You are on page 1of 16

‫املشترك اللفظي‬

‫فرآدى كسوف الشمس‬


‫املقدمة‬

‫‪ ‬تع د اللغ ة العربي ة من أس مى اللغ ات؛ ملا تتم يز ب ه من ث روة ووف رة في‬
‫األلف اظ واملف ردات‪ ،‬يس تطيع من خالله ا الكاتب أو املتح دث التعب ير عن‬
‫مكنوناته واألحداث املحيطة بسيل وافر من املعاني سواء كانت مترادفة‬
‫أم متض ادة تش كل فيم ا بينه ا ظ واهر فريدة له ذه اللغ ة الجميل ة‪ .‬ومن‬
‫تلكم الظواهر اللغوية ظاهرة‪ :‬املشترك اللفظي‪.‬‬
‫املشترك لغة‬

‫‪ ‬من االش تراك وهو االجتم اع‪ ،‬واملخالط ة‪ ،‬يق ال‪ :‬أش رك فالن ا‬
‫في األم ر إذا دخ ل في ه مع ه‪ ،‬ولف ظ مش ترك أي مجتم ع في ه‬
‫معان كثيرة (مختار الصحاح للرازي)‬
‫ًا‬
‫املشترك اصطالح‬

‫‪ ‬اتف اق اللفظين‪ ،‬واملع نى مختل ف‪ ،‬نح و قولك‪ :‬وجدُت علي ه من املوجدة‪ ،‬ووج دُت ‪ ،‬إذا‬
‫أردت وجدان الضالة‪( .‬سيبويه)‬
‫‪ ‬إن االشتراك هو أن تتعدد املعاني للفظ الواحد‪ ،‬ويسمى اللفظ الذي تعددت معانيه‬
‫باملشترك‪ ( .‬األنطاكي)‬
‫‪ ‬اللفظ املوضوع لحقيقتين مختلفتين‪ ،‬أو أكثر‪ ،‬وضعا أوال من حيث هما كذلك‪( .‬الرازي)‬
‫‪ ‬يسمى الشيئان املختلفان باالسمين املختلفين‪ ،‬وذلك أكثر الكالم‪ ،‬كرجل وفرس‪ ،‬وتسمى‬
‫األشياء الكثيرة باالسم الواحد‪ ،‬نحو عين املاء‪ ،‬وعين املال وعين السحاب‪ .‬ويسمى الشيء‬
‫الواحد باألسماء املختلفة نحو السيف‪ ،‬املهند‪ ،‬الحسام‪( .‬أبو الحسين أحمد بن فارس)‬
‫َّس‬ ‫ًة‬ ‫ْي‬ ‫َي‬ ‫َن‬ ‫ُّل‬ ‫ُظ‬
‫‪ ‬قول الزبيدي في مقدمة تاج العروس إنه "اللف الواحد الدا على مع ن مختلفين فأكثر دالل على ال واِء‬
‫عند أهِل تلك اللغة‬
‫‪ ‬قول زكرياء بن محمد األنصاري‪" :‬ما وضع ملعنيين فأكثر‪ ،‬كالقرء للطهر والحيض‬
‫‪ ‬قال السرخسي‪ " :‬وأم ا املش ترك‪ ،‬فكل لف ظ يش ترك في ه مع ان‪ ،‬أو أس ام‪ ،‬ال على سبيل االنتظ ام‪ ،‬ب ل على‬
‫احتم ال أن يكون كل واح د‪ ،‬ه و املراد ب ه على االنف راد‪ .‬وإذا تعين الواح د م رادا ب ه‪ ،‬انتفى اآلخ ر‪ .‬مث ل اس م‬
‫(العين) فإنه للناظر‪ ،‬ولعين املاء‪ ،‬وللشمس‪ ،‬وللميزان‪ ،‬وللنقد من املال‪ ،‬وللشيء املعين‪ ،‬ال على أن جميع ذلك‬
‫مراد بمطلق اللفظ‪ ،‬ولكن على احتمال كون كل واحد مرادا بانفراده عند اإلطالق‪ ،‬وهذا ألن االسم يتناول كل‬
‫واحد من هذه األشياء‪ ،‬باعتبار معنى‪ ،‬غير املعنى اآلخر‪ .‬وقد بينا أن لفظ الواحد ال ينتظم املعاني املختلفة‬
‫‪ ‬لش وكاني فح ده بقوله‪" :‬اللفظ ة املوضوعة لحقيق تين مختلف تين‪ ،‬أو أك ثر‪ ،‬وضعا أوال‪ ،‬من حيث هم ا ك ذلك‪.‬‬
‫فخرج بالوضع‪ ،‬ما يدل على الشيء بالحقيقة‪ ،‬وعلى غيره باملجاز‪ .‬وخرج بقيد الحيثية‪ ،‬املتواطئ‪ .‬فإنه يتناول‬
‫املاهيات املختلفة‪ ،‬لكن ال من حيث هي كذلك‪ ،‬بل من حيث إنها مشتركة في معنى واحد‬
‫تاج الدين السبكي إلى أنه "اللفظ الواحد‪ ،‬الدال على معنيين مختلفين‪ ،‬أو أكثر‪ ،‬داللة على السواء‪ ،‬عند أهل تلك اللغة‪ .‬سواء كانت‬ ‫‪‬‬
‫الداللتان مستفادتين من الوضع األول‪ ،‬أو من كثرة االستعمال‪ ،‬أو كانت إحداهما مستفادة من الوضع األول‪ ،‬أو من كثرة االستعمال‪.‬‬
‫أو كانت إحداهما مستفادة من الوضع‪ ،‬واألخرى من كثرة االستعمال‪ .‬ومن قولنا الواحد‪ ،‬احتراز عن األسماء املتباينة واملترادفة‪ ،‬فإنه‬
‫يتن اول املاهي ة‪ ،‬وهي مع نى واح د‪ ،‬وإن اختلفت محاله ا‪ .‬وقولن ا عن د أه ل تل ك اللغ ة إلى آخ ره‪ ،‬إش ارة إلى أن املش ترك‪ ،‬ق د يكون بين‬
‫حقيقتين لغويتين‪ ،‬أو عرفيتين‪ ،‬أو عرفية ولغوية‬
‫عبد الرحيم اإلسنوي فجعل لكالمه عن املشترك مقدمة نافعة في الفرق بين الوضع واالستعمال والحمل قائال "فالوضع‪ :‬هو جعل‬ ‫‪‬‬
‫اللفظ دليال على املعنى‪ ،‬واالستعمال‪ :‬هو إطالق اللفظ وإرادة املعنى‪ ،‬وهو من صفات املتكلم‪ .‬والحمل‪ :‬اعتقاد السامع مراد املتكلم‪ ،‬أو‬
‫ما اشتمل عليه مراده‪ ،‬وذلك من صفات السامع"‬
‫‪:‬تعريف املشترك اللفظي‬

‫‪ ‬هو لفظ واحد يدل على معنيين مختلفين فأكثر بوضع مستقل لكل معنى‪ ،‬ومن أجل فهم أوضح لهذا‬
‫التعريف ال بد من تجزئة كل قيد من قيود التعريف كما يأتي‪:‬‬
‫‪ ‬املقصود بقيد "لفظ واحد" أي إنه كلمة مستقلة اللفظ لها عدة معاٍن ‪ ،‬مثل كلمة "الُق رء"‪ ،‬فهي‬
‫ُم شترك لفظي يستعمل للداللة على معنى الطهر‪ ،‬ويستعمل للداللة على معنى الحيض‪.‬‬
‫‪ ‬املقصود بقيد "تدل على معنيين مختلفين" أي إن املعاني املستفادة من ذلك اللفظ ليست متشابهة‬
‫وال متقاربة؛ فليس هناك معنى عام يجمعها‪ ،‬مثل لفظة "عين" فهي مشترك لفظي للداللة على عدة‬
‫مع اٍن مختلف ة ال يجمعه ا مع نى ع ام‪ ،‬فمن معانيه ا العين الباص رة‪ ،‬وعين املاء‪ ،‬وال ذهب‪ ،‬والشمس‪.‬‬
‫وهذا القيد ُي ظهر الفرق بينه وبين املشترك املعنوي؛ ألن املشترك املعنوي هو لفظ يدل على معنى‬
‫عام يشترك فيه أف راد كثيرون‪ ،‬مثل لفظ "اإلنسان"‪ ،‬فكل البشر يشملهم هذا اللفظ لوجود معنى‬
‫اإلنسانية فيهم؛ فال يقال "اإلنسان" لفظ مشترك يصدق على جميع الناس‪.‬‬
‫‪ ‬املقصود بقيد "وضع مستقل لكل معنى" إن كل معنى من هذه املعاني حقيقة مستقلة‪ ،‬فليس أحد‬
‫ًال‬
‫حكم املشترك عند اللغويين‬

‫ُملْث‬
‫موقف ا بتين‪:‬‬
‫‪ ‬إن املش ترك اللفظي واق ع في اللغ ة واع ترف ب ه ابن ف ارس‬
‫ًا‬
‫ومث ل ل ه (ب العين) و(مضى) كم ا أل ف كتاب في ال رد على‬
‫منك ري األض داد‪ ،‬وأف رده بعض هم بت آليف مث ل األص معي‪،‬‬
‫والخليل‪ ،‬وسيبويه‪ ،‬وأبو عبيدة‪ ،‬وغيرهم‪.‬‬
‫حكم املشترك عند اللغويين‬

‫موقف املنكرين‪:‬‬
‫‪ ‬على رأس املنك رين للمش ترك اللفظي‪ ،‬وعل ة إنكاره ه و إرجاع املع اني كله ا ملع نى واح د وأن ه ال‬
‫يقع في كالم العرب لألمور التالية‪:‬‬
‫‪ ‬ألنه ُي لبس‪ ،‬وواضع اللغة هو هللا‪ ،‬فقد وضعها لإلبانة عن املعاني‪.‬‬
‫‪ ‬ل و ج از وضع لف ظ واح د للدالل ة على املعن يين املختلفين ملا كان ذل ك إبان ة‪ ،‬ب ل تعميم‬
‫وتغطية‪.‬‬
‫‪ ‬الذين جوزوا وقوع املشترك اللفظي متوهمون مخطئون‬
‫‪ ‬وفي رأي ابن درستويه أن اللغ ة ال تع ترف به ذه الظ اهرة‪ ،‬وأن ه إذا وجد اختالف في املع نى؛‬
‫فإنما يرجع إلى تصاريف الكلمة‪ ،‬فهي املفتاح الوحيد للتفرقة بين املعاني‪.‬‬
‫حكم املشترك عند اللغويين‬

‫موقف املنكرين‪:‬‬
‫‪ ‬أب'و هالل العس'كري‪ :‬ال يجوز أن يدل اللفظ الواحد على معنيين فكذلك ال يجوز أن‬
‫ًا ّل‬
‫يكون اللفظان يدالن على معنى واحد؛ ألن في ذلك تكثير ل غة بما ال فائدة فيه‪.‬‬
‫موقف املعتدلين‪:‬‬
‫‪ ‬أبو علي الفارسي‪:‬‬
‫ًال‬ ‫ًا‬
‫‪ ‬اتفاق اللفظين واختالف املعنيين ينبغي أال يكون قصد في الوضع وال أص ؛ ولكنه من‬
‫لغات تداخلت‪ ،‬أو أن تكون لفظة تستعمل ملعنى ثم تستعار لشيء فتكثر وتصير بمنزلة‬
‫األصل‪.‬‬
‫أسباب حدوث املشترك في اللغة‬
‫‪ ‬االنتقال من الحقيقة إلى املجاز‬
‫‪ ‬اختالف اللهجات العربية القديمة‬
‫‪ ‬اقتراض األلفاظ من لغات مختلفة‪ ،‬فقد تستعير اللغة كلمات تماثل صورتها كلمات أخرى فيها‪،‬‬
‫لكنها ذات داللة مختلفة‬
‫‪ ‬التطور الصوتي‬
‫‪ ‬وجود كلمة في صيغة الجمع أشبهت أخرى في صيغة املفرد مثل “النوى” جمع نواة و ” النوى ”‬
‫البعد‬
‫‪ ‬وجود كلمة هي من حيث اللفظ عند أكثر من قبيلة‪ ،‬مع اختالف املعني أو االستعمال في كل من‬
‫هذه القبائل‪ ،‬فإذا ما حدثت وحدة بينهما أكتسب اللفظ أكثر من معنى من القبائل التي كانت‬
‫تستعمله‪.‬‬
‫ُو‬
‫كيف جد املشترك اللفظي في اللغة؟‪-‬‬

‫‪ ‬قال بعض العلماء إنه وجد في اللغة بسبب الوضع‪:‬‬


‫ًا‬
‫‪ ‬إما من واضعين بأن يضع أحدهما لفظ ملعنى‪ ،‬ثم يضعه اآلخر ملعنى آخر‪،‬‬
‫ثم يشتهر ذلك اللفظ ما بين الطائفتين في إفادة املعنيين‪ ،‬وبمرور الوقت‬
‫يشيع االستعمال عند الفريقين‪ ،‬فيستعمل هذا ذاك والعكس‪ ،‬حتى ينسى‬
‫الواضع‪ ،‬ويبقى االستعماالن‪.‬‬
‫‪ ‬وإم ا من واض ع واح د؛ لغ رض اإلبه ام على الس امع‪ ،‬حيث يكون التص ريح‬
‫ًا‬
‫سبب ملضرة‪.‬‬
‫أنواع املشترك اللفظي حسب اللفظ الذي وقع فيه االشتراك‬

‫‪ ‬االش تراك اللفظي في األس ماء مث ل لف ظ "النكاح" يطل ق على عق د النكاح وعلى‬
‫الوطء‪ ،‬ولفظ "الصالة" يطلق على الدعاء‪ ،‬وعلى املعنى الشرعي املخصوص‪.‬‬
‫‪ ‬االش تراك اللفظي في األفع ال مث ل لف ظ "عس عس" يطل ق على مع نى أقب ل ومع نى‬
‫أدبر‪ ،‬ولفظ "يتلو" يطلق على القراءة وعلى االِّت باع‪.‬‬
‫‪ ‬االشتراك اللفظي في الحروف مثل داللة "حرف الباء" على التبعيض‪ ،‬واإللصاق‪،‬‬
‫ان الجنس‪.‬‬ ‫وبي‬
‫‪:‬أنواع املشترك اللفظي حسب داللته على املعنى‬

‫املعاني التي يدل عليها املشترك اللفظي نوعان‪ ،‬نبينها كما يأتي‪:‬‬
‫‪ ‬النوع األول‪ :‬داللته على معنيين غير ضدين مثل‪ :‬لفظ "الريحان" يطلق‬
‫على ال رزق‪ ،‬وعلى النب ات العط ري املع روف‪ ،‬ولف ظ "الزكاة" ي دل على‬
‫الطهارة‪ ،‬وعلى املعنى الشرعي املخصوص‪.‬‬
‫‪ ‬النوع الثاني‪ :‬داللته على معنيين ضدين مثل‪ :‬لفظ "الجون" يطلق على‬
‫الس واد والبي اض‪ ،‬ولف ظ "جل ل" يطل ق على العظيم والحق ير‪.‬‬
‫أمثلة على املشترك اللفظي من بعض الكتب‬

‫الع'رش‪ :‬السرير ويكون للملك‪ ،‬وعرُش البيت‪ :‬سقفه‪ ،‬والعرش‪ :‬اسم ملكة‪ ،‬والعرش‪ :‬البيت‪ ،‬وجمعه‪ :‬عروش‪ ،‬والعرش‪ :‬ما يستظل به‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫ُث‬
‫والعرش‪ :‬الذي يكون على فم البئر‪ ،‬يقوم عليه الساقي‪ ،‬وعرش الرجل‪ :‬قوام أمره‪ ،‬فإذا زال ذلك عنه قيل‪َّ :‬ل عرشه أي‪ :‬هدم‪.‬‬
‫الدين‪ :‬اإلسالم‪ ،‬والدين‪ :‬الحساب‪ ،‬والدين‪ :‬العادة‪ ،‬والدين‪ :‬الطاعة والدين‪ :‬الجزاء‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫ًا‬ ‫ُن‬
‫الج ب‪ :‬الرجُل الغريب‪ ،‬والجُن ب‪ :‬الرجل املخالط للمرأة‪ ،‬وقد استعمل للجماعة في قوله تعالى‪ ” :‬وإن كنتم جنب فاطهروا”‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫َخ َّل‬ ‫ٌذ‬ ‫ُخ َّل‬ ‫ُخ َّل‬ ‫‪‬‬
‫الخلي' ''ل‪ :‬الص ديق‪ ،‬م أخوذ من ال ة‪ ،‬وهي املودة‪ ،‬وفي التنزيل‪ ”:‬ال بي ع في ه وال ة “‪ ،‬والخلي ل‪ :‬املحت اج‪ ،‬م أخو من ال ة‪ ،‬وهي‬
‫الحاجة‪.‬‬
‫الخالصة‬

‫سواء ق ل املش ترك اللفظي إلى الح د ال ذي اع ترف ب ه منك روه‪ ،‬أو ك ثر إلى الح د ال ذي كتب في ه‬
‫بعضهم مصنفات‪ ،‬فاألمر واحد‪ ،‬وهو أن املشترك موجود في اللغة‪.‬‬
‫واملش ترك اللفظي موجود في الكت اب والس نة واللغ ة في رأي أغلب العلم اء وال اعتب ار لق ول من نفى‬
‫ذلك‪ ،‬وهو من أهم العوامل التي تؤثر في تحديد املعنى‪.‬‬
‫إن الف رق ال ذي ق د يب دو بين ه ذا الفريق وذاك‪ ،‬أن املثبتين ل ه‪ ،‬لم يبحث وا في أس باب وجوده في‬
‫اللغة‪ ،‬بل اكتفوا بحد القول به وأنه من اللهجات القبلية‪ ،‬أو من التوسع املجازي‪ ،‬وما شاكل ذلك‬
‫من آراء لم ي رم أصحابها التفص يل فيه ا‪ .‬بينم ا فص ل املقلل ون من ه‪ ،‬أو املنك رون ل ه‪ ،‬في أس باب‬
‫حدوثه بم ا ي دعم آراءهم ويزكيه ا‪ .‬غ ير أن املتتب ع ملا ورد في اللغ ة من ألف اظ دال ة على املش ترك في‬
‫أغلبها‪ ،‬سيالحظ أنها تعود إلى النقل واالرتجال‪.‬‬

You might also like