You are on page 1of 9

‫بسم اهلل الرحمن الرحيم‬

‫كلمة لموالنا أمير المؤمنين‬

‫أبي بكر الحسيني القرشي البغدادي "حفظه اهلل"‬


‫بعنوان‪ََٰ ( :‬ه َذا َما َو َع َدَنا اللَّهُ َوَر ُسولُه)‬

‫إن الحمد هلل نحمده ونستعينه ونستغفره‪ ،‬ونعوذ باهلل من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا‪ ،‬من‬
‫يهده اهلل فال مضل له ومن يضلل فال هادي له‪ ،‬وأشهد أن ال إله إال اهلل وحده ال شريك له‬
‫وأشهد أن محمدا عبده ورسوله‪ ،‬أما بعد‪:‬‬
‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َٰ‬
‫ص َد َق اللهُ َوَر ُسولُهُ‬
‫اب َقالُوا َه َذا َما َو َع َدَنا اللهُ َوَر ُسولُهُ َو َ‬
‫َحَز َ‬ ‫يقول اهلل تعالى‪{ :‬وَل َّما َأرَى اْل ُم ْؤ ِمُن َ‬
‫ون ْاْل ْ‬
‫يما} [اْلحزاب‪.]22 :‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ َّ ِ‬
‫يم ًانا َوتَ ْسل ً‬
‫َو َما َزَاد ُه ْم إال إ َ‬
‫حقا‪ ،‬إنه وعد اهلل الذي وعد‪ ،‬وخبره الذي صدق‪ ،‬فها هو العالم الكافر اليوم قد حشر ونادى‪،‬‬
‫أولياءه لحرب اإلسالم وأهله‪،‬‬
‫كاءه وأحال َفه و َ‬
‫كيده وشر َ‬
‫وجمع كل كيده وتألّب؛ َ‬
‫َ‬ ‫وتحزب‪،‬‬
‫وتحالف ّ‬
‫ِ‬
‫وكيد المؤمنين ودينهم بكل ما يملكونه من كيد‪ ،‬وما يقدرون عليه من آلة حربية وعسكرية‪ ،‬جوية‬
‫أو برية أو بحرية‪ ،‬كل هذا للسعي حثيثا إلطفاء نور اهلل وعداوة لدينه ومنهاجه في اْلرض‪،‬‬
‫وخوفا وهلعا من أن تعود ْلهل اإلسالم والسنة خالفتهم وقوتهم‪ ،‬ويعود لهم التمكين والظهور كما‬
‫كان أول مرة‪.‬‬
‫إن هذه المعركة المستعرة والحرب الشاملة والجهاد الكبير الذي تخوضه دولة اإلسالم اليوم ما‬
‫تزيدنا ‪-‬إن شاء اهلل‪ -‬إال إيمانا ثابتا ويقينا راسخا بأن ذلك كله ما هو إال تقدمة للنصر المكين‬
‫وارهاصا للفتح المبين الذي وعد اهلل عباده‪ ،‬فإنا نظرنا في كتاب اهلل وفي تاريخ جهاد هذه اْلمة‬
‫الطويل لعدوها‪ ،‬فرأينا أن اآلية البينة على قرب هالك عدونا وزواله هو يوم شروعهم وايذانهم‬
‫بحرب اهلل ورسوله ودينه‪ ،‬وايذائهم عباده وأولياءه‪ ،‬والسعي إلخراجهم من اْلرض التي هلل‪،‬‬
‫ض ِلُي ْخ ِرُج َ‬
‫وك‬ ‫ون َك ِم َن ْاْل َْر ِ‬
‫يورثها من يشاء من عباده‪ ،‬يقول اهلل تبارك وتعالى‪{ :‬وِان َك ُادوا لََي ْستَِفُّز َ‬
‫ون ِخ َال َف َك ِإ َّال َقِل ً‬
‫يال} [اإلسراء‪.]67 :‬‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬
‫مْنهَا َوِا ًذا ال َيْلَبثُ َ‬
‫إن بداية نصرنا وأشرفه وأعظمه هو في غاية ما يكون عليه عدونا من التجمع والتحزب والتفاخر‬
‫والتكاثر‪ ،‬فهناك يدفع اهلل عن عباده‪ ،‬وتتجلى لهم آثار قوته وعزته وجبروته‪ ،‬قال اهلل تعالى‪:‬‬
‫ون * َوِاَّنا‬ ‫ظ َ‬ ‫ون * َوِاَّنهُ ْم َلَنا َل َغ ِائ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ين * ِإ َّن َه ُؤَالء َلش ْرِذ َمةٌ َقليلُ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫{ َفأ َْر َس َل ف ْرَع ْو ُن في اْل َم َدائ ِن َحاش ِر َ‬
‫اها َبنِي‬ ‫وز َو َم َق ٍام َك ِر ٍيم * َك َذِل َك َوأ َْوَرثَْن َ‬ ‫ون * َو ُكُن ٍ‬ ‫ات َو ُعُي ٍ‬ ‫اهم ِم ْن جَّن ٍ‬
‫َ‬ ‫َخَر ْجَن ُ ْ‬ ‫ون * فَأ ْ‬ ‫ِ‬
‫يع َحاذ ُر َ‬
‫ِ‬
‫لَ َجم ٌ‬
‫ون * َقا َل َك َّال‬ ‫وسى ِإَّنا َل ُم ْدَرُك َ‬ ‫اب ُم َ‬ ‫َص َح ُ‬ ‫ان َقا َل أ ْ‬ ‫اءى اْل َج ْم َع ِ‬‫ين * َفلَ َّما تََر َ‬ ‫وه ْم ُم ْش ِرِق َ‬
‫يل * َفأ َْتَب ُع ُ‬ ‫ِإ ْسَرائِ َ‬
‫ان ُك ُّل ِف ْر ٍق‬ ‫اك اْلَب ْحَر فَ ْانَفلَ َق َف َك َ‬ ‫ص َ‬ ‫ب بِ َع َ‬ ‫اض ِر ْ‬
‫َن ْ‬ ‫وسى أ ِ‬ ‫ين * فَأ َْو َحْيَنا ِإلَى ُم َ‬ ‫ِإ َّن َم ِعي َربِّي َسَي ْهِد ِ‬
‫َ‬
‫الطوِد اْلع ِظ ِيم * وأ َْزلَ ْفَنا ثََّم ْاآل َخ ِرين * وأَْنجْيَنا موسى وم ْن معه أ ْ ِ‬ ‫َّ‬
‫ين *‬ ‫َغَرْقَنا ْاآل َخ ِر َ‬ ‫ين * ثَُّم أ ْ‬ ‫َج َمع َ‬ ‫َ َ َ ُ َ ََ ََُ‬ ‫َ‬ ‫َك ْ َ‬
‫الرِح ُيم} [الشعراء‪]76-35 :‬؛‬ ‫ين * َوِا َّن َرَّب َك لَهَُو اْل َع ِز ُيز َّ‬ ‫ِ‬
‫ان أَ ْكثَُرُه ْم ُم ْؤ ِمن َ‬
‫ِ ِ‬
‫ِإ َّن في َذل َك َآلَيةً َو َما َك َ‬
‫ِ‬
‫اء َوَال‬ ‫ِّي َمن َّن َش ُ‬ ‫ص ُرَنا فَُنج َ‬ ‫ظُّنوا أََّنهُ ْم قَ ْد ُكذُبوا َج َ‬
‫اء ُه ْم َن ْ‬ ‫الر ُس ُل َو َ‬
‫َس ُّ‬ ‫{حتَّ َٰى ِإ َذا ْ‬
‫استَْيأ َ‬ ‫وقال سبحانه‪َ :‬‬
‫ين} [يوسف‪.]111 :‬‬ ‫ْسَنا َع ِن اْل َق ْوِم اْل ُم ْج ِرِم َ‬‫ُيَرُّد َبأ ُ‬
‫عباد اهلل‪ ،‬إن اإليمان ال يتم تمامه في نفس جماعة المسلمين حتى تتعرض وتستعد لمجاهدة‬
‫الناس في أمر هذا اإليمان‪ ،‬ومواجهة أهل الباطل بجميع قواهم‪ ،‬وهي تتعرض في ذلك الجهاد‬
‫وتلك المجاهدة لمطارق االبتالء وم اررة اْلذى‪ ،‬وتصبر معه على النصر والهزيمة‪ ،‬ويصيبها من‬
‫الخوف والزلزال‪ ،‬ثم تثبت وال ترتاب‪ ،‬وتستقيم وال تلتفت‪ ،‬وتمضي في طريق إيمانها الراشد‪ ،‬إن‬
‫شاء اهلل‪ ،‬ولوال هذه اْلحزاب وهذا الجهاد‪ ،‬لضعف اإليمان وما زاد‪ ،‬وفسدت القلوب وما صلحت‪،‬‬
‫ولرأينا النفوس تأسن‪ ،‬والهمم تسترخي‪ ،‬واإليمان يذبل‪ ،‬وهكذا يكون الحال حينما نبتلى بالرخاء‪،‬‬
‫ِ‬ ‫ض َوَل ِك َّن اللَّهَ ُذو َف ْ‬ ‫ِ‬ ‫{وَل ْوَال َد ْفعُ اللَّ ِه َّ‬
‫ض ٍل َعَلى اْل َعاَلم َ‬
‫ين} [البقرة‪:‬‬ ‫ضهُ ْم بَِب ْع ٍ‬
‫ض َل َف َس َدت ْاْل َْر ُ‬ ‫اس َب ْع َ‬
‫الن َ‬ ‫َ‬
‫‪.]231‬‬
‫لقد أرصد أعداء اهلل من اليهود والنصارى والمالحدة والرافضة والمرتدين وأمم الكفر جمعاء‬
‫إعالمهم وأموالهم وجيوشهم وعتادهم لحرب المسلمين والمجاهدين في والية نينوى بعد أن رأوها‬
‫قاعدة من قواعد اإلسالم ومنارة من مناراته تحت ظل الخالفة‪ ،‬فأرقهم حياة المسلمين فيها أعزة‬
‫آمنين‪ ،‬وأرهقهم أن تحقق للناس فيها مثاال لحكم اإلسالم يرونه ويعيشونه ويستفيئون ظالله‬
‫وينعمون بخيره وبركته‪ ،‬وهذا غاية ما يخشونه ويخافونه ْلنه سبيل امتداد نفوذ اإلسالم واتساع‬
‫رقعته ودخول الناس فيه‪.‬‬
‫فيا أهل نينوى عامة‪ ،‬ويا أيها المجاهدون خاصة‪ ،‬اهلل اهلل في دين اهلل‪ ،‬إياكم والضعف عن جهاد‬
‫عدوكم ودفعه‪ ،‬فإن ذلك ينقض عرى اإلسالم ويطفئ نور الحق‪.‬‬
‫يا معشر المهاجرين واْلنصار‪ ،‬امضوا على بصيرتكم‪ ،‬واصبروا على عزيمتكم صب ار على‬
‫الغصص‪ ،‬فكأن قد اندمل شعث الشتات‪ ،‬والتأمت كلمة الخير والعدل‪ ،‬ودفع الحق الباطل‪ ،‬فإن‬ ‫ُ‬
‫ون ُّ‬
‫الدُبَر}‬ ‫ُّ‬
‫{سُي ْهَزُم اْل َج ْم ُع َوُي َول َ‬
‫لهذا اليوم ما بعده‪ ،‬والصبر خير في اْلمور عواقبا‪ ،‬قال تعالى‪َ :‬‬
‫َن ُي ِح َّق اْل َح َّق‬‫يد اللَّهُ أ ْ‬
‫ون لَ ُك ْم َوُي ِر ُ‬ ‫ات َّ ِ‬
‫الش ْو َكة تَ ُك ُ‬
‫َن َغْير َذ ِ‬
‫ون أ َّ َ‬ ‫{وتََوُّد َ‬
‫[القمر‪ ،]53 :‬وقال جل وعال‪َ :‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ين * ِلُي ِح َّ‬ ‫ِ‬ ‫بِ َكِل َماتِ ِه َوَي ْق َ‬
‫ون} [اْلنفال‪.]6-6 :‬‬ ‫ق اْل َح َّق َوُيْبط َل اْلَباط َل َوَل ْو َك ِرهَ اْل ُم ْج ِرُم َ‬ ‫ط َع َدابَِر اْل َكاف ِر َ‬
‫يا جنود الخالفة‪ ،‬إذا وقفتم صوب طائرات أمريكا وحلفائها‪ ،‬فقفوا ثابتين متوكلين على من بيده‬
‫ملكوت السموات واْلرض‪ ،‬الذي ما من دابة إال هو آخذ بناصيتها‪ ،‬إن ربي على صراط مستقيم‪،‬‬
‫وقولوا‪« :‬حسبنا اهلل ونعم الوكيل»‪ ،‬فإنها كلمة قالها إبراهيم حين ألقي في النار‪ ،‬وقالها محمد ‪-‬‬
‫اخ َش ْو ُه ْم} [آل عمران‪:‬‬
‫اس قَ ْد َج َم ُعوا َل ُك ْم َف ْ‬ ‫صلى اهلل عليه وسلم‪ -‬حين قال له الناس‪ِ{ :‬إ َّن َّ‬
‫الن َ‬
‫‪ ،]165‬واعلموا أنه لو أطبقت السماء على اْلرض‪ ،‬لجعل اهلل للمؤمنين منها متنفسا‪.‬‬
‫فيا كتائب االنغماسيين‪ ،‬ويا قوافل االستشهاديين‪ ،‬ويا سرايا االقتحاميين‪ ،‬يا طالب الشهادة‬
‫والحسنى وزيادة‪ ،‬يا سعاة إلى الجنان والرضوان‪ ،‬انطلقوا على بركة اهلل‪ ،‬فإن الحرب حربكم‪،‬‬
‫وخربوا ديارهم دمارا‪ ،‬واجعلوا دماءهم أنهارا‪ ،‬فإن ذلك هو الحظ اْلوفر‪،‬‬ ‫حولوا ليل الكافرين نهارا‪ّ ،‬‬
‫ّ‬
‫والفوز اْلكبر‪ ،‬بصحبة الذين أنعم اهلل عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين‪ ،‬وحسن‬
‫ض َٰى} [طه‪ ،]65 :‬فجزاكم اهلل عن‬ ‫ت ِإَلْي َك ر ِّ ِ‬
‫{و َع ِجْل ُ‬
‫ب لتَْر َ‬ ‫َ‬ ‫أولئك رفيقا‪ ،‬وليكن لسان حال أحدكم‪َ :‬‬
‫اإلسالم والمسلمين خيرا‪ ،‬لقد أذقتم الكافرين اْلهوال‪ ،‬ومرغتم أنوفهم باْلوحال‪ ،‬فَ َديناكم بأنفسنا‪،‬‬
‫لقد كنتم وما زلتم بعد اهلل نعم الظهر والسند‪ ،‬ونعم الساعد والمدد‪.‬‬
‫يا أهل السنة في العراق‪ ،‬أفي كل مرة ال تعقلون؟ استمرأتم الذلة والمهانة حتى رتعتموها‪ ،‬وتهتم‬
‫كما تاه بنو إسرائيل من قبلكم‪ ،‬أ ََوما ترون الرافضة كل يوم يسومونكم سوء العذاب‪ ،‬يغزون‬
‫بالدكم بحجة محاربة الدولة اإلسالمية‪ ،‬ثم ال يبرحون حتى يقتلوا رجالكم‪ ،‬ويأسروا نساءكم‬
‫وذ ارريكم تارة‪ ،‬ويشردونهم تارة أخرى؟ أ ََوما ترون العراق تفرغ مدنها من أهل السنة‪ ،‬وتحشى‬
‫بأرذل خلق اهلل وشر من وطئ الحصى؟‬
‫تأملوا في صنيعهم‬
‫انظروا إلى راياتهم وهم يقاتلونكم‪ ،‬اسمعوا شعاراتهم وهم يحيطون ببالدكم‪ّ ،‬‬
‫حين يخرجونكم من أرضكم‪ ،‬واسمعوا نداءاتهم وهم يصرخون بالدعوة إلى غزو أراضي السنة‬
‫كلها من عراقكم إلى شامكم إلى نجدكم بل إلى يمنكم‪.‬‬
‫يا أهل السنة‪ ،‬لقد مارس زعماؤكم في المنطقة أحط وأحقر صور الخيانة عرفها التأريخ‪ ،‬فباعوا‬
‫القضية‪ ،‬وسلموا أمركم وأرضكم لعدوكم‪ ،‬فها هي مناطقكم يقتسمها الملحد الكافر والمشرك‬
‫الرافضي والنصيري الحاقد‪ ،‬في مشهد باطني خبيث مكشوف‪ ،‬يراه ويسمع به العالم أجمع‪ ،‬وها‬
‫هي حلب تواجه أعتى وأشرس حملة نصيرية بدعم مجوسي روسي كافر‪ ،‬يهدفون من خاللها‬
‫إلى إقامة كيان نصيري بديل وسط خيانة الفصائل المرتدة المنشغلة بقتال الدولة اإلسالمية‬
‫والساعية إلزاحة حكم اهلل من اْلرض في سبيل مصالح أسيادهم وداعميهم من دول الكفر‪.‬‬
‫وما تزال خطط الروم وما يزال مكرهم جاريا ساريا‪ ،‬حتى في جزيرة محمد‪ ،‬صلى اهلل عليه وسلم‪،‬‬
‫لتسليط الرافضة على أطرافها‪ ،‬في ظل إفساد كبير تعمل عليه حكومة آل سلول لعلمنة البالد‪،‬‬
‫والسعي في إكفار أهلها‪ ،‬ونشر الرذيلة بينهم‪ ،‬واإلطاحة بما ُيمكن أن ُيعد من رسوم الشرع وأهله‪،‬‬
‫ولم يقتصروا على ذلك فحسب‪ ،‬بل شاركوا مشاركة عسكرية حقيقية مع أمم الكفر لحرب اإلسالم‬
‫والسنة في العراق والشام‪ ،‬فهم رأس كل بلية‪ ،‬وسبب كل رزية‪.‬‬
‫فيا رجال الجزيرة‪ ،‬يا أحفاد الصحابة‪ ،‬أعيدوا عليهم الكرة تلو الكرة‪ ،‬دونكم أعداء اهلل‪ ،‬دونكم أمنهم‬
‫وعسكرهم وشرطهم‪ ،‬دونكم أزالمهم وأصحاب أقالمهم‪ ،‬دونكم أمراؤهم ووزراؤهم وأبواق إعالمهم‪،‬‬
‫وتذكروا وصية نبيكم‪ ،‬صلى اهلل عليه وسلم‪( :‬ال يجتمع دينان في جزيرة العرب) [رواه مالك‬
‫وغيره]‪.‬‬
‫يا أهل السنة‪ ،‬إنه ما بقي لكم بعد اهلل إال دولة الخالفة تصون دينكم وتحفظ بيضتكم وتقوي‬
‫شوكتكم‪ ،‬تحيون فيها أعزاء أو تموتون شرفاء‪ ،‬من غير أن يج أر على مس كرامتكم فيها رافضي‬
‫ذليل‪ ،‬أو نصيري خبيث‪ ،‬أو ملحد حقير‪.‬‬
‫أيها المسلمون الموحدون في مشارق اْلرض ومغاربها‪ ،‬لقد ظلت تركيا العلمانية المرتدة خالل‬
‫مدة جهادنا وصراعنا مع أحالف الكفر خاسئة خانسة‪ ،‬تطل بقرن وتستخفي بقرن‪ ،‬تسعى لتحقيق‬
‫مصالحها وأطماعها في شمال العراق وأطراف الشام‪ ،‬ثم ترتد خشية أن يصالها المجاهدون في‬
‫عقر دارها بجحيم عملياتهم ولهيب معركتهم‪ ،‬ثم إنها َّ‬
‫فكرت َّ‬
‫وقدرت ونظرت‪ ،‬ثم عبست وبسرت‬
‫واستكبرت‪ ،‬ودخلت في حربنا كما تدخل الضباع المبتورة مستندة مستظلة بطائرات تحالف‬
‫الصليب‪ ،‬مستغلة انشغال المجاهدين بحرب أمم الكفر ودفاعهم عن أرض اإلسالم‪ ،‬وظنت أنها‬
‫آمنة من أن ينزل بساحتها أبناء التوحيد وأسود الجهاد‪ ،‬أال إنه من مأمنه يؤتى الحذر‪.‬‬
‫أيها الموحدون‪ ،‬لقد دخلت تركيا اليوم في دائرة عملكم ومشروع جهادكم‪ ،‬فاستعينوا باهلل‪ ،‬واغزوها‪،‬‬
‫واجعلوا أمنها فزعا‪ ،‬ورخاءها هلعا‪ ،‬ثم أدرجوها في مناطق صراعكم الملتهبة‪.‬‬
‫ويا أجناد الخالفة في أرض الشام‪ ،‬ها قد جاءكم الجندي التركي الكافر‪ ،‬وانما دم أحدهم كدم‬
‫الكلب خسةً ورداءةً‪ ،‬فأروهم بطشكم‪ ،‬واصلوهم بنار غضبكم‪ ،‬وخذوا بثأر دينكم وتوحيدكم من‬
‫إخوان الشياطين وقدوة المرتدين وحلفاء الملحدين‪ ،‬فلن يغلب شركهم توحيدكم‪ ،‬وال نفاقهم إيمانكم‪،‬‬
‫وان اهلل مع المتقين‪ ،‬هذا ما وعدنا اهلل ورسوله‪.‬‬
‫لقد غدا اإلخوان المرتدون رأس حربة مسمومة يحملها الصليبيون لحرب الخالفة‪ ،‬فلم يقتصر كفر‬
‫هذه الفرقة الغاوية على شركها باهلل في الدساتير والتشريعات الباطلة‪ ،‬ومنازعة اهلل في حكمه‪،‬‬
‫وموافقة أمم الكفر على كفرهم‪ ،‬حتى صارت طائفة ال دين لها‪ ،‬أشبه بالزنادقة والباطنية‪ ،‬بل إنها‬
‫غدت ذراعا عسكريا وثيقا في منظومة التحالف الصليبي على اإلسالم وأهله‪ ،‬ال غنى لهم عنه‬
‫ون} [اْلعراف‪ ،]212 :‬فانظروا إلى‬ ‫ِ‬ ‫على اْلرض‪{ ،‬وِا ْخو ُانهم يم ُّد َ ِ‬
‫ونهُ ْم في اْل َغ ِّي ثَُّم َال ُي ْقص ُر َ‬ ‫َ َ ُْ َ ُ‬
‫العراق والشام وليبيا وتونس وغيرها من البلدان‪ ،‬فإنكم ال تجدون فيهم إال مشركا مشاركا بالقوانين‬
‫والتشريعات الكافرة‪ ،‬أو مصاففا موالفا للجيوش الصليبية أو الرافضية أو العلمانية الملحدة‪ ،‬مقاتال‬
‫مناكفا للمجاهدين في سبيل اهلل الساعين إلقامة حكم اهلل في اْلرض‪ ،‬فهم بحق إخوان الشياطين‬
‫والعميل العامل للصليبيين‪ ،‬قاتلهم اهلل ّأنى يؤفكون‪.‬‬
‫أيها المجاهدون في سبيل اهلل‪ ،‬اعلموا أنكم اليوم درع اإلسالم وحصنه المتين‪ ،‬فإياكم إياكم ‪-‬‬
‫يرحمكم اهلل‪ -‬أن يؤتى اإلسالم والمسلمون من قبلكم‪ ،‬فإن سنن اهلل ال تحابي أحدا‪ ،‬واهلل ‪-‬تبارك‬
‫وتعالى‪ -‬استعملكم وأورثكم‪ ،‬لينظر كيف تعملون‪ ،‬فاستعملوا تقوى اهلل وطاعته في ابتغاء نصره‬
‫آمُنوا ِإ ْن تَتَّقُوا اللَّ َه َي ْج َع ْل لَ ُك ْم فُْرقَ ًانا َوُي َكفِّ ْر َعْن ُك ْم َسِّيَئاتِ ُك ْم َوَي ْغِف ْر‬ ‫َِّ‬
‫ووعده‪ ،‬قال تعالى‪{َ :‬يا أَُّي َها الذ َ‬
‫ين َ‬
‫ض ِل اْل َع ِظ ِيم} [اْلنفال‪]22 :‬؛ وتجنبوا معصيته ومخالفة أمره‪ ،‬فإن عاقبة ذلك‬ ‫لَ ُك ْم َواللَّهُ ُذو اْل َف ْ‬
‫وخيمة على جميعكم‪ ،‬واني ٍ‬
‫تال عليكم وصية أمير المؤمنين عمر بن الخطاب لسعد بن أبي‬
‫وقاص ‪-‬رضي اهلل عنهما‪ -‬ومن معه من اْلجناد‪ ،‬حيث قال‪« :‬فإني آمرك ومن معك من‬
‫العدو‪ ،‬وأقوى المكيدة في‬
‫ّ‬ ‫العدة على‬
‫اْلجناد بتقوى اهلل على كل حال‪ ،‬فإن تقوى اهلل أفضل ّ‬
‫عدوكم‪ ،‬فإن ذنوب‬
‫أشد احتراسا من المعاصي منكم من ّ‬
‫الحرب‪ ،‬وآمرك ومن معك أن تكونوا ّ‬
‫عدوهم هلل‪ ،‬ولوال ذلك لم تكن‬
‫عدوهم‪ ،‬وانما ينصر المسلمون بمعصية ّ‬
‫الجيش أخوف عليهم من ّ‬
‫كعدتهم‪ ،‬فإذا استوينا في المعصية كان لهم‬
‫عدتنا ّ‬
‫لنا بهم قوة‪ْ ،‬لن عددنا ليس كعددهم‪ ،‬وال ّ‬
‫الفضل علينا في القوة‪ ،‬واال ننصر عليهم بفضلنا‪ ،‬لم نغلبهم بقوتنا‪ ،‬واعلموا أن عليكم في مسيركم‬
‫حفظة من اهلل يعلمون ما تفعلون‪ ،‬فاستحيوا منهم‪ ،‬وال تعملوا بمعاصي اهلل وأنتم في سبيل اهلل‪ ،‬وال‬
‫فرب قوم ُسلّط عليهم شر منهم‪ ،‬كما ُسلّط‬
‫عدونا شر منا فلن يسلّط علينا وان أسأنا‪ّ ،‬‬‫تقولوا إن ّ‬
‫على بني إسرائيل لما عملوا بمساخط اهلل كفّار المجوس‪ ،‬فجاسوا خالل الديار وكان وعدا مفعوال‪،‬‬
‫عدوكم‪ ،‬أسأل اهلل ذلك لنا ولكم»‪ ،‬انتهى‬
‫واسألوا اهلل العون على أنفسكم كما تسألونه النصر على ّ‬
‫كالمه‪ ،‬رضي اهلل عنه‪.‬‬
‫أيها المجاهدون‪ ،‬قال نبيكم‪ ،‬صلى اهلل عليه وسلم‪( :‬إنكم منصورون ومصيبون ومفتوح لكم فمن‬
‫أدرك ذلك منكم فليتق اهلل وليأمر بالمعروف ولينه عن المنكر) [رواه أحمد والترمذي وغيرهما عن‬
‫ابن مسعود]‪.‬‬
‫وحملكم أمانة حفظها والدفاع عنها والثبات‬
‫وها أنتم اليوم قد أورثكم اهلل هذه اْلرض المباركة‪ّ ،‬‬
‫على إقامة حكم اهلل فيها‪ ،‬فاحذروا أن يستزلكم الشيطان بانحياز عن أرض أو انسحاب من ثغر‪،‬‬
‫بل اصبروا وصابروا ورابطوا واثبتوا‪ ،‬وال تردوا موارد الذل بعد أن أعزكم اهلل‪ ،‬وال تستبدلوا الذي هو‬
‫أدنى بالذي هو خير‪ ،‬وال تهبطوا بعد الرفعة إلى مراتب الدون والضعة‪ ،‬واعلموا أن ثمن بقائكم‬
‫في أرضكم بعزكم أهون بألف مرة من ثمن انسحابكم عنها بذلكم‪ ،‬قال تعالى‪ُ { :‬قل لَّن َي َنف َع ُك ُم‬
‫يال} [اْلحزاب‪ ،]17 :‬وقال صلى اهلل‬ ‫ون ِإ َّال َقِل ً‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اْلفَرُار ِإن فََرْرتُم ِّم َن اْل َم ْوت أ َِو اْل َق ْت ِل َوِا ًذا ال تُ َمتَّ ُع َ‬
‫عليه وسلم‪( :‬رباط يوم وليلة خير من صيام شهر وقيامه‪ ،‬وان مات جرى عليه عمله الذي كان‬
‫يعمله‪ ،‬وأجري عليه رزقه‪ ،‬وأمن الفُتّان) [رواه مسلم عن سلمان الفارسي]‪.‬‬
‫فإن خرجتم من أرض بذنوبكم‪ ،‬فأرجعوها بتوبتكم وتقواكم ربكم‪ ،‬فإنه حقيق أن يكون لكم ذلك‪،‬‬
‫تذكروا أن عدوكم إن كان يقاتل في سبيل الطاغوت‪ ،‬فأنتم تقاتلون في سبيل اهلل العظيم‪ ،‬وان‬
‫كانوا يقاتلون من أجل كلمة الكفر‪ ،‬فأنتم تقاتلون من أجل كلمة اهلل‪ ،‬وان كانوا يقاتلون من أجل‬
‫عرض من الدنيا قليل‪ ،‬فأنتم تقاتلون من أجل ثواب عظيم وتجارة تنجيكم من عذاب أليم‪ ،‬وان‬
‫كانوا يقاتلون وفي صدروهم الخنا والكفران‪ ،‬فأنتم تقاتلون وفي صدوركم اإليمان والقرآن‪ ،‬وان كانوا‬
‫يقاتلون وعاقبتهم النار‪ ،‬فأنتم تقاتلون والعاقبة جوار الرحمن وجنة عرضها السماوات واْلرض‪ ،‬إن‬
‫ظْلٍم أُوََٰلئِ َك‬
‫يم َانهُم بِ ُ‬‫ِ ِ‬
‫آمُنوا َوَل ْم َيْلب ُسوا إ َ‬
‫ين َ‬
‫َِّ‬
‫شاء اهلل‪ ،‬فأي الفريقين أحق باْلمن إن كنتم تعلمون؟ {الذ َ‬
‫ون} [اْلنعام‪]62 :‬؛ هذا ما وعدنا اهلل ورسوله‪.‬‬
‫لَهُ ُم ْاْل َْم ُن َو ُهم ُّم ْهتَ ُد َ‬
‫توحدون ربكم‬ ‫ثم إني أحذركم النزاع والخالف بينكم في علومكم وأعمالكم‪ ،‬وأنتم في عدوة واحدة‪ّ ،‬‬
‫آمُنوا ِإ َذا لَِقيتُْم ِفَئةً فَاثُْبتُوا‬‫ين َ‬
‫َِّ‬
‫وتجاهدون عدوكم وتسعون إلعالء كلمة اهلل في اْلرض‪{َ ،‬يا أَُّي َها الذ َ‬
‫اص ِب ُروا‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫وا ْذ ُكروا اللَّه َكثِ ا َّ ِ‬
‫يح ُك ْم َو ْ‬ ‫ب ِر ُ‬ ‫يعوا اللهَ َوَر ُسوَلهُ َوَال تََن َازُعوا َفتَ ْف َشلُوا َوتَ ْذ َه َ‬
‫ون * َوأَط ُ‬
‫ير َل َعل ُك ْم تُْفل ُح َ‬
‫َ ً‬ ‫َ ُ‬
‫َّ‬
‫ين} [اْلنفال‪]57-53 :‬؛ فالنزاع مدعاة للفشل وتسلط العدو‪ ،‬واالختالف سبب‬ ‫ِإ َّن اللهَ َم َع الصَّابِ ِر َ‬
‫للشر ووقوع العداوة بينكم‪ ،‬وال تكونوا كالذين خلوا من قبلكم من اْلمم‪ ،‬أخذوا بحظ وتركوا حظا‬
‫فجعل اهلل العداوة والبغضاء بينهم‪ ،‬قال تعالى‪{ :‬فَنسوا ح ًّ‬
‫ظا ِم َّما ُذ ِّك ُروا بِ ِه فَأ ْ‬
‫َغَرْيَنا َبْيَنهُ ُم اْل َع َد َاوةَ‬ ‫َُ َ‬
‫َّ‬ ‫ام ِة َو َس ْو َ‬ ‫ِ‬
‫ون} [المائدة‪.]15 :‬‬ ‫ف ُيَنبُِّئهُ ُم اللهُ بِ َما َك ُانوا َي ْ‬
‫صَن ُع َ‬ ‫ضَِ‬
‫اء إَلى َي ْوِم اْلقَي َ‬ ‫َواْلَب ْغ َ‬
‫واياكم واالختالف على أمرائكم‪ ،‬اسمعوا لهم قربة‪ ،‬وأطيعوا لهم عبادة‪ ،‬ما لم يأمروكم بمعصية‪،‬‬
‫واعلموا أن خالفكم إياهم من أمر الجاهلية‪ ،‬وانما أعزكم اهلل باإلسالم والجماعة والسمع والطاعة‪،‬‬
‫َصَب ْحتُم بِنِ ْع َمتِ ِه ِإ ْخ َو ًانا َو ُكنتُ ْم َعَل َٰى‬
‫ف َبْي َن ُقلُوبِ ُك ْم َفأ ْ‬ ‫اء فَأَلَّ َ‬ ‫ت اللَّ ِه َعَلْي ُك ْم ِإ ْذ ُكنتُ ْم أ ْ‬
‫َع َد ً‬ ‫{وا ْذ ُك ُروا نِ ْع َم َ‬
‫َ‬
‫ون} [آل عمران‪]115 :‬؛‬ ‫ِ ِ َّ‬ ‫الن ِار فَأَنقَ َذ ُكم ِّمْنها َك ََٰذِل َك يبي َّ‬ ‫َش َفا ُح ْفَ ٍرة ِّم َن َّ‬
‫ِّن اللهُ لَ ُك ْم َآياته لَ َعل ُك ْم تَ ْهتَ ُد َ‬ ‫َُ ُ‬ ‫َ‬
‫وتذكروا وتأملوا قول اهلل تعالى‪ِ{ :‬إ َّن اللَّ َه َال ُي َغي ُِّر َما بِ َق ْوٍم َحتَّ َٰى ُي َغي ُِّروا َما بِأَنفُ ِس ِه ْم} [الرعد‪.]11 :‬‬
‫والى جنود الخالفة في خراسان وبنغالدش واندونيسيا والقوقاز والفلبين واليمن والجزيرة وسيناء‬
‫ومصر والجزائر وتونس وليبيا والصومال وغرب أفريقيا‪ ،‬اعلموا أنكم اليوم دعائم اإلسالم في‬
‫اْلرض‪ ،‬وأوتاد الخالفة فيها‪ ،‬أذهلتم أمم الكفر بجهادكم وصبركم وثباتكم‪ ،‬علّمتم الناس كيف‬
‫تكون مسالك النصر بحسن االجتماع‪ ،‬وامتثال الطاعة‪ ،‬وتكوين جماعة المسلمين الكبرى في‬
‫واقع استم أر الجاهلية الجهالء بكثرة الفرقة والبقاء على الشتات‪ ،‬ولقد أغظتم باجتماعكم وجهادكم‬
‫أمم الكفر كما كان غيظهم بقيام الخالفة سواء‪ ،‬وعليه فإنهم سيسعون إلطفاء نور اهلل بينكم ببث‬
‫أسباب الفرقة واالختالف‪ ،‬فاصبروا وصابروا وال تخافوا‪ ،‬واثبتوا وال تفروا عند إرادة القتال‪ ،‬فإذا‬
‫صبرتم فإن اهلل يؤيدكم وينصركم ويثبت أقدامكم‪ ،‬واعلموا أن الجنة تحت ظالل السيوف‪ ،‬واعلموا‬
‫أنه إن قُتل بعض قادتكم‪ ،‬فإن اهلل مخلفا لكم مثله أو خي ار منه‪ ،‬واهلل لن يضيعكم‪ ،‬فال تحزنوا‪ ،‬إن‬
‫اهلل معنا‪.‬‬
‫ويا أيها المجاهدون الصابرون على البأساء والضراء في سرت‪ ،‬لقد لقنتم اْلعداء من صبركم‬
‫دروسا‪ ،‬وكتبتم لمقامات المجد والثبات بدمائكم الطاهرة طروسا‪ ،‬كانت أوروبا الصليبية وال تزال‬
‫تطمع بأن تغزو مهد الخالفة وحصن اإلسالم في العراق والشام‪ ،‬حتى زلزلتم أمنها بنشأتكم‪،‬‬
‫وقلبتم موازين سياساتها بجهادكم‪ ،‬فصرتم العقبة الكأداء والصخرة الصلبة التي تكسرت عندها‬
‫إرادتهم‪ ،‬وتحطمت بها مشاريعهم‪ ،‬إن عدوكم يألم كما تألمون‪ ،‬ولكنكم ترجون من ربكم ما ال‬
‫يرجون‪ ،‬فإياكم أن تبرحوا مقاعد قتالكم ومواطن رباطكم‪ ،‬فلقد أوشك عدوكم أن يمل أو ُيدفع‬
‫ُفيفل‪.‬‬
‫وال يفوتنا في هذا المقام أن نذكر إخواننا المسلمين عامة بأنه إن ضاقت السبل وتقطعت الطرق‬
‫بالهجرة إلى أرض العراق والشام‪ ،‬فقد جعل اهلل لهم سبيال واسعة للهجرة إلى تلك الواليات المباركة‬
‫ليقيموا هنالك صرحا من صروح اإلسالم ويحوزوا فضل السبق في نصرة دين اهلل واعالء كلمته‪،‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫قال تعالى‪{ :‬يا ِعب ِاد َِّ‬
‫اعُب ُد ِ‬
‫ون} [العنكبوت‪.]37 :‬‬ ‫آمُنوا ِإ َّن أ َْرضي َواس َعةٌ فَِإَّي َ‬
‫اي َف ْ‬ ‫ين َ‬
‫ي الذ َ‬
‫َ َ َ‬
‫والى إخواننا القابضين على الجمر الذين ابتالهم اهلل باْلسر‪ ،‬إنا على قدر ما نحن فيه من‬
‫منازلة ضخمة ْلعداء اهلل‪ ،‬فإننا واهلل ما نسيناكم ولن ننساكم‪ ،‬كيف وأنتم أرقنا الدائم وهمنا الذي‬
‫ال يبرح‪ ،‬نسأل اهلل أن يجعل فك أسركم على أيدينا‪ ،‬وكسر سجونكم بأسلحتنا وحديدنا‪ ،‬وما ذلك‬
‫على اهلل بعزيز‪ ،‬فعليكم بالتضرع إلى اهلل ببالئكم‪ ،‬وتذكروا أن اهلل يصنعكم ليوم تنصرون فيه‬
‫دينكم ودولتكم‪ ،‬واني أحرضكم على الدعاء العظيم إلخوانكم في الدولة اإلسالمية أن يهيئ اهلل‬
‫لهم من أمرهم رشدا‪ ،‬وأن يجعل معونته الحسنى لهم مددا‪ ،‬ويغنيهم به عمن سواه‪ ،‬فك اهلل أسركم‬
‫وقوى عزمكم‪ ،‬وجعل لكم فرجا ومخرجا‪.‬‬
‫وكشف كربكم‪ ،‬وجبر كسركم‪ّ ،‬‬
‫أيها المسلمون في كل مكان‪ ،‬إني معزيكم ومعزي المجاهدين عامة بمقتل الشيوخ والقادة‪ ،‬وعلى‬
‫رأسهم الشيخ أبو محمد العدناني والشيخ أبو محمد الفرقان‪ ،‬رحمهم اهلل‪ ،‬وأعلى في الفردوس‬
‫مسكنهم‪ ،‬فقد كانوا لنا من خيرة الوزراء‪ ،‬وصالح اْلمراء‪ ،‬إلى ما شرفهم اهلل به من حسن السابقة‬
‫وقديم الفضل‪ ،‬والجد في تشييد صرح الخالفة‪ ،‬وحكم اهلل في اْلرض‪ ،‬حتى قضوا نحبهم‪ ،‬وأوفوا‬
‫ومّنه‪ -‬أن الخالفة ما تعثرت‬
‫ما بذمتهم‪ ،‬نحسبهم كذلك واهلل حسيبهم‪ ،‬إال أننا نبشركم ‪-‬بفضل اهلل َ‬
‫بمقتلهم فضال عن أن تقف عجلة الجهاد بفقدهم‪ ،‬بل إن تلكم اْلجساد الطاهرة ما هي إال قرابين‬
‫نقدمها بين يدي اهلل طلبا لمرضاته واستجالبا للنصر المبين والفتح القريب‪ ،‬بإذن اهلل‪ ،‬فلقد علمنا‬
‫في كتاب اهلل أن استشهاد القادة والصالحين هو الباب اْلقرب للتمكين في اْلرض‪ ،‬وثواب الدنيا‬
‫ون َكثِ ٌير فَ َما‬ ‫واآلخرة‪ ،‬قال اهلل تعالى عن حال اْلنبياء وأتباعهم‪{ :‬و َكأَي ْ ِ‬
‫ِّن م ْن َنبِ ٍّي قَ َات َل َم َعهُ ِربُِّّي َ‬ ‫َ‬
‫ان َق ْولَهُ ْم‬
‫ين * َو َما َك َ‬ ‫ب الصَّابِ ِر َ‬ ‫استَ َك ُانوا َواللَّهُ ُي ِح ُّ‬
‫ض ُعفُوا َو َما ْ‬
‫و َهُنوا ِلما أَصابهم ِفي سبِ ِ َّ ِ‬
‫يل الله َو َما َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ ُْ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫وبَنا َوِا ْسَارَفَنا ِفي أ َْم ِرَنا َوثَب ْ‬ ‫َن َقالُوا رَّبَنا ْ ِ‬
‫ين *‬ ‫ص ْرَنا َعَلى اْل َق ْوِم اْل َكاف ِر َ‬ ‫امَنا َو ْان ُ‬‫ِّت أَ ْق َد َ‬ ‫اغف ْر لََنا ُذُن َ‬ ‫َ‬ ‫ِإ َّال أ ْ‬
‫ين} [آل عمران‪.]156-157 :‬‬ ‫ِِ‬ ‫اب ْاآل ِخَ ِرة َواللَّهُ ُي ِح ُّ‬
‫الدْنَيا و ُح ْس َن ثَو ِ‬
‫اب ُّ‬ ‫َّ‬
‫ب اْل ُم ْحسن َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫فَآتَا ُه ُم اللهُ ثََو َ‬
‫اللهم منززل الكتزاب‪ ،‬ومجزري السزحاب‪ ،‬وهزازم اْلحززاب‪ ،‬اهززمهم وانصزرنا علزيهم‪ ،‬اللهزم عليزك‬
‫بالكفرة المجرمين الذين يصدون عزن سزبيلك‪ ،‬ويكز ّذبون رسزلك‪ ،‬ويحزاربون أوليزاءك‪ ،‬اللهزم أعنزا‬
‫علززيهم بسززنين كسززني يوسززف‪ ،‬اللهززم أحصززهم عززددا‪ ،‬واقززتلهم بززددا‪ ،‬وال تغززادر مززنهم أحززدا‪ ،‬اللهززم‬
‫فززرق جمعهززم‪ ،‬وشززتت شززملهم‪ ،‬اللهززم مززن أرادنززا وأراد ديننززا وجهادنززا بسززوء‪ ،‬فاجعززل دائزرة السززوء‬
‫تدور عليه‪ ،‬حتى ُيهلك نفسه بيديه‪ ،‬اللهم امكر لنا وال تمكر علينزا‪ ،‬واهزدنا‪ ،‬ويسزر الهزدى لنزا‪،‬‬
‫وانصرنا على من بغى علينا‪ ،‬أنت موالنا‪ ،‬نعم المولى ونعم النصير‪،‬‬
‫وآخر دعوانا أن الحمد هلل رب العالمين‪.‬‬

You might also like