزدحم الطائرة بالركاب و هم يبحثون عن مقعد يجلسون فيه ,يسترق النظر إلى
الناس من خلف الجريدة و يفردها اكثر ليجعل الناس ال يرغبون في الجلوس في المقعد
.المجاور له
:الموقف
إنه يهتم بحاجته فقط و يعتبر حاجات اآلخرين أقل أهمية ,إنه ينظر إلى اآلخرين كمشكلة أو
.تهديد له
:المشاعر
.هو يشعر بالقلق و الضيق و التوتر و الغضب من اآلخرين الذين يمكن أن يجلسوا بجواره
ال :
يحدث خطأ غي حجز المقاعد لزوجين في طائرة ,فال يجلسان بجانب م
بعضهما و فيما المضيف يبحث عن حل لهذه المشكلة تتقدم امرأة ث لاشه د
و تعرض على أحد الزوجين و تبادله المكان بجانبها مقعد فارغ
اني
.ليجلس الزوجان بجانب بعضهما
:الموقف
.....................................................................................
:المشاعر
.لقد شعرت بالغبطة و االرتياح بسبب تلبيتها لحاجات اآلخرين
15
د.مصطفى أبوسعد الذكاء الوجداني ” :موعد مع القمة “ مفاجآت صيف دبي 2005
:م بقل
التعاطف :فن اإلحساس باآلخر إ و ايك
ه
ي رن
ست
متى نستطيع أن نقول بالفعل لشخص آخر "أنا أفهمك" أو "أشعر بما تحس به" أو "أفهم ما
يدور بداخلك" ...عندما نكون حساسين .التعاطف Empathyهو أكثر من مجرد المشاركة
الوجدانية - Sympathyإنه القدرة على اإلصغاء و التبصر بهدف التعرف على أفكار و مشاعر
اآلخر .و تعد هذه القدرة مولودة و ليست مكتسبة و مع ذلك فإننا قليال ما نستخدمها.
"أشعر بخوفكم ،" I can feel your painقالها بل كيلنتون بعيون مغرورقة بالدمع في حديث
مع أسرة إحدى ضحايا انفجار .و في هذه الجملة ،الني كان ينطق بها بصور مختلفة في مناسبات
مشابهة ،يعتقد المراقبون و المحللون أنهم اكتشفوا سر الرئيس السابق للواليات المتحدة األمريكية،
و الذي يتمثل في الموهبة الخاصة بمنح الناس الشعور بأنه يفهمهم .حتى أن معارضوه السياسيون
وصفوه بالجذاب المتعاطف ، empathically Charmerو بأنه منفتح على اآلخر (و ليس
على النساء فحسب) ،و يبحث عن التقارب الجسدي و ينظر بعمق في عينيه ،و يشد على يديه
بحرارة و يبث له :أنا مصغ لك بالفعل ،أنا مهتم بمشكلتك و يبدو أن كلينتون كان يستخدم هذه
القدرة أو المهارة حسب الحاجة في مقابالته الشخصية.
و لكن هل هذا الشعور هو التعاطف Empathyأم مشاركة وجدانية Sympathyالذي يتم
الخلط بينه و بين المفهوم األشمل و األوسع التعاطف (التماهي الوجداني ) في كثير من األحيان؟
التعاطف أكثر من مجرد اإلحساس العفوي باآلخر ،الذي يغمرنا أو يستحوذ علينا استنادا لمشاعر
اآلخر ،و قد يدفع أعيننا لذرف الدموع .فالمشاركة الوجدانية هي مجرد مرحلة سابقة للتعاطف.
فعندما نشارك اآلخر وجدانيا نتذكر كيف "يكون" الحزن أو السعادة أو الحنق إننا نتقاسم هذه
الخبرات و يمكننا لهذا أن نعزي أنفسنا ،أن نفرح أو نتوتر .و هكذا ينشأ بين الناس تشارك مصبوغ
باالنفعال أو المشاعر ،إال أنه من حيث المبدأ تشارك سطحي.
إال أن التعاطف أكثر من مجرد التشارك الوجداني .إنه يصف القدرة على فهم خبرات اآلخر و
االستجابة بناء على هذا الفهم بالشكل المناسب.
التعاطف ليس مجرد المشاركة في المشاعر فحسب إنه يحاول فهم ما هو كامن خلف هذه
المشاعر .لهذا يشترط التعاطف اإلصغاء الدقيق و المالحظة الدقيقة .فإذا أردنا أن نكون متعاطفين
فإننا نريد أن تفهم بدقة ما الذي يجري في اآلخر .لهذا نحاول أن نرى العالم بعيون "أن نرتدي
حذائه" .و هذا التبديل للمنظور (و التخلي العابر عن منظورنا) يفتح لنا تفهما يتجاوز المشاركة
الوجدانية آلخر .و بمجرد نستطيع "قراءة" ما الذي يفكر فيه اآلخر و يحسه و ما ينويه و ما هي
الدوافع و العقد التي دفعه وهو موقفه نحونا ،عندئذ يمكننا أن نتعاطف معه .و هذا يعني :ما
نستطيع عندئذ مساعدته – أو حتى حماية أنفسنا من نواياه و مخططاته .إذ أنه يمكن استخدام
التعاطف لصالح اآلخر أو إللحاق الضرر به .فمن يعرف بشكل جيد ما "يدور" في رأس المحيطين
به فإنه ال يستطيع نصحه أو حمايته فحسب و إنما توجيهه و استغالله.
و يعرف باحث التعاطف وليم إكس William Ickesالقدرة التعاطفية على النحو التالي :
االحتضان التعاطفي (من الذات نحو اآلخرين) ليس أكثر من شكل من قراءة األفكار الذي نمارسه في
حياتنا اليومية ...إنه على ما يبدو ثاني أكبر اإلنجازات القادر عليها دماغنا ،حيث أن الوعي نفسه
هو اإلنجاز األكبر" ...
16
د.مصطفى أبوسعد الذكاء الوجداني ” :موعد مع القمة “ مفاجآت صيف دبي 2005
هل العاطفة ذكاء؟ م ل ق ب : يص جلب
خال
منذ مائة عام تم الكشف عن طرق لتحديد الذكاء عند الناس وأصبحت طرقا يعتد بها وتقرر بواسطتها
مصائر الناس وأنا شخصيا ً أتذكر أنني أردت التقدم إلى وظيفة في أوروبا فخضعت لهذا االمتحان
ولفت نظري دقته في اكتشاف مواهب اإلنسان إلى درجة أن عقلي بدأ يشتغل على ثالثة محاور فمن
جهة كان البد من التركيز على اللغة التي هي ليست اللغة األم بالنسبة لي فكان الحديث باللغة
األلمانية .وثانيا ً حصر الذهن لإلجابة على األسئلة التي تعتمد الذاكرة والنباهة والبديهة .وثالثا ً أمتعني
الفحص فبدأت أسخر ذاكرتي لحفظ طرائقه .ولكن المفاجأة أن علم النفس بدأ يكتشف بحراً غنيا ً لم يتم
كشفه عند اإلنسان .فقد عمد (هوارد جاردنر )Haward Gardnerالعالم السيكولوجي بكلية
التربية بجامعة هارفارد إلى بلورة مفهوم جديد للذكاء صدر ذلك في كتاب بعنوان (أطر العقل
) Frames of Mindحيث رأى أن المدرسة السابقة التي أسسها (ستافورد ـ بينيه Staford-
)Binetال تتناول إال حيزاً من اكتشاف شخصية اإلنسان ومهاراته .وظهر واضحا ً ومن خالل
إحصائيات مدروسة أنه ليس كل من نال فوق 120من فحص الذكاء المرموز له ( )IQسيكون ناجحا ً
في الحياة .والجانب الجديد الذي كشف النقاب عنه جاردنر هو أن ذكاء اإلنسان ليس ثالث زوايا من
المنطق والعمليات الحسابية أو البراعة اللفظية بل هناك حسب ما كشف عنه جاردنر ما ال يقل عن
سبعة جداول معرفية تكشف ذكاء اإلنسان وأهمها الجدول االجتماعي أي النجاح في بناء العالقات
اإلنسانية وكما جاء في كتابه( :إن الذكاء في العالقات المتبادلة بين الناس هو القدرة على فهم
اآلخرين وما الذي يحركهم وكيف يمارسون عملهم وكيف يتعاون معهم) وفيما يتعلق بذكاء الشخصية
االجتماعية وتميزها حدد أربع مواصفات( :القيادة والمقدرة على تنمية العالقات .والمحافظة على
األصدقاء .والقدرة على حل الصراعات .والمهارة في التحليل االجتماعي) ويقول جاردنر إن الفروع
السبعة من الذكاء ليست إال حقوالً بدائية الكتشاف مواهب اإلنسان وهناك في الواقع أكثر من عشرين
بوابة الكتشاف الذكاء اإلنساني .والذكاء األكاديمي ال يعد المرء لتقلبات الحياة المخيفة والذكاء الفعلي
كما يقول صاحب كتاب الذكاء الوجداني (دانيل جولمان) هو أن( :تكون قادرا على حث نفسك
باستمرار في مواجهة اإلحباطات والتحكم في النزوات وتأجيل إحساسك بإشباع النفس وإرضائها
والقدرة على تنظيم حالتك النفسية ومنع األسى أو األلم من شل قدرتك على التفكير وأن تكون قادرا
على التعاطف والشعور باألمل) .ومن األمور التي أظهرت صحة هذه النظرة أن خمسة أطفال من
المتفوقين في فحص الذكاء ونالوا فيه 125ـ 133لم يحظ إال واحد منهم بتفوقه في ثالثة مجاالت.
وتفوق واحد منهم فقط في التفاهم االجتماعي .ولكن مشكلة هذا الكشف الجديد أنه غامض بعض
الشيء وليس له اختبارات واضحة كما أنه لم يفرز هذا الذكاء عن (المعرفة واللغة) فلم يصل إلى لب
المشكلة كما يقول جولمان .ولقد حاول تلميذ جاردنر وهو (بيتر سالوفي) أن يعين خمسة أشكال من
هذا الذكاء هي الوعي بالنفس وإدارة العواطف ومنها القدرة على تهدئة النفس وتحفيز النفس أي
توجيه العواطف في خدمة هدف ما والتحكم في االنفعاالت والتقمص الوجداني أي التعرف على
عواطف اآلخرين .وأخيرا توجيه العالقات اإلنسانية وتطويع عواطف اآلخرين ،ومن يؤت الحكمة فقد
أوتي خيرا كثيرا.
17
د.مصطفى أبوسعد الذكاء الوجداني ” :موعد مع القمة “ مفاجآت صيف دبي 2005
كيف تكون سيد نفسك
إن القدرة على التحكم بالنفس تؤدي إلى السعادة والنجاح في الحياة
وظيفة العواطف حماية اإلنسان من األخطار والحفاظ على وجوده . •
تلعب العواطف دورها اإليجابي حينما تأتي في الوقت المناسب وبالشدة •
المناسبة ولفترة مناسبة .
نحن ال نستطيع أن نقرر عواطفنا لكننا نستطيع أن نقرر ماذا نفعل حيالها. •
التركيبة الوجداني ة لإلنسان وراثية ولكن كيفية التعامل معها مكتسبة . •
إن التحكم في العواطف ال يعني تجاهلها أو كبتها . •
18
د.مصطفى أبوسعد الذكاء الوجداني ” :موعد مع القمة “ مفاجآت صيف دبي 2005
قراءة العواطف
19
د.مصطفى أبوسعد الذكاء الوجداني ” :موعد مع القمة “ مفاجآت صيف دبي 2005
األسئلة الذكية
األشخاص األذكياء عاطفيا ً يعرفون كيف يطرحون األسئلة الذكية عاطفيا ً التي تحرك
مشاعرهم اإليجابية وتوجههم في االتجاه الصحيح .
إن وضع المشكلة ضمن أسئلة اإلطار السلبي يؤدي إلى الشعور بالعجز •
وإلقاء اللوم على اآلخرين وإضاعة الفرص .
– ما هي المشكلة ؟
* إن وضع المشكلة ضمن أسئلة اإلطار اإليجابي يدفع اإلنسان إلى السير في •
االتجاه الذي يريده ويحمله المسئولية ويعطيه الكثير من الخيارات :
• ماذا أريد ؟نحن نصنع عاداتنا
• ثم تقوم عاداتنا بصنعنا
• متى أريد تحقيق ذلك ؟ أسئلة اإلطار اإليجابي
• بعد الحصول على ما أريده ما الذي سيتحسن في حياتي ؟
• ما هي المصادر المتاحة لمساعدتي على الوصول إلى ما أريد ؟
• كيف أستخدم اإلمكانات التي لدي أحسن استخدام؟
• ما هي التحديات التي يمكن أن تواجهني ؟
• ما هي أفضل طريقة لمواجهة هذه التحديات ؟
• ما الذي يجب القيام به اآلن للحصول على ما أريد ؟
20
د.مصطفى أبوسعد الذكاء الوجداني ” :موعد مع القمة “ مفاجآت صيف دبي 2005
مركز المشاعر القوية
اللوزة في اجسام البشر هي مجموعة من الهياكل المتداخلة تقع فوق جذع الدماغ قرب قاع الحلقة
الحوفية ..وهناك لوزتان .واحدة على كل جانب من الدماغ تقع باتجاه جانب الرأس .وتعد اللوزة
متخصصة في المسائل االنفصالية الوجداني ة ،فإذا بترت اللوزة عن باقي الدماغ ،تكون النتيجة عدم
القدرة على االحساس باالحداث المهمة الوجداني ة وتسمى هذه الحالة احيانا بـ «العمى المؤثر».
ويؤدي فقد اللوزة الى االفتقار ألي تفاعل عاطفي .فعلى سبيل المثال خضع شاب لعملية استؤصلت
خاللها اللوزة من دماغه ،فأصبح ال يبدي اي رغبة في االختالط بالناس ،وفضل الجلوس في عزلة
بدون اي اتصال مع البشر .وبينما كان قادرا بصورة مثالية على التخاطب والتحادث مع اآلخرين ،إال
انه لم يعد قادرا على التمييز بين اصدقائه وأقاربه ،ولم يعد يتعرف حتى على والدته ،وبقي غير
مبال بضيق اآلخرين .وتعمل اللوزة لمخزن الذكريات االنفعالية ،ولذلك فهي ذات اهمية بوظيفتها.
فالحياة بدون لوزة الدماغ مجردة من المعاني الشخصية.
ودعنا نتذكر ذلك الوضع عندما يتحول الذكي الى مغفل ،لقد حدث بدقة عندما طعن الطالب النجيب •
جاسون استاذ الفيزياء في المرحلة الثانوية باستخدام ساطور المطبخ ،ولكن الحقائق ذكرت في
التقرير الذي افاد ان جاسون الطالب الحاصل على ترتيب مستوى رفيع في مدرسة بكلورال سبرنيغ
بوالية فلوريدا كان همه وأمله الوحيد هو دخول كلية الطب ،اي ان حلمه كان الدخول الى كلية الطب
بجامعة هارفرد ،لكن استاذ مادة الفيزياء ديفيد بولوجروتو منحه 80درجة في االختبار .وعندما
اعتقد جاسون ان الدرجة مجرد « » Bاحس ان امله قد خاب فحمل ساطورا الى المدرسة وفي
مواجهة مع بولوجروتو في مختبر الفيزياء طعن الطالب استاذه في عظمة الترقوة قبل ان يتمكن
اخرون من السيطرة على الموقف .وحكم قاض على الطالب جاسون بالبراءة ،وقال ان الطالب
اصيب بالجنون خالل الحادث وأقسم 4أطباء نفسانيون وعلماء نفس على انه اصيب باضطراب
نفسي خالل الشجار ،وزعم جاسون انه كان يخطط لالنتحار بسبب نتيجة االختبار .وذهب الى استاذه
البالغه بأنه سيقتل نفسه بسبب هذه الدرجة السيئة .ولكن االستاذ بولوجروتو روى قصة مختلفة:
«اعتقد انه كان يحاول االجهاز علي بالكامل النه اصيب بغضب شديد نتيجة للدرجة السيئة.
بعد نقله الى مدرسة خاصة ،تخرج جاسون بعد عامين وكان االول في فصله .وبعد ان حصل على •
درجات عالية تخرج بمرتبة الشرف وكان استاذه ديفيد بولوجروتو ال يزال يشتكي بأن طالبه السابق
لم يعتذر قط عما فعله او حتى يتحمل المسئولية عن الحادث.
والقضية اآلن كيف لطالب شديد الذكاء ومتميز ان يقوم بعمل اخرق مثل ذلك ،عمل ال يقوم به سوى •
مجنون؟ االجابة هي ان الذكاء االكاديمي ليس له عالقة بالحياة الوجداني ة .فاالشخاص من ذوي
الذكاء المتوقد يمكن ان يكونوا ضعفاء بصورة مذهلة في توجيه حياتهم الخاصة .والحقيقة ان هناك
استثناءات واسعة النطاق من القاعدة القائلة ان اصحاب الذكاء الرفيع يتوقعون النجاح ،بل ان هناك
الكثير من االستثناءات اكثر من الحاالت التي تنسجم مع القاعدة .وفي احسن الحاالت فإن الذكاء
يسهم بنسبة %20بالعوامل التي تحدد النجاح في الحياة .ويترك %80لعوامل اخرى ،وكما الحظ
احد الباحثين فإن الغالبية العظمى من العناصر التي تكمن وراء ارتفاع المكانة في المجتمع تحددها
عوامل ليس لها صلة بالذكاء وتتراوح ما بين الطبقة االجتماعية الى الحظ.
وحتى كبار المفكرين ،امثال ريتشارد هيرنشتين وتشارلز موريه ،ال يعلقون الكثير من •
االهمية على الذكاء واالخيران يعترفان بأنه يجوز ان طالبا بدرجات مقبول في
الرياضيات ،بدال من التوجه كي يصبح عالما ً رياضيا ً فإنه يدير مشروعه الخاص به
فيصبح سيناتورا او يجمع الماليين من الدوالرات ،ولذلك ال ينبغي ان يفقد احالمه ،ان
الصلة بين درجات االختبار وتلك االنجازات تتضاءل في ضوء شمولية السمات االخرى
التي يبعث فيها الحياة.
21
د.مصطفى أبوسعد الذكاء الوجداني ” :موعد مع القمة “ مفاجآت صيف دبي 2005
قــراءة في كالذكاء الوجداني :
تــاب
دانييل جولمان
عن سلسلة عالم المعرفة صدر كتاب (الذكاء الوجداني ) ،محتويا ً على ثالثة أقسام مع مقدمة يقدم
المؤلف في هذا الكتاب طريقا ً جديداً للنظر في جذور أسباب أمراض األسر والمجتمعات ،ويدعو
.فيه إلى ثقافة العقل والقلب معا ً
قام المؤلف في هذا الكتاب برحلة تأمل علمي ثاقب في عواطف اإلنسان ،نفهم منها معنى الذكاء،
.وكيفية ارتباطه بالعاطفة ،ونطلع عبر صفحاته على مملكة المشاعر وتأثيرها في مسار حياتنا
اعتمد المؤلف على األبحاث الطبية والدراسات التي أجريت على الدماغ البشري خالل العقدين
الماضيين ،ليخرج بآخر اكتشافات تركيبة المخ الوجداني ة التي تفسر كيف تهيمن قبضة
العاطفة القوية على العقل المفكر ،وكيف تكشف تراكيب المخ المتداخلة المتحكمة في لحظات
الغضب والخوف أو الحب عن كثير من الحقائق ،وأن النقص في الذكاء الوجداني أساس الكثير
.من مشاكل كل فرد منا ،ألنه يدمر الذهن ويهدد الصحة الجسمانية بأخطار جسيمة
ويجيب المؤلف عن السؤال المهم :ما هذه المشاعر اإلنسانية؟ وما مكانها في المخ؟ وهل ما ورثناه
من طباع قدر محتوم ،أم أن دوائر المخ العصبية دوائر مرنة يمكن أن تتعلم وتتغذى ،وتقوى
.وفقا ً للبنية التي يتأسس عليها ذكاؤنا الوجداني منذ الطفولة؟
أما أكثر الحقائق إثارة للقلق في هذا الكتاب فهي ذلك المسح البحثي الشامل الذي يكشف كيف بات
جيل األطفال الحالي في العالم كله أكثر غضبا ً وجنوحا ً وقلقا ً واندفاعا ً وعنفا ً ..فهل الذكاء
.الوجداني يقدم عالجاً؟
.الجواب في صفحات هذا الكتاب الشيق
في المقدمة يستشهد المؤلف بقول ألرسطو في كتابه ( األخالق إلى نيقو ماخوس)( :أن يغضب أي
إنسان ،فهذا أمر سهل ..لكن أن تغضب من الشخص المناسب ،وفي الوقت المناسب،
.وباألسلوب المناسب ..فليس هذا باألمر السهل)
ثم يذكر المؤلف حادثة كان شاهداً عليها قبل عشرين عاما ً والتي انحفرت في ذهنه ودعته إلى تأليف
..هذا الكتاب
تتلخص تلك الحادثة بصعود المؤلف إلى إحدى الحافالت حيث شد انتباهه سائقها وهو يرحب به
وترتسم على وجهه ابتسامة دافئة حيث ح ّياه بود ،وقد انتبه المؤلف إلى أن السائق كان يرحب
بكل راكب حين صعوده ..بينما ارتسم على وجوه الركاب المزاج الكئيب فلم تكن تلقى تحيته وداً
.إال من قليل منهم
ولكن مع تقدم الحافلة ببطء في مسيرها واستمرار السائق بتحية الركاب والتعليق على ما تمر عليه
الحافلة من أسواق ،ودور سينما ..حدث تحول بطيء وسحري داخل الحافلة ،ومع الوقت انتقلت
عدوى ابتهاجه بما يتمتع به من إمكانات ثرية إلى الركاب ..ونزل كل فرد في محطته وقد خلع
عن وجهه ذلك القناع المتجهم الذي صعد به .وعندما كان السائق يودع كالً منهم بقوله :إلى
..اللقاء ..يوما ً سعيداً ..كان الرد يأتيه بابتسامة جميلة على الوجوه
22
د.مصطفى أبوسعد الذكاء الوجداني ” :موعد مع القمة “ مفاجآت صيف دبي 2005
:ويعلق المؤلف على هذه الحادثة بقوله
لقد انطبع هذا الموقف في ذاكرتي قرابة عشرين عاماً ،وكنت وقتها قد انتهيت رأسا ً من إعداد
رسالتين لنيل الدكتوراه في علم النفس ..لكن الدراسات السيكولوجية في تلك األيام لم تكن تبدي
..اهتماما ً يذكر بالكيفية التي يمكن أن يحدث بها مثل هذا التحول
إذ لم يكن العلم السيكولوجي يعرف سوى القليل ،وربما لم يكن يعرف شيئا ً أصالً ،عن آليات
العاطفة ..ومع ذلك فكلما تخيلت انتشار (فيروس) المشاعر الطيبة بين ركاب الحافلة الذي البد
أنه سرى عبر المدينة ،بدءاً من ركاب تلك الحافلة ،اعتبرت ذلك السائق مصلحا ً يجوب المدينة
( أو باعث السالم في مجموعة من البشر) بمقدرته السحرية على التخفيف من حالة التجهم
الشديد البادي على وجوه الركاب ،فإذا بقلوبهم تتفتح قليالً ،ويتحول التجهم المرسوم على
:الوجوه إلى ابتسامة ،وفي تناقض صارخ مع هذه الحادثة تنبئنا بعض فقرات الصحف بما يلي
بواعث الفعل:
إن كل االنفعاالت في جوهرها هي دوافع ألفعالنا ..هي الخطط الفورية للتعامل مع الحياة التي غرسها
..التطور في كياننا اإلنساني
..ويلعب كل انفعال في سجلنا الوجداني دوراً فريداً ،كما توضحه البصمات البيولوجية المتميزة
وقد تمكن الباحثون اليوم بالوسائل العلمية الجديدة البالغة التقدم التي استطاعت أن ترى الجسم
والمخ من الداخل بدقة من اكتشاف مزيد من تفاصيل الكيفية الفسيولوجية التي تجهز بها العاطفة
:الجسم بمختلف أنواع االستجابات ،وعلى سبيل المثال
في حالة الغضب يتدفق الدم إلى اليدين ليجعلهما قادرتين بصورة أسهل على القبض على سالح أو
ضرب عدو ..وتتسارع ضربات القلب ،وتندفع دفقة من الهرمونات مثل هرمون (األدرينالين) فيتولد
.كم من الطاقة القوية تكفي القيام بعمل عنيف
وفي حالة الخوف :يندفع الدم إلى أكبر العضالت حجماً ،مثل عضالت الساقين ،فيسهل الهرب،
..ويصبح الوجه أبيض اللون شاحبا ً ألن الدم يهرب منه
وفي حالة الدهشة؛ ترفع الحواجب لتسمح بنظرة شاملة أوسع ،وتسمح بدخول مزيد من الضوء إلى
الشبكية ،وهذا يوفر مزيداً من المعلومات حول ما حدث دون توقع وأثار الدهشة ،ويكشف حقيقة ما
.يجري بالضبط ،بما يساعد على اختيار أفضل فعل مناسب للموقف
في هذا القسم األول من الكتاب؛ كانت رحلة المؤلف مع آخر اكتشافات لتركيبة المخ الوجداني ة،
..والتي تقدم تفسيراً لتلك اللحظات األكثر تحييراً في حياتنا والتي تهيمن فيها ،مشاعرنا على عقولنا
إن فهم التفاعل بين تراكيب المخ يكشف عن الكثير فيما يتعلق بكيفية تعلمنا للعادات الوجداني ة التي
يمكن أن تقوض أفضل أهدافنا ،وكذلك ما الذي بوسعنا أن نفعله للسيطرة على انفعاالتنا الوجداني ة
.الهدامة والمسببة لإلحباط؟
في القسم الثاني من الكتاب يرينا المؤلف كيف تدخل معطياتنا العصبية في تشكيل المهارة األساسية
لممارسة الحياة والتي نسميها (الذكاء الوجداني ) أي أن نكون قادرين مثالً على التحكم في نزعاتنا
.ونزواتنا ،وأن نقرأ مشاعر اآلخرين اليومية ونتعامل بمرونة في عالقاتنا مع اآلخرون
هذا النموذج المسهب لمعنى أن يكون المرء (ذكياً) يضع العواطف في بؤرة القدرات الشخصية في
..التعامل مع الحياة
24
د.مصطفى أبوسعد الذكاء الوجداني ” :موعد مع القمة “ مفاجآت صيف دبي 2005
انفالت األعصاب:
الشك في أن ما يثير الفضول لفهم قوة العواطف وتأثيرها في حياتنا العقلية،
تلك اللحظات المثيرة للمشاعر ،والتي نندم عليها بعد أن ينقشع عنها غبار
االنفعال ،ونتذكرها فيما بعد..
اعرف نفسك:
الشك في أن وصية سقراط التي تقول (اعرف نفسك) تتحدث عن حجر الزاوية في الذكاء
..الوجداني ،الذي هو وعي اإلنسان بمشاعره وقت حدوثها
وقد يبدو للوهلة األولى أن مشاعرنا واضحة ..ولكن قدراً أكبر من التفكير والتأمل يذكرنا بأننا
..جميعا ً غافلون عما شعرنا به تجاه شيء ما في الحقيقة ،أو يوقظ فينا هذه المشاعر فيما بعد
وقد استخدم علماء النفس مصطلحا ً ثقيالً اسمه (ما بعد المعرفة) إشارة إلى الوعي بعملية
..التفكير واستخدموا مصطلح (ما بعد االنفعال) ليشير إلى تأمل اإلنسان النفعاالته
لكن المؤلف يفضل مصطلح (الوعي بالذات) بمعنى االنتباه إلى الحاالت الداخلية التي يعيشها
اإلنسان وبهذا الوعي التأملي للنفس ،يقوم العقل بمالحظة ودراسة الخبرة نفسها بما فيها من
.انفعاالت
والواقع أن مراقبة الذات -على أحسن الفروض -تحقق إدراكا ً رصينا ً للمشاعر المضطربة
والمتقدمة ،إنها في أقل تقدير تقدم نفسها في صورة ظاهرية وبسيطة ،وكأنها عائدة لتوها
من خبرة ما ..هي مجرى يوازي الوعي ،أي ما بعد توزع االنتباه في مجرى الوعي
الرئيسي ،أو بجانبه ،مدركة الحدث الجاري أكثر من انضمامها إلى هذه المشاعر ،وضياعها
فيها ..وهذا هو الفرق -مثالً -بين أن تكون غاضبا ً غضبا ً شديداً من شخص ما ،وأن تدرك
..بفكرك الذاتي التأملي قائالً( :أنا أشعر بالغضب) حتى وأنت في حالة هذا الغضب
25
د.مصطفى أبوسعد الذكاء الوجداني ” :موعد مع القمة “ مفاجآت صيف دبي 2005
اعرف نفسك:
وعلى الرغم من التمييز المنطقي بين أن نكون مدركين لمشاعرنا ،وأن نعمل على
تغييرها ،نجد أن جون ماير العالم السيكولوجي بجامعة هامبشير ،الذي وضع نظرية
الذكاء الوجداني ،قد اكتشف أن الوعي بالمشاعر والقيام باألفعال من أجل األهداف
العملية كلها عادة جنبا ً إلى جنب ويداً بيد ..ذلك ألن مجرد إدراكنا أن المزاج سيء ،فهذا
معناه الرغبة في التخلص منه والتعرف على الحالة النفسية شيء متميز عما نبذله من
جهود حتى ال نقوم بفعل ما بدافع انفعالي.
واكتشف ماير أن الناس يميلون إلى اتباع أساليب متميزة للعناية بعواطفهم والتعامل
معها:
:الوعي بالنفس
إن أولئك البشر الذين يدركون حالتهم النفسية في أثناء معايشتها ،عندهم بصورة
متفهمة بعض الحنكة فيما يخص حياتهم االنفعالية ..ويمثل إدراكهم الواضح النفعاالتهم
أساسا ً لسماتهم الشخصية ..هم شخصيات استقاللية واثقة من إمكاناتها ،ويتمتعون
بصحة نفسية جيدة ،ويميلون أيضا ً إلى النظر للحياة نظرة إيجابية .وعندما يتكدر
مزاجهم ال يجترونها وال تستبد بأفكارهم ،هم أيضا ً قادرون على الخروج من مزاجهم
السيء في أسرع وقت ممكن ..باختصار تساعدهم عقالنيتهم على إدارة عواطفهم
وانفعاالتهم..
:الغارقون بانفعاالتهم
هؤالء األشخاص هم من يشعرون غالبا ً بأنهم غارقون في انفعاالتهم ،عاجزون عن
الخروج منها ،وكأن حالتهم النفسية قد تملكتهم تماماً .هم أيضا ً متقلبو المزاج ،غير
مدركين تماما ً لمشاعرهم إلى الدرجة التي يضيعون فيها ويتيهون عن أهدافهم إلى حد
ما ،ومن ثم فهم قليالً ما يحاولون الهرب من حالتهم النفسية السيئة ،كما يشعرون
بعجزهم عن التحكم في حياتهم الوجداني ة ..إنهم أناس مغلوبون على أمرهم ،فاقدو
السيطرة على عواطفهم..
:المتقبلون لمشاعرهم
هؤالء على الرغم من وضوح رؤيتهم بالنسبة لمشاعرهم ،فإنهم يميلون لتقبل حالتهم
النفسية ،دون محاولة تغييرها ،ويبدو أن هناك مجموعتين من المتقبلين لمشاعرهم:
المجموعة األولى :تشمل من هم عادة في حالة مزاجية جيدة ،ومن ثم ليس لديهم دافع
لتغييرها ..والمجموعة الثانية تشمل من لهم رؤية واضحة لحالتهم النفسية ومع ذلك
حين يتعرضون لحالة نفسية سيئة ،يتقبلونها كأمر واقع ،وال يفعلون أي شيء لتغييرها
على الرغم من اكتئابهم .وهذا النموذج من المتقبلين يدخل في إطار المكتئبين الذين
استكانوا لليأس..
26
د.مصطفى أبوسعد الذكاء الوجداني ” :موعد مع القمة “ مفاجآت صيف دبي 2005
عبيد العاطفة:
منذ عصر أفالطون ،ظل اإلحساس بتفوق النفس وقدرتها على مواجهة العواصف الوجداني ة الناتجة عن
ضربات القدر بدالً من االستسالم لها لكي نصبح عبيداً للعاطفة ،ظل هذا اإلحساس فضيلة تستحق اإلشادة
بها دائماً..كانت الكلمة اليونانية لهذه الفضيلة هي (سوفروزايم ) sophrozymeأي االنتباه والذكاء في
إدارة حياتنا :بمعنى اإلتزان والحكمة ..أما الرومان والكنيسة المسيحية القديمة فقد أطلقوا عليها اسم
( ) temprrantiaأي ضبط النفس ،أو كبح جماح اإلفراط في االنفعال ،والهدف من ذلك تحقيق التوازن
الوجداني وليس قمع العاطفة ،ألن لكل شعور قيمته وداللته ..فالحياة من دون عاطفة تصبح أرضا ً حيادية
قاحلة ومملّة ،منقطعة ومنعزلة عن ثراء الحياة نفسها..والمطلوب ،كما الحظ (أرسطو) انفعال يناسب
الظرف ذاته ،فعندما يكبت االنفعال تماما ً فإن ذلك يؤدي إلى الفتور والعزلة ،وعندما يخرج عن إطار
االنضباط والسيطرة ويصبح بالغ التطرف ،واإللحاح ،فإنه يتحول إلى حالة مرضية ،تحتاج إلى العالج مثل
االكتئاب المؤدي إلى الشلل ،والقلق الساحق ،والغضب الكاسح ،والتهيج المجنون..
وال شك في أن مفتاح سعادتنا الوجداني ة يكمن في ضبط انفعاالتنا المزعجة بصورة دائمة ،هذا؛ ألن
التطرف المتزايد والمكثف في العواطف لفترة طويلة يؤدي إلى تقويض استقرارنا.ومن الطبيعي أال نشعر
طوال الوقت بنوع واحد من االنفعال ..والواقع أن هناك الكثير مما يقال عما تسهم به المعاناة البناءة في
الحياة اإلبداعية والروحانية ،ألن المعاناة تهذب الروح..وال شك في أن تقلبات الدهر بما فيها من سعادة
وتعاسة تعطي الحياة نكهة خاصة ،وإن كانت تحتاج إلى التوازن..وما يحدد اإلحساس بالسعادة -بحساب
القلب -هو معدل العواطف اإليجابية والسلبية .وهذه -على األقل -هي الحكمة التي خرجت بها دراسات
عن طبائع مئات الرجال والنساء ،وحاالتهم النفسية التي مرت عليهم ،وسجلوا انفعاالتهم في تلك األوقات..
مثل هؤالء ال يحتاجون إلى تجنب المشاعر غير السارة لإلحساس بالرضا عن حياتهم ،لكنهم ال يتركون
أنفسهم تحت رحمة مشاعرهم العاصفة دون كبح جماحها حتى ال تحل محل حالتهم النفسية المبتهجة ،وثمة
أناس يتعرضون لنوبات عارمة من الغضب واالكتئاب ،ويمكن ألولئك الناس أن يشعروا بالرضا نحو حياتهم
إذا ما تناوبتهم بقدر متساو فترات من الفرح واالبتهاج..
28
د.مصطفى أبوسعد الذكاء الوجداني ” :موعد مع القمة “ مفاجآت صيف دبي 2005
جـــذور التعصب:
تعتبر حاالت التعصب نوعا ً من التعلم الوجداني الذي يجري في تيار الحياة منذ وقت مبكر ،مكونا ً
ردود أفعال يصعب استئصالها كلية ..يحدث هذا أيضا حتى مع من يشعرون وهم شباب بخطأ
االقتناع بهذه األفكار المتعصبة..
ويفسر هذه الحقيقة توماس بيتجرو المتخصص في السيكولوجيا االجتماعية ،بجامعة كاليفورنيا،
والذي درس مشكلة التعصب على مدى عقود قائالً :قد يحدث في وقت متأخر من حياتك أن تغير
تعصبك هذا ،لكنك ستكتشف أنه من السهل عليك كثيراً أن تغير من معتقداتك الفكرية عن تغيير
مشاعرك العميقة..
وتأتي جزئيا ً األفكار النمطية الشائعة التي تكرس التعصب من آليات أكثر حيادية في العقل الذي
يجعل كل أنواع األفكار النمطية مؤكدة بذاتها .هذا ألن الناس عموما ً على استعداد سريع لتذكر
اللحظات التي تؤيد األفكار من هذا النوع ،بينما ينزعون إلى إسقاط اللحظات التي تتحدى هذه
األفكار..
29
د.مصطفى أبوسعد الذكاء الوجداني ” :موعد مع القمة “ مفاجآت صيف دبي 2005
التوتر ,قلق أكثر من الالزم و في غير محله:
وتبدو نذر الشر في مقال ثالث ،وفقا ً ألرقام وزارة العدل األمريكية التي تبين نسبة األحداث المتهمين
بارتكاب جرائم القتل ،والهجوم الخطر والسطو ،واالغتصاب ،حيث أوضحت أن هذه النسبة قفزت في
الفترة من العام 1988م إلى العام 1992م من %68إلى .%80
هؤالء المراهقون هم أول جيل ال يملك فقط المسدسات ،بل من السهل عليه الحصول على األسلحة
األوتوماتيكية ،تماما ً كما كان من السهل على جيل آبائهم الحصول على المخدرات ..هذا الكم من
األسلحة التي في حوزة المراهقين ،يعني أن الخالفات التي كانت في الماضي تؤدي إلى القتال
باأليدي ،يمكن اليوم أن تؤدي بالفعل إلى استخدام الرصاص .وكما أشار خبير آخر إلى أن هؤالء
المراهقين ليسوا باألخالق التي تدفعهم إلى تجنب المشاجرات..
ومن األسباب التي تجعل هؤالء المراهقين يفتقرون إلى المهارات األساسية في الحياة ،أننا مجتمع لم
يعبأ بالتأكد من أن كل طفل أمريكي قد تعلم األساسيات في التعامل مع الغضب ،أو حل الصراعات حالً
إيجابيا ً ،كما أننا لم نعبأ بتعليمهم التعاطف الوجداني مع اآلخرين ،والسيطرة على االندفاع ،أو أية
كفاءة عاطفية من الكفاءات الجوهرية ..ومع إهمالنا تعليم أطفالنا الدروس الوجداني ة وتركها
للمصادفات ،فقد خاطرنا بفقدنا الفرص المتاحة التي تقدمها عملية نضج المخ المادي البطيء،
لمساعدة األطفال على تنمية مخزون عاطفي سليم وصحي..
و بعـــــد:
الكتاب بأقسامه الخمسة تلك قدم رحلة رائعة وشيقة داخل النفس اإلنسانية مستفيداً من
..أحدث الدراسات والنتائج العلمية
وهو كتاب جدير بالقراءة ،ومحاولة اإلستفادة مما ورد فيه على مدار 365صفحة من
..القطع الوسط
أبوسعد
30
د.مصطفى أبوسعد الذكاء الوجداني ” :موعد مع القمة “ مفاجآت صيف دبي 2005