You are on page 1of 149

‫كتاب الحج‬

‫والعمرة وزيارة‬
‫مسجد الرسول‬
‫صلى الله عليه‬
‫وسلم‬
‫تقديم لمعالي مدير الجامعة‬

‫الحمد لله رب العالمين‪ ،‬والصلة والسلم على أشرف‬


‫المرسلين‪ ،‬نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين‪....‬أما‬
‫بعد‪:‬‬
‫فعندما أقدمت جامعة المام محمد بن سعود السلمية‪،‬‬
‫ممثلة في عمادة البحث العلمي‪ ،‬على إصدار سلسلة‬
‫) رسائل التعريف بالسلم(‪ ،‬كان هدفها الول تقديم‬
‫دراسات توضح حقيقة السلم وأحكامه‪ ،‬وسبل تطبيقه‪،‬‬
‫ووسائل نشره‪ ،‬وتثبت أنه الصلح في كل زمان ومكان‪.‬‬
‫من هنا عهدت الجامعة إلى نخبة من العلماء بالكتابة في‬
‫موضعات العقيدة والعبادات والتشريع‪ ،‬وذلك بأسلوب‬
‫سهل وميسر‪ ،‬يجمع بين الدقة العلمية ووضوح المعنى‪،‬‬
‫على أن تكون بداية هذه الصدارات باللغة العربية‪ ،‬ثم‬
‫تترجم لحقا ً – إن شاء الله – إلى لغات أخرى‪ ،‬يعم‬
‫بنشرها النفع‪ ،‬وتعظم الفائدة‪.‬‬
‫وهذا هو الصدار الرابع من هذه السلسلة‪ ،‬وهو يتناول‬
‫الركن الخامس من أركان السلم )الحج(‪ ،‬تأليف الدكتور‬
‫عبد الله بن محمد الطيار‪ ،‬في إيجاز جمع بين سلمة‬
‫المبنى‪ ،‬ووضوح المعنى‪ ،‬وقد تناول فيه الباحث معظم‬
‫أعمال الحج‪ ،‬ورجح ما رآه من كلم أهل العلم موافقا ً‬
‫للكتاب والسنة‪ ،‬وذكر الدليل على ما ذهب إليه‪ ،‬كما عني‬
‫بتحقيق المسائل التي أوردها‪ ،‬وأبرز بعض الخطاء التي‬
‫تقع من بعض الحجاج دون قصد‪.‬‬
‫وقد اشتمل هذا البحث على مقدمة وسبعة فصول‬
‫وخاتمة‪ ،‬تحدث فيه عن تعريف الحج والصل في‬
‫مشروعيته‪ ،‬وتاريخ فرضه‪،‬وبّين فضل الحج‪ ،‬وأهدافه‬
‫وشروطه‪ ،‬وحكمة مشروعيته‪ ،‬وآثاره وآدابه‪ ،‬ومواقيت‬
‫الحج‪ ،‬وكيفية حج النبي صلى الله عليه وسلم‪ ،‬ومناسك‬
‫الحج وأعماله‪ ،‬ثم ذكر تطبيقا ً عمليا ً لمن أراد الحج‪.‬‬
‫وإكمال ً للفائدة تحدث عن العمرة وأحكامها وآدابها‪ ،‬وآداب‬
‫زيارة المسجد النبوي‪ .‬ثم ختم البحث ببيان أثر الحج في‬
‫توجيه سلوك المسلم‪.‬‬
‫والجامعة إذ تنشر هذا البحث‪ ،‬فإنما تبتغي بذلك وجه الله‬
‫تعالى والدار الخرة‪ ،‬وترجو أن يكون له نفع وأثر حسن‪،‬‬
‫وأن تكون به وبمثله سائرة على نهج يحقق لها أهدافها‬
‫السامية‪ ،‬على الوجه الذي يرضي الله عّز وجل‪ ،‬وهي – إذ‬
‫تحمده وتشكره وتثني عليه تعالى بما هو أهله – تستمد‬
‫منه العون والتوفيق‪ ،‬وتنوه ‪ -‬في الوقت نفسه – بما تلقاه‬
‫من الهتمام والرعاية من خادم الحرمين الشريفين – أيده‬
‫الله – وحكومته الرشيدة‪ ،‬وترجو أن يجزل الله للمؤلف‬
‫وكل من أسهم في نشره وتوزيعه الجر والثواب‪.‬‬
‫وصلى الله على نبينا محمد‪.‬‬

‫مدير جامعة‬
‫المام محمد بن سعود‬
‫السلمية‬
‫محمد بن عبد الله العجلن‬

‫آية محكمة‬
‫قال تعالى‪:‬‬
‫عَلى ك ُ ّ‬ ‫ْ‬ ‫) َ‬
‫ل‬ ‫و َ‬ ‫جال ً َ‬ ‫ر َ‬ ‫ك ِ‬ ‫ج ي َأُتو َ‬ ‫ح ّ‬ ‫س ِبال ْ َ‬ ‫في الّنا ِ‬ ‫ن ِ‬ ‫وأذّ ْ‬ ‫َ‬
‫دوا‬ ‫ق )‪ (27‬ل ِي َ ْ‬ ‫ل َ‬ ‫نك ّ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬
‫ه ُ‬ ‫ش َ‬ ‫مي ٍ‬ ‫ع ِ‬‫ج َ‬ ‫ف ّ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫ر ي َأِتي َ‬ ‫م ٍ‬ ‫ضا ِ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫ت‬‫ما ٍ‬ ‫عُلو َ‬ ‫م ْ‬ ‫في أّيام ٍ َ‬ ‫ه ِ‬ ‫م الل ّ ِ‬ ‫س َ‬ ‫وي َذْك ُُروا ا ْ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ع لَ ُ‬ ‫ف َ‬ ‫مَنا ِ‬ ‫َ‬
‫فك ُُلوا ِ‬ ‫َ‬
‫ها‬‫من ْ َ‬ ‫عام ِ َ‬ ‫ة ال ن ْ َ‬ ‫م ِ‬‫هي َ‬ ‫ن بَ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫م ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫ق ُ‬ ‫ما َرَز َ‬ ‫عَلى َ‬ ‫َ‬
‫س ال ْ َ‬ ‫َ‬
‫م‬‫ه ْ‬ ‫فث َ ُ‬ ‫ضوا ت َ َ‬ ‫ق ُ‬ ‫م ل ِي َ ْ‬ ‫قيَر )‪ (28‬ث ُ ّ‬ ‫ف ِ‬ ‫موا ال َْبائ ِ َ‬ ‫ع ُ‬ ‫وأطْ ِ‬ ‫َ‬
‫ق )‪(29‬‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫و ُ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫فوا ن ُ ُ‬ ‫ولُيو ُ‬ ‫ْ‬
‫عِتي ِ‬ ‫ت ال َ‬ ‫فوا ِبالب َي ْ ِ‬ ‫ولي َط ّ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ذوَر ُ‬ ‫َ‬
‫ه‬
‫عن ْدَ َرب ّ ِ‬ ‫ه ِ‬ ‫َ‬
‫خي ٌْر ل ُ‬ ‫و َ‬ ‫ه َ‬ ‫ف ُ‬ ‫ه َ‬ ‫ّ‬
‫ت الل ِ‬ ‫ما ِ‬ ‫حُر َ‬ ‫م ُ‬ ‫عظ ْ‬ ‫ّ‬ ‫ن يُ َ‬ ‫م ْ‬ ‫و َ‬ ‫ك َ‬ ‫ذَل ِ َ‬
‫جت َن ُِبوا‬ ‫فا ْ‬ ‫م َ‬ ‫عل َي ْك ُ ْ‬ ‫ما ي ُت َْلى َ‬ ‫م إ ِل ّ َ‬ ‫عا ُ‬ ‫م ال َن ْ َ‬ ‫ت ل َك ُ ْ‬ ‫حل ّ ْ‬ ‫وأ ُ ِ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ر( ]الحج‪-27:‬‬ ‫ل الّزو ِ‬ ‫و َ‬ ‫جت َن ُِبوا ق ْ‬ ‫وا ْ‬ ‫ن َ‬ ‫وَثا ِ‬ ‫ن ال ْ‬ ‫م ْ‬ ‫س ِ‬ ‫ج َ‬ ‫الّر ْ‬
‫‪.[30‬‬

‫حديث شريف‬
‫عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال‪ :‬سمعت‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‪:‬‬
‫))من حج فلم يرفث ولم يفسق؛ رجع من ذنوبه‬
‫كيوم ولدته أمه(( ] رواه البخاري ومسلم وغيرهما[‪.‬‬

‫أبيات من الشعر في مشهد الحج‬

‫قال العلمة ابن القيم‪:‬‬

‫أما والذي حج المحبون بيتـــــــــه‬


‫ولبوا له عند‬
‫المهل وأحرمــــــــوا‬
‫وقد كشفوا تلك الرؤوس تواضعــا ً‬
‫لعزة من تعنو الوجوه‬
‫وتســـــــــلم‬
‫يهلون بالبيداء لبيك ربنـــــــــــــــا‬
‫لك الملك والحمد‬
‫الذي أنت تعلـــــم‬
‫دعاهم فلبوه رضا ً ومحبــــــــــــــة‬
‫فلما دعوه كان‬
‫أقرب منهـــــــــــــم‬
‫وراحوا إلى التعريف يرجون رحمة‬
‫ومغفرة ممن‬
‫يجود ويكـــــــــــــرم‬
‫فلله ذاك الموقف العظـــــــــم الذي‬
‫كموقف يوم‬
‫العرض بل ذاك أعظم‬
‫ويدنو به الجبار جـــل جللــــــــــــه‬
‫يباهي بهم‬
‫أملكه فهو أكــــــــــرم‬
‫يقول عبادي قد أتوني محبــــــــــــة‬
‫وإني بهم بر‬
‫أجود وأرحـــــــــــــم‬
‫فأشهدكم أني غفرت ذنوبهــــــــــــم‬
‫وأعطيتهم ما‬
‫أملوه وأنـــــــــــــعم‬
‫فبشراكم يا أهل ذا الموقـــــــف الذي‬
‫به يغفر الله‬
‫)‪(1‬‬
‫الذنوب ويرحــــــــم‬

‫المقدمة‬

‫الحمد لله رب العالمين خالق البشر أجمعين‪ ،‬ومصرف‬


‫أمورهم في الدنيا والدين‪ ،‬القائل في القرآن العظيم )‬
‫ع إ ِل َي ْ ِ‬
‫ه‬ ‫ست َ َ‬
‫طا َ‬ ‫نا ْ‬
‫م ْ‬ ‫ج ال ْب َي ْ ِ‬
‫ت َ‬ ‫ح ّ‬‫س ِ‬‫على الّنا ِ‬
‫ه َ َ‬‫ول ِل ّ ِ‬‫َ‬
‫ً‬
‫بيل ( ]آل عمران‪.[97 :‬‬ ‫س ِ‬ ‫َ‬
‫والصلة والسلم على المبعوث رحمة للعالمين‪،‬‬
‫وقدوة للمتقين أفضل من طاف وسعى ولّبى‪،‬‬

‫‪ ()1‬أبيات من القصيدة الميمية‪ ،‬لبن القيم‪ ،‬والتي تجاوزت أبياتها تسعين‬


‫ومائة بيت من الشعر ومطلعها‪:‬‬
‫أمارة تسليمي‬ ‫إذ طلعت شمس النهار فإنهــــا‬
‫عليكم فسلمـــوا‬
‫والقائل في سنته الغراء‪)) :‬من حج فلم يرفث‬
‫ولم يفسق؛ رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه(( ‪.‬‬
‫)‪(1‬‬

‫أما بعد‪:‬‬
‫فالحج رحلة كريمة ينتقل فيها المسلم ببدنه وقلبه إلى‬
‫ه ورفع منزلته‪ ،‬وأوجب‬ ‫مكة البلد المين الذي طّهره الل ُ‬
‫استقبال البيت العتيق فيه في كل صلة والحج إلى البيت‬
‫المبارك زاخر بالتكاليف التعبدية التي يقف المسلم إكبارا ً‬
‫وإعجابا ً عندما يعرف بعض أسرارها التشريعية‪.‬‬
‫والحج غذاء روحي كبير تمتليء فيه جوانح المسلم خشية‬
‫وتقى لله عز وجل وعزما ً صادقا ً على طاعته‪ ،‬وندما ً وبعدا ً‬
‫عن معصيته وتنمو وتترعرع فيه عاطفة الحب لله‬
‫ولرسوله وللمؤمنين الصادقين الذين عزروه ونصروه‪،‬‬
‫وتتلقى فيه مشاعر المودة والمحبة والخاء مع المؤمنين‬
‫المخلصين في كل مكان‪.‬‬
‫والمؤمن مع ذلك كله يزداد فى حجه‪ ،‬في كل خطوة‬
‫يخطوها‪ -‬يقينا ً جازما ً وراحة للنفس والقلب؛ لنه يتقلب‬
‫من عبادة إلى عبادة‪ ،‬ومن موقع إلى موقع‪ ،‬يحدوه النداء‬
‫الخالد على مر الزمان وتعاقب الجيال‪َ ) .‬‬
‫في‬‫ن ِ‬‫وأذّ ْ‬
‫َ‬
‫ج( ]الحج‪.[27:‬‬ ‫س ِبال ْ َ‬
‫ح ّ‬ ‫الّنا ِ‬
‫وكأنه يردد مع شوقي قوله‪:‬‬
‫لك الدين يا رب الحجيج جمعتهــــــــــم‬
‫لبيت طهور الساح‬
‫والعرصـــــات‬
‫ً‬
‫أرى الناس أصنافأ ومن كل بقعـــــــــة‬
‫إليك انتهوا من‬
‫غربة وشتـــــات‬ ‫ُ‬
‫تساووا فل أنساب فيها تفـــــــــــــاوت‬
‫لديك ول القدار‬
‫)‪(2‬‬
‫مختلفـــــــــــات‬

‫‪ ()1‬رواه البخاري ومسلم‪ .‬انظر‪ :‬صحيح البخاري جـ ‪ 2‬ص ‪ ،164‬وصحيح‬


‫مسلم جـ ‪ 4‬ص ‪.107‬‬
‫‪ ()2‬الشوقيات جـ ‪ 1‬ص ‪.99‬‬
‫يقول العلمة ابن القيم رحمه الله‪ .....)) :‬ثم‬
‫تأمل كيف افتتح إيجاب الحج بذكر محاسن البيت وعظم‬
‫شأنه بما يدعو النفوس إلى قصده وحجه وإن لم يطلب‬
‫َ‬
‫ذي‬‫س ل َل ّ ِ‬
‫ع ِللّنا ِ‬ ‫ض َ‬‫و ِ‬ ‫ت ُ‬ ‫و َ‬
‫ل ب َي ْ ٍ‬ ‫نأ ّ‬ ‫) إِ ّ‬ ‫ذلك منها فقال‪:‬‬
‫ت‬
‫ت ب َي َّنا ٌ‬‫ه آَيا ٌ‬
‫في ِ‬‫ن )‪ِ (96‬‬ ‫مي َ‬ ‫عال َ ِ‬ ‫دى ل ِل ْ َ‬ ‫ه ً‬
‫و ُ‬‫مَباَركا ً َ‬ ‫ة ُ‬ ‫ب ِب َك ّ َ‬
‫ا( ]آل عمران‪:‬‬ ‫من ً‬‫نآ ِ‬‫كا َ‬ ‫ه َ‬ ‫خل َ ُ‬ ‫ن دَ َ‬ ‫م ْ‬
‫و َ‬‫م َ‬‫هي َ‬ ‫م إ ِب َْرا ِ‬‫قا ُ‬ ‫م َ‬ ‫َ‬
‫‪.[97-96‬‬
‫فوصفه بخمس صفات‪:‬‬
‫إحداها‪ :‬أنه أسبق بيوت العالم ُوضع في الرض‪.‬‬
‫الثانية‪ :‬أنه مبارك‪ ،‬والبركة كثرة الخير ودوامه وليس في‬
‫بيوت العالم أبرك منه ول أكثر خيرا ً ول أدوم ول أنفع‬
‫للخلئق‪.‬‬
‫الثالثة‪ :‬أنه هدى ووصفه بالمصدر فيه مبالغة حتى كأنه‬
‫الهدى نفسه‪.‬‬
‫الرابعة‪ :‬ما تضمنه من اليات البينات التي تزيد على‬
‫أربعين آية‪.‬‬
‫الخامسة‪ :‬المن لداخله‪ ،‬وفي وصفه بهذه الصفات دون‬
‫إيجاب قصده ما يبعث النفوس على حجه وإن شطت‬
‫بالزائرين الديار وتناءت بهم القطار‪ ،‬ثم أتبع ذلك بصريح‬
‫الوجوب المؤكد بتلك التأكيدات‪.(1)((.....‬‬
‫عني القرآن العظيم بالحج عناية كبيرة‪ ،‬يتجلى ذلك‬ ‫لقد ُ‬
‫من خلل النصوص الكثيرة التي ذكرت الحج وأحكامه‬
‫والبيت العتيق وما وقع حوله من أحداث متلحقة انتهت‬
‫ببعثة محمد صلى الله عليه وسلم خير الخلق وأفضل‬
‫الرسل وخاتم النبياء عليهم الصلة والسلم‪ .‬يقول تعالى‬
‫منوها ً عن إبراهيم وندائه الخالد على مر العصور وتعاقب‬
‫الجيال‪:‬‬
‫َ‬ ‫) وإذْ ب ْ‬
‫ك ِبي‬ ‫ر ْ‬‫ش ِ‬‫ن ل تُ ْ‬ ‫تأ ْ‬ ‫ن ال ْب َي ْ ِ‬‫كا َ‬‫م َ‬ ‫م َ‬ ‫هي َ‬‫وأَنا ل ِب َْرا ِ‬‫َ ِ َ ّ‬
‫والّرك ّ ِ‬
‫ع‬ ‫ن َ‬ ‫مي َ‬ ‫قائ ِ ِ‬ ‫وال ْ َ‬ ‫ن َ‬ ‫في َ‬ ‫طائ ِ ِ‬ ‫هْر ب َي ِْتي ِلل ّ‬ ‫وطَ ّ‬ ‫شْيئا ً َ‬‫َ‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫جال ً‬‫ر َ‬‫ك ِ‬ ‫ج ي َأُتو َ‬ ‫ح ّ‬ ‫س ِبال ْ َ‬ ‫في الّنا ِ‬ ‫ن ِ‬‫وأذّ ْ‬ ‫جوِد )‪َ (26‬‬ ‫س ُ‬‫ال ّ‬
‫ق )‪(27‬‬ ‫ل َ‬ ‫ن كُ ّ‬ ‫ْ‬ ‫عَلى ك ُ ّ‬
‫مي ٍ‬ ‫ع ِ‬‫ج َ‬ ‫ف ّ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫ر ي َأِتي َ‬ ‫م ٍ‬
‫ضا ِ‬‫ل َ‬ ‫و َ‬ ‫َ‬
‫‪ ()1‬بدائع الفوائد جـ ‪ 2‬ص ‪.46‬‬
‫َ‬
‫في أّيام ٍ‬ ‫ه ِ‬ ‫م الل ّ ِ‬ ‫س َ‬ ‫وي َذْك ُُروا ا ْ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ع لَ ُ‬ ‫ف َ‬ ‫مَنا ِ‬ ‫دوا َ‬ ‫ه ُ‬ ‫ش َ‬ ‫ل ِي َ ْ‬
‫فك ُُلوا‬ ‫عام ِ َ‬ ‫ة ال َن ْ َ‬ ‫م ِ‬
‫هي َ‬ ‫ن بَ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫م ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫ق ُ‬ ‫ما َرَز َ‬ ‫عَلى َ‬ ‫ت َ‬ ‫ما ٍ‬ ‫عُلو َ‬ ‫م ْ‬ ‫َ‬
‫م ل ِي َ ْ‬ ‫ْ‬
‫س ال َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ضوا‬ ‫ق ُ‬ ‫قيَر )‪ (28‬ث ُ ّ‬ ‫ف ِ‬ ‫موا الَبائ ِ َ‬ ‫ع ُ‬ ‫وأط ِ‬ ‫ها َ‬ ‫من ْ َ‬ ‫ِ‬
‫ق‬
‫عِتي ِ‬ ‫ت ال ْ َ‬ ‫فوا ِبال ْب َي ْ ِ‬ ‫و ُ‬ ‫ول ْي َطّ ّ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ذوَر ُ‬ ‫فوا ن ُ ُ‬ ‫ول ُْيو ُ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫فث َ ُ‬ ‫تَ َ‬
‫ه‬‫خي ٌْر ل َ ُ‬ ‫و َ‬ ‫ه َ‬ ‫ف ُ‬‫ه َ‬ ‫ت الل ّ ِ‬ ‫ما ِ‬ ‫حُر َ‬ ‫م ُ‬ ‫عظّ ْ‬ ‫ن يُ َ‬ ‫م ْ‬ ‫و َ‬ ‫ك َ‬ ‫)‪ (29‬ذَل ِ َ‬
‫عل َي ْك ُ ْ‬
‫م‬ ‫ما ي ُت َْلى َ‬ ‫م إ ِل ّ َ‬ ‫عا ُ‬ ‫م ال َن ْ َ‬ ‫ت ل َك ُ ْ‬ ‫حل ّ ْ‬ ‫وأ ُ ِ‬ ‫ه َ‬ ‫عن ْدَ َرب ّ ِ‬ ‫ِ‬
‫جت َن ُِبوا َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫و َ‬
‫ل‬ ‫ق ْ‬ ‫وا ْ‬ ‫ن َ‬ ‫وَثا ِ‬ ‫ن ال ْ‬ ‫م ْ‬ ‫س ِ‬ ‫ج َ‬ ‫جت َن ُِبوا الّر ْ‬ ‫فا ْ‬
‫ر( ]الحج‪.[30-26 :‬‬ ‫الّزو ِ‬
‫أخي القاريء‪ :‬لقد حرصت على أن يكون هذا البحث‬
‫موجزا ً لتعم الفائدة منه‪ ،‬يجمع بين وضوح المبنى وسلمة‬
‫المعنى‪ ،‬وقد تعرضت لمعظم أعمال الحج‪ ،‬ورجحت ما‬
‫ظهر لي من خلل استعراض كلم أهل العلم‪ ،‬وما احتاج‬
‫إلى البسط فقد بسطت فيه القول وذكرت الدليل وعنيت‬
‫بتحقيق المسائل‪ ،‬وأبرزت جانبا ً كبيرا ً من الخطاء التي‬
‫يقع فيها الكثير من غير قصد‪.‬‬
‫وقد جعلت هذا البحث في مقدمة وسبعة فصول وخاتمة‪.‬‬
‫الفصل الول‪ :‬تعريف الحج‪ ،‬والصل في مشروعيته‪،‬‬
‫وتاريخ فرضه‪.‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬فضل الحج وأهدافه وشروطه‪.‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬حكمة مشروعية الحج وآثاره وآدابه‪.‬‬
‫الفصل الرابع‪ :‬مواقيت الحج‪ ،‬وكيف حج النبي صلى‬
‫الله عليه وسلم؟‬
‫الفصل الخامس‪ :‬مناسك الحج وأعماله‪.‬‬
‫الفصل السادس‪ :‬مخطط عملي لمريد الحج مع بيان‬
‫الملحظات التي يقع فيها كثير من الحجاج‪.‬‬
‫الفصل السابع‪ :‬الُعمرة وأحكامها‪ ،‬وآداب زيارة‬
‫المسجد النبوي‪.‬‬
‫ثم ختمت البحث ببيان علمات الحج المبرور وآثاره في‬
‫السلوك‪.‬‬
‫وفي نهاية هذه المقدمة أتقدم بالشكر الجزيل والدعاء‬
‫الصادق للمسؤولين في جامعة المام محمد بن سعود‬
‫السلمية وعلى رأسهم معالي مديرها‪ ،‬وأصحاب الفضيلة‬
‫وكلء الجامعة‪ ،‬وسعادة عميد البحث العلمي فيها لما‬
‫غمروني به من تشريف في تكليفي بالكتابة في هذا‬
‫الموضوع الحيوي‪.‬‬
‫أسأل الله جل وعل أن ينفع بهذه الكتابة‪ ،‬وأن يغفر لي ما‬
‫كان فيها من زلل أو تقصير‪ ،‬إنه ولي ذلك والقادر عليه‪،‬‬
‫كما أتوجه بالشكر الجزيل لكل من ساعدني بتقديم‬
‫معلومة‪ ،‬أو إبداء ملحظة‪ ،‬أو توجيه نصيحة شاكرا ً للجميع‬
‫ما قدموه سائل ً المولى جل وعل أن يجزيهم خير الجزاء‪،‬‬
‫كما أدعو كل مطلع على هذا الكتاب أن يكتب لي عما‬
‫يراه من ملحظات أو اقتراحات؛ لنه موضوع يهم‬
‫المسلمين في مشارق الرض ومغاربها‪ ،‬والله من وراء‬
‫القصد وهو الهادي إلى سواء السبيل وصلى الله وسلم‬
‫على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين‪.‬‬
‫كتبه‬
‫أبو‬
‫محمد‬
‫عبد الله بن‬
‫محمد بن أحمد الطيار‬

‫الفصل الول‬
‫تعريف الحج والصل في مشروعيته وتاريخ‬
‫فرضه ويشمل ثلثة مباحث‬

‫المبحث الول‪ :‬تعريف الحج لغة واصطلحًا‪.‬‬


‫المبحث الثاني‪ :‬الصل في مشروعية الحج‪.‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬تاريخ فرض الحج‪.‬‬

‫المبحث الول‬
‫تعريف الحج لغة واصطلحا ً‬

‫الحج في اللغة‪:‬‬
‫قصد مكة للنسك‪ ،‬وهو حاج وحاجج‪ .‬والجمع حجاج‬
‫وحجيج‪ ،‬والحجة المرة الواحدة)‪.(1‬‬
‫قال في لسان العرب)‪........)) :(2‬والحج إلى البيت خاصة‪،‬‬
‫جًا‪ ،‬والحج قصد التوجه إلى البيت‬ ‫تقول‪ :‬حج يحج ح ّ‬
‫بالعمال المشروعة فرضا ً وسنة‪ ،‬تقول‪ :‬حججت البيت‬
‫جا ً إذا قصدته‪.((.......‬‬
‫أحجه ح ّ‬
‫وفي الصطلح‪:‬‬
‫قصد‬
‫البيت الحرام في زمن مخصوص بنية لداء المناسك من‬
‫طواف وسعي ووقوف بعرفة وغيرها)‪.(3‬‬
‫أي قصد مكة المكرمة في وقت الحج‪ ،‬وهي أشهره‬
‫المعلومة‪ :‬شوال وذو القعدة وذو الحجة بنية أداء‬
‫المناسك‪ ،‬وهي الحرام من الميقات‪ ،‬والطواف والسعي‪،‬‬
‫والوقوف بعرفة‪ ،‬وغيرها من المناسك‪.‬‬
‫وهذا التعريف ُيخرج من قصد مكة في غير أشهر الحج أو‬
‫قصدها في أشهر الحج وتنقل مع الحجاج داخل المشاعر‬
‫ولكن بغير نية الحج كالباعة والموظفين والعسكريين‬
‫وغيرهم ممن يتنقلون مع الحجاج داخل مكة وفي منى‬
‫وعرفات والمزدلفة لكنهم ل ينوون أداء المناسك من‬
‫طواف وسعي ووقوف بعرفة وغيرها‪.‬‬

‫المبحث الثاني‬
‫الصل في مشروعية الحج‬

‫الصل في مشروعية الحج‪:‬‬


‫الحج أحد أركان السلم ومبانيه العظام ودعائمه الخمس‬
‫وفرض من فروضه‪ ،‬دل عليه الكتاب والسنة والجماع‬
‫والمعقول‪ ،‬وهو فرض عين على المكلف المستطيع مرة‬
‫واحدة في العمر‪ ،‬ومن أنكر ذلك؛ فقد كفر إل إذا كان‬

‫‪ ()1‬القاموس المحيط جـ ‪ 1‬ص ‪.182‬‬


‫‪()2‬لسان العرب مادة )حجج( جـ ‪ 1‬ص ‪.226‬‬
‫‪()3‬انظر‪ :‬حاشية ابن عابدين جـ ‪ 2‬ص ‪ ،454‬وحاشية الدسوقي جـ ‪ 2‬ص ‪،2‬‬
‫ومغني المحتاج جـ ‪ 1‬ص ‪ ،460‬والروض المربع مع الحاشية جـ ‪ 3‬ص ‪.500‬‬
‫حديث عهد بالسلم‪ ،‬أو نشأ في بادية بعيدة عن العلم‬
‫وأهله‪.‬‬
‫الدلة من الكتاب‪:‬‬
‫ر‬
‫عائ ِ ِ‬ ‫ش َ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫وةَ ِ‬ ‫مْر َ‬ ‫وال ْ َ‬ ‫فا َ‬ ‫ص َ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫‪ -1‬قال تعالى‪ ) :‬إ ِ ّ‬
‫َ‬
‫عل َي ْ ِ‬
‫ه‬ ‫ح َ‬ ‫جَنا َ‬ ‫فل ُ‬ ‫مَر َ‬ ‫عت َ َ‬ ‫وا ْ‬ ‫تأ ْ‬ ‫ج ال ْب َي ْ َ‬ ‫ح ّ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ف َ‬ ‫ه َ‬ ‫الل ّ ِ‬
‫َ‬
‫ن الل ّ َ‬
‫ه‬ ‫فإ ِ ّ‬ ‫خْيرا ً َ‬ ‫ع َ‬ ‫و َ‬ ‫ن ت َطَ ّ‬ ‫م ْ‬ ‫و َ‬ ‫ما َ‬ ‫ه َ‬ ‫ف بِ ِ‬ ‫و َ‬ ‫ن ي َطّ ّ‬ ‫أ ْ‬
‫م( ]البقرة‪.[158 :‬‬ ‫عِلي ٌ‬ ‫شاك ٌِر َ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫ه‬‫مَرةَ ل ِل ّ ِ‬ ‫ع ْ‬ ‫وال ْ ُ‬ ‫ج َ‬ ‫ح ّ‬ ‫موا ال ْ َ‬ ‫وأت ِ ّ‬ ‫‪ -2‬وقال تعالى‪َ ) :‬‬
‫ُ‬
‫ي(‬ ‫هد ْ ِ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫م ْ‬ ‫سَر ِ‬ ‫ست َي ْ َ‬ ‫ما ا ْ‬ ‫ف َ‬ ‫م َ‬ ‫صْرت ُ ْ‬ ‫ح ِ‬ ‫نأ ْ‬ ‫فإ ِ ْ‬ ‫َ‬
‫]البقرة‪[196:‬‬
‫ج ال ْب َي ْ ِ‬
‫ت‬ ‫ح ّ‬ ‫س ِ‬ ‫على الّنا ِ‬
‫ه َ َ‬ ‫ول ِل ّ ِ‬ ‫‪ -3‬وقال تعالى‪َ ) :‬‬
‫ن الل ّ َ‬
‫ه‬ ‫فإ ِ ّ‬ ‫فَر َ‬ ‫ن كَ َ‬ ‫م ْ‬ ‫و َ‬ ‫سِبيل ً َ‬ ‫ه َ‬ ‫ع إ ِل َي ْ ِ‬ ‫طا َ‬ ‫ست َ َ‬ ‫نا ْ‬ ‫م ْ‬ ‫َ‬
‫ن( ]آل عمران‪.[97:‬‬ ‫مي َ‬ ‫عال َ ِ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫ع ْ‬ ‫ي َ‬ ‫ّ‬ ‫غن ِ‬ ‫َ‬
‫‪ -4‬وقال تعالى‪َ ) :‬‬
‫ج‬‫ح ّ‬ ‫س ِبال ْ َ‬ ‫في الّنا ْ ِ‬ ‫ن ِ‬ ‫وأذّ ْ‬ ‫َ‬
‫ل‬‫نك ّ‬ ‫ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫ر ي َأِتي َ‬ ‫م ٍ‬ ‫ضا ِ‬ ‫ل َ‬ ‫عَلى ك ّ‬ ‫ُ‬ ‫و َ‬ ‫جال ً َ‬ ‫ر َ‬ ‫ك ِ‬ ‫ي َأ ُْتو َ‬
‫وي َذْك ُُروا‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ع لَ ُ‬ ‫ف َ‬ ‫مَنا ِ‬ ‫دوا َ‬ ‫ه ُ‬ ‫ش َ‬ ‫ق )‪ (27‬ل ِي َ ْ‬ ‫ٍ‬ ‫مي‬ ‫ع ِ‬ ‫ج َ‬ ‫ف ّ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫م‬ ‫ه ْ‬ ‫ق ُ‬ ‫ما َرَز َ‬ ‫عَلى َ‬ ‫ت َ‬ ‫ما ٍ‬ ‫عُلو َ‬ ‫م ْ‬ ‫في أّيام ٍ َ‬ ‫ه ِ‬ ‫م الل ّ ِ‬ ‫س َ‬ ‫ا ْ‬
‫موا‬ ‫ع ُ‬ ‫وأ َطْ ِ‬ ‫ها َ‬ ‫من ْ َ‬ ‫فك ُُلوا ِ‬ ‫عام ِ َ‬ ‫ة ال َن ْ َ‬ ‫م ِ‬ ‫هي َ‬ ‫ن بَ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ِ‬
‫قيَر( ]الحج‪.[28-27 :‬‬ ‫ف ِ‬ ‫س ال ْ َ‬ ‫ال َْبائ ِ َ‬
‫فهذه اليات صريحة في إيجاب الحج حيث قال تعالى‪:‬‬
‫س( وكلمة على‪ :‬إيجاب‪ ،‬وقال تعالى‪) :‬‬ ‫ه َ َ‬ ‫ول ِل ّ ِ‬
‫على الّنا ِ‬ ‫) َ‬
‫فَر( أي‪ :‬ومن كفر بوجوب الحج‪ ،‬وقال تعالى‪:‬‬ ‫ن كَ َ‬ ‫م ْ‬ ‫و َ‬ ‫َ‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫ج ( أي‪ :‬ادعهم ونادهم إلى حج‬ ‫ح ّ‬ ‫س ِبال َ‬ ‫في الّنا ِ‬ ‫ن ِ‬ ‫وأذّ ْ‬ ‫) َ‬
‫البيت وقيل‪ :‬أعلمهم أن الله فرض عليهم الحج بدليل‬
‫ك(‪.‬‬ ‫قوله تعالى‪ ) :‬ي َأ ُْتو َ‬
‫س‬ ‫ه َ َ‬ ‫ول ِل ّ ِ‬
‫على الّنا ِ‬ ‫قال ابن العربي بعد سياقه للية‪َ ) :‬‬
‫ت( قال علماؤنا‪ :‬هذا من أوكد ألفاظ الوجوب‬ ‫ج ال ْب َي ْ ِ‬ ‫ح ّ‬ ‫ِ‬
‫ي كذا فقد وكده‬ ‫عند العرب إذا قال العربي‪ :‬لفلن عل ّ‬
‫وأوجبه‪ ،‬قال علماؤنا‪ :‬فذكر الله الحج بأبلغ ألفاظ الوجوب‬
‫تأكيدا ً لحقه وتعظيما ً لحرمته وتقوية لفرضه‪.(1)((.......‬‬
‫الدلة من السنة‪:‬‬

‫‪ ()) 1‬أحكام القرآن لبن العربي جـ ‪ 1‬ص ‪.285‬‬


‫‪ -1‬ما رواه عبد الله بن عمر‪ -‬رضي الله عنهما‪-‬‬
‫قال‪ :‬قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‪)) :‬بني‬
‫السلم على خمس‪ :‬شهادة أن ل إله إل‬
‫الله‪ ،‬وأن محمدا ً رسول الله‪ ،‬وإقام الصلة‪،‬‬
‫وإيتاء الزكاة‪ ،‬وصوم رمضان‪ ،‬وحج بيت الله‬
‫الحرام لمن استطاع إلى ذلك سبي ً‬
‫ل(()‪.(1‬‬
‫‪ -2‬ما رواه أبو هريرة‪ -‬رضي الله عنه‪ -‬من حديث‬
‫جبريل الطويل حين جاء يعلم الناس أمر دينهم قال‪:‬‬
‫يا رسول الله ما السلم؟ قال‪ )) :‬السلم أن‬
‫تعبد الله ول تشرك به شيئًا‪ ،‬وتقيم الصلة‬
‫المكتوبة‪ ،‬وتؤدي الزكاة المفروضة‪ ،‬وتصوم‬
‫رمضان‪ ،‬وتحج البيت إن استطعت إليه‬
‫سبي ً‬
‫ل(()‪.(2‬‬
‫‪ -3‬ما رواه أبو هريرة‪ -‬رضي الله عنه‪ -‬قال خطبنا‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال‪)) :‬أيها‬
‫الناس قد فرض الله عليكم الحج فحجوا‬
‫فقال رجل‪ :‬أكل عام يا رسول الله؟ فسكت‬
‫حتى قالها ثلثًا‪ ،‬فقال رسول الله صلى الله‬
‫عليه وسلم‪ :‬لو قلت نعم لوجبت ولما‬
‫استطعتم‪ ،‬ثم قال‪ :‬ذروني ما تركتكم فإنما‬
‫هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم‬
‫واختلفهم على أنبيائهم‪ ،‬فإذا أمرتكم‬
‫بشيء؛ فأتوا منه ما استطعتم‪ ،‬وإذا نهيتكم‬
‫عن شيء فدعوه(()‪.(3‬‬
‫‪ -4‬وعن أنس بن مالك‪ -‬رضي الله عنه‪ -‬قال‪ :‬نهينا‬
‫أن نسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن‬
‫شيء فكان يعجنا أن يجيء الرجل من أهل البادية‬
‫العاقل فيسأله ونحن نسمع‪ ،‬فجاء رجل من أهل‬
‫البادية فقال‪ :‬يا محمد أتانا رسولك فزعم لنا‬
‫‪ ()) 1‬رواه البخاري ومسلم‪ ،‬انظر‪ :‬صحيح البخاري جـ ‪ 1‬ص ‪ ،8‬وصحيح مسلم‬
‫جـ ‪ 1‬ص ‪.34‬‬
‫‪ ())2‬رواه البخاري ومسلم‪ .‬انظر‪ :‬صحيح البخاري جـ ‪ 1‬ص ‪ ،20‬وصحيح‬
‫مسلم جـ ‪ 1‬ص ‪.30‬‬
‫‪()) 3‬رواه مسلم‪ .‬انظر‪ :‬صحيح مسلم جـ ‪ 4‬ص ‪.102‬‬
‫)) أنك تزعم أن الله أرسلك‪..‬إلى أن قال‪....‬وزعم‬
‫رسولك أن علينا حج البيت من استطاع إليه سبي ً‬
‫ل‪.‬‬
‫قال صدق)‪...(1‬الحديث((‪.‬‬
‫فهذه النصوص من السنة تدل دللة قاطعة على وجوب‬
‫الحج مرة واحدة في العمر‪ ،‬وعلى أنه ركن من أركان‬
‫السلم ومبانيه العظام التي ل يتم إسلم امريء إل به‬
‫متى تحققت فيه شروط الوجوب وانتفت عنه موانع‬
‫الداء‪ ،‬فحري بالمسلم أن يبادر لبراء ذمته وأداء ما‬
‫َ‬
‫عَلى َ‬
‫ما‬ ‫سَرَتا َ‬
‫ح ْ‬
‫س َيا َ‬
‫ف ٌ‬ ‫ل نَ ْ‬ ‫قو َ‬ ‫ن تَ ُ‬ ‫عليه قبل ) أ ْ‬
‫ه( وقبل أن يندم ولت ساعة‬ ‫ب الل ّ ِ‬‫جن ْ ِ‬‫في َ‬ ‫ت ِ‬ ‫فّرطْ ُ‬‫َ‬
‫مندم‪.‬‬
‫الدليل من الجماع‪:‬‬
‫أجمعت المة قاطبة على وجوب الحج مرة في العمر‬
‫على المسلم المكلف المستطيع أخذا ً من نصوص‬
‫الكتاب والسنة الموجبة له‪.‬‬
‫وقد نقل الجماع غير واحد من أهل العلم منهم‪:‬‬
‫الكاساني صاحب بدائع الصنائع حيث يقول‪:‬‬
‫))‪.........‬وأما الجماع فلن المة أجمعت على‬
‫فرضيته‪.(2)((......‬‬
‫وابن قدامة في ))المغني(( حيث يقول‪...)) :‬وأجمعت‬
‫المة على وجوب الحج على المستطيع في العمر مرة‬
‫واحدة‪.(3)((......‬‬
‫الدليل من العقل‪:‬‬
‫يعلم المسلم أن العبادات وجبت لحق العبودية‪ ،‬أو لحق‬
‫شكر النعمة‪ ،‬وكل ذلك لزم في العقول‪ ،‬وفي الحج‬
‫إظهار العبودية وشكر النعمة‪.‬‬
‫أما إظهار العبودية‪ :‬فلن إظهارها هو إظهار التذلل‬
‫للمعبود‪ ،‬وفي الحج ذلك؛ لن الحاج في حال إحرامه‬
‫يظهر الشعث ويرفض أسباب التزين وتلحقة المشقة‬
‫والجهد‪.‬‬

‫‪()) 1‬رواه مسلم‪ .‬انظر‪ :‬صحيح مسلم جـ ‪ 1‬ص ‪.32‬‬


‫‪ ()) 2‬بدائع الصنائع جـ ‪ 2‬ص ‪.118‬‬
‫‪ ()) 3‬المغني جـ ‪ 5‬ص ‪.6‬‬
‫وأما شكر النعمة‪ :‬فلن العبادات بعضها بدنية‬
‫وبعضها مالية‪ ،‬والحج عبادة ل تقوم إل بالبدن والمال‪،‬‬
‫ولهذا ل يجب إل عند وجود المال وصحة البدن فكان‬
‫فيه شكر النعمتين‪ ،‬وشكر النعمة ليس إل استعمالها‬
‫في طاعة المنعم‪ ،‬وشكر النعمة واجب شرعا ً وعق ً‬
‫ل((‬
‫)‪.(1‬‬

‫المبحث الثالث‬
‫تاريخ فرض الحج‬

‫جال ً‬‫ر َ‬‫ك ِ‬‫ج ي َأ ُْتو َ‬


‫ح ّ‬‫س ِبال ْ َ‬ ‫في الّنا ِ‬ ‫ن ِ‬ ‫قال تعالى‪َ ) :‬‬
‫وأذّ ْ‬‫َ‬
‫ق(‬ ‫ل َ‬ ‫ُ‬
‫نك ّ‬ ‫ْ‬ ‫عَلى ك ُ ّ‬
‫مي ٍ‬‫ع ِ‬‫ج َ‬ ‫ف ّ‬ ‫م ْ‬
‫ن ِ‬‫ر ي َأِتي َ‬‫م ٍ‬
‫ضا ِ‬ ‫ل َ‬ ‫و َ‬
‫َ‬
‫ً‬
‫]الحج‪ .[27 :‬أي‪ :‬نادِ في الناس بالحج داعيا إياهم إلى‬
‫حج هذا البيت الذي أمرتك ببنائه فذكر أنه قال‪ :‬يارب‬
‫كيف أبلغ الناس وصوتي ل ينفذهم فقال‪ :‬نادِ وعلينا‬
‫البلغ‪ ،‬فقام على مقام إبراهيم‪ ،‬وقيل على الحجر‪،‬‬
‫وقيل على الصفا‪ ،‬وقيل على أبي قبيس وقال‪ :‬يا أيها‬
‫الناس إن ربكم قد اتخذ بيتا ً فحجوه فيقال‪ :‬إن الجبال‬
‫تواضعت حتى بلغ الصوت أرجاء الرض وأسمع من في‬
‫الرحام والصلب‪ ،‬وأجابه كل شيء من حجر ومدر‬
‫وشجر ومن كتب الله أن يحج إلى يوم القيامة لبيك‬
‫اللهم لبيك)‪.(2‬‬
‫هذا عن تاريخ الحج قبل مبعث محمد صلى الله عليه‬
‫وسلم‪ ،‬أما تاريخ فرض الحج في السلم فقد اختلف‬
‫فيه‪ ،‬فقيل‪ :‬فرض سنة ست‪ ،‬وقيل سنة سبع وقيل سنة‬
‫ثمان‪ ،‬وقيل سنة تسع‪ ،‬وقيل سنة عشر‪.‬‬
‫قال ابن القيم‪...)) :‬ل خلف أنه لم يحج بعد هجرته‬
‫إلى المدينة سوى حجة واحدة وهي حجة الوداع‪ ،‬ول‬
‫خلف أنها كانت سنة عشر‪......‬‬

‫‪ ()) 1‬بدائع الصنائع جـ ‪ 2‬ص ‪.118‬‬


‫‪ ())2‬تفسير ابن كثير جـ ‪ 3‬ص ‪.216‬‬
‫ض الحج بادر رسول الله صلى الله عليه‬ ‫ولما نزل فر ُ‬
‫وسلم إلى الحج من غير تأخير فإن فرض الحج تأخر‬
‫إلى سنة تسع أو عشر ‪.(1)((.....‬‬
‫والدليل على ذلك أن فرض الحج كان بقوله تعالى‪) ) :‬‬
‫ع إ ِل َي ْ ِ‬
‫ه‬ ‫ست َ َ‬
‫طا َ‬ ‫نا ْ‬
‫م ْ‬
‫ت َ‬ ‫ج ال ْب َي ْ ِ‬
‫ح ّ‬
‫س ِ‬ ‫ه َ َ‬
‫على الّنا ِ‬ ‫ول ِل ّ ِ‬‫َ‬
‫سِبيل( ]آل عمران‪.[97:‬‬ ‫ً‬ ‫َ‬
‫وهذه الية في صدر سورة آل عمران النازلة عام‬
‫الوفود سنة تسع من الهجرة‪.‬‬
‫وقد كان الحج معلوما ً عند العرب مشهورا ً لديهم‪ ،‬وكان‬
‫مما يرغب فيه لسواقها وتبررها وتحنفها‪ ،‬فلما جاء‬
‫السلم خوطبوا بما علموا وألزموا بما عرفوا)‪.(2‬‬

‫الفصل الثاني‬
‫فضل الحج وأهدافه وشروطه‬
‫ويشمل ثلثة مباحث‬

‫‪.‬المبحث الول‪ :‬فضل الحج‬


‫‪.‬المبحث الثاني‪ :‬أهداف الحج‬
‫المبحث الثالث‪ :‬شروط الحج‬

‫المبحث الول‬
‫فضل الحج‬

‫أفاض القرآن والسنة في فضل الحج‪ ،‬ووردت فيه‬


‫)‪(3‬‬
‫النصوص الكثيرة التي ذكرنا طرفا ً منها فيما سبق‬
‫ونذكر هنا ما لم نذكره هناك مما يختص في فضل الحج‬
‫‪:‬فنقول‬
‫‪:‬الحج يهدم ما قبله ‪1-‬‬

‫‪ ()1‬زاد المعاد جـ ‪ 2‬ص ‪ ،101‬وانظر‪ :‬الجامع لحكام القرآن للقرطبي جـ ‪4‬‬


‫ص ‪ ،144‬حاشية الروض المربع جـ ‪ 3‬ص ‪.499‬‬
‫‪ ()2‬أحكام القرآن لبن العربي جـ ‪ 1‬ص ‪ ،286‬الجامع لحكام القرآن‬
‫للقرطبي جـ ‪ 4‬ص ‪ ،43‬المجموع للنووي جـ ‪ 7‬ص ‪.2‬‬
‫‪ ()3‬فصلنا القول فيها عند حديثنا عن الصل في مشروعية الحج‬
‫فليراجع‪.‬‬
‫عن عمرو بن العاص‪ -‬رضي الله عنه‪ -‬قال‪ ....)) :‬فلما‬
‫جعل الله السلم في قلبي أتيت النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم فقلت‪ :‬أبسط يمينك فلبايعك فبسط يمينه قال‪:‬‬
‫فقبضت يدي قال‪ :‬مالك يا عمرو؟ قال‪ :‬قلت أردت أن‬
‫أشترط قال‪ :‬تشترط بماذا؟ قلت‪ :‬أن ُيغفر لي قال‪ :‬أما‬
‫علمت أن السلم يهدم ما كان قبله‪ ،‬وأن الهجرة تهدم‬
‫ما كان قبلها‪ ،‬وأن الحج يهدم ما كان قبله‪.(1)....‬‬
‫‪ -2‬الحاج يعود بعد حجه كيوم ولدته أمه‪:‬‬
‫عن أبي هريرة‪ -‬رضي الله عنه‪ -‬قال‪ :‬سمعت رسول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم‪)) :‬من حج هذا البيت فلم‬
‫يرفث ولم يفسق؛ رجع كيوم ولدته أمه(()‪.(2‬‬
‫‪ -3‬الحج أفضل العمال بعد اليمان والجهاد‪:‬‬
‫عن أبي هريرة‪ -‬رضي الله عنه‪ -‬قال‪ :‬سئل النبي صلى‬
‫الله عليه وسلم‪ :‬أي العمال أفضل؟ قال‪ )) :‬إيمان‬
‫بالله ورسوله قيل‪ :‬ثم ماذا؟ قال‪ :‬ثم جهاد في‬
‫سبيل الله قيل‪ :‬ثم ماذا؟ قال‪ :‬ثم حج مبرور(()‪.(3‬‬
‫‪ -4‬الحج أفضل الجهاد‪:‬‬
‫عن عائشة‪ -‬رضي الله عنها‪ -‬قالت‪ :‬قلت يارسول الله‬
‫نرى الجهاد أفض العمال أفل نجاهد؟ قال‪)) :‬ل‪ ،‬لكن‬
‫أفضل الجهاد حج مبرور(()‪.(4‬‬
‫‪ -5‬الحج المبرور جزاؤه الجنة‪:‬‬
‫عن أبي هريرة‪ -‬رضي الله عنه‪ -‬أن رسول الله صلى‬
‫الله عليه وسلم قال‪ )) :‬العمرة إلى العمرة كفارة‬
‫))لما بينهما‪ ،‬والحج المبرور ليس له جزا إل الجنة‬
‫‪(5).‬‬

‫ومن فضائل الحج‪ :‬أن الحجاج والعمار وفد الله إن‬


‫سألوه أعطاهم‪ ،‬وإن دعوه أجابهم‪ ،‬وإن استغفروه غفر‬
‫لهم‪ ،‬ونفقتهم في سبيل الله مخلوفة عليهم‪ ،‬وهم معانون‬
‫في أداء النسك‪ ،‬وأخيرا ً فإن الله يباهي بالحجاج ملئكته‬
‫‪ ()1‬رواه مسلم‪ .‬انظر‪ :‬صحيح مسلم جـ ‪ 1‬ص ‪.78‬‬
‫‪ ()2‬رواه البخاري ومسلم‪ .‬انظر‪ :‬صحيح البخاري جـ ‪ 2‬ص ‪ ،164‬وصحيح‬
‫مسلم جـ ‪ 4‬ص ‪.107‬‬
‫‪ ()3‬رواه البخاري جـ ‪ 2‬ص ‪.164‬‬
‫‪ ()4‬رواه البخاري‪ .‬انظر‪ :‬صحيح البخاري جـ ‪ 2‬ص ‪.164‬‬
‫‪ ()5‬رواه مسلم‪ .‬انظر‪ :‬صحيح مسلم جـ ‪ 4‬ص ‪.107‬‬
‫في صعيد عرفات ويتجلى لهم ويقول‪ :‬انصرفوا مغفورا ً‬
‫لكم‪ .‬إنه لفضل عظيم ونعمة كبرى أن ينصرف الحاج من‬
‫هذا الموقف العظيم مغفورا ً له‪ ،‬وذلك فضل الله يؤتيه من‬
‫يشاء‪.‬‬

‫المبحث الثاني‬
‫أهداف الحج‬

‫الحج هجرة إلى الله تعالى استجابة لدعوته وموسم دوري‬


‫يلتقي فيه المسلمون كل عام على أصفى العلقات‬
‫وأنقاها ليشهدوا منافع لهم على أكرم بقعة شرفها الله‪.‬‬
‫وعبادات السلم وشعائره تهدف كلها إلى خير المسلمين‬
‫في الدنيا والخرة‪ ،‬ومن هنا كان الحج عبادة يتقرب بها‬
‫المسلمون إلى خالقهم فتصفو نفوسهم ويلتقون على‬
‫المودة يربط بينهم اليمان رغم تباعد القطار واختلف‬
‫الديار‪.‬‬
‫والمتأمل في نصوص الكتاب والسنة الخاصة بالحج إذا‬
‫جمع معها ما يلمسه في الواقع المشاهد خلل أداء فريضة‬
‫تتجلى له الهداف التالية‪:‬‬
‫‪ -1‬الحج تمرين عملي للرحلة الطويلة‪:‬‬
‫الحج تمرين عملي وتصوير فعلي لتلك الرحلة‬
‫المحتومة التي لبد لكل إنسان أن يرتحلها عن هذه الحياة‬
‫الدنيا‪ ،‬فإذا لبس الحاج ثياب الحرام تذكر المحشر‪ ،‬لن‬
‫الشبه كبير جدا ً ‪.‬‬
‫قُلو ُ‬ ‫مى ال ْ ُ‬ ‫َ‬
‫ب‬ ‫ع َ‬‫ن تَ ْ‬‫ول َك ِ ْ‬‫صاُر َ‬‫مى الب ْ َ‬ ‫ع َ‬ ‫ها ل ت َ ْ‬ ‫) َ‬
‫فإ ِن ّ َ‬
‫ر( ]الحج‪.[46 :‬‬ ‫دو ِ‬ ‫ص ُ‬ ‫في ال ّ‬ ‫ال ِّتي ِ‬
‫‪ -2‬الحج امتثال لوامر واستجابة لندائه‪:‬‬
‫الحج امتثال لوامر الله واستجابة لتعاليمه تتجلى فيه‬
‫الطاعة الخالصة والسلم الحق وصدق الله العظيم‪) .‬‬
‫د‬ ‫ف َ‬
‫ق ِ‬ ‫ن َ‬ ‫س ٌ‬ ‫ح ِ‬
‫م ْ‬ ‫و ُ‬ ‫ه َ‬
‫و ُ‬‫ه َ‬ ‫ه إ َِلى الل ّ ِ‬‫ه ُ‬ ‫ج َ‬‫و ْ‬ ‫م َ‬ ‫سل ِ ْ‬‫ن يُ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫و َ‬
‫َ‬
‫وث ْقى( ]لقمان‪.[22:‬‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ة ال ُ‬‫و ِ‬ ‫عْر َ‬ ‫ْ‬
‫سك ِبال ُ‬ ‫َ‬ ‫م َ‬ ‫ست َ ْ‬ ‫ا ْ‬
‫‪ -3‬الحج فيه تأس بأبينا إبراهيم عليه السلم‪:‬‬
‫لقد أمر الله أبانا إبراهيم عليه السلم أن يؤذن في الناس‬
‫بالحج وكتب الله لمن شاء من عباده أن يلبوا هذا النداء‬
‫رجال ً أو ركبانًا؛ ففي الحج اقتداء بالصالحين وتأس بمن‬
‫أمرنا الله أن نتأسى بهم ونجعلهم قدوة حسنة لنا‪.‬‬
‫في‬ ‫ة ِ‬ ‫سن َ ٌ‬ ‫كان َت ل َك ُ ُ‬ ‫قد ْ َ‬ ‫يقول تعالى‪َ ) :‬‬
‫ح َ‬ ‫وةٌ َ‬ ‫س َ‬ ‫مأ ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫م إ ِّنا ب َُرآءُ‬ ‫ه ْ‬ ‫م ِ‬ ‫و ِ‬‫ق ْ‬ ‫قاُلوا ل ِ َ‬ ‫ه إ ِذْ َ‬ ‫ع ُ‬ ‫م َ‬ ‫ن َ‬ ‫ذي َ‬ ‫وال ّ ِ‬ ‫م َ‬ ‫هي َ‬ ‫إ ِب َْرا ِ‬
‫دا‬ ‫وب َ َ‬ ‫م َ‬ ‫فْرَنا ب ِك ُ ْ‬ ‫ه كَ َ‬ ‫ن الل ّ ِ‬ ‫دو ِ‬ ‫ن ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫دو َ‬ ‫عب ُ ُ‬ ‫ما ت َ ْ‬ ‫م ّ‬ ‫و ِ‬ ‫م َ‬ ‫من ْك ُ ْ‬ ‫ِ‬
‫َ‬
‫مُنوا‬ ‫ؤ ِ‬ ‫حّتى ت ُ ْ‬ ‫ضاءُ أَبدا ً َ‬ ‫غ َ‬ ‫وال ْب َ ْ‬ ‫وةُ َ‬ ‫دا َ‬ ‫ع َ‬ ‫م ال ْ َ‬ ‫وب َي ْن َك ُ ْ‬ ‫ب َي ْن ََنا َ‬
‫ك‬ ‫ن لَ َ‬ ‫فَر ّ‬ ‫غ ِ‬ ‫ست َ ْ‬ ‫هيم ل َبي ِ َ‬ ‫و َ‬ ‫حدَهُ إ ِل ّ َ‬ ‫ِبالل ّ ِ‬
‫هل ْ‬ ‫ِ‬ ‫ل إ ِب َْرا ِ َ‬ ‫ق ْ‬ ‫و ْ‬ ‫ه َ‬
‫وك ّل َْنا‬ ‫عل َي ْ َ‬ ‫َ‬
‫ك تَ َ‬ ‫ء َرب َّنا َ‬ ‫ي ٍ‬ ‫ش ْ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ه ِ‬ ‫ن الل ّ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ك ِ‬ ‫ك لَ َ‬ ‫مل ِ ُ‬ ‫ما أ ْ‬ ‫و َ‬ ‫َ‬
‫ة‬
‫فت ْن َ ً‬ ‫علَنا ِ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ج َ‬ ‫صيُر )‪َ (4‬رب َّنا ل ت َ ْ‬ ‫م ِ‬ ‫وإ ِلي ْك ال َ‬ ‫وإ ِلي ْك أن َب َْنا َ‬ ‫َ‬
‫زيُز‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫فْر لَنا َرب َّنا إ ِن ّ َ‬ ‫َ‬ ‫وا ْ‬ ‫ن كَ َ‬ ‫ّ‬
‫ع ِ‬ ‫ت ال َ‬ ‫ك أن ْ َ‬
‫ُ‬
‫غ ِ‬ ‫فُروا َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ل ِل ِ‬
‫ن‬‫م ْ‬ ‫ة لِ َ‬ ‫سن َ ٌ‬ ‫ح َ‬ ‫وةٌ َ‬ ‫س َ‬ ‫مأ ْ‬ ‫ه ْ‬ ‫في ِ‬ ‫م ِ‬ ‫ن ل َك ُ ْ‬ ‫كا َ‬ ‫قد ْ َ‬ ‫م )‪ (5‬ل َ َ‬ ‫كي ُ‬ ‫ح ِ‬ ‫ال ْ َ‬
‫ن الل ّ َ‬
‫ه‬ ‫فإ ِ ّ‬ ‫ل َ‬ ‫و ّ‬ ‫من ي َت َ َ‬ ‫و َ‬ ‫خَر َ‬ ‫م ال ِ‬ ‫و َ‬ ‫وال ْي َ ْ‬ ‫ه َ‬ ‫جوا الل ّ َ‬ ‫ن ي َْر ُ‬ ‫كا َ‬ ‫َ‬
‫د( ]الممتحنة ‪.[6-4‬‬ ‫مي ُ‬ ‫ح ِ‬ ‫ي ال ْ َ‬ ‫غن ِ ّ‬ ‫و ال ْ َ‬ ‫ه َ‬ ‫ُ‬
‫‪ -4‬الحج فيه ارتباط بمهبط الوحي‪:‬‬
‫الحج رحلة إلى الديار المقدسة مهبط الوحي ومتنزل‬
‫التشريع وكلما ارتبط المسلم بهذه البقاع الطاهرة؛ كان‬
‫القتداء بالرعيل الول الذين جاهدوا في سبيل الله وبلغوا‬
‫شرعه إلى أنحاء المعمورة‪ ،‬وشتان ما بين مسلم يرتبط‬
‫قلبه بمهابط الوحي ومنازل التشريع ومسلم يتعلق قلبه‬
‫هنا أو هناك خلف عرض زائل أو قزم يتطاول فكما أن‬
‫الفرق شاسع بين الوسيلتين فكذلك في النتيجة‪.‬‬
‫‪ -5‬الحج فيه نوع من السياحة المحمودة‪:‬‬
‫الحج سياحة شرعية ونوع من الضرب في الرض‪ ،‬وقد‬
‫أثنى الله على السائحين المتفكرين فقال تعالى‪) :‬‬
‫ن‬‫عو َ‬ ‫ن الّراك ِ ُ‬ ‫حو َ‬ ‫سائ ِ ُ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫دو َ‬ ‫م ُ‬ ‫حا ِ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫دو َ‬ ‫عاب ِ ُ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫الّتائ ُِبو َ‬
‫ن‬‫ع ْ‬ ‫ن َ‬ ‫هو َ‬ ‫والّنا ُ‬ ‫ف َ‬ ‫عُرو ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ِبال ْ َ‬ ‫مُرو َ‬ ‫ن ال ِ‬ ‫دو َ‬ ‫ج ُ‬ ‫سا ِ‬ ‫ال ّ‬
‫ن(‬ ‫مِني َ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫شْر ال ْ ُ‬ ‫وب َ ّ‬ ‫ه َ‬ ‫دوِد الل ّ ِ‬ ‫ح ُ‬ ‫ن لِ ُ‬ ‫ظو َ‬ ‫ف ُ‬ ‫حا ِ‬ ‫وال ْ َ‬ ‫ر َ‬ ‫منك َ ِ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫]التوبة‪.[112:‬‬
‫وسياحة الحج سياحة طاهرة مما قد يعلق بها من‬
‫الشوائب‪ ،‬ولذا أوجب الله على الحاج أل يرفث ول يفسق‬
‫ن‬‫م ْ‬ ‫ف َ‬ ‫ت َ‬ ‫ما ٌ‬ ‫عُلو َ‬ ‫م ْ‬ ‫هٌر َ‬ ‫ش ُ‬ ‫ج أَ ْ‬ ‫ح ّ‬ ‫ول يجادل فقال تعالى‪ ) :‬ال ْ َ‬
‫دا َ‬
‫ل‬ ‫ج َ‬ ‫ول ِ‬ ‫سوقَ َ‬ ‫ف ُ‬ ‫ول ُ‬ ‫ث َ‬ ‫ف َ‬ ‫فل َر َ‬ ‫ج َ‬ ‫ح ّ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫ه ّ‬‫في ِ‬‫ض ِ‬ ‫فَر َ‬ ‫َ‬
‫ج‪]( ....‬البقرة‪.[197:‬‬ ‫ح ّ‬ ‫في ال ْ َ‬ ‫ِ‬
‫‪ -6‬في الحج إعلن عملي لمبدأ المساواة بين‬
‫الناس‪:‬‬
‫تتجلى المساواة بأسمى صورها الواقعية في الحج وذلك‬
‫في صعيد عرفات حينما يقف الناس موقفا ً واحدا ً ل‬
‫تفاضل بينهم في أي عرض من أعراض الدنيا الزائلة؛ بل‬
‫التفاضل والفوز والفلح بالتقى فحسب‪ .‬يقول الحق تبارك‬
‫ن‬‫وتعالى مؤكدا ً هذا المنهج السامي في السلم‪ ) :‬إ ِ ّ‬
‫م( ]الحجرات‪ .[13:‬ويقول‬ ‫قاك ُ ْ‬ ‫ه أ َت ْ َ‬ ‫عن ْدَ الل ّ ِ‬ ‫م ِ‬ ‫مك ُ ْ‬ ‫أك َْر َ‬
‫َ‬
‫تعالى‪):‬سواءً العاكف فيه والباد( ]الحج‪.[25 :‬‬
‫‪ -7‬في الحج تذكرة بيوم لقاء الله‪:‬‬
‫الحج يذكر المسلم بيوم لقاء الله وذلك إذا تجرد الحاج‬
‫من ثيابه ولّبى محرما ً ووقف بصعيد عرفات ورأى كثرة‬
‫الناس ولباسهم واحد يشبه الكفان‪ ،‬فهنا تجول بالخاطر‬
‫مواقف سيتعرض لها المسلم بعد وفاته فيدعوه ذلك‬
‫للستعداد لها وأخذ الزاد قبل لقاء الله‪.‬‬
‫‪ -8‬في الحج توثيق لمبدأ التعارف والتعاون‪:‬‬
‫عَلى ال ْب ِّر‬ ‫وُنوا َ‬ ‫عا َ‬ ‫وت َ َ‬‫يقول الحق تبارك وتعالى‪َ ) :‬‬
‫ن(‬ ‫وا ِ‬ ‫وال ْ ُ‬
‫عد ْ َ‬ ‫عَلى ال ِث ْم ِ َ‬ ‫وُنوا َ‬ ‫عا َ‬ ‫ول ت َ َ‬ ‫وى َ‬ ‫ق َ‬ ‫والت ّ ْ‬ ‫َ‬
‫]المائدة‪.[2:‬‬
‫ويتجلى تحقيق هذا المبدأ السامي في الحج حيث تتوثق‬
‫الصلت ويقوى التعارف ويتم التشاور ويحصل تبادل‬
‫الراء‪ ،‬والتجارب والخبرات للسعي قدما ً في النهوض‬
‫بالمة ورسم الطريق المثل لها لتتبوأ مكانتها القيادية‬
‫على مر العصور والجيال‪.‬‬
‫‪ -9‬في الحج جمع للناس على مبدأ التوحيد‪:‬‬
‫في الحج تتجلى صورة التوحيد لدى المسلمين فهم أولء‬
‫يتوافدون على الديار المقدسة ويجتمعون في أماكن‬
‫محددة ويناجون رب ّا ً واحدا ً ملبين النداء مذعنين للمر‬
‫منضوين تحت اللواء يرفعون كلمة التوحيد ويعتصمون‬
‫هذ ُ‬
‫مت ُك ُ ْ‬
‫م‬ ‫هأ ّ‬ ‫ن َ ِ ِ‬ ‫وإ ِ ّ‬‫بالحبل المتين وصدق الله العظيم ) َ‬
‫حدةً َ‬ ‫ُ‬
‫ن ( ]المؤمنون‪.[52:‬‬ ‫قو ِ‬ ‫فات ّ ُ‬ ‫م َ‬ ‫وأَنا َرب ّك ُ ْ‬ ‫وا ِ َ َ‬ ‫ة َ‬ ‫م ً‬
‫أ ّ‬
‫‪ -10‬الحج مؤتمر سنوي للمسلمين‪:‬‬
‫وأخيرا ً فالحج مؤتمر سنوي عام للمسلمين يتدارسون فيه‬
‫شؤونهم‪ ،‬وتجتمع فيه كلمتهم‪ ،‬ويحنو فيه غنيهم على‬
‫فقيرهم‪ ،‬وتظهر فيه الواحدة الكبرى للمسلمين‪.‬‬
‫والذي أدى فريضة الحج في السنوات الخيرة يلمس هذه‬
‫الهداف ماثلة للعيان‪ ،‬فكم من أموال بذلت في سبيل‬
‫الله‪ ،‬وكم من تجارب تمت الستفادة منها‪ ،‬وكم من‬
‫لقاءات جانبية تداول فيها المجتمعون ما يهم المسلمين‬
‫في حاضرهم ومستقبلهم‪ ،‬وإذا كان هذا قد تحقق فعل ً‬
‫بفضل من الله؛ فإننا نأمل المزيد وندعو المسلمين‬
‫لستثمار هذا المؤتمر السنوي ليحصل الخير الوفير لمة‬
‫السلم في جميع ديار المسلمين)‪.(1‬‬

‫‪ ()1‬أعمال الحج والعمرة ص ‪.13‬‬


‫المبحث الثالث‬
‫شروط الحج‬
‫تكلم أهل العلم على شروط الحج وذكروا شروط وجوبه‬
‫وشروط أدائه وشروط صحته‪ ،‬وسأجمل ذلك مفصل ً‬
‫القول في شروط الستطاعة الذي نصت عليه آية فرض‬
‫ع‬
‫طا َ‬ ‫ست َ َ‬
‫نا ْ‬
‫م ْ‬ ‫ج ال ْب َي ْ ِ‬
‫ت َ‬ ‫ح ّ‬
‫س ِ‬ ‫ه َ َ‬ ‫ول ِل ّ ِ‬
‫على الّنا ِ‬ ‫الحج ) َ‬
‫سِبيل ً( ]آل عمران‪.[97:‬‬ ‫ه َ‬‫إ ِل َي ْ ِ‬
‫وشروط الحج خمسة‪ :‬السلم‪ ،‬والعقل‪ ،‬والبلوغ‪ ،‬والحرية‪،‬‬
‫والستطاعة‪.‬‬
‫يقول ابن قدامة بعد أن ساق هذه الشروط ))‪....‬ل نعلم‬
‫في هذا كله اختلفًا‪.(1)((.....‬‬
‫ل‪ :‬السلم‪:‬‬ ‫أو ً‬
‫الحج من أعظم العبادات والقربات وهي ل تصح من‬
‫الكافر؛ لن الرسول صلى الله عليه وسلم رتب وجوب‬
‫التكاليف الشرعية على القرار بالشهادتين فقال صلى‬
‫الله عليه وسلم فيما يرويه ابن عباس رضي الله عنهما‬
‫معاذا ً إلى اليمين ))ادعهم إلى شهادة أن ل إله‬ ‫لما بعث ُ‬
‫إل الله وأني رسول الله فإن هم أطاعوك لذلك فأعلمهم‬
‫أن الله افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم‬
‫وليلة‪.(2)(........‬‬
‫ثانيًا‪ :‬العقل‪:‬‬
‫لن العقل شرط للتكليف والمجنون ليس مكلفا ً فل يجب‬
‫عليه الحج حال جنونه بل ل يصح منه لو أداه حال الجنون‬
‫فمن حج وهو مجنون وجب عليه أن يحج حجة السلم إذا‬
‫‪ ()1‬المغني جـ ‪ 5‬ص ‪ ،6‬وانظر‪ :‬بدائع الصنائع جـ ‪ 2‬ص ‪.120‬‬
‫‪ ()2‬رواه البخاري‪ .‬انظر‪ :‬صحيح البخاري جـ ‪ 2‬ص ‪.90‬‬
‫أفاق من جنونه‪ ،‬وكذا سائر العبادات الشرعية ل تصح من‬
‫المجنون وليست واجبة عليه يدل لذلك ما رواه علي بن‬
‫أبي طالب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‪)) :‬‬
‫رفع القلم عن ثلثة‪ :‬عن النائم حتى يستيقظ‪،‬‬
‫وعن الصبي حتى يشب‪ ،‬وعن المعتوه حتى‬
‫يعقل(()‪.(1‬‬

‫ثالثًا‪ :‬البلوغ‪:‬‬
‫لن الصبي قبل البلوغ غير المكلف لكن لو حج فحجه‬
‫صحيح ول يكفيه عن حجة السلم‪ ،‬بل متى بلغ وجبت‬
‫عليه يدل لذلك ما رواه علي بن أبي طالب أن رسول الله‬
‫صلى الله عليه وسلم )) رفع القلم عن ثلثة‪ :‬عن‬
‫النائم حتى يستيقظ‪ ،‬وعن الصبي حتى يشب‪،‬‬
‫وعن المعتوه حتى يعقل(()‪.(2‬‬
‫وما رواه ابن عباس‪ -‬رضي الله عنهما‪ -‬قال‪ :‬رفعت امرأة‬
‫صبيا ً فقالت‪ :‬يا رسول الله ألهذا حج؟ قال‪ )) :‬نعم ولك‬
‫أجر(()‪.(3‬‬
‫قال ابن المنذر‪ )) :‬أجمع أهل العلم‪ -‬إل من شذ منهم‬
‫ممن ل يعتد بقوله خلفًا‪ -‬على أن الصبي إذا حج في حال‬
‫صغره ثم بلغ الصبي‪ ،‬أن عليه حجة السلم إذا وجد إليها‬
‫سبي ً‬
‫ل(()‪.(4‬‬
‫وقال الترمذي‪ )) :‬وقد أجمع أهل العلم أن الصبي إذا‬
‫حج قبل أن يدرك فعليه الحج إذا أدرك ل تجزيء عنه تلك‬
‫الحجة عن حجة السلم(()‪.(5‬‬
‫رابعًا‪ :‬الحرية‪:‬‬

‫‪ ()1‬رواه أبو داود‪ .‬انظر‪ :‬سنن أبي داود جـ ‪ 2‬ص ‪ .451‬وابن ماجه‪ .‬انظر‪:‬‬
‫سنن ابن ماجه جـ ‪ 1‬ص ‪ .658‬والترمذي‪ .‬انظر‪ :‬سنن الترمذي جـ ‪ 4‬ص ‪32‬‬
‫وقال عنه الترمذي‪ )) :‬قال أبو عيسى حديث علي حديث حسن غريب من‬
‫هذا الوجه‪ ،‬وقد روي من غير وجه عن علي بن أبي طالب عن النبي‬
‫صلى الله عليه وسلم‪ ....‬والعمل على هذا الحديث عند أهل العلم‪.((......‬‬
‫‪ ()2‬سبق تخريجه في الفقرة السابقة‪.‬‬
‫‪ ()3‬رواه مسلم‪ .‬انظر‪ :‬صحيح مسلم جـ ‪ 4‬ص ‪.101‬‬
‫‪ ()4‬انظر‪ :‬المغني جـ ‪ 5‬ص ‪.44‬‬
‫‪ ()5‬انظر‪ :‬سنن الترمذي جـ ‪ 3‬ص ‪.256‬‬
‫فالعبد المملوك ل يجب عليه الحج؛ لنه ل يملك شيئا ً ولو‬
‫حج حال رقه صح حجه تطوعا ً وأثم إن لم يأذن له سيده‪.‬‬
‫وتجب عليه حجة السلم متى أعتق‪.‬‬
‫قال ابن المنذر‪)) :‬أجمع أهل العلم……على أن العبد‬
‫إذا حج في حال رقه ثم أعتق أن عليه حجة السلم إذا‬
‫ل(()‪.(1‬‬‫وجد إليها سبي ً‬
‫وقال الترمذي‪)) :‬وقد أجمع أهل العلم……‪.‬على أن‬
‫المملوك إذا حج في رقه ثم أعتق فعليه الحج إذا وجد إلى‬
‫ذلك سبيل ً ول يجزيء عنه ما حج حال رقه…‪.(2)((.‬‬
‫خامسًا‪ :‬الستطاعة‪:‬‬
‫أجمع أهل العلم أن الستطاعة شرط لوجوب الحج لقوله‬
‫ع‬ ‫ست َ َ‬
‫طا َ‬ ‫نا ْ‬ ‫م ْ‬
‫ت َ‬‫ج ال ْب َي ْ ِ‬
‫ح ّ‬‫س ِ‬ ‫ه َ َ‬ ‫ول ِل ّ ِ‬
‫على الّنا ِ‬ ‫تعالى ‪َ ):‬‬
‫سِبيل ً( ]آل عمران‪.[97:‬‬ ‫ه َ‬‫إ ِل َي ْ ِ‬
‫ف شرعا ً وعقل ً)‪.(3‬‬ ‫ولن التكليف بما ل يطاق منت ٍ‬
‫والستطاعة المشروطة قسمان‪:‬‬
‫قسم‪ :‬يشترك فيه الرجال والنساء‬
‫وقسم‪ :‬تختص به النساء فقط‪.‬‬
‫القسم الول‪:‬‬
‫الستطاعة التي تشترط في الرجال والنساء وهي أربع‬
‫خصال‪:‬‬
‫‪ -1‬القدرة على الزاد والراحلة‪.‬‬
‫‪ -2‬صحة البدن‪.‬‬
‫‪ -3‬أمن الطريق‪.‬‬
‫‪ -4‬إمكان السير‪.‬‬
‫‪ -5‬ولمزيد إيضاح هذه الخصال أقول‪.‬‬
‫القدرة على الزاد والراحلة‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫وذلك بأن يملك النفقة والراحلة التي تكفية ذهابا ً وإيابا ً‬
‫من مأكول ومشروب وكسوة بنفقة وسط ل إسراف‬
‫فيها ول تقتير‪.‬‬
‫ولملكية الزاد الراحلة ضوابط أهمها‪:‬‬
‫‪ ()1‬المغني جـ ‪ 5‬ص ‪.44‬‬
‫‪ ()2‬سنن الترمذي جـ ‪ 3‬ص ‪.266‬‬
‫‪ ()3‬انظر‪ :‬بدائع الصنائع جـ ‪ 2‬ص ‪ ،121‬وبداية المجتهد جـ ‪ 1‬ص ‪،327‬‬
‫والمجموع جـ ‪ 7‬ص ‪ ،48‬وكشاف اقناع جـ ‪ 2‬ص ‪.386‬‬
‫أن تكون ملكية الزاد والراحلة فاضلة عن‬ ‫)‪(1‬‬
‫نفقة عياله ومن تلزمه نفقتهم من حين ذهابه‬
‫للحج حتى رجوعه منه‪.‬‬
‫أن تكون ملكية الزاد والراحلة فاضلة عما‬ ‫)‪(2‬‬
‫تمس إليه حاجته الصلية كقضاء الديون‪.‬‬
‫)‪ (5‬أن تكون الراحلة مما يصلح لمثله بشراء أو‬
‫كراء‪.‬‬
‫صحة البدن‪:‬‬ ‫‪-2‬‬
‫من لزم الستطاعة المشروطة لوجوب الحج صحة‬
‫البدن فإذا كان المسلم مريضا ً أو مصابا ً بعاهة دائمة أو‬
‫مقعدا ً أو شيخا ً كبيرا ً ل يثبت على الراحلة بنفسه فل‬
‫يجب عليه الحج وهذا مما ل خلف فيه بين أهل العلم‪.‬‬
‫ومع تيسير وسائل المواصلت وسهولتها وسرعتها خف‬
‫هذا العائق عن الحج لكنه ما زال باقيا ً فيمن كان‬
‫مريضا ً ل يستطيع أداء المناسك بنفسه وإن كنا رأينا‬
‫دو هذا الركن وهم تحت وطأة المرض‬ ‫ولله الحمد من أ ّ‬
‫وذلك بفضل الله ثم بفضل ما هيئ لهم من إمكانات‬
‫ووسائل ساعدتهم على أداء مناسكهم رغم ما يعانونه‬
‫من مرض سابق أو طاريء‪.‬‬
‫أمن الطريق‪:‬‬ ‫‪-3‬‬
‫من لوازم الستطاعة المشروطة لوجوب الحج أن‬
‫يكون الطريق إلى البيت الحرام آمنا‪ ،‬فإن لم يكون‬
‫الطريق آمنا ً لم يلزمه الحج؛ لن ذهابه للحج مع تحقق‬
‫الضرر فيه إلقاء بالنفس إلى التهلكة‪ ،‬وقد نهى الله عن‬
‫قوا‬ ‫ول ت ُل ْ ُ‬
‫ذلك في محكم كتابه فقال الله تعالى‪َ ) :‬‬
‫َ‬
‫هل ُك َ ِ‬
‫ة( ]البقرة ‪.[195:‬‬ ‫م إ َِلى الت ّ ْ‬
‫ديك ُ ْ‬
‫ب ِأي ْ ِ‬
‫ويتحقق المن المشروط بالمن العام على نفسه وماله‬
‫من حين خروجه من بلده حتى عودته إليه فإن اختل‬
‫هذا الشرط لم يجب الحج عليه)‪.(1‬‬
‫وهنا لبد أن نعترف بنعم الله وفضله علينا فالطريق‬
‫إلى بيت الله الحرام أصبح آمنا ً يذهب المسلم من بيته‬
‫في أقصى البلد إلى حرم الله وهو آمن مطمئن ل‬
‫‪ ()1‬المقنع جـ ‪ 1‬ص ‪.391‬‬
‫يخاف على نفسه وماله إل من الله وتلك نعمة عظيمة‬
‫على المسلمين جميعا ً فكم عانوا سابقا ً من عدم أمن‬
‫الطريق‪ ،‬فكانوا يذهبون إلى الحج جماعات يحملون‬
‫السلح الذي يدافعون به عن أنفسهم ول يدور في خلد‬
‫المسلم أن يذهب إلى الحج وحده أو مع رفقة ضعفاء‪،‬‬
‫أما الن فالمسلم يذهب وحده إلى الحج وطريقه‬
‫يرفرف عليه المن وتيسرت فيه سبل الراحة من مأكل‬
‫ومشرب ومسكن ووقود‪ ،‬وذلك فضل الله يؤتيه من‬
‫يشاء‪.‬‬
‫إمكان السير‪:‬‬ ‫‪-4‬‬
‫من لوازم الستطتعة المشروطة للحج إمكان السير‬
‫بأن تتوفر شروط الحج في المسلم وعنده وقت كاف‬
‫للمسير للحج فإن توفرت فيه شروط الحج وكان‬
‫الوقت غير متسع للذهاب للحج لم يجب عليه الذهاب‪،‬‬
‫ولبد من الشارة هنا إلى أن المور تيسرت ولله الحمد‬
‫ووجدت وسائل للمواصلت سهلت على الناس الذهاب‬
‫للحج سواء كانوا في داخل بلد الحرمين أو خارجها‪.‬‬
‫القسم الثاني‪ :‬الستطاعة التي تختص‬
‫بالنساء‪:‬‬
‫سبق ن ذكرنا أن الستطاعة المشروطة للحج تعني‬
‫امتلك الزاد والراحلة وصحة البدن وأمن الطريق‬
‫وإمكان السير‪ ،‬وهذا مما يشترك فيه الرجال والنساء‪.‬‬
‫وتزيد النساء بالضافة إلى ما سبق‪ :‬اشتراط المحرم‪،‬‬
‫وأل تكون المرأة معتدة‪.‬‬
‫فإن لم يتيسر للمرأة محرم مسافر معها للحج سواء‬
‫كان زوجها أو أحد محارمها فل يجب عليها الحج على‬
‫الصحيح من أقوال أهل العلم؛ لنها غير مستطيعة للحج‬
‫والله شرط لوجوبه الستطاعة‪.‬‬
‫وكذا إن كانت المرأة في العدة؛ لن الله نهى المعتدات‬
‫ن‬‫ه ّ‬ ‫جو ُ‬ ‫ر ُ‬
‫خ ِ‬ ‫عن الخروج من بيوتهن فقال تعالى‪) :‬ل ت ُ ْ‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫ة‬
‫ش ٍ‬ ‫ح َ‬
‫فا ِ‬ ‫ن بِ َ‬ ‫ن إ ِل ّ أ ْ‬
‫ن ي َأِتي َ‬ ‫ج َ‬
‫خُر ْ‬
‫ول ي َ ْ‬‫ن َ‬‫ه ّ‬
‫ن ب ُُيوت ِ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ِ‬
‫ة( ]الطلق‪.[1 :‬‬ ‫مب َي ّن َ ٍ‬ ‫ُ‬
‫والحج يمكن أداؤه في وقت آخر غير وقت العدة فل‬
‫تلزم في وقت العدة‪.‬‬
‫قال ابن العربي‪ :‬موضحا ً معنى الستطاعة‬
‫))‪......‬فإن السبيل في اللغة هي الطريق والستطاعة‬
‫ما يكسب سلوكها وهي صحة البدن ووجود القوت لمن‬
‫يقدر على المشي ومن لم يقدر على المشي فالركوب‬
‫زيادة على صحة البدن ووجوب القوت‪.(1)((.......‬‬
‫وقال القرطبي‪ ...)) :‬وأما المستطيع بنفسه وهو‬
‫القوي الذي ل تلحقه مشقة غير محتملة في الركوب‬
‫عى الراحلة فإن هذا إذا ملك الزاد والراحلة لزمه‬
‫فرض الحج نفسه‪ ،‬وإن عدم الزاد والراحلة أو أحدهما‬
‫سقط عنه فرض الحج‪.(2)((.......‬‬
‫وقال الشوكاني‪.....)) :‬وقد اختلف أهل العلم في‬
‫الستطاعة ماذا هي فقيل الزاد والراحلة وإليه ذهب‬
‫جماعة من الصحابة وحكاه الترمذي عن أكثر أهل العلم‬
‫وهو الحق‪......‬ومن جملة ما يدخل في الستطاعة‬
‫دخول ً أولي ّا ً أن تكون الطريق إلى الحج آمنة بحيث يأمن‬
‫الحاج على نفسه وماله الذي ل يجد زادا ً غيره أما لو‬
‫كانت غير آمنة فل استطاعة؛ لن الله سبحانه يقول‪) :‬‬
‫ل( ]آل عمران‪.[97:‬‬ ‫سِبي ً‬‫ه َ‬ ‫ع إ ِل َي ْ ِ‬ ‫ست َ َ‬
‫طا َ‬ ‫نا ْ‬
‫م ْ‬
‫َ‬
‫وهذا الخائف على نفسه أو ماله لم يستطع إليه سبيل ًً‬
‫بل شك ول شبهة‪.(3)...‬‬
‫الفصل الثالث‬
‫حكمة مشروعية الحج وآثاره وآدابه‬
‫ويشمل أربعة مباحث‬
‫المبحث الول‪ :‬حكمة مشروعية الحج‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬آثار الحج في حياة المة‬
‫السلمية وحياة من أدى فريضة الحج‪.‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬آداب الحج‪.‬‬
‫‪ ()1‬أحكام القرآن لبن العربي جـ ‪ 1‬ص ‪.288‬‬
‫‪ ()2‬الجامع لحكام القرآن للقرطبي جـ ‪ 4‬ص ‪.148‬‬
‫‪ ()3‬فتح القدير للشوكاني جـ ‪ 1‬ص ‪ 362‬وانظر‪ :‬تفسير ابن كثير جـ ‪ 1‬ص‬
‫‪ ،386‬وأضواء البيان للشنقيطي جـ ‪ 5‬ص ‪.74‬‬
‫المبحث الرابع‪ :‬الرد على من زعم أن أعمال‬
‫الحج غير معقولة المعنى‪.‬‬
‫المبحث الول‬
‫حكمة مشروعية الحج‬
‫شرع الله العبادات لحكم عظيمة وأسرار كثيرة منها ما‬
‫عرفه الناس ومنها ما لم يعرفوه‪ ،‬ومن أبرز أسرار الحج‬
‫أنه تتمة لما شرعه الله من صلة الجماعة والجمعة‬
‫والعيد‪ ،‬فلما رأى الشارع الحكيم أن هذا الطريق غير‬
‫كافية لنتظام شمل المسلمين وتوحيد كلمتهم وجعلهم‬
‫كرجل واحد في اللفة وتبادل المنفعة إذ هم متفرقون في‬
‫مشارق الرض ومغاربها كما أنهم مختلفون من جهة‬
‫العناصر واللغات فشرع لهم الحج ليجتمعوا في صعيد‬
‫واحد على اختلف أجناسهم ومذاهبهم وُبعد بلدهم‬
‫َ‬
‫وأذّ ْ‬
‫ن‬ ‫وأقطارهم كما قال الله تعالى في كتابه العزيز‪َ ) :‬‬
‫ر‬
‫م ٍ‬‫ضا ِ‬ ‫ل َ‬ ‫عَلى ك ُ ّ‬ ‫و َ‬ ‫جال ً َ‬ ‫ر َ‬‫ك ِ‬ ‫ج ي َأ ُْتو َ‬‫ح ّ‬‫س ِبال ْ َ‬
‫في الّنا ِ‬ ‫ِ‬
‫ق(‬ ‫ل َ‬ ‫ن كُ ّ‬ ‫ْ‬
‫مي ٍ‬ ‫ع ِ‬‫ج َ‬ ‫ف ّ‬ ‫م ْ‬
‫ن ِ‬‫ي َأِتي َ‬
‫)‪(1‬‬
‫]الحج‪.[27:‬‬
‫والحج عظيم في مناسكه‪ ،‬عظيم في مظهره‪ ،‬عظيم في‬
‫نتائجه‪ ،‬عظيم في منافعه وآثاره‪ ،‬إذ هو نوع من السلوك‬
‫الرفيع ولون من ألوان التدريب العملي على مجاهدة‬
‫مثل الُعليا ثم هو ارتباط‬ ‫النفس من أجل الوصول إلى ال ُ‬
‫بالواقع التاريخي للمة السلمية التي انطلق تاريخها من‬
‫بلد الحرمين فإذا زار المسلم هذه البقاع الطاهرة تذكر‬
‫تاريخ أمته ومنابع دينه وأنوار قرآنه العظيم وتذكر الرعيل‬
‫الول الذين عايشوا التنزيل وصحبوا الرسول الكريم صلى‬
‫الله عليه وسلم وكانوا سواسية كأسنان المشط لفضل‬
‫لحد على أحد مهما كانت مكانته ومنزلته إل بالتقوى‪،‬‬
‫م(‬‫قاك ُ ْ‬ ‫ه أ َت ْ َ‬
‫عن ْدَ الل ّ ِ‬
‫م ِ‬ ‫مك ُ ْ‬
‫َ‬
‫ن أك َْر َ‬ ‫وصدق الله العظيم‪) :‬إ ِ ّ‬
‫]الحجرات‪.[13 :‬‬
‫والحج يؤكد هذا المعنى ويجسده في لباس الحرام‪،‬‬
‫وعند الطواف‪ ،‬والسعي‪ ،‬وحال الوقوف بعرفات‪ ،‬وعند‬
‫رمي الجمرات‪ ،‬وغيرها من مناسك الحج‪.‬‬

‫‪ ()1‬انظر‪ :‬حكمة التشريع وفلسفته ص ‪.269‬‬


‫أخي القاريء‪:‬‬
‫إن في الحج تلبية لنداء إبراهيم الخليل عليه السلم‪ ،‬وفيه‬
‫محافظة على دعامة من أهم دعامات الدين‪ ،‬والحج قبل‬
‫ذلك وبعده باعث من بواعث الصلح الجتماعي والتهذيب‬
‫القويم فإن فيه من صقل النفوس وإعداد القلوب وتهذيب‬
‫المشاعر ما ُيضفي على حياة المسلمين السعادة والمودة‬
‫والصفاء والخاء‪.‬‬

‫المبحث الثانى‬
‫آثار الحج في حياة المة السلمية‬
‫وحياة من أدى فريضة الحج‬
‫فرض الله سبحانه وتعالى العبادات على عباده امتحانا ً‬
‫لطاعتهم وإظهارا ً لعبوديتهم وشكرهم وتحقيقا ً لمصالحهم‬
‫في الدنيا والخرة ‪ ،‬وقد أشار سبحانة وتعالى في محكم‬
‫كتابه إلى طرف من هذه المصالح والمنافع فعند ذكر‬
‫الحج مثل ً أشار إلى منافعه العظيمة التي يشهدها الحجاج‬
‫م‬ ‫س َ‬ ‫وي َذْك ُُروا ا ْ‬ ‫م َ‬‫ه ْ‬ ‫ع لَ ُ‬
‫ف َ‬ ‫مَنا ِ‬ ‫دوا َ‬‫ه ُ‬ ‫ش َ‬ ‫يقول تعالى )ل ِي َ ْ‬
‫ع َ‬ ‫ع ُ‬ ‫في أ َ‬
‫ة‬
‫م ِ‬
‫هي َ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ب‬ ‫ن‬
‫ْ‬ ‫م‬
‫ِ‬ ‫م‬‫ْ‬ ‫ه‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫ق‬ ‫ز‬
‫َ‬ ‫ر‬
‫َ‬ ‫ما‬‫َ‬ ‫لى‬ ‫َ‬ ‫ت‬‫ٍ‬ ‫ما‬
‫َ‬ ‫لو‬ ‫ْ‬ ‫م‬
‫َ‬ ‫ٍ‬ ‫م‬ ‫يا‬
‫ّ‬ ‫ه ِ‬ ‫الل ّ ِ‬
‫ر( ]الحج‪:‬‬ ‫قي َ‬‫ف ِ‬‫س ال ْ َ‬‫موا ال َْبائ ِ َ‬ ‫ع ُ‬ ‫وأ َطْ ِ‬‫ها َ‬‫من ْ َ‬‫فك ُُلوا ِ‬ ‫عام ِ َ‬‫ال َن ْ َ‬
‫‪.[28‬‬
‫قال ابن عباس في تفسير هذه الية‪)) :‬منافع الدنيا‬
‫والخرة أما منافع الخرة فرضوان الله تعالى‪ ،‬وأما منافع‬
‫الدنيا فما يصيبون من منافع البدن والذبائح‬
‫والتجارة‪.(1)((......‬‬
‫ولكي تتضح الصورة لنا حول آثار الحج سنتحدث عنه من‬
‫جانبين‪:‬‬
‫أحدهما‪ :‬آثار الحج في حياة المة السلمية‪.‬‬
‫ثانيهما‪ :‬آثار الحج فيمن أدى فريضته‪.‬‬
‫آثار الحج في حياة المة السلمية‪:‬‬
‫للحج آثار عظيمة على المجتمع المسلم في عقيدته‬
‫ووحدته واقتصاده وجميع شؤؤن حياته‪ ،‬ومن أبرز آثاره‬
‫في حياة المة السلمية ما يأتي‪:‬‬
‫‪ ()1‬تفسير ابن كثير جـ ‪ 3‬ص ‪.216‬‬
‫‪ -1‬وصل حاضر المة بماضيها‪.‬‬
‫من آثار الحج الظاهرة أنه يصل حاضر المة السلمية‬
‫بماضيها ويربط الجيل الحاضر بالجيل الول‪ ،‬وتاريخ البيت‬
‫العتيق ضارب في أعماق الزمن منذ أن دعا أبونا إبراهيم‬
‫عليه السلم وأرسل نداه الخالد على مر الزمن إلى أن‬
‫يرث الله الرض ومن عليها ) َ‬
‫ج(‬ ‫س ِبال ْ َ‬
‫ح ّ‬ ‫في الّنا ِ‬
‫ن ِ‬‫وأذّ ْ‬
‫َ‬
‫‪[27‬‬ ‫]الحج‪:‬‬
‫‪ -2‬سقوط الشعارات الزائفة‪:‬‬
‫من آثار الحج سقوط الشعارات الزائفة التي تجعل‬
‫التفاضل بين الناس حسب أجناسهم وألوانهم ومكانتهم‬
‫في الدنيا؛ ففي الحج تذوب تلك الفوارق‪ ،‬بل تسقط‬
‫فتتحقق المساواة بين المسلمين رغم اختلف أجناسهم‬
‫وألوانهم وتباين ألسنتهم وتباعد بلدهم‪ ،‬الجميع من آدم‬
‫م(‬ ‫ه أ َت ْ َ‬
‫قاك ُ ْ‬ ‫عن ْدَ الل ّ ِ‬ ‫مك ُ ْ‬
‫م ِ‬ ‫َ‬
‫ن أك َْر َ‬
‫وآدم من تراب‪) :‬إ ِ ّ‬
‫]الحجرات‪.[13 :‬‬
‫‪ -3‬توحيد كلمة المسلمين‪:‬‬
‫من آثار الحج في حياة أمة السلم توحيد كلمة المسلمين‬
‫وجمع شملهم تحت راية التوحيد شعارهم المعلن هو‬
‫التلبية‪ -‬لبيك اللهم لبيك‪ -‬وما ذاقت المة ما ذاقت من‬
‫ويلت وحروب واستعمال وتخلف إل بسبب تفرقها‬
‫وتمزقها‪ ،‬والحج فرصة أيما فرصة للم الشمل وتوحيد‬
‫موا‬
‫ص ُ‬
‫عت َ ِ‬
‫وا ْ‬ ‫الصف والوقوف بوجه العدو تحقيقا ً لمر الله ) َ‬
‫قوا( ]آل عمران‪.[103:‬‬ ‫فّر ُ‬ ‫ميعا ً َ‬
‫ول ت َ َ‬ ‫ج ِ‬ ‫ل الل ّ ِ‬
‫ه َ‬ ‫حب ْ ِ‬
‫بِ َ‬
‫‪ -4‬تبادل المنافع التجارية والتجارب القتصادية‪:‬‬
‫من آثار الحج في حياة المة السلمية تبادل التجارب‬
‫والخبرات في المجال القتصادي وتنويع المنتوجات حسب‬
‫العرض والطلب في السوق المالية في ديار السلم‪.‬‬
‫ول شك أن هذا التجمع الكبير فرصة لبحث أوجه النقص‬
‫لدى بعض البلد السلمية ليتم التكامل مع بعض البلد‬
‫الخرى وهذا من المنافع التي أمرنا الله أن نشهدها في‬
‫الحج‪ ،‬وقد أشار حبر المة وترجمان القرآن إلى هذا‬
‫المعنى في تفسيره للمنافع في الية‪.‬‬
‫آثار الحج فيمن أدى فريضته‪:‬‬
‫‪ -1‬تجديد ذكر الله‪:‬‬
‫من آثار الحج في حياة المسلم الذي يؤدي فريضته أنه‬
‫يقوي صلة المحبة بينه وبين خالقه وذلك عن طريق شعار‬
‫الحج المعلن‪ -‬لبيك اللهم لبيك‪ -‬فبها يجدد المسلم ذكر‬
‫الله في مواقع ومواقف متعددة يصحب ذلك خشوع‬
‫وخضوع للخالق الباريء سبحانه وتعالى‪ ،‬والمسلم بهذه‬
‫التلبية يطرح كل شواغل الحياة وصوارفها التي تمنعه من‬
‫القرب من خالقه طاعة وامتثال ً وخشوعا ً وتذلل ً وإجل ً‬
‫ل‪-‬‬
‫لبيك اللهم لبيك لبيك ل شريك لك لبيك‪.-‬‬
‫‪ -2‬في أداء مناسك الحج يذكر المسلم اليوم‬
‫الخر‪:‬‬
‫الحج مظهر مصغر ليوم الحشر والعرض على الله‪ .‬ولذا‬
‫تفيض في نفس الحاج بواعث الشوق للقاء الله‪ ،‬ويدفعه‬
‫ذلك للعمل الصالح‪ ،‬وينشط في مجالت الخير‪ ،‬وتنهزم‬
‫بواعث المعصية في نفسه ويبقى ذكر الموت وما بعده‬
‫بين عينيه‪ ،‬وفي هذا من الثار العظيمة على السلوك‬
‫والخلق ما يلمسه كل حاج مع نفسه ومع الخرين‪.‬‬
‫‪ -3‬نيل رضوان الله ومغفرته‪:‬‬
‫من آثار الحج في حياة المسلم الحاج أنه يرجع إلى بلده‬
‫بإذن الله نقيا ً من الذنوب؛ لنه تعرض لمغفرة الله‬
‫ورضوانه ووقف مع من وقف في بابه يدعو ويرجو راغبا ً‬
‫وراهبًا‪ ،‬وقد وعد الله من حج ولم يرفث ولم يفسق‬
‫بالمغفرة والرضوان جاء ذلك على لسان رسول الله‬
‫صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي يرويه أبو هريرة‬
‫رضي الله عنه قال‪ :‬قال رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم‪)) :‬من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم‬
‫ولدته أمه(()‪.(1‬‬
‫‪ -4‬يتعلم الحاج دروس التضحية والبذل‪:‬‬
‫من آثار الحج على المسلم الذي يؤدي هذه الفريضة أنه‬
‫يتعلم دروسا ً في البذل والتضحية‪ ،‬ولذا كان الحج بابا ً من‬
‫أبواب الجهاد‪ ،‬أليس الحاج يترك وطنه وأهله وأحبابه؟!‬
‫‪ ()1‬رواه البخاري ومسلم‪ .‬انظر‪ :‬صحيح البخاري جـ ‪ 2‬ص ‪ 164‬وصحيح‬
‫مسلم جـ ‪ 4‬ص ‪.107‬‬
‫أليس الحاج يبذل المال قربة لله؟! أليس الحاج يجهد‬
‫نفسه ويخلع ثيابه ويتجرد من كل شيء طاعة لله وامتثال ً‬
‫لمره؟ وهذا لون من ألوان الجهاد بالمال والجهد والوقت‪.‬‬
‫‪ -5‬الحج تدريب عملي للحاج على الصبر‬
‫والطاعة‪:‬‬
‫من آثار الحج في حياة المسلم الذي يؤدي هذه الفريضة‬
‫أنه يتدرب عمليا ً على الصبر بكل أنواعه‪ ،‬الصبر على‬
‫مشقة الطاعة‪ ،‬الصبر عما حرم الله‪ ،‬والصبر على ما‬
‫يصيب الحاج من المشقة والجهد والعنت وفقد المال وبعد‬
‫الهل والحباب‪ ،‬وبهذا يتهيأ المسلم لمنازلة العداء وهو‬
‫قوي الجانب ثابت الجنان ل يدخل الخوف قلبه ول يتسرب‬
‫الهلع إلى نفسه؛ لن الخلص مل عليه سمعه وبصره فل‬
‫يصدر عنه إل السمع والطاعة‪.‬‬
‫‪ -6‬الحج نقطة تحول في حياة الحاج‪:‬‬
‫يزداد به خيرا ً وتقوى وصلحًا‪ ،‬ولذا أشار القرآن الكريم‬
‫إلى أنه ينبغي للحاج أل ينسى مواقفه الضارعة في الحج‬
‫فإ ِ َ‬
‫ذا‬ ‫وأن يستمر في تعلقه بربه وإنابته له يقول تعالى‪َ ) :‬‬
‫فاذْك ُروا الل ّه ك َذك ْرك ُم آباءَك ُ َ‬
‫و‬
‫مأ ْ‬ ‫ْ‬ ‫ِ ِ ْ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫م َ‬ ‫سك َك ُ ْ‬
‫مَنا ِ‬ ‫م َ‬ ‫ضي ْت ُ ْ‬‫ق َ‬ ‫َ‬
‫كرا ً( ]البقرة‪.[200 :‬‬ ‫شدّ ِذ ْ‬ ‫أَ َ‬
‫والحاج الذي يبقى أثر الحج في نفسه ويعود منه وقد‬
‫تحسن حاله واستقام أمره وأقبل على طاعة ربه هو الذي‬
‫يرجى أن يقبل حجه فالله ل يقبل العمل إل من المتقين‪:‬‬
‫ن( ]المائدة‪.[27 :‬‬
‫قي َ‬ ‫ن ال ْ ُ‬
‫مت ّ ِ‬ ‫م ْ‬‫ه ِ‬ ‫ل الل ّ ُ‬
‫قب ّ ُ‬‫ما ي َت َ َ‬ ‫)إ ِن ّ َ‬

‫المبحث الثالث‬
‫آداب الحج‬

‫للحج آداب كثيرة منها آداب قبل السفر‪ ،‬وآداب أثناء‬


‫السفر‪ ،‬وآداب أثناء تأدية أعمال الحج وسأوجز أهم هذه‬
‫الداب فأقول‪:‬‬
‫‪ -1‬يستحب لمن أراد الحج أن يشاور من يثق بدينه‬
‫وخبرته وعلمه في حجه هذا‪.‬‬
‫‪ -2‬يستحب لمن عزم على الحج أن يستخير الله سبحانه‬
‫وتعالى وهذه الستخارة ل تعود إلى الحج نفسه فإنه خير‬
‫ل شك فيه وإنما تعود إلى الوقت والرفيق والراحلة‪.‬‬
‫‪ -3‬ينبغي أن يتعلم ما يحتاجه من أحكام السفر والحج‪،‬‬
‫فإن لم يتيسر له ذلك حرص على رفقة فيهم عالم أو‬
‫طالب علم‪ ،‬فإن لم يتيسر ذلك أخذ معه من الكتب ما‬
‫يفيده في هذا المجال‪.‬‬
‫‪ -4‬ينبغي لمن عزم على الحج أن يوصي أهله وأصحابه‬
‫قبل سفره بتقوى الله ولزوم طاعته‪.‬‬
‫‪ -5‬كما أن عليه أن يكتب وصيته وماله وما عليه من الدين‬
‫ويشهد على ذلك‪.‬‬
‫‪ -6‬ويجب على من عزم على الحج المبادرة إلى التوبة‬
‫َ‬
‫ميعا ً أي ّ َ‬
‫ها‬ ‫ج ِ‬
‫ه َ‬‫وُتوُبوا إ َِلى الل ّ ِ‬‫النصوح من جميع الذنوب ) َ‬
‫ن( ]النور‪[31 :‬‬‫حو َ‬ ‫فل ِ ُ‬ ‫عل ّك ُ ْ‬
‫م تُ ْ‬ ‫ن لَ َ‬
‫مُنو َ‬
‫ؤ ِ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫م ْ‬
‫‪ -7‬رد المظالم إلى أهلها أو تحللهم منها سواء كانت‬
‫مظالم من نفس أو مال أو عرض‪.‬‬
‫‪ -8‬أن ينتخب الحاج لحجه أو لعمرته نفقة طيبة من مال‬
‫حلل لما صح عنه صلى الله عليه وسلم‪)) :‬إن الله‬
‫تعالى طيب ل يقبل إل طيبا‪.(1)((......‬‬
‫‪ -9‬عليه أن يقصد بحجه وعمرته وجه الله والدار الخرة‬
‫والتقرب إلى الله بما يرضيه من القوال والعمال في‬
‫تلك المواضع الشريفة‪ ،‬ويحذر كل الحذر أن يقصد بحجه‬
‫الدنيا وحطامها أو الرياء والسمعة والمفاخرة بذلك‪.‬‬
‫‪ -10‬إذا ركب راحلته‪ -‬دابة أو سيارة أو طائرة‪ -‬فينبغي له‬
‫أن يسمي الله ويحمده ويدعو بدعاء السفر‪ ،‬ثم يكثر من‬
‫الدعاء والذكر والستغفار والتكبير والتسبيح والتهليل‪.‬‬
‫‪ -11‬حفظ اللسان من القيل والقال وما ل ينفع في الحال‬
‫والمآل وكثرة المزاح واللعب مما ضرره أكثر من نفعه‪.‬‬
‫‪ -12‬كف الذى عن الرفقة‪ ،‬وبذل النصح لهم‪ ،‬وأمرهم‬
‫بالمعروف ونهيهم عن المنكر‪ ،‬والحرص على الستفادة‬
‫‪ ()1‬رواه مسلم‪ .‬انظر‪ :‬صحيح مسلم جـ ‪ 3‬ص ‪.85‬‬
‫من الوقت لتشهد له هذه البقاع الطاهرة يوم ل ينفع مال‬
‫ول بنون إل من أتى الله بقلب سليم‪.‬‬
‫‪ -13‬الحرص على عدم إيذاء أحد من الحجاج وخصوصا ً‬
‫حال الطواف والسعي ورمي الجمار‪.‬‬
‫‪ -14‬ينبغي على الحاج أن يقوم بشعائر الحج على سبيل‬
‫التعظيم والجلل والمحبة والخضوع لله رب العالمين‬
‫فيؤديها بسكينة ووقار واتباع لرسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم ‪.‬‬
‫‪ -15‬يجب على الحاج أن يتجنب الرفث والفسوق‬
‫والعصيان والجدال لغير نصرة الحق‪ ،‬أما الجدال لنصرة‬
‫الحق فهذا من باب المر بالمعروف‪ ،‬وقد يكون واجبا ً أو‬
‫مندوبا ً حسب مقتضيات الحوال‪.‬‬
‫‪ -16‬يجب على الحاج أن يحرص كل الحرص على أداء ما‬
‫افترض الله عليه من صلة مع الجماعة في أوقاتها‪ ،‬ونحن‬
‫نرى تساهل كثير من الحجاج بهذا المر فكيف يحج من ل‬
‫يصلي أو يتساهل بالصلة حتى يخرج وقتها كلها )ل‬
‫ب ال ِّتي ِ‬
‫قُلو ُ‬
‫مى ال ْ ُ‬ ‫َ‬
‫في‬ ‫ع َ‬ ‫ول َك ِ ْ‬
‫ن تَ ْ‬ ‫صاُر َ‬
‫مى الب ْ َ‬ ‫ع َ‬
‫تَ ْ‬
‫ر ( ]الحج‪.[46:‬‬ ‫دو ِ‬‫ص ُ‬
‫ال ّ‬
‫‪ -17‬يجب على المرأة أل تسافر إل مع ذي محرم‪ ،‬وما‬
‫يفعله كثير من النساء من تساهلهن بالمحرم وذهابهن‬
‫ن‬‫للحج والعمرة من دونه فهذا معصية كبيرة ينبغي أن ي َُتب َ‬
‫إلى الله منها‪.‬‬
‫‪ -18‬كما ينبغي على النساء أن يتسترن ول يتبرجن وأن‬
‫يحصن على أداء مناسك الحج بكل حشمة وحياء وليعلمن‬
‫أن مزاحمة الرجال والختلط بهم من غير ضرورة أمر‬
‫محرم‪.‬‬
‫‪ -19‬ينبغي على الحاج أن يتجنب ما يحدثه كثير من الناس‬
‫من الكلم أو الفعل الذي ل يليق بالمشاعر كقول بعضهم‬
‫رمينا الشيطان‪ ،‬أو رمي الجمرة بالحذاء وغيرها أو السب‬
‫والشتم للمشاعر فهذا كله يناقض المقصود من رمي‬
‫الجمار وهو إقامة ذكر الله تعالى‪.‬‬
‫‪ -20‬ينبغي على الحاج أن يحرص على نفع المسلمين‬
‫والحسان إليهم بالرشاد والمعونة عند الحاجة رائده في‬
‫ذلك ودافعه قول الرسول صلى الله عليه وسلم‪:‬‬
‫))المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا ً ((‬
‫)‪(1‬‬

‫)‪.(2‬‬

‫المبحث الرابع‬
‫الرد على من زعم أن أعمال الحج غير معقولة‬
‫المعنى‬
‫في الحج تحدٍ لُعباد العقل والمادة ذلك أنهم زعموا أن‬
‫أعماله غير معقولة المعنى وفيها عود للورا بتقديس‬
‫الحجارة والجمادات‪.‬‬
‫ونحن نقول لولئك‪ :‬إن في الحج تحديا ً صارخا ً لكم‪ ،‬ذلك‬
‫أننا نعلم علم اليقين أنه ل توحيد لمن أسرته العادات‬
‫والمألوفات والشهوات‪.‬‬
‫ول يعتبر مطيعا ً منقادا ً مسلما ً مستسليما ً من اعتمد دائما ً‬
‫على عقله‪.‬‬
‫ذلك أنه ل ينشط لعمل ول يسرع لمتثال أمر حتى يزنه‬
‫في ميزان عقله المخلوق ويعرف فوائده المادية‬
‫والحسية‪.‬‬
‫والحج بوضعه الدقيق الغامض المنافي للمألوف المعروف‬
‫لعّباد العقل والمادة وأسارى النظم والترتيبات يدعو بكل‬
‫عمل من أعماله لليمان بالغيب واتباع المر المجرد‬
‫وعزل العقل عن محدوديته لزمن يسير وفي مكان‬
‫محدود‪.‬‬
‫يقول الغزالي‪.......)) :‬ولذلك وظف عليهم فيها‪-‬‬
‫أماكن الحج‪ -‬أعمال ً ل تأنس بها النفوس‪ ،‬ول تهتدي إلى‬
‫معانيها العقول كرمي الجمار بالحجار والتردد بين الصفا‬
‫والمروة على سبيل التكرار‪ ،‬وبمثل هذه العمال يظهر‬
‫كمال الرق والعبودية‪.(3)((.....‬‬

‫‪ ()1‬رواه البخاري ومسلم‪ .‬انظر‪ :‬صحيح البخاري جـ ‪ 8‬ص ‪ ،11‬وصحيح‬


‫مسلم جـ ‪ 8‬ص ‪.20‬‬
‫‪ ()2‬انظر‪ :‬آداب الحج المنهج لمريد الحج والعمرة ص ‪ ،28‬وكيف حج النبي‬
‫صلى الله عليه وسلم ص ‪.17‬‬
‫‪ ()3‬إحياء علوم الدين جـ ‪ 1‬ص ‪.240‬‬
‫والحج بمناسكه وأركانه وأعماله كلها تمرين وتمثيل‬
‫للطاعة المطلقة وامتثال للمر المجرد وسعي وراء المر‬
‫وتلبية وإجابة للطلب‪ ،‬فالحاج يتقلب بين مكة ومنى‬
‫وعرفات ومزدلفة ثم منى ومكة يقيم ويرحل طوع إشارة‬
‫ورهن أمر‪ ،‬وهكذا كانت حياة إبراهيم عليه السلم وحياة‬
‫النبياء من بعده طاعة تامة لله جل وعل‪ ،‬فعمل المسلم‬
‫م‬‫انقياد وطاعة واتباع لبي النبياء وصدق الله العظيم ) ث ُ ّ‬
‫أ َوحيَنا إل َي َ َ‬
‫ن‬‫كا َ‬‫ما َ‬ ‫حِنيفا ً َ‬
‫و َ‬ ‫م َ‬
‫هي َ‬ ‫مل ّ َ‬
‫ة إ ِب َْرا ِ‬ ‫ع ِ‬
‫ن ات ّب ِ ْ‬
‫كأ ْ‬ ‫ِ ْ‬ ‫ْ َ ْ‬
‫كين( ]النحل‪.[123:‬‬ ‫ر ِ‬
‫ش ِ‬‫م ْ‬‫ن ال ْ ُ‬‫م ْ‬‫ِ‬
‫قال صاحب كتاب‪ )) :‬كيف حج النبي صلى الله عليه‬
‫)‪(1‬‬

‫وسلم((؟‪.....‬قد يبدو باديء ذي بدء أن الحج عبادة غير‬


‫معقولة المعنى‪ ...‬لكنه عند التأمل تتجلى أسراره وتظهر‬
‫آثاره وتنكشف حكم الله في تشريعه‪....‬فهو نوع من‬
‫السلوك أو من التدريب العملي على مجاهدة النفس من‬
‫أجل الوصول إلى ما تنشده النفس من كمال‬
‫وسمو‪.....‬تنطلق فيه الحناجر هاتفة بذكر الله‪ -‬لبيك اللهم‬
‫لبيك((‪.‬‬

‫الفصل الرابع‬
‫مواقيت الحج وكيف حج النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم‬

‫ويشمل ثلثة مباحث‪:‬‬


‫المبحث الول‪ :‬مواقيت الحج‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬حجة النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم‪.‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬أركان الحج وواجباته‪.‬‬
‫المبحث الول‬
‫مواقيت)‪(2‬الحج‬
‫‪ ()1‬كيف حج النبي صلى الله عليه وسلم ص ‪.121‬‬
‫‪ ()2‬المواقيت جمع ميقات وهو الزمان والمكان المضروب للفعل‪.‬‬
‫والتوقيت التحديد وبيان مقدار المدة وأصله أن يجعل للشيء وقت‬
‫إن من أعظم فوائد العبادات التي شرعها الله لعباده أنها‬
‫تغرس في نفوسهم الطاعة والستسلم لله‪ ،‬والنظام‬
‫وحسن الترتيب في شؤون الحياة‪ ،‬والمحافظة على‬
‫الوقت وعلى المواعيد والدقة في الوفاء بها‪ ،‬يظهر ذلك‬
‫واضحا ً في توقيت الصلة‪ ،‬وفي الجماعة‪ ،‬وفي توقيت‬
‫الصيام إمساكا ً وإفطارًا‪.‬‬
‫وقد جعل الله سبحانه وتعالى للحج والعمرة والحرام‬
‫بهما أوقاتا ً موقوتة وأماكن معينة يجب أل يتعداها المسلم‬
‫الذي يريد الحج أو العمرة‪ ،‬ومن تعداها كان مخالفا ً‬
‫ومتعديا ً تلزمه كفارة تذكيرا ً له لئل يتكرر ذلك منه‪ .‬وهذا‬
‫شبيه تماما ً بمن قطع إشارة المرور وخرق النظام حيث‬
‫تلزمه غرامة مالية تأديبا ً له لئل يتكرر ذلك منه‪.‬‬
‫والمواقيت التي وقتها الله للحج والعمرة نوعان‪ :‬ميقات‬
‫زماني‪ ،‬وميقات مكاني‪.‬‬
‫ل‪ :‬المواقيت الزمانية‪:‬‬ ‫أو ً‬
‫الميقات الزماني بالنسبة للحج يبدأ من أول شهر شوال‬
‫هٌر‬‫ش ُ‬ ‫ج أَ ْ‬‫ح ّ‬‫إلى العاشر من ذي الحجة‪ .‬قال تعالى‪ ) :‬ال ْ َ‬
‫ول‬ ‫ث َ‬ ‫ف َ‬‫فل َر َ‬ ‫ج َ‬ ‫ن ال ْ َ‬
‫ح ّ‬ ‫ه ّ‬ ‫في ِ‬ ‫ض ِ‬‫فَر َ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ت َ‬
‫ف َ‬ ‫عُلو َ‬
‫ما ٌ‬ ‫م ْ‬ ‫َ‬
‫ج( ]البقرة‪.[197 :‬‬ ‫ح ّ‬‫في ال ْ َ‬ ‫ل ِ‬‫دا َ‬‫ج َ‬
‫ول ِ‬ ‫سوقَ َ‬ ‫ف ُ‬‫ُ‬
‫وميقات العمرة الزماني هو العام كله فله أن يحرم بها‬
‫متى شاء‪ ،‬ومنع بعض أهل العلم الحرام بالعمرة في‬
‫يومي العيدين وفي أيام التشريق ما دام متلبسا ً بأعمال‬
‫الحج‪.‬‬
‫ثانيًا‪ :‬المواقيت المكانية‪:‬‬
‫المواقيت المكانية خمسة‪ :‬ذو الحليفة‪ ،‬والجحفة‪ ،‬وقرن‬
‫المنازل‪ ،‬ويلملم‪ ،‬وذات عرق‪ ،‬هن لهلهن ولمن مر عليهن‬
‫من غير أهلهن ممن يريد الحج أو العمرة ومن كان منزله‬
‫دونهن فمهله من منزله حتى أهل مكة يهلون من مكة‪.‬‬
‫حليفة‪:‬‬ ‫‪ -1‬ذو ال ُ‬

‫يختص به ثم اتسع فيه فأطلق على المكان‪ .‬وهو لغة‪ :‬الحد‪ ،‬وشرعًا‪:‬‬
‫مواضع وأزومنة لعبادة مخصوصة‪.‬‬
‫الحليفة‪ -‬بضم الحاء وفتح)‪ (1‬اللم هي قرية صغيرة تبعد‬
‫عن المدينة ستة أميال أو سبعة)‪ (2‬وهي مهل أهل المدينة‬
‫وهي أبعد المواقيت عن مكة‪ ،‬وتسمى وادي العقيق‬
‫ومسجدها يسمى مسجد الشجرة وفيها بئر تسميها جهال‬
‫العامة بئر علي لظنهم أن علّيا قاتل الجن بها وهو‬
‫كذب)‪.(3‬‬
‫يقول شيخ السلم ابن تيمية‪.......)) :‬وتسمى‬
‫وادي العقيق ومسجدها يسمى مسجد الشجرة وفيها بئر‬
‫ي لظنهم أن علّيا قاتل الجن‬ ‫تسميها جهال العامة بئر عل ّ‬
‫بها وهو كذب فإن الجن لم يقاتلهم أحد من الصحابة‪.((....‬‬
‫وذو الحليفة بعيدة عن مكة بينهما عشر مراحل‪ ،‬وقد‬
‫قست المسافة بنفسي فكانت عشرةً وأربعمائة كيلومترًا‪.‬‬
‫جحفة‪:‬‬‫‪ -2‬ال ُ‬
‫بضم الجيم وسكون الحاء المهملة قرية على طريق‬
‫المدينة خربة قرب رابغ كان اسمها مهيعة فجحفت السيل‬
‫بأهلها فسميت بذلك‪ ،‬وتلي ذا الحليفة بالبعد عن مكة‬
‫حيث تبعد عنها بثلث مراحل وهي ميقات أهل الشام‬
‫ومصر ومن حولهم‪.‬‬
‫يقول شيخ السلم ابن تيمية‪......)) :‬وأما الجحفة‬
‫فبينها وبين مكة نحو ثلث مراحل وهي قرية كانت قديمة‬
‫معمورة كانت تسمى‪ -‬مهيعة ‪ -‬وهي اليوم خراب ولهذا‬
‫صار الناس يحرمون قبلها من المكان الذي يسمى – رابغ‬
‫– وهذا ميقات لمن حج من ناحية المغرب كأهل الشام‬
‫ومصر وسائر المغرب‪.(4)((.......‬‬
‫والجحفة ثاني أبعد المواقيت عن مكة بينهما ثلث مراحل‪،‬‬
‫وقد قست المسافة بنفسي فكانت في حدود المائتين من‬
‫الكيلومترات‪.‬‬
‫‪ -3‬قْرن المنازل‪:‬‬
‫‪ ()1‬تصغير حلفة وحليفة وهي واحدة الحلفاء وهي خشب ينبت في الماء‪.‬‬
‫انظر شرح العمدة لبن تيمية تحقيق د‪ .‬صالح الحسن‪.‬‬
‫‪ () 2‬بعد اتساع المدينة النبوية وامتداد عمرانها أصبحت ذو الحليفة ضاحية‬
‫من ضواحي المدينة وقد قست المسافة من مسجد الميقات إلى قرب‬
‫المسجد النبوي فكانت عشرة كيلومترات‪.‬‬
‫‪ ()3‬منسك شيخ السلم ابن تيمية ص ‪.4‬‬
‫‪ ()4‬منسك شيخ السلم ابن تيمية ص ‪.4‬‬
‫بفتح القاف المعجمة وسكون الراء المهملة‪ ،‬ميقات أهل‬
‫نجد وهو معروف مشهور‪ ،‬ويسمى الن بالسيل الكبير‬
‫ويتصل وادي السيل هذا بوادي المحرم ويمر معهما الن‬
‫طريقان بين مكة والطائف أحدهما طريق السيل‪ ،‬والثاني‬
‫طريق كرا‪ ،‬ومن أحدهما فقد أحرم من الميقات‬
‫الشرعي‪.‬‬
‫ويسمى قرن المنازل قرن الثعالب وهو على مسافة يوم‬
‫وليلة من مكة‪ ،‬وقد قست المسافة بنفسي قكانت في‬
‫حدود السبعين من الكيلومترات‪.‬‬
‫‪ -4‬يلملم وُيقال له ألمملم‪:‬‬
‫بفتح أوله وثانيه وسكون ثالثه وفتح رابعه جبل معروف‬
‫وهو ميقات أهل اليمن على مسافة ليلتين من مكة‪.‬‬
‫والمسافة بين مكة والميقات المسمى الن بالسعدية‬
‫على طريق الساحل من الحجاز في حدود السبعين من‬
‫الكيلومترات‪.‬‬
‫‪ -5‬ذات عرق‪:‬‬
‫مكان بالبادية قرب عقيق الطائف وهو ميقات أهل العراق‬
‫ومن ورائهم من المشرق وهو الحد الفاصل بين تهامة‬
‫ونجد‪.‬‬
‫وذات عرق قرية مندثرة اليوم‪ ،‬ويحرم الحجاج الذين‬
‫يأتون في السابق على البل من نجد والعراق من‬
‫الضربية التي يقال لها اليوم الخريبات وهي بين قرية‬
‫المضيق وعقيق الطائف‪.‬‬
‫أما اليوم فإن حجاج المشرق يأتون بسياراتهم ويمرون‬
‫على ميقات ذي الحليفة أو السيل فيحرمون من أحدهما‪.‬‬
‫ت من المسافة‬ ‫وذات عرق تبعد ليلتين من مكة وقد َتثب ُ‬
‫فوجدتها في حدود السبعين من الكيلومترات‪.‬‬
‫يقول شيخ السلم ابن تيمية‪......)) :‬وأما‬
‫المواقيت الثلثة فبين كل واحد منها وبين مكة نحو‬
‫مرحلتين‪.(1)((......‬‬

‫)(منسك شيخ السلم ابن تيمية ص ‪.4‬‬ ‫‪1‬‬


‫وكأن شيخ السلم – رحمه الله – يعزو التسوية في قطع‬
‫المسافة زمنا ً مع اختلفها طول ً لسهولة الطريق ووعورته‪،‬‬
‫والله أعلم‪.‬‬
‫وقد نظم بعضهم المواقيت فقال‪:‬‬
‫عـــرق العراق يلملم اليمنى‬
‫وذو الحليفة يحرم‬
‫المدنــــــــــــي‬
‫والشام جحفة إن مررت بها‬
‫ولهل نجد قرن‬
‫فاستبــــــــــــــــن‬
‫ونظمها بعضهم مبينا ً مقدار ُبعد كل منها عن مكة فقال‪:‬‬
‫قرن يلملم ذات عرق كلــــــها‬
‫في البعد مرحلتان من‬
‫أم القرى‬
‫ولذي الحليفة بالمراحل عشرة‬
‫وبها لجحفة ستة فاخبر‬
‫ترى)‪.(1‬‬

‫الدليل على هذه المواقيت‪:‬‬


‫عن ابن عباس – رضي الله عنهما – قال‪ :‬وّقت رسول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم لهل المدينة ذا الحليفة‪ ،‬ولهل‬
‫الشام الجحفة‪ ،‬ولهل نجد قرن المنازل‪ ،‬ولهل اليمن‬
‫يلملم قال‪ )) :‬هن لهن ولمن أتى عليهن من غير‬
‫أهلهن لمن كان يريد الحج أو العمرة فمن كان‬
‫دونهن فمهله من أهله وكذلك حتى أهل مكة‬
‫يهلون منها(()‪.(2‬‬
‫وفي هذا المعنى أحاديث عن ابن عمر وعائشة وجابر‬
‫وهي تفيد بمجموعها‪:‬‬
‫تحديد المواقيت بتحديد رسول الله صلى‬ ‫)‪(1‬‬
‫الله عليه وسلم لها في حديث ابن عباس وغيره‪.‬‬

‫‪ ()1‬مفيد النام جـ ‪ 1‬ص ‪.58‬‬


‫‪() 2‬رواه البخاري ومسلم‪ .‬انظر‪ :‬صحيح البخاري جـ ‪ 2‬ص ‪ ،164‬وصحيح‬
‫مسلم جـ ‪ 4‬ص ‪.5‬‬
‫رفع الحرج لمن مر عليهن من غير أهلهن أن‬ ‫)‪(2‬‬
‫يحرم من الميقات الذي يمر به وإن كان غير ميقاته‬
‫جا ً أو عمرة‪.‬‬
‫الصلي – إذا كان يريد ح ّ‬
‫)‪ (5‬عدم تكليف من كان دون المواقيت من جهة‬
‫مكة حيث جعل مهل إحرامه من مكانه‪.‬‬
‫)‪ (8‬أهل مكة يحرمون من مكة للحج ومن الحل‬
‫للعمرة‪.‬‬
‫)ه( يتضح من حديث ابن عباس وغيره أن الناس‬
‫ينقسمون بالنسبة إلى الميقات المكاني إلى ثلثة أصناف‪.‬‬
‫‪ -1‬أهل الحرم‪:‬‬
‫وهم الذين يقيمون بمكة مكيون أو غيرهم ويلحق بهم من‬
‫كان بمكة مقيما ً بها أو غير مقيم‪.‬‬
‫‪ -2‬أهل الحل‪:‬‬
‫وهم الذين مساكنهم داخل المواقيت الخمسة خارج‬
‫الحرم أي بين الحرم والميقات وهم أقرب إلى مكة من‬
‫غيرها‪.‬‬
‫‪ -3‬الفاقيون‪:‬‬
‫وهم الذين منازلهم خارج المواقيت التي وقتها رسول الله‬
‫صلى الله عليه وسلم وهي‪ :‬ذو الحليفة‪ ،‬والجحفة‪ ،‬وقرن‬
‫المنازل‪ ،‬ويلملم‪ ،‬وذات عرق‪.‬‬
‫)و( من مر على الميقات غير مريد الحج أو العمرة فل‬
‫يلزمة الحرام‪ ،‬بل له أن يدخل إلى مكة غير محرم كمن‬
‫جاء للدراسة أو التجارة أو زيارة القارب أو غير ذلك لكن‬
‫الفضل له أل يتجاوز الميقات إل محرمًا‪ ،‬والله أعلم)‪.(1‬‬
‫المواقيت‬
‫ب‬ ‫أ‬
‫ما روي عن ابن عباس‬
‫ميقات مكاني‬ ‫قال‪ :‬وقت رسول الله‬
‫صلى الله عليه وسلم لهل‬
‫من لم يكن‬ ‫المواقيت‬ ‫ولهل‬‫أماكن‬
‫المدينة ذا الحليفة‬
‫يكون‬ ‫حتى‬
‫طريقه على‬ ‫يجتهد‬ ‫الشام الجحفة‪ ،‬ولهل نجد‬
‫بحذو‬ ‫إحرامه‬
‫الميقات‬ ‫قرن المنازل‪ ،‬ولهل اليمن‬
‫الميقات الذي هو‬ ‫المنصوص عليها‬
‫يلملم قال‪ ،‬فهن لهن ولمن‬
‫إلى طريقه أقرب‪،‬‬ ‫أتى عليهن من غير أهلهن‬
‫يعرف أحرم‬
‫المجتهد جـ ‪ 1‬ص ‪.332‬‬ ‫‪،198‬لمبداية‬
‫المجموع جـ ‪ 7‬ص فإن‬ ‫ممن كان ‪()1‬‬
‫يريد الحج‬
‫من ُبعد‪ ،‬لن الحرام‬ ‫والعمرة‪ ،‬فمن كان دونهن‬
‫قبل الميقات جائز‪،‬‬ ‫فمهله من أهله وكذلك أهل‬
‫وتأخيره عنه ل يجوز‪،‬‬ ‫مكة يهلون منها)( متفق‬
‫والفضل من‬ ‫عليه‬
‫المجمع عليها عند أهل العلم‬
‫ميقات‬ ‫ميقات أهل العراق )ذات‬
‫زماني‬
‫العرق( وبهذا قال عمر‪ ،‬وروى‬
‫‪1‬‬ ‫جابر أنه قال في مهل أهل‬
‫)من ذات عرق يقول‬ ‫‪ 2‬العراق ‪3‬‬
‫الراوي أبو الزبير أجسبه رفعه‬
‫عبــاس‬
‫مسعود وابن‬ ‫عمر وابن ابن‬
‫)‬
‫للنبي صلى الله عليه وسلم‬
‫عنـــهما‬
‫وقتادة‬ ‫رضي الله عمر‬ ‫‪ (2‬وقال ابن عباس بأن ميقات‬
‫)أشهر‬
‫الحج‬ ‫والمام مالك‬
‫)أشهر‬ ‫أهل العراق – )العقيق( وهو‬
‫شوالوذو‬
‫وذو القعدة‬ ‫الحج شــــوال‬
‫الحجة(‪ .‬إلى فجر اليوم‬
‫العاشر من ذي‬
‫الحجة‪.‬‬ ‫متفق عليه )اللؤلؤ والمرجان ‪.(434‬‬ ‫)‪(1‬‬
‫مسلم ‪.841 /2‬‬ ‫)‪(2‬‬
‫المام‬
‫الشافعي) آخرأشهر الحج ليلة النحر(‬

‫مجاوزة الميقات‬

‫ب‬ ‫أ‬
‫ج‬
‫من أراد الحرام والنسك‬
‫من كان منزله‬
‫دون الميقات‬
‫يرجع الحرم‬ ‫إن لم‬
‫خارجا ً من‬ ‫إن رجع إلى الميقات مرة أخرى‬
‫فحكمه في‬‫وأحرم بعد الميقات‪.‬‬ ‫ب‬
‫مجاوزة قربته‬ ‫فعليه دم‬ ‫أ‬
‫إلى ما يلي حكم‬ ‫دم‬ ‫عليه‬ ‫شيء‬ ‫ل‬
‫المجاوز للميقات‬‫بالتفاق من ل يريد‬ ‫لما روي عن ابن‬ ‫عليه‬
‫في الحوال التي‬ ‫النســـــــك عباس‬
‫لنه حصل له‬
‫موقوفًا) من‬ ‫الحرام في‬
‫نسي من نسكه‬ ‫الميقات قبل‬
‫الحرم‬ ‫يريد دخول‬
‫أو تركه‬‫شيئا ًل‬
‫من‬ ‫التلبس‬
‫ج‬ ‫الحرم‬
‫دما ً)(‪.‬‬ ‫فليعرق‬‫دخول‬ ‫يريد‬
‫منالحج‬
‫بأفعال‬
‫أ‬ ‫فهذا ل يلزمه الحرام بغير‬
‫ب‬ ‫خلف وإن عزم على دخول‬
‫ل يلزمه‬ ‫ل يلزمه الحرام‬ ‫الحرم بعد المجاوزة فعلى‬
‫الحرام وفيه‬ ‫رأيين من حيث رجوعه إلى‬
‫خلف‬ ‫وهو من دخلها لقتــال‬
‫بعد‬ ‫وهو من أسلم‬ ‫مباح أو من خــوف‪ ،‬أو‬ ‫الميقات أو عدم رجوعه‬
‫مجاوزة الميقات أو‬ ‫لحاجة لن النبي صلى‬ ‫والراجح عدم الرجوع لقول‬
‫عبد أعنق‪ ،‬أو صبي‬ ‫الله عليه وسلم )دخل‬ ‫النبي صلى الله عليه وسلم‬
‫بلع‪ ،‬فالراجح والله‬ ‫يــوم الفتــح مكــة جلل‬
‫أعلم يحرمون من‬
‫ومن كان منزله دون الميقات‬
‫)‬
‫وعلى رأسه المغفر(‬ ‫)‪(2‬‬
‫‪2‬‬ ‫وغير هؤلء‬
‫‪1‬‬

‫إن لم يرد‬ ‫إن أراد النسك‬


‫بعد تجاوز الميقات رجع وإن أحرم من‬
‫شيء‬‫النسك‬
‫فل‬ ‫مكانه‬
‫عليه‬ ‫لزومه دم‬

‫)‪ (1‬أخرجه مالك في الموطأ )‪ (950‬قال عبد القادر الرناؤوط ‪ :‬وإسناده صحيح‬
‫أ‪-‬هـ ) جامع الصول ‪ (3/99‬وقال اللباني ضعيف مرفوعا ً وثبت موقوفا ً أ‪-‬‬
‫هــ )رواه الغليل ‪.(1100‬‬
‫)‪ (2‬البخاري ) الفتح ‪ (5808 ،3044‬ومسلم )‪.(1357‬‬
‫)‪ (3‬البخاري ) الفتح ‪.(1845 ،1530 ،1524 ،1526‬‬
‫المبحث الثاني‬
‫حجة النبي صلى الله عليه وسلم‬
‫كما رواها جابر بن عبد الله رضي الله عنه‬
‫روى مسلم وغيره عن جعفر بن محمد عن أبيه قال‪:‬‬
‫)) دخلنا على جابر ابن عبد الله – وهو أعمى‪ .. -‬فقلت‪:‬‬
‫أخبرني عن حجة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال‪:‬‬
‫بيده فعقد تسعا ً فقال‪ )) :‬إن رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم مكث تسع سنين لم يحج‪ ،‬ثم أذن في الناس في‬
‫العاشرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حاج فقدم‬
‫المدينة بشر كثير كلهم يلتمس أن يأتم برسول الله صلى‬
‫الله عليه وسلم ويعمل مثل عمله‪ ،‬فخرجنا معه حتى أتينا‬
‫ذا الحليفه فولدت أسماء بنت عميس محمد بن أبي بكر‬
‫فأرسلت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف أصنع‬
‫قال‪ :‬اغتسلي واستثفري بثوب وأحرمي فصلى رسول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم في المسجد ثم ركب القصواء‬
‫حتى إذا استوت به ناقته على البيداء نظرت إلى مد‬
‫بصري بين يديه من راكب وماش‪ ،‬وعن يمينه مثل ذلك‪،‬‬
‫وعن يساره مثل ذلك‪ ،‬ومن خلفه مثل ذلك‪ ،‬ورسول الله‬
‫صلى الله عليه وسلم بين أظهرنا وعليه ينزل القرآن وهو‬
‫ل‬‫يعرف تأويله وما عمل به من شيء عملنا به‪ ،‬فأه ّ‬
‫بالتوحيد لبيك اللهم لبيك‪ ،‬لبيك ل شريك لك لبيك‪ ،‬إن‬
‫ل الناس بهذا‬ ‫الحمد والنعمة لك والملك ل شريك لك‪ ،‬وأه ّ‬
‫الذي يهلون به فلم يرد رسول الله صلى الله عليه وسلم‬
‫عليهم شيئا ً منه ولزم رسول الله صلى الله عليه وسلم‬
‫تلبيته قال جابر رضي الله عنه‪ :‬لسنا ننوي إل الحج لسنا‬
‫نعرف العمرة حتى إذا أتينا البيت معه استلم الركن فرمل‬
‫ثلثا ً ومشى أربعا ً ثم نفذ إلى مقام إبراهيم عليه السلم‬
‫فقرأ‬
‫لى( ]البقرة‪.[125:‬‬ ‫ص ّ‬
‫م َ‬
‫م ُ‬
‫هي َ‬‫قام ِ إ ِب َْرا ِ‬ ‫م َ‬‫ن َ‬‫م ْ‬‫ذوا ِ‬ ‫خ ُ‬‫وات ّ ِ‬ ‫) َ‬
‫فجعل المقام بينه وبين البيت فكان أبي يقول‪ )) :‬ول‬
‫أعلمه ذكرها إل عن النبي )) صلى الله عليه وسلم كان‬
‫)) قل هو الله أحد(( و)) قل يا أيها‬ ‫يقرأ في الركعتين‬
‫الكافرون(( ثم رجع إلى الركن فاستلمه ثم خرج من‬
‫فا‬‫ص َ‬‫ن ال ّ‬ ‫الباب إلى الصفا فلما دنا من الصفا قرأ ) إ ِ ّ‬
‫أبدأ بما بدأ‬ ‫ر الل ّ ِ‬
‫ه ( ]البقرة‪.[158:‬‬ ‫عائ ِ ِ‬‫ش َ‬‫ن َ‬ ‫م ْ‬‫وةَ ِ‬‫مْر َ‬ ‫وال ْ َ‬
‫َ‬
‫الله به‪ ،‬فبدأ بالصفا فرقى عليه حتى رأى البيت فاستقبل‬
‫القبلة فوحد الله وكبره وقال‪ :‬ل إله إل الله وحده ل‬
‫شريك له‪ ،‬له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير‪،‬‬
‫ل إله إل الله وحده أنجز وعده‪ ،‬ونصر عبده‪ ،‬وهزم‬
‫الحزاب وحده‪ ،‬ثم دعا بين ذلك قال مثل هذا ثلث مرات‪،‬‬
‫ثم نزل إلى المروة حتى إذا انصبت قدماه في بطن‬
‫الوادي سعى حتى إذا صعدتا مشى حتى أتى المروة‬
‫ففعل على المروة كما فعل على الصفا حتى إذا كان آخر‬
‫طوافه قال‪ :‬لو أني استقبلت من أمري ما استدبرت لم‬
‫أسق الهدي وجعلتها عمرة فمن كان منكم ليس معه هدي‬
‫فليحل وليجعلها عمرة فقام سراقة بن مالك بن جعشم‬
‫فقال‪ :‬يا رسول الله ألعامنا هذا أم لبد فشبك رسول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم أصابعه واحدة في الخرى‬
‫وقال دخلت العمرة في الحج مرتين ل بل لبد أبد وقدم‬
‫علي من اليمن ببدن النبي صلى الله عليه وسلم فوجد‬
‫فاطمة رضي الله عنها ممن حل ولبست ثيابا ً صبيغا ً‬
‫واكتحلت فأنكر ذلك عليها فقالت إن أبي أمرني بهذا قال‬
‫فكان علي يقول بالعراق فذهبت إلى رسول الله صلى‬
‫الله عليه وسلم محرشا ً على فاطمة للذي صنعت‬
‫مستفتيا ً لرسول الله صلى الله عليه وسلم فيم ذكرت‬
‫عنه فأخبرته أني أنكرت ذلك عليها فقال صدقت صدقت‬
‫ماذا قلت حين فرضت الحج قال قلت‪ :‬اللهم إني أهل بما‬
‫أهل به رسولك قال فإن معي الهدي فل تحل قال فكان‬
‫جماعة الهدي الذي قدم به علي من اليمن والذي أتى به‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم مائة قال فحل الناس كلهم‬
‫وقصروا إل النبي صلى الله عليه وسلم ومن كان معه‬
‫هدي‪ ،‬فلما كان يوم التروية توجهوا إلى منى فأهلوا بالحج‬
‫وركب رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى بها الظهر‬
‫والعصر والمغرب والعشاء والفجر ثم مكث قليل ً حتى‬
‫طلعت الشمس وأمر بقبة من شعر تضرب له بنمرة‬
‫فسار رسول الله صلى الله عليه وسلم ول تشك قريش‬
‫إل أنه واقف عند المشعر الحرام كما كانت قريش تصنع‬
‫فأجاز رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتى عرفة‬
‫فوجد القبة قد ضربت له بنمرة فنزل بها حتى إذا زاغت‬
‫الشمس أمر بالقصواء فرحلت له فأتى بطن الوادي‬
‫م‬
‫فخطب الناس وقال‪ )) :‬إن دماءكم وأموالكم حرا ٌ‬
‫عليكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في‬
‫بلدكم هذا‪ ،‬أل كل شيء من أمر الجاهلية تحت‬
‫قدمي موضوع ودماء الجاهلية موضوعة‪ ،‬وإن‬
‫أول دم أضع من دمائنا دم ابن ربيعة بن الحارث‬
‫كان مسترضعا ً في بني سعد فقتله هذيل‪ ،‬وربا‬
‫الجاهلية موضوع وأول ربا أضع ربانا ربا العباس‬
‫بن عبد المطلب فإنه موضوع كله‪ ،‬فاتقوا الله‬
‫في النساء فإنكم أخذتموهن بأمان الله‬
‫واستحللتم فروجهن بكلمة الله ولكم عليهن أل‬
‫يوطئن فرشكم أحدا ً تكرهونه فإن فعلن ذلك‬
‫فاضربوهن ضربا ً غير مبرح‪ ،‬ولهن عليكم رزقهن‬
‫وكسوتهن بالمعروف وقد تركت فيكم ما لن‬
‫تضلوا بعده إن اعتصمتم به كتاب الله وأنتم‬
‫تسألون عني فما أنتم قائلون قالوا‪ :‬نشهد أنك‬
‫قد بلغت وأديت ونصحت‪ ،‬فقال بأصبعه السبابه‬
‫يرفعها إلى السماء وينكثها إلى الناس‪ :‬اللهم‬
‫اشهد ثلث مرات‪ ،‬ثم أذن ثم أقام فصلى الظهر‬
‫ثم أقام فصلى العصر ولم يصل بينهما شيئًا‪ ،‬ثم‬
‫ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتى‬
‫الموقف فجعل بطن ناقته القصواء إلى‬
‫الصخرات وجعل حبل المشاة بين يديه واستقبل‬
‫القبلة فلم يزل واقفا ً حتى غربت الشمس‬
‫وذهبت الصفرة قليل ً حتى غاب القرص وأردف‬
‫أسامة خلفه ودفع رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم وقد شنق للقصواء الزمام حتى إن رأسها‬
‫ليصيب مورك رحله ويقول بيده اليمنى أيها‬
‫الناس السكينة السكينة كلما أتى جبل ً من الجبال‬
‫أرخى لها قليل ً حتى تصعد حتى أتى المزدلفة‬
‫فصلى بها المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين‬
‫ولم يسبح بينهما شيئا ً ثم اضطجع رسول الله‬
‫صلى الله عليه وسلم حتى طلع الفجر وصلى‬
‫الفجر حين تبين له الصبح بأذان وإقامة‪ ،‬ثم ركب‬
‫القصواء حتى أتى المشعر الحرام فاستقبل‬
‫القبلة فدعاه وكبره وهلله ووحده فلم يزل‬
‫واقفا ً حتى أسفر جدّا ً فدفع قبل أن تطلع‬
‫الشمس وأردف الفضل ابن عباس وكان رجل ً‬
‫حسن الشعر أبيض وسيما ً فلما دفع رسول الله‬
‫صلى الله عليه وسلم مرت به ظعن يجرين‬
‫فطفق الفضل ينظر إليهن فوضع رسول الله‬
‫صلى الله عليه وسلم يده على وجه الفضل‬
‫فحول الفضل وجه إلى الشق الخر ينظر فحول‬
‫رسول الله يده من الشق الخر على وجه الفضل‬
‫يصرف وجهه من الشق الخر حتى أتى بطن‬
‫محسر فحرك قليل ً ثم سلك الطريق الوسطى‬
‫التي تخرج على الجمرة الكبرى حتى أتى الجمرة‬
‫التي عند الشجرة فرماها بسبع حصيات يكبر مع‬
‫كل حصاة منها مثل حصى الخذف رمى من بطن‬
‫الوادي ثم انصرف إلى المنحر فنحر ثلثا ً وستين‬
‫بيده ثم أعطى عليا ً فنحر ما غبر وأشركه في‬
‫هديه ثم أمر من كل بدنة ببضعة فجعلت في قدر‬
‫فطبخت فأكل من لحمها وشرب من مرقها ثم‬
‫ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم فأفاض‬
‫إلى البيت فصلى بمكة الظهر فأتى بني عبد‬
‫المطلب يسقون على زمزم فقال انزعوا بني‬
‫عبد المطلب فلول أن يغلبكم الناس على‬
‫سقايتكم لنزعت معكم فناولوه دلوا ً فشرب منه‪.‬‬
‫وفي رواية لمسلم قال‪ )) :‬نحرت هاهنا ومنى كلها‬
‫منحر فانحروا في رحالكم‪ ،‬ووقفت هاهنا وعرفة‬
‫كلها موقف ووقفت هاهنا وجمع كلها‬
‫موقف‪.(1) ((.....‬‬
‫وفي رواية لمسلم عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى‬
‫الله عليه وسلم أتى منى فأتى الجمرة فرماها ثم أتى‬
‫منزله بمنى ونحر ثم قال للحلق خذ وأشار إلى جانبه‬
‫اليمن ثم اليسر ثم جعل يعطيه الناس‪.(2)((........‬‬
‫وفي رواية لمسلم عن جابر قال‪ :‬رمى رسول الله صلى‬
‫الله عليه وسلم الجمرة يوم النحر ضحى وأما بعد فإذا‬
‫زالت الشمس‪.(3)((......‬‬
‫وفي رواية لمسلم عن ابن عمر أن العباس بن عبد‬
‫المطلب استأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن‬
‫يبيت بمكة ليالي منى من أجل سقايته فأذن له‪.(4)((......‬‬
‫وفي رواية لمسلم عن ابن عباس قال‪ :‬كان الناس‬
‫ينصرفون في كل وجه فقال رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم ل ينفرن أحد حتى يكون آخر عهده بالبيت‪((.......‬‬
‫)‪.(5‬‬
‫بعض ما يستفاد من هذا الحديث العظيم‪:‬‬
‫يحمل هذا الحديث وصفا ً دقيقا ً لحجة المصطفى صلى‬
‫الله عليه وسلم وهو أصل عظيم في بيان مناسك الحج؛‬
‫رواه مسلم‪ .‬انظر‪ :‬صحيح مسلم جـ ‪ 4‬ص ‪.39/43‬‬ ‫‪))1‬‬
‫صحيح مسلم جـ ‪ 4‬ص ‪.82‬‬ ‫‪()2‬‬
‫صحيح مسلم جـ ‪ 4‬ص ‪.80‬‬ ‫‪()3‬‬
‫صحيح مسلم جـ ‪ 4‬ص ‪.86‬‬ ‫‪()4‬‬
‫صحيح مسلم جـ ‪ 4‬ص ‪.93‬‬ ‫‪((5‬‬
‫لنه أجمع حديث ورد في بيان صفة الحج وسنقف إن شاء‬
‫الله عند طرف مما يستفاد منه موجزين ذلك إيجازا ً بالغا ً‬
‫فنقول‪:‬‬
‫‪ -1‬إن حجة الوداع كانت سنة عشر من الهجرة‪.‬‬
‫‪ -2‬إن ميقات أهل المدينة ذو الحليفة‪.‬‬
‫‪ -3‬إن الحائض والنفساء تغتسل وتعمل ما يعمله غيرها‬
‫غير أنها ل تطوف بالبيت‪.‬‬
‫‪ -4‬يستحب أن يكون الحرام بعد صلة كما فعل النبي‬
‫صلى الله عليه وسلم‪.‬‬
‫‪ -5‬عقد الحرام بالتلبية ويحسن أن يكون بعد استوائه‬
‫على راحلته‪.‬‬
‫‪ -6‬التلبية عمل من أعمال الحج ويستحب أن تكون شعار‬
‫المسلم حتى يصل البيت ويبدأ بالطواف‪.‬‬
‫‪ -7‬يستحب لداخل البيت محرما ً أن يستلم البيت إن‬
‫استطاع شريطة أل يؤذي أحدا ً بلسانه أو يده‪.‬‬
‫‪ -8‬ينبغي لمن يطوف طواف القدوم أن يرمل ثلثة‬
‫أشواط ويمشي أربعة‪.‬‬
‫‪ -9‬ينبغي بعد الطواف أن يصلي ركعتين خلف المقام‪ -‬أو‬
‫في أي مكان من الحرم‪ -‬يقرأ في الولى )) قل يا أيها‬
‫الكافرون (( و)) قل هو الله أحد(( في الثانية‪.‬‬
‫‪ -10‬يستحب له يعد ذلك أن يذهب إلى الصفا ويتلو قوله‬
‫ه‪......‬‬ ‫ر الل ّ ِ‬
‫عائ ِ ِ‬ ‫ن َ‬
‫ش َ‬ ‫م ْ‬
‫وةَ ِ‬
‫مْر َ‬‫وال ْ َ‬
‫فا َ‬‫ص َ‬
‫ن ال ّ‬
‫تعالى ) إ ِ ّ‬
‫الية( ]البقرة‪ .[158:‬ثم يكبر ويهللل ويحمد ثلثا ً ويدعو‬
‫بين ذلك ثم ينزل متجها ً إلى المروة ويسرع سرعة‬
‫شديدة بين العلمين ثم يعاود المشي حتى يصعد‬
‫المروة ويفعل مثل ما فعل على الصفا ويتم سعيه‬
‫سبعة أشواط ذهابه شوط ورجوعه شوط‪.‬‬
‫قران‪ ،‬وأما من لم يسق‬ ‫‪ -11‬من ساق الهدي لزمه ال ِ‬
‫لهدي فالمستحب في حقه أن يتمتع‪.‬‬
‫‪ -12‬يستحب للحاج أن يذهب يوم التروية – اليوم الثامن‬
‫من ذي الحجة – إلى منى ويصلي بها الظهر والعصر‬
‫والمغرب والعشاء والفجر‪.‬‬
‫‪ -13‬يصعد الحاج إلى عرفات من منى بعد طلوع‬
‫الشمس‪.‬‬
‫‪ -14‬يصلي الحاج في عرفات الظهر والعصر جمعا ً وقصرا ً‬
‫في وقت الولى ليتفرغ للدعاء‪.‬‬
‫‪ -15‬بعد غروب الشمس من يوم عرفة يدفع الحاج إلى‬
‫مزدلفة ويصلي بها المغرب والعشاء جمعا ً وقصرا ً حال‬
‫وصوله إليها‪.‬‬
‫‪ -16‬يدفع الحاج من مزدلفة إلى منى قبل طلوع الشمس‬
‫ويرمي جمرة العقبة‪ -‬الكبرى – بسبع حصيات‪.‬‬
‫‪ -17‬ينحر الحاج هديه إن كان متمتعا ً أو قارنا ً بعد أن‬
‫يرمي جمرة العقبة‪.‬‬
‫‪ -18‬بعد نحر الهدي يحلق أو يقصر‪.‬‬
‫‪ -19‬يلزم الحاج المبيت بمنى ليالي أيام التشريق‪.‬‬
‫‪ -20‬يرمي الحاج الجمرات في أيام التشريق‪.‬‬
‫‪ -21‬يختم الحاج أعماله بطواف الوداع‪.‬‬
‫‪ -22‬يتضح لنا من حديث جابر الطويل أن أعمال الحج‬
‫هي‪:‬‬
‫)أ( الحرام‪.‬‬
‫)ب( التلبية‪.‬‬
‫)ج( الطواف‪.‬‬
‫)د( السعي‪.‬‬
‫)هـ( الحلق أو التقصير‪.‬‬
‫)و( الوقوف بعرفة‪.‬‬
‫)ز( المبيت بمزدلفة‪.‬‬
‫)حـ( المبيت بمنى‪.‬‬
‫)ط( رمي الجمرات‪.‬‬
‫)ي( نحر الهدي‪.‬‬

‫المبحث الثالث‬
‫أركان الحج‬
‫أركان الحج المتفق عليها بين أهل العلم ‪:0‬‬
‫‪ -1‬الطواف‪.‬‬
‫‪ -2‬الوقوف بعرفة‪.‬‬
‫وزاد الملكية والحنابلة‪:‬‬
‫‪ -3‬الحرام‪.‬‬
‫‪ -4‬السعي بين الصفا والمروة‪.‬‬
‫وزاد الشافعية على هذه الربعة‪:‬‬
‫‪ -5‬الحلق أو التقصير‪.‬‬
‫‪ -6‬الترتيب بين هذه الركان على الصحيح عندهم)‪.(1‬‬
‫واجبات الحج‪:‬‬
‫‪ -1‬الحرام من الميقات‪.‬‬
‫‪ -2‬الوقوف بعرفة إلى الليل‪.‬‬
‫‪ -3‬المبيت بمزدلفة‪.‬‬
‫‪ -4‬والمبيت بمنى ليالي أيام التشريق‪.‬‬
‫‪ -5‬رمي الجمرات‪.‬‬
‫‪ -6‬الحلق أو التقصير وهو عند الشافعية ركن‪.‬‬
‫‪ -7‬طواف الوداع‪.‬‬
‫وزاد الحنفية‪.‬‬
‫‪ -1‬السعي بين الصفا والمروة وهو عند الثلثة ركن‪.‬‬
‫وهناك أعمال أخرى محل خلف بين الفقهاء منهم من‬
‫عدها واجبا ً ومنهم من عدها سنة)‪.(2‬‬
‫وقد أوصل الحنفية واجبات الحج إلى نيف وعشرين)‪.(3‬‬

‫الفصل الخامس‬
‫مناسك الحج وأعماله‬
‫ويشمل عشرة مباحث‬
‫الول‪ :‬الحرام‪.‬‬ ‫المبحث‬
‫الثاني‪ :‬التلبية‪.‬‬ ‫المبحث‬
‫الثالث‪ :‬الطواف‪.‬‬ ‫المبحث‬
‫الرابع‪ :‬السعي‪.‬‬ ‫المبحث‬
‫الخامس‪ :‬الوقوف بعرفة‪.‬‬ ‫المبحث‬
‫‪ ()1‬حاشية ابن عابدين جـ ‪ 2‬ص ‪ ،467‬الشرح الصغير جـ ‪ 2‬ص ‪ ،311‬مغني‬
‫المحتاج جـ ‪ 1‬ص ‪ ،513‬المقنع جـ ‪ 1‬ص ‪.467‬‬
‫‪ ()2‬المقنع جـ ‪ 1‬ص ‪ ،468‬بدائع الصنائع جـ ‪ 2‬ص ‪.133‬‬
‫‪ ()3‬حاشية ابن عابدين جـ ‪ 2‬ص ‪.467‬‬
‫المبحث السادس‪ :‬المبيت بمزدلفة‪.‬‬
‫المبحث السابع‪ :‬رمي الجمرات‪.‬‬
‫المبحث الثامن‪ :‬الحلق أو التقصير‪.‬‬
‫المبحث التاسع‪ :‬المبيت بمنى ليالي أيام‬
‫التشريق‪.‬‬
‫المبحث العاشر‪ :‬الهدي‪.‬‬
‫مناسك الحج‬
‫سنقف بمشيئة الله تعالى عند كل منسك مفصلين فيه‬
‫من حيث الستدلل له وحكمة مشروعيته وبيان حكمه‬
‫وأقسامه إن وجدت‪ ،‬وسيكون ترتيب المناسك حسب‬
‫ترتيبها الزمني في الحج فنقول مستعينين بالله‪.‬‬
‫المبحث الول‬
‫الحرام‬
‫تعريفه‪:‬‬
‫الحرام في اللغة هو الدخول في الحرمة‪ .‬والمراد هنا‬
‫الدخول في حرمة أداء الحج أو العمرة؛ لنه يحرم على‬
‫نفسه بنيته ما كان مباحا ً له قبل الحرام‪.‬‬
‫وفي الصطلح‪ :‬نية الدخول في النسك مع التلبية)‪.(1‬‬
‫وهو أول ركن من أركان الحج والعمرة فهو لهما مثل‬
‫تكبيرة الحرام بالنسبة للصلة متى انعقد لزم المسلم‬
‫أمور لم يكن ملتزما ً بها قبل انعقاده وحرمت عليه أمور‬
‫كانت حلل ً له قبل الحرام‪ .‬وتأكدت عليه أمور‪.‬‬
‫أنواع الحرام‪:‬‬
‫أنواع الحرام ثلثة‪:‬‬
‫)‪ (1‬التمتع وهو أن ينوي العمرة وحدها في أشهر‬
‫الحج ثم إذا انتهى منها وتحلل أحرم بالحج من عامه‬
‫هذا ويقول في الميقات‪ -‬لبيك عمرة متمتعا ً بها إلى‬
‫الحج‪.-‬‬
‫)‪ (2‬الِقران بأن يقرن الحج والعمرة وينوي أداءهما معا ً‬
‫بإحرام واحد وفي سفر واحد‪ ،‬ويقول في الميقات –‬
‫جًا‪.-‬‬
‫لبيك عمرة وح ّ‬
‫‪ ()1‬الحج والعمرة في الفقه السلمي ص ‪.43‬‬
‫)ج( الفراد بأن ينوي أداء الحج وحده‪.‬‬
‫ويقول في الميقات – لبيك حجا ً – ويلزم المتمتع‬
‫والقارن هدي‪ ،‬وأما المفرد فل شيء عليه‪.‬‬
‫ميقات الحرام الزماني‪:‬‬
‫الميقات الزماني للحرام بالحج يبدأ من أول شهر‬
‫ج‬ ‫شوال إلى العاشر من ذي الحجة يقول تعالى ) ال ْ َ‬
‫ح ّ‬
‫ت( ]البقرة‪.[197 :‬‬ ‫ما ٌ‬‫عُلو َ‬‫م ْ‬
‫هٌر َ‬ ‫أَ ْ‬
‫ش ُ‬
‫والميقات الزماني للحرام بالعمرة كل العام إل أيام‬
‫الحج لمن تلبس به‪.‬‬
‫ميقات الحرام المكاني‪:‬‬
‫الميقات المكاني للحرام بالحج والعمرة‪.‬‬
‫ذو الحليفة لهل المدينة ومن مر عليها من‬ ‫)‪(1‬‬
‫غير أهلها‪.‬‬
‫قرن المنازل لهل نجد ومن جاء من‬ ‫)‪(2‬‬
‫جهتهم ومر بهذا الميقات‪.‬‬
‫)ج( يلملم لهل اليمن ومن حولهم‪.‬‬
‫)د( الجحفة لهل الشام ومن حولهم‪.‬‬
‫)هـ( ذات عرق لهل العراق ومن حولهم)‪.(1‬‬
‫الحكمة من الحرام‪.‬‬
‫النفس البشرية تواقة إلى السمو والعلو في كل‬
‫شؤونها‪ .‬وإن من أعظم ما يساعد النفس على الوصول‬
‫إلى هذه الغاية المنشودة أفعال البر والطاعة والخير‬
‫والحسان‪ .‬كما أن مما يعوقها ويحول بينها وبين ما‬
‫تشتهي من السمو والعلو الذنوب والجرائم والمفاسد‬
‫والشرور‪ ،‬والحج عبادة جليلة يدخل فيها المسلم‬
‫ويبدأها بالحرام المشعر بالذل والنكسار والخضوع‬
‫ليكون الوافدون على الله منيبين مخبتين خاضعين‬
‫خاشعين‪ ،‬الشعث شعارهم‪ ،‬والتلبية والتضرع كلمهم‪،‬‬
‫وقوم هذه حالهم ستزكو نفوسهم وتسمو وتتجرد من‬
‫حب الذات والدنيا وحطامها وصدق الله العظيم )‬
‫وى( ]البقرة‪.[197 :‬‬ ‫خي َْر الّزاِد الت ّ ْ‬
‫ق َ‬ ‫ن َ‬ ‫دوا َ‬
‫فإ ِ ّ‬ ‫و ُ‬
‫وت ََز ّ‬
‫َ‬
‫واجبات الحرام‪:‬‬
‫)(فصلنا القول في هذه المواقيت في مواقيت الحج‪.‬‬ ‫‪1‬‬
‫للحرام واجبات ينبغي معرفتها؛ لن تارك الواجب‬
‫يطالب بدم يهريقه لفقراء الحرم جبرا ً لما أصاب‬
‫إحرامه من خلل بترك الواجب‪.‬‬
‫وواجبات الحرام‪:‬‬
‫‪ -1‬الحرام من الميقات لمر الرسول صلى‬
‫الله عليه وسلم بذلك وفعله‪.‬‬
‫‪ -2‬التجرد من المخيط في حق الرجال‪.‬‬
‫سنن الحرام‪:‬‬
‫للحرام سنن ينبغي أن يحافظ عليها المحرم ليكون حجه‬
‫وفق السنة المطهرة‪.‬‬
‫ومن هذه السنن‪:‬‬
‫‪ -1‬الغتسال فكل من أراد الحرام استحب في‬
‫حقه الغسل حتى الحائض والنفساء لقصة أسماء‬
‫بنت عميس‪.‬‬
‫‪ -2‬تقليم الظافر وقص الشارب ونتف البط وحلق‬
‫شعر العانة ومس الطيب قبل الحرام لفعله صلى‬
‫الله عليه وسلم‪.‬‬
‫‪ -3‬الحرام في رداء وإزار أبيضين نظيفين لفعله‬
‫صلى الله عليه وسلم ذلك‪.‬‬
‫‪ -4‬التلبية)‪ (1‬وتكرارها من حين إحرامه حتى يبدأ‬
‫الطواف بالبيت‪.‬‬
‫‪ -5‬وقوع الحرام بعد صلة والفضل أن تكون‬
‫فريضة لنه صلى الله عليه وسلم أحرم بعد‬
‫الفريضة فإن لم يكن وقت فريضة صلى ركعتين‬
‫ينوي بهما ركعتي الوضوء)‪.(2‬‬
‫حكم الحرام‪:‬‬
‫ما‬‫و َ‬
‫انعقد الجماع على فرضية الحرام لقوله تعالى‪َ ) :‬‬
‫ُ‬
‫ء(‬
‫فا َ‬‫حن َ َ‬
‫ن ُ‬
‫دي َ‬ ‫ن لَ ُ‬
‫ه ال ّ‬ ‫صي َ‬
‫خل ِ ِ‬
‫م ْ‬ ‫دوا الل ّ َ‬
‫ه ُ‬ ‫عب ُ ُ‬‫مُروا إ ِل ّ ل ِي َ ْ‬
‫أ ِ‬
‫]البينة‪.[5:‬‬

‫)(يرى المام مالك أن التلبية واجبة والجمهور على أنها سنة‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫)(شرح اليضاح للنووي ص ‪.145‬‬ ‫‪2‬‬


‫ولقوله صلى الله عليه وسلم ‪ )) :‬إنما‬
‫العمال بالنيات وإنما لكل امريء ما نوى(()‪.(3‬‬
‫وقد ذهب الئمة الثلثة‪ -‬مالك والشافعي وأحمد‪ -‬إلى‬
‫أن الحرام ركن من أركان الحج ل يتم بدونه‪.‬‬
‫وذهب المام أبوحنيفة إلى أن الحرام شرط لصحة‬
‫الحج‪.‬‬
‫كما ذهب الئمة الثلثة‪ -‬مالك والشافعي وأحمد‪ -‬إلى أن‬
‫الحرام هو نية الحج أو العمرة‪ ،‬أو هما معا ً بدون‬
‫التلبية‪.‬‬
‫استدل الثلثة بقوله تعالى‪َ ):‬‬
‫ة‬
‫مَر َ‬ ‫وال ْ ُ‬
‫ع ْ‬ ‫ج َ‬
‫ح ّ‬‫موا ال ْ َ‬ ‫وأت ِ ّ‬‫َ‬
‫له( ]البقرة‪.[196 :‬‬ ‫لِ ّ‬
‫والذي أحرم بالحج يؤمر بإتمامه فلو لم يكن الحرام‬
‫جزءا ً من الحج لمر بالبتداء ل بالتمام‪.‬‬
‫واستدل الحنفية بأن ركن الشيء ما يأخذ السم منه‪،‬‬
‫والحج يأخذ السم من طواف البيت ووقوف عرفة‪ .‬قال‬
‫ت( ]آل عمران‪.[97:‬‬ ‫ج ال ْب َي ْ ِ‬‫ح ّ‬ ‫س ِ‬‫على الّنا ِ‬
‫ه َ َ‬‫ول ِل ّ ِ‬
‫تعالى‪َ ) :‬‬
‫وحج البيت زيارته‪.‬‬
‫وقال صلى الله عليه وسلم )) الحج عرفة(()‪.(2‬‬
‫فالمعتبر من حصول مسمى الحج هذان الركنان ل‬
‫الحرام فل يكون ركنًا‪.‬‬
‫قال ابن عابدين في حاشية رد المختار)‪ )) :(3‬والحج‬
‫فرضه ثلثة‪ :‬الحرام وهو شرط ابتداء‪.((......‬‬
‫وقال الشربيني في مغني المحتاج)‪....)) :(4‬أركان‬
‫الحج خمسة‪ :‬الحرام‪.((........‬‬
‫حكم تجاوز الميقات دون إحرام‪:‬‬
‫أجمع أهل العلم على أنه يُحرم على الفاقي الذي يريد‬
‫الحج أو العمرة أن يجاوز الميقات بغير إحرام فإن‬
‫‪() 3‬رواه البخاري ومسلم‪ .‬انظر‪ :‬صحيح البخاري جـ ‪ 1‬ص ‪ ،32‬وصحيح‬
‫مسلم جـ ‪ 6‬ص ‪.48‬‬
‫‪() 2‬رواه أبو داود‪ .‬انظر‪ :‬صحيح أبي داود جـ ‪ 1‬ص ‪ 367‬ورواه الترمذي‪.‬‬
‫انظر‪ :‬صحيح الترمذي جـ ‪ 1‬ص ‪.265‬‬
‫‪() 3‬حاشية رد المختار جـ ‪ 2‬ص ‪.467‬‬
‫‪() 4‬مغني المحتاج جـ ‪ 1‬ص ‪ .513‬وانظر‪ :‬الشرح الصغير جـ ‪ 2‬ص ‪،311‬‬
‫والمقنع جـ ‪ 1‬ص ‪467‬‬
‫جاوزه أثم ووجب عليه الرجوع إليه ليحرم منه سواء‬
‫تجاوزه عالما ً أو جاه ً‬
‫ل‪.‬‬
‫لكن إن كان له عذر في عدم رجوعه إلى الميقات كما‬
‫لو خشى فوات الحج أو النقطاع عن الرفقة فهنا يحرم‬
‫من مكانه ويلزمه دم‪.‬‬
‫وأما من تجاوز الميقات وهو ل يريد الحج أو العمرة فل‬
‫شيء عليه على الصحيح من أقوال أهل العلم‪ .‬لقوله‬
‫صلى الله عليه وسلم في حديث ابن عباس )) هن‬
‫لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن لمن‬
‫كان يريد الحج أو العمرة‪.(1)((.......‬‬
‫قال النووي في المجموع‪...... )) :‬إذا انتهى‬
‫الفاقي إلى الميقات وهو يريد الحج أو العمرة أو‬
‫الِقران حرم عليه مجاوزته غير محرم بالجماع فإن‬
‫جاوزه فهو مسيء‪.(2)((......‬‬
‫وقال ابن قدامة في المغني‪......)) :‬من جاوز‬
‫الميقات مريدا ً للنسك غير محرم فعليه أن يرجع إليه‬
‫ليحرم منه – إن أمكنه – سواء تجاوزه عالما به أم‬
‫جاهل ً علم تحريم ذلك أو جهله فإن رجع إليه فأحرم منه‬
‫فل شيء عليه ل نعلم في ذلك خلفا ً ‪....‬وإن أحرم من‬
‫دون ميقات فعليه دم سواء رجع إلى الميقات أم لم‬
‫يرجع)‪.((......(3‬‬
‫إحرام الصغير‪:‬‬
‫ل يجب الحج على الصغير الذي لم يبلغ‪ .‬لكن لو حج فله‬
‫أجر وتبقى عليه حجة السلم إذا بلغ‪ .‬ودليل ذلك ما‬
‫رواه ابن عباس رضي الله عنهما أن امرأة رفعت صبيا ً‬
‫إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت‪ :‬يا‬
‫رسول الله ألهذا حج قال‪ )) :‬نعم ولك أجر(()‪.(4‬‬
‫والصغير ل يخلو من حالين‪:‬‬

‫‪ ()1‬رواه البخاري ومسلم‪ .‬انظر‪ :‬صحيح البخاري جـ ‪ 2‬ص ‪ ،165‬وصحيح‬


‫مسلم جـ ‪ 4‬ص ‪.5‬‬
‫‪() 2‬المجموع جـ ‪ 6‬ص ‪206‬‬
‫‪ ()3‬المغني جـ ‪ ،69‬وانظر‪ :‬الحاوي على الشرح الصغير جـ ‪ 2‬ص ‪320‬‬
‫‪() 4‬رواه مسلم‪ .‬انظر‪ :‬صحيح مسلم جـ ‪ 4‬ص ‪.101‬‬
‫الولى‪ :‬أن يكون مميزا ً وهو الذي يفهم ما يقال له‬
‫فهذا ينوي بنفسه بتوجيه من ولي أمره ويأمره بأن يأتي‬
‫بأعمال الحج التي يستطيعها كالطواف والسعي – ولو‬
‫محمول ً – والوقوف بعرفة والمبيت بمزدلفة والمبيت‬
‫بمنى‪ ،‬وأما ما يعجز عنه كرمي الجمار فوليه ينوب‬
‫عنه‪....‬‬
‫الثانية‪ :‬أن يكون الصبي غير مميز فهذا ينوي له وليه‬
‫ويأخذه للمشاعر ويجعله يؤدي ما يستطيعه‪ ،‬وما ل‬
‫يستطيعه يعينه عليه‪ ،‬وأحكام إحرام الصغير كأحكام‬
‫إحرام الكبير‪ ،‬فالذكر يجتنب ما يجتنبه الرجل الكبير‪،‬‬
‫والنثى تجتنب ما تجتنبه المرأة الكبيرة لكن عمد‬
‫الصغير مثل خطأ الكبير‪.‬‬
‫قال ابن قاسم في الحكام‪ .....)) :‬فيصح – الحج –‬
‫من الصبي نفل ً اتفاقًا‪ ....‬ول يجب عليه الحج بالتفاق‬
‫لنه غير مكلف ول يجزيء عن حجة السلم‪ ...‬ويعقد‬
‫الحرام ولي الصبي‪.(1)((.....‬‬
‫وقال ابن قدامة في المغني‪.....)) :‬والصبي يصح‬
‫حجه فإن كان مميزا ً أحرم بإذن وليه‪ ،‬وإن كان غير‬
‫مميز أحرم عنه وليه فيصير محرما ً بذلك‪.(2)((.....‬‬
‫محظورات الحرام‪:‬‬
‫رم وغير المحرم لكن‬ ‫ح ِ‬‫م ْ‬‫هناك أمور محرمة على ال ُ‬
‫حرمتها على المحرم أغلظ وآكد فيجب عليه أن يبتعد‬
‫عنها وأن يتحرز من الوقوع فيها مثل الغيبة والنميمة‬
‫والكذب وقول الزور وسماع المحرمات والنظر المحرم‬
‫والمشاتمة والمخاصمة والجدال – في غير إحقاق الحق‬
‫ول‬ ‫ث َ‬‫ف َ‬‫فل َر َ‬
‫– والفسوق وصدق الله العظيم‪َ ) :‬‬
‫ج( ]البقرة‪.[197 :‬‬
‫ح ّ‬‫في ال ْ َ‬ ‫ل ِ‬‫دا َ‬‫ج َ‬
‫ول ِ‬
‫سوقَ َ‬ ‫ُ‬
‫ف ُ‬
‫وأما محظورات الحرام خاصة فهي على ثلثة‬
‫أقسام‪:‬‬
‫القسم الول‪ :‬يحرم على الذكور والناث وهو‪:‬‬

‫‪ ()1‬الحكام شرح أصول الحكام جـ ‪ 2‬ص ‪.328‬‬


‫‪ ()2‬المغني جـ ‪ 5‬ص ‪.60‬‬
‫‪ -1‬إزالة الشعر من الرأس بحلق أو غيره وكذا إزالته‬
‫من سائر الجسد ولو نزلت شعرة على عينه فأزالها فل‬
‫شيء عليه وله حك رأسه برفق عند الحاجة‪.‬‬
‫‪ -2‬تقليم الظفار من اليدين أو الرجلين‪ ،‬لكن لو انكسر‬
‫ظفره وآلمه فله إزالته ول شيء عليه‪.‬‬
‫‪ -3‬استعمال الطيب بعد الحرام في الثوب أو البدن أو‬
‫غيرهما‪.‬‬
‫‪ -4‬الجماع ودواعيه كعقد النكاح والنظر بشهوة‬
‫والمباشرة لشهوة والتقبيل وغيره‪.‬‬
‫‪ -5‬لبس القفازين وهما شراب اليدين‪.‬‬
‫‪ -6‬قتل الصيد وهو الحيوان الحلل البري المتوحش‬
‫مثل الظباء والرانب والحمام‪.‬‬
‫القسم الثاني‪ :‬ما يحرم على الرجال دون‬
‫الناث فهو شيئان‪:‬‬
‫لبس المخيط وهو أن يلبس الثياب ونحوها على صفة‬
‫لباسها في العادة كالفانيلة والسروال وغيرهما‪ ،‬ويجوز‬
‫للمحرم لبس ما يحتاجه كالسبته )الحزام( وساعة اليد‬
‫ونظارة العين‪.‬‬
‫‪ -2‬تغطية رأسه بملصق كالعمامة والغترة والطاقية‬
‫وغيرهما‪.‬‬
‫أما غير الملصق كالخيمة والشمسية وسقف السيارة‬
‫فل بأس به؛ لن الممنوع هو تغطية الرأس دون‬
‫الستظلل‪.‬‬
‫القسم الثالث‪ :‬ما يحرم على الناث دون‬
‫الذكور‪:‬‬
‫يخص النساء شيء واحد وهو النقاب – ستر وجهها مع‬
‫وضع فتحة لعينها تنظر بها‪.-‬‬
‫وهذه المحظورات تكاد تكون محل اتفاق بين المذاهب‬
‫الربعة)‪.(1‬‬
‫حكم من ارتكب محظورا ً من محظورات‬
‫الحرام‪:‬‬
‫‪ ()1‬انظر‪ :‬بدائع الصنائع جـ ‪ 2‬ص ‪ ،183‬بداية المجتهد جـ ‪ 4‬ص ‪.375‬‬
‫والمجموع جـ ‪ 6‬ص ‪ ،249‬والمغني جـ ‪ 5‬ص ‪.53‬‬
‫فاعل المحظورات السابقة له ثلث حالت‪:‬‬
‫الولى‪ :‬أن يفعل المحظور بل عذر ول حاجة فهذا آثم‬
‫وعليه الفدية‪.‬‬
‫الثانية‪ :‬أن يفعل المحظور لحاجة إلى ذلك فله فعل‬
‫المحظور وعليه فديته‪.‬‬
‫الثالثة‪ :‬أن يفعل المحظور وهو معذور إما جاهل ً أو‬
‫ناسيا ً أو مكرها ً فل إثم عليه وهل عليه فدية؟ محل‬
‫خلف بين أهل العلم‪.‬‬
‫والصحيح إن شاء الله أنه ل شيء عليه‪.‬‬
‫مقدار الفدية‪:‬‬
‫الفدية تختلف باختلف سببها فأحيانا ً تكون لرتكاب‬
‫محظور من محظورات الحرام‪ ،‬وأحيانا ً تكون لترك‬
‫واجب من واجبات الحج‪ ،‬وأحيانا ً تكون جزءا ً للصيد‪،‬‬
‫وأحيانا ً تكون فدية للحصار وهذا تفصيلها‪:‬‬
‫‪ -1‬الفدية في إزاله الشعر‪ ،‬والظفر‪ ،‬والطيب‪،‬‬
‫والمباشرة لشهوة ولبس الذكر المخيط‪ ،‬ولبس‬
‫القفازين‪ ،‬وتغطية راس الذكر‪ ،‬والنقاب للمرأة‪.‬‬
‫الفدية في كل واحد من هذه المحظورات‪ ،‬إما ذبح‬
‫شاة‪ ،‬أو إطعام ستة مساكين‪ ،‬أو صيام ثلثة أيام‪ ،‬وهذه‬
‫الفدية على التخيير فلمن ارتكب محظورا ً من هذه‬
‫المحظورات أن يختار واحدا ً من هذه المور الثلثة‪ :‬ذبح‬
‫الشاة‪ ،‬أو إطعام ستة مساكين‪ ،‬أو صيام ثلثة أيام ‪.‬‬
‫‪ -2‬الفدية لترك واجب من واجبات الحج‪ ،‬كرمي‬
‫الجمار‪ ،‬والمبيت بمزدلفة‪ ،‬والمبيت بمنى‪ ،‬وطواف‬
‫الوداع‪ ،‬والحرام من الميقات‪ ،‬فهذا يلزمه دم‪ ،‬فإن لم‬
‫يجد صام عشرة أيام‪ ،‬ثلثة في الحج وسبعة إذا رجع‬
‫إلى أهلة‪ ،‬فإن لم يتمكن من صيام الثلثة في الحج‬
‫صامها مع السبعة بعد رجوعة إلى أهله‪.‬‬
‫‪ -3‬جزاء الصيد فإن كان للصيد مثل خير بين ثلثة أشياء‪:‬‬
‫إما ذبح المثل‪ ،‬وتفريق جميع لحمه على فقراء مكة‪.‬‬
‫وإما أن ينظر كم يساوي هذا المثل ويخرج ما يقابل‬
‫قيمته طعاما ً يفرق على المساكين لكل مسكين نصف‬
‫صاع‪.‬‬
‫وإما أن يصوم عن طعام كل مسكين يومًا‪ ،‬فإن لم يكن‬
‫للصيد مثل خير بين شيئين‪ :‬إما أن ينظر كم قيمة الصيد‬
‫المقتول ويخرج ما يقابلها طعاما ً يفرقه على المساكين‬
‫لك مسكين نصف صاع‪.‬‬
‫وإما أن يصوم عن إطعام كل مسكين يومًا‪.‬‬
‫‪ -4‬دم التمتع والقران‪:‬‬
‫يجب على المتمتع والقارن هدي فإن لم يجد صام‬
‫عشرة أيام‪ :‬ثلثة في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله‪.‬‬
‫‪ -5‬فدية المحصر‪:‬‬
‫يجب عليه هدي فإن لم يجد صام عشرة أيام كالمتمتع‬
‫والقارن‪.‬‬
‫‪ -6‬فدية الجماع ودواعيه‪:‬‬
‫يجب على من وطيء قبل التحلل الول بدنة‪ ،‬فإن لم‬
‫يجد صام عشرة أيام‪ :‬ثلثة في الحج وسبعة إذا رجع إلى‬
‫أهله)‪.(1‬‬
‫قال في مفيد النام)‪.......)) :(2‬والفدية على ثلثة‬
‫أضرب((‪.‬‬
‫أحدهما‪ :‬على التخيير وهو نوعان‪:‬‬
‫النوع الول‪ :‬منهما يخير فيه المخرج بين صيام ثلثة‬
‫أيام أو إطعام ستة مساكين لكل مسكين نصف‬
‫صاع‪...‬أو ذبح شاة‪.‬‬
‫وهي فدية حلق الرأس‪ ،‬وتقليم الظافر‪ ،‬وتغطية الرأس‬
‫من الذكر ولبس المخيط منه والطيب‪.‬‬
‫النوع الثاني‪ :‬جزاء الصيد يخير فيه من وجب عليه بين‬
‫إخراج مثل الصيد من النعم‪ ،‬أو تقويم المثل بدراهم‬
‫ويشتري به طعاما ً يوزعه على فقراء الحرم لكل‬
‫مسكين نصف صاع‪ ،‬أو يصوم عن طعام كل مسكين‬
‫يوما ً ‪....‬‬
‫الضرب الثاني‪ :‬من أضرب الفدية على الترتيب‬
‫وهو على ثلثة أنواع‪...‬‬

‫‪ ()1‬انظر‪ :‬بدائع الصنائع جـ ‪ 2‬ص ‪ ،183‬بداية المجتهد جـ ‪ 1‬ص ‪،375‬‬


‫والمجموع جـ ‪ 7‬ص ‪ ،246‬المغني جـ ‪ 5‬ص ‪.112‬‬
‫‪ ()2‬مفيد النام جـ ‪ 1‬ص ‪ 200 -187‬بتصرف‪.‬‬
‫النوع الول‪ :‬دم المتعة والقران‪ ،‬فيجب الهدي‪ ...‬فإن‬
‫لم يجد الهدي صام ثلثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع‬
‫إلى أهله‪...‬‬
‫النوع الثاني‪ :‬المحصر يلزمه الهدي فإن لم يجد الهدي‬
‫صام عشرة أيام قياسا ً على هدي التمتع بنية التحلل ثم‬
‫حل‪....‬‬
‫النوع الثالث‪ :‬فدية الوطء قبل التحلل الول فتجب‬
‫بذلك البدنة أو ما قام مقامها كالبقرة وسبع شياه فإن‬
‫لم يجد صام عشرة أيام ثلثة في الحج وسبعة إذا رجع‬
‫إلى أهله‪.....‬‬
‫الضرب الثالث‪ :‬من أضراب الفدية‪:‬‬
‫الدماء الواجبة لغير ما تقدم كدم وجب لترك واجب‬
‫كترك الحرام من الميقات أو الوقوف بعرفة إلى الليل‬
‫لمن وقف بها نهارا ً أو ترك المبيت بمزدلفة أوليالي منى‬
‫أو رمي الجمار ونحوه‪ .‬فيجب عليه دم كدم المتعة فإن‬
‫عدم الهدي صام عشرة أيام‪.((.......‬‬

‫المبحث الثاني‬
‫التلبية‬
‫التلبية ذكر مخصوص يقوله الحاج أو المعتمر‪،‬‬
‫عليه‬ ‫والصيغةالمرورية لها عن رسول اللهصلى الله‬
‫وسلم ‪ )) :‬لبيك اللهم لبيك‪ ،‬لبيك ل شريك لك‬
‫لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك ل شريك‬
‫لك((‪.‬‬
‫حكمها‪:‬‬
‫هي سنة عقب الحرام مباشرة وتتأكد وتتكرر بتجدد‬
‫المواقف والحوال فكلما جد ّ موقف أو حال استحب أن‬
‫يلبي المحرم؛ كالصعود والهبوط ولقاء الناس‪ ،‬وهي‬
‫شعار المحرم يرفع الرجل بها صوته وتسر بها المرأة‬
‫بقدر ما تسمع نفسها ومن حولها‪ .‬وتستمر حتى يستلم‬
‫المحرم الحجر السود ويبدأ بالطواف‪.‬‬
‫وقد اتفق الئمة الربعة على سنيتها واستحباب الكثار‬
‫ل‪ ،‬واختلفوا في حكمها عند الحرام بالحج أو‬ ‫منها إجما ً‬
‫العمرة‪.‬‬
‫فعند الحنفية هي جزء من الحرام ل يصح ول يعتبر ناويا ً‬
‫للنسك إل إذا قرنه بالتلبية‪.‬‬
‫وعند المالكية هي واجبة في الصل والسنة قرنها‬
‫بالحرام‪.‬‬
‫وعند الشافعية والحنابلة هي سنة في الحرام مطلقًا؛‬
‫لنها ذكر فل تجب كسائر أذكار الحج)‪.(1‬‬
‫الحكمة من التلبية‪:‬‬
‫يقول الحاج والمعتمر عقب إحرامه – لبيك اللهم لبيك –‬
‫أي أنا مقيم على طاعتك الجابة بعد الجابة وفي التلبية‬
‫ما يشعر بإكرام الله لعباده بأن كان إيفادهم عليه‬
‫ل في قوله ) َ‬ ‫باستدعاء منه عّز وج ّ‬
‫س‬
‫في الّنا ِ‬ ‫ن ِ‬‫وأذّ ْ‬ ‫َ‬
‫ْ‬ ‫عَلى ك ُ ّ‬ ‫ج ي َأ ُْتو َ‬
‫ن‬
‫م ْ‬‫ن ِ‬ ‫ر ي َأِتي َ‬ ‫م ٍ‬‫ضا ِ‬ ‫ل َ‬ ‫جال ً َ‬
‫و َ‬ ‫ر َ‬‫ك ِ‬ ‫ح ّ‬ ‫ِبال ْ َ‬
‫]الحج‪.[27:‬‬
‫)‪(2‬‬
‫ق(‬‫مي ٍ‬‫ع ِ‬‫ج َ‬ ‫ف ّ‬ ‫ل َ‬ ‫كُ ّ‬
‫المبحث الثالث‬
‫الطواف‬
‫حقيقة الطواف‪:‬‬
‫هو الدوران حول الكعبة سبع مرات تعبدا ً لله بنية‬
‫الطواف مبتدئا ً بالحجر السود ومنتهيا ً إليه جاعل ً الكعبة‬
‫عن يساره‪.‬‬
‫مكان الطواف‪:‬‬
‫فوا‬ ‫و ُ‬‫ول ْي َطّ ّ‬ ‫مكان الطواف حول البيت لقوله تعالى‪َ ) :‬‬
‫ق( ]الحج‪.[29 :‬‬ ‫عِتي ِ‬‫ت ال ْ َ‬ ‫ِبال ْب َي ْ ِ‬

‫‪ ()1‬حاشية ابن عابدين جـ ‪ 2‬ص ‪ ،467‬والشرح الصغير وحاشيته جـ ‪ 2‬ص‬


‫‪ 311‬ومغني المحتاج جـ ‪ 1‬ص ‪ ،533‬والفتح جـ ‪ 1‬ص ‪.467‬‬
‫‪ ()2‬هداية الناسك ص ‪.30‬‬
‫ومعناه الطواف حوله فيجوز الطواف داخل المسجد‬
‫الحرام قريبا ً من الكعبة أو بعيدا ً منها حسب تيسير ذلك‬
‫له لكنه ل يصح خارج حيطان المسجد الحرام‪.‬‬
‫حكم الطواف‪:‬‬
‫ن من أركان الحج ل يتم إل به ومتى‬ ‫طواف الفاضة رك ٌ‬
‫أخل به الحاج بقي في ذمته حتى يأتي به فإن لم يأت به‬
‫لم يتم حجه وهذا محل اتفاق بين أهل العلم‪.‬‬
‫قال ابن رشيد في بداية المجتهد‪.....) :‬وأجمعوا على‬
‫أن الواجب من الطواف الذي يفوت الحج بفواته هو‬
‫فوا‬ ‫ول ْي َطّ ّ‬
‫و ُ‬ ‫طواف الفاضة وأنه المعني بقوله تعالى‪َ ) :‬‬
‫ق()‪.(1‬‬ ‫ت ال ْ َ‬
‫عِتي ِ‬ ‫ِبال ْب َي ْ ِ‬
‫وقال الكاساني في البدائع الصنائع‪....)) :‬وكذا المة‬
‫أجمعت على كونه ركنا ً ويجب على أهل الحرم‬
‫وغيرهم‪.(2)((...‬‬
‫ن للحج ل‬ ‫وقال ابن قدامة في المغني‪....)) :‬وهو رك ٌ‬
‫يت إل به ل نعلم فيه خلفًا‪.(3)((...‬‬
‫دليل وجوب الطواف‪:‬‬
‫ثبتت فرضية طواف الفاضة بالكتاب والسنة والجماع‪.‬‬
‫أما الكتاب‪:‬‬
‫ق( فقد أجمع‬ ‫ت ال ْ َ‬
‫عِتي ِ‬ ‫فوا ِبال ْب َي ْ ِ‬ ‫ول ْي َطّ ّ‬
‫و ُ‬ ‫فقوله تعالى‪َ ) :‬‬
‫العلماء على أن ذلك في طواف الفاضة‪.‬‬
‫وأما السنة‪:‬‬
‫فقد حجت أم المؤمنين صفية مع النبي صلى الله‬
‫عليه وسلم فحاضت فقال رسول الله صلى الله‬
‫عليه وسلم )) أحابستنا هي قالوا إنها قد أفاضت قال‬
‫فل إذن(()‪.(4‬‬
‫فدل الحديث على أن الطواف فرض لبد منه ولول‬
‫فرضيته لم يمنع من لم يأت به عن السفر‪.‬‬
‫‪ ()1‬بداية المجتهد جـ ‪ 1‬ص ‪.352‬‬
‫‪ ()2‬بدائع الصنائع جـ ‪ 2‬ص ‪.128‬‬
‫‪ ()3‬المغني جـ ‪ 5‬ص ‪.311‬‬
‫‪ ()4‬رواه البخاري ومسلم‪ .‬انظر‪ :‬صحيح البخاري جـ ‪ 2‬ص ‪ ،220‬وصحيح‬
‫مسلم جـ ‪ 4‬ص ‪.93‬‬
‫وأما الجماع‪:‬‬
‫فقد نقل غير واحد إجماع أهل العلم على أن الطواف‬
‫ركن من أركان الحج ل يتم إل به‪.‬‬
‫قال ابن قدامة في المغني‪......)) :‬وهو ركن للحج ل‬
‫يتم إل به ل نعلم فيه خلفا ً ولن الله عز وجل قال‬
‫ق (‪.‬‬ ‫ت ال ْ َ‬
‫عِتي ِ‬ ‫فوا ِبال ْب َي ْ ِ‬ ‫ول ْي َطّ ّ‬
‫و ُ‬ ‫) َ‬
‫قال ابن عبد البر‪ :‬هو من فرائض الحج ل خلف في‬
‫ذلك بين العلماء‪.(1)((......‬‬
‫عدد الطواف‪:‬‬
‫عدد أشواط الطواف المطلوبة سبعة إجماعًا‪.‬‬
‫وقد اختلف أهل العلم هل السبعة كلها ركن أم بعضها‬
‫ركن وبعضها واجب‪.‬‬
‫ذهب الحنفية إلى أن العدد الركن أكثر السبعة وأن‬
‫الواجب القل الباقي بعد أكثر الطواف فالركن عندهم‬
‫الربعة الولى والثلثة الباقية واجبة‪.‬‬
‫وذهب الجمهور‪ -‬الئمة الثلثة وغيرهم – إلى أن الفرض‬
‫سبعة أشواط ل يجزيء أقل منها أبدًا‪.‬‬
‫وهذا الراجح الذي ل شك فيه‪ ،‬ورحم الله العلمة الحنفي‬
‫ابن الهمام حيث قال‪.....)) :‬الذي ندين به أن ل يجزيء‬
‫أقل من سبع ول يجبر بعضه بشيء ‪.(2)((...‬‬
‫أنواع الطواف ووقت كل نوع وحكمه‪:‬‬
‫الطواف على أنواع‪:‬‬
‫‪ -1‬طواف القدوم وهو مستحب لمن دخل المسجد‬
‫الحرام تحية للبيت‪.‬‬
‫ن من أركان العمرة يأتي به‬ ‫‪ -2‬طواف العمرة وهو رك ٌ‬
‫المعتمر أول ما يصل إلى البيت وهو يغني عن طواف‬
‫القدوم‪.‬‬
‫ن من أركان الحج يأتي به‬ ‫‪ -3‬طواف الفاضة وهو رك ٌ‬
‫الحاج بعد إفاضته من عرفة ومزدلفة ورمي جمرة‬
‫العقبة والحلق والتقصير‪.‬‬

‫‪ ()1‬المغني جـ ‪ 5‬ص ‪ ،311‬وانظر‪ :‬بدائع الصنائع جـ ‪ 2‬ص ‪ ،128‬وبداية‬


‫المجتهد جـ ‪ 1‬ص ‪.352‬‬
‫‪ ()2‬فتح القدير جـ ‪ 2‬ص ‪.247‬‬
‫‪ -4‬طواف الوداع وهو واجب من واجبات الحج على‬
‫الصحيح ويأتي به الحاج عندما يريد السفر من مكة بعد‬
‫فراغه من أعمال الحج من مبيت بمنى ورمي للجمرات‬
‫فإن لم يأت به الحاج وجب عليه أن يجبره بدم ول‬
‫يسقط إل عن الحائض أو النفساء‪.‬‬
‫‪ -5‬طواف مسنون يتعبد به المرء استقلل ً كصلة النافلة‬
‫وصيام النفل وصدقة التطوع وهذا ل وقت له محدد بل‬
‫متى رغب المسلم في الستزادة من الخير؛ طاف حول‬
‫البيت وهذا بخلف السعي فل يشرع إل لحج أو عمرة‬
‫وليس للمسلم أن يتعبد بالسعي استقلل ً كسائر أعمال‬
‫الحج عدا الطواف‪.‬‬
‫شروط الطواف‪:‬‬
‫يشترط لصحة الطواف ما يأتي‪:‬‬
‫‪ -1‬نية الطواف عند الشروع فيه‪.‬‬
‫‪ -2‬الطهارة من الحدث والخبث في الثوب والبدن‬
‫والمكان وهذا رأي الئمة الثلثة‪ ،‬وعند الحنفية الطهارة‬
‫واجبة وليست شرطًا‪.‬‬
‫‪ -3‬ستر العورة فقد ذهب الجمهور إلى أن ستر العورة‬
‫شرط لصحة الطواف بينما يرى الحنفية أن ستر العورة‬
‫واجب فإن طاف وهو على غير طهارة لزمه إعادة‬
‫الطواف إن كان في مكة فإن رجع إلى بلده صح طوافه‬
‫وجبره بدم‪.‬‬
‫‪ -4‬أن يكون الطواف داخل المسجد الحرام فإن طاف‬
‫خارج حيطان المسجد لم يصح طوافه‪.‬‬
‫‪ -5‬أن يكون الطواف حول البيت بأن يكون جسمه كله‬
‫خارج البيت فلو طاف من داخل حجر إسماعيل لم يصح‬
‫طوافه‪.‬‬
‫‪ -6‬أن يكون البيت على يساره فلو طاف والبيت على‬
‫يمينه لم يصح‪.‬‬
‫‪ -7‬أن يبدأ من الحجر السود فإن بدأ من غيره لم يعتد‬
‫بما قبل الحجر السود بل يعتبر طوافه من محاذاته‬
‫للحجر السود‪.‬‬
‫‪ -8‬أن يكون الطواف سبعة أشواط كاملة فلو طاف‬
‫خمسة أو ستة لم يصح طوافه‪ ،‬ويرى الحنفية أن الفرض‬
‫الربعة الولى فقط‪.‬‬
‫‪ -9‬الموالة بين الشواط فلو ترك الموالة لغير عذر من‬
‫تعب أو صلة فريضة لم يصح طوافه‪ ،‬وإن كان قطعه‬
‫للطواف لعذر فهل يبدأ من مكانه أو يعيد الشوط الذي‬
‫هو فيه؟ قولن لهل العلم‪.‬‬
‫وقد خالف الحنفية في معظم هذه الشروط وعدوها‬
‫واجبة يعيد الطواف من أجلها ما دام في مكة فإن رجع‬
‫إلى بلده جبر الخلل بدم وصح طوافه‪.‬‬
‫سنن الطواف‪:‬‬
‫للطواف سنن كثيرة منها‪:‬‬
‫‪ -1‬الرمل وهو سنة للرجال فقط في طواف القدوم‬
‫خاصة وفي الشواط الثلثة الولى منه‪ ،‬وكيفية الرمل‬
‫أن يسرع في مشيه مع تقارب الخطى ولكن يجب أل‬
‫يؤذي أحدا ً خلل أدائه لهذه السنة‪.‬‬
‫‪ -2‬الضطباع وهو خاص بالرجال أيضا ً وفي طواف‬
‫القدوم فقط‪ ،‬وصفة الضطباع أن يجعل طرفي الرداء‬
‫على كتفه اليسر‪ ،‬ووسطه تحت إبطه اليمن‪.‬‬
‫‪ -3‬تقبيل الحجر السود عند بدء الطواف إن تيسر له‬
‫ذلك دون أذية أحد فإن لم يتيسر له التقبيل استلمه بيده‬
‫أو بعصاه وقّبل يده فإن لم يتيسر ذلك أشار إليه دون‬
‫تقبيل‪.‬‬
‫‪ -4‬قول الله أكبر عند محاذاة الحجر السود في كل‬
‫شوط من الشواط السبعة‪.‬‬
‫‪ -5‬المشي في الطواف للقادر على ذلك فإن لم يستطع‬
‫فل حرج أن يركب أو ُيحمل وهنا يكفي طواف واحد عن‬
‫الحامل والمحمول‪.‬‬
‫‪ -6‬الدنو من البيت قدر المستطاع مع عدم أذية إخوانه‬
‫الطائفين‪.‬‬
‫‪ -7‬عدم الكلم أثناء الطواف إل لحاجة‪.‬‬
‫‪ -8‬الدعاء والذكر وتلوة القرآن أثناء الطواف‪ ،‬وليس‬
‫هناك دعاء معين إل بين الركن اليماني والحجر السود‬
‫فيستحب أن يقول )) ربنا آتنا في الدنيا حسنة‬
‫وفي الخرة حسنة وقنا عذاب النار((‪.‬‬
‫‪ -9‬استلم الركن اليماني باليد دون تقبيل أو إشارة أو‬
‫تكبير‪.‬‬
‫‪ -10‬صلة ركعتين بعد الطواف خلف مقام إبراهيم‪.‬‬
‫‪ -11‬الرجوع إلى الحجر السود واستلمه بعد صلة‬
‫الركعتين إن تيسر له ذلك‪.‬‬
‫‪ -12‬الشرب من ماء زمزم والتضلع منه بعد فراغه من‬
‫الصلة‪.‬‬

‫آداب الطواف‪:‬‬
‫للطواف آداب تكمل السنن ومنها‪:‬‬
‫‪ -1‬أن يكون الطواف في خشوع تام‪.‬‬
‫‪ -2‬استحضار عظمة الله والخوف منه‪.‬‬
‫‪ -3‬تذكر حياة النبياء والقتداء بهم‪.‬‬
‫‪ -4‬غض البصر عما يشغله عن الخشوع والدعاء‪.‬‬
‫مكروهات الطواف‪:‬‬
‫يكره للطائف أن يفعل أمورا ً حال طوافه‬
‫ومنها‪:‬‬
‫‪ -1‬أن شبك بين أصابعه أو يفرقعها‪.‬‬
‫‪ -2‬أن يجعل يديه خلف ظهره‪.‬‬
‫‪ -3‬أن يأكل أو يشرب أو يضحك‪.‬‬
‫‪ -4‬أن يطوف وهو محصور ببول أو غائط أو‬
‫ريح‪.‬‬
‫حكمة مشروعية الطواف‪:‬‬
‫من كرامة المسلم على ربه أن شرع له من العبادات ما‬
‫يكمل روحه ويزكيها ويحقق لها السعادة في الدنيا والخرة‬
‫كتلك العبادات التي تقوم بها الملئكة مثل الصلة والذكر‬
‫والتسبيح والطواف بالبيت المعمور ول شك في أن هذا‬
‫غاية التكريم لهذا المخلوق الضعيف حيث يتشبه بالملئكة‬
‫المقربين الذين كل حياتهم طاعة وقربة لله سبحانه‬
‫وتعالى‪.‬‬
‫هذا من جهة الطائف‪ ،‬وأما من جهة البيت العتيق فلما‬
‫كانت منزلته من الجلل والحترام والتعظيم أنه أشرف‬
‫بقعة في الرض وأول بيت وضع للناس كان من الداب‬
‫الفاضلة والمزايا الحميدة أن يطوف به الحاج والمعتمر‬
‫عبودية لمن شرفه وفضله وانقيادا ً واتباعا ً لمن أمر‬
‫بالطواف حوله واستنانا ً بمن فعل ذلك ولبى نداء خالقه‪،‬‬
‫فالطواف فيه محض الطاعة والتباع والنقياد ابتغاء‬
‫الجزاء من رب البيت سبحانه وتعالى)‪.(1‬‬
‫المبحث الرابع‬
‫السعي‬

‫حقيقة السعي‪:‬‬

‫‪ ()1‬انظر في أنواع الطواف وشروطه وسننه وآدابه ومكروهاته وحكمة‬


‫مشروعيته‪.‬‬
‫الجامع لحكام القرآن جـ ‪ 4‬ص ‪ ،146‬وفتح القدير جـ ‪ ،1‬ص ‪ ،362‬أضواء‬
‫البيان جـ ‪ 5‬ص ‪ ،213‬نهاية المحتاج جـ ‪ 3‬ص ‪ ،278‬الحكام جـ ‪ 2‬ص ‪،430‬‬
‫حكمة التشريع وفلسفته جـ ‪ 1‬ص ‪.331‬‬
‫الصفا جمع صفاة وهي الصخرة والحجر الملس‪ ،‬والمروة‬
‫حجر أبيض براق وتجمع على مرو)‪.(1‬‬
‫والمراد بالصفا والمروة الجبلن الصغيران اللذان على‬
‫مقربة من البيت العتيق وقد أصبحا ضمن بناء المسجد‬
‫بعد التوسعة العظيمة له‪ ،‬والسعي بينهما المشي بدءا ً من‬
‫الصفا وانتهاًء بالمروة سبعة أشواط يسرع الرجل ما كان‬
‫بين العلمين الخضرين‪.‬‬
‫دليل وجوب السعي‪:‬‬
‫استدل على وجوب السعي من الكتاب والسنة؛ فمن‬
‫الكتاب قوله تعالى‪:‬‬
‫ج‬
‫ح ّ‬‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ه َ‬
‫ف َ‬ ‫ر الل ّ ِ‬‫عائ ِ َ ِ‬‫ش َ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬‫وةَ ِ‬ ‫مْر َ‬‫وال ْ َ‬‫فا َ‬ ‫ص َ‬‫ن ال ّ‬ ‫) إِ ّ‬
‫َ‬
‫ما‬‫ه َ‬‫ف بِ ِ‬‫و َ‬ ‫ن ي َطّ ّ‬ ‫هأ ْ‬ ‫عل َي ْ ِ‬‫ح َ‬ ‫جَنا َ‬
‫فل ُ‬ ‫مَر َ‬ ‫عت َ َ‬
‫وا ْ‬ ‫تأ ْ‬‫ال ْب َي ْ َ‬
‫م ( ]البقرة ‪:‬‬ ‫عِلي ٌ‬ ‫شاك ٌِر َ‬ ‫ه َ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫فإ ِ ّ‬‫خْيرا ً َ‬ ‫ع َ‬ ‫و َ‬‫ن ت َطَ ّ‬‫م ْ‬ ‫و َ‬ ‫َ‬
‫‪.[158‬‬

‫ومن السنة ما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه‬


‫قال‪ )) :‬اسعوا فإن الله كتب عليكم السعي(()‪.(2‬‬
‫ما رواه مسلم عن عائشة قالت‪ :‬طاف رسول الله‬
‫صلى الله عليه وسلم وطاف المسلمون بين الصفا‬
‫والمروة فكانت سنة‪ ،‬ولعمري ما أتم الله حج من لم‬
‫يطف بين الصفا والمروة(()‪.(3‬‬

‫‪ ()1‬النهاية لبن الثير جـ ‪ 2‬ص ‪ 293‬وجـ ‪ 4‬ص ‪.97‬‬


‫‪ ()2‬رواه أحمد‪ .‬انظر‪ :‬المسند جـ ‪ 6‬ص ‪ .422‬ورواه الدارقطني في سننه‬
‫جـ ‪ 2‬ص ‪ .255‬قال في مجمع الزوائد جـ ‪ 3‬ص ‪ :247‬ورواه أحمد‬
‫والطبراني في الكبير‪ .....‬وفيه عبد الله بن المؤمل وثقه ابن حبان‬
‫وقال‪ :‬يخطيء وضعفه غيره‪.‬‬
‫‪ ()3‬رواه مسلم‪ .‬انظر‪ :‬صحيح مسلم جـ ‪ 4‬ص ‪.68‬‬
‫أصل مشروعية السعي‪:‬‬
‫السعي بين الصفا والمروة مأخوذ من طواف هاجر أم‬
‫إسماعيل في طلب الماء كما في صحيح البخاري من‬
‫حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال‪.... )) :‬وجعلت‬
‫أم إسماعيل ترضع إسماعيل وتشرب من ذلك‬
‫الماء حتى إذا نفد ما في السقاء عطشت‬
‫وعطش ابنها وجعلت تنظر إليه يتلوى أو قال –‬
‫يتلبط – فانطلقت كراهية أن تنظر إليه فوجدت‬
‫الصفا أقرب جبل في الرض يليها فقامت عليه‪،‬‬
‫ثم استقبلت الوادي تنظر هل ترى أحدا ً فلم ترى‬
‫أحدا ً فهبطت من الصفا حتى إذا بلغت الوادي‬
‫رفعت طرف درعها‪ ،‬ثم سعت سعي النسان‬
‫المجهود حتى جاوزت الوادي‪ ،‬ثم أتت المروة‬
‫فقامت عليها ونظرت هل ترى أحدا ً فلم تر أحدا ً‬
‫ففعلت ذلك سبع مرات((‪.‬‬
‫قال ابن عباس‪ )) :‬قال النبي صلى الله‬
‫عليه وسلم فذلك سعي الناس بينهما‪ ،‬فلما‬
‫أشرفت على المروة سمعت صوتا ً فقالت صه‬
‫تريد نفسها ثم تسمعت فسمعت أيضا ً فقالت قد‬
‫أسمعت إن كان عندك غواث فإذا هي بالملك عند‬
‫موضع زمزم ففجت بعقبه أو قال بجناحه حتى‬
‫ظهر الماء‪.(1)((.......‬‬
‫حكم السعي‪:‬‬
‫ذهب الحنفية إلى أن السعي واجب في الحج وليس‬
‫بركن‪.‬‬
‫وذهب الئمة الثلثة إلى أنه ركن من أركان الحج ل يصح‬
‫بدونه‪.‬‬
‫وسبب الخلف أن الية لم تصرح بحكم السعي وهي قوله‬
‫ن‬‫م ْ‬‫ف َ‬‫ه َ‬‫ر الل ّ ِ‬‫عا َئ ِ ِ‬
‫ش َ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬‫وةَ ِ‬ ‫وال ْ َ‬
‫مْر َ‬ ‫فا َ‬ ‫ص َ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫تعالى‪ ) :‬إ ِ ّ‬
‫َ‬
‫ما‬
‫ه َ‬
‫ف بِ ِ‬‫و َ‬‫ن ي َطّ ّ‬ ‫هأ ْ‬ ‫عل َي ْ ِ‬
‫ح َ‬‫جَنا َ‬‫فل ُ‬ ‫مَر َ‬ ‫عت َ َ‬‫وا ْ‬ ‫تأ ْ‬ ‫ج ال ْب َي ْ َ‬
‫ح ّ‬‫َ‬
‫م ( ]البقرة ‪:‬‬ ‫عِلي ٌ‬ ‫شاك ٌِر َ‬ ‫ن الل ّ َ‬
‫ه َ‬ ‫فإ ِ ّ‬‫خْيرا ً َ‬ ‫ع َ‬ ‫و َ‬‫ن ت َطَ ّ‬ ‫م ْ‬‫و َ‬ ‫َ‬
‫‪.[158‬‬
‫فآل الحكم إلى السنة وأصبحت أدلة من قالوا إنه ركن‬
‫هي أدلة من قالوا إنه واجب؛ لنهم قالوا‪ :‬إنها لتنهض أن‬
‫تكون دليل ً للركنية‪.‬‬
‫قال ابن الهمام‪ :‬تعليقا ً على حديث )) اسعوا فإن‬
‫الله كتب عليكم السعي(()‪ ...)) (2‬مثله ل يزيد على‬
‫إفادة الوجوب وقد قلنا به‪ ،‬أما الركن فإنما يثبت عندنا‬
‫بدليل مقطوع به فإثباته بهذا الحديث إثبات بغير‬
‫دليل‪.(3)((....‬‬
‫وقال ابن قدامة بعد سياق الخلف في حكم السعي‬
‫هل هو واجب أو ركن ))‪....‬وقال القاضي‪ :‬هو واجب ليس‬
‫بركن إذا تركه وجب عليه دم وهو مذهب الحسن وأبي‬
‫حنيفة والثوري وهو أولى؛ لن دليل من أوجبه دل على‬
‫مطلق الوجوب ل على كونه ل يتم الحج إل به‪.(4)((......‬‬
‫فمن ترك السعي من الحجاج لعذر أو غيره بقي في ذمته‬
‫ل يتم حجه إل به‪ ،‬وعند الحنفية يجبر ذلك بدم وحجه‬
‫صحيح‪ ،‬والراجح رأي الجمهور)‪ (5‬والله أعلم‪.‬‬
‫ركن السعي‪:‬‬
‫‪ ()1‬رواه البخاري‪ .‬انظر‪ :‬صحيح البخاري جـ ‪ 4‬ص ‪.116‬‬
‫‪ ()2‬سبق تخريجه في دليل وجوب السعي‪.‬‬
‫‪ ()3‬فتح القدير جـ ‪ 2‬ص ‪.157‬‬
‫‪ ()4‬المغني جـ ‪ 5‬ص ‪.239‬‬
‫‪()5‬تفسير القرطبي جـ ‪ 2‬ص ‪ ،181‬والمجموع جـ ‪ 8‬ص ‪ ،86‬كشاف القناع‬
‫جـ ‪ 2‬ص ‪.521‬‬
‫ركن السعي كينونته بين الصفا والمروة سبعة أشواط‬
‫بادئا ً باصفا ومنتهيا ً بالمروة سواء كان بفعل نفسه أو‬
‫بفعل غيره‪.‬‬
‫قال الكاساني‪... )) :‬وأما ركنه فكينونته بين الصفا‬
‫والمروة سواء كان بفعل نفسه أو بفعل غيره عند عجزه‬
‫عن السعي بنفسه بأن كان مغمى عليه أو مريضا ً فسعى‬
‫به محمول ً أو سعى راكبا ً لحصوله كائنا ً بين الصفا‬
‫والمروة‪.(1)((.....‬‬
‫عدد السعي‪:‬‬
‫السعي سبعة أشواط كاملة من الصفا إلى المروة شوط‬
‫ومن المروة إلى الصفا شوط ودليله فعل رسول الله‬
‫صلى الله عليه وسلم‪.‬‬
‫قال الكاساني‪..... )) :‬وأما قدره فسبعة أشواط‬
‫لجماع المة ولفعل رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم ويعد من الصفا إلى المروة شوطا ً ومن المروة‬
‫إلى الصفا شوطا ً آخر‪.(2)((.....‬‬
‫شروط السعي‪:‬‬
‫يشترط لصحة السعي بين الصفا والمروة‬
‫شروط منها‪:‬‬
‫‪ -1‬أن يكون بعد طواف صحيح سواء كان طواف‬
‫القدوم أو العمرة أو الفاضة‪.‬‬
‫‪ -2‬الترتيب بين الصفا والمروة بأن يبدأ بالصفا‬
‫وينتهي بالمروة‪.‬‬
‫‪ -3‬أن يكون السعي سبعة أشواط كاملة‪.‬‬
‫‪ -4‬أن يقطع جميع المسافة بين الصفا والمروة‬
‫فإن ترك شيئا ً منها لم يصح سعيه)‪.(3‬‬
‫سنن السعي‪:‬‬
‫للسعي سنن كثيرة نذكر منها‪:‬‬

‫‪ ()1‬بدائع الصنائع جـ ‪ 2‬ص ‪.134‬‬


‫‪()2‬المرجع السابق جـ ‪ 2‬ص ‪.134‬‬
‫‪()3‬بداية المجتهد جـ ‪ 1‬ص ‪ ،354‬كشاف القناع جـ ‪ 2‬ص ‪.521‬‬
‫‪ -1‬أن يخرج إلى الصفا من باب الصفا لفعله‬
‫صلى الله عليه وسلم‪.‬‬
‫‪ -2‬أن يأتي بالسعي بعد الطواف مباشرة‬
‫لفعلهصلى الله عليه وسلم‪.‬‬
‫‪ -3‬أن يسعى الحاج على طهارتة من الحدثين مع‬
‫ستر العورة وطهارة الثوب والبدن‪.‬‬
‫‪ -4‬الصعود على الصفا والمروة كلما بلغهما في‬
‫سعيه بحيث يشاهد البيت العتيق‪.‬‬
‫‪ -5‬استقبال القبلة كلما بلغ الصفا والمروة مع‬
‫الدعاء والتكبير والتهليل‪.‬‬
‫‪ -6‬السعي الشديد بين العمودين الخضرين‬
‫المنصوبين في جدار المسعى في الشواط السبعة‬
‫كلها وهذا خاص بالرجال‪ ،‬وأما النساء فل يسرعن بل‬
‫يمشين حتى بين العمودين الخضريين‪.‬‬
‫‪ -7‬أن يسعى ماشيا ً فإن احتاج للركوب فل حرج‬
‫عليه‪.‬‬
‫‪ -8‬الموالة بين أشواط السعي فالولى أل يقطعه‬
‫إل لحاجة)‪.(1‬‬
‫مكروهات السعي‪:‬‬
‫يكره للطائف أن يفعل أمورا ً منها‪:‬‬
‫‪ -1‬الوقوف في أثناء الطواف بل عذر‪.‬‬
‫‪ -2‬الجلوس على الصفا والمروة بل عذر‪.‬‬
‫‪ -3‬شغل النظر بالساعين دون حاجة‪ -‬كالبحث عن‬
‫الرفقة أو شخص تائه‪.‬‬
‫حكمة مشروعية السعي‪:‬‬
‫الحكمة في السعي – والله أعلم – إظهار العبد كامل‬
‫خضوعه واستسلمه لموله‪ ،‬وهذا هو شأن العبد مع‬
‫خالقه انقياد وإذعان فيه تزكو النفس وتطهر وبقدر‬
‫طهرها وزكائها يكون صلحها وسعادتها‪.‬‬
‫ثم إن هذه الشعيرة تذكرنا بأبينا إبراهيم عليه السلم‬
‫وقصة بناء البيت وما وقع لهاجر أم إسماعيل من عناء‬
‫‪()1‬المجموع جـ ‪ 8‬ص ‪ ،81‬والمقنع جـ ‪ 1‬ص ‪.447‬‬
‫ومشقة كانت ذكراها خالدة على مر الزمان فهنيئا ً لمن‬
‫فقه في أمور دينه وأدرك أسرار التشريع وَعَب َد َ الله‬
‫خاضعا ً متذلل ً راغبا ً راهبا ً وذلك فضل الله يؤتيه من‬
‫يشاء والله ذو الفضل العظيم‪.‬‬

‫المبحث الخامس‬
‫الوقوف بعرفة‬

‫حقيقة الوقوف – معناه –‬


‫الحضور بعرفات ولو لحظة بنية الوقوف سواء كان‬
‫واقفا ً أو جالسا ً أو راكبا ً وسواء كان عالما ً بها أو ل‪،‬‬
‫وذلك في وقت الوقوف من زوال الشمس يوم التاسع‬
‫حتى طلوع الفجر ليلة العاشر‪.‬‬
‫دليل فرضية الوقوف‪:‬‬
‫فرضية الوقوف بعرفة ثابتة بالكتاب والسنة والجماع‪.‬‬

‫فمن الكتاب‪:‬‬
‫ن‬
‫م ْ‬‫ت َ‬ ‫ج ال ْب َي ْ ِ‬‫ح ّ‬‫س ِ‬ ‫على الّنا ِ‬
‫ه َ َ‬ ‫ول ِل ّ ِ‬
‫قوله تعالى‪َ ) :‬‬
‫سِبيل ً( ]آل عمران‪ ،[97 :‬والحج عرفة كما‬ ‫ه َ‬ ‫ع إ ِل َي ْ ِ‬
‫طا َ‬‫ست َ َ‬
‫ا ْ‬
‫ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم‪.‬‬
‫ض‬
‫فا َ‬ ‫ث أَ َ‬ ‫حي ْ ُ‬‫ن َ‬ ‫م ْ‬‫ضوا ِ‬‫في ُ‬ ‫م أَ ِ‬‫وقوله تعالى‪ ) :‬ث ُ ّ‬
‫س( ]البقرة‪ .[199 :‬عن عائشة رضي اله عنها قالت‪:‬‬ ‫الّنا ُ‬
‫كانت قريش ومن دان بدينها يقفون بالمزدلفة وكانوا‬
‫يسمون‪ -‬الحمس‪ -‬وسائر العرب يقفون بعرفات‪ ،‬فلما‬
‫جاء السلم أمر الله نبيه أن يأتي عرفات ثم يقف ثم‬
‫ث‬‫حي ْ ُ‬
‫ن َ‬ ‫م ْ‬‫ضوا ِ‬ ‫في ُ‬ ‫م أَ ِ‬‫يفيض منها فذلك قوله تعالى ) ث ُ ّ‬
‫س()‪.(1‬‬ ‫ض الّنا ُ‬ ‫فا َ‬ ‫أَ َ‬
‫ومن السنة‪:‬‬

‫‪ ()1‬رواه البخاري‪ .‬انظر‪ :‬صحيح البخاري جـ ‪ 2‬ص ‪.200‬‬


‫عن عبد الرحمن بن يعمر الديلي أن أناسا ً من أهل نجد‬
‫أتو رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألوه فأمر‬
‫مناديا ً ينادي ))الحج عرفة من جاء ليلة جمع قبل‬
‫طلوع الفجر فقد أدرك الحج‪.(1)((......‬‬
‫وعن عروة بن مضرس الطائي قال‪ :‬أتيت رسول الله‬
‫صلى الله عليه وسلم بالمزدلفة حين خرج إلى الصلة‬
‫فقلت يا رسول الله إني جئت من جبل طيء أكللت‬
‫راحلتي وأتعبت نفسي والله ما تركت من جبل إل‬
‫وقفت عليه فهل لي من حج فقال رسول الله صلى‬
‫الله عليه وسلم‪ )) :‬من شهد صلتنا هذه‪ ،‬ووقف‬
‫معنا حتى يدفع وقد وقف بعرفة قبل ذلك ليل ً‬
‫أو نهارا ً فقد تم حجه وقضى تفثه(()‪.(2‬‬
‫ومن الجماع‪:‬‬
‫قال الكاساني‪.......)) :‬وكذا المة أجمعت على‬
‫كون الوقوف ركنا ً في الحج‪.(3)((...‬‬
‫وقال ابن رشد‪......)) :‬أجمعوا على أنه ركن من‬
‫أركان الحج وأنه من فاته فعليه حج قابل‪.(4)((......‬‬
‫وقال ابن قدامة‪....... )) :‬والوقوف ركن ليتم الحج‬
‫إل به إجماعا ً ‪.(5)((...‬‬
‫ركن الوقوف ))ما يكفي فيه((‪:‬‬
‫ركن الوقوف الذي ل يتم إل به هو الكينونة بعرفة وقتا ً‬
‫يسير جدا ً وقد اتفقوا على أنه كيفما حصلت كينونته‬
‫بعرفة في الوقت المحدد أجزأه قائما ً أو جالسا ً أو راكبا ً‬
‫أو ماشيا ً كان عالما ً بها أم جاهل ً لعموم قوله صلى‬
‫الله عليه وسلم‪....)) :‬وقد وقف بعرفة قبل‬
‫ذلك ليل ً أو نهارًا‪.(6)((.....‬‬
‫حكم الوقوف بعرفة‪:‬‬
‫‪ ()1‬سبق تخريجه في حكم الحرام‪.‬‬
‫‪ ()2‬رواه أبو داود‪ .‬انظر‪ :‬صحيح أبي داود جـ ‪ 1‬ص ‪ ،367‬ورواه الترمذي‬
‫انظر‪ :‬صحيح الترمذي جـ ‪1‬ص ‪.265‬‬
‫‪ ()3‬بدائع الصنائع جـ ‪ 2‬ص ‪.125‬‬
‫‪ ()4‬بداية المجتهد جـ ‪ 1‬ص ‪.355‬‬
‫‪ ()5‬المغني جـ ‪ 5‬ص ‪.267‬‬
‫‪ ()6‬سبق تخريجه في دليل فرضية الوقوف بعرفة‪.‬‬
‫أجمعت المة على كون الوقوف بعرفة ركنا ً من أركان‬
‫الحج ل يتم حج المسلم إل به للدلة السابقة من‬
‫الكتاب والسنة والجماع‪.‬‬
‫حكم من فاته الوقوف بعرفة‪:‬‬
‫من فاته الوقوف بعرفة بأن طلع عليه الفجر وهو لم‬
‫يقف فإنه يتحلل بعمل عمرة أي ينقلب حجه إلى عمرة‬
‫وتسقط عنه توابع الوقوف بعرفة‪ -‬كالمبيت بمزدلفة‬
‫وبمنى ورمي الجمار‪ -‬فيطوف ويسعى ويحلق أو يقصر‬
‫وعليه القضاء للحج الذي فاته ولو كان مندوبا ً وعليه‬
‫الهدي‪ -‬ذبح شاة‪ -‬فمن لم يجد فصيام ثلثة أيام في‬
‫الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله‪.‬‬
‫شروط الوقوف بعرفة‪:‬‬
‫للوقوف بعرفة شروط يتعلق بعضها بالمكان‪ ،‬وبعضها‬
‫الخر بالزمان‪ ،‬وبعضها بالواقف‪.‬‬
‫‪ -1‬المكان‪:‬‬
‫أجمع العلماء على أن عرفات بحدودها المعروفة‪-‬‬
‫المحددة حاليا ً بالعلم‪ -‬كلها موقف‪ ،‬ففي أي جزء منها‬
‫وقف صح حجه‪.‬‬
‫وبطن عرنة ليس من عرفات فل يصح الوقوف فيه‪.‬‬
‫‪ -2‬الزمان‪:‬‬
‫اتفق أهل العلم على ان آخر وقت الوقوف هو طلوع‬
‫فجر يوم النحر‪ .‬أما أول وقت الوقوف فعند الجمهور‬
‫يبدأ من زوال الشمس يوم عرفة‪ ،‬وعند الحنابلة أول‬
‫وقته طلوع الفجر يوم عرفة‪ ،‬والراجح رأي الجمهور‪.‬‬
‫‪ -3‬الواقف‪:‬‬
‫شرط الواقف أن يكون أهل ً للعبادة فكيفما وقف‬
‫الشخص بعرفة وهو عاقل أجزأه ولو كان نائمًا‪ ،‬وأما‬
‫المغمى عليه فمحل خلف بين أهل العلم‪.‬‬
‫واجبات الوقوف بعرفة‪:‬‬
‫للوقوف بعرفة واجب واحد وهو الجمع في الوقوف بين‬
‫الليل والنهار لمن وقف نهارًا‪ ،‬وأما من لم يقف إل ليل ً‬
‫فحجه صحيح ول شيء عليه‪.‬‬
‫ويتفرع على هذا مسائل منها‪:‬‬
‫‪ -1‬من دفع من عرفة قبل الغروب أي خرج منها‬
‫فجاوز حدودها قبل غروب الشمس فعليه دم لتركه‬
‫الواجب‪.‬‬
‫‪ -2‬من دفع قبل الغروب ثم عاد قبل الغروب‬
‫واستمر حتى غربت الشمس فل شيء عليه‪.‬‬
‫‪ -3‬من تأخر فلم يستطع إل الوقوف ليل ً فل شيء‬
‫عليه؛ لنه معذور ويكفيه وقوف الليل‪.‬‬
‫‪ -4‬يصح الوقوف من المحدث والجنب والحائض‬
‫والنفساء فل تشترط الطهارة للوقوف بعرفة‪.‬‬
‫قال ابن المنذر‪.....)) :‬أجمع كل من نحفظ عنه من‬
‫أهل العلم على أن من أدرك الوقوف بعرفة غير طاهر‬
‫مدرك للحج ول شيء عليه‪.(1)((...‬‬
‫سنن الوقوف بعرفة‪:‬‬
‫للوقوف بعرفة سنن كثيرة نذكر منها‪:‬‬
‫‪ -1‬يستحب أن يغتسل بنمرة بنية الوقوف بعرفة‪.‬‬
‫‪ -2‬الجمع والقصر بين الظهر والعصر في وقت‬
‫الولى‪.‬‬
‫‪ -3‬يستحب للمام أو نائبه أن يخطب في الناس‬
‫ويبين لهم أحكام الحج ويتعرض لما يهم المسلمين‬
‫في عاجل أمرهم وآجله‪.‬‬
‫‪ -4‬أل يدخل أرض عرفة إل بعد الصلة‪.‬‬
‫‪ -5‬تعجيل الوقوف بعد الصلة ليطول زمنه‪.‬‬
‫‪ -6‬الفطر في يوم عرفة ليكون أعون له على‬
‫الدعاء‪.‬‬
‫‪ -7‬أن يقف متطهرا ً من الحداث والخباث لن هذا‬
‫أكمل‪.‬‬
‫‪ -8‬أن يقف مستقبل القبلة‪.‬‬
‫‪ -9‬أن يقف حاضر القلب فارغا ً من كل ما يشغله‬
‫عن الدعاء والتضرع لله سبحانه وتعالى‪.‬‬
‫‪ -10‬أن يقف راكبا ً إذا كان الوقوف ماشيا ً يشق عليه أو‬
‫يقلل من قدرته على الدعاء‪.‬‬

‫‪ ()1‬المغني جـ ‪ 5‬ص ‪.276‬‬


‫‪ -11‬أن يقف حيث وقف رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم عند الصخرات‪.‬‬
‫‪ -12‬أن يكثر من التلبية والدعاء والستغفار وقراءة‬
‫القرآن ويرفع يديه مع الدعاء ويبدأه بالثناء لله ويختمه‬
‫بالصلة والسلم على رسوله صلى الله عليه وسلم‬
‫ليكون أدعى للقبول‪.‬‬
‫‪ -13‬أن يكثر من أعمال الخير كالمر بالمعروف والنهي‬
‫عن المنكر والصدقة والتوجيه‪.‬‬
‫‪ -14‬أن يبرز للشمس إذا لم يكن في ذلك ضرر عليه‬
‫ولو في جزء من الوقت بعد ذهاب حرارة الشمس‪.‬‬
‫حكمة مشروعية الوقوف بعرفة‪:‬‬
‫دعا إبراهيم عليه السلم لحج البيت فأجابه كل من‬
‫كتب الله له الحج وحيث إن الدعوة تحتاج للقاء فقد‬
‫جعل الله موعد اللقاء عرفات للحجيج كلهم ليتجلى لهم‬
‫فيه ويمنحهم بحسب إخلصهم وطاعتهم جوائز إحسانه‬
‫وعطايا أفضاله فحسن أن يلتقي هذا الجمع بالشعار‬
‫الموحد للحج الحرام والتلبية المشعر بالتجرد‬
‫والعراض عن الدنيا ودليل ذلك حرارة اللقاء وصدق‬
‫التذلل والخضوع وسكب الدموع في هذا الموقف‬
‫العظيم المشعر بالموقف العظم يوم العرض على‬
‫الله‪ .‬الناس سواسية ل فرق بين صغير ول كبير‪ ،‬ول بين‬
‫مأمور وأمير؛ بل التفاضل والفوز والفلح والسعادة‬
‫بالتقى وصدق اللجوء لله‪ ،‬ل الحسب يفيد ول المال‬
‫ينفع ول الجاه ول زهرة الدنيا وزينتها بل ل ينفع إل‬
‫العمل الصالح فعلى قدره تكون العطية والجائزة‪،‬‬
‫وعلى قدره يكون الرضا من المولى جل وعل)‪.(1‬‬
‫الفاضة من عرفة‪:‬‬
‫يستحب للواقف بعرفة أن يدفع منها بعد غروب‬
‫ظهرا ً الذلة والنكسار‬‫م ْ‬
‫الشمس وعليه السكينة والوقار ُ‬
‫طامعا ً في قبول العزيز الغفار وينبغي على الحاج أل‬
‫يؤذي أحدا ً بنفسه أو سيارته بل يحب لخوانه الحجاج ما‬
‫‪ ()1‬انظر في الوقوف بعرفة‪ ،‬بدائع الصنائع جـ ‪ 2‬ص ‪ 125‬وما بعدها‪ ،‬بداية‬
‫المجتهد جـ ‪ 1‬ص ‪ ،355‬وما بعدها‪ ،‬قليوبي وعميرة ج ‪ 2‬ص ‪ 112‬وما‬
‫بعدها‪ ،‬المغني جـ ‪ 5‬ص ‪ 267‬وما بعدها‪ ،‬النهاية جـ ‪ 3‬ص ‪.218‬‬
‫يحب لنفسه من الوصول مبكرا ً والراحة والسلمة ويوم‬
‫أن يشعر كل حاج بهذا الشعور السلمي النبيل تزول‬
‫مظاهر اليذاء حال الدفع من عرفات بالبواق المزعجة‬
‫والسرعة المهلكة وكثرة الصطدام وحصول السب‬
‫والشتم الذي ل ينفع بل يضر في العاجل والجل‪.‬‬
‫المبحث السادس‬
‫المبيت بمزدلفة‬

‫حقيقة المبيت بمزدلفة‪ -‬معناه‪:-‬‬


‫تقع المزدلفة بين مأزمي عرفة وهو المضيق بين‬
‫الجبلين عند نهاية عرفة جهة المزدلفة وبين وادي‬
‫محسر الذي يفصل بين مزدلفة ومنى‪ ،‬ومزدلفة كلها‬
‫من الحرم‪.‬‬
‫سميت المزدلفة أي ذات زلفة بمعنى القربة‪ ،‬وتسمى‬ ‫و ُ‬
‫جمعا ً لجتماع الناس فيها أو لجمع صلتي المغرب‬
‫والعشاء فيها‪.‬‬
‫وُتسمى المشعر الحرام باسم الجبل الموجود فيها وهو‬
‫جبل – قزح‪ -‬فالمبيت بمزدلفة يعني الحضور إليها سواء‬
‫كان بفعل نفسه أو بفعل غيره كما لو كان محمول ً‬
‫وسواء علم بها أم ل ما دام داخل حدودها‪.‬‬
‫مكان المبيت بمزدلفة‪:‬‬
‫يجوز للحاج أن يبيت في أي جزء من أجزاء مزدلفة‬
‫لكن ينبغي أن ل ينزل على قارعة الطريق لئل يؤذي‬
‫إخوانه الحجاج‪.‬‬
‫عمن يسقط المبيت بالمزدلفة‪:‬‬
‫يسقط المبيت بمذلفة عن شخص لم يتمكن من التيان‬
‫إلى عرفة إل قبيل طلوع الفجر‪ ،‬كما يسقط عن شخص‬
‫أصابه مرض ليلة العيد فخرج منها للعلج ولم يعد إليها‬
‫بسبب مرضه‪.‬‬
‫وقت المبيت بمزدلفة‪:‬‬
‫ذهب الجمهور إلى أن وقت الوقوف بمزدلفة هو‬
‫المكث فيها بعد إفاضته من عرفات‪ ،‬وهل يلزمه أن‬
‫يبيت إلى منتصف الليل أم يكفيه جزء منه؟ محل خلف‬
‫بين أهل العلم‪ ،‬والصحيح أنه ل يجوز أن يدفع من‬
‫مزدلفة إل بعد منتصف الليل‪.‬‬
‫حكم المبيت بمزدلفة‪:‬‬
‫اتفق جماهير أهل العلم من الئمة الربعة وغيرهم على‬
‫أن الوقوف بالمزدلفة واجب ومن تركه لزمه أن يجبر‬
‫بدم‪.‬‬
‫وذهب بعض أهل العلم كالوزاعي والحسن البصري‬
‫ن ل يتم إل به‪.‬‬
‫وغيرهم إلى أنه رك ٌ‬
‫والصحيح هو الرأي الول لحديث عروة بن مضرس‬
‫السابق‪.‬‬
‫قال الكاساني في بدائع الصنائع‪..... )) :‬اختلف فيه‬
‫أصحابنا فقال بعضهم‪ :‬إنه واجب‪ ،‬وقال الليث إنه‬
‫فرض‪...‬ولنا أن الفرضية ل تثبت إل بدليل مقطوع به‬
‫ولم يوجد‪.(1)((......‬‬
‫وقال ابن قدامة في المقنع‪......)) :‬وواجباته‬
‫سبعة‪..‬والمبيت بمزدلفة إلى بعد منتصف الليل‪.(2)((.....‬‬
‫حكم من ترك المبيت بمزدلفة‪:‬‬
‫من ترك المبيت بمزدلفة إن كان لعذر كمن لم يتيسر‬
‫له أن يقف بعرفة إل آخر الليل فل شيء عليه وحجه‬
‫صحيح‪.‬‬
‫وإن كان تركه للمبيت بمزدلفة لغير عذر فعليه دم‪،‬‬
‫وهذا عند جماهير أهل العلم‪ ،‬وعند بعضهم ل يصح حجه؛‬
‫ن عند هؤلء‪.‬‬ ‫لن المبيت بمزدلفة رك ٌ‬
‫والراجح القول الول لقوة دليله كما سبق‪.‬‬
‫سنن المبيت بمزدلفة‪:‬‬
‫للمبيت بمزدلفة سنن كثيرة نذكر منها‪:‬‬
‫‪ -1‬أن يصلي فيها المغرب والعشاء جمعا ً وقصرا ً‬
‫حال وصوله وقبل أن يفعل شيئا ً من صنع طعام‬
‫ولقط حصى وغيرهما‪.‬‬
‫‪ -2‬أن ينام مبكرا ً ليكون نشيطا ً لداء المناسك يوم‬
‫النحر‪.‬‬
‫‪ ()1‬بدائع الصنائع جـ ‪ 2‬ص ‪.135‬‬
‫‪ ()2‬المقنع جـ ‪ 1‬ص ‪.469‬‬
‫‪ -3‬أن يتجنب إزعاج الناس برفع الصوات والبواق‬
‫وكثرة الحاديث غير النافعة مما يفعله كثير من‬
‫الحجاج‪.‬‬
‫‪ -4‬أن يصلي صلة الفجر في أول وقتها ليطول‬
‫وقت الدعاء بين صلة الفجر وطلوع الشمس‪.‬‬
‫‪ -5‬أن يستمر في المزدلفة واقفا ً يدعو ويكبر‬
‫ويهلل ولبي عند المشعر الحرام ويستمر على هذه‬
‫الحال حتى يسفر جدًا‪ .‬وهذا إن تيسر له وإل جلس‬
‫يدعو في مكانه في مزدلفة‪.‬‬
‫‪ -6‬يستحب أن يلتقط سبع حصيات من مزدلفة‬
‫ليرمي بها جمرة العقبة‪ ،‬وأما بقية حصى الجمار‬
‫فيلتقطه من منى‪.‬‬
‫‪ -7‬يستحب أن يدفع من المزدلفة إلى منى قبل أن‬
‫تطلع الشمس‪.‬‬
‫‪ -8‬يدفع إلى منى وعليه السكينة والوقار ويكثر من‬
‫التلبية حتى يصل جمرة العقبة‪.‬‬
‫‪ -9‬وإذا وصل محسرا ً أسرع حتى يدخل في منى‬
‫اقتداء بفعل الرسول صلى الله عليه وسلم‪.‬‬
‫حكمة مشروعية المبيت بمزدلفة‪:‬‬
‫بعد أن تغرب شمس يوم عرفة يتجه الحجاج إلى‬
‫المزدلفة ليبيتوا ليلتهم في بهجة وفرحة حتى إذا‬
‫أصبحوا وقفوا بالمشعر الحرام ذاكرين لمولهم رفده‬
‫وإحسانه شاكرين له سبحانه فضله وإنعامه وصدق الله‬
‫فاذْك ُُروا الل ّ َ‬
‫ه‬ ‫ت َ‬ ‫فا ٍ‬ ‫عَر َ‬‫ن َ‬‫م ْ‬‫م ِ‬ ‫ضت ُ ْ‬
‫ف ْ‬‫ذا أ َ َ‬ ‫العظيم ) َ‬
‫فإ ِ َ‬
‫م( ]البقرة‪:‬‬ ‫داك ُ ْ‬
‫ه َ‬
‫ما َ‬ ‫واذْك ُُروهُ ك َ َ‬‫حَرام ِ َ‬ ‫ر ال ْ َ‬‫ع ِ‬ ‫ش َ‬ ‫عن ْدَ ال ْ َ‬
‫م ْ‬ ‫ِ‬
‫‪.[198‬‬
‫يقف الحجاج في هذا الموقف العظيم يدعون الله‬
‫سبحانه وتعالى ويذكرونه ويشكرونه على ما وفقهم‬
‫وهداهم لتمام الوقوف بعرفة بكل يسر وسهولة‪،‬‬
‫ويسألونه أن يوفقهم لتمام بقية حجهم في يوم العيد‪،‬‬
‫وأيام التشريق وأن يتقبل منهم حجهم ودعائهم في هذه‬
‫المواقف الطاهرة)‪.(1‬‬
‫‪ ()1‬انظر في المبيت بمزدلفة‪ :‬الهداية جـ ‪ 1‬ص ‪ ،145‬الشرح الصغير جـ ‪2‬‬
‫ص ‪ ،362‬مغني المحتاج جـ ‪ 1‬ص ‪ ،499‬كشاف القناع جـ ‪ 2‬ص ‪ ،496‬النهاية‬
‫المبحث السابع‬
‫رمي الجمرات‬

‫حقيقة رمي الجمرات‪ -‬معناه‪-‬‬


‫الرمي لغة القذف‪.‬‬
‫والجمار الحجار الصغيرة جمع جمرة وهي الحصاة‬
‫وسمي موضع الرمي جمرة لجتماع الحصى فيه‪.‬‬
‫والجمرات التي ُترمى ثلث‪:‬‬
‫‪ -1‬جمرة العقبة وهي الجمرة الكبرى وتقع في آخر‬
‫منى تجاه مكة‪.‬‬
‫‪ -2‬الجمرة الوسطى وهي قبل جمرة العقبة من‬
‫جهة منى‪.‬‬
‫‪ -3‬الجمرة الصغرى أول الجمرات من جهة منى‬
‫وأبعدها من مكة وأقربها لمسجد الخيف‪.‬‬
‫والمقصود بالرمي أن يكون هناك قذف ولو خفيف‬
‫وتسقط في المرمى‪.‬‬
‫دليل وجوب الرمي‪:‬‬
‫ذهب جماهير أهل العلم ومنهم الئمة الربعة إلى‬
‫وجوب رمي الجمرات واستدلوا على ذلك بالسنة‬
‫والجماع‪.‬‬
‫فمن السنة‪ :‬ما ثبت في حديث جابر الطويل‬
‫))‪.....‬حتى أتى الجمرة التي عند الشجرة‬
‫فرماها بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة‪((...‬‬
‫)‪.(1‬‬
‫ومن الجماع‪ :‬يقول الكاساني‪...)) :‬أما الجماع فلن‬
‫المة أجمعت على وجوبه‪.(2)((.....‬‬
‫وعلى هذا فمن ترك رمي الجمار كلها أو ترك بعضها‬
‫لزمه دم عند عامة أهل العلم‪.‬‬
‫البداءة بالرمي في يوم النحر‪:‬‬

‫لبن الثير جـ ‪ 2‬ص ‪.310‬‬


‫‪ ()1‬رواه مسلم‪ ،‬انظر‪ :‬صحيح مسلم جـ ‪ 4‬ص ‪.42‬‬
‫‪ ()2‬بدائع الصنائع جـ ‪ 2‬ص ‪.136‬‬
‫إذا وصل الحاج إلى منى استحب له أن يبدأ برمي‬
‫جمرة العقبة قبل نزوله وحط رحله؛ لنها تحية منى فل‬
‫يبدأ بشيء غير الرمي حال وصوله إليها‪.‬‬
‫قال ابن قدامة‪.....)) :‬فل يشتغل عند قدومه‬
‫بشيء قبل الرمي فإن الرمي تحية له كما أن الطواف‬
‫تحية المسجد فل يبدأ بشيء قبله‪.(1)((...‬‬
‫كيفية الرمي وعدده‪:‬‬
‫اتفق أهل العلم على أن كل واحدة من الجمار ُترمى‬
‫بسبع حصيات‪.‬‬
‫كما اتفقوا على أن أيام الرمي لمن تعجل ثلثة ولمن‬
‫تأخر أربعة يوم النحر وثلثة أيام بعده هي أيام‬
‫التشريق‪.‬‬
‫أما كيفية الرمي فجمرة العقبة يأتيها من بطن الوادي‬
‫ويجعل منى عن يمينه ومكة عن يساره ويستقبل‬
‫الجمرة ويقذف الحصاة في وسط المرمى ويقول مع‬
‫كل حصاة‪ :‬الله أكبر‪.‬‬
‫والجمرة الصغرى يأتيها من الجهة الثانية فيجعل منى‬
‫عن يساره ومكة عن يمينه ويرميها في كل يوم من‬
‫أيام التشريق بسبع حصيات يقول مع كل حصاة الله‬
‫أكبر ثم ياخذ ذات اليمين ويستقبل القبلة ويدعو بما‬
‫شاء من خير الدنيا والخرة‪.‬‬
‫والجمرة الوسطى يأتيها قريبا ً من جمرة العقبة منى‬
‫عن يمينه ومكة عن يساره ثم يرميها كالصغرى وبعد‬
‫الرمي يأخذ ذات الشمال ويستقبل القبلة ويدعو بما‬
‫أحب من خيريّ الدنيا والخرة‪.‬‬
‫ولو رمى من أي جهة من الجهات أجزأه‪ ،‬وسواء رمى‬
‫من أسفل أو أعلى فكل هذا مجزيء إن شاء الله لكننا‬
‫ذكرنا المستحب الذي فعله الرسول صلى الله عليه‬
‫وسلم‪.‬‬
‫وإن نقص الحصى عن سبع لزمه أن يتمه ولو بحصى‬
‫من عند المرمى فإن لم يفعل رمى في اليوم التالي‬

‫‪ ()1‬المغني جـ ‪ 5‬ص ‪.288‬‬


‫عن اليوم السابق ثم رمى عن نفس اليوم فإن لم‬
‫يفعل نهائيا ً فهل يلزمه دم؟ محل خلف بين أهل العلم‪.‬‬
‫وقت الرمي‪:‬‬
‫ذهب عامة أهل العلم إلى أن رمي جمرة العقبة يبدأ‬
‫بعد طلوع الشمس من يوم النحر ويستمر إلى غروب‬
‫الشمس قالوا‪ :‬وسيتحب أن يرميها في أول الوقت‬
‫اقتداء بفعله صلى الله عليه وسلم‪.‬‬
‫وأما في أيام التشريق فيبدأ وقت الرمي بعد الزوال ول‬
‫يجوز قبله ويستمر حتى غروب الشمس‪.‬‬
‫والصحيح إن شاء الله أن أيام التشريق كلها أيام رمي‬
‫فلو أخر الرمي إلى ثاني أيام التشريق أو ثالثها أجزأ‪،‬‬
‫وهل هو أداء أم قضاء؟ قولن لهل العلم‪.‬‬
‫وهل يجوز الرمي بالليل في يوم النحر وفي يومي‬
‫التشريق؟الصحيح‪ :‬أنه يجوز وذلك لشدة الزحام وكثرة‬
‫الناس وقد حدد صلى الله عليه وسلم بداية الرمي ولم‬
‫يحدد نهايته فالتوسعة على الناس في هذه الوقات أمر‬
‫مطلوب وهذا ما عليه الفتوى في وقتنا الحاضر‪.‬‬
‫يقول الشيخ محمد العثيمين‪....)) :‬الفضل‬
‫للنسان أن يرمي الجمرات في النهار‪ -‬فإن كان يخشى‬
‫من الزحام فل بأس أن يرميها ليل ً وذلك لن النبي‬
‫صلى الله عليه وسلم وقت ابتداء الرمي ولم يوقت‬
‫انتهاءه فدل هذا على أن المر في ذلك واسع‪.(1)((....‬‬
‫ويقطع التلبية عند وصوله جمرة العقبة ويستبدل التلبية‬
‫بالتكبير مع كل حصاة‪.‬‬
‫شروط رمي الجمار‪:‬‬
‫يشترط لصحة رمي الجمرات ما يأتي‪:‬‬
‫‪ -1‬أن تكون سبع حصيات لكل جمرة‪.‬‬
‫‪ -2‬أن تكون سبع رميات فلو رماها دفعة واحدة أو‬
‫رمى كل اثنتين معا ً أو كل ثلث لم يجزئه وتعتبر‬
‫الثنتان واحدة والثلث واحدة وهكذا‪.‬‬
‫‪ -3‬أن يكون الرمي باليد عند القدرة على ذلك‪.‬‬

‫‪ ()1‬صفة الحج ص ‪.62‬‬


‫‪ -4‬أن يكون بحصيات فل يرمي بأحذية أو طين أو‬
‫حديد أو غير ذلك‪.‬‬
‫‪ -5‬أن يقصد المرمى فلو قصد غيره وسقطت في‬
‫المرمى لم تجزئه ويعيدها‪.‬‬
‫‪ -6‬أن يتحقق من إصابة المرمى ول يلزم‬
‫استمرارها بالمرمى‪.‬‬
‫‪ -7‬الترتيب بين الجمرات بأن يبدأ بالصغرى ثم‬
‫الوسطى ثم العقبة‪ -‬الكبرى – وإن أخر الرمي يوما ً‬
‫أو يومين لزمه أن يرتب بين اليام فيرمي عن اليوم‬
‫السابق الثلث ثم يعود ويرميها عن اليوم الذي يليه‬
‫وهكذا‪.‬‬
‫سنن رمي الجمار‪:‬‬
‫لرمي الجمار سنن منها‪:‬‬
‫‪ -1‬المبادرة بالرمي فيرمي جمرة العقبة بعد‬
‫وصوله إلى منى يوم النحر‪ .‬ويرمي الجمرات أيام‬
‫التشريق بعد الزوال‪.‬‬
‫‪ -2‬الموالة بين الرميات والجمرات فل يفصل بين‬
‫الحصيات السبع ول بين الجمرات الثلث إل لحاجة‪.‬‬
‫‪ -3‬أن يقرب من المرمى ليتثبت من سقوطها فيه‪.‬‬
‫‪ -4‬أن يرمي الجمرة الصغرى جاعل ً منى عن‬
‫يساره ومكة عن يمينه‪ ،‬والوسطى جاعل ً منى عن‬
‫يمينه ومكة عن يساره‪ ،‬وجمرة العقبة جاعل ً منى‬
‫عن يمينه ومكة عن يساره‪.‬‬
‫‪ -5‬أن يقف بعد الجمرة الصغرى والوسطى‬
‫مستقبل ً القبلة ويدعو بما أحب ول يقف بعد جمرة‬
‫العقبة‪.‬‬
‫‪ -6‬أن يرمي بيده اليمنى إن تيسر له ذلك‪.‬‬
‫‪ -7‬أل تكون الحصيات نجسة‪.‬‬
‫‪ -8‬أن تكون الحصيات مثل حصى الخذف وهو أكبر‬
‫من الحمص قلي ً‬
‫ل‪.‬‬
‫‪ -9‬أل تكون الحصيات قد رمي بها‪.‬‬
‫حكم النابة في الرمي‪:‬‬
‫ويجوز لولي الصغير أن يرمي عنه إذا خاف عليه من‬
‫الزحام‪ .‬كما يجوز للعاجز عن الرمي لكبر سن أو مرض أو‬
‫كل غيره‬ ‫حمل أو غير ذلك من العذار الشرعية أن يوَ ّ‬
‫شريطة أن يكون الوكيل حاجا ً في نفس العام فل يصح‬
‫توكيل غير الحاج وإذا توكل الشخص عن غيره جازه له أن‬
‫يرمي عن نفسه وموكله في موقف واحد لكن لبد أن‬
‫يرمي عن نفسه أول ً ثم عن موكله‪.‬‬
‫حكمة مشروعية رمي الجمرات‪:‬‬
‫الرمي فيه اقتداء بأبي النبياء إبراهيم عليه السلم ويقصد‬
‫به النقياد للمر وإظهار العبودية بعيدا ً عن تخبطات العقل‬
‫وهواجسه‪.‬‬
‫لقد امتثل إبراهيم عليه السلم أمر ربه فعرض له‬
‫ل وعل‬ ‫الشيطان يريد صرفه عن الطاعة فأرشده الله ج ّ‬
‫إلى أن يرميه إرغاما ً لنفه وطردا ً له والحاج يقتدي‬
‫بالخليل في رمي الجمرات‪ .‬هذا ما يبدو لنا من أسرار في‬
‫رمي الجمرات والذي يخفى علينا أكثر ‪ .‬والله أعلم‪.(1).‬‬

‫المبحث الثامن‬
‫الحلق أو التقصير‬

‫حقيقة الحلق والتقصير‪:‬‬


‫الحلق إزالة شعر الرأس كله بالموس‪.‬‬
‫التقصير أخذ جزء من شعر الرأس كله بالمقص ونحوه‪-‬‬
‫أي تعميم الرأس بالحلق أو التقصير‪-‬‬
‫حكم الحلق أو التقصير‪:‬‬
‫ذهب جماهير أهل العلم إلى أن الحلق أو التقصير نسك‬
‫يتعبد به في الحج وأنه ل يجزيء أخذ شعر غير الرأس‪.‬‬

‫‪ ()1‬انظر في رمي الجمرات‪ :‬كتاب الحج والعمرة من فتح الباري ص ‪،300‬‬


‫حاشية ابن حجر الهيتمي على شرح اليضاح للنووي ص ‪ ،351‬أضواء‬
‫البيان جـ ‪ 5‬ص ‪ ،588‬كشاف القناع جـ ‪ 2‬ص ‪ ،498‬حاشية ابن عابدين جـ ‪2‬‬
‫ص ‪ ،513‬النهاية جـ ‪ 1‬ص ‪.292‬‬
‫وذهب الشافعي في رواية والمام أحمد في رواية غير‬
‫مشهورة إلى أن الحلق أو التقصير استباحة محظور ل‬
‫يترتب على تركه شيء ويحصل الحل بدونه‪.‬‬
‫وذهب الشافعي في المشهور عنه إلى أن الحلق ركن من‬
‫أركان الحج ل يجبره الدم‪.‬‬
‫وعند الئمة الثلثة‪ -‬أبي حنيفة ومالك وأحمد‪ -‬الحلق أو‬
‫التقصير واجب من واجبات الحج يجبر بدم ودليلهم قوله‬
‫شاءَ الل ّ ُ‬
‫ه‬ ‫ن َ‬‫م إِ ْ‬‫حَرا َ‬‫جدَ ال ْ َ‬ ‫س ِ‬ ‫ن ال ْ َ‬
‫م ْ‬ ‫خل ُ ّ‬
‫تعالى‪ ) :‬ل َت َدْ ُ‬
‫ن(‬
‫فو َ‬ ‫خا ُ‬‫ن ل تَ َ‬‫ري َ‬‫ص ِ‬
‫ق ّ‬ ‫م َ‬
‫و ُ‬ ‫م َ‬ ‫سك ُ ْ‬‫ءو َ‬ ‫ن ُر ُ‬‫قي َ‬ ‫حل ّ ِ‬
‫م َ‬ ‫ن ُ‬‫مِني َ‬
‫آ ِ‬
‫]الفتح‪.[27 :‬‬
‫قال ابن قدامة‪....)) :‬ولن الله تعالى وصفهم به‪...‬‬
‫ولو لم يكن من المناسك لما وصفهم به‪.(1)...‬‬
‫ومارواه ابن عباس رضي الله عنهما قال‪ )) :‬لما قدم‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم مكة أمر أصحابه أن يطوفوا‬
‫بالبيت وبالصفا والمروة ثم يحلوا ويحلقوا أو يقصروا(()‪.(2‬‬
‫وما رواه جابر في حديثه الطويل وفيه‪....)) :‬فإن النبي‬
‫صلى الله عليه وسلم أذن لصحابه أن يجعلوها عمرة‬
‫يطوفوا بالبيت ثم يقصروا ويحلوا‪.(3)((....‬‬
‫وهذا هو الراجح إن شاء الله فمن لم يحلق أو يقصر لزمه‬
‫جبران هذا الواجب بدم‪.‬‬
‫القدر الواجب من الحلق أو التقصير‪:‬‬
‫اتفق أهل العلم على أن الحلق والتقصير جائز وكاف في‬
‫تحقيق النسك‪.‬‬
‫كما اتفق على أن الحلق أفضل من التقصير إل في حق‬
‫المتمتع فينبغي أن يقصر ليؤخر الحلق للحج‪ ،‬كما اتفقوا‬
‫على أن تفضيل الحلق خاص بالرجال‪ ،‬وأما النساء فل‬
‫يجوز في حقهن إل التقصير واختلفوا في القدر الذي‬
‫يجزيء حلقه أو تقصيره من شعر الرأس‪.‬‬

‫‪ ()1‬المغني جـ ‪ 5‬ص ‪.305‬‬


‫‪ ()2‬رواهما البخاري ومسلم‪ .‬انظر‪ :‬صحيح البخاري جـ ‪ 2‬ص ‪ ،15‬وصحيح‬
‫مسلم جـ ‪ 4‬ص ‪.40‬‬
‫‪ ()3‬رواهما البخاري ومسلم‪ .‬انظر‪ :‬صحيح البخاري جـ ‪ 2‬ص ‪ ،15‬وصحيح‬
‫مسلم جـ ‪ 4‬ص ‪.40‬‬
‫فذهب الحنفية والشافعية إلى أنه يكفي حلق أو تقصير‬
‫بعض الرأس‪.‬‬
‫وذهب المالكية والحنابلة إلى وجوب تعميم الرأس بالحلق‬
‫أو التقصير‪ ،‬وهذا أرجح لنه أحوط في أداء العبادة ولنه‬
‫صلى الله عليه وسلم استوعب رأسه بالحلق‪.‬‬
‫زمان الحلق‪:‬‬
‫زمان الحلق أيام النحر فيجوز تأخيره إلى آخر أيام النحر‬
‫لنه إذا جاز تأخير المقدم عليه فتأخيره أولى‪.‬‬
‫فإن أخره عن أيام النحر فعليه عند الحنفية دم ول شيء‬
‫عليه عند الشافعي وأحمد‪.‬‬
‫قال ابن قدامة‪.....)) :‬ويجوز تأخير الحلق والتقصير‬
‫إلى آخر أيام النحر‪ ،‬لنه إذا جاز تأخير النحر المقدم عليه‬
‫فتأخيره أولى فإن أخره عن ذلك؛ ففيه روايتان‪ :‬إحداهما‪:‬‬
‫ل دم عليه ‪.....‬وعند أحمد عليه دم بتأخيره وهو مذهب‬
‫أبي حنيفة‪.(1)((.....‬‬
‫مكان الحلق‪:‬‬
‫ذهب المام أبو حنيفة إلى أن مكان الحلق موقت بالحرم‬
‫فإن حلق أو قصر في أيام النحر في غير المحرم حصل‬
‫التحلل وعليه دم‪.‬‬
‫وذهب الشافعي إلى أن الحلق غير مختص بالحرم لكن‬
‫الفضل فعله في منى‪ ،‬فإن حلق خارج الحرم فل شي‬
‫عليه ول يتحلل حتى يحلق‪.‬‬

‫ترتيب الحلق أو التقصير بين أعمال يوم النحر‪:‬‬


‫يفعل الحاج بمنى يوم النحر ثلثة أمور هي على الترتيب‪:‬‬
‫رمي‪ ،‬فنحر فحلق‪.‬‬
‫وترتيب الحلق أن يفعله بعد الرمي والذبح إن كان متمتعا ً‬
‫أو قارنا ً كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم‪ ،‬أما المفرد‬
‫فإنه يحلق بعد الرمي؛ لنه ل ذبح عليه‪.‬‬
‫دليل ذلك ما رواه أنس بن مالك رضي الله عنه )) أن‬
‫رسول الله رمى جمرة العقبة يوم النحر ثم رجع إلى‬

‫‪ ()1‬المغني جـ ‪ 5‬ص ‪.306‬‬


‫منزله بمنى فدعا بذبح فذبح ثم دعا بالحلق فأخذ بشق‬
‫رأسه اليمن فحلقه فجعل يقسم بين من يليه الشعرة‬
‫والشعرتين ثم أخذ بشق رأسه اليسر فحلقه (()‪.(1‬‬
‫حكمة مشروعية الحلق‪:‬‬
‫الحلق تأكيد وتحقيق بانتهاء مدة الحرام وهو اقتداء بفعل‬
‫الرسول صلى الله عليه وسلم حيث حلق وأمر أصحابه‬
‫بالحلق إلقاء للتفث وإزالة للشعث ليستعدوا لزيارة البيت‬
‫العتيق وهم على أتم هيئة وأكمل زينة)‪.(2‬‬

‫المبحث التاسع‬
‫المبيت بمنى ليالي أيام التشريق‬

‫حكم المبيت بمنى‪:‬‬


‫ذهب الئمة الثلثة إلى أنه واجب يلزم من تركه لغير عذر‬
‫الفداء سواء ترك الليالي كلها أو ترك ليلة واحدة‪.‬‬
‫واستدلوا بفعله صلى الله عليه وسلم حيث بات بمنى‬
‫ليالي أيام التشريق‪.‬‬
‫وذهب الحنفية إلى أنه سنة‪ .‬قالوا‪ :‬ومبيته صلى الله عليه‬
‫وسلم ليسهل عليه الرمي في أيامه فلم يكن من أفعال‬
‫الحج فتركه ل يوجب دما ً)‪.(3‬‬
‫المبيت المطلوب‪:‬‬
‫المبيت المطلوب معناه أن يقضي بمنى معظم الليل‬
‫ليلتي الحادي عشر والثاني عشر إن تعجل‪ ،‬وليلة الثالث‬
‫عشر إن تأخر‪.‬‬
‫العذار المسقطة للمبيت‪:‬‬
‫يسقط المبيت عن المريض أو من يقوم على شئوونه‬
‫وكذا عن المرابطين في المهمات الرسمية التي تتعلق‬
‫بمصالح الحجاج ويكون تقدير ذلك لهل العلم المعتبرين‪.‬‬
‫حكمة مشروعية المبيت بمنى‪:‬‬
‫‪ ()1‬رواه مسلم‪.‬انظر‪ :‬صحيح مسلم جـ ‪ 4‬ص ‪.82‬‬
‫‪ ()2‬انظر في الحلق الهداية جـ ‪ 1‬ص ‪ ،147‬والمغني جـ ‪ 5‬ص ‪ ،304‬نيل‬
‫الوطار جـ ‪ 7‬ص ‪.79‬‬
‫‪ ()3‬الهداية جـ ‪ 1‬ص ‪ ،149‬المغني جـ ‪ 5‬ص ‪ ،325‬زاد المعاد جـ ‪ 2‬ص ‪.285‬‬
‫كان العرب قبل السلم يجتمعون بمنى ويتفاخرون‬
‫بالنساب والحساب والعشائر ويتناشدون الشعار فشرع‬
‫السلم المبيت بمنى والجلوس فيها أيام التشريق؛ لن‬
‫اجتماع الحجاج في هذا المكان وإقامتهم شعائر الدين‬
‫الحنيف وتبادلهم المنافع المادية والدبية أدعى لظهار‬
‫عظمة هذا الدين الحنيف وتبادلهم المنافع المادية والدبية‬
‫أدعى لظهار عظمة هذا الدين السمح وشوكة المسلمين‬
‫في عيون أعداء الدين هذا فضل ً عن التعارف والئتلف‬
‫والتواد بين المسلمين المختلفي الجناس المتباعدي‬
‫القطار وهذه فائدة عظيمة وسر من أسرار تشريع‬
‫الحج)‪.(1‬‬

‫المبحث العاشر‬
‫الهـــــدي‬

‫حقيقة الهدي‪ -‬معناه‪:-‬‬


‫الهدي بإسكان الدال وتخفيف الياء‪ ،‬أو بكسر الدال مع‬
‫تشديد الياء لغتان مشهورتان‪ ،‬وهو ما يهدي للحرم من‬
‫حيوان وغيره‪.‬‬
‫والمراد هنا – ما يقدمه الحاج أو المعتمر تقربا ً لله تعالى‬
‫من بهيمة النعام‪ -‬البل والبقر والغنم)‪.(2‬‬
‫أقسام الهدي وحكم كل قسم‪:‬‬
‫ينقسم الهدي إلى أبعة أقسام‪:‬‬
‫‪ -1‬هدي التطوع الذي يتقرب به الحاج إلى الله دون‬
‫سبب يلزمه‪ ،‬ويستحب ذلك لكل حاج اقتداًء به صلى الله‬
‫عليه وسلم فقد أهدى عليه السلم في حجة الوداع مائة‬
‫بدنة‪.‬‬
‫قال النووي‪ ..... )) :‬اتفقوا على أنه يستحب لمن‬
‫قصد مكة بحج أو عمرة أن يهدي هديا ً من النعام وينحره‬

‫‪ ()1‬حكمة التشريع وفلسفته جـ ‪ 1‬ص ‪.301‬‬


‫‪ ()2‬المجموع جـ ‪ 8‬ص ‪.268‬‬
‫هناك ويفرقه على المساكين الموجودين في الحرم‪((.....‬‬
‫)‪.(3‬‬
‫ن‬‫م ْ‬ ‫م ِ‬ ‫ها ل َك ُ ْ‬ ‫عل َْنا َ‬‫ج َ‬
‫ن َ‬ ‫وال ْب ُدْ َ‬ ‫وإليه الشارة بقوله تعالى ) َ‬
‫ه‬‫م الل ّ ِ‬ ‫س َ‬ ‫فاذْك ُُروا ا ْ‬ ‫خي ٌْر َ‬ ‫ها َ‬ ‫في َ‬‫م ِ‬ ‫ه ل َك ُ ْ‬ ‫ر الل ّ ِ‬ ‫عائ ِ ِ‬ ‫ش َ‬ ‫َ‬
‫ها‬ ‫فك ُُلوا ِ‬
‫من ْ َ‬ ‫ها َ‬ ‫جُنوب ُ َ‬ ‫ت ُ‬ ‫جب َ ْ‬ ‫و َ‬‫ذا َ‬ ‫فإ ِ َ‬ ‫ف َ‬ ‫وا ّ‬ ‫ص َ‬ ‫ها َ‬ ‫عل َي ْ َ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫ر( ]الحج‪.[36 :‬‬ ‫عت َ ّ‬‫م ْ‬ ‫وال ْ ُ‬
‫ع َ‬ ‫قان ِ َ‬ ‫موا ال ْ َ‬ ‫ع ُ‬ ‫وأطْ ِ‬ ‫َ‬
‫‪ -2‬هدي واجب للشكر وهو الهدي الواجب على المتمتع‬
‫والقارن شكر لله تعالى أن وفقه لداء النسكين في سفر‬
‫م َ‬ ‫فإ َ َ‬
‫ن‬
‫م ْ‬ ‫ف َ‬ ‫منت ُ ْ‬ ‫ذا أ ِ‬ ‫واحد‪ .‬وإليه الشارة بقوله تعالى‪ِ َ ) :‬‬
‫ي(‬ ‫هد ْ ِ‬‫ن ال ْ َ‬ ‫م ْ‬ ‫سَر ِ‬ ‫ست َي ْ َ‬ ‫ما ا ْ‬ ‫ف َ‬‫ج َ‬ ‫ح ّ‬ ‫ة إ َِلى ال ْ َ‬ ‫مَر ِ‬ ‫ع ْ‬ ‫ع ِبال ْ ُ‬ ‫مت ّ َ‬ ‫تَ َ‬
‫]البقرة‪.[196 :‬‬
‫‪ -3‬هدي واجب للجبران أي لجبر الخلل الواقع في الحج أو‬
‫العمرة وذلك بأن يترك واجبا ً من الواجبات‪ ،‬أو يرتكب‬
‫محظورا ً من المحظورات‪ .‬وكذا الهدي الواجب للحصار‪.‬‬
‫وإليه أشار بقوله تعالى‪َ ) :‬‬
‫مَرةَ ل ِل ّ ِ‬
‫ه‬ ‫ع ْ‬ ‫وال ْ ُ‬‫ج َ‬ ‫ح ّ‬ ‫موا ال ْ َ‬ ‫وأت ِ ّ‬ ‫َ‬
‫ُ‬
‫ي( ]البقرة‪:‬‬ ‫هد ْ ِ‬‫ن ال ْ َ‬ ‫م ْ‬ ‫سَر ِ‬ ‫ست َي ْ َ‬
‫ما ا ْ‬
‫ف َ‬‫م َ‬ ‫صْرت ُ ْ‬ ‫ح ِ‬
‫نأ ْ‬ ‫فإ ِ ْ‬‫َ‬
‫‪.[196‬‬
‫‪ -4‬هدي النذر وهو ما ينذره الحاج تقربا ً لله تعالى عند‬
‫البيت الحرام فهذا هدي واجب‪.‬‬
‫م‬ ‫فث َ ُ‬
‫ه ْ‬ ‫ضوا ت َ َ‬ ‫ق ُ‬ ‫م ل ِي َ ْ‬‫وإليه الشارة بقوله تعالى‪ ) :‬ث ُ ّ‬
‫م( ]الحج‪.[29 :‬‬ ‫ه ْ‬‫ذوَر ُ‬ ‫فوا ن ُ ُ‬ ‫ول ُْيو ُ‬ ‫َ‬
‫وقت الذبح‪:‬‬
‫يبدأ وقت الذبح بعد طلوع الشمس يوم عيد النحر بمدة‬
‫تتسع لصلة العيد ويستحب تأخيره عن رمي جمرة‬
‫العقبة‪ ،‬ويمتد وقته على الصحيح من أقوال أهل العلم إلى‬
‫غروب شمس آخر أيام التشريق الثلثة التالية ليوم العيد‬
‫فتكون مدة الذبح أربعة أيام‪ ،‬ويستحب الذبح نهارا ً‬
‫ويجزيء ليل ً على الصحيح إن شاء الله‪.‬‬
‫مكان الذبح‪:‬‬
‫السنة أن ينحر هديه بمنى‪ ،‬ويجوز أن ينحره في أي جزء‬
‫من أجزاء الحرم‪ .‬ويستحب للحاج أن يتولى نحر هديه‬
‫بنفسه وإن أناب غيره فل بأس بذلك‪.‬‬
‫‪ ()3‬المجموع جـ ‪ 8‬ص‪269.‬‬
‫يدل لذلك كله أنه صلى الله عليه وسلم باشر نحر هديه‬
‫بنفسه‪ ،‬وأناب علي ّا ً في نحر باقيه‪ ،‬وقال صلى الله عليه‬
‫وسلم )) نحرت هاهنا ومنى كلها منحر فانحروا‬
‫في رحالكم‪.(1)((.....‬‬
‫كيفية النحر والذبح‪:‬‬
‫يستحب أن يقول عند نحر هديه أو ذبحه )) بسم الله والله‬
‫أكبر اللهم هذا منك ولك(( ويوجهه إلى القبلة‪ ،‬والسنة‬
‫نحر البل قائمة معقولة يدها اليسرى‪ ،‬وذبح البقر والغنم‬
‫على جنبها اليسر‪ ،‬ولو ذبح إلى غير القبلة أجزأت ولم‬
‫يصب السنة‪.‬‬
‫ترتيب الهدي بين أعمال يوم النحر‪:‬‬
‫إذا فرغ الحاج من رمي جمرة العقبة يوم النحر استحب‬
‫أن ينحر أو يذبح هديه سواء كان هذي تمتع أو قران‪ ،‬أو‬
‫كان دما ً واجبا ً لترك واجب أو ارتكاب محظور‪ ،‬أو كان‬
‫هدي تطوع كل ذلك محله بعد رمي جمرة العقبة وقبل‬
‫الحلق أو التقصير فيكون ترتيب الهدي من بين أعمال يوم‬
‫النحر الربعة الثاني بعد الرمي والثالث الحلق والرابع‬
‫الطواف‪.‬‬
‫حكم الكل من الهدي‪:‬‬
‫سبق أن ذكرنا أن الهدي أربعة أقسام‪:‬‬
‫‪ -1‬هدي تطوع‪.‬‬
‫‪ -2‬وهدي تمتع أو قران‪.‬‬
‫‪ -3‬وهدي لترك واجب‪.‬‬
‫‪ -4‬وهدي واجب بالنذر‪.‬‬
‫فالول والثاني يستحب أن يأكل منهما الحاج ويهدي‬
‫موا‬ ‫وأ َطْ ِ‬
‫ع ُ‬ ‫ها َ‬ ‫فك ُُلوا ِ‬
‫من ْ َ‬ ‫ويتصدق لقوله تعالى‪َ ) :‬‬
‫ر( ]البقرة‪.[36:‬‬ ‫عت َ ّ‬ ‫وال ْ ُ‬
‫م ْ‬ ‫ع َ‬ ‫ال ْ َ‬
‫قان ِ َ‬
‫وأما الثالث والرابع فل يجوز الكل منهما بل يجب‬
‫التصدق بهما على فقراء الحرم‪.‬‬
‫شروط الهدي‪:‬‬
‫يشترط في الهدي ما يأتي‪:‬‬

‫‪ ()1‬رواه مسلم‪ .‬انظر‪ :‬صحيح مسلم جـ ‪ 4‬ص ‪.43‬‬


‫‪ -1‬أن يكون من بهيمة النعام ) البل والبقر‬
‫والغنم(‪.‬‬
‫والبدنة والبقرة تقوم الواحدة منهما مقام سبع شياه‪.‬‬
‫‪ -2‬أن يكون الهدي سليما ً خاليا ً من العيوب التي‬
‫تمنع الجزاء في الضحية فل تجزيء المريضة البين‬
‫مرضها‪ ،‬ول العوراء البين عورها‪ ،‬ول العرجاء البين‬
‫ضلعها‪.‬‬
‫‪ -3‬أن يكون سنه من البل خمس سنوات‪ ،‬ومن‬
‫البقر سنتين‪ ،‬ومن المعز سنة‪ ،‬ومن الضأن ستة‬
‫أشهر‪.‬‬
‫حكمة مشروعية الهدي‪:‬‬
‫التقرب إلى الله في الهدي فيه اقتداء بأبينا إبراهيم‬
‫ه جل‬‫عليه السلم الذي أمر بذبح ولده فامتثل ففداه الل ُ‬
‫وعل بذبح عظيم‪.‬‬
‫وفي سفك دم الهدي إظهار تمام الطاعة لله سبحانه‬
‫وتعالى والنقياد لمره ولو كان ذلك ببذل المحبوب‬
‫للنفوس وهو المال‪.‬‬
‫وفي تقديم الهدي شكر لنعم الله العظيمة الحاج حيث‬
‫وفقه لداء مناسك الحج بيسر وسهولة ثم إن فيه‬
‫إظهارا ً للمجتمع المسلم بمظهر المتعاون المتكافل‬
‫حيث يعود نفع هذا الهدي للفقراء والمساكين الذين‬
‫ينعمون في يوم النحر بالكل من هذه اللحوم الكثيرة‬
‫التي يتقرب بها الحاج فيعمهم الفرح والسرور في هذا‬
‫اليوم العظيم من أيام المسلمين)‪.(1‬‬
‫الفصل السادس‬
‫مخطط عملي لمريد الحج‬
‫مع بيان الملحظات التي يقع فيها كثير من‬
‫الحجاج‬

‫ويشمل ثلثة مباحث‪:‬‬

‫‪() 1‬انظر في الهدى‪ :‬شرح العمدة في بيان مناسك الحج والعمرة جـ ‪ 2‬ص‬
‫‪ ،533‬زاد المعاد جـ ‪ 2‬ص ‪ ،312‬المقنع جـ ‪ 1‬ص ‪ ،456‬الحكام شرح أصول‬
‫الحكام جـ ‪ 2‬ص ‪ ،485‬الهداية جـ ‪ 1‬ص ‪ ،147‬النهاية جـ ‪ 5‬ص ‪.254‬‬
‫المبحث الول‪ :‬مخطط عملي لمريد الحج وفق‬
‫السنة المطهرة‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬ملحظات يقع فيها كثير من‬
‫الحجاج‪.‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬أحكام المناسك على المذاهب‬
‫الربعة‪.‬‬

‫المبحث الول‬
‫مخطط عملي لمريد الحج وفق السنة‬
‫المطهرة‬
‫)‪(1‬‬
‫من حين خروجه من بيته حتى انتهاء مناسكه‬

‫ل‪ :‬ما ينبغي أن يفعله من عزم على الحج‬ ‫أو ً‬


‫قبل السفر‪:‬‬
‫‪ -1‬التوبة النصوح ورد المظالم إلى أهلها‪.‬‬
‫‪ -2‬تعلم الحكام التي يحتاجها في سفره وأحكام‬
‫الحج‪.‬‬
‫‪ -3‬اختيار الرفقة الصالحة‪.‬‬
‫‪ -4‬اختيار النفقة الحلل‪.‬‬
‫‪ -5‬وصية أهله وأصحابه بتقوى الله وطلب دعائهم‪.‬‬
‫‪ -6‬كتابتة وصيته وما له وما عليه من الدين‪.‬‬
‫ثانيًا‪ :‬ما يفعله الحاج أثناء سفره إلى الحج‪:‬‬
‫‪ -1‬دعاء السفر حال ركوب الراحلة من دابة أو‬
‫سيارة أو طائرة‪.‬‬
‫مر الجماعة عليها أميرا ً ويطيعوه ويخدم‬
‫‪ -2‬أن تؤ ّ‬
‫بعضهم بعضا‪.‬‬
‫‪ -3‬قصر الظهر والعصر والعشاء حال سفره وإن‬
‫جد به السير جمع بين الظهر والعصر والمغرب‬
‫والعشاء‪.‬‬

‫‪ ()1‬سيكون هذا المخطط لمن حج متمتعا ً وفي كل موضع يخالف فيه‬


‫المتمتع القارن والمفرد سنوضح ذلك بمشيئة الله في الهامش ليكون‬
‫المخطط سهل الستيعاب‪ ،‬بعيدا ً عن التجزئة والتقسيم‪ ،‬ثم على الحاج‬
‫أن يربط بين هذا المخطط وبين الخطاء التي يقع فيها كثير من الحجاج‬
‫ليسلم حجه بإذن الله‪.‬‬
‫‪ -4‬استغلل الوقت بالذكر والدعاء وتلوة القرآن‬
‫واستماع الشرطة النافعة‪.‬‬
‫‪ -5‬كف الذى عن الرفقة‪ ،‬وتجنب كثرة المزاح في‬
‫الطريق‪ ،‬وعدم السرعة المؤدية إلى التهلكة‪.‬‬
‫ثالثًا‪ :‬ما يفعله الحاج عند الميقات‪:‬‬
‫‪ -1‬إذا كان الحاج مسافرا ً للحج عن طريق الجو‬
‫وصعب عليه معرفة الميقات أحرم قبله بمدة كافية‬
‫ليتيقن أنه أحرم عند الميقات أو قبله‪ ،‬وهنا يعمل كل‬
‫ما يعمله الواصل للميقات من إزالة الشعر وقص‬
‫الظافر‪ ،‬واغتسال وطيب وغير ذلك‪.‬‬
‫‪ -2‬إذا وصل الحاج الميقات يستحب له أن يتنظف‬
‫بقص أظافره وإزالة شعره‪ ،‬ثم يغتسل ويتطيب‪.‬‬
‫‪ -3‬وبعد ذلك يلبس ثياب الحرام‪ ،‬ول بأس أن يتخذ‬
‫حزاما ً أو رباطا ً لها يضع فيه ما يحتاجه من نقود‬
‫وسواك ومفتاح سيارة وغير ذلك‪.‬‬
‫‪ -4‬ل حرج أن يلبس الساعة والنظارات وغيرهما‬
‫مما يحتاجه ول يخل بإحرامه‪.‬‬
‫‪ -5‬إذا كان الوقت وقت صلة فريضة فيصلي ثم‬
‫يعقد نية الحرام بعدها‪ ،‬وإن لم يكن وقت صلة‬
‫فريضة صلى ركعتين بنية سنة الوضوء ول ينويهما‬
‫للحرام؛ لنه ليس للحرام سنة ثابتة‪.‬‬
‫‪ -6‬يقول المتمتع في الميقات‪ :‬لبيك عمرة متمتعا ً‬
‫بها إلى الحج لبيك اللهم لبيك‪ ،‬لبيك ل شريك لك‬
‫لبيك‪ ،‬إن الحمد والنعمة لك والملك ل شريك لك‬
‫لبيك‪ ،‬ويقول القارن‪ :‬لبيك عمرة وحجا ً لبيك اللهم‬
‫لبيك‪ ،‬لبيك ل شريك لك لبيك‪ ،‬إن الحمد والنعمة لك‬
‫والملك ل شريك لك لبيك‪ ،‬ويقول المفرد‪ :‬لبيك حجا ً‬
‫لبيك اللهم لبيك‪....‬إلخ ويستمر على هذه التلبية‬
‫بحيث تكون شعاره حتى يبدأ الطواف بالبيت‪.‬‬
‫‪ -7‬إذا كان الحاج خائفا ً شرع له أن يشترط فيقول‪:‬‬
‫فإن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني‪ ،‬وإن لم‬
‫يخف مانعا ً من نسكه لم يشرع له الشتراط‪.‬‬
‫رابعًا‪ :‬ما يفعله الحاج بعد وصوله إلى المسجد‬
‫الحرام‪:‬‬
‫إذا وصل الحاج المسجد الحرام قدم رجله‬ ‫‪-1‬‬
‫اليمنى حال دخوله وقال‪ :‬بسم الله والصلة والسلم‬
‫على رسول الله‪ ،‬اللهم اغفر لي ذنوبي وافتح لي‬
‫أبواب رحمتك‪.‬‬
‫يتجه مباشرة إلى المطاف ويستلم الحجر‬ ‫‪-2‬‬
‫السود بيده اليمنى ويقبله فإن لم يتيسر تقبيله قبل‬
‫يده إن استلمه بها فإن لم يتيسر استلمه بيده فإنه‬
‫يستقبل الحجر ويشير إليه بيده إشارة ول يقبلها‪.‬‬
‫يقول عند استلم الحجر السود‪ :‬بسم الله ولله‬ ‫‪-3‬‬
‫أكبر اللهم إيمانا ً بك وتصديقا ً بكتابك ووفاء بعهدك‬
‫واتباعا ً لسنة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم‪.‬‬
‫ثم يأخذ ذات اليمين ويجعل البيت عن يساره‬ ‫‪-4‬‬
‫ويبدأ من محاذاة الحجر من الخط السود والمحاذي‬
‫للحجر ويستمر في الطواف داعيا ً بما شاء فليس‬
‫هناك دعاء مخصوص حتى يصل الركن اليماني‬
‫المقابل للحجر السود من الجهة الخرى فيستلمه‬
‫بيمناه من غير تقبيل‪ ،‬فإن لم يتيسر استلمه فل‬
‫يشير إليه ول يكبر عنده ثم يقول بين الركن اليماني‬
‫والحجر السود‪ -‬أي في الجهة الجنوبية من الكعبة‪-:‬‬
‫ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الخرة حسنة وقنا‬
‫عذاب النار‪.‬‬
‫ثم يستمر في طوافه وما مضى منه فهو شوط‬ ‫‪-5‬‬
‫أخرى يفعل فيها‬ ‫واحد ويكمل بعده ستة أشواط‬
‫كما فعل في الول يكبر في أول كل شوط بمحاذاة‬
‫ل‪ :‬الله أكبر‪ ،‬وفي آخر الشوط‬ ‫الحجر السود قائ ً‬
‫السابع ل يكبر؛ لن التكبير في بدء كل شوط‪ ،‬وفي‬
‫الشواط السبعة يدعو بما شاء ويذكر الله‪ ،‬ويتلو‬
‫القرآن ويسأل الله من فضله لنفسه وولده ومن‬
‫شاء من قريب وصديق؛ لن فضل الله واسع‪.‬‬
‫في طواف الحاج الول أول ما يقدم إلى البيت‬ ‫‪-6‬‬
‫ينبغي أن يفعل شيئين‪:‬‬
‫الضطباع من أول الطواف إلى آخر‬ ‫)‪(1‬‬
‫الشوط السابع منه‪ ،‬وصفة الضطباع أن يجعل‬
‫وسط ردائه تحت إبطه اليمن وطرفيه على كتفه‬
‫اليسر‪ ،‬فإذا انتهى من الشوط السابع أعاد رداءه‬
‫على كتفيه وصدره‪ ،‬وينبغي أل يصلي ركعتي‬
‫الطواف وهو مضطبع؛ لن الضطباع محله‬
‫الطواف فقط‪.‬‬
‫الرمل في الشواط الثلثة الولى‪.‬‬ ‫)‪(2‬‬
‫والرمل إسراع المشي مع مقاربة الخطوات‪ ،‬وأما بقية‬
‫الشواط وهي الربعة الخيرة فيمشي فيها مشيا ً‬
‫كعادته وهنا ينبغي أن ينتبه الحاج أنه يحرم عليه أذية‬
‫إخوانه بالمزاحمة‪ ،‬فإن لم يتيسر له الرمل لشدة‬
‫الزحام فيكفيه أن يمشي مقاربا ً خطاه‪.‬‬
‫بعد إتمام الطواف يتقدم إلى مقام إبراهيم‬ ‫‪-7‬‬
‫ويصلي ركعتين جاعل ً المقام بينه وبين الكعبة يقرأ‬
‫في الولى بعد الفاتحة‪ )) :‬قل يا أيها الكافرون((‬
‫وفي الثانية بعد الفاتحة )) قل هوالله أحد(( فإن لم‬
‫يتيسر له الصلة خلف المقام لشدة الزحام صلى‬
‫في أي مكان من المسجد‪ ،‬ثم يرجع إلى الحجر‬
‫السود ويستلمه إن تيسر له ذلك‪.‬‬
‫بعد نهاية الطواف وصلة ركعتي الطواف‬ ‫‪-8‬‬
‫واستلم الحجر إن تيسر يتجه الحاج إلى زمزم‬
‫ويشرب منه ويتضلع ويدعو بما شاء من خيري الدنيا‬
‫والخرة‪.‬‬
‫ثم يتجه إلى المسعى فإذا دنا من الصفا قرأ‬ ‫‪-9‬‬
‫ر‬
‫عائ ِ ِ‬
‫ش َ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬
‫وةَ ِ‬
‫مْر َ‬‫وال ْ َ‬ ‫ص َ‬
‫فا َ‬ ‫ن ال ّ‬
‫قوله تعالى ‪ ) :‬إ ِ ّ‬
‫ه‪.........‬الية( ]البقرة‪.[158 :‬‬ ‫الل ّ ِ‬
‫ثم يرقى إلى الصفا حتى يرى الكعبة فيستقبلها ويرفع‬
‫ل‪ :‬ل إله إل‬ ‫يديه فيحمد الله ويدعو بما شاء أن يدعو قائ ً‬
‫الله‪ ،‬والله أكبر ل إله إل الله وحده ل شريك له‪ ،‬له‬
‫الملك وله الحمد يحي ويميت وهو على كل شيء قدير‪،‬‬
‫ل إله إل الله وحده‪ ،‬أنجز وعده‪ ،‬ونصر عبده‪ ،‬وهزم‬
‫الحزاب وحده‪ ،‬ثم يدعو بعد ذلك بما شاء من خيري‬
‫الدنيا والخرة‪ -‬ويكرر هذا ثلث مرات‪.‬‬
‫ثم ينزل ماشيا ً متجها ً إلى المروة حتى يصل العلم‬
‫الخضر فيركض بين العلمين ركضا ً شديدا ً شريطة أل‬
‫يترتب عليه إيذاء أحد من إخوانه المسلمين‪ ،‬ثم إذا بلغ‬
‫العلم الخضر الثاني مشى كعادته حتى يصل إلى‬
‫المروة فيرقى عليها ويستقبل القبلة ويرفع يديه ويقول‬
‫ما قاله على الصفا‪ ،‬وهذا شوط واحد يأتي بعده بسته‬
‫أشواط أخرى يفعل فيها ما فعله في الشوط الول من‬
‫دعاء ومشي وركض ويقول في سعيه‪ :‬ما شا الله من‬
‫ذكر ودعاء وقراءة كل حسب استطاعته‪.‬‬
‫‪ -10‬فإذا أتم سعيه حلق)‪ (1‬رأسه أو قصره كله‪ ،‬والحلق‬
‫أفضل إل لمن اعتمر في أيام الحج فالفضل له أن‬
‫يقصر ليحلق في الحج‪ .‬وإن كانت امرأة قصرت من كل‬
‫ضفيرة قدر أنملة‪.‬‬
‫)‪(2‬‬
‫‪ -11‬إذا حلق الحاج المتمتع أنهى عمرته فيتحلل‬
‫ويخلع ثياب الحرام ويلبس ثيابه العادية وله أن يفعل‬
‫ما يشاء مما كان ممنوعا ً منه حال الحرام من لباس‬
‫وطيب ونكاح وغير ذلك‪.‬‬
‫‪ -12‬للحاج أن يبقى حيث شاء خلل الفترة بين العمرة‬
‫والحج فإن شاء بقي في منى‪ ،‬وإن شاء بقي في مكة‬
‫أو في أي مكان آخر‪ ،‬ويمارس ما شاء من بيع وشراء‬
‫وغير ذلك مما أباحه الله‪.‬‬
‫ا‪ :‬ما يفعله الحاج يوم التروية ) اليوم الثامن من‬‫خامس ً‬
‫ذي الحجة(‪:‬‬
‫‪-1‬إذا كان يوم التروية وهو اليوم الثامن من‬
‫ذي الحجة أحرم)‪ (3‬بالحج قبيل صلة‬

‫‪ ()1‬القارن والمفرد ليحلقان بل متى أتما السعي بقيا في إحرامهما‬


‫حتى ينهيا أعمال الحج‪.‬‬
‫‪ ()2‬القارن والمفرد ل يتحللن بل يبقى الحرام في حقهما ويمتنعان من‬
‫كل شيء يمنعه الحرام حتى فعل اثنين من ثلثة يوم العيد‪ :‬الرمي‪-‬‬
‫الحلق أو التقصير‪ -‬الطواف‪.‬‬
‫‪ ()3‬القارن والمفرد باقيان على إحرامهما‪ ،‬فإذا جاء اليوم الثامن ذهبا‬
‫إلى منى وصليا فيها الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر‪.‬‬
‫الظهر من مكانه الذي هو فيه – منى أو‬
‫مكة‪.‬‬
‫‪-2‬يفعل الحاج عند إحرامه بالحج يوم الثامن‬
‫ما فعله عند الحرام من الميقات من‬
‫النظافة وإزالة الشعر والغتسال والطيب‪.‬‬
‫ل‪ :‬لبيك حجًا‪،‬‬
‫‪-3‬بعد ذلك ينوي الحج ويلبي قائ ً‬
‫لبيك اللهم لبيك‪ ،‬لبيك ل شريك لك لبيك‪ ،‬إن‬
‫الحمد والنعمة لك والملك‪ ،‬ل شريك لك لبيك‪.‬‬
‫‪-4‬إن كان خائفا ً من عائق يمنعه من إتمام الحج شرع‬
‫ل‪ :‬فإن حبسني حابس فمحلي‬ ‫له أن يشترط قائ ً‬
‫حيث حبستني‪ ،‬وإن لم يكن خائفا ً من عائق لم‬
‫يشترط‪.‬‬
‫‪-5‬ثم يصلي في منى الظهر والعصر والمغرب‬
‫والعشاء والفجر قصرا ً من غير جمع‪ ،‬وفي منى‬
‫ومزدلفة وعرفة يقصر أهل مكة وغيرهم؛ لن النبي‬
‫صلى الله عليه وسلم لم يأمر أصحابه بالتمام في‬
‫حجة الوداع‪.‬‬
‫ا‪ :‬ما يفعله الحاج يوم عرفة‪ -‬التاسع من ذي‬ ‫سادس ً‬
‫الحجة‪:‬‬
‫‪ -1‬إذا طلعت الشمس يوم عرفة سار إلى منى‬
‫إلى عرفة ونزل بنمرة‪ -‬الوادي الذي قبل عرفة‪ -‬إن‬
‫تيسر)‪ (1‬له وإن كان عليه مشقة في ذلك نزل في‬
‫عرفة‪.‬‬
‫‪ -2‬إذا زالت الشمس صلى الظهر والعصر جمعا ً‬
‫وقصرا ً في وقت الولى ليطول وقت الوقوف‬
‫والدعاء حتى ولو وافق يوم عرفة يوم الجمعة فإنها‬
‫تسقط عن الحاج‪.‬‬

‫‪ ()1‬هذا فيه مشقة كبيرة في هذه الوقات للزحام الشديد والنزول بنمرة‬
‫من حين وصوله إلى الزوال سنة فعلها الرسول صلى الله عليه وسلم‬
‫فينبغي لمن استطاع ذلك أن يفعله ول سيما من ليس معه نساء‬
‫وأطفال‪.‬‬
‫‪ -3‬بعد الصلة يتفرغ للذكر والدعاء والتضرع إلى‬
‫الله ويدعو بما أحب من خيري الدنيا والخرة‬
‫ويستحب أن يرفع يديه حال الدعاء‪ ،‬ويستقبل‬
‫القبلة‪.‬‬
‫‪ -4‬الفضل أن يكون الجبل بينه وبين القبلة إن‬
‫تيسر ذلك وإل استقبل القبلة ولو استدبر الجبل؛‬
‫لن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول‪)) :‬‬
‫وقفت هاهنا وعرفة كلها موقف وارفعوا‬
‫عن بطن عرنة(()‪.(1‬‬
‫‪ -5‬يكون صعوده إلى عرفات ونزوله في مكانه‬
‫بسكينة ووقار وذكر وتلبية ويبتعد عن أذية الخرين‬
‫ومزاحمتهم والتضييق عليهم‪.‬‬
‫‪ -6‬يشرع لولي المر أو نائبه أن يخطب الناس بعد‬
‫الزوال خطبة تناسب الحال يعلمهم فيها أحكام‬
‫المناسك ويتعرض لواقع المسلمين‪ ،‬ويضع العلج‬
‫الناجح لمشاكلهم كلها‪ ،‬ويركز على توحيد الله‬
‫وإخلص العبودية له والبتعاد عن الشرك وأسبابه‬
‫ودواعيه‪ ،‬ويحثهم على المر بالمعروف والنهي عن‬
‫المنكر‪ ،‬ويوصيهم بتقوى الله وتوحيد الكلمة‬
‫والصف ونبذ الشقاق والخلف‪ ،‬ويتعرض لغير ذلك‬
‫مما يحتاجه المسلمون حسب أحوال الناس‬
‫والزمان‪.‬‬
‫‪ -7‬يمتد وقت الوقوف بعرفة إلى طلوع الفجر من‬
‫يوم العيد فمن وقف بعرفة من ذلك ساعة من‬
‫الليل أو نهار فقد تم حجه‪.‬‬
‫‪ -8‬على الحاج أن يتثبت من كونه داخل عرفة‪،‬‬
‫فبعض الحجاج يجلسون في أدنى عرفة من جهة‬
‫نمرة‪ ،‬وأحيانا ً ل يدخلون في حدود عرفة‪ ،‬فعلى‬
‫المسلم الحاج أن يتأكد بسؤال أهل العلم أو‬
‫الطلع على أميال عرفة‪.‬‬
‫‪ -9‬ليس لعرفة دعاء مخصوص؛ بل على المسلم‬
‫الحاج أن يتخير من الدعاء ما ورد في الكتاب‬
‫‪ ()1‬رواه مسلم‪ .‬انظر‪ :‬صحيح مسلم جـ ‪ 4‬ص ‪.43‬‬
‫والسنة وما ُأثر عن سلف المة فإن هذه الدعية‬
‫أجمع للخير وأحرى بالجابة وأبعد عن العتداء في‬
‫الدعاء‪.‬‬
‫‪ -10‬على المسلم الحاج أن يعم في دعائه نفسه‬
‫وأهله وذويه وجميع المسلمين الحياء منهم والميتين‪،‬‬
‫ويدعو الله أن يظهر الدين وينصر المسلمين ويخذل‬
‫الكافرين والمنافقين في كل زمان ومكان‪.‬‬
‫من جوامع الدعية المختارة)‪:(1‬‬
‫‪ -11‬ومن الدعية الجامعة النافعة التي ينبغي أن‬
‫يدعو بها المسلم في عرفة ما يأتي‪:‬‬
‫بسم الله الرحمن الرحيم‪:‬‬
‫ب‬
‫ه َر ّ‬ ‫مدُ ل ِل ّ ِ‬ ‫ح ْ‬ ‫) بسم الله الرحمن الرحيم )‪ (1‬ال ْ َ‬
‫ن‬
‫دي ِ‬ ‫وم ِ ال ّ‬ ‫ك يَ ْ‬ ‫مال ِ ِ‬ ‫حيم ِ )‪َ (3‬‬ ‫ن الّر ِ‬ ‫م ِ‬ ‫ح َ‬‫ن )‪ (2‬الّر ْ‬ ‫مي َ‬ ‫عال َ ِ‬ ‫ال ْ َ‬
‫صَرا َ‬
‫ط‬ ‫دَنا ال ّ‬ ‫ه ِ‬ ‫ن )‪ (5‬ا ْ‬ ‫عي ُ‬ ‫ست َ ِ‬ ‫ك نَ ْ‬ ‫وإ ِّيا َ‬ ‫عب ُدُ َ‬ ‫ك نَ ْ‬ ‫)‪ (4‬إ ِّيا َ‬
‫ت َ َ‬ ‫َ‬
‫ر‬ ‫م َ‬
‫غي ْ ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫علي ْ ِ‬ ‫م َ‬ ‫ع ْ‬ ‫ن أن ْ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ط ال ّ ِ‬ ‫صَرا َ‬ ‫م )‪ِ (6‬‬ ‫قي َ‬ ‫ست َ ِ‬‫م ْ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫ن )‪] ((7‬الفاتحة‪.[7-2 :‬‬ ‫ضاّلي َ‬ ‫ول ال ّ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫علي ْ ِ‬
‫ب َ َ‬ ‫ضو ِ‬ ‫غ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ال ْ َ‬
‫اللهم صلي على سيدنا محمد وعلى آل محمد كما صليت عل‬
‫إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد‪.‬‬
‫ل مّنا إن ّ َ َ‬
‫م )‪َ (127‬رب َّنا‬ ‫عِلي ُ‬ ‫ع ال ْ َ‬ ‫مي ُ‬ ‫س ِ‬ ‫ت ال ّ‬ ‫ك أن ْ َ‬ ‫ِ‬ ‫قب ّ ْ ِ‬ ‫) َرب َّنا ت َ َ‬
‫ة لَ َ‬ ‫ُ‬ ‫ن لَ َ‬
‫ك‬ ‫م ً‬‫سل ِ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ة ُ‬ ‫م ً‬ ‫ن ذُّري ّت َِنا أ ّ‬ ‫م ْ‬ ‫و ِ‬ ‫ك َ‬ ‫ِ‬ ‫مي ْ‬
‫سل ِ َ‬‫م ْ‬ ‫عل َْنا ُ‬ ‫ج َ‬ ‫وا ْ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫م(‬ ‫حي ُ‬ ‫ب الّر ِ‬ ‫وا ُ‬ ‫ت الت ّ ّ‬ ‫ك أن ْ َ‬ ‫علي َْنا إ ِن ّ َ‬ ‫ب َ‬ ‫وت ُ ْ‬ ‫سك ََنا َ‬ ‫مَنا ِ‬ ‫رَنا َ‬ ‫وأ ِ‬ ‫َ‬
‫]البقرة‪.[127:128 :‬‬
‫قَنا‬ ‫و ِ‬‫ة َ‬ ‫سن َ ً‬ ‫ح َ‬‫ة َ‬ ‫خَر ِ‬ ‫في ال ِ‬ ‫و ِ‬‫ة َ‬ ‫سن َ ً‬‫ح َ‬ ‫في الدّن َْيا َ‬ ‫) َرب َّنا آت َِنا ِ‬
‫ر( ]البقرة‪.[201 :‬‬ ‫ِ‬ ‫ب الّنا‬ ‫ذا َ‬ ‫ع َ‬ ‫َ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫م ْ‬
‫ل‬ ‫ح ِ‬‫ول ت َ ْ‬ ‫خطَأَنا َرب َّنا َ‬ ‫وأ ْ‬ ‫سيَنا أ ْ‬ ‫ن نَ ِ‬ ‫خذَْنا إ ِ ْ‬ ‫ؤا ِ‬ ‫) َرب َّنا ل ت ُ َ‬
‫ول‬ ‫قب ْل َِنا َرب َّنا َ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫ذي َ‬‫عَلى ال ّ ِ‬ ‫ه َ‬ ‫مل ْت َ ُ‬‫ح َ‬ ‫ما َ‬ ‫صرا ً ك َ َ‬ ‫عل َي َْنا إ ِ ْ‬ ‫َ‬
‫فْر ل ََنا‬‫غ ِ‬ ‫وا ْ‬ ‫عّنا َ‬ ‫ف َ‬ ‫ع ُ‬ ‫وا ْ‬ ‫ه َ‬ ‫ة ل ََنا ب ِ ِ‬ ‫ق َ‬‫طا َ‬‫ما ل َ‬ ‫مل َْنا َ‬ ‫ح ّ‬ ‫تُ َ‬
‫ن(‬ ‫وم ِ ال ْ َ‬ ‫عَلى ال ْ َ‬ ‫ولَنا َ‬ ‫َ‬
‫ري َ‬ ‫ف ِ‬ ‫كا ِ‬ ‫ق ْ‬ ‫صْرَنا َ‬ ‫فان ُ‬ ‫م ْ‬
‫ت َ‬ ‫مَنا أن ْ َ‬ ‫ح ْ‬ ‫واْر َ‬ ‫َ‬
‫]البقرة‪.[286 :‬‬
‫ن ل َدُن ْ َ‬
‫ك‬ ‫م ْ‬ ‫ب ل ََنا ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫و َ‬‫هدَي ْت ََنا َ‬ ‫عدَ إ ِذْ َ‬ ‫قُلوب ََنا ب َ ْ‬ ‫غ ُ‬ ‫ز ْ‬
‫) َرب َّنا ل ت ُ َِ‬
‫ب( ]آل عمران‪.[8:‬‬ ‫ها ُ‬ ‫و ّ‬‫ت ال ْ َ‬ ‫ك أن ْ َ‬ ‫ة إ ِن ّ َ‬‫م ً‬‫ح َ‬ ‫َر ْ‬

‫‪ ()1‬حرصت أن تكون هذه الدعية من كتاب الله أو مما ثبت في صحيح‬


‫السنة‪.‬‬
‫ء(‬‫عا ِ‬‫ع الدّ َ‬ ‫مي ُ‬ ‫س ِ‬ ‫ك َ‬ ‫ة إ ِن ّ َ‬ ‫ة طَي ّب َ ً‬ ‫ك ذُّري ّ ً‬ ‫ن ل َدُن ْ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ب ِلي ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫ب َ‬ ‫) َر ّ‬
‫]البقرة‪.[38:‬‬
‫َ‬ ‫سَرا َ‬ ‫َ‬ ‫) َرب َّنا ا ْ‬
‫ت‬ ‫وث َب ّ ْ‬‫رَنا َ‬ ‫م ِ‬ ‫في أ ْ‬ ‫فَنا ِ‬ ‫وإ ِ ْ‬‫فْر لَنا ذُُنوب ََنا َ‬ ‫غ ِ‬
‫ن( ]آل عمران‪.[147 :‬‬ ‫ري َ‬ ‫ف ِ‬ ‫كا ِ‬ ‫وم ِ ا ل ْ َ‬ ‫ق ْ‬‫عَلى ال ْ َ‬ ‫صْرَنا َ‬ ‫وان ْ ُ‬ ‫مَنا َ‬ ‫دا َ‬ ‫ق َ‬‫أَ ْ‬
‫مَنا‬ ‫ح ْ‬ ‫وت َْر َ‬ ‫فْر ل ََنا َ‬ ‫غ ِ‬ ‫م تَ ْ‬ ‫ن لَ ْ‬ ‫وإ ِ ْ‬ ‫سَنا َ‬ ‫ف َ‬ ‫مَنا َأن ُ‬ ‫) َرب َّنا ظَل َ ْ‬
‫ن( ]العراف‪.[23 :‬‬ ‫ري َ‬ ‫ِ‬ ‫س‬
‫خا ِ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫كون َ ّ‬ ‫ل َن َ ُ‬
‫ن(‬ ‫فر ل ََنا وارحمَنا َ‬ ‫فا ْ‬ ‫مّنا َ‬
‫مي َ‬ ‫ح ِ‬ ‫خي ُْر الّرا ِ‬ ‫ت َ‬ ‫وأن ْ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ َ ْ‬ ‫غ ِ ْ‬ ‫) َرب َّنا آ َ‬
‫]المؤمنون‪.[109 :‬‬
‫ة إ ِّنا‬‫خَر ِ‬ ‫في ال ِ‬ ‫و ِ‬ ‫ة َ‬ ‫سن َ ً‬ ‫ح َ‬ ‫ه الدّن َْيا َ‬ ‫ذ ِ‬‫ه ِ‬ ‫في َ‬ ‫ب ل ََنا ِ‬ ‫واك ْت ُ ْ‬ ‫) َ‬
‫ك( ]العراف‪.[156:‬‬ ‫هدَْنا إ ِل َي ْ َ‬ ‫ُ‬
‫شدًا(‬ ‫َ‬
‫رَنا َر َ‬ ‫م ِ‬ ‫نأ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ئ ل ََنا ِ‬ ‫هي ّ ْ‬ ‫و َ‬ ‫ة َ‬ ‫م ً‬‫ح َ‬ ‫ك َر ْ‬ ‫ن ل َدُن ْ َ‬ ‫م ْ‬ ‫) َرب َّنا آت َِنا ِ‬
‫]الكهف‪.[156:‬‬
‫ري )‪(26‬‬ ‫َ‬ ‫با ْ‬
‫م ِ‬ ‫سْر ِلي أ ْ‬ ‫وي َ ّ‬ ‫ري )‪َ (25‬‬ ‫صد ْ ِ‬ ‫ح ِلي َ‬ ‫شَر ْ‬ ‫) َر ّ‬
‫لي( ]طه‪-25 :‬‬ ‫و ِ‬ ‫ق ْ‬ ‫هوا َ‬ ‫ق ُ‬ ‫ف َ‬ ‫ساِني )‪ (27‬ي َ ْ‬ ‫ن لِ َ‬ ‫م ْ‬ ‫قدَةً ِ‬ ‫ع ْ‬ ‫ل ُ‬ ‫حل ُ ْ‬ ‫وا ْ‬ ‫َ‬
‫‪.[29‬‬
‫عو ُ‬
‫ذ‬ ‫وأ َ ُ‬ ‫ن )‪َ (97‬‬ ‫ِ‬ ‫طي‬ ‫ِ‬ ‫يا‬‫َ‬ ‫ش‬‫ّ‬ ‫ال‬ ‫ت‬‫ِ‬ ‫زا‬‫َ‬ ‫م‬
‫َ‬ ‫ه‬ ‫َ‬ ‫ن‬
‫ْ‬ ‫م‬‫ِ‬ ‫ك‬‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ب‬ ‫ُ‬ ‫ذ‬ ‫عو‬ ‫ُ‬ ‫) رب أ َ‬
‫َ ّ‬
‫ن( ]المؤمنون‪.[98-97 :‬‬
‫َ‬ ‫بِ َ‬
‫ضُرو ِ‬ ‫ح ُ‬ ‫ن يَ ْ‬ ‫بأ ْ‬ ‫ك َر ّ‬
‫غَراما ً )‬ ‫ن َ‬ ‫كا َ‬ ‫ها َ‬ ‫ذاب َ َ‬ ‫ع َ‬ ‫ن َ‬ ‫م إِ ّ‬ ‫هن ّ َ‬ ‫ج َ‬ ‫ب َ‬ ‫ذا َ‬ ‫ع َ‬ ‫عّنا َ‬ ‫ف َ‬ ‫ر ْ‬ ‫ص ِ‬ ‫) َرب َّنا ا ْ‬
‫ا( ]الفرقان‪.[66-65 :‬‬ ‫قام ً‬ ‫م َ‬‫و ُ‬ ‫قّرا ً َ‬ ‫ست َ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ت ُ‬ ‫ساءَ ْ‬ ‫ها َ‬ ‫‪ (65‬إ ِن ّ َ‬
‫عل َْنا‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ج َ‬ ‫وا ْ‬ ‫ن َ‬ ‫عي ُ ٍ‬‫قّرةَ أ ْ‬ ‫وذُّرّيات َِنا ُ‬ ‫جَنا َ‬ ‫وا ِ‬ ‫ن أْز َ‬ ‫م ْ‬ ‫ب ل ََنا ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫) َرب َّنا َ‬
‫ا( ]الفرقان‪.[74 :‬‬ ‫مام ً‬ ‫ن إِ َ‬ ‫قي َ‬ ‫مت ّ ِ‬ ‫ل ِل ْ ُ‬
‫ن )‪(83‬‬ ‫حي َ‬ ‫صال ِ ِ‬ ‫قِني ِبال ّ‬ ‫ح ْ‬ ‫وأ َل ْ ِ‬ ‫كما ً َ‬ ‫ح ْ‬ ‫ب ِلي ُ‬ ‫ه ْ‬ ‫ب َ‬ ‫) َر ّ‬
‫عل ِْني‬ ‫ج َ‬ ‫وا ْ‬ ‫ن )‪َ (84‬‬ ‫ري َ‬ ‫خ ِ‬ ‫في ال ِ‬ ‫ق ِ‬ ‫صدْ ٍ‬ ‫ن ِ‬ ‫سا َ‬ ‫ل ِلي ل ِ َ‬ ‫ع ْ‬ ‫ج َ‬ ‫وا ْ‬ ‫َ‬
‫م( ]الشعراء‪.[85 -83 :‬‬ ‫عي ِ‬ ‫ة الن ّ ِ‬ ‫جن ّ ِ‬ ‫ة َ‬ ‫وَرث َ ِ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ِ‬
‫ول‬ ‫ن َ‬ ‫ما ِ‬ ‫لي َ‬ ‫قوَنا ِبا ِ‬ ‫سب َ ُ‬ ‫ن َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ّ‬
‫وان َِنا ال ِ‬ ‫خ َ‬ ‫ول ِ ْ‬ ‫فْر لَنا َ‬ ‫َ‬ ‫غ ِ‬ ‫) َرب َّنا ا ْ‬
‫ف‬
‫ءو ٌ‬ ‫ك َر ُ‬ ‫مُنوا َرب َّنا إ ِن ّ َ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫غل ّ ل ِل ّ ِ‬ ‫قُلوب َِنا ِ‬ ‫في ُ‬ ‫ل ِ‬ ‫ع ْ‬ ‫ج َ‬ ‫تَ ْ‬
‫م( ]الحشر‪.[10 :‬‬ ‫حي ٌ‬ ‫َر ِ‬
‫عَلى ك ُ ّ‬ ‫فْر ل ََنا إ ِن ّ َ‬ ‫َ‬
‫ء‬
‫ي ٍ‬ ‫ش ْ‬ ‫ل َ‬ ‫ك َ‬ ‫غ ِ‬ ‫وا ْ‬ ‫م ل ََنا ُنوَرَنا َ‬ ‫م ْ‬ ‫) َرب َّنا أت ْ ِ‬
‫ر( ]التحريم‪.[8:‬‬ ‫دي ٌ‬ ‫ق ِ‬ ‫َ‬
‫)) ل إله إل الله وحده لشريك له‪ ،‬له الملك وله‬
‫الحمد يحي ويميت وهو على كل شيء قدير((‪.‬‬
‫)) اللهم أنت ربي‪ ،‬ل إله إل أنت خلقتني وأنا عبدك‪،‬‬
‫وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت‪ ،‬أعوذ بك من‬
‫ي وأبوء بذنبي‬ ‫شر ما صنعت‪ ،‬أبوء لك بنعمتك عل ّ‬
‫فاغفر لي فإنه ل يغفر الذنوب إل أنت((‪.‬‬
‫)) اللهم أسلمت نفسي إليك‪ ،‬وفوضت أمري إليك‪،‬‬
‫وألجأت ظهري إليك رهبة ورغبة إليك ل ملجأ ول‬
‫منجا منك إل إليك‪ ،‬آمنت بكتابك الذي أنزلت‪ ،‬ونبيك‬
‫الذي أرسلت((‪.‬‬
‫)) اللهم لك الحمد‪ ،‬أنت نور السموات والرض ومن‬
‫فيهن‪ ،‬ولك الحمد أنت قيوم السموات والرض ومن‬
‫فيهن‪ ،‬ولك الحمد أنت الحق‪ ،‬ووعدك الحق‪ ،‬وقولك‬
‫ولقاؤك حق‪ ،‬والجنة حق‪ ،‬والنار حق‪ ،‬والساعة حق‪،‬‬
‫والنبيون حق‪ ،‬ومحمد حق‪ ،‬اللهم لك أسلمت‪ ،‬وعليك‬
‫توكلت‪ ،‬وبك آمنت‪ ،‬وإليك أنبت‪ ،‬وبك خاصمت‪ ،‬وإليك‬
‫حاكمت‪ ،‬فاغفر لي ما قدمت وما أخرت‪ ،‬وما‬
‫أسررت وما أعلنت‪ ،‬أنت المقدم وأنت المؤخر‪ ،‬ل إله‬
‫إل أنت((‪.‬‬
‫)) اللهم إني أعوذ بك من فتنة النار‪ ،‬وعذاب النار‪،‬‬
‫وفتنة القبر‪ ،‬وعذاب القبر‪ ،‬وشر فتنة الغنى‪ ،‬وشر‬
‫فتنة الفقر‪ ،‬اللهم إني أعوذ بك من شر فتنة‬
‫المسيح الدجال‪ ،‬اللهم اغسل قلبي بماء الثلج‬
‫والبرد‪ ،‬اللهم إني أعوذ بك من الكسل والمأثم‬
‫والمغرم((‪.‬‬
‫)) ل إله إل الله العظيم الحليم‪ ،‬ل إله إل الله رب‬
‫العرش العظيم‪ ،‬ل إله إل الله رب السموات ورب‬
‫الرض ورب العرش الكريم((‪.‬‬
‫)) ل إله إل الله وحده ل شريك له‪ ،‬الله أكبر كبيرًا‪،‬‬
‫والحمد لله كثيرًا‪ ،‬وسبحان الله رب العالمين‪ ،‬ل‬
‫حول ول قوة إل بالله العزيز الحكيم‪ ،‬اللهم اغفر لي‬
‫وارحمني واهدني وعافني وارزقني((‪.‬‬
‫)) اللهم اقض عني الدين‪ ،‬وأغنني من الفقر‪،‬‬
‫وأمتعني بسمعي وبصري وقوتي ما أحييتني واجعله‬
‫الوارث مني((‪.‬‬
‫)) اللهم إني أسألك الثبات في المر‪ ،‬والعزيمة على‬
‫الرشد‪ ،‬وأسألك شكر نعمتك‪ ،‬وأسألك لسانا ً صادقا ً‬
‫وقلبا ُ سليمًا‪ ،‬وأعوذ بك من شر ما تعلم‪ ،‬وأسألك‬
‫من خير ما تعلم‪ ،‬وأستغفرك مما تعلم‪ ،‬إنك أنت‬
‫علم الغيوب((‪.‬‬
‫)) سبحان الله‪ ،‬والحمد لله‪ ،‬ول إله إل الله‪ ،‬والله‬
‫أكبر((‪.‬‬
‫)) اللهم أصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري‪،‬‬
‫وأصلح لي دنياي التي فيها معاشي‪ ،‬وأصلح لي‬
‫آخرتي التي فيها معادي‪ ،‬واجعل الحياة زيادة لي‬
‫في كل خير‪ ،‬والموت راحة لي من كل شر((‪.‬‬
‫)) أعوذ بالله من جهد البلء‪ ،‬ودرك الشقاء‪ ،‬وسوء‬
‫القضاء‪ ،‬وشماتة العداء((‪.‬‬
‫)) اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن‪ ،‬ومن العجز‬
‫والكسل‪ ،‬ومن الجبن والبخل‪ ،‬ومن المأثم والمغرم‪،‬‬
‫ومن غلبة الدين وقهر الرجال‪ ،‬أعوذ بك اللهم من‬
‫البرص والجنون والجذام ومن سيء السقام((‪.‬‬
‫)) اللهم إني أسألك العفو والعافية في الدنيا‬
‫والخرة‪ ،‬وأسألك العفو والعافية في ديني ودنياي‬
‫وأهلي ومالي((‪.‬‬
‫)) اللهم استر عوراتي‪ ،‬وآمن روعاتي‪ ،‬واحفظني‬
‫من بين يدي ومن خلفي‪ ،‬وعن يميني وعن شمالي‬
‫ومن فوقي‪ ،‬وأعوذ بعظمتك أن أغتال من تحتي((‪.‬‬
‫)) اللهم رب السموات ورب الرض ورب العرش‬
‫العظيم ربنا ورب كل شيء فالق الحب والنوى‪،‬‬
‫منزل التوراة والنجيل والقرآن‪ ،‬أعوذ بك من شر‬
‫كل شيء أنت آخذ بناصيته أنت الول فليس قبلك‬
‫شيء‪ ،‬وأنت الخر فليس بعدك شيء‪ ،‬وأنت الظاهر‬
‫فليس فوقك أحد‪ ،‬وأنت الباطن فليس دونك شيء‪،‬‬
‫اقض عني الدين وأغنني من الفقر‪ .‬اللهم اغفر لي‬
‫ذنبي‪ ،‬وأذهب غيظ قلبي‪ ،‬وأعذني من مضلت الفتن‬
‫ما أبقيتني((‪.‬‬
‫)) اللهم لك الحمد كالذي نقول وخيرا ً مما نقول‪،‬‬
‫اللهم لك صلتي ونسكي ومحياي ومماتي وإليك‬
‫ربي مآبي ولك ربي تراثي‪ ،‬اللهم إني أعوذ بك من‬
‫عذاب القبر ووسوسة الصدر وشتات المر‪ .‬اللهم‬
‫إني أعوذ بك من شر ما تجيء به الريح‪ ،‬اللهم إنك‬
‫تسمع كلمي وترى مكاني وتعلم سري وعلنيتي ل‬
‫يخفى عليك شيء من أمري أنا البائس الفقير‬
‫المستغيث المستجير الوجل المشفق المقر‬
‫المعترف بذنوبي أسألك مسألة المسكين وأبتهل‬
‫إليك ابتهال الذليل‪ ،‬وأدعوك دعاء الخائف الضرير‬
‫من خضعت لك رقبته وفاضت لك عيناه وذل لك‬
‫جسده ورغم لك أنفه‪ .‬اللهم ل تجعلني ربي بدعائك‬
‫شقيا ً وكن بي رؤوفا ً رحيما ً يا خير المسؤولين ويا‬
‫خير المعطين((‪.‬‬
‫)) اللهم اجعل في قلبي نورًا‪ ،‬وفي سمعي نورًا‪،‬‬
‫وفي بصري نورًا‪ ،‬وفي لساني نورًا‪ ،‬وعن يميني‬
‫نورًا‪ ،‬وعن يساري نورًا‪ ،‬ومن فوقي نورًا‪ ،‬واجعل‬
‫في نفسي نورًا((‪.‬‬
‫)) اللهم اجعل خير عمري آخره‪ ،‬وخير عملي‬
‫خواتمه‪ ،‬وخير أيامي يوم لقائك‪ ،‬اللهم ثبتني بأمرك‪،‬‬
‫وأيدني بنصرك‪ ،‬وارزقني من فضلك‪ ،‬ونجني من‬
‫عذابك يوم تبعث عبادك((‪.‬‬
‫)) اللهم ل تدع لي في هذا المقام ذنبا ً إل غفرته‪،‬‬
‫ول هما ً إل فرجته‪ ،‬ول غائبا ً إل رددته‪ ،‬ول كربا ً إل‬
‫كشفته‪ ،‬ول دينا ً إل قضيته‪ ،‬ول عدوا ً إل كفيته‪ ،‬ول‬
‫فسادا ً إل أصلحته‪ ،‬ول مريضا ً إل عافيته‪ ،‬ول خله إل‬
‫سددتها‪ ،‬ول حاجة من حوائج الدنيا والخرة لك فيها‬
‫رضى ولنا فيها صلح إل قضيتها فإنك تهدي السبيل‬
‫وتجبر الكسير وتغني الفقير((‪.‬‬
‫)) اللهم إني أسألك اسمك العظم المبارك الحب‬
‫إليك الذي إذا دعيت به أجبت‪ ،‬وإذا استرحمت به‬
‫رحمت‪ ،‬وإذا استفرجت به فرجت أن تعيذني من‬
‫الكفر والفقر والقلة والذلة والعلة وكافة المراض‬
‫والعراض وسائر السقام واللم وأسألك فواتح‬
‫الخير وخواتمه وجوامعه وأوله وآخره وظاهره‬
‫وباطنه والدرجات العلى((‪.‬‬
‫وأجاد من قال)‪:(1‬‬

‫يا من يرى ما في الضمير ويسمع‬


‫أنت المـعد لكـــــل ما‬
‫ع‬
‫يتوقــــــــ ُ‬
‫يا من يرجى للشدائد كّلــــــــــــــها‬
‫يا من إليه المشتـــكى‬
‫ع‬
‫والمفـــز ُ‬
‫ن‬
‫يا من خزائن رزقه في قول كــــ ْ‬
‫امنن فإن الخير عنـــدك‬
‫ع‬
‫أجمــــــ ُ‬
‫مالي سوى فقري إليك وسيـــــلة‬
‫فبالفتقار إليك فقــري‬
‫ع‬
‫أدفــــــــــ ُ‬

‫مالي سوى قرعي لبابك حيلـــــــة‬


‫فـــلئن رددت فأي باب‬
‫ع‬
‫أقــــــــر ُ‬
‫ه‬
‫سمــــ ِ‬‫ومن الذي أدعو وأهتف با ْ‬
‫إن كان فضلك عن فقيرك‬
‫ع‬‫يمنـــ ُ‬
‫حاشا لجودك أن تقنط عاصيـــــــا ً‬
‫الفضل أجزل والمواهب‬
‫ع‬
‫أوســـــ ُ‬
‫‪ -12‬ينبغي للحاج إذا كان معه نساء أو أطفال أن يعلمهم شيئا ً‬
‫من الدعاء ويقرأ عليهم ليغتنموا هذا الوقت العظيم فإن خير‬
‫الدعاء دعاء يوم عرفة‪.‬‬
‫‪ -13‬إذا تأكد الحاج من غروب الشمس يوم عرفة سار إلى‬
‫)‪(2‬‬

‫مزدلفة وعليه السكينة والوقار رافعا ً صوته بالتلبية حتى يصل‬


‫مزدلفة‪.‬‬
‫‪ ()1‬كيف حج النبي صلى الله عليه وسلم ص ‪.137‬‬
‫‪ ()2‬تساهم الجهات المختصة في بلد الحرمين الشريفين في منع الناس‬
‫من النصراف قبل غروب الشمس‪ ،‬وتبذل جهودا ً كبيرة لتوعية الحجاج‬
‫وإرشادهم‪.‬‬
‫‪ -14‬بعد وصول الحاج إلى المزدلفة يصلي المغرب والعشاء‬
‫جمعا ً وقصرا ً حال وصوله بأذان وإقامتين‪ ،‬وما يفعله كثير من‬
‫الناس من إعداد العشا أو لقط الحصى قبل الصلة فل أصل‬
‫له في الشرع‪.‬‬
‫‪ -15‬إذا أنهى الحاج صلته أنزل أغراضه وصنع طعامه وتهيأ‬
‫للنوم مبكرا ً ليقوم نشيطًا‪.‬‬
‫‪ -16‬ثم يصلي الفجر في وقتها ول يستعجل كما يفعله كثير‬
‫من الناس من الصلة قبل دخول وقتها ثم يأتي المشعر‬
‫الحرام إن تيسر له ذلك ويستقبل القبلة ويدعو بما أحب من‬
‫خيري الدنيا والخرة‪ ،‬فإن لم يتيسر له الوقوف عند المشعر‬
‫الحرام؛ جلس يدعو في مصله مستقبل ً القبلة حتى يسفر‬
‫جدًا‪.‬‬
‫‪ -17‬يرخص للعاجزين والضعفة ومن معهم أطفال ومن في‬
‫حكمهم النزول من من مزدلفة بعد منتصف الليل ومغيب‬
‫القمر؛ لنه رخص صلى الله عليه وسلم للضعفة بالنزول في‬
‫هذا الوقت‪.‬‬
‫‪ -18‬يلتقط الحاج سبع حصيات من مزدلفة ليرمي بها جمرة‬
‫العقبة ول يشرع التقاط حصى الجمار كلها من مزدلفة‪.‬‬
‫‪ -19‬ثم بعد ذلك يتجه الحاج إلى منى وإذا وصل وادي محسر‪-‬‬
‫واد بين مزدلفة ومنى‪ -‬استحب له أن يسرع في سيره اقتدا‬
‫بالرسول صلى الله عليه وسلم‪.‬‬
‫سابعًا‪ :‬ما يفعل الحاج يوم العيد‪ -‬العاشر من ذي‬
‫الحجة‪:‬‬
‫‪ -1‬إذا وصل الحاج منى اتجه إلى جمرة العقبة لرميها؛‬
‫وينبغي أن يكون رميها أول شيء يفعله في منى لنه‬
‫تحيتها‪.‬‬
‫‪ -2‬يستمر الحاج في تلبيته حتى وصوله جمرة العقبة‬
‫حيث يقطع التلبية مع أول حصاة يرميها‪.‬‬
‫‪ -3‬يرمي جمرة العقبة بسبع حصيات يقول مع كل‬
‫حصاة‪ :‬الله أكبر ويستحب أن يرميها جاعل ً منى عن‬
‫يمينه‪ ،‬والبيت عن يساره‪ ،‬وجمرة العقبة هي الكبرى‬
‫أقرب الجمرات إلى مكة‪.‬‬
‫‪ -4‬بعد رمي جمرة العقبة ينحر هديه)‪ – (1‬إن تيسر له‬
‫ذلك‪ -‬والسنة أم يوجه للقبلة ويقول‪ :‬بسم الله والله‬
‫أكبر‪ ،‬هذا منك ولك‪.‬‬
‫‪ -5‬يستحب أن يأكل من هديه ويهدي ويتصدق ويختار‬
‫النوع الجيد لينال من البر أتمه وأفضله‪.‬‬
‫‪ -6‬بعد أن يتقرب إلى الله بهديه ويحلق رأسه كله أو‬
‫يقصره كله والحلق أفضل للرجال‪ ،‬وأما النساء فل يجوز‬
‫في حقهن إل التقصير فيقصرن من كل ضفيرة قدر‬
‫أنملة‪.‬‬
‫‪ -7‬ثم بعد الرمي‪ ،‬والذبح‪ ،‬والحلق أو التقصير‪ ،‬يتحلل‬
‫الحاج التحلل الول فيباح له ما كان ممنوعا ً منه بالحرام‬
‫من اللباس والطيب وقص الظافر وإزالة الشعر لكن‬
‫يبقى ممنوعا ً من النكاح حتى يطوف بالبيت‪.‬‬
‫‪ -8‬بعد التحلل الول يستحب للحاج أن يغتسل ويتنظف‬
‫ويتطيب ويلبس ثيابه ويتجه إلى البيت ليطوف طواف‬
‫الحج‪ -‬الفاضة – ويكون كطوافه السابق تماما ً غير أنه ل‬
‫يرمل فيه ول يضطبع‪.‬‬
‫‪ -9‬بعد الطواف يصلي ركعتين خلف المقام إن تيسر له‬
‫ذلك وإل صلهما في أي مكان من المسجد‪.‬‬
‫‪ -10‬ثم يتجه إلى المسعى)‪ (2‬ويسعى سبعة أشواط كسعيه‬
‫في الُعمرة تمامًا‪.‬‬
‫‪ -11‬بعد فراغه من السعي يتحلل التحلل الثاني فيحل له‬
‫منع منه بالحرام حتى النساء‪.‬‬ ‫كل شيء ُ‬
‫‪ -12‬أعمال يوم العيد أربعة يستحب أن يأتي بها الحاج‬
‫مرتبة‪ :‬الرمي‪ -‬ذبح الهدي‪ -‬الحلق أو التقصير‪ -‬الطواف‬
‫والسعي‪.‬‬
‫لكن إن لم يتيسر له الترتيب وقدم بعضها على بعض فل‬
‫حرج إن شاء الله‪.‬‬
‫ثامنًا‪ :‬ما يفعله الحاج أيام التشريق‪:‬‬

‫‪ ()1‬هذا خاص بالمتمتع والقارن‪ ،‬وأما المفرد فل هدي عليه إل أن يتطوع‪.‬‬


‫‪ ()2‬القارن المفرد إذا سعيا مع طواف القدوم كفاهما عن سعي الحج‬
‫فليس عليهما في يوم العيد سعي‪ ،‬وإن تركا السعي إلى يوم العيد‬
‫لزمهما بعد الطواف‪.‬‬
‫‪ -1‬يلزم الحاج أن يبيت بمنى ليلة الحادي عشر والثاني‬
‫عشر والثالث عشر لمن تأخر‪ ،‬والمبيت يعني أن يبقى في‬
‫منى أكثر الليل في أوله أو آخره فإن تعجل لزمه المبيت‬
‫ليلة الحادي عشر والثاني عشر فقط‪.‬‬
‫‪ -2‬يلزم الحاج أن يرمي الجمرات يوم الحادي عشر‬
‫والثاني عشر والثالث عشر لمن تأخر‪ ،‬فإن تعجل رمى‬
‫يوم الحادي عشر والثاني عشر فقط‪.‬‬
‫‪ -3‬يبدأ وقت الرمي في أيام التشريق من بعد الزوال‪،‬‬
‫ول يجوز الرمي قبل الزوال‪.‬‬
‫وأما جمرة العقبة فوقت رميها من طلوع الشمس لمن بقي‬
‫في مزدلفة إلى ما بعد صلة الفجر‪ ،‬وهذا هو الصل في‬
‫وقت الرمي‪.‬‬
‫ومن جاز له أن يتعجل من مزدلفة بعد منتصف الليل فيجوز‬
‫له الرمي من حين وصوله إلى منى‪.‬‬
‫‪ -4‬وصفة رمي الجمرات أن يبدأ بالصغرى وهي القريبة‬
‫من منى ويأتي إليها من جهة الشمال جاعل ً منى عن‬
‫يساره والبيت عن يمينه ثم يرميها بسبع حصيات قائل ً مع‬
‫كل حصاه‪ :‬الله أكبر‪ ،‬وليحرص على سقوط الحصى‬
‫بالحوض‪ ،‬ول يلزم ضرب الشاخص فقد وضع علمة‬
‫للمرمى ول يضع الحصى وضعا ً في الحوض ول يرميه‬
‫دفعة واحدة‪.‬‬
‫ثم يأخذ ذات اليمين قليل ً ويقف يدعو وقوفا ً طويل ً وهذه سنه‬
‫غفل عنها كثير من الحجاج‪.‬‬
‫ثم يذهب إلى الجمرة الوسطى ويأتيها من الجنوب جاعل ً‬
‫منى عن يمينه والبيت عن يساره ويرميها بسبع حصيات قائل ً‬
‫مع كل حصاة‪ :‬الله أكبر‪ ،‬ثم يأخذ ذات الشمال ويقف يدعو‬
‫طوي ً‬
‫ل‪.‬‬
‫ثم يذهب إلى الكبرى – التي تلي مكة – وهي أبعد الجمرات‬
‫عن منى ويأتيها من الجنوب جاعل ً منى عن يمينه والبيت عن‬
‫يساره مستقبل ً الجمرة ويرميها بسبع حصيات‪ ،‬قائل ً مع كل‬
‫حصاة‪ :‬الله أكبر‪ ،‬ول يقف عندها؛ لنه ثبت عنه صلى الله‬
‫عليه وسلم أنه لم يقف عندها‪.‬‬
‫‪ -5‬يرمي في اليوم الثاني عشر والثالث عشر إن تأخر‬
‫كاليوم الحادي عشر تمامًا‪.‬‬
‫‪ -6‬ل حرج أن يرمي بالليل ل سيما إذا كان معه نساء‬
‫أو أطفال؛ لن هذه الوقات أوقات شدة وزحام عظيم‪،‬‬
‫ومن رأى أحوال الناس وما يعانونه عند رمي الجمرات‬
‫علم أن التوسعة في الرمي ليل ً لبد منها في هذه‬
‫الوقات‪.‬‬
‫‪ -7‬ل يسوغ التوكيل في الرمي إل لحاجة قائمة كأن‬
‫يكون الموكل مريضا ً أو كبيرا ً عاجزًا‪ ،‬أو تكون امرأة حامل ً‬
‫أو يكون صغيرا ً ل يقدر على الرمي أو نحوهم‪.‬‬
‫فهؤلء يسوغ لهم التوكيل في الرمي لرفع الحرج عنهم‪ ،‬وأما‬
‫كل‪ ،‬وتساهل الناس في هذا‬ ‫من عداهم فل ينبغي له أن يو ّ‬
‫المر ل مسوغ له شرعا ً خصوصا ً إذا قلنا بالتوسعة في‬
‫ل‪ ،‬والله أعلم‪.‬‬ ‫الرمي لي ً‬
‫‪ -8‬إذا كان الشخص موك ّل ً في الرمي فينبغي أن يرمي‬
‫عن نفسه أول ً فإذا أتم سبع حصيات رمى عن موكله في‬
‫نفس موقفه‪.‬‬
‫ل في الرمي إل شخص حاج‪ ،‬وأما‬ ‫‪ -9‬ل يسوغ أن يتوك ّ‬
‫كل عن غيره؛‬ ‫من لم يحج في نفس العام فل يسوغ أن يتو ّ‬
‫لنه لن يرمي الجمرات لنفسه فل يرمي عن غيره‪.‬‬
‫خر‬‫خر الجمرات إلى آخر أيام التشريق‪ ،‬أو أ ّ‬ ‫‪ -10‬لو أ َ ّ‬
‫خر الثاني عشر للثالث‬ ‫يوم الحادي عشر للثاني عشر‪ ،‬أو أ ّ‬
‫عشر فل حرج عليه إن شاء الله؛ لن وقت الرمى ممتد‬
‫إلى غروب شمس اليوم الثالث عشر‪ ،‬وهل فعله أداء أم‬
‫قضاء؟ قولن لهل العلم‪.‬‬
‫كل الشخص غيره فل حرج أن يلتقط الموكل‬ ‫‪ -11‬إذا و ّ‬
‫أو الوكيل الحصى فالمر في ذلك واسع إن شاء الله‪.‬‬
‫‪ -12‬حصى الجمرات أيام التشريق تلتقط من منى من‬
‫مكان الشخص الذي يسكن فيه أو أي مكان من منى‪.‬‬
‫‪ -13‬بعد أن يتم الحاج رمي الجمرات في اليوم الثاني‬
‫عشر إن تعجل‪ ،‬أو الثالث عشر إن تأخر يذهب ويطوف‬
‫للوداع سبعة أشواط كطوافه السابق تمامًا‪.‬‬
‫‪ -14‬يصلي بعد الطواف ركعتين خلف المقام كما فعل‬
‫في الطواف السابق‪.‬‬
‫‪ -15‬يسقط طواف الوداع عن الحائض والنفساء‪.‬‬
‫‪ -16‬ينبغي أل ينشغل بشيء بعد الطواف إل إذا كان‬
‫شيئا ً ل يعوقه كثيرًا‪ ،‬كانتظار رفقته‪ ،‬وتحميل أغراضه‪،‬‬
‫وتجهيز سيارته‪ ،‬وشراء ما يحتاجه في طريقه‪ ،‬وغير ذلك‬
‫مما ل يأخذ صفة القامة بمكة‪.‬‬
‫‪ -17‬ينبغي أل ينفر الناس من منى قبل الزوال في اليوم‬
‫الثاني عشر أو الثالث عشر ويطوفوا للوداع ثم يعودوا‬
‫فيرموا بعد الزوال‪ ،‬فهؤلء لم يكن آخر عهدهم بالبيت‪،‬‬
‫وطواف الوداع في حقهم باق‪.‬‬
‫‪ -18‬بعد طواف الوداع يعود الحاج إلى بلده تصحبه‬
‫السكينة والوقار‪ ،‬وعليه استغلل وقته في الذكر والدعاء‪،‬‬
‫واستماع ما ينفع‪ ،‬ولزوم دعاء السفر والنزول ودخول‬
‫القرية وغير ذلك حتى يصل بيته)‪.(1‬‬
‫تاسعًا‪ :‬ما تختص به المرأة عن الرجل‪:‬‬
‫تختص المرأة بعشرة أشياء تخالف فيها الرجل‬
‫وهي‪:‬‬
‫‪ -1‬جواز لبس المخيط حال الحرام‪.‬‬
‫‪ -2‬جواز لبس الخفين للمرأة‪.‬‬
‫‪ -3‬المرأة ل ترمل في طواف القدوم‪.‬‬
‫‪ -4‬ل ترفع صوتها بالتلبية‪.‬‬
‫‪ -5‬يجوز للمرأة أن تغطي رأسها‪.‬‬
‫‪ -6‬ل تضطبع المرأة لنها يجب أن تتستر بثيابها‪.‬‬
‫‪ -7‬ل تسرع المرأة بين العلمين الخضرين في‬
‫المسعى‪.‬‬
‫‪ -8‬ليس على المرأة حلق بل ل يجوز لها الحلق لكن‬
‫تقصر شعر رأسها من كل ضفير قدر انملة‪.‬‬
‫‪ -9‬ل تستلم الحجر السود إذا كان حوله جمع من‬
‫الرجال‪.‬‬

‫‪ ()1‬انظر في صفة الحج‪ :‬فتح الباري جـ ‪ 3‬ص ‪ ،378‬والنووي على مسلم‬


‫جـ ‪ 9‬ص ‪ ،3‬وبدائع الصنائع جـ ‪ 2‬ص ‪ ،118‬وبداية المجتهد جـ ‪ 1‬ص ‪،326‬‬
‫والمجموع جـ ‪ 7‬ص ‪ ،2‬والمغني جـ ‪ ،5‬وزاد المعاد جـ ‪ 2‬ص ‪.90‬‬
‫‪ -10‬يسقط عنها طواف الوداع إذا كانت حائضا ً أو‬
‫نفساء‪.‬‬

‫رحله الصديق إلى البيت العتيق‬


‫المتمتع‬
‫بلد‬
‫الصديقأشهر‬
‫الخروج في‬
‫الحج‬
‫الرجوع إلى بلد الصديق )) واللهم اجعله‬
‫حجا ً مبرورا ً وذنبا ً مغفورًا((‬ ‫))شوال‪ ،‬ذو القعدة قبل‬
‫فجر اليوم العاشر من ذي‬
‫الحجة((‬
‫الحرام في‬
‫الميقات‬

‫اليم‬
‫المدينة الشام نجد‬
‫ن‬
‫ذو الجحف قرن‬
‫يلم‬
‫الحليفة ة المنازل‬
‫لم‬

‫المتعجل يطوف الوداع بعد الرجم بعد النزول‪،‬‬


‫والمتأخر بعد اليوم الثالث عشر‬

‫اليوم الحادي عشر والثاني عشر المبيت في‬


‫منى مع الرجم للعقبة الصغرى والوسطى‬
‫والكبرى‪ ،‬وذلك بعد الزوال بسع حصيات لكل‬
‫واحدة‪.‬‬
‫اليوم العاشر رمي جمرة العقبة الكبرى‪ ،‬وذبح‬
‫الهدي والحلق ثم طواف الفاضة مع السعي‪،‬‬
‫والتحلل الصغر بعد اثنين مما ذكرنا‪ ،‬منهما‬
‫الطواف أو الرجم‪ ،‬والنحلل الكبر بعدها جميعا‪ً.‬‬
‫التلبية والنية في‬
‫الميقات‬
‫)) لبيك اللهم‬

‫الذهاب إلى مزدلفة ليلة العاشر وصلة‬


‫المغرب والعشا جمعا ً وقصرًا‪ ،‬والمبيت إلى‬
‫صلة الفجر وذكر الله إلى وقت السفار‪.‬‬

‫في الطريق إلى مكة التلبية‬


‫))لبيك اللهم لبيك‪ ،‬لبيك ل شريك‬
‫لك لبيك إن الحمد والنعمة لك‬
‫والملك ل شريك لك لبيك((‬
‫الوصول للحرم وقطع‬
‫اليوم التاسع الذهاب إلى عرفات بعد الزوال‪،‬‬ ‫التلبية عند الحجر السود‬
‫والمكث في عرفات إلى الغروب مع صلة‬
‫الظهر والعصر قصرا ً وجمعا ً ‪.‬‬

‫تقبيل الحجر السود‪ ،‬أو لمسه‪،‬‬


‫أو الشارة إليه مع قولك‬
‫) بسم الله والله أكبر(‬
‫اليوم الثامن )التروية( لبس الحرام‬ ‫الطواف سبعة أشواط‬
‫مع التلبية بالحج )لبيك اللهم لبيك( ثم‬ ‫مضطبعا‪ ،‬مع الرمل في‬
‫الذهاب إلى منى للصلة والمبيت‪.‬‬ ‫الشواط الثلثة الولى‬

‫صلة ركعتين عند مقام‬


‫إبراهيم‬
‫الصعود على الصفا والبدء منه بالسعي إلى‬
‫المروة‪ ،‬سبعة أشواط مبتدأ بالصفا منتهيا ً‬
‫بالمروة‪.‬‬

‫شرب ماء زمزم‬

‫رحلة الصديق إلى البيت العتيق‬


‫)المفرد والقارن(‬
‫الرجوع إلى بلد الصديق‬ ‫بلد‬
‫)اللهم اجعله حجا ً مبرورا ً وذنبا ً‬ ‫الصديقأشهر‬
‫الخروج في‬
‫مغفورًا(‬ ‫الحج‬
‫))شوال‪ ،‬ذو القعدة قبل‬
‫فجر اليوم العاشر من ذي‬
‫وبقية الرحلة كما في‬
‫رحلة المتمتع‬

‫الحجة((‬
‫الحرام في‬
‫الميقات‬

‫اليم‬
‫المدينة الشام نجد‬
‫ن‬
‫ذو الجحف قرن‬
‫يلم‬
‫الحليفة ة المنازل‬
‫لم‬ ‫التلبية والنية في‬
‫في يوم النحر وأيام التشريق يذهب‬ ‫الميقات‬
‫لطواف الفاضة‪ ،‬وإن كان سعى مع‬
‫القدوم فل سعي عليه وإل سعى مع‬ ‫)‪(1‬القارن‪) :‬لبيك اللهم بحج وعمرة(‬
‫)‪(2‬المفرد‪ :‬لبيك اللهم بحج‬
‫الطواف‬

‫اليوم العاشر يرمي جمرة العقبة‬


‫في الطريق إلى مكة التلبي‬
‫الكبرى والقارن يذبح الهدي‪،‬‬
‫)لبيك اللهم لبيك‪ ،‬لبيك ل شريك لك لبيك‬
‫والمفرد ل هدي عليه وإل سعى‬ ‫إن الحمد والنعمة لك والملك ل شريك لك‬
‫مع الطواف‬
‫يظل في إحرامه إلى النتهاء‬ ‫الوصول للحرم وقطع التلبية عند‬
‫من أعمال يوم النحر التي‬ ‫الحجر السود‬
‫ذكرناها‬

‫طواف القدوم والسعي لمن أراد أن يقدم سعي الحج‬


‫المبحث الثاني‬
‫)وعمل كل ما ذكرناه في الطواف والسعي عند المتمتع(‬
‫ملحظات يقع فيها بعض الحجاج ينبغي التنبه‬
‫)‪(1‬‬
‫لها‬

‫هذه الملحظات منها أخطاء تمس العقيدة‪ ،‬ومنها أخطاء‬


‫تخل ببعض واجبات الحج‪ ،‬ومنها أخطاء يترتب عليها‬
‫حصول المشقة العظيمة للحاج‪ ،‬وسأفصل القول فيها‬
‫بمشيئة الله حسب مناسك الحج وأيامه فتقول‪:‬‬
‫أو ً‬
‫ل‪ :‬ملحظات يقع فيها من عزم على الحج قبل السفر‬
‫وأثناءه‪:‬‬
‫‪ -1‬عدم التزود بدعوى التوكل على الله‪.‬‬
‫‪ -2‬أن يقصد الحاج بحجه التكسب أو الرياء‬
‫والسمعة والمفاخرة‪.‬‬
‫‪ -3‬اختيار الرفقة السيئة الذين يبعدونه عن الله‬
‫ويشغلون الوقت بالمعاصي وسماع آلت اللهو‬
‫والسب والشتم‪.‬‬
‫‪ -4‬سفر المرأة بغير محرم‪ ،‬وهذا يحصل كثيرا ً مع‬
‫الخادمات اللواتي يأتين بدون محارم ثم يؤدينا‬
‫فريضة الحج بدون محرم وكل هذا خطأ ظاهر‪.‬‬
‫‪ -5‬التهاون في أداء الصلة في وقتها بحجة الجهاد‬
‫والتعب وهذا من تلبيس الشيطان على المسلم‪،‬‬
‫وقد شرع الجمع والقصر تخفيفا ً على المسافر لكن‬
‫أن تؤخر عن وقت الولى‪ ،‬والثانية فليس هناك ما‬
‫يبرر هذا إطلقًا‪.‬‬
‫‪ -6‬اصطحاب بعض اللت واستخدامها في أمور‬
‫محرمة؛ كاللت اللهو والت التصوير فهذه اللت إذا‬
‫الوقوع في هذه الملحظات إلى أمور منها‪:‬‬ ‫‪ ()1‬يرجع‬
‫أحاديث موضوعة أو ضعيفة ل يسوغ الحتجاج بها‬ ‫)‪(1‬‬
‫اجتهادات واستحسانات من بعض أهل العلم ل دليل عليها‪.‬‬ ‫)‪(2‬‬
‫عادات توارثها الناس لكنها عند التمحيص ل مستند لها‪.‬‬ ‫)‪(3‬‬
‫استخدمت في أمر محرم منع منها شرعا ً وما أكثر‬
‫ما يقع الحجاج في هذا المر‪.‬‬
‫‪ -7‬بعض النساء يتساهلن بالتجول في السواق‬
‫خارج بلدهن وكأن الممنوع في بلدهن مباح في‬
‫غيره‪ ،‬وعلى المرأة المسلمة أن تعرف الممنوع‬
‫شرعا ً فتبتعد عنه في بلدها وفي غيره فوق أي أرض‬
‫وتحت أي سماء‪.‬‬
‫‪ -8‬بعض الحجاج ُيزعج رفقته بالسراع الشديد‬
‫وعدم الوقوف للراحة فيتأذى من معه وخصوصا ً‬
‫النساء ويحصل للجميع من الحرج والعنت ما الله به‬
‫عليم‪.‬‬
‫ثانيًا‪ :‬ملحظات يقع فيها الحاج قبيل الحرام‬
‫وبعده‪:‬‬
‫‪ -1‬بعض الحجاج الذين يسافرون عن طريق الجو‬
‫أو البحر يتساهلون في عقد نية الحرام وقد‬
‫يؤخرونه عن الميقات المحدد لهم‪.‬‬
‫والذي ينبغي لهؤلء الستعداد للحرام من بلدانهم‬
‫ولبس ثياب الحرام قبل صعود الطائرة أو بعده‬
‫مباشرة‪ ،‬ثم نية الحرام ولو قبل الميقات؛ لن هذا‬
‫أحوط في حقهم وأسلم لهم لئل يؤخروه عن ميقاته‬
‫الشرعي‪.‬‬
‫‪ -2‬بعض الحجاج إذا لبس ثياب الحرام طلب من‬
‫غيره أخذ صورة )فوتوغرافية( له وأحيانا ً له مع‬
‫عائلته وهذا خطأ ظاهر‪.‬‬
‫‪ -3‬بعض النساء تعتقد أن للحرام لباسا ً خاصًا‪:‬‬
‫كالخضر أو السود أو البيض‪ ،‬وهذا غير صحيح بل‬
‫المرأة تحرم بما شاءت من الثياب‪ ،‬لكن تجتنب‬
‫الثياب الجميلة والتي فيها تشبه بالرجال‪.‬‬
‫‪ -4‬بعض الحجاج يظن أن أي لباس لم يلبسه حال‬
‫النية ل يسوغ له أن يلبسه بعد الحرام؛ كالحذاء‬
‫والساعة والنظارة وغير ذلك مما يحتاجونه ول يمنع‬
‫منه المحرم‪ ،‬والصحيح أنه ل حرج في ذلك‪ ،‬لبسه‬
‫عند النية أو لم يلبسه ذكره أو لم يذكره؛ بل ذلك‬
‫مرهون بحاجته له وعدم كونه ممنوعا ً حال الحرام‪.‬‬
‫‪ -5‬بعض الحجاج يظن الضطباع المسنون في‬
‫طواف القدوم‪ -‬أول طواف بالبيت للحاج أو‬
‫المعتمر‪ -‬مشروعا ً من حين الحرام‪ ،‬وهذا خطأ‬
‫فالضطباع ل يسن إل حال الطواف فقط‪ ،‬أما قبل‬
‫ذلك وبعده فل يسن‪.‬‬
‫‪ -6‬يعتقد بعض الحجاج أن لباس الحرام ل يجوز‬
‫تغييره حتى إنه أحيانا ً يتسخ أو يتمزق‪ ،‬وهذا غلط‬
‫ظاهر؛ بل لباس الحرام يجوز تغييره وخلعه وغسله‬
‫متى شاء المحرم وكيف شاء‪.‬‬
‫‪ -7‬بعض النساء تضع حائل ً بين الغطاء ووجهها وهذا‬
‫تكلف ل أصل له في الشرع؛ بل المرأة تغطي وجهها‬
‫عند الرجال الجانب ولو مس الخمار وجهها‪ ،‬وإذا لم‬
‫يكن عندها رجال أجانب كشفت وجهها وهذا ما‬
‫فعلته أمهات المؤمنين ونساء الصحابة بتوجيه من‬
‫الرسول صلى الله عليه وسلم‪.‬‬
‫‪ -8‬بعض النساء إذا مرت بالميقات وكانت حائضا ً أو‬
‫نفساء لم ُتحرم ظنا ً منها أن الحرام ُتشترط له‬
‫الطهارة‪ ،‬وهذا خطأ ظاهر؛ فالمرأة الحائض‬
‫والنفساء تعمل كما يعمل غيرها في الميقات من‬
‫اغتسال ونظافة ونية للحرام‪ ،‬وهذا ما فعلته أسماء‬
‫بنت عميس بتوجيه من الرسول صلى الله عليه‬
‫وسلم حين نفست في الميقات‪.‬‬
‫‪ -9‬بعض الحجاج يظن أن الحرام يبدأ من حين‬
‫لبس ملبس الحرام‪ ،‬فيمتنع عن محظورات الحرام‬
‫بمجرد ملبس الحرام‪ ،‬والصحيح أن الحرام يبدأ بنية‬
‫الحرام سواء خلعت ملبس الحرام أو تأخرت عنها‪.‬‬
‫‪ -10‬بعض الحجاج يستمر في لهوه وعبثه ومزاحه بعد‬
‫إحرامه بالحج فيسوي بين حاله قبل الحرام وحاله‬
‫بعده‪ ،‬وهذا من الحرمان‪ ،‬نسأل الله العفو والعافية‪.‬‬
‫‪ -11‬بعض الحجاج الذين يكون معهم أطفال ويلبون‬
‫عنهم إذا أحسوا بالتعب فسخوا النية ولم يمكنوهم من‬
‫إتمام الحج وهذا خطأ‪ ،‬فالصغير يتم النسك إذا دخل فيه‬
‫بنية منه أو من وليه‪ ،‬وعلى وليه أن يمكنه من إتمام‬
‫النسك ويهيء ذلك له‪.‬‬
‫‪ -12‬من الخطاء المتكررة من بعض النساء لبس‬
‫القفازين بعدم الحرام حرصا ً على الستر وهذا خطأ‬
‫فالمرأة ل تلبس القفازين حال الحرام لكن تستر يديها‬
‫بثيابها عند الرجال الجانب‪ .‬كما تستر وجهها‪.‬‬
‫‪ -13‬من الخطاء المتكررة أن بعض المسافرين عن‬
‫طريق الجو ينسون الحرام في حقائبهم ثم ل يحسنون‬
‫التصرف وهم في الطائرة قبل الميقات فيؤخرون‬
‫الحرام إلى جدة وهذا خطأ‪ ،‬والذي ينبغي أن يخلعوا‬
‫ثيابهم ويبقوا السروال مثل ً ويجعلوا الغترة كالرداء حتى‬
‫ينزلوا بالمطار ثم يلبسوا ثياب الحرام ويخلعوا ما‬
‫عليهم من ملبس‪ ،‬وبقاء السروال أو غيره في هذه‬
‫الحالة ضرورة يعفي عنه إن شاء الله‪.‬‬
‫ثالثًا‪ :‬ملحظات يقع فيها الحاج عند الطواف‪:‬‬
‫‪ -1‬أكثر الحجاج في هذه الوقات يلتزمون أدعية‬
‫خاصة بالطواف سواء كانوا فرادى أو جماعات‪ ،‬وهذا‬
‫خطأ ظاهر‪ ،‬وليس للطواف دعاء خاص بل يدعو‬
‫المسلم بما أحب من خيري الدنيا والخرة‪ ،‬ويتلو‬
‫القرآن ويذكر الله حسب استطاعته‪.‬‬
‫‪ -2‬بعض الحجاج يقبل الركن اليماني وهذا خطأ؛‬
‫فالركن اليماني يستلم استلما ً فقط ول يقبل ول‬
‫يشار إليه إن لم يتيسر استلمه‪.‬‬
‫‪ -3‬بعض الحجاج يؤذي إخوانه حال طوافه‬
‫بمزاحمتهم وخصوصا ً عند الحجر السود‪ ،‬وتجد هؤلء‬
‫يحرصون على تحقيق سنة فيرتكبون في سبيل ذلك‬
‫أمرا ً محرما ً وهو أذية الخرين‪ ،‬ومن طاف وقت‬
‫الزحام شاهد هذا كثيرًا‪.‬‬
‫‪ -4‬بعض الحجاج حال الزحام يدخلون وسط حجر‬
‫إسماعيل من جهتة الشرقية ويخرجون من جهته‬
‫الغربية وهؤلء أخلوا بطوافهم؛ لن الحجر من الكعبة‬
‫فالطواف لبد أن يكون من ورائه‪.‬‬
‫‪ -5‬بعض الحجاج يظن أنه ل يتم حجه إل إذا بدأه‬
‫بالنية جهرا ً وهذا خطأ؛ بل يكفي أن يأتي إلى الحجر‬
‫ويبدأ منه بتقبيله أو استلمه أو الشارة إليه وهذا‬
‫كاف عن الجهر بالنية‪.‬‬
‫‪ -6‬بعض الحجاج يتمسح بأستار الكعبة ومقام‬
‫إبراهيم وحجر إسماعيل وهذا خطأ؛ لنه لم يرد عن‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم ول عن صحابته‪،‬‬
‫وهو مخالفة شرعية ظاهرة‪.‬‬
‫‪ -7‬بعض الحجاج يستمر مضطبعا ً بعد الطواف‬
‫ويصلي ركعتين وهو مضطبع وهذا خطأ‪ ،‬بل ينبغي أن‬
‫يستر كتفيه بعد نهاية طوافه وقبل صلة الركعتين‪.‬‬
‫‪ -8‬بعض الحجاج يظن أن ركعتي الطواف لبد أن‬
‫تكونا خلف المقام وهذا غير صحيح؛ بل الركعتان‬
‫تجزئان خلف المقام وفي أي مكان من المسجد‬
‫فينبغي للحاج أل يؤذي الناس ويزاحمهم ليؤدي هاتين‬
‫الركعتين خلف المقام؛ بل يصليهما في أي مكان من‬
‫المسجد‪.‬‬
‫‪ -9‬من أكثر الملحظات وأشدها خطرا ً على‬
‫المسلمين تبرج النساء بجوار الكعبة المشرفة وفي‬
‫سائر مناسك الحج حيث يأتين إلى هذه العبادة –‬
‫الطواف – وهن في كامل زينتهن من لباس وطيب‬
‫بل وهن متبرجات‪ ،‬وهذا منكر عظيم ينبغي أن تنتبه‬
‫له الخوات المسلمات ويحرصن على الدب‬
‫والحشمة والعفاف؛ فالله الذي أمرهن بالطواف‬
‫حول بيته المعظم أمرهن بالستر والعفاف وعدم‬
‫التبرج وإبداء الزينة فكيف يطعنه في أمر ويعصينه‬
‫في أمر آخر؟‬
‫رابعًا‪ :‬ملحظات يقع فيها الحاج عند السعي‪:‬‬
‫‪ -1‬بعض الحجاج يظن أنه ل يتم سعيه إل بصعود‬
‫الصفا حتى أعله والمروة حتى أعلها‪ ،‬والصحيح أنه‬
‫يكفي أن يرتفع قليل ً لو لم يبلغ آخرهما ويلصق‬
‫جسمه بالجبلين‪.‬‬
‫‪ -2‬بعض الحجاج يصلي ركعتين بعد تمام السعي‪،‬‬
‫كما فعل بعد تمام الطواف‪ ،‬وهذا ل أصل له في‬
‫الشرع إذ ليس هناك ركعتان خاصتان بالسعي‬
‫كالطواف‪.‬‬
‫‪ -3‬بعض الحجاج يستمر في سعيه بعد إقامة‬
‫الصلة وهذا خطأ فإذا أقيمت الفريضة لزمه قطع‬
‫السعي وأداء الصلة ثم مواصلة السعي بعد الصلة‪.‬‬
‫‪ -4‬بعض الحجاج يظن أنه لبد من الضطباع في‬
‫السعي كالطواف وهذا خطأ فالضطباع خاص‬
‫بطواف القدوم فقط‪.‬‬
‫‪ -5‬بعض الحجاج يظن أن الطهارة شرط في‬
‫السعي كالطواف وهذا غير صحيح‪ ،‬فالسعي ل‬
‫تشترط له الطهارة لكن لو تطهر من أراد السعي‬
‫لكان أفضل وأكمل‪.‬‬
‫‪ -6‬بعض الحجاج يظن أن السعي ل يجوز قطعه‬
‫وهذا خطأ فالحاج يسوغ له أن يقطع السعي للحاجة‬
‫كالتعب والتأكد من الرفقة وشرب الماء‪ ،‬كما أنه‬
‫يجب قطعه إذا أقيمت الفريضة ويكمل ما قطعه‬
‫لفريضة أو حاجة من مكانه الذي توقف فيه‪.‬‬
‫‪ -7‬بعض الحجاج يظن أن السعي ل يصح إل بعد‬
‫الطواف مباشرة وهذا غير مسلم به؛ فالسعي‬
‫صحيح بعد الطواف مباشرة أو بعده بزمن كثير لكن‬
‫إن خلف السعي الطواف فهذا أفضل وأكمل‪.‬‬
‫‪ -8‬بعض الحجاج يكرر السعي اجتهادا ً منه ورغبة‬
‫في الخير وهذا غلط ظاهر‪ ،‬فالسعي ل يسوغ‬
‫تكراره؛ لنه عبادة خاصة في مناسبة خاصة وليس‬
‫كالطواف‪ ،‬فمن سعى لغير الحج والعمرة فل يزيد‬
‫على أنه أراح جسمه بالمشي لكن إن نوي بهذا‬
‫السعي العبادة فقد أخطأ وتعدى‪.‬‬
‫‪ -9‬بعض الحجاج يظن أن السعي أربعة عشر‬
‫شوطا ً بحيث يبدأ بالصفا ثم يعود إليه بعد مرور‬
‫بالمروة ويعتبر هذا شوطًا‪ ،‬وهذا غلط فاحش؛‬
‫فالسعي سبعة أشواط ذهابه شوط وعودته من‬
‫المروة للصفا شوط بحيث يبدأ بالصفا وينتهي‬
‫بالمروة‪.‬‬
‫خامسًا‪ :‬ملحظات يقع فيها الحاج عند الحلق‬
‫أو التقصير‪:‬‬
‫‪ -1‬بعض الحجاج يحلق بعض الرأس كمقدمته أو‬
‫مؤخرته أو نصفه أو ربعه ويترك الباقي للعمرة بعد‬
‫الحج أو للحج بعد العمرة‪ ،‬أو يقصر من بعض الشعر‪،‬‬
‫وهذا غلط بين فالحلق أو التقصير لبد فيه من‬
‫التعميم فيحلق رأسه كله أو يقصره كله‪.‬‬
‫‪ -2‬بعض الحجاج يلتزم بأدعية غير ثابتة قبل وأثناء‬
‫حلق رأسه وهذا ل أصل له في الشرع‪.‬‬
‫‪ -3‬بعض الحجاج يقصر في المسعى نفسه وهذا‬
‫من سوء الدب‪ ،‬فهذه الماكن ينبغي أن يساعد‬
‫الحجاج على نظافتها ويتعاونوا في دفع الذى عنها‪،‬‬
‫ول شك في أن تقصير الشعر داخل المسعى إيذاء‬
‫للخرين بتطاير الشعر عليهم‪ ،‬كما أن فيه إرهاقا ً‬
‫للعاملين في النظافة دون أدنى حاجة‪.‬‬
‫‪ -4‬بعض الحجاج ممن سيضحي لنفسه أو لغيره‬
‫يظن أنه ل يسوغ له أن يحلق حتى ُتذبح أضحيته‪،‬‬
‫وهذا خطأ ظاهر فالحلق بعد السعي ُنسك واجب ل‬
‫لضحية وهو ل ُيعارض وجوب ترك‬ ‫جل ا ُ‬
‫يترك من أ ْ ِ‬
‫الشعر لمن أراد أن ُيضحي؛ لن هذا خاص بمن لم‬
‫يجب في حقه الحلق‪.‬‬
‫سادسا‪ :‬ملحظات يقع فيها الحاج في عرفة‪:‬‬
‫ث‬
‫‪ -1‬بعض الحجاج ل يتثبت من وقوفه بعرفة حي ُ‬
‫يكون خارج حدودها‪ ،‬ورغم ما يبذل من توعية‬
‫الحجاج وإرشادهم إل أن بعضهم ل يكترث بذلك‬
‫ويضيع هذا الركن العظيم بوقوفه خارج أميال عرفة‪.‬‬
‫‪ -2‬بعض الحجاج يظن أنه ل يتم وقوفه بعرفة إل‬
‫إذا صعد الجبل أو على القل جعله بينه وبين البيت‬
‫ن فالوقوف يكفي فيه أن يكون داخل‬ ‫وهذا غلط بي ٌ‬
‫حدود عرفة ثم يستحب أن يستقبل القبلة حال‬
‫الوقوف والدعاء‪.‬‬
‫‪ -3‬من أغرب ما لمسته من ملحظات على بعض‬
‫الحجاج أن هناك من يظن منهم أنه لبد أن يستمر‬
‫الحاج واقفا ً بعرفة ول يسوغ له الجلوس وهذا غلط‬
‫فاحش فالوقوف بعرفة معناه الذهاب إلى عرفة‬
‫والجلوس فيها والدعاء من بعد زوال شمس يوم‬
‫التاسع حتى تغرب الشمس‪.‬‬
‫‪ -4‬من الخطاء المتكررة من كثير من الحجاج‬
‫انصرافهم قبل غروب الشمس من يوم عرفة رغم‬
‫ما ُيبذل من جهود مشكورة في توعيتهم وإرشادهم‪.‬‬
‫‪ -5‬كثير من الحجاج ُيسرع في انصرافه من عرفة‬
‫وينشغل عن التلبية وكل همه أن يصل إلى المزدلفة‬
‫بأسرع وقت‪ ،‬والحرى به أن يمشي وعليه السكينة‬
‫والوقار‪ُ ،‬يسرع في مكان السرعة ويطمئن في‬
‫موضع الزحام‪ ،‬وشعاره في كل ذلك التلبية‪.‬‬
‫‪ -6‬بعض الحجاج يؤذي الخرين حال انصرافه‬
‫بالبواق المزعجة والسرعة العظيمة فُيعرض نفسه‬
‫ومن معه ومن حوله للتهلكة‪.‬‬
‫سابعًا‪ :‬ملحظات يقع فيها الحاج في مزدلفة‪:‬‬
‫‪ -1‬كثير من الحجاج يبدأ بلقط الحصى في مزدلفة‬
‫قبل الصلة وهذا خلف السنة؛ لن الحاج إذا وصل‬
‫إلى مزدفة ينبغي أن يبدأ بالصلة فيجمع ويقصر‪-‬‬
‫المغرب والعشاء‪.‬‬
‫سنه في‬ ‫‪ -2‬بعض الجاج من حرصه على تطبيق ال ُ‬
‫البدء بالصلة ل يتثبت من القبلة ولذا ُيصلي إلى غير‬
‫القبلة مع سهولة التثبت والتحري‪.‬‬
‫‪ -3‬بعض الحجاج ُُيصلي الفجر قبل وقتها وهذا أمر‬
‫محرم فكم شاهدنا من ُيصلي قبل وقت صلة الفجر‬
‫بساعة أو أكثر‪.‬‬
‫‪ -4‬بعض الحجاج ل يتحرى في حدود مزدلفة فنجده‬
‫يجلس قبلها أو يستمر حتى يتجاوزها إلى وادي‬
‫محسر وهذا خطأ فبإمكان الحاج أن يسأل قبل أن‬
‫يجلس ويتثبت من كونه داخل مزدلفة‪.‬‬
‫‪ -5‬بعض الحجاج المرخص لهم بالدفع من مزدلفة‬
‫بعد منتصف الليل ينصرفون قبل منتصف الليل وهذا‬
‫خطأ فالرخصة في حقهم بعد منتصف الليل ومغيب‬
‫القمر‪.‬‬
‫ثامنًا‪ :‬ملحظات يقع فيها الحاج عند رمي‬
‫الجمرات‪:‬‬
‫‪ -1‬بعض الحجاج يرمي الجمرات قبل وقتها فيوم‬
‫العيد يرمي جمرة العقبة قبل منتصف الليل – هذا‬
‫إن كان من الضعفة‪.‬‬
‫وجمرات أيام التشريق يرميها قبل الزوال وهذا خطأ‬
‫ظاهر؛ لن العبادة إذا وقعت قبل وقتها لم تصح‪.‬‬
‫‪ -2‬الخلل بالترتيب بين الجمرات فمن الحجاج من‬
‫يبدأ من الكبرى فالوسطى فالصغرى‪ ،‬ومنهم من‬
‫يرمي الوسطى ثم الصغرى ثم الكبرى‪ ،‬وهذا خطأ‬
‫فالترتيب المشروع أن يبدأ بالصغرى فالوسطى‬
‫فالكبرى‪.‬‬
‫‪ -3‬بعض الحجاج يرمي من ُبعد فل يقع الحصى‬
‫بالحوض فمن رمى في غير محل رمي لم يؤدِ‬
‫العبادة على وجهها الصحيح‪.‬‬
‫‪ -4‬بعض الحجاج يخل بالترتيب الزمني للجمرات‬
‫فيرمي عن اليوم الثاني عشر في اليوم الحادي‬
‫عشر‪ ،‬أو يؤخر رمي الجمرات فيرمي عن اليوم‬
‫الحادي عشر والثاني عشر في موقف واحد‪ .‬وغير‬
‫ذلك مما يقع فيه بعض الحجاج‪.‬‬
‫‪ -5‬بعض الحجاج عند رميهم للجمرات يصدرون‬
‫أصواتا ً عالية وسبا ً وشتما ً ظنا ً منهم أنهم يتعاملون‬
‫مع الشيطان وهذا غلط فاحش‪ ،‬فالجمرات ينبغي أن‬
‫ُترمى بسكينة ووقار واستمرار في الذكر والدعاء‪.‬‬
‫جعل رمي الجمار لقامة ذكر الله‪.‬‬ ‫فقد ُ‬
‫‪ -6‬رمي الجمار بغير الحصى المشروع كرميها‬
‫بالحذية والحصى الكبار وكأن المسألة معركة فيها‬
‫منتصر ومهزوم‪ ،‬ويعلم الله كم آذى هؤلء عباد الله‪،‬‬
‫وكم رّوعوا من الحجاج وأخافوا من النساء‬
‫والطفال‪.‬‬
‫‪ -7‬ما يفعله بعض الحجاج من السير بعنف‬
‫للجمرات وإيذاء إخوانهم في الطريق‪ ،‬ثم استعمال‬
‫عضلتهم عند المرمى ومزاحمة الخرين فيؤذون‬
‫باللسان والجسم؛ بل قد يقتلون والويل كل الويل‬
‫لهؤلء‪ ،‬الذين يقتربون إلى الله بأذية عباد الله‪ ،‬وكم‬
‫شاهدنا وسمعنا من مآس حول الجمرات بسبب ُبعد‬
‫الناس عن فهم روح التشريع وأسراره أل فلينتبه‬
‫المسلمون في كل مكان لمثل هذا المر ويحسبوا له‬
‫حسابه ويتقربوا إلى الله بما شرع دون مخالفة أو‬
‫اعتداء‪.‬‬
‫‪ -8‬بعض الحجاج يظن أن حصى الجمرات كلها‬
‫يلتقط من مزدلفة فينشغلون حال وصولهم مزدلفة‬
‫بلقط الحصى ويأخذون ما يزيد على الخمسين أو‬
‫السبعين‪ ،‬والسنة لقط حصى جمرة العقبة فقط من‬
‫مزدلفة وأما حصى الجمرات الخرى فمن منى‪.‬‬
‫‪ -9‬بعض الحجاج يظن أن المشروع هو رمي‬
‫العمود فيحرص على ضربه بالحصى ول يلتفت‬
‫ل‪ ،‬وهذا خطأ فالعمود‬ ‫لسقوط الحصاة في الحوض أو ً‬
‫وضع علمة على المرمى فقط‪ ،‬فالمشروع رمي‬
‫الحصى في الحوض فإن ضرب الشاخص وسقطت‬
‫في الحوض فهذا حسن‪ ،‬وإل فالمطلوب إسقاطها‬
‫في الحوض ل ضرب العمود‪.‬‬
‫‪ -10‬بعض الحجاج يجمع الحصى وقبل الرمي ينظفها‬
‫ويغسلها وهذا غير مشروع فالحصى يلتقط ويرمى به‬
‫دوم غسل؛ لن هذا من الزيادة في العبادة المشروعة‪.‬‬
‫‪ -11‬بعض الحجاج يقول مع كل حصاه‪ :‬بسم الله أو‬
‫يسبح ويهلل بدل التكبير وهذا خطأ؛ فالمشروع التكبير‬
‫بأن يقول مع كل حصاة‪ :‬الله أكبر‪.‬‬
‫سنة الدعاء بعد الجمرة‬ ‫‪ -12‬بعض الحجاج أهمل ُ‬
‫الصغرى والوسطى‪ ،‬وينبغي أن يحرص الحاج على هذه‬
‫السنة ويعمل بها‪ ،‬لن العمل بالسنن عند اندثارها آكد‬
‫وخصوصا ً ممن هم محل القدوة والتوجيه‪.‬‬
‫‪ -13‬يتساهل كثير من الحجاج بالتوكيل في رمي‬
‫الجمرات‪ ،‬فهناك أشخاص قادرون أصحاء ل يمنعهم من‬
‫الرمي إل العجز والكسل فيوكلون غيرهم وهذا غلط‬
‫ن‪ ،‬فالتوكيل للعاجز فقط‪.‬‬
‫بي ّ ٌ‬
‫تاسعًا‪ :‬ملحظات يقع فيها الحاج عند نحر‬
‫هديه‪:‬‬
‫مجزيء فل‬ ‫‪ -1‬كثيٌر من الحجاج يذبح هديا ً غير ُ‬
‫يتثبت من سن الهدي ومدى إجزائه من عدمه؛ بل‬
‫رأينا من يحرص على الصغيرة جدا ً وهذا من الجهل‬
‫الفاحش‪ ،‬فينبغي للحاج أن يتثبت من السن‪ ،‬وإذا‬
‫كان يجهل فليسأل أهل الخبرة في هذا الشأن‪.‬‬
‫‪ -2‬كثير من الحجاج يذبح هديه ويتركه ل يأكل منه‬
‫ول يتصدق‪ ،‬ول يهدي وهذا تساهل في غير محله؛‬
‫فعلى الحاج أن يعتني بهديه ويأكل منه ويوزع باقيه‪،‬‬
‫وإذا لم يستطع ذلك فليوكل غيره ممن يحسنون‬
‫تولي هذا المر من الفراد والهيئات الموثوقة‪.‬‬
‫‪ -3‬بعض الحجاج ل يختار الجيد من الهدي فتجده‬
‫يحرص على ما قيمته أرخص بغض النظر عن جودته‬
‫ووفرة لحمه وسلمته من العاهات‪.‬‬
‫وهنا أهمس في أذن باعة الماشية‪ ،‬فعليهم أن يتقوا‬
‫الله في حجاج بيت الله ول يجلبوا في يوم العيد وأيام‬
‫التشريق إل ما يجزيء ويكون سليما ً من المراض‬
‫والعاهات وإن أحضروا معهم صغيرا ً أو مريضا ً فليبينوا‬
‫علته للخرين؛ لن هذا من الصدق في البيع والشراء‬
‫وخلفه من الغش المحرم شرعًا‪.‬‬
‫عاشرًا‪ :‬ملحظات يقع فيها الحاج في المبيت‬
‫بمنى‪:‬‬
‫‪ -1‬بعض الحجاج يتساهل في المبيت بمنى فتجده‬
‫يجلس في مكة أو مسكنه حول الحرم إلى آخر‬
‫الليل‪ ،‬ثم يخرج إلى منى وقد ل يصلها إل مع الفجر‬
‫أو العكس بحيث يذهب إلى منى ويجس فيها‬
‫ساعتين أو ثلث ثم ينزل إلى الحرم أو إلى بيته وفي‬
‫نيته أل يعود إلى منى وهذا كله خطأ ظاهر؛ فالمبيت‬
‫بمنى يعني جلوسه أكثر الليل إل إن كان صاحب‬
‫حاجة ضرورية أو كان معذورا ً بمرضه أو ذهب من‬
‫منى للطواف‪ ،‬وفي نيته الرجوع لكنه لم يستطع‬
‫لمر خارج عن إرادته أو غير ذلك من العذار‬
‫الشرعية‪.‬‬
‫‪ -2‬بعض الحجاج ل يتثبت من حدود منى فتجدهم‬
‫يجلسون خارجها في وادي محسر أو في العزيزية أو‬
‫في مكة وفي ظنهم أنهم بمن والذي ينبغي عليهم‬
‫أن يتثبتوا ويسألوا هل هذا المكان من منى أم ل قبل‬
‫مبيتهم فيه؟‬
‫‪ -3‬بعض الحجاج يأتي بسيارته ليلة الحادي عشر‬
‫ويسير في أحد شوارع منى ويلتفت يمنة ويسرة فل‬
‫يجد مكانا ً ثم يخرج ويبيت خارج منى بحجة أنه لم‬
‫يجد مكانا ً وهذا تساهل كبير؛ لن الواجب على هؤلء‬
‫أن يبحثوا عن مكان ويبذلوا السباب ومن لحظ‬
‫أحوال الناس في هذا المقام رأى التساهل منهم في‬
‫كثير من المور‪.‬‬
‫أحد عشر‪ :‬ملحظات يقع فيها الحاج في‬
‫طواف الوداع‪:‬‬
‫‪ -1‬بعض الحجاج فهم التعجل بأنه السفر في يوم‬
‫كلون في الرمي عن اليوم‬ ‫الحادي عشر فأخذوا يو ّ‬
‫الثاني عشر ويطوفون للوداع في الحادي عشر‪،‬‬
‫وهؤلء أخلوا بواجبات ثلثة‪ :‬الرمي والمبيت والوداع‪.‬‬
‫‪ -2‬بعض الحجاج يرجع القهقرى بعد طواف الوداع‬
‫لئل يجعل ظهره للبيت وهذا من التنطع الذي ل سند‬
‫له من الشرع‪.‬‬
‫‪ -3‬بعض الحجاج في اليوم الثاني عشر يرحلون من‬
‫منى ويجلسون في البطح أو غيره ثم يطوفون‬
‫للوداع قبل الظهر فإذا صلوا الظهر رموا جمرة‬
‫العقبة وسافروا إلى بلدانهم وهذا خطأ ظاهر فهؤلء‬
‫لم يكن آخر عهدهم بالبيت بل آخر عهدهم بالجمرة‪،‬‬
‫فطواف الوداع باق عليهم‪ ،‬يأتون به أو يجبرونه بدم‪.‬‬
‫‪ -4‬بعض الحجاج يطوف للوداع ثم يجلس في مكة‬
‫يوما ً أو ليلة وهذا خطأ‪ ،‬فمن طاف طواف الوداع‬
‫فينبغي له أن يغادر مكة وإن جلس مدة طويلة لغير‬
‫حاجة ضرورية؛ كانتظار رفقة أو تحميل عفش أو‬
‫انتظار مريض وغير ذلك؛ لزمه إعادة الطواف‪.‬‬
‫‪ -5‬بعض الحجاج يؤخر طواف الحج إلى وقت‬
‫سفره وهذا جائز بحمد الله لكن بعض الحجاج ينويه‬
‫عن الحج والوداع‪ ،‬فإذا أراد الطواف نواه عن‬
‫الفاضة والوداع وهذا غلط ظاهر؛ فالطواف للفاضة‬
‫ويكفيه عن الوداع؛ لن الصغر يدخل في الكبر‪ ،‬وما‬
‫دام أخر طواف الفاضة إلى قبيل سفره؛ فقد صدق‬
‫عليه أنه جعل آخر عهده بالبيت‪.‬‬
‫اثنا عشر‪ :‬ملحظات يقع فيها الحاج وغيره عند‬
‫زيارة المسجد النبوي‪:‬‬
‫‪ -1‬بعض الحجاج يظن أنه من تمام الحج زيارة‬
‫المدينة النبوية وهذا خطأ ظاهر‪ ،‬فالحج ينتهي بانتهاء‬
‫طواف الوداع لكن يحسن بالمسلم إذا وصل هذه‬
‫البقاع الطاهرة أن يعرج على مسجد رسول الله‬
‫صلى الله عليه وسلم ليدرك الفضل العظيم إن شاء‬
‫الله‪.‬‬
‫‪ -2‬بعض الزائرين لقبر رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم يسيئون الدب برفع الصوت والمزاحمة وأذية‬
‫الخرين بالدعية غير المشروعة‪.‬‬
‫‪ -3‬بعض الزائرين يستقبل الحجرة النبوية حال‬
‫الدعاء وهذا خطأ ظاهر؛ إذ ينبغي على المسلم أل‬
‫يستقبل الحجرة إل عند السلم على رسول الله‬
‫صلى الله عليه وسلم أو صاحبيه‪ ،‬وأما حال الدعاء‬
‫فيستقبل القبلة‪.‬‬
‫‪ -4‬بعض الزائرين يقصد الصلة تجاه القبر فتجده‬
‫يأتي مبكرا ً لحجز مكان معين بحيث يجعل القبر‬
‫أمامه وهذا خطأ فاحش‪.‬‬
‫‪ -5‬بعض النساء رغبة منها في الخير تزور قبر‬
‫الرسول صلى الله عليه وسلم وصاحبيه وهذا غير‬
‫مشروع‪ ،‬فالنساء منهيات عن زيارة المقابر عموما ً‬
‫ول يختص قبره صلى الله عليه وسلم بجواز الزيارة‪.‬‬
‫‪ -6‬بعض الزائرين لمدينة يحرص على زيارة أماكن‬
‫ل تشرع زيارتها؛ فينبغي للمسلم أن يحرص على‬
‫اتباع السنة والوقوف عندما شرعه الله ورسوله‬
‫صلى الله عليه وسلم لن هذا منهج السلف الصالح‬
‫رضي الله عنهم)‪.(1‬‬

‫المبحث الثالث‬
‫أحكام المناسك على المذاهب الربعة‬

‫حكم‬ ‫حكم‬ ‫حكم‬ ‫حكم‬ ‫العمـــــــــل‬


‫الحنابلة‬ ‫المالكية‬ ‫الشافعية‬ ‫الحنفية‬

‫فرض على‬ ‫فرض على‬ ‫فرض على‬ ‫فرض على‬ ‫الحج‬


‫الفور‬ ‫الفور‬ ‫التراخي‬ ‫الفور‬ ‫العمرة‬
‫فرض على‬ ‫سنة مؤكدة‬ ‫فرض على‬ ‫سنة مؤكدة‬ ‫نية الحرام بالحج أو‬
‫الفور‬ ‫ركن‬ ‫التراخي‬ ‫شرط‬ ‫العمرة‬
‫ركن‬ ‫واجب‬ ‫ركن‬ ‫واجب‬ ‫اقتران الحرام بالتلبية‬
‫سنة‬ ‫واجب‬ ‫سنة‬ ‫واجب‬ ‫الحرام من الميقات‬
‫واجب‬ ‫سنة‬ ‫واجب‬ ‫سنة‬ ‫الغسل للحرام‬
‫سنة‬ ‫مكروة‬ ‫سنة‬ ‫سنة‬ ‫التطيب للحرام‬
‫سنة‬ ‫واجبة‬ ‫سنة‬ ‫سنة‬ ‫التلبية‬
‫سنة‬ ‫واجب‬ ‫سنة‬ ‫سنة‬ ‫طواف القدوم‬
‫سنة‬ ‫واجب‬ ‫سنة‬ ‫واجب‬ ‫المشي في الطواف‬
‫شرط‬ ‫شرط‬ ‫سنة‬ ‫شرط‬ ‫والسعي للقادر‬
‫شرط‬ ‫واجب‬ ‫شرط‬ ‫واجب‬ ‫نية الطواف‬
‫شرط‬ ‫شرط‬ ‫شرط‬ ‫واجب‬ ‫بدء الطواف من الحجر‬
‫شرط‬ ‫شرط‬ ‫شرط‬ ‫واجب‬ ‫السود‬
‫شرط‬ ‫شرط‬ ‫شرط‬ ‫شرط‬ ‫الطهارة من الحدثين في‬
‫شرط‬ ‫شرط‬ ‫شرط‬ ‫واجب‬ ‫الطواف‬

‫‪ ()1‬انظر في هذه الملحظات شرح النووي على مسلم جـ ‪ 9‬ص ‪،25‬‬


‫ومجموعة الرسائل الكبرى لبن تيمية جـ ‪ 2‬ص ‪ ،395 ،389 ،388‬زاد‬
‫المعاد جـ ‪ 1‬ص ‪ ،455‬الختيارات الفقهية من فتاوي شيخ السلم ابن‬
‫تيمية للبعلي ص ‪ ،70‬تلبيس إبليس ص ‪ ،154‬البداع في مضار البتداع ص‬
‫‪ ،132 ،131‬السنن والمبتدعات ص ‪ ،109‬وغيرها من كتب أهل العلم‪.‬‬
‫حكم‬ ‫حكم‬ ‫حكم‬ ‫حكم‬ ‫العمـــــــــل‬
‫الحنابلة‬ ‫المالكية‬ ‫الشافعية‬ ‫الحنفية‬

‫شرط‬ ‫واجب‬ ‫شرط‬ ‫سنة‬ ‫الطواف من وراء الحجر‬


‫شرط‬ ‫واجب‬ ‫سنة‬ ‫واجب‬ ‫كون الطواف في‬
‫سنة‬ ‫ركن‬ ‫سنة‬ ‫واجب‬ ‫المسجد‬
‫ركن‬ ‫ركن‬ ‫ركن‬ ‫ركن‬ ‫كون الطواف سبعة‬
‫ركن‬ ‫واجب‬ ‫ركن‬ ‫واجب‬ ‫أشواط‬
‫شرط‬ ‫شرط‬ ‫شرط‬ ‫واجب‬ ‫الموالة بين أشواط‬
‫شرط‬ ‫شرط‬ ‫سنة‬ ‫واجب‬ ‫الطواف‬
‫شرط‬ ‫واجب‬ ‫شرط‬ ‫واجب‬ ‫الركعتان بعد الطواف‬
‫شرط‬ ‫شرط‬ ‫سنة‬ ‫واجب‬ ‫السعي بين الصفا‬
‫شرط‬ ‫شرط‬ ‫شرط‬ ‫سنة‬ ‫والمروة‬
‫شرط‬ ‫سنة‬ ‫سنة‬ ‫سنة‬ ‫الطواف للعمرة‬
‫سنة‬ ‫سنة‬ ‫سنة‬ ‫سنة‬ ‫كون السعي بعد الطواف‬
‫سنة‬ ‫واجب‬ ‫سنة‬ ‫واجب‬ ‫نية السعي‬
‫واجب‬ ‫سنة‬ ‫ركن‬ ‫سنة‬ ‫بدء السعي من الصفا‬
‫سنة‬ ‫ركن‬ ‫سنة‬ ‫ركن‬ ‫المشي فيه مع القدرة‬
‫ركن‬ ‫ركن‬ ‫ركن‬ ‫واجب‬ ‫كون السعي سبعة‬
‫واجب‬ ‫سنة‬ ‫سنة‬ ‫واجب‬ ‫أشواط‬
‫سنة‬ ‫سنة‬ ‫سنة‬ ‫واجب‬ ‫الموالة بين أشواطه‬
‫سنة‬ ‫واجب مقدار‬ ‫سنة‬ ‫واجب لحظة‬ ‫الموالة بين السعي‬
‫واجب‬ ‫حط الرحال‬ ‫وجب لحظة‬ ‫بعد الفجر‬ ‫والطواف‬
‫في النصف‬ ‫الطهارة في السعي‬
‫الثاني من‬ ‫الحلق أو التقصير في‬
‫واجب‬ ‫واجب‬
‫الليل‬ ‫العمرة‬
‫واجب‬ ‫واجب‬
‫واجب‬ ‫المبيت بمنى ليلة عرفة‬
‫سنة‬ ‫واجب‬ ‫واجب‬
‫واجب‬ ‫الوقوف بعرفة‬
‫سنة‬ ‫ركن‬ ‫واجب‬
‫سنة‬ ‫الجمع فيها بين الظهر‬
‫ركن‬ ‫سنة‬ ‫ركن أكثره‬
‫سنة‬ ‫والعصر‬
‫واجب في ذي‬ ‫سنة‬ ‫واجب‬
‫ركن‬ ‫مد الوقوف إلى الليل‬
‫الحجة‬ ‫ركن‬ ‫سنة‬
‫سنة يوم‬ ‫الجمع بمزدلفة بين‬
‫واجب‬ ‫سنة‬ ‫واجب‬
‫العيد‬ ‫المغرب والعشاء‬
‫واجب‬ ‫سنة‬ ‫سنة‬
‫سنة‬ ‫المبيت بمزدلفة‬
‫واجب‬ ‫واجب‬ ‫سنة‬
‫واجب‬
‫واجب‬ ‫سنة‬ ‫واجب‬
‫سنة‬
‫مستحب‬ ‫واجب‬
‫واجب‬ ‫رمي جمرة العقبة يوم‬
‫واجب‬ ‫واجب‬
‫النحر‬
‫الحلق أو التقصير في‬
‫الحج‬
‫الترتيب بين الرمي‬
‫والذبح والحلق‬
‫كون الحلق في الحرم‬
‫وأيام النحر‬
‫طواف الفاضة‬
‫كونه في أيام النحر‬
‫حكم‬ ‫حكم‬ ‫حكم‬ ‫حكم‬ ‫العمـــــــــل‬
‫الحنابلة‬ ‫المالكية‬ ‫الشافعية‬ ‫الحنفية‬

‫تأخيره عن أول رمي‬


‫رمي الجمرات الثلث‬
‫أيام التشريق‬
‫عدم تأخير الرمي إلى‬
‫الليل‬
‫المبيت بمنى ليالي‬
‫التشريق‬
‫طواف الوداع‬

‫الفصل السابع‬
‫عمرة وأحكامها وآداب زيارة المسجد النبوي‬
‫ال ُ‬

‫ويشتمل على مبحثين‬


‫عمرة وأحكامها‪.‬‬‫المبحث الول‪ :‬ال ُ‬
‫المبحث الثاني‪ :‬زيارة المسجد النبوي وآدابها‪.‬‬

‫المبحث الول‬
‫عمرة وأحكامها‬
‫ال ُ‬

‫تعريفها‪:‬‬
‫سميت بذلك لن فيها‬ ‫عمرة في اللغة‪ :‬الزيارة ُ‬ ‫ال ُ‬
‫عمارة الود‪ ،‬مأخوذة من العتمار‪ ،‬يقال‪ :‬اعتمر فهو‬ ‫ِ‬
‫معتمر أي زار)‪.(1‬‬
‫وفي الصطلح‪ :‬زيارة بيت الله الحرام على وجه‬
‫مخصوص هو الُنسك من إحرام وطواف بالبيت وسعي‬
‫بين الصفا والمروة وحلق أو تقصير‪.‬‬
‫قال النووي‪ :‬في المجموع‪ )) :‬وأما الُعمرة ففيها‬
‫قولن‪......‬أشهرهما‪...‬أصلها الزيارة‪ ،‬والثاني في أصلها‬
‫القصد‪....‬وقد اختص في أصلها القصد‪......‬وقد اختص‬
‫العتمار بقصد الكعبة؛ لنه قصد إلى موضع عامر(()‪.(2‬‬

‫وقت العمرة‪:‬‬
‫اتفق أهل العلم على أنه ليس للُعمرة وقت خاص بها ل‬
‫تصح إل فيه‪ ،‬بل كل السنة وقت لها سوى أيام الحج‬
‫لمن تلبس به‪ ،‬وهذا من فضل الله على عباده أنه جعل‬
‫الُعمرة تفعل في سائر العام وليس في وقت دون‬
‫وقت‪.‬‬
‫قال النووي في روضة الطالبين‪...... )) :‬وأما العمرة‬
‫فجميع السنة وقت للحرام بها ول تكره في وقت منها‬
‫ويستحب الكثار منها في العمر وفي السنة الواحدة‪،‬‬
‫وقد يمتنع الحرام بالعمرة ل بسبب الوقت بل لعارض‬
‫كالمحرم ل يصح إحرامه بالعمرة على الظهر‪.(3)((.....‬‬
‫عمرة‪:‬‬‫حكم ال ُ‬
‫أجمع أهل العلم على أن العمرة مشروعة في الجملة‬
‫وأن فعلها في العمر مرة كاف‪ ،‬وهل هي واجبة أم‬
‫ل؟‪.‬اختلفوا في ذلك على قولين‪:‬‬
‫القول الول‪:‬‬
‫قالوا بوجوب الُعمرة‪.‬‬

‫‪ ()1‬القاموس المحيط مادة ))عمر(( والنهاية جـ ‪ 3‬ص ‪.143‬‬


‫‪ ()2‬المجموع جـ ‪ 7‬ص ‪.2‬‬
‫‪ ()3‬روضة الطالبين جـ ‪ 3‬ص ‪.37‬‬
‫وقد روي عن عمر‪ ،‬وابن عباس‪ ،‬وزيد بن ثابت‪ ،‬وابن‬
‫عمر‪ ،‬وسعيد بن المسيب‪ ،‬وسعيد بن جبير‪ ،‬وعطاء‪،‬‬
‫وطاووس‪ ،‬وجاهد‪ ،‬والحسن‪ ،‬وابن سيرين‪ ،‬والشعبي‪،‬‬
‫وبه قال الثوري‪ ،‬وإسحاق‪ ،‬والشافعي في أحد قوليه‬
‫وهو رواية عن المام أحمد نصرها ابن قدامة‪ .‬واستدل‬
‫هؤلء بما يأتي‪:‬‬
‫َ‬
‫مَرةَ ل ِل ّ ِ‬
‫ه( ]البقرة‪:‬‬ ‫وال ْ ُ‬
‫ع ْ‬ ‫ج َ‬ ‫موا ال ْ َ‬
‫ح ّ‬ ‫وأت ِ ّ‬‫)أ( قوله تعالى‪َ ) :‬‬
‫‪.[196‬‬
‫قالوا‪ :‬ومقتضى المر الوجوب ثم إن عطفها على الحج‬
‫يؤكد ذلك؛ لن الصل التساوي بين المعطوف‬
‫والمعطوف عليه‪.‬‬
‫)ب( ما رواه أبو زرين العقيلي أنه أتى النبي صلى الله‬
‫عليه وسلم فقال‪ :‬إن أبي شيخ كبير ل يستطيع الحج ول‬
‫الُعمرة فقال ‪ )) :‬حج عن أبيك واعتمر(()‪.(1‬‬
‫قال المام أحمد‪ )) :‬ل أعلم في إيجاب العمرة‬
‫حديثا ً أجود من هذا ول أصح منه((‪.‬‬
‫القول الثاني‪:‬‬
‫قالوا‪ :‬إن العمرة سنة وليست بواجبة‪ ،‬وروي ذلك عن‬
‫ابن مسعود‪ ،‬وبه قال مالك‪ ،‬وأبو ثور‪ ،‬وأصحاب الرأي‪،‬‬
‫وهو رواية عن المام أحمد نصرها شيخ السلم ابن‬
‫تيمية‪.‬‬
‫وقد استدل هؤلء بما يأتي‪:‬‬
‫‪ -1‬ما رواه جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال‪:‬‬
‫سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الُعمرة أواجبة‬ ‫ُ‬
‫هي؟ قال‪ )) :‬ل وأن تعتمر خير لك ((‪.‬‬
‫)‪(2‬‬

‫‪ -2‬أن الصل عدم وجوبها؛ لن الصل براءة الذمة‬


‫من التكاليف ول ينتقل عن الصل إل بدليل ناقل‪ ،‬ول‬
‫دليل هنا يصلح لذلك‪.‬‬
‫ج ال ْب َي ْ ِ‬
‫ت‬ ‫ح ّ‬
‫س ِ‬ ‫ه َ َ‬
‫على الّنا ِ‬ ‫ول ِل ّ ِ‬‫‪ -3‬قوله تعالى‪َ ) :‬‬
‫بيل ً( ]آل عمران‪.[97 :‬‬‫س ِ‬‫ه َ‬ ‫ع إ ِل َي ْ ِ‬ ‫ست َ َ‬
‫طا َ‬ ‫نا ْ‬
‫م ْ‬ ‫َ‬
‫‪ ()1‬رواه أبو داود‪ .‬انظر‪ :‬صحيح أبي داود جـ ‪ 1‬ص ‪ .340‬والنسائي انظر‬
‫صحيح النسائي جـ ‪ 2‬ص ‪ ،559‬والترمذي‪ .‬انظر صحيح الترمذي جـ ‪ 1‬ص‬
‫‪.275‬‬
‫‪ ()2‬رواه الترمذي‪ .‬انظر‪ :‬ضعيف الترمذي ص ‪ 108‬وقال عنه الترمذي‪ :‬هذا‬
‫حديث حسن صحيح‪ .‬وقال اللباني‪ :‬ضعيف السناد‪.‬‬
‫حيث اقتصر الله جل وعل على الواجب في هذه الية‬
‫دون سواه)‪.(1‬‬
‫قال في روضة الطالبين‪....)) :‬في العمرة قولن‬
‫الظهر الجديد أنها فرض كالحج والقديم سنة‪.(2)((.....‬‬
‫وقال في المقنع‪.......)) :‬يجب الحج والعمرة مرة‬
‫واحدة‪.(3)((......‬‬
‫وقد أطال شيخ السلم ابن تيمية النفس في هذا‬
‫الموضوع في شرح العمدة)‪ (4‬ورجح عدم وجوب الُعمرة‬
‫في مجموع الفتاوي فقال‪........)) :‬والظهر أن العمرة‬
‫ليست بواجبة وأن من حج ولم يعتمر فل شيء عليه‬
‫سواء ترك العمرة عامدا ً أو ناسيًا؛ لن الله إنما فرض‬
‫في كتابه الحج‪.(5)((....‬‬
‫عمرة‪:‬‬ ‫صفة ال ُ‬
‫إذا أراد المسلم أن يحرم بالُعمرة فالمشروع في حقه‬
‫أن يغتسل ويتنظف ويزيل ما به من شعر البط والعانة‪،‬‬
‫ويقلم أظافره ويتطيب بما شاء من أنواع الطيب‪ ،‬وهذا‬
‫كله سنة في حق الرجال والنساء حتى الحائض‬
‫والنفساء؛ لنه صلى الله عليه وسلم أمر أسماء بنت‬
‫عميس حين نفست أن تغتسل عند إحرامها وتستثفر‬
‫بثوب)‪ ،(6‬وبعد الغتسال والطيب يصلي غير حائض‬
‫ونفساء وينوي الحرام قائ ً‬
‫ل‪ :‬لبيك عمرة‪ ،‬لبيك اللهم‬
‫لبيك‪ ،‬لبيك ل شريك لك لبيك‪ ،‬إن الحمد والنعمة لك‬
‫والملك ل شريك لك‪ ،‬ويرفع بها الرجل صوته‪ ،‬وتسر بها‬
‫المرأة‪.‬‬
‫وإذا كان من ُيريد الحرام خائفا ً من عائق يعوقه فينبغي‬
‫ل‪ :‬فإن حسبني حابس فمحلي حيث‬ ‫له أن يشترط قائ ً‬
‫حبستني‪ ،‬وهنا إن حصل له مانع يمنعه من إتمام الُنسك‬
‫‪ ()1‬انظر‪ :‬المغني جـ ‪ 5‬ص ‪.13‬‬
‫‪ ()2‬روضة الطالبين جـ ‪ 3‬ص ‪.17‬‬
‫‪ ()3‬المقنع جـ ‪ 1‬ص ‪.386‬‬
‫‪ ()4‬انظر‪ :‬شرح العمدة في بيان مناسك الحج والعمرة‪ .‬تحقيق أخينا‬
‫الدكتور صالح بن محمد الحسن جـ ‪ 1‬ص ‪.88‬‬
‫‪ ()5‬انظر‪ :‬مجموع الفتاوي جـ ‪ 26‬ص ‪.5/7‬‬
‫‪ ()6‬كما ثبت في صحيح مسلم من حديث جابر الطويل‪ .‬انظر صحيح مسلم‬
‫جـ ‪ 4‬ص ‪.39‬‬
‫فإنه يحل ول شيء عليه‪ ،‬ويستحب للمحرم أن يكثر من‬
‫التلبية عندما يرتفع الطريق أو ينخفض أو يقبل الليل أو‬
‫يدبر‪ ،‬ومع ذلك كله عليه أن يسأل الله الجنة ويستعيذ‬
‫به من النار‪ ،‬ثم إذا وصل المسجد الحرام‪ ،‬قدم رجله‬
‫اليمنى وقال‪ :‬بسم الله والصلة والسلم على رسول‬
‫الله اللهم اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب رحمتك‪.‬‬
‫ثم يذهب ليبدأ الطواف فيستلم الحجر السود بيده‬
‫اليمنى ويقبله‪ ،‬فإن لم يتيسر تقبيله؛ قبل يده إن‬
‫استلمه بها‪ ،‬فإن لم يتيسر استلمه بيده فإنه يستقبل‬
‫الحجر يشير إليه بيده إشارة ول يقبلها ويقول عند‬
‫استلم الحجر أو الشارة إليه‪ :‬الله أكبر‪ ،‬ثم يدعو بما‬
‫شاء حتى يأتي الركن اليماني فيستلمه من غير تقبيل‪،‬‬
‫فإن لم يتيسر لم يشر إليه ويقول بين الركنين‪:‬‬
‫ة‬
‫سن َ ً‬‫ح َ‬ ‫ة َ‬ ‫خَر ِ‬ ‫في ال ِ‬ ‫و ِ‬
‫ة َ‬‫سن َ ً‬‫ح َ‬ ‫في الدّن َْيا َ‬ ‫) َرب َّنا آت َِنا ِ‬
‫ر( ثم كلما حاذى الحجر السود كبر‪،‬‬ ‫ب الّنا ِ‬ ‫ذا َ‬ ‫ع َ‬‫قَنا َ‬‫و ِ‬‫َ‬
‫يفعل ذلك في اشواطه السبعة‪ ،‬وهنا ينبغي للمعتمر أن‬
‫ينتبه لمرين هامين‪:‬‬
‫أحدهما‪:‬‬
‫أن يضطبع من ابتداء الطواف إلى انتهائه‪ ،‬وصفه‬
‫الضطباع أن يجعل وسط ردائه تحت إبطه اليمن‬
‫وطرفيه على كتفه اليسر وهذا خاص بطواف القدوم‬
‫فقط للُعمرة أو الحج‪.‬‬
‫الثاني‪:‬‬
‫ث يسرع في‬ ‫الرمل في الشواط الولى فقط بحي ُ‬
‫المشي مع مقاربه خطواته‪ ،‬وأما الربعة الخيرة‬
‫فيمشي فيها مشي ّا ً عاديًا‪ ،‬وإذا اتم المعتمر طوافه سبعة‬
‫أشواط تقدم إلى مقام إبراهيم وصلى خلفه ركعتين‬
‫ن(‬ ‫ها ال ْ َ‬ ‫َ‬ ‫ق ْ‬‫يقرأ في الولى بعد الفاتحة ) ُ‬
‫فُرو َ‬ ‫كا ِ‬ ‫ل َيا أي ّ َ‬
‫و الل ّ ُ‬
‫ه‬ ‫ه َ‬‫ل ُ‬‫ق ْ‬ ‫]الكافرون‪ ،[1:‬وفي الثانية بعد الفاتحه ) ُ‬
‫د( ]الخلص‪.[1:‬‬
‫َ‬
‫ح ٌ‬‫أ َ‬
‫ن‬‫ثم يخرج إلى المسعى فإذا دنا من الصفا قرأ ) إ ِ ّ‬
‫ه(‪ ،‬ثم يرقى على‬ ‫ر الل ّ ِ‬‫عائ ِ ِ‬
‫ش َ‬‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫وةَ ِ‬ ‫مْر َ‬‫وال ْ َ‬
‫فا َ‬ ‫ص َ‬‫ال ّ‬
‫الصفا حتى يرى الكعبة فيستقبلها ويرفع يديه فيحمد‬
‫الله ويدعو بما شاء‪.‬‬
‫ثم ينزل من الصفا إلى المروة ماشيا ً فإذا بلغ الَعلم‬
‫الخضر ركض قدر استطاعته مع عدم إيذاء أحد حتى‬
‫إذا بلغ العلم الخر عاد إلى مشيه ثم يستمر حتى يصل‬
‫المروة ويفعل عليها ما فعل على الصفا ثم يحتسب هذا‬
‫شوطا ً ويأتي بستة أشواط أخرى يفعل فيها ما فعل في‬
‫الول فإذا أتم السابع حلق رأسه أو قصره كله وإن‬
‫كانت امرأة قصرت من كل ضفيرة قدر أنملة‪ ،‬وبهذا‬
‫يكمل المسلم عمرته؛ لنه أتى بالحرام والطواف‬
‫والسعي والحلق أو التقصير‪.‬‬
‫قال صاحب المقنع‪ )) :‬فصل في صفة العمرة من‬
‫كان في الحرم خرج إلى الحل فأحرم منه‪.....‬ثم‬
‫يطوف ويسعى ثم يحلق أو يقصر‪.....‬وهل يحل قبل‬
‫الحلق أو التقصير على روايتين‪.(1)((.....‬‬
‫أركان العمرة‪:‬‬
‫ركن العمرة المتفق عليه بين أهل العلم هو الطواف‪،‬‬
‫وأما الحرام فركن عند الثلثة وهو عند الحنفية شرط‪.‬‬
‫وعند المالكية والحنابلة الركان الثلثة‪:‬‬
‫‪ -1‬الحرام‬
‫‪ -2‬الطواف بالبيت‪.‬‬
‫‪ -3‬السعي بين الصفا والمروة‪.‬‬
‫وعند الشافعية الركان خمسة‪:‬‬
‫الثلثة السابقة‪.‬‬
‫‪ -4‬الحلق أو التقصير‪.‬‬
‫)‪(2‬‬
‫‪ -5‬الترتيب بين الركان السابقة‪.‬‬
‫عمرة‪:‬‬ ‫واجبات ال ُ‬
‫اختلف أهل العلم في واجبات الُعمرة تبعا ً لختلفهم في‬
‫ه أعلم‪ -‬أن واجبات الُعمرة‬ ‫أركانها‪ ،‬والراجح ‪ -‬والل ُ‬
‫أمران‪:‬‬
‫‪ -1‬الحرام من الميقات‪.‬‬
‫‪ ()1‬المقنع جـ ‪ 1‬ص ‪ ،466‬بدائع الصنائع جـ ‪ 2‬ص ‪.226‬‬
‫‪()2‬انظر حاشية ابن عابدين جـ ‪ 2‬ص ‪ ،472‬والشرح الصغير جـ ‪ 2‬ص ‪،383‬‬
‫مغني المحتاج جـ ‪ 1‬ص ‪ ،513‬المقنع جـ ‪ 1‬ص ‪.469‬‬
‫‪ -2‬الحلق أو التقصير وهو عند الشافعية ركن‪ ،‬وزاد‬
‫الحنفية السعي وهو عند الئمة الثلثة ركن في‬
‫العمرة‪.(1).‬‬

‫المبحث الثاني‬
‫آداب زيارة مسجد رسول الله صلى الله‬
‫عليه وسلم‬
‫تستحب زيارة مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم‬
‫للصلة فيه وهي مشروعة سائر العام وليس لها وقت‬
‫مخصوص وليست من الحج لكن ينبغي لمن قدم للحج‬
‫أن يزور مسجده صلى الله عليه وسلم ليدرك فضيلة‬
‫الصلة فيه خصوصا ً من يشق عليهم السفر إلى الديار‬
‫المقدسة‪ ،‬كمن يأتون من خارج الجزيرة فهؤلء لو‬
‫عرجوا على المدينة وزاروا المسجد وصلوا فيه لكان‬
‫أرفق بهم وأعظم لجرهم ولدركوا في سفرة واحدة ما‬
‫ل يدركه غيرهم‪.‬‬
‫وقد دل على مشروعية زيارة مسجده صلى الله عليه‬
‫وسلم أحاديث كثيرة منها‪:‬‬
‫‪ -1‬ما روته عائشة‪ -‬رضي الله عنها‪ -‬أن النبي صلى‬
‫الله عليه وسلم قال‪ )) :‬أنا خاتم النبياء‪،‬‬
‫ومسجدي خاتم مساجد النبياء أحق‬
‫المساجد أن يزار وُتركب إليه الرواحل)‪.(2‬‬
‫‪ -2‬ما رواه أبو هريرة‪ -‬رضي الله عنه‪ -‬قال‪ :‬قال‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم‪ )) :‬صلة في‬
‫مسجدي هذا خيٌر من ألف صلة فيما سواه‬
‫إل المسجد الحرام(()‪.(3‬‬

‫‪() 1‬انظر المراجع السابقة في أركان العمرة‪.‬‬


‫‪() 2‬رواه مسلم‪ .‬انظر صحيح مسلم جـ ‪ 4‬ص ‪25‬‬
‫‪() 3‬رواه البخاري ومسلم‪ .‬انظر صحيح البخاري جـ ‪ 2‬ص ‪ ،76‬وصحيح‬
‫مسلم جـ ‪ 4‬ص ‪125‬‬
‫‪ -3‬ما رواه أبو هريرة‪ -‬رضي الله عنه‪ -‬أن رسول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم قال‪ )) :‬ما بين بيتي‬
‫ومنبري روضة من رياض الجنة(()‪.(1‬‬
‫‪ -4‬ما رواه أبو سعيد الخدري‪ -‬رضي الله عنه‪-‬‬
‫قال ‪ )) :‬ل تشد الرحال إل إلى ثلثة مساجد‪:‬‬
‫المسجد الحرام‪ ،‬ومسجدي هذا‪ ،‬والمسجد‬
‫القصى(()‪.(2‬‬
‫وهذا الحديث الخير صريح الدللة بمنطوقه على‬
‫مشروعية شد الرحال إلى هذه المساجد الثلثة لشرفها‬
‫وفضلها وفضل الصلة فيها ومضاعفتها‪ ،‬ودل بمفهومه‬
‫على حرمة شد الرحال إلى أي بقعة من بقاع الرض‬
‫على وجه التعبد فيها غير هذه المساجد الثلثة‪ ،‬فيحرم‬
‫السفر لزيارة قبور النبياء والولياء والصالحين وغيرهم‪،‬‬
‫ومتى وصل الزائر مسجد رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم استحب له أن يقدم رجله اليمنى حال دخوله‬
‫ويقول‪ :‬بسم الله والصلة والسلم على رسول الله‬
‫اللهم اغفر لي ذنوبي وافتح ي أبواب رحمتك‪ .‬ثم يصلي‬
‫ما شاء‪ ،‬ولأولى أن تكون صلته في الروضة لشرفها‬
‫وفضلها فهي روضة من رياض الجنة‪ ،‬ثم بعد صلته‬
‫يزور قبر الرسول صلى الله عليه وسلم ويقف أمامه‬
‫بكل أدب ووقار ويقول‪ :‬السلم عليك أيها النبي ورحمة‬
‫ل على محمد وعلى آل محمد‬ ‫الله وبركاته‪ .‬اللهم ص ّ‬
‫كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد وبارك على‬
‫محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى‬
‫آل إبراهيم إنك حميد مجيد‪ ،‬أشهد أنك رسول الله حقًا‪،‬‬
‫وأنك قد بلغت الرسالة‪ ،‬وأديت المانة‪ ،‬ونصحت المة‪،‬‬
‫وجاهدت في الله حق جهاده‪ ،‬فجزاك الله عن أمتك‬
‫أفضل ما جزى نبيا ً عن أمته‪.‬‬
‫ثم يأخذ ذات اليمين قليل ً فيسلم على أبي بكر الصديق‬
‫ويترضى عنه ويدعو له‪.‬‬
‫‪() 1‬رواه البخاري ومسلم‪ .‬انظر صحيح البخاري جـ ‪ 3‬ص ‪ ،49‬وصحيح‬
‫مسلم جـ ‪ 4‬ص ‪.123‬‬
‫‪() 2‬رواه البخاري ومسلم‪ .‬انظر صحيح البخاري جـ ‪ 2‬ص ‪ ،76‬وصحيح‬
‫مسلم جـ ‪ 4‬ص ‪..46‬‬
‫ول يجوز ذات اليمين قليل ً فيسلم على عمر بن‬
‫الخطاب ويترضى عنه ويدعو له‪.‬‬
‫ول يجوز لمسلم أن يقترب إلى الله بمسح الحجرة‬
‫النبوية أو الطواف بها أو استقبالها حال الدعاء‪ ،‬بل‬
‫يستقبل القبلة ول يتقرب إلى الله إل بما شرع‪،‬‬
‫والعبادات مبناها على التباع ل البتداع‪.‬‬
‫وزيارة قبره صلى الله عليه وسلم خاصة بالرجال‪ ،‬وأما‬
‫النساء فل تزور قبره صلى الله عليه وسلم ول قبر‬
‫غيره لكنهن ُيصلين عليه ويسلمن وهن في أمكنتهن‪،‬‬
‫وهذا كله يبلغه صلى الله عليه وسلم كما أخبر عن ذلك‬
‫ى فإن صلتكم تبلغني حيث‬ ‫بقوله‪ )) :‬صلوا عل ّ‬
‫كنتم(()‪.(1‬‬
‫ويستحب للرجال خاصة زيارة البقيع والسلم على أهله‬
‫قائ ً‬
‫ل‪:‬‬
‫)) السلم عليكم أهل الديار من المؤمنين‬
‫والمسلمين‪((.......‬‬
‫وإن زاروا بعد ذلك ُأحدا ً ووقفوا على شيء مما جرى‬
‫لسلف هذه المة واعتبروا به وأخذوا منه درسا ً‬
‫للمستقبل فهذا حسن ومطلوب(()‪.(2‬‬

‫الخــــــاتمة‬

‫الحمد لله في البدء والختام أحمده سبحانه شرع لعباده‬


‫حج بيته الحرام ورتب على أداء هذه الفريضة آثارا ً في‬
‫سلوك من أداها بحسب صدقه وإقباله واستفادته من‬
‫هذه الشعيرة العظيمة التي ينبغي أن يكون أداؤها‬
‫نقطة تحول في حياة من حج البيت العتيق يزداد به‬
‫ى وصلحًا‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫خيرا وبرا وتق ً‬
‫لقد أكد القرآن الكريم في ندائه الخالد لمن فرغ من‬
‫مناسك الحج أن يستمر على طاعته مخبتا ً لله منيبا ً إليه‬
‫‪.()1‬رواه أبو داود‪ .‬انظر صحيح أبي داود جـ ‪ 1‬ص ‪.383‬‬
‫‪ ()2‬انظر تفسير ابن كثير جـ ‪ 1‬ص ‪ ،519‬والمجموع جـ ‪ 7‬ص ‪ ،217‬حاشية‬
‫ابن عابدين جـ ‪ 2‬ص ‪.627‬‬
‫ضارعا ً خائفا ً يتذكر باستمرار مواقفه العظيمة في‬
‫الحج‪.‬‬
‫فاذْك ُُروا‬ ‫م َ‬ ‫سك َك ُ ْ‬ ‫مَنا ِ‬ ‫م َ‬ ‫ضي ْت ُ ْ‬ ‫ق َ‬ ‫ذا َ‬ ‫فإ ِ َ‬‫يقول الله تعالى‪َ ) :‬‬
‫كرا ً َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫س‬
‫ن الّنا ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ف ِ‬ ‫شدّ ِذ ْ‬ ‫وأ َ‬ ‫مأ ْ‬ ‫م آَباءَك ُ ْ‬ ‫رك ُ ْ‬ ‫ذك ْ ِ‬ ‫ه كَ ِ‬ ‫الل ّ َ‬
‫ة‬
‫خَر ِ‬ ‫في ال ِ‬ ‫ه ِ‬ ‫ما ل َ ُ‬ ‫و َ‬ ‫في الدّن َْيا َ‬ ‫ل َرب َّنا آت َِنا ِ‬ ‫قو ُ‬ ‫ن يَ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫َ‬
‫في‬ ‫ل َرب َّنا آت َِنا ِ‬ ‫قو ُ‬ ‫ن يَ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫من ْ ُ‬‫و ِ‬ ‫ق )‪َ (200‬‬ ‫خل ٍ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ِ‬
‫ب‬
‫ذا َ‬ ‫ع َ‬
‫قَنا َ‬ ‫و ِ‬‫ة َ‬ ‫سن َ ً‬ ‫ح َ‬ ‫ة َ‬ ‫خَر ِ‬ ‫في ال ِ‬ ‫و ِ‬ ‫ة َ‬ ‫سن َ ً‬
‫ح َ‬ ‫الدّن َْيا َ‬
‫ُ‬
‫والل ّ ُ‬
‫ه‬ ‫سُبوا َ‬ ‫ما ك َ َ‬ ‫م ّ‬‫ب ِ‬ ‫صي ٌ‬ ‫م نَ ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫ك لَ ُ‬ ‫ول َئ ِ َ‬‫ر )‪ (201‬أ ْ‬ ‫الّنا ِ‬
‫ب( ] البقرة‪.[202 -200 :‬‬ ‫سا ِ‬ ‫ح َ‬ ‫ع ال ْ ِ‬ ‫ري ُ‬ ‫س ِ‬ ‫َ‬
‫فهذه الية تبين أن الحاج الفائز هو الذي تعلق قلُبه‬
‫بآخرته ولم ُتلهه الدنيا وزينتها عن طلب الخرة فهو‬
‫على حاله في قربه من الله في الحج وبعد الحج يعيش‬
‫حياته كلها في ظل مناسك الحج يتذكر شعار الحج‬
‫الحرام والتلبية ويتذكر تمام الخضوع والعبودية لله‬
‫بالطواف والسعي ويتذكر المواقف العظيمة في‬
‫عرفات ومزدلفة‪ ،‬ويتذكر اقتداءه بنيه في رمي‬
‫الجمرات فهو موصول بالله دائما ً ليظهر أثر حجه في‬
‫قلبه وعلى جوارحه يصل العبادة بالعبادة‪ ،‬ويتبع الطاعة‬
‫ن‬‫م ْ‬ ‫ه ِ‬ ‫ل الل ّ ُ‬ ‫قب ّ ُ‬ ‫ما ي َت َ َ‬ ‫بالطاعة‪ ،‬وصدق الله العظيم‪ ) :‬إ ِن ّ َ‬
‫ن( ]المائدة‪.[27 :‬‬ ‫قي َ‬ ‫مت ّ ِ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫جعلنا الله ممن حج حجا ً مبرورا ً وسعى سعيا ً مشكورا ً‬
‫عمارا ً نزداد من‬ ‫وكتب لنا العود إلى بيته العتيق حجاجا ً و ُ‬
‫الحسنات‪ ،‬ونوالي الطاعات‪ ،‬ونستمر على ذلك حتى‬
‫الممات‪ ،‬وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين‪،‬‬
‫وسلم على المرسلين‪ ،‬والحمد لله رب العالمين‪،‬‬
‫وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه‬
‫أجمعين‪.‬‬
‫رابعًا‪ :‬فهرس الموضوعات‬

‫الموضوع‬
‫تقديم بقلم معالي مدير الجامعة الدكتور محمد بن عبد‬
‫الله العجلن‬
‫المقدمة‬
‫الفصل الول‪:‬‬
‫تعريف الحج والصل في مشروعيته وتاريخ فرضه‬
‫المبحث الول‪:‬‬
‫تعريف الحج لغة واصطلحا ً‬
‫لغة‬ ‫‪-‬‬
‫اصطلحا ً‬ ‫‪-‬‬
‫المبحث الثاني‪:‬‬
‫الصل في مشروعية الحج‪.‬‬
‫الدلة من الكتاب‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫الدلة من السنة‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫الدليل من الجماع‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫الدليل من العقل‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫المبحث الثالث‪:‬‬
‫تاريخ فرض الحج‬
‫الفصل الثاني‪ :‬فضل الحج وأهدافه وشروطه‬
‫المبحث الول‪:‬‬
‫فضل الحج‬
‫المبحث الثاني‪:‬‬
‫أهداف الحج‬
‫الحج تمرين علمى للرحلة الطويلة‬ ‫‪-‬‬
‫الحج امتثال لوامر الله واستجابة لندائه‬ ‫‪-‬‬
‫الحج فيه تأس بأبينا إبراهيم عليه السلم‬ ‫‪-‬‬
‫الحج فيه ارتباط بمهبط الوحي‬ ‫‪-‬‬
‫‪ -‬الحج فيه نوع من السياحة المحمودة‬
‫في الحج إعلن عملي لمبدأ المساواة بين‬ ‫‪-‬‬
‫الناس‬
‫في الحج تذكرة بيوم لقاء الله‬ ‫‪-‬‬
‫في الحج توثيق لمبدأ التعارف والتعاون‬ ‫‪-‬‬
‫في الحج جمع الناس على مبدأ التوحيد‬ ‫‪-‬‬
‫الحج مؤتمر سنوي للمسلمين‬ ‫‪-‬‬
‫المبحث الثالث‪:‬‬
‫شروط الحج‪.‬‬
‫السلم‬ ‫‪-‬‬
‫العقل‬ ‫‪-‬‬
‫البلوغ‬ ‫‪-‬‬
‫الحرية‬ ‫‪-‬‬
‫الستطاعة‬ ‫‪-‬‬
‫الفصل الثالث‪:‬‬ ‫‪-‬‬
‫حكمة مشروعية الحج وآثاره وآدابه‬ ‫‪-‬‬
‫المبحث الول‪:‬‬
‫حكمة مشروعية الحج‬
‫المبحث الثاني‪:‬‬
‫آثار الحج في حياة المة السلمية وحياة من أدى فريضة‬
‫الحج‬
‫آثار الحج في حياة المة السلمية‬ ‫‪-‬‬
‫وصل حاضر المة بماضيها‬ ‫‪-‬‬
‫سقوط الشعارات الزائفة‬ ‫‪-‬‬
‫توحيد كلمة المسلمين‬ ‫‪-‬‬
‫تبادل المنافع التجارية والتجارب القتصادية‬ ‫‪-‬‬
‫آثار الحج فيمن أدى فريضته‬ ‫‪-‬‬
‫تجديد ذكر الله‬ ‫‪-‬‬
‫في أداء مناسك الحج يذكر المسلم اليوم‬ ‫‪-‬‬
‫الخر‬
‫نيل رضوان الله ومغفرته‬ ‫‪-‬‬
‫يتعلم الحاج دروس التضحية والبذل‬ ‫‪-‬‬
‫الحج تدريب عملي للحاج على الصبر‬ ‫‪-‬‬
‫والطاعة‬
‫الحج نقطة تحول في حياة الحاج‬ ‫‪-‬‬
‫المبحث الثالث‪:‬‬
‫آداب الحج‬
‫المبحث الرابع‪:‬‬
‫الرد على من زعم أن أعمال الحج غير معقولة المعنى‬
‫الفصل الرابع‪:‬‬
‫مواقيت وكيف حج النبي صلى الله عليه وسلم‬
‫المبحث الول‪:‬‬
‫مواقيت الحج‬
‫أو ً‬
‫ل‪ :‬المواقيت الزمانية‬
‫ثانيُا‪ :‬المواقيت المكانية‬
‫ذو الحليفة‬ ‫‪-‬‬
‫الجحفة‬ ‫‪-‬‬
‫قرن المنازل‬ ‫‪-‬‬
‫يلملم‬ ‫‪-‬‬
‫ذات عرق‬ ‫‪-‬‬
‫الدليل على هذه المواقيت‬ ‫‪-‬‬
‫مجاوزة الميقات‬ ‫‪-‬‬
‫المبحث الثاني‪:‬‬
‫حجة النبي صلى الله عليه وسلم كما رواها جابر بن عبد‬
‫الله رضي الله عنه‬
‫المبحث الثالث‪:‬‬
‫أركان الحج‬
‫واجبات الحج‬
‫الفصل الخامس‪:‬‬
‫مناسك الحج وأعماله‬
‫المبحث الول‪:‬‬
‫الحرام‬
‫تعريفه‬ ‫‪-‬‬
‫أنواع الحرام‬ ‫‪-‬‬
‫ميقات الحرام الزماني‬ ‫‪-‬‬
‫ميقات الحرام المكاني‬ ‫‪-‬‬
‫الحكمة من الحرام‬ ‫‪-‬‬
‫واجبات الحرام‬ ‫‪-‬‬
‫سنن الحرام‬ ‫‪-‬‬
‫حكم الحرام‬ ‫‪-‬‬
‫حكم تجاوز الميقات دون إحرام‬ ‫‪-‬‬
‫إحرام الصغير‬ ‫‪-‬‬
‫محظورات الحرام‬ ‫‪-‬‬
‫حكم من ارتكب محظورا ً من محظورات‬ ‫‪-‬‬
‫الحرام‬
‫مقدار الفدية‬ ‫‪-‬‬
‫المبحث الثاني‪:‬‬
‫التلبية‬ ‫‪-‬‬
‫حكمها‬ ‫‪-‬‬
‫الحكمة من التلبية‬ ‫‪-‬‬
‫المبحث الثالث‪:‬‬
‫الطواف‬
‫حقيقة الطواف‬ ‫‪-‬‬
‫مكان الطواف‬ ‫‪-‬‬
‫حكم الطواف‬ ‫‪-‬‬
‫دليل وجوب الطواف‬ ‫‪-‬‬
‫عدد الطواف‬ ‫‪-‬‬
‫أنواع الطواف ووقت كل نوع وحكمه‬ ‫‪-‬‬
‫شروط الطواف‬ ‫‪-‬‬
‫آداب الطواف‬ ‫‪-‬‬
‫مكروهات الطواف‬ ‫‪-‬‬
‫حكمة مشروعية الطواف‬ ‫‪-‬‬
‫المبحث الرابع‪:‬‬
‫السعي‬
‫حقيقة السعي‬ ‫‪-‬‬
‫دليل وجوب السعي‬ ‫‪-‬‬
‫أصل مشروعية السعي‬ ‫‪-‬‬
‫حكم السعي‬ ‫‪-‬‬
‫ركن السعي‬ ‫‪-‬‬
‫عدد السعي‬ ‫‪-‬‬
‫شروط السعي‬ ‫‪-‬‬
‫سنن السعي‬ ‫‪-‬‬
‫مكروهات السعي‬ ‫‪-‬‬
‫حكمة مشروعية السعي‬ ‫‪-‬‬
‫المبحث الخامس‪:‬‬
‫الوقوف بعرفة‬
‫حقيقة الوقوف بعرفة‪ -‬معناه‬ ‫‪-‬‬
‫دليل فرضية الوقوف‬ ‫‪-‬‬
‫ركن الوقوف‬ ‫‪-‬‬
‫حكم الوقوف بعرفة‬ ‫‪-‬‬
‫حكم من فاته الوقوف بعرفة‬ ‫‪-‬‬
‫شروط الوقوف بعرفة‬ ‫‪-‬‬
‫واجبات الوقوف بعرفة‬ ‫‪-‬‬
‫سنن الوقوف بعرفة‬ ‫‪-‬‬
‫حكمة مشروعية الوقوف بعرفة‬ ‫‪-‬‬
‫الفاضة من عرفة‬ ‫‪-‬‬
‫المبحث السادس‬
‫المبيت بمزدلفة‬
‫حقيقة المبيت بمزدلفة‬ ‫‪-‬‬
‫مكان المبيت بمزدلفة‬ ‫‪-‬‬
‫عمن يسقط المبيت بمزدلفة‬ ‫‪-‬‬
‫وقت المبيت بمزدلفة‬ ‫‪-‬‬
‫حكم المبيت بمزدلفة‬ ‫‪-‬‬
‫حكم من ترك المبيت بمزدلفة‬ ‫‪-‬‬
‫سنن المبيت بمزدلفة‬ ‫‪-‬‬
‫حكمة مشروعية المبيت بمزدلفة‬ ‫‪-‬‬
‫المبحث السابع‪:‬‬
‫رمي الجمرات‬
‫حقيقة رمي الجمار‪ -‬معناه‬ ‫‪-‬‬
‫دليل وجوب الرمي‬ ‫‪-‬‬
‫البداءة بالرمي في يوم النحر‬ ‫‪-‬‬
‫كيفية الرمي وعدده‬ ‫‪-‬‬
‫وقت الرمي‬ ‫‪-‬‬
‫شروط رمي الجمار‬ ‫‪-‬‬
‫سنن رمي الجمار‬ ‫‪-‬‬
‫حكم النابة في الرمي‬ ‫‪-‬‬
‫حكمة مشروعية رمي الجمار‬ ‫‪-‬‬
‫المبحث الثامن‪:‬‬
‫حقيقة الحلق أو التقصير‬
‫حكم الحلق أو التقصير‬
‫القدر الواجب من الحلق أو التقصير‬ ‫‪-‬‬
‫زمان الحلق‬ ‫‪-‬‬
‫مكان الحلق‬ ‫‪-‬‬
‫ترتيب الحلق أو التقصير بين أعمال يوم‬ ‫‪-‬‬
‫النحر‬
‫حكمة مشروعية الحلق‬ ‫‪-‬‬
‫المبحث التاسع‪:‬‬
‫المبيت بمنى ليالي أيام التشريق‬
‫حكم المبيت بمنى‬ ‫‪-‬‬
‫المبيت المطلوب‬ ‫‪-‬‬
‫العذار المسقطة للمبيت‬ ‫‪-‬‬
‫حكمة مشروعية المبيت بمنى‬ ‫‪-‬‬
‫المبحث العاشر‪:‬‬
‫الهدي‬
‫حقيقة الهدي‪ -‬معناه‬ ‫‪-‬‬
‫أقسام الهدي وحكم كل قسم‬ ‫‪-‬‬
‫وقت الذبح‬ ‫‪-‬‬
‫مكان الذبح‬ ‫‪-‬‬
‫كيفية النحر والذبح‬ ‫‪-‬‬
‫ترتيب الهدي بين أعمال يوم النحر‬ ‫‪-‬‬
‫حكم الكل من الهدي‬ ‫‪-‬‬
‫شروط الهدي‬ ‫‪-‬‬
‫حكمة مشروعية الهدي‬ ‫‪-‬‬
‫الفصل السادس‪:‬‬
‫مخطط عملي لمريد الحج من بيان الملحظات التي يقع‬
‫فيها كثير من الحجاج‬
‫المبحث الول‪:‬‬
‫مخطط عملي لمريد الحج وفق السنة المطهرة من حين‬
‫خروجه من بيته‬
‫حتى انتهاء مناسكه‬
‫ما ينبغي أن يفعله من عزم على الحج قبل‬ ‫‪-‬‬
‫السفر‬
‫ما يفعله الحاج أثناء سفره للحج‬ ‫‪-‬‬
‫ما يفعله الحاج عند الميقات‬ ‫‪-‬‬
‫ما يفعله الحاج بعد وصوله إلى المسجد‬ ‫‪-‬‬
‫الحرام‬
‫ما يفعله الحاج يوم التروية‬ ‫‪-‬‬
‫ما يفعله الحاج يوم عرفة‬ ‫‪-‬‬
‫من جوامع الدعية المختارة‬ ‫‪-‬‬
‫ما يفعله الحاج يوم العيد‬ ‫‪-‬‬
‫ما يفعله الحاج أيام التشريق‬ ‫‪-‬‬
‫ما تختص به المرأة عن الرجل‬ ‫‪-‬‬
‫المبحث الثاني‪:‬‬
‫ملحظات يقع فيها بعض الحجاج ينبغي التنبه لها‬
‫ل‪ :‬ملحظات يقع فيها من عزم على الحج قبل السفر‬ ‫أو ً‬
‫وأثناءه‬
‫ثانيًا‪ :‬ملحظات يقع فيها الحاج قبيل الحرام وبعده‬
‫ثالثًا‪ :‬ملحظات يقع فيها الحاج عند الطواف‬
‫رابعًا‪ :‬ملحظات يقع فيها الحاج عند السعي‬
‫خامسًا‪ :‬ملحظات يقع فيها الحاج عند الحلق أو التقصير‬
‫سادسًا‪ :‬ملحظات يقع فيها الحاج في عرفة‬
‫سابعًا‪ :‬ملحظات يقع فيها الحاج في مزدلفة‬
‫ثامنًا‪ :‬ملحظات يقع فيها الحاج عند رمي الجمرات‬
‫تاسعًا‪ :‬ملحظات يقع فيها الحاج عند نحر هديه‬
‫عاشرًا‪ :‬ملحظات يقع فيها الحاج في المبيت بمنى‬
‫أحد عشر‪ :‬ملحظات يقع فيها الحاج في طواف الوداع‬
‫اثنا عشر‪ :‬ملحظات يقع فيها الحاج وغيره عند زيارة‬
‫المسجد النبوي‬
‫المبحث الثالث‪:‬‬
‫أحكام المناسك على المذاهب الربعة‬
‫الفصل السابع‪:‬‬
‫العمرة وأحكامها وآداب زيارة المسجد النبوي‬
‫المبحث الول‪:‬‬
‫العمرة وأحكامها‬
‫تعريفها‬ ‫‪-‬‬
‫وقت العمرة‬ ‫‪-‬‬
‫حكم العمرة‬ ‫‪-‬‬
‫صفة العمرة‬ ‫‪-‬‬
‫أركان العمرة‬ ‫‪-‬‬
‫واجبات العمرة‬ ‫‪-‬‬
‫المبحث الثاني‪:‬‬
‫آداب زيارة مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم‬
‫الخاتمة‬ ‫‪-‬‬
‫الفهارس‬ ‫‪-‬‬

You might also like