You are on page 1of 6

‫النفاق األجتماعي‬

‫أعداد الطالب ‪:‬سجاد عبدالعالي نعيمة‬


‫التاريخ والؤقت‪2018/02/13 :‬‬
‫‪ 5:12‬م‬
‫مقدمة‪....‬‬
‫النفاق اصطالح نفسي أخالقي اجتماعي‪ ،‬وهو بالمطلق قيمة أخالقية ثالثية البعد الداللي والتشخيصي‪ ،‬أخالقي‬
‫مطلق‪ ،‬نفسي‪ ،‬اجتماعي‪.‬‬

‫واذا رجعنا الى لسان العرب وجدنا لجذر النفاق معنيين متناقضين ظاهريا‪:‬‬

‫أولهما الموت الذي ال يستحق االكتراث أبدا‪ ،‬ولذلك سمي موت البهائم بالنفوق ولم يسمى بذلك موت االنسان‪.‬‬

‫ثانيهما رواج السلعة أو الشيء‪ ،‬أي تزايد اهتمام الناس به‪ ،‬ولذلك قالت العرب‪ :‬نفق البيع‪ :‬راج‪..‬ونفقت السلعة‪:‬‬
‫غلت ورغب فيها‪.‬‬

‫الوجهان على ما يبدوان عليه من تناقض يصلحان أساسا لفهم النفاق‪ ،‬بل لعلمنا لن نستطيع ولوج عمق الداللة‬
‫الحقيقية للنفاق من دون الوقوف على هذا الجذر اللغوي بوجهيه‪ ،‬ولكن ابن منظور يقرر ان اصطالح النفاق لم‬
‫يشتق من أي منهما وانما اشتق من سلوك اليربوع الذي يدخل الجحر من مدخل واذا هوجم هرب من «النافقاء»‬
‫وهو موضع يرققه اليربوع في مكان حجره حتى اذا هوجم نقره وهرب منه‪ ،‬ومن ذلك قال بعض اللغويين‬
‫القدامى‪«:‬سمي المنافق منافقا ألنه نافق كاليربوع‪...‬المنافق يدخل في االسالم ثم يخرج منه من غير الوجه الذي‬
‫دخل فيه»‪.‬‬

‫هذا االصطالح ظهر في اللغة العربية مع ظهور االسالم‪ ،‬وعنى استنادا الى جذره اللغوي‪«:‬ان يستر المرء‬
‫كفره ويظهر ايمانه» والنفاق هنا إذن يشبه الرياء فكالهما اظهار خالف ما في الباطن‪..‬ولكن السؤال الذي‬
‫يفرض ذاته اآلن هل كل اظهار المرء خالف ما يضمر أو يبطن هو نفاق؟‬

‫نحن في حقيقة االمر أمام أكثر من نوع من أنواع اظهار خالف المضمر او ضده‪ ،‬ولكنه وان تساوت في‬
‫المطلق في القيمة الجهوية الداللية فإنها تفترق عن بعضها في النية بغض النظر عن صورة السلوك‪..‬الذي يجعل‬
‫هذا السلوك نفاقا هو قيامه سوء النية أيا كانت طبيعة هذه النية من طبائع السوء وجهاته‪ ،‬أما أنواع اظهار خالف‬
‫المضمر أو ضده لآلخرين فهي ما سنتحدث عنه تحت عنوان مستويات النفاق وأنواعه‪.‬‬

‫مستويات النفاق وأنواعه‬


‫المستويات الستة التالية التي سنتحدث عنها هي في حقيقة األمر أنواع اظهار خالف ما هو مضمر في الذات‬
‫تجاه شخص او جماعة‪ ،‬منها ما ينطبق عليه مفهوم النفاق انطباقا تاما ومنها ما يبتعد عنه كثيرا وما بينهما‬
‫مستويات وأنواع‪.‬‬

‫أوال‪ :‬اذا كنت تحتقر أحدا‪ ،‬أو ال تحترمه‪ ،‬أو تعرف أنه سيىء‪...‬وأظهرت له أنك تحترمه أنك تراه حسنا‪...‬وكان‬
‫هذا الشخص أقوى منك أو أكبر أو أعظم‪..‬وكان دافع قلب الحقيقة او اظهار ما يخالف االبطان هو الخوف أو‬
‫الطمع او التسلق او الوصولية‪...‬كال أو أبعاضا كان هذا السلوك هو النفاق عينه‪ ،‬وكان النفاق هو هذا السلوك‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬اذا كنت تحتقر أحدا‪ ،‬او ال تحترمه‪ ،‬أو تعرف أنه سيىء‪...‬وأظهرت له أنك تحترمه أنك تراه حسنا‪...‬وكان‬
‫هذا الشخص أصغر منك أو أضعف أو أقل شأنا‪...‬ولم يكن الدافع لقلب الحقيقة أو اظهار ما يخالف االبطان آتيا‬
‫من ضغط خارجي أو غاية خارجية اخرى غير السلوك المباشر بين الطرفين صعب ان نسمي هذا السلوك نفاقا‪،‬‬
‫قد يكون خداعا ولكنه قد يكون انعدام ثقة في الذات‪ ،‬وقد يكون أيضا ضربا من التوجيه او التأنيب الصالح‬
‫اآلخر‪ ،‬وربما يكون غيره ذلك‪ ،‬ولكنه لن يكون كل ذلك معا‪ ،‬بل لن يجمع احتمالين منها معا‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬أما اذا كنت تحترم أحدا وتكن له التقدير الحسن وأظهرت له عكس ذلك أو خالفه كاالزدراء مثال أو‬
‫التأنيب‪..‬فإنه ان لم يكن نفاقا لغيره فهو ليس نفاقا‪ ،‬ومن ثم فإن السلوك ذاته ليس نفاقا مباشرا‪ ،‬أي التقليل من‬
‫المضمر في االظهار ذاته ليس هو النفاق وإنما النفاق هو ما كان تجاه شخص آخر بما أضمر لهذا اآلخر ذاته‬
‫وليس للشخص موضوع فعل تقليل الحسن المضمر له‪.‬‬

‫رابعا‪ :‬أما اذا قام التقليل من شأن من تكن له التقدير الحسن على نية سيئة تسعى من خاللها الى تقزيمه او‬
‫تحقيره او إفقاده الثقة في نفسه او غير ذلك مما يشبهه فإنه سيكون لؤما أو حقداأو غيرة أو حسدا أو غير ذلك‬
‫مما يشبهه وليس هذا من باب النفاق في شيء‪.‬‬

‫خامسا‪ :‬فان لم يقم التقليل من شأن من تكن له التقدير الحسن على نية سيئة مخططة‪ ،‬والعلى النفاق لثالث‪ ،‬وال‬
‫على نية حسنة مقصودة‪ ،‬فإنه سيكون كذبا صريحا لسبب أو آلخر‪ ،‬ضرورة‪ ،‬ظرف طارىء ‪ ،‬مرض‬
‫نفسي‪...‬وغير ذلك مما يدور في اطاره‪ ،‬وال يدخل هذا أيضا في باب النفاق وان كان من التباس في صورة‬
‫الفعل‪.‬‬

‫سادسا‪ :‬أما اذا قام التقليل من شأن من تكن له التقدير الحسن على نية تخلو من السوء‪ ،‬بمختلف أحواله وتخلو‬
‫من الخلل الذي يبدو في صورة السوء فإنه سيكون في االغلب األعم شحذا وتحريضا‪ ،‬والشحذ والتحريض هو‬
‫الوجه الحسن الوحيد في هذا النمط من أنماط اظهار خالف المضمر تجاه شخص ما‪ ،‬ويستوي في ذلك ان يكون‬
‫من تخاطبه‪ ،‬أي الذي تظهر له خالفا تضمر عنه‪ ،‬أقوى منك أو أضعف‪.‬‬

‫تستوي هذه االنواع كلها في صورة الفعل ولكنها تختلف في طبيعة المضمون وغايته‪ ،‬ولذلك كان لكل منها اسمه‬
‫الخاص‪ ،‬وكان النفاق اسما ألول هذه األنواع باالجماع‪ ،‬أما األنواع االخرى فلكل منها اسمه الخاص‪،‬والذي‬
‫يحدد هذا االسم أو االصطالح هو طبيعة السلوك وغايته وما قد يحيط به مما يحدده‪..‬والنفاق بهذا التحديد قيمة‬
‫أخالقية سلبية موجودة في حياة االنسان منذ تكون المجتمعات البشرية الن ما يقود اليها هو مكانة االنسان في‬
‫المجتمع وبنيته النفسية أو خصائص شخصيته‪ ،‬هذا يعني أننا أمام أساسين للنفاق هما األساس النفسي واالساس‬
‫االجتماعي‪ ،‬وكالهما على درجة من التوازي لتكافؤ يجعل من الصعوبة بمكان تقديم أحدهما على اآلخر‪.‬‬
‫مفهوم النفاق االجتماعي ‪ ,‬اسبابه وطرق عالجة‬

‫وفَ َويَ ْق ِبضُونَََ‬ ‫ض ُهمَ ِمنَبَ ْعضََيَأ ْ ُم ُرونَََ ِبا ْل ُمنك ََِرَ َويَ ْنه َْونَََع َِ‬
‫َنَا ْل َم ْع ُر َِ‬ ‫قال هللا تعالى‪{ :‬ا ْل ُمنَافِقُونَََ َوا ْل ُمنَافِ َقاتََُبَ ْع ُ‬
‫سقُونََ} [التَّوبة‪.]67:‬‬ ‫ّللاََفَنَ ِ‬
‫سيَ ُه َْمَإِنَََا ْل ُمنَافِ ِقينَََ ُه َُمَا ْل َفا ِ‬ ‫أَ ْي ِديَ ُه َْمَنَ ُ‬
‫سوَاَْ ََ‬

‫اس ذَا ْال َو ْج َهي ِْن؛ الَّذِي يَأْتِي َهؤ َُال ِء ِب َوجْ هٍ‪َ ،‬ويَأْتِي َهؤ َُال ِء‬
‫وقال النَّبي صلَّى هللا عليه واله وسلَّم‪(( :‬ت َِجدُونَ ش ََّر النَّ ِ‬
‫ِب َوجْ ٍه)) [متفق عليه]‪.‬‬

‫بالح ْقد والحسد والكراهية! ويمدح بعض النَّاس شخصا‬ ‫والحب وقلوبهم مملوءة ِ‬
‫ِ‬ ‫بالصدق‬
‫ِ‬ ‫يتظاهر بعض النَّاس‬
‫ويُكثِرون الث َّناء عليه في حضرته‪ ،‬فإذا تولَّوا عنه سلقوه بألسنة حداد! ويتملَّق موظف عند مدير العمل‪ ،‬ويكذب‬
‫السياسيين أو األعيان تملقا‬
‫عنده أو عليه إ َّما خوفا وإ َّما طمعا! ويبالغ رجال في المديح المزيَّف لذوي النفوذ من ِ‬
‫المقربون من أخطاء‪ ،‬مصانعة ومداهنة!‬‫َّ‬ ‫وتزلفا للتمسك بمصدر بئيس لالسترزاق! ويسكت امرؤ ع َّما يرتكبه‬
‫يبين له خطأه!‬
‫ِ‬ ‫وال‬ ‫صح‬ ‫ويؤيده ويدعم سلوكه السَّيئ وال يقدم له الن‬
‫ِ‬ ‫وينتصر رجل لل َّ‬
‫ظالم‬

‫تُسمى هذه األفعال وأمثالها بــ "النِفاق االجتماعي"‪ ،‬والنِفاق من جنس الخداع والمكر‪ ،‬وإظهار الخير وإبطان‬
‫السياسة أو‬
‫صة‪ ،‬أو في مجال ِ‬ ‫صة في مجال العمل والوظيفة العا َّمة أو الخا َّ‬
‫خالفه‪ ،‬وهو أمر شائع في مجتمعنا خا َّ‬
‫في األسواق التِجارية أو في التَّعامل مع أهل العلم‪ ،..‬وبعض النَّاس يمارسه عن جهل في حين يتع َّمده آخرون‪.‬‬

‫كلمة "نفاق" في اللغة مأخوذة من النَّفَق‪ ،‬والنَّفَق هو حفرة تحفرها الحيوانات وتجعل له فتحتين أو أكثر‪ ،‬فإن ت َّمت‬
‫مهاجمتها من فوهة خرجت من األخرى‪ .‬فالمنافق في التَّعريف البسيط‪ :‬هو شخص حربائي متلون حسب‬
‫المعطيات والظروف والمصالح‪.‬‬

‫شخص عكس ما يبطن‪ ،‬يُبدي رأيا خالف قناعاته‪،‬‬ ‫والنِفاق االجتماعي ظاهرةَ َم َرضيةَنفسية؛ حيث يُظ ِهر ال َّ‬
‫ومتى ما اختلف مظ َهر المرء عن جوهره‪ ،‬وقولُه عن فعله‪ ،‬وسره عن عالنيته‪ ،‬دخَل في دائرة النِفاق‪.‬‬

‫إن انتشار النِفاق االجتماعي مرده إلى أسباب متعددة ومتداخلة‪ ،‬ومنها ضعف الوازع الدِيني والجهل والبطالة‬
‫الرشوة والوساطة والمحسوبية‪ ،‬وضعف العدالة‬ ‫والرغبة في االغتناء السَّريع وتسلق المراتب وانتشار َّ‬
‫واألمية َّ‬
‫ِ‬
‫االجتماعية‪ ،‬وفساد القضاء‪ ،‬وشعور المرء بالقهر‪ ،...‬وكلها أسباب تزكي ارتفاع معدالت النِفاق االجتماعي‪.‬‬
‫ي‪ ،‬فالمنافق هو شخص مهزوز نفسيا‪ ،‬بسب معاناته من حاجات‬ ‫الرئيس للنِفاق نفس ٌّ‬ ‫على الرغم من َّ‬
‫أن السَّبب َّ‬
‫صة‪ ،‬أو نتيجة لتربيته على ثقافة الخنوع والكذب وتزييف الحقائق‪ ،‬كما أنَّه شخص مصاب في الغالب بعُقدة‬ ‫خا َّ‬
‫المرضي‪ .‬وإنَََعالجَهذاَالمرضَالفتاكَيكونَبـ‪:‬‬ ‫النَّقص والخوف َ‬

‫‪ )1‬تعزيز الدَّافع الدِيني عند الفرد والجماعة‪ ,‬واستشعار رقابة هللا لنا في أمورنا كلها‪.‬‬

‫‪ )2‬العمل على نفي األسباب اآلنفة‪.‬‬

‫‪ )3‬النَّظر إلى من يمارس النِفاق االجتماعي نظرة ريبة وانتقاص تأديبا اجتماعيا له‪.‬‬

‫‪ )4‬التَّدرب على إسداء النصح لجميع النَّاس‪.‬‬

‫‪ )5‬الحرص على أن يكون مظهرنا موافقا لحقيقتنا‪.‬‬

‫‪ )6‬عدم المبالغة في المدح أو الذَّم‪.‬‬

‫‪)7‬التفكر في مفاسد هذه ال ُموبقة وآثارها‪ ،‬ونتائجها الدنيوية واألخروية‪.‬‬


‫‪ )8‬ال ب َّد من مراقبة اإلنسان لحركاته وسكناته‪ ،‬وأن يجعل أعماله وأقواله منسجمة ومتوافقة‪ ،‬ويعمل على‬
‫سه إلى شيءٍ من ذلك‪ ،‬فليُخالف‬ ‫ال ُمطابقة بين القلب واللسان والوجه‪ ،‬ويبتعد عن كل مظاهر الخداع‪ .‬وإذا َمالت نف ُ‬
‫رغباتها ويعمل بعكسها‪ ،‬وعلينا مع كل ذلك أن ال ننسى أن التوفيق والنجاح دائما بيد هللا تعالى ولذا فال ب َّد من‬
‫الطلب من هللا عبر الدعاء أن يوفقنا في معالجة أنفسنا‪ ،‬موقنين بأنه تعالى برحمته الالمتناهية يمد لنا ي َد العون‬
‫إلنقاذنا ومعاونتنا في خطواتنا العالجية‪.‬‬

‫الخاتمة‬
‫المصادر‬
https://www.almaaref.org/books/contentsimages/books/zad_ashouraa/zad_ashuraa_1436/
page/lesson3.htm

http://www.dr-shaal.com/multimedia/1881.html

http://alrai.com/article/618633.html

You might also like