Professional Documents
Culture Documents
مناظرة حول صفات الله عز وجل بين السلفية والأشاعرة
مناظرة حول صفات الله عز وجل بين السلفية والأشاعرة
2
( مناظرة )
املناظــرة هــي شــكل مــن أشــكال الخطــاب العــام ،و هــي عبــارة عــن مواجهــة بالغيــة بــن متحدثــن
اثنــن أو أكــر حــول قضيــة معينــة ضمــن وقــت محــدد .وحســب التعاريــف الــواردة يف القامــوس
بشــكل عــام ،فــإن املناظــرة نقــاش رســمي يــدور حــول قضيــة معينــة ويتــم يف جلســة عامــة تُقــدَّ م
فيهــا حجــج ُم َتعارضــة أو ُمتصادمــة ،وغالب ـاً مــا تنتهــي بتصويــت مــن الجمهــور أو لجنــة تحكيــم ؛
حيــث يُ ْفــي هــذا التصويــت إىل ترجيــح ك َّفــة حجــج أحــد الطرفــن .و لذلــك فقــد أثبتــت البحــوث
األكادمييــة عــى م ـ ِّر العقــود األخــرة أن الفوائــد التــي تُ ْحصــد نتيجــة اإلنخ ـراط يف عمليــة التناظــر
ال حــر لهــا ،فاملناظــرة متنــح خ ـرات تفــي إىل مهــارات حياتيــة وشــخصية ومعرفيــة وتنظيميــة .
باإلضافــة إىل ذلــك فمــن خــال املناظــرة يكتســب املتناظــرون فوائــد تربويــة اســتثنائية يف مجــاالت
التعلــم األخــرى ويف الوقــت ذاتــه ُيكنهــم تعلــم وصقــل مهاراتهــم الشــخصية أكرث مــن أي بيئــة تعليمية
أخــرى .زد عــى ذلــك الخــروج بنتائــج مرجــوة ســواء للمتناظريــن أو للمتابعــن .و بنــاء عــى هــذا ؛
و بصفتنــا إدارة ( اإلســام يتحــدى ) نقــدم ملتابعينــا -األوفيــاء -مناظــرة أكادمييــة بعنــوان « :صفــات
اللــه عــز و جــل بــن الســلفية و األشــاعرة « .بــن كل مــن * :الطــرف األشــعري :األســتاذ محمــد
املعتصــم باللــه ( كليــة أصــول الديــن و الدعــوة اإلســامية /مــر ) * .الطــرف الســلفي :الدكتــور
أنــس أبوهيــام ( كليــة الفلســفة و علــم الــكالم /املغــرب ) .ســائلني املــوىل عــز و جــل أن يجــري الحــق
عــى لســانهام ،و تظهــر حججهــا ســاطعة و براهينهــا واضحــة وضــوح الشــمس يف رابعــة النهــار .
* تنبيــه :إن القضيــة ليســت قضيــة انتصــار للمذهــب العقــدي ،أو انتصــار للنفــس لــي ال يتحمــل
أحــد الطرفــن أوزار املتابعــن إىل وزريهــا ،فالقضيــة بيــان الحــق و اللــه املســتعان * .رشوط املناظــرة
املتفــق عليهــا مــن الطرفــن -1 :الحــوار يجــب أن يكــون جــديل بالحجــة و ليــس بيزنطــي للتمويــه ،و
ذلــك بالرجــوع لكتــاب اللــه و ســنة رســوله عليــه الســام لزامــا عليهــا ذلــك مصداقــا لقولــه تعــاىل « :
فــإن تنازعتــم يف يشء فــردوه إىل اللــه و الرســول إن كنتــم تؤمنــون باللــه و اليــوم اآلخــر « ،و بعدهــا
اإلجــاع -2 .آخــر مــدة -كأعــى تقديــر -للــرد ثالثــة أيــام تقديـرا للظــروف األرسيــة و اإلجتامعيــة ،
و للتحقــق مــن املصــادر و املراجــع املعتمــدة -3 .كتابــة كلمــة ( يتبــع ) بعــد التعليــق إن كان الطــرف
يريــد اإلسرتســال ،و كلمــة ( انتهــى ) إن كان الطــرف قــد انتهــى مــن ردوده .و حــن يكتــب ( انتهــى
) ال يحــق لــه التعليــق حتــى ينتهــي الطــرف الثــاين ،و كل تعليــق بعدمــا يكتــب ( انتهــى ) ســيحذف
بــدون تربيــر حتــى تعطيــه اإلدارة إشــارة لإلسرتســال -4 .عــدد املداخــات تقيــد يف ( ) 10مداخــات
لــكل طــرف ،و يف كل مداخلــة ( ) 6تعليقــات كأعــى تقديــر -5 .مــن يقــدم املداخلــة األوىل التــي
باعتبارهــا كمقدمــة للمناظــرة فســيحرم مــن الخامتــة ،حيــث مينــع عــى الطــرف الــذي قــدم املداخلــة
األوىل مــن الــرد عــى آخــر مداخلــة الطــرف الثــاين -6 .مينــع النســخ و اللصــق مــن اإلنرتنــت إال يف
حالتــن :أ -الحالــة األوىل :إن كان مــا تــم نســخه مــن كتابــات املناظــر يف تلــك املواقــع .ب -إن كان
مــا تــم نســخه هــو محــل اإلســتدالل مــع وضــع اإلقتبــاس و املصــدر * .حــاالت توقــف املناظــرة :إن
ثبــت التزويــر أو التدليــس عــى املصــادر و املراجــع ،أو اســتعامل النســخ و اللصــق مــن املنتديــات
3
اإلنرتنيتيــة ،أو التعليــق مبــا يخــل الحيــاء ســواء كانــت ألفاظــا أو صــورا أو ( إموشــنز ) أو روابــط فيديــو
،أو يف حالــة إغـراق املناظــرة مبواضيــع جانبيــة ال عالقــة لهــا مبوضــوع املناظــرة ،أو تقديــم كالم إنشــايئ
مرســل مفتقــر للدليــل * .الضوابــط الخاصــة للمتابعــن :ميكــن لهــم التعليــق عــى منشــور املناظــرة
بــأي تعليــق يفيــد املتابعــة ،و يتــم حــذف التعليــق مبــارشة و ذلــك لــن يلغــي املتابعــة و لــن يلغــي
كذلــك وصــول اإلشــعارات * .تنويــه :ســتفتح إدارة املجموعــة منشــورا خاصــا الستفســارات املتابعــن و
تعقيباتهــم و تعليقاتهــم عــى مــا يتــداول يف هــذا املنشــور .نســأل اللــه العــي القديــر أن يرينــا الحــق
حقــا و يرزقنــا اتباعــه ،و أن يرينــا الباطــل باطــا و يرزقنــا اجتنابــه ،و صــى اللــه و ســلم عــى ســيدنا
محمــد و عــى آلــه و صحبــه .
4
املداخلــة األوىل اإلفتتاحيــة ســتكون مــن نصيــب الدكتــور أنــس أبوهيــام بينــا املداخلــة األخــرة و
الختاميــة ســتكون مــن نصيــب األســتاذ محمــد املعتصــم باللــه # .اإلســام_يتحدى الســام عليكــم و
رحمــة اللــه تعــاىل و بركاتــه ..بســم اللــه الرحمــن الرحيــم ..و الصــاة و الســام عــى أرشف املرســلني ؛
ســيدنا محمــد و عــى آلــه الطاهريــن و صحابتــه الطيبــن أجمعــن .و بعــد :أهــل الســنة و الجامعــة هــم
أخــص النــاس بالســنة و الجامعــة ،و أكرثهــم متســكا بهــا و اتباعــا لهــا ،قــوال و اعتقــادا و عمــا .و قــد
قــال قــوام الســنة أبــو القاســم التيمــي األصبهــاين « :قولهــم :فــان عــى الســنة و مــن أهــل الســنة ؛ أي
:هــو موافــق للتنزيــل و األثــر يف الفعــل و القــول ،ألن الســنة ال تكــون مــع مخالفــة اللــه و مخالفــة
رســوله « .املصــدر « :الحجــة يف بيــان املحجــة « . ) 385 - 384 / 2 ( ،و عــرف الحافــظ ابــن رجــب
الســنة بقولــه « :و الســنة هــي الطريــق املســلوك ،فيشــمل بذلــك التمســك مبــا كان عليــه هــو و خلفــاؤه
الراشــدون مــن اإلعتقــادات و األقــوال و األفعــال ،و هــذه هــي الســنة الكاملــة ؛ و لهــذا كان الســلف
قدميــا ال يطلقــون اســم ( الســنة ) إال عــى مــا يشــمل ذلــك كلــه .و روي معنــى ذلــك عــن الحســن و
األوزاعــي و الفضيــل بــن عيــاض .و كثــر مــن العلــاء املتأخريــن يخــص اســم ( الســنة ) مبــا يتعلــق
باإلعتقــاد إال أنــه أصــل الديــن و املخالــف فيهــا عــى خطــر عظيــم « .املصــدر « :جامــع العلــوم و الحكــم
« . ) 263 / 1 ( ،فأهــل الســنة هــم املتبعــون للســنة املقتفــون لهــا ؛ و بهــذا صــاروا أهلهــا و مجتمعــون
عليهــا ؛ و بهــذا صــاروا جامعــة مبعنــى :مجتمعــن .و ال يكــون الرجــل أو الطائفــة مــن أهــل الســنة حتــى
يكونــوا عاملــن بهــا ،مقدمــن لهــا عــى كل مــا خالفهــا مــن العقــول و السياســات و اآلراء و األذواق ،فــكل
مــن نصــب الســنة إمامــا لــه و قائــدا و هاديــا فهــو مــن أهلهــا ،و كل مــن عــرض الســنة عــى عقلــه أو
ذوقــه أو رأيــه أو سياســته و ال يقبــل منهــا إال مــا وافــق شــيئا مــن ذلــك فليــس مــن أهلهــا .و هــذا هــو
املي ـزان فيمــن يكــون مــن أهــل الســنة و مــن ال يكــون ،و معلــوم أن مــن كان مــن أهــل الســنة عــى
نحــو مــا ذكرنــاه فــا بــد بــأن يوافقهــا يف كل مــا جــاءت بــه مــن العقائــد و العبــادات ،فمتــى مــا صــح
يشء منهــا عنــده اتبعــه و تــرك كل مــا خالفــه ،و مــن كان بهــذه املثابــة فإنــه ســيوافق الســلف حتــا يف
كل مــا يعتقدونــه يف أبــواب و مســائل اإلعتقــاد ،كبــاب األســاء و الصفــات و بــاب اإلميــان ،و بــاب
القــدر و بــاب الصحابــة ،و بــاب األمــر باملعــروف و النهــي عــن املنكــر ،و نحــو ذلــك مــن أبــواب
اإلعتقــاد .و ألجــل ذلــك فــإن الســلف مل يختلفــوا يف يشء مــن هــذه األبــواب ،بــل أقوالهــم فيهــا متفقــة
ال خــاف بينهــم ،ألن أصلهــم الــذي يســتقون منــه و منهجهــم الــذي يســرون عليــه متفــق ،فاتفقــت
أقوالهــم و قلوبهــم .و كل مــن خالفهــم يف أي أصــل مــن هــذه األصــول فليــس منهــم ،كمــن يخالفهــم
يف مصــدر التلقــي ؛ أو يف بــاب إثبــات أســاء اللــه و صفاتــه ،أو يف بــاب اإلميــان أو القــدر و نحــو ذلــك
.و ذلــك أنــه ال يقــع منــه خــاف لهــم يف أصــل تحتــه مســائل إال و قــد قــدم عــى الســنة شــيئا ؛ إمــا عقــا
أو ذوقــا أو رأيــا و نحــو ذلــك ( .يتبــع ) .يقــول إمــام الســنة يف عــره أبــو محمــد الرببهــاري « :و ال
يحــل لرجــل مســلم أن يقــول :فــان صاحــب ســنة حتــى يعلــم أنــه اجتمعــت فيــه خصــال الســنة ،ال
يقــال لــه :صاحــب ســنة حتــى تجتمــع فيــه الســنة كلهــا « .املصــدر « :رشح الســنة « ،ص . 128 :و
5
م ـراده بخصــال الســنة :أصولهــا التــي يبنــى عليهــا .و أمــا مــن وافــق الســلف يف جميــع أصولهــم ثــم
أخطــأ يف فــرع مــن فــروع املعتقــد ؛ كمــن تــأول صفــة مــن الصفــات بحيــث ال يكــون هــذا أصــا لــه يف
الصفــات ،فهــذا مــن نــوع الخطــأ الــذي قــد يقــع ممــن يعظــم الســنة و يتبعهــا ،خصوصــا عنــد انتشــار
البدعــة و قلــة الخــرة بأصــول أهــل البــدع و الــكالم .و لعــل هــذا هــو الضابــط فيــا يخــرج بــه الرجــل
أو الطائفــة مــن أهــل الســنة و مــاال يخــرج بــه .قــال الشــاطبي « :املســألة الخامســة :و ذلــك إن هــذه
الفــرق إمنــا تصــر فرقــا بخالفهــا للفرقــة الناجيــة يف معنــى كيل يف الديــن ،و قاعــدة مــن قواعــد الرشيعــة
ال يف جــزيئ مــن الجزئيــات ،إذ الجــزيئ و الفــرع الشــاذ ال ينشــأ عنــه مخالفــة يقــع بســببها التفــرق شــيعا
،و إمنــا ينشــأ التفــرق عنــد الوقــوع يف األمــور الكليــة ،ألن الكليــات تقتــي عــددا مــن الجزئيــات غــر
قليــل ،و شــأنها يف الغالــب أن ال يختــص يف محــل دون محــل و ال بــاب دون بــاب .و اعتــر ذلــك مبســألة
التحســن العقــي ،فــإن املخالفــة أنشــأت بــن املخالفــن خالفــا يف فــروع ال تنحــر مــا بــن فــروع و
عقائــد ،و فــروع و أعــال .و يجــري مجــرى القاعــدة الكليــة كــرة الجزئيــات ،فــإن املبتــدع إذا أكــر مــن
إنشــاء الفــروع املخرتعــة عــاد ذلــك عــى كثــر مــن الرشيعــة باملعارضــة ،كــا تصــر القاعــدة الكليــة
معارضــة أيضــا ،و أمــا الجــزيئ فبخــاف ذلــك ،بــل يعــد وقــوع ذلــك مــن املبتــدع لــه كالزلــة و الفلتــة ،
و إن كانــت زلــة العــامل مــا يهــدم الديــن « .املصــدر « :اإلعتصــام للشــاطبي « . ) 713 - 712 / 2 ( ،و
أصــول أهــل الســنة و الجامعــة التــي يبنــون عليهــا معتقداتهــم و أعاملهــم ترتكــز عــى اإلتبــاع ال اإلبتــداع
،فكــا أنهــم ال يتعبــدون اللــه تعــاىل مبــا يهوونــه بــل مبــا صــح بــه األثــر ؛ و كذلــك ال يعتقــدون يف اللــه
تعــاىل و دينــه إال مبــا صــح بــه األثــر ،بــل هــم لهــذا األمــر أشــد اتباعــا و أعظــم حرصــا و أغلــظ نك ـرا
ملــن خالــف .فاعتقادهــم يف ربهــم تبــارك و تعــاىل مســتند إىل مــا يف كتــاب اللــه تعــاىل و ســنة نبيــه صــى
اللــه عليــه و ســلم و ال يتجاوزنهــا ،مقتفــن بذلــك هــدي ســلف األمــة و نقلــة الديــن و الرشيعــة
أصحــاب النبــي صــى اللــه عليــه و ســلم الذيــن هــم أبــر هــذه األمــة قلوبــا و أعمقهــا علــا ؛ و أقلهــا
تكلفــا ،فهــم القــوم الذيــن اختارهــم اللــه لصحبــة نبيــه و إلقامــة دينــه .قــال تعــاىل « :و الســابقون
األولــون مــن املهاجريــن و األنصــار و الذيــن اتبعوهــم بإحســان ريض اللــه عنهــم و رضــوا عنــه « ( .
التوبــة . ) 100 :و قــال تعــاىل « :و مــن يشــاقق الرســول مــن بعــد مــا تبــن لــه الهــدى و يتبــع غــر ســبيل
املؤمنــن نولــه مــا تــوىل و نصلــه جهنــم و ســاءت مصـرا « ( .النســاء . ) 115 :فرتاهــم يســتدلون عــى
مــا يجــب مــن اإلعتقــاد بالكتــاب ثــم بالســنة ؛ ثــم بأقــوال الصحابــة ،ثــم التابعــن لهــم بإحســان ثــم
أتباعهــم ؛ ثــم بأقــوال األمئــة بعدهــم ( .يتبــع ) .إذا هــذه هــي طريــق الســلف يف جميــع كتــب املعتقــد
؛ ال يذكــر شــيئا مــا يعــرف بأصــول الــكالم ،و ال يخوضــون يف بــاب أســاء اللــه و صفاتــه بعقولهــم
القــارصة ؛ و ســأبني ذلــك يف هــذه املناظــرة إن شــاء اللــه .و هــذا مــا يعــرف مبصــدر التلقــي و هــو أهــم
مــا مييــز أهــل الســنة و الجامعــة عــن غريهــم ،مــن حيــث تحديدهــم ملصــدر التلقــي و اإلعتقــاد و
األحــكام بالوحــي املتمثــل يف الكتــاب و الســنة .قــال إمــام الســنة أبــو محمــد الحســن الرببهــاري « :و
اعلــم رحمــك اللــه أن الديــن إمنــا جــاء مــن قبــل اللــه تبــارك و تعــاىل ،مل يوضــع عــى عقــول الرجــال و
آرائهــم ؛ و علمــه عنــد اللــه و رســوله ؛ فــا تتبــع شــيئا بهــواك فتمــرق مــن الديــن فتخــرج مــن اإلســام
. « ..املصــدر « :رشح الســنة « ،ص . 66 :و قــال أبــو املظفــر الســمعاين « :إن اللــه أىب أن يكــون الحــق
6
و العقيــدة الصحيحــة إال مــع أهــل الحديــث و اآلثــار ،ألنهــم أخــذوا دينهــم و عقيدتهــم خلفــا عن ســلف
،و قرنــا عــن قــرن إىل أن انتهــوا إىل التابعــن ،و أخــذه التابعــون مــن أصحــاب رســول اللــه صــى اللــه
عليــه و ســلم ،و أخــذه أصحــاب رســول اللــه صــى اللــه عليــه و ســلم عــن رســول اللــه صــى اللــه عليــه
و ســلم ،و ال طريــق إىل معرفــة مــا دعــا إليــه رســول اللــه صــى اللــه عليــه و ســلم النــاس مــن الديــن
املســتقيم و ال ـراط القويــم إال هــذا الطريــق الــذي ســلكه أصحــاب الحديــث .و أمــا ســائر الفــرق
فطلبــوا الديــن ال بطريقــة ألنهــم رجعــوا إىل معقولهــم و خواطرهــم و آرائهــم فطلبــوا الديــن مــن قبلــه ،
فــإذا ســمعوا شــيئا مــن الكتــاب و الســنة عرضــوه عــى معيــار عقولهــم ؛ فــإن اســتقام قبلــوه و إن مل
يســتقم يف ميــزان عقولهــم ردوه ،فــإن اضطــروا إىل قبولــه حرفــوه بالتأويــات البعيــدة و املعــاين
املســتكرهة ،فحــادوا عــن الحــق و زاغــوا عنــه ،و نبــذوا الديــن وراء ظهورهــم ؛ و جعلــوا الســنة تحــت
أقدامهــم ،تعــاىل اللــه عــا يصفــون « .املصــدر :نقلــه عنــه أبــو القاســم التيمــي يف « الحجــة يف بيــان
املحجــة « ، ) 227 - 223 / 2 ( ،و الســيوطي يف « صــون املنطــق « ص . 230 :و قــال الســمعاين أيضــا :
« و أمــا أهــل الحــق فجعلــوا الكتــاب و الســنة أمامهــم و طلبــوا الديــن مــن قبلهــا ؛ و مــا وقــع لهــم مــن
معقولهــم و خواطرهــم عرضــوه عــى الكتــاب و الســنة ؛ فــإن وجــدوه موافقــا لهــا قبلــوه و شــكروا اللــه
حيــث أراهــم ذلــك ووفقهــم عليــه ،و إن وجــدوه مخالفــا لهــا تركــوا مــا وقــع لهــم ،و أقبلــوا عــى
الكتــاب و الســنة ؛ و رجعــوا بالتهمــة عــى أنفســهم ،فــإن الكتــاب و الســنة ال يهديــان إال إىل الحــق ،و
رأي اإلنســان قــد يــرى الحــق و قــد يــرى الباطــل « .املصــدر « :صــون املنطــق « ،الســيوطي ،ص 230 :
( .يتبــع ) إن أســاس دعــوة الرســل هــو التعريــف باملعبــود ســبحانه ،و معرفتــه تبــارك و تعــاىل إمنــا
تكــون مبعرفــة أســائه و صفاتــه و أفعالــه ،التــي تنبنــي عليهــا جميــع املطالــب الرشعيــة و املقامــات
الســنية مــن حــب املعبــود و رجائــه و متجيــده و تعظيمــه ،و لذلــك فقــد تنوعــت األدلــة يف بيــان مــا
اتصــف بــه املعبــود ســبحانه مــن جميــل النعــوت و الصفــات ؛ و عظيــم الفعــال .و ملــا كان هــذا األمــر
محــور دعــوة الرســل عليهــم الصــاة و الســام صــار أظهــر يشء يف كتــاب اللــه و أعظمــه بيانــا و أحســنه
كالمــا هــو مــا يتعلــق بهــذا البــاب العظيــم .و اللــه عــز و جــل قــد امــن عــى عبــاده مبــا أنزلــه عليهــم
مــن القــرآن العظيــم الــذي جعلــه حجــة عــى عبــاده ،و آيــة عــى صــدق دعــوة نبيــه ،و هــدى للنــاس
يف كل زمــان و مــكان ،فأوضحــه اللــه عــز و جــل أعظــم توضيــح و يــره للتدبــر و التذكــر ،و تعــرف بــه
إىل عبــاده .قــال تعــاىل « :و لقــد يرسنــا القــرآن للذكــر فهــل مــن مدكــر « ( .القمــر . ) 17 :و قــال جــل
و عــا واصفــا كتابــه « :إنــا جعلنــاه قرآنــا عربيــا لعلكــم تعقلــون « ( .الزخــرف . ) 3 :و بــن اللــه عــز
و جــل أنــه أنــزل كتابــه باللســان العــريب الواضــح ليفهــم عنــه فقــال « :و إنــه لتنزيــل رب العاملــن .نــزل
بــه الــروح األمــن .عــى قلبــك لتكــون مــن املنذريــن .بلســان عــريب مبــن « ( .الشــعراء ) 195 - 192 :
.و بــن تبــارك و تعــاىل أنــه أرســل الرســل ليبينــوا للنــاس ال ليلغــزوا و يوهمــوا .فحــن قــال « :يــد اللــه
فــوق أيديهــم « فــا ألغــاز و ال مجــاز يف صفــة اليــد و إال فــإن مــن يــؤول صفــة اليــد و يفرسهــا بالقــدرة
فقــد خــان اللــه عــز و جــل و كــذب كتابــه الــذي يقــول بأنــه أنــزل بلســان عــريب مبــن .فقــال تعــاىل « :
يريــد اللــه ليبــن لكــم و يهديكــم ســنن الذيــن مــن قبلكــم و يتــوب عليكــم و اللــه عليــم حكيــم « ( .
النســاء . ) 26 :و قــال « :و مــا أرســلنا مــن رســول إال بلســان قومــه ليبــن لهــم فيضــل اللــه مــن يشــاء
7
و يهــدي مــن يشــاء و هــو العزيــز الحكيــم « ( .إبراهيــم . ) 4 :و قــال « :و أنزلنــا إليــك الذكــر لتبــن
للنــاس مــا نــزل إليهــم و لعلهــم يتفكــرون « ( .النحــل . ) 44 :و مــن املحــال أن يكــون القــرآن موصوفــا
بكونــه مبينــا ثــم يكــون أعظــم مــا فيــه و هــو صفــة اللــه عــز و جــل و نعتــه ســبحانه خافيــا ال يهتــدى
إليــه إال بالتكلفــات و التأويــات املخرجــة لــه عــن حقيقتــه .بــل البــد أن يكــون واضحــا بينــا يســهل
اإلهتــداء إليــه و فهــم معنــاه .و ال ريــب أن األصــل يف كالم النــاس أن يحمــل عــى الحقيقــة ال عــى
املجــاز ،و هــذا مــع اختــاف نواياهــم و مقاصدهــم ،فكيــف بــكالم الــرب تبــارك و تعــاىل الــذي أراد بــه
التعريــف بنفســه ،و بيــان عظيــم وصفــه لتألههــه القلــوب و تتعلــق بــه ربــا و إلهــا ؟! ( يتبــع ) تعلمنــا
يف املحاججــة الفلســفية أن الخطــاب القــرآين ال يخــرج عــن نوعــن -1خطــاب يقصــد بــه التعميــة عــى
الســامع و اإللغــاز ،و هــذا ينــزه عنــه كالم اللــه تعــاىل -2 .و خطــاب يقصــد بــه البيــان و الهــدى و
اإلرشــاد .و هــذا الــذي وصــف اللــه بــه كتابــه و كالمــه كــا مــر مــن اســتداليل باآليــات القرآنيــة .فــإذا
أطلــق اللــه لفظــا و أطلــق رســوله صــى اللــه عليــه و ســلم لفظــا لــه معنــى ظاهــر بوضــع اللغــة و مل
يقــرن بــه مــا يــدل عــى خــاف ظاهــره و عــدم إرادة ذلــك املعنــى كان ذلــك داال عــى أن امل ـراد بــه
حقيقتــه ،و إال مل يكــن كالم اللــه مبينــا و ال مبينــا .و هــذا هــو أحــد الطــرق التــي يعــرف بهــا م ـراد
املتكلــم .و الطريــق اآلخــر أن يــرح بــإرادة ذلــك املعنــى .و لذلــك مل تختلــف كلمــة الصحابــة قــط يف
صفــة مــن صفــات اللــه عــز و جــل و ال يف فعــل مــن أفعالــه ،و مل يتنازعــوا يف تأويــل الصفــات و أخبارهــا
يف موضــع واحــد ؛ فكانــت كلمتهــم و كلمــة مــن بعدهــم متفقــة عــى إقرارهــا كــا جــاءت و إثبــات
حقائقهــا للــه تعــاىل عــى الوجــه الالئــق بــه مــن غــر متثيــل لهــا بصفــات املخلوقــن ،مــع كونهــم قــد
اختلفــوا يف بعــض آيــات األحــكام .و مل يــرد عــن النبــي صــى اللــه عليــه و ســلم و ال عــن أصحابــه و ال
عــن التابعــن و ال أتباعهــم حــرف واحــد بــأن صفــات اللــه عــز و جــل ال يـراد بهــا الحقيقــة ( و التحــدي
مفتــوح ) .بــل كالمهــم إمــا نــص و إمــا ظاهــر :يف أن صفــات اللــه عــى الحقيقــة مــع نفــي التمثيــل و
التكييــف .و لهــذا عجــز األشــاعرة منــذ اإلمــام أيب الحســن األشــعري إىل يومنــا هــذا أن ينقلــوا حرفــا
واحــدا عــن الســلف يف أن املـراد بالصفــات أو بعضهــا املجــاز ال الحقيقــة .و ســأختم بثــاث أدلــة مــن
الكتــاب و الســنة و مــن أقــوال ســلف األمــة الدالــة عــى أن صفــات اللــه عــز و جــل الــواردة يف الكتــاب
و الســنة عــى الحقيقــة ال املجــاز ( .يتبــع ) * مــن القــرآن الكريــم :قــال تعــاىل « :إنــا جعلنــاه قرآنــا
عربيــا لعلكــم تعقلــون « ( .الزخــرف * . ) 3 :مــن الســنة النبويــة الصحيحــة :عــن أيب يونــس -ســليم
بــن جبــر -مــوىل أيب هريــرة قــال :ســمعت أبــا هريــرة ريض اللــه عنــه يقــرأ هــذه اآليــة « :إن اللــه
يأمركــم أن تــؤدوا األمانــات إىل أهلهــا « ..إىل قولــه تعــاىل « :ســميعا بصـرا « ( ،النســاء ، ) 58 :قــال :
رأيــت رســول اللــه صــى اللــه عليــه و ســلم يضــع إبهامــه عــى أذنــه ؛ و التــي تليهــا عــى عينــه .قــال
أبــو هريــرة ريض اللــه عنــه « :رأيــت رســول اللــه صــى اللــه عليــه و ســلم يقرؤهــا و يضــع إصبعيــه «
.رواه أبــو داود ( ، ) 287 / 3و ابــن خزميــة يف « التوحيــد « ص ، 42 :و ابــن حبــان ( ، ) 241 / 1و
الطـراين يف « األوســط « ( ، ) 132 / 9و ابــن منــده يف « التوحيــد « ( ، ) 44 / 3و الحاكــم ( ) 257 / 2
،و الاللــكايئ ( ، ) 410 / 3و البيهقــي يف « األســاء و الصفــات « ص * . 233 :مــن آثــار الســلف نختــار
الفــاروق عمــر بــن الخطــاب ريض اللــه عنــه :قــال قيــس بــن أيب حــازم :ملــا قــدم عمــر ريض اللــه عنــه
الشــام اســتقبله النــاس و هــو عــى بعــره ؛ فقالــوا :يــا أمــر املؤمنــن لــو ركبــت برذونــا تلقــاك عظــاء
8
النــاس ووجوههــم ؛ فقــال عمــر « :ال أراكــم ههنــا ،إمنــا األمــر ههنــا « و أشــار بيــده إىل الســاء « خلــوا
ســبيل جمــي « .رواه ابــن أيب شــيبة ( ، ) 9 / 7و أبــو نعيــم يف « الحليــة « ( ، ) 49 / 1و ابــن قدامــة
يف « العلــو « ص ، 111 :كالهــا مــن طريــق ابــن أيب شــيبة ؛ و أورده الذهبــي يف « العلــو « بإســناده إىل
ابــن أيب شــيبة ص ، 77 :و قــال « :إســناده كالشــمس « .و فيــه تحقيــق علــو اللــه تعــاىل و أنــه يف
الســاء ،و فيــه جــواز اإلشــارة إليــه يف الســاء .و هــذه هــي عقيــدة الكتــاب و الســنة بفهــم ســلف
األمــة « :اإلثبــات للــه مــا أثبتــه لنفســه مــن أســاء و صفــات يف كتابــه ،و أثبتــه لــه رســوله مــن أســاء
و صفــات يف ســنته ؛ بــدون تأويــل و ال تعطيــل و ال تشــبيه و ال متثيــل و ال تكييــف .و النفــي عــن اللــه
مــا نفــاه عــن نفســه مــن صفــات و أســاء يف كتابــه و نفــاه عنــه رســوله مــن أســاء و صفــات يف ســنته
« .أســأل اللــه العــي القديــر أن يؤلــف قلوبنــا و أن يجعلنــا مــن الهــداة املهتديــن ،وأن يغفــر لوالــدي
و يرحمــه رحمــة واســعة ،و أن يشــفي ابنتــي ( إســام ) مــن مرضهــا ؛ إنــه ويل ذلــك و القــادر عليــه .و
سالم عىل املرسلني ،و الحمد لله رب العاملني ( .انتهيت )
املعتصم املعتصم بالله
عليكــم الســام ورحمــة اللــه وبركاتــه ،مرحبــا بالجميــع ،ونســأل اللــه العــي الكبــر التوفيــق للحــق
الس ـ َّن ِة مقدمــة طيبــة إن شــاء اللــه ،نشــكره
وســواء الســبيل .أمــا بعــد؛ فمقدمــة األخ الدكتــور عــن ُّ
ـامح فيه
عليهــا ،وإن كانــت ليســت موضـ َـع نـزاع .وعــن عنــوان املناظــرة (الســلفية واألشــاعرة) فأنــا متسـ ٌ
مرتــن ،إحداهــا يف مقابلتكــم الســلفية باألشــاعرة ،وإمنــا هــا مذهــب واحــد ال غــر ،غــر أن األشــعري
رحمــه اللــه زاده بســطا وبيانــا وتفصيــا لصــد النفــاة واملشــبهة ودحــض شــبههم التــي تخطفــت النــاس،
بــل تخطفــت الدولــة العباســية كلهــا .قــال شــيخ اإلســام الســبيك يف طبقاتــه :واعلــم أن أبــا الحســن
نشــئ مذهبــا ،وإمنــا هــو مقــرر ملذاهــب الســلف ،مناضــل عــا كانــت األشــعري مل يبــدع رأيــا ،ومل يُ ِ
عليــه صحابــة رســول اللــه صــى اللــه عليــه وســلم ،فاالنتســاب إليــه إمنــا هــو باعتبــار أنــه عقــد عــى
طريــق الســلف نطاقــا ومتســك بــه ،وأقــام الحجــج والرباهــن عليــه فصــار املقتــدي بــه يف ذلــك الســالك
ســبيله يف الدالئــل يســمى أشــعريا .وقــال كذلــك رحمــه اللــه يف كتابــه معيــد النعــم :وبالجملــة عقيــدة
األشــعري هــي مــا تضمنتــه عقيــدة أيب جعفــر الطحــاوي التــي تلقاهــا علــاء املذاهــب بالقبــول ورضوهــا
عقيــدة .ومــن املتفــق عليــه بــن املســلمني أن عقيــدة الطحــاوي مــا كتبهــا إال عــى نهــج الســلف ريض
ـرب املســافة الزمنيــة بينــه وبينهــم! ومســامحتي الثانيــة يف عنــوان املناظــرة أنكــم اللــه عنهــم ،ومــا أقـ َ
ـتنســبتكم مــا تدعونــه مــن مذهبكــم يف الصفــات للســلف ،ولــو كنتــم حقــا كذلــك واللــه مــا خرجـ ُ
عنكــم وال ناظرتكــم ،بــل كنــا مذهبــا واحــدا ،لكنــي ألقــى اللــه تعــاىل عــى أن الوهابية(أتبــاع الشــيخ
محمــد عبدالوهــاب النجــدي رحمــه اللــه) ليســوا ســلفية وال يتبعــون الســلف .يتبــع .ومــن نافلــة
ـك أيهــا األخ يف نفيــك كــون الرجــل أو الطائفــة مــن أهــل الســنة إال إن كان عاملــا بهــا، القــول أن أُ َخطِّئـ َ
ـت جميــع الخلــق ـت تقصدهــا فقــد أخرجـ َ فــإن كانــت ســقطة لســان منــك؛ فذلــك مــا كنــا نبــغ ،وإن كنـ َ
مــن أهــل الســنة إال بضعــة أو بضعتــن أو ثالثــا مــن مــن يعلمــون بالســنة ،وهــذه النقطــة يجــب أن
9
يوضــع تحتهــا ســبعة وســبعون خطــا ،فهــي مــن دقائــق رؤوس الفكــر الوهــايب (وال يجــب االعـراض عــى
هــذا اللقــب ،فــا أســتطيع بحــال مــن األحــوال أن أحدثكــم باســمكم ســلفية ،وباســمي ليــس ســلفيا ،وإال
فأخــروين مبــاذا أحدثكــم مــن األســاء املحببــة لكــم بــرط عــدم نســبتكم للســلف) وعــى ذلــك ســيجري
نقــايش معكــم إن شــاء اللــه تعــاىل .وأمدحــك يف قولــك أن أهــل الســنة يســتدلون عــى عقيدتهــم مــن
الكتــاب ثــم الســنة ،ثــم الصحابــة ثــم التابعــن ،ثــم تابعيهــم ،ثــم أمئــة املســلمني بعدهــم ،ذاك ـرا قبــل
ذلــك آيــة اإلجــاع مــن ســورة النســاء ،وأضيــف لقولــك أن خــر عــدم اجتــاع األمــة عــى ضاللــة قــد
تعــددت طرقــه ومتونــه مبــا يتجــاوز بــه الغرابــة والعــزة والشــهرة ،ومبــا يدخلــه دائــرة التواتــر ،فاعضــض
عليــه بالنواجــذ .واعضــض كذلــك بنواجــذك عــى مــا روي َتــه أنــت أعــاه مــن قــول أيب املظفــر الســمعاين
أن الحــق والعقيــدة الصحيحــة انحــرت يف أهــل الحديــث .يتبــع .ومــن خيانتــي لدينــي ومياعتــي يف
عقيــديت أن أتجاهــل وصفــك ملــن أَ َّو َل شــيئا مــن مــا أضافــه اللــه لنفســه بالخيانــة وتكذيــب اللــه ورســوله،
هــذا الوصــف أيضــا يجــب أن نضــع تحتــه خطوطــا عريضــة ،فهــو كذلــك مــن مــا تفـ ّرد بــه أهـ ُـل التطـ ُّرف
ـت منهــم تحســينا لظنــي بــك ،هــذا الوصــف يقــع عــى صحابــة وتابعــن والهــوى واالبتــداع ،وأنــت لسـ َ
وكثــر مــن شــيوخ اإلســام و ُح َّفــاظ الســنة ونقلــة ديــن اللــه؛ تَ ْعـر ُِف مــن تعــرف منهــم وتُنكــر مــن تنكــر،
ـت أحــد أنــواع الخطــاب القــرآين مــا يُقصــد بــه فاللهــم إن هــذا منكــر ال يرضيــك .وال أدري كيــف جعلـ َ
قولــك هــذا بقولــك أن كالم اللــه منــزه عــن ذلــك .مل َ التعميــة واإللغــاز ،ومــن العجيــب أنــك أتبعــت
أفهــم مــا تعنيــه بهــذا الــكالم ،ولعلــه ســقطة أخــرى ،عافــاك اللــه مــن تتابــع الســقطات .ولــن أســه َو
عــن قولــك أن الســلف جعلــوا صفــات اللــه (واختالفنــا يف الصفــات الخربيــة) عــى الحقيقــة مــع نفــي
ـك نقلــت آخ ـرا نفــي التمثيــل والتكييــف ،مل ال نفيــت التشــبيه؟ لعلــك نســيت تحســينا للظــن ،كــا أنـ َ
ر ْح بقصــدك بعبــارة أوضــح بــارك التشــبيه ،فندخــل هــذه يف تلــك ،إال إن كنــت تقصــد غــر ذلــك ف ـ ِّ
اللــه فيــك .يتبــع .أمــا عــن قولــك أن أحــدا مل يــر ِو عــن الســلف رفــع ظواهــر هــذه الصفــات الخربيــة
(وال يخفــى أن تســميتها صفــات فيــه مســامحة ،لكــن لنســر خلــف القــوم ،ال نخالفهــم ريض اللــه عنهــم)
فقولــك هــذا غــر صحيــح ،ودليلــه قــول أمــر املؤمنــن يف الحديــث شــيخ اإلســام ابــن حجــر يف رشح
حديــث النــزول مــن فتــح البــاري :وقــد اختلــف يف معنــى النــزول عــى أقــوال :فمنهــم مــن حملــه عــى
ظاهــره وحقيقتــه ،وهــم املشــبهة ،تعــاىل اللــه عــن قولهــم ،ومنهــم مــن أج ـراه عــى مــا ورد مؤمنــا بــه
عــى طريــق اإلجــال منزهــا اللــه تعــاىل عــن الكيفيــة والتشــبيه ،وهــم جمهــور الســلف ،ونقلــه البيهقــي
وغــره عــن األمئــة األربعــة ،والســفيانني ،والحامديــن ،واألوزاعــي ،والليــث ،وغريهــم .ولــن أضيــف أكــر
مــن قــول ابــن حجــر وكفــى بــه إمامــا ألهــل الحديــث واألثــر اتفاقــا .وهــذا النقــل عــن شــيخ اإلســام ابــن
حجــر يبطــل دعــواك بــأن أهــل الســنة األشــاعرة مل ينقلــوا شــيئا عــن الســلف يف إثبــات مجــاز الصفــة ال
حقيقتهــا ،وليعلــم املتابعــون مــن طــاب العلــم والعــوام أن قــول ابــن حجــر بنفــي الظاهــر هــو إثبــات
املجــاز للفــظ ،إذ اتفــق اللغويــون جميعــا عــى أن اللفــظ ال يُ ـرا ُد بــه إال ظاهــره أو مجــازه ،فمــن نفــى
ـت مجــازه .أمــا عــن اســتداللك عــى دعــواك إثبــات ظواهــر هــذه الصفــات الخربيــة ظاهــره ،فقــد أثبـ َ
بقــول اللــه «إنــا جعلنــاه قرآنــا عربيــا» فاآليــة ليســت دليــا عــى دعــواك باملــرة .وعــن اســتداللك بوضــع
النبــي صــى اللــه عليــه وســلم إبهامــه عــى أذنــه والتــي تليهــا عــى عينــه ،فهــل تظــن عيــاذا باللــه أن
10
النبــي صــى اللــه عليــه وســلم أراد إثبــات أذن وعــن للــه؟ قطعــا ال ،فبطــل استشــهادك بهــذا الخــر.
وعــن اســتداللك بخــر عمــر بــن الخطــاب ريض اللــه عنــه بإشــارته للســاء قائــا إمنــا األمــر ههنــا ،فهــي
ليســت دليــا عــى انحصــار اللــه يف الســاء ،وال شــبيهة بدليــل حتــى ،فهــو مل يتحــدث عــن اللــه ،وكذلــك
نتفــق عــى أن األمــر والكتابــة والحســاب والثــواب والعقــاب يف الســاء ،وليــس يف ذلــك إثبــات كــون
اللــه منحـرا بذاتــه يف الســاء .تعــاىل اللــه عــن ذلــك .يتبــع .واآلن أســتدل أنــا عــى رفــع ظواهــر هــذه
الصفــات الخربيــة؛ أوال بقولــه تعــاىل «ليــس كمثلــه شــيئ» ومــن البدهــي أن مــن جعــل اللــه لــه أعضــاء
ـواك بإثبــات ظواهــر الصفــات الخربيــة حقيقيــة (كــا تَدَّ ُعــون) فقــد جعلــه شــبيها باألشــياء ،فبطلــت دعـ َ
الســتلزامها مخالفــة القــرآن رصاحــة .ومــن الســنة روى الشــيخان عــن أيب هريــرة ريض اللــه عنــه قــول
النبــي صــى اللــه عليــه وســلم (أصــدق كلمــة قالهــا شــاعر كلمــة لبيــد :أال كل شــيئ مــا خــا اللــه باطــل»
فهاهــو النبــي صلــوات اللــه وســامه عليــه يرفــع ظاهــر قولــه تعــاىل «كل شــيئ هالــك إال وجهــه» ويؤول
الوجــه بالــذات ،وعــى ذلــك جميــع املفرسيــن مــا عــدا الشــنقيطي ،فقــد أىب إال أن يشــذ غفــر اللــه لــه.
وهــذا الخطيــب البغــدادي َمـ ْن أُلْقيــت إليــه ريــاد ُة علــم الحديــث والنقــل روايــة ودرايــة بــا نـزاع ،قــال
يف كتابــه (الجامــع ألخــاق الـراوي وآداب الســامع) :ويتجنــب املحــدث يف أماليــه روايــة مــا ال تحتملــه
عقــول العــوام ،ملــا ال ُيؤ َمــن عليهــم فيــه مــن دخــول الخطــأ واألوهــام وأن يشــبهوا اللــه تعــاىل بخلقــه
ويلحقــوا بــه مــا يســتحيل يف وصفــه وذلــك نحــو أحاديــث الصفــات التــي ظاهرهــا يقتــي التشــبيه
والتجســيم وإثبــات الجــوارح واألعضــاء لــأزيل القديــم ،وإن كانــت األحاديــث صحاحــا ولهــا يف التأويــل
طــرق ووجــوه ،إال أن مــن حقهــا أن ال تــروى إال ألهلهــا خوفــا مــن أن يضــل بهــا مــن جهــل معانيهــا
فيحملهــا عــى ظاهرهــا أو يســتنكرها فريدهــا ويكــذب رواتهــا ونقلتهــا) .أمــا قبـ ُـل؛ فيضيــق الوقــت جــدا
لحــر أقــوال شــيوخ اإلســام وحفــاظ الحديــث يف رفــع ظواهــر الصفــات الخربيــة ،فلنكتفــي مبــا ذكرتُــه
ـت.
لــك ،وهــو كاف ملــن أراد الكفايــة إن شــاء اللــه .انتهيـ ُ
مداخلة الدكتور :أنس أبو هيام
الســام عليكــم و رحمــة اللــه و بركاتــه ..بســم اللــه الرحمــن الرحيــم ..الحمــد للــه و كفــى ،و الصــاة
و الســام عــى ســيدنا محمــد املصطفــى ،و عــى آلــه وصحبــه و مــن وىف .و بعــد :ســأحاول يف هــذه
املداخلــة قــدر املســتطاع -إن شــاء اللــه -أن أســتخرج مــن مداخلتــك مــا يســتحق الــرد ،و مــا ال
يســتحق مــن مــا أراه متويهــا أتجنبــه و أدعــه للمتابــع الكريــم .و أضــع -كــا هــو معــروف عنــي يف
املناظـرات -اقتباســا ألقوالــك و الــرد عليهــا حســب قــوة اإلقتبــاس و فصاحــة الــرد .فقولــك « :فمقدمــة
الدكتــور عــن الســنة مقدمــة طيبــة إن شــاء اللــه ،نشــكره عليهــا ،و إن كانــت ليســت موضــع نـزاع « .
بــى هــي موضــع النـزاع و إال مــا ســميت -أنــا -بالســني ،أو أنــت بهــا .تقــول « :إحداهــا يف مقابلتكم
الســلفية باألشــاعرة ،و إمنــا هــا مذهــب واحــد ال غــر « .عفــوا !! كنــت أعتقــد أن األشــاعرة يؤولــون
فقــط آيــات الصفــات ،أمــا كالم النــاس فيعتربونــه عــى حقيقتــه ،و مل أكــن أعتقــد يومــا أنهــم ســيؤولون
كالم النــاس و يحملونــه عــى املجــاز ؛ و مــن ذلــك فالســلفية أبــدا ليســت أشــاعرة ،و األشــاعرة أبــدا
ليســت ســلفية ،و بهــذا أفتــى كل مــن الهــرري و ســعيد فــودة و حســن الســقاف ؛ و مــن قبلهــم
11
البوطــي قبــل رجوعــه إىل مذهــب الســلف بكتابــه « كــرى اليقينيــات « ،و األشــاعرة يعتــرون الســلفية
مجســمة و مشــبهة ؛ فكيــف ميكــن لنــا الجمــع بــن األشــاعرة الذيــن نعتربهــم -نحــن الســلفية -بأنهــم
متأولــة للصفــات و نفــاة لبعضهــا و معطلــة لبعضهــا اآلخــر ،أن تكــون هــي نفســها الســلفية املثبتــة
للصفــات عــى حقيقتهــا ؛ و يف نظركــم مشــبهة و مجســمة أن يكونــا مذهــب واحــد ؟! فالســلفية -أتبــاع
الســلف -أو لنقــل بعبــارة أخــرى -رشف اإلنتســاب للســلف هــم الذيــن يتبعــون #القــرآن و #الســنة
بفهــم #ســلف األمــة ،و ليــس الذيــن يتبعــون فالســفة اليونــان و علــاء الــكالم .يقــول أبــو املظفــر
الســمعاين « :و أمــا إذا نظــرت إىل أهــل األهــواء و البــدع رأيتهــم متفرقــن مختلفــن أو شــيعا و أحزابــا ،
ال تــكاد تجــد اثنــن منهــم عــى طريقــة واحــدة يف اإلعتقــاد ؛ يبــدع بعضهــم بعضــا ،بــل يرتقــون إىل التكفري
.و كان الســبب يف اتفــاق أهــل الحديــث أنهــم أخــذوا الديــن مــن الكتــاب و الســنة و طريــق النقــل ؛
فأورثهــم اإلتفــاق و اإلئتــاف ؛ و أهــل البدعــة أخــذوا الديــن مــن #املعقــوالت و #اآلراء فأورثهــم اإلختالف
و اإلفـراق ،فــإن النقــل و الروايــة مــن الثقــات و املقتنــن قلــا يختلــف ،و إن اختلــف يف لفــظ أو كلمــة
فذلــك اختــاف ال يظــر الديــن و ال يقــدح فيــه .و أمــا دالئــل العقــل فقلــا تتفــق ؛ بــل عقــل كل واحــد
يــرى صاحبــه غــر مــا يــرى اآلخــر ؛ و هــذا بــن و الحمــد للــه « .املصــدر « :صــون املنطــق « للســيوطي
؛ ص . 230 :تقــول « :غــر أن األشــعري رحمــه اللــه زاده بســطا و بيانــا و تفصيــا لصــد النفــاة و املشــبهة
و دحــض شــبههم التــي تخطفــت النــاس ،بــل تخطفــت الدولــة العباســية كلهــا « .عجيــب !! ألســت
أشــعري ؟! ألســت مــن النفــاة للصفــات الذاتيــة ؟! فأنــت هنــا يــا أســتاذنا تقــر بأنــك لســت مــن النفــاة
للصفــات الذاتيــة ،فاألشــعري نفســه -رحمــه اللــه -يقــرر أصــل حمــل الصفــات عــى الحقيقــة ال عــى
املجــاز يف رســالته إىل أهــل الثغــر قائــا « :اإلجــاع الخامــس :و أجمعــوا عــى أن صفاتــه عــز و جــل ال
تشــبه صفــات املحدثــن ،كــا أن نفســه ال تشــبه أنفــس املخلوقــن ،و اســتدلوا عــى ذلــك بأنــه لــو مل يكــن
لــه عــز و جــل هــذه الصفــات مل يكــن موصوفــا بــيء منهــا يف الحقيقــة ،مــن قبــل أن مــن ليــس لــه حيــاة
ال يكــون حيــا ،و مــن مل يكــن لــه علــم ال يكــون عاملــا يف الحقيقــة ،و مــن مل يكــن لــه قــدرة فليــس بقــادر
يف الحقيقــة ،و كذلــك الحــال يف #ســائر_الصفات ،أال تــرى مــن مل يكــن لــه فعــل ال يكــون فاعــا يف
الحقيقــة ،و مــن مل يكــن لــه إحســان ال يكــون محســنا ،و مــن مل يكــن لــه كالم ال يكــون متكلــا يف
الحقيقــة ،و مــن مل يكــن لــه إرادة ال يكــون يف الحقيقــة مريــدا ،و أن مــن وصــف بــيء مــن ذلــك مــع
عــدم الصفــات التــي توجــب هــذه األوصــاف لــه ال يكــون مســتحقا لذلــك يف الحقيقــة ،و إمنــا يكــون
وصفــه مجــازا أو كذبــا . « ..املصــدر « :رســالة إىل أهــل الثغــر « ،أليب الحســن األشــعري ؛ ص . 216 :و
بهــذا يكــون األشــاعرة املتأخــرة -و فضيلتــك منهــم -مخالفــون ليــس ملنهــج الســلف فقــط ؛ و إمنــا حتــى
لإلمــام أيب الحســن األشــعري الــذي ينتســبون إليــه .تقــول « :و مســامحتي الثانيــة يف عنــوان املناظــرة
أنكــم نســبتم مــا تدعونــه مــن مذهبكــم يف الصفــات للســلف « .نعــم !! و هــو املذهــب الــذي عليــه
الكتــاب و الســنة و ســلف األمــة .تقــول « :لكنــي ألقــى اللــه تعــاىل عــى أن الوهابيــة ( أتبــاع الشــيخ
محمــد عبــد الوهــاب النجــدي رحمــه اللــه ) ليســوا ســلفية و ال يتبعــون الســلف « .أقــول :قــال اللــه
تعــاىل « :مــا يلفــظ مــن قــول إال لديــه رقيــب عتيــد « .إن مل يكــن محمــد بــن عبــد الوهــاب الــذي حــارب
الــرك و البــدع و دعــا إىل التوحيــد النقــي الصــايف و كتبــه شــاهدة عليــه ؛ داعيــا إىل مذهــب الســلف
فمــن يكــون مــن أتبــاع الســلف ؟! معاليــك مثــا الــذي يخالــف ليــس منهــج الســلف فقــط ؛ و إمنــا
12
مذهــب اإلمــام أيب الحســن األشــعري !؟ ( يتبــع ) .تقــول « :و مــن نافلــة القــول أن أخطئــك أيهــا يف نفيــك
كــون الرجــل أو الطائفــة مــن أهــل الســنة إال إن كان عاملــا بهــا ،فــإن كانــت ســقطة لســان منــك ؛ فذلــك مــا
كنــا نبــغ « .يــا إمــا مل تقــرأ مداخلتــي بعــن البصــرة ،و يــا إمــا قرأتهــا و مل تفهمهــا ،و يــا إمــا « حاجــة يف
نفــس يعقــوب قضاهــا « ،فأنــت تتهمنــي يــا غــايل بأننــي أنــا القائــل « :كــون الرجــل أو الطائفــة مــن أهــل
والســنة ال يكــون كذلــك إال إن كان عاملــا بهــا « ،و هــذا ليــس بقــويل و إمنــا وضعــت لــك قائلــه و املصــدر ،
أال و هــو :الحافــظ ابــن رجــب يف « جامــع العلــوم و الحكــم « ؛ الجــزء األول ،ص ، 263 :طبعــة دار الغــد
الجديــد التــي بحــوزيت .إذا فالفصــل بــن أهــل الســنة و املبتدعــة هــو النقــل و العقــل ،و إىل هــذا ذهــب
اإلمــام أبــو املظفــر الســمعاين قائــا « :و اعلــم أن فصــل مــا بيننــا و بــن املبتدعــة هــو مســألة العقــل فإنهــم
أسســوا دينهــم عــى املعقــول و جعلــوا اإلتبــاع و املأثــور تبعــا للمعقــول « .املصــدر « :صــون املنطــق «
للســيوطي ؛ ص . 235 :تقــول « :و إن كنــت تقصدهــا فقــد أخرجــت جميــع الخلــق مــن أهــل الســنة إال
بضعــة أو بضعتــن أو ثالثــا مــن مــن يعلمــون بالســنة « .يبــدو أنــك مل تقــف عــى حديــث رســول اللــه صــى
اللــه عليــه و ســلم أن األمــة ستنقســم عــى ثــاث و ســبعني فرقــة كلهــا يف النــار إال واحــدة ؟! تقــول « :و
هــذه النقطــة يجــب أن يوضــع تحتهــا ســبعة و ســبعون خطــا « .ضــف عليهــا ثــاث خطــوط لتصبــح عــى
األقــل مثانــون خطــا أفضــل ،لكــن غالبــا الدفاتــر التــي تســتعمل حاليــا للدراســة فيهــا خمســون خطــا ؛ فــا
أعلــم أيــن ســتضيف الثالثــة و عــرون خطــا الباقيــة ؟! تحــت املقعــد مثــا !؟ تقــول « :فهــي مــن دقائــق
رؤوس الفكــر الوهــايب « .إن كنــت تعتــر الحافــظ ابــن رجــب و جــال الديــن الســيوطي و أبــو املظفــر
الســمعاين رؤوســا للوهابيــة فهــذا فخــر لنــا أن ننتســب لهــؤالء األعــام ! تقــول « :و ال يجــب اإلعـراض عــى
هــذا اللقــب « .ال بــأس يــا حبيــب ! فلنــا الــرف باإلنتســاب إىل دعــوة الشــيخ محمــد بــن عبــد الوهــاب ،
كــا ميكنــك أيضــا إطــاق لفــظ التيميــة نســبة إىل ابــن تيميــة أو الحنابلــة نســبة إىل أحمــد بــن حنبــل رغــم
أن « إن هــي إال أســاء ســميتموها أنتــم و آباؤكــم « .يقــول اإلمــام أبــو املظفــر الســمعاين « :أمــا أهــل الســنة
فقالــوا :األصــل يف الديــن اإلتبــاع و العقــول تبــع ،و لــو كان أســاس الديــن عــى املعقــول الســتغنى الخلــق
عــن الوحــي و عــن األنبيــاء صلــوات اللــه عليهــم ،و لبطــل معنــى األمــر و النهــي ،و لقــال مــن شــاء مــا شــاء
،و لــو كان الديــن مبنــي عــى املعقــول وجــب أن ال يجــوز للمؤمنــن أن يقبلــوا أشــياء حتــى يعقلــوا « .
املصــدر « :صــون املنطــق « للســيوطي ؛ ص ( . 235 :يتبــع ) تقــول « :ال أدري كيــف جعلــت أحــد أنــواع
الخطــاب القــرآين مــا يقصــد بــه التعميــة و األلغــاز « .نعــم ،يــا إمــا أن القــرآن واضــح ظاهــر ال يحتمــل
األلغــاز ؛ و يــا إمــا هــو كالكتــاب املقــدس لــدى النصــارى يحمــل األلغــاز و املجــاز ؟! و لألســف ليــس هنــاك
غــر هذيــن املســلكني يف تصفيــات هــذا الصيــف ؟! مثــا !! يف الكتــاب املقــدس عنــد النصــارى ؛ و خاصــة ســفر
( نشــيد األنشــاد ) واضــح ظاهــر لغــر العاقــل قبــل العاقــل أنــه ســفر يصــف املــرأة و محاســنها و جاملهــا و
حتــى جنســها و فراشــها ؛ لكــن حــن تذهــب لتفســر علــاء الكتــاب املقــدس تجــد أغلبهــم و عــى رأســهم
منيــس عبــد النــور يؤولــون ذاك الــكالم إىل أنــه ألغــاز و مجــاز و أن كاتــب ذاك الســفر بالوحــي اإللهــي ( تعــاىل
اللــه عــن ذلــك علــوا كبـرا ) كان يقصــد أورشــليم و مــن انتهــك حقــوق تلــك املدينــة الفاضلــة ،و هــذا مــا
يريــد األشــاعرة املتأخــرة تقريــره مــن القــرآن .فالقــرآن الــذي قــال عنــه اللــه عــز و جــل « :لســان عــريب مبــن
« هــو نفســه القــرآن الــذي يقــول عنــه األشــاعرة بلســان الحــال « :فيــه ألغــاز و مجــاز « .القــرآن الــذي يقــول
« :يــد اللــه فــوق أيديهــم « ؛ واضــح ظاهــر ال يحتــاج هــذا النــص املقــدس إلخراجــه مــن الســياق و حملــه
13
عــى غــر حقيقتــه ؛ و تأويلــه بــأن اليــد هــي القــدرة ؛ و إال أصبحنــا نســتعمل ( اإلســتعباط ) فنقــول أن الــزىن
املذكــور يف القــرآن هــو لعــب الشــطرنج ! و مــن مينعنــي مــن تأويــل الصــاة املذكــورة يف القــرآن بأنهــا ركــوب
الخيــل مثــا ؟! فالقــرآن يحمــل الحقائــق ال األلغــاز ؛ و إال كنــا مكذبــن بــه -و حاشــانا أن نكــون كذلــك . -
يقــول اإلمــام أبــو املظفــر الســمعاين « :و نحــن إذا تدبرنــا عامــة مــا جــاء يف أمــر الديــن مــن ذكــر صفــات
اللــه عــز و جــل و مــا تعبــد النــاس مــن اعتقــاده ؛ و كذلــك مــا ظهــر بــن املســلمني و تداولــوه بينهــم ؛ و
نقلــوه عــن ســلفهم إىل أن أســندوه إىل رســول اللــه صــى اللــه عليــه و ســلم مــن ذكــر عــذاب القــر و ســؤال
امللكــن و الحــوض و امليـزان و الـراط و صفــات الجنــة و صفــات النــار ،و تخليــد الفريقــن فيهــا أمــور ال
تــدرك حقائقهــا بعقولنــا ؛ و إمنــا ورد األمــر بقبولهــا و اإلميــان بهــا ،فــإذا ســمعنا شــيئا مــن أمــور الديــن و
فهمنــاه و عقلنــاه فللــه الحمــد يف ذلــك و الشــكر و منــه التوفيــق ،و مــا مل ميكننــا إدراكــه و فهمــه و مل تبلغــه
عقولنــا آمنــا بــه و صدقنــا و اعتقدنــا أن هــذا مــن قبــل ربوبيتــه و قدرتــه و اكتفينــا يف ذلــك بعلمــه و
مشــيئته « .املصــدر « :صــون املنطــق « ؛ للســيوطي ص . 235 :مثــا يف الحديــث الــذي اســتدللت بــه يف
مداخلتــي اآلنفــة عــن أيب هريــرة ريض اللــه عنــه مــن أنــه رأى رســول اللــه صــى اللــه عليــه و ســلم يقــرأ تلــك
اآليــة و يضــع إصبعيــه ؛ فاآليــة واضحــة و إق ـرار النبــي عليــه الســام بالحركــة واضــح ال يحتمــل اللعــب
باأللفــاظ .قــال ابــن يونــس :قــال املقــرئ « :يعنــي إن اللــه ســميع بصــر ،يعنــي أن للــه ســمعا و بـرا «
.قــال أبــو داود « :و هــذا رد عــى الجهميــة « ( .يتبــع ) .كان مقتــى كالمــي « :مل يــرد عــن النبــي صــى
اللــه عليــه و ســلم و ال عــن أصحابــه و ال عــن التابعــن و ال أتباعهــم حــرف واحــد بــأن صفــات اللــه عــز و
جــل ال يـراد بهــا الحقيقــة ( و التحــدي مفتــوح ) « .مــرة أخــرى تســتعمل معــي ذلــك التمويــه يــا أســتاذنا
!! و هــذا بالطبــع مــا أرفضــه !! فتقــول « :أمــا عــن قولــك أن أحــدا مل يــرو عــن الســلف رفــع ظواهــر هــذه
الصفــات الخربيــة « .ال مل أقــل ذلــك ؛ بــل قلــت # :مل_يــرد و ليــس #مل_يــرو فــا تلزمنــي مبــا مل أقــل ! و
اســتداللك بقــول اإلمــام ابــن حجــر اســتدالل حــق أريــد بــه باطــل .فأنــا قلــت -رشحــا ملطلبــي : -أريــد مــن
قــول رســول اللــه صــى اللــه عليــه و ســلم أو مــن أقــوال الصحابــة رضــوان اللــه عليهــم ،أو مــن أقــوال
تابعيهــم #و_لو_حرف_واحــد روي عنهــم صحيحــا بــأن صفــات اللــه عــز و جــل مل يقصــد بهــا الحقيقــة ؛
خذهــا نصيحــة منــي فــإن قلبــت الصحائــف بــدون طائــل ؛ و بحثــت عــى اإلنرتنــت بــدون حائــل ،فســتخرج
بنتيجــة تخليــط الحابــل بالنابــل ،و لــن وصلــت إىل العـراق ثــم إىل بابــل فلــن تــأيت ال أنــت و ال غــرك -معــايل
األســتاذ -باملطلــب ،و اختصــارا عنــك للطريــق ال تحــاول البحــث فستفشــل باإلتيــان باملطلــب .و إال فإننــي
أطالبــك مــن داخــل اإلقتبــاس الــذي أتيــت بــه مــن ابــن حجــر أن تســتخرج يل املطلــب ؟! تقــول « :و عــن
اســتداللك بوضــع النبــي صــى اللــه عليــه و ســلم إبهامــه عــى أذنــه و التــي تليهــا عــى عينــه ،فهــل تظــن
عيــاذا باللــه أن النبــي صــى اللــه عليــه و ســلم أراد إثبــات أذن و عــن للــه ؟ « .واضــح أن التشــبيه موجــود
يف عقلــك أنــت ال نحــن !! ففــي الحديــث تحقيــق لصفتــي الســمع و البــر للــه عــز و جــل ،و أن الصفــة
الــواردة يف اآليــة إمنــا هــي عــى الحقيقــة ؛ التــي هــي يف اإلنســان يف العــن و األذن ،و ليــس املـراد بهذا تشــبيه
صفــات اللــه تعــاىل بصفــات املخلــوق ( تعــاىل اللــه عــن ذلــك علــوا كبـرا ) .قــال تعــاىل « :ليــس كمثلــه يشء
و هــو الســميع البصــر « ( .الشــورى . ) 11 :فأثبــت لنفســه الســمع و البــر ؛ و نفــى مامثلتــه للمخلوقــات
،فــإن كنــت تــرى أن القــرآن ليــس مبينــا هنــا فبإمكانــك بعــد ذلــك قــول مــا شــئت .فعــن عبيــد اللــه بــن
مقســم أنــه نظــر إىل عبــد اللــه بــن عمــر ريض اللــه عنــه كيــف يحــي رســول اللــه صــى اللــه عليــه و ســلم
14
قــال « :يأخــذ اللــه عــز و جــل ســاواته و أرضيــه بيديــه ،فيقــول :أنــا اللــه ،و يقبــض أصابعــه و يبســطها
،أنــا امللــك « حتــى نظــرت إىل املنــر يتحــرك مــن أســفل يشء منــه ،حتــى إين أقــول أســاقط هــو برســول اللــه
صــى اللــه عليــه و ســلم « .رواه مســلم برقــم ( . ) 2788هــل ســنقول هنــا :أخطــأت يــا رســول اللــه بقولــك
« :و يقبــض أصابعــه و يبســطها « ؟! أم ســننفي عنــه هــذه الصفــة ؟! أم نتهــم النبــي الفصيــح البليــغ بأنــه
كان يتحــدث باأللغــاز ؟! ففــي هــذا الحديــث تحقيــق القبــض و البســط مــن صفــة اللــه تعــاىل ،و أنهــا عــى
حقيقتهــا مــن غــر مامثلــة لصفــة املخلــوق .لذلــك فــإن كنــت يــا أســتاذ محمــد متهــا أحــدا بالتشــبيه فاتهــم
رســول اللــه صــى اللــه عليــه و ســلم بالتشــبيه أوال ؛ ألنــه -حســب منطــق األشــاعرة اإلثبــات تشــبيه و
تجســيم -فالنبــي مجســم بقولــه « :و يقبــض أصابعــه و يبســطها « .و هــذا ترجــان القــرآن عبــد اللــه بــن
عبــاس ريض اللــه عنــه يثبــت للــه مــا أثبتــه لنفســه ؛ فهــل ســتصفه هــو كذلــك بالوهــايب املجســم ؟! عــن
عطــاء :عــن ابــن عبــاس ريض اللــه عنــه يف قــول اللــه عــز و جــل « :تجــري بأعيننــا « ( .القمــر . ) 14 :قــال
« :أشــار بيــده إىل عينــه « .و هــذا تحقيــق لصفــة العــن للــه تعــاىل .رواه الاللــكايئ ( ، ) 411 / 3و فيــه «
عــي بــن صدقــة « مل أقــف عــى ترجمتــه ؛ و بقيــة إســناده ثقــات .و هــذا اإلمــام أبــو حنيفــة النعــان بــن
ثابــت ( 150للهجــرة ) قــال « :ال يوصــف اللــه تعــاىل بصفــات املخلوقــن ،و غضبــه و رضــاه صفتــان مــن
صفاتــه بــا كيــف ،و هــو قــول أهــل الســنة و الجامعــة ؛ و هــو يغضــب و يــرىض و ال يقــال :غضبــه عقوبتــه
و رضــاه ثوابــه .و نصفــه كــا وصــف نفســه أحــد صمــد مل يلــد و مل يولــد و مل يكــن لــه كفــؤا أحــد ،حــي
قــادر ســميع بصــر عــامل ،يــد اللــه فــوق أيديهــم ليســت كأيــدي خلقــه ؛ ووجهــه ليــس كوجــوه خلقــه « .
املصــدر « :الفقــه األبســط « ص ، 56 :نقــا مــن أصــول الديــن عنــد أيب حنيفــة ؛ ص . 37 :فهــل تعتــر أبــو
حنيفــة مجســم و مشــبه و وهــايب هــو كذلــك ؟! ( يتبــع ) الفــرق واضــح بينــي و بينــك أســتاذنا ،فأدلتــي ال
و لــن تخــرج عــن الكتــاب و الســنة و فهــم الصحابــة و أقــوال الســلف مــن القــرون الثالثــة املفضلــة ؛ و
أدلتــك لــن تخلــو مــن اإلســتدالل بــاآلراء و املعقــوالت و املتأخريــن .يف الحديــث الطويــل يف ذكــر آخــر أهــل
الجنــة دخــوال :عــن عبــد اللــه بــن مســعود ريض اللــه عنــه عــن النبــي صــى اللــه عليــه و ســلم أنــه قــال يف
آخــره « :فيقــول -أي :العبــد -يــا رب أدخلنــي الجنــة ،قــال :فيقــول اللــه عــز و جــل :مــا يرصينــي منــك
أي عبــدي ،أيرضيــك أن أعطيــك مــن الجنــة الدنيــا و مثلهــا معهــا ،قــال :فيقــول :أتهــزأ يب و أنــت رب العــزة
« ؛ قــال الـراوي :فضحــك عبــد اللــه حتــى بــدت نواجــذه ،ثــم قــال :أال تســألوين ملــا ضحكــت ؟ قالــوا لــه :
ملــا ضحكــت ؟ قــال :لضحــك رســول اللــه صــى اللــه عليــه و ســلم ،ثــم قــال لنــا رســول اللــه صــى اللــه عليــه
و ســلم « :أال تســألوين ملــا ضحكــت ؟ « قالــوا :ملــا ضحكــت يــا رســول اللــه ؟ قــال # :لضحك_الــرب حــن
قــال :أتهــزأ يب و أنــت رب العــزة « .رواه أحمــد ( ، ) 391 / 1و أبــو عوانــة يف مســنده ( ، ) 142 / 1و أبــو
يعــى ( ، ) 193 / 9و الشــايش يف مســنده ( ، ) 307 / 1و الطـراين يف الكبــر ( ، ) 357 / 9و ( ، ) 9 / 10و
الحاكــم ( ) 408 / 2و ( . ) 634 / 4فهــل ســنعترب النبــي عليــه الســام مجســا و مشــبها حــن ضحــك لضحــك
رب العاملــن أم نعتــره إثباتــا لصفــة الضحــك ؟ و يف هــذا الحديــث تحقيــق لصفــة الضحــك للــه تعــاىل .قــال
أبــو عبيــد يف « غريــب الحديــث « « : ) 83 / 3 ( ،قولــه :يرصيــك :يقطــع مســألتك منــي ،و كل يشء قطعتــه
و منعتــه فقــد رصيتــه ،و قــال الشــاعر -هــو ذو الرمــة -مــن ( الطويــل ) :فودعهــن مشــتاقا أصــن فــؤاده
*** هواهــن إذ مل يــره اللــه قاتلــه .يقــول :إن مل يقطــع اللــه هــواه لهــن و مينعــه اللــه مــن ذلــك قتلــه «
.و يقــول أبــو حنيفــة النعــان رحمــه اللــه « :و لــه يــد ووجــه و نفــس كــا ذكــره اللــه تعــاىل يف القــرآن ،
15
فــا ذكــره اللــه تعــاىل يف القــرآن مــن ذكــر الوجــه و اليــد و النفــس فهــو لــه صفــات بــا كيــف ،و ال يقــال
:يــده قدرتــه أو نعمتــه ،ألن فيــه إبطــال الصفــة و هــو قــول أهــل القــدر و اإلعت ـزال « .املصــدر « :
الفقــه األكــر « مــع رشحــه للدكتــور محمــد الخميــس ص . 37 :و بهــذا يتبــن أن الســلف كانــوا يثبتــون
للــه مــا أثبتــه لنفســه يف كتابــه و أثبتــه لــه رســوله صــى اللــه عليــه و ســلم يف ســنته بغــر متثيــل و ال
تكييــف و ال تشــبيه و ال تعطيــل و ال تأويــل ؛ و إال « هاتــوا برهانكــم إن كنتــم صادقــن « ( .يتبــع ) و
أختــم إن شــاء اللــه بتعريــف للعــوام املتابعــن باألشــاعرة ..مــن املعلــوم أن الشــيخ أبــا الحســن عــي بــن
إســاعيل األشــعري املتــوىف ســنة 330هجريــة هــو املؤســس الحقيقــي ملذهــب األشــاعرة ،و إليــه تنتســب
طوائفهــم ؛ و مــن كانــوا قبــل أيب الحســن كانــوا أصحــاب فــرة مثــا ؟! و قــد مـ َّر أبــو الحســن خــال حياتــه
بعــدة أطــوار ؛ حيــث نشــأ ردحــا مــن الزمــن يف أحضــان املعتزلــة ربيبــا عنــد أيب عــي الجبــايئ زوج أمــه ،
ثــم تلميــذا ومناظ ـرا لهــم نحــوا مــن أربعــن ســنة .حتــى رجــع بعدهــا عــن اإلعت ـزال و نقــد مذهبهــم
مبينــا عورهــم و تهافتهــم يف املجالــس و النــوادي و التصانيــف .لكنــه تلقــف مذهــب عبــد اللــه بــن
ســعيد بــن كُالب يف القــول بنفــي الصفــات اإللهيــة اإلختياريــة ؛ و بقيــت عنــده بعضــا مــن أصــول املعتزلة
كدليــل األعـراض و نحــوه حتــى عــاد يف آخــر حياتــه عــن هــذا املذهــب ،و رجــع إىل جــادة أهــل الســنة
و الجامعــة حقــا ؛ أتبــاع الســلف الصالــح ؛ و ألَّــف كتابــه الشــهري « :اإلبانــة عــى أصــول الديانــة « .و لكن
رجوعــه رحمــه اللــه مل يكــن بعــد ذلــك رجوعــا محضــا حيــث بقيــت شــوائب قليلــة نتيجــة الســنني
رصح يف اإلبانــة و الكثــرة مــن عمــره التــي طواهــا يف مذهــب املعتزلــة ،ثــم يف الكُلَّ بيــة ؛ و إن كان قــد َّ
املقــاالت عنــد ذكــر عقيدتــه أنــه عــى عقيــدة اإلمــام أحمــد بــن حنبــل رحمــه اللــه ؛ و قائــل مبــا قــال بــه
.و لكــن مــا ينبغــي مالحظتــه أن أبــا الحســن انشــغل يف طــوره الثــاين وهــو :كالبيتــه بالــرد عــى املعتزلــة
و مناظرتهــم ،و التقعيــد ملذهبــه يف نفــي الصفــات اإلختياريــة عــن اللــه .و هــو الــذي ُعــرف بعــد
مبذهــب األشــاعرة ،حيــث اســتمرت املنــاوءة بــن املعتزلــة و األشــاعرة عــدة قــرون بعــده .و لــذا نالحــظ
يف تصانيــف أمئــة األشــاعرة يف العقيــدة ردودهــم و مناقشــاتهم للمعتزلــة كثــرة جــدا .و هــي التــي أمثــرت
العــداوة الشــديدة بــن املذهبــن ،ال ســيام و كان األشــاعرة و الحالــة هــذا يعتــرون أنفســهم املدافعــن
عــن أهــل الســنة و الجامعــة ؛ و عــن حــوزة الكتــاب و الســنة يف مقابــل أهــل اإلعتـزال و لهــذا يُعــدُّ ون
أنفســهم أهــل الســنة و الجامعــة و املتكلمــن عنهــم .و مــع أنــه ال يســلم لهــم هــذا اإلنتســاب و تب ِّنيــه ؛
و لكــن لــه مــا يــرره يف هــذه الحالــة فقــط ،و لهــذا كان شــيخ اإلســام يعدُّ هــم أهــل الســنة يف مقابــل
املعتزلــة و الجهميــة و الرافضــة ،حيــث قــال يف « بيــان تلبيــس الجهميــة « ؛ الجــزء ، 2 :ص « : 87 :وإن
كان يف كالمهــم مــن األدلــة الصحيحــة و موافقــة الســنة مــا ال يوجــد يف كالم عامــة الطوائــف ،فإنهــم
أقــرب طوائــف أهــل الــكالم إىل الســنة و الجامعــة و الحديــث ،و هــم يُعــدون مــن أهــل الســنة و
الجامعــة عنــد النظــر إىل مثــل املعتزلــة و الرافضــة و غريهــم ؛ بــل هــم أهــل الســنة و الجامعــة يف البــاد
ـت :إيــه يــا ابــن تيميــة لــو التــي يكــون أهــل البــدع فيهــا هــم املعتزلــة و الرافضــة و نحوهــم « .قلـ ُ
جســم ) و قالــوا عنــك ( ُمشـ ِّبه ) ـت مــا يقولــه فيــك علــاء األشــاعرة املتأخــرة ؟ فقــد قالــوا فيــك ( ُم ِّ
علمـ َ
ـت العــدو اللــدود لهــم ! ابــن تيميــة ـرك ،و قــال غ ـ ُر واحــد بابتداعــك !! و أصبحـ َ و قــال بعضهــم بكفـ َ
رحمــه اللــه نقــد أبــا إســاعيل الهــروي ملــا بالَــغ يف ذم األشــاعرة بأنهــم أقــرب الطوائــف إىل الســنة ؛ كــا
يف الفتــاوي الجــزء ، 8 :ص ، 230 :و انظــروا كذلــك الجــزء 6 :؛ ص . 55 :و لكــن تسـ ِّمي األشــاعرة -و
16
خصوصــا املتأخريــن منهــم -بأهــل الســنة ال يعنــي أنهــم هــم أهــل الســنة و الجامعــة يف كل حــال ؛ بــل
ـلم لهــم هــذاهــم يف الواقــع و ألكــون رصيحــا :ليســوا أهــل الســنة و الجامعــة حقــا و ِصدقــا ،فــا ُيسـ ُ
اإلنتســاب و ال يُتنــاز َُل لهــم فيــه ،و هــذا مــا أديــن بــه للــه تعــاىل .أســأل اللــه العــي العظيــم أن يُو ِّحــد
ـتت شــملنا ،و أن يجعلنــا مــن ال َّذا ِّبــن عــن عقيــدة التوحيــد ،و أن يســتعملنا فيــا يخــدم صفوفنــا و ال ُيشـ َ
العقيــدة و ال يســتبدلنا .كــا أســأله ســبحانه أن يُبـ ِد َل والــدي دارا خـرا مــن داره ،و أهــا خـرا مــن أهلــه
،و أن يُســكنهُ يف فســيح جنانــه ،و أســأله -إنــه الفــر ُد الصمــد -أن يشــفي ابنتــي ( إســام ) مــن مرضهــا و
ـم بهــا ،و أن ُيعافيهــا يف صحتهــا و بدنهــا .إنــه ويل ذلــك و القــادر عليــه .و ســام عــى املرســلني و ِمــا أَلَـ َّ
الحمد لله رب العاملني ( .انتهيت )
محمد املعتصم بالله
عليكــم الســام ورحمــة اللــه وبركاتــه ،والحمــد للــه حمــدا ال نفــاد لــه ** وإمنــا الحمــد حقــا رأس مــن
ـدأت تُظهــر
شــكرا ثــم الصــاة عــى الهــادي النبــي ومــن ** ســادت برشعتــه الضعفــاء والفقـرا أمــا بعــد :فبـ َ
ـت أنــا ُمغــررا يب ،يــا معــر مــن زعــم اتبــاع الســلفية وملــا تدخــل
مــا تخفــي وتغــرر بــه النــاس كــا كنـ ُ
الســلفية قلبــه ،طبعــا ،مل تعتــذر عــن قولــك أن مــن أ ّول صفــة للــه خائــن للــه ومكــذب للقــرآن ،ألنــك
ونفســك تــأىب االعتــذار عــن اتهامــك هــذا لشــيوخ اإلســام ســلفا وخلفــا ِمــن َمــن أ َّول
ليــس عنــدك ردُ ،
بعــض املتشــابهات .ويلزمــك عــى هــذه أن ابــن عبــاس خائــن للــه ،وكثــر مــن شــيوخ اإلســام ُح ّفــاظ
الســنة أنــت تعتقــد أنهــم خونــة للــه كالنــووي والبيهقــي الــذي تحتــج بــه وابــن حجــر والســيوطي الــذي
ـت هــذه التهمــة تكــر ذكــر كالمــه ،وابــن الجــوزي إمــام الحنابلــة كذلــك خائــن للــه بنفــس لفظــك .تجاهلـ َ
ومل تعتــذر عنهــا ألنهــا مذهبــك الوهابيــة حقــا حقــا هكــذا ،ليــس عندهــم أحــد يعــرف العقيــدة إال بضعــة
رجــال يف التاريــخ كلــه ،وهــذه التهمــة هــي الســبب الــذي قــدره اللــه النشــقاقي عــن مذهبكــم مذهــب
ـت مــا نقل ُتــه لــك عــن تأويــل النبــي صلــوات اللــه وســامه عليــه للوجــه عنــدالوهابيــة .وكذلــك تجاهلـ َ
البخــاري ومســلم ،وهكــذا لســتم عــى نهــج النبــي وال البخــاري وال مســلم ،تــاب اللــه عليكــم .وكذلــك
ـت نقــي لــك عــن إمــام املحدثــن ورئيــس املســلمني أهــل الحديــث يف عــره الخطيــب البغــدادي، تجاهلـ َ
ـت أحســبك مــن الضعــف بحيــث تتجاهــل هــذه ألنــه أبطــل مذهبــك كلــه مــن رأســه ألدنــاه ،ومــا كنـ ُ
النقــوالت .كنــت أحســبك أقــوى مــن هــذا ،وإن كنــت قويــا ســتعتذر وتعــود ملذهــب الســلف مذهــب
أهــل الســنة والجامعــة مذهــب األشــاعرة ،وأتحــدى أن يكــون هنــاك منكــم مــن يحــرم عقيــدة علــاء
الحديــث والســنة وشــيوخ اإلســام املتفــق عــى شــياختهم للديــن كلــه كالبيهقــي وابــن دقيــق العيــد
والنــووي وابــن الجــوزي وغريهــم مــن حفــاظ ديــن اللــه ونقلتــه .أمــا قولــك أن األشــاعرة يعتربون الســلفية
مجســمة ومشــبهة ،فهــذا كــا يعلــم جميــع املتابعــن كــذب محــض ،إمنــا األشــاعرة يدافعــون عــن الســلف
منكــم ومــن تجســيمكم أنتــم وليــس تجســيم الســلفية ،إمنــا كثــر مــن النــاس صــدَّ ق تســميتكم بالســلفية،
لذلــك صــارت الكلمــة كث ـرا مــا تُطلــق وي ـراد بهــا الوهابيــة ،وللتفريــق بينهــا وإثبــات تضــاد الوهابيــة
مــع الســلفية هــو مــا أفعلــه أنــا وغــري مــن الغيوريــن عــى ديــن اللــه وعقيــدة أهــل الســنة .نســأل اللــه
القبــول .الســلف يكذبونكــم ويضــادون مذهبكــم ،واقــرأ مــا يقولــه الحافــظ الكبــر ســيدنا وإمامنــا ابــن
كثــر وهــو أحــد التالمــذة الذيــن رفضــوا عقيــدة شــيخهم ابــن تيميــة رحــم اللــه الجميــع ،يقــول ابــن كثــر
17
رحمــه اللــه يف تفســر آيــة االســتواء مــن ســورة األعـراف :وأمــا قولــه تعــاىل «ثــم اســتوى عــى العــرش»:
فللنــاس يف هــذا املقــام مقــاالت كثــرة جــدا ،ليــس هــذا موضــع بســطها ،وإمنــا يســلك يف هــذا املقــام
مذهــب الســلف الصالــح :مالــك ،واألوزاعــي ،والثــوري ،والليــث بــن ســعد ،والشــافعي ،وأحمــد بــن
حنبــل ،وإســحاق بــن راهويــه وغريهــم ،مــن أمئــة املســلمني قدميــا وحديثــا ،وهــو إمرارهــا كــا جــاءت
مــن غــر تكييــف وال تشــبيه وال تعطيــل .والظاهــر املتبــادر إىل أذهــان املشــبهني منفــي عــن اللــه ،فــإن
اللــه ال يشــبهه يشء مــن خلقــه ،و «ليــس كمثلــه يشء وهــو الســميع البصــر» فانظــر كيــف رصح ابــن
كثــر وهــو مــن أمئــة أهــل الســنة األشــاعرة بــأن الســلف يرفعــون ظواهــر هــذه الصفــات ،يف حــن أنــك
تكذبــه وتدَ عــي أن الســلف يثبتــون الظواهــر ،ثــم تقــول مل يــرد حــرف واحــد عنهــم يف ذلــك ،وكأنــك أعلــم
بالســلف مــن الحافــظ الراويــة ابــن كثــر .ولعلــك يف نفســك لــوال خوفــك مــن أهــل الســنة وشــدتهم عليــك
لطعنــت يف ابــن كثــر والنــووي وغريهــم مــن أمئــة الحديــث وشــيوخ امللــة .ونســأل اللــه أال تكــون كذلــك.
يتبــع .أمــا نقلــك عــن الســيوطي عــن أيب املظفــر حديثــه عــن أهــل األهــواء ،فهــذا مــن تدليســكم عــى
أهــل الســنة ،وهــو مذهــب الوهابيــة يأخــذون الــكالم الــذي مقصــود بــه املبتدعــة والضُّ ــال فيجعلونــه
عــى املســلمني وشــيوخ اإلســام ،كــا فعلــت داعــش متامــا أخــذت نصــوص الكفــار فطبقتهــا عىل املســلمني،
رغــم ذمكــم لهــا ،رغــم أنــه أخــرين مــن أثــق بــه مــن أهــل املوصــل شــال العـراق ســلمها اللــه أن إذاعــة
داعــش كانــت ال تتكلــم إال بــكالم شــيوخكم ،ومبذهبهــم تقاتــل النــاس وتكفــر جميــع الخلــق ،ومــا بقــي
ـت صاحــب حــق أن تخــر النــاس بينــك وبــن داعــش إال مقــدار خطــوة أو خطوتــن .وأمتنــى منــك إن كنـ َ
برأيــك يف عقيــدة الحافــظ جــال الديــن الســيوطي وشــيخ اإلســام البيهقــي الذيــن تنقــل مــن كالمهــم ،أنــا
أســتفزك لتتكلــم وتخــرج عقيدتــك للنــاس دون متويــه وتدليــس .أمــا قولــك أن األشــاعرة نُفــاة فهــذا كــذب
ال يســتحق الــرد ،واقــرؤوا يــا معــر املســلمني كتــاب األســاء والصفــات لشــيخ اإلســام أيب بكــر البيهقــي
الشــافعي األشــعري لتعرفــوا كــذب مــا يقولــه األخ .أهــل الســنة األشــاعرة ليســوا نُفــاة قطعــا ويقينــا ،لكــن
ليســوا مشــبهة ومجســمة أيضــا .هــم الوســط ،فكــن مــع الوســط كــا تتابعــت األخبــار أن تكــون منهــم يــا
مــن يدّ عــي أنــه ســلفي ،جعلــك اللــه ســلفيا حقــا .وأمــا مــا نقلتــه مــن كالم اإلمــام األشــعري مــن رســالته
ألهــل الثغــر ،فهــذه ثالثــة األثــايف أو بلهجتنــا (مصيبــة املصائــب) حيــث حديثــي معــك عــن الصفــات
الخربيــة ،وكالم اإلمــام عــن الصفــات املعنويــة املتفــق عليهــا بينــي وبينــك ،هــذه أول مصيبــة يف نقلــك هــذا
أنــك ال تعــرف الفــرق بينهــا ،ثــاين مصيبــة أن كالم اإلمــام هنــا للــرد عــى مذهــب املعتزلــة يف الصفــات،
ويبــدوا أن هنــاك خطــأ يف دكتوراتــك (حصولــك عــى الدكتــوراة) ،فكيــف ال تعــرف مذهــب املعتزلــة يف
الصفــات؟ ومــن يل بوقــت أرشح لــك مذهبهــم؟! أمــا دعــواك أننــا نخالــف الســلف واإلمــام األشــعري
فباطــل .والحــق أننــا مــع األشــعري عــى نهــج الســلف والحمــد للــه رب العاملــن .وعــن نقلــك عــن كتــاب
الحافــظ الســيوطي أن الفــرق بــن أهــل الســنة وأهــل البــدع أن املبتدعــة أسســوا دينهــم عــى املعقــول،
فصحيــح متامــا ،وأضيــف أن نوعــا آخــر مــن املبتدعــة رفضــوا العقــل متامــا كالوهابيــة ،رغم إجامع املســلمني
عــى أن حفــظ العقــل هــو ُخ ُمــس مصالــح الديــن أو ُسدُ ُســها عــى رأي العالمــة الطاهــر ابــن عاشــور .وكال
الطرفــن مذمــوم ،وبينهــا الوســط حيــث أهــل الســنة األشــاعرة ،فلــم يقدمــوا العقــل عــى نصــوص الوحــي
كاملعتزلــة ،ومل يرفضــوه متامــا كالوهابيــة والحشــوية ،بــل هــم الوســط فكــن مــع الوســط كــا أمــرك اللــه.
وموضــع ذكــرك لحديــث انقســام األمــة ،فكأنــك تجعــل أهــل الســنة األشــاعرة مــن فــرق أهــل النــار؟؟!
18
أخربنــا مبــا تــرى إن كنــت را ٍء شــيئا .أمــا تهكمــك عــى قــويل (ســبعة وســبعون خطــا) فــإن العــرب
يســتخدمون رقــم ســبعة ومضاعفاتــه كنايــة عــن الكــرة وليــس للحــر ،وقــل (ســبعة خطــوط ،وليــس
ســبع خطــوط) ال تلحــن يف لغــة العــرب ،فإنهــا لغــة الديــن ،وإن مل تكــن تحســنها فاذهــب تعلمهــا بــارك
اللــه فيــك بــدال مــن الحديــث يف مــا ال تعلــم مــن علــم العقيــدة ،فــإن اللغــة آلــة لفهــم العقيــد والفقــه.
وعــن تعليقــي عــى قولــك أن أحــد أنــواع الخطــاب القــرآين مــا يُقصــد بــه اإللغــاز ،فــإين أحســن الظــن بــك،
لكــن عبارتــك ليســت بليغــة ،اذهــب عدِّ لْهــا .وأنــت مخطــئ (وال أقــول كاذبــا احرتامــا فقــط ،لكــن ال تكــر
مــن ذلــك فيقــل االحـرام) يف قولــك أن األشــاعرة يقولــون القــرآن فيــه ألغــاز .لكــن ابتداعكــم ليــس غريبــا.
أمــا عــن املجــاز فقــد أجمعــت األمــة العربيــة كلهــا عــى أن الــكالم البليــغ ال يخلــوا منــه ،فكيــف بأبلــغ
كتــاب كتــاب اللــه؟! وقــد حــاول جاهــدا الشــنقيطي إنــكار ذلــك يف كتابــه إنــكار املجــاز يف القــرآن ،ولكــن
أنــا أعطيــه درجــة صفــر يف محاولتــه هــذه ،عافانــا اللــه مــا ابتــاه بــه مــن عشــق املخالفــة للجمهــور.
وكلمــة (اســتعباط) أقبلهــا منــك كمزحــة جانبيــة يــا باشــا ،لكــن ال تكــر مــن ذلــك أفضــل .أمــا ذكــرك
حديــث النبــي صلــوات اللــه وســامه عليــه بصفــة الســمع والبــر ،فالســمع والبــر ثابتتــان عنــد الجميع،
لكنــك ذكرتــه لالســتدالل عــى األذن والعــن الجارحتــن كــا يف نــص الحديــث ،وهــو تعبــر مجــازي ،نعــوذ
ـتباللــه أن يكــون حقيقــة ،فهــل تثبــت جارحتــن؟ والعيــاذ باللــه .وعــن اتهامــك يل بالتمويــه ألين أبطلـ ُ
قولــك أن الســلف مل يُــرو عنهــم شــيئ يف نفــي ظواهــر الصفــات الخربيــة ،فليــس متويهــا بــل حقيقــة وإن مل
ـرت لــك أكــر مــن مــرة ،أمــا تفريقــك بــنتعجبــك ،فــا يَلزمنــي رأيــك ،الســلف مــروي عنهــم ذلــك كــا ذكـ ُ
(مل يــرد) و (مل ُيــرو) فهــذا تحكــم ال وزن لــه هنــا .يتبــع .واتهامــك يل بتخليــط الحابــل بالنابــل والبحــث يف
النــت ومــا إىل ذلــك مــن صبيانيــات ال وزن لهــا عنــدي .ومــا اقتبسـ ُته أنــا مــن ابــن حجــر واضــح أوضــح
مــن الشــمس عنــد صاعــدي قمــة اإليفرســت ،فــا تُقلــل مــن شــأنك وتســألني عــن رشحــه ،وتفلســفك يف
النــص ،أنــا مــن قســم الفلســفة لكنــي أكــره التفلســف يف النصــوص الدينيــة .والحمــد للــه .وانظــروا يــا
معــر املتابعــن عــن جرميــة األخ يف حــق اللــه وترصيحــه بتشــبيه صفــات اللــه بصفــات اإلنســان دون
خجــل عافانــا اللــه وإياكــم مــن مثــل هــذا .يقــول األخ :أن الصفــة الــواردة يف اآليــة (يعنــي الســمع والبــر)
إمنــا هــي عــى الحقيقــة التــي هــي يف اإلنســان يف العــن واألذن) اهـــ هــل هنــاك تشــبيه بعــد هــذا؟! نعــوذ
ـبهت بــل
باللــه مــن الخــذالن والســقوط ،ولــن ُيقبــل منــك أن تقــول بعدهــا أنــك ال تشــبه ،فأنــت قــد شـ َ
ـت .والعيــاذ باللــه .فهــل هــذا مذهــب الســلف رضــوان اللــه عليهــم؟ كال ،الســلف أعلــم وأكــر مــن مثلـ َ
هــذا االنح ـراف الكبــر .والنبــي صلــوات اللــه وســامه عليــه يجــب أن تســتحي مــن إســناد التشــبيه لــه
ـم فاعلــه تأدبــا مــع
ولــو عــى لســاين أنــا لتتهمنــي بــه ،تعلــم أدب القــرآن عنــد إســناد املســتقبح ملــا مل ُيسـ ّ
مقــام الفاعــل ســبحانه وتعــاىل ،كمثــل قولــه «غــر املغضــوب عليهــم» ومل يقــل غــر الذيــن غضبــت عليهــم،
كــا قــال قبلهــا غــر الذيــن أنعمــت عليهــم .وعــى أي حــال ،نبينــا صلــوات اللــه وســامه عليــه ليــس كــا
قلــت ،بــل هــو منــزه للــه عــن مشــابهة الخلــق ،إمنــا املشــبه املخالــف للســلف والخلــف هــو أنــت هــداك
ـت أن الســفينة تجــري اللــه وأصلــح حالــك .وقــول اللــه ســبحانه «تجــري بأعيننــا» ليــس معنــاه كــا فهمـ َ
داخــل العــن -العيــاذ باللــه -كــا يخــر ظاهــر اللفــظ ،بــل معنــاه مبــرأى منــا ،أو كــا قــال ســفيان ريض
اللــه عنــه بأمرنــا كــا روى الطــري رحمــه اللــه عنــه .ومــا نقل َتــه عــن إمامنــا أيب حنيفــة حــق ،ال شــيئ
فيــه ،إمنــا اختــايف معــك يف حملــه عــى ظاهــره ،واإلمــام ال يــؤول يف مثــل هــذا ،بــل مذهبــه ومذهبنــا
19
إثبــات الصفــة الخربيــة ،مــع رفــع ظاهرهــا ،ودليــل رفــع الظاهــر عــن قــول اإلمــام مــا رواه عنــه رصاحــة
اإلمــام الطحــاوي يف عقيدتــه إذ قــال :تعــاىل اللــه عــن األركان واألعضــاء .اهـــ .فاإلمــام األعظــم مــن أهــل
ـت أعــاه 👆 .واتهامــك يل بــأن أدلتــي ال تخــرج عــن رصحـ َ
الســنة ،بينــا أنــت املشــبه واملجســم والوهــايب كــا َّ
اآلراء واملعقــوالت ،فهــذا غلــط منــك -وال أقــول كذبــا ،لكــن ال تكــر مــن ذلــك -فأنــا مل أكلمــك إال بذكــر أقــول
العلــاء .وصفــة الضحــك ثابتــة ومعناهــا ليــس عــى ظاهرهــا ،كــا روى شــيخ اإلســام ابــن حجــر عــن
التابعــي أيب الزنــاد ريض اللــه عنــه قــال :الضحــك الــذي يعــري البــر عندمــا يســتخفهم الفــرح أو الطــرب
غــر جائــز عــى اللــه تعــاىل ،وإمنــا هــذا مثــل رضب لهــذا الصنيــع الــذي يحــل محــل اإلعجــاب عنــد البــر
فــإذا رأوه أضحكهــم ،ومعنــاه اإلخبــار عــن رضــا اللــه بفعــل أحدهــا وقبولــه لآلخــر .اهـــ فكــن متبعــا للتابعني
وتــب مــن االبتــداع .يتبــع .ومــن كانــوا قبــل اإلمــام أيب الحســن األشــعري ليســوا أهــل فــرة ،بــل هــم مــن
اتبعهــم اإلمــام ومل يخــرج عنهــم قيــد أمنلــة ،إمنــا فقــط رشح مذهبهــم وفصلــه وبســطه أكــر ،وقمــع جميــع
املبتدعــن ،ونــر مذهــب أهــل الســنة بفضــل اللــه تعــاىل ،فهــو متبــع ال مبتــدع ،فكــن مثلــه تنجــو إن شــاء
اللــه .وعــن حديثــك عــن أيب محمــد بــن ك ُّلب رحمــه اللــه ،فهــو مــن أمئــة أهــل الســنة ،بــل هــو شــيخ لإلمــام
البخــاري رحمــه اللــه ،والدليــل قــال شــيخ اإلســام ابــن حجــر يف فتــح البــاري ،كتــاب الوضــوء ،متحدثــا عــن
اإلمــام البخــاري صاحــب الصحيــح :وأمــا املســائل الكالميــة عنــده فمســتمدة مــن ابــن كالب رحمهــم اللــه.
اهـــ وأقتبــس لــك مــن كالم ابــن القيــم رحمــه اللــه وغفــر لــه وجمعنــا بــه يف الجنــة :يــا حاطــب الليــل يف
الظلــاء منتصبــا ** لــكل داهيــة تُــدين مــن العطــب كــم ذا التخلّــف والدنيــا قــد ارتحلــت ** ورســل ربــك
قــد وافتــك يف الطلــب وابــن تيميــة عندنــا شــيخ جليــل رحمــه اللــه وقــع يف التشــبيه والتجســيم ،لكنــه مســلم
ســني ،وغفــر اللــه لــه أخطائــه .وإخراجــك أهــل الســنة األشــاعرة مــن أهــل الســنة والجامعــة ،فهــذا ترصيــح
ـت الوهابيــةمنــك عجــز عنــه غــرك ،أشــكرك عــى الرصاحــة .واقــرؤوا هــذا 👆 يــا مــن غضبتــم منــي حــن اتهمـ ُ
بإخـراج شــيوخ اإلســام وأمئــة الحديــث األشــاعرة مــن أهــل الســنة ،هاهــي جهيــزة تقطــع قــول كل خطيــب.
ـت عنــه :إن األشــاعرةيتبــع .وأختــم بشــيئني ،أولهــا نكتــة للســادة املتابعــن أنــك تقــول نقــا عــن مــن نقلـ َ
هــم أهــل الســنة والجامعــة يف بــاد ،وليســوا بأهــل ســنة يف بــاد أخــرى .أضحــك اللــه ســنك .وثانيهــا نــص
قاطــع يف إبطــال دعــواك أن الســلف يقولــون بظواهــر الصفــات الخربيــة ،نقل ُتــه لــك ســابقا ،لكنــك مــا زلــت
مل تبتلعــه جيــدا لثقلــه عليــك ،وهــو قــول شــيخ اإلســام ابــن حجــر رحمــه اللــه يف رشح حديــث النــزول يف
فتــح البــاري :وقــد اخ ُتلــف يف معنــى النــزول عــى أقــوال :فمنهــم مــن حملــه عــى ظاهــره وحقيقتــه ،وهــم
املشــبهة ،تعــاىل اللــه عــن قولهــم ،ومنهــم مــن أجـراه عــى مــا ورد مؤمنــا بــه عــى طريــق اإلجــال منزهــا
اللــه تعــاىل عــن الكيفيــة والتشــبيه ،وهــم جمهــور الســلف ،ونقلــه البيهقــي وغــره عــن األمئــة األربعــة،
والســفيانني ،والحامديــن ،واألوزاعــي ،والليــث ،وغريهــم .اهـــ أمــا قبـ ُـل ،فرحــم أبــاك وجمعــك بــه يف الجنــة
متكئــن عــى رسر متقابلــن ،وعافــاك اللــه يــا عزيــزيت (إســام) عافــاك اللــه وشــافاك عاجــا غــر آجــل ،إنــه ال
يعجــزه ذلــك وهــو عــى مــا يشــاء قديــر .وصــى اللــه وســلم عــى ســيدنا محمــد وآلــه وأصحابــه وأتباعــه.
انتهيت.
20
واللــه يــا أخ أنــس يعلــم اللــه واملالئكــة املُطَّلِعــون أن قلبــي تجــاه شــخصك ســليم جــدا ،بــل واللــه مشــفق
عليــك ،وأرحمــك .لكننــي يف دينــي أرجــو أن أكــون جبــارا مبينــا ،أســأل اللــه العــي القديــر العظيــم أن
ينــر الحــق وأهلــه ،وأن يخــذل الباطــل وأهلــه ،وأن يجعــل عمــي خاليــا مــن الريــاء القاتــل ،أال لعنــة اللــه
عــى الريــاء ،واللــه لــو كان إنســانا وملكتــه لقطعتــه ســبعني قطعــة ،ثــم حرقتــه يف النــار .حســبنا اللــه ونعــم
الوكيــل ،وهــو موالنــا ونعــم النصــر .اللهــم أرنــا الحــق حقــا وارزقنــا اتباعــه ،وأرنــا الباطــل باطــا وارزقنــا
اجتنابــه .وأســأل اللــه الرحيــم عظيــم الرحمــة واللطيــف خفــي اللطــف والســميع البصــر العزيــز القديــر
الســام الحــي القيــوم أن يشــفي بنتــك ويقــر بهــا عينــك ويســعدك بهــا ويجعلهــا مقتديــة بأمنــا أم املؤمنــن
عائشــة أعلــم نســاء بنــي آدم بــا نـزاع .اللهــم اشــفها يــا ربنــا فــا يعجــزك شــفاؤها ،وأذهــب عنهــا البــأس
واملــرض ،أيعجــزك ذلــك وأنــت امللــك يــا رب العاملــن! وصــى اللــه عــى ســيدنا ونبينــا محمــد وعــى آلــه
وصحبــه وســلم.
21
املســلمني « .عفــوا مــا عندنــا رؤســاء يف الديــن ؛ عندنــا مــا يســمى قــادة أو أمـراء أو أويل األمــر .تقــول « :
الخطيــب البغــدادي ،ألنــه أبطــل مذهبــك كلــه مــن رأســه ألدنــاه « .تعلــم أنــك ال تعلــم مــا تقــول ؟! إن مــا
نقلتــه عــن الخطيــب البغــدادي رحمــه اللــه هــو تقريــر ملذهــب الســلف ( اإلثبــات بــا تأويــل ) و ليــس
تقريـرا ملذهــب األشــاعرة ؛ فلذلــك أنــت ال تعــرف عــا تناظــر أصــا ؛ فأنــت تناظــر يف واد و مذهبــك يف واد
آخــر ،و اســتفزازك يشء طبيعــي بعــد انفجــار عبوتــك و خمودهــا ؛ و للعلــم فــإن عنــدي آلــة تربيــد خاصــة
ملــن ارتفعــت عنــده الحمــى ( الســخانة ) .و مــن أىت ليناظــر معاديــا ذلــك األصــل الــذي ســيناظره أو الفريــق
الــذي ســيناظره فســيكون كحــار جحــا مرخيــا أذنيــه حانقــا متحملقــا تصــاب كلامتــه بالصــدأ و تتهــاوى أمــام
مناظــره .و لكــن مــن أىت مناظـرا أكادمييــا محرتمــا للعقيــدة الــذي ينتهجــا غــره و محرتمــا ملناظــره و للمتابعني
فــإن مل يخــرج بإفــادة فســيخرج باســتفادة .اإلمــام التابعــي ربيــع بــن عمــرو الجــريش ( 64هجريــة ) ،قــال
يف قولــه تعــاىل « :و األرض جميعــا قبضتــه يــوم القيامــة و الســاوات مطويــات بيمينــه « ( .الزمــر . ) 67 :
قــال -يرجــى اإلنتبــاه للجميــع لقــول هــذا التابعــي العظيــم « : -و يــده األخــرى خلــو ليــس فيهــا يشء « .
رواه ابــن جريــر ( ، ) 25 / 24و عبــد اللــه يف الســنة ( . ) 501 / 2و هــذا ظاهــر يف إثبــات حقيقــة اليــد للــه
و أنهــا ليســت النعمــة أو القــدرة ؛ لذلــك فــإن كان هنــاك تشــبيه فأنــت هــو املشــبه ؛ فقــد شــبهت و هربــت
مــن التشــبيه إىل التعطيــل ،و مــن التعطيــل إىل التأويــل ،فقــد شــبهت أوال ثــم عطلــت ثــم أولــت .و ال
تتهمنــي مــرة أخــرى بالتشــبيه و إال لــزم مــن قولــك اإلتهــام بالتشــبيه لــكل مــن ابــن عمــرو الجــريش اإلمــام
التابعــي الجليــل ؛ و راوي األثــر ابــن جريــر الطــري ،فــإن فعلــت ذلــك فمثلــك مثــل حامــل األســفار املذكــور
يف القــرآن ( .يتبــع ) تقــول « :و مــا كنــت أحســبك مــن الضعــف بحيــث تتجاهــل هــذه النقــوالت « .حقيقــة
ضحكــت حتــى اســتلقيت عــى ظهــري ؛ و ال أعلــم هــل تقصــد بالنقــوالت التــي تنقلهــا أم التــي أنقلهــا أنــا ؟
فــإن كنــت تقصــد النقــوالت التــي تنقلهــا أنــت فهــي ضــدك يف كل األحــوال ! و أمــا إن كنــت تقصــد مــا أنقلــه
فهــو عــن الصــواب مــع مراعــاة املصــدر و املرجــع .مثــا :عــن جابــر ريض اللــه عنــه قــال :كان رســول اللــه
صــى اللــه عليــه و ســلم يكــر أن يقــول « :يــا مقلــب القلــوب ثبــت قلبــي عــى دينــك « ؛ فقــال لــه بعــض
الصحابــة :أتخــاف علينــا و قــد آمنــا بــك و مبــا جئــت بــه ؟ فقــال « :إن القلــب بــن إصبعــن مــن أصابــع
الرحمــن عــز و جــل يقــول بهــا هكــذا « ،و حــرك أبــو أحمــد إصبعــه .رواه أبــو يعــى ( ، ) 207 / 4و
الطــري يف تفســره ( ، ) 188 / 3و الدارقطنــي يف الصفــات ؛ ص ، 124 :و ابــن منــده يف « الــرد عــى الجهميــة
« ص 87 :؛ و قــال « :و هــذا حديــث ثابــت باتفــاق « .و يف « التوحيــد « ( ، ) 112 / 3و قــال « :اختلــف
عــى األعمــش يف إســناد هــذا الحديــث ،فــرواه أبــو معاويــة و غــره عــن األعمــش عــن أيب ســفيان و يزيــد
الرقــايش عــن أنــس بــن مالــك ،و رواه جريــر بــن عبــد الحميــد و غــره عــن األعمــش عــن يزيــد الرقــايش عــن
أنــس ،و رواه منصــور بــن أيب نويــرة و غــره عــن أيب بكــر بــن عيــاش عــن األعمــش عــن غنيــم بــن قيــس عــن
أنــس بــن مالــك « .و قــال إســاعيل بــن عمــرو بــن قيــس بــن الربيــع عــن األعمــش عــن ثابــت البنــاين عــن
أنــس بــن مالــك .و كلهــا معلولــة إال روايــة الثــوري و فضيــل -أي :مــن مســند جابــر . -و روي هــذا الحديث
عــن عائشــة و أم ســلمة و أســاء بنــت يزيــد و عــن أيب ذر و عبــد اللــه بــن مســعود و أيب هريــرة مــن طــرق
فيهــا مقــال .قلــت :و أبــو أحمــد هــو اإلمــام الثقــة الثبــت محمــد بــن عبــد اللــه بــن الزبــر األســدي الزبــري
الكــويف ؛ تــويف ســنة ( 203للهجــرة ) ،و هــو راو الحديــث عــن ســفيان الثــوري .و يف الحديــث تحقيــق
األصابــع للــه تعــاىل .فهــل ميكنــك أن تتهــم هــؤالء بالتشــبيه ؟! تقــول « :أمــا قولــك أن األشــاعرة يعتــرون
23
الســلفية مجســمة و مشــبهة ،فهــذا كــا يعلــم جميــع املتابعــن كــذب محــض « .حقــا معــايل الفطحــل ؟!
الجــواب مــن نفــس تعليقــك ؛ حيــث تقــول « :و ابــن تيميــة عندنــا شــيخ جليــل رحمــه اللــه وقــع يف التشــبيه
و التجســيم ،لكنــه مســلم ســني و غقــر اللــه لــه أخطائــه « .ال أعلــم هــل أنــت إنســان أم كائــن آخــر ؟ حيث
يف األول تقــول أننــي أكــذب حــن قلــت عــن األشــاعرة أنهــم يعتــرون الســلفية مجســمة و مشــبهة و يف نفــس
التعليــق تناقــض نفســك فتقــول بــأن شــيخ الســلفية مجســم و مشــبه ؛ و تدعــو لــه باملغفــرة ؛ مــع أن يف
أصــول مذهــب األشــاعرة و جميــع املذاهــب العقديــة اإلســامية بــأن املجســمة كفــار ،فلذلــك قلــت لــك يف
تعليقــي الســابق بأنــك ال تعــرف مذهبــك فضــا عــن مذاهــب القــوم .فهــذا اإلمــام التابعــي حكيــم بــن جابــر
بــن طــارق بــن عــوف األحمــي ( 82للهجــرة ) يقــول « :إن اللــه تبــارك و تعــاىل مل #ميس_بيــده مــن خلقــه
غــر ثالثــة أشــياء :خلــق الجنــة #بيــده ثــم جعــل ترابهــا الــورس و الزعفـران ،و جبالهــا املســك ،و خلــق آدم
#بيــده و #كتــب التــوراة ملــوىس « .رواه ابــن أيب شــيبة ( ، ) 96 / 13و هنــاد بــن الــري يف « الزهــد « ( 46
) ،و عبــد اللــه يف الســنة ( ، ) 275 / 1و اآلجــري يف « الرشيعــة « ص ، 340 :و أورده الذهبــي يف « العلــو «
ص . 125 :فــا أعلــم هــل كل هــؤالء كذبــة يف إثبــات الصفــات عــى حقيقتهــا و أنــت املحــق أم أن آلــة الفهــم
عنــدك معطلــة ؛ فــإن كانــت األوىل فصــاة الجنــازة عليــك و ال خــر يرجــى منــك ،و إن كانــت الثانيــة رصفنــا
لــك مــن أموالنــا عــى اإلســعافات األوليــة ملراتــب العقــل عنــدك ( .يتبــع ) تقــول « :الســلف يكذبونكــم و
يضــادون مذهبكــم « .كــم يســهل إطــاق الرصــاص يف الهــواء ؛ و حــن التفحيــص نســتخرج التمحيــص و
نقــول أن مــا قالــه الســلف هــو نفــس مــا نقــول ؛ و بعــد مــا تقــرأ هــذا رد ريقــك لفمــك ؛ وابلــع لســانك .و
لــرى هــل الســلف يكذبوننــا أم يكذبونكــم ؟ و لنشــاهد بعــن البصــرة زيــن العابديــن عــي بــن الحســن بــن
عــي بــن أيب طالــب ( 93للهجــرة ) ،قــال مســتقيم :قــال :كنــا عنــد عــي بــن الحســن قــال :فــكان يأتيــه
الســائل ؛ قــال :فيقــوم حتــى يناولــه ،و يقــول « :إن الصدقــة تقــع يف #يد_اللــه قبــل أن تقــع يف يــد الســائل
« قــال :و أومــأ بكفيــه .رواه ابــن ســعد يف « الطبقــات « ( . ) 166 / 5و فيــه تحقيــق صفــة اليــد للــه تعــاىل
،فهــل الســلف يكذبوننــا ؟ الجــواب للمتابــع ..ثــم بعــده نقلــت قــول اإلمــام ابــن كثــر رحمــه اللــه قولــه :
« و هــو إمرارهــا كــا جــاءت مــن غــر تكييــف و ال تشــبيه و ال تعطيــل « .عجيــب !! بنقلــك هــذا تنــر
مذهبنــا و ليــس مذهبكــم ،فأنــت تصفــع نفســك بنفســك و ال تحتــاج ملــن يصفعــك .و هــذا هــو اعتقادنــا
فهــل أنــت كذلــك ؟ فــإن كنــت تعتقــد باعتقــاد ابــن كثــر هنــا فلــاذا هــذه املناظــرة ؟ و إن كنــت تخالفــه
فــذاك يشء آخــر .ثــم تقــول « :فانظــر كيــف رصح ابــن كثــر و هــو مــن أمئــة أهــل الســنة األشــاعرة بــأن
الســلف يرفعــون ظواهــر هــذه الصفــات « .كــذاب !! وحــق لــك أن تكــذب !! فابــن كثــر هنــا يقــرر مذهــب
الســلف ( اإلثبــات بــا تكييــف و ال متثيــل و ال تشــبيه ،و إمـرار آيــات الصفــات حســب فهمهــا بــا تشــبيه
و ال تأويــل ) فأيــن نجــد يف كالم ابــن كثــر مــا يفيــد رفــع الظواهــر ؟! فابــن كثــر هــو الــذي روى عــن التابعــي
العابــد بــن معــدان الكالعــي الحمــي ( 103هجريــة ) قولــه « :إن اللــه عــز و جــل مل #ميس_بيــده إال آدم
صلــوات اللــه عليــه خلقــه اللــه بيــده و الجنــة ،و التــوراة #كتبهــا بيــده « .و رواه أيضــا عبــد اللــه يف الســنة
( . ) 297 / 1فــا أعلــم هــل تفهــم مــا تنقــل أم أنــك ( تســتعبط ) ؟ تقــول « :يف حــن أنــك تكذبــه « جعلــت
نفســك قاضيــا و متهــا و محاميــا ( نعــم !! إنهــا املخــدرات ) و إن مل تكــن فقــل يل :أيــن قــا بتكذيــب ابــن
كثــر رحمــه اللــه و لعائــن اللــه تــرى عــى الكــذاب منــا ! تقــول « :و تدعــي أن الســلف يثبتــون الظواهــر «
.نعــم ! و هــذا مــا أنــا هنــا ألجــل بيانــه ،و منهــم :عكرمــة أبــو عبــد اللــه مــوىل ابــن عبــاس ( 104هجريــة
24
) قولــه « :إن اللــه عــز و جــل مل #ميس_بيــده إال ثالثــا :خلــق آدم #بيــده ،و غــرس الجنــة #بيــده ،و كتــب
التــوراة #بيــده « .رواه عبــد اللــه يف الســنة ( . ) 297 / 1فاســتخرج يل أيــن نجــد يف قــول هــذا التابعــي
الجليــل رفــع الظواهــر ؟ تقــول « :ثــم تقــول مل يــرد حــرف واحــد عنهــم ذلــة ،و كأنــك أعلــم بالســلف مــن
الحافــظ الراويــة ابــن كثــر « .التحــدي إىل يــوم القيامــة أن تســتخرج يل صحابيــا أو تابعــي واحــد قــال برفــع
الظواهــر عــن الصفــات ( ،هديــة منــي إن أتيــت بــه 5000درهــم مغربيــة ) .تقــول « :و مــا بينــك و بــن
داعــش إال مقــدار خطــوة أو خطوتــن « .أتركهــا للمتابــع .تقــول « :و أمتنــى إن كنــت صاحــب حــق أن تخــر
النــاس يف عقيــدة الحافــظ جــال الديــن الســيوطي « .عــى الــرأس و العــن يــا غـزال ! يــروي الســيوطي يف (
صــون املنطــق ) عــن اإلمــام التابعــي عبــد اللــه بــن عبيــد اللــه بــن عبــد اللــه بــن أيب مليكــة ( 117هجريــة
) :قــال نافــع بــن عمــر الجمحــي :ســألت بــن أيب مليكــة عــن يــد اللــه أواحــدة أو إثنــان ؟ قــال :بــل اثنتــان
.رواه الدارمــي يف رده عــى املريــي ( ، ) 286 / 1و يعلــق عليــه الســيوطي قائــا « :فيــه إثبــات حقيقــة
اليــد للــه عــز و جــل و إبطــال حملهــا عــى املجــاز و القــول بأنهــا النعمــة أو القــدرة « .و أتأســف بشــدة
ملطلبــك فقــد قصفــك الســيوطي ( .يتبــع ) إذا خالصــة كل مــا ســبق ليفهــم املتابــع مــا يتــداول هنــا يف رشيــط
املناظــرة أن بهــذه األدلــة مــن الكتــاب و الســنة و النقــوالت عــن أمئــة الســنة يتبــن لــكل ذي عقــل أن أهــل
الســنة و الجامعــة يثبتــون جميــع صفــات اللــه تعــاىل الــواردة يف الكتــاب و الســنة عــى الحقيقــة ال عــى
املجــاز ،إثباتــا منزهــا عــن التمثيــل و التكييــف ،و تنزيهــا بــا تحريــف و تأويــل و تعطيــل .و بهــذا نفــارق
طائفتــن :املعطلــة الذيــن ينفــون حقائــق الصفــات و يدعــون فيهــا املجــاز بحجــة التنزيــه ،و املشــبهة الذيــن
يجعلــون حقيقــة صفــات اللــه كحقيقــة صفــات خلقــه ؛ بحجــة اإلثبــات .ثــم موافقــة أيب الحســن األشــعري
للســلف يف هــذا األصــل العظيــم يف كل مــن كتبــه ( اإلبانــة ) و ( رســالة إىل أهــل الثغــر ) و ( مقــاالت
اإلســاميني ) مــا يســتلزم أن يوافقــه كل مــن انتســب إليــه ،و إال كان انتســابهم إليــه دعــوى مجــردة .كذلــك
بطــان مــا ادعــاه صاحبنــا املناظــر الفطحــل الحامــل للمشــعل ظنــا منــه أنــه منجــل يحصــد األرايض الخصبــة
؛ مــن إنــكار نســبة حقائــق الصفــات للــه تعــاىل ؛ و لــب جوهــره اإلمــام الســبيك يف قولــه « :أمــا الــذي يأبــاه
العقــل و النقــل فهــو نســبة حقائــق هــذه األلفــاظ اللغويــة للــه تعــاىل « .فاتبعــه صاحبنــا يف قولــه هــذا
الــذي يعتــر مــن مصائــب الســبيك ؛ فليــت شــعري أي عقــل هــذا الــذي يزعمونــه و أي نقــل هــذا الــذي
يأثرونــه ؟! فالســبيك نفســه يقــول « :إن أريــد بإثبــات الصفــات إثباتهــا عــى مــا جــاءت دون تفســر و ال
تعيــن معنــى ؛ و إمنــا يكتفــى بتالوتهــا و الســكوت عليهــا ،و ذلــك قطعــا بعــد رصفهــا عــن ظاهرهــا املحــال
يف حــق اللــه تعــاىل ؛ و ال يقــال بالــذات أو الحقيقــة فذلــك حــق ال ريــب فيــه « .و األعجــب مــن صاحبنــا
ادعــاؤه أن هــذا هــو مذهــب الســلف قاطبــة و مل ينقــل حرفــا واحــدا عــن أحــد مــن الســلف قــط .كيــف ؟!
و نصــوص الســلف رصيحــة يف إبطــال هــذه الدعــوى ،و بيــان وجــوب حمــل كالم اللــه عــى حقيقتــه التــي
تقتضيهــا اللغــة التــي أنــزل اللــه بهــا كتابــه ،و تعــرف بهــا عبــاده .و بــه يتبــن جهــل صاحبنــا مبذهــب
الســلف ؛ و بعــده عــن طريقتهــم .ثــم نحــن نقــول ( :صحــة تأكيــد اإلثبــات يف صفــات اللــه تعــاىل بقــول « :
حقيقــة « ) .أو نقــول ( :بذاتــه ) و أنــه وارد عــن عــن الســلف األمئــة و هــو األمــر الــذي أعظــم األشــاعرة
فيــه النكــر جهــا منهــم بــكالم الســلف و أصولهــم .فألعلمنــك عقيدتــك ألنــك تجهلهــا !!.فاألشــاعرة يقولــون
بــأن لفظــة ( بذاتــه ) مل تــرد يف كتــاب و ال ســنة و ال عــى لســان أحــد مــن الصحابــة أو التابعــن ،فــإن لفظــة
( بذاتــه ) إذا ذكــرت مــع هــذه األلفــاظ أو مــا شــاكلها حــرت معانيهــا يف املعنــى الحــي الجســاين ،فــا
25
يقــال مثــا ( اســتوى بذاتــه ) و ( ينــزل بذاتــه ) و ( يجــيء بذاتــه ) ثــم يقــال ( ال كاســتوائنا و ال كنزولنــا و
ال كمجيئنــا ) ألن هــذا تناقــض رصيــح حســب زعمهــم .و لذلــك قــال الســبيك « :نخلــص مــن هــذا القــول
بــأن اللــه ســاكن الســاء أو أنــه عــى العــرش بذاتــه أو ينــزل بذاتــه ،أو اســتوى بذاتــه أو عــى الحقيقــة ،كل
ذلــك وصــف للــه مبــا يســتحق يف حقــه تعــاىل نقــا و عقــا « .و عــى هــذا أســس األشــاعرة مذهبهــم
التهريجــي .فأقــول :يف املناظــرة ســبق و أن نقلــت الكثــر مــن أقــوال أمئــة الســلف بزيــادة ( حقيقــة ) و
بزيــادة ( بذاتــه ) .ثــم مــاذا ؟! ثــم مــاال و لــن يســتطيع استســاغته صاحبنــا أن أبــو نــر الســجزي نقــل
اإلجــاع عــى ذلــك بقولــه يف كتــاب ( اإلبانــة ) « :و أمئتنــا كســفيان الثــوري و مالــك بــن أنــس و ســفيان
بــن عيينــة و حــاد بــن زيــد و حــاد بــن ســلمة و عبــد اللــه بــن املبــارك ؛ و فضيــل بــن عيــاض و أحمــد
بــن حنبــل و إســحاق بــن إبراهيــم الحنظــي ؛ متفقــون عــى أن اللــه ســبحانه #بذاتــه فــوق العــرش ،و أن
علمــه بــكل مــكان « .نقلــه عنــه شــيخ اإلســام ابــن تيميــة يف ( درء التعــارض ) ( ، ) 250 / 6و يف « بيــان
تلبيــس الجهميــة « ( ، ) 38 / 2و يف ( مجمــوع الفتــاوى ) ( ، ) 222 / 3و ابــن القيــم يف « الصواعــق املرســلة
« ( ، ) 1284 / 4و أورده الذهبــي يف « العلــو « ص . 235 :و ســبقه املــزين حيــث قــال يف « رشح أصــول
الســنة « « :عــال عــى عرشــه يف مجــده بذاتــه « .ثــم حــى اإلجــاع عــى ذلــك فقــال « :هــذه مقــاالت و
أفعــال اجتمــع عليهــا املاضــون األولــون مــن أمئــة الهــدى ،و بتوفيــق اللــه اعتصــم بهــا التابعــون قــدوة و
رىض « .املصــدر « :أصــول الســنة « للمــزين ،ص . 89 - 85 :فهــل املــزين كذلــك وهــايب مجســم ؟! و هــل
تعتــر مــن نقــل عنهــم اإلجــاع الســجزي مجســمة و مشــبهة ؟! لألســف !! عقلــك راح ضحيــة هفواتــك ( .
يتبــع ) .و لألســف !! نقــل الطلمنــي و ابــن عبــد الــر اإلجــاع عــى ذلــك أيضــا ؛ فأيــن املهــرب عزيــزي ؟!
و قــال الذهبــي يف « العلــو « « :قــال اإلمــام أبــو محمــد بــن أيب زيــد املغــريب -شــيخ املالكيــة -يف أول
رســالته املشــهورة ؛ يف مذهــب مالــك اإلمــام :و أنــه تعــاىل فــوق عرشــه املجيــد بذاتــه ،و أنــه يف كل مــكان
بعلمــه « .قــال الذهبــي « :و قــد تقــدم مثــل هــذه العبــارة عــن أيب جعفــر بــن أيب شــيبة ،و عثــان بــن
ســعيد الدارمــي ؛ و كذلــك أطلقهــا يحــي بــن عــار واعــظ سجســتان يف رســالته ،و الحافــظ أبــو نــر
الوائــي الســجزي يف كتــاب ( اإلبانــة ) لــه ،فإنــه قــال :و أمئتنــا كالثــوري و ابــن عيينــة و مالــك و الحــاد و
ابــن املبــارك و الفضيــل و أحمــد و إســحاق متفقــون عــى أن اللــه فــوق العــرش بذاتــه ؛ و أن علمــه بــكل
مــكان « .و قــال الذهبــي كذلــك « :و كذلــك أطلقهــا ابــن عبــد الــر كــا ســيأيت « .و قــال أيضــا « :و كــذا
عبــارة شــيخ اإلســام أيب إســاعيل األنصــاري فإنــه قــال :و يف أخبــار شــتى بــأن اللــه يف الســاء الســابعة
عــى العــرش بنفســه « .و كــذا قــال أبــو الحســن الكرجــي الشــافعي يف تلــك القصيــدة :عقائدهــم أن اإللــه
بذاتــه *** عــى عرشــه مــع علمــه بالغوائــب و عــى هــذه القصيــدة مكتــوب بخــط العالمــة تقــي الديــن
بــن الصــاح ( :هــذه عقيــدة أهــل الســنة و أصحــاب الحديــث ) .راجــع ( العلــو ) للذهبــي ص . 235 :
لذلــك فمشــكلتك ليســت مــه الســلفية و ال الوهابيــة ،و ال ابــن تيميــة و ال محمــد بــن عبــد الوهــاب و ال
معــي ؛ فمشــكلتك مشــكلة عويصــة هــي مشــكلة مــع الســلف ،لذلــك فــإن كان لــك رد رده عــى الســلف
و قــم بتكذيبهــم ؛ أو األفضــل لــك اتهمهــم بالتجســيم قبــل أن ترفــع صوتــك بالـراخ هنــا ( وهابية مجســمة
مشبهة ) .و دمت ذخرا لكل تائه ،و احتفظ بحلوياتك فإنني ال أحتاجها ( .انتهيت )
26
املســلمني ،فــإن القــوم يســتخدمونها لكنــك ال تعــرف القــوم وال مذاهبهــم ،وال تعــرف شــال اليمــن مــن
جنــوب الحجــاز ،قــال الذهبــي يف الســر يف ترجمــة أيب الفضــل التميمــي اإلمــام الفقيــه رئيــس الحنابلــة .اهـــ
فهــا هــي كلمــة (رئيــس) يــا زاعــا الحنبليــة وال تعرفهــا ،ونعــوذ باللــه أن يكــون الحنابلــة مثلــك ،ولَ َع ْمـ ُر اللــه
مــا كتــب اإلمــام تقــي الديــن الحصنــي كتابــه (دفــع شُ ـ َب ِه مــن شَ ـ َّبهَ ومتــرد ونســب ذلــك إىل الســيد الجليــل
اإلمــام أحمــد) مــا كتبــه إال اتقــاء فحــش مثلــك ونســبته لســيدنا اإلمــام أحمــد رضــوان اللــه عليــه( .يتبــع).
وأنــت كاذب ومدلــس جــدا يف مــا نقل ُتــه لــك عــن الخطيــب البغــدادي إمــام أهــل الحديــث يف عــره بــا
ـرس لــك أحــب أن أُ ْعلمــك أن شــخصيتك تهــاوت جــدا أمامــي ،وتهاويهــا نـزاع .وقبــل أن أُعيــد عليــك قولَــه امل ُ ْخـ َ
يــزداد طرديــا مــع ازديــاد كالمــك املقــزز كــا تــزداد قــوة جــذب األرض واإلخــاد إليهــا طرديــا مــع زيــادة
الكتلــة الجســمية القــذرة امللقــاة عليهــا ،ووجــه تشــبيهي يدركــه املُدْ ركــون ،ويتــأمل منــه الجاحــدون .قــال
الخطيــب البغــدادي رحمــه اللــه تعــاىل يف كتابــه القيــم (الجامــع ألخــاق الـراوي وآداب الســامع) ( :ويتجنــب
ـول العــوام ،ملــا ال يُؤ َمــن عليهــم فيــه مــن دخــول الخطــأ واألوهــام املحــدث يف أماليــه روايـ َة مــا ال تحتملــه عقـ ُ
وأن يشــبهوا اللــه تعــاىل بخلقــه ويُلحقــوا بــه مــا يســتحيل يف وصفــه وذلــك نحــو أحاديــث الصفــات التــي
وإثبــات الجــوارح واألعضــاء لــأزيل القديــم ،وإن كانــت األحاديــث َ ظاهرهــا يقتــي التشــبيه والتجســيم
صحاحــا ولهــا يف التأويــل طــرق ووجــوه ،إال أن مــن حقهــا أن ال تــروى إال ألهلهــا خوفــا مــن أن يضــل بهــا مــن
جهــل معانيهــا فيحملهــا عــى ظاهرهــا أو يســتنكرها فريدهــا ويكــذب رواتهــا ونقلتهــا) اهـــ وهــذا النــص ال
كالم بعــده يف أن الخطيــب رحمــه اللــه ال يقــول بإثبــات الظواهــر اللغويــة للصفــات الخربيــة ،وحاشــاه رحمــه
ـت صاحــب حــق، اللــه مــن حشــو الــكالم ولحــن القــول وهــو مــن هــو رحمــه اللــه؟! فـ ُر َّد عــى كالمــه إن كنـ َ
أو أرح نفســك واطعــن فيــه كــا تفعلــون عنــد عجزكــم أمــام جحافــل أهــل الســنة ،وكتائــب عــز الديــن
ـت بــهونــرة الســلف .ومــا أدراك مــا عــز الديــن وقوتــه وجربوتــه عــى أهــل االبتــداع والهــوى! وأمــا مــا فرحـ َ
مــن نقلــك روايــة عــن التابعــي ربيعــة الجــريس ريض اللــه عنــه فليــس فيــه شــيئ زيــادة عــى مــا جــاء يف
القــرآن ،فــا وجــه فرحــك بهــذا أيهــا املتعــامل ،وقــد قــال اللــه تعــاىل «بــل يــداه مبســوطتان» ،وقــال تعــاىل «ملــا
ـاف أهــل ـك ،خـ ُ ـت بيــدي» وغريهــا مــن نصــوص ذكــر اليــد .أقــول وأكــرر فلعلــك كــا اللــه يف ذهنــك أَ َعلَّـ َ خلقـ ُ
الســنة معكــم يــا هــذا أنكــم تثبتــون ظواهــر نصــوص الصفــات الخربيــة ،فيلزمكــم التجســيم ،بينــا أهــل
ـرت لــكرصح بذلــك الخطيــب البغــدادي كــا ذكـ ُ الســنة يثبتــون الصفــة الخربيــة ،ثــم يرفعــون ظاهرهــا ،كــا ّ
آنفــا ،فارجــع خطــوة ،ثــم عــد ،فالحركــة مثمــرة ،وكــا الحركــة بركــة ،فاعــرف موطــن الن ـزاع حتــى ال تكــون
أضحوكــة أمــام النــاس .فــا نقل َتــه (بفتــح التــاء) عــن ربيعــة الجــريس ليــس فيــه شــيئ ســوى إثبــات الصفــة،
وليــس فيــه شــيئ مــن إثبــات يــد حقيقيــة يعنــي جارحــة للــه كــا تريــد أن تقــول ،لكنــك تخــى وطــأة أهــل
الســنة ،فــإن بأســنا شــديد بفضــل اللــه .والدليــل الــذي أهــدم بــه محاولتــك إثبــات حقيقــة اليــد ،وهــو
ـت عنــه يف تفســر قولــه تعــاىل «وقالــت اليهــود يــد الله جارحــة وإن أبيــت ،هــو قــول الطــري نفســه الــذي نقلـ َ
مغلولــة» مــن ســورة املائــدة ،قــال :وإمنــا وصــف تعــاىل ذكــره اليــد بذلــك ،واملعنــى العطــاء .وأضيــف أيضــا،
ومــا أقــى إضافــايت عــى رؤوس أهــل البــدع مــن الحشــوية ونابتتهــم الوهابيــة ،روى القرطبــي يف تفســر
قولــه تعــاىل «يــد اللــه فــوق أيديهــم» عــن التابعــي ابــن كيســان ريض اللــه عنــه قــال :قــوة اللــه ونرصتــه فــوق
قوتهــم ونرصتهــم .هــل تنتظــر أكــر مــن هــذا يــا منتظ ـرا طــوال عمــرك؟! وقــال الطــري يف تفســره نفــس
اآليــة :وجهــان مــن التأويــل :يــد اللــه فــوق أيديهــم عنــد البيعــة ،ألنهــم كانــوا يبايعــون اللــه ببيعتهــم لنبيــه،
28
واآلخــر :قــوة اللــه فــوق قوتهــم يف نــرة رســوله .فــأ َّول اليــد تأويلــن ،أحدهــا أنهــا يــد رســول اللــه ،والثــاين
أنهــا قــوة اللــه .فهــل يــا حاطــب الليــل قــال الطــري أن اليــد عــى حقيقتهــا وظاهرهــا؟! خــذ أيضــا ،مــن
ـرت منــه ،وبعــد مــا اقتطع َتــهُ بقليــل ،يــروى الطــري رحمــه اللــه بإســناده أن رهطــا نفــس املصــدر الــذي ذكـ َ
مــن اليهــود ...ســألوا النبــي صــى اللــه عليــه وســلم :صــف لنــا ربــك ،كيــف َخلْ ُقــهُ ؟ كيــف عضــده؟ كيــف
ذراعــه؟ فغضــب النبــي صــى اللــه عليــه وســلم أشــد مــن غضبــه األول ) ...راجــع تفســر الطــري لســورة
الزمــر .فانظــر أصلحــك اللــه كيــف غضــب النبــي مــن ُمجــرد ســؤاله مــن ِق َبــل اليهــود عــن أعضــاء حقيقيــة
للــه ،فهــل غضــب النبــي مــن صفــات اللــه كــا تزعــم؟ وهنــا أقــول ســبحان اللــه العظيــم ،انظــروا يــا معــر
مــن آمــن بلســانه ودخــل اإلميــان قلبــه ،ويــا معــر مــن آمــن بلســانه وملــا يدخــل اإلميــان قلبــه ،انظــروا هــذا
الحديــث فيــه طائفتــان ،طائفــة اليهــود التــي تقــول بــأن اللــه جســم ولــه أعضــاء ،وطائفــة املســلمني الذيــن
غضــب إمامهــم النبــي مــن ذلــك ،وانظـرا أي طائفــة أنتــم تتبعــون ،ونعــوذ باللــه مــن الخــذالن .ومبــا نقلتــه
لــك هــذا يتضــح جيــدا أن صفــات اليديــن ليســت عــى ظاهرهــا ،نعــم نثبتهــا كــا جــاءت يف النصــوص ،لكــن
نرفــع ظاهرهــا .وهكــذا بطــل استشــهادك بهــذا األثــر ،بــل انقلــب عليــك كــا انقلــب الخبيــث محمــد بــن
ســلامن عــى وهابيتــك فهدمهــا ،ويفــرق التشــبيه أن التــايل انقــاب خبيــث عــى خبيــث ،بينــا األول انقــاب
طيــب عــى خبيــث .وذكــرك يــا هــذا لحديــث األصابــع ليــس فيــه ذرة مــن دليــل عــى أنــه عــى ظاهــره ،وال
فيــه حتــى إلكــرون يســاري وال بروتــون ميينــي ،ومــا أبعــد وســطية وتعــادل النيوتــرون عــن مثلــك! مــاا أبعــده
فاذهــب ابحــث عــن شــيئ لتثبــت بــه عــن الســلف أن األصابــع حقيقيــة وعــى ظاهرهــا ثــم تعــال تكلــم إن
كنــت حازمــا .وال نحتــاج منــك نقــل نصــوص يف الصفــات فقــط ،فنحــن نقلتهــا و ُحفاظهــا وســدنتها وخُدامهــا،
إمنــا نريــد منــك إثباتهــا عــى حقيقتهــا ،وإىل اآلن مل تذكــر دليــا واحــدا أو نصــف دليــل أو عــر معشــاره عــى
ـت يل دليــا عــى أنكــم أن هــذه الصفــات عــى ظاهرهــا .ولــن تجــد لســنة اللــه تبديــا .يتبــع .وهــا أنــت أضفـ َ
ـت أن ابــن تيميــة شــيخ الســلفية، ازددت فيكــم إال بصــرة ،هــل أنــا يــا كــذاب قلـ ُ
ُ أهــل كــذب وهــوى ،فــا
ابــن تيميــة شــيخ ُسـ ّني ،فليــس كافـرا وال رافضيــا وال غــره ،لكــن عقيدتــه تضــاد عقيــدة الســلف ،وأنــت تعلــم
ـت غــر ذلــك ،وعندنــا عقيــدة ابــن تيميــة يف الصفــات باطلــة ،غفــر اللــه لــه وســامحه ـت وزعمـ َذلــك وإن زعمـ َ
وجمعنــا جميعــا يف الجنــة مــع النبــي وأيب بكــر وعمــر .ولــو كان رحمــه اللــه حيــا لــكان ت ـ ّرأ منكــم كــا
السـ َّجا ُد مــن شــقفات الشــيعة .وحديــث اليــد الــذي ذكرتَــه ـت النــاس يف مكــة مــن أيب رغــال ،وكــا تــرأ َّتربئـ ِ
ليــس فيــه إثبــات اليــد عــى حقيقتهــا وظاهرهــا .يــا هــذا أكــرر أن الصفــة ثابتــة ،لكــن ليســت عــى ظاهرهــا،
ومــن الدليــل عــى ذلــك مــا رواه الطــري والبيهقــي عــن ابــن عبــاس ومجاهــد وســفيان وقتــادة ريض اللــه عــن
الجميــع أن قولــه تعــاىل «والســاء بنيناهــا بأيــد» يعنــي بقــوة .اهـــ راجــع الــدر املنثــور للســيوطي ،تفســر
ـرت كذبــة عنــدي؟ فالجــواب قطعــا ال ،وحاشــا للــه، ســورة الذاريــات .أمــا ســؤالك هــل كل هــؤالء ِمــن َمــن ذكـ َ
لكــن الــكاذب أنــت ،هــم مل ينطقــوا بكلمــة أن الصفــات عــى ظواهرهــا ،بــل نثبتهــا كــا أثبتوهــا ونرفــع
الظاهــر كــا رفعــوا ،ونفــوض املعنــى كــا فوضــوا ،أو نــؤول كــا أولــوا .ومــا ذكرتَــه بعــد ذلــك فليــس فيــه
دليــل عــى قلــة أدبــك ،بــل فيــه الدليــل الــكايف عــى انعــدام أدبــك ،أصلحــك اللــه وأصلــح شــيوخك الذيــن
علمــوك هــذا الخلــق الدنيــئ .ومــا نقل َتــه مــن خــر اليــد عــن ســيدنا اإلمــام عــي بــن الحســن ،فــإن مــن عنــده
ذرة مــن العقــل يفهــم أن الخــر ليــس عــى ظاهــره ،وهــل أيهــا الكــذاب حقــا أن املتصــدق يضعهــا يف يــد اللــه
ـت حلوليــا باإلضافــة إىل تجســيمك ،فتقــول بحلــول اللــه يف املتصــدَّ ق عليــه فتقــع حقيقــة يــا جهــول؟ إال إن كنـ َ
29
ـقطت أمامــي ســقطة ال الصدقــة يف يــد اللــه حقيقــة يــا عديــم الفهــم والــذوق .وبحديثــك عــن ابــن كثــر سـ َ
قيــام لــك بعدهــا ،ومــا توقع ُتــك بهــذا املســتوى القليــل أبــدا ،يــا كــذاب حديثــي ليــس لــك فأنــت مــروك
الــكالم ،حديثــي لإلخــوة املتابعــن طالبــي الحــق والســنة :افتحــوا تفســر ابــن كثــر ،ســورة األع ـراف ،قولــه
تعــاىل «إن ربكــم اللــه الــذي خلــق الســموات واألرض يف ســتة أيــام ثــم اســتوى عــى العــرش» تجــدوا أن ابــن
كثــر رحمــه اللــه قــال :وأمــا قولــه تعــاىل «ثــم اســتوى عــى العــرش» فللنــاس يف هــذا املقــام مقــاالت كثــرة
جــدا ،ليــس هــذا موضــع بســطها ،وإمنــا يُســلك يف هــذا املقــام مذهــب الســلف الصالــح :مالــك ،واألوزاعــي
،والثــوري ،والليــث بــن ســعد ،والشــافعي ،وأحمــد بــن حنبــل ،وإســحاق بــن راهويــه وغريهــم ،مــن أمئــة
املســلمني قدميــا وحديثــا ،وهــو إمرارهــا كــا جــاءت مــن غــر تكييــف وال تشــبيه وال تعطيــل .والظاهــر
املتبــادر إىل أذهــان املشــبهني منفــي عــن اللــه ،فــإن اللــه ال يشــبهه يشء مــن خلقــه ،و «ليــس كمثلــه يشء
وهــو الســميع البصــر» هــذه عبــارة ابــن كثــر التــي كــرت رأســك بــا عــاج ،وال عــاج ســوى التوبــة حتــى
ـدي لــك أيهــا الضعيــف مــا زال قامئــا ،هــل تســتطيع أن ـت مشــكلتك عــى جالينــوس .يتبــع .وتحـ ّ لــو عرضـ َ
تقــول للنــاس أن عقيــدة الحافــظ الســيوطي عنــدك صحيحــة كــا أقولهــا أنــا؟ إىل اآلن ال جــواب ،لــن تســتطع.
واســمع مــا يقــول اإلمــام الســيوطي يف تفســر الجاللــن يف ســورة املائــدة« ،بــل يــداه مبســوطتان» قــال:
مبالغــة يف الوصــف بالجــود ،وث َّنــى اليــد إلفــادة الكــرة ،إذ غايــة مــا يبذلــه الســخي مــن مالــه أن يعطــي
بيديــه .اهـــ فــا تتكلــم عــن الســيوطي يــا هــذا فلســت عــى عقيدتــه حتــى تحتــج بــه .وقلــت يل أنــك تريــد
أحــدا مــن الســلف رفــع ظواهــر الصفــات ،فأعيــد عليــك أن ابــن كثــر رحمــه اللــه وهــو أحــد تالمــذة ابــن
تيميــة الرافضــن لعقيدتــه ذكــر أن اإلمــام مالــكا واألوزاعــي وســفيان الثــوري والليــث بــن ســعد والشــافعي
واإلمــام أحمــد وإســحاق بــن راهويــه قالــوا أن مذهبهــم يف الصفــات إمرارهــا كــا جــاءت مــن غــر تكييــف
وال تشــبيه وال تعطيــل ،والظاهــر املتبــادر إىل أذهــان املشــبهني منفــي عــن اللــه) واملصــدر هــو نفســه
الســابق أعــاه ،فاخــرس بعــد هــذه لألبــد حتــى تتــوب إىل ربــك مــن الكــذب ،وكذبــك صــار مكشــوفا جــدا،
الحكــم َم َّســاكَ ْيه ،ورغــم انكشــافك أنتــم قــوم ال
ُ صــار منكشــفا أكــر مــن انكشــاف الفــرق الــذي طــرد
ـدث عــن الدارمــي يف رده عــى املريــي حتــى ال تنفضــح عقيدتــك التجســمية أكــر ،وإال تســتحون .وال تتحـ ْ
أُلزمــك بــكل كالمــه وعقيدتــه التجســمية الســافرة .أمــا كلمــة (بذاتــه) فلــم تــرد عــن الســلف مهــا كذبــت،
اســمع شــمس الديــن الذهبــي وهــو كذلــك أحــد تالمــذة ابــن تيمــن الرافضــن لعقيدتــه يقــول يف كتابــه
(العلــو) بعــد نقلــه قــول يحيــى بــن عــار :بــل نقــول هــو بذاتــه عــى العــرش وعلمــه محيــط بــكل شــيئ.
قــال الذهبــي :قولــك بذاتــه مــن كيســك .اهـــ وقــال شــيخ اإلســام ابــن حجــر يف فتــح البــاري ،رشح حديــث
(إن أحدكــم إذا قــام يف صالتــه فإنــه يناجــي ربــه) قــال وفيــه الــرد عــى مــن زعــم أنــه عــى العــرش بذاتــه.
اهـــ ومــا نقل َتــه عــن ابــن أيب زيــد القــرواين رحمــه اللــه ،فأنــت ال تفهــم اللغــة ،ألن قــول ابــن أيب زيد(:وأنــه
فــوق عرشــه املجيــد بذاتــه) الجــار واملجــرور متعلقــان بـ(املجيد)التــي قبلهــا ،وهــي مجــرورة فيكــون املجيــد
بذاتــه هــو العــرش ،كــا قــال اللــه (ذو العــرش املجيــد) أو هــي مرفوعــة فيكــون املجيــد بذاتــه هــو اللــه
ســبحانه .ولكــن مــن لــك باللغــة وأنــت ال تحســن كتابــة العــدد كــا وقــع منــك أمــس ،واليــوم تقــول (أن أبــو
نــر) والصــواب (أن أبــا نــر) فاســتح يــا جاهــا بأبجديــات اللغــة ،وكــف عــن الحديــث يف ذات اللــه.
وقــال الذهبــي يف العلــو :وقــد نقمــوا عليــه -يعنــي ابــن أيب زيــد القــرواين -يف قولــه بذاتــه ،فليتــه تركهــا .اهـــ
وحدي ُثــك املرســل الــذي ال يُــدرى ُق ُبلُــه مــن ُدبُـرِه ال نظــر لــه ،فــا ننظــر إىل كالم بــا ســند ،وال إىل ناقــة بــا
30
خطــام .لكــن نضــع فوقــه كلــه فنهلكــه وهــو هالــك أصــا ،نضــع عليــه قــول اإلمــام الحجــة النــووي إمــام
الســنة يف رشحــه لحديــث الجاريــة مــن صحيــح اإلمــام مســلم رحمــه اللــه :قــال رحمــه اللــه :قــال القــايض
عيــاض :ال خــاف بــن املســلمني قاطبــة فقيههــم ومحدثهــم ومتكلمهــم ونظارهــم ومقلدهــم أن الظواهــر
الــواردة بذكــر اللــه تعــاىل يف الســاء كقولــه تعــاىل « :أأمنتــم مــن يف الســاء أن يخســف بكــم األرض» ونحــوه
ليســت عــى ظاهرهــا ،بــل متأولــة عنــد جميعهــم .اقرأهــا مــرة أخــرى وثالثــة ورابعــة ،فمــن أدمــن طــرق
البــاب أوشــك أن يفتــح لــه .وبهــذا النــص وحــده ينتهــي مذهــب الوهابيــة القائلــن بــأن الســلف قالــوا
بظواهــر النصــوص ،وهــم كاذبــون يف ذلــك ،وســيجزيهم اللــه مبــا كانــوا يكذبــون .يتبــع .وأختــم كالمــي بــإذن
اللــه بهديتــن للســادة املتابعــن ،أوالهــا :أكــرر لــك قــول شــيخ اإلســام وأمــر املؤمنــن يف الحديــث ابــن
حجــر العســقالين رحمــه اللــه يف فتــح البــاري ،يف رشحــه لحديــث النــزول ،قــال رحمــه اللــه :قولــه (ينــزل ربنــا
إىل الســاء الدنيــا) اســتدل بــه مــن أثبــت الجهــة ،وقــال :هــي جهــة العلــو ،وأنكــر ذلــك الجمهــور ألن
القــول بذلــك يفــي إىل التحيــز ،تعــاىل اللــه عــن ذلــك .وقــد اخ ُتلــف يف معنــى النــزول عــى أقــوال :فمنهــم
مــن حملــه عــى ظاهــره وحقيقتــه ،وهــم املشــبهة ،تعــاىل اللــه عــن قولهــم .اهـــ والحمــد للــه مذهبكــم أيها
الوهابيــة منســوف مــن أمئــة الحديــث قبــل أمئــة الــكالم .ثــاين الهديتــن هــي شــيئ احفظــوا أين أنــا مــن نقلــه
لكــم ،فتذكــروين بدعــوة يف ظهــر الغيــب ،وإليكــم الهديــة ،،،جــاء يف فتــاوى اإلمــام ابــن رشــد الجــد املالــي
رحمــه اللــه تعــاىل امللقــب عنــد املالكيــة بشــيخ املذهــبُ ،ســئل عــن رأي املالكيــة يف الســادة األشــاعرة وحكــم
مــن ينتقصهــم .وكان الســؤال كاآليت :مــا يقــول الفقيــه القــايض األجــل أبــو الوليــد -وصــل اللــه توفيقــه
وتســديده ،ونهــج إىل كل صالحــة طريقــه ،-يف أيب الحســن األشــعري وأيب إســحاق اإلســفراييني وأيب بكــر
الباقــاين وأيب بكــر بــن ُفــورك وأيب املعــايل ،ونظرائهــم ممــن ينتحــل علــم الــكالم ويتكلــم يف أصــول الديانــات
ويصنــف للــرد عــى أهــل األهــواء؟ أهــم أمئــة رشــاد وهدايــة أم هــم قــادة حــرة وعاميــة؟ ومــا تقــول يف قــوم
يســبونهم وينتقصونهــم ،ويســبون كل مــن ينتمــي إىل علــم األشــعرية ،ويكفرونهــم ويتــرأون منهــم،
وينحرفــون بالواليــة عنهــم ،ويعتقــدون أنهــم عــى ضاللــة ،وخائضــون يف جهالــة ،فــاذا يقــال لهــم ويصنــع
بهــم ويعتقــد فيهــم؟ أيرتكــون عــى أهوائهــم ،أم يكــف عــن غلوائهــم؟ فأجــاب اإلمــام رحمــه اللــه ،قــال:
تصفحــت عصمنــا اللــه وإيــاك ســؤالك هــذا ،ووقفــت عــى الذيــن ســميت مــن العلــاء فهــؤالء أمئــة خــر
وهــدى ،وممــن يجــب بهــم االقتــداء ،ألنهــم قامــوا بنــر الرشيعــة ،وأبطلــوا شــبه أهــل الزيــغ والضاللــة،
وأوضحــوا املشــكالت ،وبينــوا مــا يجــب أن يــدان بــه مــن املعتقــدات ،فهــم مبعرفتهــم بأصــول الديانــات
العلــاء عــى الحقيقــة ،لعلمهــم باللــه عزوجــل ومــا يجــب لــه ومــا يجــوز عليــه ،ومــا ينتفــي عنــه ،إذ ال
تُعلــم الفــروع إال بعــد معرفــة األصــول ،فمــن الواجــب أن يعــرف بفضائلهــم ،ويقــر لهــم بســوابقهم ،فهــم
الذيــن عنــى رســول اللــه صــى اللــه عليــه وســلم بقولــه( :يحمــل هــذا العلــم مــن كل خلــف عدولــه ،ينفــون
عنــه تحريــف الغالــن ،وانتحــال املبطلــن ،وتأويــل الجاهلــن) فــا يعتقــد أنهــم عــى ضاللــة وجهالــة إال غبــي
جاهــل ،أو مبتــدع زائــغ عــن الحــق مائــل ،وال يســبهم وينســب إليهــم خــاف مــا هــم عليــه إال فاســق ،وقــد
قــال اللــه عــز وجــل « :والذيــن يــؤذون املؤمنــن واملؤمنــات بغــر مــا اكتســبوا فقــد احتملــوا بهتانــا وإمثــا
مبينــا» فيجــب أن يبــر الجاهــل منهــم ،ويــؤدب الفاســق ،ويســتتاب املبتــدع الزائــغ عــن الحــق إذا كان
مستســهال ببدعــة ،فــإن تــاب وإال رضب أبــدا حتــى يتــوب ،كــا فعــل عمــر بــن الخطــاب ريض اللــه عنــه
بصبيــغ املتهــم يف اعتقــاده ،مــن رضبــه إيــاه حتــى قــال :يــا أمــر املؤمنــن إن كنــت تريــد دوايئ فقــد بلغــت
31
منــي موضــع الــداء ،وإن كنــت تريــد قتــي فأجهــز عــي ،فخــى ســبيله ،واللــه أســأل العصمــة والتوفيــق
برحمتــه .قالــه :محمدبــن رشــد .اهـــ وأهيــب باإلخــوة املتابعــن عــدم الســر وراء هــذا املناظــر ،فــإن
مذهبــه كــا علمتــم ورأيتــم مــن الخبــث مبــكان .واللــه املســتعان ،وعليــه التــكالن .ومــن كالمــي :تــم
الجــواب وربنــا محمــود *** ولــه املــكارم والعــا والجــود ريب الــذي رزق العلــوم بفضلــه *** أك ـرِم بــريب
حبله ممدود ثم الصالة عىل النبي وحزبه *** خري األنام ومن به سنقود انتهيت.
الدكتور أنس أبو هيام
أعــوذ باللــه مــن غضــب اللــه ...مل يبقــي زميلنــا شــيئا مــن الفضــات التــي يعــج بهــا عقلــه إال و تقيأهــا
هنــا ..مل يــدع يل مــا أقــول بعــد أن خــرق جميــع رشوط املناظــرة ؛ و اآلن مل نعــد نتحــدث عــن خرقــه
لــروط املناظــرة و البهلوانيــة الزائــدة ؛ اآلن نتحــدث عــن ســبه و شــتمه لشــخيص ؛ و تطاولــه حتــى عــى
زوجتــي و أوالدي !! األمــر خطــر !! و يصفنــي بالداعــي مــع أن تعليقــه أخطــر مــا يفعلــه الدواعــش ؛
فلــو صــادف و أن التقــى يب فســيقتلني ألنــه يعتــرين كافـرا و ســلفي الشــيطان !! و طبعــا إننــا ألفنــا هــذه
الرقصــات مــن األشــاعرة ملحاولــة اســتفزاز اإلدارة ليتــم إيقــاف املناظــرة يك ال يتــم تعريــة مذهب األشــاعرة
أكــر فأكــر ،و محاولــة فاشــلة للغــر القــزم ألجــل توقيفــه مــن إمتــام املناظــرة فيذهــب ملجموعــات الجــرب
و الجــذام فيــرخ عاليــا « :لقــد أفحمــت الوهابيــة بالغبــاء و الجهــل و الســب و الشــتم ؛ فخافــوا و
طــردوين « .إن مــا قــام بــه القــزم يف مداخلتــه األخــرة لهــم خطــب جلــل و أمــر خطــر ،فهــو اتهمنــي ليــس
بالكــذب و النفــاق و اإلبتــداع ( مل ألقــي بــاال لهــذا ) ،بــل اتهمنــي بالكفــر و قــام بتكفــر أمئــة الســنة
جميعــا الذيــن أنقــل عنهــم أقوالهــم فاعتــر ذلــك بقولــه ( ســلفيتكم الشــيطان ) ،و مــا فتــئ أن قــام
بتكفــر الخلــف فقرننــا ب ( خلفكــم الدواعــش و املداخلــة ) ،مــع العلــم أن ال األزهــر األشــعري و ال غــره
يجــرؤ عــى تكفــر الدواعــش أو املداخلــة .ثــم أن القــزم مذهبــه أخطــر مــن مذهــب الدواعــش ؛ فداعــش
تــرى الخــروج عــى والة األمــور بالســيف ألنهــم يف نظرهــم كفــار ،فهــم اســتحلوا دمــاء املســلمني بحجــة
الكفــر ،و أنــت هنــا اســتتحلت دمــايئ بحجــة التكفــر ؛ لذلــك فأنــت أخطــر مــن داعــش بــل أنــت داعــي
نفســه .و أمــا وصولــك لبيتــي و زوجتــي و أوالدي يف مناظــرة عــى الفايســبوك فهــذا ال أعلــم مــا أقــول
فيــه غــر جمــع البصــاق و وضعــه عــى مــن ربــاك و مل يحســن تربيتــك .و لــن جربتنــي مــرة أخــرى بهــذه
األلفــاظ التــي مــأت بهــا مداخالتــك فألقومــن بالبصــق عــى أنفــك و ركلــك ملؤخرتــك خارجــا أيهــا الحقــر
.حســن املالــي مــن فضلــك اجمــع املناظــرة عــى ملــف ( ) pdfلــي ال يحــاول زميلنــا الهــروب بإغــاق
حســابه أو حــذف التعليقــات بعــد أن صــدم و أكــر مــن الـراخ .فهــو يعلــم بأنــه انتهــى و تهــاوى ؛ لذلــك
لجــأ إىل مثــل هــذا :يتبــع ..بعــد رؤيــة ردود األشــاعرة يف منشــور التعليقــات عــى القــرف الــذي وصــل
إليــه ممثلهــم يف هــذه املناظــرة .ثــم نتســاءل مــا عالقــة املناظــرة بامللــوك ووصــف أحدهــم بالخبيــث ؟!
فهــذا اتهــام لألع ـراض ليــس دفاعــا عــن محمــد بــن ســلامن ؛ لكــن مــا عالقتــه مبناظــرة أكادمييــة ؟! مــع
أننــي مغــريب ال يهمنــي ال محمــد بــن ســلامن و ال غــره مــن قــادة الــدول العربيــة .خالصــة القــول :الحقــر
أفلــس .و ســأقوم بتقديــم خالصــة شــمولية ملــا يتــداول هنــا يف املناظــرة و بيــان أن الحقــر هــذا ال ينتمــي
لألشــاعرة و ال ملذهــب الســلف و إمنــا عقائــده التــي يســطرها هنــا هــي عقائــد األحبــاش أتبــاع الهــرري .
فســبه و شــتمه يل و لزوجتــي و أوالدي ،و مل يســلم لســانه حتــى مــن العلــاء و األمـراء هــو إعــان عــن
32
إفــاس مبنتهــى الكلمــة .و نســأل اللــه أن يعافينــا مــا ابتــى بــه هــذا الحقــر مــن ســب لألعـراض و اتهامنــا
بالكفــر و اإلبتــداع ( .يتبــع ) و هــذه املداخلــة ســنعتربها األخــرة رغــم أنهــا هــي املداخلــة الرابعــة مــن
عــر مداخــات متفــق عليهــا ،و مبــا أن الحقــر خــرق جميــع رشوط املناظــرة ،و مبــا أن الحقــر تطــاول أكــر
فأكــر عــى شــخيص و أهــل بيتــي ؛ فلــم تعــد هــذه مناظــرة ؛ بــل هــي تصفيــة حســابات و هــذا نرفضــه ،و
إن تركنــا املجــال مــرة أخــرى لهــذا الدعــي الحقــر ال نعلــم كــم البــذاءة التــي سيســتخدمها يف املداخلــة
القادمــة ؛ فــا رصح بــه هنــا كفيــل بإغــاق املناظــرة يف وجهــه و تركــه يــأكل بعضــه بعضــا ؛ و يحــال إىل
مركــز إعــادة التأهيــل األخالقــي يف حضانــة ( بابــا أيــوب ) التــي بجــوار بيتنــا .عــى أي ..فزميلنــا ينقــل مــن
مدونــة ســعيد فــودة غالــب ردوده مضيفــا إليهــا كالمــه الســاقط أخالقيــا ،لذلــك كل نقوالتــه تفتقــر إىل
املصــدر ؛ ضــف عليهــا -مــع افـراض صحتهــا -هــي كالم املتأخريــن ؛ و أكــر نقوالتــه ضــده ؛ و أنــا أقســم
بالــذي خلــق الســاوات و األرض أننــي وضعــت عــى مكتبــي أكــر مــن ثالثــن كتابــا مــن مكتبتــي املتواضعــة
ألجــل اإلســتدالل بهــم عــى هــذا الحقــر .فلفظــة ( بذاتــه ) التــي اســتنكرها الحقــر أطلقهــا أحمــد بــن
ثابــت الطرقــي الحافــظ ،و الشــيخ عبــد القــادر الجيــي و املفتــي عبــد العزيــز القحيطــي و طائفــة كثــرة
مــن علــاء الســلف الــذي يجهلهــم هــذا الدعــي .قــال الذهبــي « :و اللــه تعــاىل خالــق كل يشء #بذاتــه ،
و مدبــر الخالئــق #بذاتــه ،بــا معــن و ال مــؤازر « .و قــال أيضــا « :و إمنــا أراد ابــن أيب زيــد و غــره التفرقــة
بــن كــون اللــه تعــاىل معنــا ،و بــن كونــه فــوق العــرش ؛ فهــو كــا قــال ،و معنــا بالعلــم و أنــه عــى العــرش
كــا أعلمنــا حيــث يقــول « :الرحمــن عــى العــرش اســتوى « ( .طــه . ) 5 :و قــد تلفــظ بالكلمــة املذكــورة
جامعــة مــن العلــاء كــا قدمنــا « .املصــدر « :العلــو « ،للذهبــي ص . 235 :قــول الحقــر مــا معنــاه « :
لفظــة ( بذاتــه ) مل تــرد يف كتــاب و ال ســنة و ال عــى لســان أحــد مــن الصحابــة أو التابعــن « ،عجــب منــه
!! و تناقــض رصيــح ،فــا أدري هــل يأثــر الحقــر شــيئا مــن كالمــه يف الصفــات و تأويلهــا ؛ عــن أحــد مــن
الصحابــة أو التابعــن أو األمئــة ؟! و هــذا كــا يقــول القائــل « :رمتنــي بدائهــا و انســلت « .إن قــول مــن
قــال مــن الســلف #بذاتــه هــو مــن بــاب التأكيــد و التنصيــص ،و الــرد عــى املعطلــة الذيــن يفــرون صفــات
اللــه تعــاىل مبــا قــام بغــره ،و ينكــرون أن يقــوم بــذات اللــه تعــاىل صفــة متعلقــة مبشــيئته ،فيقــول األشــاعرة
:نزولــه ( نــزول بأمــره ) ،و مجيئــه ( مجــيء ثوابــه ) و هكــذا ..و كــذا قــول أمئــة الســلف ( نــزول عــى
الحقيقــة ) تأكيــد لحقيقــة الصفــة و رد عــى مــن جعلهــا مجــازا .و هــذا كــا زاد الســلف لفــظ ( بائــن ) يف
إثباتهــم لعلــو اللــه تعــاىل فقالــوا « :اللــه مســتو عــى عرشــه ؛ بائــن مــن خلقــه « .و ذلــك ردا عــى الجهميــة
الذيــن يزعمــون أن اللــه يف كل مــكان بذاتــه ؛ تعــاىل اللــه عــن ذلــك .و معلــوم أن الخــر وقــع عــن نفــس
ذات اللــه تعــاىل ال عــن غــره كــا يف قولــه « :الرحمــن عــى العــرش اســتوى « ( .طــه . ) 5 :و قــول النبــي
صــى اللــه عليــه و ســلم « :إن اللــه ينــزل إىل الســاء الدنيــا « .و هــذا خــر عــن مســمى هــذا اإلســم
العظيــم .و مثالــه مــا لــو قلــت :الحقــر عنــدك ؛ و الدعــي قائــم ،فإمنــا أخــرت عــن ذات الحقــر و ذات
الدعــي ال عــن اإلســم ،فاســمه ( محمــد املعتصــم باللــه ) .فقولــه تعــاىل « :اللــه خالــق كل يشء « ( .الزمــر
. ) 62 :هــو خــر عــن ذات الــرب تعــاىل فــا يحتــاج املخــر أن يقــول :خالــق كل يشء بذاتــه ،و كذلــك
جميــع مــا أخــر اللــه بــه عــن نفســه فإمنــا هــو خــر عــن ذاتــه ؛ و إال أصبــح معبــودك عــدم كــا تــرح
األشــعرية الفوديــة ( اللــه ال داخــل العــامل و ال خارجــه ) كــا عنــد فــودة يف ( الكاشــف ) .لكــن ملــا ظهــر
مــن أهــل البــدع و املعطلــة مــن يجعــل صفــات اللــه تعــاىل مجــازات نــص الســلف عــى كونهــا حقيقــة .و
33
ملــا ظهــر منهــم مــن يجعــل مــا وصــف اللــه تعــاىل بــه نفســه هــو مــا قــام بغــره ؛ كمــن يقــول :نــزول أمــره
،و مجــيء مالئكتــه نــص الســلف عــى كونهــا صفــة ذاتــه .و أتســاءل كيــف لهــذا الحقــر أن يعيــب ذلــك و
ســيده ( اإلمــام الســبيك األشــعري ) يدافــع عمــن قــال « :و لفظــي بالقــرآن مخلــوق « ،مــع كونــه قــول
متأخــري الجهميــة كالكرابيــي و ابــن كالب و غريهــا ؛ فيقــول الســبيك « :و إننــا متيقنــون بأنهــم رحمهــم
اللــه مل يقولــوا هــذا القــول دون أن تدعــو لــه حاجــة ،كال و حاشــاهم أن يتكلمــوا بــيء ســكت عنــه
الصحابــة و التابعــون ،لكنهــم ملــا رأوا النــاس تقحمــوا هــذا البــاب و خاضــوا يف هــذا األمــر و حملــوه عــى
غــر وجهــه ،اضطــروا إىل الــكالم فيــه تبيانــا للحــق و كفــا للنــاس عــن ذلــك « .فهــذا اعتــذار علامئــك عــن
مقولــة باطلــة فهــا عذرتــم مــن قــال بالحــق و أكــده ؟! ( يتبــع ) و بالنســبة ملــا نقلــه الحقــر عــن ابــن كثــر
رحمــه اللــه أننــا منــر الصفــات كــا جــاءت فهــذا هــو اعتقــاد الوهابيــة أيهــا الدعــي ؛ فهــل تعتقــد أنــت
بذلــك ؟! ال أبــدا !! قــال الذهبــي معلقــا عــى كالم القصــاب « :و كان أيضــا يســعه الســكوت عــن صفــة (
حقيقيــة ) فإننــا إذا أثبتنــا نعــوت البــاري و قلنــا متــر كــا جــاءت فقــد آمنــا بأنهــا صفــات ،فــإذا قلنــا بعــد
ذلــك :صفــة حقيقــة و ليســت مبجــاز ،كان هــذا كالمــا ركيــكا نبطيــا مغلثــا للنفــوس فليهــدر ،مــع أن هــذه
العبــارة وردت عــن جامعــة ؛ و مقصودهــم بهــا أن هــذه الصفــات #متــر و ال #يعــرض لهــا #بتأويــل و ال
#تحريــف ،كــا يتعــرض ملجــاز الــكالم و اللــه أعلــم « .و يضيــف اإلمــام الذهبــي رحمــه اللــه قائــا « :و
قــد أغنــى اللــه تعــاىل عــن العبــارات املبتدعــة ،فــإن النصــوص يف الصفــات واضحــة ؛ و لــو كانــت الصفــات
تــرد إىل املجــاز لبطــل أن يكــون صفــات اللــه ،و إمنــا الصفــة تابعــة للموصــوف ،فهــو موجــود حقيقــة ال
مجــازا ؛ و صفاتــه ليســت مجــازا ،فــإذا كان ال مثــل لــه و ال نظــر لــزم أن تكــون ال مثــل لهــا « .املصــدر « :
العلــو « للذهبــي ص . 239 :و هــذا مــن الذهبــي رصيــح بــأن معنــى « كــون الصفــات حقيقــة « أو أنــه
متصــف بهــا بذاتــه #حــق ،و لكــن ال يحتــاج إىل زيــادة ( حقيقــة ) أو ( بذاتــه ) ال لكــون املعنــى باطــا ،بــل
لكونــه ظاه ـرا بــا حاجــة للزيــادة ؛ إذ مــن املعلــوم يف لغــة العــرب أنــه إذا قيــل :ســمع الحقــر ،و كالم
الحقــر ،و نــزول الحقــر فهــو حقيقــة ال مجــاز ،إال أن يقــرن باللفــظ مــا يــدل عــى كونــه مجــازا .إذ أن
قاعــدة اللغــة التــي تحاكمنــي إليهــا أيهــا الدعــي تنــص عــى « :أن األصــل يف الــكالم الحقيقــة و اإلف ـراد ال
املجــاز و اإلشـراك « .راجــع القامــوس املحيــط .فأقــول للحقــر و ألســافلة الــورى مــن األحبــاش و األشــاعرة
املتأخــرة ( الفوديــة ) :كيــف ســوغتم ألنفســكم هــذه الزيــادات يف النفــي كنفــي الجهــة و الحيــز و نحــو
ذلــك ،و التقصــر يف اإلثبــات عــى مــا أوجبــه الكتــاب و الســنة ؟! و كيــف أنكرتــم عــى أمئــة الديــن ردهــم
لبدعــة ابتدعهــا أهــل التعطيــل و التجهيــم مضمونهــا ( إنــكار حقائــق صفــات اللــه تعــاىل ) و عــروا عــن
ذلــك كقولهــم ( حقيقــة ) أو ( بذاتــه ) ؟! فالســلف أثبتــوا تلــك العبــارة ليبينــوا ثبــوت املعنــى الــذي نفــاه
أســافلة الــورى .و أيــن يف الكتــاب و الســنة أنــه يحــرم رد الباطــل بعبــارة مطابقــة لــه ؟! فــإن هــذه األلفــاظ
مل تثبــت صفــة زائــدة عــى مــا يف الكتــاب و الســنة ،بــل بينــت مــا عطلــه املبطلــون مــن حقيقــة اتصافــه
بصفــات الكــال .و الحقــر رغــم محاولتــه اليائســة يف إنــكار قــول الســلف ( اللــه ســاكن الســاء ) فإننــي
تحرجــت و احمــرت خــدودي و اســتحييت مكانــه ؛ فإنــه ال يســتحيي ؛ و إن ســألتموين ملــا ؟! أجيــب :هــذه
الجملــة ( اللــه ســاكن يف الســاء ) قالهــا -مــع األســف -إمــام األشــاعرة أيب الحســن األشــعري رحمــه اللــه
نفســه مســتدال بــه عــى علــو اللــه تعــاىل ،و ذكــر أنــه قــول جميــع املســلمني ! فــا أعلــم مــاذا ســيصيب هــذا
الدعــي حــن يقــرأ كالم إمامــه ؟! فهيــا نطبــل مــع الحقــر و نصــف إمامهــم بالتجســيم ؟! يقــول اإلمــام أبــو
34
الحســن األشــعري « :و مــن دعــاء أهــل اإلســام جميعــا إذا هــم رغبــوا إىل اللــه تعــاىل يف األمــر النــازل بهــم
يقولــون جميعــا :يــا #ســاكن الســاء « .املصــدر « :اإلبانــة « لألشــعري ،ص . 103 - 79 :و هــذا أمــر مثــر
لإلســتغراب و الحــرة ،أال و هــو كــرة إنــكار الحقــر و األشــاعرة ألمــور قــد نــص عليهــا أبــو الحســن األشــعري
يف كتبــه حتــى ليظــن الناظــر أن األشــاعرة املتأخــرة ألفــوا كتبهــم للــرد عــى أيب الحســن األشــعري ال انتصــارا
لــه ( .يتبــع ) بالنســبة لباقــي نقــوالت الحقــر التــي تصــب يف واد غــر الــواد الــذي يريــد إثباتــه ؛ فإننــي
أقــول لــه :كفــى !! كفــى مــن فضلــك !! كفــى مــن صفــع نفســك بنفســك !! فقــد جعلــت نفســك بتلــك
النقــوالت ليــس فقــط كمهــرج يف ســرك الغجــر ؛ و إمنــا جعلــت تصفــع نفســك بنفســك و تــرد عــى نفســك
بنفســك دون الحاجــة للــرد عليــك مــن أحــد !! فياللعجــب !! و يــا ســبحان اللــه !! و هــل كان رصاع الســلف
مــع رصاع الجهميــة و املعتزلــة إال عــى إثبــات حقائــق صفــات اللــه تعــاىل ؟! فــإن الســلف كانــوا يثبتــون
صفــات اللــه تعــاىل عــى الحقيقــة و يــأىب ذلــك الجهميــة و املعتزلــة بدعــوى التشــبيه و إال فلــو كان الجميــع
متفقــن عــى كونهــا مــن مجــازات الــكالم ملــا صــار بــن الســلف و املعطلــة خصومــة ؛ و لدامــت بينهــا املودة
و األلفــة .و ألجــل هــذا أكــد الســلف هــذا األمــر فأثبتــوا صفــات اللــه تعــاىل عــى الحقيقــة و مل يعبــأوا
بتشــنيع املعتزلــة و الجهميــة بــل حــذروا مــن أن يخــدع املســلم بذلــك ،و ألفــوا الكتــب و الرســائل ردا
عليهــم و إبطــاال لدعواهــم .و ( عشــان خاطــر الحقــر ) أنقــل لــه قــول أحــد أمئتــه رحمهــم اللــه ؛ أال و هــو
اإلمــام أبــو بكــر الباقــاين حيــث يقــول يف ســياق أقــوال املعتزلــة « :و زعمــوا جميعــا أنــه ال وجــه للــه تعــاىل
مــع قولــه عــز و جــل « :و يبقــى وجــه ربــك ذو الجــال و اإلكـرام « ( .الرحمــن . ) 27 :و أنــه ال يــد لــه
مــع قولــه عــز و جــل « :بــل يــداه مبســوطتان « ( .املائــدة . « . ) 64 :املصــدر « :رســالة الســجزي إىل أيب
زبيــد « ،ص . 185 :و معلــوم أن املعتزلــة مل ينكــروا ثبــوت اآليــة و ال ورود لفــظ الوجــه و اليديــن و إمنــا
أنكــروا حقيقتهــا للــه تعــاىل ،و لذلــك كانــوا يتأولونهــا بعلــل املجــازات ،و هــذا بــن ملــن لــه أدىن اطــاع عــى
مقــاالت الفــرق .و لذلــك عقــد أبــو بكــر الباقــاين بعــد ذلــك فصــا يف إثبــات الوجــه و اليديــن و إبطــال
قــول مــن تأولهــا ،كــا فعــل األشــعري قبلــه يف ( اإلبانــة ) .و مــن ظــن أن حقيقــة الصفــة الثابتــة للــه هــي
حقيقــة صفــة املخلــوق فقــد زل و ضــل ( و هــذا مــا يريــد الحقــر أن يثبتــه ) مبعنــى :أن الحقــر يريــد أن
يقــول بأننــا نثبــت صفــة اللــه عــز و جــل و نشــبهها بصفــة املخلــوق ،فــإن هــذا ال يقــره عقــل و ال نقــل و
ال تقتضيــه لغــة ،إذ الصفــة تابعــة للموصــوف ؛ فــإذا كان للــه تعــاىل ذات حقيقــة و للمخلــوق ذات حقيقــة
،مل يلــزم أن تكــون حقيقــة ذات اللــه تعــاىل هــي حقيقــة ذات املخلــوق ،كــا ال يلــزم مــن حقيقــة وجــود
اللــه أن تكــون هــي حقيقــة وجــود املخلــوق .فاللــه « ليــس كمثلــه يشء « و ليــس لــه ســمي و ال كفــؤ و ال
نظــر ،و الصفــات فــرع عــن الــذات ؛ فــإذا تباينــت الــذوات تباينــت الصفــات ،فــا يلــزم مــن إثبــات صفــات
للــه تعــاىل عــى الحقيقــة أن تكــون هــي حقيقــة صفــة املخلــوق .قــال أبــو نــر الســجزي « :أن الــذي
يزعمــون بشــاعته مــن قولنــا يف الصفــات ليــس عــى مــا زعمــوه ،و مــع ذلــك فــازم لهــم مــن إثبــات الــذات
مثــل مــا يلزمــون أصحابنــا يف الصفــات « .املصــدر « :رســالة الســجزي إىل أيب زبيــد « .ص . 185 :و قــال أبــو
عثــان الصابــوين « :ألن جــل جاللــه منــزه أن تكــون صفاتــه مثــل صفــات الخلــق ،كــا كان منزهــا أن تكــون
ذاتــه مثــل ذوات الخلــق « .املصــدر « :عقيــدة الســلف و أصحــاب الحديــث « ،ص 62 :؛ ط :دار الغــد
الجديــد هــي التــي بحــوزيت .و قــال ابــن الزاغــوين يف كتابــه ( اإليضــاح ) « :فــإن قالــوا :إن إثبــات اليــد
الحقيقــة التــي هــي صفــة للــه تعــاىل ممتنــع لعــارض مينــع فليــس بصحيــح ،مــن جهــة أن البــاري تعــاىل ذات
35
قابلــة للصفــات املســاوية لهــا يف اإلثبــات ،فــإن البــاري تعــاىل يف نفســه ذات ليســت بجوهــر و ال جســم و
ال عــرض و ال ماهيــة لــه تعــرف و تــدرك و تثبــت يف شــاهد العقــل ؛ و ال ورد ذكرهــا يف نقــل ،و إذا ارتفــع
عنــه إثبــات املاهيــة ،و إذا كان الــكل مرتفعــا و املثــل بذلــك ممتنعــا :فالنفــار مــن قولنــا يــد مــع هــذه
الحــال كالنفــار مــن قولنــا ذات ،و مهــا دفعــوا بــه إثبــات ذات مــا وصفنــا فهــو ســبيل إىل دفــع يــد ،ألنــه
ال فــرق بينهــا عندنــا يف اإلثبــات ،و إن عجــزوا عــن ذلــك لثبــوت الدليــل القاطــع لإلقـرار بالــذات عــى مــا
هــي عليــه مــا ذكرنــا فــذاك هــو الطريــق إىل تعجيزهــم عــن نفــي يــد هــي صفــة تناســب الــذات فيــا
ثبــت لهــا مــن ذلــك ،و هــذا ظاهــر الزم ال محيــد عنــه « .املصــدر « :اإليضــاح يف أصــول الديــن « ،البــن
الزاغــوين ص . 287 - 286 :و قــد نقلــه عنــه شــيخ اإلســام و قامــع املبتدعــة ابــن تيميــة رحمــه اللــه يف «
بيــان تلبيــس الجهميــة « ( ) 42 / 1طبعــة :مكتبــة الصفــا التــي بحــوزيت و عــى مكتبــي .و بعــد هــذا يحــق
لــك أيهــا الحقــر أن تحــارب طواحــن الهــواء كــا كان يفعــل ( دونــي شــوت ) ظنــا منــه أنــه يحــارب جيشــا
عرمرمــا مــن جيــوش املغــول ( .يتبــع ) و آخـرا ليــس أخـرا !! فإننــي ســأبقى أدك حصــون الجهميــة حتــى
تخــرس ألســنتهم ؛ و لعلنــي أســتخرج مــن البغــل الحقــر حــارا يركبــه األطفــال و يلعبــون بــه قــرب ســاقية
الث ـران ،و هــذا واضــح و ظاهــر للعامــي فضــا عــن العــامل بأحــوال مــا يتــداول هنــا .فالحقــر قــد قــام
بتكفــر اإلمــام الدارمــي و اعتــره مجســا ؛ و ال حــول و ال قــوة إال باللــه .قــال الذهبــي « :و مــا أحســن
قــول نعيــم بــن حــاد الــذي ســمعناه بأصــح إســناد عــن محمــد بــن إســاعيل الرتمــذي أنــه ســمعه يقــول :
مــن شــبه اللــه بخلقــه كفــر ( ،و مــن أنكــر مــا وصــف اللــه بــه نفســه فقــد كفــر ) و ليــس مــا وصــف بــه
نفســه و ال رســوله تشــبيها « .إذا ؛ أراد كل مــن اإلمــام الذهبــي و اإلمــام الرتمــذي و نعيــم بــن حــاد أن
الصفــات تابعــة للموصــوف ؛ فــإذا كان املوصــوف تعــاىل ليــس كمثلــه يشء يف ذاتــه املقدســة فكذلــك صفاتــه
ال مثــل لهــا ؛ إذ ال فــرق بــن القــول يف الــذات بالقــول يف الصفــات ،و هــذا هــو مذهــب الســلف و إال اعتربنــا
حقرينــا يعبــد عدمــا غــر موجــود .راجعــوا ( :ســر أعــام النبــاء ) ، ) 300 - 299 / 13 ( ،لإلمــام الذهبــي
.لنوجــه رشاعنــا إىل العالمــة األلــويس بحــر العلــوم القائــل « :قيــل :هــو م ـراد و مالــك مــن قولهــم ( :
اإلســتواء معلــوم و الكيــف مجهــول ) ،أي :اإلســتواء معلــوم املعنــى ،ووجــه نســبته إىل الحــق تعــاىل
املجامــع للتنزيــه مجهــول ،ألن الصفــات تنســب إىل كل ذات مبــا يليــق بتلــك الــذات و ذات الحــق ليــس
كمثلــه يشء ،فنســبة الصفــات املتشــابهة إليــه تعــاىل ليســت كنســبتها إىل غــره عــز و جــل ،ألن كنــه ذات
الحــق ليســت مــن مــدركات العقــول لتكــون صفــة مــن مدركاتهــا « .املصــدر « :غرائــب اإلغـراب و نزهــة
األلبــاب يف الذهــاب و اإلقامــة و اإليــاب « ،ص . 387 :و بهــذا أكــون قــد وفقــت بحــول اللــه إىل ســلخ هــذا
التافــه الحقــر الــذي تطــاول عــى شــخيص و أهــي ،و ســنقوم بإغــاق منشــور املناظــرة هــذا نظـرا لحقــارة
هــذا الحقــر و ســذاجته مــع خرقــه لجميــع رشوط املناظــرة ،و ســنضع منشــورا خاصــا الســتفتاء ألعضــاء
املجموعــة فيــا يخــص :هــل ســنفتح املجــال لهــذا الدعــي بــأن يتقيــأ أكــر و أكــر مــن الغائــط الــذي يعــج
بــه عقلــه أم نغلــق املنشــور لألبــد و نقــوم بحفظــه يف أرشــيف املجموعــة ليهتــدي بــه مــن ضــل عــن ســواء
الســبيل .فالحــق فيــه ظهــر و بــان ،و الباطــل محــق و اســتكان ؛ ووضــع يف زنزانــة النســيان ،و لــو فتحنــا
املجال مرة أخرى لهذا الدعي فال نعرف ما سيتقيأ به ؟! ( انتهى )
36
اإلدارة
قــررت اإلدارة بعــد اإلســتفتاء ألعضــاء املجموعــة حــول مــا إذا كان بإمكاننــا إعطــاء فرصــة أخــرى ملحمــد
املعتصــم باللــه لتذييــل املناظــرة و جــاء القـرار بعــد اإلســتفتاء -1 :نظـرا لخــرق محمــد املعتصــم لجميــع
رشوط املناظــرة و مل يأبــه بتنبيهــات و تحذيــرات اإلدارة ســيتم إيقــاف املناظــرة يف وجهــه -2 .ثبــوت
شــهادة املتابعــن يف حــق الســيد محمــد املعتصــم باللــه بأنــه ليــس أهــا للمناظــرة ال أخالقــا و ال علــا
-3 .ق ـرار إبقــاء الســيد محمــد املعتصــم باللــه يف املجموعــة بــدون طــرد أو حظــر منهــا إال إن خالــف
قوانــن املجموعــة ،و إخالفــه لقوانــن املناظــرة ال يلــزم اإلدارة إيقافــه مــن املجموعــة .و بهــذا وجــب
اإلعــام و الســام .منشــور املناظــرة هــذا محفــظ يف فهــرس املجموعــة املوجــود يف املنشــور املثبــت يف
أعــى املجموعــة ،و ســيتم جمعــه عــى ملــف . pdfرابــط منشــور اإلســتفتاء https://m.facebook. :
218157975601668=view=permalink&id?212015956215870/com/groups