Professional Documents
Culture Documents
ّ الرحمن
ّ بسم الله
جامعة القاهرة
كلية دار العلوم
قسم الفلسفة السلماية
السنة التمهيدية للماجستير
إشراف
السأتاذ الدكتور /محمد السيد الجليند
أأسستاذ ورئيس قسم الفلسفة اللسلمإية بكية دار العلوم بامإعة القاهرة
إعداد الطالب
مإوس بن مد بن هجاد الزه ران
للسنة التمهيدية للماجستير بقسم
الفلسفة السألمية بكلية دار العلوم
2004- 2003م
المقدمة
المحبة بين المام التستري والمام الجنيد
أدنممهفنسم مدناِ ،ونمم منم سم ميئاِ ن ،دوندمعهم مموُذه بمنمماِللنه نمم ممنم هشم مهرونر ن ن نن ن
ت د م د د إن املدممم مدد للم مه ،دمندمم مهدهه ،دوندمسم متدعينههه ،دوندمسم ممتدممغفهرهه
ل إنلدمهد نإل اللمهه دومحمددهه ل ي لدمهه ،دوأدمشمدههد أدمن ن
دفلَ دهماِد د ضملنملضملل لدمهه ،دودمممنم يه م أدمعماِلندناِ ،ممنم يمهمندهن اللمه دفلَ م ن
ه ه د د م دم
ك لدهه ،دوأدلن همدلمددا دعمبهدهه دودرهسوُلههه : دشنري د
)) يمد مماِ أد ميدهم مماِ الم منذيدنم آدمنهم موُا اتلمهق م موُا اللم مهد دح م ملق تهمدقم مماِتننه دول دتمهمموُتهلنم نإل دوأدنممتهم ممم هممس م ملنهموُدن (( ]آل عم م مران .[102:م م
ث نممنمههدمماِ نردجماِلد دكنثيِاد س دوانحمددةس دودخلد دق نممنمدهماِ دزمودجدهماِ دوبدم ل س اتلمهقموُا دربلهكمهم النذي دخلددقهكممم نمممنم ندممفم س )) يداِ أد ميدهاِ اللناِ ه
دونندسم م مماِءد دواتلمهقم م م موُا اللم م م مهد ا مل م م منذي تددسم م مماِءدهلوُدن بمن م م منه دواملدمردح م م مماِدم إنلن اللم م م مهد دكم م مماِدن دعلدميهكم م م ممم درنقيبم م م ماِد (( ]النسم م مماِء.[1:م م م م
صملنمح لدهكممم أدمعدممماِلدهكمم دويدممغنفممر لدهكممم ذهنمهموُبدهكمم دودمممنم يهنطمنع ن
)) يداِ أد ميدهاِ الذيدنم آدمنهوُا اتلمهقوُا اللهد دوهقوُلهوُا قدمموُلد دسديداد * يه م
ن
اللهد دودرهسوُلدهه فدمدقمد فداِدز فدمموُزاد دعنظيماِد (( ]الحزاب.[71-70:
- 1ـ هذه خطبه الحاجة رواها الترمذي وحسنه ) ،(1105والنسائي ) ،(6/89وابن ماجه ) ،(1892انظر تخريجها مبسوط ا في
كتاب ) خطبة الحاجة ( للشيخ :محمد ناصر الدين اللباني – رحمه ال . -
- 2آل عمران .31 :
-رواه البخاِري :برقم . 16باِب :حلَوة اليإاِن .و مسلم برقم : 67باِب بياِن خصاِل منم اتصف بنم وجد حلَوة اليإاِن . 3
- 4البقرة .165
2
المحبة بين المام التستري والمام الجنيد
ن ن ن ل ذ ن ن ن
صاِدرىَ دمنهنم دأبممدناِءه الله دوأدحلباِهؤهه قهمل فملمم يكـمعذبكككمم بمهذهنوُبنهكمم بدممل أدنممتهممم بددشمةر مملمنم دخلدمدق يدممغفمهر لدمممنم يددشمماِءه امليدمههوُهد دوالنل د
ض وممماِ بميمندمهممماِ وإنلديمنه المم ن ن ن
صميِه( . 5هممذه البممة مممنم الم عممز وجممل ك اللسمدمدوُات دوالدمر ن د د دم ه د د م د ب دمممنم يددشمماِءه دوللمنه همملم ه دويمهدعميذ ه
لعبيده ومنهم له عز وجل ,منم أعظم العطاِياِ والباِت ,قماِل تعماِل ) :يدماِ أد ميدهماِ المنذيدنم آدمنهموُا دمممنم يدممرتدملد نممنهك مم
ي أدنعملزةس دعلدمىَّ المدكمماِفننريدنم هدياِنهمهدودن نفم دسمنبينل اللمنه نن ن نس س ن دعمنم ندينننه فددسموُ د
ف يدأمنت اللهه بندقموُم هيبيمههمم دوهييبوُندهه أدذلة دعدلىَّ المهممؤممن د
ض مهل اللمنه يهممؤمنتينه دم ممنم يددشمماِءه دواللمهه دوانس مةع دعلني مةم ) . (54م 6فمماِلبوُن ل م حقمماِ هممم ك فد م ن
دول ديدمماِهفوُدن لدموُدم مةد لئنمسم ذدل م د
الهدون ف سبيله .ومنم فوُائدهاِ أن الرء مع منم أحب كماِ قاِل صلىَّ ال عليممه وسمملم فم الممديث الشمريف
، 2بل ومنم أجمل ثاِرهماِ قموُله عمز وجمل فم المديث القدسمي عمنم وليمه المؤممنم )) :فمإذا أحببتمه ,كنمت سمعه
الممذي يسمممع بممه وبصممره الممذي يبصممر بممه ,ويممده الممت يبطممش بمماِ ,ورجلممه الممت يإشممىَّ بمماِ (( ، 7وهممذا ممماِ فهمممه
الجنيد م ورحه ال م منم الديث ,فقاِل أماِم شيوُخه عنم البه ل )) :إن تكلم فباِل ,وإن نطق فعنم الم ,
وإن تممرك فبممأمر ال م ,وإن سممكنم فمممع ال م ,فهمموُ بمماِل ول م ومممع ال م (( ,فبكممىَّ الشمميوُخ ,وقمماِلوُا ممماِ علممىَّ
كلَمك مزيد .وسئل ذو النوُن عنم البة فقاِل )) :أن تب ماِ أحب ال ,وتبغض ممماِ أبغممض الم ,وتفعممل
اليِ كله . (( ..
وقاِل بنم تيمية م رحه ال م ف بياِن أصلهاِ )) :وأصل البة :معرفة ال سبحاِنه ,ولاِ أصلَن :
-1أحدهاِ :وهوُ يقاِل له :مبة العاِمة ,مبته لجل إحساِنه إل العباِد ...
-2الصممل الثماِن فيممه :همموُ مبتممه لمماِ همموُ لممه أهممل ,وهممذا حممب مممنم عممرف مممنم الم ممماِ يسمتحق أن يممب
لجله ، (( ...وقاِل ابنم القيم م رحه ال م عنم البمة )) :همي النزلمة المت فيهماِ يتناِفس التناِفسموُن ,
وإليهاِ شخص العاِملوُن ,وإلم علمهمماِ شمر السمماِبقوُن ,وعليهماِ تفمماِن البمموُن ,وبممروح نسميمهاِ تممروح
العاِبممدون ,فهممي قمموُت القلمموُب وغممذاء الرواح وقممرة العيمموُن (( .هممذه البممة مممنم ال م لوليمماِئه حقيقممة
لئقة به سبحاِنه ,معناِهاِ غيِ مهوُل ,وكيفهاِ غيِ معقوُل ,تعاِل ال عماِ يقوُل نفاِتمماِ م الظمماِلوُن م
علوُاد كبيِاد 8.وبعد :فهذا بث ف مسألة ) المحبة بين المام سهل بن عبدال التســتري ،
و الم ــام أب ــي القاس ــم الجني ــد رحم ــة الـ ـ عليهم ــا( ،مقم ممدم لسم ممتاِذناِ الفاِضم ممل ،السسستاذ
الدكتور /ماحماد السيد الجليند ،أسممتاِذ ورئيممس الفلسممفة السمملَمية ،بكليممة دار العلمموُم ،
حفظه ال ورعاِه .وقد قسمته إل :
مقدمة :وتتضمن خطة البحث التالية :
- 5المائدة . 18 :
- 6المائدة . 54
- 7أخرجه البخاري ) ( 6168ومسلم ) ( 2640من حديث بن مسعود رضي ا عنه .صحيح الجامع .1782
8
.البة ل سبحاِنه .تأليف أب إسحاِق إبراهيم بنم عبد ال بنم النيد التلي .ص - 8
3
المحبة بين المام التستري والمام الجنيد
- 9مصادر الترجمة .الرسالة القشيرية في علم التصوف تحقيق دراسة /هاني الحاج صـ ، 78بحار الولية المحمدية في مناقب أعلما
الصوفين أ د /جودة محمد المهدي صـ ، 24الشيخ المين سهل التستري .د /عبد الحليم محمود .تفسير القرآن العظيم :لبى محمد سهل بن
عبد ا بن يونس بن عيسى بن عبد ا بن رفيع ص . 69
4
المحبة بين المام التستري والمام الجنيد
أبمموُ مممد سممهل بمنم عبمد الم بمنم يمموُنس بمنم عيسمىَّ بمنم عبممد الم بمنم رفيمع التسمتي ,ولمد سمنة) (200ه م
أحد أئمة القوُم وعلمماِئهم والتكلميم فم علموُم الرياِضمياِت والخلَص وعيموُب الفعماِل – صمحب خاِله
ممد بنم سوُار ,وشاِهد ذا النوُن الصري سنة خروجه إلم الممجح بكممة تمموُف سممنة ثلثا وثمانين ومائتين
،وقيل سنة 293هم ،وأظنم أن التاِريخ الول أصح .
وأدرجمه المماِم الشممس المذهب فم الطبقمة الساِدسة عشمر الرقمم ) ( 2389ومماِ قماِل عنمه :لمه كلماِت
ناِفعة وموُاعظ حسنة ,وقدم راسخ ف الطريق .
وقاِل عنه الماِم القشيِىَ :
أحممد أئمممة القمموُم لم يكممنم لممه فم وقتممه نظيِم فم العمماِملَت والمموُرع وكمماِن صمماِحب الكراممماِت لقممي ذا النمموُن
الصري بكة سنة خروجه إل الجح .
وقاِل سهل :كنت ابنم ثلَثا سني وكنت أقوُل باِلليل أنظر إل صملَة خاِل مممد بمنم سموُار وكماِن يقموُم
باِلليل فرباِ كاِن يقوُل :ياِ سهل اذهب فنم فقد شغلت قلب .
يروىَ عنم سهل بنم عبد ال قاِل :قاِل خاِل يوُماِد :أل تذكر ال الذي خلقك ؟ فقلت :كيف أذكممر ؟
فقاِل قل بقلبك عند تقلبك ف ثياِبك ثلَثا مرات منم غيِ أن ترك به لساِنك :ال معمي الم نماِظر إلم
,ال شاِهدي ,فقلت ذلك ثلَثا لياِل ث أعلمته قاِل لم :قمل فم كممل ليلمة سمبع ممرات ,فقلممت ذلممك
ث أعلمته ,فقاِل :قل ف كل ليلة إحدىَ عشرة مرة فقلت ذلك فوُقع ف قلب حلَوة .
فلماِ كاِن بعد سنة قاِل ل خاِل :احفظ ماِ علمتك ودم عليه إل أن تدخل القب فإنه ينفعك ف الدنياِ
والخرة ,فلم أذل علىَّ ذلك سني فوُجدت لاِ حلَوة فم سمرىَ تملنم علمىَّ ملَزمتهماِ وأمممره بمأن يقوُلماِ
أولد ثلَثاِ ث سبعاِ ث إحدىَ عشر علىَّ سبيل التدريجح سممهلَ لنتقماِله ممنم شميء إلم ممماِ هموُ أولم منممه وفم
ذلك تعليم وتدريجح للمريد كيف يتعلم الراقبة ,وأولماِ ذكمر الم تعماِل باِللسماِن ممع حضموُر القلمب ,فإن
تنبه ذكره بقلبه إن ل يكنم ف ذكره بلساِنه أيضماِ زيماِدة فضميلة ؛ فلهمذا لماِ رآه منتبهماِ قماِل لممه فيمماِ ذكممر :
قل بقلبك منم غيِ أن ترك به لساِنك ,وف نقلمه لمه فم عمدد الفمراد سمر وهموُ أنمه تعماِل فمرد يمب الفمرد
وكوُنه ثلَثاِ وسبعاِ وإحدىَ عشرة كأنه ليكوُن الثلَثا أقل المع والسمبع عمدد السمموُات والرضمي وأيماِم
السبوُع والحدىَ عشرة ناِية صلَة الوُتر .
ث قاِل ل خلىَّ :ياِ سهل ممنم كمماِن الم معمه وهمموُ نماِظر إليممه وشماِهده أيعصمميه ؟ إيماِك والعصمية .فكنمت
أخلوُ فبعثمموُن إلم الكتمماِب فقلمت إنم لخشمىَّ أن يتفمرق علمىَّ همي ولكممنم شماِرطوُا العلمم أنم أذهممب إليمه
ساِعة فأتعلم ثوُ أرجع فمضيت إل الكتاِب وحفظت الفرآن وأناِ ابنم ست سني أو سبع ,وكنت أصمموُم
5
المحبة بين المام التستري والمام الجنيد
الدهر وقوُتىَّ خبز الشعيِ إل أن بلغت اثنمت عشمرة سمنة ,فسمألت أهلمي أن يبعثمموُن إلم البصمرة فمذهبت
إليهاِ وسألت علماِئهاِ فلم يشف أحد منهم عن شيئاِد .
فخرجممت إلم عبمماِدان إلم رجممل يعممرف بممأب حممبيب حممزة ابممنم عبممد الم العبمماِدان فسممألته فأجمماِبن فممأقمت
عنده مدة أنتفع بكلَمه وأتأدب بآدابه ,ث رجعمت إلم تسمت فجعلمت قموُت اقتصماِرا علممىَّ أن يشممتي لم
بممدرهم مممنم الشممعيِ فيطحممنم ويممبز لم فممأفطر عنممد السممحر كممل ليلممة علممىَّ أوقيممة واحممدة بتماِد بغيِم ملممح ول
إدام فكاِن يكفين هذا الدرهم سنة .
ث عزمت علمىَّ أن أطموُىَ ثلَثا ليلمىَّ ثم أفطمر ليلمة ثم خسماِ ثم سبعاِ ثم خسماِ وعشمرينم ليلمة وكنمت علمىَّ
ذلك عشرينم سنة .
ث خرجت أسيح ف الرض سني ث رجعت إل تست وكنت أقوُم الليل كله .
وقد أرخه ابنم العماِد النبلي ف وفياِت سنة 283هم وقاِل عنه :
فيهاِ توُف القدوة العماِرف أبموُ مممد سمهل ابنم عبمد الم التسمتي الزاهمد فم المرم عمنم نموُ ممنم ثماِني سنة
ولة موُاعظ وأحوُال وكراماِت .
وكماِن ممنم أكممب مشماِيخ القموُم م وممنم كلَمممه وقممد رأىَ أصمحاِب المديث فقمماِل :اجهممدوا أن ل تلقموُا الم
تعماِل إل ومعكمم الماِبر ،وقيمل لممه :إلم مممت يكتمب الرجممل الممديث ؟ فقمماِل :حمت يإموُت ويصمب كممل
حبه ف قبه .وقاِل منم أراد الدنياِ والخرة فليكتب الديث فإن فيه منفعة الدنياِ والخرة .
وكاِن حريصاِد غاِيممة الممرص علممىَّ أكممل اللَل وتريممه ،حممت إنممه قمماِل عممنم نفسممه يوُمماِد " -:أنا حجة الـ
10
على الخلق وأنا حجة ال على أولياء زماني "
وقممد حممدد سممهل رحممه ال م تعلممىَّ أصمموُل طريقممه الصمموُف الممذي مشممىَّ عليممه بق موُله " أص موُلناِ سممبعة :التمسممك
بكت مماِب الم م ،والقت ممداء بس ممنة الرس مموُل ص مملىَّ الم م علي ممه وس مملم ،وأك ممل اللَل ،وك ممف الذىَ ،واجتن مماِب
العاِصي ،والتوُبة ،وأداء القوُق " .
وله أقوُال ناِفعة ،وبعمض الكرامماِت الت يرويهماِ عنمه تلَميمذه فم كمثيِ منهماِ مباِلغماِت غيِم معقوُلمة ،لمه كتماِب
تفسيِ القرآن العظيم ،مطبوُع مقق . 11رحه ال رحة واسعة .
10
-2قلت :هذا التعبير ل يليق ولم يرد عن أحد من السلف ) الصحابة ( مع أنهم كانوا قد بلغوا القمم العليا في الزهد والعبادة ،بل
ينبغي للمرء أن يحتقر نفسه ويهضمها في جنب ال تعالى .
- 11تفسيِ القرآن العظيم :لبأ ممد سهل بنم عبد ال بنم يوُنس بنم عيسىَّ بنم عبد ال بنم رفيع .تقيق :طه سعد وسعد ممد علي.
6
المحبة بين المام التستري والمام الجنيد
المبحث الثاني
12
ترجمة المام الجنيد :
هوُ أبوُ القاِسم النيد بنم ممد الزبجاِج .أصله منم ناِوند ،موُلده ومنشؤمه باِلعراق ،وقد تفقه علىَّ مذهب
أب ثوُر منم أصحاِب الماِم الشاِفعي رضي ال ،وراوي مذهبه القدي ،وكاِن النيد يفت بضرته وهوُ ف
العشرينم منم عمره ،فذاعت شهرته ف متلف الوساِط العلمية ببغداد .والنيد رحه ال كاِن يسمىَّ "سيد
الطاِئفة "وإماِمهم صاِحب خاِله السري السقطي ،والاِرثا الاِسب ،وممد ابنم القصاِب .توُف رحه ال
تعاِل سنة سبع وستي وماِئتي .رحه ال رحة واسعة .
كاِن النيد رحه ال يقيد تصوُفه بقوُله " مذهبناِ هذا مقيد بأصوُل الكتاِب والسنة " وكاِن يقوُل علمناِ هذا
مشيد بديث رسوُل ال صلىَّ ال عليه وسلم .
وكاِن يشتد نكيِه علىَّ منم يقوُل :بإسقاِط العماِل ،ويعتبه أمراد عظيماِد " والذي يسرق ويزن أحسنم
حاِلد منم الذي يقوُل هذا ،فإن العاِرفي باِل تعاِل أخذوا العماِل عنم ال تعاِل ،وإليه رجعوُا فيهاِ ،ولوُ
بقيت ألف عاِم ل أنقص منم أعماِل اليب ذرة ،إلل أن ياِل ب دوناِ " وكاِن يقوُل أيضاِد " -:لوُ أقبل
-مصادر ترجمته الرسالة القشيرية / 86بحار الولية / 329سير أعلما النبلءا – 68 – 67 / 14نقلل عن البحار 12
7
المحبة بين المام التستري والمام الجنيد
صاِدق علىَّ ال ألف ألف سنة ث أعرض عنه لظة كاِن ماِ فاِته أكثر ماِ ناِله " وصدق رحه ال ،
فمصداق ذلك قوُله صلىَّ ال عليه وسلم " ليس يتحسر أهل الجنة على شيء إل
على ساعة مرت بهم لم يذكروا الله عز و جل فيها " 13ومنم روائع أقوُاله " :
منم ل يفظ القرآن ول يكتب الديث ل يقتدىَ به ف هذا المر علمناِ هذا مقيد باِلكتاِب والسنة " ..
وكاِن الناِس يتوُافدون عليه ينهلوُن منم علمه وأدبه وفصاِحته وفتاِواه .
المبحث الثالث
تعريف المحبة -:
الماحبة في اللغة : 14
المماِء و البمماِء ،أصمموُل ثلَثممة ،أحممدهاِ اللممزوم والثبمماِت ...وحبممة القلممب :سمموُيداؤه ..وقيممل البممة :أصمملهاِ
ب :البيب ...وتأت بعن : الصفاِء :تقوُل العرب لصفاِء بياِض السناِن ونضاِرتاِ :حبب السناِن .وال ي
البوُب ..والبة :اسم للحب ..وهوُ نقيض البغمض ..وقيمل :ممنم البماِب ،وهموُ غليماِن القلمب وهيجماِنه
للقاِء البوُب ،مأخوُذ منم حباِب الاِء :ماِ يعلوُ الاِء عند الطر الشديد .
واصطلح ا -:عبرف كةل البة بسب ماِ أدركه منم علَماِتاِ ،ونظمر إليهمماِ ممنم زاويممة خاِصمة ،وبماِلنظر إلم
هذه التعريفاِت ندهاِ تصب ف بوُتقة واحدة وتلتقي حوُل معاِسن متقاِربة فنجد منم يقوُل :
" إنهــا ميــل الطبــع إلــى الشــيء لكــونه جميلا لذيــذا ،فــإن تأكــد ميــل وقــوي ســمي صــبابة ؛ لنصــباب
القلب إليه بالكلية ، " ...15والبعض يعرفهاِ بأناِ " -:إيثار المحبوب على جميع المصحوب " .
) -ضعيف( انظر حديث رقم 5446 :ف صحيح الاِمع ،وماِ بي قوُسي ضعيف عند اللباِن ،انظر ضعيف الاِمع رقم. 4944 : 13
- 14معجم مقاِييس للغة ل بنم فاِرس ) ماِدة :ح .ب ( 290 / 2بتصرف * .لساِن العرب * .829 / 16منم قضاِياِ التصوُف ف ضوُء
الكتاِب والسنة .أ د :ممد السيد الليند * . 50 :الرساِلة القشيِية *. . 424ا لب بي ال وعباِده أ /نبيل عطوُة * . 7روضة البممة
. 17وهناك كلم مابسوط لبن القيم رحماه ال في طريق الهجرتين وباب السعادتين حول الماحبة وآثارها وماعانيها مان
ص 243إلى . 268
15
-الحب اللهي – 13الرسالة . 424
8
المحبة بين المام التستري والمام الجنيد
فم حيم نمد ابمنم القيمم رحمه الم فم ) روضمة البي ( يسمهب فم ذكمر حمدهاِ وكلَم الناِس فيمه بماِ يممع مماِ
تقدم ويزيد عليه .وأجل ماِ قيل فيهاِ يمع ذلك :
ومثوُاك ف قلب فأينم تغيمب ؟ خياِلك ف عين وذكرك ف فمي
وأسأل عنهم منم لقيت وهم معي ومنم عجم س
ب أن أحينم إليهمهم وأجل منه -:
16
ويشتاِقهم قلب وهم بي أضلعي وتطلبهم عين وهم ف سوُادهاِ
فنتاِج هذا أن البة تنتظم العاِن كلهاِ منم اليل الدائم ،وإيثاِر البوُب علىَّ جيع الصحوُب ،والوُافقة له
ف الشهد والغيب ،واتاِد مراديهماِ ،والغيِة علىَّ القلب أن يكوُن فيه سوُىَ البوُب ،وحركة القلب علىَّ
الدوام إل البوُب وسكوُن القلب عنده ،وأن يكوُن البوُب أقرب إل الب منم روحه ،وماِ إل ذلك منم
معاِسن كثيِة ،لوُ قلبتهاِ تدهاِ كلهاِ تدور حوُل علَقة عظيمة بي الب والبوُب ونسياِن حض النفس أماِم
مراد البوُب .
الفصل الول
المحبة عند الصوفية
إن التتب ممع لقم موُال الص مموُفية فم م البممة وتعريفه ممم ل مماِ ،وت ممأملَتم فيه مماِ ليج ممد العج ممب ! م ممنم غراب ممة بعممض
التعريفاِت ،وشممطح الخممرىَ ،وسمموُ البعممض الخممر ؛ فكممأنه يصمموُغهاِ مممنم درسر أو همموُ ) قد ضمن الـدر
إل أنه كلم ( ،17ول ريب أن القاِريء التأمل فيهاِ لبد أن تتك ف نفسه أثراد ،فحموُاه صممدق كممثيِ مممنم
هممذه العمماِن ،وأنمماِ ل م تممرج إل مممنم قلمموُب ترقممت شمموُقاِد إل م ال م تعمماِل ،ونعممرف ذلممك إذا ميبزنمماِ ) بيــن
اتجاهين في المحبة :
التجــاه الول :وهــو مــا يلــتزم فــي تعــبيره عــن المحبــة بــالمعنى الســابق ،ويتمثلــه فــي ســلوكه ،
فيكون المحب واعيا بماذا يقول ،أو ماذا يفعل ،ويجيء مقـاله عـن المحبـة معـبرا عـن حـاله فيهـا
،ملتزما في ذلك بالوامر والنواهي الشرعية .
أما التجاه الثاني :فنجد المحبـة عنـده تأخـذ معنـى خاصـا اصـطلحيا ،ونجـد تعـبيره عنهـا يأخـذ
شكلا رمزيا أقرب ما يكون إلى اللغاز التي قد ل يفهمها إلل نمط معين من خاصة الصوفية ،و
يتضح لنا من ذلك ن أقوالهم في المحبة (. 18
9
المحبة بين المام التستري والمام الجنيد
فإذا ماِ نقلناِ كلَم أحدهم بنصه وفصه ،سنعلم تفصيل ماِ ذكره أستاِذي ،السممتاِذ الممدكتوُر :محمد
الســيد الجلينــد ،فم كلَمممه السمماِبق عممنم التمماِه الثمماِن ؛ فهممذا أبمموُ زيممد عبممدالرحنم بممنم ممممد النصمماِري
القيِوانم التمموُف سممنة 696ه م يقمموُل فم كتمماِبه ) مشمماِرق أنموُار القلمموُب ،ومفاِتيممح أسمرار الغيمموُب ( عممنم
البة عند الصوُفية :
) هي أصل جميع المقامات والحوال ,إذ المقامات كلها مندرجة تحتها ،فهي إما وسيله إليهــا
أو ثمرة من ثمراتها ،كالرادة والشوق والخوف والرجاء والزهد والصبر والرضــا والتوكــل والتوحيــد
والمعرفة ,ولهذا اختص بكمـال هـذا المقـام سـيد النـبيين ,وإمـام المرسـلين ,عليـه أفضـل الصـلة
والتسليم ,فإنه أعطي من سر هذا المقام ما لم يعط غيره من النبياء عليهم السلم ,ولتحققــه بـه
قــال الـ تعــالى فيــه ) :مــن يطــع الرســول فقــد أطــاع الـ (. .19وقــال تعــالى ) :إن الــذين يبايعونــك
إنما يبايعون ال (. . 20
وقال ) :قل إن كنتم تحبـون الـ فاتبعوني يحببكم الـ (.21وحسبك أن جعـل طاعته عين طـاعته
ومحبته شرط ا في محبته .وما ذاك إل لنـه وفــر نصـيبه مـن نـوره الـذي أفاضـه علـى العـالم السـفل
بواســطته ,ولــذلك ســماه نــورا مبينــا ،وسـراجا منيــرا ،وجعلــه رحمـةا للعــالمين ,فبــذلك النــور كــان
عليــه الصــلة والســلم يــدعو الخلــق إلــى ربــه تعــالى ليوصــلهم بــالنور للنــور ,وهنــا ســر يفهمــه أربــابه
الذين وصلوا إلى حقيقة الذوق ل يمكننا النطق به. 22
قال بعضهم :
وجاء لنا الساقي بصهباء قرقف شربنا على ظهر الربيع المفوف
إلى موضع السرار قلت لها :قفي فلما شربناها ودب دبيبها
فيطلع جلسي على سري الحفي مخافة أن يسطو علري شعاعها
ومن الدليل على أن المحبة مشتملة على جميع المقامات والحــوال أن النســان ل يحــب محبوبــا
إل بعــد العلــم بكمــال ذات ذلــك المحبــوب ,ثــم يتأكــد هــذا العلــم عنــده فيتــوالى فيكــون معرف ـةا
فتنبعــث عــن ذلــك الرادة ثــم الشــوق إلــى جمــال هــذه الــذات ,ثــم يلــزم علــى المحبــة الصــبر علــى
شــدة الطلــب ,وينبعــث لــه فــي أثنــاء ذلــك خــوف الحجــاب ورجــاء الكــرب والوصــال ,ثــم تشــمل
- 19النساِء . 80
- 20الفتح .10
- 21آل عمران . 31
- 22ول شك أن هذا الكلَم غلط ،فلَ أسرار ف الشريعة ،ولكنهاِ طريقة الصوُفية ف إخفاِء بعض أموُرهم .ينظر مموُع الفتاِوىَ .4/77
10
المحبة بين المام التستري والمام الجنيد
المحبة الرضى بجميـع مـراد المحبـوب والزهــد فيمـا سـواه واعتقـاد وحــدانيته اعنــي انفـراده بصــفات
الكمال ،فإن ما سواه عدم محض , 23وإسناد المور كلها إليه بالتفويض له والتوكل عليه .
وأمــا الحــوال التابعــة للمحبــة فهــي مثــل النــس والبســط والقبــض والمراقبــة والهيبــة والفنــاء والبقــاء
والمشاهدة وسائر الحوال , 24فقد دخل في مجموع هـذا المقـام سـائر المقامـات والحـوال فإنهـا
كلها مرادة له سواء كانت سابقة أو لحقة ,إل أن هـذا المقـام لدقـة معنـاه عـن الفهـام واعتياصـه
عن الذهان يحتاج إلي شرح أبسط من هذا ,فنقول :
اعلم أنه قد اختلف الولون والخرون في حــد هــذا المقــام وتبــاينوا فــي العبــارة عــن حقيقتــه إذ كــل
منه ــم إنم ــا يع ــبر عل ــى حس ــب ذوق ــه من ــه وينط ــق بمق ــدار ح ــاله وك ــل قاص ــر لعج ــزه ع ــن الحاط ــة
بحقيقته , 25ومن وصل إلي شيء منه من أهل التحقيق لم يخاطب الجمهور به إل رمـزا وتلويحــا ,
فإنه أعظم من أن تشرح حقيقتـه بـالنطق وحسـب المعـبر عنـه اليمـاء ,فأمـا شـرح الحقيقـة بـاللفظ
الص ـريح فمتعــذر جــدا ,26ونحــن نــورد مــن عبــارات النــاس عــن هــذا المقــام مــا هــو إل كالشــارة
واللماع .
قــال الحســين بــن المنصــور الحلج :المحبــة قيامــك مــع محبوبــك بخلــع أوصــافك ؛ لن كليــة
المحب تطابق كلية المحبوب ؛ فغيبته غيبة محبوبه ووجوده وجوده. 27
وقيل :المحبة سرور القلب بمطالعة جمال المحبوب .
وقيل :المحبة محو المحب بصفاته وإثبات المحبوب بذاته .
وقيل :حقيقة المحبة أن تمحوا من القلب ما سوى المحبوب .
وقيل :المحبة نار في القلب تحرق ما سوى المحبوب .
وقيل :المحبة أن تهب كليتك لمحبوبك فل يبقى لك منك شيء .
وقيل :حقيقة المحبة مال يصلح إل بالخروج عن رؤية المحبة إلى رؤية المحبوب .
11
المحبة بين المام التستري والمام الجنيد
وقيــل :المحبــة معنــي مــن المحبــوب قــاهر اللقــب تعجــز العقــول عــن إدراكــه وتمتنــع اللســنة عــن
العبارة عنه .
وقيل :المحبة أغصان تغرس في القلب فتثمر على قدر العقول .
فهذه أقاويل مفترقة ترجع إلى معان متقاربـة كلهـا خارجـة عـن الحقيقـة إذ هـي إمـا ثمـرة مـن ثمراتهـا
أو لزم من لوازمها ,وسبب من أسبابها ,أو شرط فيهـا ,والحقيقــة كمـا قلنــاه ل يمكــن أن تؤخــذ
من اللفاظ ,فـإن اللفـاظ المتعارفـة ل يوجـد فيهـا لفـظ يـوفى بحقيقـة المقصـود ,وأيضـا فالمحبـة
ألطف الشياء فإذا كسيت اللفاظ والحروف ـ وهما من عالم الحس الكثيف ـ فقد ككثفت لــذلك
وخرجت عن موضعها من اللطافة الذاتية لها ( .28.
ونرىَ الدكتوُر /عبدالفتاِح الفاِوي أثناِء عرضه لحوُالم يذكر لناِ ماِ تعنيه البة عندهم بأسلوُب
آخر متضمنم لفوُائد أخر ،فيقوُل ) :ومنم تلك الحوُال )البة( ويستدلوُن عليهاِ بقوُله تعاِل ) :يحبهم
ويحبونه( وقوُله صلىَّ ال عليه وسلم ) :ثلثا من كن فيه وجد حلوة اليمان ،أن يكون ال ورسوله أحب
إليه مما سواهما ،وأن يحب المرء ل يحبه إل ل ،وأن يكره أن يعود فى الكفر كما يكره أن يلقى فى النار
( 29كما يروون عن العرباض بن سارية :كان رسول ال صلى ال عليه وسلم يدعو ) :اللهم اجعل حبك
أحب إلى من نفسى وسمعى وبصرى وأهلى ومالى ومن الماء البارد ( .30فكأن الرسوُل صلىَّ ال عليه وسلم
طلب خاِلص الب – الذىَ هوُ أحد الحوُال عندهم – لنه هبة ل كسب.
ويعرف الشبلىَّ البة بقوُله ) :أن تحوُ منم القلب ماِ سوُىَ البوُب ،ويقول الجنيد :أن يكون السالك
بال ول ومع ال ......والب هوُ أصل كل الحوُال وموُجبهاِ عند الصوُفية ومنزلته ،ف الحوُال
بنزلة التوُبة ف القاِماِت ،فمنم صحت توُبته علىَّ الكماِل تقق بساِئر القاِماِت منم الزهد والرضاِ
والتوُكل ،وكذلك منم صحت مبته تقق بساِئر الحموُال .قاِل الروزباِرىَ :ماِ ل ترج منم كليتك ل
تدخل ف البة ،وقاِل أبوُ يزيد :منم قتلته مبته فديته رؤيته ،ومنم قتله عشقه فديته مناِدمته .وقاِل
صلىَّ ال عليه وسلم :الرء مع منم أحب ..... 31فمحبة ال للعبد تأتىَّ بعد إخلَصه وتقربه إليه وإذا
أحب ال العبد شله برحته وعناِيته ،أماِ العبد فإنه إذا أحب ال تعاِل أطاِعه واشتاِق للقاِئه فتصبح
الدنياِ هينة عنده .
- 28كتاب مشارق أنوار القلوب ومفاتح أسرار الغيوب تأليف :عبد الرحمن بن محمد النصاري المعروف بابن الدباغ ص 21
- 29مضى تخريجه .
- 30ضعيف ،ضعيف الجامع برقم .4153 :
- 31صحيح ،صحيح الجامع برقم .6689 :
12
المحبة بين المام التستري والمام الجنيد
فليس الب إدعاِء حلوُليمة أو اتماِد أو فنماِء وانمذاب بمل يقموُم علمىَّ الفكمر والمذكر والعتمدال فم تنماِول
النصمميب ممنم الممدنياِ .والمب همموُ الخلمص لم تعماِل الاِهمد فيمه حمق جهماِده ،ل النقطمع للرياِضماِت الروحيمة
32
كبدعة الرهباِنية (
وخلصاة ما تقدم ،وبناِء علىَّ تقسيم أستاِذناِ الفاِضل الليند اتاِهاِت الصوُفية إل اتاِهي :
الول :اللتزم ف تعبيِه عنم البة باِللفاِظ الشرعية أو الوامر والنوُاهي الت جاِءت باِ الشرعية .
والثاِن :العب عنهاِ باِللفاِظ الرمزية واللغاِز الت ل يفهمهاِ إلب نط معي منم خاِصية الصوُفية .
33
أقوُل بناِء علىَّ ذلك نستطيع القوُل باِلتاِل :
– 1عدم إطلَق الذم لعموُم الصوُفية القاِئلي ف البة ؛ فمنهم منم لزم اللفماِظ والقاِصمد الشمرعية ولم يمزح
عنهاِ ،نرىَ منهم منم يرفض " لفظ العشق أو الشوق فهي قد تصح للتعامل بها بين البشر ،أما مع ال ـ
فل يجوز استعمالها ول صفه بها ،ل عاشقا ول معشوقا " . 34وهؤملء يإثلهم قلة ،منهم :
النيد ،والتستي صاِحباِ موُضوُع بثناِ هذا .
_2ومنهم منم بهعد عنم الغموُض وتكلف الباِم فجاِءت عباِراته سهلَد مفهوُمة بداهمة ل تتماِج إلم إعمماِل
فكر لفهمهاِ .
– 3أن الكممثرة الغاِلبممة مممنم الصمموُفية – بكممل أسممف – " قد عبروا عــن حـالهم مــع المحبــة بألفــاظ رمزيـة ،
وغلوا في ذلك حتى خرج بعضهم عن المحبة المشروعة إلى ألوان من الفناء الذي انتهى ببعضهم إلى
الحلول أو التحاد ،فكان حالهم بدعيا ل شرعيا " . 35
وقد صدرت منم بعضهم عباِرات قد ل نلممك أحياِنماِد عنمد سماِعهاِ إلل أن نضمع أصمماِبعناِ فم آذاننماِ ! ممنم همموُل
تعبيِهاِ الذي تنفر منه نفوُس أول الفطر السليمة واليإاِن الفطري البيء ..
13
المحبة بين المام التستري والمام الجنيد
" بــل إن كــثيرا مــن الصــوفية المعتــدلين فــي مــذهبهم قــد أعلنــوا براءتهــم مــن الحلــوليين والتحــاديين ،
فالهجويري في كتابه ) كشف المحجوب ( يذكرهم بالضلل واللعنة ،فيقول -:وأمــا الحلوليــة لعنهــم
36
ال بقوله تعالى " فماذا بعد الحق إل الضلل " .
ويإثل هذا التياِر ..أبوُ يزيد البسطاِمي ،واللَج ،وابنم الفاِرض. 37
وهنمماِك أيض ماِد مممنم يسممموُنه " باِلشمميخ الكممب " :ميممي الممدينم ابممنم عرب م وعبمماِراته الشممهوُرة الممت نضممرب عنهمماِ
صفحاِد هناِ .38
فإذا ماِ أخمذناِ بقموُل شميخ السملَم ونقمده اللَذع لمم نمد أنمه يعنم الصموُفية الذينم يإثلموُن التماِه الثماِن المذي
ذكره الدكتوُر /الليند :
سم مميتبي حينئم ممذ خطم ممأ الصم مموُفية فم م ادعم مماِء مبم ممة الم م " ويعظم ــون أم ــر محبت ــه ويس ــتحبون الس ــماع بالغن ــاء
والدفوف والشبابات ،ويرونه قربة لن ذلك بزعمهم يحـرك محبــة الـ فـي قلـوبهم " .أي أنممم يتممذرعوُن
بأسباِب ل تت بصلة إلم البة الصمحيحة المت ينبغمي أن يكنهماِ الوُحمدون لمرب العماِلي ،فاِلبمة لمه وحمده ،
هي الت ترك القلوُب نوُ طمماِعته ،فيجممدون فيهماِ سمعاِدتم التاِمممة ،مستخصمي فم سمبيلهاِ بمذل أرواحهمم .
أممماِ السممتعاِنة باِلغنمماِء والممدفوُف وغيِهمماِ فمماِنه " نوع مــن محبــة المشــركين ل محبـة الموحـدين – فــان محبــة
الموحدين بمتابعة الرسول والمجاهدة في سبيل ال ".39
وقممد أغفلممت ذكممر الفنمماِء ،والتمماِد ،واللمموُل ،والسممكر ،والوُجممد ،والعشممق ،وهممي مممنم آثمماِر ول موُازم البممة
عندهم ؛ وذلك لمرينم -:
الول /كمماِن الممدف همموُ تممبيي معن م البممة عنممد الصمموُفية ،وأصممناِفهم فيهمماِ إذ هممي الصممل الممذي تنطلممق منممه
جيع الحوُال ،دون الدخوُل ف ذكر اللوُازم .
الثاِن /عدم الطاِلة بذكر اللوُازم والثاِر؛ لظن بأناِ ستستغرق أكمثر صمفحاِت همذا البحمث لكمثرة الكلَم
حوُلاِ ،ولختلَف الصوُفية أنفسهم ف تعريفاِتم لاِ وذكر معاِنيهاِ اختلَفاِد كثيِاد .
14
المحبة بين المام التستري والمام الجنيد
الفصل الثاني
*
المحبة بين التستري و الجنيد
المبحث الول :
المحبة عن المام التستري -:
إن منم المتع حقاِد تتبع نثر كلَم الماِم التستي ف البة ف طياِت الصاِدر والراجمع الت كتبمت عنمه ؛
لنعلم مسلكه ف هذا المر الذي هوُ منم أعماِل القلوُب كماِ نعلم ،ونلي هممذه القضممية حممت نممدرك ممماِ
كاِن عليه مشاِيخ الطاِئفة ممنم شمغف باِلعبماِدة الت كماِن مركهماِ السماِس مبة الم تعماِل فم قلموُبم ،تنبمأ
عنم ذلك كلماِتم ،وتسفر عنه النقوُلت عنهم ف بلوُغهم ف العباِدة شأواد عظيماِد .
استدراك :
بدايممة أود أن أوضممح اسممتدراكاِ علممىَّ الممماِم القشمميِي فم الرسمماِلة 40عنممد ذكممره للمحبممة وكلَمممه عممنم حممب
ال تعاِل للعبد فقاِل " :فمحبة ال سـبحانه للعبـد إرادتـه لنعـام مخصـوص عليـه ، " ...وهممذا كممماِ
نعلم موُافق لعتقاِد الكلَبية ، 41والنتسبي للماِم أي السنم الشعري ت ) 330هم ( رحه الم فم
42
تأويل الصفاِت ،ف طوُره الثاِن قبل أن يعوُد إل مذهب أهل السنة والماِعة ف إيإاِنم باِلصفاِت.
والق الذي عليه أهل السنة – والماِعة أنناِ نثبت ل تعاِل ماِ أثبته لنفسه وماِ أثبتممه لممه نممبيه ممممد صمملىَّ
ال عليه وسلم منم غيِ تكييف ول تثيل ومنم غيِ تشبيه ول تعطيل 43والبة ثاِبتممة لم بنصمموُص الكتمماِب
والسنة .
أماا الماحبة عند التستري -:
فإنه كماِ ذكرناِ ساِبقاِد ممنم أن للصموُفية اتمماِهي ،الول منهمماِ :هموُ العتممدل اللمتزم فم التعممبيِ والسملوُك،
وافق ماِد عنممد حممدود الشممرع ف م الوامممر والن موُاهي ..ولقممد تكلممم عممنم الفنمماِء مممنم منطلممق البممة ،وليممس مممنم
15
المحبة بين المام التستري والمام الجنيد
منطلق التوُحيد ... ،ويأخذ الب ف مذهب سهل التستي شكلَد مغاِيراد لاِ نده عند كثيِ منم الممبي
قبله ،فهوُ ليس انفعاِلد نفسياِد تغذيه حرارة العاِطفة ،وإناِ هوُ الممتزام بمأوامر الممب ونموُاهيه ،قمموُلد وعملَد
،فيكوُن سلوُكه ترجة لرغاِئب مبوُبه وتنفيذاد لوامر .
تعريفه للمحبة :
ولممذلك فقممد عمبرف سممهل البممة بأنمماِ " :موُافقممة القلممب لم ،والثبمماِت علممىَّ ذلممك ،وأتبمماِع نممبيه ،ودوام
الذكر ،وحلَوة الناِجاِة مع ال " فخضوُع القلب وانقياِد الوُارح لوامر الشرع ونوُاهيه هي أسممىَّ مراتممب
البة عند سهل . 44
تعريف آخر لها :
ولذا تده أيضاِد يقوُل عنم البة " إناِ معاِنقة الطاِعة ،ومباِينة الخاِلفة " .وهذا الكلَم مستقدىَّ مممنم
45
معيم الشمريعة ،وفيممه أيضماِد روح المموُف والرجمماِء ،ماِلفماِد بمذلك بعممض التصمموُفة المذينم نمبدت ألفمماِظهم ،
فنقمرأ عممنم بعضممهم قموُله " ممماِ عبممدت الم طمعماِد فم جنتممه ،ول خوُفماِد مممنم نمماِره ،ول شممك أن هممذا ماِلفماِد
لقوُله تعاِل عنم أصفياِئه " يدعوُن ربم خوُفاِد وطمعاِد ". 46
علمة الحب عنده :
ونده يؤمكمد همذا العنم فم موُضمع آخمر فيقموُل رحمة الم " :علَممة المب إيثماِره علمىَّ نفسمك وليمس كمل
مممنم عمممل بطاِعممة الم صمماِر حبيبماِد ،وإنمماِ الممبيب مممنم اجتنممب النمماِهي " .وهمموُ كمماِ قمماِل ؛ لن مبتممه لم
تعاِل سبب مبة ال له كماِ قاِل تعاِل " -:يبهممم ويبمموُنه " 47وإذا أحبممه الم تعمماِل تمموُله ونصممره علممىَّ
أعدائه ،وإناِ عدوه نفسه وشمهوُاته ،ولمذلك قماِل الم تعماِل"والم أعلمم بأعمدائكم وكفمىَّ باِل وليماِد وكفمىَّ
باِل نصيِاد "49.48
من علمات حب الله عنده :
ثم يرتقممي بممماِل التعممبيِ ورصمماِنة العبمماِرة فيقمموُل " :علَمممة حممب الم حممب القممرآن ،وعلَمممة حممب القممرآن
وحممب الم حممب النممب صمملىَّ الم عليممه وسمملم ،وعلَمممة حممب النممب صمملىَّ الم عليممه وسمملم حممب السممنة ،
وعلَمممة حممب السممنة حممب الخممرة ،وعلَمممة حممب الخممرة بغممض الممدنياِ ،وعلَمممة بغممض الممدنياِ أل يأخممذ
منهاِ إل زاداد وبلغة إل الخرة " .
- 44من قضايا التصوف ) . 77بتصرف (
- 45من قضايا التصوف ، 58الرسالة القشيرية . 424
رحمها ال ،وكثير من علمائنــا يشــكك فــي نسـبته إليهــا ،ول يهمنــا القائــل - 46قوت القلوب .122 /2ينسب هذا القول لرابعة العدوية
بقدر ما يهمنا القول و) الخطأ الذي يقع فيه هؤلء هــو انهــم عبــدوا الـ بل إرادة " وتوهمــوا أن البشــر يعمــل بل إرادة ول مطلــوب ول
ابن تيمية والتصوف :د :مصطفى حلمي .499 محبوب ،وهو سوء معرفة بحقيقة اليمان والدين والخرة (
- 47المائدة . 54
- 48النساءا . 45
- 49إحباءا علوما الدين . 254 / 4
16
المحبة بين المام التستري والمام الجنيد
وهذا مأخوُذ منم قوُل ابنم مسعوُد رضي ال عنمه " -:ل علممىَّ أحممدكم أن يسمأل عمنم نفسمه إلل القمرآن ؛
فإن كاِن يب القرآن فهوُ يب ال ،وإن ل يكنم يب القرآن فليس يب ال . 50
مفهوم المحبة عنده :
فمفهوُم سمهل رحمة الم للمحبة إذن مفهموُم دقيمق إذ يقموُل " البة أن تمب مماِ يبمه حبيبمك ،وتكمره مماِ
يكره " وكاِن يقوُل -:
" النيِان أربعة -:ناِر الشهوُة ،وناِر الشقاِوة ،وناِر القطيعة ،وناِر البة .
فنمماِر الشممهوُة تممرق الطاِقمماِت ،ونمماِر الشممقاِوة تممرق التوُحيممد ،ونمماِر القطعيممة تممرق القلمموُب ،ونمماِر البممة
ترق النيِان كلهاِ .51
ومنم أجل أقوُاله " عندماِ سئل :أي شيء يفعل ال بعبده إذا أحبه ؛ قاِل -:
يلهمه الستغفاِر عند التقصيِ ،والشكر له عند النعمة " 52
وصدق رحه ال فإن توُفيق ال لعبده إذا هوُ أحبه يقتضممي إلمماِمه السمتغفاِر والشمكر ،فاِلسمتغفاِر دليممل
علىَّ اتاِم النفس ف جنب ال ودليل علىَّ مبة العبد لربه ،أماِ الشكر ففوُق أنه يقتضي زيماِدة النعمم ممنم
الم لعبممده ،فهمموُ دللممة علممىَّ يقظممة القلممب ،وأدبممه الممم مممع خمماِلقه ،واعمتافه بفقممره إلم النعممم ،فمموُجب
الشكر له .
الحب عنده عطاء إلهي :
والتوُفيممق مممنم الم عممز وجممل للعبممد همموُ الممذي يإنحممه الممب " فــالحب عنــد ســهل عطــاء ووهــب ،وليــس
عملا ول كسب ا ،هو يفيض من ال دون انتظار أو سؤال من العبد .
وهذه المعية التي يستشعرها التستري أعطاها أهمية قصوى في ضرورة ذكــر المحبــوب علــى لســان
المحب وقلبه ،وباستغراق المحب في ذكــر محبوبــة ينصــرف الــذاكر عــن كــل لفـظ يــردده اللســان
إلى حضور قلبي ينسى الــذاكر فيــه نفســه ،ويـأتنس بحضـوره مــع ربــه ؛ فيفنــى عــن نفسـه ببقــائه مــع
ربه ،ويرى التستري أن الذين يذكرون ال بحضورهم وبقائهم مع الـ أعظـم شــأنا وأعلـى منزلـة مـن
أولئك الذين يقتصرون في ذكرهم علــى المواســم الشـكلية ،والعبــارات اللفظيــة وذلــك راجــع عنــده
إلى أن حياة الروح بالذكر ،وحياة الذكر بالذاكر ،وحياة الذاكر بالمذكور . 53
فلسفة الفناء عند التستري -:
17
المحبة بين المام التستري والمام الجنيد
ماِ تقدم يتضح أن الفناِء عند التستي نتيجة لستغراق الذاكر ف ذكر مبمموُبه ،والممذاكر عنممده يصممل إلم
حاِلممة يسممتوُي عنممده فيهمماِ الضممداد فلَ خيِم م ول شممر ،ول قممرب ول بعممد " 54ولكممنم سممهلَد ليممس مممنم
يقوُلوُن باِلفناِء الطلق ،وإناِ هوُ نوُع منم التصاِل الدائم باِل ،نتيجة الشعوُر الدائم بعيتممه ،دون خلممط
بي الرب والعبد ،هي غيبة للشعوُر عنم الذكر نتيجمة امتلَء القلمب باِلمذكوُر ،وهمذا الغيبة مؤمقتمة ول بد
أن يعقبهاِ حضوُر أو بقاِء ،فاِلفناِء عنده مؤمقت ل يدوم ،ول بد أن يعقبه صحوُ وحضوُر . " 55
قلت :ومع ذلك فإنني أتساءل دائما وأقول :لمــاذا ل تحصــل هـذه الحــال إل ر لهــؤلء القـوم ؟ !
وقد كان الصحابة رضي ال عنهم أشد حب ا ل وذكرا له فلم نقرأ عنهم كعشر هذا .وامتلء كتــب
التصــوف بمثــل هــذه القضــايا هــو مــا دعــاني للتســاؤل الــذي أرجــو أن أســمع جــوابه الشــافي مــن
أستاذي العـالم الجليـل أد /محمـد الجلينـد ،فسـؤالي هــذا سـؤال جاهــل يبتغــي العلــم ،ل متعنـ ت
ت
يبتغي المماراة والجدل .
لفظ المحبة ل معنى ثانيا ا لها عنده :
وماِ يممدر ذكمره أن سممهلَد رحممه الم قماِل فم رسماِلة لممه -:وأممماِ مبمة العبمد لم ،فحاِلمة ..يممدهاِ مممنم قلبمه
تلطف عنم العباِرة ،أي ل يإكنم التعبيِ عنهاِ بلفظ غيِ لفظ البة ،وقد تمله تلك الاِلة علىَّ التعظيممم
له ،وإيثاِر رضاِه وقلة الصب عنه ،والهتياِج إليمه ،وعمدم القمرار ممنم دونمه ،ووجموُد التنماِس بدوام ذكمره
له بقلبه . 56
نواقض الحب عنده :
ونراه أيضاِد ف موُضع أخر يفرق بي المب الذي ينماِقض حمب الم تعماِل ،وبيم الذي هموُ حمب فم الم
تعاِل فيقوُل " -:منم أحب الدراهم ل يب الخرة ،ومنم أحب البز – ولست أعلممم ممماِذا يقصممد بمماِ
– ل يب ال ،ول يرج الوُالد والوُلد البي منم البة ؛ لن ذلممك جعممل الم فم القلمموُب نصميباِد لممم ول
يرجه أيضاِد حب الزوجة بعنم الرفمق بماِ والرحمة لماِ ،ول يرجمه أيضماِد حمب مصماِل الدنياِ ممنم حاِجماِت
القسمماِم والقلمموُب ممماِ ل بممد منممه ،وليممس ذلممك كلممه يكمموُن ف م مكمماِن مبممة ال م ؛ لن مبممة ال م ف م أن موُار
اليإمماِن ،ومبممة هممذه الشممياِء ف م مكمماِن العقممل ،هكممذا عنممدي ف م الفممرق بي م مبممة ال م ومبممة الخلمموُق ،
ويرجه جيع ذلك عند بعض البي منم السلف ،57فأماِ الشتغاِل بذه الشياِء باِليثاِر لاِ علىَّ التفممرغ
- 54السابق والصفحة
- 55السابق والصفحة .
- 56الحب اللهى . 67
- 57ل أعلم منم يعن بذلك منم السلف إن كاِن علىَّ اصطلَحناِ ،فلَ أعلم أحداد يقوُل بثل هذا .
18
المحبة بين المام التستري والمام الجنيد
لرضمماِة الم والنطمماِط فم أهوُائهمماِ دون مبممة ال م فممإن ذلممك يرجممه عنممد الكممل وعنممدي ،يممرج العبممد مممنم
حقيقة البة السكوُن إل غيِ ال ،والفرح بسوُاه والزن علىَّ فوُات غيِه إياِه . 58
وهكذا نرىَ أن القشيِي " ل يرىَ ضرورة إل القوُل باِنقطاِع الرء عنم عاِله ،وانشغاِله باِلبة عنم كسممب
عيشه ،والخذ بأسباِب الياِة ،بل يرىَ أن الرء ماِدام مباِد لربه منفمذاد لواممر الم ،فمإنه يمب أن يتمثمل
مكاِرم الخلَق الت هي موُضع حب ال وحب رسوُله ،فينظر إل الناِس بعيم الرحممة والبممة ،بممل كمماِن
يتمن لوُ يفتدىَ الملدق جيعاِد منم عذاب ال ،رحةد بم وإحساِناِد إليهم . 59
شرط المحبة عند التستري -:
ويتل ممط فم م أقم موُال سممل الب ممة بمماِلعروف ،لن ممه ي ممرىَ ض ممرورة التلَزم بينهممماِ ؛ لن البممة تاِبع ممة للمعرف ممة ،
والعرفة شرط ف البة ،والرء ل يب إلل بعد أن يعرف . 60
علمات المحب عند التستري -:
ومممنم علَممماِت الممب عنممده " أن ل يغفممل لسمماِنه عممنم ذكممر حممبيبه ،شمماِكراد لنعمممه ،شممغوُفاِد بممه ،شمماِعراد
بعيتممه ،مشممتغلَد بتحصمميل أوامممره . 61ويممرىَ أنممه مممنم أعظممم علَممماِت الممب أن ل يشممكوُ حممبيبه ،فقممد
كاِن يعاِل الناِس منم علة كاِن هوُ يعاِن ألهاِ ،فقيل له ل ل تعاِل نفسك ؟! فقاِل :ضرب الممبيب ل
يوُجع . 62
مذهب التستري في المحبة -:
ك نم ممنم بدنن م آدددم نم ممنم ظهههمموُنرنهمم ومممذهبه ف م البممة ذو صمملة قوُيممة بمموُقفه مممنم آيممة اليثمماِق " ) دوإنمذ أددخ مدذ دربيم د
63
ت بندربيهكممم دقاِلهوُا بدمدلىَّ دشمنهمدنداِ أدمن تدمهقوُلهموُا يدمموُدم المنقدياِدممنة إننلماِ هكنلماِ دعممنم دهمدذا ن
ذهيريلمتدمههمم دوأدمشدهددههمم دعلدمىَّ دأنهفسمنهمم أدلدمسم ه
ي( 64وكذلك حديثه عنم العرفة ،ومذهبه ف التوُحيد يعتمد علممىَّ فهمممه المماِص ليممة اليثمماِق . 65 نن
دغاِفل د
19
المحبة بين المام التستري والمام الجنيد
وماِ دام النساِن قد استمد منم ربممه كمل شميء فلَ يمق للعبممد أن يقطمع صملة البمة بينمه وبيم النعممم عليمه
. 66
وأغرب تعريف للمحبة عنده :
67
قوُله " :هي الوُف منم ال تعاِل ! لن الكفاِر أحبوُا ال فلم يؤممنهم ،والؤممنوُن خاِفوُا ال فممأمنهم "
وهممذا مممنم ل موُازم البممة لشممك ؛ إذ المموُف والرجمماِء كممماِ همموُ معلمموُم جناِحمماِن للمممؤممنم ،والبممة تنبممع مممنم
الرجاِء السنم .ولعمل الشيخ رحمه الم ذهمب فم قموُله "الكفماِر أحبموُا الم " أي أنمم ظنموُا أنمم يبموُنه ،
لكنهم ل يتبعوُا الطريق الوُصلة إليه ،وهي اتباِع الرسل ،فلم يدركوُا ماِ كاِنوُا إليه يصبوُن
اف ففاتابباعوبني يامحببمباكــمم ا
ااــ لن التبم مماِع شم ممرط ف م م البم ممة كمم مماِ قم مماِل تعم مماِل ) :قامل إبمن اكمنتامم تابحبِبوفن ا
اا فغافومر فربحيمم(. 68 فويفمغفبمر لفاكمم اذانوبفاكمم فو ا
20
المحبة بين المام التستري والمام الجنيد
وكممدت أحممزن ،لمموُل أن عزائممي ف م أن كلمــات المــام الجنيــد ف م البممة مبثوُثممة ف م كتممب التصمموُف القديإممة
والديثة ،سوُاء كاِنت لنم ينتسبوُن إليه كاِلماِم الغزال ،وأب طاِلب الكمي والقشمميِي ،أم كماِنت للناِقمدينم
أمثاِل شيخ السلَم وتلميذة ابنم القيم ،أو منم العلماِء العاِصرينم :
أمثاِل أ د /ممد الليند ،و أ د /عبد الفتمماِح الفمماِوي ،و أ د /مصممطفي حلمممي ،وغيِهممم مممنم كتبموُا عممنم
التصوُف باِعتدال ل إفراط فيه ول تفريط .
أما الجنيد رحمه الله :
ف م ) مممذهبه مؤمسممس علممىَّ الصممحوُ ....وطريقممه أشممهر طريممق وقممد سمملك الشمماِيخ عليممه ،ول م يلتفممت لكممثرة
القوُال الختلفة ف أصوُل الصوُفية ...جاِء ف " الكاِياِت أن السي بنم منصوُر اللَج – ف حاِل غلبته
– تممرك صممحبة عمممرو بممنم عثممماِن الكممي ،وأتممىَّ إلم م النيممد طاِلبم ماِد الصممحبة فقمماِل لممه النيممد :أنمماِ ل أجتمممع
باِلاِني ،والصحبة تتطلب كماِل العقل ،فإذا ل يتوُفر ذلك تصرفت معي كماِ تصرفت مع سممهل بممنم عبممد
ال التستي وعمراد فقاِل له السي -:ياِ شيخ ،الصحوُ والسكر صفتاِن للعبممد ،ومممدام العبمد مجوُبماِ عمنم
ربه نفىَّ صفاِته ،فقاِل لمه النيمد -:ياِ ابنم منصموُر أخطمأت فم الصمحوُ والسمكر ،لن الصمحوُ بلَ خلَف
عباِرة عنم صحة حاِل العبد مع الق ،وذلك ل يدخل تت صمفة العبممد واكتسماِب اللمق ،وأنماِ أرىَ يماِ ابمنم
69
منصوُر ف كلَمك فضوُلد كثيِاد وعباِرات ل طاِئل تتهاِ .
21
المحبة بين المام التستري والمام الجنيد
جرت مسألة ف البة بكة أياِم الوُسم فتكلم الشيوُخ فيهاِ وكاِن النيد أصغرهم سناِد فقاِلوُا :هاِت ممماِ عنممدك
ياِ عراقي ،فاِطرق رأسه ودمعت عيناِه ث قاِل :عبهد ذاهل عنم نفسممه ،متصمل بممذكر ربمه ،قماِئم فم حقموُقه ،
ناِظر إليه بقلبه ،أحرق قلبه أنوُار هوُيته ،وصفاِ شربه منم كأس وده ،وانكشممف لمه البماِر مممنم أسمتاِر عينيممه
،فإن تكلم فباِل ،وإن نطق فعنم ال ،وإن ترك فبأمر ال ،وأن سكت فمع ال ،فهمموُ بمماِل ولم ومممع الم
،فبكىَّ الشيوُخ وقاِلوُا :ماِ علىَّ هذا منم مزيد . 72
وهذا الذي قاِله رحه ال هوُ ماِ فهمه منم حديث النب صلىَّ الم عليمه وسملم عمنم ربمه تعماِل فم حمديث الموُل
) :فإذا أحببته ,كنت سعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ,ويده الت يبطش بمماِ ,ورجلممه الممت يإشممىَّ
بمماِ ( ،فهممذا يؤمكممد ممماِ ذكرنمماِه عممنم النيممد وأنممه مممنم قيممد تصمموُفه باِلكتمماِب والسممنة ،فكمماِن ثنمماِء شمميخ السمملَم
عليه بقوُله ) :فإن النيد -قدس ال روحه -كاِن منم أئمة الدىَ(. 73
وهذا منه رحه ال مطاِبق لقوُل ال تعاِل ):قهمل إنمن هكمنتهمم هنتيبوُدن اللهد دفاِتلبنعهوُنن هميبنمبهكممم اللمهه دويدممغنفممر لدهكممم ذهنمهموُبدهكمم
دواللهه دغهفوُةر درنحيةم ) ، 74((31يقوُل ابنم كثيِ -رحممه الم – "هممذه اليمة الكريإممة حاِكممة علممىَّ كممل مممنم ادعممىَّ
مبة ال وليس هوُ علىَّ الطريقة المدية فإنه كاِذب ف دعوُاه ف نفس المر حت يتبممع الشممرع المممدي وقمماِل
75
الس م م ممنم البص م م ممري وغيِ م ممه م م م ممنم الس م م مملف :زع م م ممم أقم م م موُام أن م م ممم يب م م مموُن الم م م م ف م م مماِبتلَهم الم م م م ب م م ممذه الي م م ممة"
ويقوُل الشيخ ممد المي الشنقيطي -رحممه الم ": -يؤمخممذ مممنم همذه اليمة الكريإمة أن علَمممة البمة الصمماِدقة
ل ورسوُله –صلىَّ ال عليه وسلم -هي اتباِعه –صمملىَّ الم عليممه وسمملم -فاِلمذي يماِلفه ويمدعي أنممه يبمه فهموُ
كاِذب مفت؛إذ لوُكاِن مباِد له لطاِعه ،ومنم العلوُم عند العاِمة أن البة تستجلب الطاِعة ومنه قمموُل الشمماِعر:
إن الب لنم يب مطيع".76 لوُ كاِن حبك صاِدقاِد لطعته
فاِلبممة عنممد النيممد رحممه ال م معقممد النسممبة بي م الممرب وبي م العبممد ،فممإنه ل نسممبة بي م ال م وبي م العبممد إل
مممض العبوُديممة مممنم العبممد ،ومممض الربوُبيممة مممنم الممرب ،والبممة هممي معقممد هممذه النسممبة ،وهممي روح اليإمماِن
والعماِل ،وقد ذهب أهلهاِ بشرف الدنياِ والخرة ،إذ لم منم معية مبمموُبم أوفممر نصمميب ،فماِلرء مممع مممنم
أحب ،والبة هي اليل الدائم باِلقلب الاِئم ،وإيثاِر البموُب علمىَّ جيمع الصمحوُب ،وموُافقمة البموُب فم
الشهد والغيب ،وهوُ استكثاِر القليل منم التقصيِ واستقلَل الكثيِ منم الطاِعة ،وهمي أن تمب كلممك لمنم
22
المحبة بين المام التستري والمام الجنيد
أحببممت فلَ يبقممىَّ لممك منممه شمميء ،وهممي أن تممب إرادتممك ،وعزمممك ،وأفعاِلممك ،ونفسممك ،وماِلممك ،
ووقتك لنم تب ،وتعلهاِ حبساِد ف مرضاِه وماِببه.
مفهوم المحبة عنده :
قاِل أبوُ عمرو الزجاِجي :سألت النيد عنم البة ,فقاِل :تريد الشاِرة ؟ قلت :ل ,قاِل :تريممد الممدعوُىَ ؟
قلت :ل قاِل :فأي شئ تريد ؟ قلت :عي البة 0فقاِل :أن تب ماِ يب الم تعمماِل فم عبمماِده ,وتكممره
ممماِ يكممره الم تعمماِل فم عبمماِده ،ول يإكممنم فهمم نظريممة النيممد فم البمة الليممة بعممزل عممنم نظريمماِت أخممرىَ لممه مثممل
نظريتممه فم التوُحيممد 0فيِىَ النيممد أن أرواح البشممر آمنممت منممذ الزل بمماِل تعمماِل وأقممرت بتوُحيممده وهممي لم تممزل
بعممد فم عمماِل الممذر وقبممل أن يلممق الم العمماِل والجسمماِم الاِديممة الممت هبطممت تلممك الرواح إليهمماِ ,وأن هممذا همموُ
التوُحيد الكاِمل الاِلص لنه صدر عمنم أرواح مطهمرة ممردة عمنم أعمراض البمدن وآفماِته 0موُجموُدة ل بوُجوُدهماِ
التعي الاِص ,بل وجوُد الق ذاته .ولقد أنزل ال سبحاِنه هذه الرواح منم علياِئهاِ إل عاِلناِ هممذا وألبسمهاِ
ابدأناِ قصدا للبلَء والختباِر ,فشغل بعضهاِ بأغراض الدنياِ ونسىَّ أصله وموُطنه ,وحممنم بعضممهاِ إلم العمموُدة
إل ذلك الصل وجعل غماِيته الوُفمماِء بمذلك اليثماِق المذي أخممذه الم عليممه ,والرجموُع إلم تلممك المماِل المت كمماِن
عليهمماِ قبممل أن يوُجممد ف م هممذا العمماِل 0فممإذا ت م لممذه الرواح ممماِ أرادت ,وحممدت ال م تعمماِل التوُحيممد الكاِمممل
المماِلص -أو ممماِ يقمماِربه -وفنيممت عممنم وجوُدهمماِ الزمنم وبقيممت بمماِل وحممده 0وفم هممذا الفنمماِء فم الممق يتحقممق
معن الب له 0إذ الفناِء عنم الذات التعينة هوُ عي البة لنم تبقىَّ الذات حية فيه ول تشهد سوُاه .
إن جوُهر التصوُف عند النيد هوُ الفناِء عنم الذات والبقاِء باِل تعاِل ,أو هموُ الوُصمموُل إلم حماِل يكموُن فيهماِ
الق سع العبد وبصره علىَّ حد تعبيِ الديث القدسي 0وف هذه الاِل يصبح الوُجوُد الذات التعيم وجمموُدا
أت م وأكمممل عممنم طريممق البقمماِء بمماِل وف م ال م 0ولكنهمماِ حمماِل ل تممدوم ,فمماِن العبممد يعمموُد بعممدهاِ إل م حمماِل مممنم
الصممحوُ الصمموُف يشممعر فيهمماِ بإثنينيممة الممب والبمموُب ,فيسممتأنف النيم م إلم م مبمموُبه مممنم جديممد ويشممتاِق إلم م
التصاِل به .
علمات المحب عنده :
يقول الجنيد ف وصف الب صاِحب هذا الاِل " :عبد ذاهب عنم نفسه ,متصل بذكر ربمه ,قاِئم بأداء
حقمموُقه ,نمماِظر إليممه بقلبممه 0أحممرق قلبممه أن موُار همموُيته وصممفاِء ش مربه مممنم كممأس وده ,وانكشممف لممه البمماِر مممنم
أستاِر غيبه 0فإذا تكلم فباِل ,وان نطق فمنم ال ,وان ترك فبأمر ال ,وان سكت فمع ال ول وممع الم "
77
.
- 77الحب اللهي الفكرة جذورها وامتدادها د 0ممد احد عبد القاِدر. 5 .
23
المحبة بين المام التستري والمام الجنيد
ومنم أغرب الكاِياِت الت تروىَ عنممه ول أعلممم سممندهاِ ممماِ ذكممره الغزالم فم الحيمماِء 78أنممه قمماِل ) هحكممي عممنم
النيد أنمه قاِل ممرض اسمتأذناِ السمري رحمه الم فلمم نعمرف لعلتمه دواء ول عرفنماِ لماِ سبباِد ،فوُصمف لنماِ طبيب
حمماِذق ،فأخممذ قمماِرورة ممماِئه منظممر إليهمماِ الطممبيب وجعممل ينظممر إليممه مليماِد ثم قمماِل لم -:أراه بمموُل عاِشممق ! قمماِل
النيممد :فصممعقت وغشممي علممي ووقعممت القمماِرورة مممنم يمدي ،ثم رجعممت إلم السممري فممأخبته ،فتبسممم وقمماِل :
قاِتله ال ماِ أبصره قلت :ياِ أستاِذ وتبي البة ف البوُل قاِل :نعم .
وقلممت إضمماِفة إلم أن هممذه القصممة ل يعممرف سمندهاِ ،فإنمماِ تمماِلف الصمموُل المت نعرفهمماِ عممنم النيممد مممنم رفضممه
لستعماِل " لفظ العشق أو الشوُق ف موُضع البة " 79ومهماِ يكنم مممنم أمممر فهممي دالممة علممىَّ شممفاِفيته رحممه
ال وشدة تأثره ،ومبته ل تعاِل ،وعجبه منم يصل به الب إل هذه الاِل الت رؤي أثر البة فيهاِ ف أمر
ل يطر علىَّ باِل أحد .وأعيد قوُل _ إن صحت هذه الكاِية . -
علمة المحبة عنده :
والنيممد رحممه ال م مممنم منطلممق صممفاِء معتقممده يعممب عممنم علمــة المحبــة عنممده فيقمموُل " دوام النشمماِط الممدؤوب
بشهوُة يفت بدنه ول يفت قلبه " 80
وقد صدر عنم النيد عباِرات موُهة باِجة إلم تأممل وإمعماِن نظمر فيهماِ ممنم حيمث نسبتهاِ إليمه ،وصمحتهاِ فم
نفسممهاِ ومممدىَ مطاِبقتهمماِ للمعتقممد الصممحيح ؛ وذلممك مثممل قموُله :فقممدت يوُمماِد قلممب ،فقلممت يمماِ إلممي رلد علممي
81
قلب ،فسمعت مناِدياِد يقوُل :ياِ جنيد ننم سلبناِك القلب لكي تكوُن معناِ ..أتريد أن تبقىَّ مع غيِناِ
فهذه العباِرة توُهم بأن النيد رحه ال رباِ يقوُل باِلتاِد كماِ ذكر ذلك أستاِذناِ د /الليند .
ومثلهاِ قوُله -:
التصوُف هوُ أن يإيتك الق عنك ويإيتك به " .
" منم يقوُل " ال " دون أن يراه فهذا كذب .
" منم زعم معرفة الوُجوُد جهل عند حصوُل العلم ،قاِلوُا أضف أنت .
فقاِل :إنه هوُ العاِرف والعروف .
" ممماِ دمممت تقمموُل " الم " وتقمموُل " عبممد " فهممذا شممرك لن العمماِرف والعممروف واحممد ،كممماِ قمماِلوُا :
ليس ف القيقة إلل هوُ .هاِ هناِ ال فأينم العبد أي أن الكل هوُ ال . 82
أو إقراره للسري عندماِ قاِل الخيِ -:ل تصلح البة بي اثني حت يقوُل الوُاحد للخر ياِ أناِ . 83
262 / 4 - 78
من قضايا التصوف . 58 - 79
قوت القلوب . 108 / 2 - 80
من قضايا التصوف . 61 - 81
من قضايا التصوف . 62 - 82
الرسالة القشيرية . 427 - 83
24
المحبة بين المام التستري والمام الجنيد
فهذه عباِرات إن كاِنت صمدرت منمه وثبمت عنمه فهمي ميفمة فعلَد تنماِف كمل مماِ تقمدم ممنم سلَمة العتقمد
وصفاِئه ،والظنم به غيِ ذلك رحه ال ،والعذر له وارد ،ويغمر ذلك ف بممر حسممناِته ،وإن اعتممذرناِ لممه
فلنمماِ سمملف ف م اعتممذار ابممنم تيميممة رحممه ال م للشممبلي ،و اعتممذار ابممنم القيممم للهممروي رحممه ال م ف م الممدارج
وغيِهم كثيِ ،وبعض عباِراتم أشد وأنكىَّ .
ومثلهمماِ أيضماِد إقمراره لمماِله اللسممري علممىَّ إحممدىَ شممطحاِته عنممدماِ دفممع إليممه السممري رقعممة وقمماِل لممه -:هممذه
خيِ منم سبعماِئة قصة أو حديث يعلوُ ،فإذا فيهاِ -:
فماِل أرىَ العضاِء منك كوُاسياِد ولاِ ادعيت المب قاِلمت كذبتن
وتذبمل حت ل تيمب الناِدياِ فماِ الب حت يلصق القلب باِلشاِ ،
84
سوُىَ مقلمة تبكي أباِ وتناِجياِ وتنحل حت ل يبقمي لك الموُىَ
فاِلعتاض هناِ علىَّ قوُله " أو حديث " فمت كاِنت هذه البياِت أفضل منم كلَم سيد الرسلي صمملىَّ
ال عليه وسلم إلل ف عرف السري وأمثاِله .
ناقض المحبة عنده :
ونرىَ النيد رحه ال ف موُضع آخممر يريممد أن يؤمصمل معنم البمة فيقمموُل -:كمل مبمة كماِنت لغمرض ،إذا
زال الغرض زالت تلك البة " 85
وهذا صحيح نلمسه اليوُم ف حاِل بعض التاِئبي تت أسباِب شيء ،إذا زال الدافع له إل التوُبممة زالممت
ض ألل بمه فلمماِ زال المرض رجمع إلم الذنب ممرة أخمرىَ والعيماِذ باِل ، التوُبة كمنم يتوُب منم الزناِ مثلَد لر س
وقديإاِد قاِلوُا :
لاِ انتهىَّ المر ل صلبىَّ ول صاِماِ صلىَّ الصلي لمسر كاِن يطلبه
وف السياِق ذاته نلحظ إقرار النيد رحه ال للشيخ الاِرثا الاِسب علىَّ قوُله :
البممة ميلممك الشمميء بكليتممك ثم إيثمماِرك لممه علممىَّ نفسممك وروحممك وماِلممك ثم موُافقتممك لممه سمراد وجهمراد ثم
علمك بتقصيِك ف حبه . 86
تعريف مبهم للمحبة عنده :
وحوُل هذا العن يدور كلَم النيد نفسه عندماِ يقوُل " -:المحبة إفراط الميــل بل نيــل . " 87قمماِل
ابنم القيمم رحمه الم :وهمذا المد ل يعطي تصموُر حقيقمة البمة ،فمإن البة أعمرف عنمد القلمب ممنم اليل ،
25
المحبة بين المام التستري والمام الجنيد
وأيضاِد فإن اليل ل يدل علممىَّ حقيقممة البمة ،فإنمماِ أخمص مممنم ممرد ميمل القلممب ،إذ قمد يإيمل قلممب العبمد
88
إل الشيء ول يكوُن مباِد له لعرفته بضرته له ؛ هسي هذا اليل مبة فهوُ اختلَف عباِرة .
أماِ قوُله بلَ نيل فلَ أدري ماِذا أراد به ،ولعلي أسع نفسيِهاِ منم أستاِذي الليند وفقه ال .
استغراق القلب في محبة المحبوب:
وسممئل أيض ماِد عنهمماِ فقمماِل " -:المحبــة دخــول صــفات المحبــوب علــى البــدل مــن صــفات المحــب "
أشاِر بذا إل استيلَء ذكر البوُب حت ل يكوُن الغاِلب علىَّ قلمب المب إلل صمفاِت البموُب والتغاِفمل
باِلكلية عنم صفاِت نفسه والحساِس باِ . 89وقد ذكرناِ ساِبقاِد مصداق ذلك ف حديث ) الوُل ( .
طريق الهجرتين وباب السعادتين .254 .ط دار الكتاب العربي . - 88
الرسالة القشيرية . 425 - 89
قوت القلوب . 117 - 90
السابق . 124 - 91
الحب اللهي . 47 - 92
26
المحبة بين المام التستري والمام الجنيد
يديه حت قعد ف حجره ث نمزل عمنم حجمره إلم الرض وضممرب بنقمماِره علمىَّ الرض حمت خمرج المدم مممنم
منقاِره وماِت .93
فهذه مباِلغة شديدة إذ ل ندثا أن الطيِ رددت مع أحد أو هاِمت به إلل مع داود عليمه السملَم ) :دياِ
ن
طيمدر ( 94ول أعظمم ممنم كلَم النمب صملىَّ الم عليمه وسملم ،وممع همذا لم نسمع بوُقموُع جدباِهل أديونب دمدعهه دوال لم
مثله أو أقل عند تديثه صلىَّ ال عليه وسلم وكلَمه عممنم ربمه ،وليمس همذا إنكماِراد للكراممماِت ولكنمه دفمع
للمباِلغاِت . 95
أقسام الناس في المحبة عند الجنيد -:
قاِل النيد " الناس في محبة الـ خـاص وعــام فــالعوام نـالوا ذلـك بمعرفتهــم فــي دوام إحسـانه وكـثرة
نعمــه فلــم يتمــالكوا أن أرضــوه إلل أنهــم تقــل محبتهــم وتكــثر علــى قــدر النعــم والحســان ؛ فأمــا
الخاصة فنالوا المحبـة بعظـم القـدر والقـدرة والعلـم والحكمـة والتفـرد بالملـك ،ولمـا عرفـوا صـفاته
الكاملة وأسماءه الحسنى لم يمتنعوا أن أحبوه إذ استحق عندهم المحبة بــذلك لنــه أهــل لهــا ولــو
زال عنهم جميع النعم " . 96
وهذا الكلَم طيب موُافق لنصوُص الكتماِب والسنة وأقسماِم الناِس فم تعماِملهم ممع الم تعماِل مبمة وعبماِدة
إل غيِ ذلك .
ويشمهد لمه مماِ قمرره أسمتاِذناِ المدكتوُر /اللينمد بعمد أن ذكمر مستوُيي فم البمة ،السماِبقي ،والقتصمدينم،
قاِل إن " :الناِس هناِ درجاِت حسب صفاِء قلوُبم وامتلَئهاِ بب ال:
-1فهناِك قموُم يإلكموُن القمدرة و الرادة والبمة ،لكنهمم يتوُجهموُن بماِ إلم مماِ حمرم الم ونمىَّ عنمه ،
فيحبوُن ماِ أبغض ال ،ويبغضوُن ماِ أحب ال ،وهذا حاِل كثيِ منم اللق .
-2وهنمماِك مممنم يإلممك القممدرة والرادة والبممة ،ويتوُجهمموُن بماِ إلم تقيمق معنم الممب لم ،وفم المم،
فهؤملء ساِدة البي ،وهذه البة الصاِدقة هممي المت تمدفع المؤممنم إلم فعممل الطاِعمة حبماِد لمماِ وتمرك
العصية كرهاِد لاِ .
27
المحبة بين المام التستري والمام الجنيد
وهنمماِك مممنم يإلممك الرادة الصمماِدقة والبممة التاِمممة ،ولكممنم تنقصممه القممدرة والسممتطاِعة التاِمممة ، -3
فهؤملء يأتوُن ماِ يبه ال ورسوُله قدر استطاِعتهم ،وف حق هؤملء قاِل صلىَّ ال عليممه وسمملم):
إن أقوُاماِ باِلدينة خلفناِ ،ماِ سلكناِ شعباِ ول وادياِ إل وهم معناِ فيه ،حبسهم العذر ((. 97
وهناِك قسم رابع فيه قمدرة ناِقصمة ،وإرادة للحممق قاِصممرة ،وفيمه ممنم إرادة الباِطمل الممر الكمثيِ. -4
98
وهذا شأن ضعفاِء الؤممني " .
تلك القوُال الت وقفت عليهاِ آنفاِد للماِمي هي كل ماِ استطعت الوُصموُل إليمه فم طيماِت الكتمب لعمدم
وجوُد كتب مؤملفة ف هذه القضية منم قبلهمماِ ؛ ونظممرة سمريعة علممىَّ أقوُالممماِ فم البمة نسمتطيع ممنم خلَل
القوُل بأن -:
– 1سهلَد التستي رحه ال كاِنت ألفاِظه وتعاِبيِه أقرب إل روح الشمريعة فم الوُضمموُح وعممدم الغممموُض
منم النيد مع أن النيد كاِن كثيِاد ماِ ينتقد الصوُفية الستخدمي لغوُامض اللفاِظ ،والمثلة علىَّ ذلممك
مرت معناِ ف طياِت البحث .
– 2ل ألظ مأخذاد كبيِاد علىَّ سهل التستي ف أقوُاله سوُىَ ماِ ذكرت عنم الفنماِء ،وممر التعليمق علمىَّ
ذلك هناِك ؛ أماِ النيمد فقمد ممر بنماِ الكلَم أستاِذناِ أد /اللينمد حموُل ورود بعض أقموُاله فم البة الوُهة
بممأنه يقمموُل باِلتمماِد .أو ق موُله الممذي أرجمموُ أل يثبممت عنممه وهمموُ قموُله فم التفسمميِ أن السممر ل م يكتشممفه إلل
فرعوُن بقوُله " أناِ ربكم العلىَّ " وقد ذكرت أن شيخ السلَم كمماِن يسممميه "من أئمــة الهـدى " فممأرجوُ
أل يكوُن ذلك ف كلَمه .
-3توُافق التستي والنيد ف فهمهاِ لية اليثاِق الت بن عليهاِ توُحديهماِ .
وباِلملة فإن الرجلي ل يوُجد بينهماِ كبيِ فمرق فم التماِه والنظمرة للمحبمة والتعمبيِ بلساِن الماِل والقماِل
عنهمماِ بممل نممد أن كليهممماِ يرفضمماِن القمموُل الممذي ل يصمماِحبه فعممل ،وكلممماِتم الممت مممرت معنمماِ تؤميممد هممذا
فرحهماِ ال وغفر لماِ وجعناِ بماِ ف جناِت النعيم ..
- 97البخاري 4/26 :كتاب الجهاد :باب من حبسه العذر .صحيح الجامع :حديث رقم ).(2036
- 98من قضايا التصوف . 57
28
المحبة بين المام التستري والمام الجنيد
الفصل الثالث
المبحث الول :المحبة عند أهل السنة و الجماعة -:
ب..عبرف ابنم تيمية وابنم القيم العباِدة باِ يبمه الم ويرضمماِه باِعتبماِر أن العبمماِدة هممي أعلممىَّ مراتمب الم ب
ولذا يقمموُل ابممنم تيميممة) :فأصل المحبة المحمودة الـتي أمــر الـ بهـا ،ومخلـمق لجلهــا ،هــي مــا فـي
عبادته وحده ل شريك له؛ إذ العبادة متضمنة لغاية الحب بغاية الذل(99ول شك أن البة عمل
قلممب " يظهــر أثــره علــى الجــوارح فــي إتبــاع أوامــر المحبــوب وإتيانهــا ،واجتنــاب ن ـواهيه ورفضــها ،
" 100
فتكون المحبة معبرة عن أوامر المحبوب ونواهيه بحيث تتحد رغبة المحب مع المحبوب
وقمد وقمف علممماِء الممديث والسمنة ممنم الواممر والنموُاهي موُقفماِد حاِزمماِد معاِرضممي الممروج عنهماِ أو زعزعتهمماِ
تمت سمتاِر البة وإسمقاِط التكماِليف الت يرددهماِ بعمض الصموُفية .فليسمت البة عنمدهم أي عنمد شيوُخ
السم مملف ،مم ممنم نم مموُع العاِطفم ممة التأججم ممة الم ممت تعم ممل مم ممنم صم ممحاِباِ هاِئمم ماِد علم ممىَّ وجهم ممه ،تاِركم ماِد الفم ممروض
والتكمماِليف ،مقبلَد علممىَّ الن موُاهي ،مممردداد للذكمماِر ،مهللَد باِلتسمماِبيح ،يتوُاجممد أينممماِ حممل ،إنمماِ البممة
القيقية هي فيصل التفرقة بي الؤممنم الاِد ف إيإاِنه ،الذي يب ماِ يب ال ويتجنب ماِ يكره .
والكتاِب ملئ ف غيِ موُضع باِلياِت الدالة علىَّ اشتاط التاِبعة ل ولرسوُله صلىَّ ال عليه وسلم
منهاِ " فل وربك ل يؤمنون حتى يحكمــوك فيمـا شـجر بينهـم ثــم ل يجــدوا فــي أنفسـهم حرجـا ممــا
قضيت ويسلموا تسليم ا " 101
ومنم الحاِديث " ل يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من نفسه وولده والناس أجمعين." 102
فاِلبة تستلزم أداء الوُاجباِت أولد مع ترك الختياِر لفعل الزياِدة ،كماِ تقضي البة ترك الاِرم أيضاِد .
29
المحبة بين المام التستري والمام الجنيد
ويسم ممتخلص ابم ممنم رجم ممب مم ممنم هم ممذا أن ) :المحب ــة الص ــحيحة تقتض ــي المتابع ــة والموافق ــة ف ــي ح ــب
المحبوبات وبغض المكروهات ( .
هنمماِ تتضممح الياِبيممة ف م موُاقممف علممماِء السممنة .فقممد رأينمماِ هممذا العن م يممتدد عنممد أغلبهممم منممذ الوائممل ،
ويتنمماِقلوُن النصمموُص عنممد بعضممهم البعممض ،فيناِقشمموُن معناِهمماِ وممماِ يسممتتبعهاِ ،والفممرق بينهمماِ ) أي البممة (
وبي الوُف ،وماِ هي شروطهاِ وغاِيتهاِ .
وقممد استشممهد ابممنم رجممب ف م صممحة رأيممه الممذي أسمملفناِه ،مممنم أن عن موُان البممة الصممحيحة هممي التاِبعممة ،
بعبمماِرة وردت لل م يعقمموُب النهرجمموُري ) ،صمماِحب النيممد وغيِه وجمماِور باِل ممرم سممني وبممه ممماِت 330هم م( إذ
يقوُل ) :كل من أدعى محبة ال تعــالى ولــم يوافــق الـ فـي أمـره فــدعواه باطلـة ،وكــل محـب ليــس
يخاف ال فهو مغرور (.
نسممتخلص مممنم هممذا أن التفسمميِ الممذوقي للنصمموُص عنممد علممماِء السممنة أدىَ إلم الحتفمماِظ باِلكاِنممة الاِمممة
لعاِل السلَم ف أوامره ونوُاهيه ف موُاجهة التأويل الصوُف الذي كاِن ينسخ باِلعاِن ويذهب فم التفسميِ
إل م الممروج عممنم الوامممر والنموُاهي وكأنمماِ مممنم ل موُازم البممة وقممد حمماِفظ ابممنم رجممب وهمموُ مممنم شمميوُخ السمملف
التممأخرينم كممماِ نعلممم علممىَّ هممذا النهممجح السممليم واتممذ مممنم فكممرة البممة لم الغاِيممة القصمموُىَ الممت يتطلممع إليهمماِ
الؤممنم " فمن أحب ل وابغض ل وأعطى ل ومنع ل فقد استكمل اليمان ومن كان حبه وعطــاؤه
ومنعه لهوى نفسه كان ذلك نقصا في إيمانه الواجب " 103
ويتكلم ممم ابم ممنم القيم ممم رحم ممه ال م م ف م م الم ممدارج ، 104فيقم مموُل " :المحب ــة ه ــي المنزل ــة ال ــتي فيه ــا تن ــافس
المتنافسون وإليهــا شــخص العـاملون ،وإلــى معلملمهـا ، 105وعليهــا تفــاني المحبــون ،وبـروح نســيمها
تـروح العابـدون ،فهـي قـوت القلـوب وغـذاء الرواح ،وقــرة العيـون ،وهـي الحيـاة التي مـن حرمهـا
فهــو مــن جملــة المــوات ،والنــور الــذي مــن فقــده فهــو فــي بحــار الظلمــات ،والشــفاء الــذي مــن
عـدمه ح لـت بقلبـه جميـع السـقام ،واللـذة الـتي مـن لـم يظفـر بهـا فعيشـه كلـه همـوم والم ،وهـي
روح اليمان والعمال والمقامات والحوال التي حتى خلت منها فهي كالجسد الذي ل روح فيــه
،تحمــل أثقــال الســائرين إلــى بلد لــم يكونــوا إلر بشــق النفــس بالغيهــا ،وتوصــلهم إلــى منــازل لــم
يكونوا بدونها أبدا واصليها ،وتبؤهم من مقاعد الصدق مقامات لـم يكونـوا لولهـا داخليهـا ،وهـي
مطايــا القــوم الــتي س ـراهم علــى ظهــورهم دائم ـا إلــى الحــبيب ،وطريقهــم القــوم الــذي يبلغهــم إلــى
30
المحبة بين المام التستري والمام الجنيد
منــازلهم الولــى مــن قريــب ،تــال لقــد ذهــب أهلهــا بشــرف الــدنيا والخــرة ،إذ لهــم مــن محبــة
محبوبهم أوفر نصيب ،وقد قض ال يـوم قرـدر مقـادير الخلئـق بمشـيئتة وحكمتـه البالغـة أن المـرء
مع من أحب ،فيالها من نعمة على المحبين سابقة " .
والبة ل توُصف ول تعرف إناِ يعرفهاِ منم وجدهاِ وذاقهاِ ،وإنمماِ البحممث فم أسمباِباِ وموُجباِتمماِ وعلَماِتماِ
وشوُاهدهاِ . 106
المبحث الثاني :بيان علمات المحبة :
ق مماِل اب ممنم القي ممم فم م ال ممدارج) : 107ت مماِل م مماِ هزل ممت فيس ممتاِمهاِ الفلس مموُن ،ول كس ممدت فيبيعه مماِ باِلنس مميئة
العسمرون لقممد أقيممت للعممرض فم سموُق ممنم يزيممد فلمم يممرض لماِ بثمممنم دون بمذل النفموُس فتمأخر البطماِلوُن
وقماِم البموُن ينظمرون أيهمم يصلح أن يكموُن ثنماِ فدارت السملعة بينهمم ووقعمت فم يمد )أذلمة علمىَّ المؤممني
أعزة علىَّ الكاِفرينم( لاِ كثر الدعوُن للمحبمة طوُلبموُا بإقاِممة البينمة علممىَّ صمحة المدعوُىَ ،فلموُ يعطمىَّ النماِس
بدعوُاهم لدعممىَّ اللمي حرقممة الشمجي ،فتنمموُع المدعوُن فم الشممهوُد فقيممل ل تقبممل همذه المدعوُىَ إل ببينمة
)قل إن كنتم تبوُن ال فاِتبعوُن يببكمم الم ( فتمأخر اللمق كلهمم وثبمت أتبماِع المبيب فم أفعماِله وأقموُاله
وأخلَقه فطوُلبوُا بعدالة البينة بتزكية ) ياِهدون ف سبيل ال ول ياِفوُن لوُممة لئممم(فتمأخر أكمثر المبي ،
وقمماِم الاِهممدون فقيممل لممم :إن نفمموُس الممبي وأم موُالم ليسممت لممم فهلم موُا إل م بيعممة )إن ال م اشممتىَ مممنم
الممؤممني أنفسممهم وأمموُالم بممأن لممم النممة ( ،فلممماِ عرفموُا عظمممة الشممتي وفضممل الثمممنم وجلَلممة مممنم جممرىَ
علىَّ يمديه عقمد التبماِيع ،عرفموُا قدر السملعة وأن لماِ شمأناِ ،فمرأوا ممنم أعظمم الغبم أن يبيعوُهماِ لغيِه بثممنم
بس فعقدوا معه بيعة الرضوُان باِلتاضي منم غيِ ثبوُت خياِر ،وقاِلوُا وال ل نقيلك ول نستقيلك ،فلمماِ
تم م العقممد وسمملموُا الممبيع قيممل لممه :مممذ صمماِرت نفوُسممكم وأمم موُالكم لنمماِ رددناِهمماِ عليكممم أوفممر ممماِ كمماِنت
وأضعاِفهاِ معاِ)،ول تسب الذينم قتلوُا ف سبيل ال أموُاتاِ بل أحياِء عند ربم يرزقوُن فرحي باِ آتاِهم الم
مممنم فضممله( ،إذا غرسممت شممجرة البممة ف م القلممب وسممقيت بمماِء الخلَص ومتاِبعممة الممبيب أثممرت أن موُاع
الثماِر وآتت أكلهاِ كل حي بإذن رباِ أصلهاِ ثاِبت ف قرار القلب وفرعهاِ متصل بسدرة النتهىَّ(.
المبحث الثالث :السباب الجالبة للمحبة :
وقاِل أيضاِ ف الدارج :
فصل في السباب الجالبة للمحبة والموجبة لها وهي عشرة :
أحــدها :قمراءة القممرآن باِلتممدبر والتفهممم لعمماِنيه وممماِ أريممد بممه كتممدبر الكتمماِب الممذي يفظممه العبممد ويشممرحه
ليتفهم مراد صاِحبه منه.
- 106فضل الغني الحميد . 16
- 107مدارج السالكين . 3/8
31
المحبة بين المام التستري والمام الجنيد
الثاني :التقرب إل ال باِلنوُافل بعد الفرائض فإناِ توُصله إل درجة البوُبية بعد البة.
الثالث :دوام ذكره علىَّ كل حاِل باِللساِن والقلب والعمل والاِل فنصيبه منم البة علىَّ قدر نصمميبه مممنم
هذا الذكر .
الرابع :إيثاِر ماِبه علىَّ ماِبك عند غلباِت الوُىَ والتسنم إل ماِبه وإن صعب الرتقىَّ.
الخامس :مطاِلعممة القلممب لسمماِئه وصممفاِته ومشمماِهدتاِ ومعرفتهمماِ وتقلبممه فم ريمماِض هممذه العرفممة ومياِدينهمماِ
فمممنم عممرف ال م بأسمماِئه وصممفاِته وأفعمماِله أحبممه ل ماِلممة ولممذا كمماِنت العطلممة والفرعوُنيممة والهميممة قطمماِع
الطريق علىَّ القلوُب بينهاِ وبي الوُصوُل إل البوُب.
السادس :مشاِهدة بره وإحساِنه وآلئه ونعمه الباِطنة والظاِهرة فإناِ داعية إل مبته.
السابع :وهوُ منم أعجبهاِ انكسماِر القلمب بكليتمه بيم يمدي الم تعماِل وليمس فم التعمبيِ عمنم همذا العنم
غيِ الساِء والعباِرات.
الثامن :اللموُة بمه وقمت النمزول اللمي لناِجاِته وتلَوة كلَممه والوُقموُف باِلقلب والتمأدب بمأدب العبوُديمة
بي يديه ث ختم ذلك باِلستغفاِر والتوُبة.
التاسع :ماِلسممة الممبي الصمماِدقي والتقمماِط أطمماِيب ثمرات كلَمهممم كممماِ ينتقممىَّ أطمماِيب الثمممر ول تتكلممم
إل إذا ترجحت مصلحة الكلَم وعلمت أن فيه مزيدا لاِلك ومنفعة لغيِك.
العاشــر :مباِعممدة كممل سممبب يمموُل بي م القلممب وبي م الم عممز وجممل فمممنم هممذه السممباِب العشممرة وصممل
البوُن إل مناِزل البة ودخلوُا علىَّ البيب وملَك ذلك كله أمران:
- 1استعداد الروح لذا الشأن -2وانفتاِح عي البصيِة وباِل التوُفيق .108
خاتمة البحث
مقاِم الب ل تعاِل يتمثمل فم إيثماِر الم تعماِل ورسموُله علمىَّ الماِل والهمل والنفمس والوُلمد ،ول شمك أن
موُضممع هممذا الممب فم جمذور القلممب وأروقممة النمماِن .ول يصملح إل بشممقيه المموُف والرجمماِء ،وهممذا النمموُع
32
المحبة بين المام التستري والمام الجنيد
منم الب قبل أن يكوُن أمراد شرعياِد جاِءت به الرسل فهوُ فطرة سوُية ف نفوُس الممؤممني الوُحممدينم ،بمماِل
در ابنم القيم – رحه ال تعاِل :-
ول أخبمرت عنم جاِل البيمب هب الرسل ل تأت منم عنده
مبته ف اللقاِء والغيب ) .انتهىَّ ( أليس منم الوُاجب الستمحق
وقممد فممرض ال م تعمماِل علممىَّ عبمماِده أن يبمموُه أن يب موُا رس موُله صمملىَّ ال م عليممه وسمملم حب ماِد يإل نيمماِط قلمموُبم
وجنبمماِت نفوُسممهم ،بيممث ل يسمماِوون ول يقممدموُن علممىَّ ال م تعمماِل ورس موُله صمملىَّ ال م عليممه وسمملم حممب
أحد منم ماِل أو نفس أو ولد ،قاِل تعاِل " وادلنذيدنم آدمنهوُا أددشيد هحباِل لبنلنه " ] البقرة . [ 165 :
وهم إن ل يفعلوُا ذلك فليسموُ بكماِملي اليإماِن والدينم ،ولمنم يمدوا حلَوة اليإماِن فم قلموُبم ،قاِل النمب
صم مملىَّ ال م م عليم ممه وسم مملم " ثلَثا مم ممنم كم ممنم فيم ممه وجم ممد حلَوة اليإم مماِن :أن يكم مموُن ال م م ورس م موُله أحم ممب
إليه ماِ سوُاهاِ ،وأن يب الرء ل يبه ال ،وأن يكره أن يعوُد فم الكفمر كمماِ يكممره أن يقممذف فم النماِر
" ،109ومنم أثر ذلك الب الرضاِ بقضاِء ال تعاِل ،وصدق الشوُق إل لقاِئه .
يقوُل ابنم القيم :
والشوُق أثر منم أثاِر البة ،وحكم منم أحكاِمهاِ ،فمإنه سمفر القلمب إلم البموُب فم كمل حماِل ،وقيمل :
هوُ اهتياِج القلوُب إل لقاِء البوُب ) .انتهىَّ ( .
وقد كاِفأ ال تعاِل عبماِده المذينم همم علمىَّ همذه الصمفة ببمه لمم ،ورضماِه عنهمم حت إنمه سمبحاِنه يرضمىَّ
صماِنلاِ ن ن ن ن
ت دس يدمجدعهل الناِس عنهم ،ويضع لم القبموُل فم الرض ،قماِل تعماِل ) :إلن الذيدنم آدمنهموُا دودعملهموُا ال ل د
دلههم اللرمحدهنم هولدا (] مري . [ 96 :
قماِل ابمنم كمثيِ فم التفسميِ110عممنم ابمنم عبماِس فم قموُله ) :دسميدمجدعهل دلمههم اللرمحدمهنم هولدا ( قماِل :حبماِد ،وقمماِل
ماِهمد عنمه ) :دس يدمجدعهل دلمههم اللرمحدمهنم هولدا ( قماِل مبمة فم الناِس فم المدنياِ ،وقماِل سمعيد بنم جمبيِ :يبهمم
ويببهم يعن إل خلقه الؤممني ،كماِ قاِل ماِهد أيضاِد والضحاِك وغيِهم ) .انتهىَّ ( .
وروىَ مسلم عنم سهيل عنم أبيه عنم أبأ هريرة رضي ال عنه قاِل :قاِل رسوُل الم صمملىَّ الم عليممه وسمملم
" :إن ال إذا أحب عبداد دعاِ جبيل فقاِل :إن أحب فلَناِد فأحبه ،قاِل :فيحبه جبيل ثم يناِدىَ فم
السماِء فيقوُل :إن ال يب فلَناِد فأحبوُه ،فيحبه أهل السماِء ،قماِل ثم يوُضمع لمه القبمموُل فم الرض "
. 111
33
المحبة بين المام التستري والمام الجنيد
وعلَمم ممة ذلم ممك الم ممب عنم ممد أهم ممل السم مهنة النقيم مماِد التم مماِم لوامم ممر الم م تعم مماِل ،والفنم مماِء فم م مم مراده والذعم مماِن
والستسمملَم لرس موُله ممممد صمملىَّ ال م عليممه وسمملم بلَ حممرج ف م النفممس ،ول خيِة ف م المممر ،وهممذا همموُ
الممب القصمموُد شممرعاِد ،قمماِل الم م تعمماِل ) :قمهممل نأن هكنتمه ممم هنتبيمموُن المد م فدمماِتلبنعهنوُن هميبنمبهكم مهم المهم دويدممغنفممر لنهكم ممم
ذههنوُبدهكمم واله دغهفوُةر لرنحيمةم ( ] آل عممران [ 31 :فهمذه اليمة امتحماِن لكمل ممدع للمحبة كمماِ قاِل أهمل
العلم .قاِل الزهري :مبة العبد ل ورسوُله طاِعته لماِ وإتباِعه أمرهاِ ،قماِل الم تعماِل ) :قهمل نإن هكنتهممم
هنتيبوُدن الد فداِتلبنعهوُنن (. 112
34
المحبة بين المام التستري والمام الجنيد
35
المحبة بين المام التستري والمام الجنيد
.33موُقف ابنم تيمية منم الشاِعرة : .د :عبدالرحنم بنم صاِل الموُد .
.34العقيدة الطحاِوية : .لبنم أب العز النفي .
.35العقيدة الوُاسطية :لبنم تيمية :شرح د :صاِل بنم فوُزان الفوُزان .
.36قوُت القلوُب .لب طاِلب الكي .
.37كشف الجوُب .للهجوُيري .ط الزهري ترجة :مموُد أبوُ العزاي .
.38تفسيِ القرءان العظيم .ابنم كثيِ .
.39تفسيِ أضوُاء البياِن ف تفسيِ القرءان باِلقرءان .الشيخ :ممد المي الشنقيطي .
.40ملة البياِن السلَمية .العدد . 126
.41أعماِل القلوُب د :مصطفىَّ حلمي .
.42مدارج الساِلكي .ابنم قيم الوُزية .
.43فضل الغن الميد شرح كتاِب التوُحيد .د :ياِسر برهاِمي .
.44الاِمع لحكاِم القرءان .للماِم القرطب .
.45أراء الكلَبية العقدية وأثرهاِ ف الشعرية ف ضمموُء عقيمدة أهممل السمنة والماِعمة : .هممدىَ بنمت ناِصمر
الشلَل .ط مكتبة الرشد باِلرياِض .
الفهارس
الموضوع
الصفحة
القدم م م م م م م ممة 2...................................................................................
36
المحبة بين المام التستري والمام الجنيد
البم م ممة عنم م ممده عطم م مماِء إلم م ممي 18 ................................................................
لف م ممظ الب م ممة ل معنم م م ثاِنيم م ماِد ل م مماِ عن م ممده 19 .......................................................
37
المحبة بين المام التستري والمام الجنيد
تم ممأثيِ البم ممة عنم ممده ف م م سم ممعاِدة القلم ممب 28 ....................................................
علَمم م م ممة كمم م م مماِل البم م م ممة عنم م م ممده 28 ............................................................
المبح ــث الث ــالث :مقاِرنم ممة بي م م التسم ممتي والنيم ممد ف م م البم ممة 30....................................
الفصل الثالث :المبحث الول :البة عند أهل السنة والماِعممة 31................................
المبحـ ــث الثـ ــاني :بيم م مماِن علَمم م مماِت البم م ممة 33....................................................
38
المحبة بين المام التستري والمام الجنيد
39