Professional Documents
Culture Documents
1مبدا حياد الادارة وضماناته القانونية في الجزائر
1مبدا حياد الادارة وضماناته القانونية في الجزائر
ثـ ــم الشكـ ـ ــر لألست ـ ــاذ المش ـ ـ ــرف و أعضـ ـ ــاء اللجن ــة المناقش ـ ــة
كمـ ــا ال يفوتنـ ــا فــي ى ــذا المق ــام أن نتق ــدم بالشكــر لك ــل من ســاعدنــا
م ـ ـ ــن ق ــريب أو بعي ـ ـ ـ ــد فــي اعـ ــداد ىـ ـ ـ ــذا العمـ ـ ــل المتواض ـ ـ ـ ــع .
و فـ ـ ــي االخي ـ ـ ــر نسـ ـ ــأل ع ـ ــز و ج ـ ــل أن يجع ـ ــل ى ـ ــذا العمـ ـ ــل
خالصـ ــا لوجي ــو الكري ـ ــم و أن يعـ ــم نفعـ ــو على الجميـ ـ ـ ــع .
إىداء
ني ـدي ثمـ ـرة ىـ ـ ـذا الجي ـ ـد الـ ـى الوالدي ـ ـن الكريمي ـ ـ ـن
ال ـى االخ ـوة و االخ ـوات الى أصدقـ ـاء الدراسـ ـة و أصدق ـاء العم ـل
الـ ـى كـ ـل مـ ـن أسيم ـ ـوا ف ـ ـي إع ـالء رايـ ـة العلـ ـم على مستـ ـوى جامعتنـ ـ ـا
مقدمــة:
يعد مكضكع مبدأ حياد اإلدارة مكضكعا ميما تناكلو الكثير مف الكتاب كالفقياء في مجاؿ
القانكف الدستكرم كالقانكف اإلدارم كعمـ اإلدارة العامة كالعمكـ السياسية ،ألنو يعتبر نمكذج لتنظيـ
كتسيير نشاط اإلدارة اال أف تبايف مفيكمو كتشعب مجاالت تطبيقو كنظ ار الختػػالؼ األنظمة
السياسية كاأليديكلكجية جعؿ ميمة كضع نمكذج جامع لمضمكف مبدأ حياد اإلدارة أمر في غايػ ػػة
التعقيد ألف اختالؼ المجتمعات مستمد مػ ػػف اختالؼ المؤث ػ ػرات التػ ػػاريخيػ ػػة كاالجتماعية كالدينية
كالفمسفية التي تسيطر عمييا.
كالنظاـ الجزائرم كغيره مف الدكؿ عرؼ منعرجا ىاما لتقرير مب ػػدأ حيػ ػػاد اإلدارة كتثبيت ػ ػػو مف
خالؿ التعديؿ الدستكرم لسنة 1996كالذم سجؿ تحكال ديمقراطيا ىام ػػا كتبني نظػ ػ ػ ػػاـ التعددية
الحزبية كنظاـ االقتصاد الحر ،كىػػذا يستدعي بالض ػػركرة تغيػ ػ ػرات فػ ػػي مستكي ػ ػػات مختمف ػ ػ ػ ػػة مف
أجؿ مسايرة الرؤية الفمسفية التي يجب اف تقكـ عمييا مختمؼ أنشطة الدكلة خاصة النشاط
اإلدارية.
كلكف المشرع الجزائرم لـ يعطي تعريؼ قانكني لمبدأ حياد اإلدارة لذلؾ البد مف االعتماد
عمى الفقو القانكني لمكصكؿ إلى مدلكل ػ ػػو ،كبػػالرغـ مف صعكب ػػة تحديد تعريؼ لمبػػدأ الحيػ ػػاد يمكف
القكؿ اف الحياد يحمؿ معنييف ،معنى سمبي يتمثؿ في ضركرة اجتناب المكظؼ كؿ ما مف شأنو
أف يؤثر عمى النشاط اإلدارم كيمزمػػو بعػػدـ االنسي ػ ػػاؽ لعكاطف ػػو اك ميػػكلو ،كمعنى إيجابي يتضمف
تمكيف المكظؼ مف المشاركة في الحياة السياسية مشاركة مكضكعية بحث ال ينحاز معو عمى
اعتبارات شخصية فالحياد يشمؿ االمتناع كالمكضكعية في ذات الكقت.
كيعد مبدا حياد اإلدارة في الجزائر ذات بعد ىاـ في التطكر الدستكرم لمبالد ألنيا تكشؼ لنا
بعض مظاىر السمطة السياسية في الدكلة كما يمكف القكؿ اف المراجعة الدستكريػ ػػة تككف محددة
في مسعاىا فيي ت بحث عف إحداث تكازف معقكؿ بيف الرغبة في تكييؼ الدستكر معا الحقائؽ
الجديدة كبيف الرغبة في المحافظة عمى أصمو ،كبالتالي فإف المراجعة تتـ في إط ػػار استم اررية
النظاـ القائـ كالمؤسسات القائمة فيو.
ق
مقدمػػة
كالخط ػػكة اإليجابي ػ ػػة المباشرة إلعماؿ مبدأ حياد اإلدارة في الج ازئػػر ك ػػانت بالنص عميػػو في
المادة 23مف دستكر " 1996عدـ تحيز اإلدارة يضمنو القانكف " باإلضافة الى تبني ازدكاجية
القضاء في المادة 152مف نفس الدست ػ ػػكر ،كاستكم ػ ػػاال لذلؾ تكالت النص ػ ػ ػػكص القانكني ػػة ذات
األىمي ػ ػػة البالغػ ػػة فػ ػػي نش ػ ػ ػاط اإلدارة حػ ػػاكلت تػػكريس المبػ ػػدأ كخمؽ التناسؽ بيػ ػ ػػف النصكص.
كبالتػػالي البد مف ضمانات لتأميف جك متكامؿ لتطبيؽ المبدأ سكاء في الدستكر بصفتو
القانكف األسمى ف ػػي الدكلة الذم ترتكز عميػ ػػو كؿ القكانيػ ػػف األخػ ػػرل أك مختمؼ النصكص القانكنية
التي تتفرع فييا االحكاـ القانكنية كيتـ التفصيؿ ضمنيا في المبادئ الدستكرية.
فالدستكر كرس ضمانات كبرل تدع ػػـ احتراـ المب ػػدأ كالتي ليا عالقػ ػػة مباشرة بو تضمف
تفعيمػػو كتطبيقو تطبيقا سميما ،باإلضافة الى أف التشريع لـ يكف متجاىال ليذا المبدأ فتفرعت
مقتضياتو ضم ف تفرعات القانكف الذم كاف متالئما م ػػع نص الدستكر استكم ػ ػػاال كتكضيح ػ ػػا لمبدأ
حيػػاد اإلدارة كخمؽ ضمانات فرعية ميم ػػة متناسق ػػة كمتكامم ػػة مف أجػ ػػؿ احتراـ المب ػػدأ كيظير
تجسيدا ىذا المبدأ في قانكني الكظيفة العامة كقانكف االنتخابات.
أىمية الدراسة:
تتمثؿ أىمية ىذا البحث في تقديـ دراسة متكاممة عف المكضكع الذم يقتضي البحث عف أقرب
الطرؽ كأقميا تكمفة كعناء لبناء دكلػػة القانكف في الجزائر بطريقػػة فعميػػة كفعالػ ػػة لتطبيؽ ى ػػذا المبػػدأ
كذلؾ مف خػػالؿ االستعانة كأخ ػػذ العػػبرة مف تجارب الدكؿ ة األنظمػ ػػة التي سبقت التباع ىػ ػػذا
النظ ػػاـ ،شريط ػػة تكييؼ بالشكػ ػػؿ الػ ػػذم يتن ػػاسب مػ ػػع المعطيػ ػػات االجتماعية كالثقافية لممجتمع
الجزائرم.
اسباب اختيار العنوان :
اسباب ذاتية :ك التي تتمثؿ في الرغبة في الكصكؿ الى مفيكـ بسيط ك كاضح لممكضكع ك ممـ
بالقدر المستطاع ك رغبة شخصية في اختيارنا لممكضكع .
اسباب مكضكعية :ىناؾ عدة اسباب منيا النقص الممحكظ في الدراسات ك االبحاث التي تناكلت
ىذا المكضكع باإلضافة الى االكضاع المتكترة التي تمر بيا الدكؿ في اآلكنة االخيرة خاصة
الجزائر التي تسعى الى تجسيد مبادئ الديمقراطية ك حقكؽ االنساف ك المكاطف مف خال التعديالت
المتكاصمة في القانكف .
ك
مقدمػػة
أىداف البحث:
اليدؼ مف دراستنا ليذا المكضكع ىك محاكلة الكشؼ عف ماىية مبدأ حياد اإلدارة كاطاره كما
يترتب عف تطبيقػػو مف آث ػػار ،كتقصي مختمؼ ضمانات الت ػػي تكػػرس مبدأ حي ػػاد اإلدارة سكاء قبؿ
اك بعد النص عمى المبدأ في الدستكر ،كذلؾ انو حتى قب ػػؿ النػػص عميػػو تدرج ػػت الظركؼ
كالمتغيرات الدستكرية نحك بنػ ػػاء مقتضيات مست كاستفادت مف الترسانػػة القانػػكنيػػة في الجزائر مما
ساعد بدكف شؾ في تزكي ػػد الديمقراطيػ ػػة كدعميا بمختمؼ المب ػػادئ القانكنية مف اجؿ بناء دكلة
القانكف.
االشكالية :
ما مدل تجسيد مبدأ حياد اإلدارة في الجزائر؟ كما الضمانات القانكنية التي تكرس ىذا
المبدأ؟
منيج البحث:
ا لمنيج المتبع في بناء أفكار كعناصر ىذا البحث ىك الكص ػػؼ كذلؾ بتحديد مفي ػػكـ مب ػ ػػدا
حياد اإلدارة كتح ميؿ مختمؼ األحكاـ القانكنية خاص ػػة مف الدساتي ػ ػػر الجزائريػ ػػة لتجميػػع مالػ ػػو
عالقة بمبػ ػ ػػدأ حيػ ػػاد اإلدارة كلتجمي ػ ػػع مختمؼ الضمػ ػػانات القانكني ػ ػ ػػة التي تمكػػف مف تجسيده
كحمايتو ،كعميو فالمنيج المتبع ىك المنيج الكصفي.
نتناكؿ في الفصؿ األكؿ دراسة ذاتية المبدأ مف حيث تعريفػ ػػو كنشأتو ك تطكره عبر مراحؿ
ظيكره ك مبينػػا مختمؼ صكره كالمبررات التي يق ػػكـ عمييا كمػػا يركز عمى تكضيح اإلط ػػار
الدستػػكرم الػػذم تطرح فيو مسألة حياد اإلدارة.
أما في الفصؿ الثاني تناكلنا فيو الضمانات القانكنية لمبدأ حياد اإلدارة في الجزائر كيتضمف
الضمػ ػػانات المؤسسة لممب ػ ػػدأ كذلؾ قب ػ ػػؿ كبعػ ػػد التحكؿ الديمقراطي لسنػ ػػة 1989كضم ػػانات
مجسػ ػػدة لمبدأ حي ػ ػػاد اإلدارة كالمتضمن ػ ػػة ضمػ ػػانات مكرسػ ػػة دستكريػ ػػا باإلضاف ػػة الى مختمؼ
النصكص القانكنية.
ز
الفصؿ األكؿ
مفيــــوم مبــــــدأ حيــــــاد اإلدارة
مفيكـ مبدأ حي ػاد اإلدارة الفصؿ األكؿ
يمثؿ مبدأ حياد اإلدارة أحد الكسائؿ كالضمانات التي يمكف مف خالليا تحقيؽ التعػ ػػايش بيف
العمؿ اإلدارم كالعمؿ السياسي ،كلكف شريط ػػة اعماػمػ ػ ػ ػػو بطريق ػػة جدية ككفقا لمضمكنو الحقيقي،
كعميو حاكلنا في ىذا الفصؿ أف نقدـ صكرة كاضحة كمبسطة حكؿ تحديد مفيػػكـ مبدأ حياد اإلدارة.
كعميو سنحاكؿ في ىذا الفصؿ أف نقدـ صكرة كاضحة كمبسطة حكؿ مفيكـ مبدأ حياد اإلدارة
كذلؾ بشرح بعض المفاىيـ.
ففي المبحث األكؿ نتط ػ ػػرؽ الػ ػ ػػى د ارسػ ػ ػ ػػة ثػ ػػالث مطالػ ػػب رئيسيػ ػػة ،التعريؼ بمبدأ حيػ ػ ػػاد
اإلدارة ،ك نشأة ىذا المبدأ ،كأىـ التطكرات مف خالؿ ظيػ ػػكر ى ػػذا المبدأ.
أم ػ ػػا المبحث الثاني فقسمناه الى ثالث مطالب ،اإلطػ ػ ػ ػ ػػار القانكن ػ ػػي الذم يمكف في ػ ػػو طػ ػػرح
ى ػ ػػذا المبدأ كال ػػذم يمثؿ حجػ ػ ػػر الزاكي ػػة في ىػ ػػذا البحث ألنيا األس ػ ػػاس كالمنطم ػػؽ كالمفت ػ ػػاح الذم
مف خاللػ ػػو ستكشؼ معػ ػػالـ كمحتػ ػػكل كنتائػ ػػج تقريػ ػػر ى ػ ػػذا المبػػدأ مف عدمو ،باإلضافػػة الػ ػػى
مبررات تجسيػ ػػد مبػػدا حياد اإلدارة كص ػػكره.
6
مفيكـ مبدأ حي ػاد اإلدارة الفصؿ األكؿ
1
– yves Mény , "A la jonction du politique et de l’administratif:les hauts fonctionnaires " ,
Pouvoirs (revue française d’études constitutionnelles et politiques ) ,N° 40 , 1987 ,p 05 .
2
-Vassilios Kondylis , le principe de neutralite dans la fonction publique .L.G.D.J. PARIS , p 03 .
-لبيذ مزيم ،الضماناث القانىنيت لمبذأ حياد االدارة في الجزائز ،مذكزة لنيل شهادة الماجستيز في اطار مذرست الذكتىراه ،تخصص الذولت
و المؤسساث العمىميت ،السنت الجامعيت . 3102-3102
7
مفيكـ مبدأ حي ػاد اإلدارة الفصؿ األكؿ
ك مف أىـ التعريفات:
فالدكت ػػكر عبد الكريـ دركيش كالدكت ػػكرة ليمى تكال يعرف ػػاف مػ ػػبدأ حيػ ػػاد اإلدارة بمناس ػ ػػبة
مناقشة عالقة اإلدارة بعناصر البنية االجتماعية كالتشكيمة السياسية في الدكلة كخصكص ػػا حيف
تبياف الصمة بيف اإلدارة كاألحزاب السياسية بقكليما أف المقصػ ػػكد بالمب ػ ػػدأ ى ػػك الحيػ ػػاد في أداء
الخدمة العامة كالتعاكف مع الحككمة القائمة ،بحيث يقكـ المكظؼ بتنفيذ سياسػ ػػة كتكجييات الحزب
الحاكـ دكف اف يتأثر بكالئو السياسي اف كاف ينتمي لمحزب المعارض .1
ك قد أشار الفقيو جاؾ ركبير J. Robertمف خالؿ دراستو لمحريات العػػامة الى انو ال
يمكف كفالة الحريات العامة إال اذا كاف المرفؽ العاـ محايدا ،كقد أض ػ ػػاؼ شيئا جدي ػ ػػدا بأف قس ػػـ
مبدأ حياد اإلدارة الى قسميف ،فسمى القسـ األكؿ بالحياد السمبي كمفاده كجكب عدـ تمييز المرفؽ
العاـ بيف المنتفعيف بخدماتو بسبب آرائيـ كسمى القسـ الثاني بالحػ ػ ػ ػي ػػاد اإليجابي – كىذا ىك
الجديد – الػ ػػذم يفترض إض ػ ػ ػػافة لمػا سبؽ تدخػ ػ ػػؿ الدكل ػ ػػة كسيرىػ ػػا عمى حماية آراء المكاطنيف.2
ك تناكؿ الدكتكر محمد جكدت الممط في مقالو تحت عنكاف " المكظؼ العاـ كممارسة الحرية "الذم
عرؼ مبدأ حياد المرفؽ العاـ مف خالؿ سم ػ ػػكؾ المكظؼ" بحيث ان ػػو يشغ ػػؿ كظيفة ع ػػامة يجب اف
يقكـ بأعبائيا ،كيػ ػػمتزـ بمقتضيػ ػ ػػاتيا ،كأف يكػ ػػكف مكضػ ػػكع ثقػػة المكاطنيف كافة ميما كانت عقائدى ػػـ
3
كمذاىبيػ ػ ػػـ.
كيتفؽ أغمبيػ ػػة الفقي ػػاء المذيف تناكل ػ ػكا مسألػ ػػة حقكؽ كحري ػ ػػات المػ ػػكظؼ كعالقتيا بمب ػػدأ
الحي ػػاد عمى نفس مضم ػػكف التعريؼ الس ػ ػػابؽ مػ ػػع بعض االختالؼ س ػ ػ ػكاء مف المصطمح ػػات
4
المستخدمة أك نتيجة استنادىـ الى أكضاع نظاـ سياسي معي ػ ػػف.
كلقد س ػػاىـ االجتيػاد القضائي في تقرير بعض المبادئ كتفسير البعض اآلخر ،ككاف لقضاء
مجمس الدكلة الفرنسي الدكر الطالئعي في تبني العديد مف المبادئ القانكني ػػة ،كقػ ػػد عػ ػػالج الفقيو
-عبد الكريـ دركيش كليمى تكال ،أصكؿ االدارة العامة ،مكتبة االنجمك مصرية ( القاىرة ) ،1974 ،ص 191 1
2
- Jacques Robert ,Libertés publiques ,Editions Montchrestien , 1982 , p
445.
-3محمد جكدت الممط " ،المكظؼ العاـ كممارسة الحرية " ،مجمة العمكـ االدارية ،العدد الثاني، 1970 ،ص . 146
4
– Alain Plantey , La fonction publique: Traité général , Editions Litec , 1991 , p 69 .
8
مفيكـ مبدأ حي ػاد اإلدارة الفصؿ األكؿ
فرنسكا لكرنس مكقؼ مجمس الدكلة م ػػف مب ػػدأ الحي ػػاد كتط ػ ػػكر قضائو بمناسبة تحميمو لحكـ ركداف
1
( 08نكفمبر .) 1985
أم ػػا بالنسبػ ػ ػػة لنصػ ػ ػػكص التشريػ ػ ػػع المقػ ػ ػػارف يتبيػ ػ ػػف جميػ ػػا خمكى ػػا م ػػف تعريؼ لمفيػ ػ ػػكـ
الحياد.
باستثن ػػاء اتباعيا لمطريقػ ػػة المتبع ػػة فق ػ ػػيا كقض ػ ػػاءا كى ػ ػػك تعريؼ مبدأ حي ػػاد اإلدارة مف خالؿ
ابراز الصكر كالعناصر المكرس ػػة لممب ػ ػػدأ كالذم يتجاذبػػو عامالف ىما ضركرة كفالة حري ػػات
المكظؼ باعتب ػػاره م ػ ػكاطنا ككجكب ع ػػدـ انحيػػاز المرفؽ كحيادتػو أثناء أدائػو لخدمػ ػػاتو ،كما اعترفت
الدساتير الفرنسية المتعاقب ػػة بيذه المبػ ػػادئ ال سيما ديباج ػػة دستكر 1946كالمػ ػػادة 02مف دستكر
،1958كالمادة 13مف القان ػ ػػكف األساسي لممكظفيػ ػػف الص ػػادر بمكجب االمػ ػػر المػ ػػؤرخ في 04
فيفرم 1959المتمـ بقكاني ػ ػػف 13جكيمية 1983ك 11جانفي .1984
اف البعد الػ ػػذم ابتغتػ ػ ػ ػػو النصػ ػ ػػكص السابقػ ػػة ف ػ ػػي تقريػ ػػرى ػػا لمبدأ المساكاة ال يقتصر فق ػ ػػط
عمى ضركرة احترامو لتكلي الػ ػػكظائؼ العامػ ػػة كانػ ػػما يستكجب اعمالػ ػ ػػو في كػ ػػافة المجػ ػػاالت التي
تتدخؿ فييا الدكلػػة بكاسطػ ػ ػػة الم ػ ػ ػرافؽ العمكميػ ػ ػػة ،كبحسب م ػػا تبيف فالمشػ ػػرع الفرنسي ل ػ ػ ػػـ
يستخ ػ ػػدـ ص ارح ػ ػ ػ ػ ػػة عبػ ػ ػػارة حي ػ ػ ػ ػ ػػاد اإلدارة إال أن ػ ػػو اعتػ ػ ػػرؼ بالضكابػ ػ ػػط كالضمػ ػ ػػانػ ػ ػػات الت ػ ػػي
تجسده ،كقد سنحت الفرصة لقضاء مجمس الدكلة الفرنسي في أحكاـ عديدة لتطبي ػػؽ كتأكيػ ػػد ىػ ػػذه
2
المبادئ .
أما التشريع الجزائرم فانو يتناكؿ احد عناصر كصكر مبدأ حياد اإلدارة مف خالؿ تكريسو
دستكريا لمبدأ مساكاة جميع المكاطنيف في تقمد المياـ كالكظائؼ في الدكلة دكف أية شركط غير
تمؾ التي يحددىا القانػ ػػكف – أم المادة 51مف دستكر – 1996إضػ ػػافة الػ ػػى كجػ ػ ػػكب عدـ
المس ػ ػ ػػاس بحرمة حرية الرأم – المادة 36مف نفس الدستكر – كاف اإلش ػ ػػارة الى ىػذه المبادئ
دستكريػ ػػا أعفى قانػ ػػكف الكظيفة العام ػ ػػة مف كض ػ ػػع نصكص خاص ػ ػػة بيا ،إال بعض النصػ ػػكص
التي تػ ػػحدد شػ ػ ػ ػػركط ككيفيػ ػ ػػات االلتحػ ػ ػ ػاػؽ بالكظيفػ ػ ػػة العامػ ػ ػػة ( المكاد 31،34مػ ػػف القانكف
1
- François LIrens , Note de jurisprudence " Commentaire de L’arrêt Rudent " , Revue de droit public , N°
01 , 1986 ,pp 244-253 .
-2بكدريكة عبد الكريـ ،مبدأ حياد اإلدارة كضماناتو القانكنية دراسة مقارنة الجزائر –تكنس – فرنسا (رسالة لنيؿ شيادة الدكتكراه في القانكف )،
جامعة الجزائر كمية الحقكؽ، 2006 ،ص .49
9
مفيكـ مبدأ حي ػاد اإلدارة الفصؿ األكؿ
األساس ػ ػػي النمكذجي لعمػ ػػاؿ المؤسسػ ػػات كاإلدارات العمكميػ ػػة الصػادرة بمكجب المرس ػ ػػكـ 59/85
بتاريخ 23مارس ) 1985كالتػ ػػي يغيب في ػ ػػيا أم اعتب ػ ػ ػػار التجػػاى ػػات كميكؿ المترشػ ػػح
السياسي ػ ػ ػػة أك العقائديػ ػ ػػة ،مما يعني حي ػ ػػاد اإلدارة فػ ػػي مكاجية المترشحيف لتكلي ػ ػػو الكظائؼ
العامػ ػ ػػة .
كم ػ ػػا تجدر اإلش ػ ػػارة الى مقتضي ػػات المرسكـ التنفيذم 54/93الصػ ػػادر بتاريخ 16فيفرم
1993كدكف استعمػػاؿ مصطمح حياد اإلدارة الذم يمقي عمى عاتؽ المكظؼ العاـ بعض الكاجبات
التي يفيـ مف خالليا قصد الدكلة في ابع ػ ػػاده عف التيػ ػػارات السياسيػ ػ ػػة كالحزبي ػ ػػة بالت ازم ػ ػػو بكاجب
الن ازى ػ ػػة في عالقتػ ػػو مع الجميكر كحظر استعمػ ػ ػػاؿ األم ػ ػكاؿ كالكس ػ ػ ػػائؿ المكضكعية تحت تصرفو
في غايات غير تمؾ المخصصة ليا ( المكاد .1)08-06
كما يمكف القػ ػ ػ ػػكؿ أف تشري ػ ػػع الدكؿ محؿ المقارنة تبنت مختمؼ صكر كمظػ ػػاىر حيػ ػػاد
اإلدارة ككضعت ل ػ ػ ػػو الضكاب ػ ػػط كالضم ػ ػ ػػانات المتاحة قص ػػد حمايػ ػػتو لكػ ػ ػػف دكف المسػ ػػاس
كاالخالؿ بحقكؽ كحريات المكاطنيف ،إال أف الميـ يكمف في مدل تطبيؽ ىذه الم ػ ػ ػػبادئ في الكاقع
العممي .
المطمب الثاني :نشأة مبدأ حياد اإلدارة
اف دراسات الحضارات اإلنسانية عبر التػ ػ ػ ػػاريخ تشيد بأف كج ػ ػ ػػكد اإلدارة ارتبط بكج ػ ػ ػ ػػكد
المجتمع السياسي المنظـ ،فصمة اإلدارة بالسي ػ ػ ػ ػػاسة كثيقة كقديمة باعتبار ميػ ػ ػػداف اإلدارة امتداد
لميداف السياسة كىك بمثابة الح ق ػ ػػؿ االـ الػ ػ ػ ػػذم نشأت في رح ػ ػ ػػابو ،ال ػ ػػى أف ظيرت الحاجة الى اف
ظيرت الحاجة الى استقالؿ اإلدارة كانفرادىا بكي ػ ػػاف قائـ بذات ػ ػػو إال أف ذلؾ ال يعني االنفصاؿ التاـ
بينيما نظ ار لعالقة التأثير المتبادلة كالتكامؿ التي تربطيما .
فاإلدارة كال سياسة يعتبراف مف مككنات كعناصر البنية االجتماعية لمدكلة كال يخفى مدل
تفاعؿ ىذه العنػ ػػاصر في مػ ػ ػػا بينيما ،ذلؾ أنػ ػ ػ ػػو ال يمك ػ ػ ػػف فيـ كتحمي ػ ػ ػػؿ أداء اإلدارة كالعكامؿ
10
مفيكـ مبدأ حي ػاد اإلدارة الفصؿ األكؿ
كالمتغيرات التي تحكـ فييا إال بفيـ القكل السياسي ػ ػ ػػة كطبيعػ ػػة النظ ػ ػػاـ السياسي كبمعنى مختصر
5
البيئة السياسي ػ ػ ػ ػػة التي تمػ ػ ػػارس فييا اإلدارة عمميا بحيث تتشك ػ ػػؿ بطبيعتيا كتتأثر بتركيبيا.
كنتيجة الختالؼ االنظمة السياسية بيف نظػ ػػاـ الحزب الكاح ػ ػػد كاالنظم ػ ػػة التي تعترؼ
بالتعددية السياسية ( نظاـ ثنائية األحزاب أك نظاـ تعددية األحزاب ) بطبيعة الحاؿ اإلدارة ىنا
تتأثر بطبيعة النظاـ السياسي فيك يخضع لعدة تصنيفات فبالنسبة لنظاـ الحزب الكاحد سكاء كاف
نظاـ الحكـ فاشيػ ػػا أك ماركسيػ ػ ػػا أك مف نظـ العػ ػ ػػالـ الثالث فانػ ػ ػػو يقكـ عمى أسػ ػػاس السيطرة عمى
كافة مجاالت الحياة كتشترؾ في ظاىرة خضكع اإلدارة المطمقػػة كانصػ ػػياعيا لمسمطة الحاكمة
(النظاـ االشتراكي).
أما بالنسبة لألنظمة التي تعترؼ بالتعددية السياسية فيي تكلي أىمي ػ ػػة بالغ ػػة لإلدارة
باعتبارىا ساحة مف ساحػػات التن ػ ػػافس السياسي ،بحيث يحػ ػ ػ ػػاكؿ كػ ػػؿ حزب كسب اإلدارة ف ػػي
جانبو كفرض ىيمنتو عمى أجيزتيا كمجاالت نشاطيا (النظاـ الديمقراطي ).
إف قياـ النظػ ػ ػ ػ ػػاـ الديمق ارط ػػي يستكجب تكافػ ػ ػػر أركانػ ػ ػػو األساسية كالمظ ػ ػػاىر التي تتجمى مف
خالليا مبادئػ ػػو ،فق ػ ػػد اتفؽ أغمبيػ ػ ػػة الفػ ػ ػػقو المق ػ ػػارف عمى بعضيا كالمتمثمػ ػػة في الحري ػ ػػة كالمساكاة
كالتعددية الفكرية .
الحرية :اذا كانت الديمقراطية تعني حكـ الشعب فأنو مف غير المستطاع أف يمارس ىذا األخير
مظاىر حكمو إال مف خالؿ الحريات الممنكحة لو كحرية الرأم كالتفكي ػػر كالتعبػ ػ ػػير كاالنتماء إلى
األحزاب السياسية .
المساكاة :بمعنى أف كؿ مكاطف بغض النظر عف أكجو تعميمو أك ثرائو أك مركزه االجتماعي أك
ديانتو أك جنسػ ػ ػػو يتساكل أمػ ػ ػ ػ ػػاـ القانػ ػ ػ ػػكف مع االخري ػػف ،بمعنى ضركرة تكفػ ػػير الظركؼ
6 .
االجتماعية كاالقتصادية التي تمكف المكاطنيف مف ممارسة الحرية كالمشاركة السياسية
اف الديمقراطية ال يمكنيا أف تتنفس كتعيش إالفي ظؿ نظاـ يؤمف بحرية التعددية الفكرية:
كتعددية الرأم كمما سبؽ ذكره كالذم يكشؼ اليدؼ المراد بمكغو مف كراء ذلؾ ىك تحضيػػر
11
مفيكـ مبدأ حي ػاد اإلدارة الفصؿ األكؿ
األرضية لدراسة مبدأ حياد اإلدارة بعد تبياف المناخ الذم يمكف فيو المسألة كمختمؼ العكامؿ التي
تتفاعؿ كتتعايش معيا ،فاإلدارة باعتبارىا مف مككنات البنية السياسية كاحدل الكسائؿ التي تممكيا
السمطة السياسيػ ػػة تأثرت بشك ػ ػػؿ كبير بالمفاىيـ السػ ػػالؼ عرضيا التي س ػػاىمت في جعميا محطة
اىتماـ التنظيمػ ػػات كالقكل السياسية لمييمنة عمى ال ػ ػػكظائؼ اإلداريػ ػػة قصد تحقيؽ أىداؼ الحزب.
كمف خالؿ كؿ ىذه التغيرات بدأت بكادر ظيكر مبدأ حياد اإلدارة كممجأ لتجنب االزم ػ ػ ػ ػػات
التي تمحؽ بنظاـ ككياف الدكلة ،كال شؾ أف دكال مثؿ فرنسا كبريطاني ػػا كالكالي ػ ػػات المتح ػ ػػدة
االمريكية ع ػ ػػاشت ميالد مبػ ػػادئ الديمقراطي ػػة الحديثػ ػ ػػة مع كؿ م ػػا نتػ ػػج عنيا مف أزمػ ػ ػ ػ ػ ػػات
كتناقض ػػات بيف ض ػ ػػركرة احت ػ ػ ػراـ مستمزمػ ػ ػػات الديمق ارطػ ػ ػػية ككج ػ ػػكب حيػ ػػاد اإلدارة فػػي أداء
أعماليا ،مما رغبيا إلى محاكلة فصؿ كتحصيف اإلدارة ضد عدكل السي ػػاسة بتقري ػ ػػر مبػ ػػدأ الحياد
الكظيفي.1
المطمب الثالث :تطور ظيور مبدأ حياد اإلدارة
لقد نشأت اإلدارة العامة في كنؼ السياسة كظمت لمدة طكيمة مف فركعيا كممحقاتيا
كامت ػ ػ ػ ػ ػػداد لميدانيا ،الػ ػػى اف انف ػ ػػردت اإلدارة العػ ػ ػ ػػامة بكي ػ ػػانيا الخ ػ ػػاص كاستقمػ ػػت نسب ػ ػ ػػيا عف
السياسة ،مع بقاء عالقة التكامؿ كالتأشير المتب ػػادؿ بينيم ػػا ق ػ ػػائـ ،كمع تزامف ظيكر كانتشار
مبادئ كأركاف الديمقراطية الحديثة بمرحمة خضكع اإلدارة التاـ كالمطمؽ لمسياسة جعؿ منيا محؿ
اىت ماـ مختمؼ قكل التشكيمة السياسية لمييمنة عمييا كاستخداميا أداة لمبمكغ الى السمطة أك البقاء
فييا ،كليذا حاكلت األحزاب السياسية الييمنة عمى الكظائؼ اإلدارية ع ػػف طريؽ تمكيف أنص ػ ػػار
الحزب مف شغػ ػ ػػؿ ى ػ ػػذه الكظائؼ ،ممػ ػ ػػا أدل الى افس ػ ػػاد الجياز اإلدارم نتيجػ ػػة التسييس المفػ ػػرط
كدخػ ػػكؿ اإلدارة فػ ػػي دكام ػػة الص ارع ػػات الحزبي ػػة كتػأثيرات مختمؼ القكل السياسي ػػة المفرط كدخ ػ ػػكؿ
.
اإلدارة فػ ػػي دكامػ ػػة الص ارع ػػات الحزبية التي كجدت مف أجميا كى ػػي خدم ػػة المكاطف
كارتبط مفي ػ ػػكـ حيػ ػ ػاد اإلدارة كمفيكـ عػ ػ ػ ػػاـ بالظركؼ التي مػ ػ ػػرت بيا اإلدارة الع ػػام ػ ػ ػ ػػة في
الكالي ػ ػػات المتحدة االمريكية نتيجة التسييس المبالػ ػػغ فيو لإلدارة كالذم نتج عنػ ػػو ظيػ ػػكر أزمات
كاضطرابات داخؿ المجتمع األمريكي ،كمف خالؿ ىذه الفترة أصبح م ػ ػ ػػف مظاىػػر اإلدارة أف
12
مفيكـ مبدأ حي ػاد اإلدارة الفصؿ األكؿ
الحزب ال ػػذم يتكلى الحكـ يق ػ ػػكـ بفصؿ أكبػ ػ ػػر عػ ػ ػػدد ممكف م ػػف أنصػػار الح ػ ػ ػ ػػزب المعارض
كتنصيب تابعيو كمؤيديو كمكافئة عف الخدمات الجميم ػ ػة التي قدمكىا أثن ػ ػاء الحمم ػ ػة االنتخابي ػ ػ ػ ػة
التي أكصمتو الى الحكـ 7،كالذم يسمى بنظ ػػاـ المغانـ كالذم ظيرت ب ػ ػكادره في بداية القرف
التاسػػع عشر كالذم مفػ ػػاده اعتبار الكظائػ ػػؼ اإلدارية غنػائـ يقتسميا أنص ػػار الحزب المنتصر في
االنتخابػ ػ ػ ػ ػػات .
كاستمػ ػ ػػر ى ػ ػػذا النظ ػ ػػاـ الى غ ػ ػػاية كق ػ ػ ػػكع ح ػ ػػادث اغتيػ ػ ػػاؿ ال ػ ػرئيس " كارفيمد "Garfieldمػػف
طرؼ أحد مناصرم حزبو الفائػز كالذم لػ ػػـ يتـ مكافئتو بتكليو أح ػ ػ ػػد المناصب اإلداريػ ػػة نظير
المجيكدات التي قدميا أثناء الحممة االنتخابيػ ػػة ،فتع ػ ػػالت األصكات كن ػ ػػادت بكجػ ػػكب كضع حد
لنظاـ الغن ائـ أك االسالب كتقرير نظاـ الجدارة كاالستحقاؽ الذم تـ تكريسو فعال بمكجب " قانكف
بندلتكف.تة " Bendelton actسنة 1883الذم كاف بداية حركة االصػ ػ ػػالح اإلدارم بتبني مب ػ ػػدأ
الحيػ ػػاد الكظيفي قصد فصػؿ السياسة عف اإلدارة كتخميصيا مف نظاـ االسالب " كتأك ػ ػ ػػد ذلؾ
8
بمػ ػػكجب "قانكف ىاتش "" Hatch actفػ ػػي 26نكفمػبر .1939
ك" قانػ ػػكف راسمبؾ " Ramspeck actفػي 02أكت 1939في عيػد ال ػرئيس "ركزفمت
" Roosveltالمقرر لنظػ ػ ػػاـ الجدارة ". " Merit syste
اذا كػ ػػانت ىذه م ػػف األسبػ ػػاب الرئي سي ػ ػػة مفيكـ حي ػػاد اإلدارة في نطػ ػػاؽ الكظيفػ ػػة العامػ ػػة في
بداية االم ػػر ،إال أف اتسػ ػػاع نطػ ػػاؽ تدخؿ الدكلة استتبع اتساع مظاىر كأكجو االتصاؿ بيف اإلدارة
كالسياسة كتعددت مع ذلؾ مجاالت تطبيؽ مبدأ حياد اإلدارة ،كيمكف ارجاع العكامؿ التي ساعدت
عمى الربط بيف اإلدارة كالسياسة كميداف نشاط ،كالتحكؿ عف النظرة التقميدية ،إلييا كميدانيف
منفصميف الى ما يمي:3
7عزيزة الشريؼ" ،مبدأ الحياد الكظيفي" ،مجمة العمكـ اإلدارية ،العدد األكؿ ،1982 ،ص 57
8عزيزة الشريؼ ،مرجع سابؽ.62،
-3عبد الكريم درويش وليلى تكال ،مرجع سابق ،ص . 180
13
مفيكـ مبدأ حي ػاد اإلدارة الفصؿ األكؿ
/1االزمة االقتصادية التي مست معظـ دكؿ العالـ ،خاصة المجتمع الغربي .
/2الحرب العالمية االكلى كالثانية ،فقد اعتمدت الدكؿ عمى السياسة التدخمية لمكاجية التحديات
المختمفة كاالستعداد لمحرب كتكفير مطالبيا .
/3نجاح الحركة العمالية في مختمؼ البمداف مما أدل الى ظيكر نقابات العماؿ كالمكظفيف
المن ػ ػػادية بكجكب تمكينيـ مف كػ ػػافة الحقكؽ كالحري ػ ػ ػ ػػات ككػ ػػذا تكفير الضم ػ ػػانات الكافي ػػة
لالستمرار في الخدمة بعيدا عف التيارات السياسية كالحزبية المتصارعة .1
كبتف ػػاعؿ كؿ ىذه المعطيات تكسػ ػػع مفيكـ مبدأ حي ػػاد اإلدارة كأصبح ضػ ػػركرة عممي ػػة ككاقعية
لمنيكض بأعباء الدكلة كدفع عجمة التنمية ،فاتسع بالتالي نطاؽ تطبيق ػػو كشمػؿ كافة المجاالت
التي تتدخؿ فييا الدكلة بكاسطة المرافؽ العمكمية.
- 1عبد المنعـ فيمي مصطفى ،إعماؿ اإلدارة كحرية الرأم ،رسالة دكتكراه ،كمية الحقكؽ جامعة
عيف شمس ،1977،ص . 87
14
مفيكـ مبدأ حي ػاد اإلدارة الفصؿ األكؿ
المطمب األول:
-1-التفػ ػ ػػاكت االجتماعي كاالقتص ػ ػػادم الحػ ػػاد ،كذلؾ بانعداـ المس ػ ػػاكاة كاالختالؿ الكاضح في
تكزيع الدخكؿ كالثركات كالتفاكت الممحكظ في األكضاع المعيشية.
1
-عمى الديف ىالؿ ،مرجع سابؽ ،ص .68
15
مفيكـ مبدأ حي ػاد اإلدارة الفصؿ األكؿ
-3-طغيا ف العنصر الشخصي عمى العمميػ ػ ػػة السيػ ػػاسية ،حيث تمعب العناص ػػر كاػ ػ ػ ػ ػػمكالءات
الشخصية كاالسري ػ ػػة كالعشائرية كالقبمية دك ار حاسما ف ػػي صنع ال ػػقرار ،كال يخفى م ػػا في ذلؾ مف
مساكئ قد تؤدم إلى صراعات مسمحة كحركب أىمية.
16
مفيكـ مبدأ حي ػاد اإلدارة الفصؿ األكؿ
-9محمد كامل ليلة ،النظم السياسية :الدولة و الحكومة ،دار الفكر العربي ،ب(دون تاريخ ) ،ص .330
–-2بكدريكة عبد الكريـ ،مرجع سابؽ ص . 94
17
مفيكـ مبدأ حي ػاد اإلدارة الفصؿ األكؿ
يتبنى النظاـ الفرنسي نيجا كسطا حاكؿ مف خاللو تفادم سمبيات التسيس المفرط لإلدارة
كالعكاقب الكخيمة لمنظاـ المغانػ ػػـ ،كتجنب مسػ ػػاكئ العزؿ التػ ػػاـ لإلدارة عمى المحيط السياسي
بحرماف المكظؼ كميا مف االىتم ػػاـ بالشؤكف السياسية كمباشرة الحقكؽ كالحريػ ػ ػػات السياسيػ ػػة
الممنكحة لممكاطنيف.
يتبيف مف خػ ػػالؿ ىػ ػ ػػذا العرض أف مسػ ػ ػ ػػألة حي ػ ػػاد اإلدارة تطػ ػػرح ف ػػي نظػ ػ ػػاـ يق ػ ػ ػػر بتػ ػ ػ ػػعدد
12
أم نظ ػ ػ ػػاـ يقكـ عمى أسػ ػ ػػاس التعددية الفكري ػ ػػة كاأليديكلكجي ػ ػ ػ ػػة المدعػػـ بكسػ ػ ػػائؿ األحزاب،
قانكنيػ ػ ػ ػ ػ ػػة لممػ ػ ػػارستيا كالتعبػ ػػير عنيا ،فاإلدارة أثن ػ ػ ػػاء مباشرتيا لنشاطاتيا بكاسطػ ػػة المػ ػ ػرافؽ
العمكمية ،تمتزـ بمبػ ػ ػػدأ الحيػ ػػاد كذلؾ بتفػ ػػادم كػ ػػؿ مظاىر التمييز ،فقد اتضػ ػػح أف تطبػػيؽ مبػػدأ
حيػ ػػاد اإلدارة في أنظم ػػة الحزب ا لكاحػ ػ ػ ػػد غيػ ػ ػػر كاردة تم ػ ػػاما ،نظ ػ ػ ػ ػ ار لكح ػ ػػدة االتجػ ػ ػػاه السياسي
كالفك ػ ػػرم لمحكػ ػ ػػاـ كالمحككمي ػ ػػف .
إف المب ػ ػػررات الت ػػي دعت إلػ ػػى تقري ػ ػػر مبػ ػػدأ الح ي ػ ػػاد غي ػ ػػر متعمق ػػة بالخصػ ػ ػػكص بنش ػ ػ ػػاط
اإلدارة ،فيػ ػػي مشترك ػ ػػة مػ ػ ػػع مختمؼ نشػ ػػاطات الدكلة التي يقع عمييا التزاـ الحياد في أشمػؿ
معاني ػ ػػو ،فاحتراـ قكاعػ ػػد الشرعي ػ ػػة كالدف ػ ػػاع عف النظ ػػاـ الديمقراطي كاالمػػف القكمي التزامات
مفركضة عمى جميع ىيئات كمؤسسات كحتى مكاطني الدكلة ،فالمكاطف يتقبؿ بصدر رحب كؿ ما
يضعو مف ضكابط إذا ما تيقف أف نظاـ كمؤسسات الدكلة قائمة عمى أساس الشرعيػػة كمطبقة
ألرك ػ ػػاف الديمقراطية الحقة.2
12
Mustapha Filali , les relations , entre le parti unque et l’administration dans les états d’afrique
francophones , ( Mémoire de D .E .A ) , faculté de droit et des sciences politique rt économiques de Tunis ,
1979 , p 235
-2بكدريكة عبد الكريـ ،المرجع السابؽ ،ص . 63
19
مفيكـ مبدأ حي ػاد اإلدارة الفصؿ األكؿ
كرغـ ذلؾ فالمصطمحيف يستعمالف غالبػ ػػا في معنى كاحد نظ ار لكحدة اليدؼ المنش ػػكد م ػ ػػف
طرفيما ،إض ػ ػ ػػافة إل ػ ػػى أف الشرعي ػ ػػة باعتب ػ ػػارىا أشم ػ ػػؿ نطاق ػػا مف المشركعية تتضمف كتحتضف
مفيػ ػ ػػكـ المشركعيػ ػػة بيف ثناياىا ،فاحتراـ قكاعد المشركعية يعتب ػػر ف ػػي آف كاحػد احت ارمػ ػػا لقكاع ػػد
الشرعي ػ ػ ػػة.
إف أبسط تعريؼ لمبدأ المشركعية يتمثؿ في إشراكو بمبدأ سي ػػادة القانػ ػػكف الػ ػ ػػذم يقتضي
خضكع الحكاـ كالمحككميف لقكاعػ ػػده ،كلع ػ ػػؿ عبارة دكل ػ ػػة القػ ػ ػػانكف ترجمة صػ ػػادقة لمضمكف ىذا
المب ػ ػ ػػدأ ،فمشركعػ ػػية الدكلػ ػػة مرتبط بمدل احت ارميا لمػبػ ػ ػػدأ سيػ ػػادة القانػ ػػكف.2
كقد عبرت كثيقة إعالف الدستكر المصرم لسنة 1971عف ىػ ػػذا المحتػ ػػكل أحسػ ػػف تعبير
بقػ ػ ػػكليػا :إف سي ػ ػػادة القانػ ػ ػػكف ليست ضمػ ػ ػػانا لحرية الفػ ػ ػػرد فحسب لكنيا األس ػ ػ ػ ػػاس الكحيػ ػ ػػد
لمشركعية السمطة في نفس الكقت.
-1رمزم طو الشاعر ،قضاء التعكيض ،جامعة عيف شمس ،طبعة ، 1985ص .13
-2سعاد الشرقاكم ،المرجع السابؽ ،ص .107
20
مفيكـ مبدأ حي ػاد اإلدارة الفصؿ األكؿ
نجد في نفس السياؽ ما أردفت بو محكمة التنازع الفرنسية سنة 1889بقكليا‘ " :ذا كاف
الحفاظ عمى امف الدكلة كمعاقب ػ ػ ػػة كؿ مف يح ػ ػػاكؿ اإلخػ ػ ػػالؿ بو مف كاجبات الحككمة ،فإن ػػيا ال
تمارس إال السمطات الممنكحة ليا بمكجب القان ػ ػػكف .1
إف ممارس ػ ػػة اإلدارة ألعماليا بحيادة كنزاىة ،بعيدا عف التيارات السياسية كالصراعات الحزبية
كالمحسكبية ،ميتمة بتحقيؽ األىداؼ التي أنشئت مف أجميا – أداء الخدمة العامة – بما تتيحو
النصكص القانكني ػ ػػة مف سمطات كاختصاص ػ ػػات ،يجعميا الحاميػ ػػة الفعمية لمبػ ػػادئ الشرعية،
خاصة أنيا – أم اإلدارة – الييئة التي تحتؾ كتكاجو كتتعامؿ مع المكاطف في كؿ شؤكنو ،ممػ ػػا
يجعػ ػػؿ تصرف ػ ػػاتيا كطػ ػػرؽ عمميا مؤشػ ػ ػرات عمى م ػػدل التطبيؽ السميـ لقكاع ػ ػػد الشرعيػ ػ ػ ػ ػػة.2
إال أنو مف باب االحتياط كحفاظ عمى حسف ممارسة اإلدارة لنشاطيا فإنو يستكجب كضع
كتقرير مجمكعة مف الضمػ ػ ػػانات يحتمي بيا ،كيمج ػ ػػأ إلييا في حال ػ ػػة اختػ ػ ػػالؿ اإلدارة بقكاع ػػد
الشرعي ػ ػ ػػة.
كتعتبػػر الرقابة القضائية أجدر سالح لمقاكمة تجاكزات اإلدارة كاستعماالتيا التعسفية
لمسمطات – الممنكحة ليا قانكنا – الماسػ ػػة بحقكؽ كحريػ ػ ػػات المكاطنيف ،كق ػ ػػد أسس مجمػ ػ ػػس الدكلة
الفرنسي قضاءه في أحكاـ عديدة عمى مبػ ػ ػػادئ الشرعي ػ ػ ػػة إللغػ ػػاء أعماؿ اإلدارة.
أما بالنسبػ ػ ػػة لمكقؼ التشري ػ ػ ػػع ،فقػ ػ ػػد اعػ ػػترفت كأدرجػ ػػت مختمؼ التشريعػ ػ ػػات المقارن ػ ػ ػ ػ ػ ػػة ىػ ػػذه
الم ػ ػ ػػبادئ في دساتيرىا إلعطائيا القكة القانكنية التي تمت ػ ػػاز بيا النصكص الدستكري ػ ػ ػػة ،فنجد أف
الدستكر الجزائرم لسنة 1996يترج ػ ػػـ بتميي ػػده محت ػػكل كأبع ػ ػ ػػاد مب ػ ػ ػػدأ الشرعيػ ػ ػ ػ ػػة بقكل ػ ػ ػ ػػو " :إف
الدستكر فكؽ الجميع ،كىك القانكف األساسي الذم يضمػ ػػف الحق ػػكؽ الحري ػ ػ ػػات الفردي ػ ػػة كالجماعيػ ػ ػػة
كيحمػ ػػي مبػ ػػدأ حري ػ ػػة اختيػ ػػار الشعب ،يضفي الشرعيػ ػػة عمى ممارسػ ػ ػػة السمطات ،كيكفؿ الحماية
القانكنية ،كرقابة السمطات ا لعمكميػ ػػة في مجتمع تسػ ػ ػػكده الشرعي ػػة كيتحقؽ فيو تفتح اإلنساف بكؿ
1
-René Bourdoncle,Fonction publique et libertésd’opinion en droit positif Français, Libreairie générale de
droit et de jurrisprudence,Paris,1975,p 175
-2بكدريكة عبد الكريـ ،المرجع السابؽ ،ص . 67
21
مفيكـ مبدأ حي ػاد اإلدارة الفصؿ األكؿ
أبعاده" .كيمي ذلؾ نصكص تفصيمية بشػ ػػأف كؿ نقطة ،س ػكاء في اعتبار الشرعية كالمساكات
(المكاد الرقابيػ ػ ػ ػ ػػة لميامو القضػ ػػائي الجي ػػاز لممػ ػػارسة أسػ ػػاس القانػ ػػكف كاحتراـ
) 140،139،138،147أك حي ػ ػ ػ ػ ػػف تبي ػ ػ ػ ػاػف مختمؼ حق ػ ػ ػ ػ ػػكؽ كحريػ ػ ػ ػ ػػات المكاطػ ػ ػػف كالضامنػات
المقػ ػ ػ ػ ػ ػػرر لحم ػػايتيػ ػ ػػا (المكاد.1 )42،41،36،35،34،32،31،29
22
مفيكـ مبدأ حي ػاد اإلدارة الفصؿ األكؿ
لق ػ ػ ػػد سب ػ ػ ػػؽ الحديث عف النتػ ػ ػػائج السمبي ػ ػػة التي حققتيا طريق ػ ػػة اختي ػػار المكظفيف استن ػ ػ ػػادا
إلى معايير سياسة ،كمػ ػػا نجـ عنيا مف اخت ػػالؿ كفسػ ػػاد فػ ػػي الجياز اإلدارم أخفؽ عمى إث ػره في
إتم ػػاـ المياـ المككمة إلػ ػػيو ،كأضحى مصػػدر عم ػة يعيػ ػػؽ مس ػ ػػار التنمي ػػة كالتقدـ ،كاقت ػ ػػرح لمكاجية
ذلؾ مبدأ حياد اإلدارة كعالج ليذه اآلف ػػة ،كالذم مفاده كج ػ ػػكب اختيار عمػ ػػاؿ اإلدارة ب ػنػػاء عمى
أسس عممية قكاميا االستحقاؽ كالجدارة ،بعيدا عف التأثيرات السياسية كالص ارع ػػات الحزبية التي
بكاسطتيا فقط يتحقؽ اليدؼ المرغكب اال كىك حسف أداء الخدمات.
إف مبدأ حياد اإلدارة كنظاـ بديؿ لسمبيات التسيس المفرط ،ككإحدل المبررات الرئيسيػ ػػة
1
لضماف حسف سير النشاط اإلدارة يستند إلى حجتيف:
األولى :أف تكلي الكظائؼ استنادا إلى اعتبارات سياسية أك حزبية يعني ممارسة الميػػاـ
كالمسؤكليات اإلدارية مف طرؼ أشخاص تغيب فييـ الكفاءة المينيػػة كالمي ػػارة الفني ػػة الكاجب
تكفرىا ف ػػي شاغمي ىذه المػػناصب.
كال شؾ أف ذلؾ سيؤثر سمب ػػا عمى فاعمي ػػة كمردكديػ ػػة نشػ ػ ػػاط المرافؽ العمكمي ػػة بحيث تصبح
اإلدارة عبئا عمى المجتمع كمصدر ىمكمو عكضا أف تككف مصدر رخائو كاطمئنانو أم ػػا إذا تـ
شغؿ الكظػ ػػائؼ بنػػاء عمى أسس عممػيػ ػ ػػة كمكضكعي ػػة تؤخذ بعي ػػف اعتب ػػار طبيعة الكظائؼ
23
مفيكـ مبدأ حي ػاد اإلدارة الفصؿ األكؿ
كمتطمباتيا كمدل مالئمة كفاءة كقدرات المترشحيف ليا ،فإف ذلؾ سيككف ال محاال سببا في إتماـ
المنظمػػة لمياميا كنشػ ػػاطاتيا عمى أحسف كجو كبكفاية عالي ػػة.
الثانية :أف التغي ػ ػرات المتكاليػ ػ ػػة فػ ػػي التككينػ ػػة البشري ػ ػػة لإلدارة سيؤث ػػر عمى استق ػ ػرار كاسمرار
المرافؽ ف ػػي أداء أعم ػػاليا ،فالتكظيؼ عمى أس ػ ػػاس سي ػ ػ ػػاسي يعني تأقيت الكظ ػػائؼ لمدة معينة
كبقاؤىا مرىكف بمدل بقاء الحزب عمى رأس السمطة ،فإذا أتت االنتخابات بحزب جديد ف ػ ػػإف ذلؾ
سيػ ػػؤدم إلى تغيير الط ػ ػػاقـ اإلدارم كحم ػ ػػكؿ أنص ػػار الحزب الفائػ ػػز في ىذه الكظائؼ .كمف
البدييي أف يؤثر ذلؾ عمى الثبات الػػذم يجب أف تتحمى بػ ػػو اإلدارة العامػ ػػة إضافة إلى ك ػػؿ
السمبيات التي يعاني منيا عمػ ػػاليا.
أما إذا تـ تطبيؽ مبدأ حياد اإلدارة في تكلي الكظائؼ العامة ،فإف ذلؾ سيحقؽ ميزة ىامة
جدا مفادىا استقرار اإلدارة في ممارسة أعماليا بانتظاـ.13
ككخالصة مما سبؽ ذكره فقد جاءت قكانيف اإلص ػػالح الكظيفي فػػي الكالي ػ ػػات المتح ػػدة
األمريكية كرد فعؿ لما سببو قانكف السنكات األربع لسنة 1820كنظ ػػاـ األسػػالب م ػػف محف
كمشاكؿ لمشعب كالدكلة األمريكية ،بأف كرست نظاـ الجدارة كاالستحقاؽ كطرؽ مكضكعية الختيار
المكظفيف ،إف ى ػ ػػذا النظػػاـ يحقؽ نتائ ػػج إيجابيػ ػػة عدي ػ ػػدة أىميا طمأنين ػ ػػة المكظؼ كعدـ تخكفو مف
شبح العزؿ حيف تغير الحزب الحاكـ ،إضافة إلى أف بقػ ػػاءه في الكظيفػ ػػة العامة لمدة طكيمة
سيكسبو خبرة ف ػػي مباشػ ػرة ميامو كيساعػ ػػد عمى تطكير كتحسيف قد ارتػ ػػو ككفاءتو ،كال يخفى ما في
ذلؾ مف تأثير إيجابي عمى مردكدية كفاعميػػة العمؿ اإلدارم.
24
مفيكـ مبدأ حي ػاد اإلدارة الفصؿ األكؿ
فمبدأ الحياد يقكـ عمميا عمى عدـ جكاز التمييز بيف األفراد تفضيال أك حرمان ػ ػػا استنػ ػػادا إلى
عكامؿ تتعمؽ باألصؿ أك الرأم السياسي ،15فقد نبذت األنظمػ ػ ػ ػ ػػة السياسي ػ ػ ػػة – رسميػ ػ ػ ػ ػػا عمى
األقؿ – كؿ مظاىر التمييز العنصرم كال شؾ أف الكاقع األمريكي خير نمػ ػ ػػكذج ليذا النكع مف
التفرقة ،بحيث أف صفة المكاطنة لـ تمنح لمزنكج إال في كقت متػ ػ ػ ػ ػ ػػأخر كلـ يتػ ػ ػ ػػـ تطبيقو فعال مف
طرؼ كثير مف كاليات الجنكب خاصة ،ايف سنت قكانيف لمفصؿ العنصرم في التعميـ ككسائؿ
النقؿ كاإلسكاف كالمطاعـ .16
أما دساتير الدكؿ محؿ الدراسة المقارنة الحالية ،فقد نصت صراحة عمى استبعػ ػ ػػاد كػ ػ ػػؿ
أشكاؿ التمييز العنصرم كاعتبار كؿ تصرؼ قانكني قائـ عمى ذلؾ غير شرعي ،كال ينت ػ ػ ػػج أم أثر
قانكني ،كال يختمؼ مكقؼ الت شريعات فيما يتعمؽ بكجكب عد التمييز بيف االفراد بسبب معتقداتيـ
الدينية.
15
-V .Kondylis , op , p 8 .
16
-كريـ يكسؼ أحمد كشاكش ،المرجع السابؽ ،ص .340
25
مفيكـ مبدأ حي ػاد اإلدارة الفصؿ األكؿ
كيعتبر دكر كمكانة المرأة في المحبط االجتماعي مف المسائؿ التي استقطبت اىتم ػ ػ ػ ػ ػ ػػاـ
كانشغاؿ المجتمعات كالدكؿ الحديثة ،كذلؾ بمنحيا صفة المكاطنة مع كافة االمتيازات التي تترتب
عنيا مم ػ ػػا نتج عنيا ص ارعػ ػ ػػات قائمػ ػػة لحد اآلف لتحقيؽ المسػ ػ ػػاكاة بيف الرج ػ ػػؿ كالمرأة في كافة
المجاالت.17
ك اتجيت التشريعات الحديثة الى تقرير مبدأ المساكاة بيف الرجؿ كالمرأة س ػ ػ ػ ػكاء مف ج ػ ػػانب
الحقكؽ كالتي تمنحيا ،كااللتزامات التي تفرضيا القكانيف ،فقد نصت دساتير الدكلة محؿ المقارنة
عمى تحريػ ػ ػ ػػـ أم تميي ػ ػػز بسبب الجنس كأضاؼ قان ػ ػ ػػكف الكظيفة العامػ ػ ػػة الفرنسػ ػ ػ ػػية نصكصا تؤكد
ما تـ تقريره دستكريا اذا تنص المادة السابعة مف االمر الصادر في 04فيفرم 1958المتضمف
القان ػ ػ ػػكف األ ساس ػ ػػي لممكظفيػ ػػف عمى ع ػ ػ ػػدـ ج ػ ػ ػ ػكاز التمييػ ػ ػ ػػز بي ػ ػ ػػف الرجػ ػ ػػؿ كالمرأة ،كما تنص
المادة السادسة مف قانكف رقـ 634-83الص ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػػادر في 13جكيمي ػ ػ ػػة 1983المتضمف حقكؽ
ككاجبات المكظفيف في مكضكع حرية الرأم عمى االعتراؼ بحرية رأم المكظؼ كنبذ التمييز عمى
18
أساس الجنس.
لـ تمقى أنكاع الحريات العامة ركاجا مثمما حققتو حرية الرأم ،ذلؾ أف الديمقراطية الحديثػ ػ ػػة
كما حممتو مف مبادئ جعمت مف االختالؼ الفكرم كاإليديكلكجي ام ار حتميا كضركريػ ػ ػ ػ ػ ػػا في بناء
المجتمع المتحضر ،فحرية الرأم تنعكس أىميتو في ما عانتػ ػػو الػ ػ ػ ػ ػ ػ ػػدكؿ المتقدم ػ ػ ػػة مف اضطرابات
في القرنيف الثامف عشر كالتاسع عشر مف أجؿ تقريرىا كما تتكبػ ػ ػ ػػده اليكـ مجتمعات الدكؿ النامية
مف اضطياد ككفاح في سبيؿ االعتراؼ ليا دستكريا كعمميا بحرية الرأم كالحريات التي تدكر في
فمكيا كحرية الصحافة كالنشر .
لـ تمقى أنكاع الحريات العامة ركاجا مثمما حققتو حرية الرأم ،ذلؾ أف الديمقراطية الحديثة
كما حممتو مف مبادئ جعمت مف االختالؼ الفكرم كاألديكلكجي ام ار حتميا كضركريا في بناء
المجتمع المتحضر ،فحرية الرأم تنعكس أىميتو في ما عانتو الدكؿ المتقدمة مف اضطرابات في
القرنيف الثامف عشر كالتاسع عشر مف أجؿ تقريرىا كما تتكبده اليكـ مجتمعات الدكؿ النامية مف
26
مفيكـ مبدأ حي ػاد اإلدارة الفصؿ األكؿ
اضطياد ككفاح في سبيؿ االعتراؼ ليا دستكريا كعمميا بحرية الرأم كالحريات التي تدكر في فمكيا
كحرية الصحافة كالنشر .
يتبيف مف خالؿ قراءة النصكص القانكنية -دستكرية كانت اـ تشريعية – أف حرية الرأم
المعترؼ بيا كمكفكلة ،كجعمت لضمانيا كسائؿ كىيئات تسير عمى االحتراـ كالتطبيؽ السميـ
2
لمقتضياتيا.
باإلضافة الى أف قضاء مجمس الدكلة الفرنسي يزخر باألحكاـ التي كرست حرية الرأم،
فبينت محتكاىا كمتطمباتيا كأرست األسس التي تقكـ عمييا ككيفيات ضماف حسف احتراميا
كتطبيقيا ،كلعؿ حكـ باريؿ " " Barelالصادر بتاريخ 28مام 1954أشير االحكاـ التي أثارت
ضجة سياسية كاسعة بسبب ما أحاط بو مف ظركؼ كمالبسات الى جانب ما قرره مف مبادئ
قانكنية ىامة بالنسبة لممساكاة بيف المكاطنيف في حؽ التكظيؼ بغض النظر عف أفكارىـ كآرائيـ
19
السياسية.
باإلضافة الى ذلؾ فكؿ االحكاـ التي صدرت عف مجمس الدكلة الفرنسي كانت محؿ تحميؿ
ك مناقشة مف طرؼ فقياء القانكف تبمكرت حكليا اسس العالقة الكائنة بيف الكظيفة العامة ك
20
مقتضياتيا ك الحريات السياسية المعترؼ بيا لممكظؼ باعتباره مكاطنا.
27
مفيكـ مبدأ حي ػاد اإلدارة الفصؿ األكؿ
ككحكصمة لما سبػػؽ يمكف القػػكؿ أف مبادئ المساكاة كالحيػ ػ ػػاد تتجمى فػ ػ ػػي ك ػ ػػافة الصكر
كالمظاىػ ػ ػ ػ ػػر السػ ػ ػػابؽ عرضيا ،كيمكف الحديث عف حيػ ػػاد اإلدارة ف ػػي مكاجيػ ػ ػػة التمييػ ػ ػ ػػز العنصرم
– المتصم ػ ػة باألصؿ أك العػ ػ ػػرؽ – أك حياد االدارم الديني – المتصػ ػ ػػؿ بالعقي ػ ػػدة الدينية – أك
حيادىا بيف الذكر كاالنثى – المتصؿ بالجنس – أك حيادىا السياسي المرتبط بحرية الرأم.
فاذا كانت الصكر الثالثة األكلى قد حظيت بشبو االجماع بكجكب االعتراؼ بيػ ػ ػػا ،فنصت عمى
تقريرىا مختمؼ الدساتير كالمكاثيؽ كالتشريعات ،كضعت ليا ضمانات كافية لمراقبة سالمة تطبيقيا
كأضحت مف المسائؿ البدييية المستقرة عمييا فقيا كقضاء ،فاف الص ػ ػػكرة األخيرة المتعمقة بالحياد
السياسي لإلدارة تعتبػ ػ ػ ػػر ميدانا يحكـ حكلػ ػ ػ ػػو ضب ػ ػػاب كثيؼ ،نظػ ػ ػ ار لصعكبة تحديد األسس
كالضكابط كالمبػ ػػادئ التي يقػ ػ ػػكـ عمييا ،إضػ ػ ػػافة الى عػ ػ ػػدـ بمػ ػ ػػكغ النضكج الك ػ ػ ػػافي لما تـ كضعو
مف قػ ػ ػ ػكاعد ،كم ػ ػ ػػا اف اختالؼ االنظمة السياسي ػ ػػة كالبني ػ ػػة االجتماعية بيف الدكؿ حاؿ دكف كجكد
نمكذج مكحد يطبؽ عمى الجميع.
28
الفصل الثاني
الضمانات القانونية لمبدأ حياد اإلدارة في الجزائر
الضمانات القانكنية لمبدأ حياد اإلدارة في الجزائر الفصؿ الثاني
لما حدث التغير الدستكرم الذم تطمبتو مقتضيات إعماؿ مبدأ حياد اإلدارة كعدـ تحيزىا إلى
أف تـ النص عميو دستكريا الذم يعد تأسيس لضمانة قاعدية تطمب األمر ضمانات أساسية
منصكص عمييا في الدستكر تتكامؿ مع ىده الضمانة كضمانات فرعية تتضمنيا النصكص
القانكنية المتدرجة بعد الدستكر ،مف اجؿ تحقؽ ضركرة احترامو احتراما صارما الف المبدأ يعد
قاعدة دستكرية ميمة ضمف األحكاـ الدستكرية الكاجبة االحتراـ ،فعمى القكانيف اقؿ درجة مف
الدستكر عدـ مخالفتيا.
30
الضمانات القانكنية لمبدأ حياد اإلدارة في الجزائر الفصؿ الثاني
1
محمد بكضياؼ ،مستقبؿ النظاـ السياسي الجزائرم ،أطركحة مقدمة لنيؿ شيادة الدكتكراه بقسـ العمكـ السياسية كالعالقات
الدكلية ،جامعة الجزائر.2008 ،
31
الضمانات القانكنية لمبدأ حياد اإلدارة في الجزائر الفصؿ الثاني
1
دستكر 1989مف مستجدات ىك استكماؿ النظاـ دستكرم مختمؼ عف سابقو.
الفرع األول:
فقدان مبدأ حياد اإلدارة وضماناتو قبل التحول الديمقراطي لسنة2989
يمكف التمييز بيف أنظمة الحكـ عمى أساس نجد مجمكعتيف مف األنظمة المعاصرة ىي
الديمقراطية كاألنظمة االستبدادية ،بالنسبة ليده األخيرة يغيب فييا تطبيؽ القانكف كتنتيي فييا
الحريات العامة.فيدا النظاـ تفرض فييا الق اررات عمى المكاطنيف دكف منيـ حؽ المشاركة في
تقريرىا كليس بإمكانيـ ممارسة أم رقابة عمى نشاطات الدكلة ،فاإلدارة في ظؿ ىده األنظمة
مكانتيا كدكرىا محصكراف جدا.فيي خاضعة كتابعة لمنظاـ الحاكـ كخادمة لمصالحو ،تتقمص فيو
السمطة التقديرية الممنكحة ليا عادة كيغيب فييا مظاىر.
2
الحياد الكظيفي ليحؿ محمو كاجب الكالء المطمؽ كيتميز التقسيـ اإلدارم بالمركزية الشديدة.
بالمقابؿ النظاـ الديمقراطي يككف فيو الشعب صاحب السمطة كمصدر السيادة فادا كانت
الديمقراطية تعرؼ بأنيا حكـ الشعب بالشعب كمف اجؿ الشعب نفسو فادا كانت الديمقراطية تعرؼ
بأنيا حكـ الشعب بالشعب كمف الشعب نفسو كالكسيمة التي يعبر بيا عف إرادتو كسيادتو كعف
3
طريقيا يمارس السمطة في دكلتو.
نظاـ الحزب الكاحد ك عالقتو بالديمقراطية:
نظاـ الحزب الكاحد سكاء كاف نظاما فاشيا أك ماركسيا أك مف نظـ العالـ الثالث فانو يقكـ
عمى أساس السيطرة عمى كافة مجاالت الحياة ،كيتميز بظاىرة خضكع اإلدارة المطمؽ كانصياعيا
لمسمطة الحاكمة لدلؾ ثار جدؿ فقيي حكؿ ما ادا كاف نظاـ الحزب الكاحد نظاما ديمقراطيا فغياب
التعددية السياسية يعني حتما حرماف اآلراء المعارضة مف التعبير عف نفسيا مما يجعؿ مستكل
المشاركة الشعبية في الحكـ ضئيؿ جدا.
فيناؾ مف يتعرض لدراسة الحزب الكاحد باعتباره احد األنظمة الحزبية ،كىناؾ مف يرل أف
اعتبار نظاـ الحزب الكاحد احد األنظمة الحزبية المعاصرة أمر ال يستقيـ مع المعنى المغكم لكممة
1
-بكدريكة عبد الكريـ ،مبدأ حياد اإلدارة كضماناتو القانكنية دراسة مقارنة ،الجزائر-تكنس-فرنسا ،ص.3
2
-المرجع نفسو ،ص 3
3
-عبد الغني بسيكني عبد اهلل ،النظـ السياسية ،الدار الجامعية لمطباعة كالنشر ،مصر ،بدكف سنة النشر ،ص.204-203
32
الضمانات القانكنية لمبدأ حياد اإلدارة في الجزائر الفصؿ الثاني
حزب(طائفة ،جماعة مف الناس) كال يتكافؽ مع مفيكـ اصطالح النظاـ الحزبي ،الدم يعني
كجكد أكثر مف حزب في الساحة السياسية.
كليذا فانو اذ ا كاف تعدد األحزاب احد السمات المميزة لنظـ الحكـ القائمة عمى أساس ديمقراطي
في دكؿ المعاصر ،فاف الحزب الكاحد ارتبط ارتباطا كثيقا باألنظمة الدكتاتكرية التي ظيرت حديثا
خالؿ القرف العشريف ،ىده ىي القاعدة التي يسمـ بيا الفقو الدستكرم في فرنسا كفي مصر بما
1
يشابو اإلجماع.
كىناؾ مف كضع الفقيو الدستكرم الفرنسي مكريس دكفرجيو في عداد القائميف بكجكد نظاـ الحزب
الكاحد في الدكؿ الديمقراطية ،استنادا إلى عبارة ذكرىا في مؤلفو الشيير "األحزاب السياسية" ،كلكف
العبارة في الجزء األخير منيا ينفي تماما ىدا الفيـ الخاطئ.
فقد قاؿ في الفصؿ األكؿ المعنكف ب"عدد األحزاب"في القسـ الثاني المتعمؽ بالنظـ الحزبية،
مف كتابو المذككر أعاله" لقد أصبح التناقض بيف التعددية كالحزب الكاحد شائعا حتى انو اعتبر
المعيار السياسي الذم يميز بيف عالميف :الشرقي كالغربي ،فيما يدعي اف ىدا خطا ،الف الحزب
الكاحد يعمؿ في اسبانيا كفي العديد مف دكؿ أمريكا الالتينية ،كفي بعض أنحاء الكاليات المتحدة
األمريكية بينما يستمر كجكد التعددية الحزبية رسميا في ألمانيا الشرقية كفي بعض الديمقراطيات
الشعبية المعتنقة لمماركسية كاالتحاد السكفياتي غير إف ىدا التطابؽ يظؿ في خطكطو الرئيسية
33
الضمانات القانكنية لمبدأ حياد اإلدارة في الجزائر الفصؿ الثاني
1
صحيحا بيف النظاـ الديكتاتكرم كالحزب الكاحد ،كالديمقراطية كالتعددية الحزبية".
الجزائر قبؿ 1989في ظؿ أحادية الحزب إىدار لمبدأ الحياد:
بعد استقالؿ الج ازئر استمـ الجزائريكف مقالي ػد الحكـ الذم تكضح تأسسو مند قياـ الثكرة
التحريرية ،فقد اتفؽ بياف أكؿ نكفمبر كمؤتمر الصكماـ كمؤتمر طرابمس سنة ،1962إف الثكرة
تيدؼ إلى تحقيؽ االستقالؿ الكطني كاقامة الدكلة الجزائرية الديمقراطية االجتماعية ،كتبني التكجو
االشتراكي ب عد االستقالؿ كفي تمؾ الفترة تأكدت المكانة الرائدة لجبية التحرير الكطني التي تحكلت
مف تحالؼ شعبي مسمح إلى حزب سياسي ،تكفؿ بكضع الخط اإليديكلكجي كالسياسي لمكطف.
لقد اتحدت النصكص الدستكرية كالمكاثيؽ التي عرفتيا الجزائر السيما دستكر 1963كالميثاؽ
الكطني كدستكر 1976عمى تأكيد الطابع الديمقراطي كاالشتراكي لمدكلة ،كجسدت قانكنيا انفراد
حزب التحرير الكطني في الساحة السياسية باعتباره الحزب الكحيد.
إف حزب جبية التحرير الكطني ،أخد عمى عاتقو ميمة كضع النيج اإليديكلكجي كتطبيقو
فعال عف طريؽ أعضائو الديف أمرت النصكص عمى كجكب اعتالءه المناصب كتقمد الكظائؼ مف
طرفيـ ،فدستكر 1963إضافة إلى أف كضعو تـ مف طرؼ الحزب قد اقرف كافة كظائؼ الدكلة
2
بالتكاجد الدائـ لمحزب سكاء مف حيث اإلشراؼ أك التكجيو أك الرقابة.
لقد تميز 1963إلى جانب اىتمامو بتنظيـ السمطات ،بأنو لـ يميؿ الجانب التاريخي
كالنضالي لمشعب الجزائرم كانتمائو العربي اإلسالمي ،كما انو حدد مبادئ كأىداؼ النظاـ داخميا
كدكليا3في ظؿ االختيار االشتراكي كالحزب الكاحد ،رافضا التعددية الحزبية كالنظاـ الحر ،مما دفع
باألستاذ كامكCAMAUإلى تكييؼ دستكر1963بانو ليس دستكر قانكف ،كانما ىك دستكر برنامج
4
كتبرير دلؾ انو اعتمد عمى الحزب الكاحد.
فدستكر 1963اعتمد االشتراكية كالحزب الكاحد المخطط كالمكجو كالمراقب ،حتى أف رئيس
الجميكرية المترشح يككف مف قبؿ الحزب الكاحد ،ككذلؾ الترشيح كسحب الثقة مف النكاب ،يعني
1
-المرجع نفسو ،ص .306
2
-عمر صدكؽ ،مدخؿ لمقانكف الدستكرم كالنظاـ السياسي الجزائرم ،ديكاف المطبكعات الجامعية ،الجزائر ،1986 ،ص .26
3
-دلؾ يتكضح مف خالؿ مقدمة الدستكر كالمكاد مف 11-1كما خصص المكاد مف 26-23لجبية التحرير الكطني.
4
-سعيد بكشعير ،النظاـ السياسي الجزائرم دراسة تحميمية لطبيعة نظاـ الحكـ في ضكء دستكرم 1963ك ،1976الجزء األكؿ،
طبعة ،2ديكاف المطبكعات الجامعية ،الجزائر ،2013 ،ص .75 ،76
34
الضمانات القانكنية لمبدأ حياد اإلدارة في الجزائر الفصؿ الثاني
ىذا أف السمطات المنصكص عمييا في الدستكر ماىي إال أدكات في يد الحزب لتحقيؽ برنامجو
السياسي المتمثؿ في تحقيؽ االشتراكية حيث تنص المادة 24مف الدستكر:
"جبية التحرير الكطني تحدد سياسة األمة كتكحي بعمؿ الدكلة كتراقب عمؿ المجمس الكطني
كالحككمة" ،أما المادة 25تنص "جبية التحرير الكطني تشخص المطامح العميقة لمجماىير
كتيدبيا كتنظميا كىي رائدىا في تحقيؽ مطامحيا".
لـ يخرج دستكر 1976عف المبادئ كالقكاعد العامة التي اعتمدتيا الثكرة الجزائرية ككرستيا
مكاثيقيا ،فقد جاء ىدا الدستكر مستكحى مف النصكص األساسية لمثكرة السيما الميثاؽ الكطني
لسنة ،1976بؿ انو يمكف اعتباره تثبيتا كاضفاء الصفة الشرعية عمى ما قاـ بو الحكاـ مند
1965كقاعدة الحكـ المستقبمي الذم يرتكز عمى الحزب الكاحد كأكليتو عمى أجيزة الدكلة ككحدة
القيادة السياسة لمحزب كالدكلة ،كما انو اقر مجمؿ الحريات األساسية كحقكؽ اإلنساف كالمكاطف،
1
غير انو قيد ممارستيا بمبادئ الثكرة.
بعد استعراض النتائج كاآلثار التي يرتبيا نظاـ الحزب الكاحد كعالقتو بعناصر البنية االجتماعية
كالسياسية كصمتو بنشاط اإلدارة العامة خصكصا مكقفو مف مبدأ حياد اإلدارة.
نحاكؿ إسقاطيا عمى النظاـ الجزائرم ،فيظير لنا تطابؽ يتمثؿ في:
*رئيس الجميكرية كىك في آف كاحد األميف العاـ لمحزب (ـ/104دستكر )1976كيجسد كحدة
القيادة السياسية لمحزب كالدكلة (ـ98كـ/111دستكر )1976كذلؾ نفس القاعدة مطبقة بالنسبة
لممناصب الك ازرية ،يختار شاغمكىا مف األعضاء البارزيف في الحزب.
كبما أف اإلدارة تكفر أفضؿ ضمانات األمف استقرار الشغؿ فإنيا تكتسب أفضؿ العناصر مف
الحزب 2.نتج عف دلؾ تداخؿ عضكم افرز انصيار أجيزة الدكلة داخؿ جياز الحزب المكجو
3
الكحيد لمسياسة العامة لمبالد.
* الكظائؼ اإلدارية كالمناصب النيابية يتقمدىا مف يككف منخرط في الحزب كىدا تؤكده المكاد
102ك 128مف الدستكر ،كأكدت النصكص القانكنية لمكظيفة العامة كالتنظيمات.
1
-سعيد بكشعير ،النظاـ السياسي الجزائرم دراسة تحميمية لطبيعة نظاـ الحكـ في ضكء دستكرم 1963ك ،1976المرجع السابؽ،
ص .275
2
احمد محيك ،محاضرات في المؤسسات اإلدارية ،المرجع السابؽ ،ص.59
3
-عبد الكريـ بكدريكة ،مبدأ حياد اإلدارة كضماناتو القانكنية دراسة مقارنة الجزائر-تكنس-فرنسا ،المرجع السابؽ ،ص .108
35
الضمانات القانكنية لمبدأ حياد اإلدارة في الجزائر الفصؿ الثاني
الفرع الثاني :نسبية مبدأ حياد اإلدارة وضمانو بعد التحول الديمقراطي لسنة 2989
كما اشرنا إلى أف النظاـ السياسي كالدستكرم الجزائرم مر بمرحمتيف ،تتميز كؿ كاحدة منيا
بخصائصيا كأسسيا كطبيعة بناءىا ،كيعتبر دستكر 1989ىك الحد الفاصؿ بيف المرحمتيف.
كنتناكؿ فيما يمي عنصريف أساسيف ،التعددية الحزبية كمبدأ الفصؿ بيف السمطات كدكرىما في
تجسيد مبدأ حياد اإلدارة.
-التعددية الحزبية كدكرىا في تجسيد مبدأ حياد اإلدارة:
إف مبدأ حياد اإلدارة يرتكز عمى كجكد نظاـ ديمقراطي يعترؼ بالتعددية الحزبية ،كيحتاج إلى تكفر
االستقرار السياسي إلعماؿ ىدا المبدأ ،كاألحزاب السياسية ىي التي تقكـ بدكر رئيسي في تكجيو
الشعكب الختيار ممثمييا ،فيي تعد ضركرة لمديمقراطية التي تقدس الحريات العامة.
رغـ ما يكجو لألحزاب مف انتقادات حتى أف البعض اعتبر أنيا سبب في تزايد عكامؿ االنشقاؽ
كاالضطراب في الدكلة.كيتضح صدؽ ىدا النقد في الدكؿ الحديثة العيد بالديمقراطية التي لـ تالؼ
المعارضة.كما اتيمت بأنيا تشتت قكل الدكؿ فتنقسـ إلى مؤيد كمعارض ،لكف الرد عمى ىدا ىك
التأكيد عمى أىمية المعارضة فيده األخيرة حتى كاف تسببت في جعؿ عمؿ الدكلة أبطا إال أنيا
تحكؿ دكف االستبداد أك التسرع في اتخاذ الق اررات.كما انتقدت األحزاب بأنيا تركز السمطة في
الييئات الرئاسية لكؿ حزب ،التي تحدد مكقفيا مف مشاكؿ الدكلة ثـ تحدد لممثمي األحزاب في
البرلماف خطة يسيركف عمييا ،بحيث ال يحيد عنيا إال مف اعتزاـ االستقالة مف حزبو كىكذا يصبح
1
النائب ممثال لحزبو ال لمشعب اجمعو.
إف األنظمة التي تعترؼ بالتعددية السياسية -سكاء كاف نظاـ ثنائية األحزاب أك نظاـ تعدد
األحزاب – تكلي أىمية بالغة لإلدارة باعتبارىا ساحة مساحات التنافس السياسي ،بحيث يحاكؿ كؿ
2
حزب كسب اإلدارة في جانبو كفرض ىيمنتو عمى أجيزتيا كمجاالت نشاطيا.
الصالت متينة بيف اإلدارة كالسياسة إلى درجة التفاعؿ كالتأثير المتبادؿ ،فالصراعات الحزبية
كتغيرات األحزاب الممثمة لمسمطة نتيجة التداكؿ عمى الحكـ ،كأماـ االستقرار النسبي لإلدارة ،أدل
إلى ظيكر عدة مفاىيـ تعبر عف ىده العالقة كما نتج عنيا مثؿ" :تسييس
1
سميماف محمد الطماكم ،المرجع السابؽ ص 288ككذلؾ كعبد الغني بسيكني في المرجع السابؽ ص 321كما بعدىا.
2
-عبد الكريـ بكدريكة ،مبدأ حياد اإلدارة كضماناتو القانكنية ،المرجع السابؽ.ص .28
36
الضمانات القانكنية لمبدأ حياد اإلدارة في الجزائر الفصؿ الثاني
في المادة 40منو مايمي" :حؽ إنشاء الجمعيات ذات الطابع السياسي معترؼ بو".
كما اعتبر المؤسس الدستكرم التعددية الحزبية مف أىـ األسس التي ال يمكف أف يطاليا
التعديؿ حيث نص في المادة " :178ال يمكف أم تعديؿ دستكرم أف يمس:
-1الطابع الجميكرم لمدكلة،
1
-2النظاـ الديمقراطي القائـ عمى التعددية الحزبية."... ،
االستقرار السياسي2مف األىداؼ السياسة الرئيسية التي يسعى كنظاـ إلى تحقيقو ،كحاجة
اإلدارة إليو كبيرة.
إف مبدأ حياد اإلدارة باعتباره نظاما قانكنيا كعمميا لحسف أداء الخدمات العامة ال يقكـ إال في
ظؿ مناخ مشبع بالكعي الحقيقي لمضمكنو كأبعاد ىك أىدافو القريبة كالبعيدة ،كيحتاج إلى تنشئة
3
اجتماعية كسياسية في الكسط المراد تطبيقو فيو.
كعميو بالرغـ مف تبني الجزائر نظاـ التعددية الحزبية4الذم فتح مجاال كاسعا لممشاركة
الشعبية في الحياة السياسية فاف دلؾ نتج عنو عدـ استقرار سياسي اثر بشكؿ كاضح عمى أجيزة
اإلدارة كتنظيماتيا.
يرل د.سعيد بكشعير إف النصكص لكحدىا غير كافية لالنتقاؿ إلى النظاـ الديمقراطي نظ ار
لكجكد قكل فعمية كفاعمة داخؿ كخارج األجيزة كالمؤسسات يصعب مراقبتيا في مقابؿ خمك الدستكر
مف الميكانيزمات الالزمة التي تضمف احتراـ مبدأ التداكؿ عمى السمطة عمميا في ظؿ التعددية
السياسي ػ ػة ،فمجرد حص ػ ػكؿ ق ػكل سياسيػ ػة جديدة عمى تأييد شعبي يمج ػا القابضكف عمى السمطػ ػة
1
-تـ تعديؿ المادة 178بمكجب المادة 12مف قانكف 19-08المتضمف تعديؿ الدستكر المؤرخ في
( 2008/11/15جر رقـ 63ص)05حيث نصت المادة 12مف الدستكر ،كتحرر كاألتي :المادة 178ال يمكف
أم تعديؿ دستكرم أف يمس- :إضافة عنصر.7-العمـ كالنشيد الكطني باعتبارىما مف رمكز الثكرة كالجميكرية.
2
-االستقرار السياسي :يعرفو ايكيستيف" :ىك استم اررية األبنية الحككمية عبر فترة طكيمة مف الزمف كقدرة الحككمة عمى إصدار قكانيف أك
تعيدات ايجابية باإلضافة إلى تخفيض درجة العنؼ السياسي عمى اتخاذ الق اررات التي تتناسب مع المطالب المقدمة إليو كعمى تنفيذىا".
3
-عبد الكريـ بكدريكة ،مبدأ حياد اإلدارة كضماناتو القانكنية ،المرجع السابؽ ،ص 86كما بعدىا.
4
ضمف نتائج تحكالت دستكر فيفرم 1989المقر لمتعددية تأسيس في اقؿ مف سنتيف بمكجب قانكف األحزاب قرابة60حزب كاما نظمت
االنتخابات التشريعية في ديسمبر 1991لـ يعتؿ منيا عتبة المؤسسات المنتخبة إال الجبيات الثالث :الجبية اإلسالمية لالنقاد ،جبية التحرير
الكطني ،جبية القكل االشتراكية ،..... ،لكف االنتخابات ألغيت قبؿ إجراء الدكر الثاني كحؿ الحزب الفائز كأصبح المشكؿ األساسي المطركح
عمى الجميع ىك مشكؿ الشرعية كمستقبؿ الديمقراطية في الجزائر".انظر :عبد الرزاؽ مقرم ،التحكؿ الديمقراطي في الجزائر ،رؤية ميدانية بدكف
سنة كدار نشر ،الجزائر ،ص 13كما بعدىا.
37
الضمانات القانكنية لمبدأ حياد اإلدارة في الجزائر الفصؿ الثاني
إلى استعماؿ ميكانيزم ػ ػات لمكاجية أم دخيػ ػؿ ،كىي الرؤيػ ػ ػة األحاديػ ػة التػ ػي ميزت نظػ ػ ػاـ الحكػ ػـ
1
في الجزائر مند االستقالؿ".
-إقرار مبدأ الفصؿ بيف السمطات كدكره في تأسيس مبدأ حياد اإلدارة:
يمثؿ مبدأ الفصؿ بيف السمطات مبدأ دك صيغة دستكرية يرتكز عمى فمسفة تيدؼ إلى
ضماف الحرية كمنع قياـ نظاـ استبدادم ،كاف نتاج التطكر التاريخي2 ،لكف ىدا المبدأ لـ يتبمكر
بشكؿ متكامؿ كلـ يعرؼ االنتشار إال بعد إف تكلى المفكر الفرنسي Charles louis de
secondatالمعركؼ أكثر بمقبو االرستقراطي baron de Montesquieuتطكير ىده النظرية
في كتابو "ركح القكانيف"l'esprit des loisالذم نشر سنة .1747
كامتدت أفكار مكنتسكيك إلى انجمت ار كأمريكا ،كاقر قادة الثكرة الفرنسية جكىر ىده النظرية
عندما أدرجكىا ضمف إعالف حقكؽ اإلنساف كالمكاطف سنة ،1789كقد تكاصؿ االخذ بيد المبدأ
إلى اليكـ في اغمب الدساتير المعاصرة .أكضح مكنتيسكيك انو يكجد في كؿ دكلة ثالثة أنكاع مف
السمطة ،السمطة التشريعية التنفيذية أك السمطة المنفذة لألمكر التي تتكقؼ عمييا حقكؽ اإلنساف،
3
كالسمطة المنفذة لممسائؿ المتعمقة بالقانكف المدني أم السمطة القضائية.
إف مبدأ الفصؿ بيف السمطات في الجزائر لـ يكف مبدأ غريبا أك مجيكال إنما كاف مند بدايات
إرساء قكاعد النظاـ السياسي طمكحا بار از في مكاثيؽ حزب جبية التحرير الكطني كالمؤسسات
المؤسسة لمدكلة الجزائرية فقد جاء في نص المادة الثانية مف الكثيقة التي كردت بيذا النص كىي
الدستكر األكؿ المكتكب في الجزائر ،كالتي صدرت عف المجمس الكطني لمثكرة في اجتماعو
بطرابمس بميبيا بتاريخ 1956/12/16مايمي:
"الفصؿ بيف السمطات التشريعية ،التنفيذية ،كالقضائية العناصر األساسية لكؿ
الديمقراطية ،فيي القاعدة في المؤسسات الجزائرية" ،لكف النص لـ يكضح مياـ ىدا الفصؿ ،كقد
1
-سعيد بكشعير ،النظاـ السياسي الجزائرم ،الجزء الثاني ،المرجع السابؽ ،ص.139
2
يمكف أف نعكد بو إلى عيد اليكناف ،فقد اعتبر أفالطكف أف كظائؼ الدكلة يجب أف تكزع عمى ىيئات متعددة مع السعي إلى إقامة التكازف
بينيا خشية انفراد إحداىما بالحكـ ،مما يؤدم إلى حدكث اضطرابات ،كطكر أرسطك ىده الفكرة بالتأكيد عمى أف النظاـ السياسي يجب أف
الذم كتب عنو في مؤلفو الحككمة المدنية John Lockeيشمؿ عمى سمطات ،كفي القرف السابع عشر عاد المبدأ مع المفكر االنجميزم
سنة.1962
3
-عبد الغني بسيكني ،النظـ السياسية ،المرجع السابؽ ،ص .262
38
الضمانات القانكنية لمبدأ حياد اإلدارة في الجزائر الفصؿ الثاني
سادت بعد االستقالؿ نظرية كحدة السمطة مما يدفعنا إلى القكؿ إف النص المذككر لـ يتعد حد
1.
الطمكح
-التجربة الدستكرية الجزائرية تأرجحت في األخذ بالمبدأ بيف اإلنكار كاإلقرار.
لقد كاف دستكر 1963أكؿ دستكر تمرد عمى مبدأ الفصؿ بيف السمطات بتبنيو كحدة السمطة
بدعكل أف النظاميف الرئاسي كالبرلماني الكالسيكييف لف يضمنا االستقرار ،فمـ يقر مبدأ الفصؿ بيف
2
السمطات بؿ اقر استقاللية غير كاضحة.
أما دستكر 1976كالميثاؽ الكطني قننا الندماج السمطات لصالح الرئيس قائد الحزب كالدكلة،
كنص نظريا عمى تكزيع السمطات كسماىا"الكظائؼ" ،كنص عمى استقاللية القضاء ىدا األخير في
ممارسة سيادتو كلكف في إطار تكجييات الحزب كالمصالح العميا لمدكلة.
فاقترب بدلؾ مف النظاـ الرئاسي المشدد الذم يقكـ عمى التدعيـ الضخـ لسمطات الرئيس ،كالتقميؿ
المعاكس لمكانة ككظيفة السمطة التشريعية كيضيؼ البعض انعداـ مسؤكلية الرئيس كاضمحالليا.
كبعد األزمة السياسية كاالجتماعية التي فجرت انتفاضة اكتكبر 1988كالتي فرضت تبني
إصالحات سياسية جسدىا دستكر 1989الذم كاف بمثابة دستكر قانكف ،فاعتمد مبدأ الفصؿ
بيف السمطات كرد فعؿ إلقرار مبدأ كحدة السمطة في دستكر ،1976فاعتناؽ المبدأ كاف بغرض
تجنب تداخؿ السمطات كالصالحيات كاحتماؿ استحكاذ سمطة معينة عمى مشاركة جية أخرل،
كيتجمى دلمؾ في عقد اختصاص التشريع لممجمس بمفرده كانشاء مجمس دستكرم انيطت بو ميمة
الفصؿ في المنازعات المحتمؿ قياميا بيف السمطتيف التنفيذية كالتشريعية ،ىناؾ تساؤؿ ميـ
نطرحو :ما ىك دكر مبدأ الفصؿ بيف السمطات مف اجؿ تأسيس مبدأ الحياد؟ ،مف المفركض أف
مبدأ الفصؿ بيف السمطات كمف خالؿ رقابة البرلماف عمى اإلدارة يساىـ في رفع المسؤكلية عف
كاىؿ المكظؼ في حاؿ تغيير رجاؿ السمطة التنفيذية الديف يمارسكف الكظائؼ السياسية’فالرقاب
3
المباشرة مف طرؼ البرلماف عمى اإلدارة ىك حماية قانكنية كدستكرية لمبدأ الحياد.
1
-ميمكد ذبيح ،الفصؿ بيف السمطات في التجربة الدستكرية الجزائرية ،المرجع السابؽ ،ص .52
2
-بشاف دستكر 1963انظر :عبد اهلل بكقفة ،الدستكر الجزائرم نشأة-تشريعا ،فقيا ،الطبعة األكلى ،دار اليدل عيف مميمة ،الجزائر.2005 ،
3
-فيرـ فاطمة ،المكظؼ العمكمي كمبدأ حياد اإلدارة في الجزائر ،مذكرة لنيؿ شيادة الماجستير قسـ قانكف عاـ فرع اإلدارة كالمالية كمية
الحقكؽ جامعة الجزائر ،2004-2003 ،ص.77
39
الضمانات القانكنية لمبدأ حياد اإلدارة في الجزائر الفصؿ الثاني
كانطالقا مف نتائ ج تطبيؽ ىدا المبدأ في الجزائر نجد أف لو الفضؿ في دعـ النظاـ
الديمقراطي كالسماح بعبكر مبادئ جديدة كخمقو لمجك القانكني العاـ لتأسيس مبدأ حياد اإلدارة إال
انو لـ يمعب دكره الحقيقي في تفعيؿ جكىر مبدأ الحياد كدلؾ راجع إلى عدة نتائج أىميا:
*الفصؿ التاـ بيف اإلدارة كالبرلماف :الفصؿ بيف السمطات يتميز بالتداخؿ السيما بيف
السمطتيف التشريعية كالتنفيذية كينظر إلى ىدا التداخؿ عمى انو ضركرة حتمية في الدكلة
الديمقراطية ،كمف اجؿ معرفة حدكد مساىمة مبدأ الفصؿ بيف السمطات في تجسيد الحياد يجب أف
نبحث في العالقة بيف التداخؿ السابؽ الذكر كمبدأ الحياد ،كىدا يتطمب البحث في العالقة بيف
السمطة التشريعية كالتنفيذية كباألخص العالقة بيف اإلدارة كالبرلماف ادا ما انطمقنا مف أف السمطة
1
التنفيذية تشمؿ الحككمة كاإلدارة.
الدستكر الجزائرم حدد العالقة بيف البرلماف كالحككمة دكف اإلشارة إلى اإلدارة ،الف أعماؿ
2
ىده األخيرة تبقى ثانكية مقارنة مع أعماؿ الحككمة ،فيي مجرد كسيمة لمتنفيذ ليس إال.
كمف النتائج أيضا طغياف السمطة التنفيذية عمى السمطتيف التشريعية كالقضائية:
السمطة التنفيذية في الجزائر يمكف كصفيا باالزدكاجية ،لكف ىناؾ ضعؼ فاإلطار القانكني
لضماف حياد اإلدارة كىذ ا راجع إلى تشخيص أك فردية السمطة كىيمنة السمطة التنفيذية ،كتظير
ىده الييمنة في احتكار السمطة مف طرؼ الرئيس عمى الرغـ مف المشاركة الشكمية لمشعب
إلضفاء الشرعية عمى ىذا االحتكار.
المطمب الثاني :إقرار مبدأ حياد اإلدارة في الجزائر
لقد شيد النظاـ الجزائرم تطكرات في غاية األىمية خاصة بعد صدكر دستكر ،1989مما
استكجب إعادة النظر في الكثير مف المكاضيع المتصمة بالقانكف الدستكرم كاإلدارم كالسياسي
فبمكجب استفتاء 28نكفمبر ،1989تـ إقرار مبدأ حياد اإلدارة فتميز عمى النظـ المقارنة بالنص
عمى المبدأ في صمب الدستكر كدلؾ في المادة 23منو.
كفكرة حياد اإلدارة تعد مف المكاضيع اليامة التي تطرح بإلحاح شديد ألنيا تربط بيف
أمريف قد يبدك لمكىمة األكلى أنيما متعارضيف لكف في حقيقة األمر ىما متكامالف ،أال كىما كفالة
حرية المكظؼ باعتباره مكاطنا ككجكب عدـ انحياز المرفؽ كحياده أثناء أدائو لخدماتو.
1
-B-yelles chaouhe.la relation gouvernement-administration en droit constitutionnel. Revue I ،D ،A ،R ،A ،
volume 10 nM01/2000p83.
40
الضمانات القانكنية لمبدأ حياد اإلدارة في الجزائر الفصؿ الثاني
كما سنتناكلو فيما يمي يبرز في الفرع األكؿ إقرار مبدأ حياد اإلدارة بمكجب المادة 23مف
دستكر ،1996أما في الفرع الثاني يبيف أىمية تبني مبدأ حياد اإلدارة.
الفرع األول :إقرار مبدأ حياد اإلدارة بموجب دستور2996
لقد عرؼ مبدأ حياد اإلدارة كسكفا اضط ارريا كتدىكر مزمف مف جراء ما فرضو عميو المستكل
النظرم كالعممي قي الميدانييف السياسي كالقانكني ،دستكر 76الذم داء فيو أف تتاح المسؤكليات
في الدكلة لممكاطنيف الديف تتكفر فييـ مقاييس الكفاءة كالنزاىة كااللتزاـ.
كما أصاب ىدا الحياد مف تمكيو في تصريحات أكلي األمر كتيميشو مف لدف لغة القانكف كمند
صدكر دستكر 1989أصبحت ىده القاعدة ال تتعارض مع التكجييات اإليديكلكجية كالتغيرات
السياسية ،فامتازت بمضمكنيا الثرم كالطابع العممي كأصبحت في األخير ضركرة تقنية كقانكنية
لمدكلة العصرية كمقاييسيا1إلى أف تـ تكريسو فعال بالنص عميو في دستكر.96
-التنصيص عمى المبدأ في المادة 23مف دستكر:1996
لقد اقر المؤسس الدستكرم مف خالؿ التعديؿ الدستكرم لسنة 2،1996مبدأ ىاـ لمغاية يتمثؿ في
إلزاـ اإلدارة بالحياد تجسيدا لمبدأ الفصؿ بيف السمطات كتكريسا لدكلة القانكف.
لقد جاء نص ا لمادة ضمف الباب األكؿ مف الدستكر كالمتعمؽ بالمبادئ العامة التي تحكـ
المجتمع الجزائرم ،تحديدا في الفصؿ الثالث منو كالمعنكف ب :الدكلة ،كىدا يعكس تأكيد المؤسس
الدستكرم عمى أىمية مبدأ حياد اإلدارة كمبدأ يحكـ المجتمع الجزائرم ،كألقى عمى عاتؽ الدكلة
تحديدا اإلدارة عدـ التحيز.
إف إضافة ىده المادة في الدستكر كمبدأ مف المبادئ الدستكرية الجديدة ،إضافة في محميا
الف مبدأ حياد اإلدارة يعد مف المقتضيات كاألسس التي يقكـ عمييا نظاـ التعددية الحزبية المعتمد
بعد التحكؿ الديمقراطي لسنة .1989
مبدأ حياد اإلدارة يمكف كصفو بالغريب كحتى الغير الكارد في ظؿ نظاـ األحادية الحزبية
لكف بعد التحكؿ الديمقراطي يمكف القكؿ أف عكامؿ كشركط إعماؿ ىك إطاره القانكني قد تكفرت-
عمى األقؿ نظريا ،-إف التكجو الديمقراطي الجديد اقتضى نظاـ تعددم يسمح بالتداكؿ عمى
1
محمد أميف بكسماح ،ترجمة رحاؿ بف اعمر كرحاؿ مكالم ادريس ،المرفؽ العاـ في الجزائر ،ترجمة رحاؿ بف اعمر كرحاؿ مكالم ادريس ،د
ـ ج ،الجزائر ،1995 ،ص .192
2
-التعديؿ الدستكرم صدر بمكجب المرسكـ الرئاسي رقـ 438-96المؤرخ في 1996/12/07كالدم تعمؽ بإصدار نص تعديؿ الدستكر
المصادؽ عميو في استفتاء 28نكفمبر1996في الجريدة الرسمية رقـ 76الصادرة بتاريخ 1996/12/08ص.6
41
الضمانات القانكنية لمبدأ حياد اإلدارة في الجزائر الفصؿ الثاني
السمطة كىدا بدكره اقتضى عدـ التحيز اإلدارة الف األحزاب السياسية خصكصا عندما تككف في
السمطة قد تحاكؿ تأسيس كتحزيب اإلدارة بأم شكؿ.
كيقتضي ىدا ضركرة إبقاء اإلدارة بعيدة عف التقمبات كالتالعبات السياسية كدلؾ بعدـ تحيز
مكظفييا ،فخدمات اإلدارة يجب أف تقكـ عمى مبدأ عدـ التمييز بيف المؤيد كالمعارض مف جية
كمبدأ المساكاة مف جية أخرل ،كىدا يجعؿ المكاطف في ما مف دلؾ أف رأيو السياسي كتحزبو أك
عدـ تحزبو ال يمكف أبدا أف يشكؿ عاتقا أماـ استفادتو مف خدمات اإلدارة كال عالقة ليا بشكؿ
عاـ.
كما يمكف أف يستنبط ىدا المبدأ مف مكاد أخرل مثؿ:
المادة 09مف دستكر "1 :1996ال يجكز لممؤسسات أف تقكـ بما يمي :الممارسة اإلقطاعية،
الجيكية ،كالمحسكبية ،إقامة عالقات االستغالؿ كالتبعية ،السمكؾ المخالؼ لمخمؽ اإلسالمي كقيـ
ثكرة نكفمبر".
كفؽ ىده المادة المؤسسات أيا كانت كتحديدا ىنا اإلدارة يتكجب عمييا أف ال تككف معامالتيا عمى
أساس تفرقة جيكية أك إقطاعية أك محسكبية ،فال تتحيز ألم منطقة عمى حساب أخرل بؿ يجب
أف تككف محايدة.
المادة "21ال يمكف أف تككف الكظائؼ في مؤسسات الدكلة مصد ار لمثراء ،كال كسيمة لخدمة
المصالح الخاصة" ،ىده المادة أيضا تتضمف حماية لممبدأ ،فيي تمزـ القائميف عمى شؤكف
المكاطنيف أف ال يتحيزكا لمصالحيـ كيستغمكا مؤسسات العمكمية لخدمة أغراضيـ الشخصية.
كالمادة " 22يعاقب القانكف عمى التعسؼ في استعماؿ السمطة".تكفؿ ىده المادة عقكبة لكؿ عمؿ
إدارم يطالو عيب استعماؿ السمطة دلؾ انو حاد عف اليدؼ األساسي المتمثؿ في تحقيؽ
2
المصمحة العامة كىك مف صميـ المساس بمبدأ حياد اإلدارة.
إضافة إلى المادة3:23التي تنص عمى مبدأ المساكاة كدلؾ باعتبار أف االرتباط كثيؽ جدا
بينو كبيف مبدأ الحياد" كؿ المكاطنيف سكاسية أماـ القانكف ،كال يمكف أف يتذرع بأم تمييز يعكد
سببو إلى المكلد ،أك العرؽ ،أك الجنس ،أك الرأم ،أك شرط أك ظرؼ أخر شخصي أك اجتماعي"،
1
-المادة 09مف دستكر 1996جاءت ضمف الباب األكؿ المتعمؽ بالمبادئ العامة التي تحكـ المجتمع الجزائرم في الفصؿ الثاني المعنكف:
الشعب.
2
-المادتاف 22-21مف دستكر 1996جاءتا ضمف نفس الباب ،في الفصؿ الثالث المعنكف :الدكلة.
3
-جاءت المادة 29ضمف الباب األكؿ في الفصؿ الرابع :الحقكؽ كالحرم
42
الضمانات القانكنية لمبدأ حياد اإلدارة في الجزائر الفصؿ الثاني
فأم تفرقة بيف المكاطنيف اعتبا ار لألسباب المذككرة في المادة ىك تمييز بيف األشخاص كتحيز
عمى أسباب غير مشركعة دستكريا ،كما فرض الدستكر عمى المؤسسات ضماف مبدأ المساكاة
1
بنص المادة .31
"تستيدؼ المؤسسات ضماف مساكاة كؿ المكاطنيف كالمكاطنات في الحقكؽ كالكاجبات بإزالة
العقبات التي تعكؽ تفتح شخصيات اإلنساف ،كتحكؿ دكف مشاركة الجميع الفعمية في الحياة
السياسية كاالقتصادية كاالجتماعية كالثقافية".ىده المادة تؤكد عمى المادة السابقة كتمقي الكاجب
عمى مؤسسات الدكلة لضماف المساكاة الذم ىك ركيزة عدـ التحيز.
كضمانا لعدـ تحيز اإلدارة عمى أساس الجنس ،أكدت المادة 31مكرر.
"تعمؿ الدكلة عمى ترقية الحقكؽ السياسية لممرأة بتكسيع حظكظ تمثيميا في المجالس المنتخبة،
"كدعما لعدـ التمييز عمى أساس الجنس حتى كاف تـ ذكره في المادة ،28كمف اجؿ عدـ التحيز
في المجاؿ السياسي ألحد الجنسيف خصصت ىده المادة.
الفرع الثاني :أىمية تبني مبدأ حياد اإلدارة
إف تكريس مبدأ الحياد دستكريا بمختمؼ اآلليات ذا أىمية بالغة ،فيك يدعـ النظاـ الديمقراطي
بصفة أساسية ،كما تتطمبو عممية اإلصالح اإلدارم كتحسيف الخدمة العمكمية ،إضافة إلى انو
يدخؿ ضمف مقتضيات الحكـ الراشد.كفيما يمي نحاكؿ أف نبيف ذلؾ.
-دعـ مبدأ حياد اإلدارة لمنظاـ الديمقراطي
جاء في ديباجة دستكر " :1996إف الشعب الجزائرم ناضؿ كيناضؿ دكما في سبيؿ الحرية
كالديمقراطية ،كيعتزـ أف يبني بيذا الدستكر مؤسسات دستكرية أساسيا مشاركة كؿ جزائرم
كجزائرية في تسيير الشؤكف العمكمية ،كالقدرة عمى تحقيؽ العدالة االجتماعية كالمساكاة كضماف
الحرية لكؿ فرد" ،كلقد جعؿ الدستكر الجزائرم إقامة الديمقراطية مف األكلكيات الكبرل لمشعب ،بؿ
األساس الذم تسير كفقو المؤسسات الدستكرية ،كؿ ذلؾ مف اجؿ العدالة االجتماعية كالمساكاة
كضمانا لمحريات ،كعميو فعمى عاتؽ ىيئات الدكلة التزاـ تفاصيؿ األحكاـ التي جاءت في الدستكر
سيما المادة 23التي تنص عمى مبدأ الحياد ،كتضطمع بميمة تجسيده بجدية.
1
-جاءت المادة 31ضمف الباب األكؿ في الفصؿ الرابع :الحقكؽ كالحريات ،كىي تنص تقريبا عمى نفس
مضمكف المادة 09مكرر المذككرة سابقا.
43
الضمانات القانكنية لمبدأ حياد اإلدارة في الجزائر الفصؿ الثاني
-االصطالح اإلدارم كتحسيف الخدمة العمكمية يرتكز عمى مبدأ حياد اإلدارة
إف تدخؿ الدكلة في مختمؼ النشاطات أصبح ظاىرة عامة فرضتيا ظركؼ التطكر،
فأصبحت الحككمة جياز إدارم ضخـ يحمؿ أعباء كثيرة كمتعددة كمسؤكؿ عف تحقيؽ حاجات
جديدة كمعقدة إلنساف عصرنا ،فكاف لزاما عمى الدكؿ كالحككمات أف تكتشؼ كتستعيف بأفضؿ
1
الكسائؿ الفنية كالعممية مف اجؿ رفع الكفاية اإلدارية لمجياز اإلدارم.
اإلدارة تحتاج إلى تطبيؽ مبدأ حياد اإلدارة ألنو يزيد مف فاعمية كمردكدية نشاط المرفؽ
العاـ ،كما يضمف إحساس المكظؼ العاـ باالستقرار كعدـ تخكفو مف العزؿ كما يكتسب الخبرة
كالميارة التي تزيد مف فاعمية أدائو الكظيفي ،كفي ىدا يقكؿ جكرج الجكزم "ال تكجد سياسة حسنة
بدكف إدارة حسنة كال إدارة حسنة بدكف حياد سياسي".
تسعى الدكلة الجزائرية مند نشأتيا إلى الرقي باإلدارة كتقديـ أفضؿ الخدمات لمكاطنييا
كيظير دلؾ جميا مف خالؿ حرص مختمؼ الحككمات التي تعاقبت مند االستقالؿ إلى يكمنا عمى
االىتماـ باإلصالح اإلدارم الذم يعتبر محكر كؿ االىتماـ ،طالما أف اإلدارة ىي كاجية الدكلة
كالجياز الذم يسير عمى إتماـ مشاريع الحككمة.
اإلصالح اإلدارم عممية متكاصمة كمستمرة تممييا متغيرات الحياة كمستمزمات التطكر
2
كمتطمبات التنمية ،كىك نتيجة تضاعؼ المؤسسات العامة كعدد الكظائؼ كالمكظفيف.
الجزائر كبعد صدكر دستكر 1996كمف اجؿ التجسيد الفعمي عرفت البالد قفزة نكعية في
مجاؿ اإلصالحات في مختمؼ المجاالت السيما منيا إصالح القطاع اإلدارم ،كىكذا شيدت سنة
96عدة محاكالت تيد غالى التغيير كمحاكلة اإلصالح اإلدارم فقد تـ إحداث منصب الكزير
المنتدب لدل رئيس الحككمة المكمؼ باإلصالح اإلدارم ك الكظيؼ العمكمي ،كما تـ إنشاء كسيط
الجميكرية بمكجب المرسكـ الرئاسي رقـ 113/96المؤرخ في 1996/03/23المتضمف إنشاء
كسيط الجميكرية كقد كمؼ بالدفاع عف حقكؽ المكاطنيف كمصالحيـ أماـ السمطات العامة لكف ىذا
المنصب لـ يمعب دك ار كبي ار لككف كسيمة عممو كانت محصكرة في تقديـ التقارير كالتكصيات
الخالية مف الطابع الممزـ كالتنفيذم الذم يعبر عف التزامات السمطة العامة.
1
محمد رفعت عبد الكىاب كابراىيـ عبد العزيز شيحا ،أصكؿ اإلدارة العامة ،المرجع السابؽ .48
2
-نكرم منير.بارؾ نعيمة.بف داكدية كىيبة ،اإلصالح اإلدارم كأىميتو في القضاء عمى التسيب كالفساد اإلدارم كتحقيؽ التنمية
االقتصادية المستدامة ،جامعة حسيبة بف بكعمي ،الشمؼ ،الجزائر ،ص7ك.8
44
الضمانات القانكنية لمبدأ حياد اإلدارة في الجزائر الفصؿ الثاني
كفي سنة 1999طرح مشركع القانكف األساسي لمكظيفة العمكمية الذم صدر في 15يكليك
2006بمكجب األمر .03/06
كفي سنة 2000تـ إنشاء لجنة إصالح ىياكؿ الدكلة كىجا بمكجب المرسكـ رقـ
372/2000المؤرخ في 200/11/22المتضمف إحداث لجنة إصالح ىياكؿ الدكلة ،كميمتيا
تمثمت في إعادة النظر في أنماط إصالح ىياكؿ الدكلة كاقتراح حمكؿ ناجحة لممنظكمة اإلدارية
كالقانكنية 1.حاليا إصالح الخدمة العمكمية حددت بمكجب المرسكـ التنفيذم رقـ 381-13المؤرخ
في 2013/11/19المحدد لصالحيات الكزير األكؿ المكمؼ بإصالح الخدمة العمكمية.
2
-مبدأ حياد اإلدارة مف مقتضيات الحكـ الراشد
ترتكز فكرة الحكـ الراشد حكؿ عممية صنع القرار كطرؽ كفنيات إدارة األعماؿ أيا كانت
مستكياتو فيشمؿ اإلدارة الدكلية كالداخمية الرسمية منيا كالخاصة ،فميس ىناؾ مسالة متعمقة
بالعممية التنمكية معزكلة عف فكرة الحكـ الراشد.
كقد عرفو البنؾ الدكلي عمى انو" :الطريقة التي يمارس بيا الحكـ في تسييره كادارة مكارد بمد
ما االقتصادية".أما برنامج األمـ المتحدة في المؤتمر العالمي حكؿ الحكـ الراشد كالتنمية المستدامة
1997عرفو بأنو"ممارسة السمطة االقتصادية كالسياسية كاإلدارية بغرض تسيير شؤكف الدكلة،
فيي تشمؿ آليات تطكر المؤسسات عمى نحك يمكف المكاطنيف كمختمؼ التجمعات مف التعبير عف
مصالحيـ كممارسة حقكقيـ القانكنية كالقياـ بالتزاماتيـ.
دكف شؾ يمكف اعتبار مبدأ حياد اإلدارة مف مقتضيات الحكـ الراشد ،الف ىدا األخير لو بعد
سياسي يتعمؽ بطبيعة السمطة السياسية كشرعية تمثيميا كممارستيا إلعماليا في ظؿ حكـ القانكف
كاحتراـ مبادئ الديمقراطية كحقكؽ اإلنساف ،إضافة إلى البعد االجتماعي الذم يعكس حيكية
كاستقاللية المجتمع عف الدكلة كمشاركتو في التنمية الشاممة دكف أف ننسى البعد الفني المتعمؽ
-1خرايفية سامي ،مبدأ حياد اإلدارة كعالقتو بالمكظؼ العمكمي ،مذكرة التخرج لنيؿ إجازة المدرسة العميا لمقضاء الجزائر ،2009-2008ص
.45
-2عمار بكضياؼ ،شرح قانكف البمدية ،جسكر لمنشر كالتكزيع ،الطبعة األكلى ،الجزائر ،2012 ،ص 133كما بعدىا.
-تشير الدراسات أف مصطمح الحكـ الراشد بدا استعمالو في البداية لمداللة عمى قيادة السفف في العصر اليكناني كالالتيني القديـ ،ثـ استعمؿ
في المغة الفرنسية في القرف 13كمرادؼ لمصطمح الحككمة ،ثـ تطكر كمصطمح قانكني سنة ،1978لكف نقطة التحكؿ برزت مف خالؿ
اعتماد المؤسسات المالية العالمية لو كعمى رأسيا البنؾ الدكؿ الدكلي الذم استخدمتو ألكؿ مرة سنة .1992
كدراسات أخرل ترجعو إلى بداية الدكلة اإلسالمية خاصة في زمف خالفة عمر بف الخطاب.
تتعدد المصطمحات كلكنيا تشير إلى نفس المعنى :التسيير الديمقراطي ،الحكـ الراشد ،الحكامة ،الحككمة.
45
الضمانات القانكنية لمبدأ حياد اإلدارة في الجزائر الفصؿ الثاني
بعمؿ اإلدارة ككفاءتيا كفاعميتيا كفنيات إصدار القرار المناسب كالرؤية اإلستراتجية كضماف حؽ
األجياؿ الالحقة كالشفافية ،ككميا ال محالة ترتكز عمى الحياد ككنو أسمكب عممي كعممي في صنع
القرار كتأكد استعماؿ المشرع الجزائرم لممصطمح في القانكف التكجييي لممدينة الصادر بمكجب
القانكف 06-06المؤرخ في 2006/02/20في المادة 02التي أكدت عمى جممة مف المبادئ
األساسية لممدينة كذكرت مف بينيا الحكـ الراشد كألزـ المشرع اإلدارة باالىتماـ بانشغاالت المكاطف
كالمصمحة العامة في إطار الشفافية.
المبحث الثاني :الضمانات القانونية المجسدة لمبدأ حياد اإلدارة في الجزائر
إف االعتراؼ بالمبدأ بصفة مجردة كما جاء في نص المادة 23غير كاؼ لكحده ،بؿ البد
مف ضمانات مالئمة لحماية كتقرير جزاءات مخالفتو ،كاال اعتبر مبدأ مفرغ المحتكل كعديـ
الجدكل.كالدستكر في حد ذاتو يدعـ مبدأ حياد اإلدارة بضمانات مساندة كمرافقة لممبدأ باعتباره مف
المبادئ اليامة لحسف سير المرافؽ العمكمية ككفالة الحقكؽ كالحريات.
فإلى جانب تكفر مقتضيات المبدأ كتبنيو في الدستكر ال بد مف ضمانات لتاميف جك متكامؿ
لتطبيؽ المبدأ سكاء في الدستكر بصفتو القانكف األسمى في الدكلة التي ترتكز عميو كؿ القكانيف
األخرل أك مختمؼ النصكص القانكنية التي تتفرغ فييا األحكاـ القانكنية كيفصؿ فييا.
كنتناكؿ في ىذ ا المبحث ما يساىـ في تكريس المبدأ مف مبادئ مقررة خاصة مبدأ المساكاة
كمبدأ خضكع الدكلة لمقانكف كرقابة مفعمة دستكريا ىدا مف جية ،كمف جية أخرل التحقؽ مف
تجسيد المبدأ ضمف النصكص القانكنية الجديدة الصادرة بعد تبني المبدأ كنركز عمى مجاليف
الكظيفة العامة كاالنتخابات ،دلؾ أف مبدأ الحياد يقع تحت تأثير اعتباريف أساسيف ىما1 :أف
المكظؼ العاـ ىك عبارة عف مكاطف كبالتالي لو الحؽ في أف يمارس حياتو كبقية المكاطنيف،
كثانييما انـ بدا حياد اإلدارة يتطمب مف المكظؼ القياـ بأعباء الكظيفة العامة كاف يمتزـ بمقتضياتيا
كاف يككف مكضكع ثقة المكاطنيف كافة ،كىاديف االعتباريف تتحقؽ المكازنة بينيما بكاسطة قانكف
الكظيفة العامة ،كما ينبغي التعددية الحزبية كأىميتو إلعماؿ مبدأ حياد اإلدارة غير كاؼ لكحده،
فال بد مف انتخابات نزيية كشفافة محترمة لمبدأ حياد اإلدارة كنستقصي دلؾ مف أحكاـ قانكف
االنتخابات كالبحث في تجسيده لممبدأ.
1
-فيرـ فاطمة الزىراء ،المكظؼ العمكمي كمبدأ حياد اإلدارة ،المرجع السابؽ ،ص.07
46
الضمانات القانكنية لمبدأ حياد اإلدارة في الجزائر الفصؿ الثاني
كنتناكؿ تفصيؿ ما سبؽ في المطمبيف اآلتييف :الضمانات القانكنية المكرسة دستكريا في المطمب
األكؿ كالضمانات القانكنية المكرسة في مختمؼ النصكص القانكنية في المطمب الثاني.
المطمب األول :الضمانات المكرسة دستوريا
ىناؾ مبادئ دستكرية ميمة ترتبط ارتباطا كثيقا بمبدأ حياد اإلدارة كتعد ضمانات أساسية
تدعـ تجسيده أىميا :مبدأ المساكاة كمبدأ خضكع الدكلة لمقانكف.
كمف جية أخرل نص الدستكر عمى الرقابة بمختمؼ أنكاعيا منيا الرقابة القضائية كالرقابة
القضائية عمى أعماؿ اإلدارة لجية قضائية تنفرد كتستقؿ بالنظر فييا تأسيسا عمى مبادئ القانكف
اإلدارم كطبيعة المنازعات اإلدارية تؤدم نتائج مغايرة لتمؾ التي تنتجيا رقابة القضاء العادم،1
كما إف رقابة دستكرية القكانيف بكاسطة ىيئة دستكرية ستمثؿ ال محالة درعا كاقيا كضمانة جدية
لتقرير ضكابط كمقتضيات مبدأ حياد اإلدارة.
كنتناكؿ الشقيف أم المبادئ الدستكرية كالرقابة بنكعييا في الفرعيف اآلتييف ،الفرع األكؿ
يتضمف المبادئ الدستكرية المتعمقة بمبدأ الحياد ،أما الفرع الثاني نتناكؿ الرقابة المجسدة لمبدأ حياد
اإلدارة.
الفرع األول :المبادئ الدستورية المتعمقة بمبدأ حياد اإلدارة
تضمف الدستكر مبادئ دستكرية ميمة مرتبطة ارتباطا كثيقا بمبدأ حياد اإلدارة كتعد ضمانات
أساسية تدعـ تجسيده أىميا :مبدأ المساكاة كمبدأ خضكع الدكلة لمقانكف
-مبدأ المساكاة كأساس لمبدأ حياد اإلدارة:
يعتبر مبدأ المساكاة المبدأ الدستكرم الذم تستند إليو جميع الحقكؽ كالحريات في الكقت الحاضر
كادا كانت العدالة أساس الممؾ كما يقاؿ.
إف حقكؽ اإلنساف دكليا ككطنيا تدخؿ ضمف األمكر التي تبدؿ فييا المساعي المستمرة مف اجؿ
تحقيقيا كجعميا مكضع التطبيؽ كحمايتيا ،كثمار ىده المساعي ال تتأتى إال بضمانة اإلقرار بيا
كصياغتيا في التشريعات الكطنية ،أما حقكؽ اإلنساف في التجربة الدستكرية الجزائرية ،2لـ تشكؿ
األكلكية في أعيف لبناء الدكلة ،ككذلؾ الحفاظ عمى الكحدة الكطنية ،كخصكصا بناء االشتراكية
بكاسطة نظاـ سياسي يقكـ عمى األحادية الحزبية ،كفي بمد مازاؿ يحتاج إلى أساسيات الحياة.
-1بكدريكة عبد الكريـ ،مبدأ حياد اإلدارة كضماناتو القانكنية ،المرجع السابؽ ص.95
-2حمريط عبد الغني كغربي عزكز ،حقكؽ اإلنساف بالجزائر في المنظكمة الدستكرية الجديدة ،المرجع السابؽ ،ص.5-4
47
الضمانات القانكنية لمبدأ حياد اإلدارة في الجزائر الفصؿ الثاني
أما حقكؽ اإلنساف في المنظكمة الدستكرية الجديدة.مع إقرار دستكر 1989تغير الكضع،
كأصبحت لحقكؽ اإلنساف مكانة اكبر مما في السابؽ كذات أىمية في النظاـ المؤسساتي الجديد،
فالكضع قد تغير جذريا ككرس القطيعة مع األسس التي قاـ عمييا النظاـ المؤسساتي في
الجزائرمند ،1962كحظيت حقكؽ اإلنساف بنصكص كثيرة تمثمت في 30مادة في دستكر1996
المكاد مف 29إلى ،59كأصبحت ىناؾ نصكص جديدة تتعمؽ بحقكؽ ذات طابع سياسي
كاقتصادم كاجتماعي.
كيظير ذلؾ عبر األحكاـ الدستكرية الكاردة فيو ،كبالخصكص الفصؿ الرابع مف الباب
األكؿ المعنكف بالحقكؽ كالحريات ضمف دستكر ،1996كىي أحكاـ بارزة تظير في النص محددة
1
ىناؾ تقسيـ فني كفقا لمحاكر كاضحة ،فبعد التعبير عف مبدأ المساكاة األساسي في المادة ،29
لحقكؽ اإلنساف بيف تمؾ المتعمقة بالحقكؽ السياسية كالمدنية مف جية ،كبيف الحقكؽ االقتصادية
كاالجتماعية كالثقافية مف جية أخرل.
إف مبدأ المساكاة2مبدأ عاـ يييمف عمى جميع الدساتير ،كالدم يقضي بمساكاة األفراد في
الحقكؽ كالكاجبات ،حيث تضمنو إعالف حقكؽ اإلنساف الصادر سنة .1789
ينطبؽ مبدأ المساكاة بطريقة عامة عمى جميع المجاالت في القانكف العاـ ،كتتنكع الحقكؽ
التي يجب أف يتساكل جميع األفراد فييا ،كاف تشمميـ المساكاة أماـ القانكف التي تعد نقطة البداية
في التطبيقات المختمفة لمبدأ المساكاة كقد نصت المادة الثانية مف اإلعالف العالمي لحقكؽ اإلنساف
الصادر في ،1948/12/20ثـ المساكاة في ممارسة الحقكؽ السياسية بالنسبة لممكاطنيف،
كالمساكاة في تكلي الكظائؼ العامة كفي االنتفاع بخدمات المرافؽ العامة ،ككدا المساكاة أماـ
األعباء العسكرية كالمساكاة أماـ التكاليؼ الضريبية.
المساكاة في ممارسة الحقكؽ السياسية فيي تشمؿ الحقكؽ السياسية كالحؽ في التصكيت في
االنتخابات ،كاالستفتاءات العامة في الدكلة كحؽ الترشح لعضكية المجالس النيابية كاإلقميمية ،ككدا
حؽ االشتراؾ في تككيف الجمعيات ذات الطابع السياسي.كيقرر مبدأ المساكاة حؽ جميع المكاطنيف
في ممارسة ىده الحقكؽ عمى قدـ المساكاة ،طبقا لمشركط التي يحددىا القانكف.
1
-نصت عمى المبدأ كؿ الدساتير63 ،ك76ك 89في المادة 28ىي نفس المادة 29مف دستكر ،96حتى في فترات الفراغ
الدستكرم مف 65الى ،76صدرت قكانيف تنص عميو مثؿ القانكف المدني.
-2لمتفصيؿ في مبدأ المساكاة انظر :عبد الغني بسيكني ،النظـ السياسية ،المرجع السابؽ ،ص 372كما بعدىا.
48
الضمانات القانكنية لمبدأ حياد اإلدارة في الجزائر الفصؿ الثاني
أما المساكاة في تقمد الكظائؼ العامة كاالنتفاع بيا تعني حؽ المكاطنيف في تكلي الكظائؼ
العامة ،دكف أف يحرـ صاحبو بسبب اختالؼ في األصؿ ،الجنس أك المغة ،لدلؾ يجب التسكية
الكاممة في معاممة األفراد بغير تمييز كفي ىدا السياؽ تنص المادة 31مف الدستكر.
كالمادة 51التي تقر بتساكم جميع المكاطنيف في تقمد المياـ كالكظائؼ في الدكؿ دكف شرط
أك قيد.إف تكافؤ الفرص بالنسبة لممكاطنيف في الحصكؿ عمى المناصب كالكظائؼ العمكمية تعبير
1
عف كجكب الحياد مف طرؼ المرفؽ العاـ.
المساكاة أماـ القضاء أكد دستكر 1996عمى استقاللية السمطة القضائية ،كدلؾ لضماف مناخ
مناسب لمممارسة الديمقراطية الحقيقية ،مع تقديـ التأكيد عمى استقاللية القضاء عبر المادة 138
كفي المادة 139حي ث أكد المشرع الجزائرم انو عمى السمطة القضائية أف تحمي المجتمع
كالحريات.
كؿ أكجو مبدأ المساكاة تعكس مجاال مف مجاالت عدـ تحيز اإلدارة ،فتتعدد صكر مبدأ الحياد
كمنو تتعدد الضمانات المرسخة كالحامية لو ،خاصة المساكاة في تكلي الكظائؼ العامة
كالمساكاة السياسية كالمجسداف في قانكني الكظيفة العمكمية كاالنتخابات.
-مبدأ خضكع الدكلة لمقانكف في قمة الضمانات المكرسة لمبدأ الحياد
لكي تسمى دكلة بالدكلة القانكنية يجب أف تخضع جميع ىيئاتيا الحاكمة لمقانكف شانيا شاف
المحككميف2كمبدأ خضكع الدكلة لمقانكف مف المبادئ الدستكرية التي تجتيد كؿ دكلة في تطبيقيا
كاحتراميا كيعني ىدا المبدأ بصفة عامة خضكع الحكاـ ككافة األجيزة كمؤسسات الدكلة الممارسة
لمسمطة لمقانكف كمثميا مثؿ األفراد إلى أف يعدؿ أك يمغى دلؾ القانكف طبقا إلجراءات كطرؽ
معركفة كمحددة مسبقا.ىدا يعني أف الدكلة ليست مطمقة الحرية في كضع القانكف كتعديمو حسب
أىكائيا.
كتأتي الرقابة بأنكاعيا (التشريعية كاإلدارية كالقضائية) ،كسيمة لحماية الفرد مف استبداد
السمطة كتعسفيا ،كاستتباعا لضمانات مبدأ خضكع الدكلة لمقانكف ال بد أف ال ننسى أىمية الرقابة
الشعبية كليس بمعناىا الضيؽ أم عف طريؽ المنتخبيف عمى مستكل البرلماف كلكف يقصد بيا
1
-محمد أميف بكسماح ،المرفؽ العاـ في الجزائر ،المرجع السابؽ ،ص.112
2
-عبد الغني بسيكني ،المرجع السابؽ ،ص 157كما بعدىا.
49
الضمانات القانكنية لمبدأ حياد اإلدارة في الجزائر الفصؿ الثاني
المعنى الكاسع فالشعب لو دكر حاسـ كأساسي في إجبار الدكلة لمخضكع لمقانكف كاحترامو في
طريؽ الجمعيات أك األحزاب...الخ ،ككذا أىمية المعارضة السياسية عمى أساس التعددية الحزبية.
كاستناد النظاـ السياسي عمى مبدأ المشركعية يعد ضمانة مكرسة الحتراـ مبدآ حياد اإلدارة
ذ لؾ أف الكظيفة اإلدارية التي ىي مف ضمف مياـ السمطة اإلدارية يضبطيا مبدأ المشركعية ميما
كانت امتيازات اإلدارة ،فيده األخيرة تبقى مقيدة حيف ممارسة نشاطيا بما يفرضو القانكف حماية
لألفراد مف تحيز اإلدارة كاستبدادىا.1
عند احتراـ اإلدارة لمبدأ المشركعية كخضكع أعماليا لما يفرضو القانكف يعد ضمانة أساسية
كميمة جدا لتطبيؽ مبدأ حياد اإلدارة المنصكص عميو دستكريا ألنو يعد بدلؾ مصد ار لممشركعية
كأساس القاضي إلبطاؿ ق اررات اإلدارة غير مشركعة.
الفرع الثاني :الرقابة المجسدة لمبدأ حياد اإلدارة
إف تقرير القكاعد القانكنية بصفة نظرية ال يعد ضمانة كافية لكحدىا بصفة مجردة ،البد مف
كسائؿ قانكنية عممية تكفؿ تطبيؽ الجزاء عمى مخالفة القكاعد القانكنية كىدا ما يتحقؽ بفضؿ
الرقابة عمى دستكرية القكانيف مف جية كالرقابة القضائية عمى أعماؿ اإلدارة مف جية أخرل
كضمانة عممية تجسد الضمانات النظرية.
مما الشؾ فيو أف اإلدارة في قياميا بأداء كظيفتيا تممؾ أف تنتقص مف بعض حقكؽ األفراد
كحرياتيـ ،كحقيا ىدا ال يمكف تركو دكف ضابط يرسـ الحدكد التي ال تتجاكزىا مما يعرض
2
تصرفاتيا لمبطالف
كيفرض ىدا المبدأ كجكد كسائؿ كأجيزة تراقب عمؿ اإلدارة ،كتختمؼ ىده األجيزة باختالؼ
الدكلة كالنظـ القانكنية المتبعة فييا إال أف المستقر عميو في اغمب الدكؿ كجكد أربعة طرؽ يضمف
مف خاللو األفراد مشركعية أعماؿ اإلدارة في مكاجيتيـ كىي :الرقابة السياسية ،كالرقابة اإلدارية
كرقابة الييئات المستقمة ،كالرقابة القضائية.
كفي ما يمي :نركز عمى نكعيف مف الرقابة ،الرقابة عمى دستكرية القكانيف ،كالرقابة القضائية
عمى أعماؿ اإلدارة.
-الرقابة عمى دستكرية القكانيف كضماف الحتراـ مبدأ حياد اإلدارة:
-1سامي جماؿ الديف ،القضاء اإلدارم كالرقابة عمى أعماؿ اإلدارة ،المرجع السابؽ ،ص .52
-2نفس المرجع ،ص.15
50
الضمانات القانكنية لمبدأ حياد اإلدارة في الجزائر الفصؿ الثاني
إف الرقابة عمى دستكرية القكانيف تكفؿ ضماف احتراـ القكانيف الصادرة لما تضمنو الدستكر
كعميو فضماف احتراـ مبدأ حياد اإلدارة باعتباره مبدأ مقرر دستكريا كفؽ نص المادة 23مف دستكر
1996يستند ال محالة عمى فكرة الرقابة عمى دستكرية القكانيف ،لكي ال تصدر قكانيف تخؿ باحتراـ
جكىر المبدأ كالمساس بو.
المتفؽ عميو أف المراحؿ التي تمر بيا عممية التشريع التي تكتسب صفة القانكف يجب أف
تككف متماشية مع أحكاـ الدستكر ،كما أف ىدا المبدأ يؤدم إلى تقرير التزاـ السمطات العامة في
الدكلة كأعماليا بنصكص الدستكر كالسؤاؿ الكاجب طرحو :اد حدث أف صدر قانكف مخالؼ
لمدستكر فكيؼ نكفؿ ضماف احتراـ أحكاـ الدستكر كالغاء النص المخالؼ؟ كمادامت السمطة
التشريعية ىي صاحبة االختصاص في التشريع كفقا لمدستكر فال يعقؿ أف تقكـ بمراقبة نفسيا،
لدلؾ كجب كضع نظاـ مراقبة تتكفؿ بو ىيئة مستقمة.
أف مراحؿ عممية التشريع يمكف أف يشكبيا إما عيب شكمي أك عيب مكضكعي أكىما معا بالنسبة
لمعيكب الشكمية ،عدـ مراعاة مجاؿ االختصاص كاإلجراءات التي يجب أتباعيا لسف التشريع ،أما
العيكب المكضكعية كىي خركج التشريع عمى ركح كمحتكل الدستكر أك إنكار حؽ مف الحقكؽ
المقررة فيو .كالعيب المكضكعي يعد أكثر مساسا لمقتضيات مبدأ حياد اإلدارة مف العيب الشكمي.
مكقؼ الدستكر الجزائرم مف مسالة الرقابة عمى دستكرية القكانيف:
إف استقراء التاريخ الدستكرم في الجزائر إف تطكر مسالة الرقابة عمى دستكرية القكانيف تناكلتيا
مختمؼ الدساتير الجزائرية عمى النحك التالي:1
أول مرحمة :كانت عاـ ،1963اذ نص أكؿ دستكر لمجزائر المستقمة في مادتو 63عمى إنشاء
مجمس دستكرم كأككمو بمكجب مادتو 64صالحيتو" :الفصؿ في دستكرية القكانيف كاألكامر
التشريعية بطمب مف رئيس الجميكرية أك رئيس المجمس الكطني".
ثاني مرحمة :ىي عدـ إقرار ىيئة لمرقابة الدستكرية في دستكر 1976كلكف تمت اإلشارة فقط إلى
ضركرة حماية القكاعد الدستكرية ،كىك ما نصت عميو المادة 111الفقرة.03
51
الضمانات القانكنية لمبدأ حياد اإلدارة في الجزائر الفصؿ الثاني
نصت مادتو 186عمى ما يمي" :تمارس األجيزة القيادية في الحزب كالدكلة ،المراقبة السياسة
المنكطة بيا ،كذلؾ طبقا لمميثاؽ الكطني كألحكاـ الدستكر".
ثالث مرحمة :ىي بركز فكرة الرقابة الدستكرية مف جديد في النقاشات السياسية بحيث أكصى
المؤتمر الخامس لحزب جبية تحرير الكطني بإنشاء جياز أعمى تحت سمطة رئيس الجميكرية،
األميف العاـ لمحزب ،يكمؼ بالفصؿ في دستكرية القكانيف قصد ضماف احتراـ سمك الدستكر،
كتدعيـ مشركعية كسيادة القانكف ،كتعزيز الديمقراطية المسؤكلة في بالدنا كدعميا .غير أف ىذه
التكصية لـ تنقؿ إلى الدستكر كبالتالي بقيت دكف تجسيد.
رابع مرحمة :تزامنت مع صدكر الدستكر في 23فبراير 1989الذم نص إلى جانب تكريس
التعددية الحزبية السياسية كالحريات العمكمية كتبني مبدأ الفصؿ بيف السمطات ،عمى إنشاء مجمس
دستكرم يتمتع بصالحيات أىـ مف تمؾ المخكلة إياه بمكجب دستكر 1963نص عمى مجمس
دستكرم في المادة 153كخكلو ميمة ضماف سمك الدستكر عف طريؽ النظر في مدل دستكرية
المعاىدات كالقكانيف كالتنظيمات ،كما يسير عمى سالمة االستفتاء كاالنتخابات.
-الرقابة القضائية عمى أعماؿ اإلدارة كضمانة لمبدأ حياد اإلدارة كفضؿ ازدكاجية القضاء في
تعميقيا:
تعد رقابة القضاء عمى أعماؿ اإلدارة أىـ كأجدل صكر الرقابة كأكثرىا ضمانا لحقكؽ األفراد
كحرياتيـ لما تتميز بو الرقابة القضائية مف استقالؿ كحياد ،ما تتمتع بو أحكاـ القضاء مف قكة
كحجية يمتزـ الجميع مف تنفيذىا كاحتراميا بما في دلؾ اإلدارة.
1
في الجزائر مر النظاـ القضائي اإلدارم بمراحؿ ثالث:
المرحمة األولى :تتعمؽ بفترة ما قبؿ االستقالؿ حيث كانت تكجد ثالث محاكـ إدارية في كؿ مف
الجزائر العاصمة ،قسنطينة ،ككىراف كيختص مجمس الدكلة الفرنسي بالفصؿ في الطعكف المرفكعة
ضد األحكاـ التي تصدرىا.ككاف النظاـ القضائي يتميز في ىده المرحمة باالزدكاجية القضائية
المكرسة في النظاـ الفرنسي.
1
لمتفصيؿ أكثر في القانكف اإلدارم أنظر :خمكفي رشيد ،القضاء اإلدارم تنظيـ كاختصاص ،ديكاف المطبكعات الجامعية ،الجزائر.2002 ،
عمار بكضياؼ ،القضاء اإلدارم في الجزائر بيف نظاـ الكحدة كاالزدكاجية ،2000-1962دار ريحاف ،الطبعة األكلى الجزائر،
.2000
52
الضمانات القانكنية لمبدأ حياد اإلدارة في الجزائر الفصؿ الثاني
المرحمة الثانية :فترة ما بعد االستقالؿ التي شيدت إنشاء المجمس األعمى (المحكمة العميا حاليا)
سنة .1963الجدير بالمالحظة أف المحاكـ اإلدارية السابؽ ذكرىا ظمت قائمة كيطعف في أحكاميا
أماـ الغرفة اإلدارية لممجمس األعمى.فاستمرت ىده الكضعية الغاية إعادة التنظيـ القضائي حيث
حكلت المحاكـ اإلدارية إلى غرؼ إدارية عمى مستكل المجالس القضائية األخرل ،مع إنشاء غرؼ
إدارية جيكية عمى مستكل مجالس الجزائر ،كىراف ،قسنطينة ،بشار ك كرقمة تختص بالفصؿ في
الطعكف المكجية ضد الق اررات الصادرة عف الكاليات.
كما يميز النظاـ القضائي في ىذه المرحمة ىك كحدة القضاء كازدكاجية المنازعات.كبقي الكضع
ىكذا إلى غاية تعديؿ الدستكر في .1996/11/28
المرحمة الثالثة :تتميز ىذه المرحمة بالعكدة إلى نظاـ االزدكاجية كذلؾ بإنشاء مجمس الدكلة
كمحكمة التنازع كالمحاكـ اإلدارية.كلعؿ أىـ مرحمة في القضاء الجزائرم ىك تبنيو ازدكاجية القضاء
بمكجب المادة 152مف دستكر ،1996كأصبح ىناؾ قضاء إدارم يضمف بفرض رقابة قضائية
عمى أعماؿ اإلدارة ،كتعد ىده الرقابة مف أقكل الضمانات المعاصرة إلقرار مبدأ المشركعية الكارد
في الدستكر.كفي ىذ ا السياؽ يعمؿ القاضي اإلدارم عمى إقامة التكازف بيف حماية حقكؽ المكاطف
كمتطمبات اإلدارة في سبيؿ تحقيؽ الصالح العاـ.
الرقابة عمى أعماؿ اإلدارة في الجزائر تستند إلى القضاء اإلدارم كالجزائر حديثة العيد بالنظاـ
القضائي المزدكج المقرر فقط مند دستكر ،1996كاستتبع بالقكانيف العضكية 01-98 :المتعمؽ
باختصاص مجمس الدكلة كتنظيمو ،كالقانكف 02-98المتعمؽ بالمحاكـ اإلدارية ،كالقانكف 03-98
المتعمؽ باختصاص محكمة التنازع ،كالمؤرخة في 1 ،1998/05/30كحداثة دخكؿ ىده القكانيف
حيز التطبيؽ ال يمكننا مف تجميع األسانيد كافية تبيف مكقؼ القضاء اإلدارم الجزائرم مف مسالة
حياد اإلدارة ،إال أننا يمكف أف نحدد أساس كمجاؿ الرقابة استنادا إلى ضكابط المبدأ.
أساس كمجاؿ الرقابة عمى أعماؿ اإلدارة استنادا إلى ضكابط مبدأ حياد اإلدارة
تصرفات اإلدارة المخالفة لما ينص عميو المشرع جزاؤىا البطالف كالقضاء عندما يفصؿ بدلؾ
فيك يؤسس حكمو استنادا إلى مبدأ المشركعية ،ىذا ىك األساس العاـ ،كمند النص عمى مبدأ حياد
اإلدارة دستكريا يمكف لمقاضي مف تأسيس الحكـ القضائي بإلغاء العمؿ اإلدارم المنافي لمبدأ حياد
اإلدارة أم ار سيال ،كسنده كاضح ىك نص المادة 23مف الدستكر.
1
-الجريدة الرسمية رقـ 37لسنة .1998
53
الضمانات القانكنية لمبدأ حياد اإلدارة في الجزائر الفصؿ الثاني
بالنسبة لمجاؿ الرقابة القضائية عمى أعماؿ اإلدارة ،أعماؿ اإلدارة جميعيا سكاء كانت مادية
أك قانكنية يجب أف تحترـ قكاعد المشركعية ،فميما ليا مف سمطة تقديرية تبقى في إطار القانكف،
فادا نص القانكف عمى تنظيـ مجاؿ مف مجاالت تدخؿ اإلدارة فاف رقابة القاضي اإلدارم لتصرؼ
اإلدارة في ىدا المجاؿ يككف بمجرد النظر في مطابقة عناصر القرار اإلدارم لمنصكص القانكنية
كيحكـ ببطالف التصرؼ بادا كاف مخالفا لمنص القانكني ،1إما ادا اغفؿ القانكف تنظيـ مجاؿ مف
مجاالت تدخؿ اإلدارة كترؾ ليا سمطة التقدير ىنا القاضي يصعب دكره الرقابي عمى تصرفات
اإلدارة المتخذة في ىدا المجاؿ ،كيدخؿ في رقابة المالئمة ،في حيف أف القاضي اإلدارم ىك
قاضي مشركعية كليس مالئمة.
أكجو كمظاىر الرقابة القضائية عمى أعماؿ اإلدارة تطبيقا لمبدأ حياد اإلدارة:
إف القرار اإلدارم عمؿ قانكني انفرادم صادر عف المرفؽ العاـ كمف شانو إحداث اثر قانكني
تحقيقا لممصمحة العامة ،كيرتكز عمى أركاف ىي االختصاص كالشكؿ كالمحؿ السبب كاليدؼ،
كضمف ىذه األركاف اإلدارة تتكسع سمطتيا التقديرية في مجاؿ ركني السبب كالغاية ذلؾ إف
2
األركاف األخرل مف السيؿ التأكد مف مطابقتيا لمقانكف.
رقابة القضاء لركن السبب3 :سبب القرار اإلدارم ىك الحالة الكاقعية أك القانكنية التي تسبؽ
القرار كتدفع إلصداره ،كبيذا المعنى فاف عيب السبب يتحقؽ في حالة انعداـ كجكد سبب يبرر
إصدار القرار فيككف جدي ار باإللغاء كقد تدعي اإلدارة بكجكد كقائع أك ظركؼ مادية دفعتيا ال
صدارة ثـ يثبت عدـ صحة كجكدىا في الكاقع ،فاذا صدر قرار إدارم دكف أف يستند إلى سبب
صحيح كما لك أصدرت اإلدارة قرار بمعاقبة مكظؼ ألنو أىاف رئيسة ثـ يتبيف عدـ صحة كاقعة
االىانة فاف القرار يككف معيبا بعدـ مشركعية سببو.
1عمار عكابدم ،عممية الرقابة القضائية عمى أعماؿ اإلدارة العامة في النظاـ الجزائرم ،ديكاف المطبكعات الجامعية ،الجزء األكؿ ،الجزائر،
،1991ص .24
-2محمد الصغير بعمي ،الق اررات اإلدارية ،دار العمكـ ،عنابة الجزائر ،2005 ،ص.08
-3لقد بدا مجمس الدكلة الفرنسي رقابتو عمى عيب السبب مند عاـ 1907بحكـ مكنك برقابتو عمى كجكد الكقائع كصحة تكييفا
القانكني ثـ حكـ ديسي عاـ.1910كقد أنكر جانب مف الفقو كجكد السبب كعيب مستقؿ مف عيكب القرار اإلدارم فدىب العميد
دككي إلى أف السبب أ ك الباعث المميـ ليس إال مجرد حالة سابقة عمى القرار تثير فكرة في دىف مصدرة كما رده مجمس الدكلة
الفرنسي إلى عيب عدـ االختصاص في حاالت االختصاص المقيد كعيب الغاية في الحاالت األخرل بينما دىب العميد ىكريك إلى
القكؿ باف عيب السبب يندرج في ضمف عيب مخالفة القانكف.
54
الضمانات القانكنية لمبدأ حياد اإلدارة في الجزائر الفصؿ الثاني
إف رقابة القضاء لركف السبب ترتكز عمى رقابة صحة الحالة القانكنية أك الكاقعية التي تككف
ركف السبب كتجد حدىا الطبيعي في التحقؽ ما ادا كانت النتيجة التي انتيى إلييا القرار في ىدا
الشأف مستخمصة استخالصا سائغا مف أصكؿ مكجكدة أك مستخمصة مف أصكؿ ال تنتجيا أك
الكقائع المفترض كجكدىا ماديا ال تنتج ما يتطمبو القانكف كاف القرار فاقدا لركف السبب.
الضمانات القانونية المكرسة في مختمف النصوص التشريعية المطمب الثاني:
ضمف ىذ ا المطمب سنحاكؿ البحث عف الضمانات القانكنية المكرسة لمبدأ في أحكاـ قانكني
الكظيفة العمكمية كاالنتخابات ،كالتركيز عمييما دكف القكانيف األخرل ليس عشكائيا ،كما انو ليس
حكما بحصر الضمانات في ىذيف القانكنيف فقط ،لكف مف كجية نظر أف مجالييما إلى الكظيفة
العامة كاالنتخابات مؤشريف ىاميف في معادلة حياد اإلدارة ،دلؾ أف الميمة األساسية لإلدارة ىي
إشباع حاجيات المكاطف المختمفة ،كالمكظؼ العاـ ىك األداة التي ترتكز عمييا اإلدارة في تحقيؽ
تمؾ الميمة مع ضركرة تحقيؽ ذ لؾ عمى أساس المساكاة بيف المكاطنيف في االنتفاع مف الخدمات
في إطار الحياد التاـ الذم يجب أف تتحمى بو اإلدارة كينعكس أساسا في سمكؾ مكظفييا.
المكظؼ العمكمي ىك كاجية اإلدارة كمف يمثميا كيتصرؼ باسميا كلحسابيا بؿ انو ىك مف
يحمؿ ختميا لذلؾ كجب أف يتحمى بما تتحمى بو اإلدارة مف حياد ،كما أف مكظفي اإلدارة طرؼ
ميـ في العممية االنتخابية ،كبمكجب قانكف االنتخابات تتأكد ضمانات لتكريس حياد اإلدارة.
كنتناكؿ في ىذا المطمب الفرعيف التالييف :األكؿ يتضمف الضمانات المكرسة في قانكف
الكظيفة العمكمية كالثاني يتضمف الضمانات المكرسة في قانكف االنتخابات.
الفرع األول :الضمانات المكرسة في قانون الوظيفة العمومية
لقد عرفت الجزائر تغيرات كثيرة كميمة في الترسانة القانكنية خاصة بعد التعديؿ الدستكرم
في سنة ،1996مما اثر أيضا عمى النصكص القانكنية المتعمقة بالكظيفة العمكمية خالؿ تعديؿ
المشرع الجزائرم لمقانكف األساسي لمكظيفة العمكمية بمكجب االمر 03/06المؤرخ في 19جمادم
1
الثاني عاـ 1427المكافؽ 15يكليك عاـ.2006
1
الجريدة الرسمية رقـ .46تضمف االمر احدل عشر بابا في مجمكعة مشتمال عمى 224مادة.
55
الضمانات القانكنية لمبدأ حياد اإلدارة في الجزائر الفصؿ الثاني
إف األمر 03/06المتضمف القانكف األساسي العاـ لمكظيفة العمكمية جاء بناءا عمى رؤية جديدة
لمحياة المينية ،كاستجابة لمتحكالت الكبيرة التي شيدتيا المؤسسات كاإلدارات العمكمية في نطاؽ
الممارسة اإلدارية.فكاف مف الجدير أف تنشا قكانيف جديدة كتمغى أك يعدؿ بعضيا كيحافظ عمى ما
1.
ىك مستجيب منيا لممرحمة الحالية
يقتضي الحياد في مفيكـ الكظيفة العامة أف تنصب جميع تصرفات المكظؼ العاـ لغرض
كاحد كىك تحقيؽ المصمحة العامة المتمثمة في سير المرفؽ العاـ بانتظاـ ،كاف ال ينحرؼ المكظؼ
العمكمي أثناء إصدار ق ارراتو نحك مصالحو الشخصية أك مصمحة حزب معيف أك أم جية أخرل
قد ينتمي إلييا كبالتالي تفرض الكظيفة العامة عمى المكظؼ الذم ينتمي إلييا أف ال يستغؿ سمطتو
خارج اإلطار المحدد ليا قانكنا أك اليدؼ الذم سطرت مف اجميا الكظيفة.كال يستغؿ منصبو
لغرض الدعاية السياسية أك أم غرض آخر.
كفي ىذا اإلطار نجد المادة 28مف االمر03/06المؤرخ في 19في جمادل الثانية عاـ
1427المكافؽ ؿ 15يكليك سنة 2006المتضمف القانكف األساسي لمكظيفة العمكمية كالمادة29
مف نفس األمر.
الضمانات القانكنية الكفيمة بتكريس مبدأ الحياد ضمف قانكف الكظيفة العمكمية تبرز في عدة
أكجو األكؿ مف جانب المبادئ العامة لمتكظيؼ أم حياد اإلدارة في عممية التكظيؼ ،كالثاني مف
جانب كاجبات المكظؼ العمكمي أم ضمانات حياد المكظؼ العمكمي حياؿ المرتفقيف ،كالثالث
2
مف خالؿ حقكقو التي يتمتع بيا ،كنبيف ذلؾ فيما يمي:
-ضمانات مبدأ حياد اإلدارة مف خالؿ المبادئ العامة لمتكظيؼ
كتتمثؿ ىذه المبادئ في مبدأ المساكاة ،كمبدأ الجدارة ،كمبدأ الدائمة.
أكال :مبدأ المساكاة في التكظيؼ :أكدت مختمؼ األحكاـ القانكنية كالتنظيمية الصادرة في الجزائر
بدءا باألمر رقـ 136/66المتضمف القانكني األساسي العاـ لكظيفة العمكمية ،كالقانكف األساسي
العاـ لمعامؿ الصادر عاـ 1978كأحكاـ المرسكـ 59/85المؤرخ في 1985/03/23كصكال إلى
أحكاـ القانكف األساسي العاـ لمكظيفة العمكمية ،03/06عمى مبدأ مساكاة المكاطنيف في االلتحاؽ
-1دماف دبيح عاشكر ،شرح القانكف االساسي العاـ لمكظيفة العمكمية ،احكاـ االمر الرئاسي 03-06المؤرخ في ،2006/05/17دار اليدل،
عيف مميمة ،الجزائر ،2010 ،ص .05
-2نصت عمى ضمانات كحقكؽ المكظؼ ككاجباتو 14مادة المكاد مف 26إلى 39مف األمر .03/06
56
الضمانات القانكنية لمبدأ حياد اإلدارة في الجزائر الفصؿ الثاني
بالكظائؼ العمكمية ،إف لمبدأ المساكاة في التكظيؼ دكر كبير في تكريس الحقكؽ كالحريات بشكؿ
عاـ كأىمية قصكل كضمانة لتكريس حياد اإلدارة اتجاه المكاطنيف عند اختيارىا مكظفييا ككذلؾ
حياد المكظؼ بعد تكظيفو.
لقد جاء في األمر رقـ 03/06المتضمف القانكف األساسي لمكظيفة العمكمية في المكاد،74
82 ،81 ،80منو ،فاشترطت أف يتـ التكظيؼ عمى أساس المسابقات كقد تككف ىذه األخيرة عمى
أساس الشيادات أك عف طريؽ االختبارات أك مسابقات عف طريؽ االمتحانات كاالختبارات
الداخمية كالمينية ،كيتكقؼ اختيار إحدل ىذه الطرؽ في التكظيؼ مف شانو أف يحقؽ القدر الكبير
مف المساكاة بيف المكاطنيف بعيدا عف كؿ محاباة ألم فرد أك مجمكعة مف األفراد ،كذلؾ لبعث
الثقة بيف المكاطنيف كاإلدارة كتعزيز مصداقيتيا .كتزكيده بكافة العناصر ماداـ أف التكظيؼ سيتـ
عمى أسس مكضكعية تستند إلى معايير الكفاءة بعيدا عف كؿ اعتبارات شخصية يككف مف شانيا
خمؽ طبقة بيركقراطية منفصمة عف المستفيديف مف خدمات اإلدارة ،متعالية عمييـ معكقة
1
لمصالحيـ تعتبر نفسيا حاكمة ال خادمة ليـ.
إف مبدأ المساكاة في التكظيؼ ليس مطمقا بؿ ترد عميو بعض االستثناءات ،التي يمكف إرجاعيا
إلى عدة اعتبارات تاريخية ،اجتماعية ،إنسانية لتبرير الخركج عف مبدأ المساكاة
في التكظيؼ كتكافؤ الفرص كتكظيؼ فئة المعكقيف كمعطكبي الحرب مف باب التكافؿ االجتماعي
2
كمحاكلة إلدماجيـ.
ثانيا :مبدأ التكظيؼ عمى أساس الجدارة :يعد مف أىـ المبادئ التي تحكـ الكظيفة العامة كالدم
سعت إلى تكريسو غالبية الدكؿ كمف بينيا الجزائر التي أقرتو في تشريعاتيا الكظيفية ،كفي إطار
تحديد مضمكنو ،يرل فقياء القانكف اإلدارم أف مبدأ الجدارة ىك ذلؾ الذم المبدأ الذم يجعؿ
3
اختيار المكظفيف كاالحتفاظ بيـ عمى أساس الصالحية كليس عمى أساس المحاباة.
-1سامي جماؿ الديف ،التنظيـ اإلدارم لمكظيفة العامة ،اإلسكندرية ،دار الجامعة الجديدة لمنشر ،1990ص .139
-2محمد السيد الدماجي ،الحقكؽ الدستكرية في المجاؿ الكظيفي ،نظاـ حجز الكظائؼ ،مجمة العمكـ اإلدارية (العدد،)03.1973
ص 08كما بعدىا.
-3السيد محمد يكسؼ المعداكم ،دراسة الكظيفة العامة في النظـ المقارنة كالتشريع الجزائرم ،الجزائر ،ديكاف المطبكعات الجامعية،
،1984ص .22
57
الضمانات القانكنية لمبدأ حياد اإلدارة في الجزائر الفصؿ الثاني
-1حمدم أميف عبد اليادم ،إدارة شؤكف مكظفي الدكلة أصكليا كأساليبيا كاصالحيا ،المرجع السابؽ ،ص .45
-2المادة الثالثة مف القانكف ،01/06المؤرخ في ،2006/02/20الجريدة الرسمية رقـ.14
58
الضمانات القانكنية لمبدأ حياد اإلدارة في الجزائر الفصؿ الثاني
الجتذاب الرجاؿ كالنساء ذكم المقدرة كالخمؽ في مراحؿ الشباب كاتاحة فرصة الترقي كالتقدـ
1
لمكظائؼ الممتازة المشرقة.
*ضمانات مبدأ حياد اإلدارة مف خالؿ كاجبات المكظؼ العمكمي:
إف الكاجبات المفركضة عمى المكظؼ أيضا يمكننا أف نستسقي منيا ضمانات حياد اإلدارة ،إف
عمى عاتؽ المكظؼ العمكمي كاجبات عميو االلتزاـ بيا مقابؿ الحقكؽ التي يتمتع بيا كتتعدد ىده
الكاجبات منيا ما تنص عميو قكانيف الكظيفة العمكمية كمنيا ما يستشؼ مف طبيعة الكظيفة كأخرل
تفرضيا األعراؼ اإلدارية ،كالغرض األساسي مف ىده الكاجبات ىك تحقيؽ حاجيات المكاطنيف،
كمف بيف ىذه الكاجبات كاجب طاعة المكظؼ العاـ لرؤسائو ،ككاجب النزاىة ،كعدـ إفشاء السر
الميني ،ككاجب التحفظ ،كلعؿ ىذا األخير أىـ االلتزامات المرتبطة بالحياد.
أكال :كاجب طاعة المكظؼ العاـ لرؤسائو :يعني ىذا الكاجب أف يطيع المكظؼ العاـ األكامر
مشركعة كغير مخالفة لمقانكف كال تضر بالمصمحة العامة ،كعدـ تنفيذه ليده األكامر يعتبر خطا
2
إداريا تترتب عنو مسؤكلية المكظؼ التأديبية.
كيستمد كاجب الطاعة أساسو مف تنظيـ الكظيفة العامة القائمة عمى فكرة التبعية السممية اك
نظاـ السمطة الرئاسية ،ىذه السمطة ترتبط بمبدأ التدرج اإلدارم الذم تكزع فيو المسؤكلية عمى
درجات متعددة .فالرئيس اإلدارم عندما يصدر ق اررات أك أكامر معينة فانو يصدرىا بصفتو
الكظيفية ال بصفتو الشخصية فيك ممثؿ لمدكلة كنائب عف سمطاتيا ،كبالتالي فاف طاعة
المرؤكسيف لو ما ىي إال طاعة لمدكلة كطاعة ىذه األخيرة بمثابة طاعة لمقانكف.3
ثانيا كاجب النزاىة كعدـ إفشاء السر الميني :تفرض عمى المكظؼ العمكمي التزامات مينية
كأخرل أخالقية ،كىذا باعتباره ممثال لمدكلة ،كلكي يحافظ عمى كرامة كظيفتو يجب أف يقكـ
بكاجباتو بكؿ دقة كأمانة أثناء تعاممو مع المستفيديف مف خدمات اإلدارة ،كاف يككف نزييا يراعي
ضميره في ذلؾ ،كعدـ إفشاء أسرار كظيفتو ،كأداء ىذا االلتزاـ يمعب دك ار في أداء ميامو بكؿ
حياد ،ككاجب النزاىة يظير مف خالؿ مدل تحمي المكظؼ العاـ بالصدؽ كاألمانة مف جية كمدل
احترامو لمبدأ المساكاة في التعامؿ مع المنتفعيف مف خدمات اإلدارة مف جية أخرل.
-1حمدم أميف عبد اليادم ،إدارة شؤكف مكظفي الدكلة أصكليا كأساليبيا كاصالحيا ،المرجع السابؽ ،ص .70
2
-محمد عبد الحميد أبك زيد ،طاعة الرؤساء كمبدأ المشركعية دراسة مقارنة ،دار النيضة العربية ،القاىرة ،1988ص.87
-3عبد القادر الشيخي ،أخالقيات الكظيفة العامة ،عماف ،1999 ،ص.61
59
الضمانات القانكنية لمبدأ حياد اإلدارة في الجزائر الفصؿ الثاني
إف االلتزاـ بعدـ إفشاء السر الميني يعد مف بيف أىـ االلتزامات األساسية الممقاة عمى كافة
المكظفيف ،كيمزميـ بعدـ اإلفصاح عف المعمكمات التي اطمع عمييا بسبب كظيفتو ،كالمشرع
الجزائرم مف خالؿ األمر 03/06المتضمف القانكف األساسي العاـ لمكظيفة العمكمية أكد عمى ىذا
الكاجب في نص المادة 48منو كالتي نصت عمى" :يجب عمى المكظؼ االلتزاـ بالسر الميني
كيمنع عميو أف يكشؼ محتكل أية كثيقة بحكزتو أك أم حدث أك أم خبر عمـ ب ىاك اطمع عميو
بمناسبة ميامو ،ماعدا ما تقتضيو ضركرة المصمحة كال يتحرر المكظؼ مف كاجب السر الميني
إال بترخيص مكتكب مف السمطة السممية المؤىمة" ،كلقد جرـ المشرع إفشاء السر الميني بمكجب
نصكص قانكف العقكبات2فنصت المادة 302عمى انو" :كؿ مف يعمؿ بأم صفة كانت في
مؤسسة كأدلى أك شرع في اإلدالء إلى أجانب أك الى جزائرييف يقيمكف في بالد أجنبية بأسرار
المؤسسة التي يعمؿ فييا دكف أف يككف مخكال لو دلؾ يعاقب بالحبس مف سنتيف إلى خمس سنكات
كبغرامة مف 20000إلى 100000دج كاذا أدلى بيذه األسرار إلى جزائرييف يقيمكف في الجزائر
فتككف العقكبة مف ثالث أشير إلى سنتيف كبغرامة مف 20000إلى 100000دج".
ثالثا :كاجب التحفظ :إف المكظؼ العاـ أداة مف أدكات اإلدارة التي تحقؽ بيا أىدافيا ،كىدا يفرض
تقييد حريتو في التعبير عف آرائو ،كذ لؾ بالقدر الالزـ لحسف سير اإلدارة فيك ممزـ باتخاذ الحيطة
كالتحفظ أثناء تعبيره عف أىكائو ،كليذا الكاجب أىمية كبيرة في تكريس مبدأ حياد المكظؼ
العمكمي.
*ضماف تكريس مبدأ حياد اإلدارة مف خالؿ حقكؽ المكظؼ
نركز ىنا الحؽ في التعددية النقابية ،1كقد نص اإلعالف العالمي لحقكؽ اإلنساف الذم أقرتو
الجمعية العامة لألمـ المتحدة في 1948/12/10في المادة 23منو عمى انو لكؿ شخص الحؽ
في أف ينشئ مع اآلخريف نقابات أك ينظـ إلى نقابات حماية مصالحو ،كقد أقرتو الدساتير
الجزائرية السيما منيا دستكر 1989في المادة 53منو كىك ما أكده دستكر 1996حيف نص في
المادة 56منو عمى أف الحؽ النقابي معترؼ بو لجميع المكاطنيف.
-1األنظمة الديكتاتكرية كاالستبدادية ال تؤيد فكرة التعددية النقابية كىدا راجع إلمكانية قياـ ىده النقابات بنشاط معاد لمنظـ السياسية كاالقتصادية
كاالجتماعية السائدة في الدكلة لدلؾ كاف ظيكر ىده النقابات في المراحؿ األكلى بشكؿ جمعيات سرية إلى أف تـ االعتراؼ بيا بعد الثكرة
الصناعية كأصبحت محؿ حماية دكلية كدستكرية.
60
الضمانات القانكنية لمبدأ حياد اإلدارة في الجزائر الفصؿ الثاني
الحؽ النقابي لممكظؼ العاـ اعترؼ بو المشرع الجزائرم منذ صدكر القانكف األساسي
لمكظيفة العامة سنة ،1966كما سمح القانكف األساسي النمكذجي الخاص بعماؿ المؤسسات
كاإلدارات العمكمية لسنة 1985لعماؿ اإلدارة باالنضماـ إلى نقابة عمالية متجسدة في االتحاد
العاـ لمعماؿ الجزائرييف كىدا بمكجب المادة 18منو.
لكف بصدكر دستكر 1989المعدؿ سنة 1996كالدم كرس التعدية الحزبية كقابميا
بالتعددية النقابية تكسع مفيكـ الحؽ النقابي مف االنخراط في االتحاد العاـ لمعماؿ الجزائرييف إلى
حؽ تككيف منظمات نقابية جديدة ،حيث تنص المادة 02مف قانكف 14/90المعدؿ كالمتمـ
بالقانكف رقـ 30/91المؤرخ في 1991/12/21المتعمؽ بكيفيات ممارسة الحؽ النقابي ،كما
تجدر اإلشارة إليو أف المشرع الجزائرم أكد مف جديد كضمف لممكظؼ العاـ حقو في ممارسة
العمؿ النقابي مف خالؿ األمر رقـ 03/06حيث نصت المادة 35منو عمى انو يمارس المكظؼ
الحؽ النقابي في إطار التشريع المعمكؿ بو.1
بالنسبة ألىمية العمؿ النقابي في حياد اإلدارة ،فاالعتراؼ بالحؽ النقابي لممكظؼ لعاـ
يساىـ ف ي خمؽ جك مف التعاكف بيف المكظؼ كالدكلة اد مف خاللو يتـ االستماع لممكظفيف كطرح
مشاغميـ كالتعرؼ عمى مطالبيـ المشركعة ككجيات نظرىـ المختمفة حكؿ سياسة الدكلة ،كما
تعمؿ عمى تنظيـ الجياز اإلدارم كىدا عف طريؽ بسط الديمقراطية الف النقابات تقكـ عمى أساس
حرية االنتخاب كحرية الرأم ،بحيث ال يصبح العمؿ الركتيني الحككمي حاف از لمبيركقراطية المعطمة
2
لإلدارة.
الفرع الثاني :الضمانات المكرسة في قانون االنتخابات
عمى اثر التعديؿ الدستكرم لسنة ،1996صدر القانكف العضكم رقـ 07-97المؤرخ في
،1997/03/06المتعمؽ بنظاـ االنتخابات ككدا القانكف العضكم رقـ 09-97المؤرخ في
1997/03/06المتعمؽ باألحزاب السياسية ،كحكمة المشرع في دلؾ جعؿ النصكص القانكنية
متناسقة كمتضافرة التصكرات.3كاستمر العمؿ بالقانكنيف السابقيف الذكر إلى غاية صدكر القانكف
-1بكر القباني ،المكظؼ العاـ كحرية تككيف الجمعيات كالنقابات المينية ،مجمة إدارة قضايا الحككمة ،العدد.02
-2خرايفية سامي ،مبدأ حياد اإلدارة كعالقتو بالمكظؼ العمكمي ،المرجع السابؽ ص.65
3
كنفس النيج سمكو المشرع ،فاثر صدكر دستكر 1989الذم تبنى التعددية الحزبية ،صدر القانكف رقـ 11-89بتاريخ 1989/07/05
المتضمف تحديد األحكاـ المتعمقة بالجمعيات ذات الطابع السياسي ،ككذلؾ القانكف رقـ 13-89بتاريخ 1989/08/07المتعمؽ باالنتخابات.
كىذه الخطكة خطكة انتقالية مف اجؿ تحكؿ أكثر مركنة مف نظاـ شمكلي إلى نظاـ أكثر انفتاحا.
61
الضمانات القانكنية لمبدأ حياد اإلدارة في الجزائر الفصؿ الثاني
1
-لجريدة الرسمية عدد 01بتاريخ2012/01/14
2الجريدة الرسمية عدد 02بتاريخ 2012/01/15
-3كزير الداخمية كالجماعات المحمية أكد عمى ضمانات الحياد في تصريحو بشاف االنتخابات الرئاسية -افريؿ -2014النشرة اإلخبارية لمقناة
الداخمية بتاريخ .2014/06/16
62
الضمانات القانكنية لمبدأ حياد اإلدارة في الجزائر الفصؿ الثاني
اإلدارة التي يمتزـ أعكانيا التزاما صارما بالحياد إزاء األحزاب السياسية ك المترشحيف" 1كقد أحسف
المشرع ما فعؿ باستعمالو عبارة أعكاف اإلدارة ذلؾ أف العممية االنتخابية ال تقتصر فقط عمى
المكظفيف بالمفيكـ اإلدارم ،فيناؾ مف تستخدميـ اإلدارة كليس ليـ صفة المكظؼ العمكمي كال
2
يخضع لمقكانيف األساسية المستقمة كالمساعديف المسخريف
كذلؾ ما يعد مف ضمانات الحياد في عممية التصكيت ككف أف المكمفكف يتـ تعيينيـ بمكجب قرار
صادر عف الكالي كىك قرار إدارم تمزميـ اإلدارة بو عف طريؽ التسخير تحت طائمة العقكبات
الجزائية ،كىذه األخيرة المترتبة عمى رفض االمتثاؿ لمتسخيرة نص عمييا المشرع في المادة :233
"يعاقب بالحبس مف عشرة()10أياـ عمى األقؿ إلى شيريف()02عمى األكثر كبغرامة مف أربعيف
ألؼ دينار( 40.000دج) إلى مائتي ألؼ دينار( 200.000دج) أك بإحدل ىاتيف العقكبتيف ،كؿ
شخص يرفض امتثاؿ قرار تسخيره لتشكيؿ مكتب التصكيت أك لمشاركتو في تنظيـ استشارة
انتخابية".
-دكر الرقابة عمى العممية االنتخابية في تحقيؽ الحياد:
يمكف تعريؼ عممية الرقابة عمى االنتخابات العامة بأنيا اإلجراءات التي تتسـ بالمكضكعية
كالحياد مف قبؿ أشخاص تـ تكميفيـ بشكؿ رسمي بممارسة أعماؿ المتابعة كالرقابة كتقصي
الحقائؽ حكؿ صحة إجراء كسير العممية االنتخابية كالتحقؽ مف الدعاكل التي تشير إلى حدكث
أية انتياكات تذكر في ىذا المجاؿ ،عمى أف يتـ ذلؾ كفؽ المكائح كالقكانيف المعمكؿ بيا في ىذا
اإلطار .فالرقابة االنتخابية ىي عممية جمع كحصر المعمكمات حكؿ العممية االنتخابية بكافة
مراحميا كذلؾ بإتباع آلية منيجية كمنظمة ،كاصدار تقييمات مف المفترض أف تككف مكضكعية
كمحايدة ،كتيدؼ الرقابة إلى التأكد مف سير العممية االنتخابية بشكؿ نزيو ،كتبدأ منذ بداية
المراحؿ األكلى لالنتخابات حيث تتضمف مراقبة عممية التسجيؿ ،كعمؿ لجنة االنتخابات،
كالحمالت االنتخابية ،كاالقتراع ،كفرز األصكات ،ككافة األمكر المتعمقة بيذه العممية حتى إعالف
النتائج.
1
-جاء ىدا النص في الباب الخامس المتعمؽ بأحكاـ مراقبة عمميات التصكيت كالمنازعات االنتخابية ،في الفصؿ األكؿ الذم نص عنكانو عمى مصطمح
الحياد ،المعنكف ب"مسؤكلية األعكاف المكمفيف بالعمميات االنتخابية كحيادىـ".
-2بيمكلي أبك الفضؿ محمد كفكغكلك الحبيب ،مبدأ حياد المكظؼ العمكمي في العممية االنتخابية ،دفاتر السياسة كالقانكف عدد خاص،افريؿ ،2011ص .05
63
الضمانات القانكنية لمبدأ حياد اإلدارة في الجزائر الفصؿ الثاني
كلكي تككف نتائج الرقابة كتقارير المراقبيف مكضكعية كتتمتع بالمصداقية ،يجب أف يتكفر في
المراقبيف المحمييف كالدكلييف عمى حد سكاء عدد مف األسس كالمعايير كالتي مف أىميا الحيادية
كاالستقاللية ،كعدـ االنحياز إلى أم طرؼ مف األطراؼ ،أك االرتباط بأم شكؿ بحزب مف
األحزاب ،كاف يككنكا دقيقيف كسريعيف في عممية مراقبة كتدكيف األحداث كالمعمكمات ،إضافة إلى
تمتعيـ بالشفافية التي تتضمف اإلفصاح عف آلية جمع المعمكمات ،كيفترض أف يمتزـ المراقبكف
1
بالمكائح كالقكانيف المنظمة لعممية الرقابة.
-جزاء اإلخالؿ بمبدأ الحياد في العممية االنتخابية:
إف إلزامية القانكف تتأسس عمى الجزاءات المترتبة عمى مخالفة مختمؼ النصكص القانكنية،
فالقاعدة القانكنية ال يككف ليا اثر في المجتمع إال اذا اقترنت بجزاء ،كنية المشرع الجزائرم بارزة
لدعـ مبدأ الحياد في المجاؿ االنتخابي فقد خصص أحكاـ جزائية صارمة لكؿ المخالفات التي تقع
أثناء العممية االنتخابية كتمس بالنزاىة كالسير الحسف ليا.
القانكف رقـ 01-12المتعمؽ بنظاـ االنتخابات خصص الباب الثامف المكاد مف 210إلى غاية
236لألحكاـ الجزائية.
حتى أف المشرع اعتبر صفة أعكاف الدكلة المساىميف في لعممية االنتخابية ظرفا مشددا ،في
المادة ،236كاألكثر مف دلؾ األشخاص المنتخبيف كالناخبيف أيضا خصيـ بأحكاـ جزائية كليس
فقط القائميف عمى العممية االنتخابية.
مثال المادة 216نصت عمى انو يعاقب بالسجف مف خمس إلى عشر()10-05سنكات
المكمؼ في االقتراع الذم يقكـ بإنقاص أك زيادة في المحضر.كما تعاقب المادة218كؿ مف حصؿ
2
عمى أصكات أك حكليا لناخبيف أك حمميـ عمى االمتناع مف التصكيت.
-1بيمكلي أبك الفضؿ محمد كفكغكلك الحبيب ،مبدأ حياد المكظؼ العمكمي في العممية االنتخابية ،المرجع السابؽ ،ص .10
-2القانكف العضكم 01/12المتعمؽ بنظاـ االنتخابات.
64
خاتمػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػػة
الخاتمة
إذا كانت حماية مبدأ الشرعية كضماف قكاعد الديمقراطية ،كحسف سير المرافؽ العامة مف
المبررات التي دعت إلى تقرير مبدأ حياد اإلدارة ،فاف األمر ليس بالسيؿ مف الكاقعية كالعممية،
باإلضافة إال أف تطبيؽ مبدأ حياد اإلدارة يطرح إشكاليات عديدة مف حيث اصطدامو بمبادئ
قانكنية تجعؿ محاكلة التكفيؽ بينيما ميمة غاية الصعكبة ،كنخص بالذكر مكقؼ النظـ القانكنية
مف ممارسة المكظؼ لمحريات العامة.
فاختالؼ األنظمة السياسية كاالجتماعية كتبايف المنظكر القانكني لمفيكـ اإلدارة يجعؿ ميمة
حصر كافة العكامؿ أم ار في غاية التعقيد.
كيجدر القكؿ أف االعتراؼ بالديمقراطية كنظاـ لمحكـ كمجمكعة المبادئ كاألركاف التي تقكـ
عمييا في نصكص دستكرية كقانكنية ال تكفي كحدىا لقياميا ،بؿ يجب أف تجد ليا تطبيقا فعميا
ككاقعيا بعيدا عف الشعارات كالمظاىرات الشعبية الزائفة التي تبدم كعيا سياسيا كتخفي انعداما
ألدنى إحساس برغبة المشاركة في الحيا ة السياسية كجيال تاما بمضمكف كأبعاد الديمقراطية كحقكؽ
المكاطف كحرياتو.
كما يمكف القكؿ أف المشرع الجزائرم أكد مند فجر االستقالؿ عمى سعيو مف اجؿ ترسيخ
معالـ النظاـ الديمقراطي ،إال انو برز أكثر ىدا المسعى بعد التحكؿ الديمقراطي لسنة ،1989
ككفؽ ىدا تراكح مبدأ حياد اإلدارة بيف الضمكر كالظيكر ،كتراكحت الضمانات القانكنية لو بيف
الضعؼ كالقكة ،كفي األخير يمكف استخالص نتائج أىميا:
-01قبؿ التحكؿ الديمقراطي كاف تكفرت ضمانات قانكنية كمبدأ المساكاة المكرس دستكريا مند
االستقالؿ ،إال أف الضمانات تختنؽ بجك نظاـ الحزب الكاحد المحتكر لمسمطة ،أما بعد التحكؿ
الديمقراطي بدأت تتجمع الضمانات مف اجؿ خمؽ جك مالئـ إلعماؿ مبدأ حياد اإلدارة بؿ
كتأسيسو.
-2قبؿ سنة 1996كانت المقتضيات كركح المبدأ مكجكدة لكنيا تعمؿ ضمنيا ألنو يدخؿ في
صميـ مبادئ دستكرية كانت مكرسة سمفا ،أما بعد 1996خرجت إلى الكجكد القانكني ضمانة
قاعدية عززت المقتضيات المكجكدة .
-3النص عمى مبدأ عدـ تحيز اإلدارة ضمانة فعمية ىدا نظريا لكنيا تحتاج إلى ضمانات عممية
تتحرؾ كفقيا مقتضيات المبدأ كال بد مف جزاءات تطاؿ كؿ مخالؼ لمضمكف المبدأ.
66
خاتمػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػػة
-4مبدأ حياد اإلدارة لو خمفية فمسفية ىامة ىي مبدأ المساكاة بكؿ صكره لدلؾ ضماف مبدأ
المساكاة ىك ضماف لمبدأ الحياد ككالىما يرتكز عمى ضمانة أساسية ىي خضكع الدكلة لمقانكف
فاحتراـ الدكلة لمبدأ المشركعية حماية لكؿ المبادئ الدستكرية.
-5الرقابة ضمانة عممية لتجسيد مبدأ الحياد ،دلؾ أف صدكر أم قانكف يخالؼ مقتضى الحياد البد
مف جعؿ حد لو كىدا يضمنو المجمس الدستكرم الذم يكفؿ دستكرية القكانيف ،كما اف رقابة أعماؿ
اإلدارة بكاسطة ىيئات قضائية متخصصة في النزاع اإلدارم يضمف احتراـ اإلدارة لمبدأ الحياد عند
قياميا بإعماليا.
-6إف تحقيؽ مبدأ حياد اإلدارة مف خالؿ الحياد الكظيفي لممكظؼ العاـ أمر ميـ دلؾ أف المكظؼ
ىك الشخص القائـ عمى أعماؿ اإلدارة لدلؾ البد مف صقؿ السمكؾ االجتماعي كالميني لو،
كتكجييو لمقتضيات أخالقيات الكظيفة العمكمية المكرسة في قانكف الكظيفة العامة -06
.03كاظير المشرع رغبتو في تكريس حياد اإلدارة مف خالؿ تاطيره جممة مف األحكاـ المتعمقة
بمبادئ التكظيؼ كالكاجبات المفركضة عمى المكظؼ كالتي يمتزـ بيا داخؿ كخارج العمؿ.
-7الحياد اإلدارم في الجزائر ،كاف عرضة لمعكامؿ السياسية فكثي ار ما استغؿ المكظؼ لعمكمي
الصراعات السياسية كالحزبية ،كىك ما اثر عمى العالقة بيف اإلدارة كالمكاطف كأصبح ينظر إلييا
دائما عمى أنيا أداة سمبية ،كمف ثـ كجب القياـ بدراسات معمقة حكؿ األسباب التي تعيؽ تحقيؽ
ىدا الحياد ،كالعمؿ عمى القياف بإصالح إدارم عميؽ كمنسجـ كشامؿ باستم اررية إلزالة العراقيؿ
التي يكاجييا المكاطف في عالقتو مع اإلدارة.
-8تجدر اإلشارة إلى أف الجزائر مند دستكر 1989الذم كرس مبدأ الفصؿ بيف السمطات
كالتعددية الحزبية تسعى جاىدة عمى تحقيؽ الحياد اإلدارم مف خالؿ اإلصالحات التي يعرفيا
القطاع اإلدارم كمف خالؿ تزكيد الترسانة القانكنية بمختمؼ النصكص التشريعية التي تكرس ىدا
المبدأ.
-9كتكالت القكانيف التي تعمؿ عمى تأكيد كتعميؽ اإلصالح اإلدارم ،مف قانكف البمدية كالكالية
كقانكف الجمعيات العامة كاإلعالـ كاالنتخابات.
-10ضركرة السعي الدائـ لمعمؿ عمى عصرنة اإلدارة كتحسيف ظركؼ العمؿ المادية ،كاالىتماـ
بتاطير الجانب البشرم مف خالؿ تحسيف مستكل المكظؼ عف طريؽ التككيف اإلدارم المستمر
عمى اختالؼ أنكاعو كمستكياتو عف طريؽ المعاىد المتخصصة.
67
خاتمػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػػة
-11باعتبار أف الجزائر دكلة حديثة االخذ بنظاـ التعددية الحزبية يجب عمييا أف تستفيد مف الدكؿ
التي سبقتيا كتستقي الجكانب االيجابية مف تجاربيا ،كالتعددية الحزبية ينبغي أف ال تككف تعددية
ىيكمية لممساندة كتأييد السمطة القائمة ،بؿ يجب أف تككف تعددية مشبعة بثقافة ديمقراطية تيدؼ
لمكصكؿ إلى السمطة طرؽ ديمقراطية كسممية بما يحقؽ إضافة نكعية جديدة في ظؿ التطكر كبما
يضمف تكريس مبادئ كقكاعد أخرل تتمثؿ في حرية الرأم كالتعبير كالصحافة ككذا مبدأ حياد
اإلدارة.
68
قائمة المراجع و المصادر:
-7بعمي ،محمد الصغير ،الق اررات االدارية ،بدكف ذكر عدد الطبعة ،دار العمكـ ،عنابة ،
الجزائر . 2005 ،
-8بكضياؼ ،عمار ،القضاء االدارم في الجزائر بيف نظاـ الكحدة ك االزدكاجية 2000-1962
،دار الريحاف ،الطبعة االكلى ،الجزائر . 2000 ،
-9بكضياؼ ،عمار ،شرح قانكف البمدية ،الطبعة االكلى ،جسكر لمنشر ك التكزيع ،الجزائر ،
. 2012
-10بكقفة ،عبد اهلل ،الدستكر الجزائرم نشأة – تشريعا –فقيا ،الطبعة االكلى ،دار اليدل
عيف مميمة ،الجزائر . 2005،
69
-11جماؿ الديف ،سامي ،التنظيـ االدارم لمكظيفة العامة ،االسكندرية ،دار الجامعة الجديدة
لمنشر . 1990،
-12حمدم ،اميف عبد اليادم ،ادارة شؤكف مكظفي الدكلة أصكليا ك أساليبيا ك إصالحيا
،الطبعة الثالثة ،القاىرة ،دار الفكر العربي . 1976 ،
-13خمكفي ،رشيد ،القضاء االدارم تنظيـ ك اختصاص ،ديكاف المطبكعات الجامعية ،الجزائر
. 2002 ،
-14دركيش ،عبد الكريـ ،ك تاكال ليمى ،أصكؿ االدارة العامة ،مكتبة االنجمك ،القاىرة
. 1974،
-15دم اف ذبيح ،عاشكر ،شرح القانكف االساسي لمكظيفة العمكمية أحكاـ االمر الرئاسي -06
03المؤرخ في 2006/05/17دار اليدل ،عيف مميمة ،الجزائر . 2010،
- 16ذبيح ،ميمكد ،الفصؿ بيف سمطات التجربة الدستكرية الجزائرية ،دار اليدل عيف مميمة ،
الجزائر . 2007 ،
-17سعد ،اسماعيؿ عمي ،قضايا عمـ االجتماع السياسي ،دار المعرفة الجامعية 1990.،
-19طمبة عبد اهلل ،االدارة العامة ،المطبعة الجديدة ،دمشؽ ف. 1984- 1983
-20عبد العاؿ ،محمد حسنيف ،الحريات السياسية لممكظؼ العاـ ،مطبعة جامعة عيف الشمس
. 1981 ،
-21عكابدم ،عمار ،عممية الرقابة القضائية عمى أعماؿ االدارة العامة في النظـ الجزائرم ،
ديكاف المطبكعات الجامعية ،الجزء االكؿ ،الجزائر . 1991 ،
-22ليمة محمد كامؿ ،النظـ السياسية ( الدكلة ك الحككمة ) ،دار الفكر العربي (،بدكف تاريخ).
-23كشاكش كريـ يكسؼ أحمد ،الحريات العامة في االنظمة السياسية ،منشاة المعارؼ
باإلسكندرية . 1987،
70
دار النيضة، طاعة رؤساء ك مبدأ المشركعية دراسة مقارنة، أبك زيد، محمد عبد الحميد-24
. 1988، القاىرة، العربية
دار، أصكؿ االدارة العامة، رفعت عبد الكىاب ك ابراىيـ عبد العزيز شيحا، محمد-25
. 1998 ، مصر، المطبكعات الجامعية
، دراسة الكظيفة العامة في النظـ المقارنة ك التشريع الجزائرم، الميداكم، يكسؼ، محمد-26
. 1984، ديكاف المطبكعات الجامعية، الجزائر
طبعة، محاضرات في المؤسسات االدارية، ترجمة محمد عرب صاصيال، احمد، محيك-27
. 2006، ديكاف المطبكعات الجامعية الجزائرية، الخامسة
71
الرسائل الجامعية :
-1عبد المنعـ فيمي مصطفى ،عماؿ االدارة ك حرية الرأم ،رسالة دكتكراه ،كمية الحقكؽ ،
جامعة عيف الشمس ،دار الثقافة لمطباعة ك النشر . 1977،
-2بكدريكة عبد الكريـ ،مبدأ حياد االدارة ك ضماناتو القانكنية ( دراسة مقارنة :الجزائر ،تكنس
،فرنسا ) ،رسالة لنيؿ شيادة الدكتكراه في القانكف ،جامعة الجزائر ،كميك الحقكؽ . 2006،
-3محمد بكضياؼ ( ،مستقبؿ النظاـ السياسي الجزائرم ) ،أطركحة مقدمة لنيؿ شيادة الدكتكراه
بقسـ العمكـ السياسية ك العالقات الدكلية ،جامعة الجزائر . 2008،
-4لبيد مريـ ،الضمانات القانكنية لمبدأ حياد االدارة في الجزائر ،مذكرة لنيؿ شيادة الماجستير في
اطار مدرسة الدكتكراه ،تخصص الدكلة ك المؤسسات العمكمية ،السنة الجامعية 2014-2013،
-1خرايفية سامي ،مبدأ حياد االدارة ك عالقتو بالمكظؼ العمكمي ،مذكرة التخرج لنيؿ اجازة
المدرسة العميا لمقضاء ،الجزائر . 2009-2008،
-1فيرـ فاطمة الزىراء ،المكظؼ العمكمي ك مبدأ حياد االدارة في الجزائر ،مذكرة لنيؿ شيادة
الماجستير قسـ عاـ فرع االدارة ك المالية خمية الحقكؽ ،جامعة الجزائر . 2004-2003،
72
/النصوص القانونية و التنظيمية
-7الجريدة الرسمية رقـ 46تضمنت احدل عشر بابا في مجمكعة مشتمال عمى 224مادة.
73
قائمة المحتويات
مقدمة .................................................................................
الفصل األول :مفيوم مبدأ حياد اإلدارة05..................................................
المبحث األكؿ :مبدأ حياد اإلدارة :تعريفو-نشأتو ك تطكر ظيكره07...........................
المطمب األكؿ :تعريؼ مبدأ حياد اإلدارة07................................................
المطمب الثاني :نشأة مبدأ حياد اإلدارة10................................................
المطمب الثالث :تطكر ظيكر مبدأ حياد اإلدارة12.........................................
المبحث الثاني :اإلطار القانكني لمبدأ حياد اإلدارة مبرراتو كصكره15........................
المطمب األكؿ :اإلطار القانكني لمبدأ حياد اإلدارة15 .....................................
االستقرار السياسي كاالجتماعي في الدكلة15 ...........................................
كجكد نظاـ ديمقراطي 17..............................................................
كجكد نظاـ ديمقراطي يقر بتعدد األحزاب18.............................................
المطمب الثاني :مبررات تجسيد مبدأ حياد اإلدارة19.......................................
مبدأ المشركعية 20..................................................................
الدفاع عف النظاـ الديمقراطي 22.....................................................
حسف أداء الخدمات 23...............................................................
المطمب الثالث :صكر مبدأ حياد اإلدارة25...............................................
الفصل الثاني :الضمانات القانونية لمبدأ حياد اإلدارة في الجزائر29........................
المبحث األكؿ :الضمانات القانكنية المؤسسة لمبدأ حياد اإلدارة31...........................
المطمب األكؿ :الضمانات القانكنية لمبدأ حياد اإلدارة قبؿ كبعد التحكؿ الديمقراطي لسنة
31...............................................................................1989
فقداف مبدأ حياد االدارة ك ضماناتو القانكنية قبؿ اتحكؿ الديمقراطي 32................. 1989
نسبية مبدأ حياد االدارة ك ضماناتو القانكنية بعد التحكؿ الديمقراطي سنة 36........... 1989
المطمب الثاني :إقرار مبدأ حياد اإلدارة في الجزائر40.....................................
إقرار مبدأ حياد اإلدارة بمكجب المادة 23مف دستكر 41..........................1996
74
أىمية تبني مبدأ حياد اإلدارة43.........................................................
المبحث الثاني :الضمانات القانكنية المجسدة لمبدأ حياد اإلدارة46..........................
المطمب األكؿ :الضمانات المجسدة دستكريا47..........................................
المبادئ الدستكرية المتعمقة بمبدأ حياد اإلدارة47........................................
الرقابة المجسدة لمبدأ حياد اإلدارة 50..................................................
المطمب الثاني :الضمانات القانكنية المكرسة في مختمؼ النصكص القانكنية55..............
الضمانات المكرسة في قانكف الكظيفة العمكمية55.......................................
الضمانات المكرسة في قانكف االنتخابات 61..............................................
الخاتمة 65...............................................................................
قائمة المراجع 69........................................................................
الفيرس 74...............................................................................
75