You are on page 1of 33

‫الفيلسوف‬

‫ّ‬
‫املحير‪. ..‬جاك دريدا‬
‫عائشة‬
‫‪ :‬هذا العرض تم تحضيره و تقديمه من طرف‬
‫هادين‬
‫حياته بالتفصيل‬ ‫‪01‬‬

‫‪02‬‬ ‫املدرسة التي ينتمي اليها‬

‫اهم مؤلفاته مع شرحها‬ ‫‪03‬‬

‫‪04‬‬ ‫اهم اقاويله الفلسفية‬


‫السيرة الذاتية لـ جاك دريدا‬

‫يقف اسم جاك دريدا بين أهم فالسفة القرن العشرين‪ ،‬وعلى الرغم من أن أهم ما ُيذكر له هو تطويره نظرية التفكيك في فهم‬
‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫النصوص الكتابية‪ ،‬إلى أن له ما يزيد عن األربعين ً‬
‫كتابا‪ ،‬إضافة إلى مئات املقاالت التي كانت تنشر في دورية ‪ ،Tel Quel‬وهي دورية‬
‫ً‬ ‫ُ‬
‫كانت تعني بالنظريات التجريبية‪ .‬خلف دريدا إرثا ال يمكن نسيانه في الفلسفة‪ .‬ومن أهم مؤلفاته ‪ Of Grammatology‬أو “في علم‬
‫الكتابة” و ‪ Writing and Difference‬أو “الكتابة واالختالف”‪.‬‬
‫وأهم نظرياته هي نظرية التفكيك‪ ،‬والتي لها من النقاد ما لها من املعجبين‪ .‬وتناولت نظرياته العديد من العلوم املحورية‬
‫عدد ٌ‬
‫كبير من‬ ‫كاألنطولوجيا وعلم املعرفة والعلوم االجتماعية وعلم الجمال واألخالق والفن والهندسة املعمارية واملوسيقى‪ .‬تأثر به ٌ‬
‫معاصريه‪.‬‬
‫تقديم‬
‫شهدت نهاية الستينيات في فرنسا ثورة حقيقية في جميع مجاالت الفكر والعلوم اإلنسانية‪،‬‬
‫وتحديدا بعد أحداث مايو ‪ 1968‬الطالبية‪ .‬ستعرف هذه األحداث التاريخية الموشومة في‬
‫ذاكرة الفرنسيين وغيرهم ظهور مذهب التفكيك الذي ارتبط بصفة أساسية بالفيلسوف‬
‫والمفكر الفرنسي جاك دريدا‪ .‬وتسعى التفكيكية باعتبارها منهجا في التفكير والنقد إلى‬
‫تفكيك األسس والثوابت الميتافيزيقية والمطلقة‪ .‬التفكيكية هي سالح معرفي رصين هدفه‬
‫إعادة قراءة النصوص الفلسفية والفكرية بطريقة نقدية شاملة وجديدة بعيدا عن الوالءات‬
‫المجانية لألفكار التي اعتبرت لمدة طويلة مسلمات ال ينبغي زعزعتها أو نقدها أو إلغاؤها‬
‫بصفة نهائية‪ .‬التفكيكية هي ثورة جريئة على ثوابت األفكار التي عمرت طويال دون أن تتم‬
‫‪.‬خلخلتها بواسطة جهاز مفاهيمي ونقدي صارم‬
‫حياتـهـ ‪01.‬‬
‫بـ ـ ـ ـا ـ ـلتفصيل‬
‫جاك دريدا حياة الفيلسوف ّ‬
‫املحير‬
‫بدايات جاك دريدا‬

‫ُولد جاك دريدا في ‪ 15‬تموز‪ /‬يوليو عام ‪ ،1930‬في مدينة بيار‬


‫الجزائرية‪ .‬هو الثالث بين أطفال األسرة الخمسة‪ ،‬والداه هما‬
‫هايم بوسبير تشارلز دريدا وجورجيت سلطانة إيستر سفر‪،‬‬
‫وتعود أصولهما إلى يهود السفرديم‪ُ .‬حرم دريدا من املدرسة‬
‫سن العاشرة‪ ،‬تم طرده من‬ ‫الثانوية منذ يومه األول فيها‪ ،‬وفي ّ‬
‫املد سة بعد أن أخبره أحد املعلمين ّ‬
‫بأن "الثقافة الفرنسية‬ ‫ر‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫لم تصنع لليهود القلة"‪ .‬ومن ثم ذهب إ—لى مدرسة يهودية بعد‬
‫معادية‬
‫ٍ‬ ‫سياسات‬
‫ٍ‬ ‫أن انتهجت سلطات فيشي الفرنسية‬
‫ً‬
‫للسامية‪ .‬فتجنب دريدا الذهاب إلى املدرسة‪ .‬عوضا عن ذلك‪،‬‬
‫خاض العديد من منافسات كرة القدم‪ ،‬فقد كان حلم—ه‬
‫احتراف كرة القدم‪.‬‬
‫وجد دريدا في‪  ‬أعمال فالسفة مثل روسو ونتشه وغيد عزاءً‬
‫لعدم ذهابه إلى املدرسة‪ .‬وحصل على شهادة املاجستير في‬
‫اسية للدراسة ملدة عام‬
‫منحة در ٍ‬‫ٍ‬ ‫الفلسفة‪ ،‬إثرها حصل على‬
‫‪.‬في هارفارد‬
‫حقائق عن جاك دريدا‬

‫في عام ‪ ،1983‬لعب دور فيلسوف فرنسي في الفيلم‬


‫‪ . Ghost Dance‬كما شارك في كتابة السيناريو له ‪.‬رفض‬
‫االلتحاق باملدرسة اليهودية في الجزائر‪ ،‬ا—لتي شك—لها أساتذة‬
‫وطالب أقصتهم سلطات فيشي‪ .‬رسب في اختباره األولي‬
‫للدخول إلى املدرسة العليا الطبيعية في باريس‪| .‬عتم—د كثيرٌ‬
‫من كتبه على مؤلفات رينيه ديكارت‪.‬‬
‫|أشهر مقوالته في كيفية قراءة وفهم النصوص املكتوبة" ال‬
‫شيء خارج النص«‪ .  ‬صاحب املصطلح التقني ‪Différance‬‬
‫ُ‬
‫في اللغة الفرنسية‪ ،‬وقد قالت له والدته ما هكذا تكتب كلمة‬
‫‪ Difference‬اختالف‪ ،‬لكنه صاغه نحتا من‬
‫كلمتين‪ différence‬أي اختالف‪ ،‬و ‪ deférrer‬وتعني تأجيل‪،‬‬
‫فأصبح املعني اإلرجاء والتأجيل‪.‬‬
‫حقائق عن جاك دريدا‬

‫عمل على أطروحة الدكتوراه عن هوسرل‪،‬‬ ‫ّ‬


‫الخمسينيات‪َ ،‬‬ ‫وفي أواخر‬
‫َ‬ ‫ً‬
‫ولكن هذا— املشروع لم يكتمل أبدا‪ ،‬وشرع في هذه األثناء في‬
‫ّ‬
‫الفلسفية منها‪.‬‬ ‫لكل الكتابة‪ ،‬حتى‬ ‫استكشاف الطبيعة الغامضة ّ‬
‫حصل دريدا على شهادة في الفلسفة من مدرسة نورمول‬
‫س في‪ ‬‬‫ثم در َ‬ ‫ّ‬
‫نخبوية في باريس‪ّ .‬‬ ‫فرنساسوبيرييور‪ ،‬وهي جامعة‬
‫ّ‬
‫‪ ‬بجامعة السوربون ومعهد الدراسات العليا في العلوم االجتماعية‪.‬‬
‫‪ :‬في جامعة ييل وجونز هوبكنز وجامعة‪ ‬الواليات ا—ملتحدةكما درس في‪ ‬‬
‫‪ ‬في إيرفين‪ .‬ومثله مثل معاصريه القريبين في الحركةكاليفورنيا‬
‫البنيوية التي كان ينتمي إليها ‪-‬بارت‪ ،‬الكان‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫البنيوية وما بعد‬
‫تجسيدا للفيلسوف‪-‬املقاوم‪ ،‬ولوقي‬ ‫ً‬ ‫ألتوسير‪ ،‬فوكو‪ ،-‬كان در ًيدا‬
‫الس ّ‬
‫لطوية الكامنة في املقاربة‬ ‫بالتقدير لنقده الناسف للقيم ّ‬
‫ثوذكسية لألدب والفلسفة‪ّ .‬أما بالنسبة إ—لى منتقديه‪ ،‬فقد كان‬ ‫ّ‬ ‫األر‬
‫ً‬ ‫ًّ‬ ‫ً‬
‫‪.‬عمله تافها‪ ،‬وغامضا‪ ،‬ووهميا‪ ،‬وحتى تخريبا بشكل غريب‬ ‫ً‬
‫حقائق عن جاك دريدا‬
‫انتباه جمهور أوسع في نهاية ‪ ١٩٦٥‬عندما َ‬ ‫َ‬ ‫اًل‬
‫نشر‬ ‫لفت دريدا أو‬
‫لكتب عن تاريخ وطبيعة الكتابة‪ ،‬في مجلة نقد‪،‬‬ ‫مر ّاجعتين طويلتين ٍ‬
‫ّ‬
‫وشكلت هاتان املراجعتان األوراق املراجعة عمل دريدا األساسي‪ ،‬أال‬
‫وهو كتابه "في علم الكتابة"‪ .‬وفي عام ‪ ،١٩٦٧‬ألهمه هذا األمر أن‬
‫يضع مقاربته في قراءة النصوص في ثالثة كتب‪ ،‬هي "في علم الكتابة"‬ ‫َ‬
‫و"الكتابة واالختالف" و"الكالم والظواهر"‪ ،‬والتي تضمنت دراسات‬
‫مطولة لفالسفة من أ—مثال جان جاك روسو وفرديناند دي سوسيور‬
‫وإدموند هوسرل وإيمانويل ليفيناس ومارتن هيدغر‪ ،‬وفريديك‬
‫ّ‬
‫األنثربولوجي كلود ليفي‬ ‫هيغل وميشيل فوكو ورينيه ديكارت‪ ،‬وكذلك‬
‫ّ‬
‫شتراوس‪ ،‬وسيغموند فرويد‪ ،‬والعديد من الكتاب األدبيين‬
‫وتنصب مجموعة من‬ ‫ّ‬ ‫واملسرحيين‪ .‬سافر دريدا على نطاق واسع‬
‫املناصب الزائرة والدا—ئمة‪ .‬فقد كان دريدا مدير الدراسات في كلية‬
‫َ‬ ‫ّ‬
‫االجتماعية في باريس‪ .‬وشارك رفقة‬ ‫الدراسات العليا في العلوم‬
‫فرانسوا كاتليت وآخرين في عام ‪ ١٩٨٣‬في تأسيس الك ّ—لية الدوليةّ‬
‫ّ‬
‫الفلسفية‬ ‫للفلسفة‪ ،‬وهي مؤسسة تهدف إلى توفير موقع للبحوث‬
‫وانتخ َب رئيساً‬ ‫األكاديمية‪ُ .‬‬
‫ّ‬ ‫التي ال يمكن تنفيذها في أماكن أخرى في‬
‫ِ‬
‫‪.‬أ—ول لها‪ .‬ومات دريدا في عام ‪٢٠٠٤‬‬
‫حياة جاك دريدا الشخصية‬

‫تزوج دريدا عام ‪ 1957‬من ا—ملحللة النفسية مارغريت‬


‫لولد من سيلفيا‬
‫أب ٍ‬‫أوكوتيوريه‪ ،‬ولهما ولدان‪ .‬كما أنه ٌ‬
‫أغاسينسكي‪.‬‬
‫وفاة جاك دريدا‬

‫ُ‬
‫شخصت إصابته بسرطان ا—لبنكرياس قبل وفاته في ‪ 9‬تشرين‬
‫األول‪ /‬أكتوبر عام ‪.2004‬‬
‫ا ـ ـ ـملـدرــسة اـ ـ ـلتي ‪02.‬‬
‫ي ـنــتمياـ ـ ـيلـه ـ ــا‬
‫رــائد اـ ـ ـلتفكيكية"‪ ..‬مــاذا تـ ـ ـ ـ ـعــرفعنجاكدرــيدا اـ ـ ـ نإلــسان؟"‬
‫ّ‬
‫للتفكيكية‪،‬‬ ‫—ملؤسس‬ ‫األب ا ّ‬
‫الفرنسي‪َ ،‬‬
‫ّ‬ ‫عد جاك دريدا‪ ،‬الفيلسوف‬ ‫ُي ّ‬
‫ِ‬
‫يتحدى أسس‬ ‫نسق من التحليل مثير للجدال ّ‬ ‫والتفكيكية هي ٌ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫التفكيكية باعتبارها‬ ‫التقليدي‪ّ .‬‬
‫يطور دريدا‬ ‫ّ‬ ‫الفكر الغر ّبي‬
‫املوجهة حيال هتك االفتراضات‬ ‫النقدية ّ‬
‫ّ‬ ‫اتيجية من املساءلة‬ ‫إستر ّ‬
‫ّ‬
‫الداخلية في اللغة‬ ‫َ‬
‫الالمساءلة والتناقضات‬ ‫ّ‬
‫امليتافيزيقية‬
‫ُّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الفلسفية واألدبية‪ .‬وكثيرا ما تنطوي التفكيكية على ٍ‬
‫طريق‬
‫املركزة (‪- )decentering‬‬ ‫للقراءة التي تعتني‪ ،‬هي نفسها‪ ،‬بنزع ْ‬
‫لكل املراكز‪ .‬حيث يكشف دريدا‪ ،‬في‬ ‫—الية ّ‬‫وبكشف الطبيعة اإلشك ّ‬
‫األساسي أال وهو كتاب "في علم الكتابة"‪ ،‬بالتفصيل‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫عمله‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫خالفه الفلسفي األساسي بشأن التفكيك‪ .‬فالتفكيك‪ ،‬على هذا‬
‫ّ‬
‫الغربي عن‬ ‫نقدية تساعد على تأويل الفكر‬ ‫النحو‪ ،‬هو ممارسة ّ‬
‫يقدم أساس‬ ‫اتبي الذي ّ‬ ‫الثنائي" التر ّ‬
‫ّ‬ ‫طريق قلب أو إزاحة "التقابل‬
‫هذا الفكر‪.‬‬
‫ّ‬
‫وتمثل هذه السلسلة درا—سة لدريدا وملفهومه عن التفكيك‪ .‬في‬
‫جلبت ما بعد الحداثة إلى الواجهة ملوضعة دريدا في‬ ‫ُ‬ ‫البداية‪،‬‬
‫ّ‬
‫السيناريو الفلسفي املناسب‪ .‬وفي الجزء الثاني‪ ،‬تعاملت مع‬
‫دريدا‪ ،‬ومع أ—عظم إنجازته كتاب "في علم الكتابة" الذي يعطينا‬
‫بالتفصيل منهج التفكيك‪ ،‬وبالتالي تطبيقه على أسياد طاعنين في‬
‫العمر‪ ،‬أعني سوسير وليفي شتراوس ورسو وفيك—و وكونديالك‪.‬‬
‫ُ‬
‫وسيناقش‬ ‫وحلل‪ ،‬في هذا القسم‪ ،‬منهج ا—لتفكيك لدى دريدا‪.‬‬ ‫ُ‬
‫تخص ً‬‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬
‫صا‪،‬‬ ‫أيضا األسباب بشأن ملاذا قد تبدي الفلسفة‪ ،‬باعتباره‬
‫نص ّ‬
‫انيتها غير القابلة‬ ‫مثل هذه املقاومة إلصرار دريدا على ّ‬
‫ضربا من ضروب التهديد على‬ ‫إن عمله قد يطرح ً‬ ‫لالختزال‪ :‬إذ ّ‬
‫أخيرا‪ ،‬أن‬ ‫الفلسفية‪ .‬وسأحاول‪ً ،‬‬‫ّ‬ ‫ّ‬
‫السبقية‬ ‫امليثاقات واالفتراضات‬
‫أقيم فلسفة التفكيك من منظور بعض االعتراضات واالنتقادات‬ ‫ّ‬
‫ا—لتي ُو ّجهت لها‪.‬‬
‫ما بعد الحداثة‬

‫مصطلح معقد‪ ،‬أو مجموعة من األفكار‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫ما بعد الحداثة هي‬
‫ّ‬
‫كحقل للدراسة األكاديمية منذ منتصف‬ ‫والتي ظهرت فحسب‬
‫ٍ‬
‫الثمانينيات‪ .‬وما بعد الحداثة‪ ،‬في استعمالها الواسع‪ ،‬هي‬ ‫ّ‬
‫منتشر في تشكيلة من السياقات‪ ،‬مثل ا—لهندسة‬ ‫ٌ‬ ‫مصطلح‬
‫ّ‬
‫املعمارّية والرسم واملوسيقى والشعر والروا—ية‪ ،‬إلخ‪ ،‬ألشياء يبدو‬
‫ّ‬
‫تعددية‬ ‫الحال كذلك‪ -‬بواسطة‬ ‫ُ‬ ‫ّأنها ذات صلة ببعض ‪-‬إذا كان‬
‫وبرغبة غامضة تفعل فعلها مع ادعاءات‬ ‫ٍ‬ ‫هادئة من األساليب‬
‫ُ‬ ‫ّ‬
‫—لحداثوية العليا‪ .‬ومن ناحية فلسفية‪ ،‬تتقاسم ما بعد‬ ‫ّ‬ ‫الثقافة ا‬
‫ّ‬
‫الحداثة شي ا ما من نقد القيم األنوارية ومزاعم الحقيقة التي‬ ‫ًئ‬
‫تتقاطع ً‬
‫ُ‬ ‫ّ‬
‫جماعوية ليبر ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫أيضا‬ ‫الية‪ .‬كما‬ ‫قدمها مفكرون ذوو ٍ‬
‫نزعة‬
‫الجدد مثل ريتشارد رورتي الذي ر ّحب بنهاية‬ ‫مع البراغماتيين ُ‬
‫ًّ‬
‫امتيازيا يقول الحقيقة‬ ‫ً‬
‫خطابا‬ ‫اضي للفلسفة بوصفها‬ ‫ا—لدور االفتر ّ‬
‫ّ‬
‫ويبلغها‪.‬‬
‫ّ‬
‫الحداثي‬ ‫والفن ما بعد‬ ‫ّ‬ ‫وهناك نقطة أخرى من االتصال مع ا—ألدب‬
‫في االنهماك الحالي‪ ،‬فيم—ا بين الفالسفة‪ ،‬بثيمات االنعك—اسيةّ‬
‫ً‬
‫موضوعا‬ ‫الذاتي ة أو باأللغاز الحاصلة بسبب سماح اللغة ألن تصبح‬ ‫ّ‬
‫املحير‪ .‬إلى هذا‬‫البالغي ّ‬ ‫ّ‬ ‫نوع من الخطاب‬ ‫ّ‬
‫الخاص بها في‬ ‫لفحصها‬
‫خالصا مماّ‬ ‫ً‬ ‫النظر إلى ما بعد الحداثة باعتبارها تطوراً‬ ‫ٍ‬ ‫—لحد‪ ،‬يمكن ّ‬ ‫ا ّ‬
‫ّ‬
‫الفلسفي في اآلونة‬ ‫اللساني" الذي ّميز التفكير‬‫ّ‬ ‫ُي ّ‬
‫سمى بـ"املنعرج‬
‫األخيرة‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫‘’السبيل ا—أليسر لبدء التفكير في ما بعد الحداثة يتمثل في التفكير‬
‫في الحداثة نفسها‪ ،‬وهي الحركة التي يبدو أن ما بعد الحداثة نمت‬
‫عليها وانبثقت منها‪’’  ‬‬
‫ّ‬
‫تتحدى ما بعد الحداثة على وجه الخصوص الثقافة األوروبية التي‬ ‫ّ‬
‫تشكلها منذ عصر ّ‬ ‫ّ‬
‫النهضة‪ ،‬والتي ُو ِضعت من خالل القرن‬ ‫أخذت‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫السابع عشر وعصر األنوار‪ ،‬والتي ال تزال خطابا مشتركا بالنسبة‬
‫تتحدى ما‬ ‫وبية‪ .‬إذ ّ‬ ‫اطية األور ّ‬ ‫إلى معظم موا—طني املجتمعات الديمقر ّ‬
‫ّ‬
‫السياسية وفي‬ ‫ّ‬
‫النظرية‬ ‫بعد الحداثة‪ ،‬في الفلسفة وفي ّ‬
‫الفن وفي‬
‫الواقعية ّ‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫برمتها‪ ،‬والتمثيلوي‬ ‫العلم والسوسيولوجيا‪ ،‬ثقافة‬
‫واإلمبيرقوية‪ .‬وبالتالي‪ ،‬يمضي‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫واإلنسانوية‪،‬‬ ‫(‪،)representationism‬‬
‫الشخصي واالجتماعيّ‬ ‫ّ‬ ‫—لحداثي إلى أساس التعريف‬ ‫ّ‬ ‫النقد ما بعد ا‬
‫ّ‬
‫واملؤسساتي نفسه‪.‬‬ ‫ّ‬
‫ّ‬
‫الفلسفي في‬ ‫ألول ّ‬
‫مرة إلى املعجم‬ ‫دخل مصطل—ح "ما بعد الحداثة" ّ‬
‫ّ‬
‫عام ‪ ،١٩٧٩‬وذلك مع نشر جان بورديارد لكتابه الشرط ما بعد‬
‫ٌ‬ ‫ّ‬
‫الحداثي‪ .‬وما بعد الحداثة مرتبطة بموجة املفكرين من أمثال جاك‬
‫دريدا وجوليا كريستيفا وبولندا بارثس وجيل دولوز وفليكس‬
‫كل املعرفة ‪-‬‬‫غوتاري وميشيل فوكو‪ .‬وتنزع ما بعد الحداثة إلى رؤية ّ‬
‫النفس‪ ،‬وإلخ‪ ،‬باعتبارها‬‫التاريخ واألنثربولوجيا واألدب وعلم ّ‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫املعرفة ال ّ‬ ‫نصانية‪ .‬يعني هذا ّ‬
‫ّ‬
‫تتكون من املفاهيم فحسب‪ ،‬وإنما‬ ‫أن‬
‫أيضا من الك—لمات‪ .‬والحال أ ّ—ن ا—لك—لمات‪ ،‬مثل كلمة "ميناء" ‪-‬التي قد‬ ‫ً‬
‫تدل على معان‬ ‫تعني ً‬
‫أيضا ّإم ا "النبيذ" أو "امليناء"‪ ،-‬يمكن أن ّ‬
‫مختلفة‪ .‬لقد وعدت ما بعد الحداثة بتزويد الفلسفة وا—ألنثربولوجيا‬
‫السبيل األيسر‬‫ولعل ّ‬
‫علمي‪ّ .‬‬
‫األدبي وحقول أخرى بأساس ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫والنقد‬
‫ّ‬ ‫ٍ‬
‫لبدء التفكير في ما بعد الحداثة يتمثل في التفكير في الحداثة‬
‫نفسها‪ ،‬وهي الحركة التي يبدو أن ما بعد الحداثة نمت عليها‬
‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫وانبثقت منها‪ّ .‬‬
‫جامع النفجار أساليب‬ ‫مصطلح‬ ‫إن الحداثة هي‬
‫النصف األول من القرن‬ ‫الفن والفلسفة في ّ‬ ‫ونزعات جديدة في ّ‬
‫املميزة بوصفها عصر العقل‬ ‫العشرين‪ ،‬وهي الحقبة ّ‬
‫َ‬ ‫حاولت الحداثة‪ ،‬والتي بدأت ًّ‬
‫فكريا مع عصر التنوير‪ ،‬أن تصف‬
‫ّ‬
‫وموضوعية‪ .‬فقد افترضت‬ ‫ّ‬
‫وإمبيريقية‬ ‫ّ‬
‫عقالنية‬ ‫َ‬
‫العالم بطريقة‬
‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫الحدا—ثة أن هناك حقيقة ينبغي الكشف عنها‪ ،‬وهي وسيلة لإلجابة‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫عقالنية‪ .‬ال‬ ‫عن األسئلة التي يطرحها الشرط البشر ّي‪ ،‬بوسائل‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫اليقينيات‬ ‫تبدي ما بعد الحداثة مثل هذه الثقة‪ ،‬متجاوزة‬
‫وعد بها العقل‪ .‬حيث ُينظر إلى العقل نفسه باعتباره‬ ‫التحتانية التي َ‬
‫ّ‬
‫"أبرشيا" بطريقته‪ .‬فليس لدى‬ ‫ًّ‬ ‫محد ًدا‪ ،‬وباعتبارها‬ ‫شكاًل تار ًّ‬
‫يخيا ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ًّ‬ ‫اًل‬ ‫ّ‬
‫األفضلية فيما يتعلق‬ ‫عقالنيا لتقييم‬ ‫الحداثية سبي‬ ‫الذات ما بعد‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫بأحكام الحقيقة واألخالقية والتجربة االستطيقية أو املوضوعية‪.‬‬
‫اـهم مـؤـلفاتـهـ ‪03.‬‬
‫مـعـ ش ـ ـرـحه ـ ــا‬
‫رــائد اـ ـ ـلتفكيكية"‪ ..‬مــاذا تـ ـ ـ ـ ـعــرفعنجاكدرــيدا اـ ـ ـ نإلــسان؟"‬
‫كاتبا غزير اإلنتاج‪ ،‬فقد ّألف أكثر من ‪ً 40‬‬
‫كتابا‪ .‬وتشمل‬ ‫كان دريدا ً‬
‫كتاباته كتاب "في علم الكتابة"‪ ،‬و"الكتابة واالختالف"‪ ،‬و"الكالم‬
‫عدد من النزعات ّ‬
‫املهمة‬ ‫والظواهر"‪ ،‬و"هوامش الفلسفة"‪ .‬وهناك ٌ‬
‫ً‬
‫تحديدا‬ ‫التي تكمن وراء مقاربة دريدا— للفلسفة‪ ،‬وبشكل أ—كثر‬
‫ّ‬
‫سماها "التفكيكية"‪،‬‬ ‫للتقاليد الغربية للفكر‪ .‬فمن خالل مقاربة ّ‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫أساسيا في طبيعة التقليد امليتافيز ّ‬ ‫ً‬ ‫َ‬
‫الغربي‪.‬‬ ‫يقي‬ ‫افتتح دريدا بحثا‬
‫ما الذي يحاول دريدا قوله لنا؟‬
‫مشكلة اللوغوسـنتريسم (مركزية اللوغوس‪/‬التعريف اللغوي)‬
‫نحاول اإلجابة عن هذا السؤال من خالل التركيز على الجزء األول‬
‫من كتاب دريدا "عن الغراماتولوجيا" (دراسة أنظم—ة الكتابة)‬
‫(‪ ،)١٩٦٧‬الذي نعتقد أ—نه يعطينا الشيفرة التي نستطيع من خاللها‬
‫فهم ّ‬
‫بقية كتاباته‪.‬‬
‫يعتمد دريدا في هذا الكتاب على أفكار اللغوي السويسري فرديناند‬
‫سوسور (‪ ،)١٩١٣-١٨٥٧‬الذي يقول إن الك—لمات تستمد معناها‬
‫من الك—لمات األخرى‪ ،‬وإن املعاني تنتج من خالل ا—الختالف ال‬
‫التشابه‪ .‬على سبيل املثال‪ ،‬نالحظ أن املثلث يختلف عن املربع‪ ،‬ال‬
‫يرتبط أي منهما في عقولنا بشك—ل قياسي مطلق‪ ،‬بل إننا بدال من‬
‫نعرفهم من خالل اختالفهم عن بعضهم بعضا‪ .‬وباملثل‪ ،‬ال‬ ‫ذلك ّ‬
‫ّ‬
‫يمكننا تتبع معاني الكلم—ات إلى معيار ذهبي معين‪ .‬إذا كنا نريد أن‬
‫نعرف معنى كلمة ما فنحن نبحث عنها في القاموس‪ ،‬ا—لذي ّ‬
‫يعرفها‬
‫من خالل كلمات أخرى‪ .‬إذا أردنا أن نعرف ما الذي تعنيه هذه‬
‫الكلمات األخرى ‪ ،‬فعلينا أن نبحث عنها هي أيضا في القاموس‪،‬‬
‫وهكذا دواليك إلى ما ال نهاية‪ ،‬أو على األقل حتى نتوصل إلى كلمات‬
‫‪.‬نعتقد أننا نفهمه—ا سابقا‬
‫ولكن ال يوجد أي ارتباط طبيعي بين الكلمة (سوسير يطلق عليها‬
‫مصطلح "الدالة"‪ ،‬على سبيل املثال الكلمة املكتوبة أو املنطوقة‬
‫"الكلب")‪ ،‬والفكرة أو املفهوم الذي تمثله الك—لمة (املدلولة؛ أو‬
‫املفهوم العام "كلب")‪ .‬تتألف الدالالت من العالقة بين الداالت‬
‫واملدلوالت‪ .‬العالقة بين الداالت واملدلوالت هي ممارسة أو معيار تم‬
‫بناؤه بمرور الوقت‪ ،‬وهو يستمر في التطور‪ ،‬وهو بالطبع يختلف بين‬
‫مختلف اللغات‪ .‬لفهم الروابط‪ ،‬أي لفهم معنى الكلمات‪ ،‬يجب أن‬
‫نتعلم هذه املمارسة إذن‪.‬‬
‫‪   ‬‬
‫إن الكتابة التي تحاول املحاججة بقضية ما‪ ،‬مثل الكتابة‬
‫الفلسفية‪ ،‬غالبا ما تحاول اختزال املعاني إلى تعاريف محددة‪.‬‬
‫ولكن هذه التعريفات تعتمد بدورها على الدالة وعالقته مع‬
‫ا—ملدلولة‪ .‬إن الدافع من وراء ذلك هو الرغبة في الوصول إلى نقطة‬
‫املعين‪ .‬يصف دريدا هذا النوع من الرغبة‬ ‫محورية لفهم املفهوم ّ‬
‫بمركزية اللوغوس‪ ،‬وهو ما يعني محاولة الوصول إلى اللوغوس أو‬
‫التعريف النهائي ملفهوم ما‪ ،‬والذي قد يطلق عليه البعض "املعرفة‬
‫الحقيقية"‪.‬‬
‫‪   ‬‬
‫قد يبدو في بادئ األمر أن مركزية اللوغوس هي مركزية املعاني‬
‫الشفاهية‪ .‬ففي األصل‪ ،‬اعتمدت الفلسفة الغربية على الكالم بدال‬
‫من الكتابة‪ .‬لم يقم سقراط بكتابة أي كتاب‪ ،‬بل كان الفالسفة في‬
‫فضل الفالسفة‪،‬‬ ‫حينه يجادلون الناس في األسواق‪ .‬في وقت الحق‪ّ ،‬‬
‫بمن فيهم أرسطو‪ ،‬الكالم على الكتابة‪ .‬فالكالم بطريقة أو بأخرى‬
‫أ—قرب إلى تفكير املتحدث من النصوص التي قد يكتبها‪ .‬لكن دريدا‬
‫يجادل ضد هذا التفضيل بإسهاب في كتابه "عن الغراماتولوجيا"‪.‬‬
‫لن أركز على هذه الحجة ولكنني أريد التركيز على اقتراحات دريدا‬
‫حول تفسير النصوص‪.‬‬
‫تعتمد الفلسفة على اللغة‪ ،‬لكنها تفترض باستمرار مركزية‬
‫اللوغوس وو—جود املعاني الثابتة للمفاهيم ‪-‬أي التعاريف‬
‫ّ‬
‫املحددة‪ -‬بشكل متاح لنا‪ .‬ولكن ألن الدالة (الكلمة) واملدلولة‬
‫(املعنى املفاهيمي) لها استقاللية أكثر مما قد نريد أن ّ‬
‫نقر‬
‫بها‪ ،‬ال يوجد دائما معنى واحد ثابت‪ ،‬لذا فإن النصوص‬
‫‪.‬لديها أكثر من تأويل واحد‬

‫–> أرسطو‪ ،‬فيلسوف يوناني ‪( ‬مواقع التواصل االجتماعي)‪.‬‬


‫أـشـه ــر أـقوا ـ ــل‪04.‬‬
‫جاكدرــيدا‬
‫رــائد اـ ـ ـلتفكيكية"‪ ..‬جاكدرــيدا اـ ـ ـ نـإلـسان؟"‬
Desktop mockup

You can replace the image on


the screen with your own
work. Just right-click on it
and select “Replace image”
‫ال يمكن لوحش أن يعلن عن‬
‫نفسه فال يمكن للمرء القول‪:‬‬
‫إليكم الوحش هنا‪ ،‬دون‬
‫‪.‬تحوله حاال إلى كائن أليف‬
‫_ جاك دريدا‬
‫ملا ال يمكن قوله ال ينبغى‬
‫السكوت عنه‪ ،‬ويكفى أن‬
‫ُ‪.‬يكتب‬

‫_ جاك دريدا‬
‫‪.‬للطاملا تظاهرت بالتظاهر‬
‫_ جاك دريدا‬
‫حلمت ً‬
‫دوما بقلم يكون‬
‫‪.‬كالحقنة‬
‫_ جاك دريدا‬
‫ً‬ ‫ً ً‬
‫تحدثت دوما لغة وحيدة ولم‬
‫‪.‬تكن لغتي‬
‫_ جاك دريدا‬
‫علمني التحليل النفسي أنه‬
‫يمكن ألشخاص أن يكونوا‬
‫أحياء رغم موتهم‪ ،‬خالفا لكثير‬
‫من‬
‫‪.‬األحياء‬
‫_ جاك دريدا‬
‫شكرا على‬
‫حسن‬
‫انتباهكم‬

You might also like