You are on page 1of 79

‫جــامــعــة زيان عاشور‪ -‬بالجمفة‬

‫كـمية الحقوق و العموم السياسية‬


‫قسم الحقوق‬

‫مبدأ حياد االدارة و ضماناتو القانونية في الجزائر‬

‫مذكـــــرة ضمن متطمبات‬


‫نيل شيــــادة المـــــاستر حقوق تخصص ‪ :‬إدارة و مالية‬

‫إشــــــــراف األســــــــــــتاذ‪:‬‬ ‫إعــــداد الطــــــالبتين‪:‬‬


‫‪ -‬الدكتور عباس حمزة‬ ‫‪ -‬زرافة مباركة‬
‫‪ -‬دردور أم الخير‬

‫أعضاء المجنة المناقشة‬

‫‪ -‬األستاذ الدكتور‪ :‬صـــــــــــــدارة محمـــــــــــــد‪.................‬رئيسا‬

‫‪ -‬األستاذ الدكتور‪ :‬عبــــــــــــاس حمــــــــــزة ‪ ..................‬مقر ار‬

‫‪ -‬األستاذ الدكتور ‪ :‬ضيفــــــي النعــــــــــاس‪.................‬عضوا‬

‫السنة الجامعية ‪1027 – 1026‬‬


{
‫شك ـ ـ ــر‬
‫الشك ـ ــر هلل الـ ـ ــذي بنعمت ـ ــو تتـ ـ ـ ـ ـ ــم الصـ ـ ــالح ـ ـ ـ ـ ــات‬

‫ثـ ــم الشكـ ـ ــر لألست ـ ــاذ المش ـ ـ ــرف و أعضـ ـ ــاء اللجن ــة المناقش ـ ــة‬

‫كمـ ــا ال يفوتنـ ــا فــي ى ــذا المق ــام أن نتق ــدم بالشكــر لك ــل من ســاعدنــا‬

‫م ـ ـ ــن ق ــريب أو بعي ـ ـ ـ ــد فــي اعـ ــداد ىـ ـ ـ ــذا العمـ ـ ــل المتواض ـ ـ ـ ــع ‪.‬‬

‫و فـ ـ ــي االخي ـ ـ ــر نسـ ـ ــأل ع ـ ــز و ج ـ ــل أن يجع ـ ــل ى ـ ــذا العمـ ـ ــل‬

‫خالصـ ــا لوجي ــو الكري ـ ــم و أن يعـ ــم نفعـ ــو على الجميـ ـ ـ ــع ‪.‬‬
‫إىداء‬
‫ني ـدي ثمـ ـرة ىـ ـ ـذا الجي ـ ـد الـ ـى الوالدي ـ ـن الكريمي ـ ـ ـن‬

‫ال ـى االخ ـوة و االخ ـوات الى أصدقـ ـاء الدراسـ ـة و أصدق ـاء العم ـل‬

‫ال ـ ـى رفقـ ـ ـاء الدرب‬

‫الـ ـى كـ ـل مـ ـن أسيم ـ ـوا ف ـ ـي إع ـالء رايـ ـة العلـ ـم على مستـ ـوى جامعتنـ ـ ـا‬

‫و غي ـ ـرىا م ـ ـن الجامع ـ ـات الجزائ ـ ـريـ ـ ـة مـ ـن عم ـ ـداء دك ـ ـات ـ ـ ـ ـرة‬

‫و أسـ ـ ـاتـ ـ ـذة و طلب ـ ـة و ادارييـ ـ ـ ـ ـن ‪.‬‬

‫و لك ـ ـل مـ ـن عرفنـ ـ ـاه و ك ـ ـل مـ ـن يعرفن ـ ـ ـا ‪...‬محب ـ ـة خ ـ ـ ـ ـالصة هلل‬


‫مقدمػػة‬

‫مقدمــة‪:‬‬
‫يعد مكضكع مبدأ حياد اإلدارة مكضكعا ميما تناكلو الكثير مف الكتاب كالفقياء في مجاؿ‬
‫القانكف الدستكرم كالقانكف اإلدارم كعمـ اإلدارة العامة كالعمكـ السياسية‪ ،‬ألنو يعتبر نمكذج لتنظيـ‬
‫كتسيير نشاط اإلدارة اال أف تبايف مفيكمو كتشعب مجاالت تطبيقو كنظ ار الختػػالؼ األنظمة‬
‫السياسية كاأليديكلكجية جعؿ ميمة كضع نمكذج جامع لمضمكف مبدأ حياد اإلدارة أمر في غايػ ػػة‬
‫التعقيد ألف اختالؼ المجتمعات مستمد مػ ػػف اختالؼ المؤث ػ ػرات التػ ػػاريخيػ ػػة كاالجتماعية كالدينية‬
‫كالفمسفية التي تسيطر عمييا‪.‬‬
‫كالنظاـ الجزائرم كغيره مف الدكؿ عرؼ منعرجا ىاما لتقرير مب ػػدأ حيػ ػػاد اإلدارة كتثبيت ػ ػػو مف‬
‫خالؿ التعديؿ الدستكرم لسنة ‪ 1996‬كالذم سجؿ تحكال ديمقراطيا ىام ػػا كتبني نظػ ػ ػ ػػاـ التعددية‬
‫الحزبية كنظاـ االقتصاد الحر‪ ،‬كىػػذا يستدعي بالض ػػركرة تغيػ ػ ػرات فػ ػػي مستكي ػ ػػات مختمف ػ ػ ػ ػػة مف‬
‫أجؿ مسايرة الرؤية الفمسفية التي يجب اف تقكـ عمييا مختمؼ أنشطة الدكلة خاصة النشاط‬
‫اإلدارية‪.‬‬
‫كلكف المشرع الجزائرم لـ يعطي تعريؼ قانكني لمبدأ حياد اإلدارة لذلؾ البد مف االعتماد‬
‫عمى الفقو القانكني لمكصكؿ إلى مدلكل ػ ػػو‪ ،‬كبػػالرغـ مف صعكب ػػة تحديد تعريؼ لمبػػدأ الحيػ ػػاد يمكف‬
‫القكؿ اف الحياد يحمؿ معنييف‪ ،‬معنى سمبي يتمثؿ في ضركرة اجتناب المكظؼ كؿ ما مف شأنو‬
‫أف يؤثر عمى النشاط اإلدارم كيمزمػػو بعػػدـ االنسي ػ ػػاؽ لعكاطف ػػو اك ميػػكلو‪ ،‬كمعنى إيجابي يتضمف‬
‫تمكيف المكظؼ مف المشاركة في الحياة السياسية مشاركة مكضكعية بحث ال ينحاز معو عمى‬
‫اعتبارات شخصية فالحياد يشمؿ االمتناع كالمكضكعية في ذات الكقت‪.‬‬
‫كيعد مبدا حياد اإلدارة في الجزائر ذات بعد ىاـ في التطكر الدستكرم لمبالد ألنيا تكشؼ لنا‬
‫بعض مظاىر السمطة السياسية في الدكلة كما يمكف القكؿ اف المراجعة الدستكريػ ػػة تككف محددة‬
‫في مسعاىا فيي ت بحث عف إحداث تكازف معقكؿ بيف الرغبة في تكييؼ الدستكر معا الحقائؽ‬
‫الجديدة كبيف الرغبة في المحافظة عمى أصمو‪ ،‬كبالتالي فإف المراجعة تتـ في إط ػػار استم اررية‬
‫النظاـ القائـ كالمؤسسات القائمة فيو‪.‬‬

‫ق‬
‫مقدمػػة‬

‫كالخط ػػكة اإليجابي ػ ػػة المباشرة إلعماؿ مبدأ حياد اإلدارة في الج ازئػػر ك ػػانت بالنص عميػػو في‬
‫المادة ‪ 23‬مف دستكر ‪" 1996‬عدـ تحيز اإلدارة يضمنو القانكف " باإلضافة الى تبني ازدكاجية‬
‫القضاء في المادة ‪ 152‬مف نفس الدست ػ ػػكر‪ ،‬كاستكم ػ ػػاال لذلؾ تكالت النص ػ ػ ػػكص القانكني ػػة ذات‬
‫األىمي ػ ػػة البالغػ ػػة فػ ػػي نش ػ ػ ػاط اإلدارة حػ ػػاكلت تػػكريس المبػ ػػدأ كخمؽ التناسؽ بيػ ػ ػػف النصكص‪.‬‬
‫كبالتػػالي البد مف ضمانات لتأميف جك متكامؿ لتطبيؽ المبدأ سكاء في الدستكر بصفتو‬
‫القانكف األسمى ف ػػي الدكلة الذم ترتكز عميػ ػػو كؿ القكانيػ ػػف األخػ ػػرل أك مختمؼ النصكص القانكنية‬
‫التي تتفرع فييا االحكاـ القانكنية كيتـ التفصيؿ ضمنيا في المبادئ الدستكرية‪.‬‬
‫فالدستكر كرس ضمانات كبرل تدع ػػـ احتراـ المب ػػدأ كالتي ليا عالقػ ػػة مباشرة بو تضمف‬
‫تفعيمػػو كتطبيقو تطبيقا سميما‪ ،‬باإلضافة الى أف التشريع لـ يكف متجاىال ليذا المبدأ فتفرعت‬
‫مقتضياتو ضم ف تفرعات القانكف الذم كاف متالئما م ػػع نص الدستكر استكم ػ ػػاال كتكضيح ػ ػػا لمبدأ‬
‫حيػػاد اإلدارة كخمؽ ضمانات فرعية ميم ػػة متناسق ػػة كمتكامم ػػة مف أجػ ػػؿ احتراـ المب ػػدأ كيظير‬
‫تجسيدا ىذا المبدأ في قانكني الكظيفة العامة كقانكف االنتخابات‪.‬‬
‫أىمية الدراسة‪:‬‬
‫تتمثؿ أىمية ىذا البحث في تقديـ دراسة متكاممة عف المكضكع الذم يقتضي البحث عف أقرب‬
‫الطرؽ كأقميا تكمفة كعناء لبناء دكلػػة القانكف في الجزائر بطريقػػة فعميػػة كفعالػ ػػة لتطبيؽ ى ػػذا المبػػدأ‬
‫كذلؾ مف خػػالؿ االستعانة كأخ ػػذ العػػبرة مف تجارب الدكؿ ة األنظمػ ػػة التي سبقت التباع ىػ ػػذا‬
‫النظ ػػاـ‪ ،‬شريط ػػة تكييؼ بالشكػ ػػؿ الػ ػػذم يتن ػػاسب مػ ػػع المعطيػ ػػات االجتماعية كالثقافية لممجتمع‬
‫الجزائرم‪.‬‬
‫اسباب اختيار العنوان ‪:‬‬
‫اسباب ذاتية ‪ :‬ك التي تتمثؿ في الرغبة في الكصكؿ الى مفيكـ بسيط ك كاضح لممكضكع ك ممـ‬
‫بالقدر المستطاع ك رغبة شخصية في اختيارنا لممكضكع ‪.‬‬
‫اسباب مكضكعية ‪ :‬ىناؾ عدة اسباب منيا النقص الممحكظ في الدراسات ك االبحاث التي تناكلت‬
‫ىذا المكضكع باإلضافة الى االكضاع المتكترة التي تمر بيا الدكؿ في اآلكنة االخيرة خاصة‬
‫الجزائر التي تسعى الى تجسيد مبادئ الديمقراطية ك حقكؽ االنساف ك المكاطف مف خال التعديالت‬
‫المتكاصمة في القانكف ‪.‬‬

‫ك‬
‫مقدمػػة‬

‫أىداف البحث‪:‬‬
‫اليدؼ مف دراستنا ليذا المكضكع ىك محاكلة الكشؼ عف ماىية مبدأ حياد اإلدارة كاطاره كما‬
‫يترتب عف تطبيقػػو مف آث ػػار‪ ،‬كتقصي مختمؼ ضمانات الت ػػي تكػػرس مبدأ حي ػػاد اإلدارة سكاء قبؿ‬
‫اك بعد النص عمى المبدأ في الدستكر‪ ،‬كذلؾ انو حتى قب ػػؿ النػػص عميػػو تدرج ػػت الظركؼ‬
‫كالمتغيرات الدستكرية نحك بنػ ػػاء مقتضيات مست كاستفادت مف الترسانػػة القانػػكنيػػة في الجزائر مما‬
‫ساعد بدكف شؾ في تزكي ػػد الديمقراطيػ ػػة كدعميا بمختمؼ المب ػػادئ القانكنية مف اجؿ بناء دكلة‬
‫القانكف‪.‬‬
‫االشكالية ‪:‬‬
‫ما مدل تجسيد مبدأ حياد اإلدارة في الجزائر؟ كما الضمانات القانكنية التي تكرس ىذا‬
‫المبدأ؟‬
‫منيج البحث‪:‬‬
‫ا لمنيج المتبع في بناء أفكار كعناصر ىذا البحث ىك الكص ػػؼ كذلؾ بتحديد مفي ػػكـ مب ػ ػػدا‬
‫حياد اإلدارة كتح ميؿ مختمؼ األحكاـ القانكنية خاص ػػة مف الدساتي ػ ػػر الجزائريػ ػػة لتجميػػع مالػ ػػو‬
‫عالقة بمبػ ػ ػػدأ حيػ ػػاد اإلدارة كلتجمي ػ ػػع مختمؼ الضمػ ػػانات القانكني ػ ػ ػػة التي تمكػػف مف تجسيده‬
‫كحمايتو‪ ،‬كعميو فالمنيج المتبع ىك المنيج الكصفي‪.‬‬

‫نتناكؿ في الفصؿ األكؿ دراسة ذاتية المبدأ مف حيث تعريفػ ػػو كنشأتو ك تطكره عبر مراحؿ‬
‫ظيكره ك مبينػػا مختمؼ صكره كالمبررات التي يق ػػكـ عمييا كمػػا يركز عمى تكضيح اإلط ػػار‬
‫الدستػػكرم الػػذم تطرح فيو مسألة حياد اإلدارة‪.‬‬
‫أما في الفصؿ الثاني تناكلنا فيو الضمانات القانكنية لمبدأ حياد اإلدارة في الجزائر كيتضمف‬
‫الضمػ ػػانات المؤسسة لممب ػ ػػدأ كذلؾ قب ػ ػػؿ كبعػ ػػد التحكؿ الديمقراطي لسنػ ػػة ‪ 1989‬كضم ػػانات‬
‫مجسػ ػػدة لمبدأ حي ػ ػػاد اإلدارة كالمتضمن ػ ػػة ضمػ ػػانات مكرسػ ػػة دستكريػ ػػا باإلضاف ػػة الى مختمؼ‬
‫النصكص القانكنية‪.‬‬

‫ز‬
‫الفصؿ األكؿ‬
‫مفيــــوم مبــــــدأ حيــــــاد اإلدارة‬
‫مفيكـ مبدأ حي ػاد اإلدارة‬ ‫الفصؿ األكؿ‬

‫يمثؿ مبدأ حياد اإلدارة أحد الكسائؿ كالضمانات التي يمكف مف خالليا تحقيؽ التعػ ػػايش بيف‬
‫العمؿ اإلدارم كالعمؿ السياسي‪ ،‬كلكف شريط ػػة اعماػمػ ػ ػ ػػو بطريق ػػة جدية ككفقا لمضمكنو الحقيقي‪،‬‬
‫كعميو حاكلنا في ىذا الفصؿ أف نقدـ صكرة كاضحة كمبسطة حكؿ تحديد مفيػػكـ مبدأ حياد اإلدارة‪.‬‬
‫كعميو سنحاكؿ في ىذا الفصؿ أف نقدـ صكرة كاضحة كمبسطة حكؿ مفيكـ مبدأ حياد اإلدارة‬
‫كذلؾ بشرح بعض المفاىيـ‪.‬‬
‫ففي المبحث األكؿ نتط ػ ػػرؽ الػ ػ ػػى د ارسػ ػ ػ ػػة ثػ ػػالث مطالػ ػػب رئيسيػ ػػة‪ ،‬التعريؼ بمبدأ حيػ ػ ػػاد‬
‫اإلدارة‪ ،‬ك نشأة ىذا المبدأ‪ ،‬كأىـ التطكرات مف خالؿ ظيػ ػػكر ى ػػذا المبدأ‪.‬‬
‫أم ػ ػػا المبحث الثاني فقسمناه الى ثالث مطالب‪ ،‬اإلطػ ػ ػ ػ ػػار القانكن ػ ػػي الذم يمكف في ػ ػػو طػ ػػرح‬
‫ى ػ ػػذا المبدأ كال ػػذم يمثؿ حجػ ػ ػػر الزاكي ػػة في ىػ ػػذا البحث ألنيا األس ػ ػػاس كالمنطم ػػؽ كالمفت ػ ػػاح الذم‬
‫مف خاللػ ػػو ستكشؼ معػ ػػالـ كمحتػ ػػكل كنتائػ ػػج تقريػ ػػر ى ػ ػػذا المبػػدأ مف عدمو‪ ،‬باإلضافػػة الػ ػػى‬
‫مبررات تجسيػ ػػد مبػػدا حياد اإلدارة كص ػػكره‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫مفيكـ مبدأ حي ػاد اإلدارة‬ ‫الفصؿ األكؿ‬

‫المبحث األول‪ :‬مبدأ حياد اإلدارة‪ :‬تعريفو – نشأتو و تطور ظيوره‬


‫سنتطرؽ في ىذا المبحث إلى تعريؼ مبدا حي ػػاد اإلدارة مف خػ ػػالؿ بعض الفقياء كنصكص‬
‫التشريعات المختمفة كنشأة كتطكر ظيكر مبدأ حياد اإلدارة عبر تغيرات النظـ السياسية كالعكامؿ‬
‫التي ساعدت عمى انشائو‪.‬‬
‫المطمب األول‪ :‬تعريف مبدأ حياد اإلدارة‬
‫اف اختالؼ األيديكلكجيات كطبيعة األنظم ػػة السياسي ػػة كالمككن ػػات االجتماعي ػػة بيػ ػػف الدكؿ‬
‫أدل الػى اختػػالؼ الرؤيػػة اتجػاه المبػدأ‪ ،‬باإلضافػة الػى اختػالؼ منظػكر كػؿ دكلػػة ليذا المبدأ‪،1‬‬
‫تختمؼ الكممات كالعبارات ا لمغكية المستعممة لتعريفو أك تفسير مضمكنو‪ ،‬بغض النظر عف‬
‫الترجم ػػة الرديئة ع ػ ػػادة مػ ػػف لغػ ػػة الى أخرل‪ ،‬ك ػ ػػؿ ذلؾ جعؿ م ػػف إعط ػػاء تعريؼ كامؿ لمب ػ ػػدأ حياد‬
‫اإلدارة ميمػ ػػة صعبػ ػػة تستمػ ػػزـ احاط ػػة شامم ػػة بكؿ ما يتصؿ ب ػػو م ػػف قريب أك بعيد‪ ،‬كىذا ما يؤكد‬
‫تارة أخرل المرك ػػز اليػ ػػاـ ال ػػذم تحتمػػو اإلدارة ف ػػي البنػ ػػاء السيػ ػػاسي كاالجتماعي لمدكلة ‪.‬‬
‫لغػ ػ ػ ػػة‪ :‬كممة الحياد م ػػف الناحيػ ػػة المغكيػ ػػة مشتقػ ػػة م ػػف ح ػ ػ ػػايد محػ ػػايدة حي ػ ػ ػػادا كتعني جػ ػ ػػانب كىػػي‬
‫ض ػ ػد انحػ ػػاز‪ ،‬أم الحي ػ ػػاد ىػ ػػك ع ػ ػػدـ التحيػ ػ ػػز‪.‬‬
‫كالمؤسس الدستكرم استعمؿ ع ػ ػ ػػدـ التحيػّػ ػ ػ ػ ػػز ف ػػي النصي ػػف العرب ػػي كالفرنسػ ػػي‪ ،‬كعمي ػ ػػو‬
‫المعنى المغكم كاحد إال أف المفظ األكثر استعمػ ػػاال ىك الحي ػ ػػاد‪.‬‬
‫أما اصطالحا‪ :‬الحي ػ ػػاد مصطمح أصم ػػو م ػػف الكممػة الالتينية» ‪ « Neutralisé‬كىػ ػػي فعػ ػػؿ‬
‫ع ػػدـ المي ػػؿ الى أية جية أك حػ ػ ػػزب‪ ،‬كيعني إرادة االمتنػ ػ ػػاع كع ػ ػػدـ التحيز الػ ػػذم يطم ػػؽ عمى‬
‫ال ػ ػػذم ال ينتمي الػ ػػى حػ ػ ػػزب دكف آخر فيك ليػ ػػس منحا از الى ح ػػزب معيف‪ ،‬أم ػػا إرادة االمتن ػػاع‬
‫فتعني المكضكعي ػػة كالتي تطمؽ عمى مجمكع ػػة األشخاص الذيف يقدم ػػكف حج ػػج مكضكعية ال‬
‫‪2‬‬
‫تتغير تبعا ألم ميكؿ شخصي ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪– yves Mény , "A la jonction du politique et de l’administratif:‬‬‫‪les hauts fonctionnaires " ,‬‬
‫‪Pouvoirs (revue française d’études constitutionnelles et politiques ) ,N° 40 , 1987 ,p 05 .‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-Vassilios Kondylis , le principe de neutralite dans la fonction publique .L.G.D.J. PARIS , p 03 .‬‬
‫‪ -‬لبيذ مزيم ‪ ،‬الضماناث القانىنيت لمبذأ حياد االدارة في الجزائز ‪ ،‬مذكزة لنيل شهادة الماجستيز في اطار مذرست الذكتىراه ‪ ،‬تخصص الذولت‬
‫و المؤسساث العمىميت ‪ ،‬السنت الجامعيت ‪. 3102-3102‬‬
‫‪7‬‬
‫مفيكـ مبدأ حي ػاد اإلدارة‬ ‫الفصؿ األكؿ‬

‫ك مف أىـ التعريفات‪:‬‬
‫فالدكت ػػكر عبد الكريـ دركيش كالدكت ػػكرة ليمى تكال يعرف ػػاف مػ ػػبدأ حيػ ػػاد اإلدارة بمناس ػ ػػبة‬
‫مناقشة عالقة اإلدارة بعناصر البنية االجتماعية كالتشكيمة السياسية في الدكلة كخصكص ػػا حيف‬
‫تبياف الصمة بيف اإلدارة كاألحزاب السياسية بقكليما أف المقصػ ػػكد بالمب ػ ػػدأ ى ػػك الحيػ ػػاد في أداء‬
‫الخدمة العامة كالتعاكف مع الحككمة القائمة‪ ،‬بحيث يقكـ المكظؼ بتنفيذ سياسػ ػػة كتكجييات الحزب‬
‫الحاكـ دكف اف يتأثر بكالئو السياسي اف كاف ينتمي لمحزب المعارض ‪.1‬‬
‫ك قد أشار الفقيو جاؾ ركبير ‪ J. Robert‬مف خالؿ دراستو لمحريات العػػامة الى انو ال‬
‫يمكف كفالة الحريات العامة إال اذا كاف المرفؽ العاـ محايدا‪ ،‬كقد أض ػ ػػاؼ شيئا جدي ػ ػػدا بأف قس ػػـ‬
‫مبدأ حياد اإلدارة الى قسميف‪ ،‬فسمى القسـ األكؿ بالحياد السمبي كمفاده كجكب عدـ تمييز المرفؽ‬
‫العاـ بيف المنتفعيف بخدماتو بسبب آرائيـ كسمى القسـ الثاني بالحػ ػ ػ ػي ػػاد اإليجابي – كىذا ىك‬
‫الجديد – الػ ػػذم يفترض إض ػ ػ ػػافة لمػا سبؽ تدخػ ػ ػػؿ الدكل ػ ػػة كسيرىػ ػػا عمى حماية آراء المكاطنيف‪.2‬‬
‫ك تناكؿ الدكتكر محمد جكدت الممط في مقالو تحت عنكاف " المكظؼ العاـ كممارسة الحرية "الذم‬
‫عرؼ مبدأ حياد المرفؽ العاـ مف خالؿ سم ػ ػػكؾ المكظؼ" بحيث ان ػػو يشغ ػػؿ كظيفة ع ػػامة يجب اف‬
‫يقكـ بأعبائيا ‪ ،‬كيػ ػػمتزـ بمقتضيػ ػ ػػاتيا‪ ،‬كأف يكػ ػػكف مكضػ ػػكع ثقػػة المكاطنيف كافة ميما كانت عقائدى ػػـ‬
‫‪3‬‬
‫كمذاىبيػ ػ ػػـ‪.‬‬
‫كيتفؽ أغمبيػ ػػة الفقي ػػاء المذيف تناكل ػ ػكا مسألػ ػػة حقكؽ كحري ػ ػػات المػ ػػكظؼ كعالقتيا بمب ػػدأ‬
‫الحي ػػاد عمى نفس مضم ػػكف التعريؼ الس ػ ػػابؽ مػ ػػع بعض االختالؼ س ػ ػ ػكاء مف المصطمح ػػات‬
‫‪4‬‬
‫المستخدمة أك نتيجة استنادىـ الى أكضاع نظاـ سياسي معي ػ ػػف‪.‬‬

‫كلقد س ػػاىـ االجتيػاد القضائي في تقرير بعض المبادئ كتفسير البعض اآلخر‪ ،‬ككاف لقضاء‬
‫مجمس الدكلة الفرنسي الدكر الطالئعي في تبني العديد مف المبادئ القانكني ػػة‪ ،‬كقػ ػػد عػ ػػالج الفقيو‬

‫‪ -‬عبد الكريـ دركيش كليمى تكال ‪،‬أصكؿ االدارة العامة ‪،‬مكتبة االنجمك مصرية ( القاىرة )‪ ،1974 ،‬ص ‪191‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪2‬‬
‫‪- Jacques Robert ,Libertés publiques ,Editions Montchrestien , 1982 , p‬‬
‫‪445.‬‬
‫‪ -3‬محمد جكدت الممط‪ " ،‬المكظؼ العاـ كممارسة الحرية "‪ ،‬مجمة العمكـ االدارية‪ ،‬العدد الثاني‪، 1970 ،‬ص ‪. 146‬‬
‫‪4‬‬
‫‪– Alain Plantey , La fonction publique: Traité général , Editions Litec , 1991 , p 69 .‬‬
‫‪8‬‬
‫مفيكـ مبدأ حي ػاد اإلدارة‬ ‫الفصؿ األكؿ‬

‫فرنسكا لكرنس مكقؼ مجمس الدكلة م ػػف مب ػػدأ الحي ػػاد كتط ػ ػػكر قضائو بمناسبة تحميمو لحكـ ركداف‬
‫‪1‬‬
‫( ‪ 08‬نكفمبر ‪.) 1985‬‬
‫أم ػػا بالنسبػ ػ ػػة لنصػ ػ ػػكص التشريػ ػ ػػع المقػ ػ ػػارف يتبيػ ػ ػػف جميػ ػػا خمكى ػػا م ػػف تعريؼ لمفيػ ػ ػػكـ‬
‫الحياد‪.‬‬
‫باستثن ػػاء اتباعيا لمطريقػ ػػة المتبع ػػة فق ػ ػػيا كقض ػ ػػاءا كى ػ ػػك تعريؼ مبدأ حي ػػاد اإلدارة مف خالؿ‬
‫ابراز الصكر كالعناصر المكرس ػػة لممب ػ ػػدأ كالذم يتجاذبػػو عامالف ىما ضركرة كفالة حري ػػات‬
‫المكظؼ باعتب ػػاره م ػ ػكاطنا ككجكب ع ػػدـ انحيػػاز المرفؽ كحيادتػو أثناء أدائػو لخدمػ ػػاتو‪ ،‬كما اعترفت‬
‫الدساتير الفرنسية المتعاقب ػػة بيذه المبػ ػػادئ ال سيما ديباج ػػة دستكر ‪ 1946‬كالمػ ػػادة ‪ 02‬مف دستكر‬
‫‪ ،1958‬كالمادة ‪ 13‬مف القان ػ ػػكف األساسي لممكظفيػ ػػف الص ػػادر بمكجب االمػ ػػر المػ ػػؤرخ في ‪04‬‬
‫فيفرم ‪ 1959‬المتمـ بقكاني ػ ػػف ‪ 13‬جكيمية ‪ 1983‬ك‪ 11‬جانفي ‪.1984‬‬
‫اف البعد الػ ػػذم ابتغتػ ػ ػ ػػو النصػ ػ ػػكص السابقػ ػػة ف ػ ػػي تقريػ ػػرى ػػا لمبدأ المساكاة ال يقتصر فق ػ ػػط‬
‫عمى ضركرة احترامو لتكلي الػ ػػكظائؼ العامػ ػػة كانػ ػػما يستكجب اعمالػ ػ ػػو في كػ ػػافة المجػ ػػاالت التي‬
‫تتدخؿ فييا الدكلػػة بكاسطػ ػ ػػة الم ػ ػ ػرافؽ العمكميػ ػ ػػة‪ ،‬كبحسب م ػػا تبيف فالمشػ ػػرع الفرنسي ل ػ ػ ػػـ‬
‫يستخ ػ ػػدـ ص ارح ػ ػ ػ ػ ػػة عبػ ػ ػػارة حي ػ ػ ػ ػ ػػاد اإلدارة إال أن ػ ػػو اعتػ ػ ػػرؼ بالضكابػ ػ ػػط كالضمػ ػ ػػانػ ػ ػػات الت ػ ػػي‬
‫تجسده‪ ،‬كقد سنحت الفرصة لقضاء مجمس الدكلة الفرنسي في أحكاـ عديدة لتطبي ػػؽ كتأكيػ ػػد ىػ ػػذه‬
‫‪2‬‬
‫المبادئ ‪.‬‬
‫أما التشريع الجزائرم فانو يتناكؿ احد عناصر كصكر مبدأ حياد اإلدارة مف خالؿ تكريسو‬
‫دستكريا لمبدأ مساكاة جميع المكاطنيف في تقمد المياـ كالكظائؼ في الدكلة دكف أية شركط غير‬
‫تمؾ التي يحددىا القانػ ػػكف – أم المادة ‪ 51‬مف دستكر ‪ – 1996‬إضػ ػػافة الػ ػػى كجػ ػ ػػكب عدـ‬
‫المس ػ ػ ػػاس بحرمة حرية الرأم – المادة ‪ 36‬مف نفس الدستكر – كاف اإلش ػ ػػارة الى ىػذه المبادئ‬
‫دستكريػ ػػا أعفى قانػ ػػكف الكظيفة العام ػ ػػة مف كض ػ ػػع نصكص خاص ػ ػػة بيا‪ ،‬إال بعض النصػ ػػكص‬
‫التي تػ ػػحدد شػ ػ ػ ػػركط ككيفيػ ػ ػػات االلتحػ ػ ػ ػاػؽ بالكظيفػ ػ ػػة العامػ ػ ػػة ( المكاد ‪ 31،34‬مػ ػػف القانكف‬

‫‪1‬‬
‫‪- François LIrens , Note de jurisprudence " Commentaire de L’arrêt Rudent " , Revue de droit public , N°‬‬
‫‪01 , 1986 ,pp 244-253 .‬‬
‫‪ -2‬بكدريكة عبد الكريـ‪ ،‬مبدأ حياد اإلدارة كضماناتو القانكنية دراسة مقارنة الجزائر –تكنس – فرنسا (رسالة لنيؿ شيادة الدكتكراه في القانكف )‪،‬‬
‫جامعة الجزائر كمية الحقكؽ‪، 2006 ،‬ص ‪.49‬‬

‫‪9‬‬
‫مفيكـ مبدأ حي ػاد اإلدارة‬ ‫الفصؿ األكؿ‬

‫األساس ػ ػػي النمكذجي لعمػ ػػاؿ المؤسسػ ػػات كاإلدارات العمكميػ ػػة الصػادرة بمكجب المرس ػ ػػكـ ‪59/85‬‬
‫بتاريخ ‪ 23‬مارس ‪ ) 1985‬كالتػ ػػي يغيب في ػ ػػيا أم اعتب ػ ػ ػػار التجػػاى ػػات كميكؿ المترشػ ػػح‬
‫السياسي ػ ػ ػػة أك العقائديػ ػ ػػة‪ ،‬مما يعني حي ػ ػػاد اإلدارة فػ ػػي مكاجية المترشحيف لتكلي ػ ػػو الكظائؼ‬
‫العامػ ػ ػػة ‪.‬‬
‫كم ػ ػػا تجدر اإلش ػ ػػارة الى مقتضي ػػات المرسكـ التنفيذم ‪ 54/93‬الصػ ػػادر بتاريخ ‪ 16‬فيفرم‬
‫‪ 1993‬كدكف استعمػػاؿ مصطمح حياد اإلدارة الذم يمقي عمى عاتؽ المكظؼ العاـ بعض الكاجبات‬
‫التي يفيـ مف خالليا قصد الدكلة في ابع ػ ػػاده عف التيػ ػػارات السياسيػ ػ ػػة كالحزبي ػ ػػة بالت ازم ػ ػػو بكاجب‬
‫الن ازى ػ ػػة في عالقتػ ػػو مع الجميكر كحظر استعمػ ػ ػػاؿ األم ػ ػكاؿ كالكس ػ ػ ػػائؿ المكضكعية تحت تصرفو‬
‫في غايات غير تمؾ المخصصة ليا ( المكاد ‪.1)08-06‬‬
‫كما يمكف القػ ػ ػ ػػكؿ أف تشري ػ ػػع الدكؿ محؿ المقارنة تبنت مختمؼ صكر كمظػ ػػاىر حيػ ػػاد‬
‫اإلدارة ككضعت ل ػ ػ ػػو الضكاب ػ ػػط كالضم ػ ػ ػػانات المتاحة قص ػػد حمايػ ػػتو لكػ ػ ػػف دكف المسػ ػػاس‬
‫كاالخالؿ بحقكؽ كحريات المكاطنيف ‪ ،‬إال أف الميـ يكمف في مدل تطبيؽ ىذه الم ػ ػ ػػبادئ في الكاقع‬
‫العممي ‪.‬‬
‫المطمب الثاني‪ :‬نشأة مبدأ حياد اإلدارة‬
‫اف دراسات الحضارات اإلنسانية عبر التػ ػ ػ ػػاريخ تشيد بأف كج ػ ػ ػػكد اإلدارة ارتبط بكج ػ ػ ػ ػػكد‬
‫المجتمع السياسي المنظـ‪ ،‬فصمة اإلدارة بالسي ػ ػ ػ ػػاسة كثيقة كقديمة باعتبار ميػ ػ ػػداف اإلدارة امتداد‬
‫لميداف السياسة كىك بمثابة الح ق ػ ػػؿ االـ الػ ػ ػ ػػذم نشأت في رح ػ ػ ػػابو‪ ،‬ال ػ ػػى أف ظيرت الحاجة الى اف‬
‫ظيرت الحاجة الى استقالؿ اإلدارة كانفرادىا بكي ػ ػػاف قائـ بذات ػ ػػو إال أف ذلؾ ال يعني االنفصاؿ التاـ‬
‫بينيما نظ ار لعالقة التأثير المتبادلة كالتكامؿ التي تربطيما ‪.‬‬
‫فاإلدارة كال سياسة يعتبراف مف مككنات كعناصر البنية االجتماعية لمدكلة كال يخفى مدل‬
‫تفاعؿ ىذه العنػ ػػاصر في مػ ػ ػػا بينيما‪ ،‬ذلؾ أنػ ػ ػ ػػو ال يمك ػ ػ ػػف فيـ كتحمي ػ ػ ػػؿ أداء اإلدارة كالعكامؿ‬

‫‪ – -1‬نفس المرجع السابؽ ‪،‬ص ‪.50‬‬

‫‪10‬‬
‫مفيكـ مبدأ حي ػاد اإلدارة‬ ‫الفصؿ األكؿ‬

‫كالمتغيرات التي تحكـ فييا إال بفيـ القكل السياسي ػ ػ ػػة كطبيعػ ػػة النظ ػ ػػاـ السياسي كبمعنى مختصر‬
‫‪5‬‬
‫البيئة السياسي ػ ػ ػ ػػة التي تمػ ػ ػػارس فييا اإلدارة عمميا بحيث تتشك ػ ػػؿ بطبيعتيا كتتأثر بتركيبيا‪.‬‬
‫كنتيجة الختالؼ االنظمة السياسية بيف نظػ ػػاـ الحزب الكاح ػ ػػد كاالنظم ػ ػػة التي تعترؼ‬
‫بالتعددية السياسية ( نظاـ ثنائية األحزاب أك نظاـ تعددية األحزاب ) بطبيعة الحاؿ اإلدارة ىنا‬
‫تتأثر بطبيعة النظاـ السياسي فيك يخضع لعدة تصنيفات فبالنسبة لنظاـ الحزب الكاحد سكاء كاف‬
‫نظاـ الحكـ فاشيػ ػػا أك ماركسيػ ػ ػػا أك مف نظـ العػ ػ ػػالـ الثالث فانػ ػ ػػو يقكـ عمى أسػ ػػاس السيطرة عمى‬
‫كافة مجاالت الحياة كتشترؾ في ظاىرة خضكع اإلدارة المطمقػػة كانصػ ػػياعيا لمسمطة الحاكمة‬
‫(النظاـ االشتراكي)‪.‬‬
‫أما بالنسبة لألنظمة التي تعترؼ بالتعددية السياسية فيي تكلي أىمي ػ ػػة بالغ ػػة لإلدارة‬
‫باعتبارىا ساحة مف ساحػػات التن ػ ػػافس السياسي‪ ،‬بحيث يحػ ػ ػ ػػاكؿ كػ ػػؿ حزب كسب اإلدارة ف ػػي‬
‫جانبو كفرض ىيمنتو عمى أجيزتيا كمجاالت نشاطيا (النظاـ الديمقراطي )‪.‬‬
‫إف قياـ النظػ ػ ػ ػ ػػاـ الديمق ارط ػػي يستكجب تكافػ ػ ػػر أركانػ ػ ػػو األساسية كالمظ ػ ػػاىر التي تتجمى مف‬
‫خالليا مبادئػ ػػو‪ ،‬فق ػ ػػد اتفؽ أغمبيػ ػ ػػة الفػ ػ ػػقو المق ػ ػػارف عمى بعضيا كالمتمثمػ ػػة في الحري ػ ػػة كالمساكاة‬
‫كالتعددية الفكرية ‪.‬‬
‫الحرية‪ :‬اذا كانت الديمقراطية تعني حكـ الشعب فأنو مف غير المستطاع أف يمارس ىذا األخير‬
‫مظاىر حكمو إال مف خالؿ الحريات الممنكحة لو كحرية الرأم كالتفكي ػػر كالتعبػ ػ ػػير كاالنتماء إلى‬
‫األحزاب السياسية ‪.‬‬
‫المساكاة‪ :‬بمعنى أف كؿ مكاطف بغض النظر عف أكجو تعميمو أك ثرائو أك مركزه االجتماعي أك‬
‫ديانتو أك جنسػ ػ ػػو يتساكل أمػ ػ ػ ػ ػػاـ القانػ ػ ػ ػػكف مع االخري ػػف‪ ،‬بمعنى ضركرة تكفػ ػػير الظركؼ‬
‫‪6 .‬‬
‫االجتماعية كاالقتصادية التي تمكف المكاطنيف مف ممارسة الحرية كالمشاركة السياسية‬
‫اف الديمقراطية ال يمكنيا أف تتنفس كتعيش إالفي ظؿ نظاـ يؤمف بحرية‬ ‫التعددية الفكرية‪:‬‬
‫كتعددية الرأم كمما سبؽ ذكره كالذم يكشؼ اليدؼ المراد بمكغو مف كراء ذلؾ ىك تحضيػػر‬

‫‪ – -5‬نفس المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪18‬‬


‫‪–6‬علي الدين هالل‪ ،‬الديمقراطية وهموم االنسان العربي المعاصر‪ ،‬سلسلة كتب المستقبل العربي ‪ ،1983 ،4‬ص ‪. 10‬‬

‫‪11‬‬
‫مفيكـ مبدأ حي ػاد اإلدارة‬ ‫الفصؿ األكؿ‬

‫األرضية لدراسة مبدأ حياد اإلدارة بعد تبياف المناخ الذم يمكف فيو المسألة كمختمؼ العكامؿ التي‬
‫تتفاعؿ كتتعايش معيا‪ ،‬فاإلدارة باعتبارىا مف مككنات البنية السياسية كاحدل الكسائؿ التي تممكيا‬
‫السمطة السياسيػ ػػة تأثرت بشك ػ ػػؿ كبير بالمفاىيـ السػ ػػالؼ عرضيا التي س ػػاىمت في جعميا محطة‬
‫اىتماـ التنظيمػ ػػات كالقكل السياسية لمييمنة عمى ال ػ ػػكظائؼ اإلداريػ ػػة قصد تحقيؽ أىداؼ الحزب‪.‬‬
‫كمف خالؿ كؿ ىذه التغيرات بدأت بكادر ظيكر مبدأ حياد اإلدارة كممجأ لتجنب االزم ػ ػ ػ ػػات‬
‫التي تمحؽ بنظاـ ككياف الدكلة‪ ،‬كال شؾ أف دكال مثؿ فرنسا كبريطاني ػػا كالكالي ػ ػػات المتح ػ ػػدة‬
‫االمريكية ع ػ ػػاشت ميالد مبػ ػػادئ الديمقراطي ػػة الحديثػ ػ ػػة مع كؿ م ػػا نتػ ػػج عنيا مف أزمػ ػ ػ ػ ػ ػػات‬
‫كتناقض ػػات بيف ض ػ ػػركرة احت ػ ػ ػراـ مستمزمػ ػ ػػات الديمق ارطػ ػ ػػية ككج ػ ػػكب حيػ ػػاد اإلدارة فػػي أداء‬
‫أعماليا‪ ،‬مما رغبيا إلى محاكلة فصؿ كتحصيف اإلدارة ضد عدكل السي ػػاسة بتقري ػ ػػر مبػ ػػدأ الحياد‬
‫الكظيفي‪.1‬‬
‫المطمب الثالث‪ :‬تطور ظيور مبدأ حياد اإلدارة‬
‫لقد نشأت اإلدارة العامة في كنؼ السياسة كظمت لمدة طكيمة مف فركعيا كممحقاتيا‬
‫كامت ػ ػ ػ ػ ػػداد لميدانيا‪ ،‬الػ ػػى اف انف ػ ػػردت اإلدارة العػ ػ ػ ػػامة بكي ػ ػػانيا الخ ػ ػػاص كاستقمػ ػػت نسب ػ ػ ػػيا عف‬
‫السياسة‪ ،‬مع بقاء عالقة التكامؿ كالتأشير المتب ػػادؿ بينيم ػػا ق ػ ػػائـ‪ ،‬كمع تزامف ظيكر كانتشار‬
‫مبادئ كأركاف الديمقراطية الحديثة بمرحمة خضكع اإلدارة التاـ كالمطمؽ لمسياسة جعؿ منيا محؿ‬
‫اىت ماـ مختمؼ قكل التشكيمة السياسية لمييمنة عمييا كاستخداميا أداة لمبمكغ الى السمطة أك البقاء‬
‫فييا‪ ،‬كليذا حاكلت األحزاب السياسية الييمنة عمى الكظائؼ اإلدارية ع ػػف طريؽ تمكيف أنص ػ ػػار‬
‫الحزب مف شغػ ػ ػػؿ ى ػ ػػذه الكظائؼ‪ ،‬ممػ ػ ػػا أدل الى افس ػ ػػاد الجياز اإلدارم نتيجػ ػػة التسييس المفػ ػػرط‬
‫كدخػ ػػكؿ اإلدارة فػ ػػي دكام ػػة الص ارع ػػات الحزبي ػػة كتػأثيرات مختمؼ القكل السياسي ػػة المفرط كدخ ػ ػػكؿ‬
‫‪.‬‬
‫اإلدارة فػ ػػي دكامػ ػػة الص ارع ػػات الحزبية التي كجدت مف أجميا كى ػػي خدم ػػة المكاطف‬
‫كارتبط مفي ػ ػػكـ حيػ ػ ػاد اإلدارة كمفيكـ عػ ػ ػ ػػاـ بالظركؼ التي مػ ػ ػػرت بيا اإلدارة الع ػػام ػ ػ ػ ػػة في‬
‫الكالي ػ ػػات المتحدة االمريكية نتيجة التسييس المبالػ ػػغ فيو لإلدارة كالذم نتج عنػ ػػو ظيػ ػػكر أزمات‬
‫كاضطرابات داخؿ المجتمع األمريكي‪ ،‬كمف خالؿ ىذه الفترة أصبح م ػ ػ ػػف مظاىػػر اإلدارة أف‬

‫‪ –1‬بكدريكة عبد الكريـ‪ ،‬مرجع سابؽ ص ‪. 56‬‬

‫‪12‬‬
‫مفيكـ مبدأ حي ػاد اإلدارة‬ ‫الفصؿ األكؿ‬

‫الحزب ال ػػذم يتكلى الحكـ يق ػ ػػكـ بفصؿ أكبػ ػ ػػر عػ ػ ػػدد ممكف م ػػف أنصػػار الح ػ ػ ػ ػػزب المعارض‬
‫كتنصيب تابعيو كمؤيديو كمكافئة عف الخدمات الجميم ػ ػة التي قدمكىا أثن ػ ػاء الحمم ػ ػة االنتخابي ػ ػ ػ ػة‬

‫التي أكصمتو الى الحكـ‪ 7،‬كالذم يسمى بنظ ػػاـ المغانـ كالذم ظيرت ب ػ ػكادره في بداية القرف‬
‫التاسػػع عشر كالذم مفػ ػػاده اعتبار الكظائػ ػػؼ اإلدارية غنػائـ يقتسميا أنص ػػار الحزب المنتصر في‬
‫االنتخابػ ػ ػ ػ ػػات ‪.‬‬

‫كاستمػ ػ ػػر ى ػ ػػذا النظ ػ ػػاـ الى غ ػ ػػاية كق ػ ػ ػػكع ح ػ ػػادث اغتيػ ػ ػػاؿ ال ػ ػرئيس " كارفيمد ‪ "Garfield‬مػػف‬
‫طرؼ أحد مناصرم حزبو الفائػز كالذم لػ ػػـ يتـ مكافئتو بتكليو أح ػ ػ ػػد المناصب اإلداريػ ػػة نظير‬
‫المجيكدات التي قدميا أثناء الحممة االنتخابيػ ػػة‪ ،‬فتع ػ ػػالت األصكات كن ػ ػػادت بكجػ ػػكب كضع حد‬
‫لنظاـ الغن ائـ أك االسالب كتقرير نظاـ الجدارة كاالستحقاؽ الذم تـ تكريسو فعال بمكجب " قانكف‬
‫بندلتكف‪.‬تة ‪ " Bendelton act‬سنة ‪ 1883‬الذم كاف بداية حركة االصػ ػ ػػالح اإلدارم بتبني مب ػ ػػدأ‬
‫الحيػ ػػاد الكظيفي قصد فصػؿ السياسة عف اإلدارة كتخميصيا مف نظاـ االسالب " كتأك ػ ػ ػػد ذلؾ‬
‫‪8‬‬
‫بمػ ػػكجب "قانكف ىاتش "‪" Hatch act‬فػ ػػي ‪ 26‬نكفمػبر ‪.1939‬‬

‫ك" قانػ ػػكف راسمبؾ ‪ " Ramspeck act‬فػي ‪ 02‬أكت ‪ 1939‬في عيػد ال ػرئيس "ركزفمت‬
‫‪ " Roosvelt‬المقرر لنظػ ػ ػػاـ الجدارة "‪. " Merit syste‬‬

‫اذا كػ ػػانت ىذه م ػػف األسبػ ػػاب الرئي سي ػ ػػة مفيكـ حي ػػاد اإلدارة في نطػ ػػاؽ الكظيفػ ػػة العامػ ػػة في‬
‫بداية االم ػػر‪ ،‬إال أف اتسػ ػػاع نطػ ػػاؽ تدخؿ الدكلة استتبع اتساع مظاىر كأكجو االتصاؿ بيف اإلدارة‬
‫كالسياسة كتعددت مع ذلؾ مجاالت تطبيؽ مبدأ حياد اإلدارة‪ ،‬كيمكف ارجاع العكامؿ التي ساعدت‬
‫عمى الربط بيف اإلدارة كالسياسة كميداف نشاط‪ ،‬كالتحكؿ عف النظرة التقميدية‪ ،‬إلييا كميدانيف‬
‫منفصميف الى ما يمي‪:3‬‬

‫‪7‬عزيزة الشريؼ‪" ،‬مبدأ الحياد الكظيفي"‪ ،‬مجمة العمكـ اإلدارية‪ ،‬العدد األكؿ‪ ،1982 ،‬ص ‪57‬‬
‫‪8‬عزيزة الشريؼ‪ ،‬مرجع سابؽ‪.62،‬‬
‫‪ -3‬عبد الكريم درويش وليلى تكال‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪. 180‬‬

‫‪13‬‬
‫مفيكـ مبدأ حي ػاد اإلدارة‬ ‫الفصؿ األكؿ‬

‫‪ /1‬االزمة االقتصادية التي مست معظـ دكؿ العالـ‪ ،‬خاصة المجتمع الغربي ‪.‬‬

‫‪ /2‬الحرب العالمية االكلى كالثانية‪ ،‬فقد اعتمدت الدكؿ عمى السياسة التدخمية لمكاجية التحديات‬
‫المختمفة كاالستعداد لمحرب كتكفير مطالبيا ‪.‬‬

‫‪ /3‬نجاح الحركة العمالية في مختمؼ البمداف مما أدل الى ظيكر نقابات العماؿ كالمكظفيف‬
‫المن ػ ػػادية بكجكب تمكينيـ مف كػ ػػافة الحقكؽ كالحري ػ ػ ػ ػػات ككػ ػػذا تكفير الضم ػ ػػانات الكافي ػػة‬
‫لالستمرار في الخدمة بعيدا عف التيارات السياسية كالحزبية المتصارعة ‪.1‬‬

‫كبتف ػػاعؿ كؿ ىذه المعطيات تكسػ ػػع مفيكـ مبدأ حي ػػاد اإلدارة كأصبح ضػ ػػركرة عممي ػػة ككاقعية‬
‫لمنيكض بأعباء الدكلة كدفع عجمة التنمية‪ ،‬فاتسع بالتالي نطاؽ تطبيق ػػو كشمػؿ كافة المجاالت‬
‫التي تتدخؿ فييا الدكلة بكاسطة المرافؽ العمكمية‪.‬‬

‫‪ - 1‬عبد المنعـ فيمي مصطفى‪ ،‬إعماؿ اإلدارة كحرية الرأم‪ ،‬رسالة دكتكراه‪ ،‬كمية الحقكؽ جامعة‬
‫عيف شمس ‪ ،1977،‬ص ‪. 87‬‬

‫‪14‬‬
‫مفيكـ مبدأ حي ػاد اإلدارة‬ ‫الفصؿ األكؿ‬

‫المبحث الثاني‪ :‬اإلطار القانوني لمبدأ حياد اإلدارة ومبرراتو وصوره‬


‫مف خػ ػػالؿ التعريف ػ ػػات لمب ػػدأ حي ػ ػػاد اإلدارة‪ ،‬يمكػ ػػف القػ ػػكؿ إف الدعائ ػػـ التي يقػ ػ ػ ػ ػػكـ عمييا ىذا‬
‫المبدأ كك ػػذا المظاى ػػر كالص ػ ػػكر التي تجس ػػده‪ ،‬إضاف ػػة إلى حصكلػػو عمى كاف ػػة العكامػؿ‬
‫كالمعطيػ ػ ػػات السابػ ػػؽ ذكػ ػ ػػرىا لكشػ ػ ػػؼ اإلط ػ ػػار ال ػق ػ ػػانكني ال ػػذم تطػ ػػرح في ػ ػػو مسألػ ػ ػػة حي ػ ػ ػ ػ ػ ػػاد‬
‫اإلدارة‪ ،‬كالتػ ػ ػػي يمكػ ػػف اعتبػ ػػارىا النكاة الرئيسيػ ػػة ليذا البحث طالما أنيا ستبيف نكع كطبيعػػة‬
‫كخصائص البيئػ ػػة التي يطبػػؽ فييا ى ػػذا المبدأ كالشركط الكاجب تكافرىا ألعمالو مف طرؼ الدكؿ‬
‫التػ ػػي تبغي تحقػ ػػيؽ أىداف ػ ػ ػػو ‪.‬‬

‫المطمب األول‪:‬‬

‫اإلطار القانوني والدستوري الذي تطرح فيو مسألة حياد اإلدارة‬


‫أف قياـ مبدأ حياد اإلدارة كاعمالو يتطمب مجمكعة مف الشركط كالمعطيات التي يستكجب‬
‫تكافرىا‪ ،‬بحيث أف إىماؿ أحدىا يؤدم حتما إلى انتفاء التطبيؽ السميـ لمقتضياتو‪ .‬كلقياـ ىذا المبدأ‬
‫يجب أف يتضمف الشركط التالية‪:‬‬

‫الفرع االول‪ :‬االستقرار السياسي واالجتماعي في الدولة‬


‫إف نجاح اك فشؿ اإلدارة في أداء مياميا مرتبط بمدل االستقرار السياسي كدرجة الكعي‬
‫االجتماعػ ػ ػػي‪ ،‬كذلؾ مف خػ ػػالؿ تصنيؼ الدكؿ كيمكػ ػػف رد أسباب عػ ػػدـ استق ػ ػرار السياسي‬
‫كاالجتماعي في الدكؿ النامية كالتي تعتبر بالمفيكـ العكسي مف مقاكمات أنظ ػ ػػمة ال ػ ػ ػ ػػدكؿ المتقدمة‬
‫إلى ما يمي‪:1‬‬

‫‪ -1-‬التفػ ػ ػػاكت االجتماعي كاالقتص ػ ػػادم الحػ ػػاد‪ ،‬كذلؾ بانعداـ المس ػ ػػاكاة كاالختالؿ الكاضح في‬
‫تكزيع الدخكؿ كالثركات كالتفاكت الممحكظ في األكضاع المعيشية‪.‬‬

‫‪-2-‬انخفاض درجة الكعي السياسي نتيجة انتشار االمية‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬عمى الديف ىالؿ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.68‬‬

‫‪15‬‬
‫مفيكـ مبدأ حي ػاد اإلدارة‬ ‫الفصؿ األكؿ‬

‫‪-3-‬طغيا ف العنصر الشخصي عمى العمميػ ػ ػػة السيػ ػػاسية‪ ،‬حيث تمعب العناص ػػر كاػ ػ ػ ػ ػػمكالءات‬
‫الشخصية كاالسري ػ ػػة كالعشائرية كالقبمية دك ار حاسما ف ػػي صنع ال ػػقرار‪ ،‬كال يخفى م ػػا في ذلؾ مف‬
‫مساكئ قد تؤدم إلى صراعات مسمحة كحركب أىمية‪.‬‬

‫‪ – 4-‬ضعؼ إف لـ يكف غياب التنظيمات السياسية الكسيطة مف أحزاب سياسية كاجتماعية‬


‫ضاغطة‪ ،‬كعدـ اتصافيا باستقالليػ ػػة كفعالية رغـ انيا تمثػ ػػؿ نظريػ ػػا قنػ ػكات تسمح بالمشاركة‬
‫السياسية‪ ،‬كينجـ عف ذلؾ صعكبة قياـ معارضة سياسية منظمة ذاتي فعالية كتظؿ " ىياكؿ "‬
‫عاجزة عف القياـ بالدكر الحقيقي مؤثر في العممية السياسية‪.‬‬
‫إذا كػ ػ ػػاف االستقرار السياسي مػ ػػف األىداؼ الرئيسي ػ ػػة التي يسعى كؿ نظ ػ ػػاـ إلى تحقيق ػػو فإف‬
‫حاجة اإلدارة إلى ذلؾ أعظـ‪ ،‬ألف نشاط ىذا األخيرة يستدعي نكعا مف الثب ػػات كيتناف ػػى م ػ ػ ػػع فك ػ ػرة‬
‫التغير المتتال ػ ػػي كالمفاجئ في اليياكؿ كالنظ ػػـ‪ ،‬التػ ػػي تعتبر مف سم ػ ػػات العمػ ػ ػ ػ ػػؿ السياسي‪ .‬إف‬
‫مبدأ حياد اإلدارة باعتباره نظاما قانكنيا كعمميا لحسف أداء الخدمات العامة كال يقكـ إال في ظؿ‬
‫مناخ مشبع بالكعي الحقيقي لمضمكنو كأبعاده كأىدافو القريبة كالبعيدة المدل كال حرج في إع ػ ػػادة‬
‫تأكيػ ػ ػ ػػد دكر مب ػ ػػد أحيػ ػ ػػاد اإلدارة في تجسيػ ػػد كتكريس مبادئ الديمقراطي ػػة كالشرعية كما تـ تكضيحو‬
‫سمفا‪ ،‬إال أنو كقصد بمػ ػػكغ ذلؾ يحتػ ػ ػػاج إلى ح ػ ػػد أدنى مػف التنشئة االجتماعية كالسياسية في الكسط‬
‫المراد تطبيقو‪.1‬‬
‫فإذا ك ػ ػ ػاف مجتمع ػ ػػات الدكؿ المتقدمػ ػػة ق ػ ػػد بمغت درجة عاليػ ػػة م ػػف الكعي كاالستق ػ ػ ػ ػ ػرار‬
‫السياسي فػ ػػإف ذلؾ لػ ػػـ يتحقؽ إال بفض ػ ػػؿ مجيػ ػػكد طكيػػؿ كمتكاصؿ مف العمؿ عمػػى تنشػ ػػأت‬
‫كتحسيس الفرد كتربيتو عمى ضركرة المشاركة كاالىتماـ بالمسائؿ العامة بتجريده مف ميكلو‬
‫كانطباعاتو الذاتية‪.‬‬
‫يتبيف جميا أف اشتراط االستقرار السياسي إلمكانيات إعم ػ ػػاؿ مبدأ حيػ ػػاد اإلدارة مرتبطػػة‬
‫بدرجة التنشئة االجتماعية كالسياسية التي يكػ ػػكف عمييا المجتم ػػع كيعتبػ ػػر نتاجا ليا فػػي نفس‬
‫الكقت‪.2‬‬

‫‪-1‬إسماعيؿ عمي سعد‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪. 139‬‬


‫‪-2‬بكدريكة عبد الكريـ‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪. 89‬‬

‫‪16‬‬
‫مفيكـ مبدأ حي ػاد اإلدارة‬ ‫الفصؿ األكؿ‬

‫الفرع الثاني‪ :‬وجود نظام ديمقراطي‪:‬‬


‫إذا كاف االستقرار السياسي كاالجتماعي مف الشركط كالعكامؿ الضركرية لتطبيػ ػػؽ مبػ ػػدأ حياد‬
‫اإلدارة‪ ،‬فإف التس ػػاؤؿ المطركح يتمحػ ػػكر حكؿ طبيعة النظ ػػاـ السياسي الذم يمك ػػف فيو تقري ػ ػػر‬
‫المبدأ‪.‬‬
‫يعتمد النظػػاـ السياسي المالئـ لتطبيؽ مبدأ حيػ ػػاد اإلدارة عمى مدل أخػ ػػذ الدكلة كاعترافيا‬
‫بمبادئ الديمقراطية كحؽ الشعب في المشاركة السياسية‪ ،‬ىذه النقطة التي تعتبر حجر الزاكية‬
‫لمبناء الذم يحتكم ىذا المبدأ‪ .‬كيمكف التسميـ مف اآلف أف غياب المظاىر الحقة لمديمقراطيػػة يعني‬
‫حتما انتفاء اإلطار القانكني الذم يمكف فيو طرح مسألة حياد اإلدارة‪.‬‬
‫فنظـ الحكـ االستبدادم تشترؾ فيو خصائص تتمثؿ في انفراد ك احتكار الحاكـ صاحب‬
‫السمطة بمقاليد الحكـ ك سمطة القرار ‪ ،‬فتنعدـ الحقكؽ ك الحريات العامة ك يخضع نشاط االفراد‬
‫لرقابة السمطة الحاكمة ‪ ،‬فال تقرر حرية الرام أك حرية االجتماع ك الصحافة أك تككيف االحزاب‬
‫السياسية ‪ ،‬ك ال يسمح بكجكد معارضة داخؿ الدكلة ‪ ،‬ك تعتمد السمطة عادة الى انشاء حزب كاحد‬
‫‪9‬‬
‫يندمج في الدكلة ك يمتد في جميع أنحائيا ك يككف سندا ىا ك عمادىا في تنفيذ سياستيا ‪.‬‬
‫كقد أدرج كثير مف المؤلفيف – الذيف تنػ ػ ػػاكلكا بالد ارس ػ ػػة مكضػ ػػكع عالق ػػة اإلدارة بالسمطػػة‬
‫السياسي ػػة في ظؿ مختمؼ األنظمة‪-‬األنظمة الشيكعية كأنظم ػ ػػة دكؿ العػ ػػالـ الثالث كاألنظمػػة‬
‫االستبدادية في بكتقة كاحدة‪ ،‬باعتبار أف العنصر المشترؾ بينيا يتمثؿ في كجكد حزب كاحػ ػػد‬
‫مييمف عمى أجيزة الدكلة‪ ،‬بحيث أنيـ انتيكا إلى أف االختالؼ بينيا اختالؼ في الدرجة فقط‬
‫كليس في الطبيعة نظ ار لتماثؿ الخصائص كالسمػ ػػات كحتى النتائػ ػػج المترتبػة مف جراء تطبيؽ نظاـ‬
‫الحزب الكاحد‪.‬‬
‫أكثر مف ذلؾ‪ ،‬فقد ربط عديد مف فقياء القانكف – خاصة في دراسات القانكف الدستػ ػػكرم‬
‫كالحري ػػات العام ػػة كعالقتي ػ ػػا باإلدارة العامػ ػػة – بيػ ػػف الديمقراطي ػ ػػة كتعػ ػػدد األحزاب‪ ،‬فال تقػػكـ‬
‫الديمقراطية في ظؿ نظاـ ال يعترؼ بالتعددية الحزبية‪ ،‬التي تعتبر مظي ار كضمانة لممارسػػة‬
‫‪2‬‬
‫الحريات العام ػ ػػة‪.‬‬

‫‪-9‬محمد كامل ليلة ‪ ،‬النظم السياسية ‪ :‬الدولة و الحكومة ‪ ،‬دار الفكر العربي ‪،‬ب(دون تاريخ )‪ ،‬ص ‪.330‬‬
‫‪ –-2‬بكدريكة عبد الكريـ‪ ،‬مرجع سابؽ ص ‪. 94‬‬

‫‪17‬‬
‫مفيكـ مبدأ حي ػاد اإلدارة‬ ‫الفصؿ األكؿ‬

‫الفرع الثالث‪ :‬وجود نظام ديمقراطي يقر بتعدد األحزاب‪:‬‬


‫تعتبر حرية الرأم ركح الفكر الديمقراطي ألنيا صكت ما يجكؿ بخكاطر الشعب كطبقاتو‬
‫المختمفة‪ .‬فيي لف تفيد إذا لـ تساندىا أنكاع أخػ ػػرل مف الحريػ ػ ػػات المتمثمة فػػي حري ػػة التعبيػ ػػر‬
‫كالصحافة كاالجتماع‪ ،‬حتى يستطيع الناس عف طريؽ المناقشة أف يمارسكا التأثي ػػر كالرقاب ػ ػ ػػة عمى‬
‫الحككمة‪.‬‬
‫إف التعدديػ ػ ػػة األيدكلكجيػ ػػة ى ػ ػػي أنسب منػ ػػاخ لقيػ ػ ػػاـ الديمقراطي ػ ػػة‪ ،‬مػ ػػع ك ػػؿ مػ ػػا تفترض ػػو مف‬
‫ضركرة الحكار كاحتراـ مبدأ منطقية االختالؼ في اآلراء كتقبؿ فكرة التداكؿ السممي عمى السمطة‪،‬‬
‫باعتبػ ػػار أف األحزاب السياسي ػػة اإلطار القانكن ػػي الذم يتػ ػ ػ ػػـ فيو التعبي ػػر ع ػػف اآلراء السياسية‬
‫تختمؼ في جكانب عديػ ػػدة‪ ،‬تتعمؽ خاصػ ػػة بالخط السياسػ ػػي المتبنى كب ارم ػ ػػج العم ػػؿ بكافة‬
‫المجاالت‪ ،‬ىذا االختالؼ ناتج عف تباي ػ ػػف كجي ػػات النظػ ػػر بالنسبػ ػػة لمطريقػ ػػة المناسب ػػة لتسيير‬
‫الشؤكف العامة‪ ،‬فينتسب المكاطنكف إلييا تبعا لمدل اقتناعيـ بتكافؽ أىدافيا كمبادئيا باآلراء‬
‫الشخصػ ػػية كيعممػ ػػكف ف ػ ػػي ىػ ػػذه الحػ ػػالة عمى االنضمػ ػ ػ ػ ػػاـ إليػ ػػيا كمسانػ ػػدتيا كتػ ػ ػػأييدىا في‬
‫‪10‬‬
‫االنتخابػ ػ ػػات‪.‬‬
‫إف مكاقؼ النظـ السياسية في الماضي كالحاضر‪ ،‬تقدـ نماذج كاقعية عف طبيعة العالقة‬
‫القائم ػػة بي ػػف اإلدارة كاألح ػ ػ ػزاب السياسي ػ ػػة‪ ،‬فالنظـ التػ ػػي حجبت النشػ ػ ػػاط اإلدارم مػ ػػف ع ػػدكل‬
‫الص ارعػػات الحزبي ػ ػػة حرمت عمى المكظفيػ ػػف االشتغ ػ ػػاؿ بالسياس ػ ػػة‪ ،‬بحجة أف طبيعة النشاط‬
‫اإلدارم المتميػ ػ ػزة بالثبػ ػ ػػات كاالستق ػ ػرار كالي ػ ػ ػػادفة إلى تحقيؽ الصػ ػػالح الع ػػاـ كتأبى أف تتعامؿ مع‬
‫النشاط السياسي القائـ عمى اعتبارات حزبية كطائفية كقد تككف شخصية‪.‬‬
‫‪11‬‬
‫فاإلدارة بيذه الطريقػ ػػة تضمف الحياد‬ ‫كيعتبر النظاـ اإلنجميزم مثاال حيا ليذا االتجاه‪،‬‬
‫السياسي المطمؽ ألجيزتيا كمكظفييا‪ ،‬لكف األصكات تعالت جراء حرماف المكظؼ مف حقو في‬
‫التمتع كممارسة حقكقو كحريتو السياسية‪ ،‬عمى أساس انو مكاطف مثؿ المكطنيف اآلخريف كمف حقو‬
‫أف يعامؿ بنفس الطريقة ‪.‬‬

‫‪ -10‬نفس المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪. 96‬‬


‫‪11‬‬
‫‪Yves Mény ,op cit , p 06 .‬‬
‫‪18‬‬
‫مفيكـ مبدأ حي ػاد اإلدارة‬ ‫الفصؿ األكؿ‬

‫يتبنى النظاـ الفرنسي نيجا كسطا حاكؿ مف خاللو تفادم سمبيات التسيس المفرط لإلدارة‬
‫كالعكاقب الكخيمة لمنظاـ المغانػ ػػـ‪ ،‬كتجنب مسػ ػػاكئ العزؿ التػ ػػاـ لإلدارة عمى المحيط السياسي‬
‫بحرماف المكظؼ كميا مف االىتم ػػاـ بالشؤكف السياسية كمباشرة الحقكؽ كالحريػ ػ ػػات السياسيػ ػػة‬
‫الممنكحة لممكاطنيف‪.‬‬

‫يتبيف مف خػ ػػالؿ ىػ ػ ػػذا العرض أف مسػ ػ ػ ػػألة حي ػ ػػاد اإلدارة تطػ ػػرح ف ػػي نظػ ػ ػػاـ يق ػ ػ ػػر بتػ ػ ػ ػػعدد‬
‫‪12‬‬
‫أم نظ ػ ػ ػػاـ يقكـ عمى أسػ ػ ػػاس التعددية الفكري ػ ػػة كاأليديكلكجي ػ ػ ػ ػػة المدعػػـ بكسػ ػ ػػائؿ‬ ‫األحزاب‪،‬‬
‫قانكنيػ ػ ػ ػ ػ ػػة لممػ ػ ػػارستيا كالتعبػ ػػير عنيا‪ ،‬فاإلدارة أثن ػ ػ ػػاء مباشرتيا لنشاطاتيا بكاسطػ ػػة المػ ػ ػرافؽ‬
‫العمكمية‪ ،‬تمتزـ بمبػ ػ ػػدأ الحيػ ػػاد كذلؾ بتفػ ػػادم كػ ػػؿ مظاىر التمييز‪ ،‬فقد اتضػ ػػح أف تطبػػيؽ مبػػدأ‬
‫حيػ ػػاد اإلدارة في أنظم ػػة الحزب ا لكاحػ ػ ػ ػػد غيػ ػ ػػر كاردة تم ػ ػػاما‪ ،‬نظ ػ ػ ػ ػ ار لكح ػ ػػدة االتجػ ػ ػػاه السياسي‬
‫كالفك ػ ػػرم لمحكػ ػ ػػاـ كالمحككمي ػ ػػف ‪.‬‬

‫المطمب الثاني‪ :‬مبررات تجسيد مبدأ حياد اإلدارة‬


‫إف مبدأ حياد اإلدارة لػػـ يعػ ػػد فقط مطمب ػػا لتحصيػ ػػف اإلدارة ض ػػد عدكل السياس ػػة‪ ،‬كانمػ ػػا‬
‫أصبػ ػػح ضػ ػػركرة عممي ػػة كعمميػ ػػة لتعبئػ ػػة اإلمكانيػ ػػات المادي ػػة كالبشريػػة قصد دفع كتيرة التقػػدـ‬
‫كاالزدىار كتفادم كؿ المساكئ التي ال تخدـ مصالح الدكلة كالمكاطف ‪.‬‬

‫إف المب ػ ػػررات الت ػػي دعت إلػ ػػى تقري ػ ػػر مبػ ػػدأ الح ي ػ ػػاد غي ػ ػػر متعمق ػػة بالخصػ ػ ػػكص بنش ػ ػ ػػاط‬
‫اإلدارة‪ ،‬فيػ ػػي مشترك ػ ػػة مػ ػ ػػع مختمؼ نشػ ػػاطات الدكلة التي يقع عمييا التزاـ الحياد في أشمػؿ‬
‫معاني ػ ػػو‪ ،‬فاحتراـ قكاعػ ػػد الشرعي ػ ػػة كالدف ػ ػػاع عف النظ ػػاـ الديمقراطي كاالمػػف القكمي التزامات‬
‫مفركضة عمى جميع ىيئات كمؤسسات كحتى مكاطني الدكلة‪ ،‬فالمكاطف يتقبؿ بصدر رحب كؿ ما‬
‫يضعو مف ضكابط إذا ما تيقف أف نظاـ كمؤسسات الدكلة قائمة عمى أساس الشرعيػػة كمطبقة‬
‫ألرك ػ ػػاف الديمقراطية الحقة‪.2‬‬

‫‪12‬‬
‫‪Mustapha Filali , les relations , entre le parti unque et l’administration dans les états d’afrique‬‬
‫‪francophones , ( Mémoire de D .E .A ) , faculté de droit et des sciences politique rt économiques de Tunis ,‬‬
‫‪1979 , p 235‬‬
‫‪ -2‬بكدريكة عبد الكريـ‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪. 63‬‬

‫‪19‬‬
‫مفيكـ مبدأ حي ػاد اإلدارة‬ ‫الفصؿ األكؿ‬

‫الفرع االول‪ :‬مبدأ المشروعية‪:‬‬


‫لق ػػد اختمؼ الفقي ػػاء في تحديد مفيكـ مبدا المشركعية‪ ،‬نتيجة تبايف األسس كالمعػ ػػايير الت ػػي‬
‫يعتمد عمييا كػؿ كاحد لبمكغ ذلؾ‪ ،‬كقد احتدـ النق ػػاش خاصػ ػػة حيف محػ ػ ػػاكلة التميي ػػز بيف فكرتػ ػػي "‬
‫الشرعية " ك" المشركعية " ‪.‬‬
‫ذىب جػ ػػانب م ػػف الفقو إلػ ػػى التفػ ػػرؽ بيػػف الشرعيػ ػػة كالمشركعي ػ ػػة مػ ػػف حيث اخت ػ ػ ػ ػػالؼ‬
‫المفي ػ ػ ػ ػكـ الدقيؽ لكػ ػ ػ ػ ػؿ منيم ػ ػ ػا‪ ،‬فتعنى المشركعية احتراـ ق ػكاعػ ػ ػ ػد الق ػ ػ ػانػ ػ ػػكف القائمػ ػ ػة فع ػ ػ ػال في‬
‫المجتمع‪ ،‬فيي في حقيقة األمر مشركعية كضعية‪ ،‬اما الشرعيػ ػػة فيي فكػ ػرة مثالي ػػة تحمؿ فػ ػػي‬
‫طياتيا معنى العدالػ ػ ػػة كم ػ ػػا يجب أف يك ػػكف عميو القانكف‪ ،‬كما يشمؿ مبادئ قانكنية عامة يحتكييا‬
‫ضمير الجماعة كما تحممو م ػػف معان ػػي العدؿ كالصالح العاـ‪.1‬‬

‫كرغـ ذلؾ فالمصطمحيف يستعمالف غالبػ ػػا في معنى كاحد نظ ار لكحدة اليدؼ المنش ػػكد م ػ ػػف‬
‫طرفيما‪ ،‬إض ػ ػ ػػافة إل ػ ػػى أف الشرعي ػ ػػة باعتب ػ ػػارىا أشم ػ ػػؿ نطاق ػػا مف المشركعية تتضمف كتحتضف‬
‫مفيػ ػ ػػكـ المشركعيػ ػػة بيف ثناياىا‪ ،‬فاحتراـ قكاعد المشركعية يعتب ػػر ف ػػي آف كاحػد احت ارمػ ػػا لقكاع ػػد‬
‫الشرعي ػ ػ ػػة‪.‬‬
‫إف أبسط تعريؼ لمبدأ المشركعية يتمثؿ في إشراكو بمبدأ سي ػػادة القانػ ػػكف الػ ػ ػػذم يقتضي‬
‫خضكع الحكاـ كالمحككميف لقكاعػ ػػده‪ ،‬كلع ػ ػػؿ عبارة دكل ػ ػػة القػ ػ ػػانكف ترجمة صػ ػػادقة لمضمكف ىذا‬
‫المب ػ ػ ػػدأ‪ ،‬فمشركعػ ػػية الدكلػ ػػة مرتبط بمدل احت ارميا لمػبػ ػ ػػدأ سيػ ػػادة القانػ ػػكف‪.2‬‬
‫كقد عبرت كثيقة إعالف الدستكر المصرم لسنة ‪ 1971‬عف ىػ ػػذا المحتػ ػػكل أحسػ ػػف تعبير‬
‫بقػ ػ ػػكليػا‪ :‬إف سي ػ ػػادة القانػ ػ ػػكف ليست ضمػ ػ ػػانا لحرية الفػ ػ ػػرد فحسب لكنيا األس ػ ػ ػ ػػاس الكحيػ ػ ػػد‬
‫لمشركعية السمطة في نفس الكقت‪.‬‬

‫‪ -1‬رمزم طو الشاعر‪ ،‬قضاء التعكيض‪ ،‬جامعة عيف شمس‪ ،‬طبعة ‪، 1985‬ص ‪.13‬‬
‫‪ -2‬سعاد الشرقاكم ‪،‬المرجع السابؽ ‪،‬ص ‪.107‬‬

‫‪20‬‬
‫مفيكـ مبدأ حي ػاد اإلدارة‬ ‫الفصؿ األكؿ‬

‫نجد في نفس السياؽ ما أردفت بو محكمة التنازع الفرنسية سنة ‪ 1889‬بقكليا‪‘ " :‬ذا كاف‬
‫الحفاظ عمى امف الدكلة كمعاقب ػ ػ ػػة كؿ مف يح ػ ػػاكؿ اإلخػ ػ ػػالؿ بو مف كاجبات الحككمة‪ ،‬فإن ػػيا ال‬
‫تمارس إال السمطات الممنكحة ليا بمكجب القان ػ ػػكف ‪.1‬‬

‫إف ممارس ػ ػػة اإلدارة ألعماليا بحيادة كنزاىة‪ ،‬بعيدا عف التيارات السياسية كالصراعات الحزبية‬
‫كالمحسكبية‪ ،‬ميتمة بتحقيؽ األىداؼ التي أنشئت مف أجميا – أداء الخدمة العامة – بما تتيحو‬
‫النصكص القانكني ػ ػػة مف سمطات كاختصاص ػ ػػات‪ ،‬يجعميا الحاميػ ػػة الفعمية لمبػ ػػادئ الشرعية‪،‬‬
‫خاصة أنيا – أم اإلدارة – الييئة التي تحتؾ كتكاجو كتتعامؿ مع المكاطف في كؿ شؤكنو‪ ،‬ممػ ػػا‬
‫يجعػ ػػؿ تصرف ػ ػػاتيا كطػ ػػرؽ عمميا مؤشػ ػ ػرات عمى م ػػدل التطبيؽ السميـ لقكاع ػ ػػد الشرعيػ ػ ػ ػ ػػة‪.2‬‬

‫إال أنو مف باب االحتياط كحفاظ عمى حسف ممارسة اإلدارة لنشاطيا فإنو يستكجب كضع‬
‫كتقرير مجمكعة مف الضمػ ػ ػػانات يحتمي بيا‪ ،‬كيمج ػ ػػأ إلييا في حال ػ ػػة اختػ ػ ػػالؿ اإلدارة بقكاع ػػد‬
‫الشرعي ػ ػ ػػة‪.‬‬

‫كتعتبػػر الرقابة القضائية أجدر سالح لمقاكمة تجاكزات اإلدارة كاستعماالتيا التعسفية‬
‫لمسمطات – الممنكحة ليا قانكنا – الماسػ ػػة بحقكؽ كحريػ ػ ػػات المكاطنيف‪ ،‬كق ػ ػػد أسس مجمػ ػ ػػس الدكلة‬
‫الفرنسي قضاءه في أحكاـ عديدة عمى مبػ ػ ػػادئ الشرعي ػ ػ ػػة إللغػ ػػاء أعماؿ اإلدارة‪.‬‬

‫أما بالنسبػ ػ ػػة لمكقؼ التشري ػ ػ ػػع‪ ،‬فقػ ػ ػػد اعػ ػػترفت كأدرجػ ػػت مختمؼ التشريعػ ػ ػػات المقارن ػ ػ ػ ػ ػ ػػة ىػ ػػذه‬
‫الم ػ ػ ػػبادئ في دساتيرىا إلعطائيا القكة القانكنية التي تمت ػ ػػاز بيا النصكص الدستكري ػ ػ ػػة ‪ ،‬فنجد أف‬
‫الدستكر الجزائرم لسنة ‪ 1996‬يترج ػ ػػـ بتميي ػػده محت ػػكل كأبع ػ ػ ػػاد مب ػ ػ ػػدأ الشرعيػ ػ ػ ػ ػػة بقكل ػ ػ ػ ػػو‪ " :‬إف‬
‫الدستكر فكؽ الجميع‪ ،‬كىك القانكف األساسي الذم يضمػ ػػف الحق ػػكؽ الحري ػ ػ ػػات الفردي ػ ػػة كالجماعيػ ػ ػػة‬
‫كيحمػ ػػي مبػ ػػدأ حري ػ ػػة اختيػ ػػار الشعب‪ ،‬يضفي الشرعيػ ػػة عمى ممارسػ ػ ػػة السمطات‪ ،‬كيكفؿ الحماية‬
‫القانكنية‪ ،‬كرقابة السمطات ا لعمكميػ ػػة في مجتمع تسػ ػ ػػكده الشرعي ػػة كيتحقؽ فيو تفتح اإلنساف بكؿ‬

‫‪1‬‬
‫‪-René Bourdoncle,Fonction publique et libertésd’opinion en droit positif Français, Libreairie générale de‬‬
‫‪droit et de jurrisprudence,Paris,1975,p 175‬‬
‫‪ -2‬بكدريكة عبد الكريـ‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪. 67‬‬

‫‪21‬‬
‫مفيكـ مبدأ حي ػاد اإلدارة‬ ‫الفصؿ األكؿ‬

‫أبعاده"‪ .‬كيمي ذلؾ نصكص تفصيمية بشػ ػػأف كؿ نقطة‪ ،‬س ػكاء في اعتبار الشرعية كالمساكات‬
‫(المكاد‬ ‫الرقابيػ ػ ػ ػ ػػة‬ ‫لميامو‬ ‫القضػ ػػائي‬ ‫الجي ػػاز‬ ‫لممػ ػػارسة‬ ‫أسػ ػػاس‬ ‫القانػ ػػكف‬ ‫كاحتراـ‬
‫‪ ) 140،139،138،147‬أك حي ػ ػ ػ ػ ػػف تبي ػ ػ ػ ػاػف مختمؼ حق ػ ػ ػ ػ ػػكؽ كحريػ ػ ػ ػ ػػات المكاطػ ػ ػػف كالضامنػات‬
‫المقػ ػ ػ ػ ػ ػػرر لحم ػػايتيػ ػ ػػا (المكاد‪.1 )42،41،36،35،34،32،31،29‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬الدفاع عن النظام الديمقراطي‪:‬‬


‫إف الديمقراطي ػ ػػة االجتماعي ػ ػػة تستيدؼ القضػ ػػاء عمى أكبػ ػػر ق ػ ػػدر ممكف مػ ػػف المظػػالـ‬
‫االجتماعية مما يستتبع قياـ الدكلة بعدد مف االلتزامات اإليجابية لتكفير اإلمكانيات الفعمية لألفراد‬
‫لمباش ػ ػ ػرة الحقػ ػػكؽ الممنكحػ ػػة ليـ ‪.2‬‬
‫فإذا كاف االعتراؼ بالتمثيؿ النيابي كحرية تككيف األحزاب السياسية كاالنضم ػػاـ إلييا‬
‫(كالحريات بصفة عامة) مف دعائـ الديمقراطية‪ ،‬فاف تقرير مبدأ الحريػ ػػة كالمسػ ػػاكاة كخدمػ ػػة الصالح‬
‫العاـ سيحقؽ كيكرس أركاف الديمقراطية‪ ،‬كال تخفى في ىذا المجاؿ حتمي ػػة الرب ػ ػ ػػط بيف التنمية‬
‫االقتصادية كمبدأ الشرعي ة ذلؾ أف استقرار أية ديمقراطية ال يعتمد عمى التنمية االقتصادية فحسب‬
‫بؿ عمى فاعمي ػػة كشرعيػ ػػة نظاميا السياسي خاصػػة ‪.3‬‬
‫إف الدكلة تحرص عادة عمى تضميف دساتيرىا كنصكصا تنادم إلى إقامة نظػػاـ ديمقراطي‬
‫مؤسس عمى مبػػادئ الحرية كالمساكاة كالعدؿ ‪ ،...‬ىذه المبػ ػػادئ التي نجدىا فػػي نفس ال ػػكقت م ػػف‬
‫مككنػ ػػات كضركري ػػات تطبيؽ مب ػػدأ حيػ ػػاد اإلدارة‪ ،‬فإذا حققػت المس ػ ػػاكاة الحي ػ ػػاد فػػإف ذلؾ سيحقؽ‬
‫حتما مبادئ الديمقراطي ػ ػػة‪ ،‬أما إذا غابت المس ػػاكاة فيغيب كؿ شيء تبعا لذلؾ‪.‬‬
‫إف األمػػر كذلؾ يجعػػؿ مف مب ػػدأ حي ػػاد اإلدارة مسأل ػػة تضطمػػع بيا ىيئ ػػات الدكل ػػة بجدي ػػة‬
‫كحزـ كتعمؿ عمى تطبيؽ أركان ػػو كضكابطو كحت ػ ػػى القيػ ػ ػػكد ال ػ ػ ػكاردة عميػ ػػو بعنايػ ػػة بالغػة حت ػ ػػى‬
‫يصيب المبتغى الذم كضػػع مف أجم ػػو‪.‬‬

‫‪-1‬نفس المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪. 67‬‬


‫‪-2‬عبد المنعـ فيمي مصطفى‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪. 444‬‬
‫‪-3‬بكدريكة عبد الكريـ‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪. 69‬‬

‫‪22‬‬
‫مفيكـ مبدأ حي ػاد اإلدارة‬ ‫الفصؿ األكؿ‬

‫الفرع الثالث‪ :‬حسن أداء الخدمات‪:‬‬


‫لق ػ ػ ػػد اىتمت ال ػ ػػدكؿ بالجػ ػ ػػانب اإلنس ػ ػػاني كعمدت إل ػػى تطبي ػ ػ ػػؽ النتائػ ػػج كاالقت ارحػ ػ ػػات التي‬
‫تكصؿ إلييا عمماء اإلدارة العامة لبمكغ اىداؼ التنمية‪ ،‬سكاء مف جانب كيفيات اختيار المكظفيف‬
‫بتكافر طػ ػػاقـ بشػ ػ ػػرم قادر بكفػ ػ ػػاءاتو كميارتػ ػ ػ ػػو أف يسيػ ػػر دكاليب اإلدارة بجػ ػػدارة كاتقاف‪ ،‬كالشركط‬
‫ال ػ ػكاجب تكافرىا لدل المترشحيف أك مف ج ػ ػػانب تطبيؽ عن ػ ػػاصر العممي ػ ػػة اإلدارية مف تنظيـ‬
‫كتخطيط كرقابة كتنسيؽ بالطريقة التي تكفر الكقت كالجيد كالماؿ (الفاعمية اإلدارية)‪.‬‬

‫لق ػ ػ ػػد سب ػ ػ ػػؽ الحديث عف النتػ ػ ػػائج السمبي ػ ػػة التي حققتيا طريق ػ ػػة اختي ػػار المكظفيف استن ػ ػ ػػادا‬
‫إلى معايير سياسة‪ ،‬كمػ ػػا نجـ عنيا مف اخت ػػالؿ كفسػ ػػاد فػ ػػي الجياز اإلدارم أخفؽ عمى إث ػره في‬
‫إتم ػػاـ المياـ المككمة إلػ ػػيو‪ ،‬كأضحى مصػػدر عم ػة يعيػ ػػؽ مس ػ ػػار التنمي ػػة كالتقدـ‪ ،‬كاقت ػ ػػرح لمكاجية‬
‫ذلؾ مبدأ حياد اإلدارة كعالج ليذه اآلف ػػة‪ ،‬كالذم مفاده كج ػ ػػكب اختيار عمػ ػػاؿ اإلدارة ب ػنػػاء عمى‬
‫أسس عممية قكاميا االستحقاؽ كالجدارة‪ ،‬بعيدا عف التأثيرات السياسية كالص ارع ػػات الحزبية التي‬
‫بكاسطتيا فقط يتحقؽ اليدؼ المرغكب اال كىك حسف أداء الخدمات‪.‬‬

‫إف مبدأ حياد اإلدارة كنظاـ بديؿ لسمبيات التسيس المفرط‪ ،‬ككإحدل المبررات الرئيسيػ ػػة‬
‫‪1‬‬
‫لضماف حسف سير النشاط اإلدارة يستند إلى حجتيف‪:‬‬

‫األولى‪ :‬أف تكلي الكظائؼ استنادا إلى اعتبارات سياسية أك حزبية يعني ممارسة الميػػاـ‬
‫كالمسؤكليات اإلدارية مف طرؼ أشخاص تغيب فييـ الكفاءة المينيػػة كالمي ػػارة الفني ػػة الكاجب‬
‫تكفرىا ف ػػي شاغمي ىذه المػػناصب‪.‬‬

‫كال شؾ أف ذلؾ سيؤثر سمب ػػا عمى فاعمي ػػة كمردكديػ ػػة نشػ ػ ػػاط المرافؽ العمكمي ػػة بحيث تصبح‬
‫اإلدارة عبئا عمى المجتمع كمصدر ىمكمو عكضا أف تككف مصدر رخائو كاطمئنانو أم ػػا إذا تـ‬
‫شغؿ الكظػ ػػائؼ بنػػاء عمى أسس عممػيػ ػ ػػة كمكضكعي ػػة تؤخذ بعي ػػف اعتب ػػار طبيعة الكظائؼ‬

‫‪-1‬نفس المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪. 71‬‬

‫‪23‬‬
‫مفيكـ مبدأ حي ػاد اإلدارة‬ ‫الفصؿ األكؿ‬

‫كمتطمباتيا كمدل مالئمة كفاءة كقدرات المترشحيف ليا‪ ،‬فإف ذلؾ سيككف ال محاال سببا في إتماـ‬
‫المنظمػػة لمياميا كنشػ ػػاطاتيا عمى أحسف كجو كبكفاية عالي ػػة‪.‬‬

‫الثانية‪ :‬أف التغي ػ ػرات المتكاليػ ػ ػػة فػ ػػي التككينػ ػػة البشري ػ ػػة لإلدارة سيؤث ػػر عمى استق ػ ػرار كاسمرار‬
‫المرافؽ ف ػػي أداء أعم ػػاليا‪ ،‬فالتكظيؼ عمى أس ػ ػػاس سي ػ ػ ػػاسي يعني تأقيت الكظ ػػائؼ لمدة معينة‬
‫كبقاؤىا مرىكف بمدل بقاء الحزب عمى رأس السمطة‪ ،‬فإذا أتت االنتخابات بحزب جديد ف ػ ػػإف ذلؾ‬
‫سيػ ػػؤدم إلى تغيير الط ػ ػػاقـ اإلدارم كحم ػ ػػكؿ أنص ػػار الحزب الفائػ ػػز في ىذه الكظائؼ‪ .‬كمف‬
‫البدييي أف يؤثر ذلؾ عمى الثبات الػػذم يجب أف تتحمى بػ ػػو اإلدارة العامػ ػػة إضافة إلى ك ػػؿ‬
‫السمبيات التي يعاني منيا عمػ ػػاليا‪.‬‬

‫أما إذا تـ تطبيؽ مبدأ حياد اإلدارة في تكلي الكظائؼ العامة‪ ،‬فإف ذلؾ سيحقؽ ميزة ىامة‬
‫جدا مفادىا استقرار اإلدارة في ممارسة أعماليا بانتظاـ‪.13‬‬

‫ككخالصة مما سبؽ ذكره فقد جاءت قكانيف اإلص ػػالح الكظيفي فػػي الكالي ػ ػػات المتح ػػدة‬
‫األمريكية كرد فعؿ لما سببو قانكف السنكات األربع لسنة ‪ 1820‬كنظ ػػاـ األسػػالب م ػػف محف‬
‫كمشاكؿ لمشعب كالدكلة األمريكية‪ ،‬بأف كرست نظاـ الجدارة كاالستحقاؽ كطرؽ مكضكعية الختيار‬
‫المكظفيف‪ ،‬إف ى ػ ػػذا النظػػاـ يحقؽ نتائ ػػج إيجابيػ ػػة عدي ػ ػػدة أىميا طمأنين ػ ػػة المكظؼ كعدـ تخكفو مف‬
‫شبح العزؿ حيف تغير الحزب الحاكـ‪ ،‬إضافة إلى أف بقػ ػػاءه في الكظيفػ ػػة العامة لمدة طكيمة‬
‫سيكسبو خبرة ف ػػي مباشػ ػرة ميامو كيساعػ ػػد عمى تطكير كتحسيف قد ارتػ ػػو ككفاءتو‪ ،‬كال يخفى ما في‬
‫ذلؾ مف تأثير إيجابي عمى مردكدية كفاعميػػة العمؿ اإلدارم‪.‬‬

‫‪-13‬بكدريكة عبد الكريـ‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪. 72‬‬

‫‪24‬‬
‫مفيكـ مبدأ حي ػاد اإلدارة‬ ‫الفصؿ األكؿ‬

‫المطمب الثالث‪ :‬صــــور مــبــــدأ حـــــــــيــــاد اإلدارة‬


‫اتفقت معظـ الدساتير كاعالنات الحقكؽ المحمية كالدكلية عمى اعتبار مبدأ المساكاة إحدل‬
‫الدعائـ الرئيسية لنظاـ الدكلة‪ ،‬يستكجب إعمالو كاحترامو في كافة المياديف‪ .‬يقصد بالمساكاة كمبدأ‬
‫مف المبادئ الدستكرية الحديثة أف األفراد أماـ القانكف سكاء دكف تمييز بيني ػ ػ ػ ػػـ بسبب األصؿ أك‬
‫الجنس أك الديف أك المغة أك المركز االجتماعي في اكتساب الحقكؽ كممارستيا كتحمؿ االلتزامات‬
‫كأدائيا‪ ،‬كما يقصد بالمساكاة عمى إطالؽ غياب كؿ معاممة تفضيمية بيف األطراؼ في عالقة‬
‫قانكنية معينة ‪.14‬‬

‫فمبدأ الحياد يقكـ عمميا عمى عدـ جكاز التمييز بيف األفراد تفضيال أك حرمان ػ ػػا استنػ ػػادا إلى‬
‫عكامؿ تتعمؽ باألصؿ أك الرأم السياسي ‪ ،15‬فقد نبذت األنظمػ ػ ػ ػ ػػة السياسي ػ ػ ػػة – رسميػ ػ ػ ػ ػػا عمى‬
‫األقؿ – كؿ مظاىر التمييز العنصرم كال شؾ أف الكاقع األمريكي خير نمػ ػ ػػكذج ليذا النكع مف‬
‫التفرقة‪ ،‬بحيث أف صفة المكاطنة لـ تمنح لمزنكج إال في كقت متػ ػ ػ ػ ػ ػػأخر كلـ يتػ ػ ػ ػػـ تطبيقو فعال مف‬
‫طرؼ كثير مف كاليات الجنكب خاصة‪ ،‬ايف سنت قكانيف لمفصؿ العنصرم في التعميـ ككسائؿ‬
‫النقؿ كاإلسكاف كالمطاعـ ‪.16‬‬

‫أما دساتير الدكؿ محؿ الدراسة المقارنة الحالية‪ ،‬فقد نصت صراحة عمى استبعػ ػ ػػاد كػ ػ ػػؿ‬
‫أشكاؿ التمييز العنصرم كاعتبار كؿ تصرؼ قانكني قائـ عمى ذلؾ غير شرعي‪ ،‬كال ينت ػ ػ ػػج أم أثر‬
‫قانكني‪ ،‬كال يختمؼ مكقؼ الت شريعات فيما يتعمؽ بكجكب عد التمييز بيف االفراد بسبب معتقداتيـ‬
‫الدينية‪.‬‬

‫‪ -1‬كريـ يكسؼ أحمد كشاكش‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪.304‬‬

‫‪15‬‬
‫‪-V .Kondylis , op , p 8 .‬‬
‫‪16‬‬
‫‪-‬كريـ يكسؼ أحمد كشاكش‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪.340‬‬

‫‪25‬‬
‫مفيكـ مبدأ حي ػاد اإلدارة‬ ‫الفصؿ األكؿ‬

‫كيعتبر دكر كمكانة المرأة في المحبط االجتماعي مف المسائؿ التي استقطبت اىتم ػ ػ ػ ػ ػ ػػاـ‬
‫كانشغاؿ المجتمعات كالدكؿ الحديثة‪ ،‬كذلؾ بمنحيا صفة المكاطنة مع كافة االمتيازات التي تترتب‬
‫عنيا مم ػ ػػا نتج عنيا ص ارعػ ػ ػػات قائمػ ػػة لحد اآلف لتحقيؽ المسػ ػ ػػاكاة بيف الرج ػ ػػؿ كالمرأة في كافة‬
‫المجاالت‪.17‬‬

‫ك اتجيت التشريعات الحديثة الى تقرير مبدأ المساكاة بيف الرجؿ كالمرأة س ػ ػ ػ ػكاء مف ج ػ ػػانب‬
‫الحقكؽ كالتي تمنحيا‪ ،‬كااللتزامات التي تفرضيا القكانيف‪ ،‬فقد نصت دساتير الدكلة محؿ المقارنة‬
‫عمى تحريػ ػ ػ ػػـ أم تميي ػ ػػز بسبب الجنس كأضاؼ قان ػ ػ ػػكف الكظيفة العامػ ػ ػػة الفرنسػ ػ ػ ػػية نصكصا تؤكد‬
‫ما تـ تقريره دستكريا اذا تنص المادة السابعة مف االمر الصادر في ‪ 04‬فيفرم ‪ 1958‬المتضمف‬
‫القان ػ ػ ػػكف األ ساس ػ ػػي لممكظفيػ ػػف عمى ع ػ ػ ػػدـ ج ػ ػ ػ ػكاز التمييػ ػ ػ ػػز بي ػ ػ ػػف الرجػ ػ ػػؿ كالمرأة‪ ،‬كما تنص‬
‫المادة السادسة مف قانكف رقـ ‪ 634-83‬الص ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػػادر في ‪ 13‬جكيمي ػ ػ ػػة ‪ 1983‬المتضمف حقكؽ‬
‫ككاجبات المكظفيف في مكضكع حرية الرأم عمى االعتراؼ بحرية رأم المكظؼ كنبذ التمييز عمى‬
‫‪18‬‬
‫أساس الجنس‪.‬‬

‫لـ تمقى أنكاع الحريات العامة ركاجا مثمما حققتو حرية الرأم‪ ،‬ذلؾ أف الديمقراطية الحديثػ ػ ػػة‬
‫كما حممتو مف مبادئ جعمت مف االختالؼ الفكرم كاإليديكلكجي ام ار حتميا كضركريػ ػ ػ ػ ػ ػػا في بناء‬
‫المجتمع المتحضر‪ ،‬فحرية الرأم تنعكس أىميتو في ما عانتػ ػػو الػ ػ ػ ػ ػ ػ ػػدكؿ المتقدم ػ ػ ػػة مف اضطرابات‬
‫في القرنيف الثامف عشر كالتاسع عشر مف أجؿ تقريرىا كما تتكبػ ػ ػ ػػده اليكـ مجتمعات الدكؿ النامية‬
‫مف اضطياد ككفاح في سبيؿ االعتراؼ ليا دستكريا كعمميا بحرية الرأم كالحريات التي تدكر في‬
‫فمكيا كحرية الصحافة كالنشر ‪.‬‬

‫لـ تمقى أنكاع الحريات العامة ركاجا مثمما حققتو حرية الرأم‪ ،‬ذلؾ أف الديمقراطية الحديثة‬
‫كما حممتو مف مبادئ جعمت مف االختالؼ الفكرم كاألديكلكجي ام ار حتميا كضركريا في بناء‬
‫المجتمع المتحضر‪ ،‬فحرية الرأم تنعكس أىميتو في ما عانتو الدكؿ المتقدمة مف اضطرابات في‬
‫القرنيف الثامف عشر كالتاسع عشر مف أجؿ تقريرىا كما تتكبده اليكـ مجتمعات الدكؿ النامية مف‬

‫‪ -17‬بكدريكة عبد الكريـ‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪. 79‬‬


‫‪18‬‬
‫‪-J .Rebert et H.Oberdorff , op ,cit ,p 223 .‬‬

‫‪26‬‬
‫مفيكـ مبدأ حي ػاد اإلدارة‬ ‫الفصؿ األكؿ‬

‫اضطياد ككفاح في سبيؿ االعتراؼ ليا دستكريا كعمميا بحرية الرأم كالحريات التي تدكر في فمكيا‬
‫كحرية الصحافة كالنشر ‪.‬‬

‫يتبيف مف خالؿ قراءة النصكص القانكنية ‪ -‬دستكرية كانت اـ تشريعية – أف حرية الرأم‬
‫المعترؼ بيا كمكفكلة‪ ،‬كجعمت لضمانيا كسائؿ كىيئات تسير عمى االحتراـ كالتطبيؽ السميـ‬
‫‪2‬‬
‫لمقتضياتيا‪.‬‬

‫باإلضافة الى أف قضاء مجمس الدكلة الفرنسي يزخر باألحكاـ التي كرست حرية الرأم‪،‬‬
‫فبينت محتكاىا كمتطمباتيا كأرست األسس التي تقكـ عمييا ككيفيات ضماف حسف احتراميا‬
‫كتطبيقيا‪ ،‬كلعؿ حكـ باريؿ " ‪ " Barel‬الصادر بتاريخ ‪ 28‬مام ‪ 1954‬أشير االحكاـ التي أثارت‬
‫ضجة سياسية كاسعة بسبب ما أحاط بو مف ظركؼ كمالبسات الى جانب ما قرره مف مبادئ‬
‫قانكنية ىامة بالنسبة لممساكاة بيف المكاطنيف في حؽ التكظيؼ بغض النظر عف أفكارىـ كآرائيـ‬
‫‪19‬‬
‫السياسية‪.‬‬

‫باإلضافة الى ذلؾ فكؿ االحكاـ التي صدرت عف مجمس الدكلة الفرنسي كانت محؿ تحميؿ‬
‫ك مناقشة مف طرؼ فقياء القانكف تبمكرت حكليا اسس العالقة الكائنة بيف الكظيفة العامة ك‬
‫‪20‬‬
‫مقتضياتيا ك الحريات السياسية المعترؼ بيا لممكظؼ باعتباره مكاطنا‪.‬‬

‫‪ -2‬بكدريكة عبد الكريـ‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪. 82‬‬

‫‪ -19‬نفس المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪. 82‬‬


‫‪-20‬محد حسنين عبد العال ‪ ،‬الحريات السياسية للموظف العام ‪ ،‬القاهرة ‪، 1981 ،‬ص ‪. 19‬‬

‫‪27‬‬
‫مفيكـ مبدأ حي ػاد اإلدارة‬ ‫الفصؿ األكؿ‬

‫ككحكصمة لما سبػػؽ يمكف القػػكؿ أف مبادئ المساكاة كالحيػ ػ ػػاد تتجمى فػ ػ ػػي ك ػ ػػافة الصكر‬
‫كالمظاىػ ػ ػ ػ ػػر السػ ػ ػػابؽ عرضيا‪ ،‬كيمكف الحديث عف حيػ ػػاد اإلدارة ف ػػي مكاجيػ ػ ػػة التمييػ ػ ػ ػػز العنصرم‬
‫– المتصم ػ ػة باألصؿ أك العػ ػ ػػرؽ – أك حياد االدارم الديني – المتصػ ػ ػػؿ بالعقي ػ ػػدة الدينية – أك‬
‫حيادىا بيف الذكر كاالنثى – المتصؿ بالجنس – أك حيادىا السياسي المرتبط بحرية الرأم‪.‬‬

‫فاذا كانت الصكر الثالثة األكلى قد حظيت بشبو االجماع بكجكب االعتراؼ بيػ ػ ػػا‪ ،‬فنصت عمى‬
‫تقريرىا مختمؼ الدساتير كالمكاثيؽ كالتشريعات‪ ،‬كضعت ليا ضمانات كافية لمراقبة سالمة تطبيقيا‬
‫كأضحت مف المسائؿ البدييية المستقرة عمييا فقيا كقضاء‪ ،‬فاف الص ػ ػػكرة األخيرة المتعمقة بالحياد‬
‫السياسي لإلدارة تعتبػ ػ ػ ػػر ميدانا يحكـ حكلػ ػ ػ ػػو ضب ػ ػػاب كثيؼ‪ ،‬نظػ ػ ػ ار لصعكبة تحديد األسس‬
‫كالضكابط كالمبػ ػػادئ التي يقػ ػ ػػكـ عمييا‪ ،‬إضػ ػ ػػافة الى عػ ػ ػػدـ بمػ ػ ػػكغ النضكج الك ػ ػ ػػافي لما تـ كضعو‬
‫مف قػ ػ ػ ػكاعد‪ ،‬كم ػ ػ ػػا اف اختالؼ االنظمة السياسي ػ ػػة كالبني ػ ػػة االجتماعية بيف الدكؿ حاؿ دكف كجكد‬
‫نمكذج مكحد يطبؽ عمى الجميع‪.‬‬

‫‪28‬‬
‫الفصل الثاني‬
‫الضمانات القانونية لمبدأ حياد اإلدارة في الجزائر‬
‫الضمانات القانكنية لمبدأ حياد اإلدارة في الجزائر‬ ‫الفصؿ الثاني‬

‫لما حدث التغير الدستكرم الذم تطمبتو مقتضيات إعماؿ مبدأ حياد اإلدارة كعدـ تحيزىا إلى‬
‫أف تـ النص عميو دستكريا الذم يعد تأسيس لضمانة قاعدية تطمب األمر ضمانات أساسية‬
‫منصكص عمييا في الدستكر تتكامؿ مع ىده الضمانة كضمانات فرعية تتضمنيا النصكص‬
‫القانكنية المتدرجة بعد الدستكر‪ ،‬مف اجؿ تحقؽ ضركرة احترامو احتراما صارما الف المبدأ يعد‬
‫قاعدة دستكرية ميمة ضمف األحكاـ الدستكرية الكاجبة االحتراـ‪ ،‬فعمى القكانيف اقؿ درجة مف‬
‫الدستكر عدـ مخالفتيا‪.‬‬

‫‪30‬‬
‫الضمانات القانكنية لمبدأ حياد اإلدارة في الجزائر‬ ‫الفصؿ الثاني‬

‫المبحث األول‪ :‬الضمانات القانونية المؤسسة لمبدأ حياد اإلدارة في الجزائر‬


‫عرفت الساحة السياسية مؤخ ار تطكرات بالغة األىمية‪ ،‬حيث تراجعت التكجيات التسمطية‬
‫كتنامت التحكالت الديمقراطية‪ ،‬فالجزائر تعيش مند االستقالؿ تجربة ديمقراطية‪ ،1‬كلقد كرست‬
‫جيكدا جبارة لمرقي باإلدارة كجعميا إدارة قكية كعصرية كأكثر فاعمية لتقديـ أحسف الخدمات‬
‫لممكاطنيف‪ ،‬غير انو لككف الجزائر دكلة حديثة العيد باالستقالؿ فبالتالي ىي صاحبة تجربة‬
‫متكاضعة مقارنة بالدكؿ األخرل األمر الذم أدل إلى بعض اإلخفاقات التي شابت السير الحسف‬
‫ألداء اإلدارة كالدم كاف كراؤه ضعؼ اإلطار القانكني كالسياسي مما اثر عمى حياد اإلدارة‪ ،‬كيعتبر‬
‫مبدأ حياد اإلدارة نمكج لتنظيـ اإلدارة كتسيير نشاطيا كىك دك مفيكـ متبايف كمتشعب مف حيث‬
‫مجاؿ تطبيقو كدلؾ الختالؼ األنظمة السياسية كاإليديكلكجية كالدينية كالفمسفية‪.‬‬
‫إف ىده الدراسة ال تنصب أساسا عمى بحث كتحميؿ طبيعة النظاـ السياسي كالدستكرم‬
‫لمجزائر‪ ،‬إنما تتركز عمى تبييف العكامؿ كالمعطيات التي تتصؿ إلعمالو فضمف التغير السياسي‬
‫كالدستكرم الذم مرت بو الجزائر‪ ،‬تراكح مبدأ فيو في المطمبيف‪ ،‬مطمب بتناكؿ الضمانات قبؿ كبعد‬
‫التحكؿ الديمقراطي لسنة ‪1989‬كقبؿ دستكر‪ 1996‬كمطمب نبيف فيو إقرار مبدأ الحياد‬
‫دستكر‪1996‬كضمانة قاعدة إلعمالو‪.‬‬
‫المطمب األول‪:‬‬
‫الضمانات القانونية لمبدأ اإلدارة قبل وبعد التحول الديمقراطي لسنة‪2989‬‬
‫شيدت الدكلة الجزائرية اثر التعديؿ الدستكرم لسنة ‪ 1989‬تحكال ىاما في نظاميا الدستكرم‬
‫كالسياسي كاالقتصادم ترتب عنو كجكب تغير السيما في النشاط اإلدارم كتطمب ضركرة تكييؼ‬
‫اإلدارة عضكيا ككظيفيا مع المعطيات الجديدة‪.‬‬
‫فالقكاعد التي تسير عمييا اإلدارة في نظاـ الحزب الكاحد تختمؼ مف حيث المجاؿ كالمضمكف‬
‫عف قكاعد الكاجب إتباعيا في النظاـ التعددم‪.‬‬
‫فالنظاـ السياسي كالدستكرم الجزائرم مر بمرحمتيف كبيرتيف تتميز كؿ كاحدة منيا‬
‫بخصائصيا كأسسيا كطبيعة بنائيا‪.‬كيعتبردستكر‪ 1989‬ىك الحد الفاصؿ بينيما ك ما جاء في‬

‫‪1‬‬
‫محمد بكضياؼ‪ ،‬مستقبؿ النظاـ السياسي الجزائرم‪ ،‬أطركحة مقدمة لنيؿ شيادة الدكتكراه بقسـ العمكـ السياسية كالعالقات‬
‫الدكلية‪ ،‬جامعة الجزائر‪.2008 ،‬‬

‫‪31‬‬
‫الضمانات القانكنية لمبدأ حياد اإلدارة في الجزائر‬ ‫الفصؿ الثاني‬
‫‪1‬‬
‫دستكر‪ 1989‬مف مستجدات ىك استكماؿ النظاـ دستكرم مختمؼ عف سابقو‪.‬‬
‫الفرع األول‪:‬‬
‫فقدان مبدأ حياد اإلدارة وضماناتو قبل التحول الديمقراطي لسنة‪2989‬‬
‫يمكف التمييز بيف أنظمة الحكـ عمى أساس نجد مجمكعتيف مف األنظمة المعاصرة ىي‬
‫الديمقراطية كاألنظمة االستبدادية‪ ،‬بالنسبة ليده األخيرة يغيب فييا تطبيؽ القانكف كتنتيي فييا‬
‫الحريات العامة‪.‬فيدا النظاـ تفرض فييا الق اررات عمى المكاطنيف دكف منيـ حؽ المشاركة في‬
‫تقريرىا كليس بإمكانيـ ممارسة أم رقابة عمى نشاطات الدكلة‪ ،‬فاإلدارة في ظؿ ىده األنظمة‬
‫مكانتيا كدكرىا محصكراف جدا‪.‬فيي خاضعة كتابعة لمنظاـ الحاكـ كخادمة لمصالحو‪ ،‬تتقمص فيو‬
‫السمطة التقديرية الممنكحة ليا عادة كيغيب فييا مظاىر‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫الحياد الكظيفي ليحؿ محمو كاجب الكالء المطمؽ كيتميز التقسيـ اإلدارم بالمركزية الشديدة‪.‬‬
‫بالمقابؿ النظاـ الديمقراطي يككف فيو الشعب صاحب السمطة كمصدر السيادة فادا كانت‬
‫الديمقراطية تعرؼ بأنيا حكـ الشعب بالشعب كمف اجؿ الشعب نفسو فادا كانت الديمقراطية تعرؼ‬
‫بأنيا حكـ الشعب بالشعب كمف الشعب نفسو كالكسيمة التي يعبر بيا عف إرادتو كسيادتو كعف‬
‫‪3‬‬
‫طريقيا يمارس السمطة في دكلتو‪.‬‬
‫نظاـ الحزب الكاحد ك عالقتو بالديمقراطية‪:‬‬
‫نظاـ الحزب الكاحد سكاء كاف نظاما فاشيا أك ماركسيا أك مف نظـ العالـ الثالث فانو يقكـ‬
‫عمى أساس السيطرة عمى كافة مجاالت الحياة‪ ،‬كيتميز بظاىرة خضكع اإلدارة المطمؽ كانصياعيا‬
‫لمسمطة الحاكمة لدلؾ ثار جدؿ فقيي حكؿ ما ادا كاف نظاـ الحزب الكاحد نظاما ديمقراطيا فغياب‬
‫التعددية السياسية يعني حتما حرماف اآلراء المعارضة مف التعبير عف نفسيا مما يجعؿ مستكل‬
‫المشاركة الشعبية في الحكـ ضئيؿ جدا‪.‬‬
‫فيناؾ مف يتعرض لدراسة الحزب الكاحد باعتباره احد األنظمة الحزبية‪ ،‬كىناؾ مف يرل أف‬
‫اعتبار نظاـ الحزب الكاحد احد األنظمة الحزبية المعاصرة أمر ال يستقيـ مع المعنى المغكم لكممة‬

‫‪1‬‬
‫‪-‬بكدريكة عبد الكريـ‪ ،‬مبدأ حياد اإلدارة كضماناتو القانكنية دراسة مقارنة‪ ،‬الجزائر‪-‬تكنس‪-‬فرنسا‪ ،‬ص‪.3‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬المرجع نفسو ‪ ،‬ص ‪3‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬عبد الغني بسيكني عبد اهلل‪ ،‬النظـ السياسية‪ ،‬الدار الجامعية لمطباعة كالنشر‪ ،‬مصر‪ ،‬بدكف سنة النشر‪ ،‬ص‪.204-203‬‬

‫‪32‬‬
‫الضمانات القانكنية لمبدأ حياد اإلدارة في الجزائر‬ ‫الفصؿ الثاني‬

‫حزب(طائفة‪ ،‬جماعة مف الناس) كال يتكافؽ مع مفيكـ اصطالح النظاـ الحزبي‪ ،‬الدم يعني‬
‫‪‬‬
‫كجكد أكثر مف حزب في الساحة السياسية‪.‬‬

‫كليذا فانو اذ ا كاف تعدد األحزاب احد السمات المميزة لنظـ الحكـ القائمة عمى أساس ديمقراطي‬
‫في دكؿ المعاصر‪ ،‬فاف الحزب الكاحد ارتبط ارتباطا كثيقا باألنظمة الدكتاتكرية التي ظيرت حديثا‬
‫خالؿ القرف العشريف‪ ،‬ىده ىي القاعدة التي يسمـ بيا الفقو الدستكرم في فرنسا كفي مصر بما‬
‫‪1‬‬
‫يشابو اإلجماع‪.‬‬
‫كىناؾ مف كضع الفقيو الدستكرم الفرنسي مكريس دكفرجيو في عداد القائميف بكجكد نظاـ الحزب‬
‫الكاحد في الدكؿ الديمقراطية‪ ،‬استنادا إلى عبارة ذكرىا في مؤلفو الشيير "األحزاب السياسية"‪ ،‬كلكف‬
‫العبارة في الجزء األخير منيا ينفي تماما ىدا الفيـ الخاطئ‪.‬‬

‫فقد قاؿ في الفصؿ األكؿ المعنكف ب"عدد األحزاب"في القسـ الثاني المتعمؽ بالنظـ الحزبية‪،‬‬
‫مف كتابو المذككر أعاله" لقد أصبح التناقض بيف التعددية كالحزب الكاحد شائعا حتى انو اعتبر‬
‫المعيار السياسي الذم يميز بيف عالميف‪ :‬الشرقي كالغربي‪ ،‬فيما يدعي اف ىدا خطا‪ ،‬الف الحزب‬
‫الكاحد يعمؿ في اسبانيا كفي العديد مف دكؿ أمريكا الالتينية‪ ،‬كفي بعض أنحاء الكاليات المتحدة‬
‫األمريكية بينما يستمر كجكد التعددية الحزبية رسميا في ألمانيا الشرقية كفي بعض الديمقراطيات‬
‫الشعبية المعتنقة لمماركسية كاالتحاد السكفياتي غير إف ىدا التطابؽ يظؿ في خطكطو الرئيسية‬

‫نظـ الحزب الكاحد تصنؼ إلى ثالث فئات‪ :‬‬


‫‪/1‬النظـ الماركسية‪ :‬يعتبر دكر الحزب الكاحد كاإلدارة جزءا مف المفيكـ الشامؿ لمدكلة كالمجتمع كاإلدارة ىي بناء فكقي متالئـ مع بناء تحتي‬
‫اقتصادم قائـ‪.‬فيي أداة بيد طبقات ذات امتيازات‪ ،‬ك البركليتاريا عندما تندلع الثكرة تستكلي عمى جياز الدكلة كتخضعو لمحزب الشيكعي‬
‫الممثؿ لمطبقة الكادحة الظافرة‪ ،‬كالدم يعتبر محرؾ كحيد لمثكرة االشتراكية‪.‬‬
‫‪/2‬النظـ الفاشية‪ :‬ىنا نميز بيف الفاشية في ألمانيا كبيف الفاشية في ايطاليا كاسبانيا كالبرتغاؿ‪ ،‬كىي مختمفة فمثال في ألمانيا الحزب النازم‬
‫يسعى لمسيطرة كميا عمى الدكلة ليس لخدمة الحاكـ الذم يمتاز بسياسية العدكانية‪.‬‬
‫‪/3‬النظـ في دكؿ العالـ الثالث كىي كثيرة التبايف منيا ما يقترب مف النمكذج الماركسي كمنيا ما يقترب مف النمكذج الفاشي كمنيا ما يشكؿ‬
‫مزيجا منيما‪.‬‬
‫لتفصيؿ أكثر انظر احمد محيك‪ ،‬ترجمة محمد عرب صاصيال‪ ،‬محاض ارت في المؤسسات اإلدارية‪ ،‬الطبعة الخامسة‪ ،‬ديكاف المطبكعات‬
‫الجامعية الجزائر‪ ،2006‬ص ‪57-56‬‬
‫‪1‬‬
‫‪ -‬عبد الغني بسيكني‪ ،‬النظـ السياسية‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪.305‬‬

‫‪33‬‬
‫الضمانات القانكنية لمبدأ حياد اإلدارة في الجزائر‬ ‫الفصؿ الثاني‬
‫‪1‬‬
‫صحيحا بيف النظاـ الديكتاتكرم كالحزب الكاحد‪ ،‬كالديمقراطية كالتعددية الحزبية"‪.‬‬
‫الجزائر قبؿ ‪ 1989‬في ظؿ أحادية الحزب إىدار لمبدأ الحياد‪:‬‬
‫بعد استقالؿ الج ازئر استمـ الجزائريكف مقالي ػد الحكـ الذم تكضح تأسسو مند قياـ الثكرة‬
‫التحريرية‪ ،‬فقد اتفؽ بياف أكؿ نكفمبر كمؤتمر الصكماـ كمؤتمر طرابمس سنة ‪ ،1962‬إف الثكرة‬
‫تيدؼ إلى تحقيؽ االستقالؿ الكطني كاقامة الدكلة الجزائرية الديمقراطية االجتماعية‪ ،‬كتبني التكجو‬
‫االشتراكي ب عد االستقالؿ كفي تمؾ الفترة تأكدت المكانة الرائدة لجبية التحرير الكطني التي تحكلت‬
‫مف تحالؼ شعبي مسمح إلى حزب سياسي‪ ،‬تكفؿ بكضع الخط اإليديكلكجي كالسياسي لمكطف‪.‬‬
‫لقد اتحدت النصكص الدستكرية كالمكاثيؽ التي عرفتيا الجزائر السيما دستكر‪ 1963‬كالميثاؽ‬
‫الكطني كدستكر‪ 1976‬عمى تأكيد الطابع الديمقراطي كاالشتراكي لمدكلة‪ ،‬كجسدت قانكنيا انفراد‬
‫حزب التحرير الكطني في الساحة السياسية باعتباره الحزب الكحيد‪.‬‬
‫إف حزب جبية التحرير الكطني‪ ،‬أخد عمى عاتقو ميمة كضع النيج اإليديكلكجي كتطبيقو‬
‫فعال عف طريؽ أعضائو الديف أمرت النصكص عمى كجكب اعتالءه المناصب كتقمد الكظائؼ مف‬
‫طرفيـ‪ ،‬فدستكر ‪ 1963‬إضافة إلى أف كضعو تـ مف طرؼ الحزب قد اقرف كافة كظائؼ الدكلة‬
‫‪2‬‬
‫بالتكاجد الدائـ لمحزب سكاء مف حيث اإلشراؼ أك التكجيو أك الرقابة‪.‬‬
‫لقد تميز‪ 1963‬إلى جانب اىتمامو بتنظيـ السمطات‪ ،‬بأنو لـ يميؿ الجانب التاريخي‬
‫كالنضالي لمشعب الجزائرم كانتمائو العربي اإلسالمي‪ ،‬كما انو حدد مبادئ كأىداؼ النظاـ داخميا‬
‫كدكليا‪3‬في ظؿ االختيار االشتراكي كالحزب الكاحد‪ ،‬رافضا التعددية الحزبية كالنظاـ الحر‪ ،‬مما دفع‬
‫باألستاذ كامك‪CAMAU‬إلى تكييؼ دستكر‪1963‬بانو ليس دستكر قانكف‪ ،‬كانما ىك دستكر برنامج‬
‫‪4‬‬
‫كتبرير دلؾ انو اعتمد عمى الحزب الكاحد‪.‬‬
‫فدستكر ‪ 1963‬اعتمد االشتراكية كالحزب الكاحد المخطط كالمكجو كالمراقب‪ ،‬حتى أف رئيس‬
‫الجميكرية المترشح يككف مف قبؿ الحزب الكاحد‪ ،‬ككذلؾ الترشيح كسحب الثقة مف النكاب‪ ،‬يعني‬

‫‪1‬‬
‫‪-‬المرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.306‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-‬عمر صدكؽ‪ ،‬مدخؿ لمقانكف الدستكرم كالنظاـ السياسي الجزائرم‪ ،‬ديكاف المطبكعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪ ،1986 ،‬ص ‪.26‬‬
‫‪3‬‬
‫‪-‬دلؾ يتكضح مف خالؿ مقدمة الدستكر كالمكاد مف ‪ 11-1‬كما خصص المكاد مف ‪ 26-23‬لجبية التحرير الكطني‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪-‬سعيد بكشعير‪ ،‬النظاـ السياسي الجزائرم دراسة تحميمية لطبيعة نظاـ الحكـ في ضكء دستكرم ‪1963‬ك‪ ،1976‬الجزء األكؿ‪،‬‬
‫طبعة ‪ ،2‬ديكاف المطبكعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪ ،2013 ،‬ص ‪.75 ،76‬‬

‫‪34‬‬
‫الضمانات القانكنية لمبدأ حياد اإلدارة في الجزائر‬ ‫الفصؿ الثاني‬

‫ىذا أف السمطات المنصكص عمييا في الدستكر ماىي إال أدكات في يد الحزب لتحقيؽ برنامجو‬
‫السياسي المتمثؿ في تحقيؽ االشتراكية حيث تنص المادة‪ 24‬مف الدستكر‪:‬‬
‫"جبية التحرير الكطني تحدد سياسة األمة كتكحي بعمؿ الدكلة كتراقب عمؿ المجمس الكطني‬
‫كالحككمة"‪ ،‬أما المادة ‪ 25‬تنص "جبية التحرير الكطني تشخص المطامح العميقة لمجماىير‬
‫كتيدبيا كتنظميا كىي رائدىا في تحقيؽ مطامحيا"‪.‬‬
‫لـ يخرج دستكر‪ 1976‬عف المبادئ كالقكاعد العامة التي اعتمدتيا الثكرة الجزائرية ككرستيا‬
‫مكاثيقيا‪ ،‬فقد جاء ىدا الدستكر مستكحى مف النصكص األساسية لمثكرة السيما الميثاؽ الكطني‬
‫لسنة ‪ ،1976‬بؿ انو يمكف اعتباره تثبيتا كاضفاء الصفة الشرعية عمى ما قاـ بو الحكاـ مند‬
‫‪ 1965‬كقاعدة الحكـ المستقبمي الذم يرتكز عمى الحزب الكاحد كأكليتو عمى أجيزة الدكلة ككحدة‬
‫القيادة السياسة لمحزب كالدكلة‪ ،‬كما انو اقر مجمؿ الحريات األساسية كحقكؽ اإلنساف كالمكاطف‪،‬‬
‫‪1‬‬
‫غير انو قيد ممارستيا بمبادئ الثكرة‪.‬‬
‫بعد استعراض النتائج كاآلثار التي يرتبيا نظاـ الحزب الكاحد كعالقتو بعناصر البنية االجتماعية‬
‫كالسياسية كصمتو بنشاط اإلدارة العامة خصكصا مكقفو مف مبدأ حياد اإلدارة‪.‬‬
‫نحاكؿ إسقاطيا عمى النظاـ الجزائرم‪ ،‬فيظير لنا تطابؽ يتمثؿ في‪:‬‬
‫*رئيس الجميكرية كىك في آف كاحد األميف العاـ لمحزب (ـ‪/104‬دستكر‪ )1976‬كيجسد كحدة‬
‫القيادة السياسية لمحزب كالدكلة (ـ‪98‬كـ‪/111‬دستكر‪ )1976‬كذلؾ نفس القاعدة مطبقة بالنسبة‬
‫لممناصب الك ازرية‪ ،‬يختار شاغمكىا مف األعضاء البارزيف في الحزب‪.‬‬
‫كبما أف اإلدارة تكفر أفضؿ ضمانات األمف استقرار الشغؿ فإنيا تكتسب أفضؿ العناصر مف‬
‫الحزب‪ 2.‬نتج عف دلؾ تداخؿ عضكم افرز انصيار أجيزة الدكلة داخؿ جياز الحزب المكجو‬
‫‪3‬‬
‫الكحيد لمسياسة العامة لمبالد‪.‬‬
‫* الكظائؼ اإلدارية كالمناصب النيابية يتقمدىا مف يككف منخرط في الحزب كىدا تؤكده المكاد‬
‫‪102‬ك‪ 128‬مف الدستكر‪ ،‬كأكدت النصكص القانكنية لمكظيفة العامة كالتنظيمات‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪-‬سعيد بكشعير‪ ،‬النظاـ السياسي الجزائرم دراسة تحميمية لطبيعة نظاـ الحكـ في ضكء دستكرم ‪1963‬ك‪ ،1976‬المرجع السابؽ‪،‬‬
‫ص ‪.275‬‬

‫‪2‬‬
‫احمد محيك‪ ،‬محاضرات في المؤسسات اإلدارية‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪.59‬‬
‫‪3‬‬
‫‪-‬عبد الكريـ بكدريكة‪ ،‬مبدأ حياد اإلدارة كضماناتو القانكنية دراسة مقارنة الجزائر‪-‬تكنس‪-‬فرنسا‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪.108‬‬

‫‪35‬‬
‫الضمانات القانكنية لمبدأ حياد اإلدارة في الجزائر‬ ‫الفصؿ الثاني‬

‫الفرع الثاني‪ :‬نسبية مبدأ حياد اإلدارة وضمانو بعد التحول الديمقراطي لسنة ‪2989‬‬
‫كما اشرنا إلى أف النظاـ السياسي كالدستكرم الجزائرم مر بمرحمتيف‪ ،‬تتميز كؿ كاحدة منيا‬
‫بخصائصيا كأسسيا كطبيعة بناءىا‪ ،‬كيعتبر دستكر ‪ 1989‬ىك الحد الفاصؿ بيف المرحمتيف‪.‬‬
‫كنتناكؿ فيما يمي عنصريف أساسيف‪ ،‬التعددية الحزبية كمبدأ الفصؿ بيف السمطات كدكرىما في‬
‫تجسيد مبدأ حياد اإلدارة‪.‬‬
‫‪ -‬التعددية الحزبية كدكرىا في تجسيد مبدأ حياد اإلدارة‪:‬‬
‫إف مبدأ حياد اإلدارة يرتكز عمى كجكد نظاـ ديمقراطي يعترؼ بالتعددية الحزبية‪ ،‬كيحتاج إلى تكفر‬
‫االستقرار السياسي إلعماؿ ىدا المبدأ‪ ،‬كاألحزاب السياسية ىي التي تقكـ بدكر رئيسي في تكجيو‬
‫الشعكب الختيار ممثمييا‪ ،‬فيي تعد ضركرة لمديمقراطية التي تقدس الحريات العامة‪.‬‬
‫رغـ ما يكجو لألحزاب مف انتقادات حتى أف البعض اعتبر أنيا سبب في تزايد عكامؿ االنشقاؽ‬
‫كاالضطراب في الدكلة‪.‬كيتضح صدؽ ىدا النقد في الدكؿ الحديثة العيد بالديمقراطية التي لـ تالؼ‬
‫المعارضة‪.‬كما اتيمت بأنيا تشتت قكل الدكؿ فتنقسـ إلى مؤيد كمعارض‪ ،‬لكف الرد عمى ىدا ىك‬
‫التأكيد عمى أىمية المعارضة فيده األخيرة حتى كاف تسببت في جعؿ عمؿ الدكلة أبطا إال أنيا‬
‫تحكؿ دكف االستبداد أك التسرع في اتخاذ الق اررات‪.‬كما انتقدت األحزاب بأنيا تركز السمطة في‬
‫الييئات الرئاسية لكؿ حزب‪ ،‬التي تحدد مكقفيا مف مشاكؿ الدكلة ثـ تحدد لممثمي األحزاب في‬
‫البرلماف خطة يسيركف عمييا‪ ،‬بحيث ال يحيد عنيا إال مف اعتزاـ االستقالة مف حزبو كىكذا يصبح‬
‫‪1‬‬
‫النائب ممثال لحزبو ال لمشعب اجمعو‪.‬‬
‫إف األنظمة التي تعترؼ بالتعددية السياسية ‪ -‬سكاء كاف نظاـ ثنائية األحزاب أك نظاـ تعدد‬
‫األحزاب – تكلي أىمية بالغة لإلدارة باعتبارىا ساحة مساحات التنافس السياسي‪ ،‬بحيث يحاكؿ كؿ‬
‫‪2‬‬
‫حزب كسب اإلدارة في جانبو كفرض ىيمنتو عمى أجيزتيا كمجاالت نشاطيا‪.‬‬
‫الصالت متينة بيف اإلدارة كالسياسة إلى درجة التفاعؿ كالتأثير المتبادؿ‪ ،‬فالصراعات الحزبية‬
‫كتغيرات األحزاب الممثمة لمسمطة نتيجة التداكؿ عمى الحكـ‪ ،‬كأماـ االستقرار النسبي لإلدارة‪ ،‬أدل‬
‫إلى ظيكر عدة مفاىيـ تعبر عف ىده العالقة كما نتج عنيا مثؿ‪" :‬تسييس‬

‫‪1‬‬
‫سميماف محمد الطماكم‪ ،‬المرجع السابؽ ص ‪ 288‬ككذلؾ كعبد الغني بسيكني في المرجع السابؽ ص‪ 321‬كما بعدىا‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-‬عبد الكريـ بكدريكة‪ ،‬مبدأ حياد اإلدارة كضماناتو القانكنية‪ ،‬المرجع السابؽ‪.‬ص ‪.28‬‬

‫‪36‬‬
‫الضمانات القانكنية لمبدأ حياد اإلدارة في الجزائر‬ ‫الفصؿ الثاني‬

‫في المادة ‪ 40‬منو مايمي‪" :‬حؽ إنشاء الجمعيات ذات الطابع السياسي معترؼ بو"‪.‬‬
‫كما اعتبر المؤسس الدستكرم التعددية الحزبية مف أىـ األسس التي ال يمكف أف يطاليا‬
‫التعديؿ حيث نص في المادة ‪" :178‬ال يمكف أم تعديؿ دستكرم أف يمس‪:‬‬
‫‪-1‬الطابع الجميكرم لمدكلة‪،‬‬
‫‪1‬‬
‫‪-2‬النظاـ الديمقراطي القائـ عمى التعددية الحزبية‪."... ،‬‬
‫االستقرار السياسي‪2‬مف األىداؼ السياسة الرئيسية التي يسعى كنظاـ إلى تحقيقو‪ ،‬كحاجة‬
‫اإلدارة إليو كبيرة‪.‬‬
‫إف مبدأ حياد اإلدارة باعتباره نظاما قانكنيا كعمميا لحسف أداء الخدمات العامة ال يقكـ إال في‬
‫ظؿ مناخ مشبع بالكعي الحقيقي لمضمكنو كأبعاد ىك أىدافو القريبة كالبعيدة‪ ،‬كيحتاج إلى تنشئة‬
‫‪3‬‬
‫اجتماعية كسياسية في الكسط المراد تطبيقو فيو‪.‬‬
‫كعميو بالرغـ مف تبني الجزائر نظاـ التعددية الحزبية‪4‬الذم فتح مجاال كاسعا لممشاركة‬
‫الشعبية في الحياة السياسية فاف دلؾ نتج عنو عدـ استقرار سياسي اثر بشكؿ كاضح عمى أجيزة‬
‫اإلدارة كتنظيماتيا‪.‬‬
‫يرل د‪.‬سعيد بكشعير إف النصكص لكحدىا غير كافية لالنتقاؿ إلى النظاـ الديمقراطي نظ ار‬
‫لكجكد قكل فعمية كفاعمة داخؿ كخارج األجيزة كالمؤسسات يصعب مراقبتيا في مقابؿ خمك الدستكر‬
‫مف الميكانيزمات الالزمة التي تضمف احتراـ مبدأ التداكؿ عمى السمطة عمميا في ظؿ التعددية‬
‫السياسي ػ ػة‪ ،‬فمجرد حص ػ ػكؿ ق ػكل سياسيػ ػة جديدة عمى تأييد شعبي يمج ػا القابضكف عمى السمطػ ػة‬

‫‪1‬‬
‫‪-‬تـ تعديؿ المادة ‪ 178‬بمكجب المادة‪ 12‬مف قانكف ‪ 19-08‬المتضمف تعديؿ الدستكر المؤرخ في‬
‫‪( 2008/11/15‬جر رقـ‪ 63‬ص‪)05‬حيث نصت المادة ‪ 12‬مف الدستكر‪ ،‬كتحرر كاألتي‪ :‬المادة‪ 178‬ال يمكف‬
‫أم تعديؿ دستكرم أف يمس‪- :‬إضافة عنصر‪.7-‬العمـ كالنشيد الكطني باعتبارىما مف رمكز الثكرة كالجميكرية‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-‬االستقرار السياسي‪ :‬يعرفو ايكيستيف‪" :‬ىك استم اررية األبنية الحككمية عبر فترة طكيمة مف الزمف كقدرة الحككمة عمى إصدار قكانيف أك‬
‫تعيدات ايجابية باإلضافة إلى تخفيض درجة العنؼ السياسي عمى اتخاذ الق اررات التي تتناسب مع المطالب المقدمة إليو كعمى تنفيذىا"‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪-‬عبد الكريـ بكدريكة‪ ،‬مبدأ حياد اإلدارة كضماناتو القانكنية‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪ 86‬كما بعدىا‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫ضمف نتائج تحكالت دستكر فيفرم‪ 1989‬المقر لمتعددية تأسيس في اقؿ مف سنتيف بمكجب قانكف األحزاب قرابة‪60‬حزب كاما نظمت‬
‫االنتخابات التشريعية في ديسمبر‪ 1991‬لـ يعتؿ منيا عتبة المؤسسات المنتخبة إال الجبيات الثالث‪ :‬الجبية اإلسالمية لالنقاد‪ ،‬جبية التحرير‬
‫الكطني‪ ،‬جبية القكل االشتراكية‪ ،..... ،‬لكف االنتخابات ألغيت قبؿ إجراء الدكر الثاني كحؿ الحزب الفائز كأصبح المشكؿ األساسي المطركح‬
‫عمى الجميع ىك مشكؿ الشرعية كمستقبؿ الديمقراطية في الجزائر"‪.‬انظر‪ :‬عبد الرزاؽ مقرم‪ ،‬التحكؿ الديمقراطي في الجزائر‪ ،‬رؤية ميدانية بدكف‬
‫سنة كدار نشر‪ ،‬الجزائر‪ ،‬ص‪ 13‬كما بعدىا‪.‬‬

‫‪37‬‬
‫الضمانات القانكنية لمبدأ حياد اإلدارة في الجزائر‬ ‫الفصؿ الثاني‬

‫إلى استعماؿ ميكانيزم ػ ػات لمكاجية أم دخيػ ػؿ‪ ،‬كىي الرؤيػ ػ ػة األحاديػ ػة التػ ػي ميزت نظػ ػ ػاـ الحكػ ػـ‬
‫‪1‬‬
‫في الجزائر مند االستقالؿ"‪.‬‬
‫‪ -‬إقرار مبدأ الفصؿ بيف السمطات كدكره في تأسيس مبدأ حياد اإلدارة‪:‬‬
‫يمثؿ مبدأ الفصؿ بيف السمطات مبدأ دك صيغة دستكرية يرتكز عمى فمسفة تيدؼ إلى‬
‫ضماف الحرية كمنع قياـ نظاـ استبدادم‪ ،‬كاف نتاج التطكر التاريخي‪2 ،‬لكف ىدا المبدأ لـ يتبمكر‬
‫بشكؿ متكامؿ كلـ يعرؼ االنتشار إال بعد إف تكلى المفكر الفرنسي ‪Charles louis de‬‬
‫‪ secondat‬المعركؼ أكثر بمقبو االرستقراطي‪ baron de Montesquieu‬تطكير ىده النظرية‬
‫في كتابو "ركح القكانيف"‪l'esprit des lois‬الذم نشر سنة ‪.1747‬‬
‫كامتدت أفكار مكنتسكيك إلى انجمت ار كأمريكا‪ ،‬كاقر قادة الثكرة الفرنسية جكىر ىده النظرية‬
‫عندما أدرجكىا ضمف إعالف حقكؽ اإلنساف كالمكاطف سنة ‪ ،1789‬كقد تكاصؿ االخذ بيد المبدأ‬
‫إلى اليكـ في اغمب الدساتير المعاصرة ‪.‬أكضح مكنتيسكيك انو يكجد في كؿ دكلة ثالثة أنكاع مف‬
‫السمطة‪ ،‬السمطة التشريعية التنفيذية أك السمطة المنفذة لألمكر التي تتكقؼ عمييا حقكؽ اإلنساف‪،‬‬
‫‪3‬‬
‫كالسمطة المنفذة لممسائؿ المتعمقة بالقانكف المدني أم السمطة القضائية‪.‬‬
‫إف مبدأ الفصؿ بيف السمطات في الجزائر لـ يكف مبدأ غريبا أك مجيكال إنما كاف مند بدايات‬
‫إرساء قكاعد النظاـ السياسي طمكحا بار از في مكاثيؽ حزب جبية التحرير الكطني كالمؤسسات‬
‫المؤسسة لمدكلة الجزائرية فقد جاء في نص المادة الثانية مف الكثيقة التي كردت بيذا النص كىي‬
‫الدستكر األكؿ المكتكب في الجزائر‪ ،‬كالتي صدرت عف المجمس الكطني لمثكرة في اجتماعو‬
‫بطرابمس بميبيا بتاريخ ‪ 1956/12/16‬مايمي‪:‬‬
‫"الفصؿ بيف السمطات التشريعية‪ ،‬التنفيذية‪ ،‬كالقضائية العناصر األساسية لكؿ‬
‫الديمقراطية‪ ،‬فيي القاعدة في المؤسسات الجزائرية"‪ ،‬لكف النص لـ يكضح مياـ ىدا الفصؿ‪ ،‬كقد‬

‫‪1‬‬
‫‪-‬سعيد بكشعير‪ ،‬النظاـ السياسي الجزائرم‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪.139‬‬
‫‪2‬‬
‫يمكف أف نعكد بو إلى عيد اليكناف‪ ،‬فقد اعتبر أفالطكف أف كظائؼ الدكلة يجب أف تكزع عمى ىيئات متعددة مع السعي إلى إقامة التكازف‬
‫بينيا خشية انفراد إحداىما بالحكـ‪ ،‬مما يؤدم إلى حدكث اضطرابات‪ ،‬كطكر أرسطك ىده الفكرة بالتأكيد عمى أف النظاـ السياسي يجب أف‬
‫الذم كتب عنو في مؤلفو الحككمة المدنية ‪John Locke‬يشمؿ عمى سمطات‪ ،‬كفي القرف السابع عشر عاد المبدأ مع المفكر االنجميزم‬
‫سنة‪.1962‬‬
‫‪3‬‬
‫‪-‬عبد الغني بسيكني‪ ،‬النظـ السياسية‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪.262‬‬

‫‪38‬‬
‫الضمانات القانكنية لمبدأ حياد اإلدارة في الجزائر‬ ‫الفصؿ الثاني‬

‫سادت بعد االستقالؿ نظرية كحدة السمطة مما يدفعنا إلى القكؿ إف النص المذككر لـ يتعد حد‬
‫‪1.‬‬
‫الطمكح‬
‫‪ -‬التجربة الدستكرية الجزائرية تأرجحت في األخذ بالمبدأ بيف اإلنكار كاإلقرار‪.‬‬
‫لقد كاف دستكر ‪ 1963‬أكؿ دستكر تمرد عمى مبدأ الفصؿ بيف السمطات بتبنيو كحدة السمطة‬
‫بدعكل أف النظاميف الرئاسي كالبرلماني الكالسيكييف لف يضمنا االستقرار‪ ،‬فمـ يقر مبدأ الفصؿ بيف‬
‫‪2‬‬
‫السمطات بؿ اقر استقاللية غير كاضحة‪.‬‬
‫أما دستكر‪ 1976‬كالميثاؽ الكطني قننا الندماج السمطات لصالح الرئيس قائد الحزب كالدكلة‪،‬‬
‫كنص نظريا عمى تكزيع السمطات كسماىا"الكظائؼ"‪ ،‬كنص عمى استقاللية القضاء ىدا األخير في‬
‫ممارسة سيادتو كلكف في إطار تكجييات الحزب كالمصالح العميا لمدكلة‪.‬‬
‫فاقترب بدلؾ مف النظاـ الرئاسي المشدد الذم يقكـ عمى التدعيـ الضخـ لسمطات الرئيس‪ ،‬كالتقميؿ‬
‫المعاكس لمكانة ككظيفة السمطة التشريعية كيضيؼ البعض انعداـ مسؤكلية الرئيس كاضمحالليا‪.‬‬
‫كبعد األزمة السياسية كاالجتماعية التي فجرت انتفاضة اكتكبر‪ 1988‬كالتي فرضت تبني‬
‫إصالحات سياسية جسدىا دستكر‪ 1989‬الذم كاف بمثابة دستكر قانكف ‪ ،‬فاعتمد مبدأ الفصؿ‬
‫بيف السمطات كرد فعؿ إلقرار مبدأ كحدة السمطة في دستكر‪ ،1976‬فاعتناؽ المبدأ كاف بغرض‬
‫تجنب تداخؿ السمطات كالصالحيات كاحتماؿ استحكاذ سمطة معينة عمى مشاركة جية أخرل‪،‬‬
‫كيتجمى دلمؾ في عقد اختصاص التشريع لممجمس بمفرده كانشاء مجمس دستكرم انيطت بو ميمة‬
‫الفصؿ في المنازعات المحتمؿ قياميا بيف السمطتيف التنفيذية كالتشريعية‪ ،‬ىناؾ تساؤؿ ميـ‬
‫نطرحو‪ :‬ما ىك دكر مبدأ الفصؿ بيف السمطات مف اجؿ تأسيس مبدأ الحياد؟‪ ،‬مف المفركض أف‬
‫مبدأ الفصؿ بيف السمطات كمف خالؿ رقابة البرلماف عمى اإلدارة يساىـ في رفع المسؤكلية عف‬
‫كاىؿ المكظؼ في حاؿ تغيير رجاؿ السمطة التنفيذية الديف يمارسكف الكظائؼ السياسية’فالرقاب‬
‫‪3‬‬
‫المباشرة مف طرؼ البرلماف عمى اإلدارة ىك حماية قانكنية كدستكرية لمبدأ الحياد‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪-‬ميمكد ذبيح‪ ،‬الفصؿ بيف السمطات في التجربة الدستكرية الجزائرية‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪.52‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-‬بشاف دستكر‪ 1963‬انظر‪ :‬عبد اهلل بكقفة‪ ،‬الدستكر الجزائرم نشأة‪-‬تشريعا‪ ،‬فقيا‪ ،‬الطبعة األكلى‪ ،‬دار اليدل عيف مميمة‪ ،‬الجزائر‪.2005 ،‬‬
‫‪3‬‬
‫‪-‬فيرـ فاطمة‪ ،‬المكظؼ العمكمي كمبدأ حياد اإلدارة في الجزائر‪ ،‬مذكرة لنيؿ شيادة الماجستير قسـ قانكف عاـ فرع اإلدارة كالمالية كمية‬
‫الحقكؽ جامعة الجزائر‪ ،2004-2003 ،‬ص‪.77‬‬

‫‪39‬‬
‫الضمانات القانكنية لمبدأ حياد اإلدارة في الجزائر‬ ‫الفصؿ الثاني‬

‫كانطالقا مف نتائ ج تطبيؽ ىدا المبدأ في الجزائر نجد أف لو الفضؿ في دعـ النظاـ‬
‫الديمقراطي كالسماح بعبكر مبادئ جديدة كخمقو لمجك القانكني العاـ لتأسيس مبدأ حياد اإلدارة إال‬
‫انو لـ يمعب دكره الحقيقي في تفعيؿ جكىر مبدأ الحياد كدلؾ راجع إلى عدة نتائج أىميا‪:‬‬
‫*الفصؿ التاـ بيف اإلدارة كالبرلماف‪ :‬الفصؿ بيف السمطات يتميز بالتداخؿ السيما بيف‬
‫السمطتيف التشريعية كالتنفيذية كينظر إلى ىدا التداخؿ عمى انو ضركرة حتمية في الدكلة‬
‫الديمقراطية‪ ،‬كمف اجؿ معرفة حدكد مساىمة مبدأ الفصؿ بيف السمطات في تجسيد الحياد يجب أف‬
‫نبحث في العالقة بيف التداخؿ السابؽ الذكر كمبدأ الحياد‪ ،‬كىدا يتطمب البحث في العالقة بيف‬
‫السمطة التشريعية كالتنفيذية كباألخص العالقة بيف اإلدارة كالبرلماف ادا ما انطمقنا مف أف السمطة‬
‫‪1‬‬
‫التنفيذية تشمؿ الحككمة كاإلدارة‪.‬‬
‫الدستكر الجزائرم حدد العالقة بيف البرلماف كالحككمة دكف اإلشارة إلى اإلدارة‪ ،‬الف أعماؿ‬
‫‪2‬‬
‫ىده األخيرة تبقى ثانكية مقارنة مع أعماؿ الحككمة‪ ،‬فيي مجرد كسيمة لمتنفيذ ليس إال‪.‬‬
‫كمف النتائج أيضا طغياف السمطة التنفيذية عمى السمطتيف التشريعية كالقضائية‪:‬‬
‫السمطة التنفيذية في الجزائر يمكف كصفيا باالزدكاجية‪ ،‬لكف ىناؾ ضعؼ فاإلطار القانكني‬
‫لضماف حياد اإلدارة كىذ ا راجع إلى تشخيص أك فردية السمطة كىيمنة السمطة التنفيذية‪ ،‬كتظير‬
‫ىده الييمنة في احتكار السمطة مف طرؼ الرئيس عمى الرغـ مف المشاركة الشكمية لمشعب‬
‫إلضفاء الشرعية عمى ىذا االحتكار‪.‬‬
‫المطمب الثاني‪ :‬إقرار مبدأ حياد اإلدارة في الجزائر‬
‫لقد شيد النظاـ الجزائرم تطكرات في غاية األىمية خاصة بعد صدكر دستكر ‪ ،1989‬مما‬
‫استكجب إعادة النظر في الكثير مف المكاضيع المتصمة بالقانكف الدستكرم كاإلدارم كالسياسي‬
‫فبمكجب استفتاء ‪ 28‬نكفمبر‪ ،1989‬تـ إقرار مبدأ حياد اإلدارة فتميز عمى النظـ المقارنة بالنص‬
‫عمى المبدأ في صمب الدستكر كدلؾ في المادة ‪ 23‬منو‪.‬‬
‫كفكرة حياد اإلدارة تعد مف المكاضيع اليامة التي تطرح بإلحاح شديد ألنيا تربط بيف‬
‫أمريف قد يبدك لمكىمة األكلى أنيما متعارضيف لكف في حقيقة األمر ىما متكامالف‪ ،‬أال كىما كفالة‬
‫حرية المكظؼ باعتباره مكاطنا ككجكب عدـ انحياز المرفؽ كحياده أثناء أدائو لخدماتو‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪-B-yelles chaouhe.la relation gouvernement-administration en droit constitutionnel. Revue I ،D ،A ،R ،A ،‬‬
‫‪volume 10 nM01/2000p83.‬‬

‫‪40‬‬
‫الضمانات القانكنية لمبدأ حياد اإلدارة في الجزائر‬ ‫الفصؿ الثاني‬

‫كما سنتناكلو فيما يمي يبرز في الفرع األكؿ إقرار مبدأ حياد اإلدارة بمكجب المادة ‪ 23‬مف‬
‫دستكر‪ ،1996‬أما في الفرع الثاني يبيف أىمية تبني مبدأ حياد اإلدارة‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬إقرار مبدأ حياد اإلدارة بموجب دستور‪2996‬‬
‫لقد عرؼ مبدأ حياد اإلدارة كسكفا اضط ارريا كتدىكر مزمف مف جراء ما فرضو عميو المستكل‬
‫النظرم كالعممي قي الميدانييف السياسي كالقانكني‪ ،‬دستكر ‪ 76‬الذم داء فيو أف تتاح المسؤكليات‬
‫في الدكلة لممكاطنيف الديف تتكفر فييـ مقاييس الكفاءة كالنزاىة كااللتزاـ‪.‬‬
‫كما أصاب ىدا الحياد مف تمكيو في تصريحات أكلي األمر كتيميشو مف لدف لغة القانكف كمند‬
‫صدكر دستكر‪ 1989‬أصبحت ىده القاعدة ال تتعارض مع التكجييات اإليديكلكجية كالتغيرات‬
‫السياسية‪ ،‬فامتازت بمضمكنيا الثرم كالطابع العممي كأصبحت في األخير ضركرة تقنية كقانكنية‬
‫لمدكلة العصرية كمقاييسيا‪1‬إلى أف تـ تكريسو فعال بالنص عميو في دستكر‪.96‬‬
‫‪ -‬التنصيص عمى المبدأ في المادة ‪ 23‬مف دستكر‪:1996‬‬
‫لقد اقر المؤسس الدستكرم مف خالؿ التعديؿ الدستكرم لسنة ‪2،1996‬مبدأ ىاـ لمغاية يتمثؿ في‬
‫إلزاـ اإلدارة بالحياد تجسيدا لمبدأ الفصؿ بيف السمطات كتكريسا لدكلة القانكف‪.‬‬
‫لقد جاء نص ا لمادة ضمف الباب األكؿ مف الدستكر كالمتعمؽ بالمبادئ العامة التي تحكـ‬
‫المجتمع الجزائرم‪ ،‬تحديدا في الفصؿ الثالث منو كالمعنكف ب‪ :‬الدكلة‪ ،‬كىدا يعكس تأكيد المؤسس‬
‫الدستكرم عمى أىمية مبدأ حياد اإلدارة كمبدأ يحكـ المجتمع الجزائرم‪ ،‬كألقى عمى عاتؽ الدكلة‬
‫تحديدا اإلدارة عدـ التحيز‪.‬‬
‫إف إضافة ىده المادة في الدستكر كمبدأ مف المبادئ الدستكرية الجديدة‪ ،‬إضافة في محميا‬
‫الف مبدأ حياد اإلدارة يعد مف المقتضيات كاألسس التي يقكـ عمييا نظاـ التعددية الحزبية المعتمد‬
‫بعد التحكؿ الديمقراطي لسنة ‪.1989‬‬
‫مبدأ حياد اإلدارة يمكف كصفو بالغريب كحتى الغير الكارد في ظؿ نظاـ األحادية الحزبية‬
‫لكف بعد التحكؿ الديمقراطي يمكف القكؿ أف عكامؿ كشركط إعماؿ ىك إطاره القانكني قد تكفرت‪-‬‬
‫عمى األقؿ نظريا‪ ،-‬إف التكجو الديمقراطي الجديد اقتضى نظاـ تعددم يسمح بالتداكؿ عمى‬

‫‪1‬‬
‫محمد أميف بكسماح‪ ،‬ترجمة رحاؿ بف اعمر كرحاؿ مكالم ادريس‪ ،‬المرفؽ العاـ في الجزائر‪ ،‬ترجمة رحاؿ بف اعمر كرحاؿ مكالم ادريس‪ ،‬د‬
‫ـ ج‪ ،‬الجزائر‪ ،1995 ،‬ص ‪.192‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-‬التعديؿ الدستكرم صدر بمكجب المرسكـ الرئاسي رقـ‪ 438-96‬المؤرخ في‪ 1996/12/07‬كالدم تعمؽ بإصدار نص تعديؿ الدستكر‬
‫المصادؽ عميو في استفتاء‪ 28‬نكفمبر‪1996‬في الجريدة الرسمية رقـ‪ 76‬الصادرة بتاريخ‪ 1996/12/08‬ص‪.6‬‬

‫‪41‬‬
‫الضمانات القانكنية لمبدأ حياد اإلدارة في الجزائر‬ ‫الفصؿ الثاني‬

‫السمطة كىدا بدكره اقتضى عدـ التحيز اإلدارة الف األحزاب السياسية خصكصا عندما تككف في‬
‫السمطة قد تحاكؿ تأسيس كتحزيب اإلدارة بأم شكؿ‪.‬‬
‫كيقتضي ىدا ضركرة إبقاء اإلدارة بعيدة عف التقمبات كالتالعبات السياسية كدلؾ بعدـ تحيز‬
‫مكظفييا‪ ،‬فخدمات اإلدارة يجب أف تقكـ عمى مبدأ عدـ التمييز بيف المؤيد كالمعارض مف جية‬
‫كمبدأ المساكاة مف جية أخرل‪ ،‬كىدا يجعؿ المكاطف في ما مف دلؾ أف رأيو السياسي كتحزبو أك‬
‫عدـ تحزبو ال يمكف أبدا أف يشكؿ عاتقا أماـ استفادتو مف خدمات اإلدارة كال عالقة ليا بشكؿ‬
‫عاـ‪.‬‬
‫كما يمكف أف يستنبط ىدا المبدأ مف مكاد أخرل مثؿ‪:‬‬
‫المادة ‪09‬مف دستكر ‪"1 :1996‬ال يجكز لممؤسسات أف تقكـ بما يمي‪ :‬الممارسة اإلقطاعية‪،‬‬
‫الجيكية‪ ،‬كالمحسكبية‪ ،‬إقامة عالقات االستغالؿ كالتبعية‪ ،‬السمكؾ المخالؼ لمخمؽ اإلسالمي كقيـ‬
‫ثكرة نكفمبر"‪.‬‬
‫كفؽ ىده المادة المؤسسات أيا كانت كتحديدا ىنا اإلدارة يتكجب عمييا أف ال تككف معامالتيا عمى‬
‫أساس تفرقة جيكية أك إقطاعية أك محسكبية‪ ،‬فال تتحيز ألم منطقة عمى حساب أخرل بؿ يجب‬
‫أف تككف محايدة‪.‬‬
‫المادة ‪"21‬ال يمكف أف تككف الكظائؼ في مؤسسات الدكلة مصد ار لمثراء‪ ،‬كال كسيمة لخدمة‬
‫المصالح الخاصة"‪ ،‬ىده المادة أيضا تتضمف حماية لممبدأ‪ ،‬فيي تمزـ القائميف عمى شؤكف‬
‫المكاطنيف أف ال يتحيزكا لمصالحيـ كيستغمكا مؤسسات العمكمية لخدمة أغراضيـ الشخصية‪.‬‬
‫كالمادة ‪" 22‬يعاقب القانكف عمى التعسؼ في استعماؿ السمطة"‪.‬تكفؿ ىده المادة عقكبة لكؿ عمؿ‬
‫إدارم يطالو عيب استعماؿ السمطة دلؾ انو حاد عف اليدؼ األساسي المتمثؿ في تحقيؽ‬
‫‪2‬‬
‫المصمحة العامة كىك مف صميـ المساس بمبدأ حياد اإلدارة‪.‬‬
‫إضافة إلى المادة‪3:23‬التي تنص عمى مبدأ المساكاة كدلؾ باعتبار أف االرتباط كثيؽ جدا‬
‫بينو كبيف مبدأ الحياد" كؿ المكاطنيف سكاسية أماـ القانكف‪ ،‬كال يمكف أف يتذرع بأم تمييز يعكد‬
‫سببو إلى المكلد‪ ،‬أك العرؽ‪ ،‬أك الجنس‪ ،‬أك الرأم‪ ،‬أك شرط أك ظرؼ أخر شخصي أك اجتماعي"‪،‬‬

‫‪1‬‬
‫‪-‬المادة‪ 09‬مف دستكر‪ 1996‬جاءت ضمف الباب األكؿ المتعمؽ بالمبادئ العامة التي تحكـ المجتمع الجزائرم في الفصؿ الثاني المعنكف‪:‬‬
‫الشعب‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-‬المادتاف‪ 22-21‬مف دستكر‪ 1996‬جاءتا ضمف نفس الباب‪ ،‬في الفصؿ الثالث المعنكف‪ :‬الدكلة‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪-‬جاءت المادة ‪ 29‬ضمف الباب األكؿ في الفصؿ الرابع‪ :‬الحقكؽ كالحرم‬

‫‪42‬‬
‫الضمانات القانكنية لمبدأ حياد اإلدارة في الجزائر‬ ‫الفصؿ الثاني‬

‫فأم تفرقة بيف المكاطنيف اعتبا ار لألسباب المذككرة في المادة ىك تمييز بيف األشخاص كتحيز‬
‫عمى أسباب غير مشركعة دستكريا ‪،‬كما فرض الدستكر عمى المؤسسات ضماف مبدأ المساكاة‬
‫‪1‬‬
‫بنص المادة ‪.31‬‬
‫"تستيدؼ المؤسسات ضماف مساكاة كؿ المكاطنيف كالمكاطنات في الحقكؽ كالكاجبات بإزالة‬
‫العقبات التي تعكؽ تفتح شخصيات اإلنساف‪ ،‬كتحكؿ دكف مشاركة الجميع الفعمية في الحياة‬
‫السياسية كاالقتصادية كاالجتماعية كالثقافية‪".‬ىده المادة تؤكد عمى المادة السابقة كتمقي الكاجب‬
‫عمى مؤسسات الدكلة لضماف المساكاة الذم ىك ركيزة عدـ التحيز‪.‬‬
‫كضمانا لعدـ تحيز اإلدارة عمى أساس الجنس‪ ،‬أكدت المادة ‪31‬مكرر‪.‬‬
‫"تعمؿ الدكلة عمى ترقية الحقكؽ السياسية لممرأة بتكسيع حظكظ تمثيميا في المجالس المنتخبة‪،‬‬
‫"كدعما لعدـ التمييز عمى أساس الجنس حتى كاف تـ ذكره في المادة‪ ،28‬كمف اجؿ عدـ التحيز‬
‫في المجاؿ السياسي ألحد الجنسيف خصصت ىده المادة‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬أىمية تبني مبدأ حياد اإلدارة‬
‫إف تكريس مبدأ الحياد دستكريا بمختمؼ اآلليات ذا أىمية بالغة‪ ،‬فيك يدعـ النظاـ الديمقراطي‬
‫بصفة أساسية‪ ،‬كما تتطمبو عممية اإلصالح اإلدارم كتحسيف الخدمة العمكمية‪ ،‬إضافة إلى انو‬
‫يدخؿ ضمف مقتضيات الحكـ الراشد‪.‬كفيما يمي نحاكؿ أف نبيف ذلؾ‪.‬‬
‫‪ -‬دعـ مبدأ حياد اإلدارة لمنظاـ الديمقراطي‬
‫جاء في ديباجة دستكر ‪" :1996‬إف الشعب الجزائرم ناضؿ كيناضؿ دكما في سبيؿ الحرية‬
‫كالديمقراطية‪ ،‬كيعتزـ أف يبني بيذا الدستكر مؤسسات دستكرية أساسيا مشاركة كؿ جزائرم‬
‫كجزائرية في تسيير الشؤكف العمكمية‪ ،‬كالقدرة عمى تحقيؽ العدالة االجتماعية كالمساكاة كضماف‬
‫الحرية لكؿ فرد"‪ ،‬كلقد جعؿ الدستكر الجزائرم إقامة الديمقراطية مف األكلكيات الكبرل لمشعب‪ ،‬بؿ‬
‫األساس الذم تسير كفقو المؤسسات الدستكرية‪ ،‬كؿ ذلؾ مف اجؿ العدالة االجتماعية كالمساكاة‬
‫كضمانا لمحريات‪ ،‬كعميو فعمى عاتؽ ىيئات الدكلة التزاـ تفاصيؿ األحكاـ التي جاءت في الدستكر‬
‫سيما المادة ‪ 23‬التي تنص عمى مبدأ الحياد‪ ،‬كتضطمع بميمة تجسيده بجدية‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪-‬جاءت المادة ‪ 31‬ضمف الباب األكؿ في الفصؿ الرابع‪ :‬الحقكؽ كالحريات‪ ،‬كىي تنص تقريبا عمى نفس‬
‫مضمكف المادة ‪ 09‬مكرر المذككرة سابقا‪.‬‬

‫‪43‬‬
‫الضمانات القانكنية لمبدأ حياد اإلدارة في الجزائر‬ ‫الفصؿ الثاني‬

‫‪ -‬االصطالح اإلدارم كتحسيف الخدمة العمكمية يرتكز عمى مبدأ حياد اإلدارة‬
‫إف تدخؿ الدكلة في مختمؼ النشاطات أصبح ظاىرة عامة فرضتيا ظركؼ التطكر‪،‬‬
‫فأصبحت الحككمة جياز إدارم ضخـ يحمؿ أعباء كثيرة كمتعددة كمسؤكؿ عف تحقيؽ حاجات‬
‫جديدة كمعقدة إلنساف عصرنا‪ ،‬فكاف لزاما عمى الدكؿ كالحككمات أف تكتشؼ كتستعيف بأفضؿ‬
‫‪1‬‬
‫الكسائؿ الفنية كالعممية مف اجؿ رفع الكفاية اإلدارية لمجياز اإلدارم‪.‬‬
‫اإلدارة تحتاج إلى تطبيؽ مبدأ حياد اإلدارة ألنو يزيد مف فاعمية كمردكدية نشاط المرفؽ‬
‫العاـ‪ ،‬كما يضمف إحساس المكظؼ العاـ باالستقرار كعدـ تخكفو مف العزؿ كما يكتسب الخبرة‬
‫كالميارة التي تزيد مف فاعمية أدائو الكظيفي‪ ،‬كفي ىدا يقكؿ جكرج الجكزم "ال تكجد سياسة حسنة‬
‫بدكف إدارة حسنة كال إدارة حسنة بدكف حياد سياسي"‪.‬‬
‫تسعى الدكلة الجزائرية مند نشأتيا إلى الرقي باإلدارة كتقديـ أفضؿ الخدمات لمكاطنييا‬
‫كيظير دلؾ جميا مف خالؿ حرص مختمؼ الحككمات التي تعاقبت مند االستقالؿ إلى يكمنا عمى‬
‫االىتماـ باإلصالح اإلدارم الذم يعتبر محكر كؿ االىتماـ‪ ،‬طالما أف اإلدارة ىي كاجية الدكلة‬
‫كالجياز الذم يسير عمى إتماـ مشاريع الحككمة‪.‬‬
‫اإلصالح اإلدارم عممية متكاصمة كمستمرة تممييا متغيرات الحياة كمستمزمات التطكر‬
‫‪2‬‬
‫كمتطمبات التنمية‪ ،‬كىك نتيجة تضاعؼ المؤسسات العامة كعدد الكظائؼ كالمكظفيف‪.‬‬
‫الجزائر كبعد صدكر دستكر ‪ 1996‬كمف اجؿ التجسيد الفعمي عرفت البالد قفزة نكعية في‬
‫مجاؿ اإلصالحات في مختمؼ المجاالت السيما منيا إصالح القطاع اإلدارم‪ ،‬كىكذا شيدت سنة‬
‫‪ 96‬عدة محاكالت تيد غالى التغيير كمحاكلة اإلصالح اإلدارم فقد تـ إحداث منصب الكزير‬
‫المنتدب لدل رئيس الحككمة المكمؼ باإلصالح اإلدارم ك الكظيؼ العمكمي‪ ،‬كما تـ إنشاء كسيط‬
‫الجميكرية بمكجب المرسكـ الرئاسي رقـ ‪ 113/96‬المؤرخ في ‪ 1996/03/23‬المتضمف إنشاء‬
‫كسيط الجميكرية كقد كمؼ بالدفاع عف حقكؽ المكاطنيف كمصالحيـ أماـ السمطات العامة لكف ىذا‬
‫المنصب لـ يمعب دك ار كبي ار لككف كسيمة عممو كانت محصكرة في تقديـ التقارير كالتكصيات‬
‫الخالية مف الطابع الممزـ كالتنفيذم الذم يعبر عف التزامات السمطة العامة‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫محمد رفعت عبد الكىاب كابراىيـ عبد العزيز شيحا‪ ،‬أصكؿ اإلدارة العامة‪ ،‬المرجع السابؽ ‪.48‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-‬نكرم منير‪.‬بارؾ نعيمة‪.‬بف داكدية كىيبة‪ ،‬اإلصالح اإلدارم كأىميتو في القضاء عمى التسيب كالفساد اإلدارم كتحقيؽ التنمية‬
‫االقتصادية المستدامة‪ ،‬جامعة حسيبة بف بكعمي‪ ،‬الشمؼ‪ ،‬الجزائر‪ ،‬ص‪7‬ك‪.8‬‬

‫‪44‬‬
‫الضمانات القانكنية لمبدأ حياد اإلدارة في الجزائر‬ ‫الفصؿ الثاني‬

‫كفي سنة‪ 1999‬طرح مشركع القانكف األساسي لمكظيفة العمكمية الذم صدر في ‪ 15‬يكليك‬
‫‪ 2006‬بمكجب األمر ‪.03/06‬‬
‫كفي سنة ‪ 2000‬تـ إنشاء لجنة إصالح ىياكؿ الدكلة كىجا بمكجب المرسكـ رقـ‬
‫‪ 372/2000‬المؤرخ في ‪ 200/11/22‬المتضمف إحداث لجنة إصالح ىياكؿ الدكلة‪ ،‬كميمتيا‬
‫تمثمت في إعادة النظر في أنماط إصالح ىياكؿ الدكلة كاقتراح حمكؿ ناجحة لممنظكمة اإلدارية‬
‫كالقانكنية‪ 1.‬حاليا إصالح الخدمة العمكمية حددت بمكجب المرسكـ التنفيذم رقـ ‪ 381-13‬المؤرخ‬
‫في ‪ 2013/11/19‬المحدد لصالحيات الكزير األكؿ المكمؼ بإصالح الخدمة العمكمية‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬مبدأ حياد اإلدارة مف مقتضيات الحكـ الراشد‬
‫ترتكز فكرة الحكـ الراشد حكؿ عممية صنع القرار كطرؽ كفنيات إدارة األعماؿ أيا كانت‬
‫مستكياتو فيشمؿ اإلدارة الدكلية كالداخمية الرسمية منيا كالخاصة‪ ،‬فميس ىناؾ مسالة متعمقة‬
‫بالعممية التنمكية معزكلة عف فكرة الحكـ الراشد‪.‬‬
‫كقد عرفو البنؾ الدكلي عمى انو‪" :‬الطريقة التي يمارس بيا الحكـ في تسييره كادارة مكارد بمد‬
‫ما االقتصادية‪".‬أما برنامج األمـ المتحدة في المؤتمر العالمي حكؿ الحكـ الراشد كالتنمية المستدامة‬
‫‪ 1997‬عرفو بأنو"ممارسة السمطة االقتصادية كالسياسية كاإلدارية بغرض تسيير شؤكف الدكلة‪،‬‬
‫فيي تشمؿ آليات تطكر المؤسسات عمى نحك يمكف المكاطنيف كمختمؼ التجمعات مف التعبير عف‬
‫مصالحيـ كممارسة حقكقيـ القانكنية كالقياـ بالتزاماتيـ‪.‬‬
‫دكف شؾ يمكف اعتبار مبدأ حياد اإلدارة مف مقتضيات الحكـ الراشد‪ ،‬الف ىدا األخير لو بعد‬
‫سياسي يتعمؽ بطبيعة السمطة السياسية كشرعية تمثيميا كممارستيا إلعماليا في ظؿ حكـ القانكف‬
‫كاحتراـ مبادئ الديمقراطية كحقكؽ اإلنساف‪ ،‬إضافة إلى البعد االجتماعي الذم يعكس حيكية‬
‫كاستقاللية المجتمع عف الدكلة كمشاركتو في التنمية الشاممة دكف أف ننسى البعد الفني المتعمؽ‬

‫‪-1‬خرايفية سامي‪ ،‬مبدأ حياد اإلدارة كعالقتو بالمكظؼ العمكمي‪ ،‬مذكرة التخرج لنيؿ إجازة المدرسة العميا لمقضاء الجزائر ‪ ،2009-2008‬ص‬
‫‪.45‬‬
‫‪-2‬عمار بكضياؼ‪ ،‬شرح قانكف البمدية‪ ،‬جسكر لمنشر كالتكزيع‪ ،‬الطبعة األكلى‪ ،‬الجزائر‪ ،2012 ،‬ص ‪ 133‬كما بعدىا‪.‬‬
‫‪-‬تشير الدراسات أف مصطمح الحكـ الراشد بدا استعمالو في البداية لمداللة عمى قيادة السفف في العصر اليكناني كالالتيني القديـ‪ ،‬ثـ استعمؿ‬
‫في المغة الفرنسية في القرف ‪13‬كمرادؼ لمصطمح الحككمة‪ ،‬ثـ تطكر كمصطمح قانكني سنة ‪ ،1978‬لكف نقطة التحكؿ برزت مف خالؿ‬
‫اعتماد المؤسسات المالية العالمية لو كعمى رأسيا البنؾ الدكؿ الدكلي الذم استخدمتو ألكؿ مرة سنة ‪.1992‬‬
‫كدراسات أخرل ترجعو إلى بداية الدكلة اإلسالمية خاصة في زمف خالفة عمر بف الخطاب‪.‬‬
‫تتعدد المصطمحات كلكنيا تشير إلى نفس المعنى‪ :‬التسيير الديمقراطي‪ ،‬الحكـ الراشد‪ ،‬الحكامة‪ ،‬الحككمة‪.‬‬

‫‪45‬‬
‫الضمانات القانكنية لمبدأ حياد اإلدارة في الجزائر‬ ‫الفصؿ الثاني‬

‫بعمؿ اإلدارة ككفاءتيا كفاعميتيا كفنيات إصدار القرار المناسب كالرؤية اإلستراتجية كضماف حؽ‬
‫األجياؿ الالحقة كالشفافية‪ ،‬ككميا ال محالة ترتكز عمى الحياد ككنو أسمكب عممي كعممي في صنع‬
‫القرار كتأكد استعماؿ المشرع الجزائرم لممصطمح في القانكف التكجييي لممدينة الصادر بمكجب‬
‫القانكف ‪ 06-06‬المؤرخ في ‪ 2006/02/20‬في المادة ‪ 02‬التي أكدت عمى جممة مف المبادئ‬
‫األساسية لممدينة كذكرت مف بينيا الحكـ الراشد كألزـ المشرع اإلدارة باالىتماـ بانشغاالت المكاطف‬
‫كالمصمحة العامة في إطار الشفافية‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬الضمانات القانونية المجسدة لمبدأ حياد اإلدارة في الجزائر‬
‫إف االعتراؼ بالمبدأ بصفة مجردة كما جاء في نص المادة ‪ 23‬غير كاؼ لكحده‪ ،‬بؿ البد‬
‫مف ضمانات مالئمة لحماية كتقرير جزاءات مخالفتو‪ ،‬كاال اعتبر مبدأ مفرغ المحتكل كعديـ‬
‫الجدكل‪.‬كالدستكر في حد ذاتو يدعـ مبدأ حياد اإلدارة بضمانات مساندة كمرافقة لممبدأ باعتباره مف‬
‫المبادئ اليامة لحسف سير المرافؽ العمكمية ككفالة الحقكؽ كالحريات‪.‬‬
‫فإلى جانب تكفر مقتضيات المبدأ كتبنيو في الدستكر ال بد مف ضمانات لتاميف جك متكامؿ‬
‫لتطبيؽ المبدأ سكاء في الدستكر بصفتو القانكف األسمى في الدكلة التي ترتكز عميو كؿ القكانيف‬
‫األخرل أك مختمؼ النصكص القانكنية التي تتفرغ فييا األحكاـ القانكنية كيفصؿ فييا‪.‬‬
‫كنتناكؿ في ىذ ا المبحث ما يساىـ في تكريس المبدأ مف مبادئ مقررة خاصة مبدأ المساكاة‬
‫كمبدأ خضكع الدكلة لمقانكف كرقابة مفعمة دستكريا ىدا مف جية ‪ ،‬كمف جية أخرل التحقؽ مف‬
‫تجسيد المبدأ ضمف النصكص القانكنية الجديدة الصادرة بعد تبني المبدأ كنركز عمى مجاليف‬
‫الكظيفة العامة كاالنتخابات‪ ،‬دلؾ أف مبدأ الحياد يقع تحت تأثير اعتباريف أساسيف ىما‪1 :‬أف‬
‫المكظؼ العاـ ىك عبارة عف مكاطف كبالتالي لو الحؽ في أف يمارس حياتو كبقية المكاطنيف‪،‬‬
‫كثانييما انـ بدا حياد اإلدارة يتطمب مف المكظؼ القياـ بأعباء الكظيفة العامة كاف يمتزـ بمقتضياتيا‬
‫كاف يككف مكضكع ثقة المكاطنيف كافة‪ ،‬كىاديف االعتباريف تتحقؽ المكازنة بينيما بكاسطة قانكف‬
‫الكظيفة العامة‪ ،‬كما ينبغي التعددية الحزبية كأىميتو إلعماؿ مبدأ حياد اإلدارة غير كاؼ لكحده‪،‬‬
‫فال بد مف انتخابات نزيية كشفافة محترمة لمبدأ حياد اإلدارة كنستقصي دلؾ مف أحكاـ قانكف‬
‫االنتخابات كالبحث في تجسيده لممبدأ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪-‬فيرـ فاطمة الزىراء‪ ،‬المكظؼ العمكمي كمبدأ حياد اإلدارة‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪.07‬‬

‫‪46‬‬
‫الضمانات القانكنية لمبدأ حياد اإلدارة في الجزائر‬ ‫الفصؿ الثاني‬

‫كنتناكؿ تفصيؿ ما سبؽ في المطمبيف اآلتييف‪ :‬الضمانات القانكنية المكرسة دستكريا في المطمب‬
‫األكؿ كالضمانات القانكنية المكرسة في مختمؼ النصكص القانكنية في المطمب الثاني‪.‬‬
‫المطمب األول‪ :‬الضمانات المكرسة دستوريا‬
‫ىناؾ مبادئ دستكرية ميمة ترتبط ارتباطا كثيقا بمبدأ حياد اإلدارة كتعد ضمانات أساسية‬
‫تدعـ تجسيده أىميا‪ :‬مبدأ المساكاة كمبدأ خضكع الدكلة لمقانكف‪.‬‬
‫كمف جية أخرل نص الدستكر عمى الرقابة بمختمؼ أنكاعيا منيا الرقابة القضائية كالرقابة‬
‫القضائية عمى أعماؿ اإلدارة لجية قضائية تنفرد كتستقؿ بالنظر فييا تأسيسا عمى مبادئ القانكف‬
‫اإلدارم كطبيعة المنازعات اإلدارية تؤدم نتائج مغايرة لتمؾ التي تنتجيا رقابة القضاء العادم‪،1‬‬
‫كما إف رقابة دستكرية القكانيف بكاسطة ىيئة دستكرية ستمثؿ ال محالة درعا كاقيا كضمانة جدية‬
‫لتقرير ضكابط كمقتضيات مبدأ حياد اإلدارة‪.‬‬
‫كنتناكؿ الشقيف أم المبادئ الدستكرية كالرقابة بنكعييا في الفرعيف اآلتييف‪ ،‬الفرع األكؿ‬
‫يتضمف المبادئ الدستكرية المتعمقة بمبدأ الحياد‪ ،‬أما الفرع الثاني نتناكؿ الرقابة المجسدة لمبدأ حياد‬
‫اإلدارة‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬المبادئ الدستورية المتعمقة بمبدأ حياد اإلدارة‬
‫تضمف الدستكر مبادئ دستكرية ميمة مرتبطة ارتباطا كثيقا بمبدأ حياد اإلدارة كتعد ضمانات‬
‫أساسية تدعـ تجسيده أىميا‪ :‬مبدأ المساكاة كمبدأ خضكع الدكلة لمقانكف‬
‫‪ -‬مبدأ المساكاة كأساس لمبدأ حياد اإلدارة‪:‬‬
‫يعتبر مبدأ المساكاة المبدأ الدستكرم الذم تستند إليو جميع الحقكؽ كالحريات في الكقت الحاضر‬
‫كادا كانت العدالة أساس الممؾ كما يقاؿ‪.‬‬
‫إف حقكؽ اإلنساف دكليا ككطنيا تدخؿ ضمف األمكر التي تبدؿ فييا المساعي المستمرة مف اجؿ‬
‫تحقيقيا كجعميا مكضع التطبيؽ كحمايتيا‪ ،‬كثمار ىده المساعي ال تتأتى إال بضمانة اإلقرار بيا‬
‫كصياغتيا في التشريعات الكطنية‪ ،‬أما حقكؽ اإلنساف في التجربة الدستكرية الجزائرية‪ ،2‬لـ تشكؿ‬
‫األكلكية في أعيف لبناء الدكلة‪ ،‬ككذلؾ الحفاظ عمى الكحدة الكطنية‪ ،‬كخصكصا بناء االشتراكية‬
‫بكاسطة نظاـ سياسي يقكـ عمى األحادية الحزبية‪ ،‬كفي بمد مازاؿ يحتاج إلى أساسيات الحياة‪.‬‬

‫‪-1‬بكدريكة عبد الكريـ‪ ،‬مبدأ حياد اإلدارة كضماناتو القانكنية‪ ،‬المرجع السابؽ ص‪.95‬‬
‫‪-2‬حمريط عبد الغني كغربي عزكز‪ ،‬حقكؽ اإلنساف بالجزائر في المنظكمة الدستكرية الجديدة‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪.5-4‬‬

‫‪47‬‬
‫الضمانات القانكنية لمبدأ حياد اإلدارة في الجزائر‬ ‫الفصؿ الثاني‬

‫أما حقكؽ اإلنساف في المنظكمة الدستكرية الجديدة‪.‬مع إقرار دستكر‪ 1989‬تغير الكضع‪،‬‬
‫كأصبحت لحقكؽ اإلنساف مكانة اكبر مما في السابؽ كذات أىمية في النظاـ المؤسساتي الجديد‪،‬‬
‫فالكضع قد تغير جذريا ككرس القطيعة مع األسس التي قاـ عمييا النظاـ المؤسساتي في‬
‫الجزائرمند‪ ،1962‬كحظيت حقكؽ اإلنساف بنصكص كثيرة تمثمت في ‪ 30‬مادة في دستكر‪1996‬‬
‫المكاد مف ‪ 29‬إلى ‪ ،59‬كأصبحت ىناؾ نصكص جديدة تتعمؽ بحقكؽ ذات طابع سياسي‬
‫كاقتصادم كاجتماعي‪.‬‬
‫كيظير ذلؾ عبر األحكاـ الدستكرية الكاردة فيو‪ ،‬كبالخصكص الفصؿ الرابع مف الباب‬
‫األكؿ المعنكف بالحقكؽ كالحريات ضمف دستكر‪ ،1996‬كىي أحكاـ بارزة تظير في النص محددة‬
‫‪1‬‬
‫ىناؾ تقسيـ فني‬ ‫كفقا لمحاكر كاضحة‪ ،‬فبعد التعبير عف مبدأ المساكاة األساسي في المادة ‪،29‬‬
‫لحقكؽ اإلنساف بيف تمؾ المتعمقة بالحقكؽ السياسية كالمدنية مف جية‪ ،‬كبيف الحقكؽ االقتصادية‬
‫كاالجتماعية كالثقافية مف جية أخرل‪.‬‬
‫إف مبدأ المساكاة‪2‬مبدأ عاـ يييمف عمى جميع الدساتير‪ ،‬كالدم يقضي بمساكاة األفراد في‬
‫الحقكؽ كالكاجبات‪ ،‬حيث تضمنو إعالف حقكؽ اإلنساف الصادر سنة ‪.1789‬‬
‫ينطبؽ مبدأ المساكاة بطريقة عامة عمى جميع المجاالت في القانكف العاـ‪ ،‬كتتنكع الحقكؽ‬
‫التي يجب أف يتساكل جميع األفراد فييا‪ ،‬كاف تشمميـ المساكاة أماـ القانكف التي تعد نقطة البداية‬
‫في التطبيقات المختمفة لمبدأ المساكاة كقد نصت المادة الثانية مف اإلعالف العالمي لحقكؽ اإلنساف‬
‫الصادر في ‪ ،1948/12/20‬ثـ المساكاة في ممارسة الحقكؽ السياسية بالنسبة لممكاطنيف‪،‬‬
‫كالمساكاة في تكلي الكظائؼ العامة كفي االنتفاع بخدمات المرافؽ العامة‪ ،‬ككدا المساكاة أماـ‬
‫األعباء العسكرية كالمساكاة أماـ التكاليؼ الضريبية‪.‬‬
‫المساكاة في ممارسة الحقكؽ السياسية فيي تشمؿ الحقكؽ السياسية كالحؽ في التصكيت في‬
‫االنتخابات‪ ،‬كاالستفتاءات العامة في الدكلة كحؽ الترشح لعضكية المجالس النيابية كاإلقميمية‪ ،‬ككدا‬
‫حؽ االشتراؾ في تككيف الجمعيات ذات الطابع السياسي‪.‬كيقرر مبدأ المساكاة حؽ جميع المكاطنيف‬
‫في ممارسة ىده الحقكؽ عمى قدـ المساكاة‪ ،‬طبقا لمشركط التي يحددىا القانكف‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪-‬نصت عمى المبدأ كؿ الدساتير‪63 ،‬ك‪76‬ك‪ 89‬في المادة ‪ 28‬ىي نفس المادة‪ 29‬مف دستكر‪ ،96‬حتى في فترات الفراغ‬
‫الدستكرم مف ‪65‬الى‪ ،76‬صدرت قكانيف تنص عميو مثؿ القانكف المدني‪.‬‬
‫‪-2‬لمتفصيؿ في مبدأ المساكاة انظر‪ :‬عبد الغني بسيكني‪ ،‬النظـ السياسية‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪ 372‬كما بعدىا‪.‬‬

‫‪48‬‬
‫الضمانات القانكنية لمبدأ حياد اإلدارة في الجزائر‬ ‫الفصؿ الثاني‬

‫أما المساكاة في تقمد الكظائؼ العامة كاالنتفاع بيا تعني حؽ المكاطنيف في تكلي الكظائؼ‬
‫العامة‪ ،‬دكف أف يحرـ صاحبو بسبب اختالؼ في األصؿ‪ ،‬الجنس أك المغة‪ ،‬لدلؾ يجب التسكية‬
‫الكاممة في معاممة األفراد بغير تمييز كفي ىدا السياؽ تنص المادة ‪ 31‬مف الدستكر‪.‬‬
‫كالمادة ‪ 51‬التي تقر بتساكم جميع المكاطنيف في تقمد المياـ كالكظائؼ في الدكؿ دكف شرط‬
‫أك قيد‪.‬إف تكافؤ الفرص بالنسبة لممكاطنيف في الحصكؿ عمى المناصب كالكظائؼ العمكمية تعبير‬
‫‪1‬‬
‫عف كجكب الحياد مف طرؼ المرفؽ العاـ‪.‬‬
‫المساكاة أماـ القضاء أكد دستكر‪ 1996‬عمى استقاللية السمطة القضائية‪ ،‬كدلؾ لضماف مناخ‬
‫مناسب لمممارسة الديمقراطية الحقيقية‪ ،‬مع تقديـ التأكيد عمى استقاللية القضاء عبر المادة ‪138‬‬
‫كفي المادة ‪ 139‬حي ث أكد المشرع الجزائرم انو عمى السمطة القضائية أف تحمي المجتمع‬
‫كالحريات‪.‬‬
‫كؿ أكجو مبدأ المساكاة تعكس مجاال مف مجاالت عدـ تحيز اإلدارة‪ ،‬فتتعدد صكر مبدأ الحياد‬
‫كمنو تتعدد الضمانات المرسخة كالحامية لو‪ ،‬خاصة المساكاة في تكلي الكظائؼ العامة‬
‫كالمساكاة السياسية كالمجسداف في قانكني الكظيفة العمكمية كاالنتخابات‪.‬‬
‫‪ -‬مبدأ خضكع الدكلة لمقانكف في قمة الضمانات المكرسة لمبدأ الحياد‬
‫لكي تسمى دكلة بالدكلة القانكنية يجب أف تخضع جميع ىيئاتيا الحاكمة لمقانكف شانيا شاف‬
‫المحككميف‪2‬كمبدأ خضكع الدكلة لمقانكف مف المبادئ الدستكرية التي تجتيد كؿ دكلة في تطبيقيا‬
‫كاحتراميا كيعني ىدا المبدأ بصفة عامة خضكع الحكاـ ككافة األجيزة كمؤسسات الدكلة الممارسة‬
‫لمسمطة لمقانكف كمثميا مثؿ األفراد إلى أف يعدؿ أك يمغى دلؾ القانكف طبقا إلجراءات كطرؽ‬
‫معركفة كمحددة مسبقا‪.‬ىدا يعني أف الدكلة ليست مطمقة الحرية في كضع القانكف كتعديمو حسب‬
‫أىكائيا‪.‬‬
‫كتأتي الرقابة بأنكاعيا (التشريعية كاإلدارية كالقضائية)‪ ،‬كسيمة لحماية الفرد مف استبداد‬
‫السمطة كتعسفيا‪ ،‬كاستتباعا لضمانات مبدأ خضكع الدكلة لمقانكف ال بد أف ال ننسى أىمية الرقابة‬
‫الشعبية كليس بمعناىا الضيؽ أم عف طريؽ المنتخبيف عمى مستكل البرلماف كلكف يقصد بيا‬

‫‪1‬‬
‫‪-‬محمد أميف بكسماح‪ ،‬المرفؽ العاـ في الجزائر‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪.112‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-‬عبد الغني بسيكني‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪ 157‬كما بعدىا‪.‬‬

‫‪49‬‬
‫الضمانات القانكنية لمبدأ حياد اإلدارة في الجزائر‬ ‫الفصؿ الثاني‬

‫المعنى الكاسع فالشعب لو دكر حاسـ كأساسي في إجبار الدكلة لمخضكع لمقانكف كاحترامو في‬
‫طريؽ الجمعيات أك األحزاب‪...‬الخ‪ ،‬ككذا أىمية المعارضة السياسية عمى أساس التعددية الحزبية‪.‬‬
‫كاستناد النظاـ السياسي عمى مبدأ المشركعية يعد ضمانة مكرسة الحتراـ مبدآ حياد اإلدارة‬
‫ذ لؾ أف الكظيفة اإلدارية التي ىي مف ضمف مياـ السمطة اإلدارية يضبطيا مبدأ المشركعية ميما‬
‫كانت امتيازات اإلدارة‪ ،‬فيده األخيرة تبقى مقيدة حيف ممارسة نشاطيا بما يفرضو القانكف حماية‬
‫لألفراد مف تحيز اإلدارة كاستبدادىا‪.1‬‬
‫عند احتراـ اإلدارة لمبدأ المشركعية كخضكع أعماليا لما يفرضو القانكف يعد ضمانة أساسية‬
‫كميمة جدا لتطبيؽ مبدأ حياد اإلدارة المنصكص عميو دستكريا ألنو يعد بدلؾ مصد ار لممشركعية‬
‫كأساس القاضي إلبطاؿ ق اررات اإلدارة غير مشركعة‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬الرقابة المجسدة لمبدأ حياد اإلدارة‬
‫إف تقرير القكاعد القانكنية بصفة نظرية ال يعد ضمانة كافية لكحدىا بصفة مجردة‪ ،‬البد مف‬
‫كسائؿ قانكنية عممية تكفؿ تطبيؽ الجزاء عمى مخالفة القكاعد القانكنية كىدا ما يتحقؽ بفضؿ‬
‫الرقابة عمى دستكرية القكانيف مف جية كالرقابة القضائية عمى أعماؿ اإلدارة مف جية أخرل‬
‫كضمانة عممية تجسد الضمانات النظرية‪.‬‬
‫مما الشؾ فيو أف اإلدارة في قياميا بأداء كظيفتيا تممؾ أف تنتقص مف بعض حقكؽ األفراد‬
‫كحرياتيـ‪ ،‬كحقيا ىدا ال يمكف تركو دكف ضابط يرسـ الحدكد التي ال تتجاكزىا مما يعرض‬
‫‪2‬‬
‫تصرفاتيا لمبطالف‬
‫كيفرض ىدا المبدأ كجكد كسائؿ كأجيزة تراقب عمؿ اإلدارة‪ ،‬كتختمؼ ىده األجيزة باختالؼ‬
‫الدكلة كالنظـ القانكنية المتبعة فييا إال أف المستقر عميو في اغمب الدكؿ كجكد أربعة طرؽ يضمف‬
‫مف خاللو األفراد مشركعية أعماؿ اإلدارة في مكاجيتيـ كىي‪ :‬الرقابة السياسية‪ ،‬كالرقابة اإلدارية‬
‫كرقابة الييئات المستقمة‪ ،‬كالرقابة القضائية‪.‬‬
‫كفي ما يمي‪ :‬نركز عمى نكعيف مف الرقابة‪ ،‬الرقابة عمى دستكرية القكانيف‪ ،‬كالرقابة القضائية‬
‫عمى أعماؿ اإلدارة‪.‬‬
‫‪ -‬الرقابة عمى دستكرية القكانيف كضماف الحتراـ مبدأ حياد اإلدارة‪:‬‬

‫‪-1‬سامي جماؿ الديف‪ ،‬القضاء اإلدارم كالرقابة عمى أعماؿ اإلدارة‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪.52‬‬
‫‪-2‬نفس المرجع‪ ،‬ص‪.15‬‬

‫‪50‬‬
‫الضمانات القانكنية لمبدأ حياد اإلدارة في الجزائر‬ ‫الفصؿ الثاني‬

‫إف الرقابة عمى دستكرية القكانيف تكفؿ ضماف احتراـ القكانيف الصادرة لما تضمنو الدستكر‬
‫كعميو فضماف احتراـ مبدأ حياد اإلدارة باعتباره مبدأ مقرر دستكريا كفؽ نص المادة‪ 23‬مف دستكر‬
‫‪ 1996‬يستند ال محالة عمى فكرة الرقابة عمى دستكرية القكانيف‪ ،‬لكي ال تصدر قكانيف تخؿ باحتراـ‬
‫جكىر المبدأ كالمساس بو‪.‬‬
‫المتفؽ عميو أف المراحؿ التي تمر بيا عممية التشريع التي تكتسب صفة القانكف يجب أف‬
‫تككف متماشية مع أحكاـ الدستكر‪ ،‬كما أف ىدا المبدأ يؤدم إلى تقرير التزاـ السمطات العامة في‬
‫الدكلة كأعماليا بنصكص الدستكر كالسؤاؿ الكاجب طرحو‪ :‬اد حدث أف صدر قانكف مخالؼ‬
‫لمدستكر فكيؼ نكفؿ ضماف احتراـ أحكاـ الدستكر كالغاء النص المخالؼ؟ كمادامت السمطة‬
‫التشريعية ىي صاحبة االختصاص في التشريع كفقا لمدستكر فال يعقؿ أف تقكـ بمراقبة نفسيا‪،‬‬
‫لدلؾ كجب كضع نظاـ مراقبة تتكفؿ بو ىيئة مستقمة‪.‬‬
‫أف مراحؿ عممية التشريع يمكف أف يشكبيا إما عيب شكمي أك عيب مكضكعي أكىما معا بالنسبة‬
‫لمعيكب الشكمية‪ ،‬عدـ مراعاة مجاؿ االختصاص كاإلجراءات التي يجب أتباعيا لسف التشريع‪ ،‬أما‬
‫العيكب المكضكعية كىي خركج التشريع عمى ركح كمحتكل الدستكر أك إنكار حؽ مف الحقكؽ‬
‫المقررة فيو‪ .‬كالعيب المكضكعي يعد أكثر مساسا لمقتضيات مبدأ حياد اإلدارة مف العيب الشكمي‪.‬‬
‫مكقؼ الدستكر الجزائرم مف مسالة الرقابة عمى دستكرية القكانيف‪:‬‬
‫إف استقراء التاريخ الدستكرم في الجزائر إف تطكر مسالة الرقابة عمى دستكرية القكانيف تناكلتيا‬
‫مختمؼ الدساتير الجزائرية عمى النحك التالي‪:1‬‬
‫أول مرحمة‪ :‬كانت عاـ‪ ،1963‬اذ نص أكؿ دستكر لمجزائر المستقمة في مادتو‪ 63‬عمى إنشاء‬
‫مجمس دستكرم كأككمو بمكجب مادتو‪ 64‬صالحيتو‪" :‬الفصؿ في دستكرية القكانيف كاألكامر‬
‫التشريعية بطمب مف رئيس الجميكرية أك رئيس المجمس الكطني"‪.‬‬
‫ثاني مرحمة‪ :‬ىي عدـ إقرار ىيئة لمرقابة الدستكرية في دستكر‪ 1976‬كلكف تمت اإلشارة فقط إلى‬
‫ضركرة حماية القكاعد الدستكرية‪ ،‬كىك ما نصت عميو المادة ‪ 111‬الفقرة‪.03‬‬

‫‪-1‬لمتفصيؿ في فكرة الرقابة عمى دستكرية القكانيف في القانكف الجزائرم انظر‪:‬‬


‫السعيد بكشعير‪ ،‬دراسة تحميمية لطبيعة نظاـ الحكـ في ضكء دستكر‪-1996‬السمطة التشريعية كالمراقبة‪-‬المرجع السابؽ‪ ،‬الصفحات‬
‫مف‪ 191‬إلى غاية ‪.346‬‬

‫‪51‬‬
‫الضمانات القانكنية لمبدأ حياد اإلدارة في الجزائر‬ ‫الفصؿ الثاني‬

‫نصت مادتو ‪186‬عمى ما يمي‪" :‬تمارس األجيزة القيادية في الحزب كالدكلة‪ ،‬المراقبة السياسة‬
‫المنكطة بيا‪ ،‬كذلؾ طبقا لمميثاؽ الكطني كألحكاـ الدستكر"‪.‬‬
‫ثالث مرحمة‪ :‬ىي بركز فكرة الرقابة الدستكرية مف جديد في النقاشات السياسية بحيث أكصى‬
‫المؤتمر الخامس لحزب جبية تحرير الكطني بإنشاء جياز أعمى تحت سمطة رئيس الجميكرية‪،‬‬
‫األميف العاـ لمحزب‪ ،‬يكمؼ بالفصؿ في دستكرية القكانيف قصد ضماف احتراـ سمك الدستكر‪،‬‬
‫كتدعيـ مشركعية كسيادة القانكف‪ ،‬كتعزيز الديمقراطية المسؤكلة في بالدنا كدعميا‪ .‬غير أف ىذه‬
‫التكصية لـ تنقؿ إلى الدستكر كبالتالي بقيت دكف تجسيد‪.‬‬
‫رابع مرحمة‪ :‬تزامنت مع صدكر الدستكر في ‪ 23‬فبراير‪ 1989‬الذم نص إلى جانب تكريس‬
‫التعددية الحزبية السياسية كالحريات العمكمية كتبني مبدأ الفصؿ بيف السمطات‪ ،‬عمى إنشاء مجمس‬
‫دستكرم يتمتع بصالحيات أىـ مف تمؾ المخكلة إياه بمكجب دستكر ‪ 1963‬نص عمى مجمس‬
‫دستكرم في المادة ‪ 153‬كخكلو ميمة ضماف سمك الدستكر عف طريؽ النظر في مدل دستكرية‬
‫المعاىدات كالقكانيف كالتنظيمات‪ ،‬كما يسير عمى سالمة االستفتاء كاالنتخابات‪.‬‬
‫‪ -‬الرقابة القضائية عمى أعماؿ اإلدارة كضمانة لمبدأ حياد اإلدارة كفضؿ ازدكاجية القضاء في‬
‫تعميقيا‪:‬‬
‫تعد رقابة القضاء عمى أعماؿ اإلدارة أىـ كأجدل صكر الرقابة كأكثرىا ضمانا لحقكؽ األفراد‬
‫كحرياتيـ لما تتميز بو الرقابة القضائية مف استقالؿ كحياد ‪ ،‬ما تتمتع بو أحكاـ القضاء مف قكة‬
‫كحجية يمتزـ الجميع مف تنفيذىا كاحتراميا بما في دلؾ اإلدارة‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫في الجزائر مر النظاـ القضائي اإلدارم بمراحؿ ثالث‪:‬‬
‫المرحمة األولى‪ :‬تتعمؽ بفترة ما قبؿ االستقالؿ حيث كانت تكجد ثالث محاكـ إدارية في كؿ مف‬
‫الجزائر العاصمة‪ ،‬قسنطينة‪ ،‬ككىراف كيختص مجمس الدكلة الفرنسي بالفصؿ في الطعكف المرفكعة‬
‫ضد األحكاـ التي تصدرىا‪.‬ككاف النظاـ القضائي يتميز في ىده المرحمة باالزدكاجية القضائية‬
‫المكرسة في النظاـ الفرنسي‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫لمتفصيؿ أكثر في القانكف اإلدارم أنظر‪ :‬خمكفي رشيد‪ ،‬القضاء اإلدارم تنظيـ كاختصاص‪ ،‬ديكاف المطبكعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪.2002 ،‬‬
‫عمار بكضياؼ‪ ،‬القضاء اإلدارم في الجزائر بيف نظاـ الكحدة كاالزدكاجية ‪ ،2000-1962‬دار ريحاف‪ ،‬الطبعة األكلى الجزائر‪،‬‬
‫‪.2000‬‬

‫‪52‬‬
‫الضمانات القانكنية لمبدأ حياد اإلدارة في الجزائر‬ ‫الفصؿ الثاني‬

‫المرحمة الثانية‪ :‬فترة ما بعد االستقالؿ التي شيدت إنشاء المجمس األعمى (المحكمة العميا حاليا)‬
‫سنة ‪.1963‬الجدير بالمالحظة أف المحاكـ اإلدارية السابؽ ذكرىا ظمت قائمة كيطعف في أحكاميا‬
‫أماـ الغرفة اإلدارية لممجمس األعمى‪.‬فاستمرت ىده الكضعية الغاية إعادة التنظيـ القضائي حيث‬
‫حكلت المحاكـ اإلدارية إلى غرؼ إدارية عمى مستكل المجالس القضائية األخرل‪ ،‬مع إنشاء غرؼ‬
‫إدارية جيكية عمى مستكل مجالس الجزائر‪ ،‬كىراف‪ ،‬قسنطينة‪ ،‬بشار ك كرقمة تختص بالفصؿ في‬
‫الطعكف المكجية ضد الق اررات الصادرة عف الكاليات‪.‬‬
‫كما يميز النظاـ القضائي في ىذه المرحمة ىك كحدة القضاء كازدكاجية المنازعات‪.‬كبقي الكضع‬
‫ىكذا إلى غاية تعديؿ الدستكر في ‪.1996/11/28‬‬
‫المرحمة الثالثة‪ :‬تتميز ىذه المرحمة بالعكدة إلى نظاـ االزدكاجية كذلؾ بإنشاء مجمس الدكلة‬
‫كمحكمة التنازع كالمحاكـ اإلدارية‪.‬كلعؿ أىـ مرحمة في القضاء الجزائرم ىك تبنيو ازدكاجية القضاء‬
‫بمكجب المادة ‪ 152‬مف دستكر‪ ،1996‬كأصبح ىناؾ قضاء إدارم يضمف بفرض رقابة قضائية‬
‫عمى أعماؿ اإلدارة‪ ،‬كتعد ىده الرقابة مف أقكل الضمانات المعاصرة إلقرار مبدأ المشركعية الكارد‬
‫في الدستكر‪.‬كفي ىذ ا السياؽ يعمؿ القاضي اإلدارم عمى إقامة التكازف بيف حماية حقكؽ المكاطف‬
‫كمتطمبات اإلدارة في سبيؿ تحقيؽ الصالح العاـ‪.‬‬
‫الرقابة عمى أعماؿ اإلدارة في الجزائر تستند إلى القضاء اإلدارم كالجزائر حديثة العيد بالنظاـ‬
‫القضائي المزدكج المقرر فقط مند دستكر‪ ،1996‬كاستتبع بالقكانيف العضكية‪ 01-98 :‬المتعمؽ‬
‫باختصاص مجمس الدكلة كتنظيمو‪ ،‬كالقانكف‪ 02-98‬المتعمؽ بالمحاكـ اإلدارية‪ ،‬كالقانكف ‪03-98‬‬
‫المتعمؽ باختصاص محكمة التنازع‪ ،‬كالمؤرخة في ‪1 ،1998/05/30‬كحداثة دخكؿ ىده القكانيف‬
‫حيز التطبيؽ ال يمكننا مف تجميع األسانيد كافية تبيف مكقؼ القضاء اإلدارم الجزائرم مف مسالة‬
‫حياد اإلدارة‪ ،‬إال أننا يمكف أف نحدد أساس كمجاؿ الرقابة استنادا إلى ضكابط المبدأ‪.‬‬
‫أساس كمجاؿ الرقابة عمى أعماؿ اإلدارة استنادا إلى ضكابط مبدأ حياد اإلدارة‬
‫تصرفات اإلدارة المخالفة لما ينص عميو المشرع جزاؤىا البطالف كالقضاء عندما يفصؿ بدلؾ‬
‫فيك يؤسس حكمو استنادا إلى مبدأ المشركعية‪ ،‬ىذا ىك األساس العاـ‪ ،‬كمند النص عمى مبدأ حياد‬
‫اإلدارة دستكريا يمكف لمقاضي مف تأسيس الحكـ القضائي بإلغاء العمؿ اإلدارم المنافي لمبدأ حياد‬
‫اإلدارة أم ار سيال‪ ،‬كسنده كاضح ىك نص المادة‪ 23‬مف الدستكر‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪-‬الجريدة الرسمية رقـ ‪ 37‬لسنة ‪.1998‬‬

‫‪53‬‬
‫الضمانات القانكنية لمبدأ حياد اإلدارة في الجزائر‬ ‫الفصؿ الثاني‬

‫بالنسبة لمجاؿ الرقابة القضائية عمى أعماؿ اإلدارة‪ ،‬أعماؿ اإلدارة جميعيا سكاء كانت مادية‬
‫أك قانكنية يجب أف تحترـ قكاعد المشركعية‪ ،‬فميما ليا مف سمطة تقديرية تبقى في إطار القانكف‪،‬‬
‫فادا نص القانكف عمى تنظيـ مجاؿ مف مجاالت تدخؿ اإلدارة فاف رقابة القاضي اإلدارم لتصرؼ‬
‫اإلدارة في ىدا المجاؿ يككف بمجرد النظر في مطابقة عناصر القرار اإلدارم لمنصكص القانكنية‬
‫كيحكـ ببطالف التصرؼ بادا كاف مخالفا لمنص القانكني‪ ،1‬إما ادا اغفؿ القانكف تنظيـ مجاؿ مف‬
‫مجاالت تدخؿ اإلدارة كترؾ ليا سمطة التقدير ىنا القاضي يصعب دكره الرقابي عمى تصرفات‬
‫اإلدارة المتخذة في ىدا المجاؿ‪ ،‬كيدخؿ في رقابة المالئمة‪ ،‬في حيف أف القاضي اإلدارم ىك‬
‫قاضي مشركعية كليس مالئمة‪.‬‬
‫أكجو كمظاىر الرقابة القضائية عمى أعماؿ اإلدارة تطبيقا لمبدأ حياد اإلدارة‪:‬‬
‫إف القرار اإلدارم عمؿ قانكني انفرادم صادر عف المرفؽ العاـ كمف شانو إحداث اثر قانكني‬
‫تحقيقا لممصمحة العامة‪ ،‬كيرتكز عمى أركاف ىي االختصاص كالشكؿ كالمحؿ السبب كاليدؼ‪،‬‬
‫كضمف ىذه األركاف اإلدارة تتكسع سمطتيا التقديرية في مجاؿ ركني السبب كالغاية ذلؾ إف‬
‫‪2‬‬
‫األركاف األخرل مف السيؿ التأكد مف مطابقتيا لمقانكف‪.‬‬
‫رقابة القضاء لركن السبب‪3 :‬سبب القرار اإلدارم ىك الحالة الكاقعية أك القانكنية التي تسبؽ‬
‫القرار كتدفع إلصداره‪ ،‬كبيذا المعنى فاف عيب السبب يتحقؽ في حالة انعداـ كجكد سبب يبرر‬
‫إصدار القرار فيككف جدي ار باإللغاء كقد تدعي اإلدارة بكجكد كقائع أك ظركؼ مادية دفعتيا ال‬
‫صدارة ثـ يثبت عدـ صحة كجكدىا في الكاقع‪ ،‬فاذا صدر قرار إدارم دكف أف يستند إلى سبب‬
‫صحيح كما لك أصدرت اإلدارة قرار بمعاقبة مكظؼ ألنو أىاف رئيسة ثـ يتبيف عدـ صحة كاقعة‬
‫االىانة فاف القرار يككف معيبا بعدـ مشركعية سببو‪.‬‬

‫‪1‬عمار عكابدم‪ ،‬عممية الرقابة القضائية عمى أعماؿ اإلدارة العامة في النظاـ الجزائرم‪ ،‬ديكاف المطبكعات الجامعية‪ ،‬الجزء األكؿ‪ ،‬الجزائر‪،‬‬
‫‪ ،1991‬ص ‪.24‬‬
‫‪-2‬محمد الصغير بعمي‪ ،‬الق اررات اإلدارية‪ ،‬دار العمكـ‪ ،‬عنابة الجزائر‪ ،2005 ،‬ص‪.08‬‬
‫‪-3‬لقد بدا مجمس الدكلة الفرنسي رقابتو عمى عيب السبب مند عاـ‪ 1907‬بحكـ مكنك برقابتو عمى كجكد الكقائع كصحة تكييفا‬
‫القانكني ثـ حكـ ديسي عاـ‪.1910‬كقد أنكر جانب مف الفقو كجكد السبب كعيب مستقؿ مف عيكب القرار اإلدارم فدىب العميد‬
‫دككي إلى أف السبب أ ك الباعث المميـ ليس إال مجرد حالة سابقة عمى القرار تثير فكرة في دىف مصدرة كما رده مجمس الدكلة‬
‫الفرنسي إلى عيب عدـ االختصاص في حاالت االختصاص المقيد كعيب الغاية في الحاالت األخرل بينما دىب العميد ىكريك إلى‬
‫القكؿ باف عيب السبب يندرج في ضمف عيب مخالفة القانكف‪.‬‬

‫‪54‬‬
‫الضمانات القانكنية لمبدأ حياد اإلدارة في الجزائر‬ ‫الفصؿ الثاني‬

‫إف رقابة القضاء لركف السبب ترتكز عمى رقابة صحة الحالة القانكنية أك الكاقعية التي تككف‬
‫ركف السبب كتجد حدىا الطبيعي في التحقؽ ما ادا كانت النتيجة التي انتيى إلييا القرار في ىدا‬
‫الشأف مستخمصة استخالصا سائغا مف أصكؿ مكجكدة أك مستخمصة مف أصكؿ ال تنتجيا أك‬
‫الكقائع المفترض كجكدىا ماديا ال تنتج ما يتطمبو القانكف كاف القرار فاقدا لركف السبب‪.‬‬
‫الضمانات القانونية المكرسة في مختمف النصوص التشريعية‬ ‫المطمب الثاني‪:‬‬
‫ضمف ىذ ا المطمب سنحاكؿ البحث عف الضمانات القانكنية المكرسة لمبدأ في أحكاـ قانكني‬
‫الكظيفة العمكمية كاالنتخابات‪ ،‬كالتركيز عمييما دكف القكانيف األخرل ليس عشكائيا‪ ،‬كما انو ليس‬
‫حكما بحصر الضمانات في ىذيف القانكنيف فقط‪ ،‬لكف مف كجية نظر أف مجالييما إلى الكظيفة‬
‫العامة كاالنتخابات مؤشريف ىاميف في معادلة حياد اإلدارة‪ ،‬دلؾ أف الميمة األساسية لإلدارة ىي‬
‫إشباع حاجيات المكاطف المختمفة‪ ،‬كالمكظؼ العاـ ىك األداة التي ترتكز عمييا اإلدارة في تحقيؽ‬
‫تمؾ الميمة مع ضركرة تحقيؽ ذ لؾ عمى أساس المساكاة بيف المكاطنيف في االنتفاع مف الخدمات‬
‫في إطار الحياد التاـ الذم يجب أف تتحمى بو اإلدارة كينعكس أساسا في سمكؾ مكظفييا‪.‬‬
‫المكظؼ العمكمي ىك كاجية اإلدارة كمف يمثميا كيتصرؼ باسميا كلحسابيا بؿ انو ىك مف‬
‫يحمؿ ختميا لذلؾ كجب أف يتحمى بما تتحمى بو اإلدارة مف حياد‪ ،‬كما أف مكظفي اإلدارة طرؼ‬
‫ميـ في العممية االنتخابية‪ ،‬كبمكجب قانكف االنتخابات تتأكد ضمانات لتكريس حياد اإلدارة‪.‬‬
‫كنتناكؿ في ىذا المطمب الفرعيف التالييف‪ :‬األكؿ يتضمف الضمانات المكرسة في قانكف‬
‫الكظيفة العمكمية كالثاني يتضمف الضمانات المكرسة في قانكف االنتخابات‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬الضمانات المكرسة في قانون الوظيفة العمومية‬
‫لقد عرفت الجزائر تغيرات كثيرة كميمة في الترسانة القانكنية خاصة بعد التعديؿ الدستكرم‬
‫في سنة‪ ،1996‬مما اثر أيضا عمى النصكص القانكنية المتعمقة بالكظيفة العمكمية خالؿ تعديؿ‬
‫المشرع الجزائرم لمقانكف األساسي لمكظيفة العمكمية بمكجب االمر‪ 03/06‬المؤرخ في ‪ 19‬جمادم‬
‫‪1‬‬
‫الثاني عاـ‪ 1427‬المكافؽ ‪15‬يكليك عاـ‪.2006‬‬

‫‪1‬‬
‫الجريدة الرسمية رقـ ‪.46‬تضمف االمر احدل عشر بابا في مجمكعة مشتمال عمى ‪ 224‬مادة‪.‬‬

‫‪55‬‬
‫الضمانات القانكنية لمبدأ حياد اإلدارة في الجزائر‬ ‫الفصؿ الثاني‬

‫إف األمر ‪ 03/06‬المتضمف القانكف األساسي العاـ لمكظيفة العمكمية جاء بناءا عمى رؤية جديدة‬
‫لمحياة المينية‪ ،‬كاستجابة لمتحكالت الكبيرة التي شيدتيا المؤسسات كاإلدارات العمكمية في نطاؽ‬
‫الممارسة اإلدارية‪.‬فكاف مف الجدير أف تنشا قكانيف جديدة كتمغى أك يعدؿ بعضيا كيحافظ عمى ما‬
‫‪1.‬‬
‫ىك مستجيب منيا لممرحمة الحالية‬
‫يقتضي الحياد في مفيكـ الكظيفة العامة أف تنصب جميع تصرفات المكظؼ العاـ لغرض‬
‫كاحد كىك تحقيؽ المصمحة العامة المتمثمة في سير المرفؽ العاـ بانتظاـ‪ ،‬كاف ال ينحرؼ المكظؼ‬
‫العمكمي أثناء إصدار ق ارراتو نحك مصالحو الشخصية أك مصمحة حزب معيف أك أم جية أخرل‬
‫قد ينتمي إلييا كبالتالي تفرض الكظيفة العامة عمى المكظؼ الذم ينتمي إلييا أف ال يستغؿ سمطتو‬
‫خارج اإلطار المحدد ليا قانكنا أك اليدؼ الذم سطرت مف اجميا الكظيفة‪.‬كال يستغؿ منصبو‬
‫لغرض الدعاية السياسية أك أم غرض آخر‪.‬‬
‫كفي ىذا اإلطار نجد المادة ‪28‬مف االمر‪03/06‬المؤرخ في ‪19‬في جمادل الثانية عاـ‬
‫‪ 1427‬المكافؽ ؿ ‪ 15‬يكليك سنة ‪ 2006‬المتضمف القانكف األساسي لمكظيفة العمكمية كالمادة‪29‬‬
‫مف نفس األمر‪.‬‬
‫الضمانات القانكنية الكفيمة بتكريس مبدأ الحياد ضمف قانكف الكظيفة العمكمية تبرز في عدة‬
‫أكجو األكؿ مف جانب المبادئ العامة لمتكظيؼ أم حياد اإلدارة في عممية التكظيؼ‪ ،‬كالثاني مف‬
‫جانب كاجبات المكظؼ العمكمي أم ضمانات حياد المكظؼ العمكمي حياؿ المرتفقيف‪ ،‬كالثالث‬
‫‪2‬‬
‫مف خالؿ حقكقو التي يتمتع بيا‪ ،‬كنبيف ذلؾ فيما يمي‪:‬‬
‫‪ -‬ضمانات مبدأ حياد اإلدارة مف خالؿ المبادئ العامة لمتكظيؼ‬
‫كتتمثؿ ىذه المبادئ في مبدأ المساكاة‪ ،‬كمبدأ الجدارة‪ ،‬كمبدأ الدائمة‪.‬‬
‫أكال‪ :‬مبدأ المساكاة في التكظيؼ‪ :‬أكدت مختمؼ األحكاـ القانكنية كالتنظيمية الصادرة في الجزائر‬
‫بدءا باألمر رقـ ‪ 136/66‬المتضمف القانكني األساسي العاـ لكظيفة العمكمية‪ ،‬كالقانكف األساسي‬
‫العاـ لمعامؿ الصادر عاـ ‪ 1978‬كأحكاـ المرسكـ ‪ 59/85‬المؤرخ في ‪ 1985/03/23‬كصكال إلى‬
‫أحكاـ القانكف األساسي العاـ لمكظيفة العمكمية ‪ ،03/06‬عمى مبدأ مساكاة المكاطنيف في االلتحاؽ‬

‫‪-1‬دماف دبيح عاشكر‪ ،‬شرح القانكف االساسي العاـ لمكظيفة العمكمية‪ ،‬احكاـ االمر الرئاسي‪ 03-06‬المؤرخ في ‪ ،2006/05/17‬دار اليدل‪،‬‬
‫عيف مميمة‪ ،‬الجزائر‪ ،2010 ،‬ص ‪.05‬‬
‫‪-2‬نصت عمى ضمانات كحقكؽ المكظؼ ككاجباتو ‪ 14‬مادة المكاد مف ‪ 26‬إلى ‪ 39‬مف األمر ‪.03/06‬‬

‫‪56‬‬
‫الضمانات القانكنية لمبدأ حياد اإلدارة في الجزائر‬ ‫الفصؿ الثاني‬

‫بالكظائؼ العمكمية‪ ،‬إف لمبدأ المساكاة في التكظيؼ دكر كبير في تكريس الحقكؽ كالحريات بشكؿ‬
‫عاـ كأىمية قصكل كضمانة لتكريس حياد اإلدارة اتجاه المكاطنيف عند اختيارىا مكظفييا ككذلؾ‬
‫حياد المكظؼ بعد تكظيفو‪.‬‬
‫لقد جاء في األمر رقـ ‪ 03/06‬المتضمف القانكف األساسي لمكظيفة العمكمية في المكاد‪،74‬‬
‫‪ 82 ،81 ،80‬منو‪ ،‬فاشترطت أف يتـ التكظيؼ عمى أساس المسابقات كقد تككف ىذه األخيرة عمى‬
‫أساس الشيادات أك عف طريؽ االختبارات أك مسابقات عف طريؽ االمتحانات كاالختبارات‬
‫الداخمية كالمينية‪ ،‬كيتكقؼ اختيار إحدل ىذه الطرؽ في التكظيؼ مف شانو أف يحقؽ القدر الكبير‬
‫مف المساكاة بيف المكاطنيف بعيدا عف كؿ محاباة ألم فرد أك مجمكعة مف األفراد‪ ،‬كذلؾ لبعث‬
‫الثقة بيف المكاطنيف كاإلدارة كتعزيز مصداقيتيا ‪.‬كتزكيده بكافة العناصر ماداـ أف التكظيؼ سيتـ‬
‫عمى أسس مكضكعية تستند إلى معايير الكفاءة بعيدا عف كؿ اعتبارات شخصية يككف مف شانيا‬
‫خمؽ طبقة بيركقراطية منفصمة عف المستفيديف مف خدمات اإلدارة‪ ،‬متعالية عمييـ معكقة‬
‫‪1‬‬
‫لمصالحيـ تعتبر نفسيا حاكمة ال خادمة ليـ‪.‬‬
‫إف مبدأ المساكاة في التكظيؼ ليس مطمقا بؿ ترد عميو بعض االستثناءات‪ ،‬التي يمكف إرجاعيا‬
‫إلى عدة اعتبارات تاريخية‪ ،‬اجتماعية‪ ،‬إنسانية لتبرير الخركج عف مبدأ المساكاة‬
‫في التكظيؼ كتكافؤ الفرص كتكظيؼ فئة المعكقيف كمعطكبي الحرب مف باب التكافؿ االجتماعي‬
‫‪2‬‬
‫كمحاكلة إلدماجيـ‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬مبدأ التكظيؼ عمى أساس الجدارة‪ :‬يعد مف أىـ المبادئ التي تحكـ الكظيفة العامة كالدم‬
‫سعت إلى تكريسو غالبية الدكؿ كمف بينيا الجزائر التي أقرتو في تشريعاتيا الكظيفية‪ ،‬كفي إطار‬
‫تحديد مضمكنو‪ ،‬يرل فقياء القانكف اإلدارم أف مبدأ الجدارة ىك ذلؾ الذم المبدأ الذم يجعؿ‬
‫‪3‬‬
‫اختيار المكظفيف كاالحتفاظ بيـ عمى أساس الصالحية كليس عمى أساس المحاباة‪.‬‬

‫‪-1‬سامي جماؿ الديف‪ ،‬التنظيـ اإلدارم لمكظيفة العامة‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬دار الجامعة الجديدة لمنشر‪ ،1990‬ص ‪.139‬‬
‫‪-2‬محمد السيد الدماجي‪ ،‬الحقكؽ الدستكرية في المجاؿ الكظيفي‪ ،‬نظاـ حجز الكظائؼ‪ ،‬مجمة العمكـ اإلدارية (العدد‪،)03.1973‬‬
‫ص ‪ 08‬كما بعدىا‪.‬‬
‫‪ -3‬السيد محمد يكسؼ المعداكم‪ ،‬دراسة الكظيفة العامة في النظـ المقارنة كالتشريع الجزائرم‪ ،‬الجزائر‪ ،‬ديكاف المطبكعات الجامعية‪،‬‬
‫‪ ،1984‬ص ‪.22‬‬

‫‪57‬‬
‫الضمانات القانكنية لمبدأ حياد اإلدارة في الجزائر‬ ‫الفصؿ الثاني‬

‫*عالقة مبدأ التكظيؼ عمى أساس الجدارة بالحياد الكظيفي‪:‬‬


‫إف التعييف في الكظيفة العامة الخاصة يخص فقط األشخاص دككا الكفاءة كالقدرة عمى القياـ‬
‫بأعبائيا‪ ،‬كاف تقدير كفاءة كصالحية ىؤالء بدلؾ يعيد بو إلى لجنة مستقمة كمحايدة‪ ،‬باالعتماد‬
‫عمى االمتحانات كالمسابقات الختيار المكظفيف بعيدا عف أم تمييز‪ ،‬كاف ىذا النظاـ القائـ عمى‬
‫أساس المسابقات كاالمتحانات كأسمكب لمتكظيؼ مف شانو تحقيؽ رقابة شعبية لمتأكد مف اختيار‬
‫العناصر المؤىمة لشغؿ ىذه الكظائؼ‪ ،1‬كبذلؾ يتحقؽ حياد اإلدارة في التكظيؼ‪.‬‬
‫كأكدت عمى ىذ ا المبدأ مف خالؿ ربط االلتحاؽ بالكظيفة العمكمية بجدارة المترشح ليا‪ ،‬فقد نص‬
‫أمر ‪ 30/06‬المتضمف القانكف األساسي العاـ لمكظيفة العامة في المادة ‪ 80‬عمى انو‪" :‬يتـ‬
‫االلتحاؽ بالكظائؼ العمكمية عف طريؽ‪ :‬المسابقة عمى أساس االختبا ارت‪.‬‬
‫"المسابقة عمى أساس الشيادات بالنسبة لبعض أسالؾ المكظفيف‪."...‬‬
‫كلعؿ أىـ شيء يؤكد مبدأ الجدارة في التكظيؼ ىك خضكع المكظؼ لفترة التربص كجعميا شرطا‬
‫أساسيا لترسيمو في الكظيفة‪ ،‬ىذا ما نصت عميو المادة ‪ 85‬مف االمر‪.03/06‬‬
‫كيكرس مبدأ الجدارة مبدأ أخ ار ىك أساس كجكد الدكلة كخضكع مكاطنييا ليا كلقكانينيا كىك مبدأ‬
‫المساكاة‪ ،‬كمف بيف النصكص التي اىتمت بمبدأ الجدارة في التكظيؼ كىدا لمقضاء عمى الفساد‬
‫اإلدارم نجد القانكف ‪ 01/06‬المؤرخ في ‪20‬فبراير سنة ‪2..2006‬أكد عمى ضركرة مراعاة قكاعد‬
‫ميمة في تكظيؼ مستخدمي القطاع العاـ كفي تسيير حاجياتيـ المينية تتمثؿ في مبدأ النجاعة‬
‫كالشفافية كالمعايير المكضكعية مثؿ الجدارة كاإلنصاؼ كالكفاءة‪ ،‬كاإلجراءات المناسبة الختيار‬
‫كتككيف األفراد المرشحيف لتكلي المناصب العمكمية التي تككف أكثر عرضة لمفساد‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬مبدأ الدائمة في التكظيؼ‪ :‬كفؽ ىدا المبدأ المكظؼ يكرس حياتو لكظيفتو ككحماية‬
‫الطبقة الحاكمة كرجاؿ الديف الذيف كانكا ينفردكف بالكظائؼ العامة ىدا قديما‪ ،‬كبظيكر الدكلة‬
‫الحديثة كاإلدارة العصرية التي تضمف لمكاطنييا إف تككف مرافقيا تعمؿ بانتظاـ كاضطراد ‪.‬أصبح‬
‫مف الكاجب تكريس ىذا المبدأ في العالقة بيف اإلدارة كالمكظؼ العمكمي الذم تستخدمو‪ ،‬كلقد‬
‫عرفتو لجنة دراسة شؤكف الكظيفة العامة بالكاليات المتحدة األمريكية سنة ‪ 1933‬عمى انو اتخاذ‬
‫الخطكات لجعؿ التكظيؼ العاـ عمال لو قيمة مدل الحياة مع فتح باب دخكؿ الكظيفة العامة‬

‫‪-1‬حمدم أميف عبد اليادم‪ ،‬إدارة شؤكف مكظفي الدكلة أصكليا كأساليبيا كاصالحيا‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪.45‬‬
‫‪-2‬المادة الثالثة مف القانكف ‪ ،01/06‬المؤرخ في ‪ ،2006/02/20‬الجريدة الرسمية رقـ‪.14‬‬

‫‪58‬‬
‫الضمانات القانكنية لمبدأ حياد اإلدارة في الجزائر‬ ‫الفصؿ الثاني‬

‫الجتذاب الرجاؿ كالنساء ذكم المقدرة كالخمؽ في مراحؿ الشباب كاتاحة فرصة الترقي كالتقدـ‬
‫‪1‬‬
‫لمكظائؼ الممتازة المشرقة‪.‬‬
‫*ضمانات مبدأ حياد اإلدارة مف خالؿ كاجبات المكظؼ العمكمي‪:‬‬
‫إف الكاجبات المفركضة عمى المكظؼ أيضا يمكننا أف نستسقي منيا ضمانات حياد اإلدارة‪ ،‬إف‬
‫عمى عاتؽ المكظؼ العمكمي كاجبات عميو االلتزاـ بيا مقابؿ الحقكؽ التي يتمتع بيا كتتعدد ىده‬
‫الكاجبات منيا ما تنص عميو قكانيف الكظيفة العمكمية كمنيا ما يستشؼ مف طبيعة الكظيفة كأخرل‬
‫تفرضيا األعراؼ اإلدارية‪ ،‬كالغرض األساسي مف ىده الكاجبات ىك تحقيؽ حاجيات المكاطنيف‪،‬‬
‫كمف بيف ىذه الكاجبات كاجب طاعة المكظؼ العاـ لرؤسائو‪ ،‬ككاجب النزاىة‪ ،‬كعدـ إفشاء السر‬
‫الميني‪ ،‬ككاجب التحفظ‪ ،‬كلعؿ ىذا األخير أىـ االلتزامات المرتبطة بالحياد‪.‬‬
‫أكال‪ :‬كاجب طاعة المكظؼ العاـ لرؤسائو‪ :‬يعني ىذا الكاجب أف يطيع المكظؼ العاـ األكامر‬
‫مشركعة كغير مخالفة لمقانكف كال تضر بالمصمحة العامة‪ ،‬كعدـ تنفيذه ليده األكامر يعتبر خطا‬
‫‪2‬‬
‫إداريا تترتب عنو مسؤكلية المكظؼ التأديبية‪.‬‬
‫كيستمد كاجب الطاعة أساسو مف تنظيـ الكظيفة العامة القائمة عمى فكرة التبعية السممية اك‬
‫نظاـ السمطة الرئاسية‪ ،‬ىذه السمطة ترتبط بمبدأ التدرج اإلدارم الذم تكزع فيو المسؤكلية عمى‬
‫درجات متعددة ‪.‬فالرئيس اإلدارم عندما يصدر ق اررات أك أكامر معينة فانو يصدرىا بصفتو‬
‫الكظيفية ال بصفتو الشخصية فيك ممثؿ لمدكلة كنائب عف سمطاتيا‪ ،‬كبالتالي فاف طاعة‬
‫المرؤكسيف لو ما ىي إال طاعة لمدكلة كطاعة ىذه األخيرة بمثابة طاعة لمقانكف‪.3‬‬
‫ثانيا كاجب النزاىة كعدـ إفشاء السر الميني‪ :‬تفرض عمى المكظؼ العمكمي التزامات مينية‬
‫كأخرل أخالقية‪ ،‬كىذا باعتباره ممثال لمدكلة‪ ،‬كلكي يحافظ عمى كرامة كظيفتو يجب أف يقكـ‬
‫بكاجباتو بكؿ دقة كأمانة أثناء تعاممو مع المستفيديف مف خدمات اإلدارة‪ ،‬كاف يككف نزييا يراعي‬
‫ضميره في ذلؾ‪ ،‬كعدـ إفشاء أسرار كظيفتو‪ ،‬كأداء ىذا االلتزاـ يمعب دك ار في أداء ميامو بكؿ‬
‫حياد‪ ،‬ككاجب النزاىة يظير مف خالؿ مدل تحمي المكظؼ العاـ بالصدؽ كاألمانة مف جية كمدل‬
‫احترامو لمبدأ المساكاة في التعامؿ مع المنتفعيف مف خدمات اإلدارة مف جية أخرل‪.‬‬

‫‪-1‬حمدم أميف عبد اليادم‪ ،‬إدارة شؤكف مكظفي الدكلة أصكليا كأساليبيا كاصالحيا‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪.70‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-‬محمد عبد الحميد أبك زيد‪ ،‬طاعة الرؤساء كمبدأ المشركعية دراسة مقارنة‪ ،‬دار النيضة العربية‪ ،‬القاىرة‪ ،1988‬ص‪.87‬‬
‫‪-3‬عبد القادر الشيخي‪ ،‬أخالقيات الكظيفة العامة‪ ،‬عماف‪ ،1999 ،‬ص‪.61‬‬

‫‪59‬‬
‫الضمانات القانكنية لمبدأ حياد اإلدارة في الجزائر‬ ‫الفصؿ الثاني‬

‫إف االلتزاـ بعدـ إفشاء السر الميني يعد مف بيف أىـ االلتزامات األساسية الممقاة عمى كافة‬
‫المكظفيف‪ ،‬كيمزميـ بعدـ اإلفصاح عف المعمكمات التي اطمع عمييا بسبب كظيفتو‪ ،‬كالمشرع‬
‫الجزائرم مف خالؿ األمر ‪ 03/06‬المتضمف القانكف األساسي العاـ لمكظيفة العمكمية أكد عمى ىذا‬
‫الكاجب في نص المادة ‪ 48‬منو كالتي نصت عمى‪" :‬يجب عمى المكظؼ االلتزاـ بالسر الميني‬
‫كيمنع عميو أف يكشؼ محتكل أية كثيقة بحكزتو أك أم حدث أك أم خبر عمـ ب ىاك اطمع عميو‬
‫بمناسبة ميامو‪ ،‬ماعدا ما تقتضيو ضركرة المصمحة كال يتحرر المكظؼ مف كاجب السر الميني‬
‫إال بترخيص مكتكب مف السمطة السممية المؤىمة"‪ ،‬كلقد جرـ المشرع إفشاء السر الميني بمكجب‬
‫نصكص قانكف العقكبات‪2‬فنصت المادة ‪ 302‬عمى انو‪" :‬كؿ مف يعمؿ بأم صفة كانت في‬
‫مؤسسة كأدلى أك شرع في اإلدالء إلى أجانب أك الى جزائرييف يقيمكف في بالد أجنبية بأسرار‬
‫المؤسسة التي يعمؿ فييا دكف أف يككف مخكال لو دلؾ يعاقب بالحبس مف سنتيف إلى خمس سنكات‬
‫كبغرامة مف ‪ 20000‬إلى ‪ 100000‬دج كاذا أدلى بيذه األسرار إلى جزائرييف يقيمكف في الجزائر‬
‫فتككف العقكبة مف ثالث أشير إلى سنتيف كبغرامة مف ‪ 20000‬إلى ‪ 100000‬دج"‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬كاجب التحفظ‪ :‬إف المكظؼ العاـ أداة مف أدكات اإلدارة التي تحقؽ بيا أىدافيا‪ ،‬كىدا يفرض‬
‫تقييد حريتو في التعبير عف آرائو‪ ،‬كذ لؾ بالقدر الالزـ لحسف سير اإلدارة فيك ممزـ باتخاذ الحيطة‬
‫كالتحفظ أثناء تعبيره عف أىكائو‪ ،‬كليذا الكاجب أىمية كبيرة في تكريس مبدأ حياد المكظؼ‬
‫العمكمي‪.‬‬
‫*ضماف تكريس مبدأ حياد اإلدارة مف خالؿ حقكؽ المكظؼ‬
‫نركز ىنا الحؽ في التعددية النقابية‪ ،1‬كقد نص اإلعالف العالمي لحقكؽ اإلنساف الذم أقرتو‬
‫الجمعية العامة لألمـ المتحدة في ‪ 1948/12/10‬في المادة ‪ 23‬منو عمى انو لكؿ شخص الحؽ‬
‫في أف ينشئ مع اآلخريف نقابات أك ينظـ إلى نقابات حماية مصالحو‪ ،‬كقد أقرتو الدساتير‬
‫الجزائرية السيما منيا دستكر‪ 1989‬في المادة‪ 53‬منو كىك ما أكده دستكر‪ 1996‬حيف نص في‬
‫المادة ‪ 56‬منو عمى أف الحؽ النقابي معترؼ بو لجميع المكاطنيف‪.‬‬

‫‪-1‬األنظمة الديكتاتكرية كاالستبدادية ال تؤيد فكرة التعددية النقابية كىدا راجع إلمكانية قياـ ىده النقابات بنشاط معاد لمنظـ السياسية كاالقتصادية‬
‫كاالجتماعية السائدة في الدكلة لدلؾ كاف ظيكر ىده النقابات في المراحؿ األكلى بشكؿ جمعيات سرية إلى أف تـ االعتراؼ بيا بعد الثكرة‬
‫الصناعية كأصبحت محؿ حماية دكلية كدستكرية‪.‬‬

‫‪60‬‬
‫الضمانات القانكنية لمبدأ حياد اإلدارة في الجزائر‬ ‫الفصؿ الثاني‬

‫الحؽ النقابي لممكظؼ العاـ اعترؼ بو المشرع الجزائرم منذ صدكر القانكف األساسي‬
‫لمكظيفة العامة سنة ‪ ،1966‬كما سمح القانكف األساسي النمكذجي الخاص بعماؿ المؤسسات‬
‫كاإلدارات العمكمية لسنة ‪ 1985‬لعماؿ اإلدارة باالنضماـ إلى نقابة عمالية متجسدة في االتحاد‬
‫العاـ لمعماؿ الجزائرييف كىدا بمكجب المادة ‪ 18‬منو‪.‬‬
‫لكف بصدكر دستكر ‪ 1989‬المعدؿ سنة ‪ 1996‬كالدم كرس التعدية الحزبية كقابميا‬
‫بالتعددية النقابية تكسع مفيكـ الحؽ النقابي مف االنخراط في االتحاد العاـ لمعماؿ الجزائرييف إلى‬
‫حؽ تككيف منظمات نقابية جديدة‪ ،‬حيث تنص المادة ‪ 02‬مف قانكف ‪ 14/90‬المعدؿ كالمتمـ‬
‫بالقانكف رقـ ‪ 30/91‬المؤرخ في ‪ 1991/12/21‬المتعمؽ بكيفيات ممارسة الحؽ النقابي‪ ،‬كما‬
‫تجدر اإلشارة إليو أف المشرع الجزائرم أكد مف جديد كضمف لممكظؼ العاـ حقو في ممارسة‬
‫العمؿ النقابي مف خالؿ األمر رقـ ‪ 03/06‬حيث نصت المادة ‪ 35‬منو عمى انو يمارس المكظؼ‬
‫الحؽ النقابي في إطار التشريع المعمكؿ بو‪.1‬‬
‫بالنسبة ألىمية العمؿ النقابي في حياد اإلدارة‪ ،‬فاالعتراؼ بالحؽ النقابي لممكظؼ لعاـ‬
‫يساىـ ف ي خمؽ جك مف التعاكف بيف المكظؼ كالدكلة اد مف خاللو يتـ االستماع لممكظفيف كطرح‬
‫مشاغميـ كالتعرؼ عمى مطالبيـ المشركعة ككجيات نظرىـ المختمفة حكؿ سياسة الدكلة‪ ،‬كما‬
‫تعمؿ عمى تنظيـ الجياز اإلدارم كىدا عف طريؽ بسط الديمقراطية الف النقابات تقكـ عمى أساس‬
‫حرية االنتخاب كحرية الرأم‪ ،‬بحيث ال يصبح العمؿ الركتيني الحككمي حاف از لمبيركقراطية المعطمة‬
‫‪2‬‬
‫لإلدارة‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬الضمانات المكرسة في قانون االنتخابات‬
‫عمى اثر التعديؿ الدستكرم لسنة ‪ ،1996‬صدر القانكف العضكم رقـ ‪ 07-97‬المؤرخ في‬
‫‪ ،1997/03/06‬المتعمؽ بنظاـ االنتخابات ككدا القانكف العضكم رقـ ‪ 09-97‬المؤرخ في‬
‫‪ 1997/03/06‬المتعمؽ باألحزاب السياسية‪ ،‬كحكمة المشرع في دلؾ جعؿ النصكص القانكنية‬
‫متناسقة كمتضافرة التصكرات‪.3‬كاستمر العمؿ بالقانكنيف السابقيف الذكر إلى غاية صدكر القانكف‬

‫‪-1‬بكر القباني‪ ،‬المكظؼ العاـ كحرية تككيف الجمعيات كالنقابات المينية‪ ،‬مجمة إدارة قضايا الحككمة‪ ،‬العدد‪.02‬‬
‫‪-2‬خرايفية سامي‪ ،‬مبدأ حياد اإلدارة كعالقتو بالمكظؼ العمكمي‪ ،‬المرجع السابؽ ص‪.65‬‬
‫‪3‬‬
‫كنفس النيج سمكو المشرع‪ ،‬فاثر صدكر دستكر‪ 1989‬الذم تبنى التعددية الحزبية‪ ،‬صدر القانكف رقـ ‪11-89‬بتاريخ ‪1989/07/05‬‬
‫المتضمف تحديد األحكاـ المتعمقة بالجمعيات ذات الطابع السياسي‪ ،‬ككذلؾ القانكف رقـ‪ 13-89‬بتاريخ ‪ 1989/08/07‬المتعمؽ باالنتخابات‪.‬‬
‫كىذه الخطكة خطكة انتقالية مف اجؿ تحكؿ أكثر مركنة مف نظاـ شمكلي إلى نظاـ أكثر انفتاحا‪.‬‬

‫‪61‬‬
‫الضمانات القانكنية لمبدأ حياد اإلدارة في الجزائر‬ ‫الفصؿ الثاني‬

‫العضكم رقـ‪01-12‬المؤرخ في ‪1 2012/01/12‬المتعمؽ بنظاـ االنتخابات‪ ،‬ىذا األخير الذم‬


‫ألغى أحكاـ القانكف العضكم‪ 07-97‬بمكجب المادة‪ ،237‬كما حؿ القانكف رقـ‪ 02-12‬المؤرخ في‬
‫‪2 2012/01/12‬المتعمؽ باألحزاب السياسية ىذا األخير الذم القانكف العضكم المتعمؽ باألحزاب‬
‫رقـ ‪ 09-97‬بمكجب المادة‪ 23‬منو‪.‬‬
‫إف قانكف االنتخابات يتضمف أحكاـ تجسد مبدأ الحياد عبر كامؿ مراحؿ العممية االنتخابية‪،‬‬
‫ففي مكاتب التصكيت ىناؾ ممثمي األحزاب كبإمكانيـ الحصكؿ عمى محاضر الفرز‪ ،‬لجاف‬
‫المراقبة متشكمة مف ممثمي األحزاب‪ ،‬كمنيا مف يضـ قضاة‪ ،‬كما أف عممية الفرز تتـ عمنا أماـ‬
‫كاالىـ مف ذلؾ المجمس الدستكرم ىك المؤىؿ الكحيد إلصدار نتائج‬ ‫المكاطنيف‪،‬‬
‫االنتخابات‪3.‬نحاكؿ مف خالؿ ما يمي تبييف بعض الضمانات التي جاءت في قانكف االنتخابات‬
‫‪ 01/12‬أثناء العممية االنتخابية عمكما‪ ،‬كما نحاكؿ أف نستشؼ دكر الرقابة عمى االنتخابات في‬
‫تحقيؽ الحياد‪ ،‬كصكال إلى معرفة الجزاء المترتب عف اإلخالؿ بالحياد في العممية االنتخابية‪.‬‬
‫*ضمانات الحياد في العممية االنتخابية‪:‬‬
‫نظ ار الىية االنتخابات كجب ضماف نزاىة االنتخابات كىذا مرتبط أساسا بالحياد‪ ،‬ىذا األخير‬
‫يجب أف تتسـ بو الجية المشرفة عمى االنتخابات عند تعامميا مع كؿ أطراؼ العممية االنتخابية‬
‫مف مرشحيف كناخبيف كمشرفيف كمراقبيف‪ ،‬كفي جميع مراحؿ ىذه العممية مف يكـ استدعاء الييئة‬
‫الناخبة إلى حيف اإلعالف النيائي عف نتائج االنتخابات‪ ،‬كاإلدارة تمعب دكر أساسي في ىذه‬
‫العممية المعقدة‪ ،‬كلكي ال تنحاز ألم طرؼ أثناء العممية االنتخابية كتجسيدا لفكرة المساكاة بيف كؿ‬
‫المترشحي ف كمصداقية كنزاىة العممية يجب عمى القائميف عمى إدارتيا في جميع مراحميا أف يتحمكا‬
‫بالحياد التاـ‪.‬‬
‫كالمشرع الجزائرم أشار بصفة صريحة عمى مبدأ لحياد في العممية االنتخابية حيث نصت‬
‫المادة ‪ 160‬مف القانكف العضكم ‪ 01-12‬عمى انو‪" :‬تجرم االستشارات االنتخابية تحت مسؤكلية‬

‫‪1‬‬
‫‪-‬لجريدة الرسمية عدد‪ 01‬بتاريخ‪2012/01/14‬‬
‫‪2‬الجريدة الرسمية عدد‪ 02‬بتاريخ ‪2012/01/15‬‬
‫‪-3‬كزير الداخمية كالجماعات المحمية أكد عمى ضمانات الحياد في تصريحو بشاف االنتخابات الرئاسية‪ -‬افريؿ ‪ -2014‬النشرة اإلخبارية لمقناة‬
‫الداخمية بتاريخ ‪.2014/06/16‬‬

‫‪62‬‬
‫الضمانات القانكنية لمبدأ حياد اإلدارة في الجزائر‬ ‫الفصؿ الثاني‬

‫اإلدارة التي يمتزـ أعكانيا التزاما صارما بالحياد إزاء األحزاب السياسية ك المترشحيف"‪ 1‬كقد أحسف‬
‫المشرع ما فعؿ باستعمالو عبارة أعكاف اإلدارة ذلؾ أف العممية االنتخابية ال تقتصر فقط عمى‬
‫المكظفيف بالمفيكـ اإلدارم‪ ،‬فيناؾ مف تستخدميـ اإلدارة كليس ليـ صفة المكظؼ العمكمي كال‬
‫‪2‬‬
‫يخضع لمقكانيف األساسية المستقمة كالمساعديف المسخريف‬
‫كذلؾ ما يعد مف ضمانات الحياد في عممية التصكيت ككف أف المكمفكف يتـ تعيينيـ بمكجب قرار‬
‫صادر عف الكالي كىك قرار إدارم تمزميـ اإلدارة بو عف طريؽ التسخير تحت طائمة العقكبات‬
‫الجزائية‪ ،‬كىذه األخيرة المترتبة عمى رفض االمتثاؿ لمتسخيرة نص عمييا المشرع في المادة ‪:233‬‬
‫"يعاقب بالحبس مف عشرة(‪)10‬أياـ عمى األقؿ إلى شيريف(‪)02‬عمى األكثر كبغرامة مف أربعيف‬
‫ألؼ دينار(‪ 40.000‬دج) إلى مائتي ألؼ دينار(‪ 200.000‬دج) أك بإحدل ىاتيف العقكبتيف‪ ،‬كؿ‬
‫شخص يرفض امتثاؿ قرار تسخيره لتشكيؿ مكتب التصكيت أك لمشاركتو في تنظيـ استشارة‬
‫انتخابية"‪.‬‬
‫‪ -‬دكر الرقابة عمى العممية االنتخابية في تحقيؽ الحياد‪:‬‬
‫يمكف تعريؼ عممية الرقابة عمى االنتخابات العامة بأنيا اإلجراءات التي تتسـ بالمكضكعية‬
‫كالحياد مف قبؿ أشخاص تـ تكميفيـ بشكؿ رسمي بممارسة أعماؿ المتابعة كالرقابة كتقصي‬
‫الحقائؽ حكؿ صحة إجراء كسير العممية االنتخابية كالتحقؽ مف الدعاكل التي تشير إلى حدكث‬
‫أية انتياكات تذكر في ىذا المجاؿ‪ ،‬عمى أف يتـ ذلؾ كفؽ المكائح كالقكانيف المعمكؿ بيا في ىذا‬
‫اإلطار‪ .‬فالرقابة االنتخابية ىي عممية جمع كحصر المعمكمات حكؿ العممية االنتخابية بكافة‬
‫مراحميا كذلؾ بإتباع آلية منيجية كمنظمة‪ ،‬كاصدار تقييمات مف المفترض أف تككف مكضكعية‬
‫كمحايدة‪ ،‬كتيدؼ الرقابة إلى التأكد مف سير العممية االنتخابية بشكؿ نزيو‪ ،‬كتبدأ منذ بداية‬
‫المراحؿ األكلى لالنتخابات حيث تتضمف مراقبة عممية التسجيؿ‪ ،‬كعمؿ لجنة االنتخابات‪،‬‬
‫كالحمالت االنتخابية‪ ،‬كاالقتراع‪ ،‬كفرز األصكات‪ ،‬ككافة األمكر المتعمقة بيذه العممية حتى إعالف‬
‫النتائج‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪-‬جاء ىدا النص في الباب الخامس المتعمؽ بأحكاـ مراقبة عمميات التصكيت كالمنازعات االنتخابية‪ ،‬في الفصؿ األكؿ الذم نص عنكانو عمى مصطمح‬
‫الحياد‪ ،‬المعنكف ب"مسؤكلية األعكاف المكمفيف بالعمميات االنتخابية كحيادىـ"‪.‬‬
‫‪ -2‬بيمكلي أبك الفضؿ محمد كفكغكلك الحبيب‪ ،‬مبدأ حياد المكظؼ العمكمي في العممية االنتخابية‪ ،‬دفاتر السياسة كالقانكف عدد خاص‪،‬افريؿ ‪ ،2011‬ص ‪.05‬‬

‫‪63‬‬
‫الضمانات القانكنية لمبدأ حياد اإلدارة في الجزائر‬ ‫الفصؿ الثاني‬

‫كلكي تككف نتائج الرقابة كتقارير المراقبيف مكضكعية كتتمتع بالمصداقية‪ ،‬يجب أف يتكفر في‬
‫المراقبيف المحمييف كالدكلييف عمى حد سكاء عدد مف األسس كالمعايير كالتي مف أىميا الحيادية‬
‫كاالستقاللية‪ ،‬كعدـ االنحياز إلى أم طرؼ مف األطراؼ‪ ،‬أك االرتباط بأم شكؿ بحزب مف‬
‫األحزاب‪ ،‬كاف يككنكا دقيقيف كسريعيف في عممية مراقبة كتدكيف األحداث كالمعمكمات‪ ،‬إضافة إلى‬
‫تمتعيـ بالشفافية التي تتضمف اإلفصاح عف آلية جمع المعمكمات‪ ،‬كيفترض أف يمتزـ المراقبكف‬
‫‪1‬‬
‫بالمكائح كالقكانيف المنظمة لعممية الرقابة‪.‬‬
‫‪ -‬جزاء اإلخالؿ بمبدأ الحياد في العممية االنتخابية‪:‬‬
‫إف إلزامية القانكف تتأسس عمى الجزاءات المترتبة عمى مخالفة مختمؼ النصكص القانكنية‪،‬‬
‫فالقاعدة القانكنية ال يككف ليا اثر في المجتمع إال اذا اقترنت بجزاء‪ ،‬كنية المشرع الجزائرم بارزة‬
‫لدعـ مبدأ الحياد في المجاؿ االنتخابي فقد خصص أحكاـ جزائية صارمة لكؿ المخالفات التي تقع‬
‫أثناء العممية االنتخابية كتمس بالنزاىة كالسير الحسف ليا‪.‬‬
‫القانكف رقـ‪ 01-12‬المتعمؽ بنظاـ االنتخابات خصص الباب الثامف المكاد مف ‪ 210‬إلى غاية‬
‫‪ 236‬لألحكاـ الجزائية‪.‬‬
‫حتى أف المشرع اعتبر صفة أعكاف الدكلة المساىميف في لعممية االنتخابية ظرفا مشددا‪ ،‬في‬
‫المادة‪ ،236‬كاألكثر مف دلؾ األشخاص المنتخبيف كالناخبيف أيضا خصيـ بأحكاـ جزائية كليس‬
‫فقط القائميف عمى العممية االنتخابية‪.‬‬
‫مثال المادة‪ 216‬نصت عمى انو يعاقب بالسجف مف خمس إلى عشر(‪)10-05‬سنكات‬
‫المكمؼ في االقتراع الذم يقكـ بإنقاص أك زيادة في المحضر‪.‬كما تعاقب المادة‪218‬كؿ مف حصؿ‬
‫‪2‬‬
‫عمى أصكات أك حكليا لناخبيف أك حمميـ عمى االمتناع مف التصكيت‪.‬‬

‫‪-1‬بيمكلي أبك الفضؿ محمد كفكغكلك الحبيب‪ ،‬مبدأ حياد المكظؼ العمكمي في العممية االنتخابية‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪.10‬‬
‫‪-2‬القانكف العضكم ‪ 01/12‬المتعمؽ بنظاـ االنتخابات‪.‬‬

‫‪64‬‬
‫خاتمػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػػة‬

‫الخاتمة‬
‫إذا كانت حماية مبدأ الشرعية كضماف قكاعد الديمقراطية‪ ،‬كحسف سير المرافؽ العامة مف‬
‫المبررات التي دعت إلى تقرير مبدأ حياد اإلدارة‪ ،‬فاف األمر ليس بالسيؿ مف الكاقعية كالعممية‪،‬‬
‫باإلضافة إال أف تطبيؽ مبدأ حياد اإلدارة يطرح إشكاليات عديدة مف حيث اصطدامو بمبادئ‬
‫قانكنية تجعؿ محاكلة التكفيؽ بينيما ميمة غاية الصعكبة‪ ،‬كنخص بالذكر مكقؼ النظـ القانكنية‬
‫مف ممارسة المكظؼ لمحريات العامة‪.‬‬
‫فاختالؼ األنظمة السياسية كاالجتماعية كتبايف المنظكر القانكني لمفيكـ اإلدارة يجعؿ ميمة‬
‫حصر كافة العكامؿ أم ار في غاية التعقيد‪.‬‬
‫كيجدر القكؿ أف االعتراؼ بالديمقراطية كنظاـ لمحكـ كمجمكعة المبادئ كاألركاف التي تقكـ‬
‫عمييا في نصكص دستكرية كقانكنية ال تكفي كحدىا لقياميا‪ ،‬بؿ يجب أف تجد ليا تطبيقا فعميا‬
‫ككاقعيا بعيدا عف الشعارات كالمظاىرات الشعبية الزائفة التي تبدم كعيا سياسيا كتخفي انعداما‬
‫ألدنى إحساس برغبة المشاركة في الحيا ة السياسية كجيال تاما بمضمكف كأبعاد الديمقراطية كحقكؽ‬
‫المكاطف كحرياتو‪.‬‬
‫كما يمكف القكؿ أف المشرع الجزائرم أكد مند فجر االستقالؿ عمى سعيو مف اجؿ ترسيخ‬
‫معالـ النظاـ الديمقراطي‪ ،‬إال انو برز أكثر ىدا المسعى بعد التحكؿ الديمقراطي لسنة ‪،1989‬‬
‫ككفؽ ىدا تراكح مبدأ حياد اإلدارة بيف الضمكر كالظيكر‪ ،‬كتراكحت الضمانات القانكنية لو بيف‬
‫الضعؼ كالقكة‪ ،‬كفي األخير يمكف استخالص نتائج أىميا‪:‬‬
‫‪-01‬قبؿ التحكؿ الديمقراطي كاف تكفرت ضمانات قانكنية كمبدأ المساكاة المكرس دستكريا مند‬
‫االستقالؿ‪ ،‬إال أف الضمانات تختنؽ بجك نظاـ الحزب الكاحد المحتكر لمسمطة‪ ،‬أما بعد التحكؿ‬
‫الديمقراطي بدأت تتجمع الضمانات مف اجؿ خمؽ جك مالئـ إلعماؿ مبدأ حياد اإلدارة بؿ‬
‫كتأسيسو‪.‬‬
‫‪-2‬قبؿ سنة ‪ 1996‬كانت المقتضيات كركح المبدأ مكجكدة لكنيا تعمؿ ضمنيا ألنو يدخؿ في‬
‫صميـ مبادئ دستكرية كانت مكرسة سمفا‪ ،‬أما بعد ‪ 1996‬خرجت إلى الكجكد القانكني ضمانة‬
‫قاعدية عززت المقتضيات المكجكدة ‪.‬‬
‫‪ -3‬النص عمى مبدأ عدـ تحيز اإلدارة ضمانة فعمية ىدا نظريا لكنيا تحتاج إلى ضمانات عممية‬
‫تتحرؾ كفقيا مقتضيات المبدأ كال بد مف جزاءات تطاؿ كؿ مخالؼ لمضمكف المبدأ‪.‬‬

‫‪66‬‬
‫خاتمػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػػة‬

‫‪ -4‬مبدأ حياد اإلدارة لو خمفية فمسفية ىامة ىي مبدأ المساكاة بكؿ صكره لدلؾ ضماف مبدأ‬
‫المساكاة ىك ضماف لمبدأ الحياد ككالىما يرتكز عمى ضمانة أساسية ىي خضكع الدكلة لمقانكف‬
‫فاحتراـ الدكلة لمبدأ المشركعية حماية لكؿ المبادئ الدستكرية‪.‬‬
‫‪-5‬الرقابة ضمانة عممية لتجسيد مبدأ الحياد‪ ،‬دلؾ أف صدكر أم قانكف يخالؼ مقتضى الحياد البد‬
‫مف جعؿ حد لو كىدا يضمنو المجمس الدستكرم الذم يكفؿ دستكرية القكانيف‪ ،‬كما اف رقابة أعماؿ‬
‫اإلدارة بكاسطة ىيئات قضائية متخصصة في النزاع اإلدارم يضمف احتراـ اإلدارة لمبدأ الحياد عند‬
‫قياميا بإعماليا‪.‬‬
‫‪-6‬إف تحقيؽ مبدأ حياد اإلدارة مف خالؿ الحياد الكظيفي لممكظؼ العاـ أمر ميـ دلؾ أف المكظؼ‬
‫ىك الشخص القائـ عمى أعماؿ اإلدارة لدلؾ البد مف صقؿ السمكؾ االجتماعي كالميني لو‪،‬‬
‫كتكجييو لمقتضيات أخالقيات الكظيفة العمكمية المكرسة في قانكف الكظيفة العامة ‪-06‬‬
‫‪.03‬كاظير المشرع رغبتو في تكريس حياد اإلدارة مف خالؿ تاطيره جممة مف األحكاـ المتعمقة‬
‫بمبادئ التكظيؼ كالكاجبات المفركضة عمى المكظؼ كالتي يمتزـ بيا داخؿ كخارج العمؿ‪.‬‬
‫‪-7‬الحياد اإلدارم في الجزائر‪ ،‬كاف عرضة لمعكامؿ السياسية فكثي ار ما استغؿ المكظؼ لعمكمي‬
‫الصراعات السياسية كالحزبية‪ ،‬كىك ما اثر عمى العالقة بيف اإلدارة كالمكاطف كأصبح ينظر إلييا‬
‫دائما عمى أنيا أداة سمبية‪ ،‬كمف ثـ كجب القياـ بدراسات معمقة حكؿ األسباب التي تعيؽ تحقيؽ‬
‫ىدا الحياد‪ ،‬كالعمؿ عمى القياف بإصالح إدارم عميؽ كمنسجـ كشامؿ باستم اررية إلزالة العراقيؿ‬
‫التي يكاجييا المكاطف في عالقتو مع اإلدارة‪.‬‬
‫‪-8‬تجدر اإلشارة إلى أف الجزائر مند دستكر ‪ 1989‬الذم كرس مبدأ الفصؿ بيف السمطات‬
‫كالتعددية الحزبية تسعى جاىدة عمى تحقيؽ الحياد اإلدارم مف خالؿ اإلصالحات التي يعرفيا‬
‫القطاع اإلدارم كمف خالؿ تزكيد الترسانة القانكنية بمختمؼ النصكص التشريعية التي تكرس ىدا‬
‫المبدأ‪.‬‬
‫‪-9‬كتكالت القكانيف التي تعمؿ عمى تأكيد كتعميؽ اإلصالح اإلدارم‪ ،‬مف قانكف البمدية كالكالية‬
‫كقانكف الجمعيات العامة كاإلعالـ كاالنتخابات‪.‬‬
‫‪-10‬ضركرة السعي الدائـ لمعمؿ عمى عصرنة اإلدارة كتحسيف ظركؼ العمؿ المادية‪ ،‬كاالىتماـ‬
‫بتاطير الجانب البشرم مف خالؿ تحسيف مستكل المكظؼ عف طريؽ التككيف اإلدارم المستمر‬
‫عمى اختالؼ أنكاعو كمستكياتو عف طريؽ المعاىد المتخصصة‪.‬‬

‫‪67‬‬
‫خاتمػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػػة‬

‫‪-11‬باعتبار أف الجزائر دكلة حديثة االخذ بنظاـ التعددية الحزبية يجب عمييا أف تستفيد مف الدكؿ‬
‫التي سبقتيا كتستقي الجكانب االيجابية مف تجاربيا‪ ،‬كالتعددية الحزبية ينبغي أف ال تككف تعددية‬
‫ىيكمية لممساندة كتأييد السمطة القائمة‪ ،‬بؿ يجب أف تككف تعددية مشبعة بثقافة ديمقراطية تيدؼ‬
‫لمكصكؿ إلى السمطة طرؽ ديمقراطية كسممية بما يحقؽ إضافة نكعية جديدة في ظؿ التطكر كبما‬
‫يضمف تكريس مبادئ كقكاعد أخرل تتمثؿ في حرية الرأم كالتعبير كالصحافة ككذا مبدأ حياد‬
‫اإلدارة‪.‬‬

‫‪68‬‬
‫قائمة المراجع و المصادر‪:‬‬

‫الكتب بالمغة العربية ‪:‬‬


‫‪ -1‬الشاعر رمزم طو ‪ ،‬قضاء التعكيض ‪ ،‬مطبعة جامعية عيف شمس ‪ ،‬طبعة ‪. 1985‬‬
‫‪ -2‬الشرقاكم سعاد ‪ ،‬نسبة الحرية العامة ك انعكاساتيا عمى التنظيـ القانكني ‪ ،‬دار النيضة‬
‫العربية ‪. 1979 ،‬‬
‫‪-3‬بك سماح ‪ ،‬محمد أميف ‪ ،‬ترجمة رحاؿ بف أعمر ك رحاؿ مكالم ادريس ‪ ،‬المرفؽ العاـ في‬
‫الجزائر ‪ ،‬ديكاف المطبكعات الجامعية ‪ ،‬الجزائر ‪. 1995،‬‬
‫‪ -4‬بكشعير ‪ ،‬سعيد ‪ ،‬النظاـ السياسي الجزائرم " دراسة تحميمية لطبيعة نظاـ الحكـ في ضكء‬
‫دستكر ‪، " 1989‬الجزء الثاني ‪ ،‬الطبعة الثانية ‪ ،‬ديكاف المطبكعات الجامعية ‪ ،‬الجزائر ‪. 2013،‬‬
‫‪ -5‬بكشعير ‪ ،‬سعيد ‪ ،‬النظاـ السياسي الجزائرم " دراسة تحميمية لطبيعة نظاـ الحكـ في ضكء‬
‫دستكر ‪ ، " 1996‬السمطة التنفيذية ‪ ،‬الجزء الثالث ‪ ،‬الطبعة الثانية ‪ ،‬ديكاف المطبكعات الجامعية‬
‫‪ ،‬الجزائر ‪. 2013،‬‬
‫‪ -6‬بكشعير ‪ ،‬سعيد ‪ ،‬النظاـ السياسي الجزائرم " دراسة تحميمية لطبيعة نظاـ الحكـ في ضكء‬
‫دستكرم ‪ 1963‬ك‪ ، " 1976‬الجزء االكؿ ‪ ،‬الطبعة الثانية ‪ ،‬ديكاف المطبكعات الجامعية ‪ ،‬الجزائر‬
‫‪. 2013،‬‬

‫‪-7‬بعمي ‪ ،‬محمد الصغير ‪ ،‬الق اررات االدارية ‪ ،‬بدكف ذكر عدد الطبعة ‪ ،‬دار العمكـ ‪ ،‬عنابة ‪،‬‬
‫الجزائر ‪. 2005 ،‬‬

‫‪-8‬بكضياؼ ‪ ،‬عمار‪ ،‬القضاء االدارم في الجزائر بيف نظاـ الكحدة ك االزدكاجية ‪2000-1962‬‬
‫‪،‬دار الريحاف ‪ ،‬الطبعة االكلى ‪ ،‬الجزائر ‪. 2000 ،‬‬

‫‪-9‬بكضياؼ ‪ ،‬عمار ‪ ،‬شرح قانكف البمدية ‪ ،‬الطبعة االكلى ‪ ،‬جسكر لمنشر ك التكزيع ‪ ،‬الجزائر ‪،‬‬
‫‪. 2012‬‬

‫‪ -10‬بكقفة ‪ ،‬عبد اهلل ‪ ،‬الدستكر الجزائرم نشأة – تشريعا –فقيا ‪ ،‬الطبعة االكلى ‪ ،‬دار اليدل‬
‫عيف مميمة ‪ ،‬الجزائر ‪. 2005،‬‬

‫‪69‬‬
‫‪-11‬جماؿ الديف ‪ ،‬سامي ‪ ،‬التنظيـ االدارم لمكظيفة العامة ‪ ،‬االسكندرية ‪ ،‬دار الجامعة الجديدة‬
‫لمنشر ‪. 1990،‬‬

‫‪-12‬حمدم ‪ ،‬اميف عبد اليادم ‪ ،‬ادارة شؤكف مكظفي الدكلة أصكليا ك أساليبيا ك إصالحيا‬
‫‪،‬الطبعة الثالثة ‪ ،‬القاىرة ‪ ،‬دار الفكر العربي ‪. 1976 ،‬‬

‫‪-13‬خمكفي ‪ ،‬رشيد ‪،‬القضاء االدارم تنظيـ ك اختصاص ‪ ،‬ديكاف المطبكعات الجامعية ‪ ،‬الجزائر‬
‫‪. 2002 ،‬‬

‫‪-14‬دركيش ‪ ،‬عبد الكريـ ‪ ،‬ك تاكال ليمى ‪ ،‬أصكؿ االدارة العامة ‪ ،‬مكتبة االنجمك ‪ ،‬القاىرة‬
‫‪. 1974،‬‬

‫‪-15‬دم اف ذبيح ‪ ،‬عاشكر ‪ ،‬شرح القانكف االساسي لمكظيفة العمكمية أحكاـ االمر الرئاسي ‪-06‬‬
‫‪ 03‬المؤرخ في ‪ 2006/05/17‬دار اليدل ‪ ،‬عيف مميمة ‪ ،‬الجزائر ‪. 2010،‬‬

‫‪- 16‬ذبيح ‪ ،‬ميمكد ‪ ،‬الفصؿ بيف سمطات التجربة الدستكرية الجزائرية ‪ ،‬دار اليدل عيف مميمة ‪،‬‬
‫الجزائر ‪. 2007 ،‬‬

‫‪-17‬سعد ‪ ،‬اسماعيؿ عمي ‪ ،‬قضايا عمـ االجتماع السياسي ‪ ،‬دار المعرفة الجامعية ‪1990.،‬‬

‫‪-18‬شيخي عبد القادر ‪ ،‬أخالقيات الكظيفة العامة ‪ ،‬عماف ‪. 1999،‬‬

‫‪-19‬طمبة عبد اهلل ‪ ،‬االدارة العامة ‪ ،‬المطبعة الجديدة ‪ ،‬دمشؽ ف‪. 1984- 1983‬‬

‫‪ -20‬عبد العاؿ ‪ ،‬محمد حسنيف ‪ ،‬الحريات السياسية لممكظؼ العاـ ‪ ،‬مطبعة جامعة عيف الشمس‬
‫‪. 1981 ،‬‬

‫‪ -21‬عكابدم ‪ ،‬عمار ‪ ،‬عممية الرقابة القضائية عمى أعماؿ االدارة العامة في النظـ الجزائرم ‪،‬‬
‫ديكاف المطبكعات الجامعية ‪ ،‬الجزء االكؿ ‪ ،‬الجزائر ‪. 1991 ،‬‬

‫‪-22‬ليمة محمد كامؿ ‪ ،‬النظـ السياسية ( الدكلة ك الحككمة ) ‪ ،‬دار الفكر العربي ‪(،‬بدكف تاريخ)‪.‬‬

‫‪-23‬كشاكش كريـ يكسؼ أحمد ‪ ،‬الحريات العامة في االنظمة السياسية ‪ ،‬منشاة المعارؼ‬
‫باإلسكندرية ‪. 1987،‬‬

‫‪70‬‬
‫دار النيضة‬، ‫ طاعة رؤساء ك مبدأ المشركعية دراسة مقارنة‬، ‫ أبك زيد‬، ‫محمد عبد الحميد‬-24
. 1988، ‫ القاىرة‬، ‫العربية‬

‫ دار‬، ‫ أصكؿ االدارة العامة‬، ‫ رفعت عبد الكىاب ك ابراىيـ عبد العزيز شيحا‬، ‫ محمد‬-25
. 1998 ، ‫ مصر‬، ‫المطبكعات الجامعية‬

، ‫ دراسة الكظيفة العامة في النظـ المقارنة ك التشريع الجزائرم‬، ‫ الميداكم‬، ‫يكسؼ‬، ‫محمد‬-26
. 1984، ‫ديكاف المطبكعات الجامعية‬، ‫الجزائر‬

‫ طبعة‬، ‫ محاضرات في المؤسسات االدارية‬، ‫ ترجمة محمد عرب صاصيال‬، ‫ احمد‬، ‫محيك‬-27
. 2006، ‫ ديكاف المطبكعات الجامعية الجزائرية‬، ‫الخامسة‬

: ‫الكتب بالمغة االجنبية‬


0
– yves Mény , "A la jonction du politique et de l’administratif: les hauts
fonctionnaires " , Pouvoirs (revue française d’études constitutionnelles et
politiques ) ,N° 40 , 1987.
3
-Vassilios Kondylis , le principe de neutralite dans la fonction publique
.L.G.D.J. PARIS.
2
- Jacques Robert ,Libertés publiques ,Editions Montchrestien , 1982.
2
– Alain Plantey , La fonction publique: Traité général , Editions Litec ,
1991.
5
- François LIrens , Note de jurisprudence " Commentaire de L’arrêt
Rudent " , Revue de droit public , N° 01 , 1986.
6
-René Bourdoncle,Fonction publique et libertésd’opinion en droit positif
Français, Libreairie générale de droit et de jurrisprudence,Paris,1975.

71
‫الرسائل الجامعية ‪:‬‬

‫بالمغة العربية ‪:‬‬

‫‪-‬رسائل دكتوراه ‪:‬‬

‫‪-1‬عبد المنعـ فيمي مصطفى ‪ ،‬عماؿ االدارة ك حرية الرأم ‪ ،‬رسالة دكتكراه ‪ ،‬كمية الحقكؽ ‪،‬‬
‫جامعة عيف الشمس ‪،‬دار الثقافة لمطباعة ك النشر ‪. 1977،‬‬

‫‪-2‬بكدريكة عبد الكريـ ‪ ،‬مبدأ حياد االدارة ك ضماناتو القانكنية ( دراسة مقارنة ‪:‬الجزائر ‪،‬تكنس‬
‫‪،‬فرنسا ) ‪ ،‬رسالة لنيؿ شيادة الدكتكراه في القانكف ‪ ،‬جامعة الجزائر ‪،‬كميك الحقكؽ ‪. 2006،‬‬

‫‪-3‬محمد بكضياؼ ‪ ( ،‬مستقبؿ النظاـ السياسي الجزائرم ) ‪ ،‬أطركحة مقدمة لنيؿ شيادة الدكتكراه‬
‫بقسـ العمكـ السياسية ك العالقات الدكلية ‪،‬جامعة الجزائر ‪. 2008،‬‬

‫‪-4‬لبيد مريـ ‪ ،‬الضمانات القانكنية لمبدأ حياد االدارة في الجزائر ‪،‬مذكرة لنيؿ شيادة الماجستير في‬
‫اطار مدرسة الدكتكراه ‪،‬تخصص الدكلة ك المؤسسات العمكمية ‪ ،‬السنة الجامعية ‪2014-2013،‬‬

‫إجازات المدارس العميا‪:‬‬

‫‪ -1‬خرايفية سامي ‪ ،‬مبدأ حياد االدارة ك عالقتو بالمكظؼ العمكمي ‪ ،‬مذكرة التخرج لنيؿ اجازة‬
‫المدرسة العميا لمقضاء ‪ ،‬الجزائر ‪. 2009-2008،‬‬

‫رسائل الماجستير ‪:‬‬

‫‪-1‬فيرـ فاطمة الزىراء ‪،‬المكظؼ العمكمي ك مبدأ حياد االدارة في الجزائر ‪ ،‬مذكرة لنيؿ شيادة‬
‫الماجستير قسـ عاـ فرع االدارة ك المالية خمية الحقكؽ ‪ ،‬جامعة الجزائر ‪. 2004-2003،‬‬

‫بالمغة االجنبية ‪:‬‬

‫‪1- Mustafa Filali ,Les relation entre le parti unique et‬‬


‫‪l’administration dans les états d’Afriques‬‬
‫‪francophones.(mémoire de DEA) Faculté de droit et des‬‬
‫‪sciences politiques et économiques de Tunis,1979.‬‬

‫‪72‬‬
‫‪ /‬النصوص القانونية و التنظيمية‬

‫‪:‬‬ ‫النصوص القانونية‬


‫أـ الدساتير‬
‫‪ -1‬دستكر ‪1963‬‬
‫‪ -2‬دستكر ‪1976‬‬
‫‪ -3‬دستكر ‪1989‬‬
‫‪ -4‬دستكر ‪1996‬‬
‫ب ـ النصوص التشريعية‬
‫‪ -1‬القانكف العضكم رقـ ‪ 01-12‬المؤرخ في ‪ 2012/01/12‬المتعمؽ بنظاـ االنتخابات‪ ،‬الجريدة‬
‫الرسمية عدد ‪ 01‬بتاريخ ‪.2012/01/14‬‬

‫‪ -2‬القانكف رقـ ‪ 11-89‬بتاريخ ‪ 1989/07/05‬المتضمف تحديد االحكاـ المتعمقة بالجمعيات ذات‬


‫الطابع السياسي ‪.‬‬

‫‪ -3‬القانكف رقـ ‪ 13-89‬بتاريخ ‪ 1989/08/ 07‬المتعمؽ باالنتخابات ‪.‬‬

‫‪ -4‬األمر‪ 03/06‬المؤرخ في ‪ 19‬جمادل الثانية عاـ ‪ 1427‬المكافؽ ؿ ‪15‬يكليك سنة ‪2006‬‬


‫المتضمف القانكف األساسي لمكظيفة العمكمية ج ر ‪. 46‬‬

‫‪ -5‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 01‬بتاريخ ‪. 2012/01/14‬‬

‫‪ -6‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 02‬بتاريخ ‪. 2012/01/15‬‬

‫‪ -7‬الجريدة الرسمية رقـ ‪ 46‬تضمنت احدل عشر بابا في مجمكعة مشتمال عمى ‪ 224‬مادة‪.‬‬

‫‪ -8‬الجريدة الرسمية رقـ ‪ 37‬لسنة ‪. 1998‬‬

‫‪ -9‬الجريدة الرسمية رقـ ‪ 14‬المادة الثالثة مف القانكف ‪ 01/06‬المؤرخ في ‪. 2006/02/20‬‬

‫‪73‬‬
‫قائمة المحتويات‬
‫مقدمة ‪.................................................................................‬‬
‫الفصل األول‪ :‬مفيوم مبدأ حياد اإلدارة‪05..................................................‬‬
‫المبحث األكؿ‪ :‬مبدأ حياد اإلدارة‪ :‬تعريفو‪-‬نشأتو ك تطكر ظيكره‪07...........................‬‬
‫المطمب األكؿ‪ :‬تعريؼ مبدأ حياد اإلدارة‪07................................................‬‬
‫المطمب الثاني‪ :‬نشأة مبدأ حياد اإلدارة‪10................................................‬‬
‫المطمب الثالث‪ :‬تطكر ظيكر مبدأ حياد اإلدارة‪12.........................................‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬اإلطار القانكني لمبدأ حياد اإلدارة مبرراتو كصكره‪15........................‬‬
‫المطمب األكؿ‪ :‬اإلطار القانكني لمبدأ حياد اإلدارة‪15 .....................................‬‬
‫االستقرار السياسي كاالجتماعي في الدكلة‪15 ...........................................‬‬
‫كجكد نظاـ ديمقراطي ‪17..............................................................‬‬
‫كجكد نظاـ ديمقراطي يقر بتعدد األحزاب‪18.............................................‬‬
‫المطمب الثاني‪ :‬مبررات تجسيد مبدأ حياد اإلدارة‪19.......................................‬‬
‫مبدأ المشركعية ‪20..................................................................‬‬
‫الدفاع عف النظاـ الديمقراطي ‪22.....................................................‬‬
‫حسف أداء الخدمات ‪23...............................................................‬‬
‫المطمب الثالث‪ :‬صكر مبدأ حياد اإلدارة‪25...............................................‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬الضمانات القانونية لمبدأ حياد اإلدارة في الجزائر‪29........................‬‬
‫المبحث األكؿ‪ :‬الضمانات القانكنية المؤسسة لمبدأ حياد اإلدارة‪31...........................‬‬
‫المطمب األكؿ‪ :‬الضمانات القانكنية لمبدأ حياد اإلدارة قبؿ كبعد التحكؿ الديمقراطي لسنة‬
‫‪31...............................................................................1989‬‬
‫فقداف مبدأ حياد االدارة ك ضماناتو القانكنية قبؿ اتحكؿ الديمقراطي ‪32................. 1989‬‬
‫نسبية مبدأ حياد االدارة ك ضماناتو القانكنية بعد التحكؿ الديمقراطي سنة ‪36........... 1989‬‬
‫المطمب الثاني‪ :‬إقرار مبدأ حياد اإلدارة في الجزائر‪40.....................................‬‬
‫إقرار مبدأ حياد اإلدارة بمكجب المادة ‪ 23‬مف دستكر ‪41..........................1996‬‬

‫‪74‬‬
‫أىمية تبني مبدأ حياد اإلدارة‪43.........................................................‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬الضمانات القانكنية المجسدة لمبدأ حياد اإلدارة‪46..........................‬‬
‫المطمب األكؿ‪ :‬الضمانات المجسدة دستكريا‪47..........................................‬‬
‫المبادئ الدستكرية المتعمقة بمبدأ حياد اإلدارة‪47........................................‬‬
‫الرقابة المجسدة لمبدأ حياد اإلدارة ‪50..................................................‬‬
‫المطمب الثاني‪ :‬الضمانات القانكنية المكرسة في مختمؼ النصكص القانكنية‪55..............‬‬
‫الضمانات المكرسة في قانكف الكظيفة العمكمية‪55.......................................‬‬
‫الضمانات المكرسة في قانكف االنتخابات ‪61..............................................‬‬
‫الخاتمة ‪65...............................................................................‬‬
‫قائمة المراجع ‪69........................................................................‬‬
‫الفيرس ‪74...............................................................................‬‬

‫‪75‬‬

You might also like