Professional Documents
Culture Documents
النفاق الأجتماعي
النفاق الأجتماعي
واذا رجعنا الى لسان العرب وجدنا لجذر النفاق معنيين متناقضين ظاهريا:
أولهما الموت الذي ال يستحق االكتراث أبدا ،ولذلك سمي موت البهائم بالنفوق ولم يسمى بذلك موت االنسان.
ثانيهما رواج السلعة أو الشيء ،أي تزايد اهتمام الناس به ،ولذلك قالت العرب :نفق البيع :راج..ونفقت السلعة:
غلت ورغب فيها.
الوجهان على ما يبدوان عليه من تناقض يصلحان أساسا لفهم النفاق ،بل لعلمنا لن نستطيع ولوج عمق الداللة
الحقيقية للنفاق من دون الوقوف على هذا الجذر اللغوي بوجهيه ،ولكن ابن منظور يقرر ان اصطالح النفاق لم
يشتق من أي منهما وانما اشتق من سلوك اليربوع الذي يدخل الجحر من مدخل واذا هوجم هرب من «النافقاء»
وهو موضع يرققه اليربوع في مكان حجره حتى اذا هوجم نقره وهرب منه ،ومن ذلك قال بعض اللغويين
القدامى«:سمي المنافق منافقا ألنه نافق كاليربوع...المنافق يدخل في االسالم ثم يخرج منه من غير الوجه الذي
دخل فيه».
هذا االصطالح ظهر في اللغة العربية مع ظهور االسالم ،وعنى استنادا الى جذره اللغوي«:ان يستر المرء
كفره ويظهر ايمانه» والنفاق هنا إذن يشبه الرياء فكالهما اظهار خالف ما في الباطن..ولكن السؤال الذي
يفرض ذاته اآلن هل كل اظهار المرء خالف ما يضمر أو يبطن هو نفاق؟
نحن في حقيقة االمر أمام أكثر من نوع من أنواع اظهار خالف المضمر او ضده ،ولكنه وان تساوت في
المطلق في القيمة الجهوية الداللية فإنها تفترق عن بعضها في النية بغض النظر عن صورة السلوك..الذي يجعل
هذا السلوك نفاقا هو قيامه سوء النية أيا كانت طبيعة هذه النية من طبائع السوء وجهاته ،أما أنواع اظهار خالف
المضمر أو ضده لآلخرين فهي ما سنتحدث عنه تحت عنوان مستويات النفاق وأنواعه.
أوال :اذا كنت تحتقر أحدا ،أو ال تحترمه ،أو تعرف أنه سيىء...وأظهرت له أنك تحترمه أنك تراه حسنا...وكان
هذا الشخص أقوى منك أو أكبر أو أعظم..وكان دافع قلب الحقيقة او اظهار ما يخالف االبطان هو الخوف أو
الطمع او التسلق او الوصولية...كال أو أبعاضا كان هذا السلوك هو النفاق عينه ،وكان النفاق هو هذا السلوك.
ثانيا :اذا كنت تحتقر أحدا ،او ال تحترمه ،أو تعرف أنه سيىء...وأظهرت له أنك تحترمه أنك تراه حسنا...وكان
هذا الشخص أصغر منك أو أضعف أو أقل شأنا...ولم يكن الدافع لقلب الحقيقة أو اظهار ما يخالف االبطان آتيا
من ضغط خارجي أو غاية خارجية اخرى غير السلوك المباشر بين الطرفين صعب ان نسمي هذا السلوك نفاقا،
قد يكون خداعا ولكنه قد يكون انعدام ثقة في الذات ،وقد يكون أيضا ضربا من التوجيه او التأنيب الصالح
اآلخر ،وربما يكون غيره ذلك ،ولكنه لن يكون كل ذلك معا ،بل لن يجمع احتمالين منها معا.
ثالثا :أما اذا كنت تحترم أحدا وتكن له التقدير الحسن وأظهرت له عكس ذلك أو خالفه كاالزدراء مثال أو
التأنيب..فإنه ان لم يكن نفاقا لغيره فهو ليس نفاقا ،ومن ثم فإن السلوك ذاته ليس نفاقا مباشرا ،أي التقليل من
المضمر في االظهار ذاته ليس هو النفاق وإنما النفاق هو ما كان تجاه شخص آخر بما أضمر لهذا اآلخر ذاته
وليس للشخص موضوع فعل تقليل الحسن المضمر له.
رابعا :أما اذا قام التقليل من شأن من تكن له التقدير الحسن على نية سيئة تسعى من خاللها الى تقزيمه او
تحقيره او إفقاده الثقة في نفسه او غير ذلك مما يشبهه فإنه سيكون لؤما أو حقداأو غيرة أو حسدا أو غير ذلك
مما يشبهه وليس هذا من باب النفاق في شيء.
خامسا :فان لم يقم التقليل من شأن من تكن له التقدير الحسن على نية سيئة مخططة ،والعلى النفاق لثالث ،وال
على نية حسنة مقصودة ،فإنه سيكون كذبا صريحا لسبب أو آلخر ،ضرورة ،ظرف طارىء ،مرض
نفسي...وغير ذلك مما يدور في اطاره ،وال يدخل هذا أيضا في باب النفاق وان كان من التباس في صورة
الفعل.
سادسا :أما اذا قام التقليل من شأن من تكن له التقدير الحسن على نية تخلو من السوء ،بمختلف أحواله وتخلو
من الخلل الذي يبدو في صورة السوء فإنه سيكون في االغلب األعم شحذا وتحريضا ،والشحذ والتحريض هو
الوجه الحسن الوحيد في هذا النمط من أنماط اظهار خالف المضمر تجاه شخص ما ،ويستوي في ذلك ان يكون
من تخاطبه ،أي الذي تظهر له خالفا تضمر عنه ،أقوى منك أو أضعف.
تستوي هذه االنواع كلها في صورة الفعل ولكنها تختلف في طبيعة المضمون وغايته ،ولذلك كان لكل منها اسمه
الخاص ،وكان النفاق اسما ألول هذه األنواع باالجماع ،أما األنواع االخرى فلكل منها اسمه الخاص،والذي
يحدد هذا االسم أو االصطالح هو طبيعة السلوك وغايته وما قد يحيط به مما يحدده..والنفاق بهذا التحديد قيمة
أخالقية سلبية موجودة في حياة االنسان منذ تكون المجتمعات البشرية الن ما يقود اليها هو مكانة االنسان في
المجتمع وبنيته النفسية أو خصائص شخصيته ،هذا يعني أننا أمام أساسين للنفاق هما األساس النفسي واالساس
االجتماعي ،وكالهما على درجة من التوازي لتكافؤ يجعل من الصعوبة بمكان تقديم أحدهما على اآلخر.
مفهوم النفاق االجتماعي ,اسبابه وطرق عالجة
وفَ َويَ ْق ِبضُونَََ ض ُهمَ ِمنَبَ ْعضََيَأ ْ ُم ُرونَََ ِبا ْل ُمنك ََِرَ َويَ ْنه َْونَََع َِ
َنَا ْل َم ْع ُر َِ قال هللا تعالى{ :ا ْل ُمنَافِقُونَََ َوا ْل ُمنَافِ َقاتََُبَ ْع ُ
سقُونََ} [التَّوبة.]67: ّللاََفَنَ ِ
سيَ ُه َْمَإِنَََا ْل ُمنَافِ ِقينَََ ُه َُمَا ْل َفا ِ أَ ْي ِديَ ُه َْمَنَ ُ
سوَاَْ ََ
اس ذَا ْال َو ْج َهي ِْن؛ الَّذِي يَأْتِي َهؤ َُال ِء ِب َوجْ هٍَ ،ويَأْتِي َهؤ َُال ِء
وقال النَّبي صلَّى هللا عليه واله وسلَّم(( :ت َِجدُونَ ش ََّر النَّ ِ
ِب َوجْ ٍه)) [متفق عليه].
بالح ْقد والحسد والكراهية! ويمدح بعض النَّاس شخصا والحب وقلوبهم مملوءة ِ
ِ بالصدق
ِ يتظاهر بعض النَّاس
ويُكثِرون الث َّناء عليه في حضرته ،فإذا تولَّوا عنه سلقوه بألسنة حداد! ويتملَّق موظف عند مدير العمل ،ويكذب
السياسيين أو األعيان تملقا
عنده أو عليه إ َّما خوفا وإ َّما طمعا! ويبالغ رجال في المديح المزيَّف لذوي النفوذ من ِ
المقربون من أخطاء ،مصانعة ومداهنة!َّ وتزلفا للتمسك بمصدر بئيس لالسترزاق! ويسكت امرؤ ع َّما يرتكبه
يبين له خطأه!
ِ وال صح ويؤيده ويدعم سلوكه السَّيئ وال يقدم له الن
ِ وينتصر رجل لل َّ
ظالم
تُسمى هذه األفعال وأمثالها بــ "النِفاق االجتماعي" ،والنِفاق من جنس الخداع والمكر ،وإظهار الخير وإبطان
السياسة أو
صة ،أو في مجال ِ صة في مجال العمل والوظيفة العا َّمة أو الخا َّ
خالفه ،وهو أمر شائع في مجتمعنا خا َّ
في األسواق التِجارية أو في التَّعامل مع أهل العلم ،..وبعض النَّاس يمارسه عن جهل في حين يتع َّمده آخرون.
كلمة "نفاق" في اللغة مأخوذة من النَّفَق ،والنَّفَق هو حفرة تحفرها الحيوانات وتجعل له فتحتين أو أكثر ،فإن ت َّمت
مهاجمتها من فوهة خرجت من األخرى .فالمنافق في التَّعريف البسيط :هو شخص حربائي متلون حسب
المعطيات والظروف والمصالح.
شخص عكس ما يبطن ،يُبدي رأيا خالف قناعاته، والنِفاق االجتماعي ظاهرةَ َم َرضيةَنفسية؛ حيث يُظ ِهر ال َّ
ومتى ما اختلف مظ َهر المرء عن جوهره ،وقولُه عن فعله ،وسره عن عالنيته ،دخَل في دائرة النِفاق.
إن انتشار النِفاق االجتماعي مرده إلى أسباب متعددة ومتداخلة ،ومنها ضعف الوازع الدِيني والجهل والبطالة
الرشوة والوساطة والمحسوبية ،وضعف العدالة والرغبة في االغتناء السَّريع وتسلق المراتب وانتشار َّ
واألمية َّ
ِ
االجتماعية ،وفساد القضاء ،وشعور المرء بالقهر ،...وكلها أسباب تزكي ارتفاع معدالت النِفاق االجتماعي.
ي ،فالمنافق هو شخص مهزوز نفسيا ،بسب معاناته من حاجات الرئيس للنِفاق نفس ٌّ على الرغم من َّ
أن السَّبب َّ
صة ،أو نتيجة لتربيته على ثقافة الخنوع والكذب وتزييف الحقائق ،كما أنَّه شخص مصاب في الغالب بعُقدة خا َّ
المرضي .وإنَََعالجَهذاَالمرضَالفتاكَيكونَبـ: النَّقص والخوف َ
)1تعزيز الدَّافع الدِيني عند الفرد والجماعة ,واستشعار رقابة هللا لنا في أمورنا كلها.
)3النَّظر إلى من يمارس النِفاق االجتماعي نظرة ريبة وانتقاص تأديبا اجتماعيا له.
الخاتمة
المصادر
https://www.almaaref.org/books/contentsimages/books/zad_ashouraa/zad_ashuraa_1436/
page/lesson3.htm
http://www.dr-shaal.com/multimedia/1881.html
http://alrai.com/article/618633.html