You are on page 1of 8

‫نقد تقسيم التوحيد‬

‫إلى ألوهية وربوبية‬


‫لفضيلة العلمة حجة السلم يوسف الدجوي‬
‫الزهري‬

‫بسم ال الرحن الرحيم‬

‫قال العلمة أبو الحاسن جال الدين يوسف بن أحد الدّجوي الالكي الزهري التوف سنة ‪1365‬هـ‪:‬‬

‫جاءتنا رسائل كثية يسأل مرسلوها عن توحيد اللوهية وتوحيد الربوبية ما معناها؟‬
‫وما الذي يترتب عليهما؟‬
‫ومن ذا الذي فرق بينهما؟‬
‫وما هو البهان على صحة ذلك أو بطلنه؟‬

‫فنقول وبال التوفيق‪:‬‬

‫إن صاحب هذا الرأي هو ابن تيمية الذي شاد بذكره‪ ،‬قال‪:‬‬
‫"إن الرسل ل يبعثوا إل لتوحيد اللوهية وهو إفراد ال بالعبادة‪ ،‬وأما توحيد الربوبية وهو اعتقاد أن ال رب‬
‫العالي التصرف ف أمورهم فلم يالف فيه أحد من الشركي والسلمي بدليل قوله تعال‪:‬‬

‫{ولئن سألتهم من خلق السموات والرض ليقولن ال}‬

‫ث قالوا‪ :‬إن الذ ين يتو سلون بال نبياء والولياء ويتشفعون ب م وينادون م ع ند الشدائد هم عابدون ل م قد‬
‫كفروا باعتقادهـم الربوبيـة فـ تلك الوثان واللئكـة والسـيح سـواء بسـواء‪ ،‬فإنمـ ل يكفروا باعتقادهـم‬
‫الربوبيـة فـ تلك الوثان ومـا معهـا بـل بتركهـم توحيـد اللوهيـة بعبادتاـ‪ ،‬وهذا ينطبـق على زوار القبور‬
‫التوسلي بالولياء النادين لم الستغيثي بم الطالبي منهم ما ل يقدر عليه إل ال تعال‪..‬بل قال ممد بن‬
‫عبد الوهاب‪:‬‬
‫"إن كفرهم أشنع من كفر عباد الوثان"!‬
‫وإن شئت ذكرت لك عبارتـه الحزنـة الريئة‪ ،‬فهذا ملخـص مذهبهـم مـع اليضاح‪ ،‬وفيـه عدة دعاوى‪،‬‬
‫فلنعرض ل ا على سبيل الخت صار‪ ،‬ولنج عل الكلم ف مقام ي فنتحا كم إل الع قل ث نتحا كم إل الن قل‪،‬‬
‫فنقول‪:‬‬

‫قولم‪ :‬إن التوحيد ينقسم إل توحيد الربوبية وتوحيد اللوهية‪ .‬تقسيم غي معروف لحد قبل ابن تيمية‪،‬‬
‫وغي معقول أيضا كما ستعرفه‪ ،‬وما كان رسول ال صلى ال عليه وسلم يقول لحد دخل ف السلم‪ :‬إن‬
‫هناك توحيد ين وإ نك ل تكون م سلما ح ت تو حد توح يد اللوه ية‪ ،‬ول أشار إل ذلك بكل مة واحدة‪ ،‬ول‬
‫سُمِع ذلك عن أحد من السلف الذين يتبجحون باتباعهم ف كل شيء‪ ،‬ول معن لذا التقسيم‪ ،‬فإن الله‬
‫الق هو الرب الق‪ ،‬والله الباطل هو الرب الباطل‪ ،‬ول يستحق العبادة والتأليه إل من كان ربا‪ ،‬ول معن‬
‫لن نعبد من ل نعتقد فيه أنه رب ينفع ويضر‪ ،‬فهذا مرتب على ذلك كما قال تعال‪:‬‬

‫{رب السموات والرض وما بينهما فاعبده واصطب لعبادته هل تعلم له سيا}‪.‬‬
‫فرتب العبادة على الربوبية‪ ،‬فإننا إذا ل نعتقد أنه رب ينفع ويضر فل معن لن نعبده ‪ -‬كما قلنا ‪ -‬ويقول‬
‫تعال‪:‬‬

‫{أل يسجدوا ل الذي يرج البء ف السموات والرض}‬

‫يشي إل أنه ل ينبغي السجود إل لن ثبت اقتداره التام‪ ،‬ول معن لن نسجد لغيه‪ ،‬هذا هو العقول‪ ،‬ويدل‬
‫عليه القرآن والسنة‪.‬‬

‫أما القرآن فقد قال‪:‬‬

‫{ول يأمركم أن تتخذوا اللئكة والنبيي أربابا}‪.‬‬

‫فصرح بتعدد الرباب عندهم‪ ،‬وعلى الرغم من تصريح القرآن بأنم جعلوا اللئكة أربابا يقول ابن تيمية‬
‫وممد بن عبد الوهاب‪ :‬إنم موحدون توحيد الربوبية وليس عندهم إل رب واحد وإنا أشركوا ف توحيد‬
‫اللوهية! ويقول يوسف عليه السلم لصاحب السجن وهو يدعوها إل التوحيد‪:‬‬

‫{أأرباب متفرقون خي أم ال الواحد القهار}‬

‫ويقول ال تعال أيضا‪:‬‬

‫{وهم يكفرون بالرحن قل هو رب}‪.‬‬

‫وأما هم فلم يعلوه ربا‪..‬‬

‫ومثل ذلك قوله تعال‪:‬‬


‫{لكنا هو ال رب}‬

‫خطابا لن أنكر ربوبيته تعال‪ ،‬وانظر إل قولم يوم القيامة‪:‬‬

‫{تال إن كنا لفي ضلل مبي إذ نسويكم برب العالي}‬

‫أي ف جعلكم أربابا ‪ -‬كما هو ظاهر ‪ -‬وانظر إل قوله تعال‪:‬‬

‫{وإذا قيل لم اسجدوا للرحن قالوا وما الرحن أنسجد لا تأمرنا‪}..‬‬

‫فهل ترى صاحب هذا الكلم موحدا أو معترفا؟!‬

‫ث انظر إل قوله تعال‪:‬‬

‫{وهم يادلون ف ال}‬

‫إل غي ذلك وهو كثي ل نطيل بذكره‪ ،‬فإذا ليس عند هؤلء الكفار توحيد الربوبية ‪ -‬كما قال ابن تيمية‬
‫‪ ،-‬و ما كان يو سف عل يه ال سلم يدعو هم إل إل توح يد الربوب ية‪ ،‬ل نه ل يس هناك ش يء ي سمى توح يد‬
‫الربوبية وشيء آخر يسمى توحيد اللوهية عند يوسف عليه السلم‪ ،‬فهل هم أعرف بالتوحيد منه ويعلونه‬
‫مطئا ف التعبي بالرباب دون اللة؟! ويقول ال ف أخذ اليثاق‪:‬‬

‫{ألست بربكم قالوا بلى}‬

‫فلو كان القرار بالربوبية غي كاف وكان متحققا عند الشركي ولكنه ل ينفعهم ‪ -‬كما يقول ابن تيمية ‪-‬‬
‫ما صح أن يؤخذ عليهم اليثاق بذا‪ ،‬ول صح أن يقولوا يوم القيامة‪:‬‬

‫{إنا كنا عن هذا غافلي}‬


‫وكان الواجب أن يغي ال عبارة اليثاق إل ما يوجب اعترافهم بتوحيد اللوهية حيث إن توحيد الربوبية‬
‫غي كاف ‪ -‬كما يقول هؤلء ‪ ،-‬إل آخر ما يكننا أن نتوسع فيه‪ ،‬وهو ل يفى عليك‪ ،‬وعلى كل حال‬
‫فقد اكتفى منهم بتوحيد الربوبية‪ ،‬ولو ل يكونا متلزمي لطلب إقرارهم بتوحيد اللوهية أيضا‪.‬‬

‫ومن ذلك قوله تعال‪:‬‬

‫{وهو الذي ف السماء إله وف الرض إله}‬

‫فإ نه إله ف الرض ولو ل ي كن في ها من يعبده ك ما ف آ خر الزمان‪ ،‬فإن قالوا‪ :‬إ نه معبود في ها أي م ستحق‬
‫للعبادة‪ ،‬قل نا‪ :‬إذن ل فرق ب ي الله والرب‪ ،‬فإن ال ستحق للعبادة هو الرب ل غ ي‪[ ،‬و] ما كا نت ماورة‬
‫فرعون لوسى عليه الصلة والسلم إل ف الربوبية وقد قال‪:‬‬

‫{أنا ربكم العلى}‬

‫ث قال‪:‬‬

‫{لئن اتذت إلا غيي لجعلنك من السجوني}‬

‫ول داعي للتطويل ف هذا‪.‬‬

‫وأما السنة فسؤال اللكي للميت عن ربه ل عن إله‪ ،‬لنم ل يفرقون بي الرب والله‪ ،‬فإنم ليسوا بتيميي‬
‫ول متخبطي‪ ،‬وكان الواجب على مذهب هؤلء أن يقولوا للميت‪ :‬من إلك ل من ربك! أو يسألوه عن‬
‫هذا وذاك‪.‬‬

‫وأما قوله‪:‬‬
‫{ولئن سألتهم من خلق السموات والرض ليقولن ال}‬

‫ف هم يقولون بأل سنتهم ما ل يس ف قلوب م إجا بة ل كم الو قت مضطر ين لذلك بال جج القاطعات واليات‬
‫البينات‪ ،‬ولعلهم نطقوا با ل يكاد يستقر ف قلوبم أو يصل إل نفوسهم‪ ،‬بدليل أنم يقرنون ذلك القول با‬
‫يدل على كذب م‪ ،‬وأن م ين سبون ال ضر والن فع إل غيه‪ ،‬وبدل يل أن م يهلون ال تام ال هل ويقدمون غيه‬
‫عليه حت ف صغائر المور‪ ،‬وإن شئت فانظر إل قولم لود عليه الصلة والسلم‪:‬‬

‫{إن نقول إل اعتراك بعض آلتنا بسوء}‬

‫فكيف يقول ابن تيمية‪ :‬إنم معتقدون أن الصنام ل تضر ول تنفع إل آخر ما يقول؟!‬
‫ث انظر بعد ذلك ف زرعهم وأنعامهم‪:‬‬

‫{هذا ل بزعمهـم وهذا لشركائنـا‪ ،‬فمـا كان لشركائهـم فل يصـل إل ال ومـا كان ل فهـو يصـل إل‬
‫شركائهم}‬

‫فقدموا شركاءهم على ال تعال ف أصغر المور وأحقرها‪.‬‬


‫وقال تعال ف بيان اعتقادهم ف الصنام‪:‬‬

‫{وما نرى معكم من شفعائكم الذين زعمتم أنم فيكم شركاء}‬

‫فذكر أنم يعتقدون أنم شركاء فيهم‪ ،‬ومن ذلك قول أب سفيان يوم أحد‪" :‬أعلُ هبل"‪ ،‬فأجابه صلى ال‬
‫عل يه و سلم بقوله‪( :‬ال أعلى وأ جل)‪ .‬فان ظر إل هذا ث قل ل ماذا ترى ف ذلك من التوح يد الذي ين سبه‬
‫إليهم ابن تيمية ويقول‪ :‬إنم فيه مثل السلمي سواء بسواء وإنا افترقوا بتوحيد اللوهية؟!‬
‫وأ َدلّ من ذلك كله قوله تعال‪:‬‬

‫{ول تسبوا الذين يدعون من دون ال فيسبوا ال عدوا بغي علم}‬


‫إل غي ذلك ما يطول شرحه‪ ،‬فهل ترى لم توحيدا بعد ذلك يصح أن يقال فيه إنه عقيدة؟!‬
‫أما التيميون فيقولون بعد هذا كله‪ :‬إنم موحدون توحيد الربوبية‪ ،‬وإن الرسل ل يقاتلوهم إل على توحيد‬
‫اللوهية الذي ل يكفروا إل بتركه!! ول أدري ما معن هذا الصر‪ ،‬مع أنم كذبوا النبياء وردوا ما أنزل‬
‫علي هم وا ستحلوا الحرمات وأنكروا الب عث واليوم ال خر وزعموا أن ل صاحبة وولدا وأن اللئ كة بنات‬
‫ال؛‬

‫{أل إنم من إفكهم ليقولون‪ :‬ولد ال‪ .‬وإنم لكاذبون}‬

‫وذلك كله ل يقاتل هم عل يه الر سل ‪ -‬ف رأي هؤلء ‪ -‬وإن ا قاتلو هم على عدم توح يد اللوه ية ‪ -‬ك ما‬
‫يزعمون ‪ -‬وهم بعد ذلك مثل السلمي سواء بسواء!! أو السلمون أكفر منهم ف رأي ابن عبد الوهاب!!‬

‫وما علي نا من ذلك كله‪ ،‬ول كن نقول ل م بعد هذا‪ :‬على فرض أن هناك فر قا ب ي توح يد اللوه ية وتوح يد‬
‫الربوبية ‪ -‬كما يزعمون ‪ -‬فالتوسل ل يناف توحيد اللوهية فإنه ليس من العبادة ف شيء ل لغة ول شرعا‬
‫ول عر فا‪ ،‬ول ي قل أ حد إن النداء أو التو سل بال صالي عبادة‪ ،‬ول أخب نا الر سول صلى ال عل يه و سلم‬
‫بذلك‪ ،‬ولو كان عبادة أو شبه عبادة ل يز بالي ول باليت‪.‬‬

‫فإن تشبث متشبث بأن ال أقرب إلينا من حبل الوريد فل يتاج إل واسطة‪ ،‬قلنا له‪ :‬حفظت شيئا وغابت‬
‫عنك أشياء‪ ،‬فإن رأيك هذا يلزمه ترك السباب والوسائط ف كل شيء‪ ،‬مع أن العال مبن على الكمة الت‬
‫وض عت ال سباب وال سببات ف كل ش يء‪ ،‬ويلز مه عدم الشفا عة يوم القيا مة ‪ -‬و هي معلو مة من الد ين‬
‫بالضرورة ‪ -‬فإنا ‪ -‬على هذا الرأي ‪ -‬ل حاجة إليها‪ ،‬إذ ل يتاج سبحانه وتعال إل واسطة فإنه أقرب من‬
‫الواسطة‪.‬‬

‫ويلزم خطأ عمر بن الطاب ف قوله‪( :‬إنّا نتوسل إليك بعم نبيك العباس‪ ..‬إل)‪ .‬وعلى الملة يلزم سد باب‬
‫السباب والسببات والوسائل والوسائط‪ ،‬وهذا خلف السنة اللية الت قام عليها بناء هذه العوال كلها من‬
‫أولا إل آخرها‪ .‬ولزمهم على هذا التقدير أن يكونوا داخلي فيما حكموا به على السلمي‪ ،‬فإنه ل يكنهم‬
‫أن يَدَعوا السباب أو يتركوا الوسائط بل هم أشد الناس تعلقا با واعتمادا عليها‪.‬‬

‫ول يفوت نا أن نقول‪ :‬إن التفر قة ب ي ال ي وال يت ف هذا القام ل مع ن ل ا فإن التو سل ل يطلب شيئا من‬
‫اليت أصل‪ ،‬وإنا طلب من ال متوسل إليه بكرامة هذا اليت عنده أو مبته له أو نو ذلك‪ ،‬فهل ف هذا‬
‫كله تأل يه للم يت أو عبادة له؟! أم هو حق ل مر ية ف يه؟ ولكن هم قوم يازفون ول يققون‪ ،‬ك يف وجواز‬
‫التوسل بل حسنه معلوم عند جيع السلمي‪.‬‬

‫وانظر كتب الذاهب الربعة‪ ،‬حت مذهب النابلة ف آداب زيارته صلى ال عليه وسلم تدهم قد استحبوا‬
‫التوسل به إل ال تعال‪ ،‬حت جاء ابن تيمية فخرق الجاع وصادم الركوز ف الفطر مالفا ف ذلك العقل‬
‫والنقل اه‪.‬‬

‫انتهى جواب العلمة حجة السلم يوسف الدجوي الالكي الزهري رحه ال تعال‪.‬‬

You might also like