Professional Documents
Culture Documents
إن الحمد هلل نحمده ونستعينه ونستغفره ،ونعوذ باهلل من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ،من
يهده اهلل فال مضل له ومن يضلل فال هادي له ،وأشهد أن ال إله إال اهلل وحده ال شريك له
وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ،أما بعد:
َّ َّ َٰ
ص َد َق اللهُ َوَر ُسولُهُ
اب َقالُوا َه َذا َما َو َع َدَنا اللهُ َوَر ُسولُهُ َو َ
َحَز َ يقول اهلل تعالى{ :وَل َّما َأرَى اْل ُم ْؤ ِمُن َ
ون ْاْل ْ
يما} [اْلحزاب.]22 : ِ ِ َّ ِ
يم ًانا َوتَ ْسل ً
َو َما َزَاد ُه ْم إال إ َ
حقا ،إنه وعد اهلل الذي وعد ،وخبره الذي صدق ،فها هو العالم الكافر اليوم قد حشر ونادى،
أولياءه لحرب اإلسالم وأهله،
كاءه وأحال َفه و َ
كيده وشر َ
وجمع كل كيده وتألّب؛ َ
َ وتحزب،
وتحالف ّ
ِ
وكيد المؤمنين ودينهم بكل ما يملكونه من كيد ،وما يقدرون عليه من آلة حربية وعسكرية ،جوية
أو برية أو بحرية ،كل هذا للسعي حثيثا إلطفاء نور اهلل وعداوة لدينه ومنهاجه في اْلرض،
وخوفا وهلعا من أن تعود ْلهل اإلسالم والسنة خالفتهم وقوتهم ،ويعود لهم التمكين والظهور كما
كان أول مرة.
إن هذه المعركة المستعرة والحرب الشاملة والجهاد الكبير الذي تخوضه دولة اإلسالم اليوم ما
تزيدنا -إن شاء اهلل -إال إيمانا ثابتا ويقينا راسخا بأن ذلك كله ما هو إال تقدمة للنصر المكين
وارهاصا للفتح المبين الذي وعد اهلل عباده ،فإنا نظرنا في كتاب اهلل وفي تاريخ جهاد هذه اْلمة
الطويل لعدوها ،فرأينا أن اآلية البينة على قرب هالك عدونا وزواله هو يوم شروعهم وايذانهم
بحرب اهلل ورسوله ودينه ،وايذائهم عباده وأولياءه ،والسعي إلخراجهم من اْلرض التي هلل،
ض ِلُي ْخ ِرُج َ
وك ون َك ِم َن ْاْل َْر ِ
يورثها من يشاء من عباده ،يقول اهلل تبارك وتعالى{ :وِان َك ُادوا لََي ْستَِفُّز َ
ون ِخ َال َف َك ِإ َّال َقِل ً
يال} [اإلسراء.]67 : َّ ِ
مْنهَا َوِا ًذا ال َيْلَبثُ َ
إن بداية نصرنا وأشرفه وأعظمه هو في غاية ما يكون عليه عدونا من التجمع والتحزب والتفاخر
والتكاثر ،فهناك يدفع اهلل عن عباده ،وتتجلى لهم آثار قوته وعزته وجبروته ،قال اهلل تعالى:
ون * َوِاَّنا ظ َ ون * َوِاَّنهُ ْم َلَنا َل َغ ِائ ُ ِ ِ ِ
ين * ِإ َّن َه ُؤَالء َلش ْرِذ َمةٌ َقليلُ َ
ِ ِ ِ ِ
{ َفأ َْر َس َل ف ْرَع ْو ُن في اْل َم َدائ ِن َحاش ِر َ
اها َبنِي وز َو َم َق ٍام َك ِر ٍيم * َك َذِل َك َوأ َْوَرثَْن َ ون * َو ُكُن ٍ ات َو ُعُي ٍ اهم ِم ْن جَّن ٍ
َ َخَر ْجَن ُ ْ ون * فَأ ْ ِ
يع َحاذ ُر َ
ِ
لَ َجم ٌ
ون * َقا َل َك َّال وسى ِإَّنا َل ُم ْدَرُك َ اب ُم َ َص َح ُ ان َقا َل أ ْ اءى اْل َج ْم َع ِين * َفلَ َّما تََر َ وه ْم ُم ْش ِرِق َ
يل * َفأ َْتَب ُع ُ ِإ ْسَرائِ َ
ان ُك ُّل ِف ْر ٍق اك اْلَب ْحَر فَ ْانَفلَ َق َف َك َ ص َ ب بِ َع َ اض ِر ْ
َن ْ وسى أ ِ ين * فَأ َْو َحْيَنا ِإلَى ُم َ ِإ َّن َم ِعي َربِّي َسَي ْهِد ِ
َ
الطوِد اْلع ِظ ِيم * وأ َْزلَ ْفَنا ثََّم ْاآل َخ ِرين * وأَْنجْيَنا موسى وم ْن معه أ ْ ِ َّ
ين * َغَرْقَنا ْاآل َخ ِر َ ين * ثَُّم أ ْ َج َمع َ َ َ َ ُ َ ََ ََُ َ َك ْ َ
الرِح ُيم} [الشعراء]76-35 :؛ ين * َوِا َّن َرَّب َك لَهَُو اْل َع ِز ُيز َّ ِ
ان أَ ْكثَُرُه ْم ُم ْؤ ِمن َ
ِ ِ
ِإ َّن في َذل َك َآلَيةً َو َما َك َ
ِ
اء َوَال ِّي َمن َّن َش ُ ص ُرَنا فَُنج َ ظُّنوا أََّنهُ ْم قَ ْد ُكذُبوا َج َ
اء ُه ْم َن ْ الر ُس ُل َو َ
َس ُّ {حتَّ َٰى ِإ َذا ْ
استَْيأ َ وقال سبحانهَ :
ين} [يوسف.]111 : ْسَنا َع ِن اْل َق ْوِم اْل ُم ْج ِرِم َُيَرُّد َبأ ُ
عباد اهلل ،إن اإليمان ال يتم تمامه في نفس جماعة المسلمين حتى تتعرض وتستعد لمجاهدة
الناس في أمر هذا اإليمان ،ومواجهة أهل الباطل بجميع قواهم ،وهي تتعرض في ذلك الجهاد
وتلك المجاهدة لمطارق االبتالء وم اررة اْلذى ،وتصبر معه على النصر والهزيمة ،ويصيبها من
الخوف والزلزال ،ثم تثبت وال ترتاب ،وتستقيم وال تلتفت ،وتمضي في طريق إيمانها الراشد ،إن
شاء اهلل ،ولوال هذه اْلحزاب وهذا الجهاد ،لضعف اإليمان وما زاد ،وفسدت القلوب وما صلحت،
ولرأينا النفوس تأسن ،والهمم تسترخي ،واإليمان يذبل ،وهكذا يكون الحال حينما نبتلى بالرخاء،
ِ ض َوَل ِك َّن اللَّهَ ُذو َف ْ ِ {وَل ْوَال َد ْفعُ اللَّ ِه َّ
ض ٍل َعَلى اْل َعاَلم َ
ين} [البقرة: ضهُ ْم بَِب ْع ٍ
ض َل َف َس َدت ْاْل َْر ُ اس َب ْع َ
الن َ َ
.]231
لقد أرصد أعداء اهلل من اليهود والنصارى والمالحدة والرافضة والمرتدين وأمم الكفر جمعاء
إعالمهم وأموالهم وجيوشهم وعتادهم لحرب المسلمين والمجاهدين في والية نينوى بعد أن رأوها
قاعدة من قواعد اإلسالم ومنارة من مناراته تحت ظل الخالفة ،فأرقهم حياة المسلمين فيها أعزة
آمنين ،وأرهقهم أن تحقق للناس فيها مثاال لحكم اإلسالم يرونه ويعيشونه ويستفيئون ظالله
وينعمون بخيره وبركته ،وهذا غاية ما يخشونه ويخافونه ْلنه سبيل امتداد نفوذ اإلسالم واتساع
رقعته ودخول الناس فيه.
فيا أهل نينوى عامة ،ويا أيها المجاهدون خاصة ،اهلل اهلل في دين اهلل ،إياكم والضعف عن جهاد
عدوكم ودفعه ،فإن ذلك ينقض عرى اإلسالم ويطفئ نور الحق.
يا معشر المهاجرين واْلنصار ،امضوا على بصيرتكم ،واصبروا على عزيمتكم صب ار على
الغصص ،فكأن قد اندمل شعث الشتات ،والتأمت كلمة الخير والعدل ،ودفع الحق الباطل ،فإن ُ
ون ُّ
الدُبَر} ُّ
{سُي ْهَزُم اْل َج ْم ُع َوُي َول َ
لهذا اليوم ما بعده ،والصبر خير في اْلمور عواقبا ،قال تعالىَ :
َن ُي ِح َّق اْل َح َّقيد اللَّهُ أ ْ
ون لَ ُك ْم َوُي ِر ُ ات َّ ِ
الش ْو َكة تَ ُك ُ
َن َغْير َذ ِ
ون أ َّ َ {وتََوُّد َ
[القمر ،]53 :وقال جل وعالَ :
ِ ِ ين * ِلُي ِح َّ ِ بِ َكِل َماتِ ِه َوَي ْق َ
ون} [اْلنفال.]6-6 : ق اْل َح َّق َوُيْبط َل اْلَباط َل َوَل ْو َك ِرهَ اْل ُم ْج ِرُم َ ط َع َدابَِر اْل َكاف ِر َ
يا جنود الخالفة ،إذا وقفتم صوب طائرات أمريكا وحلفائها ،فقفوا ثابتين متوكلين على من بيده
ملكوت السموات واْلرض ،الذي ما من دابة إال هو آخذ بناصيتها ،إن ربي على صراط مستقيم،
وقولوا« :حسبنا اهلل ونعم الوكيل» ،فإنها كلمة قالها إبراهيم حين ألقي في النار ،وقالها محمد -
اخ َش ْو ُه ْم} [آل عمران:
اس قَ ْد َج َم ُعوا َل ُك ْم َف ْ صلى اهلل عليه وسلم -حين قال له الناسِ{ :إ َّن َّ
الن َ
،]165واعلموا أنه لو أطبقت السماء على اْلرض ،لجعل اهلل للمؤمنين منها متنفسا.
فيا كتائب االنغماسيين ،ويا قوافل االستشهاديين ،ويا سرايا االقتحاميين ،يا طالب الشهادة
والحسنى وزيادة ،يا سعاة إلى الجنان والرضوان ،انطلقوا على بركة اهلل ،فإن الحرب حربكم،
وخربوا ديارهم دمارا ،واجعلوا دماءهم أنهارا ،فإن ذلك هو الحظ اْلوفر، حولوا ليل الكافرين نهاراّ ،
ّ
والفوز اْلكبر ،بصحبة الذين أنعم اهلل عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين ،وحسن
ض َٰى} [طه ،]65 :فجزاكم اهلل عن ت ِإَلْي َك ر ِّ ِ
{و َع ِجْل ُ
ب لتَْر َ َ أولئك رفيقا ،وليكن لسان حال أحدكمَ :
اإلسالم والمسلمين خيرا ،لقد أذقتم الكافرين اْلهوال ،ومرغتم أنوفهم باْلوحال ،فَ َديناكم بأنفسنا،
لقد كنتم وما زلتم بعد اهلل نعم الظهر والسند ،ونعم الساعد والمدد.
يا أهل السنة في العراق ،أفي كل مرة ال تعقلون؟ استمرأتم الذلة والمهانة حتى رتعتموها ،وتهتم
كما تاه بنو إسرائيل من قبلكم ،أ ََوما ترون الرافضة كل يوم يسومونكم سوء العذاب ،يغزون
بالدكم بحجة محاربة الدولة اإلسالمية ،ثم ال يبرحون حتى يقتلوا رجالكم ،ويأسروا نساءكم
وذ ارريكم تارة ،ويشردونهم تارة أخرى؟ أ ََوما ترون العراق تفرغ مدنها من أهل السنة ،وتحشى
بأرذل خلق اهلل وشر من وطئ الحصى؟
تأملوا في صنيعهم
انظروا إلى راياتهم وهم يقاتلونكم ،اسمعوا شعاراتهم وهم يحيطون ببالدكمّ ،
حين يخرجونكم من أرضكم ،واسمعوا نداءاتهم وهم يصرخون بالدعوة إلى غزو أراضي السنة
كلها من عراقكم إلى شامكم إلى نجدكم بل إلى يمنكم.
يا أهل السنة ،لقد مارس زعماؤكم في المنطقة أحط وأحقر صور الخيانة عرفها التأريخ ،فباعوا
القضية ،وسلموا أمركم وأرضكم لعدوكم ،فها هي مناطقكم يقتسمها الملحد الكافر والمشرك
الرافضي والنصيري الحاقد ،في مشهد باطني خبيث مكشوف ،يراه ويسمع به العالم أجمع ،وها
هي حلب تواجه أعتى وأشرس حملة نصيرية بدعم مجوسي روسي كافر ،يهدفون من خاللها
إلى إقامة كيان نصيري بديل وسط خيانة الفصائل المرتدة المنشغلة بقتال الدولة اإلسالمية
والساعية إلزاحة حكم اهلل من اْلرض في سبيل مصالح أسيادهم وداعميهم من دول الكفر.
وما تزال خطط الروم وما يزال مكرهم جاريا ساريا ،حتى في جزيرة محمد ،صلى اهلل عليه وسلم،
لتسليط الرافضة على أطرافها ،في ظل إفساد كبير تعمل عليه حكومة آل سلول لعلمنة البالد،
والسعي في إكفار أهلها ،ونشر الرذيلة بينهم ،واإلطاحة بما ُيمكن أن ُيعد من رسوم الشرع وأهله،
ولم يقتصروا على ذلك فحسب ،بل شاركوا مشاركة عسكرية حقيقية مع أمم الكفر لحرب اإلسالم
والسنة في العراق والشام ،فهم رأس كل بلية ،وسبب كل رزية.
فيا رجال الجزيرة ،يا أحفاد الصحابة ،أعيدوا عليهم الكرة تلو الكرة ،دونكم أعداء اهلل ،دونكم أمنهم
وعسكرهم وشرطهم ،دونكم أزالمهم وأصحاب أقالمهم ،دونكم أمراؤهم ووزراؤهم وأبواق إعالمهم،
وتذكروا وصية نبيكم ،صلى اهلل عليه وسلم( :ال يجتمع دينان في جزيرة العرب) [رواه مالك
وغيره].
يا أهل السنة ،إنه ما بقي لكم بعد اهلل إال دولة الخالفة تصون دينكم وتحفظ بيضتكم وتقوي
شوكتكم ،تحيون فيها أعزاء أو تموتون شرفاء ،من غير أن يج أر على مس كرامتكم فيها رافضي
ذليل ،أو نصيري خبيث ،أو ملحد حقير.
أيها المسلمون الموحدون في مشارق اْلرض ومغاربها ،لقد ظلت تركيا العلمانية المرتدة خالل
مدة جهادنا وصراعنا مع أحالف الكفر خاسئة خانسة ،تطل بقرن وتستخفي بقرن ،تسعى لتحقيق
مصالحها وأطماعها في شمال العراق وأطراف الشام ،ثم ترتد خشية أن يصالها المجاهدون في
عقر دارها بجحيم عملياتهم ولهيب معركتهم ،ثم إنها َّ
فكرت َّ
وقدرت ونظرت ،ثم عبست وبسرت
واستكبرت ،ودخلت في حربنا كما تدخل الضباع المبتورة مستندة مستظلة بطائرات تحالف
الصليب ،مستغلة انشغال المجاهدين بحرب أمم الكفر ودفاعهم عن أرض اإلسالم ،وظنت أنها
آمنة من أن ينزل بساحتها أبناء التوحيد وأسود الجهاد ،أال إنه من مأمنه يؤتى الحذر.
أيها الموحدون ،لقد دخلت تركيا اليوم في دائرة عملكم ومشروع جهادكم ،فاستعينوا باهلل ،واغزوها،
واجعلوا أمنها فزعا ،ورخاءها هلعا ،ثم أدرجوها في مناطق صراعكم الملتهبة.
ويا أجناد الخالفة في أرض الشام ،ها قد جاءكم الجندي التركي الكافر ،وانما دم أحدهم كدم
الكلب خسةً ورداءةً ،فأروهم بطشكم ،واصلوهم بنار غضبكم ،وخذوا بثأر دينكم وتوحيدكم من
إخوان الشياطين وقدوة المرتدين وحلفاء الملحدين ،فلن يغلب شركهم توحيدكم ،وال نفاقهم إيمانكم،
وان اهلل مع المتقين ،هذا ما وعدنا اهلل ورسوله.
لقد غدا اإلخوان المرتدون رأس حربة مسمومة يحملها الصليبيون لحرب الخالفة ،فلم يقتصر كفر
هذه الفرقة الغاوية على شركها باهلل في الدساتير والتشريعات الباطلة ،ومنازعة اهلل في حكمه،
وموافقة أمم الكفر على كفرهم ،حتى صارت طائفة ال دين لها ،أشبه بالزنادقة والباطنية ،بل إنها
غدت ذراعا عسكريا وثيقا في منظومة التحالف الصليبي على اإلسالم وأهله ،ال غنى لهم عنه
ون} [اْلعراف ،]212 :فانظروا إلى ِ على اْلرض{ ،وِا ْخو ُانهم يم ُّد َ ِ
ونهُ ْم في اْل َغ ِّي ثَُّم َال ُي ْقص ُر َ َ َ ُْ َ ُ
العراق والشام وليبيا وتونس وغيرها من البلدان ،فإنكم ال تجدون فيهم إال مشركا مشاركا بالقوانين
والتشريعات الكافرة ،أو مصاففا موالفا للجيوش الصليبية أو الرافضية أو العلمانية الملحدة ،مقاتال
مناكفا للمجاهدين في سبيل اهلل الساعين إلقامة حكم اهلل في اْلرض ،فهم بحق إخوان الشياطين
والعميل العامل للصليبيين ،قاتلهم اهلل ّأنى يؤفكون.
أيها المجاهدون في سبيل اهلل ،اعلموا أنكم اليوم درع اإلسالم وحصنه المتين ،فإياكم إياكم -
يرحمكم اهلل -أن يؤتى اإلسالم والمسلمون من قبلكم ،فإن سنن اهلل ال تحابي أحدا ،واهلل -تبارك
وتعالى -استعملكم وأورثكم ،لينظر كيف تعملون ،فاستعملوا تقوى اهلل وطاعته في ابتغاء نصره
آمُنوا ِإ ْن تَتَّقُوا اللَّ َه َي ْج َع ْل لَ ُك ْم فُْرقَ ًانا َوُي َكفِّ ْر َعْن ُك ْم َسِّيَئاتِ ُك ْم َوَي ْغِف ْر َِّ
ووعده ،قال تعالى{َ :يا أَُّي َها الذ َ
ين َ
ض ِل اْل َع ِظ ِيم} [اْلنفال]22 :؛ وتجنبوا معصيته ومخالفة أمره ،فإن عاقبة ذلك لَ ُك ْم َواللَّهُ ُذو اْل َف ْ
وخيمة على جميعكم ،واني ٍ
تال عليكم وصية أمير المؤمنين عمر بن الخطاب لسعد بن أبي
وقاص -رضي اهلل عنهما -ومن معه من اْلجناد ،حيث قال« :فإني آمرك ومن معك من
العدو ،وأقوى المكيدة في
ّ العدة على
اْلجناد بتقوى اهلل على كل حال ،فإن تقوى اهلل أفضل ّ
عدوكم ،فإن ذنوب
أشد احتراسا من المعاصي منكم من ّ
الحرب ،وآمرك ومن معك أن تكونوا ّ
عدوهم هلل ،ولوال ذلك لم تكن
عدوهم ،وانما ينصر المسلمون بمعصية ّ
الجيش أخوف عليهم من ّ
كعدتهم ،فإذا استوينا في المعصية كان لهم
عدتنا ّ
لنا بهم قوةْ ،لن عددنا ليس كعددهم ،وال ّ
الفضل علينا في القوة ،واال ننصر عليهم بفضلنا ،لم نغلبهم بقوتنا ،واعلموا أن عليكم في مسيركم
حفظة من اهلل يعلمون ما تفعلون ،فاستحيوا منهم ،وال تعملوا بمعاصي اهلل وأنتم في سبيل اهلل ،وال
فرب قوم ُسلّط عليهم شر منهم ،كما ُسلّط
عدونا شر منا فلن يسلّط علينا وان أسأناّ ،تقولوا إن ّ
على بني إسرائيل لما عملوا بمساخط اهلل كفّار المجوس ،فجاسوا خالل الديار وكان وعدا مفعوال،
عدوكم ،أسأل اهلل ذلك لنا ولكم» ،انتهى
واسألوا اهلل العون على أنفسكم كما تسألونه النصر على ّ
كالمه ،رضي اهلل عنه.
أيها المجاهدون ،قال نبيكم ،صلى اهلل عليه وسلم( :إنكم منصورون ومصيبون ومفتوح لكم فمن
أدرك ذلك منكم فليتق اهلل وليأمر بالمعروف ولينه عن المنكر) [رواه أحمد والترمذي وغيرهما عن
ابن مسعود].
وحملكم أمانة حفظها والدفاع عنها والثبات
وها أنتم اليوم قد أورثكم اهلل هذه اْلرض المباركةّ ،
على إقامة حكم اهلل فيها ،فاحذروا أن يستزلكم الشيطان بانحياز عن أرض أو انسحاب من ثغر،
بل اصبروا وصابروا ورابطوا واثبتوا ،وال تردوا موارد الذل بعد أن أعزكم اهلل ،وال تستبدلوا الذي هو
أدنى بالذي هو خير ،وال تهبطوا بعد الرفعة إلى مراتب الدون والضعة ،واعلموا أن ثمن بقائكم
في أرضكم بعزكم أهون بألف مرة من ثمن انسحابكم عنها بذلكم ،قال تعالىُ { :قل لَّن َي َنف َع ُك ُم
يال} [اْلحزاب ،]17 :وقال صلى اهلل ون ِإ َّال َقِل ً َّ ِ ِ
اْلفَرُار ِإن فََرْرتُم ِّم َن اْل َم ْوت أ َِو اْل َق ْت ِل َوِا ًذا ال تُ َمتَّ ُع َ
عليه وسلم( :رباط يوم وليلة خير من صيام شهر وقيامه ،وان مات جرى عليه عمله الذي كان
يعمله ،وأجري عليه رزقه ،وأمن الفُتّان) [رواه مسلم عن سلمان الفارسي].
فإن خرجتم من أرض بذنوبكم ،فأرجعوها بتوبتكم وتقواكم ربكم ،فإنه حقيق أن يكون لكم ذلك،
تذكروا أن عدوكم إن كان يقاتل في سبيل الطاغوت ،فأنتم تقاتلون في سبيل اهلل العظيم ،وان
كانوا يقاتلون من أجل كلمة الكفر ،فأنتم تقاتلون من أجل كلمة اهلل ،وان كانوا يقاتلون من أجل
عرض من الدنيا قليل ،فأنتم تقاتلون من أجل ثواب عظيم وتجارة تنجيكم من عذاب أليم ،وان
كانوا يقاتلون وفي صدروهم الخنا والكفران ،فأنتم تقاتلون وفي صدوركم اإليمان والقرآن ،وان كانوا
يقاتلون وعاقبتهم النار ،فأنتم تقاتلون والعاقبة جوار الرحمن وجنة عرضها السماوات واْلرض ،إن
ظْلٍم أُوََٰلئِ َك
يم َانهُم بِ ُِ ِ
آمُنوا َوَل ْم َيْلب ُسوا إ َ
ين َ
َِّ
شاء اهلل ،فأي الفريقين أحق باْلمن إن كنتم تعلمون؟ {الذ َ
ون} [اْلنعام]62 :؛ هذا ما وعدنا اهلل ورسوله.
لَهُ ُم ْاْل َْم ُن َو ُهم ُّم ْهتَ ُد َ
توحدون ربكم ثم إني أحذركم النزاع والخالف بينكم في علومكم وأعمالكم ،وأنتم في عدوة واحدةّ ،
آمُنوا ِإ َذا لَِقيتُْم ِفَئةً فَاثُْبتُواين َ
َِّ
وتجاهدون عدوكم وتسعون إلعالء كلمة اهلل في اْلرض{َ ،يا أَُّي َها الذ َ
اص ِب ُروا َّ ِ وا ْذ ُكروا اللَّه َكثِ ا َّ ِ
يح ُك ْم َو ْ ب ِر ُ يعوا اللهَ َوَر ُسوَلهُ َوَال تََن َازُعوا َفتَ ْف َشلُوا َوتَ ْذ َه َ
ون * َوأَط ُ
ير َل َعل ُك ْم تُْفل ُح َ
َ ً َ ُ
َّ
ين} [اْلنفال]57-53 :؛ فالنزاع مدعاة للفشل وتسلط العدو ،واالختالف سبب ِإ َّن اللهَ َم َع الصَّابِ ِر َ
للشر ووقوع العداوة بينكم ،وال تكونوا كالذين خلوا من قبلكم من اْلمم ،أخذوا بحظ وتركوا حظا
فجعل اهلل العداوة والبغضاء بينهم ،قال تعالى{ :فَنسوا ح ًّ
ظا ِم َّما ُذ ِّك ُروا بِ ِه فَأ ْ
َغَرْيَنا َبْيَنهُ ُم اْل َع َد َاوةَ َُ َ
َّ ام ِة َو َس ْو َ ِ
ون} [المائدة.]15 : ف ُيَنبُِّئهُ ُم اللهُ بِ َما َك ُانوا َي ْ
صَن ُع َ ضَِ
اء إَلى َي ْوِم اْلقَي َ َواْلَب ْغ َ
واياكم واالختالف على أمرائكم ،اسمعوا لهم قربة ،وأطيعوا لهم عبادة ،ما لم يأمروكم بمعصية،
واعلموا أن خالفكم إياهم من أمر الجاهلية ،وانما أعزكم اهلل باإلسالم والجماعة والسمع والطاعة،
َصَب ْحتُم بِنِ ْع َمتِ ِه ِإ ْخ َو ًانا َو ُكنتُ ْم َعَل َٰى
ف َبْي َن ُقلُوبِ ُك ْم َفأ ْ اء فَأَلَّ َ ت اللَّ ِه َعَلْي ُك ْم ِإ ْذ ُكنتُ ْم أ ْ
َع َد ً {وا ْذ ُك ُروا نِ ْع َم َ
َ
ون} [آل عمران]115 :؛ ِ ِ َّ الن ِار فَأَنقَ َذ ُكم ِّمْنها َك ََٰذِل َك يبي َّ َش َفا ُح ْفَ ٍرة ِّم َن َّ
ِّن اللهُ لَ ُك ْم َآياته لَ َعل ُك ْم تَ ْهتَ ُد َ َُ ُ َ
وتذكروا وتأملوا قول اهلل تعالىِ{ :إ َّن اللَّ َه َال ُي َغي ُِّر َما بِ َق ْوٍم َحتَّ َٰى ُي َغي ُِّروا َما بِأَنفُ ِس ِه ْم} [الرعد.]11 :
والى جنود الخالفة في خراسان وبنغالدش واندونيسيا والقوقاز والفلبين واليمن والجزيرة وسيناء
ومصر والجزائر وتونس وليبيا والصومال وغرب أفريقيا ،اعلموا أنكم اليوم دعائم اإلسالم في
اْلرض ،وأوتاد الخالفة فيها ،أذهلتم أمم الكفر بجهادكم وصبركم وثباتكم ،علّمتم الناس كيف
تكون مسالك النصر بحسن االجتماع ،وامتثال الطاعة ،وتكوين جماعة المسلمين الكبرى في
واقع استم أر الجاهلية الجهالء بكثرة الفرقة والبقاء على الشتات ،ولقد أغظتم باجتماعكم وجهادكم
أمم الكفر كما كان غيظهم بقيام الخالفة سواء ،وعليه فإنهم سيسعون إلطفاء نور اهلل بينكم ببث
أسباب الفرقة واالختالف ،فاصبروا وصابروا وال تخافوا ،واثبتوا وال تفروا عند إرادة القتال ،فإذا
صبرتم فإن اهلل يؤيدكم وينصركم ويثبت أقدامكم ،واعلموا أن الجنة تحت ظالل السيوف ،واعلموا
أنه إن قُتل بعض قادتكم ،فإن اهلل مخلفا لكم مثله أو خي ار منه ،واهلل لن يضيعكم ،فال تحزنوا ،إن
اهلل معنا.
ويا أيها المجاهدون الصابرون على البأساء والضراء في سرت ،لقد لقنتم اْلعداء من صبركم
دروسا ،وكتبتم لمقامات المجد والثبات بدمائكم الطاهرة طروسا ،كانت أوروبا الصليبية وال تزال
تطمع بأن تغزو مهد الخالفة وحصن اإلسالم في العراق والشام ،حتى زلزلتم أمنها بنشأتكم،
وقلبتم موازين سياساتها بجهادكم ،فصرتم العقبة الكأداء والصخرة الصلبة التي تكسرت عندها
إرادتهم ،وتحطمت بها مشاريعهم ،إن عدوكم يألم كما تألمون ،ولكنكم ترجون من ربكم ما ال
يرجون ،فإياكم أن تبرحوا مقاعد قتالكم ومواطن رباطكم ،فلقد أوشك عدوكم أن يمل أو ُيدفع
ُفيفل.
وال يفوتنا في هذا المقام أن نذكر إخواننا المسلمين عامة بأنه إن ضاقت السبل وتقطعت الطرق
بالهجرة إلى أرض العراق والشام ،فقد جعل اهلل لهم سبيال واسعة للهجرة إلى تلك الواليات المباركة
ليقيموا هنالك صرحا من صروح اإلسالم ويحوزوا فضل السبق في نصرة دين اهلل واعالء كلمته،
ِ ِ قال تعالى{ :يا ِعب ِاد َِّ
اعُب ُد ِ
ون} [العنكبوت.]37 : آمُنوا ِإ َّن أ َْرضي َواس َعةٌ فَِإَّي َ
اي َف ْ ين َ
ي الذ َ
َ َ َ
والى إخواننا القابضين على الجمر الذين ابتالهم اهلل باْلسر ،إنا على قدر ما نحن فيه من
منازلة ضخمة ْلعداء اهلل ،فإننا واهلل ما نسيناكم ولن ننساكم ،كيف وأنتم أرقنا الدائم وهمنا الذي
ال يبرح ،نسأل اهلل أن يجعل فك أسركم على أيدينا ،وكسر سجونكم بأسلحتنا وحديدنا ،وما ذلك
على اهلل بعزيز ،فعليكم بالتضرع إلى اهلل ببالئكم ،وتذكروا أن اهلل يصنعكم ليوم تنصرون فيه
دينكم ودولتكم ،واني أحرضكم على الدعاء العظيم إلخوانكم في الدولة اإلسالمية أن يهيئ اهلل
لهم من أمرهم رشدا ،وأن يجعل معونته الحسنى لهم مددا ،ويغنيهم به عمن سواه ،فك اهلل أسركم
وقوى عزمكم ،وجعل لكم فرجا ومخرجا.
وكشف كربكم ،وجبر كسركمّ ،
أيها المسلمون في كل مكان ،إني معزيكم ومعزي المجاهدين عامة بمقتل الشيوخ والقادة ،وعلى
رأسهم الشيخ أبو محمد العدناني والشيخ أبو محمد الفرقان ،رحمهم اهلل ،وأعلى في الفردوس
مسكنهم ،فقد كانوا لنا من خيرة الوزراء ،وصالح اْلمراء ،إلى ما شرفهم اهلل به من حسن السابقة
وقديم الفضل ،والجد في تشييد صرح الخالفة ،وحكم اهلل في اْلرض ،حتى قضوا نحبهم ،وأوفوا
ومّنه -أن الخالفة ما تعثرت
ما بذمتهم ،نحسبهم كذلك واهلل حسيبهم ،إال أننا نبشركم -بفضل اهلل َ
بمقتلهم فضال عن أن تقف عجلة الجهاد بفقدهم ،بل إن تلكم اْلجساد الطاهرة ما هي إال قرابين
نقدمها بين يدي اهلل طلبا لمرضاته واستجالبا للنصر المبين والفتح القريب ،بإذن اهلل ،فلقد علمنا
في كتاب اهلل أن استشهاد القادة والصالحين هو الباب اْلقرب للتمكين في اْلرض ،وثواب الدنيا
ون َكثِ ٌير فَ َما واآلخرة ،قال اهلل تعالى عن حال اْلنبياء وأتباعهم{ :و َكأَي ْ ِ
ِّن م ْن َنبِ ٍّي قَ َات َل َم َعهُ ِربُِّّي َ َ
ان َق ْولَهُ ْم
ين * َو َما َك َ ب الصَّابِ ِر َ استَ َك ُانوا َواللَّهُ ُي ِح ُّ
ض ُعفُوا َو َما ْ
و َهُنوا ِلما أَصابهم ِفي سبِ ِ َّ ِ
يل الله َو َما َ َ َ َ َ ُْ َ
ِ وبَنا َوِا ْسَارَفَنا ِفي أ َْم ِرَنا َوثَب ْ َن َقالُوا رَّبَنا ْ ِ
ين * ص ْرَنا َعَلى اْل َق ْوِم اْل َكاف ِر َ امَنا َو ْان ُِّت أَ ْق َد َ اغف ْر لََنا ُذُن َ َ ِإ َّال أ ْ
ين} [آل عمران.]156-157 : ِِ اب ْاآل ِخَ ِرة َواللَّهُ ُي ِح ُّ
الدْنَيا و ُح ْس َن ثَو ِ
اب ُّ َّ
ب اْل ُم ْحسن َ َ َ فَآتَا ُه ُم اللهُ ثََو َ
اللهم منززل الكتزاب ،ومجزري السزحاب ،وهزازم اْلحززاب ،اهززمهم وانصزرنا علزيهم ،اللهزم عليزك
بالكفرة المجرمين الذين يصدون عزن سزبيلك ،ويكز ّذبون رسزلك ،ويحزاربون أوليزاءك ،اللهزم أعنزا
علززيهم بسززنين كسززني يوسززف ،اللهززم أحصززهم عززددا ،واقززتلهم بززددا ،وال تغززادر مززنهم أحززدا ،اللهززم
فززرق جمعهززم ،وشززتت شززملهم ،اللهززم مززن أرادنززا وأراد ديننززا وجهادنززا بسززوء ،فاجعززل دائزرة السززوء
تدور عليه ،حتى ُيهلك نفسه بيديه ،اللهم امكر لنا وال تمكر علينزا ،واهزدنا ،ويسزر الهزدى لنزا،
وانصرنا على من بغى علينا ،أنت موالنا ،نعم المولى ونعم النصير،
وآخر دعوانا أن الحمد هلل رب العالمين.