You are on page 1of 36

1

‫‪2‬‬

‫( مناظرة )‬
‫املناظــرة هــي شــكل مــن أشــكال الخطــاب العــام ‪ ،‬و هــي عبــارة عــن مواجهــة بالغيــة بــن متحدثــن‬
‫اثنــن أو أكــر حــول قضيــة معينــة ضمــن وقــت محــدد ‪ .‬وحســب التعاريــف الــواردة يف القامــوس‬
‫بشــكل عــام ‪ ،‬فــإن املناظــرة نقــاش رســمي يــدور حــول قضيــة معينــة ويتــم يف جلســة عامــة تُقــدَّ م‬
‫فيهــا حجــج ُم َتعارضــة أو ُمتصادمــة ‪ ،‬وغالب ـاً مــا تنتهــي بتصويــت مــن الجمهــور أو لجنــة تحكيــم ؛‬
‫حيــث يُ ْفــي هــذا التصويــت إىل ترجيــح ك َّفــة حجــج أحــد الطرفــن ‪ .‬و لذلــك فقــد أثبتــت البحــوث‬
‫األكادمييــة عــى م ـ ِّر العقــود األخــرة أن الفوائــد التــي تُ ْحصــد نتيجــة اإلنخ ـراط يف عمليــة التناظــر‬
‫ال حــر لهــا ‪ ،‬فاملناظــرة متنــح خ ـرات تفــي إىل مهــارات حياتيــة وشــخصية ومعرفيــة وتنظيميــة ‪.‬‬
‫باإلضافــة إىل ذلــك فمــن خــال املناظــرة يكتســب املتناظــرون فوائــد تربويــة اســتثنائية يف مجــاالت‬
‫التعلــم األخــرى ويف الوقــت ذاتــه ُيكنهــم تعلــم وصقــل مهاراتهــم الشــخصية أكرث مــن أي بيئــة تعليمية‬
‫أخــرى ‪ .‬زد عــى ذلــك الخــروج بنتائــج مرجــوة ســواء للمتناظريــن أو للمتابعــن ‪ .‬و بنــاء عــى هــذا ؛‬
‫و بصفتنــا إدارة ( اإلســام يتحــدى ) نقــدم ملتابعينــا ‪ -‬األوفيــاء ‪ -‬مناظــرة أكادمييــة بعنــوان ‪ « :‬صفــات‬
‫اللــه عــز و جــل بــن الســلفية و األشــاعرة « ‪ .‬بــن كل مــن ‪ * :‬الطــرف األشــعري ‪ :‬األســتاذ محمــد‬
‫املعتصــم باللــه ( كليــة أصــول الديــن و الدعــوة اإلســامية ‪ /‬مــر ) ‪ * .‬الطــرف الســلفي ‪ :‬الدكتــور‬
‫أنــس أبوهيــام ( كليــة الفلســفة و علــم الــكالم ‪ /‬املغــرب ) ‪ .‬ســائلني املــوىل عــز و جــل أن يجــري الحــق‬
‫عــى لســانهام ‪ ،‬و تظهــر حججهــا ســاطعة و براهينهــا واضحــة وضــوح الشــمس يف رابعــة النهــار ‪.‬‬
‫* تنبيــه ‪ :‬إن القضيــة ليســت قضيــة انتصــار للمذهــب العقــدي ‪ ،‬أو انتصــار للنفــس لــي ال يتحمــل‬
‫أحــد الطرفــن أوزار املتابعــن إىل وزريهــا ‪ ،‬فالقضيــة بيــان الحــق و اللــه املســتعان ‪ * .‬رشوط املناظــرة‬
‫املتفــق عليهــا مــن الطرفــن ‪ -1 :‬الحــوار يجــب أن يكــون جــديل بالحجــة و ليــس بيزنطــي للتمويــه ‪ ،‬و‬
‫ذلــك بالرجــوع لكتــاب اللــه و ســنة رســوله عليــه الســام لزامــا عليهــا ذلــك مصداقــا لقولــه تعــاىل ‪« :‬‬
‫فــإن تنازعتــم يف يشء فــردوه إىل اللــه و الرســول إن كنتــم تؤمنــون باللــه و اليــوم اآلخــر « ‪ ،‬و بعدهــا‬
‫اإلجــاع ‪ -2 .‬آخــر مــدة ‪ -‬كأعــى تقديــر ‪ -‬للــرد ثالثــة أيــام تقديـرا للظــروف األرسيــة و اإلجتامعيــة ‪،‬‬
‫و للتحقــق مــن املصــادر و املراجــع املعتمــدة ‪ -3 .‬كتابــة كلمــة ( يتبــع ) بعــد التعليــق إن كان الطــرف‬
‫يريــد اإلسرتســال ‪ ،‬و كلمــة ( انتهــى ) إن كان الطــرف قــد انتهــى مــن ردوده ‪ .‬و حــن يكتــب ( انتهــى‬
‫) ال يحــق لــه التعليــق حتــى ينتهــي الطــرف الثــاين ‪ ،‬و كل تعليــق بعدمــا يكتــب ( انتهــى ) ســيحذف‬
‫بــدون تربيــر حتــى تعطيــه اإلدارة إشــارة لإلسرتســال ‪ -4 .‬عــدد املداخــات تقيــد يف ( ‪ ) 10‬مداخــات‬
‫لــكل طــرف ‪ ،‬و يف كل مداخلــة ( ‪ ) 6‬تعليقــات كأعــى تقديــر ‪ -5 .‬مــن يقــدم املداخلــة األوىل التــي‬
‫باعتبارهــا كمقدمــة للمناظــرة فســيحرم مــن الخامتــة ‪ ،‬حيــث مينــع عــى الطــرف الــذي قــدم املداخلــة‬
‫األوىل مــن الــرد عــى آخــر مداخلــة الطــرف الثــاين ‪ -6 .‬مينــع النســخ و اللصــق مــن اإلنرتنــت إال يف‬
‫حالتــن ‪ :‬أ ‪ -‬الحالــة األوىل ‪ :‬إن كان مــا تــم نســخه مــن كتابــات املناظــر يف تلــك املواقــع ‪ .‬ب ‪ -‬إن كان‬
‫مــا تــم نســخه هــو محــل اإلســتدالل مــع وضــع اإلقتبــاس و املصــدر ‪ * .‬حــاالت توقــف املناظــرة ‪ :‬إن‬
‫ثبــت التزويــر أو التدليــس عــى املصــادر و املراجــع ‪ ،‬أو اســتعامل النســخ و اللصــق مــن املنتديــات‬
‫‪3‬‬

‫اإلنرتنيتيــة ‪ ،‬أو التعليــق مبــا يخــل الحيــاء ســواء كانــت ألفاظــا أو صــورا أو ( إموشــنز ) أو روابــط فيديــو‬
‫‪ ،‬أو يف حالــة إغـراق املناظــرة مبواضيــع جانبيــة ال عالقــة لهــا مبوضــوع املناظــرة ‪ ،‬أو تقديــم كالم إنشــايئ‬
‫مرســل مفتقــر للدليــل ‪ * .‬الضوابــط الخاصــة للمتابعــن ‪ :‬ميكــن لهــم التعليــق عــى منشــور املناظــرة‬
‫بــأي تعليــق يفيــد املتابعــة ‪ ،‬و يتــم حــذف التعليــق مبــارشة و ذلــك لــن يلغــي املتابعــة و لــن يلغــي‬
‫كذلــك وصــول اإلشــعارات ‪ * .‬تنويــه ‪ :‬ســتفتح إدارة املجموعــة منشــورا خاصــا الستفســارات املتابعــن و‬
‫تعقيباتهــم و تعليقاتهــم عــى مــا يتــداول يف هــذا املنشــور ‪ .‬نســأل اللــه العــي القديــر أن يرينــا الحــق‬
‫حقــا و يرزقنــا اتباعــه ‪ ،‬و أن يرينــا الباطــل باطــا و يرزقنــا اجتنابــه ‪ ،‬و صــى اللــه و ســلم عــى ســيدنا‬
‫محمــد و عــى آلــه و صحبــه ‪.‬‬
‫‪4‬‬

‫مداخلة الدكتور ‪ :‬أنس أبو هيام‬

‫املداخلــة األوىل اإلفتتاحيــة ســتكون مــن نصيــب الدكتــور أنــس أبوهيــام بينــا املداخلــة األخــرة و‬
‫الختاميــة ســتكون مــن نصيــب األســتاذ محمــد املعتصــم باللــه ‪# .‬اإلســام_يتحدى الســام عليكــم و‬
‫رحمــة اللــه تعــاىل و بركاتــه ‪ ..‬بســم اللــه الرحمــن الرحيــم ‪ ..‬و الصــاة و الســام عــى أرشف املرســلني ؛‬
‫ســيدنا محمــد و عــى آلــه الطاهريــن و صحابتــه الطيبــن أجمعــن ‪ .‬و بعــد ‪ :‬أهــل الســنة و الجامعــة هــم‬
‫أخــص النــاس بالســنة و الجامعــة ‪ ،‬و أكرثهــم متســكا بهــا و اتباعــا لهــا ‪ ،‬قــوال و اعتقــادا و عمــا ‪ .‬و قــد‬
‫قــال قــوام الســنة أبــو القاســم التيمــي األصبهــاين ‪ « :‬قولهــم ‪ :‬فــان عــى الســنة و مــن أهــل الســنة ؛ أي‬
‫‪ :‬هــو موافــق للتنزيــل و األثــر يف الفعــل و القــول ‪ ،‬ألن الســنة ال تكــون مــع مخالفــة اللــه و مخالفــة‬
‫رســوله « ‪ .‬املصــدر ‪ « :‬الحجــة يف بيــان املحجــة « ‪ . ) 385 - 384 / 2 ( ،‬و عــرف الحافــظ ابــن رجــب‬
‫الســنة بقولــه ‪ « :‬و الســنة هــي الطريــق املســلوك ‪ ،‬فيشــمل بذلــك التمســك مبــا كان عليــه هــو و خلفــاؤه‬
‫الراشــدون مــن اإلعتقــادات و األقــوال و األفعــال ‪ ،‬و هــذه هــي الســنة الكاملــة ؛ و لهــذا كان الســلف‬
‫قدميــا ال يطلقــون اســم ( الســنة ) إال عــى مــا يشــمل ذلــك كلــه ‪ .‬و روي معنــى ذلــك عــن الحســن و‬
‫األوزاعــي و الفضيــل بــن عيــاض ‪ .‬و كثــر مــن العلــاء املتأخريــن يخــص اســم ( الســنة ) مبــا يتعلــق‬
‫باإلعتقــاد إال أنــه أصــل الديــن و املخالــف فيهــا عــى خطــر عظيــم « ‪ .‬املصــدر ‪ « :‬جامــع العلــوم و الحكــم‬
‫« ‪ . ) 263 / 1 ( ،‬فأهــل الســنة هــم املتبعــون للســنة املقتفــون لهــا ؛ و بهــذا صــاروا أهلهــا و مجتمعــون‬
‫عليهــا ؛ و بهــذا صــاروا جامعــة مبعنــى ‪ :‬مجتمعــن ‪ .‬و ال يكــون الرجــل أو الطائفــة مــن أهــل الســنة حتــى‬
‫يكونــوا عاملــن بهــا ‪ ،‬مقدمــن لهــا عــى كل مــا خالفهــا مــن العقــول و السياســات و اآلراء و األذواق ‪ ،‬فــكل‬
‫مــن نصــب الســنة إمامــا لــه و قائــدا و هاديــا فهــو مــن أهلهــا ‪ ،‬و كل مــن عــرض الســنة عــى عقلــه أو‬
‫ذوقــه أو رأيــه أو سياســته و ال يقبــل منهــا إال مــا وافــق شــيئا مــن ذلــك فليــس مــن أهلهــا ‪ .‬و هــذا هــو‬
‫املي ـزان فيمــن يكــون مــن أهــل الســنة و مــن ال يكــون ‪ ،‬و معلــوم أن مــن كان مــن أهــل الســنة عــى‬
‫نحــو مــا ذكرنــاه فــا بــد بــأن يوافقهــا يف كل مــا جــاءت بــه مــن العقائــد و العبــادات ‪ ،‬فمتــى مــا صــح‬
‫يشء منهــا عنــده اتبعــه و تــرك كل مــا خالفــه ‪ ،‬و مــن كان بهــذه املثابــة فإنــه ســيوافق الســلف حتــا يف‬
‫كل مــا يعتقدونــه يف أبــواب و مســائل اإلعتقــاد ‪ ،‬كبــاب األســاء و الصفــات و بــاب اإلميــان ‪ ،‬و بــاب‬
‫القــدر و بــاب الصحابــة ‪ ،‬و بــاب األمــر باملعــروف و النهــي عــن املنكــر ‪ ،‬و نحــو ذلــك مــن أبــواب‬
‫اإلعتقــاد ‪ .‬و ألجــل ذلــك فــإن الســلف مل يختلفــوا يف يشء مــن هــذه األبــواب ‪ ،‬بــل أقوالهــم فيهــا متفقــة‬
‫ال خــاف بينهــم ‪ ،‬ألن أصلهــم الــذي يســتقون منــه و منهجهــم الــذي يســرون عليــه متفــق ‪ ،‬فاتفقــت‬
‫أقوالهــم و قلوبهــم ‪ .‬و كل مــن خالفهــم يف أي أصــل مــن هــذه األصــول فليــس منهــم ‪ ،‬كمــن يخالفهــم‬
‫يف مصــدر التلقــي ؛ أو يف بــاب إثبــات أســاء اللــه و صفاتــه ‪ ،‬أو يف بــاب اإلميــان أو القــدر و نحــو ذلــك‬
‫‪ .‬و ذلــك أنــه ال يقــع منــه خــاف لهــم يف أصــل تحتــه مســائل إال و قــد قــدم عــى الســنة شــيئا ؛ إمــا عقــا‬
‫أو ذوقــا أو رأيــا و نحــو ذلــك ‪ ( .‬يتبــع ) ‪ .‬يقــول إمــام الســنة يف عــره أبــو محمــد الرببهــاري ‪ « :‬و ال‬
‫يحــل لرجــل مســلم أن يقــول ‪ :‬فــان صاحــب ســنة حتــى يعلــم أنــه اجتمعــت فيــه خصــال الســنة ‪ ،‬ال‬
‫يقــال لــه ‪ :‬صاحــب ســنة حتــى تجتمــع فيــه الســنة كلهــا « ‪ .‬املصــدر ‪ « :‬رشح الســنة « ‪ ،‬ص ‪ . 128 :‬و‬
‫‪5‬‬

‫م ـراده بخصــال الســنة ‪ :‬أصولهــا التــي يبنــى عليهــا ‪ .‬و أمــا مــن وافــق الســلف يف جميــع أصولهــم ثــم‬
‫أخطــأ يف فــرع مــن فــروع املعتقــد ؛ كمــن تــأول صفــة مــن الصفــات بحيــث ال يكــون هــذا أصــا لــه يف‬
‫الصفــات ‪ ،‬فهــذا مــن نــوع الخطــأ الــذي قــد يقــع ممــن يعظــم الســنة و يتبعهــا ‪ ،‬خصوصــا عنــد انتشــار‬
‫البدعــة و قلــة الخــرة بأصــول أهــل البــدع و الــكالم ‪ .‬و لعــل هــذا هــو الضابــط فيــا يخــرج بــه الرجــل‬
‫أو الطائفــة مــن أهــل الســنة و مــاال يخــرج بــه ‪ .‬قــال الشــاطبي ‪ « :‬املســألة الخامســة ‪ :‬و ذلــك إن هــذه‬
‫الفــرق إمنــا تصــر فرقــا بخالفهــا للفرقــة الناجيــة يف معنــى كيل يف الديــن ‪ ،‬و قاعــدة مــن قواعــد الرشيعــة‬
‫ال يف جــزيئ مــن الجزئيــات ‪ ،‬إذ الجــزيئ و الفــرع الشــاذ ال ينشــأ عنــه مخالفــة يقــع بســببها التفــرق شــيعا‬
‫‪ ،‬و إمنــا ينشــأ التفــرق عنــد الوقــوع يف األمــور الكليــة ‪ ،‬ألن الكليــات تقتــي عــددا مــن الجزئيــات غــر‬
‫قليــل ‪ ،‬و شــأنها يف الغالــب أن ال يختــص يف محــل دون محــل و ال بــاب دون بــاب ‪ .‬و اعتــر ذلــك مبســألة‬
‫التحســن العقــي ‪ ،‬فــإن املخالفــة أنشــأت بــن املخالفــن خالفــا يف فــروع ال تنحــر مــا بــن فــروع و‬
‫عقائــد ‪ ،‬و فــروع و أعــال ‪ .‬و يجــري مجــرى القاعــدة الكليــة كــرة الجزئيــات ‪ ،‬فــإن املبتــدع إذا أكــر مــن‬
‫إنشــاء الفــروع املخرتعــة عــاد ذلــك عــى كثــر مــن الرشيعــة باملعارضــة ‪ ،‬كــا تصــر القاعــدة الكليــة‬
‫معارضــة أيضــا ‪ ،‬و أمــا الجــزيئ فبخــاف ذلــك ‪ ،‬بــل يعــد وقــوع ذلــك مــن املبتــدع لــه كالزلــة و الفلتــة ‪،‬‬
‫و إن كانــت زلــة العــامل مــا يهــدم الديــن « ‪ .‬املصــدر ‪ « :‬اإلعتصــام للشــاطبي « ‪ . ) 713 - 712 / 2 ( ،‬و‬
‫أصــول أهــل الســنة و الجامعــة التــي يبنــون عليهــا معتقداتهــم و أعاملهــم ترتكــز عــى اإلتبــاع ال اإلبتــداع‬
‫‪ ،‬فكــا أنهــم ال يتعبــدون اللــه تعــاىل مبــا يهوونــه بــل مبــا صــح بــه األثــر ؛ و كذلــك ال يعتقــدون يف اللــه‬
‫تعــاىل و دينــه إال مبــا صــح بــه األثــر ‪ ،‬بــل هــم لهــذا األمــر أشــد اتباعــا و أعظــم حرصــا و أغلــظ نك ـرا‬
‫ملــن خالــف ‪ .‬فاعتقادهــم يف ربهــم تبــارك و تعــاىل مســتند إىل مــا يف كتــاب اللــه تعــاىل و ســنة نبيــه صــى‬
‫اللــه عليــه و ســلم و ال يتجاوزنهــا ‪ ،‬مقتفــن بذلــك هــدي ســلف األمــة و نقلــة الديــن و الرشيعــة‬
‫أصحــاب النبــي صــى اللــه عليــه و ســلم الذيــن هــم أبــر هــذه األمــة قلوبــا و أعمقهــا علــا ؛ و أقلهــا‬
‫تكلفــا ‪ ،‬فهــم القــوم الذيــن اختارهــم اللــه لصحبــة نبيــه و إلقامــة دينــه ‪ .‬قــال تعــاىل ‪ « :‬و الســابقون‬
‫األولــون مــن املهاجريــن و األنصــار و الذيــن اتبعوهــم بإحســان ريض اللــه عنهــم و رضــوا عنــه « ‪( .‬‬
‫التوبــة ‪ . ) 100 :‬و قــال تعــاىل ‪ « :‬و مــن يشــاقق الرســول مــن بعــد مــا تبــن لــه الهــدى و يتبــع غــر ســبيل‬
‫املؤمنــن نولــه مــا تــوىل و نصلــه جهنــم و ســاءت مصـرا « ‪ ( .‬النســاء ‪ . ) 115 :‬فرتاهــم يســتدلون عــى‬
‫مــا يجــب مــن اإلعتقــاد بالكتــاب ثــم بالســنة ؛ ثــم بأقــوال الصحابــة ‪ ،‬ثــم التابعــن لهــم بإحســان ثــم‬
‫أتباعهــم ؛ ثــم بأقــوال األمئــة بعدهــم ‪ ( .‬يتبــع ) ‪ .‬إذا هــذه هــي طريــق الســلف يف جميــع كتــب املعتقــد‬
‫؛ ال يذكــر شــيئا مــا يعــرف بأصــول الــكالم ‪ ،‬و ال يخوضــون يف بــاب أســاء اللــه و صفاتــه بعقولهــم‬
‫القــارصة ؛ و ســأبني ذلــك يف هــذه املناظــرة إن شــاء اللــه ‪ .‬و هــذا مــا يعــرف مبصــدر التلقــي و هــو أهــم‬
‫مــا مييــز أهــل الســنة و الجامعــة عــن غريهــم ‪ ،‬مــن حيــث تحديدهــم ملصــدر التلقــي و اإلعتقــاد و‬
‫األحــكام بالوحــي املتمثــل يف الكتــاب و الســنة ‪ .‬قــال إمــام الســنة أبــو محمــد الحســن الرببهــاري ‪ « :‬و‬
‫اعلــم رحمــك اللــه أن الديــن إمنــا جــاء مــن قبــل اللــه تبــارك و تعــاىل ‪ ،‬مل يوضــع عــى عقــول الرجــال و‬
‫آرائهــم ؛ و علمــه عنــد اللــه و رســوله ؛ فــا تتبــع شــيئا بهــواك فتمــرق مــن الديــن فتخــرج مــن اإلســام‬
‫‪ . « ..‬املصــدر ‪ « :‬رشح الســنة « ‪ ،‬ص ‪ . 66 :‬و قــال أبــو املظفــر الســمعاين ‪ « :‬إن اللــه أىب أن يكــون الحــق‬
‫‪6‬‬

‫و العقيــدة الصحيحــة إال مــع أهــل الحديــث و اآلثــار ‪ ،‬ألنهــم أخــذوا دينهــم و عقيدتهــم خلفــا عن ســلف‬
‫‪ ،‬و قرنــا عــن قــرن إىل أن انتهــوا إىل التابعــن ‪ ،‬و أخــذه التابعــون مــن أصحــاب رســول اللــه صــى اللــه‬
‫عليــه و ســلم ‪ ،‬و أخــذه أصحــاب رســول اللــه صــى اللــه عليــه و ســلم عــن رســول اللــه صــى اللــه عليــه‬
‫و ســلم ‪ ،‬و ال طريــق إىل معرفــة مــا دعــا إليــه رســول اللــه صــى اللــه عليــه و ســلم النــاس مــن الديــن‬
‫املســتقيم و ال ـراط القويــم إال هــذا الطريــق الــذي ســلكه أصحــاب الحديــث ‪ .‬و أمــا ســائر الفــرق‬
‫فطلبــوا الديــن ال بطريقــة ألنهــم رجعــوا إىل معقولهــم و خواطرهــم و آرائهــم فطلبــوا الديــن مــن قبلــه ‪،‬‬
‫فــإذا ســمعوا شــيئا مــن الكتــاب و الســنة عرضــوه عــى معيــار عقولهــم ؛ فــإن اســتقام قبلــوه و إن مل‬
‫يســتقم يف ميــزان عقولهــم ردوه ‪ ،‬فــإن اضطــروا إىل قبولــه حرفــوه بالتأويــات البعيــدة و املعــاين‬
‫املســتكرهة ‪ ،‬فحــادوا عــن الحــق و زاغــوا عنــه ‪ ،‬و نبــذوا الديــن وراء ظهورهــم ؛ و جعلــوا الســنة تحــت‬
‫أقدامهــم ‪ ،‬تعــاىل اللــه عــا يصفــون « ‪ .‬املصــدر ‪ :‬نقلــه عنــه أبــو القاســم التيمــي يف « الحجــة يف بيــان‬
‫املحجــة « ‪ ، ) 227 - 223 / 2 ( ،‬و الســيوطي يف « صــون املنطــق « ص ‪ . 230 :‬و قــال الســمعاين أيضــا ‪:‬‬
‫« و أمــا أهــل الحــق فجعلــوا الكتــاب و الســنة أمامهــم و طلبــوا الديــن مــن قبلهــا ؛ و مــا وقــع لهــم مــن‬
‫معقولهــم و خواطرهــم عرضــوه عــى الكتــاب و الســنة ؛ فــإن وجــدوه موافقــا لهــا قبلــوه و شــكروا اللــه‬
‫حيــث أراهــم ذلــك ووفقهــم عليــه ‪ ،‬و إن وجــدوه مخالفــا لهــا تركــوا مــا وقــع لهــم ‪ ،‬و أقبلــوا عــى‬
‫الكتــاب و الســنة ؛ و رجعــوا بالتهمــة عــى أنفســهم ‪ ،‬فــإن الكتــاب و الســنة ال يهديــان إال إىل الحــق ‪ ،‬و‬
‫رأي اإلنســان قــد يــرى الحــق و قــد يــرى الباطــل « ‪ .‬املصــدر ‪ « :‬صــون املنطــق « ‪ ،‬الســيوطي ‪ ،‬ص ‪230 :‬‬
‫‪ ( .‬يتبــع ) إن أســاس دعــوة الرســل هــو التعريــف باملعبــود ســبحانه ‪ ،‬و معرفتــه تبــارك و تعــاىل إمنــا‬
‫تكــون مبعرفــة أســائه و صفاتــه و أفعالــه ‪ ،‬التــي تنبنــي عليهــا جميــع املطالــب الرشعيــة و املقامــات‬
‫الســنية مــن حــب املعبــود و رجائــه و متجيــده و تعظيمــه ‪ ،‬و لذلــك فقــد تنوعــت األدلــة يف بيــان مــا‬
‫اتصــف بــه املعبــود ســبحانه مــن جميــل النعــوت و الصفــات ؛ و عظيــم الفعــال ‪ .‬و ملــا كان هــذا األمــر‬
‫محــور دعــوة الرســل عليهــم الصــاة و الســام صــار أظهــر يشء يف كتــاب اللــه و أعظمــه بيانــا و أحســنه‬
‫كالمــا هــو مــا يتعلــق بهــذا البــاب العظيــم ‪ .‬و اللــه عــز و جــل قــد امــن عــى عبــاده مبــا أنزلــه عليهــم‬
‫مــن القــرآن العظيــم الــذي جعلــه حجــة عــى عبــاده ‪ ،‬و آيــة عــى صــدق دعــوة نبيــه ‪ ،‬و هــدى للنــاس‬
‫يف كل زمــان و مــكان ‪ ،‬فأوضحــه اللــه عــز و جــل أعظــم توضيــح و يــره للتدبــر و التذكــر ‪ ،‬و تعــرف بــه‬
‫إىل عبــاده ‪ .‬قــال تعــاىل ‪ « :‬و لقــد يرسنــا القــرآن للذكــر فهــل مــن مدكــر « ‪ ( .‬القمــر ‪ . ) 17 :‬و قــال جــل‬
‫و عــا واصفــا كتابــه ‪ « :‬إنــا جعلنــاه قرآنــا عربيــا لعلكــم تعقلــون « ‪ ( .‬الزخــرف ‪ . ) 3 :‬و بــن اللــه عــز‬
‫و جــل أنــه أنــزل كتابــه باللســان العــريب الواضــح ليفهــم عنــه فقــال ‪ « :‬و إنــه لتنزيــل رب العاملــن ‪ .‬نــزل‬
‫بــه الــروح األمــن ‪ .‬عــى قلبــك لتكــون مــن املنذريــن ‪ .‬بلســان عــريب مبــن « ‪ ( .‬الشــعراء ‪) 195 - 192 :‬‬
‫‪ .‬و بــن تبــارك و تعــاىل أنــه أرســل الرســل ليبينــوا للنــاس ال ليلغــزوا و يوهمــوا ‪ .‬فحــن قــال ‪ « :‬يــد اللــه‬
‫فــوق أيديهــم « فــا ألغــاز و ال مجــاز يف صفــة اليــد و إال فــإن مــن يــؤول صفــة اليــد و يفرسهــا بالقــدرة‬
‫فقــد خــان اللــه عــز و جــل و كــذب كتابــه الــذي يقــول بأنــه أنــزل بلســان عــريب مبــن ‪ .‬فقــال تعــاىل ‪« :‬‬
‫يريــد اللــه ليبــن لكــم و يهديكــم ســنن الذيــن مــن قبلكــم و يتــوب عليكــم و اللــه عليــم حكيــم « ‪( .‬‬
‫النســاء ‪ . ) 26 :‬و قــال ‪ « :‬و مــا أرســلنا مــن رســول إال بلســان قومــه ليبــن لهــم فيضــل اللــه مــن يشــاء‬
‫‪7‬‬

‫و يهــدي مــن يشــاء و هــو العزيــز الحكيــم « ‪ ( .‬إبراهيــم ‪ . ) 4 :‬و قــال ‪ « :‬و أنزلنــا إليــك الذكــر لتبــن‬
‫للنــاس مــا نــزل إليهــم و لعلهــم يتفكــرون « ‪ ( .‬النحــل ‪ . ) 44 :‬و مــن املحــال أن يكــون القــرآن موصوفــا‬
‫بكونــه مبينــا ثــم يكــون أعظــم مــا فيــه و هــو صفــة اللــه عــز و جــل و نعتــه ســبحانه خافيــا ال يهتــدى‬
‫إليــه إال بالتكلفــات و التأويــات املخرجــة لــه عــن حقيقتــه ‪ .‬بــل البــد أن يكــون واضحــا بينــا يســهل‬
‫اإلهتــداء إليــه و فهــم معنــاه ‪ .‬و ال ريــب أن األصــل يف كالم النــاس أن يحمــل عــى الحقيقــة ال عــى‬
‫املجــاز ‪ ،‬و هــذا مــع اختــاف نواياهــم و مقاصدهــم ‪ ،‬فكيــف بــكالم الــرب تبــارك و تعــاىل الــذي أراد بــه‬
‫التعريــف بنفســه ‪ ،‬و بيــان عظيــم وصفــه لتألههــه القلــوب و تتعلــق بــه ربــا و إلهــا ؟! ( يتبــع ) تعلمنــا‬
‫يف املحاججــة الفلســفية أن الخطــاب القــرآين ال يخــرج عــن نوعــن ‪ -1‬خطــاب يقصــد بــه التعميــة عــى‬
‫الســامع و اإللغــاز ‪ ،‬و هــذا ينــزه عنــه كالم اللــه تعــاىل ‪ -2 .‬و خطــاب يقصــد بــه البيــان و الهــدى و‬
‫اإلرشــاد ‪ .‬و هــذا الــذي وصــف اللــه بــه كتابــه و كالمــه كــا مــر مــن اســتداليل باآليــات القرآنيــة ‪ .‬فــإذا‬
‫أطلــق اللــه لفظــا و أطلــق رســوله صــى اللــه عليــه و ســلم لفظــا لــه معنــى ظاهــر بوضــع اللغــة و مل‬
‫يقــرن بــه مــا يــدل عــى خــاف ظاهــره و عــدم إرادة ذلــك املعنــى كان ذلــك داال عــى أن امل ـراد بــه‬
‫حقيقتــه ‪ ،‬و إال مل يكــن كالم اللــه مبينــا و ال مبينــا ‪ .‬و هــذا هــو أحــد الطــرق التــي يعــرف بهــا م ـراد‬
‫املتكلــم ‪ .‬و الطريــق اآلخــر أن يــرح بــإرادة ذلــك املعنــى ‪ .‬و لذلــك مل تختلــف كلمــة الصحابــة قــط يف‬
‫صفــة مــن صفــات اللــه عــز و جــل و ال يف فعــل مــن أفعالــه ‪ ،‬و مل يتنازعــوا يف تأويــل الصفــات و أخبارهــا‬
‫يف موضــع واحــد ؛ فكانــت كلمتهــم و كلمــة مــن بعدهــم متفقــة عــى إقرارهــا كــا جــاءت و إثبــات‬
‫حقائقهــا للــه تعــاىل عــى الوجــه الالئــق بــه مــن غــر متثيــل لهــا بصفــات املخلوقــن ‪ ،‬مــع كونهــم قــد‬
‫اختلفــوا يف بعــض آيــات األحــكام ‪ .‬و مل يــرد عــن النبــي صــى اللــه عليــه و ســلم و ال عــن أصحابــه و ال‬
‫عــن التابعــن و ال أتباعهــم حــرف واحــد بــأن صفــات اللــه عــز و جــل ال يـراد بهــا الحقيقــة ( و التحــدي‬
‫مفتــوح ) ‪ .‬بــل كالمهــم إمــا نــص و إمــا ظاهــر ‪ :‬يف أن صفــات اللــه عــى الحقيقــة مــع نفــي التمثيــل و‬
‫التكييــف ‪ .‬و لهــذا عجــز األشــاعرة منــذ اإلمــام أيب الحســن األشــعري إىل يومنــا هــذا أن ينقلــوا حرفــا‬
‫واحــدا عــن الســلف يف أن املـراد بالصفــات أو بعضهــا املجــاز ال الحقيقــة ‪ .‬و ســأختم بثــاث أدلــة مــن‬
‫الكتــاب و الســنة و مــن أقــوال ســلف األمــة الدالــة عــى أن صفــات اللــه عــز و جــل الــواردة يف الكتــاب‬
‫و الســنة عــى الحقيقــة ال املجــاز ‪ ( .‬يتبــع ) * مــن القــرآن الكريــم ‪ :‬قــال تعــاىل ‪ « :‬إنــا جعلنــاه قرآنــا‬
‫عربيــا لعلكــم تعقلــون « ‪ ( .‬الزخــرف ‪ * . ) 3 :‬مــن الســنة النبويــة الصحيحــة ‪ :‬عــن أيب يونــس ‪ -‬ســليم‬
‫بــن جبــر ‪ -‬مــوىل أيب هريــرة قــال ‪ :‬ســمعت أبــا هريــرة ريض اللــه عنــه يقــرأ هــذه اآليــة ‪ « :‬إن اللــه‬
‫يأمركــم أن تــؤدوا األمانــات إىل أهلهــا ‪ « ..‬إىل قولــه تعــاىل ‪ « :‬ســميعا بصـرا « ‪ ( ،‬النســاء ‪ ، ) 58 :‬قــال ‪:‬‬
‫رأيــت رســول اللــه صــى اللــه عليــه و ســلم يضــع إبهامــه عــى أذنــه ؛ و التــي تليهــا عــى عينــه ‪ .‬قــال‬
‫أبــو هريــرة ريض اللــه عنــه ‪ « :‬رأيــت رســول اللــه صــى اللــه عليــه و ســلم يقرؤهــا و يضــع إصبعيــه «‬
‫‪ .‬رواه أبــو داود ( ‪ ، ) 287 / 3‬و ابــن خزميــة يف « التوحيــد « ص ‪ ، 42 :‬و ابــن حبــان ( ‪ ، ) 241 / 1‬و‬
‫الطـراين يف « األوســط « ( ‪ ، ) 132 / 9‬و ابــن منــده يف « التوحيــد « ( ‪ ، ) 44 / 3‬و الحاكــم ( ‪) 257 / 2‬‬
‫‪ ،‬و الاللــكايئ ( ‪ ، ) 410 / 3‬و البيهقــي يف « األســاء و الصفــات « ص ‪ * . 233 :‬مــن آثــار الســلف نختــار‬
‫الفــاروق عمــر بــن الخطــاب ريض اللــه عنــه ‪ :‬قــال قيــس بــن أيب حــازم ‪ :‬ملــا قــدم عمــر ريض اللــه عنــه‬
‫الشــام اســتقبله النــاس و هــو عــى بعــره ؛ فقالــوا ‪ :‬يــا أمــر املؤمنــن لــو ركبــت برذونــا تلقــاك عظــاء‬
‫‪8‬‬

‫النــاس ووجوههــم ؛ فقــال عمــر ‪ « :‬ال أراكــم ههنــا ‪ ،‬إمنــا األمــر ههنــا « و أشــار بيــده إىل الســاء « خلــوا‬
‫ســبيل جمــي « ‪ .‬رواه ابــن أيب شــيبة ( ‪ ، ) 9 / 7‬و أبــو نعيــم يف « الحليــة « ( ‪ ، ) 49 / 1‬و ابــن قدامــة‬
‫يف « العلــو « ص ‪ ، 111 :‬كالهــا مــن طريــق ابــن أيب شــيبة ؛ و أورده الذهبــي يف « العلــو « بإســناده إىل‬
‫ابــن أيب شــيبة ص ‪ ، 77 :‬و قــال ‪ « :‬إســناده كالشــمس « ‪ .‬و فيــه تحقيــق علــو اللــه تعــاىل و أنــه يف‬
‫الســاء ‪ ،‬و فيــه جــواز اإلشــارة إليــه يف الســاء ‪ .‬و هــذه هــي عقيــدة الكتــاب و الســنة بفهــم ســلف‬
‫األمــة ‪ « :‬اإلثبــات للــه مــا أثبتــه لنفســه مــن أســاء و صفــات يف كتابــه ‪ ،‬و أثبتــه لــه رســوله مــن أســاء‬
‫و صفــات يف ســنته ؛ بــدون تأويــل و ال تعطيــل و ال تشــبيه و ال متثيــل و ال تكييــف ‪ .‬و النفــي عــن اللــه‬
‫مــا نفــاه عــن نفســه مــن صفــات و أســاء يف كتابــه و نفــاه عنــه رســوله مــن أســاء و صفــات يف ســنته‬
‫« ‪ .‬أســأل اللــه العــي القديــر أن يؤلــف قلوبنــا و أن يجعلنــا مــن الهــداة املهتديــن ‪ ،‬وأن يغفــر لوالــدي‬
‫و يرحمــه رحمــة واســعة ‪ ،‬و أن يشــفي ابنتــي ( إســام ) مــن مرضهــا ؛ إنــه ويل ذلــك و القــادر عليــه ‪ .‬و‬
‫سالم عىل املرسلني ‪ ،‬و الحمد لله رب العاملني ‪ ( .‬انتهيت )‬
‫املعتصم املعتصم بالله‬

‫عليكــم الســام ورحمــة اللــه وبركاتــه‪ ،‬مرحبــا بالجميــع‪ ،‬ونســأل اللــه العــي الكبــر التوفيــق للحــق‬
‫الس ـ َّن ِة مقدمــة طيبــة إن شــاء اللــه‪ ،‬نشــكره‬
‫وســواء الســبيل‪ .‬أمــا بعــد؛ فمقدمــة األخ الدكتــور عــن ُّ‬
‫ـامح فيه‬
‫عليهــا‪ ،‬وإن كانــت ليســت موضـ َـع نـزاع‪ .‬وعــن عنــوان املناظــرة (الســلفية واألشــاعرة) فأنــا متسـ ٌ‬
‫مرتــن‪ ،‬إحداهــا يف مقابلتكــم الســلفية باألشــاعرة‪ ،‬وإمنــا هــا مذهــب واحــد ال غــر‪ ،‬غــر أن األشــعري‬
‫رحمــه اللــه زاده بســطا وبيانــا وتفصيــا لصــد النفــاة واملشــبهة ودحــض شــبههم التــي تخطفــت النــاس‪،‬‬
‫بــل تخطفــت الدولــة العباســية كلهــا‪ .‬قــال شــيخ اإلســام الســبيك يف طبقاتــه‪ :‬واعلــم أن أبــا الحســن‬
‫نشــئ مذهبــا‪ ،‬وإمنــا هــو مقــرر ملذاهــب الســلف‪ ،‬مناضــل عــا كانــت‬ ‫األشــعري مل يبــدع رأيــا‪ ،‬ومل يُ ِ‬
‫عليــه صحابــة رســول اللــه صــى اللــه عليــه وســلم‪ ،‬فاالنتســاب إليــه إمنــا هــو باعتبــار أنــه عقــد عــى‬
‫طريــق الســلف نطاقــا ومتســك بــه‪ ،‬وأقــام الحجــج والرباهــن عليــه فصــار املقتــدي بــه يف ذلــك الســالك‬
‫ســبيله يف الدالئــل يســمى أشــعريا‪ .‬وقــال كذلــك رحمــه اللــه يف كتابــه معيــد النعــم‪ :‬وبالجملــة عقيــدة‬
‫األشــعري هــي مــا تضمنتــه عقيــدة أيب جعفــر الطحــاوي التــي تلقاهــا علــاء املذاهــب بالقبــول ورضوهــا‬
‫عقيــدة‪ .‬ومــن املتفــق عليــه بــن املســلمني أن عقيــدة الطحــاوي مــا كتبهــا إال عــى نهــج الســلف ريض‬
‫ـرب املســافة الزمنيــة بينــه وبينهــم! ومســامحتي الثانيــة يف عنــوان املناظــرة أنكــم‬ ‫اللــه عنهــم‪ ،‬ومــا أقـ َ‬
‫ـت‬‫نســبتكم مــا تدعونــه مــن مذهبكــم يف الصفــات للســلف‪ ،‬ولــو كنتــم حقــا كذلــك واللــه مــا خرجـ ُ‬
‫عنكــم وال ناظرتكــم‪ ،‬بــل كنــا مذهبــا واحــدا‪ ،‬لكنــي ألقــى اللــه تعــاىل عــى أن الوهابية(أتبــاع الشــيخ‬
‫محمــد عبدالوهــاب النجــدي رحمــه اللــه) ليســوا ســلفية وال يتبعــون الســلف‪ .‬يتبــع‪ .‬ومــن نافلــة‬
‫ـك أيهــا األخ يف نفيــك كــون الرجــل أو الطائفــة مــن أهــل الســنة إال إن كان عاملــا بهــا‪،‬‬ ‫القــول أن أُ َخطِّئـ َ‬
‫ـت جميــع الخلــق‬ ‫ـت تقصدهــا فقــد أخرجـ َ‬ ‫فــإن كانــت ســقطة لســان منــك؛ فذلــك مــا كنــا نبــغ‪ ،‬وإن كنـ َ‬
‫مــن أهــل الســنة إال بضعــة أو بضعتــن أو ثالثــا مــن مــن يعلمــون بالســنة‪ ،‬وهــذه النقطــة يجــب أن‬
‫‪9‬‬

‫يوضــع تحتهــا ســبعة وســبعون خطــا‪ ،‬فهــي مــن دقائــق رؤوس الفكــر الوهــايب (وال يجــب االعـراض عــى‬
‫هــذا اللقــب‪ ،‬فــا أســتطيع بحــال مــن األحــوال أن أحدثكــم باســمكم ســلفية‪ ،‬وباســمي ليــس ســلفيا‪ ،‬وإال‬
‫فأخــروين مبــاذا أحدثكــم مــن األســاء املحببــة لكــم بــرط عــدم نســبتكم للســلف) وعــى ذلــك ســيجري‬
‫نقــايش معكــم إن شــاء اللــه تعــاىل‪ .‬وأمدحــك يف قولــك أن أهــل الســنة يســتدلون عــى عقيدتهــم مــن‬
‫الكتــاب ثــم الســنة‪ ،‬ثــم الصحابــة ثــم التابعــن‪ ،‬ثــم تابعيهــم‪ ،‬ثــم أمئــة املســلمني بعدهــم‪ ،‬ذاك ـرا قبــل‬
‫ذلــك آيــة اإلجــاع مــن ســورة النســاء‪ ،‬وأضيــف لقولــك أن خــر عــدم اجتــاع األمــة عــى ضاللــة قــد‬
‫تعــددت طرقــه ومتونــه مبــا يتجــاوز بــه الغرابــة والعــزة والشــهرة‪ ،‬ومبــا يدخلــه دائــرة التواتــر‪ ،‬فاعضــض‬
‫عليــه بالنواجــذ‪ .‬واعضــض كذلــك بنواجــذك عــى مــا روي َتــه أنــت أعــاه مــن قــول أيب املظفــر الســمعاين‬
‫أن الحــق والعقيــدة الصحيحــة انحــرت يف أهــل الحديــث‪ .‬يتبــع‪ .‬ومــن خيانتــي لدينــي ومياعتــي يف‬
‫عقيــديت أن أتجاهــل وصفــك ملــن أَ َّو َل شــيئا مــن مــا أضافــه اللــه لنفســه بالخيانــة وتكذيــب اللــه ورســوله‪،‬‬
‫هــذا الوصــف أيضــا يجــب أن نضــع تحتــه خطوطــا عريضــة‪ ،‬فهــو كذلــك مــن مــا تفـ ّرد بــه أهـ ُـل التطـ ُّرف‬
‫ـت منهــم تحســينا لظنــي بــك‪ ،‬هــذا الوصــف يقــع عــى صحابــة وتابعــن‬ ‫والهــوى واالبتــداع‪ ،‬وأنــت لسـ َ‬
‫وكثــر مــن شــيوخ اإلســام و ُح َّفــاظ الســنة ونقلــة ديــن اللــه؛ تَ ْعـر ُِف مــن تعــرف منهــم وتُنكــر مــن تنكــر‪،‬‬
‫ـت أحــد أنــواع الخطــاب القــرآين مــا يُقصــد بــه‬ ‫فاللهــم إن هــذا منكــر ال يرضيــك‪ .‬وال أدري كيــف جعلـ َ‬
‫قولــك هــذا بقولــك أن كالم اللــه منــزه عــن ذلــك‪ .‬مل‬ ‫َ‬ ‫التعميــة واإللغــاز‪ ،‬ومــن العجيــب أنــك أتبعــت‬
‫أفهــم مــا تعنيــه بهــذا الــكالم‪ ،‬ولعلــه ســقطة أخــرى‪ ،‬عافــاك اللــه مــن تتابــع الســقطات‪ .‬ولــن أســه َو‬
‫عــن قولــك أن الســلف جعلــوا صفــات اللــه (واختالفنــا يف الصفــات الخربيــة) عــى الحقيقــة مــع نفــي‬
‫ـك نقلــت آخ ـرا نفــي‬ ‫التمثيــل والتكييــف‪ ،‬مل ال نفيــت التشــبيه؟ لعلــك نســيت تحســينا للظــن‪ ،‬كــا أنـ َ‬
‫ر ْح بقصــدك بعبــارة أوضــح بــارك‬ ‫التشــبيه‪ ،‬فندخــل هــذه يف تلــك‪ ،‬إال إن كنــت تقصــد غــر ذلــك ف ـ ِّ‬
‫اللــه فيــك‪ .‬يتبــع‪ .‬أمــا عــن قولــك أن أحــدا مل يــر ِو عــن الســلف رفــع ظواهــر هــذه الصفــات الخربيــة‬
‫(وال يخفــى أن تســميتها صفــات فيــه مســامحة‪ ،‬لكــن لنســر خلــف القــوم‪ ،‬ال نخالفهــم ريض اللــه عنهــم)‬
‫فقولــك هــذا غــر صحيــح‪ ،‬ودليلــه قــول أمــر املؤمنــن يف الحديــث شــيخ اإلســام ابــن حجــر يف رشح‬
‫حديــث النــزول مــن فتــح البــاري‪ :‬وقــد اختلــف يف معنــى النــزول عــى أقــوال‪ :‬فمنهــم مــن حملــه عــى‬
‫ظاهــره وحقيقتــه‪ ،‬وهــم املشــبهة‪ ،‬تعــاىل اللــه عــن قولهــم‪ ،‬ومنهــم مــن أج ـراه عــى مــا ورد مؤمنــا بــه‬
‫عــى طريــق اإلجــال منزهــا اللــه تعــاىل عــن الكيفيــة والتشــبيه ‪ ،‬وهــم جمهــور الســلف‪ ،‬ونقلــه البيهقــي‬
‫وغــره عــن األمئــة األربعــة‪ ،‬والســفيانني‪ ،‬والحامديــن‪ ،‬واألوزاعــي‪ ،‬والليــث‪ ،‬وغريهــم‪ .‬ولــن أضيــف أكــر‬
‫مــن قــول ابــن حجــر وكفــى بــه إمامــا ألهــل الحديــث واألثــر اتفاقــا‪ .‬وهــذا النقــل عــن شــيخ اإلســام ابــن‬
‫حجــر يبطــل دعــواك بــأن أهــل الســنة األشــاعرة مل ينقلــوا شــيئا عــن الســلف يف إثبــات مجــاز الصفــة ال‬
‫حقيقتهــا‪ ،‬وليعلــم املتابعــون مــن طــاب العلــم والعــوام أن قــول ابــن حجــر بنفــي الظاهــر هــو إثبــات‬
‫املجــاز للفــظ‪ ،‬إذ اتفــق اللغويــون جميعــا عــى أن اللفــظ ال يُ ـرا ُد بــه إال ظاهــره أو مجــازه‪ ،‬فمــن نفــى‬
‫ـت مجــازه‪ .‬أمــا عــن اســتداللك عــى دعــواك إثبــات ظواهــر هــذه الصفــات الخربيــة‬ ‫ظاهــره‪ ،‬فقــد أثبـ َ‬
‫بقــول اللــه «إنــا جعلنــاه قرآنــا عربيــا» فاآليــة ليســت دليــا عــى دعــواك باملــرة‪ .‬وعــن اســتداللك بوضــع‬
‫النبــي صــى اللــه عليــه وســلم إبهامــه عــى أذنــه والتــي تليهــا عــى عينــه‪ ،‬فهــل تظــن عيــاذا باللــه أن‬
‫‪10‬‬

‫النبــي صــى اللــه عليــه وســلم أراد إثبــات أذن وعــن للــه؟ قطعــا ال‪ ،‬فبطــل استشــهادك بهــذا الخــر‪.‬‬
‫وعــن اســتداللك بخــر عمــر بــن الخطــاب ريض اللــه عنــه بإشــارته للســاء قائــا إمنــا األمــر ههنــا‪ ،‬فهــي‬
‫ليســت دليــا عــى انحصــار اللــه يف الســاء‪ ،‬وال شــبيهة بدليــل حتــى‪ ،‬فهــو مل يتحــدث عــن اللــه‪ ،‬وكذلــك‬
‫نتفــق عــى أن األمــر والكتابــة والحســاب والثــواب والعقــاب يف الســاء‪ ،‬وليــس يف ذلــك إثبــات كــون‬
‫اللــه منحـرا بذاتــه يف الســاء‪ .‬تعــاىل اللــه عــن ذلــك‪ .‬يتبــع‪ .‬واآلن أســتدل أنــا عــى رفــع ظواهــر هــذه‬
‫الصفــات الخربيــة؛ أوال بقولــه تعــاىل «ليــس كمثلــه شــيئ» ومــن البدهــي أن مــن جعــل اللــه لــه أعضــاء‬
‫ـواك بإثبــات ظواهــر الصفــات الخربيــة‬ ‫حقيقيــة (كــا تَدَّ ُعــون) فقــد جعلــه شــبيها باألشــياء‪ ،‬فبطلــت دعـ َ‬
‫الســتلزامها مخالفــة القــرآن رصاحــة‪ .‬ومــن الســنة روى الشــيخان عــن أيب هريــرة ريض اللــه عنــه قــول‬
‫النبــي صــى اللــه عليــه وســلم (أصــدق كلمــة قالهــا شــاعر كلمــة لبيــد‪ :‬أال كل شــيئ مــا خــا اللــه باطــل»‬
‫فهاهــو النبــي صلــوات اللــه وســامه عليــه يرفــع ظاهــر قولــه تعــاىل «كل شــيئ هالــك إال وجهــه» ويؤول‬
‫الوجــه بالــذات‪ ،‬وعــى ذلــك جميــع املفرسيــن مــا عــدا الشــنقيطي‪ ،‬فقــد أىب إال أن يشــذ غفــر اللــه لــه‪.‬‬
‫وهــذا الخطيــب البغــدادي َمـ ْن أُلْقيــت إليــه ريــاد ُة علــم الحديــث والنقــل روايــة ودرايــة بــا نـزاع‪ ،‬قــال‬
‫يف كتابــه (الجامــع ألخــاق الـراوي وآداب الســامع)‪ :‬ويتجنــب املحــدث يف أماليــه روايــة مــا ال تحتملــه‬
‫عقــول العــوام‪ ،‬ملــا ال ُيؤ َمــن عليهــم فيــه مــن دخــول الخطــأ واألوهــام وأن يشــبهوا اللــه تعــاىل بخلقــه‬
‫ويلحقــوا بــه مــا يســتحيل يف وصفــه وذلــك نحــو أحاديــث الصفــات التــي ظاهرهــا يقتــي التشــبيه‬
‫والتجســيم وإثبــات الجــوارح واألعضــاء لــأزيل القديــم‪ ،‬وإن كانــت األحاديــث صحاحــا ولهــا يف التأويــل‬
‫طــرق ووجــوه‪ ،‬إال أن مــن حقهــا أن ال تــروى إال ألهلهــا خوفــا مــن أن يضــل بهــا مــن جهــل معانيهــا‬
‫فيحملهــا عــى ظاهرهــا أو يســتنكرها فريدهــا ويكــذب رواتهــا ونقلتهــا)‪ .‬أمــا قبـ ُـل؛ فيضيــق الوقــت جــدا‬
‫لحــر أقــوال شــيوخ اإلســام وحفــاظ الحديــث يف رفــع ظواهــر الصفــات الخربيــة‪ ،‬فلنكتفــي مبــا ذكرتُــه‬
‫ـت‪.‬‬
‫لــك‪ ،‬وهــو كاف ملــن أراد الكفايــة إن شــاء اللــه‪ .‬انتهيـ ُ‬
‫مداخلة الدكتور ‪ :‬أنس أبو هيام‬
‫الســام عليكــم و رحمــة اللــه و بركاتــه ‪ ..‬بســم اللــه الرحمــن الرحيــم ‪ ..‬الحمــد للــه و كفــى ‪ ،‬و الصــاة‬
‫و الســام عــى ســيدنا محمــد املصطفــى ‪ ،‬و عــى آلــه وصحبــه و مــن وىف ‪ .‬و بعــد ‪ :‬ســأحاول يف هــذه‬
‫املداخلــة قــدر املســتطاع ‪ -‬إن شــاء اللــه ‪ -‬أن أســتخرج مــن مداخلتــك مــا يســتحق الــرد ‪ ،‬و مــا ال‬
‫يســتحق مــن مــا أراه متويهــا أتجنبــه و أدعــه للمتابــع الكريــم ‪ .‬و أضــع ‪ -‬كــا هــو معــروف عنــي يف‬
‫املناظـرات ‪ -‬اقتباســا ألقوالــك و الــرد عليهــا حســب قــوة اإلقتبــاس و فصاحــة الــرد ‪ .‬فقولــك ‪ « :‬فمقدمــة‬
‫الدكتــور عــن الســنة مقدمــة طيبــة إن شــاء اللــه ‪ ،‬نشــكره عليهــا ‪ ،‬و إن كانــت ليســت موضــع نـزاع « ‪.‬‬
‫بــى هــي موضــع النـزاع و إال مــا ســميت ‪ -‬أنــا ‪ -‬بالســني ‪ ،‬أو أنــت بهــا ‪ .‬تقــول ‪ « :‬إحداهــا يف مقابلتكم‬
‫الســلفية باألشــاعرة ‪ ،‬و إمنــا هــا مذهــب واحــد ال غــر « ‪ .‬عفــوا !! كنــت أعتقــد أن األشــاعرة يؤولــون‬
‫فقــط آيــات الصفــات ‪ ،‬أمــا كالم النــاس فيعتربونــه عــى حقيقتــه ‪ ،‬و مل أكــن أعتقــد يومــا أنهــم ســيؤولون‬
‫كالم النــاس و يحملونــه عــى املجــاز ؛ و مــن ذلــك فالســلفية أبــدا ليســت أشــاعرة ‪ ،‬و األشــاعرة أبــدا‬
‫ليســت ســلفية ‪ ،‬و بهــذا أفتــى كل مــن الهــرري و ســعيد فــودة و حســن الســقاف ؛ و مــن قبلهــم‬
‫‪11‬‬

‫البوطــي قبــل رجوعــه إىل مذهــب الســلف بكتابــه « كــرى اليقينيــات « ‪ ،‬و األشــاعرة يعتــرون الســلفية‬
‫مجســمة و مشــبهة ؛ فكيــف ميكــن لنــا الجمــع بــن األشــاعرة الذيــن نعتربهــم ‪ -‬نحــن الســلفية ‪ -‬بأنهــم‬
‫متأولــة للصفــات و نفــاة لبعضهــا و معطلــة لبعضهــا اآلخــر ‪ ،‬أن تكــون هــي نفســها الســلفية املثبتــة‬
‫للصفــات عــى حقيقتهــا ؛ و يف نظركــم مشــبهة و مجســمة أن يكونــا مذهــب واحــد ؟! فالســلفية ‪ -‬أتبــاع‬
‫الســلف ‪ -‬أو لنقــل بعبــارة أخــرى ‪ -‬رشف اإلنتســاب للســلف هــم الذيــن يتبعــون ‪#‬القــرآن و ‪#‬الســنة‬
‫بفهــم ‪#‬ســلف األمــة ‪ ،‬و ليــس الذيــن يتبعــون فالســفة اليونــان و علــاء الــكالم ‪ .‬يقــول أبــو املظفــر‬
‫الســمعاين ‪ « :‬و أمــا إذا نظــرت إىل أهــل األهــواء و البــدع رأيتهــم متفرقــن مختلفــن أو شــيعا و أحزابــا ‪،‬‬
‫ال تــكاد تجــد اثنــن منهــم عــى طريقــة واحــدة يف اإلعتقــاد ؛ يبــدع بعضهــم بعضــا ‪ ،‬بــل يرتقــون إىل التكفري‬
‫‪ .‬و كان الســبب يف اتفــاق أهــل الحديــث أنهــم أخــذوا الديــن مــن الكتــاب و الســنة و طريــق النقــل ؛‬
‫فأورثهــم اإلتفــاق و اإلئتــاف ؛ و أهــل البدعــة أخــذوا الديــن مــن ‪#‬املعقــوالت و ‪#‬اآلراء فأورثهــم اإلختالف‬
‫و اإلفـراق ‪ ،‬فــإن النقــل و الروايــة مــن الثقــات و املقتنــن قلــا يختلــف ‪ ،‬و إن اختلــف يف لفــظ أو كلمــة‬
‫فذلــك اختــاف ال يظــر الديــن و ال يقــدح فيــه ‪ .‬و أمــا دالئــل العقــل فقلــا تتفــق ؛ بــل عقــل كل واحــد‬
‫يــرى صاحبــه غــر مــا يــرى اآلخــر ؛ و هــذا بــن و الحمــد للــه « ‪ .‬املصــدر ‪ « :‬صــون املنطــق « للســيوطي‬
‫؛ ص ‪ . 230 :‬تقــول ‪ « :‬غــر أن األشــعري رحمــه اللــه زاده بســطا و بيانــا و تفصيــا لصــد النفــاة و املشــبهة‬
‫و دحــض شــبههم التــي تخطفــت النــاس ‪ ،‬بــل تخطفــت الدولــة العباســية كلهــا « ‪ .‬عجيــب !! ألســت‬
‫أشــعري ؟! ألســت مــن النفــاة للصفــات الذاتيــة ؟! فأنــت هنــا يــا أســتاذنا تقــر بأنــك لســت مــن النفــاة‬
‫للصفــات الذاتيــة ‪ ،‬فاألشــعري نفســه ‪ -‬رحمــه اللــه ‪ -‬يقــرر أصــل حمــل الصفــات عــى الحقيقــة ال عــى‬
‫املجــاز يف رســالته إىل أهــل الثغــر قائــا ‪ « :‬اإلجــاع الخامــس ‪ :‬و أجمعــوا عــى أن صفاتــه عــز و جــل ال‬
‫تشــبه صفــات املحدثــن ‪ ،‬كــا أن نفســه ال تشــبه أنفــس املخلوقــن ‪ ،‬و اســتدلوا عــى ذلــك بأنــه لــو مل يكــن‬
‫لــه عــز و جــل هــذه الصفــات مل يكــن موصوفــا بــيء منهــا يف الحقيقــة ‪ ،‬مــن قبــل أن مــن ليــس لــه حيــاة‬
‫ال يكــون حيــا ‪ ،‬و مــن مل يكــن لــه علــم ال يكــون عاملــا يف الحقيقــة ‪ ،‬و مــن مل يكــن لــه قــدرة فليــس بقــادر‬
‫يف الحقيقــة ‪ ،‬و كذلــك الحــال يف ‪#‬ســائر_الصفات ‪ ،‬أال تــرى مــن مل يكــن لــه فعــل ال يكــون فاعــا يف‬
‫الحقيقــة ‪ ،‬و مــن مل يكــن لــه إحســان ال يكــون محســنا ‪ ،‬و مــن مل يكــن لــه كالم ال يكــون متكلــا يف‬
‫الحقيقــة ‪ ،‬و مــن مل يكــن لــه إرادة ال يكــون يف الحقيقــة مريــدا ‪ ،‬و أن مــن وصــف بــيء مــن ذلــك مــع‬
‫عــدم الصفــات التــي توجــب هــذه األوصــاف لــه ال يكــون مســتحقا لذلــك يف الحقيقــة ‪ ،‬و إمنــا يكــون‬
‫وصفــه مجــازا أو كذبــا ‪ . « ..‬املصــدر ‪ « :‬رســالة إىل أهــل الثغــر « ‪ ،‬أليب الحســن األشــعري ؛ ص ‪ . 216 :‬و‬
‫بهــذا يكــون األشــاعرة املتأخــرة ‪ -‬و فضيلتــك منهــم ‪ -‬مخالفــون ليــس ملنهــج الســلف فقــط ؛ و إمنــا حتــى‬
‫لإلمــام أيب الحســن األشــعري الــذي ينتســبون إليــه ‪ .‬تقــول ‪ « :‬و مســامحتي الثانيــة يف عنــوان املناظــرة‬
‫أنكــم نســبتم مــا تدعونــه مــن مذهبكــم يف الصفــات للســلف « ‪ .‬نعــم !! و هــو املذهــب الــذي عليــه‬
‫الكتــاب و الســنة و ســلف األمــة ‪ .‬تقــول ‪ « :‬لكنــي ألقــى اللــه تعــاىل عــى أن الوهابيــة ( أتبــاع الشــيخ‬
‫محمــد عبــد الوهــاب النجــدي رحمــه اللــه ) ليســوا ســلفية و ال يتبعــون الســلف « ‪ .‬أقــول ‪ :‬قــال اللــه‬
‫تعــاىل ‪ « :‬مــا يلفــظ مــن قــول إال لديــه رقيــب عتيــد « ‪ .‬إن مل يكــن محمــد بــن عبــد الوهــاب الــذي حــارب‬
‫الــرك و البــدع و دعــا إىل التوحيــد النقــي الصــايف و كتبــه شــاهدة عليــه ؛ داعيــا إىل مذهــب الســلف‬
‫فمــن يكــون مــن أتبــاع الســلف ؟! معاليــك مثــا الــذي يخالــف ليــس منهــج الســلف فقــط ؛ و إمنــا‬
‫‪12‬‬

‫مذهــب اإلمــام أيب الحســن األشــعري !؟ ( يتبــع ) ‪ .‬تقــول ‪ « :‬و مــن نافلــة القــول أن أخطئــك أيهــا يف نفيــك‬
‫كــون الرجــل أو الطائفــة مــن أهــل الســنة إال إن كان عاملــا بهــا ‪ ،‬فــإن كانــت ســقطة لســان منــك ؛ فذلــك مــا‬
‫كنــا نبــغ « ‪ .‬يــا إمــا مل تقــرأ مداخلتــي بعــن البصــرة ‪ ،‬و يــا إمــا قرأتهــا و مل تفهمهــا ‪ ،‬و يــا إمــا « حاجــة يف‬
‫نفــس يعقــوب قضاهــا « ‪ ،‬فأنــت تتهمنــي يــا غــايل بأننــي أنــا القائــل ‪ « :‬كــون الرجــل أو الطائفــة مــن أهــل‬
‫والســنة ال يكــون كذلــك إال إن كان عاملــا بهــا « ‪ ،‬و هــذا ليــس بقــويل و إمنــا وضعــت لــك قائلــه و املصــدر ‪،‬‬
‫أال و هــو ‪ :‬الحافــظ ابــن رجــب يف « جامــع العلــوم و الحكــم « ؛ الجــزء األول ‪ ،‬ص ‪ ، 263 :‬طبعــة دار الغــد‬
‫الجديــد التــي بحــوزيت ‪ .‬إذا فالفصــل بــن أهــل الســنة و املبتدعــة هــو النقــل و العقــل ‪ ،‬و إىل هــذا ذهــب‬
‫اإلمــام أبــو املظفــر الســمعاين قائــا ‪ « :‬و اعلــم أن فصــل مــا بيننــا و بــن املبتدعــة هــو مســألة العقــل فإنهــم‬
‫أسســوا دينهــم عــى املعقــول و جعلــوا اإلتبــاع و املأثــور تبعــا للمعقــول « ‪ .‬املصــدر ‪ « :‬صــون املنطــق «‬
‫للســيوطي ؛ ص ‪ . 235 :‬تقــول ‪ « :‬و إن كنــت تقصدهــا فقــد أخرجــت جميــع الخلــق مــن أهــل الســنة إال‬
‫بضعــة أو بضعتــن أو ثالثــا مــن مــن يعلمــون بالســنة « ‪ .‬يبــدو أنــك مل تقــف عــى حديــث رســول اللــه صــى‬
‫اللــه عليــه و ســلم أن األمــة ستنقســم عــى ثــاث و ســبعني فرقــة كلهــا يف النــار إال واحــدة ؟! تقــول ‪ « :‬و‬
‫هــذه النقطــة يجــب أن يوضــع تحتهــا ســبعة و ســبعون خطــا « ‪ .‬ضــف عليهــا ثــاث خطــوط لتصبــح عــى‬
‫األقــل مثانــون خطــا أفضــل ‪ ،‬لكــن غالبــا الدفاتــر التــي تســتعمل حاليــا للدراســة فيهــا خمســون خطــا ؛ فــا‬
‫أعلــم أيــن ســتضيف الثالثــة و عــرون خطــا الباقيــة ؟! تحــت املقعــد مثــا !؟ تقــول ‪ « :‬فهــي مــن دقائــق‬
‫رؤوس الفكــر الوهــايب « ‪ .‬إن كنــت تعتــر الحافــظ ابــن رجــب و جــال الديــن الســيوطي و أبــو املظفــر‬
‫الســمعاين رؤوســا للوهابيــة فهــذا فخــر لنــا أن ننتســب لهــؤالء األعــام ! تقــول ‪ « :‬و ال يجــب اإلعـراض عــى‬
‫هــذا اللقــب « ‪ .‬ال بــأس يــا حبيــب ! فلنــا الــرف باإلنتســاب إىل دعــوة الشــيخ محمــد بــن عبــد الوهــاب ‪،‬‬
‫كــا ميكنــك أيضــا إطــاق لفــظ التيميــة نســبة إىل ابــن تيميــة أو الحنابلــة نســبة إىل أحمــد بــن حنبــل رغــم‬
‫أن « إن هــي إال أســاء ســميتموها أنتــم و آباؤكــم « ‪ .‬يقــول اإلمــام أبــو املظفــر الســمعاين ‪ « :‬أمــا أهــل الســنة‬
‫فقالــوا ‪ :‬األصــل يف الديــن اإلتبــاع و العقــول تبــع ‪ ،‬و لــو كان أســاس الديــن عــى املعقــول الســتغنى الخلــق‬
‫عــن الوحــي و عــن األنبيــاء صلــوات اللــه عليهــم ‪ ،‬و لبطــل معنــى األمــر و النهــي ‪ ،‬و لقــال مــن شــاء مــا شــاء‬
‫‪ ،‬و لــو كان الديــن مبنــي عــى املعقــول وجــب أن ال يجــوز للمؤمنــن أن يقبلــوا أشــياء حتــى يعقلــوا « ‪.‬‬
‫املصــدر ‪ « :‬صــون املنطــق « للســيوطي ؛ ص ‪ ( . 235 :‬يتبــع ) تقــول ‪ « :‬ال أدري كيــف جعلــت أحــد أنــواع‬
‫الخطــاب القــرآين مــا يقصــد بــه التعميــة و األلغــاز « ‪ .‬نعــم ‪ ،‬يــا إمــا أن القــرآن واضــح ظاهــر ال يحتمــل‬
‫األلغــاز ؛ و يــا إمــا هــو كالكتــاب املقــدس لــدى النصــارى يحمــل األلغــاز و املجــاز ؟! و لألســف ليــس هنــاك‬
‫غــر هذيــن املســلكني يف تصفيــات هــذا الصيــف ؟! مثــا !! يف الكتــاب املقــدس عنــد النصــارى ؛ و خاصــة ســفر‬
‫( نشــيد األنشــاد ) واضــح ظاهــر لغــر العاقــل قبــل العاقــل أنــه ســفر يصــف املــرأة و محاســنها و جاملهــا و‬
‫حتــى جنســها و فراشــها ؛ لكــن حــن تذهــب لتفســر علــاء الكتــاب املقــدس تجــد أغلبهــم و عــى رأســهم‬
‫منيــس عبــد النــور يؤولــون ذاك الــكالم إىل أنــه ألغــاز و مجــاز و أن كاتــب ذاك الســفر بالوحــي اإللهــي ( تعــاىل‬
‫اللــه عــن ذلــك علــوا كبـرا ) كان يقصــد أورشــليم و مــن انتهــك حقــوق تلــك املدينــة الفاضلــة ‪ ،‬و هــذا مــا‬
‫يريــد األشــاعرة املتأخــرة تقريــره مــن القــرآن ‪ .‬فالقــرآن الــذي قــال عنــه اللــه عــز و جــل ‪ « :‬لســان عــريب مبــن‬
‫« هــو نفســه القــرآن الــذي يقــول عنــه األشــاعرة بلســان الحــال ‪ « :‬فيــه ألغــاز و مجــاز « ‪ .‬القــرآن الــذي يقــول‬
‫‪ « :‬يــد اللــه فــوق أيديهــم « ؛ واضــح ظاهــر ال يحتــاج هــذا النــص املقــدس إلخراجــه مــن الســياق و حملــه‬
‫‪13‬‬

‫عــى غــر حقيقتــه ؛ و تأويلــه بــأن اليــد هــي القــدرة ؛ و إال أصبحنــا نســتعمل ( اإلســتعباط ) فنقــول أن الــزىن‬
‫املذكــور يف القــرآن هــو لعــب الشــطرنج ! و مــن مينعنــي مــن تأويــل الصــاة املذكــورة يف القــرآن بأنهــا ركــوب‬
‫الخيــل مثــا ؟! فالقــرآن يحمــل الحقائــق ال األلغــاز ؛ و إال كنــا مكذبــن بــه ‪ -‬و حاشــانا أن نكــون كذلــك ‪. -‬‬
‫يقــول اإلمــام أبــو املظفــر الســمعاين ‪ « :‬و نحــن إذا تدبرنــا عامــة مــا جــاء يف أمــر الديــن مــن ذكــر صفــات‬
‫اللــه عــز و جــل و مــا تعبــد النــاس مــن اعتقــاده ؛ و كذلــك مــا ظهــر بــن املســلمني و تداولــوه بينهــم ؛ و‬
‫نقلــوه عــن ســلفهم إىل أن أســندوه إىل رســول اللــه صــى اللــه عليــه و ســلم مــن ذكــر عــذاب القــر و ســؤال‬
‫امللكــن و الحــوض و امليـزان و الـراط و صفــات الجنــة و صفــات النــار ‪ ،‬و تخليــد الفريقــن فيهــا أمــور ال‬
‫تــدرك حقائقهــا بعقولنــا ؛ و إمنــا ورد األمــر بقبولهــا و اإلميــان بهــا ‪ ،‬فــإذا ســمعنا شــيئا مــن أمــور الديــن و‬
‫فهمنــاه و عقلنــاه فللــه الحمــد يف ذلــك و الشــكر و منــه التوفيــق ‪ ،‬و مــا مل ميكننــا إدراكــه و فهمــه و مل تبلغــه‬
‫عقولنــا آمنــا بــه و صدقنــا و اعتقدنــا أن هــذا مــن قبــل ربوبيتــه و قدرتــه و اكتفينــا يف ذلــك بعلمــه و‬
‫مشــيئته « ‪ .‬املصــدر ‪ « :‬صــون املنطــق « ؛ للســيوطي ص ‪ . 235 :‬مثــا يف الحديــث الــذي اســتدللت بــه يف‬
‫مداخلتــي اآلنفــة عــن أيب هريــرة ريض اللــه عنــه مــن أنــه رأى رســول اللــه صــى اللــه عليــه و ســلم يقــرأ تلــك‬
‫اآليــة و يضــع إصبعيــه ؛ فاآليــة واضحــة و إق ـرار النبــي عليــه الســام بالحركــة واضــح ال يحتمــل اللعــب‬
‫باأللفــاظ ‪ .‬قــال ابــن يونــس ‪ :‬قــال املقــرئ ‪ « :‬يعنــي إن اللــه ســميع بصــر ‪ ،‬يعنــي أن للــه ســمعا و بـرا «‬
‫‪ .‬قــال أبــو داود ‪ « :‬و هــذا رد عــى الجهميــة « ‪ ( .‬يتبــع ) ‪ .‬كان مقتــى كالمــي ‪ « :‬مل يــرد عــن النبــي صــى‬
‫اللــه عليــه و ســلم و ال عــن أصحابــه و ال عــن التابعــن و ال أتباعهــم حــرف واحــد بــأن صفــات اللــه عــز و‬
‫جــل ال يـراد بهــا الحقيقــة ( و التحــدي مفتــوح ) « ‪ .‬مــرة أخــرى تســتعمل معــي ذلــك التمويــه يــا أســتاذنا‬
‫!! و هــذا بالطبــع مــا أرفضــه !! فتقــول ‪ « :‬أمــا عــن قولــك أن أحــدا مل يــرو عــن الســلف رفــع ظواهــر هــذه‬
‫الصفــات الخربيــة « ‪ .‬ال مل أقــل ذلــك ؛ بــل قلــت ‪# :‬مل_يــرد و ليــس ‪#‬مل_يــرو فــا تلزمنــي مبــا مل أقــل ! و‬
‫اســتداللك بقــول اإلمــام ابــن حجــر اســتدالل حــق أريــد بــه باطــل ‪ .‬فأنــا قلــت ‪ -‬رشحــا ملطلبــي ‪ : -‬أريــد مــن‬
‫قــول رســول اللــه صــى اللــه عليــه و ســلم أو مــن أقــوال الصحابــة رضــوان اللــه عليهــم ‪ ،‬أو مــن أقــوال‬
‫تابعيهــم ‪#‬و_لو_حرف_واحــد روي عنهــم صحيحــا بــأن صفــات اللــه عــز و جــل مل يقصــد بهــا الحقيقــة ؛‬
‫خذهــا نصيحــة منــي فــإن قلبــت الصحائــف بــدون طائــل ؛ و بحثــت عــى اإلنرتنــت بــدون حائــل ‪ ،‬فســتخرج‬
‫بنتيجــة تخليــط الحابــل بالنابــل ‪ ،‬و لــن وصلــت إىل العـراق ثــم إىل بابــل فلــن تــأيت ال أنــت و ال غــرك ‪ -‬معــايل‬
‫األســتاذ ‪ -‬باملطلــب ‪ ،‬و اختصــارا عنــك للطريــق ال تحــاول البحــث فستفشــل باإلتيــان باملطلــب ‪ .‬و إال فإننــي‬
‫أطالبــك مــن داخــل اإلقتبــاس الــذي أتيــت بــه مــن ابــن حجــر أن تســتخرج يل املطلــب ؟! تقــول ‪ « :‬و عــن‬
‫اســتداللك بوضــع النبــي صــى اللــه عليــه و ســلم إبهامــه عــى أذنــه و التــي تليهــا عــى عينــه ‪ ،‬فهــل تظــن‬
‫عيــاذا باللــه أن النبــي صــى اللــه عليــه و ســلم أراد إثبــات أذن و عــن للــه ؟ « ‪ .‬واضــح أن التشــبيه موجــود‬
‫يف عقلــك أنــت ال نحــن !! ففــي الحديــث تحقيــق لصفتــي الســمع و البــر للــه عــز و جــل ‪ ،‬و أن الصفــة‬
‫الــواردة يف اآليــة إمنــا هــي عــى الحقيقــة ؛ التــي هــي يف اإلنســان يف العــن و األذن ‪ ،‬و ليــس املـراد بهذا تشــبيه‬
‫صفــات اللــه تعــاىل بصفــات املخلــوق ( تعــاىل اللــه عــن ذلــك علــوا كبـرا ) ‪ .‬قــال تعــاىل ‪ « :‬ليــس كمثلــه يشء‬
‫و هــو الســميع البصــر « ‪ ( .‬الشــورى ‪ . ) 11 :‬فأثبــت لنفســه الســمع و البــر ؛ و نفــى مامثلتــه للمخلوقــات‬
‫‪ ،‬فــإن كنــت تــرى أن القــرآن ليــس مبينــا هنــا فبإمكانــك بعــد ذلــك قــول مــا شــئت ‪ .‬فعــن عبيــد اللــه بــن‬
‫مقســم أنــه نظــر إىل عبــد اللــه بــن عمــر ريض اللــه عنــه كيــف يحــي رســول اللــه صــى اللــه عليــه و ســلم‬
‫‪14‬‬

‫قــال ‪ « :‬يأخــذ اللــه عــز و جــل ســاواته و أرضيــه بيديــه ‪ ،‬فيقــول ‪ :‬أنــا اللــه ‪ ،‬و يقبــض أصابعــه و يبســطها‬
‫‪ ،‬أنــا امللــك « حتــى نظــرت إىل املنــر يتحــرك مــن أســفل يشء منــه ‪ ،‬حتــى إين أقــول أســاقط هــو برســول اللــه‬
‫صــى اللــه عليــه و ســلم « ‪ .‬رواه مســلم برقــم ( ‪ . ) 2788‬هــل ســنقول هنــا ‪ :‬أخطــأت يــا رســول اللــه بقولــك‬
‫‪ « :‬و يقبــض أصابعــه و يبســطها « ؟! أم ســننفي عنــه هــذه الصفــة ؟! أم نتهــم النبــي الفصيــح البليــغ بأنــه‬
‫كان يتحــدث باأللغــاز ؟! ففــي هــذا الحديــث تحقيــق القبــض و البســط مــن صفــة اللــه تعــاىل ‪ ،‬و أنهــا عــى‬
‫حقيقتهــا مــن غــر مامثلــة لصفــة املخلــوق ‪ .‬لذلــك فــإن كنــت يــا أســتاذ محمــد متهــا أحــدا بالتشــبيه فاتهــم‬
‫رســول اللــه صــى اللــه عليــه و ســلم بالتشــبيه أوال ؛ ألنــه ‪ -‬حســب منطــق األشــاعرة اإلثبــات تشــبيه و‬
‫تجســيم ‪ -‬فالنبــي مجســم بقولــه ‪ « :‬و يقبــض أصابعــه و يبســطها « ‪ .‬و هــذا ترجــان القــرآن عبــد اللــه بــن‬
‫عبــاس ريض اللــه عنــه يثبــت للــه مــا أثبتــه لنفســه ؛ فهــل ســتصفه هــو كذلــك بالوهــايب املجســم ؟! عــن‬
‫عطــاء ‪ :‬عــن ابــن عبــاس ريض اللــه عنــه يف قــول اللــه عــز و جــل ‪ « :‬تجــري بأعيننــا « ‪ ( .‬القمــر ‪ . ) 14 :‬قــال‬
‫‪ « :‬أشــار بيــده إىل عينــه « ‪ .‬و هــذا تحقيــق لصفــة العــن للــه تعــاىل ‪ .‬رواه الاللــكايئ ( ‪ ، ) 411 / 3‬و فيــه «‬
‫عــي بــن صدقــة « مل أقــف عــى ترجمتــه ؛ و بقيــة إســناده ثقــات ‪ .‬و هــذا اإلمــام أبــو حنيفــة النعــان بــن‬
‫ثابــت ( ‪ 150‬للهجــرة ) قــال ‪ « :‬ال يوصــف اللــه تعــاىل بصفــات املخلوقــن ‪ ،‬و غضبــه و رضــاه صفتــان مــن‬
‫صفاتــه بــا كيــف ‪ ،‬و هــو قــول أهــل الســنة و الجامعــة ؛ و هــو يغضــب و يــرىض و ال يقــال ‪ :‬غضبــه عقوبتــه‬
‫و رضــاه ثوابــه ‪ .‬و نصفــه كــا وصــف نفســه أحــد صمــد مل يلــد و مل يولــد و مل يكــن لــه كفــؤا أحــد ‪ ،‬حــي‬
‫قــادر ســميع بصــر عــامل ‪ ،‬يــد اللــه فــوق أيديهــم ليســت كأيــدي خلقــه ؛ ووجهــه ليــس كوجــوه خلقــه « ‪.‬‬
‫املصــدر ‪ « :‬الفقــه األبســط « ص ‪ ، 56 :‬نقــا مــن أصــول الديــن عنــد أيب حنيفــة ؛ ص ‪ . 37 :‬فهــل تعتــر أبــو‬
‫حنيفــة مجســم و مشــبه و وهــايب هــو كذلــك ؟! ( يتبــع ) الفــرق واضــح بينــي و بينــك أســتاذنا ‪ ،‬فأدلتــي ال‬
‫و لــن تخــرج عــن الكتــاب و الســنة و فهــم الصحابــة و أقــوال الســلف مــن القــرون الثالثــة املفضلــة ؛ و‬
‫أدلتــك لــن تخلــو مــن اإلســتدالل بــاآلراء و املعقــوالت و املتأخريــن ‪ .‬يف الحديــث الطويــل يف ذكــر آخــر أهــل‬
‫الجنــة دخــوال ‪ :‬عــن عبــد اللــه بــن مســعود ريض اللــه عنــه عــن النبــي صــى اللــه عليــه و ســلم أنــه قــال يف‬
‫آخــره ‪ « :‬فيقــول ‪ -‬أي ‪ :‬العبــد ‪ -‬يــا رب أدخلنــي الجنــة ‪ ،‬قــال ‪ :‬فيقــول اللــه عــز و جــل ‪ :‬مــا يرصينــي منــك‬
‫أي عبــدي ‪ ،‬أيرضيــك أن أعطيــك مــن الجنــة الدنيــا و مثلهــا معهــا ‪ ،‬قــال ‪ :‬فيقــول ‪ :‬أتهــزأ يب و أنــت رب العــزة‬
‫« ؛ قــال الـراوي ‪ :‬فضحــك عبــد اللــه حتــى بــدت نواجــذه ‪ ،‬ثــم قــال ‪ :‬أال تســألوين ملــا ضحكــت ؟ قالــوا لــه ‪:‬‬
‫ملــا ضحكــت ؟ قــال ‪ :‬لضحــك رســول اللــه صــى اللــه عليــه و ســلم ‪ ،‬ثــم قــال لنــا رســول اللــه صــى اللــه عليــه‬
‫و ســلم ‪ « :‬أال تســألوين ملــا ضحكــت ؟ « قالــوا ‪ :‬ملــا ضحكــت يــا رســول اللــه ؟ قــال ‪# :‬لضحك_الــرب حــن‬
‫قــال ‪ :‬أتهــزأ يب و أنــت رب العــزة « ‪ .‬رواه أحمــد ( ‪ ، ) 391 / 1‬و أبــو عوانــة يف مســنده ( ‪ ، ) 142 / 1‬و أبــو‬
‫يعــى ( ‪ ، ) 193 / 9‬و الشــايش يف مســنده ( ‪ ، ) 307 / 1‬و الطـراين يف الكبــر ( ‪ ، ) 357 / 9‬و ( ‪ ، ) 9 / 10‬و‬
‫الحاكــم ( ‪ ) 408 / 2‬و ( ‪ . ) 634 / 4‬فهــل ســنعترب النبــي عليــه الســام مجســا و مشــبها حــن ضحــك لضحــك‬
‫رب العاملــن أم نعتــره إثباتــا لصفــة الضحــك ؟ و يف هــذا الحديــث تحقيــق لصفــة الضحــك للــه تعــاىل ‪ .‬قــال‬
‫أبــو عبيــد يف « غريــب الحديــث « ‪ « : ) 83 / 3 ( ،‬قولــه ‪ :‬يرصيــك ‪ :‬يقطــع مســألتك منــي ‪ ،‬و كل يشء قطعتــه‬
‫و منعتــه فقــد رصيتــه ‪ ،‬و قــال الشــاعر ‪ -‬هــو ذو الرمــة ‪ -‬مــن ( الطويــل ) ‪ :‬فودعهــن مشــتاقا أصــن فــؤاده‬
‫*** هواهــن إذ مل يــره اللــه قاتلــه ‪ .‬يقــول ‪ :‬إن مل يقطــع اللــه هــواه لهــن و مينعــه اللــه مــن ذلــك قتلــه «‬
‫‪ .‬و يقــول أبــو حنيفــة النعــان رحمــه اللــه ‪ « :‬و لــه يــد ووجــه و نفــس كــا ذكــره اللــه تعــاىل يف القــرآن ‪،‬‬
‫‪15‬‬

‫فــا ذكــره اللــه تعــاىل يف القــرآن مــن ذكــر الوجــه و اليــد و النفــس فهــو لــه صفــات بــا كيــف ‪ ،‬و ال يقــال‬
‫‪ :‬يــده قدرتــه أو نعمتــه ‪ ،‬ألن فيــه إبطــال الصفــة و هــو قــول أهــل القــدر و اإلعت ـزال « ‪ .‬املصــدر ‪« :‬‬
‫الفقــه األكــر « مــع رشحــه للدكتــور محمــد الخميــس ص ‪ . 37 :‬و بهــذا يتبــن أن الســلف كانــوا يثبتــون‬
‫للــه مــا أثبتــه لنفســه يف كتابــه و أثبتــه لــه رســوله صــى اللــه عليــه و ســلم يف ســنته بغــر متثيــل و ال‬
‫تكييــف و ال تشــبيه و ال تعطيــل و ال تأويــل ؛ و إال « هاتــوا برهانكــم إن كنتــم صادقــن « ‪ ( .‬يتبــع ) و‬
‫أختــم إن شــاء اللــه بتعريــف للعــوام املتابعــن باألشــاعرة ‪ ..‬مــن املعلــوم أن الشــيخ أبــا الحســن عــي بــن‬
‫إســاعيل األشــعري املتــوىف ســنة ‪ 330‬هجريــة هــو املؤســس الحقيقــي ملذهــب األشــاعرة ‪ ،‬و إليــه تنتســب‬
‫طوائفهــم ؛ و مــن كانــوا قبــل أيب الحســن كانــوا أصحــاب فــرة مثــا ؟! و قــد مـ َّر أبــو الحســن خــال حياتــه‬
‫بعــدة أطــوار ؛ حيــث نشــأ ردحــا مــن الزمــن يف أحضــان املعتزلــة ربيبــا عنــد أيب عــي الجبــايئ زوج أمــه ‪،‬‬
‫ثــم تلميــذا ومناظ ـرا لهــم نحــوا مــن أربعــن ســنة ‪ .‬حتــى رجــع بعدهــا عــن اإلعت ـزال و نقــد مذهبهــم‬
‫مبينــا عورهــم و تهافتهــم يف املجالــس و النــوادي و التصانيــف ‪ .‬لكنــه تلقــف مذهــب عبــد اللــه بــن‬
‫ســعيد بــن كُالب يف القــول بنفــي الصفــات اإللهيــة اإلختياريــة ؛ و بقيــت عنــده بعضــا مــن أصــول املعتزلة‬
‫كدليــل األعـراض و نحــوه حتــى عــاد يف آخــر حياتــه عــن هــذا املذهــب ‪ ،‬و رجــع إىل جــادة أهــل الســنة‬
‫و الجامعــة حقــا ؛ أتبــاع الســلف الصالــح ؛ و ألَّــف كتابــه الشــهري ‪ « :‬اإلبانــة عــى أصــول الديانــة « ‪ .‬و لكن‬
‫رجوعــه رحمــه اللــه مل يكــن بعــد ذلــك رجوعــا محضــا حيــث بقيــت شــوائب قليلــة نتيجــة الســنني‬
‫رصح يف اإلبانــة و‬ ‫الكثــرة مــن عمــره التــي طواهــا يف مذهــب املعتزلــة ‪ ،‬ثــم يف الكُلَّ بيــة ؛ و إن كان قــد َّ‬
‫املقــاالت عنــد ذكــر عقيدتــه أنــه عــى عقيــدة اإلمــام أحمــد بــن حنبــل رحمــه اللــه ؛ و قائــل مبــا قــال بــه‬
‫‪ .‬و لكــن مــا ينبغــي مالحظتــه أن أبــا الحســن انشــغل يف طــوره الثــاين وهــو ‪ :‬كالبيتــه بالــرد عــى املعتزلــة‬
‫و مناظرتهــم ‪ ،‬و التقعيــد ملذهبــه يف نفــي الصفــات اإلختياريــة عــن اللــه ‪ .‬و هــو الــذي ُعــرف بعــد‬
‫مبذهــب األشــاعرة ‪ ،‬حيــث اســتمرت املنــاوءة بــن املعتزلــة و األشــاعرة عــدة قــرون بعــده ‪ .‬و لــذا نالحــظ‬
‫يف تصانيــف أمئــة األشــاعرة يف العقيــدة ردودهــم و مناقشــاتهم للمعتزلــة كثــرة جــدا ‪ .‬و هــي التــي أمثــرت‬
‫العــداوة الشــديدة بــن املذهبــن ‪ ،‬ال ســيام و كان األشــاعرة و الحالــة هــذا يعتــرون أنفســهم املدافعــن‬
‫عــن أهــل الســنة و الجامعــة ؛ و عــن حــوزة الكتــاب و الســنة يف مقابــل أهــل اإلعتـزال و لهــذا يُعــدُّ ون‬
‫أنفســهم أهــل الســنة و الجامعــة و املتكلمــن عنهــم ‪ .‬و مــع أنــه ال يســلم لهــم هــذا اإلنتســاب و تب ِّنيــه ؛‬
‫و لكــن لــه مــا يــرره يف هــذه الحالــة فقــط ‪ ،‬و لهــذا كان شــيخ اإلســام يعدُّ هــم أهــل الســنة يف مقابــل‬
‫املعتزلــة و الجهميــة و الرافضــة ‪ ،‬حيــث قــال يف « بيــان تلبيــس الجهميــة « ؛ الجــزء ‪ ، 2 :‬ص ‪ « : 87 :‬وإن‬
‫كان يف كالمهــم مــن األدلــة الصحيحــة و موافقــة الســنة مــا ال يوجــد يف كالم عامــة الطوائــف ‪ ،‬فإنهــم‬
‫أقــرب طوائــف أهــل الــكالم إىل الســنة و الجامعــة و الحديــث ‪ ،‬و هــم يُعــدون مــن أهــل الســنة و‬
‫الجامعــة عنــد النظــر إىل مثــل املعتزلــة و الرافضــة و غريهــم ؛ بــل هــم أهــل الســنة و الجامعــة يف البــاد‬
‫ـت ‪ :‬إيــه يــا ابــن تيميــة لــو‬ ‫التــي يكــون أهــل البــدع فيهــا هــم املعتزلــة و الرافضــة و نحوهــم « ‪ .‬قلـ ُ‬
‫جســم ) و قالــوا عنــك ( ُمشـ ِّبه )‬ ‫ـت مــا يقولــه فيــك علــاء األشــاعرة املتأخــرة ؟ فقــد قالــوا فيــك ( ُم ِّ‬
‫علمـ َ‬
‫ـت العــدو اللــدود لهــم ! ابــن تيميــة‬ ‫ـرك ‪ ،‬و قــال غ ـ ُر واحــد بابتداعــك !! و أصبحـ َ‬ ‫و قــال بعضهــم بكفـ َ‬
‫رحمــه اللــه نقــد أبــا إســاعيل الهــروي ملــا بالَــغ يف ذم األشــاعرة بأنهــم أقــرب الطوائــف إىل الســنة ؛ كــا‬
‫يف الفتــاوي الجــزء ‪ ، 8 :‬ص ‪ ، 230 :‬و انظــروا كذلــك الجــزء ‪ 6 :‬؛ ص ‪ . 55 :‬و لكــن تسـ ِّمي األشــاعرة ‪ -‬و‬
‫‪16‬‬

‫خصوصــا املتأخريــن منهــم ‪ -‬بأهــل الســنة ال يعنــي أنهــم هــم أهــل الســنة و الجامعــة يف كل حــال ؛ بــل‬
‫ـلم لهــم هــذا‬‫هــم يف الواقــع و ألكــون رصيحــا ‪ :‬ليســوا أهــل الســنة و الجامعــة حقــا و ِصدقــا ‪ ،‬فــا ُيسـ ُ‬
‫اإلنتســاب و ال يُتنــاز َُل لهــم فيــه ‪ ،‬و هــذا مــا أديــن بــه للــه تعــاىل ‪ .‬أســأل اللــه العــي العظيــم أن يُو ِّحــد‬
‫ـتت شــملنا ‪ ،‬و أن يجعلنــا مــن ال َّذا ِّبــن عــن عقيــدة التوحيــد ‪ ،‬و أن يســتعملنا فيــا يخــدم‬ ‫صفوفنــا و ال ُيشـ َ‬
‫العقيــدة و ال يســتبدلنا ‪ .‬كــا أســأله ســبحانه أن يُبـ ِد َل والــدي دارا خـرا مــن داره ‪ ،‬و أهــا خـرا مــن أهلــه‬
‫‪ ،‬و أن يُســكنهُ يف فســيح جنانــه ‪ ،‬و أســأله ‪ -‬إنــه الفــر ُد الصمــد ‪ -‬أن يشــفي ابنتــي ( إســام ) مــن مرضهــا و‬
‫ـم بهــا ‪ ،‬و أن ُيعافيهــا يف صحتهــا و بدنهــا ‪ .‬إنــه ويل ذلــك و القــادر عليــه ‪ .‬و ســام عــى املرســلني و‬ ‫ِمــا أَلَـ َّ‬
‫الحمد لله رب العاملني ‪ ( .‬انتهيت )‬
‫محمد املعتصم بالله‬
‫عليكــم الســام ورحمــة اللــه وبركاتــه‪ ،‬والحمــد للــه حمــدا ال نفــاد لــه ** وإمنــا الحمــد حقــا رأس مــن‬
‫ـدأت تُظهــر‬
‫شــكرا ثــم الصــاة عــى الهــادي النبــي ومــن ** ســادت برشعتــه الضعفــاء والفقـرا أمــا بعــد‪ :‬فبـ َ‬
‫ـت أنــا ُمغــررا يب‪ ،‬يــا معــر مــن زعــم اتبــاع الســلفية وملــا تدخــل‬
‫مــا تخفــي وتغــرر بــه النــاس كــا كنـ ُ‬
‫الســلفية قلبــه‪ ،‬طبعــا‪ ،‬مل تعتــذر عــن قولــك أن مــن أ ّول صفــة للــه خائــن للــه ومكــذب للقــرآن‪ ،‬ألنــك‬
‫ونفســك تــأىب االعتــذار عــن اتهامــك هــذا لشــيوخ اإلســام ســلفا وخلفــا ِمــن َمــن أ َّول‬
‫ليــس عنــدك رد‪ُ ،‬‬
‫بعــض املتشــابهات‪ .‬ويلزمــك عــى هــذه أن ابــن عبــاس خائــن للــه‪ ،‬وكثــر مــن شــيوخ اإلســام ُح ّفــاظ‬
‫الســنة أنــت تعتقــد أنهــم خونــة للــه كالنــووي والبيهقــي الــذي تحتــج بــه وابــن حجــر والســيوطي الــذي‬
‫ـت هــذه التهمــة‬ ‫تكــر ذكــر كالمــه‪ ،‬وابــن الجــوزي إمــام الحنابلــة كذلــك خائــن للــه بنفــس لفظــك‪ .‬تجاهلـ َ‬
‫ومل تعتــذر عنهــا ألنهــا مذهبــك الوهابيــة حقــا حقــا هكــذا‪ ،‬ليــس عندهــم أحــد يعــرف العقيــدة إال بضعــة‬
‫رجــال يف التاريــخ كلــه‪ ،‬وهــذه التهمــة هــي الســبب الــذي قــدره اللــه النشــقاقي عــن مذهبكــم مذهــب‬
‫ـت مــا نقل ُتــه لــك عــن تأويــل النبــي صلــوات اللــه وســامه عليــه للوجــه عنــد‬‫الوهابيــة‪ .‬وكذلــك تجاهلـ َ‬
‫البخــاري ومســلم‪ ،‬وهكــذا لســتم عــى نهــج النبــي وال البخــاري وال مســلم‪ ،‬تــاب اللــه عليكــم‪ .‬وكذلــك‬
‫ـت نقــي لــك عــن إمــام املحدثــن ورئيــس املســلمني أهــل الحديــث يف عــره الخطيــب البغــدادي‪،‬‬ ‫تجاهلـ َ‬
‫ـت أحســبك مــن الضعــف بحيــث تتجاهــل هــذه‬ ‫ألنــه أبطــل مذهبــك كلــه مــن رأســه ألدنــاه‪ ،‬ومــا كنـ ُ‬
‫النقــوالت‪ .‬كنــت أحســبك أقــوى مــن هــذا‪ ،‬وإن كنــت قويــا ســتعتذر وتعــود ملذهــب الســلف مذهــب‬
‫أهــل الســنة والجامعــة مذهــب األشــاعرة‪ ،‬وأتحــدى أن يكــون هنــاك منكــم مــن يحــرم عقيــدة علــاء‬
‫الحديــث والســنة وشــيوخ اإلســام املتفــق عــى شــياختهم للديــن كلــه كالبيهقــي وابــن دقيــق العيــد‬
‫والنــووي وابــن الجــوزي وغريهــم مــن حفــاظ ديــن اللــه ونقلتــه‪ .‬أمــا قولــك أن األشــاعرة يعتربون الســلفية‬
‫مجســمة ومشــبهة‪ ،‬فهــذا كــا يعلــم جميــع املتابعــن كــذب محــض‪ ،‬إمنــا األشــاعرة يدافعــون عــن الســلف‬
‫منكــم ومــن تجســيمكم أنتــم وليــس تجســيم الســلفية‪ ،‬إمنــا كثــر مــن النــاس صــدَّ ق تســميتكم بالســلفية‪،‬‬
‫لذلــك صــارت الكلمــة كث ـرا مــا تُطلــق وي ـراد بهــا الوهابيــة‪ ،‬وللتفريــق بينهــا وإثبــات تضــاد الوهابيــة‬
‫مــع الســلفية هــو مــا أفعلــه أنــا وغــري مــن الغيوريــن عــى ديــن اللــه وعقيــدة أهــل الســنة‪ .‬نســأل اللــه‬
‫القبــول‪ .‬الســلف يكذبونكــم ويضــادون مذهبكــم‪ ،‬واقــرأ مــا يقولــه الحافــظ الكبــر ســيدنا وإمامنــا ابــن‬
‫كثــر وهــو أحــد التالمــذة الذيــن رفضــوا عقيــدة شــيخهم ابــن تيميــة رحــم اللــه الجميــع‪ ،‬يقــول ابــن كثــر‬
‫‪17‬‬

‫رحمــه اللــه يف تفســر آيــة االســتواء مــن ســورة األعـراف‪ :‬وأمــا قولــه تعــاىل «ثــم اســتوى عــى العــرش»‪:‬‬
‫فللنــاس يف هــذا املقــام مقــاالت كثــرة جــدا ‪ ،‬ليــس هــذا موضــع بســطها ‪ ،‬وإمنــا يســلك يف هــذا املقــام‬
‫مذهــب الســلف الصالــح ‪ :‬مالــك ‪ ،‬واألوزاعــي ‪ ،‬والثــوري ‪ ،‬والليــث بــن ســعد ‪ ،‬والشــافعي ‪ ،‬وأحمــد بــن‬
‫حنبــل ‪ ،‬وإســحاق بــن راهويــه وغريهــم ‪ ،‬مــن أمئــة املســلمني قدميــا وحديثــا ‪ ،‬وهــو إمرارهــا كــا جــاءت‬
‫مــن غــر تكييــف وال تشــبيه وال تعطيــل ‪ .‬والظاهــر املتبــادر إىل أذهــان املشــبهني منفــي عــن اللــه ‪ ،‬فــإن‬
‫اللــه ال يشــبهه يشء مــن خلقــه ‪ ،‬و «ليــس كمثلــه يشء وهــو الســميع البصــر» فانظــر كيــف رصح ابــن‬
‫كثــر وهــو مــن أمئــة أهــل الســنة األشــاعرة بــأن الســلف يرفعــون ظواهــر هــذه الصفــات‪ ،‬يف حــن أنــك‬
‫تكذبــه وتدَ عــي أن الســلف يثبتــون الظواهــر‪ ،‬ثــم تقــول مل يــرد حــرف واحــد عنهــم يف ذلــك‪ ،‬وكأنــك أعلــم‬
‫بالســلف مــن الحافــظ الراويــة ابــن كثــر‪ .‬ولعلــك يف نفســك لــوال خوفــك مــن أهــل الســنة وشــدتهم عليــك‬
‫لطعنــت يف ابــن كثــر والنــووي وغريهــم مــن أمئــة الحديــث وشــيوخ امللــة‪ .‬ونســأل اللــه أال تكــون كذلــك‪.‬‬
‫يتبــع‪ .‬أمــا نقلــك عــن الســيوطي عــن أيب املظفــر حديثــه عــن أهــل األهــواء‪ ،‬فهــذا مــن تدليســكم عــى‬
‫أهــل الســنة‪ ،‬وهــو مذهــب الوهابيــة يأخــذون الــكالم الــذي مقصــود بــه املبتدعــة والضُّ ــال فيجعلونــه‬
‫عــى املســلمني وشــيوخ اإلســام‪ ،‬كــا فعلــت داعــش متامــا أخــذت نصــوص الكفــار فطبقتهــا عىل املســلمني‪،‬‬
‫رغــم ذمكــم لهــا‪ ،‬رغــم أنــه أخــرين مــن أثــق بــه مــن أهــل املوصــل شــال العـراق ســلمها اللــه أن إذاعــة‬
‫داعــش كانــت ال تتكلــم إال بــكالم شــيوخكم‪ ،‬ومبذهبهــم تقاتــل النــاس وتكفــر جميــع الخلــق‪ ،‬ومــا بقــي‬
‫ـت صاحــب حــق أن تخــر النــاس‬ ‫بينــك وبــن داعــش إال مقــدار خطــوة أو خطوتــن‪ .‬وأمتنــى منــك إن كنـ َ‬
‫برأيــك يف عقيــدة الحافــظ جــال الديــن الســيوطي وشــيخ اإلســام البيهقــي الذيــن تنقــل مــن كالمهــم‪ ،‬أنــا‬
‫أســتفزك لتتكلــم وتخــرج عقيدتــك للنــاس دون متويــه وتدليــس‪ .‬أمــا قولــك أن األشــاعرة نُفــاة فهــذا كــذب‬
‫ال يســتحق الــرد‪ ،‬واقــرؤوا يــا معــر املســلمني كتــاب األســاء والصفــات لشــيخ اإلســام أيب بكــر البيهقــي‬
‫الشــافعي األشــعري لتعرفــوا كــذب مــا يقولــه األخ‪ .‬أهــل الســنة األشــاعرة ليســوا نُفــاة قطعــا ويقينــا‪ ،‬لكــن‬
‫ليســوا مشــبهة ومجســمة أيضــا‪ .‬هــم الوســط‪ ،‬فكــن مــع الوســط كــا تتابعــت األخبــار أن تكــون منهــم يــا‬
‫مــن يدّ عــي أنــه ســلفي‪ ،‬جعلــك اللــه ســلفيا حقــا‪ .‬وأمــا مــا نقلتــه مــن كالم اإلمــام األشــعري مــن رســالته‬
‫ألهــل الثغــر‪ ،‬فهــذه ثالثــة األثــايف أو بلهجتنــا (مصيبــة املصائــب) حيــث حديثــي معــك عــن الصفــات‬
‫الخربيــة‪ ،‬وكالم اإلمــام عــن الصفــات املعنويــة املتفــق عليهــا بينــي وبينــك‪ ،‬هــذه أول مصيبــة يف نقلــك هــذا‬
‫أنــك ال تعــرف الفــرق بينهــا‪ ،‬ثــاين مصيبــة أن كالم اإلمــام هنــا للــرد عــى مذهــب املعتزلــة يف الصفــات‪،‬‬
‫ويبــدوا أن هنــاك خطــأ يف دكتوراتــك (حصولــك عــى الدكتــوراة)‪ ،‬فكيــف ال تعــرف مذهــب املعتزلــة يف‬
‫الصفــات؟ ومــن يل بوقــت أرشح لــك مذهبهــم؟! أمــا دعــواك أننــا نخالــف الســلف واإلمــام األشــعري‬
‫فباطــل‪ .‬والحــق أننــا مــع األشــعري عــى نهــج الســلف والحمــد للــه رب العاملــن‪ .‬وعــن نقلــك عــن كتــاب‬
‫الحافــظ الســيوطي أن الفــرق بــن أهــل الســنة وأهــل البــدع أن املبتدعــة أسســوا دينهــم عــى املعقــول‪،‬‬
‫فصحيــح متامــا‪ ،‬وأضيــف أن نوعــا آخــر مــن املبتدعــة رفضــوا العقــل متامــا كالوهابيــة‪ ،‬رغم إجامع املســلمني‬
‫عــى أن حفــظ العقــل هــو ُخ ُمــس مصالــح الديــن أو ُسدُ ُســها عــى رأي العالمــة الطاهــر ابــن عاشــور‪ .‬وكال‬
‫الطرفــن مذمــوم‪ ،‬وبينهــا الوســط حيــث أهــل الســنة األشــاعرة‪ ،‬فلــم يقدمــوا العقــل عــى نصــوص الوحــي‬
‫كاملعتزلــة‪ ،‬ومل يرفضــوه متامــا كالوهابيــة والحشــوية‪ ،‬بــل هــم الوســط فكــن مــع الوســط كــا أمــرك اللــه‪.‬‬
‫وموضــع ذكــرك لحديــث انقســام األمــة‪ ،‬فكأنــك تجعــل أهــل الســنة األشــاعرة مــن فــرق أهــل النــار؟؟!‬
‫‪18‬‬

‫أخربنــا مبــا تــرى إن كنــت را ٍء شــيئا‪ .‬أمــا تهكمــك عــى قــويل (ســبعة وســبعون خطــا) فــإن العــرب‬
‫يســتخدمون رقــم ســبعة ومضاعفاتــه كنايــة عــن الكــرة وليــس للحــر‪ ،‬وقــل (ســبعة خطــوط‪ ،‬وليــس‬
‫ســبع خطــوط) ال تلحــن يف لغــة العــرب‪ ،‬فإنهــا لغــة الديــن‪ ،‬وإن مل تكــن تحســنها فاذهــب تعلمهــا بــارك‬
‫اللــه فيــك بــدال مــن الحديــث يف مــا ال تعلــم مــن علــم العقيــدة‪ ،‬فــإن اللغــة آلــة لفهــم العقيــد والفقــه‪.‬‬
‫وعــن تعليقــي عــى قولــك أن أحــد أنــواع الخطــاب القــرآين مــا يُقصــد بــه اإللغــاز‪ ،‬فــإين أحســن الظــن بــك‪،‬‬
‫لكــن عبارتــك ليســت بليغــة‪ ،‬اذهــب عدِّ لْهــا‪ .‬وأنــت مخطــئ (وال أقــول كاذبــا احرتامــا فقــط‪ ،‬لكــن ال تكــر‬
‫مــن ذلــك فيقــل االحـرام) يف قولــك أن األشــاعرة يقولــون القــرآن فيــه ألغــاز‪ .‬لكــن ابتداعكــم ليــس غريبــا‪.‬‬
‫أمــا عــن املجــاز فقــد أجمعــت األمــة العربيــة كلهــا عــى أن الــكالم البليــغ ال يخلــوا منــه‪ ،‬فكيــف بأبلــغ‬
‫كتــاب كتــاب اللــه؟! وقــد حــاول جاهــدا الشــنقيطي إنــكار ذلــك يف كتابــه إنــكار املجــاز يف القــرآن‪ ،‬ولكــن‬
‫أنــا أعطيــه درجــة صفــر يف محاولتــه هــذه‪ ،‬عافانــا اللــه مــا ابتــاه بــه مــن عشــق املخالفــة للجمهــور‪.‬‬
‫وكلمــة (اســتعباط) أقبلهــا منــك كمزحــة جانبيــة يــا باشــا‪ ،‬لكــن ال تكــر مــن ذلــك أفضــل‪ .‬أمــا ذكــرك‬
‫حديــث النبــي صلــوات اللــه وســامه عليــه بصفــة الســمع والبــر‪ ،‬فالســمع والبــر ثابتتــان عنــد الجميع‪،‬‬
‫لكنــك ذكرتــه لالســتدالل عــى األذن والعــن الجارحتــن كــا يف نــص الحديــث‪ ،‬وهــو تعبــر مجــازي‪ ،‬نعــوذ‬
‫ـت‬‫باللــه أن يكــون حقيقــة‪ ،‬فهــل تثبــت جارحتــن؟ والعيــاذ باللــه‪ .‬وعــن اتهامــك يل بالتمويــه ألين أبطلـ ُ‬
‫قولــك أن الســلف مل يُــرو عنهــم شــيئ يف نفــي ظواهــر الصفــات الخربيــة‪ ،‬فليــس متويهــا بــل حقيقــة وإن مل‬
‫ـرت لــك أكــر مــن مــرة‪ ،‬أمــا تفريقــك بــن‬‫تعجبــك‪ ،‬فــا يَلزمنــي رأيــك‪ ،‬الســلف مــروي عنهــم ذلــك كــا ذكـ ُ‬
‫(مل يــرد) و (مل ُيــرو) فهــذا تحكــم ال وزن لــه هنــا‪ .‬يتبــع‪ .‬واتهامــك يل بتخليــط الحابــل بالنابــل والبحــث يف‬
‫النــت ومــا إىل ذلــك مــن صبيانيــات ال وزن لهــا عنــدي‪ .‬ومــا اقتبسـ ُته أنــا مــن ابــن حجــر واضــح أوضــح‬
‫مــن الشــمس عنــد صاعــدي قمــة اإليفرســت‪ ،‬فــا تُقلــل مــن شــأنك وتســألني عــن رشحــه‪ ،‬وتفلســفك يف‬
‫النــص‪ ،‬أنــا مــن قســم الفلســفة لكنــي أكــره التفلســف يف النصــوص الدينيــة‪ .‬والحمــد للــه‪ .‬وانظــروا يــا‬
‫معــر املتابعــن عــن جرميــة األخ يف حــق اللــه وترصيحــه بتشــبيه صفــات اللــه بصفــات اإلنســان دون‬
‫خجــل عافانــا اللــه وإياكــم مــن مثــل هــذا‪ .‬يقــول األخ‪ :‬أن الصفــة الــواردة يف اآليــة (يعنــي الســمع والبــر)‬
‫إمنــا هــي عــى الحقيقــة التــي هــي يف اإلنســان يف العــن واألذن) اهـــ هــل هنــاك تشــبيه بعــد هــذا؟! نعــوذ‬
‫ـبهت بــل‬
‫باللــه مــن الخــذالن والســقوط‪ ،‬ولــن ُيقبــل منــك أن تقــول بعدهــا أنــك ال تشــبه‪ ،‬فأنــت قــد شـ َ‬
‫ـت‪ .‬والعيــاذ باللــه‪ .‬فهــل هــذا مذهــب الســلف رضــوان اللــه عليهــم؟ كال‪ ،‬الســلف أعلــم وأكــر مــن‬ ‫مثلـ َ‬
‫هــذا االنح ـراف الكبــر‪ .‬والنبــي صلــوات اللــه وســامه عليــه يجــب أن تســتحي مــن إســناد التشــبيه لــه‬
‫ـم فاعلــه تأدبــا مــع‬
‫ولــو عــى لســاين أنــا لتتهمنــي بــه‪ ،‬تعلــم أدب القــرآن عنــد إســناد املســتقبح ملــا مل ُيسـ ّ‬
‫مقــام الفاعــل ســبحانه وتعــاىل‪ ،‬كمثــل قولــه «غــر املغضــوب عليهــم» ومل يقــل غــر الذيــن غضبــت عليهــم‪،‬‬
‫كــا قــال قبلهــا غــر الذيــن أنعمــت عليهــم‪ .‬وعــى أي حــال‪ ،‬نبينــا صلــوات اللــه وســامه عليــه ليــس كــا‬
‫قلــت‪ ،‬بــل هــو منــزه للــه عــن مشــابهة الخلــق‪ ،‬إمنــا املشــبه املخالــف للســلف والخلــف هــو أنــت هــداك‬
‫ـت أن الســفينة تجــري‬ ‫اللــه وأصلــح حالــك‪ .‬وقــول اللــه ســبحانه «تجــري بأعيننــا» ليــس معنــاه كــا فهمـ َ‬
‫داخــل العــن ‪-‬العيــاذ باللــه‪ -‬كــا يخــر ظاهــر اللفــظ‪ ،‬بــل معنــاه مبــرأى منــا‪ ،‬أو كــا قــال ســفيان ريض‬
‫اللــه عنــه بأمرنــا كــا روى الطــري رحمــه اللــه عنــه‪ .‬ومــا نقل َتــه عــن إمامنــا أيب حنيفــة حــق‪ ،‬ال شــيئ‬
‫فيــه‪ ،‬إمنــا اختــايف معــك يف حملــه عــى ظاهــره‪ ،‬واإلمــام ال يــؤول يف مثــل هــذا‪ ،‬بــل مذهبــه ومذهبنــا‬
‫‪19‬‬

‫إثبــات الصفــة الخربيــة‪ ،‬مــع رفــع ظاهرهــا‪ ،‬ودليــل رفــع الظاهــر عــن قــول اإلمــام مــا رواه عنــه رصاحــة‬
‫اإلمــام الطحــاوي يف عقيدتــه إذ قــال‪ :‬تعــاىل اللــه عــن األركان واألعضــاء‪ .‬اهـــ‪ .‬فاإلمــام األعظــم مــن أهــل‬
‫ـت أعــاه 👆 ‪ .‬واتهامــك يل بــأن أدلتــي ال تخــرج عــن‬ ‫رصحـ َ‬
‫الســنة‪ ،‬بينــا أنــت املشــبه واملجســم والوهــايب كــا َّ‬
‫اآلراء واملعقــوالت‪ ،‬فهــذا غلــط منــك ‪-‬وال أقــول كذبــا‪ ،‬لكــن ال تكــر مــن ذلــك‪ -‬فأنــا مل أكلمــك إال بذكــر أقــول‬
‫العلــاء‪ .‬وصفــة الضحــك ثابتــة ومعناهــا ليــس عــى ظاهرهــا‪ ،‬كــا روى شــيخ اإلســام ابــن حجــر عــن‬
‫التابعــي أيب الزنــاد ريض اللــه عنــه قــال‪ :‬الضحــك الــذي يعــري البــر عندمــا يســتخفهم الفــرح أو الطــرب‬
‫غــر جائــز عــى اللــه تعــاىل ‪ ،‬وإمنــا هــذا مثــل رضب لهــذا الصنيــع الــذي يحــل محــل اإلعجــاب عنــد البــر‬
‫فــإذا رأوه أضحكهــم‪ ،‬ومعنــاه اإلخبــار عــن رضــا اللــه بفعــل أحدهــا وقبولــه لآلخــر‪ .‬اهـــ فكــن متبعــا للتابعني‬
‫وتــب مــن االبتــداع‪ .‬يتبــع‪ .‬ومــن كانــوا قبــل اإلمــام أيب الحســن األشــعري ليســوا أهــل فــرة‪ ،‬بــل هــم مــن‬
‫اتبعهــم اإلمــام ومل يخــرج عنهــم قيــد أمنلــة‪ ،‬إمنــا فقــط رشح مذهبهــم وفصلــه وبســطه أكــر‪ ،‬وقمــع جميــع‬
‫املبتدعــن‪ ،‬ونــر مذهــب أهــل الســنة بفضــل اللــه تعــاىل‪ ،‬فهــو متبــع ال مبتــدع‪ ،‬فكــن مثلــه تنجــو إن شــاء‬
‫اللــه‪ .‬وعــن حديثــك عــن أيب محمــد بــن ك ُّلب رحمــه اللــه‪ ،‬فهــو مــن أمئــة أهــل الســنة‪ ،‬بــل هــو شــيخ لإلمــام‬
‫البخــاري رحمــه اللــه‪ ،‬والدليــل قــال شــيخ اإلســام ابــن حجــر يف فتــح البــاري‪ ،‬كتــاب الوضــوء‪ ،‬متحدثــا عــن‬
‫اإلمــام البخــاري صاحــب الصحيــح‪ :‬وأمــا املســائل الكالميــة عنــده فمســتمدة مــن ابــن كالب رحمهــم اللــه‪.‬‬
‫اهـــ وأقتبــس لــك مــن كالم ابــن القيــم رحمــه اللــه وغفــر لــه وجمعنــا بــه يف الجنــة‪ :‬يــا حاطــب الليــل يف‬
‫الظلــاء منتصبــا ** لــكل داهيــة تُــدين مــن العطــب كــم ذا التخلّــف والدنيــا قــد ارتحلــت ** ورســل ربــك‬
‫قــد وافتــك يف الطلــب وابــن تيميــة عندنــا شــيخ جليــل رحمــه اللــه وقــع يف التشــبيه والتجســيم‪ ،‬لكنــه مســلم‬
‫ســني‪ ،‬وغفــر اللــه لــه أخطائــه‪ .‬وإخراجــك أهــل الســنة األشــاعرة مــن أهــل الســنة والجامعــة‪ ،‬فهــذا ترصيــح‬
‫ـت الوهابيــة‬‫منــك عجــز عنــه غــرك‪ ،‬أشــكرك عــى الرصاحــة‪ .‬واقــرؤوا هــذا 👆 يــا مــن غضبتــم منــي حــن اتهمـ ُ‬
‫بإخـراج شــيوخ اإلســام وأمئــة الحديــث األشــاعرة مــن أهــل الســنة‪ ،‬هاهــي جهيــزة تقطــع قــول كل خطيــب‪.‬‬
‫ـت عنــه‪ :‬إن األشــاعرة‬‫يتبــع‪ .‬وأختــم بشــيئني‪ ،‬أولهــا نكتــة للســادة املتابعــن أنــك تقــول نقــا عــن مــن نقلـ َ‬
‫هــم أهــل الســنة والجامعــة يف بــاد‪ ،‬وليســوا بأهــل ســنة يف بــاد أخــرى‪ .‬أضحــك اللــه ســنك‪ .‬وثانيهــا نــص‬
‫قاطــع يف إبطــال دعــواك أن الســلف يقولــون بظواهــر الصفــات الخربيــة‪ ،‬نقل ُتــه لــك ســابقا‪ ،‬لكنــك مــا زلــت‬
‫مل تبتلعــه جيــدا لثقلــه عليــك‪ ،‬وهــو قــول شــيخ اإلســام ابــن حجــر رحمــه اللــه يف رشح حديــث النــزول يف‬
‫فتــح البــاري‪ :‬وقــد اخ ُتلــف يف معنــى النــزول عــى أقــوال‪ :‬فمنهــم مــن حملــه عــى ظاهــره وحقيقتــه‪ ،‬وهــم‬
‫املشــبهة‪ ،‬تعــاىل اللــه عــن قولهــم‪ ،‬ومنهــم مــن أجـراه عــى مــا ورد مؤمنــا بــه عــى طريــق اإلجــال منزهــا‬
‫اللــه تعــاىل عــن الكيفيــة والتشــبيه ‪ ،‬وهــم جمهــور الســلف‪ ،‬ونقلــه البيهقــي وغــره عــن األمئــة األربعــة‪،‬‬
‫والســفيانني‪ ،‬والحامديــن‪ ،‬واألوزاعــي‪ ،‬والليــث‪ ،‬وغريهــم‪ .‬اهـــ أمــا قبـ ُـل‪ ،‬فرحــم أبــاك وجمعــك بــه يف الجنــة‬
‫متكئــن عــى رسر متقابلــن‪ ،‬وعافــاك اللــه يــا عزيــزيت (إســام) عافــاك اللــه وشــافاك عاجــا غــر آجــل‪ ،‬إنــه ال‬
‫يعجــزه ذلــك وهــو عــى مــا يشــاء قديــر‪ .‬وصــى اللــه وســلم عــى ســيدنا محمــد وآلــه وأصحابــه وأتباعــه‪.‬‬
‫انتهيت‪.‬‬
‫‪20‬‬

‫تنبيه إداري ‪:‬‬


‫مــن بــن الحــاالت املتفــق عليهــا بينــك و بــن د‪ .‬أنــس لتوقيــف املناظــرة ‪ :‬عــدم التدليــس عــى املصــادر‬
‫؛ لذلــك فقــد دلســت عــن ابــن كثــر ومل تتــم خامتــة كالمــه و هــذا أحــد الضوابــط التــي بإمكاننــا إيقــاف‬
‫املناظــرة ألجلهــا ‪ .‬ثــم كذلــك حالــة أخــرى هــو عــدم وضــع ( اإلموشــنز ) و هــذا دليــل كاف إليقــاف املناظــرة‬
‫‪ .‬ثــم كذلــك اســتعامل األلفــاظ القدحيــة و اإلتهامــات املعلبــة و األلفــاظ البذيئــة املســتفزة ‪ ،‬و هــذا دليــل‬
‫ثالــث إليقــاف املناظــرة و اإلعــان عــن فقــدك للحجــة ســيد محمــد ‪ .‬و مبــا أن املناظــرة يف أولهــا ‪ ،‬و مل تعــدو‬
‫بعــد عــن مداخلتــن ســنتغاىض عــن هــذا كلــه و نعطيــك فرصــة أخــرى لعلــك ترتفــع عــن هــذه األخــاق‬
‫التــي نعتربهــا انتكاســة يف حــق املناظــرة ‪ ،‬و نرجــو أن لــن نعيــد هــذا التنبيــه ألننــا لــن نتاملــك عــن إيقــاف‬
‫املناظــرة إن اســتمريت فضيلتــك يف هــذا الوضــع ‪# .‬اإلســام_يتحدى‬

‫محمد املعتصم بالله‬


‫ـت ســوى حــق بفضــل اللــه‪ ،‬وعليــك الرتاجــع أنــت عــن‬‫لــن أتراجـ َـع عــن حــرف واحــد مــن مــا قل ُتــه‪ ،‬ومــا قلـ ُ‬
‫كلمــة (بذيئــة) ال تليــق‪ .‬واملصــادر أمــام النــاس‪ ،‬بإمكانهــم االطــاع بأنفســهم‪ ،‬وأنــا مــا زلــت يف املقدمــة‬
‫اآلن‪ ،‬هــل ثقلــت عليكــم يف الثنيــة؟ فــا بالــك بباقــي الكتائــب مــن األدلــة القويــة الصارخــة عــى بطــان‬
‫ـذت منهــا مــا أريــد‪ ،‬وهــو إثبــات أنكــم لســتم ســلفية وال تشــبهونها‪ .‬واللــه‬ ‫مذهبكــم؟ واملناظــرة قــد أخـ ُ‬
‫املســتعان‪ ،‬وعليــه التــكالن‬
‫نحن إدارة اإلسالم يتحدى‬
‫نقــول لــك ‪ :‬قــد خرقــت جميــع الحــاالت التــي اتفقــت عليهــا بينــك و بــن د‪ .‬أنــس إليقــاف املناظــرة ؛ فهــل‬
‫ســترتفع يف املســتقبل أم ســيتم توقيفــك ؟‬
‫محمد املعتصم بالله‬

‫واللــه يــا أخ أنــس يعلــم اللــه واملالئكــة املُطَّلِعــون أن قلبــي تجــاه شــخصك ســليم جــدا‪ ،‬بــل واللــه مشــفق‬
‫عليــك‪ ،‬وأرحمــك‪ .‬لكننــي يف دينــي أرجــو أن أكــون جبــارا مبينــا‪ ،‬أســأل اللــه العــي القديــر العظيــم أن‬
‫ينــر الحــق وأهلــه‪ ،‬وأن يخــذل الباطــل وأهلــه‪ ،‬وأن يجعــل عمــي خاليــا مــن الريــاء القاتــل‪ ،‬أال لعنــة اللــه‬
‫عــى الريــاء‪ ،‬واللــه لــو كان إنســانا وملكتــه لقطعتــه ســبعني قطعــة‪ ،‬ثــم حرقتــه يف النــار‪ .‬حســبنا اللــه ونعــم‬
‫الوكيــل‪ ،‬وهــو موالنــا ونعــم النصــر‪ .‬اللهــم أرنــا الحــق حقــا وارزقنــا اتباعــه‪ ،‬وأرنــا الباطــل باطــا وارزقنــا‬
‫اجتنابــه‪ .‬وأســأل اللــه الرحيــم عظيــم الرحمــة واللطيــف خفــي اللطــف والســميع البصــر العزيــز القديــر‬
‫الســام الحــي القيــوم أن يشــفي بنتــك ويقــر بهــا عينــك ويســعدك بهــا ويجعلهــا مقتديــة بأمنــا أم املؤمنــن‬
‫عائشــة أعلــم نســاء بنــي آدم بــا نـزاع‪ .‬اللهــم اشــفها يــا ربنــا فــا يعجــزك شــفاؤها‪ ،‬وأذهــب عنهــا البــأس‬
‫واملــرض‪ ،‬أيعجــزك ذلــك وأنــت امللــك يــا رب العاملــن! وصــى اللــه عــى ســيدنا ونبينــا محمــد وعــى آلــه‬
‫وصحبــه وســلم‪.‬‬
‫‪21‬‬

‫الدكتور أنس أبو هيام‬


‫الســام عليكــم و رحمــة اللــه تعــاىل و بركاتــه ‪ .‬بســم اللــه الرحمــن الرحيــم ‪ ..‬الحمــد للــه وحــده ‪ ،‬و الصــاة و‬
‫الســام عــى مــن ال نبــي بعــده ‪ .‬و بعــد ‪ :‬مــاذا عســاي أن أفعــل إن مل أجــد مــا أعلــق عليــه غــر الــكالم البــذيء‬
‫و التطــاول عــى شــخيص ؟ عــى مــاذا أعلــق إن كان يف مداخلتــك غــر اإلتهــام و الــكالم املرســل اإلنشــايئ املفتقــر‬
‫للدليــل ؟ عــى مــاذا أرد إن كنــت قــد خرقــت الضوابــط التــي بصمــت عليهــا بحذافــرك ؟ مل أجــد يف مداخلتــك‬
‫هــذه مــا يســتحق الــرد ؛ فــكل كالمــك مواعــظ و نصائــح ميكنــك تداولهــا يف صفحتــك الشــخصية ال يف مناظــرة‬
‫يتابعهــا املئــات إن مل نقــل اآلالف ‪ ،‬و لألســف لســت الشــخص املناســب الــذي ميكنــك أن متــارس عليــه نشــاطك‬
‫الفايســبويك البــذيء ‪ .‬و بنــاء عــى هــذا مــن حقــي إيقــاف املناظــرة مــا دمــت لســت أهــا معــايل األســتاذ لهــا‬
‫؛ ال مــن حيــث أخالقــك و ال مــن حيــث أهليتــك يف مقارعــة الحجــج ‪ .‬و لذلــك فأنــت تحــت رحمــة قلمــي إن‬
‫أردت إيقافهــا معلنــا عــن إفالســك يف املناظــرة لخرقــك لجميــع الــروط إضافــة إىل الســذاجة و ســوء الرتبيــة‬
‫الــذي نتجنبــه غالبــا يف املناظـرات األكادمييــة ‪ ،‬مــع العلــم أن املناظــرة ال زالــت يف بدايتهــا و مل نقــدم منهــا غــر‬
‫مداخلتــن مــن عــر متفــق عليهــا ‪ ،‬فيــا تــرى هــل نعتــر هــذا نفــاذ ذخائــرك املطاطيــة ؟ أم نعتــر هــذا تهريجــا‬
‫إليقافــك مــن ورطتــك ؟ أم مــاذا ؟ و لســوء حظــك أننــي ســأضيف لــك مداخلــة أخــرى لعلــك ترتفــع عــن أخــاق‬
‫الشــوارع و تظهــر مبظهــر الرجــل الرصــن ؛ و إن مل ترتفــع فســيتم وضعــك يف زنزانــة النســيان غــر مأســوف عليــك‬
‫متمنيــا يف األيــام املقبلــة أن يســتخرج لنــا األشــاعرة مــن يرونــه أكــر متاســكا حــن تهــب ريــاح الوهابيــة الجارفــة‬
‫معهــا األدلــة و الرباهــن ‪ .‬فيــا معــايل املحــرم احــرم نفســك و إال لــن تجــد منــا مــا يــرك ؛ فمحاوالتــك البائســة‬
‫للتملــص مــن املناظــرة عــن طريــق البهلوانيــة و البــذاءة لــن تنفعــك و أنــت يف مناظــرة ؛ فانتبــه رعــاك اللــه ملــا‬
‫يخــرج مــن فمــك ‪ .‬غــدا إن شــاء اللــه ســأقوم بالــرد عــى مــا يســتحق الــرد مــن مداخلتــك رغــم عــدم وجــود مــا‬
‫يســتحق الــرد ‪ ( .‬يتبــع ) تقــول ‪ « :‬فبــدأت تظهــر مــا تخفــي و تغــرر بــه النــاس كــا كنــت أنــا مغــررا يب ‪ ،‬يــا‬
‫معــر مــن زعــم اتبــاع الســلفية و ملــا تدخــل الســلفية قلبــه « ‪ ( .‬إنــت جــاي تناظــر و ال جــاي تهــرج ؟ ) ‪ .‬تقــول‬
‫‪ « :‬مل تعتــذر عــن قولــك أن مــن أول صفــة للــه خائــن و مكــذب للقــرآن ‪ ،‬ألنــك عنــدك رد‪ ،‬و نفســك تــأىب‬
‫االعتــذار عــن اتهامــك هــذا لشــيوخ اإلســام ســلفا و خلفــا مــن مــن أول بعــض املتشــابهات « ‪ .‬امســح نظارتيــك‬
‫فقــد أكلهــا الصــدأ و اســتخرج يل مــن مداخــايت أيــن تجــد قــويل بالحــرف ( مــن أول صفــة للــه خائــن للــه و‬
‫مكــذب للقــرآن ) ؛ هــل تتقــول عــي مــا مل أقــل ؟ أم هــل أنــك تناظــر شــخصا آخــر يف مجموعــة أخــرى فتســتقي‬
‫ردودك هنــا ظنــا أنــك تــرد عليــه ؟ و مــن العجــب مــا قتــل !! تقــول ‪ « :‬و يلزمــك عــى هــذه أن ابــن عبــاس‬
‫خائــن للــه « ‪ .‬رصاحــة ال أعلــم وجــه اســتداللك هنــا ‪ .‬تقــول ‪ « :‬و كثــر مــن شــيوخ اإلســام حفــاظ الســنة أنــت‬
‫تعتقــد أنهــم خونــة ك ‪ . « ...‬اهــدأ قليــا مــن فضلــك و كفــى مــن البهلوانيــة ‪ .‬تقــول ‪ « :‬ألنــك مذهبــك الوهابيــة‬
‫حقــا حقــا هكــذا ‪ ،‬ليــس عندهــم أحــد يعــرق العقيــدة إال بضعــة رجــال يف التاريــخ كلــه « ‪ .‬هــذه مــن فــرط‬
‫اســتعاملك للمخــدرات ‪ .‬تقــول ‪ « :‬و هــذه التهمــة هــي الســبب الــذي قــدره اللــه النشــقاقي عــن مذهبكــم‬
‫مذهــب الوهابيــة « ‪ .‬ذلــك ألن املذهــب الوهــايب ال يقبــل إال طيبــا ؛ مثلــه مثــل البحــر يرمــي الرجــس خارجــا ‪.‬‬
‫تقــول ‪ « :‬و كذلــك تجاهلــت مــا نقلتــه لــك عــن تأويــل النبــي صلــوات اللــه و ســامه عليــه للوجــه عنــد‬
‫البخــاري و مســلم « ‪ .‬أيــن هــو ؟ مل أره ! تقــول ‪ « :‬و كذلــك تجاهلــت نقــي لــك عــن إمــام املحدثــن و رئيــس‬
‫‪22‬‬

‫املســلمني « ‪ .‬عفــوا مــا عندنــا رؤســاء يف الديــن ؛ عندنــا مــا يســمى قــادة أو أمـراء أو أويل األمــر ‪ .‬تقــول ‪« :‬‬
‫الخطيــب البغــدادي ‪ ،‬ألنــه أبطــل مذهبــك كلــه مــن رأســه ألدنــاه « ‪ .‬تعلــم أنــك ال تعلــم مــا تقــول ؟! إن مــا‬
‫نقلتــه عــن الخطيــب البغــدادي رحمــه اللــه هــو تقريــر ملذهــب الســلف ( اإلثبــات بــا تأويــل ) و ليــس‬
‫تقريـرا ملذهــب األشــاعرة ؛ فلذلــك أنــت ال تعــرف عــا تناظــر أصــا ؛ فأنــت تناظــر يف واد و مذهبــك يف واد‬
‫آخــر ‪ ،‬و اســتفزازك يشء طبيعــي بعــد انفجــار عبوتــك و خمودهــا ؛ و للعلــم فــإن عنــدي آلــة تربيــد خاصــة‬
‫ملــن ارتفعــت عنــده الحمــى ( الســخانة ) ‪ .‬و مــن أىت ليناظــر معاديــا ذلــك األصــل الــذي ســيناظره أو الفريــق‬
‫الــذي ســيناظره فســيكون كحــار جحــا مرخيــا أذنيــه حانقــا متحملقــا تصــاب كلامتــه بالصــدأ و تتهــاوى أمــام‬
‫مناظــره ‪ .‬و لكــن مــن أىت مناظـرا أكادمييــا محرتمــا للعقيــدة الــذي ينتهجــا غــره و محرتمــا ملناظــره و للمتابعني‬
‫فــإن مل يخــرج بإفــادة فســيخرج باســتفادة ‪ .‬اإلمــام التابعــي ربيــع بــن عمــرو الجــريش ( ‪ 64‬هجريــة ) ‪ ،‬قــال‬
‫يف قولــه تعــاىل ‪ « :‬و األرض جميعــا قبضتــه يــوم القيامــة و الســاوات مطويــات بيمينــه « ‪ ( .‬الزمــر ‪. ) 67 :‬‬
‫قــال ‪ -‬يرجــى اإلنتبــاه للجميــع لقــول هــذا التابعــي العظيــم ‪ « : -‬و يــده األخــرى خلــو ليــس فيهــا يشء « ‪.‬‬
‫رواه ابــن جريــر ( ‪ ، ) 25 / 24‬و عبــد اللــه يف الســنة ( ‪ . ) 501 / 2‬و هــذا ظاهــر يف إثبــات حقيقــة اليــد للــه‬
‫و أنهــا ليســت النعمــة أو القــدرة ؛ لذلــك فــإن كان هنــاك تشــبيه فأنــت هــو املشــبه ؛ فقــد شــبهت و هربــت‬
‫مــن التشــبيه إىل التعطيــل ‪ ،‬و مــن التعطيــل إىل التأويــل ‪ ،‬فقــد شــبهت أوال ثــم عطلــت ثــم أولــت ‪ .‬و ال‬
‫تتهمنــي مــرة أخــرى بالتشــبيه و إال لــزم مــن قولــك اإلتهــام بالتشــبيه لــكل مــن ابــن عمــرو الجــريش اإلمــام‬
‫التابعــي الجليــل ؛ و راوي األثــر ابــن جريــر الطــري ‪ ،‬فــإن فعلــت ذلــك فمثلــك مثــل حامــل األســفار املذكــور‬
‫يف القــرآن ‪ ( .‬يتبــع ) تقــول ‪ « :‬و مــا كنــت أحســبك مــن الضعــف بحيــث تتجاهــل هــذه النقــوالت « ‪ .‬حقيقــة‬
‫ضحكــت حتــى اســتلقيت عــى ظهــري ؛ و ال أعلــم هــل تقصــد بالنقــوالت التــي تنقلهــا أم التــي أنقلهــا أنــا ؟‬
‫فــإن كنــت تقصــد النقــوالت التــي تنقلهــا أنــت فهــي ضــدك يف كل األحــوال ! و أمــا إن كنــت تقصــد مــا أنقلــه‬
‫فهــو عــن الصــواب مــع مراعــاة املصــدر و املرجــع ‪ .‬مثــا ‪ :‬عــن جابــر ريض اللــه عنــه قــال ‪ :‬كان رســول اللــه‬
‫صــى اللــه عليــه و ســلم يكــر أن يقــول ‪ « :‬يــا مقلــب القلــوب ثبــت قلبــي عــى دينــك « ؛ فقــال لــه بعــض‬
‫الصحابــة ‪ :‬أتخــاف علينــا و قــد آمنــا بــك و مبــا جئــت بــه ؟ فقــال ‪ « :‬إن القلــب بــن إصبعــن مــن أصابــع‬
‫الرحمــن عــز و جــل يقــول بهــا هكــذا « ‪ ،‬و حــرك أبــو أحمــد إصبعــه ‪ .‬رواه أبــو يعــى ( ‪ ، ) 207 / 4‬و‬
‫الطــري يف تفســره ( ‪ ، ) 188 / 3‬و الدارقطنــي يف الصفــات ؛ ص ‪ ، 124 :‬و ابــن منــده يف « الــرد عــى الجهميــة‬
‫« ص ‪ 87 :‬؛ و قــال ‪ « :‬و هــذا حديــث ثابــت باتفــاق « ‪ .‬و يف « التوحيــد « ( ‪ ، ) 112 / 3‬و قــال ‪ « :‬اختلــف‬
‫عــى األعمــش يف إســناد هــذا الحديــث ‪ ،‬فــرواه أبــو معاويــة و غــره عــن األعمــش عــن أيب ســفيان و يزيــد‬
‫الرقــايش عــن أنــس بــن مالــك ‪ ،‬و رواه جريــر بــن عبــد الحميــد و غــره عــن األعمــش عــن يزيــد الرقــايش عــن‬
‫أنــس ‪ ،‬و رواه منصــور بــن أيب نويــرة و غــره عــن أيب بكــر بــن عيــاش عــن األعمــش عــن غنيــم بــن قيــس عــن‬
‫أنــس بــن مالــك « ‪ .‬و قــال إســاعيل بــن عمــرو بــن قيــس بــن الربيــع عــن األعمــش عــن ثابــت البنــاين عــن‬
‫أنــس بــن مالــك ‪ .‬و كلهــا معلولــة إال روايــة الثــوري و فضيــل ‪ -‬أي ‪ :‬مــن مســند جابــر ‪ . -‬و روي هــذا الحديث‬
‫عــن عائشــة و أم ســلمة و أســاء بنــت يزيــد و عــن أيب ذر و عبــد اللــه بــن مســعود و أيب هريــرة مــن طــرق‬
‫فيهــا مقــال ‪ .‬قلــت ‪ :‬و أبــو أحمــد هــو اإلمــام الثقــة الثبــت محمــد بــن عبــد اللــه بــن الزبــر األســدي الزبــري‬
‫الكــويف ؛ تــويف ســنة ( ‪ 203‬للهجــرة ) ‪ ،‬و هــو راو الحديــث عــن ســفيان الثــوري ‪ .‬و يف الحديــث تحقيــق‬
‫األصابــع للــه تعــاىل ‪ .‬فهــل ميكنــك أن تتهــم هــؤالء بالتشــبيه ؟! تقــول ‪ « :‬أمــا قولــك أن األشــاعرة يعتــرون‬
‫‪23‬‬

‫الســلفية مجســمة و مشــبهة ‪ ،‬فهــذا كــا يعلــم جميــع املتابعــن كــذب محــض « ‪ .‬حقــا معــايل الفطحــل ؟!‬
‫الجــواب مــن نفــس تعليقــك ؛ حيــث تقــول ‪ « :‬و ابــن تيميــة عندنــا شــيخ جليــل رحمــه اللــه وقــع يف التشــبيه‬
‫و التجســيم ‪ ،‬لكنــه مســلم ســني و غقــر اللــه لــه أخطائــه « ‪ .‬ال أعلــم هــل أنــت إنســان أم كائــن آخــر ؟ حيث‬
‫يف األول تقــول أننــي أكــذب حــن قلــت عــن األشــاعرة أنهــم يعتــرون الســلفية مجســمة و مشــبهة و يف نفــس‬
‫التعليــق تناقــض نفســك فتقــول بــأن شــيخ الســلفية مجســم و مشــبه ؛ و تدعــو لــه باملغفــرة ؛ مــع أن يف‬
‫أصــول مذهــب األشــاعرة و جميــع املذاهــب العقديــة اإلســامية بــأن املجســمة كفــار ‪ ،‬فلذلــك قلــت لــك يف‬
‫تعليقــي الســابق بأنــك ال تعــرف مذهبــك فضــا عــن مذاهــب القــوم ‪ .‬فهــذا اإلمــام التابعــي حكيــم بــن جابــر‬
‫بــن طــارق بــن عــوف األحمــي ( ‪ 82‬للهجــرة ) يقــول ‪ « :‬إن اللــه تبــارك و تعــاىل مل ‪#‬ميس_بيــده مــن خلقــه‬
‫غــر ثالثــة أشــياء ‪ :‬خلــق الجنــة ‪#‬بيــده ثــم جعــل ترابهــا الــورس و الزعفـران ‪ ،‬و جبالهــا املســك ‪ ،‬و خلــق آدم‬
‫‪#‬بيــده و ‪#‬كتــب التــوراة ملــوىس « ‪ .‬رواه ابــن أيب شــيبة ( ‪ ، ) 96 / 13‬و هنــاد بــن الــري يف « الزهــد « ( ‪46‬‬
‫) ‪ ،‬و عبــد اللــه يف الســنة ( ‪ ، ) 275 / 1‬و اآلجــري يف « الرشيعــة « ص ‪ ، 340 :‬و أورده الذهبــي يف « العلــو «‬
‫ص ‪ . 125 :‬فــا أعلــم هــل كل هــؤالء كذبــة يف إثبــات الصفــات عــى حقيقتهــا و أنــت املحــق أم أن آلــة الفهــم‬
‫عنــدك معطلــة ؛ فــإن كانــت األوىل فصــاة الجنــازة عليــك و ال خــر يرجــى منــك ‪ ،‬و إن كانــت الثانيــة رصفنــا‬
‫لــك مــن أموالنــا عــى اإلســعافات األوليــة ملراتــب العقــل عنــدك ‪ ( .‬يتبــع ) تقــول ‪ « :‬الســلف يكذبونكــم و‬
‫يضــادون مذهبكــم « ‪ .‬كــم يســهل إطــاق الرصــاص يف الهــواء ؛ و حــن التفحيــص نســتخرج التمحيــص و‬
‫نقــول أن مــا قالــه الســلف هــو نفــس مــا نقــول ؛ و بعــد مــا تقــرأ هــذا رد ريقــك لفمــك ؛ وابلــع لســانك ‪ .‬و‬
‫لــرى هــل الســلف يكذبوننــا أم يكذبونكــم ؟ و لنشــاهد بعــن البصــرة زيــن العابديــن عــي بــن الحســن بــن‬
‫عــي بــن أيب طالــب ( ‪ 93‬للهجــرة ) ‪ ،‬قــال مســتقيم ‪ :‬قــال ‪ :‬كنــا عنــد عــي بــن الحســن قــال ‪ :‬فــكان يأتيــه‬
‫الســائل ؛ قــال ‪ :‬فيقــوم حتــى يناولــه ‪ ،‬و يقــول ‪ « :‬إن الصدقــة تقــع يف ‪#‬يد_اللــه قبــل أن تقــع يف يــد الســائل‬
‫« قــال ‪ :‬و أومــأ بكفيــه ‪ .‬رواه ابــن ســعد يف « الطبقــات « ( ‪ . ) 166 / 5‬و فيــه تحقيــق صفــة اليــد للــه تعــاىل‬
‫‪ ،‬فهــل الســلف يكذبوننــا ؟ الجــواب للمتابــع ‪ ..‬ثــم بعــده نقلــت قــول اإلمــام ابــن كثــر رحمــه اللــه قولــه ‪:‬‬
‫« و هــو إمرارهــا كــا جــاءت مــن غــر تكييــف و ال تشــبيه و ال تعطيــل « ‪ .‬عجيــب !! بنقلــك هــذا تنــر‬
‫مذهبنــا و ليــس مذهبكــم ‪ ،‬فأنــت تصفــع نفســك بنفســك و ال تحتــاج ملــن يصفعــك ‪ .‬و هــذا هــو اعتقادنــا‬
‫فهــل أنــت كذلــك ؟ فــإن كنــت تعتقــد باعتقــاد ابــن كثــر هنــا فلــاذا هــذه املناظــرة ؟ و إن كنــت تخالفــه‬
‫فــذاك يشء آخــر ‪ .‬ثــم تقــول ‪ « :‬فانظــر كيــف رصح ابــن كثــر و هــو مــن أمئــة أهــل الســنة األشــاعرة بــأن‬
‫الســلف يرفعــون ظواهــر هــذه الصفــات « ‪ .‬كــذاب !! وحــق لــك أن تكــذب !! فابــن كثــر هنــا يقــرر مذهــب‬
‫الســلف ( اإلثبــات بــا تكييــف و ال متثيــل و ال تشــبيه ‪ ،‬و إمـرار آيــات الصفــات حســب فهمهــا بــا تشــبيه‬
‫و ال تأويــل ) فأيــن نجــد يف كالم ابــن كثــر مــا يفيــد رفــع الظواهــر ؟! فابــن كثــر هــو الــذي روى عــن التابعــي‬
‫العابــد بــن معــدان الكالعــي الحمــي ( ‪ 103‬هجريــة ) قولــه ‪ « :‬إن اللــه عــز و جــل مل ‪#‬ميس_بيــده إال آدم‬
‫صلــوات اللــه عليــه خلقــه اللــه بيــده و الجنــة ‪ ،‬و التــوراة ‪#‬كتبهــا بيــده « ‪ .‬و رواه أيضــا عبــد اللــه يف الســنة‬
‫( ‪ . ) 297 / 1‬فــا أعلــم هــل تفهــم مــا تنقــل أم أنــك ( تســتعبط ) ؟ تقــول ‪ « :‬يف حــن أنــك تكذبــه « جعلــت‬
‫نفســك قاضيــا و متهــا و محاميــا ( نعــم !! إنهــا املخــدرات ) و إن مل تكــن فقــل يل ‪ :‬أيــن قــا بتكذيــب ابــن‬
‫كثــر رحمــه اللــه و لعائــن اللــه تــرى عــى الكــذاب منــا ! تقــول ‪ « :‬و تدعــي أن الســلف يثبتــون الظواهــر «‬
‫‪ .‬نعــم ! و هــذا مــا أنــا هنــا ألجــل بيانــه ‪ ،‬و منهــم ‪ :‬عكرمــة أبــو عبــد اللــه مــوىل ابــن عبــاس ( ‪ 104‬هجريــة‬
‫‪24‬‬

‫) قولــه ‪ « :‬إن اللــه عــز و جــل مل ‪#‬ميس_بيــده إال ثالثــا ‪ :‬خلــق آدم ‪#‬بيــده ‪ ،‬و غــرس الجنــة ‪#‬بيــده ‪ ،‬و كتــب‬
‫التــوراة ‪#‬بيــده « ‪ .‬رواه عبــد اللــه يف الســنة ( ‪ . ) 297 / 1‬فاســتخرج يل أيــن نجــد يف قــول هــذا التابعــي‬
‫الجليــل رفــع الظواهــر ؟ تقــول ‪ « :‬ثــم تقــول مل يــرد حــرف واحــد عنهــم ذلــة ‪ ،‬و كأنــك أعلــم بالســلف مــن‬
‫الحافــظ الراويــة ابــن كثــر « ‪ .‬التحــدي إىل يــوم القيامــة أن تســتخرج يل صحابيــا أو تابعــي واحــد قــال برفــع‬
‫الظواهــر عــن الصفــات ‪ ( ،‬هديــة منــي إن أتيــت بــه ‪ 5000‬درهــم مغربيــة ) ‪ .‬تقــول ‪ « :‬و مــا بينــك و بــن‬
‫داعــش إال مقــدار خطــوة أو خطوتــن « ‪ .‬أتركهــا للمتابــع ‪ .‬تقــول ‪ « :‬و أمتنــى إن كنــت صاحــب حــق أن تخــر‬
‫النــاس يف عقيــدة الحافــظ جــال الديــن الســيوطي « ‪ .‬عــى الــرأس و العــن يــا غـزال ! يــروي الســيوطي يف (‬
‫صــون املنطــق ) عــن اإلمــام التابعــي عبــد اللــه بــن عبيــد اللــه بــن عبــد اللــه بــن أيب مليكــة ( ‪ 117‬هجريــة‬
‫) ‪ :‬قــال نافــع بــن عمــر الجمحــي ‪ :‬ســألت بــن أيب مليكــة عــن يــد اللــه أواحــدة أو إثنــان ؟ قــال ‪ :‬بــل اثنتــان‬
‫‪ .‬رواه الدارمــي يف رده عــى املريــي ( ‪ ، ) 286 / 1‬و يعلــق عليــه الســيوطي قائــا ‪ « :‬فيــه إثبــات حقيقــة‬
‫اليــد للــه عــز و جــل و إبطــال حملهــا عــى املجــاز و القــول بأنهــا النعمــة أو القــدرة « ‪ .‬و أتأســف بشــدة‬
‫ملطلبــك فقــد قصفــك الســيوطي ‪ ( .‬يتبــع ) إذا خالصــة كل مــا ســبق ليفهــم املتابــع مــا يتــداول هنــا يف رشيــط‬
‫املناظــرة أن بهــذه األدلــة مــن الكتــاب و الســنة و النقــوالت عــن أمئــة الســنة يتبــن لــكل ذي عقــل أن أهــل‬
‫الســنة و الجامعــة يثبتــون جميــع صفــات اللــه تعــاىل الــواردة يف الكتــاب و الســنة عــى الحقيقــة ال عــى‬
‫املجــاز ‪ ،‬إثباتــا منزهــا عــن التمثيــل و التكييــف ‪ ،‬و تنزيهــا بــا تحريــف و تأويــل و تعطيــل ‪ .‬و بهــذا نفــارق‬
‫طائفتــن ‪ :‬املعطلــة الذيــن ينفــون حقائــق الصفــات و يدعــون فيهــا املجــاز بحجــة التنزيــه ‪ ،‬و املشــبهة الذيــن‬
‫يجعلــون حقيقــة صفــات اللــه كحقيقــة صفــات خلقــه ؛ بحجــة اإلثبــات ‪ .‬ثــم موافقــة أيب الحســن األشــعري‬
‫للســلف يف هــذا األصــل العظيــم يف كل مــن كتبــه ( اإلبانــة ) و ( رســالة إىل أهــل الثغــر ) و ( مقــاالت‬
‫اإلســاميني ) مــا يســتلزم أن يوافقــه كل مــن انتســب إليــه ‪ ،‬و إال كان انتســابهم إليــه دعــوى مجــردة ‪ .‬كذلــك‬
‫بطــان مــا ادعــاه صاحبنــا املناظــر الفطحــل الحامــل للمشــعل ظنــا منــه أنــه منجــل يحصــد األرايض الخصبــة‬
‫؛ مــن إنــكار نســبة حقائــق الصفــات للــه تعــاىل ؛ و لــب جوهــره اإلمــام الســبيك يف قولــه ‪ « :‬أمــا الــذي يأبــاه‬
‫العقــل و النقــل فهــو نســبة حقائــق هــذه األلفــاظ اللغويــة للــه تعــاىل « ‪ .‬فاتبعــه صاحبنــا يف قولــه هــذا‬
‫الــذي يعتــر مــن مصائــب الســبيك ؛ فليــت شــعري أي عقــل هــذا الــذي يزعمونــه و أي نقــل هــذا الــذي‬
‫يأثرونــه ؟! فالســبيك نفســه يقــول ‪ « :‬إن أريــد بإثبــات الصفــات إثباتهــا عــى مــا جــاءت دون تفســر و ال‬
‫تعيــن معنــى ؛ و إمنــا يكتفــى بتالوتهــا و الســكوت عليهــا ‪ ،‬و ذلــك قطعــا بعــد رصفهــا عــن ظاهرهــا املحــال‬
‫يف حــق اللــه تعــاىل ؛ و ال يقــال بالــذات أو الحقيقــة فذلــك حــق ال ريــب فيــه « ‪ .‬و األعجــب مــن صاحبنــا‬
‫ادعــاؤه أن هــذا هــو مذهــب الســلف قاطبــة و مل ينقــل حرفــا واحــدا عــن أحــد مــن الســلف قــط ‪ .‬كيــف ؟!‬
‫و نصــوص الســلف رصيحــة يف إبطــال هــذه الدعــوى ‪ ،‬و بيــان وجــوب حمــل كالم اللــه عــى حقيقتــه التــي‬
‫تقتضيهــا اللغــة التــي أنــزل اللــه بهــا كتابــه ‪ ،‬و تعــرف بهــا عبــاده ‪ .‬و بــه يتبــن جهــل صاحبنــا مبذهــب‬
‫الســلف ؛ و بعــده عــن طريقتهــم ‪ .‬ثــم نحــن نقــول ‪ ( :‬صحــة تأكيــد اإلثبــات يف صفــات اللــه تعــاىل بقــول ‪« :‬‬
‫حقيقــة « ) ‪ .‬أو نقــول ‪ ( :‬بذاتــه ) و أنــه وارد عــن عــن الســلف األمئــة و هــو األمــر الــذي أعظــم األشــاعرة‬
‫فيــه النكــر جهــا منهــم بــكالم الســلف و أصولهــم ‪ .‬فألعلمنــك عقيدتــك ألنــك تجهلهــا ‪ !!.‬فاألشــاعرة يقولــون‬
‫بــأن لفظــة ( بذاتــه ) مل تــرد يف كتــاب و ال ســنة و ال عــى لســان أحــد مــن الصحابــة أو التابعــن ‪ ،‬فــإن لفظــة‬
‫( بذاتــه ) إذا ذكــرت مــع هــذه األلفــاظ أو مــا شــاكلها حــرت معانيهــا يف املعنــى الحــي الجســاين ‪ ،‬فــا‬
‫‪25‬‬

‫يقــال مثــا ( اســتوى بذاتــه ) و ( ينــزل بذاتــه ) و ( يجــيء بذاتــه ) ثــم يقــال ( ال كاســتوائنا و ال كنزولنــا و‬
‫ال كمجيئنــا ) ألن هــذا تناقــض رصيــح حســب زعمهــم ‪ .‬و لذلــك قــال الســبيك ‪ « :‬نخلــص مــن هــذا القــول‬
‫بــأن اللــه ســاكن الســاء أو أنــه عــى العــرش بذاتــه أو ينــزل بذاتــه ‪ ،‬أو اســتوى بذاتــه أو عــى الحقيقــة ‪ ،‬كل‬
‫ذلــك وصــف للــه مبــا يســتحق يف حقــه تعــاىل نقــا و عقــا « ‪ .‬و عــى هــذا أســس األشــاعرة مذهبهــم‬
‫التهريجــي ‪ .‬فأقــول ‪ :‬يف املناظــرة ســبق و أن نقلــت الكثــر مــن أقــوال أمئــة الســلف بزيــادة ( حقيقــة ) و‬
‫بزيــادة ( بذاتــه ) ‪ .‬ثــم مــاذا ؟! ثــم مــاال و لــن يســتطيع استســاغته صاحبنــا أن أبــو نــر الســجزي نقــل‬
‫اإلجــاع عــى ذلــك بقولــه يف كتــاب ( اإلبانــة ) ‪ « :‬و أمئتنــا كســفيان الثــوري و مالــك بــن أنــس و ســفيان‬
‫بــن عيينــة و حــاد بــن زيــد و حــاد بــن ســلمة و عبــد اللــه بــن املبــارك ؛ و فضيــل بــن عيــاض و أحمــد‬
‫بــن حنبــل و إســحاق بــن إبراهيــم الحنظــي ؛ متفقــون عــى أن اللــه ســبحانه ‪#‬بذاتــه فــوق العــرش ‪ ،‬و أن‬
‫علمــه بــكل مــكان « ‪ .‬نقلــه عنــه شــيخ اإلســام ابــن تيميــة يف ( درء التعــارض ) ( ‪ ، ) 250 / 6‬و يف « بيــان‬
‫تلبيــس الجهميــة « ( ‪ ، ) 38 / 2‬و يف ( مجمــوع الفتــاوى ) ( ‪ ، ) 222 / 3‬و ابــن القيــم يف « الصواعــق املرســلة‬
‫« ( ‪ ، ) 1284 / 4‬و أورده الذهبــي يف « العلــو « ص ‪ . 235 :‬و ســبقه املــزين حيــث قــال يف « رشح أصــول‬
‫الســنة « ‪ « :‬عــال عــى عرشــه يف مجــده بذاتــه « ‪ .‬ثــم حــى اإلجــاع عــى ذلــك فقــال ‪ « :‬هــذه مقــاالت و‬
‫أفعــال اجتمــع عليهــا املاضــون األولــون مــن أمئــة الهــدى ‪ ،‬و بتوفيــق اللــه اعتصــم بهــا التابعــون قــدوة و‬
‫رىض « ‪ .‬املصــدر ‪ « :‬أصــول الســنة « للمــزين ‪ ،‬ص ‪ . 89 - 85 :‬فهــل املــزين كذلــك وهــايب مجســم ؟! و هــل‬
‫تعتــر مــن نقــل عنهــم اإلجــاع الســجزي مجســمة و مشــبهة ؟! لألســف !! عقلــك راح ضحيــة هفواتــك ‪( .‬‬
‫يتبــع ) ‪ .‬و لألســف !! نقــل الطلمنــي و ابــن عبــد الــر اإلجــاع عــى ذلــك أيضــا ؛ فأيــن املهــرب عزيــزي ؟!‬
‫و قــال الذهبــي يف « العلــو « ‪ « :‬قــال اإلمــام أبــو محمــد بــن أيب زيــد املغــريب ‪ -‬شــيخ املالكيــة ‪ -‬يف أول‬
‫رســالته املشــهورة ؛ يف مذهــب مالــك اإلمــام ‪ :‬و أنــه تعــاىل فــوق عرشــه املجيــد بذاتــه ‪ ،‬و أنــه يف كل مــكان‬
‫بعلمــه « ‪ .‬قــال الذهبــي ‪ « :‬و قــد تقــدم مثــل هــذه العبــارة عــن أيب جعفــر بــن أيب شــيبة ‪ ،‬و عثــان بــن‬
‫ســعيد الدارمــي ؛ و كذلــك أطلقهــا يحــي بــن عــار واعــظ سجســتان يف رســالته ‪ ،‬و الحافــظ أبــو نــر‬
‫الوائــي الســجزي يف كتــاب ( اإلبانــة ) لــه ‪ ،‬فإنــه قــال ‪ :‬و أمئتنــا كالثــوري و ابــن عيينــة و مالــك و الحــاد و‬
‫ابــن املبــارك و الفضيــل و أحمــد و إســحاق متفقــون عــى أن اللــه فــوق العــرش بذاتــه ؛ و أن علمــه بــكل‬
‫مــكان « ‪ .‬و قــال الذهبــي كذلــك ‪ « :‬و كذلــك أطلقهــا ابــن عبــد الــر كــا ســيأيت « ‪ .‬و قــال أيضــا ‪ « :‬و كــذا‬
‫عبــارة شــيخ اإلســام أيب إســاعيل األنصــاري فإنــه قــال ‪ :‬و يف أخبــار شــتى بــأن اللــه يف الســاء الســابعة‬
‫عــى العــرش بنفســه « ‪ .‬و كــذا قــال أبــو الحســن الكرجــي الشــافعي يف تلــك القصيــدة ‪ :‬عقائدهــم أن اإللــه‬
‫بذاتــه *** عــى عرشــه مــع علمــه بالغوائــب و عــى هــذه القصيــدة مكتــوب بخــط العالمــة تقــي الديــن‬
‫بــن الصــاح ‪ ( :‬هــذه عقيــدة أهــل الســنة و أصحــاب الحديــث ) ‪ .‬راجــع ( العلــو ) للذهبــي ص ‪. 235 :‬‬
‫لذلــك فمشــكلتك ليســت مــه الســلفية و ال الوهابيــة ‪ ،‬و ال ابــن تيميــة و ال محمــد بــن عبــد الوهــاب و ال‬
‫معــي ؛ فمشــكلتك مشــكلة عويصــة هــي مشــكلة مــع الســلف ‪ ،‬لذلــك فــإن كان لــك رد رده عــى الســلف‬
‫و قــم بتكذيبهــم ؛ أو األفضــل لــك اتهمهــم بالتجســيم قبــل أن ترفــع صوتــك بالـراخ هنــا ( وهابية مجســمة‬
‫مشبهة ) ‪ .‬و دمت ذخرا لكل تائه ‪ ،‬و احتفظ بحلوياتك فإنني ال أحتاجها ‪ ( .‬انتهيت )‬
‫‪26‬‬

‫محمد املعتصم بالله‬


‫عليكــم الســام ورحمــة اللــه تعــاىل وبركاتــه‪ ،‬باســم اللــه‪ ،‬والحمــد للــه‪ ،‬والصــاة والســام عــى ســيدنا رســول‬
‫اللــه‪ ،‬أمــا بعــد؛ فــا يخفــى انحـراف املناظــرة عــن مســارها قليــا‪ ،‬وســبب ذلــك أنكــم أنتــم الخصــم والحكم‪،‬‬
‫ـامحت يف هــذا منــذ البــدء‪ ،‬ظننتكــم قــوم عــدل وإنصــاف‬ ‫وهــذا غــر جائــز يف قوانــن بنــي آدم‪ ،‬وأنــا تسـ ُ‬
‫حيــث تقولــون أنــك (ســلفية) وأعــوذ باللــه أن يكــون الســلف كمثــل مــا أنتــم عليــه‪ ،‬وال أدري بعــد هــذه‬
‫البــذاءات كلهــا مــن املدعــو أنــس هــذا‪ ،‬هــل يــا هــذا تركــت شــيئا ملــن مل يجــد أبــا يؤدبــه وال أمــا تربيــه؟‬
‫هــل تركــت شــيئا للحشاشــن ومدمنــي املخــدرات وتربيــة الشــوارع؟ هــل تركــت شــيئا مــن ســوء األدب‬
‫ـت تكيــل يل االتهامــات‬ ‫وانعــدام الرتبيــة للغجــر وأنــذال الشــوارع؟ هــل تصــدق أنــك دكتــور يــا هــذا؟ جعلـ َ‬
‫كيــا ثــم تقــول أنــك عــى نهــج الســلف‪ ،‬أال قبحــا للقــوم املعتديــن‪ ،‬فــا ســلفك إال الشــيطان‪ ،‬ومــا خلفكــم‬
‫إال مثــل داعــش واملداخلــة ومــن شــابههام مــن كالب امللــة‪ ،‬أال تحــرم أن لــك زوجــة وأطفــاال يــا عديــم‬
‫اإلحســاس يــا هــذا؟ أال تحــرم أنــك أكــر منــي ســنا فقــط يــا صغــر القــدر؟ ودكتــور أيضــا؟؟ وســلفي بعــد؟‬
‫ال واللــه لســت ســلفيا وال تعــرف عــن الســلف شــيئا‪ ،‬وهــل الســلف مثلــك معــاذ اللــه؟ ال أدري هــل أواصــل‬
‫معــك الــكالم أم ال؟ واللــه مــا دخلــت هنــا إال ظنــا أنــك أكــر اطالعــا منــي فأســتفيد منــك‪ ،‬فــإذا يب أدخــل‬
‫املــكان الخطــأ ألناظــر الشــخص الخطــأ‪ .‬وقــدر اللــه ومــا شــاء فعــل‪ ،‬وســأجيب عــى مداخلتــك القــذرة‬
‫البذيئــة هــذه شــيئا فشــيئا إن شــاء اللــه‪ .‬طبعــا ال يخفــى أثــر صدمتــك مبذهــب أهــل الســنة والجامعــة‪،‬‬
‫فبــدأت تخــرج عــن شــعورك‪ ،‬فاتهمتنــي بــرب املخــدرات‪ ،‬ال بــأس ســأتجاهل حتــى ال تهــرب مــن املناظــرة‪.‬‬
‫وبعــض مــا قل ُتــه مل تجــد لــه ردا إال اتهامــي بالتهريــج‪ ،‬ولــن تجــد ردا ولــو بعــد حــن إال إذا تبــت للــه‬
‫ُ‬
‫ورجعــت ملذهــب الســلف‪ .‬أمــا اتهامــي لــك بتخويــن بعــض الصحابــة وشــيوخ اإلســام ِمـ ْن َمــن أ ّول بعــض‬
‫الصفــات‪ ،‬فدليلــه قولــك بالنــص‪( :‬فــإن مــن يــؤول صفــة اليــد‪ ،‬ويفرسهــا بالقــدرة‪ ،‬فقــد خــان اللــه عــز وجــل‬
‫ـحبت قولــك عــى جميــع مــن أ ّول شــيئا مــن الصفــات مــن مــا تعتقــد أنــت أنــه عــى‬ ‫وكـ ّذب كتابــه) وأنــا سـ ُ‬
‫الحقيقــة‪ .‬فهــل ترتاجــع عــن قولــك هــذا؟ أم تلتــزم مبــا يُلزمــك بــه؟ واتهامــي لــك بتخويــن ابــن عبــاس ريض‬
‫اللــه عنــه وغــره مــن الصحابــة والتابعــن وشــيوخ اإلســام ألن قولــك هــذا ينطبــق عليهــم فهــم أ ّولــوا مــا‬
‫تظنــه أنــت عــى ظاهــره‪ ،‬ومثــال ذلــك قــال البخــاري رحمــه اللــه يف صحيحــه‪ :‬كتــاب تفســر القــرآن‪ ،‬ســورة‬
‫القصــص‪« ،‬كل شــيئ هالــك إال وجهــه» إال ملكــه‪ ،‬ويقــال إال مــا أُريــد بــه وجــه اللــه‪ .‬اهـــ فهاهــو البخــاري‬
‫يــؤول‪ ،‬فهــل هــو خائــن للــه مكــذب لكتابــه؟ ونعــوذ باللــه مــن قولــك‪ .‬ويبــدوا أن ســوء األدب والرتبيــة‬
‫يــأىب إال أن يالزمــك بوصفــي رجســا‪ ،‬قبحــك اللــه‪ ،‬إال كنــت تظننــا كفــارا‪ ،‬وليســت مبســتغربة مــن مثلكــم يــا‬
‫معــر الوهابيــة‪ ،‬فقــد وقعتــم يف شــيوخ اإلســام وأمئــة الحديــث وفقهــاء امللــة‪ ،‬أفــا تقعــون يف مثــي؟! بــى‪.‬‬
‫ومداخلتــك هــذه قطعــت يل الشــك باليقــن أنــك ضعيــف جــدا‪ ،‬بــل أنــت أوهــى مــن طــرف ثوبــك إن كان‬
‫لــك ثــوب يــا عــاري الفكــر‪ .‬وأعيــد عــى أســاعك مــا رواه البخــاري ومســلم عــن أيب هريــرة ريض اللــه عنــه‬
‫أن النبــي صلــوات اللــه وســامه عليــه قــال‪( :‬أصــدق كلمــة قالهــا شــاعر كلمــة لبيــد‪ :‬أال كل شــيئ مــا خــا‬
‫اللــه باطــل) فشــيوخك الوهابيــة يعتــذرون عــن تأويــل صفــة الوجــه يف قولــه تعــاىل «كل شــيئ هالــك إال‬
‫وجهــه» بهــذا الحديــث‪ .‬فهــل تقــر لهــم أم تخالــف؟ وعــن اســتغرابك لوصفــي الخطيــب البغــدادي برئيــس‬
‫‪27‬‬

‫املســلمني‪ ،‬فــإن القــوم يســتخدمونها لكنــك ال تعــرف القــوم وال مذاهبهــم‪ ،‬وال تعــرف شــال اليمــن مــن‬
‫جنــوب الحجــاز‪ ،‬قــال الذهبــي يف الســر يف ترجمــة أيب الفضــل التميمــي اإلمــام الفقيــه رئيــس الحنابلــة‪ .‬اهـــ‬
‫فهــا هــي كلمــة (رئيــس) يــا زاعــا الحنبليــة وال تعرفهــا‪ ،‬ونعــوذ باللــه أن يكــون الحنابلــة مثلــك‪ ،‬ولَ َع ْمـ ُر اللــه‬
‫مــا كتــب اإلمــام تقــي الديــن الحصنــي كتابــه (دفــع شُ ـ َب ِه مــن شَ ـ َّبهَ ومتــرد ونســب ذلــك إىل الســيد الجليــل‬
‫اإلمــام أحمــد) مــا كتبــه إال اتقــاء فحــش مثلــك ونســبته لســيدنا اإلمــام أحمــد رضــوان اللــه عليــه‪( .‬يتبــع)‪.‬‬
‫وأنــت كاذب ومدلــس جــدا يف مــا نقل ُتــه لــك عــن الخطيــب البغــدادي إمــام أهــل الحديــث يف عــره بــا‬
‫ـرس لــك أحــب أن أُ ْعلمــك أن شــخصيتك تهــاوت جــدا أمامــي‪ ،‬وتهاويهــا‬ ‫نـزاع‪ .‬وقبــل أن أُعيــد عليــك قولَــه امل ُ ْخـ َ‬
‫يــزداد طرديــا مــع ازديــاد كالمــك املقــزز كــا تــزداد قــوة جــذب األرض واإلخــاد إليهــا طرديــا مــع زيــادة‬
‫الكتلــة الجســمية القــذرة امللقــاة عليهــا‪ ،‬ووجــه تشــبيهي يدركــه املُدْ ركــون‪ ،‬ويتــأمل منــه الجاحــدون‪ .‬قــال‬
‫الخطيــب البغــدادي رحمــه اللــه تعــاىل يف كتابــه القيــم (الجامــع ألخــاق الـراوي وآداب الســامع) ‪( :‬ويتجنــب‬
‫ـول العــوام‪ ،‬ملــا ال يُؤ َمــن عليهــم فيــه مــن دخــول الخطــأ واألوهــام‬ ‫املحــدث يف أماليــه روايـ َة مــا ال تحتملــه عقـ ُ‬
‫وأن يشــبهوا اللــه تعــاىل بخلقــه ويُلحقــوا بــه مــا يســتحيل يف وصفــه وذلــك نحــو أحاديــث الصفــات التــي‬
‫وإثبــات الجــوارح واألعضــاء لــأزيل القديــم‪ ،‬وإن كانــت األحاديــث‬ ‫َ‬ ‫ظاهرهــا يقتــي التشــبيه والتجســيم‬
‫صحاحــا ولهــا يف التأويــل طــرق ووجــوه‪ ،‬إال أن مــن حقهــا أن ال تــروى إال ألهلهــا خوفــا مــن أن يضــل بهــا مــن‬
‫جهــل معانيهــا فيحملهــا عــى ظاهرهــا أو يســتنكرها فريدهــا ويكــذب رواتهــا ونقلتهــا) اهـــ وهــذا النــص ال‬
‫كالم بعــده يف أن الخطيــب رحمــه اللــه ال يقــول بإثبــات الظواهــر اللغويــة للصفــات الخربيــة‪ ،‬وحاشــاه رحمــه‬
‫ـت صاحــب حــق‪،‬‬ ‫اللــه مــن حشــو الــكالم ولحــن القــول وهــو مــن هــو رحمــه اللــه؟! فـ ُر َّد عــى كالمــه إن كنـ َ‬
‫أو أرح نفســك واطعــن فيــه كــا تفعلــون عنــد عجزكــم أمــام جحافــل أهــل الســنة‪ ،‬وكتائــب عــز الديــن‬
‫ـت بــه‬‫ونــرة الســلف‪ .‬ومــا أدراك مــا عــز الديــن وقوتــه وجربوتــه عــى أهــل االبتــداع والهــوى! وأمــا مــا فرحـ َ‬
‫مــن نقلــك روايــة عــن التابعــي ربيعــة الجــريس ريض اللــه عنــه فليــس فيــه شــيئ زيــادة عــى مــا جــاء يف‬
‫القــرآن‪ ،‬فــا وجــه فرحــك بهــذا أيهــا املتعــامل‪ ،‬وقــد قــال اللــه تعــاىل «بــل يــداه مبســوطتان»‪ ،‬وقــال تعــاىل «ملــا‬
‫ـاف أهــل‬ ‫ـك‪ ،‬خـ ُ‬ ‫ـت بيــدي» وغريهــا مــن نصــوص ذكــر اليــد‪ .‬أقــول وأكــرر فلعلــك كــا اللــه يف ذهنــك أَ َعلَّـ َ‬ ‫خلقـ ُ‬
‫الســنة معكــم يــا هــذا أنكــم تثبتــون ظواهــر نصــوص الصفــات الخربيــة‪ ،‬فيلزمكــم التجســيم‪ ،‬بينــا أهــل‬
‫ـرت لــك‬‫رصح بذلــك الخطيــب البغــدادي كــا ذكـ ُ‬ ‫الســنة يثبتــون الصفــة الخربيــة‪ ،‬ثــم يرفعــون ظاهرهــا‪ ،‬كــا ّ‬
‫آنفــا‪ ،‬فارجــع خطــوة‪ ،‬ثــم عــد‪ ،‬فالحركــة مثمــرة‪ ،‬وكــا الحركــة بركــة‪ ،‬فاعــرف موطــن الن ـزاع حتــى ال تكــون‬
‫أضحوكــة أمــام النــاس‪ .‬فــا نقل َتــه (بفتــح التــاء) عــن ربيعــة الجــريس ليــس فيــه شــيئ ســوى إثبــات الصفــة‪،‬‬
‫وليــس فيــه شــيئ مــن إثبــات يــد حقيقيــة يعنــي جارحــة للــه كــا تريــد أن تقــول‪ ،‬لكنــك تخــى وطــأة أهــل‬
‫الســنة‪ ،‬فــإن بأســنا شــديد بفضــل اللــه‪ .‬والدليــل الــذي أهــدم بــه محاولتــك إثبــات حقيقــة اليــد‪ ،‬وهــو‬
‫ـت عنــه يف تفســر قولــه تعــاىل «وقالــت اليهــود يــد الله‬ ‫جارحــة وإن أبيــت‪ ،‬هــو قــول الطــري نفســه الــذي نقلـ َ‬
‫مغلولــة» مــن ســورة املائــدة‪ ،‬قــال‪ :‬وإمنــا وصــف تعــاىل ذكــره اليــد بذلــك‪ ،‬واملعنــى العطــاء‪ .‬وأضيــف أيضــا‪،‬‬
‫ومــا أقــى إضافــايت عــى رؤوس أهــل البــدع مــن الحشــوية ونابتتهــم الوهابيــة‪ ،‬روى القرطبــي يف تفســر‬
‫قولــه تعــاىل «يــد اللــه فــوق أيديهــم» عــن التابعــي ابــن كيســان ريض اللــه عنــه قــال‪ :‬قــوة اللــه ونرصتــه فــوق‬
‫قوتهــم ونرصتهــم‪ .‬هــل تنتظــر أكــر مــن هــذا يــا منتظ ـرا طــوال عمــرك؟! وقــال الطــري يف تفســره نفــس‬
‫اآليــة‪ :‬وجهــان مــن التأويــل‪ :‬يــد اللــه فــوق أيديهــم عنــد البيعــة‪ ،‬ألنهــم كانــوا يبايعــون اللــه ببيعتهــم لنبيــه‪،‬‬
‫‪28‬‬

‫واآلخــر‪ :‬قــوة اللــه فــوق قوتهــم يف نــرة رســوله‪ .‬فــأ َّول اليــد تأويلــن‪ ،‬أحدهــا أنهــا يــد رســول اللــه‪ ،‬والثــاين‬
‫أنهــا قــوة اللــه‪ .‬فهــل يــا حاطــب الليــل قــال الطــري أن اليــد عــى حقيقتهــا وظاهرهــا؟! خــذ أيضــا‪ ،‬مــن‬
‫ـرت منــه‪ ،‬وبعــد مــا اقتطع َتــهُ بقليــل‪ ،‬يــروى الطــري رحمــه اللــه بإســناده أن رهطــا‬ ‫نفــس املصــدر الــذي ذكـ َ‬
‫مــن اليهــود ‪ ...‬ســألوا النبــي صــى اللــه عليــه وســلم‪ :‬صــف لنــا ربــك‪ ،‬كيــف َخلْ ُقــهُ ؟ كيــف عضــده؟ كيــف‬
‫ذراعــه؟ فغضــب النبــي صــى اللــه عليــه وســلم أشــد مــن غضبــه األول ‪ ) ...‬راجــع تفســر الطــري لســورة‬
‫الزمــر‪ .‬فانظــر أصلحــك اللــه كيــف غضــب النبــي مــن ُمجــرد ســؤاله مــن ِق َبــل اليهــود عــن أعضــاء حقيقيــة‬
‫للــه‪ ،‬فهــل غضــب النبــي مــن صفــات اللــه كــا تزعــم؟ وهنــا أقــول ســبحان اللــه العظيــم‪ ،‬انظــروا يــا معــر‬
‫مــن آمــن بلســانه ودخــل اإلميــان قلبــه‪ ،‬ويــا معــر مــن آمــن بلســانه وملــا يدخــل اإلميــان قلبــه‪ ،‬انظــروا هــذا‬
‫الحديــث فيــه طائفتــان‪ ،‬طائفــة اليهــود التــي تقــول بــأن اللــه جســم ولــه أعضــاء‪ ،‬وطائفــة املســلمني الذيــن‬
‫غضــب إمامهــم النبــي مــن ذلــك‪ ،‬وانظـرا أي طائفــة أنتــم تتبعــون‪ ،‬ونعــوذ باللــه مــن الخــذالن‪ .‬ومبــا نقلتــه‬
‫لــك هــذا يتضــح جيــدا أن صفــات اليديــن ليســت عــى ظاهرهــا‪ ،‬نعــم نثبتهــا كــا جــاءت يف النصــوص‪ ،‬لكــن‬
‫نرفــع ظاهرهــا‪ .‬وهكــذا بطــل استشــهادك بهــذا األثــر‪ ،‬بــل انقلــب عليــك كــا انقلــب الخبيــث محمــد بــن‬
‫ســلامن عــى وهابيتــك فهدمهــا‪ ،‬ويفــرق التشــبيه أن التــايل انقــاب خبيــث عــى خبيــث‪ ،‬بينــا األول انقــاب‬
‫طيــب عــى خبيــث‪ .‬وذكــرك يــا هــذا لحديــث األصابــع ليــس فيــه ذرة مــن دليــل عــى أنــه عــى ظاهــره‪ ،‬وال‬
‫فيــه حتــى إلكــرون يســاري وال بروتــون ميينــي‪ ،‬ومــا أبعــد وســطية وتعــادل النيوتــرون عــن مثلــك! مــاا أبعــده‬
‫فاذهــب ابحــث عــن شــيئ لتثبــت بــه عــن الســلف أن األصابــع حقيقيــة وعــى ظاهرهــا ثــم تعــال تكلــم إن‬
‫كنــت حازمــا‪ .‬وال نحتــاج منــك نقــل نصــوص يف الصفــات فقــط‪ ،‬فنحــن نقلتهــا و ُحفاظهــا وســدنتها وخُدامهــا‪،‬‬
‫إمنــا نريــد منــك إثباتهــا عــى حقيقتهــا‪ ،‬وإىل اآلن مل تذكــر دليــا واحــدا أو نصــف دليــل أو عــر معشــاره عــى‬
‫ـت يل دليــا عــى أنكــم‬ ‫أن هــذه الصفــات عــى ظاهرهــا‪ .‬ولــن تجــد لســنة اللــه تبديــا‪ .‬يتبــع‪ .‬وهــا أنــت أضفـ َ‬
‫ـت أن ابــن تيميــة شــيخ الســلفية‪،‬‬ ‫ازددت فيكــم إال بصــرة‪ ،‬هــل أنــا يــا كــذاب قلـ ُ‬
‫ُ‬ ‫أهــل كــذب وهــوى‪ ،‬فــا‬
‫ابــن تيميــة شــيخ ُسـ ّني‪ ،‬فليــس كافـرا وال رافضيــا وال غــره‪ ،‬لكــن عقيدتــه تضــاد عقيــدة الســلف‪ ،‬وأنــت تعلــم‬
‫ـت غــر ذلــك‪ ،‬وعندنــا عقيــدة ابــن تيميــة يف الصفــات باطلــة‪ ،‬غفــر اللــه لــه وســامحه‬ ‫ـت وزعمـ َ‬‫ذلــك وإن زعمـ َ‬
‫وجمعنــا جميعــا يف الجنــة مــع النبــي وأيب بكــر وعمــر‪ .‬ولــو كان رحمــه اللــه حيــا لــكان ت ـ ّرأ منكــم كــا‬
‫السـ َّجا ُد مــن شــقفات الشــيعة‪ .‬وحديــث اليــد الــذي ذكرتَــه‬ ‫ـت النــاس يف مكــة مــن أيب رغــال‪ ،‬وكــا تــرأ َّ‬‫تربئـ ِ‬
‫ليــس فيــه إثبــات اليــد عــى حقيقتهــا وظاهرهــا‪ .‬يــا هــذا أكــرر أن الصفــة ثابتــة‪ ،‬لكــن ليســت عــى ظاهرهــا‪،‬‬
‫ومــن الدليــل عــى ذلــك مــا رواه الطــري والبيهقــي عــن ابــن عبــاس ومجاهــد وســفيان وقتــادة ريض اللــه عــن‬
‫الجميــع أن قولــه تعــاىل «والســاء بنيناهــا بأيــد» يعنــي بقــوة‪ .‬اهـــ راجــع الــدر املنثــور للســيوطي‪ ،‬تفســر‬
‫ـرت كذبــة عنــدي؟ فالجــواب قطعــا ال‪ ،‬وحاشــا للــه‪،‬‬ ‫ســورة الذاريــات‪ .‬أمــا ســؤالك هــل كل هــؤالء ِمــن َمــن ذكـ َ‬
‫لكــن الــكاذب أنــت‪ ،‬هــم مل ينطقــوا بكلمــة أن الصفــات عــى ظواهرهــا‪ ،‬بــل نثبتهــا كــا أثبتوهــا ونرفــع‬
‫الظاهــر كــا رفعــوا‪ ،‬ونفــوض املعنــى كــا فوضــوا‪ ،‬أو نــؤول كــا أولــوا‪ .‬ومــا ذكرتَــه بعــد ذلــك فليــس فيــه‬
‫دليــل عــى قلــة أدبــك‪ ،‬بــل فيــه الدليــل الــكايف عــى انعــدام أدبــك‪ ،‬أصلحــك اللــه وأصلــح شــيوخك الذيــن‬
‫علمــوك هــذا الخلــق الدنيــئ‪ .‬ومــا نقل َتــه مــن خــر اليــد عــن ســيدنا اإلمــام عــي بــن الحســن‪ ،‬فــإن مــن عنــده‬
‫ذرة مــن العقــل يفهــم أن الخــر ليــس عــى ظاهــره‪ ،‬وهــل أيهــا الكــذاب حقــا أن املتصــدق يضعهــا يف يــد اللــه‬
‫ـت حلوليــا باإلضافــة إىل تجســيمك‪ ،‬فتقــول بحلــول اللــه يف املتصــدَّ ق عليــه فتقــع‬ ‫حقيقــة يــا جهــول؟ إال إن كنـ َ‬
‫‪29‬‬

‫ـقطت أمامــي ســقطة ال‬ ‫الصدقــة يف يــد اللــه حقيقــة يــا عديــم الفهــم والــذوق‪ .‬وبحديثــك عــن ابــن كثــر سـ َ‬
‫قيــام لــك بعدهــا‪ ،‬ومــا توقع ُتــك بهــذا املســتوى القليــل أبــدا‪ ،‬يــا كــذاب حديثــي ليــس لــك فأنــت مــروك‬
‫الــكالم‪ ،‬حديثــي لإلخــوة املتابعــن طالبــي الحــق والســنة‪ :‬افتحــوا تفســر ابــن كثــر‪ ،‬ســورة األع ـراف‪ ،‬قولــه‬
‫تعــاىل «إن ربكــم اللــه الــذي خلــق الســموات واألرض يف ســتة أيــام ثــم اســتوى عــى العــرش» تجــدوا أن ابــن‬
‫كثــر رحمــه اللــه قــال‪ :‬وأمــا قولــه تعــاىل «ثــم اســتوى عــى العــرش» فللنــاس يف هــذا املقــام مقــاالت كثــرة‬
‫جــدا ‪ ،‬ليــس هــذا موضــع بســطها ‪ ،‬وإمنــا يُســلك يف هــذا املقــام مذهــب الســلف الصالــح ‪ :‬مالــك ‪ ،‬واألوزاعــي‬
‫‪ ،‬والثــوري ‪ ،‬والليــث بــن ســعد ‪ ،‬والشــافعي ‪ ،‬وأحمــد بــن حنبــل ‪ ،‬وإســحاق بــن راهويــه وغريهــم ‪ ،‬مــن أمئــة‬
‫املســلمني قدميــا وحديثــا ‪ ،‬وهــو إمرارهــا كــا جــاءت مــن غــر تكييــف وال تشــبيه وال تعطيــل ‪ .‬والظاهــر‬
‫املتبــادر إىل أذهــان املشــبهني منفــي عــن اللــه ‪ ،‬فــإن اللــه ال يشــبهه يشء مــن خلقــه ‪ ،‬و «ليــس كمثلــه يشء‬
‫وهــو الســميع البصــر» هــذه عبــارة ابــن كثــر التــي كــرت رأســك بــا عــاج‪ ،‬وال عــاج ســوى التوبــة حتــى‬
‫ـدي لــك أيهــا الضعيــف مــا زال قامئــا‪ ،‬هــل تســتطيع أن‬ ‫ـت مشــكلتك عــى جالينــوس‪ .‬يتبــع‪ .‬وتحـ ّ‬ ‫لــو عرضـ َ‬
‫تقــول للنــاس أن عقيــدة الحافــظ الســيوطي عنــدك صحيحــة كــا أقولهــا أنــا؟ إىل اآلن ال جــواب‪ ،‬لــن تســتطع‪.‬‬
‫واســمع مــا يقــول اإلمــام الســيوطي يف تفســر الجاللــن يف ســورة املائــدة‪« ،‬بــل يــداه مبســوطتان» قــال‪:‬‬
‫مبالغــة يف الوصــف بالجــود‪ ،‬وث َّنــى اليــد إلفــادة الكــرة‪ ،‬إذ غايــة مــا يبذلــه الســخي مــن مالــه أن يعطــي‬
‫بيديــه‪ .‬اهـــ فــا تتكلــم عــن الســيوطي يــا هــذا فلســت عــى عقيدتــه حتــى تحتــج بــه‪ .‬وقلــت يل أنــك تريــد‬
‫أحــدا مــن الســلف رفــع ظواهــر الصفــات‪ ،‬فأعيــد عليــك أن ابــن كثــر رحمــه اللــه وهــو أحــد تالمــذة ابــن‬
‫تيميــة الرافضــن لعقيدتــه ذكــر أن اإلمــام مالــكا واألوزاعــي وســفيان الثــوري والليــث بــن ســعد والشــافعي‬
‫واإلمــام أحمــد وإســحاق بــن راهويــه قالــوا أن مذهبهــم يف الصفــات إمرارهــا كــا جــاءت مــن غــر تكييــف‬
‫وال تشــبيه وال تعطيــل ‪ ،‬والظاهــر املتبــادر إىل أذهــان املشــبهني منفــي عــن اللــه) واملصــدر هــو نفســه‬
‫الســابق أعــاه‪ ،‬فاخــرس بعــد هــذه لألبــد حتــى تتــوب إىل ربــك مــن الكــذب‪ ،‬وكذبــك صــار مكشــوفا جــدا‪،‬‬
‫الحكــم َم َّســاكَ ْيه‪ ،‬ورغــم انكشــافك أنتــم قــوم ال‬
‫ُ‬ ‫صــار منكشــفا أكــر مــن انكشــاف الفــرق الــذي طــرد‬
‫ـدث عــن الدارمــي يف رده عــى املريــي حتــى ال تنفضــح عقيدتــك التجســمية أكــر‪ ،‬وإال‬ ‫تســتحون‪ .‬وال تتحـ ْ‬
‫أُلزمــك بــكل كالمــه وعقيدتــه التجســمية الســافرة‪ .‬أمــا كلمــة (بذاتــه) فلــم تــرد عــن الســلف مهــا كذبــت‪،‬‬
‫اســمع شــمس الديــن الذهبــي وهــو كذلــك أحــد تالمــذة ابــن تيمــن الرافضــن لعقيدتــه يقــول يف كتابــه‬
‫(العلــو) بعــد نقلــه قــول يحيــى بــن عــار‪ :‬بــل نقــول هــو بذاتــه عــى العــرش وعلمــه محيــط بــكل شــيئ‪.‬‬
‫قــال الذهبــي‪ :‬قولــك بذاتــه مــن كيســك‪ .‬اهـــ وقــال شــيخ اإلســام ابــن حجــر يف فتــح البــاري‪ ،‬رشح حديــث‬
‫(إن أحدكــم إذا قــام يف صالتــه فإنــه يناجــي ربــه) قــال وفيــه الــرد عــى مــن زعــم أنــه عــى العــرش بذاتــه‪.‬‬
‫اهـــ ومــا نقل َتــه عــن ابــن أيب زيــد القــرواين رحمــه اللــه‪ ،‬فأنــت ال تفهــم اللغــة‪ ،‬ألن قــول ابــن أيب زيد‪(:‬وأنــه‬
‫فــوق عرشــه املجيــد بذاتــه) الجــار واملجــرور متعلقــان بـ(املجيد)التــي قبلهــا‪ ،‬وهــي مجــرورة فيكــون املجيــد‬
‫بذاتــه هــو العــرش‪ ،‬كــا قــال اللــه (ذو العــرش املجيــد) أو هــي مرفوعــة فيكــون املجيــد بذاتــه هــو اللــه‬
‫ســبحانه‪ .‬ولكــن مــن لــك باللغــة وأنــت ال تحســن كتابــة العــدد كــا وقــع منــك أمــس‪ ،‬واليــوم تقــول (أن أبــو‬
‫نــر) والصــواب (أن أبــا نــر) فاســتح يــا جاهــا بأبجديــات اللغــة‪ ،‬وكــف عــن الحديــث يف ذات اللــه‪.‬‬
‫وقــال الذهبــي يف العلــو‪ :‬وقــد نقمــوا عليــه ‪-‬يعنــي ابــن أيب زيــد القــرواين‪ -‬يف قولــه بذاتــه‪ ،‬فليتــه تركهــا‪ .‬اهـــ‬
‫وحدي ُثــك املرســل الــذي ال يُــدرى ُق ُبلُــه مــن ُدبُـرِه ال نظــر لــه‪ ،‬فــا ننظــر إىل كالم بــا ســند‪ ،‬وال إىل ناقــة بــا‬
‫‪30‬‬

‫خطــام‪ .‬لكــن نضــع فوقــه كلــه فنهلكــه وهــو هالــك أصــا‪ ،‬نضــع عليــه قــول اإلمــام الحجــة النــووي إمــام‬
‫الســنة يف رشحــه لحديــث الجاريــة مــن صحيــح اإلمــام مســلم رحمــه اللــه‪ :‬قــال رحمــه اللــه‪ :‬قــال القــايض‬
‫عيــاض‪ :‬ال خــاف بــن املســلمني قاطبــة فقيههــم ومحدثهــم ومتكلمهــم ونظارهــم ومقلدهــم أن الظواهــر‬
‫الــواردة بذكــر اللــه تعــاىل يف الســاء كقولــه تعــاىل ‪« :‬أأمنتــم مــن يف الســاء أن يخســف بكــم األرض» ونحــوه‬
‫ليســت عــى ظاهرهــا ‪ ،‬بــل متأولــة عنــد جميعهــم‪ .‬اقرأهــا مــرة أخــرى وثالثــة ورابعــة‪ ،‬فمــن أدمــن طــرق‬
‫البــاب أوشــك أن يفتــح لــه‪ .‬وبهــذا النــص وحــده ينتهــي مذهــب الوهابيــة القائلــن بــأن الســلف قالــوا‬
‫بظواهــر النصــوص‪ ،‬وهــم كاذبــون يف ذلــك‪ ،‬وســيجزيهم اللــه مبــا كانــوا يكذبــون‪ .‬يتبــع‪ .‬وأختــم كالمــي بــإذن‬
‫اللــه بهديتــن للســادة املتابعــن‪ ،‬أوالهــا‪ :‬أكــرر لــك قــول شــيخ اإلســام وأمــر املؤمنــن يف الحديــث ابــن‬
‫حجــر العســقالين رحمــه اللــه يف فتــح البــاري‪ ،‬يف رشحــه لحديــث النــزول‪ ،‬قــال رحمــه اللــه‪ :‬قولــه (ينــزل ربنــا‬
‫إىل الســاء الدنيــا) اســتدل بــه مــن أثبــت الجهــة ‪ ،‬وقــال ‪ :‬هــي جهــة العلــو ‪ ،‬وأنكــر ذلــك الجمهــور ألن‬
‫القــول بذلــك يفــي إىل التحيــز ‪ ،‬تعــاىل اللــه عــن ذلــك ‪ .‬وقــد اخ ُتلــف يف معنــى النــزول عــى أقــوال ‪ :‬فمنهــم‬
‫مــن حملــه عــى ظاهــره وحقيقتــه ‪ ،‬وهــم املشــبهة ‪ ،‬تعــاىل اللــه عــن قولهــم‪ .‬اهـــ والحمــد للــه مذهبكــم أيها‬
‫الوهابيــة منســوف مــن أمئــة الحديــث قبــل أمئــة الــكالم‪ .‬ثــاين الهديتــن هــي شــيئ احفظــوا أين أنــا مــن نقلــه‬
‫لكــم‪ ،‬فتذكــروين بدعــوة يف ظهــر الغيــب‪ ،‬وإليكــم الهديــة‪ ،،،‬جــاء يف فتــاوى اإلمــام ابــن رشــد الجــد املالــي‬
‫رحمــه اللــه تعــاىل امللقــب عنــد املالكيــة بشــيخ املذهــب‪ُ ،‬ســئل عــن رأي املالكيــة يف الســادة األشــاعرة وحكــم‬
‫مــن ينتقصهــم‪ .‬وكان الســؤال كاآليت‪ :‬مــا يقــول الفقيــه القــايض األجــل أبــو الوليــد ‪-‬وصــل اللــه توفيقــه‬
‫وتســديده‪ ،‬ونهــج إىل كل صالحــة طريقــه‪ ،-‬يف أيب الحســن األشــعري وأيب إســحاق اإلســفراييني وأيب بكــر‬
‫الباقــاين وأيب بكــر بــن ُفــورك وأيب املعــايل‪ ،‬ونظرائهــم ممــن ينتحــل علــم الــكالم ويتكلــم يف أصــول الديانــات‬
‫ويصنــف للــرد عــى أهــل األهــواء؟ أهــم أمئــة رشــاد وهدايــة أم هــم قــادة حــرة وعاميــة؟ ومــا تقــول يف قــوم‬
‫يســبونهم وينتقصونهــم‪ ،‬ويســبون كل مــن ينتمــي إىل علــم األشــعرية‪ ،‬ويكفرونهــم ويتــرأون منهــم‪،‬‬
‫وينحرفــون بالواليــة عنهــم‪ ،‬ويعتقــدون أنهــم عــى ضاللــة‪ ،‬وخائضــون يف جهالــة‪ ،‬فــاذا يقــال لهــم ويصنــع‬
‫بهــم ويعتقــد فيهــم؟ أيرتكــون عــى أهوائهــم‪ ،‬أم يكــف عــن غلوائهــم؟ فأجــاب اإلمــام رحمــه اللــه‪ ،‬قــال‪:‬‬
‫تصفحــت عصمنــا اللــه وإيــاك ســؤالك هــذا‪ ،‬ووقفــت عــى الذيــن ســميت مــن العلــاء فهــؤالء أمئــة خــر‬
‫وهــدى‪ ،‬وممــن يجــب بهــم االقتــداء‪ ،‬ألنهــم قامــوا بنــر الرشيعــة‪ ،‬وأبطلــوا شــبه أهــل الزيــغ والضاللــة‪،‬‬
‫وأوضحــوا املشــكالت‪ ،‬وبينــوا مــا يجــب أن يــدان بــه مــن املعتقــدات‪ ،‬فهــم مبعرفتهــم بأصــول الديانــات‬
‫العلــاء عــى الحقيقــة‪ ،‬لعلمهــم باللــه عزوجــل ومــا يجــب لــه ومــا يجــوز عليــه‪ ،‬ومــا ينتفــي عنــه‪ ،‬إذ ال‬
‫تُعلــم الفــروع إال بعــد معرفــة األصــول‪ ،‬فمــن الواجــب أن يعــرف بفضائلهــم‪ ،‬ويقــر لهــم بســوابقهم‪ ،‬فهــم‬
‫الذيــن عنــى رســول اللــه صــى اللــه عليــه وســلم بقولــه‪( :‬يحمــل هــذا العلــم مــن كل خلــف عدولــه‪ ،‬ينفــون‬
‫عنــه تحريــف الغالــن‪ ،‬وانتحــال املبطلــن‪ ،‬وتأويــل الجاهلــن) فــا يعتقــد أنهــم عــى ضاللــة وجهالــة إال غبــي‬
‫جاهــل‪ ،‬أو مبتــدع زائــغ عــن الحــق مائــل‪ ،‬وال يســبهم وينســب إليهــم خــاف مــا هــم عليــه إال فاســق‪ ،‬وقــد‬
‫قــال اللــه عــز وجــل‪ « :‬والذيــن يــؤذون املؤمنــن واملؤمنــات بغــر مــا اكتســبوا فقــد احتملــوا بهتانــا وإمثــا‬
‫مبينــا» فيجــب أن يبــر الجاهــل منهــم‪ ،‬ويــؤدب الفاســق‪ ،‬ويســتتاب املبتــدع الزائــغ عــن الحــق إذا كان‬
‫مستســهال ببدعــة‪ ،‬فــإن تــاب وإال رضب أبــدا حتــى يتــوب‪ ،‬كــا فعــل عمــر بــن الخطــاب ريض اللــه عنــه‬
‫بصبيــغ املتهــم يف اعتقــاده‪ ،‬مــن رضبــه إيــاه حتــى قــال‪ :‬يــا أمــر املؤمنــن إن كنــت تريــد دوايئ فقــد بلغــت‬
‫‪31‬‬

‫منــي موضــع الــداء‪ ،‬وإن كنــت تريــد قتــي فأجهــز عــي‪ ،‬فخــى ســبيله‪ ،‬واللــه أســأل العصمــة والتوفيــق‬
‫برحمتــه‪ .‬قالــه‪ :‬محمدبــن رشــد‪ .‬اهـــ وأهيــب باإلخــوة املتابعــن عــدم الســر وراء هــذا املناظــر‪ ،‬فــإن‬
‫مذهبــه كــا علمتــم ورأيتــم مــن الخبــث مبــكان‪ .‬واللــه املســتعان‪ ،‬وعليــه التــكالن‪ .‬ومــن كالمــي‪ :‬تــم‬
‫الجــواب وربنــا محمــود *** ولــه املــكارم والعــا والجــود ريب الــذي رزق العلــوم بفضلــه *** أك ـرِم بــريب‬
‫حبله ممدود ثم الصالة عىل النبي وحزبه *** خري األنام ومن به سنقود انتهيت‪.‬‬
‫الدكتور أنس أبو هيام‬
‫أعــوذ باللــه مــن غضــب اللــه ‪ ...‬مل يبقــي زميلنــا شــيئا مــن الفضــات التــي يعــج بهــا عقلــه إال و تقيأهــا‬
‫هنــا‪ ..‬مل يــدع يل مــا أقــول بعــد أن خــرق جميــع رشوط املناظــرة ؛ و اآلن مل نعــد نتحــدث عــن خرقــه‬
‫لــروط املناظــرة و البهلوانيــة الزائــدة ؛ اآلن نتحــدث عــن ســبه و شــتمه لشــخيص ؛ و تطاولــه حتــى عــى‬
‫زوجتــي و أوالدي !! األمــر خطــر !! و يصفنــي بالداعــي مــع أن تعليقــه أخطــر مــا يفعلــه الدواعــش ؛‬
‫فلــو صــادف و أن التقــى يب فســيقتلني ألنــه يعتــرين كافـرا و ســلفي الشــيطان !! و طبعــا إننــا ألفنــا هــذه‬
‫الرقصــات مــن األشــاعرة ملحاولــة اســتفزاز اإلدارة ليتــم إيقــاف املناظــرة يك ال يتــم تعريــة مذهب األشــاعرة‬
‫أكــر فأكــر ‪ ،‬و محاولــة فاشــلة للغــر القــزم ألجــل توقيفــه مــن إمتــام املناظــرة فيذهــب ملجموعــات الجــرب‬
‫و الجــذام فيــرخ عاليــا ‪ « :‬لقــد أفحمــت الوهابيــة بالغبــاء و الجهــل و الســب و الشــتم ؛ فخافــوا و‬
‫طــردوين « ‪ .‬إن مــا قــام بــه القــزم يف مداخلتــه األخــرة لهــم خطــب جلــل و أمــر خطــر ‪ ،‬فهــو اتهمنــي ليــس‬
‫بالكــذب و النفــاق و اإلبتــداع ( مل ألقــي بــاال لهــذا ) ‪ ،‬بــل اتهمنــي بالكفــر و قــام بتكفــر أمئــة الســنة‬
‫جميعــا الذيــن أنقــل عنهــم أقوالهــم فاعتــر ذلــك بقولــه ( ســلفيتكم الشــيطان ) ‪ ،‬و مــا فتــئ أن قــام‬
‫بتكفــر الخلــف فقرننــا ب ( خلفكــم الدواعــش و املداخلــة ) ‪ ،‬مــع العلــم أن ال األزهــر األشــعري و ال غــره‬
‫يجــرؤ عــى تكفــر الدواعــش أو املداخلــة ‪ .‬ثــم أن القــزم مذهبــه أخطــر مــن مذهــب الدواعــش ؛ فداعــش‬
‫تــرى الخــروج عــى والة األمــور بالســيف ألنهــم يف نظرهــم كفــار ‪ ،‬فهــم اســتحلوا دمــاء املســلمني بحجــة‬
‫الكفــر ‪ ،‬و أنــت هنــا اســتتحلت دمــايئ بحجــة التكفــر ؛ لذلــك فأنــت أخطــر مــن داعــش بــل أنــت داعــي‬
‫نفســه ‪ .‬و أمــا وصولــك لبيتــي و زوجتــي و أوالدي يف مناظــرة عــى الفايســبوك فهــذا ال أعلــم مــا أقــول‬
‫فيــه غــر جمــع البصــاق و وضعــه عــى مــن ربــاك و مل يحســن تربيتــك ‪ .‬و لــن جربتنــي مــرة أخــرى بهــذه‬
‫األلفــاظ التــي مــأت بهــا مداخالتــك فألقومــن بالبصــق عــى أنفــك و ركلــك ملؤخرتــك خارجــا أيهــا الحقــر‬
‫‪ .‬حســن املالــي مــن فضلــك اجمــع املناظــرة عــى ملــف ( ‪ ) pdf‬لــي ال يحــاول زميلنــا الهــروب بإغــاق‬
‫حســابه أو حــذف التعليقــات بعــد أن صــدم و أكــر مــن الـراخ ‪ .‬فهــو يعلــم بأنــه انتهــى و تهــاوى ؛ لذلــك‬
‫لجــأ إىل مثــل هــذا ‪ :‬يتبــع ‪ ..‬بعــد رؤيــة ردود األشــاعرة يف منشــور التعليقــات عــى القــرف الــذي وصــل‬
‫إليــه ممثلهــم يف هــذه املناظــرة ‪ .‬ثــم نتســاءل مــا عالقــة املناظــرة بامللــوك ووصــف أحدهــم بالخبيــث ؟!‬
‫فهــذا اتهــام لألع ـراض ليــس دفاعــا عــن محمــد بــن ســلامن ؛ لكــن مــا عالقتــه مبناظــرة أكادمييــة ؟! مــع‬
‫أننــي مغــريب ال يهمنــي ال محمــد بــن ســلامن و ال غــره مــن قــادة الــدول العربيــة ‪ .‬خالصــة القــول ‪ :‬الحقــر‬
‫أفلــس ‪ .‬و ســأقوم بتقديــم خالصــة شــمولية ملــا يتــداول هنــا يف املناظــرة و بيــان أن الحقــر هــذا ال ينتمــي‬
‫لألشــاعرة و ال ملذهــب الســلف و إمنــا عقائــده التــي يســطرها هنــا هــي عقائــد األحبــاش أتبــاع الهــرري ‪.‬‬
‫فســبه و شــتمه يل و لزوجتــي و أوالدي ‪ ،‬و مل يســلم لســانه حتــى مــن العلــاء و األمـراء هــو إعــان عــن‬
‫‪32‬‬

‫إفــاس مبنتهــى الكلمــة ‪ .‬و نســأل اللــه أن يعافينــا مــا ابتــى بــه هــذا الحقــر مــن ســب لألعـراض و اتهامنــا‬
‫بالكفــر و اإلبتــداع ‪ ( .‬يتبــع ) و هــذه املداخلــة ســنعتربها األخــرة رغــم أنهــا هــي املداخلــة الرابعــة مــن‬
‫عــر مداخــات متفــق عليهــا ‪ ،‬و مبــا أن الحقــر خــرق جميــع رشوط املناظــرة ‪ ،‬و مبــا أن الحقــر تطــاول أكــر‬
‫فأكــر عــى شــخيص و أهــل بيتــي ؛ فلــم تعــد هــذه مناظــرة ؛ بــل هــي تصفيــة حســابات و هــذا نرفضــه ‪ ،‬و‬
‫إن تركنــا املجــال مــرة أخــرى لهــذا الدعــي الحقــر ال نعلــم كــم البــذاءة التــي سيســتخدمها يف املداخلــة‬
‫القادمــة ؛ فــا رصح بــه هنــا كفيــل بإغــاق املناظــرة يف وجهــه و تركــه يــأكل بعضــه بعضــا ؛ و يحــال إىل‬
‫مركــز إعــادة التأهيــل األخالقــي يف حضانــة ( بابــا أيــوب ) التــي بجــوار بيتنــا ‪ .‬عــى أي ‪ ..‬فزميلنــا ينقــل مــن‬
‫مدونــة ســعيد فــودة غالــب ردوده مضيفــا إليهــا كالمــه الســاقط أخالقيــا ‪ ،‬لذلــك كل نقوالتــه تفتقــر إىل‬
‫املصــدر ؛ ضــف عليهــا ‪ -‬مــع افـراض صحتهــا ‪ -‬هــي كالم املتأخريــن ؛ و أكــر نقوالتــه ضــده ؛ و أنــا أقســم‬
‫بالــذي خلــق الســاوات و األرض أننــي وضعــت عــى مكتبــي أكــر مــن ثالثــن كتابــا مــن مكتبتــي املتواضعــة‬
‫ألجــل اإلســتدالل بهــم عــى هــذا الحقــر ‪ .‬فلفظــة ( بذاتــه ) التــي اســتنكرها الحقــر أطلقهــا أحمــد بــن‬
‫ثابــت الطرقــي الحافــظ ‪ ،‬و الشــيخ عبــد القــادر الجيــي و املفتــي عبــد العزيــز القحيطــي و طائفــة كثــرة‬
‫مــن علــاء الســلف الــذي يجهلهــم هــذا الدعــي ‪ .‬قــال الذهبــي ‪ « :‬و اللــه تعــاىل خالــق كل يشء ‪#‬بذاتــه ‪،‬‬
‫و مدبــر الخالئــق ‪#‬بذاتــه ‪ ،‬بــا معــن و ال مــؤازر « ‪ .‬و قــال أيضــا ‪ « :‬و إمنــا أراد ابــن أيب زيــد و غــره التفرقــة‬
‫بــن كــون اللــه تعــاىل معنــا ‪ ،‬و بــن كونــه فــوق العــرش ؛ فهــو كــا قــال ‪ ،‬و معنــا بالعلــم و أنــه عــى العــرش‬
‫كــا أعلمنــا حيــث يقــول ‪ « :‬الرحمــن عــى العــرش اســتوى « ‪ ( .‬طــه ‪ . ) 5 :‬و قــد تلفــظ بالكلمــة املذكــورة‬
‫جامعــة مــن العلــاء كــا قدمنــا « ‪ .‬املصــدر ‪ « :‬العلــو « ‪ ،‬للذهبــي ص ‪ . 235 :‬قــول الحقــر مــا معنــاه ‪« :‬‬
‫لفظــة ( بذاتــه ) مل تــرد يف كتــاب و ال ســنة و ال عــى لســان أحــد مــن الصحابــة أو التابعــن « ‪ ،‬عجــب منــه‬
‫!! و تناقــض رصيــح ‪ ،‬فــا أدري هــل يأثــر الحقــر شــيئا مــن كالمــه يف الصفــات و تأويلهــا ؛ عــن أحــد مــن‬
‫الصحابــة أو التابعــن أو األمئــة ؟! و هــذا كــا يقــول القائــل ‪ « :‬رمتنــي بدائهــا و انســلت « ‪ .‬إن قــول مــن‬
‫قــال مــن الســلف ‪#‬بذاتــه هــو مــن بــاب التأكيــد و التنصيــص ‪ ،‬و الــرد عــى املعطلــة الذيــن يفــرون صفــات‬
‫اللــه تعــاىل مبــا قــام بغــره ‪ ،‬و ينكــرون أن يقــوم بــذات اللــه تعــاىل صفــة متعلقــة مبشــيئته ‪ ،‬فيقــول األشــاعرة‬
‫‪ :‬نزولــه ( نــزول بأمــره ) ‪ ،‬و مجيئــه ( مجــيء ثوابــه ) و هكــذا ‪ ..‬و كــذا قــول أمئــة الســلف ( نــزول عــى‬
‫الحقيقــة ) تأكيــد لحقيقــة الصفــة و رد عــى مــن جعلهــا مجــازا ‪ .‬و هــذا كــا زاد الســلف لفــظ ( بائــن ) يف‬
‫إثباتهــم لعلــو اللــه تعــاىل فقالــوا ‪ « :‬اللــه مســتو عــى عرشــه ؛ بائــن مــن خلقــه « ‪ .‬و ذلــك ردا عــى الجهميــة‬
‫الذيــن يزعمــون أن اللــه يف كل مــكان بذاتــه ؛ تعــاىل اللــه عــن ذلــك ‪ .‬و معلــوم أن الخــر وقــع عــن نفــس‬
‫ذات اللــه تعــاىل ال عــن غــره كــا يف قولــه ‪ « :‬الرحمــن عــى العــرش اســتوى « ‪ ( .‬طــه ‪ . ) 5 :‬و قــول النبــي‬
‫صــى اللــه عليــه و ســلم ‪ « :‬إن اللــه ينــزل إىل الســاء الدنيــا « ‪ .‬و هــذا خــر عــن مســمى هــذا اإلســم‬
‫العظيــم ‪ .‬و مثالــه مــا لــو قلــت ‪ :‬الحقــر عنــدك ؛ و الدعــي قائــم ‪ ،‬فإمنــا أخــرت عــن ذات الحقــر و ذات‬
‫الدعــي ال عــن اإلســم ‪ ،‬فاســمه ( محمــد املعتصــم باللــه ) ‪ .‬فقولــه تعــاىل ‪ « :‬اللــه خالــق كل يشء « ‪ ( .‬الزمــر‬
‫‪ . ) 62 :‬هــو خــر عــن ذات الــرب تعــاىل فــا يحتــاج املخــر أن يقــول ‪ :‬خالــق كل يشء بذاتــه ‪ ،‬و كذلــك‬
‫جميــع مــا أخــر اللــه بــه عــن نفســه فإمنــا هــو خــر عــن ذاتــه ؛ و إال أصبــح معبــودك عــدم كــا تــرح‬
‫األشــعرية الفوديــة ( اللــه ال داخــل العــامل و ال خارجــه ) كــا عنــد فــودة يف ( الكاشــف ) ‪ .‬لكــن ملــا ظهــر‬
‫مــن أهــل البــدع و املعطلــة مــن يجعــل صفــات اللــه تعــاىل مجــازات نــص الســلف عــى كونهــا حقيقــة ‪ .‬و‬
‫‪33‬‬

‫ملــا ظهــر منهــم مــن يجعــل مــا وصــف اللــه تعــاىل بــه نفســه هــو مــا قــام بغــره ؛ كمــن يقــول ‪ :‬نــزول أمــره‬
‫‪ ،‬و مجــيء مالئكتــه نــص الســلف عــى كونهــا صفــة ذاتــه ‪ .‬و أتســاءل كيــف لهــذا الحقــر أن يعيــب ذلــك و‬
‫ســيده ( اإلمــام الســبيك األشــعري ) يدافــع عمــن قــال ‪ « :‬و لفظــي بالقــرآن مخلــوق « ‪ ،‬مــع كونــه قــول‬
‫متأخــري الجهميــة كالكرابيــي و ابــن كالب و غريهــا ؛ فيقــول الســبيك ‪ « :‬و إننــا متيقنــون بأنهــم رحمهــم‬
‫اللــه مل يقولــوا هــذا القــول دون أن تدعــو لــه حاجــة ‪ ،‬كال و حاشــاهم أن يتكلمــوا بــيء ســكت عنــه‬
‫الصحابــة و التابعــون ‪ ،‬لكنهــم ملــا رأوا النــاس تقحمــوا هــذا البــاب و خاضــوا يف هــذا األمــر و حملــوه عــى‬
‫غــر وجهــه ‪ ،‬اضطــروا إىل الــكالم فيــه تبيانــا للحــق و كفــا للنــاس عــن ذلــك « ‪ .‬فهــذا اعتــذار علامئــك عــن‬
‫مقولــة باطلــة فهــا عذرتــم مــن قــال بالحــق و أكــده ؟! ( يتبــع ) و بالنســبة ملــا نقلــه الحقــر عــن ابــن كثــر‬
‫رحمــه اللــه أننــا منــر الصفــات كــا جــاءت فهــذا هــو اعتقــاد الوهابيــة أيهــا الدعــي ؛ فهــل تعتقــد أنــت‬
‫بذلــك ؟! ال أبــدا !! قــال الذهبــي معلقــا عــى كالم القصــاب ‪ « :‬و كان أيضــا يســعه الســكوت عــن صفــة (‬
‫حقيقيــة ) فإننــا إذا أثبتنــا نعــوت البــاري و قلنــا متــر كــا جــاءت فقــد آمنــا بأنهــا صفــات ‪ ،‬فــإذا قلنــا بعــد‬
‫ذلــك ‪ :‬صفــة حقيقــة و ليســت مبجــاز ‪ ،‬كان هــذا كالمــا ركيــكا نبطيــا مغلثــا للنفــوس فليهــدر ‪ ،‬مــع أن هــذه‬
‫العبــارة وردت عــن جامعــة ؛ و مقصودهــم بهــا أن هــذه الصفــات ‪#‬متــر و ال ‪#‬يعــرض لهــا ‪#‬بتأويــل و ال‬
‫‪#‬تحريــف ‪ ،‬كــا يتعــرض ملجــاز الــكالم و اللــه أعلــم « ‪ .‬و يضيــف اإلمــام الذهبــي رحمــه اللــه قائــا ‪ « :‬و‬
‫قــد أغنــى اللــه تعــاىل عــن العبــارات املبتدعــة ‪ ،‬فــإن النصــوص يف الصفــات واضحــة ؛ و لــو كانــت الصفــات‬
‫تــرد إىل املجــاز لبطــل أن يكــون صفــات اللــه ‪ ،‬و إمنــا الصفــة تابعــة للموصــوف ‪ ،‬فهــو موجــود حقيقــة ال‬
‫مجــازا ؛ و صفاتــه ليســت مجــازا ‪ ،‬فــإذا كان ال مثــل لــه و ال نظــر لــزم أن تكــون ال مثــل لهــا « ‪ .‬املصــدر ‪« :‬‬
‫العلــو « للذهبــي ص ‪ . 239 :‬و هــذا مــن الذهبــي رصيــح بــأن معنــى « كــون الصفــات حقيقــة « أو أنــه‬
‫متصــف بهــا بذاتــه ‪#‬حــق ‪ ،‬و لكــن ال يحتــاج إىل زيــادة ( حقيقــة ) أو ( بذاتــه ) ال لكــون املعنــى باطــا ‪ ،‬بــل‬
‫لكونــه ظاه ـرا بــا حاجــة للزيــادة ؛ إذ مــن املعلــوم يف لغــة العــرب أنــه إذا قيــل ‪ :‬ســمع الحقــر ‪ ،‬و كالم‬
‫الحقــر ‪ ،‬و نــزول الحقــر فهــو حقيقــة ال مجــاز ‪ ،‬إال أن يقــرن باللفــظ مــا يــدل عــى كونــه مجــازا ‪ .‬إذ أن‬
‫قاعــدة اللغــة التــي تحاكمنــي إليهــا أيهــا الدعــي تنــص عــى ‪ « :‬أن األصــل يف الــكالم الحقيقــة و اإلف ـراد ال‬
‫املجــاز و اإلشـراك « ‪ .‬راجــع القامــوس املحيــط ‪ .‬فأقــول للحقــر و ألســافلة الــورى مــن األحبــاش و األشــاعرة‬
‫املتأخــرة ( الفوديــة ) ‪ :‬كيــف ســوغتم ألنفســكم هــذه الزيــادات يف النفــي كنفــي الجهــة و الحيــز و نحــو‬
‫ذلــك ‪ ،‬و التقصــر يف اإلثبــات عــى مــا أوجبــه الكتــاب و الســنة ؟! و كيــف أنكرتــم عــى أمئــة الديــن ردهــم‬
‫لبدعــة ابتدعهــا أهــل التعطيــل و التجهيــم مضمونهــا ( إنــكار حقائــق صفــات اللــه تعــاىل ) و عــروا عــن‬
‫ذلــك كقولهــم ( حقيقــة ) أو ( بذاتــه ) ؟! فالســلف أثبتــوا تلــك العبــارة ليبينــوا ثبــوت املعنــى الــذي نفــاه‬
‫أســافلة الــورى ‪ .‬و أيــن يف الكتــاب و الســنة أنــه يحــرم رد الباطــل بعبــارة مطابقــة لــه ؟! فــإن هــذه األلفــاظ‬
‫مل تثبــت صفــة زائــدة عــى مــا يف الكتــاب و الســنة ‪ ،‬بــل بينــت مــا عطلــه املبطلــون مــن حقيقــة اتصافــه‬
‫بصفــات الكــال ‪ .‬و الحقــر رغــم محاولتــه اليائســة يف إنــكار قــول الســلف ( اللــه ســاكن الســاء ) فإننــي‬
‫تحرجــت و احمــرت خــدودي و اســتحييت مكانــه ؛ فإنــه ال يســتحيي ؛ و إن ســألتموين ملــا ؟! أجيــب ‪ :‬هــذه‬
‫الجملــة ( اللــه ســاكن يف الســاء ) قالهــا ‪ -‬مــع األســف ‪ -‬إمــام األشــاعرة أيب الحســن األشــعري رحمــه اللــه‬
‫نفســه مســتدال بــه عــى علــو اللــه تعــاىل ‪ ،‬و ذكــر أنــه قــول جميــع املســلمني ! فــا أعلــم مــاذا ســيصيب هــذا‬
‫الدعــي حــن يقــرأ كالم إمامــه ؟! فهيــا نطبــل مــع الحقــر و نصــف إمامهــم بالتجســيم ؟! يقــول اإلمــام أبــو‬
‫‪34‬‬

‫الحســن األشــعري ‪ « :‬و مــن دعــاء أهــل اإلســام جميعــا إذا هــم رغبــوا إىل اللــه تعــاىل يف األمــر النــازل بهــم‬
‫يقولــون جميعــا ‪ :‬يــا ‪#‬ســاكن الســاء « ‪ .‬املصــدر ‪ « :‬اإلبانــة « لألشــعري ‪ ،‬ص ‪ . 103 - 79 :‬و هــذا أمــر مثــر‬
‫لإلســتغراب و الحــرة ‪ ،‬أال و هــو كــرة إنــكار الحقــر و األشــاعرة ألمــور قــد نــص عليهــا أبــو الحســن األشــعري‬
‫يف كتبــه حتــى ليظــن الناظــر أن األشــاعرة املتأخــرة ألفــوا كتبهــم للــرد عــى أيب الحســن األشــعري ال انتصــارا‬
‫لــه ‪ ( .‬يتبــع ) بالنســبة لباقــي نقــوالت الحقــر التــي تصــب يف واد غــر الــواد الــذي يريــد إثباتــه ؛ فإننــي‬
‫أقــول لــه ‪ :‬كفــى !! كفــى مــن فضلــك !! كفــى مــن صفــع نفســك بنفســك !! فقــد جعلــت نفســك بتلــك‬
‫النقــوالت ليــس فقــط كمهــرج يف ســرك الغجــر ؛ و إمنــا جعلــت تصفــع نفســك بنفســك و تــرد عــى نفســك‬
‫بنفســك دون الحاجــة للــرد عليــك مــن أحــد !! فياللعجــب !! و يــا ســبحان اللــه !! و هــل كان رصاع الســلف‬
‫مــع رصاع الجهميــة و املعتزلــة إال عــى إثبــات حقائــق صفــات اللــه تعــاىل ؟! فــإن الســلف كانــوا يثبتــون‬
‫صفــات اللــه تعــاىل عــى الحقيقــة و يــأىب ذلــك الجهميــة و املعتزلــة بدعــوى التشــبيه و إال فلــو كان الجميــع‬
‫متفقــن عــى كونهــا مــن مجــازات الــكالم ملــا صــار بــن الســلف و املعطلــة خصومــة ؛ و لدامــت بينهــا املودة‬
‫و األلفــة ‪ .‬و ألجــل هــذا أكــد الســلف هــذا األمــر فأثبتــوا صفــات اللــه تعــاىل عــى الحقيقــة و مل يعبــأوا‬
‫بتشــنيع املعتزلــة و الجهميــة بــل حــذروا مــن أن يخــدع املســلم بذلــك ‪ ،‬و ألفــوا الكتــب و الرســائل ردا‬
‫عليهــم و إبطــاال لدعواهــم ‪ .‬و ( عشــان خاطــر الحقــر ) أنقــل لــه قــول أحــد أمئتــه رحمهــم اللــه ؛ أال و هــو‬
‫اإلمــام أبــو بكــر الباقــاين حيــث يقــول يف ســياق أقــوال املعتزلــة ‪ « :‬و زعمــوا جميعــا أنــه ال وجــه للــه تعــاىل‬
‫مــع قولــه عــز و جــل ‪ « :‬و يبقــى وجــه ربــك ذو الجــال و اإلكـرام « ‪ ( .‬الرحمــن ‪ . ) 27 :‬و أنــه ال يــد لــه‬
‫مــع قولــه عــز و جــل ‪ « :‬بــل يــداه مبســوطتان « ‪ ( .‬املائــدة ‪ . « . ) 64 :‬املصــدر ‪ « :‬رســالة الســجزي إىل أيب‬
‫زبيــد « ‪ ،‬ص ‪ . 185 :‬و معلــوم أن املعتزلــة مل ينكــروا ثبــوت اآليــة و ال ورود لفــظ الوجــه و اليديــن و إمنــا‬
‫أنكــروا حقيقتهــا للــه تعــاىل ‪ ،‬و لذلــك كانــوا يتأولونهــا بعلــل املجــازات ‪ ،‬و هــذا بــن ملــن لــه أدىن اطــاع عــى‬
‫مقــاالت الفــرق ‪ .‬و لذلــك عقــد أبــو بكــر الباقــاين بعــد ذلــك فصــا يف إثبــات الوجــه و اليديــن و إبطــال‬
‫قــول مــن تأولهــا ‪ ،‬كــا فعــل األشــعري قبلــه يف ( اإلبانــة ) ‪ .‬و مــن ظــن أن حقيقــة الصفــة الثابتــة للــه هــي‬
‫حقيقــة صفــة املخلــوق فقــد زل و ضــل ( و هــذا مــا يريــد الحقــر أن يثبتــه ) مبعنــى ‪ :‬أن الحقــر يريــد أن‬
‫يقــول بأننــا نثبــت صفــة اللــه عــز و جــل و نشــبهها بصفــة املخلــوق ‪ ،‬فــإن هــذا ال يقــره عقــل و ال نقــل و‬
‫ال تقتضيــه لغــة ‪ ،‬إذ الصفــة تابعــة للموصــوف ؛ فــإذا كان للــه تعــاىل ذات حقيقــة و للمخلــوق ذات حقيقــة‬
‫‪ ،‬مل يلــزم أن تكــون حقيقــة ذات اللــه تعــاىل هــي حقيقــة ذات املخلــوق ‪ ،‬كــا ال يلــزم مــن حقيقــة وجــود‬
‫اللــه أن تكــون هــي حقيقــة وجــود املخلــوق ‪ .‬فاللــه « ليــس كمثلــه يشء « و ليــس لــه ســمي و ال كفــؤ و ال‬
‫نظــر ‪ ،‬و الصفــات فــرع عــن الــذات ؛ فــإذا تباينــت الــذوات تباينــت الصفــات ‪ ،‬فــا يلــزم مــن إثبــات صفــات‬
‫للــه تعــاىل عــى الحقيقــة أن تكــون هــي حقيقــة صفــة املخلــوق ‪ .‬قــال أبــو نــر الســجزي ‪ « :‬أن الــذي‬
‫يزعمــون بشــاعته مــن قولنــا يف الصفــات ليــس عــى مــا زعمــوه ‪ ،‬و مــع ذلــك فــازم لهــم مــن إثبــات الــذات‬
‫مثــل مــا يلزمــون أصحابنــا يف الصفــات « ‪ .‬املصــدر ‪ « :‬رســالة الســجزي إىل أيب زبيــد « ‪ .‬ص ‪ . 185 :‬و قــال أبــو‬
‫عثــان الصابــوين ‪ « :‬ألن جــل جاللــه منــزه أن تكــون صفاتــه مثــل صفــات الخلــق ‪ ،‬كــا كان منزهــا أن تكــون‬
‫ذاتــه مثــل ذوات الخلــق « ‪ .‬املصــدر ‪ « :‬عقيــدة الســلف و أصحــاب الحديــث « ‪ ،‬ص ‪ 62 :‬؛ ط ‪ :‬دار الغــد‬
‫الجديــد هــي التــي بحــوزيت ‪ .‬و قــال ابــن الزاغــوين يف كتابــه ( اإليضــاح ) ‪ « :‬فــإن قالــوا ‪ :‬إن إثبــات اليــد‬
‫الحقيقــة التــي هــي صفــة للــه تعــاىل ممتنــع لعــارض مينــع فليــس بصحيــح ‪ ،‬مــن جهــة أن البــاري تعــاىل ذات‬
‫‪35‬‬

‫قابلــة للصفــات املســاوية لهــا يف اإلثبــات ‪ ،‬فــإن البــاري تعــاىل يف نفســه ذات ليســت بجوهــر و ال جســم و‬
‫ال عــرض و ال ماهيــة لــه تعــرف و تــدرك و تثبــت يف شــاهد العقــل ؛ و ال ورد ذكرهــا يف نقــل ‪ ،‬و إذا ارتفــع‬
‫عنــه إثبــات املاهيــة ‪ ،‬و إذا كان الــكل مرتفعــا و املثــل بذلــك ممتنعــا ‪ :‬فالنفــار مــن قولنــا يــد مــع هــذه‬
‫الحــال كالنفــار مــن قولنــا ذات ‪ ،‬و مهــا دفعــوا بــه إثبــات ذات مــا وصفنــا فهــو ســبيل إىل دفــع يــد ‪ ،‬ألنــه‬
‫ال فــرق بينهــا عندنــا يف اإلثبــات ‪ ،‬و إن عجــزوا عــن ذلــك لثبــوت الدليــل القاطــع لإلقـرار بالــذات عــى مــا‬
‫هــي عليــه مــا ذكرنــا فــذاك هــو الطريــق إىل تعجيزهــم عــن نفــي يــد هــي صفــة تناســب الــذات فيــا‬
‫ثبــت لهــا مــن ذلــك ‪ ،‬و هــذا ظاهــر الزم ال محيــد عنــه « ‪ .‬املصــدر ‪ « :‬اإليضــاح يف أصــول الديــن « ‪ ،‬البــن‬
‫الزاغــوين ص ‪ . 287 - 286 :‬و قــد نقلــه عنــه شــيخ اإلســام و قامــع املبتدعــة ابــن تيميــة رحمــه اللــه يف «‬
‫بيــان تلبيــس الجهميــة « ( ‪ ) 42 / 1‬طبعــة ‪ :‬مكتبــة الصفــا التــي بحــوزيت و عــى مكتبــي ‪ .‬و بعــد هــذا يحــق‬
‫لــك أيهــا الحقــر أن تحــارب طواحــن الهــواء كــا كان يفعــل ( دونــي شــوت ) ظنــا منــه أنــه يحــارب جيشــا‬
‫عرمرمــا مــن جيــوش املغــول ‪ ( .‬يتبــع ) و آخـرا ليــس أخـرا !! فإننــي ســأبقى أدك حصــون الجهميــة حتــى‬
‫تخــرس ألســنتهم ؛ و لعلنــي أســتخرج مــن البغــل الحقــر حــارا يركبــه األطفــال و يلعبــون بــه قــرب ســاقية‬
‫الث ـران ‪ ،‬و هــذا واضــح و ظاهــر للعامــي فضــا عــن العــامل بأحــوال مــا يتــداول هنــا ‪ .‬فالحقــر قــد قــام‬
‫بتكفــر اإلمــام الدارمــي و اعتــره مجســا ؛ و ال حــول و ال قــوة إال باللــه ‪ .‬قــال الذهبــي ‪ « :‬و مــا أحســن‬
‫قــول نعيــم بــن حــاد الــذي ســمعناه بأصــح إســناد عــن محمــد بــن إســاعيل الرتمــذي أنــه ســمعه يقــول ‪:‬‬
‫مــن شــبه اللــه بخلقــه كفــر ‪ ( ،‬و مــن أنكــر مــا وصــف اللــه بــه نفســه فقــد كفــر ) و ليــس مــا وصــف بــه‬
‫نفســه و ال رســوله تشــبيها « ‪ .‬إذا ؛ أراد كل مــن اإلمــام الذهبــي و اإلمــام الرتمــذي و نعيــم بــن حــاد أن‬
‫الصفــات تابعــة للموصــوف ؛ فــإذا كان املوصــوف تعــاىل ليــس كمثلــه يشء يف ذاتــه املقدســة فكذلــك صفاتــه‬
‫ال مثــل لهــا ؛ إذ ال فــرق بــن القــول يف الــذات بالقــول يف الصفــات ‪ ،‬و هــذا هــو مذهــب الســلف و إال اعتربنــا‬
‫حقرينــا يعبــد عدمــا غــر موجــود ‪ .‬راجعــوا ‪ ( :‬ســر أعــام النبــاء ) ‪ ، ) 300 - 299 / 13 ( ،‬لإلمــام الذهبــي‬
‫‪ .‬لنوجــه رشاعنــا إىل العالمــة األلــويس بحــر العلــوم القائــل ‪ « :‬قيــل ‪ :‬هــو م ـراد و مالــك مــن قولهــم ‪( :‬‬
‫اإلســتواء معلــوم و الكيــف مجهــول ) ‪ ،‬أي ‪ :‬اإلســتواء معلــوم املعنــى ‪ ،‬ووجــه نســبته إىل الحــق تعــاىل‬
‫املجامــع للتنزيــه مجهــول ‪ ،‬ألن الصفــات تنســب إىل كل ذات مبــا يليــق بتلــك الــذات و ذات الحــق ليــس‬
‫كمثلــه يشء ‪ ،‬فنســبة الصفــات املتشــابهة إليــه تعــاىل ليســت كنســبتها إىل غــره عــز و جــل ‪ ،‬ألن كنــه ذات‬
‫الحــق ليســت مــن مــدركات العقــول لتكــون صفــة مــن مدركاتهــا « ‪ .‬املصــدر ‪ « :‬غرائــب اإلغـراب و نزهــة‬
‫األلبــاب يف الذهــاب و اإلقامــة و اإليــاب « ‪ ،‬ص ‪ . 387 :‬و بهــذا أكــون قــد وفقــت بحــول اللــه إىل ســلخ هــذا‬
‫التافــه الحقــر الــذي تطــاول عــى شــخيص و أهــي ‪ ،‬و ســنقوم بإغــاق منشــور املناظــرة هــذا نظـرا لحقــارة‬
‫هــذا الحقــر و ســذاجته مــع خرقــه لجميــع رشوط املناظــرة ‪ ،‬و ســنضع منشــورا خاصــا الســتفتاء ألعضــاء‬
‫املجموعــة فيــا يخــص ‪ :‬هــل ســنفتح املجــال لهــذا الدعــي بــأن يتقيــأ أكــر و أكــر مــن الغائــط الــذي يعــج‬
‫بــه عقلــه أم نغلــق املنشــور لألبــد و نقــوم بحفظــه يف أرشــيف املجموعــة ليهتــدي بــه مــن ضــل عــن ســواء‬
‫الســبيل ‪ .‬فالحــق فيــه ظهــر و بــان ‪ ،‬و الباطــل محــق و اســتكان ؛ ووضــع يف زنزانــة النســيان ‪ ،‬و لــو فتحنــا‬
‫املجال مرة أخرى لهذا الدعي فال نعرف ما سيتقيأ به ؟! ( انتهى )‬
‫‪36‬‬

‫اإلدارة‬
‫قــررت اإلدارة بعــد اإلســتفتاء ألعضــاء املجموعــة حــول مــا إذا كان بإمكاننــا إعطــاء فرصــة أخــرى ملحمــد‬
‫املعتصــم باللــه لتذييــل املناظــرة و جــاء القـرار بعــد اإلســتفتاء ‪ -1 :‬نظـرا لخــرق محمــد املعتصــم لجميــع‬
‫رشوط املناظــرة و مل يأبــه بتنبيهــات و تحذيــرات اإلدارة ســيتم إيقــاف املناظــرة يف وجهــه ‪ -2 .‬ثبــوت‬
‫شــهادة املتابعــن يف حــق الســيد محمــد املعتصــم باللــه بأنــه ليــس أهــا للمناظــرة ال أخالقــا و ال علــا‬
‫‪ -3 .‬ق ـرار إبقــاء الســيد محمــد املعتصــم باللــه يف املجموعــة بــدون طــرد أو حظــر منهــا إال إن خالــف‬
‫قوانــن املجموعــة ‪ ،‬و إخالفــه لقوانــن املناظــرة ال يلــزم اإلدارة إيقافــه مــن املجموعــة ‪ .‬و بهــذا وجــب‬
‫اإلعــام و الســام ‪ .‬منشــور املناظــرة هــذا محفــظ يف فهــرس املجموعــة املوجــود يف املنشــور املثبــت يف‬
‫أعــى املجموعــة ‪ ،‬و ســيتم جمعــه عــى ملــف ‪ . pdf‬رابــط منشــور اإلســتفتاء ‪https://m.facebook. :‬‬
‫‪218157975601668=view=permalink&id?212015956215870/com/groups‬‬

You might also like