You are on page 1of 5

‫العالقات الداللية في المعجم(‪)1‬‬

‫المقاربة الداليّة‬

‫أن المعجمٌّة تهتم بدراسة الوحدة المعجمٌّة فً حد ذاتها من حٌث‬ ‫أسلفنا فٌما مضى من دروس ّ‬
‫خصائصها و تفردها و لكنها تهتم أٌضا بالعاللات الداللٌة التً تنتظم هذه الوحدات فٌما بٌنها داخل‬
‫أن لكل وحدة معجمٌة‬‫النظام المعجمً‪ .‬فتدرس هذه العاللات و تحاول تصنٌفها و تفسٌرها‪ .‬و بما ّ‬
‫فإن دراسة العاللات الداللٌة بٌن الوحدات المعجمٌة انمسمت طبٌعٌّا‬ ‫وجهٌن‪ :‬وجها دالٌّا و وجها مدلولٌّا ّ‬
‫إلى مستوٌٌن‪ :‬مستوى ٌمثل المماربة الدالٌّة (و سٌكون موضوع هذه الحصة) و مستوى ٌمثل المماربة‬
‫المدلولٌّة (و سٌكون موضوع الحصة الموالٌة)‪.‬‬

‫المقاربة الدالية‪:‬‬

‫ٌمصد بها دراسة الوحدات المعجمٌة من حٌث دوالّها و األصل أن تختلف الدوا ّل كما ٌمول ابن فارس فً‬
‫الصاحبً "ٌس ّمى الشٌئان المختلفان باالسمٌن المختلفٌن و ذلن أكثر الكالم كرجل و فرس‪ ".‬بمعنى أنّه‬
‫ُفترض أن ٌكون لكل مدلول دا ّل مختلف لتتحمك الوظٌفة التمٌٌزٌة للوحدات المعجمٌة – وهً وظٌفة‬
‫ٌ َ‬
‫أساسٌة فً التواصل‪ -‬فالمدلول (زهرة) له دا ّل هو المتتالٌة الصوتٌة [ز‪/‬ه‪/‬ر‪/‬ة] و المدلول (شجرة) له دا ّل‬
‫هو المتتالٌة الصوتٌة [ش‪/‬ج‪/‬ر‪/‬ة] و بذلن ٌمكن للمتكلمٌن فهم الرسائل المتبادلة فً التواصل من خالل‬
‫تصو ْر كٌف ٌمكن أن ٌكون‬
‫َّ‬ ‫الوظٌفة التمٌٌزٌة لدوا ّل هذه الوحدات‪ .‬و لفهم هذه الفكرة بشكل أفضل‬
‫التواصل لو كانت كل الدوا ّل واحدة‪ .‬فكٌف ٌمكن أن تفهم إن كنت أتحدّث عن زهرة أو عن شجرة لو‬
‫كان لكال المدلولٌن دا ّل واحد‪.‬‬

‫على ّ‬
‫أن المعجم ٌس ّجل فً بعض األحٌان عدوال عن هذه الماعدة –لاعدة األحادٌة الداللٌة‪ -‬لٌعبّر عن‬
‫مدلوالت مختلفة بنفس الدا ّل و لد الحظ ابن فارس ذلن فأردف كالمه السابك بالمول " و تس ّمى األشٌاء‬
‫الكثٌرة باالسم الواحد نحو عٌن الماء و عٌن المال وعٌن السحاب‪ ".‬و لد تناولنا فٌما سبك المثال "رأس"‬
‫و استعماالته الكثٌرة فً الفصحى و الدارجة (رأس الشخص‪ /‬رأس المال‪ /‬رأس الفتنة‪ /‬رأس األمر‪/‬‬
‫رأس الدولة‪ /‬رأس الجبل‪ /‬راس النهج‪ /‬راس العام‪ /‬راس الشهر‪ /‬راس الفتلة‪ .).....‬و تس ّمى هذه الظاهرة‬
‫باالشتراك‪ .‬وهً خاصٌة موجودة فً جمٌع اللغات الطبٌعٌة بل إنّها تبدو "ألرب للظاهرة اللغوٌة‬

‫‪1‬‬
‫معان جدٌدة‪ ".‬و ٌمكن‬
‫ٍ‬ ‫الضرورٌّة التً تد ّل على ممدرة اللغة على توظٌف طالة الوحدة المعجمٌة لتولٌد‬
‫التمثٌل لالشتران فً المعجم بأحد األشكال الممارنٌّة التالٌة‪:‬‬

‫‪-[ ‬ب‪-/‬ت‪-/‬ق][‪+‬د] مثال عٌن‪/‬عٌن (العضو‪/‬عٌن الماء)‬


‫لال‪/‬لال (تكلّم‪/‬نام ولت المٌلولة)‬
‫روى‪/‬روى (حدّث‪ /‬سمى)‬
‫البار بوالدٌه‪/‬اسم عكس بحر)‬
‫ّ‬ ‫‪-[ ‬ب‪-/‬ت][‪+‬ق‪+/‬د] مثال بَ ّر‪/‬بَ ّر (صفة‬
‫سهل‪ /‬سهل (صفة عكس صعب‪/‬اسم عكس جبل)‬
‫ٌحٌى‪ٌ /‬حٌى (اسم علم‪ /‬فعل)‬

‫مكونات المدلول‪:‬‬ ‫فٌكون اشتراكا فً مكونات الدا ّل‪ :‬البنٌة الصرفٌة و التألٌف الصوتً و ّ‬
‫مكون من ّ‬
‫الممولة النحوٌة‪ .‬أو ٌكون اشتراكا فً مكونات الدا ّل فمط‪.‬‬

‫و االشتران فً الحمٌمة نوعان‪ :‬اشتران هومونٌمً و اشتران بولٌسٌمً‪.‬‬

‫‪ -1‬االشتراك الهومونيمي‪homonymie :‬‬

‫معان مختلفة"‪ .‬فالوحدتان‬


‫ٍ‬ ‫ٌمصد به " داللة كلمات متشابهة فً اللّفظ و مختلفة فً األصل على‬
‫المعجمٌتان "لال" و "لال" متشابهتان فً اللفظ و لكنهما مختلفتان فً األصل فاألولى من لال‬
‫ٌمول و الثانٌة من لال ٌمٌل و هما تؤدٌّان معنٌٌن مختلفٌن‪ .‬االشتران الهومونٌمً إذن ال ٌعنً‬
‫ّ‬
‫داال واحدا معبرا عن أكثر من معنى عن طرٌك االتساع المجازي كما فً عٌن (عضو البصر)‬
‫و عٌن (جاسوس) مثال بل ٌعنً دالٌّن ال توجد بٌن مدلولٌهما عاللة أو لرابة معنوٌة واضحة‪.‬‬
‫أمثلة‪:‬‬
‫غرب (الجهة)‪/‬غرب (الدّلو)‬
‫الجدّ (والد األم أو األب)‪/‬الجدّ (الشأن و الحظ)‬
‫السائل (الذي ٌسأل)‪/‬السائل (الذي ٌسٌل)‬
‫ّ‬
‫(الظن)‪ /‬الخال (البرق)‪.......‬‬ ‫الخال (شمٌك األم)‪/‬الخال (ال ّ‬
‫شامة)‪/‬الخال‬
‫العصر (فترة من الزمن)‪ /‬العصر (صنع العصٌر)‬
‫النجم (العشب المصٌر)‪/‬النجم (فً السماء)‬
‫المرن (‪011‬سنة)‪/‬المرن (لرون الدابة)‬

‫‪ٌ(Voler‬سرق)‪ٌ( voler/‬طٌر)‬

‫‪2‬‬
‫‪ٌ(Joue‬لعب)‪(joue /‬خد)‬

‫‪(Mousse‬نوع من النبات)‪( mousse /‬شفرة غٌر حادة)‪( mousse /‬رغوة)‬

‫‪(Bat‬آلة رٌاضٌة)‪( bat/‬خفاش)‬

‫‪(Bass‬خاصٌة للصوت‪ .‬لرار)‪( bass /‬نوع من السمن)‬

‫‪(Bank‬مصرف)‪( bank /‬ضفة النهر)‬

‫‪(Ear‬سنبلة)‪(ear /‬أذن)‬

‫‪ .................‬إلخ‬

‫أن االشتران الهومونٌمً ٌكون بٌن دالٌّن أو أكثر ال تربط بٌن‬


‫أه ّم ما ٌنبغً أن ٌرسخ فً الذهن إذن ّ‬
‫معان مختلفة ال‬
‫ٍ‬ ‫ي عاللة داللٌة واضحة أو لابلة لالستخالص فهً كلمات مختلفة تدل على‬
‫مدلولٌهما أ ّ‬
‫المكونة لدوالّها واحدة و هو ما اتفك علٌه علماء الداللة الغربٌون‬
‫ّ‬ ‫رابط بٌنها رغم ّ‬
‫أن السلسلة الصوتٌة‬
‫ألره الناللون عنهم من العرب و هو أٌضا ما سٌسمح بتمٌٌز واضح بٌن‬
‫من أمثال بالمر و أولمان و ّ‬
‫االشتران الهومونٌمً و االشتران البولٌسٌمً‪.‬‬

‫‪ -2‬االشتراك البوليسيمي‪polysemie :‬‬

‫إذا كان االشتران الهومونٌمً تطابما بٌن دالّ ٌْن ال توجد بٌن مدلولٌهما عاللة أو لرابة معنوٌة واضحة‬

‫ّ‬
‫فإن االشتران البولٌسٌمً هو داللة كلمة واحدة على معان مختلفة تربطها عاللة داللٌة‪.‬‬

‫فكلمة ‪mouth‬فً االنملٌزٌة تعنً فم االنسان و تعنً أٌضا مصب النهر و كلمة ‪ orange‬تعنً‬

‫الفاكهة و تعنً اللون و كلمة عٌن فً العربٌة تعنً العضو و الجاسوس و كلمة لسان تعنً العضو و لغة‬
‫الموم و رأى تعنً أبصر و اعتمد وبٌن ك ّل ثنائ ّ‬
‫ً من هذه الثنائٌّات عاللة داللٌة واضحة ٌبررها التشابه‬
‫أو المجاز و األمثلة غٌر هذه كثٌرة فالرابط الداللً بٌن عنك االنسان و عنك الزجاجة واضح و كذا بٌن‬
‫أسنانه و أسنان المشط وبٌن لبّه و لبّ الموضوع ولبّ الفاكهة و بٌن ٌده و ممبض الشًء و بٌن لضاء‬
‫الدٌن و لضاء الصالة و بٌن رأس الجبل و رأس الدولة ‪ .............‬إلخ‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫و المه ّم أن نفهم ّ‬
‫أن هنان خٌطا داللٌّا ناظما – فً االشتران البولٌسٌمً‪ -‬بٌن مختلف مدلوالت الدا ّل‬
‫التطور لٌد ّل على‬
‫ّ‬ ‫الواحد‪ .‬فكأنّما الدا ّل الواحد ٌمتلن طالة تمكنه من احتواء أكثر من مدلول بل و من‬
‫مدلوالت لم ٌكن ٌد ّل علٌها فً األصل و هو ما ٌس ّمى بالتوسع الداللً أو االتساع الداللً‪ .‬من ذلن كلمة‬
‫"هاتف" التً كانت تدل فً الماموس العربً على الصوت الخفً الباطنً أو الصوت الذي ٌسمع دون أن‬
‫استمرت على ذلن لرونا حتّى اخت ُ ِرع الهاتف الذي نعرفه الٌوم فاتّسعت لتحتمل داللته‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ٌُرى صاحبه و‬

‫فكٌف ٌحصل هذا االتساع الداللً لٌصبح الدا ّل الواحد ح ّمال أوجه داللٌّة‪.‬‬

‫تبرر هذا االتّساع الدالل ّ‬


‫ً الذي ٌسمح للفظ الواحد‬ ‫ٌسجل الباحثون فً هذا المجال ثالث طرق أساسٌّة ّ‬
‫بالتطور لتتعدّد داللته دون أن ٌفمد مدلوله األصلً بل إ ّن جوهر هذا المدلول هو الذي ٌنتظم ك ّل ما‬
‫معان‪ .‬هذه الطرق هً المجاز و االستعمال و النمل‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫سٌحتمله الدا ّل من‬

‫أ‪ -‬المجاز‪:‬‬

‫وٌمصد بالمجاز هنا المجاز فً معناه العام بما ٌتضمنه من تشبٌه و استعارة و مجاز مرسل و غٌر ذلن‪.‬‬

‫فمد استطعنا استعمال كلمة هاتف للداللة على اآللة المعروفة الٌوم بسبب المشابهة و كذلن ٌد للداللة على‬
‫ممبض الباب و عنك لعنك الزجاجة و استطعنا استعمال لسان للغة بسبب عاللة مجاز مرسل هً اآللٌّة‬
‫وكذلن ٌد للنعمة و الفضل ‪.....‬‬

‫ب‪ -‬االستعمال‪:‬‬

‫و ٌمصد به ّ‬
‫أن الكلمة تكتسب فً كل استعمال جدٌد معنى مختلفا حسب السٌاق‪ .‬فكلمة عملٌّة لد تعنً فً‬
‫سٌاق ما جراحة و فً سٌاق آخر عمال عسكرٌا و فً آخر عمال ارهابٌّا او عملٌّة حسابٌّة ‪ ....‬إلخ‪.‬‬

‫ج‪ -‬النمل‪:‬‬

‫ٌمصد به نمل كلمة ما من المجال العام الذي تدل فٌه على داللة أصلٌة إلى مجال آخر تد ّل فٌه فً الغالب‬
‫على معنى اصطالحً‪ .‬من ذلن نمل بٌت‪ /‬وتد‪ /‬مصراع‪ /‬وزن‪ .....‬من مجاالتها األصلٌة إلى مجال‬
‫العروض ونمل جذر و جذع إلى مجال الدرس الصرفً و تخصٌص ح ّج و صالة وإسالم ‪ ....‬فً مجال‬
‫الفمه اإلسالمً بمعانً ّ‬
‫أدق من معانٌها األصلٌة‪ ....‬إلخ‪.‬‬

‫و عموما فمهما كانت آلٌّة االتّساع الداللً المعتمدة فهً تكشف جزءا من الجانب اإلبداعً للغة التً تبمى‬
‫للتطور ولمواكبة ما ٌستجدّ من المفاهٌم إ ّما بتولٌد دوا ّل جدٌدة أو بتوسٌع الدوا ّل المدٌمة لتحتمل‬
‫ّ‬ ‫لابلة‬

‫‪4‬‬
‫مدلوالت جدٌدة‪ .‬فتصلح الوحدة المعجمٌة "بفضل معٌن االشتران بنوعٌه الهومونٌمً والبولٌسٌمً‬
‫للتعبٌر ع ّما ٌكاد ال ٌُحصى من الموجودات كما ٌمكنها مواجهة حاجات التسمٌات المستحدثة‪".‬‬

‫‪5‬‬

You might also like