You are on page 1of 600

‫الرشيف الامع‬

‫لكلمات و خطابات أسد السلم‬

‫الشيخ أَبُو مُصعَبٍ الزّرقَاوِ ّ‬


‫ي‬
‫( َرحِمَهُ ال)‬
‫كما ُنشِرت و بالترتيب الزمن‬

‫(الصدار الول‪ ،‬الطبعة الول)‬

‫‪ 14‬جادى الول ‪ 1427‬هـ‬


‫‪ 10‬يونيو‪/‬حزيران ‪ 2006‬م‬

‫و يوي الرشيف‪:‬‬
‫جيع كلمات و رسائل و خطابات الشيخ و عددها ‪،41‬‬
‫بالضافة للملفِ الكامل للبيانات و القالت التعلقة بإستشهاده‪.‬‬
‫فهرس الطابات‬

‫‪ 01‬إفَا َدةُ َأسِيٍ؛ َو يَا َق ْومِ مَالِيَ أَ ْدعُوكُمْ إِل النّجَا ِة َوتَ ْدعُوَننِي إِل النّارِ‪1...............‬‬
‫سنٍ؛ يَا قَومِ أَجِيبُوا دَا ِعيَ الِ‪17.........................‬‬ ‫‪ِ 02‬رسَالةٌ إِل عَشَائِ ِر َبنِي حَ َ‬
‫‪ 03‬إِلْحَ ْق بِالقافِلة‪32.............................................................‬‬
‫صعَبٍ الزّرْقَاوِيّ إِل الشّيخِ ُأسَامة بن ل ِدنَ‪58...................‬‬ ‫‪ِ 04‬رسَال ٌة مِ ْن أبِي ُم ْ‬
‫صعَبٍ الزّرقَاوِيّ إِل ُأ ّمتِي الغَالِيةِ؛ خَيُ ُأ ّمةٍ أُخ ِر َجتْ لِلنّاسِ‪77...........‬‬ ‫‪ 05‬مِنْ َأبِي ُم ْ‬
‫‪َ 06‬تفْجِيُ َمقَرّ الُخَاَبرَاتِ؛ الرّ ّد عَلى َكذِبِ الُخَاَبرَاتِ الُر ُدِنّيةِ‪92....................‬‬
‫ط نَحرِ نِيكُولسْ بِيغْ‪96..........................‬‬ ‫‪ 07‬كَلِ َمةٌ َقصِ َيةٌ؛ َكلِ َمةٌ فِي شَرِي ِ‬
‫ل الثّانِي؛ َأبْشِ ْر بِمَا يَسُوؤُكَ‪100...‬‬
‫صعَبٍ الزّرْقَاوِيّ ِلكَلب ِالُر ُدنّ عَبدِ ا ِ‬ ‫‪ 08‬مِنْ َأبِي ُم ْ‬
‫ي يَرثِي َأبَا البَرَاءِ ال ُكوَْيِتيّ َفْيصَل الطِيِي‪104.....‬‬
‫‪ 09‬رثَاءٌ؛ الشّيخُ َأبُو مُص َعبٍ الزّرقَاوِ ّ‬
‫‪ 10‬عِن َدمَا يَبكِي الرّجَالُ!‪107....................................................‬‬
‫خذّلِيَ‪114..............................‬‬ ‫‪ 11‬وَصَايَا هَا ّمةٌ لِل ُمجَاهِدِينَ‪ ،‬وَالرّ ّد عَلى الُ َ‬
‫‪ 12‬الَوقِفُ الشّر ِعيّ مِنْ ُحكُو َمةِ كَرَزَاي العِرَاقِ‪141...............................‬‬
‫ح النّصرِ"‪149...........‬‬ ‫‪ 13‬كَلِ َمةٌ َقصِ َيةٌ؛ َكلِ َمةُ الشّيخِ َأبِي مُص َعبٍ عَ َب شَرِيطِ " ِريَا ُ‬
‫‪ 14‬أَيـــنَ َأهْــ ُل الُرُوءَاتِ؟ ‪153..........................................‬‬
‫ي يَرثِي الشّيخَ َأبِي َأَنسٍ الشّا ِميّ رَحِمَه الُ‪166...‬‬ ‫‪ 15‬رثَاءٌ؛ الشّيخُ َأبُو مُص َعبٍ الزّرقَاوِ ّ‬
‫ط نَحرِ أَلَن آرمِسترُونج‪169.......................‬‬ ‫‪ 16‬كَلِ َمةٌ َقصِ َيةٌ؛ َكلِ َمةٌ فِي شَرِي ِ‬
‫‪َ 17‬بيَانٌ؛ البَي َعةُ ِلتَنظِي ِم القَاعِ َد ِة ِبقِيَا َدةِ الشّيخِ ُأسَامة بنُ ل ِدنَ‪174....................‬‬
‫‪ِ 18‬رسَالةٌ إِل ا ُل ّمةِ َو الُجَاهِدِينَ دَاخِلَ الفَلّو َجةِ‪177...............................‬‬
‫ج الفَلّو َجةِ‪181.........................‬‬ ‫‪ 19‬كَلِ َمةٌ َقصِ َيةٌ؛ ِرسَاَلةٌ إِل الُجَاهِدِينَ خَا ِر َ‬
‫‪ 20‬وَكَذَلِكَ ال ّرسُ ُل تُبتَلَى ثُ ّم َتكُونُ َلهَا العَاِقَبةُ‪183.................................‬‬
‫ج ِرمِيَ‪211.................................................‬‬ ‫ي َسبِيلُ الُ ْ‬ ‫‪ 21‬وَِلتَسَْتبِ َ‬
‫فهرس الطابات‬
‫‪ 22‬يَا أَه َل الِسلمِ ‪ ...‬الشّ ّدةُ الشّدّةُ‪230.........................................‬‬
‫‪ 23‬وَ عـادَ أَحفَادُ ابنِ العــلْـقَـ ِميّ‪239....................................‬‬
‫‪ِ 24‬رسَاَل ٌة مِن جُندِيّ إِل َأمِ ِيهِ‪269...............................................‬‬
‫ي ُيبَشّ ُر بِاستِشهَادِ الشّي ِخ عَبدِ الِ ال ّرشُودُ‪277..........‬‬ ‫‪َ 25‬بيَانٌ؛ َأبُو مُصعَبٍ الزّرقَاوِ ّ‬
‫‪َ 26‬دعُوا عَ ِطّيةَ اللّهِ َف ُهوَ أَعل ُم بِمَا َيقُولُ‪280.......................................‬‬
‫‪َ 27‬أيَـنْـقُـصُ الـدّيـ ُن َوأَنـا حَـيٌ‪288...................................‬‬
‫‪َ 28‬بيَا ٌن َوتَوضِي ٌح لَا َأثَا َرهُ الشّي ُخ الَق ِد ِسيّ فِي ِلقَائِ ِه مَعَ َقنَاةِ الَزِي َرةِ‪326..............‬‬
‫ت ل َيضُ ّرهُم مَنْ خَذََلهُمْ‪ :‬ال ِقتَالُ؛ قَدَرُ الطّائِ َفةِ الَنصُورَةِ‪341.....‬‬ ‫‪ 29‬سِلسَِل ُة ُمحَاضَرا ِ‬
‫‪ 30‬كَلِ َمةٌ لِلشّيخِ الُجَاهِدِ َأبِي مُص َعبٍ الزّرقَاوِيّ حَولَ أَحدَاثِ تَلعفَر‪378............‬‬
‫‪ 31‬هَذَا َبيَانٌ للنّاسِ وَ ِليُنذَرُوا بِهِ‪383.............................................‬‬
‫ل وَ َرسُولِهِ أَنفَعُ َلنَا‪390...‬‬
‫ت ل َيضُ ّرهُم مَن خَذََلهُمْ‪ :‬وَ َطوَا ِعَيةُ ا ِ‬ ‫‪ 32‬سِلسَِل ُة ُمحَاضَرا ِ‬
‫ت ل َيضُ ّرهُم مَنْ خَذََلهُمْ‪ :‬القَاِبضُو َن عَلى الَمْرِ‪420............‬‬ ‫‪ 33‬سِلسَِل ُة ُمحَاضَرا ِ‬
‫ت ل َيضُ ّرهُم مَنْ خَذََلهُمْ‪ :‬قُلْ َأَأنْتُمْ َأعْلَمُ َأمِ اللّهُ‪437.............‬‬ ‫‪ 34‬سِلسَِل ُة ُمحَاضَرا ِ‬
‫شوْهُ‪457...........‬‬ ‫ت ل َيضُ ّرهُم مَنْ خَذََلهُمْ‪ :‬وَ الُ أح ّق أنْ تَخ َ‬ ‫‪ 35‬سِلسَِل ُة ُمحَاضَرا ِ‬
‫ت الْعَزِي ُز الْكَ ِريُ‪481..............................................‬‬ ‫‪ُ 36‬ذقْ ِإنّكَ أَن َ‬
‫سيَ ْكفِي َكهُمُ اللّهُ‪493........................................................‬‬ ‫‪ 37‬فَ َ‬
‫‪ 38‬هَذَا بَلغٌ للنّاسِ‪515........................................................‬‬
‫ضةِ‪ :‬الُز ُء ا َلوّلُ‪525..................‬‬ ‫ت هَلْ َأتَاكَ َحدِيثُ الرّاِف َ‬ ‫‪ 39‬سِلسَِل ُة ُمحَاضَرا ِ‬
‫ضةِ‪ :‬الُز ُء الثّانِي‪560...................‬‬ ‫ت هَلْ َأتَاكَ َحدِيثُ الرّاِف َ‬ ‫‪ 40‬سِلسَِل ُة ُمحَاضَرا ِ‬
‫ضةِ‪ :‬الُز ُء الثّالِثُ‪596..................‬‬ ‫ت هَلْ َأتَاكَ َحدِيثُ الرّاِف َ‬ ‫‪ 41‬سِلسَِل ُة ُمحَاضَرا ِ‬
‫الطاب الول‬

‫إفَا َدةُ أَ ِسيٍ؛‬


‫وَ يَا قَ ْومِ مَالِيَ أَ ْدعُو ُكمْ إِل النّجَاةِ‬
‫وََت ْدعُونَنِي إِل النّارِ!‬
‫‪ 4‬ذو القعدة ‪ 1414‬هـ‬
‫‪ 15‬أبريل‪/‬نيسان ‪ 1994‬م‬

‫ِبقَلَمِ الشَيخ‬
‫ب الزّرْقَاوِي ( َرحِ َمهُ ال)‬
‫أَِبيْ مُصْع ٍ‬

‫[هذه كلمات كتب ها الجا هد أح د الليلة (أ بو م صعب الزرقاوي) رح ه ال‪ ،‬وألقا ها‬
‫أمام الحكمة العسكرية ف الردن‪ ،‬وبا كشف للطواغيت وأذنابم أصل دعوة السلم ف‬
‫هذا الع صر و كل ع صر‪ُ ،‬حكِ مَ عل يه ف حي نه ‪ 15‬سنة‪ ،‬و ل يعلم حين ها إ نه ف غضون‬
‫عشرة أعوام سيصبح القائد اللهم‪ ،‬و أسد السلم الذي مرغ بأنف أمريكا التراب و إنه‬
‫بإيانه و يقينه‪ ،‬و تضحياته هو و رفاقه سيهزم أكثر من خسي دولة و راية للكفر متمعة‬
‫ف العراق‪ ،‬و أنه سيقصف إسرائيل بالصواريخ‪ ،‬و يدمر أوكارا للكفر ف الردن‪ ،‬و أنه قد‬
‫غَيَرَ وجه و خريطته العال بثباته على الق و قوة إيانه و يقينه بال عز و جل‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫وعنـد خروجـه مـن السـجن‪ ،‬بعـد أن يسـر ال له الروج فـ عام ‪1999‬م ذهـب ال‬
‫أفغان ستان مرة أخرى‪ ،‬ب عد أن ذ هب إلي ها أول مرة ف أيام الهاد ضد الروس‪ ،‬وم نه ال‬
‫العراق وأسـس هناك جاعـة التوحيـد والهاد و كان أميهـا‪ ،‬إل أن تتـ مبايعتـه أميا‬
‫لتنظيم القاعدة ف بلد الرافدين بواسطة الشيخ أسامة بن لدن‪ ،‬و من ث ساهم ف تشكَلَ‬
‫ملس شورى الجاهديـن‪ ،‬وهـو إتاد عدد مـن الماعات الجاهدة فـ العراق‪ ،‬و أصـبح‬
‫تنظيم القاعدة ف بلد الرافدين أحد أعضائها‪ ،‬إل أن إستشهد رحه ال‪ ،‬نسبه كذلك و‬
‫ال حسيبه بعد طول إثخان‪ ،‬و بعد أن أذاق قوى الكفر العالية المرّين‪ ،‬و بعد أن مهَ َد و‬
‫أرسى بدمائه ُأ ُسسَ و قواعد إنشاء المارة السلمية و إعادة اللفة على نج النبوة‪.‬‬

‫وإننا نعيد نشر هذه الفادة و الت كُتبت ف عام ‪1994‬م؛ للفائدة والتعريف على منهج‬
‫هذا الجا هد الذي ل قب بأم ي الذباح ي و ش يخ ال سلم و أ سده‪ ،‬وأر عب ال صليبيي و‬
‫اليهود ف العراق و ف كل مكان‪ ،‬ونرجو ان تكون كلماته هادية للمسلمي وحجة على‬
‫الطغاة الرتدين]‬

‫ال مد ل رب العال ي‪ ،‬الرح ن الرح يم‪ ،‬إله الر سلي‪ ،‬الذي أنزل الكتاب ال بي على قلب‬
‫نبيه ليكون نذيرا للعالي‪ ،‬مالك يوم الدين‪ ،‬الذي له المد ف الول والخرة‪ ،‬وله الكم‬
‫وإليه ترجعون‪.‬‬

‫ث الصلة على خي من بعث فأدى‪ ،‬وبلغ فأوف‪ ،‬ورادوه الشركون للتنازل عن دينه فأب‪،‬‬
‫فصلوات ال وسلمه عليه تترى‪ ،‬حت يتقبل ويرضى‪.‬‬

‫أمّا بعد؛‬

‫نن قوم كنا ف جاهلية جهلء‪ ،‬ف وقت عطلت فيه أحكام ال الطهرة ونسي كتاب ال‬
‫جان با‪ ،‬وا ستبدل بشرائع ش ت من اذهان وحثالت الب شر‪ ،‬فأ صبح العروف منكرا والن كر‬
‫معروفا‪ ،‬والسنة بدعة والبدعة سنة‪ ،‬وأشيعت الفاحشة بي الناس‪ ،‬وفشى الزنا ف أشراف‬
‫القوم وعامت هم‪ ،‬وأ صبح الر با وال مر ي سميان بغ ي أ سيهما تغط ية لل حق وتميل ل صورة‬

‫‪2‬‬
‫البا طل‪ ،‬و صدق ر سول ال صلى ال عليه وسلم إذ يقول ف الديث ال صحيح‪( :‬يشرب‬
‫اناس من أمت المر يسمونا بغي اسها)‪ ،‬وقطعت الرحام‪ ،‬واستبيحت الرم‪ ،‬وأزهقت‬
‫الن فس‪ ،‬و سالت الدماء بغ ي حق‪ ،‬كل ذلك سببه غياب ح كم ال عز و جل الذي ف يه‬
‫حكْ َم الْجَاهِِلّي ِة َيبْغُو نَ َومَ نْ أَحْ سَنُ مِ نَ اللّ هِ ُحكْمًا ّل َقوْ مٍ‬
‫ال سعادة البد ية‪ ،‬قال تعال‪{ :‬أَفَ ُ‬
‫يُوقِنُونَ} [الائدة‪...]50:‬‬

‫فمنّ ال علي نا بأن أنار ل نا طر يق الدا ية ب عد ظلم دا مس خ يم عل يه الشرك والف سوق‬


‫والع صيان‪ ،‬وب صر أعين نا وأفئدت نا إل ال ق‪ ،‬ف و قت أ صبحت ف يه عيون كث ي من الناس‬
‫م صابة بالع شى ‪ -‬فن سأل ال العاف ية ‪ -‬قال تعال‪َ{ :‬أ َو مَن كَا نَ َميْتًا َفأَ ْحيَْينَا هُ َو َجعَلْنَا لَ هُ‬
‫ج ّمنْهَا} [النعام‪،]122:‬‬ ‫نُورًا يَمْشِي بِ هِ فِي النّا سِ كَمَن مّثَلُ هُ فِي الظُّلمَا تِ َليْ سَ ِبخَارِ ٍ‬
‫جعَلْ‬ ‫لمِ وَمَن يُ ِردْ أَن ُيضِلّ ُه يَ ْ‬ ‫وقال تعال‪{ :‬فَمَن ُيرِدِ اللّ هُ أَن َيهْ ِديَ ُه يَشْ َر حْ صَدْ َرهُ ِللِ ْس َ‬
‫صعّدُ فِي السّمَاء} [النعام‪...]125:‬‬ ‫ضّيقًا َحرَجًا َكَأنّمَا يَ ّ‬
‫صَدْ َرهُ َ‬

‫فنهضنا بف ضل ال عز وجل ندعو الناس للرجوع إل ال سبحانه وتعال وإل متابعة أمره‬
‫ونيه والتحذير من عصيانه ومالفة أمره‪ ،‬قال تعال‪{ :‬يَا َقوْ مِ اّتِبعُو نِ َأهْدِكُ مْ َسبِيلَ ال ّرشَادِ‬
‫حيَاةُ ال ّدْنيَا َمتَا عٌ َوِإنّ الْآخِ َر َة هِ يَ دَا ُر اْلقَرَارِ} [غافر‪ ،]39-38:‬فل‬
‫* يَا َقوْ مِ إِنّمَا هَذِ ِه الْ َ‬
‫سبيل للرشاد إل بالتم سك بكتاب ال و سنة نبيه صلى ال عل يه و سلم‪ ،‬فل يطاع غيه‪،‬‬
‫ول يعبد غيه‪ ،‬ول يكم سواه ف قليل ول كث ي‪ ،‬قال تعال‪َ { :‬ومَا ُأمِرُوا إِلّا ِلَيعْبُدُوا اللّ هَ‬
‫ي َومَمَاتِي‬ ‫حيَا َ‬ ‫لتِي َونُ سُكِي َومَ ْ‬ ‫صَ‬ ‫مُخْلِ صِيَ لَ هُ الدّين} [البينة‪ ،]5:‬وقال تعال‪{ :‬قُلْ ِإنّ َ‬
‫ب اْلعَالَمِي } [النعام‪...]162:‬‬ ‫لِلّهِ رَ ّ‬

‫ول كن سنة ال ثاب تة ف أن ال ق والبا طل ي صطرعان إل يوم القيا مة‪ ،‬ف ما راق ل صحاب‬
‫الباطل أن يروا أصحاب الق يدعون الناس إل التوحيد‪ ،‬وما طاب لهل الشرك والتنديد‬
‫أو يروا أ هل التوح يد يرجون الناس من الظلمات إل النور بإذن رب م إل صراط العز يز‬
‫ب الّذِي نَ لَا ُي ْؤ ِمنُو نَ بِالْآ ِخ َرةِ َوإِذَا‬
‫الم يد‪ ،‬قال تعال‪َ { :‬وإِذَا ذُ ِكرَ اللّ ُه َوحْدَ ُه اشْ َمأَزّ تْ ُقلُو ُ‬
‫ذُ ِك َر الّذِينَ مِن دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسَْتبْشِرُونَ} [الزمر‪.]45:‬‬

‫‪3‬‬
‫فرجوع الناس إل ربمـ معناه انتهاء جولة الباطـل وانتهاء حكمهـم وفقدانمـ للذاتمـ‬
‫وشهواتم‪ ،‬فكيف يعيش رؤوس القوم سواسية مع الساكي والضعفاء‪ ،‬لم ما للمساكي‬
‫ل الّذِي نَ َك َفرُوْا مِن ِق ْومِ ِه مَا نَرَا كَ إِلّ‬ ‫وعلي هم ما على ال ساكي‪ ،‬قال تعال‪َ { :‬فقَا َل الْ َم ُ‬
‫بَشَرًا مّثَْلنَا َومَا نَرَا كَ اّتَبعَ كَ إِ ّل الّذِي َن هُ مْ أَرَاذُِلنَا بَادِ يَ ال ّرأْ يِ } [هود‪ ،]27:‬وقال تعال‪:‬‬
‫{وَا صْبِ ْر َنفْ سَكَ َم َع الّذِي نَ يَ ْدعُو نَ َربّهُم بِاْلغَدَا ِة وَاْلعَشِيّ يُرِيدُو َن وَ ْجهَ هُ وَلَا َتعْ ُد َعْينَا كَ‬
‫حيَاةِ ال ّدْنيَا} [الكهف‪.]28:‬‬ ‫عَْنهُ ْم تُرِيدُ زِينَ َة الْ َ‬

‫روى المام احد وغيه ف سبب نزول هذه الية‪ :‬أنه مر مل من قريش على رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم ‪ -‬وعنده خباب بن الرت وصهيب وبلل وعمار ‪ -‬فقالوا‪ :‬يا ممد‬
‫أرضيت بؤلء؟! أهؤلء من ال عليهم من بيننا؟! لو طردت هؤلء لتبعناك!‬

‫فارادوا أن يوقفوا هذا السـيل الارف للباطـل‪ ،‬الطهـر للرض مـن الشرك‪ ،‬فعملوا على‬
‫ماربت نا بش ت الو سائل‪ ،‬قال تعال‪{ :‬وَمَا َنقَمُوا ِمْنهُ مْ إِلّا أَن ُيؤْ ِمنُوا بِاللّ ِه الْعَزِي ِز الْحَمِ يد}‬
‫[البوج‪.]8:‬‬

‫فهذه الدعوة نملها لنفها إل الناس مبشرين بنة عرضها السموات والرض إن أطاعوا‪،‬‬
‫ومذريهم من عقاب ال إن خالفوا واتبعوا أهواءهم‬

‫أيها القاضي بغي ما أنزل ال‪:‬‬

‫تعلم ان خلصة دعوتنا متمثلة بقوله تعال‪{ :‬وََلقَ ْد َبعَْثنَا فِي كُلّ ُأ ّمةٍ رّ سُولً أَ ِن اعْبُدُواْ اللّ َه‬
‫وَا ْجتَِنبُواْ الطّاغُوت} [النحل‪ ،]36:‬فإن أول وأهم ما افترض ال على عباده تعلمه والعمل‬
‫ْتـ الْجِنّ‬ ‫بـه هـو التوحيـد ‪-‬أي الكفـر بالطاغوت واليان بال‪ -‬قال تعال‪{ :‬وَمَا خََلق ُ‬
‫وَالْإِنسَ إِلّا ِليَ ْعبُدُون} [الذاريات‪ ،]56:‬قال الفسرون‪ :‬أي ليوحدون وحدي‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫و قد تظنون أي ها القضاة أن العبادة إن ا هي ال صلة وال صيام والزكاة ف قط‪ ،‬فتقولون‪ :‬ن ن‬
‫نع بد ال‪ ،‬و هل ترا نا نع بد غيه؟! فن صلي ون سجد ون صوم ونذ بح ل!‪ ،‬فأقول ل كم‪ :‬إن‬
‫العبادة لي ست ك ما تفهمون ا بذا الفهم الض يق‪ ،‬بل هي أو سع واش ل م ا تظنون‪ ،‬فكل مة‬
‫التوحيد الت خلق ال من اجلها اللق وأرسل الرسل وانزلت عليهم الكتب هي‪" :‬ل إله‬
‫إل ال"‪.‬‬

‫وتنقسم إل شقي‪:‬‬

‫شق الن في؛ و هو "ل إله" أي ل معبود ب ق سوى ال‪ ،‬فتن في اللوه ية عن غ ي ال‪ ،‬فل‬
‫يعبد غيه ف صيام ول صلة ول حج ول تشريع‪.‬‬

‫والشق الخر‪ ،‬الثبات؛ وهو‪" :‬إل ال" أي إثبات اللوهية ل وحده‪ ،‬فل يطاع غيه ف‬
‫كل كبية وصغية‪.‬‬

‫فجاءت هذه الكلمة العظيمة ‪-‬كلمة التوحيد‪ -‬الت ل ينجو العبد من النار إل بتحقيقها‬
‫وبالتيان بشروطها ومقتضياتا‪ ،‬فقول ال عز وجل‪{ :‬فَمَ ْن َي ْكفُ ْر بِالطّاغُو تِ َوُي ْؤمِن بِاللّ هِ‬
‫ك بِاْلعُ ْر َوةِ اْل ُوثْ َقىَ لَ انفِ صَامَ لَهَا} [البقرة‪ ]256:‬جاءت مف سرة لذه الكل مة‬
‫َفقَ ِد ا ْستَمْسَ َ‬
‫العظيمة‪ ،‬فقوله‪َ{ :‬فمَ ْن َي ْكفُ ْر بِالطّاغُو تِ} [البقرة‪ ]256:‬اي ينفي اللوهية والعبودية عن‬
‫غي ال‪ ،‬وقوله‪ُ{ :‬يؤْمِن بِاللّهِ} [البقرة‪ ]256:‬إقرار وإثبات لعبودية ال وحده‪.‬‬

‫و قد ض من ال ل ن آ من به وحده وك فر بالطاغوت بأ نه التم سك بالعروة الوث قى‪ ،‬تلك‬


‫العروة الت ل ناة إل بالتشبث با‪ ،‬فالصلة عروة والزكاة عروة والج عروة وأعمال الب‬
‫عرى كلها‪ ،‬ولكن من تسك بأي عروة من هذه العرى ول يستمسك بعروة التوحيد‪ ،‬ل‬
‫ج َع ْلنَا هُ‬
‫شك أنا تنفصم ولن تنفعه عند ال‪ ،‬قال تعال‪{ :‬وَقَ ِد ْمنَا إِلَى مَا عَ ِملُوا مِ ْن عَمَلٍ فَ َ‬
‫ُوهـ‬
‫هَبَاء مّنثُورًا} [الفرقان‪ ]23:‬لناـ ل تؤسـس على التوحيـد الالص‪ ،‬قال تعال‪{ :‬وُج ٌ‬
‫صَبةٌ} [الغاشية‪.]3-2:‬‬
‫َيوْ َمئِذٍ خَا ِش َع ٌة * عَامَِل ٌة نّا ِ‬

‫‪5‬‬
‫مَ ّر ع مر بن الطاب ر ضي ال ع نه بد ير را هب‪ ،‬فناداه‪ :‬يارا هب‪ ،‬فأشرف‪ ،‬فج عل ع مر‬
‫ين ظر إل يه ويب كي‪ ،‬فق يل له‪ :‬يا أم ي الؤمن ي ما يبك يك من هذا؟ قال‪ :‬ذكرت قوله عز‬
‫صبَةٌ * تَ صْلَى نَارًا حَا ِمَيةً} [الغاش ية‪ ]4-3:‬فذاك الذي أبكا ن‪ ،‬عملت‬
‫و جل‪{ :‬عَامَِل ٌة نّا ِ‬
‫كثيا ونصبت فيه‪ ،‬وصليت يوم القيامة نارا حامية‪.‬‬

‫فلذلك أول ما ي سأل الع بد يوم القيا مة عن توحيده‪ ،‬وتقي قه لعبود ية ال وحده‪ ،‬ولذلك‬
‫جاء ف الديث الصحيح عن أبن عباس‪ ،‬أن رسول ال صلى ال عليه وسلم لا بعث معاذا‬
‫إل اليمن‪ ،‬قال‪( :‬إنك تقدم قوما أهل كتاب‪ ،‬فليكن أول ما تدعوهم إليه عبادة ال ‪-‬وف‬
‫رواية أن يوحدوا ال‪ -‬فإن هم أجابوا فأخبهم أن ال فرض عليهم زكاة من أموالم وترد‬
‫على فقرائهـم‪ ،)...‬فلم يدعوهـم بدايـة إل الصـلة والزكاة والجـ وغيهـا مـن شرائع‬
‫السلم‪ ،‬ولكن أمره الرسول صلى ال عليه وسلم أن يدعوهم إل عبادة ال وحده‪.‬‬

‫قال تعال‪{ :‬وََلقَ ْد َبعَثْنَا فِي كُلّ ُأ ّمةٍ رّ سُولً أَ ِن اعْبُدُواْ اللّ َه وَا ْجَتنِبُواْ الطّاغُوت} [الن حل‪:‬‬
‫‪.]36‬‬

‫والطاغوت ل غة‪ :‬كل ما زاد عن حده‪ ،‬قال تعال‪ِ{ :‬إنّ ا َلمّ ا طَغَى الْمَاء حَ َم ْلنَاكُ مْ فِي‬
‫الْجَا ِريَة} [الاقة‪ ]11:‬أي عندما زاد الاء عن حده حلناكم ف السفينة‪.‬‬

‫والطاغوت اصطلحا‪ :‬هو كل ما عبد من دون ال‪ ،‬وهو راض بالعبادة‪.‬‬

‫وتتنوع أشكال الطاغوت‪ ،‬فتارة يكون الطاغوت صـنما‪ ،‬وتارة قـبا أو إنسـانا أو قانونـا‪،‬‬
‫ولقد كانوا ف الاهلية الول يعبدون الصنام ويذبون عندها ويدعونا‪ ،‬وجاء بعدهم من‬
‫عبد القبور فيذبون لا ويتبكون با ويتخذونا آلة واربابا تعبد من دون ال‪ ،‬ولكن ابتلي‬
‫الناس ف هذا العصر باتاذهم لونا آخر من اللة يعبدونا‪ ،‬وهي طاعة أشخاص تابعوهم‬
‫بالتحري والتحليل‪ ،‬فيشرعون ل م ما يوافق أهواءهم‪ ،‬فيحلون لم الرام ويرمون عليهم‬
‫حكْ مُ إِلّ ِللّ هِ‬
‫اللل‪ ،‬فمن تابعهم على ذلك اتذهم أربابا من دون ال‪ ،‬قال تعال‪{ :‬إِ ِن الْ ُ‬
‫َأمَرَ أَلّ َت ْعبُدُواْ إِلّ ِإيّاه } [يوسف‪.]40:‬‬

‫‪6‬‬
‫روى المام أح د وغيه عن عدي بن حا ت ‪-‬كان ن صرانيا ث أ سلم‪ :-‬د خل علي ال نب‬
‫صلى ال عليه وسلم وهو يقرأ قول ال عز وجل‪{ :‬اتّخَذُواْ أَ ْحبَا َرهُ ْم وَ ُر ْهبَاَنهُ مْ أَ ْربَابًا مّن‬
‫دُو نِ اللّه} [التوبة‪ ،]31:‬فقال‪ :‬يارسول ال ما عبدوهم ‪-‬وكان يظن أن العبادة إنا هي‬
‫الركوع وال سجود‪ -‬فقال ر سول ال صلى ال عل يه و سلم‪( :‬أل يكونوا يلوا ل م الرام‬
‫ويرموا عليهم اللل فيتبعونم؟) قال‪ :‬نعم‪ ،‬قال‪( :‬فتلك عبادتم)‪.‬‬

‫قال ش يخ ال سلم ا بن تيم ية‪( :‬هؤلء الذ ين اتذوا أحبار هم ورهبان م أربا با من دون ال‬
‫ح يث أطاعو هم ف تل يل ما حرم ال وتر ي ما أ حل ال‪ ،‬إن علموا أن م بدلوا د ين ال‬
‫فتابعو هم على التبد يل فهذا ك فر‪ ،‬ف قد جعله ال ور سوله شر كا‪ ،‬وإن ل يكونوا ي صلون‬
‫ويسجدون لم)‪ .‬أهـ‬

‫ويقول ف موضع آخر‪( :‬ومت ترك العلم ما علمه من كتاب ال وسنة رسوله واتبع حكم‬
‫الاكم الخالف لكم ال ورسوله‪ ،‬كان مرتدا كافرا يستحق العقوبة ف الدنيا والخرة)‪.‬‬
‫اهـ‬

‫ج ّمنْ هُ ِلتُنذِرَ بِ ِه وَذِكْرَى‬ ‫صدْ ِركَ َحرَ ٌ‬ ‫ل يَكُن فِي َ‬ ‫قال تعال‪{ :‬ال ص * ِكتَا بٌ أُنزِلَ إَِليْ كَ َف َ‬
‫لِلْ ُم ْؤ ِمنِيَ * اّتِبعُوْا مَا أُن ِزلَ إَِليْكُم مّن ّرّبكُ ْم وَ َل َتتِّبعُواْ مِن دُونِ هِ َأوِْليَاء قَلِيلً مّا تَذَكّرُو نَ}‬
‫[العراف‪ ،]3-1:‬ويقول تعال‪{ :‬وَلَ َتأْكُلُواْ ِممّا لَ ْم يُذْكَ ِر اسْمُ اللّ ِه عََليْ ِه َوِإنّهُ َلفِسْ ٌق َوِإنّ‬
‫الشّيَاطِيَ َليُوحُو نَ إِلَى َأوِْليَآِئهِ مْ ِليُجَادِلُوكُ ْم َوإِ نْ َأ َط ْعتُمُوهُ مْ ِإّنكُ مْ لَمُشْرِكُو نَ} [النعام‪:‬‬
‫‪ ،]121‬روى ال طبان عن ا بن عباس ل ا نزلت هذه ال ية‪ ،‬أر سلت فارس إل قر يش ان‬
‫خا صموا ممدا‪ ،‬وقولوا له‪ :‬تذ بح أ نت بيدك ب سكي ف هو حلل‪ ،‬و ما ذ بح ال عز و جل‬
‫فهو حرام؟!‬

‫أيها القاضي بغي ما أنزل ال‪:‬‬

‫‪7‬‬
‫إذا عرفت هذا‪ ،‬وظهر لك أن الكفر البواح والشرك الصراح إتاذ غي ال مشرعا ‪ -‬سواء‬
‫كان هذا الشرع عالا او حاكما أو نائبا أو شيخ عشية ‪ -‬وعلمتم أن ال قد حكم على‬
‫الشرك ف كتا به‪ ،‬فقال‪{ :‬إِنّ اللّ هَ َل َي ْغفِرُ أَن يُشْرَ كَ بِ ِه َويَ ْغفِ ُر مَا دُو نَ ذَلِ كَ لِمَن يَشَاء }‬
‫[النساء‪.]48:‬‬

‫ث علمتم أن الادة "‪ "26‬من دستوركم الوضعي تنص على‪:‬‬

‫أ‪ -‬السلطة التشريعية تناط باللك واعضاء ملس المة‪.‬‬


‫ب‪ -‬تارس السلطة التشريعية وغيها صلحياتا ومهامها وفقا لواد الدستور‪.‬‬

‫َنـ َقبِ َل بِهذا الديـن الحُدث والكفـر البواح الناقـض لديـن ال تعال‬
‫أنـ كُ َل م ْ‬
‫عرفتـم َ‬
‫وتوحيده‪ ،‬أنـه قـد اِتذـ هؤلء الشرعيـ اربابا مـن دون ال تعال‪ ،‬يشركهـم مـع ال فـ‬
‫عبادته‪.‬‬

‫قال الش يخ اح د شا كر رح ه ال تعال ‪-‬وكان قا ضي الحا كم الشرع ية ف بدا ية تك يم‬


‫مصر للقواني الوضعية‪( :-‬هذه القواني الت فرضها على السلمي اعداء السلم هي ف‬
‫حقيقت ها د ين آ خر جعلوه دي نا للم سلمي بدلً من دين هم ال سامي الن قي‪ ،‬لن م اوجبوا‬
‫عليهم طاعتها وغرسوا ف قلوبم حبها وتقديسها والعصبية لا‪ ...‬حت جرى على اللسنة‬
‫والقلم ‪-‬كثيا‪ -‬كلمات "تقديـس القانون" و "قدسـية القانون" و "حرمـة الحكمـة"‬
‫وأمثال ذلك من الكلمات الت يأبون أن توصف با الشريعة السلمية واراء الفقهاء‪ ،‬بل‬
‫حينئذ يصفونا بـ "الرجعية" و "المود" و "شريعة الغاب" إل امثال ما ترى ف الصحف‬
‫والجلت والكتب الدرسية الت يكتبها اتباع أولئك الوثنيي‪...‬‬

‫ث َبيّنَ كيف تدرج المر بالسلمي فصاروا يطلقون على هذه القواني ودراستها "الفقه" و‬
‫"الفقيـه" و "التشريـع" و "الشرع" ومـا إل ذلك مـن الكلمات التـ تطلق على الشريعـة‬
‫وعلمائها‪...‬‬

‫‪8‬‬
‫ث َبيّ نَ كيف وصل الال بم إل الدرك السفل‪ ،‬فنفوا شريعتهم السلمية عن كل شيئ‪،‬‬
‫و صرح كث ي من هم ف كث ي من أحكام ها القطع ية الثبوت والدللة بأن ا ل تنا سب هذا‬
‫الع صر‪ ،‬وإن ا شر عت لقوم بدائي ي غ ي متمدن ي‪ ،‬فل ت صلح لذا الع صر الفرن ي الوث ن‬
‫خصوصا ف الدود النصوصة ف الكتاب‪ ،‬والعقوبات الثابتة ف السنة‪...‬‬

‫إل أن قال‪ :‬ولقد رب لنا الستعمرون من هذا النوع طبقات ارضعوهم لبان هذه القواني‬
‫حت صار منهم فئات عالية الثقافة واسعة العرفة بذا اللون من الدين الديد الذين نسخوا‬
‫به شريعتهم‪ ،‬ونبغت فيه نوابغ يفخرون با على رجال القانون ف أوربا‪ ،‬فصار السلمون‬
‫من أئمة الكفر ما ل يبتل به السلم بأي زمن آخر‪...‬‬

‫وانتهى بقوله‪ :‬وصار هذا الدين الديد والقواعد الساسية الت يتحاكم إليها السلمون ف‬
‫أكثر بلد السلم فسواء منها ما وافق ف بعض احكامه شيئا من أحكام الشريعة أو ما‬
‫خالفها)‪ .‬اهـ‬

‫وأنظروا إل مشرعي كم أمثال م مد فا ضل وال سنهوري أ ين هم الن؟‪ ،‬إن م ت ت أطباق‬


‫الثرى‪ ...‬يال و يا للع جب! مشرعي كم يوتون! ول كن رب نا ومشرع نا وحاكم نا حي ل‬
‫يوت‪.‬‬

‫حكْ َم الْجَاهِِلّيةِ َيْبغُو نَ َومَ نْ أَحْ سَنُ مِ نَ اللّ هِ ُحكْمًا ّل َقوْ مٍ يُوِقنُون } [الائدة‪:‬‬
‫قال تعال‪{ :‬أَفَ ُ‬
‫‪ ،]50‬قال ابن كثي‪( :‬ينكر تعال على من خرج عن حكم ال الحكم الشتمل على كل‬
‫خ ي النا هي عن كل شر‪ ،‬وعدل إل ما سواه من الراء والهواء وال صطلحات ال ت‬
‫وضعها الرجال بل مستند من شريعة ال‪ ،‬فمن فعل ذلك منهم فهو كافر يب قتاله حت‬
‫يرجع إل حكم ال ورسوله‪ ،‬فل يكم سواه ف قليل ول كثي‪.)...‬‬

‫ايها القاضي بغي ما انزل ال‪:‬‬

‫‪9‬‬
‫من أ جل هذا عادا نا قوم نا‪ ،‬ورمو نا عن قوس واحدة‪ ،‬وظاهرو نا بالعداء ال صريح‪ ،‬وبذلوا‬
‫الغال والرخ يص من ا جل القضاء على هذه الدعوة العظي مة‪ ،‬ول كن ا ن ل م؟ وال جل‬
‫ذكره يقول‪{ :‬يُرِيدُو نَ أَن يُ ْط ِفؤُوْا نُورَ اللّ ِه ِبأَ ْفوَا ِههِ ْم َوَيأْبَى اللّ هُ إِلّ أَن ُيتِمّ نُورَ هُ وََلوْ َكرِ هَ‬
‫الْكَافِرُو نَ} [التو بة‪ ،]32:‬وقال تعال‪َ { :‬وعَدَ اللّ ُه الّذِي نَ آ َمنُوا مِنكُ ْم َوعَمِلُوا ال صّالِحَاتِ‬
‫ف الّذِي َن مِن َقبِْلهِ ْم وََليُ َم ّكنَنّ َل ُهمْ دِيَنهُ ُم الّذِي ا ْرتَضَى‬ ‫خلَ َ‬‫خِل َفّنهُم فِي اْلأَرْ ضِ َكمَا ا سْتَ ْ‬
‫َليَ سْتَ ْ‬
‫َلهُ ْم وََليُبَدَّلّنهُم مّن َبعْدِ َخوِْفهِمْ َأ ْمنًا } [النور‪.]55:‬‬

‫فالقضية ليست قضية "قنابل وسلح ومتفجرات" وإنا قضية دعوة توحيد ودين‪ ...‬فلقد‬
‫طوردنـا منـذ مدة طويلة‪ ،‬وكان السـبب لن اخواننـا بدأوا ينشرون هذه الدعوة الكريةـ‬
‫‪-‬دعوة النبياء‪ -‬بي الناس‪ ،‬وقاموا بعقد حلقات الدروس ف الساجد والبيوت‪ ،‬من اجل‬
‫إخراج الناس من الشرك إل التوحيد‪ ،‬ومن ضيق الدنيا إل سعة الدنيا والخرة‪ ،‬ومن الور‬
‫والظلم إل العدل وال من‪ ،‬و من نار جه نم إل جنات عدن‪ ،‬قال تعال‪{ :‬يَا َق ْومَنَا أَجِيبُوا‬
‫دَاعِ يَ اللّ ِه وَآ ِمنُوا بِ هِ َي ْغفِرْ َلكُم مّن ُذنُوِبكُ ْم َويُجِرْكُم مّ ْن عَذَا بٍ أَلِي مٍ} [الحقاف‪،]31:‬‬
‫وقد كنا سعنا وقرأنا عما يفعله زبانية الخابرات ف ساحات التعذيب‪ ،‬وما اقترفوه بق‬
‫إخوان لنا سوا بـ "قضية مؤتة"‪ ،‬وما فعله زبانية الخابرات من تعذيب جسدي وماولة‬
‫إهانة وتدنيس لكرامة هؤلء الفتية‪.‬‬

‫وف الديث الصحيح عن النب صلى ال عليه وسلم‪ :‬أنه جاء رجل فقال‪ :‬يا رسول ال‬
‫أرايت إن جاء رجل يريد أن يأخذ مال‪ ،‬أفأعطيه؟‪ ،‬قال‪( :‬ل‪ ،‬ل تعطيه)‪ ،‬قال‪ :‬أفرأيت إن‬
‫قاتلن‪ ،‬أفأقتله؟‪ ،‬قال‪( :‬نعم)‪ ،‬قال‪ :‬أفرأيت إن قتلته؟‪ ،‬قال‪( :‬هو ف النار)‪ ،‬قال‪ :‬أفرأيت إن‬
‫قتلن؟‪ ،‬قال‪( :‬أنت شهيد)‪.‬‬

‫قال شيخ السلم ابن تيمية‪( :‬والعدو الصائل الذي يفسد الدين ليس أوجب بعد اليان‬
‫من دفعه)‪ ،‬ونن بفضل ال أصحاب دعوة عظيمة حلها قبلنا النبياء والصالون‪ ،‬فل بد‬
‫لامل هذه الدعوة أن يكون صاحب انفة وعزة وكرامة‪ ،‬فوال إن الوت أحب إلينا من أن‬

‫‪10‬‬
‫يدنس عرض أحدنا‪ ،‬والوت أحب إلينا من أن يداهم جنود الطاغوت بيوتنا فيقودونا من‬
‫بي أهالينا وأطفالنا‪...‬‬

‫نن ‪-‬أيها القاضي‪ -‬ل نقول هذا حت نعلمك بالنا‪ ،‬ولكن نقول هذا من باب قول ال‬
‫ج ِرمِي} [النعام‪ ،]55:‬فنحن نعلم‬ ‫ي َسبِي ُل الْمُ ْ‬ ‫سَتبِ َ‬‫ك نفَصّ ُل اليَاتِ وَِلتَ ْ‬ ‫عز وجل‪{ :‬وَكَذَلِ َ‬
‫‪-‬بفضل ال‪ -‬ما هي تكاليف هذه الدعوة العظيمة وما يتبعها من أذى بميع اشكاله‪ ،‬قال‬
‫ب مِن َقبِْلكُ ْم َومِ نَ‬
‫تعال‪َ{ :‬لتُبَْل ُونّ فِي َأ ْموَالِكُ ْم َوأَنفُ سِكُ ْم وََلتَ سْ َمعُ ّن مِ َن الّذِي نَ أُوتُوْا الْ ِكتَا َ‬
‫ْمـ ا ُلمُور} [آل عمران‪:‬‬ ‫ِنـ عَز ِ‬ ‫ِكـ م ْ‬
‫َصـرُواْ َوَتّتقُواْ فَإِنّ ذَل َ‬ ‫ِينـَأشْرَكُواْ أَذًى َكثِيًا َوإِن ت ْبِ‬ ‫الّذ َ‬
‫‪.]186‬‬

‫فنـبي لك ‪-‬ول يفـى عليـك‪ -‬مناداتكـم بالديقراطيـة ‪-‬ذلك الديـن الكفري الحدث‪-‬‬
‫فتقتلون الناس باسم الديقراطية‪ ،‬وتبيحوا المر والزنا والفساد باسم الديقراطية‪ ،‬وتزعق‬
‫أبواقكم العلمية بشت وسائلها تزين صورة هذا الدين الحدث وتصفه بالعدل والتزان‪،‬‬
‫وحر ية الفرد وكرا مة الوا طن ‪-‬و ما ق تل "ممود العوال ة" إل دل يل على كرا مة الوا طن‬
‫عندكم‪ -‬فها أنتم تزجون باسم الديقراطية الكافرة الناس ف غياهب السجون أسرابا إثر‬
‫أسراب‪ ،‬تمهم شت‪ ،‬ما أنزل ال با من سلطان‪ ،‬ومنها التهمة الضحكة السماة "إطالة‬
‫اللسان" فكل إنسان يقف ف وجوهكم ليصدع بكلمة الق تعاقبونه لنه أطال اللسان‬
‫على النظام وطواغيته! فما هي إطالة اللسان ف شرعكم وقانونكم الوضعي؟!‬

‫سبّوْا الّذِي َن يَ ْدعُو َن مِن دُونِ اللّهِ َفيَسُبّواْ اللّ َه عَ ْدوًا ِب َغيْ ِر‬
‫يقول ال عز وجل ف كتابه‪{ :‬وَلَ تَ ُ‬
‫عِلْم} [النعام‪ ،]108:‬يقول الا فظ ابن كث ي ف تف سيه هذه الية‪( :‬فالسب الجرد ف‬
‫ديننا إن كان يترتب عليه مفسدة أعظم ينهى عنه)‪.‬‬

‫ول كن هذه الدعوة العظي مة ال ت ف صلناها ل كم وال ت ت سمونا أن تم ف شرع كم "إطالة‬


‫ل سان"‪ ،‬هي ف شرعنا الطهر حق ووا جب‪ ،‬ك ما قال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪:‬‬
‫(سـيد الشهداء حزة‪ ،‬ورجـل قام إل إمام جائر فأمره وناه فقتله)‪ ،‬فقول القـ وتعريـة‬

‫‪11‬‬
‫الباطل مطلوب ف شرعنا‪ ،‬قال الصحاب ف الديث الصحيح‪( :‬بايعنا رسول ال صلى ال‬
‫عل يه و سلم على ال سمع والطا عة ف منشط نا ومكره نا وأن نقول ال ق ول ن شى ف ال‬
‫لومة لئم)‪.‬‬

‫شوْ نَ أَحَدًا إِلّا اللّ َه‬


‫ش ْونَ ُه وَلَا يَخْ َ‬
‫قال تعال مادحا هؤلء‪{ :‬الّذِي َن ُيبَّلغُو نَ رِ سَالَاتِ اللّ ِه َويَخْ َ‬
‫وَ َكفَى بِاللّ هِ حَ سِيبًا} [الحزاب‪ ،]39:‬فعندما يقف الوحد يتكلم با يعتقد من كتاب ال‬
‫و سنة نبيه‪ ،‬داع يا الناس إل التوح يد‪ ،‬مذرا إيا هم من الشرك والشرك ي و من متابعت هم‪،‬‬
‫موضحا ذلك بالدليل النقلي من كتاب ال وسنة نبيه‪ ،‬والعقلي ما جبلت عليه فطرة الؤمن‬
‫كقول ال عز و جل‪{ :‬وَمَن لّ ْم َيحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّ هُ َفُأوْلَ ـئِكَ هُ ُم اْلكَافِرُون} [الائدة‪:‬‬
‫‪ ،]44‬فمن يقف ينكر أن من ل يكم با انزل ال‪ ،‬معطل لشرعه‪ ،‬مستبدل لكمه‪ ،‬غي‬
‫كافر؟!‪.‬‬

‫فهل تبيي ما ف كتاب ال عن الذي يكم بغي ما أنزل ال‪ ،‬يعتب ف شرعكم الوضعي‬
‫إطالة لسان؟!‬

‫ولقد صدق رسول ال صلى ال عليه وسلم حي قال‪( :‬يكون ف آخر الزمان أمراء ظلمة‬
‫ووزراء فسقة وقضاة خونة وفقهاء كذبة‪ ،‬فمن أدرك ذلك الزمان فل يكون لم جابيا ول‬
‫عري فا ول شرط يا)‪ ،‬وهذا حد يث صحيح إذا ذكرناه ن صحا ل كم‪ ،‬قل تم "إطالة ل سان"‪...‬‬
‫وهذا زمان انقلب فيه الق باطل والباطل حقا‪.‬‬

‫فل قد كان ر سول ال صلى ال عل يه و سلم ‪-‬وقبله ال نبياء‪ -‬يعرون ا صنام القوم وألت هم‬
‫الدعاة‪ ،‬ويسفهون أحلمهم‪ ،‬قال تعال ذاكرا إبراهيم‪{ :‬قَالَ أََفَتعْبُدُو َن مِن دُو نِ اللّ ِه مَا لَا‬
‫يَن َف ُعكُ مْ شَْيئًا وَلَا َيضُرّكُ مْ * أُفّ ّلكُ ْم وَلِمَا َت ْعبُدُو نَ مِن دُو نِ اللّ هِ أَفَلَا َت ْعقِلُو نَ} [النبياء‪:‬‬
‫‪ ،]67-66‬و ف الد يث ال صحيح عن ال نب صلى ال عل يه و سلم عند ما سأله صناديد‬
‫قريش وطواغيتهم‪ :‬أأنت الذي تسب ألتنا وتسفه أحلمنا؟‪ ،‬قال‪( :‬نعم)‪ ،‬مع أن دعوته ل‬
‫يكن فيها شتم ول سب ول فحش‪...‬‬

‫‪12‬‬
‫فهذه سنة انبيائنا عليهم السلم وعلى خطاهم نسي إن شاء ال تعال‪.‬‬

‫بين ما الذي ي سب خالق كل ش يء يا كم ‪ -‬ف شرع كم ‪ -‬بايام قليلة أ قل م ن ي سب‬


‫حاكمكم! بال عليك أيها القاضي بغي ما أنزل ال من هو ربكم إذا؟!‬

‫انتم تقولون ف شعاراتكم (ال‪ ،‬الوطن‪ ،‬اللك)‪ ،‬فال كتابه مقدم على الوطن واللك‪ ،‬ث‬
‫عقوبة من "أطال لسانه" على اللك أكب من عقوبة من "أطال اللسان" على ال عز وجل‪،‬‬
‫فمن هو الله الق ف شرعكم؟!‬

‫أيها القاضي بغي ما أنزل ال‪:‬‬

‫س بِمَا أَرَا كَ اللّ ُه وَلَ تَكُن‬ ‫حكُ َم َبيْ َن النّا ِ‬ ‫ك الْ ِكتَا بَ بِالْحَقّ ِلتَ ْ‬ ‫قال تعال‪ِ{ :‬إنّ ا أَنزَلْنَا إَِليْ َ‬
‫لّ ْلخَآئِنِيَ خَ صِيمًا * وَا سَْت ْغفِرِ اللّ هِ إِنّ اللّ هَ كَا َن غَفُورًا رّحِيمًا * وَلَ تُجَا ِد ْل عَ نِ الّذِي نَ‬
‫س وَلَ‬ ‫خفُونَ مِ َن النّا ِ‬ ‫ستَ ْ‬
‫سهُمْ إِنّ اللّ هَ َل ُيحِبّ مَن كَا نَ َخوّانًا َأثِيمًا * يَ ْ‬ ‫ختَانُو نَ أَنفُ َ‬
‫يَ ْ‬
‫خفُونَ مِ نَ اللّ ِه َو ُه َو َمعَهُ مْ إِ ْذ ُيَبيّتُو َن مَا َل يَرْضَى مِ َن اْل َقوْلِ وَكَا نَ اللّ ُه بِمَا يَعْ َملُو نَ‬ ‫ستَ ْ‬‫يَ ْ‬
‫حيَاةِ ال ّدنْيَا فَمَن يُجَا ِدلُ اللّ َه عَْنهُ ْم َيوْمَ اْل ِقيَا َمةِ‬
‫مُحِيطًا * هَاأَنتُمْ هَـؤُلء جَادَْلتُ ْم َعْنهُمْ فِي الْ َ‬
‫أَم مّن َيكُو ُن عََلْيهِ ْم وَكِيلً} [النساء‪...]109-105:‬‬

‫ول يكون الق إل ف كتاب ال‪...‬‬

‫أذكركم ايها القضاة بقول الرسول صلى ال عليه وسلم‪( :‬القضاة ثلثة‪ ،‬قاضيان ف النار‬
‫وقاض ف النـة‪ ،‬ا ما القاضيان اللذان ف النار‪ ،‬فقاض علم ال ق وح كم بغيه فذلك ف‬
‫النار‪ ،‬وقاض جا هل ل يعرف ال ق وح كم بغيه فذلك اي ضا ف النار‪ ،‬وقاض عرف ال ق‬
‫وحكم به فذلك ف النة)‪ ،‬والق ما وافق الشرع وحده‪.‬‬

‫فوال إننا على هدايتكم لريصون‪ ،‬وإنا وال ايام قلئل وتنقضي هذه الياة الدنيا‪ ،‬فربح‬
‫فيها من ربح وخسر فيها من خسر‪ ،‬فإنكم ما تقضون على أحد من قضاء إل وسيقضي‬

‫‪13‬‬
‫علي كم يوم القيا مة قضاء أد هى وأ مر ‪-‬عند ما تقبلون على ال فرادى‪ -‬قال تعال‪{ :‬وََلقَ ْد‬
‫ِجْئتُمُونَا ُفرَادَى كَمَا خََل ْقنَاكُ مْ َأوّ َل مَ ّر ٍة َوتَرَكْتُم مّ ا َخوّْلنَاكُ ْم وَرَاء ُظهُورِكُ ْم وَمَا نَرَى‬
‫َمعَكُ ْم ُشفَعَاءكُ ُم الّذِي نَ َزعَ ْمتُ مْ َأّنهُ مْ فِيكُ ْم شُرَكَاء َلقَد ّتقَطّ َع بَْيَنكُ ْم وَضَ ّل عَنكُم مّا كُنتُ مْ‬
‫تَ ْزعُمُونَ} [النعام‪ ،]94:‬عندها ‪-‬وال‪ -‬لن تدوا لكم من دون ال وليا ول نصيا‪ ،‬فهذه‬
‫النياش ي والر تب والبزات الع سكرية الناع مة لن تنفع كم ع ند ال‪ ،‬ف في الد يث ال صحيح‬
‫عن ال نب صلى ال عل يه و سلم‪ ،‬قال‪( :‬ي شر الناس يوم القيا مة حفاة عراة غرل)‪ ،‬فقالت‬
‫عائشة رضي ال عنها‪ :‬يا رسول ال الن ساء والرجال ينظر بعضهم إل بعض؟!‪،‬قال‪( :‬يا‬
‫عائ شة ال مر أ شد من ان يهم هم هذا)‪ ،‬وأ ما القاضيان الذ ين عن شالك ويي نك معتمدا‬
‫عليهما ف قضائك‪ ،‬وها لك كالناحي للطائر فلن يغنوا عنك من ال شيئا‪ ،‬وستات يوم‬
‫القيامة بدونما‪ ،‬قال تعال‪{ :‬وَكُّلهُ ْم آتِيهِ َي ْو َم الْ ِقيَا َمةِ َفرْدًا} [مري‪.]95:‬‬

‫فنحن ‪-‬بفضل ال‪ -‬لن يهمنا ما دبرتوه ف الفاء مكرا بنا‪ ،‬فالمر أمر ال‪ ،‬والقضاء قضاء‬
‫ال‪ ،‬قال تعال‪{ :‬وَاللّ ُه َي ْقضِي بِالْحَقّ وَالّذِي َن يَ ْدعُو َن مِن دُونِ هِ لَا َي ْقضُو َن بِشَيْء} [غافر‪:‬‬
‫‪ ...]20‬فقضاؤكم إنا يكون ف هذه الرض‪ ،‬قال عز وجل مبا عن سحرة فرعون ‪-‬لا‬
‫ض مَا أَنتَ قَاضٍ ِإنّمَا‬
‫ت وَالّذِي فَطَ َرنَا فَاقْ ِ‬ ‫آمنوا‪{ :-‬قَالُوا لَن ّن ْؤثِرَكَ عَلَى مَا جَاءنَا مِ َن اْلَبيّنَا ِ‬
‫حيَاةَ ال ّدْنيَا} [طه‪ ،]72:‬وما سجونكم بالت تثنينا عن عزمنا بواصلة دعوتنا‬ ‫َتقْضِي هَذِ ِه الْ َ‬
‫إل ال وحده‪ ،‬فأنتم ‪ -‬وال‪ -‬السجناء‪ ،‬كما قال شيخ السلم ابن تيمية‪( :‬الحبوس من‬
‫ح بس قل به عن ر به تعال‪ ،‬والأ سور من أ سره هواه)‪ ،‬وقال ال نب صلى ال عل يه و سلم‪:‬‬
‫(يشر التكبون يوم القيامة امثال الذر ف صورة الناس يعلوهم كل شيء من الصغار حت‬
‫يدخلوا سجنا ف جهنم يقال له بولس تعلوه نار النيار‪ ،‬يسقون من طي البال وعصارة‬
‫أهـل النار)‪ ،‬فهذا هـو السـجن البدي السـرمدي‪ ،‬ل كسـجنكم هذا‪ - ،‬هذا بفضـل ال‬
‫وكرمه ‪ -‬وسع ال علينا سجونكم بذكر ال فأمست مدارس للدعوة وتعليم كتاب ال‪،‬‬
‫قال تعال‪َ { :‬وإِ ِذ اعْتَزَْلتُمُوهُ مْ َومَا َيعْبُدُو نَ إِلّا اللّ هَ َف ْأوُوا إِلَى الْ َكهْ فِ يَنشُرْ َلكُ مْ َرّبكُم مّن‬
‫رّحته وُي َهيّئْ َلكُم مّنْ َأمْرِكُم مّرَْفقًا} [الكهف‪.]16:‬‬

‫‪14‬‬
‫فأنتم تعقدون ف ماكماتكم هذه السرحيات لحاكمتنا بقانونكم الوضعي‪ ،‬ولكن اعلموا‬
‫أيها القضاة بأنكم إن متم على ما أنتم عليه‪ ...‬عندها سنلتقي هناك ف مكمة العدل عند‬
‫مليك مقتدر‪ ،‬وستجدون هذا كله ف كتاب ل يغادر صغية ول كبية‪ ،‬فمن وجد خيا‬
‫فليحمد ال ومن وجد غي ذلك فل يلومن إل نفسه‪.‬‬

‫اللهم هل بلغت؛ اللهم فأشهد‪.‬‬

‫ِإفَادَ ُة الَسِيِ‪،‬‬
‫َأحْمَد فَضِيل َنزّال الَليِلَة‬

‫صعَبٍ الزّ ْرقَاوِي‬


‫َأبُ ْو مُ ْ‬
‫َأمِيْ ُر تَنْظِي ِم التّ ْوحِي ِد ِفيْ الُ ْردُن‬
‫ج ُن ُسوَا َقةُ – الُ ْردُن‬
‫سِ ْ‬

‫‪15‬‬
‫الطاب الثان‬

‫سنٍ؛‬‫رِسَالةٌ إِل َعشَائِرِ بَنِي َح َ‬


‫يَا قَومِ أَجِيبُوا دَاعِيَ الِ‬
‫‪ 29‬صفر ‪ 1424‬هـ‬
‫‪ 1‬مايو‪/‬أيار ‪ 2003‬م‬

‫ِبقَلَمِ الشَيخ‬
‫ب الزّرْقَاوِي ( َرحِ َمهُ ال)‬
‫أَِبيْ مُصْع ٍ‬

‫بسم ال الرحن الرحيم‪،‬‬

‫المد ل رب العالي‪ ،‬الرحن الرحيم‪ ،‬مالك يوم الدين‪.‬‬

‫والصلة والسلم على البعوث رحة للعالي‪ ،‬ونذيرا للناس أجعي‪ ،‬وعلى آله وصحبه‬
‫الغرّ اليامي‪ ،‬الذين استجابوا ل ورسوله فأقاموا الدين‪.‬‬

‫أمّا بعد؛‬

‫‪16‬‬
‫فلقد كان رسول ال صلى ال عليه وسلم رحيما بقومه‪ ،‬حريصا على هدايتهم‪ ،‬ل يترك‬
‫خيا إل ودلم عليه‪ ،‬ول شرا إل وحذرهم منه‪َ{ ،‬لقَدْ جَاءكُمْ َرسُو ٌل مّنْ أَنفُسِكُ ْم عَزِيزٌ‬
‫ص عََلْيكُم بِالْ ُم ْؤمِنِيَ َرؤُوفٌ رّحِيمٌ} [التوبة‪.]128:‬‬
‫عََليْهِ مَا َعِنتّمْ َحرِي ٌ‬

‫حثهم على المتثال لوامره سبحانه وتعال ورغبهم با عند ال من الجر العظيم والثواب‬
‫الزيل‪ ،‬وحذرهم من معصيته سبحانه ومالفة أمره‪ ،‬وخوّفهم من سخطه و أليم عقابه‪،‬‬
‫وبيّن لم السبل‪ ،‬وجلّى لم الطريق الوصلة إل رضوان ال تعال‪َ { :‬وأَ ّن هَـذَا صِرَاطِي‬
‫ق ِبكُ ْم عَن سَبِيلِهِ ذَِلكُمْ وَصّاكُم بِهِ َلعَّلكُ ْم تَّتقُونَ}‬
‫ستَقِيمًا فَاّتِبعُو ُه وَلَ َتّتِبعُواْ السّبُلَ َفَتفَ ّر َ‬
‫مُ ْ‬
‫[النعام‪ ،]153:‬فسبيل ال؛ طريقه ودينه الذي شرعه لكم وارتضاه وهو السلم الذي‬
‫وصى به النبياء وأمر به المم‪.‬‬

‫وأمرَ ال تعال نبيه ممدا صلى ال عليه وسلم أن يص قومه وعشيته بالنذارة‪ ،‬فقال‬
‫ك الْأَقْ َربِيَ} [الشعراء‪...]214:‬‬
‫تعال‪َ { :‬وأَن ِذ ْر عَشِيَتَ َ‬

‫(قالت عائشة رضي ال عنها‪ :‬لا نزلت { َوأَنذِ ْر عَشِ َيتَكَ اْلأَقْ َربِيَ} [الشعراء‪ ]214:‬قام‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم فقال‪ :‬يا فاطمة بنت ممد‪ ،‬يا صفية بنت عبد الطلب‪ ،‬يا‬
‫بن عبد الطلب‪ ،‬ل أملك لكم من ال شيئا‪ ،‬سلون من مال ما شئتم) [رواه مسلم]‪.‬‬

‫فإليكم يا أبناء عشيت‪ ،‬يا أهلي وقرابت‪ ،‬أوجه نصيحت هذه‪ ،‬علها تكون سببا ف عودة‬
‫من انرف منكم عن الادة والصراط الستقيم‪.‬‬

‫فإن وال لشفق عليكم أن تسكم النار‪ ،‬أو يصيبكم الزي والعار‪ ،‬يوم ل ينفع مال ول‬
‫بنون إل من أتى ال بقلب سليم‪.‬‬

‫يا قوم لقد أعز ال العرب بذا الدين‪ ..‬وأخرجهم به من الظلمات إل النور‪ ،‬ونقلهم به‬
‫من عبادة الوثان إل عبادة الرحن‪ ،‬وسوّدهم به على بن النسان‪ ..‬وإنا وال لنعمة‬
‫عظيمة أن أرسل ال نبينا ممدا صلى ال عليه وسلم من قلب القبائل العربية ليخرجها من‬

‫‪17‬‬
‫عبادة العباد إل عبادة رب العباد‪ ،‬ومن ضيق الدنيا إل سعتها‪ ،‬ومن جور الديان إل عدل‬
‫السلم‪.‬‬

‫سهِ ْم َيتْلُو عََلْيهِ ْم آيَاتِهِ َويُزَكّيهِ ْم‬


‫{َلقَ ْد مَنّ اللّ ُه عَلَى الْمُؤ ِمنِيَ إِ ْذ َبعَثَ فِيهِمْ َرسُو ًل مّنْ أَنفُ ِ‬
‫حكْ َم َة َوإِن كَانُوْا مِن َقبْلُ َلفِي ضَل ٍل ّمبِيٍ} [آل عمران‪..]164:‬‬ ‫ب وَالْ ِ‬
‫َويُعَلّ ُمهُ ُم اْلكِتَا َ‬

‫إن البية يوم مبعث أحد *** نظر الله لا فبدل حالا‬
‫بل كرم النسان حي اختار من *** خي البية نمها و هللا‬

‫ت الْجِ ّن وَالْإِنسَ إِلّا‬


‫والكمة من خلق ال لعباده‪ ،‬تتجلى ف قوله تعال‪َ { :‬ومَا خََل ْق ُ‬
‫ِلَيعْبُدُونِ} [الذاريات‪ ..]56:‬قال الفسرون‪( :‬أي ليوحدونن وحدي‪ ،‬أو ليوحدونن‬
‫بالعبادة) فتوحيد ال بالعبادة إذا هو غاية خلق ال للقه‪ ..‬والعبادة ل تقتصر على الصلة‬
‫والزكاة والصيام والج بل هي أوسع من ذلك وأشل‪ ،‬فالعبادة كما فسرها شيخ السلم‬
‫بن تيمية رحه ال‪ :‬اسمٌ جامعٌ لكل ما يبه ال ويرضاه من القوال والعمال الظاهرة‬
‫والباطنة‪.‬‬

‫ورأس العبادة (إفراد ال بالعبادة) أي ل حاكم ول مشرع ول رازق ول خالق إل ال‪،‬‬


‫وهو التوحيد والعروة الوثقى الت ل تنفصم‪.‬‬

‫لا بعث رسول ال صلى ال عليه وسلم معاذ بن جبل إل اليمن قال له‪" :‬إنك تأت قوما‬
‫أهل كتاب‪ ،‬فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن ل إله إل ال وأن رسول ال‪ ،‬فإن هم‬
‫أجابوك لذلك فأعلمهم أن ال افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على‬
‫فقرائهم‪.....‬الديث‪[ ).‬أخرجاه ف الصحيحي]‬

‫فهذا دليل على أن توحيد ال هو الباب الذي يلج منه الرء إل السلم‪ ،‬وهذا مصداق‬
‫ت َويُ ْؤمِن بِاللّهِ‬
‫قوله تعال‪{ :‬لَ إِكْرَاهَ فِي الدّينِ قَد ّتَبيّنَ ال ّرشْ ُد مِ َن اْلغَيّ فَمَنْ يَ ْكفُ ْر بِالطّاغُو ِ‬
‫ك بِاْلعُ ْر َو ِة اْلوُْث َقىَ َل انفِصَامَ َلهَا وَاللّ ُه سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [البقرة‪.]256:‬‬ ‫َفقَ ِد اسْتَمْسَ َ‬

‫‪18‬‬
‫فال جل شأنه ضمن لن تسك بذه العروة أل تنفصم ول يضمن لن تشبث بغيها من‬
‫العرى النجاة‪..‬‬

‫وهذه العروة الوثقى هي كلمة النجاة وهي كلمة التوحيد (ل إله إل ال)‪.‬‬

‫ولا شقان؛ نفي وإثبات‪:‬‬

‫فـ(ل إله) نفي اللوهية عن غي ال‪ ،‬و (إل ال) إثبات اللوهية ل وحده‪.‬‬

‫ولجل هذه الكلمة العظيمة خلق ال اللق وبعث الرسل وأنزل الكتب‪ ،‬ولجلها قام‬
‫سوق النة والنار‪ ،‬ولجلها شرعت سيوف الهاد وانقسم الناس إل حزبي‪..‬حزب أولياء‬
‫الرحن‪ ،‬وحزب أولياء الشيطان‪ ..‬وفريقي‪ ،‬فريق ف النة وفريق ف السعي‪.‬‬

‫ولجلها سالت الدماء‪ ،‬وتزينت الور ف النان‪ ،‬وكانت هذه الكلمة غاية دعوة كل نب‪:‬‬
‫{وََلقَ ْد َب َعثْنَا فِي كُلّ ُأ ّمةٍ ّرسُولً َأنِ ا ْعبُدُواْ اللّ َه وَا ْجَتنِبُواْ الطّاغُوتَ} [النحل‪.]36:‬‬

‫والطاغوت كما يقول بن القيم رحه ال‪(:‬ما تاوز به العبد حده من معبود أو مطاع أو‬
‫متبوع‪ ..‬فطاغوت كل قوم من يتحاكمون إليه غي ال ورسوله‪ ،‬أو يعبدونه من دون ال‪،‬‬
‫أو يتبعونه على غي بصية) [أعلم الوقعي]‪.‬‬

‫فالطواغيت تتجاوز الجر والشجر‪ ،‬والشمس والقمر‪ ..‬إل طواغيت البشر‪ ..‬فمن‬
‫الطواغيت ماتكون عبادته بالسجود له والتمسح به ومنها ماتكون عبادته بطاعته واتباعه و‬
‫التحاكم إليه كالحبار والرهبان والشرعي الذين أفسدوا البلد والعباد بقوانينهم الوضعية‬
‫الت تعد طاعتها ومشرعيها عبادة تصرف لغي ال عز وجل‪.‬‬

‫‪19‬‬
‫كما ف حديث عدي بن حات رضي ال عنه الذي ظن أن عبادة الحبار والرهبان إنا‬
‫تكون بالسجود والركوع لم فقط‪ ..‬وذلك حينما قدم على النب صلى ال عليه وسلم‪..‬‬
‫وسعه يقرأ {اتّخَذُواْ أَ ْحبَا َرهُ ْم وَ ُر ْهبَاَنهُمْ أَ ْربَابًا مّن دُونِ اللّه} [التوبة‪ ]31:‬فقال‪ :‬يا‬
‫رسول ال‪ :‬إنا لسنا نعبدهم‪ ،‬قال صلى ال عليه وسلم‪ :‬أليس يرّمون ما أحل ال‬
‫فتحرمونه‪ ،‬ويلون ما حرم ال فتحلونه؟ قال بلى‪ ،‬قال فتلك عبادتم) [رواه أحد‬
‫والترمذي وحسن]‪.‬‬

‫قال بن كثي ف تفسيه‪ :‬ولذا قال تعال { َومَا ُأمِرُواْ إِلّ ِليَ ْعبُدُواْ إِلَـهًا وَاحِدًا} [التوبة‪:‬‬
‫‪ ]31‬أي الذي إذا حرم شيئا فهو الرام‪ ،‬وما حلله فهو اللل‪ ،‬وما شرعه اتبع‪ ،‬وما‬
‫حكم به نفذ‪.‬‬

‫ُمـ‬
‫ـكَ ه ُ‬ ‫ّهـ َفأُوْلَـ ئِ‬
‫ّمـ َيحْكُم بِمَا أَنزَلَ الل ُ‬ ‫وال سـبحانه وتعال يقول فـ كتابـه‪{ :‬وَمَن ل ْ‬
‫حكْ َم الْجَاهِِلّيةِ َيْبغُو َن َومَ نْ أَحْ سَ ُن مِ نَ اللّ هِ ُحكْمًا‬
‫الْكَافِرُون} [الائدة‪ ..]44:‬ويقول‪{ :‬أَفَ ُ‬
‫ّل َقوْ ٍم يُوِقنُونَ } [الائدة‪ ،]50:‬فليس ث إل حكمان؛ إما حكم ال وإما حكم الاهلية‪..‬‬

‫وهـا هـم حكام البلد يكّمون الاهليـة مـن جديـد‪ ،‬فـ الدماء والفروج والموال‪،‬‬
‫الاهلية بأبشع الصور وأنتنها‪ ،‬جاهلية تسوغ لثالة من البشر أن تستعبد العباد وأن‬
‫حكْ مُ ِإلّ‬
‫تنازع ال سبحانه ف أخص خصوصيات ألوهيته‪ ،‬ف الكم والتشريع {إِ نِ الْ ُ‬
‫لِ ّلهِ} [يوسف‪.]40:‬‬

‫ورأس الكفر ملكٌ؛‬

‫يوال أعداء ال ويناصرهم من طواغيت الشرق والغرب من اليهود والنصارى‪ ،‬ويصالهم‬


‫على اغتصاب مقدسات السلمي وأراضيهم‪ ،‬هو ومن قبله أجداده [أصدرت اسرائيل‬
‫ميدالية ذهبية تمل صورة حسي والعلم الردن وطابعا تذكاريا تكريا لذكرى حسي وقالت‬
‫الكومة إن هذا تكري لذكرى حسي الذي يتسم بالنسانية ولنه نوذج للجار الخلص ف‬
‫علقته بيانه‪ ..‬علما أن مثل هذه اليداليات ل تصدر عادة إل لتكري قادة اسرائيل فقط ‪،‬‬

‫‪20‬‬
‫وحسي هو الجنب الوحيد الذي تكرمه اسرائيل بيدالية خاصة‪ ..‬وكان حسي قد قال بنفسه‬
‫ف لقاء مع تلفزيون اسرائيل أنه طار بنفسه وبطائرته الاصة إل تل أبيب قبل حرب أكتوبر‬
‫بيوم واحد وأبلغ جولدامائي بوعد الجوم الصري السوري]‪ ،‬فأي ولء لعداء ال أكب من‬
‫مصالة اليهود ومعاونتهم ومناصرتم؟‪ ،‬وال عز وجل يقول‪َ { :‬ومَن يََتوَّلهُم مّنكُمْ فَِإنّهُ‬
‫ِمنْهُمْ} [الائدة‪ ]51:‬ويقول تعال‪{ :‬وَلَن تَ ْرضَى عَنكَ الَْيهُو ُد وَ َل الّنصَارَى َحتّى َتتّبِعَ‬
‫مِّلَتهُم} [البقرة‪..]120:‬‬

‫ويستهزئ بدين ال عز وجل وأهله وأوليائه ف إعلمه وصحفه ويرخص لذلك ويباركه‪..‬‬
‫سَتهْ ِزؤُونَ * َل َتعْتَذِرُواْ قَدْ َكفَ ْرتُم َبعْدَ إِيَانِكُمْ} [التوبة‪:‬‬
‫{قُلْ َأبِاللّ ِه وَآيَاتِ ِه وَ َرسُولِهِ كُنتُ ْم تَ ْ‬
‫‪ ،]66-65‬بل ل يفتأ هو وزمرته ليل نار يشيعون الفاحشة والفجور بي السلمي‬
‫ويسعون لقتل الغية فيهم ويزينون لم الرذيلة والفاحشة والعياذ بال [وليس أدل على ذلك‬
‫من الظاهرة الاشدة الت خرجت من قلب عمان وعلى رأسها السمى بالمي علي وحاشيته‬
‫لتقدم عريضة لرئاسة الوزراء تطالب فيها بتغيي الكم الخفف الذي كان يصدر بق من يقتل‬
‫بدافع الشرف و تطالب بإنزال أشد العقوبات بقه ‪ ،‬فواحسرتاه يا قوم على هذه الال الت‬
‫وصلتم إليها]‪ ،‬وهذا أمر واضح ل يفى إل على من أعمى ال بصيته عن نور الدى‪..‬‬

‫ويارب أولياء ال ويطاردهم ويزج بأبناء هذه الدعوة الباركة ف السجون‪ ،‬فهاهو يقصف‬
‫بطائرات الباتشي السلمي من أهل معان ف نفس الوقت الذي كانت فيه نفس الطائرات‬
‫تقتل أبنائنا وإخواننا السلمي ف جني‪ ،‬وما ذلك إل لماية أمن اسرائيل ولمد كل‬
‫حركة قد تقض مضاجع أحفاد القردة والنازير‪ ،‬فالردن هي صمام المان لسرائيل‬
‫وسياجها التي‪ ،‬وليس أدل على ذلك من تأهب اليش السرائيلي واستعداده للتدخل ف‬
‫تلك العركة ف حالة رجحان كفة السلمي من أهل معان على الطاغوت وأنصاره‪..‬‬

‫ومن قبل ذلك ف أفغانستان‪ ،‬وما أدراكم ما أفغانستان؟‪ ..‬الت تمع فيها أهل التوحيد‬
‫واليان‪..‬لنصرة هذا الدين وللجهاد ف سبيل ال‪ ..‬تقاتِل فيها القوات الردنية جنبا إل‬
‫جنب مع القوات الصليبية لتطفئ نور هذه الدعوة الباركة‪ ..‬ولتقضي على أسودها‪..‬‬

‫‪21‬‬
‫ث ها هي العراق تت وطأة النصارى ف حربم الصليبية الديدة [نن ل نقصد بال من‬
‫الحوال النظام العراقي فهو نظام مرتد خبيث وليس بأفضل حالً من النظام الردن]‪ ،‬وها هو‬
‫النظام الرد ن العم يل‪ ،‬يث بت للقا صي والدا ن‪ ،‬أ نه صليب أك ثر من ال صليبي أنف سهم‪،‬‬
‫بدع مه لذه الملة وترحي به وت صفيقه‪ ،‬وفت حه البلد وت سليمها لل صليبي ل كي ي ستغلوها‬
‫كيف شاءوا ف حربم هذه [وما الرويشد والزرق والصفاوي والفرق إل شاهد على وجود‬
‫هذه القواعـد العسـكرية التـ تنطلق منهـا الطائرات المريكيـة لتصـب جام حمهـا مـن أطنان‬
‫التفجرات على السلمي من أهل العراق]‪.‬‬

‫والطاغوت ليس منفردا ًف جرائمه هذه بل له شركاء وأعوان يعينونه ف ظلمه وغيّه‬
‫وإفساده ويؤمّنون له الماية من يريد القتصاص منه‪،‬قال تعال‪{ :‬وَ َل تَرْ َكنُواْ إِلَى الّذِينَ‬
‫سكُ ُم النّار} [هود‪ ،]113:‬قال العلماء الركون هو اليل اليسي وقال بن تيمية‬ ‫ظَلَمُواْ َفتَمَ ّ‬
‫رحه ال‪" :‬وكذلك الثر الروي‪( :‬إذا كان يوم القيامة قيل‪ :‬أين الظلمة وأعوانم؟ ‪-‬أو‬
‫قال وأشباههم – فيجمعون ف توابيت من نار ث يقذف بم ف النار)‪ .‬وقد قال غي واحد‬
‫من السلف‪ :‬أعوان الظلمة من أعانم‪ ،‬ولو أنم لق لم دواة أو برى لم قلما‪ ،‬ومنهم من‬
‫كان يقول‪ :‬بل من يغسل ثيابم من أعوانم‪...".‬‬

‫وعن جابر بن عبد ال أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال لكعب بن عجرة (ث يا‬
‫كعب بن عجرة‪ ،‬أعاذنا ال من امارة السفهاء‪ ،‬قالوا يا رسول ال وما إمارة السفهاء قال‬
‫امراء يكونون بعدي ل يهتدون بديي ول يستنون بسنت فمن صدقهم بكذبم وأعانم‬
‫على ظلمهم فأولئك ليسوا من ولست منهم ول يردوا علي حوضي ومن ل يصدقهم‬
‫بكذبم ول يعنهم على ظلمهم فهم من وأنا منهم وسيدون علي حوضي) [صحيح بن‬
‫حبان]‬

‫سَنةً َيكُن لّ ُه َنصِيبٌ مّْنهَا َومَن‬


‫شفَ ْع َشفَا َعةً حَ َ‬
‫وقال بن تيمية رحه ال ف قوله تعال {مّن يَ ْ‬
‫شفَعْ َشفَا َع ًة َسيَّئ ًة َيكُن لّهُ ِكفْ ٌل ّمْنهَا} [النساء‪ "]85:‬والشافع الذي يعي غيه‪ ،‬فيصي‬ ‫يَ ْ‬
‫معه شفعا بعد أن كان وترا‪ ،‬ولذا فسرت – الشفاعة السنة – بإعانة الؤمني على‬

‫‪22‬‬
‫الهاد ‪ -‬و الشفاعة السيئة – بإعانة الكفار على قتال الؤمني كما ذكر ذلك بن جرير‪،‬‬
‫وأبو سليمان "‬

‫هذا ف الركون الذي هو اليل اليسي‪ ..‬فكيف إذا بن كان من جنود الطاغوت وأنصاره‪،‬‬
‫قال تعال {إِنّ ِف ْرعَ ْونَ وَهَامَانَ َو ُجنُو َدهُمَا كَانُوا خَا ِطئِيَ} [القصص‪ ]8:‬فالنود دون‬
‫شك شركاء ف جرائم أسيادهم وكبائهم‪.‬‬

‫وحقيقة المر أن معركتنا اليوم لقامة دولة السلم ليست مع الكام أنفسهم فحسب‪،‬‬
‫بل مع أنصارهم وأعوانم من جند وشرطة ومابرات الذين شبههم ال تعال بالوتاد ف‬
‫قوله تعال‪{ :‬وَِف ْرعَ ْونَ ذِي اْلَأوْتَادِ} [الفجر‪ ،]10:‬قال الطبي ف تفسيه " يقول جل‬
‫ثناؤه‪ :‬أل تر كيف فعل ربك أيضا بفرعون صاحب الوتاد‪ ،‬واختلف أهل التأويل ف‬
‫معن قوله – ذي الوتاد – ولِمَ قيل له ذلك؟ فقال بعضهم‪ :‬معن ذلك‪ :‬ذي النود الذين‬
‫يقَوّون له أمره‪ ،‬وقالوا‪:‬الوتاد ف هذا الوضع النود"‬

‫"و إن العبودية للطاغوت وطاعته فاحشة للغاية مهما لح فيها من السلمة والمن على‬
‫الياة والنفس والطمأنينة على الرزق ورغد العيش‪ ،‬فأي شر أشر من خضوع إنسان‬
‫لنسان طاغوت وأي عبودية أشر من خضوع إنسان لا يشرعه إنسان مثله يبول ويتغوط‬
‫وأي عبودية شر من تعلق قلب إنسان بإرادة إنسان أبله معتوه وأي مهانة أعظم من أن‬
‫يوضع ف أنف النسان خطام يقوده إنسان مثله يوجهه نو رغباته وشهواته وأي‬
‫وأي‪ .....‬على أن المر ل يقف عند هذا الد فحسب بل إنه يهبط بم هذا الطاغوت‬
‫متحكما ف معتقداتم وأرواحهم وأجسادهم وأعراضهم وأموالم حت يقيم عليها وعلى‬
‫أشلئهم وجاجهم مدا لذاته " ا‪.‬ه [من كلم أحد الشايخ العاصرين]‪.‬‬

‫ع فقد حشرت مع الغنام‬


‫إن السود إذا تول أمره *** را ٍ‬

‫فيا قوم‪ ..‬أبعد كل هذا ل تعقلون؟!‬

‫‪23‬‬
‫أبعد كل هذا يا قوم‪ ..‬ترضون لنفسكم أن تكونوا جندا مضرين وخداما ملصي لن‬
‫باعوا الخرة ورضوا بالدنيا ومتاعها الزائل الرخيص؟‬

‫أبعد كل هذا يا قوم‪ ..‬تزجون بفلذات أكبادكم ليكونوا أوتادا لماية الطاغوت ولتحقيق‬
‫شهواته ونزواته وليبن على جاجهم دعائم كرسيه الزائف الزائل‪..‬‬

‫فيا موقدا نارا لغيك ضوءها *** ويا حاطبا ف حبل غيك تطب‬

‫و وال إن أول من سيتبأ منكم يوم القيامة هو هذا الطاغوت الذي تنصرونه‪ ،‬قال تعال‪:‬‬

‫حبّ اللّ ِه وَالّذِينَ آ َمنُواْ َأشَدّ ُحبّا لّلّهِ‬


‫حبّوَنهُمْ َك ُ‬ ‫خ ُذ مِن دُونِ اللّهِ أَندَادا يُ ِ‬ ‫{ َومِ َن النّاسِ مَن يَتّ ِ‬
‫وََلوْ َيرَى الّذِينَ ظَلَمُواْ ِإ ْذ يَ َر ْونَ اْلعَذَابَ َأ ّن اْلقُ ّوةَ لِلّهِ َجمِيعا َوَأنّ اللّ َه شَدِي ُد اْلعَذَابِ * إِذْ‬
‫ت ِبهِ ُم ا َلسْبَابُ * وَقَا َل الّذِي َن اّتبَعُواْ‬ ‫ب َوَتقَ ّطعَ ْ‬‫َتبَ ّرأَ الّذِي َن اّتبِعُواْ مِ َن الّذِي َن اّتبَعُواْ َو َرَأوُْا اْلعَذَا َ‬
‫سرَاتٍ عََلْيهِ ْم َومَا‬ ‫ك يُرِيهِمُ اللّهُ َأعْمَاَلهُمْ حَ َ‬‫َلوْ أَنّ َلنَا كَ ّرةً َفنََتبَ ّرَأ ِمْنهُمْ كَمَا َتبَ ّرؤُواْ ِمنّا كَذَلِ َ‬
‫ي مِ َن النّارِ} [البقرة‪..]167-165:‬‬ ‫هُم بِخَا ِرجِ َ‬

‫دلهمُ بغرور ث أسلمهم *** إن البيث لن واله غرّار‬

‫فيا قوم تبأوا منهم ف الدنيا‪ ،‬قبل أن يتبأوا منكم يوم الساب‪ ،‬عندما (‪ ..‬يمع ال الناس‬
‫يوم القيامة فيقول‪ :‬من كان يعبد شيئا فليتبعه فيتبع من كان يعبد الشمس الشمس‪ ،‬ويتبع‬
‫من كان يعبد القمر القمر ويتبع من كان يعبد الطواغيت الطواغيت‪....‬الديث) [جزء من‬
‫حديث طويل رواه البخاري]‪.‬‬

‫فياقوم حذار ث حذارِ أن تكونوا من سيتبع الطواغيت ف ذلك اليوم العصيب‪ ،‬واسعوا أن‬
‫تكونوا يومها من (‪..‬يأتيهم ال فيقول‪ :‬أنا ربكم فيقولون هذا مكاننا حت يأتينا ربنا فإذا‬
‫جاءتا ربنا عرفناه‪ ،‬فيأتيهم ال ف صورته الت يعرفون فيقول أنا ربكم‪ ،‬فيقولون أنت ربنا‬
‫فيتبعونه‪[ )...‬جزء من نفس الديث السابق]‪.‬‬

‫‪24‬‬
‫يا قوم عودوا لدينكم فهو مدكم وعزكم ومد آبائكم وأجدادكم الذين نالوا شرف‬
‫النضواء تت لواء صلح الدين اليوب ف حطي وشرف الشاركة ف ترير القدس مع‬
‫قبائل أخرى‪ ،‬فأقطع صلح الدين للقبائل الت شاركت معه أراضٍ حول القدس من أجل‬
‫حايتها من الصليبيي وقال‪( :‬هذا مسرى جدكم فحافظوا عليه) يقصد النب صلى ال عليه‬
‫وسلم‪ ،‬وكانت حصة (بن حسن) ف الزء النوب الغرب من القدس حيث عاشوا‬
‫وتكاثروا ف قرى الولة وعي كارم والالة وغيها‪...‬‬

‫يا قوم‪...‬أجدادنا يومها حافظوا على تلك الراضي وحوا القدس الشريف‪ ،‬فعاشوا عزة‬
‫السلم وقوته‪ ،‬أباةً ملصي‪.‬‬

‫واليوم أبناء قبيلتنا هم سياج متي يمي كيان اليهود‪ ،‬وهم جند الطاغوت وشرطته‬
‫ومابراته وهم شركاؤه ف جرائمه ضد السلم وأهله‪.‬‬

‫كيف ل وأبناؤكم ف أفغانستان تت راية الصليب يقاتلون أهل اليان بجة أنم قوات‬
‫حفظ السلم التابعة للمم اللحدة؟‪.‬‬

‫كيف ل وأبناؤكم يقتلون السلمي من أبناء معان بجة حفظ أمن النظام؟‪.‬‬

‫كيف ل والطائرات الت انطلقت لقصف السلمي من أهل العراق انطلقت من مضارب‬
‫بن حسن؟‬

‫أين أنتم يا وجهاء العشية وكبائها من ذلك العز الذي عاشه أجدادكم‪ ،‬وذلك الفتح‬
‫الذي فتحه ال عليهم تت راية صلح الدين؟‪..‬‬

‫بل أين هي نوتكم ومروءتكم وغيتكم على دين خي البية؟‪..‬‬

‫‪25‬‬
‫إن الروءة ليس يدركها امرؤٌ *** ورث الكار َم عن أبٍ فأضاعها‬
‫س بالدناء ِة و النا *** ونته عن سبل العل فأطاعها‬
‫أمرته نف ٌ‬

‫يا قوم كيف رضيتم بتسلط هذا الطاغية عليكم؟ هذا الذي ترب ف أحضان الغرب‪،‬‬
‫ليحكم فيكم بشرعة الشيطان‪ ،‬ويعطل فيكم شرعة الرحن‪ ،‬أل تافون أن يصيبكم ال‬
‫بعقاب منه؟‪ ..‬قال عليه الصلة والسلم (ما من رجل يكون ف قوم يعمل فيهم بالعاصي‬
‫يقدرون أن يغيّروا عليه فل يغيون إل أصابم ال منه بعقاب قبل أن يوتوا) [رواه بن‬
‫ماجة]‪.‬‬

‫فيا قوم أعدوا الواب لرب الرباب إذا سألكم يوم الساب عن دم كل امرء مسلم‬
‫شاركت ف سفكه أياديكم ف العراق وف معان و ف أفغانستان وغيها‪ ،‬بزجكم لبنائكم‬
‫ف جيش الطاغوت وبسكوتكم عن هذه الرائم [نن نعلم أن من أبناء العشية من ل‬
‫يتلوث دينه بشئ من هذا ولكننا نعلم أيضا أن اليد الت عقرت ناقة صال كانت يدا واحدة‬
‫ولكن لعنة ال شلت قوم ثود جيعا‪ ..‬فهل مسلموا معان والعراق وأفغانستان أهون على ال‬
‫من ناقة صال؟؟]‪.‬‬

‫روى بن ماجة عن أب هريرة رفعه‪( :‬من أعان على قتل مؤمن ولو بشطر كلمة لقي ال‬
‫تعال مكتوب بي عينيه آيس من رحة ال)‪..‬‬

‫وإن من أوجب الواجبات عليكم السعي لتحكيم شرع ال ورفع راية التوحيد عالية ف‬
‫البلد‪ ،‬وموالة أهل الق والتوحيد والتبؤ من أهل الشرك والتنديد‪..‬‬

‫أما آن لكم أن تنفضوا غبار الذل عنكم؟‪..‬‬

‫أما آن لكم أن تعودوا إل ال وتعلنونا نقية بيضاء صافية "ل طاعة لخلوق ف معصية‬
‫الالق" وتعودوا إل فطركم السليمة ملة أبيكم إبراهيم الذي كان أصل دعوته الباءة من‬
‫سَنةٌ فِي ِإبْرَاهِي َم وَالّذِي َن َمعَهُ إِذْ قَالُوا‬
‫الطواغيت والشركي‪َ{..‬قدْ كَانَتْ َلكُمْ ُأ ْسوَةٌ حَ َ‬

‫‪26‬‬
‫ِل َقوْ ِمهِمْ ِإنّا بُرَاء مِنكُ ْم َومِمّا َت ْعبُدُو َن مِن دُونِ اللّهِ َكفَ ْرنَا ِبكُمْ َوبَدَا َبْينَنَا َوَبيَْنكُ ُم الْعَدَا َوةُ‬
‫وَالَْب ْغضَاء َأبَدًا َحتّى ُت ْؤ ِمنُوا بِاللّ ِه وَحْ َدهُ} [المتحنة‪..]4:‬أي حت تكموا ال وحده فل‬
‫يطاع غيه ول أمر إل ما أمر ول شرع إل ما شرع‪..‬‬

‫يا قوم أطيعون وأجركم على ال‪ ،‬فوال ل طاقة لكم على عذاب ال‪ ،‬فكيف بكم إذا‬
‫سعرت النار‪ ،‬وتطاير شررها‪ ،‬وكتمت النفاس و ُعضّ على الشفاه بالضراس {وََي ْومَ‬
‫ت مَعَ ال ّرسُو ِل َسبِيلًا * يَا َويَْلتَى َلْيتَنِي َلمْ َأتّخِذْ‬
‫خذْ ُ‬
‫َيعَضّ الظّالِ ُم عَلَى يَ َديْهِ َيقُو ُل يَا َلْيتَنِي اتّ َ‬
‫شيْطَانُ لِلْإِنسَانِ خَذُولًا}‬ ‫ضّلنِي عَنِ الذّكْ ِر َبعْدَ إِذْ جَاءنِي وَكَانَ ال ّ‬ ‫فُلَانًا َخلِيلًا * َلقَدْ أَ َ‬
‫[الفرقان‪.]29-27:‬‬

‫أين الذين طغوا وجاروا واعتدوا *** وعتوا وطالوا واستخفوا بالورى‬
‫و تسكوا ببالا لكنها *** فصمت لم منها وثيقات العرى‬

‫ما أخلدتم بعد سالف رفعة *** بل أنزلتهم من شاريخ الذرى‬


‫وإل البِلى قد نقّلوا وتشوهت *** تلك الحاسن تت أطباق الثرى‬

‫أفناهم من ليس يفن ملكه *** ذو البطشة الكبى إذا أخذ القرى‬
‫فاصرف عن الدنيا طماعك *** إنا ميعادها أبدا حديث يفترى‬

‫وأنتم يا أبناء هذه الدعوة الباركة من أبناء عشيت‪ ،‬ال ال ف دينكم‪ ،‬وسنة نبيكم‪ ،‬سيوا‬
‫على درب العزة والجد‪ ،‬ول تغرنكم كثرة الالكي والتخاذلي ول تستوحشنكم قلة‬
‫السالكي الصابرين‪.‬‬

‫ول تطيعوا أحدا ف معصية ال ل كبي عشي ٍة ول ولّ نعمة‪ ،‬ول تنعنكم هيبة أحد من‬
‫الناس كثُرَ ماله أو عل جاهه أن تقولوا ما يرضي ال ورسوله‪ ،‬قال عليه الصلة والسلم‪:‬‬
‫(ل يقرن أحدكم نفسه‪ ،‬قالوا‪ :‬يارسول ال كيف يقر أحدنا نفسه؟ قال‪ :‬يرى أمرا ل‬

‫‪27‬‬
‫عليه فيه مقال‪ ،‬ث ل يقول فيه‪ ،‬فيقول ال عز وجل له يوم القيامة‪ :‬ما منعك أن تقول فّ‬
‫كذا وكذا؟ فيقول خشية الناس‪ ،‬فيقول‪ :‬فإياي كنت أحق أن تشى)‪.‬‬

‫ول تكونوا من يسنون إذا أحسن الناس ويسيئون إذا أساءوا ولكن أحسنوا إن أحسنوا أو‬
‫أساءوا‪ ،‬قال عليه الصلة والسلم‪( :‬أل إن رحى السلم دائرة‪ ،‬فدوروا مع الكتاب حيث‬
‫دار أل إن الكتاب والسلطان سيفترقان فل تفارقوا الكتاب أل إنه سيكون عليكم أمراء‬
‫يقضون لنفسهم مال يقضون لكم إن عصيتموهم قتلوكم وإن أطعتموهم أضلوكم‪ ،‬قالوا‬
‫يا رسول ال كيف نصنع؟ قال كما صنع أصحاب عيسى بن مري نشروا بالناشي وحلوا‬
‫على الشب‪ ،‬موت ف طاعة ال خي من حياة ف معصية ال)‪ ،..‬فشقوا طريقكم الصعب‬
‫الطويل بتوحيدكم وصبكم وجهادكم‪..‬وعند الصباح يمد القوم السرى‪ ،‬واحرصوا أن‬
‫تكونوا مع ركب الفالي‪:‬‬

‫ي َوحَسُنَ‬
‫شهَدَاء وَالصّالِحِ َ‬
‫ي وَال ّ‬
‫ي وَالصّدّيقِ َ‬
‫{َفُأوْلَـئِكَ َم َع الّذِينَ َأْنعَمَ اللّ ُه عََلْيهِم مّ َن النِّبيّ َ‬
‫أُولَـئِكَ رَفِيقًا } [النساء‪.]69:‬‬

‫وأخيا يا قوم‪:‬‬

‫ما كتبت كلمات هذه إل نصحا لكم وإشفاقا عليكم‪ ،‬وأسأله سبحانه أن تكون خالصة‬
‫لوجهه الكري‪،‬ومع كثرة الطالبي وقلة الناصرين‪ ،‬التجأت لركن ركي وحصن حصي إل‬
‫ال العزيز التي‪ ،‬الذي من دخل حصنه كان من المني‪ ،‬ومن قصده كان له خي معي‬
‫{َأمّن يُجِيبُ الْ ُمضْطَرّ إِذَا َدعَاهُ } [النمل‪ ،]62:‬ومن طرح نفسه عند بابه فلن يزى‪ ،‬ومن‬
‫انتسب إليه فل يضل ول يشقى‪.‬‬

‫دعي القوم ينصُر مُدعيهِ *** ليُلحقه بذي السب الصميم‬


‫أب السلم ل أب ل سواه *** إذا افتخروا بقيس أو تيم‬

‫‪28‬‬
‫ولسان حال يقول كما قال خالد بن الوليد رضي ال عنه عندما سأله ذلك الصحاب يوم‬
‫مؤتة بعد أن كثرت الراح ف السلمي‪ ،‬يا خالد أإل سلمى أم إل أجا [جبلي ف جنوب‬
‫شرقي حائل]؟‪ ...‬فبكى خالد رضي ال عنه وقال‪ :‬ل إل سلمى ول إل أجا ولكن إل ال‬
‫اللتجا‪.‬‬

‫أل هل بلغت؛ اللهم فاشهد‪،‬‬


‫أل هل بلغت؛ اللهم فاشهد‪،‬‬
‫أل هل بلغت؛ اللهم فاشهد‪.‬‬

‫كتبها نصحا وإشفاقا‪،‬‬


‫أحد فضيل نزال الليلة‬

‫صعَبٍ الزّ ْرقَاوِي‬


‫َأبُ ْو مُ ْ‬
‫لهَاد‬
‫َأمِيْ ُر جَمَا َعةِ الّت ْوحِي ِد وَ ا ِ‬
‫ق – بِلدُ الرّافِ َديْن‬
‫ال ِعرَا ُ‬

‫‪29‬‬
‫الطاب الثالث‬

‫ِإلْحَقْ بِالقافِلة ‪...‬‬


‫‪ 12‬ذو القعدة ‪ 1424‬هـ‬
‫‪ 4‬يناير‪/‬كانون الثان ‪ 2004‬م‬

‫بِصَوْتِ الشَيخ‬
‫ب الزّرْقَاوِي ( َرحِ َمهُ ال)‬
‫أَِبيْ مُصْع ٍ‬

‫إن المـد ل‪ ،‬نمده ونسـتعينه ونسـتغفره‪ ،‬ونعوذ بال مـن شرور أنفسـنا ومـن سـيئات‬
‫أعمالنا من يهده ال فل مضل له‪ ،‬ومن يضلل فل هادي له‪.‬‬

‫وأش هد أن ل إله إل ال وحده ل شر يك له‪ ،‬وأش هد أن ممدا عبده ور سوله بلغ الر سالة‬
‫وأدى الما نة ون صح ال مة وترك ها على الحجّة البيضاء ليل ها كنهار ها ل يز يغ عن ها إل‬
‫هالك‪.‬‬

‫{يَا أَيّهَا الّذِي نَ آ َمنُواْ اّتقُواْ اللّ هَ حَقّ ُتقَاتِ هِ وَلَ تَمُوتُنّ إِلّ َوأَنتُم مّ سْلِمُونَ} [آل عمران‪:‬‬
‫‪.]102‬‬

‫س اتّقُواْ َربّكُ ُم الّذِي خََل َقكُم مّن ّنفْسٍ وَاحِ َد ٍة وَ َخلَ َق ِمْنهَا َزوْ َجهَا َوبَثّ ِمْنهُمَا‬ ‫{يَا َأّيهَا النّا ُ‬
‫رِجَالً َكثِيًا َونِ سَاء وَاّتقُواْ اللّ َه الّذِي تَ سَاءلُو َن بِ ِه وَالَرْحَا مَ إِنّ اللّ هَ كَا َن عََليْكُ مْ رَقِيبًا}‬
‫[النساء‪.]1:‬‬

‫‪30‬‬
‫{يَا أَيّهَا الّذِي نَ آ َمنُوا اّتقُوا اللّ َه وَقُولُوا َقوْلًا سَدِيدًا * يُ صْلِحْ َلكُ مْ َأعْمَاَلكُ مْ َوَي ْغفِرْ َلكُ مْ‬
‫ُذنُوبَكُ ْم َومَن يُ ِطعْ اللّ َه وَ َرسُولَهُ َفقَدْ فَازَ َفوْزًا عَظِيمًا} [الحزاب‪.]71-70:‬‬

‫أمّا بعد؛‬

‫وقد يمع ال الشتيتي بعدما *** يظنان كل الظن أن ل تلقيا‬

‫إل أخوة النهج ورفاق الدرب وأخلء الروح؛‬

‫أخاطبكم والشوق يدون وأمل اللقاء يدفعن أن يمع ال الشمل‪ ،‬وأن يلتأم المع كرة‬
‫أخرى على طاعة ال والهاد ف سبيل ال‪.‬‬

‫أخاطب كم وأ نا أنت ظر اليوم الذي ت صلون ف يه حبال الود ال سابق وترمون ف يه بناء الخوة‬
‫السالفة‪.‬‬

‫حب لكم يا أخوت لّا يعد سرا *** كيف وكل عي تنطق‬
‫بحبة ال العلي أحبكم *** حبا على جنبات قلب يشرق‬
‫فكل فرد ف الفؤاد مكانه *** ما ضاق عنه القلب وهو ضيق‬

‫أخاطب كم ب عد أن قلّ الوا فق‪ ،‬وع ّز الن صي‪ ،‬وكثرت الراح واشت ّد ال طب وتط فت يد‬
‫النون كثيا من الفرسان الوائل‪ ،‬والبطال الماثل‪ ،‬وقد أخرنا ال لكمة يعلمها‪.‬‬

‫ون ن نعاهده سبحانه ونعاهد كم أن ن ظل شجىً ف حلوق الطغاة‪ ،‬و سيفا م سلطا على‬
‫رقاب الظاليـ‪ ،‬وجندا للسـلم نذود عـن حياضـه‪ ،‬ونسـتسهل فـ سـبيله الصـعب‪،‬‬
‫ونسترخص نفوسنا حت يظهره ال أو نلك دونه‪.‬‬

‫‪31‬‬
‫أخاطبكـم مشفقا ناصـحا‪ ،‬وحزينا متعجبا أن يتخلف مثلكـم عـن الركـب‪ ،‬ويسـتأخر‬
‫بعضكم يستبقي الياة‪ ،‬ويثّاقل جعكم عن النفي‪ ،‬وقد أتاكم الصليب وأجلب عليكم بيله‬
‫ورجله ورماكم عن قوس واحدة‪.‬‬

‫فأين حديث الاضي‪ ،‬وسر الليال‪ ،‬وجراحات اليام‪ ،‬وآهات الشتاقي إل الهاد و النان‬
‫والور!!‬

‫أترضون لنفسكم مثل السوء؟!‬

‫لةَ وَآتُواْ الزّكَا َة‬


‫قال ال سبحانه‪{ :‬أَلَ ْم تَرَ إِلَى الّذِي نَ قِيلَ َلهُ مْ ُكفّواْ َأيْ ِدَيكُ ْم َوأَقِيمُواْ ال صّ َ‬
‫شَي ًة وَقَالُواْ‬
‫شَيةِ اللّ هِ َأوْ َأشَدّ خَ ْ‬
‫شوْ َن النّا سَ كَخَ ْ‬ ‫ب عََلْيهِ ُم اْل ِقتَالُ إِذَا َفرِي ٌق ّمْنهُ ْم يَخْ َ‬
‫فَلَمّا ُكتِ َ‬
‫ت عََليْنَا اْل ِقتَالَ َلوْل أَخّ ْرَتنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِي بٍ قُ ْل َمتَا عُ ال ّدْنيَا قَلِي ٌل وَالخِ َرةُ َخيْرٌ‬‫َرّبنَا ِل مَ َكتَبْ َ‬
‫شيّ َدةٍ }‬
‫ج مّ َ‬‫ت وََلوْ كُنتُمْ فِي بُرُو ٍ‬ ‫لّمَ ِن اّتقَى وَ َل تُظْلَمُونَ َفتِيلً * َأْينَمَا َتكُونُواْ يُدْرِككّ ُم الْ َموْ ُ‬
‫[النساء‪.]78-77:‬‬

‫ف ها هي أمري كا جاءت بقض ها وقضيض ها‪ ،‬وأقبلت بفخر ها وخيلئ ها تادّ ال ور سوله‪،‬‬
‫فأ ين أ سود الشرى‪ ،‬وفر سان اليدان‪ ،‬وأبطال التوح يد‪ ،‬ورجال العقيدة!! {هَ ْل عَ سَْيتُمْ إِن‬
‫ُكتِبَ عََلْيكُمُ الْ ِقتَالُ أَ ّل تُقَاتِلُواْ قَالُواْ َومَا َلنَا أَلّ ُنقَاتِلَ فِي َسبِيلِ اللّ ِه وََقدْ أُخْ ِر ْجنَا مِن ِديَا ِرنَا‬
‫ل ّمْنهُ ْم وَاللّ ُه عَلِيمٌ بِالظّالِمِيَ} [البقرة‪]246:‬‬ ‫َوأَْبنَآئِنَا َفلَمّا ُكِتبَ عََلْيهِ ُم اْل ِقتَالُ َتوَّل ْواْ إِلّ قَلِي ً‬

‫لقد قال أئمتنا قديا‪( :‬إذا أردت أن تعرف مقامك فانظر الق فيما أقامك؟)‪ ،‬فطوب لن‬
‫أقامه ال ف مقام الهاد‪ ،‬والنكاية ف أعدائه‪ ،‬والتحريض عليه‪.‬‬

‫ض الْ ُم ْؤ ِمنِيَ عَسَى اللّ ُه‬


‫قال سبحانه وتعال‪َ{:‬فقَاتِلْ فِي َسبِيلِ اللّهِ َل ُتكَلّفُ إِ ّل َنفْسَكَ وَ َحرّ ِ‬
‫س الّذِي نَ َكفَرُوْا وَاللّ هُ َأشَ ّد َبأْ سًا َوَأشَدّ تَنكِيلً } [النساء‪ ،]84:‬وقال سبحانه‪:‬‬ ‫أَن َيكُفّ َبأْ َ‬
‫ض الْ ُم ْؤمِنِيَ عَلَى اْلقِتَالِ} [النفال‪ ،]65:‬وقال سبحانه‪{ :‬يَا أَّيهَا الّذِينَ‬ ‫{يَا َأّيهَا الّنبِيّ َحرّ ِ‬
‫َآ َمنُوا هَلْ َأدُّلكُ ْم عَلَى تِجَا َرةٍ تُنجِيكُم مّ ْن عَذَا بٍ أَلِي مٍ * ُتؤْ ِمنُو َن بِاللّ ِه وَرَ سُولِ ِه َوتُجَاهِدُو نَ‬

‫‪32‬‬
‫سكُمْ ذَِلكُ مْ َخيْرٌ ّلكُ مْ إِن كُنتُ ْم َتعْلَمُو نَ * َي ْغفِرْ َلكُ مْ ُذنُوبَكُ ْم‬ ‫فِي َسبِيلِ اللّ ِه ِبَأ ْموَاِلكُ ْم َوأَنفُ ِ‬
‫ك الْ َفوْزُ‬
‫ت عَدْ نٍ ذَلِ َ‬ ‫حتِهَا اْلأَْنهَا ُر َومَ سَاكِ َن َطيَّبةً فِي َجنّا ِ‬‫َويُدْخِ ْلكُ مْ َجنّا تٍ َتجْرِي مِن َت ْ‬
‫ب َوبَشّ ِر الْ ُم ْؤمِنِيَ} [ال صف‪-10:‬‬ ‫حبّونَهَا نَ صْ ٌر مّ نَ اللّ ِه وََفتْ حٌ َقرِي ٌ‬‫الْعَظِي مُ * َوأُ ْخرَى تُ ِ‬
‫‪.]13‬‬

‫وقد أخرج ابن ماجه عن كريب أنه سع أسامة بن زيد يقول‪ :‬قال رسول ال صلى ال‬
‫عل يه و سلم‪( :‬أل هل من مشمّر إل ال نة فإن النّة ل خ طر ل ا هي ورب الكع بة نور‬
‫يتلل‪ ،‬وريا نة ت تز‪ ،‬وق صر مش يد‪ ،‬ون ر مطّرد‪ ،‬وثرة نضي جة‪ ،‬وزو جة ح سناء جيلة‪،‬‬
‫وحلل كثية‪ ،‬ومقام ف أبد ف دار سليمة‪ ،‬وفاكهة وخضرة‪ ،‬وحبة ونعمة ف ملة عالية‬
‫بية)؟ قالوا‪( :‬نعم يا رسول ال نن الشمرون لا)‪ ،‬قال‪( :‬قولوا إن شاء ال)‪ ،‬فقال القوم‪:‬‬
‫(إن شاء ال)‪ ،‬ث ذكر الهاد وحرض عليه‪.‬‬

‫وعن علي رضي ال عنه ‪-‬موقوفا‪ -‬قال‪( :‬من حرض أخاه على الهاد كان له مثل أجره‪،‬‬
‫وكان له ف كل خطوة من ذلك عبادة سنة)‪.‬‬

‫فالنصر يا قومي لن تن سحائبه *** إل بيل عظيم البذل مغوار‬


‫هُبوا ولبوا فما ف البؤس من رغدٍ *** فالذع من مكة والغصن أنصار‬
‫ول تزل راية التوحيد خافقةً *** ومرهف الد مسنونا على النار‬

‫و قد آل نا وقرح أكباد نا أ نا رأي نا الهاد قد در ست آثاره فل تُرى‪ ،‬وطُم ست أنواره ب ي‬


‫الورى‪ ،‬وأع تم ليله ب عد أن كان مُقمرا‪ ،‬وأظلم ناره ب عد أن كان نيّرا‪ ،‬وذوى غ صنه ب عد‬
‫أن كان مورقـا‪ ،‬وانطفـأ حُسـنه بعـد أن كان مشرقـا‪ ،‬وقفلت أبوابـه فل تطرق‪ ،‬وأغللت‬
‫أسبابه فل ترمق‪ ،‬وصفنت خيوله فل تركض‪ ،‬وربضت أسوده فل تنهض‪ ،‬وامتدت أيدي‬
‫الكفرة الذلء إل السـلمي فل تقبـض‪ ،‬وأغمدت السـيوف مـن أعداء الديـن إخلدا إل‬
‫حضيض الدعة والمان‪ ،‬وخرس لسان النفي إليهم فصاح نفيهم ف أهل اليان‪ ،‬وآمت‬
‫عروس الشهادة إذ عدمت الاطبي‪ ،‬وأهل الناس الهاد كأنم ليسوا به ماطبي‪.‬‬

‫‪33‬‬
‫فل ند إل من طوى نشاطه عنه أو اثّاقل إل نعيم الدنيا الزائل رغبة عنه‪ ،‬أو تركه جزعا‬
‫من الق تل وهل عا‪ ،‬أو أعرض ع نه شحا عن النفاق وطم عا‪ .‬أو ج هل ما ف يه من الثواب‬
‫حيَاةِ ال ّدنْيَا فِي الخِ َرةِ إِلّ قَلِيلٌ}‬
‫الز يل‪ ،‬أو رضي بالياة الدنيا من الخرة {فَمَا َمتَا عُ الْ َ‬
‫[التوبة‪.]38:‬‬

‫فيا إخوة العقيدة؛‬

‫ب تتعللون ‪ -‬وأن تم أ هل ال ق؟ ‪ -‬و ما الذي يق عد ب كم يا أ هل ال صدق؟ أل هل والولد‬


‫ـ‬
‫ـ َوأَ ْزوَا ُجكُم ْ‬ ‫ُمـ َوإِ ْخوَاُنكُم ْ‬
‫ـ َوَأْبنَآؤُك ْ‬ ‫ـ آبَاؤُكُم ْ‬
‫والسـاكن؟ قال ال تعال‪{ :‬قُلْ إِن كَان َ‬
‫ض ْوَنهَا أَ َحبّ إَِلْيكُم‬‫شوْ نَ كَ سَا َدهَا َومَ سَاكِ ُن تَرْ َ‬ ‫َوعَشِ َيُتكُ ْم َوأَ ْموَا ٌل اقْتَرَ ْفتُمُوهَا َوتِجَا َرٌة تَخْ َ‬
‫مّ نَ اللّ ِه وَرَ سُولِهِ َو ِجهَادٍ فِي َسبِيلِهِ َفَت َربّ صُواْ َحتّ ى َيأْتِ يَ اللّ ُه بَِأمْرِ ِه وَاللّ هُ لَ َيهْدِي الْ َقوْ مَ‬
‫الْفَا ِسقِيَ} [التوبة‪.]24:‬‬

‫قال صاحب الشارع‪ ( :‬ف هذه ال ية الشري فة من التحذ ير والتخو يف والتهد يد ل ن ترك‬
‫الهاد رغ بة ع نه سكونا إل ما هو ف يه من ال هل والال ماف يه كفا ية‪ ،‬فاع تبوا يا أول‬
‫البصار)‪.‬‬

‫وقال ال تعال‪{ :‬يَا أَّيهَا الّذِي نَ آ َمنُوْا مَا َلكُ مْ ِإذَا قِيلَ َلكُ ُم انفِرُواْ فِي َسبِيلِ اللّ ِه اثّاقَ ْلتُ مْ إِلَى‬
‫حيَاةِ ال ّدنْيَا فِي الخِ َرةِ إِلّ قَلِيلٌ}‬ ‫ع الْ َ‬
‫حيَاةِ ال ّدنْيَا مِ نَ الخِ َرةِ فَمَا َمتَا ُ‬ ‫الَرْ ضِ أَرَضِيتُم بِالْ َ‬
‫[التوبة‪.]38:‬‬

‫قال القر طب رح ه ال‪( :‬هذا توب يخ على ترك الهاد وعتاب على التقا عد عن البادرة إل‬
‫الروج‪ ،‬وقوله؛ {اثّاقَ ْلتُمْ} [التوبة‪ ]38:‬أي إل نعيم الرض أو القامة ف الرض)‪.‬‬

‫ّهـ وَكَ ِرهُواْ أَن يُجَاهِدُوْا‬


‫َفـ رَسـُولِ الل ِ‬ ‫ِمـ ِخل َ‬ ‫ُونـ بِ َم ْقعَ ِده ْ‬
‫ِحـ الْ ُمخَّلف َ‬ ‫قال ال تعال‪َ{ :‬فر َ‬
‫سهِمْ فِي َسبِيلِ اللّ ِه وَقَالُواْ َل تَنفِرُواْ فِي الْحَرّ قُلْ نَارُ َج َهنّمَ َأشَدّ َحرّا ّلوْ كَانُوا‬
‫بَِأ ْموَالِهِ ْم َوأَنفُ ِ‬
‫سبُونَ * فَإِن رّ َجعَ كَ اللّ هُ إِلَى‬
‫حكُواْ َقلِيلً وَْلَيبْكُواْ َكثِيًا جَزَاء بِمَا كَانُوْا يَكْ ِ‬ ‫َيفْ َقهُو نَ * فَ ْلَيضْ َ‬

‫‪34‬‬
‫خرُجُوْا َمعِ يَ َأبَدًا وَلَن ُتقَاتِلُوْا َمعِ يَ عَ ُدوّا ِإنّكُ ْم‬
‫طَآِئ َف ٍة ّمنْهُ مْ فَا ْسَتأْ َذنُوكَ لِ ْلخُرُو جِ فَقُل لّن تَ ْ‬
‫رَضِيتُم بِاْل ُقعُودِ َأوّ َل مَ ّرةٍ فَا ْقعُدُواْ مَ َع الْخَاِلفِيَ * وَ َل تُ صَ ّل عَلَى أَحَ ٍد ّمنْهُم مّا تَ َأبَدًا وَلَ‬
‫َتقُمْ عََلىَ َقبْ ِرهِ ِإّنهُمْ َكفَرُواْ بِاللّ ِه َو َرسُولِهِ َومَاتُوْا َوهُمْ فَا ِسقُونَ} [التوبة‪.]84-81:‬‬

‫فان ظر‪ -‬رح ك ال ‪ -‬إل هذا الوع يد الشد يد‪ ،‬والزي الشد يد‪ ،‬والوبال الل يم ل ن تلف‬
‫عن الهاد وتقاعد عنه وكره النفاق فيه‪.‬‬

‫وهذه اليات وإن كانت نزلت لقوام بأعيانم فإن فيها ترهيبا وتديدا لن فعل كفعلهم‪،‬‬
‫وتلف عن الهاد الواجب كتخلفهم‪ ،‬وناهيك عن ذلك فعلً شنيعا‪ ،‬ووعيدا فضيعا ول‬
‫حول ول قوة إل بال‪ .‬فهـل بعـد هذا الذلن خذلن!! فاتقوا ال واحذروا مكره لنـ‬
‫تلف عن أمره‪.‬‬

‫قال صاحب الشارع رح ه ال‪( :‬اعلم أي ها الرا غب ع ما افترض عل يه من الهاد النا كب‬
‫عن سنن التوفيق والسداد؛ أنك قد تعرضت إل الطرد والبعاد وحرمت وال السعاد بنيل‬
‫الراد)‪.‬‬

‫ليت شعري هل سبب إحجامك عن القتال واقتحامك معارك البطال‪ ،‬وبلك ف سبيل‬
‫ال بالنفس والال؛ إل طول أمل؟ أو خوف هجوم أجل؟ أو فراق مبوب من أهل ومال؟‬
‫أو ولد وخدم وعيال؟ أو أخ لك شقيق؟ أو قريب عليك شفيق؟ أو ول كري؟ أو صديق‬
‫حيم؟ أو حب زوجة ذات حسن وجال؟ أو جاه منيع؟ أو منصب رفيع؟ أو قصر مشيد؟‬
‫أو ظل مديد؟ أو ملبس بي أو مأكل هن؟‬

‫ليس غي هذا يقعدك عن الهاد‪ ،‬ول سواه يبعدك عن رب العباد‪.‬‬

‫وتال ما هذا منك أيها الخ بميل! أل تسمع قوله تعال‪{ :‬يَا أَّيهَا الّذِينَ آ َمنُوْا مَا َلكُمْ ِإذَا‬
‫حيَاةِ ال ّدنْيَا مِ نَ الخِ َرةِ فَمَا‬‫قِيلَ َلكُ ُم انفِرُواْ فِي َسبِيلِ اللّ هِ اثّاقَ ْلتُ مْ إِلَى الَرْ ضِ أَرَضِيتُم بِالْ َ‬
‫حيَاةِ ال ّدْنيَا فِي ال ِخ َرةِ إِلّ قَلِيلٌ} [التوبة‪ ]38:‬؟‬ ‫ع الْ َ‬
‫َمتَا ُ‬

‫‪35‬‬
‫أص ِغ لا أُملي عليك من الجج واستمع ما ألقي إليك من الباهي الساطعة ولتعلم أنه ما‬
‫يقعدك عن الهاد سوى الرمان وليس لتأخرك سبب إل النفس والشيطان‪.‬‬

‫وأما سكونك إل طول المل وخوف هجوم الجل والحتراز من الوت لبد من نزوله‪،‬‬
‫والشفاق من الطريق الذي لبد من سلوك سبيله‪ ،‬فوال إن القدام ل ينقص عمر القدمي‬
‫ستَأْخِرُونَ‬
‫ك ما ل يز يد الحجام ع مر ال ستأخرين؛ {وَِلكُلّ ُأ ّمةٍ أَجَلٌ فَِإذَا جَاء أَ َجُلهُ مْ َل يَ ْ‬
‫ت ثُمّ إَِليْنَا تُ ْر َجعُو نَ}‬
‫ستَقْ ِدمُونَ} [العراف‪{ ،]34:‬كُ ّل َنفْ سٍ ذَاِئ َقةُ الْ َموْ ِ‬
‫سَا َعةً وَ َل يَ ْ‬
‫[العنكبوت‪.]57:‬‬

‫وإن للموت سـكرات ‪ -‬أيّهـا الفتون ‪ -‬وإن هول الطلع شديـد ولكـن ل تشعرون‪ ،‬وإن‬
‫للقب عذابا ل ينجو منه إل الصالون‪ ،‬وإن فيه سؤال اللكي الفاتني‪ُ{ ،‬يَثبّ تُ اللّ ُه الّذِي نَ‬
‫ّهـ مَا‬
‫ّهـ الظّالِمِيَ َويَ ْفعَلُ الل ُ‬
‫حيَاةِ ال ّدنْيَا وَفِي الخِ َرةِ َويُضِلّ الل ُ‬
‫ِتـ فِي الْ َ‬
‫آ َمنُواْ بِالْ َقوْ ِل الثّاب ِ‬
‫يَشَاء} [إبراهيم‪.]27:‬‬

‫ث بعد ذلك الطر العظيم؛ إما سعيدا فإل النعيم القيم‪ ،‬وإما شقيا فإل عذاب الحيم‪.‬‬

‫والشه يد آ من من ج يع ذلك ل ي ش شيئا من هذه الهالك‪ ،‬و قد قال الر سول صلى ال‬
‫عليه وسلم‪( :‬ل يد ألشهيد من أل القتل إل كمس القرصة)‪.‬‬

‫فما يقعد بك ‪-‬أيها الخ‪ -‬عن انتهاز هذه الفرصة ث تُجار ف القب من العذاب وتفوز عن‬
‫ال ب سن الآب‪ ،‬وتأ من من فت نة ال سؤال و ما ب عد ذلك من الشدائد والهوال‪ ،‬فالشهداء‬
‫أحياء ع ند رب م يرزقزن ل خوف علي هم ول هم يزنون فرح ي ب ا آتا هم ال من فضله‬
‫مستبشرين‪ ،‬أرواحهم ف جوف طي خطر تسرح ف عليي‪ ،‬فكم بي هذا الوت الكري‪،‬‬
‫وبي الوت الليم‪.‬‬

‫لئن كانت الرزاق قسما مقدرا *** فقلة حرص الرء ف الرزق أجل‬

‫‪36‬‬
‫وإن كانت الموال للترك جعها *** فما بال متروك به الرء يبخل‬

‫وإن كانت الدنيا تُعد نفيسة *** فقدر ثواب ال أعلى وأنبل‬
‫وإن كانت البدان للموت أنشئت *** فقتل إمرئ ف ال بالسيف أجل‬

‫حّبهُ ْم‬ ‫ف َيأْتِي اللّ ُه ِب َقوْ ٍم يُ ِ‬


‫سوْ َ‬
‫قال تعال‪{:‬يَا أَيّهَا الّذِي نَ آ َمنُوْا مَن يَ ْرتَ ّد مِنكُ ْم عَن دِينِ هِ فَ َ‬
‫حبّونَ هُ َأذِّل ٍة عَلَى الْ ُم ْؤ ِمنِيَ َأعِ ّز ٍة عَلَى الْكَافِرِي َن يُجَاهِدُو نَ فِي َسبِيلِ اللّ ِه وَ َل يَخَافُو نَ َل ْو َمةَ‬
‫َويُ ِ‬
‫لئِ مٍ ذَلِ كَ َفضْلُ اللّ ِه ُي ْؤتِي ِه مَن يَشَاء وَاللّ ُه وَا سِ ٌع عَلِي مٌ} [الائدة‪ ،]54:‬وسياق اليات يبي‬
‫أن ذلك بسبب موالة الكفار والركون إليهم‪...‬‬

‫فماذا ستفعل يارب؟‬


‫حبّونَهُ} [الائدة‪. ]54:‬‬
‫حّبهُ ْم َويُ ِ‬
‫ف َي ْأتِي اللّ ُه ِب َقوْ ٍم يُ ِ‬
‫سوْ َ‬
‫{فَ َ‬

‫من هؤلء ال صطفون؟ من هؤلء الكرام الذين يدّخرهم ال لنصرة دينه ورفع رايته حي‬
‫بنكص الناس وينفض جع اليان؟‬
‫حبّونَهُ أَذِّل ٍة عَلَى الْ ُم ْؤ ِمنِيَ َأعِ ّزةٍ عَلَى اْلكَافِرِينَ} [الائدة‪.]54:‬‬
‫حّبهُ ْم َويُ ِ‬
‫{يُ ِ‬

‫ث ماذا يارب؟‬
‫{يُجَاهِدُونَ فِي َسبِيلِ اللّ ِه وَ َل يَخَافُونَ َل ْو َم َة لئِمٍ} [الائدة‪.]54:‬‬

‫لكن ال يقرر أن هذا المر مض الفضل وخالص الحسان وليس يناله كل أحد؛‬
‫{ذَلِكَ َفضْلُ اللّ ِه ُيؤْتِي ِه مَن يَشَاء وَاللّ ُه وَاسِ ٌع عَلِيمٌ} [الائدة‪.]54:‬‬

‫فحذار‪ ..‬حذار‪ ..‬من التخلف عن ذلك الركب‪.‬‬

‫واحرص ‪ -‬يا أخ التوح يد‪ -‬أن تكون من هؤلء الذ ين يب هم ال ويبو نه‪ ،‬فإن القافلة إذا‬
‫سارت وشُدت الرحال تلف العاطل‪ ،‬وظهر الق من الباطل‪.‬‬

‫‪37‬‬
‫سهُ ْم َوَأمْوَاَلهُم بَِأنّ َلهُ ُم الَّن َة ُيقَاتِلُونَ فِي َسبِي ِل‬
‫قال تعال‪{ :‬إِنّ اللّ َه ا ْشتَرَى مِ َن الْ ُم ْؤمِنِيَ أَنفُ َ‬
‫اللّهِ َفَي ْقتُلُو َن َويُ ْقتَلُو َن َوعْدًا عََليْهِ َحقّا فِي الّتوْرَا ِة وَالِنِي ِل وَاْلقُرْآ ِن َومَنْ َأوْفَى ِب َعهْدِهِ مِنَ اللّهِ‬
‫ك ُهوَ اْل َفوْ ُز اْلعَظِيمُ} [التوبة‪.]111:‬‬ ‫فَا ْستَبْشِرُوْا ِببَْي ِعكُ ُم الّذِي بَايَ ْعتُم بِ ِه وَذَلِ َ‬

‫لّا كثُر الدّعون للمحبة طُولِبوا بإقامة البينة على صحة الدعوى‪ ،‬فلو يُعط الناس بدعواهم‬
‫لدعى اللي حرقة الشجي؛ فتنوع الدعون ف الشهود‪ ،‬فقيل؛ "ل تُقبل هذه الدعوى إل‬
‫حِبْبكُمُ اللّهُ} [آل عمران‪...]31:‬‬ ‫ببينة"‪{ ،‬قُلْ إِن كُنتُمْ ُت ِ‬
‫حبّونَ اللّهَ فَاّتبِعُونِي يُ ْ‬

‫فتأ خر اللق كل هم وث بت أتباع ال بيب ف أفعاله وأقواله وأخل قه‪ ،‬فطولبوا بعدالة البي نة‬
‫بتزكية؛ {يُجَاهِدُونَ فِي َسبِيلِ اللّ ِه وَ َل يَخَافُونَ َل ْو َمةَ لئِمٍ} [الائدة‪...]54:‬‬

‫فتأخر أكثر الحبي وقام الجاهدون‪ ،‬فقيل لم؛ "إن نفوس الحبي وأموالم ليست لم‬
‫فهلموا إل بيعة"‪{ ،‬إِنّ اللّ َه ا ْشتَرَى مِ َن الْ ُم ْؤ ِمنِيَ أَنفُسَهُ ْم َوَأ ْموَاَلهُم بَِأنّ َلهُ ُم الَّنةَ } [التوبة‪:‬‬
‫‪...]111‬‬

‫فل ما عرفوا عظ مة الشترى وف ضل الث من وجللة من جرى على يد يه ع قد التبا يع عرفوا‬


‫قدر السلعة وأن لا شأنا‪ ،‬فرأوا من أعظم الغب أن يبيعوها لغيه بثمن بس‪ ،‬فعقدوا معه‬
‫بيعة الرضوان بالتراضي من غي ثبوت خيار‪ ،‬وقالوا؛ "وال ل نقيلك ول نستقيلك"‪ ،‬فلما‬
‫ت الع قد و سلموا ال بيع‪ ،‬ق يل ل م؛ " مذ صارت نفو سكم وأموال كم ل نا رددنا ها عليكم‬
‫أوفر ما كانت وأضعافها معها"‪{ ،‬وَلَ َتحْ َ‬
‫سبَ ّن الّذِي نَ ُقِتلُواْ فِي َسبِيلِ اللّ هِ َأ ْموَاتًا بَلْ أَ ْحيَاء‬
‫حقُوْا ِبهِم‬
‫ستَبْشِرُو َن بِالّذِي نَ لَ ْم يَ ْل َ‬
‫عِندَ َرّبهِ مْ يُرْزَقُو نَ * فَ ِرحِيَ بِمَا آتَاهُ مُ اللّ ُه مِن َفضْلِ ِه َويَ ْ‬
‫ح َزنُونَ} [آل عمران‪.]170-169:‬‬ ‫ف عََلْيهِمْ وَلَ هُ ْم يَ ْ‬
‫مّنْ َخ ْل ِفهِمْ أَلّ َخوْ ٌ‬

‫قال ابن كثي رحه ال‪( :‬يب تعال أنه عاوض من عباده الؤمني عن أنفسهم وأموالم إذا‬
‫بذلوها ف سبيله بالنة‪ ،‬وهذا من فضله وكرمه وإحسانه‪ ،‬فإنه قبل العوض عما يلك با‬

‫‪38‬‬
‫تفضـل بـه على عباده الطيعيـ له‪ ،‬ولذا قال السـن البصـري وقتادة؛ "بايعهـم ال فأغلى‬
‫ثنهم")‪.‬‬

‫خ َذ مِنكُ ْم ُشهَدَاء} [آل عمران‪.]140:‬‬


‫وقال تعال‪َ { :‬ويَتّ ِ‬

‫قال السهيلي رحه ال‪( :‬وفيه فضل عظيم للشهداء وتنبيه على حب ال إياهم)‪.‬‬

‫و ف ال صحيحي عن أ نس ر ضي ال ع نه قال‪ :‬قال ر سول ال صلى ال عل يه و سلم‪ ( :‬ما‬


‫أ حد يد خل ال نة ي ب أن ير جع إل الدن يا وماله على الرض من ش يء إل الشه يد فإ نه‬
‫يتمن أن يرجع إل الدنيا فيقتل عشر مرات لا يرى من فضل الشهادة)‪.‬‬

‫ولا قُتل عبدال بن عمر بن حرام يوم أحد‪ ،‬قال النب صلى ال عليه وسلم‪( :‬يا جابر أل‬
‫أخـبك مـا قال ال لبيـك‪ ،‬مـا كلم ال أحدا إل مـن وراء حجاب‪ ،‬وكلم أباك كفاحـا‪،‬‬
‫فقال؛ "يا عبد ال ت ّن علي أعطك؟"‪ ،‬قال؛ "يا رب! تُحيين فأقتل فيك ثانية"‪ ،‬قال؛ "إنه‬
‫سـبق منـ أنمـ إليهـا ل يرجعون" قال‪ :‬يارب أبلغ مـن ورائي)‪ ،‬فأنزل ال تعال‪{ :‬وَلَ‬
‫ُونـ} [آل عمران‪:‬‬
‫ِمـ ُيرْزَق َ‬
‫ّهـَأ ْموَاتًا بَلْ أَ ْحيَاء عِندَ َرّبه ْ‬
‫سـِيلِ الل ِ‬
‫ِينـ ُقتِلُواْ فِي َب‬
‫ْسـَ ّن الّذ َ‬
‫تَح َب‬
‫‪.]169‬‬

‫وعن ابن عباس قال؛ قال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪( :‬لا أصيب إخوانكم يوم أحد‬
‫ج عل ال أرواح هم ف أجواف ط ي خ ضر ترد أنار ال نة تأ كل من ثار ها وتؤوي إل‬
‫قناد يل من ذ هب معل قة ف ظل العرش‪ ،‬فل ما وجدوا ط يب مأكل هم ومشرب م ومقيل هم‪،‬‬
‫قالوا؛ " من يبلغ إخوان نا ع نا ا نا أحياء ف ال نة نرزق لئل يزهدوا ف الهاد ول ينكلوا ف‬
‫سبَ ّن الّذِي نَ ُقِتلُواْ فِي‬
‫الرب؟"‪ ،‬فقال ال؛ "أ نا أُبلّغ هم عن كم"‪ ،‬فأنزل ال تعال‪{ :‬وَلَ َتحْ َ‬
‫َسبِيلِ اللّهِ َأ ْموَاتًا بَلْ أَ ْحيَاء عِندَ َرّبهِ ْم يُرْزَقُونَ}[آل عمران‪.)]169:‬‬

‫وعن عبدال بن عمر رضي ال عنهما قال؛ سعت رسول ال صلى ال عليه وسلم يقول؛‬
‫(أول ثلة تد خل ال نة الفقراء الهاجرون الذ ين تت قى ب م الكاره‪ ،‬إذا أمروا سعوا وأطاعوا‬

‫‪39‬‬
‫وإذا كانت لرجل منهم حاجة إل السلطان ل تقض له حت يوت وهي ف صدره‪ ،‬وأن‬
‫ال عز و جل ليدعوا يوم القيا مة ال نة فتأ ت بزخرف ها وزينت ها‪ ،‬فيقول ال عز و جل أ ين‬
‫عبادي الذ ين قاتلوا ف سبيلي وقتلوا‪ :‬ادخلوا ال نة فيدخلون ا بغ ي ح ساب فتأ ت اللئ كة‬
‫في سجدون‪ ،‬فيقولون رب نا ن ن ن سبح بمدك الل يل والنهار ونقدس لك من هؤلء الذ ين‬
‫آثرت م علي نا؟ فيقول هؤلء عبادي الذ ين قاتلوا ف سبيلي وأوذوا ف سبيلي) [رواه أح د‬
‫والبزار]‪.‬‬

‫سبَ ّن الّذِي نَ ُقتِلُواْ فِي‬


‫و عن ا بن م سعود ر ضي ال ع نه أ نه ُسئِلَ عن قوله تعال‪{ :‬وَ َل تَحْ َ‬
‫َسبِيلِ اللّ هِ َأ ْموَاتًا} [آل عمران‪]169:‬؟ فقال‪( :‬أ ما أ نا قد سئلنا عن ذلك‪ ،‬فأخب نا؛ أن‬
‫أرواح هم ف ط ي خ ضر ت سرح ف ال نة ح يث شاءت وتؤي إل قناد يل معل قة بالعرش‪،‬‬
‫فاطّلع إليهـم ربـك اطلعـة فقال؛ "هـل تسـتزيدون شيئا فأزيدكـم؟" قالوا؛ "ربنـا! ومـا‬
‫نستزيد؟ ونن نسرح ف النة حيث شئنا"‪ ،‬ث اطّلع إليهم ثانية فقال؛ "هل تستزيدون شيئا‬
‫فأزيدكم؟"‪ ،‬فلما رأوا أنم لن يتركوا‪ ،‬قالوا؛ "تعيد أرواحنا حت نرجع إل الدنيا فنقتل ف‬
‫سبيلك مرة أخرى")‪.‬‬

‫وف البخاري عن أب هريرة رضي ال عنه قال؛ قال صلى ال عليه وسلم‪( :‬تضمن ال لن‬
‫خرج ف سبيله ل يرجه إل جهاد ف سبيلي وإيان ب وتصديق برسلي‪ ،‬فهو علي ضامن‬
‫أن ادخله النة أو أرجعه إل مسكنه الذي خرج منه نائلً ما نال من أجر وغنيمة‪ ،‬والذي‬
‫ن فس م مد بيده ما من كلم يُكلم ف سبيل ال تعال إل جاء يوم القيا مة كهيئ ته يوم كُلم‬
‫لونه لون الدم وريه السك‪ ،‬والذي نفس ممد بيده لول أن أشق على السلمي ما قعدت‬
‫خلف سرية تغزو أبدا‪ ،‬ول كن ل أ جد سعة فاحل هم‪ ،‬ول يدون سعة في شق علي هم أن‬
‫يتخلفوا عن‪ ،‬والذي نفس ممد بيده لوددت أن أغزو ف سبيل ال فأقتل‪ ،‬ث أغزو فأقتل)‪.‬‬

‫فأي فضل بعد هذا الفضل وأي منة بعد هذه النة‪ ،‬وأي شرف بعد هذا الشرف؟!‬

‫‪40‬‬
‫فهذه أمريكـا بيـ ظهرانينـا؛ فتعالوا فاشتفوا منهـا‪ ،‬وارووا ضمأكـم مـن دمائهـا‪ ...‬تعالوا‬
‫لتذودوا عن أعراض السلمات‪ ،‬ولتظفروا بذه البشارة الكرية‪.‬‬

‫روى مسلم ف صحيحه عن أب هريرة رضي ال عنه‪ ،‬عن النب صلى ال عليه وسلم قال‪:‬‬
‫(ل يتمع كافر وقاتله ف النار أبدا)‪.‬‬

‫وروى ا بن أ ب شي بة عن سلمان بن أ ب ربي عة أ نه قال‪( :‬قتلت ب سيفي هذا مائة م ستلئم‬


‫كلهم يعبد غي ال‪ ،‬ما قتلت منهم رجلً صبا)‪.‬‬

‫وعـن ابـن سـيين؛ اسـتلقى الباء بـن مالك فترنـ‪ ،‬فقال له أنـس‪( :‬اذكـر ال يـا أخـي)‪،‬‬
‫فاستوى جالسا‪ ،‬فقال‪( :‬أي أنس! ‪ -‬ابن أب ‪ -‬ل أموت على فراشي وقد قتلت مائة من‬
‫الشركي؛ مبارزة‪ ،‬سوى من شاركت ف قتله)‪.‬‬

‫واحذر ‪-‬يـا أخ التوحيـد‪ -‬مـن مزالق الشيطان ومداخله‪ ،‬واحذر؛ أن يول بينـك وبيـ‬
‫الهاد ف سبيل ال وي ضع أما مك العوائق وال سباب ال ت تبر لك القعود والتخلف عن‬
‫الهاد ‪ -‬حتـ وإن كانـت هذه العمال طاعـة ل ورسـوله ‪ -‬فإن هذا الشيطان الطريـد‬
‫الريد ل يفتأ يول بي العبد وبي ما يرضي ربه‪.‬‬

‫ور حم ال ا بن الق يم ح ي نبّه على هذا ال مر الط ي وقال ‪ -‬ما معناه ‪( :-‬إن الشيطان‬
‫ملحاح بط يء اليأس‪ ،‬و هو يتر صد للمؤ من ويق عد له ف طر يق سيه إل ال ث ين صب له‬
‫فخاخا وأشراكا‪ ،‬ل يتدل إل الدن إل إذا عجز عن العلى‪ ،‬فيبدأ له بنصب فخ الشرك‬
‫والكفر فإن نا منه‪ ،‬نصب له شَرك البدعة‪ ،‬فإن جاوزه أعد له شَبكة الكبائر‪ ،‬فإن تطاه‬
‫أعد له شَرك الصغائر‪ ،‬فإن نا شغله بالباح‪ ،‬فإن عجز ترصد وكمن له ف عقبة العبادات‬
‫الفضولة‪ ،‬فشغله با وحسنها بعينه وزينها له و أراه ما فيها من الفضل والربح ليشغله با‬
‫عما هو أفضل منها وأعظم كسبا وربا‪ ،‬لنه لّا عجز عن تسيه أصل الثواب طمع ف‬
‫تسيه كماله وفضله ودرجاته العالية‪ ،‬فشغله بالرضي عن الرضى له‪ ،‬فيشغله بطلب علم‬

‫‪41‬‬
‫الكفاية عن فرض العي من الهاد‪ ،‬ويزين له جهاد الدعوة وقد انفتح باب جهاد السيف‬
‫على مصراعيه)‪.‬‬

‫حرَا مِ كَمَ نْ آمَ َن بِاللّ ِه وَاْليَوْ مِ‬


‫و قد قال تعال‪{ :‬أَ َجعَ ْلتُ مْ ِسقَاَيةَ الْحَاجّ َوعِمَا َرةَ الْمَ سْجِ ِد الْ َ‬
‫سَتوُو َن عِندَ اللّ هِ وَاللّ هُ َل َيهْدِي اْل َقوْ مَ الظّالِ ِميَ} [التوبة‪:‬‬ ‫الخِ ِر وَجَاهَدَ فِي َسبِيلِ اللّ هِ َل يَ ْ‬
‫‪.]19‬‬

‫وقديا قال أئمتنـا‪( :‬ليـس الفقيـه الذي يعرف اليـ‪ ،‬وإناـ الفقيـه الذي يعرف خيـ‬
‫اليين)‪.‬‬

‫وقد خرّج ابن البارك بإسناده عن صفوان؛ أن أبا هريرة قال‪( :‬أيستطيع أحدكم أن يقوم‬
‫فل يف تر و ي صوم فل يف طر ما كان ح يا؟) فق يل‪ ( :‬يا أ با هريرة من يط يق هذا؟)‪ ،‬قال‪:‬‬
‫(والذي نفسي بيده إن نوم الجاهد ف سبيل ال أفضل منه)‪.‬‬

‫فهذه درجة نائمهم فكيف قائمهم؟!‬


‫وإذا كانت هذه رتبة غافلهم فكيف بعاملهم؟!‬
‫وإذا كان هذا خطر شراك نعالم فكيف بطي أفعالم؟!‬

‫تال إن هذا ل و الف ضل ال بي‪ ،‬ل ثل هذا فليش مر الشمرون‪ ،‬وعلى فوا ته فلي بك العاجزون‬
‫القصرون‪ ،‬وعلى ضياع العمر فليحزن الفرطون‪.‬‬

‫فكم من الحباب يارب اصطفيتهم واتذتم من بيننا وحرمتنا من ذلك بذنوبنا‪ ...‬اللهم‬
‫فل ترمنا أجرهم‪ ،‬ول تفتنا بعدهم وألقنا بم‪.‬‬

‫وإن كنت أنسى‪ ...‬فل أنسى ف هذا القام إخواننا الشهداء رحهم ال الذين كانوا معنا‬
‫ف السراء والضراء وصبوا معنا على لواء الطريق‪.‬‬

‫‪42‬‬
‫وعلى رأ سهم الخ ال بيب الغال الشه يد ال ي ‪-‬ن سبه كذلك وال ح سيبه– أ بو عبيدة‬
‫عبد الادي دغلس؛ فوال ما رزءت بصيبة ‪-‬بعد أن هدان ال‪ -‬بثل فقد هذا الخ‪ ،‬هذا‬
‫الخ الذي ك نت ا ستصغر نف سي أما مه لفرط شجاع ته وإقدا مه و صبه وح سن خل قه‪...‬‬
‫ك العيون‪ ...‬فعلى مثل عبد الادي فلتبكِ العيون‪.‬‬
‫فعلى مثل عبد الادي فلتب ِ‬

‫فكل ما تذكر ته تذكرت حد يث ال نب عل يه ال صلة وال سلم الذي رواه أح د وا بن حبان‪،‬‬


‫عن ابن مسعود أنه قال‪( :‬عجب ربنا من رجلي ‪ -‬وذكر منهما ‪ -‬رجل غزا ف سبيل‬
‫ال‪ ،‬فانزم أصحابه وعلم ما عليه ف النزام‪ ،‬وماله ف الرجوع‪ ،‬فرجع حت يهريق دمه‪،‬‬
‫فيقول ال للئكتـه؛ "انظروا إل عبدي رجـع رجاء فيمـا عندي وشفقـة ماـ عندي حتـ‬
‫يهريق دمه")‪.‬‬

‫فيوم أن اض طر الجاهدون إل أن يلوا مواقعهم نتي جة الق صف الشديد والتوا صل أ ب أن‬


‫يرجع‪ ،‬وتبايع على الوت ‪-‬هو وثلة من إخوانه‪ -‬وانغمسوا ف العدو نسأل ال أن يتقبلهم‪.‬‬

‫ماتوا وغُيّب ف التراب شخوصهم *** فالنسر مسك والعظام رميم‬

‫ل مـن البال‪ ،‬وأسـدا مـن السـود‪ ،‬وعابدا مـن العباد‪ ،‬وزاهدا مـن‬ ‫فوال لقـد كان جب ً‬
‫الزهاد‪ ،‬ترى ال صلح ف وج هه‪ ،‬م سعّر حرب لو كان م عه رجال‪ ،‬ل تأخذه ف ال لو مة‬
‫لئم‪ ،‬شديدا ً على أعداء ال‪ ،‬رحيما وبرا بإخوانه‪.‬‬

‫رحك ال يا عبد الادي رحة واسعة‪ ،‬لقد كنت ‪-‬وال‪ -‬الخ البيب والصديق الشفيق‪،‬‬
‫وكنـت السـمع والبصـر‪ ،‬فوال إن مكانـك مازال شاغرا‪ ،‬ل يسـتطيع أن يله أحـد‪،‬‬
‫وبفضلك فقدت عضوا من أعضائي‪.‬‬

‫وإن ك نت أن سى فلن أ نس ذلك اليوم الذي قلت ل ف يه‪( :‬إ ن لد عو لك أك ثر م ا أد عو‬


‫لوالدي)‪.‬‬

‫‪43‬‬
‫فأي خسارة بعد هذه السارة‪ ،‬وأي رزية بعد هذه الرزية‪ ،‬فقدتك ف وقت كنت أحوج‬
‫ما أكون إليك فيه‪.‬‬

‫نسأل ال عز وجل أن يرفعك ف عليي‪ ،‬وأن يلحقنا بك غي مفتوني شهداء صالي مع‬
‫النبيي والصديقي وحَسُن أولئك رفيقا‪ ،‬أنت وإخوانك الذين ل أذكرهم لضيق القام‪.‬‬

‫لُيسق عهدكم عهد السرور فما *** كنتم لرواحنا إل رياحيَ‬

‫ول يفوتن ف هذه الساعة أن أوجه نصيحة وتذكرة إل علماء المة ودعاتا‪:‬‬

‫س وَ َل تَ ْكتُمُونَ هُ‬
‫ق الّذِي نَ أُوتُوْا اْلكِتَا بَ َلُتَبيُّننّ هُ لِلنّا ِ‬
‫ف قد قال سبحانه‪َ { :‬وإِذْ أَ َخذَ اللّ ُه مِيثَا َ‬
‫س مَا يَشْتَرُونَ} [آل عمران‪.]187:‬‬ ‫َفَنبَذُو ُه وَرَاء ظُهُو ِرهِ ْم وَاشْتَ َر ْوْا بِ ِه ثَمَنا َقلِيلً َفِبْئ َ‬

‫ل قد أ خذ ال علي كم اليثاق أن تقوموا ب ا أمر كم ال به من ال مر بالعروف والن هي عن‬


‫النكر والهاد ف سبيل ال والفاظ على شريعته وبذل النفوس والهج ف سبيل دينه‪.‬‬

‫ولكن كم لل سف الشد يد‪ ...‬بدل أن تقوموا ب ق ال؛ آثر ت ال سلمة وأخلد ت إل الرا حة‬
‫والهل والال والولد‪ ،‬وتركتم الجاهدين يواجهون أعت قوة ف العال أجلبت عليهم بيلها‬
‫ورجلها‪.‬‬

‫فأين أنتم يا علماء المة؟‬


‫إل مت تنكصون وعن الق ترغبون!!‬

‫أما زالت الصال والفاسد دينا لكم ومنهجا!!‬


‫أما آن لكم أن تعودوا إل دينكم؟‬

‫‪44‬‬
‫و عن ا بن ع مر ر ضي ال عنه ما قال؛ قال ر سول ال صلى ال عل يه و سلم‪( :‬إذا تبايع تم‬
‫بالعي نة‪ ،‬وأخذ ت أذناب الب قر‪ ،‬ورضي تم بالزرع‪ ،‬وترك تم الهاد سلط ال علي كم ذلً ل‬
‫ينعه حت ترجعوا إل دينكم)‪.‬‬

‫ودل قوله صلى ال عليه وسلم؛ (حت ترجعوا إل دينكم)؛ على أن ترك الهاد والعراض‬
‫عنه والسكون إل الدنيا خروج عن الدين ومفارقة له‪ ،‬وكفى به ذنبا وإثا مبينا‪.‬‬

‫أما آن لكم أن تستيقضوا من غفلتكم؟‬


‫أما آن لذا الليل الطويل أن ينجلي؟‬

‫عن أي فتنة تتكلمون؟‬


‫وعن أي مصلحة تتحدثون؟‬
‫وهل هناك فتنة يا علماء المة أعظم ما نن فيه؟!‬

‫إن الفتنة الشرك‪ ،‬إن الفتنة ظهور الباطل على الق‪ ،‬إن الفتنة ضياع حكم ال ف الرض‪،‬‬
‫إن الفتنة أن يشر السود ف القفاص ف كوبا وغيها‪.‬‬

‫فها أنتم يبلغ أحدكم ثلثي سنة أو أربعي سنة أو خسي سنة أو أكثر؛ ل يكلف نفسه‬
‫رباط يوم ف سبيل ال‪ ،‬ول يتجشم عناء سفر كي يغبّر قدميه ف سبيل ال‪ ،‬يفن أحدكم‬
‫عمره ف طلب العلم على أريك ته سلما لعداء ال ل يُبتلى يوما ف سبيل ال ب بس أو‬
‫ضرب أو غيه‪.‬‬

‫وال إنه لحد أمرين؛‬

‫إما أنكم أعز على ال من نبيه الذي أوذي ف ذات ال بشت أنواع الذى‪،‬‬
‫أو أنكم على غي هدي النب‪...‬‬

‫‪45‬‬
‫ومعاذ ال أن تكون الول‪ ،‬ومعاذ ال أن تكون الول‪" ،‬فوال ما جاء أحد بثل ما جئت‬
‫به قط إل أوذي"‪.‬‬

‫إل من ترك تم ال مة؟ إل طواغ يت الشرق والغرب ي ستبيحون بيضت ها وي سومونا سوء‬
‫العذاب ويذبون خية بنائهـا الجاهديـن ويسـتولون على خياتاـ؟! أهكذا كان السـلف‬
‫الصال يغار أحدهم على أمته؟! أين التضحيات يا علماء المة؟‬

‫أين أنتم من حديث النب صلى ال عليه وسلم‪( :‬سيد الشهداء حزة‪ ،‬ورجل قام إل إمام‬
‫جائر فأمره وناه فقتله)‪.‬‬

‫أين أنتم من سفيان الثوري ذلك العال الربان الذي قال‪( :‬وال إن لرى المر يب علي‬
‫أن أتكلم فيه فل أستطيع فأبول دما) ؟!‬

‫ذاك سفيان بال دما عندما خلُصت نفسه ل ول ينازعها شيء من الدنيا‪ ،‬بال دما عندما‬
‫مازج دمه وخالط أنفاسه حب هذا الدين‪.‬‬

‫أما بلغكم يا علماء أن يونس بن عبيد رحه ال نظر إل قدميه عند موته فبكى‪ ،‬فقيل‪( :‬ما‬
‫يبكيك يا أبا عبد ال؟)‪ ،‬قال‪( :‬قدماي ل تغبا ف سبيل ال)‪.‬‬

‫ل تغب قدماه عندما كان الهاد فرض كفاية إذا قام به البعض سقط عن الباقي‪ ،‬فماذا لو‬
‫كان الهاد فرض ع ي؟ تُرى لو كان ا بن عب يد ف زما نا ماذا تظنون أ نه قائل؟ وال لكان‬
‫لسان حاله‪:‬‬

‫ل وغسلينا‬
‫فيا جبال اقذف الحجار *** ويا سا ء امطري مه ً‬
‫ويا كواكب آن الرجم فانطلقي *** ما انت إن أنت ل ترمي الشياطينا‬

‫‪46‬‬
‫لقد حل بالمة ما حل من ويلت ونكبات وتعطيل لشريعة رب الرض والسماوات يوم‬
‫تاذل علماء المة عن التضحية‪ ،‬يوم أن ضعفت جذوة الهاد ف صدورهم‪ ،‬فتخلفوا عن‬
‫الركب‪ ،‬يوم غاب عن أذهانم أن المة ل يكن أن تقوم لا قائمة إل بدماء العلماء‪ ،‬وأن‬
‫التضحية بدمائهم هو نتاج طبيعي للرث النبوي الذي ورثوه ف صدورهم‪.‬‬

‫ورحم ال ابن حزم يوم أن قال‪:‬‬

‫مناي من الدنيا علوم أبُثّها *** وأنشرها ف كل باد وحاضر‬


‫دعاء إل القرآن والسنن الت *** تناسى رجال ذكرها ف الحاضر‬
‫وألزم أطراف الثغور ماهدا *** إذا هيعة ثارت فأول نافر‬

‫للقى حامي مقبلً غي مدبر *** بسمر العوال والدقاق البواكر‬


‫كفاحا مع الكفارف حومة الوغى *** وأكرم موت للفت قتل كافر‬
‫فياربّ ل تعل حامي بغيها *** ول تعلن من قطان القابر‬

‫ذلك ابن حزم‪ ...‬وأنعم بابن حزم‪.‬‬

‫أمّا ان تم يا علماء نا؛ ف قد هادن تم الطواغ يت وأ سلمتم البلد والعباد لليهود وال صليبيي‪،‬‬
‫وأذنابمـ مـن حكامنـا الرتديـن‪ ،‬يوم أن سـكتم عـن جرائمهـم وجبنتـم عـن الصـدع فـ‬
‫وجوههم‪ ،‬وعجزت عن حل راية الهاد والتوحيد الت كلفكم ال با‪ ،‬يوم أن قتلتم الغية‬
‫والمية على دين ال ف قلوب الشباب ومنعتموهم من النفي إل ساحات الوغى‪ ،‬ففرغت‬
‫ساحات الوغى من السود إل من رحم ال‪ ،‬فل تكاد تد عالا بيننا يُستفت‪.‬‬

‫يا عباد ال؛‬

‫ل تكاد تد عالا بيننا يُستفت‪ ،‬ول طالبا به يقتدى‪ ،‬ول قائدا ربانيا يقود بنا البحر‪ .‬لقد‬
‫خذلتمو نا ف أحلك الظروف‪ ،‬وأ سلمتمونا إل عدو نا‪ ،‬وخلي تم بين نا وبي نه‪ ،‬وغفل تم عن‬

‫‪47‬‬
‫حد يث ال نب عل يه ال صلة وال سلم الذي رواه أ بو داود ح يث قال‪ ( :‬ما من امرئ يذل‬
‫ئ م سلما ف مو طن ينت قص ف يه من عر ضه وينت هك ف يه من حرم ته إل خذله ال ف‬ ‫امر ً‬
‫موطن يب فيه نصرته)‪.‬‬

‫أليس فيكم من يغُط غطة سعيد بن عامر‪ ،‬فقد ذكر أصحاب السي أن أهل حص شكوه‬
‫ح ي كان واليا علي هم إل ع مر‪ ،‬وعابوا عل يه أمورا‪ ،‬من ها؛ أ نه كان ي غط وتتجلله الغش ية‬
‫حت يشق ذلك على الناس‪ .‬فأجاب معتذرا‪( :‬شهدت مصرع خبيب النصاري بكة وقد‬
‫بضّعت قريش لمه وحلوه على جذع‪ ،‬وهم يقولون؛ "أتب أن ممد مكانك وأنك ف‬
‫أهلك ومالك؟"‪ ،‬فيقول؛ "وال! يا قوم ما ي سرن أن يفدي ن م مد صلى ال عل يه و سلم‬
‫بشو كة ف قد مه‪ ،‬فكل ما ذكرت ذلك الش هد الذي رأي ته وأ نا يومئذ من الشرك ي‪ ،‬ث‬
‫تذكرت تركي نصرة خبيب يومها أرتف خوفا من عذاب ال ويغشان الذي يغشان")‪،‬‬
‫أل يس في كم من ير جف قل به خوفا من عذاب ال ويغشاه ما كان يغ شى سعيد لترك كم‬
‫نصرة الجاهدين؟‬

‫نعم أسلمتونا للعدو وأسلمتم المة قبلنا يوم تاذلتم عن نصرتنا يا علماء المة‪.‬‬

‫إن اليد الت عقرت ناقة صال ي ٌد واحدة‪ ،‬وقد أهلك ال قوما بأكملهم نتيجة ذلك‪ ،‬وإن‬
‫ناقة صال عليه السلم ليست بأعز على ال من مئات اللف من السلمي من هذه المة‬
‫الذين يذبون على أيدي الكافرين‪ ،‬بسبب صمتكم وسكوتكم عنهم‪.‬‬

‫واعلموا يا علماء المة؛ أنكم قادمون على ال ل مالة ف يوم تشيب له الولدان‪َ { ،‬وَتضَ ُع‬
‫كُلّ ذَا تِ َحمْلٍ َحمَْلهَا} [الج‪َ{ ،]2:‬يوْ َم َيفِ ّر الْمَرْ ُء مِ نْ أَخِي هِ * َوُأمّ هِ َوَأبِي هِ * وَ صَا ِحَبتِهِ‬
‫ئ ّمْنهُ مْ َي ْو َمئِ ٍذ َشأْ ٌن ُيغْنِي هِ} [ع بس‪ ،]37-34:‬ف ذلك اليوم الع صيب‬ ‫َوبَنِي هِ * ِلكُ ّل امْرِ ٍ‬
‫أعدو الواب لرب الرباب‪.‬‬

‫يوم يسألكم عن المة ماذا قدمتم لا‪ ،‬وعن الجاهدين وكيف نصرتكم لم‪ ،‬وعن أعداء‬
‫اللة وكيف بغضكم وعداوتكم لم‪ ،‬بالسيف والسنان والقلب واللسان‪.‬‬

‫‪48‬‬
‫إن ال سائلكم عن السرى ف يد اليهود و الصليبيي والشركي لَ ل تستنقذوهم؟‬

‫أل تسمعوا ما قاله عبد الرحن بن عمرة لا بعثه عمر بن عبد العزيز ف فداء السلمي ف‬
‫الق سطنطينية‪ ،‬يقول؛ فقلت له‪( :‬أرأ يت يا أم ي الؤمن ي إن أبوا أن يفادوا الر جل بالر جل‬
‫كيـف أصـنع؟) قال‪( :‬زدهـم)‪ ...‬إل أن قال‪( :‬فإن أبوا إل أربعا)‪ ،‬فقال‪( :‬أعطهـم بكـل‬
‫م سلم ما سألوه‪ ،‬فوال لر جل من ال سلمي أ حب إل من كل مشرك عندي‪ ،‬إ نك ما‬
‫فاديت به السلم فقد ظفرت‪ ،‬إنك إنا تشتري السلم)‪.‬‬

‫إن ال سائلكم عن أفغانستان والعراق ماذا قدمتم لما‪.‬‬

‫إن ال سائلكم عن الل ع مر وخذلن كم له‪ ،‬ول يس له ذ نب إل أ نه أطاع ال ور سوله‬


‫ورفض أن يعطي الدنية ف دينه‪.‬‬

‫ورحم ال ابن الوزي يوم اعتلى النب وقام خطيبا ف الناس يثهم على الهاد والفاظ‬
‫على بيضة هذا الدين ودفع الكافرين عن ديار السلمي‪ ،‬بعد أن تلف الناس وتقاعسوا‬
‫عن النفي‪ ،‬فقال‪( :‬أيها الناس؛ مالكم نسيتم دينكم‪ ،‬وتركتم عزتكم وقعدت‪ ،‬عن نصر ال‬
‫فلم ينصـركم؟ حسـبتم أن العزة للمشرك وقـد جعـل ال العزة ولرسـوله وللمؤمنيـ‪ ،‬يـا‬
‫ويكم!‬

‫أمـا يؤلكـم ويشجـي نفوسـكم مرأى عدو ال وعدوكـم يطرعلى أرضكـم التـ سـقاها‬
‫بالدماء آبائكم يذلكم ويستعبدكم وأنتم كنتم سادات الدنيا؟‬

‫أما يهز قلوبكم وينمي حاستكم مرأى إخو ان لكم قد أحاط بم العدو وسامهم ألوان‬
‫السف؟‬

‫‪49‬‬
‫أفتأكلون وتشربون وتتنعمون بلذائذ الياة وإخوانكـم هناك يتسـربلون اللهـب ويوضون‬
‫النار وينامون على المر؟‬

‫يا أيها الناس؛ إنا قد دارت رحى الرب ونادى منادي الهاد وتفتحت أبواب السماء‪،‬‬
‫فإن ل تكونوا من فر سان الرب فاف سحوا الطر يق للن ساء يُدرن رحا ها‪ ،‬واذهبوا فخذوا‬
‫الجامر والكاحل يا نساء بعمائم ولى‪ ،‬أو ل! فإل اليول وهاكم لمها وقيودها‪.‬‬

‫يا ناس؛ أتدرون مم صنعت هذه اللجم والقيود؟ لقد صنعها النساء من شعورهن لنن‬
‫ل يل كن شيئا غي ها‪ ،‬هذه وال ظفائر الخدرات ل ت كن تب صرها ع ي الش مس صيانة‬
‫وحف ظا؛ قطعن ها لن تار يخ ال ب قد انت هى وابتدأ تار يخ الرب القد سة الرب ف‬
‫سبيل ال‪ ،‬فإن ل تقدروا على ال يل تقيدون ا فخذو ها فاجعلو ها ذوائب ل كم وظفائر‪،‬‬
‫إنا من شعور النساء فلم يبق ف نفوسكم شعور)‪.‬‬

‫وألقى اللجم من فوق النب على رؤوس الناس وصرخ‪( :‬ميدي يا عمد السجد‪ ،‬وانقضي‬
‫يا رجوم‪ ،‬وترقي يا قلوب الا وكمدا‪ ،‬لقد أضاع الرجال رجالتهم) أ‪.‬هـ‪.‬‬

‫نعم وال لقد أضاع الرجال رجولتهم!‬

‫فماذا نقول نن ف هذا الزمان الذي عز فيه النصي‪ ،‬وقل فيه العي وتداعت علينا المم‬
‫كما تداعى الكلة إل قصعتها‪.‬‬

‫إننا وال ل نريد رجالً كأب بكر وعمر وعثمان وعلي وسعد والقداد وطلحة والزبي‪،‬‬
‫لكننا نريد رجالً كصفيّة!‬

‫نعم كصفية! عندما قامت بالدفاع عن حرمات السلمي عندما ه مّ ذلك اليهودي البيث‬
‫أن يدخل الصن ويكشف عورات السلمي فقاتلت عن أعراض السلمي‪.‬‬

‫‪50‬‬
‫فيا رب أدركنا فقد بلغ الزب *** من الكرب سيل الفاجعات الغرق‬

‫فيا علماء المة‪ ،‬ويا دعاتا‪ ،‬ويا شبابا؛‬

‫اتقوا ال‪ ،‬اتقوا ال‪ ،‬وأدركوا ما فاتكم؛ فإنا العصمة السيف‪..‬‬

‫فدونكم أعداء الشريعة بي ظهرانيكم‪ ،‬ومدوا يد العون إل اخوانكم بالغال والنفيس قبل‬
‫أن يلفظكم التاريخ‪ ..‬نعم! قبل أن يلفظكم التاريخ‪ ،‬وقبل أن ينفض السوق فيبح فيه من‬
‫يربح ويسر فيه من يسر‪.‬‬

‫عندمـا أخاطـب العلماء‪ ،‬إناـ أخاطـب العلماء الربانييـ‪ ،‬ل أقصـد بذلك علماء السـوء‬
‫ومشا يخ الفضائيات فهؤلء يكفي هم ال ثر؛ (أن القبور اشت كت إل ال من ن ت رائ حة‬
‫الكفار‪ ،‬فأو حى ال إلي ها أن بطون علماء ال سوء أ شد نتنا من رائح تك)‪ ،‬أولئك الذ ين‬
‫يأكلون الدنيا بالدين‪.‬‬

‫أما انتم أيّها الجاهدون الصابرون نقول لكم‪:‬‬

‫مع كل ما ي صيبنا من هم ون صب وض يق وبلء‪ ،‬فوال لن يرى العداء م نا إل كل ما‬


‫ي سوءهم‪ ،‬ولنجاهدن م ب كل ما ن ستطيع‪ ،‬ولنبذلن الغال والنف يس ف حرب م‪ ،‬فإن مراغ مة‬
‫الطواغ يت من أقرب القربات إل ال‪ ،‬فا صبوا إن ا هي أيام قلئل ث بعد ها يأ ت الفرج‬
‫والنصر بعون ال‪ ،‬فإنَ تأخر النصر ل يعن تلف وعد ال‪ ،‬حاشا وكل‪.‬‬

‫إياكم والنكوص والرجوع عن هذا الطريق‪ ،‬فإنه وال مع مشقته وصعوبته ومرارته للو ف‬
‫ذات ال‪ ،‬وإنا لنعمة عظيمة أن يصطفيكم ال لنصرة دينه‪ ،‬والهاد ف سبيله‪.‬‬

‫أل يكفي كم ‪ -‬يا رفاق الدرب؛ يا أُ نس الروح و سلواها‪ -‬الد يث الذي رواه أ بو هريرة‪،‬‬
‫قال‪ :‬مر رجل من أصحاب رسول ال صلى ال عليه وسلم بشعب فيه عيينة من ماء عذبة‬

‫‪51‬‬
‫فقال‪( :‬لو اعتزلت الناس فأقمت ف هذا الشعب‪ ،‬ولن أفعل حت استأذن رسول ال صلى‬
‫ال عليه وسلم)‪ ،‬فقال‪( :‬ل تفعل فإن مقام أحدكم ف سبيل ال أفضل من صلته ف بيته‬
‫سبعي عاما‪ ،‬أل تبون أن يغفر ال لكم ويدخلكم النة اغزوا ف سبيل ال‪ ،‬من قاتل ف‬
‫سبيل ال فواق ناقة وجبت له النة)‪.‬‬

‫ورحم ال ابن تيمية عندما قال‪( :‬واعلموا أصلحكم ال أن من أعظم النعم على من أراد‬
‫ال به خيا أن أحياه إل هذا الو قت الذي يُجدد ال ف يه الدين وي يي ف يه شعار ال سلمي‬
‫وأحوال الؤمني والجاهدين؛ حت يكون شبيها بالسابقي الولي من الهاجرين والنصار‬
‫فمن قام ف هذا الوقت بذلك كان من التابعي لم بإحسان‪ ،‬فينبغي للمؤمني أن يشكروا‬
‫ال تعال على هذه الح نة ال ت حقيقت ها من حة كري ة من ال تعال‪ ،‬وهذه الفت نة ال ت ف‬
‫باطنها نعمة جسيمة‪ ،‬حت وال لو كان السابقون الولون من الهاجرين والنصار كأب‬
‫بكر وعمر وعثمان علي وغيهم حاضرين ف هذا الكان لكان من أفضل أعمالم جهاد‬
‫هؤلء القوم الجرم ي ول يُفوت م ثل هذه الغزاة إل من خ سرت تار ته‪ ،‬و سفه نف سه‪،‬‬
‫وحُرم حظا عظيما من الدنيا والخرة)‪.‬‬

‫فهـل بعـد هذا ترومون فضلً‪ ،‬وتطلبون بدل‪ ،‬فأكثروا مـن الدعاء أن يثبتنـا على الطريـق‪،‬‬
‫وليكن لسان حالنا جيعا‪:‬‬

‫لكنن اسأل الرحن مغفرة *** وضربة ذات فرغ تقذف الزبدا‬
‫أو طعنة بيدي حران مهزة *** بربة تنفذ الحشاء والكبدا‬
‫حت يقولوا إذا مروا على جثت *** أرشدك ال من غاز وقد رشدا‬

‫فيا رب إن حانت وفات فل تكن *** على شرجع يُعلى بضر الطارف‬
‫ولكن قبي بطن نسر مقيله *** بو السماء ف نسور عواكف‬
‫وأمسي شهيدا ثاويا ف عصابة *** يصابون ف فج من الرض خائف‬
‫فوارس من بغداد ألف بينهم *** تُقى ال نزالون عند التزاحف‬

‫‪52‬‬
‫إذا فارقوا دنياخم فارقوا الذى *** وصاروا إل ميعاد ما ف الصاحف‬

‫أمول الوال ليس غيك ل مول *** وما أح ٌد يا رب منك بذا أول‬
‫تبأت من حول إليك وقوت *** فكن قوت ف مطلب وكن الول‬
‫وهب ل رضىً ما ل سوى ذاك مبتغى *** ولو لقيت نفسي على ليله الول‬

‫اللهـم مكـن للمجاهديـن فـ الرض‪ ،‬اللهـم مكـن للموحديـن فـ الرض‪ ،‬اللهـم جيـش‬
‫جيوشهم‪ ،‬وابعث سراياهم‪ ،‬وخلّص نواياهم‪ ،‬وخذ العيون عنهم‪ ،‬اللهم يسر لم كل خي‪،‬‬
‫الل هم قو شوكت هم وآ نس وحشت هم‪ ،‬و كن ل م العون والن صي‪ ،‬ف هم أقوياء بك يا رب‬
‫العالي‪.‬‬

‫الل هم إن أمري كا جاءت بيل ها وخيلئ ها تاد ال ور سوله‪ ،‬الل هم فأح ها الغداة‪ ...‬الل هم‬
‫فأحها الغداة‪ ،‬اللهم كما مزقت ملك قيصر فمزق ملك بوش‪ ،‬اللهم شتت شلهم وفرق‬
‫شلهم‪ ،‬واجعلهم غنيمة للمسلمي‪.‬‬

‫الل هم ال عن طواغ يت العرب والع جم‪ ،‬الل هم عل يك بالكام الرتد ين‪ ،‬الل هم اح صهم‪،‬‬
‫واقتلهم بددا‪ ،‬ول تغادر منهم أحدا‪ ،‬اللهم آمي‪.‬‬

‫صعَبٍ الزّ ْرقَاوِي‬


‫َأبُ ْو مُ ْ‬
‫لهَاد‬
‫َأمِيْ ُر جَمَا َعةِ الّت ْوحِي ِد وَ ا ِ‬
‫ق – بِلدُ الرّافِ َديْن‬
‫ال ِعرَا ُ‬

‫‪53‬‬
‫الطاب الرابع‬

‫رِسَالةٌ ِمنْ أبِي مُصْ َعبٍ الزّ ْرقَاوِيّ‬


‫إِل الشّيخِ أُسَامة بن لدِنَ ( َحفِظَهُ ال)‬
‫‪ 24‬ذو الجة ‪ 1424‬هـ‬
‫‪ 15‬فباير‪/‬شباط ‪ 2004‬م‬

‫ِبقَلَمِ الشَيخ‬
‫ب الزّرْقَاوِي ( َرحِ َمهُ ال)‬
‫أَِبيْ مُصْع ٍ‬

‫[هذه ر سالة عََث َر علي ها عُبا ُد ال صليب ف العراق‪ ،‬و هي ر سالة من الش يخ أ ب م صعب‬
‫الزرقاوي رحهـ ال كتبهـا للشيـخ أسـامة بـن لدن حفظـه ال قبـل النضمام إل تنظيـم‬
‫القاعدة‪ ،‬و في ها بيان للمن هج و خ طة الع مل ال ت إرتضا ها الشيخي ي لشروع صد الملة‬
‫الصـليبية الديدة على العراق‪ ،‬و إعادة اللفـة السـلمية على منهاج النبوة‪ ،‬لتحقيـق‬
‫مقاصد الشرع و ترير العرض و الرض‪ ،‬و التحضي للمعركة الفاصلة مع اليهود‪.‬‬

‫و للعلم فإن تنظيم التوحيد و الهاد ف حينها ل ينفي ما جاء ف الرسالة إنا أكده مع‬
‫بعض التحفظ‪ ،‬و ذلك ما قاله الشيخ أبو أنس الشامي رحه ال (مسئوول اللجنة الشرعية)‬
‫ف بثه القيم (الرد على شبهات حول الهاد ف العراق)‪ ،‬فقال رحه ال‪:‬‬

‫‪54‬‬
‫‪ ...‬اولً ‪ :‬الرسالة الت تناقلتها النباء وتدثت عنها الدنيا وتي الناس ف أمرها هي‬
‫صحيفة صادقة النسبة ال الخ القائد اب مصعب الزرقاوي حفظه ال ورعاه‪ ،‬ولكن‬
‫قد أعتراها بعض التحريف والتزيف‪[ ،‬و تفصيل ذاك التحريف و التزييف] فنحن ل‬
‫يكن أن نقتل مسلما سُنيا او أن نترئ على حرمة بيت من بيوت ال ومعاذ ال أن نفعل‬
‫هذا ‪( ...‬إنتهى كلمه رحه ال)‬

‫و لا لذه الرسالة من فوائد‪ ،‬إرتأينا إدراجها‪ ،‬و نرجوا من القارئ الكري أن يقرأها مراعيا‬
‫التحفظ الذي ذكره شيخنا أبا أنس رحه ال و الذي قد عملنا جاهدين إل عدم نقله ف‬
‫ما هو مدرج من الرسالة]‬

‫بسم ال الرحن الرحيم‪،‬‬

‫مِن [كلمات مذوفة من أصل الرسالة] إل الشـم العرانـي والصنـاديد ف زمن‬


‫العبـيد‪ ،‬إل الرجـال ف قلل الـبال إل صـقور العز ولـيوث الشرى إل‬
‫الخـوين الكريـي [كلمات مذوفة من أصل الرسالة]‪.‬‬

‫السلم عليكم ورحة ال وبركاته‪،‬‬

‫فإن تكن الجساد منا تباعدت فإن الدي بي القلوب قريب‪ ،‬وعزاؤنا قول المام مالك‬
‫أرجو أن يكون كلنا على خي واسأل ال العلي الكري أن تصلكم رسالت هذه وأنـتم‬
‫ترفلون ف ثيـاب العافية وتتـنسمون ريـاح النصـر والظـفر‪ ،‬آمـي‪.‬‬

‫وعزاؤنا قول المام مالك أرجو أن يكون كلنا على خي واسأل ال العلي الكري أن‬
‫تصلكم رسالت هذه وأنـتم ترفلون ف ثيـاب العافية وتتـنسمون ريـاح النصـر‬
‫والظـفر‪ ،‬آمـي‪.‬‬

‫‪55‬‬
‫فإلـيكم حديثا يناسب القام ويكشف اللثام ويزيح السـتار عن الخبوء من الي‬
‫والسـوء ف ساحة العـراق‪.‬‬

‫كما تعلمون إن ال م ّن على المة بالهاد ف سبيل ال ف ارض الرافدين‪ ،‬ومن العلوم‬
‫لديكم ان الساحة هنا ليست كسائر الساحات؛ ففيها من اليابيات ما ليس موجوداَ ف‬
‫أي ساحة أخرى‪ ،‬وفيها من السلبيات أيضا ما ليس موجوداَ ف غيها‪ ،‬ومن اعظم‬
‫إيابيات هذه الساحة انه جهاد ف عمق ارض العرب‪ ،‬وبينه وبي أرض الرمي والقصي‬
‫رمية حجر‪ ،‬وأننا نعلم من دين ال أن العركة القيقية والفاصلة بي الكفر والسلم هي‬
‫ف هذه الرض؛ أي ف الشام وما حولا‪ ،‬وعليه فل بد من بذل الغال والنفيس والسعي‬
‫الثيث من أجل ان نثبت موطأ قدم ف هذه الرض‪ ،‬لعل ال ان يدث بعد ذلك أمرا‪.‬‬

‫فالواقع يا مشاينا الجراء يتم علينا أن ننظر إل هذا المر بنظرة عميقة نستهلها من‬
‫شرعنا النيف وواقعنا الذي نعايش‪ ،‬واليكم الواقع كما أراه بنظري القاصر‪ ،‬واسأل ال‬
‫أن يعفو عن خطلي وزللي‪ ،‬فأقول وال الستعان‪:‬‬

‫أن المريكان كما ل يفي عليكم قد دخلوا العراق من مبدأ عقدي‪ ،‬ولجل إقامة دولة‬
‫إسرائيل الكبي من النيل إل الفرات‪ ،‬وان هذه الدارة المريكية التصهينة تعتقد أن‬
‫التعجيل بقيام دولة إسرائيل هو التعجيل بروج السيح‪ ،‬فجاءت العراق بقضها وقضيضها‬
‫وفخرها وخيلئها تاد ال ورسوله‪ ،‬وكانت تظن أن المر سيكون سهل نوعا ما‪ ،‬وان‬
‫كانت ثة صعوبات فستكون يسية‪ ،‬ولكنها اصطدمت بواقع مغاير كل التغاير؛ فبدأت‬
‫عمليات الخوة الجاهدين من اللحظة الول‪ ،‬ما جعل المور متلطة نوعا ما‪ ،‬ث تعالت‬
‫وتية العمليات‪ ،‬وكان ذلك ف الثلث السن ‪-‬إن صحت التسمية‪ ،-‬ما جعل الميكان‬
‫يضطرون إل عقد صفقة مع الرافضة؛ شر الورى‪ ،‬وقد تت الصفقة على إن يوز الرافضة‬
‫ثلثي الغنيمة ف سبيل الوقوف ف صف الصليبي ف وجهة الجاهدين‪.‬‬

‫أولً‪ .‬التركيبة‪:‬‬

‫‪56‬‬
‫العراق ف الملة فسيـفساء سياسية‪ ،‬وخلطة عرقية‪ ،‬وتباينات مذهـبية طائفية متناثرة‪،‬‬
‫ل تنـقاد إل لسلطـة مركزية قويـة وسلطان قاهر‪ ،‬بدءا من زياد بن أبيه‪ ،‬وانتهاء‬
‫بصدام‪ ،‬والستقبل على خيارات صـعبة؛ فهي أرض متاعب جـمة الصـاعب لكل‬
‫جـاد ولعـب‪ ،‬وأما التفـصيل‪:‬‬

‫‪ .1‬الكراد‪ :‬وهؤلء بشقـيهم البزان والطالبان؛ قد أعـطوا صـفقة أيديهم وثـرة‬


‫قلوبم للمريكان‪ ،‬وفتـحوا أرضـهم لليهود‪ ،‬وصـاروا قاعدة خـلفية لم وحصان‬
‫طروادة لططهم‪ ،‬يتسللون عب أراضيهم ويستترون بلفتاتم ويتخذونم جسرا يعبون‬
‫عليه لسيطرة مالية وهيمنة اقتصادية‪ ،‬بالضـافة إل القاعدة الاسوسية الت أقاموا لا‬
‫صرحا كبيا ف تلك الرض‪ ،‬ف طولا والعرض‪ ،‬وهؤلء بالملة –الكراد‪ -‬قد خبا‬
‫صوت السلم عـندهم‪ ،‬وخفت بريق الدين ف ديارهم‪ ،‬أسكرتم الدعوة العراقية‪ ،‬وأهل‬
‫الي فيهـم مستـضعفون يافون أن تتخطفهم الطي‪.‬‬

‫‪ .2‬الرافـضة‪ :‬العقبة الكؤود‪ ،‬والفعي التربصة‪ ،‬وعقرب الكر والبث‪ ،‬والعدو‬


‫الترصد‪ ،‬والسم الناقع‪.‬‬

‫ونن هنا نوض معركة على مستويي؛‬

‫العركة الول‪ :‬مستوى ظاهر مكشوف مع عدو صائل‪ ،‬وكُف ٍر بيّنٌ‪.‬‬


‫العركة الثانية‪ :‬معركة صعبة ضروس مع عدو ماكر‪ ،‬يتـزيا بزي الصديق‪ ،‬ويظهر الوافقة‬
‫ويدعو إل التآلف‪ ،‬ولكنه يضمر الشر‪ ،‬ويفتل ف الذروة والغارب‪ ،‬وقد صار إليه مياث‬
‫الفرق الباطنية الت مرت ف تاريخ السلم‪ ،‬وتركت ف وجهه ندوبا ل تحوها اليام‪.‬‬

‫إن الناظر التئد والبصر التفحص ليدرك أن التشيـع هو الطر الداهم‪ ،‬والتحدي‬
‫القيقي؛ {هُ ُم اْلعَ ُدوّ فَاحْ َذ ْرهُمْ قَاتََلهُمُ اللّهُ َأنّى ُيؤَْفكُونَ} [النافقون‪ ،]4:‬إن رسالة‬

‫‪57‬‬
‫التاريخ تصدقها شهـادة الواقع لتشي بأوضح بيان؛ أن التشيع دين ل يلتقي مع السلم‪،‬‬
‫إل كما يلتقي اليهـود مع النصـارى تت لفتة أهل الكتاب؛‬

‫فمن الشـرك الصراح‪،‬‬


‫وعبادة القبـور‪،‬‬
‫والطواف بالضرحة‪،‬‬
‫إل تكفـي الصحابة‪،‬‬
‫وسب أمهات الؤمنـي‪ ،‬وخيار هـذه الئمة‪،‬‬
‫وصولً إل تريف القرآن‪ ،‬كمُنتج منطقي للطعنِ ف حَ َمَلتِه‪،‬‬
‫إضافة إل القول بعـصمة الئمة‪ ،‬وركنية اليان بم والقرار لم بتنل الوحي عليهم‪،‬‬

‫إل غي ذلك من صـور الكفر ومظاهر الزندقة الت تطفـح با كتبهم العتمدة‪،‬‬
‫ومراجعهم الصـلية‪ ،‬والت ل يزالون يقومون بطبـعها وتوزيعها ونشرها‪.‬‬

‫وإن الالي الذين يظـنون أن الشيعي يكن أن ينسي الرث التاريي والقد السود‬
‫القدي على النواصب كما يسمونم؛ واهون‪.‬‬

‫وهم أشبه بن يطالب النصران أن يتخـلي عن فكرة صلب السـيح‪ ،‬وهل يفعل هذا‬
‫عاقل‪ ،‬وإن هؤلء القوم قد جـمعوا إل كفرهم‪ ،‬وأضافوا إل زندقتهم؛ مكرا سياسيا‬
‫وسعيا مموما للتغول على أزمة الكم وموازين القوة‪ ،‬ف الدولة الت ياولون ‪-‬بالتعاون‬
‫مع المريكان حلفائهم ف الباطن‪ -‬رسم معالها‪ ،‬وتثبـيت تضاريسها الديدة‪ ،‬عب‬
‫لفتاتم السياسية وتنظيماتم‪.‬‬

‫وهؤلء طائفة غدر وخيانة على مر التاريخ والعصور‪ ،‬وهو مذهب وجهه لرب أهل‬
‫السنة والماعة‪ ،‬فإن الرافضة عندما سقط النظام البعثي البيث كان شعارهم (الثأر‬
‫الثأر‪ ...‬من تكريت والنبار‪ )...‬فهذا يدل على مدي حقدهم الدفي على أهل السنة‪،‬‬

‫‪58‬‬
‫ولكن استطاع علماؤهم الدينيون والسياسيون ان يضبطوا أمور طائفتهم‪ ،‬حت ل تكون‬
‫العركة بينهم وبي اهل السنة حربا طائفية ظاهرة‪ ،‬لنم يعلمون انم لن ينجحوا بذه‬
‫الطريقة‪ ،‬ويعلمون انا لو قامت حرب طائفية لقام كثي من المة لينصروا أهل السنة ف‬
‫العراق‪ ،‬وبا ان دينهم دين التقية؛ عمدوا خبثا ومكرا إل طريقة أخرى‪...‬‬

‫فبدأوا بالسيطرة على مرافق الدولة‪ ،‬ومفاصلها المنية والعسكرية والقتصادية‪ ،‬وكما‬
‫تعلمون ‪-‬حفظكم ال‪ -‬ان مقومات اي بلد هي المن والقتصاد‪ ،‬وهم متغلغلون ف‬
‫داخل هذه الرافق والفاصل‪.‬‬

‫واضرب مثا ًل يُقرِب المر؛ فإن فيلق بدر وهو الناح العسكري للمجلس العلى للثورة‬
‫السلمية‪ ،‬قد خلع ثوبه الرافضي‪ ،‬ولبس مكانا ثوب الشرطة واليش‪ ،‬فدخل بكوادره‬
‫بذه الؤسسات‪ ،‬وتت مسمي الفاظ على الوطن والواطن‪ ،‬يبدأون بتصفية حساباتم مع‬
‫أهل السنة‪ ،‬فان اليش المريكي قد بدأ يتواري عن بعض الدن‪ ،‬ويقل تواجدهم‪ ،‬وبدأ‬
‫يل مكانه جيش عراقي‪ ،‬وهذه هي الشكلة القيقية الت نواجهها؛ فإن قتالنا مع‬
‫المريكان أمر يسي‪ ،‬فالعدو ظاهر ومكشوف الظهر‪ ،‬جاهل بالرض وجاهل بواقع‬
‫الجاهدين‪ ،‬لضعف العلومة الستخبارية لديه‪ ،‬ونعلم يقيننا ان هذا القوات الصليبية‬
‫ستواري غدا أو بعد غد‪ ،‬فالناظر إل الواقع يري مسارعة العدو إل تشكيل اليش‬
‫والشرطة الت بدأت بباشرة مهامها الوكلة إليها‪.‬‬

‫فهذا العدو التمثل بالرافضة‪ ،‬الُطعّم بعملء ‪-‬من الحسوبي على أهل السنة‪ -‬هو الطر‬
‫القيقي الذي نواجهه؛ فهم أبناء جلدتنا‪ ،‬ويعرفون مداخلنا ومارجها‪ ،‬وهم أشد مكرا‬
‫من أسيادهم الصليبيي‪ ،‬وقد بدأوا ‪-‬كما أسلفت‪ -‬ماولة السيطرة على الوضع المن‬
‫بالعراق‪ ،‬وقد قاموا بتصفية كثي من أهل السنة‪ ،‬ومن خصومهم من الزب البعثي وغيه‬
‫‪-‬من الحسوبي على أهل السنة‪ -‬بشكل مُنظم ومدروس‪ ،‬وبدأوا بقتل كثي من الخوة‬
‫الجاهدين؛ مرورا بتصفية العلماء والفكرين والطباء والهندسي وغيهم‪.‬‬

‫‪59‬‬
‫فإن اظن وال اعلم؛ بأنه لن يول الول إل واغلب اليش المريكية ف الطوط اللفية‪،‬‬
‫يقاتل عنه بالوكالة اليش الرافضي السري وفيالقهم العسكرية‪ ،‬وهم يتسللون كالفاعي‬
‫ليتسلطوا على جهـازي اليش والشرطة القوة الضاربة والقبضة الديدية ف عالنا‬
‫الثالث‪ ،‬مع السيـطرة على القتصاد تاما كأوليائهم اليهود‪ ،‬وآمالم تعظم مع اليام ف‬
‫أن يقيموا دولة الرفض لتـمتد من إيران مرورا بالعراق وسوريا ولبنان وانتهاء بملكة‬
‫اللـيج الكرتونية‪.‬‬

‫لقد دخل فيلق بدر وهو يمل شعار (الثار الثار ‪ ...‬من تكريت والنبار‪ ،)...‬لكنه خلع‬
‫زيه ليلبس بعد ذلك شعار اليش والشرطة؛ ليبطـش بأهل السنة ويقتل أهل السلم‪،‬‬
‫باسم القانون والنظام‪ ،‬كل ذلك ف ظل خطـاب ناعم اللـمس‪ ،‬وبيل الباطن‪ ،‬يتـطي‬
‫صهوة التقية دينهم الغنوصي‪ ،‬يتبقع بالكذب‪ ،‬ويتسـتر بالنفاق‪ ،‬مسـتغل سذاجة كثي‬
‫من أهل السـنة وطيبة قلوبم‪ ،‬ول ندري إل مت تظـل أمتنا ل تتعلم من التجربة‬
‫التاريية‪ ،‬ول تبن على شهادة العصُ ِر الالية‪.‬‬

‫لقد كانت الدولة الصفوية الشيعية عقبة كأداء ف طريق السلم‪ ،‬بل كانت خنجرا قد‬
‫طعن السلم وأهله ف الظهر‪ ،‬ولقد صدق أحد السـتشرقي حي قال‪" :‬لول الدولة‬
‫الصفوية لكنا اليوم ف اوروبا نقرأ القرآن كما يقرأه الببري الزائري"‪.‬‬

‫نعم؛ فلقد وقفت جحافل الدولة العثمانية على أبواب فِـيّنـا‪ ،‬وكادت تتهاوي أمامها‬
‫تلك الصون‪ ،‬لينداح السلم ف ظل سيف العز والهـاد ف أرجاء أوروبا‪ ،‬لكن هذه‬
‫اليوش اضطرت للرجوع والنكفاء إل الوراء؛ لن جيش الدولة الصفوية احتل بغداد‪،‬‬
‫فهدم مساجدها‪ ،‬وقتل أهلها‪ ،‬وسبا نساءها وأموالا‪ ،‬فرجعت اليوش لتذود عن حرم‬
‫السلم وأهله‪ ،‬ودارت معركة حامية الوطيس‪ ،‬دامت نو قرني من الزمان‪ ،‬ول تنتـه إل‬
‫وقد خارت قوة الدولة السلمية‪ ،‬وانسر مدها‪ ،‬و استنامت المة لتستيـقظ على طبول‬
‫الغرب الغازي‪.‬‬

‫‪60‬‬
‫لقد حدثنا القرآن؛ أن دسائس النافقـي‪ ،‬وكيد الطابور الامس‪ ،‬ومكر بن جلدتنا من‬
‫يتكلمون بألسنتنا بكلم معسـول وقلوبم قلوب الشياطي ف جثامي الناسي‪ ،‬أن هؤلء‬
‫مكمن الداء وسر البلء‪ ،‬وفأرة السد {هُ ُم اْلعَ ُدوّ فَاحْ َذ ْرهُمْ قَاتََلهُمُ اللّهُ َأنّى ُيؤَْفكُونَ}‬
‫[النافقون‪]4:‬‬

‫ق شي ُخ السلم اب ُن تيمية‪ ،‬حيَ قَا َل يَصفُ حالـهُم‪ ،‬بعدَ أن ذَكَ َر تكف َيهُم‬
‫ولقدْ صد َ‬
‫لِهلَ السلم‪ ،‬فقالَ رَحِمَه ال‪:‬‬

‫(ولذَا السّببِ يُعاونُو َن ال ُكفّارَ على الـجَمهُور منَ السلمي‪ ،‬ويُعاونُو َن التتار‪ ،‬وهُم كَانوا‬
‫ك الكفار إل بلد السلم‪ ،‬وف قدومِ‬ ‫من أعظ ِم السبابِ ف خروجِ جنكيز خان‪ ،‬مَل ِ‬
‫ك بـخُبثِهم‬ ‫ب الصّالية‪ ،‬وغي ذل َ‬ ‫هولكو إل بل ِد العراق‪ ،‬وَفِي أخذِ حَلَب‪ ،‬ون ِ‬
‫وَمكرهِم‪.‬‬

‫وَلـهَذا السّببِ نَهبُوا عَسكَرَ السلميَ لا م ّر عليهم وَقتَ انصرافهم إل مصرَ ف الَنوّبةِ‬
‫ت على السلمي‪ ،‬وبذا السّببِ َظهَ َر فيهم مُعاوَنةَ‬ ‫ب يَقطعون الطُرُقا ِ‬
‫الول‪ ،‬وَبذا السّب ِ‬
‫التتار والفرنجِ على السلمي‪ ،‬والكآبةُ الشديد ُة بإنتصار الِسل ِم مَا ظهر‪.‬‬

‫وكذلكَ لـا فَتحَ السلمونَ السَُاحِ َل عكّه وغيَها‪ ،‬ظَهَرَ فِيهم من الِنتصار للنصارى‪،‬‬
‫س مِنهم‪ ،‬وك ّل هذا الذِي وصفتُ بعض‬ ‫وَتقدِيـ ِمهِم على الـمُسلمي مَاقَد سَمِ َع النّا ُ‬
‫أمورهِم‪ ،‬وإلّ فَالَمرُ أعظَ ُم مِن ذَلك‪.‬‬

‫صغَارهم‪ ،‬وصَاليهم وغيِ صاليهم‪،‬‬ ‫وَفِي ُقلُوبم مِن الغِ ّل والغيظِ على كِبارِ السلميَ و ِ‬
‫ي مِن أولياءِ ال‪.....‬وهؤلءِ أش ّد النّاسِ‬ ‫مَالَيسَ فِي قلبِ أحد‪ ،‬وأعظمُ عبادتم لَعنُ السلم َ‬
‫حِرصا عَلَى تَفريقِ جَمَاعةِ الـمُسلميَ‪َ ،‬ومِنْ أعظَمِ أصُولِهم عِندهم‪ ،‬التكف ُي واللّعنُ‬
‫ب ليار ول ِة المور‪ ،‬كالـخُلَفاءِ الرّاشدين‪ ،‬وَالعَُلمَاءِ السلمي‪ ،‬إذْ ُك ّل مَنْ لَ ْم يُؤمِن‬ ‫والس ّ‬
‫ل ورسولِه عليه الصَلةُ والسّلم‪.‬‬ ‫بالِمامِ الـمَعصوم‪ ،‬الذِي لَوجُودَ لَه‪َ ،‬فمَا آمنَ با ِ‬

‫‪61‬‬
‫والرافضة تب التتار ودولتهم؛ لنه يصل لم با من العـز ما ل يصل بدولة السلمي‪،‬‬
‫وهم كانوا من أعظـم الناس معاونة لم على أخذ بلد السلم‪ ،‬وقتل السلمي‪ ،‬و سب‬
‫حريهم‪.‬‬

‫وقصـة ابن العلقمي وامثاله مع الليفة وقضيتهم ف حلب مشهورة‪ ،‬يعرفها عموم الناس‪،‬‬
‫وإذا غلب السلمـون النصارى والشركي كان ذلك غصة عند الروافضن واذا غلب‬
‫الشركون والنصـارى السلمي كان ذلك عيدا ومسرة عند الرافضة) الفتاوي الزء ‪28‬‬
‫صفحة ‪ 478‬إل ‪.527‬‬

‫وسبحان ال‪ ،‬وكأنا كشفت له سجف الغيب‪ ،‬فاستشـرف الاضر‪ ،‬فتحدث واصفا عن‬
‫معاينة وخب‪.‬‬

‫ولقد خط لنا أئمتنا سبيل واضحا‪ ،‬وكشفوا الستر عن هؤلء القوم‪ ،‬فهذا المام البخاري‬
‫يقول‪" :‬ما باليت صليت خلف رافضي او صليت خلف اليـهود والنصارى‪ ،‬ل يسلم‬
‫عليهم وليعادون ول يناكحون ول يشهـدون ول تأكل ذبائحهم"‪ .‬خلق أفعال العباد‬
‫صفحة ‪.125‬‬

‫وهذا المام احد يقول‪ ،‬وقد ُسئِلَ عن من يشتم أبا بكر وعمر وعائشة رضي ال عنهم‪،‬‬
‫فقال‪( :‬ما اراه على السلم)‪.‬‬

‫وهذا المام مالك يقول‪( :‬الذي يشتم أصحاب النـب صلي ال عليه وسلم ليس له سهم‬
‫أو نصيب ف السلم) كتاب السنة للخلل رقم ‪.779‬‬

‫وهذا الفرياب يقول‪( :‬ما أري الرافضة إل زنادقة ) الللكائي الزء ‪ 8‬صفحة ‪.1545‬‬

‫ولا أقام ابن حزم الجة والباهي على اليهود والنصاري ف تريف التوراة والنيل‪ ،‬ل‬
‫يدوا معتصما إل إن يقولوا أن الشيعة عندكم يقولون بتحريف القرآن‪ ،‬فقال رحة ال‪:‬‬

‫‪62‬‬
‫(فأما قولم ف دعوى الروافض بتبديل‪ ،‬فإن الرافضة ليسوا من السلمي‪ ،‬وهي طائفة تري‬
‫مرى اليهود والنصارى ف الكذب والكفر) الفصل الزء ‪ 2‬صفحة ‪.78‬‬

‫قال ابن تيمية (وبذا يتبي أنم شر من عامة أهل الهواء‪ ،‬أحق بالقتال من الوارج‪ ،‬وهذا‬
‫هو السبب فيما شاع العُرف العام إن أهل البدع هم الرافضة‪ ،‬فالعامة شاع عندهم أن‬
‫ضد السن هو الرافضي‪ ،‬لنم اظهر معاندة لسنة رسول ال عليه وسلم وشرائع السلم‬
‫من سائر أهل الهواء ) الزء ‪ 28‬صفحة ‪.482‬‬

‫وقال (وإذا كانت السنة والجاع متفقي على ان الصائل السلم إذا ل يندفع صوله إل‬
‫بالقتل؛ ُقتِلَ‪ ،‬وان كان الال الذي يأخذه قياط من دينار‪ ،‬فكيـف بقتال هؤلء الارجي‬
‫عن شرائع السلم‪ ،‬الحاربي ل ورسوله‪ ،‬صلى ال عليه وسلم) الزء ‪ 4‬صفحة ‪.251‬‬

‫ومع هذا كله فليعلم أهل السلم إنا لسنا أول من بدأ السي ف هذا الهيع‪ ،‬ولسنا أول‬
‫من شهر السيف‪ ،‬فإن هؤلء القوم ماضون ف قتل دعاة السلم والجاهدين عن اللة‪،‬‬
‫والطعن ف ظهورهم‪ ،‬ف ظل صمت وتواطئ من العال كله‪ ،‬بل حت من الرموز الحسوبة‬
‫على السنة وللسف‪.‬‬

‫ث أنم من بعد شوكة ف حلوق الجاهدين‪ ،‬وخنجر ف خاصرتم‪ ،‬والناس قاطبة تعلم أن‬
‫أكثر الجاهدين الذين سقطوا أثناء الرب كانوا على أيدي هؤلء القوم‪ ،‬ومازالت‬
‫الروح تتسع‪ ،‬وهم يُع ِملُونَ فيها خناجر القد والكيد دائبي‪ ،‬ل يفترون آناء الليل‬
‫وأطراف النهار‪.‬‬

‫‪ .3‬أما أهل السنة‪:‬‬

‫فأضيع من اليتام على موائد اللئام‪ ،‬وقد فقدوا الرائد‪ ،‬وتاهوا ف بيداء السذاجة والغفلة‪،‬‬
‫مع الفرقة والتشـرذم‪ ،‬وضياع الرأس الامع الذي يلم الشـتات‪ ،‬وينع البيضة أن‬
‫تتشظي‪ ،‬وهم أيضا أصناف‪:‬‬

‫‪63‬‬
‫أ‪ .‬العامة‪:‬‬

‫وهؤلء [كلمات مذوفة من أصل الرسالة]‪ ،‬هم الكثرة الصامتة والاضر الغائب‪ ،‬وهؤلء‬
‫وإن كانوا ف الملة كارهي للمريكان‪ ،‬يتمنون زوالم وانقشاع سواد غيمتهم‪ ،‬لكنهم‬
‫مع ذلك يتطلعون إل غد مشرق‪ ،‬ومستقبل زاهر‪ ،‬وعيش رغيد‪ ،‬ورفاهة ونعمة‪،‬‬
‫ويستشرفون ذلك اليوم‪ ،‬وهم مِن بُعد؛ فريسة سهلة لعلم ماكر وخلب سياسي عل‬
‫فحيحه‪.‬‬

‫ب‪ .‬الشايخ والعلماء‪:‬‬

‫[كلمات مذوفة من أصل الرسالة]‬

‫ج‪ .‬الخوان‪:‬‬

‫وهم كما عهدتوهم‪ ،‬يتهنون التجارة بدم الشهداء‪ ،‬ويبنون مدهم الزائف على جاجم‬
‫الخلصي‪ ،‬قد أذالوا اليل ووضعوا السلح‪ ،‬وقالوا ل جهاد‪ ...‬وكذبوا!!‬

‫كل سعيهم لبسط السيطرة السياسية‪ ،‬والستحواذ على مناصب التمثيـل لهل السنة ف‬
‫كعكة الكومة الزمع إنشاؤها‪ ،‬مع حرص ف الباطن على السيطرة على الجاميع الجاهدة‬
‫عب الدعم الال لغايتي‪:‬‬

‫الغاية الول‪ :‬لعمل دعائي إعلمي ف الارج يستدرون به الال والعطف [كلمات مذوفة‬
‫من أصل الرسالة]‪.‬‬

‫الغاية الثانية‪ :‬لضبط الوضع‪ ،‬وفكفكة هذه الجاميع عند انتهاء الفل وتوزيع الدايا‬
‫والعطايا‪ ،‬وهم الن جادون ف إنشاء هيئة شورى أهل السنة والماعة‪ ،‬ليكونوا الناطقي‬

‫‪64‬‬
‫باسم أهل السنة والماعة‪ ،‬ودأبم إمساك العصا من الوسط‪ ،‬والتقلب بتقلب الجواء‬
‫السياسية‪ ،‬فدينهم زئبقي‪ ،‬ليس لم أصول ثابتة‪ ،‬ول ينطلقون من قواعد شرعية مستقرة‬
‫وال الستعان‪.‬‬

‫د‪ .‬الجاهدون‪:‬‬

‫وهؤلء هم خلصة أهل السنة‪ ،‬وعصارة الي ف هذا البلد‪ ،‬وهم ينتسبون ف الملة إل‬
‫عقيدة أهل السنة والماعة‪ ،‬وإل مذهب السلف‪ ،‬وبطبيـعة الال فقط تشظت السلفية‬
‫عند منعرج اللوي‪ ،‬وتلف عن الركب أهل الرجـاء‪.‬‬

‫وهؤلء الجاهدون ف الملة يتازون بالتى‪:‬‬

‫اليزة الول‪ :‬أكثرهم قليلو البة والتجربة‪ ،‬وخاصة ف العمل الماعي النظم‪ ،‬ول شك‬
‫أن ذلك بسبب نتاج نظام قمعي‪ ،‬عسكَرَ البلد‪ ،‬ونشر الرعب‪ ،‬وبث الوف والوجل‪،‬‬
‫ونزع الثقة بي الناس‪ ،‬ولذلك فأكثر الجاميع تعمل منفردة‪ ،‬من غي أفق سياسي أو بعد‬
‫نظر وإعداد لوراثة الرض‪ ،‬نعم بدأت الفكرة تنضـج‪ ،‬وعل المس الفيف ليصبح‬
‫حديثا صاخبا عن وجوب التجمع وتوحيـد الراية؛ لكن المور مازالت ف بواكيها‬
‫ونن بمد ال ناول إنضاجها سريعا‪.‬‬

‫اليزة الثانية‪ :‬الهاد هنا وللسف فهو الغام تُزرع‪ ،‬وصواريخ تُطلق‪ ،‬وهاون يضـرب من‬
‫بعيد‪ ،‬ول زال الخوة العراقيون يؤثرون السلمة‪ ،‬وأن ينقلبوا إل أحضان أزواجهم ل‬
‫يروعهم شيئ‪ ،‬و ربا تباهت الجاميع فيما بينها أنه ل يقتـل منها أحد أو يؤسر‪ ،‬ولقد‬
‫قلنا لم ف مالسنا الكثية معهم؛ إن السلمة والنصر ل يتمعان‪ ،‬وشجرة الظفر والتمكي‬
‫ل تبسـق شاهقة إل بالدماء والستبسال‪ ،‬والمة ل تي إل بأريج الشهادة‪ ،‬وعطر الدماء‬
‫الفواح الهراق ف سبيل ال‪ ،‬ول يفيق الناس من سكرتم ال إذا صار حديث الشهـادة‬
‫والشهداء هو سيهم وهجياهم‪ ،‬ولزال المر يتاج إل مزيد صب وإقناع‪ ،‬والمل بال‬
‫كبي‪.‬‬

‫‪65‬‬
‫هـ‪ .‬الجاهدون الهاجرون‪:‬‬

‫وهؤلء مازالت أعدادهم نزرة؛ بالقياس إل ضخامة العركة التوقعة‪ ،‬ونن نعلم ان أرتال‬
‫الي كثية‪ ،‬وإن زحف الهاد ماض‪ ،‬وأنه ليقعد بكثي منهم عن النفـي إل تشوش‬
‫الراية وتغمغم القيقة‪.‬‬

‫وإنا ينعنا من الستنفار العام أن البلد ليـس فيها جبال نأوي إليها‪ ،‬أو غابات نكمن ف‬
‫أجها‪ ،‬فظهورنا مكشوفة وحركتـنا مفضوحة‪ ،‬والعيون ف كل مكان‪ ،‬والعدو من أمامنا‪،‬‬
‫والبحر من ورائنا‪ ،‬ولذلك يكون الخـوة أحيانا كثية كلً علينا ف إيوائهم وحفظ‬
‫أمنهم‪ ،‬وهذا يعل تدريب الـدد الغمار بنلة حل الغلل والصار‪ ،‬وإن كنا بمد‬
‫ال ومع الهد الدائـب والبحث الثيث ظفرنا ببعض الماكن الت تتكاثر مع اليام بمد‬
‫ال‪ ،‬لتكـون نقاط ارتكاز لخوة يسعرون الرب ويملوا أهل البلد إل ميادين الهاد‪،‬‬
‫لتـدور رحى حرب حقيقة باذن ال‪.‬‬

‫ثانيا‪ .‬الواقع والستقبل‪:‬‬

‫ل شك أن خسائر المريكان كبية جدا بسبب إنتشارهم ف رقعة واسعة‪ ،‬وبيـن ظهران‬
‫الناس‪ ،‬وبسبب سهولة الصول على السلح‪ ،‬ما يعلهـم أهدافا سهلة‪ ،‬يسيل لا لعاب‬
‫الؤمني‪ ،‬لكن أمريكا ما جاءت لتخرج‪ ،‬وما كان لا أن ترج مهما كثرت فيها الراح‬
‫وسال منها من دماء‪ ،‬وهي ترنو إل الستقبـل القريب‪ ،‬الذي تأمل فيه أن تتوارى ف‬
‫قواعدها‪ ،‬آمنة مطمئنة‪ ،‬لتسلم العِراق ليدي حكومة لقيطة‪ ،‬بيش وشرطة يعيدون للناس‬
‫سية صدام وزبانيته‪.‬‬

‫[كلمات مذوفة من أصل الرسالة]‬

‫ثالثا‪ .‬فأين نن‪:‬‬

‫‪66‬‬
‫مع قلة الناصر‪ ،‬وخذلن الصديق‪ ،‬وضيق الال؛ فقد أكرمنا ال تعال بسـن النكاية ف‬
‫العدو‪ ،‬وكل العمليات الستشهادية الت تت‪ ،‬سوى عمليات الشمـال‪ ،‬كنا بمد ال‬
‫مفتاحا لا‪ ،‬رصدا وإعدادا وتطيطا‪ ،‬وقد كَمَلت بمد ال حت الن خسا وعشرين‪،‬‬
‫فمنها ف الرافضة ورموزهم‪ ،‬والمريكان وعساكرهم‪ ،‬والشرط والنـود‪ ،‬وقوات‬
‫التحالف‪ ،‬والقادم أكثر إن شاء ال‪.‬‬

‫وإنا كان ينعنا من العلن إنا كنا نتريث حت يكون لنا ثِقل على السـاحة‪ ،‬ونفرغ من‬
‫إعداد أجهزة متكاملة‪ ،‬قادرة على تمل التبعات بعد العلن‪ ،‬حت نظهر بقوة ث ل‬
‫ننتكس والعياذ باللـه‪ ،‬ونن بمد ال قد قطعنا شوطا جيدا ً‪ ،‬وطوينا مراحل مهمة‪ ،‬ومع‬
‫قرب زمان السم فإننا نشعر إن السم بدأ يتد ف الفراغ المن‪ ،‬ليحرز نقاطا على‬
‫الرض‪ ،‬تكون نواة إنطلقة وانبعاثة جادة بإذن ال‪.‬‬

‫رابعا‪ .‬خطة العمل‪:‬‬

‫بعد البحث والفحص يكننا حصر عدونا ف أربعة طوائف‪:‬‬

‫‪ .1‬المريكان‪ :‬وهؤلء كما تعلمون أجب خلق ال‪ ،‬وهم صيد سهل بمد ال‪،‬‬
‫ونسـأل ال أن يكننا منهم قتلً وأسرا‪ ،‬لنشردبم من خلفهم‪ ،‬ولنقايضهم بشاينا‬
‫وإخوننـا العتقلي‪.‬‬

‫‪ .2‬الكراد‪ :‬بشقيهم البزان و الطالبان؛ هؤلء غصة وشوكة ل ين أوان خضدها وهم‬
‫آخر القائمة وإن كنا نهد أن ننال بعض رموزهم إن شاء ال‪.‬‬

‫‪ .3‬النود والشرط والعملء‪ :‬وهؤلء عي الحتل الت با يبصر وأذنه الت با يسمع‬
‫ويده الت با يبطش ونن بإذن ال عازمون على إستهدافهم وبقوة ف الفترة القادمة قبل‬
‫أن يستمكن له المر ويكموا القبض‪.‬‬

‫‪67‬‬
‫‪ .4‬الرافضة‪ :‬وهؤلء ف رأينا مفتاح التغيي؛ أقصد أن استهدافهم وضربم ف العمق الدين‬
‫والسياسي والعسكري سيتفزهم ِليُظهرُوا كََلَبهُم على أهل السنة‪ ،‬ويُكشِروا عن أنياب‬
‫القد الباطن الذي يعتمل ف صدورهم‪ ،‬وإذا نحنا أمكن إيقاظ السنة الغافلي‪ ،‬حي‬
‫يشعرون بالطر الداهم والوت الاحق على أيدي هؤلء السبئية‪ ،‬وأهل السنة على ضعفهم‬
‫وتشرذمهـم هم أحد نِصالً‪ ،‬وأمضي عزائم‪ ،‬وأصدق عند اللقاء‪ ،‬مِن هؤلء الباطنية‪،‬‬
‫فإنم أهـل غدر وجب ول يستطيلون إل على الضعفاء‪ ،‬ول يصولون إل على مهيضي‬
‫الناح‪.‬‬

‫وأهل السنة ف معظمهم يدركون خطر هؤلء القوم‪ ،‬ويذرون جانبهم‪ ،‬ويتخوفون‬
‫عواقب التمكي لم‪ ،‬ولول الُخذلون من مشايخ التصوف والخوان لكان للناس حديث‬
‫آخر‪.‬‬

‫هذا المر‪ ،‬مع ما يُرجى له من إيقاظ الاجع وتنبـيه الراقـد‪ ،‬فإن فيه تقليما أيضا لظفار‬
‫هؤلء القوم‪ ،‬وقلعَا لنيابم‪ ،‬قبل أن تدور العركة الحتومة مع مايرجى له من إثارة حنق‬
‫الناس على المريكان‪ ،‬الذين جلبوا الدمار وكانوا سبب هذا الوبال‪ ،‬حذرا من أن يص‬
‫الناس رحيق العسـل ويظفروا ببعض اللذ الت حرموا منها قديا‪ ،‬فيستنيخوا إل الدعَة‪،‬‬
‫ويلدوا إل الرض‪ ،‬ويؤثروا السلمة‪ ،‬ويصدوا عن صليل السيوف وحـمحمة اليول‪.‬‬

‫[كلمات مذوفة من أصل الرسالة]‬

‫خامسا‪ .‬آلية العمل‪:‬‬

‫ان واقعنا ‪-‬كما أسلفت لكم‪ -‬يتم علينا ان نعال المر بكل شجاعة ووضوح‪ ،‬وان‬
‫نسعي ف علجه‪ ،‬لنه نعتب ذلك لن يكون هناك نتيجة يكون فيها ظهور الدين‪ ،‬فالل‬
‫وال تعال اعلم الذي نراه؛ ان نقوم بكشف الرافضة‪ ،‬و استنهاض هم أهل السنة لِقتالم‬
‫و صدِهم‪ ،‬لعدة اسباب؛ وهي‪:‬‬

‫‪68‬‬
‫أ‪ .‬انا ‪-‬أي الرافضة‪ -‬قد اعلنت الرب البطنة على أهل السلم‪ ،‬وانا العدو القريب‬
‫الطي لهل السنة‪ ،‬وان كان المريكان هم ايضا عدوا رئيسياَ ولكن الرافضة خطرهم‬
‫اعظم‪ ،‬وضررهم اشد‪ ،‬و أفتك على المة من المريكان‪ ،‬الذين تد شبه اجاع على‬
‫قتالم‪ ،‬كونم عدوا صائل‪.‬‬

‫ب‪ .‬انم والوا المريكان وناصروهم‪ ،‬ووقفوا ف صفهم‪ ،‬ف وجه الجاهدين‪ ،‬وبذلوا لم‬
‫وما زالوا يبذلون كل غال ونفيس‪ ،‬ف سبيل القضاء على الهاد والجاهدين‪.‬‬

‫ج‪ .‬ان قتالنا للرافضة هو السبيل لستنفار و إستهاض هِمم المة للمعركة‪[ ،‬كلمات‬
‫مذوفة من أصل الرسالة]‪.‬‬

‫أولً‪ :‬سعينا حثيثا وركضنا مسابقة للزمن لتكوين سرايا ماهدة تأوي إل بؤر آمنة‬
‫وتوس الديار ماهدة تصطاد العدو ف الطرقات والدروب من المريكان والشرط‬
‫والنود‪ ،‬ونن ماضون ف تدريب هؤلء وتكثيهم‪ ،‬أما الروافض فستكون النكاية فيهم‬
‫بإذن ال بعمليات إستـشـهادية وسـيارات مفخخـة‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬نـحن نهد منذ فترة ف رصد الساحة وغربلة العاملي بثا عن الصادقي ذوي‬
‫النهج السوي لنتعاون معهم على الي‪ ،‬وننسق معهم بعـض العمال‪ ،‬وصولً إل‬
‫اللتحام والتوحد‪ ،‬بعد التمحيص والتجربة‪ ،‬ونرجوأنا قد قطعنا شوطا جيدا ولعلنا نقرر‬
‫العلن قريبا‪ ،‬ولو بشكـل تدريي‪ ،‬لنظهر علنية‪ ،‬فقد طال زمن الكمون ونن جادون‬
‫ف تهيـز مادة إعلمية تكشف القائق وتسنفر العزائم وتستنهض المـم وتكون ساحة‬
‫لهاد يتكامل فيه السيف والقلـم‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬يرافق هذا سعي نرجو أن يشتد ف كشف الشبهات العوقـة وبيان الحكام‬
‫الشرعية‪ ،‬عب الشرطة الصوتية‪ ،‬والدروس العلميـة‪ ،‬نشرا للوعي وترسيخا لعقيدة‬
‫التوحيد وإعدادًا للبنية التحتية وإبراءً للذمـة‪.‬‬

‫‪69‬‬
‫رابعا‪[ :‬كلمات مذوفة من أصل الرسالة]‬

‫خامسا‪ :‬الزمن القترح للتنفيذ؛ أملنا أن تتسارع وتية العمل وتتشكل سرايا وكتائب ببة‬
‫وتربـة وجلد إنتظارا لساعة الصفر الت نبدأ فيها بالظهور العلن والسيطرة على الرض‬
‫ف الليل ليمتد المر إل النهار بإذن الواحد القهار‪.‬‬

‫[كلمات مذوفة من أصل الرسالة]‬

‫و يعلم ال إنا ما سعينا ف يوم لنبن مدا لنفسنا‪ ،‬وكل الذي نرجوه أن نكون رأس حربة‬
‫وطليعة تكي وجسرا تعب عليه المة إل النصر الوعود‪ ،‬والغد النشـود‪.‬‬

‫هذه رؤيتنا قد شرحنها‪ ،‬وهذا سبيلنا قد جليناه‪ ،‬فإن وافقتمونا عليه وارتضيتموه لنا‬
‫منهاجا وطريقا‪ ،‬وأقتنعتم بفكرة قتال طوائف الردة فنحن لكم جنـد مضرون‪ ،‬نعمل‬
‫تت رايتكم وننـزل على أمركم‪ ،‬بل ونبايعكم علنية على الل وف وسائل العلم‬
‫إغاظةً للكفار‪ ،‬وإقرارا لعيون أهل التوحيد‪ ،‬ويومئذ يفرح الؤمنون بنصر ال‪ ،‬وإن بدا‬
‫لكم غي ذلك‪ ،‬فنحن إخوة ول يفسد اللف للود قضية‪ ،‬نتعاون على الي ونتعاضد‬
‫على الهاد‪ ،‬وبانتظار جوابكم‪.‬‬

‫حفظـكم ال مفاتيح للخي وذخرا للسلم وأهله‪ ،‬آمـي آمـي‪.‬‬

‫والسلم عليكم ورحة ال وبركاته‪.‬‬

‫صعَبٍ الزّ ْرقَاوِي‬


‫َأبُ ْو مُ ْ‬
‫لهَاد‬
‫َأمِيْ ُر جَمَا َعةِ الّت ْوحِي ِد وَ ا ِ‬
‫ق – بِلدُ الرّافِ َديْن‬
‫ال ِعرَا ُ‬

‫‪70‬‬
‫الطاب الامس‬

‫ِمنْ أَبِي مُصْ َعبٍ الزّرقَاوِيّ إِل أُمّتِي الغَالِيةِ؛‬


‫َخيُ ُأمّةٍ أُخرِ َجتْ لِلنّاسِ‬
‫‪ 15‬صفر ‪ 1425‬هـ‬
‫‪ 5‬أبريل‪/‬نيسان ‪ 2004‬م‬

‫بِصَوْتِ الشَيخ‬
‫ب الزّرْقَاوِي ( َرحِ َمهُ ال)‬
‫أَِبيْ مُصْع ٍ‬

‫بسم ال الرحن الرحيم‪،‬‬

‫صعَبٍ الزّرقَاوِيّ إِل ُأ ّمتِي الغَالِيةِ؛ خَيُ ُأ ّمةٍ أُخ ِر َجتْ لِلنّاسِ؛‬
‫مِنْ َأبِي ُم ْ‬

‫ل وَبركاتُـه‪،‬‬
‫السّل ُم عليكِ وَرحةُ ا ِ‬

‫فِإنّي أح ُد اليكِ الَ الذي أرسلَ رسولَه بالُدَى ودِينِ القّ ليظهره على الدينِ كلِه‪.‬‬

‫وأُ صلي وأُ سلمُ على الضّحو كِ القتّالِ‪ ،‬الذِي بُع ثَ بال سيفِ بيَ يدي ال سّاعةِ‪ ،‬ليُعبدَ الُ‬
‫وحدَه‪.‬‬

‫‪71‬‬
‫أمّا بعد؛‬

‫فَنِفّ إلي كِ تنئةٌ بَل وَعشْرا‪ ،‬تَحمِلُ أطي بَ البُشرَى‪ ،‬بعظي ِم النِكايةِ وش َد ِة الِثخا نِ‪ ،‬من‬
‫الجاهدينَ البطالِ‪ ،‬ف عَدوكِ وعدوهِم‪.‬‬

‫فَنحنُ بمدِ الِ نغزوهم كما يغزوَننَا‪ ،‬ونصو ُل عليهم كمَا يَصولونَ علينَا‪ ،‬وَننَالُ مِنهم كمَا‬
‫يَنالو نَ ِمنّ ا‪ ،‬وَل سنا سواءً‪ :‬فَقتل نا ف ال نة وَقتلهُم ف النّار {إِن َتكُونُواْ َتأْلَمُو نَ فَِإّنهُ مْ‬
‫يَأْلَمُونَ كَمَا َتأْلَمو َن َوتَرْجُو َن مِنَ اللّ ِه مَا لَ يَرْجُون} [النساء‪ ،]104:‬هذا مع قل ِة النّاصرِ‪،‬‬
‫ف الِمكانا تِ‪ ،‬وَلكنّ الَ مول نا ول مول ل م‪ ،‬ف قد أكرم نا الُ فقطف نا رؤ سهم‪،‬‬ ‫وضَع ِ‬
‫ومزّقنا أجسادهم ف مواط َن عديدة‪:‬‬

‫‪-‬فالم التحدة ف بغداد‪،‬‬


‫‪-‬وقوات التحالفِ ف كَربلء‪،‬‬
‫‪-‬والطّليان ف الناصرية‪،‬‬
‫‪-‬والقواتُ المريكيةُ على جس ِر الالدية‪،‬‬
‫‪-‬والخابراتُ المريكيةُ ف فندقِ الشاهي‪،‬‬
‫‪-‬والقصرُ المهوريُ ف بغداد‪،‬‬
‫‪-‬والسي آي إيه ف فُندقِ الرشيد‪،‬‬
‫‪-‬والقوات البولنديةِ ف اللة‪...‬‬

‫وقد أُحيطت هذه العملي ُة الباركة‪ ،‬بتكتي مٍ إعلم يٍ غ ِي مسبوقٍ ف العراق‪ ،‬وأظه َر العل مُ‬
‫البـيث‪ ،‬أنّ التضر َر مـن هذه العمليـة هـم البرياءُ وحدهـم‪ ،‬ول يذكروا أن أربعا مـن‬
‫ف الصليب‪،‬‬ ‫ث النجسة‪ ،‬من قواتِ التحال ِ‬
‫الطائراتِ الروحية‪ ،‬هبطت ال الوقعِ لنق ِل الُـث ِ‬
‫وأن قتلهم يزيد على مائتي جندي‪،‬‬

‫‪-‬وأخيا وليس آخرا‪ ،‬الوساد السرائيلي ف فندق جبل لبنان‪،‬‬


‫ض فصولا‪،‬والقا ِدمُ أدهى وأم ّر بعونِ ال‪.‬‬
‫ت بع ُ‬
‫‪-‬وغيُها وغيُها ف قائم ٍة طويلة‪ ،‬مض ْ‬

‫‪72‬‬
‫ي حقيقةَ الدّمار‪ ،‬وحج َم ال سائِر ال ت‬ ‫وَن ُن نَتحدّى الِعل َم المري كي الكاذب‪ ،‬بأن يُب َ‬
‫حلّت بقواتِه‪ ،‬فَرامبُو هوليود ل مكا نَ له َبيَ أُسودِ الِسلمِ وأبطاله‪ ،‬ولنَا معهم بإِذ نِ الِ‬
‫صولتٌ وَجَولت‪ ،‬وإذا كَانَ جُون أب زيد قَد نى هذِه ال ّر َة مِنْ سُيوفِنا‪َ ،‬فنَحنُ له ولبير‬
‫وَلِجنرالتِهم َوجُنودِهم وَأعوانِهم بالِرصادِ‪ ،‬نتخ ّطفُهم كالطيِ‪ ،‬ونقط ُع عليهم كُ ّل طَري قٍ‪،‬‬
‫ونُشرّ ُد بم من خَلفَهم‪ ،‬ونقولُ لَهم كَما قَا َل شي ُخ الســلم ابن تيميةِ‪ ،‬ف رسالته إل‬
‫مَلِكِ قبص؛ أن عندَ السلميَ من الفِداويهِ‪ ،‬الذينَ يَغتَالونَ اللوكَ على فُ ُرشِها وأفرَاسِها‪ ،‬مَا‬
‫قد سَمِع به الناس‪.‬‬

‫أمّت الَبيبة؛ أما آن ل كِ أن تُبصري ال سَبي َل وتستبين الرّش َد وتقرئِي القيق َة الكامنةَ‪ ،‬وَراءَ‬
‫سُدُف الظل مِ‪ ،‬وغبار الكذ بِ ودخا نِ الدّجلِ‪ ،‬الذي يُطلقه أعداءُ الِ تذيلً ل كِ وتديرا‪،‬‬
‫حت ل تثِب وثب َة البطال‪ ،‬ولتَنهضي نضةَ الرّجال‪ ،‬لنُم يُدركُو َن أنّ الَار َد السلمِي إذا‬
‫استيقظَ فلنْ يقفَ دُونَ أبوابِ روما وواشنطن وباريس ولندن‪.‬‬

‫لقدْ حَاوَلوا مِنــْ قبلُ أن يُغطُوا حقيق َة العركةِ‪ ،‬وأن يُشوشُوا على رايةِ الها ِد الصــّافيةِ‪،‬‬
‫فَأوهوا العالَ أنّ الذي يُقاوم هم هم فلولُ النظا ِم البائد وعنا ص ُر البع ثِ الكافِرِ‪ ،‬ح ت ل‬
‫ب وتَزو ير‪َ ،‬ف ما سَمعتوه من بُطولةٍ‬ ‫تتفاع َل ال ّم ُة م عَ العركةِ‪ ،‬ولتنهدَ للملح مة‪،‬وهذا كَذِ ٌ‬
‫وفداءٍ وعزي ٍة ونكايةٍ ف العداءِ‪ ،‬إنّ ما هو بفضلِ الِ صُن ُع أبنائكُم‪ ،‬وفر سا ُن المةِ‪ ،‬من‬
‫اختلفـ لغاتمـ‬
‫ِ‬ ‫بينهمـ القرآنـُ‪ ،‬ووحدتْهُم كلم ُة التوحي ِد على‬
‫ُ‬ ‫ُهاجرينـ وأنصـار‪ ،‬ألّف‬
‫َ‬ ‫م‬
‫وألوانم‪ ،‬ونُبشر كِ‪ ،‬أنّا قد اثخنّا فيهم قتلً‪ ،‬واسلنا دمائهم‪ ،‬ومنعناهم لذيذ النّو مِ والرّقاد‪،‬‬
‫حتّى َبكُوا كَالنّسا ِء الَيامى‪ ،‬والَطفال الَيتَامى‪.‬‬

‫أمةَ ال سلم؛ دَعي نا نض ُع النّقا َ‬


‫ط على الرو فِ‪ ،‬ونُحدث كِ عن طبيعةِ العركةِ‪ ،‬وحقيقةِ‬
‫الكرِ‪ ،‬وخفايا الصّراع‪.‬‬

‫ّتـ بالعُق ِر مـن الدّيار‪ ،‬وَنزَلت بِقَضهـا‬


‫لقـد جَاءت أمريكـا بأسـاطِيلها َومَسـَاطِيلها‪ ،‬فحل ْ‬
‫ضهَا بَيَ ظهرانِي الُسلِمي‪ ،‬وهِي تَطمَعُ‪:‬‬
‫وَقضِي ِ‬

‫‪73‬‬
‫أولً‪ :‬بثروات هذهِ الرضِ العطاء‪ ،‬وكنوزها وخياتِها الت سا َل لا لعابُ مصاصي الدماءِ‪،‬‬
‫َهـ ال الثروة‪ ،‬ال كُل فعلٍ مهمـا كان َقذِرا‬
‫مـن الرأسـاليي الكبار‪ ،‬الذيـن يَدفعُهُم الشر ُ‬
‫ودنيئا‪ ،‬ث ليَتو ْرعُون ف سبيلِ ذل كَ عن صغ ٍي ول كبيٍ‪ ،‬ولرَجلٍ ول إمرأة‪ ،‬فالغايةُ تبرُ‬
‫الوسيلة‪ ،‬وقانو ُن الغابِ بايديهم‪ ،‬يُجرّمو َن مَن يشاءون‪ ،‬ويستبيحونَ ما يُريدُون‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬جاءت أمريكا وقد أرعبَها ال ّد السلميُ التصاعد‪ ،‬وأفز َعهَا نشيدُ الهاد الذي عَل‬
‫صوتُه فهزّ العال‪ ،‬وزلزلَ الدُنيا بأسرِها‪ ،‬فجاءت لتُغيـ َر ثواب تَ المةِ‪ ،‬وترّ فَ الكل مَ عن‬
‫ينابيعـ اليِ التفجرةِ فـ ضم ِي الُمةِ السـلمية‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫مواضعـه‪ ،‬وتُبدّلَ الناهـج‪ ،‬وتَقضِي عَلى‬
‫لبَث‪ ،‬وَتبُثَّ‬
‫خنَا وا َ‬
‫وَلِتقط عَ الطري قَ على ال صَحو ِة النّاهِضة‪ ،‬والرّجع ِة ال صّادِقة‪ ،‬ولِتنشُ َر الـ َ‬
‫فِكرها الساقِط‪ ،‬وثقافَتها الّلقِيطة‪ ،‬باسم الرية والديوقراطية‪ ،‬وهي ُتؤَمّلُ أن تُعيدَ صياغةَ‬
‫النطقة‪ ،‬ورَسمَ َخرِي َطتِها السياسيةِ والدينيةِ والثقافية‪ ،‬وفق مصالها الاصّة‪.‬‬

‫ثالثا‪َ :‬قدّم ْت ز‬
‫ُحوفـ التتار الُعاصـرين‪ ،‬وهـي تم ُل إرثا مـن القدِ الدّفيـ‪ ،‬والعداوةِ‬
‫ُ‬
‫ت التورات ية‪ ،‬على ال سلمي عا مة‪ ،‬وعلى‬
‫التاري ية‪ ،‬والتَع صّبُ الدّي ن‪ ،‬الذي تُغذّ يه النبوءا ُ‬
‫ق وأهله خاصّة‪...‬‬ ‫العرا ِ‬

‫فالعرا قُ ف النبوءا تِ التوراتيةِ ال ت يؤم ُن ب ا الُ صوليونَ النيليون‪ ،‬الذي نَ يَحكمو نَ ف‬


‫واشن طن ولندن هي بلدُ الشّ ر‪ ،‬والدينةُ الزان ية‪ ،‬والعدوّ الو ُل لب ن إ سرائيل‪ ،‬ولذل كَ ف هي‬
‫ك ن سائهم‪ ،‬ورض ِخ رؤو سِ أطفال م‪ ،‬وَي صبِ حِ َم ِم الوت على‬ ‫تَأم ُر بقتلِ رجال م‪ ،‬وهَت ِ‬
‫رؤوسهم‪ ،‬تاما كما فعلوا ف الواقِعِ حذوَ القذة بالقذة‪..‬‬

‫يكنـ أن‬
‫ُ‬ ‫وتقضيـ على كلّ خطرٍ‬
‫َ‬ ‫رابعا‪ :‬جاءت أمريكـا لتوفّ َر ال َ‬
‫َمنـ لربيبتهـا إسـرائيل‪،‬‬
‫ط السرائيلي‪ ،‬قد تغلغلَ ف البلدِ سياسيا‬ ‫يتهددها‪ ،‬ومَن يُعايشُ الوضعَ‪ ،‬يُدركُ أنّ ألخطبو َ‬
‫ق ليجدوا أنف سهم‬ ‫ومابراتيا واقت صاديا‪ ،‬ولول الُ الذي أقا مَ رايةَ الهاد‪ ،‬لفاق أهلُ العرا ِ‬
‫ت اليهودية‪ ،‬وجيشِ الُباءِ والستشارينَ اليهود‪...‬‬ ‫عبيدا للسياسيي‪ ،‬ومدراءِ الشركا ِ‬

‫‪74‬‬
‫ت التابعةِ للمو ساد‪،‬‬
‫فا سألوا العَمي َل ال صهيو أمري كي‪ ،‬جللَ الطّالبا ن؛ عن فِرق ِة الغتيال ِ‬
‫ع العدنان ية‪ ،‬ف و سطِ كركوك وال ت تَ سعى حثيثا‪ ،‬لت صفيةِ رموز‬ ‫ال ت ت سكنُ ف شار ِ‬
‫وكوادر أه ِل ال سُنة‪ ،‬و هي الن متواجد ُة بقوةٍ ف بغداد‪ ،‬والجاهدو َن عازمو نَ بعو نِ الِ‪،‬‬
‫خذُها لـهُم العُمَلء‪ ،‬مِ َن الـمُخابرات‬‫على أستئصالِ شاَفتِهم رَغ َم التداب ِي المنيةِ‪ ،‬الت يَتّ ِ‬
‫الكرديةِ والرافضة‪.‬‬

‫ّتـ‬
‫َعـ أوصـالَ الدولِ العربي ِة الكـبية‪ ،‬وُت َفت َ‬
‫أنـ ُتقّط َ‬
‫جاءتـ أمريكـا وهـي تُؤمّلُ ْ‬
‫ْ‬ ‫خامسـا‪:‬‬
‫ت طائفية‪ ،‬تدين‬ ‫س بينها دويل ِ‬ ‫كِياناتِها لُتقِي مَ ُدوَيل تِ ضعيفة‪ ،‬لحَول لا ولسلطان‪ ،‬تَغر ُ‬
‫لا بالولء‪ ،‬وتملُ حقدا أسودا على أهل السلم‪ ،‬وتظ ّل أشواكا ف طريق اجتماعِ كلمةِ‬
‫ال سلمي‪ ،‬ن عم‪ ،‬لقدْ أدرك تْ أمري كا‪ ،‬أن ال سلم ال سن هو العدو القي قي‪ ،‬وان الفرق‬
‫ط الضعف‪ ،‬وهي الثغرةُ القيقيةُ الت يكنُ أن يَنفُ َذ منها العداء‪ ،‬للستيلءِ‬‫الباطنية هي نِقا ُ‬
‫على أه ِل ال سلم‪ ،‬فقرر تْ أ ْن تَجعلَ هم حِ صانَ طرواده لخترا قِ حُ صُو ِن الُ مة‪ ،‬وعلى‬
‫رأسها هؤلءِ الرافضة‪.‬‬

‫وتأكيدا لذا المر انقل كلم بن غوريون عام اربعة وخسي وتسعمائة والف حيث يقول‬
‫(أننـا نعيـش فـ ميـط سـن ولذلك على اسـرائيل أن تتعاون بـل وتنـد القليات العرقيـة‬
‫والذهبية ف النطقة الحيطة لدمة الصال السرائيلية)‪.‬‬

‫يَنبَغي أن تعلمِي أمةَ السلم؛ أنّ التّشيُ عَ دي نٌ ل يلتقي م َع السلم‪ ،‬إل كمَا يلتقي اليهودُ‬
‫ب الصحابة‪ ،‬والطع نِ ف‬ ‫مع النصارى ت تَ إسمِ أه ِل الكتاب‪َ ،‬فمِن تري فِ القرآ نِ‪ ،‬وس ّ‬
‫أمها تِ الؤمني‪ ،‬ال تكفيِ أه ِل السلم‪ ،‬واستباحةِ ِدمَائِهم‪ ،‬مرورا بأنوا عِ الشّر كِ الكب‪،‬‬
‫صوَر ال ُكفْ ِر الستَبي‪ ،‬وضروبِ الُرَافةِ والـخُزعبلتِ والساط ِي الضَلّلِة‪.‬‬
‫وَ ُ‬

‫الواقعـ الــمُعاصِر‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ودللتـ‬


‫ِ‬ ‫وبإسـتحضار التّجرُب ِة التّارييـة وشهاد ِة العصـور الَاليـة‪،‬‬
‫والتّجربةِ اليةِ الت نَعيشُهَا‪ ،‬نُدر كُ حَقا مَعن قَولِه تعال {هُ ُم الْعَ ُدوّ فَاحْذَ ْرهُ مْ قَاتََلهُ مُ اللّ هُ‬
‫َأنّى ُيؤْفَكُون} [النافقون‪.]4:‬‬

‫‪75‬‬
‫لقدْ كَانوا عب التّار يخ شجا ف حُلو قِ أه ِل ال سلم‪ ،‬وخِنجَرا يَطعَنُ هم فِي الظَ هر‪ ،‬وفأرةُ‬
‫الس ّد التِي تَه ِد ُم البُنيَان‪ ،‬والِسرُ الذِي يَعبُ ُر عَليهِ أعدا ُء المة‪.‬‬

‫ولقدْ صدقَ شي ُخ ال سلم اب ُن تيم ية‪ ،‬حيَ قَا َل يَ صفُ حال ـهُم‪ ،‬بعدَ أن ذَكَ َر تكفيَهُم‬
‫لِهلَ السلم‪ ،‬فقالَ رَحِمَه ال‪:‬‬

‫(ولذَا السّببِ يُعاونُو َن ال ُكفّارَ على الـجَمهُور م َن السلمي‪ ،‬ويُعاونُو َن التتار‪ ،‬وهُم كَانوا‬
‫ك الكفار إل بلد ال سلم‪ ،‬و ف قدو مِ‬ ‫ج جنك يز خان‪ ،‬مَل ِ‬ ‫من أعظ ِم ال سبابِ ف خرو ِ‬
‫ذلكـ بــخُبثِهم‬
‫ونبـ الصـّالية‪ ،‬وغيـ َ‬ ‫ِ‬ ‫هولكـو إل بل ِد العراق‪ ،‬وَف ِي أخذِ حَلَب‪،‬‬
‫وَمكرهِم‪.‬‬

‫ي ل ا م ّر علي هم وَق تَ ان صرافهم إل م صرَ ف الَنوّبةِ‬ ‫وَل ـهَذا ال سّببِ نَهبُوا عَ سكَرَ ال سلم َ‬
‫السـبِ َظهَ َر فيهـم مُعاوَنةَ‬
‫ُقاتـ على السـلمي‪ ،‬وبذا ّب‬ ‫ب يَقطعون الطُر ِ‬ ‫السـ ِ‬
‫الول‪ ،‬وَبذا ّب‬
‫التتار والفرنجِ على السلمي‪ ،‬والكآبةُ الشديد ُة بإنتصار الِسل ِم مَا ظهر‪،‬‬

‫ك ل ـا فَت حَ ال سلمو َن ال سَُاحِ َل عكّ ه وغيَ ها‪ ،‬ظَهَرَ فِي هم من الِنت صار للن صارى‪،‬‬
‫وكذل َ‬
‫س مِن هم‪ ،‬وك ّل هذا الذِي و صفتُ ب عض‬ ‫وَتقدِي ـ ِمهِم على ال ـمُسلمي مَاقَد سَمِ َع النّا ُ‬
‫أمورهِم‪ ،‬وإلّ فَالَمرُ أعظَ ُم مِن ذَلك‪.‬‬

‫صغَارهم‪ ،‬و صَاليهم وغيِ صاليهم‪،‬‬ ‫وَفِي قُلُوب م مِن الغِ ّل والغي ظِ على كِبارِ ال سلميَ و ِ‬
‫ي مِن أولياءِ ال‪.....‬وهؤلءِ أش ّد النّا سِ‬ ‫مَالَي سَ فِي قل بِ أحد‪ ،‬وأعظ مُ عبادتم لَع نُ السلم َ‬
‫حِرصـا عَلَى تَفريقِـ جَمَاعةِ الــمُسلميَ‪َ ،‬ومِ نْ أعظَمِـ أ صُولِهم عِند هم‪ ،‬التكفيُ واللّعنُـ‬
‫ب ليار ول ِة المور‪ ،‬كالـخُلَفاءِ الرّاشدين‪ ،‬وَالعَُلمَاءِ السلمي‪ ،‬إذْ ُك ّل مَنْ لَ ْم يُؤمِن‬ ‫والس ّ‬
‫ل ورسولِه عليه الصَلةُ والسّلم‪.‬‬ ‫بالِمامِ الـمَعصوم‪ ،‬الذِي لَوجُودَ لَه‪َ ،‬فمَا آمنَ با ِ‬

‫والرّافض ُة تُحبّ التتار ودَوَلتَهُم‪ ،‬لِنـه يصـلُ لمـ بــهَا مِن العزّ‪ ،‬مَا ليَحصـُل بدولةِ‬
‫ص ًة عِندَ الروافض‪ ،‬وإذَا‬
‫السلمي‪ ،‬وَإذَا غل بَ السلمونَ النّ صَارى والشركي‪ ،‬كَا نَ ذَلك غُ ّ‬

‫‪76‬‬
‫ب الُشركو نَ والنّ صَارى ال سلمي كان ذلك عِيدا وم سرةَ عندَ الرّافِ ضة‪ .‬إنتَ هى كَلمُه‬ ‫غَلَ َ‬
‫رَحِمَه ال‪ ،‬وكأَن ـِي به يَعي شُ بيَ ظهرانِينَا‪ ،‬في صفُ عَن مُشَاهَدةٍ َوعَيان‪َ ،‬فَيقُولُ رَحِمَه‬
‫ال‪:‬‬

‫ض ُة مِن أعظ ِم أعوان م‪،‬‬


‫وكذل كَ إذَا صَا َر للَيهُو ِد دولةٌ ف العرا قِ وغَيِ ها‪َ ،‬تكُو نُ الرافِ َ‬
‫َفهُ ْم دَائِما ُيوَالُو نَ ال ُكفّار مِ نَ ال ـمُشرِكيَ واليَهودِ والنّ صَارى‪ ،‬ويُعاونُونَهم َعلَى قِتَالِ‬
‫ي و ُمعَادَاتِهم‪ .‬إنَتهَى كَلمُه رَحِمَه ال‪.‬‬
‫الـمُسلِم َ‬

‫ويقول آري يل شارون ف مذكرا ته‪( :‬توسـعنا ف كلم نا عن علقات السـيحيي ب سائر‬
‫الطوائف الخرى لسيما الشيعة والدرور‪ ،‬شخصيا طلبت منهم توثيق الروابط مع هاتي‬
‫القليت ي ح ت إن ن اقتر حت إعطاء ق سم من ال سلحة ال ت منحت ها ا سرائيل ولو كبادرة‬
‫رمز ية ال الشي عة الذ ين يعانون هم اي ضا مشا كل خطية مع منظ مة التحر ير الفل سطيني‬
‫ومـن دون الدخول فـ أي تفاصـيل ل أرى يومـا فـ الشيعـة اعداءً لسـرائيل على الدى‬
‫البعيد) انتهى كلمه‪.‬‬

‫واسع ايها السلم تصريح ليسلي كَلد رئيس ملس العلقات الارجية المريكي ف مقال‬
‫له ف نيويورك تايز يقول‪( :‬إن الستراتيجية الوحيدة ف العراق القابلة للحياة هي تصحيح‬
‫اللل التاريي والتحرك على مراحل نو حل الدول الثلث‪ :‬الكراد ف الشمال‪ ،‬والسنة‬
‫ف الوسط‪ ،‬والشيعة ف النوب)‪.‬‬

‫ويقول‪( :‬الفكرة العا مة هي ف تقو ية الشي عة والكراد وإضعاف ال سنة و من ث النتظار‬


‫لعرفة ماإذا كان سيتم التوقف عند الكم الذات او تشجيع تكوين دولة! يب أن تكون‬
‫الطوة الول جعل الشمال والنوب منطقتي تتمتعان بالكم الذات مع حدود مرسومة‬
‫بش كل يتوا فق قدر ال ستطاع مع القوق العرق ية‪ ،‬أعطوا مليارات الدولرات ال ت صوّت‬
‫عليها الكونغرس لعادة العمار كلها إل الشيعة والكراد) أ‪ .‬هـ كلمه‪.‬‬

‫‪77‬‬
‫وقال‪( :‬يكن لا أمريكا أن تساعد ف تسليح وتدريب الكراد والشيعة ف حال طُلب منها‬
‫ذلك) أ‪.‬هـ‪.‬‬

‫ص َدقَ ذَل كَ‬


‫ت الكافِ ِر ال ـمُحتل‪ ،‬ول قد َ‬
‫ألي سَ هذَا مَا فعل هُ الرافضةُ حين ما دَخل تْ قُوا ُ‬
‫الــمُستشرِق‪ ،‬حِيَ قال‪( :‬لَول الدّولةُ الصـّفويةُ لكنّاـ اليوم فـ أوروبـا نقرأ القرآن كمـا‬
‫يَقرؤُه الببريُ الزائري)‪.‬‬

‫ب فيي نا‪ ،‬لكن ها وقف تْ ثُمّ انكفأ ْ‬


‫ت‬ ‫ن عم‪ ،‬فَلقَد وَ صَلتْ َجحَافِلُ الدول ِة العُثمَانِ ية‪ ،‬إل أبوا َ‬
‫صفَويّة‪ ،‬الت سفكتِ‬ ‫ض ال ّ‬‫راجعةٌ لتذو َد عَ ْن الـمُسلميَ ف بَغداد‪ ،‬وتَدفَ عَ صولةَ دولةِ الرف ِ‬
‫ت الـحُ ُرمَات‪ ،‬وه ّدمَ تِ الساجدَ وأزهقت أروا حَ أهل السنّة‪ ،‬بل ذَن بَ إل‬ ‫ال ّدمَاءَ وهتك ِ‬
‫ت تِلكَ آخِ َر نُقط ٍة وصلتْ إليهَا ُجيُوشُ‬
‫حُبهُم لصحابةِ ممدٍ صلى ال ُ عليهِ وسلم ‪ 0‬وكان ْ‬
‫ض َربَاتِ الق ِد الوجعة‪ ،‬الت‬
‫ك مَ ّد السلم‪ ،‬وتقلّصَ ظِله بسببِ َ‬ ‫الِسلم‪ ،‬ثُمّ انسرَ بَعدَ ذَل َ‬
‫كَالتهَا دولة الرّفضِ للدّول ِة العُثمَانية‪.‬‬

‫وهؤل ِء القو مُ قَد كفّرهُ ْم أئِمةُ ال سلف‪ ،‬وَبّينُوا َحقِيقتُ هم‪ ،‬فَهذا الما ُم البُخاري رح ه الُ‬
‫يقول‪":‬إن لَستجهِ ُل مَن ل يُكفِ ُرهُم إل أن يكو َن غَيَ عارفٍ بذهبهِم"‪0‬‬

‫ن أو راف ضي‪ ،‬ل تُؤكلُ ذبائحُهُم‪ ،‬ول‬


‫ي أو ن صرا ٍ‬
‫ف يَهود ٍ‬
‫وقال‪ ( :‬ما بالي تُ صليتُ خل َ‬
‫ضهُم)‪.‬‬
‫تُشهدُ جَنائِ ُزهُم‪ ،‬وَ َل يُعادُ مري ُ‬

‫وَهذا الما مُ مالك‪ ،‬رح هُ الُ يقول‪" :‬الذي يَشتُ مُ أ صحابَ رَ سولِ الِ صلى الُ عل يه‬
‫وسلم‪ ،‬لي سَ له سه ٌم أو نصيبٌ فِي السلم"‪ ،‬وقا َل مُعلّقا على قولِه تعال يُعج بُ الزّرّا عَ‬
‫ظ مِ َن الصحابة فهو كافر" وتَبعه على هذا الستدلل‪ ،‬المامُ‬ ‫ظ ِبهِ ُم ال ُكفّار‪" :‬فَ َمنِ إِغتا َ‬
‫ِليَغي َ‬
‫الشّافِعي رحه ال‪.‬‬

‫ب الصحابةَ رضي ال عنهم (ما أراه‬


‫وهذا المامُ أحد رحه الُ يقول‪ ،‬وَقَد سُئِل عمّن يَسُ ّ‬
‫على السلم)‪.‬‬

‫‪78‬‬
‫صهُم أو َطعَ نَ علي هم‪ ،‬أو‬ ‫وقالَ لِ من سَبّ أ صحابَ ر سولِ الِ‪ ،‬أو أحدا مِنهُ مْ‪ ،‬أو تَنقّ َ‬
‫ف ل يَقبَلُ الُ منه‬‫ع رافضيّ خَبيث‪ ،‬مُخالِ ٌ‬ ‫ض بعيبهِم أو عَا بَ أحدا مِنهُم‪َ ،‬فهُو (مُبتَدِ ٌ‬
‫عرّ َ‬
‫صرفا ول عدلً‪ ،‬بَلْ ُحبُهم ُسنّة‪ ،‬والّدعاءُ لم قُربة‪ ،‬والقتِدَاءُ بآثارهِم َفضِيلة)‪.‬‬

‫َرسـمُوا خَريطـة‬
‫ُؤوسـهِم لي ُ‬
‫ِيحـ هَؤلءِ الَفَاعِي يَعلُو مِن جَديـد‪ ،‬وأطلّوا بر ِ‬ ‫وَلَقَد بَ َدأَ فَح ُ‬
‫خبَالةِ والـحُثال ِة مِن أهلِ السّنة‪.‬‬
‫الـمَن ِط َقةِ معَ حُلفائهمُ المريكان‪ ،‬والـ َ‬

‫ِهمـ السـرّي ِة وَالعلنيّهـ‪ ،‬تغوّلُوا على الراكـز السـّاسة‪،‬‬


‫ِمـ العسـكرية‪ ،‬وَتنظِيمَات ُ‬ ‫فَعَبَ فَياِل ِقه ُ‬
‫وسَي َطرُوا عَلَى ِجهَازَي الشُرطَ ِة وَاليَش‪.‬‬

‫ق وهوَ يَحمِ ُل شِعا َر‬ ‫ن عم‪ ،‬فلَ قد نَزَ عَ فَيل قُ الغَدر‪ ،‬الُ سمّى بفَيل ِق بَدر‪ ،‬وَالذّي دَ َخ َل العِرا َ‬
‫ِكـ بأهلِ‬ ‫زيـ الشّرط ِة واليَش‪ِ ،‬ليَفت َ‬ ‫َلبسـ ّ‬‫الثأر الثأر مـن تكريـت والنبار‪ ،‬نَزِع ِشعَارَه و َ‬
‫لفَاظِـ على الوطَنِـ والــمُواطِن‪ ،‬وَهُم يَتهّيئُونَـلِورَاثةِ‬ ‫السـنة‪ ،‬بإسـمِ الدّولةِ والقانون‪ ،‬وا ِ‬
‫الرضـ والسـيطرةِ على البلد‪ِ ،‬ليُقيمُوا دَولةَ الرّفـض‪ ،‬مُمتَدة مِـن إيران مُرورا بالعِراق‪،‬‬ ‫ِ‬
‫ضهَا بأَلغَامِ‬
‫ت الَلي ِج الكَرتُوِنيّة‪ ،‬التّي تتلئُ أر ُ‬
‫ب اللت‪ ،‬وَملكا ِ‬ ‫وسوريا الباطنية‪ ،‬ولُبنانَ حز ِ‬
‫الرفض‪َ ،‬وبُؤر التّشيّع‪.‬‬

‫َومَ عَ ذَلك‪َ ،‬فلْتعل مِ الدّن يا أنّ نا ل سنا أوّ َل مَن بَدأ القِتَال‪ ،‬بَل هُ ُم الذي نَ قَتلُوا ال ـجاهِدين‪،‬‬
‫ِيكانـ وآذانا‪ ،‬فَك َم م ِن مُجاهدٍ قُت ِل بطلقةٍ‬
‫واغتَالُوا الــ ُمهَاجِرِين‪ ،‬وَكَانُوا ُعيُونا لِلمر َ‬
‫غادرة‪ ،‬جاءت ُه مِن وَرَاءِ ظهره على أيدِي هؤلء‪ ،‬كَمَا وغصبُوا مساجد التوحيدِ‪ ،‬وَحوّلوهَا‬
‫ض وأنتَهكُوا الـحُرُمات‪َ ،‬وهُم مَاضُو نَ بسعيٍ‬ ‫إل َمعَاقِ َل للوثنيةِ والشّرك‪ ،‬وغَ صَبوا الَعرا َ‬
‫ب الِبة‪ ،‬مِن أهلِ السّنة‪...‬‬ ‫حثيث‪ ،‬فِي قَت ِل َوتَص ِفَيةِ الدّعاةِ والعُلمَا ِء وأصحا ِ‬

‫كلّ ذلِ كَ وِللَ سفْ‪ ،‬وأهلُ ال سّنةِ نِيا ٌم بسبَبِ رادةٍ كَذَبَة‪ ،‬وَ ُدعَاة حِكمةٍ مزعُومَة‪َ ،‬وعُلَمَا ِء‬
‫سوءٍ خدّرُوا ا ُل ّمةَ َوخَذلُوهَا وخذّلُو ها‪ ،‬وَكَانُوا جِ سرا يَعبُ ُر عَلي هِ العدَاءُ ِليَفتِكُوا با ُلمّ ة‪،‬‬
‫ت ا ُل ّمةُ أ نْ تَ ستَيقِظَ‪ ،‬لِتثأَرَ لدِينِهَا ال ـ ُمهَان‪ ،‬ولعرض ها ال ـمُغَتصَب‪ ،‬قَالوا‬ ‫وَكُلّمَا أرَادَ ْ‬

‫‪79‬‬
‫لـهَا نَامِي ول تَستَيقِظِي‪ ،‬أَتـرِيدُونَها حربا طائِفيّة‪ ،‬هذا وَحَب ُل الـمَك ِر ُمتّ صِل‪ ،‬وَخِ ّطةُ‬
‫الـحَربِ دائرة‪.‬‬

‫ب أنّ هَؤل ِء‬‫وَهؤل ِء الـمُخذّلون‪ ،‬مُستَمِرّونَ فِي حَق ِن الُ ّم ِة بأِفيونِ الوت البطيء‪ ،‬والعَجِي ُ‬
‫ب عَلى الـمُسلميَ‪ ،‬وَرَحـ َمةٌ لِلكَافِرين‪ ،‬فَهذَا قَائُِلهُم يَطعَ نُ فِي الشّي ِخ الـمُجَاهدِ‬ ‫عذَا ٌ‬
‫َامـ الكُفرِ‬
‫صـِي َعةُ الَمرِيكَان فِيمَا ُه َو يُثنِي عَلَى إم ِ‬
‫ّهـ َن‬‫ِبنـ لدن‪َ ،‬ويَل ِمزُه َوَيتّهمُه أن ُ‬
‫أسـامةَ ُ‬
‫والزّندَقة (السيستان) َويُطرِي ِه َوَيصِفُ ُه بأَنّ ُه عَاِلـ ٌم مِن عُلماءِ الُسلمي‪ ،‬فإل ال الُشتكى‪.‬‬

‫ُونـ الزّحُوف‪،‬‬
‫الصـفُوفَ‪َ ،‬ويُقود َ‬ ‫ّمونـ ّ‬
‫تاريخـ ا ّل ّمةِ َيتَقد َ‬
‫ِ‬ ‫لَق ْد َعهِدنَا عُلمَا َء السـل ِم عَبَ‬
‫سيُوف‪ ،‬دبا عَن الِّلةِ‪َ ،‬ودِفَاعا عَ ِن البَيضَة‪ ،‬وَحِفظا ِللِ سلمِ‬
‫حتُوفَ ب ّد ال ّ‬
‫َوُيوَا ِجهُو َن ال ـ ُ‬
‫وَأهلِه‪.‬‬

‫َأمّا هَؤلء‪َ ،‬فنِضالُهُم رك ضٌ مموم‪ ،‬وَ ِجهَا ُدهُم سعيٌ َحثِي ثٌ إل أبوَا بِ الكَافِ ِر الـمُحتَل‪،‬‬
‫يَح ِملُو َن بي ٍد َشهَادَا تِ الزّي فِ بالعِ ْل ِم الكَاذِب‪ ،‬الذّي يَزعُمُو َن النتِ سَابُ إل يه‪َ ،‬ويَحمِلُو نَ‬
‫باليدِ الُخرَى َعبَاءَا تِ الَج ِد الُنَتهَب‪ ،‬يَتسوّلُو َن مِن عَ ُدوّهِم مَن صِبا لقيطا‪ ،‬واعتِرَافا ب ِقهِم‬
‫فِي تَمثِيـل أهلِ السـّنة‪ ،‬وَكَأنّهُم لَم يَقرءُوا القُرآن‪ ،‬وَلَم يُصـغُوا إل َشهَا َدةِ التّاريخـِ‪ ،‬بأَنّ‬
‫الُقُوق ل تُو َهبُ‪ ،‬بَل تُؤخَ ُذ غِلبا‪ ،‬وأ ّن البل َد ل تُحرّرُ إلّ بالسَيف‪...‬‬

‫ف ال ّرفِي ُع ِمنَ ا َلذَى *** حَتَى ُيرَاقَ عَلَى َجوَانِبه الدّمُ‬


‫ليَسلَ ُم الشّر ُ‬

‫ض عَلي ِه ال ُكفّارُ أن يُمّلكُو ُه عَليهِم‪ ،‬فَل‬


‫أَنسيتُم أن قُد َوتُنَا مُحمّدا عليهِ الصّلة وَالسّلم‪ ،‬عَرَ َ‬
‫يَقضُوا أَمرَا دُونَه‪َ ،‬فأَبَى وَأختَا َر طَرِ يق الِهاد‪ ،‬فَلمَاذَا عَدلتُم عَن هَدي هِ‪ ،‬ونَبذتُم سِ َيتَه‪،‬‬
‫ت عَبا ِء ِة الكَافِرِالُحتَل!‬
‫وَدَخلتم تَح َ‬

‫َفأَضفَيتُم عَلي هِ الشّرعية‪ ،‬وخَذّلتُ ُم ا ُل َمةَ عَن ِجهَادِه‪ِ ،‬لمَاذا تَك ِذبُو َن عَلَى الُمة‪ ،‬أّنكُم يُمكن‬
‫أن تُح صّلُوا لَهَا َحقّ ها‪ ،‬عَبَ ُمؤَامَرَاِتكُ ُم ال سّياسِية‪َ ،‬ومُبَا َدرَاتِكُم ال سّلمِية‪َ ،‬وأَنتُم تَعرِفُون‪،‬‬
‫أنكُم َل سُلطَان لكُم على الكُر ِسيّ الذّي تَجلِسُو َن عَليه‪.‬‬

‫‪80‬‬
‫حكَاتِكُ ُم ال صّاخِبةِ َمعَ هُ ستستِمِيلُون قَلبَ هُ‪،‬‬
‫ضَ‬‫َتتَوهو نَ أنكُم بقُبلتِكُم الَارّة لِباي ـمر‪ ،‬و َ‬
‫َوتَحوزُون ِث َقتَه‪َ ،‬فيُسِل ُمكُم البل َد وَال ِعبَاد‪ ،‬حُبا َلكُم وَكَرَامَة!‪.‬‬

‫ُأمّةَ الِ سلم؛ أن تِ تَعَلمِيَ أَنّ أمري كا َل تُرِيدُ لَنَا الَ ي‪ ،‬وَلَا تَبغِي لَنَا إلّّا الَبا َل وَالوَبَال‪،‬‬
‫ي وَل‬‫جهُم هَذِه ا َليّام‪ ،‬فِي التّحذِي ِر مِن ِخ ّطةِ الُجَاهدِين‪ ،‬لَي سَ صِياَنةً ِل ِدمَاءِ الُسلِم َ‬
‫وَضَجِي ُ‬
‫طمعا فِي صَلحِهم‪ ،‬وَل حِر صَا عَلى خَيِ هم‪ ،‬ولكنّه مُ إِرتَاعُوا‪ ،‬وأفزعَهُم أن ي ـمضي‬
‫الُجَاهِدُو نَ فِي خُطتِهم‪َ ،‬فيُسقِطُوا أقنِعةَ الكذِ بِ‪َ ،‬ويُميطُوا اللّثا مَ عَن َحقِيقةِ العركة‪ ،‬لنم‬
‫َليوثـ وَفَوارس‪ ،‬فإذَا اسـتيقَضُوا مِن‬ ‫ُونـ أن أهلَ السـّنةِ أبطا ٌل أشاوس‪ ،‬و ٌ‬ ‫َعرفونـ ويُدرك َ‬
‫َ‬ ‫ي‬
‫رَق َدتِهِم‪ ،‬وأفَاقُوا مِن هَجعَتِهـم‪ ،‬وَاقتحَمُوا الَيدَان‪ ،‬وَدَخلُوا الَعرَ َك َة مَعَـ المريكان واليهودِ‬
‫وأوليائهم‪ ،‬مِن الرّافِضةِ و َخبَالةِ أهلِ ال سّنة‪ ،‬فَلن تَستطيعَ الدّنيا ُكلّها أن توقِ فَ زَح َفهُم‪ ،‬أو‬
‫جةِ‬
‫لقِيقيّ ة‪ ،‬ب ّ‬
‫تَمن عَ تق ّدمَهُم‪ ،‬لِذلك فَ هم يُحذّرو نَ و َسيُحذرّون مِ َن النِرار إل الَعرَ َك ِة ا َ‬
‫ف مِن الطَاِئ ِفيّة‪ ،‬والِرصِ عَلى البل ِد وَكَذبُوا!‬ ‫الَو ِ‬

‫ف المَاميّة‪،‬‬‫َوهَاهِي أمرِيكَا بَدَأت َتتَوارَى فِي قَواعدهَا الَلفيّة‪ ،‬وتَدفَ ُع بؤلءِ فِي ال صّفو ِ‬
‫لِينُوبُوا عَن ها فِي حر بِ الُجَاهِدِ ين‪َ ،‬فعَدوّ نا الن والَطَرُ الدّاه مُ علَى الِهاد‪ ،‬هُم هَؤلءِ‬
‫الروافِض‪ ،‬ومَعه مُ الُثالةُ مِن أه ِل ال سّنة‪ ،‬فَ هم الذي نَ يَتتبَعُون العَورا تِ‪ ،‬وَيعرِفُو نَ الدَاخِلَ‬
‫والَخَارج‪ ،‬ويُو ِجهُو نَ حِرابَ هم إِل صُدُور الُجاهد ين‪ ،‬أَفنَترُكُ هم يَئِدُو َن الِهادَ ويتثّو نَ‬
‫جُذُورَه‪َ ،‬حذَرا مِن فِتنةِ طائفيةٍ مزعومة‪.‬‬

‫ب طائفية‪ ،‬ويُظهرو َن الِر صَ على الدّم العِراقي وال َوطَن العِراقي‪،‬‬ ‫فَهاهُم يُحذّرو َن مِن حر ٍ‬
‫فأَي نَ حر صُهم على الدّ مِ العراقِي يو مَ كانت فَياِل ُقهُ ُم العسكرية‪ ،‬تُقاتِلُ جنبا إل جنب مَ عَ‬
‫دَولةِ الرّفضِ الجوسية‪ ،‬ضِ ّد أبناءِ شعبهم كَما يَزعُمُون؟‬

‫بل إسألُوا أبنائكم أيهَا الغَافِلو نَ مِن أهلِ ال سّنة‪ ،‬الذين كَانوا جُندا للطّاغيةِ صدام‪ ،‬عِندمَا‬
‫أسره ُم الَيشُ الرافضيّ اليران‪ ،‬مَن كَان يُع ّذبُهم؟ إسألوهم؟ أليسَ فَيلقُ الغدر‪ ،‬فَيلقُ بدر؟‬
‫أل َيكُن يُحقّ ُق مَعهم َويُع ّذبُهم بيده‪ ،‬الَالكُ باق ُر الكيم؟‬

‫‪81‬‬
‫ما أسرعَ مَا نَسيتُم يَاأه َل السّنة!‬

‫ومن الغريب أيضا أن تدخل امريكا ممد باقر الكيم الذي اتذ من ايران عدو امريكا‬
‫مقرا له ف معارضته للعراق وهو يمل الفكر اليران الشيعي نفسه وهو ايضا ربيب للنظام‬
‫اليران وجيع اسلحته منه ث يُسمح له بالدخول باتفاق سري ُعقِدَ ف جنيف اشارت اليه‬
‫عدة صحف من ها صحيفة لوكنار الفرن سية وقالت ال صحيفة‪( :‬إن سيناريو عودة الك يم‬
‫ال العراق خ ضع لبنام جٍ ت وضع ته بد قة ف لقاء جن يف ادارة بوش بتأم ي سلمة عودة‬
‫الكيـم ولقـد كان مقتله صـفعةً لمريكـا حتـ اشاد بول وولفويتـز نائب وزيـر الدفاع‬
‫المريكي وهو احد صقور البنتاغون التشددين بناقبه ووصفه بالوطن القيقي وبصدر‬
‫إلام لتباع الديانات الختل فة)‪ ،‬ولِ َم ليألون لقتله و هو الذي كان ي سمي الهاد أعمال‬
‫عُنف وتريبا للبلد وهكذا تسمى المور بغي اسها وتصبح اليانة والعمالة اجتهادا سائغا‬
‫وَل قد أك َرمَ نا الُ فِيمَا مَضَى بقَت ِل الك يم‪ ،‬الذي كَا َن يَقطُرُ خُبثا وَمكرا وعداوةً لِهلِ‬
‫الِسلم‪.‬‬

‫فقـد أطلقَـ العَنانَـ لفيلَقِه‪ ،‬فَيلقَـ الغدر‪ ،‬أن يَسـفِكُوا دِماءَ الُسـلمي‪َ ،‬ويَهِتكُوا أعراضَهـم‪،‬‬
‫ويَ ستَولُوا على مَ ساجِدِهم‪ .‬فَ كم مِن مَ سج ٍد إغتَ صبُوه‪ ،‬وَ كم مِن عِر ضِ ُح ّرةٍ مُ سلِمةٍ‬
‫إنَت َهكُوه‪ ،‬وَكم مِن دَ ِم مُسلمٍ ماهدٍ َس َفكُوه‪ ،‬وَكَم مِن أس ٍي وأسيةٍ بسببهم تَسلّط عَليهِ مُ‬
‫المريكَان‪ ،‬وَحسبُنا‪ ،‬أنّنا ل نَسمَع أن رافضيّا أو رافضيةً إستاَقهُمُ المريكا نُ أسرى‪ ،‬بَينَما‬
‫سُجُونُهم مَلَىء بِالَسرى مِن رجا ِل ونِساءِ أه ِل ال سّنة‪ ،‬وَلتَسمعِ الدّنيا‪ ،‬أنّنا مَاضُو نَ بعو نِ‬
‫الِ‪ ،‬فِي قَتلِ أئِ ّمتِ هم وحَ صدِ رُؤو سِهم‪َ ،‬غضَبا ل ب بكرٍ وعم َر وعثما نَ وعلي وال سن‬
‫والسي وعَائشة‪َ ،‬وثَأرا لل ّدمَاءِ الَسفُوحة‪ ،‬وَالعرَاضِ الُنتَهبة‪ ،‬وَالَساجدِ السّلِيبة‪.‬‬

‫وَلَ ْن نَكفّ عَنكُم يَا أفَاعِي الشّر‪َ ،‬حتَى تَرفعُوا أي ِديَكُم عَن مَساجِ ِدنَا‪ ،‬وتَقبضُوا أي ِدَيكُم عَن‬
‫ـَتكُم عَن الطّعـن فِي عِرضِـ نبينـا عليـه الصـّل ُة والسـّلم‪،‬‬ ‫دِماءِ أهلِ السـّنة‪ ،‬وَتكفّوا السِن‬
‫ي واليهود‪ ،‬عَلى أهلِ الِسلم‪.‬‬ ‫وتَمتَِنعُون عَن ُمنَاصَر ِة الَعدا ِء مِن الصليبي َ‬

‫‪82‬‬
‫أمةَ السـلم؛ ياأمتـ إنّنَا نَألــُم هُنَا مِ نَ الِذل نِ العَجيـب‪ ،‬وال صّمتِ الرّهيـب‪ ،‬الذّي‬
‫ف الَبطالِ‪،‬‬ ‫تتَعامَلِيَ ب هِ مَ َع الَلحم ِة الكُبى‪ ،‬والوَقْ َع ِة العُظمَى فِي هَذا الزّمان‪َ ،‬فأَي نَ ُزحُو ُ‬
‫ب مُحمدٍ عليه الصلةُ وال سّلم‪ ،‬وَأي َن عُلما ُء الِسلم‪ ،‬لِماذَا تَنحّيتُم‬ ‫وأسودُ الشّرى‪ ،‬وشَبا ُ‬
‫عَ نِ الطَر يق‪ ،‬واعتَزلتُم قِيادةَ الرّ كب‪ ،‬وا ستَسلمتُم إل ا ُلتَ عِ الزَائِ فة‪ ،‬وَأخلَدتُم إل الَرض‪،‬‬
‫ع القُرآن‪ ،‬وَأي َن ِسيَ ُر الَفذاذِ‪َ ،‬ومَآث ُر العُلمَاءِ والُجاهِدِين‪ ،‬أليسَ فِيكُم مَن يُحييهَا؟‬
‫فَأينَ قَوار ُ‬

‫إن اعداء ال يدركون أ نّ هذه الرب نق طة تول ف أحوال العال وأن ا مفرق طر يق ب ي‬
‫سيطرة مطلقة للغرب الكافر وحضارته وانوذج حياته وبي البعث السلمي القادم باذن‬
‫ال‪ ،‬ولذلك قال بوش فـ كلمـة امام الجلس الوطنـ لتنميـة الديقراطيـة مشددا على ان‬
‫اخفاق الديقراطية ف العراق سيشجع الرهاب ف العال ويشكل تديدا للمريكان واكد‬
‫رئيس وزراء بريطانيا تون بلي‪ ،‬فقال‪ :‬ان ما يصل اليوم ف العراق سيحدد العلقات بي‬
‫العال السـلمي والغرب‪ ،‬وقال‪ :‬هذه هـي العركـة السـاسية فـ بدايـة القرن الادي‬
‫والعشرين‪ ،‬واضاف‪ :‬نن الن ف نقطة سيكون الخفاق ف العراق كارثة للغرب كله‪.‬‬

‫أُمةُ السلم؛ أدركي الِهادَ فِي العراق‪ ،‬قَب َل أن تتَكَال َ‬


‫ب الكَثر ُة الكَافِر ُة عَلى الـجاهدين‪،‬‬
‫ب الِهادِ فِي‬ ‫ف نَفسُه‪ ،‬وسُكّرَتْ جُيو ُ‬ ‫ضعُ َ‬‫فوَ الذّي نَفسِي بيدِه‪ ،‬إذا خَبت جَذو ُة الِهاد‪ ،‬وَ َ‬
‫لمّة ـ قائمةُ إلّ أن يَشاءُ ال‪ ،‬وس ـيُضيّ ُق الِناق على الُم ِة بأَس ـ ِرهَا‪،‬‬ ‫العراق‪ ،‬فَلن تَقوم ل ُ‬
‫وَسيَضرِبُ الُ الذّلّ عَلى ا ُلمّة‪ ،‬وت ّل عليها العقوبات القدرية‪ ،‬و َسيُصبحُ حَالُنا كَما ذَكرَ‬
‫س عَن الِهاد‪ ،‬وَلَم يَشعُرُوا الّ والتتارُ فِي‬
‫ف النّا ُ‬
‫اب ُن كثي‪ ،‬ف البداَيةِ والنّهاية‪ ،‬عندمَا تَخلّ َ‬
‫عُقرِ دَار هم‪ ،‬فَتمرّ الَرأ ُة مِن التتار على الرّه طِ مِ نَ الرّجال‪ ،‬فتقو ُل ل م مَكانَكُم ل تبحوا‪،‬‬
‫فتذهبُ َفتُحضِرُ السكي‪ ،‬ثُم تَذبَحُهم واحدا تِلوَ الخَر‪ ،‬دُونَ دِفاعٍ أو ِحرَاك‪.‬‬

‫فالعُقوب ُة تَتَبعُ ها ال ُعقُو بة‪ ،‬والَع صِية ت َعقّبُهَا الع صية‪ ،‬ولن تُرَف ُع العُقوَبةُ إ ّل بالتو بة النّ صُوح‪،‬‬
‫والتوبةُ هنا‪ ،‬أن تَعودوا إل دِينِكُم‪ ،‬وهو الهـــاد‪...‬‬

‫‪83‬‬
‫أ ما أنتُم حُكّام العرب؛ فَ قد رضِيتُم لَنفُ ِ‬
‫سكُم أن تكُونوا أحذِيةً للبَاطِل‪ ،‬وَقَاعدةٌ خلف ية‬
‫تنطلقُ مِنهَا طَائِراتُ القت ِل والتدمِي‪َ ،‬ومَا زِلتُم قَواعِدَ إمدادٍ بالُؤ ِن والعَتاد‪ .‬فَنقُو ُل لكُم‪ ،‬لقَد‬
‫ب بيدِ أسيادِه‬ ‫َذهَ بَ صَدّامُ غَ َي مَأ سُوفٍ عليه‪َ ،‬فقَد كَا نَ طاغِيةٌ‪ ،‬وعدوا لِ وِلرَ سُولِه‪ ،‬ذَه َ‬
‫ك بأَيدِينَا و ُسيُوفِنَا‪،‬‬
‫الَمريكان‪ ،‬أمّا أنتُم فَستذهبُون كذلِك‪ ،‬ولَكن‪ ،‬نسأَلُ ال أن يَكو نَ ذَل َ‬
‫ك عَلَى الِ بعزِيز‪.‬‬ ‫وقَرِيبا إن شاء ال‪َ ،‬ومَا ذَل َ‬

‫وأمّا أنتم أيها الـجاهدون الَبطال؛ فلكم تيةُ إكبارٍ وإعزازٍ‪ ،‬فلَقد أكر َمكُ مُ الُ‪َ ،‬فأَذَلّ‬
‫على أيدكـم أعتـ قو ٍة عَلى م ّر التّاريـخ‪َ ،‬ف ُعضّوا عَلَى النواجِـذ‪ ،‬واجثُوا عَلى الرّكـب‪،‬‬
‫واشحذُوا سُيوَفكُم‪ ،‬واحرقوا الرضَ تتَ أقدام الغُزاة‪ ،‬أذيقوهُم حرّ لَظَى‪ ،‬واقذفوا بم فِي‬
‫الَحِ يم‪ ،‬فلَ قد دارت رَحَى الر بِ ال ّزبُون‪ ،‬واشتع َل اوا ُر الَعر كة‪ ،‬واشتَدّ لَهيبُهَا‪َ ،‬فكُونُوا‬
‫حمُوا أهوالاـ؛ عَليكـم بِالَمريكَان‪ ،‬عَليك ُم بالرّافِضـة‪ ،‬عليكـم بالنافقيـ‬ ‫فُرسـَانَها‪ ،‬واقتَ ِ‬
‫والعُمَلء‪...‬‬

‫أمةَ السلم؛ يا أمّت نَحنُ أبناؤكِ وجُندُكِ الَوفِياء‪ ،‬وَنعِدُكِ أن نظلّ كذَلِكَ حت آخرَ قطرةٍ‬
‫دربـ‬
‫َ‬ ‫لكـ ما ًء سـلسبيلً‪ ،‬عذبا نيا‪ ،‬ونسـائمَ باردة‪ ،‬ونورا يُنيـ‬
‫مـن دمِنـا‪ ،‬وسـنَظلّ ِ‬
‫السالكي‪.‬‬

‫{وَاللّ ُه غَاِلبٌ عَلَى َأمْ ِر ِه وَلَكِنّ أَ ْكثَ َر النّاسِ لَا يَعَْلمُونَ} [يوسف‪]21:‬‬

‫ب العَالي‪.‬‬
‫و المدُ لِ ر ّ‬

‫صعَبٍ الزّ ْرقَاوِي‬


‫َأبُ ْو مُ ْ‬
‫لهَاد‬
‫َأمِيْ ُر جَمَا َعةِ الّت ْوحِي ِد وَ ا ِ‬
‫ق – بِلدُ الرّافِ َديْن‬
‫ال ِعرَا ُ‬

‫‪84‬‬
‫الطاب السادس‬

‫جيُ َمقَرّ الُخَابَرَاتِ؛‬


‫تَفْ ِ‬
‫الرّ ّد عَلى َكذِبِ الُخَاَبرَاتِ الُر ُدنِيّةِ‬
‫‪ 11‬ربيع الول ‪ 1425‬هـ‬
‫‪ 30‬أبريل‪/‬نيسان ‪ 2004‬م‬

‫بِصَوْتِ الشَيخ‬
‫ب الزّرْقَاوِي ( َرحِ َمهُ ال)‬
‫أَِبيْ مُصْع ٍ‬

‫بسم ال الرحن الرحيم‪،‬‬

‫من العبد الفقي؛ أب مصعب الزرقاوي‪ ،‬إل أمة السلم؛‬

‫السلم عليكِ ورحة ال وبركاته‪،‬‬

‫المدُ لِ مع ّز ال سلمِ بن صره‪ ،‬ومُذلّ الشر كِ بقهره‪ ،‬وم صرّف المور بأمره‪ ،‬وم ستدر ِ‬
‫ج‬
‫الكافريـن بكره‪ ،‬الذي قدّر اليام دولً بعدله‪ ،‬وجعـل العاقبةَ للمتقي َ بفضلِه‪ ،‬والصـلةُ‬
‫والسلم على من أعلى الُ منا َر السلمِ بسيفِه‪.‬‬

‫أمّا بعد؛‬

‫‪85‬‬
‫ف قد تنا هى إل سع العال ال صخب والضج يج الذي أثار ته دوائر ال من ف الردن‪ ،‬و هي‬
‫تاول أن تصور الشعب الردن كضحية مستهدفة‪ ،‬تاول أيدي الرهاب الوصول إليها‬
‫للف تك ب ا والن يل من ها‪ ،‬ف مش هد درا مي ي ستثي العوا طف‪ ،‬ولتُظ هر للناس أن ا الدرع‬
‫الصي‪ ،‬والسيف القاطع‪ ،‬ضد من يتربص بأمن الشعب؛ ف ماولة فاشلة لخفاء الوجه‬
‫القب يح لقي قة دور هذه الؤ سسات‪ ،‬ال ت أنشبت أظفار ها وغر ست أنياب ا ف قلوب أهل‬
‫ل وأسرا‪ ،‬حراسة "لناب" دولة اليهود‪ ،‬وصيانة لمنها‪ ،‬تاما‬ ‫السلم تعذيبا وتشريدا وقت ً‬
‫كما صرح أحد ضباطها لحد ليوث السلم ف سجونم وهو يسخر منه ويهزأ قائل‪:‬‬
‫(إياكم أن تلموا بتحرير القدس ما دامت الخابرات الردنية موجودة)‪ ،‬كلمات حق نطق‬
‫با كاذب دعي‪ ،‬تصور حقيقة ماثلة للعيان ل يهلها إل العميان‪.‬‬

‫وهنا ل بد من وقفات؛ كذبت الخابرات الردنية مرتي‪:‬‬

‫‪ -‬مرة حي زعمت أننا كنا نعد للفتك بأهل السلم‪ ،‬وقتل البرياء من السكان‪،‬‬
‫‪ -‬وثانيا حي زعمت أنا أفشلت الخطط حفظا للبيضة وصيانة لدماء أهل السلم‪.‬‬

‫فما فعلوا ذلك إل ذبا عن أسيادهم‪ ،‬وحاية لوليائهم من اليهود والنصارى‪ ،‬وما كان لنا‬
‫نن أهل السلم أن نترئ على قطرة دم حرام نريقها بغي حق‪ ،‬فنحورنا دون نوركم‪،‬‬
‫وأرواحنا فدىً لكم‪ ،‬ودماؤنا نريقها دفاعا عن السلم وأهله‪ ،‬وما ذُكِرَ من أرقام خيالية‪،‬‬
‫وأنا قنبلة كيماوية تقتل اللف من الناس فهذا كذب مض‪.‬‬

‫فعلم ال أننا لو ملكنا ‪-‬ونسأل ال أن ييسر ذلك قريبا‪ -‬أننا لو ملكنا هذه القنبلة لا ترددنا‬
‫لظة واحدة أن نسعى حثيثا ف ضرب مدن إسرائيل كإيلت وتل أبيب وغيها‪ ،‬فالطنان‬
‫الت صنِعت هي من الواد الولية الت تباع ف السواق‪ ،‬كما ذكر الخ عزمي اليوسي‪،‬‬
‫فك ال أسره‪ ،‬وأما القنبلة الكيماوية والسموم فهي تلفيق من أجهزة الشر الردنية‪ ،‬ولقد‬
‫ظهر ذلك جليا‪ ...‬فآثار التعذيب كانت بادية على وجه الخ ويديه‪ ،‬نعم؛ كانت الطة‬

‫‪86‬‬
‫أن يد مر مب ن جهاز الخابرات كاملً‪ ،‬فالعمل ية كا نت لنا بع ال شر ال سود ف ديار نا‪..‬‬
‫وذلك للسباب التالية‪:‬‬

‫أولً‪ :‬ل قد ا ستعلنت الكو مة الردن ية بالك فر‪ ،‬وجاهرت بالرا بة ل ور سوله‪ ،‬وعطلت‬
‫الشريعة وبثت النا والفجور‪ ..‬وسبقت ف هذا اليدان كل أنظمة اليانة العربية‪ ،‬وغدت‬
‫مطية لكل عدو كافر‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬لقـد كانـت الردن ول تزال قاعدة إمداد خلفيـة للمؤن والعتاد للجيـش المريكـي‬
‫الحتـل فـ العراق‪ ،‬حتـ إناـ سـبقت فـ ذلك دولة الكويـت‪ ،‬وتأهلت لن تكون أحـد‬
‫شراي ي المداد الرئي سية عب خط جوي ي تد ليتل قى مع الطارات الكرد ية ف الشمال‪،‬‬
‫منطلقا من القواعد الردنية كالصفاوي والفرق وماركا والفر والزرق‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬لقـد أحدّت الخابرات الردنيـة البصـر‪ ،‬وأرهقـت السـمع‪ ،‬وجدّت كـل الدـ فـ‬
‫مطاردة فر سان ال سلم ف كل ساحات الهاد‪ ،‬ح ت تول سجنها ب ق إل غوانتانا مو‬
‫العرب‪ ،‬ف من ا ستعصى ف التحق يق على المريكان ف باك ستان وأفغان ستان يُرحّل إل‬
‫الردن‪ ،‬فيذوقون التعذيـب ألوانا وأصـنافا‪ ،‬فهنالك أخوة مـن جزيرة العرب واليمـن‬
‫والشيشان والعراق ومصر وغيها منذ سنتي وأكثر ف زنازن الخابرات الردنية‪ ..‬ومنهم‬
‫الخ الجاهد أ بو زبيدة‪ ،‬فك ال أ سرهم جيعا‪ ،‬فأ صبحت قاعدة بيانات ومرجعا رئي سيا‬
‫لكل عدو للسلم يروم تصفية ماهديه والنيل من فرسانه‪.‬‬

‫رابعا‪ :‬و ف الش هد العرا قي أي ضا‪ ،‬بدأت خ طة ال كر والختراق للمؤ سسات والجت مع‬
‫العراقي من قِبل الوساد الردن‪ ،‬بغطاء دبلوماسي من السفارة الردن هناك‪ ،‬عب جوازات‬
‫ووثائق ثبوتية وغيها‪ ،‬بيث صارت السفارة وكرا للموساد‪ ،‬الذين يلمون بكنوز أرض‬
‫الفرات‪ ،‬ويعلم ال أن السـفارة الردنيـة أثناء القصـف على بغداد قبـل سـقوطها ل تُغلق‬
‫لظـة واحدة‪ ،‬مـع أن جيـع السـفارات والقنصـليات الخرى أُقفلت قبـل بدايـة الرب‬
‫الصليبية‪.‬‬

‫‪87‬‬
‫خامسا‪ :‬ول ننسى هنا جيش الترجي من العملء الردنيي‪ ،‬الذين يرقبون الغادي والرائح‬
‫ب ثا عن الجاهد ين العرب الذ ين ل يهتدي المريكان إل تييز هم‪ ،‬بالضا فة إل أ سطول‬
‫الناقلت للمؤن والزاد والبيوت الاهزة ال ت تنقل ها الشاحنات الردن ية للج يش المري كي‬
‫حت يستعينوا با على حرب الجاهدين‪.‬‬

‫وف التام؛ فالرب سجال‪ ،‬واليام دول‪ ،‬ولنا معك حكومة الردن وقائع تشيب لولا‬
‫الولدان‪ ،‬ف مواقف ‪-‬مضت بعض فصولا‪ -‬والقادم أدهى وأمر بإذن ال‪.‬‬

‫{وَاللّ ُه غَاِلبٌ عَلَى َأمْ ِر ِه وَلَكِنّ أَ ْكثَ َر النّاسِ لَا يَعَْلمُونَ} [يوسف‪]21:‬‬

‫صعَبٍ الزّ ْرقَاوِي‬


‫َأبُ ْو مُ ْ‬
‫لهَاد‬
‫َأمِيْ ُر جَمَا َعةِ الّت ْوحِي ِد وَ ا ِ‬
‫ق – بِلدُ الرّافِ َديْن‬
‫ال ِعرَا ُ‬

‫‪88‬‬
‫الطاب السابع‬

‫يةٌ؛‬
‫كَ ِلمَ ٌة قَصِ َ‬
‫كَ ِلمَ ٌة فِي شَرِيطِ نَحرِ نِيكُولسْ بِيغْ‬
‫‪ 22‬ربيع الول ‪ 1425‬هـ‬
‫‪ 11‬مايو‪/‬أيار ‪ 2004‬م‬

‫صوْتِ وَ صُورَةِ الشَيخ‬


‫بِ َ‬
‫ب الزّرْقَاوِي ( َرحِ َمهُ ال)‬
‫أَِبيْ مُصْع ٍ‬

‫بسم ال الرحن الرحيم‪،‬‬

‫المدُ لِ مع ّز ال سلمِ بن صره‪ ،‬ومُذلّ الشر كِ بقهره‪ ،‬وم صرّف المور بأمره‪ ،‬وم ستدر ِ‬
‫ج‬
‫الكافريـن بكره‪ ،‬الذي قدّر اليام دولً بعدله‪ ،‬والصـل ُة والسـلم على مـن أعلى الُ منارَ‬
‫السلمِ بسيفِه‪.‬‬

‫أمّا بعد؛‬

‫أمة السلم؛‬

‫‪89‬‬
‫أبشري ف قد بدأت تباش ي الف جر وه بت رياح الن صر‪ ،‬فل قد أكرم نا ال ف الفلو جة بن صر‬
‫مؤزر ف يوم من أيام ال‪ ،‬و كان الفضل ل وحده‪.‬‬

‫أمة السلم؛‬

‫هل بقي عذر للقاعد؟‬


‫وكيف ينام السلم الر مل جفنيه وهو يرى السلم يذبح‪ ،‬ويرى نزيف الكرامة وصور‬
‫العار وأخبار المتهان الشيطان لهل السلم رجا ًل ونساءً ف سجن أب غريب؟‬

‫فأين الغية وأين المية؟‬


‫وأين الغضب لدين ال؟ وأين الغية على حرمات السلمي؟‬
‫وأين الثأر لعراض السلمي والسلمات ف سجون الصليبي؟‬

‫أ ما أن تم علماء ال سلم؛ فإل ال نشكو كم‪ ،‬أو ما ترون أن ال قد أقام ال جة علي كم‬
‫بشباب السلم الذين أذلّوا أعت قوة ف التاريخ فكسروا أنفها وحطموا كبيائها‪..‬‬

‫أومـا آن ل كم أن تتعلموا من هم معانـ التو كل‪ ،‬وتسـتلهموا مـن فعال م دروس التضحيـة‬
‫والفداء‪..‬‬

‫إل مت تظلون كالنساء ل تسنون إل لغة اللطم ول تعرفون إل طريق العويل والبكاء؟!‬

‫فهذا ينا شد أحرار العال! وذاك يتو سل إل كو ف عنان! وثالث ي ستجدي عمرو مو سى!‬
‫ورا بع يطالب بظاهرات سلمية! وكأن م ل ي سمعوا إل قوله تعال {يَا َأيّهَا النّبِيّ َحرّ ضِ‬
‫ي عَلَى اْلقِتَال} [النفال‪.]65:‬‬
‫الْ ُم ْؤمِنِ َ‬

‫أو ما شبعتم من جهاد الؤترات و العارك الطابية!‬

‫‪90‬‬
‫أوما آن لكم أن تسلكوا طريق الهاد وتملوا السيف الذي بُعث به سيد النبياء!‬

‫ونرجوا من كم أن ل تتورطوا كعادت كم ف إنكار ما سنفعله إرضا ًء للمريكان‪ ،‬ف قد أ مر‬


‫ال نب صلى ال عل يه و سلم‪ -‬و هو سيد الرحاء بضرب أعناق ب عض أ سرى بدر وقتل هم‬
‫صبا‪ ،‬ولنا فيه أسوةٌ و قدوة حسنة‪..‬‬

‫أما أنت كلب الروم بوش؛ أبشر با يسؤك‪ ،‬وانتظر بعون ال أياما عصيبة‪ ،‬وستندم أنت‬
‫وجنودك على اليوم الذي وطئت فيه أرض العراق‪ ،‬واجترأت فيه على حى السلمي‪.‬‬

‫ور سالة أخرى ال العم يل الائن برو يز مشرف؛ فنقول له ن ن ف أ شد الشوق انتظاراَ‬
‫لستقبال جنودك فوال لنطلبهم قبل المريكان‪ ،‬وسنثأر لدماء أخواننا ف وانا وغيها‪.‬‬

‫وأمـا أنتـ أمهات وزوجات جنود المريكان؛ فنقول لكنّـ أنّـ عرضنـا على الدارة‬
‫المريكيه مفاداة هذا السي ببعض السرى ف سجن أب غريب فامتنعت‪ ،‬فنقول لكنّ إن‬
‫كرامـة السـلمي والسـلمات فـ سجن أبـ غريـب وغيهـا دوناـ الدماء والنفوس‪ ،‬ولن‬
‫يصلكم منا ال النعوش إثر النعوش‪ ،‬والتوابيت تلوا التوابيت‪ ،‬ذبا على هذه الطريقة‪...‬‬

‫[وهنا يقوم الشيخ أب مصعب الزرقاوي رحه ال بِذب ِح نيكولس بيج‪ ،‬وبعد ذبه علق‬
‫اخوانكم الجاهدون جثة هذا العلج الكافر على احد جسور بغداد‪ ،‬ليكون عبة لغيه من‬
‫العلوج و شاهدا على عزة السلمي]‬

‫{فَا ْقتُلُوْا الْمُشْرِكِيَ َحيْ ثُ وَجَدتّمُوهُ ْم وَ ُخذُوهُ ْم وَاحْ صُرُوهُ ْم وَا ْقعُدُواْ َلهُ مْ كُ ّل مَرْ صَد}‬
‫[التوبة‪]5:‬‬

‫وال اكب والعزة ل ولرسوله وللمجاهدين‪ ،‬وآخر دعوانا أن المد ل رب العالي‪.‬‬

‫صعَبٍ الزّ ْرقَاوِي‬


‫َأبُ ْو مُ ْ‬

‫‪91‬‬
‫لهَاد‬
‫َأمِيْ ُر جَمَا َعةِ الّت ْوحِي ِد وَ ا ِ‬
‫ق – بِلدُ الرّافِ َديْن‬
‫ال ِعرَا ُ‬

‫‪92‬‬
‫الطاب الثامن‬

‫ص َعبٍ الزّ ْرقَاوِ ّ‬


‫ي‬ ‫ِمنْ أَبِي مُ ْ‬
‫لِكَلب ِالُردُ ّن عَبدِ الِ الثّانِي؛‬
‫أَْبشِرْ ِبمَا َيسُو ُؤكَ‬
‫‪ 26‬ربيع الول ‪ 1425‬هـ‬
‫‪ 15‬مايو‪/‬أيار ‪ 2004‬م‬

‫ِبقَلَمِ الشَيخ‬
‫ب الزّرْقَاوِي ( َرحِ َمهُ ال)‬
‫أَِبيْ مُصْع ٍ‬

‫بسم ال الرحن الرحيم‪،‬‬

‫من أب مصعب الزرقاوي ال الطاغوت ابن الطاغوت عبد ال بن السي‪.‬‬

‫أمّا بعد؛‬

‫فلم أدر حي تناهى إل سعي خب تشاور حكومتكم ف أمر سحب النسية الردنية من‬
‫أأضحك أم أبكي‪.‬‬

‫‪93‬‬
‫أأض حك ساخرا‪ ،‬ام أب كي لن مثل كم صار يتح كم ف أ مر أ مة م مد صلى ال عل يه و‬
‫سلم؛ َفَيصِل من يشاء‪ ،‬ويقطع من يشاء‪ ،‬و إل ال الشتكى‪.‬‬

‫ودعن أهس ف أذنك الصماء عن ساع الق بأمور‪:‬‬

‫أولً‪ :‬أ نا انت سب ‪-‬شئت أم أب يت‪ -‬ال عشية كري ة الح تد‪ ،‬عزيزة الن سب‪ ،‬ل أر غب‬
‫عن ها‪ ،‬ول يلك ب شر مه ما كان أن يلع ن من هذا الن سب‪ ،‬مع أمتعا ضي وشدة حز ن‬
‫وأليـ لاـ آل اليـه حالمـ حيـ دخلوا تتـ عبائتـك الهترئة‪ ،‬وصـاروا أجنادا لدولتـك‬
‫وعساكر‪ ،‬بعد أن كانوا للتوحيد حراسا‪ ،‬وللحق رجالً‪ ،‬شهد لم التاريخ ببيض الصنائع‬
‫تت راية السلطان صلح الدين‪.‬‬

‫نسب عرب صميم أفرح به *** ولكن فخري بدين وقرآن‬


‫أب السلم ل أب ل سواه *** اذا افتخروا بقيس أو تيم‬

‫أما الدولة الردنية ‪ ،‬فالنتساب اليها عار وخزي؛ فدولتك ‪-‬أيها اللك‪ -‬لقيطة‪ ،‬أنشاها‬
‫غلد ستون وز ير ال ستعمرات البيطان ية الذي كان يف خر ف ملس العموم البيطا ن بأ نه‬
‫اقام دولة ف يوم‪ ،‬هذه الدولة هي دولتك ايها اللك النكليزي‪.‬‬

‫اتدري لاذا اقيمت لكم؟‬

‫دع ن اقول ا صرية واض حة؛ "لما ية دولة ا سرائيل"‪ ،‬ان ا القي قة ال ت يعرف ها القا صي‬
‫والدان‪ ،‬ويتهامس الناس با ف السر خوفا من بطش زباتيتك‪.‬‬

‫وأقول لك مهنئا‪ :‬ا نك ووالدك ت ستحقان و سام الشرف‪ ،‬فل قد قمت ما بذه اله مة بكفاءة‬
‫واقتدار‪ ،‬وعلى الشيطان جزاؤكما‪.‬‬

‫‪94‬‬
‫ثانيا‪ :‬أ نا وأن ك نت ا حن ال م هد طفول ت واشتاق ال اهلي واخوا ن وا صدقاء الطفولة‬
‫والشباب؛‬

‫لكنن عالي ليس ل ارض اسيها بلدي‪...‬‬


‫وطن هنا او قل هنالك حيث يبعثها النادي‪...‬‬

‫لقـد هجرت ارض الذكريات‪ ،‬وهاجرت ال ارض المنيات‪ ،‬التـ نقيـم فيهـا ديـن رب‬
‫الرض والسماوات‪..‬‬

‫إل بلد الفغان ف طاعة الرحن‪،‬‬


‫وانا الن ف العراق أجاهد مع اخوان؛ لنقيم للسلم وطنا‪ ،‬وللقرآن دولة‪.‬‬

‫الؤمـن –ايهـا اللك– أجْ ّل مـن ان يشده التراب‪ ،‬ويتعلق قلبـه بظائر رسـم حدودهـا‬
‫سايكس وبي كو‪ ،‬فذلك شأن البهائم ال ت تت مع على الكل والر عى وال سياج والقط يع‪ ،‬و‬
‫أما الؤمن فالنفخة اللية الكرية الت تسري ف حناياه هي وطنه‪ ،‬واهله وعشيته‪ ،‬فيها‬
‫يواصل ويفاصل‪ ،‬ومن اجلها يوال ويعادي‪.‬‬

‫هذه العان ل يدركها مثلك –ايها اللك‪ ،-‬لنك وباختصار ‪،Made in England‬‬
‫وهذه العانـ اناـ يفهمهـا ابناء هذه المـة واهـل هذه اللة‪ ،‬و ابشرك اناـ غراس قرآنـ‬
‫سيستمر وسيتضوع اريه ف المة من جديد‪ ،‬مهما حاولت منعها –أيها اللك–‪ ،‬فأن‬
‫لثلك ان يغطي نور الشمس بغربال؟!‬

‫وأبشر با يسوؤك‪...‬‬

‫ول انسى قبل الوداع ان اقول لك‪ :‬إسحبها ول تبال فجنسيتك‪ ،‬تت قدمي ونعال‪..‬‬

‫وال لقاء عند اللك الق‪ ..‬أيها اللك‪.‬‬

‫‪95‬‬
‫صعَبٍ الزّ ْرقَاوِي‬
‫َأبُ ْو مُ ْ‬
‫لهَاد‬
‫َأمِيْ ُر جَمَا َعةِ الّت ْوحِي ِد وَ ا ِ‬
‫ق – بِلدُ الرّافِ َديْن‬
‫ال ِعرَا ُ‬

‫‪96‬‬
‫الطاب التاسع‬

‫رثَاءٌ؛‬
‫الشّيخُ أَبُو مُص َعبٍ الزّرقَاوِيّ‬
‫يَرثِي َأبَا الَبرَاءِ الكُوَْيتِ ّي فَيْصَل ال ِطيِي‬
‫‪ 29‬ربيع الثان ‪ 1425‬هـ‬
‫‪ 17‬يونيو‪/‬حزيران ‪ 2004‬م‬

‫ِبقَلَمِ الشَيخ‬
‫ب الزّرْقَاوِي ( َرحِ َمهُ ال)‬
‫أَِبيْ مُصْع ٍ‬

‫بسم ال الرحن الرحيم‪،‬‬

‫وميض من وراء السدي *** ابا الباء ايها الساكن قلب‬


‫كل يوم ير يأخذ بعضي *** يورث القلب حسرة ث يضي‬

‫كثي هم الشخوص الذين يلقاهم النسان ف رحلته على ظهر هذا الكوكب‪ ،‬وخاصةً إذا‬
‫النسان قد امتطى صهوة جواده ضاربا ف فجاج الرض‪ ،‬يطيف ف الصقاع‪ ،‬ل يكف‬
‫عن التجوال والترحال‪ ،‬يب حث عن اخب ية ال عز التناثرة كوا حة ظليلة ف صحراء ملته بة‪،‬‬
‫تل حف بجي ها وترق بشم سها وجوه الحرار‪ ،‬و مع ذلك فقِلة هم الذ ين يو سعون ف‬

‫‪97‬‬
‫القلب ملً ويفرون ف القلب ر سا ل تبلوه اليام ول يحوه كر العوام‪ ...‬ول قد ك نت‬
‫من هؤلء –علم ال– ابا الباء‪.‬‬

‫ل قد كان وج هك و جه شه يد‪ ،‬ناطقا بال صدق لئحةً عليه سيماء ال صلح‪ ،‬نسبك وال‬
‫حسيبك ول نزكي على ال احدا‪ ،‬إذا خالطك انسان أحبك‪ ،‬ولس بيدي قلبه طيب قلبك‬
‫وبياض سريرتك‪ ،‬إذا ذُ ِك َر التواضع فأنت غرته‪ ،‬موطأ الكناف؛ ل يد رفيقك منك ال‬
‫ال ي واللطاف‪ ،‬سهلٌ سِح‪ ،‬ل يت كب بال ساءة‪ ،‬ويغ ضي على الذى فيطو يه ف جوان ه‬
‫ويتجرعه بصمت ث ل ينتقم ال ل‪.‬‬

‫يطيف بوهلي –ابا الباء– إنك ربا ل تاصم انسانا‪ ،‬ول تؤذ ملوقا ف حياتك قط‪ ،‬ل ف‬
‫جاهلية ول ف اسلم‪ ،‬نفس رقراقة‪ ،‬بالب دفاقة‪ ،‬مع اصالة وعراقة‪ ،‬ل تعرف الكلل ول‬
‫اللل‪ ،‬مع عزية ل ترضى بالزية‪ ،‬ومضاء وثاب‪ ،‬يأب الذل والنوع‪ ،‬ويطوي على الوع‬
‫حت يبلغ ينبوع العز والكرامة‪ ،‬ليتشف سلسبيل خالصا‪..‬‬

‫تلك هي ق صتك وم سار رحل تك ف هذه الياة‪ ،‬وال ت خت مت لك بالش هد ال ستطاب‪،‬‬


‫وتقيق المان والرغاب‪ ..‬انا الشهادة ابا الباء –إن شاء ال ‪.-‬‬

‫ل قد صبت م عي ف درب الهاد‪ ،‬وترع نا سويا الغ صص ف ال‪ ،‬وك نت تتل مظ تنت ظر‬
‫اليوم الوعود؛ ل صدار شر يط ‪ -CD-‬لنقد مه للمة‪ ،‬لتعرف بلء حقيقة الهاد و صور‬
‫التضحية والعطاء لهل السلم ف العراق مهاجرين وأنصار‪.‬‬

‫فان عم عينا ا با الباء‪ ،‬واب شر ب ا ي سرك‪ ،‬وعدا م نا غ ي مكذوب ان شاء ال‪ ،‬عن قر يب‬
‫نقدمه لمتنا الغالية‪ ،‬لينضاف أجره ال سجلك‪ ،‬عطاء غي مذوذ‪.‬‬

‫وان كنت شربتُ حسرةً ف أمر شهادتك فهي أن حيل بين وبي ان اقبل جبينك الوضاء‬
‫قبلة الوداع‪ ،‬و أن أباشـر دفنـك بيدي وفاءا لعهدك‪ ،‬فأسـأل ال ان يعوضنـا رؤياك فـ‬
‫النان‪.‬‬

‫‪98‬‬
‫فنم قرير العي ابا الباء‪ ،‬وسلم على روحك ف الالدين‪...‬‬

‫رفيق دربك الزين‪،‬‬

‫صعَبٍ الزّ ْرقَاوِي‬


‫َأبُ ْو مُ ْ‬
‫لهَاد‬
‫َأمِيْ ُر جَمَا َعةِ الّت ْوحِي ِد وَ ا ِ‬
‫ق – بِلدُ الرّافِ َديْن‬
‫ال ِعرَا ُ‬

‫‪99‬‬
‫الطاب العاشر‬

‫عِن َدمَا يَبكِي الرّجَالُ!‬


‫‪ 2‬جادى الول ‪ 1425‬هـ‬
‫‪ 19‬يونيو‪/‬حزيران ‪ 2004‬م‬

‫ِبقَلَمِ الشَيخ‬
‫ب الزّرْقَاوِي ( َرحِ َمهُ ال)‬
‫أَِبيْ مُصْع ٍ‬

‫بسم ال الرحن الرحيم‪،‬‬

‫لبسـت ثيابـ وامتشقـت سـلحي عازما على الروج لتفقـد أخوة العقيدة ورفقاء الهاد‬
‫والسـلح؛ وإذا بالخ عبـد الرحنـ النصـاري يبـن بقدوم السـد أبـ ممـد اللبنانـ‬
‫ويستأذن بالدخول علي‪.‬‬

‫وأ بو م مد هذا أ سد من أ سود التوح يد ول يث من ليوث ال مى لطال ا ذاد عن ال سلم‬


‫بسيفه‪ ،‬وخاض العارك واقتحم الهوال‪ ،‬ول ينثن أبدا‪ ،‬صاحب عزية وقّادة وقلب كقلب‬
‫السـد‪ ،‬شارك فـ معارك القائم وراوة‪ ،‬مدينتان تقعان فـ العراق بالقرب مـن الدود‬
‫ال سورية وغيه ا‪ ،‬وكان م عه ف مقد مة ال صفوف أب نه الذي ل يتجاوز الام سة عشرة‪،‬‬
‫راميا به ف وسط العمعة تلفحه‪ ،‬وابنه بوهج نارها‪ ،‬ثابت ثبات الرجال‪ ،‬راسخ رسوخ‬
‫البال‪ ..‬لسان حاله‪( :‬نفسي لنفس ممد الفداء وعرضي لعرض ممد الوجاء)‪.‬‬

‫‪100‬‬
‫صدق ال فصدقه ‪-‬نسبه كذلك‪ ،-‬فاصطفى ال سبحانه فلذة كبده عندما سقط صريعا‬
‫يتش حط بد مه رخي صا ف سبيل ال ف معارك راوة‪ ،‬وب كى أ بو م مد اب نه بكاءً مرا‪ ،‬ل‬
‫لفقده ‪-‬وال‪ ،-‬ولكـن لعدم مرافقتـه إياه إل النان‪ ،‬ولزال متسـبا صـابرا يقارع الكفار‬
‫الذين جاسوا خلل الديار‪ ،‬رافضا تبعات الزي والعار ومازال‪.‬‬

‫وليت شعري‪ ..‬يقف مثل أب ممد بالبواب؟‬

‫فأذ نت له‪ ،‬ود خل مبت سما كعاد ته ل ير فع طر فه حياءً‪ ،‬وعانق ته وأخذت بيده‪ ،‬وأجل سته‬
‫إل جا نب‪ ،‬وتدثنـا سـاعة عـن تطورات العمـل ومسـتلزماته‪ ،‬وعـن الخوة واحتياجاتمـ‬
‫(أنصارا ومهاجرين)‪ ،‬فقد كان أبو ممد السئول العسكري للخوة‪.‬‬

‫وكنت الظ عليه ‪-‬على غي عادته‪ -‬شحوبا ف وجهه‪ ،‬وحزنا يعلو ذلك الوجه الوضاء‪،‬‬
‫فسألته‪( :‬ما بالك أبا ممد ؟ هل ثة شيء أحزنك؟)‬

‫فنكس رأسه هنيهة مطرقا‪ ،‬ث رفعه‪ ،‬فإذا عيناه تذرفان!‬

‫ب مكلوم‪.‬‬
‫ل إله إل ال! ما أغلى هذه الدموع‪ ،‬وما أرقها حي فاضت من قل ٍ‬

‫إنا دموع‪ ..‬ولكنها ليست كدموع سالت لفراق صديق‪ ،‬أو للقاء عشيق‪ ،‬أو لزوال نعمة‪،‬‬
‫أو للول نعمة‪.‬‬

‫إنا دموع الوفاء‪..‬‬


‫إنا دموع الصفاء والنقاء‪..‬‬

‫ولو بُذلت للعيون لتجود ب ا جادت به عي نا أ ب م مد؛ ل ا ا ستطاعت أن ت سخو بثل ها‪،‬‬
‫فليست النائحة الثكلى كالستأجرة‪.‬‬

‫‪101‬‬
‫إن كنت تنوح يا حام ألبان للبي *** فأين شاهد الحزان‬
‫أجفانك للدموع أم أجفان *** ل يقبل مدع بل بيان‬

‫إنا لظات صدق عالية‪ ،‬وشفافية عالية‪ ،‬فاض با قلبه فسحّت عيناه حزنا وألا‪ ،‬وحسر ًة‬
‫على وقوع رفيق دربه‪ ،‬وأنيس قلبه‪ ،‬وصاحب سره‪ ،‬البل الشم ((أبو عبد ال الراوي))‬
‫ف ال سر‪ ،‬فلطال ا سارا سويا على هذا الدرب‪ ،‬وكانا إخوة متحاب ي ل يكادان يفترقان‪،‬‬
‫براءة ف الخوة وطفولة ف الحبة وعذوبة ف الودة‪.‬‬

‫عند ما يترائ يا لك أول ما يتبادر لذه نك قوله ‪ -‬صلى ال عل يه و سلم‪ -‬ف ال سبعة الذ ين‬
‫يظلهم ال ف ظله‪ ،‬يوم ل ظل إل ظله‪( :‬رجلن تابا ف ال اجتمعا عليه وتفرقا عليه)‪.‬‬

‫عينان ل تطعهما الكرى منذ ثلث *** ول أتلذذ بطعام منذ ذاك‬

‫قالا أبو ممد‪ ،‬فحاولت أن أخفف عنه وأسليه با فتح ال علي‪ ،‬فاستأذن للخروج فقمت‬
‫وداعـ أخـذ معـه قلبـ وتركنـ حزينا‬
‫ٌ‬ ‫وعانقتـه مودعا‪ ،‬ولكنـه كان ليـس كأي وداع؛‬
‫مهموما‪ ،‬حُب ست الدم عة ف عي ن‪ ،‬شاطر ته الشعور وع شت م عه اللحظات اللي مة‪ ،‬ل ن‬
‫طالا عشت هذه اللحظات‪ ،‬وأصبحت مطات ف قطار حيات‪..‬‬

‫فمنذ ‪ 14‬عاما وأنا أودع الحباب‪..‬‬


‫وكم من حبيب جائن خب قتله ف ثغر من الثغور‪..‬‬
‫وكم من شقيق وقع ف أسيا بي يدي كفور‪..‬‬

‫ل يشعر بأل فقد الحباب إل من لمس شغاف قلبه برد الخوة‪..‬‬


‫ول يعرف ذوق الخوة إل من عاش لم‪..‬‬

‫ع إل اليجاء بغي سلح‬


‫أخاك أخاك إن من ل أخا لهُ *** كسا ٍ‬

‫‪102‬‬
‫فما طابت الدنيا إل بم‪ ،‬وما زانت الليال إل بنورهم‪..‬‬

‫ف كم من أخ فارق ن م نذ سني مازالت ح سرته ف قل ب‪ ،‬ففج عت بوت والد ت ‪-‬رح ها‬


‫ال‪ -‬مؤخرا وكا نت من أ حب الناس إل‪ ،‬ول كن ‪-‬علم ال‪ -‬أن م صيبت ب ـ (أ ب عبيدة‬
‫عبد الادي دغلس) كانت أشد وقعا على نفسي من وفاة حنونت‪.‬‬

‫فكلما ذهب بعضهم ذهب بعضي‪..‬‬

‫كيف ل!! وهم اليد والعصم‪..‬‬


‫كيف ل!! وهم السمع والبصر‪..‬‬
‫كيف ل!! وهم وهم‪..‬‬

‫رأى أ حد إخوا ن ف منا مه (أن أحدى يدي شلّت) ول ي بن بذلك إل ب عد مق تل (أ ب‬


‫الباء في صل الطيي رح ه ال)‪ ،‬فعلم أن الرؤ يا قد وق عت فق صّها علي‪ ،‬أم سكت قل مي‪،‬‬
‫وعزمت أن أخط مداده على ورقي‪ ،‬متجلدا صابرا‪ ،‬مذكرا أبا ممد وإخوانه قائلً‪:‬‬

‫اصب أبا ممد فوال الذي نفسي بيده إن أرى بشائر النصر تلوح‪..‬‬
‫وإن لرى الظفر قادم كما يعقب الليل النهار‪..‬‬
‫وما فقد الحبة إل دليل صدق الطريق‪..‬‬

‫فأيا فئة مؤمنة قامت تقاتل لنصرة هذا الدين فجادت بأبنائها فإنا هي تزكية لذه الفئة‪،‬‬
‫وهل يقوم الدين ويستوي عوده ويطلع فجره وتشرق شسه إل بدماء أبنائه‪..‬‬

‫أبا ممد‪..‬‬

‫إن الرب بيننا وبينهم سجال‪،‬‬


‫ينالون منا وننال منهم‪..‬‬

‫‪103‬‬
‫فبالمس مزقنا أجسادهم وتناثرت أشلئهم ف مواطن عديدة‪،‬‬
‫وأصابم ف مقتل ومازالوا يلعقون جراحهم‪..‬‬

‫أبا ممد‪..‬‬

‫إننا نقاتل لجل ال‪،‬‬


‫فهذه اللم والراحات هي أوسة شرف نعتز با ونفخر‪..‬‬

‫فأي شيء أعظم من أننا جنود للتوحيد وحراس للعقيدة‪،‬‬


‫فال مولنا ول مول لم‪..‬‬

‫أبا ممد‪..‬‬

‫إن أعظم ما يشد أزرك ويقوي عزمك وتنتصر على حزنك وألك؛‬
‫أن هؤلء العداء قد بارزوا ال سبحانه بالعداوة وعطّلوا شريعته‪..‬‬

‫واستباحوا الديار وهتكوا العراض وانتهكوا الرمات‪..‬‬


‫ما يعلك تتغيظ أشد الغيظ ويتمعر وجهك غضبا ل ولرسوله‪..‬‬

‫ويعبس وجهك مكفهرا لريتهم‪ ،‬وتتشق سيفك صارخا‪:‬‬

‫(ملة الكفر ل نونا إن نوت)‬

‫فالطريق طويل‪ ،‬والدرب شائك‪ ،‬ول بد من تكاليف‪..‬‬

‫فرضى ال عز وجل مهره الدماء والنفوس‪ ،‬والغال والنفيس‪ ،‬وكل ما تلقيه من مصائب‬
‫وبلءات ومن إذا مُـزجت ف ذات ال استحالت إل شهدٍ حلو‪..‬‬

‫‪104‬‬
‫فوال يا أبا ممد‪..‬‬

‫ل طاب العيش إل بقارعة هؤلء الطواغيت‪..‬‬

‫وإنن كلما أتذكر أنن ما ضٍ إل رب يوما ًوأنا أرجو أن يدخلن جنته بنه وكرمه‪ ،‬وأن‬
‫ذلك اليوم سيكون آخر فصل من فصول مراغمت لعداء ال‪ ،‬وأن الرب بين وبينهم قد‬
‫وضعت أوزارها وحطت رحالا؛ أصابن هم وحزن ‪-‬عَِلمَ ال‪.-‬‬

‫فوال إن لذة حربم وبغضهم وعداوتم ‪-‬لجل رب‪ -‬ل تعد لا لذة‪.‬‬

‫فاصب أبا ممد‪..‬‬

‫فما عهدتك إل صابرا ول يضيك كيدهم‪ ،‬وليكن لسان حالنا‪:‬‬

‫اللهم خُذ من دمائنا حت ترضى‪،‬‬


‫اللهم خُذ من دمائنا حت ترضى‪،‬‬
‫اللهم خُذ من دمائنا حت ترضى‪،‬‬
‫اللهم من بطون السباع وحواصل الطي‪.‬‬

‫و اسلَم لخيك‪،‬‬

‫صعَبٍ الزّ ْرقَاوِي‬


‫َأبُ ْو مُ ْ‬
‫لهَاد‬
‫َأمِيْ ُر جَمَا َعةِ الّت ْوحِي ِد وَ ا ِ‬
‫ق – بِلدُ الرّافِ َديْن‬
‫ال ِعرَا ُ‬

‫‪105‬‬
‫الطاب الادي عشر‬

‫َوصَايَا هَامّةٌ لِلمُجَاهِدِينَ‪،‬‬


‫وَالرّ ّد عَلى الُخَذّلِيَ‬
‫‪ 19‬جادى الول ‪ 1425‬هـ‬
‫‪ 6‬يوليو‪/‬توز ‪ 2004‬م‬

‫بِصَوْتِ الشَيخ‬
‫ب الزّرْقَاوِي ( َرحِ َمهُ ال)‬
‫أَِبيْ مُصْع ٍ‬

‫بسم ال الرحن الرحيم‪،‬‬

‫سكُمْ قَ ْر حٌ َفقَ ْد مَ ّ‬
‫س‬ ‫{وَ َل َت ِهنُوا وَلَ َتحْ َزنُوا َوأَنتُ ُم ا َلعَْلوْ نَ إِن كُنتُم ّم ْؤمِنِ ي * إِن يَمْ سَ ْ‬
‫خ َذ مِنكُ ْم ُشهَدَاء‬
‫س وَِلَيعْلَمَ اللّ ُه الّذِينَ آ َمنُوْا َويَتّ ِ‬
‫ك اليّا ُم نُدَاوُِلهَا َبيْ َن النّا ِ‬
‫ح ّمثْلُ ُه َوتِلْ َ‬
‫الْ َقوْمَ قَ ْر ٌ‬
‫حبّ الظّالِ ِميَ} [آل عمران‪]140-139:‬‬ ‫وَاللّهُ لَ ُي ِ‬

‫إن المـد ل نمده ونسـتعينه ونسـتغفره‪ ،‬ونعوذ بال مـن شرور أنفسـنا ومـن سـيئات‬
‫أعمالنا‪ ،‬من يهده ال فل مضل له ومن يضلل فل هادي له‪.‬‬

‫‪106‬‬
‫وأشهـد أن ل إله إل ال وحده ل شريـك له‪ ،‬وأشهـد أن ممدا عبده ورسـوله‪ ،‬بلّــغ‬
‫الرسالة‪ ،‬وأدى المانة‪ ،‬ونصح المة وتركها على الحجة البيضاء؛ ليلها كنهارها ل يزيغ‬
‫عنها إل هالك‪.‬‬

‫{يَا أَيّهَا الّذِي نَ آ َمنُواْ اّتقُواْ اللّ هَ حَقّ ُتقَاتِ هِ وَلَ تَمُوتُنّ إِلّ َوأَنتُم مّ سْلِمُون} [آل عمران‪:‬‬
‫‪]102‬‬

‫س اتّقُواْ َربّكُ ُم الّذِي خََل َقكُم مّن ّنفْسٍ وَاحِ َد ٍة وَ َخلَ َق ِمْنهَا َزوْ َجهَا َوبَثّ ِمْنهُمَا‬ ‫{يَا َأّيهَا النّا ُ‬
‫رِجَالً َكثِيًا َونِ سَاء وَاّتقُواْ اللّ َه الّذِي تَ سَاءلُو َن بِ ِه وَالَرْحَا مَ إِنّ اللّ هَ كَا َن عََليْكُ مْ رَقِيبًا}‬
‫[النساء‪]1:‬‬

‫{يَا أَيّهَا الّذِي نَ آ َمنُوا اّتقُوا اللّ َه وَقُولُوا َقوْلًا سَدِيدًا * يُ صْلِحْ َلكُ مْ َأعْمَاَلكُ مْ َوَي ْغفِرْ َلكُ مْ‬
‫ُذنُوبَكُ ْم َومَن يُ ِطعْ اللّ َه وَ َرسُولَهُ َفقَدْ فَازَ َفوْزًا عَظِيمًا} [الحزاب‪]71-70:‬‬

‫ث أمّا بعد؛‬

‫التاريـخ يعيـد نفسـه‪ ،‬ومنطـق الحداث عـب العصـور ل يتغيـ‪ ،‬تتغيـ الشخاص ويتبدل‬
‫اللعبون وتتطور اللت ولكن مسرح الحداث ثابت‪ ،‬وقصة الصراع واحدة؛‬

‫حـق يصـارع باطلً‪ ،‬وإسـلم يارب كفرا وجاهليـة ونفاق يتدسـس‪ ،‬وضعفاء خورة‬
‫يُ ـمسكون الع صا من الو سط‪ ،‬ينت سبون إل أمت هم‪ ،‬ولكن هم يؤثرون دنيا هم‪ ،‬وينتظرون‬
‫سـكون العجاج وانتهاء العركـة؛ لينحازوا إل القوي‪ ،‬ويركبوا سـفن الغالب وبئس مـا‬
‫صنعوا‪.‬‬

‫وحد هم الربانيون يملون الرا ية ف ز من النك سار‪ ،‬ويرفعون الباه ف ز من ال ستخزاء‪،‬‬


‫وتبحر همهم عب الثي مسافرة إل البي البصي‪ ،‬مقتدية بالبشي النذير‪-‬صلى ال عليه‬
‫وسلم‪ ،-‬غرباء تلفح وجوههم رياح الوحشة‪ ،‬وتدمى أقدامهم الافية ف صحراء ملتهبة‬

‫‪107‬‬
‫بنار العداوات‪ ،‬تُ ـغلق دون م البواب؛ في ستطرقون باب ال سماء؛ فيُ ـفتح ل م من روح‬
‫الِـنان ما ييا به الَـنـان‪ ،‬خالطتهم بشاشة اليان فل يرتد أحد منهم سخطة لدينه‬
‫ولو رمته الدنيا عن قوس واحدة‪.‬‬

‫أم ت ل قد ط فح الك يل‪ ،‬وبلغ ال سيل الز ب‪ ،‬وجاوز الظالون الدى‪ ،‬وا ستنثر بأرض نا البغاة‪،‬‬
‫واجترأت علينا الذئاب‪ ..‬بل الكلب‪.‬‬

‫ويبحث الناس عن حل ف سراب صحراء التيه‪ ،‬والل بي أيديهم وبأيديهم‪..‬‬

‫إنه الهاد ف سبيل ال‪.‬‬

‫وهذه وصايا أئمة الهاد الذين سبقوا ف هذا الدرب البارك جعتها بتصرف يسي؛ تذكرة‬
‫ـابرة على البادئ‬
‫ـن؛ حضّا على الثبات‪ ،‬ودعوة إل الصـ‬
‫ـي ولخوانـ الجاهديـ‬ ‫لنفسـ‬
‫والثوابت‪.‬‬

‫أيها الجاهدون؛‬

‫إن ل أخاف عليكم كثرة عدوكم‪ ،‬ول عظم أسلحتهم‪ ،‬ول تزب قوى الشر واجتماعها‬
‫عليكـم‪ ،‬ول خذلن إخوانكـم السـلمي فـ بقاع الرض‪ ،‬ولكنـ أخاف عليكـم مـن‬
‫أنفسكم؛ أخاف أن يصيبكم الوهن والضعف والفشل وكثرة العاصي‪.‬‬

‫ش ْلتُ ْم َوتَنَا َز ْعتُ مْ فِي‬


‫ول كم في ما ح صل يوم أ حد موع ظة وذكرى‪ ،‬قال تعال‪َ { :‬حتّ ى ِإذَا فَ ِ‬
‫حبّو نَ مِنكُم مّن يُرِيدُ ال ّدْنيَا َومِنكُم مّن يُرِيدُ ال ِخ َرةَ‬
‫الَمْ ِر َوعَ صَْيتُم مّن َبعْ ِد مَا أَرَاكُم مّا ُت ِ‬
‫ثُمّ صَرََفكُ ْم َعْنهُمْ ِلَيبْتَِلَيكُمْ} [آل عمران‪]152:‬‬

‫‪108‬‬
‫قال ابن كثي‪" :‬كان الظفر والنصر أول النهار للسلم‪ ،‬فلما حصل ما حصل من عصيان‬
‫الرماة‪ ،‬وف شل ب عض القاتلة؛ تأ خر الو عد الذي كان مشروطا بالثبات والطا عة"‪ ،‬انت هى‬
‫كلمه رحه ال‪.‬‬

‫لقد حدث ف هذه الغزوة مواقف عجيبة منها‪ :‬أن العدو كان أكثر من ثلثة أضعاف عدد‬
‫السلمي‪ ،‬فنصر ال السلمي ف أول النهار؛ فلما عصوا أدار عليهم الدائرة آخره‪.‬‬

‫قال جابر ‪ -‬رضي ال عنه ‪( :-‬لقد تفرق الناس عن النب صلى ال عليه وسلم يوم أحد‬
‫ل من النصار وطلحة)‪.‬‬‫وبقي معه أحد عشر رج ً‬

‫وف حديث أنس ‪ -‬رضي ال عنه ‪ -‬قال‪( :‬فلما كان يوم أحد وانكشف السلمون‪ ،‬قال‬
‫‪-‬يعن أنس بن النضر‪ -‬اللهم إن أعتذر إليك ما صنع هؤلء ‪-‬يعن أصحابه‪ -‬وأبرأ إليك‬
‫ما صنع هؤلء ‪-‬يعن الشركي‪)-‬‬

‫وجلس أ بو الدرداء يب كي ب عد ف تح جزيرة قبص لّا رأى بكاء أهل ها وفرق هم‪ ،‬فق يل‪ :‬ما‬
‫يبيكيك يا أبا الدرداء ف يوم أعزال به السلم؟ فقال‪( :‬ويكم ما أهون اللق على ال إن‬
‫هم تركوا أمره‪ ،‬بينما هم أمة كانت ظاهرة قاهرة‪ ،‬تركوا أمر ال فصاروا إل ما ترون)‪.‬‬

‫أيها الجاهدون؛‬

‫قد يتأخرنصر ال‪ ،‬وقد تكون هزائم وجراحات ف صفوفكم‪ ،‬وليس هذا بغريب‪ ،‬إذ تلك‬
‫سنة ال ف الذين خلوا من قبل ولن تد لسنة ال تبديل‪.‬‬

‫قال هرقل لب سفيان‪( :‬سألتك كيف كان قتالكم إياه ‪-‬يعن رسوال ال صلى ال عليه‬
‫وسلم‪ -‬فزعمت أن الرب سجال ودول‪ ،‬فكذلك الرسل تبتلى ث تكون لم العاقبة)‪.‬‬

‫إن أعظم ما تتحنون به ف قتالكم هو‪( :‬الصب ‪ -‬واليقي)‪.‬‬

‫‪109‬‬
‫اليقي‪ :‬بأن ال منج ٌز وعده‪ ،‬وناصرٌ جنده وحزبه ولو بعد حي‪.‬‬
‫والصب‪ :‬عند الشدائد فان النصر مع الصب‪ ،‬وإن الفرج مع الكرب‪ ،‬وإن مع العسر يسرا‪.‬‬

‫سأل رجل الشافعي فقال‪ :‬يا أبا عبدال‪ ،‬أيا أفضل للرجل‪ :‬أن يُـمكن أو يــبتلى؟‬
‫فقال الشافعي‪ :‬ل يُـمكن حت يُـبتلى‪.‬‬

‫فإن ال ابتلى نوحا وإبراه يم ومو سى وعي سى وممدا صلوات ال علي هم و سلمه‪ ،‬فل ما‬
‫صبوا مكنهم‪.‬‬

‫فل يظن أحد أن يلص من الل البتة‪.‬‬

‫يطئ من يظن بال ظن السوء‪ ،‬فينظر إل عدد العدو وعدتم وينسى وعد ال‪:‬‬

‫{كََتبَ اللّهُ َلأَغِْلبَنّ َأنَا وَ ُرسُلِي} [الجادلة‪]21:‬‬

‫{ َومَن َيَتوَلّ اللّ َه وَ َرسُولَهُ وَالّذِينَ آ َمنُواْ فَِإنّ حِزْبَ اللّ ِه هُ ُم اْلغَاِلبُونَ} [الائدة‪]56:‬‬

‫{وَكَانَ َحقّا عََلْينَا َنصْ ُر الْ ُم ْؤ ِمنِي} [الروم‪]47:‬‬

‫خلَ َ‬
‫ف‬ ‫خِل َفّنهُم فِي اْلأَرْ ضِ كَمَا ا ْستَ ْ‬ ‫{ َوعَدَ اللّ ُه الّذِي نَ آ َمنُوا مِنكُ ْم َوعَمِلُوا ال صّالِحَاتِ َليَ سْتَ ْ‬
‫الّذِي َن مِن َقبِْلهِ ْم وََليُ َم ّكنَنّ َلهُ مْ دِيَنهُ مُ الّذِي ا ْرتَضَى َلهُ مْ وَلَُيبَدَّلّنهُم مّن َبعْدِ َخوِْفهِ مْ َأمْنًا}‬
‫[النور‪]55:‬‬

‫فهذا الشرط مقابـل الشروط‪ :‬المان والخلص والع مل الصـال ث النصـر و التمكيـ و‬
‫الستخلف‪َ {:‬وعْدَ اللّهِ لَا يُخْلِفُ اللّ ُه الْمِيعَاد} [الزمر‪]20:‬‬

‫و ما أجل ما قاله سيد ‪ -‬رحه ال ‪ -‬تعليقا على قوله تعال‪:‬‬

‫‪110‬‬
‫{كَم مّن ِفَئةٍ َقلِيَل ٍة غََلبَتْ ِفَئةً َكثِيَ ًة بِإِ ْذنِ اللّهِ وَاللّ ُه مَعَ الصّابِرِينَ} [البقرة‪]249:‬‬

‫فهذه هي القاعدة ف حس الذين يوقنون أنم ملقو ال‪.‬‬

‫القاعدة أن تكون الفئة الؤمنـة قليلة لناـ هـي التـ ترتقـي الدرج الشّاق حتـ تنتهـي إل‬
‫حزب الصطفاء والختيار‪ ،‬ولكنها تكون الغالبة لنا تتصل بصدر القوى‪ ،‬و لنا تثل‬
‫القوة الغالبـة‪ ،‬قوة ال الغالب على أمره‪ ،‬القاهـر فوق عباده مطـم الباريـن‪ ،‬و مزي‬
‫الظالي‪ ،‬و قاهر التكبين‪.‬‬

‫أيها الجاهدون؛‬

‫إن كم وال ف حال تغبطون علي ها لك ما يقول الخذلون الرجفون م ن ينظرون إل ال مر‬
‫نظرة مادية بتة و أفزعها ما تبثه الخبار الغربية و العربية و أذنابا من انتصار الحزاب و‬
‫فرار الجاهدين‪ ،‬فالرب ل تقاس بالعدد و العدة و ل بالنصر و الغلبة فإنه ل بد من هذا‬
‫و هذا ث يأت النصر و التمكي ولو بعد حي‪.‬‬

‫قال ش يخ ال سلم ‪-‬و هو ي صف ما ح صل ف زما نه من تزب الحزاب من التتار و‬


‫النافق ي و غي هم على ال سلمي‪ -‬قال رح ه ال‪ :‬فهذه الفت نة قد تفرق الناس في ها إل‬
‫ثلث فرق‪:‬‬

‫‪ -1‬الطائفة النصورة‪ :‬و هم الجاهدون لؤلء القوم الفسدين‬

‫‪ -2‬والطائفة الخالفة‪ :‬و هم هؤلء القوم و من تيز إليهم من خبالة النتسبي إل السلم‪.‬‬

‫‪ -3‬و الطائفة الخذلة‪ :‬و هم القاعدون عن جهادهم و إن كانوا صحيحي السلم‪.‬‬

‫‪111‬‬
‫فلينظر الرجل أيكون من الطائفة النصورة‪ ،‬أم من الاذلة‪ ،‬أم من الخالفة فما بقي قسم‬
‫رابع‬

‫و أعلموا أن الهاد فيه خي الدنيا و الخرة‪ ،‬وف تركه خسارة الدنيا والخرة‪ ،‬قال تعال‪:‬‬
‫سَنَييْن} [التوبة‪ ،]52:‬يعن إما النصر و الظفر و إما‬
‫{قُلْ هَلْ َت َربّ صُونَ ِبنَا إِلّ إِحْدَى الْحُ ْ‬
‫الشهادة والنة‪.‬‬

‫فمن عاش من الجاهدين كان كريا له ثواب الدنيا وحسن ثواب الخرة‪ ،‬و من مات أو‬
‫قتل فإل النة‪.‬‬

‫قال النب صلى ال عليه وسلم‪" :‬يعطى الشهيد ست خصال‪ :‬يغفر له بأول قطرة دم من‬
‫دمه ‪ ،‬و يرى مقعده ف النة‪ ،‬و يكسى حلة من اليان‪ ،‬و يزوج بثنتي وسبعي من الور‬
‫العي‪ ،‬و يوقى فتنة القب‪ ،‬و يؤمن من الفزع الكب"‪.‬‬

‫و قال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪" :‬إن ف النة لائة درجة ما بي الدرجة و الدرجة‬
‫ك ما ب ي ال سماء و الرض أعد ها ال تعال للمجاهد ين ف سبيله"‪ ،‬فهذا ارتفاع خ سي‬
‫ألف سنة ف النة لهل الهاد‪...‬‬

‫إل أن قال شيخ السلم‪ :‬وكذلك اتفق العلماء ‪-‬فيما أعلم‪ -‬على أنه ليس ف التطوعات‬
‫أفضل من الهاد فهو أفضل من الج‪ ،‬و أفضل من الصوم‪ ،‬و أفضل من صلة التطوع‪.‬‬

‫و الرابطة أفضل من الجاورة بكة و الدينة وبيت القدس‪ ..‬حت قال أبو هريرة رضي ال‬
‫عنه‪( :‬لئن أرابط ليلة ف سبيل ال أحب إل من أن أوافق ليلة القدر عند الجر السود)‪،‬‬
‫فقد اختار الرباط ليلة على العبادة ف أفضل الليال عند أفضل البقاع‪..‬‬

‫إل أن قال‪ :‬و اعلموا أ صلحكم ال أن الن صرة للمؤمن ي‪ ،‬والعاق بة للمتق ي‪ ،‬و أن ال مع‬
‫الذين اتقوا و الذين هم مسنون‪.‬‬

‫‪112‬‬
‫و هؤلء القوم ‪ -‬يعن العداء ‪ -‬مقهورون مقموعون‪ ،‬ال سبحانه و تعال ناصرنا عليهم‪،‬‬
‫ومنتقم لنا منهم ول حول ول قوة إل بال العلي العظيم‪.‬‬

‫ْنـإِن كُنتُم‬
‫ُمـ ا َلعَْلو َ‬
‫ح َزنُوا َوأَنت ُ‬
‫فأبشروا بنصـر ال تعال وبسـن العاقبـة {وَلَ َت ِهنُوا وَ َل تَ ْ‬
‫ّم ْؤمِنِيَ} [آل عمران‪ ]139:‬و هذا أمر قد تيقنّاه و تققناه و المدل رب العالي‪..‬‬

‫ث قال رحه ال‪ :‬و أعلموا أصلحكم ال أن من أعظم النعم على من أراد ال به خيا أن‬
‫أحياه إل هذا الوقت الذي يدد ال فيه الدين و يي فيه شعار السلمي و أحوال الؤمني‬
‫و الجاهدين‪ ،‬حت يكون شبيها بالسابقي الولي من الهاجرين و النصار‪.‬‬

‫فمن قام ف هذا الوقت بذلك كان من التابعي لم بإحسان الذين رضي ال عنهم و رضوا‬
‫عنه و أعد لم جنّات تري من تتها النار خالدين فيها أبدا ذلك الفوز العظيم‪.‬‬

‫فينبغي للمؤمن ي أن يشكروا ال تعال على الحنة‪ ..‬ال ت ف حقيقتها من حة عظي مة كرية‬
‫من ال‪ ،‬و هذه الفتنة الت ف باطنها نعمة جسيمة‪ ،‬حت ‪-‬وال‪ -‬لو كان السابقون الولون‬
‫من الهاجر ين و الن صار كأ ب ب كر و ع مر و عثمان و علي و غي هم حاضر ين ف هذا‬
‫الزمان لكان من أفضل أعمالم جهاد هؤلء القوم الجرمي‪ ،‬و ل يُـفوت مثل هذه الغزاة‬
‫إل من خ سرت تار ته و سفه نف سه و حُ ـرم حظا عظي ما من الدن يا و الخرة إل أن‬
‫يكون من عذر ال تعال كالريض و الفقي و العمى و غيهم‪ ...‬انتهى كلمه رحه ال‪.‬‬

‫و يقول رح ه ال‪ :‬و سنام ذلك الهاد ف سبيل ال‪ ،‬فإ نه أعلى ما ي به ال و ر سوله‪ ،‬و‬
‫اللئمون عليه كثي إذ كثي من الناس الذين فيهم إيان يكرهونه‪ ،‬وهم إما مذلون مفترون‬
‫لله مة و الرادة ف يه‪ ،‬و إ ما مرجفون مضعفون للقوة و القدرة عل يه‪ ،‬و إن كان ذل كن من‬
‫النفاق‪ ...‬انتهى كلمه‪.‬‬

‫أيها الجاهدون؛‬

‫‪113‬‬
‫ل أ جد أف ضل من أن أ سوق إلي كم ما كت به ش يخ ال سلم ا بن تيم ية معلقا على تزب‬
‫الحزاب ف غزوة الندق قال رحه ال‪:‬‬

‫و كان متصـر القصـة ‪ -‬أي غزوة الندق ‪ -‬أن السـلمي تزب عليهـم عامـة الشركيـ‬
‫الذين حولم و جاءوا بموعهم إل الدينة ليستأصلوا الؤمني فاجتمعت قريش و حلفاؤها‬
‫من بن أسد و أجشع و فزارة و غيهم من قبائل ند و اجتمعت أيضا اليهود من قريضة‬
‫ت عديدة‪ ،‬فرفع النب صلى ال‬
‫و النظي‪ ،‬فاجتمعت هذه الحزاب و هم بقدر السلمي مرا ٍ‬
‫عليه و سلم الذرية من النساء و الصبيان ف آطام الدينة‪.‬‬

‫و ف هذه الاد ثة ‪ -‬أي العا صرة لش يخ ال سلم ‪ -‬تزب العدو من مغ ٍل و غي هم من‬


‫أنواع الترك‪ ،‬و مـن فرس ومسـتعربة و نو هم مـن أجناس الرتدة من نصـارى الر من و‬
‫غيهم ‪ ،‬و نزل هذا العدو بانب ديار السلمي و هم بي القدام والحجام‪ ،‬مع قلة من‬
‫بإزائ هم من ال سلمي و مق صودهم ال ستيلء على الدار وإ سطلم أهل ها ك ما نزل أولئك‬
‫بنواحـي الدينـة بإزاء السـلمي و كان عام الندق برد شديـد و ريـح شديدة منكرة باـ‬
‫صرف ال الحزاب عن الدينة كما قال تعال‪َ{ :‬فأَرْ سَ ْلنَا عََلْيهِ مْ رِيًا وَ ُجنُودًا لّ ْم َت َروْهَا}‬
‫[الحزاب‪]9:‬‬

‫و هكذا هذا العام‪ ،‬أكثر ال فيه الثلج و الطر و البد على خلف أكثر العادات‪ ،‬حت كره‬
‫أك ثر الناس ذلك‪ ،‬و ك نا نقول ل م‪ :‬ل تكرهوا ذلك فإن ل ف يه حك مة و رح ة‪ ،‬و كان‬
‫ذلك من أعظم السباب الت صرف ال با العدو‪.‬‬

‫و قال ال ف شأن الحزاب‪{ :‬إِذْ جَاؤُوكُم مّنـ َفوِْقكُم ْـ َومِن ْـأَس ْـفَ َل مِنكُم ْـ َوإِذْ زَاغَت ْـ‬
‫ك ابْتُلِ َي الْ ُم ْؤمِنُو نَ وَزُْلزِلُوا‬
‫حنَاجِ َر َوتَ ُظنّو َن بِاللّ هِ ال ّظنُونَا * هُنَالِ َ‬
‫ت اْلقُلُو بُ الْ َ‬
‫الَْأبْ صَارُ َوبََلغَ ِ‬
‫زِلْزَالًا شَدِيدًا} [الحزاب‪]11-10:‬‬

‫وهكذا هذا العام جاء العدو من ناحية علو الشام‪ ..‬وهو شال الفرات‪...‬‬

‫‪114‬‬
‫إل أن قال‪ :‬و ظن النّاس بال الظنونا‪:‬‬

‫‪ -‬هذا يظن أنه ل يقف قدامهم أحد من جند الشام حت يصطلموا أهل الشام‪.‬‬

‫‪ -‬و هذا يظن أن أرض الشام ما بقيت تسكن و ما بقيت تكون تت ملكة السلم‪.‬‬

‫‪ -‬وهذا يظن أنم لو وقفوا لكسروهم كسرا و أحاطوا بم إحاطة الالة بالقمر‪.‬‬

‫‪ -‬و هذا يظن أنم يأخذونا ث يذهبون إل مصر فيستولون عليها فل يقف قدامهم أحد‬
‫فيحدث نفسه بالفرار إل اليمن و نوها‪.‬‬

‫‪ -‬و هذا قد تعارضت عنده المارات و تقابلت عنده الرادات لسيما و هو ل يفرق من‬
‫البشرات بي الصادق و الكاذب‪ ،‬و ل ييز ف التحديث بي الخطئ و الصائب؛ فلذلك‬
‫اسـتولت الية على مـن كان مسـتهكما بالهتداء و تراجتـبـه الراء تراجـم الصـبيان‬
‫بالصباء‪.‬‬

‫{ ُهنَالِ كَ اْبتُلِ يَ الْ ُمؤْ ِمنُو َن وَزُْلزِلُوا زِْلزَالًا شَدِيدًا} [الحزاب‪ ]11:‬ابتل هم ال بذا البتلء‬
‫الذي يكفر به خطيئاتم و يرفع به درجاتم‪ ،‬ث قال تعال‪َ { :‬وإِذْ قَالَت طّاِئ َفةٌ مّْنهُ ْم يَا َأهْلَ‬
‫َيثْرِبَ لَا ُمقَامَ َلكُمْ فَا ْر ِجعُوا} [الحزاب‪]13:‬‬

‫فقالت طائفة منهم‪:‬‬

‫‪ -‬ل مقام لكم هنا لكثرة العدو فارجعوا إل الدينة‪.‬‬

‫‪ -‬و قيل‪ :‬ل مقام لكم على القتال فارجعوا إل الستئمان والستجارة بم‬

‫‪ ..‬فهكذا لا قدم العدو من التتار كان من النافقي من قال‪:‬‬

‫‪115‬‬
‫‪ -‬ما بقيت الدولة السلمية تقوم فينبغي الدخول ف دولة التتار‪.‬‬

‫‪ -‬و قال بعض الاصة‪ :‬ما بقيت تسكن‪.‬‬

‫‪ -‬و قال بعضهم‪ :‬بل الصلحة الستسلم لؤلء كما قد استسلم أهل العراق و الدخول‬
‫تت حكمهم‪...‬‬

‫إل أن قال ش يخ السـلم‪ :‬فإن هذه الاد ثة كان في ها أمور عظي مة جازت حد القياس‪،‬‬
‫وخر جت عن سنن العادة‪ ،‬وظ هر ل كل ذي ع قل من تأي يد ال لذا الد ين‪ ،‬وعناي ته بذه‬
‫المة بعد أن كاد السلم أن ينثن‪.‬‬

‫وانقطعـت السـباب الظاهرة‪ ،‬وأهطعـت الزاب القاهرة‪ ،‬وتاذلت القلوب التناحرة‪،‬‬


‫وثب تت الفئة النا صرة فف تح ال أبواب ساواته لنوده القاهرة‪ ،‬وأر غم معا طف أ هل الك فر‬
‫والنفاق وجعل ذلك آية للمؤمني إل يوم التلق‪ ...‬انتهى كلمه رحه ال‪.‬‬

‫ولاـ وصـلت الخبار أن التتار يعدون العدة لغزو الشام فخاف الناس‪ ،‬وغلت الواصـلت‬
‫وأصبح إيار اليل من حاسة إل دمشق مائت درهم سنة تسع وتسعي وستمائة للهجرة‪.‬‬

‫ورأى بعض المراء تسليم القلعة للتار حاية للسكان‪ ،‬فوقف ابن تيمية أمامهم وطلب من‬
‫صاحب القلعة عدم تسليمها ولو ل يبق فيها إل حج ٌر واحد؛ فأخذ صاحب القلعة برأي‬
‫ابن تيمية‪ ،‬وكان فيه مصلحة للمسلمي‪.‬‬

‫ووصلت الخبار بقدوم اليوش الصرية إل الشام‪ ،‬فخرج هولي ومن معه من التتار إل‬
‫دمشق‪ ،‬وبقيت دمشق بل جند ول حرس‪ ،‬فنودي ف أهلها أن يرجوا بأسلحتهم ويبيتوا‬
‫على السوار والبواب يرسون البلد فخرجوا على السوار‪.‬‬

‫‪116‬‬
‫وكان ابن تيمية يدور على السوار كل ليلة يرض الناس على الصب والقتال ويتلوا عليهم‬
‫آيات الهاد والرباط‪.‬‬

‫ولا عادت الياة إل دمشق دار ابن تيمية وأصحابه على الانات فكسروا آنية المور‪ ،‬ث‬
‫خرج ا بن تيم ية مع الثرم ‪ -‬نائب دم شق – إل بلد جبيلة وك سروان لتأد يب الراف ضة‬
‫والباطنيـة على دعمهـم التتار‪ ،‬وإغارتمـ على السـلمي‪ ،‬فخرج رؤسـائهم إل ابـن تيميـة‬
‫فأظهروا الطاعة والندم‪ ،‬وردوا كل ما أخذوا‪ ،‬ث عاد الثرم إل دمشق‪ ،‬وصدرت الوامر‬
‫أن يُــعلق الناس السـلحة بالدكاكيـ‪ ،‬وأن يتعلموا الرمـي فبنيـت الماجات ( وهـي‬
‫معسـكرات التدريـب فـ دمشـق ) وأمـر الفقهاء أن يتعلموا الرمـي اسـتعدادا لي ظرف‬
‫طارئ‪.‬‬

‫وهكذا يب الستعداد من المة ف اوقات الاء حت إذا نزلت الشدائد انبى من أبنائها‬
‫من يدافع عنها ويرد عنها كيد العداء‪ ،‬وف سنة ثنتي وسبعمائة للهجرة دخل التتار بلد‬
‫الشام‪ ،‬فاضطرب الناس‪ ،‬وقنتوا فـ الصـلة‪ ،‬ثـ كان أول الواجهات‪ ،‬فجاءت قوة التتار‬
‫قوام ها سبعة آلف مقا تل‪ ،‬فت صدى ل ا جا عة من أبطال الشام عدد هم ألف وخ سمائة‪،‬‬
‫فنصر ال جنوده‪.‬‬

‫ومـع اقتراب جيـش التتار انسـحب اليشان‪ :‬الموي واللبـ إل حصـ‪ ،‬ثـ خافوا أن‬
‫يباغتهم التتار فنلوا إل مرج ال صُـفّـر‪ ،‬وو صل التتار إل ح ص‪ ،‬ث ساروا إل بعلبك‪،‬‬
‫فاشتد خوف الناس‪ ،‬وانتشرت الشاعات والراجيف‪ ،‬فكان لشيخ السلم ابن تيمية دور‬
‫كبي ف تدئة الناس والفاظ على الستقرار الداخلي‪.‬‬

‫ث بدأ بعض الناس يُـشككون ف‪ :‬شرعية قتال التتار؛ لنم يظهرون السلم تاما كما‬
‫يفعل بعض النهزمة الن ف قتال جند الطواغيت‪.‬‬

‫قال ابن حزم ف الحلى‪( :‬إنه ل أعظم جرما بعد الكفر من نى عن الهاد ف سبيل ال‬
‫وأمر أن تُـسلم الري إل أعداء ال) انتهى كلمه رحه ال‪.‬‬

‫‪117‬‬
‫فانبى ابن تيمية لم وأصدر فتاويه الشهورة ف وجوب قتال التتار‪ ،‬وفند جيع الشبه الت‬
‫أثيت حول هذه ال سألة‪ ،‬وكان يقول للناس‪( :‬لو رأيتمو ن ف ذلك الا نب وعلى رأ سي‬
‫مصحف فاقتلون؛ فتشجع الناس للقتال وقويت قلوبم)‪.‬‬

‫ولاـ اقترب التتار التفـت ابـن تيميـة إل أ حد أمراء الشام‪ ،‬وقال‪( :‬يافلن‪ ،‬أوقف ن مو قف‬
‫الوت) [هنا يبكي الشيخ أبو مصعب]‪.‬‬

‫يقول المي‪ :‬فنقلته إل مقابلة العدو وهم منحدرون كالسيل‪ ،‬تلوح اسلحتهم تت الغبار‪،‬‬
‫ث قلت‪ :‬يا سيدي هذا مو قف الوت [ه نا يب كي الش يخ أ بو م صعب] وهذا العدو و قد‬
‫أقبل تت الغبة‪ ،‬فرفع الشيخ طرفه إل السماء‪ ،‬وأشخص بصره وحرّك شفتيه [هنا يبكي‬
‫الشيخ أبو مصعب] طويلً ‪-‬يدعو ربه– [هنا يبكي الشيخ أبو مصعب] ث التحم بالتتار‪،‬‬
‫واشتد القتال‪ ،‬واشتعل النال‪ ،‬واستبسل البطال‪ ،‬ففر التتار إل البال‪.‬‬

‫ث أظلم الليل وحاصر السلمون البال‪ ،‬وقد امتلئت قلوب التتار بالرعب‪.‬‬

‫أيها الجاهدون؛‬

‫إن الدين ليقوم إل على أول العزمات من الرجال‪ ،‬ول يقوم أبدا على أكتاف الترخصي‬
‫والترفي‪ ،‬وحاشاه أن يقوم على أكتافهم‪.‬‬

‫فالدين العظيم ل يقوم إل على أكتاف العظماء من الرجال‪ ،‬والسئولية السيمة الت ناءت‬
‫بملها السموات والرض‪ ،‬ل يكن ان يقوم با إل أهلها ورجالا‪.‬‬

‫إن كنت تنوح يا حام البان للبي *** فأيــن شاهــد الحــزان‬
‫أجفانك للدمـوع أم أجفانـي *** ل يُـقبــل مُـدّع بل بـرهان‬

‫‪118‬‬
‫كيف يقوم السلم ويعود إل سالف مده وعزه دون عزمة كعزمة أب بكر الصديق يوم‬
‫الردة‪ ،‬إذ أقسم ذلك الشيخ الكبي‪ ،‬الرقيق البكّـاء ف عزمة من أعظم عزماته قائلً‪( :‬وال‬
‫لقاتلن من فرق بي الصلة والزكاة‪ ،‬فإن الزكاة حق الال‪ ،‬وال لومنعون عقالً كانوا‬
‫يؤدونه إل رسول ال عليه الصلة والسلم لقاتلتهم على منعه)‬

‫ك يف يقوم ال سلم دون عز مة كعز مة أ نس بن الن ضر الذي قال‪( :‬لئن أشهد ن ال قتال‬
‫الشرك ي لي ين ال ما أ صنع)‪ ،‬فش هد أحدا فقا تل ح ت و جد ب سده و هو م يت ب ضع‬
‫وثانون طعنة وضربة‪.‬‬

‫وقد كان النب صلى ال عليه وسلم يدعو ربه‪" :‬اللهم إن اسالك الثبات ف المر والعزية‬
‫على الرشد"‪.‬‬

‫إن المة العالية لتغلي ف القلوب غليان الاء ف القدر‪،‬وإنا لتستحث صاحبها على عظائم‬
‫المور صباح مساء حت يكون كما يقول الشافعي ‪-‬رحه ال‪( :-‬الراحة للرجال غفلة)‪.‬‬

‫وهذا ال صحاب عبدال بن ج حش ينت حي جانبا مع سعد بن أ ب وقاص ق بل غزوة أ حد‪،‬‬


‫واتفقا على أن يدعو كل واحد منهما دعاءً ويؤمن الخر فكان دعاء عبدال بن جحش‪:‬‬

‫(الل هم ارزق ن رجلً شديدا حرده‪ ،‬شديدا با سه أقاتله ف يك ويقاتل ن‪ ،‬ث يأخذ ن فيجدع‬
‫أنفي وأذن‪ ،‬فإذا لقيتك غدا قلت يا عبد ال فيم جُـدع أنفك وأذنك؟ فأقول‪ :‬فيك وف‬
‫رسولك‪ ،‬فتقول‪ :‬صدقت)‪.‬‬

‫ما أعظم هذا الدعاء‪ ،‬وما أروعه‪..‬‬

‫إن ا نفوس با عت كل ش يء لرب ا‪ ،‬وتول ال ر عند ها حلوا‪...‬إ نه ل ي صدر إل من ر جل‬


‫ا ستعذب الطريق وذاق حلوته‪ ،‬فل يهمه شيء سوى مرضات ربه‪ ،‬ول يهمه سوى أن‬
‫يلقي ال وهو طائع له مقتول ف سبيله‪.‬‬

‫‪119‬‬
‫من لنا بثل هذه العزمات‪ ،‬من لنا بثل أحد بن حنبل‪ ،‬وابن تيمية‪ ،‬والعز بن عبد السلم؛‬
‫يملون رايـة الهاد فـ سـبيل ال‪ ،‬واللد ضـد اعداء ال‪ ،‬وقـد ترك العلماء اليدان‪،‬‬
‫وانسحبوا من قيادة الركب‪ ،‬وشق عليهم أن يبذلوا الهج من أجل ال‪ ،‬ول يكفهم حت‬
‫صاحوا بالجاهدين‪ ،‬ورموهم بكل نقيصة‪ ،‬فل تسمع صوتم إل ف مناوءة الجاهدين‪..‬‬
‫كل ذلك تت ذريعة‪ :‬السياسة والكياسة‪.‬‬

‫ول أدري مت سيترك هؤلء ((فقه الزية‪ ،‬ومفاهيم الور والب))‪.‬‬

‫أمـا سـعتم كيـف اسـتنكروا ذبـح المريكـي (بيغ)‪ ،‬لقـد أقدموا على السـتنكار لنمـ‬
‫أحجموا من ق بل عن قتال الكفار‪ ،‬ولن م ل يتن سموا رياح ال عز ول يرفعوا رأ سا بعا ن‬
‫اليان الت يستعلي با الؤمن على الاهلية وأهلها‪:‬‬

‫ي وََلكِ ّن الْ ُمنَافِقِيَ لَا يَعَْلمُون} [النافقون‪]8:‬‬


‫{وَلِلّ ِه اْلعِ ّز ُة وَلِ َرسُولِ ِه وَلِلْ ُم ْؤ ِمنِ َ‬

‫فمثلهم حقيق أن يشق عليه تصور نفسه –وهو العبد الذليل– يذبح السيد المريكي‪.‬‬

‫ن عم‪ ..‬فل قد ارتضعوا لبان الوان من ث ــدي أمهات م ف سرى ف أعماق هم‪ ،‬فأ ن ل م أن‬
‫يغيوا أو يبدلوا‪.‬‬

‫هذه القيقة الرة ل يستعلنون با‪ ،‬ولكنهم يغطونا برداء الفقه‪ ،‬ويقدمونا موشّـاة بلباس‬
‫الكمـة؛ فزعموا وكذبوا أن هذا المـر شوّه صـورة السـلم فـ أعيـ الغربييـ ذوي‬
‫الحاسيس الرهفة‪ ،‬وأن العال كان يتفاعل مع جرية أب غريب وقوانتنامو‪ ،‬فجاءت هذه‬
‫العملية فأثرت سلبا على هذا التفاعل والتجاوب من شعوب العال‪.‬‬

‫‪120‬‬
‫بل إن شعبية كلب الروم بوش كانت ف أدن مستوياتا فجاءت هذه العملية فرفعت من‬
‫شعبيته‪ ،‬وكأن أحرار العال الزعومي كانوا قد أحدّوا سيوفهم وعبأوا كتائبهم واشرأبت‬
‫منهم العناق لتحرير العراق واستنقاذ الرائر والثكال من سجون القهر والظلم‪.‬‬

‫والؤ سف حقا والفزع أن العلم ال صليب الكا فر قد ا ستطاع وبواطأة أبناء جلدت نا أن‬
‫يؤثروا ف تكوين شخ صية ال سلم‪ ،‬ف من خلل ال ضخ الره يب‪ ،‬والقنوات العرب ية والعال ية‬
‫ن ح هؤلء ف غ سل أدم غة ال سلمي والتأث ي على تفكي هم‪ ،‬وتنك يس فطر هم‪ ،‬وتن يث‬
‫عزائمهم‪.‬‬

‫سبحان ال عدو صليب حقود جاء بخطط رهيب للسيطرة على المة والتمكي لليهود‪،‬‬
‫فحارب الشري عة‪ ،‬واغت صب الرمات‪ ،‬وانت هك العراض‪ ،‬و سام الناس ال سف والوان‪،‬‬
‫وأم ت تر قب من بع يد ل ت سن غ ي الل طم والعو يل‪ ..‬عاجزة عن ك سر قيود الذل ال ت‬
‫رسفت فيها زمانا طويلً‪.‬‬

‫لقـد انشئت أجيال أُشربـت الذل وذللت بلبوس العار‪ ،‬فانقلبـت موازينهـا وتغيت تغيا‬
‫كبيا جدا‪ ،‬ففقدت موازين الرشد وهداية السماء‪ ،‬كما أخبنا الصادق الصدوق‪:‬‬

‫(تُـعرض الفت على القلوب عرض الصي عودا عودا‪ ،‬فأي قلب أنكرها نُكت فيه نكتة‬
‫بيضاء‪ ،‬وأي قلب أشربا نُكتت فيه نكتة سوداء‪ ،‬حت يصي القلب على قلبي‪ :‬ابيض مثل‬
‫الصفاة ل يضره فتنة مادامت السموات والرض‪ ،‬والخر أسود مربازا كالكوز مخيا‪ ،‬ل‬
‫يعرف معروفا ول ينكر منكرا‪ ،‬إل ما أشرب من هواه)‪.‬‬

‫وهذا هو أبو بكر الصديق‪ ،‬الرحيم الشفيق –فداه أب وأمي– يط لنا طريقا لئحا‪ ،‬وسنة‬
‫واضحة حي كُـتب إليه ف أسي التمس قومه فداءه بكذا وكذا‪ ،‬فقال‪( :‬اقتلوه‪ ..‬لقتل‬
‫رجل من الشركي أحب إل من كذا وكذا)‬

‫‪121‬‬
‫ولقد سعى بعض الوسطاء ف استنقاذ هذا العلج وبذلوا لنا ما شئنا من الموال –مع‬
‫حاجتنا الاسة إل الال نضخه ف عجلة الهاد– ولكننا آثرنا أن نثأر لخواتنا وأن ننتقم‬
‫لمتنا‪.‬‬

‫ونن قد عاهدنا ال على أن نُحيي المر العتيق‪ ،‬ونلزم سُـنن الراشدين‪.‬‬

‫أل يقـل نبينـا وهـو الرحيـم الشفوق –صـلى ال عليـه وسـلم‪" :-‬لقـد جئتكـم بالذبـح"‪،‬‬
‫فوجلت منهـا قلوب العتاة القسـاة مـن مل قريـش‪ ،‬فهابوه وخافوه‪ ،‬وأقبلوا يسـترضونه‬
‫ويستعطفونه‪ ،‬وقد كانوا قبل ذلك يسخرون منه ويهزؤن‪.‬‬

‫ونقول‪ :‬لو ان ال مة شحذت سيوفها‪ ،‬وقا مت على أمشاط أقدام ها‪ ،‬وجي شت جيوش ها‪،‬‬
‫وتركـت صـوب واشنطـن طلبا للثأر‪ ،‬فجاءت حادثـة الذبـح فعكسـت الرياح وبعثرت‬
‫اليوش‪ ..‬لكان ل م شأنا آ خر‪ ،‬ول كن أ ين أم ت م ا ح ّل وي ـحُـل بال سلمي ف العراق‬
‫وفلسـطي وأفغانسـتان وأندونيسـيا والشيشان وغيهـم‪ ..‬فهـل تُــحسن أمتـ إل البكاء‬
‫والنحيب‪ ،‬والظاهرات السلمية‪ ،‬والشجب والتنديد‪.‬‬

‫فماذا فعلت جيوش التظاهرين لفغانستان؟؟‬

‫بل ماذا فعلت ال مة للمل ع مر الذي ض حى بدولة كاملة ل جل (مُ سلمٍ واحدٍ) [يق صد‬
‫الشبخ أسامة بن لدن] وهو الن شريد طريد ف البال؟؟‬

‫وماذا فعلت ال مة لن ساء سراييفو وأندوني سيا وكشم ي وفل سطي والعراق اللئي تل طخ‬
‫شرفهن على مرأى ومسمع من المة جعاء؟؟‬

‫وال لو كان في نا بق ية من غية ونوه على أخوات نا الرائر ل ا طاب ل نا نوم‪ ،‬ول ا تلذذ نا‬
‫بالنساء على الفرش حت تستنقذ هؤلء الثكال‪.‬‬

‫‪122‬‬
‫ك بيد عباد الصليب يعبثون به ول ميب‪..‬‬
‫ويلك أمت‪ ..‬عرضُ ِ‬

‫قد استرد السبايا كل منهزم *** ل يبق ف أسرها إل سبايانا‬


‫وما رأيت سياط الذل دامية *** إل رأيت عليها لم اسرانا‬
‫وما نوت على حد الظُب أنفا *** حت لقد خجلت منا منايانا‬

‫وا ستنهاضا للعزائم‪ ،‬وإقرارا لعيون الوحد ين ف مشارق الرض ومغارب ا؛ عزم نا على أل‬
‫نفادي هذا العلج ولو دفعوا لنا وزنه ذهبا‪..‬‬

‫بل إننا عاهدنا ال أن ل نفادي أسيا بال مع إقرارنا بواز ذلك‪ ،‬ولكن حت يعلم أعداء‬
‫ال أنه ليس ف قلوبنا هوادة ول رحة لم‪..‬‬

‫فإما فــك العان‪..‬‬


‫وإما النـحـر‪..‬‬

‫وأع جب عجبا ل ينق ضي من مو قف ب عض النهزم ي من أ صحاب الور وال ب‪ ،‬الذ ين‬


‫أماتوا علينا ديننا‪ ،‬ورضوا بالوان‪ ،‬وعلى رأسهم (حارث الضاري) المي العام ليئة علماء‬
‫السلمي ف العراق‪ ،‬الذي صرح ف بعض مالسه الاصة بأنه ماعاد يستطيع يرفع رأسه‬
‫بسبب ذبح المريكي‪ ،‬والنصر الكوري النوب‪ ،‬فأقول له‪:‬‬

‫لقد كنت أظن من قبل أنك ستحفر قبا وتنام فيه حت يأتيك الوت خجلً من عجزك‬
‫عن مناصرة أخواتك السلمات اللوات انتهك عرضهن ف سجن أب غريب الذي يقع على‬
‫بعد مئات المتار من بيتك‪.‬‬

‫أو أن تقسم أنك لن تلبس عقالً على رأسك ولن تذوق طعاما ولن يغمض لك جفن حت‬
‫تستنقذ أخواتك أو تلك دون ذلك‪ ..‬ولكن وللسف ل يصل شيء من ذلك‪..‬‬

‫‪123‬‬
‫غاية جهادك أن تد حبال الود مع الرافضة‪.‬‬

‫أل تذكر مواقف الزي والعار الت ذللتك إل يوم القيامة حي جعتكم لقاءات الشر مع‬
‫(جواد الال صي) فخاطب ته قائلً‪" :‬ك نت أ سع عن صبك وجلدك فآل يت على نف سي إن‬
‫لقيتك أن أقبل رأسك وحان وقت الوفاء"‪ ،‬ث قمت مبادرا فقبلت رأسا ملئت بالقد على‬
‫السلم‪ ،‬رأس ل يفتر لسانه عن الطعن ف عرض نبيك ممد صلى ال عليه وسلم‪.‬‬

‫فقلي بربك‪ ..‬بأي وجه تقابل نبيك يوم الشر‪.‬‬

‫لقد كنت ضاريا حقا على أهل السلم حي اتمت رموز الهاد بالعمالة‪..‬‬

‫ولكنك كنت حلً وديعا مع الرافضة‪ ،‬فتبعت لم بساجدنا بزعمك أنا حجارة ويكن‬
‫أن يبن غيها‪.‬‬

‫فإل ال نشكوكم‪ ،‬وبي يديه سنوقفكم ونسئلكم‪ ،‬وحسبنا ال ونعم الوكيل‪.‬‬

‫وإنك لتعجب أشد العجب من الصب واللد من أعداء الدين ف حربم للمسلمي‪ ،‬وبذل‬
‫نفوسهم ومهجهم وأوقاتم ف سبيل نصر باطلهم‪ ..‬قال تعال‪:‬‬

‫شيْ ٌء يُرَاد} [ص‪]6:‬‬


‫صبِرُوا عَلَى آِل َهتِكُمْ ِإ ّن هَذَا لَ َ‬
‫{وَانطَلَ َق الْ َمَلأُ ِمْنهُمْ َأنِ امْشُوا وَا ْ‬

‫فهم يقطعون الفياف والقفار بأساطيلهم وجيوشهم الرارة من أجل نشر عقائدهم الباطلة‬
‫وتراق دمائهم‪ ،‬وتزهق أنفسهم ف سبيل باطلهم‪.‬‬

‫نعم‪ ..‬فقد نشرت جريدة الديلي تلغراف – البيطانية – مؤخرا تقريرا يشي إل أن العراق‬
‫أصبح مرتعا للحملت التنصيية‪ ،‬وأشارت إل أن أعضاء الماعات التبشيية ف الوليات‬
‫التحدة بدأوا فـ التنصـي تتـ عنوان (انقاذ النفوس فـ العراق) حيـث أكـد قادة تلك‬

‫‪124‬‬
‫الماعات أن احتلل أمريكا للعراق أوجد فرصة تاريية لداية النفوس الائرة من الشعب‬
‫العراقي سواء كانوا من مسلمي أو النصارى الشرقيي الرثذوكس‪.‬‬

‫ويقول رئيس ملس التنصي العالي (جون برادي) السئول عن التنصي ف الشرق الوسط‬
‫أن أعضاء الكنيسة العمدانية البالغ عددهم ستة عشر مليون نسمة قد طلبت منهم الكنيسة‬
‫قبل الرب أن يواصلوا الدعاء من اجل فتح العراق‪.‬‬

‫وقال جون حنا ‪-‬أحد النصرين‪ -‬بعد زيارة قام با بالعراق‪ :‬السئولية كبية على البشرين‬
‫المريكيي‪ ،‬فالبواب كلها مفتوحة‪ ،‬وأساليب التبشي متاحة‪ ،‬والدعم العسكري موجود‬
‫لنقاذ العراقيي من القيم العادية للمسيحية والسيحيي‪.‬‬

‫أيها الجاهدون؛‬

‫سيقول لكم النافقون وقطاع الطريق إل ال‪ :‬أتظنون أن شيئا ما تريدون سيتحقق‪ ،‬وهل‬
‫تظنون أن اللفة السلمية أو حت الدولة السلمية ستقوم‪ ،‬إن ذلك ل يكن أن يدث‪،‬‬
‫وهو أمر أقرب إل اليال من القيقة‪.‬‬

‫ض غَرّ‬
‫فإذا قالوا ذلك فتذكروا قول ال تعال‪{ :‬إِ ْذ َيقُو ُل الْ ُمنَاِفقُو نَ وَالّذِي نَ فِي قُلُوِبهِم مّرَ ٌ‬
‫هَـؤُلء دِينُهُ ْم َومَن َيَتوَكّلْ عَلَى اللّهِ فَِإنّ اللّ َه عَزِيزٌ َحكِيم} [النفال‪]49:‬‬

‫وقولوا لم‪ :‬إن ال سيفتح على السلمي روما كما وعد رسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫ف الديث الصحيح‪ ،‬وكما فتحت القسطنطينية من قبل‪.‬‬

‫قولوا لم إننا نأمل من نصر ال با هو أبعد من ذلك‪ ..‬إننا نرجو من ال أن يفتح البيت‬
‫البيض والكرملي ولندن‪ ..‬ومعنا وعد ال‪:‬‬

‫‪125‬‬
‫خلَفَ‬
‫خِل َفّنهُم فِي اْلأَرْ ضِ كَمَا ا ْستَ ْ‬
‫{ َوعَدَ اللّ ُه الّذِي نَ آ َمنُوا مِنكُ ْم َوعَمِلُوا ال صّالِحَاتِ َليَ سْتَ ْ‬
‫الّذِينَ مِن َقبِْلهِم} [النور‪]55:‬‬

‫أما مت يكون ذلك‪ ..‬فليست مهمتنا‪ ،‬ول يكلفنا ال با‪ ،‬وإنا كلفنا بالعمل للدين والذود‬
‫عن الشري عة وا ستفراغ الو سع ف ذلك وبذل أق صى ال هد‪ ..‬أ ما النتائج ف هي إل ال عز‬
‫وجل‪.‬‬

‫فعليك بذر الب ل قطف الن *** وال للساعي خي معي‬

‫عندما ابتلي المام أحد – رحه ال – ف فتنة خلق القرآن وظهرت الفتنة بقوة السلطان‪،‬‬
‫جاء رأس البدعة أحد بن أب دؤاد إل المام أحد متشمتا‪ :‬أل تر كيف ظهر الباطل على‬
‫الق يا أحد؟‬

‫فقال المام أح د – رح ه ال –‪ :‬إن البا طل ل يظ هر على ال ق‪ ..‬إن ظهور البا طل على‬


‫الق هو انتقال قلوب الناس من الق إل الباطل‪ ،‬وقلوبنا بعد لزمة للحق‪.‬‬

‫قولوا لؤلء كمـا قال يعقوب عليـه السـلم‪ِ{ :‬إنّيـَلأَجِدُ رِيحَـيُو سُفَ َلوْلَ أَن ُت َفنّدُون}‬
‫[يوسـف‪ ،]94:‬فرغـم كـل هذه البتلءات والشدائد فإننـا ندـ ريـح الفرج و النصـر‬
‫والتمكي‪ ..‬لول أن تفندون‪ ،‬وكثي من الناس يقولون لكم‪ :‬إنكم لفي ظللكم القدي‪.‬‬

‫لقد قال النافقون للصحابة بعد غزوة أحد‪ :‬ارجعوا إل دين آبائكم‪..‬‬

‫وهذه الكلمات يقولا النافقون لهل اليان ف كل زمان إذا أصابت الجاهدون ف سبيل‬
‫ال مصيبة‪ ،‬أو تعرضوا لقتل وجراح وسجن وتعذيب‪.‬‬

‫فإذا قالوا ذلك فقولوا لم‪:‬‬

‫‪126‬‬
‫{ِإنّ اللّهَ يُدَافِعُ عَنِ الّذِينَ آ َمنُوا } [الج‪]38:‬‬

‫{وََليَنصُ َرنّ اللّ ُه مَن يَنصُرُه} [الج‪]40:‬‬

‫وسيقول النافقون لكم مثلما قالوا عن أصحاب الرجيع الذين غدر بم الشركون‪:‬‬

‫(يا ويح هؤلء الفتوني الذين هلكوا هكذا‪ ،‬ل هم أقاموا ف أهلهم‪ ،‬ول هم أدوا رسالة‬
‫صاحبهم)‬

‫وهذه الكلمات ستقال ل كم هذه اليام كل ما ق تل ب عض الخوة‪ ..‬ل هم قعدوا و سلموا‪،‬‬


‫ول هم استطاعوا أن يزيلوا النكرات والوبقات‪.‬‬

‫فإذا سعتم هذا فقولوا لم قول الصّـدّيقة خدية‪( :‬أبشر فوال ل يزيك ال أبدا)‬

‫فنقول ل كل من ما هد ف سبيل ال‪ :‬كل ‪ -‬وال – ل يز يك ال أبدا‪ ،‬إنك مو لت صلون‬


‫الرحام‪ ،‬وتذودون عن الشري عة‪ ،‬وتاهدون ف سبيل ال ضد من ك فر بال من اليهود‬
‫والصليبيي والرتدين‪.‬‬

‫قال الؤرخ م مد الب سام ف كتا به ‪-‬الدرر والفا خر ف أخبار العرب الواخ‪ -‬عن علماء‬
‫الدعوة النجدية ف قتالم للك مصر‪( :‬ول وال تغلّـب عليهم صاحب مصر عن ضعف‬
‫منهم أو جب؛ بل خيانة من العربان‪ ،‬أو رضى من ساكن البلدان)‬

‫أيها الجاهدون؛‬

‫لقد بعتم أنفسكم ل عز وجل وليس أمامكم إل خيار واحد هو أن تُـسلموا البيع لن‬
‫اشتراه‪:‬‬

‫‪127‬‬
‫لّنةَ ُيقَاتِلُو نَ فِي َسبِيلِ اللّ ِه‬ ‫{إِنّ اللّ هَ ا ْشتَرَى مِ َن الْ ُم ْؤ ِمنِيَ أَنفُ سَهُ ْم َوَأ ْموَالَهُم ِبأَنّ َلهُ ُم ا َ‬
‫َفَيقْتُلُو نَ َوُي ْقتَلُو نَ َوعْدًا عََليْ هِ َحقّ ا فِي التّوْرَاةِ وَالِنِيلِ وَاْلقُرْآ نِ َومَ نْ َأوْفَى ِب َعهْدِ ِه مِ نَ اللّ هِ‬
‫ك ُهوَ اْل َفوْ ُز اْلعَظِيمُ} [التوبة‪.]111:‬‬ ‫فَا ْستَبْشِرُوْا ِببَْي ِعكُ ُم الّذِي بَايَ ْعتُم بِ ِه وَذَلِ َ‬

‫وإذا استلم الشتري البيع فليصنع به ماشاء‪ ،‬وليضعه حيث يشاء‪ ،‬فإن شاء وضعه ف قصر‪،‬‬
‫وإن شاء وضعه ف سجن‪ ،‬وإن شاء ألبسه فاخر الثياب‪ ،‬وإن شاء جعله عاريا إل ما يستر‬
‫بـه عورتـه‪ ،‬وإن شاء جعله غنيا‪ ،‬وإن شاء جعله فقيا معوزا‪ ،‬وإن شاء علقـه على عود‬
‫مشنقة‪ ،‬أو سلط عليه عدوه فقتله أو مثــل به‪.‬‬

‫يقول سيّـد – رحه ال – معلقا على حادثة أصحاب الخدود‪:‬‬

‫(ل يكن بد من هذا النموذج الذي ل ينجوا فيه الؤمنون‪ ،‬ول يؤخذ فيه الكافرون؛ ذلك‬
‫لي ستقر ف حس الؤمن ي أ صحاب دعوة ال أن م قد يُدعون إل نا ية كهذه النها ية ف‬
‫طريقهم إل ال‪ ،‬وأن ليس لم من المر شيء‪ ،‬وإنا أمرهم وأمر العقيدة إل ال‪.‬‬

‫إن علي هم أن يؤدوا واجب هم ث يذهبوا‪ ،‬وواجب هم أن يتاروا ال‪ ،‬وأن يؤثروا العقيدة على‬
‫الياة‪ ،‬وأن يستعلوا باليان على الفت وأن يصدقوا ال ف العمل والنية‪ ،‬ث يعمل ال بم‬
‫وبأعدائهم كما يفعل بدعوته ودينه ما شاء‪ ،‬وينتهي بم إل ناية من تلك النهايات الت‬
‫عرفها تاريخ اليان‪ ،‬أو إل غيها ما يعلمه ال ويراه)‪.‬‬

‫وإنمـ أجراء عنـد ال‪ ..‬أفيحُــسن لنـ باع شاة أن يغضـب على الشتري إذا ذبهـا‪ ،‬أو‬
‫يتغي قلبه لذلك!!‬

‫أل ت سمع ع ما حدث ل سد ال وأ سد ر سوله (حزة) ل قد بُ ـقر بط نه وأخر جت كبده‬


‫ومثّـل به‪.‬‬

‫وما جرى لي اللق صلى ال عليه وسلم يوم أحد‪.‬‬

‫‪128‬‬
‫وتأمـل النـبياء والرسـل وهـم صـفوة اللق‪ :‬فلقـد أُلقـي فـ النار إبراهيـم عليـه السـلم‪،‬‬
‫ونــشر بالنشار زكريا‪ ،،‬وذُبح السيد الصور يي‪ ،‬ومكث أيوب ف البلء سنوات‪،‬‬
‫وســجن ف بطن الوت يونس‪ ،‬وبيع يوسف بثمن بس ولبث ف السجن بضع سني‪.‬‬
‫كل ذلك وهم راضون عن ربم ومولهم الق‪.‬‬

‫و قد كان ب عض ال سلف يقول‪( :‬لو ق ــرض جسمي بالقار يض أ حب إل من أن أقول‬


‫لشيء قضاه ال ليته ل يكن)‬

‫فكونوا إخو ت من هؤلء الذ ين ل يُزا حم تدبي هم تدب ي مول هم ول ينا هض اختيار هم‬
‫اختياره سـبحانه‪ ،‬فهؤلء ل يتدخلوا فـ تدبيـ ال بلكـه (لو كان كذا لكـن كذا ‪ -‬ول‬
‫بعسى – ولعل – وليت)‬

‫فاختيار ال لعبده الؤمـن أعظـم اختيار‪ ،‬وهـو أفضـل اختيار مهمـا كان ظاهره صـعبا أو‬
‫شاقا‪ ،‬أو فيـه هلكـة للمال أو ضياع للمنصـب والاه‪ ،‬أو فقـد الهـل أو الال‪ ،‬أو حتـ‬
‫ذهاب للدنيا بأسرها‪.‬‬

‫وتذكروا قصـة غزوة بدر وتفكروا فيهـا جيدا‪ :‬فلقـد أحبّـ بعـض الصـحابة –رضـي ال‬
‫عنهم– وقتها الظفر بالعي‪ ،‬ولكن ال ‪ -‬سبحانه – اختار لم النفي‪ ،‬وفرق بي المرين‬
‫عظيم‪.‬‬

‫فماذا ف العي‪ ..‬إنه طعام يؤكل ث يــذهب به إل اللء‪ ،‬وثوب يبلى ث يـلقى‪ ،‬ودنيا‬
‫زائلة‪.‬‬

‫أمـا النفيـ‪ ..‬فمعـه الفرقان الذي فرق ال بـه بيـ القـ والباطـل‪ ،‬ومعـه هزيةـ الشرك‬
‫واندحاره‪ ،‬وعلو التوحيد وظهوره‪ ،‬ومعه قتل صناديد الشركي الذين يقفون حجر عثرة‬

‫‪129‬‬
‫أمام السـلم‪ ،‬ويكفـي أن ال اط ــلع على أ هل بدر فقال اعملوا ماشئتـم ف قد غفرت‬
‫لكم‪.‬‬

‫أيها الجاهدون؛‬

‫ع ند البتلء يك ثر التقهقرون فل تزنوا لذلك‪ ،‬ف قد أخرج م سلم ف صحيحه عن أ نس‬


‫‪-‬ر ضي ال ع نه‪ -‬أن قريشا صالوا ر سول ال صلى ال عل يه و سلم‪ ،‬فاشترطوا‪ :‬أن من‬
‫جاء منكم ل نرده عليكم‪ ،‬ومن جاءكم منا رددتوه علينا‪ ،‬فقال الصحابة‪ :‬أنكتب هذا؟‬
‫قال‪ :‬ن عم‪ ..‬إن من ذ هب م نا إلي هم (فأبعده ال) و من جاء نا من هم سيجعل ال له فرجا‬
‫ومرجا‪..‬‬

‫فل تزن على من أبعده ال‪.‬‬

‫وما أروع ما قاله ابن القيم –رحه ال‪( -‬عليك بطريق الق ول تستوحش لقلة السالكي‪،‬‬
‫وكلما استوحشت ف تفردك فان ظر إل الرفيق السابق وأحرص على اللحاق بم‪ ،‬وغض‬
‫الطرف ع من سواهم فإن م لن يغنوا ع نك شيئا‪ ،‬وإذا صاحوا بك ف طر يق سيك فل‬
‫تلتفت إليهم‪ ،‬فإنك مت التفت إليهم أخذوك وعاقوك) انتهى كلمه –رحه ال–‬

‫فحذار أن تــصغوا بقلوبكم إل الشبه الت يلقيها قطاع الطريق والنهزمة ليصدوكم عن‬
‫درب الهاد‪ ،‬فالمر هو مض توفيق ال سبحانه و تعال‪ ،‬فإن ال تعال أعرض صفحا عن‬
‫هؤلء فخذلم رغم ما يملون ف صدورهم وعقولم من كثرة الكتب والتون‪.‬‬

‫فالقضية ليست كثرة العلم‪ ..‬بل تقوى ال الت تورث الفرقان اليان‪:‬‬

‫جعَل ّلكُمْ ُفرْقَانا} [النفال‪]29:‬‬


‫{يِا َأّيهَا الّذِينَ آ َمنُواْ إَن َتّتقُواْ اللّ َه يَ ْ‬

‫‪130‬‬
‫ورحم ال شيخ السلم عندما قال‪( :‬وقد أوعبت المة ف كل فن من فنون العلم إيعابا‪،‬‬
‫فمـن نور ال قلبـه هداه باـ يبلغـه مـن ذلك‪ ،‬ومـن أعماه ل تزده كثرة الكتـب إل حية‬
‫وضلل)‪.‬‬

‫اللهم مكن للموحدين ف الرض‪،‬‬


‫اللهم مكن للمجاهدين ف الرض‪،‬‬
‫اللهم جيش جيوشهم‪ ..‬وابعث سراياهم‪ ..‬وخلّـص نواياهم‪..‬‬

‫اللهم احفظهم بفظك‪،‬‬


‫اللهم احفظهم بفظك‪،‬‬
‫اللهم احفظهم بفظك‪..‬‬

‫اللهم اكلهم بعينك الت ل تنام‪ ،‬واللق ينامون‪،‬‬


‫اللهم يسر لم كل خي‪،‬‬
‫اللهم من أرادهم بم خيا فوفقه لكل خي‪،‬‬
‫ومن أراد بم شرا فخذه أخذ عزيز مقتدر‪..‬‬

‫اللهم احفظهم واحفظ أعراضهم‪،‬‬


‫اللهم احفظهم واحفظ أعراضهم‪،‬‬
‫اللهم احفظهم واحفظ أعراضهم‪..‬‬

‫اللهم إنم مساكي؛ فأعزهم بعزك يارب العالي‪،‬‬


‫الم إنم فقراء؛ فأغنهم بفضلك يا رب العالي‪..‬‬

‫اللهم أحيي أمة ممد‪،‬‬


‫اللهم احيي أمة ممد‪،‬‬
‫اللهم احي أمة ممد‪..‬‬

‫‪131‬‬
‫اللهم انصر أمة ممد‪،‬‬
‫يارب العالي‪،‬‬
‫ياربنا‪ ..‬ياربنا‪..‬‬

‫ياربنا انصرنا على القوم الظالي‪،‬‬


‫ياربنا انصرنا على الكافرين‪..‬‬

‫اللهم خذ من دمائنا حت ترضى‪،‬‬


‫اللهم خذ من دمائنا حت ترضى‪،‬‬
‫اللهم خذ من دمائنا حت ترضى‪..‬‬

‫اللهم بطون السباع وحواصل الطي‪،‬‬


‫اللهم بطون السباع وحواصل الطي‪،‬‬
‫اللهم بطون السباع وحواصل الطي‪..‬‬

‫والمد ل رب العالي‪.‬‬

‫صعَبٍ الزّ ْرقَاوِي‬


‫َأبُ ْو مُ ْ‬
‫لهَاد‬
‫َأمِيْ ُر جَمَا َعةِ الّت ْوحِي ِد وَ ا ِ‬
‫ق – بِلدُ الرّافِ َديْن‬
‫ال ِعرَا ُ‬

‫‪132‬‬
‫الطاب الثان عشر‬

‫الَوقِفُ الشّرعِ ّي‬


‫ِمنْ حُكُومَةِ َكرَزَاي العِرَاقِ‬
‫‪ 6‬جادى الثان ‪ 1425‬هـ‬
‫‪ 23‬يوليو‪/‬توز ‪ 2004‬م‬

‫بِصَوْتِ الشَيخ‬
‫ب الزّرْقَاوِي ( َرحِ َمهُ ال)‬
‫أَِبيْ مُصْع ٍ‬

‫بسم ال الرحن الرحيم‪،‬‬

‫المدُ لِ مع ّز ال سلمِ بن صره‪ ،‬ومُذلّ الشر كِ بقهره‪ ،‬وم صرّف المور بأمره‪ ،‬وم ستدر ِ‬
‫ج‬
‫الكافريـن بكره‪ ،‬الذي قدّر اليام دولً بعدله‪ ،‬وجعـل العاقبةَ للمتقي َ بفضلِه‪ ،‬والصـلةُ‬
‫والسلم على من أعلى الُ منا َر السلمِ بسيفِه‪.‬‬

‫أمّا بعد؛‬

‫أمة السلم أبشري فقد طلع فجر دولة القرآن‪ ،‬وبدأت خيوط صبح العز تتسلل عب ليل‬
‫بيم طال أمده‪ ،‬وجثم بظلمه‪ ..‬وظلمه طويلً على صدر المة‪.‬‬

‫‪133‬‬
‫ل قد ا ستطاع أبنائ كم البرة ‪-‬بفضل ال وتوفي قه‪ -‬أن يك سروا صولة أمريكا وأن يطموا‬
‫كبيائها الكاذب‪ ،‬فبدت هذه القوة الغاشة الت طالا سعت حثيثا ف حرب هذا الدين ف‬
‫هذه الرض كدمية لوحش ميف ملؤ يوشك أن تطيش بوخزة إبرة‪.‬‬

‫ـ وهـي تنـ نفسـها وتلم أن تسـتقبل بالورود ونثـر الزهور‪ ،‬إسـتقبال‬‫لقـد جاءت أمريك ا‬
‫الفاتي البرة‪ ،‬ول تدر أن جذوة السلم مازلت متقدة ف أعماق القلوب ل يلك طاغية‬
‫عن يف ول جبار مر يب أيا كان أن يطفئ ها أو ينع ها من أعماق النفوس‪ ،‬وفوجئت بأ مة‬
‫حيـة وشباب مسـلم كريـ عزيـز يأنـف مـن الذل ول يرضـى بالضيـم‪ ،‬فولولت سـريعا‬
‫وانكفأت تلعـق جراحهـا وبدا لاـ أن الفـق مظلم وأن هذه المـة ل تقهـر‪ ،‬فعدلت إل‬
‫أسلوب الكر والداع الذي تتقنه‪.‬‬

‫وبالتوا طئ مع النافق ي والعملء من ب ن جلدت نا بدأ ف صل جد يد من الداع؛ يروم نزع‬


‫فتيل الهاد واطفاء جذوته ف القلوب الؤمنة‪.‬‬

‫(حكومة كرزاي) فكرة وجدت قبو ًل ولقت ناحا ظاهريا ف أفغانستان فلتكرر التجربة‬
‫وليغرر بالمة هنا ف العراق ولتقدم لا وصفة الكر الديد‪( :‬حكومة عراقية ديقراطية)‬
‫ويا لا من طرفة ذهب بريقها‪.‬‬

‫لقد قصدت أمريكا من وراء هذه اللعبة إل أمور؛‬

‫أولً‪( :‬حقن الدم المريكي غال الثمن عزيز القدر)‬

‫لقـد أثبـت الندي المريكـي أنـه أجبـ شيـء وأضعفـه‪ ،‬وصـار هدفا سـهلً لسـياف‬
‫الجاهد ين يصدون من هم الرؤوس‪ ،‬ول تفلح التكنولوجيا التطورة‪ ،‬ول ال سلحة الفتا كة‬
‫الذكية ف الدفع والذود عن هؤلء النوكى؛ فليكن ذلك إذا بأيدي العبيد السمر والنود‬
‫رخاص الثمن من أبناء العال الثالث؛ يُتخذون درعا للمريكان ومنا لم يستترون بم من‬
‫ضربات الجاهديـن‪ ،‬وليكونوا أيضا كا سحة ألغام وطلئع معركـة مع أبناء أمت هم؛ فهـم‬

‫‪134‬‬
‫أقدر على القتال وأشد وأنكى على الجاهدين ولينعم السيد المريكي بقرة العي هانئا ف‬
‫قواعده بعيدا عن لظى الرب‪ ،‬وهاهم المريكان يستاقون اللف من هؤلء ليدوسوا بم‬
‫أمة السلم مقابل لعاعة من الدنيا‪ ،‬وفتات من مال سرقوه أصلً من ثروات وكنوز هذه‬
‫الرض العطاء‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬لقد أثبتت شهادة التاريخ والتجربة العاصرة أن الستعمار (غي الباشر) هو السلح‬
‫الجدى مع هذه ال مة‪ ،‬فبدلً من أن يتول الج نب الكا فر ا ستلب ال مة ون ب ثروات ا‬
‫واستعبادها بنفسه؛ فليكن ذلك على أيدي النافقي من ينتسب إل هذه المة لونا ولسانا‪.‬‬

‫وها هي الدول العربية من حولنا تُـدار من البيت البيض عب وسطاء شديدي الخلص‬
‫لسيادهم‪ ،‬أذلوا المة وساموها السف والوان‪ ،‬وباعوها ف سوق النخاسة بثمن بس‪،‬‬
‫وقدموا أبنائهـا قرابيـ على مذبـح السـيد المريكـي؛ فلتكرر التجربـة إذا مرة أخرى فـ‬
‫العراق‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬لقـد صـرح كولن باول قديا أمام إحدى النظمات اليهوديـة قائلً‪( :‬إن حربنـا على‬
‫العراق لتحرير اسرائيل من الطر العراقي)‪.‬‬

‫وإذ قد عجزت أمريكا عن أداء هذه الهمة فلتوكل با إل النافقي من بن جلدتنا‪ ،‬فهم‬
‫أقوى وأقدر‪ ،‬أل يقـل العور موشـى ديان قديا‪( :‬إن الدول العربيـة بنلة الكـــلب‬
‫ترسنا)‪.‬‬

‫أل ي قم الرتدون من أب نا جلدت نا بذه اله مة خ ي قيام وير سوا ا سرائيل حرا سة مشددة‪،‬‬
‫وهاهو (علوي) قد تعهد واستعد للقيام بذه الهمة؛ فلتسند إليه إذا‪.‬‬

‫رابعا‪ :‬مع ت سارع ح ى النتخابات المريكية فل بد لراعي الب قر من انازات ولو كانت‬
‫موهومة‪ ،‬وهكذا تُختزل قضايا أمتنا ومصيها لتصبح أوراقا انتخابية بيد رعاة البقر‪.‬‬

‫‪135‬‬
‫ونن نقول هنا للدارة المريكية؛ وللعال من ورائها‪:‬‬

‫أولً‪ :‬نن هنا ل ناهد لجل حفنة تراب‪ ،‬أو حدود موهومة رسها سايكس وبيكو‪ ،‬كما‬
‫وأننا ل ناهد ليحل طاغوت عرب مكان طاغوت غرب‪ ،‬لكنّ جهادنا أسى وأعلى‪.‬‬

‫إننا ناهد لتكون كلمة ال هي العليا وليكون الدين (كله) ل‪{ :‬وَقَاتِلُوهُ مْ َحتّى َل َتكُو نَ‬
‫ِفْتنَ ٌة َوَيكُونَ الدّينُ ُكلّهُ لِلّه} [النفال‪]39:‬‬

‫و كل من ناوء هذا الدف أو و قف ف طر يق هذه الغا ية ف هو عدو ل نا وهدف ل سيافنا‬


‫مهما كان اسه ومهما كان نسبه‪.‬‬

‫إن ل نا دينا أنزله ال ميزانا وحكما‪ ،‬قوله ف صل‪ ،‬وحك مه ل يس بالزل‪ ،‬هو الن سب الذي‬
‫ـ نبويـة‪،‬‬
‫بيننـا وبيـ الناس‪ ،‬فموازيننـا ‪ -‬بمـد ال ‪ -‬سـاوية‪ ،‬وأحكامنـا قرآنيـة‪ ،‬وأقضيتن ا‬
‫المريكي السلم أخونا البيب‪ ،‬والعرب الكافر عدونا البغيض‪ ،‬ولو تشاركنا وإياه ف رحم‬
‫واحدة‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬كل م سلم أخ لنا نذود دونه وعنه‪ ،‬وليعلم أهل السلم ف كل مكان أننا ل ولن‬
‫نترئ على قتل مسلم معصوم أو سفك دم حرام حاشا وكل‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬لقد ولـى الزمان الذي تقبل فيه المة أن ترتضع الذل والوان وأن يُـسرق فجرها‬
‫الوا عد على أيدي النافق ي من أب نا جلدت نا ف القرن الا ضي بذلت ال مة الغال والنف يس‪،‬‬
‫و صاولت وطاولت‪ ،‬وجاهدت الكا فر الح تل‪ ،‬و ف غفلة من ع ي الرق يب وب سذاجة ل‬
‫تُ ـحسد علي ها أذ نت للمنافق ي الو صوليي أن ي ستلموا د فة ال كم‪ ،‬وأن يتبوؤا مكان‬
‫القيادة ففعلوا بأهل السلم ما عجز الجنب الكافر أن يفعل عشر معشاره‪.‬‬

‫هذه التجربة حاضرة ف أذهاننا ماثلة أما أعيننا ولن نسمح بتكرارها بإذن ال‪.‬‬

‫‪136‬‬
‫ل قد أح يا أبنائ كم البرة – ب مد ال – ف قه سلفنا ال صال ف قتال طوائف الردة وإنفاذ‬
‫ح كم ال ف الرتد ين والمتنع ي عن شرائع ال‪ ،‬و سيظل جهاد نا مو صولً ل يفرق ب ي‬
‫كافر غرب أو مرتد عرب حت تعود اللفة إل الرض أو نوت دون ذلك‪.‬‬

‫ـ أنـت ذا تكرر الريةـ النكراء نفسـها‪ ،‬لقـد‬ ‫رابعا‪ :‬أمـا أنـت أيه ا‬
‫ـ الندي والشرطـي فه ا‬
‫رضيت لنفسك من قبل أن تكون حذاء للطاغوت (صدام) يدوس بك كرامة وعرض أهل‬
‫السلم‪ ،‬ويروع بك المني‪ ،‬ويقتل بسلحك البئاء‪.‬‬

‫هذه القصة التكررة ندها أين ما توجهنا ف طول العال السلمي وعرضه‪ ،‬طغاة ظالون‬
‫يبطشون بأمة مستضعفة ويستذلونا‪ ،‬كل ذلك‪ ..‬بك أيها الندي‪.‬‬

‫أ ما ن ن فلن ن سمح لك أن تدم آمال نا بذا الهاد البارك‪ ،‬ولن نأذن لك أن ت سطوا على‬
‫غدنا الوضاء الذي بدأت تباشيه تلوح ف الفق‪.‬‬

‫َانـ وَ ُجنُو َدهُمَا كَانُوا خَا ِطئِيـ}‬


‫ْنـ وَهَام َ‬
‫لقـد حكمنـا عليـك بكـم القرآن‪{ :‬إِنّ فِ ْر َعو َ‬
‫[القصص‪.]8:‬‬

‫وسنُـنفذ فيك القدر اللي‪َ{ :‬فأَخَ ْذنَا ُه وَ ُجنُو َدهُ َفَنبَ ْذنَاهُمْ فِي الْيَم} [القصص‪.]40:‬‬

‫خامسا‪ :‬كل ما تذكرت أخواتنا الرائر ف سجون الصليبيي وكلما تراءت أمامي صورة‬
‫تلك الرة الثكلى وهـي تُــكره على ترع كأس ملئت بــ (منـ عباد الصـليب)‬
‫تيـــد ب الرض‪.‬‬

‫وأعاهد ال على النتقام من كل يد ساهت ف صنع فصول هذه الؤامرة‪.‬‬

‫أبكي على تلك الكواعب ويلها *** سيقت إل أحضان نذل مرم‬
‫بالمس كن حرائر ل يُـرتقى *** أبدا لن بــعدن بعد النــجم‬

‫‪137‬‬
‫واليوم ذقن السر ذقن هوانه *** فبكي دمعا قانيــــا كالعنــدم‬

‫وأعجب من بعد عجبا ل ينقضي كيف يرتضي مسلم حرٌ فيه بقية من دين وقد رأى هذا‬
‫العار أن يكون جنديا ع ند عباد ال صليب‪ ،‬أو شرطيا ع ند هؤلء الكفار‪ ،‬هل ف قد هؤلء‬
‫الحساس وتردوا من دينهم؟؟‬

‫ل قد عاهد نا ال وأخذ نا على أنف سنا عهودا مغل ظة أن ل نل ي ول ن ستكي ح ت ن ستنقذ‬


‫هؤلء الثكال ونثأر للعرض الستباح والكرامة الهراقة‪.‬‬

‫سادسا‪ :‬أما أنت علوي ‪-‬عفوا– رئيس الوزراء النتخب ديقراطياً‪ ،‬فقد أعددنا لك سا‬
‫ناقعا وسيفا قاطعا‪ ،‬وملئنا لك كأسا مترعة بريح النية وعبق الوت‪.‬‬

‫ل قد نوت من ح يث ل تدري مرارا من فخاخ مك مة أر صدناها لك‪ ،‬ولكن نا نعدك أن نا‬


‫نستكمل معك الشوط إل نايته‪ ،‬ولن نكل أو نل حت نسقيك من الكأس الت سقينا منها‬
‫( عز الد ين سليم) أو نلك دو نه؛ فأن تم رموز ال شر وأئ مة الكفروعنوان العمالة وال سة‪،‬‬
‫أنتم أهل النفاق‪{ :‬هُ ُم اْلعَ ُدوّ فَاحْ َذ ْرهُمْ قَاتََلهُمُ اللّهُ َأنّى ُيؤَْفكُون} [النافقون‪.]4:‬‬

‫سـابعا‪ :‬حذار حذار‪ ..‬مـن مكـر كُبــار ينسـجه المريكان مـع قرضاي العراق الديـد؛‬
‫ف علي كم أن امري كا كا نت قد‬
‫لي سرقوا الن صر الذي أحرزه أبنائ كم ف الفلو جة غ ي خا ٍ‬
‫أعدت معسـكرات اعتقال كـبية‪ ،‬وكانـت تنوي أن تذل رجال الفلوجـة جيعا‪ ،‬وأن‬
‫ت ستبيح أعراض هم ثأرا لكرامت ها الهدرة على أعتاب هذه الدي نة‪ ،‬ول كن فوجئوا وبشهادة‬
‫سادتم وقادت م بشجاعةٍ وب سالةٍ قل ف التار يخ نظيا ل ا؛ فطا شت سهامهم‪ ،‬وارتدت‬
‫قواتم على أعقابا خاسئة ذليلة؛ فتعاظم حقدهم وازداد حنقهم‪ ،‬وقرروا أن يغتالوا فرحة‬
‫الظفر ولكن‪..‬‬

‫بالتواطـئ مـع الرتديـن مـن بنـ جلدتنـا وكذا وللسـف مـع بعـض شيوخ العشائر‪،‬‬
‫فانسلخوا من دينهم‪.‬‬

‫‪138‬‬
‫كل ذلك بجة وجودي ف الفلوجة‪ ،‬وكذب زعمهم‪ ،‬وما درى هؤلء المقى أن بمد‬
‫ال سـيـــاح فـ العراق أتنقـل ضيفا على إخوانـ وأهلي فـ طول البلد وعرضهـا‪،‬‬
‫لكنها ذريعة للنتقام‪.‬‬

‫وكونوا على حذر دائم عيونكـم صـوب العدو وأصـابعكم على الزناد وال معكـم ولن‬
‫يتركم اعمالكم‪.‬‬

‫ثامنا‪ :‬أما أنت أمتنا البيبة؛ فل أظن أن عاق ً‬


‫ل بقي يصدق أكذوبة (الديوقراطية الوعودة)‬
‫ب عد صرخات (أ ب غر يب) وفضائح (غوانتان و) وإل ال نشكوا هذا ال صمت والذلن‬
‫العجيب من المة‪ :‬علمائها ودعاتا وعوامها‪.‬‬

‫ما لَ كِ أ مة ال سلم أخن يت على الذل وطو يت على النوع وهذه اللمبالة وال سلبية‬
‫الطلقة إل مت!!!‬

‫أ ما أن تم علماء ال سلطي فهل أفتي تم بالقنوت ضد المريكان ك ما أفتي تم بالقنوت ضد‬


‫إخواننا الجاهدين ف جزيرة ممد صلى ال عليه وسلم‪.‬‬

‫لقد ذكرتونا بفتياكم هذه صنيع (بلعام ابن باعوراء) الذي راوده قومه ليدعوا على موسى‬
‫عل يه ال صلة وال سلم‪ ،‬فمازالوا به ح ت ف عل فعاق به ال –و هو العال بآيات ال– فأدلع‬
‫لسانه‪.‬‬

‫ونسأل ال تعال أن يفعل بكم ما فعل به‪ ،‬فقد احتذيتم حذوه‪ ،‬واقتفيتم أثره‪.‬‬

‫أمة السلم لسنا باجة إل دروس ف معان الرية أو أساليب الكم من رعاة البقر‪ ،‬لقد‬
‫أغنانا ال بالقرآن وسنة النب عليه الصلة والسلم‪َ{ :‬أوَلَ ْم َي ْكفِهِمْ َأنّا أَنزَْلنَا عََليْكَ اْل ِكتَا بَ‬
‫ُيتْلَى عََلْيهِم} [العنكبوت‪]51:‬‬

‫‪139‬‬
‫بلى وال قد كفى ال وشفى‪..‬‬
‫بلى وال قد كفى ال وشفى‪..‬‬

‫وأبشري أ مة ال سلم ب ا ي سرك ‪-‬بعون ال–‪ ،‬ف قد بدأت طلئع الف تح‪ ،‬و سيكون ل نا مع‬
‫الكفار صولت وجولت‪.‬‬

‫{وَاللّ ُه غَاِلبٌ عَلَى َأمْ ِر ِه وَلَكِنّ أَ ْكثَ َر النّاسِ لَا يَعَْلمُونَ} [يوسف‪]21:‬‬

‫والمد ل رب العالي‪.‬‬

‫صعَبٍ الزّ ْرقَاوِي‬


‫َأبُ ْو مُ ْ‬
‫لهَاد‬
‫َأمِيْ ُر جَمَا َعةِ الّت ْوحِي ِد وَ ا ِ‬
‫ق – بِلدُ الرّافِ َديْن‬
‫ال ِعرَا ُ‬

‫‪140‬‬
‫الطاب الثالث عشر‬

‫يةٌ؛‬
‫كَ ِلمَ ٌة قَصِ َ‬
‫كَ ِلمَةُ الشّيخِ َأبِي مُص َعبٍ‬
‫عَبَ شَرِيطِ (رِيَاحُ النّصرِ)‬
‫‪ 22‬جادى الثان ‪ 1425‬هـ‬
‫‪ 8‬إغسطس‪/‬آب ‪ 2004‬م‬

‫ِبقَلَمِ الشَيخ‬
‫ب الزّرْقَاوِي ( َرحِ َمهُ ال)‬
‫أَِبيْ مُصْع ٍ‬

‫بسم ال الرحن الرحيم‪،‬‬

‫إن المـد ل نمده ونسـتعينه ونسـتغفره‪ ،‬ونعوذ بال مـن شرور أنفسـنا ومـن سـيئات‬
‫أعمالنـا‪ ،‬مـن يهده ال فل مضـل له ومـن يضلل فل هادي له‪ ،‬وأشهـد أن ل إله إل ال‬
‫وحده ل شريك له‪ ،‬وأشهد أن ممدا صلى ال عليه وسلم عبده ورسوله‪.‬‬

‫{يَا أَيّهَا الّذِي نَ آ َمنُواْ اّتقُواْ اللّ هَ حَقّ ُتقَاتِ هِ وَلَ تَمُوتُنّ إِلّ َوأَنتُم مّ سْلِمُونَ} [آل عمران‪:‬‬
‫‪]102‬‬

‫‪141‬‬
‫س اتّقُواْ َربّكُ ُم الّذِي خََل َقكُم مّن ّنفْسٍ وَاحِ َد ٍة وَ َخلَ َق ِمْنهَا َزوْ َجهَا َوبَثّ ِمْنهُمَا‬ ‫{يَا َأّيهَا النّا ُ‬
‫رِجَالً َكثِيًا َونِ سَاء وَاّتقُواْ اللّ َه الّذِي تَ سَاءلُو َن بِ ِه وَالَرْحَا مَ إِنّ اللّ هَ كَا َن عََليْكُ مْ رَقِيبًا}‬
‫[النساء‪]1:‬‬

‫{يَا أَيّهَا الّذِي نَ آ َمنُوا اّتقُوا اللّ َه وَقُولُوا َقوْلًا سَدِيدًا * يُ صْلِحْ َلكُ مْ َأعْمَاَلكُ مْ َوَي ْغفِرْ َلكُ مْ‬
‫ُذنُوبَكُ ْم َومَن يُ ِطعْ اللّ َه وَ َرسُولَهُ َفقَدْ فَازَ َفوْزًا عَظِيمًا} [الحزاب‪]71-70:‬‬

‫أمّا بعد؛‬

‫فإن خي الكلم كلم ال عز وجل‪ ،‬وخي الدي هدي نبينا ممد صلى ال عليه وسلم‪،‬‬
‫وشر المور مدثاتا‪ ،‬وكل مدثة بدعة‪ ،‬وكل بدعة ضللة وكل ضللة ف النار‪.‬‬

‫فمن رحم الأساة يولد المل‪ ،‬ومن ظلمة الديور ينبثق النور‪..‬‬

‫بشراكي أمة السلم؛‬

‫و قد ح شد ال ق أجناده‪ ،‬وأ سرج ال جد جواده‪ ،‬وم ضت كتائ به توب الافق ي تقارع‬


‫الظلم‪ ،‬وتطاعن ف نور الكافرين‪.‬‬

‫ل قد أر ست ال مة زمنا طويلً رك نت ف يه إل الدن يا وا ستنامت عن درب الهاد والفداء‪،‬‬


‫واستباح العدو بيضتها‪ ،‬وانتقص أرضها من أطرافها وجاس الكفار خلل الديار‪ ،‬وسنة ال‬
‫أن اليام دول والد هر إقبال وإدبار‪ ،‬ول قد بل غت امت نا القاع‪ ،‬وآذ نت الن ‪-‬وب مد ال‪-‬‬
‫بالرتفاع والقلع من جد يد‪ ،‬و ستظل ترت قي صعدا ح ت تبلغ الذروة وت ستحوذ على‬
‫الجد مرة أخرى؛ ليتحقق لنا بشارة الصطفى صلى ال عليه وسلم فيما رواه مسلم عن‬
‫ثوبان ‪-‬رضي ال عنه– قال‪ ،‬قال رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪:‬‬

‫‪142‬‬
‫"إن ال زوى ل الرض فرأ يت مشارق ها ومغارب ا‪ ،‬وإن أم ت سيبلغ ملك ها ما زوي ل‬
‫منها"‪.‬‬

‫وكذا ما رواه أحد عن تيم الداري –رضي ال عنه– قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم‪:‬‬

‫"ليبل غن هذا ال مر ما بلغ الل يل والنهار‪ ،‬ح ت ل يترك ال ب يت مدر ول وبر إل أدخله ال‬
‫هذا الدين بعز عزيز أو بذل ذليل‪ ،‬عزا يعز ال به السلم وأهله‪ ،‬وذلً يذل ال به الشرك‬
‫وأهله"‪.‬‬

‫ل قد تنل القرآن في ما م ضى على عرب ال صحراء الذ ين تا هت فطر هم ف بيداء الشرك‪،‬‬


‫وغرقوا ف ل ة الفو ضى‪ ،‬ون شت الفر قة جاعت هم‪ ،‬و صار الثأر حديث هم‪ ،‬والنتقام ن سيج‬
‫علقاتم‪ ،‬فأنشأهم ال بنور القرآن خلقا آخر‪ ،‬وبن لم صرحا طاول السماء؛ حت آبت‬
‫صـحرائهم القاحلة بسـاتي حضارة وحدائق علم وفضـل‪ ،‬وصـاروا للمـم رعاةً‪ ،‬وللحـق‬
‫دعاةً‪.‬‬

‫وها هي رياض القرآن –وبمد ال– قد رجعت آهلة بفرسان الفجر الغر‪ ،‬ورجال الغد‬
‫الشرق يصنعه ال من جديد صناعة قرآنية ليتصل حبل الرض من جديد بالسماء فتهب‬
‫نسـائم اليان لتحيـا باـ المـة كرة أخرى‪ ،‬وتتحول مـن بعـد إعصـارا يعصـف بالبغـي‬
‫والظالي‪.‬‬

‫أمة السلم؛‬

‫لقد أكرم ال أبنائك ف جاعة التوحيد والهاد ليكونوا طليعتك القاتلة‪ ،‬وسيفك القاطع‪،‬‬
‫وذراعك الباطشة‪ ،‬على منهج السلف نتلقى‪ ،‬وتت لواء الهاد نضي‪.‬‬

‫إن لكل إنسان قوتي‪:‬‬

‫‪143‬‬
‫‪ -1‬علمية يتصور با القائق ويزن با الفكار‪.‬‬
‫‪ -2‬وعملية يشق با طريقه ويصنع با الحداث‪.‬‬

‫ول شك أن أ صفى تصور ما كان على قاعدة التوح يد‪ ،‬وأن أفضل سعي ما كان متعلقا‬
‫بذروة السنام ‪( :‬الهاد ف سبيل ال)‪.‬‬

‫ولذلك؛‬

‫فن حن جاعة التوح يد والهاد ن صاول العدو‪ ،‬ونطاول الب غي‪ ،‬سعيا إل إعادة الل فة إل‬
‫الرض‪ ،‬وتطبيق الشريعة وإقامة اللة العوجاء‪.‬‬

‫نا هد ه نا وعيون نا على القدس‪ ،‬ونقا تل ه نا وأمد نا رو ما‪ ،‬ح سن ظن بال‪ ،‬أن يعل نا‬
‫مفاتيح البشارات النبوية‪ ،‬والقدار اللية‪..‬‬

‫خلَ َ‬
‫ف‬ ‫خِل َفّنهُم فِي اْلأَرْ ضِ كَمَا ا ْستَ ْ‬ ‫{ َوعَدَ اللّ ُه الّذِي نَ آ َمنُوا مِنكُ ْم َوعَمِلُوا ال صّالِحَاتِ َليَ سْتَ ْ‬
‫الّذِي نَ مِن َقبِْلهِ ْم وََليُ َمكّنَنّ َلهُ مْ دِيَنهُ مُ الّذِي ا ْرتَضَى َلهُ مْ وَلَُيبَدَّلنّهُم مّ ن َبعْدِ َخوِْفهِ مْ َأمْنًا‬
‫َيعْبُدُوَننِي لَا يُشْرِكُونَ بِي َشيْئًا َومَن َكفَ َر َبعْدَ ذَلِكَ َفُأوَْلئِكَ هُمُ الْفَا ِسقُونَ} [النور‪]55:‬‬

‫على ديننا ل نساوم‪ ،‬وعن درب الهاد ل نعدل‪ ،‬وبأوساط اللول ل نرضى‪ ،‬فليس بيننا‬
‫وبي الكفار إل سيف السلم نسلطه حت يكم ال بيننا وبي القوم الكافرين‪.‬‬

‫{وَاللّ ُه غَاِلبٌ عَلَى َأمْ ِر ِه وَلَكِنّ أَ ْكثَ َر النّاسِ لَا يَعَْلمُونَ} [يوسف‪.]21:‬‬

‫صعَبٍ الزّ ْرقَاوِي‬


‫َأبُ ْو مُ ْ‬
‫لهَاد‬
‫َأمِيْ ُر جَمَا َعةِ الّت ْوحِي ِد وَ ا ِ‬
‫ق – بِلدُ الرّافِ َديْن‬
‫ال ِعرَا ُ‬

‫‪144‬‬
‫الطاب الرابع عشر‬

‫أَيـنَ أَهْــلُ الـرُوءَاتِ؟‬


‫‪ 26‬رجب ‪ 1425‬هـ‬
‫‪ 11‬سبتمب‪/‬أيلول ‪ 2004‬م‬

‫بِصَوْتِ الشَيخ‬
‫ب الزّرْقَاوِي ( َرحِ َمهُ ال)‬
‫أَِبيْ مُصْع ٍ‬

‫المدُ لِ مع ّز ال سلمِ بن صره‪ ،‬ومُذلّ الشر كِ بقهره‪ ،‬وم صرّف المور بأمره‪ ،‬وم ستدر ِ‬
‫ج‬
‫الكافريـن بكره‪ ،‬الذي قدّر اليام دولً بعدله‪ ،‬وجعـل العاقبةَ للمتقي َ بفضلِه‪ ،‬والصـلةُ‬
‫والسلم على من أعلى الُ منا َر السلمِ بسيفِه‪.‬‬

‫أمت‪ ...‬أمة السيف والقلم؛‬

‫ما بالك انكسر سيفك وانبطح قلمك؟ وقد كنت من قبل أبية فوق النجوم‪ ،‬فبت اليوم‬
‫مسحوقة تت أقدام الغزاة وسنابك خيل الغاصبي‪.‬‬

‫أمت الغالية؛‬

‫حديثي اليوم إليك ذو شجون‪ ،‬أو ما تسمعي فحيح الفاعي تط طريقها ف ظلم غفلتك‬
‫لتغتال فجرك!‬

‫‪145‬‬
‫دعين ‪-‬أمت البيبة‪ -‬أبث حديثا معدنه تراب ولكن جرت ف لفظه لغة السماء‪.‬‬

‫دعين أحدثك بأمرنا ونن ف منعرج اللوا؛ لتستبين الرشد وتستجمعي القوى؛ مافة أن‬
‫نندم ولت ساعة مندم‪.‬‬

‫لقـد عرف القاصـي والدانـ بقيقـة اللف الشيطانـ؛ ثلثـي الكفـر والكـر فـ أرض‬
‫الرافدين‪:‬‬

‫أولم‪ :‬المريكان‪ ،‬حاملوا لواء الصليب‪.‬‬

‫وثاني هم‪ :‬الكراد‪ ،‬متمثل ي بقوات البشمر قة الطع مة بكوادر ع سكرية يهود ية‪ ،‬يقود ها‬
‫العميلن البزان والطالبان‬

‫وثالثهـم‪ :‬الرافضـة‪ ،‬عدوة أهـل السـنة متمثلة بفيلق الغدر؛ فيلق بدر‪ ،‬وحزب الدعوة إل‬
‫الشيطان‪.‬‬

‫وأما مطيتهم اليوم؛ الائن علوي؛ فله نصيب السد من قوسنا الرامي ‪-‬إن شاء ال‪.-‬‬

‫أيها الائن؛ كُف عنا جُشائك واحفظ لمثالك انتفاخك‪ ،‬وانتظر فذاك الكر الذي يسبح‬
‫ف بية وج هك؛ قد غدا ‪ -‬إن شاء ال ‪ -‬قاب قو سي م نا أو أد ن‪ ،‬فانت ظر ملك الوت‬
‫وأ نت ف هيلك وهيلما نك‪ ،‬مع ال شب ال سندة إخوا نك من مهازل أعضاء حكوم تك‪،‬‬
‫ولئن كان معك عباد الصليب‪ ،‬فمعنا رب م يب قريب‪ ،‬ولن تُع جز ال ف الرض هربا‪،‬‬
‫وإن غدا لناظره لقريب‪.‬‬

‫يا أمت؛‬

‫هذه حقيقة هذا الرافضي ذي السية السوداء‪:‬‬

‫‪146‬‬
‫مازال يُنتج كل يوم قصة *** تُروى وقولً ف الدي ملفقا‬
‫ل من الوهام حت تشنقا‬
‫خوّان أمته الذي يرمي لا *** حب ً‬

‫كالذئب من يرمي إليك بنظرة *** مسمومة مهما بدا متأنقا‬

‫شتان بي فت تشرب قلبه *** بيقينه ومن ادّعى وتشدقا‬


‫وأخو الضللة ل يزال مكابرا *** يطوي على الحقاد صدرا ضيقا‬

‫لقـد طبـق رأس الكفـر الصـليب الثـل؛ "شّر وائتزر و البـس جلد النمـر"‪ ،‬فاسـتنسر على‬
‫النجف؛ ولكن هل للنجف يقصدون أم لغيهم يتهيأون؟!‬

‫يا أمت؛‬

‫تهلي وتبصري‪ ،‬فليس النجف بغيتهم‪ ،‬بل مثلث السنة‪ ..‬ذو العزية الشماء والمة‪.‬‬

‫وأقسم بالذي رفع السبع الطباق‪ ،‬وقطع من الطغاة العناق وأذل الرقاب؛ أن رأس أمريكا‬
‫قد مُرغ ها هنا ف التراب‪ ،‬وداسه أبطالنا حت غدت أسطورته كالسراب‪.‬‬

‫إنمـ أخوة الهاد مـن مهاجريـن وأنصـار‪ ،‬هـم مـن أذاق التحالف العاليـ كؤوس الذل‪،‬‬
‫و صفعوه صفعات ل تن سى‪ ،‬ولقنوه درو سا ل يزال يكتوي من نار ها‪ ،‬ويتلوى من أل ها‬
‫حتـ الن؛ دروسـا نكّسـت أعلمهـم‪ ،‬وزلزلت أقدامهـم‪ ،‬وشتتـت أفكارهـم حتـ دبّـ‬
‫الرعب ف أوصالم‪ ،‬ونر سوس اليأس ف عظامهم‪ ،‬ول ل؟! وقد أثخن أبطالنا فيهم أيا‬
‫إثخان‪ ،‬حت رأوا جب الندي المريكي‪.‬‬

‫نعم! هكذا يريدون أن يوفونا بن سحقوهم هناك ف النجف‪ ،‬وهكذا دأب البان‪ ،‬فبدأوا‬
‫بم ليعيدوا نبض الياة إل موات جنودهم قبل معركتهم الامية القادمة مع أهل السنة‪،‬‬

‫‪147‬‬
‫ك ِبأَبْ صَا ِرهِم} [القلم‪ ،]51:‬لينلوا‬
‫وهذا ديدن الك فر‪َ { :‬وإِن َيكَا ُد الّذِي نَ َكفَرُوا َليُزِْلقُونَ َ‬
‫علم التوحيد الفاق ف أرض العراق تت ظل نصرهم الزائف‪.‬‬

‫فيا فت السلم ف العراق‪ ...‬بل ف كل بلد السلم؛‬

‫أيها الائم يبغي الياة؛‬


‫أيها التائق لنصرة دين ال؛‬
‫أيها الُقدّم روحه بي يدي موله؛‬

‫ـ الدايـة والرشاد‪ ،‬هُنـا الكمـة والسـداد‪ ،‬هُنـا نشوة البذل ولذة الهاد‪ ،‬فلتسـارع إل‬
‫هُن ا‬
‫الكتيبة الرساء‪ ،‬ولتعمل تت راية سيد النبياء‪.‬‬

‫يا أمة السلم؛‬

‫ها قد تدا عت عل يك ال مم ك ما تدا عت الكلة إل ق صعتها‪ ،‬فعلم يُ ستنكر على ثلة من‬
‫الجاهدين وفدت من كل حدب وصوب‪ ،‬وتركو الغال والرخيص وباعو النفس للنفيس؛‬
‫ليكونوا خط الدفاع الول عن حرمات ال مة‪ ،‬والعق بة الكأداء ال ت يتح طم على جنبات ا‬
‫كبياء الصلف المريكي‪.‬‬

‫يا أمة السلم؛‬

‫حت مت تدعكم أبواق الغرب الناعقة وصداها العميل ف بلدنا؟! وكيف تلقي السمع‬
‫ل ساقطي العدالة؟! وأ ية عدالة بق يت ع ند من تض مخ برذائل الك فر وت سربل بلبوس ال كر‬
‫ووشّى فعاله بالغدر؟!‬

‫ك يف ت صدقي يا أم ت كذب م الش ي عن أبنائك الذ ين باعوا ال جل بالعا جل وقدموا‬


‫أرواحهم دون سهام الكفر الطائشة ذبا عن أعراضك ودفاعا عن دينك؟!‬

‫‪148‬‬
‫يا أمت؛‬

‫أستغفر ال! وأمت على فراش التخدير ل تزل‪...‬‬

‫بل يا أهل الروءات؛‬

‫م ت تقومون قومة وا حد‪ ،‬وعفاف ال سلمات أمامكم ينت حر‪ ،‬ونط فة الجرام على مرآ كم‬
‫تتهكم وتنتقل‪ ،‬وصعاليك الكفر لعراضكم تنهش ث تستتر؟!‬

‫هذا سجن أب غريب دونكم فاستنطقوه‪ ...‬وا لف نفسي‪ ،‬نظرات حائرة وقلوب ثائرة‪،‬‬
‫وجراح رست ف كل قلب دائرة‪ ،‬وليس من رأى كمن سع‪.‬‬

‫يا أهل الروءات؛‬

‫حت مَ تُقض الضاجع وتنهمر الدامع‪ ،‬وتانون شر إهانة؛ فتحوقلون وتغمضون عيونكم‬
‫وكأنا رمية من غي رامي؟!‬

‫ولكن يا حسرة على أهل الروءات‪...‬‬

‫دخلت على الروءة وهي تبكي *** فقلت علم تنتحب الفتاةُ‬
‫فقالت كيف ل أبكي وأهلي *** جيعا دون خلق ال ماتوا‬

‫وبعد هذا العار قول ل يا أمت؛ مت تنفضي غبار الذل مت تكسرين قيود النوع‪ ..‬مت‬
‫تنعي أغلل العبودية‪ ..‬ث مت تسرجي خيول العز؟!‬

‫يا أمت عار نردد؛ أننا *** أبناء من سادوا وكانوا‬

‫‪149‬‬
‫والقدس غارقة يزقها السى *** ويعيد رجع أنينها الولن‬
‫حتّام ينخر ف عزائمنا الوى *** وتذيبنا الهات والحزان؟‬

‫وأما أنتم أيها الجاهدون الغرباء؛‬

‫فل وال مـا كانـت الدعوات يوما طريقا مفروشـة بالورود والرياحيـ‪ ،‬إن ثنـ الدعوات‬
‫با هض‪ ،‬وث ن ن قل البادئ إل أرض الوا قع كث ي من الشلء والدماء‪ ،‬ولن يو قد سراج‬
‫الفجر ف هذه الظلماء إل الجاهدون والشهداء‪.‬‬

‫حقا ما أروعها من كلمة؛ "فزت ورب الكعبة"‪.‬‬

‫فواها لريح النة ث واها‪ ،‬ولكن أين من صدق ال فصدقه؟‬

‫وما ألطف لن نبيكم صلى ال عليه وسلم‪ ،‬على وعثاء السفر ومشاق الطريق‪ ،‬ياطب‬
‫إصبعه الرية‪:‬‬

‫هل أنت إل إصبع دميتِ *** وف سبيل ال ما لقيتِ‬

‫نبيكم الذي جُرح وجهه‪ ،‬وكُسّرت رباعيته‪ ،‬وهُشمت على رأسه الكرية بيضته‪.‬‬

‫إخوت؛ يا من ترقرق ماء البشر ف غرتكم‪ ،‬وتفتق نور الشرف من أسرّتكم؛‬

‫ل دركم‪ ...‬ل دركم؛ أي رباط فريد هذا الذي ربط قلوبكم‪ ..‬فتألقت ابتسامتكم العذبة‬
‫ترد الروح ل يت القلب‪ ،‬وليهن كم ما أ صبحتم ف يه م ا أ صبح الناس ف يه‪ ،‬فاحذروا من داء‬
‫السآمة‪ ،‬وإياكم وإيثار السلمة‪ ،‬فعقب هذه الرتكاسة الندامة ‪-‬عياذا بال–‪.‬‬

‫‪150‬‬
‫صدقون إن قلت لكم؛ إنن ل أعرف مظلوما تواطئ الناس اليوم على هضمه وزهدوا ف‬
‫ح قه وإن صافه كالجاهد ين وجهاد هم‪ ،‬ول كن ل علي كم‪ ،‬فللبا طل جولة ولل حق الدولة‪،‬‬
‫والمر صب ساعة ث حسن العاقبة‪{ ،‬وَاللّهُ َمعَكُ ْم وَلَن َيتِرَكُمْ َأعْمَاَلكُم} [ممد‪.]35:‬‬

‫فأقدم ول تقنع بعيش منغص *** فما فاز باللذات من ليس يقدم‬

‫أو تظنون قائد زمام امريكا أحسن حالً من أب جهل يوم سكر بعده وعتاده وأقسم أن ل‬
‫يرجع حت تدق الطبول وتشرب المور‪ ،‬وحقا ل يرجع إل برأس مقطوع‪ ،‬وهزية نكراء‬
‫يعلوها النوع‪.‬‬

‫لقد حار أعدائنا كيف يفتون ف عضدكم فلم يروا أخيا إل التخويف بأسلحتهم التطورة‬
‫الفتا كة‪ ،‬وفات عُبّاد الادة أن القوة ال ت ت ستمد روح ها من ال ماكانـت لتفتت ها زوا بع‬
‫الزمان‪ ،‬ول تكنولوجيا المريكان‪.‬‬

‫قولوا ل يـا أهـل أذكار الصـباح والسـاء؛ ماذا تسـاوي قنابلهـم النوويـة‪ ،‬وأسـلحتهم‬
‫الكيماو ية وغازات م ال سامة أمام كل مة واحدة من أع جب الكلمات‪ ،‬كل مة –وال–‬
‫يذوب أمامهـا عنفوان كـل سـلح‪ ،‬ويضمحـل مـن بائهـا دهاء كـل تربـص وتدبيـ‪،‬‬
‫وتتكسر على صدورها سهام تلويات الكافرين‪ ،‬خفيفة على اللسان‪ ،‬نافعة للنسان‪:‬‬
‫(بسم ال الذي ليضر مع اسه شيء ف الرض ول ف السماء وهو السميع العليم)‪،‬‬
‫ول يعرف شأن ا إل من وا ظب علي ها ف ال صباح وال ساء‪ ،‬وهذه كل مة واحدة من‬
‫مشكاة النبوة تصنك أمام فاتك القنابل فكيف بن ل يفتر عن أذكار الصباح والساء‪.‬‬

‫فهؤلء يظنوننا أننا إن أُصبنا سنقول‪" :‬لو أنا فعلنا كذا لكان كذا"‪.‬‬

‫فهيّا يا شباب ممد بن عبد ال‪ ،‬أروهم تطبيقا عمليا ل كلما‪ ،‬معن قوله تعال‪{ :‬قُل ّلوْ‬
‫كُنتُ مْ فِي ُبيُوِتكُ مْ َلبَرَ َز الّذِي نَ ُكتِ بَ عََلْيهِ ُم اْل َقتْلُ إِلَى َمضَا ِجعِهِم} [آل عمران‪،]154:‬‬
‫واشرحوا ل م بل سان الال وبينوا ل م بروائع القدام مع ن حد يث نبيكم‪( :‬واعلم أن ما‬

‫‪151‬‬
‫أ صابك ل ي كن ليخطئك و ما أخطأك ل ي كن لي صيبك)‪ ،‬ث قولوا ل م‪ :‬موتوا بغيظ كم‪،‬‬
‫فلن يصيبنا إل ماكتب ال لنا‪ ،‬وإن الرصاصة الت كتب عليها اسك لن تطئك‪.‬‬

‫ث تفكروا ف أ ية غزوة كان عتاد ال سلمي أعلى من الشرك ي‪ ،‬ث تأملوا ك يف كا نت‬
‫النتيجة ف حُني‪.‬‬

‫إ ن لع جب من هؤلء ال سطحيي م ن يق يس جهاد نا بقاي يس الدن يا بالفلس والقرش‪،‬‬


‫والعدد والعتاد‪ ،‬ث يأ ت لي بث أراجي فه فين مق أباطيله بل سان ن صوح‪ ،‬ع ساها تل قى أُذنا‬
‫لهّال أن عقيدتنا منصورة من رب السماء‪.‬‬ ‫مريضة أو قلما مأجورا‪ ،‬وما درى ا ُ‬

‫فإن خوفوك بثالتمـ فردد؛ {أََليْسَـ اللّهُـِبكَافٍـ عَبْدَه َويُ َ‬


‫خوّفُونَكَـبِالّذِينَـ مِن دُونِهِـ}‬
‫[الزمر‪.]36:‬‬

‫وإن انتفشوا أمامك فتذكر‪َ{ :‬فَأمّا ال ّزبَدُ َفيَ ْذهَبُ ُجفَاء} [الرعد‪.]17:‬‬

‫وإن هالتك طاقاتم الت بثتها صحفهم‪ ،‬من عدد وعتاد وإعلم وأقلم‪ ،‬فاسترخي أمام‬
‫قوله تعال‪ِ{ :‬إنّ الّذِينَ َكفَرُوْا يُنفِقُونَ َأ ْموَاَلهُمْ ِليَصُدّوْا عَن َسبِيلِ اللّهِ فَ َ‬
‫سيُن ِفقُوَنهَا ثُمّ َتكُونُ‬
‫شرُون} [النفال‪.]36:‬‬
‫عََلْيهِمْ حَسْ َر ًة ثُ ّم ُيغَْلبُونَ وَالّذِينَ َكفَرُواْ إِلَى َج َهنّ َم يُحْ َ‬

‫وإن حلقت طائراتم‪ ،‬تتبختر ف طول السماء وعرضها‪ ،‬فخاطبها ومن فيها ومن صنعها‬
‫ومن أرسلها‪ ،‬خاطبهم جيعا‪{ :‬يَا َمعْشَ َر الْجِنّ وَالْإِن سِ إِ ِن ا سْتَ َط ْعتُمْ أَن تَنفُذُوا مِ نْ أَقْطَارِ‬
‫ِسـْلطَانٍ} [الرحنـ‪ ،]33:‬فال أعلى مـن‬
‫ُونـ إِلّا ب ُ‬
‫ْضـ فَانفُذُوا لَا تَنفُذ َ‬
‫ت وَاْلأَر ِ‬
‫السـمَاوَا ِ‬
‫ّ‬
‫طائراتكم وأشد بطشا‪.‬‬

‫وإن نازلتمو هم وجها لو جه َفكَبُر علي كم عدد هم فكبّروا علي هم قائل ي‪{ :‬كَم مّ ن ِفَئةٍ‬
‫قَلِيَل ٍة غََلَبتْ ِفَئةً َكثِ َيةً بِإِ ْذنِ اللّه} [البقرة‪.]249:‬‬

‫‪152‬‬
‫وأخيا؛ إن لحـت حبائل الشيطان بالتشكيـك بيقيـ نصـر ال‪ ،‬فقطّعهـا بقوله تعال‪:‬‬
‫{ َكَتبَ اللّهُ َلَأغِْلبَنّ َأنَا َو ُرسُلِي} [الجادلة‪.]21:‬‬

‫فهؤلء ما عرفوا إ سلمنا‪ ،‬فأرو هم أي ها الغرباء إ سلمنا‪ ،‬ول تدعن كم العبارات الع سولة‬
‫واللفتات الزائفة‪ ،‬أروهم أحفاد خال ٍد والثن وعَمْ ٍر وموسى‪.‬‬

‫هذا يوم القاد سية ح ي ح ى الوط يس وا ستكلب الوت على البطال هت فت سلمى زوج‬
‫سعد ‪-‬وكان سعد قد تزوجها بعد موت زوجها الثن‪ -‬هتفت حي ل تد الثن يسوق‬
‫الجناد والفر سان للجلد‪ ،‬هت فت قائلة‪( :‬وا مثناه‪ ...‬ول مث ن اليوم للخ يل‪ ...‬وا مثناه‪...‬‬
‫ول مثن للمسلمي اليوم‪ ...‬القوم أقران ول مثن لم)‪.‬‬

‫ما زال يروي لنا التاريخ قصتهُ *** فكم حيث على شوق رويناهُ‬
‫وكم حديث على الباب أطربنا *** وزادنا طربا لا أعدناهُ‬
‫وقع الوافر يا بغداد أغنية *** ثراك ينشدها والرمل أفواهُ‬

‫وححمات خيول ال تطربن *** الرب دائرة والناصر الُ‬


‫صهيلها ف دروب الق يلكن *** فكم أذوب با وجدا وأهواهُ‬
‫هذا الثن يُروي الرض من دمه *** والعي ف رؤية الحداث عيناهُ‬

‫ل يستعر مقلة أخرى ول شفة *** أخرى ول تصغ للتضليل أذناهُ‬


‫كيانك الضخم يا بغداد حصّنهُ *** سيف الثن ونور الق جلهُ‬
‫النور فوق ذراع الشمس صبّحه *** والنور فوق ذراع البدر مساهُ‬

‫ورحم ال موسى بن نصي فاتح الغرب ومتمم فتح الندلس‪ ،‬كيف كان ينتصر؟‬

‫ح ي سأله اللي فة‪ ( :‬ما الذي ك نت تفزع إل يه ف مكان حر بك من أمور عدوك؟)‪ ،‬قال‬
‫مو سى‪( :‬التو كل والدعاء إل ال‪ ،‬ك نت أنزل ال سهل وأ ستشعر الوف وال صب‪ ،‬وأتصن‬

‫‪153‬‬
‫بال سيف والغ فر وأ ستعي بال وأر غب إل يه ف الن صر)‪ ،‬قال له اللي فة‪( :‬فأ خبن عن‬
‫الروم؟)‪ ،‬قال‪( :‬أُسد ف حصونم‪ ،‬عقبان على خيولم‪ ،‬نساء ف مراكبهم‪ ،‬إن رأوا فرصة‬
‫انتهزوها‪ ،‬وإن رأوا غلبة فأوعال تذهب ف البال‪ ،‬ل يرون الزية عارا)‪.‬‬

‫طبت يا موسى وطاب مسراك‪ ،‬فقد وصفت فأصبت وتدثت فصدقت‪ ،‬وما أشبه الليلة‬
‫بالبارحة‪ ،‬وما أشبه أمريكا برومهم‪.‬‬

‫فحاشا ل أن يضيعكم ‪ -‬أيها الغرباء ‪ -‬وكيف يضيع ربنا من يُعلي كلمته وينصر دينه؟‬
‫وال لن يضيعكم وقد خرجتم ف وجه عدوكم وتركتم أزواجكم وأولدكم‪.‬‬

‫لن يضيعكم وقد هجرت ملذاتكم وشهواتكم وأهلكم وجيانكم طمعا بنة ربكم‪.‬‬

‫لن يزيكـم وقـد نفرتـ ابتغاء مرضاة ال تدعون إل ال على بصـية‪ ،‬وتأمرون بالعروف‬
‫وتنهون عـن النكـر‪ ،‬وتقومون الليـل وتصـومون النهار‪ ،‬وتصـلون الرحام وتذودون عـن‬
‫الشريعة‪ ،‬وتدافعون عن الفضيلة وتاربون الرذيلة‪.‬‬

‫فما دمتم على الق فأبشروا‪ ،‬فوال ل يزيكم أبدا‪.‬‬

‫ولتغل ب أمري كا‪ ،‬وال! لتغل ب أمري كا ولو ب عد ح ي؛ ح ت ت صي شا مة سوء على خد‬
‫الزمان‪.‬‬

‫وا ستأنسوا ب ا يروى ف سية نبيكم أ نه قاله لك عب بن مالك‪ ( :‬ما ن سي ر بك لك بيتا‬


‫قلته)‪ ،‬قال‪( :‬ما هو؟)‪ ،‬قال‪( :‬أنشده يا أبا بكر)‪ ،‬فقال‪:‬‬

‫(زعمت سخية أن ستغلب ربا *** وليُغلب مُغالب الغلب)‬

‫‪154‬‬
‫فال ال ف دينكم‪ ،‬وال ال ف إخوانكم وف أنفسكم‪ ،‬وال ال ف عقيدتكم وأعراضكم‪،‬‬
‫ل يؤتي السلم من قبلكم‪ ،‬فالعركة أمامكم فاصلة‪ ،‬وأحزاب الكفر من جديد قادمة‪،‬‬
‫والعدو مستعر‪ ،‬فل بد من شحذ المم واستنهاض العزائم نو القمم‪ ،‬واحذروا أن يكونوا‬
‫على دنياهم أحرص منكم على دينكم‪ ،‬فإنكم بي خيين؛ شهيد مرزوق وفتح قريب‪.‬‬

‫واهتفوا من أعماق قلوبكم؛‬

‫س *** واشتد قبضا على الصمصام إبامي‬


‫ولن أُصالكم مادام ل فر ٌ‬

‫وهذه صرخة من العماق؛‬

‫إل الساد ف بغداد والنبار؛‬


‫وإل البطال ف ديال وسامراء؛‬
‫وإل الليوث ف الوصل والشمال؛‬

‫خذو للحرب أهبتها‪ ،‬وأرهفوا سعكم‪ ،‬وأحدوا أبصاركم‪ ،‬وتيقضوا لا سيجري حولكم‪،‬‬
‫ولتكن أياديكم على الزناد‪ ،‬فأمامكم مفازة موحشة‪ ،‬وليل عبوس‪ ،‬وفتنة ضروس؛ ث تكون‬
‫ل كم الغل بة –بإذن ال– إن صبت و صابرت فثقوا بال وا صبوا و صابروا ورابطوا‪ ،‬واتقوا‬
‫ال لعلكم تفلحون‪.‬‬

‫وهاهـي الشرارة قـد انقدحـت فـ العراق وسـيتعاظم أوارهـا –بإذن ال– حتـ ترق‬
‫جيوش الصليب ف دابق‪.‬‬

‫فيا أبطال السلم ف كل مكان من أرض العراق؛‬

‫ها قد رما نا الك فر عن قوس واحدة وأ عد ل نا حبال م كر بالتوا طئ مع أ هل الشقاق‬


‫والنفاق؛ لذلل الرجال وانتهاك أعراض النسـاء‪ ،‬واسـتباحة الرمات‪ ،‬وليفعوا الصـليب‬

‫‪155‬‬
‫فوق أرضنا وتت سائنا‪ ،‬فل تعطوا الدنية ف دينكم‪ ،‬ول تصغوا إل مراوغ يلبس مسوح‬
‫نصوح ليثنيكم عن الشهادة أو النصر‪.‬‬

‫وإذا كان عدو نا مع هذه النا جر ال ت نطع نه ب ا من ه نا أو هناك ل زال يتجلد‪ ،‬ي كي‬
‫انتفاخا صولة السد ويذل العباد ويفعل الفاعيل‪ ،‬فكيف إذا ملك زمام العراق‪ ،‬واستوت‬
‫سفينته بل أمواج؟!‬

‫إن عدونا لو غلب لهلك الرث والنسل‪ ،‬ولستباح بيضتكم ل يرقب ف مؤمن إ ًل ول‬
‫ذمة‪{ ،‬يُرْضُوَنكُم ِبأَ ْفوَا ِههِ ْم َوَتأْبَى ُقلُوُبهُم} [التوبة‪ ،]8:‬ولذاقوا السلمي كؤوسا أحلها‬
‫مر علقم‪.‬‬

‫فل صلح حت تعثر اليل بالقنا *** وتُضرب بالبيض الرقاق الماجم‬

‫فقولوا ما قاله أمثال كم من البطال‪ ،‬و سلّوا أنف سكم فإن نوم كم ونبه كم أ جر كله ‪-‬إن‬
‫شاء ال‪ -‬قالوا‪:‬‬

‫لئن شـــح الــعـطاء *** فنـحـن للدين الضـاحي‬


‫وعلى الطريق شـدا الرجال *** بألـسن البذل الفصـــاح‬
‫والنصــر يُجن بالدـماء *** و بالــرماح و بالـصفـاح‬

‫وبعد هذا؛‬

‫فلتعلم الدن يا بأ سرها أن منهج نا ل يق بل الرق‪ ،‬ول ير ضى أن يُباع ف سوق ال ساومات‪،‬‬


‫وسـنبقى ماضيـ ‪-‬بعون ال‪ -‬مهمـا طالت الطريـق واشتدت اللئواء‪ ،‬ومهمـا تكاثرت‬
‫العملء‪ ،‬فالقضية أكب؛ إنه رب العالي‪ ،‬وإنا جنة الفردوس‪.‬‬

‫فمن ل يسمعه صرير القلم‪ ،‬وصدى زئي الكلم؛ فيسمعه صليل السيوف‪.‬‬

‫‪156‬‬
‫وإذا تلعثمت الشفاه *** تكلمت منا الراح‬

‫فالرحام الت ولدت خالدا ل تزال تمل وتضع رغم غطرسة الباطل‪.‬‬

‫إنا لن أمة طابت أرومتها *** فليس ف خلقها عيب ول عوجُ‬


‫يضها الرح لكن ل يزلزلا *** وينهش القيد رجليها فينلُ‬

‫لئن غزاها عبيد السوط فليثقوا *** أن سوف نرجهم من حيثما ولوا‬
‫الق عُدتنا ف حرب باطلهم *** والسيف حجتنا إن أعوزت حججُ‬
‫سطا عليها غزاة الشرق واندثروا *** ومر فيها بزاة الغرب واندرجوا‬

‫ل يبق منهم ومن آثار دولتهم *** سوى أساطي باللعنات تتزجُ‬
‫لن يسكت السد عما قد أل بم *** ما دام فيهم دم اليان يتلجُ‬

‫{يَا أَيّهَا الّذِي نَ آ َمنُواْ إِذَا َلقِيتُ مْ ِفَئةً فَاْثُبتُوْا وَاذْكُرُواْ اللّ هَ َكثِيًا ّلعَّلكُ مْ تُفَْلحُون} [النفال‪:‬‬
‫‪.]45‬‬

‫{وَاللّ ُه غَاِلبٌ عَلَى َأمْ ِر ِه وَلَكِنّ أَ ْكثَ َر النّاسِ لَا يَعَْلمُونَ} [يوسف‪]21:‬‬

‫والمد ل رب العالي‪.‬‬

‫صعَبٍ الزّ ْرقَاوِي‬


‫َأبُ ْو مُ ْ‬
‫لهَاد‬
‫َأمِيْ ُر جَمَا َعةِ الّت ْوحِي ِد وَ ا ِ‬
‫ق – بِلدُ الرّافِ َديْن‬
‫ال ِعرَا ُ‬

‫‪157‬‬
‫الطاب الامس عشر‬

‫رثَاءٌ؛‬
‫الشّيخُ أَبُو مُص َعبٍ الزّرقَاوِيّ‬
‫يَرثِي الشّيخَ َأبِي َأنَسٍ الشّامِيّ رَ ِحمَه ا ُ‬
‫ل‬
‫‪ 12‬شعبان ‪ 1425‬هـ‬
‫‪ 26‬سبتمب‪/‬أيلول ‪ 2004‬م‬

‫بِصَوْتِ الشَيخ‬
‫ب الزّرْقَاوِي ( َرحِ َمهُ ال)‬
‫أَِبيْ مُصْع ٍ‬

‫بسم ال الرحن الرحيم‪،‬‬

‫وصلن خب مقتله ول أصدق بادئ ذي بدء‪..‬‬


‫وبقيت بي الرجاء والوف‪ ،‬حت جاء الب اليقي‪.‬‬

‫ذكريات تلقي بظللا‪..‬‬


‫كلما تراءى أمامي شيء من أثر الهاد والجاهدين ف أرض اللفاء‪ ،‬أرض الرافدين‪.‬‬

‫شعرت وكأن جسمي انشق شقي‪..‬‬

‫‪158‬‬
‫وما كانت تستطيع العي إل أن تنفّس بدمعات بي حي وأخرى‪.‬‬

‫قد كان رفيق درب ف التراح والفراح‪..‬‬


‫ف الل والترحال‪ ،‬كالظل ل يفارقن‪ ،‬صديق صدوق‪ ،‬نصوح شفوق‪.‬‬

‫رحك ال يا أبا أنس‪ ،‬نِعمَ حامل رسالة كُنت‪..‬‬

‫لقد تركت فراغا ل يلئه أحد‪..‬‬


‫وأورثت للِقلوب لوعة ل يسكُ ُن ليبها إل بلقياك ف النات بإذن ال‪.‬‬

‫فوال لن ُسئِلنا لنصدقن‪ ،‬ولئِن استشهدنا لنشهدن‪..‬‬


‫أنك كنت فارسا من فرسان السلم حقا وعالا؛ عاملً ماهدا‪.‬‬

‫فسلمٌ على روحك ف الالدين؛‬

‫ي جدي بدمعك الرقراق *** واسكبيه على أعز الرفاق‬


‫عُ‬
‫ب قد أثار شجون *** وأشاع الحزان ف أعماقي‬
‫أي خط ٍ‬

‫يا أخي يا أخا الودة والب *** فخذها من قلب الفاق‬


‫إن حب الشاميَ خلٌ وفٌ *** صاحب الفضل والسجايا الرقاق‬
‫ل تلمن على البكاء فإن *** قد وجدت البكاء حلو الذاق‬

‫إن فيه راحةً وعزاءا *** إنا الصب أعظم الترياق‬


‫ت الحزان كالطواق‬
‫إيه ياشا ُم قد فقدت عزيزا *** فكسي ِ‬

‫صعَبٍ الزّ ْرقَاوِي‬


‫َأبُ ْو مُ ْ‬
‫لهَاد‬
‫َأمِيْ ُر جَمَا َعةِ الّت ْوحِي ِد وَ ا ِ‬

‫‪159‬‬
‫ق – بِلدُ الرّافِ َديْن‬
‫ال ِعرَا ُ‬

‫‪160‬‬
‫الطاب السادس عشر‬

‫يةٌ؛‬
‫كَ ِلمَ ٌة قَصِ َ‬
‫كَ ِلمَ ٌة فِي شَرِيطِ نَحرِ أَلَن آرمِسترُونج‬
‫‪ 26‬شعبان ‪ 1425‬هـ‬
‫‪ 10‬أوكتوبر‪/‬تشرين الول ‪ 2004‬م‬

‫صوْتِ وَ صُورَةِ الشَيخ‬


‫بِ َ‬
‫ب الزّرْقَاوِي ( َرحِ َمهُ ال)‬
‫أَِبيْ مُصْع ٍ‬

‫شدّوا اْل َوثَا قَ‬


‫قال تعال‪{ :‬فَإِذا َلقِيتُ ُم الّذِي نَ َكفَرُوا َفضَرْ بَ الرّقَا بِ َحتّ ى إِذَا َأثْخَنتُمُوهُ مْ فَ ُ‬
‫حرْبُ َأوْزَارَهَا} [ممد‪]4:‬‬ ‫فَِإمّا َمنّا َبعْ ُد َوِإمّا فِدَاء َحتّى َتضَ َع الْ َ‬

‫المد ل رب العالي‪ ،‬والصلة والسلم على رسوله المي‪.‬‬

‫أبشري أمه السلم؛‬

‫أمـة الثناء والرفعـة والماد والعزة‪ ،‬أمـة البطولت والفاخـر والهاد والشهداء‪ ،‬خيـ امـة‬
‫ج الناس من عبادة العبيد إل عبادة رب العباد‪.‬‬
‫أخرجت للناس‪ِ ،‬لتُخ ِر َ‬

‫‪161‬‬
‫ابشري؛ فمـا زال أبنائك شوكـة فـ حلوق أعداء ال‪ ،‬ل تتركونمـ ينامون فـ الليـل ول‬
‫يرتاحون ف النهار‪.‬‬

‫أبشرى ول تيأسي‪ ،‬فحرب النبياء وأتباعهم سجال‪ ،‬يوم لم ويوم عليهم‪ ،‬يرهبهم العدو‬
‫ويرهبو نه‪ ،‬ويث خن في هم ويثخنون‪ ،‬ي صيبهم بقرح وي صيبون‪ ،‬ث تكون العاق بة للمتق ي‪،‬‬
‫والويل والدمار للظالي‪.‬‬

‫أمة السلم؛ ل تفى عليك مازر الكفر الت يرتكبها‪ ،‬ل ييز فيها بي رضيع أو كبي‪،‬‬
‫ول ب ي ر جل ول أمرآة‪ ،‬فقنابل هم ت صد الرواح وت صد النفوس‪ ،‬ول يس هذا فح سب؛‬
‫ف سجونم ملى بإخوان ل نا باعوا أنف سهم ل لرد الكافر ين عن بلد ال سلمي ولت طبيق‬
‫شرع ال مع المن والمان والراحة والطمئنان لبناء السلم‪.‬‬

‫وليس هذا فحسب؛ فسجونم تضم بي جنبتها أخوات لنا ل ذنب لن إل أن يقلن رب‬
‫ال‪ ،‬فإتموهن اتامات باطله‪ ،‬وسولوا لنفسهم من بعدها العبث بأعراضهن‪ ،‬والتسلي‬
‫بأجسادهن‪ ،‬وانتهاك عفافهن‪.‬‬

‫كيف تنعمي يا امة السلم؛ واختنا العذراء يهينها علج وغد؟‬

‫كيف تنعمي ودمعة الذل تنهمر على خديها؛ وابراقة الياء تجل أهل الروءات؟‬

‫كيف تنامي قريرة العي‪ ،‬وبنتك ف سجون أعدائك‪ ،‬تتنهد من أل العون؟ وتتلوى من‬
‫غلظة جنود الكفر؟‬

‫يا اختنا أبشري؛ فأنَ جند ال قادمون‪ ،‬قادمون بأذن ال ليخرجوك من أغللك إل طهرك‬
‫وعفافك‪ ،‬وإرجاعك إل أمك وأبيك‪ ،‬أو زوجك وبنيكِ‪.‬‬

‫فلكِ منا أن نقابل هؤلء الكفرة بالثل‪..‬‬

‫‪162‬‬
‫ك من الجاهدين الصاع صاعي‪ ،‬والباع باعي‪..‬‬
‫ل ِ‬

‫حت يرتدعوا ول يعودوا لثلها من أسر لخواتنا‪ ،‬وكل نسائنا‪ ،‬فوراء نسائنا رجال صدقوا‬
‫ما عاهدوا ال عليه‪.‬‬

‫أمـا أنـت كلب الروم بوش؛ فقـد جاءك قوم يبون الوت كم ا‬
‫ـ تبون الياة‪ ،‬فالقتـل فـ‬
‫سبيل ال أش هى أماني هم‪ ،‬والثخان ف جنودك من ا سعد لظات م‪ ،‬و حز رؤوس الكفرة‬
‫الجرمي تطبيق لمر ربنا‪:‬‬

‫{فَإِذا َلقِيتُ ُم الّذِينَ َكفَرُوا َفضَرْبَ الرّقَابِ َحتّى ِإذَا َأثْخَنتُمُوهُمْ فَشُدّوا الْ َوثَاقَ} [ممد‪]4:‬‬

‫يا كلب الروم؛ ل ت ظن أن ج ند ال سلم غافلون عن خطت كم البي ثة لتوط يد ل سرائيل‬


‫الكبى إل حدود النهرين‪ ،‬فدمائنا وأجسادنا بينكم وبي أحلمكم الاكرة‪ ،‬وسترى من‬
‫بطولت أبناء السلم ما ل يسرك‪.‬‬

‫إن غطر ستك سيأت اليوم الذي تتمرغ ف يه بالتراب بل رج عة بأذن ال‪ ،‬ستزول ب عد ان‬
‫سبح بمدها كثي من الفجراء إن شاء ال‪.‬‬

‫لكل شي إذا ما ت نقصان *** فل يغر بطيب العيش إنسان‬

‫وها نن اليوم نذيقك شي من كأس الوان‪ ،‬لتذوق شي من الهانة الت تذيقها لسرانا‬
‫ف سجونكم‪ ،‬ف طول الرض وعرضها‪ ،‬وحيث أنكم ل تفرجوا عن أخواتنا السجينات‪،‬‬
‫وراح عميلكم الأجور علوي يدعي انه ل توجد أل اثنتان من النظام السابق‪.‬‬

‫‪163‬‬
‫فح يث أن كم ماطل تم‪ ،‬فن صيب أول علج حز الرأس‪ ،‬على مرآى و م سم ٍع من كم‪ ،‬ول كم‬
‫مهلة أر بع وعشر ين ساعة‪ ،‬فإن التزم تم بطلب نا كا مل فأفرج تم عن كل ال سلمات‪ ،‬وإل‬
‫فرأس الخر وراءه كرأس صاحبه هذا‪.‬‬

‫و ا نه لي سعدن أن أرى الب سمة على وجوه صغارنا وكبار نا‪ ،‬و هم يرون ان فك قد اح ر‬
‫حنقا وغيضـا‪ ،‬وعيونـك قـد زاغـت يينا وشال‪ ،‬وجبلك الليدي قـد ذاب أمام حرارة‬
‫اليان ويقي السلم‪.‬‬

‫و أقسم بال الذي كسر الكاسرة‪ ،‬وقصم ظهور القياصرة‪ ،‬أننا لن يغمد لنا سيف و‬
‫مسـلمة واحدة تان فـ سـجونكم‪ ،‬لن نسـكت مـا دام لنـا عرق ينبـض بدم اليان‬
‫والشوق إل النان‪.‬‬

‫وهذا سيكون م صي كل عم يل أو متآ مر من حثالت التار يخ‪ ،‬ي سي ف قافلة الحتلل‪،‬‬


‫فيخسر حياته وأخرته لقاء حفنه من مال‪.‬‬

‫و هل كانت أمريكا تستطيع سجن أخواتنا واغتصابن‪ ،‬أو إذلل إخواننا وتدي مساجدنا‬
‫وبيوتنا واستباحة حرمتنا؛ لول اليش والشرطة؟!‬

‫فهؤلء هم من أ تى بالمريكان‪ ،‬و عبدوا ل م الطر يق‪ ،‬وذللوا ل م ال صعوبات‪ ،‬فحكم هم‬
‫ُمـ} [الائدة‪ ،]51:‬وليـس له منـا إل‬
‫ّهـ ِمْنه ْ‬
‫ُمـ فَِإن ُ‬
‫كحكـم المريكان {وَمَن َيَتوَلّهُم مّنك ْ‬
‫ال سيف‪ ،‬ول يغر نت اختلف الزياء وتغا ير ال ساء‪ ،‬ف قد صرنا نرى أخيا الزي وا حد‪،‬‬
‫حت طريقة حلهم لرشاشات صارت كالمريكان‪.‬‬

‫وال مد ل‪ ،‬ف قد أ صبحت امري كا اليوم هي وحلفائ ها ف حالة ل ت سد علي ها‪ ،‬وبدأت‬
‫أرجل ها تغوص ف م ستنقع من التخ بط والضمحلل‪ ،‬بغ ي رج عة إن شاء ال‪ ،‬و سترى‬
‫الدنيا من سيطحن الخر ف ناية الطاف‪ ،‬إسلمنا أم كفرهم‪ ،‬توحيدنا أم تكذيبهم‪ ،‬عدلنا‬
‫أم جورهم‪.‬‬

‫‪164‬‬
‫{َفتَ َرّبصُواْ ِإنّا َمعَكُم ّمتَ َرّبصُون} [التوبة‪]52:‬‬

‫{وَاللّ ُه غَاِلبٌ عَلَى َأمْ ِر ِه وَلَكِنّ أَ ْكثَ َر النّاسِ لَا يَعَْلمُونَ} [يوسف‪]21:‬‬

‫[هنا يقوم الشيخ بذبح المريكي النجس بيده الشريفة الطاهرة؛ ليكون عِبة لكل من ترأ‬
‫على هذا الدين و ليثأر لعرض الؤمنات ف سجون الصليبب‪ ،‬و ال أكب و ل المد]‬

‫صعَبٍ الزّ ْرقَاوِي‬


‫َأبُ ْو مُ ْ‬
‫لهَاد‬
‫َأمِيْ ُر جَمَا َعةِ الّت ْوحِي ِد وَ ا ِ‬
‫ق – بِلدُ الرّافِ َديْن‬
‫ال ِعرَا ُ‬

‫‪165‬‬
‫الطاب السابع عشر‬

‫بَيَانٌ؛‬
‫البَي َعةُ لِتَنظِيمِ القَاعِ َدةِ‬
‫بِقِيَا َدةِ الشّيخِ أُسَامة بنُ ل ِدنَ‬
‫‪ 3‬رمضان ‪ 1425‬هـ‬
‫‪ 17‬أوكتوبر‪/‬تشرين الول ‪ 2004‬م‬

‫بَِأ ْمرِ و مُبا َركَةِ الشَيخ‬


‫ب الزّرْقَاوِي ( َرحِ َمهُ ال)‬
‫أَِبيْ مُصْع ٍ‬

‫بسم ال الرحن الرحيم‪،‬‬

‫ب الزرقاوي لشيخ الجاهدين أسام َة بن لدن‬


‫بيعة المي أب مصع ٍ‬
‫(بيان بشارة انضواء جاعة التوحيد والهاد تت لواء القاعدة)‬

‫إغاظة لعداء ال وإفراحا لكل مسلم؛‬

‫ف الجاهديـن‪ ،‬وفرّق شَم ْل الكافريـن‪ ،‬المـد ل القائل‬


‫إن المـد ل الذي وَحّدَ صـفو َ‬
‫حبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلَ تَفَرّقُوا} [آل عمران‪ ،]103:‬والصلة والسلم على مَن‬
‫{وَاعْتَصِمُواْ ِب َ‬

‫‪166‬‬
‫أَلّ فَ الُ به ب ي قلوب الؤمن ي‪ ،‬فكانوا كالبنيا نِ الر صوص ف و جه أعداء الد ين‪ ،‬أشدا ُء‬
‫على الكفار رحا ُء بين هم‪ ،‬وعلى آله و صحبه الذ ين رََفعُوا سيف ال ق يدا واحدة فأزهقوا‬
‫رؤوس الباطل‪ ،‬أمّا بعد؛‬

‫ت بي الشيخ "أب مصعب" حفظه ال مع الخوة ف القاعدة منذ (‪)8‬‬


‫كانت هناك اتصال ٌ‬
‫أشهر‪ ،‬وت تبادل وجهات النظر‪ ،‬ث حصل انقطاع قَدَري‪ ،‬وما لبث أن أكْ َر َمنَا ال بعودة‬
‫التصالت‪َ ،‬فَت َفهّم إخواننا الكرام ف "القاعدة" استراتيجية "جاعة التوحيد والهاد" ف‬
‫أرض الرافدين أرضِ اللفاء‪ ،‬وانشرَحَت صدورهم لنهجها فيها‪.‬‬

‫و مع إطللة شهرِ رمضا نَ شهرِ العطا ِء والنت صارات‪ ،‬و ف ظر فٍ أحو جَ ما يكو نُ ف يه‬
‫السلمون إل لَمّ شَمْلِهم ليكونوا مرزا ف أعي أعداء الدين‪ ...‬نَزُفّ إل أمتنا الغراءِ خيِ‬
‫أمة أخر جت للناس بشرى ُتفْرِح الؤمني وتُميت من شدة الغيظ الكافرين‪ ،‬وتُ ْرعِ بُ كلّ‬
‫عدوّ للمسلمي‪.‬‬

‫َنزُفّ إلي ها نََبَأ بيع ِة جا عة التوح يد والهاد أميا وجنودا لش يخ الجاهد ين "أ سامة بن‬
‫ط وا َل ْكرَ هِ للجهاد ف سبيل ال حت ل تكو َن فتنةٌ‬
‫لدن" على السمعِ والطاعةِ ف الَ ْنشَ ِ‬
‫ويكونَ الدين كله ل‪.‬‬

‫ولقد سَ ِمعْنا بقول نبينا فآمنا به وصدقناه (ل تَ ْذ َهبُ الدنيا حت تَصِيَ لُِلكَعَ بنِ ُلكَع) ‪ ،‬وقد‬
‫رأي نا مهازل رؤو ساء الكومات اليوم‪ ،‬وإ نا ف انتظار وعده ال خر الُ ْرتَقَب ف المراء‪:‬‬
‫(تكون –أي النبوة‪ -‬ما شاء ال أن تكون ث يرفع ها إذا شاء أن يرفع ها‪ ،‬ث تكون خل فة‬
‫على منهاج النبوة فتكون ما شاء ال أن تكون‪ ،‬ث يرفع ها إذا شاء أن يرَفعَ ها‪ ،‬ث تكو نُ‬
‫ملكا عاضّا فتكون مـا شاء ال أن تكون ثـ يرفعهـا إذا شاء أن يرفعهـا‪ ،‬ثـ تكون خلفةٌ‬
‫على منهاج نبوة‪ ،‬ث سكت) ‪ ،‬فعسى أن يكون هذا على أيدينا‪.‬‬

‫‪167‬‬
‫ْتـ‬
‫خضتـ بنـا البحـر لضناه معـك بإذن ال‪ ،‬ولئن َأمَر َ‬
‫َ‬ ‫فوال يـا شيـخ الجاهديـن؛ لئن‬
‫لنَسْمَعنّ‪ ،‬ولئن نَهيتَ لَنْنَتهِيَنّ‪ ،‬فنِعْ َم القائدُ أنت ليوش السلم ضد الكفار جيعِهم أصليي‬
‫ومرتدين‪.‬‬

‫فهيا يا شباب المة إل لواء شيخ الجاهدين‪ ،‬نرفع معا كلمة "ل إله إل ال" عالية خفاقة‬
‫كما رفعها أجدادنا البطال‪ ،‬ونُ َطهّر ديا َر السلم من كل كافرٍ أو مرتد أثيم‪ ،‬حت يدخل‬
‫السلم بيتَ كل مَدَ ٍر و َوبَر‪.‬‬

‫جاعة التوحيد والهاد‪،‬‬


‫بقيادة المي‪:‬‬
‫َأبِي مُصعَبٍ الزّرقَاوِيّ‬

‫ت العلن عنه‪:‬‬
‫ف يوم الحد الثالث من شهر رمضان لسنة ‪ 1425‬هـ‬
‫الوافق ‪ 17/10/2004‬م‬

‫تَنْظِيمُ القَا ِع َدةِ ِفيْ بِلدِ الرّا ِف َديْن‬

‫‪168‬‬
‫الطاب الثامن عشر‬

‫رِسَالةٌ إِل ا ُلمّ ِة‬


‫وَ الُجَاهِدِينَ دَا ِخلَ الفَلّو َجةِ‬
‫‪ 29‬رمضان ‪ 1425‬هـ‬
‫‪ 12‬نوفمب‪/‬تشرين الثان ‪ 2004‬م‬

‫بِصَوْتِ الشَيخ‬
‫ب الزّرْقَاوِي ( َرحِ َمهُ ال)‬
‫أَِبيْ مُصْع ٍ‬

‫المدُ لِ مع ّز ال سلمِ بن صره‪ ،‬ومُذلّ الشر كِ بقهره‪ ،‬وم صرّف المور بأمره‪ ،‬وم ستدر ِ‬
‫ج‬
‫الكافريـن بكره‪ ،‬الذي قدّر اليام دولً بعدله‪ ،‬والصـل ُة والسـلم على مـن أعلى الُ منارَ‬
‫السلمِ بسيفِه‪.‬‬

‫{وَلَمّا َرأَى الْ ُم ْؤمِنُو نَ اْلأَحْزَا بَ قَالُوا هَذَا مَا َوعَ َدنَا اللّ ُه وَرَ سُولُ ُه وَ صَ َدقَ اللّ ُه وَرَ سُولُ ُه َومَا‬
‫زَا َدهُمْ إِلّا إِيَانًا َوتَسْلِيمًا} [الحزاب‪]22:‬‬

‫من أب مصعب الزرقاوي إل أمت الغالية؛‬

‫السلم عليك ورحة ال وبركاته‪،‬‬

‫‪169‬‬
‫ها قد ارتفع للجهاد لواء‪ ،‬وخفقت له راية‪ ،‬واشتد ساعد أبطال السلم ف العراق‪ ،‬فلقد‬
‫خفقت مع هم قلوب أهل السلم فر حا‪ ،‬وجعلت ترقب أمل يكب بف جر قريب‪ ،‬ينقشع‬
‫معـه ظلم الذل الذي أطبـق على صـدر المـة ردحـا طويل على أيـد اليهود والصـليبيي‪،‬‬
‫وأذنابم من حكامنا الرتدين‪.‬‬

‫هذه القيقـة أدركتهـا أمريكـا ومـن معهـا‪ ،‬فمادت بمـ الرض‪ ،‬وهـم يشعرون أن رياح‬
‫الهاد سـتزلزل عروشهـم‪ ،‬وتزعزع بنيانمـ‪ ،‬فتمالئوا فيمـا بينهـم‪ ،‬وحشدوا جوعهـم‪،‬‬
‫واتدوا ف مقابلة العدو القادم لم‪ ،‬إنه السلم الحض تت راية الهاد الق‪.‬‬

‫أخاطبك يا أمت؛ ودماء أبنائك تسيل ف العراق عامة‪ ،‬وف الفلوجة خاصة‪ ،‬بعدما أقبل‬
‫عليهم عباد الصليب ومن معهم من أبناء جلدتنا‪ ،‬الذين باعوا دينهم بدنياهم‪ ،‬وخانوا ال‬
‫ورسوله‪ ،‬كقوات البشمركة‪ ،‬والرافضة‪ ،‬بباركة إمام الكفر والزندقة‪ ،‬أعن السيستان‪.‬‬

‫وليس يعي الظالي بظلمهم *** سوى أدنياء تستلذ الثالب‬


‫فهم مثل كلب الصيد يتبع ربه *** ليلتذ ل نفع جن بل متاعب‬

‫يا أمت؛ إن هذه الدماء ستكون بإذن ال مصابيح هدى ف دجى الليل البهيم‪ ،‬وأبشري يا‬
‫أمت‪ ،‬فل نشك لظة بأن نصر ال بدأت تلوح علماته ف الفق‪ ،‬فهاهم أبنائك يسطرون‬
‫أروع ال صور ف قتال م لمري كا وحلفاؤ ها‪ ،‬ول تنخد عي بإعلم هم ال بيث‪ ،‬ف كل ما‬
‫ت سمعونه هو م ض كذب وتزو ير‪ ،‬وأتدى أمري كا‪ ،‬أن تظ هر القي قة ل ا يدور ف أرض‬
‫العركـة والنال‪ ،‬وأتداهـا مرة أخرى‪ ،‬أن تسـمح للقنوات الفضائيـة أن تدخـل لتغطـي‬
‫أحداث العركة‪ ،‬ولكن هيهات فما عادت الشمس تغطى بغربال‪.‬‬

‫أما أنتم أبطال السلم ف الفلوجة؛ ال ال ف جهادكم‪ ،‬وال ال ف أمتكم‪ ،‬وال ال ف‬


‫دينكـم‪ ،‬فصـب سـاعة ثـ تكون لكـم العاقبـة بإذن ال‪ ،‬وتذكروا غزوة الحزاب‪ ،‬غزوة‬
‫الندق‪ ،‬فقد كان النب صلى ال عليه وسلم يبشر أصحابه بكنوز قيصر وك سرى‪ ،‬فمع‬

‫‪170‬‬
‫الشدائد تأ ت اللطائف بعون ال‪ ،‬و قد جاء كم العون والدد‪ ،‬فالعدو بف ضل ال ي سي ك ما‬
‫رسم له‪ ،‬والطة بفضل ال بدأت بالظهور آثارها‪ ،‬فأكثروا من الدعاء‪ ،‬فأنتم اليوم طليعة‬
‫أمة‪ ،‬فل تضنوا وتبخلوا بنفوسكم من أجل دينكم‪.‬‬

‫وهذا نداء للبطال ف العراق؛ ال ال ف إخوانكم‪ ،‬هبوا لنجدتم‪ ،‬فإن هذه العركة‪ ،‬من‬
‫العارك الفا صلة ف تار يخ ال سلم والك فر‪ ،‬فقوموا قو مة ر جل وا حد‪ ،‬واحرقوا الرض‬
‫تت أقدام الغزاة‪ ،‬واقعدوا لم كل مرصد‪ ،‬واجلسوا لم جلسة السد لفريسته‪ ،‬وكونوا‬
‫كما قال الشاعر‪:‬‬

‫يتطهرون يرونه نسك لم *** بدماء من علقوا من الكفار‬

‫فماذا أنت فاعلة أمة السلم؟!‬


‫وماذا أنتم قائلون علماء السلم؟!‬

‫أما نن؛ فقد حسمنا خيارنا‪ ،‬واخترنا طريقنا‪ ،‬وسنمضي فيه إل الغاية بإذن ال‪.‬‬

‫ب مّ نْ‬
‫سنََييْ ِن َونَحْ ُن َنتَ َربّ صُ بِكُمْ أَن يُ صِيبَكُمُ اللّ ُه ِبعَذَا ٍ‬
‫{قُلْ هَلْ َت َربّ صُو َن ِبنَا إِلّ إِحْدَى الْحُ ْ‬
‫عِن ِدهِ َأ ْو بَِأيْدِينَا َفَت َربّصُواْ ِإنّا َم َعكُم ّمتَ َرّبصُونَ} [التوبة‪]52:‬‬

‫من ل يباشر حر الجي ف طلب الجد *** ل يقل ف ظلل الشرف‬

‫{وَاللّ ُه غَاِلبٌ عَلَى َأمْ ِر ِه وَلَكِنّ أَ ْكثَ َر النّاسِ لَا يَعَْلمُونَ} [يوسف‪]21:‬‬

‫والمد ل رب العالي‪.‬‬

‫صعَبٍ الزّ ْرقَاوِي‬


‫َأبُ ْو مُ ْ‬
‫َأمِيْ ُر تَنْظِي ِم القَا ِع َدةِ ِف ْي بِلدِ الرّافِ َديْن‬

‫‪171‬‬
‫ق – بِلدُ الرّافِ َديْن‬
‫ال ِعرَا ُ‬

‫‪172‬‬
‫الطاب التاسع عشر‬

‫يةٌ؛‬‫كَ ِلمَ ٌة قَصِ َ‬


‫رِسَالَةٌ إِل الُجَا ِهدِينَ خَا ِرجَ الفَلّوجَةِ‬
‫‪ 11‬ذو القعدة ‪ 1425‬هـ‬
‫‪ 23‬ديسمب‪/‬كانون الول ‪ 2004‬م‬

‫بِصَوْتِ الشَيخ‬
‫ب الزّرْقَاوِي ( َرحِ َمهُ ال)‬
‫أَِبيْ مُصْع ٍ‬

‫المد ل‪ ،‬و الصلة و السلم على رسول ال‪.‬‬

‫رسالة إل البطال ف بغداد و النبار؛‬


‫و إل السود ف الوصل و الشمال؛‬
‫و إل الليوث ف ديال و سامراء و صلح الدين؛‬

‫ل قد صار ال عد يتج نب قتال كم‪ ،‬ما فة التشت يت و ال ستنـزاف؛ ف قد ح شد جُلّ قدرا ته‬
‫وطاقاته للقضاء على السلم ف الفلوجة‪.‬‬

‫فإذا إنتهـى مـن الفلوجـة ترك بإتاهكـم‪ ،‬فكونوا على حذر‪ ،‬وفوتوا عليـه هذه الطـة‪،‬‬
‫فالعدو ضعيف‪ ،‬ول يستطيع أن يتوسع ف معركته؛ فقد أثخنته الراح‪.‬‬

‫‪173‬‬
‫فل تكتفوا بروجه من أرضكم؛ ولكن حصنوا ثغوركم‪ ،‬وأزحفوا إليهم‪ ،‬و أخرجوهم مِن‬
‫جحورهم‪ ،‬وأمطروهم بالصواريخ و مدافع الاون‪ ،‬و أقطعوا عليهم طرق المداد الرئيسية‬
‫و الفرع ية؛ فإن ا شريا نه الرئي سي‪ ،‬و أكمنوا ل م على تلك الطرق‪ ،‬فإن ا غني مة باردة‪ ،‬و‬
‫ظهرٌ مكشوف‪.‬‬

‫و احرصوا أن يكون زمام العركة بأيديكم ل بيده‪ ،‬وأطيلوا ف أمد العركة‪ ،‬ول ير عليهم‬
‫يوما إل والذي بعده شرا منه وأنكى؛ فإن العدو يراهن على اليام ف كسر حدة العركة‪،‬‬
‫وإخاد ليبها وإطفاء جدوتا‪.‬‬

‫فال صب ال صب‪ ،‬ولن يغلب عُ س ٌر يُ سرَين‪{ ،‬وَاللّ هُ َمعَكُ مْ وَلَن يَتِرَ ُك مْ َأعْمَاَلكُ مْ} [م مد‪:‬‬
‫‪.]35‬‬

‫صعَبٍ الزّ ْرقَاوِي‬


‫َأبُ ْو مُ ْ‬
‫َأمِيْ ُر تَنْظِي ِم القَا ِع َدةِ ِف ْي بِلدِ الرّافِ َديْن‬
‫ق – بِلدُ الرّافِ َديْن‬
‫ال ِعرَا ُ‬

‫‪174‬‬
‫الطاب العشرون‬

‫وَ َكذَلِكَ الرّ ُسلُ تُبتَلَى ُثمّ تَكُونُ َلهَا العَاقِبَ ُة‬
‫‪ 11‬ذو الجة ‪ 1425‬هـ‬
‫‪ 21‬يناير‪/‬كانون الثان ‪ 2005‬م‬

‫بِصَوْتِ الشَيخ‬
‫ب الزّرْقَاوِي ( َرحِ َمهُ ال)‬
‫أَِبيْ مُصْع ٍ‬

‫بسم ال الرحن الرحيم‪،‬‬

‫ب النّاسُ أَن ُيتْرَكُوا أَن َيقُولُوا آ َمنّا َوهُمْ لَا ُي ْفَتنُونَ * وََلقَدْ َفَتنّا الّذِي َن مِن َقبِْل ِهمْ‬
‫س َ‬
‫{ال * َأحَ ِ‬
‫فََلَيعْلَ َمنّ اللّ ُه الّذِينَ صَدَقُوا وََلَيعْلَ َم ّن الْكَا ِذبِيَ} [العنكبوت‪.]3-1:‬‬

‫المدُ لِ مع ّز ال سلمِ بن صره‪ ،‬ومُذلّ الشر كِ بقهره‪ ،‬وم صرّف المور بأمره‪ ،‬وم ستدر ِ‬
‫ج‬
‫الكافريـن بكره‪ ،‬الذي قدّر اليام دولً بعدله‪ ،‬وجعـل العاقبةَ للمتقي َ بفضلِه‪ ،‬والصـلةُ‬
‫والسلم على من أعلى الُ منا َر السلمِ بسيفِه‪.‬‬

‫أمّا بعد؛‬

‫فهاتيك عبة جديدة أُرسلها عب أثي الكلمات‪...‬‬


‫وهاتيك خفقة حانية أُصدرها من صميم القلب وضلوع النبات‪...‬‬

‫‪175‬‬
‫من جندي واقف على عتبات الرب‪ ،‬وأزيز العمعات‪...‬‬

‫من أب مصعب الزرقاوي إل من يراه من أهل الوقات والروءات؛‬

‫ل تزل تكابدنـ آلم المـة الحزونـة‪ ،‬ل تزل تفارقنـ أشباح المـة الطعونـة‪ ،‬أمـة الجـد‬
‫العظيم والشرف الكري‪ ،‬سامتها أيدي الغدر ألوانا من الشر الهي؛ فتوسدت لاف الذل‬
‫والهانة‪ ،‬وترعت كؤوس القهر واليانة‪ ،‬وأُقعدت عن واجباتا ومهامها‪ ،‬وحجبت عن‬
‫أحلمها آمالا‪.‬‬

‫وبات الرض يعوث أركان السد‪ ،‬ث طرح أرضا وشدت أركانه إل وتد‪ ،‬وتكالبت عليه‬
‫وحوش الرض مع الذئاب‪ ،‬وغدت أوصاله مقطعة بي الخالب والنياب؛ فذاك قول النب‬
‫صلى ال عليه وسلم الذي يرويه المام أحد وأبو داود عن ثوبان رضي ال عنه قال‪ ،‬قال‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم‪( :‬يوشك أن تداعى عليكم الُمم من كل أفق كما تداعى‬
‫الكلة على قصعتها)‪ ،‬قال‪ :‬قلنا يا رسول ال‪ :‬أمن قلة بنا يومئذ؟! قال‪( :‬أنتم يومئذ كثي‬
‫ول كن تكونون غثاء كغثاء ال سيل‪ ،‬ينتزع الها بة من قلوب عدو كم وي عل ف قلوب كم‬
‫الو هن)‪ ،‬قال‪ :‬قل نا‪ :‬ما الو هن؟! قال‪ ( :‬حب الياة وكراه ية الوت)‪ ،‬و ف روا ية أخرى‬
‫لحد‪( :‬وكراهيتكم القتال)‪.‬‬

‫فلتعلموا أهل السلم؛ أن البتلء تاريخ وقصة طويلة منذ أن نزلت "ل إله إل ال" على‬
‫هذه الرض‪ ،‬فابتلي النبياء والصادقون‪ ،‬وكذلك الئمة الوحدون‪.‬‬

‫ف من جرد نف سه ل مل كل مة "ل إله إل ال" ون صرها وإقامت ها ف الرض عل يه أن يد فع‬


‫تكاليف هذا التشريف من تعب ونصب وبلء‪.‬‬

‫فأيـن أنـت؛ والطريـق طريـق تعـب فيـه آدم‪ ،‬وناح لجله نوح‪ ،‬و ُرم َ‬
‫ِيـ فـ النار الليـل‪،‬‬
‫وأضجع للذبح إساعيل‪ ،‬وبي عَ يوسف بثمن بس‪ ،‬ولبث ف السجن بضع سني‪ ،‬ونُشِ َر‬
‫بالنشار زكر يا‪ ،‬و ُذبِ َح ال سيد ال صور ي ي‪ ،‬وقا سى ال ضر أيوب‪ ،‬وزاد على القدار بكاء‬

‫‪176‬‬
‫داود‪ ،‬وسار مع الوحش عيسى‪ ،‬وعال الفقر وأنواع الذى ممد صلى ال عليه وسلم‪...‬‬
‫وتزهى أنت باللهو واللعب؟!‬

‫وال تعال يبتلي ب عض اللق بب عض‪ ،‬ويبتلي الؤ من بالكا فر‪ ،‬ك ما يبتلي الكا فر بالؤ من‪،‬‬
‫ِهـ‬
‫َكـ الّذِي بِيَد ِ‬ ‫وهذا النوع مـن البتلء هـو قاسـم مشترك بينهـم جيعا‪ ،‬قال تعال‪َ{ :‬تبَار َ‬
‫حيَاةَ ِليَبُْلوَكُ مْ َأّيكُ مْ أَحْ سَ ُن عَ َملًا‬
‫ك َو ُهوَ عَلَى كُ ّل َشيْءٍ قَدِيرٌ * الّذِي خََل َق الْ َموْ تَ وَالْ َ‬
‫الْمُلْ ُ‬
‫َوهُ َو اْلعَزِي ُز اْل َغفُورُ} [اللك‪.]2-1:‬‬

‫روى مسلم عن نبينا صلى ال عليه وسلم فيما يرويه عن ربه عز وجل قال‪( :‬إنا بعثتك‬
‫لبتليك وابتلي بك)‪.‬‬

‫والذي علمناه من القرآن والسنة أن من النبياء من قتله أعداؤه ومثلوا به كيحي‪ ،‬ومنهم‬
‫من هم قو مه بقتله ففارق هم ناجيا بنف سه كإبراه يم الذي ها جر إل الشام‪ ،‬وعي سى الذي‬
‫رفع إل السماء‪.‬‬

‫ون د من الؤمن ي من يُ سام سوء العذاب‪ ،‬وفي هم من يل قى ف الخدود‪ ،‬وفي هم من‬


‫ي ستشهد‪ ،‬وفي هم من يع يش ف كرب وشدة واضطهاد‪ ...‬فأ ين و عد ال ل م بالن صر ف‬
‫الياة الدنيا وقد طردوا أو قتلوا أو عُذبوا؟!‬

‫البتلء هو قدر ال ف ج يع خل قه‪ ،‬ولك نه يزداد ويع ظم ف شد ته على الخيار الذ ين‬
‫اجتبتهم عناية ال‪ ،‬وخاصة الجاهدين منهم لبد لم من مدرسة البتلء‪ ..‬ل بد لم من‬
‫دروس التمحيص والتهذيب والتربية‪.‬‬

‫ثبت ف الصحيحي عن سعد بن أب وقاص رضي ال عنه قال‪ :‬قلت‪ :‬يا رسول ال أي‬
‫الناس أشد بلء؟ قال‪( :‬النبياء ث الصالون‪ ،‬ث المثل فالمثل‪ ،‬يبتلى الرجل على حسب‬
‫دينه‪ ،‬فإن كان ف دينه صلبة زيد ف بلئه‪ ،‬وإن كان ف دينه رقة خفف عنه‪ ،‬وما يزال‬
‫البلء بالؤمن حت يشى على الرض وليس عليه خطيئة)‪.‬‬

‫‪177‬‬
‫وروى البيهقي ف شعب اليان‪ ،‬والطبان ف العجم الكبي‪ ،‬وابن سعد ف الطبقات‪ ،‬عن‬
‫عبدال بن إياس بن أب فاطمة عن أبيه عن جده قال‪ :‬كنت مع رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم جالسا‪ ،‬فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪( :‬من أحب أن يصح ول يسقم؟)‪،‬‬
‫قلنا‪ :‬نن يا رسول ال‪ ،‬قال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪( :‬مه؟!)‪ ،‬وعرفناها ف وجهه‪،‬‬
‫فقال‪( :‬أتبون أن تكونوا كالميـ الصـيّالة؟)‪ ،‬قال‪ ،‬قالوا‪ :‬يـا رسـول ال ل‪ ،‬قال‪( :‬أل‬
‫تبون أن تكونوا أصحاب بلء وأصحاب كفارات؟)‪ ،‬قالوا‪ :‬بلى يا رسول ال‪ ،‬قال‪ :‬فقال‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم‪( :‬فوال إن ال ليبتلي الؤمن وما يبتليه إل لكرامته عليه‪،‬‬
‫وإن له عنده منلة ما يبلغ ها بش يء من عمله دون أن ينل به من البلء ما يبلغ به تلك‬
‫النلة)‪.‬‬

‫وروى الترمذي عن جابر رضي ال عنه أن رسول ال صلى ال عليه و سلم قال‪( :‬ليودن‬
‫أهل العافية يوم القيامة أن جلودهم قرضت بالقاريض ما يرون من ثواب أهل البلء)‪.‬‬

‫و عن الر سول صلى ال عل يه و سلم أ نه قال‪( :‬إ نه يؤ تى يوم القيا مة بأن عم الناس كان ف‬
‫الدن يا‪ ،‬فيقول ال عز و جل‪ :‬ا صبغوه ف النار صبغة‪ ،‬ث يؤ تى به فيقول‪ :‬يا ا بن آدم هل‬
‫أصبت نعيما قط؟ هل رأيت قرة عي قط؟ هل أصبت سرورا قط؟ فيقول‪ :‬ل وعزتك! ث‬
‫يقول‪ :‬ردوه إل النار‪ .‬ثـ يؤتـى بأشـد الناس كان بلء فـ الدنيـا‪ ،‬فيقول تبارك وتعال‪:‬‬
‫اصبغوه ف النة صبغة ينصبغ فيها‪ ،‬ث يؤتى يه فيقول‪ :‬يا ابن آدم هل رأيت ما تكره قط؟‬
‫فيقول‪ :‬ل وعزتك ما رأيت شيئا قط أكرهه)‪.‬‬

‫قال شقيق البلخي‪( :‬من يرى ثواب الشدة ل يشتهي الروج منها)‪.‬‬

‫وال عز و جل شرع الهاد تكملة لشرائع الد ين ور فع منل ته عاليا ح ت صار ف ذروة‬
‫التكليف الربان‪ ،‬وجعل فيه شدة وبلء تكرهه النفوس وتب عنده الطباع‪ ،‬ث حببه وقربه‬
‫مـن جوهـر اليان ومكنون التوحيـد‪ ،‬فل يطلبـه إل صـادق اليان قوي البهان‪ِ{ :‬إنّمَا‬

‫‪178‬‬
‫سهِمْ فِي َسبِيلِ‬
‫الْ ُم ْؤمِنُو َن الّذِي نَ آ َمنُوا بِاللّ هِ وَرَ سُولِ ِه ثُمّ َل ْم يَ ْرتَابُوا وَجَاهَدُوا ِبأَ ْموَاِلهِ ْم َوأَنفُ ِ‬
‫ك هُ ُم الصّادِقُون} [الجرات‪.]15:‬‬ ‫اللّهِ ُأوْلَئِ َ‬

‫فحقي قة الهاد؛ قائ مة على صقل الن فس وتريد ها لرب ا وخالق ها بف عل أوامره‪ ،‬والقدام‬
‫على وعوده‪ ،‬وهذا ل يكون إل إذا حُف هذا الطريق بالشدائد والحن‪ ،‬ولذا يقول ال عز‬
‫ض وَالّذِي نَ ُقتِلُوا فِي سَبِيلِ اللّهِ‬
‫ضكُم ِببَعْ ٍ‬ ‫وجل‪{ :‬وََلوْ يَشَاء اللّهُ لَانتَصَ َر ِمْنهُمْ وََلكِن ّلَيبُْل َو َبعْ َ‬
‫جّن َة عَرَّفهَا َلهُ مْ} [ممد‪-4:‬‬ ‫فَلَن ُيضِلّ َأعْمَاَلهُ مْ * َسَيهْدِيهِ ْم َويُ صْلِ ُح بَاَلهُ مْ * َويُدْ ِخُلهُ ُم الْ َ‬
‫‪ ،]6‬ويقول‪{ :‬وََلوْ شَاء اللّ ُه مَا ا ْقَتتَلُوْا وَلَـكِنّ اللّ َه َي ْفعَلُ مَا يُرِيد} [البقرة‪.]253:‬‬

‫قال ا بن كث ي ف تف سي هذه ال ية‪( :‬أي ل بد أن يع قد شيئا من الح نة يظ هر ف يه ول يه‪،‬‬


‫ويف ضح ف يه عدوه‪ ،‬يعرف به الؤ من ال صابر والنا فق الفا جر‪ ،‬يع ن بذلك يوم أ حد الذي‬
‫امتحن ال به الؤمني‪ ،‬فظهر به إيانم وصبهم وجلدهم‪ ،‬وثباتم وطاعتهم ل ولرسوله‬
‫صلى ال عل يه و سلم‪ ،‬وه تك به ا ستار النافق ي فظهرت مالفت هم ونكول م عن الهاد‪،‬‬
‫وخيانتهم ل ورسوله صلى ال عليه وسلم)‪.‬‬

‫س مَن َي ْعبُدُ اللّ هَ عَلَى حَرْ فٍ فَإِ نْ أَ صَابَ ُه‬ ‫وتأملوا يا عباد ال قوله سبحانه تعال‪َ { :‬ومِ َن النّا ِ‬
‫سرَانُ‬‫ك ُه َو الْخُ ْ‬‫سرَ ال ّدنْيَا وَالْآ ِخ َرةَ ذَلِ َ‬
‫ب عَلَى وَ ْجهِ هِ خَ ِ‬
‫َخيْ ٌر اطْ َمأَنّ بِ ِه َوإِ نْ أَ صَاَبتْهُ ِفْتَنةٌ انقَلَ َ‬
‫الْ ُمبِيُ} [الج‪.]11:‬‬

‫روى البغوي ف التف سي عن ا بن عباس ر ضي ال عنه ما‪( :‬أن الر جل من العراب كان‬
‫يؤمن برسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ،‬فإذا ولد له بعد السلم غلم وتناسل فيه وكثر‬
‫ماله‪ ،‬قال‪ :‬هذا دين حسن‪ ،‬هذا دين جيد‪ ،‬فآمن وثبت‪ ،‬أما إذا ل يولد له غلم ول يتكاثر‬
‫خيله‪ ،‬ول يك ثر ماله‪ ،‬وأ صابه ق حط أو جدب‪ ،‬قال‪ :‬هذا د ين سيئ‪ ،‬ث خرج من دي نه‬
‫وتركه على كفره وعناده)‪.‬‬

‫يقول سيد رحه ال‪( :‬فل بد من تربية النفوس بالبلء ومن امتحان التصميم على معركة‬
‫الق بالخاوف والشدائد وبالوع ونقص الموال والنفس الثمرات‪ ،‬لبد من هذا البلء‬

‫‪179‬‬
‫ليؤدي الؤمنون تكاليـف العقيدة كـي تقـر على نفوسـهم بقدار مـا أدوا فـ سـبيلها مـن‬
‫تكاليف ل يعُز عليهم التخلي عنها عند الصدمة الول‪ ،‬فالتكاليف هنا هي الثمن النفيس‬
‫الذي تعز به العقيدة ف نفوس أهلها قبل أن َتعُز ف نفوس الخرين‪ ،‬وكلما تألوا ف سبيلها‬
‫وكل ما بذلوا من أجل ها كا نت أ عز علي هم وكانوا أ حق ب ا‪ ،‬كذلك لن يدرك الخرون‬
‫قيمت ها إل ح ي يرون ابتلء أهل ها و صبهم على بلئ ها ول بد من البلء كذلك لي صلب‬
‫عود أصحاب العقيدة ويقوى‪ ،‬فالشدائد تستجيش مكنون القوى‪ ،‬ومدخور الطاقة‪ ،‬وتفتح‬
‫ف القلوب منافذ ومسارب ما كان ليعلمها الؤمن إل تت مطارق الشدائد) انتهى كلمه‬
‫رحه ال‪.‬‬

‫سئل الشاف عي رح ه ال؛ أيه ما خ ي للمؤ من أن يبتلى أم ي كن؟ فقال‪( :‬وي ك! و هل‬
‫يكون تكي إل بعد بلء؟)‪.‬‬

‫و عن صفوان بن ع مر أ نه قال‪ :‬ك نت واليا على ح ص فلق يت شيخا كبيا قد سقط‬


‫حاجباه من أهل دمشق على راحلته يريد الغزو‪ ،‬فقلت‪ :‬يا عم لقد أعذر ال إليك‪ ،‬فرفع‬
‫حاجبيه فقال‪( :‬يابن أخي استنفرنا ال خفافا وثقال)‪.‬‬

‫أل من يبه ال يبتليه‪..‬‬

‫صبا على شدة اليام إن لا *** عقب وما الصب إل عند ذي حسب‬
‫ب يعقبه *** فيها لثلك راحات من التعب‬
‫سيفتح ال عن قر ٍ‬

‫ويقول سيد رح ه ال‪( :‬إن اليان ل يس كل مة تقال إن ا هو حقي قة ذات تكال يف‪ ،‬وأما نة‬
‫ذات أعباء‪ ،‬وجهاد يتاج إل صـب‪ ،‬وجهـد يتاج إل احتمال‪ ،‬فل يكفـي أن يقول الناس‬
‫"آ َمنّا" وهم يتركون لذه الدعوى؛ حت يتعرضوا للفتنة فيثبتوا عليها ويرجوا منها صافية‬
‫عنا صرهم‪ ،‬خال صة قلوب م؛ ك ما تف ت النار الذ هب لتف صل بي نه وب ي العنا صر الرخي صة‬
‫العالقة به‪ ،‬وهذا هو أصل الكلمة اللغوي‪ ،‬وله دللته وظله وإيائه‪ ،‬وكذلك تصنع الفتنة‬

‫‪180‬‬
‫بالقلوب‪ ،‬هذه الفت نة على اليان أ صل ثا بت و سنة جار ية ف ميزان ال سبحانه؛ {وََلقَدْ‬
‫صدَقُوا وََلَيعْلَمَ ّن اْلكَا ِذبِيَ} [العنكبوت‪]3:‬‬
‫َفَتنّا الّذِي َن مِن َقبِْلهِمْ َفَلَيعْلَمَنّ اللّ ُه الّذِينَ َ‬

‫وإن اليان أمانة ال ف الرض‪ ،‬ل يملها إل من هم ل ا أهل‪ ،‬وفيهم على حلها قدرة‪،‬‬
‫وفـ قلوبمـ ترد لاـ وإخلص‪ ،‬وإل الذيـن يؤثرون على الراحـة والدعـة وعلى المـن‬
‫والسلمة وعلى التاع والغراء‪ ،‬وإنا لمانة اللفة ف الرض‪ ،‬وقيادة الناس إل طريق ال‬
‫وتقيق كلمته ف عال الياة‪ .‬فهي أمانة كرية‪ ،‬وهي أمانة ثقيلة‪ ،‬وهي من أمر ال يضطلع‬
‫با الناس ومن ث تتاج إل طراز خاص يصب على البتلء) انتهى كلمه رحه ال‪.‬‬

‫فإن على الفئة القاتلة التـ سـلكت طريـق الهاد فـ سـبيل ال أن تعـي طبيعـة العركـة‬
‫ومتطلباتا نو هدفها النشود وطريقها الذي لبد أن يعبد بدماء الصالي من أبنائها‪ ،‬وأن‬
‫تدرك أن هذا الطريق فيه فقد للحباب والصحاب‪ ،‬وترك للخلن والوطان؛ كما قاسى‬
‫أصحاب النب صلى ال عليه وسلم وهم خي اللق بعد النبياء مرارة الجرة وفقد الال‬
‫والهل والدار كله ف سبيل ال‪ ...‬فأين نن منهم؟!‬

‫وما على هذه الفئة إل ان تصب ف طريقها الذي سلكته‪ ،‬وأن تتسب عند ال ما قد يقع‬
‫ل ا من ف قد ب عض القيادات والفراد‪ ،‬وأن ت ضي على درب م وتعلم أن هذه سنة ال عز‬
‫وجل‪ ،‬وأن ال يصطفي من هذه المة من عباده الصالي‪ ،‬وأل تتعجل النصر فإن وعد ال‬
‫آت ل مالة‪.‬‬

‫وينب غي أن يعلم ال سلم؛ أن اتباع ال ق وال صب عل يه هو أق صر طر يق إل الن صر وإن طال‬


‫الطريق وكثرت عقباته وقل سالكوه‪ ،‬وأن الَيدة عن الق ل تأت إل بالذلن وإن سهل‬
‫طريقها وظن سالكه قرب الظفر فإنا هي أوهام‪.‬‬

‫ق ِبكُ ْم عَن َسبِيلِهِ‬


‫سبُلَ َفَتفَرّ َ‬
‫سَتقِيمًا فَاّتِبعُو ُه وَ َل َتتِّبعُوْا ال ّ‬
‫قال تعال‪َ { :‬وأَنّ هَـذَا صِرَاطِي مُ ْ‬
‫ذَِلكُ ْم وَصّاكُم بِهِ َلعَّلكُ ْم َتّتقُون} [النعام‪.]153:‬‬

‫‪181‬‬
‫هذا هو الهاد؛‪ ...‬قمة‪ ...‬وثرة‪ ...‬يأت بعد صب طويل ومكوث مديد ف أرض العركة‬
‫انتظارا للب العداء واصطبارا لشرورهم مكوث يستمر شهور وسنوات متتالية‪ ،‬وإن ل‬
‫تتجرع هذه اللم لن يفتح ال عليك بالنصر لن النصر مع الصب‪.‬‬

‫وقد قال شيخ السلم‪( :‬إنا تنال المامة ف الدين بالصب واليقي)‪.‬‬

‫إن مفاهيم الق وصدق العقيدة والتوحيد تبقى دُمى ف عال الشباح ل تري فيها روح‬
‫ـق ولوائه‬‫ـابرون يتحملون تبعات هذا الطريـ‬ ‫ـادقون صـ‬ ‫ـا أناس صـ‬ ‫الياة إل إذا حلهـ‬
‫ويسـتعذبون العذاب ويسـتحلون النصـب ول يرضون إل بالوت مـن أجـل إحياء هذه‬
‫الفاه يم على أرض الوا قع ت طبيقا عمليا‪ ،‬ل ك ما يتم ن الب عض هذه الفاه يم ويزركشون ا‬
‫ضمن قوالب نظرية فلسفية‪ ،‬وخطب رنانّة بعيدة عن روح العمل والصدق والتنفيذ‪.‬‬

‫وإن السلم اليوم بأمس الاجة إل رجال صادقي صابرين ينعون إل الد ويستعذبون‬
‫الت عب ويرتاحون بالن صب‪ ،‬فيترجون ب صمت متطلبات الرحلة‪ ...‬رجال النفوس ال صادقة‬
‫وال مم العال ية والعزائم القويّة‪ ،‬ال ت ل تعرف إل ست التل قي للتنف يذ فتأ ب أن يعقد ها‬
‫الكلل‪ ،‬أو يدركها اللل‪ ،‬أو تنفق آمالا ف الرا والدال‪.‬‬

‫فشمر عن ساعد الد والعمل واصب على لواء الطريق ووعورته‪ ،‬فقد قيل‪( :‬قد عجز من‬
‫ل يعد لكل بلء صبا‪ ،‬ولكل نعمة شكرا‪ ،‬ومن ل يعلم أن مع العسر يسرا)‪.‬‬

‫يا ويح نفسي وما ارتفعت بنا هم *** إل النان وتال القوم أوابُ‬
‫إل كواعب للطراف قاصرة *** وظل طوب وعطر الشدو ينسابُ‬
‫إل قناديل ذهب علقت شرفا *** بعرش رب لن قتلوا وما غابوا‬

‫ُمـ‬
‫ِبـ َله ْ‬
‫ُونـ وَادِي ًا إِلّ ُكت َ‬
‫صـغِ َي ًة وَلَ َكبِ َيةً وَ َل َيقْ َطع َ‬
‫ُونـ َن َف َقةً َ‬
‫يقول تعال‪{ :‬وَ َل يُنفِق َ‬
‫س َن مَا كَانُوْا َيعْمَلُون} [التوبة‪.]121:‬‬ ‫ِليَجْ ِزَيهُمُ اللّهُ أَحْ َ‬

‫‪182‬‬
‫روى الطبي عن قتادة ف تفسي هذه الية قوله‪( :‬ما ازداد قوم من أهليهم ف سبيل‬
‫ال بعدا‪ ،‬إل ازدادوا من ال قربا)‪.‬‬

‫فالمر ل من قبل ومن بعد‪ ،‬ولسنا سوى عبيد له سبحانه‪ ،‬نسعى لتحقيق عبوديته‪ ،‬ومن‬
‫كمال العبوديـة؛ أن نعلم ونوقـن يقينا جازما لشـك فيـه؛ أن وعـد ال متحقـق ل مالة‪،‬‬
‫ولكن نا قد ل ندرك حقي قة ال مر لك مة يعلم ها ال‪ ،‬و قد يتأ خر الن صر ابتلءً وامتحانا‪،‬‬
‫وصدق ال العظيم‪{ :‬وَكَانَ َحقّا عََلْينَا َنصْ ُر الْ ُم ْؤ ِمنِي} [الروم‪.]47:‬‬

‫و قد و عد سبحانه عباده الوحد ين بالن صر‪ ،‬وج عل التمك ي لل صابرين وأ خب أن ما حل‬


‫لل مم ال سالفة من الظ فر والثبات والتمك ي على الرض كان لم يع صبهم وتوكل هم‬
‫ق الَرْضِ َومَغَا ِرَبهَا‬ ‫سَتضْ َعفُونَ مَشَارِ َ‬ ‫عليه‪ ،‬كما قال سبحانه‪َ { :‬وَأوْ َرْثنَا اْل َقوْمَ الّذِينَ كَانُواْ يُ ْ‬
‫صَبرُواْ وَ َدمّ ْرنَا مَا كَانَ‬
‫سنَى عَلَى بَنِي ِإسْرَآئِي َل بِمَا َ‬‫ك الْحُ ْ‬ ‫الّتِي بَارَ ْكنَا فِيهَا َوتَ ّمتْ َكلِ َمتُ َربّ َ‬
‫َيصْنَعُ ِف ْر َعوْ ُن وََق ْومُهُ َومَا كَانُوْا َيعْ ِرشُون} [العراف‪.]137:‬‬

‫وجعل ال تعال ما حصل لنبيه يوسف من العزة والتمكي ف الرض بعد الغربة وماجرى‬
‫له ف ق صر العز يز إن ا هو ب صبه وتقواه؛ {ِإنّ ُه مَن َيتّ قِ َويِ صْبِرْ فَإِنّ اللّ هَ َل ُيضِي عُ أَجْرَ‬
‫سنِي} [يوسف‪.]90:‬‬ ‫الْمُحْ ِ‬

‫صبِرُواْ وَ صَاِبرُواْ‬
‫وعلق سبحانه الفلح بال صب‪ ،‬لقوله عز و جل‪{ :‬يَا َأيّهَا الّذِي نَ آ َمنُواْ ا ْ‬
‫وَرَابِطُوْا وَاّتقُواْ اللّهَ َلعَّلكُ ْم ُتفِْلحُون} [آل عمران‪.]200:‬‬

‫ـرْ إِنّ اْلعَاقَِبةَ‬


‫وذكـر سـبحانه أن حسـن العاقبـة فـ الدنيـا هـي للصـابرين التقياء؛ {فَاص ْبِ‬
‫لِلْ ُمّتقِي} [هود‪.]49:‬‬

‫ن ن نعلم يقينا أن و عد ال ل يتخلف أبدا ومن شأ ال سؤال والشكال‪ ،‬أن نا ق صرنا الن ظر‬
‫على نوع وا حد من أنوا عه؛ و هو الن صر الظا هر‪ ،‬ول يلزم أن يكون هذا هو الن صر الذي‬

‫‪183‬‬
‫وعد به أنبيائه ورسله وعباده الؤمني يتجلى ف صور أخرى ل تلمحها النفوس الهزوزة‬
‫الضعيفة‪.‬‬

‫ومن بعض هذه الصور؛‬

‫أن قبائل قر يش قد أج عت قديا على ما صرة الؤم ي ومقاطعت هم ف ش عب أ ب طالب‬


‫ومعهم بنو هاشم‪ ،‬ثلث سنوات ل يبيعونم ول يشترون منهم؛ حت ل يدوا ما يأكلونه‬
‫إل مـا يلتقطونـه مـن خشاش الرض‪ ،‬وأوشـك الؤمنون على اللك لول أن رحةـ ال‬
‫أدركتهم‪.‬‬

‫أصـحاب الخدود يلقون فـ النار ول يقبلون السـاومة على دينهـم‪ ،‬ويفضلون الوت فـ‬
‫سبيل ال‪ ،‬ث يفر الطاغوت أخاديده‪ ،‬ويوقد نيانه‪ ،‬ويأمر زبانيته وجنوده بإلقاء الؤمني‬
‫فـ النار‪ ،‬وتأتـ الفاجاة الذهلة؛ بدل أن يضعـف مـن يضعـف‪ ،‬ويهرب مـن يهرب‪ ،‬ل‬
‫ت سجل الرواية أن احدا منهم تراجع أو جب أو هرب‪ ،‬بل ند القدام والشجاعة وذلك‬
‫بالتدافع إل النار‪ ،‬وكأن الغلم قد بث فيهم الشجاعة والثبات‪ ،‬وهاهم يدون ف اللحاق‬
‫به وكانم يتلذذون ف تقدي أرواحهم فداء لدينهم؛ فكانوا هم النتصرين‪ ،‬بل ساه ال عز‬
‫حتِهَا‬
‫جرِي مِن َت ْ‬
‫ت تَ ْ‬
‫و جل (َفوْزا َكبِيا)ً؛ {إِنّ الّذِي نَ آ َمنُوا َوعَمِلُوا ال صّالِحَاتِ َلهُ مْ َجنّا ٌ‬
‫ك اْل َفوْ ُز الْ َكبِيُ} [البوج‪.]11:‬‬ ‫الَْأْنهَارُ ذَلِ َ‬

‫وعن أنس بن مالك رضي ال عنه قال‪ :‬غاب عمي أنس بن النظر عن قتال بدر‪ ،‬فقال‪( :‬يا‬
‫رسول ال غبت عن أول قتال قاتلت الشركي‪ ،‬لئن أشهدن قتال الشركي ليين ال ما‬
‫أ صنع)‪ ،‬فل ما كان يوم أ حد وأنك شف ال سلمون فقال‪( :‬الل هم إ ن أعتذر إل يك م ا صنع‬
‫هؤلء ‪-‬يعن أصحابه‪ -‬وأبرأ إليك ما صنع هؤلء ‪-‬يعن الشركي‪ ،)-‬ث تقدم فأستقبله‬
‫سعد بن معاذ‪ ،‬فقال‪( :‬يا سعد بن معاذ؛ النة ورب النظر‪ ..‬النة ورب النظر‪ ..‬إن أجد‬
‫ري ها دون أ حد)‪ ،‬قال سعد‪ :‬فما استطعت يارسول ال ما صنع‪ ،‬قال أنس‪ :‬فوجدنا به‬
‫بضعا وثاني ضربة بسيف أو طعنة برمج أو رمية بسهم‪ ،‬ووجدناه قد قتل‪ ،‬وقد مثل به‬

‫‪184‬‬
‫الشركون‪ ،‬ف ما عر فه أ حد إل أخ ته ببنا نه‪ ،‬فقال أ نس‪ :‬ك نا نرى أو ن ظن‪ ،‬أن هذه ال ية‬
‫نزلت فيه وف أشباهه‪{ :‬مِ َن الْ ُم ْؤ ِمنِيَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللّ َه عََليْ هِ فَ ِمْنهُم مّن َقضَى‬
‫حبَ ُه َومِْنهُم مّن يَنتَظِ ُر َومَا بَدّلُوا َتبْدِيلًا} [الحزاب‪.]23:‬‬
‫نَ ْ‬

‫وند هذا العن من معان النتصار ف الديث الذي رواه خباب عندما جاء إل رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم وقال له‪( :‬أل تستنصر لنا؟ أل تدعوا لنا؟)‪ ،‬قال‪( :‬كان الرجل فيمن‬
‫قبلكم يفر له ف الرض فيجعل فيه فيجاء بالنشار فيوضع على رأسه فيشق باثنتي وما‬
‫يصده ذلك عن دينه‪ ،‬ويشط بأمشاط الديد ما دون لمه من عظم أو عصب ما يصده‬
‫ذلك عن دينه)‪.‬‬

‫ومن أنواع النصر الفي الذي ل يراه إل الؤمنون؛‬

‫أن عدو الق مهما كان متجبا مسرفا ف معاملة خصمه إل أنه يتجرع ألوانا من الذى‬
‫العنوي والعذاب النف سي قبل أن يقدم على إيذاء خصمه‪ ،‬بل وأحيانا بعد أن يفعل فعلته‬
‫فإنه ل يد للراحة مكانا‪ ،‬ول للسعادة طعما‪.‬‬

‫ولذا؛ فإن الجاج بن يوسف عندما قتل سعيد بن جبي ذاق ألوان العذاب النفسي‪ ،‬حت‬
‫كان ل يهنأ بنوم‪ ،‬ويقوم من فراشه فزعا ويقول‪( :‬مال ولسعيد؟) حت مات وهو ف هه‬
‫وغمه‪.‬‬

‫هذا ما نستيقنه ف حربنا مع حامل لواء الصليب الطاغوت المريكي التبجح‪ ..‬فمع بطشه‬
‫وتبه بالعتاد والسلح؛ إل أنه يلقى من الوان النفسي والكسر العنوي ما لو صب على‬
‫البال لتصدعت‪.‬‬

‫و قد جاء القرآن م عبا عن هذه القي قة ك ما ف سورة آل عمران‪ ،‬فقال سبحانه‪َ { :‬وإِذَا‬
‫خََل ْوْا َعضّوْا عََليْكُ ُم ا َلنَامِ َل مِ َن الْ َغيْ ظِ قُ ْل مُوتُوْا ِبغَيْ ِظكُ مْ ِإنّ اللّ هَ عَلِي ٌم بِذَا تِ ال صّدُور * إِن‬
‫صبِرُوْا َوَتتّقُواْ َل َيضُرّكُ مْ‬
‫صبْكُمْ َسّيَئةٌ َيفْ َرحُواْ بِهَا َوإِن تَ ْ‬‫سؤْهُ ْم َوإِن تُ ِ‬ ‫سَن ٌة تَ ُ‬
‫سكُمْ حَ َ‬ ‫تَمْ سَ ْ‬

‫‪185‬‬
‫َكيْ ُدهُ ْم َشْيئًا إِنّ اللّ َه بِمَا َيعْمَلُو نَ ُمحِي طٌ} [آل عمران‪ ،]120-119:‬وقال سبحانه‪:‬‬
‫{وَ َردّ اللّ ُه الّذِي نَ َكفَرُوا ِب َغيْ ِظهِ مْ َل ْم َينَالُوا َخْيرًا وَ َكفَى اللّ ُه الْ ُم ْؤ ِمنِيَ اْل ِقتَا َل وَكَا نَ اللّ هُ َق ِويّا‬
‫عَزِيزًا} [الحزاب‪.]25:‬‬

‫ومن الصور الت تفى على مطموسي البصائر؛‬

‫سبَ ّن الّذِينَ ُقِتلُواْ‬


‫ترقب الياة الكاملة الت أعدها ال لوليائه وأصفيائه‪ ،‬قال تعال‪{ :‬وَلَ َتحْ َ‬
‫فِي َسبِيلِ اللّهِ َأ ْموَاتًا بَلْ أَ ْحيَاء عِندَ َرّبهِ ْم يُ ْرزَقُون} [آل عمران‪.]169:‬‬

‫من ل يت بالسيف مات بغيه *** تنوعت السباب والوت واحدُ‬

‫ومن خلل ماسبق يت ضح ل نا الفهوم الشا مل للنت صار؛ وأ نه ل يوز ل نا أن ندد نوع‬
‫النتصار الذي نريده‪.‬‬

‫وإن من دوا عي الثبات وال ستبسال ‪ -‬ما رأيناه على أرض الفلو جة‪ -‬أن ال نب صلى ال‬
‫عليه وسلم أخبنا أن من علمات انتصار دين السلم أنه لن تستطيع قوة ف الرض أن‬
‫تلك ج يع الؤمن ي‪ ،‬ك ما كان ي شى ف ع هد نوح أو ف أول الر سالة‪ ،‬لن ر سول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم بي أن الهاد سيبقى قائما عاملً ف الرض‪ ،‬كما ورد ف الديث‬
‫الصحيح‪( :‬ل تزال طائفة من أمت قائمة بأمر ال ل يضرهم من خذلم أو خالفهم حت‬
‫يأت أمر ال وهم على ذلك)‪.‬‬

‫إن الن صر وم صي هذا الد ين ب يد ال سبحانه‪ ،‬ف قد تك فل به وو عد به فإن شاء ن صره‬


‫وأظهره وإن شاء أجله وأخره‪ ،‬فهو الكيم البي بشؤونه‪ ،‬فإن أبطأ فبحكمة مقدرة فيها‬
‫ح الْ ُم ْؤ ِمنُونَ *‬
‫الي لليان وأهله‪ ،‬وليس بأحد بأغي على الق وأهله من ال‪ََ{ ،‬ي ْو َمئِ ٍذ َيفْرَ ُ‬
‫ِبنَ صْرِ اللّ ِه يَن صُ ُر مَن يَشَاء َو ُهوَ اْلعَزِيزُ الرّحِي مُ * َوعْدَ اللّ هِ لَا يُخِْل فُ اللّ ُه َوعْدَ ُه وََلكِنّ أَكْثَرَ‬
‫النّاسِ لَا َيعْلَمُونَ} [الروم‪.]6-4:‬‬

‫‪186‬‬
‫ل تسب الجد ترا أنت آكله *** لن تبلغ الجد حت تلعق الصبا‬

‫فإن ال سـبحانه وتعال جلت قدرتـه وعزت عظمتـه ينـ على الؤمنيـ بالنصـر أحيانـا‬
‫ويبتليهم منه أحيانا أخرى فيحرمهم من هذه النعمة ويذيقهم طعم البتلء لكم يقدرها‬
‫ويعلمها‪.‬‬

‫قد ينعم ال ف البلوى وإن عظمت *** ويبتلي ال بعض القوم بالنعمِ‬

‫وقد ع ّد ابن القيم رحه ال ف زاد العاد نُبذا من هذه الكم‪ ،‬فقال‪:‬‬

‫(من ها‪ :‬أن هذا من أعلم الر سل ك ما قال هر قل ل ب سفيان‪ :‬هل قاتلتموه؟ قال‪ :‬ن عم‪،‬‬
‫قال‪ :‬كيـف الرب بينكـم وبينـه؟ قال‪ :‬سـجال يدال علينـا مرة وندال عليـه أخرى‪ ،‬قال‪:‬‬
‫كذلك الرسل تبتلى ث تكون لم العاقبة‪.‬‬

‫ومن ها‪ :‬أن يتم يز الؤ من ال صادق من النا فق الكاذب‪ ،‬فإن ال سلمي ل ا أظهر هم ال على‬
‫أعدائهم يوم بدر وطار لم الصيت‪ ،‬دخل معهم ف السلم ظاهرا من ليس معهم باطنا‪،‬‬
‫فاقت ضت حك مة ال عز و جل أن سبب لعباده م نة ميزت ب ي ال سلم والنا فق‪ ،‬فأطلع‬
‫النافقون رؤوسـهم فـ هذه الغزوة وتكلموا باـ كانوا يكتمونـه‪ ،‬وظهرت مابتهـم‪ ،‬وعاد‬
‫تلويهم تصريا‪ ،‬وأنقسم الناس إل كافر ومؤمن ومنافق انقساما ظاهرا‪ ،‬وعرف الؤمنون‬
‫أن لم عدوا ف نفس دورهم وهو معهم‪ ،‬ل يفارقونم‪ ،‬فاستعدوا لم وترزوا منهم‪.‬‬

‫ومنها‪ :‬لو نصر ال سبحانه وتعال الؤمني دائما وأظفرهم بعدوهم ف كل موطن‪ ،‬وجعل‬
‫ل م التمك ي والق هر لعدائ هم أبدا‪ ،‬لط غت نفو سهم وش خت وارتف عت‪ ،‬فلو ب سط ل م‬
‫النصر والظفر لكانوا ف الال الت يكونون فيها لو بسط لم الرزق‪ ،‬فل يصلح عباده إل‬
‫السـراء والضراء والشدة والرخاء والقبـض والبسـط‪ ،‬فهـو الدبر لمـر عباده كمـا يليـق‬
‫بكمته‪ ،‬إنه بم خبي بصي‪.‬‬

‫‪187‬‬
‫ومنها‪ :‬استخراج عبودية أوليائه وحزبه ف السراء والضراء فيما يبون وفيما يكرهون‪ ،‬وف‬
‫حال ظفرهم وظفر أعدائهم بم‪ ،‬فإذا ثبتوا على الطاعة العبودية فيما يبون وما يكرهون‬
‫فهم عبيده حقا‪ ،‬وليسوا كمن يعبد ال على حرف واحد من السراء والنعمة والعافية‪.‬‬

‫ومن ها‪ :‬أ نه إذا امتحن هم بالغل بة والكرة والزي ة ذلوا وانك سروا وخضعوا‪ ،‬فا ستوجبوا م نه‬
‫العزة والن صر‪ ،‬فإن خل عة الن صر إن ا تكون مع ول ية الذل والنك سار‪ ،‬قال تعال‪{ :‬وََلقَ ْد‬
‫ُمـ‬
‫جَبتْك ْ‬ ‫ْنـ إِذْ َأعْ َ‬
‫ْمـ ُحَني ٍ‬
‫ُمـ أَذِلّة} [آل عمران‪ ،]123:‬وقال‪َ { :‬وَيو َ‬
‫ّهـ ِببَدْ ٍر َوأَنت ْ‬
‫َصـرَكُمُ الل ُ‬
‫ن َ‬
‫َكثْ َرتُكُ مْ فََل ْم ُتغْ نِ عَنكُ ْم َشْيئًا} [التو بة‪ ،]25:‬ف هو سبحانه إذا اراد أن ي عز عبده وي به‬
‫وينصره كسره أولً‪ ،‬ويكون جبه له وانكساره له ونصره على مقدار ذله وانكساره‪.‬‬

‫ومن ها‪ :‬أن ال سبحانه ه يأ لعباده الؤمن ي منازل ف دار كرام ته ل تبلغ ها أعمال م‪ ،‬ول‬
‫يكونوا بالغيهـا إل بالبلء والحنـة‪ ،‬فقيـض لمـ السـباب التـ توصـلهم إليهـا مـن ابتلئه‬
‫وامتحانه‪ ،‬كما وفقهم للعمال الصالة الت هي من جلة أسباب وصولم إليها‪.‬‬

‫ومنها‪ :‬أن النفوس تكتسب من العافية الدائمة والنصر والغن طغيانا وركونا إل العاجلة‪،‬‬
‫وذلك مرض يعوقها عن جدها ف سيها إل ال والدار الخرة‪ ،‬فإذا أراد با ربا ومالكها‬
‫وراح ها كرام ته ق يض ل ا من البتلء والمتحان ما يكون دواء لذلك الرض العائق عن‬
‫ال سي الث يث إل يه‪ ،‬فيكون ذلك البلء والح نة بنلة ال طبيب ي سقي العل يل الدواء الكر يه‬
‫ويقطع منه العروق الؤلة‪ ،‬لستخراج الدواء منه ولو تركه لغلبته الدواء حت يكون فيها‬
‫هلكه‪.‬‬

‫ومن ها‪ :‬أن الشهادة ع ند ال من أعلى مرا تب أولياؤه‪ ،‬الشهداء هم خوا صه والقربون من‬
‫عباده ول يس ب عد در جة ال صدّيقيّة إل الشهادة‪ ،‬و هو سبحانه ي ب أن يت خذ من عباده‬
‫شهداء‪ ،‬تراق دمائهم ف مبته ورضائه‪ ،‬ويؤثرون رضاه ومابه على نفوسهم‪ ،‬ول سبيل إل‬
‫نيل هذه الدرجة إل بتقدير السباب الفضية إليها من تسلط العدو)‪ .‬انتهى كلمه رحه‬
‫ال‪.‬‬

‫‪188‬‬
‫ب عََلْيكُ مُ الْ ِقتَا ُل َو ُهوَ ُكرْ هٌ ّلكُ ْم َوعَ سَى أَن تَكْ َرهُواْ َشْيئًا َوهُ َو‬
‫يقول ال عز و جل‪ُ { :‬كتِ َ‬
‫ُمـ َل َتعْلَمُون} [البقرة‪:‬‬ ‫َمـ َوأَنت ْ‬
‫ّهـ َيعْل ُ‬
‫ُمـ وَالل ُ‬
‫حبّوْا َشْيئًا َو ُهوَ شَرّ ّلك ْ‬ ‫ُمـ َوعَسـَى أَن تُ ِ‬
‫َخيْرٌ ّلك ْ‬
‫‪.]216‬‬

‫قال المام ابن القيم ف الفوائد‪( :‬ف هذه الية عدة حكم وأسرار ومصال للعبد‪ ،‬فإن العبد‬
‫إذا علم أن الكروه قـد يأتـ بالحبوب‪ ،‬والحبوب قـد يأتـ بالكروه؛ ل يأمـن أن توافيـه‬
‫الضرة من جانب السرة ول ييأس أن تأتيه السرة من جانب الضرة لعدم علمه بالعواقب‪،‬‬
‫فإن ال يعلم منها ما ل يعلمه العبد‪ ،‬أوجب له ذلك أمورا‪.‬‬

‫منها‪ :‬أنه ل أنفع له من امتثال المر وإن شق عليه ف البتداء‪ ،‬لن عواقبه كلها خيات‬
‫ومسرات ولذات وأفراح‪ ،‬وإن كرهته نفسه فهو خي لا وأنفع‪ ،‬وكذلك ل شي أضر عليه‬
‫من ارتكاب الن هي وإن هوي ته نف سه ومالت إل يه‪ ،‬فإن عواق به كل ها آلم وأحزان وشرور‬
‫وم صائب‪ ،‬وخا صية الع قل ت مل الل الي سي ل ا يعق به من اللذة العظي مة وال ي الكث ي‪،‬‬
‫واجتناب اللذة اليسية لا يعقبها من الل العظيم والشر الطويل‪.‬‬

‫ومن أسرار هذه الية‪ :‬أنا تقتضي من العبد التفويض إل من يعلم عواقب المور والرضى‬
‫با يتاره له ويقضيه لا يرجو فيه من حسن العاقبة‪.‬‬

‫ومنها‪ :‬أنه ل يقترح على ر به ول يتار عليه ول يسأله ما ل يس له به علم‪ ،‬فلعل مضرته‬
‫وهلكه فيه وهو ل يعلم‪ ،‬فل يتار على ربه شيئاَ‪ ،‬بل يسأله حسن الختيار له وأن يرضيه‬
‫با يتاره‪ ،‬فل أنفع له من ذلك‪.‬‬

‫ومن ها‪ :‬أ نه إذا فوض أمره إل ر به ور ضي ب ا يتاره له‪ ،‬أمده في ما يتاره له بالقوة عل يه‬
‫والعزية والصب‪ ،‬وصرف عنه الفات الت هي عرضة اختيار العبد لنفسه‪ ،‬وأراه من حسن‬
‫عواقب اختياره له مال يكن ليصل إل بعضه با يتاره هو لنفسه‪.‬‬

‫‪189‬‬
‫ومنهـا‪ :‬أنـه يريهـ مـن الفكار التعبـة فـ أنواع الختيارات‪ ،‬ويفرغ قلبـه مـن التقديرات‬
‫والتدبيات ال ت ي صعد من ها ف عق بة وينل ف أخرى و مع هذا فل خروج له ع ما قدر‬
‫عليه‪ ،‬فلو رضي باختيار ال أصابه القدر و هو ممود مشكور ملطوف به فيه‪ ،‬وإل جرى‬
‫عل يه القدر و هو مذموم غ ي ملطوف به ف يه‪ ،‬ل نه مع اخياره لنف سه‪ ،‬وم ت صح تفوي ضه‬
‫ورضاه اكتنفه القدور مع العطف عليه واللطف به فيصي بي عطفه ولطفه‪ ،‬فعطفه يقيه ما‬
‫يذره‪ ،‬ولط فه يهون عل يه ما قدره‪ .‬إذا ن فذ القدر ف الع بد كان من أع ظم أ سباب نفوذه‬
‫تيله ف رده‪ ،‬فل أن فع له من ال ستسلم وإلقاء نف سه ب ي يدي القدر طريا كالي تة؛ فإن‬
‫السبع ل يرضى بأكل اليف) انتهى كلمه رحه ال‪.‬‬

‫باتت تذكرن بال قاعدة *** والدمع يهطل من شأنيهما ما سبل‬


‫يا بنت عمي كتاب ال أخرجن *** كرها وهل أمنعن ال ما فعل‬
‫فإن رجعت فرب اللق أرجعن *** وإن لقت برب فابتغي بدل‬
‫ما كنت أعرج أو أعمى فيعذرن *** أو ضارعا من ضنا ل يستطع حول‬

‫روى الطبي ف تاريه عن ابن اسحاق‪ :‬أن رجل من أصحاب رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم قال‪( :‬شهدت أُحدا مع رسول ال صلى ال عيه أنا وأخ ل فرجعنا جريي‪ ،‬فلما‬
‫أذّن مؤذن رسول ال صلى ال عليه وسلم بالروج ف طلب العدو‪ ،‬قلت لخي ‪-‬أو قال‬
‫ل‪ :-‬أتفوتنا غزوة مع رسول ال ل ال عليه وسلم؟ وال مالنا من دابة نركبها وما منا إل‬
‫جريح ثقيل‪ ،‬فخرجنا مع رسول ال صلى ال عليه وسلم وكنت أيسر جرحا‪ ،‬فكان إذا‬
‫غلب حلته عقبة‪ ..‬ومشى عقبة‪ ..‬حت انتهينا إل ما انتهى إليه السلمون)‪.‬‬

‫قال أبو الدردا‪( :‬ذروة سنام اليان؛ الصب للحكم والرضى بالقدر)‪.‬‬

‫وبذا الدواء نستشفي من جراحنا النبعثة هنا وهناك‪.‬‬

‫‪190‬‬
‫فب عد تف هم هذه القائق؛ ندرك الع ن الطلوب من وراء تشي يد معر كة الفلو جة وثبات ا‬
‫وانتصابا بكل ما أوتيت من قوة‪ ،‬لنا اليوم هي العركة الوحيدة على ثغر السلم الول‪،‬‬
‫والثبات فيها والرباط على خطوطها يعن الفاظ على الثغر الول الذي نطاعن منه الكفر‬
‫والعدوان‪.‬‬

‫ول يعنـ أن نرى العدو قـد دخـل إل العمـق وتول فـ سـاحات الدينـة وتركـز على‬
‫الطراف أنه قد حقق أهدافه ف النتصار‪ ،‬فمعركتنا مع العدو هي حرب شوارع ومدن‬
‫تتنوع ف تكتيكاتا وأساليبها الدفاعية والجومية‪ ،‬والروب الضارية ل تسم نتائجها من‬
‫أيام ول أسابيع بل تأخذ وقتها ريثما يي موعد إعلن الفوز لحد الطرفي‪.‬‬

‫ويكفي نا ق بل ح سم النتي جة أن قرت عيون نا برؤ ية أبناء ال سلم يثبتون كالبال الروا سي‬
‫على خطوط الفلوجة الباركة‪ ،‬ويلقنون المة دروسا جديدة ف اللد والصب واليقي‪.‬‬

‫ولعلنا نلقي نظرة حول بعض من هذه الدروس والنتائج العظام الت تخضت عن تلك‬
‫العركة الشامة‪ ،‬فأقول‪:‬‬

‫أولً‪ :‬أح يت العر كة من جد يد معا ن العزة والكرا مة والباء‪ :‬وأيق نت ال مة أن هناك ثلة‬
‫من أبنائها قادرين على مواجهة الخطار الكالة بكل جرأة وثبات وعزية‪ ،‬وأن هذه الثلة‬
‫صدقت مع أمتها ف خططها ومشاريعها الت أعدتا لنبعاث المة من جديد وبذلت من‬
‫أجل ذلك كثيا دماء أبنائها وقادتا‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬تعلمت المة ‪ -‬وهي ف ذلتها وانكسارها ‪ -‬أنا تستطيع أن تواجه وترابط وتعارك‬
‫أسياد الرض وطغاتا بعصابة قليلة من أبنائها‪ ،‬وبعتاد خفيف من السلح‪ ..‬تستطيع بذلك‬
‫أن تلحق بالعدو خسائر جسيمة أليمة وتبه على ترع كأس الزية الر‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬فتحـت الفلوجـة أرض العركـة على مصـراعيها‪ ،‬فألبـت همـ أبناء السـلم داخـل‬
‫العراق وخارجـه‪ ،‬ودفعـت بدمائهـا الطاهرة التـ أريقـت على أرضهـا بالكثيـ مـن أبناء‬

‫‪191‬‬
‫السـلم لينهضوا بتكاليـف الهاد وينفروا للتصـدي للحملة الصـليبية العاليـة‪ ،‬فاشتعلت‬
‫العارك والل حم ف أناء متفر قة من أرض العراق وتشكلت الكتائب والجام يع وا نبى‬
‫الجاهدون يتلقفون أرتال العدو ويصـطادون دورياتـه ويغيون على مواقعـه‪ ،‬وقـد شهدنـا‬
‫بف ضل ال خ سائره الكثية ال ت تكبد ها على أرض العراق كل ها‪ ،‬فكان من مفا خر هذا‬
‫الف تح أن تع ظم نفوس أبناء الهاد وتنهار أمام ها أ ساطي اللت الرب ية الدي ثة فهمم هم‬
‫الن قد تررت من أوهام العجز والوف وانطلقت إل ميادين الد والعمل‪.‬‬

‫رابعا‪ :‬أحرزت معركة الفلوجة نصرا عسكريا استرتيجيا مهما‪ ،‬فالميع على دراية بتفوق‬
‫اللة العسـكرية المريكيـة وتطور جيوشهـا ونظامهـا الربـ الذي يعتمـد على ضرب‬
‫الهداف عن بعد دون التحام واشتباك‪ ،‬والذي يفترض أن يؤمن سلمة الندي المريكي‬
‫دون أن ي ستهلك ف معارك خطرة تكل فه رو حه‪ ،‬ول كن الفلو جة ا ستدرجت هذه اللة‬
‫الضخمة ‪ -‬وفق خطة مدبرة ‪ -‬استدرجتها إل حرب شوارع قاسية غي منتظمة تستنف‬
‫جهد ها وطاقت ها وعتاد ها‪ ،‬وأ صبح الندي المري كي يوا جه الوت واللك من ح يث ل‬
‫يتسب‪ ،‬وأرغم المريكان على النول إل الزقة والشورع والدخول إل البيوت والبنية‪،‬‬
‫فانك شف العدو لنيان الجاهد ين وكمائن هم وفاجأ ته قدرت م على الناورة وال كر وال فر‪،‬‬
‫واض طر لوض معارك قري بة ل يعهد ها‪ ،‬تك بد في ها خ سائر عظي مة ف الرواح والليات‬
‫تزيد على الئات والعشرات‪.‬‬

‫خام سا‪ :‬تر عت الدارة الع سكرية المريك ية الزي ة النف ية ال كبى؛ ف قد بدى واضحا‬
‫لعرابـ هذه الرب ومططيهـا؛ أن الجاهديـن ل يوقفهـم أي نوع مـن أنواع الردع‪ ،‬ولو‬
‫كلف ذلك خوض حرب إبادة شاملة ي ستأصلون في ها جيعا‪ ،‬فالعقل ية الهاد ية أ صبحت‬
‫العضلة الكبى أمام خطط الرب المريكية والعالية‪ ،‬وما حدث ف الفلوجة من مفاخر‬
‫والثبات أوهن نفوس قادة العدو وجلب لم الكآبة والضجر النفسي والرباك العنوي‪ ،‬وما‬
‫ينتظرهم أدهى وأمر بعون ال تعال‪.‬‬

‫‪192‬‬
‫سادسا‪ :‬أ سهمت الفلو جة بثبات ا وربا طة جأش ها بك شف اللثام عن وجوه الردة والنفاق‬
‫والعمالة‪ ،‬وخلعـت ثوب الدجـل الذي تسـربلت بـه حكومـة علوي الرتدة‪ ،‬وكشفـت‬
‫الز يف الذي تردده من أن ا تر يد م صلحة العراقي ي وتقوم على ح قن دمائ هم وتنيب هم‬
‫الروب والويلت وتشقى ف كسب رضاهم‪ ،‬ث يراها الناس كلهم وهي تسارع ف إنفاذ‬
‫قرار الرب على الفلوجة وتغمس يديها ف دماء أبناء الدينة الطاهرة‪ ،‬وتقتل اللف منهم‬
‫وتشرد عشرات اللوف وتشرف على عمليات التدمي والتخريب وهتك العراض وسلب‬
‫الموال تت اسم ماربة الرهاب والصلحة الوطنية‪.‬‬

‫سابعا‪ :‬أ سقطت العر كة القناع الزائف عن قبائح ال سحنة الرافض ية الال كة‪ ،‬ف قد أوغلوا‬
‫بقدهم ف هذه العركة‪ ،‬وبلؤم ظاهر شاركوا ف الملة العسكرية على الفلو جة بباركة‬
‫مـن إمام الكفـر والزندقـة السـيستان‪ ،‬وكان لمـ طول كـبي فـ عمليات القتـل والنهـب‬
‫والتخريب‪ ،‬واستباحة أرواح العزل من الطفال والنساء والشيوخ‪ ،‬بل استزلتهم نفوسهم‬
‫الكريهـة إل جرائم عظام‪ ،‬فجعلوا يقتحمون بيوت ال المنـة ويدنسـونا‪ ،‬ويعمدوا إل‬
‫تعليق صور شيطانم السيستان على الدران ويطون عليها بقد‪( :‬اليوم أرضكم وغدا‬
‫عرضكم)‪.‬‬

‫وللعلم؛ فإن ‪ %90‬من الرس الوثن هم من الروافض الاقدين و ‪ %10‬هم من قوات‬


‫البشمرقة الكردية‪.‬‬

‫و صدق من قال من العلماء ف الراف ضة‪( :‬أن م بذرة ن صرانية‪ ،‬غر ستها اليهود ية‪ ،‬ف‬
‫أرض موسية)‪.‬‬

‫ثامنا‪ :‬انكشاف الطوط الف ية لعداء الهاد ف هذه العر كة‪ ،‬ف قد برز في ها مشاركات‬
‫ع سكرية عدة ل صفوف خلف ية معاد ية؛ ف قد ات ضح مشار كة ‪ 800‬جندي إ سرائيلي ف‬
‫العركة‪ ،‬وقد رافقهم ‪ 18‬حاخاماَ قضى الكثي منهم كما تناقلت ذلك صحفهم ووسائل‬
‫إعلمهـم‪ .‬كمـا ظهرت مشاركـة أردنيـة عسـكرية مـن قبـل ضباط أردنييـ شاركوا فـ‬

‫‪193‬‬
‫التخطيط والقتحام العسكري للمدينة‪ .‬وذلك يدل على تقق الميع من أن الفلوجة هي‬
‫قاعدة جهادية تؤرق ليل أعداء الدين من الكفار والرتدين‪.‬‬

‫تاسعا‪ :‬من نتائج العركة الشامة؛ تدد الدماء ف عروق أبناء الهاد‪ ،‬وتزايد حرصهم على‬
‫الرتقاء بالعمل الهادي نو أهدافه النشودة وخططه الوعودة‪ ،‬فقد أفرزت العركة جيل‬
‫من القادة والطاقات وال بات ال ت تع تب بالحداث‪ ،‬وتتأ مل ف التجارب والمار سات‬
‫والكت سبات وت عن بعزم ف الطر يق الر سوم و قد صقلتها شدائد العر كة‪ ،‬وأخرجت ها ف‬
‫قالب قوي متي‪.‬‬

‫يقول سيد رح ه ال ف "الظلل"‪( :‬ف في معاناة الهاد ف سبيل ال والتعرض للموت ف‬


‫كـل جولة مـا يعود النفـس السـتهانة بذا الطـر الخوف الذي يكلف الناس كثيا مـن‬
‫نفوسهم وأخلقهم وموازينهم وقيمهم ليتقوه‪ ،‬وهو هي هي عند من يعتاد ملقاته سواء‬
‫سلم منه أو لقاه والتوجه به ل ف كل مرة يفعل ف النفس ف لظات الطر شيئا يقربه‬
‫للتصور فعل الكهرباء بالجسام وكأنه صياغة جديدة للقلوب والرواح على صفاء ونقاء‬
‫و صلح‪ ،‬ث هي ال سباب الظاهرة ل صلح الما عة البشر ية كل ها‪ ..‬عن طر يق قيادت ا‬
‫بأيدي الجاهد ين الذ ين فر غت نفو سهم من كل أعراض الدن يا و كل زخارف ها‪ ،‬وها نت‬
‫عليهم الياة وهم يوضون غمار الوت ف سبيل ال ول يعد ف قلوبم ما يشغلهم عن ال‬
‫والتطلع إل رضاه‪.‬‬

‫وحي تكون القيادة ف مثل هذه اليدي تصلح الرض كلها ويصلح العباد ويصبح عزيزا‬
‫على هذه اليدي أن ت سلم را ية القيادة للك فر والضلل والف ساد و هي قد اشترت ا بالدماء‬
‫والرواح وكل عزيز وغال أرخصته لتتسلم هذه الراية ل لنفسها ولكن ل‪.‬‬

‫ث هو ب عد هذا كله تي سي الو سيلة ل ن ير يد ال ب م ال سن لينالوا رضاه وجزاؤه بغ ي‬


‫حساب وتيسي الوسيلة لن يريد ال بم السوء ليكسبوا ما يستحقون عليه غضبه وفق ما‬
‫يعلمه من سره ودخيلته) انتهى كلمه رحه ال‪.‬‬

‫‪194‬‬
‫عاشرا‪ :‬شهادة الصـطفاء؛ فقـد تشرفـت هذه العصـابة مـن الؤمنيـ أن يكون طريقهـا‬
‫مر سوما بدماء أبنائ ها من الشهداء‪ ،‬وأن يكون كبار قادت ا وكوادر ها على ال ط الول‪،‬‬
‫فإن دل ذلك على شيء دل على صدق أبناء هذا الهاد وترد همهم وعزائمهم لتحقيق‬
‫مطالب التوحيـد والعقيدة والتوحيـد بتفان وإخلص‪ ،‬وبشارتمـ الخرى أن ال اصـطفى‬
‫أخيارهـم ونبائهـم للقائه وموعده‪ ،‬فكتـب لمـ الشهادة والفوز بالرضوان على مـا كانوا‬
‫يرجون ويطلبون‪ ،‬فحقق لم الوعد وأنز لم السؤال‪.‬‬

‫فتلك أحوال سلفهم الصال يرصون على الوت كحرص خلفهم على الياة‪ ،‬فقد كانت‬
‫الشهادة أغلى أمانيهم وكانوا يسارعون إل اليدان حبا ف القتل ف سبيل ال‪ ،‬فقد بلغت‬
‫نسبة الشهداء من الصحابة ف مموع الروب ‪.%80‬‬

‫وكان شهداء الهاجريـن والنصـار أكثـر مـن نصـف الشهداء فـ معركـة اليمامـة‪ ،‬فقـد‬
‫استشهد منهم من سكان الدينة النورة يومئذ ‪ 360‬ومن الهاجرين من غي أهل الدينة‬
‫‪ ،300‬وكان شهداء الهاجر ين والن صار وشهداء التابع ي ل م بإح سان ‪ -‬الذ ين كانوا‬
‫‪ 300‬شهيد تابعي ف تلك العركة ‪ %80 -‬من مموع الشهداء‪ ،‬إذ يبلغ عدد شهداء‬
‫الهاجرين والنصار والتابعي ‪ 960‬شهيدا من مموع ‪ 1200‬شهيد‪ .‬ويكفينا أن نذكر‬
‫أن عدد الشهداء من القراء‪ ،‬حاملي القرآن وعلماء السلمي حي ذاك ‪ -‬ف معركة اليمامة‬
‫‪ 300 -‬شهيد‪ ،‬وف رواية ‪ ،500‬أي أن نسبة القراء من الشهداء ف معركة واحدة فقط‬
‫‪ %25‬ف رواية‪ ،‬و ‪ %45‬ف رواية أخرى‪ ،‬وهي نسبة عالية جدا‪.‬‬

‫والذين يبحثون ف مصادر الصحابة رضي ال عنهم؛ يدون واحدا من كل خسة منهم‬
‫مات على فراشه وأربعة استشهدوا ف ميادين الهاد‪ ،‬فل تعجب من سرعة الفتوح الذهلة‬
‫ف القرن الول الجري وثباتا ودوامها‪.‬‬

‫‪195‬‬
‫ويدر ب نا ف هذا القام أن نش يد بثبات ماهدي نا البطال‪ ،‬وأن نذ كر طرفا ب سيطا من‬
‫نعم ال عز وجل عليهم من الكرامات واللطائف الربانيّة الت حفتهم ف معركتهم مع‬
‫المريكان وأعوانم ف الفلوجة‪ ،‬فكانت تثبيتا لم وجبا لالم‪.‬‬

‫ومنها‪ :‬أنه ف اليوم الثالث من العركة وبعد قصف شديد وعنيف لحياء الفلوجة‪ ،‬استيقظ‬
‫الجاهدون مـن ليلهـم فرأوا الليات والدبابات المريكيـة فـ الشوارع والطرق والفرع‪،‬‬
‫فبز لم سادات أهل السلم ف العمعة‪ ،‬بقيادة الخ أب عزام وعمر حديد و أبو ناصر‬
‫الل يب وأ بو الارث؛ م مد جا سم العي ساوي‪ ...‬وغي هم وغي هم من البطال‪ ،‬فطردوا‬
‫الغزاة إل أطراف الفلوجة‪ ،‬وكان سلحهم ف العركة البيكا والكلشنكوف‪.‬‬

‫وقد حصل للمريكان مقتلة عظيمة كبية‪ ،‬حت أن كثيا منهم كانوا قد فروا من العركة‬
‫واختبئوا فـ بعـض بيوتات السـلمي‪ ،‬وكان الجاهدون يتحرجون بدايـة مـن اقتحام تلك‬
‫البيوت خوفا على أذى السـلمي‪ ،‬ولاـ تأكدوا مـن وجود النود المريكان دخلوهـا‬
‫فوجدوهم خانسون متبؤون‪ ،‬فجعلوا يقتلونم قتل النافس والذباب‪ ،‬ول الفضل والنة‪.‬‬

‫وبعد أيام من العركة؛ عرض أحد القادة على للخ عمر حديد والخ أب الارث جاسم‬
‫العيسـاوي أن يلقوا لاهـم ويرجوا مـن الفلوجـة بعـد أن يسـر لمـ طريقـا آمنـا للنجاة‬
‫ويبدأون بالعمل من الارج‪ ،‬فرفض البطلن وقال‪( :‬وال ل نرج مادام ف الدينة مهاجر‬
‫واحد ثابت)‪ ،‬فقاتل حت اسشهدا رحهما ال تعال وتقبلهما ف عباده الشهداء‪.‬‬

‫ومنها‪ :‬أن بعض الخوة قد قاسوا الوع أياما عديدة‪ ،‬وبعد رجاء وحسن يق ي بال عز‬
‫وجل عثروا على بطيخة كبية‪ ،‬فلما فتحوها إذا با حراء كأحسن ما تكون‪ ،‬فأكلوا منها‬
‫أياما يشبعون ويمدون ويتعجبون‪ ،‬ح ت جزموا أن م ل يتذوقوا ط يب مأكل ها ف الدن يا‪،‬‬
‫ومعلوم أن البطيخ ليس هذا أوانه ومكانه الذي يعرف به‪.‬‬

‫‪196‬‬
‫ومنهـا أيضا‪ :‬أن الخوة قـد عانوا الكثيـ مـن مأكلهـم ومشربمـ‪ ،‬حتـ أنمـ فقدوا مياه‬
‫الشرب وشحت لديهم شحا عظيما‪ ،‬فأخذت الفطور تنبت على أفواههم وشفاههم‪ ،‬ولا‬
‫هوا بالبحـث عـن بضـع قطرات مـن الاء تروي شيئا مـن أجوافهـم العطشـة دخلوا بيتا‬
‫فوجدوا فيه ثلث قرب من الاء قد اصطفت بانب بعضها على نط غريب‪ ،‬فلما رأوها‬
‫تعجبوا إذ ل يع هد ف الفلو جة ول ف العراق أن يرى الاء موضوعا ف م ثل هذه القراب‬
‫الميلة الغريبـة‪ ،‬فلمـا تذوقوا الاء علموا أنـه ليـس مـن ماء الدنيـا‪ ،‬فشربوا حتـ ارتووا‪،‬‬
‫ويقسموا بعدها أنم ل يشربوا مثله ف هذه الياة الدنيا‪.‬‬

‫ومن ها أيضا‪ :‬أن أخا من جزيرة م مد صلى ال عل يه و سلم قد أ صيب ف دما غه بطل قة‬
‫قناص فدخلت من جبه ته وخر جت من قفاه‪ ،‬فتناثرت أشلء دما غه على كت فه الي ن‪،‬‬
‫فهرع إخوانه إليه وأخذوا ما تناثر من الشلء وضموها إل مكانا ث ربطوا مكان إصابته‬
‫وتركوه‪ ،‬وقد تعاف بعدها بأيام‪ ،‬وهو حي الن ما به من بأس إل أن لسانه صار به بعض‬
‫الثقل‪ ،‬نسأل ال أن يتقبل منه ومن إخوانه‪.‬‬

‫وأ ما عن روائح ال سك‪ ..‬و ما أدراك ما روائح ال سك؟! ف قد أب صحت من قب يل الن قل‬
‫التواتر عند جهور الجاهدين‪ ،‬فقد حدث الكثي من إخواننا عن الروائح الطيبة الت تنبعث‬
‫من الشهداء والرحى تقبلهم ال جيعا‪.‬‬

‫ومن ذلك ما جرى للخ البطل أ ب طل حة البيحان؛ فقد أ صيب رحه ال إصابة بليغة‬
‫وجعلت رائحته الطيبة تفوح ف كل مكان‪ ،‬حت انتشرت ببعض الطرقات واشتمها كثي‬
‫من الخوة ث قضى شهيدا ‪ -‬نسبه وال حسيبه ول نزكيه على ال ‪-‬‬

‫وما يبعث على الثبات والطمأنينة؛ ما رواه كثي من حضر تلك اللحمة من أنم سعوا‬
‫صهيل اليول و صليل ال سيوف تشت بك ع ند احتدام العارك واشتداد ها‪ ،‬فتع جب الخوة‬
‫من ذلك مرارا‪ ،‬وراحوا يسألون إخوانم النصار إن كان هناك خيول قريبة من الفلوجة‪،‬‬

‫‪197‬‬
‫فجزم الن صار بالن في وأكدوا أن النط قة ل يو جد في ها م ثل هذه اليول‪ ،‬فلله ال مد أولً‬
‫وآخرا‪.‬‬

‫روى أحد ف السند والاكم ف الستدرك عن أب بردة بن قيس أخي أب موسى قال‪:‬‬
‫قال رسول ال عليه وسلم‪( :‬اللهم اجعل فناء أمت قتلً ف سبيلك بالطعن والطاعون)‪.‬‬

‫سبَ ّن الّذِي نَ ُقِتلُواْ فِي َسبِيلِ اللّ هِ َأ ْموَاتًا بَلْ أَ ْحيَاء عِندَ َرّبهِ ْم يُرْزَقُون *‬‫قال تعال‪{ :‬وَلَ َتحْ َ‬
‫حقُوْا ِبهِم مّ نْ َخ ْل ِفهِ مْ أَلّ َخوْ فٌ‬
‫ستَبْشِرُو َن بِالّذِي نَ لَ ْم يَ ْل َ‬
‫فَ ِرحِيَ بِمَا آتَاهُ مُ اللّ ُه مِن َفضْلِ ِه َويَ ْ‬
‫عََلْيهِ ْم وَلَ هُ ْم َيحْ َزنُونَ} [آل عمران‪.]170-169:‬‬

‫عش ملكا أو مت كريا فإن تت *** وسيفك مشهور بسيفك تعذرُ‬

‫هذه لحـة سـريعة توجـز ثار ونتائج الثبات والصـمود على أرض الفلوجـة الباركـة‪،‬‬
‫والنازات الاصـلة كثية النافـع جليلة التوابـع‪ ،‬يدركهـا ويفهمهـا النصـف التأمـل فـ‬
‫الحداث والواضع‪.‬‬

‫ويا أُمة السلم؛‬

‫قد توالت عل يك الراح والطعنات‪ ،‬وأمرا ضك وأدوائك القعدات ل تداوى إل بالتوح يد‬
‫العقود على ألوية الهاد‪.‬‬

‫فم ت تقرري قرارك ال صحيح بالنف ي والنفكاك من اللّاد‪ ،‬ومعارك اليوم ل هدأة ل ا ول‬
‫سكون‪ ،‬وقد أحب نبينا صلى ال عليه وسلم أل يقعد خلف سرية تغزو ف سبيل ال بل‬
‫كان من فعله أن يدي الغزو والهاد على مدار الوقات‪.‬‬

‫وأذكر كم بد يث جب يل مع ر سول ال صلى ال عل يه و سلم ب عد غزوة الحزاب الذي‬


‫يرويه البخاري قال‪ :‬فلما انصرف رسول ال صلى ال عليه وسلم إل الدينة ل يكن إل‬

‫‪198‬‬
‫أن وضـع سـلحه فجائه جبيـل فقال‪( :‬أوضعـت السـلح؟! وال إن اللئكـة ل تضـع‬
‫أ سلحتها ب عد‪ ،‬فان ض ب ن م عك إل ب ن قري ضة‪ ،‬فإ ن سائر أما مك أزلزل ب م ح صونم‬
‫وأقذف ف قلوب م الر عب)‪ ،‬ف سار جبيل ف موكبه من اللئكة ورسول صلى ال عليه‬
‫وسلم على إثره ف موكبه الهاجرين والنصار‪.‬‬

‫كيف هان عليكم يا مسلمون أن ترون إخوانكم من أبناء دينكم وقد نزل بم ألوان من‬
‫العذاب والق تل والدمار وأن تم آمنون ف ديار كم سالون ف أهلي كم وأموال كم‪ ...‬ك يف‬
‫ذاك؟!‬

‫مزجنا دمانا بالدموعا السواجمِ *** فلم يبق منا عرضة للمراجمِ‬
‫وشر سلح الر دمع يريقه *** إذا الرب شبت نارها بالصوارمِ‬
‫فإيها بن السلم إن ورائكم *** وقائع يلحقن الذرى بالناسمِ‬
‫وكيف تنام العي ملء جفونا *** على هفوات أيقظت كل نائمِ‬
‫وإخوانكم بـ "العراق" أضحى مقيلهم *** ظهور الذاكي أو بطون القشاعمِ‬
‫يسومهم الروم الوان وأنتم *** ترون ذيل الفض فعل السالِ‬

‫ول أنسى ف هذا القام أن أرسل سلمي إل شيخنا وأمينا الشيخ الجاهد أب عبد ال‬
‫أسامة بن لدن حفظه ال ورعاه؛‬

‫فنحن على العهد ماضون ‪ -‬بعون ال ‪ -‬ل نقيل ول نستقيل‪ ،‬نسيح ف أرض ال بسيوف‬
‫الهاد‪ ،‬نطاعـن أعداء اللة ونناجـز عباد الصـليب‪ ،‬وإنكـم لن تؤتوا مـن قبلنـا وفينـا عيـ‬
‫تطرف ‪ -‬بإذن ال ‪ -‬فأرم بنـا أينمـا شئت؛ فلن تدـ منـا إل السـارعة فـ تلبيـة النداء‬
‫وال صابرة على مالدة العداء‪ ،‬فأب شر ب ا ي سرك ‪ -‬بعون ال ‪ -‬فوال لئن ند خل ال سرور‬
‫على قلبك أحب إلينا من الدنيا وما فيها‪ ،‬فسر على بركة ال ونن معك‪.‬‬

‫أنا م ْع أسامة حيث آل مآله *** ما دام يمل ف الثغور لواءِ‬

‫‪199‬‬
‫أنا م ْع أسامة نال نصرا عاجلً *** أو نال منلة مع الشهداء‬

‫وسلمي أيضا؛ إل الخوة الجاهدين ف أفغانستان‪ ،‬وعلى رأسهم الل ممد عمر حفظه‬
‫ال‪ ،‬والش يخ الجا هد الدكتور أي ن الظواهري‪ ،‬والش يخ ال بيب أ ب الل يث القا سي‪ ،‬وإل‬
‫باقي الخوة الذين ل أذكرهم‪.‬‬

‫وسـلمي إل السـود فـ جزيرة ممـد صـلى ال عيـه وسـلم؛ نسـأل ال أن يفظكـم‬


‫ويرعاكم‪ ،‬فقلوبنا تفق بكم وألسنتنا تلهج بالدعاء لكم‪.‬‬

‫وسلمي إل الخوة ف الشيشان؛ أب حفص والسيف وإخوانم‪.‬‬

‫وإل الخوة الصادقي الوحدين ف أرض السراء والعراج‪.‬‬

‫وإل الجاهد ين ف الما عة ال سلفية للدعوة والقتال؛ وعلى رأ سهم الخ ال بيب أ ب‬
‫مصعب عبد الودود‪.‬‬

‫وسلمي إل باقي الجاهدين ف أراضي السلمي‪.‬‬

‫تق بل ال منا ومن كم صال العمال‪ ،‬و كل عام وأن تم ب ي‪ ،‬وليهن كم ما أ صبحتم فيه م ا‬
‫أصبح الناس فيه ف هذا العيد‪.‬‬

‫فليس العيد لن لبس الديد‪ ...‬ولكن العيد لن صدع بالتوحيد‪[ ...‬هنا يبكي الشيخ]‬
‫فل يس الع يد ل ن ل بس الد يد‪ ...‬ول كن الع يد ل ن ك فر بالشرك والتند يد‪[ ...‬ه نا يب كي‬
‫الشيخ]‬
‫فليس العيد لن لبس الديد‪ ...‬ولكن العيد لن جاهد أولياء الشرك والتنديد‪...‬‬

‫{وَاللّ ُه غَاِلبٌ عَلَى َأمْ ِر ِه وَلَكِنّ أَ ْكثَ َر النّاسِ لَا يَعَْلمُونَ} [يوسف‪]21:‬‬

‫‪200‬‬
‫والمد ل رب العالي‪.‬‬

‫صعَبٍ الزّ ْرقَاوِي‬


‫َأبُ ْو مُ ْ‬
‫َأمِيْ ُر تَنْظِي ِم القَا ِع َدةِ ِف ْي بِلدِ الرّافِ َديْن‬
‫ق – بِلدُ الرّافِ َديْن‬
‫ال ِعرَا ُ‬

‫‪201‬‬
‫الطاب الادي و العشرون‬

‫َولَِتسْتَبِيَ سَبِيلُ الُجْرِمِ َ‬


‫ي‬
‫‪ 13‬ذو الجة ‪ 1425‬هـ‬
‫‪ 23‬يناير‪/‬كانون الثان ‪ 2005‬م‬

‫بِصَوْتِ الشَيخ‬
‫ب الزّرْقَاوِي ( َرحِ َمهُ ال)‬
‫أَِبيْ مُصْع ٍ‬

‫بسم ال الرحن الرحيم‪،‬‬

‫إن ال مد ل نمده ون ستعينه ون ستغفره‪ ،‬ونعوذ بال من شرور أنفن سا و سيئات أعمال نا‪،‬‬
‫مـن يهده ال فل مضـل له‪ ،‬ومـن يضلل فل هادي له وأشهـد أن ل إله إل ال وحده ل‬
‫شريك له‪ ،‬وأشهد أن ممدا عبده ورسوله‪.‬‬

‫يقول ال عز وجل‪:‬‬

‫{يَا َأيّهَا الّذِي نَ َآ َمنُوا هَلْ أَدُّلكُ ْم عَلَى تِجَا َر ٍة تُنجِيكُم مّ ْن عَذَا بٍ أَلِ يم * ُت ْؤ ِمنُو َن بِاللّ ِه‬
‫سكُمْ ذَِلكُمْ َخيْرٌ ّلكُمْ إِن كُنتُ ْم َتعْلَمُونَ *‬ ‫وَرَ سُولِ ِه َوتُجَاهِدُو نَ فِي َسبِيلِ اللّ ِه ِبَأ ْموَاِلكُ ْم َوأَنفُ ِ‬
‫حتِهَا الَْأْنهَارُ َومَ سَاكِنَ َطّيَبةً فِي َجنّا تِ‬ ‫ت تَجْرِي مِن تَ ْ‬ ‫َيغْفِرْ َلكُ مْ ُذنُوبَكُ ْم َويُدْ ِخ ْلكُ مْ َجنّا ٍ‬
‫حبّونَهَا نَ صْ ٌر مّ نَ اللّ ِه وََفتْ حٌ قَرِي بٌ َوبَشّ ِر الْ ُم ْؤ ِمنِيَ}‬
‫ك الْ َفوْ ُز اْلعَظِي مُ * َوأُخْرَى تُ ِ‬‫عَدْ نٍ ذَلِ َ‬
‫[الصف‪.]13-10:‬‬

‫‪202‬‬
‫قال ابن القيم ‪ -‬رحه ال ‪ -‬ف مدارجه‪:‬‬

‫(إذا طرق العدو مـن الكفار بلد السـلم طرقوه بقدر ال‪ ،‬أفيحـل للمسـلمي السـتسلم‬
‫للقدر وترك دفعه بقدر مثله وهو الهاد الذي يدفعون به قدر ال بقدره؟) أ‪ .‬هـ‪.‬‬

‫اعلموا أيها السلمون أن الهاد ف سبيل ال اليوم دواء لكثي من المراض الت تشكو منها‬
‫ال مة‪ ،‬فإ نه لش يء ب عد التوح يد يعدل الهاد نفعا للبلد والعباد؛ ف هو طر يق تك فل ال‬
‫بداية سالكيه كما قال تعال‪:‬‬

‫{وَالّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا َلَنهْ ِدَيّنهُمْ سُبَُلنَا} [العنكبوت‪]69:‬‬

‫لذلك كان ال سلف إذا أش كل علي هم أ مر من أمور الد ين توجهوا ب سألتهم إل أ هل‬
‫الثغور والهاد تيم نا ًأن يدوا الدا ية وال صواب عند هم‪ ،‬و هو كذلك باب من أبواب‬
‫النة يُـذهب ال به الم والغم كما ف الديث‪:‬‬

‫"عليكم بالهاد فإنه باب من أبواب النة يـذهب ال به الم والغم"‬

‫وبه تـحفظ مقاصد الدين وتصان الرمات‪ ،‬كما أخبنا ربنا تبارك وتعال‪:‬‬

‫ي مِ نَ الرّجَا ِل وَالنّ سَاء وَاْلوِلْدَا نِ الّذِي َن‬


‫ض َعفِ َ‬
‫ستَ ْ‬
‫{وَمَا َلكُ مْ َل ُتقَاتِلُو نَ فِي َسبِيلِ اللّ ِه وَالْمُ ْ‬
‫ك وَِليّا وَا ْجعَل ّلنَا‬‫َيقُولُو نَ َربّنَا أَ ْخرِ ْجنَا مِ ْن هَـ ِذ ِه الْقَ ْرَيةِ الظّالِ مِ َأهُْلهَا وَا ْجعَل ّلنَا مِن لّدُن َ‬
‫ك َنصِيًا} [النساء‪.]75:‬‬ ‫مِن لّدُن َ‬

‫وقال تعال‪َ { :‬ومَن جَاهَدَ فَِإنّمَا يُجَاهِدُ ِلنَفْسِهِ ِإنّ اللّهَ َل َغِنيّ عَ ِن اْلعَالَمِي} [العنكبوت‪]6:‬‬

‫‪203‬‬
‫أي أن الي العائد أو التحصل من الهاد مرده على أنفسنا إن جاهدنا ف سبيل ال؛ فال‬
‫تعال غن عنا وعن جهادنا‪ ،‬وهو كذلك باب عظيم من أبواب التمحيص يعرف به الؤمن‬
‫الوحد من النافق التسلق الذي يتشبع با ل يُـعط‪ ،‬والذي يب أن يُـحمد با ل يفعل‪.‬‬

‫فالهاد ترجان التوحيد وهو دليل صدق الوحد‪ ،‬ومن ل يكن له سابقة عهد مع الهاد‬
‫والبلء ف سبيل نصرة هذا الدين ل يق له أن يتصدر مواقع الزعامة والقيادة‪ ،‬مهما أوت‬
‫من علم وحسن بيان‪ ،‬وهو إن فعل فهو يتشبع ويتظاهر با ليس عنده‪ ،‬وهو كلبس ثوب‬
‫زور‪.‬‬

‫ومـا أحوج المـة إل هذا اليزان والكشاف فـ هذا الزمان الذي كثـر فيـه التسـلقون‬
‫والنافقون والتاجرون‪ ،‬قال تعال‪:‬‬

‫جّن َة وَلَمّا َيعْلَ مِ اللّ ُه الّذِي نَ جَاهَدُواْ مِنكُ ْم َوَيعْلَ َم ال صّابِرِين } [آل‬
‫سْبتُمْ أَن تَ ْدخُلُواْ الْ َ‬
‫{أَ مْ حَ ِ‬
‫عمران]‪.‬‬

‫َصـرُواْ‬
‫ِينـ آوَواْ ّون َ‬
‫ّهـ وَالّذ َ‬
‫سـبِيلِ الل ِ‬
‫ِينـ آ َمنُوْا َوهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ ف ِي َ‬
‫وقال تعال‪{ :‬وَالّذ َ‬
‫أُولَـئِكَ هُ ُم الْ ُم ْؤ ِمنُونَ َحقّا } [النفال‪.]74:‬‬

‫َمـ‬
‫ُسـهِمْ َأعْظ ُ‬
‫ِمـ َوأَنف ِ‬
‫سـِيلِ اللّهِـِبأَ ْموَاِله ْ‬
‫ِينـ آ َمنُوْا َوهَاجَرُوْا وَجَاهَدُواْ فِي َب‬
‫وقال تعال‪{ :‬الّذ َ‬
‫دَ َر َج ًة عِندَ اللّ ِه َوُأوَْلئِكَ هُمُ الْفَائِزُون} [التوبة‪.]20:‬‬

‫وقال تعال‪ِ{ :‬إنّمَا الْ ُم ْؤ ِمنُو نَ الّذِي نَ آ َمنُوا بِاللّ ِه وَرَ سُولِهِ ثُمّ لَ مْ يَ ْرتَابُوا وَجَاهَدُوا ِبَأ ْموَاِلهِ مْ‬
‫سهِمْ فِي َسبِيلِ اللّهِ ُأوَْلئِكَ هُ ُم الصّادِقُون} [الجرات‪.]15:‬‬ ‫َوأَنفُ ِ‬

‫فاعتب سبحانه وتعال جهادهم دليلً على صدق إيانم وتوحيدهم‪ ،‬وأنم هم الؤمني حقا‬
‫‪ -‬أي الوحدون حقا ‪ -‬وهم الصادقون الفائزون ف الدنيا والخرة‪.‬‬

‫‪204‬‬
‫أما الذين ل ياهدون ول ينفرون‪ ،‬الذين تتز قلوبم كلما نادى منادي الهاد‪ ،‬أو فـتح‬
‫ف المة باب للبذل والفداء؛ فهؤلء متهمون ف إيانم مزورون ف دعواهم‪ ،‬قال تعال‪:‬‬

‫سَتأْ ِذنُكَ الّذِي نَ لَ ُيؤْ ِمنُو نَ بِاللّ ِه وَاْليَوْ مِ الخِرِ وَا ْرتَابَ تْ قُلُوُبهُ مْ َف ُه مْ فِي َريِْبهِ ْم‬‫{ِإنّمَا يَ ْ‬
‫خرُو جَ َلعَدّواْ لَ ُه عُ ّد ًة وَلَ ـكِن كَرِ هَ اللّ ُه انبِعَاَثهُ مْ َفَثبّ َطهُ ْم وَقِيلَ‬ ‫َيتَرَدّدُو نَ * وََلوْ أَرَادُوْا الْ ُ‬
‫ا ْقعُدُوْا مَ َع اْلقَاعِدِينَ} [التوبة‪.]46-45:‬‬

‫فاعتب سبحانه وتعال تلفهم مع رسول ال صلى ال عليه وسلم دليلً على نفاقهم وعدم‬
‫إيانم‪ ،‬كما اعتب عدم العداد والخذ بأسباب الهاد دليلً على عدم صدقهم ورغبتهم‬
‫ف الروج ف سبيل ال‪.‬‬

‫فلكل دعوى وزعم برهان ودليل‪ ،‬وزعم اللسان من دون عمل ل يكفي‪ ،‬فكيف بن يثبط‬
‫المة عن الهاد ويؤث الجاهدين ويرمهم لهادهم!!!‬

‫قال شيخ السلم ابن تيمية ف كتابه (العبودية)‪( :‬قد جعل ال لهل مبته علمتي‪:‬‬

‫الول‪ :‬اتباع الرسول صلى ال عليه وسلم‪.‬‬


‫الثانية‪ :‬والهاد ف سبيل ال‪.‬‬

‫وذلك لن الهاد حقيقته الجتهاد ف حصول ما يبه ال من اليان والعمل الصال‪ ،‬وف‬
‫دفع ما يبغضه من الكفر والفسوق والعصيان) انتهى كلمه – رحه ال –‬

‫لو قدمت الشعوب السلمة جزءا يسيا ما تقدمه ف سبيل الطاغوت ف طريق الهاد ف‬
‫سبيل ال؛ لتغيت حالم إل أحسن حال‪ ،‬و لكان لم شان آخر يتلف عما هم عليه من‬
‫الذل والنوع والوان والعبودية للطواغيت‪.‬‬

‫فكيف إذا سعت هذه الشعوب حقيقة أخبار الهاد على أرض العراق؟؟‬

‫‪205‬‬
‫فخطط الهاد ومشاريعه تسي على قدم وساق على أرض الرافدين – بفضل ال – وثاره‬
‫أخذت ف البدو والصلح م ا أقض مضاجع الكفر ف النطقة؛ ففتلوا حبائل هم وأحضروا‬
‫مكرهم‪ ،‬و أجلبوا بقدهم وبطشهم على أرض الفلوجة الطيبة‪.‬‬

‫فماذا جن الغاصب المريكي وحلفاؤه من الرافضة وغيهم من غزوهم واعتدائهم على‬


‫ديار السلم المنة؟؟‬

‫لقد ظهرت فضائحهم وأكاذيبهم الكشوفة للعال اجع‪ ،‬وتداعت حججهم ومزاعمهم ف‬
‫تقيق المن والمان للحكومة العراقية الرتدة‪..‬‬

‫وشغلهـم الشاغـل الن فـ إناح‪(( :‬الكذبـة المريكيـة الكـبى))‪ ،‬التـ تــسمى‪:‬‬


‫((الديقراطية))‪..‬‬

‫فقد لعب المريكان بعقول كثي من الشعوب بأكذوبة (الديقراطية التحضرة) وأوهوها‬
‫أن سعادتا ورفاهيتها مرهونة بذا النهج البشري القاصر‪.‬‬

‫وبعدهـا قررت إدارة الكفـر المريكيـة حرباـ على العراق‪ ،‬وأفغانسـتان؛ لناـ حاميـة‬
‫الديقراطية ف العال وراعيتها الول‪.‬‬

‫وعلى أرض العراق أُنشأت الكومة (العلوية) لذا الغرض؛ أي لغرض التلبيس والتدجيل‬
‫على عقول العراقييـ والعال‪ ،‬ولليهام بأن الوليات التحدة جادة فـ إقامـة وطـن عراقـي‬
‫مستقل وديقراطي‪ ،‬فتستر بذلك أهدافها ومراميها الصليبية ف النطقة ف التمكي لدولة‬
‫اسرائيل الكبى‪ ،‬وتفي أطماعها ونواياها تاه ثروات العراق وخياته‪.‬‬

‫‪206‬‬
‫وإن من أع ظم ما حرص ال سلم على بقاء صفائه ونقائه وتيزه هو شخ صية هذا الد ين‬
‫وقبوله ك ما أنزل بأوامره وزواجره وحدوده وقواعده‪ ،‬بعيدا عن التمييع والتشو يه‪ ،‬والغلو‬
‫والفراط والتفريط‪ ،‬وهذا ما جاء مؤكدا ف كثي من اليات القرآنية والحاديث النبوية‪.‬‬

‫قال ال تعال‪:‬‬
‫ك وَلَ تَ ْط َغ ْواْ إِنّ ُه بِمَا َتعْمَلُو َن َبصِيٌ} [هود‪.]112:‬‬
‫ب َمعَ َ‬
‫ت َومَن تَا َ‬
‫{فَا ْسَتقِمْ كَمَا ُأمِرْ َ‬

‫وقال سبحانه‪:‬‬
‫حكُمَ اللّ ُه َو ُهوَ َخْي ُر الْحَاكِمِي} [يونس‪.]109:‬‬
‫صبِرْ َحّت َى يَ ْ‬
‫{وَاتّبِ ْع مَا يُوحَى إَِليْكَ وَا ْ‬

‫وقال سبحانه‪:‬‬

‫ض مَا أَنزَلَ‬
‫{ َوأَنِ ا ْحكُم َبْيَنهُم بِمَآ أَنزَلَ اللّ ُه وَ َل تَّتبِعْ َأ ْهوَاءهُ ْم وَاحْذَ ْرهُمْ أَن َي ْفِتنُو َك عَن َبعْ ِ‬
‫اللّهُ إَِليْكَ} [الائدة‪.]49:‬‬

‫وقال سبحانه‪:‬‬
‫سَتقِيم} [الزخرف‪.]43:‬‬
‫ط مّ ْ‬
‫ك عَلَى صِرَا ٍ‬
‫ك بِالّذِي أُو ِحيَ إَِليْكَ ِإنّ َ‬
‫{فَا ْستَمْسِ ْ‬

‫وقال جل من قائل‪:‬‬
‫{اّتبِعُواْ مَا أُنزِلَ إَِليْكُم مّن ّربّكُ ْم وَ َل تَّتِبعُوْا مِن دُونِ هِ َأوِْليَاء َقلِيلً مّا تَذَكّرُون} [العراف‪:‬‬
‫‪.]3‬‬

‫وقال سبحانه‪:‬‬
‫ق ِبكُ ْم عَن َسبِيلِه} [النعام‪:‬‬
‫سبُلَ َفَتفَرّ َ‬
‫سَتقِيمًا فَاّتبِعُو ُه وَ َل َتتِّبعُوْا ال ّ‬
‫{ َوَأنّ هَـذَا صِرَاطِي مُ ْ‬
‫‪.]153‬‬

‫وقال النب صلى ال عليه وسلم‪:‬‬

‫‪207‬‬
‫"من أحدث ف أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد"‬

‫وقال عليه الصلة والسلم‪:‬‬


‫"‪ ...‬فإنه من يعش بعدي فسيى اختلفا كثيا‪ ،‬فعليكم بسنت وسنة اللفاء الراشدين‬
‫الهديي من بعدي عضوا عليها بالنواجذ‪ ،‬وإياكم ومدثات المور فإن كل بدعةة ضللة"‬

‫جاءت الديقراطية لتقول لنا؛‬

‫إن الش عب ف النظام الديقرا طي هو ال كم والر جع‪ ،‬وله كل مة الف صل وال بت ف كل‬
‫القضايا‪ ،‬فحقيقته ف هذا النظام تقول‪:‬‬

‫ل راد لقضائه ول معقـب لكمـه له الكـم وإليـه يرجعون‪ ،‬إرادتـه مقدسـة‪ ،‬واختياره‬
‫ملزم‪ ،‬وآراؤه مقدمة مترمة‪ ،‬وآراؤه مقدمة‪ ،‬وحكمه حكمة عدل‪ ،‬من رفعه رفع‪ ،‬ومن‬
‫وض عه و ضع‪ ،‬ف ما أحله الش عب هو اللل و ما حر مه هو الرام‪ ،‬و ما رض يه قانونا‬
‫ونظاما وشري عة ف هو الع تب‪ ،‬و ما عداه فل حر مة له ول قي مة ول وزن‪ ،‬وإن كان دينا‬
‫قويا وشرعا حكيما من عند رب العالي‪.‬‬

‫وهذا الشعار – أعنـ حكـم الشعـب للشعـب – هـو لب النظام الديقراطـي وجوهره‬
‫وموره وق طب رحاه الذي تدور عل يه كل قضاياه و م سائله‪ ،‬فل وجود له إل بذلك؛‬
‫فهذا هو (دين الديقراطية)؛‬

‫الذي يبجل ويعظم جهارا نارا‪ ،‬وهذا ما يقرره منظروها ومفكروها ودعاتا على رؤوس‬
‫الشهاد‪ ،‬وهو ما نشاهده ونلمسه ف الواقع الذي نراه ونعاينه‪.‬‬

‫فالديقراط ية على اختلف تشعبات ا وتف سياتا تقوم على مبادئ وأ سس نوجزأه ها ف‬
‫النقاط التالية؛‬

‫‪208‬‬
‫أولً‪ :‬تقوم الديقراط ية على مبدأ أن الش عب هو م صدر ال سلطات ب ا ف ذلك "ال سلطة‬
‫التشريعية" وي تم ذلك عن طر يق اختيار مثلي عن الشعب ينوبون عنه ف مهمة التشريع‬
‫و سن القوان ي‪ ،‬وبعبارة أخرى (فأن الشرع الطاع ف الديقراط ية هو الن سان ول يس‬
‫ال)‪.‬‬

‫وهذا يع ن أن الألوه العبود الطاع من ج هة‪( :‬التشر يع و التحل يل والتحر ي) هو الن سان‬
‫والخلوق ول يس ال تعال‪ ،‬وهذا ع ي الك فر والشرك والضلل لناقض ته ل صول الد ين‬
‫والتوحيد‪ ،‬ولتضمنه إشراك النسان الضعيف الاهل مع ال تعال ف أخص خصائص‬
‫إلهيته أل وهو "الكم والتشريع"‬

‫حكْمُ إِلّ لِلّهِ َأمَرَ أَ ّل َتعْبُدُواْ إِلّ ِإيّاه } [يوسف‪]40:‬‬


‫قال تعال‪{ :‬إِ ِن الْ ُ‬

‫وقال تعال‪{ :‬وَلَا يُشْ ِركُ فِي ُحكْمِهِ َأحَدًا} [الكهف‪]26:‬‬

‫حكْمُ هُ إِلَى اللّه} [الشورى‪ ،]10:‬ول يس إل‬


‫وقال تعال‪{ :‬وَمَا ا ْختََل ْفتُ مْ فِي هِ مِن َشيْءٍ فَ ُ‬
‫الشعب أو الماهي أو الكثرة الكاثرة‪.‬‬

‫حكْ َم الْجَاهِِلّيةِ َيْبغُو نَ َومَ نْ أَحْ سَنُ مِ نَ اللّ هِ ُحكْمًا ّل َقوْ مٍ يُوِقنُون } [الائدة‪:‬‬
‫وقال تعال‪{ :‬أَفَ ُ‬
‫‪]50‬‬

‫صلً } [النعام‪:‬‬
‫ب ُمفَ ّ‬
‫وقال تعال‪{ :‬أََفغَيْرَ اللّ هِ َأْبتَغِي َحكَمًا َو ُهوَ الّذِي َأنَزَلَ إَِلْيكُ ُم اْل ِكتَا َ‬
‫‪]114‬‬

‫وقال تعال‪{ :‬أَ مْ َلهُ ْم ُشرَكَاء شَ َرعُوا َلهُم مّ نَ الدّي ِن مَا لَ ْم َيأْذَن بِ هِ اللّه } [الشورى‪،]21:‬‬
‫فسمى الذين يشرعون للناس بغي سلطان من ال تعال شركاء وأندادا‪.‬‬

‫‪209‬‬
‫وقال تعال‪َ { :‬وأَ نِ ا ْحكُم َبيَْنهُم بِمَآ أَنزَلَ اللّ ُه وَ َل تَّتبِ عْ أَ ْهوَاءهُ ْم وَاحْذَ ْرهُ مْ أَن َي ْفتِنُو َك عَن‬
‫ض مَا أَنزَلَ اللّهُ إَِليْكَ} [الائدة‪]49:‬‬ ‫َبعْ ِ‬

‫خذُواْ أَ ْحبَا َرهُ ْم وَ ُر ْهبَاَنهُمْ أَ ْربَابًا مّن دُونِ اللّه} [التوبة‪]31:‬‬


‫وقال تعال‪{ :‬اتّ َ‬

‫جاء ف الديث عن عدي بن حات لا قدم على النب صلى ال عليه وسلم – وهو نصران‬
‫– فسمعه يقرأ هذه الية‪{ :‬اتّخَذُواْ أَ ْحبَا َرهُ ْم وَ ُر ْهبَاَنهُ مْ أَ ْربَابًا مّن دُو نِ اللّه} [التوبة‪]31:‬‬
‫قال‪ ،‬فقلت له‪" :‬إنـا لسـنا نعبدهـم" (أي ل نكـن نعبدهـم مـن جهـة التنسـك والدعاء‬
‫والسجود والركوع لظنه أن العبادة مصورة ف هذه العان وحسب)‪ ،‬قال‪" :‬أليس يرمون‬
‫مـا احـل ال فتحرمونـه‪ ،‬ويلون مـا حرم ال فتحلون" قال فقلت‪ :‬بلى‪ ،‬قال‪" :‬فتلك‬
‫عبادتم"‪.‬‬

‫ور حم ال سـيّد ق طب إذ يقول‪( :‬إن الناس ف ج يع النظ مة الرض ية يت خذ بعض هم‬


‫بعضا أربابا من دون ال‪ ،‬ي قع ف أر قى الديقراطيات ك ما ي قع ف أ حط الديكتاتوريات‬
‫سواء)‪.‬‬

‫وقال‪( :‬أظهر خصائص اللوهية بالقياس إل البشرية تعبيد العبيد‪ ،‬والتشريع لم ف حياتم‪،‬‬
‫وإقامة الوازين لم‪ ،‬فمن ادعى لنفسه شيئا من هذا كله فقد ادعى لنفسه أظهر خصائص‬
‫اللوهية وأقام نفسه للناس إلها من دون ال)‪.‬‬

‫وقال‪( :‬إن الذي يلك حق التحليل والتحري هو ال وحده‪ ،‬وليس ذلك لحد من البشر‪،‬‬
‫ل فرد ول طب قة‪ ،‬ول أ مة ول الناس أجع ي إل ب سلطان من ال وو فق شري عة ال) انت هى‬
‫كلمه – رحه ال –‬

‫ثانيا‪ :‬تقوم الديقراط ية على مبدأ حر ية التد ين والعتقاد‪ ،‬فللمرء ف ظل الديقراط ية أن‬
‫يعتقد ما يشاء‪ ،‬ويتدين بالدين الذي يشاء‪ ،‬ويرتد إل أي دين وقتما شاء‪ ،‬وإن كان هذا‬
‫الرتداد مؤداه إل الروج عن دين ال تعال‪ ،‬وإل اللاد وعبادة غي ال عز وجل‪ ،‬وهذا‬

‫‪210‬‬
‫أمر ل شك ف فساده وبطلنه‪ ،‬ومغايرته لكثي من النصوص الشرعية؛ إذ أن السلم لو‬
‫ار تد عن دي نه إل الك فر فحك مه ف ال سلم (الق تل)‪ ،‬ك ما ف الد يث الذي يرو يه‬
‫البخاري وغيه‪:‬‬

‫"من بدل دينه فاقتلوه"‪ ،‬وليس فاتركوه‪.‬‬

‫فالرتد ل يصح أن يعقد له عهد ول أمان ول جوار‪ ،‬وليس له ف دين ال إل‪ ..‬الستتابة‬
‫أو السيف‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬تقوم الديقراطيـة على اعتبار الشعـب حكما أوحـد تُــرد إليـه الكومات‬
‫والصـومات‪ ،‬فإذا حصـل أي اختلف أو نزاع بيـ الاكـم والحكوم ندـ أن ك ً‬
‫ل مـن‬
‫الطرفيـ يهدد الخـر بالرجوع إل إرادة الشعـب وإل اختياره؛ ليفصـل الشعـب مـا كان‬
‫بينهما من نزاع أواختلف‪.‬‬

‫وهذا مغا ير ومنا قض ل صول التوح يد ال ت تقرر أن الَكَم الذي يف صل بقضائه ب ي‬


‫الناعات هو ال تعال‪ ،‬وليس أحد سواه‪.‬‬

‫ـ إِلَى اللّه} [الشورى‪ ،]10:‬بينمـا‬


‫حكْمُه ُ‬
‫ـ مِـن َشيْءٍ فَ ُ‬
‫ـ فِيه ِ‬
‫قال تعال‪{ :‬وَمَـا ا ْختََل ْفتُم ْ‬
‫الديقراط ية تقول‪ :‬و ما اختلف تم ف يه من ش يء فحك مه إل الش عب ول يس إل أ حد غ ي‬
‫الشعب‪.‬‬

‫ُمـ فَإِن‬
‫ّهـ َوأَطِيعُواْ الرّسـُو َل َوُأوْلِي ا َلمْ ِر مِنك ْ‬
‫ِينـ آ َمنُواْ َأطِيعُواْ الل َ‬
‫وقال تعال‪{ :‬يَا َأيّهَا الّذ َ‬
‫َتنَازَ ْعتُ مْ فِي َشيْءٍ َفرُدّو هُ إِلَى اللّ ِه وَالرّ سُولِ إِن كُنتُ ْم ُتؤْ ِمنُو نَ بِاللّ ِه وَاْليَوْ مِ الخِر} [النساء‪:‬‬
‫‪.]59‬‬

‫‪211‬‬
‫قال ابـن القيـم – رحهـ ال تعال ‪ -‬فـ كتابـه إعلم الوقعيـ‪( :‬جــعل هذا الرد مـن‬
‫موجبات اليان ولوازمـه‪ ،‬فإذا انتفـى هذا الرد انتفـى اليان ضرورة انتفاء اللزوم لنتفاء‬
‫الخر) انتهى كلمه‪.‬‬

‫ث إن إرادة التحاكم إل الشعب أو إل أي جهة أخرى غي ال تعال يعتب ف نظر الشرع‬


‫من التحاكم إل الطاغوت الذي يب الكفر به‪ ،‬كما قال تعال‪:‬‬

‫ك يُرِيدُو نَ أَن‬
‫{أَلَ ْم تَرَ إِلَى الّذِي َن يَ ْزعُمُو نَ َأّنهُ مْ آ َمنُوْا بِمَا أُنزِلَ إَِليْ كَ وَمَا أُنزِلَ مِن َقبْلِ َ‬
‫ت وَقَدْ ُأمِرُواْ أَن َي ْكفُرُوْا بِه} [النساء‪.]60:‬‬ ‫َيتَحَاكَمُواْ إِلَى الطّاغُو ِ‬

‫فجعل ال سبحانه وتعال إيانم زعما ومرد ادّعاء ل حقيقة له لجرد حصول الرادة ف‬
‫التحاكم إل الطاغوت وإل شرائعه‪ ،‬وكل شرع غي شرع ال‪ ،‬أو حكم ل يكم با أنزل‬
‫ال فهو يدخل ف معن الطاغوت الذي يب الكفر به‬

‫رابعا‪ :‬تقوم الديقراطية على مبدأ حرية التعبي أو الفصاح أيا كان هذا التعبي ولو كان‬
‫مفاده طعنا وسبا للذات اللية وشرائع الدين؛ إذ ل يوجد ف الديقراطية شيء مقدس‬
‫يرم الوض فيه أو التطاول عليه بقبيح القول‪.‬‬

‫سوَءِ مِنَ الْ َقوْلِ إِ ّل مَن ظُلِم} [النساء‪]148:‬‬


‫ج ْه َر بِال ّ‬
‫حبّ اللّ ُه الْ َ‬
‫قال تعال‪ّ { :‬ل يُ ِ‬

‫ض َونَ ْلعَبُ قُلْ َأبِاللّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ‬


‫وقال تعال‪{ :‬وََلئِن َسأَلَْتهُمْ َلَيقُولُنّ ِإنّمَا ُكنّا نَخُو ُ‬
‫ب طَآئِ َفةً}‬
‫سَتهْ ِزؤُونَ * َل َت ْعتَذِرُواْ قَدْ َكفَ ْرتُم َبعْدَ ِإيَاِنكُ مْ إِن ّنعْ فُ عَن طَآئِ َف ٍة مّنكُ ْم ُنعَذّ ْ‬
‫تَ ْ‬
‫[التوبة‪.]66-65:‬‬

‫‪212‬‬
‫خامسا‪ :‬تقوم الديقراطية على مبدأ فصل الدين عن الدولة وعن السياسة والياة‪ ،‬فما‬
‫ل ل‪ ،‬وهو فقط (العبادة ف الصوامع والزوايا)‪ ،‬وما سوى ذلك من مرافق الياة السياسية‬
‫والقتصادية والجتماعية وغيها فهي من خصوصيات الشعب‪:‬‬

‫ل يَ صِلُ إِلَى اللّ ِه َومَا‬


‫{َفقَالُواْ هَـذَا لِلّ ِه بِ َزعْ ِمهِ ْم َوهَـذَا لِشُرَكَآِئنَا فَمَا كَا نَ لِشُرَكَآِئهِ مْ َف َ‬
‫حكُمُون} [النعام‪]136:‬‬ ‫كَانَ ِللّهِ َف ُهوَ َيصِلُ إِلَى ُشرَكَآئِهِ ْم سَاء مَا يَ ْ‬

‫وهذا القول منهـم معلوم مـن ديننـا بالضرورة فسـاده وبطلنـه وكفـر القائل بـه؛ لتضمنـه‬
‫الحود الصريح كما هو معلوم من الدين بالضرورة‪ ،‬فهو جحود صريح لبعض الدين‪،‬‬
‫الذي نص على أن السلم دين دولة وسياسة وحكم وتشريع‪ ،‬وأنه أوسع بكثي من‬
‫أن يصر ف الناسك‪ ،‬أو بي جدران العابد‪ ،‬وهذا ما لشك فيه أنه كفر بواح بدين ال‬
‫تعال؛ كما قال تعال‪:‬‬

‫ك مِنكُ مْ إِلّ ِخزْ يٌ فِي‬


‫ب َوَتكْفُرُو َن ِببَعْ ضٍ فَمَا َجزَاء مَن َيفْعَلُ ذَلِ َ‬
‫{أََفُت ْؤمِنُو نَ ِبَبعْ ضِ اْلكِتَا ِ‬
‫حيَاةِ ال ّدْنيَا َوَي ْو َم الْ ِقيَا َمةِ ُيرَدّونَ إِلَى َأشَ ّد الْعَذَاب} [البقرة‪.]85:‬‬
‫الْ َ‬

‫خذُواْ َبيْ نَ ذَلِ كَ َسبِيل *‬


‫ض َويُرِيدُو نَ أَن يَتّ ِ‬
‫وقال تعال‪{ :‬وَيقُولُو نَ ُن ْؤمِ ُن ِببَعْ ضٍ َونَ ْكفُ ُر ِبَبعْ ٍ‬
‫ُأوْلَـئِكَ هُ ُم اْلكَافِرُونَ َحقّا َوَأ ْعتَ ْدنَا ِل ْلكَافِرِي َن عَذَابًا ّمهِينًا} [النساء‪.]151-150:‬‬

‫سـادسا‪ :‬تقوم الديقراطيـة على مبدأ حريـة تشكيـل التجمعات والحزاب السـياسية‬
‫وغيها أيا كانت عقيدة وأفكار وأخلقيات هذه الحزاب‪.‬‬

‫وهذا مبدأ باطل شرعا وذلك من أوجه؛‬

‫منهـا‪ :‬أنـه يتضمـن القرار والعتراف طوعا مـن غيـ إكراه بشرعيـة الحزاب‬
‫والماعات بكل اتاهاتا الكفرية و الشركية‪ ،‬وأن لا الق ف الوجود وف نشر باطلها‬
‫وفسادها وكفرها ف البلد وبي العباد‪ ،‬وهذا مناقض لكثي من النصوص الشرعية الت‬

‫‪213‬‬
‫تث بت أن ال صل ف التعا مل مع الن كر والك فر إنكاره وتغييه ول يس إقراره والعتراف‬
‫بشرعيته‪.‬‬

‫قال تعال‪{ :‬وَقَاتِلُوهُمْ َحتّى َل َتكُونَ ِفْتَنةٌ َوَيكُونَ الدّينُ ُكلّهُ لِلّه} [النفال‪]39:‬‬

‫قال ابن تيمية ‪ -‬رحه ال ‪:-‬‬

‫(فكل طائفة متنعة عن التزام شريعة من شرائع السلم الظاهرة التواترة يب جهادها حت‬
‫يكون الدين كله ل بإتفاق العلماء) انتهى كلمه رحه ال‪.‬‬

‫ومنها‪ :‬أن هذ العتراف الطوعي بشرعية الحزاب الكافرة يتضمن الرضى بالكفر وإن‬
‫ل يصرح بفمه أنه يرضى بريتها‪ ،‬والرضى بالكفر‪ ..‬كفر‪.‬‬

‫ستَهْ َزُأ ِبهَا‬


‫قال تعال‪{ :‬وَقَ ْد نَزّ َل عََلْيكُ مْ فِي الْ ِكتَا بِ أَ نْ إِذَا سَ ِم ْعتُ ْم آيَا تِ اللّ ِه يُ َكفَ ُر ِبهَا َويُ ْ‬
‫َفلَ تَ ْقعُدُواْ َمعَهُ مْ َحتّى يَخُوضُواْ فِي حَدِي ثٍ َغيْرِ هِ ِإنّكُ مْ إِذًا ّمثُْلهُ مْ ِإنّ اللّ هَ جَامِ ُع الْ ُمنَاِفقِيَ‬
‫وَالْكَافِرِينَ فِي َج َهنّمَ َجمِيعًا} [النساء‪.]140:‬‬

‫ومن ها‪ :‬أن من لوازم العتراف بذا البدأ ال سماح للحزاب الباطلة ب كل اتاهت ها بأن‬
‫تبث كفرها وباطها‪ ،‬وأن تغرق الجتمع بميع صنوف الفساد و الفت والهواء؛ فنعينهم‬
‫بذلك على هلك ودمارالبلد و العباد‪.‬‬

‫سابعا‪ :‬تقوم الديقراطية على مبدأ اعتبار موقف الكثرية‪ ،‬وتبَنّي ما تتمع عليه الكثرية‬
‫ولو اجتمعت على الباطل والضلل والكفر البواح‪ ،‬فالق ف ن ظر الديقراطية الذي ل‬
‫يوز الستدراك أو التعقيب عليه هو ما تقرره الكثرية وتتمع عليه ل غي‪.‬‬

‫‪214‬‬
‫وهذا مبدأ با طل ل ي صح على إطل قه ح يث إن ال ق ف ن ظر ال سلم هو ما يوا فق‬
‫الكتاب والسـنة قـل أنصـاره أو كثروا‪ ،‬ومـا يالف الكتاب والسـنة فهـو الباطـل ولو‬
‫اجتمعت عليه أهل الرض قاطبة‪.‬‬

‫شرِكُون} [يوسف‪.]106:‬‬
‫قال تعال‪َ { :‬ومَا ُي ْؤمِنُ أَ ْكثَ ُرهُ ْم بِاللّهِ إِ ّل َوهُم مّ ْ‬

‫وقال تعال‪َ { :‬وإِن تُطِ عْ أَ ْكثَ َر مَن فِي الَرْ ضِ ُيضِلّو كَ عَن َسبِيلِ اللّ هِ إِن َيّتبِعُو نَ إِلّ الظّنّ‬
‫َوإِ ْن هُمْ إِ ّل يَخْرُصُون} [النعام‪.]116:‬‬

‫فدلت ال ية الكري ة؛ أن طا عة واتباع أك ثر من ف الرض ضلل عن سبيل ال تعال لن‬


‫الكثرية على ضلل‪ ،‬ول يؤمنون بال إل وهو يشركون معه آلة أخرى‪.‬‬

‫وقال عبد ال بن مسعود ‪ -‬رضي ال عنه ‪ -‬لعمر بن ميمون‪( :‬جهور الماعة هم الذين‬
‫فارقوا الماعة‪ ،‬والماعة ما وافق الق وإن كنت وحدك)‬

‫وقال السن البصري‪( :‬فإن أهل السنة كانوا أقل الناس فيما مضى‪ ،‬وهم أقل الناس فيما‬
‫بقي الذين ل يذهبوا مع أهل التراف ف إترافهم‪ ،‬ول مع أهل البدع ف بدعهم وصبوا‬
‫على سنتهم حت لقوا ربم‪ ،‬فكونوا كذلك)‪.‬‬

‫وماـ يلفـت النظـر ويشتـد له العجـب؛ أنـه رغـم مـا جرّت التجارب الديقراطيـة على‬
‫السـلمي مـن نتائج سـيئة ووخيمـة أفضـت إل الضعـف والختلف والتفرق‪ ،‬و الشقاق‬
‫والناع؛ ح يث الما عة أ صبحت جاعات‪ ،‬والزب أ صبح أحزاب‪ ،‬والر كة أ صبحت‬
‫حركات متنافرة متباغضة‪.‬‬

‫رغـم كـل ذلك وغيـ ذلك ماـ يشيـ؛ فإن أقواما ل يزالون يسـتعذبون الديقراطيـة‬
‫وينافحون عنها كأنم أربابا وصانعيها‪ ،‬أشربوا ف قلوبم حب الديقراطية كما أُشرب بن‬
‫إ سرائيل من ق بل ف قلوب م حب الع جل‪ ،‬ف ما نفع هم سعهم فردعت هم اليات القرآن ية‬

‫‪215‬‬
‫والنصوص الشرعية‪ ،‬ول نفعتهم عقولم وأبصارهم فبصرتم بالواقع الرير الناتج عن تطبيق‬
‫الديقراطية‪.‬‬

‫وتعذر بعضهم بشبهة الصلحة والوصولية للقرار والسيادة عن طريق الديقراطية‪ ،‬واتذوها‬
‫سبيلً لنيل القاصد الشرعية والدينية‪ ،‬ول يلتفتوا لشرعية هذه الوسائل وأحكامها ف دين‬
‫ال عز و جل‪ ،‬ودخلوا من ج حر ال ساومة والقاي ضة على ثوا بت العقيدة والن هج با سم‬
‫(الصلحة والغاية)‪.‬‬

‫روى ال طبي ف تف سيه قال‪( :‬ل قي الول يد بن الغيه‪ ،‬والعاص بن وائل‪ ،‬وال سود بن‬
‫الطلب‪ ،‬وأمية بن خلف رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ،‬فقالوا‪ :‬يا ممد هلم فلنعبد ما‬
‫تعبد وتعبد ما نعبد‪ ،‬ونشركك ف أمرنا كله؛ فإن كان الذي جئت به خيا ما بأيدينا كنا‬
‫قد شركناك ف يه وأخذ نا بظ نا م نه‪ ،‬وإن كان الذي بأيدي نا خ ي م ا ف يد يك ك نت قد‬
‫شركتنـا فـ أمرنـا وأخذت منـا بظـك‪ ،‬فأنزل ال‪{ :‬قُ ْل يَا َأيّهَا اْلكَافِرُون * لَا َأعْبُ ُد مَا‬
‫َتعْبُدُو نَ * وَلَا أَنتُ ْم عَابِدُو نَ مَا َأ ْعبُدُ * وَلَا َأنَا عَابِ ٌد مّا َعبَدتّ مْ * وَلَا أَنتُ ْم عَابِدُو َن مَا أَ ْعبُدُ *‬
‫َلكُمْ دِيُنكُمْ وَِليَ دِينِ } [الكافرون‪]6-1:‬‬

‫إننا ند ف هذه الادثة أن قريشا طلبت من رسول ال صلى ال عليه وسلم أن يتنازل لا‬
‫وتتنازل له حت يلتقيا حول نقطة واحدة‪.‬‬

‫وقد يقول قائل؛ لو أن رسول ال صلى ال عليه وسلم وافقهم على ذلك وطلب منهم‬
‫أن يبدؤوا بعبادة ال أولً؛ فإنمـ إذا عرفوا السـلم لن يرجعوا عنـه وفـ هذا تقيـق‬
‫مكسب كبي للسلم‪ ،‬وتقيق انتصار‪ ،‬ورفع للبلء الذي يلقيه السلمون‪.‬‬

‫والواب؛ أن ال قد حسم هذه القضية‪:‬‬

‫{لَا َأ ْعبُ ُد مَا َتعْبُدُونَ * وَلَا أَنتُ ْم عَابِدُونَ مَا َأ ْعبُدُ } [الكافرون‪]3-2:‬‬

‫‪216‬‬
‫وف آخرها‪َ{ :‬لكُمْ دِيُنكُ ْم وَِليَ دِينِ } [الكافرون‪.]6:‬‬

‫فالقض ية قض ية مبدأ غ ي قابلة للم ساومة‪ ،‬ول للتنازل قي ــد أنل ــة‪ ،‬فهذه م سألة‬
‫من مسائل العقيدة‪ ،‬بل هي العقيدة نفسها‪.‬‬

‫إن التأمل ف هذه القضية وكيف حسمها القرآن يعطي من الدروس ما نن بأمس الاجة‬
‫إل يه‪ ،‬بل ير سم منهجا واضحا جليا ف كيف ية مواج هة أ ساليب كث ي من أعداء ال سلم‬
‫حاضرا ومستقبلً‪.‬‬

‫فلو سالتهم يا أي ها ال سلم؛ ف هم ل ي سالونك إل بشرط التخلي عن دي نك وتد خل ف‬


‫موالتم وطاعتهم ف منهجهم الديقراطي (البيث) وباصة إن كانوا هم الطرف القوى‪،‬‬
‫وباصة إن كانوا هم الطرف القوي ف العركة‪.‬‬

‫وإن طمعت يوما أن يرضوا عنك دون أن تتبع ملته؛ فأنت واهم‪ ،‬وعليك بقراءة القرآن‬
‫من جديد‪ ،‬ومراجعة التاريخ القريب منه والبعيد لتقرأ صفحات الغدر والقد والجرم الت‬
‫مورست ول تزال تارس بق السلم والسلمي‪.‬‬

‫فكيف تقبلون يا أيها السلمون من أهل العراق أن يكم العدو الصليب وأذنابه ف دمائكم‬
‫وأبشار كم وفروج كم وأموال كم بشر عة غ ي شر عة ال الطاهرة‪ ،‬وبد ين غ ي دي نه القو ي‬
‫وأن تم أحفاد سعد بن أب وقاص‪ ،‬والث ن‪ ،‬وخالد بن الوليد‪ ،‬والقعقاع‪ ..‬الذين روّوا هذه‬
‫الرض بدمائهم؟!!‬

‫فينبغي لكم أن تتنبهوا لطة العدو من تطبيق الديقراطية الزعومة ف بلدكم‪ ،‬فما أرادوها‬
‫إل ل جل نزع بق ية ال ي في كم‪ ،‬فأحكمو ها على هيئة ال صيدة البي ثة ال ت تر مي ل سيطرة‬
‫الرافضة على مقاليد الكم ف العراق؛ فقد أُدخل أربعة مليي رافضي من إيران من أجل‬
‫الشاركة ف النتخابات ليتحقق لم ما يصبون إليه من السيطرة على غالبية الكراسي ف‬
‫الجلس (الوثن) وبذلك يستطيعون أن يشكلوا حكومة أغلبية تسيطر على مفاصل الدولة‬

‫‪217‬‬
‫الرئي سية ال ستراتيجية والقت صادية والمن ية‪ ،‬وت ت لف تة الفاظ على الو طن والوا طن‪،‬‬
‫والتقدم ن و الشروع الديقرا طي‪ ،‬وإزالة أية عوالق من حزب البعث البائد‪ ،‬والقضاء على‬
‫الخرب ي من فدائ يي صدام والرهابي ي؛ ليبدأ الراف ضة بت صفية ح ساباتم العقد ية للقضاء‬
‫على رموز وكوادر أهـل السـنة مـن علماء ودعاة وأصـحاب خـبة‪ ،‬ويرافـق ذلك ضـخ‬
‫إعلمي رهيـب يزين باطلهم ويفي حقيقتهم وما تفي صدورهم أكب‪.‬‬

‫ثـ يبدأون بعـد ذلك بنشـر مذهبهـم (البـيث) بيـ الناس بالال والديـد‪ ،‬والترغيـب‬
‫والترهيب‪ ،‬ويستفيدون من سيطرتم على مصادر رزق السلمي‪.‬‬

‫فإن نحوا ف مشروعهم هذا فما هي إل بضع سنوات وتكون (بغداد) ومناطق أهل السنة‬
‫قد تش يع أغلبهـا‪ ،‬ومـن وراء ذلك‪ :‬سكوت وخذلن كثيـ م ن ينتسـب إل العلم زورا‬
‫وبتانا الذ ين ميعوا عقيدة الولء و الباء ف صدور الناس‪ ،‬وأوهو هم بأن الراف ضة إخوان‬
‫لنا وجيان مودتنا‪.‬‬

‫وهل أفسد الدين إل اللوك *** وأحبار سوء ورهبانا‬

‫فوا أسفاه‪ ..‬إن أصبحت بغداد ف يوم من اليام رافضية؛ فإن بغداد وإن كانت حُكمت‬
‫سني طويلة من حكام مرتدين ساموا أهلها الذل والوان‪ ..‬لكنها ل تكن ف يوم من اليام‬
‫رافضية‪.‬‬

‫فهاهي بغداد والسواد بدأ يعلوها يوما بعد يوم‪ ،‬وهاهي مظاهر الوثنية والشرك تتبدى فيها‬
‫عيانا‪ ،‬وأصبحت ترتفع فيها أصوات أهل الرفض بلعن صحابة نبينا عليه الصلة والسلم‪،‬‬
‫وبسب أمهاتنا زوجات نبينا صلى ال عليه وسلم صباح مساء على منابرهم وف إذاعاتم‪.‬‬

‫ض يُـسبُ فيها أبو بكر وعمر)‬


‫ورحم ال المام مالك حي قال‪( :‬ل يُجَلسُ ف أر ٍ‬

‫عمر الفاروق الذي قال عندما كان أميا للمؤمني‪:‬‬

‫‪218‬‬
‫(لئن أبقان ال إل العام القابل لدعن نساء العراق ل يتجن إل أحد بعدي)‬

‫كان يغار على أعراض كم و هو ف الدي نة النورة‪ ،‬وها هم الراف ضة اليوم يلعنو نه صبح‬
‫مساء بي ظهرانيكم‪.‬‬

‫أما بقي فيكم غية يا أهل العراق؟؟‬

‫أغادرت مضاربكم المية على دين ال؟؟‬

‫أخنتم أجدادكم يا أحفاد سعد والثن وخالد؟؟‬

‫أرضيتم بالذلة والوان وبغايا الروم‪ ..‬وشتُذاذ النصارى‪ ..‬وخنازير الرافضة يعبثون بأعراض‬
‫بنات السلمي ويتلهون با؟؟‬

‫فلهذه الدواعـي وغيهـا؛ أعلنـا الرب اللدود على هذا النهـج (البـيث) وبينّا حكـم‬
‫أصحاب هذه العقيدة الباطلة‪ ،‬والطريقة الاسرة‪.‬‬

‫فكـل مـن يسـعى فـ قيام هذا النهـج بالعونـة والسـاعدة فهـو متولٍ له ولهله‪ ،‬وحكمـه‬
‫كحكم الداعي إليه والظاهرين له‪.‬‬

‫والرشحون للنتخاب هم أدعياء للربوبية واللوهية‪.‬‬

‫والنتخبون لم قد اتذوهم أربابا وشركاء من دون ال‪.‬‬

‫وحكمهم ف دين ال‪( :‬الكفر والروج عن السلم)‬

‫اللهم هل بلغت‪ ..‬اللهم فاشهد‪،‬‬

‫‪219‬‬
‫اللهم هل بلغت‪ ..‬اللهم فاشهد‪،‬‬
‫اللهم هل بلغت‪ ..‬اللهم فاشهد‪،‬‬

‫والمد ل رب العالي‪.‬‬

‫صعَبٍ الزّ ْرقَاوِي‬


‫َأبُ ْو مُ ْ‬
‫َأمِيْ ُر تَنْظِي ِم القَا ِع َدةِ ِف ْي بِلدِ الرّافِ َديْن‬
‫ق – بِلدُ الرّافِ َديْن‬
‫ال ِعرَا ُ‬

‫‪220‬‬
‫الطاب الثان و العشرون‬

‫يَا أَهلَ الِسلمِ؛‬


‫الشّــ ّدةُ الشّــ ّدةُ‪...‬‬
‫‪ 30‬ربيع الول ‪ 1426‬هـ‬
‫‪ 29‬أبريل‪/‬نيسان ‪ 2005‬م‬

‫بِصَوْتِ الشَيخ‬
‫ب الزّرْقَاوِي ( َرحِ َمهُ ال)‬
‫أَِبيْ مُصْع ٍ‬

‫بسم ال الرحن الرحيم‪،‬‬

‫ض ُعفُوْا‬
‫{وَ َكَأيّن مّن نِّبيّ قَاتَ َل َمعَ هُ ِرّبيّو نَ َكثِيٌ فَمَا َو َهنُواْ لِمَا أَ صَاَبهُمْ فِي َسبِيلِ اللّ ِه َومَا َ‬
‫وَمَا ا ْسَتكَانُواْ وَاللّ ُه يُحِبّ ال صّابِرِينَ * وَمَا كَا نَ َقوَْلهُ مْ إِلّ أَن قَالُواْ ربّنَا ا ْغفِرْ لَنَا ُذنُوبَنَا‬
‫َوإِ سْرَافَنَا فِي َأمْ ِرنَا َوَثبّ تْ أَقْدَا َمنَا وان صُ ْرنَا عَلَى اْل َقوْ مِ اْلكَافِرِي نَ * فَآتَاهُ مُ اللّ ُه َثوَا بَ ال ّدْنيَا‬
‫سنِيَ} [آل عمران‪]148-146:‬‬ ‫ب الْمُحْ ِ‬
‫ح ّ‬ ‫وَحُسْ َن َثوَابِ ال ِخ َرةِ وَاللّ ُه يُ ِ‬

‫المدُ لِ مع ّز ال سلمِ بن صره‪ ،‬ومُذلّ الشر كِ بقهره‪ ،‬وم صرّف المور بأمره‪ ،‬وم ستدر ِ‬
‫ج‬
‫الكافريـن بكره‪ ،‬الذي قدّر اليام دولً بعدله‪ ،‬وجعـل العاقبةَ للمتقي َ بفضلِه‪ ،‬والصـلةُ‬
‫والسلم على من أعلى الُ منا َر السلمِ بسيفِه‪.‬‬

‫‪221‬‬
‫أمّا بعد؛‬

‫ب الزرقاوي إل الجاهد ين ال صادقي ف أرض الرافد ين؛ أرض البطولة‬


‫من أ ب م صع ٍ‬
‫والفداء‪ ،‬إل السود أصحاب العزية الشمّاء‪ ،‬السلم عليكم ورحة ال وبركاته‪،‬‬

‫على إخوت من السلم تيةً *** تية مث ٍن بالخوة حامدِ‬


‫ف وتالد‬
‫وقل لمُ بعد التحية أنتم *** بنفسي ومال من طري ٍ‬

‫ها قد م ضى عامان على سقوط بغداد بأيدي ال صليبيي‪ ،‬الذ ين ل ينوا غ ي الزي ة والعار‬
‫والذل والشنار‪ ،‬عامان مرّا وبف ضل ال وتوفي قه ل ي قق فيه ما بنوا ال صفر ُعبّا ُد ال صليب‬
‫أيا من أهداف هم ال ت جاؤوا من أجل ها‪ ،‬فقد كانوا يرومون من غزو العراق ال سيطرة على‬
‫المة والتمكي لدولة بن صهيون من النيل إل الفرات‪ ،‬ولكن بفضل ال ث بفضل ضربات‬
‫الجاهدين خابت ظنونم وطاشت سهامهم وارتدوا خاسئي على اعقابم‪.‬‬

‫فهـا أنتم اليوم أيها الجاهدون بفضل ال طليعة المة‪ ،‬وصمام أمانا‪ ،‬وسياجها التي‪،‬‬
‫وصخرتا العتيدة‪ ،‬الت تطم عليها كبياء الصلف المريكي‪.‬‬

‫فبِـقتالكم حاملي لواء الصليب ومن سار تت هذا اللواء من النافقي والرتدين من أبناء‬
‫جلدتنا فإنكم لتذودون عن حى الرافدين فحسب؛ ولكنكم تدافعون عن المة بأسرها‪.‬‬

‫إن عدوكم المريكي أصبح اليوم ف وضع ل يسد عليه بسبب ضرباتكم الوفقة والركزة‬
‫بفضل ال تعال‪ ،‬والت أرغمته على السعي حثيثا لفتح حوار مع الجاهدين‪ ،‬ولكن هيهات‬
‫هيهات‪ ،‬فإنا خديعة إبليس أوحى با إل شياطي ال نس‪ ،‬فمالذي دفعهم للتصريح بأنه‬
‫لبد من فتح باب الوار مع فصائل القاومة كما يزعمون؛ إنه جهادكم وصبكم وثباتكم‬
‫ف مواجهة هذا العدو‪ ،‬فقد ذكرت جريدة الواشنطن بوست ف مقال مطوّل نشر بتاريخ‬
‫التا سع ع شر من آذار الال لكاتب ها آ سكوت تي سون ت ت عنوان "ب عد عام ي ‪ ..‬حرب‬
‫العراق تستنف اليش المريكي"‪ ،‬يقول الكاتب‪:‬‬

‫‪222‬‬
‫(إ نه ب عد عام ي من تدش ي الوليات التحدة لرب العراق فإن عمليات القاو مة العراق ية‬
‫لتزال ت سحق م صادر ال يش المري كي و سط مطالب ثقيلة غ ي متوق عة ب ساندة العارك‬
‫البية تستنف القوة البشرية للجيش المريكي)‪.‬‬

‫وين قل الكا تب عن النرال ريتشارد نائب رئ يس أركان ال يش قوله ف ملس ا ستماع‬


‫بجلس الشيوخ‪( :‬مايبقينـ مسـتيقضا فـ الليـل سـؤال وهـو كيـف سـتبدو قوة النود‬
‫التطوعي ف عام ‪.)2007‬‬

‫ويتطرق الكاتب إل واحدة من أصعب العارك الت يوضها اليش المريكي خارج أرض‬
‫العر كة ولكن ها تدد بإنياره‪ ،‬و هي التطوع فيقول‪( :‬إن ال يش النظا مي و سلح الاري ن‬
‫وغالبية قوات الحتياط فشلت ف بلوغ أهداف التطوع ف الربع الول من السنة ‪2005‬‬
‫و فق إح صائيات وزارة الدفاع‪ ،‬ويأ ت الن قص ف الد مة الع سكرية و سط إرتفاع ماوف‬
‫بي مسؤول اليش والارين)‪.‬‬

‫ويقول روجرز شولدز قائد قوات الرس الوطنــ (إذا ل نتناول هذه الشكلة بشكــل‬
‫صحيح فإن ال طر سيفوق ال د)‪ ،‬ويقول شولدز (إن الناك حل ب ـعشرين بالئة من‬
‫أفراد الرس الوطن)‪ ،‬متوقعا أن يترك ثلثي الرس الوطن الدمة بعد العودة من العراق‬

‫أي ها الجاهدون؛ فب عد أن و جد عدو كم أن الطر يق أما مه مغلق‪ ،‬والباب بوج هه مو صد‪،‬‬


‫ع مد إل خ طة خبي ثة يروم من خلل ا سحب الب ساط من ت ت الجاهد ين ال صادقي‪،‬‬
‫واللتفاف على هذا الهاد البارك‪ ،‬فعرضوا على ب عض النهزم ي الح سوبي زورا وبتانا‬
‫على الجاهديـن بأن يشكلوا نواة اليـش العراقـي فـ مناطـق أهـل السـنة‪ ،‬وماذلك إل‬
‫لسـتخدام هؤلء للوقوف فـ وجـه الجاهديـن‪ ،‬واليلولة بيـ الجاهديـن وبيـ عبّاد‬
‫الصليب‪.‬‬

‫وليت شعري!‬

‫‪223‬‬
‫أين كان هؤلء يوم كانت القذائف والمم تصب على الجاهدين صبّا؟‬
‫ويوم أن كانت دماء الجاهدين تراق دفاعا عن هذا الدين؟‬
‫وذودا عن أعراض السلمات والسلمي ف بلد الرافدين؟‬

‫أيهـا الجاهدون الصـادقون؛ حذار حذار مـن مكرٍ ُكبّار ينسـجه أعوان أبليـس بالليـل‬
‫والنهار‪.‬‬

‫أيها الجاهدون؛ إن الهاد با ٌ‬


‫ب يُذهِبُ ال به ال َم والغم‪ ،‬وإن النة تت ظلل السيوف‪،‬‬
‫لقد فتح ال لكم أبواب النان وأتى بعدوكم ليفتح به لكم سوق الهاد‪ ،‬ورحم ال ابن‬
‫القيّم حي قال (إن ال يقيم الروب بي الدول ليصطفي منكم شهداء) أو كما قال‪.‬‬

‫ل عُ ْدوَا نَ إِلّ‬
‫وقال تعال ‪{ :‬وَقَاتِلُوهُ مْ َحتّ ى َل َتكُو نَ ِفْتَن ٌة َويَكُو نَ الدّي نُ لِلّ هِ فَإِ ِن انَتهَواْ َف َ‬
‫عَلَى الظّالِ ِميَ} [البقرة‪.]193:‬‬

‫وقال صـلى ال عليـه وسـلم‪( :‬فوالذي نفسـي بيده لقاتلنهـم على أمري هذا حتـ تنفرد‬
‫سالفت ولينفذن ال أمره)‪.‬‬

‫فجهادكم موصول وقتالكم مستمر حت يكشف ال الغمة ويرفع الضيم عن المة‪.‬‬

‫مت تلك القلب الذكي وصارما *** وأنفا حيا تتنبك الظالُ‬

‫وهذا نداء إل الجاهدين الصادقي؛‬

‫فـ بغداد الرشيـد؛ يـا أبطال حيفـا والعظميـة والغزاليـة والعامريـة والضراء والنصـور‬
‫والدورة والم ي والأمون‪ ،‬وإل ال سود ف ال سكندرية وال صوة وال سيب والحمود ية‬
‫واللطيفية واليوسفية والرضوانية وزوبع وأب غريب والدائن والطارمية والتاجي؛‬

‫‪224‬‬
‫وإل الليوث ف ديال؛ ف بعقو بة والقداد ية والالص وبلدروز وجلولء وبرز وشهربان‬
‫وخانقي؛‬

‫وإل الماجد ف صلح الدين؛ ف تكريت وسامراء وبلد وبيجي والسحاقي؛‬

‫وإل أسـد الشرى فـ نينوى والشمال؛ فـ الوصـل وتلعفـر وربيعـة والويةـ وكركوك‬
‫ودهوك وأربيل والسليمانية؛‬

‫وإل النشا مى ف النبار؛ ف الرمادي والفلو جة والقر مة والعامر ية وال صقلوية والالد ية‬
‫وف هيت حديثة وعانه وراوه والقائم والرطبة؛‬

‫وإل الطليعة الباركة؛ ف الِلةِ والناصرية وكربلء والبصرة؛‬

‫لقد م نّ ال عليكم بعامي من الهاد التواصل‪ ،‬فكم بذلتم من النفوس والهج ف سبيل‬
‫دينكم‪ ،‬وكم لقيتم من التعب والنصب ف طريقكم؛‬

‫فال ال ف دينكم‪،‬‬
‫وال ال ف جهادكم‪،‬‬
‫وال ال ف دماء إخوانكم وأعراض أخواتكم‪،‬‬

‫فل تكونوا كالذي نقضـت غزلاـ مـن بعـد قوةٍ أنكاثـا‪ ،‬ول تغرّنكـم كثرة الالكيـ‪ ،‬ول‬
‫توحشنكم قلة السالكي‪ ،‬ولتكن خي عدتكم؛ الصب واليقي‪.‬‬

‫ور حم ال خالدا يوم أن و قف واعظا جنوده فقال ‪ ( :‬يا أ هل ال سلم إن ال صب عِزّ‪ ،‬وإن‬
‫الفشل عجزٌ‪ ،‬وإن مع الصب تنصرون‪ ،‬فإن الصابرون هم العلون‪ ،‬وإنه إل الفشل ما يور‬
‫الب طل الضع يف‪ ،‬وإن ال حق ل يف شل‪ ،‬يعلم أن ال م عه وأ نه عن حرم ال يذب‪ ،‬وع نه‬
‫يقاتل‪ ،‬وأنه إذا قدم على ال أكرم منلته‪ ،‬وشكر سعيه؛ إنه شاكرٌ يب الشاكرين)‬

‫‪225‬‬
‫فاصبوا ياإخوة التوحيد؛ فإنا أيا مٌ قلئل ث تكو نُ لكم العاقبة وأنتم بي خيين‪ ،‬شهيدٌ‬
‫مرزوق أو فتحٌ قريب‪.‬‬

‫يا أحفاد سع ٍد والثن‪ ،‬وخالد وأب عبيدة؛‬


‫يا أسود الشرى وفرسان اليدان؛‬

‫ذودوا عن عقيدت كم‪ ،‬وذبّوا عن أعراض كم‪ ،‬واشحذوا سيوفكم‪ ،‬وقاتلوا ف سبيل دين كم‬
‫متسبي‪ ،‬وسلّوا أنفسكم بالد رضي ال عنه يوم أن نادى بنوده ف أرض العركة‪:‬‬

‫(يا أهل السلم الشدة الشدة إحلوا رحكم ال عليهم)‬

‫فإنكـم إن قاتلتموهـم متسـبي تريدون بذلك وجـه ال فليـس لمـ أن يواقفوكـم سـاعة‪،‬‬
‫وإياكم والوهن والراحة‪ ،‬أو أن يُضعِ فَ يقينكم ما ترونه من هالةٍ إعلمية وآلة عسكرية‪،‬‬
‫فإن أخلصتم النيّات وأصلحتم الطويات فزت بنصر رب البيات‪ ،‬فل يتلفنّ هديكم‪.‬‬

‫و اعلموا أن العو نة تأ ت على قدر النيّة‪ ،‬وال جر على قدر ال سبة‪ ،‬وأن ال سلم لينب غي له‬
‫أن يكترث بشيء يقع فيه مع معونة ال له‪ ،‬وكيف يضعف يقينكم وتور عزيتكم وأنتم‬
‫ترون العدو قد إستباح الديار وانتهك العراض و سا َم الناس السف والوان!‬

‫أو ما سعتم صرخات أخواتكم تستغيث من وراء أسوار سجون القهر الصليب؟!‬
‫أو ما بلغكم ماحلّ بأخواتكم ف فلوجة العز؟!‬

‫أوما سعتم صرخة أمكم الت داس كرامتها رافضي خبيث؛ يوم أن جاؤوا يعتقلوا زوجها‬
‫ولّا ل يدوه قاموا بإعتقالاـ وهـي تسـتغيث وتتوسـل‪ ،‬حتـ قبّلت حذاءه راجيةً منـه أل‬
‫ي سلمها إل المريكان‪ ،‬قائلةً له‪" :‬أ نا عراق ية وأ نت عرا قي فلماذا ت سلمن إلي هم؟!"‪ ،‬ف ما‬

‫‪226‬‬
‫كان مـن جنود الرس الوثنـ إل أن عصـبوا عينيهـا وقيدوا يديهـا إل ظهرهـا وحلوهـا‪،‬‬
‫وقذفوا با ف سيارة العتقال المريكية‪.‬‬

‫بغدادُ يبكيك دم ُع القلبِ مُسلمةٌ *** قد سامها الذل دون اللقِ صلبان‬
‫ب وذئبانُ‬
‫أبكي فتاةً كطهر الثلج باكيةً *** قد غال عفتها كل ٌ‬

‫نقفور عاد ول هارون يلجمه *** نارا فيجثو وملء القلب إذعان‬
‫نقفور عاد وتلك العرب قد بسطت *** الرؤوس وكيف تثور جرذان‬

‫ويح الكابر من قومي تاذبم *** عن السبيل أباطيل وأوثان‬


‫واحسرة القلب لسلم يمعنا *** نوا العال وماف القوم ربان‬

‫بغداد لتعجب فالعرب قد منت *** وللمعاصي لدى اليجاء خذلن‬


‫وكفكفي الدمع إن القوم قد فسقوا *** وعدة الرب قبل السيف إيان‬

‫أين أصوات علماء السوء! الذين لنسمع نشازهم؛ إل ف مناوءة الجاهدين؟!‬


‫أين هم للدفاع عن أعراض السلمات؟!‬

‫فليتهم إذ ل يذودوا حية عن الدين *** ظنّوا غية بالحارم‬


‫وإن زهدوا ف الجر إن حي الوغى *** فهل أتوه رغبة ف الغان‬

‫ك يا أماه ولبيكِ يا أختاه؛‬


‫لبي ِ‬
‫لبيك أيتها العفيفة الطاهرة؛‬

‫فوال لن يهنأ لنا عيش‪ ،‬ولن يغمض لنا جفن‪ ،‬ولن يغمد لنا سيف‪ ،‬حت نثأر لعرضكن‬
‫وكرامتكن‪.‬‬

‫‪227‬‬
‫ونعا هد ال يا كلب الروم بوش؛ بأ نه لن ي قر لك قرار‪ ،‬ولن يه نأ جي شك بلذ يذ ع يش‪،‬‬
‫ق ينبض‪ ،‬وقلبٌ يفق‪ ،‬فنحن قادمون بعون ال قادمون‪.‬‬
‫وطيب مقام‪ ،‬مادام فينا عر ٌ‬

‫فيا أسود التوحيد على أرض الرافدين البيبة؛ عزمت عليكم إن وصلكم ندائي هذا أن‬
‫ل يأت عليكم الليل إل وسيوفكم تقطر من دماء عدوكم‪ ،‬أعيدوها خضراء جذعا‪ ،‬قوموا‬
‫قو مة رج ٍل وا حد‪ ،‬فل خ ي ف عي شٍ تنت هك ف يه أعرض نا‪ ،‬وتداس ف يه كرا مة أخوات نا‪،‬‬
‫ويك ما ف يه ُعبّاد ال صليب‪ ،‬واجعلوا من غزوة الثار (غزوة أ ب أ نس الشا مي) بدا ية عهدٍ‬
‫جديد للفتوحات بإذن ال‪.‬‬

‫و يا كتائب ال ستشهاديي؛ إنطلقوا على بر كة ال ل اتدعوا ل م قافلة ت سي‪ ،‬ول حاجزا‬


‫يقفون فيه‪ ،‬أحيلوا ليلهم نارا‪ ،‬وبردهم نارا‪.‬‬

‫ذروة الدين جهادٌ ف الصميم *** فلنجاهد أو لتلفظنا الياةُ‬

‫اللهم منل الكتاب‪ ،‬سريع الساب‪ ،‬مري السحاب‪ ،‬إهزم الحزاب‪،‬‬


‫اللهم اهزمهم وزلزلم‪.‬‬

‫{وَاللّ ُه غَاِلبٌ عَلَى َأمْ ِر ِه وَلَكِنّ أَ ْكثَ َر النّاسِ لَا يَعَْلمُونَ} [يوسف‪]21:‬‬

‫والمد ل رب العالي‪.‬‬

‫صعَبٍ الزّ ْرقَاوِي‬


‫َأبُ ْو مُ ْ‬
‫َأمِيْ ُر تَنْظِي ِم القَا ِع َدةِ ِف ْي بِلدِ الرّافِ َديْن‬
‫ق – بِلدُ الرّافِ َديْن‬
‫ال ِعرَا ُ‬

‫‪228‬‬
‫الطاب الثالث و العشرون‬

‫وَ عـادَ أَحفَادُ ابنِ العَلْ َقمِ ّي‬


‫‪ 10‬ربيع الثان ‪ 1426‬هـ‬
‫‪ 18‬مايو‪/‬أيار ‪ 2005‬م‬

‫بِصَوْتِ الشَيخ‬
‫ب الزّرْقَاوِي ( َرحِ َمهُ ال)‬
‫أَِبيْ مُصْع ٍ‬

‫ستَذْ ُكرُو َن مَا أَقُولُ َلكُ ْم َوأَُفوّضُ َأمْرِي إِلَى اللّهِ ِإنّ اللّ َه َبصِ ٌي بِاْل ِعبَاد} [غافر‪]44:‬‬
‫{فَ َ‬

‫المدُ لِ مع ّز ال سلمِ بن صره‪ ،‬ومُذلّ الشر كِ بقهره‪ ،‬وم صرّف المور بأمره‪ ،‬وم ستدر ِ‬
‫ج‬
‫الكافريـن بكره‪ ،‬الذي قدّر اليام دولً بعدله‪ ،‬وجعـل العاقبةَ للمتقي َ بفضلِه‪ ،‬والصـلةُ‬
‫والسلم على من أعلى الُ منا َر السلمِ بسيفِه‪.‬‬

‫أمّا بعد؛‬

‫فقد مضت سنة ال سبحانه وتعال أن يقع الصراع بي الق والباطل منذ أن برأ ال اللق‬
‫وإل أن يرث ال الرض ومن عليها‪ ،‬وقد مضى على مدى التاريخ صور من هذا الصراع‪.‬‬

‫وها هو ف صل من ف صوله يتجدد على أرض الرافد ين على يد ع ــباد ال صليب‪ ،‬ب عد أن‬
‫أعلنوها بلء أفواههم أنا‪ :‬حرب صليبية‪.‬‬

‫‪229‬‬
‫فنلوا بالع ثر من البلد‪ ،‬و سعوا بالك فر ب ي العباد‪ ،‬وأكثروا من الب غي والف ساد‪ ،‬فانتهكوا‬
‫العراض‪ ،‬واستباحوا الرمات‪ ،‬ودنسوا القدسات؛ يعاونم ف ذلك إخوان م من الشيعة‬
‫الروافض الذين ما كانت حرب على السلم والسلمي إل كانوا رأس حربة فيها‪.‬‬

‫كل ذلك ف حال ردة من حكام هذه المة‪ ،‬وتاذل من علماء السوء؛ الذين باعوا دينهم‬
‫بعرض من الدنيا قليل وف حال غفلة من أهل الق عن حقيقة هذه العركة وأبعادها‪.‬‬

‫ف هب الجاهدون ال صادقون للذود عن حياض هذا الد ين والدفاع عن أعراض ال سلمي‬


‫على قلة منهم ف العدد‪ ،‬وضعف ف العدة‪ ،‬وندرة ف الناصرين وكثرة ف الخذلي‪ ،‬هبوا‬
‫ولسان حالم يقول‪:‬‬

‫يا رافعي علم الـهاد تقدمـوا *** ودعوا صفوف الحجمي وراء‬
‫خوضوا الكريهة حاسرين فإن طغت *** لج اللحم فاركبوا الشلء‬

‫فإذا بم يواجهون أعت قوة عسكرية عرفها التاريخ العاصر‪ ،‬بكبيائها وجبوتا‪ ،‬وكامل‬
‫عدد ها وعدت ا‪ ،‬وهذه سنة ال سبحانه وتعال‪ ،‬أن يكون البا طل ف هذه الولت أك ثر‬
‫عددا‪ ،‬وأعظـم عدة؛ ابتلءً مـن ال لعباده‪ ،‬وتحيصـا لوليائه‪ ،‬وليعلموا أن النصـر ليـس‬
‫بأيديهم؛ وإنا هو مض فضل من ال تعال عليهم فيغبوا ف دعاءئهم إليه‪ ،‬ويتوكلوا ف‬
‫جهادهم عليه‪.‬‬

‫ول ا عا ين الجاهدون هذا التفاوت الائل ف العدة والعتاد بين هم وب ي عدو هم رأوا لزاما‬
‫علي هم القيام ب ا ي ب هذا الن قص وي سد هذا الفراغ؛ ح ت ل تنط فئ جذوة الهاد وت بو‬
‫ناره؛ فانطلقـت كتائب السـتشهاديي يرومون رضـى الرحنـ‪ ،‬ويتسـابقون إل النان‪،‬‬
‫فدكوا معا قل الك فر‪ ،‬وك سروا جحا فل ال صفر‪ ،‬وأعظموا ف العدو النكا ية‪ ،‬وأثخنوا ف يه‬
‫الراح‪ ،‬وحطموا هيبته‪ ،‬وكسروا شوكته‪ ،‬وجرأوا عليه أبناء هذه المة‪ ،‬وبعثوا ف النفوس‬
‫المل من جديد‪ ،‬فلله المد والنة‬

‫‪230‬‬
‫ول كن يأ ب النهزمون من أبناء جلدت نا إل أن يمعوا إل قعود هم وتلف هم عن ن صرة هذا‬
‫الدين الطعن ف الجاهدين الصادقي‪ ،‬وأن يكونوا أعوانا للصليبيي من حيث يدرون أو ل‬
‫يدرون؛ ف صوبوا سهام نقد هم إل نور الجاهد ين‪ ،‬و سلطوا أل سنتهم علي هم‪ ،‬و سخروا‬
‫أقلم هم للن يل من هم‪ ،‬ورمو هم بعظائم المور ب جة‪ :‬أ نه ي صل ف ب عض هذه العمليات‬
‫قتل لن يوصفون بالدنيي والبرياء‪.‬‬

‫ولعلمـي أن الجاهديـن؛ أحسـبهم ول أزكيهـم على ال‪ ،‬ل يقدمون على مثـل هذه‬
‫العمليات إل وضوابط الشرع وأوامره تكمهم‪.‬‬

‫ك يف ل؟ و هم إن ا نفروا إل ساحات الهاد ابتغاء مرضات رب العباد‪ ،‬ون صرة لدي نه‪،‬‬
‫وإعلءً لكلمته‪.‬‬

‫أحببت أن أذكر حكم الشرع ف مثل هذه الوادث‪ ،‬الت قد يقتل فيها السلمي تبعا ل‬
‫قصـدا‪ ،‬مسـتنيا بأقوال الئمـة وعلماء المـة‪ ،‬وليـس غرضـي بيان حكـم العمليات‬
‫ال ستشهادية‪ ،‬فهذه قد قرر غ ي وا حد من علمائ نا جواز ها فضلً عن ا ستحبابا‪ ،‬وأ صل‬
‫هذه الكلمـة مسـتخلص مـن بثـ لشيخنـا الجاهـد‪ :‬أبـ عبدال الهاجـر ‪-‬حفظـه ال‬
‫ورعاه‪ ،-‬مع تصرف يسي من‪ ،‬وإسقاط لذه الحكام على واقعنا الهادي ف العراق‪..‬‬

‫فأقول وبال التوفيق؛‬

‫ما ل شك فيه أن ال تبارك وتعال أمرنا برمي الكفار‪ ،‬وقتلهم وقتالم بكل وسيلة تقق‬
‫القصود‪ ،‬فيشرع لعباد ال الجاهدين ف سبيل إعلء كلمته رمي الكفار الربيي وقتلهم‬
‫وقتالم‪ ،‬بكل وسيلة تقطف نفوسهم وتنع أرواحهم من أجسادهم‪ ،‬تطهيا للرض من‬
‫رجسهم‪ ،‬ورفعا لفتنتهم عن العباد أيا كانت هذه الوسيلة‪ ،‬وإن كانت هذه الوسيلة تعم‬
‫القصودين من الكفار الربيي وغي القصودين من النساء والصبيان‪ ،‬ومن ف حكمهم من‬
‫الكفار من ل يوز قصدهم بالقتل‪.‬‬

‫‪231‬‬
‫وهو ما اصطلح الفقهاء على تسميتهم بـ(القتل با يعم)‬

‫إن هذه الشروعيـة مقررة أيضا‪ ،‬وإن أفضـى ذلك إل قتـل عدد مـن السـلمي منـ يقدر‬
‫وجود هم حال القتال ل سبب أو ل خر‪ ،‬ضرورة عدم إمكان تنب هم والتمي يز بين هم وب ي‬
‫القصودين من الكفار الربيي‪.‬‬

‫و مع الت سليم بأن ق تل عدد من ال سلمي مع صومي الدم مف سدة كبية بل شك؛ إل أن‬
‫الوقوع فـ هذه الفسـدة جائز‪ ،‬بـل متعيـ دفعا لفسـدة أعظـم‪ ،‬وهـي‪ :‬مفسـدة تعطيـل‬
‫الهاد‪.‬‬

‫إذ القول بعدم الواز ه نا‪ ،‬خا صة ف ال صورة العا صرة للقتال‪ ،‬ل يع ن غ ي تعط يل الهاد‬
‫وإيقافه‪ ،‬بل وأد الهاد وسد بابه بالكلية‪ ،‬ما يعن بالضرورة‪:‬‬

‫إ سلم البلد والعباد للكفار الاقد ين على ال سلم وأهله كأع ظم ما يكون ال قد ليفعلوا‬
‫ماشاءوا من ضرب الذل وال صغار على ال سلم وأهله‪ ،‬و سوط ال سلمي‪ ،‬و قد غدوا ل م‬
‫عبيدا مطاويع‪ ،‬سوقا جاعيا نو الذبح تارة‪ ،‬ونو الكفر والروق من الدين تارات‪ ،‬مع‬
‫تريـف السـلم وتبديله بصـورة تامـة‪ ،‬وقلب حقائقـه وتغييـ مكماتـه‪ ،‬وإعادة صـياغته‬
‫صياغة جديدة ليغدو دينا آخر غي ما جاء به البعوث بالسيف صلى ال عليه وسلم‪.‬‬

‫وهذا هـو هدفهـم السـى الذي يسـعون إليـه‪ ،‬ويدون عليـه أعوانا مـن خبالة النتسـبي‬
‫للسلم‪ ،‬النتسبي من علماء السحت وغيهم‪ ،‬فأي الفسدتي أعظم ف شرع ال ودينه؟؟‬

‫وقبل ذكر الدلة الاصة بالقول بالشروعية؛ لبد من تقرير أصلي هامي‪ ،‬فنقول‪:‬‬

‫الصل الول‪ :‬عصمة السلمي وعظيم حرمة دمائهم؛‬

‫‪232‬‬
‫من الُ سََلمِ به القول بأن دماء السلمي معصومة بعصام السلم‪ ،‬إل بقه‪ ،‬روى البخاري‬
‫ومسلم عن ابن عمر رضي ال عنهما قال‪ ،‬قال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪:‬‬

‫"أمرت أن أقا تل الناس ح ت يشهدوا أن ل إله إل ال وأن ممدا ر سول ال‪ ،‬ويقيموا‬
‫ال صلة ويؤتوا الزكاة‪ ،‬فإذا فعلوا ذلك ع صموا م ن دمائ هم وأموال م إل بق ها وح سابم‬
‫على ال"‬

‫وإذا كان قتل السلم بغي حق من أعظم الحرمات الت حرمها سبحانه وتعال والدلة على‬
‫ّمـ خَاِلدًا فِيه َا‬
‫ُهـ َج َهن ُ‬
‫ذلك كثية معلومـة‪ ،‬قال تعال‪{ :‬وَم َن َيقْتُ ْل ُم ْؤمِن ًا ّمتَعَمّدًا َفجَزَآؤ ُ‬
‫ضبَ اللّ ُه عََليْ ِه وََل َعنَهُ َوَأعَدّ لَ ُه عَذَابًا عَظِيمًا ً} [النساء‪]93:‬‬
‫َوغَ ِ‬

‫قال الشيخ السعدي رحه ال‪ :‬فلم يرد ف أنواع الكبائر أعظم من هذا الوعيد بل ول مثله‪.‬‬
‫انتهى كلمه‬

‫وروى النسائي عن عبدال بن عمرو بن العاص‪ ،‬قال‪" :‬قتل الؤمن أعظم عندال من زوال‬
‫الدنيا"‪ ،‬وروي مرفوعا إل النب صلى ال عليه وسلم‪ ،‬وصحح الئمة وقفه على عبدال بن‬
‫عمرو بن العاص‪.‬‬

‫وقد روى ابن ماجة بإسناد فيه ضعف عن عبدال بن عمرو رضي ال عنهما قال‪" :‬رأيت‬
‫ر سول ال صلى ال عل يه و سلم يطوف بالكع بة ويقول‪ :‬ما أطي بك وأط يب ري ك‪ ،‬ما‬
‫أعظمك وأعظم حرمتك والذي نفسي بيده لرمة الؤمن أعظم حرمة عند ال منك ماله‬
‫ودمه‪ ،‬وأن نظن به إل خيا"‬

‫الصل الثان‪ :‬حفظ الدين مقدم على حفظ النفس؛‬

‫قررت الشريعة أن الدين أعظم من النفس والعرض والال‪ ،‬فهو أعظم الضروريات المس‬
‫وأساسها‪ ،‬وحفظه مقدم على حفظها اتفاقا مع استحضار أن هذه الضروريات لحفظ لا‬

‫‪233‬‬
‫إل بإقامة الدين‪ ،‬والنصوص الكثية من اليات والحاديث الواردة بالمر بالهاد والث‬
‫عل يه والترغ يب ف يه‪ ،‬والن هي عن القعود والتره يب م نه كل ها دالة على تقر ير هذا ال صل‬
‫وهو كون حفظ الدين مقدما‪ ،‬قال تعال‪:‬‬

‫{وَا ْقتُلُوهُ مْ َحيْ ثُ َث ِق ْفتُمُوهُ ْم َوأَ ْخرِجُوهُم مّ نْ َحيْ ثُ أَخْرَجُوكُ مْ وَاْل ِفتَْنةُ َأشَ ّد مِ َن اْلقَتْل}‬
‫[البقرة‪]191:‬‬

‫قال ما هد ‪-‬رح ه ال‪ -‬ف تف سي قوله تعال {وَاْلفِْتَنةُ َأشَ ّد مِ َن اْلقَتْل} [البقرة‪،]191:‬‬
‫قال‪( :‬ارتداد الؤمن إل الوثن أشد عليه من القتل)‪.‬‬

‫وقال قتادة والربيع بن أنس والضحاك‪( :‬الشرك أشد من القتل)‪.‬‬

‫وقال ابن زيد ف بيان الفتنة القصودة هنا‪( :‬فتنة الكفر)‪.‬‬

‫ونص تعال على أن الكفر والشرك أشد ف شرعه ودينه من االقتل‪ ،‬وهذا نص ف تقدي‬
‫حفـظ الديـن على غيه مـن الضروريات الربـع وعلى رأسـها النفـس؛ فحفـظ هذه‬
‫الضروريات ف مقا بل ضياع الد ين بلف أ مر ال وشر عه هو الفت نة القيق ية ال ت يُحذر‬
‫منها الول سبحانه‪.‬‬

‫قال ا بن جر ير ال طبي‪ :‬يع ن تعال ذكره بقوله {وَاْلفِْتَنةُ َأشَ ّد مِ َن اْلقَتْل} [البقرة‪:]191:‬‬
‫(والشرك بال أشد من القتل)‪.‬‬

‫وقد بُـيـن فيما مضى أن أصل الفتنة البتلء والختبار‪ ،‬فتأويل الكلم‪ :‬وابتلء الرء‬
‫ف دينه حت يرجع عنه فيصي مشركا بال من بعد إسلمه أشد عليه وأضر من أن يقتل‬
‫مقيما على دينه مستمسكا عليه مقا فيه‪.‬‬

‫‪234‬‬
‫وقال القرطب رحه ال‪( :‬قوله تعال والفتنة أشد من الكفر أي الفتنة الت حلوكم عليها‬
‫وراموا رجوعكم با إل الكفر أشد من القتل)‪ .‬انتهى كلمه رحه ال‪.‬‬

‫والعنيان متجهان دالن أظهـر دللة على مـا ننـ فيـه‪ ،‬ففتنـة الكفـر والشرك أعظـم مـن‬
‫مفسدة ما يزهق من نفوس الؤمني تبعا ل قصدا ف سبيل القضاء عليه‪،‬ا وتطهي الكون‬
‫منها‪ ،‬قال تعال‪:‬‬

‫شهْ ِر الْحَرَا مِ ِقتَالٍ فِي هِ قُلْ ِقتَالٌ فِي هِ َكبِيٌ وَ صَ ّد عَن َسبِيلِ اللّ ِه وَ ُكفْ ٌر بِ هِ‬
‫ك عَ نِ ال ّ‬‫سأَلُونَ َ‬
‫{يَ ْ‬
‫حرَامِ َوإِ ْخرَاجُ َأهْلِ ِه ِمنْهُ أَ ْكبَ ُر عِندَ اللّه} [البقرة‪]217:‬‬ ‫وَالْمَسْجِ ِد الْ َ‬

‫قال شيخ ال سلم ابن تيم ية –رح ه ال‪( :-‬وتام الورع أن يعرف الن سان خ ي الي ين‪،‬‬
‫و شر الشر ين‪ ،‬ويعلم أن الشري عة مبنا ها على ت صيل ال صال وتكميل ها‪ ،‬وتعط يل الفا سد‬
‫وتقليلها‪ ،‬وإل فمن ل يوازن ما ف الفعل والترك من الصلحة الشرعية والفسدة الشرعية‬
‫ف قد يدع واجبات ويف عل مرمات ويرى ذلك من الورع‪ ،‬أو يدع العروف والن هي عن‬
‫الن كر والهاد ف سبيل ال ل ا ف ف عل ذلك من أذى ب عض الناس والنتقام من هم ح ت‬
‫ي ستول الكفار والفجار على ال صالي البرار فل ين ظر ال صلحة الراج حة ف ذلك‪ ،‬و قد‬
‫شهْ ِر الْحَرَا مِ ِقتَالٍ فِي هِ قُلْ ِقتَالٌ فِي هِ َكبِ ٌي وَ صَ ّد عَن َسبِيلِ‬
‫قال ال تعال‪{ :‬يَ سْأَلُونَكَ عَ نِ ال ّ‬
‫اللّ ِه وَ ُكفْ ٌر بِ هِ وَالْمَ سْجِدِ الْحَرَا ِم َوإِخْرَا جُ َأهْلِ ِه ِمنْ هُ أَ ْكبَ ُر عِندَ اللّه} [البقرة‪ ،]217:‬يقول‬
‫سبحانه وإن كان قتل النفوس فيه شر فالفتنة الاصلة بالكفر وظهور أهله أعظم من ذلك‬
‫فيُـدفع أعظم الفسادين بالتزام أدناها) انتهى كلمه رحه ال‪.‬‬

‫وقال أيضا‪( :‬وذلك أن ال تعال أباح من ق تل لنفوس ما يُ ـحتاج إل يه ف صلح اللق‬


‫ك ما قال تعال‪{ :‬وَاْلفِْتَنةُ َأشَ ّد مِ َن الْقَتْل} [البقرة‪ ]191:‬وإن كان ف يه شر وف ساد ف في‬
‫فتنة الكفار من الشر والفساد ما هو أكب) انتهى كلمه‪.‬‬

‫وقال الشاطـب –رحهـ ال‪( :-‬واعتبار الديـن مقدم على اعتبار النفـس وغيهـا فـ نظـر‬
‫الشرع)‪.‬‬

‫‪235‬‬
‫وقال أيضا‪( :‬إن النفوس مترمة مفو ظة ومطلوبة الحياء ب يث إذا دار ال مر ب ي إحيائ ها‬
‫وإتلف الال علي ها‪ ،‬أو إتلف ها وإحياء الال كان إحيائ ها أول؛ فإن عارض إحيائ ها إما تة‬
‫الدين كان إحياء الدين أول‪ ،‬وإن أدى إل إماتتها كما جاء ف جهاد الكفار وقتل الرتد‬
‫وغي ذلك) انتهى كلمه رحه ال ‪.‬‬

‫إذا فحفـظ الديـن بالقضاء على حكـم الطاغوت الذي يُــعبّد الناس له مـن دون رب‬
‫العالي ويسوقهم سوقا جيعا نو الكفر والردة‪ ،‬فضلً عما يشيعه ف البلد وبي العباد‬
‫من الظلم والف ساد مقدم إجاعا على ح فظ غيه من الضروريات الخرى‪ ،‬أيا كا نت‬
‫تلك الضروريات‪.‬‬

‫و قد نص الشا طب ‪-‬رح ه ال ‪-‬على أن الوا مر ف الشري عة ل تري ف التأك يد مر ً‬


‫ى‬
‫واحدا وأن ا ل تد خل ت ت ق صد وا حد‪ ،‬فإن الوا مر التعل قة بالمور الضرور ية لي ست‬
‫ـينية‪ ،‬ول المور الكملة للضروريات‬ ‫ـة ول التحسـ‬ ‫ـة بالمور الاجيـ‬
‫ـر التعلقـ‬
‫كالوامـ‬
‫كالضروريات أنف سها‪ ،‬بل بينه ما تفاوت معلوم‪ ،‬بل المور الضرور ية لي ست ف الطلب‬
‫على وزان واحـد كالطلب التعلق بأصـل الديـن‪ ،‬ل يس كالتأك يد ف الن فس‪ ،‬ول النفـس‬
‫كالعقل إل سائر أصناف الضروريات‪ ،‬انتهى كلمه رحه ال‬

‫ور حم ال الش يخ سليمان بن سحمان عند ما جلّى ال مر بد قة؛ فقال‪( :‬ول كن ل ا عاد‬
‫السلم غريبا كما بدأ صار الاهلون به يعتقدون ما هو سبب الرحة سبب العذاب‪ ،‬وما‬
‫هو سبب الل فة والما عة سـبب الفر قة والختلف‪ ،‬و ما ي قن الدماء سببا ل سفكها‬
‫كالذين قال ال فيهم‪َ { :‬وإِن تُ صِْبهُمْ َسّيَئةٌ يَ ّطيّرُوْا بِمُو سَى َومَن ّمعَه} [العراف‪،]131:‬‬
‫وكالذين قالوا لتباع الرسل‪ِ{ :‬إنّا تَ َطيّ ْرنَا بِكُم } [يس‪.]18:‬‬

‫فمـن اعتقـد أن تكيـم شريعـة السـلم يُــفضي إل القتال والخالفـة وأنـه ل يصـل‬
‫الجتماع أو اللفة إل على حاكم الطاغوت فهو كافر‪ ،‬عدو ل‪ ،‬ولميع الرسل؛ فإن هذا‬

‫‪236‬‬
‫حقيقة ما عليه كفار قريش الذين يعتقدون أن الصواب ما عليه آباؤهم دون ما بعث ال به‬
‫رسوله صلى ال عليه وسلم)‪.‬‬

‫وقال‪( :‬القام الثا ن إذا عر فت أن التحا كم إل الطاغوت ك فر و قد ذ كر ال ف كتا به أن‬


‫الكفر أكب من القتل فقال‪{ :‬وَاْلفِْتَنةُ أَكْبَ ُر مِ نَ الْ َقتْل} [البقرة‪ ]217:‬وقال‪{ :‬وَاْلفِْتَنةُ َأشَدّ‬
‫مِ َن اْلقَتْل} [البقرة‪ ]191:‬والفت نة هي الك فر‪ ،‬فلو اقتتلت الباد ية والاضرة ح ت يذهبوا‬
‫لكان أهون من أن ينصبوا ف الرض طاغوتا يكم بغي شريعة السلم الت بعث ال با‬
‫رسوله صلى ال عليه وسلم) انتهى كلمه رحه ال‪.‬‬

‫فأعظم فتنة ترزأ با الرض هي الكفر والشرك بتعبيد العباد لغي العبود الق‪.‬‬

‫ورحم ال المام الشوكان إذ يقول مصارخا‪( :‬فيا علماء السلم‪ ،‬ويا ملوك السلمي أي‬
‫رزئ لل سلم أ شد من الك فر‪ ،‬وأي بلء بذا الد ين أ ضر عل يه من عبادة غ ي ال‪ ،‬وأي‬
‫مصيبة يصاب با السلمون تعدل هذه الصيبة‪ ،‬وأي منكر يب إنكاره إن ل يكن إنكار‬
‫هذا الشرك من البي الواضح) انتهى كلمه رحه ال‪.‬‬

‫وقـد تقرر فـ الصـول أن الضرر الاص يُــتحمل لدفـع الضرر العام‪ ،‬وأن الضرر‬
‫ال شد يزال بالضرر ال خف‪ ،‬وأ نه إذا تعارض مف سدتان رو عي أعظمه ما ضررا‪ ،‬وأ نه‬
‫يُـختار أهون الشرين‪.‬‬

‫وقد تبي لكل عاقل أن ضرر ترك الهاد وتعطيله أعظم با ل مزيد له ف الدين والدنيا ما‬
‫قد يترتب على الهاد من ضرر يلحق البعض ف نفس أو مال أو نو ذلك‪ ،‬مع كون هذا‬
‫الضرر هو من الضرر الاص مقار نة بالفوا جع والطوام ال ت تضرب ال مة كل ها ف دين ها‬
‫ودنياها‪.‬‬

‫بعد تقرير الصلي السابقي؛ نقول‪:‬‬

‫‪237‬‬
‫إن مشروعية رمي الكفار الحاربي بكل ما يكن من السلح وإن اختلط بم من ل يوز‬
‫قتله من السلمي تقررت بـ (أدلة خاصة‪ ،‬بالضافة للقواعد العامة الت سبق تقريرها)‪.‬‬

‫وهذه الدلة؛ هي‪:‬‬

‫أولً‪ :‬ما قرره جاهي الفقهاء من رمي الكفار الحاربي حال تترسهم بالسلمي؛‬

‫وهو ما يعرف بـ (مسألة الترس) والراد بالتترس هنا أن يتخذ العدو طائفة من السلمي‬
‫بثا بة الترس – و هو الدرع – يد فع به عن نف سه ا ستهداف الجاهد ين له بالق تل‪ ،‬و قد‬
‫ذ هب جاه ي العلماء إل مشروع ية ر مي الكفار الحارب ي ف هذه الالة وإن تر تب على‬
‫ذلك ق تل الُتترس ب م من ال سلمي يقينا لضرورة د فع عاد ية الكفار على ال سلمي وعدم‬
‫تك من التو صل إل قتل الكفار الحارب ي إل بذلك‪ ،‬ك ما ذ هب الحناف والالك ية بواز‬
‫ذلك وإن ل تدع ضرورة إليه‪.‬‬

‫و من ف قه الحناف‪ :‬جاء ف م ت البدا ية ‪ -‬أش هر متون الحناف‪( -‬وإن تتر سوا ب صبيان‬
‫السلمي أو السارى ل يكفوا عن رميهم‪ ،‬ويقصدون بالرمي الكفار)‬

‫قال شارح البداية‪( :‬ول بأس برميهم وإن كان فيهم مسلم أسي أو تاجر؛ لن ف الرمي‬
‫دفع الضرر العام بالذّب عن بيضة السلم وقتل السي والتاجر ضرر خاص‪ ،‬ولنه قل ما‬
‫يلو ح صن من م سلم فلو امت نع بإعتباره لن سد با به‪ ،‬وإن تتر سوا ب صبيان ال سلمي أو‬
‫السارى ل يكفوا عن رميهم لا بينّا ويقصدون بالرمي الكفار؛ لنه إن تعذر التمييز فعلً‬
‫فلقد أمكن قصدا والطاعة‪ ،‬بسب الطاقة) انتهى كلمه رحه ال‪.‬‬

‫وقال الكاسان ف بدائع الصنائع‪( :‬ول بأس برميهم بالنبال وإن علموا أن فيهم مسلمي‬
‫من السارى أو التجار لا فيه من الضرورة إذ حصون الكفرة قلما تلو من مسلم أسي أو‬
‫تاجر فاعتباره يؤدي إل انسداد الهاد ولكن يقصدون بذلك الكفرة دون السلمي؛ لنه‬
‫ل ضرورة ف القصد إل قتل مسلم بغي حق‪ ،‬وكذا إذا تترسوا باطفال السلمي‪ ،‬فل بأس‬

‫‪238‬‬
‫بالر مي إلي هم لضرورة إقا مة الفرض لكن هم بق صدون الكفار دون الطفال) انت هى كل مه‬
‫رحه ال‪.‬‬

‫و من ف قه الالك ية؛ جاء ف م ت مت صر خل يل‪( :‬وإن تتر سوا بذر ية تُ ـركوا إل لوف‪،‬‬
‫ولسلم ل يقصد الترس إن ل يُـخف على أكثر السلمي)‪.‬‬

‫قال ف الشرح الكبي‪( :‬وإن تترسوا بسلم قوتولوا ول يُـقصد الترس بالرمي وإن خفنا‬
‫على أنفسنا لن دم السلم ل يُباح بالوف على النفس إن ل يُخف على أكثر السلمي‪،‬‬
‫فإن خيف سقطت حرمة الترس وجاز رميهم) انتهى كلمه رحه ال‪.‬‬

‫وقال القر طب رحه ال ف تفسيه‪( :‬قد يوز قتل الترس ول يكون فيه اختلف إن شاء‬
‫ال وذلك إذا كا نت ال صلحة ضرور ية كل ية قطع ية فمع ن كون ا ضرور ية أن ا ل ي صل‬
‫الوصول إل الكفار إل بقتل الترس‪ ،‬ومعن أنا كلية أنا قاطعة لكل المة حت يصل من‬
‫قتل الترس مصلحة كل السلمي‪ ،‬فإن ل يفعل قتل الكفار الترس واستولوا على كل المة‪،‬‬
‫ومعن كونا قطعية أن تلك الصلحة حاصلة من قتل الترس قطعا)‬

‫قال علماؤنـا‪( :‬وهذه الصـلحة بذه القيود ل ينبغـي أن يُختلف باعتبارهـا لن الفرض أن‬
‫الترس مقتول قطعا‪ ،‬فإ ما بأيدي العدو فتح صل الف سدة العظي مة ال ت هي ا ستيلء العدو‬
‫على كل السلمي‪ ،‬وإما بأيدي السلمي فيهلك العدو و ينجوا السلمون أجعون‪.‬‬

‫ول يتأتى لعاقل أن يقول‪ :‬ل يُقتل الترس ف هذه الصورة بوجه لنه يلزم منه ذهاب الترس‬
‫والسلم والسلمي‪ ،‬لكن لا كانت هذه الصلحة غي خالية من الفسدة نفرت منها نفس‬
‫من ل يعن النظر فيها؛ فإن تلك الفسدة بالنسبة على ما يصل منها عدم أو كالعدم وال‬
‫أعلم) انتهى كلمه رحه ال‪.‬‬

‫ومن فقه الشافعية؛ قال النووي رحه ال ف روضة الطالبي‪( :‬لو تترس الكفار بسلمي‬
‫من السارى وغيهم نُظِرَ‪ :‬إن ل تدع إل رميهم واحتمل العراض عنهم ل يز رميهم‪،‬‬

‫‪239‬‬
‫وإن دعت ضرورة إل رميهم بأن تترسوا بم ف حال التحام القتال وكانوا بيث لو كففنا‬
‫عن هم ظفروا ب نا وكثرت نكايت هم‪ ،‬فوجهان‪ :‬أحده ا ل يوز الر مي إذا ل ي كن ضرب‬
‫الكفار إل بضرب مسـلم؛ لن غايتـه أن ناف على أنفسـنا‪ ،‬ودم السـلم ل يُباح بالوف‬
‫بدليل صورة الكراه)‪ .‬انتهى كلمه رحه ال‬

‫فقياس هذه الالة على صورة الكراه غي متجه البتة لن الكره على قتل غيه يهدف إل‬
‫دفع الضرر الاص عن نفسه‪ ،‬وليست نفسه بأول من نفس غيه‪ ،‬أما هنا فالدف هو دفع‬
‫الضرر العام عن المة جيعا ف دينها قبل دنياها‪ ،‬وليس للمجاهد الرامي حظ خاص من‬
‫نفسه من قريب أو بعيد‪.‬‬

‫وقال النووي أيضا‪ :‬والثا ن و هو ال صحيح الن صوص – و به ق طع العراقيون – جواز‬


‫الرمـي على قصـد قتال الشركيـ؛ (ويتوخـى السـلمي بسـب المكان لن مفسـدة‬
‫العراض اك ثر من مف سدة القدام‪ ،‬ول يب عد احتمال طائ فة بالد فع عن بي ضة ال سلم‬
‫ومراعاة للمور الكليات) انتهى كلمه رحه ال‪.‬‬

‫ومن فقه النابلة؛ قال ابن قدامة رحه ال ف الكاف‪( :‬وإن تترسوا بأسارى السلمي أو‬
‫أهل الذمة ل يز رميهم إل ف حال التحام الرب والوف على السلمي لنم معصومون‬
‫بأنف سهم فلم ي بح التعرض بإتلف هم من غ ي ضرورة‪ ،‬و ف حال الضرورة يُباح رميهم لن‬
‫حفظ اليش أهم) انتهى كلمه رحه ال‪.‬‬

‫وقال ابن مفلح ف البدع‪( :‬وإن تترسوا بال سلمي ل يز رمي هم كأن تكون الرب غ ي‬
‫قائمـة‪ ،‬أو لمكان القدرة عليهـم بدونـه أو مـن أمـن مـن شرهـم إل أن يُــخاف على‬
‫ال سلمي مثـل كون الرب قائ مة أو ل يُــقدر علي هم إل بالرمـي فيمي هم‪ ،‬نـص عل يه‬
‫بالضرورة) انتهى كلمه رحه ال‪.‬‬

‫يتحصل لنا من تلك النصوص السابقة؛ عن فقهاء وأئمة الذاهب الختلفة‪:‬‬

‫‪240‬‬
‫أولً‪ :‬أن المي ــع متفقون على جواز ر مي الكفار الحارب ي حال تتر سهم بال سلمي‬
‫وإن تيقنّا ق تل الُتترس ب م ع ند الوف على ال سلمي أن ينل ب م ضرر من أعدائ هم من‬
‫نكاية أو هزية‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬أن الحناف والشافع ية ف ال صحيح عند هم‪ ،‬والنابلة ف أ حد القول ي على جواز‬
‫الرمـي فـ تلك الالة إذا كانـت الرب قائمـة‪ ،‬أو ل يـــقدر عليهـم إل بذلك وإن ل‬
‫نف على السلمي‪.‬‬

‫وقال شيـخ السـلم ابـن تيميـة رحهـ ال‪( :‬الئمـة متفقون على أن الكفار لو تترسـوا‬
‫ب سلمي وخ يف على ال سلمي إذا ل يُقاتلوا فإ نه يوز أن نرمي هم ونق صد الكفار‪ ،‬ولو ل‬
‫نف على السلمي جاز رمي أولئك السلمي أيضا ف أحد قول العلماء‪ ،‬ومن قُتل لجل‬
‫الهاد الذي أمر ال به ورسوله وهو ف الباطل مظ‪ ....‬كان شهيدا وبُعث على نيته ول‬
‫يكن قتله أعظم فسادا من قتل من يُقتل من الؤمني الجاهدين) انتهى كلمه رحه ال‪.‬‬

‫والكلم الخ ي من ش يخ ال سلم ظاهره ترج يح القول بواز الر مي ولو ل ن ف على‬
‫السلمي‪.‬‬

‫إذا تقرر كما سبق الواز ف تلك الصورة القدية بالترس بشرطها؛ فإن الواز يُقرر من‬
‫باب أول ف ال صورة العا صرة للترس اليوم ‪-‬و هو الذي يع مد في ها العدو إل و ضع‬
‫أما كن تمعا ته ومنشآ ته الختل فة و سط ال سلمي وأحيائ هم ال سكنية ليحت مي ب م–؛‬
‫بوجوه عدة‪:‬‬

‫أولً‪ :‬أن كلم الفقهاء والئ مة ال سابق هو ف ال سلحة القدي ة ال ستخدمة بالر مي ق بل‬
‫اكتشاف البارود‪ ،‬ومـن البدهـي أن هذه السـلحة القديةـ أقرب لمكان التمييـز وتلفـ‬
‫إصابة السلمي من السلحة الديثة‪.‬‬

‫‪241‬‬
‫ثانيا‪ :‬أننا مطالبون شرعا باستخدام أقوى السلحة وأشدها فتكا بأعداء ال إن كان ذلك‬
‫ف قدرتنا واستطاعتنا؛ فكيف مع الفارق الائل بيننا وبي عدونا‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬أن نا مطالبون شرعا ق بل الن صر والتمك ي لكل مة ال ف الرض بالثخان ف أعداء‬
‫ال‪ ،‬والثخان هو التقتيل الذريع ف أعداء ال والذي تنكسر معه شوكتهم ول يكون لم‬
‫نوض بعده‪ ،‬قال تعال‪{ :‬فَإِذا َلقِيتُ ُم الّذِينَـ َكفَرُوا َفضَرْبَـ الرّقَابِـ َحتّىـِإذَا َأثْخَنتُمُوهُم ْـ‬
‫فَشُدّوا الْ َوثَاق} [ممد‪ ،]4:‬فليس هناك شد للوثاق قبل الثخان‪.‬‬

‫فهذه الت نبيهات ال سابقة ت عل القول بالواز ف ال صورة العا صرة أول بل شك لتح قق‬
‫الضرورة اللجئة ف أعلى صورها باستخدام أكثر السلحة تطورا‪ ،‬وأشدها فتكا ف أعداء‬
‫ال لرهابم وتقيق أعظم نكاية فيهم ولحداث نوع من التوازن ف ميزان القوى الحتل‪،‬‬
‫ومعلوم أن إمكان التمييز بذه السلحة بي القصودين وبي غيهم من الحال‪.‬‬

‫رابعا‪ :‬إن كلم الفقهاء ال سابق إن ا هو ف جهاد الطلب ح يث إن هذه ال سألة مفتر ضة‬
‫حال غزو السلمي للكفار ف ديارهم لفتح هذه البلد وإخضاعها لكم السلمي‪ ،‬ومن‬
‫البدهـي القول بأن الواز يُــقرر مـن باب الول فـ جهاد الدفـع‪ ،‬أي لدفـع الكفار‬
‫الحارب ي عن ال ستيلء لبلد ال سلمي‪ ،‬فك يف مع ت قق هذا ال ستيلء فعلً‪ ،‬بل و مع‬
‫مرور ال سني الطوال على هذا ال ستيلء ب ا ير سخ ح كم ال صليبيي وشرع هم فوق البلد‬
‫وعلى رؤوس العباد‪.‬‬

‫خامسا‪ :‬سبق معنا قول القرطب‪( :‬فإن ل يفعل قتل الكفار الترس)‪ ،‬أما ف حالتنا اليوم فإن‬
‫ل يف عل ف ت الكفار الترس بفت نة الك فر والردة ح ت يتم كن ح كم ال صليبيي ف الرض‪،‬‬
‫ويترسخ ويصبح له الصولة والدولة ومن ث يستبيح دين السلمي وحرماتم‪ ،‬ث يسوقهم‬
‫سوقا جيعا نو النسلخ من الدين عب حكمه وشرعه الضاد لكم ال وشرعه‪.‬‬

‫‪242‬‬
‫وقد أشار لعي هذا العن شيخ السلم؛ فقال‪( :‬وقد اتفق العلماء على أن جيش الكفار‬
‫إذا تترسوا بن عندهم من أسرى السلمي وخيف على السلمي الضرر إذا ل يقاتلوا فإنم‬
‫يقاتلون‪ ،‬وإن أفضى ذلك إل قتل السلمي الذين تترسوا بم‪ ،‬وإن ل يُخف على السلمي‬
‫ففـي جواز القتال الفضـي إل قتـل هؤلء السـلمي قولن مشهوران للعلماء‪ ،‬وهؤلء‬
‫السـلمون إذا قتلوا كانوا شهداء ول يترك الهاد الواجـب لجـل مـن يُقتـل شهيدا‪ ،‬فإن‬
‫السلمي إذا قاتلوا الكفار فمن قُتل من السلمي يكون شهيدا‪ ،‬ومن قُتل وهو ف الباطل ل‬
‫يستحق القتل لجل مصلحة السلم كان شهيدا) انتهى كلمه رحه ال‪.‬‬

‫وقال أيضا‪( :‬وكذلك م سألة التترس ال ت ذكر ها الفقهاء فإن الهاد هو د فع فت نة الك فر‪،‬‬
‫فيحصل فيها من الضرة ما هو دونا؛ ولذا اتفق الفقهاء على أنه مت ل يكن دفع الضرر‬
‫عن السلمي إل با يُفضي إل قتل أولئك الُتترس ب م جاز ذلك وإن ل يُ ـخف الضرر‪،‬‬
‫ل كن ل يُ ـمكن الهاد إل ب ا يُ ـفضي إل قتل هم فف يه قولن‪ ،‬و من يُ سوغ ذلك يقول‪:‬‬
‫قتلهم لجل مصلحة الهاد مثل قتل السلمي القاتلي يكونون شهداء) انتهى كلمه رحه‬
‫ال‪.‬‬

‫فنص شيخ السلم على أن قتل الترس أقل مضرة من شيوع الكفر وظهوره‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬و هو ما يُ ـعد ن صا ف م سألتنا هذه ف مشروع ية ر مي الكفار الحارب ي ب كل ما‬


‫ي كن من ال سلح وإن اختلط ب م ال سلمون ما جاء؛ من حد يث أم الؤمن ي أم سلمة –‬
‫رضي ال عنها– قالت‪ :‬قال رسول ال صلى اله عليه وسلم‪" :‬يعوذ عائذ بالبيت فيُـبعث‬
‫غل يه ب عث فإذا كانوا ببيداء من الرض خُ ـسف ب م" فقلت‪ :‬يا ر سول ال فك يف ب ن‬
‫كان كارها؟ قال‪" :‬يُـخسف به معهم ولكنه يُـبعث يوم القيامة على نيته"‪.‬‬

‫و عن أم الؤمني حفصة –رضي ال عنها– أنا سعت ال نب صلى ال عليه وسلم يقول‪:‬‬
‫"ليؤ من هذا الب يت جي شٌ يغزو نه ح ت إذا كانوا ببيداء من الرض يُ ـخسف بأو سطهم‬
‫وينادي أولم آخرهم ث يُخسف بم فل يبقى إل الشريد الذي يُخب عنهم"‬

‫‪243‬‬
‫و عن أم الؤمن ي عائ شة –ر ضي ال– قالت‪ :‬ع بث ر سول ال صلى ال عل يه و سلم ف‬
‫منامه‪ ،‬فقلنا يا رسول ال صنعت شيئا ف منامك ل تكن تفعله‪ ،‬فقال‪" :‬العجب؛ إن ناسا‬
‫من أمت يؤمون بالبيت لرجل من قريش قد لأ بالبيت حت إذا كانو ا بالبيداء خُـسف‬
‫ب م" فقل نا يا ر سول ال إن الطر يق قد ي مع الناس! قال‪" :‬ن عم في هم ال ستبصر والجبور‬
‫وابن السبيل يهلكون مهلكا واحدا ويصدرون مصادر شت يبعثهم ال على نياتم"‬

‫فهذا الد يث بروايا ته التعددة ‪-‬وجيع ها ف صحيح م سلم‪ -‬نص ظا هر بشمول العذاب‬
‫لقصودين به أساسا ولكل من خالطهم عند نزوله‪ ،‬وإن ل يكن منهم أصلً‪ ،‬وإن كان من‬
‫الناجي يوم القيامة‪ ،‬مع أن ال تعال قادر على أن يص بالعذاب الستحقي به وحدهم‪.‬‬

‫قال ش يخ ال سلم‪( :‬فال تعال أهلك ال يش الذي أراد أن ينت هك حرما ته الكره في هم‬
‫وغ ي الكره مع قدر ته على التمي يز بين هم‪ ،‬مع أ نه يبعث هم على نيات م؛ فك يف ي ب على‬
‫الؤمني الجاهدين أن ييزوا بي الُكره وغيه وهم ل يعلمون ذلك؛ بل لو كان فيهم قوم‬
‫صالون من خيار الناس ول ي كن قتال م إل بق تل هؤلء لقتلوا أيضا‪ ،‬و من ق تل ل جل‬
‫الهاد الذي أمر ال به ورسوله هو ف الباطل مظلوم كان شهيدا وبُـعث على نيته‪ ،‬ول‬
‫يكن قتله أعظم فسادا من قتل من يُقتل من الؤمني الجاهدين‪ ،‬وإذا كان الهاد واجبا‬
‫وإن قُ تل من ال سلمي ما شاء ال؛ فق تل من يُق تل ف صفهم من ال سلمي لا جة الهاد‬
‫ليس أعظم من هذا) انتهى كلمه رحه ال‪.‬‬

‫ف في هذا ال ستعراض للدلة الا صة ف هذه ال سألة (م سألة ر مي الكفار الحارب ي إذا‬
‫اختلط بم مسلمون)؛ يظهر لنا بلء‪:‬‬

‫أن الشروعية مقررة من وجوه عدة‪ ،‬وهنا لبد من التنبيه على مسألة هي غاية ف الهية؛‬
‫فإضا فة إل الفارق الائل بين نا وب ي عدو نا ف العدة والعتاد فإن الطبي عة الغراف ية لرض‬
‫العراق تض طر الجاهد ين ف كث ي من للجوء على م ثل هذا النوع من القتال‪ ،‬فل وجود‬
‫لغابات يكمنون باـ لعدوهـم‪ ،‬ول جبال يتحصـنون باـ وينطلقون منهـا لتنفيـذ عملياتمـ‬

‫‪244‬‬
‫والعدو قد نزل بالعقر من الديار‪ ،‬ونازعنا الرض الت نقف عليها‪ ،‬واتذ قواعده الحصنة‬
‫في ها‪ ،‬وأقام حوا جز ال سيطرة ونقاط التفت يش ف كل مكان‪ ،‬ي ساعده ف ذلك أعوا نه من‬
‫اليش والشُـرط‪ ،‬وطوابي العملء والواسيس الذين يرقبون كل غا ٍد ورائح؛ ما يزيد ف‬
‫صعوبة حر كة الجاهد ين‪ ،‬ويت ضح ذلك جليا ل كل من صف يقارن حال نا مع إخوة ل نا ف‬
‫ساحات أخرى من ساحات الهاد‪ ،‬فالبال الشاه قة والوعرة ف أفغان ستان‪ ،‬والغابات‬
‫الكثيفـة فـ الشيشان‪ ،‬هيأت الجاهديـن الكان الناسـب لوض حرب طويلة المـد‬
‫يُــستنف فيهـا العدو‪ ،‬وأتاحـت لمـ اتاذ قواعـد خلفيـة آمنـة مكنتهـم مـن التفكيـ‬
‫والتخطيط بعيدا عن عدوهم والنطلق ف عمليات كر وفر‪ ،‬ث الرجوع على هذا اللذ‬
‫المن‪ ،‬وهذا كله مفقود على أرض الرافدين‪.‬‬

‫لذا والالة هذه؛ كان الدخول مع العدو ف مواجهات ميدانية مباشرة من الصعوبة بكان‪،‬‬
‫ول سيما ف بغداد الت هي عقر دار العدو‪ ،‬وكثافته فيها منقطعة النظي؛ فكان لبد من‬
‫تكث يف عمليات نا ال ستشهادية لل خة توازن العدو على هذه الدن‪ ،‬وإرغا مه على الروج‬
‫من ها إل أما كن ي سهل اقتنا صه في ها‪ ،‬وهذه العمليات هي سلحنا الفتاك الذي يُث خن ف‬
‫العدو الراح‪ ،‬وتنخلع به قلوب افراده‪ ،‬وتع ظم ف يه النكا ية؛ هذا مع سهولته علي نا وقلة‬
‫السائر بالنسبة إلينا‪.‬‬

‫فلو أوقف نا هذه العمليات فل شك أن جذوة الهاد ستضعف حت ما‪ ،‬إن ل ت بُ ف هذه‬
‫الرحلة‪ ،‬وبضعـف الهاد وتكـن العدو مـن بسـط سـيطرته على بغداد تصـل الفسـدة‬
‫الكبى؛ فيتمكن العدو من تدبي مؤامراته ومططاته‪ ،‬ويستبيح المة بأكملها‪.‬‬

‫وقد رأى العال بأسره جرائم عُباد الصليب‪ ،‬وشُذّاذ النصارى‪ ،‬وبغايا الروم ف سجن أب‬
‫غريـب وبوكـا‪ ،‬ومـا فعله أعوانمـ الروافـض فـ سـجونم فـ النوب فـ الكوت واللَة‬
‫والنجف وكربلء والبصرة وغيها‪ ،‬وهم ل يُمكنوا التمكن القيقي فكيف لو تكنوا من‬
‫بسط سيطرتم على أرض العراق؟‬

‫‪245‬‬
‫فإن الروا فض الاقد ين ياولون بش ت الو سائل إظهار حر صهم على الدم العرا قي لتشو يه‬
‫صورة الجاهد ين‪ ،‬وإظهار هم أمام العال أن م سفاكوا دماء‪ ،‬ون سي احفاد ا بن العلق مي‬
‫غدراتم بأبناء هذه المة الت حُفرت ف جبي التاريخ‪.‬‬

‫وسنذكر بعضا من جرائمهم؛ لعله يتبي للمة الشيء اليسي من حالم‪:‬‬

‫أولً‪ :‬ف عام ‪1981‬؛ أي قبل نو ربع قرن من الن‪ ،‬قام انتحاري من قوات فيلق الغدر‬
‫–فيلق بدر– بتفجي نفسه بشاحنة مفخخة ف مبن الذاعة والتلفزيون العراقي ف الصالية‬
‫راح ضحيته العشرات‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬شهدت شوارع أ ب النواس وال سعدون والكرّادة والزعفران ية خلل الرب اليران ية‬
‫عشرات العمليات التفجيية بالسيارات الفخخة بالشوارع راح ضحيتها العشرات‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬ف الرابع من نيسان عام ‪1980‬؛ أوقع عناصر فيلق بدر قنابل يدوية بي الطلب ف‬
‫الامعـة السـتنصرية فـ بغداد راح ضحيتهـا العشرات‪ ،‬وعندمـا خرجـت جنازة تشييـع‬
‫الضحايا ف اليوم التان ت إلقاء القنا بل من داخل بناء الدرسة اليرانية وقُ تل العديد من‬
‫كان ف النازة‪.‬‬

‫رابعا‪ :‬وقعت ف الفترة ما بي عامي ‪1991‬؛ إل الغزو المريكي أكثر من ثاني عملية‬
‫تفجي سيارات مفخخة ف متلف مناطق العراق على يد قوات فيلق بدر‪.‬‬

‫خامسا‪ :‬أطلقت قوات فيلق بدر ‪ 65‬صاروخا مليا موجها بواسطة سيارات متحركة من‬
‫منا طق قري بة من بغداد م ثل الحمود ية واللطيف ية وناح ية الرش يد والم ي خلل عا مي‬
‫‪ 2000 – 1999‬راح ضحيتها العشرات‪.‬‬

‫سادسا‪ :‬عمليات ق طع الطرق ال سريعة ب ي العمارة والنا صرية وق تل ال سافرين عب إقا مة‬
‫سيطرات مزيفة كان يقوم با ويتباهى ف عملها‪ ،‬ويُصدّر البيانات بنسبتها حزب الدعوة‬

‫‪246‬‬
‫إل الشيطان وقوات فيلق بدر وقوات كريـ ماهوت وذلك خلل عام ‪1991‬؛ ول تنتـه‬
‫إل بدخول ال صليبيي إل بغداد‪ ،‬وغ ي ذلك من جرائم هم ال ت لو ذهب نا نتتبع ها لطال ب نا‬
‫القام‪.‬‬

‫وال يعلم حر صنا أن ل نو قع خ سائر ب ي ال سلمي‪ ،‬و كم من عمل ية مك مة أُلغ يت‪،‬‬


‫وأهداف كبية فاتت‪ ،‬لتوقع خسائر كبية بي السلمي‪.‬‬

‫ون ن على علم أ نه قد تدث ب عض الخطاء‪ ،‬وي قع ب عض الضحا يا وهذا ‪-‬وال‪ -‬م ا‬
‫يدمي قلوبنا‪ ،‬ويقرّح اكبادنا؛ لكن ما حيلتنا والواقع ما ذكرنا من تلل العدو فينا‪.‬‬

‫ولو أن العدو مُتميزٌ و متز يغ عن منا طق ال سلمي؛ ل ا اجز نا لنف سنا بال من الحوال‬
‫التوسع ف هذه العمليات؛ فالطريق يمع الناس‪ ،‬ول يكن بال قتال الكفار إل بقتل بعض‬
‫السلمي‪ ،‬وكما قال احد إخواننا‪:‬‬

‫فلو فُرض على الجاهدين التمييز بي الكفار والسلمي لتعطل الهاد ف كل مكان‪ ،‬فقد‬
‫قام الجاهدون بثـل هذه العمليات فـ غزوتـ نييورك وواشنطـن وكان هناك بعـض‬
‫السلمي‪ ،‬وفعلوها ف الرياض وبال‪ ،‬وعلى العبد اليهودي ف تونس‪ ،‬وفعلوها ف نيوب‬
‫وفعلو ها ف تنان يا ومومبا سا‪ ،‬وكرات شي وكوي تا وكا بل‪ ،‬وغروز ن ومو سكو‪ ،‬ف من أراد‬
‫تر ي هذه العمليات ب سقوط ال سلمي في ها تبعا ل ق صدا؛ فعل يه أن ي نع الهاد ف كل‬
‫مكان لنه ل يكن أن يسلم عمل جهادي من سقوط السلمي‪ ،‬ول يؤمر الرء بال يُطيق‪.‬‬

‫فنحـن وال ل نرضـى أن تُراق دماء السـلمي بغيـ وجـه حـق‪ ،‬ووال لئن أُقــدم‬
‫فتُـضرب عُـنقي أحب إل من تقصد قتل امرئ مسلم بغي حق‪.‬‬

‫أ ضف إل هذا التشو يه التع مد من العلم ال بيث لذه العمليات‪ ،‬و ما ي صل من قلب‬


‫لجم السائر ف صفوف الصليبيي وأعوانم من الرتدين‪.‬‬

‫‪247‬‬
‫ونسمع اليوم – وللسف – كثيا من منافقي هذه المة من يُشنّع على الجاهدين‪ ،‬ويتج‬
‫عليهـم بإن العمليات السـتشهادية التـ يقوم باـ الجاهدون يترتـب عليهـا سـفك لدماء‬
‫ال سلمي‪ ،‬مع أن م يعلمون علم اليق ي بأن الجاهد ين ل يتق صدون ق تل ال سلمي‪ ،‬بل‬
‫مرادهم قتل الصليبيي وأعوانم من الرتدين‪ ،‬ولكن هؤلء ف حقيقة أمرهم ل يهمهم أمر‬
‫ال سلمي ول دمائ هم وإن ا ه هم إرضاء أوليائ هم من الرتد ين وال صليبيي؛ وإل فهؤلء‬
‫السلمون يُقتـلون ف مشارق الرض ومغارب ا وهذه دماؤهم تُراق وهي أرخص الدماء‬
‫ف هل سعتم يوما عن احد من هذه البواق العميلة قام يوما مقام حق ل تعال فتكلم عن‬
‫تلكم الرائم؟؟‬

‫وهـل ترأ أحدهـم فأبان عـن جرائم الفيالق العسـكرية الرافضيـة كفيلق الغدر –فيلق‬
‫بدر– الذي يتزعمه عبدالعزيز الكيم الطبطبائي الجوسي؟؟‬

‫فلتعلمي يا أمت بأن هذه الفيالق البيثة عندما دخلت إل العراق أثخنت أيا إثخان ف أهل‬
‫التوح يد‪ ،‬وهجّرت العوائل ال سنية من النوب‪ ،‬وقلت الئات من أ هل ال سنة‪ ،‬واغت صبت‬
‫الساجد وحولتها إل معاقل للوثنية والشرك‪ ،‬كل هذا وفق برنامج مدروس لتصفية أهل‬
‫ال سنة؛ ف قد اغت صبوا (‪ )29‬م سجدا ف بغداد ت تويل ها إل حُ سينيات وثن ية مع أن م ل‬
‫يقربوا كنيسـة واحدة‪ ،‬ول يُغلقوا ملً واحدا لبيـع المور‪ ،‬وعندمـا ذهـب بعضهـم إل‬
‫الالك ممد باقر الكيم يستجديه إعادة الساجد إل أهل السنة أجابم بالرف الواحد‪:‬‬
‫(كم مسجدا أُخذ منكم؟) فلما اخبوه أجابم بكل لؤم‪( :‬تسعة وعشرون مسجدا فقط‬
‫هذا قل يل‪ ،‬أن تم أ هل ال سنة ل كم أرب عة آلف م سجد ف العراق أفت ستكثرون علي نا هذه‬
‫الساجد؟)‬

‫ك ما وقاموا بت صفية مع ظم كوادر ورموز أ هل ال سنة من الدعاة والطباء والدر سي‬


‫وأصحاب البة والتقنية‪.‬‬

‫بل وقاموا باختطاف كثي من النساء اللت ل يُعرف مصيهن حت الن‪.‬‬

‫‪248‬‬
‫بـل إن قوات الشرطـة الروافـض شاركوا فـ انتهاك أعراض السـلمات الرائر مـع‬
‫الصليبي ف سجن أب غريب‪.‬‬

‫فلو تعلمون عن سجن الكوت؛ الذي تُديره الخابرات اليرانية‪.‬‬

‫وسـجن اللّة؛ الذي يديره الرافضـي السـمى بــ (العميـد قيـس)‪ ،‬الذي كان يُقطّع‬
‫أعضاء السلمي بالنشار الكهربائي‪ ،‬ويستبيح أعراض السلمات هناك‪.‬‬

‫ول تسأل عن السجن ف حُسينية الباتة؛ ف بغداد معقل فيلق بدر‪.‬‬

‫فوال ل نبدأهم بالقتال‪ ،‬ول نصوب إليهم النبال‪.‬‬

‫وفـ أرض الرافديـن طوائف عدة كالصـابئة واليزيدييـ عبدة الشيطان‪ ،‬والكلدانييـ‬
‫والشوريي‪ ،‬ما مددنا أيدنا بسوء إليهم ول صوبنا سهامنا عليهم‪ ،‬مع أنا طوائف ل تت‬
‫للسلم بصلة‪ ،‬ولكن ل يظهر لنا أنا شاركت الصليبيي ف قتالم للمجاهدين ول تلعب‬
‫الدور السيس الذي لعبه الرافضة‪.‬‬

‫ولكن أخبين يا أمت أيسعنا والالة هذه أن نغمد سيوفنا ونكف أيدينا خشية اتامنا‬
‫بإثارة الطائفية!!‬

‫وليت شعري عن أي طائفية يتحدثون!!‬

‫أمة من الناس‪ ،‬رجال ونساء وصبيان يأرون إل ال ليل نار من ظلم الروافض الاقدين‬
‫الذين مكنوا لعـباد الصليب العتدين‪.‬‬

‫‪249‬‬
‫بل وأق سم بالذي أنزل براءة عائ شة ف الكتاب‪ ،‬وم كن ال صديق من م سيلمة الكذاب‪،‬‬
‫واطفأ نار الجوس على يد عمر بن الطاب‪ ،‬أن ما لقاه ويلقيه أهل السنة ف العراق من‬
‫هؤلء الروافض احفاد ابن العلقمي أشنع وأفضع بكثي ما لقوه على يد العدو المريكي‪.‬‬

‫ول كن كل هذا مُ ـغيب عن أم ت ل جل التكت يم العل مي‪ ،‬و سكوت ومداه نة علماء‬
‫السوء‪.‬‬

‫وال إن قل ب ليتق طر حزنا على ما ي ل بأ هل ال سنة ف بغداد والنوب‪ ،‬ولو حدثت كم‬
‫ع ما يلق يه إخوان كم وأخوات كم ف النوب ل ا تلذذ ت بالع يش إن كان عند كم غية على‬
‫حرمات السلمي‪.‬‬

‫[هنا يبكي الشيخ] وساذكر هنا قصة تتقطع منها القلوب والج ساد‪ ،‬وتتقرح لسماعها‬
‫الكباد‪ ،‬و هي على سبيل الذ كر وال ستشهاد‪ ،‬ل على سبيل ال صر وال ستطراد‪ ،‬لعل ها‬
‫تُصادف من أبناء هذه المة آذانا واعية‪ ،‬وقلوبا حية‪:‬‬

‫ففي مدينة اللة اقتحم قوات الشرطة الرتدين منل احد إخواننا الجاهدين‪ ،‬فلما شعر بم‬
‫لذ منهم بالفرار فأتى عدو ال الرافضي الدعو بـ (العميد قيس) إل زوجة أخينا العفيفة‬
‫الطاهرة وأخذ يرها من رأسها‪ ،‬ويذبا من شعرها مهددا ومتوعدا لا إن ل تبه بكان‬
‫زوجها بسلب عفتها وانتهاك عرضها وهي تصرخ وتستغيث‪:‬‬

‫أل من مغيث!!!‬
‫أل من أمت من يغار على أعراضنا ويدافع عن حُرماتنا!!!‬

‫ول تدر هذه ال سكينة أن أبناء ال مة ف لو هم يلعبون و ف سباتم نائمون‪[ .‬ه نا يب كي‬
‫الشيخ]‬

‫‪250‬‬
‫فما كان منا لا بلغنا خبها إل السارعة بإغاثتها‪ ،‬وتلبية ندائها فوال ل حيينا إن بقي هذا‬
‫وأمثاله أحياء؛ فقام الخوة براقبة دقيقة لبيته ث انطلق أحد السود الستشهاديي قاصدا‬
‫معقل هذا الرتد اللعي فدك عليه حصنه الصي‪ ،‬وأصابه وأهله من الرعب والراح مال‬
‫ينساه على مر السني‪ ،‬وقدر ال أن يكون له ف عمره بقية باقية ادخارا منه سبحانه ثواب‬
‫قتله لعبد اشترى الخرة بالفانية‪.‬‬

‫و ما زال الليوث يقعدون لذا الراف ضي كل مق عد‪ ،‬ويترب صون به كل مر صد ح ت يعلم‬


‫وأمثاله حرمة أعراض أخواتنا السلمات فل تسول لم أنفسهم العتداء عليهن‪ ،‬والنيل من‬
‫كرامتهن‪.‬‬

‫وما يزيدن ألا سكوت هؤلء الونة الذين يرغبون ف كل شيء إل ف أخذ الدين بقوة‬
‫عن جرائم الرافضة‪.‬‬

‫لاذا يُخفى كل هذا عن أمت؟؟‬

‫لاذا تُقلب القائق ول تظهر لمت؟؟‬

‫لاذا إذا سئلو اعن الرافضة انطلقت ألسنتهم بالثناء عليهم‪ ،‬وإذا سئلوا على الجاهدين‬
‫تبأوا منهم وصوبوا سهام التجريح إليهم؟؟‬

‫وليت هم إذ تلفوا مع القاعد ين أم سكوا ل سانم عن الجاهد ين‪ ،‬فالذي أعل مه من تاري نا‬
‫ال سلمي أ نه عند ما د خل التتار إل بغداد على يد ا بن العلق مي تكلم الئ مة ال صادقون‬
‫كـ‪ :‬ابن تيمية وابن كثي والذهب بكل صراحة عن خيانة الروافض ف تسليم بغداد للتار‪،‬‬
‫ول ن سمع أن أحدا من علماء ال مة قام وأن كر على هؤلء الئ مة بأن ا بن العلق مي ر جل‬
‫واحد ول شأن للرافضة بذلك‪.‬‬

‫ول قال اتقوا ال ل تثيوها فتنة طائفية‪.‬‬

‫‪251‬‬
‫ل بعد جيل إنكارهم على هؤلء الروافض وكشف ضللم‬ ‫بل كل ما وصلنا عن أئمتنا جي ً‬
‫وخيانت هم؛ فهذا المام ا بن كث ي ف كتا به العظ يم (البدا ية والنها ية) ب عد تف كك الدولة‬
‫العباسية يفتتح تاريه بعظم السني بذكر الطوب بي أهل السنة والشيعة‪ ،‬وما حصل من‬
‫اقتتال ب ي الفريق ي‪ ،‬و ف عام ‪ 441‬ه ـ ذ كر فتنا يطول ذكر ها من إحراق لدور كثية‬
‫بي السنة والشيعة بسبب سب الصحابة وزوجات النب صلى ال عليه وسلم‪ ،‬ث ذكر ف‬
‫العام الذي يل يه أمرا عجيبا فقال‪( :‬وفي ها ا صطلح الروا فض وال سنة ببغداد وذهبوا كل هم‬
‫لزيارة مشهـد علي ومشهـد السـي‪ ،‬وترضوا فـ الكرخ على الصـحابة كلهـم أو ترحوا‬
‫عليهم‪ .‬وهذا عجيب جدا إل أن يكون من باب التقية) انتهى كلمه رحه ال‬

‫و صدقت فرا سة وحدس ا بن كث ي‪ ،‬ف في العام الذي يل يه وق عت حرب ب ي الروا فض‬


‫والسنة‪ ،‬وقتل من الفريقي اللق الكثي‪.‬‬

‫فوال إن الروافض الاقدين لشد علينا من أعدائنا الصليبيي‪ ،‬ولعل من استنفذ وسعه‬
‫ف الط عن في نا‪ ،‬وال ل علي نا أن يُل بس على ال سّذج من أبناء هذه ال مة دين هم بكون من‬
‫يوصف بأنم من أهل العلم يستنكر منا صنيعنا‪ ،‬ويرد علينا فعلنا‪ ،‬وما علم هؤلء أن هذه‬
‫الدعة –بفضل ال– ما عادت تنطلي على أول البصار وما عادت هذه اللقاب الباقة‬
‫تؤثر ف أولئك الشباب الخيار‪.‬‬

‫أو يعترض علي نا ب ن باعوا صفقة يد هم وثرة فؤاد هم من الرتد ين من حكام هذه ال مة‬
‫وداروا مع هم ف الفتوى كيف ما داروا‪ ،‬وأ صبغوا علي هم وعلى حكم هم ال صبغة الشرع ية‪،‬‬
‫ولبّسوا أمر الدين على الرعية؟؟‬

‫أو ليـس هؤلء مـن أفتوا بوجوب الهاد وأنـه فرض عيـ إبّان الغزو الشيوعـي‬
‫لفغانستان؛ وذلك لا كان هذا يوافق أهواء أسيادهم‪ ،‬حت إذا ما تغي الال واجتاح‬

‫‪252‬‬
‫عُبّاد الصـليب المريكان أرض أفغانسـتان أصـبح الهاد إرهابا وتمـة‪ ،‬والدفاع عـن‬
‫الدين والعرض تور وفتنة!!ّ!‬

‫هؤلء الذ ين ت ضي على أحد هم ال سنون الطوال يرى بلد ال سلمي تُغزى‪ ،‬والقد سات‬
‫تُد نس؛ ث هو ل يُكلف نف سه عناء ت غبي قدم يه ف سبيل ال دفاعا عن حرمات الد ين‬
‫وكأن سُنة العلماء ف عصرنا أن يكونوا ف مؤخرة الركب‪ ،‬مكتفي بالقوال والشعارات‬
‫ب شباب ال مة للذود عن حياض الد ين‪ ،‬والدفاع عن أعراض‬ ‫وال طب؛ ح ت إذا ما ه ّ‬
‫ال سلمي سلقوهم بأل سنة حداد‪ ،‬ونبذو هم بألقاب شداد‪ ،‬بأن م حُدثاء ال سنان‪ ،‬و سُفهاء‬
‫الحلم!!!‬

‫أو ما لم قدوة ف علماء أمتنا الذين كانوا يتسايقون إل أرض الهاد والرباط؟؟؟‬

‫كأمثال العال العا بد الجا هد عبدال بن البارك‪ ،‬و سفيان الثوري‪ ،‬وأح د بن حن بل‪ ،‬وأ ب‬
‫ا سحاق الفزاري ‪-‬الذي كان يو صف بأ نه مؤدب أ هل القبور ‪ -‬وا بن قدا مة القد سي‪،‬‬
‫وش يخ ال سلم ا بن تيم ية‪ ،‬وأح د بن ا سحاق ال سرماري الذي قال ع نه المام الا فظ‬
‫الدمشقي (كان مع فرط شجاعته من العلماء العابدين) والمام الافظ أب أحد االكرجي‬
‫وسي بالقصاب لكثرة ما قتل ف مغازيه‪.‬‬

‫أو ما لم أسوة ف علماء الغرب حينما قاموا غية على هذا الدين وحكموا بكفر العُبيديي‬
‫مـن جراء تبديلهـم لشرع رب العاليـ وحرضوا المـة على قتالمـ‪ ،‬وقادوا المـع على‬
‫جهادهم‪ ،‬ولكأن ينطبق عليهم وصف ابن العرب الالكي – رحه ال – حي قال‪:‬‬

‫ولقد نزل بنا العدو قصمه ال سنة ‪ 527‬هـ فجاس ديارنا‪ ،‬وأسر جيتنا‪ ،‬وتوسط بلدنا‬
‫ف عدد هال الناس عدده‪ ،‬وكان كثيا وإن ل يبلغ ما حددوه؛ فقلت للوال هذا عدو ال‬
‫و قد ح صل بالشرك والشب كة‪ ،‬فلت كن عند كم بر كة‪ ،‬ولتظ هر من كم إل ن صرة د ين ال‬
‫التعي نة علي كم حر كة‪ ،‬فليخرج إل يه ج يع الناس ح ت ل يب قى من هم أ حد ف ج يع هذه‬

‫‪253‬‬
‫القطار فيحاط بـه فإنـه هالك ل مالة إن يسـركم ال له‪ ،‬فغلبـت الذنوب‪ ،‬وارتفـت‬
‫القلوب بالعاصي‪ ،‬وصار كل احد من الناس ثعلبا يؤي إل داره وإن رأى الكروه باره‪.‬‬

‫فإنا ل وإنا إليه راجعون!‬

‫وحسبنا ال ونعم الوكيل!‬

‫أو يُــعترض علينا بن إذا سع حرمات ال تُـستباح‪ ،‬وأعراض السلمات تُـنتهك ل‬


‫ينطق له لسان ول يتحرك له جنان‪ ،‬وما أن يسمع بعزم الطالبان على هدم وثن من الوثان‬
‫يُـعبد من دون الواحد الديان حت يُسارع إل استخدام الراتب الثلث ف النكار ويزعم‬
‫أن هذا ليس من دين العزيز القهار!!!‬

‫أو يُ ـعترض علي نا بن بارك صنيع كلب الروم شياك حي أمر بنع حجاب ال سلمات‬
‫ف فرنسا؛ فقال هذا شأن داخلي ول شأن للسلم والسلمي ف ذلك!!!‬

‫أو يُـعترض علينا بن يقول إن الائن الرتد علوي ول أمر السلمي ف العراق ل يوز‬
‫الروج عليه!!!‬

‫أو يُـعترض علينا بن هبّـوا يوم هلك الصليب يوحنا بولس الثان فسارع بالثناء عليه‬
‫وذ كر مناق به‪ ،‬و ما رأينا هم ول سعنا أ صواتم يوم أن ا ستشهد العال الجا هد أ بو أ نس‬
‫الشامي!!! ولكنّ حزة ل بواكي له‪.‬‬

‫وأ ما أ هل العلم ال صادعون بال ق الاهرون بال صدق فهؤلء كم مت أفواه هم‪ ،‬وأُ سكتت‬
‫أقلم هم‪ ،‬وباتوا ف البلد مطارد ين‪ ،‬و عن أهل هم مشرد ين‪ ،‬وأض حى جُل هم ف سجون‬
‫الطواغيت قابعون!!!‬

‫فرحاك رب رحاك!‬

‫‪254‬‬
‫فرحاك رب رحاك!‬

‫أين أهل العلم الجاهدون!! بت ل أراهم إل ف كتاب‪ ،‬أو تت تراب!!‬

‫ث إننا نقول إن القاعدة الستقرة عند أهل العلم‪:‬‬

‫إعرف الق تعرف رجاله‪ ،‬ول يُـعرف الق بالرجال‪.‬‬

‫فعند ما د خل التتار أرض بغداد‪ ،‬وقتلوا من قتلوا من ال سلمي‪ ،‬ل ن سمع أ نه و قف ف‬


‫وجه هم إل ا بن تيم ية رح ه ال‪ ،‬مع وجود العلماء والدعاة وأ صحاب الك مة الزعو مة‬
‫وفقه الواقع الذين وقفوا ف وجه ابن تيمية‪.‬‬

‫وفتنة خلق القرآن ل يقف ف وجه أصحابا إل المام أحد بن حنبل‪ ،‬مع وجود جهابذة‬
‫العلماء كابن معي وعلي بن الدين وغيها فهل كان أحد بن حنبل صاحب فتنة!!!‬

‫وإن رغمت أنوف من أُناس *** فقل يا رب ل تُـرغم سواها‬

‫واعلمـي يـا أمتـ؛ أنـه لول ال ثـ وقوف هذه الفئة الجاهدة سـدا منيعا بوجـه هؤلء‬
‫الصليبيي وأعوانم الروافض الاقدين لا رأيت حال أهل السنة ف العراق كما ترينه اليوم‪.‬‬

‫فن حن نعت قد؛ أن نا طلي عة ال مة‪ ،‬و خط دفاع ها الول‪ ،‬ورأس حربت ها أمام هذا الز حف‬
‫ال صليب؛ فالع مل على و قف هذا الز حف ليوش التتار العا صرين على أبواب بغداد هو‬
‫خي للمة جعاء ولو تلل ذلك حصول بعض الفاسد الصغرى‪.‬‬

‫فوال إن خبت جذوة الهاد فسترى المة بأسرها ما سيحل با من ويلت ونكبات‪.‬‬

‫كُتب القتل والقتّال علينا *** وعلى الغانيات جر الذيول‬

‫‪255‬‬
‫اللهم منل الكتاب‪ ،‬سريع الساب‪ ،‬مري السحاب‪ ،‬اهزم الحزاب وانصرنا عليهم‪،‬‬

‫اللهم اهزمهم وزلزلم‪،‬‬


‫اللهم اهزمهم وزلزلم‪،‬‬
‫اللهم اهزمهم وزلزلم‪.‬‬

‫{وَاللّ ُه غَاِلبٌ عَلَى َأمْ ِر ِه وَلَكِنّ أَ ْكثَ َر النّاسِ لَا يَعَْلمُونَ} [يوسف‪]21:‬‬

‫والمد ل رب العالي‪.‬‬

‫صعَبٍ الزّ ْرقَاوِي‬


‫َأبُ ْو مُ ْ‬
‫َأمِيْ ُر تَنْظِي ِم القَا ِع َدةِ ِف ْي بِلدِ الرّافِ َديْن‬
‫ق – بِلدُ الرّافِ َديْن‬
‫ال ِعرَا ُ‬

‫‪256‬‬
‫الطاب الرابع و العشرون‬

‫ي ِه‬
‫رِسَالَةٌ مِن جُندِيّ إِل أَ ِم ِ‬
‫‪ 22‬ربيع الثان ‪ 1426‬هـ‬
‫‪ 30‬مايو‪/‬أيار ‪ 2005‬م‬

‫بِصَوْتِ الشَيخ‬
‫ب الزّرْقَاوِي ( َرحِ َمهُ ال)‬
‫أَِبيْ مُصْع ٍ‬

‫المدُ لِ مع ّز ال سلمِ بن صره‪ ،‬ومُذلّ الشر كِ بقهره‪ ،‬وم صرّف المور بأمره‪ ،‬وم ستدر ِ‬
‫ج‬
‫الكافريـن بكره‪ ،‬الذي قدّر اليام دولً بعدله‪ ،‬وجعـل العاقبةَ للمتقي َ بفضلِه‪ ،‬والصـلةُ‬
‫والسلم على من أعلى الُ منا َر السلمِ بسيفِه‪.‬‬

‫من جنديٍ واقفٍ على خط النار؛ من أب مصعب الزرقاوي‪،‬‬

‫إل أميه الفضال؛ أ ب ع بد ال أ سامة أ بن لدن‪ ،‬أق ّر ال عين يه بِنعَمِه وأَ سبَغَ عل يه جَزيلَ‬
‫كرمِه‪.‬‬

‫السلم عليكم ورحة ال وبركاته‪ ،‬أمّا بعد؛‬

‫فإن أحد إليكم ال الذي ل إله إل هو‪.‬‬

‫‪257‬‬
‫ق منك نوي *** ففي قلب من الشواق نار‬
‫لن عظم أشتيا ٌ‬
‫لـــعل ال يمــع بـعد بي *** لنا شلٌ ويقترب الزار‬

‫ويعلم ال يا شيخنا أننا لسنا متارين للبعد عنكم ولو حلتنا الطيور لسرنا إليكم‪ ،‬فنسأل‬
‫ال سبحانه وتعال أن يعيد إلينا أنس الجتماع معكم وأن يذيقنا حلوة اللقاء بكم‪.‬‬

‫أمينا الغال؛‬

‫نن على يقي أنكم تتطلعون بلهفة وشغف لعرفة أخبارنا‪ ،‬والطمئنان على أحوالنا‪ ،‬جريا‬
‫منكم على سنة أئمتنا وقادتنا من السلف الصال؛ فقد كان عمر رضي ال عنه إذا أرسل‬
‫بعثا يذهـب كـل يوم إل أطراف الدينـة يسـتطلع أخبار اليـش‪ ،‬ينظـر خـبهم كصـيحة‬
‫البلى‪ ،‬فنؤ كد ل كم أن نا على درب الهاد سائرون وعلى الع هد ماضون‪ ،‬ن سترخص ف‬
‫ذلك الغال والنفيس حت يظهر ال دينه ويعلي كلمته أو نلك دونه‪.‬‬

‫ولقد عزمنا أمرنا‪ ،‬وحسمنا خيارنا‪ ،‬ورفعنا راية الهاد‪ ،‬وسللنا سيوفنا الداد‪ ،‬وأعلينا لواء‬
‫الكفاح‪ ،‬وإتذنا السنة‪ ،‬ورماح مركب نبحر فيه إل العز والتمكي‪ ،‬إيانا منا بأن صهيل‬
‫اليول وصليل السيوف هو مفتاح النصر وسبيل الظفر‪.‬‬

‫أظنه قد تناهى إل إساعكم الب الذي تتناقله وسائل العلم وحارت به العقول والفهام‪،‬‬
‫والذي مفاده أنن قد أصبت براح بليغة عولت على إثرها ف مستشفى الرمادي؛ فأحب‬
‫أن أطمئنك وأطمئن السلمي ف مشارق الرض ومغاربا بأن هذا كله مض إشاعات‪ ،‬ل‬
‫أساس لا من الصحة‪ ،‬وإنا هي جراح خفيفة كما ذكر الخوة ف القسم العلمي‪ ،‬وإن‬
‫الن بمد ل أتقلب بنعم ال الوافرة‪ ،‬بي أخوت وأهلي ف أرض الرافدين‪ ،‬وأباشر معهم‬
‫مقارعة الصليبي ومنازلة أعداء اللة والدين‪.‬‬

‫أمينا البيب؛‬

‫‪258‬‬
‫يطـ لك الياع هذه الكلمات‪ ،‬وجنودك يسـطرون بفضـل ال أروع الصـور فـ الفداء‬
‫والتضحيات‪ ،‬والذود عن حياض هذا الدين‪ ،‬والذب عن أعراض السلمي ف مدينة القائم‪،‬‬
‫أقام ال فيها شريعته‪.‬‬

‫القائم وما أدراك ما القائم‪ ،‬أرض النال وساحة الرجال‪ ،‬فقد تاوت فيها أسطورة الارين‪،‬‬
‫وسقط قناع الزيف‪ ،‬وأثبت فرسان السلم وشباب ممد صلى ال عليه وسلم أنم بواسل‬
‫ف اليدان‪ ،‬أسود عند اللقاء‪ ،‬من مهاجرين وأنصار‪ ،‬فها هي أهدافهم الصليبية قد تلشت‬
‫على أسوار القائم‪ ،‬فبعد عشرة أيام من العارك الشرسة والتواصلة مكن ال لبناءك من رد‬
‫عادية الصليبيي على أسوار الدينة‪ ،‬وتقهقرت جحافلهم خاسئة حسية‪ ،‬تلعق جراحها‪،‬‬
‫ولقد كانت هذه العركة من العارك العظيمة ف تاريخ السلم والسلمي‪.‬‬

‫فإن ال أوقع الزية بم‪ ،‬وجعل الدبرة عليهم‪ ،‬بعد أن صرح كبي حلتهم النرال السمى‬
‫بشارب ال مر متبجحا متحديا ال سبحانه وتعال بأن نا سنهزمهم ولو كان م مد و رب‬
‫ممد معهم‪ ،‬وانه سوف يشرب المر على إثر انتصارهم‪ ،‬حت يسمع بم العال فل يزال‬
‫ـ مقولة عدو ال أبـ ج هل يوم بدر حيـ قال‬
‫يهابمـ‪ ،‬وأن مقولتـه هذه لتعيـد إل ذاكرتن ا‬
‫(وال ل نرجع عن قتال ممد حت نرد بدرا ونشرب فيها المور وتعزف علينا القيان حت‬
‫ت سمع العرب بخرج نا فتهاب نا آ خر ال بد)؛ فورد بدر هو وجنوده فكان في ها هلك هم‬
‫بفضل ال سبحانه وتعال‪.‬‬

‫وال يعلم يا شيخ نا بأن نا أ ستبشرنا بقولة هذا النرال اللع ي‪ ،‬وتيق نا بأن ال من جز وعده‬
‫لنا‪ ،‬وناصرنا عليهم‪ ،‬سنته ال ف كل من سولت له نفسه الطعن ف هذا الدين والتجرؤ‬
‫على رب العالي‪.‬‬

‫قال شيخ السلم أبن تيمية رحه ال تعال ف الصارم السلول‪( :‬ونظي هذا ما حدثنا به‬
‫أعداد من السلمي العدول أهل الفقه والبة عما جربوا مرات متعددة ف حصر الصون‬
‫والدائن الت ف السواحل الشامية لا حصر السلمون فيها بن الصفر ف زماننا قالوا كنا‬

‫‪259‬‬
‫نسر الصن أو الدينة الشهر أو أكثر من الشهر وهو متنع علينا‪ ،‬حت نكاد نيأس منه‪،‬‬
‫حت إذا تعرض أهله لسب الرسول صلى ال عليه وسلم والوقيعة ف عرضه تعجلنا فتحه‪،‬‬
‫ول يكـد يتأخـر إل يوما أو يوميـ‪ ،‬أو نوـ ذلك‪ ،‬كمـا يفتـح الكان عنوة ويكون فيهـم‬
‫ملح مة عظي مة قالوا ح ت أن ك نا لنتبا شر بتعج يل الف تح إذا سعناهم يقعون ف يه مع إمتل‬
‫القلوب غيظا عليهم با قالوا فيه) أهـ‪.‬‬

‫و قد و فق ال سبحانه وتعال أ حد أبناءك لق تل هذا النرال‪ ،‬فأ صاب مروحي ته ال ت كان‬


‫يستقلها ويتمي ضربات الجاهدين با‪ ،‬لتهوي به فتحرقه بنار الدنيا قبل نار الخرة‪ ،‬فال‬
‫المد والنة‪.‬‬

‫فقـد أكرمنـا ال سـبحانه وتعال فقطفنـا رؤوسـهم‪ ،‬ومزقنـا أجسـادهم‪ ،‬وأرقنـا دمائهـم‪،‬‬
‫ولــيخرجن بإذن ال مـن بلد السـلمي أذلة صـاغرين‪ ،‬يلعقون جراحهـم ويرون أذيال‬
‫هزيتهم وخيبتهم‪.‬‬

‫وقد صدق صاحب كتاب الرب الهلية الثانية؛ وهو من قدماء الحاربي المريكيي ف‬
‫فيتنام حيـ قال‪( :‬أن أمريكـا ولدت فـ الدماء ورضعـت الدماء وأثخنـت الدماء‬
‫وتعملقت على الدماء ولسوف تغرق ف الدماء)‪.‬‬

‫و لن كان يا شيخنا قد س ّر كلب بن الصفر بوش أسر أخينا أبو فرج الليب‪ ،‬فلقد ساءه‬
‫ما حل بنوده ف القائم وباقي أرض الرافدين‪.‬‬

‫أمينا البيب؛‬

‫أن العدو بتوفيق ال يسي كما رسم له‪ ،‬وإننا بفضل ال نوشك أن نكم الناق عليه‪ ،‬وإن‬
‫سارت الطة بأ مر ال كما أعد ل ا فأن نتائج ها ستظهر لكل ذي عين ي با يسر كل‬
‫مسلم ويسوء كل كافر ومنافق‪ ،‬وإن لحسب أن الطة الرسومة قد وصلتكم أو ف‬
‫طريقها إليكم‪.‬‬

‫‪260‬‬
‫فالعدو اليوم يعيش أسوأ أيامه ف أرض الرافدين‪ ،‬ولول ما قدمه ويقدمه الروافض أحفاد‬
‫أبن العلقمي وعلى رأسهم إمام الكفر والزندقة السيستان لكان حال بن الصفر غي‬
‫ما ترى ال مة اليوم‪ ،‬وهذا ما ن به عل يه توماس فريدمان‪ ،‬الكا تب المري كي ف جريدة‬
‫نيورك تايز‪ ،‬حيث قال‪:‬‬

‫(يكن القول أن السيستان وف أوجه عدة لعب لصال الرئيس بوش نفس الدور الذي‬
‫لعبه مانديل وغرباتشوف لصال بوش الب حينما كان رئيسا إذ بفضل أفكار وقيادة‬
‫منديل تققت لكم السلطة إل الغلبية السوداء ف جنوب إفريقيا بطريقة سلمية وهذا‬
‫ما ساعد أدارة الب وحلفاءها على تقيق العملية بشكل هادى‪.‬‬

‫كذلك كان أصرار غرباتشوف على تفكيك التاد السوفيت وخصوصا ألانيا الشرقية‬
‫بطريقـة غيـ عنيفـة وهذا ماـ سـهل هبوط التاد السـوفيت هبوطا ناعما فوق سـطح‬
‫الرض ومثل ما هو الال ف العلقات الدول ية أو الريا ضة فإ نه من الف ضل أن تكون‬
‫مظوظا على أن تكون جيدا‪،‬وأن تكون مظوظا أن يكون إل جانبــك مثــل مانديل‬
‫وغرباتشوف والسيستان بصفتهم شركاء للوصول إل إتفاق تاريي عند مفترق تاريي‬
‫فاصل)‪.‬‬

‫يضيـف فريدمان قائلً‪( :‬إن الشيـء الذي قام بـه السـيستان والكثـر أهيـة هـو منحـه‬
‫ل شرعيا (وبرا غماتيا) لل سلم و ستكون عمل ية الدمقر طة العال‬
‫ال سياسة العرب ية تأوي ً‬
‫العرب طويلة وتر فوق مطبات كثية ولكن فرص النجاح تتحسن بشكل هائل حينما‬
‫يكون لدينا شركاء من داخل النطقة يتمتعون بالشرعية ولديهم حس تقدمى وهذا ما‬
‫يتوفر ف السيستان ل قد ظل ال ظ رفيق نا بببقاء آية ال الذي يبلغ من الع مر ‪ 75‬سنة‬
‫حيا والذي يقيم ف منله الصغي بزقاق ضيق ف النجف كيف يكن لرجل بذا الس‬
‫وبذه الك مة أن يظ هر من و سط حطام العراق الذي سببه صدام وأ نا ل أعرف ذلك‬

‫‪261‬‬
‫أبدا ولكن كل ما أستطيع قوله هو أنن آمل أن يعيش حت سن الائة والعشرين عاما (‬
‫‪120‬عام) وآمل أن يصل هذا الرجل على جائزة نوبل) أهـ‬

‫ولقد راع هؤلء العبيد الونة من الرافضة والبشمركة ما رأوا من حال سيدهم ومعبودهم‬
‫وكونه أضحى مهانا حسيا كسيا فعزموا عزمة العبيد لستنقاذه و أخراجه من الستنقع‬
‫الذي غرق فيـه وليـس أدل على ذلك مـن قول رئيـس الركان المريكـي رتشارد مايرز‪:‬‬
‫(إن الرب على العراق قد بددت القوة العسكرية المريكية وأن أي حرب جديدة سوف‬
‫تستغرق وقتا أطول وتتاج إل مواد أضافية )‪.‬‬

‫ولقد صرح أحد ضباط اليش المريكي ف النطقة الضراء لحد الراسلي قائلً‪( :‬لقد‬
‫كسر أولئك الصعاليك هيبة ال يش المري كي الذي ما ترأ جيش من جيوش العال على‬
‫ك سرها‪..‬أح د الرب أن نا بالموال الطائلة ن ند الشباب غ ي المريكي ي للقتال ف العراق‬
‫وهو سر إستمرارنا ف العراق ولكن ما أخشاه أن يأت يوما علينا ل ند من ننده بالليي‬
‫من الدولرات )‪.‬‬

‫ث يرج علي نا عدو ال ال صهيو‪-‬أمري كي جلل طالبا ن يز عم أن الهاد ف العراق أ صبح‬


‫معزولً وضعيفا‪ ،‬هذا الدعـي صـاحب القولة الشهورة‪( :‬لقـد جاءنـا ممـد بالقرآن على‬
‫المال‪ ،‬واليوم ل يوجـد عندنـا جال فسـنرجع هذه الصـاحف إل مكـة على الدواب‬
‫والمي)‪.‬‬

‫وإن لتدى هذا الفاك الثيم أن كان رجلً أن يرج من جحره بولة تفقدية ف أحياء‬
‫بغداد أو الوصل أو النبار حت يعلم القاصي والدان من هو الضعيف العزول‪ ،‬ولكنه وال‬
‫زمان الرويبضة زمان التافه الذي يتكلم بأمر العامة‪.‬‬

‫يسوسون المور بغي عقل *** فينفذ أمرهم ويقال ساسه‬

‫أمينا الكري‪ ،‬فداك أب وأمي؛‬

‫‪262‬‬
‫ل أجد خيا من هذا الديث أختم به هذه الرسالة صح؛ عند مسلم‪ :‬أن عتبة بن غزوان‬
‫رضي ال عنه خطب ف الناس فحمد ال وأثنا عليه‪ ،‬ث قال‪:‬‬

‫(أ ما ب عد‪ ..‬فإن الدن يا قد أذ نت ب صرم وولت حذاء ول يب قى من ها إل صبابة ك صبابة‬


‫الناء يتصـابا صـاحبها‪ ..‬وإنكـم منتقلون منهـا إل دار ل زوال لاـ فإنتقلوا بيـ مـا‬
‫بضرتكم فإنه قد ذكر لنا إن الجر يلقى من شفه جهنم فيهوى فيها سبعي عاما ل‬
‫يدرك ل ا عقرا وال لتملن أفعجب تم‪ ..‬ول قد ذ كر ل نا أن ماب ي م صراعي من م صاريع‬
‫النة مسية أربعي سنة ول يأتينا عليها يوم وهو كظيظ من الزحام ولقد رأيتن سابع‬
‫سبعة مع ر سول ال صلى ال عل يه و سلم مال نا طعام إل ورق الش جر ح ت قر حت‬
‫أشداقنا فالتقطت بردةً فشققتها بين وبي سعد بن مالك فأتزرت بنصفها وأتزر سعد‬
‫بنصفها فما أصبح منا اليوم أحد إل أصبح أمياعلى مصر من المصار وأن أعوذ بال‬
‫أن أكون ف نفسي عظيما وعند ال صغيا)‪.‬‬

‫وأننا على يقي بأن ال كما هيأ للمة ف منتها بعد موت النب صلى ال عليه وسلم يوم‬
‫أن إرتدت المـة بأسـرها ول يبقـى إل مكـة والدينـة حتـ إسـتوحش السـلمون وهاب‬
‫الصالون ونم قرن الكافرين والنافقي وبدأت باللمعان سيوفهم‪ ،‬فهيأ ال لا البل الشم‬
‫الصديق رضوان ال عليه‪ ،‬فجيش اليوش لحاربة الرتدين‪ ،‬وأنفذ بعث أسامة لحاربة بن‬
‫الصـفر أعداء اللة والديـن‪ ،‬ذلك البعـث الذي خرج فـ أحلك الظروف وأصـعبها فكان‬
‫أعظم اليوش بركة‪ ،‬وأينها نقيبة‪ ،‬فإن الذي بعث ذلك اليش ف ذلك الظرف العصيب‬
‫قادر على أن ينفذ هذا البعث‪.‬‬

‫اللهم أنفذ بعث أسامة‪..‬‬

‫نسأل ال تعال أن يفظك ويد ف عمرك ويعلك شوكة ف حلوق أعداءه وأن يتم لك‬
‫بالشهادة ونن بإنتظار توجيهاتكم وأوامركم‪..‬‬

‫‪263‬‬
‫وأسلم لخيك الصغي‪،‬‬

‫{وَاللّ ُه غَاِلبٌ عَلَى َأمْ ِر ِه وَلَكِنّ أَ ْكثَ َر النّاسِ لَا يَعَْلمُونَ} [يوسف‪]21:‬‬

‫و المد ل رب العالي‪.‬‬

‫صعَبٍ الزّ ْرقَاوِي‬


‫َأبُ ْو مُ ْ‬
‫َأمِيْ ُر تَنْظِي ِم القَا ِع َدةِ ِف ْي بِلدِ الرّافِ َديْن‬
‫ق – بِلدُ الرّافِ َديْن‬
‫ال ِعرَا ُ‬

‫‪264‬‬
‫الطاب الامس و العشرون‬

‫بَيَانٌ؛‬
‫َأبُو مُص َعبٍ الزّرقَاوِيّ يَُبشّرُ بِاستِشهَادِ‬
‫خ عَبدِ الِ الرّشُود رَ ِحمَهُ الُ‬
‫الشّي ِ‬
‫‪ 16‬جادى الول ‪ 1426‬هـ‬
‫‪ 23‬يونيو‪/‬حزيران ‪ 2005‬م‬

‫ِبقَلَمِ الشَيخ‬
‫ب الزّرْقَاوِي ( َرحِ َمهُ ال)‬
‫أَِبيْ مُصْع ٍ‬

‫بسم ال الرحن الرحيم‪،‬‬

‫س وَِليَعَْل مَ اللّ ُه‬


‫ك اليّا مُ نُدَاوُِلهَا َبيْ نَ النّا ِ‬
‫س الْ َقوْ مَ َقرْ حٌ مّثْلُ ُه َوتِلْ َ‬
‫سكُمْ قَ ْر حٌ َفقَ ْد مَ ّ‬
‫{إِن يَمْ سَ ْ‬
‫الّذِي نَ آمَنُواْ َوَيتّخِ َذ مِنكُ ْم ُشهَدَاء وَاللّ هُ َل يُحِبّ الظّالِمِيَ * وَِليُمَحّ صَ اللّ ُه الّذِي نَ آ َمنُواْ‬
‫َويَمْحَ َق اْلكَافِرِينَ} [آل عمران‪.]141-140:‬‬

‫ال مد ل رب العال ي‪ ،‬والعاق بة للمتق ي ول عدوان إل على الظال ي‪ ،‬وال صلة وال سلم‬
‫على إمام الجاهدين نبينا ممد وعلى آله وصحبه أجعي‪.‬‬

‫‪265‬‬
‫أمّا بعد؛‬

‫فلتهنئي أمة السلم باستشهاد علم من أعلم الي والهاد والعلم‪.‬‬

‫ن عم العالِم العام ِل؛ شيخ نا ع بد ال الرشود تقبله ال ف الشهداء‪ ،‬ها جر وجهاد بل سانه‬
‫وسنانه وقاتل وقتل ونصر الق وأهله‪.‬‬

‫فلله در هؤلء الركب؛ ركب دين وورع وعلم وعمل‪.‬‬

‫خرج من جزيرة العرب فارا من طواغيتها‪ ،‬إل ساحات الهاد والوغى ف بلد الرافدين‪،‬‬
‫حيث كتبت منيته على تلك الرض‪ ،‬فقد دخل العراق مهاجرا قبل شهر ونصف‪ ،‬قاطعا‬
‫الفيا ف والقفار‪ ،‬متجاوزا حدود الطواغ يت إل مدي نة القائم‪ ،‬ح يث كا نت ر حى الرب‬
‫دائرة وصولت الق ثائرة‪.‬‬

‫لبـ نداء ربـه وسـارع لنان خلده وسـابق لنصـرة دينـه‪ ،‬حيـث شارك فـ مل حم القائم‬
‫‪-‬أقامها ال بالعز والظفر‪.-‬‬

‫ولاـ حاول الصـليبيون أن يقوموا بإنزال على النطقـة؛ انـبى الجاهدون‪ ،‬وأقسـموا أن ل‬
‫يعطوا الدنية ف دينهم‪ ،‬فاشتاق الخوان للقاء الرحن ونيل الرضوان والور السان‪ ،‬وما‬
‫ت كن أعداء ال تعال من كتي بة ال ي‪ ،‬ال ت كان في ها الش يخ ع بد ال الرشود رح ه ال‬
‫تعال‪.‬‬

‫وأي شجاعة وأي إقدام هذا الذي كان من شيخنا الرشود وثلة من إخوانه من مهاجرين‬
‫وأنصـار‪ ،‬فقتلوا مـن الصـليبيي مـا قتلوا‪ ،‬حتـ انسـحب أعداء ال وهربوا‪ ،‬فلمـا عجـز‬
‫ال صليبيون من دخول النط قة ما ا ستطاعوا إل أن يق صفوا موا ضع الجاهد ين بالطائرات‬
‫القاتلة‪ ،‬ونال شيخنا ما تن‪ ،‬فالسعيد من نال مناه‪ ،‬وآثر أخراه على أوله‪.‬‬

‫‪266‬‬
‫ويا من سألت عن طيب الشهيد وفرحه؛ فقد فاحت روائح السك من دمه‪ ،‬فرحه ال‬
‫تعال ورزقه جنته ونعيمه‪.‬‬

‫أنعم بالعالِم العامِل التواضع‪.‬‬

‫ول ع جب فهذا دأب العلماء الرباني ي‪ ،‬وهذا هو دورهم لن م القدوة للمة‪ ،‬فن عم القادة‬
‫من تقدم الركب وحاز العل‪.‬‬

‫فقوافل الشهداء قاد ركبها الشيخ أبو أنس من قبل‪ ،‬والن شيخنا الرشود‪ ،‬فتقبلهما ال‬
‫ف الشهداء وجزاها خي الزاء‪.‬‬

‫فأين الشمرون للجنة‪ ،‬وأين الراجون رحة ربم‪ ،‬وأين أنصار دين ال تعال‪.‬‬

‫فتشبهوا إن ل تكونوا مثلهم *** إن التشبه بالكرام فلح‬

‫ما أ فل نم نا بل أضاء نوره‪ ،‬فكان نارا على أعداء ال تعال‪ ،‬و هو نور يض يء للمؤمن ي‬
‫سبيلهم‪.‬‬

‫اللهم تقبل شهدائنا‪...‬‬


‫اللهم تقبل شهدائنا‪...‬‬
‫اللهم نصرك الذي وعدت‪.‬‬

‫وال أكب‪ ...‬ال أكب‪ ...‬ول العزة ولرسوله وللمجاهدين‪.‬‬

‫صعَبٍ الزّ ْرقَاوِي‬


‫َأبُ ْو مُ ْ‬
‫َأمِيْ ُر تَنْظِي ِم القَا ِع َدةِ ِف ْي بِلدِ الرّافِ َديْن‬
‫ق – بِلدُ الرّافِ َديْن‬
‫ال ِعرَا ُ‬

‫‪267‬‬
‫الطاب السادس و العشرون‬

‫َدعُوا عَطِيّةَ اللّ ِه فَهُوَ أَعلمُ ِبمَا يَقُو ُل‬


‫‪ 28‬جادى الول ‪ 1426‬هـ‬
‫‪ 5‬يوليو‪/‬توز ‪ 2005‬م‬

‫ِبقَلَمِ الشَيخ‬
‫ب الزّرْقَاوِي ( َرحِ َمهُ ال)‬
‫أَِبيْ مُصْع ٍ‬

‫المدُ لِ مع ّز ال سلمِ بن صره‪ ،‬ومُذلّ الشر كِ بقهره‪ ،‬وم صرّف المور بأمره‪ ،‬وم ستدر ِ‬
‫ج‬
‫الكافريـن بكره‪ ،‬الذي قدّر اليام دولً بعدله‪ ،‬وجعـل العاقبةَ للمتقي َ بفضلِه‪ ،‬والصـلةُ‬
‫والسلم على من أعلى الُ منا َر السلمِ بسيفِه‪.‬‬

‫أمّا بعد؛‬

‫فبي ال َفيْنَة والخرى‪ ،‬يقو مُ إخوان ف الق سم العل مي‪ ،‬بتزويدي ببعض أخبار ال سلمي‬
‫التناقلة ف و سائل العلم الختل فة؛ الرئ ية من ها وال سموعة‪ ،‬وبالخ صّ أخبار النتديات‪،‬‬
‫وساحات الوار السلمي‪ ،‬الت غالبًا ما تنقل أخبار السلمي عامّة‪ ،‬والجاهدين خاصة‪.‬‬

‫وكثيًا ما كانت تنقطع عن هذه الخبار بسبب الظروف المنية الت أعيش‪ ،‬والت تعلن‬
‫غالبًا ف َتنَقّل مستمر؛ ما يرمن الطلعَ على كثي من أحوال الخوة السلمي‪.‬‬

‫‪268‬‬
‫وبعد انقطاع ليس بالقصي؛ يَ سّرَ ال ل ف الونة الخية‪ ،‬أن أتابع بعض الخبار والردود‬
‫ف ب عض النتديات؛ سواء ما يتعلق بأرض الرافد ين عامّ ة‪ ،‬أو ما يتعلق بالخوة ف تنظ يم‬
‫القاعدة خاصة‪.‬‬

‫وما وقعت عليه عينا يَ‪ :‬مقالٌ للخ الكبي الشيخ عطيّة ال‪ ،‬ف منتدى الدث على شبكة‬
‫الخلص السلمية‪( ،‬جزى ال القائمي عليها خيَ الزاء)‪ ،‬وكان القا ُل يتضمن ردّا من‬
‫الشيخ عطيّة ال‪ ،‬على بيانٍ سابق لتنظيم القاعدة ف بلد الرافدين‪ ،‬بشأن انسحاب القوات‬
‫اليطالية من العراق‪ ،‬على لسان رئيس وزرائها بيلسكون‪.‬‬

‫ض الوَقَفات مع هذا القال‪:‬‬


‫فكان ل بع ُ‬

‫‪ .1‬ما ي سُن بيانه ابتداءً أن يعرف الخوة _وهذا ليس من باب التواضع ‪-‬عَلِ مَ ال ‪ -‬بل‬
‫هو حقيقة وواقع؛ بأن الخ عطيّة ال هو أخ كبي لخيكم الصغي‪ ،‬وأنه أيضًا هو الشيخ‬
‫ل أنـا‪ ،‬فمـا أنـا إل رجـل مـن رجالت السـلمي‪ ،‬وجندي مـن جنود هذا الديـن‪ ،‬زللي‬
‫َسـكَن بالسـلم حتـ ألقاه‪ ،‬وأن يتـم ل‬
‫وخَ َطلِي أكثـر مـن صـواب‪ ،‬نسـأل ال أن يُم ّ‬
‫بالسن‪.‬‬

‫فشتّان ب ي من ق ضى شطرًا من عمره ف الل هو والعا صي‪ ،‬وب ي من نب تت لي ته‪ ،‬واش تد‬
‫عوده ف أرض الهاد‪.‬‬

‫‪ .2‬ما قلته سابقًا متعلق با سأقوله لحقًا؛ وهو أن يعلم الخوة بأن الخ الكبي عطية ال‬
‫م ن كا نت له تارب سابقة ف عِدّة ساحات جهاد ية‪ ،‬م ا أَكْ سَب الرجلَ ‪-‬ن سبه وال‬
‫حسـيبه‪ ،‬و ل نزكـي على ال أحدًا‪ -‬خـبةً ثريّةـ‪ ،‬وتربـة ناضجـة‪ ،‬وبُعْ َد نَ َظرٍ فـ مآلت‬
‫ي ما يعتقد ف النوازل الت تواجه الهاد والجاهدين‪.‬‬ ‫المور‪ ،‬تؤهله بأن يُدِْليَ بدَْلوِه‪ ،‬ويبد َ‬

‫ْبـ‬ ‫‪ .3‬ذكـر الخ الكـبي عطيّةـ ال‪( :‬بأن الخوة فـ العراق عندهـم ٌ‬
‫نوعـ مـن العُج ِ‬
‫والفخر‪)...‬‬

‫‪269‬‬
‫ما أريد بيانه بأن الّلبْ سَ الاصل ف هذا المر عند الخ عطية ال؛ إنا هو ناتج من طريقة‬
‫الخوة ف القسم العلمي ف صياغة البيانات‪.‬‬

‫ف قد يش عر الخ القارئ بأن في ها نوعًا من التهو يل‪ ،‬وَنفَ سًا من التضخ يم‪ ،‬فأحيانًا يذ كر‬
‫الخوة ف بياناتم بعضَ اللفاظ مثل‪ :‬وُقتِ َل منهم مقتلة عظيمة‪ ..‬أو أحالم أثرًا بعد عي‪..‬‬
‫وأن المريكان نغزوهم ول يغزوننا‪ ..‬وغي ذلك من اللفاظ والمل الحتملة‪.‬‬

‫نعـم؛ الصـل فـ البيانات ‪-‬وخاصـة التعلقـة بالعمليات التـ يقوم باـ الخوة‪ -‬أن تكون‬
‫دقيقة‪ ،‬وغيَ مُبالغ فيها‪ ،‬ولكن مع تعذّر إحصاء خسارات العدو وقتله‪ ،‬يكون هناك نوع‬
‫مـن الطلقات والتعميمات فـ هذه البيانات؛ وإل ‪-‬وال يشهـد‪ -‬بأن النتائج القيقيـة‬
‫لسائر العدو ف أرض العركة أكب بكثي ما يتصوره السلمون‪.‬‬

‫فإن ‪-‬ول المد والنة‪ -‬أباشر معظ مَ المور مع إخوان‪ ،‬ومطلع على أغلب العمليات‬
‫الت يقوم با الخوة‪ ،‬ويرى الشاهد ما ل يرى الغائب‪.‬‬

‫ولو أ ن أق سمت بال ثلثًا‪ :‬بأن عُبّاد ال صليب قد أثخنت هم الراحات‪ ،‬وأن خ سائرهم‬
‫باللف ل الئات؛ لرجوت أن ل أكون حانثًا ف يين‪.‬‬

‫بل دعن أُ َجلّي لك الصورة أكثر من ذلك؛ إنه لول امتلك المريكان لسلح الطيان لكنا‬
‫ضلً عن أن يسيطروا عليها‪ ،‬فلو‬ ‫اليوم ف بغداد‪ ،‬ولا استطاعوا أن يدخلوا مدينة واحدة؛ َف ْ‬
‫وصفت لك حالة الندي المريكي‪ ،‬ومدى ُجْبنِه و َخ َورِه وهََلعِه؛ لقلتَ‪ :‬بأن أخي الصغي‬
‫يبالغ ف وصفه‪ ،‬وأنه تاوز العدل ف توصيفه‪.‬‬

‫‪ .4‬أ خذ الخ ال كبي عطيّ ة ال على الخوة التعا طي مع ب عض النوازل والوا قف بطري قة‬
‫جامدة‪ ،‬وأنه ل بد أن يكون هناك نوع من الرونة السياسية (طبعًا يقصد الخ الرونة الت‬

‫‪270‬‬
‫ل تالف الشرع)‪ ،‬وذكـر مثالً على هذا المود‪ ،‬وهـو رد الخوة على قرار الكومـة‬
‫اليطالية بسحب قواتا‪.‬‬

‫أقول له‪ :‬نعم‪ ،‬هذا حقّ‪ ،‬فالرونة السياسية؛ أو لَنقُل‪ :‬موازين السياسة الشرعية ف التعامل‬
‫مع النوازل الهاد ية أو غي ها‪ ،‬ل يس من الك مة أن تكو نَ على وَتية واحدة‪ ،‬كالغل ظة‬
‫والشدة دائمًا‪ ،‬أو اللي والرفق دائمًا‪ ،‬ولكن توضع المور ف موازينها‪ ،‬ونصابا الصحيح‪،‬‬
‫ضيّ ق‬
‫فل حرج أن نو سّع ف ش يء وَ سّعَ الشارع ف يه‪ ،‬وكذلك ل ضَيْر أن ُنضَيّ ق ف أ مر َ‬
‫الشارع فيه‪.‬‬

‫وتقد ير ذلك مرج عه إل الخوة‪ ،‬كون م هم الذ ين يعايشون هذه التطورات ويباشرون ا‪،‬‬
‫بلف غيهم م ن هو بع يد عن هذه ال ساحات والياد ين‪ ،‬م ا ي عل نظر ته قاصرة‪ ،‬وغ ي‬
‫كافيـة؛ لنزال الكـم الصـحيح على هذه الواقعـة أو تلك‪ ،‬بلف الذي يعيـش الواقعـة‬
‫نفسها‪ ،‬ويدرك تفاصيلها وأبعادها‪ ،‬ما ظهر منها وبان‪ ،‬وما خفي منها ودق‪.‬‬

‫نعم؛ قد يكون الّنفَس العام لهادنا ف العراق ييل إل الشدة والعزية‪ ،‬وهذا أمر ل نهله‪،‬‬
‫بل نسعى لتدعيم أركانه‪ ،‬ونتواصى به مع إخواننا‪ ،‬وناول أن نغرسه ف نفوس السلمي‬
‫ف العراق وخار جه‪ ،‬و ما ذاك إل ل يل أك ثر الناس ف هذه البلد إل الدّعَة والرا حة وإيثار‬
‫السلمة‪.‬‬

‫سعّر ل ا الروب‪ ،‬وين فخ في ها روح‬ ‫فإ ن أعت قد أي ها الخ ال كبي بأن ال مة با جة ل ن يُ َ‬


‫التضح ية والفداء لذا الد ين‪ ،‬ويربط ها باضي ها الشرق؛ الذي سطره أجداد نا بدمائ هم‪،‬‬
‫وسـقوه بعزهـم وكرامتهـم‪ ،‬والذي تكفلت سـنوات الكَبْت والذل الطويلة التـ عاشتهـا‬
‫المة؛ بحو أثره ودَرْ سِ رَ سْمِه من نفوس أبنائها‪ ،‬فلو استطعنا أن نزيل هذا الركام الائل‬
‫من الران الذي جثم على صدر المة‪ ،‬فإننا نكون قد بدأنا بوضع أقدامنا على بداية الطريق‬
‫الصحيح‪.‬‬

‫‪271‬‬
‫فالشدة الت أقصد‪ ،‬والعزية الت أنشد‪ ،‬والغلظة الت إليها أدعو وأحشد؛ إنا هي الت تكون‬
‫ف موضع ها أ صيلة را سخة‪ ،‬أ صّلها نبي نا الكر ي صلى ال عل يه و سلم و صحابته البرار‬
‫رضوان ال عليهم‪ ،‬ل الشدة والعزية الت سبيلها التهور والندفاع غي الحسوب‪.‬‬

‫وأضرب لك مثال ي على سبيل الذ كر وال ستشهاد‪ ،‬ل ال صر وال ستطراد‪ ،‬وإل فالشرح‬
‫يطول‪ ،‬والديث متشعب وذو شجون‪.‬‬

‫الثال الول‪ :‬أثناء أحداث العر كة الثان ية ال ت جرت ف الفلو جة‪ ،‬قام الخوة ب طف ا بن‬
‫عم العميل إياد علوي مع زوجته وزوجة ابنه‪ ،‬ف ماولة لردع الائن علوي‪ ،‬من خلل‬
‫صرّت قوات الحتلل الصليب وأعوانم على الستمرار‬ ‫الضغط عليه بؤلء الرهائن‪ ،‬وإن أَ َ‬
‫ف قتل الطفال والنساء ف الفلوجة‪ ،‬عاملناهم بالثل وقتلنا أقاربه‪ ،‬ولكن عندما تبي أنه‬
‫ل يس هناك أد ن عل قة ب ي الائن علوي وا بن ع مه‪ ،‬ول ي كن له أي مشار كة فعل ية مع‬
‫قوات الحتلل ال صليب‪ ،‬ما كان من الخوة إل أن بالغوا ف الح سان إلي هم‪ ،‬ث قاموا‬
‫بالفراج عنهم‪.‬‬

‫الشاهد من هذه الادثة‪ :‬أنه لو كانت السألة مسأل َة انتقام مرد وعشوائي‪ ،‬غي مضبوطة‬
‫بضوابط الشرع؛ لكان باستطاعة الخوة أن يفعلوا ذلك (فتأمل)‪.‬‬

‫الثال الثا ن‪ :‬ف ب عض الحاي ي يتر جح ع ند الخوة ب عض المارات والدللت أن فلنًا‬


‫من الناس من يتعامل مع الكافر الحتل‪ ،‬ويعي على حرب الجاهدين‪ ،‬فيقوموا بقتله‪ ،‬ث‬
‫يتبي ل م بعد ذلك أن القتول كان بريئًا ما نُسب إليه‪ ،‬وأن القتل كان خطأً‪ ،‬فما يكون‬
‫من الخوة إل استرضاء ول القتول‪ ،‬ودفع ديته‪ ،‬والعتذار عما قاموا به من القتل الطأ‪.‬‬

‫وال يعلم؛ بأن المثلة كثية جدا‪ ،‬وأن حادينـا فـ هذا الهاد البارك هـو‪ :‬طاعـة ال‬
‫ور سوله‪ ،‬والتزام ال كم الشر عي‪ ،‬وإن َمدّ ال ف الع مر‪ ،‬وبارك ف الو قت؛ وي سر ل‬

‫‪272‬‬
‫الظروف‪ ،‬فالعزم من منعقد على إخراج بعض الصدارات الت تلّي كثيًا من واقعنا‬
‫على الساحة العراقية‪ ،‬وُتفَنّد كثيًا من الشبهات الت تلصق بالخوة زورا وبتانًا‪.‬‬

‫نسأل ال أن ييسر ذلك قريبا‪.‬‬

‫‪ .5‬أ ما ما ذكرت من موضوع الع جب والف خر‪ ،‬فهذا حقّ‪ ،‬فن حن ب شر يعتري نا الن قص‬
‫والضعف‪ ،‬نسأل ال أن يرزقنا التواضع‪ ،‬وأن ينبنا الفخر والعجب‪.‬‬

‫فوال يـا أيهـا الخ الكـبي‪ ،‬إننـا ل حول لنـا ول قوة إل بال‪ ،‬ول نَصـُول ول نَجُول ول‬
‫نقاتل إل به سبحانه وتعال‪ ،‬فنسأله بأسائه السن أن ل يكلنا لنفسنا طرفة عي‪ ،‬فإياك‬
‫ثـ إياك أيهـا البـيب؛ أن تمـل نصـح إخوانـك‪ ،‬واحرص دومًا على تذكيهـم فـ هذه‬
‫المور‪ ،‬فوال إنا من العظائم‪ ،‬وإنا لن الهلكات‪.‬‬

‫ول حرج عل يك‪ ،‬ان صح بال ت تر يد‪ ،‬بالشدة أم بالل ي‪ ،‬أيه ما اخترت فل تثر يب عل يك‪،‬‬
‫فَحُقّ لثلك أن يكون نا صحًا‪ ،‬فوال ما علمناك شامتًا ول معيًا‪ ،‬ول ب صاحب (حظوظ‬
‫نفس) بل ناصحًا مشفقًا‪ ،‬حري صًا على إخوانه‪ ،‬ولقد كان شيخ السلم ‪-‬رحه ال‪ -‬من‬
‫أحرص الناس على أمته‪ ،‬وأنصحهم لا‪ ،‬مع شدّة وحِدّة تعتريه‪ ،‬ل تقلل من قيمة نصيحته‪،‬‬
‫ول تضع من قدره رحه ال‪ ،‬وقد قال رحه ال‪:‬‬

‫"فإن الؤمن للمؤمن كاليدين تغسل إحداها الخرى‪ ،‬وقد ل ينقلع الوسخ إ ّل بنوع‬
‫من الشونة‪ ،‬لكن ذلك يوجب من النظافة والنعومة ما نمد معه ذلك التخشي"‪.‬‬

‫هذا ما يسر ال ف هذه العجالة‪ ،‬نسأل ال لنا ولكم الثبات وحسن الاتة‪ ،‬وسلمي لك‬
‫ولن حولك من الحباب‪ ،‬الذين تتوق النفس للقياهم‪ ،‬وترنو العي لرؤيتهم نسأل ال ان‬
‫يمعنا على طاعته‪.‬‬

‫والمد ل رب العالي‪.‬‬

‫‪273‬‬
‫صعَبٍ الزّ ْرقَاوِي‬
‫َأبُ ْو مُ ْ‬
‫َأمِيْ ُر تَنْظِي ِم القَا ِع َدةِ ِف ْي بِلدِ الرّافِ َديْن‬
‫ق – بِلدُ الرّافِ َديْن‬
‫ال ِعرَا ُ‬

‫[و فيما يلي تعليق الشيخ عطية ال حفظه ال على ما ذَ َك َر الشيخ أبا مصعب رحه ال‪ ،‬و‬
‫قد إرتأينا إدراجه حت يتعلم الناس كيف يكون التواضع و التراحم بي السلمي‪ ،‬وكيف‬
‫تكون الناصحة الصادقة و الادفة‪ ،‬وليس الطعن القنع و الغلف باسم النصيحة]‬

‫تعليق الشيخ عطية ال (حفظه ال)‬


‫على رسالة الشيخ أب مصعب (رحه ال)‬

‫الل هم اغ فر ل خي أ ب مصعب وأعلِ قدره وار فع ف الخر ين ذكره‪ ،‬و سدده وزده هدى‬
‫وتوفقيا واختم لنا وله بالسن‪ ..‬آمي‪.‬‬

‫بل أنا وال أحق بأن أنتصح بكلمكم وفعالكم‪ ،‬فقد سبقتم وتأخرنا‪ ،‬نسأل ال أن يعفو‬
‫عنا وعنكم ويعلنا وإياكم من الفلحي‪ ،‬وجزى ال الخوة خيا من بلّغ ومن ظن خيا‬
‫وقال خيا‪.‬‬

‫وليعلم الخوة أن ل أصف الخوة ف العراق بأن عندهم نوعا من العجب والفخر كما‬
‫هي عبارة أخي‪ ،‬فهو حكاها بالعن‪ ،‬فتغيت بعض الشيء عن أصلها‪ ،‬ول وال ما أصفهم‬
‫بذلك وما رأيت إل خيا إن شاء ال‪.‬‬

‫وإن ا حذرت من الغرور‪ ،‬ك ما أحذّر نف سي‪ ،‬وقلت إن ما اقترح ته من الرأي والبيان ف‬
‫قضية انسحاب اليطاليي "يعطي انطباعا لصدقائنا وأحبابنا قبل أعدائنا أننا متواضعون ل‬
‫مغرورون منتشون‪ ،‬وأننا حقّا بال مستعينون وعليه متوكّلون‪ ،‬ومن تقصينا خائفون‪"...‬‬

‫‪274‬‬
‫ويعلم ال أن فرحتُ با ذكره أخي حفظه ال ونصره من التوضيحات حول ترّي الخوة‬
‫(كمـا فـ مثال أقارب علوي وسـائر مـا ذكره)‪ ،‬وهذا وال شيـء يطمئن القلب ويثلج‬
‫الصدر‪ ،‬وهو وال الظن بكم‪ ،‬ما حالَ ول زال‪ ..‬فبارك ال فيكم وقوّاكم ونصركم وتقبل‬
‫منكم‪ ،‬وجعلنا ال وإياكم مفاتيح للخي مغاليق للشر‪.‬‬

‫وما ذكره أخي أبو مصعب حول مسألة الشدة‪ ،‬وما يراه من مدى مطلوبيتها‪ ..‬فالكمة‬
‫و ضع كل ش يء ف مله شدة ولي نا ورف قا وعنفا وغي ها‪ ..‬والو فق من وف قه ال تعال‪،‬‬
‫فاستعينوا بال فإنه مولكم‪ ،‬نعم الول ونعم النصي‪ ،‬والسلم عليكم ورحة ال وبركاته‪.‬‬

‫عطية ال‬

‫‪ 1‬جادى الثان ‪ 1426‬هـ الوافق ‪ 7‬يوليو‪/‬توز ‪ 2005‬م‬

‫‪275‬‬
‫الطاب السابع و العشرون‬

‫أَيَـنْـقُـصُ الـدّيـنُ وَأَنـا حَـ ٌي‬


‫‪ 1‬جادى الثان ‪ 1426‬هـ‬
‫‪ 7‬يوليو‪/‬توز ‪ 2005‬م‬

‫بِصَوْتِ الشَيخ‬
‫ب الزّرْقَاوِي ( َرحِ َمهُ ال)‬
‫أَِبيْ مُصْع ٍ‬

‫المدُ لِ مع ّز ال سلمِ بن صره‪ ،‬ومُذلّ الشر كِ بقهره‪ ،‬وم صرّف المور بأمره‪ ،‬وم ستدر ِ‬
‫ج‬
‫الكافريـن بكره‪ ،‬الذي قدّر اليام دولً بعدله‪ ،‬وجعـل العاقبةَ للمتقي َ بفضلِه‪ ،‬والصـلةُ‬
‫والسلم على من أعلى الُ منا َر السلمِ بسيفِه‪.‬‬

‫أمّا بعد؛‬

‫فإن ال سبحانه وتعال خلق العباد و هم ف درجات ال مة متفاوتون‪ ،‬فمن هم من تر قى به‬


‫هته لتبلغ به عنان السماء‪ ،‬ومنهم من تقصر به هته حت تلد به إل الرض‪.‬‬

‫فيحل ذلك لرضه بتسفل *** ويل ذا لسمائه بتصعد‬

‫فعال ال مة يود بالن فس والنف يس ف سبيل ت صيل غاي ته وتق يق بغي ته‪ ،‬وكل ما كا نت‬
‫النفوس أشرف والمة أعلى كان تعب البدن أوفر وحظه من الراحة أقل‪.‬‬

‫‪276‬‬
‫ب لا ضمه صدر‬
‫فت ل يضم القلب هات قلبه *** ولو ضمها قل ٌ‬

‫إن عال المة ل يستوحش من قلة السالكي‪ ،‬ول يأبه بقلة الناجي‪ ،‬ول يلتفت إل كثرة‬
‫الخذل ي‪ ،‬ول يكترث بخال فة النا كبي‪ ،‬قل به ل يعرف التثاؤب ول الرا حة ول ال سكون‬
‫ول الترف‪.‬‬

‫وخسيس المة؛ كلما همّ ليسموا للعوال‪ ،‬وليتقي ف درجات العال‪ ،‬ختم الشيطان على‬
‫قلبه‪ ،‬وعقد على ناصيته وقال له؛ "عليك ليل طويل فارقد!"‪ ،‬وكلما سعى للرتقاء بمته‬
‫وإقالة عثرته عاجلته جيوش التشويش والمان‪ ،‬ونادته نفسه المارة بالسوء؛ أأنت أكب أم‬
‫الواقع؟!‬

‫وحي ينتكس النسان يهوي إل الدرك الذي ل يهوي إليه ملوق قط‪ ،‬حي تصبح البهائم‬
‫أر فع م نه وأقوم‪ ،‬ح ي يرت كس مع هواه إل درك ل تلك البهي مة أن ترت كس إل يه‪ ،‬وإذا‬
‫ماتت فيه الغية على نفسه وعلى الحارم يصبح أسفل من البهائم‪.‬‬

‫ول يقيم على ضيم يُراد به *** إل الذلن عي الي والوتد‬


‫هذا على البل مربوط برمته *** وذا يُشد فل يدري به أحد‬

‫ول قد حاز سلفنا الصال قصب ال سبق ف علو المة وسو الراد‪ ،‬وقد ضربوا لم ف كل‬
‫باب من أبواب هذا الدين بسهم‪ ،‬وأخذوا من كل فضل بنصيب‪.‬‬

‫ففي العبادة؛ ل تراهم إل راكعي ساجدين‪ ،‬خاشعي باكي مبتي‪.‬‬

‫و ف سبيل طلب العلم؛ فارقوا ال هل والولد‪ ،‬وتنقلوا ف البلد‪ ،‬وهجروا لذ يذ الرقاد‪،‬‬


‫وأنفقوا الطارف والتلد‪.‬‬

‫‪277‬‬
‫وف النفاق؛ أنفقوا إنفاق من ل يشى الفقر ف دنياه‪ ،‬ويبتغي رضى موله‪.‬‬

‫وأ ما ف الهاد؛ فالد يث ذو شجون‪ ،‬فإن م ل ا عاينوا أن له فض ً‬


‫ل ل يضا هى‪ ،‬وخيا ل‬
‫يتناهى‪ ،‬ست نفوسهم إليه‪ ،‬وعلت همهم لتحصيله‪ ،‬فشمروا للجهاد عن ساق الجتهاد‪،‬‬
‫ونفروا لحار بة أ هل الك فر والعناد‪ ،‬فجهزوا جيوش هم و سراياهم‪ ،‬وبذلوا ف سبيل ذلك‬
‫أموالم وعطاياهم‪ ،‬وباعوا نفوسهم لالقها وباريها‪ ،‬فجازاهم بذلك من النان أعاليها‪.‬‬

‫وقد حفظ لنا تارينا كثيا من تلكم الواقف والقصص الت تدل على علو هة القوم وسو‬
‫مطلبهم‪.‬‬

‫ف في م نة مان عي الزكاة؛ ادل م ال طب واشتدت الح نة‪ ،‬والت بس ال مر ح ت على كبار‬


‫ال صحابة‪ ،‬فو قف ال صديق ر ضي ال ع نه ل ا بالر صاد وقال‪( :‬وال ل أفرق ب ي ال صلة‬
‫والزكاة‪ ،‬ولقاتلن من فرق بينه ما)‪ ،‬قال ع مر ر ضي ال ع نه‪( :‬فقاتل نا م عه‪ ،‬فرأي نا ذلك‬
‫رشدا)‪.‬‬

‫ل يقبل‬‫وعن أب رجاء العطاردي قال‪( :‬دخلت الدينة فرأيت الناس متمعي‪ ،‬ورأيت رج ً‬
‫رأس رجل وهو يقول؛ أنا فداؤك لول أنت للكنا‪ ،‬فقلت؛ من الُ َقبِل ومن ا ُلقَبّل؟ قالوا؛‬
‫عمر يقبل رأس أب بكر ف قتاله أهل الردة إذ منعوا الزكاة حت أتوا با صاغرين)‪.‬‬

‫وعن أم الؤمني عائشة رضي ال عنها قالت‪( :‬توف النب صلى ال عليه وسلم فنل بأب‬
‫بكر ما لو نزل بالبال لاضها‪ ،‬اشرأب النفاق بالدينة‪ ،‬وارتدت العرب‪ ،‬فوال ما اختلفوا‬
‫ف نقطة إل طار أبو بكر بظها وفنائها ف السلم)‪.‬‬

‫يومها وقف الصديق ‪ -‬فداه أب وأمي ‪ -‬كالبل الشم سدا منيعا أمام تيار الردة‪ ،‬صارخا‬
‫من أعماق قلبه متوكلً على ربه قائلً‪( :‬قد انقطع الوحي وت الدين‪ ،‬أينقص الدين وأنا‬
‫حي؟!)‪.‬‬

‫‪278‬‬
‫"أينقص الدين وأنا حي؟!"؛ يالا من كلمة فاض با لسانه‪ ،‬ونطق با جنانه‪ ،‬كلمة ترسم‬
‫منهجا واضحا لا يب أن يكون عليه كل فرد من أفراد هذه المة؛ علو ف المة‪ ،‬قوة ف‬
‫التوكل‪ ،‬ثبات على الق‪.‬‬

‫"أين قص الد ين وأ نا حي؟!"؛ قال ا ل سان حال إمام أ هل ال سنة أح د بن حن بل الشيبا ن‪،‬‬
‫ال صديق الثا ن‪ ،‬يوم أن و قف وحده كالطود ال شم ف م نة خلق القرآن‪ ،‬فك شف ال به‬
‫الغمة‪ ،‬وأنقذ به المة‪.‬‬

‫"أين قص الد ين وأ نا حي؟!"؛ تثل ها ش يخ ال سلم ا بن تيم ية رح ه ال يوم أن قام يرض‬


‫ال مة على قتال التتار‪ ،‬وكان رح ه ال ل صدق توكله على ال ويقي نه بوعوده؛ يق سم بال‬
‫‪ -‬ل ي ستثن ‪ -‬أن ال نا صرهم على التتار‪ ،‬فيقال له‪ ( :‬قل إن شاء ال!)‪ ،‬فيقول‪( :‬تقيقا‪،‬‬
‫ل تعليقا)‪ ،‬فرد ال عاديتهم وانقلبوا على أعقابم خاسرين‪.‬‬

‫"أينقص الدين وأنا حي؟!"؛ صرخ با قلب شيخ السلم ممد بن عبد الوهاب‪ ،‬فكان‬
‫يطوف كالوالدة الثكلى بيـ البلد‪ ،‬وعيناه تذرفان بالدموع ينادي؛ يـا للسـلم! يـا‬
‫للسلم!‪.‬‬

‫إن الحزان وال صائب تش حذ ال مم وت صنع الرجال‪ ،‬فإن ل تفز نا ال صائب وتعلي هم نا‬
‫اللم والحزان فما الذي يُعلينا؟! وما الذي يوقظنا؟!‬

‫ياله من دين‪ ...‬لو أن لهُ رجالً؟!‬

‫ها قد دنس ُعبّاد الصليب كتاب ربنا وألقوه ف مراحيضهم‪ ،‬وفق مطط مكم لتحطيم‬
‫هي بة كل ما هو مقدس ف نفوس أبناء هذه ال مة‪ ،‬و ها قد ترأ إخوان القردة والناز ير‬
‫وعُبّاد البقر الندوس ففعلوا مثل فعلهم‪.‬‬

‫‪279‬‬
‫واحسـرتاه على أمتـ‪ ،‬إن ل يقـم أبناؤهـا للثأر لكتاب ربمـ فمتـ يقومون؟! ومتـ‬
‫يستيقضون؟! إن ل تركهم أمثال هذه الطوب والصائب فما الذي يركهم؟!‬

‫يو شك أن تنل علي نا حجارة من ال سماء‪ ،‬ن ستنل الن صر من رب نا‪ ،‬و ما غِرْ نا على كتا به‬
‫وحرماته!‬

‫إن ُعبّاد الصـليب قـد صـالوا على ديارنـا‪ ،‬واسـتباحوا حرماتنـا‪ ،‬وهتكوا أعراضنـا‪ ،‬ونبوا‬
‫ثروات نا‪ ،‬ف أ كب حلة صليبية عرف ها تاري نا العا صر‪ ،‬ف ما الذي ينتظره أبناء هذه ال مة؟!‬
‫ومت يهبون من سباتم؟!‬

‫واح سرتاه‪ ...‬ك يف ان طت ب م هم هم إل من ر حم ر ب فرضوا بالقعود عن ن صرة هذا‬


‫الدين والذب عن أعراض السلمي؟‬

‫ياله مـن حرمان؟ ويالاـ مـن خسـارة؟‪ ...‬قوم قامـت سـوق الشهادة بأرضهـم‪ ،‬وأناخـت‬
‫ركابا ببابم‪ ،‬وهم مازالوا ف سباتم نائمي‪ ،‬وف لوهم سامدين‪.‬‬

‫ولكن اقتضت سنة ال أن يكون له عباد يصطفيهم على مر السني لمل راية هذا الدين‬
‫وتبليغها للعالي‪.‬‬

‫قال صلى ال عل يه و سلم‪( :‬ل تزال طائ فة من أم ت‪ ،‬ظاهر ين على ال ق ل يضر هم من‬
‫خذلم حت يأت أمر ال)‪.‬‬

‫فانطلقـت صـيحات النفيـ مـن هاهنـا وهاهنـا؛ "يـا خيـل ال اركـب‪ ...‬ويـا رايـة ال‬
‫ارتفعي‪ ...‬ويا حلة الراية قوموا"‪...‬‬

‫‪280‬‬
‫فاستجاب من استجاب من أبناء هذه المة‪ ...‬استجابوا للنداء‪ ،‬وهبوا للنفي ونفضوا عنهم‬
‫غبار الذل وركام العار‪ ،‬هبّوا ملف ي الدنيا وزينتها وراء هم‪ ،‬نفروا تارك ي خلف هم أهل هم‬
‫وديارهم وأموالم‪ ،‬ولكل واحد منهم قصة‪ ،‬ولكل فرد منهم مأساة‪.‬‬

‫ث شعورهم‪ ،‬غُبٌ رؤسهم‪ ،‬قليلة أعدادهم‪ ،‬ضعيفة عُددهم؛‬


‫شُع ٌ‬

‫لكن‪ ...‬قلوبم متلئة بحبة هذا الدين‪ ،‬ونفوسهم تواقة لوار رب العالي‪ ،‬صدقوا مع ال‬
‫فصـدقهم‪ ،‬فأذاقوا عُبّاد الصـليب ألوان الزيةـ‪ ،‬وأصـناف العذاب‪ ،‬وحطموا هيبتهـم‪،‬‬
‫وكسروا شوكتهم‪ ،‬وأجرى ال على أيديهم من الكرامات ما ل يعد يفى على كل ذي‬
‫عيني‪.‬‬

‫ولاـ رأى بنـو الصـفر حجـم الأزق الذي تورطوا فيـه‪ ،‬وعِظـم خسـائرهم وضحاياهـم‪،‬‬
‫سـارعوا لتشكيـل قوات اليـش والرس الوثنـ‪ ،‬لتكون الردء الامـي للصـليبيي‪ ،‬واليـد‬
‫الضاربة على الجاهدين‪ ،‬فقامت سوق البتلء والتمحيص من جديد‪ ،‬فاستجاب لندائهم‬
‫من خست به هته وباع دينه بآخرته‪ ،‬فكان حكم الجاهدين فيهم واضحا بينا ل لبس‬
‫فيه‪ ،‬وهو وجوب قتالم وجهادهم لرتدادهم عن الدين وموالتم للصليبيي‪ ،‬والتبس أمر‬
‫هؤلء على بعض من يوصفون بـ "العلماء" فضلً عن غيهم من العامة الدهاء‪ ،‬فأصدروا‬
‫فتاويهم بعدم جواز قتال هؤلء‪ ،‬حفاظا على حرمة "الدم العراقي" وعصمة أهله!‬

‫وهذه وال أز مة حقيق ية تعيش ها كثيٌ من الماعات العاملة لل سلم ف هذا الزمان‪ ،‬أل‬
‫وهي؛ "أزمة التفريق بي العدو الارجي والعدو الداخلي"‪.‬‬

‫فالعدو الار جي تُ ستنهض ال مة لقتاله‪ ،‬وتُ ستنفذ الطاقات لهاده‪ ،‬ح ت إذا ما خرج من‬
‫بلد نا وأناب ع نه الرتد ين من ب ن جلدت نا‪ ،‬يأترون بأمره‪ ،‬ويكمون بك مه‪ ،‬ويضربون‬
‫بسوطه؛ حرُم على المة قتالم وجهادهم‪ ،‬ولو اشتد بلؤهم‪.‬‬

‫‪281‬‬
‫فإذا كان العدو ذا بشرة شقراء‪ ،‬وعيون زرقاء؛ وجب قتاله‪ ،‬أما إن كان العدو أسر البشرة‬
‫أسود العيني؛ فهذا ل يل قتاله‪.‬‬

‫فهذا لع مر ال قتال "الوطني ي"‪ ،‬ل قتال الوحد ين‪ ،‬وقتال من ير يد العاجلة‪ ،‬ل من يروم‬
‫الخرة‪{ ،‬أَ ُكفّارُكُمْ َخْي ٌر مِنْ أُولَِئكُمْ َأمْ َلكُمْ َبرَاءَةٌ فِي ال ّزبُرِ} [القمر‪.]43:‬‬

‫هؤلء الرتدون ل ينشئوا جيوشهم أصلً إل لحاربة دين ال سبحانه وتعال ولتكون اليد‬
‫الضاربـة التـ تبطـش بالخلصـي مـن أبناء هذه المـة‪ ،‬ول أدل على ذلك مـن عملياتمـ‬
‫التوا صلة ف إبادة أ هل ال سنة ‪ -‬كعمل ية "البق" و "الر مح" و "الن جر" و "ال سيف"‪...‬‬
‫وغيها‪.‬‬

‫هذه اليوش؛ ل نسمع حسيسها إل ف قتال أهل اليان وعساكر الرحن‪...‬‬

‫فهذه صولتم ف باكستان؛ على الجاهدين العرب والفغان‪.‬‬

‫وف الردن؛ على الخيار من أهل معان‪.‬‬

‫وف الرياض والقصيم ومكة؛ على أهل التوحيد الق‪.‬‬

‫ث هم من بعد سلمٌ للكفار مداهنون للفجار‪.‬‬

‫ونن نُعلِن‪:‬‬

‫أن ال يش العرا قي؛ هو ج يش ردة وعمالة‪ ،‬وال ال صليبيي‪ ،‬وجاء لدم ال سلم وحرب‬
‫السلمي‪ ،‬وسنحاربه حرب ال مة للتتار‪ ،‬الذين أجلبوا على المة بيلهم ورجلهم وكانوا‬
‫مـع ذلك يسـتعلنون بالشهادتيـ‪ ،‬وكان فـ جيشهـم أئمـة ومؤذنون‪ ،‬وفيهـم مصـلون‬

‫‪282‬‬
‫و صائمون؛ ح ت اشت به أمر هم على الناس‪ ،‬وت ي في هم العلماء‪ ،‬فك يف يقاتلون م و هم‬
‫منتسبون للمة ناطقون بالشهادتي؟!‬

‫حت قيض ال لذه الحنة شسا من شوس هذه المة ومنارة من مناراتا؛ شيخ السلم ابن‬
‫تيمية رحه ال تعال‪ ،‬فأفت بردتم‪ ،‬ووجوب ماربتهم‪ ،‬لتنكبهم عن تكيم شريعة الرحن‪،‬‬
‫وعدول م عن ح كم القرآن‪ ،‬إل ح كم "اليا سق" الذي وض عه ل م "جنك يز خان"‪ ،‬والذي‬
‫ج عه ل م من أحكام التوراة والن يل والقرآن وعادات التتار‪ ،‬تاما ك ما هو حال د ساتي‬
‫النظمة العربية هذه اليام‪.‬‬

‫وما قاله شيخ السلم‪( :‬إن هؤلء القوم السؤول عنهم؛ عسكرهم مشتمل على قوم كفار‬
‫من النصارى والشركي‪ ،‬وعلى قوم منتسبي إل السلم‪ ،‬وهم جهور العسكر‪ ،‬ينطقون‬
‫بالشهادت ي إذا طل بت من هم‪ ،‬ويعظمون الر سول‪ ،‬ول يس في هم من ي صلي إل قل يل جدا‪،‬‬
‫و صوم رمضان أك ثر في هم من ال صلة‪ ،‬وال سلم عند هم أع ظم من غيه‪ ،‬ولل صالي من‬
‫السلمي عندهم قدرهم)‪.‬‬

‫إل أن قال‪( :‬وقتال هذا الضرب وا جب بإجاع ال سلمي‪ ،‬ول ي شك ف ذلك من عرف‬
‫د ين ال سلم وعرف حقي قة أمر هم‪ ،‬فإن هذا ال سلم الذي هم عل يه ود ين ال سلم؛ ل‬
‫يتمعان أبدا)‪.‬‬

‫وقال‪( :‬وإذا كان السلف قد سوا مانعي الزكاة مرتدين ‪ -‬مع كونم يصومون ويصلون ‪-‬‬
‫ول يكونوا يقاتلون جاعـة السـلمي‪ ،‬فكيـف بنـ صـار مـع أعداء ال ورسـوله قاتلً‬
‫للمسلمي؟!)‪ ،‬انتهى كلمه رحه ال‪.‬‬

‫ونن على يقي أننا بقتالنا ليوش الردة سنواجه باستنكار وامتعاض شديدين من ال سّذج‬
‫من أبناء هذه ال مة‪ ،‬إذ ف قيا سهم القا صر؛ ك يف يقا تل الجا هد أخاه وا بن ع مه وا بن‬
‫عشي ته؟! و ما درى هؤلء أن ال نب صلى ال عل يه و سلم؛ إن ا بدأ أو ًل بقتال من و قف‬

‫‪283‬‬
‫ح جر عثرة ف طر يق هذا الد ين من قو مه‪ ،‬ق بل أن يالد ب ن ال صفر‪ ،‬وعلى سنته جرى‬
‫الصحابة رضي ال عنهم‪.‬‬

‫فهذا أبو عبيدة ابن الراح؛ قتل أباه يوم أحد‪.‬‬

‫ومصعب ابن عمي؛ قتل أخاه عبيد بن عمي يوم أحد‪.‬‬

‫وعمر ابن الطاب؛ قتل خاله العاص بن هشام يوم بدر‪.‬‬

‫وعلي وحزة وعبيدة بن الارث؛ قتلوا يوم بدر عتبة وشيبة ابن ربيعة والوليد ابن عتبة‪،‬‬
‫وفيهـم نزل قوله تعال‪{ :‬ل تَجِدُ َقوْما ُي ْؤمِنُونَـ بِاللّهِـ وَاْلَيوْمِـ الْآخِ ِر ُيوَادّونَـ مَن ْـ حَادّ اللّهَـ‬
‫وَ َرسُولَهُ وََلوْ كَانُوا آبَا َءهُمْ َأوْ َأْبنَا َءهُمْ َأوْ إِ ْخوَاَنهُمْ َأوْ عَشِ َيَتهُمْ} [الجادلة‪.]22:‬‬

‫فهذا دربم وهذه سنتهم لن أراد اقتفائها‪.‬‬

‫وخرج بعض هم بتق سيم ل ي سبق إل يه للجهاد ف العراق‪ ،‬فيقول‪( :‬إن القاو مة ‪-‬وهذا مع‬
‫تفظنـا على هذه الكلمـة‪ -‬تنقسـم إل قسـمي؛ مقاومـة شريفـة‪ ،‬هـي التـ تقاوم الكافـر‬
‫الحتل‪ ،‬ومقاومة غي شريفة‪ ،‬الت تقاتل العراقيي أيا كانوا)‪.‬‬

‫فنقول لؤلء؛‬

‫إن الذي نعرفه من ديننا أن النب صلى ال عليه وسلم قال‪( :‬من قاتل لتكون كلمة ال هي‬
‫العليا فهو ف سبيل ال)‪.‬‬

‫إن "القاومة" الشريفة؛ هي الت تقاتل على أمر ال‪َ { ،‬حتّى َل َتكُو نَ ِفْتَن ٌة َويَكُو نَ الدّي نُ‬
‫كُلّ هُ لِلّه} [النفال‪ ،]39:‬ل "القاو مة" ال ت تشترط لو قف قتال ا جدولة ان سحاب العدو‬

‫‪284‬‬
‫الارجي‪ ،‬حت إذا ن صّب بعده حكومة عميلة‪ ،‬تكم بغي شرع ال وتوال أعداءه وتعادي‬
‫أولياءه‪ ،‬انطوينا تت لوائها وكأن شيئا ل يكن‪.‬‬

‫إن "القاومة" الشريفة؛ هي الت تضحي بدماء أبنائها وتبذل الغال والنفيس وتتعرض لشت‬
‫صنوف البتلء وحاديها ف ذلك؛ "اللهم خُذ من دمائنا اليوم حت ترضى‪ ...‬الل هم من‬
‫حواصل الطي وبطون السباع"‪ ،‬ل "القاومة" الت تؤثر السلمة‪ ،‬وتقاتل على مبدأ تقيق‬
‫م صال ذات ية‪ ،‬وتت خذ من عمليات ا أوراق ض غط على العدو الح تل لتح سي أوضاع ها‪،‬‬
‫وإتاحة الفرصة لا بشكل أكب ف الشاركة ف الياة السياسية‪.‬‬

‫إن "القاو مة" الشري فة؛ هي ال ت خَلُص توحيد ها ل‪ ،‬فوالت من واله ال ور سوله ولو‬
‫كان من أبعد الناس‪ ،‬وعادت من عاداه ال ورسوله ولو كان من أقرب الناس‪.‬‬

‫ب يؤلف بيننا *** دي ٌن أقمناه مقام الوالد‬


‫إن يفترق نس ٌ‬

‫قال ر جل من ال سلمي لالد بن سعيد ر ضي ال ع نه ‪-‬و قد كان ت يأ للخروج مع ا ب‬


‫عبيدة‪( :-‬لو كنت خرجت مع ابن عمك يزيد بن أب سفيان كان أمثل من خروجك مع‬
‫غيه!)‪ ،‬فقال‪( :‬ابن عمي أحب إلّ من هذا ف قرابته‪ ،‬وهذا أحب إلّ من ابن عمي ف‬
‫دي نه‪ ،‬هذا كان أ خي ف دي ن على ع هد الر سول صلى ال عل يه و سلم‪ ،‬وول يي ونا صري‬
‫على ابن عمي قبل اليوم‪ ،‬فأنا به أشد استئناسا وإليه أشد طمأنينة)‪.‬‬

‫إن "القاومة" الشريفة؛ هي الت تعل من جهادها جهادا عاليا غي مرتبط بلو نِ أو عر قٍ‬
‫أو أرض‪ ،‬فالؤمنون أم ٌة واحدة تتكافـأ دماؤهـم وهـم ي ٌد على مـن سـواهم‪{ ،‬وَالْ ُمؤْ ِمنُونَـ‬
‫ضهُ مْ َأوِْليَاءُ َبعْ ضٍ} [التو بة‪َ { ،]71:‬وإِ ِن ا ْسَتنْصَرُوكُمْ فِي الدّي نِ َفعََلْيكُ مُ‬
‫وَالْ ُمؤْ ِمنَا تُ َب ْع ُ‬
‫النّص ْـرُ إِلّا عَلَى َقوْمٍـَبْينَكُم ْـ َوَبْينَهُم ْـ مِيثَاقٌـ وَاللّهُـبِمَا َتعْ َملُونَـبَصِـيٌ} [النفال‪ ،]72:‬ل‬
‫"القاومة" الزعومة الت تعل من حدود "سايكس" و "بيكو" منطلقا لهدافها وجهادها‪.‬‬

‫‪285‬‬
‫كان أبـو الدرداء رضـي ال عنـه بدمشـق‪ ،‬وسـلمان رضـي ال عنـه بالعراق‪ ،‬فكتـب أبـو‬
‫الدرداء إل سـلمان‪( :‬أن هلُم إل الرض القدسـة)‪ ،‬فكتـب إليـه سـلمان‪( :‬إن الرض ل‬
‫تقدس أحدا‪ ،‬وإنا يُقدسُ الرءَ عمله)‪.‬‬

‫إن "القاومة" الشريفة؛ هي الت إن أصابا قروح وجراحات ونقص ف الكوادر والعدات‬
‫نضت وتاملت على نفسها وتوكلت على ربا‪ ،‬ول تفزع إل إليه‪ ،‬كما فعل النب صلى‬
‫ال عليه وسلم وأصحابه يوم حراء السد‪ ،‬ل "القاومة" الت إذا ما أصابا فاجعة أو ابتلء‬
‫استوحشت الطريق وفزعت إل من يد لا يد العون ف طريقها‪ ،‬حت ولو كان من يُحادّ‬
‫ال ورسوله‪.‬‬

‫إن "القاومة" الشريفة؛ هي صاحبة أهداف نبيلة سامية‪ ،‬ومقاصد شرعية عظيمة‪ ،‬ولذلك‬
‫فإن وسائلها كلها شرعية على هدي الكتاب والسنة‪ ،‬ل "القاومة" الت عندها الغاية تبر‬
‫الوسيلة‪ ،‬فل حرج عندها ف التحالف والتعاون مع من حادّ ال ورسوله ف سبيل تقيق‬
‫بعض الصال والغراض‪.‬‬

‫إن الذين يُقال عنهم بأنم من غي "القاومة" الشريفة هم الذين ياهدون ف سبيل ال منذ‬
‫ما يزيد على العامي‪ ،‬وقد ضحوا بأغلى ما عندهم من أجل رفعة هذا الدين‪ ،‬فقد قدموا‬
‫علمائهم وقادتم وكوادرهم‪.‬‬

‫فعلى أكتاف من قامت معارك القائم؟‬


‫ودماء من سالت ف الرمادي والفلوجة وحديثة؟‬

‫وأعناق من دُقت ف تلعفر والوصل؟‬


‫وأرواح من أزهقت ف معارك بغداد وديال وسامراء؟‬

‫‪286‬‬
‫فهل قام بكل هذا إل أبناء "تنظيم القاعدة" من مهاجرين وأنصار وغيهم من الجاهدين‬
‫الصادقي‪ ،‬أصحاب النهج الصاف‪ ،‬الذين آلوا على أنفسهم أل يتركوا السلح وفيهم عيٌ‬
‫ق ينبض‪.‬‬
‫تطرف وعر ٌ‬

‫وما يزيد القلب حسرةً وألا؛ ما آل إليه حال بعض أهل العلم من نسبهم من الصادقي‬
‫الحـبي للجهاد وأهله‪ ،‬فقـد بعـث إل بعضهـم يشيون علي بعدم السـتماتة بالقتال فـ‬
‫العراق وعدم حشد طاقات المة ف هذه العركة‪.‬‬

‫ويعلم ال كم أصابن من الم والزن من مقالتهم‪ ،‬أهذا ما وصلت له أمتنا؟!‬


‫أهذا ما جادت به قرية علمائنا؟!‬

‫إل مت يبقى أهل العلم معرضون عن ساحات الهاد؟!‬


‫يُصدرون أحكامهم ويوجهون نصائحهم بعيدين عن الواقع الذي تعيشه المة؟!‬

‫فإنه ل بد لصواب الكم؛ من علم بالشرع وخبة بالواقع‪.‬‬

‫يقول سيد رحه ال‪( :‬إن فقه هذا الدين ل ينبثق إل ف أرض الركة‪ ،‬ول يؤخذ عن فقيه‬
‫قا عد ح يث ت ب الر كة‪ ،‬والذ ين يعكفون على الك تب والوراق ف هذا الزمان ل كي‬
‫ي ستنبطوا من ها أحكاما فقه ية يددون ب ا الف قه ال سلمي أو يطورو نه و هم بعيدون عن‬
‫الركـة التـ تسـتهدف تريـر الناس مـن العبوديـة للعباد وردهـم إل العبوديـة ل وحده‬
‫بتحك يم شري عة ال وحد ها وطرد شرائع الطواغ يت‪ ،‬هؤلء ل يفقهون طبي عة هذا الد ين‪،‬‬
‫ومن ث ل يسنون صياغة فقه هذا الدين)‪ ،‬انتهى كلمه رحه ال‪.‬‬

‫فلو أن جهادنا جهاد طلب واستعصت علينا بعض حصون بن الصفر‪ ،‬ما يلحق الضرر‬
‫بيش الجاهدين‪ ،‬لقلنا؛ إن ف المر لسعة‪ ،‬ولكننا نقاتل لندفع عن أمتنا وعن ديننا أخطر‬
‫عدو صال على ديار السلمي ف هذه العصور‪ ،‬فانتهكوا الرمات واستباحوا الديار ونبوا‬

‫‪287‬‬
‫ثروات واليات‪ ،‬وامتلت سجونم بالسلمي والسلمات‪ ،‬بل وامتلت أحشاء السلمات‬
‫بنطفهم القذرة‪.‬‬

‫إن المة طال ا بق يت تود بفلذات أكبادها وتر يق من دماء أبنائ ها‪ ،‬ذودا عن هذا الد ين؛‬
‫فإن ال مة ب ي‪ ،‬وإذا ض نت ال مة عن التضح ية بدماء أبنائ ها ف سبيل إعلء كل مة ال؛‬
‫تكال بت علي ها ال مم و سيمت الذل والوان‪ ،‬وت سلط علي ها أراذل الناس‪ ،‬فبقدر ما يتقدم‬
‫الجاهدون بقتال م مع عدو هم ويققوا انت صارات ملمو سة‪ ،‬بقدر ما ير فع الظلم والض يم‬
‫عن المة‪ ،‬والعكس بالعكس‪.‬‬

‫فمت نستميت ف الدفاع عن أعراض السلمي والسلمات؟‬


‫أعندما يدخل عُبّاد الصليب إل أرض الشام؟‬
‫أم إل مكة والدينة وينتهكوا أعراضنا فعندها تكون الستماتة ف القتال؟!‬

‫فما بال أخواتنا نساء العراق من ذوات الدور العفيفات الطاهرات‪ ،‬اللوات يأرن إل ال‬
‫ف قعر زلزلن من ظلم أعداء ال؟!‬

‫وال يعلم أن ظفر امرأة من أهل السنة ف العراق عامة وأهل الفلوجة خاصة؛ أحب إلّ من‬
‫الدنيا وما فيها‪.‬‬

‫فوال لو أن "تنظيم القاعدة ف بلد الرافدين" يفن عن بكرة أبيه على أن ترر النساء من‬
‫سجون الصليبيي والروافض الاقدين؛ لا ترددنا ف ذلك لظة واحدة‪.‬‬

‫كيف والنب صلى ال عليه وسلم يقول‪( :‬فكوا العان)؟!‬


‫فكيف بالعانية الضعيفة؟!‬
‫بل فكيف بالعانية الت ينتهك عرضها صباح مساء؟!‬

‫‪288‬‬
‫يـا حسـرة على أمتنـا‪ ...‬إن ل نسـتمت فـ هذه الواطـن فقولوا ل بربكـم متـ وأيـن‬
‫نستميت؟!‬

‫قوافل تضي بي أفواج رضع *** وأحزان ثكلى أو تباريح أي‬


‫ج يُتم‬
‫وبي صبايا يا لذل دموعها *** وأفواجُ أطفالٍ وأفوا ُ‬

‫قوافل تضي وهي تسحب خطوها *** ذليلً على شوك مدم وموضم‬
‫تكاد عيون الطفل تسأل من أنا *** إل أين أمضي يا فياف تكلمي‬

‫أتملن دورٌ للنصارى وبيعة *** وساحات شرك أو منازل سوّم‬


‫لتُنع من فطر ٌة وطهارةٌ *** ويُغرس ب شر ٌك وفتنة مأث‬

‫هل يُعقل أن تكون خي أمة أخرجت للناس أقل غية وحية لسراها من اليهود؟!‬

‫فقد قال القرطب رحه ال‪( :‬قال علماؤنا؛ كان ال قد أخذ عليهم ‪ -‬أي اليهود ‪ -‬أربعة‬
‫عهود؛ ترك القتال‪ ،‬وترك الخراج‪ ،‬وترك الظاهرة‪ ،‬وافتداء أسراهم‪ ،‬فأعرضوا عن كل ما‬
‫ض الْ ِكتَا بِ‬
‫أمروا به إل الفداء‪ ،‬فوب هم ال على ذلك توبيخا يتلى‪ ،‬فقال؛ {أََفُتؤْ ِمنُو َن ِبَبعْ ِ‬
‫َوتَ ْكفُرُو َن ِبَبعْ ضٍ}‪ ،‬قلت ‪ -‬أي القرطب ‪-‬؛ ولعمر ال لقد أعرضنا نن عن الميع بالفت‬
‫فتظاهر بعضنا على بعض‪ ،‬ليس بالسلمي بل بالكافرين‪ ،‬حت تركنا إخواننا أذلء صاغرين‬
‫يري عليهم حكم الشركي‪ ،‬ول حول ول قوة إل بال العظيم)‪ ،‬انتهى كلمه رحه ال‪.‬‬

‫وبعضهم يريد منا أن نوقف جهادنا ف أرض الرافدين‪ ،‬ويزعم أن الهاد ف العراق إنا هو‬
‫قتال نكاية ل قتال تكي‪ ،‬وأنه ث من سيقطف ثرة هذا الهاد البارك ويعتلي سدة الكم‬
‫على حساب دماء الجاهدين‪.‬‬

‫فنقول؛‬

‫‪289‬‬
‫إن ال سبحانه وتعال قد فرض على عباده اتباع أمره وتطبيق شرعه‪ ،‬ول يتعبدهم با غاب‬
‫عنهـم وخفـي حاله عليهـم‪ ،‬وإن ال سـبحانه قـد أمرنـا بقتال الكفار حتـ ل تكون فتنـة‬
‫ويكون الد ين كله ل‪ ،‬وهذا ف جهاد الطلب‪ ،‬ف ما بالك ف م ثل حال نا؟ والعدو قد صال‬
‫ض الْ ُم ْؤمِنِيَ عَ سَى اللّ هُ‬
‫علينا‪ ،‬قال تعال‪َ{ :‬فقَاتِلْ فِي َسبِيلِ اللّ ِه ل ُتكَلّ فُ إِلّا َنفْ سَكَ وَ َحرّ ِ‬
‫س الّذِينَ َكفَرُوا وَاللّهُ َأشَ ّد َبأْسا َوَأشَ ّد َتنْكِيلً } [النساء‪.]84:‬‬‫ف بَأْ َ‬
‫أَ ْن َيكُ ّ‬

‫قال الصاص ف أحكامه‪( :‬ومعلوم ف اعتقاد جيع السلمي؛ أنه إذا خاف أهل الثغور من‬
‫العدو ول ت كن في هم مقاو مة ل م‪ ،‬فخافوا على بلد هم وأنف سهم وذراري هم‪ ،‬أن الفرض‬
‫على كافة المة؛ أن ينفر إليهم من يكف عاديتهم عن السلمي‪ ،‬وهذا ل خلف فيه بي‬
‫المة‪ ،‬إذ ليس من قول أحد من السلمي إباحة القعود عنهم حت يستبيحوا دماء السلمي‬
‫وسب ذراريهم)‪ ،‬انتهى كلمه رحه ال‪.‬‬

‫وقال ش يخ ال سلم ا بن تيم ية‪( :‬وإذا د خل العدو بلد ال سلم؛ فل ر يب أ نه ي ب دف عه‬


‫على القرب فالقرب‪ ،‬إذ بلد السلم كلها بنلة البلدة الواحدة‪ ،‬وأنه يب النفي إليه بل‬
‫إذن والد ول غري‪ ،‬ونصوص أحد صرية بذا)‪.‬‬

‫وقال أيضا‪( :‬فالعدو ال صائل‪ ،‬الذي يف سد الدين والدنيا‪ ،‬ل شيء أوجب بعد اليان من‬
‫دفعه)‪ ،‬انتهى كلمه رحه ال‬

‫فنحن مأمورون بدفع هذا العدو الصائل‪ ،‬بل ونعتقد بناء على ما سبق من كلم أئمتنا؛ أن‬
‫المة آثة ف تلفها وقعودها عن نصرة الجاهدين ‪ -‬علماؤها ودعاتا وعوامها –‬

‫فلو أن كل مسلم أخذ بقتضى هذه الشبهة لا قامت للسلم قائمة‪ ،‬وما رفعت للمسلمي‬
‫را ية‪ ،‬و هل يع ن ال خذ بذه القالة سوى الت ثبيط عن القتال ف سبيل ال وتعط يل الهاد‬
‫وإيقافه وتسليم البلد والعباد للصليبيي وأعوانم من الرتدين ليفعلوا بم ما يشاءون؟‬

‫‪290‬‬
‫و هل القول بأن ث من سيقطف الثمرة غ ي الجاهد ين إل ر جم من الغ يب وضرب من‬
‫التخمي؟ ومت كان قطف الثمرة دليلً على صحة الفعل من عدمه؟!‬

‫ففي الصحيحي عن خباب بن الرت رضي ال عنه قال‪( :‬هاجرنا مع النب صلى ال عليه‬
‫وسلم نريد وجه ال‪ ،‬فوقع أجرنا على ال‪ ،‬فمنا من مضى ل يصد من أجره شيئا‪ ،‬منهم‬
‫م صعب بن عم ي؛ قُ تل يوم أ حد وترك نرة‪ ،‬فك نا إذا غطي نا ب ا رأ سه بدت رجله‪ ،‬وإذا‬
‫غطينا رجليه بدى رأسه‪ ،‬فأمرنا رسول ال صلى ال عليه وسلم؛ أن نغطي رأسه ونعل‬
‫على رجليه شيئا من إذخر‪ ،‬ومنا من أينعت له ثرته فهو يهذبا)‪.‬‬

‫إن الذي نعر فه من د ين ال؛ أن نا أمر نا بامتثال أمره‪ ،‬والنف ي خفافا وثقالً ف سبيله‪ ،‬ث‬
‫النتائج مردها إل ال سبحانه وتعال وليس إلينا‪.‬‬

‫فعليك بذر الب ل قطف الن *** وال للساعي خي معي‬

‫ل قد تالت تالفات ال شر وقوى الك فر على الدي نة‪ ،‬تر يد ا ستئصال شا فة ال سلمي يوم‬
‫الحزاب‪ ،‬وأ صاب ال سلمي من الوف ما أ صابم‪ ،‬ح ت أن ال نب صلى ال عل يه و سلم‬
‫قال‪( :‬أل ر جل يأتي نا ب ب القوم‪ ،‬جعله ال م عي يوم القيا مة؟)‪ ،‬يكرر ها مرارا ول يي به‬
‫أحد‪ ،‬وكان النب صلى ال عليه وسلم مع ذلك كله يبشر أصحابه بقصور الية ومدائن‬
‫كسرى‪ ،‬فيقول النافقون‪( :‬أل تعجبون؟! يدثكم ويعدكم وينيكم الباطل‪ ،‬يب أنه يبصر‬
‫مـن يثرب قصـور الية ومدائن كسـرى‪ ،‬وأناـ تفتـح لكـم‪ ،‬وأنكـم تفرون الندق ول‬
‫تستطيعون أن تبزوا!)‪.‬‬

‫إن الواحد منا ل يكنه أن يعيش معزولً عن ماضي أسلفه‪ ،‬فتارينا الشرق قد حوى لنا‬
‫مئات الوادث النا صعة وال صفحات الضيئة‪ ،‬ال ت ن ستمد من ها ‪ -‬ب عد ال تعال ‪ -‬العون‬
‫صهِمْ عِبْ َرةٌ ِلأُولِي الْأَْلبَا بِ }‬
‫صِ‬‫والثبات على ما ن ن ف يه‪ ،‬ك ما قال تعال‪َ{ :‬لقَدْ كَا نَ فِي قَ َ‬
‫[يوسف‪.]111:‬‬

‫‪291‬‬
‫وانطلقا من هذا؛ أحببت أن أذكر لمت قصة من قصص العز والباء‪ ،‬وصورة من صور‬
‫الفخر والكبياء‪ ،‬علها تكون عونا على نفض غبار الذل الذي تغشانا‪ ،‬وسبيلً لرفع الضيم‬
‫والعار الذي نزل بنا‪ ،‬مع مقارنة بسيطة ف أحداثها ووقائعها ومواقف أصحابا مع واقع‬
‫أمت اليوم ومواقف أبنائها‪...‬‬

‫(ف في سنة ثلث و ستي وأربعمائة؛ أق بل ملك الروم "أرمانيوس" ف جحا فل أمثال البال‬
‫من الروم والكرج والفر نج‪ ،‬وعدد عظي مه‪ ،‬وت مل هائل‪ ،‬وم عه خ سة وثلثون ألفا من‬
‫البطارقة‪ ،‬مع كل بطريق ما بي ألفي فارس إل خسمائة فارس‪ ،‬ومعه من الفرنج خسة‬
‫وثلثون ألفا‪ ،‬ومن الغُزّ الذين يكونون وراء القسطنطينية خسة عشر ألفا‪ ،‬ومعه مئة ألف‬
‫نقاب وحفار‪ ،‬وألف روزجاري‪ ،‬ومعـه أربـع عجلة تمـل النعال والسـامي‪ ،‬وألفـا عجلة‬
‫تمل السلح والسروج والعرابات والجانيق‪ ،‬منها منجنيق يده ألف ومائتا رجل‪ ،‬ومن‬
‫عزمه ‪ -‬قبحه ال ‪ -‬أن يتث السلم وأهله‪ ،‬وقد اقطع بطارقته البلد حت بغداد)‪.‬‬

‫أقول؛ ما أش به الليلة بالبار حة‪ ،‬أل يس هذا هو حال عُباد ال صليب اليوم؟ عند ما أتوا إل‬
‫العراق بكامل عددهم وعدتم‪ ،‬ببارجاتم وقاذفاتم وطائراتم ودباباتم ومدرعاتم‪ ،‬وبا‬
‫يز يد على مئة وخ سي ألفا من جنود هم‪ ،‬ب ساندة أك ثر من ثلث ي دولة من أ مم الك فر‬
‫واللاد‪ ،‬ف أكب حلة صليبية تشهدها البلد‪ ،‬يرومون القضاء على السلم وأهله‪ ،‬تت‬
‫مسميات "القضاء على الرهاب والقاعدة"‪ ،‬و "ماربة الصولية التشددة"‪ ،‬وغي ذلك ما‬
‫عاد ل ينطلي إل على من أعمى ال بصره وختم على قلبه‪.‬‬

‫(واسـتوصى نائبهـا بالليفـة خيا‪ ،‬فقال له؛ "أرفـق بذلك الشيـخ فإنـه صـاحبنا"‪ ،‬ثـ إذا‬
‫ا ستوثقت مالك العراق وخرا سان ل م مالوا على الشام وأهله ميلة واحدة فا ستعادوه من‬
‫أيدي السلمي‪ ،‬واستنقذوه ‪ -‬فيما يزعمون ‪ -‬والقدر يقول‪َ{ :‬لعَمْرُكَ ِإّنهُمْ َلفِي َسكْ َرِتهِمْ‬
‫َيعْ َمهُونَ} [الجر‪.)]72:‬‬

‫‪292‬‬
‫قلت؛ أل ي كن هذا مطط هم عقب غزوهم لرض الرافد ين؟! أن ييلوا على الشام وأهله‪،‬‬
‫ب جة إيوائها للبعثي ي‪ ،‬وعدم منعها لت سلل القاتل ي‪ ،‬لول أن ال تعال ردّ كيد هم وأحبط‬
‫مكر هم عب ضربات الجاهد ين ال صادقي‪ ،‬و هم ما زالوا على تنف يذ مطط هم حري صي‪،‬‬
‫وف سبيل تقيقه سائرين‪ ،‬للتمكي لدولة إسرائيل من الفرات إل النيل‪ ،‬ومن يدري فاليام‬
‫حبال وإن غدا لناظره لقريب‪.‬‬

‫(فالتقاه ال سلطان "ألب أرسلن" ف جي شه و هم قريب من عشر ين ألفا‪ ،‬ف يوم الربعاء‬
‫لمـس بقيـ مـن ذي القعدة‪ ،‬وخاف السـلطان مـن كثرة جنـد ملك الروم‪ ،‬وكان اللك‬
‫"ألب أرسلن" التركي سلطان العراق والعجم يومئذ‪ ،‬قد جع وجوه ملكته‪ ،‬وقال؛ "قد‬
‫علم تم ما نزل بال سلمي ف ما رأي كم؟"‪ ،‬قالوا؛ "رأي نا لرأ يك ت بع‪ ،‬وهذه الموع ل ق بل‬
‫لحـد باـ"‪ ،‬قال؛ "وأيـن الفـر؟ ل يبـق إل الوت‪ ،‬فموتوا كراما أحسـن"‪ ،‬قالوا؛ "أمّا إذ‬
‫سـحت بنفسـك‪ ،‬فنفوسـنا لك لفداء"‪ ،‬فعزموا على ملقاتمـ‪ ،‬وقال؛ "نلقاهـم فـ أول‬
‫بلدي"‪ ،‬فخرج ف عشرين ألفا من الماد الشجعان النتخبي‪ ،‬فلما ساروا مرحلة عرض‬
‫على ع سكره فوجد هم خ سة ع شر ألفا ورج عت خ سة‪ ،‬فل ما سار مرحلة ثان ية عرض‬
‫ع سكره فإذ هم اث ن ع شر ألفا‪ ،‬فل ما واجه هم ع ند ال صباح رأى ما أذ هل العقول وح ي‬
‫اللباب‪ ،‬وكان ال سلمون كالشا مة البيضاء ف الثور ال سود‪ ،‬ول ا الت قى المعان‪ ،‬وتراءى‬
‫الك فر واليان‪ ،‬وا صطدم البلن‪ ،‬طلب ال سلطان الد نة‪ ،‬قال "أرمانوس"؛ "ل هد نة إل‬
‫ببذل الري" ‪ -‬أي البلد ‪.)-‬‬

‫قلت؛ أل يكن هذا حال "أرمانوسهم" ‪-‬بوش‪ !-‬أول غزوه لفغانستان والعراق‪ ،‬فكان ل‬
‫يلوي على شيء‪ ،‬ل يق بل هدنة‪ ،‬ول يرضى مصالة‪ ،‬ح ت إذا ما أذاقه ال وجنوده طعم‬
‫الذل والزية على أيدي عباده الجاهدين وأوليائه الصادقي راح ينادي بضرورة فتح باب‬
‫التحاور وحل السألة عن طريق التفاوض‪.‬‬

‫‪293‬‬
‫(فحمي السلطان وشاط‪ ،‬فقال إمامه أبو نصر ممد بن عبد اللك البخاري؛ "إنك تقاتل‬
‫عن دين وعد ال بنصره‪ ،‬ولعل هذا الفتح باسك‪ ،‬فالقهم وقت الزوال"‪ ،‬وكان يوم جعة‪،‬‬
‫قال؛ "فإنه يكون الطباء على النابر وإنم يدعون للمجاهدين")‪.‬‬

‫أقول؛ وهنا يأت دور الئمة والعلماء‪ ،‬ف تثبيتهم للقادة والمراء‪ ،‬وحثهم على قتال العدو‬
‫وحربه‪ ،‬وتذكيهم بتأييد ال لزبه‪ ،‬ونصرته لوليائه وجنده‪ ،‬وكما قيل‪" :‬قوام هذا الدين‬
‫بكتاب يهدي وبسيف ينصر‪ ،‬وكفى بربك هاديا ونصيا"‪.‬‬

‫وتأمل قوله‪( :‬فإنه يكون الطباء على النابر‪ ،‬وإنم يدعون للمجاهدين)‪ ،‬ث افسح الجال‬
‫لعينيك لتجودا بالدمع حزنا وألا على ما آل إليه حال المة اليوم‪ ،‬فليت أئمتنا وخطبائنا‬
‫إذ ل ينفروا بأنفسهم لنصرة الستضعفي‪ ،‬ول ياهدوا بألسنتهم أعداء الدين‪ ،‬ول ينصروا‬
‫بدعائهم الوحدين‪ ،‬كفوا ألسنتهم عن الجاهدين‪ ،‬ول يكونوا أعوانا للصليبيي والرتدين‪.‬‬

‫وال إن أمة تدعوا وتقنت على خية أبنائها الجاهدين لي أمة سوء‪ ،‬إن أمة تدعو وتقنت‬
‫على "يوسف العييي"‪ ،‬و "عبد العزيز القرنط"‪ ،‬و "تركي الدندن"‪ ،‬و"حد الميدي"‪،‬‬
‫و "عيسى العوشن"‪ ،‬و "عبد ال الرشود"‪ ،‬و "صال العوف" و غيهم من الجاهدين؛‬
‫لي أمة سوء‪.‬‬

‫(ف صلوا‪ ،‬وب كى ال سلطان‪ ،‬ود عا وأمّنوا‪ ،‬و سجد وعفّر وجه هن وقال؛ " يا أمراء من شاء‬
‫فلين صرف‪ ،‬ف ما هاه نا سلطان"‪ ،‬وع قد ذ نب ح صانه بيده‪ ،‬ول بس البياض وتنّط‪ ،‬وقال؛‬
‫"ليودع كل واحد صاحبه وليوصي"‪ ،‬ففعلوا ذلك‪ ،‬وقال؛ "إن عازم على أن أحل فاحلوا‬
‫م عي"‪ ،‬وتوا قف الفريقان‪ ،‬وتوا جه الفتيان‪ ،‬نزل ال سلطان عن فر سه و سجد ل عز و جل‬
‫ومرّغ وجهه ف التراب ودعا ال واستنصره)‪.‬‬

‫أقول؛ وهذه سنة ال سبحانه وتعال‪ ،‬ل بد من الواجهة مع قوى الشر‪ ،‬ولبد من لظة‬
‫ال صدام مع تالفات الك فر‪ ،‬فإ نه لن يكون الر فع لذه الذلة ال ت تعيش ها ال مة اليوم إل‬

‫‪294‬‬
‫بإعلء رايـة الهاد واسـتنـزال النصـر مـن رب العباد‪ ،‬ولن تضرب شجرة هذا الديـن‬
‫جذورها ف أرضنا حت تسقيها المة من دماء أبنائها كما سقاها الولون‪ ،‬ولن يقوم لنا ما‬
‫قام للولي حت نبذل ما بذلوه‪.‬‬

‫(فأنزل ال نصره على السلمي‪ ،‬ومنحهم أكتافهم‪ ،‬فقتلوا منهم خلقا كثيا‪ ،‬وأُسر ملكهم‬
‫"أرمانوس"‪ ،‬وجلس "أل بُ أرسلن" على كرسي اللك ف مضربة ف سرادقه على فراشه‪،‬‬
‫وأكل من طعامه ولبس من ثيابه‪ ،‬وأُحضر اللك بي يديه وف عنقه حبل‪ ،‬فقال؛ "ما كنت‬
‫"ألبـ أرسـلن"؛‬
‫ُ‬ ‫صـانعا لوظفرت بـ؟"‪ ،‬قال؛ "أو تشـك أنـت فـ قتلك حينئذ؟"‪ ،‬قال‬
‫"وأ نت أ قل ف عي ن من أن أقتلك‪ ،‬اذهبوا فبيعوه"‪ ،‬فطافوا به ج يع الع سكر وال بل ف‬
‫عن قه‪ ،‬يُنادى عل يه بالدرا هم والفلوس ف ما يشتر يه أ حد‪ ،‬ح ت انتهوا ف آ خر الع سكر إل‬
‫رجل فقال؛ "إن بعتومونيه بذا الكلب‪ ،‬اشتريته"‪ ،‬فأخذوه وأخذوا الكلب‪ ،‬وأتوا بما إل‬
‫"ألب أرسلن"‪ ،‬وأخبوه با صنعوا به وبا دُفع فيه‪ ،‬فقال؛ "الكلب خي منه‪ ،‬لنه ينفع‬
‫وهذا ل ين فع‪ ،‬خذوا الكلب‪ ،‬وادفعوا له هذا الكلب"‪ ،‬ث إ نه ب عد ذلك أ مر بإطل قه وأن‬
‫يعل الكلب قرينه مربوطا ف عنقه‪ ،‬ووكل به من يوصله إل بلده‪ ،‬فلما وصل عزلوه عن‬
‫اللك وكحلوه‪ ،‬فلله المد والنة)‪.‬‬

‫وهذه رسالة إل الرائر من نساء الرافدين خاصة وإل نساء المة عامة؛‬

‫أين أنت من هذا الهاد البارك؟‬


‫وماذا قدمت لذه المة؟‬

‫أل تتقي ال ف أنفسكن؟‬


‫أتُربي أولدكن ليذبوا على موائد الطواغيت؟‬

‫أرضيت بالنوع والقعود عن هذا الهاد؟‬


‫أل ترين أن الرجال قد أذالوا اليل ووضعوا السلح وقالوا؛ "ل جهاد"؟‬

‫‪295‬‬
‫فما لكن ل تلقي أولدكن ف أتون العركة حت يصطلوا بنارها ويدافعوا عن هذا الدين؟‬
‫لاذا ل ترضن أزواجكن وأولدكن على جهاد الصليبيي وقتال الرتدين‪ ،‬وبذل نفوسهم‬
‫ودمائهم رخيصة ف سبيل هذا الدين؟‬

‫ل قد كا نت الرأة من الشرك ي ف يوم أ حد ‪-‬و هن على البا طل‪ -‬ت مل مع ها الكا حل‬
‫والراود‪ ،‬فكلما ولّى رجل أو تكعكع ناولته إحداهن مرودا ومكحلة‪ ،‬وقلن له؛ "إنا أنت‬
‫امرأة"‪ ،‬فما بالكن وأنت على الق؟!‬

‫ال‪ ...‬ال ف أنفسكن‪ ،‬أعتِقنَها من النار‪ ،‬وصية النب صلى ال عليه وسلم لكنّ‪( :‬يا معشر‬
‫النساء تصدقن‪ ،‬فإن رأيتكن أكثر أهل النار)‪.‬‬

‫ال‪ ...‬أل يا حفيدات أم عمارة‪...‬‬

‫وما أدراكن ما أم عمارة؟‬

‫قال عنها النب صلى ال عليه وسلم يوم أحد‪( :‬لقامها اليوم خي من مقام فلن وفلن)‪.‬‬

‫قالت أم عمارة‪( :‬لقد رأيت ن‪ ،‬وانك شف الناس عن ر سول ال صلى ال عليه وسلم‪ ،‬ف ما‬
‫بقي معه إل نفر ما يُتمون عشرة‪ ،‬وأنا وابناي وزوجي بي يديه‪ ،‬نذب عنه‪ ،‬والناس يرون‬
‫ل موليا وم عه ترس‪،‬‬ ‫منهزم ي وراء ال نب صلى ال عل يه و سلمن ول ترس م عي‪ ،‬فرأى رج ً‬
‫فقال له؛ "ألق تر سك إل من يقا تل"‪ ،‬فألقاه‪ ،‬فأخذ ته‪ ،‬فجعلت أترّس به عن ر سول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم‪ ،‬وإنا فعل بنا الفاعيل أصحاب اليل لو كانوا رجّالة مثلنا أصبناهم‬
‫إن شاء ال‪ ،‬فيقبـل رجـل على فرس فيضربنـ‪ ،‬وتترسـت له‪ ،‬فلم يصـنع شيئا‪ ،‬وولّى‪،‬‬
‫فأضرب عرقوب فرسه فوقع على ظهره‪ ،‬فجعل النب صلى ال عليه وسلم يصيح‪" :‬يا ابن‬
‫أم عمارة! أمك أمك")‪ ،‬قالت‪( :‬فعاونن عليه حت أوردته شعوب) ‪-‬تريد أنا قتلته‪-‬‬

‫‪296‬‬
‫وكانت رضي ال عنها ل ترى الطر يدنو من رسول ال صلى ال عليه وسلم حت تكون‬
‫سداده ومل لوته‪ ،‬حت قال النب صلى ال عليه وسلم‪( :‬ما التفت يينا ول شا ًل إل وأنا‬
‫أراها تقاتل دون)‪.‬‬

‫وشهدت رضي ال عنها اليمامة‪ ،‬فقاتلت حت قطعت يدها وجرحت اثنا عشر جرحا‪.‬‬

‫إن الرأة الجاهدة هي الت ترب وليدها؛ ل ليعيش‪ ،‬بل ليُقاتل‪ ،‬ث ليُقتل‪ ،‬ث ليعيش فيكون‬
‫حرا‪ ...‬ما أعظمها من هة‪ ،‬وما أساها من نية‪.‬‬

‫ذ كر أ هل ال سي؛ أن خالدا بن الول يد ر ضي ال ع نه بل غه أن جيشا كبيا من الروم قد‬


‫نزلوا بأجناديـن مـن جنوب فلسـطي‪ ،‬وأن نصـارى العرب وأهـل الشام قـد سـارعوا‬
‫ض جنده ويُحم سهم‪ ،‬وأقام ن ساء‬
‫بالنضمام إل يه‪ ،‬فخرج خالد ف صفّ قوا ته‪ ،‬وأق بل يُحر ُ‬
‫السلمي خلف اليش يبتهلن إل ال ويدعونه ويستغثنه‪ ،‬وكلما مر بن رجل من السلمي‬
‫دفعـن إليـه أولدهـن وقلن له‪( :‬قاتلوا دون أولدكـم ونسـائكم)‪ ،‬كمـا أمرهـن خالد أن‬
‫يُحرمن على الرجال ما كان مباحا لم معهن‪ ،‬ث حل خالد وصحبه على الروم‪ ،‬فما صب‬
‫الروم لمـ فواقا‪ ،‬وانزموا هزيةـ شديدة‪ ،‬وقتلهـم السـلمون كيـف شاءوا‪ ،‬وأصـابوا‬
‫معسكرهم وما حوى‪.‬‬

‫ال‪ ...‬ال يا حفيدات صفية وأساء والنساء‪.‬‬

‫أل ترين أن المة تُنحر من الوريد إل الوريد‪ ،‬وتُستباح من شالا إل جنوبا‪ ،‬ومن شرقها‬
‫إل غربا؟‬
‫أل يبلغكن ما تلقيه أخواتكن ف سجون القهر الصليب؟‬
‫وهل استشعرت إحداكن أن لو كانت مكانن كيف سيكون حالا وأنا تتمن من أبناء‬
‫المة استنقاذها وفك أسرها؟‬

‫‪297‬‬
‫ول قد ب عث ل كث ي من الخوات الجاهدات ف أرض الرافد ين‪ ،‬يطل ب القيام بعمليات‬
‫استشهادية‪ ،‬ويلححن ف طلب ذلك‪ ،‬وقد كتبت ل إحداهن رسالة سطرتا بزيج دمعها‬
‫ودمها‪ ،‬وذلك بعد استشهاد الخوة ف عملية أب غريب‪ ،‬الت كانوا يرومون منها استنقاذ‬
‫السيات من سجون القهر الصليب‪ ،‬كتبت تلح علي فيها بتنفيذ عملية استشهادية‪ ،‬قائلة‪:‬‬
‫(إن الياة ل تطيب بعد مقتل هؤلء)‪ ،‬واستحلفتن بال طويلً أن أستجيب لا ف طلبها‪،‬‬
‫وم نذ ذلك اليوم وإل هذه ال ساعة ‪ -‬وذلك قرا بة ثان ية أش هر ‪ -‬و هي توا صل ال صوم ل‬
‫تفطر‪.‬‬

‫ويعلم ال مقدار تأثري بكلمات ا و ما تال كت نف سي فبك يت أ سفا على حال هذه ال مة‪،‬‬
‫ألذا الد وصلت الهانة بأمت‪ ،‬هل فن الرجال فاضطررنا لتجنيد النساء؟! أليس من العار‬
‫على أبناء أمتـ أن تطلب أخواتنـا الطاهرات العفيفات أن يقمـن بالعمليات السـتشهادية‬
‫ورجال أمت ف سباتم نائمون وف لوهم يلعبون؟!‬

‫وهذه رسالة إل عدو ال "بوش"؛‬

‫ل قد غر تك من ق بل قو تك‪ ،‬وامتل بالبا طل صدرك‪ ،‬وخ ضت الرب على أفغان ستان‪،‬‬


‫وزع مت أنك توض حربا مقدسة‪ ،‬وأن إل ك هو من أمرك بذه الرب‪ ،‬ث سولت لك‬
‫نفسك فثنيت بالرب على العراق للتمكي لدولة إسرائيل‪ ،‬وظننت أن المر سيسي وفق‬
‫ما خط طت له وهو يت‪ ،‬و ما دار ف خلدك أن ال قد ا ّد خر لك ما ي سؤك على يدي فئة‬
‫قليلة من أبناء العقيدة وجنود التوحيد‪ ،‬من مهاجرين وأنصار‪ ،‬الذين مرغوا أنف جيشك‬
‫ف التراب على مرأى ومسمع من العال أجع‪.‬‬

‫فأين إل ك الذي زع مت؟ فلتدعه فلينقذك وجنودك من هذا ال ستنقع الذي غرق تم ف يه إن‬
‫كنت من الصادقي!‬

‫‪298‬‬
‫لقـد قلت مـن قبـل‪( :‬أن الله الذي يعبده هؤلء الجاهدون هـو إله وثنـ فاسـد) ‪-‬كمـا‬
‫زعمت‪ ،-‬وما دريت بأن الله الذي نعبده ونلوذ به ونتوكل عليه هو الذي قذف الرعب‬
‫ف قلوب جنودك وربط على قلوب هذه الفئة الصابرة‪.‬‬

‫وإل فقل ل؛ من الذي أظهر هؤلء الشعث الغب‪ ،‬القليلة أعدادهم‪ ،‬الضعيفة عُددهم‪ ،‬على‬
‫جيشك العرمرم وآلتك العسكرية الضخمة؟‬

‫إ نه ال سبحانه وتعال‪ ،‬الذي أهلك أ صحاب الف يل يوم أن أقبلوا بحافل هم لدم الكع بة‪،‬‬
‫فأرسل عليهم طيا أبابيل ترميهم بجارة من سجيل‪.‬‬

‫ودعن أهس ف أذنك الصماء يا "صاحب الفيل"؛‬

‫إن الله الذي تعبده أيها الحق‪ ،‬ويعبده أذنابك من الروافض الاقدين‪ ،‬لو إله سوء‪ ،‬وإن‬
‫م سيحك الذي تنتظره و "ع سكريهم" الذي ينتظره أذنا بك الروا فض‪ ،‬ل و إله وا حد‪ ،‬إ نه‬
‫السيح الدجال‪ ،‬فابثوا عنه ف سرداب سامراء‪ ،‬أو ف سهل "ميدو" لعله ينقذكم‪.‬‬

‫و سننظر أيها الحق الطاع من سينتصر ف ناية العركة؛ أإلنا أم إلكم‪{ ،‬أَ مْ َلهُ مْ آِل َهةٌ‬
‫حبُونَ} [النبياء‪.]43:‬‬ ‫سهِ ْم وَل هُ ْم ِمنّا ُيصْ َ‬
‫ستَطِيعُو َن نَصْرَ أَْنفُ ِ‬
‫تَ ْمَنعُهُ ْم مِنْ دُوِننَا ل يَ ْ‬

‫أمة السلم؛‬

‫إننا نعت قد أن الهاد ف العراق فتنة وابتلء وتح يص من ال ليم يز ال صادق من الكاذب‪،‬‬
‫والبيث من الطيب‪ ،‬ولعله قد بلغكم خطة الكر الصليب الت لأ إليها بنو الصفر‪ ،‬بعد أن‬
‫وأقضـ مضاجعهـم وأرّقـت ليلهـم ضربات الجاهديـن التتاليـة‪ ،‬والتـ أفقدت‬
‫ّ‬ ‫أفزعهـم‬
‫الصليبيي توازنم‪ ،‬وأصبح رموز البيت السود يتخبطون ف تصرياتم‪ ،‬فصرحوا بوافقتهم‬
‫على التفاوض مع "القاو مة ال سلحة" الزعو مة ف العراق‪ ،‬يرومون من ذلك و قف نز يف‬

‫‪299‬‬
‫الدم التوا صل من قوات ال صليبيي وأذناب م من الرتد ين وماولة شق صفوف الجاهد ين‬
‫والتشويش على راية الهاد الصافية‪ ،‬ولنا وقفة مع خطة الكر هذه‪ ،‬فنقول‪:‬‬

‫ل بد أن يعلم القا صي والدا ن؛ بأن العدو ال صليب عند ما اجتاح العراق و سقط حزب‬
‫الب عث الكا فر وتاوت رموزه وأذنا به وانفرط ع قد جي شه‪ ،‬ن ض الجاهدون يذودن عن‬
‫حياض هذا الد ين لرد الغزاة الحتل ي‪ ،‬وقا مت سوق الهاد‪ ،‬وت سابق البطال إل اللد‪،‬‬
‫وتر كت كتائب ال ستشهاديي‪ ،‬فأحالوا ل يل العدو ممرا‪ ،‬وا نبت الكتائب والجام يع‪،‬‬
‫وتقد مت الزحوف‪ ،‬والتح مت ال صفوف‪ ،‬يذيقون العدو كأس التوف‪ ،‬وانق ضت أ سود‬
‫التوحيـد عليهـم انقضاض الصـقور على بُغاث الطيور‪ ،‬فخرقوهـم بددا‪ ،‬وجعلوهـم فددا‪،‬‬
‫فقامت سوق النان‪ ،‬وتسابق الشجعان‪ ،‬كل يبتغي جوار الرحن‪.‬‬

‫فتخلخلت صفوف العدو ودب الرعب ف قلوبم‪ ،‬وتزلزلت قواعدهم وحصونم‪ ،‬وبدأت‬
‫بفضـل ال تتضـح معال العركـة‪ ،‬وكثرت خسـائر العدو فـ العدات والرواح‪ ،‬وأصـبح‬
‫العراق بأكمله جحيما على ُعبّاد الصـليب‪ ،‬واتسـع الرق على الراقـع‪ ،‬وانكشـف ظهـر‬
‫العدو‪ ،‬ول يعـد باسـتطاعتهم أن يغطوا حقيقـة العركـة‪ ،‬فعمدوا كمـا أسـلفنا إل التيان‬
‫بب عض الرتز قة من أبناء جلدت نا‪ ،‬على أن م يثلون "القاو مة"‪ ،‬ح ت يكونون الواج هة ال ت‬
‫تقطف ثار الهاد‪ ،‬وليسعوا إل إنقاذ السيد المريكي من الستنقع الذي غرق فيه‪.‬‬

‫فأ ين هذه "القاو مة"؟! وأ ين هم فر سانا؟ الذ ين ل ن سمع ب م ول نر هم طوال أك ثر من‬


‫سنتي من الرب الضروس؟ فأ ين هم وأ ين تضحيات م؟ وأ ين صولتم وجولت م على‬
‫الصليبيي ف أرض العراق؟ أين كانت هذه الثعالب يوم أن كانت العارك تدور رحاها ف‬
‫الفلوجة وف القائم والوصل وديال وسامراء وغيها؟‬

‫أف السلم أعيارا جفاءً وغلظة *** وف الرب أشباه النساء العوارك‬

‫ون ن ‪-‬بف ضل ال‪ -‬على علم ودرا ية ب ا يُحاك ل نا ف الفاء من مؤامرات ين سجها ُعبّاد‬
‫الصليب مع الروافض الاقدين ‪-‬وللسف‪ -‬مع بعض الحزاب "الستسلمية" الحسوبة‬

‫‪300‬‬
‫زورا وبتانا على ال سلم والجاهد ين‪ ،‬ك ـ "الزب ال سلمي"‪ ،‬وب عض رموز العشائر‬
‫الذين ارتضوا بأن يكونوا مطايا للصليبيي لتنفيذ مططهم ف القضاء على الهاد وأهله‪.‬‬

‫فنقول لؤلء التآمرين؛‬

‫إن جهادنا هو لنصرة هذا الدين وتكيم شريعة رب العالي‪ ،‬ورد عادية الصليبيي‪ ،‬وإننا‬
‫لنقا تل عن د ين‪ ،‬هو دي نٌ عظ يم‪ ،‬هو د ين رب العال ي‪ ،‬فالذي كفا نا م كر ال صليبيي ف‬
‫اليام السابقة؛ قادرٌ على أن يكفينا مكركم‪ ،‬ويفضح خبيئتكم‪ ،‬ويكشف سوأتكم‪.‬‬

‫ويْحَكُم أيّ ها الُج ِرمُون؛ لئن تلقوا ال بذنوب كأمثال جبال تا مة خ ي ل كم من أن تلقوه‬
‫ش ُة‬
‫حبّو نَ أَ نْ تَشِي َع اْلفَاحِ َ‬
‫بذنب عظيم‪ ،‬وهو التآمر على الهاد والجاهدين‪{ ،‬إِنّ الّذِي َن يُ ِ‬
‫فِي الّذِينَـ آ َمنُوا َلهُم ْـ عَذَابٌـأَلِيمٌـ فِي ال ّدنْيَا وَالْآخِ َرةِ} [النور‪ ،]19:‬وهـل هناك أعظـم‬
‫فاحشة من تعطيل الهاد‪ ،‬الذي بتعطيله تُنتهك العراض وتُستباح الديار؟‬

‫ها قد رضيتم بالساهة ف كتابة دستور البلد‪ ،‬والشاركة ف تعبيد اللق لغي ربّ العباد‪،‬‬
‫مع اليهود وال صليبيي والروا فض الاقد ين؛ ويال ا من جري ة تقش عر من ها اللود وتشمئز‬
‫ض َطوْعا وَكَرْها‬
‫منها النفوس‪{ ،‬أََف َغيْرَ دِي نِ اللّ ِه َيْبغُو نَ وَلَ هُ أَ سَْل َم مَ نْ فِي ال سّمَاوَاتِ وَاْلأَرْ ِ‬
‫َوإِلَيْ ِه يُرْ َجعُونَ} [آل عمران‪.]83:‬‬

‫فليسمع القاصي والدان؛‬

‫أننا نعلنها بيضاء صافية؛ بأننا لن نُسلم راية الهاد والبلد إل من ل يؤتنون على أمور‬
‫الدنيا فضلً عن أمور الدين‪ ،‬بل ما صار لم قيمة وما اضطر العدو للجلوس معهم إل‬
‫بدماء الجاهدين‪.‬‬

‫ووال! لن نتوقف عن قتال الصليبيي وأعوانم من الرتدين‪ ،‬إل أن نكون ف باطن الرض‬
‫ل على ظاهرها‪.‬‬

‫‪301‬‬
‫وليعلم أصحاب منهج "إمساك العصا من الوسط"؛ أنه قد ول الزمان الذي يُتاجر به بدماء‬
‫الجاهدين وتُتخذ جاجهم جسرا يعب عليه النتفعون‪.‬‬

‫وأمّا أنتم أيها الجاهدون‪ ..‬يا ليوث المى وأسود الوغى؛‬

‫إن العدو يعيش أسوأ أيامه على أرض الرافدين‪ ،‬فقد عَظُمت فيه النكاية‪ ،‬وأثخنته الراح‪،‬‬
‫ومعنويات جنوده ف أد ن م ستوى ل ا‪ ،‬ويظ هر ذلك جليا على فلتات ت صريات قادت م‬
‫وكبائهم‪ ،‬حت صرّح بعض أعضاء "الكونرس"؛ بأن أمريكا تسر الرب ف العراق‪ ،‬وما‬
‫ذلك إل بف ضل ال سبحانه وتعال ث بف ضل ضربات كم الركزة والوج عة‪ ،‬وال ت جعلت هم‬
‫يفزعون إل الشرق والغرب‪ ،‬ويســعون بكــل وســيلة وحيلة للقضاء على الهاد‬
‫والجاهدين‪.‬‬

‫فكونوا رحكم ال على حذر‪ ،‬واصبوا على ما أقامكم ال فيه‪ ،‬فإن هذه اليام وما بعدها‬
‫مطات حا سة ف تار يخ جهاد كم الشرق على أرض الرافد ين البي بة‪ ،‬واعلموا أن الن صر‬
‫مع الصب‪ ،‬وأن الفرج مع الشدة‪ ،‬وأن مع العسر يسرا‪.‬‬

‫ول يهولنّكم عدد أعداءكم ول عدته‪ ،‬فوالذي نفسي بيده ما انتصر السلمون ف معركة‬
‫مـن معارك السـلم بكثرة عدد ول عظيـم عدة‪ ،‬وإناـ بصـدق توكلهـم على مولهـم‬
‫وافتقارهم وذلم بي يديه‪.‬‬

‫ذكر الطبي وغيه؛ أن سعد بن أب وقاص رضي ال عنه توجه بعد القادسية إل الدائن‬
‫‪-‬عاصـمة كسـرى‪ -‬فوجـد عدوه قـد اعتصـموا منهـم بنهـر عظيـم يقذف بالزبـد لشدة‬
‫جريانه‪ ،‬فرأى سعد ف منامه؛ أن خيول السلمي قد اقتتحمت مياه دجلة وعبت وجاءت‬
‫بي عظيم‪ ،‬فلما أصبح قام بم خطيبا‪ ،‬وقال‪( :‬إن عدوكم قد اعتصم منكم بذا البحر‪،‬‬
‫فل تل صون إلي هم م عه‪ ،‬و هو يل صون إلي كم إذا شاءوا‪ ،‬فيناوشون كم ف سفنهم‪ ،‬ول يس‬
‫ورائ كم ش يء تافون أن تؤتوا م نه‪ ،‬و قد رأ يت أن تبادروا جهاد العدو بنيات كم ق بل أن‬

‫‪302‬‬
‫تفركم الدنيا‪ ،‬أل إن قد عزمت على قطع هذا البحر إليهم)‪ ،‬فقالوا جيعا‪( :‬عزم ال لنا‬
‫ولك على الرشد‪ ،‬فافعل)‪ ،‬فعبوا النهر وعامت بم اليل‪ ،‬وجعل سعد يقول‪( :‬حسبنا ال‬
‫ون عم الوك يل‪ ...‬ح سبنا ال ون عم الوك يل‪ ...‬وال لين صرن ال وليّه‪ ،‬وليُظهر نّ ال دي نه‪،‬‬
‫وليَهزم نّ ال عدوه‪ ،‬إن ل ي كن ف ال يش بغ يٌ أو ذنوب تغلب ال سنات)‪ ،‬فخرجوا من‬
‫ـ ل يصـى مـن الواهـر والكنوز‬ ‫ـ غرق منهـم أحـد‪ ،‬فهزموا الفرس‪ ،‬وغنموا م ا‬ ‫النهـر وم ا‬
‫العظيمة‪.‬‬

‫فهذا نر دجلة دونكم فاسألوه؛ هل جازه يوما سعدُ ومن معه بيولم؟‬
‫ث سلوه ثانية؛ كيف جازوه؟ وما الذي صنعوه؟‬

‫فسـيجيبكم بلسـان حاله؛ وماذا أ صنع برجال جاءوا من تل كم القفار ليقيموا شرع ال‪،‬‬
‫ويطهروا الرض من رجس الكفار‪ ،‬فما أنا إل خل قٌ من خلقه‪ ،‬وجندي من جنوده‪ ،‬ولئن‬
‫أتي تم بال سباب ال ت جاءوا ب ا لت سخرن ل كم جنود الرض وال سماوات‪{ ،‬يَا َأيّهَا الّذِي نَ‬
‫آ َمنُوا إِ ْن َتنْ صُرُوا اللّ َه َينْ صُرْ ُك ْم َويَُثبّ تْ أَقْدَا َمكُ مْ} [م مد‪ ،]7:‬أل ترون الزن باديا على‬
‫قسمات وجهي! كيف ل و ُعبّاد الصليب قد دنسوا مائي يوم أن تنكبتم عن طريق سعدٍ‬
‫وأصحابه‪ ،‬إن لتذكر تلك اليام فل أملك إل البكاء‪ ،‬حنينا وشوقا لولئك الرجال‪ ،‬لقد‬
‫كانت أسعد أيامي يوم أن جريتُ وهم على ظهري‪ ،‬أل من عودة يا أحفاد سعدٍ والثن؟‬

‫أيها الجاهدون؛‬

‫ل تستوحشوا من كثرة عدد أعدائكم وقلتكم‪ ،‬فكم من فئة قليلة غلبت فئة كثية بإذن ال‬
‫وال مع الصابرين‪ ،‬وقد انتصر نبيكم صلى ال عليه وسلم وأصحابه ف بدر وعدده أقل‬
‫منكم‪ ،‬وكذا ف مؤتة والقادسية وغيها‪.‬‬

‫‪303‬‬
‫واعلموا أن كم لن تؤتوا من قلة‪ ،‬ولكن كم تؤتون من ق بل الذنوب والعا صي‪ ،‬فاحتر سوا‬
‫رحكم ال منها أشد احتراسا من عدوكم‪ ،‬وإنا يُنصر السلمون بعصية عدوهم ل‪ ،‬ولول‬
‫ذلك ل يكن لنا بم قوة‪ ،‬ول ند إليهم سبيل‪.‬‬

‫احرصـوا على الوت توهـب لكـم الياة‪ ،‬ضاعفوا حلتكـم ضدهـم‪ ،‬وألوا عليهـم ول‬
‫تغفلوا عنهم‪ ،‬احرصوا على تلوة كلم باريكم‪ ،‬أحيوا بالنفال وبراءة ليلكم‪ ،‬وأكثروا من‬
‫ذ كر مول كم فإ نه وال؛ ن عم العون على ما أن تم ف يه‪{ ،‬يَا َأيّهَا الّذِي نَ آ َمنُوا إِذَا َلقِيتُ مْ ِفَئةً‬
‫فَاْثبُتُوا وَاذْ ُكرُوا اللّهَ َكثِيا َلعَّلكُ ْم ُتفِْلحُونَ} [النفال‪.]45:‬‬

‫وقد صح عن نبيكم صلى ال عليه وسلم أنه قال‪( :‬أل أنبئكم بي أعمالكم وأزكاها عند‬
‫مليككم‪ ،‬وأرفعها ف درجاتكم‪ ،‬وخي لكم من إعطاء الذهب والورق‪ ،‬وخي لكم من أن‬
‫تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم؟) قالوا‪( :‬وذلك ما هو يا رسول ال؟)‪،‬‬
‫قال‪( :‬ذِكر ال عز وجل)‪.‬‬

‫ول يغُ ّرنّكم ول يَخدَعنّكم ما يروجونه ف وسائل إعلمهم عن الملت العسكرية الت‬
‫يقومون ب ا ذات ال ساء البا قة‪ ،‬ك ـ "البق" و "الر مح" و "الن جر"‪ ،‬وأخيا "ال سيف"‪،‬‬
‫ُمـ ُم ْؤ ِمنِيَ} [آل عمران‪،]175:‬‬
‫ِنـ ُكنْت ْ‬
‫ُونـ إ ْ‬
‫ُمـ وَخَاف ِ‬
‫وقـد قال مولكـم‪{ :‬فَل تَخَافُوه ْ‬
‫أَتافون من ُيثَلثُ مع ال؟! أتافون من يعب ُد الصليب؟! أتافون من جيش الرتزقة؟!‬

‫أمْ تافون جيش ابن العلقمي أتباع آل البيت البيض؟! فهؤلء وال من أجب الناس‪ ،‬ولقد‬
‫كان أجدادهـم الوائل يوصـمون بالبـ والغدر واليانـة‪ ،‬وتلك لعمـر ال سـجية الطبـع‬
‫اللئيم‪.‬‬

‫فهذا أم ي الؤمن ي علي بن أ ب طالب ر ضي ال ع نه يذكر نا ب صفات أجداد هم فيقول‪:‬‬


‫(وال لقد مللتهم وأبغضتهم‪ ،‬وملون وأبغضون‪ ،‬وما يكون منهم وفاء قط‪ ،‬فمن فاز بم‬
‫فاز بالسهم الخيب‪ ،‬وال ما لم نيّات ول عزم على أمر‪ ،‬ول صب سيف)‪.‬‬

‫‪304‬‬
‫وما أشبه الليلة بالبارحة‪.‬؛‬

‫وإننا ف "تنظيم القاعدة ف بلد الرافدين" لنعلن عن تشكيل فيلق عسكري أسيناه بـ‬
‫"فيلق عمـر"‪ ،‬تيمنا بالفاروق ابـن الطاب فداه أبـ وأمـي‪ ،‬وهذا الفيلق أنشأناه‬
‫لسـتئصال شأفـة واجتثاث رموز وكوادر "فيلق الغدر" ‪ -‬فيلق بدر ‪ -‬فيكفينـا مؤنـة‬
‫الشتغال بذا الفيلق الغادر‪ ،‬حت نتفرغ لنازلة الصليبيي وباقي أعوانم من الرتدين‪.‬‬

‫يقول سيد رح ه ال ف قوله تعال‪{ :‬وَالّذِي نَ جَاهَدُوا فِينَا َلَنهْ ِدَيّنهُ مْ سُبَُلنَا} [العنكبوت‪:‬‬
‫‪( :]69‬الذ ين جاهدوا ف ال لي صلوا إل يه ويت صلوا به‪ ،‬الذ ين احتملوا ف الطر يق إل يه ما‬
‫احتملوا فلم ينق صوا ول ييأ سوا‪ ،‬الذ ين صبوا على فت نة الن فس‪ ،‬وعلى فت نة الناس‪ ،‬الذ ين‬
‫حلوا أعباءهـم فسـاروا فـ ذلك الطريـق الطويـل الشاق الغريـب‪ ،‬أولئك لن يتركهـم ال‬
‫وحد هم‪ ،‬ولن يُض يع إيان م ولن ين سى جهاد هم‪ ،‬إ نه سينظر إلي هم من عليائه فيضا هم‪،‬‬
‫وسـينظر إل جهاد هم إل يه فيهدي هم‪ ،‬وسـينظر على ماولت هم الوصـول فيأ خذ بأيدي هم‪،‬‬
‫وسينظر إل صبهم وإحسانم فيجازيهم خي الزاء)‪ ،‬انتهى كلمه رحه ال‬

‫يا أهل العراق البيب؛‬

‫يعلم ال؛ أ نا ما أتينا كم إل نُ صرة ل كم‪ ،‬ودفاعا عن حرمات كم وأعراض كم‪ ،‬وردّ عاد ية‬
‫ال صليبيي عن كم‪ ،‬ولتعيشوا أعزة ف ديار كم‪ ،‬وإن كن تم تظنون أن غا ية جهاد نا هو طرد‬
‫الحتل الصليب ث وضع السلح والشتغال بالدنيا وملذاتا؛ خبنا وال وخسرنا‪.‬‬

‫ووال؛ إن ملك العراق كله ل ي ساوي عند نا رباط ليلة ف سبيل ال‪ ،‬ول ي ساوي شراك‬
‫ن عل ما هد من إخوان نا‪ ،‬و كل ما نرجوه أن يف تح ال علي نا ف العراق ث نتو جه إل ب يت‬
‫القدس‪ ،‬قبلة السـلمي الول‪ ،‬ومسـرى نبينـا الكريـ صـلى ال عليـه وسـلم‪ ،‬تلك وال‬
‫اللحظات التـ ننتظرهـا بأشـد الشوق‪َ { ،‬ويَقُولُونَـ مَتَى ُهوَ قُ ْل عَسـَى أَن ْـ يَكُونَـ قَرِيبا}‬
‫[السراء‪.]51:‬‬

‫‪305‬‬
‫يا إخوة التوحيد‪ ..‬يا إخوة الدرب؛‬

‫الثبات‪ ...‬الثبات‪ ،‬فهذا "سـيّاف" و "ربانـ" وغيهاـ عندمـا كانوا فـ بدايـة قتالمـ‬
‫للشيوعيي‪ ،‬ظاهرهم لنصرة الدين‪ ،‬وقد أجرى ال على أيديهم العديد من الكرامات‪ ،‬وقد‬
‫صرحوا أن جهادهم إنا هو لتحكيم شرع ال ف أفغانستان‪ ،‬ولكن لا كان ف منهجهم‬
‫خلل عظيم‪ ،‬وغلبت عليهم الذنوب والعاصي؛ أضلهم ال على علم‪ ،‬فأخذوا يدون حبال‬
‫الود بينهم وبي أعداء المس‪ ،‬وتسابقوا ليقطفوا ثرة الهاد‪ ،‬ويكون لم نصيب ف اللك‪،‬‬
‫وتأولوا الصال‪ ،‬ولووا أعناق النصوص‪ ،‬وتنكبوا عن أحكام الدين‪ ،‬وأصبح عدو المس؛‬
‫صديق اليوم‪ ،‬ورف يق الهاد أمس؛ عدو اليوم‪ ،‬حت آل بم ال مر أن جاءوا على الدبابات‬
‫المريك ية يطاعنون ال سلمي ف أفغان ستان‪ ،‬و صدق ال سبحانه وتعال حين ما قال‪{ :‬يَا‬
‫ّهـ َيأْمُرُ‬
‫َانـ فَِإن ُ‬
‫شيْط ِ‬
‫َاتـ ال ّ‬
‫ِعـ خُ ُطو ِ‬
‫َنـ يَّتب ْ‬
‫َانـ َوم ْ‬
‫َاتـ الشّيْط ِ‬
‫ِينـ آ َمنُوا ل َتتِّبعُوا ُخ ُطو ِ‬
‫َأيّهَا الّذ َ‬
‫َنـ‬
‫ِهـ أ ْ‬ ‫َنـَأمْر ِ‬
‫ُونـ ع ْ‬
‫ِينـ يُخَاِلف َ‬
‫بِاْلفَحْشَا ِء وَالْ ُمنْكَرِ} [النور‪ ،]21:‬وقوله تعال‪َ{ :‬ف ْليَحْذَ ِر الّذ َ‬
‫ُتصِيَبهُمْ ِفتَْنةٌ َأ ْو يُصِيَبهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [النور‪.]63:‬‬

‫قال المام أحد‪( :‬أتدري ما الفتنة؟ الفتنة؛ الشرك‪ ،‬لعله إذا رد بعض قوله أن يقع ف قلبه‬
‫شيء من الزيغ فيهلك)‪ ،‬انتهى كلمه رحه ال‪.‬‬

‫أيها الجاهدون؛‬

‫إن سنة ال جرت؛ أ نه ل يس هناك من هو فوق ال كم الشر عي‪ ،‬بل إن ال خا طب نبي نا‬
‫ممدا صلى ال عل يه و سلم بطاب تنخلع له القلوب‪ ،‬فقال تعال‪{ :‬وََلوْل أَ ْن َثّبتْنَا كَ َلقَدْ‬
‫ت ثُمّ ل تَجِدُ لَكَ‬ ‫ف الْ َممَا ِ‬
‫ضعْ َ‬
‫حيَا ِة وَ ِ‬
‫ضعْفَ الْ َ‬
‫ت َترْكَنُ إَِلْيهِ ْم َشيْئا قَلِيلً * إِذا َلأَذَ ْقنَاكَ ِ‬
‫كِدْ َ‬
‫عََلْينَا نَصِيا} [السراء‪ ،]75-74:‬فهذا ف حق نبينا ممد صلى ال عليه وسلم؛ لو ركن‬
‫إل العداء ‪ -‬وحاشاه ‪ -‬فكيف بن دونه؟‬

‫‪306‬‬
‫فالنجاة النجاة‪ ...‬والصب الصب‪ ...‬والثبات الثبات‪ ...‬على ما كان عليه السلف الذين قال‬
‫حبَ ُه َومِْنهُ مْ‬
‫صدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللّ َه عََليْ هِ فَ ِمْنهُ ْم مَ نْ َقضَى نَ ْ‬
‫ال فيهم‪{ :‬مِ َن الْ ُم ْؤمِنِيَ رِجَالٌ َ‬
‫مَ ْن َينْتَ ِظ ُر َومَا بَدّلُوا َتبْدِيلً} [الحزاب‪.]23:‬‬

‫فل تبدلوا إخوة التوحيد‪ ..‬ل تبدلوا يا إخوة التوحيد‪.‬‬

‫وإيا كم أن تكونوا م ن يون ال ور سوله؛ فإن ال سبحانه وتعال يقول‪{ :‬يَا أَّيهَا الّذِي نَ‬
‫ُونـ} [النفال‪ ،]27:‬فإن‬
‫ُمـ َتعْلَم َ‬
‫ُمـ َوَأْنت ْ‬
‫ّهـ وَالرّسـُو َل َوتَخُونُوا َأمَانَاتِك ْ‬
‫آ َمنُوا ل َتخُونُوا الل َ‬
‫الهاد أما نة ف أعناق كم‪ ،‬وإن ال سائلكم عن هذه الما نة‪ ،‬فل يس الائن الذي مدّ يد‬
‫العون وتنكب الطريق إل أعداء ال فحسب‪ ،‬بل الائن؛ من سكت وألقى سلحه ورضي‬
‫بأن تُسلم الري إل أعداء ال‪.‬‬

‫ف ـوال يوم من حياة ال سود خ ي من ألف يوم من حياة ا بن آوى‪ ،‬إن عز كم وشرف كم‬
‫وحياتكم هو الهاد ف سبيل ال‪ ،‬فإياكم‪ ...‬إياكم أن تلقوا السلح‪ ،‬فإنه وال الستبدال‬
‫والطرد والبعاد‪.‬‬

‫واحرصـوا أن تكونوا مـن ذلك الركـب الكريـ؛ ركـب ممـد صـلى ال عليـه وسـلم‬
‫وصحبه‪ ،‬وافتحوا بيوتكم وصدوركم لخوانكم الهاجرين‪ ،‬الذين هجروا اللذات‪ ،‬ونفروا‬
‫ليدافعوا عن دينكـم وأعراضكـم‪ ،‬وكونوا خيـ أن صار ل ي مهاجر ين‪ ،‬فل تشبعوا وهـم‬
‫جائعون‪ ،‬ول تناموا وهم خائفون‪ ،‬واحرصوا أن تظفروا بذه البشارة العظيمة؛ بأن تكونوا‬
‫من يقول النب صلى ال عليه وسلم فيكم‪( :‬أنا منكم وأنتم من‪ ،‬أنا منكم وأنتم من)‪.‬‬

‫قال رسـول ال صـلى ال عليـه وسـلم‪( :‬إن الشعرييـ إذا أرملوا فـ الغزو‪ ،‬أو قـل طعام‬
‫عيال م بالدي نة جعوا ما كان عند هم ف ثوب وا حد ث اقت سموه بين هم ف إناء وا حد‬
‫بالسوية‪ ،‬فهم من وأنا منهم)‪.‬‬

‫وما عقم زماننا أن يود بامثال هؤلء الشعريي‪ ،‬فلكل زمان أهله ورجاله‪.‬‬

‫‪307‬‬
‫وهذه صورة من صور التضحية والفداء ف سبيل هذا الدين؛‬

‫يف خر ب ا كل م سلم‪ ،‬صاحبها أ سد من عشية "زو بع" ال صيلة‪ ،‬و هو الخ الجا هد أبو‬
‫عبد ال الزوبعي‪ ،‬فعندما انطلق الخوة ف معركة أب غريب الول‪ ،‬كان أبو عبد ال من‬
‫يؤوي الخوة فـ بيتـه‪ ،‬وقدر ال سـبحانه لكمـة يعلمهـا أن يُكتشـف أمـر الخوة قبـل‬
‫العملية‪ ،‬فبدأ الطيان بقصف البيوت‪ ،‬فقُتل من عائلته قُرابة العشرين شخصا ‪-‬منهم أبواه‬
‫وإخوانه وأخواته‪ -‬وضرب أروع المثلة ف الصب والحتساب‪ ،‬ولا أردت تعزيته والشدّ‬
‫من أزره خاطبن قائلً‪( :‬يا فلن! طالا أنت وإخوانك الهاجرون بي فكل شيء بعد ذلك‬
‫يهون)‪ ،‬وقالا بلهجته العراقية اللطيفة‪( :‬أنا والهل والولد فدوة للمجاهدين)‪.‬‬

‫فإيا كم أن يول العداء بين كم وبين هم‪ ،‬فأق سم بالذي إل يه أعود؛ أ نه ل يس هناك جهاد‬
‫حقي قي ف العراق إل بوجود الهاجر ين‪ ،‬أبناء ال مة العطاء‪ ،‬الن ـزاع من القبائل‪ ،‬الذ ين‬
‫ينصرون ال ورسوله صلى ال عليه وسلم‪ ،‬فإياكم أن تفقدوهم‪ ،‬فبذهابم؛ ذهاب ريكم‪،‬‬
‫وبذهابم؛ ذهاب بركة الهاد ولذته‪ ،‬فل غن لكم عنهم‪ ،‬ول غن لم عنكم‪.‬‬

‫ول تسمعوا للمخذلي؛ الذين يزينون تاذلم وإرجافهم بصبغة دينية‪ ،‬فمن جاءكم منهم‬
‫لحاولة إقناعكم بدوى التفاوض‪ ،‬أو الدخول ف سلك اليش و الشرطة بجة الصلحة؛‬
‫فصموا آذانكم عن ساع كلمه‪ ،‬واكنسوا عتبة بابكم من آثاره‪ ،‬وقولوا؛ يا مقلب القلوب‬
‫ثبت قلوبنا على دينك‪ ،‬فإنم وال وإن هلجت بم الباذين‪ ،‬وصفقت بم البغال‪ ،‬فإن ذل‬
‫العصـية ل يُفارقهـم‪ ،‬أبـ ال إل أن يذل مـن عصـاه‪ ،‬وإن عظمـت ألقابمـ‪ ،‬وكثرت‬
‫شهاداتم‪ ،‬وارتفعت أسائهم‪ ،‬فقد أب ال إل أن يذل من عصاه‪ ،‬أبعد ال من أبعد‪ ...‬أبعد‬
‫ال من أبعد‪.‬‬

‫يا أيها الجاهدون؛‬

‫‪308‬‬
‫إن ال سبحانه وتعال قال‪{ :‬وَلَمّ ا جَا َء مُو سَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلّمَ هُ َربّ هُ قَالَ رَبّ أَرِنِي َأنْظُ ْر‬
‫جلّى َربّ هُ‬
‫ف تَرَانِي َفلَمّا تَ َ‬
‫سوْ َ‬‫جبَلِ فَإِ نِ ا ْسَتقَ ّر َمكَانَ هُ فَ َ‬
‫إَِليْ كَ قَالَ لَ ْن تَرَانِي وََلكِ نِ انْ ُظرْ إِلَى الْ َ‬
‫ْكـ َوأَنَا َأوّلُ‬
‫ْتـ إَِلي َ‬
‫ك ُتب ُ‬ ‫سـبْحَانَ َ‬
‫َاقـ قَا َل ُ‬ ‫صـعِقا فََلمّاـ أَف َ‬ ‫َهـ دَكّا وَخَ ّر مُوسـَى َ‬ ‫جبَلِ َجعَل ُ‬‫لِ ْل َ‬
‫الْ ُم ْؤمِنِيَ} [العراف‪ ،]143:‬فهذا حال البـل الصـم الذي ل يعـص ال يوما‪ ،‬فكيـف‬
‫بال وحالكم؟‬

‫وقد صح عن نبيكم صلى ال عليه وسلم‪ ،‬أنه قال‪( :‬كلكم يكلمه ربه‪ ،‬ليس بينه وبينه‬
‫ترجان‪ ،‬فينظـر إل أينـه فيى مـا قدم‪ ،‬وإل أشأمـه فينظـر مـا قدم‪ ،‬و إل أمامـه فإذا هـو‬
‫بالنار‪ ،‬فاتقوا النار ولو بشق ترة)‪.‬‬

‫وتيل ‪-‬يا أخا الهاد‪ -‬وقوفك بي يدي خالقك وباريك؛ وأنه سائلك عن هذه المانة‬
‫العظيمة؛ ماذا صنعت با؟ وأع ّد لذا جوابا‪ ،‬فوال لئن تفنوا عن بكرة أبيكم وتضحوا بكل‬
‫شيـء لوـ أعظـم لكـم عنـد ال مـن أن تلقوه وقـد رضيتـم بكـم الصـليبيي والروافـض‬
‫الاقدين‪.‬‬

‫إنا أيام وستنقضي بلوها ومرها‪ ،‬وحسنها وقبيحها‪ ،‬ث هي جنة أو نار‪.‬‬

‫روى م سلم ف صحيحه عن أ نس ر ضي ال ع نه قال‪ :‬قال ال نب صلى ال عل يه و سلم‪:‬‬


‫(يؤتى بأنعم أهل الدنيا من أهل النار يوم القيامة فيصبغ ف النار صبغة‪ ،‬ث يقال؛ يا بن آدم‬
‫هل رأيت خيا قط؟ هل مر بك نعيم قط؟ فيقول؛ ل وال يا رب‪ ،‬ويؤتى بأشد الناس‬
‫بؤسا ف الدنيا من أهل النة‪ ،‬فيصبغ صبغة ف النة فيقال له؛ يا بن آدم هل رأيت بؤسا‬
‫قط؟ هل مر بك شدة قط؟ فيقول؛ ل وال يا رب ما مرّ ب بؤ سٌ قط‪ ،‬ول رأ يت شدة‬
‫قط)‪.‬‬

‫فهذه النار وهذا حالا‪ ،‬فهل منا من يصب على طعامها وشرابا وزقومها وزمهريرها؟‬

‫‪309‬‬
‫إن ميكائ يل عل يه ال سلم ل ي عص ال يوما‪ ،‬و هو من اللئ كة القرب ي‪ ،‬ما ض حك م نذ‬
‫خلقت النار‪.‬‬

‫وف "لطائف العارف" لبن رجب النبلي‪( :‬جاءت مولة لعمر بن عبد العزيز وقصّت أنا‬
‫رأت ف النام كأن ال صراط قد ن صبت على جه نم و هي تز فر على أهل ها‪ ،‬وذكرت أن ا‬
‫رأت رجالً مروا على ال صراط فأخذت م النار‪ ،‬قالت؛ ورأي تك يا أم ي الؤمن ي و قد ج يء‬
‫بك ‪-‬فوقع مغشيا عليه وبقي زمانا يضطرب وهي تصيح ف أذنه‪ -‬رأيتك وال قد نوت‪،‬‬
‫رأيتك وال قد نوت)‪.‬‬

‫إن هذه ال مة لتقذف بفلذات أكباد ها إل أرض الرافد ين‪ ،‬وإن أبناء ها ليت سابقون ليبذلوا‬
‫نفوسهم رخيصة فداءً لذا الدين‪ ،‬والدفاع عن أعراض السلمي‪ ،‬وليسطروا بدمائهم أروع‬
‫صور التضحية والفداء‪ ،‬والفخر والباء‪.‬‬

‫ومـن آخـر هؤلء الليوث البطال ‪-‬وليـس آخرهـم العال‪ -‬الجاهـد عبـد ال بـن ممـد‬
‫الرشود الذي كان شوكـة فـ حلوق طواغيـت الزيرة‪ ،‬فنجاه ال مـن بيـ أيديهـم بنـه‬
‫وكر مه‪ ،‬ون فر إل ساحات الن ـزال ومياد ين القتال‪ ،‬ليكون على مو عد مع الشهادة ال ت‬
‫ـ يبـ أن يكون عليـه أهـل‬ ‫كان يسـألا ويتطلع إليهـا‪ ،‬وليضرب أروع المثلة فـ بيان م ا‬
‫العلم‪ ،‬فل نامت أعي البناء‪ ،‬ولئن س ّر استشهاده الطواغيت من "آل سلول" فإن لرجو‬
‫أن يُحيي ال بدمه نفوس أهل العلم‪ ،‬فينفروا بأنفسهم إل ساحات الهاد‪ ،‬فيتأسى بم من‬
‫خلفهم من أبناء هذه المة‪ ،‬فيقوموا فيموتوا على ما مات عليه‪.‬‬

‫ل ألفينك بعد الوت تندبن *** وف حيات ما زودتن زادي‬

‫أيها النائمون الغافلون؛‬

‫عارٌ عليكم أيّها الستسلمون‪ ،‬دي ُن يُهان‪ ،‬وأمة تنساق قطعان‪ ،‬وأنتم نائمون؟!‬
‫كيف أرتضيتم أن ينام الذئب ف وسط القطيع وتأمنون؟!‬

‫‪310‬‬
‫بغداد تسألكم أليس لعرضها حقٌ عليكم؟!‬
‫أين فر الراكبون؟! وأين غاب البائعون؟!‬
‫وأين راح الاربون؟!‬

‫فمن لزحوف اليوم والناس جلهموا *** طوائف شت بي لهي نوم‬


‫تلقت على الفاق أدمع أمة *** غابت عن الفاق وثبات ضيغم‬

‫فصارت شعوب السلمي *** قوافل تيه أو تباريح هوّم‬


‫أطلت وراء الفق منها مآذنٌ *** تنادي وتدعو كل قرن معظم‬

‫وتدعو شعوب السلمي وقد غفوا *** على جهلهم ف حية وتبّم‬
‫تقول لم هذي ميادين عزة *** فصبوا هنا يا قوم ما عز من دم‬

‫ستمضي عليكم إن ركنتم مذلة *** تذوقون من صعب عليها وعلقم‬


‫أتعنوا رقاب السلمي لكافر *** وتضع دار للعدو الصلم‬

‫إن أبناء هذه المة باجة إل منارات حية تضيء لم الطريق وتني لم السبيل‪.‬‬

‫فهاهو إمام لحد الساجد ف العراق‪ ،‬وكان أعمى البصر‪ ،‬مستني البصية‪ ،‬يأت إل المي‬
‫العسكري للـ "قاعدة" ف بغداد ‪-‬وذلك بعد استشهاد الشيخ أب أنس رحه ال تعال‪-‬‬
‫يطلب أن يقوم بعمليـة اسـتشهادية‪ ،‬فقيـل له‪( :‬يـا فلن! إن ال قـد عذرك)‪ ،‬فقال‪( :‬إنـ‬
‫اطلب الشهادة‪ ،‬لعل ال أن يدخلن الفردوس العلى‪ ،‬فاجتمع بالشيخ أب أنس)‪.‬‬

‫فو ال إن دم الشهيد نو ٌر ونار‪ ،‬وإن صدق دعوتنا باستشهاد علمائنا وقادتنا‪.‬‬

‫قوا فل ت ضي؛ فالش يخ يو سف العييي‪ ،‬والش يخ أ بو أ نس الشا مي‪ ،‬والجا هد ع مر‬


‫حد يد‪ ،‬وأ سد الشام؛ أ بو الغاد ية‪ ،‬ول يث الزيرة؛ سليمان أ بو الل يث النجدي‪ ،‬وأ سد‬

‫‪311‬‬
‫بعقوبة؛ أبو سفيان الزبيدي‪ ...‬وغيهم وغيهم‪ ،‬من "ل يعرفهم عمر‪ ،‬ولكن يعرفهم‬
‫رب عمر"‪.‬‬

‫نزف البكاء دموع عينك فاستعر *** عينا لغيك دمعها مدرار‬
‫من ذا يُعيك عـينه تبـكي با *** أرأيت عينا للدموع تُعار‬

‫ونن على علم أنه سيخرج من هذه المة من يردد كلم أسلفه النافقي‪ ،‬ويقول لن نفر‬
‫للجهاد‪ ،‬وأكر مه ال بالشهادة‪{ :‬الّذِي نَ قَالُوا لِ ْخوَاِنهِ ْم وََقعَدُوا َلوْ َأطَاعُونَا مَا ُقتِلُوا} [آل‬
‫ُمـ‬
‫ِنـ ُكنْت ْ‬
‫ْتـ إ ْ‬
‫ُسـكُ ُم الْ َمو َ‬
‫َنـأَْنف ِ‬
‫عمران‪ ،]168:‬فنجيبهـم بواب ال لمـ‪{ :‬قُلْ فَادْ َرأُوا ع ْ‬
‫صَادِِقيَ} [آل عمران‪.]168:‬‬

‫اللهم إن لحسب أن الشيخ عبد ال بن ممد الرشود؛ قد فاز بوارك‪ ،‬وأنت حسيبه‪،‬‬
‫وإنك تعلم يا رب أن بفقده قد خسرت عالا عامل‪ ،‬ل تلي له قناة‪ ،‬سيفا م سلطا على‬
‫أعدائك من الكافرين والرتدين‪.‬‬

‫اللهم أجرنا ف مصيبتنا وعوضنا خيا منها‪ ،‬اللهم هيء لنا من أهل العلم من هو خ ٌي منه‬
‫تي بدمائهم ومدادهم علم الهاد‪.‬‬

‫اللهم إنك تعلم أننا نقاتل عن دين عظيم‪ ،‬هو دينك وشرعك يا رب العالي‪ ،‬اللهم فكن‬
‫لنا العون والنصي‪ ،‬ودبر لنا فإنا ل نُحسن التدبي‪.‬‬

‫اللهم إنك ترى ما ح ّل ويل بنساء السلمي ف العراق‪ ،‬وتعلم أنه ل مغيث لن سواك‪،‬‬
‫اللهم رحاك بؤلء الساكي‪.‬‬

‫أقسمت عليك باسك العظم‪ ...‬أقسمت عليك باسك العظم‪ ...‬إل جعلت لنا مرجا‪،‬‬
‫وعجّلت بلك عُبّاد الصليب‪ ،‬وفتحت لنا أبواب رحتك‪.‬‬

‫‪312‬‬
‫اللهـم مـن تآمـر على هذا الهاد بالسـر والعلن‪ ،‬وأعان على هدمـه متعمدا ومتأولً‬
‫ومفاوضا‪ ،‬اللهم فخذه أخذ عزيز مقتدر‪ ،‬وافضحه على رؤوس الشهاد‪.‬‬

‫الل هم من قام من هؤلء وقام ريا ًء و سعة لي صُدّ عن دي نك‪ ،‬ويول ب ي الجاهد ين وب ي‬
‫السلمي‪ ،‬اللهم فأطل عمرهن وأطل فقره‪ ،‬وعرضه للفت‪.‬‬

‫اللهم دعوة سع ٍد فل تردها‪...‬‬


‫اللهم دعوة سع ٍد فل تردها‪...‬‬
‫اللهم دعوة سع ٍد فل تردها‪.‬‬

‫{وَاللّ ُه غَاِلبٌ عَلَى َأمْ ِر ِه وَلَكِنّ أَ ْكثَ َر النّاسِ َل َيعَْلمُونَ} [يوسف‪]21:‬‬

‫والمد ل رب العالي‪.‬‬

‫صعَبٍ الزّ ْرقَاوِي‬


‫َأبُ ْو مُ ْ‬
‫َأمِيْ ُر تَنْظِي ِم القَا ِع َدةِ ِف ْي بِلدِ الرّافِ َديْن‬
‫ق – بِلدُ الرّافِ َديْن‬
‫ال ِعرَا ُ‬

‫‪313‬‬
‫الطاب الثامن و العشرون‬

‫ح لَا َأثَا َرهُ الشّيخُ الَقدِسِ ّي‬ ‫بَيَانٌ وَتَوضِي ٌ‬


‫لزِي َرةِ‬
‫فِي لِقَائِهِ مَعَ قَنَاةِ ا َ‬
‫‪ 6‬جادى الثان ‪ 1426‬هـ‬
‫‪ 12‬يوليو‪/‬توز ‪ 2005‬م‬

‫ِبقَلَمِ الشَيخ‬
‫ب الزّرْقَاوِي ( َرحِ َمهُ ال)‬
‫أَِبيْ مُصْع ٍ‬

‫المدُ لِ مع ّز ال سلمِ بن صره‪ ،‬ومُذلّ الشر كِ بقهره‪ ،‬وم صرّف المور بأمره‪ ،‬وم ستدر ِ‬
‫ج‬
‫الكافريـن بكره‪ ،‬الذي قدّر اليام دولً بعدله‪ ،‬والصـل ُة والسـلم على مـن أعلى الُ منارَ‬
‫السلمِ بسيفِه‪.‬‬

‫أمّا بعد؛‬

‫فإن ال سبحانه وتعال يبتلي عباده على مر اليام والليال بأنواع ال حن والبتلءات‪ ،‬فت نة‬
‫لم واختبارًا‪ ،‬وتحيصًا لم وامتحانًا‪ ،‬قال تعال‪{ :‬وََلَنبُْل َونّكُمْ َحتّى َنعْلَ َم الْمُجَاهِدِي نَ مِنكُمْ‬
‫وَالصّابِرِي َن َوَنبُْلوَ َأ ْخبَارَكُم} [ممد‪ ،]31:‬وف (صحيح مسلم) قال ال ‪-‬سبحانه وتعال‪-‬‬
‫للنب صلى ال عليه وسلم‪( :‬إنّما بعثتُك لبتليَك‪ ،‬وأبتل َي بك)‪.‬‬

‫‪314‬‬
‫وها هي صورة من صور البتلء تتجدد على أرض الرافدين‪ ،‬بعد أن غزاها عباد الصليب‪،‬‬
‫يرومون فتنة العباد‪ ،‬والسيطرة على البلد‪ ،‬ف أكب حلة صليبية عرفها التاريخ العاصر‪.‬‬

‫وقـد أكرمنـا ال سـبحانه وتعال فسـلكنا طريـق الهاد فـ سـبيله‪ ،‬نصـرة لدينـه‪ ،‬وإعلء‬
‫لكلمته‪ ،‬فرمانا الناس عن قوس واحدة‪ ،‬فصوّبوا تاهنا سهامهم‪ ،‬وسلّطوا علينا ألسنتهم‪،‬‬
‫تشويهًا لدعوتنا وجهادنا‪ ،‬وتنفيًا للخلق ِمنّا‪.‬‬

‫فمضينـا وحادينـا قو ُل النـب صـلى ال عليـه وسـلم‪( :‬ل يضرهـم مـن خذلمـ‪ ،‬ول مـن‬
‫خالفهم)‪.‬‬

‫وكان ما يؤنس وحشتنا ف دربنا‪ ،‬ويفف عنا غربتنا ف طريقنا‪ ،‬أن منتقدينا هم من أول‬
‫الناهج الفاسدة‪ ،‬والذاهب الباطلة‪.‬‬

‫وقـد أكرم ال عباده الجاهديـن‪ ،‬وأوليائه الصـادقي‪ ،‬ففتـح عليهـم فـ معركـة الحزاب‬
‫معركةِ الفلوجة الول‪ ،‬فأَ َذلّ عدوهم‪ ،‬وردّهم على أعقابم خاسرين‪.‬‬

‫ص ْفوَه‪،‬‬
‫وبينما هم يتفيؤون ظلل هذا الفتح البي‪ ،‬ويعيشون أيامه؛ إذا بم با يعكر عليهم َ‬
‫ويذهب حلوته‪ ،‬إنّه سهم جديد مُصَوّب إل نورهم‪ ،‬ولكنه هذه الرة ليس من كنانة من‬
‫وصفتُ حالم من َقبْلُ‪ ،‬بل هو من رجل مسوب على هذا النهج‪ ،‬ومن أهل العلم‪ ،‬ذلكم‬
‫كان مقالً للش يخ أ ب م مد القد سي حف ظه ال بعنوان‪( :‬الزرقاوي آمال وآلم‪ ،‬منا صرة‬
‫ومناصحة)‬

‫وظلم ذوي القرب أشد مضاضة *** على الرء من وقع السام الهند‬

‫وإن أنسـى‪ ،‬فل أنسـى بكاء الش يخ أ ب أ نس ‪-‬رح ه ال‪ -‬عند ما رأى الزن باديًا على‬
‫قسمات وجهي بعد قراءت لذه الناصحة لا فيها من تنّ‪ ،‬وعدم تثبت‪ ،‬وقلب للحقائق!‬

‫‪315‬‬
‫فواسان وقال‪ :‬يا فلن‪ ،‬إن ال يدافع عن الذين آمنوا‪.‬‬

‫ول أبيح سرّا إن قلت؛ إن كنت أظن أن المر ل يعدو أن يكون كبوة من فارس‪ ،‬يوشك‬
‫أن يقوم منها‪ ،‬وأن السألة ستقف عند هذا الد؛ لكن الشيخ القدسي حفظه ال شفعها‬
‫بـ(وقفات مع ثرات الهاد)‪ ،‬ث أَكّد ذلك كُلّه ف مقابلته مع (قناة الزيرة) مع تصريه‬
‫بأنه يتكلم بحض إرادته‪ ،‬وليس ثَمّ من يبه على مقاله‪.‬‬

‫فرأيت أن المر بدأ يتعدى حدود النصح والناصرة‪ ،‬وأن هذا النصح فقد طريقه ومسالكه‬
‫الشرع ية‪ ،‬وبدأت له أبعاد أخرى‪ ،‬ل سيما ف هذا الو قت الط ي‪ ،‬الذي أ صبح انك سار‬
‫شو كة ج يش عباد ال صليب واضحًا لكل ذي عين ي‪ ،‬فرأيت لزامًا عليّ أن أو ضح ب عض‬
‫القائق‪ ،‬وأ صحح ب عض الغالطات‪ ،‬ال ت وردت ف النا صحة‪ ،‬واللقاء مع (قناة الزيرة)‪،‬‬
‫دون استيعاب من لكل ما ورد فيهما‪ ،‬فذاك يتاج إل تسويد صفحات وصفحات‪( ،‬وما‬
‫ل يدرك كُلّه ل يترك جُلّه)‪ ،‬أسأل ال أن يسددن‪ ،‬وأن يقين حظوظ نفسي‪.‬‬

‫فأقول وبال توفيقي وعليه اعتمادي؛‬

‫أولً‪ :‬سيكون كل مي من صبّا على توض يح ب عض القائق م ا له عل قة بن هج جهاد نا ف‬


‫العراق وما يَ ُمتّ إليه بصلة‪ ،‬وسأعرض عما ورد ف مناصحة الشيخ حفظه ال فيما يتعلق‬
‫بعلقت معه وما جرى بين وبينه ف غابر اليام‪ ،‬ما أراه ل يدم ما نن بصدده‪ ،‬ولا فيه‬
‫من منفعة لعداء الدين‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬ذكر الشيخُ حفظه ال ف مطلع مناصحته أنه حاول جاهدا قبل نشرها إيصال أشياء‬
‫كثية من متواها إلّ‪ ،‬فلم يتمكّن من ذلك ‪-‬على حدّ قوله‪ -‬فاضطر لنشرها‪ ،‬ولو سلّمنا‬
‫له بذلك‪ ،‬فمـا البـر لعادة ذكـر هذا الكلم مرة أخرى فـ القابلة مـع الزيرة‪ ،‬إذا كان‬
‫مقصـوده إبلغ النصـيحة‪ ،‬وقـد تَمّ له ذلك مـن َقبْلُ فـ رسـالته‪ ،‬ولاذا فـ هذا الوقـت‬
‫بالذات‪ ،‬ما ل يصب إل ف مصلحة الصليبي‪ ،‬وأذنابم من الرتدين‪.‬‬

‫‪316‬‬
‫ثالثا‪ :‬ذكر الشي خُ حفظه ال أن كنت من استفاد منه‪ ،‬واستظل بشيخته‪ ،‬وأن كنت ل‬
‫أصدر إل عن رأيه‪ ،‬ول أقول إل بقوله واختياره؛ فأقول‪:‬‬

‫ل شك أنّ الشي خَ أبا ممد حفظه ال له فضل كبي وعظيم على العبد الفقي‪ ،‬فهو أحد‬
‫من تلقيت عنه التوحيد وتفاصيله‪ ،‬وكنت أعتقد كثيًا ما كان يعتقده أبو ممد‪ ،‬ولكن ل‬
‫بد أن يُعلم أن متابع ت له إن ا هو لعتقادي بأن ما يطر حه ويكت به ف ر سائله هو موا فق‬
‫للكتاب والسنة‪ ،‬وليس هو مرد تقليد أعمى‪ ،‬ولو كان المر كذلك لكان تقليدنا لن هو‬
‫أ كب م نه قدرًا‪ ،‬وأر فع م نه علمًا أول ب نا‪ ،‬فأ صل دعوت نا اتباع الكتاب وال سنة‪ ،‬و من ثَمّ‬
‫الخذ بقول من وافقهما‪ ،‬وطرح ونبذ قول كل من خالفهما‪.‬‬

‫فكما أن استفدت من الشيخ أب ممد ‪-‬جزاه ال خيًا‪ -‬فقد استفدت من علماء آخرين؛‬
‫وهذا ل يعن أن ألتزم بكل ما يقوله القدسي‪ ،‬والعلم ليس حكرًا عليه وحده‪ ،‬وما كل ما‬
‫يقوله القدسي صحيح ويب اتباعه؛ ول سيما ف المور الجتهادية والنوازل الادثة‪.‬‬

‫وأ نا ف سيي ف طر يق الهاد ل أقدم على أي م سألة إل وضوا بط الشرع أمام ناظري‪،‬‬
‫ول أترأ فـ مسـألة حتـ أسـتشي فيهـا أهـل العلم الصـادقي الجاهديـن‪ ،‬وال يعلم أن‬
‫الت صالت ل تنق طع بي ن وب ي ب عض أ هل العلم‪ ،‬م ن يفوق أ با م مد علمًا أ ستفتيهم ف‬
‫غالب مـا يواجهنـ‪ ،‬وهـم الن مبتلون معتقلون فـ سـجون الطواغيـت‪ ،‬ولول خشيـة‬
‫تضررهم بذكر أسائهم لصرحت بذلك‪.‬‬

‫وكل من يعرف العبد الفقي‪ ،‬ويعرف الشيخ داخل السجن وخارجه‪ ،‬يعلم علم اليقي أنن‬
‫كنت أخالفه ف كثي من السائل‪ ،‬وخصوصًا السائل التعلقة بالهاد والعمل الماعي‪،‬‬
‫وعندما خرجت من السجن وقررت أن أذهب إل أرض الهاد ل أستشر أبا ممد حفظه‬
‫ال؛ بل ك نت أرى طريقة أخرى لن صرة هذا الد ين تتلف عن الطريقة ال ت يرا ها الش يخ‬
‫القدسي حفظه ال‪.‬‬

‫‪317‬‬
‫هذا مع حز ن وأ سفي أن ت صدر م ثل هذه القالة من أ ب م مد‪ ،‬الذي من أ صول دعو ته‬
‫تعبيد الناس إل ال؛ ل إل ذواتم وأشخاصهم‪( ...‬مشيخت‪ ،‬وظلي‪ ،‬واستفادوا من اسي‪،‬‬
‫‪[ )...‬هذه كلمات إستخدمها القدسي خلل مقابلته مع الزيرة] وال الستعان‪.‬‬

‫وهل مَ ّر بكم ف الكتاب والسنة‪ ،‬أو ف تاريخ سلفنا؛ أن الرء إذا استفاد من شيخ ف علم‬
‫ما؛ أنه يصبح عبدًا له‪ ،‬ل يوز له أن يال فه ف اجتهاده‪ ،‬أو أن يقول بقول غيه من أ هل‬
‫العلم‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬ذ كر الشي خُ حف ظه ال بأن ن اشتر طت على الش يخ أ سامة بن لدن ‪-‬حف ظه ال‪-‬‬
‫تدريس منهج أب ممد كشرط للعمل معه‪.‬‬

‫أقول‪ :‬هذا الكلم عارٍ عن الصحة تامًا‪ ،‬فأنا ل أجلس يومًا مع الشيخ أسامة ‪-‬حفظه ال‪-‬‬
‫بصوص هذا الشأن‪.‬‬

‫وأنا أسأل الشي خَ حفظه ال عن قوله‪( :‬منهج أب ممد) أهو منهج تفرد به ل يسبق إليه‪،‬‬
‫أو أ نه مت بع ف يه لغيه من أئ مة سلفنا ال صال؟ فإن أجاب بالول؛ فل حا جة ل نا بنه جه‪،‬‬
‫فدين نا د ين اتباع ل د ين ابتداع‪ ،‬و ف من هج أ سلفنا ُغنْيَة عن من هج فلن وفلن‪ ،‬وإن‬
‫أجاب بالثان ‪-‬وهو َحرِيّ به‪َ -‬فعَلم ينسبه إل نفسه‪ ،‬وهؤلء مشايخ الهاد ف عصرنا‬
‫قد َد َعوْا إل م ثل ما كان يد عو إل يه أ بو م مد‪ ،‬و ما سعنا أحد هم يومًا أ نه قال‪ :‬هذا‬
‫منهجي!!‬

‫ول ينقضي عجب كيف يطرح الشيخ مثل هذا المر؛ وهو ل يتبي من‪ ،‬وثَمّ تساؤلت‬
‫تؤرق ن‪ ،‬لاذا هذا الكلم ف هذا الو قت بالغ ال ساسية‪ ،‬ول سيما أ ن الن جندي من‬
‫جنود الشيخ أسامة ‪-‬حفظه ال‪ ،-‬وما الصلحة‪ ،‬ومن الستفيد من ذكره الن؟‬

‫خامسا‪ :‬ذكر الشيخُ حفظه ال أن كنت أقلده ف عدم جواز العمليات الستشهادية‪ ،‬وأن‬
‫قد توسعت فيها الن ف العراق‪.‬‬

‫‪318‬‬
‫أقول‪ :‬ليس المر كما ذكر الشيخ‪ ،‬فأنا كنت أرى عدم جوازها عندما كنت ف أفغانستان‬
‫إبان الغزو الشيو عي ل ا‪ ،‬إتبا عا م ن لب عض الفضلء من هذا الع صر‪ ،‬ول أ كن قد لق يت‬
‫القد سي ب عد‪ ،‬وعند ما التق يت به‪ ،‬وا فق اعتقادي قوله‪ ،‬ث عند ما خرج نا من ال سجن‪،‬‬
‫وذه بت إل أفغان ستان مرّة أخرى‪ ،‬التق يت بالش يخ أ ب ع بد ال الها جر‪ ،‬وجرى حد يث‬
‫بين نا ف ح كم العمليات ال ستشهادية‪ ،‬وكان الش يخ يذ هب إل جواز ها‪ ،‬وقرأت له بثًا‬
‫نفي سًا ف هذه ال سألة‪ ،‬و سعت له أشر طة م سجلة ف ذلك‪ ،‬فشرح ال صدري ل ا ذ هب‬
‫إليه‪ ،‬ول أتبّ جوازها فقط؛ بل بتّ أرى استحبابا‪ ،‬وهذا وال من بركة العلم ولقاء أهله‪،‬‬
‫ورتبت للشيخ الهاجر ف معسكر هيات دورة شرعية مصغرة لدة عشرة أيام‪ ،‬قام خللا‬
‫ببيان حكم هذه العمليات للخوة‪ ،‬ما كان له أعظم الثر ف نفوسهم‪.‬‬

‫ث لاذا ين كر علي الش يخ تغ ي اجتهادي ف ح كم هذه العمليات‪ ،‬مع أ نه كان يرى أو ًل‬
‫حرمتها‪ ،‬ث هو الن يرى جوازها بشروط وضعها‪ ،‬أليس من النصاف أنه إذا ذكر ذلك‬
‫أن يذكر هذا‪.‬‬

‫روى البخاري تعليقًا‪ ،‬وو صله ا بن أ ب شي بة عن عمار‪ ،‬قال‪( :‬ثلث من جع هن ج ع‬


‫اليان‪ :‬النصاف من نفسك‪ ،‬والنفاق من القتار‪ ،‬وبذل السلم للعال)‪.‬‬

‫سادسا‪ :‬ذكر الشيخُ حفظه ال بأنن سيت (جاعة التوحيد والهاد) نسبة لوقعه السمّى‬
‫بنب التوحيد والهاد‪.‬‬

‫أقول‪ :‬إن كَِل َمتَي‪( :‬التوحيد) و(الهاد) مصطلحان شرعيان‪ ،‬كنا نرددها ونتغن بما دائمًا‬
‫ف سجننا‪ ،‬فعلم ينكر علينا تسمية جاعتنا بما‪ ،‬وهل ها حكر على أحد بعينه؟‬

‫و ما ينق ضي ع جب ك يف ي صدر هذا الكلم من م ثل أ ب م مد حف ظه ال‪ ،‬وإن الذاكرة‬


‫لتعود ب إل تلك اليام الت كنا نتذاكر فيها هوم الدعوة وما كنا نلقيه من بعض أفراخ‬
‫الرجئة والهم ية؛ كعلي الل ب وغيه‪ ،‬الذ ين كا نت مهمت هم ت صنيف الناس على أ ساس‬
‫الواف قة والخال فة ل م‪ ،‬ف من وافق هم كان سلفيّا‪ ،‬و من خالف هم كان بدعيّ ا‪ ،‬فكان الش يخ‬

‫‪319‬‬
‫القدسـي ‪-‬حفظـه ال‪ -‬يردّد بأن السـلفية ليسـت وكالة خاصـة‪ ،‬ول شركـة مسـاهة‬
‫يتكر ها إن سان بعي نه‪ ،‬ويرم ها على الخر ين‪ ،‬ف ما بال الش يخ حف ظه ال اليوم ي قع في ما‬
‫كان ينكره بالمس على الخرين‪.‬‬

‫ولو أن شكلت جاعة باسم‪( :‬الماعة السلفية للدعوة والقتال ف العراق)‪ ،‬فهل يلزم من‬
‫ذلك النتساب للخوة ف الزائر حفظهم ال؟‬

‫إن كثيًا مـن علمائنـا كانوا يصـنفون التصـانيف‪ ،‬مـع تاثـل مسـمياتا‪ ،‬ومـا سـعنا إنكار‬
‫أحدهـم على الخـر‪ ،‬كــ(الزهـد) لبـن البارك‪ ،‬وابـن أبـ عاصـم‪ ،‬وأحدـبـن حنبـل‪،‬‬
‫والبيهقي‪ ،‬و(أحكام القرآن) للجصاص‪ ،‬وابن العرب‪ ،‬و(فتح الباري) لبن رجب النبلي‪،‬‬
‫وابن حجر العسقلن‪ ،‬وغي ذلك كثي‪.‬‬

‫نعم‪ ،‬يكن أن تكون مقّا لو كنا سّينا جاعتنا بـ (جاعة التوحيد والهاد النبثقة عن منب‬
‫التوحيد والهاد) أو التابعة لنب التوحيد والهاد‪ ،‬أو التابعة للشيخ القدسي‪ ،‬أو اتاذ شعار‬
‫النب نفسه‪ ،‬أو نو ذلك‪.‬‬

‫والسؤال الذي يطرح نفسه بإلاح لدى كل من يسمع هذا الكلم‪ :‬ما الراد ف ذكر هذه‬
‫ال سألة وتكرار ها ف كل م فل‪ ،‬و ما الذي ستسفيده ال مة من ها‪ ،‬مع أن جا عة التوح يد‬
‫والهاد أصبحت جزءًا من الاضي‪ ،‬وهي الن منطوية تت لواء تنظيم القاعدة؟‬

‫سابعا‪ :‬قال الشيخُ حفظه ال‪ :‬إنه ل يرى تفجي الكنائس‪ ،‬وقتل الدنيي‪.‬‬

‫أقول‪ :‬ل أدري من أين يأخذ الشيخ حفظه ال أخباره‪ ،‬ومن أين يتلقى معلوماته؟ مع العلم‬
‫أنا قد صرحنا ف شريط (وعاد أحفاد ابن العلقمي) بأننا ل نستهدف النصارى وغيهم‬
‫ف عدة‪ ،‬كال صّابئة‪ ،‬واليزيدييّ ن‬
‫من الدني ي‪ ،‬وم ا قلناه هناك‪( :‬و ف أَرض الرّافد ين طوائ ُ‬
‫عبدة الشّيطان‪ ،‬والكَلْدانيي‪ ،‬والشوريي‪ ،‬ما مددنا أَيدينا بسوء إليهم‪ ،‬ول صوبنا سهامنا‬

‫‪320‬‬
‫نو هم‪ ،‬مع أنّ ها طوائف ل تَمُتّ إل ال سلم ب صلة‪ ،‬ول كن لَ مْ يظ هر ل نا َأنّ ها شار كت‬
‫الصّليبيي ف قتالم للمجاهدين‪ ،‬ولَمْ تلعب الدّور الَسيس الذي لعبه الرّافضة)‪.‬‬

‫ثامنا‪ :‬تفظ الشيخُ على قتالنا للروافض‪ ،‬وذهب إل أن عوّام الرافضة كعوّام أهل السنة‪.‬‬

‫أقول‪ :‬أما قتالنا للروافض فقد صرّحنا مرارًا ‪-‬ول سيّما ف الشريط النف الذكر‪ -‬أننا ل‬
‫نبدأهـم بقتال‪ ،‬ول صـوّبنا إليهـم النبال‪ ،‬وإناـ هـم بدؤوا بتصـفية كوادر أهـل السـنة‪،‬‬
‫وتشريدهم‪ ،‬واغتصاب مساجدهم ودورهم‪ ،‬وما جرائم فيلق بدر عنا ببعيد‪ ،‬ناهيك عن‬
‫تسترهم بلبوس الشرطة والرس الوثن‪ ،‬ث من قبل هذا كلّه ولؤهم للصليبي‪ ،‬أفيسعنا بعد‬
‫هذا كله أن نعرض عن قتالم‪.‬‬

‫وأما القول بأن عوام الرافضة كعوام أهل السنة‪ ،‬فهذا –وال‪ -‬من الظلم لعوام أهل السنة‪،‬‬
‫أيستوي من الصل فيهم التوحيد‪ ،‬مع من الصل فيهم الستغاثة بالسي وبآل البيت‪،‬‬
‫وصنيعهم ف كربلء وغيها ما عاد يفى على كل ذي عيني‪ ،‬هذا مع اعتقادهم العصمة‬
‫ف أئمتهم‪ ،‬ونسبة علم الغيب والتصرف ف الكون إليهم‪ ،‬وغي ذلك من الشركيات الت‬
‫ل يعذر أحد بهلها‪.‬‬

‫أيستوي من الصل فيهم الترضي على أصحاب النب صلى ال عليه وسلم‪ ،‬مع من الصل‬
‫فيهم بغض الصحابة؛ بل لعنهم وعلى رأسهم صاحباه‪ :‬أبو بكر وعمر رضي ال عنهما‪،‬‬
‫واتام الصديقة عائشة _رضي ال عنها_ بالفاحشة‪ ،‬فل ورب ل يستويان‪.‬‬

‫وال ما استويا ولن يتلقيا *** حت تشيب مفارق الغربان‬

‫ث إن الطلع على أحوال م ف العراق يعلم علم اليق ي أن م ما عادوا عوامّ ا بالفهوم الذي‬
‫تر يد؛ ف قد أضحوا جنودًا للكا فر الح تل‪ ،‬وعيونًا على الجاهد ين ال صادقي‪ ،‬و هل و صل‬
‫العفري والكيم وغيه ا من الرافضة إل سدة ال كم إل بأصوات هؤلء؟! و من الظلم‬
‫أن يؤتى بفتوى ابن تيميه ف عصره ث تنّزل على واقع الرافضة اليوم (من دون النظر إل‬

‫‪321‬‬
‫الفوارق بي العصرين)‪ ،‬ث هناك من العلماء من تكلم ف كفر الرافضة بأعيانم كالشيخ‬
‫حود العقلء رح ه ال والش يخ سليمان العلوان والش يخ علي الض ي ( فك ال أ سرها)‬
‫والشيخ أب عبد ل الهاجر والشيخ الرشود رحه ال وغيهم‪.‬‬

‫تا سعا‪ :‬ذ كر الشي خُ حف ظه ال ف لقائه أ نه ل ُي َ‬


‫حبّذُ ذهاب الشباب الجا هد إل العراق؛‬
‫لنا ستكون مرقة لم‪ ،‬على حدّ وصفه‪.‬‬

‫وهذه وال الصيبة الكبى‪ ،‬أيعقل أن تصدر مثل هذه الفتوى عن مثل أب ممد‪.‬‬

‫عن أي مرقة تتكلم أيها الشيخ الفاضل؟‬

‫إن الحر قة كل الحر قة ف العراض عن تنف يذ ح كم ال سبحانه وتعال ف النف ي إل‬


‫سكُمْ فِي َسبِيلِ‬
‫ساحات الهاد‪ ،‬قال تعال‪{ :‬اْنفِرُواْ ِخفَافًا َوثِقَا ًل وَجَاهِدُواْ ِبَأ ْموَاِلكُ ْم َوأَنفُ ِ‬
‫اللّهِ ذَِلكُمْ َخْيرٌ ّلكُمْ إِن كُنتُمْ تَعَْلمُونَ} [التوبة‪]41:‬‬

‫إن الحرقـة فـ التنكـب عـن القيام باـ أجعـت عليـه المـة مـن وجوب نصـرة السـلمي‬
‫الستضعفي؛ الذين صال عليهم عدوهم‪ ،‬فاستباح ديارهم‪ ،‬وانتهك أعراضهم‪ ،‬قال تعال‪:‬‬
‫{ َوِإنِ ا ْستَنصَرُوكُمْ فِي الدّينِ َفعََلْيكُ ُم الّنصْر} [النفال‪.]72:‬‬

‫إن الحرقة ف التقاعس عن استنقاذ أسرى السلمي من أب غريب وغوانتناموا وغيها‪.‬‬

‫إن الحرقة ف التخاذل عن ترير أخواتنا العفيفات الطاهرات اللت ينتهك عرضهن صباح‬
‫مساء على أيدي الصليبي والروافض الاقدين‪ ،‬على مرأى ومسمع من العال‪.‬‬

‫إن الجاج بن يوسف الثقفي ‪-‬وهو من هو ف ظلمه وبطشه‪ -‬بلغه أن امرأة من السلمي‬
‫سُبيت بال ند فنادت‪ :‬يا حجاجاه‪ ،‬فج عل يقول‪ :‬لب يك لب يك‪ ،‬وأن فق سبعة آلف أل فِ‬
‫درهم‪ ،‬حت افتتح الند واستنقذ الرأة‪ ،‬وأحسن إليها‪.‬‬

‫‪322‬‬
‫أليـس لزم الخـذ بذا القول هـو ترك الهاد والقعود عنـه‪ ،‬وتسـليم بلد السـلمي لعباد‬
‫الصليب‪ ،‬ليفعلوا بم ما يشاؤون‪.‬‬

‫ل ول يبا عد رزقًا‪ ،‬يقول ال نب صلى ال عل يه‬


‫إن النف ي إل ساحات الهاد ل يقرب أج ً‬
‫وسلم‪( :‬إن روح القدس نفخ ف روعي‪ :‬إنه لن توت نفس حت تستكمل رزقها وأجلها)‪.‬‬

‫وهذا خالد بن الوليد رضي ال عنه شهد ما يربو على مئة غزوة‪ ،‬ث هو ‪-‬رضي ال عنه‪-‬‬
‫يوت على فراشه‪.‬‬

‫ولذا فإن أنصح السلمي بالعراض عن هذه الفتوى الت يرى فيها الشيخ أن نفي شباب‬
‫المة للدفاع عن دينهم‪ ،‬والذود عن حرماتم وأعراضهم مرقة‪ ،‬مالفًا بذلك إجاع المة‬
‫ف دفع العدو الصائل‪ ،‬وعليكم بعلماء الجاهد ين وقادتم‪ ،‬فهذا الش يخ أسامة بن لدن‬
‫يرى أن كم على ث غر عظ يم‪ ،‬ويق سم أ نه لو و جد طريقًا إل العراق ل ا تردد ف النف ي‪،‬‬
‫والش يخ أي ن الظواهري يرى قتال كم فري ضة وواجبًا‪ ،‬والش يخ سليمان العلوان‪ ،‬وكذا‬
‫الش يخ أ بو عبدال الها جر‪ ،‬والش يخ أ بو الل يث الل يب‪ ،‬والش يخ ع بد ال الرشود رح ه‬
‫ال‪ ،‬والشيخ يوسف العييي رحه ال‪ ،‬والشيخ حد الميدي وغيهم‪ ،‬يرون أن الهاد‬
‫ف العراق من أوجب الواجبات‪ ،‬فمرجعيتنا الكتاب والسنة‪ ،‬فما وافقها اتبعناه وما خالفها‬
‫رددناه‪ ،‬وإن كان الخالف من أعلم الناس مع حفظنا لقدره وعلمه‪.‬‬

‫فوال يا أبا ممد لو وقفت المة بأكملها‪ ،‬وقالت‪ :‬إن الهاد ف العراق مرقة‪ ،‬لا أطعتهم‬
‫ف ذلك إلّ أن يأتو ن بدلي ٍل ب ي‪ ،‬ك يف وكتاب ال ين طق بين نا بال ق‪ ،‬قال تعال‪{ :‬وَمَا‬
‫ي مِ نَ الرّجَا ِل وَالنّ سَاء وَاْلوِلْدَا نِ الّذِي َن َيقُولُو نَ‬
‫ض َعفِ َ‬
‫سَت ْ‬
‫َلكُ مْ لَ تُقَاتِلُو نَ فِي َسبِيلِ اللّ ِه وَالْمُ ْ‬
‫ك وَِليّا وَا ْجعَل ّلنَا مِن لّدُنكَ‬ ‫َرّبنَا أَ ْخرِ ْجنَا مِ ْن هَـ ِذ ِه اْلقَ ْرَيةِ الظّاِلمِ َأهُْلهَا وَا ْجعَل ّلنَا مِن لّدُن َ‬
‫َنصِيًا} [النساء‪]75:‬‬

‫‪323‬‬
‫فل سنا ‪-‬ب مد ال‪ -‬راف ضة‪ ،‬ح ت نَ صُمّ آذان نا‪ ،‬ونعم يَ أب صارنا‪ ،‬ونتب عَ مرجعيت نا على غ ي‬
‫هدى وبصـية وهـل هذه الفتوى؛ ول سـيما فـ هذا الوقـت الذي غدا انكسـار اليـش‬
‫المريكي واض حا للعيان؛ إل و سيلة لنقاذ بوش ومرتزقته‪ ،‬شعرنا أم ل نش عر‪ ،‬قصدنا أو‬
‫ل نقصد؟‬

‫ول أجد لرد شبهة الشيخ حفظه ال خيًا من نقل كلم الشيخ حفظه ال نفسه ف مقدمته‬
‫لكتاب (جؤنة الطيبي) للشيخ أب قتادة حفظه ال‪ ،‬حيث قال‪( :‬فل يوز أن نقف حجر‬
‫عثرة بفتاوى أو أحكام قصـية النظـر‪ ،‬كليلة عـن إدراك مقاصـد الشريعـة ومعرفـة واقـع‬
‫ال سلمي‪ :‬فن صد عن كل قتال أو جهاد يقوم ف الرض يد فع ف يه ال صائل عن ال سلمي‬
‫الستضعفي أو مقدساتم‪ ،‬بدعوى ما يتخلله من أخطاء أو انرافات‪ ..‬فإن كنت يا ع بد‬
‫ال تروم جهادا ربان يا خال يا من تلك الشوائب والشبهات‪ ،‬وتش ّح بنف سك أن تبذل ا إل‬
‫بثل هذا الهاد‪ ،‬فلك هذا‪ ،‬ول يل لحد إنكاره عليك‪ ،‬فما هي إل نفس واحدة‪ ،‬وليس‬
‫ث غيها لتجرب بذلا هاهنا‪ ،‬ث هاهنا‪ ..‬ث ها هناك‪..‬‬

‫ل كن حذار أن ت صدّن غيك عن جهاد ييزه بل يوج به الشرع أحيا نا‪ :‬لجرد ما ف يه من‬
‫هنات أو أخطاء أو تشوهات‪ ..‬بل سأذهب بديثي أبعد من ذلك فأقول‪ :‬حذار أن تصدّن‬
‫عن قتال لعداء ال‪ ،‬ولو كان القاتلون من ل خلق لم وليسوا على سبيل الؤمني‪..‬‬

‫أوليس الوعي بسبيل الجرمي والنضوج ف معرفة واقع السلمي يقتضي إن ل نشارك؛ أن‬
‫ل نقف ف وجه مثل هذه الواجهات‪ ،‬وأن ل نقف حجر عثرة ف مثل هذه اليادين؟؟‬

‫ث ما الدا فع الذي يد فع م ثل هؤلء الشباب الغرار إل التخذ يل وال صد عن م ثل هذه‬


‫الواجهات والدافعات؟ أهـو حقـا النصـح لهلهـا؟؟ فإن هذا متأت دون التخذيـل عنهـا‪،‬‬
‫والتهوين من شأنا وشأن الدماء النازفة فيها) انتهى كلمه‪.‬‬

‫وأخيًا‪ ،‬عملً بقول ال نب صلى ال عل يه و سلم‪ :‬الد ين الن صيحة‪ ،‬أقول للش يخ حف ظه‬
‫ال‪:‬‬

‫‪324‬‬
‫إن ما كتبته من الناصرة والناصحة‪ ،‬هو ف القيقة ليس من الناصرة ف شيء‪ ،‬فقد ذكر َ‬
‫ت‬
‫أمورًا ل تَمُتّ إل الناصـحة بشيـء؛ مـن سـرد لوقائع ومطات فـ تارينـا الدعوي‪ ،‬بـل‬
‫للسف ل تكن منصفًا فيها‪ ،‬ول تتحر الدقة ف سردها‪ ،‬واعلم يا أبا ممد أنن قادر على‬
‫تفنيد كثي من الغالطات الت ذكرتا وبكل قوة‪ ،‬ولكن هذه القوة والشدة والغلظة أدخرها‬
‫حمّدٌ رّ سُولُ اللّ هِ‬
‫لعداء هذا الدين ل لخوان ‪ ،‬وهذا ما أمرنا به ربنا سبحانه وتعال {مّ َ‬
‫وَالّذِينَ َمعَهُ َأشِدّاء عَلَى اْلكُفّارِ رُحَمَاء َبْيَنهُم} [الفتح‪]29:‬‬

‫وأحـب أن أبشرك يـا أبـا ممـد بأن عباد الصـليب‪ ،‬والعلمانييـ‪ ،‬والروافـض‪ ،‬والزب‬
‫ال سلمي‪ ،‬والهم ية والرجئة ف العراق‪ ،‬يقومون بتوز يع هذه النا صرة على الناس؛ ح ت‬
‫يصدوهم عن اللحوق بركب الجاهدين‪.‬‬

‫وأعلم يـا شيخنـا الفاضـل أنـه بُعيـد لقائك مـع قناة الزيرة بات أعداء ال بيـ ليلة مـن‬
‫العلمانيي وغيهم من منافقي هذه المة‪ ،‬فهذا ذنب آل سلول(العواجي) يصرح مأمورا‬
‫من أسياده بأن القدسي قد تراجع وأن الجاهدين سيحصل بينهم انشقاق‪.‬‬

‫هذا الذي خرج على القنوات يوم مقتل (القرن رحه ال ورفع درجته) مناصرا للطواغيت‬
‫ماطبا القرن والش يخ العييي رحه ما ال‪ :‬بأنك ما الن ف دار ال ق‪ ،‬فماذا ستقولن ل‬
‫عندما يسألكما عن النفوس العصومة الت أُزهقت على أيديكما‪.‬‬

‫وإذا ُسئِلت عن ذلك قلت بأن هؤلء زوّروا كل مي ول أ كن اق صد ما ذهبوا إل يه (ك ما‬


‫ذكرت ف بيانك الخي وما حصل من شأن الصحف)‬

‫فأقول سامك ال يا أبا ممد ومت كانت هذه الصحف والقنوات من يروم نصرة الق‬
‫وأهله وأنت الذي من كان يبصرنا بسبيلها‪.‬‬

‫‪325‬‬
‫فهلّ انتظرت حت يأتيك من أخبارنا ما يلّي لك واقعنا الذي نعيش‪ ،‬ث بعد ذلك اختر‬
‫ما شئت من الطرق الشرعية للنصح‪ ،‬فما كان حقا أخذناه وعملنا به‪ ،‬وما كان غي ذلك‬
‫بينّا لك وجهة نظرنا الشرعية واجتهادنا (حسب واقعنا الذي نعيش) والذي تهله لبعدك‬
‫عنه‪.‬‬

‫واعلم يا شيخنا الفاضل‪ :‬أن هذا المر ل يضرن؛ بقدر ما يضر هذا الهاد‪ ،‬فإنا أنا رجل‬
‫من رجالت ال سلمي‪ ،‬يو شك أن ينادى عليّ فأل ب‪ ،‬ول كن الزن كل الزن على جهاد‬
‫قائم؛ بادية بركاته لكل ذي عيني‪ ،‬يراد له أن يقوض بنيانه؛ فإن تّ لم ما أرادوا _عياذًا‬
‫بال_ كان لك نصيب السد من ذلك‪.‬‬

‫أعيذك بال أن تت بع خطوات الشيطان فتهلك؛ فاحذر يا شيخ نا الفا ضل من م كر أعداء‬


‫ال‪ ،‬واحذر أن يستدرجوك لشق صف الجاهدين‪.‬‬

‫أما شعرت أيها الشيخ الليل الهتمام اللفت للنظار من العلم بشت وسائله بذا اللقاء‬
‫الغي موفق (توقيتا ومضمونا)‪.‬‬

‫أل يدر بلدك بان هذه البواق ال ستأجرة ل ت سعى يو ما لحقاق حق أو لزهاق با طل‬
‫وإنا لتفريق كلمة السلمي ودس السم بالعسل‪ ،‬لقد خرج علينا الراسل ـ الذي أجرى‬
‫م عك اللقاء ـ ف برنا مج (ما وراء الب) يقول إن الجهزة المنية اتصلت بالشيخ وأنا‬
‫عنده تطلب منه إجراء مقابلة مع إحدى القنوات الفضائية‪.‬‬

‫أتدري ما معن هذا الكلم يا شيخنا الفاضل؟‬


‫أما علمت ماذا ستترك هذه القولة ف أذهان السلمي؟‬

‫إعلم أيها الشيخ الليل؛ أنن قد أشك ف نفسي ولكن لست من يشك لظه ف دينك‪،‬‬
‫ولكن يا أبا ممد لاذا غفلت عن حديث (صفية)‪.‬‬

‫‪326‬‬
‫سجِ ِد َو ِعنْدَ هُ أَ ْزوَاجُ هُ َفرُحْ َن‬‫سيْنِ كَا َن النِّبيّ صَلّى اللّ ُه عََليْ هِ وَ سَلّمَ فِي الْمَ ْ‬ ‫فعن عَِليّ بْ ِن الْحُ َ‬
‫ك وَكَا نَ بَْيتُهَا فِي دَارِ أُ سَا َمةَ َفخَ َر جَ‬ ‫ف َمعَ ِ‬ ‫ص ِفّيةَ ِبنْ تِ ُحيَيّ لَا َتعْجَلِي َحتّ ى َأنْ صَ ِر َ‬ ‫َفقَالَ لِ َ‬
‫صلّى اللّ ُه عََليْ ِه وَ سَلّ َم َم َعهَا فََل ِقيَ هُ رَجُلَا ِن مِ ْن اْلأَنْ صَارِ َفنَظَرَا إِلَى النِّبيّ صَلّى اللّ ُه عََليْ هِ‬
‫الّنِبيّ َ‬
‫ص ِفّي ُة ِبنْ تُ ُحيَيّ قَالَا‬‫صلّى اللّ ُه عََليْ ِه وَ سَلّ َم َتعَالَيَا ِإنّهَا َ‬‫وَ سَلّ َم ثُمّ أَجَازَا وَقَالَ َلهُمَا الّنبِيّ َ‬
‫جرَى الدّ مِ َوإِنّي خَشِي تُ‬ ‫جرِي مِ ْن الِْإنْ سَا ِن مَ ْ‬ ‫شيْطَا نَ يَ ْ‬
‫ُسبْحَانَ اللّ ِه يَا رَ سُولَ اللّ هِ قَالَ إِنّ ال ّ‬
‫أَ ْن يُ ْل ِقيَ فِي َأْنفُسِكُمَا َشْيئًا‪.‬‬

‫لاذا جعلت للعداء سبيل على إخوانك (حسبنا ال ونعم الوكيل)‪.‬‬

‫وقبـل التام ل بـد مـن القول؛ بِأن الشيـخ القدسـي حفظـه ال منـ يفـظ لمـ حقهـم‬
‫وبلؤهم‪ ،‬وهو من يسن الظن به‪ ،‬وهو أول الناس بالعذرة وإقالة العثرة‪ ،‬ول أظن موحدا‬
‫ف هذا الزمان إل وللشيخ عليه فضل‪ ،‬فل يعن إن جانب الصواب ف مسألة ما أن يط‬
‫من قدره وعل مه وح فظ سابقته وبلئه‪ ،‬ولول خطورة ما تكلّم به الش يخ‪ ،‬و ما سيترتب‬
‫عليه من آثار سيئة على الهاد والجاهدين ل يكن هذا الرد‪.‬‬

‫أ سال ال أن يع فو ع نا وع نه‪ ،‬وأن يغ فر ل نا وله‪ ،‬وأن ي تم ل نا وله بال سن‪ ،‬وأل ي عل‬
‫لعدائه علينا وعليه سبيلً‪.‬‬

‫وصلى اللهم على سيدنا ممد‪ ،‬وعلى آله وصحبه أجعي‪.‬‬

‫صعَبٍ الزّ ْرقَاوِي‬


‫َأبُ ْو مُ ْ‬
‫َأمِيْ ُر تَنْظِي ِم القَا ِع َدةِ ِف ْي بِلدِ الرّافِ َديْن‬
‫ق – بِلدُ الرّافِ َديْن‬
‫ال ِعرَا ُ‬

‫‪327‬‬
‫الطاب التاسع و العشرون‬

‫سِلسِلَةُ مُحَاضَراتِ‪:‬‬
‫ل يَضُرّهُم َمنْ خَ َذلَهُمْ‬
‫ض َرةُ الوُل‪ ،‬وَ هِ َي بِعُنوان‪:‬‬
‫الُحا َ‬

‫(القِتَالُ؛ قَ َدرُ الطّائِفَةِ الَنصُو َرةِ)‬


‫‪ 3‬شعبان ‪ 1426‬هـ‬
‫‪ 6‬سبتمب‪/‬أيلول ‪ 2005‬م‬

‫بِصَوْتِ الشَيخ‬
‫ب الزّرْقَاوِي ( َرحِ َمهُ ال)‬
‫أَِبيْ مُصْع ٍ‬

‫المدُ لِ مع ّز ال سلمِ بن صره‪ ،‬ومُذلّ الشر كِ بقهره‪ ،‬وم صرّف المور بأمره‪ ،‬وم ستدر ِ‬
‫ج‬
‫الكافريـن بكره‪ ،‬الذي قدر اليام دولً بعدله‪ ،‬وجعـل العاقبـة للمتقيـ بفضله‪ ،‬والصـلةُ‬
‫والسلم على من أعلى الُ منا َر السلمِ بسيفه‪ ،‬أمّا بعد‪:‬‬

‫‪328‬‬
‫فإنّ الَ سبحانَه وتعال خل قَ اللق لعباد ته واتّبا عِ شريع ته‪ ،‬ول يترك هم هلً؛ بل أر سل‬
‫إليهم رُ ُسلً يدعونم إليه‪ ،‬ويدلونم عليه‪ ،‬فانقسم العبادُ إل فريقي؛ فري قٍ هدا هُ ال بفضله‬
‫ورح ته‪ ،‬وفري قٍ أضلّ هُ الُ بعل مه وعدله‪ ،‬وم ضى قدرُ ال وجرت سنته أن ي قع التدا فع‬
‫والصراع بي هاتي الفريقي؛ القّ وأنصاره‪ ،‬والباط ِل وأعوانه‪ ،‬وذلك على مر العصور‪،‬‬
‫ض ومن عليها‪ُ { ،‬سّنةَ اللّهِ فِي الّذِينَ خََلوْا مِن َقبْ ُل وَلَن‬
‫وك ّر الدهور‪ ،‬وإل أن يرث الُ الر َ‬
‫سّنةِ اللّ ِه َتبْدِيلً} [الحزاب‪.]62:‬‬
‫تَجِدَ لِ ُ‬

‫وذلك أن القّ والبا طل ضدان ل يتمعان أبدًا‪ ،‬فوجودُ أحدِه ا على أرض الوا قع ي ستلزم‬
‫ئ ال ت‬‫‪-‬ول بد‪ -‬موَ ال خر أو إضعا فه‪ ،‬بتجريده من ال سس ال ت يرتك ُز علي ها‪ ،‬والباد ِ‬
‫ش الق والباطل معًا على أر ضٍ واحدة من‬ ‫قيامه با‪ ،‬فل يتصور ف ميدان الواقع أن يتعاي َ‬
‫ض أن الق استكان‬ ‫دون غلبة لحدها على الخر‪ ،‬أو سعيٍ لتحقيق هذه الغلبة‪ ،‬ولو فُرِ َ‬
‫حقبة من الزمن‪ ،‬وأحجَمَ عن مزاحة الباطل ومدافعته؛ فإن الباطل لن يقابل هذه الستكانةَ‬
‫إل ب صولةٍ ي ستعلي ب ا على ال ق وأهله‪ ،‬يروم من خلل ا النيلَ من هم والقضا َء علي هم‪ ،‬أو‬
‫على القل تريدهم من أهم ما ييزهم عن الباطل وأهله‪ ،‬عب سلسلةٍ من التنازلت والت‬
‫ل تبقي لم من الق غي اسه‪ ،‬ومن منهجه غي رسه؛ ليغدو ف ناية الطاف جزءًا من‬
‫ملكة الباطل‪ ،‬وذيلً من أذياله‪ ،‬و بئست النهاية‪.‬‬

‫والقرآ نُ الكر ي يز خر باليات ال ت تُقررُ هذه القيقة وتأ صّلها‪ ،‬يقول ال سبحانه وتعال‪:‬‬
‫ضنَا َأوْ َلَتعُو ُدنّ فِي مِّلِتنَا} [إبراهيم‪]13:‬‬
‫{وَقَا َل الّذِينَ َكفَرُواْ لِرُسُِل ِهمْ َلنُخْ ِر َجنّـكُم مّنْ أَرْ ِ‬
‫إنا حقيقةُ العركة بي الق والباطل‪ ،‬حقيقةٌ ثابتة مستقرة‪ ،‬ل تتغي بتغي الزمان‪ ،‬ول تتبدل‬
‫بتبد ِل الكان‪ ،‬فليـس لهـل اليان مـن الرسـل وأتباعهـم عنـد ملل الكفـر قاطبـة إل أحدُ‬
‫سبيلي؛ إمّا أن يُخْلُوا ل م الرض بالقت ِل والت صفية والتشري ِد والطرد والبعاد؛ ليعيثوا في ها‬
‫كفرًا وفسادًا‪ ،‬وإما أن يتنازلوا عن القّ الذي معهم‪ ،‬ويستسلموا للباطل وحزبه‪ ،‬ويذوبوا‬
‫ف متمعهم‪ ،‬وهذا ما تأباه طبيعة هذا الدي ِن لتباعه‪.‬‬

‫‪329‬‬
‫ك بِمَا‬
‫وقال تعال‪ { :‬ذَلِ كَ بَِأّنهُ مْ كَانُوْا َيكْفُرُو نَ بِآيَا تِ اللّ ِه َوَيقْتُلُو َن النِّبيّيَ بِ َغيْ ِر الْحَقّ ذَلِ َ‬
‫عَصَواْ وّكَانُواْ َي ْعتَدُونَ} [البقرة‪.]61:‬‬

‫وقال تعال‪{ :‬قَالُوا حَرّقُوهُ وَانصُرُوا آِل َهَتكُمْ إِن كُنتُمْ فَاعِلِيَ} [النبياء‪.]68:‬‬

‫وقال تعال‪{ :‬فَمَا كَانَ َجوَابَ َق ْومِهِ إِلّا أَن قَالُوا ا ْقتُلُوهُ َأوْ َحرّقُوهُ} [العنكبوت‪.]24:‬‬

‫ُونـ‬
‫ُوكـ َويَ ْمكُر َ‬
‫ُوكـ َأ ْو يُخْ ِرج َ‬
‫ُوكـ َأ ْو َي ْقتُل َ‬
‫ِينـ َكفَرُواْ ِلُيْثبِت َ‬
‫ِكـ الّذ َ‬
‫وقال تعال‪َ { :‬وإِ ْذ يَ ْمكُ ُر ب َ‬
‫َويَ ْمكُرُ اللّ ُه وَاللّهُ َخيْ ُر الْمَاكِرِينَ} [النفال‪.]30:‬‬

‫يقول سيّد رحه ال‪( :‬وهذا التقرير الصادق من العليم البي يكشف عن الصرار البيث‬
‫على الشر‪ ،‬وعلى فتنة السلمي عن دينِهم‪ ،‬بوصفها الدفَ الثابت الستقر لعدائهم‪ ،‬وهو‬
‫الدف الذي ل يتغي لعداء الماعة السلمة ف كل أرض‪ ،‬وف كل جيل‪.‬‬

‫إن وجود ال سلم بذا ته هو غي ضٌ ور عب لعداء هذا الد ين‪ ،‬وتتنوع و سائل قتال هؤلء‬
‫العداء للم سلمي وأدواتُه‪ ،‬ول كن الد فَ ي ضل ثابتًا؛ أن يردوا ال سلمي ال صادقي عن‬
‫دينِهم إن استطاعوا‪ ،‬وكلما انكسر ف يدهم سلح انتضوا سلحًا غيه‪ ،‬والب الصادق‬
‫من العليم البي قائمٌ يذرُ الماعة السلمة من الستسلم وينبهها إل الطر‪ ،‬ويدعوها إل‬
‫الصب على الكيد‪ ،‬والصب على الرب‪ ،‬وإل فهي خسارةُ الدنيا والخرة‪ ،‬والعذا بُ الذي‬
‫ل يدفعه عذ ٌر ول مبر) ا‪.‬هـ‪.‬‬

‫ضعِيفا وََلوْلَ‬
‫ب مَا َنفْقَ هُ َكثِيا مّمّا َتقُو ُل َوِإنّا َلنَرَا كَ فِينَا َ‬
‫وتأمّل قوله تعال‪{ :‬قَالُواْ يَا ُش َعيْ ُ‬
‫َرهْطُكَ لَ َرجَ ْمنَاكَ َومَا أَنتَ عََلْينَا ِبعَزِيزٍ} [هود‪ ،]91:‬فرغم إقرار الباطل بضعف أه ِل الق‬
‫الادي‪ ،‬وخلوّهم من أسباب القوة؛ فليس غي القوة الغاشة الت ل تعرف أي معن للرحة‪،‬‬
‫ول تأ به بأي راب طة {وََلوْلَ َرهْطُ كَ َلرَجَ ْمنَا كَ وَمَا أَن تَ عََليْنَا ِبعَزِيزٍ} [هود‪ ،]91:‬بل‬
‫عندما طلب منهم نبيهم شعيب ‪-‬عليه الصلة والسلم‪ -‬أن يتركو ُه والطائف َة الت آمنت‬
‫معه‪ ،‬ويصبوا إل أن يكون ال وحده هو الذي يكم بي الطائفتي بأمر قدري من عنده‬

‫‪330‬‬
‫سبحانه‪ ،‬أبوا إل خيار الطاغوت ف كل زمان ومكان‪ ،‬مع الق وأهله؛ إما الطرد والبعاد‬
‫والقت ُل والنكال والعذاب‪ ،‬أو الفتنة عن الدين‪.‬‬

‫ُمـ آ َمنُوْا بِالّذِي‬


‫َانـ طَآِئ َفةٌ مّنك ْ‬
‫شعيبـ عليـه السـلم‪َ { :‬وإِن ك َ‬ ‫ٍ‬ ‫وقال ال تعال حكاي ًة عـن‬
‫حكُ مَ اللّ ُه َبيْنَنَا َو ُهوَ َخيْ ُر الْحَاكِمِيَ * قَالَ‬
‫صبِرُواْ َحتّ ى يَ ْ‬
‫ت بِ هِ َوطَآِئفَةٌ لّ ْم ْي ْؤمِنُواْ فَا ْ‬
‫أُرْ سِ ْل ُ‬
‫ك مِن قَ ْرَيتِنَا َأوْ‬
‫ك يَا ُشعَيْ بُ وَالّذِي نَ آ َمنُوْا َمعَ َ‬ ‫خرِ َجنّ َ‬‫الْ َملُ الّذِي َن ا ْستَ ْكبَرُواْ مِن َق ْومِ هِ َلنُ ْ‬
‫َلَتعُودُنّ فِي مِّلتِنَا قَالَ َأوََلوْ ُكنّ ا كَا ِرهِيَ} [العراف‪ ،]88-87:‬فالبا طل ل يط يق وجود‬
‫فئة تؤمـن بال وبرسـالتِه فـ ديارِهـم‪ ،‬وإن كانْت هذه الفئة فئ ًة ضعيفـة‪ ،‬مردةً مـن كلّ‬
‫أسبابِ الق ّوةِ الاديّة‪ ،‬بل ولو كانت هذه الفئةُ تدعو الباطلَ إل الصبِ إل أن يكون ال هو‬
‫الكمُ با يقدره بينهما‪.‬‬

‫و قد اقت ضت حكمةُ ال ‪ -‬سبحانه‪ -‬ابتلءً لعباده وتحي صًا ل م؛ أن يت سلط الباطلُ وحزبُه‬
‫على القّ وأهله تسلطًا قدريّا‪.‬‬

‫ضهُ مْ إِلَى‬
‫س وَالْجِنّ يُوحِي َب ْع ُ‬
‫قال تعال‪{ :‬وَكَذَلِ كَ َجعَلْنَا ِلكُ ّل ِنبِيّ عَ ُدوّا َشيَاطِيَ الِن ِ‬
‫ف اْل َقوْ ِل غُرُورا وََلوْ شَاء َربّكَ مَا َفعَلُوهُ فَ َذ ْرهُمْ َومَا َي ْفتَرُونَ} [النعام‪.]112:‬‬
‫َبعْضٍ زُ ْخرُ َ‬

‫وهذا قضا ٌء كون واق عٌ ل ميص عنه‪ ،‬ول دافع له‪ ،‬فكل من استمسك بغرز هذا الدين‪،‬‬
‫وأ خذ على عات قه ت طبيقَ حك مه ب ي العال ي؛ فل بد أن ينال هُ ق سطٌ من ذلك الت سليط‪،‬‬
‫ونصيبٌ من تلكم العداوة؛ ويتضحُ ذلك جليّا ف قول ورقة بن نوفل للنب ‪-‬صلى ال عليه‬
‫وسلم‪( -‬ل يأت رجل قط بثل ما جئت به إل عودي)‪.‬‬

‫فكل من سار على درب النب ‪-‬صلى ال عليه وسلم‪ -‬وأصحابِهِ رضوان ال عليهم‪ ،‬ودعا‬
‫إل م ثل ما كانوا عل يه؛ فل ب ّد أن يناله ن صيب من العداوة‪ ،‬وي صيبَه ش يء من الذى من‬
‫البا طل وأهله ب سب حاله والتزا مه بنهج هم‪ ،‬ومن شأ هذه العداوة و سببُها؛ أن مرد رؤيةِ‬
‫أ هل البا طل لل حق‪ ،‬وإن كان ال ق ف أض عف حال ته وأعجز ها ‪-‬تذ كر أ هل البا طل‬
‫بباطلهم‪ ،‬فتقطع عليهم نشوتم‪ ،‬وتُنغ صُ عليهم تتعهم بشهواتِهم‪ ،‬وتوقفهم مع أنفسهم‬

‫‪331‬‬
‫لتفضح هذه النفس‪ ،‬وتبيَ ضعفها‪ ،‬وزيف قوت ا وذلتها‪ ،‬حيث غدت عبدة ذليلة مهانة‬
‫لشهواتا وأهوائها‪.‬‬

‫وقال تعال‪{ :‬ق ْل يَا َأهْ َل اْلكِتَا بِ هَ ْل تَنقِمُو َن ِمنّا إِلّ أَ نْ آ َمنّا بِاللّ ِه َومَا أُنزِلَ إَِلْينَا َومَا أُن ِز َل‬
‫مِن َقبْ ُل َوأَنّ أَ ْكثَرَكُ مْ فَا ِسقُونَ} [الائدة‪ ،]59:‬فنقمت هم على الؤمن ي‪ ،‬ك ما هو صريحُ‬
‫سكِهم به‪ ،‬مع عدم قدرت م على ف عل‬ ‫ب ل ا غيَ قيا ِم الؤمن ي بدين هم‪ ،‬وت ّ‬ ‫ال ية‪ ،‬ل سب َ‬
‫الشيء نفسه؛ لفسقهم الانع لم من ذلك‪ ،‬وهذا ما يلُ قلو بَ أهل الباطل حقدًا وغيضًا‬
‫تتقطع معه قلوبم‪ ،‬وتتحرق معه نفوسهم‪ ،‬حي ثُ هذا العلو والسمو والذي ل يستطيعونه‬
‫يذكر هم ويش هد علي هم بانطاط هم و سفلهم‪ ،‬فيودون أن لو ف ت أ هل ال ق عن حق هم‬
‫وشاركوهم ف باطلهم‪ .‬كما قال العليم بكنون صدورهم‪َ { :‬ودّواْ َل ْو َتكْفُرُونَ كَمَا َكفَرُواْ‬
‫َفتَكُونُو نَ َسوَاء} [الن ساء‪ ،]89:‬ولذا فإن أ هل الباط ِل ل يدون أمام هم فرارًا م ا يدون‬
‫غي التمادي ف سياسة البطش والتنكيل والتشريد والتقتيل‪ ،‬غي مراعي لرمة ول حافظي‬
‫لعه ٍد ول ذمة تشفيا من الق وأهله وإرضا ًء لنفسهم الهزومة‪ ،‬وانتصارًا لا‪.‬‬

‫وإذا كان قد سبق ف قضاء ال معادا ُة الباطل للحق وأهله وتسلطهم عليهم بأنواع الذى‬
‫وألوان العذاب؛ ف قد أ مر سبحانه أولياءه بإشهار سيف العداوة والبغضاء ف و جه البا طل‬
‫وأهله‪ ،‬ورف ِع لواء الباءَةِ من الكفر وحزبه‪.‬‬

‫سَنةٌ فِي ِإبْرَاهِي َم وَالّذِي َن َمعَهُ ِإذْ قَالُوا ِل َق ْو ِمهِمْ ِإنّا بُرَاء‬
‫قال سبحانه‪{ :‬قَدْ كَانَتْ َلكُمْ أُ ْس َوةٌ حَ َ‬
‫مِنكُ ْم َومِمّا َت ْعبُدُو َن مِن دُونِ اللّهِ َكفَ ْرنَا ِبكُ ْم َوبَدَا َبْينَنَا َوَبيَْنكُ ُم اْلعَدَا َوةُ وَاْلَبغْضَاء َأبَدا َحتّى‬
‫ُتؤْ ِمنُوا بِاللّ ِه وَ ْح َدهُ} [المتحنة‪.]4:‬‬

‫قال الشيخ حد بن عتيق ‪-‬رحه ال‪( -‬وهاهنا نكتةٌ بديعة ف قوله تعال {ِإنّا بُرَاء مِنكُ مْ‬
‫َومِمّ ا َتعْبُدُو َن مِن دُو نِ اللّ هِ} [المتح نة‪ ]4:‬و هي أن ال تعال قدم الباءة من الشرك ي‬
‫العابد ين غ ي ال على الباءة من الوثان العبودة من دون ال؛ لن الول أ هم من الثا ن‪،‬‬

‫‪332‬‬
‫فإنه قد يتبأ من الوثان‪ ،‬ول يتبأ من عبدها‪ ،‬فل يكون آتيًا بالواجب عليه‪ ،‬وأما إذا تبأ‬
‫من الشركي فإن هذا يستلزم الباءة من معبوداتم)‬

‫إل أن قال‪( :‬فعليك بذه النُكت؛ فإنا تفتح بابًا إل عداوة أعداء ال‪ ،‬فكم إنسان ل يقع‬
‫منه الشرك‪ ،‬ولكنه ل يعادي أهله‪ ،‬فل يكون مسلمًا بذلك إذ ترك دين جيع السلمي‪ ،‬ث‬
‫قال تعال‪َ { :‬كفَ ْرنَا ِبكُ ْم َوبَدَا َبيَْننَا َوَبيَْنكُمُ اْلعَدَا َوةُ وَاْلبَ ْغضَاء َأبَدا َحتّى ُتؤْ ِمنُوا بِاللّ ِه وَحْدَهُ}‬
‫[المتح نة‪ ،]4:‬فقولُه "بدا" أي ظ هر وبان‪ ،‬وتأ مل تقديَ العداوة على البغضاء لن الول‬
‫أهمّ من الثان ية‪ ،‬فإن الن سان قد يب غض الشرك ي ول يعادي هم‪ ،‬فل يكون آتيًا بالوا جب‬
‫عليه حت تصل منه العداوة والبغضاء‪ ،‬ول بد أيضًا من أن تكون العداوة والبغضاء باديتي‬
‫ظاهرتي بينتي) ا‪.‬هـ‪.‬‬

‫و قد ات ذ جهادُ أ هل ال ق للبا طل أشكالً متنو عة‪ ،‬و صورًا متعددة‪ ،‬فتارة يكو نُ بالقلم‬
‫والبيان‪ ،‬وهو جهاد أهل الق للمنافقي وأهل الزيغ والبتدعي؛ بكشف خبيئتهم‪ ،‬وتبيي‬
‫باطل هم‪ ،‬وزي فِ مذهب هم‪ ،‬قال تعال‪{ :‬فَل تُطِ ِع اْلكَافِرِي نَ وَجَاهِدْهُم بِ هِ ِجهَادا َكبِيا}‬
‫[الفرقان‪.]52:‬‬

‫وتارةً يكون بال سيف وال سنان‪ ،‬و هو جهادُ أ هل ال ق للكفرة والرتد ين؛ ح ت يدخلوا ف‬
‫السلم‪ ،‬أو يضعوا ويُذعنوا لكمه‪ ،‬قال تعال‪{ :‬قَاتِلُواْ الّذِي نَ َل ُي ْؤ ِمنُو نَ بِاللّ ِه وَلَ بِاْلَيوْ مِ‬
‫الخِ ِر وَ َل يُحَ ّرمُو َن مَا حَرّ مَ اللّ ُه وَرَ سُولُ ُه وَ َل يَدِينُو نَ دِي َن الْحَقّ مِ َن الّذِي نَ أُوتُوْا الْ ِكتَا بَ‬
‫ج ْزَيةَ عَن يَ ٍد َوهُمْ صَاغِرُونَ} [التوبة‪ ،]29:‬وقال تعال‪{ :‬وَقَاتِلُوهُمْ َحتّى لَ‬ ‫َحتّى ُيعْطُوْا الْ ِ‬
‫تَكُونَ ِفْتَن ٌة َويَكُونَ الدّينُ كُلّهُ ِللّهِ} [النفال‪.]39:‬‬

‫وأه ُل ال ق يارسون الهاد بنوع يه؛ جهادَ البنان‪ ،‬وجها َد السنان‪ ،‬ولكنهم يوقنون أن هذا‬
‫ال ق الذي يملو نه ل بد له من درع يم يه‪ ،‬وقوة تن صره وت سانده‪ ،‬وإل َفقَدَ مله من‬
‫العقول وتأثيه ف القلوب مه ما كا نت حج جه قاط عة وبراهي نه ساطعة‪ ،‬ولذا أ مر الُ‬
‫سـبحانه أهلَ القّ بإعداد القوة لرهاب أهـل الباطـل ومنعهـم مـن التحرش بأهـل القـ‬

‫‪333‬‬
‫خيْ ِل تُ ْر ِهبُو نَ‬
‫ط الْ َ‬
‫والتعدي عليهم‪ ،‬قال تعال‪َ { :‬وَأعِدّواْ َلهُم مّا ا ْستَ َطعْتُم مّن ُق ّو ٍة َومِن ّربَا ِ‬
‫بِهِ عَ ْدوّ اللّ ِه َوعَ ُدوّكُ ْم وَآ َخرِي َن مِن دُوِنهِمْ َل َتعْلَمُوَنهُمُ اللّ ُه َيعْلَ ُمهُمْ} [النفال‪.]60:‬‬

‫ب و السيف‪ ،‬فالسلمُ دين الق ل يقوم إل على‬ ‫ولذا كان دي ُن ال الق يقومُ على الكتا ِ‬
‫ساقي؛ عل مٍ وجهاد‪ ،‬فإذا اخ تل أحده ا؛ اضطرب حبله وف سد نظا مه وت كن م نه أعداؤه‬
‫يفعلون بـه مـا يشاءون‪ ،‬فإن قوام الديـن بالكتاب الادي والديـد الناصـر‪ ،‬كمـا قال ال‬
‫ب وَالْمِيزَا نَ ِلَيقُو َم النّا سُ بِاْلقِ سْطِ‬ ‫ت َوأَنزَلْنَا َم َعهُ ُم اْلكِتَا َ‬ ‫تعال‪َ{ :‬لقَدْ أَرْ سَ ْلنَا رُ سَُلنَا بِاْلَبيّنَا ِ‬
‫س وَِلَيعْلَ مَ اللّ ُه مَن يَن صُ ُرهُ وَرُ سُلَ ُه بِاْل َغيْ بِ إِنّ اللّ هَ‬
‫َوأَنزَْلنَا الْحَدِيدَ فِي هِ َبأْ سٌ شَدِي ٌد َو َمنَافِ عُ لِلنّا ِ‬
‫ي عَزِيزٌ} [الديد‪.]25:‬‬ ‫َقوِ ّ‬

‫ولقد أحسن من قال ف مثل هذا‪:‬‬

‫وَما هُ َو ِإلّا الوَح ُي أَو َح ّد مُرهَفٍ *** تُزيلُ ظُباهُ أَخدَعَي ُك ّل مائِـلِ‬
‫َفهَذا دَواءُ الدا ِء مِن ُك ّل جاهلٍ *** َوهَذا دَواءُ الدا ِء مِن ُك ّل عا ِذلِ‬

‫فالعاقِلُ ذو الفطرة السـليمة ينتفـع بالبينـة‪ ،‬ويقبـل القـ بدليله‪ ،‬أمـا الظال التابـع لواه فل‬
‫ك القوّةَ ليطب قَ ف وا قع الياة‪ ،‬ودن يا الناس؛ حقّ‬
‫يردَعُه إل ال سيف‪ ،‬فالقّ الذي ل يل ُ‬
‫ضائع مهما بلغت براهينُه‪ ،‬وق ّوةُ حججه‪ ،‬وسطوعُ أدلته‪ ،‬بل وكونُه البيا نَ الذي ل يقهر‪،‬‬
‫والقّ الضائع ل مع ن له ول قي مة ح يث ي ظل حبي سًا مقهورًا ل ي د النا سُ له أثرًا‪ ،‬ول‬
‫ت ضعيفة مشوهة بفعل الباطل وعلوه‪.‬‬ ‫يسمعون له صوتًا إل ههما ٍ‬

‫مت تلك القلب الزكيّ وصارمًا *** وأنفًا حيّا تتنبك الظال‬

‫وقد قال الفاروق الحدثُ اللهم ‪-‬رضي ال عنه‪( :-‬ل ينفعُ كلمة حقّ ل نفاذ لا)‪ ،‬وأول‬
‫الناس وأحقهم بالعلم هم أهل الهاد‪ ،‬وأول الناس وأحقهم بالهاد هم أهل العلم‪ ،‬وهذا‬
‫ما جاء به رسول ال صلى ال عليه وسلم‪.‬‬

‫‪334‬‬
‫وقد جاء ف الثر (صنفان من أمت إذا صلحوا صلح الناس‪ ،‬العلما ُء والمراء)‪.‬‬

‫وما أدق قول الغزال رحه ال‪( :‬إن الدنيا مزرعةُ الخرة‪ ،‬ول يتم الدين إل بالدنيا‪ ،‬واللك‬
‫والدين توأمان‪ ،‬فالدي نُ أصلٌ والسلطان حارس‪ ،‬وما ل أصل له فمهزوم‪ ،‬وما ل حارس له‬
‫فضائع) ا‪.‬هـ‪.‬‬

‫دعا الصطفى دهرًا بكة ل يُجب *** وقد لن منه جانب وخطاب‬
‫ت بكفـه *** له أسلموا واستسلموا وأنابوا‬
‫فلما دعا والسيفُ صل ٌ‬

‫والنب صلى ال عليه وسلم الذي جاء بالكتاب والسنة والدعوة إليهما هو كذلك صلى ال‬
‫عليـه وسـلم الذي جاء بالسـّيف وأمـر بـه وحرض عليـه قو ًل وفعلً؛ قال صـلى ال عليـه‬
‫ت بي يدي الساعةِ بالسيف حت يعبد ال وحده ل شريك له‪ ،‬و ُجعِلَ رزقي‬ ‫وسلم‪( :‬بُعث ُ‬
‫تت ظل رمي‪ ،‬وجعل الذلة والصغار على من خالف أمري‪ ،‬ومن تشبه بقو ٍم فهو منهم)‪.‬‬

‫و قد قال صلى ال عل يه و سلم أيضًا‪( :‬إن ال أمر ن أن أحرق قري شا‪ ،‬فقلت‪ :‬رب! إذا‬
‫يثلغوا رأ سي فيدعوه خبزة‪ ،‬قال‪ :‬ا ستخرجهم ك ما ا ستخرجوك‪ ،‬واغز هم ُنغْزِك‪ ،‬وأن فق‬
‫فسننفق عليك‪ ،‬وابعث جيشًا نبعث خسة مثله‪ ،‬وقاتل بن أطاعك من عصاك)‪.‬‬

‫وهو صلى ال عليه وسلم القائل‪( :‬والذي نفس ممد بيده لودد تُ أن أغزو ف سبيل ال‬
‫فأقتل‪ ،‬ث أغزو فأقتل‪ ،‬ث أغزو فأقتل)‪.‬‬

‫إن حياته صلى ال عليه وسلم كانت تازُجًا ل يقب ُل النفكاك بي التعليم والدعوة وبي‬
‫القتال ف سبيل ال‪ ،‬حت أنه صلى ال عليه وسلم خرج بنفسه للغزو سبعًا وعشري نَ مرة‪،‬‬
‫مدةَ العشر سنوات الت قضاها عليه الصلة والسلم ف الدينة‪ ،‬أي بعدل ثل ثِ مرا تٍ ف‬
‫السنة الواحدة‪ ،‬فضلً عن السرايا الت أمر بإرسالا ول يرج معها‪ ،‬وهذا يوضح بلءٍ أ نّ‬
‫القتالَ ف سبي ِل ال هو الحور الذي كانت تدور عليه حياةُ الصدرِ الول‪.‬‬

‫‪335‬‬
‫ومن أسائه الت سُمي با صلى ال عليه وسلم؛ الضّحو ُك القتّال‪ ،‬قال ابن عباس رضي ال‬
‫عنه ما‪( :‬ا سه ف التوراة أح د‪ ،‬الضحوك القتال‪ ،‬يرك بُ البع ي‪ ،‬ويلب سُ الشملة‪ ،‬ويتزئ‬
‫بالكِسرة‪ ،‬سيفه على عاتقه)‪.‬‬

‫قال الاوردي ‪-‬رحه ال‪ -‬وهو يتحدث عن فضائله صلى ال عليه وسلم‪( :‬منها؛ انتصابه‬
‫لهاد العداء وقد أحاطوا بهاته‪ ،‬وأحدقوا بنباته‪ ،‬وهو ف قطر مهجور‪ ،‬وعدد مكور‪،‬‬
‫فزاد به من قل‪ ،‬وعز به من ذل‪ ،‬وصار بإثخانه بالعداء مبورًا‪ ،‬وبالرعب منه منصورًا‪،‬‬
‫فجمع بي التصدي لشرع الدين حت ظهر وانتشر‪ ،‬وبي النتصاب لهاد العدو حت قهر‬
‫وانتصر‪ ،‬والمعُ بينهما مُعوِزٌ إل لن أم ّدهُ الُ بعونته‪ ،‬وأي ّدهُ بلُطفِه)‪ .‬ا‪.‬هـ‪.‬‬

‫وهذا التمازج الذي ل يقبـل النفكاك بيـ الكتاب والسـيف‪ ،‬الذي كان عليـه صـلى ال‬
‫عليه وسلم‪ ،‬هو ما فهمه الصحابة رضوان ال عليهم من طبيعةِ هذا الدين وما جاء به‪،‬‬
‫وقد قال تعال‪{ :‬وَ َكَأيّن مّن نِّبيّ قَاتَ َل َمعَ هُ ِرّبيّو نَ َكثِيٌ فَمَا َو َهنُواْ لِمَا أَ صَاَبهُمْ فِي َسبِيلِ‬
‫ب الصّابِرِينَ} [آل عمران‪.]146:‬‬ ‫ح ّ‬ ‫ض ُعفُواْ َومَا ا ْستَكَانُواْ وَاللّ ُه يُ ِ‬
‫اللّ ِه َومَا َ‬

‫ف ال سلمي تن صر هذا الشرع و هو‬


‫قال ش يخ ال سلم ا بن تيم ية رح ه ال تعال‪( :‬و سيو ُ‬
‫الكتاب والسنة‪ ،‬كما قال جابر بن عبد ال رضي ال عنه‪ :‬أمرنا رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم أن نضرب بذا ـ يعن السيف ـ من خرج عن هذا ـ يعن الصحف ـ) ا‪.‬هـ‪.‬‬

‫ومن ث فالسلم يُسجل تاريخ عزّ هِ‪ ،‬ويسطر صفحات مده أهلُ العلم الجاهدون‪ ،‬ولقد‬
‫كان ال صحابة الكرام رضوان ال علي هم‪ ،‬و هم من سجلوا ال جد صدر هذه ال مة علماءً‬
‫دعاةً ماهدين ل ُي ْقعِدهم العل مُ عن الدعوةِ والهاد‪ ،‬بل كان علمهم وجهادهم متلحي‬
‫متمازج ي أعظ مَ ما يكون التل حم والتمازج‪ ،‬فكان ال جد ف أعقاب م‪ ،‬والعزّ ف إثر هم‪،‬‬
‫وكان علمُهم حجة لم ل عليهم‪.‬‬

‫وهكذا كان دور أ صحاب ال نب صلى ال عل يه و سلم‪ ،‬وهذا كان أمل هم هدا ية اللق إل‬
‫الق مع تقوي من أعرض وتعدى‪ ،‬ل عم َل لم ف حقيقةِ المر إل هذا‪ ،‬فلما توف رسول‬

‫‪336‬‬
‫ال صلى ال عليه وسلم خرجت جوع الصحابةِ لقتال من ارتدّ من العرب عن السلم‪،‬‬
‫ث ما لبثوا أن انتشروا ف الفاق دعاةً ماهدين يبلغون السلم بسيوفهم وبيانم‪.‬‬

‫جةَ الوداع مع الرسول صلى ال عليه وسلم أكثر من مئة ألف من الصحابة‬ ‫ضرَ ح ّ‬
‫ولقد ح َ‬
‫رضي ال عنهم‪ ،‬بينما الدفونون ف البقيع منهم ل ياوز عددهم الئتي وخسي صحابيّا‪،‬‬
‫أما الكثرة الكاثرة فقد قضوا نبهم ف بلد ال البعيدة جهادًا ف سبيل هذا الدين وتكينًا‬
‫له ف الرض‪!...‬‬

‫س كان علي ها أ صحابُ م مد والتابعون‬


‫قال الما ُم الوزا عي رح ه ال‪( :‬كان يقال؛ خ ٌ‬
‫بإحسان‪ :‬لزوم الماعة‪ ،‬واتباع السنة‪ ،‬وعمارة السجد‪ ،‬وتلوة القرآن‪ ،‬والهاد ف سبيل‬
‫ال) ا‪.‬هـ‪.‬‬

‫ولقـد سـار على نجـ الصـحابة واقتفـى أثرهـم بيـ العلم والدعوة والهاد أئمـة الطائفـة‬
‫النصورة التابعو َن لُم بإِحسانٍ ليبهنوا على عظمة هذا الدين ف صنعِ الرّجال‪ ،‬وأنا عظمة‬
‫تتجاوز حدودَ الزمانِ والكان‪ ،‬فما أروعَ أن يُسَجّل العالِمُ م َد السلم وعزّهُ بداده ودمه‪،‬‬
‫والنماذج هنا كثيةٌ جدا يضيق القام بذكرها‪.‬‬

‫فهذا المام العلم سيد التابع ي سعيد بن ال سيب ‪-‬رح ه ال تعال‪ -‬أ حد فقهاءِ الدي نة‬
‫ال سبعة خرج إل الغزو و قد ذه بت إحدى عين يه فق يل له‪ :‬إنّ ك عل يل! فقال‪ :‬ا ستنفر ال‬
‫ت التاع‪.‬‬
‫الفيف والثقيل‪ ،‬فإن ل يكنن الرب كثّرتُ السواد‪ ،‬وحفظ ُ‬

‫وقال العزي ف ترج ة الحدث ال كبي أ ب إ سحاق الفزاري ‪-‬رح ه ال‪ -‬قال‪( :‬كان ثق ًة‬
‫صاحبَ سنة‪ ،‬صالًا‪ ،‬هو الذي أدّب أهل الثغر وعلمهم السنة‪ ،‬وكان يأمر وينهى‪ ،‬وإذا‬
‫دخل الثغرَ رج ٌل مبتدعٌ أخرجه)‪.‬‬

‫وقال الذ هب ف ترج ة ع بد ال بن البارك‪( :‬الما ُم الا فظ العل مة ش يخ ال سلم ف خر‬


‫الجاهدين قدوة الزاهدين‪ ،‬أبو عبد الرحن النظلي مولهم الروزي‪ ،‬وال إن لحبه ف‬

‫‪337‬‬
‫ال‪ ،‬وأرجو الي ببه‪ ،‬با منحه ال من التقوى‪ ،‬والعباد ِة والخلص والهاد‪ ،‬وسعةِ العلم‬
‫والثقال والواساة والفتوة والصفات الميدة)‪.‬‬

‫وعـن ممـد بـن فضيـل قال‪( :‬رأيـت عبـد ال بـن البارك فـ النام‪ ،‬فقلت‪ :‬أي العمال‬
‫وجدتَ أفضل؟ قال‪ :‬المر الذي كنتُ فيه‪ ،‬قلتُ‪ :‬الرباط والهاد؟ قال‪ :‬نعم)‬

‫وقال الذهب ف ترجةِ أسد بن الفرات رحه ال تعال‪( :‬المامُ العلمة القاضي المي مقدّ ُم‬
‫الجاهد ين‪ ،‬وكان مع تو سّعِه ف العلم فار سًا بطلً شجاعًا مقدامًا‪ ،‬ز حف إل يه صاحب‬
‫صقلية ف مئةِ أل فٍ وخ سي ألفًا‪ ،‬قال ر جل‪ :‬فل قد رأي تُ أَ سدًا وبيده اللواء يقرأ سورة‬
‫يس‪ ،‬ث ح ل بال يش فهزم العدو‪ ،‬ورأي تُ الدم و قد سال على قناة اللواء‪ ،‬وعلى ذرا عه‪،‬‬
‫ومرض وهو ماصِرٌ شركُسية)‬

‫وقال الذهب ف ترجة أب العرب‪( :‬ممد بن أحد بن تيم‪ ،‬العلمة الفت‪ ،‬ذو الفنون‪ ،‬كان‬
‫أحد من أخذ الروج على بن عبيد ف ثورة أب يزيد عليهم‪ ،‬ولا حاصروا الهدية‪ ،‬سع‬
‫الناس على أ ب العرب هناك كتاب ي إما مه لح مد بن ال سحنون‪ ،‬فقال أ بو العرب‪ :‬كت بت‬
‫بيدي ثل ثة آلف وخ سمئة كتاب‪ ،‬فو ال لقراءة هذ ين الكتاب ي ه نا أفض ُل عندي من‬
‫جيع ما كتبت)‪.‬‬

‫وقد ذكر القاضي عياض رحه ال تعال أنه ف هذا الروج على الدولة العبيدية ل يتخلّف‬
‫من فقهاء الدنيي الشهورين إل أبو ميسرةَ لعماه‪ ،‬ولكنه مشى شاهرًا للسلح ف القيوان‬
‫مع الناس لجتماع الشيخة على الروج‪.‬‬

‫شهَد خسة وثانون نف سًا من‬


‫وذكر الذهب رحه ال أنه ف موقعة واحدة مع العبيديي استَ ْ‬
‫العلماء والزهاد‪ ،‬ويوم أن نضت المة لهاد الصليبيي إعلءً لكلمة ال‪ ،‬ث ردّا لراضيها‬
‫السليبة‪ ،‬وحقوقِها الضاعة‪ ،‬كا َن العلما ُء العاملون ف مقدمةِ ركب الهاد‪ ،‬وأُسر منهم من‬
‫أُسر‪ ،‬وقتل منهم من قتل‪.‬‬

‫‪338‬‬
‫قال ا بن خلكان‪ :‬ح ت وا ف ‪-‬أي ال سلطان‪ -‬الفر نج على الرملة‪ ،‬وذلك ف أوائل جادى‬
‫الول سنة ثل ثٍ و سبعي‪ ،‬وكا نت الكثر ُة على ال سلمي ف ذلك اليوم‪ ،‬فل ما انزموا ل‬
‫يكن لم حصنٌ قري بٌ يأوون إليه‪ ،‬فطلبوا جهةَ الديارِ الصرية‪ ،‬وضلّوا ف الطريق وتبددوا‪،‬‬
‫وأُسر منهم جاعة‪ ،‬منهم الفقي هُ عيسى الكّاري‪ ،‬وكان ذلك وهنًا عظيمًا جبهُ ال تعال‬
‫ي الشهورة‪.‬‬ ‫بوقعة حط َ‬

‫وقال ابـن كثيـ عـن هذه الوقعـة‪( :‬وأُسـر الفقيهان الخوان؛ ضيا ُء الديـن عيسـى وظهيـ‬
‫الدين‪ ،‬فافتداها السلطان بعد سنتي بتسعي ألف دينار) ا‪.‬هـ‪.‬‬

‫ولا توجّ َه السلمونَ لفتح بيت القدس شارك العلماء بقوّة‪ ،‬حت قيل بأنّه ل يتخلف أح ٌد‬
‫مـن أهلِ العلم عـن الضور والشاركةِ فـ الفتـح‪ ،‬قال ابـن كثيـ‪( :‬وطار فـ الناس أن‬
‫ال سلطان عزم على فت ِح ب يت القدس‪ ،‬فق صده العلماء وال صالون تطوعًا‪ ،‬وجاءوا إل يه‪،‬‬
‫س هؤلء العلماء الجاهدين للصليبيي الشاركي ف فتح بيت القدس وغيه‬ ‫وكان على رأ ِ‬
‫من الغزوات ‪-‬القادسة النابلة خصوصًا عمدائهم الكبار رحهم ال تعال‪ ،‬كالشيخ العال‬
‫العامل الزاهد القدوة أب عمر القدسي‪ ،‬وأخيه المام الوفق صاحب الغن‪ ،‬وابن خالم‬
‫الافظِ الكبي عبد الغن‪ ،‬وأخيه العماد) ا‪.‬هـ‪.‬‬

‫وأما جهادُ شيخ السلم ابن تيمية للتتار فهو علمٌ ف رأسه نار‪ ،‬قال ابن كثي ‪-‬رحه ال‪-‬‬
‫ف كلمه على هجوم التتار على دمشق‪( :‬وكان الشيخ تقي الدين ابن تيمية يدور كل ليلة‬
‫على السوار يرض الناس على الصب والقتال‪ ،‬ويتلو عليهم آياتِ الهاد والرّباط)‪.‬‬

‫وقال عن هُ الذ هب‪( :‬ن ص َر ال سنة بأو ضح ح جج وأب ر براه ي‪ ،‬وأوذي ف ذات ال من‬
‫الخالفي‪ ،‬وأُخيف ف نصر السنة الحضة‪ ،‬حت أعلى ال مناره‪ ،‬وجع قلوب أهل التقوى‬
‫على مبتـه‪ ،‬والدعاءِ له‪ ،‬وكبـس أعدائه‪ ،‬وهدى بـه رجالً كثية مـن أهـل اللل والنحـل‪،‬‬
‫وجبـل قلوب اللوك والمراء على النقياد له غالبًا‪ ،‬وعلى طاعتـه‪ ،‬وأحيـ بـه الشام‪ ،‬بـل‬
‫ال سلم ب عد أن كاد ينثلم‪ ،‬خ صوصًا ف كائ نة التتار‪ ،‬و هو أ كب من أن ين به على سيته‬

‫‪339‬‬
‫ت ب ي الرك ِن والقام؛ للفت أ ن ما رأ يت بعينّ مثله‪ ،‬وأنه ما رأى م ثل‬
‫مثلي‪ ،‬فلو حلف ُ‬
‫نفسه) ا‪.‬هـ‪.‬‬

‫أما الفص ُل بي العل ِم والهاد‪ ،‬والدعوةِ باللسان والدعوة بالسنان‪ ،‬فحاشا أن يكون منه َج‬
‫ـمٌ نكـد‪ ،‬وطا ّمةٌ كـبى‪ ،‬وبدع ٌة منكرة‪ ،‬ودخنٌـ فـ الديـن‪،‬‬
‫الطائف ِة النصـورة‪ ،‬إذ هـو فص ا‬
‫أورث ما يُدمِي القلب‪ ،‬ويُدمِع العي‪ ،‬ويل النفوس حسرة وأسى‪.‬‬

‫وإن التأمّلَ ل سية ال نب صلى ال عل يه و سلم؛ ليَلحَ ظُ أن ال نب ‪ -‬صلى ال عل يه و سلم‪-‬‬


‫ومنـذ مطلع فجـر هذه الدعوة يسـعى لمتلك أسـباب القوة‪ ،‬ويتجلى ذلك واضحًا فـ‬
‫عرضه ‪-‬صلى ال عليه وسلم‪ -‬نف سَهُ ف تلك الرحلة الكية على القبائل بُغَيةَ أن يدَ قبيلةً‬
‫تقومُ دونَه بسيوفِها‪ ،‬وتقاتلُ عنه ليتمك َن من الضي ف أمر ربه‪.‬‬

‫قال أميُ الؤمني علي بن أب طالب ‪-‬رضي ال عنه‪:-‬‬

‫ض نفسه على قبائل العرب؛ خرج وأنا معه وأبو بكر إل من حت‬ ‫(لا أمرَ ال نبيّهُ أن يعر َ‬
‫دفعنا إل ملس من مالس العرب‪ ،‬وتق ّدمَ أبو بكر‪ ،‬وكان نسّابة‪ ،‬فقال‪ :‬من القوم؟‬

‫فقالوا‪ :‬من ربي عة‪ ،‬قال علي ث دفع نا إل ملس آ خر علي هم ال سكين ُة والوقار‪ ،‬فتقدّم أ بو‬
‫بكر‪ ،‬وكان مق ّدمًا ف كل خي وقال‪ :‬من القوم؟‬

‫فقالوا‪ :‬من شيبان بن ثعلبه‪ ،‬فالتفت أبو بكر إل رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫بأب وأمي أنت يا رسول ال ما وراء هذا القوم غر هؤلء غرر الناس! وفيهم مفروق بن‬
‫عمرو‪ ،‬وهانئ بن قبيصة‪ ،‬والثن بن حارثة‪ ،‬والنعما نُ بن شريك‪ ،‬فقال أبو بكر‪ :‬كيف‬
‫العدد فيكم؟‬

‫‪340‬‬
‫فقال مفروق‪ :‬إ نا لن يد على ألف‪ ،‬ولن يغلب ألف من قلة‪ ،‬فقال أ بو ب كر‪ :‬وك يف الن عة‬
‫فيكم؟ قال مفروق‪ :‬علينا الهد‪ ،‬ولكل قوم جَد؛ قال أبو بكر‪ :‬كيف الرب بينكم وبي‬
‫عدوكم؟‬

‫فقال مفروق‪ :‬إنا لشدّ ما نكون غضبًا حي نلقى‪ ،‬وإنّا لشدّ ما نكون لقاءً حي نغضب‪،‬‬
‫وإنـا لنؤث ُر اليادَ على الولد‪ ،‬والسـلح على اللقاح‪ ،‬والنصـُر مـن عنـد ال‪ ،‬يديلنـا مرة‪،‬‬
‫ويديلُ علينا أخرى‪ ،‬لعلك أخو قريش؟‬

‫قال أبو بكر‪ :‬وقد بلغكم أنه رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ،‬فها هو ذا‪ ،‬قال مفروق‪ :‬قد‬
‫بلغنا أنه يذكر ذلك‪ ،‬قال‪ :‬فإلم تدعو يا أخا قريش؟‬

‫قال‪ :‬أدعوكـم إل شهادة أن ل إله إل ال وحده ل شريـك له‪ ،‬وأنـ رسـولُ ال‪ ،‬وأن‬
‫تؤوونـ وتنصـرون‪ ،‬فإن قريشا قـد تظاهرت على أمـر ال‪ ،‬فكذبـت رسـله‪ ،‬واسـتغنت‬
‫بالباطل عن الق‪ ،‬فقال الثنّى‪ :‬قد سعتُ مقالتك يا أخا قريش‪ ،‬وإن أرى هذا المر الذي‬
‫تد عو إل يه م ا تكر هه اللوك‪ ،‬فإن أحبب تَ أن نؤو يك ونن صرك م ا يلي مياه العرب فعل نا‪،‬‬
‫فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ :‬ما أسأت ف الرد إذ أفصحتم بالضد‪ ،‬وإن دين ال‬
‫لن ينص َرهُ إل من أحاطه من جيع جوانبه)‪.‬‬

‫والديثُ ظاهر الدللة بأنه صلى ال عليه وسلم كان ينشد السيف الذي ينصر به دعوته‪،‬‬
‫بل ل ا أعلن القوم ا ستعدادهم أن ين صروه صلى ال عل يه و سلم من العرب دون الفرس؛‬
‫رفض صلى ال عليه وسلم مبايعتهم مصرّا أن تكو نَ النصرة بالسيف مطلقة على كل من‬
‫قد يقف أمام الدعوة من عرب أو عجم‪.‬‬

‫أل فليتأمل الذين يريدون نصرة الدين بقتال الصليبيي دون قتال أعوانم من بن جلدتنا من‬
‫ظ أو نصيب؟‪.‬‬ ‫الرتدين‪ ،‬ألم ف هذه النصرة ح ّ‬

‫‪341‬‬
‫إن ا أ مر ال سبحانه وتعال من الباءةِ من الشرك ي والعداوةِ للكافر ين له صور متنو عة‪،‬‬
‫وأشكال متعددة‪ ،‬لكـن أعظـم مظاهره وأبر َز معالهـ على الطلق هـو القتا ُل والهادُ فـ‬
‫سبيلِ ال‪ ،‬ولك نه شا قٌ ع سي على النفوس‪ ،‬ولذلك ل يت صدّ ل ُه إل طائفةٌ من أ هل ال قّ‬
‫اصطفاها ال سبحانه وتعال‪.‬‬

‫س عنه المّ الغفي‪ ،‬وأ ْحجَ مَ عن سلوكِ‬ ‫هذه الطائفة خطت لنفسها الضي ف طري ٍق تقاع َ‬
‫دربـه الكثيـ‪ ،‬طريقٍـ مكروهٍـ لقلوب البيات‪ ،‬مبوبٍـ لالق الرض والسـماوات‪ ،‬طريقٍـ‬
‫طريقـ بدايتـه آلم‬
‫ٍ‬ ‫أرضهـ على الماجـم والشلء‪ ،‬ورُويـت تربتـه بطاهـر الدماء‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫قامـت‬
‫ومشاق وأحزان‪ ،‬وخات ته نعي مٌ وراح ٌة وغُفران‪ ،‬طري ٍق ال سي ف يه عظي ُم التكال يف؛ مفارقةٌ‬
‫ـ َكثُرَ عنـه‬
‫للهـل والوطان‪ ،‬هجـر للحباب واللن‪ ،‬هجرة للواحـد الديان‪ ،‬طريق ٍ‬
‫حصٍ للقلوب‪ ،‬وفاضحٍ للنّفوس‪.‬‬ ‫الخذلون‪ ،‬وعَظُم فيه الخالفون‪ ،‬طري ٍق مُمِ ّ‬

‫إنّه طري قُ القتال‪ ،‬وسبي ُل النّزال‪ ،‬يا لَ هُ من طريق موفّ قٌ من هُدِي لسلوكه‪ ،‬مرو مٌ وال من‬
‫ضلّ عن سبيله‪.‬‬

‫قال رسولُ ال صلى ال عليه وسلم ‪( :‬ل تزا ُل طائفةٌ من أمت يقاتلون على القّ ظاهرين‬
‫إل يوم القيامة)‪.‬‬

‫وعن جابر بن سَمُرة رضي ال عنه عن النب صلى ال عليه وسلم أنه قال‪( :‬لن يبح هذا‬
‫الدين قائمًا يقات ُل عليه عصابة من السلمي حت تقومَ الساعة)‪.‬‬

‫ومن حديث عقبةَ بن عامر رضي ال عنه قال‪ :‬قال صلى ال عليه وسلم‪( :‬ل تزال عصابةٌ‬
‫من أمت يقاتلون على أمرِ ال قاهرين لعدوهم‪ ،‬ل يضرهم من خالفهم حت تأتيهم الساعة‬
‫وهم على ذلك)‪.‬‬

‫‪342‬‬
‫وعن عمران بن حصي رضي ال عنه قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪( :‬ل تزا ُل‬
‫طائ فة من أم ت يقاتلون على ال ق ظاهر ين على من ناوئ هم‪ ،‬ح ت يقا تل آخرُ هم ال سيحَ‬
‫الدجال)‪.‬‬

‫كلما تٌ من نور الوحي ومعي الرسالة ترسم بريشة القيقة سبيل هذه الطائفة الصطفاة‪،‬‬
‫وتددُ معال طريقها‪ ،‬وعنوا َن منهجِها‪ ،‬ودامغةً ف الوقت نفسه كل متخاذل من أهل فقه‬
‫شرطـ الطائفةِ‬
‫ُ‬ ‫الذل والصـغار‪ ،‬وتقعيـد النوع للواقـع وضغطـه‪ ،‬فالقتال فـ سـبيل ال‬
‫ب إليها‪ ،‬وإن رغمت أنوف!‪.‬‬
‫النصورة‪ ،‬وأساس صحة النتسا ِ‬

‫إنه القتال قدرُ كل من أراد النتساب لذه الطائفة النصورة‪ ،‬وقول هُ صلى ال عليه وسلم‬
‫(ل تزال) و (يقاتلون) و (حتـ يقاتـل آخرهـم الدجال) يدلّ على أن هذه الطائفةَ القاتلة‬
‫ت الع قد يأ خذ خلفُ ها عن سلفِها‪ ،‬ويف ضي سابقها للحق ها ف تتا بع‬ ‫طائف ٌة متدة كحبّا ِ‬
‫واتصا ٍل تامي ليس بينهما فراغ؛ لتظل الرايةُ مرفوعة دائمًا وأبدًا‪ ،‬فهي وحد ٌة واحدة لا‬
‫أول ولا آخر عب عمر المة كله‪.‬‬

‫و قد ترجم كثيٌ من الئمة لحاديث الطائفة الن صورة با يدل على ما ذكرناه من كون‬
‫القتال قدر الطائفة النصورة‪ ،‬قال المام أبو داود ف سننه (باب ف دوام الهاد)‪ ،‬وقال ابنُ‬
‫الارود رحه ال ف النتقى (باب دوام الهاد إل يوم القيامة)‪.‬‬

‫هذا القتال هو أ خص أو صافِ أ هل هذه الطائ فة الن صورة‪ ،‬وأل صقُها ب م‪ ،‬ف هو شعار هم‬
‫ودثار هم‪ ،‬و هو دنيا هم وآخرت م‪ ،‬و هو فراغ هم وشغل هم‪ ،‬و هو حل هم وترحال م‪ ،‬عكفوا‬
‫ت ووحدانًا‪.‬‬‫عليه‪ ،‬وتنادوا إليه‪ ،‬فكان التسابق زرافا ٍ‬

‫ث وَجَدتّمُوهُ ْم وَ ُخذُوهُ ْم وَاحْ صُرُوهُ ْم وَا ْقعُدُواْ َلهُ مْ كُ ّل‬


‫شرِكِيَ َحيْ ُ‬ ‫قال تعال‪{ :‬فَا ْقتُلُواْ الْمُ ْ‬
‫لةَ وَآَت ُواْ الزّكَاةَ َفخَلّواْ َسبِيَلهُمْ ِإنّ اللّ هَ غَفُورٌ رّحِي مٌ} [التوبة‪:‬‬
‫مَرْ صَدٍ َفإِن تَابُوْا َوأَقَامُوْا ال صّ َ‬
‫‪.]5‬‬

‫‪343‬‬
‫وقال تعال‪{ :‬قَاتِلُواْ الّذِي نَ َل ُي ْؤ ِمنُو نَ بِاللّ ِه وَلَ بِاْلَيوْ مِ ال ِخ ِر وَلَ ُيحَ ّرمُو نَ مَا حَرّ مَ اللّ ُه‬
‫ج ْزَيةَ عَن يَ ٍد َوهُ مْ‬
‫وَرَ سُولُ ُه وَ َل يَدِينُو نَ دِي َن الْحَقّ مِ َن الّذِي نَ أُوتُواْ اْل ِكتَا بَ َحتّ ى ُيعْطُواْ الْ ِ‬
‫صَاغِرُونَ} [التوبة‪.]29:‬‬

‫وقد جاء التعبي عن هذه الصفة الَدّية من صفات الطائفة النصورة بلفظ القتال‪ ،‬ول يأت‬
‫بل فظ الهاد‪ ،‬قاطعًا الطر يق على من أُشربوا ف قلوب م حبّ التأو يل ‪-‬والذي حقيق ته‬
‫التحر يف‪ -‬ليمنع هم من تر يف هذه ال صفة عن حقيقت ها إرضا ًء لشهواتِ هم وخضوعًا‬
‫لشبهات م‪ ،‬وليضعَ هم ف مواج َهةِ أنف سهم مواجه ًة يتبعُ ها إ ما القيام بأ مر ال وتق يق شرط‬
‫صحة النسبة للطائفة النصورة وأهلها‪ ،‬وإما التخاذل والتقه قر وبطلن النسبة وانكشاف‬
‫الدعاء‪.‬‬

‫بل وقع ف بعض روايات الديث أن ذكر النب صلى ال عليه وسلم للقتال إنا هو لزعم‬
‫بعضهم ألّ جهاد وأن الرب قد وضعت أوزارها؛ فعن سلمة بن نفيل الكندي رضي ال‬
‫عنه قال‪( :‬كن تُ جال سًا عند رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ،‬فقال رجل‪ :‬يا رسول ال‬
‫أزال النا سُ اليل‪ ،‬ووضعوا السلح‪ ،‬وقالوا ل جهاد‪ ،‬قد وضع تِ الرب أوزارها‪ ،‬فأقبل‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم بوجهه وقال‪" :‬كذبوا‪ ،‬الن جاء القتال‪ ،‬ول يزال من أمت‬
‫أمة يقاتلون على الق‪ ،‬ويزيغ ال لم قلوب أقوام ويرزقهم منهم حت تقوم الساعة‪ ،‬وحت‬
‫يأت وعدُ ال‪ ،‬واليل معقودٌ ف نواصيها الي إل يوم القيامة)‪.‬‬

‫إنه قد ُر القتال‪ ،‬وسبيلُ الواجهة مع الباطل حقيقةٌ كان النب صلى ال عليه وسلم يصدع‬
‫باـ فـ وجـه أعدائه والدعوة فـ أصـعب ظروفهـا‪ ،‬وأحلك مراحلهـا‪ ،‬مـن قلةٍ فـ العدد‬
‫وضعفٍ ف العُدة‪.‬‬

‫ق يل لع بد ال بن عمرو بن العاص ر ضي ال ع نه‪ :‬ما أكثرُ ما رأ يت قريشًا أ صابت من‬


‫ر سول ال صلى ال عل يه و سلم‪ ،‬قال‪( :‬حضرت م و قد اجت مع أشراف هم يومًا ف ال جر‪،‬‬
‫فذكروا ر سولَ ال صلى ال عل يه و سلم‪ ،‬فقالوا‪ :‬ما رأي نا م ثل ما صبنا عل يه من هذا‬

‫‪344‬‬
‫الرجل قط‪ ،‬سفّه أحلمنا‪ ،‬وشت َم آبائنا‪ ،‬وعا بَ ديننا‪ ،‬وفرّ قَ جاعتنا‪ ،‬وسبّ آلتنا‪ ،‬فقد‬
‫صبنا منه على أمر عظيم‪ ،‬قال فبينما هم كذلك إذ طلع عليهم رسول ال ‪-‬صلى ال عليه‬
‫وسلم‪ -‬فأقبل يشي حت استلم الركن‪ ،‬ث مرّ بم طائفًا بالبيت‪ ،‬فلما أن مر بم غمزوه‬
‫بب عض ما يقول‪ ،‬قال فعرف تُ ذلك ف وج هه‪ ،‬ث م ضى‪ ،‬ف مر ب م الثان ية‪ ،‬فغمزوه بثل ها‬
‫فعرف تُ ذلك ف وج هه‪ ،‬ث م ضى‪ ،‬ث مر ب م الثال ثة فغمزوه بثل ها‪ ،‬فقال‪" :‬ت سمعون يا‬
‫ت القوم كلمته حت‬ ‫معشر قريش‪ ،‬أما والذي نف سُ ممد بيده لقد جئتُكم بالذبح" فأخذ ِ‬
‫ما من هم رجلٌ إل كأن ا على رأ سه طائ ٌر وا قع‪ ،‬ح ت إن أشدّ هم ف يه قبلَ ذلك ليفؤه ف‬
‫أحسن ما يد من القول حت إنه ليقول‪ :‬انصرف يا أبا القاسم‪ ،‬انصرف راشدًا فو ال ما‬
‫كنت جهولً)‪.‬‬

‫قال البيهقي رحه ال‪( :‬وف هذا الديث أنه صلى ال عليه وسلم أوعدهم بالذبح وهو‬
‫القتل ف مثل تلك الال‪ ،‬ث صدّق ال تعال قوله ب عد ذلك بزمان فقطع دابرهم‪ ،‬وكفى‬
‫السلمي شرهم) ا‪.‬هـ‬

‫تلكم القيقة كان النب صلى ال عليه وسلم يغرس بذورها ف نفوس أصحابه ول سيما ف‬
‫تلك الرحلة الت ل يؤذن لم فيها بالقتال‪ ،‬وأمروا فيها بالعفو والصفح وإقام الصلة وإيتاء‬
‫الزكاة‪ ،‬فأث ر ذلك الغراس وأين عت ثر ته ف نفوس ال صحابة رضوا نُ ال علي هم‪ ،‬فأدركوا‬
‫حقيقةَ الصراعِ بينهم وبي الكفر‪ ،‬وأن هذه الرحلة مرحل ٌة مؤقتة ما تلب ثُ أن تزول‪ ،‬وأن‬
‫القتال بين هم وب ي مع سكر البا طل وحز به أم ٌر كائ نٌ ل مالة‪ ،‬ذل كم هو قدر هذه الدعوة‬
‫م نذ يوم ها الول‪ ،‬وأن ال سيف هو الفي ص ُل بين هم وب ي أعدائ هم‪ ،‬و هو من سيزيحُ هذه‬
‫الرؤوسَ عن طريق الق وأهله‪.‬‬

‫لا أخذ النب صلى ال عليه وسلم البيعة من الوس والزرج يوم العقبة‪ ،‬قالوا‪ :‬يا رسول‬
‫ال علم نباي عك؟ فقال صلى ال عل يه و سلم‪( :‬تبايعو ن على ال سمع والطا عة ف النشاط‬
‫والكسل‪ ،‬وعلى النفقة ف العسر واليسر‪ ،‬وعلى المر بالعروف والنهي عن النكر‪ ،‬وعلى‬
‫ت عليكم‪ ،‬وتنعون ما‬ ‫أن تقولوا ف ال ل تأخذكم لومة لئم‪ ،‬وعلى أن تنصرون إذا قدم ُ‬

‫‪345‬‬
‫تنعون م نه أنف سكم وأزواج كم وأبناء كم‪ ،‬ول كم ال نة) قال جابر ر ضي ال ع نه‪ :‬فقم نا‬
‫نبايعه فأخذ بيده أسعد بن زرارة وهو أصغر السبعي‪ ،‬فقال‪ :‬رويدًا يا أهل يثرب‪ ،‬إنا ل‬
‫نضرب إل يه أكباد ال طي إل ون ن نعلم أ نه ر سول ال‪ ،‬وإن إخرا جه اليوم مفارقةُ العرب‬
‫كافـة‪ ،‬وقتلُ خياركـم‪ ،‬وأن تعضكـم السـيوف‪ ،‬فإمـا أنتـم تصـبون على ذلك فخذوه‬
‫وأجر كم على ال‪ ،‬وإ ما أن تم تافون من أنف سكم خي فة فذروه ف هو أعذرُ ل كم ع ند ال‪،‬‬
‫فقالوا يا أ سعد‪ :‬أ مط ع نا يدك فو ال ل نذ ُر هذه البي عة ول ن ستقيلها‪ ،‬فقم نا إل يه رجلً‬
‫رجلً‪ ،‬فأخذ علينا وشرط يعطينا بذلك النة‪.‬‬

‫ل درك يا ا بن زرارة على هذه القالة! يا ل ا من كلمات تنبئُ عن معر فة بقي قة ال صراع‬
‫بي الق والباطل‪ ،‬ومنذ اللحظةِ الول قبل البيعة‪ ،‬كلما تٌ خرجت من ِفيّ من سلمت‬
‫فطرتُه‪ ،‬ول تلوثها تلكم التاهات النظرية‪ ،‬والسفسطات الكلمية‪ ،‬والفلسفاتِ العقيمة‪.‬‬

‫ت نسوقها إل أولئك الذين ما عقلوا طبيعة هذا الدين‪ ،‬ول يعوا بعدُ حقيقته‪ ،‬وليتهم‬
‫كلما ٌ‬
‫اكتفوا بتخاذل م وقعود هم عن الهاد؛ لان ال صابُ إذن‪ ،‬ول ا انشغل نا بتوج يه اللوم ل م‪،‬‬
‫ولكنهم أبوا إل أن يضفوا على هذا القعود والتخاذل الصبغة الشرعية‪ ،‬فخرجوا على المة‬
‫بناهج دخيلة على ما كان عليه سلف المة وعلماؤها‪ ،‬كانت بنلة معول الدم ف بنيان‬
‫هذا الديـن شعروا أو ل يشعروا‪ ،‬حقنوا أجسـاد أبناء هذه المـة برعات مـن التخديـر‬
‫والت ثبيط‪ ،‬وعقدوا على نا صية رؤو سهم ثلثًا‪ ،‬وكل ما هم أبناء ال مة لينفضوا غبار الذل‬
‫الذي تغشاهم‪ ،‬ويهبوا نصرة لدينهم‪ ،‬ودفاعًا عن حرماتم؛ نادوا عليهم أن ارقدوا عليكم‬
‫ليلٌ طويل‪ ،‬إن الدواء لا ترونه ف جسد أمتكم من جراح وما تسون فيه من آلم إنا هو‬
‫بأن تُغمدوا سيوفكم‪ ،‬وتكسروا رماحكم وتلزموا دوركم‪...‬‬

‫هكذا يُخ ّدرُ أبناءُ هذه المة! وهكذا توأد فيهم روح الهاد‪ ،‬وباذا!‬

‫‪346‬‬
‫خدّرون ب قن شعار الت صفية‪،‬‬
‫إ نه بال سلح الذي ي ستنهض به أبنائ ها ليحاربوا أعدائ هم‪ ،‬يُ َ‬
‫ويثبطون تت دعاوى التربية‪ ،‬كلماتُ حق أريد با باطل‪ ،‬عن أي تصفية يتكلمون! وهل‬
‫التصفية لا التصق بذا الدين ما ليس منه إل بالهاد؟‬

‫قلّب بصرك أينما شئ تَ ف بلد السلمي‪ ،‬هل ترى تربّ َع على عروشها من يك مُ بشريعة‬
‫رب العاليـ؟! أو أخـذ على نفسـه نُصـرة هذا الديـن والذود عـن حياضـه والدفاع عـن‬
‫حرماته؟!‬

‫ل أظن إل وسيتد إليك بصرك كليل حسيًا‪ ،‬ولن ترى إل حربًا ضرو سًا لتقويض بنيان‬
‫هذا الدين‪ ،‬وسعيًا حثيثًا لستئصال شأفة الجاهدين الصادقي‪ ،‬وموالة للكافرين‪ ،‬وبراءةً‬
‫من الوحدين‪ ،‬و وال ما رأينا ول سعنا أحدًا من هؤلء الدعياء قام مقام صدقٍ فكشف‬
‫لبناء هذه المة عوار هؤلء الطواغيت‪ ،‬ول حرض على قتالم و وجوب جهادهم‪ ،‬بل ما‬
‫ج عليهم‪ ،‬ونبزَ كل من ياول‬ ‫رأينا منهم إل إضفاء الشرعية على حكمهم‪ ،‬وتريَ الرو ِ‬
‫جهادهم بأبشع اللقاب وأشنع الصفات‪.‬‬

‫ها قد هلك متقلد الصليب‪ ،‬طاغية آل سلول خائن المة والدين‪ ،‬وحامل راية لواء الرب‬
‫على الجاهديـن والذي مكـن للصـليبيي وجودهـم على جزيرة ممـد ‪-‬صـلى ال عليـه‬
‫و سلم‪ -‬لينهبوا خيات ا‪ ،‬ويعيثوا في ها ف سادًا‪ ،‬ف ما سعنا أحدًا من هؤلء الدعياء ك شف‬
‫جرائم عدو ال‪ ،‬ول ذكر مازيه ف حق المة وأبنائها‪ ،‬و وال إن ما قام به هذا الطاغية ف‬
‫حرب ال سلم وال سلمي ل ي قل عن ف عل إي طاغ ية من طواغ يت العرب‪ ،‬ول كن ل كل‬
‫أرض حكمها‪ ،‬ولكل بلد طبيعتها‪ ،‬بل ما رأينا منهم إل السارعة ف مباي عة أخيه الذي‬
‫تلطخت يداه بدماء إخواننا الجاهدين‪ ،‬ومن آخرهم الخ الجاهد صال العوف وإخوانه‬
‫تقبلهم ال ف الشهداء‪.‬‬

‫أما بلغكم قول سفيان الثوري رحه ال‪( :‬من دعا لظال بالبقاء؛ فقد أحب أن يعصى الُ‬
‫ف الرض)؛ فكيف بن بايع طاغيةً مرتدّا‪ ،‬وبارك صنيعه؟‬

‫‪347‬‬
‫يا حسرة على أمة تبارك لطواغيتها قتل خيار أبنائها‪ ،‬لكُم ال أيها الجاهدون‪.‬‬

‫إن الجاهدين لو كانوا ف أمة تعرف لبنائها حقهم‪ ،‬وتقدرهم حق قدرهم‪ ،‬لا تركوهم‬
‫يشون على الرض ولغ سّلوا عن أقدام هم‪ ،‬ف يا أ سود جزيرة م مد صلى ال عل يه و سلم‬
‫اصبوا على ما أقامكم ال فيه‪ ،‬واعلموا أن ال ما ابتلكم إل وهو يريد بكم خيًا‪ ،‬وأُقسم‬
‫بالذي ل إله غيه أن دماء إخواننا لن تذهب سدى بإذن ال‪ ،‬أل فارتقبوا يا طواغيت آل‬
‫سلول‪ ،‬وإن غدًا لناظره لقريب‪.‬‬

‫أم أن التصفية الت يقصدون والتنقية الت ينشدون طباعة كتاب من ها هنا‪ ،‬وإخراج جزء‬
‫من هناك يتك سبون الرزق من خلل ا ح ت أضحوا بذه اله نة يعرفون‪ ،‬وب ا يُ سكرون ث‬
‫لتنحر المة بعد ذلك‪ ،‬ولتغتصب أراضيها‪ ،‬وليعتدي على مقدساتا‪ ،‬فبئست التصفيةُ وال!‬

‫إن ال مة اليوم ل تتا جُ إل مزيدٍ من ال صنفات والؤلفات‪ ،‬فمكتباتُ ها تز خر بعشرات‬


‫اللف من الجلدات‪ ،‬وإن ا هي ف حا جة إل منارا تٍ تض يء ل ا الطر يق وتن ي ل ا‬
‫السبيل‪ ،‬باجة إل ُقدُوات يروون بدمائهم ترابَ أرضها؛ فتدب روح الياة ف صفوف‬
‫أبنائها من جديد‪.‬‬

‫وعن أي تربية يتحدثون؟ وهل التربيةُ على التوحيد الصاف والكفر بالطاغوت والولء‬
‫للمؤمن ي والباء من الكافر ين‪ ،‬وبذل النفوس وال هج رخي صة فدا ًء لذا الد ين إل ف‬
‫ساحات الهاد وميادين القتال؟! وهل كان جل تربية نبينا ممد صلى ال عليه وسلم‬
‫لصحابه إل ف ساحات الهاد؟‬

‫روى البخاري عن الباء رضي ال عنه قال‪ :‬أَتى النب صلى ال عليه وسلم رجلٌ مقنعٌ‬
‫بالديد‪ ،‬فقال يا رسول ال‪ :‬أقاتل وأسلم؟ فقال‪" :‬أسلم ث قاتل"‪ ،‬فأس َلمَ ث قاتل فقُتل‪،‬‬
‫ل وأُجر كثيًا"‪.‬‬
‫فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪" :‬عمل قلي ً‬

‫‪348‬‬
‫فتأمل كيف أمره النب صلى ال عليه وسلم بالسلم ومن ث أمره بالقتال تربية له على‬
‫التضحية والفداء لذا الدين‪ ،‬ول يأمره بالرجوع إل الدينة حت يترب كما يزعم هؤلء‪،‬‬
‫وهذا ف فرض الكفاية وجهاد الطلب‪ ،‬فكيف بالعدو الصائل وجهاد الدفع؟‪.‬‬

‫إن العلم الشر يف عند أهل الطائفة النصورة ليس بفظ التون‪ ،‬وجع الفنون‪ ،‬وكثرة‬
‫التصـنيف‪ ،‬ومالس الوعـظ والتدريـس والفتاء مـع ترك القيام ل بالمـر الذي يبـه‬
‫ويرضاه من صدع ب ق‪ ،‬وأم ٍر بعروف ون ي عن من كر‪ ،‬وغض بٍ صادق إذا انتُهك تْ‬
‫مارم ال‪ ،‬وإعل ٍء لكلمةِ ال دعوة وجهادًا‪ ،‬فمـن كان حظـه مـن العلم مـا ذكـر‪ ،‬مـع‬
‫تضييعه لواجبات الدين الكبار إيثارًا للسلمة أو إخلدًا للراحة والدعة‪ ،‬أو حبّا للدنيا‬
‫ل للرض‪ ،‬أو ركونًا للذ ين ظلموا؛ ف قد خان الر سالةَ‪ ،‬وض يع الما نة‪ ،‬و من ثّ‬
‫وتثاق ً‬
‫خرج عن حد العلم الشريف ورسه‪ ،‬وفارق تلك القافلة الباركة؛ قافلة العلم الشريف‬
‫الت يقف على رأسها النبيا ُء والرسلون‪ ،‬فأما أن ينتظمه رسهم أو يشمله حدهم أو أن‬
‫ف واحد‪ ،‬ولثل هذا يقال‪ :‬لست وال عالًا أو حكيمًا‪ ،‬إنا أنت تاجرٌ‬
‫يمعه وإياهم وص ٌ‬
‫ف العلوم‪ ،‬فبغي القتال تبقى الفتنة‪ ،‬وهيهات أن يكون الدين كله ل‪ ،‬ومن أحسن من‬
‫ال حكمًا لقوم يوقنون‪.‬‬

‫قال أ بو ب كر ال صاص رح ه ال‪( :‬ول يس ب عد اليان بال ور سوله فر ضٌ آ كد ول أول‬


‫بالياب مـن الهاد‪ ،‬وذلك أنـه بالهاد يكـن إظهار السـلم‪ ،‬وأداء الفرائض‪ ،‬وفـ ترك‬
‫ب السلم) ا‪.‬هـ‪.‬‬‫الهاد غلبة العدو‪ ،‬ودُروسُ الدين وذها ُ‬

‫ل من هم بعا ن‬ ‫فإذا ق عد أهلُ القّ عن ن صرة ال ق‪ ،‬ودف ِع البا طل‪ ،‬وإزالتِ هِ ب سيوفهم‪ ،‬جه ً‬
‫الق ومقتضياته ولوازمه‪ ،‬أو غفلة منهم عن حقيقةِ الصراع‪ ،‬وعن طبيعة الباطل وصفته‪ ،‬أو‬
‫استسلمًا لقراءَةٍ فاسدةٍ ف نواميس الكون وسننه اللية‪ ،‬أو خداعًا بأوهام وأمانّ باطلة‪،‬‬
‫ت إنشائية‪ ،‬تدورُ ف َحلَقة مفرغة‬ ‫أو خضوعًا لتاها تٍ نظرية‪ ،‬وفلسفاتٍ جدلية‪ ،‬وأطروحا ٍ‬
‫تبدأ من ح يث انت هت‪ ،‬وتنت هي من ح يث بدأت‪ ،‬أو خوَرًا وضعفًا‪ ،‬وعجزًا عن القيا مِ‬
‫ـنَ ال ل تُحابـ أحدًا أيّاـ كان‪ ،‬ومـن ثـ فليـس غيـ الذل‬ ‫بالقتال وتمّلِ أعبائِه ‪-‬فإن س ن‬

‫‪349‬‬
‫والوان وفت نة ال سلمي عن دين هم مع تبدّل أحكام الد ين وط مس معال ه‪ ،‬وتغي ي حقائ قه‬
‫والتلعب با‪ ،‬وغ ي ذلك من العقوبات القدرية الت تنل بن خذل ال ّق وأسلمه‪ ،‬وهذا‬
‫فضلً عن وعيدِ الخرة‪.‬‬

‫ستَبْدِلْ َقوْما َغيْرَكُ مْ وَلَ َتضُرّو هُ َشيْئا وَاللّ هُ‬


‫قال تعال‪{ :‬إِلّ تَنفِرُواْ ُيعَ ّذْبكُ ْم عَذَابا أَلِيما َويَ ْ‬
‫عَلَى كُلّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [التوبة‪.]39:‬‬

‫قال ابـن العربـ رحهـ ال‪( :‬هذا تديدٌ شديـد‪ ،‬و وعي ٌد مؤكـد فـ ترك النفيـ‪ ،‬فوجـب‬
‫بقتضاها النفيُ للجهاد‪ ،‬والرو جُ إل الكفار لقاتلتهم على أن تكون كلمة ال هي العليا‪،‬‬
‫فالعذاب الل يم هو الذي ف الدن يا ل ستيلء العدو على من ل ي ستول عل يه‪ ،‬وبالنارِ ف‬
‫َسـتَبْ ِدلْ َقوْما‬
‫الخرة‪ ،‬وزيادة على ذلك اسـتبدال غيكـم‪ ،‬كمـا قال تعال‪َ { :‬وإِن َتَتوَّلوْا ي ْ‬
‫غَيْرَ ُك ْم ثُمّ لَا َيكُونُوا َأ ْمثَالَكُمْ} [ممد‪ )]38:‬ا‪.‬هـ‪.‬‬

‫وقال صلى ال عل يه و سلم‪ " :‬ما ترك قو مٌ الهاد إل عم هم ال بالعذاب" والعذاب؛ ك ما‬
‫ب الدنيا بالذل والوان والصغار الذي يُضرب على البلد‬
‫هو ظاهرٌ من النصوص‪ ،‬هو عذا ُ‬
‫والعباد‪ ،‬وهو بع ُد عذابُ الخرة الذي ل يقارن‪ ،‬به ول يدانيه عذاب الدنيا و بئس الصي‪.‬‬

‫فإذا ل ي كن ل هل الك فر مع أ هل اليان غيُ خيار ين اثنيِ ل ثالث ل ما‪ :‬إ ما الفتنةُ عن‬
‫الد ين‪ ،‬وإ ما ال سيف‪ ،‬فإ نه كذلك ل يس لشرع ال مع الؤمن ي غ ي خيار ين اثن ي ل ثالث‬
‫لما‪ :‬إما الستجابة لمره بقتال الكفر ودفعه بد السيف‪ ،‬وإما التعرض لعذاب ال وغضبه‬
‫وسخطه ف الدنيا والخرة‪ ،‬مع استبدالم بن يكون أول منهم وأجدر وأحقّ بفضل ال‪،‬‬
‫فتعيّنَ شرعًا وعقلً وواقعًا كونُ القتالِ قدر الطائفةِ النصورة‪.‬‬

‫إن أصحاب الطائفة النصورة من أكثر الناس مراعاةً لفقه مراتب العمال‪ ،‬فهم إذا ثبت ف‬
‫حقهم من الفروض العينيات؛ فإنم ل يقدمون بي يديه شيئًا من الفروض الكفايات فضلً‬
‫عـن غيه مـن السـتحبات والباحات‪ ،‬وبيان ذلك فيمـا يتعلق بشأن الهاد والقتال؛ أن‬
‫ض كفائِي‪ ،‬فإذا قام به من تتحقّ ُق ب م الكفا ية سقط الوجوب عن‬‫الهاد ف أ صله فر ٌ‬

‫‪350‬‬
‫الخرين‪ ،‬والفضل فيه لن قام به دون غيه‪ ،‬ولذا كان الشتغال به حال كونه فرض كفاية‬
‫مشروطًا بأن ل يضيّع العبد فرضَ عي أو فرض كفاية أهمّ منه ف حقه إن وجد‪.‬‬

‫قال الا فظ ا بن ح جر رح ه ال تعال ف شر حه لد يث أ ب سعيد الدري ‪-‬ر ضي ال‬


‫عنه‪( -‬قيل يا رسول ال أي الناس أفضل؟ فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪" :‬مؤمن‬
‫ياهد بنفسه وماله") قال ابن حجر‪" :‬وكأن الراد بالؤمن من قام با تعي عليه ث حصل‬
‫هذه الفضيلة‪ ،‬ول يس الراد من اقت صر على الهاد وأه ل الواجبات العين ية‪ ،‬وحينئذٍ يظ هر‬
‫فضل الجاهد لا فيه من بذل نفسه وماله ل تعال‪ ،‬ولا فيه من النفع التعدي" ا‪.‬هـ‬

‫ويتعي الها ُد عند أهل الطائفة النصورة ف مواضع ثلث‪:‬‬

‫أولً‪ :‬إذا التقى الزحفان وتقابل الصفان‪.‬‬

‫ثانيًا‪ :‬إذا استنفر المام قومًا لزمهم النفي‬

‫ثالثًا‪ :‬إذا نزل العدو ببلدٍ من بلدان السلمي تعي على أهل هذه البلدة الهاد‪ ،‬ويتعي على‬
‫غي هم من ال سلمي ع ند عدم قيام أ هل هذه البلدة بواجب هم ف د فع هذا العدو أو عدم‬
‫كفاية من قام بذلك القرب فالقرب‪.‬‬

‫والال ُة الثالثـة مـن حالت تعيـ الهاد هـي أشـد الالت الثلث‪ ،‬وألزمُهـا‪ ،‬كمـا أناـ‬
‫متضمنةٌ للحالتي الوليي وزيادة؛ وتعرف بالنفي العام‪.‬‬

‫قال أبو بك ٍر الصاص رحه ال‪( :‬معلومٌ ف اعتقاد جيع السلمي أنه إذا خاف أهل الثغور‬
‫من العدو ول تكن فيهم مقاومة فخافوا على بلدهم وأنفسهم وذراريهم أن الفرض على‬
‫ف عاديتهم عن السلمي‪ ،‬وهذا ل خلف فيه بي المة)‬ ‫كافة المة أن ينفر إليهم من يكُ ّ‬
‫ا‪.‬هـ‪.‬‬

‫‪351‬‬
‫وقال شيخ السلم رحه ال‪( :‬وإذا دخل العدو بلد السلم فل ريب أنه يب دفعه على‬
‫القرب فالقرب‪ ،‬إذ بلدُ السلم بنلة البلدة الواحدة‪ ،‬وأنه يب النفي إليها بل إذن والدٍ‬
‫ول غري) ا‪.‬هـ‪.‬‬

‫ونصـوصُ العلماء فـ تقريـر الفرضيـة العينيـة للجهاد فـ حالة نزول العدو ببلد مـن بلدان‬
‫السلمي كثيةٌ جدا يصدق بعضها بعضًا‪ ،‬ل يتلف علماء السلم الحققون ف هذا‪.‬‬

‫فإذا تعي الهاد فهو مقد مٌ عند أهل الطائفة النصورة على غيه من النوافل‪ ،‬كما أنه‬
‫مقد مٌ على غيه من الواجبات الكفائية أيّا كانت بل أدن نزاع‪ ،‬بل ومقدم على غيه‬
‫من الواجبات العينية عند عدم إمكان المع بينه وبينها؛ وهذا مقررٌ من الوجوه التية‪:‬‬

‫الوجه الول‪ :‬أن الهاد إذا تعي فتاركه فاس ٌق مرتكبٌ كبية‪.‬‬

‫قال تعال‪{ :‬يَا أَيّهَا الّذِي نَ آ َمنُوْا مَا َلكُ مْ ِإذَا قِيلَ َلكُ ُم انفِرُواْ فِي َسبِيلِ اللّ ِه اثّاقَ ْلتُ مْ إِلَى‬
‫حيَاةِ ال ّدْنيَا فِي الخِ َرةِ إِلّ قَلِيلٌ * إِلّ‬‫ع الْ َ‬
‫حيَاةِ ال ّدنْيَا مِ نَ الخِ َرةِ فَمَا َمتَا ُ‬
‫الَرْ ضِ أَرَضِيتُم بِالْ َ‬
‫سَتبْدِلْ َقوْما َغيْرَكُ ْم وَ َل تَضُرّو هُ َشيْئا وَاللّ ُه عَلَى كُ ّل َشيْءٍ‬ ‫تَنفِرُوْا ُيعَ ّذبْكُ ْم عَذَابا أَلِيما َويَ ْ‬
‫قَدِيرٌ} [التوبة‪.]39-38:‬‬

‫ُمـ} [التوبـة‪ ]39:‬دالٌ‬


‫َسـَتبْدِلْ َقوْما غَيْرَك ْ‬
‫ُمـ عَذَابا أَلِيما َوي ْ‬
‫فقوله تعال {إِ ّل تَنفِرُوْا ُيعَ ّذبْك ْ‬
‫على توجه الوعيد الشديد ف حق القادر على الهاد التارك له عند تعينه‪.‬‬

‫قال القرطب رحه ال‪( :‬وهذا تديد شديد‪ ،‬ووعيد مؤكد ف ترك النفي)‪.‬‬

‫قال ابن العرب‪( :‬ومن مققات الصول أن المر إذا ورد فليس ف وروده أكثرَ من اقتضاء‬
‫الفعل‪ ،‬فأما العقاب عند الترك فل يؤخذ من نفس المر‪ ،‬ول يقتضيه القتضاء‪ ،‬وإنا يكون‬
‫العقاب بالب عنه؛ كقوله‪ :‬إن ل تفعل كذا عذبتك بكذا‪ ،‬كما ورد ف هذه الية‪ ،‬فوجب‬

‫‪352‬‬
‫بقتضاهـا النفيُ إل الهاد‪ ،‬والروج إل الكفار لقاتلتهـم‪ ،‬على أن تكون كلمةُ ال هـي‬
‫العليا) ا‪.‬هـ‪.‬‬

‫وقد وردت هذه اليات ف حق من استنفرهم النب ‪-‬صلى ال عليه وسلم‪ -‬لقتال الروم ف‬
‫غزوة تبوك بعيدًا عن بلد السلمي وبيضتهم‪ ،‬فكيف بن قعد عن الهاد عند نزول العدو‬
‫بلد السلمي ذاتا‪ ،‬وحلولم بالعُقر من الديار‪ ،‬واستباحتهم للبيضة‪ ،‬والستيلء عليها‪.‬‬

‫ومن علمات الكبائر الت نص عليها الئمة أن يرد فيها وعيد ف الخرة‪ ،‬قال ابن عباس‬
‫رضي ال عنهما‪( :‬الكبائر كل ذنب ختمه ال بنار أو غضب أو لعنة أو عذاب)‪ ،‬قال ابن‬
‫حجر اليثمي رحه ال تعال‪( :‬الكبية التسعون والادية والثانية والتسعون بعد الثلثئة؛‬
‫ترك الهاد ع ند تعي نه بأن د خل الرب ي دار ال سلم أو أخذوا م سلما وأم كن تلي صه‬
‫منهم‪ ،‬وأيضًا ترك الناس الهاد من أصله‪ ،‬وأيضًا ترك أهل القليم تصي ثغورهم بيث‬
‫ياف عليها من استيلء الكفار بسبب ترك ذلك التحصي)‬

‫ث قال‪( :‬ع ّد هذه الثلثة ظاهر ‪-‬أي من الكبائر‪ -‬لن كل واحد منها يصل به من الفساد‬
‫العائد على السلم وأهله ما ل يتدارك صرفه‪ ،‬وعليها يمل ما ف هذه الية والحاديث‬
‫من الوعيد الشديد‪ ،‬فتأمل ذلك فإن ل أر أحدًا تعرض لعدّ ذلك مع ظهوره) ا‪.‬هـ‪.‬‬

‫إذا تبي ذلك‪ ،‬فإذا تعي الهاد؛ فتاركه القادر عليه مرتكب كبية‪ ،‬فاسق أشد فسقًا من‬
‫الزا ن وال سارق والشارب‪ ،‬ح يث خذل الد ين‪ ،‬وأ سلم البلد والعباد لعداء ال ور سوله‬
‫صلى ال عليه وسلم‪ ،‬مع ما يترتب على ذلك من الفساد التعدي‪.‬‬

‫وبناءً على ذلك؛ فغي مقبول من تعلق به هذا الكم أن ينشغل بغي الهاد من العمال‪،‬‬
‫إذ انشغاله بذه العمال ‪-‬أيّا كانت‪ -‬ل يرفع عنه وصف الفسق التعلق به من جراء تلفه‬
‫عن الهاد التعي‪.‬‬

‫الوجه الثان‪ :‬أن الفرائض مقدمة على النوافل‪.‬‬

‫‪353‬‬
‫فالفرائض الت فرضها ال على عباده‪ ،‬عند أهل الطائفة النصورة‪ ،‬هي الصل والساس ف‬
‫تعبد الكلف لربه ومول‪ ،‬وهي من ث أحب إل ال وأقوم ف نيل رضاه‪ ،‬وتارك الفرائض‬
‫اشتغالً عنها بالنوافل عاص ل ل يرج بعد من دائرة العصيان أيا كانت تلك النوافل الت‬
‫اشتغل با عن الفرائض‪ ،‬وأيا كان مبلغ اجتهاده فيها‪.‬‬

‫و ف الدي ثِ القد سي ال صحيح‪ ،‬يقول ال تعال‪ ( :‬من عادى ل وليّ ا ف قد آذن ته بالرب‪،‬‬
‫ومـا تقرب إل عبدي بشيـء أحـب إل ماـ افترضـت عليـه‪ ،‬ومـا يزال عبدي يتقرب إل‬
‫بالنوافل حت أحبه‪ )...‬الديت‪ ،‬فنص الديث على أن الفرائض‪ ،‬ومنها الهاد‪ ،‬أحب ما‬
‫تقرب به الع بد إل ال سبحانه وتعال‪ ،‬و قد ات فق أ هل العلم بل خلف على أن الفرائض‬
‫مقد مة على غي ها من النوا فل‪ ،‬وأن النشغال بالنوا فل مع تضي يع الفرائض عم ٌل معكوس‬
‫وجهد ضائع‪ ،‬ول شك أن الراد من التقرب بالنوافل أن تقع من أدى الفرائض ل من أخل‬
‫با‪ ،‬كما قال بعض الكابر‪ :‬من شغله الفرض عن النفل فهو معذور‪ ،‬ومن شغله النفل عن‬
‫الفرض فهو مغرور‪.‬‬

‫بل مرد التسوية بي جنس الفرائض وجنس النوافل منوعة بيقي‪ ،‬فل يوز أن يسوى بي‬
‫سوّى ب ي الرام‬
‫الوا جب والندوب ل ف القول ول ف الف عل ول ف العتقاد‪ ،‬ك ما ل يُ َ‬
‫والكروه‪ ،‬بل ول بي الباح وبي الندوب والكروه‪ ،‬قال الشاطب رحه ال‪( :‬الندوب من‬
‫حقيقة استقراره مندوبًا أن ل يسوّى بينه وبي الواجب‪ ،‬ل ف القول ول ف الفعل‪ ،‬كما ل‬
‫يسوى بينهما ف العتقاد) ا‪.‬هـ‪.‬‬

‫واللصة؛ أن أعلى رتب مصال الندب دون أدن رتب مصال الواجب‪.‬‬

‫و قد ب عث المام الجا هد ع بد ال بن البارك إل من كان يو صف بعا بد الرم ي؛ المام‬


‫الفضيل بن عياض بأبيات يقول فيها‪:‬‬

‫يا عابدَ الرمَي لو أبصَـرتَنا‬

‫‪354‬‬
‫ت أنّك بالعبا َدةِ تلعَبُ‬
‫لعَلِم َ‬
‫***‬
‫ب خدّه بدموعِه‬
‫من كان يضِ ُ‬
‫فنُحورُنا بدمائِنا تَتَخَضّبُ‬
‫***‬
‫أو كا َن يتعِبُ خيلهُ ف باطل‬
‫حةِ تتعبُ‬
‫فخيولُنا يومَ الصبي َ‬
‫***‬
‫ح العبيِ لكُـم وننُ عبيُنا‬
‫ري ُ‬
‫ك والغبارُ الطَيبُ‬
‫ج السناب ِ‬
‫وهَ ُ‬
‫***‬
‫ولقـد أتانا من مـقا ِل نبيّنا‬
‫ق ل يكذبُ‬
‫قول صحيحٌ صاد ٌ‬
‫***‬
‫ل يستوي وغبــارُ خيل اللَه ف‬
‫أنف امرئ و دخا ُن نارٍ تلهبُ‬
‫***‬
‫ب اللَه ينطق بينَنا‬
‫هذا كتا ُ‬
‫ليس الشهيدُ بَيّتٍ ل يكذب‬

‫فتأمـل كيـف وصـف انشغال المام الفضيـل بـن عياض بالعبادة وماورة الرم باللعـب‬
‫والباطل مقارنةً بتركه للقتال ف سبيل ال‪ ،‬هذا مع كون الهاد التحدث عنه فرض كفاية‬
‫ل فرض ع ي‪ ،‬فك يف لو رأى المام ا بن البارك ‪-‬رح ه ال‪ -‬حال القاعد ين عن الهاد‬
‫التع ي انشغا ًل بنوا فل وتطوعات‪ ،‬باذا يا ترى سيصف أعمال م ال ت قعدوا ب ا عن هذا‬
‫الهاد‪..‬؟‬

‫‪355‬‬
‫الوجه الثالث‪ :‬أن الواجبات العينية تقدّ ُم على الواجبات الكفائية‪.‬‬

‫و هو الو جه الثالث الذي يتقرر به أن الهاد إذا تع ي فإ نه يقدم على غيه من العمال‪،‬‬
‫وتقديُ الواجبات العين ية على الواجبات الكفائ ية أ ص ٌل مقررٌ ع ند أهلِ الطائ فة الن صورة‪،‬‬
‫وهـو من العدل الذي أُمروا به ف أمر هم كله‪ ،‬و من ث يضعون كل شي ٍء موض عه بل‬
‫شطط‪ ،‬فينالون رضوان ال بالسارعة إل مابّه واجتناب مساخطه‪.‬‬

‫قال الغزال رح ه ال وهو يتكلم عن شروط الشتغال بالناظرة الفقه ية‪ ،‬و هي من فروض‬
‫الكفاية‪ ،‬قال‪( :‬الول؛ أن ل يشتغل به وهو من فروض الكفايات من ل يتفرغ من فروض‬
‫العيان‪ ،‬ومن عليه فر ضُ عيٍ فاشتغل بفرض كفاية وزعم أن مقصده الق؛ فهو كذاب‪،‬‬
‫ومثاله من يترك الصلة ف نفسه ويتجرد ف تصيل الثياب ونسجها‪ ،‬ويقول غرضي أستر‬
‫عورة من يصلي عريانًا ول يد ثوبًا)‬

‫إل أن قال رحه ال‪( :‬فل يكفي ف كون الشخص مطيعًا كون فعله من جنس الطاعات‬
‫مال يراع فيه الوقت والشروط والترتيب) ا‪.‬هـ‪.‬‬

‫فن صّ رح ه ال على أن من اشت غل بفرص كفا ية‪ ،‬مع عدم تفر غه من فرض الع ي أ نه‬
‫كذاب‪ ،‬وإن زعم أن قصده الق‪.‬‬

‫الوجه الرابع‪ :‬الذي يتقرر به تقدي الهاد عند تعينه على غيه‪.‬‬

‫أن الوا جب الضيّ ق يقدم على الوا جب الو سّع‪ ،‬والفوري يقدم على الترا خي‪ ،‬وما ي شى‬
‫فواته على ما ل يشى فواته‪.‬‬

‫وقد ذكر القراسي رحه ال وهو يتحدث عن مسألة تعارض الواجبات وما يقدم منها وما‬
‫يؤ خر؛ (أن هذا مب ن على معر فة قاعدة ف الترجيحات‪ ،‬وضا بط ما قد مه ال تعال على‬

‫‪356‬‬
‫غيه من الطلوبات‪ ،‬و هي أ نه إذا تعار ضت القوق قدم من ها الض يق على الو سع؛ لن‬
‫التضييق يُشعر بكثرة اهتمام صاحب الشرع با جعله مضّيقًا وأن ما جوز له تأخيه وجعله‬
‫موسـعًا عليـه دون ذلك‪ ،‬و يقدم الفوري على التراخـي؛ لن المـر بالتعجيـل يقتضـي‬
‫ّ‬
‫الرجحية على ما جعل له تأخيا‪ ،‬ويقدم فرض العيان على الكفاية؛ لن طلب الفعل من‬
‫جيع الكلفي يقتضي أرجحية على ما طُلِب من البعض فقط‪ ،‬ولن فرض الكفاية يعتمد‬
‫عد مَ تكرر الصلحة بتكرر الفعل‪ ،‬والفعلُ الذي تتكرر مصلحتُه ف جيع صوره أقوى ف‬
‫ا ستلزام ال صلحة من الذي ل تو جد ال صلحة م عه إل ف ب عض صوره‪ ،‬ولذلك يقدم ما‬
‫يشى فواته على ما ل يشى فواته‪ ،‬وإن كان أعلى رتبة منه) ا‪.‬هـ‪.‬‬

‫وبذه الوجوه الربعـة التقدمـة؛ يتقرر أن الهاد إذا تعيـ فهـو مقدم عنـد أهـل الطائفـة‬
‫النصورة على غيه من النوافل‪ ،‬كما أنه مقدم على غيه من الواجبات الكفائية أيّا كانت‬
‫بل أدنـ نزاع‪ ،‬بـل ومقدمٌـ على غيه مـن الواجبات العينيـة عنـد عدم إمكان المـع بينـه‬
‫وبينها؛ كالصلة والصيام والج وغيِها‪.‬‬

‫و قد و صف ش يخ ال سلم ا بن تيم ية رح ه ال فق هَ مرا تب العمال بأن ا حقي قة الد ين‪،‬‬


‫وحقيقـة العمـل باـ جاءَت بـه الرسـل‪ ،‬وبأنـه خاصـةُ العلماءِ بذا الديـن فقال رحهـ ال‪:‬‬
‫(فتفطن لقيقة الدين‪ ،‬وانظر ما اشتملت عليه الفعال من الصال الشرعية والفاسد‪ ،‬بيث‬
‫تعرف ما ينبغي من مراتب العروف ومراتب النكر حت تقدم أهها عند الزاحة‪ ،‬فإن هذا‬
‫حقيقة العمل با جاءت به الرُ سُل‪ ،‬فإن التمييز بي جنس العروف وجنس النكر وجنس‬
‫الدليل وغي الدليل يتيسر كثيًا‪ ،‬فأمّا مراتب النكر ومراتب الدليل بيث ُتقَدّم عند التزاحم‬
‫أعرف العروفي‪ ،‬فتدعو إليه‪ ،‬وتنكر أنكر النكرين‪ ،‬وتُرجح أقوى الدليلي فإنه هو خاصة‬
‫العلماء بذا الدين) ا‪.‬هـ‪.‬‬

‫ي تبي م ا سبق أن الجاهد ين‪ ،‬أ هل الطائ فة الن صورة‪ ،‬في ما ذهبوا إل يه ل يأتوا ببدع من‬
‫ب مسلوك‪ ،‬وسبيلٌ مطروق‪ ،‬أسلفهم فيه‬ ‫القول أو مستحدث من الفعل كيف ودربم در ٌ‬
‫خ ي من و طئ ال صى من ال نبياء والر سلي والتابع ي ل م بإح سان‪ ،‬و هم ب م يقتدون‪،‬‬

‫‪357‬‬
‫ولثارهم يقتفون‪ ،‬أقدامُهم ف الثرى‪ ،‬وهاماتم ف الثريا‪ ،‬ونفوسهم ترى إراقة دماء الياة‬
‫دون إراقة ماء الُحيّا‪.‬‬

‫ساروا وحاديهم قولُ الزبي رضي ال عنه‪" :‬ن ُن أمةٌ ل نو تُ إل قتلً‪ ،‬فمال أرى الفُرُش‬
‫قد كثر عليها الموات"‪.‬‬

‫يردد السالك لدربم قولَ الول‪:‬‬

‫ت أُبال حي أقت ُل مُسلما‬


‫ولس ُ‬
‫على أي جنبٍ كانَ ف الِ مصرعي‬
‫***‬
‫ك ف ذاتِ الله وإن يشأ‬
‫وذل َ‬
‫يبارِك على أوصـا ِل شِلوٍ مُمَـزع‬

‫أو قولَ الخر‪:‬‬

‫لكنن أسألُ الرح َن مغفـرةً‬


‫غ تقذفُ ال َزبَدا‬
‫وضربةً ذاتَ فَر ٍ‬
‫***‬
‫جهِزةً‬
‫أو طعَنةً بيدي َحرّان مُ ْ‬
‫بـربةٍ تُن ِفذُ الحشا َء و الكَِبدَا‬
‫***‬
‫حت يقالَ إِذا مَرّوا على جتثي‬
‫ل مِن غا ٍز وقد َرشَدا‬
‫أرشدكَ ا ُ‬

‫أو قولَ المع البارك‪:‬‬

‫‪358‬‬
‫نن الذين بايعوا ممدا‬
‫على الهاد ما بقينا أبدًا‪.‬‬

‫فأئمتهم قد أوضحوا لم الجة‪ ،‬ورسوا لم الحجة‪ ،‬وعبّدوا لم دربم‪ ،‬وحذّرُوهم مِن‬


‫بُنيّاته‪ ،‬وخطّوا لم خطة الدى والرشاد‪ ،‬تق ّدمُوهُم ف السي‪ ،‬و َسبَقُوهُم ف الوصول‪ ،‬وقد‬
‫ضَ َربُوا لم موعِدَ اللقاء مع من وف دون من نكص‪.‬‬

‫{وَال سّاِبقُو َن ا َلوّلُو َن مِ َن الْ ُمهَاجِرِي َن وَالَن صَا ِر وَالّذِي نَ اّتَبعُوهُم بِإِحْ سَانٍ رّضِ يَ اللّ ُه عَْنهُ ْم‬
‫وَرَضُواْ َعنْ هُ} [التو بة‪ ،]100:‬ف هم يافون أشدّ الوف من أن يتخلّفوا عن هذا الو عد‬
‫ويفوتَهم الوفاء؛ فيُحرموا اللقاء‪ ،‬فهاجسهم أبدًا‪ :‬غدًا ألقى الحبة‪ ،‬م ّمدًا وصحبه‪.‬‬

‫فأرواحهم تيم هناك ل هنا‪.‬‬

‫جسمي معي غي أ ّن الروحَ عندكمُ‬


‫فالسمُ ف غربةٍ والروح ف وطنِ‬
‫***‬
‫ب الناسُ من أ ّن ل بدنـا‬
‫فليعج ِ‬
‫ح فيه‪ ،‬ول روحٌ بـل بدنِ‬
‫ل رو َ‬

‫وأنّى ل ن هذا شأن م أن يقعد هم ابتلءٌ عن النف ي‪ ،‬أو تث ن عزائم هم منةٌ عن الهاد؛ بل‬
‫يبادرون ويسـاقبون ويرددون وهـم يُنحرون تقديًا لبهان الحبـة الصـادق‪[ :‬هنـا يبكـي‬
‫الشيخ]‬

‫ك تَحلـو وَالَيـاةُ مَري َرةٌ‬


‫فَلَيَت َ‬
‫ك تَرضى وَالَنامُ غِضاب‬
‫وَلَيَت َ‬
‫***‬

‫‪359‬‬
‫ك عا ِمرٌ‬
‫ت الّذي بَين َوبَينَ َ‬
‫وَلَيـ َ‬
‫ي خَرابُ‬
‫ي العـالَم َ‬
‫وَبَين وَبَ َ‬
‫***‬
‫ح مِنكَ الوُ ّد فَال ُكلّ هَّينٌ‬
‫إِذا صَـ ّ‬
‫ب تُرابِ‬
‫وَ ُك ّل الّذي فَوقَ التُرا ِ‬

‫إنّ الجاهد ين‪ ،‬أ هل الطائ فة الن صورة‪ ،‬لي سوا بقو مٍ ضا قت علي هم أنف سهم ف تبموا ب ا‬
‫وأرادوا ل ا خل صًا‪ ،‬أو قو مٍ سُدّت علي هم سب ُل الع يش ومناف ُذ الرزق‪ ،‬أو أ سرى عاها تٍ‬
‫نف سية تعش قُ الوت لذا ته‪ ،‬وت سعى له ب كل سبيل‪ ،‬و قد رأت الدن يا سوداء مظل مة‪ ،‬كل‬
‫ورب!‬

‫وإنا هم قو مٌ عرفوا واجبهم‪[ ،‬هنا يبكي الشيخ] وحقيقةَ الراد منهم؛ فشمروا عن ساق‬
‫الجتهاد‪ ،‬و سلكوا سبيلَ الهاد‪ ،‬ول يتعللوا بوا هي العلل‪ ،‬و ساقط الُ جج‪ ،‬ليعذروا ف‬
‫ت ال‪ ،‬وعاَينُوا العاقبة وأيقنوا با‪ ،‬فآثروا‬ ‫ترك هذا الواجب‪ ،‬بل هانت عليهم أنفُسهم ف ذا ِ‬
‫الباقيـة على الفانيـة‪ ،‬والجلة على العاجلة‪ ،‬فكان منهـم السـارعة لبذل الغال والرخيـص‪،‬‬
‫س والنفيس‪ ،‬مبة لولهم وتق ّربًا لالقهم‪ ،‬وقد رأوا أن الدنيا با فيها أحق ُر مِن أن‬ ‫والنف ِ‬
‫حبّونَ هُ} [الائدة‪،]54:‬‬
‫حّبهُ ْم َويُ ِ‬
‫تُقعِدَ هم عن نيلِ م بة ال ورضاه‪ ،‬فمضوا وحادي هم {يُ ِ‬
‫فجادوا بنفوسهم يوم أن ض ّن با الكثيون‪ ،‬وبذلوا دماءهم رخيصة [هنا يبكي الشيخ] يوم‬
‫أن بل با الدعون‪.‬‬

‫وهذا وال [هنا يبكي الشيخ] إنا هو مض فضل من ال عليهم‪{ ،‬ذَلِ كَ َفضْلُ اللّ ِه ُيؤْتِي ِه‬
‫مَن يَشَا ُء وَاللّ ُه وَاسِعٌ عَلِيمٌ} [الائدة‪ ،]54:‬وفضل ال هذا ل يوفق له كلّ أحد؛ فأهلُه هم‬
‫الصطفون الخيار‪ ،‬الفضلون على غيهم من العالي‪ ،‬وال أعلم حيث يضع فضله ومنته‪،‬‬
‫فالجاهدون هم خية ال من خلقه‪ ،‬لبّوا نداء خالقهم لمضاء العقد وتسليم البيع‪ِ{ :‬إنّ‬
‫سهُمْ َوَأ ْموَالَهُم ِبأَنّ َلهُ ُم الَّن َة ُيقَاتِلُو نَ فِي َسبِيلِ اللّ هِ َفَي ْقتُلُو نَ‬
‫اللّ َه ا ْشتَرَى مِ َن الْ ُم ْؤ ِمنِيَ أَنفُ َ‬

‫‪360‬‬
‫َويُ ْقتَلُو َن َوعْدا عََليْهِ َحقّا فِي الّتوْرَا ِة وَالِنِي ِل وَالْقُرْآنِ َومَنْ َأوْفَى ِبعَهْدِهِ مِنَ اللّهِ فَا ْسَتبْشِرُواْ‬
‫ك ُهوَ اْل َفوْ ُز الْعَظِيمُ} [التوبة‪.]111:‬‬ ‫ِببَْي ِعكُمُ الّذِي بَاَي ْعتُم بِهِ َوذَلِ َ‬

‫و هم التأ سون القتدون ب سيّد اللق ‪ -‬صلى ال عل يه و سلم‪ -‬القائل‪( :‬والذي نف سُ ممّ ٍد‬
‫ِبيَده لول أن أشق على السلمي؛ ما قعدتُ خلف سرية تغزو ف سبيل ال أبدًا‪ ،‬ولكن ل‬
‫أ جد سعةً فأحل هم‪ ،‬ول يدون سعة‪ ،‬وي شق علي هم أن يتخلفوا ع ن‪ ،‬والذي ن فس م مد‬
‫بيده لوددت أن أغزو ف سبيل ال فأُقتل‪ ،‬ث أغزو فأقتل‪ ،‬ث أغزو فأقتل)‪.‬‬

‫ورحم ال القائل؛ (إنا هو بذل الروح وإل فل تشتغل ف الترهات)‪.‬‬

‫إن أول قدم ف الطريق بذلُ الروح‪ ...‬هذه الادة فأين السالك‪..‬؟‬

‫ورحم ال الشيخَ أبا أنس الشامي يوم أن قال ل يومًا مثبتًا ومسليّا‪( :‬يا فلن! سنبقى نفرُ‬
‫بالصخر حت نصنع مدًا لمتنا)‪[ .‬هنا يبكي الشيخ]‬

‫ي قد حل‬
‫قال ل صـاحب والب ُ‬
‫ودمـعي مـرافـ ٌق لشهيقـي‬
‫***‬
‫ما تُرى تصنع ف الطريق بعدي؟‬
‫ت أبكي عليك طول الطريق‬
‫قل ُ‬

‫{وَاللّ ُه غَاِلبٌ عَلَى َأمْ ِر ِه وَلَكِنّ أَ ْكثَ َر النّاسِ َل َيعَْلمُونَ} [يوسف‪]21:‬‬

‫ب العالي‪.‬‬
‫و المدُ ل ر ّ‬

‫صعَبٍ الزّ ْرقَاوِي‬


‫َأبُ ْو مُ ْ‬
‫َأمِيْ ُر تَنْظِي ِم القَا ِع َدةِ ِف ْي بِلدِ الرّافِ َديْن‬

‫‪361‬‬
‫ق – بِلدُ الرّافِ َديْن‬
‫ال ِعرَا ُ‬

‫‪362‬‬
‫الطاب الثلثون‬

‫كَ ِلمَةٌ لِلشّيخِ الُجَاهِدِ أَبِي مُص َعبٍ الزّرقَاوِ ّ‬


‫ي‬
‫حَولَ أَحدَاثِ تَلعفَر‬
‫‪ 8‬شعبان ‪ 1426‬هـ‬
‫‪ 11‬سبتمب‪/‬أيلول ‪ 2005‬م‬

‫بِصَوْتِ الشَيخ‬
‫ب الزّرْقَاوِي ( َرحِ َمهُ ال)‬
‫أَِبيْ مُصْع ٍ‬

‫المدُ لِ مع ّز ال سلمِ بن صره‪ ،‬ومُذلّ الشر كِ بقهره‪ ،‬وم صرّف المور بأمره‪ ،‬وم ستدر ِ‬
‫ج‬
‫الكافريـن بكره‪ ،‬الذي قدّر اليام دولً بعدله‪ ،‬وجعـل العاقبةَ للمتقي َ بفضلِه‪ ،‬والصـلةُ‬
‫والسلم على من أعلى الُ منا َر السلمِ بسيفِه‪.‬‬

‫أمة السلم؛‬

‫إليكـ اليوم يتجدد‪ ،‬وأبنائك البطال يسـطرون بدمائهـم أجلـ صـور اللحمات‪،‬‬
‫حديثـي ِ‬
‫وأروع معانـ التضحيات على أرض مدينتـ القائم وتلعفـر؛ حيـث جعـ عباد الصـليب‬
‫لعركت هم الموع‪ ،‬وحشدوا ل ا الشود‪ ،‬م ستخدمي من ال سلحة أشد ها فتكا وتدميا‪،‬‬
‫و من الغازات ال سامة أعظم ها أذ ية وتقتيل‪ ،‬م ستصحبي خيلئ هم‪ ،‬م ستعلي ب كبيائهم‪،‬‬
‫فأذاقهم ال على أيدي أوليائه الجاهدين من كؤوس الوت ألوانا‪ ،‬وأراهم من الهوال ما‬

‫‪363‬‬
‫ل ينسـونه دهورا وأزمانـا‪ ،‬فخرجوا مـن مدينـة القائم ل يلوون على شيـء يرون أذيال‬
‫هزيتهم‪ ،‬ويلعقون جراحاتم فـ ل المد أولً وأخرا‪.‬‬

‫وها هم يعاودون الكرة على مدينة تلعفر بعد أن إستعصت عليهم مرات ومرات‪ ،‬وأذاقهم‬
‫أسـودها طعـم الذل‪ ،‬ومرارة الزيةـ‪ ،‬تزبوا على هذه الدينـة البيـة‪ ،‬يرومون القضاء على‬
‫الجاهدين‪ ،‬متذرعي برد القوق إل أهلها‪ ،‬كما صرح بذلك (حفيد أبن العلقمي وخادم‬
‫ال صليب إبراه يم العفري) قا صدا بذلك أعضاء فيلق الغدر‪ ،‬الذ ين ما أخرجوا من تلع فر‬
‫إل لكونمـ عيون للصـليبيي‪ ،‬وجلهـم مـن الرس الوثنـ والشرطـة الرتديـن‪ ،‬الذيـن بلغ‬
‫فسادهم وإفسادهم مداه ف تلعفر‪ ،‬وإل فأين هذا الدعي عن حقوق أهل السنة‪ ،‬ف الدائن‬
‫والرية والشعب‪ ،‬والنوب وغيها‪ ،‬الذين قتلوا وشرد منهم اللف‪ ،‬ل لذنب سوى أنم‬
‫من أهل السنة!‬

‫بل أين حقوق السلمي الفلسطينيي الذين استبيحت أعراضهم وهجّروا من بيوتم قسرا‬
‫ف بغداد ف البلديات وحيفا وغيها؟!‬

‫هل ت هذا إل على أيدي بن صهيون؟ وأذنابم من الروافض الاقدين ؟!‬

‫أل صبا ياأ سود تلع فر‪ ،‬ف ـالنصر لذا الد ين مه ما طال ل يل الظال ي‪ ،‬ويو شك الل يل أن‬
‫ينجلي بفجرا تُرفع فيه راية التوحيد‪ ،‬وتُذل فيه راية الشِرك والتنديد‪.‬‬

‫وأما أنتم ياأسود التوحيد على أرض الرافدين؛‬

‫يا من رفع تم جبي المة عاليا‪ ،‬إن عدوكم اليوم يعيش أسوء أيا مه على أرض الرافدين‪،‬‬
‫يبغي اللص؛ ول يد له طريقا‪ ،‬ويروم النجاة؛ ول يهتدي لا سبيل‪ ،‬وها هو يستل من‬
‫سهامه آخرها‪ ،‬علّه ينقذه من الستنقع الذي غرق فيه‪ ،‬ويفظ له ماتبقى من ماء وجهه‪،‬‬
‫ذلكم هو طاغوت الدستور‪ ،‬ولكن هيهات هيهات‪.‬‬

‫‪364‬‬
‫هيهات لنفوس دبت فيها روح الهاد‪ ،‬وسرت ف عروقها دماء التوحيد‪ ،‬أن تنطلي عليها‬
‫أمثال هذه اليل أو تستهويها أمثال هذه الدع‪.‬‬

‫أيها الجاهدون؛‬

‫أل فخذوا حذركم وتأهبوا‪ ،‬وانتظوا سلحكم واستعدوا‪ ،‬ول ترفعوا أصابعكم عن الزناد‪،‬‬
‫وارتقبوا لظـة البدء‪ ،‬فــالعركة الفاصـلة قـد أقترب أواناـ‪ ،‬وأزف ختام فصـولا‪ ،‬وإننـا‬
‫عازمون بعون ال عما قريب على استئصال شأفتهم‪ ،‬وإشعال الرض من تت أقدامهم‪،‬‬
‫ولين سينهم ما يدو نه ف هذه العر كة –إن شاء ال تعال – أهوال ما ذاقوه ف العارك‬
‫السابقة‪ ،‬وإن غدا لناظرة لقريب‪.‬‬

‫واعلموا أنكم ل تاربون رجال أشداء‪ ،‬بل جـبـنـاء يفرون عند اللقاء‪ ،‬فأحلوا عليهم‬
‫حلة صادقة‪ ،‬تطي با بقي من ألبابم‪ ،‬فل يدون لبنادقهم كفا‪ ،‬ول لسيافهم ساعدا‪ ،‬ول‬
‫تلحقكم ف عدوكم رقة‪ ،‬ول تأخذكم بم رأفة‪ ،‬ول تأطركم بم شفقة‪ ،‬شتتوا جوعهم‪،‬‬
‫وفرقوا صفوفهم‪ ،‬ونكسوا صليبهم‪ ،‬نغصوا عليهم طعامهم وشرابم‪ ،‬ويقضتهم ومنامهم‪،‬‬
‫فما أعذب الوت ف سبيل تنغيص عيش الظالي‪.‬‬

‫وهذا نداء؛ إل أبناء المة الغراء‪:‬‬

‫لن حبسـتكم العذار‪ ،‬وناءت بكـم الديار‪ ،‬وباعدت بينكـم وبيـ الجاهديـن القفار‪،‬‬
‫وعجز ت عن ن صرة إخوان كم بأنف سكم‪ ،‬أل ف ـأنصروهم ب سلحكم الذي تملو نه ب ي‬
‫أضلعكم‪ ،‬والذي هو أشد على عباد الصليب‪ ،‬من حد السيف وضربة السام؛‬

‫إنه سلح الدعاء‪..‬‬

‫وما أدراك ما الدعاء‪ ،‬وهل تنصرون إل بضعفائكم‪ ،‬بدعائهم وإخلصهم‪.‬‬

‫‪365‬‬
‫أتزأ بالدعاء وتزدريه‪ ،،‬وما تدري با فعل الدعاء‬
‫سهام الليل ل تطيء ولكن‪ ،،‬لا أمد وللمد انقضاء‬

‫أل وجدوا واجتهدوا بالدعاء‪ ،‬وألوا فيه‪ ،‬وتروا أوقات السحر وأزمنة الجابة‪ ،‬وتوسلوا‬
‫إل ال بصال أعمالكم‪ ،‬واقنتوا على الصليبيي ف صلواتكم‪ ،‬فلعل ال يأذن برفع الذل عن‬
‫هذه المة‪ ،‬وبزوغ فجر العز من جديد‪.‬‬

‫وهذه علمات الن صر باد ية‪ ،‬وأمارات الف تح ظاهرة‪ ،‬ومائن الظ فر لئ حة‪ ،‬وتباش ي ال ي‬
‫ساطعة‪ ،‬وإن لحسب أن ما أصاب أمريكا ف عقر دارها من العصار الدمر‪ ،‬إنا هو‬
‫بدعوة أب أو أم ثكلى بابـن لمـا‪ ،‬أو ولد تيتـم‪ ،‬أو امرأة أنتهـك عرضهـا على أرض‬
‫أفغان ستان أو العراق وغي ها‪ ،‬ففت حت ل ا أبواب ال سماء‪ ،‬وجاء النداء الل ي (لن صرنكِ‬
‫ولو بعد حي)‪.‬‬

‫اللهم إن السماء ساءك‪ ،‬والرض أرضك‪ ،‬والبحر برك‪،‬‬


‫اللهم عليك بالصليبيي‪،‬‬
‫اللهم أسقط طائراتم‪ ،‬ودمر آلياتم‪ ،‬وأغرق بارجاتم‪،‬‬

‫اللهـم إن عبادك الجاهديـن‪ ،‬قـد جادوا برب أعدائك بنفوسـهم‪ ،‬وبذلوا فـ سـبيل ذلك‬
‫مهجهم‪ ،‬نصرة لدينك‪ ،‬وإعلء لكلمتك‪،‬‬

‫اللهم أنزل عليهم نصرك الؤزر‪ ،‬وعجل لم بالفتح البي‪ ،‬وأنزل بعدوهم عذابك ورجزك‪،‬‬
‫الذي ليرد عن القوم الظالي‪،‬‬

‫اللهم أرسل على أمريكا عذابك‪،‬‬


‫اللهم أشدد وطأتك عليها‪ ،‬اللهم دمرها تدميا‪،‬‬
‫اللهم أرسل عليها العاصي والزلزل والحن‪،‬‬

‫‪366‬‬
‫اللهم أشغلهم بأنفسهم عن السلمي‪،‬‬
‫اللهم ل تقم لم راية‪ ،‬وأجعلهم لن خلفهم عبة وآية‪،‬‬

‫{وَاللّ ُه غَاِلبٌ عَلَى َأمْ ِر ِه وَلَكِنّ أَ ْكثَ َر النّاسِ َل َيعَْلمُونَ} [يوسف‪]21:‬‬

‫والمد ل رب العالي‪.‬‬

‫صعَبٍ الزّ ْرقَاوِي‬


‫َأبُ ْو مُ ْ‬
‫َأمِيْ ُر تَنْظِي ِم القَا ِع َدةِ ِف ْي بِلدِ الرّافِ َديْن‬
‫ق – بِلدُ الرّافِ َديْن‬
‫ال ِعرَا ُ‬

‫‪367‬‬
‫الطاب الادي الثلثون‬

‫َهذَا بَيَانٌ للنّاسِ وَ لِيُنذَرُوا ِب ِه‬


‫‪ 11‬شعبان ‪ 1426‬هـ‬
‫‪ 14‬سبتمب‪/‬أيلول ‪ 2005‬م‬

‫بِصَوْتِ الشَيخ‬
‫ب الزّرْقَاوِي ( َرحِ َمهُ ال)‬
‫أَِبيْ مُصْع ٍ‬

‫المدُ لِ مع ّز ال سلمِ بن صره‪ ،‬ومُذلّ الشر كِ بقهره‪ ،‬وم صرّف المور بأمره‪ ،‬وم ستدر ِ‬
‫ج‬
‫الكافريـن بكره‪ ،‬الذي قدّر اليام دولً بعدله‪ ،‬وجعـل العاقبةَ للمتقي َ بفضلِه‪ ،‬والصـلةُ‬
‫والسلم على من أعلى الُ منا َر السلمِ بسيفِه‪.‬‬

‫ـد‪:‬‬
‫ـميات‪ ،‬والدف واحـ‬
‫ـي اليام وتتوال الحداث‪ ،‬وتتعدد العارك‪ ،‬وتتنوع السـ‬
‫تضـ‬
‫(حرب صليبية رافضية ضد أهل السنة)‬

‫لقد تلقت مصال الصليبيي‪ ،‬مع أهواء إخوانم الروافض الاقدين‪ ،‬فكانت هذه الرائم‬
‫والجازر ف حق أهل ال سنة؛ فمن الفلو جة إل الدائن‪ ،‬وديال و سامراء والو صل‪ ،‬ومرور‬
‫بالرمادي‪ ،‬وهيت وحديثة وراوة‪ ،‬والقائم وغيها‪ ،‬وأخيا وليس آخرا ف تلعفر‪.‬‬

‫هذه العر كة ال ت جاءت ف توقيت ها لتغ طي على فضي حة عدو ال بوش ف تعامله مع ما‬
‫خلفه جندي واحد من جنود ال؛ وهو (إعصار كاترينا الدمر)‪ ،‬الذي كشف للعال أجع‬

‫‪368‬‬
‫مقدار العجز الكبي ف مواجهة الدمار الذي أحدثه هذا العصار‪ ،‬بسبب الستناف الائل‬
‫لطاقات اليـش المريكـي فـ العراق وأفغانسـتان‪ ،‬وليعيـد إل الذهان مظاهـر التفريـق‬
‫العنصري بي أفراد الشعب المريكي‪ ،‬وليكشف هشاشة السس الت يقوم عليها بنيانه‪،‬‬
‫فانتشرت عمليات الصقل والقتل‪ ،‬وتفشت عمليات السلب والنهب‪ ،‬والت أدهي وأمر –‬
‫بإذن ال تعال‪.-‬‬

‫جاءت هذه العركة لتكشف النقاب عن ذلك الوجه القبيح لكومة أحفاد أبن العلقمي‪،‬‬
‫ولته تك ال ستر الذي يتوارون خل فه‪ ،‬ح يث ت عزل الحياء الرافض ية ف الدي نة لتجنيب ها‬
‫الق صف والدمار‪ ،‬ث لي تم من بعد ها شن حرب إبادة شاملة على أحياء أ هل ال سنة‪ ،‬ف‬
‫خطوة للقضاء على كل مظا هر الياة ف هذه الحياء‪ ،‬و قد ث بت ل نا ثبوت ل مر ية ف يه‬
‫استخدام الصليبي للغازات السامة ف معاركهم ضد الجاهدين‪.‬‬

‫وإن أن كر ذلك أرباب البيت السود وأتباعهم‪ ،‬وهذه مشاف تلعفر دون كم فاستنطقوها؛‬
‫عن حالت الختناق والتسمم الكبية ف صفوف من ضمتهم جدرانا‪ ،‬ومن استطاع من‬
‫أ هل ال سنة النوح والفرار من جح يم الق صف ال صليب تلقف ته يد الغدر من أعضاء فيلق‬
‫ل وتقتيل‪ ،‬و ف الن ساء انتها كً لعراض هن‪،‬‬
‫الغدر وغيه‪ ،‬لتع يث ف الرجال تعذيبا وتنكي ً‬
‫وسلب وسرقة لليهن وزينتهن‪.‬‬

‫إنا حرب طائفية منظمة؛‬

‫أعدت فصولا بإحكام‪ ،‬وإن رغمت أنوف من أعمى ال أبصارهم‪ ،‬وختم على قلوبم‪.‬‬

‫ويكم يا علماء أهل السنة أرخصت عليكم دماء أبنائكم‪ ،‬فبعتموها بثمن بس؟!‬
‫أهانت عليكم أعراض نسائكم؟!‬
‫ويلكم؛ أما بلغكم أن كثي من أخواتكم العفيفات الطاهرات من أهل السنة ف تلعفر قد‬
‫أنتهك عرضهن‪ ،‬وذبح عفافهن‪ ،‬وامتلت أرحامهن بنطف الصليبيي‪ ،‬واخوانم الروافض‬
‫الاقدين!‬

‫‪369‬‬
‫أين دينكم؟؟‬
‫بل أين نوتكم وغيتكم ومروءتكم؟‬

‫دخلت على الروءة وهي تبكي *** فقلت علم تنتحب الفتاة‬
‫فقالت كيف ل أبكي وأهلي *** جيعا دون خلق ال ماتوا‬

‫هذا ومازال الجاهدون‪ ،‬ي صاولون العدو ويقاتلو نه‪ ،‬فك يف إذا ما أ ستقر ال مر لكو مة‬
‫أحفاد أبن العلقمي وأشتد ساعدهم!‪ ،‬وترسخت قواعدهم وأركانم!‬

‫ماذا تنتظرون ف أنفسكم؟!‬


‫أتسبون أنكم بكتابتكم بيان تنديد واستنكار قد نوت من مساءلة العزيز البار؟!‬

‫وال إن الوقف شديد‪ ،‬والساب عسي!‬

‫ها هو ذنب الروافض سعدون الدليمي ل أسعده ال‪ ،‬يتبجح بذكر انتصاراتم ف تلعفر‪،‬‬
‫وليت شعري عن أي نصر يتكلم هؤلء البناء؟‬

‫الذين ل يرؤ أحدهم على الروج من جحره إل وهو مكم بظهور نساء الارين‪.‬‬

‫أو ي ظن هذا الائن أن ق صف الدور على من في ها من الن ساء والطفال ي عد ن صرا؟ بئس‬
‫النصر وال!!‬

‫لقد حشدوا ف معركتهم هذه مع الفئة القليلة الؤمنة الت ل يتجاوز تعدادها الئات‪ ،‬أكثر‬
‫من عشرة آلف من النود؟!‬

‫من هم أرب عة آلف من ال صليبيي‪ ،‬وهذا إن دل فإن ا يدل على مقدار الوف واللع الذي‬
‫أ صاب نفو سهم‪ ،‬وترا هم يزعمون ق تل العشرات وأ سر الئات من العرب والفغان‪ ،‬وهذا‬

‫‪370‬‬
‫كله م ض كذب وافتراء‪ ،‬فالدي نة خال ية من وجود أي من الجاهد ين العرب‪ ،‬وليعرضوا‬
‫هؤلء السرى إن كانوا صادقي‪.‬‬

‫ثـ يتوعـد هذا الذنـب‪ ،‬الذي خان دينـه وأمتـه‪ ،‬ورضـي بأن يكون مطيـة للصـليبيي‬
‫والصفويي‪ ،‬بأنه قادم هو وزبانيته نو النبار والقائم‪ ،‬وراوة وسامراء‪ ،‬ونن نقول له‪:‬‬

‫إن الجاهدين بفضل ال قد أعدوا لك ولنودك سيف قاطعا‪ ،‬وسم ناقعا‪ ،‬ولتسقوّن بإذن‬
‫ال من كؤوس الوت ألوانا‪ ،‬ولتكونن أراضي أهل السنة بيفكم النتنة وعاء‪ ،‬فتقدموا إن‬
‫شئتم أو تأخروا‪.‬‬

‫وهذا نداء لهل السنة عامة ف العراق؛‬

‫أل هبوا مـن سـباتكم‪ ،‬واسـتيقضوا مـن غفلتكـم‪ ،‬فقـد طال رقادكـم‪ ،‬وإن رحـى الرب‬
‫للقضاء على أ هل ال سنة ل ولن تتو قف و هي آت ية دار كل من كم إل أن يشاء ال‪ ،‬وإن ل‬
‫تبادروا‪ ،‬باللحاق بر كب الجاهد ين للدفاع عن دين كم الذب عن أعراض كم‪ ،‬فإن ا وال‬
‫السرة والندامة ولكن ول ساعة ندم‪.‬‬

‫وإياكم وما يروج له من خدعة الدستور الدعوات للمشاركة ف الستفتاء عليه من قبل‬
‫أدعياء أهل السنة الذين خانوا ال ورسوله‪ ،‬وباعوا دينهم بعرض من الدنيا قليل‪ ،‬فـ ف‬
‫الو قت الذي تن حر فيه رقاب أهل السنة ف تلع فر والقائم وغيها‪ ،‬ند هؤلء الونة ف‬
‫أربيل يستجدون أذناب اليهود (البزان والطالبان) لتحصيل مكاسب لم ف هذا الدستور‬
‫الشركي‪ ،‬هؤلء الذين خانوا المة من قبل‪ ،‬فكانوا أحد أركان الؤامرة لستنقاذ الصليبيي‬
‫ف معركة الفلوجة الول‪.‬‬

‫وبناء على كـل ماسـبق ذكره‪ ،‬وبعـد أن تـبي للعال أجعـ حقيقـة هذه العركـة‪ ،‬ومـن‬
‫الستهدف القيقي منها فإن تنظيم القاعدة ف بلد الرافدين قرر مايلي ‪:‬‬

‫‪371‬‬
‫أولً‪ :‬با أن حكومة حفيد أبن العلقمي وخادم الصليب إبراهيم العفري قد أعلنت حربا‬
‫الشاملة على أهل السنة ف تلعفر ومن بعدها الرمادي والقائم وسامراء وراوة تت ذرائع‬
‫إعادة القوق والقضاء على الرهابي ي ف قد قرر التنظ يم؛ إعلن حرب شاملة على الشي عة‬
‫الروافض ف جيع أناء العراق‪ ،‬أين ما وجدوا وحيث ما حلوا جزاء وفاقا‪ ،‬فمنكم كان‬
‫البتداء وأن تم من بادر بالعتداء فخذوا حذر كم فوال لن تأخذنا ب كم رأ فة‪ ،‬ولن تنال كم‬
‫م نا رح ة وأي طائ فة تر يد أن تنأى بنف سها عن ضربات الجاهد ين فلتبادر وعلى جناح‬
‫السرعة بالباءة من حكومة العفري وجرائمها‪ ،‬وإل فهم ف الكم سواء؛ وقد أعذر من‬
‫أنذر‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬من الن فصاعدا كل من يثبت انتسابه إل الرس الوثن أو الشرطة واليش أو يثبت‬
‫أنه عميل أو جاسوس للصليبيي؛ فحكمه القتل‪ ،‬وليس فحسب بل وهدم منله أو تريقه‪،‬‬
‫ب عد إخراج الن ساء والذر ية م نه‪ ،‬جزاء على خيان ته لدي نه وأم ته وليكون لغيه عبة ظاهرة‬
‫وعظة زاجرة‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬حاول أ بو رغال الدلي مي بث الفر قة والشقاق ب ي الجاهد ين والعشائر زاعما أن‬
‫شيوخ العشائر هم من طلب منه الجيء لستنقاذهم‪ ،‬وهذا مض كذب واختلق‪ ،‬فأبناء‬
‫العشائر هـم أحـد أهـم ركائز الهاد‪ ،‬وهذه العشائر كان لاـ اليادي البيضاء فـ نصـرة‬
‫الهاد وأهله؛ ومـع هذا فنحـن نذر العشائر؛ بأن كـل عشية أو حزب أو جعيـة يثبـت‬
‫تورطها وعمالتها للصليبيي وأذنابم من الرتدين فوالذي بعث ممد بالق لنقصدنم كما‬
‫نقصد الصليبيي ولنستأصلن شأفتهم‪ ،‬ولنفرقن جعهم‪ ،‬فما هو إل معسكران‪:‬‬

‫معسكر الق وأتباعه‪،‬‬


‫ومعسكر الباطل وأشياعه‪.‬‬

‫فاختاروا ف أي الندقي تكونون‪ ،‬وما حل ف بعض الونة ف القائم خي دليل على ذلك‪.‬‬

‫‪372‬‬
‫وف التام؛‬

‫فنقول للصليبيي والروافض الصفويي بأن جريتكم وفعلكم البان‪ ،‬ف تلعفر لن ير دون‬
‫عقاب قاس بإذن ال‪.‬‬

‫وأنـ لتدى حكومـة أحفاد أبـن العلقمـي وعلى رأسـها العفري الجوسـي وأبـو رغال‬
‫الدليمي أن يرجوا من جحورهم من النطقة الضراء ليواجهوا كتائب الجاهدين‪.‬‬

‫أل بئس ف الياة حياتكم يانساء!‬


‫أل بئس الروءة مروءتكم ياجبناء!‬
‫يا أشباه الرجال ول رجال!‬

‫أو تسمعون أيها العداء؛ أما والذي نفسي بيده أن لخاطبكم بصوت يقطر دما‪ ،‬واليام‬
‫بيننا‪.‬‬

‫{وَاللّ ُه غَاِلبٌ عَلَى َأمْ ِر ِه وَلَكِنّ أَ ْكثَ َر النّاسِ َل َيعَْلمُونَ} [يوسف‪]21:‬‬

‫والمد ل رب العالي‪.‬‬

‫صعَبٍ الزّ ْرقَاوِي‬


‫َأبُ ْو مُ ْ‬
‫َأمِيْ ُر تَنْظِي ِم القَا ِع َدةِ ِف ْي بِلدِ الرّافِ َديْن‬
‫ق – بِلدُ الرّافِ َديْن‬
‫ال ِعرَا ُ‬

‫‪373‬‬
‫الطاب الثان و الثلثون‬

‫سِلسِلَةُ مُحَاضَراتِ‪:‬‬
‫ل يَضُرّهُم َمنْ خَ َذلَهُمْ‬
‫ض َرةُ الثانِيةَ‪ ،‬وَ هِ َي بِعُنوان‪:‬‬
‫الُحا َ‬

‫(وَ طَوَاعِيَةُ الِ وَ رَسُولِهِ أَنفَعُ لَنَا)‬


‫‪ 16‬شعبان ‪ 1426‬هـ‬
‫‪ 19‬سبتمب‪/‬أيلول ‪ 2005‬م‬

‫بِصَوْتِ الشَيخ‬
‫ب الزّرْقَاوِي ( َرحِ َمهُ ال)‬
‫أَِبيْ مُصْع ٍ‬

‫المدُ لِ مع ّز ال سلمِ بن صره‪ ،‬ومُذلّ الشر كِ بقهره‪ ،‬وم صرّف المور بأمره‪ ،‬وم ستدر ِ‬
‫ج‬
‫الكافريـن بكره‪ ،‬الذي قدّر اليام دولً بعدله‪ ،‬وجعـل العاقبةَ للمتقي َ بفضلِه‪ ،‬والصـلةُ‬
‫والسلم على من أعلى الُ منا َر السلمِ بسيفِه‪.‬‬

‫أمّا بعد؛‬

‫‪374‬‬
‫فإ ّن التأمّلَ لالِ ال ّم ِة السلمية اليو مَ ليتمل كُ قلبَ ُه شعورٌ بالز ِن والسى على ما آلَ إِليه‬
‫ب أعدائِ ها علي ها‪ ،‬والذّل ِة والهان ِة ال ت و صلت إلي ها‪ ،‬ب عد أن كا نت أعزّ‬
‫حالُ ها؛ من تكالُ ِ‬
‫المم!‪ ..‬أم ٌة بعثها الُ سبحانَه وتعال لتكو نَ خيَ أمة أخرجت للناس‪ ..‬أمةٌ وُجِد تْ لتعلو‬
‫ول يعلى عليها‪ ..‬لتكونَ ف مقدمة ركبِ المم‪ ،‬ل ف مؤخرها‪!..‬‬

‫ت والذّكرى مؤرقة‬
‫إن تذكـر ُ‬
‫مدًا تليـدًا بأيدينَـا أضعنَاهُ‬
‫***‬
‫أنّى اتهْتَ إِل السلمِ ف بلدٍ‬
‫تدهُ كالطّيِ مقصُوصًا جناحاهُ‬

‫هذه المة إنا اكتسبت عزّها وس ّوهَا ورفعتَها بقيامِها بأمْ ِر ربا‪ ،‬وتطبيقِها لُكمِه‪.‬‬

‫ح َزنُوا َوأَنتُ ُم ا َلعَْلوْنَ إِن كُنتُم ّم ْؤمِنِيَ} [آل عمران‪]139:‬‬


‫قال تعال‪{ :‬وَلَ َت ِهنُوا وَ َل تَ ْ‬

‫ي َسبِيلً} [النساء‪.]141:‬‬
‫جعَلَ اللّهُ لِ ْلكَاِفرِينَ عَلَى الْ ُم ْؤ ِمنِ َ‬
‫وقال تعال‪{ :‬وَلَن يَ ْ‬

‫وهذا الوعدُ ل يتخلّ فُ ف أيّ زما ٍن أو مكان ما أتى العباد بسببه وشرطِه؛ أل وهو اليا نُ‬
‫بال سبحانهُ وتعال‪ ،‬والذي يتحقق بامتثال شرعِ ال وإعلءِ كلمتِه‪ ،‬والهادِ ف سبيلِه‪.‬‬

‫ولكن‪ ،‬لا غفلَ أبنا ُء هذه المّة عن وصية ال ف قوله‪َ{ :‬ي ْعبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُو َن بِي َشيْئا}‬
‫[النور‪.]55:‬‬

‫حذَ ِر الّذِي َن يُخَاِلفُو نَ عَ نْ َأمْرِ هِ أَن تُ صِيَبهُمْ‬


‫ف والتهديد ف قوله‪{ :‬فَ ْليَ ْ‬ ‫وتغاضَوا عن التخوي ِ‬
‫ِفْتنَةٌ َأ ْو ُيصِيَبهُ ْم عَذَابٌ أَلِيمٌ} [النور‪.]63:‬‬

‫‪375‬‬
‫ك بِالّذِي أُوحِ يَ إَِليْ كَ} [الزخرف‪:‬‬
‫وتاونوا بال مر الذي وُكِ َل إلي هم ف قوله‪{ :‬فَا ْستَمْسِ ْ‬
‫‪.]43‬‬

‫وتنكّبوا عن جا ّد ِة العزّ ف قوله‪{ :‬قَاتِلُوهُ ْم ُيعَ ّذبْهُمُ اللّ ُه ِبَأيْدِيكُ ْم َويُخْ ِزهِ ْم َويَنصُرْكُ ْم عََلْيهِ مْ‬
‫ب غَيْظَ قُلُوِبهِمْ} [التوبة‪.]15-14:‬‬ ‫َويَشْفِ صُدُورَ َق ْو ٍم ّم ْؤمِنِيَ * َويُذْ ِه ْ‬

‫حينهـا؛ ألبسـَهم عدوّهـم رداءَ الذُل‪ ،‬وأشعرَهـم شعَا َر الوان‪ ،‬وسـامَهم سـوء العذاب‪،‬‬
‫وضامَهم بألي ِم العقاب‪ ،‬وخيّ َم ظلمُ الغفلة على هذه المة‪ ،‬وطال ليل رقادِها‪.‬‬

‫ولكنّ هذه المة؛ أمةٌ عصّيةٌ أبية تأنَفُ الذ ّل وتأب الضيم‪ ،‬فهي وإن أصاب جسدَها الل ُم‬
‫وأثخنت هُ الراح‪ ،‬إل أ نه ل يل بث أن ي ستجم َع قواه‪ ،‬وي ستع ّد للنهوض إيذانًا ببزوغ فجرِ‬
‫السلم وطلوعِ شسِ التوحيد من جديد‪.‬‬

‫ت الصحوةِ ف هذه المة‪ ،‬بعد أن أدركت‬ ‫وها ن ُن اليو مَ أمام صفحةٍ جديدة من صفحا ِ‬
‫ت أعدائها با‪ ،‬ولكنّ هذه الصحوة صا َحبَ مسيَها الكثيُ‬ ‫حقيقةَ معركتِها و وعتْ مططا ِ‬
‫ق ال صدُوق‬
‫من الد خل‪ ،‬وعكّرَ صفوَها الكث ُي مِن الدّغَل‪ ،‬وهذا م صداقُ حد يث ال صا ِد ِ‬
‫س يسألونَ‬
‫‪-‬صلى ال عليه وسلم‪ -‬كما ف الصحيحي من حديثِ حُذيفة قال‪( :‬كان النّا ُ‬
‫رسول ال ‪-‬صلى ال عليه وسلم‪ -‬عن الي‪ ،‬وكن تُ أسألُه ع نِ الشرّ مافةَ أن يدركن؛‬
‫فقلتُ يا رسولَ ال إنا كنّا ف جاهلي ٍة وشر فجاءَنا ال بذا الي‪ ،‬فهل بعد هذا الي شر؟‬
‫ت وما دخنه؟‬‫ت وهل بعد ذل كَ الشرّ من خي؟ قال "نعم‪ ،‬وفيه دخن" قل ُ‬ ‫قال "نعم"‪ ،‬قل ُ‬
‫ف منهم وتنكر"‪ ،‬قلتُ فهل بعد ذلك الي من شر؟ قال‬ ‫قال "قو ٌم يهدو َن بغيِ هديي‪ ،‬تعر ُ‬
‫ب جهنّم‪ ،‬من أجابم إليها قذفوه في ها"‪ ،‬قلت يا رسول ال صفهم‬ ‫"ن عم‪ ،‬دعاةٌ على أبوا ِ‬
‫لنا‪ ،‬فقال "هم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا")‪.‬‬

‫س آلهم حال أمتهم؛ فأرادوا النهوض با‪ ،‬ولكنّهم‬ ‫نعم هذا الدَ َخ ُل والزغل إنا هو من أنا ٍ‬
‫بغ ي هدي نبيهم ‪ -‬صلى ال عل يه و سلم‪ -‬اهتدوا‪ ،‬وغيِ سبيله سلكوا؛ فبت نا نرى مناه جَ‬
‫أجنب ية غري بة دخيلة على دين نا‪ ،‬فتارة نرا هم ف البلانات الشرك ية‪ ،‬والجالس التشريع ية‪،‬‬

‫‪376‬‬
‫وتارة ينادون بالديوقراطيـة‪ ،‬وأخرى يدعون َـ إل النراط فـ اليوش الطاغوتيـة وضرورة‬
‫الشاركة ف العملية السياسية وكتابة دستور البلد الحادّ لدين ربّ العباد‪ ،‬وأخرى يدّون‬
‫حبا ِل الود بينهم وبي الصليبيي وأذنابِهم من الكام الرتدين‪ ،‬وأخرى وأخرى ف سلسلة‬
‫يطولُ ذكرها وسردها‪.‬‬

‫وإذا ما جُوبِه أصحابُها بضللِ هذه الناهج وفسادها؛ أشهروا ف وج هِ خصومِهم سل َ‬


‫ح‬
‫شُبهتهم‪ :‬إنّ ف ذلك مصلحةَ الدعوة! هذه الصلحة الت أضحت متّكئًا يتكئون عليه لتبير‬
‫مواقفهم وتنازلتم‪ ،‬وإن كان ف هذه الواقف وتلكم التنازلت النسلخَ من دين ربّ‬
‫الرض والسـماوات؛ هذه الصـلحة التـ غدت بقّـ طاغوتًا يُعبـد مـن دون ال سـبحانه‬
‫ب هذه ال صلحة الزعو مة ل يتورعون عن نبزِ مالفي هم ومنتقدي هم‬ ‫وتعال‪ ،‬وترى أ صحا َ‬
‫بأش نع اللقاب‪ ،‬ونعتِ هم بأب شع ال صفات‪ ،‬ورميِ هم بعدم فقه هم للوا قع‪ ،‬وعد مِ إلام هم‬
‫بقاصد الشرع‪.‬‬

‫وقد قضى الُ سبحانه وتعال قضا ًء مُ َبمًا؛ أنه ل تزال طائفة من هذه المّة ظاهري َن على‬
‫القّ ل يضرّهم من خالفهم ول من خَذَلم حت يأت أمرُ ال وهم على ذلك‪.‬‬

‫أحببتـ أن أذك َر مفهوم مصـلح ِة الدعو ِة عندَ هذه الطائفـة‪ ،‬وكيفيـة‬


‫ُ‬ ‫وانطلقًا مـن هذا‪،‬‬
‫يكونـ‬
‫ُ‬ ‫تطـبيق أفرادِهـا لذا الفهوم مُسـترشِدًا بأقوالِ أئم ِة الُدى ومصـابيحِ الدجـى؛ لعله‬
‫نبا سًا تنيُ درب الدايةِ ل ن زلّت به قدمُه‪ ،‬وحاد به عقلُه عن طري ِق ال القو ي و صراطِه‬
‫الستقيم‪.‬‬

‫إنّـ أهلَ الطائفةِ النصـورة يرصـونَ غاي َة الرصِـ على تقيقِـ مصـلح ِة الدعوة؛ إذ هم ْـ ل‬
‫ينطلقوا دعاةً إل ال إل ابتغاء تقيـق هذه الصـلحة‪ ،‬ومصـلح ُة الدعو ِة عندَهـم تكمنُـ ف‬
‫الفا ظِ على هذه الدعوة بيضا َء نقية من أن يشوبَها دخلٌ أو دغل فيؤدونا كما أُنزِلت ل‬
‫يُسـلب عرضُهـا‪ ،‬ول يشوّه وجههـا‪ ،‬وذلك بالتقول على ال بغيـ علم‪ ،‬أو الحداث‬
‫والبتدا عِ ف دينـه‪ ،‬أو الترخّصِـ بالبا طل‪ ،‬أو الركو نِ للذيـن ظلموا‪ ،‬فضلً عـن التل طخ‬

‫‪377‬‬
‫والتد نس بأرجا سِ الشرك وأوحاله‪ ،‬فإن ف عل ذلك بز عم تق يق م صلحة الدعوة هو جه ٌل‬
‫مد قع‪ ،‬وهوى مت بع‪ ،‬وشبهةٌ را سخة‪ ،‬وشهوةٌ غال بة‪ ،‬فضلً عن كو نه خِد َعةَ إبل يس‪ ،‬و هو‬
‫مسلكُ من ل يرد مصلح َة الدعوة طرفة عي‪ ،‬وإنا أراد تدميَ الدعوةِ من أساسِها‪ ،‬وخلعَها‬
‫من جذورها‪ ،‬واستبدالَها بأوهامٍ وظنون‪ ،‬وإن ظن أنه يسن صنعا‪!...‬‬

‫وأهلُ الطائفـة النصـورة ل يدعون أنفُسـهم تتـ زعـم تقيـق مصـلحة الدعوة توصـلً‬
‫ظ ذاتية‪ ،‬تصبغ ويلع عليها ردا ُء الشرعية‪ ،‬تلبيسًا وتويهًا‪.‬‬
‫لتحقيق مصالَ خاصة‪ ،‬وحظو ٍ‬

‫ك ما ل يت خذ أهلُ الطائ فة الن صورة من م صلحة الدعوة تكأة للتن صل والتفلت من القيام‬
‫بأمر ال والقوامَة عليه علمًا وعملً دعوةً وجهادًا إيثارًا للسلمة وحبّا للدعة‪ ،‬ورغبة عن‬
‫التعرض للبلء ف ذات ال‪ ،‬كما يودّ أحدُهم أن لو كان باديا ف العراب يسألُ عن أخبار‬
‫السلمي‪.‬‬

‫بل غاي ُة مصلح ِة الدعوة عند أهلِ الطائف ِة النصورة؛ القيا ُم بأمرِ ال على الو جه الذي يبه‬
‫ويرضاه‪ ،‬وإن تلفت ف سبيل ذلك الجساد وأُزهقت لتحقيقه النفسُ والرواح‪.‬‬

‫إن الطائفةَ النصـورة غاياتاـ ربانيـة‪ ،‬ووسـائلُها شرعيـة‪ ،‬وعندمـا تنحرف طائف ٌة عـن هذه‬
‫الادة‪ ،‬وتتخ ُذ لنف سِها طرقًا وو سائلَ غ ي منضبطةٍ بالشرع ب جة م صلحة الدعوة؛ فإن ا‬
‫تر جُ عن حدّ ور سم و و صف الطائف ِة الن صورة ح يث فارقت ها ف سيِها وم سيها فل‬
‫لقاء‪.‬‬

‫سارت مشرقة وسرت مغربًا‬


‫شتان بي مشرق ومغرب‬

‫والكل ُم على مصلحة الدعوة يتمثل ف عد ِة ماور‪:‬‬

‫حةِ الدّعوة‪.‬‬
‫الحور الول‪ :‬تدي ُد حقيقةِ مصل َ‬

‫‪378‬‬
‫قال ال تعال‪َ { :‬ومَا َخَلقْ تُ الْجِنّ وَالْإِن سَ إِلّ ِلَي ْعبُدُو نِ * مَا أُرِي ُد ِمْنهُم مّن رّزْ قٍ َومَا أُرِي ُد‬
‫أَن يُ ْطعِمُو نِ* إِنّ اللّ هَ هُوَ الرّزّا قُ ذُو الْ ُق ّوةِ الْ َمتِيُ } [الذاريات‪]58-56:‬؛ فهذا ن صّ من‬
‫العلي ِم البي بنتهى الصر والقصر على أنّه ل يل قِ اللق إل لتحقيق غاية واحدة وهد فٍ‬
‫مدد؛ وهو القيام بعبادته وحده‪ ،‬وأنه سبحانه قد فرّغهم لذلك‪.‬‬

‫قال ش يخ ال سلم ا بن تيم ية‪( :‬العبادةُ ل هي الغايةُ الحبو بة له‪ ،‬والرضيّ ة له‪ ،‬ال ت خلق‬
‫اللقَ لا‪ ،‬كما قال تعال‪َ { :‬ومَا َخَل ْقتُ الْجِ ّن وَالْإِنسَ إِلّ ِلَي ْعبُدُونِ} [الذاريات‪ ،]56:‬وبا‬
‫أرسلَ جيع الرّسل كما قال نوح لقومه‪{ :‬ا ْعبُدُواْ اللّ َه مَا َلكُم مّنْ إِلَـ ٍه غَيْرُهُ} [العراف‪:‬‬
‫‪ ،]59‬وكذلك قال هود و صال وشع يب وغي هم لقوم هم‪ ،‬وقال تعال‪{ :‬وََلقَ ْد َبعَثْنَا فِي‬
‫كُلّ ُأ ّمةٍ رّ سُولً أَ نِ ا ْعبُدُواْ اللّ َه وَا ْجَتنِبُواْ الطّاغُو تَ فَ ِمْنهُم مّ ْن هَدَى اللّ ُه َو ِمْنهُم مّ نْ َحقّ تْ‬
‫ك مِن ّرسُولٍ إِلّا نُوحِي إَِليْهِ‬ ‫عََليْهِ الضّلَلةُ} [النحل‪ ،]36:‬وقال تعال‪َ { :‬ومَا أَ ْر َس ْلنَا مِن َقبْلِ َ‬
‫َأنّ هُ لَا إِلَ هَ إِلّا َأنَا فَا ْعبُدُو نِ} [النبياء‪ ،]25:‬وقال تعال‪{ :‬إِنّ هَذِ هِ ُأمُّتكُ مْ ُأ ّم ًة وَاحِ َدةً َوأَنَا‬
‫َرّبكُمْ فَاعْبُدُونِ} [النبياء‪ )]92:‬اهـ‪.‬‬

‫فعلم م ا سبق أن م صلحة الدعوة هي ف تق يق العبود ية ل رب العال ي و فق ما جاء به‬


‫ر سله صلوات ال و سلمه علي هم‪ ،‬وبذلك تتحد ُد م صلحة الدعوة ب صورةٍ قاطِ عة ب عد‬
‫مبعثه ‪-‬صلى ال عليه وسلم‪ -‬ف تقيق أصلي‪:‬‬

‫‪ -‬إفرادِ ال وحده بالعبادة‪،‬‬


‫‪ -‬وإفرادِ رسوله ‪-‬صلى ال عليه وسلم‪ -‬بالُتابعة‪.‬‬

‫ع الدي ِن شيئآن أحدها‪ :‬أل نعبدَ إل الَ‬ ‫قال شيخ السلم ابن تيمية رحه ال تعال‪( :‬وجا ُ‬
‫سنُ‬
‫تعال‪ ،‬والثان‪ :‬أن نعبده با شرع ل نعبده بالبدع؛ كما قال تعال {ِلَيبُْلوَكُ مْ َأيّكُ مْ أَحْ َ‬
‫عَ َملً} [هود‪ ،]7:‬قال الفضيلُ بن عياض‪ :‬أخل صُه وأ صوبُه‪ ،‬ق يل له ما أخل صه وأ صوبه؟‬
‫قال‪ :‬إن العمل إذا كان خال صًا ول يكن صوابًا ل يقبل‪ ،‬وإذا كان صوابًا ول يكن خال صًا‬

‫‪379‬‬
‫ل يق بل‪ ،‬ح ت يكو نَ خال صًا صوابًا‪ ،‬والال صُ أن يكون خال صًا ل‪ ،‬وال صوابُ أن يكو َن‬
‫على ال سنّة‪ ،‬وكان ع مر بن الطاب يقول ف دعائه؛ الل هم اج عل عملي كله صالا‪ ،‬و‬
‫اجعله لوجهك خال صًا‪ ،‬ول تعل لحد فيه شيئًا‪ ،‬وهذا هو دي ُن السلم الذي أرسل ال‬
‫به رسلَه‪ ،‬وأنزل به كتبَهُ) اهـ‪.‬‬

‫ولذلك؛ كان تقيق هذين الصلي هو القصو ُد الصيل للولية ف السلم على التحقيق‪،‬‬
‫وليس للولية من مقصد آخ َر غيه‪ ،‬ومن روائع ما يدل على هذا قوله تعال‪{ :‬وَلَ تَ ْطرُدِ‬
‫ك مِنْ حِسَاِبهِم مّن َشيْءٍ َومَا مِنْ‬
‫الّذِي َن يَ ْدعُونَ َرّبهُم بِاْلغَدَاةِ وَاْلعَشِيّ ُيرِيدُونَ وَ ْجهَ ُه مَا عََليْ َ‬
‫ك عََلْيهِم مّن َشيْءٍ َفتَ ْطرُ َدهُمْ َفَتكُو َن مِنَ الظّالِمِيَ} [النعام‪.]52:‬‬ ‫حِسَابِ َ‬

‫روى مسلم عن سعد بن أب وقاص ‪-‬رضي ال عنه‪ -‬قال‪ :‬كنّا مع النب ‪-‬صلى ال عليه‬
‫و سلم‪ -‬ستة ن فر‪ ،‬فقال الشركون لل نب ‪ -‬صلى ال عل يه و سلم‪ -‬اطرد هؤلءِ ع نك ل‬
‫يترئون علينـا‪ ،‬قال‪ :‬وكنتُـ أنـا وابـن مسـعودٍ ورج ٍل مـن هذيـل وبلل ورجلن لسـتُ‬
‫أ سيهما‪ ،‬فو قع ف نفس ر سول ال ‪ -‬صلى ال عل يه و سلم‪ -‬ما شاءُ ال أن ي قع‪ ،‬فحدّث‬
‫شيّ يُرِيدُو َن وَ ْجهَهُ}‬
‫نفسه؛ فأنزل ال عز وجل {وَ َل تَطْ ُر ِد الّذِي َن يَ ْدعُونَ َرّبهُم بِاْلغَدَاةِ وَاْلعَ ِ‬
‫[النعام‪.]52:‬‬

‫قال القر طب رح ه ال‪( :‬وكا َن ال نب ‪ -‬صلى ال عل يه و سلم‪ -‬إن ا مال إل ذلك طمعًا ف‬
‫ص ل م قدرًا؛‬
‫إ سلمهم وإ سل ِم قوم هم‪ ،‬ورأى أن ذلك ل يفوّ تُ أ صحابَه شيئًا‪ ،‬ول يُنقِ ُ‬
‫فمالَ إليه‪ ،‬فأنز َل ال الية‪ ،‬فنهاه عما ه ّم بهِ من الطرد ل أنّه أوقع الطرد) اهـ‪.‬‬

‫فرغم أن إسلمَ زعما ِء الكف ِر وقادته ما ل يتلف ف كونه مصلحة عظيمة للدعوة؛ بل هو‬
‫نص ٌر وفتح كبي لا‪ ،‬ورغم أن مفسدةَ طردِ وإبعا ِد هؤلءِ النفر الستضعفي من السلمي‬
‫عن ملس أولئك الزعماء والقادة ‪-‬م ا يظ هر لك ثر العقول أن ا أ قل بكث ي من م صلحة‬
‫زعما ِء الكفر وقادته‪ ،‬ل سيما مع استرضا ِء هؤلء الستضعفي‪ ،‬وإعلمهم بأن هذا الجراء‬
‫ك الصلح َة مُلغاة‬
‫إنا هو إجراء مؤقت لصلحة الدعوة‪ ،‬إل أن الَ سبحانه وتعال بيّن أن تل َ‬

‫‪380‬‬
‫دينـ هؤلءِ النفـر‬
‫حفظـ ِ‬‫َ‬ ‫ل اعتبار لاـ إذ جاءت مـن هذا الطريـق‪ ،‬كمـا بيـ تعال أن‬
‫الستضعفي هو الصلحة القيقية الت يب الهتما ُم با‪ ،‬والتعويلُ عليها‪.‬‬

‫وبتأ مل الو صف الذي علّق عل يه الول سبحانه هذا ال كم‪ ،‬و هو قولُ هُ‪{ :‬يَ ْدعُو نَ َربّهُم‬
‫شيّ يُرِيدُو َن وَ ْجهَهُ} [النعام‪ ،]52:‬ندرك أن عبادتَهُ سبحانه على النحو الذي‬
‫بِاْلغَدَا ِة وَالْعَ ِ‬
‫يبّه ويرضاه هي مصلحة الدعوة الت يريدها ال سبحانه‪ ،‬والت من أجلها أنزلَ هذا الدين‪،‬‬
‫وأرسلَ عبا َدهُ الرسلي‪.‬‬

‫وهذه اليات السابقة نصوص ظاهرة ف أن مسألة مصلح ِة الدعوة ليست مسألةَ تنازلت‬
‫يسارعُ أهل الدعوة لتقديها للباطل وأهله استرضاء لم واستجذابًا‪ ،‬وإنا هي مسألة التزام‬
‫بتبل يغ تلك الدعوة على ال صفة ال ت يبّها ال ويرضا ها‪ ،‬وإن كا نت النتي جة إعرا ضَ ذوي‬
‫القوة والاه والسلطان ف مقاب ِل الفاظِ على نفرٍ قلي ٍل من الستضعفي‪.‬‬

‫قال سيد ‪-‬رحه ال تعال‪ -‬عند تفسي لقوله تعال {وَمَا أَرْ سَ ْلنَا مِن َقبْلِ كَ مِن رّ سُو ٍل وَلَا‬
‫شيْطَانُ فِي ُأمِْنّيتِهِ} [الج‪:]52:‬‬
‫َنبِيّ إِلّا إِذَا تَ َمنّى أَْلقَى ال ّ‬

‫ب الدعوا تِ ‪ -‬بعد الرسل ‪ -‬والرغبـةِ اللحـة ف‬ ‫(ولقد تدفع الماسة والرارة أصحا َ‬
‫ض العنا صر‬
‫انتش ـار الدعوات وانت صارها‪ ..‬تدفعُ هم إل ا ستمال ِة بع ضِ الشخاص أو بع ِ‬
‫بالغضاء ف أوّل المر عن شيء من مقتضيات الدعوة يسبونه هم ليس أصيلً فيها‪ ،‬و‬
‫ماراة ف بعض أمرهم كي ل ينفـروا من الدعوة و ياصموها‪.‬‬

‫ولقد تدفعهم كذلك إل اتا ِذ وسائ َل وأساليب ل تستقيمُ مع موازي ِن الدعوةِ الدقيقة‪ ،‬ول‬
‫منهجـ الدعوة السـتقيم‪ ،‬وذلك حرصـًا على سـرعةِ انتصـا ِر الدعوةِ وانتشــارها‪،‬‬
‫ِ‬ ‫مــع‬
‫واجت ـهادًا ف تقي ـقِ "م صلحة الدعوة" وم صلح ُة الدعوة القيق ية ف ا ستقامتها على‬
‫النهج دون انراف قليل أو كـثي‪ ،‬أمـا النتائج فهي غي بٌ ل يعلمُه إل ال‪ ،‬فل يوز أن‬
‫ي سب حلة الدعوة ح ساب هذه النتائج؛ إن ا ي ـب أن يضُوا على ن ِج الدعوة الواض حِ‬
‫الصريحِ الدقيق‪ ،‬وأن يدعوا نتائِج هذه الستقامة ل‪ ،‬ولن تكونَ إل خيًا ف ناية الطاف‪.‬‬

‫‪381‬‬
‫ـ هـو القرآن الكريـ ينبههـم إل أن الشيطانَـ يتربّصُـ بأمانيهـم تلك لينفذَ منــها إل‬
‫وه ا‬
‫صـميم الدعوة‪ ،‬وإذا كان ال قد ع صم أ نبيا َءهُ ور سلَه فلم ي كن للشيطان أن ين فذ من‬
‫خلل رغباتِ هم الفطرية إل دعوتم‪ ،‬فغيُ العصوميَ ف حاجةٍ إل الذرِ الشديد من هذه‬
‫الناحيـة‪ ،‬والتحرج البالغ‪ ،‬خيفـة أن يــدخل عليهـم الشيطان مـن ثغرة الرغبـة فـ نصـرة‬
‫الدعوة والرص على ما يسمّونَه "مصلحة الـدعوة"‪..‬‬

‫إن كل مة "م صلحة الدعوة" ي بُ أن ترت فع من قامو سِ أ صحاب الدعوات‪ ،‬لن ا مزلةٌ‪،‬‬
‫ومدخلٌ للشـيطان يأتيهم منه‪ ،‬حي يعز عليه أن يأتيهم من ناحية مصلحة الشخاص!‬

‫وقد تتحولُ "مصلحة الدعوة" إل صن ٍم يتعبده أصحاب الدعوة وينسون معه منه جَ الدعو ِة‬
‫ـ ويتحروا هذا النهـج‬ ‫الصـيل!‪ ..‬إن على أصــحاب الــدعوة أن يسـتقيموا على نجه ا‬
‫ح لـم أن فيها خطرًا على الدعوة‬ ‫دون التفاتٍ إل ما يعقبه هذا التحري من نتائج قد يلو ُ‬
‫وأصحابِها!‬

‫فالطرُ الوح يد الذي ي ب أن يتقوه هو خ طر النراف عن الن هج ل سبب من ال سباب‪،‬‬


‫سواء كان هذا النراف كثيًا أو قليل‪ ،‬وال تعال أعرف من هم بال صلحة و هم لي سـوا‬
‫باـ مكلفيـ‪ ،‬إناـ هـم مكلفون بأم ٍر واحـد‪ ،‬أل ينحرفوا عـن النهـج‪ ،‬وأل ييدوا عـن‬
‫الطريق‪ )..‬اهـ‪.‬‬

‫إنّ ماول تِ كفار قريش ل تتوقف لصرف النب ‪-‬صلى ال عليه وسلم‪ -‬عن الق الذي‬
‫ب تارة‪ ،‬وبالترهيبِ أُخرى‪.‬‬
‫جاء به ليلتقي معهم ولو ف شيء قليل‪ ،‬وذلك بالترغي ِ‬

‫يقولُ ال سبحانه‪{ :‬فَلَا تُ ِط ِع الْ ُمكَ ّذبِيَ * وَدّوا َلوْ تُ ْدهِنُ َفيُ ْد ِهنُونَ} [القلم‪.]9-8:‬‬

‫‪382‬‬
‫َهـ َوإِذا‬
‫ِيـ عََليْن َا َغيْر ُ‬
‫ْكـ لِتفْتَر َ‬
‫َنـ الّذِي َأوْ َحيْن َا إَِلي َ‬
‫َكـ ع ِ‬
‫وقال تعال‪َ { :‬وإِن كَادُواْ َلَيفِْتنُون َ‬
‫ّلتّخَذُو كَ َخلِيلً * وََلوْلَ أَن َثّبْتنَا كَ َلقَدْ كِدتّ تَرْكَ نُ إَِلْيهِ ْم َشيْئا َقلِيلً} [ال سراء‪-73:‬‬
‫‪.]74‬‬

‫قال الشاطب رحه ال‪( :‬فكذلك كانوا مع النب ‪-‬صلى ال عليه وسلم‪ -‬فأنكروا ما توقعوا‬
‫معَ هُ زوالَ ما بأيدي هم؛ ل نه خرج عن معتاد هم وأ تى بلف ما كانُوا عل يه من كفر هم‬
‫وضللِهم حت أرادوا أن يستنلوه على وجه السياسة ف زعمهم ليوقعوا بينهم وبينه الآلفة‬
‫والوافقة ولو ف بعض الوقات‪ ،‬أو ف بع ضِ الحوال‪ ،‬أو على بعض الوجوه‪ ،‬ويقنعوا منه‬
‫بذلك ليق فَ لم بتلك الوافقة واهي بنائهم‪ ،‬فأب ‪-‬عليه الصلة والسلم‪ -‬إل الثبا تَ على‬
‫ص ال صواب وأنزل ال تعال {قُلْ يَا َأيّهَا الْكَافِرُون * لَا‬ ‫م ض ال ق‪ ،‬والحافظةَ على خالِ ِ‬
‫َأعْبُ ُد مَا تَ ْعبُدُونَ * وَلَا أَنتُ ْم عَابِدُو َن مَا َأ ْعبُدُ * وَلَا َأنَا عَابِ ٌد مّا َعبَدتّمْ * وَلَا أَنتُمْ عَابِدُو َن مَا‬
‫َأعْبُدُ * َلكُ مْ دِينُكُ ْم وَلِ يَ دِي نِ} [الكافرون‪ ،]6-1:‬فن صبوا له ع ند ذلك حر بَ العداوة‬
‫ورمو هُ بسـهام القطيعـة‪ ،‬وصـار أهـل السـلم كل هم حربًا عليـه وعاد الول الميمُـ عل يه‬
‫كالعذابِ الليم) اهـ‪.‬‬

‫ع والتمسكُ به هو عيُ تقيق الصلحة‪.‬‬


‫الحور الثان‪ :‬العمل بالشر ِ‬

‫وهذا مقررٌ إجال من وجهي‪:‬‬

‫الوج ُه الول‪ :‬أنّ الَ ل يشرع هذا الدينَ إل للعمل به‪ ،‬وابتلء العباد بالتكاليف‪ ،‬والكلفُ‬
‫عبدٌ مربوب‪ ،‬فكا نت م صلحة ال ستجابة للتكال يف‪ ،‬والتم سكُ بالشرع؛ هي أ سّ و رأس‬
‫الصال الت يريدها ال ‪-‬سبحانه وتعال‪ -‬من الكلفي‪ ،‬وهي كذلك أس و رأ سُ الصال‬
‫ال ت يقق ها الع بد‪ ،‬والن صوصُ القرر ُة لذا ال ص ِل كثيةٌ جدّا إذ هو أ ص ُل ال سلم ومبناه‬
‫وغاي ُة التعبد ومنتهاه‪.‬‬

‫و قد قال تعال‪{ :‬وَمَا كَا نَ ِل ُم ْؤمِ ٍن وَلَا ُمؤْ ِمَنةٍ إِذَا قَضَى اللّ ُه وَرَ سُولُهُ َأمْرا أَن َيكُو نَ َل ُه مُ‬
‫خيَ َرةُ مِنْ َأمْ ِرهِ ْم َومَن يَ ْعصِ اللّ َه وَ َرسُولَهُ َفقَدْ ضَلّ ضَلَالً ّمبِينا} [الحزاب‪.]36:‬‬ ‫الْ ِ‬

‫‪383‬‬
‫قال ابن كثي رحه ال‪( :‬فهذ ِه الية عا ّمةٌ ف جيعِ المور‪ ،‬وذلكَ أنه إذا حكمَ الُ ورسولُه‬
‫بشيءٍ فليـس لحـد مالفتـه‪ ،‬ول اختيار لحـد ههنـا‪ ،‬ول رأي ول قول كمـا قال تبارك‬
‫سهِمْ‬‫حكّمُو كَ فِيمَا شَجَ َر َبْيَنهُ ْم ثُمّ َل يَجِدُواْ فِي أَنفُ ِ‬
‫ل وَ َربّ كَ َل ُي ْؤ ِمنُو نَ َحّت َى يُ َ‬
‫وتعال {َف َ‬
‫ضيْ تَ َويُ سَلّمُوْا تَ سْلِيما} [الن ساء‪ ،]65:‬ولذا شدّدَ ف خل فِ ذلك فقال‬ ‫َحرَجا مّمّ ا َق َ‬
‫حذَرِ‬ ‫{وَمَن َيعْ صِ اللّ َه وَرَ سُولَهُ َفقَدْ ضَلّ ضَلَا ًل ّمبِينا} [الحزاب‪ ،]36:‬وقوله تعال {فَ ْليَ ْ‬
‫الّذِينَ يُخَاِلفُو َن عَنْ َأمْ ِرهِ أَن ُتصِيَبهُمْ ِفْتنَةٌ َأ ْو ُيصِيَبهُ ْم عَذَابٌ أَلِيمٌ} [النور‪ )]63:‬اهـ‪.‬‬

‫قال ابـن القيـم رحهـ ال‪( :‬فأخـب سـبحانه أنـه ليـس لؤمنٍـ أن يتارَ بعـد قضائِه وقضاءِ‬
‫رسوله‪ ،‬ومن تيّر بعد ذلك؛ فقد ضل ضلل مبينا) اهـ‪.‬‬

‫قال تعال‪{ :‬يَا َأّيهَا الّذِي نَ آ َمنُوا لَا ُتقَ ّدمُوا َبيْ َن يَدَ يِ اللّ ِه وَرَ سُولِهِ} [النور‪ ،]63:‬عن ابن‬
‫ب والسنة)‪.‬‬ ‫عباسٍ رضي ال عنهما قال‪( :‬ل تقولوا خلف الكتا َ‬

‫ت الّنِبيّ‬
‫صوْ ِ‬
‫صوَاتَكُمْ َفوْ قَ َ‬
‫وبنحو الية السابقة قال تعال‪{ :‬يَا َأّيهَا الّذِي نَ آ َمنُوا لَا تَرَْفعُوا أَ ْ‬
‫ُونـ}‬
‫ُمـ لَا تَشْعُر َ‬
‫ُمـ َوأَنت ْ‬
‫َطـ َأعْمَاُلك ْ‬
‫حب َ‬ ‫ْضـ أَن تَ ْ‬
‫ُمـ ِلَبع ٍ‬ ‫ضك ْ‬ ‫جهْ ِر َب ْع ِ‬
‫َهـ بِاْل َقوْلِ كَ َ‬
‫جهَرُوا ل ُ‬
‫وَلَا تَ ْ‬
‫[الجرات‪.]2:‬‬

‫ط أعمالم؛ فكيف‬ ‫قال ابن القيم رحه ال‪( :‬فإذا كان رفع أصواتم فوق صوته سببًا لبو ِ‬
‫تقدي آرائهم وعقولم وأذواقهم وسياساتم ومعارفهم على ما جاءَ به ورف ِعهَا عليه‪ ،‬أليس‬
‫هذا أول أن يكون مبطًا لعمالم‪..‬؟) اهـ‪.‬‬

‫وعن عبدال بن مسعود رضي ال عنه قال‪( :‬خ طّ لنا رسولُ ال ‪-‬صلى ال عليه وسلم‪-‬‬
‫خطّا‪ ،‬ث خطّ خطوطًا يينا وشال‪ ،‬ث قال هذه سبلٌ على كل سبي ٍل منها شيطا نٌ يدعو‬
‫ق ِبكُمْ‬
‫سبُلَ َفَتفَرّ َ‬
‫سَتقِيما فَاّتِبعُو ُه وَ َل تَّتِبعُوْا ال ّ‬
‫إليه‪ ،‬ث قرأ قوله تعال { َوأَنّ هَـذَا صِرَاطِي مُ ْ‬
‫عَن َسبِيلِهِ} [النعام‪.)]153:‬‬

‫‪384‬‬
‫وقد أخرج ابن حبان رحه ال هذا الدي ثَ ف صحيحه ث ترجم له بقوله‪( :‬ذكرُ الخبا ِر‬
‫عمّا يبُ على الرء من لزوم سنته صلى ال عليه وسلم‪ ،‬وحفظِ ِه نفسَهُ عن كلّ من يأباها‬
‫من أهل البدع وإن حسنوا ذلك ف عينه وزينوه)‪.‬‬

‫الوج هُ الثان‪ :‬أن الشريعة إنا جاءت لتحقيق مصال العباد على خي وج هٍ وأكملِ صورة‬
‫ف الدن يا والخرة‪ ،‬فحيث ما كان الشرع؛ كا نت ال صلحة‪ ،‬بل ل م صلحة بلف الشرع‬
‫أبدًا؛ ولذا كان التمسك بالشرع هو عي الرص على تقيق الصلحة لن أراد الصلحة‪.‬‬

‫و قد و صف الُ ‪ -‬سبحانه وتعال‪ -‬كتابَه بأ نه هدى وشفاء ورح ة وبشرى وضياء ونور‬
‫وغ ي ذلك من الو صاف الدالة على أن ال صلحة ‪ -‬كل ال صلحة‪ -‬م صورة ف اتبا عه‬
‫ك اْلكِتَا بُ لَ َريْ بَ فِي هِ هُدًى لّلْ ُمّتقِيَ} [البقرة‪،]2:‬‬ ‫والتم سك ب ا ف يه؛ قال تعال‪{ :‬ذَلِ َ‬
‫وقال تعال‪{ :‬يَا أَّيهَا النّا سُ َقدْ جَاءْتكُم ّموْعِ َظ ٌة مّن ّربّكُ ْم َو ِشفَاء لّمَا فِي ال صّدُو ِر َوهُدًى‬
‫وَرَحْ َمةٌ لّلْ ُم ْؤ ِمنِيَ} [يونس‪ ،]57:‬وقال رسول ال صلى ال عليه وسلم كما ف حديث‬
‫العرباض بن سارية رضي ال عنه‪ ..( :‬فإنه من يعش منكم فسيى اختلفا كثيًا فعليكم‬
‫بسنت وسنة اللفاء الراشدين الهديي من بعدي عضوا عليها بالنواجذ)؛ قال ابن رجب‬
‫رحهـ ال‪( :‬قولُه (عضوا عليهـا بالنواجـذ) كنايـة عـن شدة التمسـك باـ‪ ،‬بالنواجذُ‬
‫والضراس) اهـ‪.‬‬

‫وعن عبدال بن مسعود رضي ال عنه قال؛ قال رسول ال صلى ال عليه وسلم (إنّه ليس‬
‫شيءٌ يقربكم من النة‪ ،‬ويباعدكم من النار إل قد أمرتكم به‪ ،‬وليس شيءٌ يقربكم من‬
‫النار ويباعدكم من النة إل قد نيتكم عنه)‪.‬‬

‫فهذه الن صوص ال سابقة كلّ ها قاط عة الدللة ف أن هذه الشر َعةِ الطهرة ل تأ تِ أ صلً إل‬
‫ل العباد ف الدارين ف أجلّ صورها وأرفعها‪ ،‬كما تدل تلك النصوص على‬ ‫لتحقي ِق مصا ِ‬
‫أن الصلحة كل الصلحة هي ف اتباع الشرع والتمسك به‪.‬‬

‫‪385‬‬
‫قال ال عز بن عبدال سلم‪( :‬الشريعةُ كل ها م صال‪ ،‬إ ما تدرأ مفا سدا أو تلب م صال‪ ،‬فإذا‬
‫سعت ال يقول (يا أيها الذين آمنوا) فتأمل وصيته بعد ندائه فل تد إل خيًا يثك عليه‬
‫أو شرّا يزجرك عنه أو جعًا بي الث والزجر‪ ،‬وقد أبان ف كتابه ما ف بعض الحكام من‬
‫ض الحكام من ال صال حثّ ا على أتيا نِ‬‫الفا سد حثّ ا على اجتناب الفا سد‪ ،‬و ما ف بع ِ‬
‫الصال) اهـ‪.‬‬

‫ومـن ثّ كان أهـل الطائفـة النصـورة ل يتألّونَـ على الِ سبحانه وتعال بجـة م صلحة‬
‫الدعوة‪ ،‬ول يقولو نَ عل يه بغ ي علم‪ ،‬وذلك أن م يوقنون أن الذي أنزلَ هذه الدعوة وأ مر‬
‫بتبليغها والحافظة عليها كما أنزلت هو العلم بالدعوة ومصلحتها‪ ،‬وأنه سبحانه ل يأمر‬
‫با أمر به إل تقيقًا لصلح ِة الدعوة ومصلحة الداعي والدعوين على السواء‪ ،‬فحيثما كان‬
‫الشرع كا نت ال صلحة‪ ،‬وهذا من لوازم اليق ي ف صحة هذا الشرع وأحقي ته‪ ،‬فالشري عة‬
‫كلها مصال من رب الرباب لعباده‪ ،‬فيا خيبة من ل يقبل نصحه ف الدنيا والخرة‪.‬‬

‫فعن راف عِ بن خديج رضي ال عنه‪ ،‬قال‪( :‬كنا ناِقلُ الر ضَ على عهد رسول ال ‪-‬صلى‬
‫ت يو مٍ رجلٌ من‬
‫ال عل يه و سلم‪ -‬فنكري ها بالثلث والر بع والطعام ال سمى‪ ،‬فجاءَ نا ذا َ‬
‫عمومت فقال نانا رسولُ ال ‪-‬صلى ال عليه وسلم‪ -‬عن أمر كان لنا نافعا‪ ،‬وطواعية ال‬
‫ورسوله أنفع لنا‪ ،‬نانا أن ناقل بالرض فنكريها على الثلث والربع والطعام السمى وأمر‬
‫ربّ الرض أن يزرعها أو يُز ِرعَها وكره كراءها وما سوى ذلك)‬

‫فتأ مل قول ال صحاب ر ضي ال ع نه ( عن أ مر كان ل نا ناف عا وطواع ية ال ور سوله أن فع‬


‫لنا)‪ ،‬فالصحاب يصرح بأنم كانوا يرون ما ناهم عنه صلى ال عليه وسلم نافعا إل أنم‬
‫رغم ذلك تركوه يقينًا منهم ‪-‬رضي ال عنهم‪ -‬أن الصلحة هي طاعته ‪-‬صلى ال عليه‬
‫وسلم‪ -‬والمتثال لا جاء به مع القطع بأن أمره ‪-‬صلى ال عليه وسلم‪ -‬هو عي الصلحة‬
‫ف الدنيا والخرة فما قال رسول ال ‪-‬صلى ال عليه وسلم‪ -‬فهو حق؛ وإن أدى ذلك إل‬
‫تعطيلِ وإلغاءِ ما قد تستحسنه العقول وتستصلحه‪.‬‬

‫‪386‬‬
‫قال الشاطب رحه ال‪( :‬إن كتا بَ ال وسنة نبيه ل يتركا ف سبيل الداية لقائل ما يقول‪،‬‬
‫ول أبقيا لغيِها ما ًل يُعتد فيه وأن الدين قد كمل والسعادة الكبى فيما وضع والط ِرَبةُ‬
‫في ما شرع‪ ،‬و ما سوى ذلك؛ فضلل وبتان وإف كٌ وخ سران‪ ،‬وأن العاقِ َد عليه ما بكل تا‬
‫يد يه م ستمسك بالعروة الوث قى‪ ،‬م صلٌ لكلم ت ال ي دن يا وأخرى‪ ،‬و ما سواها فأحلم‬
‫وخيالت وأوهام) اهـ‪.‬‬

‫أ ما ال سعيُ للتماس ال صلحة بخال فة الكتاب وال سنة؛ ف هو فعلُ أ هل الشكّ والرتياب‬
‫ف اليقي وهم ل يشعرون‪.‬‬ ‫الذين ابتلوا بضع ِ‬

‫وحال م مع هذه الشري عة ك ما يقول ا بن الق يم رح ه ال‪( :‬جعلوا الشري عة قا صرة ل تقوم‬
‫بصال العباد متاجة إل غيها وسدوا على نفوسهم طرقًا صحيحة من طرق معرفة الق)‬
‫اهـ‪.‬‬

‫فكأ نّ الذي أنزل هذه الشري عة ل يعلم أحوال الناس و ما ي صلح ل م و ما ل ي صلح‪ ،‬وأن‬
‫العبد الظلو َم الهول قد أدرك الصلحة الت فاتت الول ‪-‬سبحانه وتعال‪ -‬الذي يعلم السر‬
‫وأخفى ‪-‬تعال ال ع ما يفتر يه الظالون أهل الهل والوى والرتياب‪ -‬ولذا كان التماس‬
‫الصلحة بخالفة الكتاب والسنة ماوزة من العبد لقدره‪ ،‬وتطاول لا ل يصلح له مع كونه‬
‫تعديًا على مقام اللوهية‪ ،‬ومنازعةً سجةً للرب الليل ‪-‬سبحانه وتعال‪ -‬إذ ال هو الذي‬
‫خلق اللق وهو العلم بصالهم وما يصلحهم ف كل زمان ومكان؛ فهو سبحانه العليم‬
‫بم وبا يصلح لم‪.‬‬

‫خبِيُ} [اللك‪ ،]14:‬و كم من أ مر تظ نه‬ ‫ف الْ َ‬


‫قال تعال‪{ :‬أَلَا يَعَْل ُم مَ نْ َخلَ َق َو ُهوَ اللّطِي ُ‬
‫العقول ال صلحة و هو عيُ الف سدة‪ ،‬و كم من أ مر تظ نه العقول الف سدة ويكون هو ع ي‬
‫ال صلحة‪ ،‬والن سبةُ ب ي علم ال سبحانه وتعال بال صلحة وعلم الع بد ب ا هي الن سبة ب ي‬
‫الضوعـ‬
‫ُ‬ ‫الالق والخلوق‪ ،‬والعب ُد عبدٌ مربوب ليـس له مـن المـر شيـء‪ ،‬وواجبُه هـو‬
‫والطاعة والمتثال‪ ،‬ل العتراض والعارضة مع تيقنه بأن ما شرعَهُ الُ له هو عي الصلحة‪،‬‬

‫‪387‬‬
‫ف قد قال تعال‪{ :‬إِنّ الّنفْ سَ َلمّا َرةٌ بِال سّوءِ } [يو سف‪ ،]53:‬وقال سبحانه { َومَ نْ أَضَلّ‬
‫مِمّ ِن اّتبَعَ َهوَاهُ ِب َغيْ ِر هُدًى مّنَ اللّهِ} [القصص‪.]50:‬‬

‫قال ا بن حزم رح ه ال‪ ( :‬ف هذه الي إبطالُ أن يت بع أ حد ما ا ستحسن بغ ي برهان من‬
‫يكونـ أحدٌ أحرص على العباد الؤمنيـ مـن ال خالقِهـم ورازقِهـم‬
‫ُ‬ ‫نصـ أو إجاع‪ ،‬ول‬
‫ّ‬
‫وباعثِ الرسل إليهم‪ ،‬والحتياط كله إتباع ما أمر ال به‪ ،‬والشناعة كلها مالفته) اهـ‪.‬‬

‫وقال تعال‪{ :‬قُلْ َأأَنتُمْ َأعْلَمُ أَمِ اللّهُ} [البقرة‪ ،]140:‬وقال كذلك‪{ :‬وَاللّ ُه َيعْلَ ُم َوأَنتُمْ لَ‬
‫ف النص‬ ‫َتعْلَمُو نَ} [البقرة‪ ]216:‬فهيهات للمصلحَة أن تكون ف خلف النص‪ ،‬بل خل ُ‬
‫ي الفسدة‪ ،‬وإنا الصلحة ما قرره النص من فعلٍ أو ترك‪.‬‬ ‫هو ع ُ‬

‫وقد قال شيخ السلم ابن تيمية رحه ال تعال كذلك‪( :‬والعملُ إذا اشتم َل على مصلح ٍة‬
‫ومفسـدة فإن الشارع حكيـم؛ فإذا غلبـت مصـلحتُه على مفسـدتِه شَرع َه‪ ،‬وإن غلبـت‬
‫ب عََلْيكُ ُم اْلقِتَا ُل َو ُهوَ‬
‫مفسدتُه على مصلحتِه ل يشرعه؛ بل نى عنه‪ ،‬كما قال تعال‪ُ { :‬كتِ َ‬
‫حبّواْ َشيْئا َو ُه َو شَرّ ّلكُم ْـ‬ ‫كُرْ هٌ ّلكُ ْم َوعَسـَى أَن تَكْ َرهُواْ َشيْئا وَ ُهوَ َخيْرٌ ّلكُ ْم َوعَسـَى أَن تُ ِ‬
‫وَاللّهُ يَعَْل ُم َوأَنتُمْ َل َتعْلَمُونَ} [البقرة‪)...]216:‬‬

‫إل أن قال‪( :‬وهكذا ما يراه الناس من العمال مقربًا إل ال ول يشرعه ال ورسوله فإنه‬
‫ل بد أن يكون ضررُه أعظمَ من نفعه‪ ،‬وإل فلو كان نفعُه أعظم غالبًا على ضرره ل يهمله‬
‫الشارع؛ فإ نه تعال حكي ٌم ل يه مل م صال الد ين‪ ،‬ول يفوت الؤمن ي ما يقرب م إل رب‬
‫العالي) اهـ‪.‬‬

‫ولذا فإن مرّد تصوّر هذا القول بتقدي الصلحة على النص كا فٍ ف إبطاله‪ ،‬إذ يفت ُح با َ‬
‫ب‬
‫الرو قِ من الد ين والن سلخ من أحكام الشرع على م صراعيه‪ ،‬هذا فضلً عن ف تح باب‬
‫الحداث والبتداع والتح كم بالشرع بنحا سة الراء وزبالة الفكار والهواء؛ إذ ل يعجزُ‬
‫كلّ مبطلٍ عن القول بأ نه ين شد ال صلحة من باطله الذي جاء به وأحد ثه‪ ،‬وقد مه على‬

‫‪388‬‬
‫النص‪ ،‬وقد قال تعال‪َ { :‬وإِذَا قِيلَ َل ُه مْ لَ تُفْ سِدُواْ فِي الَرْ ضِ قَالُواْ ِإنّمَا َنحْ ُن مُ صْلِحُونَ *‬
‫شعُرُونَ } [البقرة‪.]12-11:‬‬ ‫أَل ِإّنهُ ْم هُ ُم الْ ُمفْسِدُونَ وَلَـكِن ّل يَ ْ‬

‫قال الش يخ سليمان بن ع بد ال بن ع بد الوهاب رح هم ال جيعًا‪ ( :‬ف ال ية دل يل على‬


‫وجوب اطراح الرأي مع السنة‪ ،‬وإن ادعى صاحبه أنه مصلح‪ ،‬وأن دعوى الصلح ليس‬
‫بعذر ف ترك ما أنزل ال) اهـ‪.‬‬

‫وتأمّل قوله تعال‪{ :‬أَلَ ْم تَرَ إِلَى الّذِي َن يَ ْزعُمُو نَ َأنّهُ مْ آ َمنُوْا بِمَا أُن ِزلَ إِلَيْ كَ وَمَا أُنزِ َل مِن‬
‫َانـ أَن‬
‫شيْط ُ‬ ‫ِهـ َويُرِيدُ ال ّ‬
‫ُوتـ وَقَدْ ُأمِرُواْ أَن يَ ْكفُرُوْا ب ِ‬
‫ُونـ أَن َيتَحَاكَمُواْ إِلَى الطّاغ ِ‬ ‫ِكـ ُيرِيد َ‬
‫َقبْل َ‬
‫ت الْ ُمنَاِفقِيَ‬
‫ضلَلً َبعِيدا * َوإِذَا قِيلَ َلهُ ْم َتعَاَلوْاْ إِلَى مَا أَنزَلَ اللّ هُ َوإِلَى الرّ سُولِ َرَأيْ َ‬
‫ُيضِّلهُ مْ َ‬
‫حِلفُونَ‬
‫صدُودا * َف َكيْفَ إِذَا أَصَابَْتهُم مّصِيَب ٌة بِمَا قَ ّدمَتْ َأيْدِيهِمْ ثُمّ جَآؤُوكَ يَ ْ‬ ‫يَصُدّو َن عَنكَ ُ‬
‫بِاللّ هِ إِ نْ أَ َردْنَا إِلّ إِحْ سَانا َوَتوْفِيقا} [الن ساء‪ ،]62-60:‬فإرادتُهُم الح سان والتوف يق ل‬
‫تُغنِ عنهم فيما وقعوا فيه من الكفر؛ بل كانت هي من أسبابِ ذلك‪.‬‬

‫قال المام ابن القيم رحه ال‪( :‬أخب تعال عن هؤلء بأنم إذا قيل لم تعالوا إل ما أنز َل‬
‫الُ وإل الرسول أعرضوا عن ذلك‪ ،‬ول يستجيبوا للداعي ورضوا بكم غيه‪ ،‬ث توعدهم‬
‫بأنم إذا أصابتهم مصيبة ف عقولم وأديانم وبصائرهم وأبدانم وأموالم بسبب إعراضهم‬
‫ع ما جاء به الر سول وتك يم غيه والتحا كم إل يه ك ما قال تعال {فَإِن َتوَّل ْواْ فَاعَْل مْ َأنّمَا‬
‫يُرِيدُ اللّ هُ أَن يُ صِيَبهُم ِبَبعْ ضِ ُذنُوِبهِ مْ} [الائدة‪- ]49:‬اعتذروا بأن م إنا قصدوا الحسان‬
‫والتوفيق‪ ،‬إي بفعل ما يُرضِي الفريقي ويوفق بينهما كما يفعله من يروم التوفي قَ بي ما‬
‫جاء به الرسول ‪-‬صلى ال عليه وسلم‪ -‬وبي ما خالفه‪ ،‬ويزعم بذلك أنه مسن قاصد‬
‫الصلح والتوفيق‪ ،‬واليان إنا يقتضي إلقاءَ الرب بي ما جاء به الرسول وبي كل ما‬
‫خال فه من طري قة وحقي قة وعقيدة و سياسةٍ و رأي‪ ،‬فم حض اليان ف هذا الرب ل ف‬
‫التوفيق‪ ،‬وبال التوفيق) اهـ‪.‬‬

‫‪389‬‬
‫و ما أعج بَ قول المام أ ب ع بد ال م مد بن إبراهيم البوشن جي ‪-‬رح ه ال تعال‪ -‬قال‪:‬‬
‫(الواج بُ على جيع أهل العلم والسلم أن يلزموا القصد للتباع‪ ،‬وأن يعلوا الصول‬
‫الت نزل با القرءان وأتت با السنن من الرسول ‪-‬صلى ال عليه وسلم‪ -‬غايا تٍ للعقول‪،‬‬
‫ول يعلوا العقول غاياتٍ للصول) اهـ‪.‬‬

‫وه نا ل بدّ من الت نبيهِ على أمرٍ هو غا ية ف اله ية ‪-‬و هو أ نّ الوازنةَ ع ند إنزال الحكام‬
‫الشرع ية على أر ضِ الوا قع م ا جاء به الشرع و حث عل يه وندب إل يه‪ ،‬وهذا من الف قه‬
‫الواجب حال تعاطي الحكام الشرعية والتعامل معها‪ ،‬إل أ نّ أهل الطائفة النصورة عندما‬
‫يتقيدون بقاعدة الوازنة هذه فإن م يعلون الشرع هو الرجِ عُ ف تقدير الصالِ والفا سد‪،‬‬
‫فال صلح ُة عندهم هي ما ثبت كونُه مصلحةً ف شرع ال ودينه‪ ،‬والف سدةُ هي ما ثب تَ‬
‫كونه مفسدة ف شرع ال ودينه ل غي‪.‬‬

‫ومـن ثـ فل يتخـذ أهـل الطائفـة النصـورة مـن شعار فقـه الوازنات تكأة لمـ للحداث‬
‫والركونـ إل الذيـن ظلموا‪ ،‬وتلي ِل الرام وتريـ‬
‫ِ‬ ‫والبتداعـِ‪ ،‬والقولِ على ال بغيـ علم‪،‬‬
‫اللل‪ ،‬والتلع بِ بالحكام الشرعية فعل الكثيين من قد جعلوا الرجع ف تقدير الصال‬
‫والفاسد إل عقولم وأهوائهم فأضلوا كثيًا وضلوا عن سواء السبيل؛ حيث استحسنوا ما‬
‫اسـتقبحه الشرع‪ ،‬واسـتقبحوا مـا اسـتحسنه الشرع‪ ،‬ثـ جعلوا القول بالوازنات حصـنًا‬
‫يلوذو َن ب هِ وملجئا يلجئون إليه‪ ،‬و وسيلة لنيل أغراضهم ودرعًا يدرءو نَ به عن أنفسهم‬
‫وسيفًا يُشهرونَه ف وجه مالفهم‪.‬‬

‫وهذا ما دل عليه قوله تعال‪{ :‬مَا كَا نَ ِلنَِبيّ أَن َيكُو نَ لَ هُ أَ سْرَى َحتّى ُيثْخِ نَ فِي الَرْ ضِ‬
‫تُرِيدُونَ عَ َرضَ ال ّدْنيَا وَاللّ ُه ُيرِيدُ الخِ َرةَ وَاللّ ُه عَزِيزٌ َحكِيمٌ} [النفال‪.]67:‬‬

‫جاء ف سبب نزول هذه اليات أنم لا أسروا السارى يوم بدر؛ قال رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم لب بكر وعمر‪( :‬ما ترون ف هؤلء السارى)؟ فقال أبو بكر‪ :‬يا نبّ ال‪ ،‬هم‬
‫ب نو العمّ والعشية‪ ،‬أرى أن تأ خذ من هم فد ية‪ ،‬فتكون ل نا قوة على الكفار‪ ،‬فع سى ال أن‬

‫‪390‬‬
‫يهديهم للسلم‪ ،‬فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪( :‬ما ترى يا ابن الطاب)؟ قلت‪:‬‬
‫ل وال يا رسول ال‪ ،‬ما أرى الذي رأى أبو بكر‪ ،‬ولكن أرى أن تكنا فنضرب أعناقهم‪،‬‬
‫فتمكن عليا من عقيل فيضرب عنقه‪ ،‬وتكن من فلن (نسيب لعمر) فأضرب عنقه‪ ،‬فإن‬
‫هؤلء أئمة الكفر وصناديدها‪ ،‬قال عمر رضي ال عنه‪ :‬فهوي رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم ما قال أبو بكر ول يهو ما قلت‪ ،‬فلما كان من الغد جئت فإذا رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم وأبو بكر قاعدين يبكيان‪ ،‬فقلت‪ :‬يا رسول ال‪ ،‬أخبن من أي شيء تبكي‬
‫أنـت وصـاحبك‪ ،‬فإن وجدت بكاء بكيـت‪ ،‬وإن ل أجـد بكاء تباكيـت لبكائكمـا‪ ،‬فقال‬
‫ر سول ال صلى ال عل يه و سلم‪( :‬أب كي للذي عرض علي أ صحابك من أخذ هم الفداء‪،‬‬
‫لقد عرض علي عذابم أدن من هذه الشجرة)‪ ...‬وأنزل ال عز وجل {مَا كَا نَ ِلنَِبيّ أَ نْ‬
‫يَكُونَ لَهُ َأسْرَى َحتّى ُيثْخِنَ فِي اْلأَ ْرضِ} [النفال‪.]67:‬‬

‫ت وما ثبتَ ف سببِ نُزولا على أن تقدير الصلحة إنا مرده لا يشرعه ال‬‫فدلت هذه اليا ُ‬
‫ويرتض يه لل قه‪ ،‬خلفًا ل ا قد ت ستحسنه العقول وإن كا نت هذه العقول هي عقول كبارِ‬
‫رجالت هذا الد ين علمًا وعملً‪ ،‬فك يف ب ن دون م م ن ل ن سبة بي نه وبين هم علمًا أو‬
‫عملً‪.‬‬

‫ك يتخذ منه الكثيون تكأة لتبير وترير ما يهوون‪ ،‬وهو‬ ‫ول بدّ هنا من الشا َرةِ إل مسل ٍ‬
‫ك السـتدلل بالقوا عد العا مة؛ والوا بُ عل يه‪ :‬أن الذي قرره أهلُ العلم أن إعمال‬
‫مسـل ُ‬
‫القواع ِد العامة مقيدٌ بالجاع بعدم مالفة النصوص‪ ،‬فالجتهاد وفقًا لتلك القواعد اجتهادٌ‬
‫ل فل‬‫باطل بيقي مت خالف ما دل عليه النص‪ ،‬بل هو على التحقيق اجتهاد ل يصادف م ً‬
‫م ل له‪ ،‬ولذا قرر أ هل العلم ف قواعد هم الت فق علي ها أ نه ل م ساغ للجتهاد ف مورد‬
‫النص‪.‬‬

‫صوَرِ اللط ف قاعد ِة الوازنة والترجيح بي الصلحة والفسدة وفقًا لعيارِ الشّرع؛ أنّ‬
‫ومن ُ‬
‫الكثيين ربا لموا غيهم على فعل الحسن والكمل‪ ،‬وحدوه على فعل القل؛ لضعف‬
‫نظرهم أو ليثارهم ما يظنونه السلمة والورع لضعف فقههم‪ ،‬وإل فالور عُ ليس ف ترك‬

‫‪391‬‬
‫الشَتبِ هِ بالحرم أو الكروه فقط؛ بل من الورع فع ُل الشتَبِه بالستحب أو بالواجب أيضًا‪،‬‬
‫ومن ذلك ما فعله غلمُ أصحابِ الخدود حيثُ بذل الغلم نفسَه مؤثرًا القتلَ على الياة؛‬
‫لظهار الدي نِ ونش ِر الدعوة فكان اختياره ر ضي ال ع نه للق تل وحر صه عل يه هو عيُ‬
‫ح ِة الدعوة‪.‬‬
‫مصل َ‬

‫الحور الثالث‪ :‬الصلحة كمصد ٍر من مصادر الحكام الشرعية‪.‬‬

‫اتفق أهلُ العل ِم قاطب ًة على أنّ الصلحة ليست مصدرًا أو دليلً من أدلة الحكام الشرعية‬
‫‪-‬وأن تعليل الحكام بجرد الصلحة ضللٌ مبي وقولٌ على ال بغي علم‪ ،‬واتباع للهوى‪،‬‬
‫قد يفضي بصاحبه للكفر‪.‬‬

‫قال تعال‪{ :‬الَْي ْومَ أَكْمَ ْلتُ َلكُمْ دِينَكُمْ} [الائدة‪.]3:‬‬

‫ب مِن َشيْءٍ} [النعام‪.]38:‬‬


‫وقال أيضًا‪{ :‬مّا فَ ّر ْطنَا فِي الكِتَا ِ‬

‫وقالَ ج ّل وعل‪{ :‬اّتِبعُوْا مَا أُنزِلَ إَِليْكُم مّن ّربّكُ ْم وَ َل َتّتبِعُواْ مِن دُونِ هِ َأوْلِيَاء} [العراف‪:‬‬
‫‪.]3‬‬

‫إل أ نّ هناك دائرة ضي قة جدّا اختلف أهلُ العلم ف جوازِ تعم يل الحكام بال صلحة في ها‪،‬‬
‫وهي دائرة بالوصاف الت ل يشهد لا الشرع بالعتبار أو اللغاء‪ ،‬وهي ما اصطلح عليه‬
‫بالصال الرسلة أو الستصلح‪.‬‬

‫قال شي خُ ال سلم ابن تيم ية رح ه ال تعال‪( :‬ل يوز إثبات الحكا مِ بجرّد ال ستحسان‬
‫ُمـ شُرَكَاء‬
‫َمـ َله ْ‬
‫شرعـ للديـن بالرأي وذلك حرام لقوله تعال {أ ْ‬
‫ٌ‬ ‫والسـتصلح‪ ،‬فإن ذلك‬
‫شَ َرعُوا َلهُم مّنَ الدّي ِن مَا لَ ْم َيأْذَن بِهِ اللّهُ} [الشورى‪ )]21:‬اهـ‪.‬‬

‫‪392‬‬
‫وقال الشنقيطيّ رحه ال‪( :‬قرّر أه ُل الذاهب أن الصلحة الرسلة ليست حجة ف دين ال‪،‬‬
‫كما أوضحه القراسي ف التنقيح) اهـ‪.‬‬

‫وقو ُل البعـض بأن الشريعـة راعـت مصـال العباد‪ ،‬ولكنهـا ل تنـص على جيـع جزئيات‬
‫الصال إل يوم الدين وإنا نصت على بعضها؛ هو خلطٌ بيَ الوقائع والصال‪ ،‬فالوقائعُ أو‬
‫النوازل أو الوادث هـي الزئيات السـتجدة إل يوم الد ين‪ ،‬والتـ ن سلم بأن الشريعـة ل‬
‫تأ تِ بالنص على كل مفردة منها‪ ،‬أما الصال الت تعلل الحكام بنا ًء عليها فمن شأنا أن‬
‫تكون أوصـافًا عامـة كليـة تنتظـم تتهـا مـا شاء ال مـن مفردات أو جزئيات الوقائع أو‬
‫ث ما وقع منها أو ما يستجد إل يوم الدين‪.‬‬
‫النوازلِ أو الوادِ ِ‬

‫وما من مصلح ٍة حقيقية هنا إل وقد شهد لا الشرع بالعتبار‪ ،‬فالق الذي ي بُ اعتقاده‬
‫هنا؛ أنه ل وجود لثل هذا النوع من الصال الت ل يشهد لا الشرع‪ ،‬وإل لزم من ذلك‬
‫اتام الشرع بالنقصـان‪ ،‬وعدم الكمال والاجـة إل غيه‪ ،‬ول يلو المـر هنـا مـن أحـد‬
‫احتمالي‪:‬‬

‫الول؛ أن تكون هذه ال صلحة ال ت ذ هب الع بد إل تقرير ها م صلحة حقيق ية فع ً‬


‫ل ش هد‬
‫الشرع ل ا بالعتبار وقرر ها‪ ،‬غ ي أن الع بد لعدم تام وكمال خبته بالشرع وطرق الدللة‬
‫والستنباط ُخيّل إليه أن الشرع ل يعتبها‪ ،‬ف حي أنه قد اعتبها وقرّرها‪.‬‬

‫الثا ن؛ أن تكون هذه ال صلحة ال ت ذ هب الع بد إل تقرير ها م صلحة موهو مة‪ ،‬ولي ست‬
‫مصلحة شرعية حقيقية وإن استحسنتها العقول واستصلحتها‪.‬‬

‫الحور الرابع‪ :‬تقي ُق التوحيد أعظم الصال بإطلق‪.‬‬

‫إن تقيق التوحيد غايةُ الغايات الت خلقَ الُ اللق وأنشأهم من العدم من أجلها‪ ،‬وهو من‬
‫ث أعظم الصال الت يبها ال ويرضاها من خلقه‪ ،‬كيف وهو سبحانه وتعال ل يلقهم‬
‫إل لتحقيقه والقيام به‪.‬‬

‫‪393‬‬
‫ت الْجِنّ وَالْإِن سَ إِلّا ِلَيعْبُدُو نِ * مَا أُرِي ُد ِمْنهُم مّن رّزْ قٍ َومَا أُرِيدُ أَن‬
‫قال تعال‪َ { :‬ومَا َخَلقْ ُ‬
‫يُ ْطعِمُونِ * ِإنّ اللّ َه ُهوَ الرّزّاقُ ذُو اْل ُق ّوةِ الْ َمتِيُ} [الذاريات‪.]58-56:‬‬

‫قال ابن كثي رحه ال‪( :‬ومعن الية أنّه تباركَ وتعال خلق العباد ليعبدوه وحده ل شريك‬
‫له‪ ،‬ف من أطا عه جازاه أ ت الزاء‪ ،‬و من ع صاه عذ به أ شد العذاب‪ ،‬وأ خب أ نه غ ي متاج‬
‫إليهم؛ بل هم الفقراء إليه ف جيع أحوالم فهو خالقهم ورازقهم) اهـ‪.‬‬

‫قال تعال‪َ { :‬ومَا ُأمِرُواْ إِلّ ِلَي ْعبُدُواْ إِلَـها وَاحِدا لّ إِلَـهَ إِلّ ُهوَ ُسبْحَانَ ُه عَمّا يُشْرِكُو نَ}‬
‫[التوبة‪.]31:‬‬

‫وقال تعال‪{ :‬وََلقَ ْد َبعَْثنَا فِي كُلّ ُأ ّمةٍ رّ سُولً أَ ِن اعْبُدُواْ اللّ َه وَا ْجتَِنبُواْ الطّاغُو تَ} [النحل‪:‬‬
‫‪.]36‬‬

‫وما يبي أن تقي َق التوحيدِ أعظ مُ الصال الت بُع ثَ النبياء والرسلون لتحقيقها والفا ِ‬
‫ظ‬
‫علي ها ‪-‬أ نّ ال سبحانه وتعال قد ب ي أن ج يع العمال غ ي البن ية على التوح يد مب طة‬
‫باطلة فاسدة كاسدة ل وجود لا‪ ،‬فهي كعدمها بل أسوأ‪.‬‬

‫ُكـ‬
‫حبَطَنّ عَمَل َ‬
‫ْتـَليَ ْ‬
‫ِنـَأشْرَك َ‬
‫ِكـَلئ ْ‬
‫ِنـ َقبْل َ‬
‫ِينـ م ْ‬
‫ْكـ َوإِلَى الّذ َ‬
‫ِيـإَِلي َ‬
‫قال تعال‪{ :‬وََلقَدْ أُوح َ‬
‫وََلتَكُونَ ّن مِ َن الْخَاسِرِينَ} [الزمر‪.]65:‬‬

‫ك ما ب ي تعال أن هذه العمال غ ي البن ية على التوح يد هي كال سراب الذي ينخدع به‬
‫الرائي فيحسبه ماءً فإذا جد ف طلبه وجد بي يديه سرابًا تتقطع معه النفس حسرة وندمًا‪.‬‬

‫سبُهُ الظّمْآ نُ مَاء َحتّى إِذَا جَاء هُ لَ مْ‬


‫ب ِبقِي َع ٍة يَحْ َ‬
‫قال تعال‪{ :‬وَالّذِي نَ َكفَرُوا َأعْمَاُلهُ مْ كَ سَرَا ٍ‬
‫يَجِ ْد ُه َشيْئا َووَجَدَ اللّ َه عِن َدهُ َفوَفّاهُ حِسَابَهُ وَاللّ ُه َسرِي ُع الْحِسَابِ} [النور‪.]39:‬‬

‫‪394‬‬
‫وعن عائشةَ رضي ال عنها قالت‪ :‬قل تُ يارسولَ ال ابن جدعا نَ كان ف الاهلية يَ صِ ُل‬
‫الرّحِم‪ ،‬ويطع ُم ال سكي‪ ،‬فهل ذاك نافعُه؟ قال‪( :‬ل ينفعُه‪ ،‬إ نه ل يقل يومًا ربّ اغ فر ل‬
‫خطيئت يوم الدين)؛ والراد أنّه ل يكن موحدًا‪ ،‬ولذا ل ينفعه ما جاء به من عملٍ صال‪،‬‬
‫ولو كثر وعظم‪.‬‬

‫وعـن العباس بـن عبـد الطلب رضـي ال عنـه أنـه قال‪ :‬يـا رسـول ال إن أبـا طالب كان‬
‫ك وين صرك ف هل نف عه ذلك قال (ن عم‪ ،‬وجدتُه ف غَمَرا تٍ من النار فأخرج ته إل‬
‫يوطُ َ‬
‫ضحضاح)‪.‬‬

‫ورغم أن نصر َة النب ‪-‬صلى ال عليه وسلم‪ -‬والغضب له والذود عنه من أعظم العمال‬
‫الصالة وأجلها عند ال إل أنا لا ل تكن مبنية هنا على التوحيد ل تنفع صاحبها شيئًا‪،‬‬
‫ول تصرف عنه دخول النار واللود فيها‪.‬‬

‫فتحقيق التوحيد وإقا َمتُه عند أهل الطائفة النصورة أصلحُ الصال وأعلها‪ ،‬والتفري طُ فيه‬
‫وتضييعُه بالتلبس بضده وهو الشرك أفسد الفاسد وأشدها وأعظمها‪ ،‬ولذا كانت مصلحة‬
‫ق قاعدة الوازنات ال ت تكلم نا علي ها‪ ،‬إذ ل يس هناك‬
‫تقي ِق التوح يد خارجةً تامًا عن نطا ِ‬
‫على الطلق مصلحة أعظم من مصلحة تقيق التوحيد لتُقّ ّدمَ عليه‪ ،‬بل ليس هناك مصلحة‬
‫تدانيه او تقترب منه فضلً عن أن تكون هناك مصلحة تاوزه وتتقدم عليه‪ ،‬كما أنّه ليس‬
‫هناك مف سدة أع ظم وأ شد من مف سدة تضي يع التوح يد‪ ،‬والتفر يط ف يه بالتل بس بضده من‬
‫الشرك‪ ،‬فتحقي ُق التوحيد أعظم مصال الدعوة بإطلق كما أن تضييعه والتفريط فيه أفسد‬
‫الفاسد بإطلق‪.‬‬

‫ما ل يك التوحيدُ أصلً راسخا‬


‫للعابدين فكل فرع فاسـد‬
‫***‬
‫أرأيت بنيانًا تطـاول أهلــه‬

‫‪395‬‬
‫ف رفعه والس هـار هامد‬

‫وصحّ أ نّ قريشًا أرسَلتْ عتبة بن ربيعة‪ ،‬وهو من ساداتا‪ ،‬إل رسولِ الِ ‪-‬صلى ال عليه‬
‫وسلم‪ -‬فأتا هُ فقال له‪ :‬يا ابن أخي إنك منا حيث علمت من السلطَة ف العشية والكان‬
‫ف النسب‪ ،‬وإنك قد أتيت قومَ كَ بأمرٍ عظيم فرّقت به جاعتهم‪ ،‬وسفهت به أحلمهم‪،‬‬
‫وعبت به آلتهم ودينهم‪ ،‬وكفّرتَ به من مضى من آبائهم‪ ،‬فاسع من أعرض عليك أمورًا‬
‫تن ظر في ها لعلك تق بل من ها بع ضا‪ ،‬فقال له ر سول ال صلى ال عل يه و سلم‪ ( :‬قل يا أ با‬
‫الوليد أسع)‪ ،‬قال‪ :‬يا ابن أخي إن كنت إنا تريد با جئت به من هذا المر مالً جعنا لك‬
‫من أموالنا حت تكون أكثرنا مالً‪ ،‬وإن كنت تريد به شرفًا سوّدناك علينا حت ل نقطع‬
‫أمرًا دونك‪ ،‬وإن كنت تريد به ملكًا ملكناك علينا‪ ،‬وإن كان هذا الذي يأتيك رئيا تراه ل‬
‫تستطيع رده عن نفسك طلبنا لك الطباء وبذلنا فيه أموالنا حت نبئك منه فإنه ربا غلب‬
‫التابع على الر جل ح ت يداوى منه‪ ،‬ح ت إذا فرغ عتبة ور سول ال صلى ال عل يه و سلم‬
‫يستمع منه قال‪( :‬أفرغت يا أبا الوليد ؟) قال‪ :‬نعم‪ ،‬قال (فاستمع من) قال‪ :‬أفعل‪ ،‬قال‪:‬‬
‫ت آيَاتُ هُ قُرْآنا‬
‫{بسم ال الرحن الرحيم * حم * تَنِي ٌل مّ نَ الرّحْمَ نِ الرّحِي مِ * ِكتَا بٌ فُ صَّل ْ‬
‫عَ َرِبيّا ّل َقوْ مٍ يَعَْلمُو نَ * بَشِيا َونَذِيرا َفَأعْرَ ضَ أَ ْكثَ ُرهُ مْ َفهُ مْ لَا يَ سْ َمعُونَ} [فصلت‪،]4-1:‬‬
‫ث مضى رسول ال صلى ال عليه وسلم فيها وهو يقرأها عليه‪ ،‬فلما سع عتبة أنصت لا‬
‫وألقى يديه خلف ظهره معتمدًا عليهما يستمع منه‪ ،‬حت انتهى رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم إل السجدة منها فسجد؛ ث قال (قد سعت يا أبا الوليد ما سعت فأنت وذاك)‪.‬‬

‫ك أن عشر معشار هذه العروض‪ ،‬فضلً عن ذات العروض نفسها؛ هي ما يسيل له‬ ‫ول ش ّ‬
‫لعابـ الكثييـن اليوم مـن الريصـي على مصـلحةِ الدعوة‪ ،‬ل سـيما وقـد يقال إن النـب‬‫ُ‬
‫‪-‬صلى ال عليه وسلم‪ -‬كان بإمكانه بعد أن يستجيب له سادات قريش وزعماؤها‪ ،‬وبعد‬
‫أن يُذعنوا له بالسيادة والُملك وبعد أن يُسلموا له زمام وقياد أمرهم‪ ،‬وبعد أن يتأكدّ هو‬
‫‪ -‬صلى ال عل يه و سلم‪ -‬من ا ستحكام ال مر ف يد يه ‪-‬أن ي ستخدم هذا كله ويوظ فه‬
‫لتحق يق م صلحة الدعوة‪ ،‬وهذا بل شك أ سهل وأهون من البدا ية بالدعوة من ح يث ل‬

‫‪396‬‬
‫شيـء‪ ،‬غيـ أن هذا هـو فهـم مـن ل يفهـم حقيقـة الدعوة‪ ،‬رغـم حرصـه الشديـد على‬
‫مصلحتها‪.‬‬

‫فمـا كان للدعوة أن تسـي ولو لظـة واحدة تتـ شعار آخـر غيـ "ل إله إل ال" لفظًا‬
‫ومعن‪ ،‬فتُْنفَى العبادة ف أي صورة من صورها عن ك ّل العبودا تِ الباطلة الت تُناز عُ الَ‬
‫سلطانه‪ ،‬ويُفرَدُ الُ وح َدهُ بالعبادة ف كل صورها ومعانيها الظاهرة والباطنة‪ ،‬مع الباءة من‬
‫الشرك وأهله‪ ،‬ولذا كان رده ‪-‬صلى ال عليه وسلم‪ -‬قويّا حاسًا قاطعًا كلّ أمل الشركي‬
‫ف صرف الدعوة وحرفها عن جوهرها‪.‬‬

‫وتأمل بعي البصية وعي البصر حديثَ أ ّم سلمة ‪-‬رضي ال عنها‪ -‬حي قالت‪:‬‬

‫(لا نزلنا أرض البشة جاورنا با خي جارٍ النجاشي أ ِمنّا على ديننا‪ ،‬وعبدنا الَ ل نؤذى‪،‬‬
‫ول ن سمع شيئا نكر هه‪ ،‬فل ما بلغ ذلك قريشًا ائتمروا أن يبعثوا إل النجا شي في نا رجل ي‬
‫جلدين‪ ،‬وأن يُهدوا للنجاشي هدايا ما يستطرف من متاع مكة‪ ،‬وكان من أعجب ما يأتيه‬
‫منها إليه الُدُم فجمعوا له أدمًا كثيًا‪ ،‬ول يتركوا من بطارقته بطريقًا إل أهدوا له هدية‪ ،‬ث‬
‫بعثُوا بذلك مع ع بد ال بن أ ب ربي عة بن الغية الخزو مي وعمرو بن العاص بن وائل‬
‫السـهمي وأمروهاـ أمرهـم‪ ،‬وقالوا لمـا؛ ادفعوا إل ك ّل بطريـق هديت َه قبـل أن تكلموا‬
‫النجاشيّ فيهم‪ ،‬ث قدموا للنجاشي هداياه‪ ،‬ث سلوه أن يسلمهم إليكم قبل أن يكلمهم‪،‬‬
‫قالت فخر جا فقد ما على النجا شي ون ن عنده ب ي دار‪ ،‬وع ند خيِ جار‪ ،‬فلم ي بق من‬
‫بطارقته بطريق إل دفعا إليه هديّته قبل أن يكلما النجاشي‪ ،‬ث قال لكل بطريق منهم إنه قد‬
‫صبا إل بلد اللك م نا غلمان سفهاء فارقوا د ين قوم هم ول يدخلوا ف دين كم‪ ،‬وجاءوا‬
‫ف قومِهم ليدهم إليهم‪،‬‬ ‫بدين مبتدع ل نعرفه نن ول أنتم‪ ،‬وقد بعثَنَا إل اللك فيهم أشرا ُ‬
‫ك فيهم فتشيوا عليه بأن يُسلّمهم إلينا ول يكلمهم؛ فإن قومهم أعلى بم‬ ‫فإذا كلمنا الل َ‬
‫عي نا وأعل مُ ب ا عابوا علي هم‪ ،‬فقالوا ل ما ن عم‪ ،‬ثّ إن ما قر با هدايا هم إل النجا شي فقبل ها‬
‫منهما‪ ،‬ث كلماه فقال له‪ :‬أيها اللك إنه قد صبا إل بلدك منا غلمان سفهاء‪ ،‬فارقوا دين‬
‫قومهم‪ ،‬ول يدخلوا ف دينك‪ ،‬وجاءوا بدي ٍن مبتدعٍ ل نعرفه نن ول أنت‪ ،‬وقد بعَثنَا إليك‬

‫‪397‬‬
‫فيهم أشرا فُ قومِهم من آبائهم وأعمامهم وعشائرهم؛ لتردهم إليهم فهم أعلى بم عينًا‬
‫وأعلمُ با عابوا عليهم وعاتبوهم فيه‪ ،‬قالت ول يكن شيءٌ أبغض إل عبد ال بن أب ربيعة‬
‫وعمرو بن العاص من أن ي سمع النجا شي كلم هم‪ ،‬فقالت بطارق ته حوله‪ :‬صدقوا أي ها‬
‫اللك قو ٌمهٌم أعلى بم عينا وأعلم با عابوا عليهم؛ فأسلمهم إليهما فليداهم إل بلدهم‬
‫وقومهم‪ ،‬قال فغضب النجاشي ث قال ل وال ل أسلمهم إليهما ول أكاد قوما جاورون‬
‫ونزلوا بلدي واختارون على من سواي حت أدعوهم فأسألم ما يقول هذان ف أمرهم‬
‫ـ ورددتمـ إل قومهـم‪ ،‬وإن كانوا على غيـ ذلك‬ ‫ـ يقولن أسـلمتهم إليهم ا‬‫فإن كانوا كم ا‬
‫منعتُ هم منه ما وأح سنتُ جوار هم ما جاورو ن‪ ،‬قالت ثّ أر سل إل أ صحاب ر سول ال‬
‫‪-‬صلى ال عليه وسلم‪ -‬فدعاهم‪ ،‬فلما جاءهم رسوله اجتمعوا ث قال بعضهم لبعض ما‬
‫تقولون للر جل إذا جئتموه؟ قالوا نقول وال ما علِم نا و ما أمر نا به نبي نا ‪ -‬صلى ال عل يه‬
‫ـ النجاشـي أسـاقفته فنشروا‬ ‫وسـلم‪ -‬كائن فـ ذلك مـا هـو كائن‪ ،‬فلمـا جاءوه وقـد دع ا‬
‫م صاحفهم حوله سألم فقال ما هذا الد ين الذي فارق تم ف يه قوم كم ول تدخلوا ف دي ن‬
‫ول ف د ين أ حد من هذه ال مم؟ قالت فكان الذي كل مه جع فر بن أ ب طالب فقال له‪:‬‬
‫أي ها اللك! ك نا قومًا أهلَ جاهل ية نع بد ال صنام ونأ كل الي تة‪ ،‬ونأ ت الفوا حش‪ ،‬ونق طع‬
‫الرحام‪ ،‬ون سيءُ الوار‪ ،‬يأ كل القوي م نا الضع يف‪ ،‬فك نا على ذلك ح ت ب عث ال إلي نا‬
‫ر سول م نا نعرف ن سبه و صدقه وأمان ته وعفا فه‪ ،‬فدعا نا إل ال لنوحده ونعبده ونلع ما‬
‫ك نا نع بد ن ن وآباؤ نا من دو نه من الجارة والوثان‪ ،‬وأمر نا ب صدق الد يث‪ ،‬وأداء‬
‫المانة‪ ،‬وصلة الرحم‪ ،‬وحسن الوار‪ ،‬والكف عن الحارم والدماء‪ ،‬ونانا عن الفواحش‪،‬‬
‫وقول الزور‪ ،‬وأ كل مال اليت يم‪ ،‬وقذف الح صنة‪ ،‬وأمر نا أن نع بد ال وحده ل نشرك به‬
‫شيئا‪ ،‬وأمرنا بالصلة والزكاة والصيام‪ ،‬فعدد عليه أمور السلم فصدقناه وآمنا به واتبعناه‬
‫على ما جاء به فعبدنا ال وحده فلم نشرك به شيئا وحرمنا ما حرم علينا وأحللنا ما أحل‬
‫لنا‪ ،‬فعدا علينا قومنا فعذبونا وفتنونا عن ديننا ليدونا إل عبادة الوثان من عبادة ال‪ ،‬وأن‬
‫نستحل ما كنا نستحل من البائث فلما قهرونا وظلمونا وشقوا علينا وحالوا بيننا وبي‬
‫دين نا خرج نا إل بلدك واخترناك على من سواك‪ ،‬ورغب نا ف جوارك ورجو نا أن ل نظلم‬
‫عندك أيها اللك‪ ،‬قالت فقال له النجاشي هل معك ما جاء به عن ال من شيء؟ قالت‬

‫‪398‬‬
‫فقال له جع فر ن عم‪ ،‬فقال له النجا شي فاقرأه علي فقرأ عل يه صدرا من كهي عص‪ ،‬قالت‬
‫فبكى وال النجاشي حت أخضل ليته وبكت أساقفته حت أخضلوا مصاحفهم حي سعوا‬
‫ما تل علي هم‪ ،‬ث قال النجا شي إن هذا وال والذي جاء به مو سى ليَخرُ جُ من مشكاة‬
‫واحدة انطلقا فوال ل أسلمهم إليكم أبدا ول أكاد‪ ،‬قالت أم سلمة فلما خرجا من عنده‬
‫قال عمرو بن العاص وال لنبئن هم غدًا عيب هم عند هم ث أ ستأصل به خضراء هم‪ ،‬قالت‬
‫فقال له عبد ال بن أب ربيعة وكان أتقى الرجلي فينا ل تفعل فإن لم أرحامًا وإن كانوا‬
‫قد خالفونا‪ ،‬قال وال لخبنه أنم يزعمون أن عيسى ابن مري عبد‪ ،‬قالت ث غدا عليه من‬
‫الغد‪ ،‬فقال له أيها اللك إنم يقولون ف عيسى ابن مري قول عظيما فأرسل إليهم فاسألم‬
‫ع ما يقولون ف يه‪ ،‬قالت فأر سل إلي هم ي سألم ع نه قالت ول ينل ب نا مثله فاجت مع القوم‬
‫فقال بعضهم لبعض ماذا تقولون ف عيسى إذا سألكم عنه؟ قالوا نقول وال فيه ما قال ال‬
‫وما جاء به رسول ال‪-‬صلى ال عليه وسلم‪ -‬كائنا ف ذلك ما هو كائن فلما دخلوا عليه‬
‫قال لم ما تقولون ف عيسى ابن مري فقال له جعفر بن أب طالب نقول فيه الذي جاء به‬
‫رسول ال ‪-‬صلى ال عليه وسلم‪ -‬هو عبد ال ورسوله وروحه وكلمته ألقاها إل مري‬
‫العذراء البتول‪ ،‬قالت فقال النجاشي ما عدا عيسى ابن مري ما قلت‪ ،‬فتناخرت بطارقته‬
‫حوله حي قال ما قال‪ ،‬فقال وإن نرت وال اذهبوا فأنتم آمنون بأرضي من سبكُم غرم ث‬
‫من سبكُم غرم‪ ،‬ف ما أ حب أن ل جبلً ذ هب وأ ن آذ يت رجل من كم‪ ،‬ردوا عليه ما‬
‫هداياها فل حاجة لنا با فوال ما أخذ ال من الرشوة حي ردّ علي ملكي فآخذ الرشوة‬
‫فيه‪ ،‬وما أطاع النا سَ فّ فأطيعُهم فيه‪ ،‬قالت فخرجا من عنده مقبوحي مردودًا عليهما ما‬
‫جاءا به وأقمنا عنده بي دارٍ مع خي جار)‪.‬‬

‫فهذا الديث حدي ثٌ عظيم القدر كبي الشأن مليء بالفوائد الليلة‪ ،‬والت من أبينها؛ أ نّ‬
‫قضيـة التوحيـد لدى الصـحابة الكرام وإن اشت ّد ضعفهـم وعظـم تكالب الاهليـة عليهـم‬
‫وقهر ها ل م ل ت كن يومًا ما مو ضع م ساومة أو مواز نة بغي ها من جلب م صلحة وإن‬
‫عظمت‪ ،‬أو دفع مفسدة وإن اشتدت‪.‬‬

‫‪399‬‬
‫وما يدل أيضًا على أن مصلحة تقيق التوحيد ل توزن بغيها من الصال من جلب نفع‬
‫أو دفع ضر؛ ما جاء ف قصة إسلم ثقيف‪ ،‬وقد كانوا سألوا رسول ال ‪-‬صلى ال عليه‬
‫وسـلم‪ -‬أن يدع لمـ الطاغيـة ‪-‬وهـي اللت‪ -‬ل يهدمهـا ثلث سـني‪ ،‬فأبـ رسـول ال‬
‫‪ -‬صلى ال عل يه و سلم‪ -‬ذلك علي هم‪ ،‬ف ما برحوا ي سألونه سنة سنة ويأ ب علي هم‪ ،‬ح ت‬
‫سألوا شهرًا واحدًا بعد مقدمهم‪ ،‬فأب عليهم أن يدعها شيئًا مسمّى‪ ،‬وإنا يريدون بذلك‬
‫فيما يُظهرون أن يّ سْلَموا بتركها من سفهائهم ونسائهم وذراريهم‪ ،‬ويكرهون أن يروعوا‬
‫قومهم بدمها حت يدخلهم السلم؛ فأب رسول ال ‪-‬صلى ال عليه وسلم‪ -‬إل أن يبعث‬
‫أبا سفيان بن حرب والغية بن شعبة فيهدماها‪.‬‬

‫فلم يعتب النب ‪-‬صلى ال عليه وسلم‪ -‬تلك الصال الت أشار با وفد ثقيف ليترك لم با‬
‫طاغيتهم اللت من خوفهم من سفهاء قومهم وإرادتم تأليف قومهم وعدم ترويعهم حت‬
‫يدخلوا ال سلم‪ ،‬هذا بالضا فة لكون م حدثاء ع هد بإ سلم فيحتاجون إل التأل يف ح ت‬
‫يتمكن اليان من قلوبم فل يرتدوا‪.‬‬

‫ول ي ستثن ال تعال من ذلك غ ي حالة الكراه الل جئ؛ ف هي الالة الوحيدة ال ت رخّ ص‬
‫فيها الشارع ف إظهار الشرك والكفر عند تقق شروطها‪ ،‬وحت ف حالة الكراه اللجئ‬
‫ع منعقدٌ بغي تردد على أن الخذ بالعزية هنا أفضل وأحب إل ال‪ ،‬وكل هذا‬ ‫فإن الجا َ‬
‫تعظيمًا لذا المر‪ ،‬وتنويهًا بصوصيته‪.‬‬

‫قال ا بن بطال رح ه ال‪( :‬وكل هم أجعوا على أن من أكره على الك فر فاختار الق تل أ نه‬
‫أعظم أجرًا عند ال من اختار الرخصة) اهـ‪.‬‬

‫ون تم الكل مَ ف بيان أن تق يق التوح يد نفيًا وإثباتًا أعظ ُم ال صالِ بإطلق‪ ،‬وأن دعوى‬
‫تقيق مصلحة الدعوة بالستهانة بأمر التوحيد والتلبس بضده من الشرك هو عيُ الفسادِ‬
‫ف الرض‪ ،‬بل هو أساس كل شر وفساد؛ بكل ٍم نفيس لشيخ السلم ابن تيمية ف قوله‬

‫‪400‬‬
‫صلَ ِحهَا وَا ْدعُوهُ َخوْفا َوطَمَعا ِإنّ رَ ْح َمتَ اللّهِ َقرِيبٌ‬
‫ض َبعْدَ إِ ْ‬
‫تعال‪{ :‬وَلَ ُتفْسِدُواْ فِي الَ ْر ِ‬
‫سنِيَ} [العراف‪.]56:‬‬ ‫مّ َن الْمُحْ ِ‬

‫قال رح ه ال‪( :‬قالَ أكثرُ الف سّرين ل تف سدوا في ها بالعا صي‪ ،‬والدا عي إل غ ِي طا عة ال‬
‫بعد إصلح ال إيّاها ببعث الرسل وبيان الشريعة والدعاء إل طاعة ال مفسدٌ؛ فإن عبادة‬
‫غ ي ال والدعوةَ إل غيه والشر كَ به هو أع ظم الف ساد ف الرض‪ ،‬بل ف ساد الرض ف‬
‫الي قة إنا هو الشرك بال ومال فة أمره‪ ،‬قال ال تعال‪َ { :‬ظهَ َر اْلفَ سَادُ فِي الْبَ ّر وَاْلبَحْرِ بِمَا‬
‫سبَتْ َأيْدِي النّا سِ} [الروم‪ ]41:‬و من تدبّرَ أحوالَ العال و جد كل صلحٍ ف الرض‬ ‫كَ َ‬
‫ف سببه توح يد ال وعبادتُه‪ ،‬وطاعةُ ر سوله ‪ -‬صلى ال عل يه و سلم‪ ،-‬وكلّ شرّ ف العال‬
‫وفتن ٍة وبلءٍ وقحـط وتسـليط عدو وغيـ ذلك؛ فسـببُه مالفةُ الرسـولِ ‪-‬صـلى ال عليـه‬
‫وسلم‪ -‬والدعوة إل غي ال) اهـ‪.‬‬

‫نسألُ ال ‪-‬سُبحانه وتعال‪ -‬أن يعل فيما سقناه من نور الوحيي‪ ،‬وأقوالِ أهل العلم حيا ًة‬
‫ت بم الهواء‪ ،‬وماجت بم الفت؛ فأفرزوا للمة مناه جَ دخيلةً‬ ‫لنفو سِ أولئ كَ الذين مادَ ْ‬
‫عليها‪ ،‬وسلكوا با سبلً نأت با عن طريق العبودية وجاد ِة التوحيد بجة مصلحة الدعوة‬
‫تارة‪ ،‬وضغط الواقع أخرى‪.‬‬

‫فدعوا إل الشار كة ف جري ة كتا بة الد ستور الشر كي‪ ،‬وجوزوا النت ساب إل اليـش‬
‫والرس الوثن؛ لتُضجَ َع دعوة التوحي ِد والق وتنحرَ بسلح الشرك والباطل‪.‬‬

‫لكن هيهات؛ هيهات لمةٍ بزغ فجرُ توحيدها‪ ،‬وسطعَ ضياءُ مدِها‪ ،‬وأشر قَ ش سُ عزّها‬
‫أن يُثنِيَها عن ال سي ف طريقها أمثالُ هذه الواقف‪ ،‬أو يصدها عن الضيّ ف دربا أمثالُ‬
‫هذه الدعوات‪.‬‬

‫{وَاللّ ُه غَاِلبٌ عَلَى َأمْ ِر ِه وَلَكِنّ أَ ْكثَ َر النّاسِ َل َيعَْلمُونَ} [يوسف‪]21:‬‬

‫و المد ل رب العالي‪.‬‬

‫‪401‬‬
‫صعَبٍ الزّ ْرقَاوِي‬
‫َأبُ ْو مُ ْ‬
‫َأمِيْ ُر تَنْظِي ِم القَا ِع َدةِ ِف ْي بِلدِ الرّافِ َديْن‬
‫ق – بِلدُ الرّافِ َديْن‬
‫ال ِعرَا ُ‬

‫‪402‬‬
‫الطاب الثالث و الثلثون‬

‫سِلسِلَةُ مُحَاضَراتِ‪:‬‬
‫ل يَضُرّهُم َمنْ خَ َذلَهُمْ‬
‫ض َرةُ الثالِثَة‪ ،‬وَ هِ َي بِعُنوان‪:‬‬
‫الُحا َ‬

‫لمْرِ)‬
‫(القَابِضُو َن عَلى ا َ‬
‫‪ 27‬شعبان ‪ 1426‬هـ‬
‫‪ 30‬سبتمب‪/‬أيلول ‪ 2005‬م‬

‫بِصَوْتِ الشَيخ‬
‫ب الزّرْقَاوِي ( َرحِ َمهُ ال)‬
‫أَِبيْ مُصْع ٍ‬

‫المدُ لِ مع ّز ال سلمِ بن صره‪ ،‬ومُذلّ الشر كِ بقهره‪ ،‬وم صرّف المور بأمره‪ ،‬وم ستدر ِ‬
‫ج‬
‫الكافريـن بكره‪ ،‬الذي قدّر اليام دولً بعدله‪ ،‬وجعـل العاقبةَ للمتقي َ بفضلِه‪ ،‬والصـلةُ‬
‫والسلم على من أعلى الُ منا َر السلمِ بسيفِه‪.‬‬

‫أمّا بعد؛‬

‫‪403‬‬
‫فمِمَا ل شك فيه أن الواقع هو الوعاء الذي تتجمع فيه الفت و الحن التعددة من شبهات‬
‫و شهوات و ابتلءات على اختلف صـنوفها و أشكالاـ‪ ،‬فـ مواجهـة أهـل الطائفـة‬
‫النصورة‪ ،‬لفتنتهم عن القيام بأمر ال‪ ،‬علمًا و عملً‪ ،‬دعوة و جهادًا‪.‬‬

‫و ل شك أن هذه الفت و الحن ل تُدفع بغي الصب و اليقي‪ ،‬و من الُ سَلّمِ به أن للواقع‬
‫الاهلي؛ القائم على غي قاعدة العبودية ل وحده‪ ،‬ضغطًا شديدا على كاهل كل من يريد‬
‫القيام بأ مر ال‪ ،‬ح يث ال سافة الشا سعة و الوة الوا سعة ب ي أ مر ال و الوا قع‪ ،‬و هذا مع‬
‫الرب الضروس الت تُشن لكل من نصب نفسه لذه الهمة العظيمة من قِبل أركان هذه‬
‫الاهلية و العناصر التعددة الشاركة فيها بوج ٍه أو بآخر‪ ،‬و هم‪:‬‬

‫أولً‪ :‬طواغيت الرض؛ أهل الكم‪ ،‬و ما ف أيديهم من إمكانات و قدرات فائقة للفتنة‬
‫رغبًا و رهبًا‪.‬‬

‫ثانيًا‪ :‬علماء السـوء؛ الذيـن اشتروا الياة الدنيـا بالخرة‪ ،‬و رضوا بالظ السـيس‪ ،‬و‬
‫لقيمات الذل و العار الت يلقيها إليهم الطاغوت من فتات موائده لضلل العباد و فتنتهم‬
‫عن أمر ال‪.‬‬

‫و هل أفسد الدين إل اللوك *** و أحبار سوء و رهبانا‬

‫ثالثا‪ :‬أ هل الهواء و طوائف البد عة؛ على اختلف بدع هم و تعدد أهوائ هم‪ ،‬و ذلك أن‬
‫التباع الصادق يكشف زيف ما هم عليه‪ ،‬و يفضح ضللم و إضللم‪ ،‬و من ث يعلنونا‬
‫حربًا على كل من أراد رد الناس إل المر الول‪ ،‬و هم ف هذا السبيل ل يستحيون من‬
‫التحالف مـع الطواغيـت و علماء السـوء‪ ،‬لتكويـن جبهـة واحدة مشتركـة‪ ،‬لصـد الناس‬
‫وفتنتهم عن دينهم‪.‬‬

‫‪404‬‬
‫رابعا‪ :‬العوام من المج الرعاع؛ أتبلع كل ناعق‪ ،‬و وقود كل فتنة‪ ،‬من ل يستضيئوا بنور‬
‫العلم‪ ،‬و ل يركنوا إل ركن وثيق‪ ،‬فهمهم الكب إشباع غرائزهم و قضاء شهواتم و نيل‬
‫ن غي هذا‪ ،‬و بئست الياة‪.‬‬
‫لذائذهم‪ ،‬ل يعرفون للحياة مع ً‬

‫و من الطبيعي أن يكون هؤلء ف خندق الطاغوت و حلفه‪ ،‬وأن يكونوا هم قطيعه الذي‬
‫يقوده حيث شاء‪ ،‬و عصاته الت يبطش با بكل من أراد القيام بأمر ال و الثبات عليه‪.‬‬

‫و هؤلء أصناف شت جعهم حب الدنيا‪ ،‬و ألّف بينهم التعلق بزينتها و شهواتا من جاه‬
‫و منصب و نساء و مطعم و مشرب و غيها من حظوظها الفانية‪ ،‬و رحم ال المام ابن‬
‫بطة‪ ،‬حيث قال‪( :‬و الناس ف زماننا هذا أسراب كالطي‪ ،‬يتبع بعضهم بعضًا‪ ،‬لو ظهر لم‬
‫من يدعي النبوة مع علمهم أن رسول ال صلى ال عليه و سلم خات النبياء‪ ،‬أو من يدّعي‬
‫الربوبية لوجد على ذلك أتباعًا و أشياعًا)‪ .‬انتهى كلمه‪.‬‬

‫و إذا كان كل مه رح ه ال عن زما نه‪ ،‬ف هل ي ستغرب على أ هل ع صرنا إل من ر حم ال‬


‫الوقوف ف صف الباطل و أشياعه لحاربة الق و أتباعه‪.‬‬

‫و يساهم ف هذا الواقع و يكرسه فتنة هي أشد على الكثيين ما سبق‪ ،‬و هي من عرف‬
‫الق أو قام بشيء منه‪ ،‬و لكنه عجز عن القيام به كاملً‪ ،‬و على الوجه الذي يبه ال و‬
‫ب أو ل خر‪ ،‬فراح ين شر الشبهات و الراج يف‪ ،‬لت ثبيط كل من أراد القيام‬ ‫يرضاه‪ ،‬ل سب ٍ‬
‫بأ مر ال على الو جه الذي يرض يه سبحانه‪ ،‬لي سلم له حاله‪ ،‬و تب قى له مكت سباته‪ ،‬و إن ا‬
‫كا نت هذه الفت نة أ شد و ضرر ها أع ظم‪ ،‬ل ا يثله التلب يس و التدل يس من خ صوصية ف‬
‫إخفاء الق و صد الناس عنه‪ ،‬و رحم ال شيخ السلم ابن تيمية حيث قال‪( :‬و ل ينفق‬
‫الباطـل فـ الوجود إل بشوب مـن القـ) و بذا الترتيـب العجيـب و التمازج الشديـد‪،‬‬
‫أضحى المر كما قال القائل‪:‬‬

‫و لتشهدن بكل أرض فتنة *** فيها يباع الدين بيع ساحِ‬
‫يُفت على ذهب العز و سيفه *** و هوى النفوس و حقدها الذحاحِ‬

‫‪405‬‬
‫و هكذا يض غط الوا قع على الكثي ين م ن ي سعون للقيام بأ مر ال‪ ،‬ح يث يش عر هؤلء أن‬
‫كل من حولم يالفهم ف ما هم عليه‪ ،‬بل و ينابذهم على ذلك بكل ما يستطيع‪ ،‬فهم‬
‫يسيون ف طريق موحشة‪ ،‬ل معي فيها و ل أنيس‪ ،‬و الميع حولم يدعوهم ليسالوا أو‬
‫يداهنوا أو يقفوا موقفا و سـطا و يلتقوا مـع الاهليـة فـ منتصـف الطريـق‪ ،‬بدعاوى و‬
‫شعارات معلومة مشهورة‪.‬‬

‫و تزداد الفت نة و تع ظم البل ية‪ ،‬ع ند صبغ هذه الدعاوى ب صبغةٍ شرع ية‪ ،‬و تري ها تريا‬
‫فقهيا‪ ،‬يعت مد الو سطية و ين بذ و يارب التشدد‪ ،‬فتنهال التامات من متلف ال ستويات‬
‫ل عـن‬ ‫على مـن يريـد القيام بأمـر ال متهميـ إياه بالتطرف و الغلو بـل بالرهاب فض ً‬
‫الارج ية‪ ،‬لي جد الع بد نف سه ما صرًا بدائرة مك مة من التامات و الدانات‪ ،‬و ال ت ل‬
‫ينق صها التدل يل الشر عي‪ ،‬ت ص ّم م سامعه صيحاتا‪ ،‬من كل حدب و صوب مناديةً عل يه‬
‫ببطلن ما هو عليه‪ ،‬و مروقه عن الطريق القوي‪ ،‬و حيدته عن الصراط الستقيم‪ ،‬و بعده‬
‫عن الدين‪ ،‬و مالفته للعالي أجعي‪ ،‬و الدف هو الضغط على العبد ليتجنب النتساب‬
‫للحق ف خاصة نفسه‪ ،‬فضل عن دعوة الخرين إليه‪ ،‬و من ث التنازل و التراجع و النكول‬
‫و النكوص عن أمر ال‪ ،‬و مسايرة الواقع القائم‪.‬‬

‫و قد جاء عن المام الفضيل بن عياض ‪ -‬رحه ال – أنه قال‪( :‬كيف بك إذا بقيت إل‬
‫زمان شاهدت فيه أنا سًا ل يفرقون بي الق و الباطل و ل بي الؤمن و الكافر و ل بي‬
‫الم ي و الائن و ل ب ي الا هل و العال و ل يعرفون معروفًا و ل ينكرون منكرًا) انت هى‬
‫كلمه‪.‬‬

‫قال المام ابن بطة – معلقًا على قول الفضيل ‪( :-‬فإنا ل و إنا إليه راجعون‪ ،‬فإنا قد بلغنا‬
‫ل من وهب ال له عقلً صحيحًا‪،‬‬ ‫ذلك و سعناه و علمنا أكثره و شاهدناه‪ ،‬و لو أن رج ً‬
‫و بصرًا نافذًا‪ ،‬فأمعن نظره و ردد فكره‪ ،‬وتأمل أمر السلم و أهله‪ ،‬و سلك بأهله الطريق‬
‫القصد و السبيل الرشد‪ ،‬لتبي له أن الكثر و العم و الشهر من الناس قد نكصوا على‬

‫‪406‬‬
‫أعقابم‪ ،‬و ارتدوا على أدبارهم‪ ،‬فحادوا عن الحجة و انقلبوا عن صحيح الجة‪ ،‬و لقد‬
‫أضحى كثي من الناس يستحسنون ما كانوا يستقبحون‪ ،‬و يستحلون ما كانوا يرّمون‪ ،‬و‬
‫يعرفون ما كانوا يُنكرون)‪ .‬انتهى كلمه‪.‬‬

‫و الملة الخية من كلم ابن بطة‪ ،‬هي إشارة جليّة إل فتنة ضغط الواقع‪ ،‬حيث ينضغط‬
‫الكثيون بض غط الوا قع و من خلل طوق الاهلية الح كم و الذي ييط بالع بد من كل‬
‫مكان إحاطة السوار بالعصم‪ ،‬فيسعون و قد انكسرت قلوبم و هُزمت نفوسهم و ناحت‬
‫كواهلهم‪ ،‬تت مطارق هذا الضغط العنيف لنفي تلك التامات عن أنفسهم‪ ،‬بل و التبؤ‬
‫منها و من أصحابا و إظهار أنم أصحاب منهج مغاير‪ ،‬يقوم على العتدال و الواقعية و‬
‫الوسطية و ين بذ التشدد و الثال ية اليالية‪ ،‬و يلت قي مع الوا قع القائم‪ ،‬فل يار به أو ي سعى‬
‫إل ا ستبداله و إن ا هو ال صلح الرق يق و التغي ي ال سلمي الذي ينطلق من هذا الوا قع و‬
‫ي سايره‪ ،‬و ير جع إل يه ل غ ي‪ ،‬و هم ف سبيل ذلك يتكيفون ف كل قالب‪ ،‬و يتطاوعون‬
‫لكل ضاغط‪.‬‬

‫و لذا الن هج النزا مي التلفي قي سلسلة ألي مة من الفردات و الظا هر التعددات و ال ت‬


‫يمعها كلها كونا إفرازات ضغط الواقع الاهلي‪ ،‬فمحاولة اللتقاء و النسجام مع هذا‬
‫الواقع و مسايرته و عدم الظهور بظهر الارج عليه هو مصدر هذه السلسلة من الفردات‬
‫حكّمات و القطعيات الثابتة بالكتاب‬‫و مرجعيتها‪ ،‬و إن كان ذلك على حساب تطويع الُ َ‬
‫و السنة و الجاع لذا الواقع بل و التجاسر على إدعاء النسخ فيها‪.‬‬

‫و من ذلك ما قرره بعضهم ف تاسر و جرأة على دين ال‪ ،‬يار فيها العقل السليم‪ ،‬من‬
‫أن أحكام أهل الذمة قد نُسخت كليًا و جزئيًا‪ ،‬با يعرف اليوم بأحكام الواطنة‪ ،‬و مهما‬
‫قيل حول هذه السلسلة الليمة من الفردات و الظاهر تبيرًا أو تفسيًا‪ ،‬فليس لصحابا‬
‫من موقع ف صفوف الطائفة النصورة أبدًا‪.‬‬

‫‪407‬‬
‫و من أخ طر نتائج الوقوع ف هذه الفت نة‪ ،‬هو ا ستمراء الن كر و اعتياده‪ ،‬ح ت قد يزول‬
‫إنكاره بالكل ية من القلب نتي جة هذه ال سايرة النهج ية للوا قع و ال ت تؤدي إل ا ستمراء‬
‫النكر و الرضا به‪ ،‬بل قد يستقر ف القلب استحسانه و النكار على من أنكره‪ ،‬إذ كل ما‬
‫انضغـط العبـد و تراجـع للوراء خطوة بفعـل ضغـط الواقـع‪ ،‬ازداد اسـتعداده للنضغاط و‬
‫الترا جع خطوات‪ ،‬و ما يزال به هذا الن هج‪ ،‬ح ت ي صبح النضغاط للوا قع و الترا جع و‬
‫التنازل له خلقًا و دي نا للع بد‪ ،‬و تض عف لد يه إرادة الثبات ب صورة م ستمرة ح ت تتل شى‬
‫تامًا‪ ،‬و تصي لديه القابلية التامة للتنازل و التراجع عن كل شيء و أي شيء بسهولة و‬
‫يسر‪.‬‬

‫قال سيد ‪ -‬رحه ال ‪( :-‬النراف الطفيف ف أول الطريق ينتهي إل النراف الكامل ف‬
‫ناية الطريق‪ ،‬و صاحب الدعوة الذي يقبل التسليم ف جز ٍء منها و لو يسيًا‪ ،‬ل يلك أن‬
‫يقف عند ما سلّم به أول مرة‪ ،‬لن استعداده للتسليم يتزايد كلما رجع خطوة إل الوراء)‪.‬‬
‫انتهى كلمه [ف ظلل القرآن ‪ /‬السراء ‪ /‬آية ‪.]75-73‬‬

‫و قد تتعاظم فتنة ضغط الواقع‪ ،‬و تستفحل ف نفوس البعض‪ ،‬حت تكون سببًا ف الوقوع‬
‫ف الكفر و الشرك الصراح‪ ،‬و قد أعلمنا ال سبحانه و تعال أن هذه الفتنة كانت السبب‬
‫الرئيس ف وقوع الكثيين ف الكفر و الشرك‪ ،‬رغم ما قام لديهم من العلم بل و اليقي ف‬
‫صحة و صدق ما جاء به النبياء و الرسل‪.‬‬

‫قال تعال حكاية عن قوم نوح – عليه السلم ‪ -‬أنم قالوا ردّا عليه‪{ :‬مَا سَ ِم ْعنَا ِبهَذَا فِي‬
‫َآبَائِنَا الَْأوّلِيَ} [الؤمنون‪.]24:‬‬

‫وحكى ال تعال عن قول هود قولم له‪{ :‬قَالُوا أَ ِجْئتَنَا ِلَنعْبُدَ اللّ َه َوحْدَهُ َونَذَ َر مَا كَانَ َي ْعبُدُ‬
‫َآبَاؤُنَا} [العراف‪.]70:‬‬

‫و قال تعال عن قوم صال‪{ :‬قَالُوا يَا صَالِحُ قَدْ ُكنْ تَ فِينَا مَ ْر ُجوّا َقبْ َل هَذَا َأتَْنهَانَا أَ ْن َن ْعبُدَ‬
‫مَا َيعْبُدُ َآبَا ُؤنَا} [هود‪.]62:‬‬

‫‪408‬‬
‫فنظائر هذه اليات ف القرآن كثية معلومة وكلها مصرحة أن العبد قد يرج من الق إل‬
‫الباطل خضوعًا لضغط الواقع و مسايرة للناس و لا هم عليه‪ ،‬حيث للجموع و الشود‬
‫الغفية و العادة التأصلة و الرث التداول الحفوظ سطوة قوية و هيبة ف نفوس الكثيين؛‬
‫تدفعهم لخالفة الق و موافقة الباطل و الذعان له‪.‬‬

‫و كأن حذي فة صاحب ال سر و خبي الف ت ‪-‬ر ضي ال ع نه– كان يش ي إل فت نة ض غط‬


‫الوا قع تلك‪ ،‬ح ي قال‪( :‬أخوف ما أخاف على الناس اثنتان‪ :‬أن يُؤثروا ما يرون على ما‬
‫يعلمون‪ ،‬و أن يضلوا و هم ل يشعرون) ‪.‬‬

‫أما أهل الطائفة النصورة فهم يدفعون ضغط الواقع و ل ينضغطون له أو به‪ ،‬إذ عملهم هو‬
‫ف الساس و القام الول‪ :‬إخضاع الواقع لمر ال و أطره عليه أطرًا و هم يقومون بذلك‬
‫بف ضل ال أولً ث بيقين هم و صبهم ثانيًا‪ ،‬إذ فت نة ض غط الوا قع هي فت نة الغر بة بوانب ها‬
‫التعددة و مظاهرها الختلفة الت يعيشها أهل الطائفة النصورة ف سعيهم نو إقامة أمر‬
‫ال‪.‬‬

‫و قد كان السن –رحه ال– يقول‪( :‬صدق ال و رسوله‪ ،‬باليقي طلبت النة‪ ،‬و باليقي‬
‫هُرب من النار‪ ،‬و باليقي أُ ّديَت الفرائض‪ ،‬و باليقي صب على الق‪ ،‬و ف معافاة ال خي‬
‫كث ي‪ ،‬قد و ال رأينا هم يتقربون ف العاف ية فإذا نزل البلء تفارقوا) انت هى كل مه [الز هد‬
‫لبن البارك بنحوه]‪.‬‬

‫فأهل الطائفة النصورة يصبون على غربة الطريق و ل يوحشهم قلة السالكي‪ ،‬و لم ف‬
‫ذلك السوة التامة بي خلق ال و صفوتم من النبياء و الرسل ‪-‬عليهم السلم‪.-‬‬

‫عن ابن عباس رضي ال عنهما‪ ،‬قال‪ :‬خرج علينا النب صلى ال عليه و سلم يومًا فقال‪:‬‬
‫(عر ضت علي ال مم‪ ،‬فج عل ي ر ال نب م عه الر جل‪ ،‬و ال نب م عه الرجلن‪ ،‬و ال نب م عه‬
‫الرهط‪ ،‬و النب ليس معه أحد) [متفق عليه‪ ،‬البخاري ‪.]5420‬‬

‫‪409‬‬
‫فقلة السائرين و غربة الطريق وتفرد السي من نج النبياء و الرسلي ف القيام بأمر ال‪ ،‬و‬
‫قال رسـول ال صـلى ال عليـه و سـلم‪( :‬بدأ السـلم غريبا و سـيعود كمـا بدأ فطوبـ‬
‫للغرباء) [صحيح مسلم ‪.]145‬‬

‫ف نص ال نب صلى ال عل يه و سلم على أن الغر بة هي أ صل هذا ال مر‪ ،‬و أ ساسه و إل يه‬


‫يرجع‪.‬‬

‫و قال الطرطوشي ‪ -‬رحه ال ‪( :-‬و معن هذا الديث‪ :‬أنه لّا جاء ال بالسلم‪ ،‬فكان‬
‫الرجـل إذا أسـلم فـ قـبيلته و حيّه غريبًا فيهـم‪ ،‬مسـتخفيًا بإسـلمه‪ ،‬قـد جفاه الهـل و‬
‫العشية‪ ،‬فهـو بينهـم ذليـل حقيـ خائف‪ ،‬يتغصـص برع الفاء و الذى‪ ،‬ثـ يعود غريبًا‬
‫لكثرة الهواء الضلة و الذاهب الختلفة‪ ،‬حت يبقى أهل ال ق غرباء ف الناس‪ ،‬لقلتهم و‬
‫خوفهم على أنفسهم) انتهى كلمه‪.‬‬

‫و قال القرطب ‪ -‬رحه ال ‪( :-‬إن قرنه صلى ال عليه و سلم إنا فضل لنم كانوا غرباء‬
‫ف إيانم‪ ،‬لكثرة الكفار و صبهم على أذاهم و تسكهم بدينهم‪ ،‬و إن أواخر هذه المة‬
‫إذا أقاموا الدين و ت سّكوا به و صبوا على طاعة ربم‪ ،‬ف حي ظهور الشر و الفسق و‬
‫الرَج و العاصي و الكبائر‪ ،‬كانوا عند ذلك أيضًا غرباء و زكت أعمالم ف ذلك الوقت‪،‬‬
‫كما زكت أعمال أوائلهم‪ ،‬و ما يشهد لذا قوله ‪-‬عليه الصلة و السلم‪( :-‬بدأ السلم‬
‫غريبا و سيعود كما بدأ فطوب للغرباء)) انتهى كلمه [تفسي القرطب]‪.‬‬

‫و أعظم ما تكون غربة السلم و أهله القائمي به علمًا و عملً‪ ،‬دعوة و جهادًا‪ ،‬إذا ارتد‬
‫سوْفَ‬ ‫الداخلون فيه عنه‪ ،‬و قد قال تعال‪{ :‬يَا َأّيهَا الّذِي نَ آ َمنُواْ مَن يَ ْرتَ ّد مِنكُ ْم عَن دِينِ هِ فَ َ‬
‫حبّونَهُ أَذِّل ٍة عَلَى الْ ُمؤْ ِمنِيَ َأعِ ّز ٍة عَلَى اْلكَافِرِي َن يُجَاهِدُونَ فِي َسبِيلِ‬
‫حّبهُمْ َويُ ِ‬
‫يَ ْأتِي اللّ ُه ِب َقوْمٍ ُي ِ‬
‫اللّ ِه وَلَ َيخَافُونَ َل ْو َم َة لئِمٍ} [الائدة‪.]54:‬‬

‫‪410‬‬
‫فهولء يقيمونه إذا ارتد عنه أولئك‪ ،‬قال شيخ السلم ابن تيمية‪( :‬وقد تكون الغربة ف‬
‫بعض شرائعه‪ ،‬وقد يكون ذلك ف بعض المكنة‪ .‬ففي كثي من المكنة يفي عليهم من‬
‫شرائعه ما يصي به غريبًا بينهم‪ ،‬ل يعرفه منهم إل الواحد بعد الواحد‪.‬‬

‫ومع هذا‪ ،‬فطوب لن تسك بتلك الشريعة كما أمر ال ورسوله‪ ،‬فإن إظهاره‪ ،‬والمر به‪،‬‬
‫والنكار على من خالفه هو ب سب القوة والعوان‪ ).‬انتهى كل مه [مموع فتاوى ش يخ‬
‫السلم ‪/‬فصل‪ :‬حديث بدأ السلم غريبًا وسيعود غريبًا كما بدأ]‪.‬‬

‫و قال شس الق آبادي ‪ -‬رحه ال ‪( :-‬فطوب للغرباء من أمت‪ ،‬يريد النفردين عن أهل‬
‫زمانم) [عون العبود ‪.]4341‬‬

‫و قد وصف الشارع هؤلء الغرباء بملة من الوصاف‪ ،‬منها‪ :‬أنم نزاع الناس‪ ،‬أو الناع‬
‫من القبائل‪ ،‬و الناع ج ع نز يع و نازع‪ ،‬و هو الغر يب الذي نزع عن أهله و عشي ته‪ ،‬و‬
‫النائع من البل الغِراب‪.‬‬

‫قال الروي ‪ -‬رح ه ال ‪( :-‬أراد بذلك الهاجر ين الذ ين هجروا أوطان م إل ال تعال‪).‬‬
‫انتهى كلمه [شرح النووي على صحيح مسلم ‪.]145‬‬

‫و جاء ف وصف الغرباء‪:‬‬

‫أن م الفرارون بدين هم‪ ،‬أو الذين يفرون بدينهم من الف ت‪ ،‬و أن م أنا سٌ صالون قل يل ف‬
‫أناس سوء كثي‪ ،‬و من يعصيهم أكثر من يطيعهم‪ ،‬و أنم الذين يُصلِحونَ إذا فسد الناس‪،‬‬
‫و أنم الذين يتمسكو َن بكتاب ال حي يترك و يعملون بالسنة حي تُطفى‪ ،‬و أنم الذين‬
‫يييون ما أمات الناس من سنة النب صلى ال عليه و سلم‪ ،‬و هذه الوصاف الختلفة من‬
‫النب صلى ال عليه و سلم للغرباء‪ ،‬و إن كانت تظهر من جهة عظم الدور الذي يقوم به‬
‫هؤلء الغرباء ف أزمنة الغربة ف القيام بأمر ال و الثبات عليه‪ ،‬فإنا من جهة أخرى تظهر‬
‫عِظم غربة هؤلء و شدّتا‪ ،‬و عظم صبهم عليها‪ ،‬و قد نُقل عن سيد العباد بعد الصحابة‬

‫‪411‬‬
‫(أويس القرن)‪ ،‬أنه قال‪( :‬إن المر بالعروف و النهي عن النكر ل يدعا للمؤمن صديقًا‪،‬‬
‫نأمرُ هم بالعروف فيشتمون أعراض نا‪ ،‬و يدون ف ذلك أعوانًا من الفا سقي‪ ،‬ح ت و ال‬
‫لقد رمون بالعظائم‪ ،‬و أي ال ل أدعُ أن أقوم فيهم بقه) [سنن أب داوود ‪.]4341‬‬

‫ف من هذا الباب ير جع ال سلم غريبًا ك ما بدأ‪ ،‬لن الؤالف ف يه على و صفه الوّل قل يل‪،‬‬
‫ـ فأشكـل‬ ‫فصـار الخالف هـو الكثيـ‪ ،‬فاندرسـت رسـوم السـنة حتـ مدّت البدع أعناقه ا‬
‫مرماها على المهور فظهر مصداق الديث الصحيح كما بيّن ذلك الشاطب‪ ،‬رحه ال‪.‬‬

‫فقد ذكر الصادق الصدوق صلى ال عليه و سلم أن غربة القائمي بأمر ال‪ ،‬الثابتي عليه‪،‬‬
‫قد تشتد و تستحكم إل أن يصبح حال هؤلء الغرباء كحال القابض على المر‪.‬‬

‫ف عن أ ب ثعل بة الش ن أن ال نب صلى ال عل يه و سلم قال‪( :‬إن من ورائ كم أيام ال صب‪،‬‬


‫الصب فيه مثل القبض على المر‪ ،‬للعامل فيهم مثل أجر خسي رجلً يعملون مثل عمله)‪،‬‬
‫قالوا يا رسول ال‪ :‬أجر خسي منهم؟ فقال صلى ال عليه و سلم‪( :‬أجر خسي منكم)‬
‫[نوه ف كتاب المر بالعروف والنهي عن النكر لعبد الغن بن عبد الواحد القدسي]‪.‬‬

‫و ف ت شبيهه صلى ال عل يه و سلم التم سك بدي نه ال صابر عل يه‪ ،‬بالقا بض على ال مر‪،‬‬
‫دللت هامة‪ ،‬منها‪:‬‬

‫أولً‪ :‬شدة غربة الدين و شدة غربة أهله القائمي به‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬شدة و ع ظم و هول ض غط الوا قع على هؤلء القائم ي بأ مر ال ل صرفهم و فتنت هم‬
‫عنه‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬عظيم صب هؤلء القائمي بأمر ال‪ ،‬و عظيم ثباتم ف هذه الغربة الالكة‪.‬‬

‫‪412‬‬
‫رابعا‪ :‬أن اشتداد الغربة ف الدين و أهله القائمي به إل الدرجة الت تعل العبد كالقابض‬
‫على المر‪ ،‬ليس مبرًا للنكول و النكوص عن أمر ال و اليدة عنه‪ ،‬و التفريط فيه‪ ،‬و أنّه‬
‫ليس هناك غي الستمرار ف القبض على المر‪.‬‬

‫و لا قيل للمام أحد أيّام الحنة‪( :‬يا أبا عبد ال أول ترى الق كيف ظهر عليه الباطل‪،‬‬
‫قال‪ :‬كل‪ ،‬إن ظهور البا طل على ال ق أن تنت قل القلوب من الدى إل الضلل‪ ،‬و قلوب نا‬
‫بعدُ لزمةٌ للحق)‪.‬‬

‫خام سا‪ :‬أن ض غط الوا قع الشد يد من هذه الغر بة ال ستحكمة‪ ،‬ل يد فع بغ ي ال صب‪ ،‬ل‬
‫بالخذ ف بُنيّات الطريق و العدول عن الادّة‪ ،‬و لذلك كلّه نسب النب صلى ال عليه و‬
‫سلم هذه اليام لل صب‪ ،‬و إن ا نُ سبت كذلك لن الع بد بدون ال صب‪ ،‬بل و ال صب العظ يم‬
‫الذي يضارع صب القابض على المر‪ ،‬هيهات هيهات أن يسلَمَ له دينه‪ ،‬مع هذه الحن و‬
‫الهوال الت تيط به من كل جانب‪ ،‬و قد جاء عن حذيفة ‪ -‬رضي ال عنه ‪ -‬أنه أخذ‬
‫حجرين‪ ،‬فوضع أحدها على الخر‪ ،‬ث قال لصحابه‪( :‬هل ترون ما بي هذين الجرين‬
‫من النور؟ قالوا‪ :‬يا أ با ع بد ال ما نرى بينه ما من النور إل قليلً‪ ،‬قال‪ :‬و الذي نف سي‬
‫بيده‪ ،‬لتظهرن البدع حت ل يُرى من الق‪ ،‬إل قدر ما بي هذين الجرين من النور‪ ،‬و ال‬
‫لتفَشُونّ البدع حت إذا ترك منها شيء قالوا‪ :‬تُرِكت السنة)‪.‬‬

‫و قال سهل بن عبد ال‪( :‬عليكم بالثر و السنة‪ ،‬فإن أخاف أنه سيأت عن قريب زمان‪،‬‬
‫إذا ذكر إنسان النب صلى ال عليه و سلم و القتداء به ف جيع أحواله ذمّوه و نفروا عنه‬
‫و تبّأوا منه و أذلوه و أهانوه)‪.‬‬

‫و ما أعجب كلمة هشام بن حسان حي قال‪( :‬ليأتيّ على الناس زمان يشتبِ هُ فيه الق و‬
‫الباطل‪ ،‬فإذا كان ذلك ل ينفع فيه دعاء إل كدُعاء الغرِق)‪.‬‬

‫قال ابن القيم‪( :‬فإذا أراد الؤمن الذي قد رزقه ال بصيةً ف دينه و فقهًا ف سنة رسوله و‬
‫فهمًا ف كتابه و أراه مالناس فيه من الهواء و البدع و الضللت‪ ،‬و تن ّكبِهم عن الصراط‬

‫‪413‬‬
‫الستقيم الذي كان عليه رسول ال صلى ال عليه و سلم و أصحابه‪ ،‬فإذا أراد أن يسلك‬
‫هذا الصراط فليوطن نفسه على قدح الُهّال و أهل البدع فيه و طعنهم عليه‪ ،‬و إزرائهم‬
‫به‪ ،‬و تنفي الناس عنه‪ ،‬و تذيرهم منه‪ ،‬كما كان سلفهم من الكفار يفعلون مع متبوعه و‬
‫إما مه صلى ال عل يه و سلم‪ ،‬فأ ما إن دعا هم إل ذلك‪ ،‬و قدح ف ما هم عل يه‪ ،‬فهنالك‬
‫تقوم قيامتهـم‪ ،‬و يبغون له الغوائل‪ ،‬و ينصـبون له البائل‪ ،‬و يلبون عيـه بيـل كـبيهم و‬
‫رجله ) انتهى كلمه‪.‬‬

‫و من ث؛ فمن رغب أن يكون من أهل الطائفة النصورة‪ ،‬وسط هذه الغربة الالكة بيث‬
‫يكون كما قال ابن القيم ‪ -‬رحه ال ‪ ،-‬رأ سًا ف ذلك‪ ،‬يتاج أن يكون شجاعًا مقدامًا‪،‬‬
‫حاكمًا على وهه‪ ،‬غي مقهور تت سلطان تيّله‪ ،‬زاهدًا ف كل ما سوى مطلوبه‪ ،‬عاشقًا‬
‫ل ا تو جه إل يه‪ ،‬عارفًا بطر يق الو صول إل يه‪ ،‬و الطرق القوا طع ع نه‪ ،‬مقدام المّة‪ ،‬ثا بت‬
‫الأش‪ ،‬ل يثن يه عن مطلو به لوم لئم‪ ،‬و ل عذل عاذل‪ ،‬كث ي ال سكون‪ ،‬دائم الف كر‪ ،‬غ ي‬
‫مائلٍ مـع لذة الدح و ل أل الذم‪ ،‬قائمًا باـ يتاج إليـه مـن أسـباب معونتـه‪ ،‬ل تسـتفزّه‬
‫العارضات‪ ،‬شعاره الصب و راحته التعب‪.‬‬

‫و ما يدفع به أهلُ الطائفة النصورة فتنة ضغط الواقع أو فتنة الغربة‪ :‬استعلء اليان‪ ،‬حيث‬
‫تتلئ صـدورهم و نفوسـهم بالعزة التـ جعلهـا ال لهـل دينـه دون غيهـم‪ ،‬قال تعال‪:‬‬
‫خذُو َن الْكَافِرِي نَ َأوْلِيَا َء مِ نْ دُو نِ الْ ُم ْؤ ِمنِيَ َأَيبَْتغُو َن عِنْ َدهُ ُم الْعِ ّزةَ فَإِنّ اْلعِ ّزةَ لِلّ هِ‬
‫{الّذِي نَ يَتّ ِ‬
‫ّهـ جَمِيعًا ُهوَ‬ ‫ُمـ إِنّ اْلعِ ّزةَ ِلل ِ‬
‫ْكـ َقوُْله ْ‬‫ح ُزن َ‬‫جَمِيعًا} [النسـاء‪ ،]139:‬و قال تعال‪{ :‬وَلَا يَ ْ‬
‫ال سّمِي ُع اْلعَلِي مُ} [يونس‪ ،]65:‬فالعزة كُلها ل وحده وليس لن حادّ ال و رسوله و دينه‬
‫فيها أدن نصيب‪ ،‬و إن ملكوا أسباب السماء و الرض‪ ،‬و قد قال تعال ف صفة أوليائه‬
‫حّبهُمْ‬ ‫ف َيأْتِي اللّ ُه ِب َقوْ ٍم يُ ِ‬
‫سوْ َ‬ ‫القائمي بدينه‪( :‬يَا أَّيهَا الّذِينَ َآ َمنُوا مَ ْن يَ ْرتَ ّد ِمْنكُ ْم عَنْ دِينِهِ فَ َ‬
‫حبّونَ هُ َأذِّل ٍة عَلَى الْ ُم ْؤ ِمنِيَ َأعِ ّز ٍة عَلَى الْكَافِرِي َن يُجَاهِدُو نَ فِي َسبِيلِ اللّ ِه وَلَا يَخَافُو نَ َل ْو َمةَ‬ ‫َويُ ِ‬
‫لَائِمٍ ذَلِكَ َفضْلُ اللّ ِه ُي ْؤتِيهِ مَ ْن يَشَا ُء وَاللّ ُه وَاسِعٌ عَلِيمٌ ) [الائدة‪.]54:‬‬

‫‪414‬‬
‫فهـم ينضحون بالعزة فـ وجـه أعداء الديـن و إن كانـت لمـ الغلَبـة‪ ،‬و و إن كان لمـ‬
‫ال سلطان الادي‪ ،‬إذ العزة بال سلم ل بغيه‪ ،‬و ف مقا بل و صف أ هل اليان بالعزة‪ ،‬قال‬
‫تعال ف حق الحادّين له و لرسوله‪ِ{ :‬إنّ الّذِي نَ ُيحَادّو نَ اللّ هَ وَرَ سُولَهُ أُوَلئِ كَ فِي اْلأَذَلّيَ }‬
‫[الجادلة‪.]20:‬‬

‫و قد قال رسول ال صلى ال عليه و سلم‪( :‬السلم يعلو و ل يُعلى) [حسن‪ ،‬صحيح و‬
‫ضعيف الامع الصغي]‪.‬‬

‫و للحديث قصة ذات دللة هامّة‪ ،‬فعن عائذ بن عمرو أنه جاء يوم الفتح مع أب سفيان بن‬
‫حرب‪ ،‬و ر سول ال صلى ال عل يه و سلم حوله أ صحابه‪ ،‬فقالوا هذا أ بو سفيان و عائذ‬
‫بن عمرو‪ ،‬فقال ر سول ال صلى ال عل يه و سلم‪( :‬هذا عائذ بن عمرو و أ بو سفيان‪،‬‬
‫ال سلمُ أ عز من ذلك‪ ،‬ال سلمُ يعلو و ل يُعلى)؛ فمجرّد تقد ي ا سم الكا فر على ا سم‬
‫السلم منا فٍ لعلو السلم‪ ،‬بل مرد العلو الكان ل ينبغي أن يكون لغي أهل السلم‪ ،‬و‬
‫إن كانـت الدولة و الولة لعدائهـم‪ ،‬ففـي غزوة أحـد و بعـد أن دارت الدائرة على‬
‫السلمي‪ ،‬علت عالية من قريش البل‪ ،‬فقال رسول ال صلى ال عليه و سلم‪( :‬اللهم إنم‬
‫ط معه من الهاجرين حت أهبطوهم‬ ‫ل ينبغي لم أن يعلونا)‪ ،‬فقاتل عمر بن الطاب و ره ُ‬
‫عن البل‪.‬‬

‫و من اللطائف ما جاء ف تف سي قوله تعال‪َ{ :‬فَأثَابَكُ ْم غَمّ ا ِبغَمّ} [آل عمران‪،]153:‬‬


‫قال ابن عباس رضي ال عنهما‪( :‬الغم الول بسبب الزية وحي قيل قتل ممد صلى اللّه‬
‫عليه وسلم‪ ،‬والثان حي علهم الشركون فوق البل‪ ،‬وقال النب صلى اللّه عليه وسلم‪:‬‬
‫(اللهم ليس لم أن يعلونا))؛ فمجرد علو الكفار الكان على السلمي‪ ،‬رغم كون الزية‬
‫من نصيبهم‪ ،‬و الدائرة عليهم ما يصيبهم بالم و الغم‪ ،‬فالسلم الق تتلئ نفسه و تفيض‬
‫ب كل معا ن العلو الطلق‪ ،‬ب ا خ صه ال تعال و شرّ فه به دون سائر خل قه‪ ،‬و إن كان ف‬
‫أبعد حالته عن النصر و التمكي‪ ،‬و هذا ما ترسخ ف نفوس الصحابة رضي ال عنهم‪.‬‬

‫‪415‬‬
‫فعن طارق بن شهاب‪ ،‬قال‪ :‬خرج عمر بن الطاب إل الشام و معنا أبا عبيدة بن الراح‪،‬‬
‫فأتوا على ماضة و عمر على ناقة له‪ ،‬فنل عنها‪ ،‬و خلع خفيه‪ ،‬فوضعهما على عاتقه‪ ،‬و‬
‫أخذ بزمام ناقته‪ ،‬فخاض با الخاضة‪ ،‬فقال أبو عبيدة‪( :‬يا أمي الؤمني أنت تفعل هذا!!‬
‫تلع خف يك‪ ،‬و تضعه ما على عات قك‪ ،‬و تأ خذ بزمام ناق تك و توض ب ا الخا ضة‪ ،‬ما‬
‫يسرن أن أهل البلد استشرفوك)‪ ،‬فقال عمر – رضي ال عنه ‪( :-‬أوّه‪ ،‬لو يقل ذا غيك يا‬
‫أ با عبيدة جعل ته نكالً ل مة م مد صلى ال عل يه و سلم؛ إنّا كنّا أذ ّل قوم فأعز نا ال‬
‫بالسلم‪ ،‬فمهما نطلب العزة بغي ما أعزنا ال به أذلنا ال) [ الستدرك ‪.]207‬‬

‫و قد خاطب ال تعال الؤمني‪ ،‬عند الديث عن ما نزل بم من البلء‪ ،‬و ما جرى لم‬
‫من إدالة عدوهم منهم‪ ،‬فقال تعال‪{ :‬وَلَا َت ِهنُوا وَلَا تَحْ َزنُوا َوأَْنتُ ُم اْلَأعَْلوْنَ إِنْ ُكْنتُ ْم ُم ْؤ ِمنِيَ‬
‫ك اْلَأيّا مُ نُدَاوُِلهَا َبيْ نَ النّا سِ وَِلَيعْلَ مَ اللّ هُ‬
‫ح ِمثْلُ ُه َوتِلْ َ‬
‫سكُمْ َقرْ حٌ َفقَ ْد مَ سّ اْل َقوْ مَ قَ ْر ٌ‬
‫* إِ ْن يَمْ سَ ْ‬
‫الّذِي نَ َآمَنُوا َوَيتّخِ َذ ِمْنكُ ْم ُشهَدَاءَ وَاللّ هُ لَا ُيحِبّ الظّالِمِيَ * وَِليُمَحّ صَ اللّ ُه الّذِي نَ َآ َمنُوا‬
‫جّنةَ وَلَمّا يَعَْلمِ اللّ ُه الّذِي نَ جَاهَدُوا ِمْنكُ ْم َوَيعْلَمَ‬ ‫سْبتُمْ أَنْ تَ ْدخُلُوا الْ َ‬ ‫َويَمْحَ َق اْلكَافِرِي نَ * أَمْ حَ ِ‬
‫الصّابِرِينَ} [آل عمران‪.]142-139:‬‬

‫فنهى ال عباده الؤمني عن الوهن و الزن‪ ،‬رغم ما نزل بم من البلء و الحنة‪ ،‬و رغم‬
‫أن الدائرة كانت عليهم و ذلك لكونم هم أهل العلو و العزة ما كانوا متمسكي بدينهم‬
‫و إيانم‪.‬‬

‫فأساس العلو العزة هذا الدين الذي أكرمهم ال به‪ ،‬و ل عبة بعد ذلك بضعفهم الادي‪،‬‬
‫و كون الصولة و الولة لعدائهم عليهم‪.‬‬

‫قال السعدي ‪ -‬رحه ال ‪( :-‬يقول تعال مشجعا لعباده الؤمني ومقويا لعزائمهم ومنهضا‬
‫لممهم‪{ :‬وَلَا َت ِهنُوا وَلَا تَحْ َزنُوا} [آل عمران‪ ،]139:‬أي‪ :‬ول تنوا وتضعفوا ف أبدانكم‬
‫ول تزنوا ف قلوب كم عند ما أ صابتكم ال صيبة وابتلي تم بذه البلوى فإن الزن ف القلوب‬
‫والوهـن على البدان زيادة مصـيبة عليكـم وأعون لعدوكـم عليكـم بـل شجعوا قلوبكـم‬

‫‪416‬‬
‫وصبوها وادفعوا عنها الزن وتصلبوا على قتال عدوكم و قد ذكر تعال أنه ل يليق بم‬
‫الوهن والزن وهم العلون ف اليان ورجاء نصر ال وثوابه فالؤمن البتغي ما وعده ال‬
‫من الثواب الدنيوي والخروي ل ينبغي له ذلك ولذا قال تعال‪َ { :‬وَأْنتُ ُم اْلأَعَْلوْنَ إِنْ ُكْنتُمْ‬
‫ُم ْؤمِنِيَ} [آل عمران‪ )]139:‬انتهى كلمه [تفسي السعدي]‪.‬‬

‫فمن مقتضيات و لوازم كون أهل اليان هم العلون‪ ،‬عدم الوهن و الزن و النكسار ف‬
‫طلب العداء و مواجهتهم و إن اشتد ضغط الواقع على الؤمني بكون الصولة و الولة و‬
‫الدولة لعدائهم‪ ،‬فكيف بالتنازل و التراجع استجاب ًة لذا الضغط‪.‬‬

‫و ذلك أن ترسخ هذه القيقة ف قلب و نفس العبد الؤمن يورثه ثباتًا عظيمًا ف مواجهة‬
‫ض غط الوا قع و إن اش تد و ع ظم‪ ،‬ح يث يدرك الؤ من أ نه ال عز و العلى‪ ،‬من كل ما‬
‫حوله‪ ،‬رغم ضعفه الادي و ترده من أسباب القوة الادية‪ ،‬كما يدرك أن ما يبوح للواقع‬
‫الاهلي من مظاهر العزة و العلو‪ ،‬و الت لا سطوة و هيبة على كثي من النفوس إنا هي‬
‫مظاهر كاذبة خادعة‪ ،‬و إنا هذا العلو و العزة وهم و سراب ل حقيقة له‪.‬‬

‫و ختامًا نقول؛‬

‫إن من يع يش الوا قع من خلل كتاب أو مطال عة لو سائل إعلم أو غي ها‪ ،‬فل ي كن أن‬
‫يكـم على الواقـع الذي يعيشـه الجاهدون بطريقةٍ صـحيحة‪ ،‬فل بـد أن يعيـش بينهـم و‬
‫يعرف هوم هم و أفراح هم و أحزان م‪ ،‬و هذا هو شأن ال نب صلى اللّه عل يه و سلم‪ ،‬ف قد‬
‫كان العرا ب يد خل إل الجلس في سأل‪ :‬أي كم م مد؟ ل نه صلى اللّه عل يه و سلم كا نت‬
‫حياته بي أصحابه‪.‬‬

‫و لّا فزع أهل الدينة ليلً‪ ،‬انطلقوا قِبل الصوت‪ ،‬فتلقاهم النب صلى اللّه عليه وسلم‪ ،‬و قد‬
‫سبقهم إل الصوت و هو على فرسٍ لب طلحة‪ ،‬ما عليه سرج‪ ،‬و ف عنقه السيف‪ ،‬و هو‬
‫يقول‪( :‬يا أيها الناس‪ ،‬لن تُراعوا)‪.‬‬

‫‪417‬‬
‫فالذي يعايش الواقع عن بُعد‪ ،‬و ل يعيش تفاصيله‪ ،‬و ل يواجه نوازله و ابتلءاته‪ ،‬فل شك‬
‫أ نه سيبقى بنأىً عن سهام أ هل الك فر و انتقادات م‪ ،‬ح سن ال سية ن قي ال صورة‪ ،‬و أ ما‬
‫الجاهدون فإنم يوضون مع أعدائهم غمار الروب‪ ،‬فطريقهم واضح العال و الهداف‪،‬‬
‫و هم ف سيهم إل ربم يوالون فيه و يعادون فيه‪ ،‬و يبون فيه و يُبغضون فيه و حاديهم؛‬
‫اللهم لك العتب حت ترضى‪.‬‬

‫ح و ابتلءات أو‬ ‫و هم ف سيهم غ ي مبئي عن الخطاء و العائب‪ ،‬فإذا أ صابتهم قرو ٌ‬


‫هزائم و جراحات‪ ،‬سلقهم القاعدون بألسنةٍ حداد‪ ،‬و نظّروا سبب هزيتهم با يرونه على‬
‫طريقتهـم‪ ،‬فليتهـم كانوا فـ أوائل الصـفوف‪ ،‬و خاضوا معهـم غمار الروب‪ ،‬و عاشوا‬
‫الهاد بلوه و مرّه‪ ،‬و ما يتعرض له الجاهدون من ضغوطات تنوء بمل ها البال‪ ،‬إذًا لو‬
‫َنصَحوا و نظّروا لقبل منهم‪.‬‬

‫اللهم أبرم لذه المة أمر رشد‪ ،‬يعز فيه أهل طاعتك‪ ،‬و يذل فيه أهل معصيتك‪ ،‬و يؤمر‬
‫فيه بالعروف‪ ،‬و ينهى فيه عن النكر‪،‬‬

‫اللهم ارفع الضيم و الذل عن هذه المة‪ ،‬و ارفع راية الهاد ف كل واد و باد‪،‬‬

‫{وَاللّ ُه غَاِلبٌ عَلَى َأمْ ِر ِه وَلَكِنّ أَ ْكثَ َر النّاسِ َل َيعَْلمُونَ} [يوسف‪]21:‬‬

‫و المد ل رب العالي‪.‬‬

‫صعَبٍ الزّ ْرقَاوِي‬


‫َأبُ ْو مُ ْ‬
‫َأمِيْ ُر تَنْظِي ِم القَا ِع َدةِ ِف ْي بِلدِ الرّافِ َديْن‬
‫ق – بِلدُ الرّافِ َديْن‬
‫ال ِعرَا ُ‬

‫‪418‬‬
‫الطاب الرابع و الثلثون‬

‫سِلسِلَةُ مُحَاضَراتِ‪:‬‬
‫ل يَضُرّهُم َمنْ خَ َذلَهُمْ‬
‫ض َرةُ الرابِعَة‪ ،‬وَ هِ َي بِعُنوان‪:‬‬
‫الُحا َ‬

‫(قُلْ َأأَنُْتمْ َأعْلَمُ َأمِ اللّهُ)‬


‫‪ 4‬رمضان ‪ 1426‬هـ‬
‫‪ 7‬أوكتوبر‪/‬تشرين الول ‪ 2005‬م‬

‫بِصَوْتِ الشَيخ‬
‫ب الزّرْقَاوِي ( َرحِ َمهُ ال)‬
‫أَِبيْ مُصْع ٍ‬

‫المدُ لِ مع ّز ال سلمِ بن صره‪ ،‬ومُذلّ الشر كِ بقهره‪ ،‬وم صرّف المور بأمره‪ ،‬وم ستدر ِ‬
‫ج‬
‫الكافريـن بكره‪ ،‬الذي قدّر اليام دولً بعدله‪ ،‬وجعـل العاقبةَ للمتقي َ بفضلِه‪ ،‬والصـلةُ‬
‫والسلم على من أعلى الُ منا َر السلمِ بسيفِه‪.‬‬

‫أمّا بعد؛‬

‫‪419‬‬
‫فإن أي جاعة تنشد تغيي واقع المة وذلا وإعادة مدها السالف وعزها‪ ،‬ل بد أن تتلك‬
‫ف نفسها مموعة من العوامل الت تؤهلها وتكّنها من تقيق بغيتها والوصول إل غايتها‬
‫سـ هذه العوامـل وأصـلها أن يكون لاـ خطاب دعوي دينـ واضـح العال‪ ،‬ثابـت‬ ‫وأُ ُ‬
‫الركان‪ ،‬يقوم على أسـس مكمـة متينـة تسـتمد منـه الماعـة أسـباب حياتاـ ومقومات‬
‫ا ستمرارها فإذا ما ترا فق هذا الطاب مع ع مل جهادي منظّم التزم أفراده مقتضيات هذا‬
‫الطاب تأتّى للجماعة الصول على ما تطلبه وتقيق ما تنشده‪.‬‬

‫وإن التتبع لسي العديد من الركات السلمية العاصرة ليتبيّن له بلء أن خطابا الدين‬
‫مشوه فـ معالهـ‪ ،‬غامـض فـ مصـطلحاته‪ ،‬فضفاض فـ عباراتـه وشعاراتـه ومـا ذاك إل‬
‫لبتعادهم عن استخدام الصطلح الشرعي ف خطابم واستبدالم إياه بصطلحات عصرية‬
‫حاد ثة‪ ،‬يق طر منها من هج النزام ية وير شح منها سبيل التبع ية الفكرية‪ ،‬فبت نا ن سمع ل فظ‬
‫القاومة وصراع الضارات بدل الهاد ف سبيل ال‪ ،‬ولفظ الدنيي والبرياء بدل الكفار‬
‫والحارب ي‪ ،‬ول فظ الطرف ال خر بدل اليهود والن صارى‪ ،‬إل غ ي ذلك من اللفاظ ال ت‬
‫يطول ذكرها‪ ،‬والت هي ف حقيقتها سبيل إل تفريغ الصطلحات الشرعية من مضمونا‬
‫ودللتا الت أرادها الشارع الكيم من وضعها‪.‬‬

‫إن حدود الشرع مبن ية على ف هم هذه ال صطلحات‪ ،‬وإن اللل ف ف هم هذه ال صطلحات‬
‫الت خاطبنا الشارع با يؤدي إل إفساد فهم الخاطبي بذا الدين‪ ،‬ومن ثّ إفساد عبادتم‬
‫ل رب العال ي‪ ،‬ويت ضح ذلك بتأ مل م صطلح اليان‪ ،‬ف قد ر تب ال سبحانه وتعال على‬
‫ِينـ َآ َمنُوا }‬
‫َنـ الّذ َ‬
‫ِعـ ع ِ‬
‫ّهـ يُدَاف ُ‬
‫التيان بـه أمورًا وعلّق عليـه وعودا‪ ،‬فقال سـبحانه‪{ :‬إِنّ الل َ‬
‫[الج‪]38:‬‬

‫خِل َفّنهُمْ فِي اْلأَرْ ضِ}‬


‫وقال سبحانه‪َ { :‬وعَدَ اللّ ُه الّذِي نَ َآ َمنُوا ِمنْكُ ْم َوعَمِلُوا ال صّالِحَاتِ َليَ سْتَ ْ‬
‫[النور‪.]55:‬‬

‫‪420‬‬
‫فاللل وال هل ف ف هم مع ن اليان عن شرع ال قد يؤدي بالرء إل تكذ يب القرآن أو‬
‫الشك ف موعوده حيث ل يتحقق هذا الوعد‪.‬‬

‫ولذا كان الطاب الدعوي للمجاهدين أهل الطائفة النصورة يقوم على الصطلح الشرعي‬
‫فـ ماطبـة الدعوّيـن ل غيه مـا أمكـن ذلك‪ ،‬وذلك أن الصـطلح الشرعـي هـو القوم‬
‫والهدى لا وضع له‪.‬‬

‫أ ما غيه من ال صطلحات الختر عة الوّلدة فل يؤ من مع ها الزلل واللل لكون ا من نِتاج‬


‫العقول غي العصومة فضل عما فيها من إعراض عن هدي الكتاب والسنة وما ورد عن‬
‫سلف هذه ال مة‪ ،‬فكان التم سك بذه ال صطلحات البتد عة والش غف ب ا والتنا فس في ها‬
‫ليس له من مبر غي اتباع الوى مع التسليم بأنه استبدال للذي هو أدن بالذي هو خي‪.‬‬

‫فأ هل الطائ فة الن صورة يعت صمون بالكتاب وال سنة لفظًا ومع ن‪ ،‬فك ما يعت صمون بعا ن‬
‫الكتاب والسنة خوف الزيغ والضلل كذلك يعتصمون بألفاظهما خوف الزيغ والضلل‪.‬‬

‫إذ الزيـغ والضلل كمـا يعرض مـن جهـة العانـ فإنـه يعرض كذلك مـن جهـة اللفاظ‬
‫والبا ن‪ ،‬بل اللفاظ بوا بة العا ن ومدخل ها وقوالب ها ال ت ت صب في ها‪ ،‬ف ما ل ت كن تلك‬
‫اللفاظ مكمة للحق جامعة وللباطل مانعة فستكون مدخل للزيغ والضلل‪.‬‬

‫إذ اللفاظ للمعا ن أتّة‪ ،‬وعليها أدلة‪ ،‬وإليها موصلة‪ ،‬وعلى الراد منها مصلة‪ ،‬ولذا فأهل‬
‫الطائ فة الن صورة يق صدون اللفاظ الشرع ية ليضبطوا ب ا تلك العا ن فل يش ّذ عن هم من ها‬
‫شيء‪.‬‬

‫قال تعال‪{ :‬الَْيوْمَ أَكْمَ ْلتُ َلكُمْ دِيَنكُ ْم َوَأتْمَ ْمتُ عََلْيكُمْ نِعْ َمتِي وَرَضِيتُ َلكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا}‬
‫[الائدة‪.]3:‬‬

‫‪421‬‬
‫ف نص تعال على أ نه قد أك مل ل نا الد ين وأحك مه‪ ،‬وهذا الكمال شا مل للمعا ن والبا ن‪،‬‬
‫فالعراض عن استعمال الصطلح الشرعي فيه انتقاص لذه الشريعة الغراء‪.‬‬

‫ويقول ال سبحانه وتعال‪{ :‬إِ ّن هَذَا الْقُرْ َآ َن َيهْدِي لِّلتِي هِيَ أَ ْق َومُ } [السراء‪.]9:‬‬

‫وهذه الداية هداية مطلقة‪ ،‬فهو يهدي للت هي أقوم معنًى ومبنًى‪ ،‬وذلك ف كل زمن من‬
‫الزمان وإل أن يرث ال الرض ومن عليها‪.‬‬

‫ض َربْنَا لِلنّا سِ فِي هَذَا‬


‫و قد ن فى سبحانه وتعال العِوج عن كتا به فقال سبحانه‪{ :‬وََلقَدْ َ‬
‫الْقُرْآَ ِن مِ نْ كُ ّل َمثَلٍ َلعَّلهُ ْم َيتَذَكّرُو نَ * ُقرْ َآنًا عَ َرِبيّا َغيْرَ ذِي ِعوَ جٍ َلعَّل ُه ْم َيتّقُو نَ} [الزمر‪:‬‬
‫‪.]28-27‬‬

‫قال ابن كثي‪( :‬وقوله ج ّل وعل‪ُ{ :‬قرْ َآنًا َع َربِيّا َغيْرَ ذِي عِوَ جٍ َلعَّلهُ ْم َيتّقُو نَ} [الزمر‪]28:‬‬
‫أي هـو قرآن بلسـان عربـ مـبي ل اعوجاج فيـه‪ ،‬ول انراف ول لبـس‪ ،‬بـل هـو بيان‬
‫ُونـ} [الزمـر‪:‬‬
‫ُمـ َيّتق َ‬
‫ووضوح وبرهان‪ ،‬وإناـ جعله اللّه تعال كذلك‪ ،‬وأنزله بذلك {َلعَّله ْ‬
‫‪ ]28‬أي يذورن ما فيه من الوعيد ويعملون با فيه من الوعد) انتهى كلمه رحه ال‪.‬‬

‫فكان الطاب الدعوي البن على الصطلح الشرعي خطابًا دعويًا غي ذي عوج‪ ،‬وبالقابل‬
‫يكون الطاب الدعوي الب ن على غ ي ال صطلح الشر عي خطابًا دعويًا ذا عوج وإن ظن‬
‫أصحابه أنم قد اعتلوا ذروة سنام الفصاحة وامتلكوا ناصية البيان‪.‬‬

‫إن أ هل الطائ فة الن صورة يدركون بأن الشرع ف ا ستخدامه ل صطلحات دون غي ها قد‬
‫أع طى هذه ال صطلحات معا ن ودللت خا صة‪ ،‬و ما ذاك إل رغ بة ف ر بط هذه العا ن‬
‫والدللت بتلك ال صطلحات‪ ،‬ب يث إذا ت الت عبي عن هذه العا ن والدللت بغ ي تلك‬
‫الصطلحات واستبدالا بصطلحات مدثة ل يفد ذلك قطعًا أين ما أراده الشرع من معان‬
‫ودللت نفيًا وإثباتًا‪.‬‬

‫‪422‬‬
‫ومن اليقي عند أهل الطائفة النصورة أن ربط الشرع لعن من العان بصطلح ما يعن أن‬
‫هذا الصطلح هو وحده الجدر والصلح ف التعبي عن هذا العن مهما تبدلت الحوال‬
‫وتغيت الزمان‪ ،‬إذ هذا الدين تنيل رب العالي‪.‬‬

‫قال ابن القيم ‪ -‬رحه ال ‪( :-‬ينبغي للمفت أن يفت بلفظ النص مهما أمكنه فإنه يتضمن‬
‫ال كم و الدل يل مع البيان التام و قد كان ال صحابة والتابعون والئ مة الذ ين سلكوا على‬
‫منهاجهم يتحرون ذلك غاية التحري حت خلفت من بعدهم خلوف رغبوا عن النصوص‬
‫واشتقوا ل م ألفا ظا غ ي ألفاظ الن صوص فأو جب ذلك ه جر الن صوص‪ ،‬ومعلوم أن تلك‬
‫اللفاظ ل ت في ب ا ت في به الن صوص من ال كم والدل يل وح سن البيان فتوّلد من هجران‬
‫ألفاظ النصوص والقبال على اللفاظ الادثة وتعليق الحكام با على المة من الفساد ما‬
‫ل يعلمـه إل ال‪ ،‬فألفاظ النصـوص عصـمة وحجـة بريئة مـن الطـأ والتناقـض والتعقيـد‬
‫والضطراب ول ا كا نت هي ع صمة عهدة ال صحابة وأ صولم ال ت إلي ها يرجعون كا نت‬
‫علومهم أصح من علوم من بعدهم وخطؤهم فيما اختلفوا فيه أقل من خطأ من بعدهم ث‬
‫التابعون بالن سبة إل من بعد هم كذلك‪ ،‬ول ا ا ستحكم هجران الن صوص ع ند أك ثر أ هل‬
‫الهواء والبدع كانـت علومهـم فـ مسـائلهم وأدلتهـم فـ غايـة الفسـاد والضطراب‬
‫والتناقض‪ ،‬وقد كان أصحاب رسول ال صلى ال عليه وسلم إذا ُسئِلوا عن مسألة يقولون‬
‫قال ال كذا قال رسـول ال صـلى ال عليـه وسـلم كذا‪ ،‬أو فعـل رسـول ال كذا‪ ،‬ول‬
‫يعدلون عن ذلك ما وجدوا إل يه سبيل قط‪ ،‬ف من تأ مل أجوبت هم وجد ها شفاء ل ا ف‬
‫الصدور)‪ .‬انتهى كلمه رحه ال [إعلم الوقعي عن رب العالي]‪.‬‬

‫وكلم ابن القيم هذا‪ ،‬وإن كان نصا ف حق الفت فإنه شامل كذلك للداعية بامع التبليغ‬
‫عن ال لدينه وشرعه‪ ،‬مع ما ف كلمه رحه ال من عموم ضرر هجر ألفاظ النصوص‪.‬‬

‫وقال ابن القيم‪( :‬فلما طال العهد وبعُد الناس من نور النبوة‪ ،‬صار هذا عيبا عند التأخرين‬
‫أن يذكروا ف أ صول دين هم وفرو عه قال ال وقال ر سول ال)‪ .‬انت هى كل مه رح ه ال‬
‫[إعلم الوقعي عن رب العالي]‪.‬‬

‫‪423‬‬
‫وقـد قال الغزال وهـو يتحدث عـن بيان مـا بدل مـن ألفاظ العلوم قال‪( :‬اعلم أن منشـأ‬
‫التباس العلوم الذمومـة بالعلوم الشرعيـة تريـف السـامي الحمودة وتبديلهـا ونقلهـا‬
‫بالغراض الفا سدة إل معا نٍ غ ي ما أراده ال سلف ال صال والقرن الول)‪ .‬انت هى كل مه‬
‫رحه ال‪[ .‬إحياء علوم الدين‪ /‬كتاب العلم]‬

‫وقال ابن حزم ف حديثه عن اللفاظ الدائرة بي أهل النظر‪( :‬هذا باب خلّط فيه كثي من‬
‫تكلم ف معانيه وشبك بي العان وأوقع الساء على غي مسمياتا ومزج بي الق والباطل‬
‫فكثر لذلك الشغب واللتباس وعظمت الضرة وخفيت القائق) انتهى كلمه رحه ال‪.‬‬

‫وهذه الصورة الت أشار إليها كل من الغزال وابن حزم رحهم ال تعال ل شك أنا من‬
‫أخطر صور تريف حقائق الدين وتغيي مفاهيمه‪ ،‬حيث يتم تريد الصطلح الشرعي من‬
‫معناه ال ق وإ سقاطه على مع ن آ خر غ ي ما و ضع له‪ ،‬ث تروي ه بذا ال خر الد يد بغ ية‬
‫التحريـف والتبديـل‪ ،‬فإذا انضاف إل ذلك السـتعاضة بالكليـة عـن الصـطلح الشرعـي‬
‫ب صطلح آ خر مدث تأكدت ال سارة؛ لنقطاع ال صلة بال صل الذي من خلله وحده‬
‫يكون تصحيح العن أو تقوي اللفظ‪ ،‬وقد يكون هذا الصطلح الديد ما زخرفه أصحابه‬
‫وح سّنوه‪ ،‬ببهرج القول وزخرفه‪ ،‬تويهًا وتريرًا لا ف باطنه من باطل‪ ،‬فينخدع به أسرى‬
‫الظاهر من يعميهم الشكل عن الضمون فيوج عليهم باطله فيهلكون‪.‬‬

‫قال ابن القيم رحه ال‪( :‬بل من تأمل القالت الباطلة والبدع كلها وجدها قد أخرجها‬
‫أصحابا ف قوالب مستحسنة وكسوها ألفاظًا يقبلها با من ل يعرف حقيقتها‪ ،‬فل إله إل‬
‫ال كم ها ه نا من مزلة أقدام وم ل أوهام؟ و ما د عى م ق إل حق إل أخر جه الشيطان‬
‫على لسان أخيه ووليه من النس ف قالب تنفر عنه خفافيش البصائر وضعفاء العقول وهم‬
‫أكثر الناس‪ ،‬وما حذر أحد من باطل إل أخرجه الشيطان على لسان وليه من النس ف‬
‫قالب مزخرف يسـتخف بـه عقول ذلك الضرب مـن الناس فيسـتجيبون له‪ ،‬وأكثـر الناس‬
‫نظرهـم قاصـر على الصـور ل يتجاوزوناـ إل القائق فهـم مبوسـون فـ سـجن اللفاظ‬

‫‪424‬‬
‫مقيدون بقيود العبارات ك ما قال تعال‪{ :‬وَكَذَلِ كَ َجعَلْنَا ِلكُ ّل َنبِيّ عَ ُدوّا َشيَاطِيَ الِْإنْ ِ‬
‫س‬
‫ضهُ مْ إِلَى َبعْ ضٍ ُزخْرُ فَ الْ َقوْ ِل غُرُورًا وََلوْ شَاءَ َربّ كَ مَا َفعَلُو هُ فَ َذ ْرهُ مْ َومَا‬ ‫وَالْجِنّ يُوحِي َب ْع ُ‬
‫ضوْهُ وَِلَي ْقتَرِفُوا مَا هُ ْم ُم ْقتَرِفُونَ}‬
‫َيفْتَرُونَ * وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَ ْفئِ َد ُة الّذِينَ لَا ُي ْؤ ِمنُونَ بِالْآَ ِخ َرةِ وَِليَرْ َ‬
‫[النعام‪ .]113-112:‬انتهى كلمه رحه ال [إعلم الوقعي عن رب العالي]‪.‬‬

‫ولعل خي مثال لا ذكره هؤلء الئمة ما يروّج له ف هذه الزمان‪ ،‬وهو ما اصطلح عليه‬
‫الناس من ت سمية الكفار والشرك ي غ ي الع سكريي بالدني ي‪ ،‬وعل يه فل يوز عند هم‬
‫استهدافهم بالقتل أو التعرض لم‪ ،‬وهذا الصطلح وما ترتب عليه من أحكام باطل منقطع‬
‫النسبة والن سب لشرع ال ودينه لف ظا ومع ن؛ لن ميزان التفر يق ف ال سلم ل يقوم ب ي‬
‫مدن و عسكري‪ ،‬وإنا يقوم على أساس التفريق بي السلم والكافر‪.‬‬

‫قال تعال‪ُ { :‬هوَ الّذِي خََل َقكُمْ فَ ِمْنكُمْ كَافِ ٌر َو ِمْنكُمْ ُم ْؤمِنٌ} [التغابن‪.]2:‬‬

‫فال سلم مع صوم الدم أيّ ا كان عمله ومله‪ ،‬والكا فر مباح الدم أيّ ا كان عمله ومله‪ ،‬ما ل‬
‫يكن له عهد أو أمان‪.‬‬

‫وقد قال تعال‪{ :‬وَقَاتِلُوهُمْ َحتّى لَا َتكُونَ ِفْتَن ٌة َويَكُونَ الدّينُ كُلّهُ ِللّهِ} [النفال‪.]39:‬‬

‫ب الْ َقتْ ِل ُهوَ اْل ُكفْ ِر ِبهَذِ ِه الْآَيةِ؛ ِلَأنّ ُه َتعَالَى قَالَ‪َ { :‬حتّى لَا َتكُو نَ ِفْتَنةٌ}‬‫قال ابن العرب‪ ( :‬سََب َ‬
‫ب الْ َقتْ ِل الْ ُمبِي حَ لِ ْل ِقتَالِ‬
‫جعَ َل اْلغَايَ َة عَدَ مَ اْل ُكفْ ِر نَ صّا‪َ ،‬وأَبَا نَ فِيهَا أَنّ َسبَ َ‬
‫[النفال‪]39:‬؛ َف َ‬
‫[هو] الْ ُكفْرُ)‪ .‬انتهى كلمه رحه ال [أحكام القرآن لبن العرب]‪.‬‬

‫قال ا بن كث ي رح ه ال‪( :‬و قد ح كى ا بن جر ير الجاع على أن الشرك يوز قتله إذا ل‬


‫ي كن له أمان‪ ،‬وإن أ مّ الب يت الرام أو ب يت القدس)‪ .‬انت هى كل مه رح ه ال [تف سي ا بن‬
‫كثي]‪.‬‬

‫‪425‬‬
‫قال الشوكانـ‪( :‬فالشرك سـواء حارب أول يارب مباح الدم مادام مشركـا)‪ .‬انتهـى‬
‫كلمه‪.‬‬

‫فكل أهل الرض مع السلم ثلثة أقسام ل رابع لا‪:‬‬

‫القسم الول‪ :‬أهل السلم النتسبون له‪.‬‬

‫والقسم الثان‪ :‬السالون للسلم‪ ،‬الهادنون لهله بذمة أو هدنة أو أمان‪.‬‬

‫وهذان الق سمان دماؤ هم وأموال م مع صومة إل أن يأ ت أحد هم ب ا يباح به د مه‪ ،‬أو ماله‬
‫بكم الشرع‪.‬‬

‫والقسم الثالث‪ :‬وهم كل ما عدا ذلك من أهل الرض فكل كافر على وجه الرض ل‬
‫يسال السلم ول يهادن أهله بذمة أو هدنة أو أمان فهو كافر مارب ل عصمة له مطلقا‬
‫ما ل يكن من ني عن قتله ابتداءً كالصبيان والنساء‪.‬‬

‫فالكفر و إباحة الدم والال قرينان ل ينفكان ف دين ال وشرعه‪ ،‬ول يعصم من ذلك إل‬
‫من عصمه السلم بذمة أو هدنة أو أمان‪.‬‬

‫وكذلك مفهوم الهاد ف السلم‪ ،‬الذي يتعرض لع ت هجمات التشو يه‪ ،‬من قبل أعداء‬
‫الدين من مستشرقي ومستغربي وعلمانيي وغيهم‪ ،‬بدعوى أنه مفهوم يتناف مع مبادئ‬
‫حقوق النسان الت شرعوها‪ ،‬وأنه إنا يعن‪ :‬سفك الدماء ونشر القتل وإحداث الدمار‪.‬‬

‫وقـد تأثـر بذه الملة التغريبيـة كثيـ مـن السـلمي حتـ باتوا يسـتحيون مـن ذكـر هذا‬
‫ال صطلح العظ يم‪ ،‬خش ية اتام هم بالرهاب وا ستبدلوه ب صطلحات فضفا ضة ل تؤدي ما‬
‫أراده الشارع من هذه الكلمة العظيمة‪ ،‬استبدلوه بلفظ القاومة وحق الدفاع عن النفس‪،‬‬
‫وغي ذلك من اللفاظ الت شرعتها وأقرتا دساتي المم التحدة وغيها‪.‬‬

‫‪426‬‬
‫ماراةً منهم للتيار الارف من العلمانيي واللباليي الدد رموزًا وكتّابًا وأدباء و صحفيي‬
‫وباحثي وغيهم‪ ،‬ما رجع سلبًا على الهاد وأهله‪ ،‬حيث أدى ذلك إل إدخال جاعات‬
‫ب وفصائل ل ت ت إل الهاد ب صلة ف مدلول هذا ال صطلح العظ يم‪ ،‬كحزب ال‬ ‫و أحزا ٍ‬
‫الرافضي وحركة فتح العلمانية وغيها بل إنه يدخل ف هذه اللفاظ من ليس من هذه للة‬
‫الغراء‪ ،‬كاليش اليرلندي‪ ،‬والركة الشعبية الصليبية‪ ،‬والبهة الشعبية الشيوعية و غيها‪.‬‬

‫وذلك با مع أن كل من يد فع عن بلده العدو ال صائل ي سمى مقاومًا‪ ،‬و كل من يقا تل‬


‫ل يسمى مقاومًا‪ ،‬أما لفظ الهاد ومصطلحه فهو أعمق وأوضح وله مدلولته وأبعاده‬ ‫مت ً‬
‫العظيمة ف نفوس أبناء المة‪.‬‬

‫فعندما يطلق لفظ الهاد يرج منه كل من ل يقاتل ف سبيل ال‪ ،‬سواء قاتل لعصبية أو‬
‫قوميـة أو وطنيـة أو لال أو منصـب أو جاه أو أرض أو غيهـا‪ ،‬وإن صـُبغ ذلك ببعـض‬
‫الشعارات السلمية زورًا وبتانًا‪.‬‬

‫ـ فلن لقـد حجرت واسـعًا‪ ،‬قلت‪ :‬لعمـر ال ليـس كذلك‪ ،‬بـل هـو ديـن ال‬
‫فإن قيـل‪ :‬ي ا‬
‫وشرعه‪ ،‬ولكن أنتم من ميع دين ال وجعله كثوب السابري‪.‬‬

‫روى البخاري عن أب موسى رضي ال عنه قال‪ :‬جاء رجل إل النب صلى ال عليه وسلم‬
‫فقال‪ :‬الر جل يقا تل حية ويقاتل شجا عة ويقا تل ريا ًء فأي ذلك ف سبيل ال؟ قال صلى‬
‫ال عل يه و سلم‪ ( :‬من قا تل لتكون كل مة ال هي العل يا ف هو ف سبيل ال)‪[ .‬مت فق عل يه‪،‬‬
‫صحيح مسلم ‪]1904‬‬

‫ومثل هذا الصطلح ما فت به كثي من رجالت الدعوة اليوم وظنّوه طريقا للتمكي لدين‬
‫ال وشرعـه‪ ،‬ورموا كـل مـن ل يوافقهـم عليـه بكـل نقيصـة‪ ،‬وهـو مـا يعرف اليوم بعلم‬
‫السياسة‪ ،‬الأخوذ عن كفرة الغرب والشرق‪ ،‬و فتنته اليوم كفتنة علم الكلم‪ ،‬يوم أن ظهر‬

‫‪427‬‬
‫للصد عن دين ال الق‪ ،‬والعراض عن هدي الكتاب والسنة وكلها ما جاءنا من كفرة‬
‫الغرب أساسًا مع فسادها ف أنفسهما‪.‬‬

‫قال ابن القيم‪( :‬وتقسيم بعضهم طرق الكم إل شريعة وسياسة‪ ،‬كتقسيم غيهم الدين‬
‫إل شريعة وحقيقة‪ ،‬وكتقسيم آخرين الدين إل عقل ونقل‪ ،‬وكل ذلك تقسيم باطل‪ ،‬بل‬
‫السياسة والقيقة والطريقة والعقل؛ كل ذلك ينقسم إل قسمي‪:‬‬

‫صحيح وفاسد‪.‬‬

‫فالصحيح قسم من أقسام الشريعة ل قسيم لا‪ ،‬والباطل ضدها ومنافيها وهذا الصل من‬
‫أ هم ال صول وأنفع ها‪ ،‬و هو مب ن على حرف وا حد‪ ،‬و هو عموم ر سالته صلى ال عل يه‬
‫وسلم بالنسبة إل كل ما يتاج إليه العباد ف معارفهم وعلومهم وأعمالم‪ ،‬وأنه ل يوج‬
‫أمته إل أحد بعده)‪ .‬انتهى كلمه رحه ال [إعلم الوقعي عن رب العالي]‪.‬‬

‫وقال طاش قبدانه ف مفتاح دار ال سعادة‪( :‬وأ ما الذ ين يقولون ل بد للشرع من انضمام‬
‫السـياسة فهذا خطـأ الهلة والعوام‪ ،‬إذ الشرع ل يتاج إل غيه ومضمون قولمـ هذا أن‬
‫الشرع ل يرد با يكفي ف السياسة فاحتجنا إل تتمة من أرائنا وكيف يتاج الشرع إل‬
‫السياسة والنبياء تكمل بم أمور الدارين‪ ،‬وما يصلح به البشر كلية علميا وعمليا و ذوقيًا‬
‫وكشفيًا وشهودًا سيما ول أكمل ول أفضل من ما ن طق به خ ي البشر وأشار إليه سيد‬
‫النبياء حت لو اجتمع عقول العقلء وفهوم الكماء والصفياء ل يقدروا الزيد عليها ولو‬
‫بزء من ألف ألف جزء من ذرة صغية)‪.‬انتهى كلمه رحه ال‪.‬‬

‫وإنا أعرض من أعرض عن الكتاب والسنة هنا فتنة بذه الهالت أولً ث جهل بالكتاب‬
‫والسنة وما فيهما من خي وهدى ورشاد ثانيًا‪ ،‬ومن جهل شيئا عاداه‪.‬‬

‫قال شيخ السلم بن تيمية‪( :‬فل يعدل أحد عن الطرق الشرعية إل البدعية إل لهل‪ ،‬أو‬
‫عجز‪ ،‬أو غرض فاسد) ‪ .‬انتهى كلمه رحه ال [إعلم الوقعي عن رب العالي]‪.‬‬

‫‪428‬‬
‫ول وال ما كان السلمون ف حاجة لا يسوسون به دنياهم با يقق لم خي الدين والدنيا‬
‫بش يء خارج عن الكتاب وال سنة و هم من أقام أع ظم مل كة عرف ها تار يخ الب شر قاط بة‬
‫سياسة ونظامًا وحكما وعدل‪،‬وكيف للمسلمي أن يستبدلوا بالكتاب والسنة غيها وها‬
‫ل إل لسياسة الدنيا بشرع ال الطهر‪.‬‬
‫ما أنزل أص ً‬

‫وقد قيل‪:‬‬

‫جيع العلم ف القرآن لكن *** تقاصر عنه أفهام الرجال‬

‫وقد جاء عن عبد ال بن مسعود رضي ال عنه قال‪( :‬من أراد العلم فليقرأ القرآن فإن فيه‬
‫علم الولي والخرين)‪.‬‬

‫وقد أحسن القائل‪:‬‬

‫كل العلوم سوى القرآن مشغلة *** إل الديث وإل الفقه ف الدين‬
‫العلم ما كان فيه قال حدثنا *** وما سواه فوسواس الشياطي‬

‫قال شيخ السلم‪( :‬العلماء إذا أقاموا كتاب ال وفقهوا ما فيه من البينات الت هي حجج‬
‫ال‪ ،‬وما فيه من الدى الذي هو العلم النافع والعمل الصال‪،‬وأقاموا حكمة ال الت بعث‬
‫ال ب ا رسوله صلى ال عليه و سلم و هي سنته‪ ،‬لوجدوا فيها من أنواع العلوم النافعة ما‬
‫ي يط بعلم عا مة الناس وليزوا حينئذ ب ي ال حق والب طل من ج يع اللق بو صف الشهادة‬
‫الت جعلها ال لذه المة‪ ،‬حيث يقول عز وجل‪{ :‬وَكَذَلِ كَ َجعَ ْلنَاكُ مْ ُأ ّم ًة وَ سَطًا ِلَتكُونُوا‬
‫ُشهَدَاءَ عَلَى النّا سِ} [البقرة‪ ،]143:‬ول ستغنوا بذلك ع ما ابتد عه البتدعون من ال جج‬
‫الفاسدة الت يزعم الكلميون أنم ينصرون با أصل الدين ومن الرأي الفاسد الذي يزعم‬
‫القياسيون أنم يتمّون به فروع الدين)‪.‬انتهى كلمه رحه ال‪.‬‬

‫‪429‬‬
‫وقال رح ه ال‪( :‬الق صود أن يُعرف أن ال صحابة خ ي القرون وأف ضل اللق ب عد ال نبياء‪،‬‬
‫ف ما ظ هر في من بعد هم م ا ي ظن أن ا فضيلة للمتأخر ين ول ت كن في هم فإن ا من الشيطان‪،‬‬
‫وهي نقيصة ل فضيلة‪ ،‬سواء كانت من جنس العلوم أو من جنس العبادات‪ ،‬أو من جنس‬
‫الوارق واليات أو من جنس السياسة والُلك‪ ،‬بل خي الناس بعدهم أتبعهم لم)‪ .‬انتهى‬
‫كلمه رحه ال [مموع الفتاوى ‪ /‬الزيارة وشد الرحال إليها]‪.‬‬

‫بل إن القرآن الكر ي قرر ل نا قاعدة ها مة و هي عدم جواز ا ستخدام ال صطلح الذي قد‬
‫يوهم معن باطلً وإن كان هذا العن الباطل غي مرادف لذا الصطلح أصل بل ول يطر‬
‫ببال التكلم فك يف ب ا هو فوق ذلك من ال صطلحات التضم نة للمعا ن الباطلة ف أ صل‬
‫وضعها‪.‬‬

‫قال تعال‪{ :‬يَا َأّيهَا الّذِي نَ َآ َمنُوا لَا َتقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْ ُظ ْرنَا وَا سْ َمعُوا وَلِ ْلكَاِفرِي َن عَذَا بٌ‬
‫أَلِيمٌ } [البقرة‪.]104:‬‬

‫قال ال سعدي رح ه ال‪( :‬كان ال سلمون يقولون ح ي خطاب م للر سول ع ند تعلم هم أ مر‬
‫الد ين‪( :‬راعِ نا)؛ أي‪ :‬راع أحوال نا فيق صدون ب ا مع ن صحيحا وكان اليهود يريدون ب ا‬
‫مع ن فا سدًا‪ ،‬فانتهزوا الفر صة ف صاروا ياطبون الر سول بذلك ويق صدون الع ن الفا سد‬
‫فنهـى ال الؤمنيـ عـن هذه الكلمـة سـدًا لذا الباب)‪ .‬انتهـى كلمـه رحهـ ال [تفسـي‬
‫السعدي]‪.‬‬

‫ون و هذا قوله صلى ال عل يه و سلم‪( :‬ل يقولن أحد كم للع نب الكرم‪ ،‬فإن الكرم الر جل‬
‫السلم)‪[ .‬قال اللبان‪( :‬صحيح) انظر حديث رقم‪ 7710 :‬ف صحيح الامع]‬

‫قال الطا ب رح ه ال‪( :‬إن ا نا هم عل يه ال سلم عن ت سمية هذه الشجرة كرمًا لن هذا‬
‫السم مشتق عندهم من الكرم‪ ،‬والعرب تقول رجل كرم بعن كري وقوم كرم أي كرام‪،‬‬
‫فأشفق صلى ال عليه وسلم أن يدعوهم حسن أسائها إل شرب المر التخذة من ثرها‪.‬‬

‫‪430‬‬
‫ف سلبها هذا ال سم وجعله صفة للم سلم الذي يتو قى شرب ا وي نع نف سه الشهوة فيها عزّة‬
‫وتك ّرمًا)‪ .‬انتهى كلمه رحه ال‪.‬‬

‫وقال ابن القيم‪( :‬ومن عرف سر تأثي الساء ف مسمياتا نصرةً وميلً عرف هذا‪ ،‬فسلبها‬
‫ال نب صلى ال عل يه و سلم هذا ال سم ال سن وأعطاه ما هو أ حق به من ها و هو قلب‬
‫الؤمن)‪ .‬انتهى كلمه رحه ال‪.‬‬

‫والنا ظر ف تار يخ الحداث ف د ين ال ي د أن ال صطلحات الجملة ال ت قد يُف هم من ها‬


‫معان بعضها حق وبعضها باطل‪،‬كانت هي من أهم طرائق البتدعة لبطال الق وإحقاق‬
‫الباطل تسترًا خلفها ولوذًا با‪.‬‬

‫قال شيخ السلم ابن تيمية‪( :‬وأما اللفاظ الت ليست ف الكتاب و ل ف السنة ول اتفق‬
‫ال سلف على نفي ها أو إثبات ا‪ ،‬فهذه لي ست على أ حد أن يوا فق من نفا ها أو أثبت ها ح ت‬
‫يستفسر عن مراده‪ ،‬فإن أراد با معن يوافق خب الرسول صلى ال عليه وسلم أقر به‪ ،‬وإن‬
‫أراد با معن يالف خب الرسول صلى ال عليه وسلم أنكره‪.‬‬

‫ث التعبي عن تلك العان‪ ،‬إن كان ف ألفاظه اشتباه أو إجال عب بغيها أو بي مراده با؛‬
‫ب يث ي صل تعر يف ال ق بالو جه الشر عي؛ فإن كثيًا من نزاع الناس سببه ألفاظ مملة‬
‫مبتد عة‪ ،‬ومعان مشتب هة)‪ .‬انت هى كل مه رح ه ال [مموع الفتاوى ‪ /‬ف صــل ف الراد‬
‫بلفظ الروف]‪.‬‬

‫فالنجاة هي ف التمسك با جاء به الشرع وما كان عليه الصحابة رضي ال عنهم‪ ،‬فنطلق‬
‫ما أطلقوا من اللفاظ والصطلحات ونسكت عما عنه سكتوا‪.‬‬

‫قال أبو حامد الغزال‪( :‬ما سكت عنه الصحابة مع أنم أعرف بالقائق وأفصح بترتيب‬
‫اللفاظ من غيهم إل لعلمهم با يتولد منه من الشر)‪.‬انتهى كلمه رحه ال [إحياء علوم‬
‫الدين ‪ /‬كتاب قواعد العقائد]‪.‬‬

‫‪431‬‬
‫إن قض ية ال صطلح ف الطاب الدعوي قض ية عظي مة اله ية جدًا‪ ،‬إذ ال صطلح يتجاوز‬
‫صورته الظاهرة كمجمو عة حروف أو كلمات ب ا هو أك ثر أبعادًا وأع ظم غورًا ذلك أن‬
‫الصطلح ف خطاب الداعية هو العب الول عن الوية‪ ،‬كما أنه العب عن درجة النتماء‬
‫لذه الوية فإن اللسان العرب شعار السلم وأهله و اللغات من أعظم شعائر المم الت با‬
‫يتميزون‪.‬‬

‫قال شيخ السلم بن تيمية‪( :‬اعلم أن اعتياد اللغة يؤثر ف العقل واللُق والدين تأثيا قويًا‬
‫بينًا ويؤثر أيضا ف مشابة صدر هذه المة من الصحابة والتابعي ومشابتهم تزيد العقل‬
‫والدين والُلُق)‪ .‬انتهى كلمه رحه ال‪.‬‬

‫ومن ث كان التمسك بالصطلح الشرعي علمة على زيادة العقل والدين والُخلُق مع كونه‬
‫ف الوقت نفسه علمة على الستعلء والعتزاز بالوروث الصيل‪ ،‬وعدم التبعية المقوتة‬
‫والضعف والنزامية للوافد الدخيل‪.‬‬

‫وهذه المور كلها من أظهر مقومات صحة المة وعافيتها‪ ،‬ودلئل قوتا وثقتها بنفسها‬
‫فضلً عن كونا صفات ذاتية للطائفة النصورة‪.‬‬

‫ث إن أهل الطائفة النصورة ف دعوتم اللقة للحق ل ياطبونم بلغة مملة مضطربة هروبًا‬
‫من التصريح با يب التصريح به كما ل ياطبونم بتكلفٍ وتقع ٍر مذموم‪ ،‬أو بصطلحات‬
‫موّلدة غري بة‪ ،‬قد ت مل من البا طل أك ثر م ا تمله من حق فضل ع ما في ها من ه جر‬
‫للمصطلحات الشرعية‪ ،‬وهم ف ذلك كله ينطلقون من القرآن الكري ذلك الكتاب العجز‬
‫فخطابم الدعوي خطاب قرآن ف لغته كما أنه قرآن ف مضمونه‪.‬‬

‫قال تعال‪{ :‬يَا َأّيهَا الّذِي نَ َآ َمنُوا اّتقُوا اللّ َه وَقُولُوا َقوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ َلكُمْ َأعْمَاَلكُ ْم َوَيغْفِرْ‬
‫َلكُمْ ُذنُوبَكُ ْم َومَ ْن يُطِعِ اللّهَ وَ َرسُولَهُ َفقَدْ فَازَ َفوْزًا عَظِيمًا } [الحزاب‪.]71-70:‬‬

‫‪432‬‬
‫فأمرنا ال تعال بأن نقول قولً سديدًا والقول السديد هو ما كان سديدًا ف معناه سديدًا‬
‫ف مبناه تبعًا للمخاطب به وأسدّ القول وأحسنه قول ال سبحانه وتعال الذي أنزل للناس‬
‫كافة‪.‬‬

‫إن الطاب الدعوي لهل الطائفة النصورة يتميز عن غيهم بيّزات منها‪:‬‬

‫أولً‪ :‬عدم التكلف ف العبارة؛ فالتكلف مذموم مطل قا و قد جاءت الشري عة بالن هي ع نه‪،‬‬
‫ومن أسوأ التكلف التكلف ف الطاب الدعوي بتشديق الكلم والتقعر به والتفاصح فيه‬
‫والولع بالتراتيب اللغوية التكلفة والتفنن فيها والهتمام الزائد با‪ ،‬والذي يصل ف أحيان‬
‫كثية إل التفريـط فـ الضمون لصـال الشكـل مـع ترك السـترسال السـلس فـ العبارة‪،‬‬
‫والكلمات قريبـة التداول سـريعة الوصـول للعقول والقلوب شغفًا بذه التراكيـب لدعـم‬
‫البلغة والرصانة ف العرض والعمق والدية ف الطرح وليس هذا من ذاك ف شيء‪.‬‬

‫فالقرآن الكر ي و هو مقياس الف صاحة والبل غة سهل الأ خذ‪ ،‬دا ن القطاف ين ساب ف‬
‫عذوبة واسترسال إل القلوب والعقول بغي تكلف‪.‬‬

‫وقد وصف ال سبحانه وتعال القرآن الكري بأنه ُم بي فقال تعال‪َ { :‬قدْ جَاءَكُ ْم مِ نَ اللّ هِ‬
‫ب ُمبِيٌ} [الائدة‪.]15:‬‬
‫نُورٌ وَكِتَا ٌ‬

‫ح الَْأمِيُ * عَلَى قَ ْلبِ كَ ِلَتكُو نَ مِ نَ‬


‫وقال تعال‪َ { :‬وإِنّ هُ َلتَنْزِيلُ رَبّ اْلعَالَمِيَ * نَزَلَ بِ هِ الرّو ُ‬
‫الْ ُمنْذِرِينَ * بِلِسَا ٍن عَ َرِبيّ ُمبِيٍ} [الشعراء‪.]195-192:‬‬

‫قال ابن كثي‪( :‬وقوله تعال‪{ :‬بِلِ سَانٍ َع َربِيّ ُمبِيٍ} [الشعراء‪ ]195:‬أي هذا القرآن الذي‬
‫أنزلناه إليك‪( ،‬أنزلناه) باللسان العرب الفصيح الكامل الشامل‪ ،‬ليكون بينا واضحا ظاهرا‪،‬‬
‫قاطعا للعذر‪ ،‬مقيما للحجة‪ ،‬دليلً إل الحجة)‪ .‬انتهى كلمه رحه ال [تفسي ابن كثي]‪.‬‬

‫‪433‬‬
‫ف سهولة الطاب وي سره مع وضوح الق صود وظهوره ل تع ن الركا كة‪ ،‬ك ما أن التكلف‬
‫ولّ اللفاظ ل يعن البلغة والبيان‪ ،‬والنب صلى ال عليه وسلم هو أفصح من نطق بالضاد‬
‫وقد أوت جوامع الكلم وقد وصفها ال سبحانه وتعال بالبلغ البي‪.‬‬

‫َاغـ الْ ُمبِيُ}‬


‫ُمـ َفِإنّمَا عَلَى رَسـُولِنَا اْلبَل ُ‬
‫ِنـ َتوَّلْيت ْ‬
‫ّهـ َوأَطِيعُوا الرّسـُولَ فَإ ْ‬
‫فقال‪َ { :‬وأَطِيعُوا الل َ‬
‫[التغابن‪.]12:‬‬

‫فبلغ صلى ال عليه وسلم البلغ البي مع امتلكه ناصية الفصاحة‪ ،‬واعتلئه صهوة البلغة‬
‫والبيان و مع هذا كله فأحادي ثه وأقواله صلى ال عل يه و سلم أب عد ما تكون عن التكلف‬
‫والتعمق ف لفظها ونظمها وتراكيبها‪.‬‬

‫قالت عائ شة ر ضي ال عن ها‪( :‬كان كلم ر سول ال صلى ال عل يه و سلم كلما ف صلً‪،‬‬
‫يفهمه كل من سعه)‪.‬‬

‫وعن أب ثعلبة الشن رضي ال عنه أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال‪( :‬إن أحبكم‬
‫إل ال وأقربكـم منـ أحاسـنكم أخلقـا وإن أبغضكـم إل ال وأبعدكـم منـ الثرثارون‬
‫التفيقهون التشدقون)‪.‬‬

‫قال الناوي‪( :‬الثرثارون‪ :‬الذيـن يكثرون الكلم تكلفـا وتشدقـا والثرثرة‪ :‬كثرة الكلم‬
‫وترديده‪ ،‬والتفيقهون‪ :‬أي الذ ين يتو سعون ف الكلم ويفتحون به أفواه هم ويتف صحون‬
‫ف يه‪ ،‬والتشدقون‪ :‬الذ ين يتكلمون بأشداق هم ويتقعرون ف ماطبت هم)‪.‬انت هى كل مه رح ه‬
‫ال [فيض القدير]‪.‬‬

‫فَهمّ أ هل الطائ فة الن صورة ال كب ف دعوت م اللق إل ال ق هو إي صال هذا ال ق إل‬


‫القلوب والعقول لتع قل عن ال دي نه وشر عه ل لبراز القدرات اللغو ية والهارات الدب ية‬
‫والت صرف ف فنون القول م ا يرج بالدعوة عن هدف ها ومق صودها ال ساس‪ ،‬والتأ مل ف‬
‫كت به ور سائله صلى ال عل يه و سلم‪ ،‬ال ت كان ير سلها للدعوة‪ ،‬ي د في ها الترك يز على‬

‫‪434‬‬
‫إيصال الدعوة للغي والفصاح عن مقصودها دون تكلف لفظ أو ترتيب وإنا هو وضوح‬
‫الق صد و سلسة العبارة وقوة الن طق ونفاذ الع ن‪ ،‬و على هذا جرى خ ي من ح ل هذا‬
‫الدين ف دعوة الناس إليه‪.‬‬

‫قال الشا طب رح ه ال‪( :‬وعلى هذا الن حو مر ال سلف ال صال ف بث الشري عة للمؤالف‬
‫والخالف و من ن ظر ف ا ستدللم على إثبات الحكام التكليف ية علم أن م ق صدوا أي سر‬
‫الطرق وأقربا إل عقول الخاطبي و الطالبي لكن من غي ترتيب متكلف ول نظم مؤلف‬
‫بـل كانوا يرمون بالكلم على عواهنـه‪ ،‬ول يبالون كيـف وقـع الكلم فـ ترتيبـه إذا كان‬
‫سهل الأخذ قريب اللتمس)‪.‬انتهى كلمه رحه ال [الوافقات]‪.‬‬

‫ثانيًا‪ :‬البعد عن الجال اللبس؛ الذي يوقع الدعو ف الية والتخبط‪ ،‬فل يدري معه ما‬
‫الذي يريده ال منه‪ ،‬فقد أنزل ال تعال كتابه مفصل خاصة فيما يتعلق بأصل الدين من‬
‫اليان والتوحيد وما يتعلق با يب فعله وما يب تركه من الواجبات والحرمات‪ ،‬فكان‬
‫الجال ف هذه الواضع عند العلم بالتفصيل من الكتمان الذي حرمه ال وتوعد صاحبه‪.‬‬

‫ستَقِيمًا قَدْ َفصّ ْلنَا الْ َآيَاتِ ِل َقوْ ٍم يَذّكّرُونَ} [النعام‪]126:‬‬


‫ك مُ ْ‬
‫صرَاطُ َربّ َ‬
‫قال تعال‪َ { :‬وهَذَا ِ‬

‫قال السعدي رحه ال‪( :‬أي‪ :‬معتدل‪ ،‬موصل إل ال‪ ،‬وإل دار كرامته‪ ،‬قد بينت أحكامه‪،‬‬
‫وفصلت شرائعه‪ ،‬وميز الي من الشر)‪ .‬انتهى كلمه رحه ال‪.‬‬

‫وقال تعال‪َ { :‬ومَا كَا نَ اللّ هُ ِلُيضِلّ َق ْومًا َبعْدَ إِ ْذ هَدَاهُ مْ َحتّى يَُبيّ نَ َلهُ ْم مَا َيّتقُو نَ} [التوبة‪:‬‬
‫‪.]115‬‬

‫فالتفصيل لسائل الدين الكبار ومسائله الصلية مانع من الضلل ووقاية من النراف‪.‬‬

‫فعن النعمان بن بشي رضي ال عنه قال‪ :‬سعت رسول ال ‪-‬صلى ال عليه وسلم‪ -‬يقول‪:‬‬
‫(اللل بيّنـ و الرام بيّنـ‪ ،‬وبينهمـا مشتبهات ل يعلمهـا كثيـ مـن الناس‪ ،‬فمـن اتقـي‬

‫‪435‬‬
‫الشبهات فقد استبأ لدينه وعرضه‪ ،‬ومن وقع ف الشبهات وقع ف الرام كالراعي يرعى‬
‫حول المى يوشك أن يواقعه‪ ،‬أل و إن لكل ملك حى‪ ،‬أل إن حى ال ف أرضه مارمه)‬
‫[متفق عليه‪ :‬صحيح البخاري ‪ /‬باب فضل من استبأ لدينه ‪.]52 /‬‬

‫وهذا الجال غالبًا ما يكون داف عه ال هل أو إيثار ال سلمة وكله ا م ا ل يتح قق م عه‬
‫وضوح وبيان الطاب الدعوي‪ ،‬وإن التأمـل لال أهـل العلم فـ عصـرنا ليلمـس أن إيثار‬
‫ال سلمة هو ال سمة العا مة لكث ي من هم إل من ر حم ر ب‪ ،‬فك ثر الجال ف مقال م وع مّ‬
‫التلبيس ف كتاباتم‪ ،‬وسكتوا عن ظلم الطواغيت وتنكيلهم بأهل الق الصادعي بالصدق‪،‬‬
‫وليتهم إذ جبنوا عن ال صدع بال ق كفوا أل سنتهم وأم سكوا أقلم هم عن الط عن ف أهل‬
‫الق الجاهدين الذين عقدوا على عاتقهم نصرة هذا الدين وتبليغه للعالي‪.‬‬

‫وقد نص العلماء على أن الجال فيما حقّه التفصيل والبيان هو من زلة العال الت تُحذر‬
‫ويذّر منها والت يتولد منها شر مستطي وفساد عظيم‪.‬‬

‫قال الناوي‪( :‬احذروا زلة العال اي احذروا القتداء فيه فيها ومتابعته عليها‪ ،‬ث ذكر أمثلة‬
‫لذلك ومنهـا‪ :‬تسـارعه إل الواب مـن رأس القلم أو اللسـان و إجاله فـ ملـ التفصـيل‬
‫والبيان‪ ،‬فهذه ذنوب يت بع العال في ها العال‪ ،‬فيموت العالِم ويب قى شره م ستطيًا ف العال)‬
‫انتهى كلمه رحه ال [فيض القدير ‪ /‬شرح حديث ‪.]244‬‬

‫اللهم ارزقنا أن نكون بكتابك وسنة نبيك صلى ال عليه وسلم من التمسكي وبقهما‬
‫من القائمي وإليهما من الداعي وعنهما من النافحي‪.‬‬

‫{وَاللّ ُه غَاِلبٌ عَلَى َأمْ ِر ِه وَلَكِنّ أَ ْكثَ َر النّاسِ َل َيعَْلمُونَ} [يوسف‪]21:‬‬

‫و المد ل رب العالي‪.‬‬

‫صعَبٍ الزّ ْرقَاوِي‬


‫َأبُ ْو مُ ْ‬

‫‪436‬‬
‫َأمِيْ ُر تَنْظِي ِم القَا ِع َدةِ ِف ْي بِلدِ الرّافِ َديْن‬
‫ق – بِلدُ الرّافِ َديْن‬
‫ال ِعرَا ُ‬

‫‪437‬‬
‫الطاب الامس و الثلثون‬

‫سِلسِلَةُ مُحَاضَراتِ‪:‬‬
‫ل يَضُرّهُم َمنْ خَ َذلَهُمْ‬
‫ض َرةُ الامِسَة‪ ،‬وَ ِهيَ بِعُنوان‪:‬‬
‫الُحا َ‬

‫(وَ الُ أحقّ أنْ تَخشَ ْوهُ)‬


‫‪ 11‬رمضان ‪ 1426‬هـ‬
‫‪ 14‬أوكتوبر‪/‬تشرين الول ‪ 2005‬م‬

‫بِصَوْتِ الشَيخ‬
‫ب الزّرْقَاوِي ( َرحِ َمهُ ال)‬
‫أَِبيْ مُصْع ٍ‬

‫المدُ لِ مع ّز ال سلمِ بن صره‪ ،‬ومُذلّ الشر كِ بقهره‪ ،‬وم صرّف المور بأمره‪ ،‬وم ستدر ِ‬
‫ج‬
‫الكافريـن بكره‪ ،‬الذي قدّر اليام دولً بعدله‪ ،‬وجعـل العاقبةَ للمتقي َ بفضلِه‪ ،‬والصـلةُ‬
‫والسلم على من أعلى الُ منا َر السلمِ بسيفِه‪.‬‬

‫أمّا بعد؛‬

‫‪438‬‬
‫فإنّ التأمّلَ ف أحوالِ أُول ال مر من العُلماءِ والمراء ليج ُد أنّ مراتب هم ف نفو سِ الل ِق‬
‫ضعَة‪ ،‬بسب اقتران فعالم بأقوالم‪ ،‬فإن النفوس فطرت‬ ‫تتفاوت‪ ،‬سُموّا ورفعة‪ ،‬وخفضًا و َ‬
‫على تعظيم وتقدير من أتبع قوله فعله‪ ،‬والعكس بالعكس‪.‬‬

‫ولذا كان اقتضا ُء القول العمـل أحـد السـس التـ تقوم عليـه الدعوة عنـد أهـل الطائفـة‬
‫النصورة‪ ،‬إذ هو دليل صدق الدعوة‪ ،‬ودليل صدق أصحابا‪ ،‬وعلمة يقينهم ف ما يدعون‬
‫الناس إليـه‪ ،‬بـل هـو ذاتـه دعوةٌ أبلغ مـن دعوة القول‪ ،‬إذا قـد فطـر ال النفوس على أن‬
‫ت ستجيب لل سان الال أعظ مَ من ا ستجابتِها لل سان القال‪ ،‬ولذا ف كل ما ات سعت م سافة‬
‫ف بي القول والعمل كلما قل تأثي القول ف الدعوين‪ ،‬فكان عي الفعال كعي القال‪،‬‬ ‫الُل ِ‬
‫بل هو أشد‪.‬‬

‫س ْونَ‬
‫س بِاْلبِ ّر َوتَن َ‬
‫وقد نى ال تعال عن مالفة العمل للقول‪ ،‬فقال سبحانه‪{ :‬أََتأْمُرُو نَ النّا َ‬
‫ل َت ْعقِلُونَ} [البقرة‪.]44:‬‬
‫سكُ ْم َوأَنتُ ْم َتتْلُونَ اْل ِكتَابَ أََف َ‬
‫أَنفُ َ‬

‫قا َل القُرطب‪( :‬هَذَا اِ ْسِت ْفهَام معناه التّ ْوبِيخ‪ ،‬وَالْمُرَاد فِي َقوْل َأهْل التّ ْأوِيل عُلَمَاء الَْيهُود‪ ،‬قَا َل‬
‫اِبْن َعبّاس (كَا نَ َيهُود الْمَدِينَة َيقُول الرّجُل ِمْنهُ مْ لِ صِهْ ِر ِه وَلِذِي َقرَابَ ته وَلِمَ ْن َبيْ نه َوَبيْ نه‬
‫حمّدًا‬ ‫ي ُاْثبُتْ عَلَى الّذِي َأنْتَ عََليْهِ‪َ ،‬ومَا َيأْمُرك بِهِ هَذَا الرّجُل يُرِيدُونَ مُ َ‬ ‫رَضَاع مِنْ الْمُسِْلمِ َ‬
‫صَلّى اللّه عََليْ ِه َوسَلّمَ فَِإنّ َأمْره حَقّ َفكَانُوا َيأْمُرُو َن النّاس بِذَلِكَ‪ ،‬وَلَا َي ْفعَلُونَهُ))‬

‫و قال تعال‪{ :‬يَا أَّيهَا الّذِي نَ َآ َمنُوا لِ َم َتقُولُو نَ مَا لَا تَ ْفعَلُو نَ * َكبُ َر َمقْتا عِندَ اللّ هِ أَن َتقُولُوا‬
‫مَا لَا َتفْعَلُونَ} [الصف‪]3-2:‬‬

‫قال ال سعدي‪( :‬أي‪ :‬ل تقولون ال ي‪ ،‬وتثون عل يه‪ ،‬ورب ا تدح تم به‪ ،‬وأن تم ل تفعلو نه‪.‬‬
‫وتنهون عن ال شر‪ ،‬ورب ا نزه تم أنف سكم ع نه‪ ،‬وأن تم متلوثون مت صفون به‪ .‬ف هل تلي قُ‬
‫بالؤمني‪ ،‬هذه الالة الذميمة؟‪ .‬أم مِن أك ِب القت عند ال‪ ،‬أن يقول العبد ما ل يف عل؟‪.‬‬
‫ولذا ينب غي لل مر بال ي‪ ،‬أن يكون أول الناس مبادرة إل يه‪ ،‬والنا هي عن ال شر‪ ،‬أن يكون‬
‫أبعد الناس عنه) اهـ‪[ .‬تفسي السعدي على سورة الصف]‬

‫‪439‬‬
‫قال ا بن م سعود ر ضي ال ع نه‪( :‬ف من وا فق قولُه فعلَه فذاك الذي أ صابَ ح ظه‪ ،‬و من‬
‫خالف قولُه فعله فذاك إنا يوبخ نفسه)‪.‬‬

‫و من حد يث أ سامةَ بن ز يد ر ضي ال عنه ما قال‪ :‬قال ر سول ال صلى ال عل يه و سلم‬


‫"ياء بالر جل يوم القيامـة فيلقـى ف النار فتندلق أقتابـه ف النار فيدور ك ما يدور المار‬
‫برحاه فيجت مع أ هل النار عل يه فيقولون أي فلن ما شأ نك أل يس ك نت تأمر نا بالعروف‬
‫وتنها نا عن الن كر؟ قال‪( :‬كن تُ آمر كم بالعروف ول آت يه وأنا كم عن الن كر وآت يه)‪.‬‬
‫[البخاري ‪ ،3027‬أحد ‪]20785‬‬

‫وعن أنس رضي ال عنه قال‪ ،‬قال رسول ال صلى ال عليه وسلم (رأيت ليلة أسري ب‬
‫رجال تُقرض شفاههم بقارض من نار فقلت من هؤلء يا جبيل فقال الطباء من أمتك‬
‫يأمرون الناس بالب وينسون أنفسهم وهم يتلون الكتاب أفل يعقلون) [ابن حبان]‬

‫و قد تر جم ا بن حبان رح ه ال لذا الد يث بقوله‪( :‬ذ كر و صف الطباء الذ ين يتكلون‬


‫على القول دون الع مل ح يث رآ هم صلى ال عل يه و سلم ليلة أ سري به‪ ،‬فكان مَثَل من‬
‫خالف عمله قوله كحامل لثياب الناس يغسلها وثوبه غارقٌ ف الرجس والدنسِ)‪.‬‬

‫ولقد كان أنبياء ال ورسله عليهم الصلة والسلم يدعون الناس بأفعالم قبل دعوتم إيّاهم‬
‫بأقوالم‪ ،‬فكانوا عليهم السلم أو َل مبادر لا يأمرون به‪ ،‬وأوّ ّل منت ٍه عما ينهون عنه‪.‬‬

‫قال تعال عن شعي بٍ عليه السلم أنه قال لقومه‪َ { :‬ومَا أُرِيدُ أَ نْ أُخَاِل َفكُ مْ إِلَى مَا َأْنهَاكُ ْم‬
‫ت َوإَِليْ هِ ُأنِي بُ}‬
‫ح مَا ا سْتَ َط ْعتُ وَمَا َتوْفِيقِي إِ ّل بِاللّ ِه عََليْ هِ َتوَكّلْ ُ‬
‫صلَ َ‬
‫عَنْ هُ إِ نْ أُرِيدُ إِ ّل الِ ْ‬
‫[هود‪]88:‬‬

‫قال ا بن جر ير‪َ( :‬يقُول‪ :‬وَمَا أُرِ يد أَ نْ َأْنهَاكُ ْم عَ نْ أَمْر ثُمّ أَفْعَل ِخلَا فه‪ ،‬بَلْ لَا أَفْعَل إِلّا مَا‬
‫آمُركُ ْم بِ ِه وَلَا َأنَْتهِي إِلّا عَمّا َأْنهَاكُ ْم َعنْهُ) [تفسي الطبي]‬

‫‪440‬‬
‫وتأمّل مليّ ا قوله تعال ف ق صة نبيه الكر ي ا بن الكر ي ا بن الكر ي يو سُفَ عل يه ال سلم‪:‬‬
‫{ َودَخَ َل َمعَ ُه ال سّجْنَ َفَتيَا نَ قَالَ أَحَ ُدهُمَا ِإنّ ي أَرَانِي َأعْ صِرُ خَمْرا وَقَالَ الخَرُ ِإنّ ي أَرَانِي‬
‫سنِيَ } [يوسف‪:‬‬ ‫أَحْمِلُ َفوْ قَ َرأْ سِي ُخبْزا َتأْكُلُ ال ّطيْ ُر ِمنْ هُ َنّبْئنَا ِبتَ ْأوِيلِ هِ ِإنّا نَرَا كَ مِ َن الْمُحْ ِ‬
‫‪ ]36‬فرؤيتهما له عليه السلم من الحسني هي الت دعتهما للركون إليه والثقةِ ف قوله‪،‬‬
‫فكان حاله عليه السلم أسبق وأسرع وأشد ف التأثي ف نفسهما من مقاله‪ ،‬بل كان هذا‬
‫الال هو الساس الذي قامت عليه دعوة القال بعد ذلك‪.‬‬

‫إن للف عل تأثيًا ف النفوس يفوق تأث ي القول الجرد م ا ي عل ا ستجابتها للف عل أك ثر من‬
‫استجابتها للقول‪ ،‬وقد قامت الدلئل الكثية على ذلك‪ ،‬منها ما رواه ابن عمر رضي ال‬
‫عنه ما قال‪( :‬ات ذ ال نب صلى ال عل يه و سلم خاتًا من ذ هب فات ذ الناس خوات يم من‬
‫ذ هب‪ .‬فقال ال نب صلى ال عل يه و سلم إ ن اتذ تُ خاتًا من ذ هب فنبذه‪ ،‬وقال إ ن لن‬
‫ألبسه أبدا فنبذ الناس خواتيمهم) [البخاري ‪.]6754‬‬

‫وقد استنبط أهل العلم من هذا الديث؛ أن الفعل أبلغ من القول‪.‬‬

‫وم ا يدل على ذلك أيضًا ما جاء ف ق صة صُلح الديب ية‪ ،‬وفي ها‪( :‬فل ما فُرغ من قض ية‬
‫الكتاب قال ر سول ال صلى ال عل يه و سلم ل صحابه قوموا فانروا ث احلقوا قال فوال‬
‫ما قام منهم رجل حت قال ذلك ثلث مرات فلما ل يقم منهم أحد دخل على أم سلمة‬
‫فذكر لا ما لقي من الناس فقالت أم سلمة يا نب ال أتب ذلك اخرج ث ل تكلم أحدا‬
‫منهم كلمة حت تنحر بدنك وتدعو حالِقك فيحلقك فخرج فلم يكلم أحدا منهم حت‬
‫فعل ذلك نر بدنه ودعا حالِقه فحلقه فلما رأوا ذلك قاموا فنحروا وجعل بعضهم يلِ قُ‬
‫بعضا)‪[ .‬البخاري ‪]2529‬‬

‫وقـد انتزع أهلُ العلم مـن هذا الديـث أن البيان بالفعـل أقوى مـن البيان بالقول‪ ،‬وقال‬
‫المام مالك‪ :‬بلغن أن القاسمَ بن ممد كان يقول (أدركت الناس وما يُعجبون بالقول)‪،‬‬
‫قال مالك‪( :‬يريد بذلك العمل‪ ،‬إنا يُنظر إل عمله ول ينظر إل قوله)‪ .‬أ‪.‬هـ‪.‬‬

‫‪441‬‬
‫و من العلوم أن مال فة العملِ للقول م ا يؤدي إل أع ظم ما يكون من الف ساد والفت نة ف‬
‫الدين‪ ،‬حيث يتلط عند الناس الق بالباطل بل ويكون الدين ف أعينهم ف صورة شديدة‪،‬‬
‫من جراء ما يرونه من مفارقة العمل للقول ف واقع حَمَلة الدين ورجاله التحدثي باسه‪.‬‬

‫و ما أف قه قول بوهي فٍ ح يث قال؛ ضرب م ثل لعلماء ال سوء فق يل‪( :‬إن ا م ثل عال ال سوء‬
‫كمثل الجر بالساقية‪ ،‬فل هو يشرب الاء‪ ،‬ول هو يُخلِ الاء ال الشجر فتحيا به)‪ .‬أ‪.‬هـ‬

‫قال ا بن الق يم (علماء ال سوء جل سوا على أبواب ال نة يدعون إلي ها بأقوال م ويدعون إل‬
‫النار بأفعالم‪ ،‬فكلما قالت أقوالم للناس هلمّوا قالت أفعالم ل تسمعوا منهم‪ ،‬فلو كان ما‬
‫دعوا إليه حقًا؛ كانوا أول الستجيبي له‪ ،‬فهم ف الصورة أدِلّء‪ ،‬وف القيقة قطاع طرق)‬
‫اهـ‪[ .‬الفوائد]‬

‫ولذا فإنّ أب صارَ الدعو ين شاخ صةً ن و الدعاة ت صي علي هم كل ش يء وإن دق‪ ،‬إذ ل ا‬
‫نصّبوا أنفسهم لدعوة الناس؛ نصّب الناسُ إليهم وجوههم‪.‬‬

‫و قد قال تعال ف حقّ ُأمّهات الؤمن ي رضي ال عنهن‪{ :‬يَا نِ سَا َء النِّبيّ مَ ْن َيأْ تِ ِمْنكُنّ‬
‫ك عَلَى اللّ ِه يَسِيًا} [الحزاب‪]30:‬‬ ‫ض ْعفَيْ ِن وَكَانَ ذَلِ َ‬
‫شةٍ مَُبّيَنةٍ ُيضَاعَفْ َلهَا اْلعَذَابُ ِ‬
‫ِبفَاحِ َ‬

‫وما ذاك إل لنن قُدوات‪ ،‬مع ما فيه من صيان ٍة لنابن وجناب رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم‪ -‬فلما كانت مكانتهنّ رفيعة ناسَبَ أن يعل ال الذنب الواقع منهم عقوبتُهُ مغلظة‪،‬‬
‫فأفاد ذلك أن من عظُمت منلته وشخصت البصارُ إليه ليس كغيه من الاملي الذين ل‬
‫يأبه لم‪ ،‬إذ الول مل النظر والقتداء دون الثان‪.‬‬

‫قال ابن القيم‪( :‬فقواعد الشرع تقتضي أن يسامح الاهل با ل يسامح به العال‪ ،‬وأنه يغفر‬
‫له ما ل يغ فر للعال‪ ،‬فإن ح جة ال عل يه أقوم من ها على الا هل‪ ،‬وعل مه بق بح الع صية‬
‫وب غض ال ل ا وعقوب ته عل يه أعظ مُ من علم الا هل‪ ،‬ونع مة ال عل يه ب ا أود عه من العلم‬

‫‪442‬‬
‫أعظم من نعمته على الاهل‪ ،‬وقد دلت الشريعة على أن من حب بالنعام وخ صّ بالفض ِل‬
‫والكرام ثّ أ سام نف سه مع م يل الشهوات فأرتع ها ف مرا تع اللكات‪ ،‬وترأ على انتهاك‬
‫الحرمات‪ ،‬وا ستخفّ بالتبعات وال سيئات أ نه يقا بل بالنتقام والع تب ب ا ل يقا بل به من‬
‫ليس ف مرتبته)‪ .‬اهـ‪.‬‬

‫فالقاعدة هنا؛ أنه كل ما كا نت الدر جة أعلى كان العذاب ع ند الخالفة أع ظم ل صوصية‬


‫النلة والحل‪.‬‬

‫وقد كان عمر بن الطاب رضي ال عنه إذا صعد النب فنهى الناس عن شيء جع أهله‪،‬‬
‫فقال إ ن ني تُ الناس عن كذا وكذا‪ ،‬وإن النا سَ ينظرون إلي كم ن ظر الط ي إل الل حم‪،‬‬
‫وأقسمُ بال ل أجد أحدًا فيكم فعله إل أضعفت فيه العقوبة‪.‬‬

‫بل إن الداعية قد ل يسعه ما يسع الناس لصوص منلته‪ ،‬وخصوص ما ن صّب نفسه له‪،‬‬
‫وعلى هذا جرى الدعاة الداة‪.‬‬

‫قال المام الوزا عي‪( :‬ك نا نض حك ونزح‪ ،‬فل ما صرنا يُقتدى ب نا خشي تُ أن ل ي سعنا‬
‫التبسم) أ‪.‬هـ‪.‬‬

‫وقال القا ضي عياض‪( :‬ل ينب غي ل ن يُقتدى به إذا ترخّ صَ ف أمرٍ لضرورة أو تشدّد ف يه‬
‫بوسوسة‪ ،‬أو لعتقاده ف ذلك مذهبًا شذّ به عن الناس أن يفعله بضرة العامة الهلة؛ لئل‬
‫يترخّصوا برخصته لغي ضرورة أو يعتقدوا أن ما تشدد فيه هو الفرض اللزم)‪ .‬أ‪.‬هـ‪.‬‬

‫فكيف با هو فوق ذلك من الخالفات الظاهرة النادى عليها‪ ،‬وقد قيل‪ :‬إذا اشتغل العلماء‬
‫بمع اللل؛ صار العوام أكلة الشُبهة‪ ..‬وإذا صار العلماء أكلة الشبهة؛ صار العوام أكلة‬
‫الرام‪ ..‬وإذا صار العلماء أكلة الرام صار العوام كفّارًا‪.‬‬

‫‪443‬‬
‫ومن ثّ فالظال لنفسه بخالفة عمله لقوله ل يكون إمامًا يقتدى به أبدًا‪ ،‬وهو ما يدل عليه‬
‫عموم قوله تعال‪َ ( :‬وإِ ِذ اْبتَلَى ِإبْرَاهِي مَ َربّ هُ بِكَِلمَا تٍ َفَأتَ ّمهُنّ قَالَ ِإنّ ي جَاعِلُ كَ لِلنّا سِ ِإمَاما‬
‫قَا َل َومِن ذُ ّرّيتِي قَالَ َل َينَا ُل َعهْدِي الظّالِمِيَ) [البقرة‪]124:‬‬

‫عن ماهدٍ أنه قال ف الية السابقة‪( :‬ل أجعل إمامًا ظالًا يُقتدى به)‬

‫وإن ا ل يكون من خالف عملُه قولَه إمامًا؛ لن النفوس مبول ٌة على عدم النقياد على من‬
‫يالف قوله فعله‪ ،‬فاقتدائهم بالفعال أبلغ من اقتدائهم بالقوال الجردة‪.‬‬

‫وقد قيل‪:‬‬

‫ت منهُم أمورًا أنت تأتيها‬


‫يا واعظ الناس قد أصبحتَ متهمًا *** إذ عب َ‬

‫ومن هذا القبيل‪ ،‬قو ُل المام عبدال بن البارك ف إساعيل بن علية ‪-‬رحهما ال جيعًا‪ -‬لا‬
‫تول ولية للصدقة عند الرشيد حيث كتب له يقول‪:‬‬

‫يـا جـاعل العـلـم لـه بـازيا‬


‫يصـطــاد أمــوال الســاكي‬
‫***‬
‫احـتـلت لـلدنيــا ولذاتــا‬
‫بيلـــة تـــذهبُ بـــالدين‬
‫***‬
‫فصـــرت منونـــا بـهـا‬
‫بعـدمـا كـنـت دواءً للمـجـاني‬
‫***‬
‫أيـن روايـاتك فـيمـا مـضـى‬
‫عـن ابـن عـو ٍن وابـن سـيين‬

‫‪444‬‬
‫***‬
‫ودرسُــك العـلــم بآثــاره‬
‫فــي تـرك أبـواب السـلطـي‬
‫***‬
‫تقــــولُ أكـــرهت فمـاذا‬
‫كذا زل حـمار العـلم فـي الطـي‬
‫***‬
‫ل تبــع الــدين بالـدنيــا‬
‫كـمــا يفعـل ضـلل الرهـابي‬

‫هذا وابن علية ابن علية‪ ،‬والرشيد الرشيد‪.‬‬

‫و عن سفيان الثوري قال‪( :‬الال داء هذه ال مة‪ ،‬والعال طبيب هذه ال مة‪ ،‬فاذا جر العال‬
‫الداء ال نفسه فمت يبؤ الناس)‪.‬‬

‫ت إمامًا أي إمام تكون‪ ،‬فربا نت المة بالما ِم الواحد‪ ،‬وربا‬


‫قال الناوي‪( :‬فانظر إذا كن َ‬
‫هلكت بالمام الواحد؛ وإنا ها إمامان‪:‬‬

‫صَبرُوا} [السجدة‪:‬‬‫إمام هدى‪ :‬قال ال عز وجل {وَ َجعَ ْلنَا ِمْنهُ مْ أَئِ ّم ًة َيهْدُو َن ِبَأمْ ِرنَا لَمّا َ‬
‫‪ ]24‬يع ن على الدن يا‪ ،‬وإن ا صاروا أئ مة ح ي صبوا عن الدن يا‪ ،‬ول يكون إما ُم هُدىً‬
‫حُجةً لهل الباطل فإنه قال‪َ{ :‬يهْدُو َن ِبأَمْ ِرنَا} [السجدة‪ ]24:‬ل بأمر أنفسهم‪ ،‬ول بأمور‬
‫الناس‪.‬‬

‫وإمام آ خر‪ :‬قال ال تعال‪{ :‬وَ َجعَ ْلنَاهُ مْ َأئِ ّم ًة يَ ْدعُو نَ إِلَى النّارِ} [الق صص‪ ]41 :‬ول ت د‬
‫أحدًا يدعو إل النار‪ ،‬ولكن الدعا َة إل معصية ال‪.‬‬

‫‪445‬‬
‫فهذان إمامان ها مثلٌ من الذين خلوا من قبلكم وموعظة للمتقي" اهـ‪.‬‬

‫ومت خالف العمل القول؛ فقد القول مصداقيته‪ ،‬وشك الدعوون ف يقي قائله فيه‪ ،‬إذ لو‬
‫كان القائل على يقي من صحة وصدق ما يدعوا إليه لكان أول مبادر إليه مستمسك به‪.‬‬

‫قال الناوي‪( :‬منلة الوا عظ من الوعوظ كالُداوي من الداوى فك ما أن ال طبيب إذا قال‬
‫للناس ل تأكلوا كذا فإنه سم ث رأوه يأكله عد سخرية وهزؤا‪ ،‬كذا الواعظ إذا أمر با ل‬
‫يعمله ومن ث قيل يا طبيب طبب نفسك‪ ،‬فالواعظ من الوعوظ يري مري الطابع من‬
‫الطبوع فكما يستحيل انطباع الطي من الطابع با ليس منتقشا فيه فمحال أن ي صُل ف‬
‫نفس الوعوظ ما ليس ف نفس الواعظ) انتهى كلمه‪.‬‬

‫ل تنهى عن خلق وتأت مثله‬


‫عارٌ عليك إذا فعلت عظيم‬
‫***‬
‫ابدأ بنفسك فانها عن غيها‬
‫فإن انتهت عنه فأنت حكيم‬
‫***‬
‫فهناك يقبل إن وعظت ويقتدى‬
‫بالقول منك وينفع التعليم‬

‫إن أهـل الطائفـة النصـورة؛ وإن كانوا يفظون لهـل العلم‪ ،‬الذيـن اتبعوا أفعالمـ أقوالمـ‬
‫قدرهم ومكانتهم‪ ،‬إل أنه ليس ف ميزان أهل الطائفة النصورة أن يعرفوا الق بم‪ ،‬وإنا‬
‫هم يعرفون الرجال بالق‪.‬‬

‫فالرجال ماهم إل وسيلة لعرفة الق ببيان دليله‪ ،‬وما يقوم عليه‪ ،‬ل أن ال ق يعرف بم‪،‬‬
‫فيدار مع هم ف ج يع أقوال م وأفعال م‪ ،‬إذ اتباع الرجال أ يا كان شأن م من الد ين علما‬

‫‪446‬‬
‫وعمل بغي حجة قائمة من أوسع أودية الباطل‪ ،‬ومن أعظم أسباب الضلل‪ ،‬فضل عن‬
‫كونه سبيل ضعاف العقول‪.‬‬

‫و قد ات فق أ هل العلم كا فة على أن معر فة ال ق بالرجال و هو التقل يد؛ خارج عن طرق‬


‫العلم و سبله م ن هو دال على كون من عرف ال ق بالرجال ي سي على غ ي ب صية من‬
‫أمره‪ ،‬وإنا ل يزل بعد ف ظلمات الهل يتخبط‪.‬‬

‫قال إ بن الق يم‪( :‬ل خلف ب ي الناس أن التقل يد ل يس بعلم وأن القلد ل يطلق عل يه ا سم‬
‫عال) انتهى كلمه‪.‬‬

‫ولا كان العلم هو ما قام عليه الدليل‪ ،‬وكانت معرفة الق بالرجال خارج ًة عن طُرق العلم‬
‫وسبله؛ كان من عَدَل عن الكتاب والسنة وأقوال الصحابة‪ ،‬وعن معرفة الق بالدليل مع‬
‫تكنه منه إل التقليد‪ ،‬كمن عدل إل اليتة مع تكنه إل الُذكاة‪.‬‬

‫فإن الصل أن ل يقبل قول الغي إل بدليل إل عند الضرورة كما قال إبن القيم عليه رحة‬
‫ال‪( :‬وقد ذم أتباع الرجال بغي حجة قائمة غاية الذم بل وجعل ذلك من أعظم أسباب‬
‫العراض عن دينه الذي أنزله وارتضاه)‪.‬‬

‫قال تعال‪َ { :‬وإِذَا قِيلَ َل ُه ُم اّتبِعُوا مَا أَنزَلَ اللّ هُ قَالُوْا بَ ْل َنتّبِ ُع مَا أَْل َفْينَا عََليْ ِه آبَاءنَا َأوََلوْ كَا نَ‬
‫آبَاؤُهُ مْ َل َيعْقِلُو نَ َشيْئا وَ َل َي ْهتَدُو نَ * َو َمثَلُ الّذِي نَ َكفَرُواْ َك َمثَلِ الّذِي يَْنعِ قُ بِمَا َل يَ سْمَعُ‬
‫ص ّم بُكْ ٌم عُ ْميٌ َفهُمْ َل َي ْعقِلُونَ} [البقرة‪]171-170:‬‬ ‫إِلّ ُدعَاء َونِدَاء ُ‬

‫قال القرطب‪ :‬قال علمائنا وقوة ألفاظ هذه الية تعطي إبطال التقليد ونظيها‪َ { :‬وإِذَا قِي َل‬
‫سُبنَا مَا وَجَدْنَا عََليْ ِه آبَاءنَا } [الائدة‪:‬‬
‫َلهُ ْم َتعَاَل ْواْ إِلَى مَا أَنزَلَ اللّ ُه َوإِلَى الرّ سُولِ قَالُواْ حَ ْ‬
‫‪.]104‬‬

‫‪447‬‬
‫سُبنَا مَا وَجَ ْدنَا عََليْ ِه آبَاءنَا} [الائدة‪( :]104:‬وقد صارت‬
‫قال الشوكان ف قولم‪ { :‬حَ ْ‬
‫هذه القالة التـ قالتهـا الاهليـة نصـب أعيُن القلدة‪ ،‬وعصـاهم التـ يتوكؤون عليهـا إن‬
‫دعاهم داعي الق‪ ،‬وصرخ لم صارخ الكتاب والسنة‪ ،‬فاحتجاجُهم بن قلدوه من هو‬
‫مثل هم ف التعبد بشرع ال‪ ،‬مع مال فة قوله لكتاب ال أو ل سنة ر سوله‪ ،‬هو كقول هؤلء‬
‫وليس الفرق إل ف مرد العبارة اللفظية‪ ،‬ل ف العن الذي عليه تدور الفادة والستفادة)‪.‬‬

‫سعِيِ } [لقمان‪]21:‬‬
‫وقال الشوكان ف قوله‪َ{ :‬أوََلوْ كَانَ الشّيْطَا ُن يَ ْدعُوهُمْ إِلَى عَذَابِ ال ّ‬

‫ما أقبح التقليد وأكثر ضرره على صاحبه وأوخم عاقبته وأشئم عائدته على من وقع فيه‪،‬‬
‫فإن الداعي له إل ما أنزل ال على رسوله كمن يريد أن يذود الفراش عن لب النار لئل‬
‫تترق فتأب ذلك وتتهافت ف نار الريق وعذاب السعي) انتهى كلمه‪.‬‬

‫وهذه اليات السابقة؛ إن كانت قد نزلت أساسا ف الكفار إل أنا تشمل بعمومها كل‬
‫من عرف الق بالرجال موافقة لم وتقليدا بغي حجة من ال وبرهان‪ ،‬أيا كان مل التقليد‬
‫وموضعه‪ ،‬إذ العبة بعموم اللفظ ل بصوص السبب مع اختلف الكم تبعا لحل التقليد‬
‫وموضعه‪.‬‬

‫قال بن ع بد الب‪( :‬وم ثل هذا ف القرآن كث ي من ذم تقل يد الباء والرؤ ساء‪ ،‬و قد اح تج‬
‫العلماء بذه اليات فـ إبطال التقليـد‪ ،‬ول ينعهـم كفـر أولئك مـن الحتجاج باـ‪ ،‬لن‬
‫الت شبيه ل يقع من جهة ك فر أحده ا وإيان ل خر‪ ،‬وإنا و قع الت شبيه ب ي التقليد ين بغ ي‬
‫حجةٍ للمقلد؛ كمـا لو قلد رجـل فكفـر‪ ،‬وقلد آخـر فأذنـب‪ ،‬فقلد آخـر فـ مسـألة دنياه‬
‫فأخطأ وجهها‪ ،‬كان كل واحد ملوما على التقليد بغي حجة‪ ،‬لن كل ذلك تقليد يشبه‬
‫بعضه بعضا‪ ،‬وإن اختلفت الثام فيه) اهـ‪.‬‬

‫ومعرفة الق بالرجال موافقة لم وتقليدا بغي حجة هو دين أهل الكتاب‪ ،‬الذي حذرنا ال‬
‫تعال من الوقوع فيه‪ ،‬وهو ما كان سبب خروجهم عن اللة الت انزل ال إليهم‪.‬‬

‫‪448‬‬
‫خذُواْ أَ ْحبَا َرهُ ْم وَ ُر ْهبَاَنهُمْ أَ ْربَابًا مّن دُونِ اللّهِ} [التوبة‪]31:‬‬
‫قال تعال‪{ :‬اتّ َ‬

‫عن عدي بن حا ت ر ضي ال ع نه وكان قد قدم على ال نب صلى ال عل يه و سلم و هو‬


‫خذُواْ أَ ْحبَا َرهُ ْم وَ ُر ْهبَاَنهُ مْ أَ ْربَابًا مّن دُو نِ اللّ ِه وَالْمَ سِيحَ‬
‫نصران فسمعه يقرأ هذه الية‪{ :‬اتّ َ‬
‫ابْ َن َم ْريَ َم وَمَا ُأمِرُواْ إِلّ ِليَ ْعبُدُواْ إِلَ ـهًا وَاحِدًا لّ إِلَ ـهَ إِلّ ُهوَ ُسبْحَانَ ُه عَمّ ا يُشْرِكُو نَ}‬
‫[التوبة‪]31:‬‬

‫قال فقلت يارسول ال‪ :‬إنا لسنا نعبدهم قال صلى ال عليه وسلم‪ :‬أليس يُحرِمون ما أحل‬
‫ال فتُحرمونه‪ ،‬ويُحِلون ما حرم فتُحلو نه قال قلت‪ :‬بل فقال صلى ال عليه و سلم‪ :‬فتلك‬
‫عبادتم‪.‬‬

‫قال الربيع بن أنس‪( :‬قلت لب العارية‪ :‬كيف كانت الربوبية ف بن إسرائيل؟ قال‪ :‬كانت‬
‫الربوب ية أن م وجدوا ف كتاب ال ما أمروا به ونوا ع نه‪ ،‬فقالوا لن ن سبق أحبار نا ب شئ‪،‬‬
‫فما أمرونا به ائتمرنا‪ ،‬وما نونا عنه انتهينا لقولم‪ ،‬فاستنصحوا الرجال ونبذوا كتاب ال‬
‫وراء ظهورهم)‪.‬‬

‫ومن لطيف ما ينشد هنا ف بيان حال أمثال هؤلء من يعرف الق بالرجال وقوفا عندهم‬
‫وإعراضا عن الكتاب والسنة‪ ،‬قول النذر بن سعيد البلوطي حيث قال‪:‬‬

‫عبيي من قوم يقولون كلما‬


‫طلبت دليل هكذا قال مالك‬
‫***‬
‫فإن عدت قالوا هكذا قال أشهب‬
‫وقد كان ل تفى عليه السالك‬
‫***‬
‫فإن زدت قالوا قال سحنون قبله‬

‫‪449‬‬
‫ومن ل يقل مقاله فهو آفك‬
‫***‬
‫فإن قلت قال ال ضجوا وعكروا‬
‫وقالوا جيعا أنت قرن ماحك‬
‫***‬
‫وإن قلت قد قال الرسول فقولم‬
‫أتت مالك ف ذلك السالك‬

‫وهذا ل سان حال‪ ،‬بل ول سان مقال كل من عرف ال ق بالرجال‪( ،‬أ تت فلن ف ذلك‬
‫السالك)‪ ،‬وهي شبهة لرد الق واهية ومفادها تعطيل الدين بالكلية وتفريغ النصوص من‬
‫متواها‪.‬‬

‫و من القطوع به عند الم يع أن ال ق ل يدور مع مع ي؛ إل ال نب صلى ال عليه وسلم‪،‬‬


‫لنه لو كان كذلك لوجب اتباعه ف كل ما قال‪ ،‬فحال القلد ف الباطل‪:‬‬

‫وهل أنا من غزية إن غوت *** غويت وإن ترشُد غزية أر ُشدِ‬

‫وقد رسم أئمة الطائفة النصورة عب تاريها التصل هذا العلم الام من معال الق‪ ،‬وأمروا‬
‫به ونوا عن ضده‪.‬‬

‫فعن علي بن أب طالب رضي ال عنه‪( :‬حي قال له الارث بن عبد ال العور‪ :‬أتظن أن‬
‫طل حة والزب ي ر ضي ال عنه ما كا نا على البا طل؟ قال علي ر ضي ال ع نه‪ :‬ياحارث إ نه‬
‫ملبوس عليك إن الق ل يعرف بالرجال اعرف الق تعرف أهله)‪.‬‬

‫وعن أب مليكة رحه ال‪( :‬أن عروة بن الزبي رحه ال قال لبن عباس‪ :‬أضللت الناس قال‬
‫وما ذاك يا عرية قال‪ :‬تأمر بالعمرة ف هؤلء العشر وليست فيهم عمرة فقال‪ :‬أول تسأل‬
‫أمك ف ذلك‪ ،‬فقال عروة‪ :‬فإن أبو بكر وعمر ل يفعل ذلك!‪ ،‬فقال بن عباس رضي ال‬

‫‪450‬‬
‫عنه ما‪ :‬هذا الذي أهلك كم‪ ،‬وال ماأرى إل سيعذبكم‪ ،‬إ ن أحدث كم عن ال نب صلى ال‬
‫عليه وسلم وتيؤنن بأب بكر وعمر)‪.‬‬

‫وكتب عمر بن عبد العزيز رحه ل إل الناس‪( :‬إنه ل رأي لحد مع سُنة سنَها رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم)‪.‬‬

‫ودخـل القعنـب رحهـ ال على مالك فرآه يبكـي‪ ،‬فسـأله‪ :‬مـا الذي يبكيـك؟ فقال المام‬
‫مالك‪ ( :‬يا بن قع نب‪ ،‬و ما ل ل أب كي؟! و من ال حق بالبكاء م ن؟! لوددت أ ن ضُر بت‬
‫سوطا وقد كانت ل السعة فيما سبقت إليه‪ ،‬وليتن ل أفت بالرأي)‪.‬‬

‫وما أحسن كلمة الشافعي رحه ال لتلميذه الزري‪ ،‬حيث قال له‪( :‬يا أبا إبراهيم لتقلدن‬
‫ف كل ما أقول‪ ،‬وانظر ف ذلك لنفسك فإنه دين)‪.‬‬

‫وق يل للمام أح د رح ه ال‪( :‬إن قو ما يدّعون الد يث ويذهبون إل رأي سفيان) فقال‬
‫رح ه ال‪( :‬أع جب لقوم سعوا الد يث وعرفوا ال سناد و صحته ويدعو نه ويذهبون إل‬
‫ِهـ أَن تُصـِيَبهُمْ ِفْتَنةٌ َأوْ‬
‫َنـ َأمْر ِ‬
‫ُونـ ع ْ‬
‫ِينـ يُخَاِلف َ‬
‫رأي سـفيان وغيه‪ ،‬قال تعال‪َ{ :‬ف ْليَحْذَ ِر الّذ َ‬
‫يُ صِيَبهُ ْم عَذَا بٌ أَلِ يم} [النور‪ ،]63:‬وتدري ما الفت نة‪ :‬الك فر؛ قال ال تعال‪{ :‬وَالْ ِفْتَنةُ‬
‫أَكْبَرُ مِ َن الْقَتْل} [البقرة‪ ،]217:‬فيدعون الد يث عن ر سول ال صلى ال عل يه و سلم‪،‬‬
‫وتغلبهم أهوائهم إل الرأي)‪ .‬اهـ‪.‬‬

‫فأهل الطائفة النصورة يتلمسون الق من مظانه‪ ،‬فما أعياهم من حكم‪ ،‬أو نزل بم من‬
‫نازلة‪ ،‬طلبوا ال ق من أ صوله ال ستقرة لغ ي ن ظر من هم ل ا عل يه الرجال من ذلك‪ ،‬أحياءا‬
‫كانوا أو أمواتا‪.‬‬

‫وأهل الطائفة النصورة أول ما ياكِمون إل هذا الصل أنفسهم‪ ،‬قبل أن ياكموا غيهم‪،‬‬
‫فحاشا هم أن يكونوا أ صحاب دعوة هم أول من يالف ها‪ ،‬و هم لذلك يضعون على هذا‬

‫‪451‬‬
‫الحك أقوال وأفعال أقرب الناس وأحبه إليهم من شيخ أو عال أو أمي و زعيم أو غيه أو‬
‫غي ذلك من كل مطاع لم ومتبع‪.‬‬

‫قال بن ر جب‪( :‬و ها ه نا أ مر خ في ينب غي التف طن له‪ ،‬و هو أن كثيا من أئ مة الد ين قد‬
‫يقول قو ًل مرجو حا‪ ،‬ويكون متهدا ف يه‪ ،‬مأجورا على اجتهاده ف يه‪ ،‬موضو عا ع نه خطأه‬
‫فيه‪ ،‬ول يكون النتصر لقالته تلك بنلته ف هذه الدرجة؛ لنه قد ل ينتصر ف هذا القول‬
‫إل لكون متبوعه قد قاله‪ ،‬بيث أنه لو قاله غيه من أئمة الدين لا قبله‪ ،‬ول انتصر له‪ ،‬ول‬
‫وال من يواف قه‪ ،‬ول عادى من خال فه‪ ،‬و هو مع هذا ي ظن أ نه إن ا انت صر لل حق بنلة‬
‫متبوعه‪ ،‬وليس كذلك فإن متبوعه إنا كان قصده النتصار للحق‪ ،‬وإن أخطأ ف اجتهاده‬
‫وأما هذا التابع فقد شاع انتصاره لا يظنه الق؛ إرادة علو متبوعه‪ ،‬وظهور كلمته‪ ،‬وأنه ل‬
‫يُن سب إل ال طأ‪ ،‬وهذه د سيسة تقدح ف ق صد النت صار لل حق‪ ،‬فاف هم هذا فإ نه م هم‬
‫عظيم‪ ،‬وال يهدي من يشاء إل صراط مستقيم)‪ .‬اهـ‪.‬‬

‫إن أهل الطائفة النصورة وإن كانوا ييطون أهل العلم العاملي بالة من الجلل والتقدير‪،‬‬
‫إل أنم مع ذلك يوقنون بأن العصمة منتفية عن غي النبياء عليهم السلم‪.‬‬

‫ولذا فإذا بدا مـن أحـد هؤلء العلماء زلة‪ ،‬أو ظهـر منـه خطـأ‪ ،‬فإنمـ يدعون إل اجتناب‬
‫زلته‪ ،‬وعدم متابعته على خطائه‪ ،‬وإن كان صاحبها قد يكون معذورا بل مأجورا إن كان‬
‫متهدا‪.‬‬

‫قال بن عبد الب ‪( :‬وإذا صح وثبت أن العال يزل وي طئ‪ ،‬ل يز لحد أن يف ت ويدين‬
‫بقول ل يعرف وجهه)‪ .‬اهـ‪.‬‬

‫وقد حذر أئمة الطائفة النصورة من زلة العال‪ ،‬وبينوا خطرها‪ ،‬ووجوب اجتنابا وطرحها‪،‬‬
‫وعدم متابعته فيها‪.‬‬

‫‪452‬‬
‫قال عمر بن الطاب رضي ال عنه‪( :‬ثلث تدم الدين زلة عال وجدال منافق وأئمة‬
‫مضلون)‪.‬‬

‫وقال معاذ بن جبل رضي ال عنه‪( :‬وأحذركم زيغة الكيم؛ فإن الشيطان قد يقول كلمة‬
‫الضللة على لسان الكيم‪ ،‬وقد يقول النافق كلمة الق‪ ،‬قيل له‪ :‬وكيف زيغة الكيم؟‬
‫قال رضي ال عنه‪ :‬هي الكلمة تروعكم وتنكرونا وتقولون ما هذه! فاحذروا زيغته)‪.‬‬

‫وقد قيل زلة العال يضرب با الطبل‪ ،‬وزلة الاهل يفيها ال هل؛ وذلك لن الاهل غي‬
‫متج به‪ ،‬غي متبع ف أمره‪.‬‬

‫ول ذر القائل‪:‬‬

‫العيب ف الاهل الغمور مغمور‬


‫وعيب ذي الشرف الذكور مذكور‬
‫***‬
‫ككوفة الظفر تفى من حقارتا‬
‫ومثلها ف سواد العي مشهور‬

‫فالعال منظور إل يه‪ ،‬م تج به‪ ،‬مت بع ف أمره‪ ،‬ولذا كا نت زلة العال زلة له ول ن يقتدي به‪،‬‬
‫فأثرها متعد ل لزم‪.‬‬

‫فأ مر العلماء خ طر‪ ،‬وعلي هم وظيفتان؛ ترك الذ نب‪ ،‬ث إخفاءه إن و قع‪ ،‬وك ما يتضا عف‬
‫ثوابمـ على السـنات‪ ،‬فيضاعـف عقابمـ على الذنوب والسـيئات إذا اتبعوا‪ ،‬فحركات‬
‫العلماء ف طوري الزيادة والنقصان تتضاعف آثارها‪ ،‬إما بربح أو خسران‪.‬‬

‫وقد روي عن عيسى عليه السلم‪( :‬أنه سئل من أشد الناس فتنة فقال‪ :‬زلة عالِم إذا‬
‫زل؛ زل بزلته عالَ)‪.‬‬

‫‪453‬‬
‫وأهل العلم بعد أن حذروا من زلة العال‪ ،‬وأمروا بطرحها واجتنابا‪ ،‬بينوا موقعها من دين‬
‫ال‪ ،‬فن صوا على كون ا خار جة عن موارد الجتهاد الع تبة‪ ،‬منقط عة ال صلة بدارك ال ق‬
‫ومسالكه‪ ،‬ولذا كانت باطلة النسبة لدين ال وشرعه‪.‬‬

‫ولكأن أبناء المة ف هذه الزمان أحوج ما يكونون للستفادة من كلم هؤلء الئمة ف‬
‫تذيرهم من زلة العال‪ ،‬ودعوتم إل اجتنابا‪ ،‬ول سيم ف هذه الزمان حيث كثرت فيه‬
‫زلت أهل العلم‪ ،‬ول سيما ف موقفهم من الهاد وأهله‪.‬‬

‫وف الونة الخية‪ ،‬بدت من بعض إخواننا أهل العلم؛ الذين كانت لم سابقة ف الدعوة‬
‫إل ال؛ هلك وأخطاء‪ ،‬كان سببها بعُد هم عن ساحات الهاد وعدم مار ستهم الفعل ية‬
‫للجهاد‪ ،‬فضربت بزلتم الطبول‪ ،‬وطارت با وسائل العلم السية كل مطار‪ ،‬كل ذلك‬
‫بغ ية شق ال صفوف‪ ،‬وتفر يق الكل مة‪ ،‬و صد الناس عن الهاد‪ ،‬وتنفي هم من الجاهد ين‪،‬‬
‫فكان لزا ما علي نا الت نبيه على زلت إخوان نا‪ ،‬ح ت ل يقتدي ب م في ها‪ ،‬عمل بقول ال نب‬
‫صلى ال عليه وسلم‪( :‬انصر أخاك ظالا أو مظلوما)‬

‫إن م صطلح (منظري التيار الهادي) م صطلح دخ يل‪ ،‬ك ثر ذكره وامتها نه ف الو نة‬
‫الخية‪ ،‬ولسـيما مـن قبـل وسـائل العلم ليصـدوا أبناء المـة عـن الهاد‪ ،‬وهذا‬
‫الصطلح ف حقيقته هو فصام نكد بي القول والفعل‪.‬‬

‫فإن أهل العلم على مر العصور‪ ،‬وكر الدهور‪ ،‬كانوا ف مقدمة ركب الهاد‪ ،‬كما سبق‬
‫ذكره بشواهده غ ي مرة‪ ،‬ول ن سمع أن أحدا من هم نظّر لل مة أحكام الهاد ث هو ق عد‬
‫وتلف عن الهاد الواجب التعي عليه‪ ،‬وكأنه ليس معنيا بذا الطاب‪.‬‬

‫وإن التأ مل اللب يب ليل حظ أن هذا ال صطلح ف حقيق ته؛ ذمّ وطعنّ ف أ صحابه‪ ،‬ح يث‬
‫يدخلهم ف قول ال تعال‪{ :‬يَا َأّيهَا الّذِي نَ َآ َمنُوا لِ َم َتقُولُو َن مَا لَا َت ْفعَلُو نَ * َكبُ َر َم ْقتًا عِندَ‬
‫اللّهِ أَن َتقُولُوا مَا لَا َتفْعَلُونَ} [الصف‪]3-2:‬‬

‫‪454‬‬
‫ـ لبـد أن يكون عنده علم بالكـم‬
‫إن القرر عنـد أهـل العلم أن الذي يفتـ فـ مسـألة م ا‬
‫الشرعي‪ ،‬وعلم بالواقع الذي يطبق عليه هذا الكم‪ ،‬وإل كانت فتواه مانبة للصواب‪.‬‬

‫قال إ بن القيـم‪( :‬ول يتمكـن الفتـ الفتوى ول الاكـم مـن الفتوى والكـم بال ق‪ ،‬إل‬
‫بنوعي من الفهم‪:‬‬

‫أحدهاـ‪ :‬فهـم الواقـع والفقـه فيـه واسـتنباط علم حقيقـة مـا وقـع بالقرائن والمارات‬
‫والعلمات حت ييط به علما‪.‬‬

‫والنوع الثان‪ :‬فهم الواجب ف الواقع وهو فهم حكم ال الذي حكم به ف كتابه أوعلى‬
‫ل سان ر سوله صلى ال عل يه و سلم ف هذا الوا قع ث يط بق أحده ا على ال خر)‪ .‬انت هى‬
‫كلمه‪.‬‬

‫ولذا كان الجاهدون هم أ سعد الناس بالدل يل‪ ،‬لمع هم ب ي المر ين‪ ،‬ح يث جعوا ب ي‬
‫الكم الشرعي البن على الكتاب والسنة وأقوال أئمة السلف‪ ،‬وعلمهم بالواقع الذي هم‬
‫ف الصل يعايشونه‪.‬‬

‫قال سـفيان بـن عيينـة لبـن البارك عليهمـا رحةـ ال‪( :‬إذا رأيـت الناس قـد اختلفوا‬
‫فعل يك بالجاهد ين وأ هل الثغور‪ ،‬فإن ال تعال يقول‪{ :‬لََنهْ ِديَّنهُ مْ سُبُلَنَا} [العنكبوت‪:‬‬
‫‪.)]69‬‬

‫وقال المامان عبد ال بن البارك وأحد بن حنبل‪ ،‬عليهما رحة ال‪( :‬إذا اختلف الناس‬
‫ف شئ فانظروا ماذا عليه أهل الثغور‪ ،‬فإن الق معهم لن ال يقول‪{ :‬وَاّلذِي َن جَا َهدُوا‬
‫فِينَا لََن ْه ِديَّنهُ ْم سُبُلَنَا} [العنكبوت‪)]69:‬‬

‫‪455‬‬
‫فمنظروا التيار الهادي هم الذين حلوا الكتاب والسيف بأيديهم‪ ،‬وتقدموا الصفوف‪،‬‬
‫وقادوا الموع‪ ،‬وهجروا لذائذ الدنيـا الفانيـة‪ ،‬وآثروا ثواب الخرة الباقيـة‪ ،‬وتركوا‬
‫القصور والدور لم مأوى‪ ،‬واختاروا الكهوف والبال لم سكن‪ ،‬حفاظا على دينهم‪،‬‬
‫وتصديقا لقوالم بفعالم‪.‬‬

‫أما أن يبقى العال بعيدا عن ساحات الهاد والواقع الذي يعيشه الجاهدين‪ ،‬مقيما ف‬
‫بلد الكفار‪ ،‬ث يف ت ال مة ف م سائل‪ ،‬أد ن ما يقال في ها إن ا م سائل اجتهاد ية قابلة‬
‫للنظر يريد إلزام الجاهدين با‪ ،‬فهذا ل يقبل ول كرامة‪ ،‬بل إن أهل العلم قرروا أنه ل‬
‫إنكار ف مسائل الهاد الت ل تُخالف نصا أو إجاعا أو قياسا جليا‪.‬‬

‫ذكر القاضي أبو السن الاوردي ف الحكام السلطانية خلفا بي العلماء ف أن من قلده‬
‫السـلطان السـبة هـل له أن يمـل الناس على مذهبـه فيمـا اختلف فيـه الفقهاء‪ ،‬إذا كان‬
‫الحتسب من أهل الجتهاد‪ ،‬أم ل يغي ما كان على مذهب غيه‪ ،‬فقرر أن الصح أنه ل‬
‫يغي‪ ،‬وأنه ل يزل اللف ف الفروع بي الصحابة والتابعي فمن بعدهم رضي ال عنهم‬
‫أجعي‪ ،‬ول ينكر متسب ول غيه‪ ،‬وكذلك قالوا‪( :‬ليس للمفت ول للقاضي أن يعترض‬
‫على من خالفه إذا ل يالف نصا أو إجاعا أو قياسا جليا‪ ،‬وال أعلم)‪.‬‬

‫و قد سئل ش يخ ال سلم بن تيم ية رح ه ال‪ :‬عن ح كم إلزام ول ال مر الناس بذه به ف‬


‫مسائل الجتهاد الت اختلف فيها العلماء فأجاب‪( :‬ليس له منع الناس من مثل ذلك‪ ،‬ول‬
‫من مظاهره ما يسوغ فيه الجتهاد‪ ،‬وليس معه بالنع نص من الكتاب ول سنة ول إجاع‪،‬‬
‫ول ما هو ف معن ذلك‪ ،‬ل سيما وأكثر العلماء على جواز مثل ذلك‪ ،‬وهو ما يعمل به‬
‫عامة السلمي ف عامة المصار‪ ،‬وهذا كما أن الاكم ليس له أن ينقض حكم غيه ف‬
‫مثل هذه السائل‪ ،‬ول للعال والفت أن يلزم الناس باتباعه ف مثل هذه السائل)‪.‬‬

‫‪456‬‬
‫ولذا لا استشار الرشيد مالكا ف أن يمل الناس على مو ّطئِه ف مثل هذه السائل؛ منعه‬
‫من ذلك‪ ،‬قال‪ :‬إن أ صحاب ر سول ال صلى ال عليه وسلم قد تفرقوا ف المصار و قد‬
‫أخذ كل قوم من العلم ما بلغهم‪.‬‬

‫و صنف ر جل كتا با ف الختلف فقال أح د‪ :‬ل ت سميه كتاب الختلف‪ ،‬ول كن سه‬
‫كتاب السعة‪.‬‬

‫ولذا كان بعض العلماء يقول إجاعهم حجة قاطعة واختلفهم رحة واسعة‪.‬‬

‫وكان عمر بن عبد العزيز يقول‪( :‬ما يسرن أن أصحاب رسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫ل يتلفوا‪ ،‬لنمـ إذا اجتمعوا على قول فخالفهـم رجـل كان ضال‪ ،‬وإذا اختلفوا فأخـذ‬
‫رجل بقول هذا ورجل بقول هذا كان ف المر سعة)‪.‬‬

‫وكذلك قال غي مالك من الئمة‪( :‬ليس للفقيه أن يمل الناس على مذهبه)‪.‬‬

‫ولذا قال العلماء ال صنفون ف ال مر بالعروف والن هي عن الن كر من أ صحاب الشاف عي‬
‫رح ه ال‪ ،‬وغيه‪( :‬إن م ثل هذه ال سائل الجتهاد ية ل تن كر بال يد ول يس ل حد أن يلزم‬
‫الناس باتباعه فيها ولكن يتكلم فيها بالجج العلمية فمن تبي له صحة أحد القولي تبعه‬
‫ومن قلد أهل القول الخر فل إنكار عليه)‪ .‬انتهى كلمه‪.‬‬

‫كما بي شيخ السلم أن السائل الت ل يعلم قطعا مالفتها للكتاب والسنة بل هي من‬
‫موارد الجتهاد التـ تنازع فيهـا أهـل العلم واليان‪ ،‬فهذه المور قـد تكون قطعيـة عنـد‬
‫بعض من بي ال له الق فيها‪ ،‬لكنه ل يكنه أن يلزم الناس با بان له‪ ،‬ول يب لم‪.‬‬

‫وعليه؛ فما ذهب الجاهدون إليه ف بعض السائل الجتهادية كالعمليات الستشهادية‪،‬‬
‫وضرب الكفار وتبييتهم ف عقر دارهم‪ ،‬ردعا لم‪ ،‬وكفا لشرهم عن السلمي‪ ،‬وإن‬
‫أدى تبعا إل قتل من ل يوز قتله استقلل كالنساء والطفال‪ ،‬ل يوز النكار عليهم‬

‫‪457‬‬
‫فـ ذلك‪ ،‬فضل عـن الطعـن والتشهيـ‪ ،‬وإصـدار الحكام الائرة بالتبديـع والتفسـيق‬
‫والتضليل‪ ،‬فقد أمرنا ال تعال بالعدل مطلقا ولو مع أبغض الناس إلينا‪.‬‬

‫ـ لِلّت ْقوَى}‬
‫ـ عَلَى َألّ َت ْعدِلُواْ ا ْع ِدلُوْا ُهوَ َأ ْقرَب ُ‬
‫ـ َقوْم ٍ‬
‫ـ شَنَآن ُ‬
‫ج ِرمَّنكُم ْ‬
‫قال تعال‪َ { :‬ولَ يَ ْ‬
‫[الائدة‪.]8:‬‬

‫قال إ بن الق يم رح ه ال‪( :‬فإن كان قد ن ى عباده أن يمل هم بغض هم لعدائ هم أن ل‬


‫يعدلوا علي هم‪ ،‬مع ظهور عداوت م ومالفت هم وتكذيب هم ل ور سوله‪ ،‬فك يف ي سوغ ل ن‬
‫يد عي اليان أن يمله بغ ضه لطائ فة منت سبة إل الر سول ت صيب وت طئ على أن ل يعدل‬
‫فيهم‪ ،‬بل يرد لم العداوة وأنواع الذى ولعله ل يدري أنم أول بال ورسوله‪ ،‬وما جاء‬
‫به منه علما وعمل‪ ،‬ودعوة إل على بصية‪ ،‬وصبا من قومهم على الذى ف ال‪ ،‬وإقامة‬
‫لجة ال ومعذرة لن خالفهم بالهل)‪ .‬اهـ‪.‬‬

‫والجاهدين وإن خالفهم مالف‪ ،‬فلهم من حقوق السلم بسب ما هم عليه من اليان‬
‫علما وعمل‪ ،‬فكيف والقوم ما قاموا إل با أوجبه الشرع عليهم‪ ،‬وهم أسعد بالدليل وأشد‬
‫اتباعا له من التكلم فيهم‪ ،‬كما أنم ما خرجوا إل لعلء كلمة ال والتمكي لدينه‪ ،‬وقد‬
‫علم القاصي والدان صدق نواياهم وخلوص قصدهم‪ ،‬ولنا ظاهرهم وحسابم على ال‪.‬‬

‫وهذا مع ما ش هد به العدو ق بل ال صديق من بذل م أنف سهم وأموال م ن صرة لذا الد ين‪،‬‬
‫وإعزازا وتملهم ف سبيل ذلك من البتلء ما ال وحده به عليم‪.‬‬

‫كما أن التكلم ف هؤلء القوم وإن خالفهم فيما ذهبوا إليه‪ ،‬يعلم يقينا أنه يغيظون أعداء‬
‫ال‪ ،‬وهم شجى ف حلوقهم فكان الكلم فيهم إعانة عليهم لن ل يرقبون ف مؤمن إ ًل ول‬
‫ذمة من أعداء اللة والمة‪.‬‬

‫وإن أراد التكلم و جه ال بكل مه؛ ف سبيله الن صح ل الط عن والتشه ي والن بز والر مي ب كل‬
‫سوء وقبيح‪ ،‬والنصح قد علم طريقه كل عاقل فضل عن أهل العلم‪.‬‬

‫‪458‬‬
‫فكان الكلم فـ هؤلء القوم بالطعـن والنقـص و الذم و نوه ليـس له مـن معنـ؛ إل أن‬
‫يكون دخنا ف الدين‪ ،‬أو غل للمؤمني‪ ،‬أو دهنا بالشرع‪ ،‬أو انتصارا للنفس وأهوائها‪.‬‬

‫ومـن ذلك اتادهـم مطيـة لظهار العتدال والوسـطية الزعومـة‪ ،‬وال يعلم الفسـد مـن‬
‫الصلح‪.‬‬

‫وقد قال تعال‪َ { :‬سُتكَْتبُ َشهَا َدُتهُ ْم َويُسْأَلُون} [الزخرف‪]19:‬‬

‫وليحذر العبد أن يأت يوم القيامة وخصمائه الجاهدون ف سبيل ال‪ ،‬الدافعون عن دينه‪،‬‬
‫الباذلون مهجهم حبا فيه وإرضاءا له‪.‬‬

‫ول ذر القائل‪:‬‬

‫إل ديان يوم الدين نضي‬


‫وعند ال تتمع الصوم‬
‫***‬
‫ستعلم ف الساب إذا التقينا‬
‫غدا عند الله من اللوم‬

‫غي أن الطعن والتشهي والتجريح ف هؤلء القوم؛ هو الركب الرغد‪ ،‬والفراش المهد‪،‬‬
‫والطريق العبد‪ ،‬أما الدفاع عنهم‪ ،‬وإنصافهم وإعطائهم حقهم من الوالة‪ ،‬فذاك درب ل‬
‫تؤمن غوائله‪ ،‬ول تمد عواقبه‪.‬‬

‫{وَاللّ ُه غَاِلبٌ عَلَى َأمْ ِر ِه وَلَكِنّ أَ ْكثَ َر النّاسِ َل َيعَْلمُونَ} [يوسف‪]21:‬‬

‫و المد ل رب العالي‪.‬‬

‫‪459‬‬
‫صعَبٍ الزّ ْرقَاوِي‬
‫َأبُ ْو مُ ْ‬
‫َأمِيْ ُر تَنْظِي ِم القَا ِع َدةِ ِف ْي بِلدِ الرّافِ َديْن‬
‫ق – بِلدُ الرّافِ َديْن‬
‫ال ِعرَا ُ‬

‫‪460‬‬
‫الطاب السادس و الثلثون‬

‫ذُقْ إِنّكَ أَنتَ الْ َعزِيزُ الْ َكرِ ُي‬


‫‪ 17‬شوال ‪ 1426‬هـ‬
‫‪ 18‬نوفمب‪/‬تشرين الثان ‪ 2005‬م‬

‫بِصَوْتِ الشَيخ‬
‫ب الزّرْقَاوِي ( َرحِ َمهُ ال)‬
‫أَِبيْ مُصْع ٍ‬

‫المدُ لِ مع ّز ال سلمِ بن صره‪ ،‬ومُذلّ الشر كِ بقهره‪ ،‬وم صرّف المور بأمره‪ ،‬وم ستدر ِ‬
‫ج‬
‫الكافريـن بكره‪ ،‬الذي قدّر اليام دولً بعدله‪ ،‬والصـل ُة والسـلم على مـن أعلى الُ منارَ‬
‫السلمِ بسيفِه‪.‬‬

‫أمّا بعد؛‬

‫فقد تناهى إل أساع العال الصخب والضجيج الذى أثارته الكومة الردنية الرتدة‪ ،‬من‬
‫خلل وسائل إعلمها الُسي من قبل أجهزتا المنية‪ ،‬الت راحت تصور فيه لهل السلم‬
‫فـ الردن بأنمـ باتوا ضحيـة مسـتهدفة للرهاب‪ ،‬وأن هؤلء الرهابييـ ل يسـنون إل‬
‫سفك الدماء‪ ،‬و قد عر ضت هذه الِفْك بطري قة ت ستثي العوا طف‪ ،‬وكان مبدء ذلك ب عد‬
‫انطلق ثلثةٍ من أسود الرافدين من عرينهم ف بغداد‪ ،‬إل قلب عمان‪ ،‬ليدكّوا ثلثة أوكار‬
‫طالا ضمت بي جدرانا اليهود والصليبيي‪ ،‬وغيهم لرب ال ورسوله‪.‬‬

‫‪461‬‬
‫وقد اقدم تنظيم القاعدة على اتاذ هذه الطوة الباركة للسباب التية‪:‬‬

‫أولً‪ :‬ل قد ا ستعلنت الكو مة الردن ية بالك فر‪ ،‬وجاهرت بالَرَا بة ل ور سوله‪ ،‬وعطلت‬
‫الشريعة وحكمت القواني الوضعية‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬أ صبح ج يش هذا النظام الارس الم ي لناب دولة ب ن صهيون‪ ،‬ف كم من ما هد‬
‫كان يروم الدخول إل الرض البار كة‪ ،‬لِقتال اخوة القردة والناز ير قُتِل بر صاص ٍة غادرةٍ‬
‫جائته من وراء ظهره على أيدي جنود هذا النظام الائن‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬بثّها للخنا والفجور‪ ،‬ونشرها للفساد‪ ،‬فقد أصبحت هذه البلد مستنقعات للرذيلة‪،‬‬
‫والباحيةِ الطلقةِ‪ ،‬فمـن رأى الفنادق واللهـي والراقـص وحانات المور والنتجعات‬
‫السياحية ف العقبة والبحر اليت وغيه؛ تَقطّع قلبه أسنا وحزنا ًعلى ما آلت إليه المور ف‬
‫هذا البلد الطيب أهله‪ ،‬على أيدى أفراد هذه العائلة الاجنة؛ رجال ونساءا على السواء‪.‬‬

‫رابعا‪ :‬أطلقت هذه الدولة الكافرة يد العدو الصهيون‪ ،‬وسحت له بالتغلغل داخل الجتمع‬
‫الرد ن أقت صاديا و سياسيا وأجتماعيا‪ ،‬ف قد سيطر أرباب القت صاد اليهودي على مع ظم‬
‫الشركات والبنوك وال صانع والعا مل وغي ها‪ ،‬وباتوا يتحكمون ف م صادر أرزاق مئات‬
‫اللف من أبناء هذا البلد‪ ،‬وخي شاهد على ذالك مدينة السن الصناعية ف مافظة إربد‪.‬‬

‫خامسـا‪ :‬وجود السـجون السـرّية للمريكان فـ الردن‪ ،‬بإشراف مباشـر مـن أجهزة‬
‫الخابرات الردنية‪ ،‬والت يوجد ف قعر زنازينها عشرات الجاهدين‪ ،‬من متلف البلدان‪،‬‬
‫وال ت يذيقون في ها من العذاب ألوانا‪ ،‬و من الوان أ صنافا على ايدي اللد ين من زناب ية‬
‫الخابرات الردنية‪ ،‬نيابة عن الخابرات المريكية‪.‬‬

‫ذكرت صحيفة (لوس انلو ستايز)؛ أن جهاز الخابرات الردن ية أ صبح الل يف القوى‬
‫لوكالة الخابرات الركزية المريكية‪ ،‬والكثر فعالية‪ ،‬على مستوى منطقة الشرق الوسط‬

‫‪462‬‬
‫بأكمل ها في ما يتعلق ف الرب على الرهاب‪ ،‬و هى ن فس النلة ال ت كان يتل ها جهاز‬
‫الخابرات السرائيلي ف السابق‪.‬‬

‫تعاونـ‬
‫ٌ‬ ‫وأشارت الصـحيفة المريكيـة إل أن الردن والوليات التحدة قـد حدث بينهمـا‬
‫وثي قٌ ف مال ا ستجواب العنا صر الشت به ف صلتها بالرهاب‪ ،‬و هو ال مر الذى تعرض‬
‫ت وا سعة النطاق من ق بل و سائل العلم العال ية ومنظمات حقوق الن سان نظرا‬
‫لنتقادا ٍ‬
‫لتامات التعذيب الذى مورسَ خلل تلك الستجوابات‪.‬‬

‫وكش فت ال صحيفة عن أن الخابرات الركز ية المريك ية خ صّصت جزءا من ميزانيت ها‬


‫لتدريب الخابرات الردنية وكوادرها ف مقرهم ف عمان‪.‬‬

‫سادسا‪ :‬أ ما ف الالة العراق ية؛ ف قد كا نت الردن ول تزال قاعدة إمدادٍ خلف ية للج يش‬
‫المري كي؛ ف قد قام هذا النظام بف تح أبواب البلد على م صراعيها للعدو ال صليب؛ يف عل‬
‫فيها ما يشاء‪ ،‬فقد اتذ من هذه البلد قاعدة خلفية تنطلق منها الطائرات المريكية بصبّ‬
‫جام حمها على أهل السلم ف العراق‪ ،‬ول ننسى جيش الترجي من العملء الردنيي‬
‫ناقلتـ مملة بالزاد والعتاد الذي ينقـل بوسـاطة‬
‫ٍ‬ ‫فـ العراق‪ ،‬وكذا للسـف اسـطول‬
‫الشاحنات الردن ية للج يش المري كي ف العراق‪ ،‬ح ت ي ستعينوا ب ا على حرب ال سلم‬
‫وقتل الجاهدين‪.‬‬

‫وهذه ر سالة إل أ هل ال سلم ف الردن؛ إ نا ن ب ان نطمن كم بأن نا من أحرص الناس‬


‫ب إلينا من أنفسنا وأبنائنا‪.‬‬
‫على دمائكم كيف ل وأنتم أح ّ‬

‫وإننا لنعلم بأنكم ضحية هذا النظام الجرامي‪ ،‬الذى ذبح أبنائكم كما فعل ف السلمي ف‬
‫مدينة (معان)‪ ،‬واستحيا نسائكم وسامكم الذل والوان‪.‬‬

‫و أ ما ما صوره هذه النظام الائن من أن كم ب تم ضح ية للمجاهد ين؛ فهذا كله م ض‬


‫افتراءات وتزويـر‪ ،‬ومعاذ ال أن نترىء على إراقةِ دمائكـم‪ ،‬فلو أردنـا قتـل البرياء مـن‬

‫‪463‬‬
‫الناس كمـا زعـم هذا النظام الرتـد‪ ،‬لاـ تكلفنـا عناءَ الخاطرة بؤلء السـود فـ تاوز‬
‫الواجز المنية الحيطة بفنادق الظرار تلك؛ بل لو أردنا سفك دمائكم والعياذ بال‪ ،‬لكان‬
‫أسهل علينا أن يفجر هؤلء ال ستشاهديون أنف سهم ف الما كن العامة؛ ال ت يت مع فيها‬
‫الئات من الناس‪ ،‬وال ت هي من الهداف ال سهلة (كال ساحة الاش ية) أو (م مع العبدل)‬
‫أو الجمعات التجارية (كالسيفوي‪ )Safeway-‬وغيها‪.‬‬

‫أل يكن بإستطاعة أسود تنظيم القاعدة؛ من أطلقوا الصواريخ على البارجات المريكية ف‬
‫(إيلت)‪ ،‬أن يقوموا بإطلقهـا على التجمعات السـكنية للبرياء فـ عمان‪ ،‬بدل تعريـض‬
‫أنفسهم للمخاطر ف الوصول إل العقبة‪ ،‬الحاطة بسياج أمن والت أضحت منطقة امنية‬
‫مغلقة‪.‬‬

‫ول كن علم ال أن نا ما أقدم نا على اختيار هذه الفنادق إل ب عد ان تر جح لدي نا من خلل‬


‫التحري وال ستطلع التأ ن بذه الفنادق لدة تز يد عن الشهر ين‪ ،‬و من خلل العلومات‬
‫الت زودتنا با مصادرنا الوثوقة من داخل هذه الفنادق وخارجها‪ ،‬تفيد بأن هذه الفنادق‬
‫باتـت مقرات لجهزة الخابرات اليهوديـة والمريكيـة والعراقيـة‪ ،‬فأمـا فندق (الرادسـون)‬
‫فيقطنه معظم موظفي السفارة السرائيلية‪ ،‬وهو مقصد السياح السرائيليي وكذالك فندق‬
‫(الدايز إن)‪.‬‬

‫أما فندق (حياة عمان)‪ ،‬وما أدراك ما فندق (حياة عمان)؛ وكر الستخبارات الصهيونية‬
‫والمريك ية والعراق ية‪ ،‬ولك أن تعرف حقي قة هذا الفندق‪ ،‬أن الا سوس ال سرائيلي (عزّام‬
‫عزّام) كان يلتقى بالوساد السرائيلي ف هذا الفندق‪.‬‬

‫والذي يعرف هذه الفنادق‪ ،‬يعلم علم اليقي من الذى يرتادها‪ ،‬بل إن فندق (حياة عمان)‬
‫فيه جناح خاص لطاغية الردن (عبد ال الصغي) يقضى فيه الليال ذوات العدد‪.‬‬

‫‪464‬‬
‫فيا أهلنا ف الردن؛ مالنا وللتفجي وسط حفلت العراس‪ ،‬فإن كان مرادنا التفجي ف‬
‫أما كن كهذه؛ ف صالت العراس منتشرة ف طول البلد وعرض ها‪ ،‬مفتو حة البواب‪ ،‬ل‬
‫حسيب عليها ول رقيب‪.‬‬

‫و أما ما أُشيع أن الخ الستشهادي قام بتفجي نفسه ف صالة للعراس وسط الضور‪،‬‬
‫فهذا كله كذب وتلف يق من أجهزة ال شر الردن ية‪ ،‬فالذى خدع الناس طيلة هذه ال سني‬
‫الطوال بأنه عدو لبن صهيون؛ قادر على أن يقلب القائق ويلبّس على السذج من الناس‪.‬‬

‫وأما من قتل من السلمي ف هذه العملية؛‬

‫فنسأل ال أن يرحهم وأن يغفر لم‪ ،‬فوال ل يكن هم الستهدفي‪ ،‬ول ولن نفكر لظ ًة‬
‫واحدة فـ اسـتهدافهم‪ ،‬حتـ وإن كانوا أصـحاب فسـقٍ وفجور‪ ،‬هذا على فرض أن‬
‫النفجار وقع بالقرب منهم‪ ،‬لن الخوة الستشهاديي كانوا قد استهدفوا الصالت الت‬
‫ض مت اجتماعا لضباط الخابرات لب عض دول الك فر ال صليب وأوليائه‪ ،‬و ما نال القتول ي‬
‫من أذى‪ ،‬بفعل سقوط جزء من السقف الثانوي عليهم بفعل قوة النفجار‪ ،‬ول يفى ان‬
‫هذا المر وقع تبعا ل قصدا ول يكن بالسبان‪.‬‬

‫و قد ذ كر شق يق العر يس ك ما أوردت القدس برس‪ ،‬أ نه ي ستبعد أن يكون النفجار سببه‬


‫عملية انتحارية؛ لن الوضع كما وصفه كان طبيعيا من البداية‪ ،‬فلم تكن هناك أ يُ دلئل‬
‫او اشارات بوجود شـئ مـا‪ ،‬وأضاف أن السـقف سـقط بكامله؛ الديكور والسـنت مـع‬
‫الديد‪ ،‬كما أن الغبار والتربة كانت تغطي الكان‪ ،‬ما يشيُ إل أن العملية سببها كما‬
‫يعتقد قنبلة مزروعة بالسقف فلم يكن هناك نار او حريق‪.‬‬

‫وأ ما الفندقان الخران ف قد كان فيه ما عدد من الشخ صيات المريك ية واليهود ية‪ ،‬و قد‬
‫ت كن الخوة بف ضل ال تعال من تد يد مكان وزمان تواجد هم ب عد ال ستطلع التكرر‬
‫لوقع العملية‪ ،‬وبالتال؛ فإن الخوة كانوا يعرفون هدفهم وحدوده بدق ٍة كبية‪.‬‬

‫‪465‬‬
‫وف ذات القام أقول إن لتدى هذه الكومة الرتدة ان تظهر حقيقة السائر ف صفوف‬
‫اليهود و الصليبيي‪ ،‬وعملئهم من الرتدين‪ ،‬أو أن تسمح بعرض فلم لظة التفجي!‬

‫فمن العلوم أن مثل هذه الفنادق تصور وتراقب على مدار الساعة جوع التواجدين فيها‪،‬‬
‫فلماذا أخفتها حكومة الردة‪ ،‬بل لو كان فيها ما يؤيدها لسارعت إل ذلك‪ ،‬ولكن علمت‬
‫أن ذلك سيُدينها فامتنعت عن عرضه‪.‬‬

‫و ما هذا التكت يم العل مي إل دل يل على عِ ظم ال سائر ف أ سياد هذا النظام الائن من‬
‫اليهود والصليبيي‪ ،‬وإل فقد حصلت عمليات مباركة ماثلة لذه العملية ف (شرم الشيخ)‬
‫و (مباسا) و ف (تركيا) وف (الرياض) وغيها وحت ف (تل أبيب)‪ ،‬ول تفتعل مثل هذه‬
‫الضجة العلمية‪.‬‬

‫ف هل يع قل أن ت سارع ملة الك فر وتتنادى في ما بين ها إل ع قد جل سة طارئة لجلس ال من‬


‫ل جل منا صرة القتول ي ف حفلة عرس؟! و هم الذ ين سكتوا بال مس القر يب عن مق تل‬
‫أكثر من ‪ 40‬مسلم ف حفلة عرس ف القائم‪.‬‬

‫و هل إر سال ال باء من الخابرات المريك ية والبيطان ية‪ ،‬وم يء (كو ف عنان) ومطال بة‬
‫ملس المـن بالتحقيـق السـريع فـ هذه العمليات‪ ،‬واسـتعداد الكيان الصـهيون لتقديـ‬
‫السـاعدة المنيـة والطبيـة‪ ،‬وزيارة (بـل كلينتون) إل فندق (الرادسـون)‪ ،‬لرص هؤلء‬
‫الصليبيي على دماء السلمي ف الردن؟!‬

‫فأين هم من دماء أهل فلسطي الت تُراق صباح مساء على يدِ أحفاد القردة والنازير؟!‬

‫بل اين هم‪ ،‬من دماء السلمي ف العراق الت تدفقت انارا على ي ِد المريكان واحفاد ابن‬
‫العلقمي؟!‬

‫وأين هم من مدن مسلمة هدمت على رؤوس أهلها كالقائم وتلعفر وحديثة و الرمادي‬

‫‪466‬‬
‫والفلوجة وسامراء؟!‬

‫بل أين كان هؤلء يوم كانت طائراتا هذا النظام تدك مدينة "معانٍ" البية؟!‬

‫ث أل تسألون أنفسكم أيها العقلء؛ هل يعقل أن يكون ضباط الستخبارات الذين نفقوا‬
‫ف العملية من الدعومي للعرس؟!‬

‫ض وسائل العلم الطرف عن انفجارين الفندقي‬‫أليس هنالك ما يثي الستغراب من غ ّ‬


‫الخرين؟! ول سيما الفندق الذى زاره (كلينتون) وزوجته؟!‬

‫فهل كان هنالك عرسٌ آخر؟!‬

‫ومع كل هذا التكتيم العلمي غي السبوق‪ ،‬بدأت تتكشف حقيقة السائر وحجمها ف‬
‫صفوف اليهود وال صليبيي من خلل أجهزة العلم الختل فة‪ ،‬فبت نا ن سمع عن وجود ‪3‬‬
‫ضباط صينيي برت بة عم يد‪ ،‬و ‪ 6‬قتلى من ال سلطة الفل سطينية الرتدة على رأ سهم رئ يس‬
‫جهاز الستخبارت العسكرية ف الضفة الغربية‪ ،‬وخباء نفط عراقيي من الكومة العراقية‬
‫ويهود وكوريي وبريطانيي وأمريكيي وما خفي أكب وأعظم‪.‬‬

‫يا أهل الردن؛‬

‫أف كل موطن تقبلون لنفسكم قسط الستغفال؟!‬

‫إل م ت تبقون م ستعبدين لذا النظام الر تد؛ ينع دين كم من أعناق كم‪ ،‬ويلوث فطر كم‬
‫ال سليمة‪ ،‬ويع بث بأعراض كم وأموال كم‪ ،‬ويت خذ من أبنائ كم درعا و م نة‪ ،‬يول ب م ب ي‬
‫الجاهدين الصادقي وبي بن صهيون‪.‬‬

‫‪467‬‬
‫ففي الوقت الت تقصف فيه طائرات عدو ال (شارون) السلمي ف غزة‪ ،‬يُدعى طاغية‬
‫الردن لفتتاح حديقة ف تل أبيب بناسبة ذكرى هلك والده!‬

‫وف الوقت الذى كانت طائرات بن الصفر تقصف فيه بيوت السلمي ف تلعفر‪ ،‬كان‬
‫هذا الولد الطاع يعقد الصفقات ويُحيك الؤامرات مع حكومة ابن العلقمي‪.‬‬

‫ونن نقول لذا النظام الرتد؛‬

‫ها نن اليوم بف ضل ال وحده نذيقك شيئا ي سيا م ا أذقته لهل السلم‪ ،‬م نذ عشرات‬
‫السنيي‪ ،‬فقد ولّى الزمان الذى تقبل فيه المة الذل والوان‪ ،‬ونبشرك بأنه قد دقت ساعة‬
‫الصفر‪ ،‬وحانت ساعة الساب‪ ،‬ولن نوقف الغارات عن اليهود والصليبيي ف بلدٍ سالت‬
‫عليها دماء رجالً من اطهر دين عرفه التاريخ؛ كأب عبيدة وجعفر وأبن رواحة وزيد ابن‬
‫حارثة و معاذ ابن جبل وشرحبيل وغيهم رضي ال عنهم أجعي‪.‬‬

‫إل بالشروط التية‪:‬‬

‫أولً‪ :‬إخراج القوات المريكيـة والبيطانيـة التواجدة على الراضـي الردنيـة‪ ،‬والتـ‬
‫يستخدمها الصليبيي قاعدة خلفية لرب الجاهدين ف العراق‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬إغلق السـفارة المريكيـة والسـرائيلية فـ عمان‪ ،‬والتـ تدار منهـا خطـط الكـر‬
‫والرب على أهل السلم‪ ،‬لناز ما بات يعرف بـ(الشرق الوسط الكبي)‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬المتناع عن تدريب وتريج القوات الرافضية من الشرطة واليش العراقي العميل‪.‬‬

‫رابعا‪ :‬إغلق السجون السرية للمجاهدين‪.‬‬

‫‪468‬‬
‫خامسا‪ :‬سحب التمثيل الدبلوماسي من بغداد وعدم إرسال أي بعثة دبلوماسية أخرى‪ ،‬أيا‬
‫كان كان مستوى تثيلها‪.‬‬

‫ول ننسـى أن ننبـه اخواننـا السـلمي فـ الردن؛ إل ان يبتعدوا وينأوا بأنفسـهم عـن‬
‫التواجد ف الماكن التية حفاظا على أرواحهم وأنفسهم‪:‬‬

‫اولً‪ :‬القوا عد والطارات الع سكرية ال ت تتوا جد في ها القوات المريك ية والبيطان ية سواء‬
‫تلك الت داخل الدن أو خارجها‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬الفنادق السياحية الت يتواجد فيها اليهود و الصليبيون ف عمان والبحر اليت والعقبة‬
‫والبتراء وجرش وغيها‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬جيع السفارات والقنصليات الت شاركت حكوماتا ف الرب على العراق‪.‬‬

‫وهذه رسالة أخرى إل طاغية الردن الصغي؛‬

‫أخاطبك بعد ان أزبت وأرعبت وتوعدت بالعذاب الليم‪ ،‬لن كان وراء هذه التفجيات‬
‫الباركة‪ ،‬فاسع من هذه الكلمات‪ ،‬لعلها تلقي منك أذنا مصغية‪ ،‬وقلبا واعيا‪.‬‬

‫ذكر أهل السّي عن عبد الرحن بن عوف رضي ال عنه‪ ،‬انه قال‪:‬‬

‫(بين ما أ نا وا قف ف ال صف يوم بدر نظرت عن يي ن وشال‪ ،‬فإذا ا نا ب ي غلم ي من‬


‫النصار‪ ،‬حديثة أسنانما‪ ،‬تنيت لو كنت بي أضل عٍ منهما‪ ،‬فغمزن أحدها فقال‪ :‬يا عم‬
‫هل تعرف أبا جهل‪ .‬قال قلت‪ :‬نعم‪ ،‬وما حاجتك إليه يا ابن اخي؟‬

‫‪469‬‬
‫قال‪ :‬أُ خبت أ نه ي سب ر سول ال صلى ال عل يه و سلم والذى نف سي بيده لن رأي ته ل‬
‫يفارق سوادي سوادَه حت يوت العجل منا‪ ،‬قال تعجبت لذلك‪ ،‬فغمزن الخر فقال ل‬
‫مثلها‪.‬‬

‫قال‪ :‬فلم أن شب أن نظرت إل أ ب ج هل يول ف الناس فقلت أل تر يا‪ ،‬هذا صاحبكما‬


‫الذى تسألن عنه‪ ،‬قال فابتدراه بسيفيهما حت قتله‪ ،‬ث انصرفا ال رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم فأخباه‪.‬‬

‫فقال صلى ال عليه و سلم‪ :‬أيكما قتله فقال كل واحد منها أنا قتلته فقال هل مسحتما‬
‫سيفيكما‪ ،‬قال‪ :‬ل‪ ،‬فنظر ف السيفي فقال‪ :‬كلكما قتله‪.‬‬

‫و ف حد يث ع بد ال بن م سعود ر ضي ال ع نه قال‪ :‬أدر كت أ با ج هل يوم بدر صريعا‬


‫فقلت‪ :‬أَ يْ عدو ال قد أخزاك ال‪ ،‬قال‪ :‬وب ا أخزا ن من ر جل قتلتموه‪ ،‬وم عي سيفٌ ل‬
‫فجعلت أضربه ول يتك فيه شيء ومعه سيفا له جيد‪ ،‬فضربت يده فوقع السيف من يده‬
‫فأخذ ته ث كش فت الغ فر عن رأ سه فضر بت عن قه ث أت يت ال نب صلى ال عل يه و سلم‬
‫فأخــبته فقال‪ :‬ال الذى ل إله إل هــو‪ ،‬قلت‪ :‬ال الذى ل إله إل هــو‪ ،‬قال‪ :‬فانطلق‬
‫فإ ستثبِت‪ ،‬فإنطل قت وا نا أ سعى م ثل الطائر‪ ،‬ث جئت وأ نا أ سعى م ثل الطائر أض حك‬
‫فأخبته‪ ،‬فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ :‬إنطلق‪ ،‬فانطلقت معه فأريته‪ ،‬فلما وقف‬
‫عليه صلى ال عليه وسلم قال‪ :‬هذا فرعون هذه المة‪.‬‬

‫فهذا عدو ال أبو جهل فرعون هذه المة‪ ،‬لطالا سعى سعيا حثيثا ف حرب ال ورسوله‪،‬‬
‫وكم لقى الستضعفون من السلمي ف مكة على يديه من العذاب والوان‪ ،‬كابن مسعود‬
‫وغيه‪ ،‬ثـ انظـر كيـف دارت الدائرة عليـه بعـد أن خذل ال جيشـه وجنوده واعتلى ابـن‬
‫مسعود صدر هذا الطاغية‪.‬‬

‫هي ذا مصائر أجدادك من طواغيت قريش‪ ،‬فتفكر جيدا فيما آلو إليه من خزي ف الدنيا‬
‫والخرة‪ ،‬ث تذكر أنك قد حذوت حذوهم واقتفيت اثرهم‪ ،‬بل قد ُفقْتهم عمالةً وخيانة‬

‫‪470‬‬
‫ل ور سوله‪ ،‬بل إن اجدادك هؤلء مع كفر هم وحرب م لل سلم وال سلمي كانوا أك ثر‬
‫منـك مروءةً ورجولة؛ فمـع كفرهـم وضللمـ كانوا إذا مروا بقـب أبـ رغال يسـبونه‬
‫ويلعنونه‪ ،‬لنه هو من دل أبرهة البشي وجيشه لدم الكعبة‪.‬‬

‫فكيـف بـك وأنـت الذي فتحـت البلد‪ ،‬وقيّدت العباد لليهود والصـليبيي‪ ،‬ومـن ديارك‬
‫انطل قت جحا فل جيوش هم الرارة لغزو العراق‪ ،‬فإن اول طلي عة للج يش ال صليب دخلت‬
‫العراق كانـت مـن بوابـة الردن الشرقيـة‪ ،‬قبـل أن تدخـل قوات الصـليب مـن الليـج و‬
‫جبْكم عن ذلك‪.‬‬‫كردستان‪ ،‬فاسألوا صحراء النبار ُت ِ‬

‫فيا سليل اليانة؛‬

‫حزّ رأ سه‪ ،‬قاد ٌر على أن‬


‫تذ كر أن الذي مكّن ا بن م سعود أن يعتلي صدر أ ب ج هل و يَ ُ‬
‫يصنع بك ما صنع به على أيدي الستضعفي من السلمي‪ ،‬الذين ما ادخرت جهدا لربم‬
‫و لصدهم عن دينهم‪.‬‬

‫و دعن أزيدك من الشعر بيتا‪ ،‬فوالذي جعل موت أبيك عبةً لكل طاغية‪ ،‬إننا ل نشك‬
‫سّنةِ اللّ هِ‬
‫لظة واحدة أن نمك آفلٌ ل مالة‪ ،‬تلك سُنة ال ف الذين ظلموا‪{ :‬وَلَن تَجِدَ لِ ُ‬
‫َانـ َوعْدُ َربّيـ َحقّاـ}‬ ‫ـ دَكّاء وَك َ‬
‫َتبْدِيلًا} [الحزاب‪{ ،]62:‬فَِإذَا جَاء َوعْدُ َربّيـ َجعَلَه ُ‬
‫[الكهف‪.]98:‬‬

‫ق بالصى*** ول زاجرات الطي ما ال فاعلُ‬


‫لعمرك ما تدري الطوار ُ‬

‫{وَاللّ ُه غَاِلبٌ عَلَى َأمْ ِر ِه وَلَكِنّ أَ ْكثَ َر النّاسِ َل َيعَْلمُونَ} [يوسف‪]21:‬‬

‫و المد ل رب العالي‪.‬‬

‫صعَبٍ الزّ ْرقَاوِي‬


‫َأبُ ْو مُ ْ‬

‫‪471‬‬
‫َأمِيْ ُر تَنْظِي ِم القَا ِع َدةِ ِف ْي بِلدِ الرّافِ َديْن‬
‫ق – بِلدُ الرّافِ َديْن‬
‫ال ِعرَا ُ‬

‫‪472‬‬
‫الطاب السابع و الثلثون‬

‫َفسَيَكْفِيكَ ُهمُ اللّ ُه‬


‫‪ 8‬ذو الجة ‪ 1426‬هـ‬
‫‪ 8‬يناير‪/‬كانون الثان ‪ 2006‬م‬

‫بِصَوْتِ الشَيخ‬
‫ب الزّرْقَاوِي ( َرحِ َمهُ ال)‬
‫أَِبيْ مُصْع ٍ‬

‫المدُ لِ مع ّز ال سلمِ بن صره‪ ،‬ومُذلّ الشر كِ بقهره‪ ،‬وم صرّف المور بأمره‪ ،‬وم ستدر ِ‬
‫ج‬
‫الكافريـن بكره‪ ،‬الذي قدّر اليام دولً بعدله‪ ،‬وجعـل العاقبةَ للمتقي َ بفضلِه‪ ،‬والصـلةُ‬
‫والسلم على من أعلى الُ منا َر السلمِ بسيفِه‪.‬‬

‫أمّا بعد؛‬

‫فإن من سنن ال تعال ف عباده؛ أن ل ينت صر هذا الد ين إل على يد من ث بت على ال ق‬


‫وت سك بال صراط ال ستقيم‪ ،‬ول جل هذا قدر ال تعال البتلء على عباده ونوع ف الف ت‬
‫حت تتميز الصفوف وينقى فسطاط الؤمني‪ ،‬قال تعال‪{ :‬مّا كَانَ اللّهُ ِليَذَ َر الْ ُم ْؤمِنِيَ عَلَى‬
‫ث مِنَ ال ّطيّبِ} [آل عمران‪.]179:‬‬
‫خبِي َ‬
‫مَا أَنتُ ْم عََليْهِ َحّتىَ يَمِي َز الْ َ‬

‫‪473‬‬
‫قال ابن القيم‪( :‬فالناس إذا أرسل إليهم الرسل بي أمرين‪ ،‬إما أن يقول أحدهم؛ آمنا‪ ،‬وإما‬
‫أن ل يقول آم نا‪ ،‬فلي ستمر على ع مل ال سيئات‪ ،‬ف من قال؛ آم نا‪ ،‬امتح نه الرب عز و جل‬
‫وتبتله وألبسه البتلء والختبار‪ ،‬ليبي الصادق من الكاذب)‪ ،‬انتهى كلمه رحه ال‪.‬‬

‫فتنة تعقبها أخرى تتصاعد باضطراد‪ ،‬حت يضطر كل مدع وكل من حسب نصرة الدين‬
‫نزهة؛ أن يدد موقفه بوضوح‪ ،‬ولقد كانت ول تزال سية النفاق هي‪ ...‬هي‪ ...‬ف عدم‬
‫وضوح الوقـف مـن اليان والكفران‪ ،‬ح يث ترى ظاهر هم مع أ هل اليان‪ ،‬وفـ ال سر‬
‫يتصلون بالكفار‪ ،‬ليضمنوا لنفسهم خلصا من احتمال إدالة أهل الكفر على الؤمني‪.‬‬

‫قال ابن الق يم‪( :‬فهم واقفون بي المع ي‪ ،‬ينظرون أي هم أقوى وأ عز قبيل‪ ،‬مذبذب ي ب ي‬
‫ذلك‪ ،‬ل إل هؤلء ول إل هؤلء‪ ،‬يتربصـون الدوائر بأهـل السـنة والقرآن‪ ،‬فإن كان لمـ‬
‫فتح من ال‪ ،‬قالوا؛ أل نكن معكم؟! وإن كان لعداء الكتاب والسنة من النصرة نصيب‪،‬‬
‫قالوا؛ أل تعلموا أن عقد الخاء بيننا مكم وأن النسب بيننا قريب؟!)‪.‬‬

‫قال ا بن كث ي رح ه ال تعال‪( :‬وقوله تعال‪{ :‬مّ َذبْ َذبِيَ َبيْ نَ ذَلِ كَ لَ إِلَى َهؤُلء وَلَ إِلَى‬
‫َهؤُلء} [الن ساء‪ ،]143:‬يع ن النافق ي مي ين ب ي اليان والك فر‪ ،‬فل هم مع الؤمن ي‬
‫ظاهرا وباط نا‪ ،‬ول مع الكافر ين ظاهرا وباط نا‪ ،‬بل ظواهر هم مع الؤمن ي وبواطن هم مع‬
‫الكافر ين‪ ،‬ومن هم من يعتر يه ال شك؛ فتارة ي يل إل هؤلء‪ ،‬وتارة ي يل إل أولئك‪ ،‬كل ما‬
‫أضاء لم مشوا فيه‪ ،‬وإذا أظلم عليهم قاموا)‪.‬‬

‫قال ما هد‪{( :‬مّ َذبْ َذبِيَ َبيْ نَ ذَلِ كَ لَ إِلَى َهؤُلء} [الن ساء‪ ،]143:‬يع ن أ صحاب م مد‬
‫صلى ال عليه وسلم‪{ ،‬وَلَ إِلَى َهؤُلء} [النساء‪]143:‬؛ يعن اليهود)‪.‬‬

‫وقال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪( :‬مثل النافق؛ كمثل الشاة العاهرة بي الغنمي)‪.‬‬

‫قال ابن جرير عن قتادة‪( :‬ليسوا بؤمني ملصي‪ ،‬ول مشركي مصرّفي)‪.‬‬

‫‪474‬‬
‫إن لذا النفاق ثلثة منابع‪:‬‬

‫الول؛ نفاق عقائدي‪:‬‬

‫يتم ثل بض عف اليق ي و سوء ال ظن بال تعال‪ ،‬و من ذلك إبطال الك فر وإظهار ال سلم‬
‫والعانة على هدم السلم ف الفاء‪ ،‬وهذا من سوء الظن بال تعال‪.‬‬

‫قال ابن القيم‪( :‬ومن ظن به أنه ينال ما عنده بعصيته ومالفته‪ ،‬كما ينال بطاعته والتقرب‬
‫إليه‪ ،‬فقد ظن به خلف حكمته وخلف موجب أساءه وصفاته‪ ،‬وهو من ظن السوء)‪،‬‬
‫انتهى كلمه رحه ال‪.‬‬

‫الثان؛ نفاق طبعي أو خُلقي‪:‬‬

‫وأبرز أنواعـه البـ والبخـل وعدم الغية على الديـن‪ ،‬والعضلة أن هؤلء يأبون العتراف‬
‫بأنم جبناء‪ ،‬ويرفضون وصفهم بعدم الغية‪ ،‬ويوجهون سهام النقد واللمز نو التمسكي‬
‫بالق‪ ،‬واصفي إياهم؛ بـ (التهورين) وبـ (الماسيي) أو (الذين ل يفهمون الواقع)‪.‬‬

‫قال شيخ السلم ابن تيمية‪( :‬وتارة يقولون؛ أنتم مع قلتكم وضعفكم تريدون أن تكسروا‬
‫العدو؟! وقد غركم دينكم! كما قال تعال‪{ :‬إِ ْذ َيقُو ُل الْ ُمنَافِقُونَ وَالّذِينَ فِي قُلُوِبهِم مّرَضٌ‬
‫ِيمـ} [النفال‪ ،]49:‬وتارة‬ ‫ّهـ عَزِيزٌ َحك ٌ‬ ‫ّهـ فَإِن ّ الل َ‬
‫ُمـ وَم َن َيَتوَكّلْ عَلَى الل ِ‬
‫غَ ّر َهؤُلء دِينُه ْ‬
‫يقولون؛ أنتـم مان ي ل عقـل لكـم‪ ،‬تريدون أن تلكوا أنفسـكم والناس معكـم!)‪ ،‬انت هى‬
‫كلمه رحه ال‪.‬‬

‫ولن ال تعال ك تب على عباده الجاهد ين المتحان‪ ،‬بإدالة الكفار علي هم ق بل التمك ي‪،‬‬
‫فإنا على يقي؛ بأنا سنشهد اليوم الذي نرى فيه فريق النفاق التسلق وقد اضطر إل إظهار‬
‫نفاقه‪ ،‬وسيقول يومها للكفار؛ (أل نكن معكم؟! أل ندخل البلان ورضينا بالديوقراطية‬
‫وكنا شركاء لكم ف القضاء على التشددين والغرباء؟!)‪.‬‬

‫‪475‬‬
‫قال ا بن كث ي رح ه ال تعال‪( :‬ي ب تعال عن النافق ي؛ أن م يترب صون بالؤمن ي دوائر‬
‫السوء‪ ،‬بعن ينتظرون زوال دولتهم وظهور الكفرة عليهم وذهاب ملتهم‪{ ،‬فَإِنْ كَانَ َلكُمْ‬
‫َفتْ ٌح مِ نَ اللّ هِ} [النساء‪]141:‬؛ أي نصر وتأييد وظفر وغنيمة‪{ ،‬قَالُوا أَلَ ْم َنكُ نْ َم َعكُ مْ}‬
‫[الن ساء‪]141:‬؟! أي يتوددون إل الؤمن ي بذه القالة‪َ { ،‬وإِ نْ كَا نَ ِل ْلكَافِرِي َن نَ صِيبٌ}‬
‫[النساء‪ ،]141:‬أي إدالة على الؤمني ف بعض الحيان ‪-‬كما وقع يوم أحد‪ ،‬فإن الرسل‬
‫حوِذْ عََليْكُ ْم َونَ ْمنَ ْعكُ مْ مِ َن الْ ُم ْؤ ِمنِيَ} [النساء‪:‬‬
‫ستَ ْ‬
‫تبتلى ث تكون لا العاقبة– {قَالُوا أَلَ ْم نَ ْ‬
‫‪ ،]141‬أي ساعدناكم ف البا طل وما ألونا هم خبال وتذيل‪ ،‬حت انتصرت عليهم‪،)...‬‬
‫إل أن قال‪( :‬فإنم كانوا يصانعون هؤلء وهؤلء ليحظوا عندهم ويأمنوا كيدهم‪ ،‬وما ذاك‬
‫إل لضعف إيانم وقلة إيقانم)‪ ،‬انتهى كلمه‪.‬‬

‫الثالث؛ نفاق ف النهج‪:‬‬

‫ومثاله اليوم ما عليه الوطنيون والنحرفون عن هدي السنة ف الهاد‪ ،‬الذين يقاتلون لجل‬
‫الدود‪ ،‬ويرضون بالعلمان ية حك ما‪ ،‬وبالثوا بت الوطن ية ميزا نا للولء والباء‪ ،‬وهؤلء قد‬
‫انرفوا عن منهج النبوة إل منهج (بن علمان)‪.‬‬

‫قال حذيفة ابن اليمان رضي ال عنه‪( :‬النافقون اليوم شر من النافقي على عهد رسول ال‬
‫صلى ال عل يه و سلم)‪ ،‬ق يل‪ :‬ول ذلك؟! قال‪( :‬لن م كانوا ي سرون نفاق هم‪ ،‬و هم اليوم‬
‫يعلنونه)‪.‬‬

‫وأما نفاق النهج اليوم فإن أخطر وجوهه؛‬


‫الوطنيون والنتسبون للسلف زورا‪ ،‬فهم يلبسون على الناس أمر دينهم‪ ،‬ويدعون الهال‬
‫بقاتلت هم العداء‪ ،‬و سعيهم إل تر ير البلد من ن ي الح تل‪ ،‬و هم ف الو قت ذا ته ي سرون‬
‫العداء للشريعة؛ بحاربة دعاتا ‪-‬شعروا أو ل يشعروا‪ ،‬علموا أو ل يعلموا–‬

‫‪476‬‬
‫ولعمـر ال تعال إن هؤلء؛ هـم العدو القادم‪ ،‬وهـم مـن جنـس شـر غائب منتظـر‪،‬‬
‫وسيستخدمهم الصليبيون لضرب الجاهدين‪.‬‬

‫وعنـد هذه النقطـه نتاج إل الوقوف على تاريـخ الصـليبيي وأسـاليبهم وكيـف غرر‬
‫بالسلمي ف أكثر من موطن بسبب أهل النفاق‪.‬‬

‫‪ -‬ففي مطلع القرن العشرين؛ عقدت بريطانيا اتفاقها الشهي مع الدعو الشريف حسي‪،‬‬
‫وأعط ته الضمانات على تن صيبه مل كا للعرب ف حال وقو فه إل جانب هم ف الرب ضد‬
‫العثماني ي‪ ،‬و ما أن انت هت من العثماني ي؛ التف تت إل حلفي ها الذي قا تل عو ضا عن ها‪،‬‬
‫وألقت به منفيا يصارع المراض وتأكله السرات‪.‬‬

‫يقول لورا نس ف (أعمدة الك مة ال سبعة)‪( :‬ل قد ك نت أعلم أن نا إذا ك سبنا الرب؛ أن‬
‫عهودنـا للعرب سـتصبح أوراقـا ميتـة‪ ،‬ولو كنـت ناصـحا للعرب لنصـحتهم بالعودة إل‬
‫بيوت م‪ ،‬ل قد كان قادة الر كة العرب ية يفهمون ال سياسة الارج ية فه ما عشائر يا بدو يا‪،‬‬
‫وكان البيطانيون والفرنســيون يقومون بناورات جريئة اعتمادا على ســذاجة العرب‬
‫وضعفهم وبساطة قلوبم وتفكيهم‪ ،‬ولم ثقة بالعدو‪ ،‬إنن أكثر فخرا أن الدم النليزي ل‬
‫يسفك ف العارك الثلثي الت خضتها‪ ،‬لن جيع القطار الاضعة لنا ل تكن تساوي ف‬
‫نظري موت إنليزي واحد)‪ ،‬انتهى كلمه‪.‬‬

‫‪ -‬وق بل ما يقارب ثان ية عقود خلت؛ ه بت ف م صر ثورة عار مة‪ ،‬انطل قت شرارت ا من‬
‫الساجد‪ ،‬والتف عليها بن الصفر حينها‪ ،‬واستدعوا على جناح السرعة ما أسوه (زعيم‬
‫المة الصرية) ‪-‬سعد زغلول‪ -‬من منفاه وارتضوه أمينا على مصالهم ووكيل على مصر‪،‬‬
‫فهو علمان من بن جلدتم‪ ،‬وسيتكفل لم بتقويض الشرع وتغيبب التحاكم إل الكتاب‬
‫والسنة‪ ،‬فلم يافون منه إذا؟!‬

‫‪477‬‬
‫‪ -‬وف تلك القبة تفجرت ف العراق (ثورة العشرين)؛ وعلى الرغم من أنا ل تكن دعوة‬
‫إل الهاد أو تكيم الشرع‪ ،‬إل أن النليز وجدوا أنفسهم ف ورطة‪ ،‬واضطروا صاغرين‬
‫إل التيان بفيصل ابن السي وتنصيبه ملكا على العراق‪.‬‬

‫‪ -‬و ف ثلثينيات القرن الا ضي قامت الثورة ال كبى؛ ال ت أشعلها عز الدين الق سامي ف‬
‫فلسطي ضد اليهود‪ ،‬وعجزت بريطانيا عن إخادها‪ ،‬فاستنجدت بادمها اللك عبد العزيز‬
‫آل سعود‪ ،‬الذي أر سل ولده في صل ليتحا يل على زعماء الثورة من أ جل إيقاف ها ب عد أن‬
‫تك فل ل م بوفاء ( صديقتنا بريطان يا) ‪-‬على حد و صفه‪ -‬وترا خى الثوار‪ ،‬ليعطوا لبيطان يا‬
‫فرصة استعادة أنفاسها وترتيب صفوفها‪ ،‬لتنقض عليهم وتتمكن من إخاد الثورة‪ ،‬وتصفيه‬
‫رؤوسها‪.‬‬

‫ويلحظ ما تقدم؛‬
‫أن تنازل الصليبيي عن بعض مطامعهم ل يلغي مططهم الكب‪ ،‬فهم من جهة يتنازلون‬
‫عن شيء ما‪ ،‬ومن جهة أخرى يرتبون أوضاعهم على إناز مشروعهم العظم‪.‬‬

‫ويلحظ كذلك؛‬
‫أن ح صولم على فر صة إ سكات الثائر ين قد و فر علي هم ف كل مرة احتمال ية هزيت هم‪،‬‬
‫فم ت يدرك اللهثون وراء وعود الكفار؛ أن م واهون‪ ،‬وأن م بتفاوض هم على التهدئة قد‬
‫أعطوا للكفار فرصة النقضاض عليهم؟‬

‫ويراد لتلك الشاهد أن تتكرر اليوم مع قصة الرب الصليبية الديدة‪ ،‬الت تدور رحاها ف‬
‫أرض الرافديـن‪ ،‬وهـي تطمـع فـ التمكيـ لليهود‪ ،‬وتتوسـل إل إطالة عمـر تفردهـا عـب‬
‫سيطرتا على أغن بلد الدنيا‪ ،‬ولا كانت تعلم أنا لن تد ف النطقة خيا من دين الرافضة‬
‫عو نا ل ا ومعول لدم ال سلم‪ ،‬ف قد جعلت من دعم هم والعتماد علي هم جزءا ل يفترق‬
‫أبدا عن مرافقة خطوات مططهم الثيم‪.‬‬

‫‪478‬‬
‫وبعـد الجتياح السـريع للعراق؛ الذي اعتـبته ضيعـة تابعـة لاـ‪ ،‬عينـت (بريرـ) حاكمـا‬
‫ع سكريا عل يه‪ ،‬وا ستقدمت م عه أك ثر من عشر ين وزيرا أمريك يا‪ ،‬ول ا انطل قت عجلة‬
‫الهاد؛ تنازلت قليل وا ستدعت الراض ي لنف سهم بن صيب اليا نة‪ ،‬لتش كل من هم مهزلة‬
‫(ملس ال كم) ال سيء ال سيط‪ ،‬وح يث من يت خطوت ا هذه بالزي ة ف قد عمدت هذه الرة‬
‫إل تثيلية (تسليم السيادة)‪ ،‬وعينت حكومة انتقاليه‪ ،‬وبعد استحقاق خيان واضح؛ سلموا‬
‫مسئولية الادم الطيع إل الرافضة‪ ،‬وأطلقوا يدهم ف التنكيل بأهل السنة‪ ،‬وقد هدفت من‬
‫ذلك إل جرهم إل حظية اليانة‪ ،‬وجعلهم على قناعة من عدم جدوي قتالا‪.‬‬

‫و ما دار ف خلد دهاق نة (الب يت ال سود)؛ أن تكون أرض الرافد ين م ستنقع يغوص ف يه‬
‫اليش المريكي حت هامته‪ ،‬وظنوا أن دار اللفة ‪ -‬بعد عقود من حكم البعث الكافر‬
‫تللتها حربان وحصار أهلك الرث والنسل ‪ -‬لن تكون إل غنيمة باردة‪ ،‬فأرداهم ظنهم‪،‬‬
‫وإنبى ليوث التوح يد لقوى جيوش الرض‪ ،‬مت سلحي بإيان م بال أول‪ ،‬وبالفيف من‬
‫السلحة ثانيا‪ ،‬فأذلوا كبياء (هُبل العصر)‪ ،‬ومرغوا أنف جيشها الرار ومن تالف معها‬
‫بالوحل‪.‬‬

‫وبعد لءات أمريكا ف بداية مشروعها الصليب ف أرض الرافدين؛ بدأ مسلسل التنازلت‬
‫يزداد باضطراد‪ ،‬كل ما ازداد ح جم خ سائرها ف أرض الرافد ين‪ ،‬لينت هي ب ا الطاف أخيا‬
‫ت ستجدي العون وال ساعدة م ن كا نت قد ركلت هم ودا ست على رؤو سهم ق بل و قت‬
‫قريب‪.‬‬

‫فقد عملت أمريكا على خطي للخروج من ورطتها؛‬

‫الط الول؛ وينشط خارج أرض الرافدين‪:‬‬

‫وذلك بإلزام حلفائ ها بتح مل جزء من التزامات ا الال ية والع سكرية‪ ،‬ل كن دون أن يدي ها‬
‫ذلك نفعا‪ ،‬وهذا ليس بفي على أحد‪ ،‬فهذه أفغانستان قد سلمت ليوش (حلف الناتو)‬
‫لا رؤوا ورطة زعيمة النظام العالي الديد‪ ،‬وقد بدأت الرقام تتحدث عن حجم الكارثة‬

‫‪479‬‬
‫ال ت أل ت ب ا‪ ،‬و من فم ساسة ما ي سمي ب ـ (الكونرس المري كي)‪ ،‬وبدأت تتك شف‬
‫الرقام القيقة للخسائر‪ ،‬فبالضافة لكثر من خس عشر ألف إصابة بي قتيل وجريح‪،‬‬
‫جائت أرقام ال سائر الاد ية لتعلن عن أك ثر من ن صف تريليون دولرا‪ ،‬هذا ناه يك عن‬
‫هيبة أمريكا الت تلشت مع تبخر أحلمها ف أرض الرافدين‪.‬‬

‫ون ن نقول؛ بأن هذه الح صائية هي اح صائية العدو ال صليب‪ ،‬وال ت هي أ قل بكث ي من‬
‫الرقام القيقـة‪ ،‬ويكفـي أن نذكـر للسـامع مثال بسـيطا ليعلم حجـم السـائر فـ قوات‬
‫التحالف ال صليب؛ أ نه وم نذ أن بدأت عمليات الجاهد ين ب عد سقوط النظام البع ثي إل‬
‫يوم نا هذا‪ ،‬نفذت قرا بة ثان مئة عمل ية ا ستشهادية على أهداف وأرتال ع سكرية صليبية‬
‫بتة‪ ،‬وهذا من غي القتحامات والكمائن والعبوات الناسفة والقصف الصاروخي وغيه‪.‬‬

‫والذي نعتقده؛ أن خسائر عباد الصليب ف العراق ل تقل عن أربعي ألف جندي حت‬
‫الن‪ ،‬وال أعلم‪.‬‬

‫وأي ضا ا ستنجادهم بام عة الدول العرب ية‪ ،‬مثلة بأمين ها العام عمرو مو سى‪ ،‬ودعو ته لؤت ر‬
‫ال صالة الزعوم ف القاهرة‪ ،‬مع أناس مفاخر ين بوالت م لل صليبيي كالراف ضة وعلما ن‬
‫الكراد وغيهم‪ ،‬وأناس آخرين مسوبي على أهل السنة زورا وبتانا‪ ،‬يسكون العصا من‬
‫الوسط‪ ،‬يافون الدوائر‪ ،‬ويطمعون أن يكون لم سهم ف هذه الغنيمة‪ ،‬وبئس ما ظنوا‪.‬‬

‫وحيال هذه الؤامرة نتاج إل فهم طريقة الكفار ف التعامل مع القضايا الت تاثل الوضع‬
‫فـ العراق‪ ،‬ونتاج إل التعريـف بقيقـة الجتمعيـ‪ ،‬لنـك إن أردت أن تفهـم خطورة‬
‫دورهم وتتمكن من توقع ما سيأتون به‪ ،‬فتعرّف على تاريخ هؤلء‪ ،‬وأطلع على أسلفهم‪،‬‬
‫فإن ل م تاري ا أ سودا مع ج يع قضا يا ال سلمي‪ ، ،‬وعلى مدار الو قت الفائت من ع مر‬
‫العر كة الدائرة ب ي ملة الك فر وب ي أ مة ال سلم؛ ل قد لعبوا دائ ما دور الن قذ لمري كا‬
‫ولعموم الغرب الصليب كلما اشتدت الزمة بالكفار وادلمت الطوب بأعداء المة‪.‬‬

‫ونأت الن على ذكر الامعة العربية والدول العضاء فيها؛‬

‫‪480‬‬
‫والذين وقفوا عاجزين عن حل أي قضية‪ ،‬أو تريك أي قطعات عسكرية لدفع هجوم ما‬
‫عـن الدول العربيـة‪ ،‬وهـي بذا العتبار فاشلة حتـ على الفهوم القومـي والقياس الوطنـ‬
‫الذي تتكم إليه‪ ،‬واللحظة الوحيدة الت عرفت تركا مموما للجامعة العربية؛ هي تلك‬
‫ال ت شهدت غزو البعثي ي للكو يت‪ ،‬وه نا حركوا اليوش وقاتلوا مع سيدهم المري كي‬
‫لتحرير الكويت‪ ،‬لصال المريكان‪ ،‬وتويلها من يد صدام إل يد بوش‪.‬‬

‫إن هذه الدول التـ اجتمعـت فـ القاهرة لتام مشروع (الوفاق الوطنـ* هـي ذاتاـ التـ‬
‫شاركـت فـ ذبـح العراق‪ ،‬وتعاونـت مـع المريكان على ذلك عـب فسـح الجال البي‬
‫والوي والبحري‪ ،‬وتقدي العلومات الستخباراتية للمريكان‪.‬‬

‫أل ي كن أول صاروخ أطلق على بغداد من بار جة أمريك ية كا نت را سية من القرب من‬
‫السكندرية؟!‬

‫وكيف كان للمريكان أن يصلوا إل بغداد دون معاونة هذه الدول الحيطة بالعراق؟!‬

‫و هل كا نت أمري كا ت سمح لذه الدول الائرة أن تتكلم بالشأن العرا قي لول ورطت ها ف‬
‫العراق؟!‬

‫وأما الط الثان؛ فإنه ينشط داخل أرض الرافدين‪:‬‬

‫وهو طوق النجاة الخي‪ ،‬وعليه يعول عتاولة البيت السود‪ ،‬ولذا أعد الكفر عدته وعبء‬
‫ذخيتـه‪ ،‬وكلمـا خابـت ماولة أعاد الكرة‪ ،‬فتارة (ملس حكـم)‪ ،‬وتارة أخرى (حكومـة‬
‫إنتقالية)‪ ،‬ومن علوي العلمان إل العفري العلقمي‪ ،‬أخذت أمريكا تتر عملئها لعلها‬
‫ترج بل لأزقها‪ ،‬والق يقال؛ فأمريكا حبلى بالعملء‪ ،‬ولكن ف كل مرة ل يرى وليدها‬
‫النور‪ ،‬كيف ل وهي ف أرض سعد والثن‪ ،‬الت ل تزل عرينا للسود‪.‬‬

‫‪481‬‬
‫واليوم‪ ،‬وبعد أكثر من سنتي ونصف‪ ،‬وبعد فشل أحفاد ابن العلقمي ف كل شيء إل ف‬
‫التنفيس عن حقدهم الرافضي‪ ،‬وجد سيدهم المريكي أن الوان قد حان للتخلي عنهم‬
‫ظاهرا‪ ،‬وأن الدور اليوم لنوع آخـر مـن العمالة ل يسـتطيع القيام بـه إل نوع خاص مـن‬
‫العملء‪ ،‬ف من يا ترى أف ضل م ن يد عي دعوى ال سلم‪ ،‬ويظ هر بظ هر الخلّص ل هل‬
‫السنة!‬

‫ويكننا تصنيف أصحاب هذا اللون من النفاق بفريقي‪:‬‬

‫الفريـق الول؛ وهـو ذاك الصـنف الذي أدرك منـذ اليوم الول لدخول الصـليبيي أرض‬
‫العراق أن ل سبيل لقبول دعوته إل بنسبتها إل السلم؛‬

‫فكان منهم من إختار النتساب للسلم العام‪ ،‬ومنهم من انتسب إل دعوة السلف وأهل‬
‫ال سنة والما عة‪ ،‬و ها ن ن نرا هم اليوم مضطر ين للرجوع إل أ صولم العقد ية‪ ،‬و هم من‬
‫بات على اتصال مع الكفار وحاميا للمقرات النتخابية‪ ،‬وهم من ل يزالوا يتلعب بأتباعه‬
‫ويادع الناس من خلل تصريه بشيء‪ ،‬وبعمله ف السر شيئا آخر‪.‬‬

‫ول در الش يخ أ ب قتادة‪ ،‬ح ي يقول‪( :‬مرت فترات متقط عة من أعمال الهاد‪ ،‬واق عة‬
‫يتقمصها غي أصحابا‪ ،‬ويتاجر با غي أبنائها‪ ،‬وسبب ذلك عائد إل عوامل‪:‬‬

‫من ها؛ ر ضى الماه ي ال سلمة عن هذا الهاد‪ ،‬و من أ جل الرف عة والظهور على أكتاف‬
‫الجاهد ين‪ ،‬فتسارع هذه التنظيمات الطفيلية إل تق مص دور البطولة‪ ،‬وإظهار نف سها مع‬
‫مو قع الريادة ف هذا الهاد‪ ،‬فترت فع الر صدة العلم ية‪ ،‬وبالتال ترت فع الر صدة الال ية‪،‬‬
‫وح ي إذ ي صبح الهاد ف مأزق حقي قي‪ ،‬ح يث يضرب الجاهدون ضر با شر سا‪ ،‬وذلك‬
‫ليصـبحوا تتـ وطأة هؤلء اللصـوص وقطاع الطريـق إل ال تعال‪ ،‬فتظهـر المراض‬
‫العجيبـة‪ ،‬وتتكشـف النفوس البيثـة ويقـع الفصـام النكـد بيـ الجاهـد القيقـي والمول‬

‫‪482‬‬
‫البيث ‪-‬لص بغداد‪ ،-‬وأمثلة هذا كثية الوقوع وعديدة‪ ،‬فمن أفغانستان إل فلسطي إل‬
‫البوسنة والرسك إل سوريا‪.‬‬

‫ومـن هذه العوامـل كذلك؛ إرضاء القواعـد التحتيـة التململة‪ ،‬فالنسـان السـلم الفطري‬
‫ال سوي تتوق نف سه فطر يا إل الهاد‪ ،‬وإل الشار كة ف موا طن العبود ية ل ضد الك فر‬
‫بميع صنوفه وأشكاله‪ ،‬فمن أجل تفريغ هذا الرجل من باره الغاضب؛ فلبد من بعض‬
‫النفثات للتفر يغ الذ كي ال بيث‪ ،‬فت سارع الما عة إل تب ن أعمال جهاد ية‪ ،‬لتق نع القيادة‬
‫قواعدها أنا ل تغي الطريق‪ ،‬أو لتعريف قواعدها؛ أن هناك فرقا بي ما هو معلن من أجل‬
‫الغطاء السياسي وبي ما هو مفي حقيقي)‪ ،‬انتهى كلمه رفع ال قدره وفك أسره‪.‬‬

‫الفريق الثان؛ (الزب السلمي العراقي)‪ ،‬وحلفائه‪:‬‬

‫وتاريه مع الهاد وأهل السنة معروف‪ ،‬فهو من رضى أن يكون طوق النجاة الذي أنقذ‬
‫أمريكا ف معركة الفلوجة الول‪ ،‬والت كادت أن تعصف بالوجود المريكي ف العراق‪،‬‬
‫لول الد نة ال ت سعى إل إبرام ها هذا الزب‪ ،‬لنقاذ ال سيد المري كي من ال ستنقع الذي‬
‫غرق ف يه‪ ،‬ب عد أن ض يق الناق على القوات ال صليبية والرافض ية حول الفلو جة‪ ،‬وب عد أن‬
‫قطـع الجاهدون ‪ -‬بفضـل ال تعال ‪ -‬طرق المداد عنهـم‪ ،‬واشتعلت الرض مـن تتـ‬
‫أقدامهم‪ ،‬حت أن ناقلتم وعرباتم علقت ف الطريق نتيجة نفاذ الوقود‪.‬‬

‫ولقـد حدثنـا الخوة م ن كانوا أسـارى ف سجن (أبـ غر يب)؛ أن إدارة ال سجن أثناء‬
‫معر كة الفلو جة قد أيق نت بالل كة‪ ،‬ب عد أن قام الجاهدون بق طع ج يع الطرق الؤد ية إل‬
‫السجن‪ ،‬وأن الجاهدين قادمون إليهم ل مالة‪ ،‬فجائت إدارة السجن يسألونم؛ ماذا أنتم‬
‫فاعلون بنـا إذا جائنـا الجاهدون؟ فقال لمـ الخوة؛ تسـلمون أسـلحتكم لنـا مقابـل أن‬
‫نؤمنكم‪ ،‬وإتفق الطرفان على ذلك‪.‬‬

‫فقام (الزب السلمي) ببادرته ‪-‬غي مشكور عليها‪ -‬بإنقاذ سيده المريكي‪.‬‬

‫‪483‬‬
‫أرأيتم كيف يذبح السلم على يد هؤلء التسلطي؟!‬

‫وهو من أدخل الفرحة على قلب بوش وزمرته‪ ،‬بعقد اتفاق (اللحظة الخية) ‪-‬كما ستها‬
‫ملة (النيوز ويك)‪ -‬والذي نفخ الروح ف دستور كان مقرر أن يولد ميتا‪ ،‬فهذا الدستور‬
‫كان مرفوضا حت من دعاة القومية والوطنية‪ ،‬ولكن جهابذة هذا الزب ل يدوا حرجا‬
‫من القبول به واتاذه منظ ما لياة ال سلمي ف هذا البلد‪ ،‬بدل من كتاب ال و سنة نبيه‬
‫صلى ال عل يه و سلم‪ ،‬ت ت دعوى وعود من كا فر صليب‪ ،‬ز عم ل م إمكان إدخال بنود‬
‫إضاف ية إل يه‪ ،‬تض من تعديله م ستقبل‪ ،‬و هو من ن سق الت صالت مع (زلاي خل يل زاده)‬
‫‪-‬ال سفي المري كي الا كم للعراق‪ -‬يوم أن اجت مع برموز هم ف (النط قة الضراء) ق بل‬
‫الت صويت على الد ستور الكفري‪ ،‬قائل ل م؛ ( صوتوا على الد ستور ول كم ما تريدون!)‬
‫فتمـت الصـفقة‪ ،‬وراح الزب يعطـي الرشاوي الغريـة لبعـض شيوخ العشائر مـن أجـل‬
‫إقناعهم بضرورة الشاركة ف النتخابات‪.‬‬

‫ولكن مقابل ماذا؟!‬

‫مقعد ف البلان مقابل تعهد شيوخ العشائر بفظ أمن القوات المريكية ف مناطقهم! دين‬
‫يباع وجهاد يعطل مقابل مقعد ف برلان ل يدفع شرا ول يغن من كفر‪ ...‬أبلغت الماقة‬
‫حد بيع الرء دينه بعرض من الدنيا قليل‪.‬‬

‫هذا هو الل السياسي الذي يبشر به (الزب السلمي) والتحالفون معه!‬

‫فيال ما أذلكم؟!‬
‫إذ تستبدلون فتات موائد إخوة القردة والنازير وعباد الصليب برضاة ربكم‪.‬‬

‫واعجب!؟‬
‫أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض؟!‬

‫‪484‬‬
‫ومـا كانـت أمريكـا لتسـتجدي اللول مـن بعـض النتسـبي للسـنة إل بعـد عجـز آلتهـا‬
‫العسكرية ف القضاء على الجاهدين‪ ،‬وفشل خدمها من الروافض وغيهم ف إطفاء جذوة‬
‫الهاد فـ نفوس شباب هذه المـة‪ ،‬وأيقنـت أناـ لن تسـتطيع ‪-‬بأمـر ال‪ -‬القضاء على‬
‫الجاهديـن‪ ،‬فراحـت تـبم التفاقات على تول هؤلء مهمـة القضاء على الهاد‪ ،‬بإدخال‬
‫أهل السنة ف دياجي اللعبة السياسية‪ ،‬مقابل إشراكهم ف جريرة التخلي عن الهاد‪ ،‬لصال‬
‫اللول السلمية النزامية‪ ،‬والنتيجة الرجوة؛ هدوء يوفر للصليبيي فرصة لترتيب أوضاعهم‬
‫وتيئة القوات اللزمة لماية قواعد الصليبيي‪.‬‬

‫ول قد قال من ق بل لو يس التا سع ‪ -‬ملك فرن سا ‪ -‬بعد ما هُزم جي شه ف م صر ف الملة‬


‫ال صليبية الثان يه ف مذكرا ته‪ ،‬ح يث يقول‪( :‬إ نه ل سبيل إل ال سيطرة على ال سلمي عن‬
‫طر يق الرب والقوة‪ ،‬وذلك بسبب عامل الهاد ف سبيل ال‪ ،‬وإن العركة مع ال سلمي‬
‫يب أن تبدأ أول من تزييف عقيدتم الراسخة الت تمل طابع الهاد‪ ،‬ولبد من التفريق‬
‫بي العقيدة والشريعة)‪.‬‬

‫ويقول منظـر العقيدة العسـكرية المريكيـة (كوردس مان)‪( :‬إن فشـل الشروع السـياسي‬
‫المريكي ف العراق يعن فشل أكيدا للعسكر)‪.‬‬

‫إن مؤترــ القاهرة ‪-‬وكذا النتخابات الخية‪ -‬ل يعقدا إل لللتفاف على الجاهديــن‬
‫والتيان بالوطنيي بدل عنهم‪ ،‬ولو كان ذلك ما يضر بأمريكا؛ لا سحت بقيام شيء من‬
‫ذلك‪ ،‬وعلى كل حال؛ انتهى الخطط المريكي والتفاق البم مع الونة‪.‬‬

‫فإن لنا مطالب‪ ،‬لن نتراجع عنها حت نعذر عند ربنا بالقتل شهداء أو بالنصر والعيش تت‬
‫حكم ال سعداء‪.‬‬

‫ومطالبنا هي‪:‬‬

‫أولً‪ :‬طرد الغزاة من أرضنا ف فلسطي والعراق وف باقي أرض السلم‪.‬‬

‫‪485‬‬
‫ثانيا‪ :‬إقامـة شرع ال تعال فـ الرض كلهـا‪ ،‬ونشـر عدل السـلم والقضاء على ظلم‬
‫الديان‪.‬‬

‫ولن نوقف الغارات حت ينتصر السلم ويقام الشرع‪ ،‬أو نلك دونه‪.‬‬

‫وننبه إخوتنا وأهلنا من أهل السنة ف العراق إل أمور هامة؛ وهي‪:‬‬

‫المر الول‪ :‬إنه ليحزننا اعتقال أحدكم أو مرد الساس به‪ ،‬لو بشطر كلمة‪ ،‬لكن السبيل‬
‫للخلص من ذلك ل يس بال ستكانة للكفار‪ ،‬ول بالر ضى ب كم الاهل ية‪ ،‬ول كن بالهاد‬
‫ت ستجلب العزه وتتنل الرحات‪ ،‬فإن تع سر ح صوله أو تأ خر نزوله فبح سبكم اخبار ال‬
‫سبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ‬
‫تعال عن نبيه و عن أ صحابه الكرام يوم ا ستبطأوا الن صر‪ ،‬فقال‪{ :‬أَ مْ حَ ِ‬
‫جّنةَ وَلَمّا يَ ْأِتكُم مّثَ ُل الّذِي نَ َخَل ْواْ مِن َقْبِلكُم مّ سّْتهُ ُم اْلبَأْ سَاء وَالضّرّاء وَزُْلزِلُواْ َحتّى َيقُولَ‬
‫الْ َ‬
‫ال ّرسُو ُل وَالّذِينَ آ َمنُواْ َمعَ ُه َمتَى َنصْرُ اللّهِ أَل ِإ ّن َنصْرَ اللّهِ قَرِيبٌ} [البقرة‪.]214:‬‬

‫ال مر الثا ن‪ :‬ل يس الذلة أن يق تل الرء أو يعت قل‪ ،‬ول كن الذلة أن يع يش عاجزا عن ت طبيق‬
‫شر عة ر به ف الرض‪ ،‬والذلة أن ترى اليهود ي سرحون ويرحون ب ي ظهرا ن ال سلمي‬
‫وأنت صامت ل تستطيع حراكا‪ ،‬ومكبل ل تستطيع فكاكا‪ ،‬والذلة أن يتمكن الصليبيون‬
‫وأعوانم من بسط سيطرتم وبناء قواعد لم ث النطلق منها لقتل السلمي وماربة ال‬
‫ور سوله‪ ،‬والذلة أن ترى أخوا تك و هن ي صرخن من ق هر ال سجان ال صليب وأ نت مرتاح‬
‫البال قرير العي‪.‬‬

‫ل يستوي الصرفان‪ ،‬وحاشا؛‬

‫فالول؛ ف غضب ال وسخطه‪ ،‬مع الذلة والوان والسران ف الدنيا والخرة‪.‬‬


‫والخر؛ ف رضى ال ورضوانه‪ ،‬مع العزة والكرامة والفوز البي ف الدنيا والخرة‪.‬‬

‫‪486‬‬
‫وهذا يبي من أن القعود عن الهاد والركون إل الدنيا والخلد إليها والستكانة ل كم‬
‫الطاغوت وقهره‪ ،‬وتطاول الز من على ذلك؛ ين تج أجيال خان عة‪ ،‬ذليلة‪ ،‬مها نة‪ ،‬ا ستمرأت‬
‫الذل والهانة‪ ،‬وألفت حياة الق هر والعبودية لغ ي ال‪ ،‬فلم ت عد تنكر شيئا من ذلك‪ ،‬فضل‬
‫عن أن تدفعه‪ ،‬فهي أجيال تساق؛ فتنساق‪ ،‬وكفى من ذلك فتنة من جراء ترك الهاد لن‬
‫ف قلبه أدن مثقال ذرة من إيان‪.‬‬

‫ولذا فإن إطفاء شعلة الهاد وجدوته ف المة هو ف حقيقة الال وبالنظر للمآل؛ تسليم‬
‫لذه المة لعدائها‪ ،‬طيعة ذليلة‪ ،‬وحسبنا ال ونعم الوكيل ف هؤلء الذين شغفوا بالديث‬
‫عن فتنة الهاد ومفاسده‪ ،‬ول ينبسوا ببنت شفة عن فتنة ترك الهاد ومفاسد القعود عنه‪.‬‬

‫وما أصدق قول شوقي‪:‬‬

‫ومن العقول جداول وجلمد‬


‫ومن النفوس حرائر وإماء‬

‫فضري بة الهاد ف سبيل ال‪ ،‬مه ما تعاظ مت و كبت‪ ،‬فإن ا ل ي كن أن تر قى إل ضري بة‬
‫الذل والوان وما يتبعها من ذهاب الدين والدنيا إن ل ترفع‪ ،‬مع التذكي بأن الطاغوت ل‬
‫يقف عند حد من طلب العبودية له‪ ،‬حت يسلخ العباد تاما من دينهم‪ ،‬مع ضياع الدنيا‪،‬‬
‫و ف الخرة؛ عذاب النار وبئس ال صي‪ ،‬ف هل هناك فت نة أع ظم من هذه الفت نة‪ ،‬و هل هذه‬
‫الفتنـة تقارن بالرص على نفـس أو مال أو منصـب أو جاه أو مكانـة تنظيميـة أو منلة‬
‫علمية؟! بل هذا الرص الذي يترك من أجله الهاد هو عي ما قد يُبتلى به عبد من فتنة‬
‫حقيقية تقتلع دينه من أعماقه‪.‬‬

‫يقول ال ستشرق (جب) ف كتابه (وج هة ال سلم)‪( :‬تغي يب الشرق؛ إنا يق صد به ق طع‬
‫صلة الشرق باض يه ج هد ال ستطاع‪ ،‬ف كل ناح ية من النوا حي‪ ،‬ح ت إذا أم كن؛ صبغ‬
‫ما ضي الشرق بلون قا ت مظلم‪ ،‬ير غب ع نه أهله‪ ،‬فقدت شعوب الشرق صلتها باضي ها‪،‬‬
‫ففقدت بذلك أعظم جانب من حيويتها‪ ،‬وترى بعد ذلك ف خضوعها شرفا كبيا)‪.‬‬

‫‪487‬‬
‫و صدق ر سول ال صلى ال عل يه و سلم ح ي قال‪( :‬إذا تبايع تم بالعي نة‪ ،‬وأخذ ت أذناب‬
‫الب قر‪ ،‬ورضي تم بالزرع‪ ،‬وترك تم الهاد‪ ،‬سلط ال علي كم ذل‪ ،‬ل ين عه ح ت ترجعوا إل‬
‫دينكم)‪.‬‬

‫ال مر الثالث‪ :‬ل قد كان بإمكان نا ‪-‬بإذن ال‪ -‬إف ساد النتخابات ف أك ثر منا طق العراق‪،‬‬
‫ولكننا أحجمنا عن ذلك دفعا لحتمالية مقتل عوام أهل السنة‪ ،‬الذين لُُبس المر عليهم‬
‫من قبل أئمة الضللة‪ ،‬ولقد كنا نتوقع غدر الصليبيي بم‪ ،‬وأنم استدرجوا لفخ نصب لم‬
‫بإحكام‪.‬‬

‫المر الرابع‪ :‬رسال نوجهها إل (الزب السلمي)؛ ندعوه فيها لترك هذا الطريق الوعر‬
‫والنلق الهلك‪ ،‬الذي سار ف يه وكاد أن يُهلك أ هل ال سنة ويورط هم ف اللود إل الدن يا‬
‫والرضي بكم الاهليه‪ ،‬الت ألبسوها زي (الصال الشرعية)‪ ،‬ولقد كان الول بم دعوة‬
‫الناس إل الهاد فـ سـبيل ال تعال‪ ،‬والزن على أخواتنـا وإخواننـا فـ سـجون عباد‬
‫الصليب‪ ،‬وليس الفرح والرقص ف الشوارع ابتهاجا بنصر موهوم‪ ،‬وفتح مزعوم‪ ...‬فأين‬
‫الغية على الدين وعلى السلمي؟!‬

‫وهذه صرخة أخرى إل أهل السنة عامة‪ ،‬وأتباع (الزب السلمي) خاصة‪:‬‬

‫أين يُذهب بكم؟ وف أي طريق تسيون؟ أل تتقون ال تعال ف هذا الهاد البارك؟‬

‫ف في الو قت الذي بان للقر يب والبع يد خ سارة العدو ال صليب ف حر به مع الجاهد ين‪،‬‬
‫تدون له حبل النجاه وأنتم غافلون‪ ،‬ووال إنا عليكم لريصون‪ ،‬وعلى حالكم لشفقون‪،‬‬
‫فاحذروا من دعاة على أبواب جهنم‪ ،‬فوال إنا حالنا وحالكم كالثل القائل؛ (أكلت يوم‬
‫أكل الثور البيض)!‬

‫‪488‬‬
‫فإن الجاهد ين هم درع ال مة و سياجها الت ي‪ ،‬و هم الذ ين يدافعون عن دين كم و عن‬
‫أعراضكـم‪ ،‬وقـد بذلوا الغال والنفيـس‪ ،‬فوال لو ضعـف الجاهدون؛ فلن تأمنوا على‬
‫نسائكم وأعراضكم طرفة عي‪.‬‬

‫فيا أهل السنة؛‬

‫لقد ضحيتم وبذلتم الكثي‪ ،‬وقتل منا من قتل ف سبيل هذا الدين‪ ،‬وف سبيل الفاظ على‬
‫أمة السلم‪ ،‬فل تكونوا شؤما على أمة نبيكم‪ ،‬ول ترتضوا لنفسكم مصي الذلن‪ ،‬فإن‬
‫عاقبته عاقبة سوء وندامة‪.‬‬

‫قال شيخ نا وأمي نا ال سد الجا هد أ سامة ا بن لدن حف ظه ال ورعاه‪ ،‬ف ر سالته ل هل‬
‫العراق‪( :‬واعلموا أن هذه الرب حلة صـليبية جديدة على العال السـلمي‪ ،‬وهـي حرب‬
‫مصيية للمة بأسرها‪ ،‬ولا من التداعيات الطية والثار السيئة على السلم وأهله ما ل‬
‫يعمل مداه إل ال‪.‬‬

‫فيا شباب السلم ف كل مكان‪ ،‬ول سيما ف دول الوار واليمن؛‬

‫علي كم بالهاد والتشم ي عن ساعد ال د‪ ،‬واتبعوا ال ق‪ ،‬وإيا كم أن تتبعوا الرجال الذ ين‬
‫يتبعون أهوائهـم‪ ،‬منـ تثاقلوا إل الرض‪ ،‬أو منـ ركنوا إل الذيـن ظلموا‪ ،‬فيجفوا بكـم‬
‫ويثبطوكم عن هذا الهاد البارك‪ ،‬فقد تعالت أصوات ف العراق‪ ،‬كما تعالت من قبل ف‬
‫فلسطي ومصر والردن واليمن وغيها‪ ،‬تنادي بـ (الل السلمي الديوقراطي) ف التعامل‬
‫مع الكومات الرتدة أو مع الغزاة من اليهود والصليبيي‪ ،‬بدل عن القتال ف سبيل ال‪ ،‬لذا‬
‫لزم التنـبيه باختصـار على مدى خطورة هذا النهـج الضال الضـل‪ ،‬الخالف لشرع ال‪،‬‬
‫العوق عن القتال ف سبيل ال‪ ،‬فكيف تطيعون ‪ -‬مع تعي الهاد ‪ -‬من ل يغزو ف سبيل‬
‫ال أبدا؟! أفل تتدبرون؟! فإن أولئك هم الذين عطلوا طاقات المة من الرجال الصادقي‪،‬‬
‫واحتكموا إل أهواء البشـر‪ ...‬إل الديوقراطيـة ‪ -‬ديـن الاهليـة ‪ -‬بدخول الجالس‬
‫التشريعية‪ ،‬أولئك قد ضلوا ضلل بعيدا وأضلوا خلقا كثيا)‪ ،‬انتهى كلمه حفظه ال‪.‬‬

‫‪489‬‬
‫وهذه رسالة إل أمة السلم؛‬

‫تقبل ال منا ومنكِ صال العمال‪ ،‬وعاد ال علينا هذا العيد وأنتِ تنعمي بالعز والتمكي‪.‬‬

‫حديثي اليوم إليك يتجدد‪ ،‬ولكنه ليس تذكيا بالراحات‪ ،‬أو استنهاضا للنفس البيات‪،‬‬
‫بل هو حديث البشارات ف أيام الفداء والتضحيات‪ ،‬فها هي العمليات تتوال‪ ،‬وبإذن ال‬
‫تعال لتكونن كسرة الصليبيي هذه‪ ...‬الكسرة الت مالم بعدها قائمة ف أرض الرافدين‪.‬‬

‫أبشري أمت؛ فقد دنا وقت الصاد‪ ،‬واقترب وقت الداد‪.‬‬

‫أبشري أمت؛ فالنصر للمؤمني والعاقبة للمتقي‪ ،‬مهما طال ليل الظالي‪.‬‬

‫أبشري أمت؛ بقرب هلك رأس الكفر أمريكا‪ ،‬فقد جرت سنة ال أنه سبحانه يقيم الدولة‬
‫العادلة وإن كانت كافرة‪ ،‬وأنه يهلك الدولة الظالة وإن كانت مسلمة‪ ،‬وقد طغت حاملة‬
‫ال صليب وت بت‪ ،‬و عم ظلم ها مشارق الرض ومغارب ا‪ ،‬و قد أذن ال ب سقوطها‪ ،‬ف سلط‬
‫عليها جنود الرض والسماوات‪ ،‬فهؤلء أهلها قد تتابع عليهم العصار تلو العصار‪ ،‬فل‬
‫يكادون ينسون جراحات وآلم إعصار حت يعقبه آخر ينسيهم من قوته وبطشه أهوال ما‬
‫قبله‪ ،‬وهؤلء جنودهـم تتخطفهـم أيدي الجاهديـن على أرض الرافديـن وأفغانسـتان‪ ،‬فإن‬
‫أمريكا اليوم تلفظ أنفاسها الخية‪ ،‬وتترنح أمام ضربات الجاهدين ف أفغانستان والعراق‪.‬‬

‫و كل ما ت سمعونه على ل سان (كذاب الب يت الب يض) بأن الو ضع ف العراق ف ت سن‬
‫مسـتمر‪ ،‬وأن اليـش العراقـي بدأ بتحمـل مسـئولياته وبات يبسـط سـيطرته على بغداد‬
‫وغيها‪ ،‬فهذا كله مض كذب وتزوير‪ ،‬فوال إن هذا اليش الرافضي الذي ينفخ فيه عدو‬
‫ال بوش ليحت مي خل فه من ضربات الجاهد ين ل ي ستطيع أن ي مي نف سه من سيوف‬
‫أولياء ال‪ ،‬وإن معنويات هذا ال يش ف أد ن مستوياتا‪ ،‬و قد دب الوف واللع والرعب‬
‫ف صفوف هذا اليش‪ ،‬حت بلغ بؤلء النود؛ أن يمل أحدهم حقيبة صغية بيده يضع‬

‫‪490‬‬
‫فيهـا لباسـه الدنـ‪ ،‬حتـ إذا حيـ الوطيـس واقترب منـه جنود الرحنـ خلعوا بدلتمـ‬
‫العسكرية‪ ،‬وارتدوا اللباس الدن‪ ،‬واندسوا بي الناس‪.‬‬

‫ولقد بلغ قتلى هذا اليش الرافضي خلل السبوعي الاضيي أكثر من خس مئة جندي‪،‬‬
‫ففي مافظة ديال وحدها؛ قام الخوة بالجوم السلح والنظم باقتحام ثلثة مراكز للشرطة‬
‫واليش ف بعقوبة وبرز والعظيم‪ ،‬فتم قتل ما ل يقل عن مئة وخسي جنديا من العدو‪،‬‬
‫وتدميـ هذه الراكـز تدميا كامل‪ ،‬فهذا فـ مدينـة واحدة‪ ،‬فكيـف بالدن الخرى؟ ‪-‬‬
‫طهر ها ال من ر جس ال صليبيي والروا فض الاقد ين ‪ -‬كبغداد والنبار و صلح الد ين‬
‫ونينوي وغيها‪.‬‬

‫ولول تواطئ العلم البيث بشت وسائله مع العدو الصليب‪ ،‬لالكم ما ترون من حجم‬
‫خسائر العدو الصليب وأعوانه‪ ،‬وبإذن ال لينسينهم ما يلقونه على أيدي الجاهدين أهوال‬
‫فيتنام‪.‬‬

‫وما رأيتموه ف اليام الاضية من قصف مُركز بالصواريخ على أحفاد القردة والنازير‬
‫من جنوب لبنان؛ ل و باكوره ع مل مبارك ف ضرب العدو ال صهيون ف ع مق وجوده‬
‫بإذن ال‪ ،‬و كل ذلك بتوج يه من ش يخ الجاهد ين الش يخ أ سامة ا بن لدن حف ظه ال‪،‬‬
‫لتعلم أمري كا وربيبت ها دولة ب ن صهيون؛ أن تطه ي م سرى ر سول ال صلى ال عل يه‬
‫و سلم من صميم عقيدة السـلمي‪ ،‬وأن وراء السـلمي ف فلسـطي أ مة ل تنام على‬
‫الضيم‪ ،‬طليعتها ياهدون ف سبيل ال‪ ،‬آلوا على أنفسهم أل يغمض لم جفن ول يهنأ‬
‫لمـ ع يش وهناك يهودي واحـد على ثرى الرض الباركـة‪َ { ...‬وَيقُولُو َن مَتَى هُ َو ُقلْ‬
‫َعسَى أَ ْن َيكُونَ َقرِيبًا} [السراء‪.]51:‬‬

‫وأق سم بال الذي ل إله إل هو؛ أن ال نا صر أولياءه الجاهد ين على أعداءه ال صليبيي‪،‬‬
‫ولكأن بضياء فجر العز يلوح ف الفق‪ ،‬وإن غدا لناظره لقريب‪{ ،‬أَلَا ِإنّ نَصْرَ اللّهِ َقرِيبٌ }‬

‫‪491‬‬
‫ْنـإِن كُنتُم ّم ْؤ ِمنِيَ}‬
‫ُمـ ا َلعَْلو َ‬
‫[البقرة‪ ،]214:‬قال سـبحانه‪َ َ{ :‬ل َت ِهنُوا وَ َل تَحْ َزنُوا َوأَنت ُ‬
‫[آل عمران‪.]139:‬‬

‫اللهم أنزل بأمريكا وحلفائها بأسك الذي ل يرد عن القوم الظالي‪،‬‬


‫اللهم عذبم بعذاب من عندك أو بأيدينا‪،‬‬

‫الل هم كل من تآ مر على الهاد والجاهد ين فرد كيده ف نره واك شف خبيئته واف ضح‬
‫سريرته واجعله عبه لن يعتب‪،‬‬

‫اللهم سلط عليهم السقام والبليا‪،‬‬


‫اللهم عليك بقادة (الزب السلمي) ومن تواطأ معهم‪،‬‬

‫اللهم شتت شلهم وفرق جعهم وخالف بي قلوبم‪،‬‬


‫اللهم مزقهم كل مزق واجعلهم ف الرض أحاديث‪.‬‬

‫{وَاللّ ُه غَاِلبٌ عَلَى َأمْ ِر ِه وَلَكِنّ أَ ْكثَ َر النّاسِ َل َيعَْلمُونَ} [يوسف‪]21:‬‬

‫و المد ل رب العالي‪.‬‬

‫صعَبٍ الزّ ْرقَاوِي‬


‫َأبُ ْو مُ ْ‬
‫َأمِيْ ُر تَنْظِي ِم القَا ِع َدةِ ِف ْي بِلدِ الرّافِ َديْن‬
‫ق – بِلدُ الرّافِ َديْن‬
‫ال ِعرَا ُ‬

‫‪492‬‬
‫الطاب الثامن و الثلثون‬

‫َهذَا بَلغٌ للنّا ِ‬


‫س‬
‫‪ 26‬ربيع الول ‪ 1427‬هـ‬
‫‪ 24‬أبريل‪/‬نيسان ‪ 2006‬م‬

‫صوْتِ وَ صُورَةِ الشَيخ‬


‫بِ َ‬
‫ب الزّرْقَاوِي ( َرحِ َمهُ ال)‬
‫أَِبيْ مُصْع ٍ‬

‫المدُ لِ مع ّز ال سلمِ بن صره‪ ،‬ومُذلّ الشر كِ بقهره‪ ،‬وم صرّف المور بأمره‪ ،‬وم ستدر ِ‬
‫ج‬
‫الكافريـن بكره‪ ،‬الذي قدّر اليام دولً بعدله‪ ،‬والصـل ُة والسـلم على مـن أعلى الُ منارَ‬
‫السلمِ بسيفِه‪.‬‬

‫أمّا بعد؛‬

‫أم ت الغال ية؛ إ ن مدث كِ حديثا ل يس بالغال يط‪ ،‬لعلي أ جد من كِ آذا نً صاغية‪ ،‬وقلو بً‬
‫واعية؛ فإن الرائدَ ل يكذب أهله‪.‬‬

‫إن العدو الصليب عندما دخل العراق كان ينوي من دخوله السيطرة على المة‪ ،‬والتمكي‬
‫لدولة بن صهيون‪ ،‬من النيل ال الفرات‪ ،‬فمكّ َن ال ابناءكِ الجاهدين من الوقوف ف وجه‬
‫أشرس حلة صليبية داهة على بلد السلمي‪.‬‬

‫‪493‬‬
‫فوقفوا ف وجه هذا الزحف لدة ثلث سني ويزيد‪ ،‬بذلوا خللا الغال والنفيس‪..‬‬
‫وضحوا بالنفس والنفيس؛ مالم وأوقاتم واعراضهم وأنفسهم‪..‬‬
‫وتملوا الجمة الشرسة عسكريا وإعلميا وإقتصاديا‪..‬‬

‫ك و عن دين كِ وابناءك‪ ،‬وغيةً على حُرُماتِك؛ فبدد ال جوع هم‪،‬‬


‫ل لش يء إل للدفاع عن ِ‬
‫وشتت شلهم‪ ،‬وبانت هزيتهم لكل ذي عي باصرة وقلب واعٍ‪.‬‬

‫فهاهـم ابناءك بفضـل ال تعال؛ ينفذون الغزوة تلو الغزوة‪ ،‬والجمـة تلو الجمـة‪ ،‬فملكوا‬
‫بفضل ال تعال وحده زمام البادرة ف ارض العركة‪.‬‬

‫ولول التكتيم العلمي التواطئ والتصاعد؛ لرأيتم العجب العجاب‪ ،‬فوال انا اللحم‬
‫والبطولت‪ ،‬تب علينا نسائمها تترا‪ ،‬فحثيث علي كِ يا أمت أن تشكري ال وتمديه على‬
‫ابناءكـ الجاهديـن يذودون عـن حياضـك‪،‬‬
‫ِ‬ ‫هذه النعمـة العظيمـة‪ ،‬بأن هيـئ ال ثلة مـن‬
‫ويفظون بيضتكِ‪ ،‬وإل لكان حال أهل السنة ف العراق بي صليب حاقد‪ ،‬ورافضي غادر‪،‬‬
‫ولكان ن ساء أ هل ال سنة سبايا ف أحضان ال صليبيي والروا فض الاقد ين‪ ،‬و ما سجن أ بو‬
‫غريب وسجون الداخلية الرافضية عنا ببعيد‪.‬‬

‫أمت الغالية؛‬

‫أننا ف العراق على مرمى حجرٍ من مسرى رسول ال صلى ال عليه و سلم‪ ،‬فنقاتل ف‬
‫العراق وعيوننا ف بيت القدس‪ ،‬الذي ل يسترد إل بقرآن يهدي وسيف ينصر‪ ،‬وكفى‬
‫بربك هاديا ونصيا‪.‬‬

‫ك ب عد ال تعال إل ابناء كِ‬


‫ول قد أثب تت التجارب واليام‪ ،‬وال حن والطوب‪ ،‬أن ل يس ل ِ‬
‫الجاهدين؛‬

‫فـهُم حصنك الصي‪ ،‬ودرعكِ التي‪ ،‬وقلبك النابض‪،‬‬

‫‪494‬‬
‫يفرحون لفرحِك‪ ،‬ويبكون لزنكِ‪،‬‬
‫ك ويغارون عليكِ‪،‬‬
‫يسهرون الليل لجل ِ‬
‫وتتفطر قلوبم ألا على حالكِ‪.‬‬

‫ولسانُ هِهم الول والخي؛‬


‫اللهم أرفع الذل والضيم عن أمت‪،‬‬
‫اللهم اعد مد أمت وعزها‪.‬‬

‫أ ما الدارة المريك ية؛ وعلى رأ سها حا مل را ية ال صليب بوش‪ ،‬فنقول له‪ ،‬ول ن دار ف‬
‫فلكه من اليهود والصليبيي‪ ،‬ومن الروافض والرتدين وغيهم‪:‬‬

‫ق يَنبُضُ‪ ،‬وَعَيٌ‬
‫ش وَ فِينَا عِر ٌ‬
‫بِأّنكُم لَنْ تَ ْنعَمُوا ف ِديَارِ السلمِ‪ ،‬وَ وَ الِ لَ ْن يهَنأَ لكُمْ عَي ٌ‬
‫تَطْرفُ‪.‬‬

‫لقد عرض عليكم من قبل أمينا وول أمرنا الشيخ أسامة حفظه ال ورعاه؛ هدنة طويلة‬
‫المـد‪ ،‬كانـت خيا لك ولنـ معـك لو أجبـت يومئذٍ؛ ولكـن صـدك عـن ذلك كِبُك‬
‫واسـتعلءك‪ ،‬وهـا أنـت اليوم بفضـل ال تبارك وتعال تفزع ال الشرق والغرب‪ ،‬حائرا‬
‫حسـيا كسـيا‪ ،‬كالذي يتخبطـه الشيطان مـن السـ‪ ،‬حتـ غدوت كذابا أفاكا‪ ،‬تادع‬
‫شعبك وانصارك‪.‬‬

‫فكلما ازداد الجاهدون بضرباتم‪ ،‬كلما ازددت كذبا وبتانا؛ بأن الوضع تت السيطرة‪،‬‬
‫ث يظهر للقريب والبعيد كذب ما ادعيت‪ ،‬وهلم جرا‪.‬‬

‫فأصبح حالك يشبه الذي يتداوى مِ نَ الم ِر بالمر‪ ،‬فلم تكن صادقا مع نفسك وشعبك‬
‫ت مِنه‪.‬‬
‫لظةً واحدة‪ ،‬رغم انه وُ ِجدَ من أجدا ِد َك الوائل صِدقٌ قد حُ ِر ْم َ‬

‫لاذا ل تُظهِر حقيقة جنودك‪ ،‬وانيار إرادتم القتالية‪ ،‬حت يعلم شعبك حقيقة العركة؟!‬

‫‪495‬‬
‫لاذا ل تبهم عن إنتحار جنودك التواصل؟!‬

‫لاذا ل تبـهم بأن جنودك ل ينام الواحـد منهـم إل بعـد أن يأخـذ حبوب التخديـر‬
‫واللوسـة؛ بيـث تفقده عقله ويصـبح كالبهائم العجماوات‪ ،‬يسـوقه جنرالت حربـك‬
‫التصهيني النيليي إل مسال الذبح واللك؟!‬

‫لاذا ل تبهم عن هرب جنودك الماعي‪ ،‬والتمرد التنامي بي صفوف جنودك؟!‬

‫فاعلم أيها الكذاب الشر؛ بأن أحلمك دونا دماءنا واشلءنا‪ ،‬والقادم ادهى وأمر بعون‬
‫ال تعال‪.‬‬

‫فم سرحية الديقراط ية العف نة؛ وال ت جئت ب ا إل ارض الرافد ين‪ ،‬ب عد أن منّي َ‬
‫ت الناس‬
‫بالر ية وال سعادة وال ستقرار الادي والنف سي‪ ،‬كل ها ذه بت ادراج الرياح‪ ،‬وولت مدبرة‬
‫من غي رجعة بول ال وقوته‪.‬‬

‫و ها أ نت اليوم؛ تاول ب كل حيلة وو سيلة أن ت مع ب ي الفرقاء واللطاء والشركاء من‬


‫اذنابك الرتدين‪ ،‬لتشكل بم حكومة مشوهة؛ لعلها تنقذك من مأزقك الاد‪ ،‬والرج أمام‬
‫شعبك وأنصارك‪.‬‬

‫ونن بدورنا؛ نعتقد أن أي حكومة تشكل ف العراق اليوم كائِنا من كان رموزها‪ ،‬سواء‬
‫أكانوا من الروافض الاقدين‪ ،‬أو من علمانيي الكراد التصهيني‪ ،‬أو العملء الحسوبي‬
‫زورا على أ هل ال سنة؛ هي حكو مة عميلة موال ية متواطئة مع ال صليبيي‪ ،‬وإن ا جاءت‬
‫لتكون خنجرا مسموما ف قلب المة السلمية‪.‬‬

‫ل قد ادر كت امري كا اليوم بأن دبابات ا وطائرات ا‪ ،‬وجحا فل جيوش ها وعملءه من ج يش‬
‫الروافـض الاقديـن؛ إناـ لن تسـتطيع ‪-‬بأمـر ال تعال‪ -‬حسـم العركـة مـع الجاهديـن‪،‬‬

‫‪496‬‬
‫فعمدت ال خطة ماكرة‪ ،‬تنشد من خللا اللتفاف على الهاد والجاهدين‪ ،‬باليعاز ال‬
‫عملء ها من الح سوبي على أ هل ال سنة‪ ،‬م ن ارتضوا أن يكونوا حبلً يل تف على رقاب‬
‫أهل السنة وينقذ المريكان من مستنقعات فشلهم وهلكهم بالعراق؛‬

‫فاستخدموا من اِت َذ شعارات السلم نقابا؛ يسدل ويفى به فضائح اعمالم السودة!‬

‫شرَطـْ‪ ،‬ويلقوا‬
‫فأصـبحوا يروجون عـن اسـيادهم ضرورة تشكيـل اجهزة اليـش وال ُ‬
‫بالسلمي متشابه القول؛ فدسوا السم بالعسل‪ ،‬ونسوا وتناسوا غفلة وتغافلً أنه وعلى مر‬
‫التاريخ الديث‪ ،‬أن كل متل ومستعمر لبلد من البلدان يعل له من ينوب عنه من ابناء‬
‫البلد واجهة عند الل؛ كي يتسن لذا الحتل تثبيت دعائمه‪ ،‬ونب خيات البلد والعباد‪،‬‬
‫وتقيق ما يضمن مصالة البيثة‪.‬‬

‫قال تعال‪َ { :‬ومَن يََتوَّلهُم مّنكُمْ فَِإنّ ُه ِمْنهُمْ} [الائدة‪]51:‬؛ أي ف احكام الدنيا والخرة‪.‬‬

‫وقال جل شأنه‪ِ{ :‬إنّ فِ ْر َعوْ َن َوهَامَا َن وَ ُجنُو َدهُمَا كَانُوا خَاطِئِيَ } [القصص‪.]8:‬‬

‫ومن هنا نكرر نداءنا؛ ف التحذير لن يسعى لنشر وتشكيل اجهزة اليش والشُرَطْ‪ ،‬والت‬
‫اقيمت لتنفيذ مططات الحتلي‪ ،‬وتطبيق الكم بغي ما أنزل رب العالي‪.‬‬

‫فالذر الذر من ينخرط بثل هذه الجهزة العميلة؛ فوالِ ليس لديهم عندنا إل السيف‬
‫البتار‪ ،‬وبيننا وبينهم ليال ووقائع تشيب لولا الولدان‪.‬‬

‫قال تعال {الّذِي نَ آمَنُواْ ُيقَاتِلُو نَ فِي َسبِيلِ اللّ ِه وَالّذِي نَ َكفَرُوْا ُيقَاتِلُو نَ فِي َسبِيلِ الطّاغُو تِ‬
‫ضعِيفًا} [النساء‪.]76:‬‬ ‫شيْطَانِ إِنّ َكيْدَ الشّيْطَانِ كَانَ َ‬ ‫َفقَاتِلُواْ َأوِْليَاء ال ّ‬

‫‪497‬‬
‫ومع ما تقدم من فشلٍ ذري عٍ للعدو ووسائلة الربه‪ ،‬ياول اليوم أن يستدرج صنفي من‬
‫الناس إل م سرحية البلانات الزعو مة‪ ،‬لق طف ثرات الجاهد ين‪ ،‬الذ ين ي سعون ل عل‬
‫كَلِمَة اللّ ِه ِهيَ الْعُ ْليَا؛‬

‫فالصنف الول منهم‪ :‬هو من ياول أن يلصق نفسه بالجاهدين والتزلف لم‪ ،‬مع كونم‬
‫ل يعيشوا أعباء الهاد وأجوائه وقت احتلل العراق‪.‬‬

‫والثا ن من هم‪ :‬هو من كا نت له مشار كة أول ال مر ف قتال ال صليبيي‪ ،‬إل أن العمال‬


‫بواتيمها؛ فهؤلء لن تكون اعمالم صالةً شرعا‪ ،‬مال يكن منهم سعي عملي لعل َكلِمَة‬
‫اللّ ِه هِ َي اْلعُ ْليَا؛ با شرع لنا من وسائل وطرق شرعية‪ ،‬ل ببلانات شركية طاغوتية‪ ،‬تكون‬
‫كلمة ال فيها مسلوخة أو منسوجة ومُشرّكة بغيها من القواني الوضعية‪ ،‬فالغاية ل تبر‬
‫الوسيله هنا‪.‬‬

‫وحت لو زعم هذان الصنفان ومن يؤيدها انم يسعون بذه البلانات تطبيق الشريعة‪،‬‬
‫فالواقع العملي‪ ،‬والتجربة التاريية‪ ،‬تناقض وتكذب ذلك؛‬

‫حيث ان التتبع ف الارطة السياسية ف العراق‪ ،‬يعلم ان غالبية اصحاب القاعد البلانية‬
‫هم من الشي عة‪ ،‬وعلمانِ الكراد وال سنة‪ ،‬ناه يك عن أ صحاب الن هج العقدي التموع‪،‬‬
‫وهذا يدلنـا أن الكفـه الراجحـه الغالبـة دوما فـ ميزان البلانات سـتكون بكـم‬
‫الطواغيت‪.‬‬

‫ض مَا أَنزَلَ اللّهُ إَِليْكَ} [الائدة‪.]49:‬‬


‫قال سبحانه وتعال‪{ :‬وَاحْذَ ْرهُمْ أَن َي ْفِتنُو َك عَن بَ ْع ِ‬

‫ك وَمَا أُنزِ َل مِن َقبْلِ َ‬


‫ك‬ ‫وقال تعال‪ { :‬أَلَ ْم تَرَ إِلَى الّذِي َن يَ ْزعُمُو نَ َأنّهُ مْ آ َمنُواْ بِمَا أُن ِزلَ إِلَيْ َ‬
‫شيْطَا نُ أَن ُيضِّلهُ مْ‬
‫ت وَقَدْ ُأمِرُواْ أَن َيكْفُرُوْا بِ ِه َويُرِيدُ ال ّ‬
‫يُرِيدُو نَ أَن َيتَحَاكَمُواْ إِلَى الطّاغُو ِ‬
‫ضلَلً َبعِيدًا} [النساء‪.]60:‬‬ ‫َ‬

‫‪498‬‬
‫أما أنتم أيها الجاهدون الصادقون الصابرون؛‬

‫فتق بل ال م نا ومن كم صال العمال‪ ،‬وبارك ال ف جهاد كم ورباط كم‪ ،‬فل قد ا ستطعتم‬
‫بفضل ال وتوفيقه من وَق فِ هذا الزحف الصليب الداهم على المة‪ ،‬واثخنتم فيه الراح‪،‬‬
‫فأصبح ف حالٍ ل يسد عليها أبدا‪.‬‬

‫فواصـلوا جهادكـم‪ ،‬وكثفوا مـن عملياتكـم‪ ،‬وضاعفوا مـن ضرباتكـم‪ ،‬فإناـ وال‬
‫الفتوحات‪ ،‬وأن ا والِ اللحظات الخية‪ ،‬قبل أن يعلن عباد ال صليب هزيت هم ف بلد‬
‫الرافدين‪.‬‬

‫فإنيار الرادة القتالية أصبحت السمه البارزة باليوش الصليبية‪ ،‬فجددوا النوايا وأصلحوا‬
‫الطوايا‪ ،‬واحلوا على عدوكم حلة رجل واحد‪ ،‬فقد اصبح عدوكم اليوم بفضل ال وحده‬
‫مكشوف الظهر‪ ،‬مسلوب الرادة‪ ،‬واهن العزم‪ ،‬مكسور العظم؛ فل تعطوه فرصة للتقاط‬
‫أنفاسه‪ ،‬فواصلوا الطعنات تلو الطعنات‪.‬‬

‫فيا خيل ال اركب‪ ،‬ويا حلة الراية قوموا؛‬

‫أين اسود النبار؟! أين ليوث صلح الدين؟!‬


‫أين رجالت بغداد؟! أين فرسان نينوى؟! وأبطال ديال؟!‬
‫أين صناديد كردستان؟!‬

‫أين أنتم يا أسود التوحيد؛‬

‫يا أحفاد خالد والثن وسعد والقداد وصلح الدين؟!‬

‫أين الهاجرون؟! أين النصار؟!‬


‫أين اصحاب التوبه والنفال؟!‬

‫‪499‬‬
‫أين أهل سورت الفتح والقتال؟!‬

‫يا طليعة المة؛‬

‫مَنْ لِلثكال؟! مَنْ للحرائر ف سجون الصليبيي؟!‬


‫مَنْ للِطاهرات ف سجون الروافض الاقدين؟!‬

‫اللهم ل عيش إل عيش الخرة؛ فانصر النصار والهاجرة‪.‬‬

‫واحذروا أشد الذر؛ من قطاع الطرق الذين ياولون‪ ،‬وبالتواطئ مع الصليبيي‪ ،‬أن يلتفوا‬
‫على جهادكم‪.‬‬

‫فإياكم ث إياكم أن تلقوا السلح‪ ،‬فإنا حينئ ٍذ السرة والندامة‪ ،‬والزي واللمة‪ ،‬والذلة‬
‫والعار‪ ،‬ف الدنيا والخرة؛ فإنكم كنتم تدعون ال سبحانه وتعال‪ ،‬ليلَ نار؛ أن ييسر لكم‬
‫طريقا للجهاد ف سبيل ال‪ ،‬ف افغانستان والشيشان أو غيها‪ ،‬ثُ َم بعد ذلك إختصكم ال‬
‫سبحانه وتعال؛ فأقام تارة الهاد ف دياركم‪ ،‬وفتح لكم ابواب النان‪ ،‬فأراد بكم خيا‪.‬‬

‫فإياكم ث إياكم أيها الجاهدون؛ أن توصدوا هذه البواب بذنوبكم؛ وإياكم أن تكونوا‬
‫كالت نقضت غزلا من بعد قوةٍ انكاتا‪.‬‬

‫فلن إن فض سوق الهاد عن ديار كم ليضر بن ال علي كم الذل‪ ،‬ولي سلطن علي كم أراذِ َل‬
‫وليفعنـ هذه‬
‫َ‬ ‫الناس‪ ،‬يسـومونكم سـوء العذاب؛ يذبون ابنائكـم‪ ،‬ويسـتحيون نسـاءكم‪،‬‬
‫ـبْدِلْ َقوْمًا َغيْرَكُ ْم ثُمّ لَا يَكُونُوا َأمْثَاَلكُ مْ}‬
‫النع مة من ب ي ظهرانيكـم‪َ { ،‬وإِن َتَتوَّلوْا يَس َْت‬
‫[ممد‪.]38:‬‬

‫وختاما؛‬

‫‪500‬‬
‫س شُورَى الجاهدي نَ فِي العِرَا قِ وَ الذِي سَيَكُونُ بولِ الِ وَ‬
‫شرُ الُ ّم َة بِتَشكِي ِل مْلِ ِ‬
‫نَُب ّ‬
‫ُقوِّتهِ نواةً لقيا ِم دَوِلةٍ اسلمِّيةٍ‪َ ،‬تكُو ُن فِيهَا كَلِ َم ُة اللّ ِه ِهيَ اْلعُلْيَا‪.‬‬

‫فالمـد ل‪ ،‬بدأت الهود تتكاثـف‪ ،‬واليادي تتـد وتتصـافح‪ ،‬على طاعـة ال ورسـوله‪،‬‬
‫والهاد ف سبيله‪ ،‬وهذا الجلس سيكون بعون ال تعال مظلة لكل ماهدٍ صادق‪.‬‬

‫وأن لتشرف أن أكون أحد اعضاء هذا الجلس البارك‪ ،‬بقيادته الباركة‪ ،‬مع كون اميا‬
‫لتنظيم القاعدة ف بلد الرافدين‪.‬‬

‫خادم الهاد والجاهدين‪،‬‬


‫العتز بال تعال‪،‬‬

‫أخوكم؛‬
‫أبو مصعب الزرقاوي‪.‬‬

‫ف و أربعمئة وسبع وعشرين‬


‫ف يوم المعة؛ الثالث والعشرين من شهر ربيع الول لسنة أل ٍ‬
‫للهجرة‪ ،‬الوافق واحد و عشرون من شهر نيسان سنة الفي و ستٍ للميلد‪ ،‬و المد ل‬
‫رب العالي‪.‬‬

‫[وف آخر الشريط الرئي يُقسم الشيخ رحه ال و تقبله قسمه الزلزل‪ ،‬والذي ل ولن تدأ‬
‫أصدائه إل عند قيام دولة اللفة السلمية على منهاج النبوة‪ ،‬والت مهد لا الشيخ بدمائه‬
‫الطاهرة و شهد له بذلك علماء و قادة ماهدي هذا الزمان‪ ،‬فهنيئا لك أبا مصعب]‬

‫ل تَعَالَى‪..‬‬
‫ل لَُت ْهزَ َم ّن َأمْرِيكَا ف ال ِعرَاقِ‪ ،‬بإذْنِ ا ِ‬
‫وَ ا ِ‬
‫ل َتعَالَى‪.‬‬
‫يةً‪ ،‬بعَوْنِ ا ِ‬
‫ض الرّا ِف َديْنِ؛ َم ْهزُومَةً‪ ،‬ذليلةً‪َ ،‬حسِيةً‪ ،‬حقِ َ‬
‫خرُ َج ّن ِمنْ أَر ِ‬
‫وَ لََت ْ‬

‫صعَبٍ الزّ ْرقَاوِي‬


‫َأبُ ْو مُ ْ‬

‫‪501‬‬
‫َأمِيْ ُر تَنْظِي ِم القَا ِع َدةِ ِف ْي بِلدِ الرّافِ َديْن‬

‫س شُوْرَى الُجَاهِدِينَ ِف ْي ال ِعرَاق‬


‫ضوُ َمجْلِ ِ‬
‫وَ عُ ْ‬
‫ق – بِلدُ الرّافِ َديْن‬
‫ال ِعرَا ُ‬

‫‪502‬‬
‫الطاب التاسع و الثلثون‬

‫سِلسِلَةُ مُحَاضَراتِ‪:‬‬
‫َهلْ َأتَاكَ حَدِيثُ الرّافِضَةِ‬
‫الُز ُء الَوّ ُل‬

‫‪ 5‬جادى الول ‪ 1427‬هـ‬


‫‪ 1‬يونيو‪/‬حزيران ‪ 2006‬م‬

‫بِصَوْتِ الشَيخ‬
‫ب الزّرْقَاوِي ( َرحِ َمهُ ال)‬
‫أَِبيْ مُصْع ٍ‬

‫بِ سْمِ الِ الذِ يْ لَ ُه الُكْ ُم َو الَمْرُ ُكلّ ُه وَ إِلَي هِ ا َلعَاد‪ ،‬وَ الَ ْمدُ لِ الذِ يْ َقدّ َر ال ْفتِرا قَ ِلهَذ ِه‬
‫ب َو ل َيكَاد‪َ ،‬و ال صّلةُ َو ال سّلمُ عَلَى مَن ا ْستَثـن مِ ْن هَذِ هِ الِفرَ قِ‬ ‫ال ّمةِ فِرقَا فَل َتقَارُ َ‬
‫بِالنّجَاةِ وَاحِ َد ًة َو مَ ْن عَدَاهُم وَ عَادَاهُ ْم ُيكَاد‪َ ،‬و َبعْد‪:‬‬

‫ت مُسَْت ْقبَلِه‬
‫ضرِه وَ ل َحتّى إِ ْرهَاصَا ِ‬ ‫ضيْ ِه وَ حَا ِ‬
‫فََلقَد قَرأنَا التّا ِريْخَ َو اسَْتقْ َرأْناهُ َفلَ ْم نَجِد فِي مَا ِ‬
‫ضهُم ال كَمَا َلفَظُوا ِديْنَه َو ِمْنهَاجَ ُه ال َق ِويْم و‬ ‫صحَابِ الرّفْض‪ ،‬رََف َ‬ ‫كَمِثل ِسيْرةِ بَل سَو َءةِ أَ َ‬
‫س َو َتضَاِليْلِ الَيهُو ِد وَ ضَللِ‬ ‫ا سَْتبْدَُل ْوهُ بِالّذِي هُو أَدْنَى مِن خَلِي طِ ِحقْدِ وَ خُ َزعْبل تِ الفُرْ ِ‬
‫النّ صَارَى ليِتَنا َسبَ َم عْ َج ِميْ عِ أَ صْحَابِ ال ّديَانَا تِ ا ُلعَا ِديْ َن لهْ ِل الِ سْلم‪َ ،‬فخَ َرجُوا بِدِي نٍ‬

‫‪503‬‬
‫خ يُو ّجبُو نَ فِي ِه عَلَى الُمّة أَ ْن يَلْعَن آ ِخرُهَا َأوّل ا‪ ،‬وَ أَ نْ يَكُفَر بِال ِكتَا بِ كُلّه‪ ،‬وَ أْن‬ ‫مَمْ سُو ٍ‬
‫ي بَ ْل تُغيّر هَذِه القِبْلَة مِ ْن َمكّـة َفتُشَدّ الرّحَالَ‬ ‫ُتعَطّ َل شَرَائِعُه‪ ،‬وَ أَ نْ يُشْرَ َك مَ عْ ِقبَْل ِة الُ سْلِمِ َ‬
‫ي بِا سْمِ ال ّديْ نِ‪ ،‬وَ لِذَا كَا نَ لِزَامَا‬
‫ش ُة بَيـ َن الُ سِْلمِ َ‬
‫شهَد‪ ،‬وَ أ ْن تَشِي َع الفَاحِ َ‬ ‫إِل كَ ْربَل َء َو مَ ْ‬
‫ف مِنْ َجرَائِ ِم ال َق ْومِ َمعْذِ َرةً إِل َرّبكُم وَ َلعَّلهُم يَتـ ُقوْن‪.‬‬
‫عَلَينَا َأنْ نُذَكّ َر بِطَ ْر ٍ‬

‫اسـتِعْراضٍ َلبْرَزِ‬
‫ِيخـ َو ْ‬
‫ض ِة عَبْر التّار ِ‬
‫َاتـ الرّاِف َ‬
‫ِنـ ِخيَان ِ‬
‫ْضـ فــي ذِكْرِ جُمْل ٍة م ْ‬
‫لو ِ‬‫وَ َقبْلَ ا َ‬
‫َجرَائِ ِمهِم ل ُبدّ ِم َن التنبيه على أمر‪:‬‬

‫سوَا َد الَعْظَ مَ ا َلوْ ُج ْودَ مِ ْنهُ مْ‬


‫ضةِ َفإِنـمَا ُنرِْيدُ بِهِم ال ّ‬
‫ظ الرّافِ َ‬
‫أل َو هُ َو أنّنا حِيْ نَ نُطْلِ ُق َلفْ َ‬
‫لعْ َفرِي ُة الِثنَي َعشْرية‪.‬‬
‫فِي َه ِذهِ ا َليّا ِم أَل وَ ُهمُ الشّ ْي َعةُ ا َ‬

‫سبُ إِل ا ِلمَا ِمّيةِ‬


‫َو يُلحَ ظُ أ نّ َأئِ ّمتَهُم اعَْتبَروا جَمِيع هَذِ ِه الفِرق ا ُلغَال ية عِنْدَهُم مِ ْن مَا يُنْ َ‬
‫سبُوا لـها كُ ّل الفِرَ قِ و ال ّدوَ ِل وَ ال ّرجَال‬ ‫فَإِذَا تَحَ ّدثُوا عَ ْن طَـاِئفَتهِم وَ رِجَاَلهَا و ُد َولَا نَ َ‬
‫الـْنتَمِيَ للتّشَيّعِ َو إِنْ كَانُوا ِمنْ‪:‬‬

‫ُمـِإذَا‬
‫َسـَمةِ الغــلة َفه ْ‬ ‫ِنـ الُج ّ‬
‫ِنـ ال ّزنَادِقَــةِ الدّهــِرّيةِ َأوْ م َ‬
‫ِسـمَاعِيِلّيةِ َو البَا ِطنِيةِ أَو م َ‬
‫ال ْ‬
‫ل عَ نْ ُدوَلِ الشّْيعِيةِ ذَكَرُوا ال ّدوْل ـ َة الف ـاطِ ِمّيةَ فِ يْ صَدْر ُدوَلِهِم مَ عْ أَن ا غَيُ‬
‫تَحَ ّدثُوا مَث َ‬
‫الِثْن عشرية‪.‬‬

‫ـ ْوفِيق‪:‬‬
‫و َب ْعدَ َهذَا َنقُو ُل َو بِال الت َ‬

‫صلّى الُ عََليْ ِه وَ‬


‫ف تَمَاما عَ ِن الِ سْلمِ الذِ يْ جَا َء ب ـ ِه النّب َ‬ ‫أولً‪ :‬إِ نّ الرّفْ ضَ ِديْ ٌن يَ ْ‬
‫ختَلِ ُ‬
‫ع َو الُ صُول‪َ ،‬كيْ فَ ل وَ ِكبَا ُر‬ ‫سَلّـم َو ل يُ ْمكِ نُ أَ نْ يَلْت ـقِ َي َمعَ هُ فِي َكثِيٍ مِ َن الفُرُو ِ‬
‫آياتِهِم َو عَُلمَائِهِم قَدْ َقعَدُوا لَهُم قَاعِ َدةً ف التّرْجِي ِح بَيَ الدِلّ ـةِ إِذا ا ْختَلَفَت عِنْدَهُم أَو‬
‫صوَابِ‬ ‫َتعَارَض تْ بِأنّ مَا خَالَ فَ َقوْلَ َأهْلِ ال سّنةِ (وَ يُ سَمّوَنهُم العَامّة) ُه َو القَوْ ُل الَقْرَ بُ لل ّ‬
‫سَتنِدِي َن عَلَى ِروَايَا تٍ َمكْ ُذ ْوَبةٍ ِعنْ َدهُ مْ كَأ صْلٍ ِلهَذ ِه القَاعِدَ ِة التِ يْ تَ ُد ّل عَلَى ُمخَال َفةِ ِدْيِنهِم‬
‫مُ ْ‬
‫ث َمْنهَجِ الَقّ‪.‬‬
‫أَصُولً وَ ُفرُوعَا لِدِي ِن ا ِلسْلمِ مِن حَي ُ‬

‫‪504‬‬
‫ضةِ فِ يْ ِكتَابِ ِه [وَ سَائِلُ الشّيْعة]‬
‫ب َعقَدَ ُه "الـ ّر العَـامِِليّ" َو ُه َو مِ ْن عَُلمَاءِ الرّافِ َ‬ ‫َففِ ْي بَا ٍ‬
‫ـ طَــِرْيقََتهُمْ‪ ،‬قَالَ فِيـه‪:‬‬ ‫ـ العَا ّمةُ َو ُيوَافِق ُ‬
‫ـ َجوَا ُز العَمَلِ بِمَـا ُيوَافِق ُ‬
‫تَحْـت عِنْوان‪ :‬عَدَم ُ‬
‫(والحاديث ف ذلك متواترة) (أي ف عدم جواز العمل با يوافق العامة) فمن ذلك قول‬
‫ال صادق عل يه ال سلم ف الديث ي الختلف ي اعرضوه ا على أخبار العا مة أي أ هل ال سنة‬
‫والماعة فما وافق أخبارهم فذروه وما خالف أخبارهم فخذوه وقال عليه السلم خذ با‬
‫فيه خلف العامة فما خالف العامة ففيه الرشاد)‪.‬‬

‫وَ جَاءَ فِ ْي [عُيُو نِ أَ ْخبَارِ الرّضَى]‪( :‬روى ال صّدوق عن علي ابن أسباط قال قلت للرضى‬
‫عليه السلم يدث المر ل أجد بد من معرفته وليس ف البلد الذي أنا فيه من أستفتيه من‬
‫مواليك قال‪:‬فقال‪ :‬إيت فقيه البلد فاستفته ف أمرك فإذا أفتاك بشيء فخذ بلفه فإن الق‬
‫فيه)‪.‬‬

‫خلُوقَاتِ كُلّها‬ ‫ل عَلى َتوْحِيدِ الَـالِ ِق َو َت ْعبِيدِ الَ ْ‬ ‫صيْ ً‬


‫َو َمعُْل ْومٌ َأنّ ا ِلسْلمَ قَائِمٌ جُ ْمَلةً وَ َت ْف ِ‬
‫ل عَلَي ِه َو سَلّ ْم ا ْقتَدَاء مُتّبعٍ ل ُمْبتَ ِدعٍ وَ كُ ّل هَذَا َمبْنّ‬
‫ل َتعَال َو عَلى ال ْقتِدَا ِء بِالّنبِي صَلّى ا ُ‬ ‫ِ‬
‫ل َو َتعْـبِي ِد الَلْقِ‬
‫ب وَ السّن ِة وَ الرّ ْفضُ َأسَاسا َيقُو ُم عَلى الِشْرَاكِ بِا ِ‬ ‫عَلَى مَا جَا َء بِالكِتَا ِ‬
‫ب بدعوى تريفهِ بالنّقصانِ‬ ‫ض الكِتا ِ‬‫ل وَتضَرّعا وتأليها‪ ،‬كما يَقومُ عَلى رَف ِ‬ ‫ِلغَيِ ال تَوسّ ً‬
‫حهَا بتكذيبِ‬ ‫ل عليهِ وسلم‪ ،‬ول سيّما صحَي َ‬ ‫ض سّنةِ النّبّ صَلّى ا ُ‬ ‫والزّيادةِ فيه‪ ،‬وعلى رف ِ‬
‫وتوينَ من نَقلها لنَا َوهُمْ أشرافُ ال ّمةِ و أخصّ صحاَبتِهِ َحتّى رََفضُوا أَصَحّ ُكتُبِ‬
‫الَحَادِيثِ الت تَلقّتهَا ا ُل ّمةُ بالقبُولِ‪ ،‬لّا كانَ رُواتُها مِنْ أش ّد الناسِ حِرصا وتوثقا عمّنْ‬
‫ي ومُسلِم‪ ،‬فَكانَ مَا عَدَاهُمَا مِنَ‬ ‫س هَذهِ الكُتبِ صَحِيحَا البخار ّ‬ ‫ينقلونَها عَنهُم‪ ،‬وعَلى رأ ِ‬
‫ض ِعنْ َدهُم‪.‬‬ ‫الكُتبِ أَولَى بالرّف ِ‬

‫ض إمامةِ وَخِلفةِ من أج َع الناسُ حِينَها عَلى إمَا َمتِهِ وَخِلَفتِهِ‪،‬‬


‫كما يقومُ دينهم على رف ِ‬
‫سنّتِهم بَل‬‫ك بِ ُ‬
‫الذين نَعتهم رسول ال صَلى الُ عَليهِ وسَلمَ بالرّاشِدِين‪ ،‬و َحضّ على التّمسّ ِ‬

‫‪505‬‬
‫ل َتعَال‬
‫ي عَائِشةَ مِمّا َب ّرأَهَا ا ُ‬‫ض تَبَئةَ ُأ ّم الؤمن َ‬
‫وَقَرَنا بِالتّمسّكِ بِسُّنتِه‪ ،‬إِنّ دِينَ الرّفْض يَرُف ُ‬
‫ضهَا‪.‬‬
‫ب بِجَل ِد مَ ْن اّتهَ َمهَا أَو خَاضَ فِي عِر ِ‬
‫فِي ِكتَابِ ِه الكَ ِر ْي َوعَاقَ َ‬

‫ب نُورٌ ف حقِي َقةِ دِي ِن المَا ِميّة وَالعِّل ِة‬ ‫ل الزائِريّ ف [الَنوا ِر النّعمَانّية]‪( :‬بَا ٌ‬ ‫َيقُو ُل ِنعَمةُ ا ِ‬
‫جبُ الَخ ُذ ِبخِلفِ مَا َتقُولُ ُه العَامّة)‪ِ":‬إنّا ل نَجتَ ِم ُع َم َعهُم ‪ -‬أَي مَعَ السّنّة‬ ‫الت مِنْ أَجِلهَا َي ِ‬
‫‪ -‬عَلَى ِإنَا ٍء وَل عَلَى َنِبيّ وَل عَلى ِإمَامْ‪ ،‬وَذَلِكَ َأّنهُ ْم َيقُولُونَ أَنّ َرّبهُم َهوَ الذِي كَانَ‬
‫ك النّب بَل َنقُولُ‬ ‫ب وَل بِذَلِ َ‬ ‫مُحمّ ُد نَبيّه وَخَلِي َفتُهُ مِن بَعدِهِ أَب بَكر َونَحنُ ل َنقُولُ بذَا الرّ ّ‬
‫ك النِّب ّي نَِبّينَا"‪.‬‬
‫إِنّ الرّبّ الذِي َخلِي َفةُ َنِبيّهِ َأبُو بَكرٍ ليسَ َرّبنَا وَل ذَل َ‬

‫وَيقُولُ السّيدُ حُسيٌ الوسَويّ ‪َ -‬و َهوَ َأحَ ُد عُلَمَاِئهِ ُم القَلئِلُ الذِي َن َنقّى الُ فِط َرتَهُ فَ َمجّت‬
‫بَاطَِلهُم‪ُ -‬معَّلقَا عَلَى مَوقفِ الرّافِضة ف ِكتَابِهِ [ل ثُمّ لِلتّارِيخْ]‪َ ":‬ويََتبَادَرُ إِل الَذهَانِ‬
‫ب عَلينَا أَ ْن َنأْخُذَ‬
‫ج ُ‬
‫سأَلةٍ ما‪ ،‬أَيَ ِ‬
‫سؤَا ُل التِي‪ :‬لَو فَرَضنَا َأنّ الَقّ كَانَ َم َع العَا ّمةِ فِي مَ ْ‬
‫ال ّ‬
‫بِخِلفِ قَوِلهِم؟‬

‫جبُ القَولُ بلفِ قَوِلهِم لِ ّن القَولَ‬ ‫سيّدُ ُمحَمّ ٌد بَاِق ُر الصّد ِر مَ ّرةً َفقَالَ‪َ :‬نعَمْ يَ ِ‬
‫أَجَاَبنِي ال ّ‬
‫ض وُجُودِ الَ ّق ِعنْ َدهُمْ‬
‫بِخِلفِ قَوِلهِ ْم َوإِنْ كَانَ خَطأً َف ُهوَ أَه َونُ مِ ْن ُموَاَفقَِتهِ ْم عَلَى ا ْفتِرا ِ‬
‫سأَلةِ"‪.‬‬
‫فِي تِلكُ ُم الَم ْ‬

‫ثَانِيَا‪ :‬إِنّ دِينَ الرّفضِ ل َيقُمْ َأسَاسَا َومُنذُ بِدَاَي ِة ُظهُو ِرهِ‪َ ،‬وعَلَى َم ّر الزمَا ِن وَ َحتّى َأيّا ِمنَا‬
‫ي وَت ْقوِيضِ دَوَل ِة ا ِلسْلمِ‪ ،‬مِنْ‬ ‫ث الفِتَنةِ وَالفُرَق ِة بَيَ السلِمِ َ‬
‫ض هَ ْد ِم الِسْلمِ َوَب ّ‬‫هَ َذهِ‪ ،‬إِل ِلغَ َر ِ‬
‫سّنةِ وَالَمَا َعةِ‪ ،‬أَعنِي ِبهِ ُم الَمَا َعةَ الُولَى التِي استَثنَاهَا ال ّرسُولُ صَلى‬ ‫خِل ِل مُحَا َرَبةِ أَهلِ ال ّ‬
‫جهِ ْم وَلَيسَ‬
‫ل عَلي ِه وسَل َم مِ َن الثّلثِ وَالسّبعِيَ فِرَق ًة بِالنّجَاةِ مِنَ النّا ِر َومَن سَا َر عَلى نَه ِ‬ ‫اُ‬
‫هَذَا كَلمَا ُمبَالغَا أَو ُمتَ َوهّمَا وَل ُهوَ مُنكَ ٌر مِ ِن القَو ِل وَزُورَا بَل هَذَا مَا قَرّ َرهُ عَُلمَاءُ السّلفِ‬
‫وَالَلفِ‪.‬‬

‫ض هَدمِ الدّينِ؛ مِنْ خِللِ أَمري ِن هَامّيِ‪:‬‬


‫َفهُو ُمخَطّطٌ ُدبّ َر بِلَيلٍ ْل َيقُ ْم مِ َن ا َلسَاسِ إِل ِلغَ َر ِ‬

‫‪506‬‬
‫ت عَلى مَذ َهبِ‬ ‫ا َلوّلُ‪ :‬التّشكِيكُ فِي َحقِي ِقةِ هَذَا الدّي ِن وَ َزعْ َز ِع ِة ال َعقِي َدةِ‪ِ ،‬إمّا ِببَثّ ال ُ‬
‫شبُهَا ِ‬
‫شكّكُ ف أُصُو ِل هَذَا الدّي ِن َوَتصُ ّد عَنهُ بِالكُّلّيةِ‪َ ،‬وإِمّا ِبتَحرِيفِ َكثِ ٍي مِنْ‬ ‫أَهلِ الَ ّق وَالت تُ َ‬
‫أُصُولِهِ وَُفرُوعِهِ لَيكَونَ دِينَا مَسخَا‪.‬‬

‫وَالَم ُر الثّانِي‪َ :‬يتَ َمثّلُ ف الَاِنبِ السّياسِ ّي وَذَل َ‬


‫ك عَ ْن طَريقِ زَع َز ْعةِ أَركَانِ الدّولةِ الِسل ِمّيةِ‬
‫ب وَل ِسيّمَا‬ ‫شعْ ِ‬ ‫ج عَلى السّوَاءِ‪َ ،‬فأَمّا مِنَ الدّاخِلِ َفمِنْ خِل ِل اسِتثَارَةِ ال ّ‬ ‫مِنَ الدّاخِ ِل وَالَارِ ِ‬
‫ج عَلى خَلي َفةِ َوإِمَامَ الُسِلمِيَ أَو‬ ‫ضهُ ْم عَلى الُرو ِ‬ ‫ب الَطَامِ ِع َوتَحرِي َ‬ ‫س َوأَصحَا ُ‬ ‫ف النّفُو ِ‬‫ضعَا ُ‬ ‫ِ‬
‫س ّو َغةٍ‪َ ،‬وَأمّا مِن الَارِجِ فَ ِمنْ خِل ِل الّتعَاونِ مَعَ‬
‫اغتِيالِهِ بَ َدعَاوَى َو ُشُبهَاتٍ بَاطِلةٍ َأوْ غَ ِي مُ َ‬
‫ف َمعَهُمْ‪َ ،‬حتّى َيتَ َمكّنُوا مِن اسقَاطِ الدّول ِة الِسْلمِّيةِ‪.‬‬ ‫أَعدَاءِ الدّي ِن وَالتّحَال ِ‬

‫ض مُن ُذ بِدَايَ ِة نَشأَتِ ِه‬


‫َوهَذَا ِن الَمرَانِ هُمَا الَنهَ ُج وَالُ ّط ُة ا َلسَاسّيةُ الت قَا َم عَليهِمَا دِينُ الرّف ِ‬
‫جدْ أَفضَ َل وَل أَ ْجدَى مِنَ‬ ‫ف عَبدُ ال بن سَبأَ الذي ل يَ ِ‬ ‫َوتَأسِيسِهِ عَلى يَ ِد الَيهَودِيّ العرُو ِ‬
‫ت بَعدَ َأنْ أَظهَ َر الِسلمَ َوأَبطَ َن الكُفرَ‬ ‫حبّ آ ِل البَي ِ‬ ‫س التّشَيّ ِع وَالتّشَيّ ِع ِب ُ‬
‫ستّ ِر بِِلبِا ِ‬
‫التّ َ‬
‫س َة لَذَا الدّينِ‪.‬‬‫وَال ّدسِي َ‬

‫ع هَذَا الَيهَودِيّ َأنّ هَذَا النهَجَ الذِي َرسَمَ ُه اب ُن سَبأ قَ ْد َنجَحَ فِي استِقطَابِ‬ ‫وَلا وَ َجدَ أَتبَا ُ‬
‫ب الَطَامِعِ ضِدّ أمِ ِي الُؤمِنيَ‬ ‫س َوأَصحَا ِ‬ ‫ف الّنفُو ِ‬ ‫ضعَا ِ‬
‫ب الكَثيِ ِر مِن ِ‬ ‫ب ا َلوَى َوتَألي ِ‬ ‫أَصحَا ِ‬
‫ل عَنهُ َوأَرضَا ُه وَلَمّا َوجَدُوهُ َنجَحَ ف الّتعَاو ِن مَعَ أَعدَاءِ الدّي ِن مِن خَارجِ‬ ‫ضيَ ا ُ‬‫عُثمَانَ رَ ِ‬
‫شبَهِ حَت َقتَلُوا الَلِي َفةَ وََفَتنُوا َر ِعيّتَهُ‪.‬‬
‫عَاصِم ِة الِلَف ِة َوِإثَا َرةِ ال ِفتَنِ وَال ّ‬

‫صِبّيةِ ال َقبَلّيةِ الت جَاءَ‬


‫س العَ َ‬
‫ي الصّحَاَب ِة عَلى َأسَا ِ‬ ‫جحَ كَذلكَ فِي التّفرِي ِق بَ َ‬ ‫وَلا وَ َجدُوهُ نَ َ‬
‫الدّينُ َأسَاسَا وَقَا َم عَلى هَد ِمهَا‪ ،‬يَرُومُونَ فِتَنةَ آ ِل البَيتِ وَفِتَنةَ النّاسِ ِبم‪ ،‬وَصَ ّد النّاسِ‬
‫ب وَالسّّن ِة مِ َن الصّحَاَبةِ رِضوانُ ال عَليهِمْ‪ ،‬مِنْ‬ ‫َوتَشكِيكَهُم ف ِمصْدَاقِّي ِة َوَأمَاَن ِة َنقََل ِة ال ِكتَا ِ‬
‫ت َوإِ ّدعَاءِ العِص َمةِ فِيهمْ‪َ ،‬حتّى تَ َطوّ َر ا َلمْرُ‬‫خِل ِل ُمنَادَاتِه ْم بِ ُموَالةِ بَلْ بِا ُلغَالةِ فَي آ ِل البَي ِ‬
‫سبَِأّيةِ‪.‬‬
‫ل عَنهُ كَمَا عِندَ ال ّ‬ ‫ضيَ ا ُ‬ ‫فِيهِم إِل تَألِي ِه عَليّ رَ ِ‬

‫‪507‬‬
‫أَقَو ُل لا َرأَى أَتباعُ اب ُن سَبأٍ أنّ ُه نَجَحَ ف ذَلكَ ُكلّ ِه استَ َم ّر هَؤل ِء الَتبَاعُ ف نَفسِ السّيةِ‬
‫ض عُلمَاءُ السّلفِ‬
‫َوعَلى نَفسِ الَنهَ ِج الَوّ ِل عَلى مَرّ ال ّزمَا ِن َوإِل أَيامِنَا هَ ِذهِ وَلقَدْ أَفَا َ‬
‫ض ِة وَ َحقِي َقةِ دِينِهِم‪.‬‬
‫وَا ْسَتفَاضَ ف ُكتُِبهِم َبيَانُ َحقِي َقةِ الرّافِ ِ‬

‫ضةُ ليسَ‬
‫ك مَا قَال ُه شَي ُخ الِسلمِ اب ُن تَي ِمّيةَ رَحهُ الُ فِي [ ِمْنهَاجِ السّّنةِ]‪ ":‬وَالرّاِف ِ‬
‫َومِنْ ذَل َ‬
‫ض عُرَاهُ َوإِفسَادِ َقوَاعِ ِدهِ"‪.‬‬
‫َلهُم سَعيٌ إِل فِي هَد ِم الِسل ِم َوَنقْ ِ‬

‫ل عَنهُمَا إِل أَ َحدُ رَجُليِ‪ِ :‬إمّا َرجُلٌ‬ ‫ضيَ ا ُ‬ ‫وَقَالَ أَيضَا‪ ":‬وَل يَطعَ ُن عَلى َأبِي بَكرٍ وَعُ َمرَ رَ ِ‬
‫ح ٌد عَ ُد ّو للِسل ِم َيتَوَصّلُ ف الطّعنِ فِيهمَا إِل الطّعنِ فِي ال ّرسُولِ َودِينِ‬ ‫ُمنَافِقٌ زِندِي ٌق مُل ِ‬
‫ض وَحالُ َأئِ ّم ِة البَا ِطِنّيةِ‪ ،‬وِإمّا‬
‫الِسلمِ‪َ ،‬وهَذَا حَالُ الُعلّمِ الولِ للرّاِفضَةِ َأوّ َل مَن ابتَ َدعَ الرّف َ‬
‫ب عَلى عَامّةِ الشّي َعةِ إِذْ كَانُوا مُسلِمِيَ فِي‬ ‫جَاهِ ٌل مُفرِطٌ ف الَهلِ وَا َلوَى َوهُ َو الغَال ُ‬
‫البَاطِنْ‪." ،‬‬

‫حدَ فِي ِرسَالةِ عَبدُوسٍ ب ِن مَالك‪ ،‬أُصُولُ السّّنةِ ِعن َدنَا‬ ‫وَقَالَ فِي َفتَاوِيهِ‪ ":‬قَا َل ا ِلمَامُ أَ َ‬
‫ك بِمَا كَا َن عَليهِ أَصحَابُ َرسُولِ الِ وَالِقتِدَاءُ بِهم‪َ ،‬وتَر ُك البِ َدعِ وَكُ ّل بِد َعةٍ ضَللةٌ‬ ‫التّمَسّ ُ‬
‫ل عليهِ وسلم والسّن ُة تُفسّ ُر القُرآنَ َو ِهيَ دَلءٌ للقرآنِ‬ ‫والسّن ُة عِن َدنَا آثارُ رسول الِ صلى ا ُ‬
‫ت عَلى مَعنَاهُ وَلذَا ذَكَ َر العُلمَاءُ َأنّ الرّفضَ َأسَاسُ الزّندََق ِة َوَأنّ َأوّ َل مَن ابتَ َدعَ‬ ‫أيْ دَلل ٌ‬
‫ي وَقَد‬ ‫ي ا َلوّل َ‬ ‫الرّفضَ إِنا كَانَ ُمنَاِفقِا زِندِيقَا‪َ ،‬و ُه َو عَبدُ الِ ب ُن سَبأ فَِإنّهُ قَدْ قَ َدحَ ف السّاِبقِ َ‬
‫ح تَارةً ف عِل ِمهِ ْم بِها َوتَا َرةً‬ ‫ض ُة تَقدَ ُ‬
‫قَ َدحَ فِي نَقلِ ال ّرسَالةِ أَو ف فَه ِمهَا أَو فِي اّتبَاعِهَا‪ ،‬فَالرّافِ َ‬
‫ف اّتبَا ِعهِم لَها‪َ ،‬وتُحِيلُ ذَلكَ عَلَى أَه ِل البَيتِ َوعَلى الَعصُومِ الذِي لَيسَ لَه وُجُودٌ فِي‬
‫الوجُودِ" انَتهَى كَلمُهُ رَ ِحمَهُ الُ‪.‬‬

‫ضةِ َأنّهُ ْم يُو ِجبُونَ عِص َم َة وَاحِ ٍد‬


‫ج ا ِلعْتِدَالِ]‪َ ":‬ومِن جَهلِ الرّاِف َ‬ ‫وَجَاءَ فِي [الُنَتقَى مِن مِنهَا ِ‬
‫جوّزُو َن عَلى َمجْمُوعِ الُسِلمِيَ إِذَا ل َيكُنْ فِيهِ ْم مَعصُومٌ الَ َطأَ‪ ،‬وَقَدْ ذَكَرَ‬ ‫ي َويُ َ‬‫مِنَ الُسِلمِ َ‬
‫ص عَلى عَليّ َوعِص َمتِهِ كَانَ زِندِيقَا أَرَادَ‬ ‫غَيُ وَاحدٍ َأنّ َأوّ َل مَن ابتَ َدعَ الرّ ْفضَ وَالقَو َل بِالنّ ّ‬
‫ص بِالنّصَارَى‪َ ،‬وأَكبَرُ دَلِي ٍل عَلى‬ ‫صنَ َع بُولُ ُ‬
‫افسَادَ الدّي َن وَأرَادَ َأنْ يَصنَعَ بِالُسْلمِيَ كَمَا َ‬

‫‪508‬‬
‫ل عَن ُه َتبَ ّرَأ مِنهُ َومِنْ أَصحَابِهِ بَل َوعَاَقبَ‬
‫ضيَ ا ُ‬
‫بُطلنِ أَص ِل هَذَا الَذ َهبِ َوخُرَاَفتِهِ أ ّن عَِليّا رَ ِ‬
‫ل عَنهُمَا‬
‫ضيَ ا ُ‬ ‫سبّ الشَيخَيِ َأبَا بَك ٍر َوعُمَرَ رَ ِ‬ ‫سبِ بِد َعتِهِ‪ ،‬فَمنْ كَا َن يَ ُ‬ ‫مَ ْن يَعَتِنقُهُ كُلٌ بَحَ َ‬
‫يُجَلدُ حَ ّد الُفتَرِي‪َ ،‬ومَ ْن غَال فِيهِ حَرّقَهُ بِالنّارِ"‪.‬‬

‫ثَالِثَا‪ِ :‬إنّ جَمهَ َر ًة مِن عُلمَاءِ السّلفِ رَحِ َم ُهمُ ا ُ‬


‫ل َتعَال َبيّنُوا لنَا القَو َل ال َفصْلَ فِي حُكمِ‬
‫ص ًة َوِإنْ‬
‫ضةِ َو ُه َو القَو ُل ِبكُف ِرهِ ْم َووُجُوبِ ِقتَا ِل مَن أَظهَ َر بِ ْد َعتَ ُه مِنهُمْ خَا ّ‬
‫الشّرعِ عَلى الرّاِف َ‬
‫ب وَ السّّنةِ‪.‬‬
‫كَانَ بِطَاِئ َف ٍة مُ ْمَتنِ َع ٍة مِنهُم‪ ،‬وَ ف تَكفيِهم وَ وجوبِ قِتالِهم أدِّلةٌ م َن الكِتا ِ‬

‫سهِم تنقِلُ لَنا الرواياتِ ف ت ّبؤِ آ ِل البيتِ مِنهُم‪ ،‬ونِسبةِ ذلك إل‬
‫ضةِ أنفُ ِ‬
‫بَلْ حتّى ُكتُبُ الرّافِ َ‬
‫النبّ صلى ال عليه و سلّم‪ ،‬وَ إِخرا ِجهِم م َن السلمِ‪.‬‬

‫فَأمّا الدلّة من الكتابِ‪:‬‬

‫حمّدٌ رَسُولُ الِ وَالّذِي َن َمعَهُ َأشِدّاءُ عَلَى الكُفّارِ ُرحَمَا ُء َبْيَنهُمْ تَرَاهُمْ رُ ّكعًا‬ ‫فقولًهً تَعالَى‪{ :‬مُ َ‬
‫ك َمثَُلهُ مْ‬
‫ضوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِ ْم مِ نْ َأثَ ِر ال سّجُودِ ذَلِ َ‬ ‫سُجّدًا َيبَْتغُو نَ َفضْلًا مِ نَ الِ وَرِ ْ‬
‫ج شَ ْطأَ هُ فَآَزَرَ هُ فَا ْسَتغْلَظَ فَا ْسَتوَى عَلَى سُوقِهِ‬ ‫فِي التّوْرَاةِ َو َمثَُلهُ مْ فِي ا ِلنْجِيلِ كَزَرْ عٍ َأخْ َر َ‬
‫ظ ِبهِ ُم الكُفّارَ} [الفتح‪ ،]29:‬قال اب نُ كثيٍ رَ ِحمَهُ ال‪َ :‬ومِ ُن هَذِهِ الَيةِ‬ ‫ُيعْجِبُ الزّرّاعَ ِلَيغِي َ‬
‫ع المامُ مالكٌ رَ ِحمَه ال ف ِروَاَي ٌة عنهُ ِبتَكفيِ الرّاوَفِض‪ ،‬الذين َيبْ َغضُو َن الصّحَاَبةَ رَضيَ‬ ‫انتَ َز َ‬
‫ظ ال صّحَابةَ رَضِي ال عَنهُم ف هو كاف ٌر ِبهَذِه‬ ‫ال عنهُم‪ ،‬قا َل لنّهُم يُغيظُونَهُم‪َ ،‬و مَ ْن غَا َ‬
‫اليةِ‪َ ،‬و وَافَقَه طائف ٌة مِنَ العلماءِ رضيَ ال عَنهُم علَى ذلِك‪.‬‬

‫ي مِ ْن وَلَدِ ال ّزبَيْر‪ُ ،‬كنّ ا عِ ند‬‫وَ قا َل القُ ْرطُبِ يّ َرحِمَ هُ ال ف َتفْ سِيِه‪َ :‬روَى أبُو عُ ْر َوةَ ال ّزَبيْرِ ّ‬
‫مال كِ بن أَنَس‪ ،‬فَذَ َكرُوا َرجُلًا يَنَتقِ صُ من أصحابِ رسولِ ال صلّى ال علي ِه وَ سَلّمَ فق َرأَ‬
‫حمّدٌ رَسُولُ الِ وَالّذِي َن َمعَهُ‪[ }...‬الفتح‪ ،]29:‬حتّى بَلغَ‪ُ{ ..‬يعْجِبُ‬ ‫ك هَذِهِ اليةَ‪{ :‬مُ َ‬ ‫مال ٌ‬
‫ك مَن أصبَ َح م َن النّا سِ ف قَ ْلبِ ِه َغيْ ظٌ‬ ‫الزّرّا عَ ِلَيغِي ظَ ِبهِ مُ ال ُكفّارَ} [الفتح‪ ،]29:‬فقالَ مال ٌ‬
‫عَلَى أحدٍ من أصحابِ رسولِ ال صلّى ال علي هِ وَ سَلّمَ أَ صَاَبتْهُ هذ هِ اليةُ [ذكَرَه الطي بُ‬
‫أبو بكرٍ]‪.‬‬

‫‪509‬‬
‫سنَ مال كٌ فِي َمقَالَتِه‪ ،‬وَ أ صَابَ ف تَأويلِه َفمَ ْن َنقّ َ‬
‫ص‬ ‫قل تُ ‪-‬و القولُ للقُرطُبِ يّ‪َ -‬لقَدَ أح َ‬
‫ب العاليَ‪ ،‬وَ أبْطَلَ شَرائِ َع السلمي‪.‬‬ ‫واحِدًا منهُم‪َ ،‬أوْ َطعَ نَ ف ِروَاَيتِه فقد ردّ على الِ ر ّ‬
‫لمُهُ رَحِمَهُ ال‪.‬‬
‫انتهَى َك َ‬

‫ك استدلّوا م نْ قَولِ هِ تَعالَى‪{ :‬وََلوْلَ إِذْ سَ ِم ْعتُمُوهُ ُق ْلتُ ْم مَا َيكُو نُ َلنَا أَ ْن َنتَكَلّ َم ِبهَذَا‬ ‫وَ كَذل َ‬
‫ُسبْحَانَكَ هَذَا ُب ْهتَا ٌن عَظِي مٌ * َيعِ ُظكُ مَ الُ أَ نْ َتعُودُوا لِ ِمثْلِ هِ َأبَدًا إِ نْ ُكنْتُ ْم ُم ْؤ ِمنِيَ} [النور‪:‬‬
‫‪ ،]17-16‬قا َل اب ُن عب ِد ال َقوِ يّ عَ ِن الما مِ أحَد‪ :‬وَ كا نَ الما مُ أحدُ يُ َكفّ ُر مَ ْن َتبَ ّرأَ منهُم‬
‫ش َة أمّ الؤمِنيَ‪ ،‬و َرمَاهَا مِمّا بَرّأهَا ال مِنهُ‪ ..‬وَ كا َن يَقرأُ‬ ‫ي الصّحَابَة‪َ -‬و م ْن سبّ عَائِـ َ‬ ‫‪-‬أ ْ‬
‫{َيعِ ُظكُمَ الُ َأنْ َتعُودُوا لِ ِمثْلِهِ َأبَدًا ِإنْ ُكنْتُ ْم ُم ْؤ ِمنِيَ} [النور‪.]17:‬‬

‫وَ قَا َل القُرطُِبيّ رَ ِحمَ هُ ال‪ :‬قا َل هِشا ُم ب ُن عَمّار سَ ِم ْعتُ مالِكًا يَقولُ‪ :‬مَن سبّ أبا بكرٍ وَ‬
‫شةَ ُقتِ َل لنّ ال تَعال يَقولُ‪َ{:‬يعِ ُظكُ مَ الُ أَ ْن َتعُودُوا لِ ِمثْلِ هِ َأبَدًا‬
‫عُمَرَ أُدّ بَ‪َ ،‬و مَ نْ َسبّ عَائِ َ‬
‫شةَ فقدْ خَاَل فَ القرءَا نَ‪ ،‬وَ مَن خَاَل فَ‬ ‫ب عائ َ‬
‫إِ نْ ُكنْتُ ْم ُمؤْ ِمنِيَ } [النور‪ ،]17:‬فَمَن س ّ‬
‫القرءانَ ُقتِلَ‪.‬‬

‫شةً رض َي ال عَنهَا أُدّ بَ كَ ما ف‬ ‫قا َل اب ُن العَ َربِ يّ‪ :‬قالَ أ صحابُ الشّاِفعِ يّ‪ :‬مَن سبّ عائ َ‬
‫سائرِ الؤمني‪َ ،‬و ليسَ قولُه {إِنْ ُكْنتُ ْم ُمؤْ ِمنِيَ} [النور‪ ]17:‬ف عائَِشَة؛ لنّ ذلكَ كُفرٌ‪ ،‬وَ‬
‫إنّمَا ُهوَ كَمَا قالَ عليه السّلم ( َل يُؤمِ ُن مَنْ َل َي ْأمَنُ جَارَ ُه َبوَاِئقَهُ) وَ لَو كانَ َس ْلبُ اليانِ‬
‫شةً حقيقَةً‪ ،‬لكان سَ ْلبُهُ ف قَولِ هِ (ل يزنِي الزّا ن حيَ يَزْنِي َو ُهوَ‬ ‫ب مَن سبّ عائ َ‬ ‫فس ّ‬
‫شةَ الُ َطهّ َرةَ بال ّزنَى‪َ ،‬فكُلّ‬ ‫مُؤمِ نٌ) حقيقةً‪ ،‬قُلنَا‪ :‬لي سَ كَمَا َزعَ ْمتُم‪ ،‬فإنّ أهلَ الف كِ َرمُوا عائ َ‬
‫مَنْ َسّبهَا بَا بَ ّرأَها الُ منهُ ُمكَذّبٌ ل‪ ،‬وَ مَنْ كَذّبَ الَ َف ُهوَ كافرٌ‪َ ،‬فهَذَا طَرِيقُ َقوْلِ مَالِكٍ‪،‬‬
‫شةَ ِبغَيْ ِر مَا بَ ّرأَهَا اللّ ُه ِمنْ هُ َلكَا نَ‬
‫حةٌ ِلَأهْ ِل الْبَ صَائِرِ‪ ،‬وََلوْ أَنّ رَ ُجلًا َسبّ عَائِ َ‬
‫َوهِ يَ َسبِيلٌ َلئِ َ‬
‫لمُهُ‪.‬‬ ‫َجزَا ُؤ ُه الْأَدَبَ‪ ،‬انتهَى َك َ‬

‫وَ قَولُه َتعَالَى‪{ :‬فَإِ ْن َيكْفُ ْر بِهَا َهؤُلَءِ َف َق ْد وَكّلْنَا بِهَا َقوْمًا َليْ سُوا بِهَا بِكَاِفرِي نَ} [النعام‪:‬‬
‫المامـ أبـو‬
‫ُ‬ ‫ّاسـ} [البقرة‪ ،]143:‬يقو ُل‬ ‫ِهـ تَعالَى‪ِ{ :‬لتَكُونُوا ُشهَدَاءَ عَلَى الن ِ‬ ‫‪ ،]89‬و بقول ِ‬

‫‪510‬‬
‫الحاس ِن الوا سِطيّ ف استدللِهِ من هذ هِ اليا تِ علَى كفرِ من يُ َكفّ ْر أ ْو ينَتقِ صْ من عدال ِة‬
‫ال صّحَاَب ِة الثّابت ِة بالكتا بِ‪ ،‬أنّهُم ي ْكفُرُون؛ لتكفيِ هم ل صحابةِ ر سول ال صلّى ال عل يه و‬
‫سلّ َم الثاب تِ تعديُلهُم وَ تزْ ِكيَُتهُم ف القرآن‪ ،‬ف قولِه تَعالَى‪ِ{ :‬لتَكُونُوا ُشهَدَاءَ عَلَى النّا سِ}‬
‫شهَادةِ الِ تعالَى لُم أنّهُم ل ي ْكفُرُو َن بقولِ ِه َتعَالَى‪{ :‬فَإِ نْ َي ْكفُ ْر بِهَا‬ ‫[البقرة‪ ،]143:‬و بِ َ‬
‫َهؤُلَءِ َفقَ ْد وَكّ ْلنَا ِبهَا َق ْومًا َليْسُوا ِبهَا ِبكَافِرِينَ} [النعام‪.]89:‬‬

‫وَ أمّا السّنّة‪:‬‬

‫فَبِمَا جاءَ ف مَجْ َم ِع الزّواِئدِ بإسنا ٍد حَ سَنٍ‪ ،‬عن ابن عبّا سٍ قَالَ‪ :‬كُن تُ عِن َد النّبِ يّ صلّى ال‬
‫علي ِه وَ َسلّ َم َو عِندَ ُه عَلِيّ‪ ،‬فقَا َل النبّ صلّى الُ علي ِه وَ سَلّمَ (يَا عَلِيّ َسيَكُونُ فِي ُأ ّمتِي َقوْمٌ‪،‬‬
‫يَنتَحِلونَ حبّ أه ِل البيتِ‪َ ،‬لهُم ِنبْذٌ‪ ،‬يُسَمّونَ الرّافِضَة‪ ،‬قَاتِلوهُم فَإنّهم مُشْرِكون)‪.‬‬

‫وَ مَا أخرَجَ ُه الما ُم أحدُ ف مُسَْندِه‪َ ،‬و البَزّا ُر عَن إبراهيمَ بن السنِ بن عَلِيّ بن أب طالِب‬
‫صلّى ال‬
‫عَ نْ أبي ِه عَ نْ جَدّ هِ قَالَ‪ :‬قا َل عليّ بن أب طالب رضِ يَ الُ َعنْ هُ‪ :‬قَالَ رسولُ الِ َ‬
‫عليهِ َو َسلّم (يَ ْظهَرُ ف آخرِ الزّمان َق ْومٌ يُسَمّونَ الرّاِفضَة يرفِضونَ السلمَ)‪.‬‬

‫و العجي بُ أنّ ذلك الّنبْذَ ‪-‬أع ن الرّافِ ضة‪ -‬ق ْد نقَلَه أْيضًا أئِ ّمةُ الرّاِفضَة ف أً صُوِلهِم الُعتَبَ َرةِ‬
‫ل عَنهُمَا‪.‬‬ ‫ضيَ ا ُ‬
‫سيْن بن عليّ بن أب طالِب رَ ِ‬ ‫عنِ الُ َ‬

‫ب الكافِي رِوايَ ًة عَنْ أب عبدِ الِ علي ِه‬ ‫فَق ْد َنقَ َل لنَا صاحبُ كتابِ (لِ ثُمّ للتّاريخِ) عَنْ ِكتَا ِ‬
‫ضةُ‪ -‬فقالُوا لَ هُ‪ :‬إنّا قَ ْد ُنبِ ْذنَا َنبْذًا َأْثقَ َل ُظهُورَنا‪ ،‬وَ ماتَ تْ‬
‫سلَم‪ ،‬أنّهم جَاءُوا إلي هِ ‪-‬أي الرّاِف َ‬ ‫ال ّ‬
‫لَهُ أَ ْفئِ َدُتنَا‪َ ،‬و اِ ْستَحَّلتْ لَ ُه الولةُ دِما َءنَا‪ ..‬ف حديثٍ َروَاهُ َلهُم ُف َقهَا ُءهُم‪ ،‬فقالَ َلهُم أبو عبدِ‬
‫سوْكُم‪ ،‬وَ َلكِنّ الَ سَمّاكُم‬ ‫سلَم‪ :‬الرّاِفضَة‪ ،‬قالوا‪ :‬نعَ مْ‪ ،‬فقالَ‪ :‬ل وال مَا هُ مْ ّ‬ ‫الِ علي ِه ال ّ‬
‫بهِ‪.‬‬

‫ضةَ‬
‫ل أنّ الَ سّاهُمُ الرّاِف َ‬
‫سيْن بن مُو َسوِيّ ُمعَّلقًا علَى ذلِكَ‪َ :‬فَبيّ َن أبُو عبدِ ا ِ‬
‫َو َيقُولُ السّيد حُ َ‬
‫سنّة‪.‬‬
‫وَ َلْيسَ أهْلُ ال ّ‬

‫‪511‬‬
‫وَ مِمّا اُسُتفِيضَ ِم ْن َأقْوَا ِل السّلَف ف الُ ِكمٍ ِب ُك ْفرِ ِهمْ‪:‬‬

‫فَمِمّا وَ َردَ ع نِ المَا مِ أحدِ َرحِمَ هُ ال‪ ،‬ما َروَى ا َ‬


‫للَل عَ نْ َأبِي َبكْ ٍر الِ ْروَدِ يّ‪ ،‬قالَ سألتُ‬
‫لمِ)‪ ،‬وَ قا َل‬ ‫شتِ ُم أبَا بَكْرٍ وَ عُ َم َر َو عَائِشَة‪ ،‬قالَ‪( :‬مَا أَرا هُ علَى ال ْس َ‬
‫أبَا عب ِد ال عَمّ ْن يَ ْ‬
‫ت أبَا عبدِ الِ قَالَ‪ ( :‬مَ ْن َشتَمَ أخافُ‬‫الَلَل‪ :‬أ ْخبَرَن عبدُ الَلِكِ بن عب ِد الميدِ‪ ،‬قالَ سَ ِم ْع ُ‬
‫ب النبّ صلّى الُ علي ِه وَ سَلّمَ َل َن ْأمَنُ‬
‫عليهِ ال ُكفْ َر ِمثْلَ الرّوافِضِ ) ثًمّ قالَ ( مَنْ شَتَمَ أصحا َ‬
‫ق عَنِ الدّين)‪.‬‬ ‫أ ْن َيكُونَ ق ْد مَ َر َ‬

‫ضةِ‪ ،‬هُ مُ الذ ين َيَتبَرَءو نَ مِن أ صحا ِ‬


‫ب‬ ‫سّنةِ للما مِ أحَدِ قَولُ ُه عَ نِ الرّاِف َ‬ ‫وَ جاءَ ف كتا بِ ال ّ‬
‫سبُو َن الئِ ّمةَ إل أَ ْربَ عَ‪ ،‬عَِليّا وَ‬
‫سبّوَنهُم‪َ ،‬و َينَْتقِ صُوَنهُم‪َ ،‬و يَ ُ‬ ‫مَمّدٍ صلّى ال علي هِ و سلّمَ‪َ ،‬و يَ ُ‬
‫ضةُ من السْلمِ فِي شيء‪.‬‬ ‫ستُ الرّافِ َ‬ ‫عَمّا َر َو الِقْدا َد و سَ ْلمَان‪ ،‬وَ لَي َ‬

‫وَ قَالَ الما ُم البُخَارِيّ َرحِمَ هُ الُ َتعَالَى ف خَلْ قِ أَ ْفعَا ِل العِبادِ‪( :‬مَا ُأبَال صَّلْيتُ خَلْ فَ‬
‫ف الَيهُو ُد و النّ صَارَى‪ ،‬وَ َل يُ سَلّمُ عَلْيهِم‪ ،‬وَ َل يُعادُو نَ‪،‬‬
‫الَهْمِ يّ وَ الرّافِض يّ أ مِ صّلْيتُ َخلْ َ‬
‫حهُم)‪.‬‬ ‫شهّدُو َن وَ َل ُتؤْكَلُ ذَبائِ ُ‬
‫وَ لَ يُناكَحُون‪ ،‬وَ لَ يُ َ‬

‫حدُ بن يُونُس‪ ،‬الذي قالَ عن ُه المامُ أ َ‬


‫حدُ بن حَنبَ ْل َو ُهوَ يُخاطِبُ رَ ُجلًا‪( :‬‬ ‫وَ قَالَ الما ُم أ َ‬
‫اُخْرُج إل أحدُ بن يُو نس فإنّ ه شي خُ ال سلمِ)‪ ،‬قالَ ‪ -‬أي المام أحدُ بن يو نس‪َ -‬لوْ أنّ‬
‫حةَ الرّاِفضِ يّ‪ ،‬لنّ هُ‬
‫ح َة الَيهُودِ يّ‪ ،‬وَ لْ آكلْ ذبي َ‬
‫ضيّ لَكًلْ تُ َذبِي َ‬
‫ِيهُو ِديّا َذبَ َح شاةً‪ ،‬وَ َذبَح راِف ِ‬
‫مُ ْرتَ ّد عَ ِن السلمِ‪.‬‬

‫وَ قالَ الما مُ بن َحزْ ٍم رحِمَ هُ ال تَعَال ف رَدّ هِ علَى النّ صَارَى الذ ين يَ سْتَدِلّو َن بِتَحري فِ‬
‫ضةِ‪ ،‬فقَالَ ( َو أمّ ا قَولُهُم ‪ -‬يُعنِي النّ صَارَى ‪ -‬ف َد ْعوَى الرّوافِ ضِ‬
‫القُرءان مِ نْ أقْوالِ الرّافِ َ‬
‫َتبْديل القرءان‪ ،‬فَإنّ ال ّروَاِفضَ لَيسُوا م َن الُسلِمي‪.‬‬

‫‪512‬‬
‫خ السلمِ بن تَيْمِيّة َرحِمَ هُ ال َتعَالَى ف ال صّا ِرمُ الَ سْلُول‪( :‬مَن َزعِ َم أنّ القُرءَا نَ‬
‫وَ قَالَ شَيْ ُ‬
‫ط العمالَ الَشْرُوعَة‪ ،‬فَل‬ ‫سقِ ُ‬‫ت باطن ًة تُ ْ‬
‫ُنقِ صَ ِمنْه آيا تٍ‪ ،‬أوْ ُكتِمَت‪ ،‬أوْ َزعَم أنّ لَ ُه تأويلًا ٍ‬
‫ل عليه َو سَلّمَ إل‬ ‫خِلًافَ ف ُكفْ ِرهِمْ‪َ ،‬و مِنْ َزعَمَ أ ّن الصّحاَبةَ ا ْرتَدّوا بعدَ رَسولِ ال صلّى ا ُ‬
‫ب أيضًا ف‬ ‫سقُوا عَا ّمتَهُم‪َ ،‬فهَذا لَ َريْ َ‬ ‫نفرًا قليلًا ل يبُْلغُو َن ِبضْ َع َة عَشْ َر َنفْ سًا‪ ،‬أضوْ أنّهُم فَ ّ‬
‫ُكفْرِ هِ‪ ،‬لنّ ُه ُمكَذّ بٌ لِما نَ صّ ُه القُرْءان ف َغيْ ِر مَوضِ عٍ من الرّضَى عَنهُم‪َ ،‬و الثّناءِ عَليِهم‪ .‬بلْ‬
‫مَ ْن يَشُكّ ف ُكفْرِ مث ِل هَذا فَإنّ ُكفْرَ ُه ُمَتعَيّ نٌ‪ ،‬فَإنّ مضمو نَ هذ هِ ا َلقَالًة أنّ َنقََل َة الكتا بِ و‬
‫سّنةِ ُكفّارٌ َأوْ فُ سّاق‪َ ،‬و أنّ هذ هِ اليةَ ال ت ه يَ‪ُ { :‬كنْتُ مْ َخيْرَ ُأ ّمةٍ أُخْ ِرجَ تْ لِلنّا سِ} [آل‬ ‫ال ّ‬
‫عمران‪ ،]110:‬وَ َخيْرُهَا ُهوَ القَرْن الوّلُ كا نَ عا ّمتَهُم ُكفّارًا أوْ فُ سّاقًا‪َ ،‬و مَْضمُونُ ها أنّ‬
‫َمـ‬
‫هذهـ ال ّمةَ َش ّر الُمَمـِ‪َ ،‬و أن ّ سـابِقِي هذه المّةـ ه ُم ِشرَارُه َا‪ ،‬وَ ُكفْ ُر هذا مِمّاـ يُعل ُ‬ ‫ِ‬
‫بالضطرا ِر مِنْ دي ِن السْلًامِ)‪.‬‬

‫وَ قا َل أيضًا عن الرّاِفضَة‪ ،‬إّنهُم شرّ من عا ّمةِ أه ِل الهواءِ‪ ،‬وَ أَحَ ّق بالقِتا ِل من الوَا ِرجِ‪.‬‬

‫وَ قالَ الما ُم ال سّ ْمعَانّ َرحِمَ هُ ال ف الن سَابِ‪ ( :‬وَ ا ْجتَ َمعَ ْ‬
‫ت المّ ة على تكف ِي المامّيةِ‬
‫لنّهم يعتقدونَ تضلي َل الصحّابَة‪ ،‬و ينكرونَ إجا َعِهَم‪َ ،‬و ينسِبونُم إل ما ل يَليِ ُق بِم‪.‬‬

‫ب التناقُضَا تِ و الفا َرقَا تِ‪ ،‬أنّ الكوم َة ال سّعو ِدّيةَ و قِس عَلَ ْيهَا غَ ْيرَها مّن‬
‫وَ م نْ عَجي ِ‬
‫كانوا يُنادو َن بالعدَاءِ و يُطلِقون التحذيراتِ من الَ َطرَ القادِ مِ من الرّافِضَة‪ ،‬نراهُ ُم اليو مَ‬
‫س ماوراتِهِم الرّسِيّة‪.‬‬
‫ُيقَرّبوَنهُم‪ ،‬وَ يلِسو َن معهَم‪َ ،‬و يَتَحَاوَرُونَ ف مَجَالِ ِ‬

‫ي الرّافِضَة إثرَ سؤالٍ‬


‫َفهَاهي لَجْنَُتهُم الدّائمَة للبحو ثِ و الفتَاءِ‪ ،‬كانَ تْ قد أفْتَ تْ بتكفِ ِ‬
‫جَن ِة آنَذَاك من ِقبِلِ سائ ٍل ِيقُولُ‪ :‬أنا من قبيلةٍ تسكُن ف الدودِ الشّمَاليّة‪ ،‬وَ ْمتَلِطِي‬ ‫وُجّهَ لل ْ‬
‫ن نُ و َقبَائلُ من العرا قِ‪َ ،‬و مَذ َهبُهُم شيعةٌ وَثِنيّ ة‪ ،‬يَعبُدو نَ ُقبَبَا وَ يُ سَمّونَها بال سن‪ ،‬و‬
‫سيْن‪ ،‬وَ قدْ خال َطهُم البع ضُ من قبَائلِنا ف‬ ‫السي‪ ،‬و عل يّ‪ ،‬و إذا قا مَ‪ ،‬قالَ يا عل يّ‪ ،‬يا حُ َ‬
‫الّنكَا حِ‪ ،‬وَ ف كلّ الحوالِ‪ ،‬وَ ق ْد َوعَظُْتهُم وَ لْ يَ سْ َمعُوا‪ ،‬وَ هم ف القرَايَا و النَاصيب‪ ،‬وَ‬
‫حهُم لَ‬‫ك وَ لَ أُخالِ ُطهُم‪ ،‬وَ قدْ سَ ِم ْعتُ أنّ َذبْ َ‬
‫َأنَا مَا عندي أع ُظهُم بعِلْمٍ‪ ،‬وَ لَكنّي أكْرَهُ ذل َ‬

‫‪513‬‬
‫ب نوَ‬
‫ُيؤْكَل‪َ ،‬و هؤُلَء يَأكُلونَ ذ َبهُم‪ ،‬وَ َل َيَتقَيّدُوا‪ ،‬وَ نطلبُ من ساحتِكم توضي َح الواج ِ‬
‫مَا ذَكَ ْرنَا‪.‬‬

‫فَكَا نَ ر ّد اللّجنَة‪ :‬إذَا كا نَ الواقِ عُ ما ذكر تَ من دعاِئهِم عليّا َو الَ سَن‪َ ،‬و َن ْ‬
‫حوَهُم َفهُم‬
‫مُشْرِكُو نَ شِركًا أكب‪ ،‬يُخر جُ من مّل ِة السلمِ‪َ ،‬فلًا يِلّ أ نْ نُ َزوّ َجهُ ُم الُ سْلِمَاتِ‪ ،‬وَ لًا يَحِ ّل‬
‫لَنَا أ ْن َنتَ َزوّ جَ من نِ سَائِهِم‪ ،‬وَ لَ يِلّ لَنَا أ نْ نَأكُلَ من ذبائِحِهِم‪ ،‬قالَ الُ َتعَالَى‪{ :‬وَلَ‬
‫جَبْتكُ مْ وَلَ ُتْنكِحُوا‬ ‫َتنْكِحُوا الُشْرِكَا تِ َحتّ ى ُي ْؤمِنّ وَلَ َم ٌة ُم ْؤمَِنةٌ َخيْرٌ مِ ْن مُشْرِ َك ٍة وََلوْ َأعْ َ‬
‫ك يَ ْدعُو نَ إِلَى النّارِ‬
‫جَبكُ مْ أُولَئِ َ‬ ‫الُشْرِ ِكيَ َحتّى ُي ْؤ ِمنُوا وََلعَبْ ٌد ُم ْؤمِ نٌ َخْي ٌر مِ ْن مُشْرِ ٍك وََلوْ َأعْ َ‬
‫لّنةِ وَا َل ْغفِ َرةِ بِإِ ْذنِ ِه َويَُبيّ نُ َآيَاتِ هِ لِلنّا سِ َلعَّلهُ ْم َيتَذَكّرُو نَ} [البقرة‪ ،]221:‬وَ‬ ‫وَالُ يَ ْدعُو إِلَى ا َ‬
‫حبِ ِه وَ سَلّمَ‪ .‬اللّجنةُ الدائ َمةُ‬ ‫بالِ التوفِي قُ‪ ،‬وَ صَلّى الُ على نبيّنَا مَمّدٍ‪ ،‬وَ على آلِ هِ‪ ،‬وَ صَ ْ‬
‫للبحوثِ العلمّي ِة و الفتاءِ‪.‬‬

‫سهِم ف تَبَرؤِ آ ِل البي تِ‪َ ،‬و الرّسولِ صَلّى ال علي ِه وَ‬


‫ب الرّافِضَة أنفُ ِ‬
‫وَ مِمّا جاَء ف كت ٌ‬
‫سَلّ َم منهُم‪َ ،‬و إخْرا ِجهِم من هذه المّة‪:‬‬

‫سلَم لهْ ِل الكُوفَة‪( :‬هَل‬ ‫مَا جَاءَ ف ِكتَا بِ ال ْحتِجَا جِ قَا َل الما مُ َزيْ ِن العَابِدي نَ علي ِه ال ّ‬
‫َتعْلَمُو نَ أنّ كم كتَبْتُم إل أ ب وَ خَ َد ْعتُمُوه‪ ،‬وَ َأعْ َطْيتُمُوه من أنفُ سِكُم ال َعهْ َد وَ الِيثَاق‪ ،‬ثُمّ‬
‫َقتَلتُمُوه و َخذَْلتُمُوه‪ ،‬بأ يّ عيٍ تَنظرو نَ إل رسولِ الِ صلّى علي هِ وَ سلّ َم وَ آلِه َو ُهوَ يَقولُ‬
‫ستُم من أمّت )‬ ‫َلكُم‪ ( :‬قَاتَلتْم فِ ْط َرتِي‪َ ،‬و انَت َهكْتُم حُ ْرمَت‪ ،‬فَلَ ْ‬

‫ستَشهِدُ بروَايَاتٍ وَ أَ ْقوَالٍ من ُكتُبِ الرّافضةِ العتبَ َر ِة العتَمَ َد ِة عن َدهُم‪ ،‬فَإنّنَا‬


‫رَابِعًا‪ :‬إّننَا حيَ نَ ْ‬
‫س ِبهَا من با بِ ( َو َشهِدُوا‬ ‫ل ن ِقرّ بالضّرورة بذ هِ القوالِ و الرّوايَا تِ‪َ ،‬و إنّمَا ن ُن نَ ْ‬
‫ستَأن ُ‬
‫سهِم)‪ ،‬وَ ق ْد استَشْهَدنَا بكثيٍ من هذه الرّوايَاتِ‪.‬‬
‫على أنفُ ِ‬

‫خَامِ سًا‪ :‬إنّ َجرَائ مَ الرّاِفضَة وَ ِخيَانَاِتهِم َعبْ َر التّاريخ‪ ،‬كان تْ كّلهَا جَرَائِم من حيث العتقد‬
‫ت متعدّدة‪َ ،‬ف ُهنَا كَ جرائ مَ دينِيّ ة‬
‫الدينّ‪ ،‬ل ّكنَنَا تنَاولْ نا ك ّل منهَا ب سبِ جاِنبِهَا‪ ،‬وَ َبيِْثيّا ٍ‬

‫‪514‬‬
‫ب العِبادات‪َ ،‬و َشعَائر لد مِ الدّين أو تريفِه‪َ ،‬و هُنا كَ جرائم ِسيَا ِسيّة من‬ ‫مَحضَة تتعلّ ُق بان ِ‬
‫ِجـ ل َزعْ َز َعةِ الدّوَلةِ‬
‫الغتيالتـ مـن الدّاخِلِ‪َ ،‬و الؤامر ِة مـع العد ّو مـن الار ِ‬ ‫ِ‬ ‫خللِ الغد ِر و‬
‫ال سلميّةِ‪َ ،‬و ُهنَا كَ َجرَائ مَ اجتِمَا ِعيّ ة وَ أخلِقيّ ة ِلنَشْرِ الرّذيلَة لتفكي كِ ال سر ِة الُ سلِ َمةِ‪ ،‬وَ‬
‫حِتيّة للمَة السلميّة باسم الُْت َعةِ ف الدّين فَذَ َك ْرنَا كلّا ف مَحَلّه‪ ،‬وض ه يَ‬ ‫ك البُْنَيةِ التّ ْ‬
‫تفكي ِ‬
‫ج عَنْ َكوِْنهَا جَرائِمَ دينيّة‪.‬‬ ‫ف َمجْمُوعِها بالُملَة ل َتخْ ُر ُ‬

‫وَ بعدَ أ ْن َقرّ ْرنَا مَا سََبقَ تَوضيحُ ُه نَقُولُ؛ َلقَدْ رَ صَدَ لنا التّاري خُ منذ عهد الِلفَة الراشِدَة‬
‫مرورًا بالعهد المو يّ‪ ،‬وَ ال َعبّا سِ ّي َو العُثْمَانّ‪ ،‬وَ حتّى هَذَا العصر َكمّا هَائلًا من خيانا ِ‬
‫ت‬
‫القو مِ و جرائمِهِم‪َ ،‬و غَدَرَاتِهِم‪َ ،‬لوْ أ َردْنَا ح ص ِرهَا ا ستيفَاءًا‪َ ،‬و َتَتّبعُهَا ا ستقْرَاءًا‪،‬لحتَجْنَا‬
‫سُبنَا هُ نا أن نَذْكُ َر َو نُذَكّ ر‬
‫لِمحاضرا تٍ َو مُحاضَرا تٍ ‪ ،‬بَل و إل أ سفار ُمتَتَاليا تٍ‪ ،‬وَ ح ْ‬
‫بُمَْلةٍ من َأبْرَزِ ِخيَانَاتِهِم‪ ،‬وَ جَرَائِمِهِم عبَ التّاري خِ من خِللِ ذكْرِ ما ضي ِخيَانَاتِ هم‪ ،‬وَ‬
‫جرّدَ سَردٍ تاريِيّ‬ ‫ض ِرهِا‪َ ،‬حتّى َتكُونَ الصّو َرةَ حاضرةٌ ف أ ْذهَانِنا‪ ،‬ل مُ َ‬ ‫ط َبْينَهَا وَ َبيْنَ حَا ِ‬
‫الرّب ِ‬
‫من ماضٍ تَلي ٍد مُنقطع عَن حَاضِ ِرهِ‪.‬‬

‫َفأَمّاـ فـ ع ْه ِد الِل َفةِ الرّا ِشدَة؛ فقدْ َبدَت أول جرائمِهِم َو خِيَانَاتِهـم‪ ،‬فـ َعهْ ِد الليفـة‬
‫العَادِل الرّاشد الذي أعزّ ال ب هِ ال سْلمِ؛ ِببَرَ َكةِ َد ْع َوةِ نبّينَا صلّى ال علي هِ وَ سَلّمَ لَ هُ‪ ،‬عُ َمرَ‬
‫بن الَطّاب رض َي ال عن هُ‪ُ ،‬متَ َمثّلَة الان ِ‬
‫ب ال سّياسيّ منهَا خَا صّة‪ ،‬إذ لْ يَكُن الفِكْر و‬
‫خطّ طُ الرّاِفضِ ّي َتبَ ْلوَ َر تَمَامًا‪ ،‬وَ ق ْد َمثّ َل هذه الِيَانَة الَجُو ِسيّ‪ ،‬الفَارِ سِ ّي أبُو لؤلؤَة‪ ،‬الذي‬ ‫الُ َ‬
‫س بعد أنْ َفتَحَها الُ على السلمي ف َعهْ ِد الفاروقِ عُمَر‪ ،‬فَمَا كانَ من‬ ‫كَانَ من َسبِ فَارِ ٍ‬
‫أنـ َدبّرَ‬
‫ـفَاضَ بالغد ِر هَمّهـ إلَ ْ‬ ‫َاضـ بالقدِ قَ ْلبَهـُ‪َ ،‬و اس تَ‬
‫أنـ ف َ‬‫هذا الَجُوسـيّ الفَارسـيّ بع َد ْ‬
‫مؤامَ َر ًة م َع م ْن ُيقَاسِمونَه الكَرَا ِهيّة وَ العداءَ ِلهَذَا الدّين‪َ ،‬و هُمَا الُر ُمزَان وَ ُج َفْينَة‪ ،‬فَالُ ْرمُزان‬
‫ب بعد َهلَ كِ رُ ْستُم‪ ،‬ثُمّ مَلَ كَ‬ ‫الذي كا نَ َميْ َمنَة القائدِ الفارِسيّ رُ ْستُم ف القادِ سِيّة‪ ،‬ثُمّ هَرَ َ‬
‫ب ال صّلْحَ َفأُجِي بَ إلي هِ‪ ،‬وَ َل ّكنّ ه‬ ‫خُو ِزشْ سْتان‪ ،‬وَ قَاتَلَ الُ سلِمي‪ ،‬وَ لَمّ ا رَأى عَجْزَه‪ ،‬طَلَ َ‬
‫غَدَرَ‪ ،‬وَ َقتَ َل الَجْزَأةَ بن َثوْر َو الباء بن مالكٍ‪َ ،‬فقَاتَلَه الُسلمونَ وَ أَسَرُو ُه وَ سَاقُوهُ إل عُ َمرَ‬
‫بن الطّابِ‪َ ،‬فَأ ْظهَ َر السل َم وَ حُسْنَ ال ّط ِويّة‪ ،‬وَ عاشَ ف الَدِيَنةِ‪.‬‬

‫‪515‬‬
‫صلْحِ الذي‬ ‫وَ ُج َفْينَة النّ صْرَانّ من أه ِل الِيَة‪ ،‬كَا َن ظِئرًا لسعدِ ين مال كٍ‪ ،‬أَقْ َدمَه للمدينَة لل ُ‬
‫بَينَنَا َو َبيْنَهُم‪ ،‬وَ ِليُعَلّ مَ َأهْ َل الديَن ِة ال ِكتَابَة‪ .‬وَ بالرّغ ِم أنّ أميَ الُؤمنيَ‪ ،‬وَ جَمي َع الُ سلميَ‬
‫سنُوا إلي هم إلَ أنّ القدَ الَجُو س ّي الفَار سيّ على الدّي نِ‪ ،‬وَ على دول ِة ال سلم‪ ،‬كانَ تْ‬ ‫أَحْ َ‬
‫ع عُظْمَى‪،‬‬
‫أَكْبَرَ بكثيٍ من هَذَا الحسَانِ‪َ ،‬فحَاكُوهَا مؤامرةً ُكبْرَى‪ ،‬و ِخيَاَنةً ف ُحكْمِ الشّرْ ِ‬
‫َحيْثُ َسنّوا أوّلَ ُسنّة َسيّئَة ف السلم‪َ ،‬و أوّلَ َلِبنَة أساسٍ من مُخطّاطاتِ الرّافضَة ف مِجَالِ‬
‫ليَانَة‪ ،‬أَ َل َو هيَ ُسّنةُ الُروجِ على الاكِ ِم الُسلِم‪ ،‬وَ ُسّنةُ اغتيا ِل الليفِة‪ ،‬وَ الذي‬ ‫الغ ْدرِ و ا ِ‬
‫ب البِل ُد ِو َي ْفتَتِن العِبادُ‪.‬‬
‫ج عليهِ تض َطرِ ُ‬ ‫بوتِه أو بالرو ِ‬

‫ج هذه الِيَاَنةَ‪َ ،‬و هَذِه الَر َيةَ‪ ،‬وَ َنعُ ّدهَا أُولَى َجرَائ مِ الرّافِضَة‪ ،‬بال ّرغْ مِ من‬
‫َو نَح ُن ُهنَا نُدْرِ ُ‬
‫سَببَيْنِ‪:‬‬
‫أنّ دينَ الرّ ْفضِ َل ْم يَكُن ق ْد ظَهَرَ بالفِعلْ كَمنهَ ٍج وَ كَدِينٍ‪ ،‬وَ كَـ ِفكْرٍ لِ َ‬

‫ـَا ِسيّ ا ُلوَجّهَة ضِدّ‬


‫سـنّ جَريَة الغتيَال الس ي‬ ‫الوّلُ‪ُ :‬هوَ أنّ هذا الَجُوسـيّ هـو أوّلَ م ْ‬
‫َنـ َ‬
‫ل ِم َو أهْلِ هِ‪َ ،‬فكَان تْ ه يَ الّنبْرَاس الذي ب هِ ا ْهتَدَى‬
‫جةَ للحقدِ على ال سْ َ‬
‫الَاكِ ِم الُ سلِمِ؛ نتي َ‬
‫بقّيةُ الرّاِفضَة من َبعْدِه‪.‬‬

‫وَ الثّا ن‪ :‬أنّ الرّافِضَة بعدَ ذل كَ اعتبَرُو هُ َر ْمزًا مِ نْ ُرمُوزِهِم‪ ،‬وَ اعتَبَروا ُسّنتَه ف الغتيال‬
‫ضوْ نَ َعنْ هُ ف ُكُتِبهِم‪ ،‬بَلْ وَ صَ َل‬
‫سهِم‪ ،‬وَ أَ َدِبيّا تِ جَرائِ ِمهِم‪ ،‬لدَرَ َج ٍة أّنهُم َيتَرَ ّ‬
‫أ سَاسًا من أُ سُ ِ‬
‫ب ُم المْرُ ف َتعْظِيمِه أ نْ َبَنوْا لَ هُ َقْبرًا‪َ ،‬و مَزَارًا ف مُ سَتقَ ّر وَ ْقرِهِم ف إيران‪ ،‬يَطوفُ َن بِ ِه وَ‬
‫يُقدّمو َن عِن َد ُه القَرَابي‪.‬‬

‫ب كتا بِ (لِ ثُمّ للتّاري خِ)‪ ( :‬وَ اعَْل ْم أنّ ف مدينةِ كَاشان اليرانية‬ ‫ك يَقولُ صاح ُ‬ ‫وَ ف ذل َ‬
‫جهُولِ‪ ،‬فيهِ َقبْ ٌر َوهْمِيّ لب لُؤلؤة َفيْرُوز‬
‫شهَدًا عَلَى غِرا ِر الُنْدِيّ الَ ْ‬‫ف َمنْ ِط َقةِ تُسَ ّم باغيثي مَ ْ‬
‫الفَارِ سيّ الَجو سيّ‪ ،‬قَاتِل الَلي َف ِة الثّا ن عُمَرَ بن الطّا بِ رَض يَ الُ عن هُ وَ أرْضَاه‪َ ،‬حيْ ثُ‬
‫أطَلقُوا علي ِه مَا معنَاه بالعرِبيّ ة‪ :‬مَرَْق ْد با با شُجا عِ الدّ ين‪َ ،‬و بَا با شُجا عِ الدّ ين‪ُ ،‬هوَ لق بٌ‬
‫ْرانـ هذا الشهدِ‬
‫ِبـ عَلى ُجد ِ‬ ‫ِهـ عُ َم َر بـن الطّابـِ‪ ،‬وَ قدْ ُكت َ‬ ‫ُوهـ على أبـ لؤلؤة ِل َقتْل ِ‬‫أطَْلق ُ‬

‫‪516‬‬
‫بالفارِسيّ ( َمرْك بَرْ أبو بكر ‪ -‬وَ مرْكبَ ْر عُمَر ‪َ -‬و مَرْ ْكبَ ْر عُثمان) َو معنا هُ بالعربِيّة (الو تُ‬
‫لب َبكْرٍ‪ ،‬الوتُ ِلعُ َمرَ‪ ،‬الوتُ ِلعُثمَان )‪.‬‬

‫شهَ ُد يُزارُ من ِقبَ ِل اليراني ي‪َ ،‬و تُلقَى في ِه الموا ُل و الّتبَرّعا تُ‪ ،‬وَ قدْ رأي تُ هذا‬ ‫وَ هذا الَ ْ‬
‫جدِيدِه‪ ،‬وَ َفوْ قَ‬
‫ت ِبتَوْ سِيعِهِ‪َ ،‬و تَ ْ‬
‫ت وَزَا َرةُ الرشا ِد اليرانيّة ق ْد بَاشَرَ ْ‬
‫شهَ ُد بنَف سِي‪ ،‬وَ كان ْ‬
‫الَ ْ‬
‫شهَدِ على كارتات تُسـتَخدَم فـ تَبادُلِ الرّسـَائ ِل وَ الَكاتيبـِ‪.‬‬ ‫بطبعـ صـورة الَ ْ‬
‫ِ‬ ‫ذلك قَاموا‬
‫انتهَى كلمُه‪.‬‬

‫سنّة النَّب ِويّة‪( :‬وَ ِلهَذَا تَجِدُ الشّيعَة‬


‫َو َيقُو ُل المامُ ابن َتيْ ِميّة رحِمَهُ ال َتعَالَى ف ِمْنهَاجُ ال ّ‬
‫ع مُسيْلَ َم َة الكذّاب‪َ ،‬و َيقُولونَ إّنهُم‬ ‫يَنَتصِرونَ لعدا ِء السلمِ الُرتَدّين‪ ،‬كَبن َحنِي َف َة أتْبَا ِ‬
‫كانوا مَظْلوميَ)‪ ،‬كَمَا ذكَرَ صاحبُ هذا الكتابِ ( َو َيْنتَصِرونَ لب لؤلؤةَ الكافرِ‬
‫ض عَن أب لؤلؤة واحْشُرنِي َمعَه)‪َ ،‬و منهُم مَن يقولُ‬ ‫الَجوسيّ‪ ،‬وَ منهُم من َيقُول (الله ّم ار َ‬
‫ف بعض ما يَفعَله م ْن مُحا َرَبتِهِم ( َو ثَارَاتِ أب لُؤلؤة)‪َ .‬كمَا يَفعَلُونَهُ ف الصّو َرةِ التّي‬
‫لْبسِ أو غَيِه‪َ ،‬و أبو لؤلؤة كاف ٌر باتّفاقِ أه ِل السلمِ‪ ،‬كانَ‬ ‫يُقدّرون فيها صور َة عُم َر من ا ِ‬
‫مَجُو ِسيًّا مِن ُعبّا ِد النّيانِ‪ ،‬وَ كا َن مَمْلوكًا للمغية بن ُش ْعبَة‪َ ،‬و كان يصنعُ الرحَاء‪َ ،‬و عليهِ‬
‫خَراج للمغ َيةِ كُ ّل يومٍ أربعَ دراهِم‪ ،‬وَ كانَ قدْ رَأى ما عَ ِملَ ُه الُسْلِمونَ بأهْلِ ال ّذمّة‪ ،‬وَ إذَا‬
‫َرأَى َسبَْيهُم َيقْ ُدمُ الَدينة يَبُقى من ذلك ف نَفْسِ ِه شَيء) انتَهى كًلًامُهُ رَ ِحمَهُ الُ‪.‬‬

‫ت ثَانِي َجرِ َيةٍ سِياسِيّ ٍة مِ نْ َجرَائِ ِم الرّافِض ـةِ أَل َو هِي جَري ُة مَقتَل الَلِي فة‬
‫ثُ مّ َظ َهرَ ْ‬
‫ضيَ ال عنه؛ بَع َد َبثّ الشّبـَ ِه و استِثـا َرةِ الشّعب ضِدّه‪ ،‬لكِنْ هَ ِذهِ الرّة‪ ،‬الَ ِريَة‬
‫عُثمان َر ِ‬
‫ض ٍج وَ أَ ْكثَرُ ِحْب َكةً مِ نْ سابِقَتها‪ ،‬عَلَى يَـ ِد الؤَ سّس‬ ‫مُسَتنِ َدةٌ على مطّ طٍ و فِك ٍر ُمتَبلوِ ٍر َو نَا ِ‬
‫ضةِ اْنتَ سََبتْ‬
‫الـ ِقْيقِ ّي لَذهَ بِ الرّفض‪ ،‬اليَهُودِيّ ب نُ َسبَأ‪ .‬حَت أنّ فِرقَـ ًة مِ نْ فِرَ قِ الرّاِف َ‬
‫ضةُ اليو َم ظَاهِرَا إِل‬ ‫سَبأِيّة‪َ ،‬و َعبْدُ الِ ب نُ َسبَأ هَذا وَ إِنْ كَان َيَتبَرّأ ِمنْه الرّاِف َ‬
‫لـ ُه وَ سُمّوا بِال َ‬
‫أنّ ُه يَرْ سَخُ ف أمّهَا تِ كُتبِه مْ بَا ِطنَا‪َ .‬حتّ ى أنّ الح ّققِ ـي مِ ْن عُلمائِهِم أكّ ُدوْا أَنّ هَذِ هِ‬
‫ب مُتنـوّع ٍة َو مَ صَا ِد َر مُخْتلفةٍ‪،‬‬ ‫الشّخصيةَ مُثْبَتةٌ فـيْ ُأمّها تِ ُكتُ بِ الرّاِفضَة‪ ،‬بَ ْل وَ فِي ُكتُ ٍ‬
‫ك مَا جَاءَ فِ يْ‬ ‫ضهَا ف ال ِفقْـ ِه َو َب ْعضُهَا فِ ْي الفِرَق‪َ .‬و مِ نْ ذَلِ َ‬ ‫بَعضُها ف ُكتُب الرّجَا ِل و َبعْ ُ‬

‫‪517‬‬
‫ح َنهْ ِج البَلغَة] مَا ذَ َكرَ هُ ابْ نُ َأبِ ْي الَ ِديْدِ َأنّ َعبْدُ الِ ابْ نُ سَبَأ قَا مَ إلَى عَليّ وَ‬
‫ِكتَا بِ [شَر ِ‬
‫ُهوَ يَخْطِب‪َ ،‬و مِ نْ ِكتَا بِ [الْنوَا ِر النّعْمَاِنّيةِ] مَا ذَ َكرَ هُ َسيّدُهم "نِعم ُة ال الَزَائر يّ" قَالَ‬
‫عَبْدُ الِ ابْ ُن َسبَأ لِعـِليّ‪" :‬أنت الله حقا"‪.‬‬

‫َو مَع أنّ هَذا الَي ُهوْدِيّ الَ صْلَ‪ ،‬الرّاِفضِيّ الَْنهَ ِج وَ ال ّد ْعوَةِ قَ ـ ْد َنجَ حَ فِ ْي بَثّ الِفتَ ِن َو‬
‫ك النّـاسِ ف شَر ِعّيةِ خِلَفةِ ُعثْمَا نَ رَضِ يَ الُ َعنْ هُ‪َ ،‬و مَ ْع أنّـه تَمّ َو بإيـعِا ٍز ِمنْ هُ‬ ‫تَشْ ِكيْ ِ‬
‫َقتْ ُل الَلِي َف ِة ُعثْمَانَ رَضِيَ الُ َعنْه‪ ،‬إِل أنّـه لَ ْم َيهْدَأ لَـ ُه بَا ٌل بِذَلِك؛ لنّه َحقِي َقةً‪ ،‬ل َيقْصِدُ‬
‫س عَلِيهِم ِدْيَنهُم‪ ،‬فَـا ْستَمرّ‬‫ي َو يَُلبّ َ‬
‫عَزْلَ َأمِيٍ و تَن صِيبَ آخَر‪ ،‬بَلْ أَرَادَ أَ نْ َيفْتـنَ الُ سِْلمِ َ‬
‫يَحِي كُ الُؤامَرات‪َ ،‬و يَفتِلُ َحبَائِلَهَا حَتّى فِي َزمَ نِ َأمِيْر ا ُل ْؤمِنِيَ عَل ّي بُ نِ أَب طَالِب رَضِ يَ‬
‫ال عَ ْنهُ‪.‬‬

‫ح الفَرِيقَا ِن َو يُ سَلّ ُموْ َن لمِ ْيرِ‬


‫ت تَخْ مد ف ـتَْن ُة " َوقْعَة الَمَل" َو يَ صْطَلِ َ‬
‫فََبعْ َد أ نْ كَادَ ْ‬
‫ُونـ‬
‫جم َ‬ ‫ُسـلِمِي‪َ ،‬فَيهْ ُ‬
‫ّصـرّوْنَ عَلَى قِتَالِ ال ْ‬
‫ِهـيَغدِرُوُن و ي ِ‬
‫ِهـ وَ ِبَأتْبَاع ِ‬
‫ْنـ عَلِي‪َ ،‬و إذَا ب ِ‬
‫الُ ْؤمِنِي َ‬
‫ب التـي كَادَ تْ أَ ْن َتنْ َطفِئَ دُو نَ‬
‫ب "الَمَل" وَ َيبْدَأو َن ِبقِتَاِلهِم ِليُوقِعُوا الَرْ َ‬
‫عَلـى أَ صْحَا ِ‬
‫قِتـال‪.‬‬

‫س هَذَا فَحَ سْب‪ ،‬بَلْ إ نّ الذّي نَ أَظهَ ُروْا تَشَـّي َعهُم لمِيْر الؤمنيَ عَليّ رَضِ َي ال َعنْ هُ فِ يْ‬
‫لَيْ َ‬
‫َاصـَمةَ الِلَفةِ إلَى الكُوَْفةِ‬
‫ح ِويْلَ ع ِ‬
‫َاقـ وَ تَ ْ‬
‫ْجـإِل العِر ِ‬
‫ْهـ الُ ُرو َ‬
‫ـُوا ِمن ُ‬
‫ِكـ الوَقْت‪َ ،‬و طَلـ ب‬ ‫ذَل َ‬
‫خَذَلُو ُه َو تَخَلّوا َعنْه مِرَارَا‪.‬‬

‫ك بِ ِزمَا مِ ُأ ُموْرِ الُ سْلِ ِميَ َحتّى ل َتكُو نَ فُرَق ٌة‬‫فَحِي عَزَ َم عَلى الُرُو جِ إل َأهْلِ الشّام‪ ،‬ليُم سِ َ‬
‫سلّلوا مِنْ ُمعَسْكَ ِرهِ ُدوْ َن عِلْمِ ِه عَائِدِينَ إِلَى ُبيُوِتهِم‪،‬‬
‫ف وَ لِتتَوحّد كَِل َمةُ الُسْلِ ِميْن‪ ،‬تَ َ‬
‫وَ ا ْختِل ٌ‬
‫سكَ َرهُ خَالِيا‪.‬‬
‫ت مُع ْ‬
‫َحتّى بَا َ‬

‫حَت ـى قَالَ رَضِ يَ الُ عَنْ هُ فِيهِم‪" :‬مَا َأنْتُم إل أُ ُسوْدُ الشّرَى ف الدّعَة‪َ ،‬و َثعَال بٌ َروّا َغةٌ‬
‫حِي تُ ْدعَوْن إل بَـأْس‪،‬وَ مَا َأْنتُم ِليْ ِبِثقَة"‪...‬‬

‫‪518‬‬
‫حتّى قال‪" :‬و ما أنتم برَكْبٍ ُيصَال بكم‪ ،‬ول ذي ع ّز يُعتَصَم إليه‪َ ،‬لعَمرُ ال َلَبأْسَ حَشَاشُ‬
‫الَرْبِ َأنْتُم‪ِ ،‬إّنكُم تُكَادُو َن َو ل تَ ِكيْ ُدوْن‪َ ،‬و تُنتَ َقصُ أَطْرَاُفكُم َو ل َتتَحَاشَون"‪.‬‬

‫ْفـ‬
‫ْمـَأن ِ‬
‫ُوشـ خَالِ ال ْؤ ِمنِيـ ُرغ َ‬ ‫ْهـ تَا َرةً ُأ ْخرَى َلمّاـأَقْ َدم ْ‬
‫َتـ ُجي ُ‬ ‫ِكـ وَ خَ َذلُو ُ‬
‫ُهـ َك َذل َ‬
‫وَ خَانُو ُ‬
‫ضهُم‬ ‫َاسـَْن َه َ‬
‫َافـ العِ َراْق‪ ،‬ف ْت‬
‫ِنـَأطْر ِ‬‫ْنـ التّمْ ِر م ْ‬
‫ْهـ ُمَتوَجّهـة ِل َعي ِ‬
‫ِيـ ال َعن ُ‬‫الرّافِضَة‪ُ ،‬معَاوِيةَ رَض َ‬
‫ض العِرَاقِ َفلَ ْم يُجِيبـوْه‪َ ،‬حتّى قَالَ ِفْيهِم‪ " :‬يَا أَهلَ ال ُكوْفَة‪ ،‬كُلّما سَ ِم ْعتُم‬ ‫ع عَنْ أَر ِ‬ ‫للدّفـا ِ‬
‫ئ ِمْنكُ مْ فِ يْ بَيْتـه‪ ،‬وَ َأغْلَ َق بَابـ ُه انْجِحَارَ‬
‫جحَرَ كُ ّل امْر ٍ‬ ‫بِ َمنْ سِرٍ من مَنا سِرِ َأهْل الشّا مِ انْ َ‬
‫حرِ هِ َو الضّب عِ ف وَزَارِهَا‪ ،‬ا َلغْرُو ُر مَن غَ ـرَ ْرتُمُوه‪ ،‬وَ لِمَن فَا َز ِبكُ مَ فَازَ‬ ‫الضّبّ فِ يْ جُ ْ‬
‫سهْ ِم الَ ْخيَ بْ‪ .‬ل أَحْرَا ٌر ِعنْ َد النّدَاء‪ ،‬وَ ل إِخوا نُ ِث َق ٍة ِعنْدَ النّجَاة‪ .‬إِنّا لِ َو إن ـا إِلـيْهِ‬
‫بِال ّ‬
‫رَا ِج ُعوْن"‪.‬‬

‫ك الَيهُودِيّ الرّافِضيّ أنّ المُو َر السّياسِّيةَ فِي البِلدِ صَارَتْ كَمَا َخطّطّ َلهَا‪،‬‬ ‫َو لـا َرأَى ذَلِ َ‬
‫ي مَ َردّ‬
‫لَ ْم َيكْتَف يْ بِذَلِك؛ فَأرَادَ أَ ْن يَهدِ مَ مِن ال ّديْ نِ جَاِنبَ هُ الَ صِيلُ َحتّى ل َيكُو نَ للمُ سْلِ ِم َ‬
‫يَرُ ّدهُم لِلحَقّ إِذَا مَا َتنَا َزعُوا سِيا ِسيّا‪.‬‬

‫ي يَمَ سّ َعقِ ْيدَ َة الِ سْلمِ‪ ،‬يَرُو مُ زَع َز َعتَ هُ كَمَا َزعْزَ عَ ِسيَاسَةَ‬
‫فََبدََأ بِالَانِ بِ الدّين ـ ّي الذّ ْ‬
‫البِلدِ فِ يْ أَرْكَانِهَا‪َ .‬فكَا نَ مِ نْ َجرَائِمِه الدّي ـنّيةِ التّي كَا نَ َسنّها حتّى صَارَتْ دِين ـا َو‬
‫سبّ ف ال صّحَاَب ِة الكِرَام‪ ،‬وَ كَا نَ َأوّ ُل مَ نْ‬ ‫ضةِ ِفيْمَا َبعْد‪ ،‬الطّع نُ و ال ّ‬ ‫ل مِ نْ أُ صُولِ الرّاِف َ‬‫صً‬ ‫أْ ْ‬
‫َدعَا إِلَى ال َقوْ ِل بتَأْليـهِ عَليّ بن أَب طَالِب رَضِ َي ال َعنْه َحتّى هَمّ بتَحْرِيقِ ِه ثّ ّم نَفا ُه وَ َحرّقَ‬
‫ضوْا ا ْستِتاَبتَهُ لَهُم‪ ،‬وَ أَخَ َذ هَذَا‬‫سكُوا بِتَأليْهِ هِ بَعْدَ أَ نْ رََف ُ‬
‫سبَِأيّة الّذِي َن اتّبعُوا َقوْل ـ ُه وَ ت ّ‬
‫ال ّ‬
‫ضيّ يُ َروّ جُ ِلخَلي طٍ مِ نْ فَا سِ ِد ُمعَْتقَدَا تٍ َي ُهوْ ِديّة َو نَ صْرَانيّة َو مَجُو ِسيّة‪َ ،‬حتّى‬
‫الَيهُودِيّ الرّافِ ِ‬
‫ت أُ سُسَ و أُ صُولَ َم ْذهَ بِ الرّوافِ ضِ عَلَى‬
‫صحَابا‪َ .‬فكَانَ ْ‬
‫ثَبتَ تْ هَذِ ِه الُ ْعَتقَدا تِ ف ُنفُو سِ أَ ْ‬
‫جَمِيْ ِع ِف َرقِهم‪.‬‬

‫سنِ و الَُ سَي؛ ِسبْطَي‬


‫ص َل إِل ابْنَيْ هِ ال َ‬
‫صلُ حَتّ ى َب ْعدَ َم ْوتِ هِ لِتَ ِ‬
‫وَ هَا هِ َي خِيَانَتُهُم تَتَوا َ‬
‫صرّوا‬
‫ي َشبَا بِ َأهْ ِل الّنةِ‪ .‬فَخَانُوا الَ سَنَ ِحيْ نَ أَ َ‬
‫رَ سُولِ ال صلى ال عليه و سلّم وَ سَيّدَ ْ‬

‫‪519‬‬
‫حرّضِيَ لَ ُه بِالُرُوجِ إِل الشّامِ ِل ِقتَا ِل ُمعَا ِويَة رَضِيَ الُ َعنْه‪ .‬فَمَا كَا َن ِمنْ ُه َو ُهوَ الّذِي‬ ‫عََليْ ِه مُ َ‬
‫َخبَ َر مَك َرهُم َووَاَفقَهُم مُ سَايَرةً َلهُم لِ ْخرَا جِ َخبِيَئتِهِم َو ُه َو يَ ِميْ ُل بِرَأيِ هِ إِل مُ صَالَة ُمعَاوِيةَ‬
‫س ب ُن عُبَادَة‪ ،‬فلمّا نَادى مُنَا ٍد بِ َمقْتلِ قَيْس سَرَتْ ِفْيهِ مُ‬ ‫إِلّ أَ نْ َجهّزّ َجيْشا عَلِى رَأ سِهِ قَي ُ‬
‫ال َفوْضَى وَ َأ ْظهَرُوا َح ِقْيقَتَهُم َو عَدَ َم ثَبَات ـهِم‪.‬فَاْنقََلبُوا عَلى الَ سَنِ يَنهَبو َن َمتَاعَ هُ َحتّ ى‬
‫حتَ ُه َبعْدَ أَ ْن َطعَُن ْوهُ وَ جَرَ ُحوْه‪.‬‬
‫نَا َزعُو ُه البِسَاطَ الذّي كَا َن تَ ْ‬

‫ختَا ُر ب نُ أَ ب ُعبَيْد الّثقَ في َو ُهوَ أَحَ ُد‬


‫صَلتْ ِخيَاَنُتهُ مْ إِل َأبْعَ َد مِ نْ ذَلِ كَ‪ ،‬فَقَد َفكّرَ الُ ْ‬ ‫بَ ْل وَ َ‬
‫سعُود‬ ‫ض عَلى عَمّ هِ َسعْد بن مَ ْ‬ ‫ق ِبأَ ْن ُيهَادِ نَ ُمعَا ِوَي َة ُمقَابِ َل تَ سِْليْ ِم الَ سَن‪َ ،‬فعَرَ َ‬
‫ِشيْ َع ِة العِرَا ِ‬
‫الذّي كَا نَ وَالِيا عَلَى الَدَائِ ِن ِب َقوْلِ هِ‪" :‬هَلْ لَ كَ فِي الغِ ن وَ الشّرَف؟ " فقال له عَمّ ه "و ما‬
‫ذاك؟ " قال "تُوثِ قُ الَ سَنَ و تَستَأمِ ُن بِ هِ إل ُمعَاوِية‪ " .‬فقال له عَمّّه‪" :‬عََليْ كَ َلعْنةُ ال‪َ ،‬أثِ بُ‬
‫عَلَى ابْ ِن ِبنْتِ رسول ال صلّى ال عليه و سلم فَـأُوثِقَه‪ ،‬بِئسَ الرّجل أنت"‪.‬‬

‫ل ال صّل َح مَ ْع مُعاوِيةَ رَضِ يَ ال‬


‫ضً‬‫سنُ رَضِ يَ ال عَنْ هُ يَحْكِي خِيانَتَهُم لَ هُ ُمفَ ّ‬
‫وَ هَا هُوَ الَ َ‬
‫ضةِ و هَيَبةِ آ ِل الَبيْ تِ قَاِئلً‪" :‬أَرَى ُمعَاوِيةَ خَيا لِ ْي مِ ْن َهؤُلء‪،‬‬ ‫ظ بَي َ‬
‫عَنْه‪َ ،‬و التّنازُلَ لَ ُه وَ ِحفْ َ‬
‫يَ ْزعُمُو َن أنّهم ل شِيعَة‪ ،‬ابتَغَوا َقتْلِي وَ أَخَذُوا مَالِي‪ .‬و ال لِن آخُذ مِ نْ ُمعَاوِية مَا أَ ْحقِ ُن بِهِ‬
‫َدمِ يَ ف َأهْلِي وَ آمَ ُن بِ هِ ف َأهْلِي خَ ٌي مِن أَ نْ َي ْقتُلُونِ يْ َفيَضِي عُ أَهْ ُل ِبْيتِي وَ َأهْلِي‪ .‬وَ ال لَو‬
‫ت ُمعَا ِوَيةَ لَ َخذُوا ِب ُعنُقِي َحتّى يَدفَعوا بِي إِليْ هِ سِلْمَا‪ ،‬وَ ال لِن أُ سَالِمَ ُه وَ أنا عَزِيزٌ َخيْرٌ‬ ‫قَاتَلْ ُ‬
‫مِنْ َأنْ َي ْقتَُلنِي َو أنا أسيٌ‪".‬‬

‫و أمّا ف َع ْهدِ ال ّد ْولَةِ ا ُل َموِّيةِ الّ ِذْينَ اسْتَ َم ّر حُك ُمهُم مِنْ ‪ 41‬ال ‪ 132‬للهجرة؛‬

‫ك لّنهُم يَعَلمُو َن‬ ‫ب العَقَدِي‪ ،‬ذَلِ َ‬ ‫سيَاسي أَكْثَر مِ نَ الَانِ ِ‬ ‫فَلَقد بَرَزَ تْ ِخيَانَاُتهُم فِ يْ جَانِِبهَا ال ّ‬
‫سلِ ِميَ خَِلْي َف ٌة مُ سْلِ ٌم ُيحْ سِنُ ِحرَا َسةَ ِديْنِهِم وَ ِسيَا َسةَ ُدْنيَاهُم فَ ـِإنّه لَ نْ‬
‫َأنّ هُ مَتَى كَا نَ للمُ ْ‬
‫ب ال َعقَدِيّ أَيّ َأثَ ٍر يُذْكَر‪ ،‬لنّه سَاعٍ ف َقمْ ِع وَ إِخْمَادِ كُ ّل فتنةٍ وَ ُشْبهَة‪َ .‬فكَانَ‬ ‫يَكُونَ للجَانِ ِ‬
‫خَل ِة الانِ بِ‬ ‫ل بُدّ َلهُم فِ يْ هَذِ هِ الَ ْرحََل ِة مِ ْن التّرْ ِكيْ ِز َو الهْتِمَا مِ َأوّلً َو بِشَكلٍ أَكْبَر عَلى خَل َ‬
‫السّيا ِسيّ َو التّي مِنْ خِللا َيتَخَلخَلُ ال ّديْن‪.‬‬

‫‪520‬‬
‫ستَثِيـرُونَ حَ ِميّة الُ سَيْ ِن ب ِن عَلي رَضِ َي ال َعْنهُمَا عَلَى ِدْينِه ِبأَ ْخبَا ٍر وَ ِروَايَا تٍ‬ ‫فَرَاحـوْا يَ ْ‬
‫ل ّقةَ حتّى‬ ‫ُمبَالَ غٍ ِفْيهَا و مَكذوَبةٍ عَ ْن يَ ِزيْ َد بِن ُمعَا ِويَة مِن أنّه ظَلَ مَ الل قَ وَ عَطّلَ الشّريعَ َة ا َ‬
‫بادَ َر بِإِرْسَا ِل ابْ ِن عَمّه مُسل ٍم ب ِن عَقيل لَيتَحقّ َق الَمْر‪ ،‬وَ مَا إِ ْن وَصَ َل َو عَلِ َم بِهِ أَه ُل الكُوَفةِ‬
‫َحتّى سَا َرعُوا إِليـه‪َ ،‬فأَخَ َذ البيعَ َة ِمْنهُ ْم ثّ أَ َرسَ َل ِببَي َعةِ أَه ِل ال ُكوَْفةِ إِلـى الُسي‪ .‬فََلمّا عَلِمَ‬
‫وَالِ يْ ال ُكوْفَة عُبَي ُد ال اب نُ ِزيَاد ِبأَم ِر البَي َعةِ جَـاء ف َقتَ َل مُسلِما بِن َعقِيل كَمَا َقتَ َل ُمضِيفَه‬
‫سمَع مِ نْ شِيْعَة َأهْ ِل ال َكوَْفةِ الذّي نَ كَان ـوا للتّ و‬ ‫ي على مَ ْرأَى َو مَ ْ‬ ‫هَانِئَ بن عُروةَ الُرادِ ّ‬
‫ُمبَاِيعِيـ َن َو ُمتَحَمّسِي َو ُمحَمّسِي للَبيْعَة‪.‬‬

‫ع عَ ْن مُسلِم وَل عَ ْن هانِئ بَعدَ إن إشتِرى عُبيدُالِ اب نَ‬


‫حرِكُوا سَاكِنا لِلدِِفا ِ‬
‫َومَعَ ذلِك َفلَم يُ َ‬
‫زِياد ِذمَ َمهُم بِاللَموال‪.‬‬

‫ت شِعري أ ُ‬
‫ي‬ ‫ت شِعري أيّ عَهد‪ ،‬بَلّ أيّ بَي َعةٍ هذِ هْ الّلت َن َقضُوها قَبلَ أن ُيقِيمُوها‪ ،‬وََليّ َ‬ ‫فََليّ َ‬
‫تاري ٍخ هَذا الّلذي يُ سَطِرَ خِيانَ َة القَو مِ ِليُعي َد نَف سَه كَ ما ُهوَ فِي أيّامِ نا هذِه‪ ،‬فَهذِ هِ ال ِذمَ مَ‬
‫أَرخَ صُ ماَتكُون عِندَ أَصحابِ الرّف ضِ فِي هذِ ِه ا َليّام كَما فِي ساِلفِها حَت أّنهُم َليَبِيعُونَها‬
‫ِبثَمَ ٍن بَخ سٍ دَراهِ َم مَعدُودَه‪َ ،‬نقُو ُل مَ عَ هذا ُكلّ هِ أَ ب الُ سَي رَضِ َي ال عَ نه إلّ أن هَرَ عَ‬
‫ِلنَج َدِتهِم على ما ا َدعَو ُه مِن وُقو عِ الظُل ِم ِبهِم وإستِباحَة الُرُمات َوتَعطي ِل الُدود مِن ِقبَلِ‬
‫عُمّا َل يَزي ٍد ابنَ مُعا ِويَه وإرسالِهِم بِالبَي َعةِ لَه َفخَ َرجَ على قِّل ٍة مِن أَصحِابِهِ الُتابِعِي وَكَثرةٍ منَِ‬
‫لبِي ِه َوأَخِي ِه مِن غَد َرِتهِم مُذَكِرين وَلكِن َأبَى‬ ‫حذِري نَ لَ ُه مِن عَدَ ِم الُروج َوبِما حَ صَلَ ِل َ‬
‫الُ َ‬
‫ال إلّ أن ُيتِ مَ أَمرَه َفلَما عَِل َم يَزيد بِمَقدَ ِم الُ سَي أَر سَلَ إِلي هِ جُندَ هُ ِليَ صُدّوه َويَحِيلوا بَينَه‬
‫ط بِه و رأى خُذل َن شي َعتِه له‪ ،‬وَ‬ ‫ي أنّ هُ قَد أُحِي َ‬
‫َوبَيَ صَ ِدعِ كَِل َمةِ الُسلِمي فََلمّا َرأَى الُ سَ ُ‬
‫خُذلنُهُم عَن مُنا صَ َرتِه عَلِ َم أنّ ُه وَقَ عَ فِي فَ خِ خِياَنتِهِم َفعَرَ ضَ على قائِدِ جُن ِد يَزيدَ أَ َحدَ‬
‫ثَلثة‪ :‬إمّا أَن َيعُو َد مِن حَي ثُ أتى أَو يَترُكُوه يَمضِي ِليُقابِ َل يَزِي َد ِبنَف سِه وإلّ َفيَ َدعُو ُه يَلحَق‬
‫بِأَه ِل الثُغو ِر مُجاهِدا مُرابِطا ولكن عبيد الِ ابن زِياد أب إِلّ أن يُقاتِلَهُ حت ُقتِل‪.‬‬

‫ت عَ ِن الُ سَي فِي َذمّ هِ َلهُم‬


‫َومِن غرائِب َوعَجائِب وَقا َحِتهِم أنّ عُلَماَئهُم يُ سَطّرونَ الرِوايا ِ‬
‫ب [إعل ِم الوَرى] لِلطَبُ ِسيّ دُعا ُء الُ سَي على‬ ‫وَالدّعا ِء عََلِيهِم َقَبلَ َمقَتلِه َفقَد جاءَ فِي كِتا ِ‬

‫‪521‬‬
‫شِي َعتِ هِ قَبلَ إستِشها ِدهِ‪" :‬الّلهُمّ إن َمتَعَتهُم َف َفرِقهُم ِفرَقا‪ ،‬وَ َاجعَلهُم طرائِ قَ ِقدَدَا وَل تُرضي‬
‫الوُلةَ عَنهُم أبَدا‪ ،‬فِإَنهُم َدعَونا ِليَنصُرونا ثُ ّم عَدَوا عَلَينا َف َقتَلونا"‪.‬‬

‫ت لهلِ البَيّت َتأَ ّم َل الُعتَبِر؛ فإِذا كا نَ‬


‫ف وَق َف َة الُتَ َفكِر وَنَتَأمّل لِهذِ هِ الِيانا ِ‬
‫وَ إنّنا هُنا َنقِ ُ‬
‫حَبِتهِم َفكَيفَ َيكُونُ حَاََلهُم مَ َع‬‫حَبِتهِم بَل وَالُباَل َغةَ وَالغُلوّ فِي مَ َ‬
‫هذا حاُُلهُم مَ َع مَن ي ّدعُونَ مَ َ‬
‫ي على ما‬ ‫غَيِهِم وَلِن طالَت مُحِبيهِم خِياناَتهُم فَمِن بابِ أول ان تَطا َل غَ َيهُم مِنَ الُسلِم َ‬
‫نَراهُ اليَو َم مِن مُسا َر َعِتهِم إل الكُفّا ِر َومُوالِتهِم َومُخا َذنَِتهِم‪.‬‬

‫ت الّ ت تَمّ ت ف عَ ص ِر بَ ن ُأمَيّ ة ما ذُ ِكرَ ف َوفَيا تِ الَعيان؛ َأنّهُم‬


‫وَ مِن أهَ ّم الِيانا ِ‬
‫ساهَموا فِي خُرو جِ بَن العَبّا سِ على الِل َفةِ ا ُل َموِيّة‪ ،‬و إِسقاطِها بِ سُقوطِ خُرا سَان على‬
‫يَدِ "أب مُسِل ٍم الُراسانِيّ" والّذي أَخَذ يَدعوا ِببَيعةِ إبراهي َم ب ِن مُحَمّد فَلما عَلِ َم نَص ُر إب َن‬
‫ب مَروا نَ إِب َن مُحَمّد آخِر مُلو كِ َبنِي ُأ َميّة بِخُراسان َكتَ بَ إل مَروان يُعلِمَه بِأمرِ‬ ‫ِسيّاط نائِ ُ‬
‫ب مَروا نُ إل نائِبِ هِ بِ ِدمَ شق بِإِحضارِ إِبراه يم مُوثَقا َفأَحضَرَ هُ وَ قا مَ بِحَب سِ ِه وَلّا‬ ‫البَي َعةِ َفكَتَ َ‬
‫سفّاح َو ُهوَ أوّ ُل مَن وُلِيّ الِلَف ِة مِن أَولد‬ ‫حقَ قَ أَنّ مَروا َن لبُ ّد قاتِلَه أو صى إل اخِيه ال ّ‬ ‫تَ َ‬
‫س شَهريّنِ حت مات وَقِيلَ ُقتِل‪.‬‬ ‫لبِ ِ‬ ‫ال َعبّاس َوَبقِيَ إبراهي ُم بِا َ‬

‫وَ أمّا فِي العَهدِ العَبّا ِسيّ وّالّذِي إِستَ َم َر حُك ُمهُم فِي هِ مابَيَ سََنةِ مَِئةٍ واثنَيِ وَثلثي‪ ،‬إل‬
‫ي لِلهِجرة؛‬
‫سِتُ مِئَ ٍة َوسِتٌ َوخَمس َ‬

‫شعُ بُ خِياناتِهِم َوَت َفنُنِهِم ف أ سالِيبِها‪ ،‬وَمِن‬‫حدّث وَل حَرَج عَن ظُهورِ أمرِ الرّافِضَة وَ تَ َ‬ ‫فَ َ‬
‫جَمي ِع الَوانِب سِيا ِسّيةً كانَت أَو دِينِيّة أَو أَخلِقيّة‪ .‬فَأمّا الَغتِيال تِ فَأكثَرُ مِن أَن تُحصى‬
‫ت الارِ َج ِة عَ ِن الِلَفةِ أشّ ُد مِن أن تُر سَى فَكانَت بِدايةُ‬ ‫ت وَ الدُويّل ِ‬ ‫وأمّا قلقِ ُل الِنقِساما ِ‬
‫ج عَلى وِليةِ الاكِم‬ ‫جَرائِ ِمهِم ف هذا العَصر سِياسِيّة تَروم إِ سْقاطِ الِلفةِ ا ُل َم ِوّيةِ وَالُرو َ‬
‫ستُر بِدَعوى أ َحقِيةِ َبنِي العَبّا سِ فِي الِلفَه والّت نَادى وَ َدعَى إِليّها‬ ‫الُ َموِ يّ ثُمّ بَعدَ ذلِك التَ َ‬
‫السـطَر ِة عَلى مَقالِي ِد البِلد بَع َد أن أظهَرُوا مُوالتِهِم‬
‫ِنـ َي‬ ‫أبـو مُسـلِم الُراسـانِيّ ِليَتَ َمكَنوا م َ‬
‫َومُشايَ َعِتهِم ِلبَن العَبّاسِ زُورا‪َ ،‬فبَدَأوا بِخُراسان اّلتِي كانَت َأوّلَ ما َسقَطَ مِ َن البِلد عَلى يَدِ‬

‫‪522‬‬
‫س الاقِدو َن يَشفُو َن غَلِيلَهُم مِن العَرَب‬
‫أبِي مُ سلِم َو مَع بِدايَة العَه ِد ال َعبّا ِسيّ َفأَخَ َذ الفُر ُ‬
‫الُسلِمي هُناكَ َفأَشبَعُوهُم قَتلً َو بَطشا َوتَنكِيل‪.‬‬

‫وَحاوَلَ أبو مُسلِم نَف سَ َه شَقّ عَ صَا الطاعَة عَلى الَن صُور الّذي وَلِ يَ الِلفَة بَع َد مَو تِ أَخِي ِه‬
‫سفّاح وَحاوَلَ أن يَغدُ َر بِ ِه وَلكِنّ الَن صُور بِدَهاءِ هِ وَفِطَنتِ هِ َتَنبَ هَ لِ ما يُحِيكَ هُ أَبومُ سلِمٌ لَ هُ‬‫ال ّ‬
‫ك مُحاول تٌ فاشِلَه مِن أنصارِ َأبِي‬ ‫فَاستَدرَجَه حَت تَ َمكَ َن مِن قَتلِ ِه َشرّ َقتَلَه وَدارت َبعَدَ ذلِ َ‬
‫شبُهات‪.‬‬ ‫مُسلم ِللِنتِقامِ لَه تار ًة مِن خِل ِل ال ِفتَنِ السِيا ِسيّة َو تار ًة مِن خِل ِل َبثّ ال ُ‬

‫وَ ِمِن هذِه الُحاولت خُروج " سَِنباب" الّذي طَالَ بَ ِببَدَ نِ أَبِي مُ سلم َفأَر سَل لَ ُه الَن صور‬
‫جَيشا َفهَ َزمَ ُه ثُمّ َظهَرَت "الراوِنديّ ة" قُر بَ أَ صفَهان أَيضا مِن جا َع ِة أبِي مُ سلم يَدعُو نَ‬
‫ع بِ هِ ِلقَتلِه وَل ِكنّ هُ‬
‫لِمُعَتقَدا تٍ فا سِدةٍ فَنادَوا بأُلوهِيّ ة الَن صور َوأَرادوا بِذلِ كَ خِداعَ ُه والِيقا َ‬
‫حا َربَهُم وانتَ صَر عَلَيهِم ثُم َظهَ َر بَعدَ ذلِك مِنهُم رَجلٌ َلقّ بَ نَف سَه بِا ُل َقنّ ع زَعَم أنّ ال‬
‫سُبحانَه وَتعال حَلّ فِي آدم ثُمّ ف نوح ثُمّ ف أبِي مُسلِم ثُمّ َح ّل بِه أخيا‪َ ،‬و استَطاعَ أَن‬
‫ب عَلى بِلدِ ماورا ِء النّهر ُمتَحَصِنا ِبقَل َعةِ "كَش" ولكِن اللِيفةُ الَهدِيّ‬ ‫يُ َكوِنَ لَهُ جاعة َوَتغَلّ َ‬
‫ص َرهُ فَلمّا َتَيقَ نَ‬ ‫وِالّذي إِشَتهَ َر بِشِ ّدتِ هِ على الَلحِدة والزَنادِقَة‪َ ،‬ت َعقَبَ ُه فأَر سَلَ ل هُ جَيشا يُحا ِ‬
‫هَلكَت ُه سَقى نَفسَه و أَه َل بَيتِهِ السُ ّم َو هَلَك‪.‬‬

‫ستُ ِرهِم الدّائِم بالَتقّي ِة وَال سّريّة‬


‫َو مَع ذلِك َفلَم يَستَطِع الهدِ يّ أن يَقضِ يَ على فِتَنِتهِم نَظَرا ِلتَ َ‬
‫ب وَالتَزَلُف إل‬ ‫ي النّفا قَ الِجتِماعِ ّي بِالَتقَرُ ِ‬ ‫َفهُم دائِما يَعمَلو َن َويُخَطِطُون بِالَفاء مُستَخدِم َ‬
‫كِبارِ رِجال تِ الدّوَلةِ فِي الِلَفةِ ال َعبّا ِسّيةِ حَ ت تَ َمكَنوا مِن الوُ صولِ لِلمَنا صِب الوِزا ِريّ ة‬
‫ض َة الَجُوس؛ كالبَرا ِم َكةِ و أبـ مُسـلِم‬ ‫فَاسـتَوزَرَ كَثيٌ م ِن ُخلَفا ِء بَن ِي ال َعبّاس هؤلءِ الرّافِ َ‬
‫الُرَ ساِنيّ وَالَجو ِسيّ الفَ ضل إ بن سَحَل الّذي كَا نَ وَزِيرا لِلمَأمُون وَقائِدا ِلجَيشِ ِه وَكا نَ‬
‫ت الفُرس فأُ مُ‬ ‫ب وال سِياسَة)‪ ،‬بَل وَ َزوَجوا أَبنائَهُم مِن بنا ِ‬ ‫يَُلقّ ب بِذِي الرِيا َستَي (أي الَر ِ‬
‫الَأمُون مَرَاجِلُ فار ِسيّة ما أدّى إل تََأثُرِ ِه َوظُهورِ هذا ا َلثَر عِندَما إنتَهى الُك مُ إِليه حَي ثُ‬
‫ت غَريب ٍة عَنِـ‬ ‫ِإتّخَ َذ مِن "مَ ْروَى" عاصِـَمةً للخِلفَة بَدَ ًل مِن بَغداد ونادى ِبأَفكارٍ وَفَلسـفا ٍ‬
‫ب تَرِبَيتِ هِ الفار ِسيّة الَجو ِسيّه‬‫ت هَ ِذهِ الدَعوَ ُة مِن رَوا سِ ِ‬ ‫الِسلم َكقَولِه ِبخَل ِق القُرآن‪.‬وَ جَاءَ ْ‬

‫‪523‬‬
‫س مِن بَثّ أفكارِهِم َومُعَتقَداتِهِم بَيَ‬ ‫فَكا َن نَتي جة هذا التَقارُب أن تَمَكَن رافِضةُ الَجو ِ‬
‫ُصـوِرونَ‬
‫َلصـقُونَها بِالدّيـن َوراحوا ي َ‬ ‫َحاديثـ الَكذُوبَة‪َ ،‬و ي ِ‬
‫َ‬ ‫الُسـلِمي وَراحُوا يَدِسـّو َن ال‬
‫التّاري َخ الِسلميّ على أنّ هُ تاري خُ ِفتَن َوخُصومةٍ بَيَ ال صّحابَة وَ يط َعنُو َن ِبأَبِي بَك ٍر وعُمَرَ‬
‫خا صّه وَفِي ال صّحاِبةِ عامّ ه بَل إنبَرى ُشعَرائُهُم َيتَفاخَرون بِمَجدِ فارس القَدِ ي مِمّا َحدَى‬
‫بالَص َم ِعيّ هِجا ِء ِه ِبقَولِه‪:‬‬

‫إذا ذُ ِك َر الشِركَ بِمَجلِسٍ *** لَضاءَت وُجو ِه بَن بَرمَكِي‬


‫وإِن تُلَيَـت عِن َدهُم آيةٌ *** َأتَوا بِالديثِ عَن مَزدَكِي‬

‫بَل َنتَ جَ عَن هذا التَقارُب ماهُو أشَدّ على دَوَلةِ الِسلم وَدِينِ هِ أَل َوهُ َو تآمُرُهم على اللفةِ‬
‫و خُرُو َجهَم و إستِقلََلهُم ف مَناطِقَ مَُتعَ ِددَة‪.‬‬

‫لزَاعِ يّ‪،‬‬
‫فَكَا نَ أ ّولُ من َخرَ جَ على الل َفةِ العبّا سِيّة‪ُ ،‬هوَ ما قَا مَ بِ هِ طَاهِ ُر بْ ُن الُ سي ا ُ‬
‫ك النْقِسامَاتُ ع ِن‬ ‫ث ا ْستَقلّ ِبخُراسانَ كَمَا َفعَلَ من َقبْلُ "أبو مُ سْلم" و َتوَالَ تْ بعْدَ ذلِ َ‬ ‫حي ُ‬
‫َانـ القَرَامِ َطةُ فِي‬‫ِهـ ال ّدوَيلتـِ‪َ ،‬فك َ‬ ‫ِنـ هَذ ِ‬‫ِمـ العَظِي َم ُة م ْ‬‫َاتـ وَالَرَائ ُ‬
‫ليَان ُ‬ ‫َتـ ا ِ‬
‫الِلَف ِة َو َظهَر ِ‬
‫الَح سَا ِء وَالبَحْرَي ِن وَاليَمَ ِن َوعُمَا َن وَفِي بِلدِ الشّا مِ‪ ،‬وَالُبوَي ِهيّو نَ فِي العِرَا قِ وَ فَارِس‪،‬‬
‫ضةِ يَ ٌد َودَوَلةٌ‬
‫وَال ُعبَي ِديّونَ فِي مِصْ َر وَالشّامْ‪ ،‬وَلكِ ْن مِنْ َفضْلِ الِ َتعَال َأنّهُ لْ َيكُ ْن يَظهَرُ للرّاِف َ‬
‫ك الفَت َرةِ‬
‫ضةِ فِي تِل َ‬ ‫جهَا ِدهِ ْم َويَسُو ُمهُ ْم العَذابَ‪َ ،‬ف ُقَيِّضَ للرّاِف َ‬ ‫إِل َويُظهِرُ الُ عَليهِ ْم مَ ْن َيقُو ُم بِ ِ‬
‫ي َو لكِّنهُ مْ كانُوا َأشِدّاءَ عَلى‬ ‫سّنيّيَ‪ ،‬الذِي نَ كَا َن وَل ُءهُ ْم تَاِبعَا لل َعبّا ِسيّ َ‬ ‫ال سّل ِجقَةُ الَترَا ِك ال ّ‬
‫ي َو َمكَّنْتهُ ْم مِ نَ الدّخُولِ إِل‬ ‫ضةِ بِالّتعَاوُ ِن مَ َع ال صّلِيِبيّ َ‬ ‫ضةِ َفقَامَ تْ هَذِ هِ ال ّدوَيل تِ الرّاِف َ‬ ‫الرّافِ َ‬
‫جزُوا عَ ْن الصّمُودِ فِي مُجَال َدِتهِمْ‪.‬‬ ‫سّنةِ الذَينَ عَ َ‬ ‫بِلدِ الُسِلمِيَ لل َقضَا ِء عَلى أَهلِ ال ّ‬

‫خ فِي العَه ِد العَبّاسِيّ‪ ،‬فِي الَجَالِ السِيَا ِسيّ‪:‬‬


‫ص َدهَا لنَا التّارِي ُ‬
‫فَ ِمنْ جَرَائِ ِم القَرَامِطَةِ التِي رَ َ‬

‫‪524‬‬
‫س ثُ ّم اجِتيَا ُحهُ ُم‬
‫ُخرُو ُجهُ ْم عَلى الدّولةِ ال َعبّا ِسّي ِة َومُنَاوَ َءِتهَا‪ ،‬وَترِيقِهِ ْم َمنَازِ َل َبنِي عَبدِ قَي ٍ‬
‫ك العَامِ َحتّى أَرّخَ‬ ‫الكُوَف َة عَامَ ‪ 293‬للهِج َرةِ‪ ،‬وَِقيَا ِمهِم بِالَذَابِحِ ال ّرهِيَبةِ الت َح َدثَتْ فِي ذَل َ‬
‫لَا ا ُلؤَرّخُونَ‪.‬‬

‫ب العَقِي َد ِة وَ َشعَاِئرِ الدّينِ‪:‬‬


‫وَ ِمنْ َجرَائِ ِم ِهمْ فِي جَانِ ِ‬

‫شيّعِ ل ِل البَيتِ‪ ،‬ثُمّ قَالوا بِالرّج َعةِ وَعِل ِم عَليّ‬ ‫شرُوا ال َعقَائِ َد الفَاسِ َدةَ ابتِدَاءً بِدَعوَى التّ َ‬
‫َأنّهُ ْم نَ َ‬
‫ل َعنْهُ لِلغَيبِ‪ ،‬ثُ ّم الّتَنكّرُ ل ِل البَيتِ‪َ ،‬وذِك ِر َمثَالبِ عَل ّي َوأَول ِدهِ‪َ ،‬و بُطلنِ هَذَا‬ ‫ضيَ ا ُ‬ ‫رَ ِ‬
‫الدّينِ‪ ،‬وَلِذَلكَ فَِإنّ القَرَامِ َط َة كانُوا ُيقَ ّربُو َن الفَل ِس َفةَ َو يَعتَمِدُونَ عَلى نَظَ ِريّاِتهِ ْم وَ ُكُتبِهِمْ‪ ،‬وَ‬
‫يُوصُونَ ُدعَاَتهُم‪َ ":‬وإِ ْن وَجَدتَ فَيلسُوفَا َف ُه ْم عُمْ َدُتنَا َلّننَا َنتّفِ ُق َوهُ ْم عَلى ِإبْطَا ِل النّوامِيسِ‬
‫وَالنبِيَا ِء َوعَلى قِ َد ِم العَالِ"‪.‬‬

‫ل الَرامِ‬ ‫وَ فِي سَنَةِ ‪ 294‬للهِج َرةِ قَا َم القَرَامِ َطةُ السَاعِيليّو َن بِالعتِدَا ِء عَلى حُجّا ِ‬
‫ج بَيتِ ا ِ‬
‫سهِمْ‪َ ،‬ف َقتَلوا جَمِي َع ال َقوَافِلَ‪َ ،‬وَت َعقّبُوا مَنْ َف ّر ِمْنهُمْ َحتّى أ ّن نِسَاءَ‬
‫بَعدَ أَنْ َأ ّمنُوهُ ْم عَلى أَْنفُ ِ‬
‫ضنَ الَاءَ فَ َم ْن كانَ بِهِ َرمَ ٌق َيقُم َن بِالِجهَازِ عَليهِ‪ ،‬وَلْ‬ ‫القَرَامِ َطةِ كُ ّن َي ِقفْ َن َبيْنَ ال َقتْلَى يَعرِ ْ‬
‫ف وَالتّرَابِ وَالِجَا َرةِ‪.‬‬ ‫يَكَتفُوا ِبقَتْ ِل الَجِيجِ‪ ،‬بَل رَاحُوا ُيفْسِدُو َن ِميَاهَ البَا ِر بِالِيَ ِ‬

‫وَ فِي عَامِ ‪ 321‬للهِج َرةَ قَامُوا كَذَلِ َ‬


‫ك بِاعتِرَاضِ َقوَافِ ِل الَجِي ِج وَقَتلِ الرّجَالِ‪َ ،‬و َسبِ‬
‫جمُو َعةً مِنْ‬ ‫جرِ َيِتهِمْ فِي هَذَا ال َعصْرِ‪ ،‬حِينَمَا أَرسَلتْ إيرَانُ مَ ْ‬
‫النّسَا ِء وَالذّرّيةِ‪َ ،‬وهَذَا يُذَكّ ُرنَا بِ َ‬
‫شِي َع ِة ال ُكوَيتِ ِلتَروِي ِع الُجّاجِ فِي َم ّك َة عَامَ ‪ 1409‬للهِج َرةِ‪َ ،‬فقَامُوا بِزَرعِ ا ُلَتفَجّرَاتِ‬
‫الُ َدمّ َرةِ فِي أَحَ ِد الُسُو ِر بِ َم ّكةَ ا ُلكَ ّر َمةِ‪ ،‬بَعدَ َأنْ سَل َمهُمْ ِإيّاهَا السّفِ ُي اليرَاِنيّ فِي ال ُكوَيتِ‪،‬‬
‫جةِ‬‫َوهَ ّربُوهَا إِل َم ّكةَ‪ ،‬وَقَدْ فَجّرُوا ِمُنهَا حَو َل الَسْجِ ِد مَسَا َء يَومِ السّابِ ِع مِ ْن َشهْرِ ذِي الِ ّ‬
‫ح عَدَا الَسَائِرِ الّا ِدّيةِ‪.‬‬‫جرُو ٍ‬‫خصَا بِ ُ‬ ‫ك العَامِ‪ِ ،‬ممّا أدّى إل َم ْقتَلِ َرجُ ٍل َوإِصَاَبةِ ‪َ 16‬ش ْ‬ ‫مِنْ ذَلِ َ‬

‫‪525‬‬
‫لرَا ِم وَعَلى الكعَبةِ‬
‫لا َ‬
‫وَ ِم ْن فَظَائِ ِع جَرَائِ ِمهِ ُم الدّينِّي ِة أَّن ُهمْ تَطَاوَلوا حَتّى عَلى بَيتِ ا ِ‬
‫ج َر السْ َودَ‪َ ،‬وَب ِقيَ عِن َدهُمْ َحتّى عَامِ ‪ 335‬للهِج َرةِ‪ ،‬وَفِي ذَلِكَ‬
‫س َرقُوا مِ ْنهَا الَ َ‬
‫ش ّر َفةِ‪َ ،‬ف َ‬
‫الُ َ‬
‫ج َر ال ْسوَدَ إل بِل ِدهِمْ‪:‬‬
‫َيقُو ُل اب ُن كثِيٍ فِي [البِدَاَيةِ وَالّنهَاَيةِ]‪ ":‬ذِكرُ أخ ِذ القَرَامِ َطةِ الَ َ‬

‫فِيهَا خَ َرجَ رَكبُ العِرَاقِ‪ ،‬وَأم ُيهُ ْم َمنْصُورٌ الدّيلَ ِميّ‪َ ،‬ووَصَلوا إل َم ّكةَ سَالِ ِميَ‪ ،‬وَتوَاَفتِ‬
‫ج عَليهِمْ فِي‬ ‫الرّكُوبُ ُهنَاكَ مِنْ كُ ّل مَكا ٍن وَجَاِنبٍ وَفَجٍ‪ ،‬فَمَا شعَرُوا إِل بِالقَرمَ ِطيّ قَدْ خَ َر َ‬
‫ب َمكّ َة َو ِشعَابِهَا وَفِي‬ ‫جَمَاعِت ِه يَومَ التّر ِوَيةِ‪ ،‬فَانَت َهبَ أ ْموَالُمْ‪ ،‬وَا ْستَبَاحَ ِقتَالُمْ‪َ ،‬فقَتَلَ فِي ِرحَا ِ‬
‫ف الكَ ْعَبةِ مِنَ الُجّاجِ خَلقَا َكثِيََا‪ ،‬وَجَلسَ أمِ ُيهُمْ َأبُو طَاهِرْ ‪-‬ل َعنَهُ‬ ‫ج ِد الَرَا ِم وَفِي جَو ِ‬ ‫الَسْ ِ‬
‫ف تَعمَلُ فِي النّاسِ فِي الَسْجِدِ‬ ‫سيُو ُ‬ ‫ب الكعَْب ِة وَالرّجَا ُل تُص َرعُ حَولهُ‪ ،‬وَال ّ‬ ‫الُ‪ -‬عَلى بَا ِ‬
‫ل َو بِالِ‪ ،‬أنَا الُ أ ْخلُقُ‬ ‫ف اليّا ِم َو ُهوَ َيقُولُ‪ :‬أنَا ِ‬ ‫الَرَامِ فِي يَو ِم التّر ِوَيةِ‪ ،‬الذِي ُه َو مِ ْن أشْرَ ِ‬
‫ك َعنْهُمْ‬ ‫س َيفِرّو َن مِنهُمْ َفيََتعَلقُونَ بِأستَا ِر الكعَبةِ فَل يُجْدِي ذَل َ‬ ‫الَل َق َوأَ ْفنِيهِم‪ ،‬وَكَانَ النّا ُ‬
‫شَيئَا ُيقْتَلو َن َوهُمْ كذَلِكَ‪َ ،‬ويَطُوفُونَ َفيُقتَلونَ فِي ال ّطوَافِ‪ ،‬فَلمّا َقضَى القَ ْرمَ ِطيّ أم َرهُ‪ ،‬وَفعَلَ‬
‫حةِ‪ ،‬أمَرَ أ ْن تُدفَ َن القَتلى فِي ِبئْرِ َزمْ َزمْ‪َ ،‬ودَفَنَ كَثيا‬ ‫مَا َفعْلَ فِي الَجِي ِج مِ َن الفَاعِيلِ القبِي َ‬
‫ج َعةِ‪،‬‬‫ك الضّ ْ‬ ‫مِنهُمْ فِي َأ َمكِاِنهِ ْم مِ َن الَ َرمِ‪ ،‬وَفِي الَسجِ ِد الَرَامِ‪َ ،‬ويَا َحبّذَا تِلكَ ال ِقتْل ِة َوتِل َ‬
‫ح ِرمُونَ‬ ‫ك الَدْفَ ْن وَالَكانِ‪َ ،‬ومَ َع هَذَا ْل ُيغَسّلوا وَلْ يُك ّفنُوا وَ ْل ُيصّلى عَليهِم‪ ،‬لّنهُ ْم مُ ْ‬ ‫وَذل َ‬
‫س َوِتهَا عَْنهَا‪َ ،‬و َشقّ َقهَا‬ ‫ُشهَدَاءَ فِي نَفسِ المْرِ‪َ ،‬وهَ َدمَ ُقّبةَ َزمْ َزمْ‪ ،‬وَأمَ َر ِبقَل ِع ال َك ْعَبةِ وَنزعِ كِ ْ‬
‫ط عَلى ُأمّ رَأسِهِ فَمَاتَ‬ ‫سقَ َ‬ ‫ب الكَ ْعَبةِ فَيقتَِلعَهُ‪ ،‬فَ َ‬
‫بَيَ أصحَابِهِ‪ ،‬وَأمَرَ َر ُجلً أ ْن َيصْعَدَ إل مِيزَا ِ‬
‫لبِيثُ عَنِ الِيزَابِ‪ ،‬ثُمّ أمَ َر بِأنْ يُقل َع الَجُ ُر السْودُ‪ ،‬فَجَا َءهُ‬ ‫فا َ‬ ‫ك إنْكَ ّ‬ ‫إل النّارِ‪َ ،‬فعِندَ ذَل َ‬
‫رَ ُجلٌ َفضَ َربَهُ بِ ِمثْقَلٍ فِي يَ ِدهِ‪ ،‬وَقالَ‪ :‬أينَ الطّيُ البَابِيلْ‪ ،‬أَي َن الِجَا ُر ُة مِ ْن سِجّيلْ‪.‬‬

‫ج َر ال ْسوَدَ‪ ،‬وَأخَذُوهُ حِيَ رَاحُوا َم َعهُمْ إل بِل ِدهِمْ‪ ،‬فَمَكثَ ِعنْ َدهُمْ ‪َ 22‬سَنةً‬‫ثُمّ قَلعَ الَ َ‬
‫ل وَإنّا إليهِ رَا ِجعُونَ‪ "،‬انَتهَى كلمُهُ َرحِمَهُ الُ‪.‬‬
‫َحتّى رَدّوهُ‪ ،‬فَِإنّا ِ‬

‫وَ أمّا الُبوَيهِيّونَ َف َكذَِلكَ َخ َرجُوا عَلى الِل َف ِة العَبّاسِيّةِ‪ ،‬وَاستَولوَا عَلى العِرَاقِ عَامَ‬
‫ج َرةِ‪ ،‬وَخَلعُوا الَلِي َفةَ ال َعبّاسِيّ الُ ْ‬
‫ستَكفِي بِالِ‪ ،‬وَجَاؤُوا بِال َفضْلِ ب ِن الُقتَدِرِ‪،‬‬ ‫‪ 334‬للهِ ْ‬
‫شيّعَ دِينَا‪ ،‬وَ‬
‫فََنصّبُوهُ خَلِي َفةً‪ ،‬وَل ّقبُو ُه بِالُطِيعِ لِ‪َ ،‬ومِنْ جَرَائِ ِمهِمُ الدّينِّي ِة أنّهُمْ َفرَضُوا التّ َ‬

‫‪526‬‬
‫ي عَلى أسَاسِ‬ ‫خذُوهُ ِستَارَا ِلنَش ِر ال ْفكَا ِر وَالُعتَقَدَاتِ الَجُو ِسّيةِ‪َ ،‬وبَثّوا ال ِفتَ َن بَيَ الُسِلمِ َ‬‫اتّ َ‬
‫ي الشيعَةِ‪ ،‬وَانتَشَرَ فِي َعهْ ِدهِم َسبّ الصّحَاَبةِ‪َ ،‬وهُمْ أوّ ُل مَنْ‬ ‫سّنةِ َوبَ َ‬
‫التّفرِي ِق بَيَ أهلِ ال ّ‬
‫ح ّرمِ‪ ،‬وَنصبِ ال ِقبَابِ‪ ،‬وَأظهَرُوا َمعَالِمَ‬ ‫ق السْوَاقِ فِي يَومِ عَاشُورَاءَ مِنَ الُ َ‬ ‫أَظهَ َر بِد َعةَ إِغل ِ‬
‫شعُورِهِنّ‪،‬‬ ‫ت نَاشِرَاتٌ لِ ُ‬ ‫ح َن عَلى الُسَيِ‪َ ،‬وهُ ّن سَافِرَا ٌ‬ ‫الُزنِ‪ ،‬وَأ ْخرَجُوا النّسَا َء يَلطُم َن َويَنُ ْ‬
‫ل َتعَال‪ ،‬حَيثُ تسَمّى آ ِخ ُر مُلو ِكهِم بِالَلِكِ الرّحِيمِ‪ُ ،‬منَا َز َعةً لِ فِي‬ ‫َوتَجَ ّرأُوا عَلى ذَاتِ ا ِ‬
‫اسْمِهِ‪.‬‬

‫وَ أمّا العُبَيدِيّونَ‪ ،‬الذِي َن يَنسُبُو َن أن ُفسَ ُهمْ زُورَا إل َنسْ ِل فَاطِ َمةَ بِن ِ‬
‫ت َنبِّينَا مُحَمّدٍ صَلّى الُ‬
‫ج عَنْ َجرَائِ ِمهِمْ‪َ ،‬فقَدْ َخرَجُوا عَلى الِلِفةِ ال َعبّا ِسّيةِ‪ ،‬بَع َد أ ْن‬ ‫ث وَل حَ َر َ‬ ‫حدّ ْ‬‫عَليهِ َوسَلمَ‪ ،‬فَ َ‬
‫ي بِمَسُوحِ‬ ‫ستّرِي َن َومُتَمَسّحِ َ‬ ‫ج بِمَرحَل ٍة ِس ّرّيةٍ بَثوا مِنْ خِللَا َد ْعوََتهُمْ‪ُ ،‬متَ َ‬‫َمهّدُوا ِلهَذَا الُرُو ِ‬
‫آ ِل البَيتِ‪ ،‬فِي بِل ِد الَغرِبِ‪ ،‬ثُ ّم لّا تَمَكنُوا مِنَ السّيطَ َر ِة عَلى بِلدِ ا َلغْرِبِ‪ ،‬انتقلوا إل ِمصْرَ‬
‫فَاستَولَوا عَليهَا‪ ،‬وَخَلعُوا الَلِي َفةَ ُهنَاكَ‪.‬‬

‫ب العَ َقدِيّ‪:‬‬
‫وَكَانَ ِم ْن أبْرَ ِز َجرَائِ ِم ِهمْ فِي الَانِ ِ‬

‫أنّ حَا ِك َمهُ ْم وََقبْلَ ُدخُوِلهِمُ لِمِصرَ أَ ْرسَ َل َمْبعُوثَهُ له ِل ِمصْ َر يَقطَ ُع عَلى نَفسِ ِه العُهُو َد ِبعَ َدمِ‬
‫إِظهَا ِر البِ َدعِ وَإبقَاءِ السّّن ِة وَإحيَاِئهَا‪ ،‬وَل ِكّنهُمْ بَعدَ دُخُوِلهِ ْم غَدَرُوا بِأه ِل مِصرَ‪ ،‬وَفَرَضُوا‬
‫شيّ َع وَأل َزمُوا النّاسَ بِإظهَا ِرهِ‪ ،‬وَاستَخ َدمُوا مَنَابِ َر الَسَاجِدِ لل ّدعَاَيةِ إل مَذهَِبهِم‪ ،‬وَنشرِ‬ ‫التّ َ‬
‫ح ّي عَلى خَيِ العَمَلِ‪َ ،‬و َظهَ َر مِنهُ ُم الَاكِمِ بَأمِرِ الِ‪ ،‬الذِي‬ ‫بِ َد ِعهِمْ‪ ،‬وَصَا َر ُينَادَى فِي الذَا ِن بِ َ‬
‫ا ّدعَى اللو ِهّيةَ‪َ ،‬وَبثّ ُدعَاتَهُ فِي كُ ّل َمكَانٍ مِ ْن َممْلكتِهِ‪ُ ،‬يبَشّرُونَ بِمُعتقدَاتِ الَجُوسِ‪،‬‬
‫ت مِنْ آ َدمَ إل عَل ّي ثُ ّم انتقلت رُوحُ‬ ‫س انتقل ْ‬‫ح القُدُ ِ‬ ‫كالتّنَاسُ ِخ وَالُلولِ‪َ ،‬ويَزعُمُونَ أنّ رُو َ‬
‫ي الَعرُوفِ‬ ‫عَليّ إل الَاكِ ِم بِأمرِ الِ‪ ،‬وَكانَ مِنْ أبْ َرزِ ُدعَاتِ ِه مُحَمّدٌ بن اسَاعِيلَ الدّرزِ ّ‬
‫"بِأنُشتَكيْ"‪ ،‬وَح َزةَ ب َن عَليّ الزّو َزنِيّ‪َ ،‬و ُهوَ فَا ِرسِ ّي مِ ْن مُقاطَ َعةِ "زُو َزنْ"‪ ،‬وَجَاءَ إل القَاهِ َرةِ‬
‫ِلهَ ِذهِ ا ُلهِ ّمةِ‪ ،‬أي ِلبَثّ الدّعوَةِ إل ألوهِّي ِة الَاكِمِ‪.‬‬

‫‪527‬‬
‫وَ ِم ْن َجرَائِ ِم ِهمُ الدّينِّيةِ كذلِكَ‪ ،‬مُحَاوَلُتهُ ْم نَبشَ قَ ِب النِّب ّي وَنقلِ جُثمَانِهِ الطّاهِ ِر َم ّرتَيِ فِي‬
‫َزمَ ِن الَاكِ ِم بِأمرِ الِ الذي ا ّدعَى اللو ِهّيةِ‪.‬‬

‫الُحَاوَلةُ الول‪ :‬يَومَ أنْ أشَا َر عَلي ِه بَعضُ ال ّزنَادَِقةِ بِنَق ِل النِّبيّ صَلّى ا ُ‬
‫ل عَليهِ َوسَل َم مِنَ‬
‫الَدِيَنةِ إل مِصرَ َفقَامَ َفبَنَى حَائِزَا بِمصرَ‪ ،‬وَأنفَ َق عَليهِ مَالً جَزِيلً‪َ ،‬وبَ َعثَ أبَا الفُتُوحِ ِلنَب ِ‬
‫ش‬
‫س وَ َحصَل ل ُه مِ َن الَ ّم وَالغَ ّم مَا َمَنعَهُ مِنْ قَص ِدهِ َولِ الَ ْمدُ‬
‫ج عَليهِ النّا ُ‬
‫الَوضِعِ الشّريفِ َفهَا َ‬
‫وَا ِلّنةِ‪.‬‬

‫ل عَليهِ َوسَلمَ‪ ،‬حَيثُ سَكَ َن هَذَا ال ّرسُولُ‬ ‫الثانَِيةِ‪ :‬حِينَمَا أ ْرسَلَ مَ ْن يَْنِبشُ َقبَ َر النِّبيّ َ‬
‫صلّى ا ُ‬
‫جدِ‪ ،‬وَ َحفَ َر تَحتَ ال ْرضِ‪ِ ،‬ليَصِلَ إل القَبِ فَاكتَشَفَ النّاسُ أَم َرهُ َفقَتَلوهُ‪.‬‬
‫ِبقُربِ الَسْ ِ‬

‫ضةِ َشعَرَ‬
‫ثُ ّم لّا َقيّضَ الُ السّل ِج َقةَ الترَاكَ يَرُومُونَ نَشرَ السّّن ِة وَال َقضَا َء عَلى دِينِ الرّاِف َ‬
‫ج َز عَ ْن ُموَا َجهَِتهِم‪ ،‬فَلجَئوا‬
‫سهُ ُم العَ ْ‬
‫ال ُعبَي ِديّو َن ِبعَزِ َي ِة وَُق ّوةِ َهؤُل ِء البْطَالِ‪ ،‬وَعَِلمُوا مِ ْن أْنفُ ْ‬
‫إل خُطِّت ِهمُ ال َقدِيَ ِة َومَك ِرهِ ُم السّالِفِ‪ ،‬حَيثُ أرسَلوا ل ْعدَاءِ الدّينِ ِمنَ الصّلِيبِيّيَ‪،‬‬
‫ي استِيل َء الّنصَارَى عَلى بِل ِد‬ ‫ي لُمْ‪ُ ،‬م َفضّلِ َ‬
‫ي وَالتّوطِ ِ‬‫وَأغْرُوهُ ْم بِ ُدخُو ِل بِلدِ الُسِْلمِ َ‬
‫سّنةِ‪َ ،‬ويَظهَرُ السّل ِج َقةُ‪ ،‬وَكا َن مِمّ ْن َوطّ َن لُ ْم وَكَاَتَبهُمْ‬
‫ي عَلى أنْ َيْنتَشِ َر مَذهَبُ ال ّ‬ ‫الُسِْلمِ َ‬
‫ب مِصرَ‬ ‫ك َيقُو ُل ابنُ الثِيِ‪ِ ":‬إنّ أَصحَا َ‬ ‫ش الفَاطِ ِم ّي الَفْضَلْ‪ ،‬وَفِي ذَلِ َ‬
‫وَأرسَ َل لُمْ‪َ ،‬أمِيُ الُيو ِ‬
‫مِ َن العََلوِيّيَ َلمّا َرَأوْا ُق ّوةَ الدّوَلةِ السّلجُوِقّيةِ‪َ ،‬وتَ َم ّكِنهَا وَاستِيلِئهَا عَلى بِلدِ الشّامِ إِل غَ ّزةَ‪،‬‬
‫ي مِص َر وِليةٌ أُخرَى تَمَن ُعهُم وَدُخُو َل الِقسِيسِ إِل ِمصْ َر وَ حَص َرهَا‪،‬‬ ‫وَل يَبقَ بَيَنهُم َوبَ َ‬
‫فَخَافُوا َوأَرسَلُوا إِل الِفرَن ِج يَدعُوَنهُمْ إِل الُرُوجِ إِل الشّامِ لِيمِلكُوهُ"‪.‬‬

‫صرِ لِلحَمَل ِة الصّليبِّي ِة الُول‬


‫خ اللتِينِ ّي الُعَا ِ‬ ‫َو َيقُولُ الدّكتُو ُر مُص َطفَى العَنَاِنيّ‪ ،‬نَقلً عَن ا ُلؤَرّ ِ‬
‫"كفَارُو الكَاسكِي"‪ِ :‬ليَكُن مَعلُومَا لدَى الَمِيع الن‪ ،‬وَفِي الُستَقبَ ِل وَفِي عَهْ ِد البَابَا‬
‫"أُوربَان الثّانِي" الطّيبِ الذّكرِ‪َ ،‬أنّ الدّونَ "جُون فرِيد" ِبصُحَبةِ الكُونت "فرَاند لِينِيس"‬
‫سيّ ِد الَسِيح ‪-‬عَليهِ السّلمُ‪-‬‬ ‫َوعَدَدٌ آ َخ ُر مِ َن النّبَل ِء وَالسّا َدةِ‪ ،‬الذِينَ َر ِغبُوا فِي ِزيَا َرةِ ضَرِيحِ ال ّ‬
‫حرُوا إِل‬
‫سفِيَن َة الُن ِدّيةَ الَعرُوَف َة بِاس ِم "بُومِيلّا" ِليُب ِ‬
‫قَدْ َذهَبُوا إِل مَدِيَنةِ " َجَنوَة" َومِنهَا رَ ِكبُوا ال ّ‬

‫‪528‬‬
‫جهُوا ِبصُحَب ِة الُنُو ِد ال َفوَاطِمِ إِل‬ ‫الِس َكنْدَ ِرّيةِ‪َ ،‬ولّا وَصَ َل الوَفدُ إِل مِينَاءِ الِسكَن َد ِريّة‪ ،‬اتّ َ‬
‫ضرِيحِ‬
‫مِينَا ِء مَدِيَنةِ بَيتِ الَقدِسِ ‪-‬أَي يَافَا‪َ -‬وعِن َدمَا أَرَادُوا دُخُو َل الَدِين َة عَبَ َبوّابَِتهَا‪ ،‬لِ ِزيَا َرةِ َ‬
‫سبَ‬ ‫ض َة عَليهِمْ حَ ْ‬ ‫س الَدِيَنةِ ُدخُوَلهُم إِل َأ ْن يَدَفعُوا ال ّرسُومَ الَفرُو َ‬ ‫السّيّ ِد الَسِيحِ رََفضَ حُرّا ُ‬
‫ط وَاحِدٌ لِيتَ َم ّكنُوا مِنَ الدّخُولِ "‪.‬‬ ‫مَا ُهوَ ُمقَرّرٌ كَالعَا َدةِ‪َ ،‬ومِقدَا ُرهَا بِي َزنْ ٌ‬

‫ث ِبقَولِهِ‪ِ" :‬إنّ هَ ِذهِ الرّحَل َة التِي قَامَ ِبهَا ا ُلمَرَاءُ الصّلِيِبيّونَ‬ ‫َو ُيفَسّرُ الدّكتُو ُر ال َعنَاِنيّ هَذَا الَدَ َ‬
‫ي َهؤُل ِء ا ُلمَرَاءِ الفَاطِ ِميّيَ ف‬ ‫لَم تَأتِ مِنْ َفرَاغٍ‪َ ،‬وبِل اعِتقَادَاتٍ وَاّتصَالتٍ مُسَب َقةٍ‪َ ،‬ب َ‬
‫مِصرَ‪ ،‬فَل يُعقَلُ أَن َيقُومَ َهؤُل ِء الُمَرا ُء الصّلِيبِيّونَ بِ ِزيَا َر ِة مِينَاءِ الِسكَندَ ِرّيةِ دُونَ أَن‬
‫ت سَاِب َقةٍ َوتَرتِيبٍ سَالِفٍ‪َ ،‬وهَذَا‬ ‫يَستَقبَِلهُ ْم مَسؤُولُوا الَمنِ فِي الِينَاءِ‪ ،‬وَدُونَ وُجُو ِد اّتصَال ٍ‬
‫سفِيَن َة "بُومِيل" إِل مِينَاءِ‬‫حبُوا ال ّ‬‫ُيؤَيّ ُد مَا قَا َم بِ ِه الفَاطِ ِميّونَ مِ ْن ارسَالِ جُندِ حِرَا َسةٍ اصطَ َ‬
‫ف مِنْ ذَلِكَ ِحمَاَيةُ َهؤُل ِء الُمَرَا ِء مِنْ َخطَرِ السّل ِج َقةِ‪ِ ،‬إبّانَ رِحَلةِ‬ ‫بَيتِ الَقدِسِ‪ ،‬وَكَانَ الَدَ ُ‬
‫ال ّذهَابِ وَالعَو َدةِ مِ َن الِسكَنْدَ ِرّيةِ إِل بَيتِ الَقدِسِ‪ ،‬الت استَغرََقتْ أَكثَ َر مِ ْن عَامَيِ‪.‬‬

‫ش الصّلِيِبّيةُ قَا ِد َمةً مِنْ أُورُوبّا فِي أُولَى الَمَلتِ الصّلِيِبيّ ِة عَلى بِلدِ‬
‫َو بَعدَ َأ ْن تَحَرّكَت الُيُو ُ‬
‫الُسِلمِيَ‪َ ،‬وأَثنَاءَ مُرُو ِرهَا بِ َمضِي ِق "البُسفُورِ" فِي أَرَاضِي الدّوَل ِة البِيزَن ِطّيةِ‪ ،‬أَخَ َذ مِنهُمُ‬
‫ي الوَل ِء وَالطّا َعةِ‪ ،‬وَكَانَ فِيمَا َأمَ َرهُ ْم بِهِ َأ ْن يَسعَوْا لِلوُصُولِ إِل‬
‫الِمبَاطُورُ "كُوفِي" يَ ِم َ‬
‫ي فِي مِصرَ‪َ ،‬لّنهُم كَانُوا َأشَ ّد النّاسِ ُخصُو َمةً لِلتّركِ السّل ِج َقةِ‬
‫ق مَعَ الفَاطِمِيّ َ‬
‫ا ِلّتفَا ِ‬
‫حيّيَ‪،‬‬
‫ف عَنهُم التّسَامُ ُح مَعَ ال ّرعَايَا الَسِي ِ‬
‫السّنّييَ‪ ،‬وَل يَقبَلُو َن مُطَلقَا ُمصَالََتهُم‪ ،‬بَينَمَا عُرِ َ‬
‫ك يَدُ ّل عَلَى مَدَى التّوَا ُطئِ الذِي‬ ‫حّيةِ‪َ ،‬وذَل َ‬
‫وَكَانُوا دَائِمَا مُستَعِدّينَ للّتفَاهُ ِم مَعَ ال ّدوَ ِل الَسِي ِ‬
‫ي الصّليِبيّيَ‪.‬‬ ‫ي َوبَ َ‬ ‫ض ِة ال ُعبَي ِديّ َ‬
‫كَانَ بَيَ الرّاِف َ‬

‫ضةِ إِيرَا َن وَالَمرِيكَان فِي مُسَاعَ َدِتهِم عَلى ا ِلطَا َحةِ بِدَوَلةِ‬ ‫َو هَذَا نَفسُ ُه مَا َحصَ َل بَيَ رَاِف َ‬
‫ضةُ إِيرَانَ مَعَ‬
‫ك َتعَاوُنُ رَاِف َ‬
‫ضةِ الشّمَالِ فِي أَفغَانِستَانَ‪ ،‬وَكَذَلِ َ‬ ‫طَالِبَان‪ ،‬بِالتّنسِيقِ مَعَ رَاِف َ‬
‫ضةِ العِرَاقِ‪.‬‬
‫ق ِبتَنسِي ٍق َو ُمعَاوََن ٍة مِنْ رَاِف َ‬
‫الَمرِيكَان فِي احتِل ِل العِرَا ِ‬

‫‪529‬‬
‫وَلَيَتهُ ُم اكتَفَوا بِ َموَاِق ِفهِمُ السّلِبيّ ِة تِجَا َه الغَز ِو الصّلِيبّ ِلبِل ِد الُسلِ ِميَ‪ ،‬وَلكِّنهُم لّا َرأَوا َأنّ‬
‫لنُودِ‬ ‫مُ ّدةَ ِحصَارَ "أَنطَاكيا" َق ْد طَالَت‪ ،‬خَافُوا مِن أَن َيتَسَلّ َل الَلَ ُل وَاليَأسُ إِل ُنفُوسِ ا ُ‬
‫الصّليِبيّيَ فَيترا ِجعُو َن وَ ينَتصِرَ السّل ِج َقةُ‪ ،‬مِمّا حَدَا بِالَفضَلِ إِل ارسَا ِل ُسفَرَاءَ مَخصُوصِيَ‬
‫حضّو َن القَا َدةَ الصّليِبيّيَ عَلى ُموَاصََل ِة الِصَارِ‪َ ،‬وأَكّدُوا َلهُم َأنّهُم َسيُرسِلُونَ َلهُم أَيْ‬ ‫يَ ُ‬
‫ت العَسكَ ِرّي ِة وَالغِذَاِئّيةِ‪ ،‬فَاستَقبََلهُ ُم القَا َدةُ‬
‫الصّلِيِبيّيَ كُ ّل مَا يَحتَاجُونَ لَهُ مِ َن الِمدَادَا ِ‬
‫ت تَسَلمُوا خِلَلهَا ِرسَال َة الَفضَلِ‪،‬‬ ‫حفَا َوةٍ بَاِل َغةٍ‪ ،‬وَعقَدُوا َمعَهُم عِ ّد َة اجتِمَاعَا ٍ‬
‫الصّليِبيّو َن بِ َ‬
‫ص َرةَ‬
‫ك َيقُولُ "وِليام صُورِي" الذِي َنقَلَهُ الدّكتُورُ يُوسُف الغَوانِ َمةِ‪":‬إِ ّن مُحَا َ‬ ‫وَفِي ذَلِ َ‬
‫صدْ َر الَفضَلِ‪ ،‬وَاعتَبَرَ َأنّ خَسَا َر َة الَترَاكِ السّل ِج َقةِ لَيّ جُزءٍ‬ ‫جتْ َ‬ ‫الصّلِيِبيّيَ لَنطَاكيَا أَثَل َ‬
‫حبَتهُم َسفَا َرةٌ‬ ‫صِ‬ ‫مِنْ أَمل ِكهِم ِإنّمَا ُهوَ نَصرٌ لَ ُه نَفسُهُ‪َ ،‬ولّا َقفََلتْ َسفَا َر ُة الَفضَلِ رَا ِج َعةً َ‬
‫ث مَ َع الَفضَلِ فِي ا ُلمُورِ التِي تَ ّم ا ِلّتفَاقُ عَليهَا‪َ ،‬وأَرسَلُوا مَعَ‬ ‫صَلِيِبّيةٌ‪ ،‬تَحمِ ُل الَدَايَا للتّبَا ُح ِ‬
‫السّفَا َر ِة الفَاطِ ِمّي ِة العَائِ َد ِة مِنْ ضِم ِن الَدَايَا حُمَوَلةَ أَرَب َعةِ جِيا ٍد مِنْ ُرؤُوسِ القَتلَى السّل ِج َقةِ‬
‫هَ ِدّيةً ِلخَلِي َفةِ مِصرَ‪.‬‬

‫ص َة انشِغَالِ السّلجِ َق ِة ِمنْ أهلِ السّنّـةِ‬


‫و لَم يكتَفِ الفضلُ بذلكَ‪ ،‬بلِ اسَت َغلّ فـر َ‬
‫بِقتَاِلهِم و جِهَادِ ِه ْم لِلصّلـيبيّيَ‪ ،‬فأ ْرسَلَ ُقوّاتَهُ إل " ُ‬
‫صوْر" و َفَتحَها بِال ُق ّوةِ ثُمّ أ ْرسَ َل قوّاتَهُ‬
‫مِ َن العا ِم التّال إِل َبْيتِ ا َلقْدِسِ و اْنتَزَعـ ُه مِنْ أصْحَابِهِ الرَاِت َقةِ‪ ،‬ثُ ّم سُرعانَ ما َتوَجـ َه‬
‫سَتوْلـيْ الَ ْفضَلُ‬
‫الصّلِيِبيّونَ ِلبَْيتِ الَقدِسِ كَأنـهَا ُمؤَامـرةٌ َو اّتفَاِقّيةٌ بَيَ الطـرَفَيِ‪ ،‬يَ ْ‬
‫عـلَى بَْيتِ ا َلقْدِسِ‪ِ ،‬لَيتِ ّم تَسْلِي ُم البِل ِد بِد ٍم باردٍ إِلـى يَ ِد الصّليبييَ‪ ،‬و ليسَ أدَ ّل على‬
‫ي إل بيتِ ا َلقْدِسِ توجـَـ َه عائِدا إِل‬ ‫ك مِ ْن أ ّن الفْضـلَ لـمّا عَلِ َم ِبَتوَجـُهِ الصليبي َ‬ ‫ذَلِ َ‬
‫الْقَاهِرَة‪.‬‬

‫ب و الْنهَاكِ من شِ ّدةِ‬ ‫ت بيتَ ا َلقْدِسِ‪ ،‬ف غايةِ الّتعَ ِ‬


‫ت الصّلِيبّيةُ التّي حَاصَرَ ْ‬
‫ت القُوّا ُ‬
‫وَ كان ِ‬
‫الَرَارَ ِة التّي لَ ْم َي ْعتَادُوا عَلَيهَا ف ِبلَدِهم‪ ،‬حتّى أنّ الا ِشَيةَ َو الغْنَا ِم هَلَكَ عد ٌد كب ٌي منهَا‪،‬‬
‫حيْثُ‬ ‫لصَا ِر بيتِ القدِس ْل يكُن كبيًا‪ ،‬بِ َ‬ ‫بَلْ إنّ عددَ اليشِ الصليبّ الذي كَا َن مُتوَ ّجهًا ِ‬
‫يستطي ُع أ ْن يصمُدَ ف ظلّ ه ِذهِ الظّروفِ لَولًا خيانَة الرّافضَة‪َ ،‬و َتوَا ُطئُهم معَ الصّلِيبي‪ .‬إذ‬
‫س مائةَ فارِسٍ‪ ،‬وَ عشرين ألفًا من الُشَاةِ‪ ،‬حتّى أنّ ا ُلؤَرّ َخ َة ابن‬ ‫بَلَغَ ع َد ُدهُم ألفًا وَ َخ ْم َ‬

‫‪530‬‬
‫ي كانُوا ف غاي ِة‬‫جبُ أ ّن الفْ َرنْج لّا خَ َرجُوا إل الُسلم َ‬
‫جبًا‪َ " :‬و العَ َ‬
‫َتغْرِيبَ ْردِي قَالَ مَُتعَ ّ‬
‫ع وَ ع َد ِم القوتِ‪ ،‬حت أنّهُم أَكَلُوا الَْيَتةَ‪َ ،‬و كانتْ عسَاكِ ُر السلمِ ف‬ ‫ف من الو ِ‬ ‫ضعْ ِ‬ ‫ال ّ‬
‫غايَ ِة ال ُقوّ ِة َو ال َكثْ َرةِ‪َ ،‬فكَسَرُوا ‪-‬أي الصّليبيون‪ -‬السلمي وَ َفرّقُوا َجمْو َعهُم"‪.‬‬

‫س وَ ا ْحتِللِهَا ف َشهْ ِر‬ ‫وَ بعدَ ِحصَارٍ دامَ أربعي َيوْمًا تكّنَ الصلِيبيّونَ من دُخولِ بيتِ ا َلقْدِ ِ‬
‫حرّقونَ‬ ‫ج َرةِ‪ ،‬وَ راحُوا يُقتّلونَ السلميَ‪َ ،‬و يُ َ‬ ‫َشعْبًان‪ ،‬ف سَنةِ أرْبع مائةِ و اثَْنَتيْ ِن وَ تسعيَ ِل ْلهِ ْ‬
‫ف وَ ُكُتبٍ‪ ،‬حتّى بلَغَ عد ُد القَتْلَى مَا يَزِي ُد عَلَى َسْبعِيَ‬ ‫مَا كَانَ ببيتِ ا َلقْدِسِ من َمصَاحِ ٍ‬
‫ي منهُم الئ ّمةُ و العلما ِء َو ال ُعبّادِ‪.‬‬ ‫ألفٍ منَ الُسلم َ‬

‫ّهـ لّا أراَد قَائدُهُم‬


‫ُسـُوعًا كامَِلًا لدرجـة أن ُ‬
‫منـ الَت ْقتِي ِل و التنْكيلِ أ ْب‬
‫هذهـ الَاَلةِ َ‬
‫َو ظَلّوا على ِ‬
‫لثَثِ و الدّماء الت‬ ‫س طَريقَ ُه تَلَمّسًا من كثرةِ ا ُ‬
‫الصّليب ِريُونْد زِيارَة سَاحَة الَعبَدِ أَخَ َذ يتلَمّ ُ‬
‫بََلغَت رُكَبَتيْهِ‪.‬‬

‫وَ كان من جَرَائ ِم ال َلفَاء العُبَيديي؛ أّنهُم يتَخَلّ صُونَ من كل وَزي ٍر يُنادِي بفري َ‬
‫ضةِ الِهادِ‪،‬‬
‫وَ يرفَ عُ ُلوَاءَ هُ على وج ِه ال سّرعَة‪ ،‬وَ ي ْظهَرُ ذل كَ من خِلًا ِل ال َفتْ َر ِة ال ت َحكَمُوا ب ا‪َ .‬فهَذا‬
‫الوزيِرُ الفض ُل لّ ا كا نَ مُتحَالِفًا مع ال صّليبييَ كا َن منهُم ُمقَرّ با‪ ،‬وَ لَمّ ا ب َدَأ َيتَحَالَ فُ م عَ‬
‫الدّمَاشِقَة الترَاك لوا َج َهةِ الصليبيّيَ‪ ،‬قَامُوا باغتيَالِهِ ف َعهْدِ الَلي َف ِة المِر‪.‬‬

‫خشِ يّ كَان من أش ّد النّا سِ تَحَمّ سًا لل ِ‬


‫جهَادِ ضِ ّد ال صليبيي‬ ‫وَ هذَا الوز ير رِضوَان بن ال َولْ َ‬
‫حتّى أنّهُـَأنْشَأَ ديوَانًا جَدِيدًا‪ ،‬أَطْلَقَـ عليهِـ اسـم ديوانِـ الِهادِ‪ ،‬وَ أ َخ َذ يُطارِ ُد الَرْمَن‪ ،‬و‬
‫يُقصيهِم من َمنَاصِبهِم الت توَلّوهَا من قِبلِ الرّاِفضَة ال ُعبَيديي‪ ،‬بَل إنّ هُ نَدّ َد بالَلِي َفةِ الَافِظ‬
‫ـكِينًة تُجاهَـ الصـليبييَ بالشّامـِ‪َ ،‬فعَمَ َد الليفةِ الافِظِـ إل‬ ‫ال ُعَبيْدِيّـ آنذاك علَى مواِقفِهِـ الُس ت‬
‫ليْ شِ الفَاطِم يّ ض ّد الوزير ابن‬ ‫فا َ‬
‫تكيِ الرمَ ِن و التّعاون معهُم سِرًا‪ ،‬وَ أخَ َذ يثُ ُي طوائ َ‬
‫لهَا ِد التّي عَزَ مَ ا بن الوَلْخَشِ يّ على إدا َرتِهَا‪،‬‬ ‫الوَلْخَشِ يّ‪ ،‬المرُ الذي أعَا قَ سيَ حر َك ِة ا ِ‬
‫حوَ الشّمالِ َحيْ ثُ يُو َجدُ أَ سَـدٌ من أُ سُـو ِد الِها ِد َو ُهوً عِمادُ‬ ‫حيّزًا َن ْ‬
‫فَاضْطّرّ إل الفِرا ِر متَ َ‬
‫ي بهِ ف ِجهَا ِدهِ ض ّد الصليبييَ‪.‬‬ ‫الدّينِ ِزْنكِيّ‪ِ ،‬ليَستَع َ‬

‫‪531‬‬
‫ِيـ بَذَلَ قُصـَارى ُجهْدِه لوَاجَهَة الصـّليبييَ‪ ،‬وَ‬
‫السـّنيّ الشّا ِفع ّ‬
‫ابنـ السّـلَر ّ‬
‫وَ هذَا الوزي ُر ُ‬
‫ِنجـ فـ ِج َهةٍ‪َ ،‬و‬
‫شغَاَلةِ الفر ِ‬ ‫بهـ ليت َمكّنوا مـن مُ َ‬ ‫ّينـ و التّصـا َل ِ‬ ‫ّعاونـ مـع نورِ الد ِ‬ ‫حاو َل الت َ‬
‫ضَ ْرِبهِم ف الِ َهةٍ أُ ْخرَى‪ ،‬إل أنّ اللي َف َة آنَذَاك الظّافِرْ َدبّرَ لَ ُه مُؤامَ َرةً فا ْغتَالَ هُ ف عا مِ خَم سِ‬
‫ج َرةِ‪.‬‬
‫مائة َو ثَمانيةٍ وَ أرَبعِيَ للهِ ْ‬

‫وَ هذا الوزي ُر العادِل طلئعُـ بنُـ رُزَيْك الذي مَا لبثَـ بعـد تولّيهِـ الوِزَارَة أن ْـ رفعَـ راَيةَ‬
‫حقّ َق‬
‫الِهادِ‪ ،‬وَ َجهّ َز الساطيل و السّرَايا لهَاجَمَة الصليبييَ‪ ،‬لكنّه ما لَبثَ أنْ ُقتِلَ قبلَ أنْ يُ َ‬
‫سعْدِيّ" الذي كا نَ والِيًا‬ ‫حُ ْلمَ هُ ف تري ِر بي تِ ا َلقْدِ سِ‪ ،‬من ِقبَ ِل مُؤامرة َدبّر ها له "شَاوَر ال ّ‬
‫ج َرةِ‪ .‬وَ لّ ا‬
‫على ال صّعيدِ ف عه ِد الل َفةِ العَاضِد عام َخمْسِـ مائ ٍة وَ ثَانيَة وَ َخمْ سيَ للهِ ْ‬
‫ش َو ُهوَ أبو ال ْشبًا ِل الضّ ْرغَام على شَاورٍ‪ ،‬وَ انتزَع منه الوَزَارَة وَ قَتلَ‬ ‫خر جَ أحد قاد ِة الَيْ ِ‬
‫ولَدَه الكب طَ يّ بن شَاوَر‪ ،‬اضطّ ّر شاوَر إل أ ْن يُر سِلَ إل الل كِ العادِل نور الدّين ممود‬
‫ج مِصر‪ ،‬وَ أن يكونُ ناِئبَهُ‬ ‫جدَة على أنْ ُيعْ ِطيَ ُه ثُلُثَ خَرَا ِ‬‫ِزْنكِي يَستَج ُي بهِ‪َ ،‬و يطلبُ من ُه النّ ْ‬
‫ع وَ الباقي ل كَ"‪َ ،‬و م َع أنّ‬ ‫ك بِها وَ أ ْقنَ عُ با ُت َعيّ نُ ل من الضّيا ِ‬ ‫ِبهَا حي ثُ قالَ‪ " :‬أكو ُن ناِئبَ َ‬
‫نورَ الدّي نِ كَا نَ مترَدّدًا ف إرسالِ حلَة عسكَ ّرّيةٍ مع شَاورَ إل أنّه استخَارَ فَأر سَلَ لَه أكبَ‬
‫صلَح الدّ ين‪ ،‬وَ أمرَ بإعا َدةِ شَاوَرَ إل‬ ‫ُقوّادِ هِ أ سدَ الدّي نِ شِرْكُو هْ‪ ،‬وَ أر س َل مع هُ ا بن أخي هِ َ‬
‫صبِه‪ ،‬واستطاع أسدُ الدّين ف حَمَلتِه أ ْن يقضيَ على ضِرغَام‪ ،‬وأن يُعي َد الوِزَارةَ إل شَاوَر‬ ‫مَن ِ‬
‫ج َرةِ‪.‬‬
‫س مائةٍ َو تس َعةٍ وَ خَمْسيَ ل ْلهِ ْ‬ ‫ف َشهْرِ رَجَب عام خ ِ‬

‫س و تَن ـ ّكبَ عَ ْن‬ ‫َو لكِنّ الغَد َر و الِياَنةَ بَدَت فِي مُح ـيّا "شَاوَر"‪َ ،‬فأَ سَاءَ ُمعَامََل َة النّا َ‬
‫ب ِمنْ هُ‬ ‫ُوعُودِ هِ ا َلعْ سُوَلةِ ل ـنُورِ الدّ ين‪ ،‬و أرَادَ أ نْ َيغْدِرَ بِأَ سَدِ ال ّديْ ِن شِركُوه حَي ثُ طَلَ َ‬
‫الرّجُو عَ إِل الشّام‪ ،‬دُو نَ أ ْن يُر سِلَ إِلَـيهِ ما كا نَ ق ِد ا ْستَق ّر بَينَ ُه و َبيْ نَ نُورِ الدّين‪َ ،‬و لـا‬
‫رَفَ ضَ أَ سَدُ الدّي نِ الرّجُو عَ إِل الشّا مِ أَرْ سَ َل ُنوّابَ هُ إِل مَ ِدْيَنةِ "بـ ْلبِيس" َفتَسلّ َمهَا و تَحَ صّنَ‬
‫ك َبيْ تِ‬ ‫ضةِ‪َ ،‬فأَرْ سَلَ إِلَى َملِ ِ‬‫بِهَا‪ ،‬فَمَا كَا َن مِن "شَاوَر" إِل أَ ْن َيغْدِرَ كَ ما هِ َي عَا َدةُ الرّاِف َ‬
‫ك مِ صْرَ إِ ْن هُ مْ سَاعَدُوهُ فِ يْ‬ ‫س ال صّلِيبِي يَ سَْتنْجِ َد ُه على "شِرْكُوه" َو يُ َط ِمعُ هُ فِي مُلْ ِ‬
‫ا َلقْدِ ِ‬
‫إِخْرَاجِ "شِركُوه"‪ ،‬وَ بِال ِفعْلِ سَا َرعَ الصِّليِْبيّو َن بِالّتوَجّهِ إِل مِصْ َر َو مِن ثُمّ التَقَوا بِـ"شَاور"‬
‫صرُوا أَسَد ال ّديْنِ فِيهَا وَ َلكِن مِنْ رَ ْح َمةِ‬ ‫َو عَسَاكِرَه َحتّى َتوَ ّجهُوا َج ِمْيعَا إِل "بَلْبيس" وَ حَا َ‬

‫‪532‬‬
‫ْجـ عَلَى "حَارِم" و‬ ‫َصـَلْتهُم ا َلْنبَاءُ ِبهَزيْ َم ِة الِفْ َرن ِ‬
‫ّهـ وَ َأْثنَاء حِصـَا ِرهِمْ لَه ُم؛ و َ‬
‫ال ِ َتعَالَى َأن ُ‬
‫ك نُورِ الدّي ِن لا‪ ،‬وَ َتقَ ّدمِ هِ إِل "بَانِيْ سَا" لَخْ ِذهَا َفأَ صَاَبهُم ال ّرعْ بُ َو اضْ ُطرّوا إِلَى أ نْ‬ ‫تَمَل ـُ ِ‬
‫يُرَا سِلُوا أ سَدَ الدّي نِ الُحَا صَرِ ف "بَلْبيس" يَ ْطُلبُو نَ ِمْنهُم ال صّلْ َح َو تَ سْلِي ِم مَا أَخَذَ هُ سِلْمَا‪،‬‬
‫َنـ ُمقَا َو َمةِ‬
‫َهـ ع ْ‬
‫ِمـ عَجْز ُ‬‫ّتـ ِعنْدَهُم َو عَل َ‬ ‫َاتـ قَل ْ‬‫َنـ الَ ْقو َ‬
‫فَاضْ ُطرّ لِ ُموَاَفقَتِهِم عَلَى ذَلِك‪ ،‬إِذْ أ ّ‬
‫ج مِن "بَلْبيس" عام خسمائة وت سعة وخ سي للهجرة وهو ف‬ ‫حهُم وَ َخرَ َ‬ ‫الفَ ِرْيقَيِ فَ صَاَل َ‬
‫غَايَ ِة ال َقهْر‪.‬‬

‫ك الصّالِ َح ُنوْ ُر‬ ‫ليَاَن ُة مِنْ ِقبَلِ "شَاوَر" َو تَحَاُلفِ ِه مِ َع الصَّليْبِيـي َجعَلَ الَلِ َ‬ ‫هَذَا ا َلمْ ُر َو هَذِ ِه ا ِ‬
‫َمـ‬
‫ِيـ العَال ِ‬ ‫َصـدَ ِر الفُرَْقةِ ف ْ‬
‫ِصـَر ثَانَِيةً لِ ْل َقضَا ِء عَلَى م ْ‬
‫َهـ إِل غَ ْز ِو م ْ‬
‫ّهـ نَ َظر ُ‬
‫حمُود‪ُ ،‬يوَج ُ‬ ‫ْنـ مَ ْ‬
‫ال ّدي ِ‬
‫ليَاَنةِ ِللُمّة أَل وَ هِ يَ الِلَفةُ الفَاطِ ِمّيةُ‪ ،‬بِالِضَاَفةِ إِلَى َر ْغَبتِ هِ فِ ْي نَشْرِ‬ ‫الِ سْل ِميّ َو َمْنبَ ِع ا َ‬
‫سنّي َو ال َقضَاءِ عَلَى مَ ْذهَ بِ الرّفْ ضِ َفخَرَجَت حَمْل ٌة مِ نْ " ِدمْشْ قَ" فِي ُمْنتَ صفِ‬ ‫ب ال ّ‬‫الَ ْذهَ ِ‬
‫ج َرةِ ِبقِيا َدةِ أَسَدِ ال ّديْ ِن َو ابْنِ أَ ِخيْهِ‬
‫سمَائة و اْثنَي وَ ِستّيـنَ ِل ْلهِ ْ‬‫َشهْرِ رَبي ٍع ا َلوّل مِن عَامِ خ ُ‬
‫صَلحِ الدّي ِن وَ كَانُوا عَلَى َموْعِ ٍد مَ َع النّ صْرِ‪َ ،‬و مِ ْن ُمقَ ّدمَا تِ هَذَا النّ صْرِ وَ إِ ْرهَا صَاتـهِ أَ نْ‬
‫ضةِ الُ ْرتَدّين‪ ،‬وَ برِغ ِم تَحَالُ فِ‬ ‫قَذَ فَ الُ ال ّرعْ بَ فِ يْ ُقلُو بِ َأعْدَاءِه مِ َن ال صّليبيـيَ و الرّاِف ِ‬
‫"شَاوَر" و ُقوّاتِ ِه مَعِ ُقوّاتِ الصّلِيبيـي وَ ا ْسِتنْجَا َد ُه ِبهِمْ إِل َأنّهم قَدمُوا وَ الرّجَا ُء َي ُقوْ ُدهُ ْم وَ‬
‫سوُْقهُم‪.‬‬ ‫ف يَ ُ‬‫الَوْ ُ‬

‫ي ا ُلتَحَاِلفِيـ َن مَ عْ "شَاور"‬ ‫َفبَ َدأَ تْ ُأوْلَى ا َلعَارِ كِ َبيْ نَ ُقوّا تِ أَ سَدِ ال ّديْ ِن وَ ُقوّا تِ ال صّليبيـ َ‬
‫ف بِا سْ ِم "البَابَي ـنِ" َفدَارَت َمعْرَكةٌ حَا سِ َم ٌة انَْتهَ تْ ِبهَزِيَة‬‫صعِي ِد بِ َمكَا ٍن ُيعْرَ ُ‬
‫فِي ِمنْ َط َق ِة ال ّ‬
‫ب مَا ُيؤَرّ خُ أَ نّ أَلْفِي‬ ‫ي َو الفَاطِمِي ـيَ َأمَا مَ ُجنُودِ "شِرْكُوه"‪َ ،‬فكَا َن مِ نْ أَعْجَ ِ‬ ‫ال صّلِيبيـ َ‬
‫فَارِس عَ َددُ أَفْرَادِ َجْيشِ "شِركوه" َتهْ ِزمُ عَسَاكِرَ مِصْرَ وَ ِف ِرنْجَ السّاحل‪.‬‬

‫وَ ا ْستَمَ ّر الكَ ّر َو الفَ ّر َبيْ َن الفَ ِرْيقَيِ حَتّى كَا َن مِ نْ َفضْلِ الِ َتعَالَى أَ نْ بَثّ الُ الفُرَْق َة َو‬
‫ع َبيْ نَ "شَاور" وَ الَلِي َف ِة الفَاطِمِ يّ "العَاضُد" مِ نْ ِج َه ٍة وَ تََنكّ ِر ال صّلِيبيـيَ للوَ ِزيْرِ‬ ‫ـزَا َ‬
‫الن ِ‬
‫"شَاور" مِنْ ِج َهةٍ أُ ْخرَى‪.‬‬

‫‪533‬‬
‫ي َو نَشَرِ ال ّديْ نِ الِ سْل ِميّ‬ ‫ق عَلَى ِجهَا ِد ال صّليبيـ َ‬ ‫ك بِالِضَاَفةِ إِل ـى العَزْ ِم ال صّا ِد ِ‬ ‫كُلّ ذَلِ َ‬
‫الصّاِفيْ عَلَى َمْنهَ ِج الَمَا َعةِ ا ُلوْلَى‪ ،‬مَا عََليْهِ الرّ ُسوْلُ صَلى ال عَلَيهِ وَ سَلّم وَ أَصْحَابَهُ أَدّى‬
‫ْنـ وَ‬
‫ْهـ صـَلحِ ال ّدي ِ‬ ‫ْنـ وَ اب ْن أ ِخي ِ‬ ‫أسـدِ ال ّدي ِ‬
‫ْنـ ِبقِيا ِد ِة َ‬
‫بِالنّهَايةِ إِل انْتِصـَارِ َحمَْل ِة نُورِ ال ّدي ِ‬
‫لقْدَ الرّاِفضِيّ لَ ْم َيْنَتهِي إِل هَذَا الَ ّد بَلْ‬ ‫ا ْستِيْلِئهِم عَلَى مِ صْرَ فِ ْي ِنهَاَيةِ الَطَا فِ‪ ،‬وَ َلكِنّ ا ِ‬
‫ص مِ نْ‬ ‫خلّ ِ‬ ‫ت َو الَكَائِد َبعْدَ ُسقُوطِ ال ّدوَْلةِ ال ُعبَي ِدّي ِة الفَاطِ ِمّيةِ للتّ َ‬ ‫ض ُة يُ َدبّرُو َن الُؤَامَرَا ِ‬
‫رَا حَ الرّافِ َ‬
‫ي تَولـى الوَزَا َرةَ فِ يْ مِ صْ َر َو مَ ْن َبعْدِ ِه اب نُ أخَي هِ صَلح ال ّديْ نِ الذِ يْ قَطَع‬ ‫أَ سَدِ ال ّديْ نِ الذِ ْ‬
‫حرّ ِم عَام خَمْسمائ ٍة وَ سَبع ٍة وَ ِستّيَ لل ِهجْرةِ‬ ‫الُطَْبةَ للخَلِي َف ِة الفَاطِ ِميّ فِ ْي ثَانِيْ جُمْع ٍة مِ نْ الُ َ‬
‫وَ خَ َطبَ للخَِلْي َفةِ ال َعبّاسِي الُسَْتضِيءِ بِأمْرِ ال‪.‬‬

‫ح الدّين؛‬
‫فَتَمّتْ ِع ّدةُ مُحَاوَلتٍ لغْتِيا ِل القَائِدِ صَل ِ‬

‫ي القِ ْع َدةِ‪ ،‬اتّفَ َق ُمؤْتِمِ ُن الِلَفةِ وَ‬


‫ج ِر ِة مِ ْن َشهْ ِر ذِ ْ‬
‫ي لِلهِ ْ‬
‫َففِيْ عَا ِم خْسِمَائة وَ أَرْبعةٍ وَ سَبْع َ‬
‫لكْ مُ فِ يْ القَ صْرِ إِليْ هِ مَ عْ جَمَا َع ٍة مِ نَ الِ صْرِييـ َن‬ ‫ُهوَ خَ صِيّ كَا نَ ِبقَ صْ ِر العَاضُ ِد وَ كَا نَ ا ُ‬
‫ص َيثِ ُقوْ َن بِ ِه َي ْقتَرِ ُحوْ نَ ِفيْ ِه عََلْيهِم أَنّ َيتَوجّ هَ ال صّلِيبيـون إِل‬ ‫عَلَى ُمكَاَتَبةِ الِفْ َرنْ ِج مَ ْع َشخْ ٍ‬
‫ال ّديَارِ الِ صْ ِريّة‪ ،‬فَإِذَا وَ صَلُوا إَِليْهَا وَ أَرَادَ صَلحُ الدّي نِ الُرُو جَ إِلَْيهِم قَا َم ُه َو وَ مَ ْن َمعَ هُ مِ نَ‬
‫خرُ ُجوْ نَ جَ ِمْيعَا فِ يْ‬ ‫الِ صْرِييـنَ فِ يْ الدّا ِخ ِل ِبقَتْ ِل مُخَاِلفِيهِ ْم مِ نْ َأنْ صَارِ صَلح الدّين‪ ،‬ثُمّ يَ ْ‬
‫سكَر‪ ،‬وَ لَكنّ ال َتعَال أَفْشَلَ‬ ‫ِإثْرِ هِ َحتّ ى َيأُْت ْونَ ُه مِ نَ الَلْ فِ َفَي ْقتُلُونَ ُه وَ مَ ْن َمعَ هُ مِ َن اَلعَ ْ‬
‫ك َو انْكَشَ فَ حَامِلُ الرّ سَالة‪َ ،‬فأَرْ سَل صَلحُ الدّي ِن مِ نْ َفوْرِ هِ َجمَا َعةً مِ نْ‬ ‫مُخَطّطهُم ذَل َ‬
‫أَصْحَابِهِ إِل ُم ْؤتَمِ ِن الِلفَة‪ ،‬حَيثُ كَانَ َيتَنـ ّزهُ فِي َق ْرَيةٍ لَهُ َفأَخَذُوهُ و َقتَلُو ُه وَ َأتَوا بِ َرْأسِهِ وَ‬
‫عَزَلَ َجمِي َع الَ َدمِ الذي َن َيتَولّونَ َأمْرَ َقصْ ِر الِلفَة‪.‬‬

‫ضةِ‪َ ،‬لمّا ثَارَ ُجنْ ُد ال سّودَانِ‬


‫ثُ مّ جَاءَ تِ الُحَا َولَ ُة الثّانَِيةُ لغْتِيالِ صَلح ال ّديْ نِ مِ ْن قَِبلِ الرّافِ َ‬
‫ج َمعُوا َخمْ سِي ألفا مِ ْن‬
‫الذين كَانُوا بِمِ صْ َر َلقْتَل ُم ْؤتَمن الِلفة َلنّه كَا نَ َيتَع صّبُ َلهُم فَ َ‬
‫ِيـ‬
‫َتـ بَْينَهُم عِ ّد ُة َمعَارِك وَ كَثُر القَتْلُ ف ْ‬
‫ّينـ فَدَار ْ‬
‫ْبـ صـَلحِ الد ِ‬
‫حر ِ‬ ‫رِجَالِهِم َو سـَارُوا لِ َ‬
‫الفَرِيقَيـنِ‪ ،‬فَأرْ سَل صلح الدّيْ ِن إِل مَحَلِّتهِم الَعرُو َف ِة بِالنْ صُو َر ِة َفأَ ْح َرقَها عَلَى أَ ْموَاِلهِم‬

‫‪534‬‬
‫وَ َأوْل ِدهِم وَ َح َر ِمهِم‪ ،‬فََلمّا عَِلمُوا بِذَلِ كَ وَلّوا ُمْنهَ ِزمِيَ َفرَ ِكَبهُم ال سّيْ ُ‬
‫ف َو ظَ ّل ال َقتْلُ ِفْيهِ مْ‬
‫ستَمِرّا إِل َأنْ َقضَى عَلَى آخِ ِرهِ ْم "تُورَان شَاه" أَخُو صَلحِ الدّين ِف ْي ِمنْ َط َقةِ اليزة‪.‬‬
‫مُ ْ‬

‫وَ لَ ْم يَ سْتَ ِك ْن الرّافِضَ َة ِإلَى َهذَا الَد‪ ،‬بَ ْل اتّف ـقَ جَمَا َع ٌة مِ ْن ِشيْ َع ِة العَلَويي ـ َن بِمِ صْ َر وَ‬
‫ف َو " َعبْ ُد ال صّمد" الكَاتِ بُ َو القَاضِ ْي "ال ُع َويْرِ ِسيّ" َو‬ ‫ِمنْهُم "عَمارة اليَ َمنّ" الشّاعِ ُر ا َلعْرُو ُ‬
‫دَاعِيْ ال ّدعَاة " َعبْد الَبّا ِر بْن إِسْمَا ِعيْل بن َعبْدِ ال َقوِي" وَ قَاضِيْ ال ُقضَاةِ هِبةُ الِ بْنُ كَامِل وَ‬
‫َم َعهُ مْ َجمَا َعةٌ مِ نْ ُأمَرَاءِ صَلحِ الدّي ِن وَ ُجنْدِ هِ َو اتّ ـفَقَ َرْأيُهُم عَلى ا سْتِ ْدعَا ِء الفِرِنِج مِ نْ‬
‫صقِلّيةِ" وَ مِ نْ سَاحِلِ الشّا مِ إِل ال ّديَارِ الِ صْ ِرّي ِة عَلَى شَي ٍء َيبْذُلُونَ هُ َلهُ ْم مِ َن الَا ِل َو البِلدِ‪،‬‬ ‫" ِ‬
‫فِإِذَا قَصَدُوا البِل َد وَ خَ َرجَ إَِلْيهِمْ صَلحُ ال ّديْ ِن لِقَاتََلتِهم ثَارُوا هُمْ مِنَ الدّاخِلِ فِيْ القَاهِ َرةِ وَ‬
‫ِفـ‬‫َنـ كُش َ‬ ‫ْفـ الِ َتعَالَى ِبُأ ّمةِ الِسـْلمِ أ ْ‬ ‫ِنـلُط ِ‬ ‫ِنـ م ْ‬ ‫ِصـَر وَ َأعَادُوا ال ّدوَْلةَ الفَاطِ ِمّيةَ‪ ،‬وَ َلك ْ‬
‫م ْ‬
‫مُخَطّ َطهُم َقبْلَ أَ ْن َيتِمّ َحيْ ثُ كَا َن مِ نْ ضِ ْم ِن مَ نْ أَدْ َخلَو هُ َم َعهُ مْ فِ يْ ا ُلؤَامَ َرةِ وَ َأطَْلعُو هُ عَلَى‬
‫َخِبْيئَِتهِم المَيُ َزيْ نُ ال ّديْ ِن عَل ّي ب ُن الوَاعِ ظِ الذِ يْ َأبَ تْ نَفْ سُهُ أَن َت ْقبَ َل ِبهَذِ هِ ال ّدِنْيئِة‪َ ،‬و هَذِ هِ‬
‫ك ثُمّ ا ْستَ ْدعَاهُ ْم وَاحَدا‬ ‫الَيَاَنةُ َفأَ ْخَبرَ صَلحَ الدّي ِن بِمَا تَعَاقَ َد عَلَ يه ال َقوْ مُ َفكَافَأ هُ عَلَى ذَلِ َ‬
‫وَاحَدا‪ ،‬وَ َقرّ َرهُم بِذَلِ كَ فَأقرّوا ثُمّ ا ْعتَقََلهُم َو ا َسَتفْتَى ال ُف َقهَاءَ فِ يْ َأمْ ِرهِ مْ فَأفتـو ُه ِبقَتِْلهِم‪،‬‬
‫َف َقتَل رُؤو سَهُم وَ َأ ْعيَانَهُم َو َعفَى عَ نْ َأتْبَا ِعهِم َو غُلْمَاِنهِم وَ َأمَر ِبَنفْ ِي مَ ْن َبقِ َي مِ نْ َجيْ شِ‬
‫ال ُعَبيْدِييـنَ إِلَى أَ ْقصَى البِلد‪.‬‬

‫ح ًة ُمنِيْ َر ًة مِ ْن تَا ِريْخِِها‪ِ ،‬إذْ َأعَادَ صَلحُ ال ّديْ ِن البَلدَ إِلَى‬ ‫صفْ َ‬ ‫ك تَ ُكوْ نُ مِ صَر َق ْد بَدَأ تْ َ‬
‫َو بِذَلِ َ‬
‫صفُوفَهُ مِ نْ جَديدٍ‬ ‫ح يُ َرتّ بُ ُ‬
‫سنّي مِ نْ َجدِيد وَ أَرْ َج َع َتَب ِعيَّتهَا لل ّدوَْل ِة ال َعبّا ِسّيةِ ثُ مّ رَا َ‬
‫ب ال ّ‬‫الَ ْذهَ ِ‬
‫َاتـ لغْتِيَالِه لــا‬
‫ي ا ُلؤْا َمر ِ‬
‫ِيـ َتدْبِ ِ‬
‫َهـ وَ ُمحَا َولَتَهُم ال َعدِي َد َة ف ْ‬
‫َو لول ُمشَاغَ َلةُ الرّافِضَ ِة ل ُ‬
‫صرُ الكَبِي ـ ُر لِل ّمةِ الِ سْلمِّيةِ إل عَا ِم خ سمائة َو ثَلثةٍ َو ثَمَانِيَ‬
‫تَأخ ـ َر َبعْ َد ذلَ كَ النّ ْ‬
‫ح ال ّديْ ِن ِبقِتَالِ الرّافِضَ ِة َو ل ـَا تَ َمكّ نَ مِ نَ القَضَاءِ عَلََيهِ مْ‬
‫ش َغلَ صَل ُ‬
‫ث انْ َ‬
‫ج َرةِ حَيْ ُ‬
‫للهِ ْ‬
‫غ ِلقِتَا ِل ال صّليبييـنَ‪َ ،‬و مِ ْن ثَمّ ا سِْتعَا َد ِة َبيْ تِ‬
‫ع َبعْدَهَا أَ ْن يَتَفرّ َ‬
‫َكدَوَلةٍ وَ َك ُق ّوةٍ ا سْتَطَا َ‬
‫س مِنْ َأيْدِيهِمْ ِفيْ َموِْق َعةِ "حِ ّطيْنَ" الفَاصَِلةِ‪.‬‬
‫ا َلقْدِ ِ‬

‫‪535‬‬
‫ح الدّيْ نِ َرحِمَ هُ ال تَعَال ِبقَدْ ِر مَا هِي تُ َمثّلُ ال ّرمْ َز النّا صِرَ‬
‫وَ ِلهَذَا ُكلّـه فِإِ نّ شَخْ صِيةَ صَل ِ‬
‫ض ِة وَ‬
‫ظ ِمْنهَا ُرؤُوسُ الرّاِف َ‬
‫لِدِينِ الِ و الُجِدّدَ لعِ ّز هَذِ ِه المّـ ِة ِعنْدَ َأهْلِ السّنةِ‪ِ ..‬بقْد ِر مَا َتغِي َ‬
‫صيّة‪.‬‬
‫خِ‬‫ِبقَدْ ِر مَا يُب ِغضُو َن هَ ِذهِ الشّ ْ‬

‫صعَبٍ الزّ ْرقَاوِي‬


‫َأبُ ْو مُ ْ‬
‫َأمِيْ ُر تَنْظِي ِم القَا ِع َدةِ ِف ْي بِلدِ الرّافِ َديْن‬

‫س شُوْرَى الُجَاهِدِينَ ِف ْي ال ِعرَاق‬


‫ضوُ َمجْلِ ِ‬
‫وَ عُ ْ‬
‫ق – بِلدُ الرّافِ َديْن‬
‫ال ِعرَا ُ‬

‫‪536‬‬
‫الخطاب الربعون‬

‫سِلسِلَةُ مُحَاضَراتِ‪:‬‬
‫َهلْ َأتَاكَ حَدِيثُ الرّافِضَةِ‬
‫الُز ُء الثّانِي‬

‫‪ 5‬جادى الول ‪ 1427‬هـ‬


‫‪ 1‬يونيو‪/‬حزيران ‪ 2006‬م‬

‫بِصَوْتِ الشَيخ‬
‫ب الزّرْقَاوِي ( َرحِ َمهُ ال)‬
‫أَِبيْ مُصْع ٍ‬

‫بِ سْمِ الِ‪ ،‬وَالَمدُ لِ‪ ،‬وَال صّل ُة وَال سّل ُم عَلَى َسيّ ِد الَل ِق ُمحَمّ د‪َ ،‬وعَلَى آلِ ِه َوأَ صحَابِهِ‬
‫الكِرَامِ‪َ ،‬ومَ ْن تَِب َعهُمْ إِل يَو ِم ال ِقيَا َمةِ مِ َن الَخيَارِ‪ ...‬أمّا بَعد‪:‬‬

‫ضةَ يَظ َهرُو نَ مِ نْ جَدِيدٍ‪ ،‬وَلكِ نْ‬ ‫فَفِي َأثْنَاءِ الطّورِ الثّانِي لِلخِل َف ِة العَبّا سِيّةِ نَ ِ‬
‫جدُ أَنّ الرّاِف َ‬
‫ب يَلبَ سُ جِلدَ الشّاةِ فَل‬
‫س التّقّي ِة التِي يَدِينُو نَ ِبهَا َحتّى تَظهَرَ َلهُم الدّوَلةُ وَاليَد؛ كَالثّعلَ ِ‬ ‫بِِلبَا ِ‬
‫ع بِهِ إِِل الرّاعِي الُضيّعُ لِ َر ِعّيتِهِ‪ ،‬وَالغَافِ ُل ِبأُمُورِ دُنيَاهُ عَنْ ُأمُورِ دِينِهِ‪.‬‬
‫يَنخَ ِد ُ‬

‫‪537‬‬
‫فَرَاحُوا يَتَ َمّلقُو نَ َوَيَتقَ ّربُو نَ ِنفَاقَا مِ نْ ِكبَارِ الَ سؤُولِيَ فِي الدّوَلةِ‪َ ،‬ويُعِلنُو نَ الوَلءَ وَالطّا َع َة‬
‫ِنـ الَُلفَاءِ‬
‫َعـ بِه ِم َكثِيٌ م َ‬ ‫سـرّا‪َ ،‬حتّىـ انَد َ‬ ‫ِنـ القَولِ ِ‬ ‫َجهْرَا‪ ،‬وَي ُبّيتُو َن م َا ل يَرض َى م َ‬
‫ال َعبّا ِسيّيَ‪...‬‬

‫ضيّ الشّهِيُ "اب نُ‬


‫صبَ الَا ّم َة وَالَ سّا َسةَ فِي الدّوَلةِ‪َ ...‬ومِث ُل هَذَا الرّاِف ِ‬
‫َفنَرَاهُ ْم ُيقَلّدُوَنهُ ْم ا َلنَا ِ‬
‫العَلقَمِ يّ" الذِي قَلّدَ ُه الَلِي َف ُة الُستَعصِ ُم الوَزَا َرةَ غَفَل ًة مَن ُه َوتَضيِيعًا‪َ ،‬وإِل‪َ ..‬أمَا كَانَت تَكفِيهِ‬
‫ضةُ ِبأَجدَا ِدهِ‪..‬؟‬
‫ب مِمّا َفعَلَهُ الرّاِف َ‬
‫العِ ُب مِ َن التّارِيخِ القَرِي ِ‬

‫ص َد لنَا التّارِيخُ جَرائِ َم القَومِ وَ ِخيَانَاِتهِم‪ ،‬وَُقعُو َدهُ ْم‬


‫وَلكِنْ لِيقضِيَ الُ أَمرًَا كَانَ مَفعُولً‪ ،‬وَِليَر ُ‬
‫سّنةِ كُ ّل مَر صَدٍ‪ ،‬وَهُم َيتَرَّقبُو نَ ِبهِ مُ ال ّدوَائِرَ‪َ ..‬فمَاذَا كَا نَ َجزَاءُ الَلِي َفةِ ال َعبّا ِسيّ إِل‬
‫لَهلِ ال ّ‬
‫أَ ْن تَآمَ َر الَاقِدُ "اب نُ العَلقَمِ يّ" مَ َع شَيخِ هِ الرّاِفضِيّ "نَ صِيُ الدّي نِ الطّو سِيّ" عَلى هَد مِ البِلدِ‬
‫ك الّتتَارِ بِ ُدخُو ِل بَغدَادَ‪َ ،‬و َوعَدُو ُه‬‫وَقَتلِ ال ِعبَا ِد وَخَل ِع الَلِي َفةِ بَعدَ أَ نْ رَا سَلُوا "هُولكُو" مَلِ َ‬
‫ص َرتِهِ وَالتّوطِيِ لَ ُه مِ نْ خِللِ ِخ ّط ٍة وَحِيَل ٍة َمكَ َر ِبهَا اب ُن العَلقَمِ يّ؛ حَي ثُ أَوهَ َم الَلِي َفةَ‬‫بِ ُمنَا َ‬
‫شكّلُو َن عِبئَا‬ ‫لنُودِ َكثُ َر وَزَا َد عَلى دِيوَا نِ الُندِ َحتّى بَاتُوا مِ نْ كَث َرِتهِم يُ َ‬
‫ال َعبّا ِس ّي بَِأنّ عَدَ َد ا ُ‬
‫َاجـ فِي مَرَاِفقِهَا الُخرَى أَكثَ َر مِن حَا َجتِهَا فِي‬ ‫اقتِصـَا ِديّا عَلى الدّوَلةِ‪َ ،‬وأَنّ الدّوَل َة تَحت ُ‬
‫الُندِ‪...‬‬

‫َفَأشَارَ عَلِيهِ َأنْ يُقَلّ َل نِسبَ َة الُندِ‪...‬‬

‫ب تِل َو الكَتَائِب‪َ ..‬فبَعدَ‬


‫ح ال َكتَائِ َ‬
‫ح يُ سَرّ ُ‬
‫فَمَا إِن وَافَ َق عَلَى هَذِ هِ الفِك َرةِ وَهَذَا الَب َدأِ؛ َحتّى رَا َ‬
‫ب الاَئةَ أَلفٍ‪ ،‬صَارُوا قُرَاَب َة العَش َرةِ آلفِ جُن ِديّ‪..‬‬ ‫لنُو ِد مَا ُيقَارِ ُ‬
‫أَنْ كَانَ عَدَ ُد ا ُ‬

‫ك َيقُو ُل اب نُ َكثِيٍ‪" :‬وَكَا َن الوَزِي ُر اب نُ العَلقَ ِميّ قَب َل هَذِ هِ الَا ِدَث ِة يَجَتهِدُ فِي صَر ِ‬
‫ف‬ ‫وَفِي ذَلِ َ‬
‫ت العَسَاكِرُ فِي آ ِخرِ َأيّا ِم الُستَنصِرِ َقرِيبَا مِ ْن مَاَئةِ‬ ‫سهِم مِنَ الدّيوَانِ‪َ ،‬فكَانَ ِ‬ ‫طا ِ‬ ‫ش َوإِسقَا ِ‬ ‫الُيُو ِ‬
‫ف مِنهُ ُم مِ َن ا ُلمَرَا ِء مَ ْن ُهوَ كَالُلُو ِك الَكَابِ ِر الَكَا سِرِ‪ ،‬فََل ْم يَزَ ْل يَجَتهِدُ فِي تَقلِيِلهِ مْ إِل‬
‫أَل ٍ‬
‫ب التّتَا َر َوأَط َم َعهُم فِي أَخ ِذ البِلدِ‪ ،‬وَ َسهّلَ عَليهِم‬ ‫أَ نْ لَم يَب قَ ِسوَى عَش َرةِ آل فٍ‪ ،‬ثُمّ كَاتَ َ‬
‫ذَلِ كَ‪ ،‬وَ َحكَى َلهُ مْ َحقِي َق َة الَالِ‪ ،‬وَكَشَ فَ َلهُ مْ ضَع فَ الرّجَالِ؛ وَذَلِ كَ كُلّ ِه طَ َمعَا مِن هُ أَ نْ‬

‫‪538‬‬
‫سنّ َة بِالكُّلّيةِ‪ ،‬وَ أَ ْن يَظهَ َر البِ ْدعَةَ الرّاِفضِّيةِ‪َ ،‬وأَ نْ ُيقِي مَ خَلِي َف ًة مِ َن الفَاطِ ِميّيَ‪َ ،‬وأَ نْ ُيبِيدَ‬
‫يُزِي َل ال ّ‬
‫ب عَلَى أَم ِرهِ‪ ".‬ا‪.‬هـ‪.‬‬ ‫ل غَالِ ٌ‬ ‫العَُلمَا َء وَالُفتِيَ‪ ،‬وَا ُ‬

‫حِيَنهَا أَر سَ َل اب نُ العَلقَ ِميّ إِل "هُولكُو" يُبِلغُ هُ مَدَى الضّع فِ الذِي حَ ّل بِالدّوَل ِة َوبِالَلِي َفةِ‪،‬‬
‫ح بَغدَادَ‪َ ،‬حتّى إِذَا صَا َر عَلَى حُدُو ِد البِلدِ؛ َخرَ جَ لَ ُه اب نُ العَلقَمِ يّ‬ ‫ج هُولكُو لجِتيَا ِ‬ ‫وَخَ َر َ‬
‫َنـ تُ َدبّرَ‬
‫ِيـ عَلَى أ ْ‬ ‫ابنـ العَلقَم ّ‬
‫ِهـ وَاجتَ َمعُوا ِبهُولكُو‪َ ،‬وَأشَا َر ُ‬ ‫َاصـهِ َوأَهل ِ‬
‫ِنـ خ ّتِ‬
‫فِي َجمَا َعةٍ م ْ‬
‫ج البَلَدِ ِليَسهُلَ‬ ‫صتِهِ مِ نْ َحوَاشِي هِ خَارِ َ‬
‫لِلخَلِي َفةِ خِ ّطةٌ لستِخرَاجِ ِه وَ ِكبَارِ قَا َدتِ هِ َوُأمَرَائِ هِ َوخَا ّ‬
‫ح بَغدَادَ‪..‬‬ ‫ال َقضَا ُء عَليهِ‪ ،‬وَ يَسهُ َل عَليهِم اجِتيَا َ‬

‫ليَاَنةِ لِلخَلِي َف ِة الُستَعصِمِ‪َ ،‬ويُشُيُ عَليِ ِه بَأَ ْن يَخرُ َ‬


‫ج‬ ‫ط الَك ِر وَا ِ‬
‫فَجَا َء اب نُ العَلقَمِ يّ يَن سِجُ ُخيُو َ‬
‫صتَهُ مِ نَ الَا ِشَيةِ وَا ُلمَرَاءِ وَال ُقضَاةِ‬
‫حبُ فِي هِ خَا ّ‬ ‫ِلهُولكُو ِليَعقِ َد َمعَ ُه اجتِمَا عَ صُل ٍح يَ صطَ ِ‬
‫وَالقَا َدةِ‪...‬‬

‫ضيّ‪ ...‬كَيفَ ل‪َ ،‬و ُهوَ الذِي قَ ّربَهُ إِليهِ َو َعّينَهُ لَ ُه وَزِيرَا‪..‬‬
‫َو بِالفِع ِل َوثِ َق الَلِي َفةُ ِبوَزِي ِرهِ الرّافِ ِ‬

‫شهِي؟‬
‫ضيّ ال ّ‬
‫ج ُة َهذَا التّقَا ُربُ السّّنيّ الرّافِ ِ‬
‫ت نَتِي َ‬
‫فَمَاذَا كَانَ ْ‬

‫ض ُة وََأِلفُو هُ‪ِ ..‬إنّ ُه الغَد ُر وَالِيَانَةُ؛ َحتّ ى أَنّ الَلِي َفةَ َلمّ ا‬
‫جةُ هِ َي مَا ا ستَم َرأَ عَليِ هِ الرّافِ َ‬
‫النّتِي َ‬
‫قَدِ َم عَلى هُولكُو ل َيكُ نْ هُولكُو عَا ِزمَا عَلى قَتلِ ِه بَل َت َهيّ بَ ذَلِ كَ‪ ،‬وَلكِنّ اب َن العَلقَمِ ّي‬
‫جعَا هُ عَلى ذَلِ كَ‪َ ،‬ونَ صَحَا ُه ِبقَتلِ ِه وَقَت ِل مَ نْ جَا َء َمعَ هُ َحتّىـتَمّ لَهُم ذَلِ كَ‬
‫وَالطّو ِسيّ شَ ّ‬
‫بِالفِعلِ‪..‬‬

‫ح ًة عَظِي َمةً فِي الّنفَو سِ‪َ ،‬ومِحرََق ًة هَائَِلةً فِي الكُتُ ِ‬


‫ب‬ ‫وَ دَ َخ َل الّتتَارُ إِل بَغدَادَ َفَأوََقعُوا فِيهَا مَذبَ َ‬
‫جأَ إِل بَيتِ ابنِ‬ ‫وَ الَكتَبَاتِ‪ ،‬فَلَم يَنجُ مِنْ ذَلِكَ إِل أَهلُ ال ّذ ّم ِة مِ َن الَيهُو ِد وَالنّصَارَى َومَنْ التَ َ‬
‫العَلقَ ِميّ‪.‬‬

‫ك َيقُو ُل ا ِلمَامُ الذّ َهِبيّ‪:‬‬


‫وَفِي ذَلِ َ‬

‫‪539‬‬
‫حتْ خَا ِوَي ًة عَلى عُرُوشِهَا‪َ ،‬وبَ ِقيَ ْ‬
‫ت‬ ‫"وَفِي َسَنةِ ‪ 656‬ه ـ‪ ،‬أَحَا طَ أَمرُ الِ ِببَغدَادَ َفأَ صبَ َ‬
‫ط مِ نَ‬ ‫حَ صِيدَا َكأَ نْ لَم تَغ َن بِالَم سِ‪ ،‬فَِإنّ ا لِ َوإِنّ ا إِلي هِ رَا ِجعُو نَ‪ ،‬نَازَلَهَا ا َلغُولُ فِي أَخل ٍ‬
‫سفّ ِل َوأَوبَا شٍ مِ َن الُنَاِفقِيَ‪ ،‬وَكُ ّل مَ نْ ل يُؤمِ نْ بِالرّبّ‪ ،‬وَكَا نَ اب ُن العَلقَمِ ّي الوَزِي ُر وَاليًا‬ ‫ال ُ‬
‫ت ال ُقوَى وَجَفّ الرّي قُ‪،‬‬ ‫ضيّ ا جَِلدًا فَلمّ ا ا ستَدَارُوا ِببَغدَادَ‪َ ،‬وخَارَ ْ‬
‫ي وَكَا نَ رَاِف ِ‬ ‫عَلى الُ سلِ ِم َ‬
‫وانَلَعَت الَفئِ َدةُ َأشَا َر الوَزِي ُر عَلى الَلِي َف ِة الُسـتَعصِ ِم بِالِ بِمُصـَاَن َع ِة العَ ُدوّ‪ ،‬وَقَالَ دَعن ِي‬
‫ج وَاستَوثَقَ ِلنَف سِهِ وَِلمَن أَرَادَ‪ ،‬وَجَاءَ إِل الَلِي َفةِ وَقَالَ‬‫أَخ ُر جْ إِليهِم فِي تَقرِي ِر ال صّلحِ‪َ ،‬فخَ َر َ‬
‫إِنّ الَلِ كَ قَد َرغِ بَ أَ نْ ُي َزوّ جَ ابَنتَ ُه بِابنِ كَ َأبِي بَكرٍ‪َ ،‬ويُب ِقيَ كَ فِي الِلَفةِ كَمَا كَا َن الَُلفَاءُ‬
‫مَعَ السّلجُوِقّيةِ‪َ ،‬ويَرحَ َل عَنكَ َفأَجِبهُ إِل ذَلِكَ فَِإنّ فِيهِ حَقنُ ال ّدمَاءِ‪َ ،‬وأَرَى َأنْ تَخرُجَ إِليهِ"‪.‬‬

‫ج الَلِي َفةُ فِي جَم ٍع مِ َن الَعيَا نِ إِل ال سّلطَا ِن هُولكُو‪َ ،‬فأَنزَلَ هُ فِي خَي َمةٍ‪ ،‬ثُمّ دَ َخ َل‬ ‫خرَ َ‬‫فَ َ‬
‫ك يُخ ِر جُ‬ ‫ضرُوا وَضُ ِربَ تْ أَعنَاُقهُ مْ‪ ،‬وَ صَارَ َكذَلِ َ‬
‫حَ‬‫حضُورِ العَقدِ‪ ،‬فَ َ‬ ‫الوَزِيرُ فَاستدعَى الَكَابِرَ ِل ُ‬
‫السـبُ‬
‫ف وَاسـتَ َم ّر القَت ُل وَ ّ‬ ‫طَاِئ َف ًة بَعدَ طَاِئ َفةٍ َفيُقتَلُونـَ‪ ،‬ثُم ّ صـِيحَ ف ِي البَلَدِ‪َ ،‬وبُذِلَ السـّي ُ‬
‫وَالَرِي ُق وَالنّه بُ‪ ،‬وَقَامَ تْ ِقيَا َمةُ بَغدَادَ فَل حَو َل وَل ُق ّوةَ إِل بِالِ بِضعَا َوثَلثِيَ يَومًا‪ ،‬كُلّ‬
‫سيُو ُل مِ نَ ال ّدمَاءِ‪ ،‬وَرُ ِدمَ تْ‬
‫ح يُدخَلُ فِرَق ٌة مِ َن الّتتَارِ فَيح صُدُو َن مَحِّلةً َحتّ ى جَرَت ال ّ‬ ‫صبَا ٍ‬
‫َ‬
‫ح تَحتَ السّيفِ أَلفُ أَلفٍ َوثَاَنُِاَئةِ أَلفٍ‪...‬‬ ‫ج الَدِيَن ِة مِ َن القَتلَى‪َ ،‬حتّى قِيلَ ِإنّهُ رَا َ‬
‫فِجَا ُ‬

‫وَالَ صَحّ َأنّهُم بََلغُوا نَحوًا مِن ثَمَانِمَاَئةِ أَل فٍ‪َ ،‬وهَذَا شَي ٌء ل يَكَا ُد يَنضَب طُ فَِإنّهُم َقَتلُوا فِي‬
‫ح ِة َوبِظَاهِ ِر البَلَ ِد مَا ل يُحصَى‪ ،‬بَل هِيَ مَلحَ َم ٌة مَا جَرى‬ ‫ق وَالَوامِعِ وَالُبيُوتِ وَالَسطِ َ‬ ‫الطّرُ ِ‬
‫صغَارِ مَا َملَ ال َفضَاءَ‪َ ..‬ومِمّ نْ أُسِ َر وَلَ ُد الَلِي َفةِ‬
‫قَطّ فِي الِسل ِم مِثَلهَا‪ ،‬وَسَبَوا مِ َن النّسَا ِء وَال ّ‬
‫صغِ ُي َوإِخوَانُهُ‪ ،‬وَُقتِلَ الَلِي َف ُة وَابنَاهُ أَحَ ٌد وَعبدُالرّحَنِ‪َ ،‬ومِمّنْ ُقتِ َل مَ َع الَلِي َفةِ مِ َن الَعيَانِ‪:‬‬
‫ال ّ‬
‫ي َويُوسُفُ‪ ،‬وَجَمَا َعةٌ مِن أَه ِل البَيتِ‪.‬‬ ‫أَعمَامُهُ عَل ّي وَالُسَ ُ‬

‫ي َو َبنُوهُ َعبْدَ الِ وَعبدَ الرّحْمَ ِن‬ ‫لوْزِ ّ‬


‫حيِي الدّينِ الرًئيسَ العلمَ َة اب ُن ا َ‬ ‫ب مُ ْ‬
‫ج الصّا ِح ُ‬ ‫وَ أَخْ َر َ‬
‫ِنـ العُلمَا ِء وَ‬
‫ـ ْكثِرُونَ م َ‬
‫صـرًا جَمَا َع ٌة مُس تَ‬
‫َنـ ُقتِلَ َبْ‬
‫َتـَأعْنَاَقِهِم‪َ ،‬و مِم ْ‬
‫ض ِرب ْ‬‫َو عَبْ َد الكَرِيِ‪َ ،‬ف ُ‬
‫ت الَحَالُ‪َ ،‬و ا ْسَتوْلَى علْيهَا الري قُ‪ ،‬وَ‬ ‫ت َبغْدَا ُد م نَ أهلها‪ ،‬وَ ُدثِرَ ِ‬
‫الُمْرَا ِء َو الَكَابِرِ‪ ،‬وَ خَلَ ْ‬

‫‪540‬‬
‫صَلتْ النّارُ إل خَ َزَاَنةِ ال ُكتُ بِ‪َ ،‬و عَمّ الَرِي قُ‬
‫للََفةِ‪ ،‬و الَامِ عُ الكَبيُ‪ ،‬حتّى وَ َ‬
‫ا ْحتَرَقَ تْ دا ُر ا ِ‬
‫جي َع البِلدِ‪َ ،‬و ما سَلِمَ إل مَا فيهِ من هؤل ِء اللعيَ) ا‪.‬هـ‪.‬‬

‫سيَاسَِي ِة عندَ ح ّد الضْرَا ِر بالَِلَي َفةِ وَ‬


‫ف هؤلء ال ّروَافِ ضُ الاقدي نَ ف جَرَائِمِه ُم ال ّ‬
‫وَ ل يقِ ْ‬
‫ُسـلِمِيَ‪،‬‬
‫ضرَرُهُم إل عَامّ ِة ال ْ‬
‫لمِّي ِة وَ حَسـْب؛ َب ْل تادَى َ‬
‫ِسـ َ‬
‫ِهـ لسـقاط ال ّدوَْل ِة ال ْ‬
‫حَاشيت ِ‬
‫ُونـ ال َقوَافِلَ‪ ،‬بَلْ أ َخذُوا‬ ‫منـ النّاسـِ‪َ ،‬و يأخُذ َ‬ ‫ُونـ ال ِمنِيَ َ‬ ‫ُونـ الطّرُقـَ‪َ ،‬و َي ْقتُل َ‬ ‫َفأَخَذُوا يقْ َطع َ‬
‫ـئِ َل متَِل َفةً ل ْل َفتْكِـبِالنّاسِـ َو نَشْرِ ال ّرعْبِـَبيْنَهُم‪َ ،‬فقَ ْد بَلَغَـ مِن ْـ جُ ْرَأةِ هَؤُلء‬ ‫َيبَْتكِرُونَـ وَسَا‬
‫ع وَ الَارَا تِ بأغرب الطّرُ قِ‪ ،‬وَ كَا نَ‬ ‫شوَارِ ِ‬
‫س م نَ ال ّ‬ ‫ا ُلفْ سِدِينَ أنّهُم كَانُوا يَخْ ِطفُو َن النّا َ‬
‫جمِ ُه َو الوَيْلُ لَ هُ إ نْ َأبْدَى ُمقَا َو َمةً أو ترّ كَ‬ ‫ف مُلْ ِ‬
‫لوْ ُ‬ ‫الرّجُ ُل َيْتبَ عُ خَا ِطفَ هُ مِن سُكُونٍ َو ا َ‬
‫لِ سَانُهُ طلبًا للنّجْ َدةِ‪ ،‬فَإِذَا َفعَلَ ذلك استقرّ خِنجرُ خا ِطفِ هِ ف َق ْلبِ هِ‪َ .‬فكَا َن الِإنْ سَانُ إِذَا تَأَخّرَ‬
‫ع ْن َبْيتِ ِه عَ ْن اْلوَقْ تِ ا ُل ْعتَادِ ل ُرجُوعِ ِه تََيقّ نَ أهلُ ُه بأنّ البَاطِنّيةَ َقتَلُو هُ‪َ ،‬فَي ْقعُدُوا للعَزَا ِء بِ هِ‪ ،‬وَ‬
‫ع ُمْنفَرِدِي نَ‪ ،‬وَ‬‫شوَارِ ِ‬ ‫صبَ َح النّا سُ ل يْشُو نَ ف ال ّ‬ ‫يَ سُو ُدهُ ُم الُزْ نُ‪َ ،‬و ال سَى َحتّى يَرْجِ عَ‪َ .‬فأَ ْ‬
‫كَانُوا عَلَى غَاَيةٍ م َن الَذَرِ‪.‬‬

‫صوَر ًة ل ا فعلَ ُه البَا ِطنِّيةُ بؤذ نٍ خَ َطفُو ُه فيقولُ‪( :‬وَ َأخَذُوا ‪-‬‬ ‫خ اب ُن الثِيِ ُ‬ ‫َو يُصوّرُ َلنَا الؤرّ ُ‬
‫صعَ َدهُ‬
‫البَا ِطنِيّ ة ‪ -‬ف َبعْ ضِ اليّا مِ مُؤذّنًا أَ َخذَ هُ جَارٌ لَ ُه بَاطنّ َفقَا مَ أهلُ هُ للّنيَا َحةِ عل يه‪َ ،‬فأَ ْ‬
‫الباطن ية إل سَطْحِ دَارِ ِه وَ أَرُو ُه أهْلَ هُ َكيْ فَ يَلْطمُو نَ‪َ ،‬و َيبْكُو َن َو َهوُ ل َيقْدِرُ أ نْ َيَتكَلّ مَ‬
‫خوفًا مْنهُم‪ ).‬ا‪.‬هـ‪.‬‬

‫ل ِميّ‪َ ،‬و نَشْرِ‬


‫خ َدمُوهَا لِ ْلفَتْكِـ بأفْرَادِ الُجَْتمَعِـ الس ْـ َ‬
‫وَ مِن ْـ أسـَالِيبِهم الُخرَى الْتّيـ اسـتَ ْ‬
‫حمَلُون إل منازِ َل وَ دُورٍ غ ِي‬ ‫خَتِل َفةٍ‪َ ،‬و يُ ْ‬
‫ال ّرعْ بِ بينَهُم أنّهُم كَانُوا َيخْ ِطفُو نَ النّا سَ بي ٍل مُ ْ‬
‫َمعْرُوَفةٍ‪ ،‬حي ثُ يَ سْجُنوُنهُم أوْ يقتُلُوَنهُم‪ ،‬وَ كَا نَ إِذَا مَ ّر ب مُ ِإنْ سَانٌ َأخَذُو هُ إِلَى إِحْدَى تِلْ كَ‬
‫ك الغَ َرضِ‪.‬‬
‫الدّورِ‪َ ،‬و هُنَاك ُيعَ ّذبُونَ ُه ثّ َي ْقتُلُونَهُ َو يَ ْرمُونَهُ ف ِبئْرٍ ف تلك الدّارِ ُأعِدّتْ ِلذَلِ َ‬

‫ب ا ُلؤَ ِدّيةِ إل إحْدَى‬ ‫ف النّا سِ أنّ هُ كَا َن يَجْلِ ُ‬


‫س عَلَى أوّلِ الدّرْ ِ‬ ‫وَ كَانَ تْ َطرِيقَُتهُم فِي خَطْ ِ‬
‫ضرِي ٌر م َن البَا ِطِنّيةِ‪ ،‬فَِإذَا َم ّر ب هِ إن سانٌ سَأَلَهُ أَ نْ َيقُودَ هُ خُ ُطوَا تٍ ف هَذَا‬
‫هَذِ هَ الدّورِ رَجُلٌ َ‬

‫‪541‬‬
‫ليْرِ‪َ ،‬فَيقُودَ هُ ف هَذَا الدّرْ بِ َحتّى ِإذَا وَ صَلَ إِلَى‬
‫الدّرْ بِ‪َ ،‬فَتأْخُذَ هُ ال ّرأَْف ُة وَ الحْ سَانُ ِلعَمَ ِل ا َ‬
‫دَا ٍر مِنْ دُورِهمُ َقَبضُوا عليهِ وَ َقتَلُوهُ‪ ،‬وَ َر َم ْوهُ ف البئرِ‪.‬‬

‫ف النّا سُ حِيَل َة البَا ِطَنّيةِ هذِه‪َ ،‬ف َفتَكُوا بِهِم وَ َقتَلُوهُم‪ .‬فَفِي أح ِد‬ ‫وَ َلكِ نْ ل يَ ْلبَ ثْ أَ ْن ا ْكتَشَ َ‬
‫ِسـ ل‬ ‫َهـ فَ َرأَى فَيهَا ِثيَابا‪ ،‬وَ أحْ ِذَيةً‪ ،‬وَ َملَب َ‬ ‫صـدِيقٍ ل ُ‬‫أنـ رَ ُجلً َدخَلَ دَارَ َ‬ ‫ّامـ صـَا َدفَ ْ‬ ‫الي ِ‬
‫شفُوا عَ نِ‬ ‫س بِمَا رَآ هُ فَدَاهَ مَ النّا سُ البي تَ‪ ،‬وَ كَ َ‬ ‫ج م ْن ِعنْده‪َ ،‬و َتحَدّ ثَ ِل ْلنَا ِ‬ ‫خرَ َ‬ ‫َيعْهَ ْدهَا‪ ،‬فَ َ‬
‫حثُو نَ عَمّ نْ ُقتِ َل ِمنْهُم‪،‬‬ ‫س وَ أَخَذُوا يَبْ َ‬‫لبِ سِ‪َ ،‬و الّثيَا بَ َفعَرَفُوا أّنهَا مِ َن ا َل ْقتُولِيَ‪َ ،‬فثَا َر النّا ُ‬ ‫ا َل َ‬
‫ي الفَقِي هِ‬
‫جنَدِ ّ‬ ‫سعُو ٍد ب ِن ُمحَمّ ٍد الِ ْ‬ ‫َو تَجَرّدُوا لِلنِتقَا مِ م َن البَا ِطِنّيةِ ِب ِقيَادةِ العَالِ مِ أب القَا سِمِ مَ ْ‬
‫حةِ‪ ،‬وَ َأمَرَ َبفْرِ الخَادِيدِ‪ ،‬وَ َأوْقَ َد فيهَا الّنيَران‪ ،‬وَ َأمَ َر العَا ّمةَ‬ ‫جمَ َع النّا سَ بال سِْل َ‬ ‫الشّاِفعِ يّ‪ ،‬فَ َ‬
‫س بأ ْن َيأْتُوا بالبَاطِِنّيةِ أ ْفوَاجا‪َ ،‬و ُمْنفَرِدِين َفيُ ْلقُوَنهُم ف النّارِ َحتّى َقتَلُوا منهم َخ ْلقًا‬ ‫م َن النّا ِ‬
‫كَثيا‪.‬‬

‫خهِ ُم الَ سْ َودِ ف قَ ْط ِع ال ّطرِي قِ‪ ،‬وَ قَ ْت ِل المنيَ وَ‬


‫وَ للعِلْ مِ فإنّ مَا سََبقَ ذِ ْكرُ هُ م نْ تاريِ ِ‬
‫ت مَا‬
‫خَ ْطفِهِم‪َ ،‬و خَوْ فِ النّا سِ َو انقِطَا عِ َرجَاِئهِم ف مَ ْن يَفَْت ِقدُونَ هُ من َأهْلِيهِم ُهوَ ذَا ُ‬
‫ل ِد الرّا ِف َديْ نِ م ْن قَِبلِ ال ّروَافِض‪ ،‬بَ ْل إّنهُم َيتَ سَتّرُونَ ف‬
‫ق وَ بِ َ‬
‫ض العِرَا ِ‬
‫حدُ ثُ الَيوْ مَ ف أَرْ ِ‬
‫يَ ْ‬
‫ليْ شِ وَ الشّ ْر َط ِة لَيكُو نَ ُل ُم ال سّلْطَة ِجهَارًا نارًا ف ا ْقِتيَادِ الرّجَالِ م َن بُيُوتِهم َو مِ ْن‬
‫ِلبَا سِ ا َ‬
‫ل يَستَطِيعُ‬
‫شهَا‪َ ،‬ف َ‬ ‫ج ِة َتفْتِي ِ‬
‫ثّ َتعْذِيَبهًم‪ ،‬وَ َقتَْلهِم‪َ ،‬و العْتِدَا َء عَلَى النّ سَاءِ‪َ ،‬و َنهْب البُيُو تِ ُب ّ‬
‫أحَ ٌد َمْن َعهُم‪.‬‬

‫ب ا ُلؤَ ّهلَ تِ وَ ال َكوَا ِد ِر العِلْ ِمّيةِ خَا صّة‪ ،‬فَ َم ْن يقو ُم‬
‫ت َتَتقَ صّى أَ صْحَا َ‬ ‫بَلْ إ نّ َجرَائِ َمهُم صَارَ ْ‬
‫صيّ َدهُم‬
‫سّنةِ‪َ ،‬و مَ ْن َيتَ َ‬‫بِجَرَائِ مِ ا ْغِتيَالِ الَ سَاتِ َذ ِة الكَادِيييَ‪َ ،‬و القُضَاةِ‪َ ،‬و العُلَمَاءِ م نَ َأهْ ِل ال ّ‬
‫ض َو ِبَأوَامِرٍ من مَ ْر ِج ِعيّاِتِهم ُتعْطَى ِل َفيَاِل ِقهِم عَلَى َشكْ ِل َبيَانَا تٍ َمنْ سُو َخةٍ‪،‬‬
‫غَيْر هؤلءِ ال ّروَافِ ِ‬
‫ت نُ سَخٌ من هَذِ هِ الَبيَانَا تِ عَبْ َر الْنتَ ْرنِ تْ َف َق َرَأهَا القَا صِي وَ الدّانِي‪ ،‬وَ ل َمجَالَ‬ ‫وَ قَ ْد تَ سَ ّربَ ْ‬
‫لِِإنْكَا ِرهَا‪.‬‬

‫‪542‬‬
‫ل ِميّ‪َ ،‬و بَ َدؤُوا يَ ْ‬
‫جتَاحُو َن العَالَ مَ‬ ‫لهَادِ الِ سْ َ‬
‫وَ فِي َعهْ ِد العُثْمَانِييَ الذّي َن جَ ّددُوا َحرَ َكةَ ا ِ‬
‫س َرهَا الُسِْلمُونَ َأْثنَاءَ الغَ ْز ِو‬
‫ل ِميّة التّي خَ َ‬ ‫سَتعِيدينَ بذلك الِبلَ َد السْ َ‬ ‫صلُوا إِلَى أُو ُربّا مُ ْ‬‫حتّى وَ َ‬
‫ضّيةِ ال ِفكْرِ‪ ،‬وَ ا َلْنهَجِ‪ ،‬الَيهُو ِدّي ِة الصْلِ‪ ،‬وَ ا ِلنْشَأ‪ ،‬وَ‬ ‫ت يَ ِد الغَدْ ِر َو الِيَاَنةِ الرّاِف ِ‬
‫الصّلِيِبيّ؛ قَامَ ْ‬
‫ض ّد ال ُكفْ ِر وَ‬‫ي وَ بيَ ِجهَادِهِم ِ‬ ‫ُسـلِمِ َ‬ ‫َنـ َظهْ َر ال ّمةِ لَتحُولَ بيَ ال ْ‬ ‫أنـ تَ ْطع َ‬‫َتـ ْ‬ ‫التّيـ ا ْعتَاد ْ‬
‫شغَا َل العُثْمَانِييَ َأْثنَاء َت َوغِّلهِم ف قَلْبِ أُو ُربّا مُجاهِدِينَ‬ ‫سَتغِلّ انْ ِ‬‫ت مِنْ جَدِيد لتَ ْ‬ ‫ال ُكفّارِ‪ ،‬امْتَدّ ْ‬
‫ل ِمّيةِ ال ُعثْمَانِيّة براءةً‪َ ،‬و ُمتَحَاِلفِيَ مَ عَ‬
‫للَفةِ ال ْس َ‬‫ت انفِ صَالِّيةٍ خَارجِيَ عَ ْن ا ِ‬ ‫ِلَيقُومُوا بركا ٍ‬
‫لمَ ولءًً‪َ .‬فَتعََا َونُوا م َع ال ِبيَطاِنييَ‪َ ،‬و البُْ ُرتَغالييَ‪ ،‬وَ الفِرِنسييَ‪ ،‬وَ الرّوس‪ ،‬حتّى‬ ‫َأعْدَا ِء ال ْس َ‬
‫للَ فة اِلعثمانِّي َة وأنكُوهَا َفكَانُوا مِ نْ أَ ْكبَرِ أَ ْسبَابِ ُسقُوطِهَا حي ثُ َشكّلُوا عِ ّدةَ‬ ‫ض َعفُوا ا ِ‬‫أَ ْ‬
‫ت انفِصَاليةٍ؛ فَكَانَ الصَ َف ِويّونَ ف َشرْوَان‪ ،‬وَ ال ِعرَا قِ‪ ،‬وَ فَارِس‪ ،‬وَ‬
‫َجَبهَاتٍ‪َ ،‬و عِ ّدةَ َحرَكَا ٍ‬
‫لدِ فَارِ سٍ‪ ،‬وَ لَهُم َنشَاطَا تٌ ف مَنَاط قِ مَُت َفرّقَة‪َ ،‬و القَا ْديَانّ ية ف الِ ْندِ‪ ،‬وَ‬
‫البَهَائِيّو نَ ف بِ َ‬
‫النّصَ ْيرِيّة‪َ ،‬و الدّرُوز ف بلدِ الشّامِ‪.‬‬

‫ب ال سّيِا ِسيّ ُخرُوجُهُم عَلَى ا ِ‬


‫للََفةِ ال ُعثْمَانِّيةِ‪َ ،‬و تأ سَيسُ‬ ‫ص َفوِييَ ف الَانِ ِ‬
‫فَمِ ْن َجرَائِ ِم ال َ‬
‫س مائةٍ ِللْمِيلَدِ ‪ 1500‬م‪ُ ،‬معِْلنِيَ دِي نَ الرّفْ ضِ عَلَى‬ ‫ف وَ َخمْ ِ‬ ‫سَتقِّلةٍ لَهُم عَا مَ أل ٍ‬‫َدوَْل ٍة مُ ْ‬
‫سّن ِة الّذي نَ كَانُوا يُشَكّلُو نَ أَكْثَ ِرّيةً‬
‫الِبلَدِ كَدِي نٍ أَ سَاس‪ ،‬وَ ل َي ْكتَفُوا ِبهَذَا‪ ،‬بَلْ حَا َربُوا َأهْلَ ال ّ‬
‫ي بِالائةِ ‪ .% 65‬ثُمّ َتحَاَلفُوا َبعْدَ ذَلكَ‬ ‫ت نِسَْبُتهُم مَا ُيقَارِبُ بِخَ ْمسٍ وَ ِستّ َ‬ ‫ث بََلغَ ْ‬
‫فِيهَا‪ ،‬حي ُ‬
‫س مائةٍ و ثانيةٍ و ثانيَ لِ ْلمِيلَدِ‬ ‫ي عا مَ أل فٍ و خْ ِ‬ ‫صفَوِ ّ‬
‫جلِيز ف َعهْدِ الشّاه َعبّا سٍ ال ّ‬ ‫مَ َع النْ ِ‬
‫ع فيهَا َمعَهُم‬ ‫‪ 1588‬م‪ ،‬وَ م ّكنُوا لَهُم ف الِبلَدِ‪ ،‬وَ َجعَلُوا لَهُم فِيهَا َأوْكَارًا َيتِمّ ال ْجتِمَا ُ‬
‫ستَشَارِيهِ كَانُوا مِ َن النْجلِ يز‪ ،‬وَ َأ ْشهَرَهُم ال سّي‬ ‫للََف ِة العُثماِنّيةِ لدَرَ َجةِ أ ْن مُ ْ‬
‫لِ ْلتَآمُرِ ضِدّ ا ِ‬
‫َأنْطُونِي‪ ،‬وَ رُوبَرْت تشِيْلِي‪.‬‬

‫ب الدّي ِن َو ال َعقِي َدةِ؛ فَ ِمْنهَا صَرُْفهُم الُجّا جَ اليرَانِييَ‬


‫وَ َأمّا َجرَائِ ُمهُم ف مَا يََتعَلّ قُ بِجَانِ ِ‬
‫ل الَرَامِ ف َمكّةَ ا ُلكَ ّر َمةِ‪.‬‬
‫شهَدْ‪ ،‬بَدَ َل أنْ يَحُجّوا إلَى َبيْتِ ا ِ‬
‫م َن الَجّ إل مَ ْ‬

‫‪543‬‬
‫ي بِالَجّ إِل مَشهَ َد مُبتَدِءَا ِبنَف سِهِ سَيًا عَلى الَقدَا مِ؛ ِليَصرِ َ‬
‫ف‬ ‫صفَوِ ّ‬ ‫حَي ثُ قَا َم شَا هُ َعبّاس ال ّ‬
‫حتْ مَشهَ ُد مَدِيَن ًة ُمقَدّ َسةً‬
‫ك الِي أَصبَ َ‬
‫النّاسَ عَ ْن الَجّ إِل مَ ّك َة وَِليَكُو نَ قُد َوَتهُ مْ‪َ ،‬ومِ نْ ذَلِ َ‬
‫ضةِ الِيرَانِيّيَ‪.‬‬
‫لَدَى الرّاِف َ‬

‫َوفَتَحَ الصّ َف ِويّونَ فِي عَهدِ الشّاهِ عَبّاسٍ بِل َدهُم لِل ُمبَشّرِي َن الغَرِبيّيَ َحتّى سَمَحُوا َلهُمْ بِِبنَاءِ‬
‫سيَا ِسيّ‪.‬‬
‫ي وَال ّ‬
‫ي وَالعَسكَرِ ّ‬
‫ال َكنَاِئسِ َومَدّ جُسُو ٍر مِ َن الّتعَاونِ القتِصَادِ ّ‬

‫لضَا َرةِ"‪َ :‬وإِث َر ُظهُو ِر البُرُتغَالِيّيَ فِي‬


‫ك َيقُولُ " سَلِيمُ وَاكِي مُ" فِي ِكتَابِ هِ "إِيرَا نُ فِي ا َ‬ ‫وَفِي ذَلِ َ‬
‫ت هَذِ هِ العَلقَا تُ‬ ‫ت تِجَا ِرّي ًة مَ عَ إِنِلتِرَا وَفَرَن سَا َوهُولندَا‪َ ،‬و َمهّدَ َ‬
‫الِن َط َقةِ بَ َدأَ تْ إِيرَا نُ عَلقَا ٍ‬
‫إِل اتّ صَالتٍ عَلى مُ ستَوىً دُبلُومَا ِسيّ َوَثقَافِيّ وَدِينِيّ عِن َد اعتِل ِء شَا ِه َعبّاس ا َلوّ َل عَر شَ‬
‫س عَا مَ ‪ 1587‬م‪ ،‬وَ سُجّلت تَغيِيا تٌ أَ سَا ِسّيةٌ فِي البِل ِد وَفِي عَلقَاتِهَا مَ َع الغَر بِ‪،‬‬ ‫فَارِ َ‬
‫ص بَلطُ هُ بِا ُلبَشّرِي نَ‬
‫سيَا ِسيّ الذِي أَح َدثَ ُه شَا ُه َعبّاس أَ ْن غَ ّ‬ ‫حوّ ِل ال ّ‬
‫وَكَا نَ مِن َنتَائِ ِج التّ َ‬
‫ّونـ‬
‫َالصـنّاعِ وَالُنو ِد الُرتَزََقةِ؛ َفبَن َى الغَربِي َ‬
‫يو ّ‬ ‫َاسـيّ َ‬
‫َنـ التّجّا ِر وَالدّبلوم ِ‬ ‫لع ْ‬ ‫ِسـسُ‪ ،‬فَض ً‬ ‫وَالق َ‬
‫ال َكنَاِئسَ فِي إِيرَانَ‪.‬‬

‫وََأمّا الَبهَائِيّو نَ َفقَد َخرَجُوا عَلَى الدّوَل ِة العُثمَاِنّيةِ َوتَعَا َونُوا مَ َع الستِعمَا ِر الِنلِيزِ يّ‪َ ،‬ونَادُوا‬
‫ف الستِعمَا ِر الِنِليزِ يّ‪ ،‬مِمّا يَعنِي الستِسلمَ وَالُنَو َ‬
‫ع‬ ‫لهَا ِد بَل إِلغَائِ هِ َأمَا مَ زَح ِ‬
‫ِبتَعطِي ِل ا ِ‬
‫للسِتعمَارِ‪ ،‬وَكَانُوا مُرَتبِطِيَ بِالَحَاِف ِل الصّهيُوِنّيةِ؛ كَالَاسُوِنّيةِ السّرّيةِ وَالتِي يُدَا ُر مِن خِلِلهَا‬
‫لهَادِ‬‫َهـ قَائِ َمةٌ‪َ ،‬ويُ َدبّرُ ِلقَا َد ِة الِسـلمِ وَا ِ‬
‫ُومـ ل ُ‬
‫ِهـ َحتّىـ ل تَق َ‬‫ِينـ الِسـلمِ وَدَوَلت ِ‬‫التّآمُ ُر عَلى د ِ‬
‫ت وَالقَتلِ‪..‬‬‫ط الغتِيَال ِ‬ ‫خُطَ ُ‬

‫وََأمّا القَا ِديَانِيّو نَ َفقَد َتعَا َونُوا مَ َع الِنلِيزِ‪ ،‬بَل ِإنّ الِنلِي َز هُ مْ الذِي نَ سَاهَمُوا فِي نَشأَِتهِم‪،‬‬
‫ي الُنتَظَر‪ ،‬ثُمّ استَمَرّ َحتّى ا ّدعَى الّنبُوّة‪َ ،‬وأَمَ َر‬‫خرَ جَ َزعِي ُمهُ ْم "غُلم أَحَد" يَ ّدعِي َأنّ هُ الَهدِ ّ‬‫فَ َ‬
‫لهَادِ َحتّ ى يُخَذّلَ أَتبَاعَ هُ عَ نْ ِجهَا ِد الِنل يز الذي كَا نَ عَلى َأشُدّه‪ ،‬الَمرُ الذِي‬ ‫ِبتَعطِي ِل ا ِ‬
‫شئُوا إِل مِن أَج ِل تَعطِي ِل الِهَادِ‪ ،‬فَلِذَا نَجِدُ أَتبَا َعهُم ْـ اليَومَـ يَنشُطُونَـ‬ ‫يَدُ ّل عَلى َأنّهُم مَا أُن ِ‬
‫لهَادِ ضِ ّد الَيهُودِ الُحتَلّيَ‪.‬‬‫خذّلُوا عَ ْن ا ِ‬
‫أَكثَرَ فِي فِلسطِيَ َحتّى يُ َ‬

‫‪544‬‬
‫ييّونَ َفكَذَلِ َ‬
‫ك َتعَاوَنُوا مَ َع الصّلِيبِيّيَ أَثنَا َء الغَز ِو الصّلِيبّ‪ ،‬وَكَانُوا َسَببَا فِي ُسقُوطِ‬ ‫وََأمّا النّصَ ِ‬
‫ي وَكَانُوا َسَببًا فِي‬
‫ت الَقدِ سِ‪ ،‬كَمَا َتعَا َونُوا مِن َقبْ ُل مَ َع الّتتَارِ ضِ ّد الُ سِلمِ َ‬
‫بِلدِ الشّا ِم َوبَي َ‬
‫ح بِلدِ الشّامِ‪..‬‬ ‫اجتِيَا ِ‬

‫وََأمّ ا الدّرُوزُ‪ ..‬فَقَد تَ َطوّ َ‬


‫ع عَدَدٌ َكبِ ٌي مِ نْ أَبنَائِهِم فِي جَي شِ الدّفاَ عِ ال صّهيُوِنيّ طَ َمعَا فِي‬
‫ـةِ ‪ 1967‬م ذَاقَـ‬ ‫ـقِّل ٍة لُم فِي كُ ّل مِن ْـ سـُو ِريّا وَلبنَانـَ‪ ،‬وَفِي حَربِـ سََن‬ ‫انشَاءِ دَوَلةٍ مُس َت‬
‫الُسلِمُونَ فِي الُول ِن وَالُر ُدنّ الوَيل تِ مِ نَ الدّرُو ِز العَامِلِيَ فِي جَِي شِ الدّفَا عِ الِسرَائِيِليّ‬
‫صغِيَا‪.‬‬
‫وَلَم يَر َحمُوا شَيخًا َكبِيَا وَل طِفلً َ‬

‫ض الدّوَلةِ العُثمَانِّيةِ‪َ ،‬وبَع َد تَفتِي تِ العَالَ ِم الِ سل ِميّ إِل ُدوَيل تٍ قَومِّيةٍ كَمَا‬
‫وَ عَلى أَنقَا ِ‬
‫شكّلَت فِي بِلدِ فَارِ سَ إِيرَان‪،‬‬ ‫صهَايَِن ُة وَال صّلِيِبيّونَ‪َ ،‬وعَلَى رَأ ِسهِم الرّافِضَة‪ ،‬تَ َ‬ ‫خَطّ طَ لَهَا ال ّ‬
‫ضةِ‪ ،‬وَلِمَر ِج ِعيّاِتهِم الدّيِنّيةِ‪ ،‬وَصَارَت الَقَرّ ال ّرئِيسَ للجتِمَاعَاتِ‬ ‫َوتَبَلوَرَتْ دَوَل ٌة مَر َك ِزّيةٌ لِلرّاِف َ‬
‫ضةِ أَم ٌر مِن ُأمُورِهِم الَامّ ة‪ ،‬أَو‬ ‫الدّو ِرّيةِ التِي تَجرِي بَيَ فَت َر ٍة َوأُخرَى كُلّمَا ا ستَجَدّ للرّاِف َ‬
‫َاتـ ا ُلمُورِ‪ ،‬الت ِي‬‫َعـ مُج َري ِ‬ ‫َقـ م َ‬
‫َنـ يَخرُجُوا ِبفَتَاوَىً َجدِي َدةً ِل َعوَامِه ِم َتَتوَاف ُ‬ ‫كُلّم َا أَرَادُوا أ ْ‬
‫ُيوَا ِجهُوَنهَا فِي ُدوَِلهِم الُختَِل َفةِ فِي العَالَ مِ‪ ..‬تَمَامًا كَالَيهُودِ فِي اجتِمَاعَاِتهِم ال سّرّيةِ الدّو ِرّيةِ‬
‫ُمتّخِذِي َن مِ ْن هَذِ هِ الدّوَلةِ ا ُلمّ مَركَزًا َومُسَتنَدَا ِلتَصدِيرِ الَذهَ بِ وَالَنهَ جِ الفِكرِيّ َأوّلً‪ ،‬ثُمّ‬
‫سيَاسِّيةِ‪..‬‬ ‫بَعدَ ذَلِكَ ِإعَا َد ُة بَسطِ الّنفُو ِذ وَالسّي َط َرةِ ال ّ‬

‫ك مَا‬
‫ح بِذَلِ َ‬‫صرّ َ‬‫لقِي َقةِ‪َ ..‬أشَارَ "الُمَينَ يّ" فِي ِكتَابِ هِ [الُكُو َمةُ الِ سلمِّيةِ]‪ ،‬وَ َ‬ ‫َوإِل هَذِ هِ ا َ‬
‫صحِي َفةِ "ال سّيَاسَة ِ" ال ُكوَيتِّي ِة ِبتَارِي خِ ‪26‬‬
‫يُ سَمّى بِآَيةِ الِ "شَرِيعةَ مَدَارِي" فِي ِلقَاءٍ لَ ُه مَ عَ َ‬
‫ف الوَاحِدِ‪ِ" :‬إنّ َزعَا َمةَ الشّي َعةِ فِي إِيرَانَ وَفِي قُمّ بِالذّاتِ"‬ ‫يُونيُو عَامَ ‪ 1987‬م‪ ،‬وَقَا َل بِالَر ِ‬
‫َوأَضَافَ قَاِئلً "لبُ ّد مِن مَجِلسٍ أَعلَى لِلشّي َعةِ فِي العَالِ"‪.‬‬

‫َوهَذَا بِالفِع ِل مَا قَا مَ بِه آيَُتهُ ْم َوِإمَا ُمهُم "الُمَيِنيّ" ِحيَ نَادَى بِإِسقَاطِ حُك مِ الشّا هِ ُمتَذَ ّرعَا‬
‫ص ُد ِبذَلِ كَ‬
‫ئ الِسلمِ عَليهَا‪ ،‬وَ ُهوَ يَق ِ‬
‫ِبعِلمَاِنيّتِ هِ‪َ ،‬وَأنّ هُ لبُ ّد مِن ِقيَا ِم ثَو َرةٍ إِسل ِميّةٍ ِلنَش ِر َمبَادِ ِ‬
‫لقِيقِيّ‪..‬‬
‫ضيّ ‪-‬ل الِسل َم ا َ‬
‫الِسل َم الرّافِ ِ‬

‫‪545‬‬
‫سّنةِ مَُتغَافِلِيَ عَن تَارِ ِيهِم الِسلمِيّ‪ ،‬وَ َكأَّنهُم حِيَ‬
‫بَل َحتّى َتفَاعَ َل َمعَ ُه ال َكثِيُ مِ نْ أَه ِل ال ّ‬
‫ضةِ َيعُدّوَنهُم‬
‫ح ِل عَ نْ أَخبَا ِر َوأَحكَا مِ الرّاِف َ‬‫ب الِلَ ِل وَال َعقَائِ ِد وَالنّ َ‬
‫يَق َرؤُو نَ َويَدرُ سُونَ فِي ُكتُ ِ‬
‫مِ َن القُرُو ِن الَالَِي ِة وَالُمَ ِم الغَابِ َرةِ التِي ل وُجُودَ َلهَا وَل امتِدَادَ لُصُوِلهَا فِي حَاضِ ِرنَا‪َ ،‬حتّى‬
‫ك بِكُفرِهِم‬ ‫ك الَوَا بَ َفيَحكُمُو نَ لَ َ‬ ‫ض ِة ُيفَ صّلُونَ لَ َ‬ ‫إِذَا مَا جِئ تَ تَ سأَُلهُم عَ نْ أَحكَا مِ الرّافِ َ‬
‫ب مَعهُم فِي مَا يُمكِ نُ أَن‬ ‫َووُجُو بِ ِقتَاِلهِم مِ َن النّا ِحَي ِة النّظَ ِرّيةِ‪َ ،‬وعَ َمِليّا يَدعُونَ كَ إِل التّقَارُ ِ‬
‫صنِي َعةٌ أَمرِي ِكيّةٌ‪ُ ،‬طبِخَتْ ثُمّ ُأعِدّ َلهَا مِ ْن مَنفَاهُ فِي‬
‫ُيتّفَ َق عَليِهِ‪ ..‬علمًا ِبَأنّ الُمَينِ َي مَا ُهوَ إِل َ‬
‫فَرَنسَا‪..‬‬

‫وَ َه َكذَا َدأَبَت أَمرِيكَا بَل ال صّهيُونِيّةُ عَلَى تَبدِي ِل َوتَغيِيِ عُمَلئِهَا مِن فَت َر ٍة لُخرَى؛ ِإمّ ا‬
‫ب دَورٍ‬
‫حفَا ظِ عَلى العَمِي ِل لِ َلعِ ِ‬
‫لَنّ تَارِي خَ صَلحِّيةَ َأ َحدِهِم َيكُو نُ َق ْد انتَهَى‪ ،‬وَِإمّ ا لِل ِ‬
‫آ َخرَ‪.‬‬

‫وَفِي الّنهَاَيةِ‪ ..‬آلّي ُة تَبدِي ِل العُمَل ِء تُعطِي شَيئًا مِ َن الِدّ َوتَفعِيلِ حَرَ َك ِة الَ صَالِ ِح التِي تَربِ طُ‬
‫العُمَل َء ِبأَسيَا ِدهِم ِلَيكُو َن العَمِيلُ الَدِيدُ أَفضَ َل عَطَا ًء َوأَكثَرَ حَمَاسَا‪..‬‬

‫ل الُمَينِيّ َوأَن صَا ُرهُ الدّنيَا صَ َرخَاتٍ ضِ ّد‬ ‫َومِمّ ا جَاءَ فِي ِكتَا بِ "وَجَاءَ دَو ُر الَجُو سِ"‪َ " :‬م َ‬
‫الوِليَا تِ ا ُلتّحِ َدةِ‪ ،‬فَقَالُوا‪ :‬أَمرِيكَا وَرَاءَ اضّطهَا ِد مُعظَ ِم ُشعُو بِ العَالِ شَرِقّي ًة َوغَرِبّيةً‪َ ،‬و َوعَدَ‬
‫ج َعةِ‪َ ..‬وعِن َدمَا قَامَ تْ‬
‫الُمَيِنيّ ِبتَقلِي مِ َأظَافِرِ َأمَرِيكَا‪ ،‬وَ َظنّ النّا سُ أَنّ هُنَا كَ طَحنًا وَرَا َء الَع َ‬
‫ح ّدثُونَ عَنهَا‪:‬‬
‫جُمهُو ِريّتهُ فُو ِجئَ النّاسُ بِمَواقِفَ ُمغَاِي َرةً لِمَا كَا َن الّثوّارُ يَتَ َ‬

‫أَ ّولً‪ :‬كَانَتْ َأمَرِيكَا فِي طَلِي َعةِ ال ّدوَ ِل التِي سَا َرعَت ف العتِرَا ِ‬
‫ف ِبهَذَا النّظَا ِم الَدِيدِ‪.‬‬

‫ثَانِيًا‪ :‬ل تُغلِق ثَو َرةُ الُمَيِنيّ َسفَا َرةَ َأمَرِيكَا‪.‬‬

‫ت التّخزِينِـ فِي َأمَرِيكَا‪ ،‬وَمِن ثَمّ إِل‬ ‫ثَالِثًا‪ :‬عَا َد النّفطُـ الِيرَانِيّ يَتَدَفّقُـ عَلى مُس ت‬
‫ـَو َدعَا ِ‬
‫إسرَائِيل‪.‬‬

‫‪546‬‬
‫ف بِ سب َعةِ‬
‫ح ِ‬
‫ض ال صّ ُ‬ ‫رَابِعًا‪ :‬عَو َد ُة الِنِرَال ِ‬
‫ت الَمرِيكَا نِ إِل َأمَاكِ نِ عَمَلِهِم‪ ،‬وَقَدّرَتُم بَع ُ‬
‫آلفِ َخبِيٍ‪.‬‬

‫خَامِسـًا‪َ :‬عقَدَ "برُوسـلنجِي" القَائِمِـبِالَعمَا ِل الَمرِيكِيّـثَلَثةَ ِلقَاءَاتٍـ مَعَـ الُمَينِيّـ وَ ل‬


‫يُكشَف الّنقَابُ عَن َحقِي َق ِة هَ ِذهِ اللقَاءَاتِ‪.‬‬

‫سَادِسًا‪ :‬قَالَ الشّا هُ فِي مُذَكّرَاتِ هِ َأنّ ُه عَلِ َم ِبوُجُو ِد ا ِ‬


‫لنِرَالِ "هويزر"‪ ،‬وَ "هويزر" ُه َو نَائِ بُ‬
‫َرئِي سِ أَركَا ِن القِيَا َد ِة الَمرِي ِكّيةِ فِي أُو ُربّ ا‪ ،‬وَقَالَ الشّا هُ‪" :‬إِنّ ِجنِرَالتِي ل َيكُونُوا يَعلَمُوا‬
‫شَيئَا عَن ِزيَا َرةِ "هويزر"‪َ ،‬وعِن َدمَا انتَشَرَ َخبَرُ ِزيَا َرتِ هِ قَالَت أَج ِه َزةُ الِعل مِ ال سّوفيَيتِّيةِ‪ِ" :‬إنّ‬
‫هويزر وَ صَلَ ِلطَهرَا نَ ِلتَدبِ ِي انقِل بٍ عَ سكَرِيّ"‪َ ،‬وأَنَا أَع ِر فُ أَنّ "هويزر" كَا َن مُنذُ فَت َرةٍ‬
‫س النّاجِ حُ الذِي تَ َزعّ َم ثَو َر َة الُمَينِيّ‪َ ،‬و َعيّنَ هُ الُمَينَيّ‬ ‫عَلى اتّ صَا ٍل بِمَهدِي بَازِنقَان‪ ،‬الُهندِ ُ‬
‫َرئِي سَا لِلوُزَرَا ِء بَعدَ ا ِلطَا َح ِة بِي‪َ ،‬ومَهدِي بَازِرقَان وَهوِيزَر يَعلَمَا نِ َجيّدَا فِيمَا إِذَا كَانَت‬
‫خةٌ كَانَت تَمّت مِ ْن وَرَا ِء الَمِيع"‪.‬‬‫طَب َ‬

‫ثُمّ ِإنّ الُمينِ يّ َوبَعدَ أَن َسبَقَ ثَورتَ هُ مِن مُستَقَ ّر مَنفاه ِبفَرنسا بِدِعاية دِينِيّة كاذِبة‪َ ،‬وبَعدَ أَن‬
‫سنّة‪َ ،‬وبَعدَ أَن‬‫تَفاعَ َل َمعَ هُ َومَ َع ثَو َرتَ ُه الِسلميّة جَميع طوائِف الرّافضة‪ ،‬وَكَث ٌي مِن أَه ِل ال ُ‬
‫ط نُفوذَ هُ َويَدَه على البِلد‪ ،‬وإِذا بِ هِ ل يَخرُج عَن َفلَ كِ أَسلفَهُ‬ ‫تَ َمكَ َن مِن خَل عِ الشّاه‪ ،‬وَب سْ ِ‬
‫س الَوا نِ فِي دَولَتِه َويُنادي ف‬ ‫سنّة َويُلبِ سَهُم لِبا َ‬
‫مِ َن العَبيدِيي والقرامِ طة‪ ،‬يَمكُر ِبأَهلِ ال ُ‬
‫ج نِساِئهِم‪ ،‬وَيدعو إِل تَصدير ثَورتِه بِال ُقوّة‬ ‫مالِسِه الاصّة بِإستِبا َحةِ دِماِئهِم َوأَمواِلهِم وَفُرو َ‬
‫َح ت أَنّ الِشا عة الّ ت َزعَموا بأَنّ النِظام العِرا قي البائِد ُهوَ الّذِي أَعَل نَ الر بَ على إِيران‬
‫حقِيقَه وال صَواب‪ ،‬ذلِ كَ َأنّ الُمَينِ يّ ُه َو الّذِي أَرادَها حربًا ِلضَمّ العِراق إِل‬ ‫فِإنّها مُجاَنَبةٌ لِل َ‬
‫بِلدِ فارس كما كانت عليه قَبلَ أَن يَستَولَ عَليها الُسلِمونَ الَوائِل‪.‬‬

‫َفقَد قامَت إِيران ِبَبثّ عُمَلئِها داخِلَ العِراق بَعدَ وُصول الُ َمّينِ يّ إِل الُك مِ ِبقَليل‪ ،‬وَقا مَ‬
‫النّظام الِيراِنيّ بإِعتِداءاتٍ ُمَتكَرِره على الَغافِر العِراقِيّه‪.‬‬

‫‪547‬‬
‫ض ِرهِم َومُستَقبَلِهم‪،‬‬
‫هذا هُ َو ماضي الرّافِضَة وَتار َيهُم الّذي يَرتَكِزون عَلَي ِه اليَوم فِي حا ِ‬
‫لرِيَة والِيانَه‪ ،‬وَيَعتَبِرونَهُ سِفرًا يَتَزودون مِنهُ‬
‫ج أسل ِفهِم ف ا ّ‬
‫وَيَستَقون مِنهُ‪َ ،‬ويَقتفونَ نَه َ‬
‫لِمُتَغياتِ عَص ِرهِم‪ ...‬نَفس التَقِيّة‪ ،‬وَنَفس الُخَطَطاتِ السِريّة‪ ،‬وَنفس الُعَتقَدات‪.‬‬

‫وَزِد على ذلِك أنّ راِفضَة هذا العَصر َلهُم دَولة وَ سِيادة سِيا ِسيّة ُموَحَدة‪َ ،‬ومَر ِج ِعيّة مَر َك ِزيّة‬
‫اليومـ‬
‫ِمونـ بِهـا‪ ،‬وَقَد بَرَزوا َوبَرَزَت خِياناتِهِم َ‬ ‫تُصـدِر لَهُم الَوامِر والفتاوى الّتـ يَلتَز َ‬
‫ُمـ إِيران‪ ،‬وَفِي العِراق‬ ‫لِلناظِريـن‪َ ،‬وأَوضَح مـا تكون فـ أفغانِسـتان بِمُسـاعَدة الدولة ال ّ‬
‫بِمُساعَدَة إِيران كذلِك‪ ،‬وَف بِلدِ الشّام ول ِسيّما رافِضة لُبنان و الّذي َن يُ َمثَِلهُم حِزبُ ال‪،‬‬
‫وَكَذلِك مُستَمِدين ُق َوتِهم َوتَعالي َمهُم مِن إِيران مَر َك ِز الشر َومَحضَن أَتباع مَه ِدّيهُم الُنتَظَر‬
‫الَسيح الدَجّال‪..‬‬

‫َفأَما فِي لُبنان؛‬

‫َفقَد كان ما تَمَخضَت هُ هذِه الدولة الُم أَن قامَت ِبتَصدير ثورتِها ف بِلدِ الشّام‪ ،‬وَفِي لُبنان‬
‫على وَجهِ الُصوص‪ ،‬عِبَ حَركة أَمل الشِيعِيّة الُسلّحَة‪ ،‬والّت أَسَسَها مُوسى الصّدِر‪ ،‬تِلميذ‬
‫الُ َميّنِ ّي وَ صِه َرهُ مِنطلقًا مِن إِيران َو مُسَتقِرا ف لُبنان ِليَح صَ َل على الِن سِيّة الُلبناِنيّ ة ح ت‬
‫س نَشاطاتِه داخل الَراضي الُلبناِنيّ ة بِ سُهولة‪ِ ،‬وبِ ما أَنّ مَنشأَ هذِ هِ الَرَكة‬ ‫تُ َمكِنَه أَن يُمارِ َ‬
‫سنّة فِي‬
‫إِيران فِإنّها بِالضرور ِة هِ يَ ا ُلتَكفِلة بِدعم هذه الَر َك ِة مِن أَ ْج ِل ال َقضَا ِء عَلَى َأهْ ِل ال ُ‬
‫الُخيّماتِ الفِلِسطيِنيّة فِي لُبنان بَعدَ إِستِبعا ِدهِم مِن أَراضِيهِم ف فِلسطي‪َ ،‬وبَعدَ ضَغطِ ُدوَل‬
‫الِوار على لُبنان ِلَيتِم احتضان أهال الُخيّمات‪ ،‬فَتحالَفَ الرّافِضة ُمتَمثِلي فِي هذِ ِه الَرَكَة‬
‫ي ثَورة َوأَيّ‬‫ضدّ أَبناءِ هذِ ِه الُخيّمات حَت َيتِم القضاء على أَ ّ‬ ‫الُغرضة مَ َع الكِيان الصُهيوِنيّ ِ‬
‫تَمَرُد ضِ َد اليهود ال صهاِينَة‪َ ،‬ويَتِم مِن خِللَهُم حِا ية ظَ هر العدو‪ ،‬وَكذلِك حَ ت ل تقوم‬
‫سنّة مِ َن الفِلسطينِيي الّذين يَسكُنونَ الُخيّمات َأيّ ُة قائِمَة؛ فَقاموا بِمَذابِ حَ عديدة‪..‬‬ ‫لِهلِ ال ُ‬
‫مِن ها هُجُومَهُم على مُخَيّ م َع ي ال ُرمّا نة‪َ ،‬ومُخَيَمَ يّ صِبا وشاتيل عام ‪ 1982‬م‪ ،‬وَقَد‬
‫تَح َدثَت صُحف العَالِ آنَ ذاك عَن فَظَائِع َحرَكَة أَمل الرّافِضَة‪َ ،‬فقَد ذَكَرَت صَحِيفَة ال َوطَن‬
‫ل عَن صحيفة "لي بو" اليطال ية أنّ‬ ‫فِي عَ َددِ ها ‪ 3688‬ال صادر ف ‪ 27‬ما يو ‪1985‬م نَق ً‬

‫‪548‬‬
‫فِلسطِيِنيّا مِ نَ الُعاقي ل َيكُن يَستَطيع السَي مُنذُ َسنَوات رَفَع يَديه مُسَتغِيثا فِي شاتيل أَمام‬
‫َهـ بِالُسـَدسات مِثـل الكِلب‪ ..‬وَقالَت‬ ‫عَناصـِر أَم َل طالِبا الرّح َة‪ ،‬وَكان الرَ ّد عَليـه قَتل ُ‬
‫الصّحِيفة ِإنّها الفَظاعة بِعينِها‪.‬‬

‫وَ قال مُرا سِل الصنداي تايز‪ :‬إنّ هُ مِ َن الِستِحالة نَقل أَخبار الَجازِر بِدقّة لن َحرَكَة َأمَل‬
‫تَمنَع الُ صَورين مِن دُخو ِل الُخيّمات‪َ ،‬و بعضَهُم تَلَ قى تَهدِيدا بِالَوت وَقَد جَرى سَحب‬
‫العَديد مِ َن الُراسِلي خَوفا عَلَيهِم مِ َن الِختِطاف والقَتل‪ِ ،‬ومَن تَبَقى مِنهُم ف لُبنان يَجِدونَ‬
‫صُعوبة ف العمل‪.‬‬

‫صحِيفة ال صنداي تاي ز أيضا أَنّ عَدَدا مِ َن الفِلِ سطينِيي ُقتِلوا ف مُ ستَشفيات‬ ‫وَ ذَكرت َ‬
‫لثَث الفِلِسطينِيّة ُذبِحَ أَصحابُها مِ َن العناق‪.‬‬
‫بَيوت‪َ ،‬وَأنّ مَجمُوعة مِ َن ا ُ‬

‫س الِ ستِخبارات العَ سكَ ِريّة اليَهو ِديّ ة‬ ‫َونَقَلَت وِكالة الَنباء ف ‪ 6‬يون يو ‪ 1985‬م عن رَئي ِ‬
‫إيهود باراك قَولَهُ‪ِ :‬إنّه على ِثقَة تامّة مِن َأنّ َأمَل َستَكون الَبهة الوَحِيدة الُهي ِمنَة فِي مَنطَقةِ‬
‫الَنوب الّلبنانِ يّ‪َ ،‬وَأنّ ها سَتمنَع رِجال ا ُلنَظمات والقُوى الوَ َطِنيّ ة الُلبنانِيّ ة مِ َن التواجُد ف‬
‫ض َد الَهداف الِسرائِيِليّة‪..‬‬ ‫الَنوب وَالعَمل ِ‬

‫لبِيثَة‪ ،‬وَ َظهَرَ ِلِلعِيان مَدى بَشاعَة ما ارَت َكبُو هُ‬


‫وَبع َد أن تَكَشَ فَ ِللِعالَم عِوار هذِ هِ الَرَ كة ا َ‬
‫سنّة مِن الفِلسطينِيي َفقَد مّها النّاس‪ ،‬واحتَرَق الكَر تُ‬ ‫مِن جرائِم َومَجازِر فِي حَ قِ أه ِل ال ُ‬
‫الّذي تَلعَب بِ هِ إِيران‪ ،‬لِذا كان لِزاما عَليّ ها أَن تَ ستَحدِثَ طريقَة أُخرى‪ ،‬وَحَر كة أُخرى‬
‫تَختَلِف عَن ظاهِر تَو ُجهِها عَن حَرَكة أمل‪..‬‬

‫السـنِيّ‪ ،‬وَ الدَعوةِ إل الوِحدة و‬


‫ِيـ ُ‬‫هذِه الرّة لبُ ّد مِن الّلعِب على وَت ِر التّقارُب الشِيع ّ‬
‫إِعل نِ الَرب على إِ سرائِيل‪ ،‬والُطالَ بة بِتحر ير فِلِ سطي مِن إِ سرائيل؛ َفتَمّ ت إجتِماعات‬
‫سِريّة فِي إِيران تَمّ مِن خِللَها التَحضِي لِولَدَة حَرَكة جَديدِة َقرّرتا إِيران الُم‪َ ..‬يتَ َرأَ سُها‬
‫ي َومَفوَهِي‪َ ،‬فعِلقَة حِزبُ ال ِبإِيران عِلقَة الفَرع بِالَصل‪.‬‬
‫أَعضاء ُجدُد لمِع َ‬

‫‪549‬‬
‫سيّ لِلحِزب‪ ،‬والّذي جاء بِعنوان‪ :‬مَن نَح ُن وَ ما هِ يَ َه ِويَتُ نا" َعرّف‬
‫فَفِي البيان التأ سِي ِ‬
‫ب بِنَف سِه فَقال‪" :‬نَح نُ أَبناءُ ُأ ّمةِ حِز بُ ال الّ ت نَ صر ال طَلي َعتَ ها ف إِيران وأَ سّسَت‬
‫الِز ُ‬
‫مِن جَد يد نَواة دولةِ الِ سلم الَر َك ِزيّ ة فِي العال نَلتَزِم ِبأَوامِر قِيادَة واحِدة َحكِي مة عادِلَة‬
‫َتتَ َمثَل بالوَلِيّ ال َفقِيه الامِع لِلِشرائِع َوَتتَجَ سّد حاضِرا بِالِمام الُ سَدّد آيةُ ال العِظمى روح‬
‫ضَتهُم الَجيدة"‪.‬‬
‫ال الوسوي الُ َمّيِنيّ دَامَ ظِلّه‪ُ ،‬مفَجّر ثِورة الُسلِمي وباعِث نَه َ‬

‫وَ قَ ّد َعبّر إِبراهيم الَمي َوهُوَ قِياد يّ فِي الِزب عَن هذا التَوجُه فَقال‪" :‬نن ل نقول ِإَننَا‬
‫جُز ٌء مِن إِيران‪ ..‬نَنُ إِيران فِي لُبنان‪ ،‬ولُبنان فِي إيران"!‬

‫سنّة‬
‫َنقُول إِذا كا نت الثورة الِيرانِيّ ة ِبقِيادَة الُ َمّينِ يّ قَد وَقَفَت مواقِف العَداءِ مِن أَ هل ال ُ‬
‫وَقامَت بإِحداث بلبِل وَفَوضَى وتَفجياتٍ داخِل عَدَد مِن البُلدان كَما حَصَل فِي البَحريّنِ‬
‫َو ال ُكوَيّت وِاليَمَن َوأَفغانِ ستان والعِراق‪ ،‬وَفِي مَ كة ا ُلكّرَمةِ فِي الشَه ِر الَرا مِ و ف البَلَدِ‬
‫الرام‪ ،‬فإِنّ هذِ هِ ال سِياسة تُعَتبَر دينا يُدي ُن بِ ِه رافضةُ إِيران والّذي َيَتفَرع مِن هُ حِز بُ ال‬
‫ف مِن خِللِ قِيا َدتِه بإِنتمائِه ومواَف َقتِه لِيران‪َ ،‬فكُ ُل عَدو لِيران ُهوَ عَدُو لِحزبِ‬
‫الّذي إعتَرَ َ‬
‫ال‪..‬‬

‫ع بِ هِ إل غا فل صاحِب‬
‫حزْ بُ ال عَدو لِ هل ال سُنّة‪ ،‬وإِن تَ سَتَر بِمائة َتقِيّ ة‪ ،‬ل يَنخَد ُ‬
‫فَ ِ‬
‫هوى‪ ،‬أَو ساذَجٌ أَخو َجهَل‪.‬‬

‫ِيـ ِبعَدَد مِن عُلَماء وَدُعاة الشِيعـة‬


‫َعـ الُمّين ّ‬
‫َفعَلى هامِش الُؤتَرَ ا َلوّل لِلمُسـتَضعفِي اجتَم َ‬
‫الّذين شاركوا فِي هذا الُؤتَمَر‪ ،‬وَكان مِن بَينِهم ممد حسي فضل ال‪ ،‬وَصُبحي ال ّطفَيلِي‪،‬‬
‫س َم َعهُم الُطوات الول الّلزِمة مِن‬ ‫َومُ َمثِل حَركَة َأمَل فِي طهرا نَ إبراهيم أمي‪َ ،‬و تَدارَ َ‬
‫أَجل إِنشاء هذا الِزب الَديد‪ ،‬ثُمّ عَاد الوَفدُ إل لُبنان وَ َكثّ َ‬
‫ف مِن إتِصالتِه مَ َع وُجَها ِء وَ‬
‫عُلماءِ الطائِ فة الّذ ين لَم يُشارِكوا فِي لِقاء طهران‪ ،‬ثُمّ تَكَ َررَ لِقاؤُهُم بالُ َمّينِ يّ‪َ ،‬و وَضعوا‬
‫ضةَ لزْبِ ال‪.‬‬
‫وإِيّا ُه الُطوطَ العَري َ‬

‫‪550‬‬
‫جّلةِ [الشّرَاعِ]‪" :‬مَنْ أَنتُمْ؟ حِزبُ الِ"‪" :‬ثُمّ استُكمَِلتْ‬
‫ح ٌد الُوسَوِيّ فِي َمقَالٍ لَ ُه بِمَ َ‬
‫َيقُولُ أَ َ‬
‫ّاسـ‬
‫ضمّتـ ‪ 12‬عُضوَا هُمـْ‪َ :‬عب ٌ‬
‫ِزبـ َ‬
‫ُوطـ التّنظِي ِمّيةُ الُول بِاخِتيَا ِر هَيَئةٍ ِقيَا ِدّيةٍ لِلح ِ‬
‫الُط ُ‬
‫ُوسـوِيّ‪ ،‬وَحَسـَن نَصـرُ الِ‪ ،‬وَحُسـي خَلِيـل‪،‬‬
‫ُسـيٌ ال َ‬
‫َصـحِي ال ّطفَيلِي‪َ ،‬وح َ‬
‫ُوسـوِيّ‪ ،‬و ُب‬
‫ال َ‬
‫حمّ د‬
‫َوإِبرَاهِ يم َأمِ ي‪ ،‬وَرَاغِب حَرب‪َ ،‬ومُحَمّ د يَزبَك‪َ ،‬وَنعِ يم قَا سِم‪َ ،‬وعَلِي كُورَانِي‪َ ،‬ومُ َ‬
‫رَعد‪َ ،‬ومُحَمّد َفنِيش"‪.‬‬

‫وَل َيكُن َهؤُل ِء وَح َدهُم ُنوَا َة التّأ سِيسِ لِحِز بِ الِ‪ِ ،‬إنّمَا كَا َن َم َعهُم عَ َ‬
‫شرَا تٌ مِ َن ال َكوَا ِدرِ‬
‫ى َومَجمُوعَاتٍـ‬ ‫ـّاتِ الِسـل ِمّيةِ الُخرَى مِن ْـ حَرَ َكةِ َأمَلْ‪ ،‬وَحِزبِـ الدّعوَةِ‪ ،‬وَِقوَ ً‬ ‫وَالشّخصِي‬
‫صّيُتهَا الِ سل ِمّيةُ ال سّيَا ِسّيةُ مَ َع الثّورَ ِة الِ سلمِّيةِ‪ ،‬وَقَائِدِهَا ا ِلمَا مُ الُمَينِيّ‪،‬‬
‫َتبَلوَرَت شَخ ِ‬
‫وَ َكوَا ِدرَ أَمِنّيةً أُخرَى مَازَالَت َأسَا ُؤهُا َط ّي الكِتمَانِ‪.‬‬

‫ِزبـ َوتَأمِي ِ كَاّفةِ‬


‫ِزبـ ال ِ وَقَام َت ِبتَموِي ِل هَذَا ال ُ‬
‫َانـ بَتَأسـِيسِ ح ِ‬
‫َوبِالفِعلِ قَام َت إِير ُ‬
‫ِيـ ُت َعوّ ُل عَلَى هَذَا‬
‫َليهـ الَموَالَ الطّائَِلةَ‪ ،‬وَه َ‬
‫َتـ ع ِ‬
‫ِهـ عَسـكَ ِريّا وَاجتِمَاعِيَا‪َ ،‬وأَغدَق ٍ‬
‫احتِيَاجَات ِ‬
‫الِ ِزبِ المَا ُل ال ِكبَارُ‪َ ،‬وبَلَغَ دَعمُ إِيرَانَ لِلحِزبِ أَوجَهُ فِي هَ ِذهِ الَرحَلةِ‪.‬‬

‫ي الُو ُرِبيّيَ إِل ُحكُومَتِ هِ فِي مَطلَ عِ صَيفِ‬


‫وَقَد جَا َء فِي تَقرِي ٍر وَ ّجهَ هُ أَحَدُ الدّبلومَا سِيّ َ‬
‫‪ 1986‬م وَكَشَفَ فِيهِ كَذَلِكَ الدّورَ السّورِيّ فِي ِرعَاَيتِهِ ِلهَذَا الِزبِ‪ ،‬مَا يَلِي‪:‬‬

‫ث مَرّا تٍ فِي‬ ‫"َتقُو ُم طَائِرَا تُ الشّح نِ الِيرَاِنيّ ِة مِن طِرَا ِز ُبوِينج ‪ 747‬بِالِقل عِ وَا ُلبُو طِ ثَل َ‬
‫ضةً؛ فَالَبضَائِ ُع ال ت ُتفَرّغ‬ ‫ت غَا ِم َ‬
‫ف مَد َر جِ مَطَارِ ِدمَش َق نَاقَِلةٍ حُمُول ٍ‬ ‫ع عَلى طَ َر ِ‬ ‫الُ سبُو ِ‬
‫س الثّورَةِ الذِي َن يُشرِفُونَ عَلى تَدرِيبِ أَتبَاعِ حِزبِ‬ ‫عِبَا َرٌة عَن أَسلِحَة َخفِيفَة مُرسَلَة إِل حُرّا ِ‬
‫ب مِ نْ ِدمَش قَ‪ ،‬أَو فِي ا ُلعَسكَرَاتِ الكَائَِنةِ فِي مَن ِط َقةِ بَعلبَك‪،‬‬
‫الِ فِي مُعسكَرِ ال ّزبَدَانِي بِالقُر ِ‬
‫صوَارِي ُخ ُمضَا ّدةٌ لِل ّطَيرَا ِن مِ ْن طِرَازِ " سَات"‪،‬‬
‫َأمّاـ الَبضَائِ ُع الُحَمّلة َفهِ يَ مَدَافِ ُع هَاون‪ ،‬وَ َ‬
‫ك يَحفَ ُل مِينَاءُ اللذِِقّي ِة ِبنَشَاطٍ مِن هَذَا النّوعِ"‪.‬‬
‫كَذَلِ َ‬

‫‪551‬‬
‫صّبهَا إِيرَا نُ لِ صَالِحِ حِز بِ الِ عَا مَ ‪ 1990‬للميلد‬
‫وَقَد َبلَ َغ مِقدَا ُر التّكَالِي فِ الّا ِدّي ِة التِي تَ ُ‬
‫ض التّقدِيرَاتِ‪.‬‬‫ب بَع ِ‬ ‫س َ‬ ‫ف الَليُونِ‪ ،‬حَ َ‬ ‫ِبثَلَثةِ مَليِيِ دُول ٍر َونِص ِ‬

‫ي مِليُو ٍن عَام ‪ 1991‬م وَقُدّرَت بِمَاَئةٍ َوعِشرِي َن مِليُونًَا فِي عَام ‪ 1992‬م‪ ،‬وَ مِاَئةٍ‬
‫س َ‬‫وَخَم ِ‬
‫ع مِيزَانِّيةِ حِز بِ الِ فِي عَهدِ‬
‫وَ سِتّيَ فِي عَا مِ ‪ 1993‬م‪َ ،‬وتُشِيُ بَع ضُ الَ صَادِرِ إِل ارِتفَا ِ‬
‫ِزبـ يَهتَمّ فَقَط‬
‫َتـ ال َ‬
‫ِهـ الِيزَاِنّيةُ ال َكبِ َيةُ؛ َجعَل ْ‬
‫ِليونـ دُولر‪ ،‬هَذ ِ‬
‫رَفسـنجَانِي إِل ‪ 280‬م َ‬
‫ـ ِع‬
‫ضّي َقةٍ‪ ،‬وَسـَاعَدَت ُه عَلَى تَوسِي‬ ‫بِا َلوَامِرِ التـ تُلى عَليهِـ دُونَـ التّدَخّلِ فِي نِزَاعَاتٍـ دَا ِخِلّيةٍ َ‬
‫صهُم لَ هُ‬ ‫قَاعِ َدتِ هِ ا ُلقَاتَِلةِ وَالشّعبِّيةِ؛ فَاشتَرَى وَل َء النّا سِ وَحَا َجَتهُم‪ ،‬وَضَمِ َن وَل َءهُم وَ إِخل َ‬
‫ف عَلَى وَاِق ِعهِم الَعِيشِ يّ َحتّى بَاتُوا‬ ‫ك التّكَالِي ِ‬‫َفهُ َم مِن هُ َو ُه َو مِنه مُ‪ ،‬وقَد َظهَرَ َأثَرُ ضَخَا َم ِة تِل َ‬
‫ت الصّحّيةُ وَالجتِمَا ِعّيةُ وَالتّربَوّيةُ‪.‬‬ ‫يُشَكّلُونَ دَوَل ًة مُسَتقِّلةً دَاخِلَ لُبنَانَ؛ َف َظهَرَت الُ َؤسّسَا ُ‬

‫س هَذِ هِ الَرَ َكةِ‪َ ،‬وهَذَا الِز بُ عَام ‪ 1982‬م مَ َع الجِتيَا حِ ال صّهيُونَيّ‬


‫وَ قَد تَزَامَ َن تَأ سِي ُ‬
‫لِلُبنَا نَ؛ مَا يُعطِي دَلَلةً َخطِ َيةً عَلى العَلَق ِة بَيَ الِز بِ َوبَيَ إِسرَائِيل‪ ،‬وَذَل كَ َحتّى تَكُو نَ‬
‫ت الُجَاهِدِي نَ فِي لُبنَا نَ‪ ،‬وَلكِن‬
‫ض َربَا ِ‬
‫الغِطَا َء الوَاقِ يَ الذِي يَ ستُ ُر الَي شَ ال صّهيُونِ ّي مِ نَ َ‬
‫ف تَمَامَا عَن َحرَ َكةِ َأمَلٍ الَحرُوَقةِ‪َ ..‬ف َهذِ هِ الَرّة َزعَ مَ حِز بُ الِ ِبَأنّ هُ القَادِرُ‬
‫بِطَرِي َقةٍ تَختَلِ ُ‬
‫ت ال َكيَا نِ ال صّهيُونِيّ‪َ ،‬وإِخرَاجِ ِه مِن َجنُو بِ لُبنَا نَ‪ ،‬وَرَاحُوا يَرَفعُو نَ‬ ‫عَلى التّ صَدّي ِلضَ َربَا ِ‬
‫ِشعَارَاتٍـ كَا ِذَب ًة ُينَادُونَـ فِيهَا ِبتَحرِيرِ فِل سطِيَ‪ ،‬كُلّ ِفلَسـ ِطيَ‪َ ،‬وَتوَعّ ِد الكِيَا نَ الصـّهيُوِنيّ‬
‫ـةِ‬
‫ُونـ كَحَا ِجزٍ أَمنِيّ ل يَسـمَحُونَ لَهلِ السّنّ‬ ‫بِالوَي ِل وَالثّبُورِ‪ ...‬بَينَمَا هُم فِي الوَاقِعِـ يَ ِقف َ‬
‫ِبتَخَطّي الُدُودِ‪ ،‬وَل ُموَا َج َه َة الِسرَائِيلييَ‪.‬‬

‫ض الَكَاذِي بِ وَ الفُقَاعَا تِ الدّعَائِّيةِ الكَا ِذَبةِ لِتَلمِي ِع الِز بِ‬


‫وَقَد قَا مَ الِز بُ بِافِتعَا ِل بَع ِ‬
‫إِعلمِيًا‪َ ،‬وشَ ّد الَمَاهِيِ إِليهِ‪.‬‬

‫َومِن ذَلِكَ‪:‬‬

‫ب لُبنَا َن َودَحرِ الُحَت ّل الصّهيُوِنيّ‬


‫أَ ّولً‪ :‬أُكذُوبَ ُة تَحرِيرِ جَنُو ِ‬

‫‪552‬‬
‫ط الِيشِ الصّهيُونِ ّي اعتَرَفُوا عَلى الَل وَفِي وَسَائِلِ الِعلمِ الُختَِل َف ِة ِبأَنّ‬ ‫ضبّا ِ‬‫عِلمَا ِبأَنّ ِكبَارَ ُ‬
‫سبَبِ ُق ّوةِ حِز بِ الِ‪َ ،‬وِإنّمَا جَاءَت َأوَامِ ُر ال ِقيَا َد ِة وَالَل ِوَيةِ‬ ‫لنُو بِ ل َيكُن بِ َ‬ ‫ان سِحَاِبهُم مِن ا َ‬
‫ب وَالُرُو جِ‪ ،‬عِندَ ذَلِ كَ دَخَلَ حِز بُ الِ‪ ...‬إِذَن؛ بَع َد الن سِحَابِ ال صّهيُونِيّ‪ ،‬وَ‬ ‫بِالن سِحَا ِ‬
‫حبُ َمعَ ُه هَاَلةً إِعلمِّي ًة َمأْجُو َرةً‬‫ب اللبنَانِيّ يَص َط ِ‬ ‫جنُو ِ‬ ‫لَيسَ قَبلَ ُه وَ ل أَثنَاءَهُ دَخَلَ حِزبُ الِ لِل َ‬
‫حيَ‪.‬‬‫ي الفَاتِ ِ‬‫ب عَلى َأنّهُ مِنَ الُحَا ِربِ َ‬‫مِن أَج ِل التّصوِيرِ ال ّدعَائِيّ لِلحِز ِ‬

‫ل َو الكَيَا ُن الصّهيُونِيّ؛‬
‫ثَانِيًا‪ :‬أُكذُوبَ ُة القَتلَى الذِينَ يَسقُطُونَ ِم َن ال ّطرَفِيِ‪ ،‬حِزبُ ا ِ‬

‫وَذَلِ كَ َحقِيقَةٌ ل َخيَالٌ‪ ،‬وَلكِنّ َهؤُل ِء القَتلَى الذِي نَ يَ سقُطُو َن هُم مِ َن الُنُودِ الذِي نَ ل‬
‫يَع ِرفُو َن بِمُخَطّطَا تِ أَ سيَا ِدهِم َوقَا َدتِهِم‪ ،‬وَهُم وَ َع َددُهُم مَحدُو ٌد ِجدّا بِالنّ سَبةِ ِلقَتلَى‬
‫ـدَامَةِ‬
‫ّونـبِهِم مِن أَج ِل اس تِ‬ ‫لقِيقِّيةِ‪ ،‬وَمَا هُم إِل ك ُ‬
‫َبشـ فِدَا ٍء ُيضَح َ‬ ‫َافـ الُتَحَا ِرَبةِ ا َ‬
‫الَطر ِ‬
‫ب ظَاهِرَا‪.‬‬
‫حهِم غَيِ الُعَلَنةِ بَا ِطنًا‪َ ،‬ومِن أَجلِ إِظهَا ِرهِم كَ َطرَفَي حَر ٍ‬
‫َمصَالِ ِ‬

‫سقُوطِ لِمَن كَا نَ لَ هُ قَل بٌ أَو أَلقَى ال سّم َع َوهُوَ‬


‫ف وَال ّ‬
‫َو هَا ُه َو القِنَا عُ بَا ِديَا فِي النكِشَا ِ‬
‫َشهِيدٌ‪َ ..‬فبَعدَ أَن كَا نَ حَ سنُ نَ صرُ الِ يُدَندِ نُ فِي خُ َطبِ ِه عَلى َوتَ ِر ال َق ِ‬
‫ضّيةِ الفِل سطِيِنّيةِ‪ ،‬وَ‬
‫ب بِالتّرَاجُ عِ وَالنكِمَا شِ‪ ،‬وَها ُهوَ الِز بُ يُعلِ ُن عِ ّدةَ‬
‫ُينَادِي ِبتَحرِيرِ ِفلَسطِيَ كُّلهَا بَ َدأَ الِطَا ُ‬
‫شؤُونِ الَا ِرجِيّةِ‪َ ،‬وأَنّ ُمهِمَتُ ُه هِيَ تَحرِي ُر أَرضِهِ َولَيسَ تَحرِيرُ‬
‫مَرّا تٍ َأنّ ُه ل دَخلَ لَهُ فِي ال ّ‬
‫َصـَر الَم َر عَلَى‬
‫َابـ مَُتوَ ّجهَا إِل تَحرِيرِ ِفلَسـطِيَ ُكلّهَا ح َ‬ ‫فِلَسـطِيَ‪َ ،‬وبَعدَ أَن ك َ‬
‫َانـ الِط ُ‬
‫الكِتفَاءِ بِبَيتِ الَقدِسِ‪ ،‬وَاتّخَذُوا مِن ذَلِكَ مُجَرّ َد ِشعَارٍ رَمزِيّ ِدعَاِئيّ لِيَستَ ِمرّ َك ِذبُهُم عَلى‬
‫ي ال سّا َذجَةِ وَاكَتفُوا بِالكتِفَا ِء بِمَا يُ سَمّى يَو مَ القُد ِ‬
‫س العَالِي‪َ ،‬ويَج َعلُو َن مِن هَذَا‬ ‫الَمَاهِ ِ‬
‫اليَومِ يَو َم اسِتعَراضٍ عَسكَرِيّ‪.‬‬

‫لِمَاذَا يُستَثنَى حِز بُ الِ‪ ،‬فَل تُ َطبّ ُق عَلي هِ ُبنُو ُد اّتفَاقِّيةِ الطّائِ فِ‪ ،‬وَالتِي تَقضِي ِبنَز عِ سِلحِ‬
‫جَمِي ِع الِليشيَاتِ َومِن َورَاءِ الَم ِر بِإِبقَاءَ بَل بِجَلبِ السّلحِ لَهُ؟‪.‬‬

‫‪553‬‬
‫سـّيدُ ا َل ِدلّةِ‪ ..‬وَل‬
‫َافـ َ‬
‫السـرّاقُ َظ َهرَ الَسـرُوقُ‪َ ،‬ويُقَالُ‪ ،‬العِتر ُ‬
‫َفـ ُ‬‫َيقُو ُل ا َلثَلُ‪ِ :‬إذَا اختَل َ‬
‫ي الذِي قَالَ هُ‬
‫أَح سَ َن مِن َشهَا َد ِة مَن يَش َه ُد بِالَقّ عَلَى أَهلِ هِ‪ ،‬فَا ستَ ِمعُوا إِل الكَل ِم الَطِ ِ‬
‫ي مِن‬
‫ض الِز بَ فِي كَثِ ٍ‬
‫ا َلمِيُ العَام ا َلوّل لِحِز بِ الِ " صُبحِي ال ّطفَيلِي" بَعدَ أَن عَارَ َ‬
‫ِزبـ الِ عَلى‬
‫َاسـ غَيَ ح ِ‬ ‫لزِي َرةِ الفَضَائِيّةِ‪" :‬لَو ك َ‬
‫َانـُأن ٌ‬ ‫َعـ قَنَاةِ ا َ‬
‫َهـ م َ‬
‫تَ َو ّجهَاتِهـِ‪ ،‬فِي لِقَا ٍء ل ُ‬
‫سّنةِ‪ ،‬ل ا َتوَّقفُوا عَن ِقتَالِ إ سرَائِي َل مُطَلقَا‪ ،‬وَالن إِذَا‬
‫ي َوأَه َل ال ّ‬
‫الُدُودِ‪ ،‬يَق صِ ُد الفِلَ سطِيِنيّ َ‬
‫ب يَعَتقِلُهُم الِز بُ‪َ ،‬ويُ سَلّ َمهُم إِل الَم ِن اللبنَانِ يّ‪َ ،‬وَتقُولُو نَ لِي ِإنّ هُ ل يُدَافِ عُ‬
‫أَرَادُوا ال ّذهَا َ‬
‫عَن إسرَائِيل" أ‪.‬هـ‪.‬‬

‫وَ َتزَامَ َن َهذَا الكَل ُم الَطِيُ مَ َع َمقَالٍ لِلعَمَيدِ "سُلطان أب العَينَي"‪َ ،‬أمِي سِر حَرَ َك ْة فَتِح‬
‫س ال َع َربِ يّ فِي ‪ 5/4/2004‬م ِبعُنوَان‪":‬حِز بُ الِ يُحبِط‬
‫شرَت ُه َجرِي َدةُ القُد ِ‬
‫فِي لُبنَا َن َن َ‬
‫عَمَ ِليّاتِ ا ُلقَا َومَ ِة الفِلَسطِينِّي ِة مِنَ الَنُوبِ" قَا َل فِيهِ‪ " :‬حِزبُ الِ قَالَ َسنَكُونُ إِل جَاِنبِكُم‬
‫عِن َد الِحَ ِن وََل ِكنّنَا مُن ُذ ثَلَثةِ أَعوَا ٍم َنعِي شُ الشّدَائِ َد وَل َنعُ ْد نَقبَ ُل ِشعَارَا تٍ مُ َزّي َف ًة مِن أَحَدٍ‪،‬‬
‫ع الَخِيِ أَحبَ طَ حِز بُ الِ أَربَ َع ُمحَاوَل تٍ ِفلَ سطِيِنّيةً عَلى الُدُودِ‪ ،‬وَقَامَت‬ ‫فَفِي الُ سبُو ِ‬
‫صرُ حِز بُ الِ بِاعِتقَا ِل الُقَا ِومِيَ الفِلَسطِينِيّيَ‪َ ،‬وتَق ِد ِيهِم لِل ُمحَاكَ َمةِ" َوأَكّدَ َأبُو العَينَييِ‬ ‫عَنَا ِ‬
‫لنُو بِ اللّبنَاِنيّ فِي َأيّا َر تَمّ ِبتَرتِيبَا تٍ أَمِنّيةٍ وَاّتفَا قٍ أَمِنيّ ِبأَ نْ‬
‫ب الِسرَائِيِليّ مِ نَ ا َ‬
‫أَنّ الن سِحَا َ‬
‫ّقـ مُنذُ‬ ‫َاقـ يُ َطب ُ‬
‫ُوبـلُبنَانـَ‪َ ،‬وهَذَا الّتف ُ‬ ‫ي مِن َجن ِ‬ ‫َقـ طَل َق ٌة وَاحِ َدٌة عَلَى شَمَالِ فِلَسـطِ َ‬‫ل تُطل َ‬
‫ق الُدُودِ الشّمَاِلّيةِ‪َ ،‬وجَرَت أَكثَرَ‬ ‫ب الِسرَائِيِليّ‪َ ،‬فلَم َيتَ َمكّن أَيّ ُمقَاوِ مٍ مِ َن اختِرَا ِ‬ ‫الن سِحَا ِ‬
‫ت مِن حِز بِ الِ وُُق ّدمَت إِل‬ ‫مِ ْن ُمحَاوََلةٍ مِن َجمِي ِع الفَ صَائِ ِل الفِلَسطِيِنّيةِ‪ ،‬وَ َجمِيعُهَا أُحبِطَ ْ‬
‫الَحكَ َمةِ" َوأَضَا فَ‪ِ" ،‬إنّ حِز بَ الِ يُري ُد الُقَا َو َمةَ َكوَكَالَةٍ حَص ِرّيةٍ لَ هُ‪ ،‬وَحَصرًا فِي مَزَارِ عِ‬
‫ي بِال صّوَارِيخِ‪َ ،‬وأَنَا‬ ‫ف شَمَالِ فِلَ سطِ َ‬ ‫شِبعَا‪ ،‬وَل يَنتَظِرُ أَ َح ٌد مِن حِز بِ الِ أَن َيقُو مَ ِبقَ ص ِ‬
‫ب اللبنَانِ يّ‬‫لنُو ِ‬ ‫شَاهِدٌ عَلَى مَا يَجرِي‪َ ،‬وَأشَارَ إِل أَنّ سَيطَ َرةَ حِز بِ الِ عَلَى ا ُلقَا َومَ ِة مِ نَ ا َ‬
‫ف ثَالِثٍ" وَقَالَ‪" :‬‬ ‫ت مَعَ إسرَائِيلَ ِبوَاسِ َطةِ طَرَ ٍ‬ ‫ت َوتَرتِيبَاتٍ أَمنِّيةً‪ ،‬أَي اتّفَاقَا ٍ‬
‫نَابِ َع ٌة مِ َن اتّفَاِقيّا ٍ‬
‫عَلَى الشّع بِ الفِلَ سطِيِنيّ أَن ل ُي َعوّ َل عَلى حِز بِ الِ وَل عَلَى حَز بِ الشّيطَا نِ‪ ،‬بَل عَلي هِ‬
‫سيَاسِّيةَ‪َ ،‬و ُهوَ يُرُيدُ أَن ُيقَاتِلَ‬ ‫الّتكَا ُل عَلَى نَف سِهِ فَقَط لَنّ ِلحِز بِ الِ أَوَل ِويّاتَ هُ َو َموَاِقفَ هُ ال ّ‬

‫‪554‬‬
‫صرِيَا َووَاضِحَا"‬
‫بِآخِرِ ِفلَسطِيِنيّ ِمنّا عَلَى آ ِخرِ فِلَس ِطيِ‪َ ،‬ونَح نُ نُرِي ُد مِن حِزبِ الِ مَوِقفَا َ‬
‫أ‪.‬هـ‪.‬‬

‫وَ أخَِيرًا َن ُقوْلُ؛‬

‫لزْ بُ عدوّا لَدُودا للكِيا ِن ال ّ‬


‫صهْيُونُ كَ ما يزعُمُو نَ‪،‬ثُم يَقو ُم هَذَا‬ ‫هَ ْل يُعقَل أَ نْ يَكو نَ ا ِ‬
‫ت الفَضَائِيّة‬
‫ت تنَقل ُه القنوا ُ‬ ‫الِزْ بُ بِا ْسِتعْرَاضٍ عَ ْ‬
‫سكَريٍ حَاشِدٍ فِي َميْدَا نٍ وَا سِعٍ ف َبيْرُو َ‬
‫ل ُمبَاشِرا َيجْلسُ فِيهِ حَسَن نَصُر ال على ِمنَصّتِ ِه وَ حَولهُ حَا ِشيَتَهُ وَ ُ‬
‫ضيُوفَهُ وَ ترّ مِ نْ‬ ‫َنقْـ ً‬
‫ب َو ال سّرَايَا العَ سْكَرية تَهتِ فُ وَ َتتَوعّ َد بِالو تِ ل سرائيلَ‪ ،‬ثُم َتقِ ُ‬
‫ف‬ ‫ق َو ال َكتَائ ُ‬‫َأمَامِ هِ الفِرَ ُ‬
‫ج َو َمكْتُوَفةَ ا َليْدِي عَا ِج َزةً عَن صُنعِ أي ّ شَيءٍ‬
‫إِ سْرَاِئيْلُ ِطيَْل َة هَذِ هِ ال سّنَواتِ َموْقِ فَ الُتفرَ ِ‬
‫صغِي الُتحرّك؛‬ ‫حتَمِل رَجُلًا مُقعَدا عَلى كُر سِي ُهِ ال ّ‬‫ِحيَا َل هَذَا العَ ُد ّو القَادِم؟ َو هِي الت لَ ْم تَ ْ‬
‫جرِ‪.!...‬‬
‫فَا ْغتَالت ُه عَ ْن بُعدٍ ف ظُلْ َم ِة الفَ ْ‬

‫ب الدّولَ ِة الرّافِضِيةٌ بِلُبنَا نِ؟ يُ ِ‬


‫جيْ بُ عَ ْن هَذَا التّ سَاؤُل‬ ‫ُثمّ لاذَا ُكلّ هَذَا الهْتِمَا ِم مِ نْ جَانِ ِ‬
‫جةُ إِسلمِهم رَوحَانِي َسفِيُ إِيرا نَ فِ يْ لُبنا نَ فِ يْ ُمقَابَلةٍ أَجرتَها مَع هُ صَحِي َف ُة "إطِلعات"‬ ‫ُح ّ‬
‫شبِ هُ‬
‫الِيْرَانِية فِي ِنهَايةِ الشّه ِر الوّلِ من عَا مِ ‪ 1984‬م‪َ ،‬يقُولُ َر ْوحَان عن لُبنان‪" :‬لُبنان يُ ْ‬
‫صبْرٍ فإِن هُ إِن شاءَ ال سيجيءُ إِل‬ ‫ال نَ إِيرا َن عا مِ ‪1977‬م‪ ،‬وَ َل ْو نُراق بُ و نَعم ُل بِدق ٍة وَ َ‬
‫ب النطِقةِ‪ ،‬وَ أَح ُد ه مِ الراكِ ِز العَاليةِ فَإِن ُه ِعنْدَ ما‬‫ب َموْقِع لُبنا ِن و ُهوَ قَل ُ‬ ‫أَ ْحضَانِ نا‪ ،‬وَ بِ سَب ِ‬
‫ف يَْتبَع ُه البَاُقوْن وَ يَقُولُ‪" :‬لقد تَمكنَا عَن‬ ‫يَ ْأتِي لُبنان إِل أَ ْحضَا ِن الُ ْمهُو ِرّيةِ الِسْل ِميّةِ فَسَو َ‬
‫شيْعةِ َحوْ َل الُ ْمهُورّي ِة الِ سْلمِّي ِة وَ‬‫سنُة وَ ال ّ‬‫ت مِ ْن تَوحِيدِ آرا ِء ال ّ‬ ‫طَرِي قِ َسفَا َرتِنا ف َبيْرُو َ‬
‫سنُة يَمتَِدِحُو َن الِما َم الُمين ِفيْ خُ َطِبهِم" ا‪.‬هـ‪.‬‬ ‫الِما ِم الُمين‪َ ،‬و ال َن غَالِبّيةُ خُ َطبَاءِ ال ّ‬

‫ي ِم ْن أَ ْه ِل السّن ِة ِفيْ َأ ْفغَاِنسْتان َو العِرَاقَ؛‬


‫ض ّد ا ُلسُلِمِ َ‬
‫ضةِ الَيوْمَ ِ‬
‫وَ أمّا َعنْ جَرَائِ ِم الرّافِ َ‬

‫ث وَ ل َحرَج‪َ ،‬فهَاهِ يَ َأمْرِيكَا اليَوْ مَ ُتقِـ ّر بِالّتعَاوُ ِن وَ ال ّدعْ ِم ا ِليْرَانِيّ الرّاِفضِي خِل َل‬
‫فَحدّ ْ‬
‫ت وَزي ِرةُ الَا ِرجِيةِ ا َلمْرِيكِيّة‪" ،‬كُوندَاليزَا رَاي سْ" فِي‬ ‫حربِها على أفغانستان والعِراق‪ ...‬قاَلَ ْ‬

‫‪555‬‬
‫ـ ِر اتّصـَالتٍ بَيْنَـ‬ ‫ُمقَابَلةٍ معَـإِحْدَى وِكَالتِـ الْنبَاء‪" :‬أنّ الُممَـ الُتحِ َدةَ قَدْ قَامَت ْـِبَتيْسِيْ‬
‫شةِ‬‫صوْر ٍة مُنتظم ٍة عبَ َر مَا يُطلَ ُق عَلِيه ا سْ ُم عَمَليةَ " ِجنِيف"‪ ،‬لِمُناقَ َ‬ ‫الوِليَاتِ الُتحدة وَ ِإيْرَا َن بِ ُ‬
‫ت تَتعلّقَ أصْلًا بِأ ْفغَانِسْتانَ‪ ،‬ثُ ّم اتّسَ َع نِطاُقهَا ِلتَشْمَ َل العِرَاق‪ ،‬وَ َق ْد أشَارَتْ‬ ‫مَسَائلَ عَملّيةٍ كَانَ ْ‬
‫"رَايْس" َقبْلَ َفتْ َر ٍة وَ ِجيْزةٍ إِل َأنّ مبْعُوثَ الرّئيسِ المْريكيِ "زلَاي خَليل زَاد" قَ ْد شَارَكَ فِيْ‬
‫ي مِن إِيرَا نَ الت اْنبِثق تْ مُباشَ َرةً‪ -‬كَمَا قَالَ تْ رَايْس‪ -‬مِ َن الَا َجةِ إل‬ ‫مُحَا َدثَا تٍ مَ عَ مَسئُولِ َ‬
‫ض السَائِلِ العملي ِة الُتَعّل َق ِة بِأفغَانِستانَ‪ ،‬ثُم َو ّسعْنا ذَلِكَ ليشْ َم َل العِرَاق"‪.‬‬ ‫معالَج ِة أمِر بَع ِ‬

‫وَ هَاهُ ُم الرّافِضةُ َيعْتَرفِونَ‪َ ،‬بلْ َيفْتخِرونَ‪ ،‬بَهذَا التّعاو ِن َو الدّع َم الذِي َق ّدمُو ُه ل ْمرِيكا؛‬

‫حَي ثُ َيقُول م مد علي أبط حي‪ ،‬نائ بُ الرّئيس الِيرا ن للشؤو ِن القانوني ِة َو البلانيةِ الذِي‬
‫ِيـ ُينَظّمُه مَرْكَزُ‬
‫ُسـتَقبلِ الذ ْ‬
‫ّياتـ ال ْ‬
‫ِيجـ َو تَحد ِ‬ ‫ِتامـ َأعْمَا ِل ُم ْؤتَم ِر الَل ِ‬
‫َفـ بِفخْرٍ فِي خ ِ‬
‫وَق َ‬
‫سـنَويّا بِإِمارةِ أبـ ظـب مَسـَاء الثُلثاءِ‬ ‫ُوثـ الِسـْتراِتيْجِيةِ َ‬ ‫َاتـ للدّرَاسـَاتِ َو البُح ِ‬
‫الِإمار ِ‬
‫ضدَ‬
‫‪ 2004/1/15‬م‪ ،‬ليعُل نَ أ ّن بِلد هُ قَدّم تِ ال َكثِ َي مِ َن ال َعوْ ِن للمْرِيكِييَ فِ يْ حَربَيهِم ِ‬
‫أفغانستانَ والعِراق‪ُ ،‬و مُؤكّدا أنّهُ َلوْل الّتعَاونِ ا ِليْرَان َلمّا َسقَطتْ "كابول" َو َبغْدَاد بِهذهِ‬
‫السهولة‪.‬‬

‫س تَشْخِي صِ‬ ‫جلِ ِ‬ ‫ق ا َلوْ سَطِ ف ‪ 2002/2/9‬م‪ ،‬عَ نْ َرئِي سِ مَ ْ‬ ‫وَ قَ ْد َنقَل تْ جَرِي َدةُ الشّرْ ِ‬
‫مَ صْلَحةِ النّظَا مِ "رفسنجان" َقوْلَه فِي ُخطْبت هِ ِبجَامعةِ طهران‪ِ ":‬إنّ ال ُقوّا تَ ا ِليْرَانِيةَ قَاتَل تِ‬
‫ِرقـ‬
‫َمـ تُسـَاعِد ُقوّاتُِه ُم ف ِي قِتا ِل طَالِبان لغ َ‬ ‫َنهـ لَو ل ْ‬
‫طَالِبان وَ سـَاهَمتْ ف ِي دَحْره ِا‪ ،‬وَ أ ُ‬
‫ستَنقعِ الَفْغا ن"‪َ .‬و تَابَ عَ قَاِئلً‪" :‬يَجِ بُ على أمري كا أ نْ َتعْلَم أن هُ َلوْل‬
‫المْ ِرْي ِكيّو نَ ف الُ ْ‬
‫ت أَمريكا أن تُسقِطَ طالِبان"‪.‬‬
‫اليشُ ا ِليْرَانُ الشّعب مَا اسْتَطَاعَ ْ‬

‫ب الوِحْ َدةِ الشّْيعِي‪ ،‬عقِ بَ خُرو جِ الرّو سِ مِ ْن أفغانستان‬ ‫بَ ْل هَذَا مَا وَ صّى بِ هِ الُ َمْينِي حِزْ َ‬
‫ب الوِحْ َد ِة يَا شِيْع َة أفغان ستان؛ جِهادُكُم يَبدُأ بَعْد خُرُو جِ‬ ‫مَدْ ُحوْرِ ين َحيْ ثُ قَال‪" :‬يَا حِز َ‬
‫ِيـ‬
‫َاتـ الدّاخِليةِ ف ْ‬
‫َنـ َو الضِ ِطرَاب ِ‬ ‫َاعـ ال ِفت ِ‬
‫السـنُة وَ ِإْيق ِ‬
‫َلكـ ِجهَادَ َأهْلِ ّ‬
‫ْصـدُ بِذ َ‬ ‫الروس‪ ،‬و يَق ِ‬
‫البِلد"‪َ .‬و بالفِعلِ هذا مَا حَ صَل عَلَى أَ ْرضِ الوَاقِ عِ‪ ،‬حَت ِإنّ َدوْل َة طَالِبَا نَ قَامَت ِب َقتْلِ ما ل‬

‫‪556‬‬
‫لوَنةِ الرّوافِ ضِ ِممّن حَاوَلُوا التّم ُر َد عَلى حُك ِم طالِبان‪ ،‬فكُل‬ ‫يقِلُ عن ‪ 6000‬مُقاتلٍ مِ َن ا َ‬
‫هَذا التآمُر عَلَى دول ِة أفغان ستان َو مَ ّد يَ ِد ال َعوْ نَ َلمْرِي كا وَ حُلفَائَ ها َخوْفا مِ نْ أَ نْ َيكُو نَ‬
‫ِليْرَانَ الرّاِفضِيةِ جَارةً سنُيةً َقوِية‪ ،‬لَنّ حَربُم السَاسِية َليْسَت مَ َع الَيهُو ِد وَ ل مَ َع النّصَارَى‬
‫بَل حَرُبهُم ا ْلوْلَى وَ ال ِخيْر ُة هِي مَع َأهْ ِل السنُة‪.‬‬

‫ح بِه قَدِيـا الدّكتور "علي وليت" بِقوله‪ " :‬لَن نسمحَ أن تكون هُناك دولةٌ‬ ‫صرّ َ‬
‫و هَذَا مَا َ‬
‫وهابيةٌ ف أفغانستان"‪ ،‬أي دول ًة سنُية وفق لصْطَلحاتِ الرافِضة الشائع ِة الن‪!..‬‬

‫منـ‬
‫ْسـهُ الذِي وَقَفــُه خُلفا ُء َو وُزرا ُء الدّولةِ العُبَيدِيةِ الفَاطِمِي ِة َ‬
‫ِفـ َنف ُ‬
‫ْسـ َهذَا الَ ْوق ُ‬
‫ألي َ‬
‫صرُوا الصّليبـيي‪..‬؟‬
‫ي يَو َم أَن حَارَبوهم َو نَا َ‬
‫السّلجِقةِ التراك السنُي َ‬

‫وَ قَدْ أَفَا َد عَدِي ٌد مِ نَ الُباءِ العسكريي بِأنّ الطِائرا تِ الت انْطَلقَت مِن قَواعِدَ َأمْرِيكّيةٍ فِ ْي‬
‫ستَان إِل عَ ْن طَرِي ِق الَ ْجوَا ِء ا ِليْرَاِنيّة فِ ْي وَقْ تٍ‬
‫الدّو ِل العَرَبيـةِ ل يُ ْمكِ نُ أَ ْن تَعبُـرَ ل ْفغَانِ ْ‬
‫سؤُولُونَ ا ِليْرَانِيو نَ يُشَدّدُو نَ عَلى ِدعَاَيةِ ُحرْمَة الَ ْجوَاءِ ا ِليْرَانِيةّ إِل عَلَى الطّائِرا تِ‬ ‫كَان الَ ْ‬
‫السـتِخبَارَاتِ‬‫َسـكَرِية فـ ْ‬ ‫َتـ مَصـَاد ُر ع ْ‬ ‫َانـ َو أشَار ْ‬ ‫ِيـ إِير َ‬‫ِوطـ اضْ ِطرَارِيا ف ْ‬
‫ا ُلضْطَرةِ لل ُهب ِ‬
‫صةِ ا َلمْرِيكِي ِة ا َلوْجُو َدةِ فِ ْي مَدينةِ‬‫ت الَا ِ‬‫المْ ِرْيكِ ية فِ ْي الوَقْ تِ ذَاتِه أَ نْ َعنَا صِ َر مِ ْن ال ُقوّا ِ‬
‫ت بِأَ ّن عُمَلءَ ِإيْرَاني ـي َيتَ سللون إِل‬ ‫ب أفغان ستان قُر بَ الُدُود الِيرَانِ ية أفَادَ ْ‬ ‫هيات غِر ِ‬
‫النطقةِ وَ ُيهَدّدُونَ ُزعَماءَ القبَائِل‪.‬‬

‫َو هَذَا مَا أَكّ َدتْ ُه مُنظّ َمةُ ُحقُو قِ ا ِلنْ سَان المْرِيكِ ية "هيومان را يت وو تش" فِ يْ أكْتُوبَر‬
‫ضعَ تْ َأعْدَادَا إِضَافِيةً‬ ‫لكُو َم َة الِيْرَان ية وَ َ‬ ‫ح ِفيّة ُتفِيدُ أَنّ ا ُ‬
‫صَ‬‫‪ 2001‬م‪ ،‬مِ نْ أَ ّن ثَم َة َتقَارِ ير َ‬
‫لنُو ِد عَلَى حُدُودِهِا َبعْدَ بِدْءِ الضّرَبا تِ العَ سْكَ ِريّة‪ ،‬وَ أَنُا بَدَأ تْ فِ يْ َترْحِي ِل ِمئَا تِ‬ ‫مِ َن ا ُ‬
‫ِنـ‬
‫َاصـُر م َ‬‫َلهـ العُمَل َء الِيــرَاِنيّو َن َو َعن ِ‬ ‫الِلجِئيـ إِل أفغانسـتان‪َ ،‬و هَذَا تَمامَا م َا َيفْع ُ‬
‫ت الِيـرَاِنّيةِ فِ ْي العِرَاق‪َ ،‬و ِبعِلْ ٍم وَ رِضىً مِ َن ال ُقوّا تِ ا َلمْ ِرْيكِي ِة وَ حَُلفَاَئهِا فِي‬ ‫خبَارَا ِ‬ ‫ال ْستِ ْ‬
‫َاطقـ‬
‫ِيهـ التّشْدِيدَ وَ الّتضْيِيــ َق عَلَى ا َلن ِ‬ ‫ْتـ الذِي نَرَى ف ِ‬ ‫ْبـ عَلَى العِرَاقـِ‪ ،‬فَف ِي الوَق ِ‬ ‫الَر ِ‬
‫ق مَ عَ َجمِي ِع البُ ْلدَا ِن ال ت يُ ْمكِ نُ أ ْن َيْنفُذَ عَبْرَهَا الُجَاهِدُو نَ لِم سُاعَدةِ‬ ‫الُدُودِيةِ مَ عَ العِرا ِ‬

‫‪557‬‬
‫إِخِوانِ هم ف العِرا قِ ضِ ّد الُحْ تل ا َلمْ ِريْكِي؛ نَجِ ُد أنّ الُدُو َد الِيْرَانِيةَ العِرَاقِيةَ ُت ْفتَ حُ على‬
‫مِ صْرَاعَْيهَا ِلتَ سَلّ ِل عَدَدٍ كَبيٍ مِ َن العُمَلءِ لغْرَا ضٍ سِياسِيةٍ رَافِضِيةَ‪ ،‬وَ عَلى رَأ سِِها َت ْغيُ ي‬
‫ضةُ‪ ،‬وَ ل ِسيّما َبعْدَ الجَاز ِر وَ الَذَابِح‬ ‫نِ سْب ِة التّركيب ـ ُة ال سّكانيةُ لِأهِ ِل العِرا قِ لِ صالِ الرّافِ َ‬
‫ب العِرَا قِ‬
‫الَمَاعيّة ال ت تَمّ تْ لِأهْلِ ال سنُة‪َ ،‬حتّ ى َيتَمكّنوا مِ نْ َفرْ ضِ سَيْطَرِتهِ ْم عَلَى َجنُو ِ‬
‫ط نفُو ِذهِم عَلَى العِرا قِ كُلِه‪ ،‬بِالِضَاَفةِ إِل ا َلغْرَا ضِ‬ ‫عَلَى القَ ِل مَا دَا مَ لَ ْم يتَ َمكّنُوا مِن بِ سْ ِ‬
‫الِ ْستِخْبارَاِتيّة التِي تَرُو ُم تتبُع الُجَاهِدِي َن َو مُتابَع ِة ال صَالِ ِح الِيْرَانِي ـة‪َ ،‬و التّن سي ِق َبْينَ ها وَ‬
‫ب َو الَرَكَاتِ الشّيعيةِ الُأخْرَى دَاخِ َل العِراق‪.‬‬ ‫ي الَحْزَا ِ‬‫بَ َ‬

‫عِلْما بِأنّ الرّافِ ضة‪ ،‬كَمَا هِ يَ عَادَتُ مُ‪ ،‬كَانُوا ُيعْلِنُو َن مُعَادَا َة أمْري كا‪َ ،‬و يَرْفَعو َن شِعارَ‬
‫ع الِيْرانِ يّ "علي شخان"‬ ‫الو تُ لمريكاَ‪َ ،‬و يُ سَمّوَنهَا بِالشّيطَا ِن الكْبَر‪ ،‬بَلْ ِإنّ وَزيرَ الدّفَا ِ‬
‫ت مُدويةٍ هَدّدَ فِيها بِإِ سْقاطِ‬‫حضِيات أمريكا للهُجوم على طالِبا نِ؛ أطل َق تَ صْريْحَا ٍ‬ ‫خِل َل تَ ْ‬
‫َيانـ اتفَاقِيةٌ تَم ّت‬
‫أيامـ َظهَرت للع ِ‬ ‫أَي طَائِرةٍ َأمْرِيكِيـة تَعبُر الَجْوا َء الِيْرَانِيـة‪َ ،‬و َبعْ َد عِ ّد ِة ٍ‬
‫ت ا َلمْريكّيةِ ا ِليْرَانِي ِة َيقُومُ ا ِليْرَانيّو َن بِموْ ِجبِها بِـِإعَا َدةِ أي أمْرِيكي‬
‫تَحْتَ طَاوِل ِة الُفاوضَا ِ‬
‫سقَطُ ف إيران إل أمريكا سَالـا ُمعَافـى‪.‬‬ ‫يُفقَدُ َأ ْو يُ ْ‬

‫وَ ل َيفُوتَ ن أَن أذْ ُكرَ كَل مَ ال ّرئِي سِ ا ِلْيرَانِ يّ الَال "أحدي ناد"‪ ،‬وَ الذِي ُيفْ صِحُ ِفيْ هِ‬
‫ت آبائهمُ الرّافِضة‪َ ،‬حيْثُ قَا َل مَا َمفَادهُ‪َ :‬لقَدْ جَاءَتْ‬
‫على أنُم اليَو َم يَسِيون عَلى مُطّـطا ِ‬
‫ُحكُومت ِلتُمهِدَ الطّري َق ل ْسِتقْبا ِل الـهْدِي‪.‬‬

‫وَ أمّا فِ ْيمَا يَتَع ّلقُ برائمهم وخياناتم الخلقية؛ فَح ّدثْ َو ل َحرَج‪..‬‬

‫ش ظَاهِرا َو‬
‫ص بِالرّذِيل ِة َو الَـنَا َو الفُجُورِ‪ ،‬و تَنـتَشرُ فِيهِم الفَواحِ ُ‬ ‫َفهَاهِي مُت َمعَاتُم تَغُ ُ‬
‫جتَمعا مَُلوّثا ِبهَذِ هِ الرّزَايَا إِل وَ الرّافِضةُ قَدْ فَاق هُ فُحشا وفجورا‪ ..‬كُلّ‬
‫بَاطِ نا‪ ،‬و ل تَج ُد مُ ْ‬
‫ذَلك يتمُ من خِل ِل َشرِيعةِ الرافِضة وَ دِينهِم َو ِبفَتوىً مِ ْن مَر ِجعِياتِهم و آيَاتِهم!‬

‫فكيف ذاك‪..‬؟‬

‫‪558‬‬
‫أَ ّولً‪َ :‬زوَاجُ الُت َعةِ؛‬

‫ك اليَمِيِ‬ ‫الذِي َأبَاحَ هُ الشّر عُ فَت َرةً مِ نَ ال ّزمَ نِ‪ ،‬وَلِلضّرُو َرةِ مَ َع غَيِ الُسلِمَاتِ قَب َل تَق سِي ِم مُل ِ‬
‫وَالَخ ِذ بِ هِ‪ ،‬حَي ثُ كَا نَ ال صّحَاَبةُ فِي َزمَ ِن النِّبيّ صَلّى الُ عَلي ِه وَ سَلّمَ يَغزُو نَ بِلدَا َبعِي َدةً‪،‬‬
‫ح التّ َمتّ عِ‬‫ش ّقةُ‪ ،‬فَي ِنكَا ِ‬ ‫ج وَالَ َ‬
‫سفَرِ َذهَابَا َوِإيَابَا َوإِقَا َمةً‪ ،‬فَرُفِ َع عَنهُم الَرَ ُ‬ ‫َوتَطُو ُل ِبهِم مُ ّد ُة ال ّ‬
‫ُوعـ ف ِي الَحظُورِ‪ ،‬وَلَمّاـ َت َغيّ َر الَالُ‪ ،‬وَزَالت الضّرُو َرةُ بِانتِشَارِ‬ ‫لِبعَادِه ِم ع َن مَ َظّن ِة الوُق ِ‬
‫ق الُسلِمِيَ ف البِلدِ نُ سِخَ حُك ُم الُت َعةِ نَظَرَا لِمَا يَحوِي هِ مِن َمفَا سِدَ أَكبَ ُر مِن‬ ‫الِسلمِ َوَتفَرّ ِ‬
‫مَ صَالِحِهِ‪ ،‬وَِلكَونِ ِه يُنَافِي َمقَا صِدَ ال ّزوَا جِ الذِي أَحَل هُ الُ تَعَال‪ ،‬وَالذِي مِنهَا استِدَا َمةُ ال ّزوَا جِ‬
‫ضةَ َيَتعَلقُو َن ِبهَذَا الزّواجِ‬ ‫ب الوَلَ ِد وَال ِقيَامِ عَلى تَرِبَيتِهِ‪ ،‬فَِإنّ الرّاِف َ‬
‫َو بِنَا ُء الُس َرةِ الُسلِ َمةِ‪ ،‬وإِنَا ُ‬
‫الذِي ُهوَ مِفتَا حٌ لِلزّنَا وَلِكُل شَرّ‪َ ..‬و هُم ل يَقُولُو َن بِِإبَا َحتِ ِه وَ َجوَازِ هِ فَحَ سبْ؛ بَل ِإنّهُم‬
‫ت مَكذُوَبةٍ‬ ‫يَعَتبِرُو نَ مَن ل َيتَ َمتّ ُع وَمَن يَرَى حُر َم َة هَذَا ال ّزوَا جَ بَِأنّ هُ كَافِ ٌر ِبنَاءً عَلَى ِروَايَا ٍ‬
‫سبُوهَا إِل ا َلئِ ّم ِة مِن آ ِل البَي تِ كَمَا جَاءَ فِي ِكتَا بِ [مَن ل يَحضُرُ ُه ال َفقِي هُ]‪َ " :‬روَى‬ ‫نَ َ‬
‫ق عَن ال صّا ِدقِ عَلي ِه ال سّلم قَالَ‪ :‬إِنّ الُت َعةَ دِينِي وَدِي َن آبَائِي‪َ ،‬فمَن عَمِ َل ِبهَا عَمِلَ‬ ‫ال صّدُو ُ‬
‫بِدِينِنِا‪َ ،‬ومَن أَنكَ َرهَا أَنكَرَ دِيَننَا وَاعَتقَ َد ِبغَيِ دِينِنِا"‪.‬‬

‫بَل يََتوَ سّعُونَ فِي ِه لِيَش َملَ التّمَتّ َع حَتّ ى بِالرّضِي َعةِ‪ ،‬وَفِي َذلِ كَ َيقُو ُل الُمَينِيّ فِي كِتَابِ هِ‬
‫س بِالتّمَتّ ِع بِالرّضِي َعةِ ضَمّا َوتَفخِيذًا َوتَقبِيلً"‪.‬‬
‫"تَحرِي ُر ال َوسِي َلةِ"‪" :‬ل بَأ َ‬

‫وَ يذكُرُ َلنَا صَا ِحبُ ِكتَا بِ [لِ ثُمّ لِلتّارِي خِ] حَا ِدثَ ًة َو َقعَت َأمَا َم نَا ِظرَي هِ حِيَ كَا نَ الُمَيِنيّ‬
‫ُمقِيمًا فِي العِرَا قِ‪ ،‬وَكَا نَ فِي ِزيَا َرةٍ لِشَخ صٍ إِيرَاِنيّ يُدعَى " َسيّد صَاحِب"‪َ ،‬فَيقُولُ‪" :‬فَ ِر َ‬
‫ح‬
‫صنَعَ َلنَا غَدَاءً فَاخِرَا‪ ،‬وَاتّصَ َل ِببَعضِ‬‫َسيّد صَاحِب بِمَجِيِئنَا وَكَا َن وُصُوُلنَا إِلي ِه عِندَ الظّهرِ‪ ،‬فَ َ‬
‫حضَرُوا‪ ،‬وَاز َدحَ َم مَنِلُ ُه احِتفَاءً ِبنَا‪َ ،‬وطَلَ بَ " َسيّدُ صَاحِب" إِلينَا ا َلبِي تَ عِندَ هُ تِل كَ‬ ‫أَقَا ِربِ هِ َف َ‬
‫الليَلةِ‪َ ،‬فوَافَ قَ ا ِلمَا مُ‪ ،‬ثُمّ لا كَا َن العِشَاءُ‪َ ،‬أتَونَا بِالعَشَاءِ‪ ،‬وَكَا نَ الَاضِرُو َن ُيقَبّلُو َن يَ َد الِمَا مِ‬
‫ضرُو نَ قَد ان صَرَفُوا إِل‬ ‫ب عَن أَسئَِلِتهِم‪ ،‬وَ لَمّا حَا نَ وَق تُ النّو مِ‪ ،‬وَكَا نَ الَا ِ‬ ‫َويَسأَلُونَ ُه َويُجِي ُ‬
‫صرَ ا ِلمَامُ الُمَيِنيّ صَبِّي ًة ِبعُم ِر أَربَعِ سَنَوَاتٍ أَو خَمسٍ وَلكِّنهَا جَمِيَلةٌ جِدّا‪،‬‬
‫أَهلَ الدّارِ‪ ،‬أَب َ‬

‫‪559‬‬
‫فَطَلَ بَ ا ِلمَا ُم مِن َأبِيهَا " سَيّد صَاحِب" إِحضَا َرهَا لِلتّمَتّ ِع ِبهَا‪َ ،‬فوَافَ قَ أَبُوهَا ِبفَرَ ٍ‬
‫ح بَالِ غٍ‪،‬‬
‫صرِ ِيهَا‪.‬‬
‫فَبَاتَ ا ِلمَا ُم الُمَينِي وَالصّبِّيةُ فِي حِضِن ِه َونَحنُ نَس َم ُع بَكَا َءهَا وَ َ‬

‫ح وَ َجلَ سنَا ِلَتنَاوُ ِل الِفطَارِ‪ ،‬نَظَرَ إِلّ َفوَجَ َد‬ ‫صبَا ُ‬


‫ا ُلهِمّ َأنّ هُ أَمضَى تِل كَ الليَلةَ‪ ،‬فَلمّ ا أَ صبَحَ ال ّ‬
‫صغِيَ ِة وَفِي الدّارِ‬
‫حةً فِي وَجهِي‪ ،‬إِذ كَي فَ َيتَ َمتّ ُع ِبهَذِ هِ الطّفَل ِة ال ّ‬ ‫ت الِنكَا ِر وَاضِ َ‬
‫عَلمَا ِ‬
‫ت بَالغَاتٌ رَاشِدَاتٌ‪.‬كَا َن بِإِمكَانِهِ التّمتّعُ بِإِحدَاهِنّ فَلَم يَفعَل‪َ ،‬فقَالَ ل‪َ :‬سيّد حُسَي مَا‬ ‫شَابّا ٌ‬
‫ك َوأَنتَ ِإمَامٌ مُجَتهِد‪،‬‬
‫ك وَالصّوَابُ فِعلُ َ‬ ‫َتقُولُ فِي التّمتّعِ بِالطّفَلةِ؟ َفقُلتُ لَهُ‪َ :‬سيّد القَولُ قَولُ َ‬
‫وَل يُمكِ نٌ لِمِثلِي أَن يَرَى أَو َيقُولَ إِل مَا تَرَا هُ أَن تَ أَو َتقُولُ هُ‪َ .‬و مَعلُو مٌ َأنّ ي ل يُم ِكنُنِي‬
‫العتِرَا ضُ وَق تَ ذَاك‪َ .‬فقَالَ‪َ " :‬سيّد حُ سِي‪ ،‬إِنّ التّمَتّع ِبهَا جَاِئزٌ َوَلكِن بِا ُلدَاعََبةِ وَالتّقبِيلِ‬
‫وَالتّفخِي ِذ أَمّا الِمَاع فَِإّنهَا ل تَقوى عَليهِ"‪ .‬ا‪.‬هـ‪.‬‬

‫وَ تَتَو سّ ُع دَاِئ َرةُ التّمَتّ عِ عِن َد الشّي َع ِة لِتَش َملَ حَتّ ى التّمَتّ َع بِالنّ سَا ِء الَُتزَ ّوجَا تِ؛ َوهَذَا مَا‬
‫تُحَ ّرمُ هُ جَمِي عُ الشّرَائِ ِع ال سّمَا ِويّةِ‪ ،‬بَل وَل ُتقِرّ هُ َحتّ ى غِ َي ُة ال ُعقَلءِ مِ َن الكّفّارِ‪ ..‬فَالرّاِفضَ ُة‬
‫يِيزُو نِ التّمتّ َع بِالرأَ ِة الُح صََنةِ زَو َج َة الغَيِ دُو نَ عِل مِ زَو ِجهَا َودُو نَ رِضَا هُ‪ ،‬عِلمَا بَِأنّ بَع ضَ‬
‫ُف َقهَاءَ الشّي َعةِ ُيقِرّو َن ِبتَح ِريِ نِكَا حِ الُت َعةِ‪ ،‬كَمَا جَاءَ فِي [وَ سَائِلُ الشّي َعةِ]‪ ،‬وَفِي [التّهذِي بِ]‬
‫وَ فِي [الستِبصَارِ]‪ ":‬قَالَ َأمِ ُي الُؤ ِمنِيَ صَلَواتُ الِ عَلي هِ‪َ :‬حرّ مَ رَ سُولُ الِ صَلى الُ عَلي هِ‬
‫َوسَلّ َم وَآل ِه َي ِومَ خَيبَرَ ُلحُومُ الُ ُم ِر الَهِلّي َة َونِكَاحَ الُت َعةِ"‪.‬‬

‫وَ جَاءَ فِي [التّهذِيب]‪" :‬وَ ُسئِلَ َأبُو عَبدِ الِ عَلي هِ ال سّلم‪ :‬كَا َن الُسلِمُو َن عَلى عَهدِ رَ سُولِ‬
‫ل عَلي ِه وَآلِ ِه َيتَ َزوّجُونَ ِبغَيِ َبّيَنةٍ؟ قَالَ‪ :‬ل"‪.‬‬
‫الِ صَلّى ا ُ‬

‫جةٌ قَا ِط َعةٌ فِي نَ سخِ‬


‫َويَقُو ُل ال سّيدُ حُ سيٌ الُو َسوِيّ ُمعَّلقَا‪" :‬ل شَكّ أَنّ هَذَي ِن النّ صّيِ حُ ّ‬
‫حُك ِم الُت َع ِة َوإِبطَالِهِ"‪.‬‬

‫وَجَاءَ فِي [وَ سَائِلِ الشّي َعةِ]‪َ " :‬وعَن عَمّارٍ قَالَ‪ :‬قَالَ أَبُو عَبد الِ عَلي هِ ال سّلم ل‪ ،‬وَلِ سُليمَانَ‬
‫بن خَالِد‪( :‬قَد ُح ّر َمتُ عَليكُمَا الُت َعةُ)‪.‬‬

‫‪560‬‬
‫َبـ الشّي َعةِ ا ِلمَا ِمّيةِ الثنَي‬
‫ِهـ [أُصـُو ُل مَذه ِ‬ ‫َاصـٌر ال َقفَارِيـّ" فـ ِكتَاب ِ‬
‫وَ قَد نَقَلَ الدّكتُو ُر "ن ِ‬
‫ضةِ ف الُت َعةِ ف هَذَا ال ّزمَانِ ل يَحتَا جُ‬ ‫عَش ِرّيةِ] عَن الَلُوسِي قَولَهُ‪" :‬مَن نَظَرَ إِل أَحوَالِ الرّاِف َ‬
‫فِي حُكمِ ِه عَليهِم بِال ّزنَا إِل بُرهَا نٍ‪ ،‬فَِإنّ الرَأةَ الوَاحِ َدةَ تَزنِي بِعشرِي نَ رَ ُجلً فِي يَو مٍ وَ لَيَلةٍ‪،‬‬
‫ق عَدِي َدةٌ لِلمُت َعةِ تُوقَ فُ فِيهَا النّ سا ُء وََلهُنّ‬‫َوتَقُولُ ِإنّهَا ُمتَ َمّت َعةٌ‪ ،‬وَقَد ُهيّئَت عِندَهُم أَ سوَا ٌ‬
‫َقوّادُو َن يَأتُو نَ بِالرّجَالِ إِل النّ سَا ِء َوبِالنّ سَاءِ إِل الرّجَالِ َفيَختَارُو َن مَا يَرضُو نَ وَ ُي َعّينُو نَ‬
‫ل َتعَال َو َغضَبِهِ" ا‪.‬هـ‪.‬‬ ‫أُج َرةَ ال ّزنَا َويَأ ُخذُو َن ِبأَيدِيهِنّ إِل لَعَنةِ ا ِ‬

‫ج الُتعَةِ‪ ،‬وَمَا هِيَ آثَا ُرهُ عَلَى الُجتَمَعِ الرّافِضِيّ؟‪.‬‬


‫فَمَاذَا نَتَجَ عَن َزوَا ِ‬

‫ط الَن سَابِ؛ وَالذِي بِ سََببِهِ حَرّ مَ الُ الزّنَا‪َ ،‬وذَلِ َ‬


‫ك مِن خِل ِل التّ َمتّ عِ‬ ‫فَمِن آثَارِ هِ‪ :‬اختِل ُ‬
‫ُونـ‬
‫ِلمـ أَزوَا ِجهِنّ‪َ ،‬فتَحمِ ُل الَرَأةُ‪ ،‬وَل تَدرِي هَذَا الوَلَ ُد مَن َيك ُ‬ ‫ُونـ ع ِ‬ ‫َاتـ الغَيِ‪ ،‬وَد َ‬ ‫بِزَوج ِ‬
‫ج مِنَ الَحَارِمِ‪ ،‬فَمِن كَث َر ِة مَا َيتَ َمّتعُونَ صَارَ الرّجُ ُل َيتَ َمتّعُ‬
‫وَالِدُهُ‪َ ،‬ومِن ذَلِكَ َكثُ َر بِسََببِهِ الزّوا ُ‬
‫بِالَرأَةِ‪ ،‬وَقَد َتكُو ُن ابَنتُ هُ مِن زَو َجةٍ سَاِب َقةٍ كَا نَ قَد تَ َمتّ َع بِهَا‪ ،‬أَو تَكُو نُ زَو َجةَ ابنِ هِ الذِي‬
‫َسبَقَ أَن تَ َمتّ َع ِبهَا‪ ،‬أَو زَو َجةَ َأبِيهِ‪.‬‬

‫سيٌ الُوسَوِيّ‪" :‬جَاءَتنِي ام َرَأةٌ تَستَفسِ ُر ِمنّي عَن حَا ِدَثةٍ حَصَلَت‬ ‫ك َيقُولُ السّيدُ حُ َ‬ ‫وَ فِي ذَلِ َ‬
‫ي الصّدرَ" كَانَ قَد تَ َمتّ َع ِبهَا قَبلَ أَكثَرِ‬ ‫َم َعهَا‪ ،‬إِذ أَخبَرتنِي َأنّ أَح َد السّا َدةِ َو ُه َو السّيدُ "حُس ٌ‬
‫ت ِببِن تٍ‪،‬‬‫مِن عِشرِي نَ َسَنةً‪َ ،‬فحَ َملَت مِن هُ‪ ،‬فَلَمّا أَشبَ عَ رَغَبتَ هُ مِنهَا فَارََقهَا‪َ ،‬و بَع َد مُ ّدةٍ رُزِقَ ْ‬
‫َوأَق سَمَت َأّنهَا حَمَلت مِنهُ ُهوَ‪ ،‬إِذ ل يَتَ َمتّع ِبهَا وََقتَذَا كَ أَحَ ٌد غَيُ هُ‪َ .‬و بَعدَ أَن َكبُرَت البِن تُ‬
‫وَ صَارَت شَابّةً َجمِيَل ًة ُمتََأهَِلةً لِل ّزوَا جِ‪ ،‬اكتَشَفَت الُمّ أَنّ ابَنتَهَا حُبلى‪ ،‬فَلمّ ا َسأَلَتهَا عَن‬
‫حمِلَت مِن هُ‪ ،‬فَ ُدهِشَت ا ُلمّ‬ ‫َسَببِ حَمِلهَا؛ أَخبَرَتا البِن تُ َأنّ ال سّي َد الَذكُو َر استَمتَ َع َبهَا فَ َ‬
‫صةَ‪َ ،‬فكَيفَ َيتَ َمتّعُ‬ ‫صوَاَبهَا‪ ،‬إِذ أَخبَرَت ابَنَتهَا َأنّ هَذَا السّي َد ُهوَ َأبُوهَا‪َ ،‬وأَخبَرَتا القِ ّ‬ ‫وََفقَدَت َ‬
‫بِا ُلمّ‪ ،‬وَاليَو َم يَأتِي ِلَيتَ َمتّ َع بِابنَِتهَا التِي هِ َي ابَنتَهُ هُوَ؟"‪.‬‬

‫ع ال َغرَاِئزِ؛ لِ َدرَ َج ٍة وَ صَلَت‬


‫وَمِن آثَارِ هِ؛ ا ستِغللُ أَربَا بِ ا َلوَى وَالفَ سَادِ الُت َعةَ فِي إِشبَا ِ‬
‫ك بِالدّي ِن مِن خِل ِل الُت َعةِ‪.‬‬
‫حَ ّد الُنوحِ إِل الفُجُورِ‪َ ،‬وإِلصَاقِ ذَلِ َ‬

‫‪561‬‬
‫وَ مِن آثَارِ ِه أَيضًا؛ أَنّ ال سّا َد َة وَالَر ِج ِعيّا تِ الذِي َن ُيبِيحُو َن هَذَا ال ّزوَا جَ ِليَتِمّ لم مِن خِللِ هِ‬
‫التّ َمتّ َع ِبَبنَاتِ النّاسِ‪ ،‬يَمَنعُو َن بَنَاَتهُم َوأَ َخوَاَتهُم وََقرِيبَاَتهُم مِ َن التّ َمتّعِ َلنّهُم يَستَقذِرُونَهُ َلهُم‪،‬‬
‫َويَرَونَهُ كَال ّزنَا عَلى مَا يَشعُرُونَ هُم بِ ِه مِن خِل َل تَ َمّتعِهِم ِبَبنَاتِ الغَيِ‪.‬‬

‫ي الُو سَوِيّ ِروَاَيةً وَقَعَت َمعَ هُ ُهوَ حَي ثُ ُيقُولُ‪" :‬فَ َدخَ َل‬ ‫ك يَروِي لَنَا ال سّيدُ حُ سَ ٌ‬ ‫وَعَن ذَلِ َ‬
‫عَلينَا شَابّا نِ يَبدُوا أَنّـهُمَا اختََلفَا فِي مَسأََلةٍ فَاّت َفقَا عَلى ُسؤَا ِل ا ِلمَا مِ الُوئِ يّ ِليَ ُد ُلمَا عَلى‬
‫الَوَابِ‪.‬‬

‫سأَلَهُ أَ َح ُدهُمَا قَاِئلً‪َ :‬سيّدٌ؛ مَا َتقُولُ فِي الُت َعةِ أَحَل ٌل ِهيَ أَم َحرَامٌ؟‬ ‫فَ َ‬
‫س مِن ُسؤَالِهِ أَمرَا ثُمّ قَالَ لَهُ‪ :‬أَي َن تَسكُن؟‬ ‫نَظَرَ إِلي ِه الِمَا ُم الُوِئيّ وَقَد أَو َج َ‬
‫ف مُن ُذ شَهرَي ِن تَقرِيبا‪.‬‬‫قَالَ الشّابّ السّائِلُ‪ :‬أَسكُنُ الُوصِ َل َوأُقُي ُم ُهنَا فِي النّجَ ِ‬
‫قَالَ لَ ُه ا ِلمَامُ‪ :‬أَنتَ ُسّنيٌ ِإذَن؟‬
‫قَالَ الشّاب‪َ :‬نعَم‪.‬‬
‫قَا َل ا ِلمَامُ‪ :‬الُت َع ُة عِن َدنَا حَل ٌل َوعِندَكُم حَرامٌ‪.‬‬
‫َفقَالَ لَ هُ الشّاب‪ :‬أَنَا هُنَا مُن ُذ شَه َريِ ِن تَقرِيبا غَرِي بٌ فِي هَذِ هِ ال ّديَار َفهَل َزوّجتَنِي ابَنتَ كَ‬
‫َلتَ َمتّ َع بِـها رَيثَمَا أَعُودُ إِل أَهلِي؟‬
‫فَحَملَ قَ فِي ِه ا ِلمَا مُ ُهنَي َه ًة ثُمّ قَالَ لَ هُ‪َ :‬أنَا َسيّدٌ‪َ ،‬وهَذَا حَرَا مٌ عَلى ال سّا َد ِة وَحَل ٌل عِن َد َعوَا مِ‬
‫الشّي َعةِ‪.‬‬

‫َو نَظَرَ الشّابّ إِل ال سّي ِد الُوئِي َو ُهوَ مُبتَ سِ ٌم َونَظ َرتُ ُه تُوحِي أَنّ ُه عَلِ مَ أَنّ الُوئِي قَد عَمِلَ‬
‫بِالتّقَيةِ‪.‬‬

‫ت الِمَامَ الُوئِيّ فِي الُرُوجِ َفلَحِقتُ بِالشّابَيِ َفعَلِمتُ َأنّ السّائِ َل‬ ‫ثُمّ قَامَا فَانصَرَفَا‪ ،‬فَاستَأذَن ُ‬
‫ُسّنيّ وَ صَا ِحبَ ُه شِيعِ يّ اختَلَفَا فِي الُت َعةِ أَحَللٌ أَم َحرَا مٌ فَاّتفَقَا عَلََى ُسؤَالِ الَر ِج عِ الدّينِ يّ‬
‫جرَ الشّابّ الشّيعِيّ قَاِئلً‪ :‬يَا مُج ِرمِيَ ُتبِيحُو نَ‬ ‫الِمَا مُ الُوئِ يّ‪َ ،‬فلَمّ ا حَادَث تُ الشّابَيِ انفَ َ‬

‫‪562‬‬
‫سكُم التّ َمتّ عَ بَِبنَاتِنَا ُوتُخبِرُونَنَا بَِأنّ هُ حَللٌ َوأَنّكُم َتَتقَ ّربُو نَ بِذَلِ كَ إِل الِ‪َ ،‬وتُحَ ّرمُو نَ‬‫لَنفُ ِ‬
‫عَلينَا التّ َمتّ َع ِببَنَاِتكُم؟‬

‫ئ بِ هِ‪،‬‬
‫حوّلَ إل مَ ْذهَ بِ َأهْ ِل ال سّنّة‪َ ،‬فأَخَذْ تُ أُهَدِ ُ‬
‫شتُم‪ ،‬وَ أَقْ سَمَ أَ نْ َسَيتَ َ‬
‫سبّ‪َ ،‬و يَ ْ‬ ‫وَ رَا حَ يَ ُ‬
‫ثُمّ أَقْسَ ْمتُ لَهُ أَ ّن الُْت َعةَ حَرَامٌ‪َ ،‬و بَّيْنتُ لَهُ الدِّل َة عَلَى ذلك"‪.‬‬

‫وَ مِ نْ آثَارِ ِه أيضًا؛ قَطِي َعةُ الَ ْرحَا مِ‪َ ،‬و ال َوشَائِ جِ‪ ،‬وَ ذل كَ ِلأَنّ كثيًا من الرّاِف َ‬
‫ضةِ ل َيعْرِفُو نَ‬
‫ـبَمُ‪َ ،‬و ل آبَاءَهُ مُ‪ ،‬وَ ِلهَذَا َق ْد َيكُون ِللْ َرجُلِ إِ ْخ َوةٌ‪ ،‬وَ َأ َخوَا تٌ‪ ،‬وَ َمحَارِم ل َيعْرِفُهُم‪،‬‬‫َأنْسََا‬
‫ف مَنْ يكون وَالِ َدهُ‪.‬‬ ‫ِلأَنّهُ أَصْلًا َل َيعْرِ ُ‬

‫ّهـ الرّافِضَةُ‪َ ،‬و َيتَسـَامَ ُح َمعَه ُم وَ‬


‫َاجـ الُتْ َعةِ الذّي يَحِل ُ‬
‫ي ِة ِلزَو ِ‬
‫ِنـ الثَارِ ا ُل ْخرَى الَطِ َ‬
‫وَ م َ‬
‫ب الَيوْ مَ‪َ ،‬أنّ ُه َو مِ نْ ِخلَلِ ِإبَا َح ِة‬ ‫َيتَغَاضَى عَ نْ ال ْخِتلَ فِ َمعَهُم فَي هَ َكثِيٌ مِن ُدعَا ِة الّتقَارُ ِ‬
‫ا ُلْت َعةِ ا ْستَطَاعَ َكثِيٌ منْ ُدعَاِتهِم َبثّ َد ْعوَِتهِم َو نَشْرِ م َذ ْهبَ الرّ ْفضِ َبيْنَ َكثِيٍ مِنْ َقبَائِلِ َأهْلِ‬
‫السّّنةِ‪َ ،‬و مَا ذَلِكَ إل مِنْ ِخلَل ِإغْرَاِئهِم ِبهَذَا ال ّزوَاجِ‪َ ،‬و مُدَا َعبَةِ َأ ْهوَاِئهِم بالقَوْ ِل بِِإبَاحتِهِ‪.‬‬

‫حمّدِ كَامِل الرّاِف ِعيّ كَا َن‬ ‫شيْ ِخ مُ َ‬‫س عَشْر ِرسَاَلةً لِلْ َ‬ ‫جَل ُة [ا َلنَارِ] ف الُجَلّدِ السّادِ ِ‬‫ت مَ َ‬‫َفقَ ْد نَشَرَ ْ‬
‫ف َو ثَلث مائ ٍة وَ ِستّ وَ‬ ‫قَدْ أَرْ سََلهَا مِ ْن َبغْدَاد لِ صَدِيقِهِ الشّيْ خِ رَش يد رِ ضا فِي سنةِ أل ٍ‬
‫عشرين للهج َرةِ ‪ 1326‬هـ‪ ،‬كَشَ فَ لَ هُ َأثْنَاءَ ِسيَا َحتِهِ فِي تِلْ كَ ال ّديَا ِر مَا َيقُو مُ بِ ِه عُلَمَاءُ‬
‫ك بِإِ ْحلَلِ‬ ‫ض ِة مِ نْ َد ْع َوةِ ا َلعْرَا بِ إل الدّخُولِ فِي دِي نِ الرّفْ ضِ‪َ ،‬و ا ْسِتعَاَنِتهِم فِي ذَلِ َ‬ ‫الرّافِ َ‬
‫ُمتْ َع ِة النّكَاحِ ِلمَشَايِخِ َقبَائِِلهِم الذِي َن يَ ْر َغبُونَ ال ْستِ ْمتَاعَ ِب َكثِ ٍي مِ َن النّسَاءِ فِي كُ ّل وَ ْقتٍ‪.‬‬

‫ي َبيَانًا‬
‫وَ ذَكَرَ َلنَا د‪ .‬نَاصِ ُر ال َقفَارِيّ‪ ،‬فِي ِكتَابِ ِه [أُصُولُ َم ْذهَبِ الشَّيعَة الِمَا ِمّيةِ] عَ ْن الَيْ َدرِ ّ‬
‫جهُودِ ال ّروَافِ ضِ‪ ،‬وَ ِخدَا ِعهِم فِي ِكتَابِ هِ‪[ :‬عُْنوَا نُ‬ ‫خَطِيًا بِالقَبَائِ ِل ال سّـنّـّيةِ التّي تَرَّفضَ تْ ِب ُ‬
‫جدِ فِي َبيَا نِ َأ ْحوَا ِل َبغْدَا َد َو البَ صْ َر ِة وَ نَجْد]‪َ ،‬فَيقُولُ‪( :‬وَ َأمّا العَشَائِرُ العِظَا مُ فِي العِرَا قِ‬
‫الَ ْ‬
‫الّذِي َن تَرَّفضُوا مِ نْ قَرِي بٍ َف َكِثيُروَن‪ِ ،‬مْنهُم‪َ :‬ربِيعَة تَرَّفضُوا ُمنْذ َسْبعِيَ َسنَةٍ‪ ،‬وَ تي مٌ؛ وَ هي‬
‫ضةِ إليهِم‪،‬‬
‫ب تَرَدّ ِد َشيَاطِيَ الرّاِف َ‬
‫ق ُمنْذُ ِستّيَ َسَنةٍ بِسََب ِ‬
‫ح العِرَا ِ‬
‫عَشِيٌَة عَظِي َم ٌة تَرَّفضُوا فِي َنوَا ِ‬

‫‪563‬‬
‫وَ الَزَا ِعلُ تَرَّفضُوا ُمنْذ أَ ْكثَ َر مِ نْ ِستّيَ َسَنةٍ بتَ َردّدِ الرّاِف َ‬
‫ضةِ إَلْيهِم َو عَدَ ِم العَُلمَا ِء ِعنْدَهُم‪ .‬وَ‬
‫لزْرَج َو هُم بَطْ ٌن مِ َن الَزْدِ‪ ،‬وَ‬
‫ضةِ‪ :‬بَنُو عمي‪َ ،‬و هُ ْم بَطْ ٌن مِ ْن تَمِيم‪ ،‬وَ ا َ‬
‫مِ َن العَشَائِ ِر ا ُلتَرَّف ِ‬
‫ح ّمدِ‪َ ،‬و ه َ‬
‫ِيـ‬ ‫ضةِ أيضًا عَشَائِرُ العُمَا َرةِ آ ُل مُ َ‬ ‫شَمَّر َو هـي َكثِ َيةٌ‪َ ،‬و َغيْرُهَا‪َ .‬و م َ‬
‫ِنـ الُتَرَّف َ‬
‫ِلكَثْ َرِتهَا ل ُتحْصَى‪َ ،‬و َترَّفضُوا مِن َقرِيبٍ‪ .‬وَ عَشِ َيةُ بَنِي لم‪َ ،‬و هِيَ َكثِ َيةُ العَ َددِ‪ ،‬وَ عَشَائِرُ‬
‫س عَشَائِرٍ؛ آ ُل َأ ْقرَع‪ ،‬وآ ُل ُبدَيْر‪ ،‬وَ َعفْجٌ‪ ،‬وَ الِبُورِ‪ ،‬وَ جُلَيْحَة‪.‬‬
‫الدّيوَانِيّة‪َ ،‬و هِيَ َخ ْم ُ‬

‫ثانيًا‪ :‬إِعَا َر ُة الفُرُوجِ؛‬

‫ث الُكْمِ الشّ ْرعِيّ‪ ،‬إِ َل‬ ‫َو مَا أَ ْدرَاكَ مَا ِإعَارَ ُة الفُرُوجِ‪ ،‬فَِإنّ ُه وَ إِنْ كَا َن ُهوَ ال ّزنَا ِبعَْينِ ِه مِنْ َحيْ ُ‬
‫شعِرُونَ‬ ‫ستّرُونَ َو يَ سْتَ ْ‬ ‫َأنّ ُه مِ نْ َحيْ ثُ طَرِيقَة ُمبَاشَ َرتِ هِ‪َ ،‬ف ُهوَ أَفْظَ عٌ‪ ،‬وَ أَ ْقبَ حٌ‪َ ،‬حيْ ثُ َأنّ الزَّنَا َة َيتَ َ‬
‫الَطِيَئ َة وَ ال ّذنْ بَ الذِي يَ ْرَتكِبُونَ هُ‪َ ،‬أمّ ا فِي ِإعَارَ ِة الفُرُو جِ‪ ،‬فَإِنّ الرّجُلَ إِذَا أَرَا َد ال سّفَ َر َيأْتِي‬
‫صنَ َع ِبهَا مَا‬‫بِ َزوْ َجتِه ِعنْدَ صَدِيقِهِ َأوْ جَارِ هِ َأوْ َقرِيبِ هِ َأ ْو مَ ْن شَاءَ َفيُْبقِيهَا ِعنْدَ ُه وَ يُبِي حُ لَ هُ أَ نْ يَ ْ‬
‫شَا َء طِيَِلةِ َفتْ َرةِ َسفَ ِرهِ‪َ ،‬و يَأْذَنَ لَ ُه التّ َمتّعَ ِبهَا ِلكَيّ يَ ْط َمئِنّ عَلَى َزوْ َجتِهِ مِ نَ الوُقُوعِ فِي ال ّزنَا‪.‬‬
‫ضْيفًا فَِإنّ مِنْ َدوَاعِ إِكْرَامِ‬ ‫َو هُنَاكَ حَاَلةٌ ُأخْرَى َي ِعيُروَن فِيهَا الفُرُوجَ‪َ ،‬و هِيَ إِذَا حَلّ الرّجُلُ َ‬
‫سبُونَهَا إل‬ ‫ت َمكْذُوبَةٍ‪َ ،‬ينْ ِ‬ ‫ضيْ فِ‪َ ،‬و يَ ْروُو نَ فِي ذَلِ كَ ِروَايَا ٍ‬ ‫ضيْ فِ أَ ْن ُيقَدّ مَ َزوْ َجتِ هِ ِل ْل َ‬
‫هَذَا ال ّ‬
‫المَا ِم الصّا ِدقِ‪ ،‬وَ إِلَى َأبِيهِ َأبِي َج ْعفَر عََلْيهِمُ السّلِامُ‪.‬‬

‫سلَم قَالَ‪ :‬قُلْ تُ لَ هُ‪:‬‬


‫َروَى الطّو ِسيّ فِي [ال ْسِتبْصَارِ] عَ نْ ُمحَمّ ٍد عَ نْ أَبِي َجعْفَر عََليْ ِه ال ّ‬
‫الرّجُ ُل ُيحِلّ ِلأَخِيهِ َفرْجَ جَا ِرَيتِهِ؟ قَالَ‪ :‬نَعَم‪ ،‬ل َبأْسَ لَ ُه مَا أَحَلّ لَ ُه ِمْنهَا‪.‬‬

‫ع الكَافِي] عَ نْ أَبِي َعبْدِ الِ قَالَ‪ :‬يَا ُمحَمّدَ‪ ،‬خُ ْذ هَذِ ِه الَا ِرَيةَ‬ ‫وَ َروَى الكَُلْينِ يّ فِي [فُرُو ِ‬
‫ب ِمنْهَا‪ ،‬فَِإذَا خَرَ ْجتَ فَا ْردُ ْدهَا إَِلْينَا‪.‬‬
‫تَخْ ُدمُك‪َ ،‬و ُتصُي ُ‬

‫ضةِ فِي إيران َو العِرَا قِ‪َ ،‬و ُه َو ُمنْتَشِ ٌر ِبنَا ًء عَلَى َفتَاوٍ َكثِ َيةٍ‬ ‫َو هَذَا ا َلمْرُ أَفْتَى بِ ِه عُلَمَاءُ الرّاِف َ‬
‫ضةِ‪َ ،‬يقُو ُل ال سّيّدُ حُ سَي الُو َسوِيّ‪( :‬زُ ْرنَا الُو َز َة القَائِ ِمّيةَ فِي‬ ‫ت َو مَرْ ِج ِعيّا تِ الرّاِف َ‬ ‫مِ نْ سَادَا ِ‬
‫إِيرَان‪َ ،‬فوَجَ َدنَا السّا َد َة ُهنَا َك ُيبِيحُونَ ِإعَا َرةَ الفُرُوجِ‪.‬‬

‫‪564‬‬
‫صنَاِفيّ َو َغيْرُ هُ‪ ،‬وَ ِلذَا فَإِنّ َموْضُو عَ ِإعَا َر ِة‬‫سيّدُ لُطْ فُ ال ال ّ‬ ‫ك ال ّ‬‫َو مِمّ نْ أَفْتَى بِِإبَا َحةِ ذَلِ َ‬
‫ج ُمْنتَشِرٌ فِي عُمُو مِ إيرَان‪َ ،‬و ا سْتَ َم ّر العَمَ ُل بِ هِ َحتّى َبعْ َد الِطَا َح ِة بِالشّا ِه مُحَمّدٍ الرّضَا‬ ‫الفَ ْر ِ‬
‫ى وَ مَجِ يء آَيةِ الِ العُظْمَى ا ِلمَا ِم الُ َميْنِ ّي الوُ َسوِيّ‪َ ،‬و َبعْدَ َرحِيلِ المَا مِ الُ َمْينِ يّ‬ ‫َبهَْلوِ ّ‬
‫اِ سْتَ َم ّر العَمَلُ عََليْ هِ")‪ ،‬وَ قَالَ‪( :‬وَ مِمّ ا ُيؤْ سَفُ لَ هُ أَنّ ال سّا َدةَ هُنَا ‪ -‬يُعنِي العِراق‪ -‬أ ْفَتوْا‬
‫ق وَ فِي َبغْدَادَ‪ ،‬وَ فِي َمنْ ِط َقةِ‬‫ب العِرَا ِ‬
‫جوَازِ إِعَا َر ِة الفَرْ جِ‪َ ،‬و ُهنَاكَ َكثِ ٌي مِ َن ال َعوَائِلِ ف َجنُو ِ‬ ‫بِ َ‬
‫ستَانِيّ‪ ،‬وَ‬ ‫ِنـ السـّا َد ِة ِمنْهُم‪ :‬السـّي ْ‬
‫ِسـ هَذَا ال ِفعْلَ ِبنَاءً على َفتَاوَى َكَثيِ ٍر م َ‬
‫ّنـ يُمَار ُ‬ ‫الّثوْ َر ِة مَم ْ‬
‫ضيْفا ِعنْدَ أَحَ ٍد ِمنْهُم‬ ‫ال صّدْرِ‪ ،‬وَ الشّيَازِي‪ ،‬وَ ال ّطبْ َطبَائِ يّ َو َغيْرهُم‪ ،‬وَ َكثِ ٌي ِمنْهُم إِذَا َحلّ َ‬
‫سَتعَارةً ِعنْ َدهُ َحتّى ُمغَادَ َرتِهِ)‪ .‬ا‪.‬هـ‪.‬‬
‫ِاسَْتعَا َر ِمنْهُ ِامْ َرَأتَهُ إِذَا رَآهَا جَمِيَلةً‪َ ،‬و َتْبقَى مُ ْ‬

‫ثالثا‪ِ :‬إتْيَانُ الّنسَا ِء فِي َأ ْدبَارِ ِهنّ؛‬

‫جتَمَ ِع عَا ّمةً جَرّا َء الوُطْءِ‬


‫ضرَارِ الَسِي َم ِة التّي تَلْحَ ُق بِالُ ْ‬
‫خفَى عَلَى عَاقِ ٍل مَدَى الَ ْ‬ ‫َو الّذِي لَ يُ ْ‬
‫فِي ال ّدبُ ِر عَدَى اِْنِتكَاسَة الفِطْ َرةِ وَ ال ِعيَا ُذ بِال‪.‬‬

‫ح ِريِ ِإْتيَانِ النّسَاءِ فِي أَ ْدبَا ِرهِنّ‪،‬‬ ‫حيِح َة َو الصّرِ َيةُ فِي َلعْنِ فَاعِِلهَا َو تَ ْ‬ ‫َو هُنَا َك الَحَادِيثُ الصً َ‬
‫ض وَلَ‬ ‫ك عَ ِن الَحِي ضِ قُ ْل ُهوَ أَذًى فَا ْعتَزِلُوا النّ سَاءَ فِي الَحِي ِ‬ ‫سأَلُونَ َ‬
‫وَ الُ َتعَالَى َيقُولُ‪َ { :‬ويَ ْ‬
‫َتقْ َربُوهُنّ َحتّ ى يَ ْطهُرْ نَ فَإِذَا تَ َطهّرْ نَ َفأْتُوهُنّ مِ نْ َحيْ ثُ َأمَرَ ُك مُ الُ إِنّ الَ يُحِبّ الّتوّابِيَ‬
‫ج ٌة عَلَى مَ ْن يَحِلّ ِإْتيَا نَ الَ ْرأَة فِي ُدُب ِرهَا؛‬ ‫حبّ الُتَ َطهّرِي نَ} [البقرة‪َ ،]222:‬ف َهذِ ِه الَيةُ ُح ّ‬ ‫َويُ ِ‬
‫ليْضُ‬ ‫إَذْ َلوْ كَانَ جَائِزًا لَاَ كَانَ ِلَأمْرِ الِ َتعَالَى فِي اِ ْعتَزَا ِل النّسَاءِ فِي الَحِيضِ َم ْعنًى‪ ،‬فََلْيسَ ا َ‬
‫فِي ال ُدبُ ِر وَ ِإنّمَا فِي القُبُلِ‪َ ،‬و ا َلمْ ُر بِاعْتِزَالِهَا يَدُ ّل عَلَى أمْ ِر اعْتِزَا ِل ُو ْطئِهَا فِي القُبُلِ‪ ،‬وَ‬
‫ت يَ ْزعُمُو نَ زُورًا وَ كَ ِذبًًا نِ سَْبِتهَا إِلَى‬ ‫حلّو نَ ذَلِ كَ‪َ ،‬و َي ْأتُو َن بِ ِروَايَا ٍ‬
‫ضهُ مُ الُ‪ -‬يَ ِ‬
‫ضةُ ‪-‬رََف َ‬ ‫الرّافِ ِ‬
‫ت َبغْيًا َبيَْنهُم‪.‬‬‫َأئِ ّمةِ آ ِل الَبْيتِ كَمَا يََتَأوّلُونَ آياتِ القُرْآن بِالبَاطِلِ من َبعَ ْد مَا جَا َءْتهُ ُم البَّينَا ُ‬

‫ك مَا ذُكِرَ فِي [ال ْستِْبصَارِ]‪ ،‬مَا َروَا هُ الطّو سِ ّي عَ نْ عبدَ ال بن‬ ‫َو مّما جَا َء ِعنْ َدهُم فِي ذَلِ َ‬
‫َأبِي الَي ْعفُور‪ :‬سَأَْلتُ أَبَا َعبْدِ الِ عَِليْ ِه ال سّلَم عَ نْ الرّجُ ِل َي ْأتِي الَ ْرأَ َة مِ نْ ُدبُ ِرهَا قَالَ‪َ :‬ل َبأْ سَ‬
‫ضيَ تْ‪ ،‬قُلْ تُ‪َ :‬فِأيْ نَ َق ْولُ الِ َتعَالَى‪َ { :‬ف ْأتُوهُنّ مِ نْ َحيْ ثُ َأمَرَ ُك مُ الُ} [البقرة‪،]222:‬‬ ‫إِذَا رَ ِ‬

‫‪565‬‬
‫ُمـ الُ‪ ،‬إِنّ الَ َتعَالَى َيقُولُ‪:‬‬
‫ْثـَأمَرَك ُ‬
‫ِنـ َحي ُ‬
‫َبـ الوَلَدَ‪ ،‬فَاطُْلبُوا الوَلَ َد م ْ‬
‫َفقَالَ‪ :‬هَذَا فِي طَل ِ‬
‫{نِسَاؤُكُمْ َحرْثٌ َلكُمْ َف ْأتُوا حَ ْرَثكُمْ َأنّى ِشْئتُمْ} [البقرة‪.]223:‬‬

‫ك عَ نْ رَ ُجلٍ قَالَ‪ :‬سَأَْلتُ أَبَا الَ سَنِ الرّضَا‬ ‫وَ َروَى الطّو ِسيّ َأْيضًا عَ نْ مُو سَى بن عَبْ ِد الَلِ ِ‬
‫عََليْ ِه ال سّلِام عَ نْ ِإتْيَا نِ الرّجُل الَ ْرَأةَ مِ نْ َخ ْل ِفهَا فِي ُدُب ِرهَا َفقَالَ‪ :‬أَ َحّلْتهَا آَيةٌ مِ نْ ِكتَا بِ الِ‬
‫سلَم‪َ { :‬هؤُلَ ِء َبنَاتِي هُنّ أَ ْطهَرُ َلكُمْ} [هود‪َ ،]78:‬فقَ ْد عَلِمَ َأّنهُم‬ ‫َتعَالَى‪َ ،‬قوْلِ لُو طٍ عََليْ ِه ال ّ‬
‫َل يُرِيدُونَ الفَرْجَ‪ .‬ا‪.‬هـ‪َ .‬و العِيَا ُذ بالِ‪.‬‬

‫َمـ الِ بِالبَا ِط ِل لِيُحِلّوا مَا َحرّمَـ الُ‪ ،‬فَإِنّ الَ َتعَالَى َل يَحِلّ‬
‫فَانْ ُظرْ كَيْفَـيََتأَ ّولُونَـ كَل َ‬
‫ـْن‬ ‫ـدُ حُسَي‬ ‫لبَائِثِـ التّي حَ ّرمَهَا الُ بِالُ ْمَلةِ‪ ،‬وَ قَدْ َأوْرَدَ السّيّ‬ ‫الَبَائِثَـ وإتيانُـ ال ّدبُ ِر مِنَـ ا َ‬
‫الُو َسوِيّ رَدّا شَاِفيًا عَلَى َتَأوِّلهِم هَذَا ِب َقوْلِ هِ‪ِ( :‬إنّ َتفْ سِ َي اليَةِ َقوْل الِ َتعَالَى‪َ { :‬هؤُلَءِ بَنَاتِي‬
‫ِهـ تَعَالَى‪{ :‬وَلُوطًا إِذْ قَالَ‬ ‫ُمـ} [هود‪َ ،]78:‬ق ْد وَرَدَ فِي آَيةٍ أُ ْخرَى فِي َقوْل ِ‬ ‫هُنّ َأ ْطهَرُ َلك ْ‬
‫ش َة مَا َسَب َقكُمْ ِبهَا مِ نْ أَ َح ٍد مِ َن العَالَمِيَ * َأِئنّكُ مْ َلَت ْأتُو نَ الرّجَالَ‬
‫ِل َقوْمِ هِ ِإّنكُ مْ َلَت ْأتُو َن الفَاحِ َ‬
‫سبِيلَ} [العنكبوت‪ ،]29-28:‬وَ قَطْ ُع ال سّبِيلَ َل ُيعْنِي مَا َي ْفعَلُ هُ ُقطّا عِ الطّرُ قِ‬ ‫َوتَقْ َطعُو َن ال ّ‬
‫ب الوَلَدِ أَ يّ فِي‬ ‫وَحْ َدهُم‪ ،‬لَ‪ ..‬وَ ِإنّمَا َم ْعنَا هُ َأيْضًًا قَ ْط ُع النّ سْ ِل بِا ِلْتيَا نِ فِي غَيْ ِر َموْضِ ِع طَلَ ِ‬
‫الَ ْدبَارِ‪ ،‬فَلَو اِ ْستَمَ ّر النّا سُ فِي ِإْتيَا ِن الَ ْدبَارِ ‪-‬أَ ْدبَارِ الرّجَا ِل وَ النّ سَاءِ‪َ -‬و تَرَكُوا َأْيضًا طَلَ بَ‬
‫الوَلَدِ َلْنقَرَضَ تْ البَشَ ِرّي ُة وَ انقَطَ َع النّ سْلُ‪ ،‬فَاليةُ الكَرِ َي ُة ُتعْطِي هَذَا الَعْنَى َأيْضًا َو بِخَا صّة‬
‫إِذَا لَحَظْنَا ِسيَاقَ الَيةِ مِمّ ا َقبْلَهَا‪ .‬وَ ل ِم ْرَيةَ أَنّ هَذَا َل يَخْفَى عَلَى ا ِلمَا مِ الرّضَا عََليْ هِ‬
‫سَبةِ تِلْكَ ال ّروَايَة إلَيْهِ‪ ).‬ا‪.‬هـ‬ ‫ب نِ ْ‬‫ت بِذَلِكَ كَذِ ُ‬ ‫السّلَم‪َ ،‬فَثبَ َ‬

‫ِنـ‬
‫ِيعـ م َ‬
‫ْصـَلهُم إل هَذَا الَ ّد الُر ِ‬
‫ْتـ ف ِي حَا ِل َهؤُلَ ِء َطوِيلً‪ ،‬وَ م َا اّلذِي أَو َ‬
‫وَ َلقَ ْد َتفَكّر ُ‬
‫الفَ سَادِ‪ ،‬إِ ْذ هُ مْ فِي الظّاهِ ِر يَ ّدعُو َن ال ْس َ‬
‫لمِ‪ ،‬وَ بِالتَّال يَ ّدعُو نَ ال ِع ّفةَ‪ ،‬وَ ال ّطهَا َرةِ‪َ ،‬و هُ ْم مِ نْ‬
‫ت بِزِيّ ال ْحتِشَا مِ‪َ ،‬فقَ ْد وَ صَل ِبهِ ْم الفَ سَادُ إِلَى حَدّ‬
‫لمِ‪ ،‬وَ تَ َزيّ ْ‬
‫َقبَائِلَ عَاشَ تْ بَيْ نِ َأهْ ِل الِ سْ َ‬
‫لَ ْم تَ صِلْ إَِليْ هِ ُأ ّم ٌة مِ ْن الُمَ مِ‪ ،‬فَ َلوْ نَ َظرْنَا ِإلَى أَكَْث ِر الَنَاطِ قِ ِإبَاحِّي ٍة فِي أُورُوبّ ا َو أَمرِيكَا وَ‬
‫ض َقدْ سََبقُوهُم سَ ْبقًا َبعِيدا‪ ،‬بَ ْل َو نَجِدُ َأنّ َكثِيا مِ َن ال َقوَانِيَ‬
‫غَ ْي ِرهَا‪َ ،‬وجَ ْدنَا َهؤُلَء ال ّروَافِ َ‬

‫‪566‬‬
‫ِنـ‬
‫ِهـ الَ ْفعَا ِل الُخْ ِزَي ِة َو الُخْجَِل ِة وَ إ ْ‬
‫ِنـ هَذ ِ‬
‫َسـْنكِرُ َكثِيًا م ْ‬
‫َسـقْذِ ُر َو ت ْتَ‬
‫ُمـ َهؤُلَء ت َْت‬
‫حك ُ‬ ‫التّيـ تَ ْ‬
‫َفعََلْتهَا ُشعُوُبهُم!‪.‬‬

‫ك الِيَاَنةُ ال ّزوْجِّيةُ فَضْلً عَ نِ‬


‫ك ال َقوَانِيَ‪ ،‬وَ َكذَلِ َ‬
‫ع فِي تِلْ َ‬
‫ح الَحَارِ مِ مَمْنُو ٌ‬
‫فَمَثلً؛ ِنكَا ُ‬
‫شذُو ِذ الِ ْنسِ ّي وَ غَ ْي ِرهِ‪ ،‬وَ إِ ْن مَا َرسُوهُ‪َ ،‬فإِّنهُم يُمَا ِرسُوَنهُ شَ ْه َوةً َل دِينا‪.‬‬
‫ال ّ‬

‫ت الوَاحِدِ ف َكثِ ٍي‬ ‫جدُ ف البَي ِ‬ ‫ح بِاسمِ الدّي نِ؛ َفتَ ِ‬


‫َأمّا َهؤُلءِ الرّاوَفِض الَلعِي َفكُ ّل شَي ٍء ُمبَا ٌ‬
‫ج َة الُت َع ِة الت َأبَاحُوهَا‬
‫ف نَتِي َ‬
‫ب مُختَِل ٍ‬‫مِ َن الَحيَا ِن عَدَدَا مِ َن الَبنَاءِ‪ ،‬وَكُ ّل وَاحِ ٍد مِنهُم مِن أَ ٍ‬
‫بِاسمِ الدّينِ‪.‬‬

‫ظ النّاسِ قُلُوبًا فِيمَا‬


‫ك تَلحَظُ أَنّ قَطِي َعةَ الرّحِ ِم ظَاهِ َرةٌ ف هَذِهِ الطّاِئفَةِ‪ .‬بَل ِإّنهُم مِن أَغلَ ِ‬
‫وَلِذَلِ َ‬
‫بَيَنهُم!‪.‬‬

‫كَي فَ ل! وَقَد اختَلَطَت ِميَا ُه الَن سَابِ بَينَهُم‪ ..‬فَمَا كَا نَ وَمَا َسيَكُونُ ف ُأ ّم ٍة مِ نَ ا ُلمَ مِ‬
‫ضةِ أَضعَافُ أَضعَافِهِ!‬
‫السّاِب َق ِة وَالل ِح َق ِة مِ َن الفَسَا ِد الَخلقِي؛ َففِي الرّاِف َ‬

‫ح َوتَرفُضُ فِطرَتا أَن تَف َعلَ مِث َل مَا يَفعَ ُل َهؤُلءِ‪.‬‬


‫ت تَستَقبِ ُ‬
‫بَل إِ ّن الَبهَاِئمَ العَجمَاوَا ِ‬

‫ت بِحَادَِثةٍ رَآهَا ِبأُمّ عَينَيْهِ فََيقُولُ‪َ " :‬رأَيتُ ف مُقَتبَلِ َحيَاتِي‬


‫وَ قَد َح ّدثَنِي َأ َحدُ إِخوَان الّثقَا ِ‬
‫صبَت عَينَا هُ ِليَ َطأَ ُأمّ هُ‪ ،‬فَجَاءَت بِ هِ‬
‫حَا ِدَثةً ل أَ َر مِثلَهَا قَ طّ ف غِيَ ِة ثَورٍ َقتَ َل نَف سَ ُه بَعدَ أَن عُ ِ‬
‫ج ّرهُ إِل وَالِ َدتِهِ‪َ ،‬و ُهوَ ل يَعلَمُ أَّنهَا ُأمّهُ‪َ ،‬لنّهُ مَعصُوبُ العَينَيِ‪.‬‬
‫جَدّت تَ ُ‬

‫ك الثّورِ إِل أَن‬‫شفَت عَينَ هِ‪َ ،‬وأَيقَ نَ ِبَأنّ هُ َأتَى ُأمّ هُ‪ ...‬فَمَا كَا نَ مِن ذَلِ َ‬ ‫َو بَعدَ عَ َمِلّيةِ التّلقِي حِ كَ َ‬
‫جنُو نٍ‬
‫حرّ ُك بِ ُ‬
‫قَا َم هَائِجا َوثَائِرا ُينَاطِ حُ الِدَا َر بِرَأ سِهِ َحتّى سَالَت مِن هُ ال ّدمَاءُ الغَزِي َر ُة َو ُهوَ َيتَ َ‬
‫س ِدهِ‪َ ،‬وأَلقَى ِبنَفسِهِ ف النّهرِ َحتّى غَرِقَ‬ ‫َوهَيَجَانٍ‪ ،‬ث اتّجَهَ إِل نَهرِ دِجَل َة وَالدّمُ يَق ُط ُر مِن جَ َ‬
‫َومَاتَ مِن جَرّاءِ ذَلِكَ‪.!..‬‬

‫‪567‬‬
‫َلنّ الغِيَةَ أَخَذَت ُه عَلَى ُأمّ هِ‪َ ،‬و ُهوَ دَاّبةٌ قَد اسُتبِيحَ لا ذَلِ كَ فِط َرةً َوجِبلّـةً‪َ ،‬فقُل تُ ف نَف سِي‬
‫آنَ ذَاكَ‪ :‬البَهَائِ ُم تَأنَفُ ال ّزنَا بِالَحَا ِرمِ‪َ ،‬وَتغَا ُر عَلى حَ ِر ِيهَا؛ َفكَيفَ بِالبَشَ ِر ل يَعقِلُ ذَلِكَ؟"‪.‬‬

‫ج البُخَارِيّ عَن مَيمُو ٍن ب ُن مَهرَا نٍ َأنّ هُ َرأَى ف الَاهِِلّيةِ قِر َدةً َزنَت فَاجتَمَ َع عَليهَا‬
‫وَ قَد أَخ َر َ‬
‫القِ َر َدةُ فَرَ َجمُوهَا‪.‬‬

‫وَ َروَى مُسلِ ٌم مِثلَ ُه عَن أَب رَجَا ٍء العَطَا ِردِيّ‪..‬‬

‫ل مِن ُأمّ ِة الَبهِاِئمِ العَجمَاوَاتِ الت ل تَعقِلُ‪ ،‬فِط َرتُهَا أَصفَى َوأَنقَى مِنهَا‪.‬‬
‫فََنعُو ُذ بِا ِ‬

‫َو عَلِ مَ الُ َأنّنِي َت َفكّر تُ ف حَا ِل َهؤُل ِء َطوِيلً‪ ،‬وَمَا الذِي أَو صََلهُم إِل هَذَا الَدّ كَمَا‬
‫لزَا َء مِن جِن سِ‬
‫أَسلَفتُ؛ َفَتَبيّ نَ ل َأنّ الذِي أَو صَ َل َهؤُلءِ إِل هَذَا الُستَنقَ ِع ال سِنِ ُهوَ أَنّ ا َ‬
‫ت ُوجِدَ عَلى وَجهِ‬
‫ي بَي ٍ‬
‫ج ّرأَ َهؤُلءِ عَلى الطّعنِ ف خَ ِ‬
‫العَ َملِ‪َ ،‬ومِثلَمَا ُتدِينُ ُتدَانُ‪َ ،‬فعِن َدمَا تَ َ‬
‫ت النّبِيّ‬
‫جرّؤُوا عَلَى ذَا ِ‬
‫ت نَبِيّنَا مُحَ ّمدٍ صَلّى الُ عَلي ِه وَ سَ ّلمَ‪ ،‬إِذ تَ َ‬
‫الَر ضِ‪ ،‬أَل َوهُ َو بَي ُ‬
‫صَلّى الُ عَلي ِه َوسَلّمَ إِذ قَالُوا كَمَا َنقَلَ السّيدُ "حُس ٌ‬
‫ي الُو َسوِيّ" عَن "عَِليّ الغُ َروِيّ"‪ ،‬أَ َحدُ‬
‫صلّى الُ عَلي هِ وَ آلِه‪ ،‬لبُدّ أَن يَدخُلَ فَرجُ ُه النّارَ َلنّ هُ‬ ‫أَكبَرِ العَُلمَاءِ ف الَو َزةِ‪" :‬إنّ الّنبِيّ َ‬
‫صةَ‪.‬‬
‫شةَ وَحَف َ‬‫ض الُشرِكَاتِ"! يُرِي ُد بِذَلِكَ َزوَاجَ ُه مِن عَائِ َ‬
‫َوطِ َئ بَع َ‬

‫وَ َهذَا كَمَا هُ َو مَعلُو ٌم بِ ِه إِ سَا َء ٌة إِل النّبِيّ صَلّى الُ عَلي ِه وَ سَلّمَ‪ ،‬وَ سُوءَ ظَنّ بِ ِه وَبِالِ‬
‫جرّأ عَلَى قَولِهِ كَا ِفرٌ ِسوَاهُم‪.‬‬
‫سُبحَانَ ُه الذِي أَرسَلَهُ‪ ،‬وَ ُكلّ َذِلكَ كُفرٌ وَضَللٌ ل يَتَ َ‬

‫صدّي َقةُ‬
‫ت الُؤمِنِيَ‪ ،‬وَعَلَى رَأ سِ ِه ّن ُأمّنَا الَُب ّرَأةُ الُ َط ّه َرةُ ال صّافَِيةُ الّنقِّيةُ ال ّ‬
‫كَمَا اّتهَمُوا ُأ ّمهَا ِ‬
‫شةُ رَضِ يَ الُ عَنهَا‪ ،‬وَل ُيرَاعُوا حُر َمةَ النِّبيّ صَلّى الُ عَلي ِه وَ سَ ّلمَ ف‬
‫ت ال صّدّيقِ عَائِ َ‬
‫بِن ُ‬
‫ض ِه َوبَيتِهِ‪.‬‬
‫عَر ِ‬

‫‪568‬‬
‫س هُنَا َك أُ ّم ٌة مِ نَ ا ُلمَ ِم ابتُلِيَت‬
‫فَلَمّ ا َفعَلُوا َذلِ كَ َمزّ قَ الُ أَعرَاضَهُم َشرّ تَمزِي قٍ‪ ،‬فَلَي َ‬
‫ض الرّافِضِ يّ ل يُ سَاوِي عِندَ ُه شَيئًا‪،‬‬
‫ك َترَى أَنّ ِعرْ َ‬
‫ِبعِرضِهَا كَمَا هُم ال ّروَافِض‪َ ،‬وِلذَلِ َ‬
‫ف َذِلكَ‪.‬‬
‫وَإِن أَظ َه َر خِل َ‬

‫صحَاَبةِ رَسُولِ الِ صَلّى الُ عَلي ِه وَسَلّمَ‪،‬‬ ‫َو ل يَفُوُتنَا أَن نُثبِتَ ُهنَا أَنّ مَن يَذُبّ َويُدَافِ ُع عَن َ‬
‫سيَذُبّ الُ عَنهُ َوعَن عِرضِهِ‪َ ،‬ويَحفَظَهُ لَ ُه بِإِذنِ الِ؛ لِدِفَاعِهِ‬‫َونَخُصّ مِنهُم ُأ ّمهَاتُ الُؤ ِمنِيَ فَ َ‬
‫هَذَا‪.‬‬

‫س العَمَلِ‪.‬‬
‫ف شَرعًا؛ الَزَا ُء مِن جِن ِ‬
‫َفكَمَا ُهوَ مَعرُو ٌ‬

‫صّيةِ َوتَجَا ِربِ ِه مِن‬ ‫َو ل نَن سَى ُهنَا أَن نَذ ُكرَ كَل َم الِمَا مِ الشّوكَانِيّ حَو َل مُشَاهَدَاتِ هِ الشّخ ِ‬
‫ض ِة اليَ َم نِ‪َ ،‬فكَشَ فَ لَنَا ُأمُورَا عَجِيَبةً وَ َخطِ َيةً ف ِكتَابِ ِه [طَلَ بُ العَلمِ‬ ‫شتِ هِ ِلرَافِ َ‬
‫خِل ِل ُمعَايَ َ‬
‫َوطََبقَا تُ ا ُلَتعَلّمِيَ]‪ ،‬نَقلً عَن د‪" .‬القَفَارِي" مِن ِكتَابِ هِ "أُ صُو ُل مَذهَ بِ الشّيعَ ِة ا ِلمَامِّيةِ"‪،‬‬
‫َفقَالَ‪" :‬ل َأمَانَةَ لِرَاِفضِيّ قَ طّ عَلى مَن يُخَاِلفُ هُ ف مَذ َهبِ هِ َويَدِي ُن ِبغَيِ الرّف ضِ‪ ،‬بَل يَ ستَحِلّ‬
‫صةٍ تَلُوحُ لَهُ‪ ،‬لنّهُ عِندَ ُه ُمبَاحُ ال ّد ِم وَالَالِ‪ ،‬وَكُ ّل مَا يُظ ِهرُ ُه مِ َن ا َلوَ ّدةِ‬
‫مَالَ ُه وَ َدمَ ُه عِندَ أَدنَى فُر َ‬
‫صةِ"‬
‫َف ُهوَ تُقَيةٌ يَذهَبُ َأثَ ُرهُ بِ ُمجَرّدِ إِمكَا ِن الفُر َ‬

‫ضيّا يُخلِ صُ ا َلوَ ّدةَ ِلغَيِ رَاِفضِيّ‪َ ،‬وإِ ْن‬ ‫َو َيقُولُ‪" :‬وَقَد جَرّبنَا هَذَا تَجرِيبا َكثِيا فَلَم نَجِد رَاِف ِ‬
‫ب الُبتَ َد َعةِ‬
‫آثَرَ ُه بِجَمِي ِع مَا يِمِلكُ هُ‪َ ،‬وَتوَدّدَ إِلي هِ ِبكُ ّل مكن‪ ،‬وَل َنجِد فِي مَذهَ بٍ مِ َن الَذَاهِ ِ‬
‫جدُ‬‫وَل غَيِهَا مَا نَجِدُ هُ عِن َد َهؤُلءِ مِ َن العَدَا َوةِ لِمَن خَاَلفَهُم‪ ،‬ثُمّ ل نَجِ ُد عِندَ أَ َح ٍد مَا نَ ِ‬
‫سبّ أَف َظ عَ‬ ‫ئ عَلى شَت ِم الَعرَا ضِ الُحتَ َر َمةِ‪ ،‬فَِإنّ ُه يَلعَ نُ أَقبَ حَ اللّع نِ‪َ ،‬ويَ َ‬ ‫جرّ ِ‬ ‫عِندَهُم مِ َن التّ َ‬
‫سبّ‪ ،‬كُلّ مَن تَجرِي بَينَهُ َوبَينَهُ أَدنَى ُخصُو َمةٍ َوأَحقَرَ جِدَالٍ‪َ ،‬وأَقَ ّل اختِلفٍ‪ ،‬وََلعَلّ َسَببَ‬ ‫ال ّ‬
‫ب مَن عَدَاهُم‪ ،‬وَل‬ ‫ل هَا َن عَليهِم سَ ّ‬ ‫ف ال صّا ِ‬ ‫ب ال سّلَ ِ‬ ‫ج ّرؤُا عَلََى َس ّ‬ ‫هَذَا وَالُ أَعلَ مُ َأّنهُم لا تَ َ‬
‫َج َرمَ‪َ ،‬فكُ ّل شَدِيدِ ذَنبٍ ُي َه ّونُ مَا دُونَهُ"‪.‬‬

‫وَ قَد َأشَارَ الشّوكَانِيّ ‪-‬رَحِمَهُ الُ‪ -‬إِل َأنّهُم ل َيتَوَ ّرعُو َن مِن اقتِرَافِ أَيّ َجرِ َيةٍ ف الُجتَمَ ِع‬
‫ب مَن قَبلَنَا َفلَم‬‫حرّ مٍ‪َ ،‬فقَالَ‪" :‬وَقَد جَرّبنَا وَ َجرّ َ‬‫الِ سل ِميّ‪ ،‬وَل َيَتنَ ّزهُو نَ عَن فِعلِ أَيّ مُ َ‬

‫‪569‬‬
‫ضيّا َيَتنَزّ هُ عَن ُمحَ ّرمَا تِ الدّي نِ كَاِئنَا مَن كَا َن وَل تَغتَ ّر بِال ّظوَاهِرِ؛ فَإِنّ‬
‫يَجِدُوا رَ ُجلً رَاِف ِ‬
‫صةٌ‬
‫س عَنهَا ف الظّاهِرِ‪َ ،‬و ُهوَ إِذَا أَمكَنَتهُ فُر َ‬‫صيَةَ ف الَل َوَيكُونُ َأعَفّ النّا ِ‬ ‫الرّجُلَ قَد يَترُكُ الَع ِ‬
‫ف نَارَا وَل يَرجُو َجّنةً" أ‪.‬هـ‪.‬‬ ‫انَتهَ َزهَا انِتهَا َز مَن ل يَخَا ُ‬

‫لزَا ُء مِن جِن سِ‬


‫جدُ بَيتَا رَافِضِيّ ا إِل وَقَد عَاقَ بَ الُ أَهلَ هُ ف أَعرَاضِهِم‪َ ،‬و ا َ‬
‫فَل َتكَا ُد تَ ِ‬
‫العَ َملِ‪.‬‬

‫صعَبٍ الزّ ْرقَاوِي‬


‫َأبُ ْو مُ ْ‬
‫َأمِيْ ُر تَنْظِي ِم القَا ِع َدةِ ِف ْي بِلدِ الرّافِ َديْن‬

‫س شُوْرَى الُجَاهِدِينَ ِف ْي ال ِعرَاق‬


‫ضوُ َمجْلِ ِ‬
‫وَ عُ ْ‬
‫ق – بِلدُ الرّافِ َديْن‬
‫ال ِعرَا ُ‬

‫‪570‬‬
‫الطاب الادي و الربعون‬

‫سِلسِلَةُ مُحَاضَراتِ‪:‬‬
‫َهلْ َأتَاكَ حَدِيثُ الرّافِضَةِ‬
‫الُزءُ الثّاِلثُ‬

‫‪ 5‬جادى الول ‪ 1427‬هـ‬


‫‪ 1‬يونيو‪/‬حزيران ‪ 2006‬م‬

‫بِصَوْتِ الشَيخ‬
‫ب الزّرْقَاوِي ( َرحِ َمهُ ال)‬
‫أَِبيْ مُصْع ٍ‬

‫حمّ ٌد َوعَلى آلِ هِ‬


‫بِ سمِ الِ‪ ،‬وَالمدُ لِ وَال صّل ُة وَال سّل ُم عَلى َسيّ ِد الَنبِيَا ِء وَالُر َسلِيَ‪ ،‬مُ َ‬
‫ي الَبرَارِ‪َ ...‬وبَعد‪:‬‬‫جهِم مِ َن الُسلِ ِم َ‬ ‫وَصَحبِ ِه الَحرَارِ‪َ ،‬ومَن َتِبعَهُم َوسَا َر عَلَى نَه ِ‬

‫ضةِ؛ أَن نُنَوّ هَ‬


‫ت الرّافِ َ‬
‫ح َوخِيَانَا ِ‬
‫فَل ُبدّ بَعدَ َهذَا ال ستِعرَاضَ التّارِيِيّ لِجُم َل ٍة مِن فَضَائِ ِ‬
‫لَم ٍر ُمهِ ّم ِجدّا؛‬

‫ض ِة َونُذَكّ ُر ِبأَصـ ِل َعقِي َدتِهِم‬


‫ِمـ الرّافِ َ‬
‫َاتـ َوجَرَائ ِ‬
‫أَل َو ُهوَ َأنّنَا حِيَ نَذكُ ُر طَرَفًا مِن ِخيَان ِ‬
‫س لَذَا الدّينَ ُه َو اليَهُودِيّ الَاقِ ُد ابنَ َسبَأ‪ ،‬وَحِيَ نَربِطُ فُرُو َعهُم الَالِيةَ‬
‫الفَاسِ َدةِ‪َ ،‬وأَنّ الُؤَ ّس َ‬

‫‪571‬‬
‫ل َتعَال فِيهِم‬
‫ي َنقُومُ إِزَاءَ هَ ِذهِ الَرَائِ ِم بَمَا َنقُو ُم بِ ِه مِن تَحكِيمٍ لِدِينِ ا ِ‬
‫ضَيةَ‪ ،‬وَ ِح َ‬
‫بِأُصُولِم الَا ِ‬
‫قَتلً َوتَنكِيلً؛ َفِإنّنَا وَالَاَلةُ َهذِهِ‪ ،‬لَسنَا وَالِ ِبدَعا مِنَ الُجَا ِهدِينَ‪َ ،‬وِإنّمَا نَحنُ نُطَبّقُ عَليهِم‬
‫ي ُة أَسلفِنَا‪.‬‬
‫حُكمَ الِ كَمَا طَّب َق ُه فِيهِم خِ َ‬

‫َفهَاهُو َأمِيُ الُؤمِنِيَ عَليّ رَضِيَ الُ عنهُ ل يُجَامِل‪ ،‬وَل ُيهَادِن ف دِي نِ الِ‪ ،‬وَل يَبحَث عَن‬
‫حّبتَ هُ َومُشَاَيعَتَ هُ‪ ،‬بَل ِإنّ هُ َحرّق الغَاِلَيةَ مِنهُم الذِي َن يَ ّدعُو نَ‬
‫أَن صَافِ الُلُولِ إِزَاءَ مَن ا ّدعُوا مَ َ‬
‫فِيهِ الُلُوهِّيةَ‪ ،‬أَو جُزءَا مِنهَا‪.‬‬

‫وَ هَا هُ َو يَحكُمُ بِجَل ِد مَن يَسُبّ صَاحِبَي الرّسُولِ صَلّى الُ عَلي ِه وَسَ ّلمَ؛ َأبِي بَك ٍر وَعُ َمرَ‬
‫ضيَ الُ عَنهُمَا‪.‬‬
‫رَ ِ‬

‫س ُن ب نُ عَ ِليّ َرضِ يَ الُ عَن ُه يَنُبذُهُم كَمَا نَبَذُوا ُعهُو َدهُم‪َ ،‬يَتبَ ّرُأ مِنهُم َوَيَتنَازَلُ‬
‫وَ هَا هُوَ الَ َ‬
‫َهـ حَقنًا لِ ِدمَاءِ الُسـِلمِيَ‪َ ،‬ومُخُاَل َفةً لَهوَائِهِم‬
‫ِيـ الُ عَنهـُ‪َ ،‬فُيبَاِيع ُ‬ ‫عَن الِلَفةِ لِ ُمعَا ِوَيةَ رَض َ‬
‫َو َشهَوَاِتهِم‪ ،‬حَيثُ طَاَلبُو ُه بِ ُمقَاتََلتِهِ‪.‬‬

‫ي يَدعُو عَليهِم َومِن مَ صَادِ ِرهِم بَعدَ أَن خَذَلُوهُ َوتَخَلوا عَن هُ قَب َل مَقتَلِ هِ َفَيقُولُ‪:‬‬
‫وَ َهذَا الُ سَ ُ‬
‫ض الوُل َة عَنهُم‬
‫"اللهُمّ إِن َمتّعتَهُم إِل حِيٍ َففَرّقهُم فِرَقًا‪ ،‬وَاجعَلهُم طَرَائِ قَ قِ َددَا‪ ،‬وَل تُر ِ‬
‫َأبَدًا؛ فَِإّنهُم َدعُونَا ِليَنصُرُونَا ثُ ّم عَدُوا عَلَينَا َف َقتَلُونَا"‪.‬‬

‫ث انتَشَرَت‬ ‫وَ َهذَا الَلِي َفةُ الَهدِيّ العَبّا سِيّ‪ ،‬عُرِ َ‬


‫ف بِشِ ّدتِ ِه عَلى مُبتَ ِدعِيهِم وَ َزنَادَِقِتهِم‪ ،‬حَي ُ‬
‫ف الَدَِليّيَ مِ َن الَُتكَلّ ِميَ ِبتَألِي فِ‬
‫ف العَه ِد العَبّا ِسيّ بِ َد ُعهُم وَرَاجَت سُوُقهُم‪َ ،‬حتّى ِإنّ هُ كَلّ َ‬
‫صةً ف‬‫صَ‬ ‫شأَ هَيَئةً ُمتَخَ ّ‬ ‫ض ُشبَهِهِم‪ ،‬وَل يَكت فِ بِذَل كَ؛ بَل أَن َ‬ ‫ال ُكتُ بِ ف الرّ ّد عَليهِم َودَح ِ‬
‫مُل َح َقةِ ال ّزنَادَِقةِ‪ ،‬وَ َجعَ َل لا َرئِيسَا أَطلَ َق عَلي ِه اسمَ "صَا َحبُ ال ّزنَادَِقةِ" يُل ِح ُقهُم َويَقتُلُ كَلّ‬
‫مَن دَاهَ َن عَن الدّينِ أَو َألَدَ فِيهِ‪.‬‬

‫ف ابنَهُ "الَادِي" ِبَتَتبّعِ ال ّزنَادَِق ِة وَالبَطش بم‪.‬‬


‫و فَوقَ ذَلِكَ‪ ،‬كَلّ َ‬

‫‪572‬‬
‫حدِي َن وَالُدَا ِهنِيَ عَن الدّينِ لِ ُظهُو ِرهِم‬ ‫قَا َل "الَسعُودِيّ" ف "الَهدِيّ"‪ِ " :‬إنّهُ أَمعَنَ ف قَت ِل الُل ِ‬
‫ف َأيّامِ ِه َوإِعلنِم عَن مُعَتقَدَاِتهِم ف خِلَفتِ هِ‪ ،‬لّا انتَشَ َر مِن ُكتُ بِ "مان" و"ابن ذي صانا"‬
‫و"مرقيون" مّا َنقَلَ ُه عَبدُ الِ بنُ ا ُل َقفّ ِع َوغَ ُي ُه َوتَرجَمَ ُه مِن الفَا ِر ِسّيةِ وَالفَهَل ِوّيةِ إِل العَ َرِبّيةِ‪.‬‬

‫صنّفَ ف ذَلِ كَ "اب نُ أَب ال َعوْجَاءِ" و" َحمّادٌ" و"ييَى ب نُ ِزيَادٍ" و"مُطِي ٌع ب نُ ِإيَا سٍ" مِن‬ ‫َو مَا َ‬
‫ب "الَاَن ِوّيةِ" و"َالدّي صَانِّيةِ" و"الَرقُوِنّيةِ"‪َ ،‬فكَثُ َر بِذَلِ كَ ال ّزنَادَِقةُ‪ ،‬وَ َظهَرَت آرَاؤُهُم‬
‫تَأيِيدِ الَذَاهِ ِ‬
‫ف النّا سِ‪ ،‬وَكَا َن الَهدِيّ َأوّ َل مَن َأمَرَ الَدَِليّيَ مِن أَه ِل البَح ثِ مِ َن ا ُلتَكَلّمِيَ ِبتَ صنِيفِ‬
‫ال ُكتُ بِ ف الرّ ّد عَلى الُلحِدِي َن مّ ن ذَكَرنَا مِ َن الَاحِدِي َن َوغَيِهِم‪َ ،‬وأَقَامُوا البَرَاهِيَ عَلَى‬
‫ا ُلعَانِدِينَ‪َ ،‬وأَزَالُوا شُبَ َه الُلحِدِينَ َفأَوضَحُوا الَقّ لِلشّاكِيَ" ا‪.‬هـ‪.‬‬

‫وَ َأمّا السّلجِ َقةُ الَترَا ُك مِن أَه ِل السّّنةِ َفقَد كَا َن لُم كَذَلِ َ‬
‫ك َموَاقِفُ حَاسِ َم ٌة مِنَ الرّاِفضَةِ‬
‫البّا ِطنِّي ِة وَِقتَالِم‪ ...‬وَمِن ذَلِ كَ مَا كَا َن مِن ال سّلطَانِ "مَلِك شَاه" مِن إِر سَالِ أَحَ ِد عَُلمَائِ ِه‬
‫ِيسـهَا‬
‫لقِيقِيّ لِل َمزَا ِرّيةِ الِسـَاعِيلِيةِ‪َ ،‬و َرئ ِ‬
‫َسـسُ ا َ‬
‫الصـَاح" ا ُلؤ ّ‬
‫َسـ ِن بِن صـَال ّب‬ ‫لِ ُمنَاظَ َرةِ "ال َ‬
‫الفِعِليّ‪ ،‬بَع َد استِيلئِ ِه عَلى قَل َعةِ "آلوت" عَا مَ ‪ 483‬هـ‪َ ،‬وبَعدَ أَن نَشَرَ جَيشَ ُه مِ نَ الفِدَاِئيّةِ‬
‫الذِي نَ كَانُوا َيعِيثُو نَ ف الَر ضِ فَ سَادًا؛ يَغتَالُو َن ال ِمنِيَ‪ ،‬وَين َهبُو نَ أَموَالُم؛ َفأَر سَلَ إِلي هِ أَولً‬
‫صوَابِ لَو كَانَ ُمرِيدَ حَ ّق وَصَا ِحبَ شُب َهةٍ‪.‬‬ ‫مَن ُينَاظِ ُرهُ فِك ِريّا لِ َر ّدهِ إِل جَا ّدةِ ال ّ‬

‫وَ لّا تَبَيّ نَ لَ هُ َأنّ هُ صَاحِبُ هوَىً وَشَه َو ٍة وَ َرأَى امتِنَاعَ هُ؛ َقرّرَ ال سّلطَانُ "مَلِك شَاه" رَدعَ هُ‬
‫صرَ قَل َعتَ هُ "َألُوت"‪ ،‬فَاستَنجَدَ "ال صّبَاحُ" ف‬ ‫بِالقِتَالِ؛ َفأَر سَلَ لَ هُ جَيشَا عَا مَ ‪ 485‬هـ فَحَا َ‬
‫ك شَاه"‪،‬‬ ‫قَزوِي نَ "بِدَهدَار أَب عَلِ يّ" الذِي بِدَورِ ِه هَبّ ِلنَج َدتِ ِه مِمّا أَل َق الَ ِز َيةَ بِجَي شِ "مَلِ ِ‬
‫جهّزُ‬‫ح ُي َ‬
‫ك شَاه" مِن ُموَا صََلةِ ِجهَادِ هِ ضِ ّد هَذَا البَا ِطنِيّ؛ بَل رَا َ‬ ‫َومَ عَ ذَلِ كَ ل يََتوَقّ ف "مَلِ ُ‬
‫حَمَلتٍ أُخرَى لِل َقضَا ِء عَلَى البَاطِِنّيةِ‪ ،‬إِل َأنّ الَوتَ حَالَ دُونَهُ وَدُونَ إكمَا ِل هَ ِذهِ الَربِ‪.‬‬

‫وَ بَعدَ مَوتِ "مَلِك شَاه"؛ تَوَل ابنَ ُه السّلطَا ُن "بَارِتيَار" السّل َطةَ‪َ ،‬فكَانَ مِن أَهَمّ أَعمَالِهِ أَن‬
‫ف الُنُو ِد وَهُم يَحمِلُونَـ الفِك َر‬
‫َطهّرَ جَيشَهُـ مِن َهؤُلءِ الذِينَـ كَانُوا يَندَسـّو َن بَيَ صُـفُو ِ‬
‫وَالِق َد البَا ِطنِيّ؛ َف َقتَلَ كُ ّل مَن َثبَ تَ عَلي ِه تُه َم ُة النتِ سَابِ لِلبَاطِِنّيةِ‪ ،‬أَو َحتّ ى مَن حَامَت‬

‫‪573‬‬
‫شبَ هُ‪ ،‬ثُمّ هَاجَ َم البَا ِطنِّيةَ ف كُ ّل َمكَا نٍ َفأُ ِخذُوا مِن ِخيَامِهِم َو َمنَازِلِم‪ ،‬وَُقتِلُوا ف‬
‫حَولَ هُ ال ّ‬
‫مَيدَا ٍن عَامّ‪ ،‬وَل يُفلِت مِنهُم إِل مَن ل يُعرَف‪َ ،‬وبَلَ َغ عَدَدُ القَتلَى مِنهُم ثَلثُمَاَئةِ َوَنيّفا‪.‬‬

‫س يَتَتَّبعُو نَ‬
‫ف ِبذَلِ كَ؛ بَل ِإنّ هُ َأذِ نَ لِلنّا سِ أَن يَقتُلُوهُم أَينَمَا َث ِقفُوهُم؛ َفأَ َخذَ النّا ُ‬
‫وَ ل يَكتَ ِ‬
‫س ُه "أَب القَاسِ ِم مَسعُو ٌد ب ُن مُحَ ّمدٍ‬
‫البَاطِنِّي َة َويَقتُلُوَنهُم‪ ،‬حَتّى أَنّ َأ َحدَ ُف َقهَا ِء الشّافِعِّيةِ‪ ،‬وَا ُ‬
‫ِقـ البَاطِنِّي َة فِيه َا ُفرَادَى‬
‫َانـ وَير ُ‬
‫َانـ يَح ِفرُ ا َلخَادِيدَ‪َ ،‬ويُو ِقدُ فِيه َا النّي َ‬
‫الَجَندِي ّ" ك َ‬
‫وَجَمَاعَا تٍ‪ ،‬حَتّى َأنّ ُه أَو َعزَ ِلعُمّالِ ِه وَُأ َمرَائِ هِ ف الَقَالِي مِ التّابِ َع ِة ل ُه بِتَتَبّ عِ البَاطِنِّي ِة وَالفَت كِ‬
‫ب الثّلثِمَائَ َة َوذَلكَ بِحِي َلةٍ َدّب َرهَا مَ َع أَصحَاِبهِ مِن‬
‫ك بم ا َلمِيُ "جَاول" مَا ُيقَارِ ُ‬
‫ِبهِم؛ َففَتَ َ‬
‫ع أَن يَظ َف َر بِم َويَقتُ َلهُم‪.‬‬
‫صفُوفِ البَاطِنِّيةِ؛ حَتّى استَطَا َ‬
‫دَا ِخلِ ُ‬

‫ثُمّ ِإنّ هُ أَر سَلَ إِل الَلِي َف ِة العَبّا ِسيّ ف بَغدَا َد يُشِيُ عَلي ِه ِبأَن َيتََتبّ َع البَا ِطِنّيةَ ف بِلدِ هِ‪َ ،‬فَأمَرَ‬
‫بِالقَبضِ عَلَى كُ ّل مَن يَ ُظنّ فِيهِم ذَلِكَ‪.‬‬

‫ك َيقُو ُل اب نُ الَوزِيّ ف [الُنتَظَ مِ]‪" :‬وَلَ ـم َيتَجَا سر أَ َحدٌ أَن يَشفَ عَ ف أَ َحدٍ ِلئَل‬
‫وَ ف ذَلِ َ‬
‫يُظَ ّن مَيلُهُ إِل ذَلِكَ الَذ َهبِ"‪.‬‬

‫َوتَعَا َونَ َمعَ أَخِيهِ السّلطَانُ "سَنجَر" ف ُمحَا َرَب ِة البَا ِطنِّي ِة وَال َقضَا ِء عَليهِم‪.‬‬

‫وَ ف عَامِ ‪ 521‬هـ‪ ،‬أَغَارَ السّلطَانُ "سَنجَر" عَلَى البَاطِنِّيةِ ف قَلعَةِ " َآلُوت"؛ َف َقتَلَ مِنهُم‬
‫مَا ُيقَارِبُ الِثنَ ْي عَشَرَ أَلفَا‪.‬‬

‫وَ ف عَامِ ‪ 456‬هـ‪ ،‬أَرسَلَ السّلطَانُ "سَنجَر" أَحَدَ ُأمَرَائِهِ‪ ،‬ا َلمِيُ "قَجَق" عَلَى رَأسِ جَيشٍ‬
‫ق مَسَا ِكنَهَا وَ َسبَى مَا وَقَ َع عَلي ِه يَدَيهِ‪ ،‬وََفعَ َل بِم‬
‫َكبِيٍ إِل قَل َع ِة "طُرَيثِيثَ" َفَأغَا َر عَليهَا َوأَحرَ َ‬
‫الَفَاعِي َل العَظِي َمةَ‪ ،‬ثُ ّم عَا َد سَالِمَا‪.‬‬

‫ح ّمدٌ ال سّلجُوقِيّ"‪ ،‬وَالذِي عُرِ َ‬


‫ف ِبغِ َيتِ هِ الدّيِنّيةِ وَ ِجهَادِ هِ ف‬ ‫وَ َأمّ ا ف عَه ِد ال سّلطَانِ "مُ َ‬
‫ضةِ َو الفِك ِر البَا ِطنِيّ‪،‬‬
‫َسبِيلِ الِ‪َ ،‬وَتفَانِي هِ ف نَش ِر الَذهَ بِ ال سّّنيّ‪ ،‬وَال َقضَاءِ عَلى دِي نِ الرّاِف َ‬

‫‪574‬‬
‫ي َويَعلُوهَا دِي نُ الِ إِل‬ ‫فَقَد أَدرَ َك مُن ُذ َتوَلي هِ ال سّل َطةَ َأنّ هُ ل يُمكِن أَن تَ سَل َم بِل ُد الُ سلِ ِم َ‬
‫ب عَلي ِه ال ِقيَامُ بَا‬ ‫بِالقَضَاءِ َأوّلً عَلَى البَا ِطِنّيةِ َوهَدمِ َمعَاقِِلهِم‪َ ،‬وَأنّ مِن َأهَمّ الَعمَا ِل التِي يَجِ ُ‬
‫ُهوَ ال َقضَاءُ عَليهِم‪َ ،‬فكَا نَ مِن أَهَمّ أَعمَالِ ِه الت قَا َم بَا؛ إِر سَالُهُ حَمَل ًة عَسكَ ِرّي ًة ِب ِقيَا َدةِ ا َلمِيِ‬
‫ص َرةِ قَل َعةِ "تَكرِي تَ" البَاطِِنّيةَ‪ ،‬ثُمّ قَا َم بِالقَب ضِ عَلى وَزِيرِ هِ "أَب الَحَا سِنِ‬ ‫"آق سَنقر" لِ ُمحَا َ‬
‫سّببَ ف تَأخِيِ ُسقُوطِ‬ ‫الِبيّ" ِلَتوَا ُطئِ ِه مَ َع البَا ِطنِّيةِ‪َ ،‬وتَقدِيِ ِه العَو َن وَالدّعمَ لُم‪ ،‬الَمرُ الذِي تَ َ‬
‫قَل َعةِ "أَ صَبهَان"؛ َفعَاَقبَ هُ َوأَرَب َع ًة مِن أَعوَانِ هِ َف َقتَلَهُم ثُمّ صََلَبهُم عَلى بَا بِ "أَ صَبهَان"‪ ،‬وَقَا مَ‬
‫ص َرةِ قَل َعةِ "أَصَبهَانَ" ِبنَف سِهِ؛ حَي ثُ سَارَ إِليهَا عَلَى رَأ سِ جَي شٍ َكبِيٍ بَعدَ أَن َكثُ َر ِبهَا‬ ‫بِمُحَا َ‬
‫أَذَى البَا ِطِنّيةِ‪َ ،‬حتّ ى أَنّ دَا ِعيَهُم َزعِي ُم البَا ِطنِّيةِ "أَح ٌد ب ُن عَطّا شٍ" الذِي كَا نَ يُر سِلُ أَتبَاعَ هُ‬
‫ك الّنفُوسِـ‬ ‫ي تِل َ‬ ‫ـحِلّ َ‬
‫مِنهَا ِلقَطعِـ الطّرِيقِـ عَلى النّاسِـ َفيَقتُ َل الَب ِريَاءَ‪َ ،‬ويَنهَبَـ الَموَا َل مُس تَ‬
‫س الضّرَائِ بَ التِي‬ ‫وَالَموَالِ بِدِيِنهِم‪َ ،‬حتّى َأنّهُم َجعَلُوا عَلى القُرَى الُجَاوِ َرةِ لَ ُه وَ أَمل كَ النّا ِ‬
‫تُجبَى ُمقَابِلَ أَن َي ُكفّوا بَأ َسهُم عَنهَا‪.‬‬

‫لئُوا إِل‬ ‫ِهـ القَل َعةِ لُ ّدةِ أَرَب َعةِ أَشهُرٍ‪َ ،‬وأَثنَاءَ الِصـَارِ؛ ِ‬
‫َاصـَرهُم السـّلطَانُ "مُحَمّدٌ" فـ هَذ ِ‬ ‫فَح َ‬
‫حمّ د" مِن‬ ‫ف ال سّلطَانِ "مُ َ‬ ‫شبَ هِ حَو َل مَوقِ ِ‬ ‫حِيَلةٍ َخبِيَثةٍ يَرومُو نَ مِن خِللِا ِإثَا َر َة البَلبََل ِة وَال ّ‬
‫ف مَن يَ ّدعُو نَ‬‫ِقتَالِم‪ ...‬تَامًا كَمَا هُوَ حَاُلهُم اليَو مَ مِ نَ الُجَاهِدِي نَ‪َ ،‬وتَمَامًا كَمَا ُه َو مَوقِ ُ‬
‫ي يَ ستَفتُونُم بِطَرِي َقةٍ مُلَتوَِيةٍ ف قَو مٍ‬
‫العِل َم مِن مَشَايِ ِخ ال َفضَاِئيّا تِ؛ َفأَر سَلُوا ِل ُف َقهَاءِ الُ سلِ ِم َ‬
‫يُؤ ِمنُو َن بِالِ وَ ِكتَابِهِ وَرَسُولِهِ وَاليَومِ الخِرِ‪ ،‬وَلكِن يُخَاِلفُونَ ف الِمَامِ؛ هَل يَجُوزُ لِلسّلطَانِ‬
‫ُمهَا َدَنِتهِم َو ُموَا َد َعِتهِم‪َ ،‬وأَن يَقبَ َل طَاعََتهُم‪َ ،‬ويَح ُر َسهُم مِن كُلّ أَذَى؟‬

‫وَ كَادَت هَذِ هِ الِيَل ُة بِالفِعلِ أَن ُتفَرّ قَ كَلِ َم َة الُ سِلمِيَ‪َ ،‬وُت َغيّرَ الَوقِ فَ لِ صَالِ البَاطِِنّيةِ حِيَ‬
‫جوَازِ ذَلِكَ‪ ..‬لكِن البَعض َتوَقّفَ‪.‬‬ ‫أَجَاَبهُم أَكثَ ُر ال ُف َقهَا ِء بِ َ‬

‫َو لكِنّ ال سّلطَانَ مَمّدَا بِحِك َمتِ ِه وَفِقهِ هِ وَحِن َكتِ هِ؛ جَمَ َع ال ُف َقهَاءَ َو َدعَاهُم لِل ُمنَاظَ َرةِ؛ فَانتَ صَ َر‬
‫ي ال َفقِي هِ الشّافِعِيّ "أَ ب الَ سَن عَلِ يّ بِن عَبدِ الرّحَ ِن ال سّمَنقَان" الذِي أَفتَى ِبوُجُو بِ‬ ‫رَأ ُ‬
‫شهَا َدتَيِ ِلرَأيِهِم ف ا ِلمَا مِ الذِي يَستَطِيعُ‬ ‫ِقتَالِم وَ سَفكِ ِدمَائِهِم‪َ ،‬وَأنُم ل يَن َف ُعهُم التَّلفّ ظُ بِال ّ‬

‫‪575‬‬
‫حرّ مَ عَليهِم مَا أَ َحلّ الُ‪َ ،‬ويُحِلّ لَهُم مَا حَرّ مَ الُ‪َ ،‬وَتكُو ُن طَا َعتَ ُه لُم ف هَذِه الَاَلةِ‬ ‫أَن يُ َ‬
‫ب بِالِجَاعِ‪.‬‬‫سبَ اعِتقَا ِدهِم فِي ِه وَا ِجبَةً؛ َفُتبَاحُ ِدمَاؤُهُم بَذَا السَّب ِ‬ ‫حَ َ‬

‫ك السّلطَانُ "ممّد" أَن يُسقِطَ قَل َعةَ "آلُوت"‪َ ،‬وُيقَاتِ َل "الَ سَ َن ب َن الصّبَاحِ"‬ ‫وَ حَاوَ َل بَعدَ ذَلِ َ‬
‫صنَا فِيهَا أَكثَرَ مِن مَ ّرةٍ‪ ،‬إِل أَنّ ا َلِنيّ َة وَافَت ُه عَا مَ ‪ 511‬ه ـ أَثنَاءَ حِ صَارِ‬
‫الذِي كَا َن ُمتَحَ ّ‬
‫ستَ َسنَوَاتٍ؛ فَاضطرّ القَائِدُ‬ ‫جَيشِ ِه ِبقِيَا َدةِ "َأنُشتَكِي" وَالتِي دَا َم مُ ّدةَ حِصَا ُرهَا مَا ُيقَارِبُ ال ّ‬
‫"َأنُشَتكِي"‪َ ،‬وبَعدَ ضَغطِ جُن ِدهِ إِل النسِحَابِ‪.‬‬

‫وَ بَعدَ َوفَاةِ ال سّلطَانِ "ممّ د"؛ تَ سَلّ َم ال سّل َط َة مِن بَعدِ هِ ابنُ هُ "مَحمُود"‪ ،‬وَالذِي وَا صَلَ‬
‫ضةِ البَا ِطِنيّيَ وَالرّغَبةِ‬
‫ِسيَا َسةَ وَالِدِ هِ‪ ،‬وَكَا نَ ي ِم ُل نَف سَ الَمّ وَالَنهَ جِ ف مُل َح َق ِة وَِقتَالِ الرّاِف َ‬
‫صرَ قَل َع َة "آلوت" َحتّ ى َسقَطَت ف يَدِ ِه عَا مَ‬ ‫سهِم َوأَذَاهُم؛ َفحَا َ‬ ‫ف تَطهِيِ البِل ِد مِن رِج ِ‬
‫‪ 524‬هـ‪ ،‬وَلَ ِكّنهُم استَطَاعُوا أَن يَستَر ِجعُوهَا بَع َد وَفَاتِ ِه عَام ‪ 525‬هـ‪.‬‬

‫وَ كَا َن مِن حُكّا مِ الوِليَا تِ آَنذَا كَ ا َلمِيُ "عَبّاس" صَاحِبُ "الرّي"‪ ،‬وَكَا نَ مِن غِلمَا نِ‬
‫ك بِالبَا ِطنِّيةِ الذِي َن‬
‫ال سّلطَانِ "ممُودٌ"‪ ،‬وَكَا نَ مِ نَ الُجَاهِدِي َن الُخلِ صِيَ؛ فَا ستَطَاعَ أَن يَفتِ َ‬
‫صرَ‬‫عِندَ هُ؛ َف َقتَ َل مِنهُم خَلقًا َكثِيًا َحتّ ى َأنّ ُه بَنَى َمنَا َر ًة مِن ُرؤُو ِسهِم بِالرّيّ‪ ،‬كَمَا َأنّ هُ حَا َ‬
‫مُجَدّدًا قَل َعةَ "آلوت"‪ ،‬وَاستَطَاعَ أَن يَدخُلَ قَرَيةً مِن ُقرَاهُم‪َ ،‬فقَذََفهَا بِالنّا ِر َوأَحرَ قَ َك ّل مَن‬
‫فِيهَا مِنَ الرّجَا ِل وَالنّسَاءِ وَالصّبيَانِ‪.‬‬

‫صلَ‬
‫ك مَا حَ َ‬
‫ضةِ البَاطِِنّيةِ‪َ ،‬ومِن َذلِ َ‬ ‫وَ كَانَ لِلدّولَ ِة "الغُو ِريّةِ" كَذَلِ َ‬
‫ك مَوقِفٌ حَازِ ٌم تِجَاهَ الرّاِف َ‬
‫ف عَامِ ‪ 597‬هـ حِيَ سَارَ "شِهَابُ الدّينِ الغُورِيّ" إِل "َقهِستَان" لحَاصَ َرِتهَا َومَن فِيهَا‬
‫مِ َن البَا ِطنِّيةِ‪ ،‬وَحِيَ مَرّ ف طَرِيقِ ِه ِبقَرِيةٍ ذُكِرَ لَ ُه ِبَأنّ أَهَلهَا إسَاعِيِلّي ُة بَا ِطِنّيةٌ؛ َأمَ َر ِبقَتلِ ا ُلقَاتَِل ِة‬
‫ب القَرَي َة وَ َجعََلهَا خَا ِوَيةً عَلى عُرُو ِشهَا‪َ ،‬ووَا صَلَ‬ ‫ب الَموَا ِل غَنِيمةً‪ ،‬وَ َخرّ َ‬ ‫ب النّ سَاءِ‪ ،‬وَن ِ‬ ‫وَ سَ ِ‬
‫سَيَهُ إِل "كنبَاد"‪َ ،‬و ِهيَ مِن مُ ُد ِن البَا ِطِنيّةِ َفنَزَلَ عَليهَا وَحَاصَ َرهَا‪.‬‬

‫‪576‬‬
‫ك "غور" يَشكُو إِلي هِ أَخَا هُ " ِشهَا بُ‬ ‫وَ حِيَ أَر سَلَ إِلي هِ صَا ِحبُ "َقهِستَان" البَا ِطنِ يّ إِل مَلِ ِ‬
‫ِكـ شَدّدَ‬
‫َعـ ذَل َ‬
‫َاصـَر بَلَدِي؟ " َوم َ‬ ‫الدّينـِ" َوَيقُولُ‪" :‬بَينَنَا عَهدٌ فَمَا الذِي بَدَا ِمنّاـ َحتّىـ تُح ِ‬
‫" ِشهَا بُ الدّي نِ" الِ صَا َر عَلى الَدِيَنةِ؛ َفلَمّ ا اشتَدّ خَوفُهُم طََلبُوا ا َلمَا نَ ِليَخ ُرجُوا‪َ ،‬فَأ ّمنَهُم‬
‫َوأَخرَ َجهُم مِنَ الَدِيَنةِ‪ ،‬وَاستَولَى عَليهَا َوأَقَامَ فِيهَا الصّلةَ َو َشعَائِ َر الِسلمِ‪.‬‬

‫وَ كَذَلِ كَ كَا نَ لِلدّوَلةِ "الَوَارِزمِّيةِ" مَوقِ فٌ حَازِ ٌم تِجَا هَ البَاطِِنّيةِ‪َ ،‬ومِن ذَلِ َ‬
‫ك مَا حَ صَلَ ف‬
‫ضرَ ُرهُم‪َ ،‬حتّى َأّنهُم َقتَلُوا َأمِيًا مِ نَ ُأمَرَا ِء‬
‫عَا مِ ‪ 624‬هـ‪ِ ،‬حيَ عَظُ َم شَرّ البَاطِِنّي ِة َوتَعَدّى َ‬
‫"جَللِ الدّي نِ" اب نِ " َخوَارِز َم شَاه"‪ ،‬فَ سَارَ بِعَ سكَ ِرهِ مِن بِلدِهِم مِن حُدُو ِد "آلوت" إِل‬
‫خ ّربَهَا جَمِيعًا َفقَتَلَ أَهلَهَا َو َغنِ مَ أَموَالُم وَ سَبَى الَرِيَ‪ ،‬وَا ستَ َرقّ‬ ‫"كَردِيكُوك" ُبرَا سَان‪ ،‬فَ َ‬
‫الَولدَ‪ ،‬وََقتَلَ الرّجَا َل َوعَمِ َل بِم الَعمَا َل العَظِي َمةَ‪.‬‬

‫ضةِ؛‬
‫ح الدّينِ ا َليّوب" ِمنَ الرّافِ َ‬
‫وَ َأمّا مَوقِفُ "صَل ُ‬

‫ط دَولَتَهُم الَنِي َعةَ‪ ،‬وَال ت َع ّمرَت‬


‫ف َوأَق سَاهَا عَليهِم‪ ،‬حَي ثُ أَ سقَ َ‬
‫فَكَا َن مِن َأ َشدّ الَواقِ ِ‬
‫ل مِن قَبل‪ ،‬مَعَ َأنّ القَا َدةَ قَبلَ ُه وَا ُلمَرَا َء مِن السّل ِج َق ِة َوغَيَهُم كَا َن لُم صَول ٍ‬
‫ت َم َعهُم‬ ‫َطوِي ً‬
‫ت الت تََلقّوهَا مِن‬ ‫ب وَقَت ٌل َوسَبٌ‪ ،‬وَلكِنّ الضّ َربَا ِ‬ ‫ت وَ ُحرُو ٌ‬
‫وَ َجوَلتٍ‪ ،‬وَكَانَت هُنَاكَ ُموَا َجهَا ٌ‬
‫" صَلحِ الدّي نِ" كَانَت َأشَ ّد عَلى ُنفُو ِسهِم؛ حَي ثُ فَرّ قَ جَم َعهُم‪َ ،‬وهَدّ مَ صَر َحهُم ال َكبِي‪،‬‬
‫سّنةِ بَعدَ أَن‬
‫وََقضَى عَلَى كُلّ أَحل ِمهِم بِامتِل كِ دَوَلةٍ مُسَتقِّلةٍ ذَا تِ ِسيَا َدةٍ‪ ،‬وَنش َر مَذهَ بَ ال ّ‬
‫كَانَ دِينُ الرّفضِ ُه َو السّائِدُ‪ ،‬وَلِذَلكَ حَاوَلوا ِمرَارًا قَتلَ ُه وَاغِتيَالَهُ‪ ،‬وَلكِّنهُم ِبفَضلِ الِ وَحدَهُ‬
‫فَشِلُوا ف كُ ّل ُمحَاوَلتِهِم‪.‬‬

‫ضةِ عَلى مَا ذَكَرنَا سَاِبقًا‪َ ،‬وبَعدَ ُمحَاوَل تِ‬


‫ح الدّي نِ" تِجَا هَ الرّافِ َ‬
‫وَ كَا نَ ما قَا َم بِ هِ " صَل ُ‬
‫اغتِيَالِ هِ ال َعدِي َدةِ؛ اعتَقَ َل ا ُلتَآمِرِي َن عَلي هِ ف مِصرَ‪ ،‬وَالذِي نَ حَاوَلُوا التّ صَا َل بِالِفرَن جِ لِسقَاطِ‬
‫مِصرَ‪َ ،‬فقَرّ َرهُم وَاحِدًا وَاحِدًا‪َ ،‬وبَعدَ أَن استَفتَى الفُ َقهَاءَ ف أَم ِرهِم َقتَلَ ُرؤُو سَهُم َوأَعيَاَنهُم‬
‫ضّيةِ بَع َد مُحَاوََلتِهِم اغِتيَالَ هُ حِيَ‬
‫صرَ قَل َعةَ "مِ صيَافٍ" الرّاِف ِ‬
‫دُو نَ أَتبَاعِهِم َوغِلمَانِهِم‪ ،‬وَحَا َ‬
‫جنِيقَاتِ‬‫ب عَليهَا الِن َ‬
‫حلَبَ‪َ ،‬فقَصَدَ قَلعََتهُم عَامَ ‪ 572‬هـ‪ ،‬وَحَاصَ َرهَا َونَصَ َ‬ ‫كَانَ مُحَاصِرًا لِ َ‬

‫‪577‬‬
‫َفأَحرََقهَا وَخَ ّرَبهَا‪َ ،‬وأَو سَعَ أَهَلهَا قَتلً َوأَسرَا‪َ ،‬وغَنِ مَ أَموَالُم َو َدوَاَبهُم‪ ،‬وَل يَترُكهُم إِل بَعدَ‬
‫أَن أَ ّدَبهُم وََل ّقَنهُم دَرسَا قَا ِسيًا‪.‬‬

‫ت مُؤتَمِ نِ الِلَفةِ‪ ،‬غَضَبًا لَقتَلِ هِ‬


‫ضةُ مِن جُن ِد ال سّودَا ِن الُمتَ ِعضِيَ لِمَو ِ‬
‫َو لّ ا ثَا َر عَلي هِ الرّاِف َ‬
‫أَرسَلَ لحِلِّتهِم الَعرُو َف ِة بِالَنصُو َر ِة َفأَح َرقَهَا عَلى أَموَالم وَأَول ِدهِم َوحَ َر ِمهِم‪ ،‬فََلمّا عَلِمُوا‬
‫ك وَلّوا مُدبِرِي نَ َفأَجرَى عَليهِم ال سّيفَ‪َ ،‬وظَلّ فِيهِم القَتلُ َحتّ ى قَضَى أَخُو " صَلحُ‬
‫بِذَلِ َ‬
‫الدّينِ" "تورَان شَاه" عَلى آخِرِهم ف مَن ِط َقةِ "الِي َزةِ"‪.‬‬

‫ض ِة َفقَد كَا َن وَاضِحًا ف مَوقِفَيِ؛‬


‫خ الِسل ِم "اب ِن تَيمِّيةَ" وِ ِجهَادِ ِه للرّافِ َ‬
‫وَ َأمّا مَوقِفُ شَي ِ‬

‫ف الَ ّولُ‪ :‬بَ َرزَ ف جَانِ بِ التّألِي ِ‬


‫ف العِلمِيّ للرّ ّد عَلى بِ َدعِهِم وَكُف ِريّاتِهِم‪ ،‬وِكش فِ‬ ‫الَوقِ ُ‬
‫ج السّّن ِة الّنَب ِويّةِ" وَغيِهِ‪.‬‬
‫ض َوَبيَانِ أَحوَالِم َوحُكمِ الشّرعِ فِيهِم َككِتَابِ "مِنهَا ُ‬
‫َحقِي َقةِ ال ّروَافِ ِ‬

‫وَ الَوقِفُ الثّانِي‪ :‬بَ َرزَ ف ِقتَالِ ِه العَمَِليّ لُم ِحيَ فَرَ َ‬
‫غ مِن ِقتَالِهِ لِلّتتَا ِر تَأدِيبًا لُم لِمُشَارَ َكِتهِم‬
‫ضدّ الُسِلمِيَ‪.‬‬
‫َوتَحَاُل ِفهِم مَ َع التّتَارِ ِ‬

‫وَ َأمّ ا الَلِ كُ الُ َظ ّفرُ "قُطُز"؛ َفقَاتَلَهُم ف الشّا ِم بَع َد انتِ صَارِ الُ سِلمِ َ‬
‫ي عَلَى التّتَارِ ف وَق َعةِ‬
‫ضةِ‪ ،‬حي ثُ َقرّرُوا‬
‫"عَيِ جَالوت"‪ ،‬فَقَد كَا َن ل م أَيضًا دَورٌ َكبِيٌ ف مُحَا َرَب ِة َو ُمعَاَقَبةِ الرّاِف َ‬
‫ِينـ مَاَلؤُوا الّتتَا َر وَصـَاَنعُوهُم عَلى أَموَالِ‬ ‫ضةِ الذ َ‬ ‫ِنـ النّصـَارَى وَالرّاِف َ‬
‫ل َونَ ِة م َ‬
‫ِنـ ا َ‬
‫َامـ م َ‬
‫النِتق َ‬
‫ي وَقَت ِل العَامّةِ‪.‬‬
‫الُسِلمِ َ‬

‫ضةِ‬
‫ت الرّافِ َ‬
‫لرَائِ مِ َوخِيَانَا ِ‬
‫ض التّارِيِيّ الُج َملِ‪ ،‬وَالُج َم ِل جِدّا‪َ ،‬‬
‫ِإذَن وَ بَع َد َهذَا الستِعرَا ِ‬
‫ص إِل ِع ّد ِة ُأمُو ٍر ُمهِ ّمةٍ وَكَمَا يَأتِي‪:‬‬
‫نَستَطِي ُع أَن نَخلُ َ‬

‫‪578‬‬
‫أولً‪ :‬النّا ِظ ُر وَالبَاحِ ثُ ف َعقَاِئ ِد الرّافِضَةِ ِي ُد َأنّهُم قَد أَشرَكُوا وَأَ سَاؤُوا إِل َمقَا مِ الِ‬
‫َتعَال الوَا ِحدِ الَ َحدِ‪.‬‬

‫حلُولِ ِه َتعَال ‪-‬حَاشَا هُ ‪ِ -‬ببَع ضِ‬


‫ث وَالنّق صِ كَ ُ‬
‫لوَادِ ِ‬
‫تا َ‬
‫ك وَص َفهُم الَ َتعَال بِ صِفَا ِ‬ ‫َومِن ذَلِ َ‬
‫أَجسَا ِد ا َلئِ ّم ِة وَرِجَالِتهِم‪ ،‬وَالذِي َن َعبَدُوهُم مِن دُونِ الِ‪.‬‬

‫َهـ غَيَهـُ‪ ،‬مِن نَذ ٍر وَ ُدعَاءٍ‬ ‫َهـ الوَا ِحدَ بِالعِبَا ِدةِ الُسـتَ َ‬
‫ح ّقةِ لِ َتعَال وَحد ُ‬ ‫وَكَذَا َشرّكُوا الِل َ‬
‫ي َومَعصُومِيَ‪.‬‬
‫لئِ ّمةِ الذِينَ اعتَبَرُوهُم ُمقَ ّدسِ َ‬
‫َوتَقَرّبٍ بِال ِعبَا َد ِة ل َ‬

‫ف بِهَا الُ َتعَال‪ ،‬كَالرّز قِ‬


‫وَ ل يَقِف الَمرُ إِل هَذَا الَ ّد بَل نَ سَبُوا ال صّفَاتِ التِي يَتّ صِ ُ‬
‫ب َونَحوَ ذَلِ كَ لَؤُل ِء الَئِ ّمةِ‪ ،‬فَلم يَكَتفُوا بِالِ سَاءَ ِة َلقَا مِ الِ َتعَال بِال ّربُوِبّيةِ‬
‫وّالعِل مِ بِالغَي ِ‬
‫َاصـةً حِينَمَا‬
‫ِيصـةَ لَنِبيَاءِ الِ َتعَال وَخ ّ‬ ‫ـبَتهُم الّنق َ‬
‫ِكـ نِس َ‬ ‫وَالُلُوهِّيةِ فَحَسـب؛ بَل َتعَدّى ذَل َ‬
‫سبُوا أَو صَافًا َو َمنَاقِ بَ َلئِ ّمتِهِم‬
‫َجعَلُوهُم فِي َمقَا ِم التّفضِي ِل وَالُقَارَنةِ َلئِ ّمِتهِم الَع صُومِيَ‪َ ،‬فنَ َ‬
‫ب َومَزَايَا َهؤُل ِء الَنِبيَاءِ وَالُر سَلِيَ‪َ ،‬حتّ ى َأنّهُم ا ّدعُوا أَنّ َهؤُلءِ الُر َسلِيَ كَانُوا‬ ‫ق َمنَاقِ َ‬ ‫َتفُو ُ‬
‫لئِ ّمةِ الذِي َن يَزعُمُونَ َأّنهُم مَعصُومُونَ‪.‬‬ ‫مِمّا ُب ِعثُوا بِهِ‪َ :‬عقَي َدةَ الوِلَيةِ ِل َ‬

‫ف القُرآ نِ‪َ ،‬سوَاءً‬


‫ت هَذِ هِ الظّلُما تِ أَضَافُوا لِمُعَتقَدَاتِهِم الرّذِيَلةَ قَولَهُم بِتَحرِي ِ‬
‫َو مَ َع َغيَابَا ِ‬
‫ب وَالسّّنةِ‪،‬‬
‫ل ّقةَ لِل ِكتَا ِ‬
‫أَكَا َن بِاللفظِ أَم بِالَعنَى وَالشّر حِ‪َ ،‬وهُم عَلَى هَذَا ل يَجعَلُوا الَر ِج ِعيّة ا َ‬
‫جدُوا فِي ِه نَ صّا صَرِيًا ِل َعقَائِدِهِم‪ ،‬فَلَم يَكَتفُوا‬ ‫ب عَلى أَ سَاسِ َأنّهُم ل يَ ِ‬
‫َلنّهُم َط َعنُوا بِالكِتَا ِ‬
‫بِمَا ُهوَ مَوجُو ٌد مِنهُ اليَومَ‪.‬‬

‫ت الَدِي ثِ‪ ،‬أَو‬ ‫وَكَذَا َطعَنُوا بِال سّّنةِ النَّب ِويّةِ مِن خِل ِل طَعنِهِم ِبَأئِ ّمةِ أَه ِل ال ّ‬
‫سّنةِ مِن ِروَايَا ِ‬
‫ب َعقَائِدَ‬
‫َصـحَا ِ‬
‫ضعُوه َا كَذِب ًا عَلَى َأئِ ّمةِ أَهلِ البَيتـِ‪ ،‬بِ ُروَاةٍ َزنَادَِقةٍ أ َ‬
‫ّاتـ وَ َ‬
‫أَخذِه ِم مَر ِوي ٍ‬
‫مُنحَرَِف ٍة َوبَاطَِل ٍة ل ُتؤَهَّلهُم ِل َقبُولِ ِروَايَاِتهِم نَاهِيكَ عَن ضَع ِفهِم وَ َجهَاَلِتهِم‪.‬‬

‫‪579‬‬
‫ي ِنيَا َح ًة وَ‬
‫ت َونُ ص َرةَ عُت َرتِ ِه وَا ُلَتبَاكِيَ عَلى الُ سَ ِ‬
‫حّبةَ آ ِل البَي ِ‬ ‫ثانيا‪ :‬إِنّ الرّافِ َ‬
‫ض َة مُدّعِي مَ َ‬
‫ت العَدَاءَ هُم مَن قَا مَ‬
‫صبُوا أَهلَ البَي ِ‬
‫ب نَا َ‬
‫ص ٌ‬
‫لَطما‪ ،‬وَالذِي َن َيّتهِمُو نَ أَهلَ ال سّّن ِة بَِأنّهُم َنوَا ِ‬
‫سنَ َويُ سَلّمُوهُ لِ ُمعَا ِويَةَ رَضِ يَ الُ عَنهُمَا‪،‬‬
‫ي مِن بَعدِ أَن كَادُوا يَقتُلُو نَ الَ َ‬
‫ِبقَت ِل الُ س ِ‬
‫َوذَِلكَ ثَابِتٌ ف أُصُولِ َمرَا ِج ِعهِم َوأُ ّمهَاتِ كُتُِبهِم‪.‬‬

‫ب [الِرشَادِ] لِل ُمفِيدِ قو ُل ا ِلمَا ِم الُسَي عَليهِ السّلمُ ف ُدعَائِهِ عَلى شِيعَتِهِ‬ ‫َفقَد جَاءَ ف ِكتَا ِ‬
‫الذِي ذَكَرنَاهُ آِنفًا‪َ ،‬وجَاءَ ف ِكتَابِ[الحتِجَاجِ]‪" :‬ل ِكّنكُم أَسرَعتُم إِل بَي َعتِنَا كَطَ َيةِ ال ّدبَاءِ‪،‬‬
‫ت هَذِ ِه الُ ّمةِ‪،‬‬ ‫ضتُمُوهَا‪ِ ،‬سفَها َوبُعدا وَ سُحقا لِ َطوَاغِي ِ‬ ‫َوَتهَافَتّ م َكَتهَافُ تِ الفَرا شِ‪ ،‬ثُمّ نَ َق ّ‬
‫َوبَ ِقّي ِة الَحزَا بِ‪َ ،‬ونَبَذ ِة ال ِكتَا بِ‪ ،‬ثُمّ أَنتُم َهؤُلءِ تَتَخَاذَلُو نَ َعنّا‪َ ،‬وتَقتُلُوَننَا‪ ،‬أَل لَعَنةُ الِ عَلَى‬
‫الظّالِمِيَ"‪.‬‬

‫ص ُتبَيّ نُ َلنَا مَن‬


‫ي الُو َسوِيّ" بَع َد هَاتَيِ ال ّروَاَيتَيِ بقول هِ‪َ " :‬وهَذِ هِ النّ صُو ُ‬
‫َو ُيعَلّ ُق ال سّيدُ "حُ سَ ٌ‬
‫لقِيقِيّونـَ‪ِ ،‬إنّهُم شِيعَةُ أَه ِل الكُوَفةِ‪ ،‬أَيـْ‪ :‬أَجدَادُنَا‪ ،‬فَِلمَاذَا نُحَمّلُ أَهلَ‬ ‫ُسـيِ ا َ‬
‫هُم َقتََل ُة ال َ‬
‫السّّن ِة مَسؤُولِّي َة مَقتَلِ الُسَيِ؟"!‪.‬‬

‫ي مِن أَه ِل العِرَا قِ‬


‫ب [أَعيَا نُ الشّي َعةِ]‪" :‬بَايَ عَ الُ سَ َ‬‫َو َيقُو ُل ال سّيدُ "مُح سِن الَميُ" ف ِكتَا ِ‬
‫عِشرُونَ أَلفا‪ ،‬غَدَرُوا بِهِ‪ ،‬وَ َخرَجُوا عَليهِ‪َ ،‬وبَيعَتُهُ ف أَعنَاِقهِم‪ ،‬وََقتَلُوهُ"‪.‬‬

‫وَ جَاءَ ف ِكتَا بِ [الحتِجَا جِ]‪" :‬قَا َل الِمَا مُ "زَي ُن العَابِدِي نَ" عَلي ِه ال سّلمِ‪ ،‬لَه ِل الكُوَفةِ‪:‬‬
‫ق ثُمّ‬
‫سكُم العَه َد وَالِيثَا َ‬ ‫(هَل تَعلَمُو نَ َأنّكُم َكتَبتُم إِل أَب وَ َخدَعتُمُو هُ َوأَعطَيتُمُو هُ مِن أَنفُ ِ‬
‫قَاتَلتُمُو ُه وَخَذَلتُمُو هُ‪ِ ..‬بأَيّ عَيٍ تَنظُرُو نَ إِل رَ سُولِ الِ صَلّى الُ عَلي ِه وَآلِ هِ‪َ ،‬و ُه َو َيقُولُ‬
‫َلكُم‪ :‬قَاتَلتُم عت َرتِي وَانَتهَكتُم حُر َمتِي‪َ ،‬فلَستُم مِن ُأمّتِي)"‪.‬‬

‫يهُم؟‬
‫وَ قَالَ أَيضًا عَنهُم‪ :‬إِ ّن َهؤُل ِء يَبكُونَ عَلينَا فَمَن قَتَلَنَا غَ ُ‬

‫‪580‬‬
‫ب [الحتِجَاجِ] أَيضًا عَن "فَاطِ َم َة الصّغرَى" عَليهَا ال سّلمُ ف خُطبَ ٍة لا ف‬
‫وَجَاءَ ف كِتَا ِ‬
‫أَه ِل الكُو َفةِ‪:‬‬

‫ليَلءِ‪ِ ،‬إنّ ا أَه ُل البَي تِ ابتَلنَا الُ بِكُم‪ ،‬وَابتَلكُم‬ ‫"يَا أَه َل الكُوَفةِ‪ ،‬يَا أَه َل الغَدرِ وَالَك ِر وَا ُ‬
‫سنًا‪َ ..‬ف َكفّرتُمُونَا وَكَذّبتُمُونَا وَ َرأَيتُم ِقتَالَنَا حَل ًل َوأَموَاَلنَا نَـهَبًا‪ ..‬كَمَا‬
‫جعَ َل بَلءَنَا حَ َ‬
‫ِبنَا؛ َف َ‬
‫َقتَلتُم جَدّنَا بِالَم سِ‪ ،‬وَ سُيُوُفكُم تَقطُ ُر مِن ِدمَائِنَا أَه ُل البَي تِ‪ ..‬تبًا لكُم فَانتَظِرُوا اللعنَةَ‬
‫ب الَلِي ِم يَومَ‬ ‫وَالعَذَابَ َفكََأنّ قَد َح ّل بِكُم‪ ..‬وَيذِي ُق بَعضَكُم بَأسَ بَعضٍ‪َ ،‬وتَخلُدُونَ ف العَذَا ِ‬
‫ال ِقيَا َمةِ با ظَلمتُمُونَا‪ ،‬أَل لَعنَةُ الِ عَلَى الظّالِيَ‪َ .‬تبّا لكُم يَا أَه َل الكُوَفةِ‪ ،‬كَم قَرَأتُم ِلرَ سُولِ‬
‫الِ صَلّى الُ عَلي ِه وَآل هِ قَبَلكُم‪ ،‬ثُمّ غَدَرتُم ِبأَخِي ِه عَلِ ّي بِن أَب طَالِبَ وَ َجدّي‪َ ،‬وبَنِيهِ َوعُت َرتِ هِ‬
‫ال ّطيّبِيَ‪.‬‬

‫َفرَدّ عَليهَا َأحَ ُد أَه ِل الكُوفَ ِة مُفتَخِرا‪َ ،‬فقَالَ‪:‬‬

‫ف هِندِّي ٍة وَ ِرمَاحِ‬
‫نَح ُن قَتَلنَا عَلِيا وَابنِ عَ ِليّ *** ِبسُيُو ٍ‬
‫ي نِطَاحِ‬
‫َو سَبينَا ِنسَا َءهُم سَب تُركٍ *** وَنَطَحنَا ُه ُم َفأَ ّ‬

‫َمـ‬ ‫ثَالِثا‪ :‬يَنبَغِي عَلى الُسـلِ ِم المِتثَالِ لَمرِ الِ َتعَال المِ ِر بِالّتفَكّ ِر وَالتّع ِ‬
‫َاضـ ِبأَحوَا ِل ا ُلم ِ‬
‫س وَال ِعبَرَ‪{ ..‬وَ لَ يَ َروْنَ َأّنهُ ْم ُيفَْتنُونَ فِي كُ ّل عَامٍ مّ ّرةً‬
‫وَالعُصُو ِر السّالِ َفةِ‪َ ،‬فنَأخُ َذ مِنهَا الدّرُو َ‬
‫َأوْ َم ّرتَيْ ِن ثُمّ َل َيتُوبُونَ وَلَ هُ ْم يَذّكّرُونَ} [التوبة‪.]126:‬‬

‫ج َوأَضرَارُ هَذَا‬
‫َو وَرَدَ ف الَثَرِ‪" :‬ل يُلدَ غُ الُؤمِ نُ ف جُح ٍر مَ ّرتَيِ"‪ ،‬وَقَد َمرّت بِنَا نَتَائِ ُ‬
‫جلّت لنَا ِخيَاَنتُهُم لِ وَلِرَ سُولِ ِه وَلِلمُؤمِنِيَ‪َ ،‬فوَالَوا الكُفّارَ‬ ‫التّقرِي بُ مَ َع الرّافِضَةِ حَي ُ‬
‫ث تَ َ‬
‫َوأَعدَاءَ الدّي نِ‪َ ،‬وطَغَوا ف البِل ِد َوأَكثَرُوا فِيهَا الفَ سَادَ‪َ ،‬فأَو َجبَت مُوالَتهُم هَذِ هِ رِ ّدَتهُم عَن‬
‫صةٍ‬
‫الدّي نِ َومُرُوَقهُم عَن أَمرِ رَبّ العَالَيَ‪َ ،‬ونَاهِي كَ ِبفَ سَا ِد طَعِنهِم بُِأ ّمهَا تِ الُؤ ِمنِيَ‪َ ،‬وبِخَا ّ‬
‫ل تَ ِبَئةً قَط ِعّيةً ف ِكتَابِهِ العَزِيزِ‪.‬‬
‫مَن بَ ّرَأهَا َوزَكّاهَا ا ُ‬

‫‪581‬‬
‫وَ لا َتقَدّ َم َأقُو ُل مُنَّبهًا؛‬

‫ب عَلى َم ّر‬‫ِإنّ هُ كُلّمَا َتوَاجَ هَ الُ سلِمُونَ ضِ ّد ال ُكفّارِ مِن الَيهُو ِد َو النّ صَارَى‪َ ،‬و ف كُلّ حَر ٍ‬
‫َسـلّلُونَ ِلوَاذًا إِل ُمعَسـكَ ِر الكُفرِ‪،‬‬ ‫ض َة َيت َ‬
‫جدُ الرّافِ َ‬
‫التّارِيخـِ‪ ،‬وَ َحتّىـ فـ عَصـِرنَا الَاضِ ِر نَ ِ‬
‫ت الَُتوَفّ َرةِ إِليهِم عَسكَ ِريّا َومَعلُومَاتِيّا‪َ ،‬وُيفَضّلُونَ الَوتَ أَو‬
‫ع الِمدَادَا ِ‬ ‫َويَمُدّوَنهُم بِجَمِيعِ أَنوَا ِ‬
‫انتِ صَا َر الكُف ِر عِلَى أَن يَنتَ صِ َر الُ سلِمُو َن َوتَكُو نَ لُم اليَد العُليَا‪ ،‬وَهُم ل ُيقَاتِلُو نَ أَعدَاءَ‬
‫الِسل ِم مِنَ ال ُكفّا ِر الَصِليّيَ‪َ ،‬وَأنّهُ َحتّى ف الَالتِ الت كَانُوا يُظهِرُونَ َأنُم ُيقَاتِلُوُنهُم ِإمّا‬
‫ب التّقَي ِة َيتَحَرّكُو نَ‪ ،‬وَ ذَلِ كَ ف‬‫حرّكُهُم‪ ،‬وَمن بَا ِ‬ ‫أَن َيكُونُوا تَح تَ ِقيَا َدةٍ ُسّنّيةٍ هِ َي التِي تُ َ‬
‫ت نَا ِد َرةٍ‪.‬‬
‫حَال ٍ‬

‫صلَ مَ َع الوَزِيرِ‬
‫أَو ف حَاَل ِة غَد ٍر وَا ستِهتَا ِر ال ُكفّارِ بِم‪َ ،‬و ِبأَرَاضِيهِم َومَ صَالِهِم كَمَا حَ َ‬
‫ي بِ ِه َوبِمَ صَالِحِهِ‪،‬‬
‫ي لّا َرأَى استِهتَا َر ال صّليبـيّ َ‬ ‫ضلِ" حِيَ استَن َ‬
‫ج َد بِال ّدمَا ِشقَ ِة السّـّنيّ َ‬ ‫"الَف َ‬
‫ضوَاءَ تَحتَ ِقيَا َدةِ‬
‫ب مِن عَسكَ ِرهِ فِيمَا بَعد الن ِ‬
‫ت الُمكَِنةِ‪َ ،‬وطَلَ َ‬
‫بَعدَ أَن قَدّمِ لُم كُ ّل الّتنَازُل ِ‬
‫"طَغِتكِينَا َأتَابك"‪.‬‬

‫صلَ َم َع الَلِيفَ ِة العُبَيدِ يّ "العَاضِد" لا َرأَى اجِتيَا َ‬


‫ح الفِرَن جِ ِلبِلدِ ِه وَخَشِ يَ عَلَى‬ ‫وَ كَمَا حَ َ‬
‫قَ ص ِر ِه َونِ سَائِهِ َفأَر سَلَ إِل "نُورِ الدّي نَ" يَ ستَنجِ ُد بِ هِ‪َ ،‬ويَ ستَغِيثُ لِ َدرَ َجةِ َأنّ هُ أَر سَ َل ُشعُورَ‬
‫نِسَائِهِ قَاِئلً‪" :‬هَ ِذهِ ُشعُو ُر نِسَائِي مِن قَصرِي يَسَتغِث َن بِكَ ِلتُنقِ َذهُ ّن مِ َن الفِرَنجِ"‪.‬‬

‫رَابِعَا‪ِ :‬إنّ هُ ل يُمكِ نُ أَن َيكُو نَ لِلمُ سلِمِ َ‬


‫ي نَ ص ٌر وَل غََلَبةٌ عَلى الُحَا ِربِيَ ال ُكفّا ِر مِ َن الَيهُودِ‬
‫ضةُ‬
‫وَالنّ صَارَى إِل بَع َد القَضَا ِء عَلَى مَن دُونَهُم مِن العُمَل ِء الُرتَدّي نَ‪َ ،‬وعَلَى رَأ سِهِم الرّاِف َ‬
‫ي بِ ُمعَاوََنةِ‬
‫ط بَِيدِ ال صّلِيبِيّ َ‬
‫س الذِي َسقَ َ‬
‫ت الَقدِ ِ‬
‫ف أَنّ بَي َ‬
‫ص َد لنَا التّارِي خُ كَي َ‬
‫تَمَاما‪َ ،‬كمَا رَ َ‬
‫ح الدّي نِ"‪ ،‬مَ َع أَنّ "نُورَ الدّي ِن مَحمُودا"‬
‫الرّافِضَ ِة العُبَي ِديّ نَ ل يُ سَتعَد إِل َعلَى َيدِ " صَل ِ‬
‫ح الدّ ين"‪ ،‬وَلكِن َقدَرُ الِ َتعَال أَن َيكُو َن النّ صرُ‬
‫ي مِن " صَل ِ‬
‫كَا َن أَ َشدّ عَلَى ال صّلِيبِيّ َ‬
‫ضةَ‬
‫ح الدّي نِ"‪ ،‬وَلكِن مَتَى؟ بَعدَ أَن حَارَ بَ الرّافِ َ‬
‫ت الَقدِ سِ عَلَى َيدِ " صَل ِ‬
‫وَتَحرِي ُر بَي ِ‬

‫‪582‬‬
‫ّغـ‬ ‫سـَنوَاتٍ‪َ ،‬وقَضَى عَلى دَولَتِهِم تَمَامًا وَأَسـقَ َطهَا‪ ،‬ثُمّ بَعدَ ذ َ‬
‫َلكـ َتفَر َ‬ ‫ّنـ لِ ِع ّدةِ َ‬
‫العُبَي ِدي َ‬
‫ت تَحتَ قَبضَِتهِم‬
‫ت الَقدِسِ الذِي ظَ ّل َسَنوَا ٍ‬
‫لِلصّلِيِبيّيَ َحتّى تَمّ لَ ُه النّص ُر عَليهِم‪ ،‬وَاسَتعَا َد بَي َ‬
‫ليَاَنةِ ال ّروَافِض‪.‬‬‫سبَبِ أَهلَ ا ِ‬ ‫بِ َ‬

‫ب الّتغَا ُفلُ عَنهُ َأَبدًا‪...‬‬


‫خ ل يَجِ ُ‬
‫َفهَذَا دَرسٌ مُ ِه ّم جِدّا يُ َق ّدمُ ُه لَنَا التّارِي ُ‬

‫ي إِل بَع َد قِتَالِ ال ُكفّارِ الُرَتدّي َن مَ َع ال ُكفّارِ‬


‫لَن َيكُو َن لَنَا نَص ٌر قَ طّ‪ ،‬عَلَى ال ُكفّا ِر الَصلِيّ َ‬
‫ي َجزِي َرةِ‬
‫الَصلِيّيَ‪َ ،‬ومَا الفُتُوحَا تُ الِسلمِّي ُة التِي تَمّت ف عَهدِ الرّا ِشدِي َن إِل بَعدَ تَطهِ ِ‬
‫ح الدّينِ"‪َ ،‬فهُم يُطِيقُونَ‬
‫ضةُ ُهوَ "صَل ُ‬
‫ك أَبغَضُ مَا يُبغِضُ ُه الرّافِ َ‬
‫ال َعرَبِ مِن الُرَتدّينَ‪َ ،‬ولِ َذلِ َ‬
‫الَوتَ وَل يُطِيقُونَه!!‪.‬‬

‫خَامِ سَا‪ :‬مَعلُو مٌ ِل َذوِي الفِط َرةِ ال سّلِي َمةِ أَنّ أَ سَاسَ النّجَاةِ لِلنّا سِ ف ال ِخ َرةِ ُمَتعَلّ ٌق ِب َعقِيدَةٍ‬
‫ب بَيَ َعقِي َد ِة الَقّ وَ َعقِي َدةِ‬
‫ف يُمكِ ُن التّقرِي ُ‬
‫حةٍ َسلِي َم ٍة مِ نَ الشّر كِ وَالبِدَ عِ‪َ ،‬فكَي َ‬
‫صَحِي َ‬
‫ض ِة التِي ذَكَرنَاهَا آنفًا؟‬‫الرّافِ َ‬

‫ف يََتقَرّ بُ مِنهُم عَمَليّا ِب َعقِي َدةٍ لَو َأخَذنَا بِبَع ضِ مَا امتَازَت بِ هِ ضَللُتهُم‬
‫فَبِالِ عَليكُم كَي َ‬
‫وَكُف ِريّاُتهُم لكُنّا ف الَل ِك وَالُسرَانِ الدّينِيّ‪ ..‬فَالدّي ُن جَاءَ لِنَجَاةِ العِبَا ِد بِمَا أَ َراَدَ َربّ‬
‫حةٍ‬
‫صـحِي َ‬
‫َاتـ مَبنِّيةٍ عَلَى َعقِيدَةٍ َ‬
‫ُونـ ُمقَ ّدم ٍ‬
‫َحصـلُ النّجَا ُة الُخ َروِّيةُ بِد ِ‬
‫َيفـ ت ُ‬
‫العِبَادِ‪َ ،‬فك َ‬
‫سَلِي َمةٍ‪..‬؟‪.‬‬

‫جهَا‪.‬‬
‫جهَا‪ ،‬وَفَسَا َدهَا ُيؤَدّي ِلفَسَا ِد َنتَائِ َ‬
‫ح َة َنتَائِ َ‬
‫ح ُة ا ُلقَ ّدمَاتِ تَستَل ِزمُ صِ ّ‬
‫َفكَمَا ُيقَالُ‪ :‬صِ ّ‬

‫ع َأنّهُم مُوا ِفقُو َن لَنَا ف أَصلِ العِتقَادِ الُنَجّي مِن َعذَابِ الِ َف َهذَا عِن َدهُم‬
‫وَ لَو ادّعَى ُمدّ ٍ‬
‫حِينِئذٍ؛‬

‫سّنةِ‪.‬‬ ‫ِإمّا مِن بَا ِ‬


‫ب َعقِي َدةِ التّقَي ِة التِي يَدِينُونَ بَا حَا َل استضعَاَفهُم مَعَ أَهلِ ال ّ‬

‫‪583‬‬
‫ط الُ سَتقِيمِ َفيَخرُجُوا‬
‫ب الَقّ وَال صّرَا ِ‬ ‫أَو َيكُونُو َن ِبهَذَا الّتفَا ِ‬
‫ق ال َعقَدِيّ َمعَنَا عَلَى مَذهَ ِ‬
‫ض ِة وَضَللتِهِم‪َ ،‬وعَلَى هَذَا فَل يُ سَمّى مِث ُل هَذَا َتقَا ُربًا‪ ،‬بَل تَرجِيعًا‬
‫حِيَنئِذٍ مِن وَصفِ الرّافِ َ‬
‫َوعَو َد ًة َوِإنَاَبةً مِنهُم للحَ ّق الُبِي‪.‬‬

‫وَ لا َتقَدّ َم َأقُولُ‪:‬‬

‫سّنةِ َو بَيَ ال ّروَافِضِ‪،‬‬


‫ِإنّهُ ل يُمكِ نُ أَن َيكُو َن ُهنَاكَ أَدنَى َتقَارُبٍ َعقَدِيّ وَفِكرِيّ بَيَ أَه ِل ال ّ‬
‫ب التّارِي خِ مِن خِل ِل تَقرِي بِ الَُلفَا ِء ال َعبّا ِسيّيَ‬
‫ضةِ عَ َ‬
‫ب مَ َع الرّافِ َ‬
‫ج َة الّتقَارُ ِ‬
‫وَقَد َرأَينَا نَتِي َ‬
‫ض ِة وَجَعلِهِم لُم وُزَرَا َء وَقَا َدةً؛ كَا بن العَلقَمِ ّي َونَ صِيِ الدّي نِ الطّو ِسيّ‪ ،‬وَمِن خِل ِل‬ ‫لِلرّافِ َ‬
‫مُ صَاهَ َرِتهِم كَمَا ذَكَرنَا مَ َع َمرَاجِلِ أُمّ الَأمُو نِ‪ ...‬فَمَا كَا نَ مِن هَذَا التّقَارُ بِ إِل أَن عَادَ‬
‫ل ّمةِ‪ ،‬وَكَا نَ َسَببَ ُسقُوطِ دَوَل ٍة ا سل ِمّيةٍ‪ ،‬وَِقيَا مِ ُدوَيل تٍ رَاِفضِّي ٍة عَلَى أَشلئِهَا‪،‬‬ ‫بِالََل َكةِ ل ُ‬
‫ت ا ُلمُورِ َوبِ َد َعهَا‬‫ب هَذَا الّتقَارُ بُ ف اف سَا ِد العَقِي َدةِ‪ ،‬بِإِلزَا ِم النّا سِ بِالقَولِ ُبحُ َدثَا ِ‬ ‫سبّ َ‬
‫كَمَا تَ َ‬
‫شبَ هِ بَيَ الُسلِ ِميَ‪َ ،‬حتّى زَع َزعَت َعقَائِدَهُم َوشَاَبهَا َكثِيٌ مِ َن النِرَافَا تِ‪ ،‬كَمَا هُوَ‬ ‫َوبَثّ ال ّ‬
‫سَبهَا أَبنَا ُء الَُلفَاءِ ال َعبّا سِيّيَ‬
‫ك مِ َن الَفكَا ِر وَال َعقَائِ ِد ال ت اكتَ َ‬ ‫القَو ُل بِخَل ِق القُرآ نِ َوغَيَ ذَلِ َ‬
‫مِن ُأ ّمهَاِتهِم الفَا ِر ِسيّاتِ‪.‬‬

‫َو مَا أَج َد َر ِبنَا ف هَذَا ا َلقَام أَن نَذكُرَ أَقوَالَ َكثِ ٍي مِ نَ العَُلمَا ِء وَا ُلَثقّفِيَ الذِي نَ كَانُوا يَ ْدعُو َن‬
‫ضةِ‪ ،‬ثُمّ ل ا َتَبيّ نَ لُم الَقّ عَادُوا إِلي هِ‬ ‫ب مَ عَ الرّاِف َ‬‫ل بِالوَاقِ ِع القَرِي بِ وَالَبعِيدِ إِل الّتقَارُ ِ‬
‫جَه ً‬
‫ُصـرّو َن عَلَى مَا َفعَلُوا وَهُم‬ ‫ِينـ ي ِ‬ ‫َومـ الذ َ‬ ‫ِيهـلِ ُدعَا ِة الّتقَارُبِـ الي َ‬
‫كَرِسـَاَلةِ وَعظٍـ َوتَذكِ ٍي َوتَنب ٍ‬
‫يَعلَمُونَ‪.‬‬

‫قَا َل الدّكتُو ُر "مُ ص َطفَى ال سّبَا ِعيّ" ف ِكتَابِ هِ [ال ّ‬


‫سّنةُ َومَكَاَنتُهَا ف التّشرِي ِع ال سلمِيّ]‪:‬‬
‫سّنةِ وَالشّي َعةِ بِالقَاهِ َرةِ مُنذُ أَرَب َع ِة ُعقُودٍ َل ِكّنهُم رََفضُوا أَن تُفتَ َح‬
‫"َفتَح تُ دَارًا لِلتّقرِي بِ بَيَ ال ّ‬
‫ف وَقُم َوغَيَهَا‪َ ،‬لنّهُم ِإنّمَا يُرِيدُو نَ تَقرِيبَنَا إِل‬ ‫دُو ٌر مُمَاثَِلةٌ ف مَرَاكِزِهِم العِل ِميّ ة كَالنّجَ ِ‬
‫دِيِنهِم"‪.‬‬

‫‪584‬‬
‫وَ َيقُو ُل الدّكتُورُ "عَلي َأحَد السّالُوس" أُستَا ُذ الفِق ِه َوأُصُولِهِ‪" :‬بَدَأتُ دِرَاسَتِي بِالدّع َوةِ إِل‬
‫حمّ د الَدَنِي"‪ ،‬عَلَى أَنّ‬ ‫ي الَلِ يل الشّي خُ "مُ َ‬ ‫سّنةِ وَالشّيعَ ِة ِبتَوجِي ٍه مِن أُستَاذِ َ‬
‫ب بَيَ ال ّ‬
‫التّقرِي ِ‬
‫ث وَاطّلَع تُ عَلَى‬
‫ت البَح َ‬ ‫سّنةِ؛ غَيَ َأّننِي بَع َدمَا بَدَأ ُ‬
‫شيّ َع مَذهَ بٌ خَامِ سٌ بَعدَ أَرَب َعةِ أَهلِ ال ّ‬
‫التّ َ‬
‫ف تَمَامًا عَمّا سَمِعتُ‪َ ..‬فدِرَا َستِي إِذَن بَ َدأَت ِبتَوجِيهٍ‬ ‫مَرَا ِج ِعهِم الَصِلّيةِ َوجَدّ تُ الَم َر يَخَتلِ ُ‬
‫مِ نَ الشّي ِخ "الَ َدنِ يّ" مِن أَج ِل التّقرِي بِ‪ ،‬وَلكِنّ الدّرَا َسةَ العِل ِمّيةَ لَا طَاِب ُعهَا الذِي ل يَخضَ عُ‬
‫للَهوَاءِ وَال ّر َغبَاتِ" ا‪.‬هـ‪.‬‬

‫ضةِ ل يَلَتقِي َم َع دِي ِن الِسل ِم ل‬


‫فَإِذَن؛ بَع َد مَعرَِفةِ حُك مِ الِ فِيهِم‪ ،‬وَمعرَِفةِ َأنّ دِي َن الرّافِ َ‬
‫ع وَل ِبأَصلٍ‪َ ،‬وَأنّهُ أُنشِئَ َأسَاسا‪َ ،‬وأُقِي َم لَدمِ الدّينِ‪َ ،‬نقُولُ؛‬
‫ِبفَر ٍ‬

‫ُبـ َمعَهُم‬
‫َومـ َوُينَادِي ِببِرَا َءتِهِم‪َ ،‬ويَدعُوا َجهَارًا َنهَارًا للّتقَار ِ‬
‫ِعـ عَن َهؤُلءِ الق ِ‬ ‫ّهـ ل يُدَاف ُ‬
‫ِإن ُ‬
‫َويَستَجدِي وِصَاَلهُم‪َ ،‬ويَعتَ ِذ ُر لُم‪َ ،‬وُيبَرّرُ َجرَائِ َمهُم‪:‬‬

‫لمّ ِة مِنهُم‪،‬‬
‫إِل مَن ُه َو جَا ِهلٌ غَافِ ٌل ل يَعلَ ُم مَا يَقولُ‪ ..‬أَو هُ َو أَجرَ ُم َوأَظلَ ُم َوأَخوَ نُ ِل ُ‬
‫وَحُكمُ ُه حُكمَهُم‪ ،‬بَل ِإنّ هُ يَ ص ُدقُ فِي هِ قَولُ الِ َتعَال {إِنّ الّذِي َن َيكْتُمُو َن مَا أَنزَلْنَا مِ نَ‬
‫ُمـ‬
‫ّهـ َويَ ْلعَُنه ُ‬
‫ُمـ الل ُ‬
‫ك يَل َعُنه ُ‬
‫ـ َ‬
‫َابـأُولَـ ئِ‬
‫ّاسـ فِي اْل ِكت ِ‬
‫ّاهـلِلن ِ‬
‫َاتـ وَاْلهُدَى مِن َبعْ ِد مَا َبيّن ُ‬
‫الَْبّين ِ‬
‫ل ِعنُونَ} [البقرة‪.]159:‬‬ ‫ال َ‬

‫وَ َب ْعدَ مَا َتقَدّم‪َ ،‬نقُو ُل إِنّ دُعَاةَ الّت ْقرِيبِ بيَ السّنةِ وَ الشّيْعـ ِة ُهمْ َأ َحدُ َرجُلَيـن‪:‬‬

‫ض ِمنَ الدّنْيا َيسِيْر‪.‬‬


‫لقّ فَخَا َن دِيَن ُه وَ ُأمّتـه‪َ ،‬و بَا َعهَا ِب َعرَ ٍ‬
‫‪َ -1‬رجُلٌ عَ ِل َم ا َ‬
‫‪ -2‬وَ آ َخ ُر َجهِ َل َهؤُلء‪َ ،‬ف ُهوَ جَا ِه ٌل ُيعَلـَم‪.‬‬

‫شرْكِ‬
‫ب َبيْ َن السّنةِ وَ الرّاِفضَة‪َ ،‬و هُ ْم عَلَى مَا ُهوَ عَلَيهِ مِنَ ال ّ‬
‫ف يَا مَ ْن تَ ْد ُعوْنَ إِل الّتقْ ِريْ ِ‬
‫َفكِيْ َ‬
‫ض نَبيّنا صَلّى الُ عَلَي ِه وَ سَلّم‪ ،‬وَ سَبّ‬
‫ـ ْعنِ فِ يْ ِعرْ ِ‬
‫صرَاح‪ ،‬وَ الكُ ْفرِ الَبوَا حِ وَ الط َ‬
‫ال ّ‬
‫ض َعْنهُم‪.‬‬
‫ل عَلَيهِ َو َسلّ َم َو ُهوَ رَا ٍ‬
‫صلّى ا ُ‬ ‫الصّحَاَبةِ ال ِكرَامِ ال ِذيْ َن مَا َ‬
‫ت َعْنهُ ُم النّبـيّ َ‬

‫‪585‬‬
‫َفوَالِ َلوْ أَنّ َأهْلَ أَحِد مِ ْن َهؤُلءِ ُطعِ نَ فِ ْي عِرْضِه‪ ،‬وَ ُرمِ يَ فِ يْ َز ْوجَتـه؛ لَقَا مَ ال ّدنْيـا وَ‬
‫أَ ْقعَ َدهَا‪َ ،‬و لَا اسْتَطَاعَ َأنْ َينْ ُظرَ ِفيْ وَجْهِ مَنْ َرمَاه!‪.‬‬

‫ـهِ صَلّى الُ عَلَي ِه َو سَلّم‪..‬؟‬


‫ض نَبي ِ‬
‫فَمَا بَاُلهُ َيرْضَى َذلِكَ عَلَى ِعرْ ِ‬

‫ض نَبِيّكَ صَلّى الُ عَلَي ِه وَ سَ ّلمَ َأحَبّ إِلـيْنَا مِ ْن أَ ْعرَاضِنَا‪ ،‬و‬


‫شهِدُكَ أَنّ ِعرْ َ‬
‫الل ُهمّ إِنـَا ُن ْ‬
‫شةَ َرضِ يَ الُ عَنْ ها َأحَبّ ِإلَيْ نا مِ ْن أَْنفُ سِنَا وَ َأهْلِيْنَا وَ‬
‫ُنشْ ِهدُ كَ أَنّ َشعْ َر ًة فِ يْ َرأْ سِ عَاِئ َ‬
‫س أَجـ َمعِي‪.‬‬
‫النّا ِ‬

‫ت َو الَلكِ مِنَ‬ ‫وَ ل َيفُوتُنَا القَ ْولُ؛ ِإنّهُ كُلّما أطْلَقَ الرّافِ َ‬
‫ض ُة ِشعَارَاتُ العَدَاء‪ ،‬وَ ِعبَارَاتُ الَو ِ‬
‫ب التّقِيـ ِة التّي‬
‫ال ُكفّا ِر َو اليَهُو ِد َو النّصَارَى وَ َغيْ ِرهِم؛ كُلّمَا عَرَفنا أنّ ذَلِكَ ِإنّمَا ُهوَ مِ ْن بَا ِ‬
‫شعَارَا تُ مُدَويّ ـةً‬
‫يُ ِدْينُو نَ بِهَا َو َي ْعتَبِر ْونَهَا رَكنا رَكِينا فِ يْ ِدْينِهِم‪َ ،‬و ِبقَدْ ِر مَا تَكُو نُ ال ّ‬
‫شعَارَات‪.‬‬
‫أْكْثَر؛ ِب ْقدْ ِر مَا َيكُونُ َك ِذُبهُم َو ادّعَا ُؤهُم ِفيْ َه ِذهِ ال ّ‬

‫ت الَالِيّ مَا َيقُوْ ُم بِ هِ ال ّرئِي سُ الِي ـرَان الَدِيدُ "أحدي‬


‫ك فِ ْي ال َوقْ ِ‬
‫وَ َأ ْقرَ بُ مِثَالٍ ِل َذلِ َ‬
‫ي وَ ال‪ ،‬مِ نَ‬
‫ح ِو إِ ْسرَائِي َل مِ نَ الَارِ َطةِ‪ ...‬إِ ْ‬
‫ضرُو َر ِة مَ ْ‬
‫ناد"‪ ،‬حِ ي مَل الدّن يا بِ صِيا ِح ِه بِ َ‬
‫الَارِ َطةِ فقط!!‪.‬‬

‫سادسا‪ِ :‬إنّ ِديْنَ الرّافِ َ‬


‫ض ِة َيقُو ُم عَلَى هَدْمِ الضّ ُروْ ِريّاتِ ‪-‬كُ ّل الضّ ُروْ ِريّات ‪ -‬التّي جَاءَ ال ّديْنُ‬
‫ْنـ‬
‫ُونـ الدّي َ‬
‫حفْظِهَا َو الُحَافَظــِة عََليْهَا‪ ،‬فَهُم َي ْهدِم َ‬
‫الِسـْل ِميّ ‪ -‬بَ ْل وَكُ ّل الَدْيان ‪ -‬بِ ِ‬
‫حةِ‪ ،‬وَ‬
‫ث ال صّحِيْ َ‬
‫لحَا ِديْ ِ‬
‫حرِيفِ هِ‪ ،‬وَ ال َقوْ ِل بِال ّزيَا َد ِة فِ يْ ال ُقرْآ نِ وَ َنقْ صِه‪ ،‬وَ َرفْضِهِم لِ َ‬
‫بِتَ ْ‬
‫لقّ‪ ،‬وِ‬
‫شكِي كِ فِ ْي ِديْ نِ الِ ا َ‬
‫تَ ْكذِيبـهم وَ َتشْنِي ِعهِم عَلَى ال صّحَابَة‪ ،‬وَ بِّثهِم للش ـَُبهِ للّت ْ‬
‫س وَ الَالَ‬
‫ع البَاطِلَة‪ ،‬وَ ا ِللْحَا ِد فِ ْي ِديْ نِ الِ َو الزّْندَقَة‪ ،‬وَ َيهْدِمو َن النّفْ َ‬
‫إِ ْظهَارِهِم للِْبدَ ِ‬
‫ب وَ ُك ّل خَلْ قٍ وَ‬
‫بِا سْتِحْل ِل ِدمَا ِء أَ ْه ِل ال سّن ِة وَ َأ ْموَاِلهِ مْ ِبغَ ْيرِ حَقّ‪ ،‬وَ َي ْهدِمُو نَ النّ سَ َ‬

‫‪586‬‬
‫جوَازِ الُ ْت َعةِ َو ِإتْيا ِن الدُّب ِر وَ إِعَا َر ِة الفُرُوجِ و ِنكَاحِ الذّ َكرَانِ العياذ‬
‫َأدَبٍ سَلِيْم؛ ِب َقوِْلهِم بِ َ‬
‫بال‪.‬‬

‫ش وَ الخدّرَا تِ مِ نْ أَ ْج ِل ا سْتِ ْ‬
‫خدَا ِمهَا‬ ‫لشَائِ ِ‬
‫خدَا َم ا َ‬
‫َو َيهْ ِدمُو َن ال َعقْلَ ِحيْ نَ يُجِ ْيزُو نَ ا سْتِ ْ‬
‫ب اللطْمِ َحدِيـثا‪.‬‬
‫للتـَأثِ ِي ِبهَا عَلَى َأْتبَاعِهِ ْم مِ َن الفِدَائِيـة قَدِيا‪َ ،‬و َعوَا ّمهِم أَصْحَا َ‬

‫لهّا ِل بِ َد ْعوَى اْنتِسَاِبهْم ل ِل الَبيْت‪َ ،‬و مِ ْن ثَمّ‬


‫ك آيَاُتهُم عَلَى عُقُو ِل ال َعوَامّ َو ا ُ‬
‫وَ ِحيْ َن َيضْحَ ُ‬
‫حهِم وَ َأ ْهوَاِئهِم‬
‫ا ّدعَاءِ الْعِ صْمَة‪َ ،‬و مِ ْن ثَمّ َيبُث ـُونَ ِفيْهِم ضَللِتهِ ُم ال ـغْرَضة وِفْ َق مَ صَالِ ِ‬
‫صيّة‪.‬‬
‫خِ‬ ‫الشّ ْ‬

‫ص َفوِيّة‪َ ،‬و بَيْ نَ غَ ْي ِرهِم مِ نْ رَافِضَ ِة العَرَب؛‬


‫ضةِ ِإْيرَا نَ ال ّ‬
‫سابعا‪ِ :‬إنّ هُ ل َفرْ قَ عِ ْن َدنَا بَيْ نَ رَافِ َ‬
‫ض ِة وَاحِ ٌد وَ أُ صُوُلهُم و إِ ْن َتفَ ّرعَت وَا ِحدَة‪ ،‬وَ‬
‫ق َو لْبنَا نَ وَ الشّام‪ ،‬فَ ِديْ نُ الرّاِف َ‬
‫ضةِ العِرَا ِ‬
‫كَرَاِف َ‬
‫س العِدَاء‪.‬‬
‫مَرْكَ ُزهُم َو مَ ْر ِج ِعيّاُتهُم وَاحِدَة‪َ ،‬و عِدَاؤُهُم لهْلِ السّنةِ ُه َو َنفْ ُ‬

‫ضةِ تُشَابِهُ َكِثيْرا‬ ‫ثامنا‪ِ :‬إنّ أُصُولَ الرّافِ َ‬


‫ض ِة وَ أُصُو َل الَيهُو ِد وَاحِدَة؛ وَ لِذَلِكَ فِِإنّ َتعَالِيْمَ الرّاِف َ‬
‫اسـِخْدَا ِمهِم للتــِقيّة التِي‬
‫السـرْية‪َ ،‬و ْت‬ ‫ِمـ ّ‬ ‫ِيمـ الَيهُود‪ ،‬وَ ا ْجتِمَاعَاتِهِم َو ُم ْؤتَمَراِته ُ‬
‫ِنـ َتعَال ِ‬
‫م ْ‬
‫ك َيتَعاطَاهُ إِ ْخوَاُنهُم اليَهُود‪.‬‬
‫سلِمِي‪ُ ،‬كلّ ذَلِ َ‬‫يُ ْظهِرُونَ ِبهَا مَا ل ُيبْ ِطنُونَ للمُ ْ‬

‫وَ إِنّـ الُطّلِعَـ عَلَى مَا جَاءَ فِي ْـبُروتُوكُولتِـ الَيهُو ِد َو َتعَالِيْمِـ التّلْمُو ِد نَحْو المَميـ غِيِ‬
‫ح َو الُسْلِ ِميْنَ خَاصّة‪.‬‬
‫ضةِ نَ ْ‬
‫ت وَ َأسْيادِ الرّاِف َ‬
‫الَيهَود؛ يَجِدهُ ُمتَطابقا تَمَاما َمعْ َفتَاوَى آيا ِ‬

‫وَ مِن ْـ َذلِك‪ ،‬فَإِنّ َتعَاِليْمَـ الَيهُو ِد تُ َ‬


‫حرّمُـ عَلَى الَيهُودِيّـأَن ْـَيتَــعَامَ َل بِالرّبَا َو الغُشّ مَعَـ‬
‫ض ِة يُحَ ّرمُونَ التّعـامُ َل بِال ّربَا َو‬
‫الَي ُهوْدِي‪َ ،‬و تُو ِجبُ ُه مَ ْع َغيْ ِر الَيهُودِي‪ ،‬وَكذَلِكَ فِيْ ِديْنِ الرّاِف َ‬
‫ال ُغشّ ِفيْمَا َبيْنهُم‪َ ،‬و َيعَْتبِرُو نَ َأ ْموَاَلهُم بَْيَنهُم حَرَام‪ ،‬وَ ُيحِلّو َن َو ُيوْ ِجبُو نَ ا سْتِحْللَ َأ ْموُالِ‬
‫َأهْلِ السّنـة‪.‬‬

‫‪587‬‬
‫وَ مِ نْ َتعَالِي مِ الَيهُودِ َأنّ ُه يُحَرّ ُم عَلَى الَيهُودِ يّ أَ نْ يُ سَاعِدَ َأوْ ُيْنقِ َذ غَيْرِ الَيهُودِيّ إِ نْ رَآ هُ فِ يْ‬
‫ط عَلَيهِ إِ ِن ا ْستَطَاع‪.‬‬
‫ب هَ ْد ُم الَائِ ِ‬
‫ج ْ‬
‫ك عَلَى السّقُوطِ؛ بَ ْل يَ ِ‬
‫حَاَل ِة غَ َرقٍ َأ ْو مُوشِ ٌ‬

‫ب ا َلنْوَارِ‬ ‫ضةُ ُيفْتُو َن ِلعَوَا ّمهِ مِ مِثْل َذلِك‪َ ،‬و مِ نْ ذَلِ َ‬


‫ك مَا جَاءَ فِ يْ ِكتَا ِ‬ ‫ك الرّافِ َ‬
‫وَ َكذَلِ َ‬
‫ب الّنوَا صِبِ] لِحسن العلم‬ ‫ب [نَ صْ ِ‬ ‫ف ِبِنعْمَة ال الزائري‪ ،‬وَ ِكتَا ِ‬ ‫الّنعْمَاِنّيةِ ِلعَالِ ِمهِم ا َلعْرُو ِ‬
‫مَا نَ صّه‪" :‬وَ فِ يْ ال ّروَايَا تِ َأنّ عَلي ب نَ يقطي‪َ ،‬و ُهوَ َوزِيرُ ال ّر ِشيْد‪ ،‬قَدِ ا ْجتَمَ عَ فِ يْ َحبْ سِهِ‬
‫لبْ سِ‬‫فا َ‬ ‫شيْعَة‪َ ،‬فَأمَ ـ َر غِلْمَانَ ُه َو هَ ّدوْا َسقْ َ‬‫جَمَا َع ٌة مِ ْن الُخَاِلفِيَ‪ ،‬و كَا نَ مِ نْ َخوَا صّ ال ّ‬
‫عَلَى الَحْبو ِسيْن؛ فَمَاتُوا ُكّلهُم وَ كَاُنوْا خَمْسمائة رَجُلٍ تَقْريبا َفأَرادُوا الَل صَ مِ ْن َتِبعَا تِ‬
‫ب عَلِيهِ السّلمُ إَِلىِ جَوابَ ِكتَابِه‪ :‬بِأنّكَ لَو‬ ‫ِدمَاِئهِم؛ َفأَرْسَلَ إِلَى المام َموْلنَا الكَاظِم‪َ ،‬فكَتَ َ‬
‫ُكنْ تَ َتقَ ّدمْ تَ إِلّ َقبْ َل م ْقتَـِلهِم َلمَا كَا نَ عَلَي كَ شَيْ ٌء مِ نْ ِدمَاِئهِ ْم وَ َحيْ ثُ َأنّ كَ َل ْم َتتَقدّ مْ‬
‫إِلّ َف َكفّـ ْر عَنْ كُلّ َرجُلٍ َقتَلتـ ُه ِمْنهُ ْم ِبتَْيسٍ‪َ ،‬و الّتْيسُ َخيْ ٌر ِمنْه"‪.‬‬

‫ـ ُق حَتّىـ فِ يْ َأيّامِنَا َهذِه‪َ ،‬ف ُهنَا كَ طَبِي ٌ‬


‫ب مِ نْ "تلع فر" يُدْعَى‪" :‬عباس‬ ‫وَ َهذَا ا َلمْ ُر يُطَب َ‬
‫لكِيم‪ ،‬وَ كَا َن‬ ‫ي يَتـ َزعّمَ ُه عَبْ ُد العَزِي ِز ا َ‬
‫ضّيةِ الذِ ْ‬
‫س الَعْلَى لِلّثوْ َرةِ الرّافِ ِ‬
‫جلِ ِ‬
‫قلندر"‪ ،‬تَابِ عٌ ِللْمَ ْ‬
‫ب مُ َرشّحَا لَنْ َي ُكوْنَ قَائ َم مقَام "تلعفر"‪ ،‬كَانَ قَدْ أَعْطَى لِ ِطفْل‪َ ،‬و هَذَا العِلجُ‬ ‫هَذَا ال ّطبِيـ ُ‬
‫ـفْ َل اسْمُه‪:‬‬
‫ب بَسِيطٍ هُوَ َأنّ الط ِ‬ ‫كَانَ ُيضَاعِفُ مِنْ الثَا ِر الَانِِبيّة لل َم َرضِ ُمتَعمّدا ذَلِكَ لِسَب ٍ‬
‫"عمر"!‪.‬‬

‫وَ كَا َن هُنَاكَ َطبِيْبٌ آَخَر فِ ْي "بعقوبة"؛ مَرْكِز مُحَاَف ِظةِ "ديال" َيرْفُضُ أَ ْن ُيعَالِجَ أَيّ َمرِيضٍ‬
‫ض ٍة اسْ ُمهَا "عائشة"‪.‬‬
‫ـةَ مَ ِرْي َ‬
‫اسْمُهُ "عمر"‪َ ،‬أوْ أَي َ‬

‫لبِي ثِ فَـأَطَْلقُوا عَلِي ِه النّار‬


‫وَ قَدْ قَا مَ الُجَاهِدُو َن ِب َفضْلِ الِ بِ ُمحَاوََلةِ ا ْغتِيا ِل هَذَا الرّاِفضِيّ ا َ‬
‫ع َبعْ َدهَا الفِرَارَ إِلَى "إيران"‪.‬‬
‫صْيبَ إِصَاَب ًة بَاِل َغةً ِفيْ رََقَبتِـه وَ ا ْستَطَا َ‬
‫دَاخِ َل ِعيَا َدتِهِ فَـأُ ِ‬

‫‪588‬‬
‫سيَاسِّيةِ فِ ْي مَجَا ِل الغَدْ ِر َو الغِْتيَالتِ ِعنْدَ‬ ‫تاسعا‪ِ :‬إنّهُ ل بُ ّد مِ َن الت َ‬
‫ـْنبِي ِه عَلَى َأنّ الَرَائِ َم ال ّ‬
‫شوَائِية‪ ،‬وَ ِإنّما هِيَ َجرَائِ ُم مُعدّ ٌة مِ ْن قَِبلِ عُلَمَـاِئهِم‬
‫ضةِ َليْسَت َجرَائِمَ فَ ْر ِديّـ ًة َو ل عَ ْ‬
‫الرّافِ َ‬
‫سكَريّا‬ ‫وَ ُرمُو ِزهِم وَ ُرؤَ سَاِئهْم‪َ ،‬و َتقُو مُ علَى أَ سَا ٍ‬
‫س َعقَدِيّ ِسيَاسِيّ‪َ ،‬و هِ يَ مُ َرتّبةُ تَرْتيبا عَ ْ‬
‫ُمنَظّمَا‪ ،‬و أَفْرَادُ هُ ُي ْعتَب ـرُونَ مِ نْ َأهَمّ فَ صَائِ ِل وَ أَ ْجنِحَة الرّافِضَة‪َ ،‬كيْ فَ ل؟ وَ َدوَْلتُهُم وَ‬
‫ُحكْ ُمهُم وَ َد ْعوَُتهُم ل َتقُولُ إِل عَلَى عَاتِ ِقهِم‪.‬‬

‫ق الغْتِيالت‪ُ -‬منْت ـقُو َن ِبعِنَاَيةٍ فَائِقَة‪َ ،‬و ُيْنفَ قُ عَلَى‬ ‫وَ لِذَلِ كَ فِإِنّ أَفْرَا َد هَذِ هِ الفِرَ قِ ‪-‬فِرَ ُ‬
‫ِإعْدَادِهِم ا َلبَالِ غُ الطّائِلَة‪ ،‬وَ هَ مْ حَ ِريْ صُونَ عَلَى أَ نْ َتكُو َن َثقَافَت ـهُم عَالِ ية‪ ،‬وَ أَ ْن َتكُوْ نَ‬
‫ب عَاِليَة‪ ،‬بِالِضَافَة إِل التّأِثيْرَا تِ‬ ‫صصَاتٌ وَ َروَاتِ ٌ‬ ‫ت ُمتَعدّدَة‪ ،‬وَ َلهُم مُخَ ّ‬ ‫لَ ِديْهِم َمعْرَِف ٌة بُِلغَا ٍ‬
‫ت الّنفْ سِيةِ الدّاِف َعةِ لِتـْثبِيِتهِم عَلَى مَا َيقُومُو نَ بِ ِه مِ نْ َجرَائِ مَ َحتّى َيعْمَدَ‬ ‫ال ّديِْنّيةِ و ا ِليْحَاءَا ِ‬
‫خ ِديْ ِرهِم مِ نَ خِللِ إِ ْسقَائِهم الشِي شَ الَفْيو نَ كَمَا كَانَ تْ قَ ِديْمَا َجمَاعةُ الفَدَائيـيَ‬ ‫إِلَى تَ ْ‬
‫ع ُمَتعَدّ َدٌة تَْنتَمِي َج ِمْيعُهَا مِ نْ‬‫عِنْ َد القَرَامِ َط ِة الِ سْمَاعِيلِية‪ ،‬وَ َح ِديْثا يُمثّ ُل هَذِ هِ الفِرَ قُ ُفرُو ٌ‬
‫ت ال سّريةِ الَ ِطيْ َر ِة لَرْكَ ٍز وَاحِد‪ ،‬أَل وَ هُ َو مَرْ َك ُز الِمَا مِ َأوْ‬
‫ث ا ْسِتقَاؤُهَا َو تََل ّقْيهَا لل ُم ِهمّا ِ‬‫َحيْ ُ‬
‫ُنوّابِه‪ ،‬كُلّ ِفيْ ُقطْرِه ُمبَاشَرَة‪.‬‬

‫لرَكَاتُ‬
‫لرَسِ الّثوْرِي ا ِلْيرَانِي‪َ ،‬و ُقوّاتُ الّتعْبِئةِ العَا ّمةِ بِالباسيج‪َ ،‬و ا َ‬
‫ك َأ ْفرَادُ ا َ‬
‫وَ مِ ْن َذلِ َ‬
‫ق الغْتِيَالتِ ِف ْي حِ ْزبِ ال‪ ،‬وَ غَ ْيرِه‪.‬‬
‫حرَكةِ "أمل"‪َ ،‬و ِفرَ ِ‬
‫السَلّحَة؛ َك َ‬

‫ت و َنهْ بٍ َفرْدِ ية‪ ،‬فَذَل كَ َأيْضا يَرْجِ عُ إِل َفتَاوَى‬ ‫وَ َحتّ ى إِ نْ كَانَ تْ ُهنَا كَ َجرَائِ ُم اغِْتيَال ٍ‬
‫سَتبَا ِحيْ ال ّدمِ َو الَاْل‪.‬‬
‫ضهِم عَلَى َقتْل َأهْلِ السّن ِة وَ ا ْعِتبَا ِرهْم مُ ْ‬‫ح ِريْ ِ‬
‫عُلَمِاِئهِم َو تَ ْ‬

‫َفقَدْ جَاءَ فِ يْ ِكتَابَ ْي [وَ سَائِلِ الشّيْ عة]‪ ،‬وَ [بار النوار]‪ :‬عَ نْ دَاوُو َد بِ نِ َفرْقَد قَاْل‪ُ :‬قلْ ُ‬
‫ت‬
‫صبِ؟ َفقَال‪ :‬حَللُ الدّم‪ .‬وَ َلكِ ْن اّتقِ يْ‬ ‫لبِ يْ َعبْدِ الِ عَلِي ِه ال سّلم‪ :‬مَا َت ُقوْلُ فِ يْ َقتْ ِل النّا ِ‬
‫ب عََليْهِ حَائِط َأوْ ُتغْرِقَـه ِف ْي مَاءٍ ِلكَي ل يَشْه َد عََليْكَ فَا ْفعَل‪.‬‬ ‫عََليْك‪َ ،‬فِإنْ قَدّرْتَ َأنْ َتقِْل َ‬

‫‪589‬‬
‫خذْ هُ َو اْبعَ ثْ إِليْنَا‬
‫وَ عَلّ قَ ا ِلمَا مُ الُمَيِْنيّ عَلَى َهذَا ِبقَ ْولِه‪ِ :‬فإِ ِن ا سْتَ َطعْتَ أَ ْن َت ْأخُ َذ مَالَ ُه فَ ُ‬
‫بِالُمُس!‪.‬‬

‫َيقُولُ صَا ِحبُ ِكتَاب[ل ث للتاريخ]‪":‬لَمّا اْنتَهى ُحكْ مُ آل بلوي فِ يْ ِإيْرَا نَ علَى َأثْر ِقيَا مِ‬
‫ـّ ِم ا ِلمَامِـ الُ َميْنِي ِزمَام ا ُلمُورِ ِفيْهَا‪َ ،‬توَجّبَـ عَلى عَُلمَاءِ الشّيْعَة‬ ‫الّثوْ َر ِة الِسـْل ِمّيةِ َو تَسَل‬
‫حكُ ُمهَا‬ ‫ِزيَارة و َتهِْنئَة ا ِلمَا مِ ِبهَذا النّ صْ ِر العَ ِظيْ مِ ِلقِيا مِ أوّلِ َدوَْلةٍ ِشْيعِيةٍ فِ ْي العَ صْ ِر الَ ِديْ ثِ َي ْ‬
‫ال ُف َقهَاء‪.‬‬

‫َامـ‬
‫ِيـ الوَِثْي َقةَ بِا ِلم ِ‬ ‫ِنـ غَيْرِي ِلعَلَقت ْ‬ ‫ْصـّا أَ ْكثَ ُر م ْ‬
‫َعـ عَليّ شَخ ِي‬
‫ِبـ الّتهْنئــةِ يَق ُ‬
‫َانـ وَاج ُ‬ ‫وَ ك َ‬
‫الُ َميّنِي‪ .‬فَ ُزرْ تُ إيران َبعْ َد َشهْ ٍر َو نَ صْف ‪ -‬وَ ُربّما أكثر ‪ -‬مِ نْ ُدخُو ِل ا ِلمَا مِ طَهران ِإثْر‬
‫َعوْ َدتِه مِ ْن َمْنفَا هُ باريس‪َ ،‬فرَحّ بَ ب كثيا‪ ،‬وَ كَانِ تْ ِزيَا ِرتِ يْ ُمْنفَرِ َد ًة عَن ِزيَا َرةِ وَ ْف ِد عُلَمَاءِ‬
‫الشّْي َعةِ ِفيْ العِرَاق‪.‬‬

‫ص ٍة مَ َع الِمَا مِ قَالَ لِ يْ‪َ :‬سيّد حُ سي‪ ،‬آ نَ الوا نُ ِلَتْنفِيذِ وَ صَايَا الئَمّة‬ ‫سةٍ خَا ّ‬ ‫وَ فِ يْ َجلْ َ‬
‫ستْحِيي نِ سَاءَهُم‪ ،‬وَ لَ نْ‬ ‫صبِ َن ْقتُلُ َأبْن ـا َءهُم وَ نَ ْ‬
‫صَلوَاتُ الِ عََليْهِم‪َ ،‬سنَسْفِكُ ِدمَاءَ النّوا ِ‬‫َ‬
‫شْي َعةِ َأهْلِ البَيْت‪ ،‬وَ‬
‫صةً لِ ِ‬
‫ت مِ َن العِقَاب‪ ،‬وَ َستَكُونُ أ ْموَالُهُم خَالِ َ‬
‫َنتْرِ كَ أَحَدا ِمنْهُ ْم ُيفْلِ ُ‬
‫ْضـ لَن ّ هَاتَيــنِ الدْينَــتِيِ صـَا َرتَا َم ْعقَلَ‬
‫ْهـ الَر ِ‬
‫ِنـ َوج ِ‬
‫سـنَمْحُو مَ ّك َة وَ ا َل ِديْن َة م ْ‬
‫َ‬
‫ض ال ا ُلبَارَ ِكةِ القَدّسَة‪ِ ،‬قبَْلةً للنّاسِ فِ ْي الصّل ِة وَ‬
‫الوَهّاِبيّـي‪َ ،‬و ل بُدّ أَ ْن َتكُونَ كربلء أَرْ َ‬
‫حقّق بِذَلِكَ حُ ْل َم الَئِ ّم ِة عََلْيهِم السلم‪.‬‬
‫َسنُ َ‬

‫ت طَويلة مِ نْ َأجْلِ إِقَا َمتِـهَا‪َ ،‬و مَا َبقِيَ إِل التّنفِيذ!! "‬
‫َلقَدْ قَامَتْ َدوَْلتُنا التِيْ جَاهَ ْدنَا َسنَوا ٍ‬
‫ا‪.‬هـ‪.‬‬

‫‪590‬‬
‫جدُ أ نّ فَيْلق الغدر َو جَيْ شُ‬
‫ضةِ الَيوْ َم فِ يْ ال ِعرَاق؛ نَ ِ‬
‫وَ ِإذَا َربَطْنَا َهذِ ِه الَقُولَة بِوَاقِ ِع الرّافِ َ‬
‫الَ ْهدِيّ الزْعُو ِم وَ غَ ْي ِرهِما َقدْ قَا َم ِب َه ِذهِ ا ُلهِ ّمةِ خَ ْي َر قِيَام‪.‬‬

‫ث عَ نْ الُجَاهِدِين‪ ،‬وَ حَت َلوْ لَ يَجِدُوهُم‪ ،‬فَِإِنهّ ُم‬ ‫سّن ِة بِحُجّ َة البَحَ ِ‬‫َف ُهوَ يُدَاهِ مُ بُيُو تَ َأهْ ِل ال ّ‬
‫ضهِ مِ‪َ ،‬و َنهْ بِ كُل مَا‬ ‫جِنهِم‪َ ،‬و ا ِستَبا َحةِ َأعْرِا ِ‬ ‫َيقُومو نَ ِب َقتْلِ الرّجَالِ‪َ ،‬و ا ْقِتيَا ِد النّ سَاءِ‪ ،‬وَ سَ ْ‬
‫ِنـ الَرَائِمـِ‪ ،‬وَ‬ ‫َاكـ العَدِي ُد م ِ‬‫ت ُهن َ‬ ‫ح ْ‬ ‫َصـبَ َ‬
‫السـّنةِ‪َ ،‬فأ ْ‬
‫ُوتـ َأهْلِ ّ‬ ‫ِنـ بُي ِ‬ ‫َبـ م ْ‬ ‫َنـ ُينَْته َ‬‫ِنـ أ ْ‬‫يُ ْمك ُ‬
‫ضيّ ة بِ ُمفْ َردِهَا َأوْ‬ ‫شيّات الرّاِف ِ‬ ‫الْنِتهَاكَا تِ‪َ ،‬و الَآ سِي التّ ي قَامَ تْ ِبهَا هَذِ هِ العِ صَابَاتِ َو الِلِي ِ‬
‫حتَّل ِة و ِبتَحْرِي ضِ ِمنَهَا‪َ ،‬و التّي تَ ُد ّل عَلَى بَشَا َع ِة مَا َحدَ ثَ‬ ‫بِمُ سَاعَ َد ِة القُوّا تِ ا َلمْرِيكِيّ ة الُ ْ‬
‫لبْ َراَ تِ العِ ْل ِمّيةِ‬
‫ت العُ ْليَا‪َ ،‬و ا ِ‬
‫شهَادَا ِ‬ ‫ِخلَ َل هَذِ ِه ال سَّنوَاتِ العِجَا فِ‪َ ،‬ف َقتَ َل الِئاَ تِ مِ نْ حَمََلةِ ال ّ‬
‫ت مِ ْن ال َقتْلَى مِ نْ َأئِ ّمةِ‬ ‫والَكَا ِد ِيّيةِ ف عُلُو مِ الشّرِي َعةِ‪ ،‬وَ ال ِطبّ‪َ ،‬و اَلهَنْدَ َسةِ؛ نَاهِي كَ عَ نْ الِئاَ ِ‬
‫سنِيّ‪َ ،‬و ِمئَات‬ ‫ف ال ّ‬ ‫سبِي دِيوَا نِ الوَقْ ِ‬ ‫الَ سَا ِجدِ‪ ،‬وَ الُ ُطبَاَءِ‪َ ،‬و العَامِلِيَ فِي الَ سَا ِج ِد مِ ْن ُمنْتَ ِ‬
‫ِنـ الَسـَاجِ ِد التّيـ تَمّ‬ ‫ِنـَأئِ ّمةِ الَسـَا ِج ِد َو الُطُبَاَ ِء وَ َأهْلِ الَسـَا ِجدِ‪َ ،‬و ِمئَات م ْ‬ ‫ا ُل ْعَتقَلِيَ م ْ‬
‫مُدَاهَ َمتُهَا وَ ِإهَاَنتُهَا‪ ،‬وَ عَشَرَا تِ الَ سَاجِ ِد ال ت دمرت أو َتضَرّرَ تْ ضررًا كبيًا‪َ ،‬أ ْو التّ ي‬
‫صةً فِي الُحَافَظَا تِ‬ ‫سْينِيّاتٍ َأوْ َأمَاكِن ِل ْلتَعَذِي بِ‪ ،‬وَ خَا ّ‬ ‫ا ْسُتوِْل َي عََليْهَا‪ ،‬وَ َحوّلَ تْ إل حُ َ‬
‫لنُوبِّيةِ‪.‬‬
‫الوُسْطَى‪ ،‬وَ ا َ‬

‫ِفـ َبغْيُهُم‪ ،‬وَ جَورُهُم عَلَى الرّجَالِ؛ بَ ْل طاَ َل اِ ْعِتقَا َل النّسـَاءِ‪َ ،‬وِا ْغتِصـَابَهِنّ‪،‬وََقتْ َل‬ ‫وَ لْ َيق ْ‬
‫الَوَامِلِ مِْنهُنّ‪ ،‬وَكَذَلِ كَ َقتْ َل ا َلطْفَالِ َحتّ ى الرّضّ ِع ِمنْهُم‪ ،‬وَ َل مِ ْن نَ صِي مِ ْن الُ سْلِ ِميَ إِلَ‬
‫مَنْ رَ ِحمَ الُ‪ ،‬فَِإنّا ل َو إنّا إليْهِ رَا ِجعُونَ‪.‬‬

‫ُسـَتهْزِئا‬
‫ِنـ ال ّدنِمَرْك م ْ‬
‫يم َ‬‫الصـلِيبِيِ َ‬
‫َسـمَهُ أَ َح ُد ّ‬
‫ِسـلَم عَلَى مَا ر َ‬ ‫عاشرا‪َ :‬لقَ ْد ثَار ْ‬
‫َتـ ُأ ّم ُة ال ْ‬
‫بِرَ سُولِ الِ صَلّى الُ عََليْ هِ وَ سَلّمَ‪ ،‬وَ ُه َو مَا يَ ُد ّل عَلَى غ َيِتهَا عَلَى رَ سُولا عََليْ ِه ال صّلةِ َو‬
‫لمِ وَ ُدعَاتِ ِه عَلَى شَرَ فِ‪ ،‬وَ مقَا مِ الَنبَ يّ صَلّى الُ‬ ‫لمِ‪َ .‬ف َكيْ فَ َل َتثُو ُر غِيَ ُة عُلَمَا ِء الِ ْس َ‬
‫سَ‬ ‫ال ّ‬
‫ستّرُونَ ِبَثوْبِ ُحبّ أَهْ ِل الَبيْتِ‪ ،‬وَ‬ ‫عََليْهِ وَ َسلَمّ الذِي َينَْتقِصُهُ هؤلءُ الرّاِفضَة الّلئَامِ‪ ،‬الّذِينَ َيتَ َ‬
‫صحَابِهِ‪ ،‬وَ حَ َمَلةِ دِينِهِ إل النّاسِ أَ ْج َمعِي‪.‬‬ ‫ج النِّبيّ‪ ،‬وَ أَ ْ‬‫هُ ْم ِمنْهُم ُبرَآءٌ؛ بِال ّطعْنِ بأ ْزوَا ِ‬

‫‪591‬‬
‫سدِي َن َبعْدَ عِ ْلمِ ِه ِبذَلِكَ؛ مَا هُ َو إلَ َر ُجلٌ‬
‫ب إل هؤلءِ الرّافِضَ ِة الُبَْتدِ َعةِ ا ُلفْ ِ‬
‫ل مَ ْن يََتقَرّ ُ‬
‫َفوَا ِ‬
‫َقدْ َقسَى قَلُْبهُ‪َ ،‬و أَظْ َلمَ وَ ْج ُههُ‪َ ،‬و جَ ُمدَتْ عَيُْنهُ‪.‬‬

‫حرِ فَ‪،‬‬
‫ي الضّال الُنْ َ‬
‫ج الّتكْفِيِ ّ‬
‫حادِي عشر‪ :‬إِ نّ الرّافِضَة هُ مْ أَ ّولُ مِ ْن تَبَنّى َو أَ سّسَ الَ ْنهَ َ‬
‫صحَاَبةِ النّب صَلّى الُ عَلَيْ ِه وَ سَلَمّ مِمّ ْن َنقَلُوا َلنَا الدّينَ‪ ،‬وَ َفتَحَ‬
‫َحيْثُ َك ّفرُوا ابِْتدَا ًء ُجلّ َ‬
‫الُ بِهِم الِ ْسلَمَ إِلَى أَ ْرجَاء الَعْمُو َرةِ‪ ،‬وَ لَ ْم يَكُ نْ خَ َط ُر َتكْفِيِهِم م صُورا فِي الَانِ ِ‬
‫ب‬
‫سّنةَ ال سّّيَئةَ ِب َقتْلِ‬
‫النّ َظرِ يّ َفحَ سْب‪ ،‬بَ ْل َتعَدّى ذَلِ كَ إل الَانِ بِ العَمَلِ يّ‪َ ،‬فهُ مْ َأوّ ُل مَ نْ سَ ّن ال ّ‬
‫ل َتعَالَى َعنْهُ وَ َغيْرُه‪.‬‬ ‫ضيَ ا ُ‬‫َأئِ َمةِ وَ خَُلفَا ِء الُسْلِمِيَ‪َ ،‬كمَا َفعَلُوا َم َع َسيّ ْدنَا عُ َم َر الفَاروق رَ ِ‬

‫وَ تَتَمَادَى َعجَ َلةُ َعقِي َدةِ الّتكْفِيِ ِع ْندَهُ ُم إل َت ْكفِي َأ ْهلِ ال سّّنةِ كَافّةً‪ ،‬مِمّ ْن يَ سْمُوَنهُم َأْبنَاءَ‬
‫سّنةِ ِلأَ صْلٍ أَ صِي ٍل ِعنْ َدهُ ْم مِ نْ أُ صُولِ دِيِنهِم؛ أَ َل َو ُهوَ‬
‫جةِ ِإنْكَارِ َأهْ ِل ال ّ‬
‫حّ‬‫صبَ بِ ُ‬
‫العَامّة الّنوَا ِ‬
‫أَصْ ُل ا ِلمَا َم ِة َو العِصْ َمةِ‪ ،‬وَ الذِي َجعَلُو ُه مِنْ َأهَ ّم مُ ْرَتكِزَاتِ وَ أُصُو ِل َعقَائِ ِدهِم الفَاسِ ِدةَ‪.‬‬

‫ث تَ َم ّكنُوا وَ َتهَّيأَ‬
‫َو مِمّ ا يُجَ سّ ُد هَذَا العْنَى‪ ،‬وَاِقعَهُم العَ َملِ يّ عَلَى مَرّ ال ْز ِمَنةِ‪َ ،‬فَنرَاهُم َحيْ ُ‬
‫حرِ فِ‪ ،‬وَالَيوْ مِ‬ ‫ف الغَدْ ِر وَالِيَاَن ِة وَالعِمَاَلةِ َدعَوْا ِلتَ ْطبِي ِق هَذَا ا َلنْهَ ِج الّت ْكفِيِ يّ ا ُلنْ ْ‬
‫لَهُم ظَ ْر ُ‬
‫ا سَْتبَاحُوا بِمَا ُي ْغنِي بِ هِ لِ سَانُ الَا ِل عَ نْ لِ سَانِ ا َلقَالِ ِدمَاءَ‪ ،‬وَ َأعْرا ضَ‪ ،‬وَ ْأمَوالَ َأهْلِ ال سّّنةِ‬
‫ك لهْلِ ال سّّن ِة عَلَى َزعْمِهِم‪،‬‬ ‫سَبةِ ذَلِ َ‬‫ض الَرَاقِدَ الشّرْ ِكّيةِ ِبنِ ْ‬‫ب َبعْ ِ‬ ‫ضرْ ِ‬ ‫َحيْ ثُ اتّخَذُوا َذرِي َعةَ َ‬
‫عِلْمًا أَنّ خُطُو ِطهِ ُم الَمْرَاءِ قَ ْد َتجَاوَ َزهَا سَادَاتُهِم المريكان ِبفَرَا سِي َخ َوَأمْيَا ٍل عَدِي َدةٍ‪ ،‬وَلَ مْ‬
‫ج الِبلَدِ حِيَنئِ ٍذ –نَاهِي كَ عَ ْن َعوَامّهِم‪ -‬سَاكنًا كَمَا َفعَلَ تْ‬ ‫تُحَرّ كْ مَرَا ِجعُهُم الَا ِرَبةُ خَا ِر َ‬
‫ض َربَ تْ الَرَْقدَ‬ ‫ش َمهْدِيهِم ُقوّا تِ ال ْحِتلَ ِل التّي َ‬ ‫سنّةِ‪ ،‬بَ ْل وَ قَابَ َل وَكَاَفأَ َجيْ ُ‬ ‫الَيوْ َم مَ عَ َأهْلِ ال ّ‬
‫َصـغَارٍ لنـ َقتَلَهُم َوأَذَلّ‬ ‫حَتهِ ُم بِذِّل ٍة و ِ‬‫َسـلِ َ‬
‫َسـلِيم أ ْ‬ ‫ْهـ ِبت ْ‬
‫ِيـ الُ َعن ُ‬ ‫ِيـ رَض َ‬ ‫ِمامـ عَل ّ‬
‫ُومـ لل ِ‬‫الَ ْزع ِ‬
‫ي الَ ْزعُومَيْ نِ ذَرِيع ًة وَا ِهَيةً‬ ‫ي الَهادِي وَالعَ سْكَرِ ّ‬ ‫ب مَرَْقدَ ّ‬ ‫ضرْ ِ‬ ‫ُمقَدّ سَاِتهِم‪َ ،‬فكَانَت مَ سْرَ ِحيّة َ‬
‫شفَ تْ عَ نْ ِقنَا عِ ِحقْ ِدهِم الدّفِي عَلَى َجمِي عِ َأهْلِ ال سّّنةِ دُو نَ أَ ْن تُ َميّ َز بي جَمَا َعةٍ‬ ‫زَائِ َفةً كَ َ‬
‫ِمنْهُم َأوْ أُ ْخرَى‪.‬‬

‫‪592‬‬
‫لمِ مِ ْن الَيهُو ِد‬
‫شيّ ة ِمنْهُم لَ ْم َتنِلْ َأعْدَاءَ الِ ْس َ‬ ‫َو مِمّ ا ُيثِيُ العَجَ بَ‪ ،‬أَنّ هَذَ هِ الَ ْفعَا ِل الوَحْ ِ‬
‫وَالنّ صَارَى فِي جَمِي عِ َأنْحَا ِء العَالِ كَمَا َنرَا ُه الَيوْ مَ‪ ،‬بَ ْل عَلَى ال َعكْ سِ؛ كَانُوا لُ مْ َخيْ َر َعوْ نٍ‬
‫جلّى ِل ْلنَا سِ كَافَة َأنّ‬‫َونَ صِي عَلَى مَ ّر العُ صُورِ‪ ،‬وَ كَرَ ال ّدهُو ِر عَلَى الِ سْلَم َوأَهْلِ هِ‪َ .‬و ِبهَذَا َتتَ َ‬
‫ب مَرَاقِدِهِم الشّرْ ِكيّ ة‪ ،‬و ال ت اِفُْتعِلَ تْ أَ ْز َمتُهَا مِ نْ سَا ِدِتهِم‬ ‫سبَ ِ‬‫َثوْ َرتَهُم ال َغ ْوغَاِئيّ ة هَذِ ِه بِ َ‬
‫ي عَلَى‬ ‫الجُو سِ‪ ،‬لَهِي َخيْرُ دَلِ يل عَلَى َتعْظِيمِهِم بَ ْل َو َتقْدِي هم ُح ُرمَا تِ َأئِ ّمتِهِم ا َلعْ صُوم َ‬
‫ك مِ نْ ِقبَلِ َأعْدَاءِ الدّي نِ فِي َشتّى ِبقَاعِ الرْضِ‪،‬‬ ‫ُح ُرمَاتِ الُ وَرَسُولِ ِه وَالُسْلِمِي حِينَمَا ُتْنَتهَ ُ‬
‫صوَ َر الُسِيَئةَ للرّسُولِ صَلّى‬ ‫فَمَثلً؛ ل َتثُ ْر ثَائِ َرُتهُم كَمَا نَرَاه من أ ْفعَالِ ُم الَيوْ َم عَلَى مَ ْن نَشَ َر ال ّ‬
‫لمِ َوَأهْلِ هِ مِمّا َي ُدلّنَا عَلَى‬
‫حتَِل ي الذ ين أَ سَاؤوا ل َعقِي َدةِ الِ ْس َ‬
‫الُ عََليْ ِه وَ سَلّمَ‪َ ،‬و عَلَى الْمُ ْ‬
‫ل وَ َرسُولِ ِه الْ َكرِي‪.‬‬
‫تفْضَي ِلهِم أئمَّتهَم عَلَى َمقَامِ ا ِ‬

‫فَيَا َأ ْهلَ السّّنةِ َأفِيقُوا وَانْ ْتهِضُوا؛‬

‫غ بِكُم َوتَ سُومُكُم سُوءَ‬ ‫ت تَلْدَ ُ‬‫َو اِ ْستَعِدّوا لَِلفْ ظِ َو َبكَرْ سُمُومِ أَفَاعِي الرّافِضَة‪ ،‬التّ ي كَانَ ْ‬
‫ْكـ الطّاِئ ِفّيةِ وَ‬
‫ِنـ َدعَاوَى تَر ِ‬ ‫َابـ ُمنْذُ ا ْحِتلَ ِل العِرَاقـِ‪َ ،‬وإِلَى َي ْومِن َا هَذَا‪ ،‬وَ َكفَاك ُم م ْ‬
‫العَذ ِ‬
‫ل ِمكُم‪،‬‬ ‫سَ‬ ‫ضكُم َو َتْثبِي ِطكُم وَ اِ سْتِ ْ‬
‫ستَخْدَم ِسلَحًا ِلَت ْروِي ِ‬‫حتْ تُ ْ‬‫صبَ َ‬
‫الوِحْ َدةِ ال َوطَِنيّة‪َ ،‬و التّي أَ ْ‬
‫جبِ نِ حيَ َتَتعَرّضُون ِل َكيْ ِد وَ لَؤ مِ هؤلءِ‪ ،‬الذِي نَ كَانُوا مِ نْ َأبْرَ َز مَ ْن وَالَى‬‫َو تَ ْطبِي ِعكُم عَلَى الُ ْ‬
‫حتَلَ‪َ ،‬و َسعَى فِي تَخْريبِ َوَن ْهبِ َخيْرَاتِ الِبلَد‪.‬‬ ‫َو سَالَ الُ ْ‬

‫َسـ َو‬
‫ِيـ الَر ِ‬ ‫سـمُو ِمهِم عََليْكُم بِز ّ‬ ‫َاسـمَرُوا ِبتَْنفِي ِذ مُخُطّطَاتِهِم َو ُ‬ ‫وَ لَم َيكَْتفُوا ِبهَذَا‪ ،‬بَ ْل و ْتَ‬
‫صفُوِفكُم مِ نْ َقتْلٍ‪ ،‬وَ َنهْ بٍ‪ ،‬وَ ا ْعِتقَالٍ‬‫الشّ ْر َطةِ‪َ ،‬فَأوَْقعُوا مَا َأوَْقعَوُا مِ نْ َجرَائِ مَ‪ ،‬وَ ِفتَ ٍن َبيْ نَ ُ‬
‫َاصـِبهِم‬
‫ّاتـ ال ْحِتلَل َأوْ بِ َمن ِ‬ ‫َانـ بِمُسـَانَ َدِتهِم َل ُقو ِ‬
‫سـوَاءٌ أَك َ‬ ‫لِرِجَالٍ‪ ،‬وَ َأطْفَالٍ‪َ ،‬و نِسـَاءٍ‪َ ،‬‬
‫خذُوهَا غِطَا ًء يُ سُومُوَنكُم بِ هِ سُوءَ العَذَا بِ‪َ ،‬فيُ َذبّحُون بِ هِ َأبَنَاءَكُم‪ ،‬وَ‬ ‫الرّ سْ ِمّيةِ‪َ ،‬و ال ت اتّ َ‬
‫حيُو َن نِسَاءَكُمْ‪.‬‬ ‫ستَ ْ‬‫يَ ْ‬

‫ستَانِ ّي اليرَانِ ّي وَاعِ ظُ‬


‫لبِيَثةَ‪َ ،‬و َتقَا سَمُوا َأ ْدوَا َرهَا‪ ،‬فَال سِي ْ‬
‫شتَرَ َكةَ ا َ‬
‫ط الُ ْ‬ ‫َو نَرَاهُم َعقَدُوا الُطَ َ‬
‫سّنةِ‪ ،‬وَ بِمَا يْدُ مُ‬
‫ى عَلَى َأهْ ِل ال ّ‬‫لوَ َ‬ ‫ت الَب َ‬‫ش ْرعِ ْن الفَتَاوَى ذَا ِ‬ ‫حتَلِ ِإمَا مٌ ِل ْلكُفْرِ وَ ال ّزنْدََق ِة يُ َ‬
‫ال ْ‬

‫‪593‬‬
‫جلُو ِد‬
‫َسـرُون بِ ُ‬ ‫ِنـ ِذئَابِهِم َيت َتّ‬
‫َنـ وَالَهُم م ِ‬ ‫لعْفَرِيـّ‪ ،‬وَ م َ‬ ‫لكَيِم‪َ ،‬و ا َ‬ ‫حتَلِيَ‪َ ،‬و ا َ‬ ‫مَصـَالَ ال ْ‬
‫لقِي َق ِة َو الوَاقِ ِع لتَْثبِي تِ‬
‫سيَا ِسيّة الَ ْزعُومَة ظاهرا‪ ،‬وَ هِ يَ فِي ا َ‬
‫س َثوْ بِ العَمََليّة ال ِ‬ ‫الِرَا فِ‪ ،‬بَِلبْ ِ‬
‫حكْ ِم الفَا ِر ِسيّ اليرَان الرّاِفضِيّ‪.‬‬
‫َو َتوْسِيعِ الرّ ْق َع ِة الُغْرَاِفّيةِ لِلْ ُ‬

‫وَ َأمّا ف مَا وَرَا َء الكَوَالِيس َفيُمَارِ سُونَ حَْل َة ا ِلبَا َد ِة الَمَاعِّيةِ ا ُلنَظّ َمةِ الشّرِ سَة ُمنْذُ أَ َكثْ َر م ْن‬
‫جتَ َمعِ من‬ ‫سّنيِة ف الُ ْ‬ ‫ص ًة الفِئَة الَبنّاءَة ال ّ‬
‫جتَمَع‪ ،‬وَ ِبخَا ّ‬ ‫ف َطَبقَات الُ ْ‬ ‫ختَلِ ِ‬
‫َثلَ ثِ َسَنوَاتٍ عَلَى مُ ْ‬
‫ِخلَل الغِْتيَال تِ َو ال ْعتِقَال تِ فِي َغيَابَات سُجُونِ الدّاخِِليّ ة‪َ ،‬و بع ضِ حُ سَيِنيّاتم التّي‬
‫سّنةِ فيها سُوءَ العَذَابِ‪.‬‬‫يَسُومُونَ َأهْلَ ال ّ‬

‫ي ا َلزْعُوم عِ ْن َدهُم‪َ ،‬فقَد كَا َن تَشْكيلُه َم ْعقُودًا أَ سَاسا عَلَى حِماَي ِة عَقِي َدتِهم‬
‫ش الَ ْهدِ ّ‬
‫َأمّا جَيْ ُ‬
‫سّنةِ‪ ،‬وَ أَرَادُوا من َتهِْيِأتِ هِ؛ َجعْلَ ُه وَرََق ًة بَدِيَل ًة ُيقَامِرُو نَ ِبهَا ِلتَمْكيِ‬
‫ضيّة‪ ،‬وَ مَا َرَبةِ َأهْ ِل ال ّ‬ ‫الرّافِ ِ‬
‫ي لعِْتلَء الُكْم‪.‬‬ ‫ضّيةِ فيما ِإذَا كَاَنتْ َكفّة ا ُلقَاوَمَة رَاجِحَة عَلَى َك ّفةِ السِيَاسِي َ‬ ‫ال َعقِي َدةِ الرّاِف ِ‬

‫وَ مِ ِمّا َي ُدلّنَا عَلَى عُمْقِ‪َ ،‬و ُجذُو ِر ِحقْ ِدهِم‪ :‬مَا ذَكَرَهُ ُمقْتَدَى الصّدر فِي َأوّلِ خُ ْطَبةٍ لَهُ فِي‬
‫شأَ لِ ُمعَاقبةِ‬
‫ش أُن ِ‬
‫شهِم‪ ،‬قَالَ فِيهَا‪( :‬إِنّ َهذَا الَيْ َ‬
‫شكِيلِ َجيْ ِ‬
‫الكُوَف ِة َبعْدَ دُخُو ِل الصّلِيبييَ‪َ ،‬و تَ ْ‬
‫ي ال ْؤمِنِيَ عَلِ يّ َرضِ يَ ال عَنْ هُ!)‪ ،‬فََتَأمّلُوا يَا إِ ْخوَتِي َهذَا الكَلَم‬
‫من تَخَلّ فَ عَ ْن بَ ْي َعةِ أمِ ِ‬
‫صدَ َر مِ ْنهُ ق ْب َل أَنْ تطْ َلقَ طَ ْل َق ٌة بَيْنَنَا‪َ ،‬و بَيَْنهُم‪.‬‬
‫الذِي َ‬

‫وَ قد جَا َء الَيوْ مِ الذِي بَانَ تْ َسوْ َءُتهُم لِ ْلقَا صِي‪ ،‬وَ الدّان‪َ ،‬و َظهَرَ تْ َحقِي َقُتهُم ِلكُلِ راءٍ‪َ ،‬و‬
‫سَامِ ٍع بِمَا ل ْيعَ ُل مَجَالًا لِلْشَكّ‪ ،‬لَ ّن َهؤُلَء الَاقِدِينَ لَ َيرُْقبُونَ فِي ُم ْؤمِن إِلَ وَ لَ ِذمّة‪ ،‬وَ‬
‫صدُو ِرهِم أَكْبَر‪َ ،‬ف َفعَلُوا مَا َفعَلُوا مِ ْن َبغْ يٍ‪َ ،‬و ظُلْ مٍ‪ ،‬وَ قت ِل الَشَايِ خِ‪َ ،‬و الُ صَلّيَ‪ ،‬وَ‬ ‫خفِي ُ‬ ‫مَا تُ ْ‬
‫ب مِ ْن الائتَ يّ‬
‫س القَرِيب‪َ ،‬و ِب ِفتْ َرةً ِقيَا ِسيّة عَلَى مَا يقْرُ ُ‬‫ت بَِليْ ٍل با َلمْ ِ‬
‫َأبْرِياء النّا سِ بعَمَِليّة ُدبّرَ ْ‬
‫لبَا نِ ِمنْهُم كَا نَ مُدَبرًا ُم ُفْتعَلً‪َ ،‬و مَدرُو سًا ِبتَ ْرتِي بِ‬ ‫مَ سْجِ ٍد مِمّا يَدُ ّل عَلَى أَنّ هَذَا العَمَ َل ا َ‬
‫سَبئِيّة‪ ،‬فقَدْ قَا َل َتعَالَى‪َ { :‬ومَ نْ َأظْلَ ُم مِمّ ْن َمنَ عَ مَ سَاجِدَ الِ أَ نْ يُذْكَرَ فِيهَا ا سْمُهُ‬ ‫ال ّدوْلَة ال ّ‬
‫ي وََلهُ مْ‬ ‫ك مَا كَا نَ َلهُ مْ أَ ْن يَدْخُلُوهَا إِلَ خَائِفِيَ َلهُ مْ فِي ال ّدنْيَا خِ ْز ٌ‬‫وَ َسعَى فِي خَرَاِبهَا أُوَلئِ َ‬
‫ب عَظِيمٌ} [البقرة‪.]114:‬‬ ‫فِي الَ ِخ َرةِ عَذَا ٌ‬

‫‪594‬‬
‫َاصـِر بتَفَرّدِهِم‬
‫ِيخـ الُع ِ‬
‫َمـ يَقِف ا َلمْ ُر ِعنْ َد هَذَا الَدّ‪ ،‬بَلْ َفعَلُوا ِفعَْل ًة َينْدَى لَاَ َجبِيـ التّار ِ‬
‫وَل ْ‬
‫ي الُحَا ِربِيَ ِلهَذَا الدّينِ‪ ،‬حَيْثُ‬
‫بِأَ ْفعَالٍ ُكفْ ِرّي ٍة مُشُيَنةٍ فَاقُوا‪ ،‬و ا ْمتَازُوا ِبهَا عَ ْن ال ُكفّار الَصْلِي َ‬
‫َمزّقُوا الَ صَاحِفَ‪َ ،‬و اليَا ِ‬
‫ت القُرْآنّيةَ‪َ ،‬و الَعَالَ الِ ْسلَ ِميّة فِي العَشَرَا تِ من بيُو تِ الِ َحتّى‬
‫َأثَْبتُوا َأّنهُم أَعْدَاءُ الِ حقّا قَاَتَلهُم ال أنّى ُيؤَْفكُون!‪.‬‬

‫ت ُحدُودَكَ‪ ،‬وَ اجَْت َرأْتَ عَلَى حِمَى َأ ْهلِ السّّنةِ‪،‬‬


‫فََنقُولُ َلهُ [أي مقتدى الصدر]؛ َلقَد َت َعدّيْ َ‬
‫حمَايَةِ‬
‫ُثمّ َب َعدَ َذلِ كَ ادّعَيْ تَ زُورا‪ ،‬وَ َك ِذبًا وَ تْدِليسا‪ ،‬وَ ْتوِيها‪ ،‬بََأنّ كَ مِمّ ْن َأمَر َأتْبَاعَ هِ بِ ِ‬
‫مَ سَا ِجدِ َأ ْهلِ ال سّّنةِ‪ ،‬وَ عَلَيْ ِه فَنَحْ ُن َق ْد قَبِلْنَا ُدخُو َل الَ ْعرَ َكةِ مَعَ كَ‪َ ،‬و مَ َع قَطي ِع أَغَنَامِ كَ‪،‬‬
‫شرْطَ ْي ِن اثَنْ ْينِ‪ ،‬لُبدّ أَ ْن َتقُو َم ِبهِمَا‪ ،‬وَ لَ َأخَاُلكَ َت ْفعَل؛‬
‫وَ َل ِكنْ ِب َ‬

‫شرْطُ ا َلوّلُ‪ :‬أَ ْن َتقِفَ أَنْتَ‪َ ،‬و مَنْ َمعَك َو ْقفَةِ َر ُجلٍ وَاحِ ٍد تَسَْت ّردُو َن فِيهَا أَسْلِحََتكُم؛‬
‫ال ّ‬
‫ض عََلَيكْمُـ شُرُوطَه‪ ،‬وَ قَا مَ‬
‫ـِيبِييَ‪ ،‬وَ َأنْتُم أَذِلّة صَاغِرِينَ‪َ ،‬يوْم أََن ْـ فَرَ َ‬
‫التّي ِب ْعتُمُوهَا لِلْصَل‬
‫ي الَ ْزعُوم‪.‬‬‫ح َن اليْدَرِ ّ‬‫بِِإهَاَنِتكُم فِي ُعقْرِ دَارِكُم‪ ،‬وَ وَطَئتْ أَقْدَامِ ُجنُو ِد ِه الصّ ْ‬

‫ف وَاِل َدهُ‪.‬‬
‫ك ِلقِتَالِنَا ِإ ّل َمنْ َعرَ َ‬
‫خرُجَ فِي جَ ْيشِ َ‬
‫شرْطُ الثّان‪َ :‬ألّ َي ْ‬
‫و ال ّ‬

‫{وَاللّ ُه غَاِلبٌ عَلَى َأمْ ِر ِه وَلَكِنّ أَ ْكثَ َر النّاسِ َل َيعَْلمُونَ} [يوسف‪]21:‬‬

‫صعَبٍ الزّ ْرقَاوِي‬


‫َأبُ ْو مُ ْ‬
‫َأمِيْ ُر تَنْظِي ِم القَا ِع َدةِ ِف ْي بِلدِ الرّافِ َديْن‬

‫س شُوْرَى الُجَاهِدِينَ ِف ْي ال ِعرَاق‬


‫ضوُ َمجْلِ ِ‬
‫وَ عُ ْ‬
‫ق – بِلدُ الرّافِ َديْن‬
‫ال ِعرَا ُ‬

‫‪595‬‬
‫و ف التامِ و بعد الترحم على شيخنا الُمام؛‬
‫لنا بضع كلمات‪ ،‬لكَ أخي الكري‪ ،‬و لكِ أخت الفاضلة‪:‬‬

‫تَوكل على ال و خُذ بالسباب بعد الحتياط ‪...‬‬

‫و انشُرها و على ال الزاء ‪...‬‬

‫فإن ل تَفعل فإن عليك إثَ العَوام ‪...‬‬

‫من ل يتلكون حواسيب و ل إنترنت و ل تصِلُهم الفلم ‪...‬‬

‫{فَقَاتِ ْل فِي سَبِيلِ الّلهِ لَ تُكَلّفُ ِإلّ نَ ْفسَكَ ‪...‬‬

‫َوحَرّضِ الْمُؤْمِن َ‬
‫ي‬
‫‪َ ...‬عسَى الّلهُ أَن يَ ُكفّ بَأْسَ اّلذِينَ كَفَرُواْ وَالّلهُ أَ َشدّ بَ ْأسًا وَأَ َشدّ تَنكِيلً}‬

‫إنتهى و تَ بِحمد ال‪.‬‬

‫جَعَهُ و أَخرَجه‪،‬‬

‫إخوانكم ف‬
‫‪::‬شبكة الباق السلمية ‪ /‬ورشة عمل الباق‪::‬‬

‫‪596‬‬

You might also like