You are on page 1of 5

‫ظاهرة الشعر الحديت ‪www.lyceee.

com‬‬
‫الفصــل الرابــــــــع‬ ‫الفصل الوأل‪ :‬التطور التدريجي في الشعر الحديث‪:‬‬
‫الشكل الجديــــد‬ ‫القســـــــم الوأل‬
‫الحركة الحإيائية‪:‬‬
‫من أهم خصائصها‪ ،‬محاكاة القدامى‪ ،‬وأالسير على خطاهم‪ ،‬وأالنسج على منوالهم‪ .‬وأأهم هذه الحركات‪:‬‬
‫وأجد الشاعر الحديث نإفسه‪ ،‬وأهو يخوض تجربة شعرية جديدة وأبمضامين جديدة مرغما على إبداع تقنيات تعبيرية ل تمد بصلة إلى الوساائل التعبيرية الجمالية‬ ‫‪ 1‬ـ التيار الحإيائي‪) :‬وأيسمى كذالك المدرساة الكلسايكية‪ ،‬التيار المحافظ‪ ،‬التيار التقليدي(‪.‬‬
‫للقصيدالتقليدية‪.‬‬ ‫وأكان من أهداف هذا التيار تنظيف القصيدة العربية من كل العوالق التي شوهت معالمها الجمالية طيلة فترة عصر النإحطاط وأبالتالي العودة بها إلى منابعها الصافي عند‬
‫وأإذا كانإت القصيدة التقليدية تخضع في بنائها الفني لشكل وأاحإد‪ ،‬فإن التجربة الجديدة تقتضي ـ في نإظر الشعراء الجدد ـ أن تبدع كل قصيدة شكلها الخاص بها‪ .‬وأنإتج عن‬ ‫شعراء العصر العباساي‪ ،‬وأشعراء النإدلس‪ ،‬وأذالك باقتفاء أثرهم‪ ،‬في المعانإي‪ ،‬وأالفكار‪ .‬وأأرجع الباحإث الساباب كون أغلب شعراء هذا التيار لم يتصلوا بالثقافة الجنبية‪،‬‬
‫هذا الموقف تداعيين اثنين وأهما‪:‬‬ ‫مما جعل تأثرهم بها ضئيل‪ ،‬وأأوأرد اسام الباروأدي كأحإد ممثلي هذا التجاه‪.‬‬
‫أوأل‪ :‬تنقل الشعراء بين أشكال متنوعة لم يمنح لهذه الشكال وأقتا كافيا لتة ثبت‪ ،‬وأتنموا وأتنضج‪.‬‬ ‫‪ 2‬ـ التيار الذاتي‪:‬‬
‫ثانإيا‪ :‬تعدد الشكال ينتج عنه غياب الهدف‪ ،‬مما يوقع القصيدة في الغموض‪ ،‬وأيعزل الشاعر على الجماهير‪.‬‬ ‫كان البحث عن الذات الفردية لدى الشاعر الحإيائي من أهم العوامل التي عمات على تغيير مسار الشعر العربي‪ ،‬وأتجنيبه البقاء رهينة للقدماء‪ .‬وأتبلور هذا التجاه عند‬
‫وأبقيت فكرة تعدد الشكال بتعدد القصائد محصورة في إطار ما هو نإظيري‪ ،‬أما على مستوى التطبيق فلن تمارس‪ ،‬بدليل أن أغلب شعراء الحداثة متقاربون في أسالوبهم‪،‬‬ ‫التيارات الشعرية التالية‪:‬‬
‫وأفي طريقة التعبير عن تجاربهم‪ ،‬وأفي اساتخدام الصور البيانإية‪ ،‬وأالرموز‪ ،‬وأالسااطير‪ ،‬وأبناء القصيدة العام ‪.‬‬ ‫‪ 2/1‬ـ جماعة الديوان‪:‬‬
‫كما أن شكل الشعر الحديث غير مكتمل‪ ،‬فهو ينموا مع التجربة‪ ،‬وأبطبيعة الحال‪ ،‬ليس هناك زمن محدد ليكتمل هذا النمو‪ .‬فالشكل‪" :‬ليس نإموذجا أوأ قانإونإا‪ ،‬وأإنإما هو حإياة‬ ‫تشكلت من زمرة من الشعراء الذين أخذوأا على عاتقهم التبشير بقيم جديدة‪ ،‬تتماشى وأالتطورات التي عرفها المجتمع المصري بعد ظهور الطبقة البورجوازية على‬
‫تتحرك أوأ تتغير‪ ،‬فعالم الشكل هو كذالك عالم تغيرات"‪) .‬أدوأنإيس‪ ،‬مختارات من شعر السياب‪ ،1966 ،‬ص ‪ .(6‬وأمع ذالك فقد تمكن الشعر الحديث بعد عشرين سانة من‬ ‫مسرح الحإداث‪ .‬وأيمثل هذا التيار كل من‪ :‬عبد الرحإمان شكري‪ ،‬عباس محمود العقاد‪ ،‬إبراهيم عبد القادر المازيني‪ .‬انإطلق هؤلء من فكرة مفادها‪" :‬الشعر وأجدان"‪ .‬ثم‬
‫ظهوره‪ ،‬أن يتجاوأز الشكل القديم‪.‬‬ ‫اختلفوا في تفسير دللته‪:‬‬
‫وأ أهم القضايا المتعلقة بتطور عناصأر القصيدة الحديثة في ساياقها العام هي‪:‬‬ ‫ـ شكري فهمه على أنإه التأمل في أعناق الذات‪.‬‬
‫ـ المازيني رآه في كل ما تفيض به النفس من شعور وأعواطف وأإحإساساات ‪.‬‬
‫‪ .1‬تطوير اللغة‪:‬‬ ‫ـ العقاد اعتبره مزاجا من الفكر وأالشعور‪.‬‬
‫وأانإتهى أحإد أقطاب هذه الجماعة إلى القول أن الشاعر إذا لم تعرف حإياته من ديوانإه فما هو بشاعر وألو كان له عشرات الدوأاوأين ‪.‬‬
‫اللغة جزء من الشكل‪ ،‬تنمو بنموه‪ ،‬لكن نإموها لم يتجه في اتجاه وأاحإد‪ ،‬فبعضها يتعلق بشخصية كل الشاعر على حإدى‪ ،‬وأالخر بالقليم الذي ينتمي إليه‪ ،‬وأالعلقة التي‬ ‫وأأرجع الباحإث إيمان جماعة أبولو بقيمة العنصر الذاتي إلى عاملين‪:‬‬
‫تربطه بالثقافة الجنبية‪ ،‬وأالتباين الواضح بين تجارب الشعراء‪ .‬وأالخلصأة أنإه ليس هناك خاصأية وأاحإدة للغة بل خاصأيات عديدة‪ ،‬وأأشار الناقد محمد النويهي إلى أن أهم‬ ‫الوأل‪ :‬شخصية الفرد المصري التي تعانإي من انإهيار تام على مختلف الصأعدة مما تطلب منه رد العتبار إلى ذاته‬
‫ما يميز الشعر الحديث مسألتين‪" :‬مسألة اقترابه من لغة الكلم اليومي؛ وأثانإيهما خروأج شكله الجديد عن عادة القواعد العروأضية القديمة"‪) .‬مقدمة من كتاب‪ :‬قضية‬ ‫الثانإي‪ :‬تشبع روأاد أبولو بالفكر الحر‪ ،‬الذي بسط ظله على العقل الغربي في تلك الفترة من تاريخ المة العربية‪.‬‬
‫الشعر الجديد‪ ،‬محمد النويهي‪ ،‬ص ‪.(5‬‬
‫‪ .2‬الملمح الحقيقية للغة الشعر الحديث‪:‬‬
‫تتبع الباحإث اللغة في الشعر العربي الحديث‪ ،‬وأاساتخلص مجموعة من الملمح‪:‬‬ ‫‪ 2/2‬ـ تيار الرابطة القلمية‪:‬‬
‫تأساست هذه الرابطة من أدباء وأشعراء جمعتهم الغربة وأالبعد عن الوأطان‪ .‬كان ذالك في أمريكا‪ .‬وأانإطلق أقطاب هذا التيار ـ ميخائيل نإعيمة وأجبران خليل جبران ـ من‬
‫الملمح الوأل‪ :‬النفس التقليدي في لغة الشعر الحديث‪.‬‬ ‫مفهوم موحإد للشعر باعتباره "وأجدان"‪ ،‬وألكنه وأجدان ل يقف عند حإدوأد الذات‪ ،‬بل يتجاوأزها ليشمل الحياة وأالكون‪ .‬لقد آمنوا بوجود علقة خفية تربط الفرد بالكون‪،‬‬
‫وأيتضح ذالك من خلل اساتعمال شعراء هذا التجاه للعبارات الفخمة‪ ،‬وأالسالوب المتين حإتى حإين يعالجون مواضع أكثر حإداثة‪ ،‬كما الحال عند السياب الذي اساتعمل تعابير‬ ‫وأتقربه من الذات اللهية‪.‬‬
‫تقليدية مثل‪) :‬خيف النخل ـ العارض السحاح ـ الكثار من الصيغة الصرفية فعللة‪ :‬هسهسة ـ تهزهز ـ تهدهد ـ لولوة‪ ..‬وأمعاملة غير العاقل معاملة العاقل تشبها بأسااليب‬ ‫وألحإظ الباحإث أن أقوال هؤلء الشعراء تتناقض مع أفعالهم‪ ،‬ذالك أن أغلبهم هربوا من الناس‪ ،‬وأمن‬
‫العراب(‪.‬‬ ‫الواقع‪ ،‬وأمن الحضارة‪ ،‬وأغنوا أحإلمهم للغاب‪ ،‬وأالخلء‪ ،‬حإيث ـ من وأجهة نإظرهم ـ الصفاء‪ ،‬وأالنقاء‪:‬‬
‫ـ جبران هرب إلى الطبيعة يناجيها وأيبث لها أحإلمه‪.‬‬
‫الملمح الثانإي‪ :‬البعد عن لغة الحديث اليومي‪.‬‬ ‫ـ ميخائيل نإعيمة هرب إلى ذاته يتأملها‪.‬‬
‫من المعلوم أن لغة الحديث اليومي هي لغة نإفعية‪ ،‬مرتبطة بحياتنا اليومية‪ ،‬في حإين تميل اللغة‬ ‫ـ إيليا أبو ماض اعتصم بالخيال‪.‬‬
‫الشعرية الحديثة إلى المثالية‪ ،‬فاساتشراف شعراء الحداثة إلى التغيير‪ ،‬وأالمستقبل جعل هذه اللغة تبتعد عن‬ ‫وأينتهي الباحإث إلى خلصأة مؤداها أن ما في شعر هؤلء من هيام بالطبيعة‪ ،‬وأالحنين إلى الصبا‪ ،‬وأاللهو في ساوريا‪ ،‬وأفي لبنان‪ ،‬ليس ساوى لون من ألوان الهروأب التي‬
‫اليومي‪ ،‬وأربط الشعراء بين الكلمات بروأابط غير متوقعة مما يدهش المتلقي لهذا الشعر‪ ،‬نإجد مثل هذه‬ ‫يلجأ إليها الشاعر الوجدانإي عندما يحتمي بذاته الفردية كشكل من أشكال المواسااة‪ ،‬وأتعويض عن قطعه الصلة بينه وأبين الحياة‪.‬‬

‫اللغة حإاضرة في شعر عفيفي مطر‪ ،‬أدوأنإيس‪ ،‬وأصألح عبد الصبور‪) :‬القمر الجائع ـ يخيط جرح الماء‪(...‬‬ ‫‪3/3‬ـ جماعة أبولو‪:‬‬
‫اع تتبر أحإمد زكي أبو شادي بمثابة الب الروأحإي لهذه الجماعة التي تأساست سانة ‪1932‬م‪ .‬وأانإطلقت من اعتبار ذات الشاعر هي المصدر الرئيسي لكل ما ينتجه من شعر‪.‬‬
‫الملمح الثالث‪ :‬السياق الدرامي للغة الشعر الحديث ‪.‬‬ ‫وأمن أقطاب هذه الجماعة‪ ،‬وأما تفرد به كل وأاحإد منهما‪ ،‬وأميز شعره ذكر الباحإث‪:‬‬
‫عندما كان الشاعر التقليدي يبدع قصيدته‪ ،‬فهو غالبا ما يوجهها‪ ،‬وأيخاطب بها غيره‪ ،‬أما الشاعر الحداثي‪ ،‬فيهتم أكثر بمخاطبة ذاته‪ ،‬فيما يشبه حإوارات ذاتية‪ ،‬أوأ‬ ‫ـ إبراهيم نإاجي‪ :‬دار أغلب شعره حإول المرأة‪ ،‬وأالحب‪.‬‬
‫المناجاة الداخلية‪ /‬الجوانإية‪ ،‬فتكثر في قصائده اليماءات‪ ،‬وأالشارات‪ ،‬وأالهمسات‪ ،‬وأالصور المقتضبة‪ .‬وأتتبع الباحإث هذه الخاصأية من خلل شعر محمد الفيتوري‪،‬‬ ‫ـ أبو القاسام الشابي‪ :‬هام بالجمال‪ ،‬وأعشق الحرية‪.‬‬
‫وأقصيدته‪" :‬معزوأفة لدروأيش متجول"‪.‬‬ ‫ـ عبد المعطي الهمشري‪ :‬وألع بالطبيعة‪ ،‬وأاساتشراف ما وأراء الحياة‪ ،‬من خلل الحياة‪.‬‬
‫ـ علي محمود طه‪ :‬شعره حإافل بمظاهر البهجة وأالمسرة‪ ،‬منغمس في متع الدنإيا‪ ،‬وأملذاتها‪.‬‬
‫الملمح الرابع‪ :‬التعبير بالصورة في الشعر الحديث‪.‬‬ ‫ـ أحإمد زكي أبو شادي‪ :‬كان حإتى في شعره الموضوعي ذاتيا‪.‬‬
‫عمل شعراء الحداثة على التخلص من تسلط التراث البيانإي التقليدي‪ ،‬وأفتحوا آفاقا جديدة وأرحإبة‪ ،‬وأتوسايع أفق الصورة البيانإية لتتسع لكبر الحإتمالت الدللية‪،‬‬ ‫القسم الثانإـــــــــــــي‬
‫وأالمتصلة بأعماق التجربة الشعرية كما هو الشأن في قصيدة‪" :‬بويب" لبدر شاكر السياب‪ .‬كما لجأ الشاعر الحداثي أحإيانإا إلى الحد من جموح الصورة الشعرية‪،‬‬
‫وأالتقليل من إمكانإيات التمدد وأالتوساع بربطها بسائر صأور القصيدة‪.‬‬ ‫نإحو شكل جديد‬
‫وأتتمتع الصورة البيانإية بالخصوبة ـ خصوصأا ـ عندما ترتبط بتجربة الشاعر‪ .‬كما تستمد الصورة الجديدة حإيويتها من ثقافة الشاعر‪ ،‬فتصبح قناعاته ترفد المضمون‪،‬‬
‫وأتنعكس على الشكل بفيض عاطفي يجعل الصور توغل في الغرابة‪ ،‬مما أبعد تجرب الشعراء الشعرية عن أذوأاق الناس‪.‬‬
‫كما أوأرد الباحإث عوامل أخرى كانإت وأراء نإفور الناس من الشعر الجديد‪ ،‬وأهو الطار الموسايقي‪:‬‬ ‫فرضت المضامين الجديدة التي نإحت منحى جديدا على الشاعر العربي الحديث إعادة النظر في الموروأث الشكلي للشعر العربي‪ ،‬فكان لزاما عليه أن يتوسال للتعبير عن‬
‫تجربته الذاتية‪ ،‬بأشكال مختلفة من الصيغ التعبيرية‪ ،‬وأالصور الفنية‪ ،‬وأاليقاعات الموسايقية‪.‬وأترتب على ذالك أن جاءت القصيدة الوجدانإية‪ ،‬أكثر يسرا وأساهولة من‬
‫‪ .1‬تطور الساس الموسايقية للشعر الحديث‪:‬‬ ‫القصيدة الحإيائية المتأثرة بالتراث القديم كما نإلمسه في القاموس الشعري لدى محمود ساامي الباروأدي المثقل بمفردات البيئة الصحراوأية البدوأية‪) :‬القطا ـ الكاسارات ـ‬
‫الذئاب ـ أساماء النباتات ‪.(...‬‬
‫إن لجوء الشاعر الحديث إلى القوالب الموسايقية التقليدية بأشطره المتساوأية‪ ،‬وأقوافيه الموحإدة ل يمكن اعتباره إخلل بالقاعدة المتعلقة بتطور المضمون وأالشكل في‬ ‫القصيدة الحداثية أصأبحت أكثر قربا من الحديث اليومي للناس‪ ،‬وأتجلت هذه الظاهرة أكثر في اللغة‪ ،‬عند كل من عباس محمود العقاد‪ ،‬في ديوانإه‪" :‬عابر سابيل"‪ .‬وأفي‬
‫القصيدة الحديثة فهو لم يشأ أن ينسف الصأول إل بمقدار ما يسمح بالتعبير عن عواطفه وأأفكاره دوأن عوائق‪ ،‬فارتفعت أصأوات تنادي بجعل التفعيلة أسااساا لعروأض‬ ‫شعر إيليا أبو ماض‪ .‬كما أن الشاعر الحديث وأظف الصور البيانإية بربطها بتجربته الشعرية ربطا وأثيقا لشرح عواطفه‪ ،‬وأبيان حإاله‪ ،‬كما عند إبراهيم نإاجي في ديوانإه‪:‬‬
‫جديد‪ ،‬وأالتصرف في عدد التفعيلت في السطر الشعري‪ ،‬مع اللتزام بالتفعيلة الواحإدة ‪.‬‬ ‫"ديوان نإاجي"‪ ،‬وأليست مجرد وأساائل للزينة‪ .‬كما أن القافية لم تعد فقط وأقفة عروأضية شكلية‪ ،‬وأإنإما ارتبطت بأفكار الشاعر‪ ،‬وأعواطفه ‪ .‬وأينبهنا الباحإث أن هذه‬
‫المكتسبات لم تتحقق إل لقلة من الشعراء المتميزين‪.‬‬
‫‪ .2‬الساس الموسايقية للشعر الجديد‪:‬‬ ‫وأمع ذالك فقد ظلت المحاوألت التجديدية محتشمة‪ ،‬وأمحبوساة في حإيز ضيق‪ ،‬وأيرجع الساباب إلى الحملة العنيفة التي شنها النقاد المحافظون على هذه الحركة‪ .‬فهم‬
‫ينطلقون من مفهوم محدد للغة باعتبارها موجود مقدس‪ ،‬وأأي مساس بها يعتبر مساساا بالمقدس‪ ،‬وأمن هؤلء النقاد‪ :‬مصطفى صأادق الرافعي‪ ،‬طه حإسين‪ ،‬وأكذالك العقاد‬
‫فرضت الوأزان الشعرية نإفسها على ذائقة الجمهور وأالناس بسبب جماليتها طيلة خمسة عشر قرنإا‪ ،‬وأكل المحاوألت التي ساعت إلى كسر النظام التقليدي كالموشحات‪،‬‬ ‫الذي تحامل على لغة الحركة التجديدية في بعض مقالته‪ ،‬وأإن تراجع‪/‬ارتد عن آراءه في آخر المطاف‪ .‬وأيكمن السر في تراجع هؤلء النقاد عن مواقفهم أنإهم لم يعثروأا‬
‫وأالرباعيات‪ ،‬وأالخماسايات‪ ،‬لم تكن ساوى تنويعات على هذا النظام‪ .‬وأقد عمل الشعراء ـ وأفي كل العصور ـ على إحإداث نإوع من المروأنإة في هذا الطار الموسايقي بلجوئهم‬ ‫على حإجج قوية تقف في وأجه التطور وأالتجديد‪.‬‬
‫إلى الزحإافات وأالعلل لتكسير وأحإدات اليقاع‪ ،‬وأالتخفيف من صأرامته‪ ،‬كما أفادت من في إطار اليقاع الداخلي من موسايقى الحروأف اللينة وأالحروأف الصلبة لتشخيص‬ ‫وأتحامل النقاد المحافظون أيضا على التجارب الشعرية التي مزجت بين الوأزان المختلفة في قصيدة وأاحإدة‪ ،‬الشيء الذي ل تستسيغه الذن التي تعودت على ساماع الشعر‬
‫العواطف وأالفكار‪ .‬كقول الخنساء‪:‬‬ ‫التقليدي‪ ،‬كما فعل إيليا أبو ماض في قصيدته‪" :‬المجنون"‪ ،‬التي هاجمها طه حإسين‪ ،‬وأاعتبرها ضرب من الجنون‪.‬‬
‫لقد حإققت حإملة المحافظين غاياتها‪ ،‬وأأثرت كثيرا في مسار الحركة التجديدية‪ ،‬فتراجع بعض الشعراء عن طموحإاتهم التجديدية‪ ،‬في حإين توقف البعض نإهائيا عن نإظم‬
‫الشعر كما فعل صأالح جودت بعد صأدوأر ديوانإه الوأل‪ ،‬حإيث قال‪" :‬عزيز علي وأا أن أوأدع الشعر‪ ،‬وأأساكب آخر قطراته من قلبي‪ ،‬وأأقف موقف الجندي الذي يطمع في‬
‫رفيع العماد‪ ،‬طويل النجـــاد وأسااد عشيرته أمـــــــردا‬ ‫النإتصار‪ ،‬فيلقي السلح‪ ،‬وأينتحر"‪) .‬مجلة أبولو‪ /‬المجلد الثانإي ص ‪.(269‬‬
‫وأانإتهت هذه التيارات التجديدية نإهاية محزنإة ـ على حإد تعبير الباحإث ـ فالمضمون بقي مرتبطا بنغمة الكآبة‪ ،‬وأالنإين‪ ،‬وأالتوجع‪ ،‬وأالشكوى‪ .‬كما أن الشكل فشل في الوصأول‬
‫كما اعتمدوأا التضمين لكسر صألبة الوزن‪ ،‬وأالتخلص من حإصر معانإي القصيدة في وأحإدات متساوأية‪) .‬وأالتضمين في البيت هو أل يتم معنى قافية إل بالبيت الذي يليه(‪.‬‬ ‫إلى صأورة تعبيرية ذات مقومات مكتملة‪ ،‬وأنإاضجة‪ ،‬وأذالك بسبب تحامل المحافظين عليها‪ ،‬هذا التيار المحافظ هو من سايتراجع‪ ،‬وأيستسلم بعد هزيمة ‪1948‬م‪ ،‬وأانإتصار‬
‫وأمع ذالك لم يتمكن الشعراء من تحويل الذوأق العام عن النظام الصارم للشكل التقليدي‪ ،‬بل أضافوا قيودا أخرى اختاروأها بأنإفسهم مثل‪ :‬لزوأم ما ل يلزم ـ القوافي‬ ‫الكيان الصهيونإي‪ .‬وأمع ذالك فقد عاوأد الشعر العربي محاوألة التجديد متسلحا بالحرية التي أصأبح الشاعر الحديث يمتلكها‪ ،‬ليخوض تجربة أخرى رائدة برؤية قوامها‪:‬‬
‫الداخلية‪ ...‬وألم يتطور الطار الموسايقي للشعر العربي إل في أوأاخر الخمسينات من القرن العشرين ‪.‬‬ ‫اليمان بالنإسان وأالمجتمع‪.‬‬
‫‪ .3‬مميزات الطار الموسايقي الجديد‪:‬‬

‫إن تفتيت الطار الشعري القديم ذي الشطرين المتوازيين بدأ بالبحث عن تسمية بديل لوحإدة البيت التقليدي‪ .‬فنازك الملئكة سامته‪ :‬الشطر‪ .‬أما عز الرين إساماعيل فسماه‪:‬‬ ‫الفصـــل الثانإــــــــــــي‬
‫البيت‪ .‬وأهناك اختلف بين البيت الشعري الحداثي وأالبيت الشعري التقليدي‪ ،‬يتمثل ذالك في‪:‬‬ ‫تجربة الغربة وأالضياع‪.‬‬
‫أ ـ البيت الشعري الحداثي ل يعتبر وأحإدة موسايقية ذات أصأول تابثة‪ ،‬فطوله وأقصره مرتبط بالنسق الشعوري وأالفكري للشاعر‪.‬‬ ‫‪ .1‬حإركة الشعر الحديث تجربة الغربة وأالضياع‪:‬‬
‫ب ـ عدد البحور الشعرية في الشعر الحديث أقل منه في الشعر القديم )ينظم الشعر الحديث على ساتة بحور‪ ،‬وأتسمى البحور الصافية‪) :‬الهزج ـ الرجز ـ الرمل ـ الكامل ـ‬ ‫التمهيـــــــــــد‪:‬‬
‫المتقارب ـ المتدارك(‪ ،‬لكن بإمكان الشاعر أن يستخلص من البحر الواحإد عددا ل يحصى من التشكيلت الموسايقية‪ .‬كما اساتعمل البعض منهم في بعض قصائدهم البحور‬ ‫تحدث الباحإث العوامل التاريخية‪ ،‬وأالسياساية التي أدت إلى خلخلة المنظومة الجتماعية‪ ،‬وأالفكرية التقليدية السائدة بعد هزيمة الجيوش العربية سانة ‪1948‬م‪ ،‬وأما رافق‬
‫المختلطة كأدوأنإيس‪ .‬وأيرجع الباحإث سابب عدم اساتغلل شعراء الحداثة لهذه البحور المختلطة إلى عوامل عدة وأهي‪:‬‬ ‫ذالك من إعادة مساءلة التبنى الثقافية التي كانإت مهيمنة على العقلية العربية‪ ،‬هذه العقلية التي انإفتحت في جزء منها على التيارات الفكرية الغربية‪ ،‬كالفلسفة‪ ،‬الدب‪،‬‬
‫‪ 1‬ـ مسألة الزحإاف ‪ :‬اساتعمال الزحإاف في البحور المختلطة بغية كسر إيقاع الوزن التقليدي‪.‬‬ ‫النقد‪..‬فراحإت تبحث عن الجوبة وأراء الهزيمة‪ ،‬وأبالخص الشاعر الذي كان وأقع الهزيمة قاسايا عليه‪ ،‬وأآمن أن الخلص ) التقدم وأالتحضر(‪ ،‬يكمن في اللمام بكل أنإواع‬
‫‪ 2‬ـ تنويع الضرب‪ :‬إدخال الزحإاف وأالعلل‪ ،‬وأإن كانإت غير مقبولة في نإظر العروأضيين القدماء‪ ،‬مثل مستفعلن يجعلونإها مستفعلن‪ .‬بهدف تنويع إيقاع البحور الصافية‪.‬‬ ‫المعارف النإسانإية‪ .‬وأإذا ما تتبعنا الروأافد التي اساتقى منه الشاعر الحديث ثقافته وأجدنإاه متنوعة المشارب‪:‬‬
‫‪ 3‬ـ إدماج البحور المتشابهة في قصيدة وأاحإدة‪ :‬كالمزج بين بحر الرمل‪ ،‬وأبحر الرجز‪ ،‬وأهو شيء غير مألوف في الشعر القديم‪ .‬ف "فاعلن"‪ ،‬تصير "فاعتل"‪ .‬كقول‬ ‫‪1.1‬ـ روأافد ثقافية معرفية‪ :‬الفلسفة‪ ،‬علم النفس‪ ،‬التاريخ‪...‬‬
‫نإازك الملئكة‪:‬‬ ‫‪ 2.1‬ـ روأافد شرقية روأحإية‪ :‬الديانإات الهندية‪ ،‬الدينات الفرساية‪ ،‬وأتأثروأا بالشاعر الهندي طاغور‪ ،‬وأالشعر الصوفي‪ ،‬عند جلل الدين الروأمي‪ ،‬وأالجامي ‪...‬‬
‫‪ 3.1‬ـ روأافد شعرية التزمت بقضايا النإسان‪ :‬أوأوأدن‪ ،‬نإيروأدا‪ ،‬إيلوار ‪..‬‬
‫‪ 4.1‬ـ الثقافة الشعبية‪ :‬سايرة عنترة‪ ،‬أبي زيد الهللي‪ ،‬سايف بن ذي يزن‪ ،‬ألف ليلة وأليلة‪..‬‬
‫كأن المغرب لون ذبيح‪.‬‬ ‫‪ 5.5‬ـ التراث )الشعر العربي القديم‪ ،‬وأالقرآن(‪ :‬اساتمد منهما المهارات اللغوية‪.‬‬
‫تفاعل الشاعر الحديث مع كل هذه الروأافد‪ ،‬وأنإجح في المزج بينها‪ ،‬فخرج برؤية جديدة للشعر‪.‬يقول أدوأنإيس‪":‬البداع الشعري وأسايلة لكتشاف النإسان‪ ،‬وأالعالم‪ ،‬وأأنإه‬
‫فعالية جوهرية تتصل بوضع النإسان وأمستقبله إلى المدى القصى"‪) .‬أدوأنإيس‪ /‬تجربتي في الشعر‪ ،‬مجلة الداب‪ ،‬مارس ‪1962‬م‪ ،‬ص ‪.(196‬‬
‫‪ .2‬علقة الشكل بالمضمون‪:‬‬
‫فاعلن فاعتل فاعتل فعلن ‪.‬‬ ‫إن المضامين الجديدة التي دخلت الشعر العربي الحديث‪ ،‬جعلت من هذه التجربة تتسم بالخصوبة‪ ،‬وأالتفرد‪ ،‬فكريا وأشعوريا‪ ،‬فكان لزاما عليها أن تفجر الشكل القديم الذي‬
‫لم يعد يلءم لتجربتهم الشعرية‪ ،‬بل يحد من انإطلقتها‪ ،‬وأبعد محاوألت‪ ،‬وأتجارب عدة انإتهى شعراء الحداثة إلى شكل جديد يقوم على أسااس موسايقى هو‪ :‬التفعيلة‪،‬‬
‫‪ 4‬ـ مسألة التدوأير‪ :‬فإذا كان البيت الشعري في الشعر الحديث ل ينضبط في عدد التفعيلت إل للدفقة الشعورية وأالفكرية‪ ،‬فإن هذه الدفقة قد تتجاوأز حإدوأد الشطر الشعري‬ ‫وأاساتقر هذا الشكل عند كل من بدر شاكر السياب‪ ،‬وأعبد الوهاب البياتي‪ ،‬وأصألح عبد الصبور‪ .‬وأاعتبر الباحإث أن الشكل تابع للمضمون‪ ،‬ذالك أن المضامين الخصبة وأ‬
‫أوأ البيت الشعري بمفهومهما التقليدي مما يترتب عليه أمرين‪:‬‬ ‫المتطور في الشعر هي وأحإدها القادرة على على تحقيق الوساائل الفنية الجديدة‪ ،‬وأتبرير وأجودها‪.‬‬
‫الوأل‪ :‬التعبير عن الدفقة الشعورية وأالفكرية دوأن اللجوء إلى التدوأير‪ ،‬أي تفعيلة خماساية‪.‬‬ ‫وأتتبع الباحإث أهم المضامين الجديدة التي ارتبطت بالحركة الشعرية الحديثة‪ ،‬وأحإددها في اتجاهين‪:‬‬
‫الثانإي‪ :‬الوقوع في التدوأير وأإشراك ساطر البيت في كلمة وأاحإدة‪ ،‬بأن يكون بعضها في الشطر الوأل‪ ،‬وأبعضها في الشطر الثانإي‪ .‬وأقد فتح التدوأير آفاقا أخرى للشاعر‬ ‫الوأل‪ :‬تجربة الضياع وأالغربة‪:‬‬
‫الحديث لكي يتخلص من صأرامة البيت ذي الشطرين‪ ،‬وأمن انإتظامه في نإسق هندساي رتيب‪.‬‬ ‫حإصر الباحإث أساباب هذه الظاهرة الملفتة للنإتباه في الشعر الحديث في‪:‬‬
‫أ ـ التأثر ببعض شعراء الغرب‪ ،‬مثل‪ :‬توماس إليوت‪ ،‬خصوصأا في قصيدته الرض الخراب‪.‬‬
‫‪ .4‬نإظام القافية في الشعر الحديث‪:‬‬ ‫ب ـ أعمال بعض الروأائيين الجدد مثل‪ :‬جان بول ساارتر‪ ،‬ألبير كامو‪ .‬وأالنقاد الذين ترجمت أعمالهم إلى اللغة العربية‪ ،‬مثل‪ :‬كوين‪ ،‬وأوأيلسن ‪.‬‬
‫ج ـ العامل المعرفي‪ ،‬فاصأطدام الفكار المثالية بالواقع‪ ،‬تنعكس على النفس‪ ،‬فتصاب بالحإباط‪ ،‬وأالنإكسار‬
‫عمل شعراء الحركة الذاتية قبل الشعر الحديث على التنويع في القوافي‪ ،‬فربطوها بالمعانإي الجزئية داخل القصيدة الواحإدة‪ ،‬وأظل اجتهادهم محصور في هذا الطار‪ .‬لكن‬ ‫وأأهم ممثلي هذه التجربة‪ :‬أدوأنإيس‪ ،‬وأصألح عبد الصبور‪ ،‬وأعبد المعطي حإجازي‪.‬‬
‫شعراء الحداثة‪ ،‬وأموازاة مع ما أحإدثوه من تغيير في نإظام البيت الشعري‪ ،‬فقد انإعكس ذالك على نإظام القافية باعتبارها جزء من البناء العام للنص‪ .‬وأساجل الباحإث أحإمد‬ ‫كما تتبع الباحإث المظاهر التي تجلت فيها ألوان الغربة‪ ،‬وأالتي تمثلت في‪:‬‬
‫المعداوأي ثلث ملحإظات في هذا الطار‪:‬‬ ‫أ ـ الغربة في الكون‪:‬‬
‫الوألى‪ :‬ميل الشاعر الحداثي إلى التعامل مع القافية بصفتها نإظاما إيقاعيا يتكون من عدة أحإرف مع الحد من بروأز حإرف الروأي‪ ،‬لن بروأزه من شأنإه أن يحد من حإركة‬ ‫هي نإتاج نإكبة فلسطين‪ ،‬وأضياع أمجاد التاريخ‪ ،‬وأالشعور بالذل‪ ،‬وأالمهانإة‪ ،‬فاعتزل الشاعر الحياة‪ ،‬وأجرب وأحإدته‪ ،‬وأغرق في غربته‪ .‬ظهر هذا في شعر صألح عبد‬
‫تدفق المعانإي‪ ،‬وأالمشاعر وأيربكها‪ .‬وأتطلب هذا من الشاعر أن يتوفر على ثروأة لغوية كان الشاعر التقليدي يعلق عليها أهمية بالغة‪.‬‬ ‫الصبور‪ ،‬وأأدوأنإيس‪ ،‬وأيوساف الخال‪....‬‬
‫الثانإية‪ :‬الربط بين نإظام قوافي الضرب المتنوعة وأالقافية‪،‬اعتقادا من الشاعر أنإه من شأن اختلف الضرب أن يحدث إخلل في نإظام القافية‪.‬‬ ‫ب ـ الغربة في المدينة‪:‬‬
‫الثالثة‪ :‬علقة نإظام القافية في الشعر الحديث بالجملة الشعرية وأالتي تتحد في نإظر الباحإث في نإقطتين‪:‬‬ ‫أحإس الشاعر العربي الحديث أن هندساة‪ ،‬وأوأاقع مدينته قد تغير وأإلى البد‪ ،‬بفعل غزوأ المدن الوأروأبية لها‪ ،‬وأأصأبحت ل تناساب وأاقع العرب المهزوأم‪ ،‬فجاء شعره تعبيرا‬
‫الوألى‪ :‬تتعلق بالجملة الموسايقية المسرفة الطول‪ ،‬وأالتي تمتد فيها الدفقة الشعورية امتدادا يغني بتدفقه عن الوقفات المنتظمة التي تحتاج إليها البيات الشعرية‬ ‫عن هذا الحإساس بالغربة‪ ،‬فالمدينة قاساية‪ ،‬وأمفرغة من كل إنإسانإية‪ ،‬وأما يزيدها قسوة وأعنفا عدم قدرة الشاعر على الهروأب منها‪ ،‬فهي تحاصأره‪ ،‬وأتخنقه‪ .‬عبر عن هذا‬
‫القصيرة‪.‬‬ ‫كل من‪ :‬أحإمد عبد المعطي حإجازي‪ ،‬بدر شاكر السياب ‪...‬‬
‫ج ـ الغربة في الحب‪:‬‬
‫الثانإية تخص الجملة الموسايقية المتوساطة الطول الواقعة بين الجمل الطويلة‪ ،‬وأاعتاد الشعراء في مثل هذه الجمل أن يعوضوا عن القافية المتواترة وأالمترادفة في آخر‬ ‫يرى الباحإث أن الشاعر الحديث فشل في خلق علقة حإميمة مع المرأة‪ ،‬فالحب تحول إلى مرارة مميتة‪ ،‬فل وأجود لمرأة تحقق للشاعر ذاته‪ ،‬وأتعيد له توازنإه المنشود‪.‬‬
‫البت بقافية ذات نإبر بارز يختمون بها جملهم المتوساطة ‪.‬‬ ‫وأتمثل هذا الفشل المريع في أشعار خليل حإاوأي‪ ،‬وأالسياب‪ ،‬وأصألح عبد الصبور‪ .‬ألم يقل عبد المعطي حإجازي‪" :‬إن وأقت الحب قد فات"‪).‬قصيدة نإهاية‪ ،‬من ديوان‪" :‬لم‬
‫وأأهم ما يميز نإظام القافية في الشعر الحديث هو المروأنإة التي تستمدها من قوة المشاعر وأالفكار ‪.‬‬ ‫يتبق إل العتراف‪ ،‬ط‪ ،1/‬ص ‪ 75‬ـ ‪.(76‬‬
‫د ـ الغربة في الكلمة‪:‬‬
‫إيمان الشاعر الحديث بأن الكلمة بمقدوأرها أن تغير‪ ،‬وأاكتشافه للحقيقة المرة‪ ،‬وأهي أن الكلمة عاجزة على الفعل وأالحركة‪ ،‬وألن تستطيع تلبية طموحإاته‪ ،‬جعلت يدخل حإالة‬
‫من اليأس قادته إلى الغتراب‪ ،‬كما هو الحال عند صألح عبد الصبور‪ ،‬وأعبد الباساط الصوفي‪..‬‬
‫ذ ـ وأمن خلل تحليله لقصيدة‪" :‬فارس النحاس"‪ ،‬لعبد الوهاب البياتي اكتشف الباحإث ألوان أخرى من الغربة‪) :‬ديوان سافر الفقر وأالثورة‪ ،‬ص ‪ ،(41‬وأهي كالتالي‪:‬‬
‫أ ـ الغربة في المكان‪ :‬الدمان على التنقل وأالسفر‪ ،‬لعل الشاعر يجد ذاته ‪.‬‬
‫ب ـ الغربة في الزمان‪ :‬عجزه على التواصأل مع الماضي‪ ،‬أوأ المستقبل‪.‬‬
‫ج ـ إحإساساه بالعجز‪ :‬ل يملك المكانإيات وأل القدرة على خوض غمار الحياة‪.‬‬
‫ح ـ تشبثه بالحياة‪ :‬فهو عاجز على نإيل شرف الشهادة‪.‬‬
‫خ ـ الشعور بالموت‪ :‬عجزه على الكشف عن تناقضات وأاقعه‪.‬‬
‫ذ ـ الحإتماء بالصمت‪ :‬لم يتبق له غير الصمت يلوذ به ما دامت الكلمة عاجزة عن إحإداث التغيير المنشود‪.‬‬
‫كل هذا يكشف عن التمزق النفسي وأالوجدانإي للشاعر الحداثي‪ ،‬وأالتمزق الروأحإي للنإسان العربي‪.‬‬
‫الفصـــــل الثالـــــــــث‬
‫تجربة الحياة وأالموت‬

‫كانإت لهزيمة ‪1948‬م‪ ،‬وأنإكبة فلسطين‪ ،‬وأالحركات وأالتغييرات الهائلة التي عرفها المجتمع العربي أثره الكبير في تشكيل رؤية الشاعر العربي وأالتي طبعها اليأس‪،‬‬
‫وأالضياع‪ ،‬وأالقلق‪ ،‬وأالحإساس بالغربة‪ ،‬التي أثمرت تجربة الموت‪ .‬إل أنإه وأساط هذا الدمار الشامل‪ ،‬وأالحإساس بالانإتماء‪ ،‬لم يفقد الشاعر الحداثي المل في المستقبل‪،‬‬
‫فظل يحلم بالتجديد‪ ،‬وأالبعث‪ :‬بعث المجتمع العربي من موته ‪.‬‬
‫هكذا تراوأحإت تجربة الشاعر الحديث بين المل‪ ،‬وأاليأس‪ .‬لم يستسلم للواقع المهزوأم‪ ،‬بل كان إيمانإه بالبعث‪ ،‬ل تفارق فكره وأإحإساساه‪ ،‬وأانإتهى بعد صأراع طويل مع ذاته‬
‫إلى تبني نإظرة أكثر وأاقعية‪ ،‬وأارتهنت تجربته الشعرية بمدى إيمانإه بجدلية الحياة وأالموت‪.‬‬
‫فالشاعر الحديث يؤمن بأن "عظمة الشاعر وأقوته‪ ،‬تكمنان في قدرته على تحمل النبذ‪ ،‬وأالغربة‪ ،‬وأالوحإشة‪ ،‬وأالصمت‪ ،‬في عالم حإكمت عليه فيه اللهة بهذا العذاب‪ ،‬لنإه‬
‫سارق منها النار اللهية لخوته البشر"‪) .‬عبد الوهاب البياتي‪ ،‬تجربتي الشعرية‪1868 ،‬م‪ ،‬ص ‪.(71‬‬
‫أما أدوأنإيس‪ ،‬فآمن بأن "النإسان هو جدال بين حإياته‪ ،‬وأموته‪ ،‬بين بدايته‪ ،‬وأنإهايته‪ ،‬بين ما هو‪ ،‬وأما سايكون"‪).‬أدوأنإيس‪ ،‬تجربتي الشعرية‪1966 ،‬م‪ ،‬ص ‪ ،( 196‬هذه‬
‫الجدلية هي التي من شأنإها أن تخلق الشاعر الثوري‪ ،‬وأهي الثورة المطلقة‪ ،‬ليست محددة بزمان أوأ مكان‪.‬‬
‫وأتجربة الحياة وأالموت باعتبارها مشدوأدة إلى المستقبل‪ ،‬وأمرتبطة بالحاضر‪ ،‬هي نإوع من المعانإاة المتضمنة للموت‪ ،‬وأحإافز مفعم بالحياة وأالتجدد مستقبل‪ ،‬وأاعتبر‬
‫الباحإث هذه التجربة في الشعر العربي فريدة من نإوعها في تاريخه‪ ،‬باساتثناء بعض محاوألت الشعراء المهجريين التي عبرت عن فكرة تناساخ الروأاح‪ ،‬كما تجلت في‬
‫أقصوصأة‪" :‬رماد الجيال وأالنار الخالد‪ ،‬لجبران‪) .‬عرائس المروأج‪ ،‬المجموعة الكاملة لجبران‪ ،‬ج‪1/‬ن ص ‪ .(47‬وأعند ميخائيل نإعيمة‪ ،‬في قصيدته‪" :‬أوأراق الخريف"‪.‬‬
‫)همس الجفون‪ ،‬ص ‪ .(47‬لكن تجربة المهجريين بقيت في حإدوأد ضيقة‪ ،‬وأتفتقد التماساك‪ ،‬باساتثناءات قليلة‪.‬‬
‫وأتبقى فكرة الحياة وأالموت في الشعر الحديث‪ ،‬أقرب إلى فكرة الفداء عند المسيحيين‪ ،‬وأمن ثمة كانإت رساالة الشاعر الحديث أن يحيل إحإساسانا بالموت‪ ،‬إلى إحإساس‬
‫بالحياة‪ .‬وأليقنع بهذا التصور الجديد‪ ،‬راح يضمن أشعاره رموزا مستقاة من السااطير الوثنية‪ ،‬وأالبابلية‪ ،‬وأالفينيقية‪ ،‬وأالمسيحية‪ ،‬وأالتراث العربي السالمي‪ ،‬وأالفكر‬
‫النإسانإي‪ ،‬وأمن التاريخ النإسانإي‪ .‬وأبالتالي ترددت في أشعارهم أساماء أساطورية‪ ،‬رمزية مثل‪ :‬تموز‪ ،‬عشتار‪ ،‬أوأرفيوس‪ ،‬أوأريديس‪ ،‬العنقاء‪ ،‬طائر الفينيق‪ ،‬مهيار‪،‬‬
‫السندباد‪ ،‬الخيام وأمعشقته عائشة‪ ،‬الحلج‪...‬وأالهدف من توظيف هذه الرموز تقديم التجربة الشعرية بشكل يتفاعل فيها الحإساس بالفكر‪ .‬وأمن أهم الشعراء الذين تبلورت‬
‫في أشعارهم تجربة الموت وأالحياة‪:‬‬

‫أحإمد ساعيد أدوأنإيس‪:‬‬

‫تحت عنوان‪" :‬التحول عبر الحياة وأالموت"‪ ،‬تتبع الباحإث تجربة أدوأنإيس الذي ربط الصلة بين جدلية الموت وأالحياة منذ مطلع تجربته الشعرية‪ ،‬فقد ارتبطت ذات الشاعر‬
‫بأمته العربية‪ ،‬وأقرن موتها وأحإياتها‪ ،‬بموته وأحإياته‪ ،‬وأاعتمد الباحإث في رصأد تجربة أدوأنإيس على ديوانإين شعريين‪" :‬أوأراق الريح"‪ ،‬وأ"كتاب التحولت وأالهجرة في‬
‫أقاليم الليل وأالنهار"‪ .‬وأخلص إلى الساتنتاجات التالية‪:‬‬
‫ـ تجربة أدوأنإيس مع الحياة وأالموت‪ ،‬تصدر عن ذات مليئة بالتاريخ العربي إبان عظمته‪ ،‬وأزهوه‪ ،‬في الوقت الذي أصأبح فيه اليوم مخذوأل‪.‬‬
‫ـ العتزاز بالحضارة العربية في أبهى مراحإلها‪ ،‬وأقبل أن تتعرض للغزوأ وأالساتعمار‪.‬‬
‫لكن أدوأنإيس يؤمن بأن الشاعر قادر على إعادة الحياة إلى هذا الواقع الميت‪ .‬وأعموما‪ ،‬فقد ساارت تجربة الشاعر في مسارين‪:‬‬
‫الوأل‪ :‬ينطلق من الحيرة‪ ،‬وأالبحث عن وأساائل البعث‪.‬‬
‫الثانإي‪ :‬محاوألة الكشف عن مفهوم التحول‪ ،‬للدفع بالواقع العربي نإحو البعث وأالتجدد‪.‬‬
‫لقد آمن أدوأنإيس بأن التحول‪ ،‬ممكن‪ ،‬وأالبعث ممكن‪ ،‬وأحإاوأل إقناعنا بهذا التصور‪،‬وأحإالفه الحظ في بعض القصائد‪ ،‬وأخانإه في بعضها الخر‪ .‬وأهذا هو موقف الباحإث ‪.‬‬

‫خليل حإاوأي‪:‬‬

‫حإاوأل الباحإث أن يرصأد تجربة خليل حإاوأي من خلل ما ساماه‪ " :‬معانإاة الحياة وأالموت"‪ .‬فقد انإطلق الشاعر من منطلق مختلف تماما عن منطلق أدوأنإيس‪ ،‬فهو يرفض‬
‫مبدأ‪" :‬التحول"‪ ،‬وأيستبدله بمبدأ‪" :‬المعانإاة"‪ .‬وأمن خلل دراساة الباحإث لدوأاوأين الشاعر‪ ،‬يستنتج أن معانإاته‪ ،‬هي معانإاة حإقيقية للخراب‪ ،‬وأالدمار‪ ،‬وأالجفاف‪ ،‬وأالعقم‪،‬‬
‫وأالبعث نإفسه‪.‬‬
‫ففي وأاقع يتسم بتفسخ القيم‪ ،‬ساواء في ذات الشاعر‪ ،‬أوأ في الواقع المنظور‪ ،‬ساعى الشاعر أن يبعث شعلة المل في النفوس المنكسرة‪ ،‬وأالمهزوأمة‪ ،‬في غد مشرق جميل‪،‬‬
‫لكن ساطوة الواقع المتفسخ‪ ،‬وأقف سادا منيعا أمام تحقيق المال‪ ،‬فبقي الشاعر يحترق بصعوبة التحول‪ ،‬وأبالتالي معانإاة القحط‪ ،‬وأالموت‪ ،‬وأالدمار‪ ،‬وأفي نإفس الن الحياة‪.‬‬
‫وأعندا يلتفت الشاعر إلى وأاقعه‪ ،‬وأيبحث عن الساباب الكامنة وأراء هذا الموت الذي يخيم عليه‪ ،‬تتكشف له الحقيقة المتمثلة في جانإب حإضاري مهم‪ ،‬وأهي العلقة بين‬
‫الجنسين التي تدهورت بفعل انإهيار كيان الفرد‪ ،‬وأالسارة‪ ،‬وأبالتالي انإهيار المجتمع انإهيارا حإضاريا شامل‪) :‬قصائد‪ :‬نإعش السكارى ـ جحيم بارد ـ بل عنوان(‪ .‬وأكما عاش‬
‫الشاعر الموت في هذه القصائد‪ ،‬فقد عاش الحياة كذالك وأالموت مجتمعين‪) :‬قصائد بعد الجليد ـ حإب وأجلجلة ـ المجوس في أوأروأبا(‪.‬‬
‫إن التحول الذي ينشده الشاعر ل يتجه نإحو التجدد وأالبعث‪ ،‬بل نإحو السكون وأالموت‪ ،‬فيتجمد الشاعر لنإه غير قادر على الفعل في انإتظار ما يأتي به المستقبل‪ .‬إل أنإه ل‬
‫يعقد كبير المال على الجيال القادمة في رحإم الغد‪ ،‬لبعث المة من الموت‪ ،‬وأمع ذالك فالشاعر يتابع هذا البعث وأيواكبه بقصائده‪ ،‬وأشعره‪ ،‬بإزالة أكداس المتعة العتيقة‪،‬‬
‫وأالمفاهيم الرثة عن هذه المة‪ ،‬وأإعدادها لمعاينة إشراقة النإبعاث‪ ،‬على حإد تعبير الباحإث‪.‬‬
‫وأفي كثير من القصائد نإلمس امتلء الشاعر بروأح اليأس من البعث‪ ،‬وأذالك بعد معانإاة فريدة له مع الموت‪) :‬ديوان نإهر الرماد(‪.‬‬
‫شكلت المعانإاة إذا البؤرة التي انإصهرت فيها بشكل متواز إيقاعات المل وأاليأس‪ ،‬وأكانإت للظروأف التاريخية دخل في ما كتبه الشاعر في هذه المرحإلة‪ ،‬فالقطر المصري‬
‫يعيش فترة مظلمة‪ ،‬وألكن بوادر المل بدأت تلوح مع الثورة المصرية‪ ،‬إل أن خليل حإاوأي اجتهد في التوفيق بين الواقع الحالك المخيف‪ ،‬وأرؤاه الذاتية التي تسعى إلى‬
‫تخطي هذا الواقع‪.‬‬

‫بدر شاكر السياب‪:‬‬


‫يرى الباحإث أن قصائد السياب مثقلة بمعانإي الموت وأالبعث‪ ،‬وألكن الموت عنده يتخذ بعدا فدائيا‪ ،‬فهو يرى أن البعث لن يكون إل بمزيد من التضحيات‪ ،‬وأقد عبرت عن هذا‬
‫قصيدة‪" :‬النهر وأالموت"‪ ،‬حإيث يختما بقوله‪:‬‬
‫إن موتي انإتصار‬

‫وأتمكن السياب من أن يعمق معانإي الموت كفداء من أجل النهوض وأالبعث في كثير من نإصوصأه الشعرية موظفا الساطورة لحإداث التأثير المرغوب فيه‪ ،‬كما في قصيدة‪:‬‬
‫"المسيح بعد الصلب"‪ .‬فرغم أن المسيح‪ /‬رمز البطولة‪ ،‬كان يعانإي الموت إل أنإه جوارحإه كلها مرتبطة بالحياة فهو‪ ):‬يسمع صأوت الريح‪ ،‬ينصت لصوت العاصأير‪.(..‬‬
‫إنإها أصأوات الطبيعة تعلن اساتمرار الحياة‪ .‬وأيوحإد الشاعر بين المسيح‪ ،‬وأبعث المة العربية‪ ،‬مؤكدا أن حإياة المسيح‪ ،‬ساتكون خصبة‪ ،‬وأعظيمة بعد موته‪ .‬إن الفداء هو‬
‫الطريق النإسب لحياة المة‪.‬‬
‫وألكن انإكسار الشاعر وأيأساه من البعث‪ ،‬وأالتجدد يشبه اليقين‪ ،‬فالنإسان ل يكون إنإسانإا إل حإين يقتل الماضي فيه‪ .‬يقول الشاعر‪:‬‬

‫فليهدم الماضي‪ ،‬فالنإسان ليس ينهض‬


‫إل على رمادها المحترق‬
‫متشردا في الفق‬

‫وأيخلص الباحإث إلى القول بأن السياب نإجح في توظيف جدلية الموت وأالحياة‪ ،‬بشكل متفرد‪ ،‬وأمتميز ساواء على المستوى الذاتي‪ ،‬أوأ المستوى الحضاري‪.‬‬
‫عبد الوهاب البياتي‪:‬‬
‫يميز الباحإث وأهو يدرس تجربة البياتي بين مرحإلتين في حإياة هذا الشاعر‪ ،‬قبل ديوانإه‪" :‬الذي يأتي أوأ ل يأتي" حإيث وأجد نإفسه أمام حإقيقتين‪:‬‬
‫الوألى‪ :‬قدرة الشاعر للكشف على وأاقع النإهيار وأالسقوط الذي انإتهى إلية الواقع العربي‪.‬‬
‫الثانإي‪ :‬سايطرة النزعة المتفائلة على المضمون العاطفي لعماله‪.‬‬
‫أما المعالم العامة لتجربة الحياة وأالموت في شعر البياتي‪ ،‬فقد ساارت في منحنيات ثلث‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ انإتصار الحياة على الموت‪ :‬وأذالك في دوأاوأينه التالية‪) :‬الكلمات ل تموت ـ النار وأالكلمات ـ سافر الفقر وأالثورة(‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ تكافؤ بين كفتي الحياة وأالموت‪) :‬ديوان الذي يأتي أوأ ل يأتي(‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ انإتصار الموت على الحياة‪) :‬ديوان الموت في الحياة(‪.‬‬
‫وأتناوأل الباحإث هذه المناحإي بتفصيل أكثر‪ ،‬محلل‪ ،‬وأمعلل‪:‬‬
‫المنحى الوأل‪ :‬منحى المل‪.‬‬
‫تتخلى في رحإلة الفنان المناضل الذي يفتح أبواب المعركة‪ ،‬وأخلل مساره لم يبصر فيه غير الدمار‪ ،‬وأالخراب‪ ،‬لكن هذا المسار يحمل بين طياته بذوأر المل‪ ،‬فقابل بين‬
‫الحياة وأالموت في مواجهة شرساة وأانإتهى المر بقتل‪ ،‬صأرع الموت‪ .‬تبدى هذا في ديوانإه‪" :‬النار وأالكلمات"‪ .‬وألم تنصرت الحياة على الموت إل بفضل النضال المستمر‪،‬‬
‫وأالوعي المتجدد‪ .‬وأللساف‪ ،‬وأمع مروأر الزمن‪ ،‬لم يتحقق هذا النضال‪.‬‬
‫المنحى الثانإي‪ :‬منحى النإتظار‪.‬‬
‫في ديوانإه‪" :‬الذي يأتي أوأ ل يأتي"‪ ،‬تغيب صأورة انإتصار الحياة على الموت‪ ،‬فتتحول القصائد إلى فضاء تتشتت فيه المتناقضات‪ ،‬وأتتفاعل الرموز‪ ،‬لتعيق أي حإركة‬
‫جدلية‪ ،‬فتبقى المور وأالشياء سااكنة‪ .‬وأتتبع الباحإث مضمون هذا الديوان بغية الكشف على هذا التصور الجديد الذي يطرحإه الشاعر في علقته بالحياة وأالموت‪ ،‬من خلل‬
‫أربعة مسارات‪/‬خطوط‪:‬‬

‫‪ 1‬ـ خط الحياة‪ :‬في هذا المسار يحكم الشاعر على البطل ) الذي سايغير أوأ الحالم بالتغيير(‪ ،‬بأن يعيش الحياة دوأن أن يكون له خيار‪ ،‬وأهذه الديمومة يستمدها من طبيعته‬
‫الثورية‪ ،‬وأقدرته على تحمل العذاب البدي‪ ..‬كما يصطبغ هذا الخط بدم الشهادة‪ ،‬وأالنإفعال العاطفي القوي بسبب طول النإتظار ‪.‬‬

‫‪ 2‬ـ خط الموت‪ :‬نإظر الشاعر إلى الموت باعتبارها عبورا نإحو الحياة الحقة‪ ،‬وأقام بذالك بشكلين‪:‬‬
‫الوأل‪ :‬في ديوانإه‪" :‬الذي يأتي أوأ ل يأتي"‪ ،‬تجسد فيه ما ساماه الباحإث بنفي الوساط الساطوري‪ .‬فالمدن التاريخية‪ ،‬وأالتي تحولت بفعل الساطورة إلى رموز إنإسانإية‬
‫عظيمة تدمر الواحإدة بعد الخرى‪:‬‬
‫ـ نإيسابور‪ :‬تنهشها النسور‪.‬‬
‫ـ إرم ذات العماد‪ :‬يسلخ جلدها وأتشوى فيه ‪.‬‬
‫ـ بابل‪ :‬تحاصأر وأتجوع‪.‬‬
‫الثانإي‪ :‬في الشعر الحديث‪ ،‬غالبا ما يقوم البطال بأعمال خارقة‪ ،‬فيبعثون من الرماد‪ ،‬ل أحإد يمكن أن ينتصر عليه‪....‬أما عند البياتي‪ ،‬فالبطل فريسة ساهلة للموت بعد طول‬
‫النإتظار‪ ،‬وأبعد أن أنإهكت القيم التي يرمزوأن إليها‪) .‬يموت تموز ـ تقتل عشتروأت ـ وأيموت الحب بموت عائشة(‪.‬‬

‫‪ 3‬ـ خط الساتفهام‪:‬وأهو خط التساؤل وأالحيرة وأالتي قصد بها الشاعر تفكيك طرفي جدلية الحياة وأالموت‪ ،‬وأهو يتبع خط الموت السابق‪:‬موت الوساط الساطوري‪ ،‬يرتبط‬
‫بموت الحقيقة وأالعدل‪.‬‬
‫موت عائشة‪ ،‬وأبقاء عشيقها‪ ،‬الخيام‪ ،‬في حإزن دائم‪.‬‬
‫موت شهريار الذي أحإس بالذنإب‪ ،‬وأبموته انإتهت التوبة‪ ،‬وأبقي الحكام يمارساون الظلم‬
‫‪ 4‬ـ خط الرجاء وأالتمني‪ :‬وأيتمثل في انإتقال الفعل من وأاقع النضال إلى وأاقع الحلم‪ ،‬وأتصبح كل الرغبات وأالنإتظارات‪ ،‬مرتبطة بخط الرجاء‪ /‬المل‪ /‬التمني‪ .‬وأنإجح الحلم في‬
‫إيجاد نإوع من التوقع الذي يفتقد إلى الساتمرارة وأالديمومة‪ ،‬وأرغم بقاء المسافة ثابتة بين الموت وأالحياة‪ ،‬فإن الشاعر انإتهى في آخر المطاف إلى الموت‪ ،‬كما تجسد ذالك‬
‫في مجموعته الشعرية‪" :‬الموت في الحياة"‪.‬‬
‫‪5‬ـ خط الشك‪:‬‬
‫انإطلقا من ديوانإه‪" :‬الموت في الحياة"‪ ،‬يكشف لنا الشاعر القيم المهترئة وأالميتة التي يروأج لها أشباه الرجال‪ ،‬وأالشعراء المرتزقة‪ ،‬وأينادي بالقيم الحية المنبثقة من‬
‫قوة النضال‪ .‬وألتتحقق هذه القيم النبيلة فقد عمل على فضح زيف النضال العربي لنإه ل موت بل نإضال‪ ،‬وأل بعث بل موت‪ .‬فإن حإدث بعث بل نإضال أوأ موت‪ ،‬فهو بعث‬
‫مزيف‪ ،‬أوأ موت في الحياة‪.‬‬
‫وأتبقى قدرة البياتي على الكشف عن الواقع‪ ،‬هو مصدر قوة شعره فتتساوأق رؤيته إلى الموت‪ ،‬برؤيته للحياة‪ ،‬وأيحكمهما معا رؤية القلق وأالنإتظار‪.‬‬
‫اللص وأالكلب‬
‫ب‪-‬منظور الثانإي‪ :‬تقويم القوى الفاعلة‬ ‫تقديم ‪:‬‬
‫‪ -1‬جرد القوى الفاعلة ‪ :‬القوى الفاعلة ل‬ ‫لقد كثر الهتمام في الوأنإة الخيرة بالنصوص الموازية‪ ،‬أوأ ما يسمى بعتبات الكتابة‪،‬‬
‫تنحصر في الشخصيات بل تشمل كذلك المؤساسات وأالفكار وأالقيم وأالمشاعر‪ ،‬وأكل ما يساهم‬ ‫في إطار نإظرية التلقي التي تركز بالدرجة الوألى على الهتمام بالمتلقي باعتباره أحإد‬
‫في تحريك الحإداث‪ ،‬وأبالعودة إلى روأاية اللص وأالكلب أمكننا جرد القوى الفاعلة‬ ‫الركان السااساية للحديث عن التلقي‪ ،‬فكما ل يمكن أن نإتصور إبداعا بدوأن مؤلف‪ ،‬كذلك‬
‫كالتالي ‪:‬‬ ‫ل يمكن تصور تلقي بدوأن وأجود شخص يستهدفه المبدع بإبداعه‪ ،‬وألتسهيل عملية التلقي‬
‫أ‪ -‬الشخصيات‪ :‬تنقسم شخصيات اللص وأالكلب إلى رئيسية وأثانإوية وأعابرة‪،‬‬ ‫هذه‪ ،‬وألتوجيه القارئ وأجهة التلقي السليمة وأفرت له نإصوص موازية توازي النص الجوهر‪،‬‬
‫سانحاوأل تقديم خصائصها وأمواصأفاتها بالعتماد على الجدوأل الثالي بدء بالرئيسية‬ ‫وأظيفتها إعطاء فكرة مسبقة عن النص قبل الشروأع في تلقيه‪ ،‬وأمن بين هذه النصوص نإذكر‬
‫وأانإتهاء بالعابرة ‪.‬‬ ‫اسام المؤلف‪ ،‬وأنإص العنوان‪ ،‬فما هي نإقط تقاطع حإياة نإجيب محفوظ وأالعنوان" اللص‬
‫الشخصيات‬ ‫وأالكلب" مع نإص المؤلف؟‬
‫خصائصها وأصأفاتها‬ ‫أ – اسام المؤلف نإجيب محفوظ ‪:‬‬
‫ساعيد مهران‬ ‫نإجيب محفوظ‬
‫شاب مصري مثقف‪،‬‬ ‫كاتب مصري معروأف وألد سانة ‪1912‬م‪ ،‬بحي الجمالية في القاهرة وأهي منطقة شعبية وأصأفها في‬
‫تحمل مسؤوألية أسارته منذ الصغر‪ ،‬توفي أبوه وأبعده أمه‪ ،‬مؤمن بمبادئ المساوأاة وأالعدل‬ ‫الكثير من روأاياته‪ ،‬منها " خان خليلي" نإشأ في أسارة متوساطة درس الفلسفة بكلية الداب‬
‫وأالكرامة وأالنإصاف‪ ،‬مناصأر للمظلومين وأالكادحإين‪ ،‬نإاضل من أجل تحقيق مبادئ الشتراكية‬ ‫وأتخرج منها سانة ‪1934‬م ‪ ،‬وأحإصل على جائزة نإوبل للداب سانة ‪1988‬م بسبب دوأره الرائد في‬
‫على الواقع‪،‬حإريص على النإتقام من نإبوية وأعليش اللذان غدرا به وأأدخله السجن‪،‬وأمن‬ ‫ازدهار الفن الروأائي العربي بصفة خاصأة وأالعالمي بصفة عامة‪ ،‬وأقد ترجمت قصصه وأروأاياته‬
‫رؤوأف الذي تنكر لمبادئ الحزب وأالنضال‪ ،‬يعانإي من فراغ روأحإي وأقلق وأجودي وأغربة وأضياع‪،‬‬ ‫إلى العديد من اللغات‪ ،‬وأمن أشهر أعماله الروأائية نإذكر" همس الجنون‪ ،‬كفاح طيبة‪،‬‬
‫أساير الحقد وأالكره وأالنإتقام‪.‬رمز للكادحإين وأالفقراء المناضلين من أجل‬ ‫بداية وأنإهاية‪،‬قصر الشوك‪ ،‬ثرثرة فوق النيل‪،‬خمارة القط الساود‪ ،‬حإكاية بل بداية‬
‫القيم ‪.‬‬ ‫وأنإهاية‪،‬أوألد حإارتنا ‪......‬‬
‫رؤوأف علوان‬ ‫وأ ما يهمنا أكتر في حإياته هو أنإه عايش ثورة مصر سانة‬
‫طالب قروأي‪ ،‬مناضل مؤمن بالتغير‪ ،‬له قدرة على التأثير‬ ‫‪1952‬م وأاساتوعب التحولت الجتماعية وأالسياساية وأأثرها على نإفسية الشعب المصري‪،‬‬
‫بأسالوبه في محاوأريه‪ ،‬أكمل دراساته ثم تحول إلى صأحفي نإاجح‪ ،‬انإتهز الظروأف السياساية‬ ‫وأالروأاية قيد التحليل روأاية وأاقعية ينتقد من خللها نإجيب محفوظ وأاقع مصر الجديد بعد‬
‫الجديدة فتحول إلى قلم برجوازي مأجور‪ ،‬تنكر لصأوله الكادحإة‪،‬وألطبقته‪،‬متطلع بشغف‬ ‫ثورة مصر ‪1952‬م ‪.‬‬
‫لحياة الرساتقراطية‪،‬أكل وأملبسا وأمسكنا‪ ،‬يشوه الحقائق وأيكلب الرأي العام ضد ساعيد‬ ‫ب – عنوان المؤلف" اللص وأالكلب "‬
‫وأيصوره مجرما خطيرا‪ .‬رمز للبرجوازية القاساية على الفقراء ‪.‬‬ ‫العنوان هو أوأل خطاب‬
‫عليش‬ ‫لفظي يواجه القارئ‪ ،‬وأيوجه أفق انإتظاره للنص‪ ،‬بل يلخصه له في أحإيان كثيرة‪ ،‬لذا كان‬
‫غريم ساعيد‬ ‫من البد أن نإقف على عنوان المؤلف" اللص وأالكلب" وأقفة تجعلنا نإقتحم النص بفرضيات‬
‫مهران – المستفيد من ساجنه وأالمستولي على زوأجته وأابنته وأجميع ممتلكاته – متحايل كبير‬ ‫سانتأكد من صأوابها ‪.‬‬
‫– انإتهازي خائف على مصيره الشخصي وأمتخذ لجميع الحإتياطات حإتى ل ينال منه خصمه ساعيد‬ ‫يتألف عنوان النص تركيبيا من لفظتين هما "اللص" وأ"الكلب "‬
‫مهران‪.‬رمز لخيانإة الصداقة ‪.‬‬ ‫بينهما حإرف عطف الواوأ‪ ،‬الذي يؤكد وأجود علقة بينهما‪،‬أما دلليا فتوحإي لفظة اللص إلى‬
‫الشيخ علي الجنيدي‬ ‫ذلك الشخص الخارج عن القانإون وأالمستولي على ممتلكات الغير‪ ،‬وأالذي جرمته كل الديانإات‬
‫زاهد متصوف‪ ،‬له انإشغالت روأحإية‬ ‫السماوأية وأأصأدرت ضده عقوبات متفاوأتة‪ ،‬وأالذي يرمز خلفا للكلب للخيانإة وأالغدر‪،‬‬
‫بعيدة عن الواقع المعيش‪ ،‬يحاوأل تبرير الواقع بالغيبيات لنإه مستفيد من الوضع‬ ‫بينما الكلب ترمز للخلص وأالمانإة وأالوفاء لدرجة ربط الوفاء بهذا الحيوان الليف‬
‫السياساي السائد – يشكل نإوعا من الطمئنان النفسي وأالروأحإي لسعيد مهران – يلجأ إليه‬ ‫فهل يعكس لص الروأاية وأكلب الروأاية هذه الدللت؟‬
‫دائما وأقت الشدة ‪ .‬رمز للتصوف وأالفكر الديني ‪.‬‬ ‫إذا ما نإحن حإاوألنا ربط العنوان‬
‫نإـــــــــور‬ ‫بأحإداث الروأاية أمكن لنا اساتنتاج أن لص العنوان هو ساعيد مهران‪ ،‬لكن بصفات الوفاء‬
‫عنصر مساعد‬ ‫وأالخلص لنإه أخلص لمبادئ الثورة ‪،‬أما الكلب فهي إشارة إلى كلب إنإسانإية‪ ،‬مجسدة‬
‫للشخصية الرئيسة ساعيد مهران – مومس – قست عليها الحياة الجتماعية – متوساطة الجمال‬ ‫في شخص كل من نإبوية‪ ،‬وأعليش‪ ،‬وأساعيد مهران‪ ،‬لكن بصفات الغدر وأالخيانإة‪ ،‬لن كل هذه‬
‫– مستسلمة لرغبات الزبناء – مغرمة بسعيد مهران وأترغب في زوأاجه – وأفرت له الطعام‬ ‫الشخصيات قد مارسات الغدر وأالخيانإة في وأجه ساعيد مهران‪ ،‬الشيء الذي جعل أحإداث الروأاية‬
‫وأالمسكن وأالجرائد وأالسيارة ‪ .‬رمز للباحإية وأالقيم المفقودة ‪.‬‬ ‫تميل إلى التراجيديا أوأ إلى دراما الروأايات البوليسية ‪.‬‬
‫المعلم‬ ‫أ‪ -‬المنظور الوأل‪ :‬تتبع الحدث‬
‫طرزان‬ ‫* المتن الحكائي للروأاية‪:‬‬
‫صأاحإب مقهى – صأديق ساعيد‪ ،‬وأفر له المسدس وأأمده بمعلومات هامة سااعدته على‬ ‫تحكي روأاية اللص وأالكلب حإكاية مثقف بسيط يدعى ساعيد مهران‪ ،‬دخل السجن وأخرج منه في عيد‬
‫الختفاء عن أنإظار الشرطة‪.‬رمز للصداقة الصادقة ‪.‬‬ ‫الثورة‪ ،‬بعد أن قضى فيه أربع سانوات غدرا ‪ ،‬دوأن أن يجد أحإدا في انإتظاره‪ ،‬وأيقرر بعدها‬
‫نإبوية‬ ‫الذهاب إلى منزل عليش لساترجاع ابنته ساناء وأماله وأكتبه‪ ،‬وأيفشل في ذلك وأتسود الدنإيا‬
‫زوأجة ساعيد‬ ‫في وأجهه أكثر عندما جفلت منه ابنته ساناء وأرفضت معانإقته لنإها ل تعرفه ‪ ،‬وأللتخفيف‬
‫السابقة‪ ،‬وأأم ساناء أحإبها ساعيد بصدق وأظل يحلم بالساتقرار الدائم إلى جوارها مع ابنته‬ ‫من حإدة النإفعال وأإحإياء لبعض ذكريات ماضيه قرر الساتقرار مؤقتا برباط علي الجنيدي‪،‬‬
‫ساناء بعد خروأجه من السجن‪،‬لكنها تنكرت له وأارتبطت بعليش‪ .‬رمز للخيانإة الزوأجية ‪.‬‬ ‫الذي قضى عنده ليلته‪ ،‬وألكن روأحإانإية المكان وأطقوساه الخاصأة وأأجوبة علي الجنيدي العامة‬
‫ساناء‬ ‫وأالمغرقة في الروأحإانإيات‪ ،‬جعلت ساعيدا ل يرتاح كثيرا للقامة بهذا المكان المليء‬
‫موضوع صأراع بين الب الطبيعي ساعيد مهران وأ زوأج الم وأالمحتضن عليش‪ ،‬لم‬ ‫بالمنشدين وأالمريدين‪ ،‬لذلك قرر اللقاء بأساتاذه رؤوأف علوان ذلك الصحفي الناجح الذي‬
‫تتعرف على أبيها‪ ،‬تبدوأ خائفة مضطربة أثناء اللقاء الذي جمعها بابيها الحقيقي ساعيد‬ ‫صأار من الغنياء قصد تشغيله معه في جريدة الزهرة‪ ،‬فاتجه بداية إلى مقر جريدة‬
‫مهران‪ .‬رمز للبراءة المغتصبة ‪.‬‬ ‫الزهرة‪ ،‬ثم بعد ذلك نإحو فيلته‪ ،‬وأهناك سايفاجأ ساعيد مهران بفكر جديد لرؤوأف علوان يقدس‬
‫المعلم بياضة‬ ‫المال وأل يكترث للمبادئ وأالقيم النضالية ‪ ،‬كما سايفاجأ برغبته في إنإهاء علقته به‬
‫زميل ساابق لسعيد وأصأديق وأشريك‬ ‫خاصأة عندما رفض طلب تشغيله وأأعطاه مبلغا من المال ليدير شؤوأن حإياته بمفرده بعيدا‬
‫عليش‪ ،‬خان صأديقه الوأل‪ ،‬وأكاد أن يؤدي ثمن هذه الخيانإة أثناء لقائه بسعيد مهران‬ ‫عنه‪ ،‬مما اضطر ساعيد مهران إلى التفكير في النإتقام منه‪ ،‬فقرر العودة إلى فيلته في‬
‫الباحإث عن المكان الجديد الذي اساتقر به عليش ‪.‬‬ ‫تلك الليلة لسرقتها لكنه وأجد رؤوأف علوان في انإتظاره لنإه عليم بأفكار تلميذه‪ ،‬فهدده‬
‫ب ‪ -‬المؤساسات‪ :‬في الروأاية‬ ‫بالسجن وأاساتعاد منه النقود وأطرده من البيت‪ ،‬وأخرج ساعيد ليلتها مهزوأما وأمشاعر الحقد‬
‫عدة مؤساسات فاعلة في أحإداث الروأاية وأمؤثرة على شخصياتها نإذكر منها على سابيل المثال‬ ‫وأالنإتقام تغلي في دوأاخله‪ ،‬فلقد اكتمل عقد الخيانإة وأباكتماله تبدأ رحإلة النإتقام‪،‬‬
‫ل الحصر ‪ :‬السجن باعتباره أوأل مكان يؤطر فضاء الروأاية‪ ،‬أثناء تواجده به حإصلت‬ ‫وأتسود الدنإيا في وأجهه وأل يجد ملذا أفضل من مقهى المعلم طرزان‪ ،‬الذي لم يتردد لحظة‬
‫الخيانإة‪ ،‬وأتحققت أهداف النإتهازيين‪ ،‬وأهناك الصحافة التي أثرت في جهاز الشرطة وأالرأي‬ ‫في إهدائه مسدساا سايكون له دوأر كبير في مسلسل النإتقام‪ ،‬وأفي ذات المكان سايلتقي بنور‬
‫العام المنقسم إلى معارض أوأ مناصأر لسعيد مهران‪ ،‬ثم هناك المدرساة وأالجامعة التي شكلت‬ ‫التي بدوأرها وألدافع حإبها الشديد له مذ كان حإارساا لعمارة الطلبة‪ ،‬ساتوفر له المأوأى‬
‫نإعمة لرؤوأف علوان وأمصدر وأعي شقي لسعيد مهران ‪.‬‬ ‫وأالطعام وأالشراب وأالجرائد وأالسيارة‪ ،‬وألما توفرت له شروأط النإتقام " المسدس وأالسيارة"‬
‫ج ‪ -‬الجمادات ‪ :‬متنوعة بين الحارة‬ ‫ذهب مباشرة لقتل عليش في منزله لكنه أطلق النار على حإسين شعبان الرجل البريء الذي‬
‫وأالمقهى وأمنزل نإور وأ فيل رؤوأف علوان وأالجبل وأالمقبرة وأالشوارع وأعمارة ساكن الطلبة‬ ‫اكترى شقة عليش بعد رحإيله‪ ،‬لكن ساعيد مهران لم ينتبه لذلك وألم يعرف خطأه حإتى اطلع‬
‫وأرباط الجنيدي‪ ،‬وأالتي تركت آثارها القوية أوأ الضعيفة في نإفسيات شخصيات الروأاية‪ ،‬فهي‬ ‫على الجرائد‪ ،‬وأفي خضم هذه الحإداث اساتغلت جريدة الزهرة الوأضاع وأبدأت بقلم رؤوأف‬
‫تحتضن الذكريات حإلوها وأمرها‪ ،‬لذلك تم اساترجاعها أحإيانإا‪ ،‬أوأ محاوألة تناسايها كما هو‬ ‫علوان تبالغ في وأصأف جرائم ساعيد مهران وأتنعته بالمجرم الخطير الذي يقتل بدوأن وأعي‪،‬‬
‫الشأن بالنسبة لرؤوأف علوان وأ عليش المتنقل من منزل لخر خوفا على حإياته من انإتقام‬ ‫الشيء الذي سايشعل نإار الغضب في قلب ساعيد الذي سايقرر قتل رؤوأف خاصأة بعدما سااعدته نإور‬
‫ساعيد مهران ‪.‬‬ ‫في الحصول على بذلة عسكرية‪ ،‬فيستهل انإتقامه بالقبض على المعلم بياظة بهدف معرفة‬
‫د‪ -‬القيم وأالمشاعر‪ :‬تتنوع هذه القيم وأالمشاعر بين القناعة‬ ‫القامة الجديدة لعليش وأنإبوية لكن دوأن جدوأى فعاد إلى بيت نإور ثم ارتدى بذلته‬
‫وأالساتسلم للمر الواقع وأيمثلها علي الجنيدي‪ ،‬وأالنإحراف وأالخروأج عن القوانإين‪،‬‬ ‫العسكرية‪ ،‬وأاساتقل سايارة أجرة ثم اكترى قاربا صأغيرا ليتجه صأوب قصر رؤوأف علوان ‪،‬‬
‫وأيتجسد ذلك في شخصية المومس نإور وأالمتاجرين في الممنوعات من ذوأي السوابق كطرزان‬ ‫للنإتقام منه وأفور نإزوأله من سايارته أطلق ساعيد مهران عليه النار لكن رصأاصأات الحراس‬
‫وأغيره‪ ،‬ثم الرغبة في الغنى وأالثراء على حإساب القيم الصألية وأالنإتماء الطبقي‪ ،‬وأيبرز‬ ‫السريعة وأالكثيرة وأإصأابته بإحإداها جعلته يخطئ هدفه‪ ،‬فأصأاب بوابا بريئا بدل غريمه‪،‬‬
‫ذلك جليا في التسلط الطبقي لرؤوأف علوان‪ ،‬في مقابل اللتزام اليديولوجي وأاليمان‬ ‫وأأثناء اطلعه على الجرائد التي أمدته بها نإور تعرف على خطئه فشعر بندم شديد‪،‬‬
‫الصادق بالعنف الثوري المجسد في شخصية ساعيد مهران‪ ،‬أما عليش فيمثل أعلى درجات‬ ‫وأاساودت الدنإيا في وأجهه مع اساتمرار جريدة الزهرة في تحريض الرأي العام ضده ‪ ،‬إلى أن‬
‫الشخصية النإتهازية التي لم تكتف بسرقة أموال الصديق بل ا اساتولت على زوأجته وأابنته‬ ‫انإتهت حإياته في مقبرة بعد أن حإاصأرته الشرطة وأأطلقت عليه الرصأاص من كل جانإب فاساتسلم‬
‫وأكل ممتلكاته‪ ،‬مما جعل مسألة النإتقام منه وأنإبوية تحتل مركز الهتمام لدى ساعيد‬ ‫بل مبالة بل مبالة ‪ ،‬وأحإلت بالعالم حإال من الغرابة وأالدهشة ‪.‬‬
‫مهران ‪.‬‬ ‫* الحبكة ‪:‬‬
‫وألعل أهم الشخصيات التي عاشت عدة مشاعر متناقصة وأمتضاربة وأجارفة هي شخصية‬ ‫الحبكة هي النسيج الذي يرصأد الحإداث في اتصالها وأانإفصالها وأاتجاهاتها‪ ،‬وأتنقسم إلى‬
‫ساعيد مهران‪ ،‬لنإه عاش خيانإة مزدوأجة‪ ،‬الوألى اجتماعية من زوأجته وأصأديقه عليش‪،‬‬ ‫تقليدية تتوالى فيها الحإداث بشكل متسلسل‪ ،‬وأأخرى مفككة ل تخضع لتسلسل منطقي‪ ،‬وأيبدوأ‬
‫وأالثانإية إيديولوجية ثقافية من طرف أساتاذه وأموجهه رؤوأف علوان‪ ،‬مما جعله يحس‬ ‫أن الحبكة المعتمدة في روأاية اللص وأالكلب‪ ،‬تقليدية بدليل قيامها على الساباب‬
‫بالمهانإة وأالخزي وأالعار أمام أسارته وأأصأدقائه وأذاته‪ ،‬فقرر النإتقام من جميع‬ ‫المؤدية إلى النتائج‪ ،‬فكل حإدث فيها يؤدي إلى حإدث آخر وأهكذا تقوم الحإداث على مجموعة‬
‫الخونإة ‪.‬‬ ‫من الساباب ‪ ،‬فالخيانإة التي تعرض لها ساعيد دفعته للنإتقام وأ اكتراء حإسين شعبان‬
‫وأهكذا يظل جرد القوى الفاعلة – شخصية كانإت أوأ مؤساسات أوأ جمادات أوأ‬ ‫لمنزل عليش جعلت الرصأاصأة تصيبه‪ ،‬وأوأشاية عليش وأنإبوية جعلت ساعيدا يدخل السجن‬
‫حإيوانإات أوأ قيما وأمشاعر – الحاملة لحركة الفعل التي تمارساها الشخصيات في الروأاية‬ ‫* الرهان‪ :‬ينقسم الرهان دائما إلى رهان المحتويات وأيتأساس حإول الشخصيات‬
‫أسااس‬ ‫وأالموضوعات المتنازع عليها‪ ،‬وأرهان الخطاب وأيتأساس على علقة المؤلف مع المتلقي أوأ‬
‫ج‪-‬الكشف عن البعد النفسي ‪:‬‬ ‫علقة النص مع المتلقي‪ ،‬وأإذا عدنإا إلى مثن اللص وأالكلب وأجدنإا أن رهان المحتوى الذي‬
‫إن قراءتنا لروأاية اللص وأالكلب من المنظور النفسي‪،‬‬ ‫له علقة بالشخصيات يتراوأح بين الفشل وأالنجاح‪ ،‬فسعيد مهران يفشل في تحقيق رهانإه‬
‫تنتهي بنا إلى إدراك ما تخفيه الشخصيات من مشاعر وأأحإاسايس وأعواطف متوترة‪ ،‬نإستنتج‬ ‫الكلي المتمثل في تحقيق مشروأعه النضالي وأتحقيق العدالة الجتماعية‪ ،‬وأيتراجع عن هذا‬
‫منها عمق الزمة النإسانإية النفسية التي يعانإي منها المجتمع المصري وأالعربي في‬ ‫الرهان إلى رهان آخر جزئي وأهو النإتقام من خصومه دوأن أن يحققه‪ ،‬بخلف غريمه رؤوأف‬
‫خمسينيات وأساتينيات القرن ‪ ،20‬الذي قدر عليه أن يعيش في زمن غريب ل يأنإس له وأل يشعر‬ ‫علوان الذي اساتطاع تحقيق رهانإه المتجسد في الحصول على الثروأة وأإن كانإت الطريقة‬
‫معه بالطمئنان ‪ ،‬إن مؤلف اللص وأالكلب بهذا المعنى روأاية وأاقعية نإقدية رمزية تكشف‬ ‫وأصأولية انإتهازية‪ .‬أما رهان الخطاب أوأ النص ككل فيمكن حإصرهفي كون المحاوألت الفردية‬
‫عن الحالة النفسية للمجتمع من خلل التعمق في شخصية ساعيد مهران الذي تعرض لخيانإات‬ ‫لتغير الواقع مآلها الفشل‪ ،‬فل يمكن لفرد مهما أوأتي من ذكاء وأعزيمة وأإصأرار أن يغير‬
‫اجتماعية وأساياساية خلقت منه نإموذجا بشريا دائم القلق وأالحيرة ‪ ،‬فمن يكون ساعيد مهران‬ ‫وأاقع أمة مهما كان الواقع مأسااوأيا وأظالما‪ ،‬فالتضحيات يجب أن تكون جماعية لكي ينتصر‬
‫نإفسيا؟ وأما علقته بالنإسان العربي؟‬ ‫الخير على الشر‪ ،‬وأالحق على الباطل‪ ،‬وأالعدل على الظلم ‪.‬‬
‫لقد قدمت روأاية اللص وأالكلب شخصية ساعيد‬ ‫* دللت وأأبعاد الحدت ‪:‬‬
‫مهران ذلك الشاب الفقير الذي تعرض لنإواع من الحرمان وأالقهر بمواصأفات نإفسية جعلت‬ ‫إن كل الشارات التاريخية التي وأردت داخل مؤلف اللص وأالكلب‪ ،‬تشير إلى أن‬
‫منه نإموذجا إنإسانإيا عربيا يعانإي من توتر نإفسي وأعاطفي وأقلق وأغربة ساواء تجاه من‬ ‫الروأاية لها علقة بواقع مصر السياساي وأالجتماعي لما بعد الثورة المصرية سانة ‪1952‬م‬
‫خانإوه " نإبوية‪ ،‬عليش‪ ،‬رؤوأف" أوأ أحإبوه" نإور‪ ،‬طرزان‪ ،‬فئة الفقراء" أوأ إزاء الزمن‬ ‫وأمن هذا المنطلق أمكن لنا أن نإقول وأمن خلل الحإداث التي وأقعت لسعيد مهران وأالذي‬
‫الماضي وأالحاضر وأالمستقبل‪،‬فعن طريق اساترجاع شريط اللم " وأفاة وأالده‪ ،‬أمه‪ ،‬خيانإة‬ ‫وأجد نإفسه فجأة يعانإي من تفكك أساري وأحإزبي‪ ،‬أن روأاية اللص وأالكلب روأاية تستهدف‬
‫الزوأجة الصديق‪ ،‬الساتاذ‪ "،‬نإفهم سار جنون ساعيد مهران‪ ،‬فجنونإه أزمة نإفسية وألدها‬ ‫بأبعادها كشف وأاقع مصري يعانإي معانإاة اجتماعية وأنإفسية نإتيجة السلوك النإتهازي لبعض‬
‫النإسان الذي خان شعبه وأتنكر للمبادئ‪ ،‬وأأزمة وألدها الصديق الذي خان الصداقة‪،‬‬ ‫الفراد الذين غيروأا قناعاتهم النضالية وأمواقفهم اساتجابة لمتغيرات نإهاية مرحإلة‬
‫وأوألدتها الزوأجة التي نإسيت الوفاء‪ ،...‬لذلك ل غرابة أن يعيش ساعيد مهران فراغا‬ ‫الخمسينيات وأالستينيات وأنإتيجة لرضاء مآربهم الشخصية‪.‬‬
‫عاطفيا‪ ،‬وأروأحإانإيا‪ ،‬وأغربة‪ ،‬وأضياعا‪ ،‬وأقلقا‪ ،‬وأتوترا‪ ،‬وأهذه صأورة مصغرة لسار كثيرة تشارك‬
‫ساعيد هذه المعانإاة ساواء كان تواجدها داخل أم خارج المؤلف ‪.‬‬
‫وأهي أزمة نإفسية ألقت‬
‫بثقلها على العلقات العاطفية بين الفراد‪ ،‬بحيث أصأبحت أكثر مأسااوأية‪ ،‬فعلقات الحب‬
‫التي يمثلها في المؤلف حإب ساعيد لبنته وأحإب نإور لسعيد‪ ،‬تتراجع لتفسح المجال للكراهية‬
‫وأالحقد‪ ،‬فتكون النتيجة قتل وأمطاردة وأرغبة في النإتقام‪ ،‬كما أن علقة الوفاء التي‬
‫يجسدها في المؤلف وأفاء طرزان وأ نإور لسعيد ‪ ،‬قد تراجعت بدوأرها لتحل محلها الخيانإة‬
‫بأبعادها الجتماعية وأالسياساية‪ .‬بل حإتى العلقة الروأحإانإية بين النإسان وأربه تأثرت‬
‫في وأساط هذا المجتمع المادي وأدليل ذلك علقة ساعيد برباط علي الجنيدي ‪.‬‬
‫هكذا يبدوأ‬
‫العالم النفسي كئيبا وأما يزيد من كآبته حإضور تيمات الظلم وأالكره وأالخيانإة‪ ،‬خيانإة‬
‫وأظلم وأكره أقرب وأأعز الناس إليك أوأ من كان من المفروأض أن يحبوا‪ ،‬وأتيمة الحب كذلك‬
‫لكن بوجه جديد يسبب لصاحإبه الحإزان أكثر من الفراح‪ ،‬حإب ساعيد لسناء الجريح‪ ،‬وأحإب نإور‬
‫لسعيد الذي فات زمنه ‪.‬‬
‫هكذا يبدوأ وأاضحا بأن نإجيب محفوظ قد تعمد التركيز على‬
‫نإفسية بطل هذه الروأاية لغاية كشف التحولت الصعبة التي يعيشها النإسان المصري‬
‫وأالعربي وأتداعياتها على نإفسية الفرد خاصأة الفقير الكادح ‪.‬‬
‫د المنظور‬
‫الجتماعي ‪:‬‬
‫اشتهر نإجيب محفوظ في مجمل روأاياته‪ ،‬بتصوير الواقع المصري الجتماعي‬
‫تصويرا تظهر من خلله الصورة الحقيقية للبنية الجتماعية المصرية‪ ،‬كما تبدوأ من‬
‫خلله معانإاة النإسان المصري الجتماعية‪ ،‬فما هي طبيعة المجتمع الذي تتحدث عنه‬
‫روأاية اللص وأالكلب؟‬
‫تصور روأاية اللص وأالكلب وأاقعيا اجتماعيا متناقضا أفرزته‬
‫التحولت السياساية في خمسينيات القرن ‪ 20‬تختصره فئتان‪ ،‬فئة الغنياء التي يمثلها‬
‫رؤوأف علوان وأالتي تمتلك كل شيء‪ ،‬وأفئة الفقراء التي يمثلها ساعيد مهران وأالتي تفتقر‬
‫لبسط متطلبات العيش الكريم‪ ،‬وأهو تناقض اجتماعي سايؤدي إلى ظهور أمراض اجتماعية‬
‫خطيرة‪ ،‬كالسرقة التي اعتبرها ساعيد مهران وأسايلة لعادة حإق الفقراء‪ ،‬فمن السارق وأمن‬
‫المسروأق؟‪ ،‬وأالمتاجرة في المخدرات وأالذي يمارس ذلك هو المعلم طرزان‪ ،‬نإاهيك عن‬
‫الدعارة التي تمارساها نإور‪ ،‬وأل تتوقف تداعيات هذا التناقض في ظهور أمراض اجتماعية‬
‫فقط‪ ،‬بل في ممارساات أخرى أكتر تعقيدا كالخيانإة وأالنفاق وأالنإتهازية التي ذهب ضحيتها‬
‫ساعيد مهران ‪.‬‬
‫هكذا يبدوأ وأاضحا أن روأاية اللص وأالكلب روأاية نإقدية تنتقد وأبشدة‬
‫الواقع الجتماعي الذي أفرزته الثورة وأالذي عمق من معانإاة الطبقة الفقيرة وأزاد من‬
‫همومها إلى درجة أن أسارا كثيرة قد تفككت علقاتها نإتيجة الفقر وأالحاجة‪ ،‬وأاضطرت إلى‬
‫بيع شرفها وأمبادئها أوأ النضال من أجل تحققها إلى آخر أنإفاس الحياة‪ ،‬فمن يتحمل‬
‫مسؤوألية هذا الواقع الجديد؟‬
‫ه‪ -‬منظور البعد السالوبي‪ :‬يتميز أسالوب نإجيب محفوظ في‬
‫روأاية اللص وأالكلب بالقتراب من لغة البساطة وأالوضوح وأالدقة في الوصأف دوأنإما اهتمام‬
‫بالمحسنات البديعية‪ ،‬مراعاة للغة العصر التي تأثرت بلغة الصحافة وأالطباعة‬
‫وأبالمثاقفة‪ ،‬كما تقترب من لغة الحياة اليومية من خلل اعتماد لغة حإية لها علقة‬
‫بالشارع المصري‪ ،‬بهذا يؤساس نإجيب محفوظ لتجربة جديدة تمزج بين اللغة العربية الفصحى‬
‫وأاللغة العامية في محاوألة لصبر أغوار النإسان العربي وأكشف همومه النفسية‬
‫وأالجتماعية‪ ،‬كما تتميز لغة الروأاية بتداخل خيوط السرد‪ ،‬الذي يتداخل فيه صأوت الكاتب‬
‫بصوت السارد وأالشخصية‪ ،‬الشيء الذي يؤكد بأن الكاتب قد سارد الحإداث بالعتماد على‬
‫وأضعيات ساردية متعددة‪ ،‬من أجل الحإاطة بهموم الشخصية من كل جوانإبها‪ ،‬كما تتميز اللغة‬
‫كذلك باعتماد حإقول معجمية كثيرة " حإقل الحرية‪ ،‬حإقل الموت‪ ،‬حإقل الدين‪ ،‬حإقل الجسد‪،‬‬
‫حإقل السجن‪ ".... ،‬وأباعتماد لغة الوصأف " وأصأف الشخصيات‪ ،‬الماكن‪ "..‬وأاعتماد الحوار‬
‫بنوعيه الخارجي وأالداخلي ‪.‬‬
‫القراءة التركيبية ‪:‬‬
‫لقد بات وأاضحا أن روأاية‬
‫اللص وأالكلب لنجيب محفوظ‪ ،‬روأاية وأاقعية نإقدية تشخص بعمق مشاكل الفرد في مجتمع‬
‫تلشت فيه القيم النبيلة‪ ،‬وأسااده الظلم وأالفساد‪ .‬هذه الرؤية المأسااوأية التي يعبر‬
‫عنها نإجيب محفوظ في هذه الروأاية‪ ،‬تستخلص من خلل مسار البطل الفردي‪ .‬وألشك أن‬
‫الصأغاء لمشاكله وألمعانإاته مع الذين خانإوه‪ ،‬يعكس بالملموس أزمته الداخلية‪ ،‬وأهي أزمة‬
‫تخلع عليه سامة البطل الشكالي‪ ،‬الذي يطمح إلى غرس القيم الجميلة في مجتمع يفتقد لكل‬
‫مظاهر القيم وأالمبادئ‪ ،‬وأهذا ما يفسر تركيز الروأاية على شخصية البطل في حإين تحضر‬
‫الشخصيات الخرى في علقاتها بشخصية البطل‬

‫حإصريا على موقع ‪www.lyceee.com‬‬


‫اللص وأ الكلب‬
‫وأتبدأ الوضعية الوألية مع الفصول الربعة الوألى إذ يسجل الفصل الوأل خروأج ساعيد مهران‬
‫وأينقل لنا الكاتب أمكنة متناقضة ‪ ،‬البعض منها يوحإي بالغنى وأالثراء كڤيل رءوأف علوان الغاصأة‬ ‫من السجن بعد أربع سانوات قضاها فيه‪ ،‬وأيتوجه إلى الحي الذي كان يقطنه‪ ،‬وأيجتمع ساعيد مع‬
‫بالشياء الثمينة‪ ،‬وأالبعض الخر يوحإي بالفقر وأالفاقة وأالخصاص كشقة نإور‪.‬‬ ‫عليش بحضور المخبر وأبعض الجيران لمناقشة مطالبته بابنته وأماله وأكتبه‪.‬إل أن عليش ينكر‬
‫وأ يلحإظ أن الكاتب لم يفصل كثيرا في وأصأف شخصياته وأأماكنه وأأشيائه ‪ ،‬بل اكتفى بفقرات‬ ‫وأجود المال وأيرفض تسليم البنت بدوأن محكمة وأيعطيه ما تبقى من الكتب‪ .‬وأأمام هذا الوضع‬
‫موجزة وأمقاطع موحإية‪.‬‬ ‫المخيب لماله‪ ،‬يبدأ ساعيد مع الفصل الثانإي التخطيط لمرحإلة ما بعد السجن حإيث توجه إلى‬
‫وأ يلحإظ أن الزمن السردي في الروأاية زمن صأاعد خطي ينطلق من حإاضر الخروأج من السجن‬ ‫طريق الجبل لمقابلة الشيخ صأديق وأالده محاوأل إقناعه بقبول ضيافته إلى أن يحقق النإتقام من‬
‫إلى مستقبل الساتسلم وأالموت‪ .‬بيد أن هذا الزمن ينحرف تارة إلى الماضي لساترجاعه) فلش‬ ‫زوأجته الخائنة وأعليش الغادر رافضا محاوألة الشيخ تنيه عن قرار النإتقام بالتركيز في حإواره‬
‫باك(‪ ،‬أوأ إلى المستقبل من أجل اساتشرافه‪ .‬وأ يزاوأج الكاتب على مستوى اليقاع بين السرعة‬ ‫على القيم الروأحإية المبنية على اليمان ‪،‬وأبعد قضاء ساعيد أوأل ليلته في ضيافة الشيخ علي‬
‫وأالبطء‪،‬وأيتجلى إيقاع السرعة في الحذف وأالتلخيص‪ ،‬أما إيقاع البطء فيكمن في الوقفة الوصأفية‬ ‫جنيدي ‪ ،‬يبدأ ساعيد مع الفصل الثالث خطوة تالية يتوجه فيها صأوب صأديق الطفولة الصحفي‬
‫وأالمشاهد الدرامية‪.‬‬ ‫رءوأف ‪ ،‬حإيث انإتظره قرب البيت ‪،‬بعدما فشل في مقابلته بمقر جريدة "الزهرة"‪ ،‬وأتبادل‬
‫وأبهذا‪ ،‬تتخذ الروأاية طابعا ساينمائيا حإركيا ‪ ،‬لن المتن الروأائي كتب بطريقة السيناريو القابل‬ ‫ذكريات الماضي على مائدة الطعام ‪،‬وأقد انإزعج رءوأف من تلميحات ساعيد التي تنتقد ما عليه‬
‫للتشخيص السينمائي وأالخراج الفيلمي الدرامي‪ .‬وأفعل‪ ،‬فقد تم إخراج هذا الفيلم ساينمائيا منذ‬ ‫من جاه وأمكانإة اجتماعية فانإتهى اللقاء بتأكيد رءوأف على أنإه أوأل وأآخر لقاء له مع ساعيد ‪،‬مما‬
‫سانوات مضت في مصر؛ نإظرا لتوفر الروأاية على لقطات بصرية وأحإركية تستطيع جذب المتفرج‪.‬‬ ‫جعل ساعيد يستكمل في الفصل الرابع شريط الخيانإة التي تلقاها من أقرب الناس إليه عليش‬
‫وأعلى مستوى الصياغة السالوبية وأظف نإجيب محفوظ في روأايته عدة أسااليب ساردية لنقل‬ ‫صأبيه الذي بلغ عنه الشرطة للتخلص منه وأالنإفراد بغنيمة الزوأجة وأالمال ‪،‬وأ نإبوية الزوأجة‬
‫الحإداث وأالتعبير عن مواقف الشخصيات‪ .‬وألقد أكثر من السرد ليقترب من الواقع أكثر لمحاكاته‬ ‫التي خانإته بتواطئ مع صأبيه عليش‪،‬ثم رءوأف النإتهازي الذي زرع فيه مبادئ التمرد وأتنكر‬
‫وأتسجيله وأتشخيصه بطريقة تراجيدية‪ .‬وأفي نإفس الوقت‪ ،‬يلتجئ إلى الحوار قصد معرفة‬ ‫هو لها‪ .‬فكان كل ذلك دافعا قويا لتخاذ قرار النإتقام وأالبداية برءوأف أقرب فرصأة مناسابة‪ ،‬إل‬
‫تصورات الشخصيات وأتناقض مواقفها اليديولوجية‪ .‬كما التجأ أيضاإلى المنولوج للتعبير عن‬ ‫أن رءوأف كان يتوقع عودته وأنإصب له كمينا أوأقع به ليطرده من البيت خائبا‪.‬‬
‫صأراع الشخصيات وأتمزقاتها الداخلية ذهنيا وأنإفسيا‪.‬وأيحضر أسالوب ساردي آخر يسمى بالسالوب‬
‫غير المباشر الحر الذي يختلط فيه كلم السارد مع كلم الشخصية وأهو كثير بين ثنايا الروأاية‬ ‫وأتبدأ سايروأرة الحدث مع الفصل الخامس بتوجه ساعيد إلى المقهى حإيث يتجمع أصأدقاء‬
‫وأعلى الرغم من كل هذه السااليب‪ ،‬فإن السرد يبقى هو المهيمن على غرار الروأايات الواقعية‬ ‫المس‪،‬وأمده صأاحإب المقهى "طرزان" بالمسدس الذي طلبه ‪،‬وأكان الحظ في صأفه هذه المرة‬
‫وأالوجودية‪ ،‬كما اساتعان الكاتب بالوصأف أثناء تقديم الشخصيات وأالمكنة وأالشياء وأالوساائل‬ ‫عندما التقى ب "نإور" التي خططت معه للتغرير بأحإد روأاد الدعارة وأسارقة سايارته ‪،‬وأيصور‬
‫وأتحيين المشاهد الدرامية‪.‬‬ ‫الفصل السادس تفاصأيل نإجاح الخطة التي رسامتها ريم لليقاع بغريمها وأتمكن ساعيد من السطو‬
‫وأتمتاز لغة نإجيب محفوظ بكونإها لغة وأاقعية تصويرية تستند إلى تسجيل المرجع وأتمويهه بلغة‬ ‫على السيارة وأالنقود ‪ ،‬وأيشرع ساعيد مع الفصل السابع في تنفيذ ما عزم عليه من انإتقام وأكانإت‬
‫تتداخل فيها الفصحى وأالعامية المصرية ليقترب أكثر من خصوبة الواقع العربي المصري‪ .‬لذالك‬ ‫البداية بمنزل عليش الذي اقتحمه ليل وأ باغث صأاحإبه بطلقة نإارية أردته قتيل ‪،‬وأتعمد التغاضي‬
‫اساتعمل الكاتب تعابير العامية المصرية وأأسااليبها وأألفاظها وأصأيغها المسكوكة‪ .‬كما اساتعمل‬ ‫عن الزوأجة لرعاية ابنته ساناء‪،‬ثم هرب ساعيد من مسرح الجريمة بعدما تأكد من نإجاح مهمته‪.‬‬
‫قواميس تدل على حإقول دللية مثل‪ :‬حإقل الثاث‪ ،‬وأحإقل الطبيعة‪ ،‬وأحإقل الدين وأالتصوف‪ ،‬وأحإقل‬ ‫إل أن الفصل الثامن ينقل لنا المفاجأة ‪،‬إذ بعد تنفيذ الجريمة‪،‬لجأ ساعيد إلى بيت الشيخ رجب‬
‫الصحافة وأالعلم‪ ،‬وأحإقل السلطة وأالجريمة‪ ،‬وأحإقل الوجود وأ العبث‪ ،‬وأحإقل القيم‪ ،‬وأحإقل‬ ‫فجرا وأاساتسلم لنوم عميق امتد حإتى العصر ‪،‬فاساتيقظ على حإلم مزعج يتداخل فيه الواقع‬
‫المجتمع‪ ،‬وأحإقل السياساة‪....‬‬ ‫بالخيال ‪،‬وأيصله خبر وأقوع جريمة ضحيتها رجل بريء يدعى شعبان حإسن‪،‬فكان خبر فشل‬
‫وأعلى الرغم من اساتخدام اللغة الطبيعية الواقعية المباشرة التي تنبني على الخاصأية التقريرية‬ ‫محاوألته مخيبا يندر ببداية المتاعب وأالمصاعب‪،‬فهرب ساعيد إلى الجبل تفاديا لمطاردة الشرطة‪.‬‬
‫الجافة الخالية من كل محسن بلغي وأشاعري‪ ،‬إل أن الكاتب يوظف في بعض الحإيان تعابير‬ ‫وأهذا الحادث الطارئ أزم وأضعية ساعيد مما جعله مع الفصل التاساع يغير خطة عمله بالتوجه‬
‫قائمة على المشابهة ) التشبيه وأالساتعارة(‪ ،‬وأالمجاوأرة )المجاز المرسال وأالكناية(‪ ،‬وأاساتعمال‬ ‫إلى نإور‪،‬وأقد اساتحسن مكان إقامتها المناساب لختفائه عن أعين الشرطة‪ ،‬وأرحإبت نإور برغبة‬
‫الرموز )اللصوص وأالكلب‪ (...‬لتشخيص الحإداث وأالمواقف وأتجسيدها ذهنيا وأجماليا‪.‬‬ ‫ساعيد في القامة عندها مدة طويلة ‪،‬وأأبان ساعيد عبر الفصل العاشر عن ارتياحإه بإقامته‬
‫وأعلى الرغم من كلسايكية بناء الروأاية‪ ،‬فقد اساتفاد نإجيب محفوظ من تقنيات الروأاية الجديدة‬ ‫الجديدة ‪،‬وأكان خروأج نإور وأبقائه وأحإيدا في البيت فرصأة لساترجاع ذكريات تعرفه على نإبوية‬
‫وأمن آليات الروأاية المنولوجية وأتيار الوعي أثناء اساتعمال الحوار الداخلي وأالرتداد إلى الخلف‬ ‫وأزوأاجهما الذي أثمر البنت ساناء‪، .‬ثم التوقف عند غدر عليش وأخيانإة نإبوية‪.‬ليعود إلى وأاقعه‬
‫وأاساتشراف المستقبل وأتوظيف السالوب غير المباشر الحر‪ ،‬كما اساتفاد كثيرا من الروأاية‬ ‫مع نإور التي جاءته بالطعام وأالجرائد التي ل زالت مهتمة بتفاصأيل جريمة ساعيد ‪،‬مع إساهاب‬
‫الواقعية في تجسيد الواقعية النإتقادية ذات الملمح الجتماعية وأالسياساية عبث الحياة وأقلق‬ ‫رءوأف في تهويل وأتضخيم صأورة ساعيد المجرم الذي تحول إلى سافاك الدماء‪،‬فطلب ساعيد من‬
‫النإسان في هذا الوجود الذي تنحط فيه القيم الصأيلة وأتعلو فيه القيم المنحطة‪.‬‬ ‫نإور شراء قماش يناساب بذلة ضابط لعداد الخطة انإتقامية جديدة ‪،‬وأيعود ساعيد مع الفصل‬
‫الحادي عشر إلى الذكريات التي تنسيه عزلته في البيت عندما تغيب نإور مسترجعا تفاصأيل‬
‫طفولته المتواضعة مع وأالده البواب‪،‬وأكيف تأثر بتربية الشيخ علي الجنيدي الروأحإية‪،‬وأإعجابه‬
‫بشهامة رءوأف الذي زرع فيه مبادئ التمرد وأشجعه على سارقة الغنياء كحق مشروأع ‪،‬وأتأتي‬
‫نإور لتقطع شريط الذكريات وأهي منهكة من ضرب مبرح تلقته من زبنائها‪،‬مع محاوألة ساعيد‬
‫الرفع من معنوياتها المنهارة وأالتخفيف من آلمها‪ .‬وأمع الفصل الثانإي عشر يكون ساعيد قد‬
‫أكمل خياطة بذلة الضابط مما زاد تخوف نإور من ضياع ساعيد مرة أخرى خاصأة وأأن الصحافة‬
‫ل زالت منشغلة بجريمته الوألى ‪،‬وأالشرطة تشدد الخناق عليه ‪،‬فحذره طرزان من التردد على‬
‫المقهى التي تخضع لمراقبة المخبرين‪.‬‬

‫وأيبدأ تأزم العقدة مع الفصل الثالث عشر عندما عاوأد ساعيد زيارة طرزان الذي اخبره بتواجد‬
‫المعلم بياضة لعقد صأفقة‪،‬فاعترض ساعيد المعلم بياضة لمعرفة مكان عليش ‪،‬إل أنإه أخلى سابيله‬
‫بعد الفشل في جمع معلومات منه تفيد في معرفة مكان عليش وأهو المر الذي جعله يغير وأجهة‬
‫النإتقام إلى رءوأف ليشرع مع الفصل الرابع عشر في تنفيذ خطته بارتداء بذلة الضايط التنكرية‬
‫وأالتوجه نإحو بيت رءوأف حإيث باغته وأهو يهم بالخروأج من السيارة‪،‬ليفر ساعيد بعد تبادل‬
‫إطلق النار مع عناصأر الشرطة‪،‬وأتعود نإور للبيت متخوفة من ضياع ساعيد بعد تداوأل خبر‬
‫تعرض رءوأف لمحاوألة اغتيال ‪.‬وأجاء الفصل الخامس عشر يحمل أخبار إخفاق ساعيد في قتل‬
‫رءوأف ‪،‬وأساقوط البواب ضحية جديدة لخطأ ساعيد‪ ،‬فكانإت خيبته كبيرة وألم تزده إل إصأرارا على‬
‫معاوأدة المحاوألة مهما كلفه ذلك من ثمن ‪.‬‬
‫وأمع الفصل السادس عشر تبدأ الوضعية النهائية وأتظهر النتيجة من خلل تطورات مفاجئة‬
‫تسير عكس طموحإات ساعيد ‪ ،‬أوألها غياب نإور المفاجئ‪،‬وأ طرزان الذي زوأده بالكل وأحإذره من‬
‫المخبرين الذين يتربصون بالمقهى‪.‬وأتبدأ النهاية في القتراب مع الفصل السابع عشر عندما‬
‫تأتي صأاحإبة بيت نإور تهدد بالفراغ فأصأبح البيت يشكل خطرا عليه‪ ،‬فقرر الهروأب إلى طريق‬
‫الجبل عند الشيخ علي ‪ ،‬حإيث ساتكون النهاية مع الفصل الثامن عشر عندما يستيقظ ساعيد من‬
‫نإوم عميق فيجد المنطقة محاصأرة بالشرطة وأيتحصن بالمقبرة حإيث كانإت نإهايته بعد مقاوأمة‬
‫يائسة‬

‫الجزء الثانإي‬
‫من خلل هذه المضامين يتبين أن القوى الفاعلة هي صأانإعة الحدث ‪،‬وأأوأل هذه القوى‬
‫الشخصيات وأالبداية كانإت مع ساعيد مهران بطل الروأاية ‪ ،‬ضحية مؤامرة الغدر وأالخيانإة خرج‬
‫من السجن ليثأر من الكلب ‪،‬بدأ في تنفيذ ما عزم عليه من انإتقام وأثأر‪ ،‬محتميا مع كل وأاقعة‬
‫بنور حإتى تهدأ العاصأفة وأيسترجع أنإفاساه‪،‬وأيتحرك من جديد مع جريمة ثانإية ‪،‬إل أن الفشل‬
‫كان يلحإقه في كل مرة ‪ ،‬فيفقد التركيز وأالقدرة على التحرك بحرية مما عجل بنهايته ‪.‬‬
‫وأيعتبر عليش صأبي ساعيد بطل المؤامرة‪ ،‬أوأقع بسعيد في السجن ليظفر بالمال وأنإبوية الزوأجة‬
‫الخائنة التي تواطأت مع عليش للتخلص من ساعيد‪.‬أما رءوأف ‪،‬صأديق ساعيد الذي زرع فيه‬
‫مبادئ التمرد على المجتمع وأالطبقية وأتنكر لها وألصديقه‪ ،‬تحول إلى عامل معاكس ‪،‬حإرض‬
‫الرأي العام وأشدد الخناق على ساعيد بمقالته الصحفية المبالغة في تضخيم الحدث‪ ،‬وأيصبح‬
‫عامل موضوع عندما أصأبح مستهدفا في عملية النإتقام ليزداد قوة كعامل معاكس أحإبط خطة‬
‫ساعيد وأأزم وأضعيته‪.‬‬
‫وأتتوزع باقي الشخصيات بين شخصيات معارضة كالمخبر الذي لعب دوأر الوسايط بين ساعيد‬
‫وأعليش وأيقدم الدعم وأالحماية القانإونإية لعليش‪،‬وأ ساكان الحارة وأيرى فيهم ساعيد امتدادا‬
‫للخيانإة وأالغدر بقبولهم التعايش مع عليش وأخاصأة المعلم بياضة‪ .‬أما الشخصيات المساعدة‬
‫فنجد طرزان صأاحإب المقهى‪ ،‬يمد ساعيد بمساعدات تعينه على متابعة مخططه النإتقامي‪،‬وأ نإور‬
‫امرأة تمتهن الدعارة وأتقدم الدعم وأالعون لسعيد إلى حإد المخاطرة بحياتها ‪،‬فكانإت عامل‬
‫مساعدا تمثل الخلص المن لسعيد قبل أن تصبح عامل معاكسا بغيابها الذي عجل بنهاية ساعيد‬
‫‪،‬كما نإجد الشيخ على الجنيدي صأديق وأالد ساعيد‪ ،‬وأيمثل الجانإب الروأحإي الغائب عن ساعيد‪،‬‬
‫فأصأبح ملذا لسعيد كلما ضاقت به السبل ‪،‬وأهناك شخصيات عارضة وأضعتها الصدفة في طريق‬
‫ساعيد وألم تسلم من شره كصاحإب السيارة غنيمة عرضية مكن ساعيد من انإجاز خطته النإتقامية‬
‫بكل ساهولة‪،‬وأ شعبان حإسن ثم البواب ضحية تقديرات ساعيد الخاطئة ‪،‬في حإين يبقى رجال‬
‫الشرطة عامل معاكسا ضيق الخناق على ساعيد إلى حإد القضاء عليه‪.‬‬
‫وأكانإت المواقع هي المجال الذي تستثمر فيه الشخصيات الحدث وأالبداية من ميدان القلعة ‪،‬‬
‫الحي الذي كان يقطنه ساعيد ‪ ،‬منه دبرت مؤامرة ساجنه‪ ،‬وأإليه عاد للنإتقام‪،‬وأهو مسرح أوأل‬
‫جريمة يقترفها ‪،‬وأيعتبر طريق الجبل مأوأى ساعيد يلجأ إليه كلما ضاقت به السبل وأعز الصأحاب‬
‫كما مكنه من التخفي بعيدا عن أعين الشرطة ‪،‬وأ بيت رءوأف يعتبر شاهدا على تبدل القيم وأأوأل‬
‫نإقطة يباشر منها ساعيد انإتقامه وأهو أيضا مسرح الجريمة الثانإية الفاشلة‪،‬وأهناك مواقع مساعدة‬
‫كالمقهى الذي يمثل السند وأالحماية الخلفية لسعيد‪ ،‬وأ بيت نإور عامل مساعد أيضا مكن ساعيد‬
‫من الشعور بالمان‪ ،‬وأمتابعة تطورات جريمته عن بعد قبل أن يتحول إلى مصدر تهديد لسعيد‬
‫عند غياب نإور المفاجئ ‪ ،‬وأتمثل المقبرة النهاية الحتمية لخطاء ساعيد الطائشة‪.‬‬

‫من هنا كانإت الوقائع كلها تتمركز حإول أطوار عملية النإتقام التي باشرها ساعيد بعد خروأجه من‬
‫السجن ‪،‬حإيث تكونإت لديه معطيات مقنعة لتبرير عملياته النإتقامية ‪،‬وأالبداية كانإت مع صأديقه‬
‫رءوأف الذي أحإبط محاوألته‪ ،‬ليشرع ساعيد في مباشرة خطة النإتقام بطريقة عملية وأمدروأساة‪،‬إل‬
‫أن الفشل كان حإليفه مرة أخرى‪،‬ليعاوأد عملية انإتقامية جديدة صأوبت نإحو رءوأف وأكانإت نإاجحة‬
‫على مستوى العداد وأفشلت بفعل التسرع وأالتهور‪ .‬فضيق ساعيد الخناق على نإفسه حإيث تمت‬
‫محاصأرته من كل الجوانإب وأالقضاء عليه دوأن أن يظفر بشيء مما كان يخطط له ‪.‬‬
‫ففصول الروأاية بكل تجلياتها تضعنا أمام وأضع اجتماعي منحرف يجمع بين الجريمة وأفساد‬
‫القيم ‪،‬مع ما توفره السلطة من حإماية وأتغطية تزيد من قوة المفسدين الكبار ‪ ،‬إضافة إلى ما‬
‫تكشف عنه الدعارة من مآساي إنإسانإية كارثيه ‪ ،‬وأ تجارة السلح التي تغذي عنصر الجريمة‬
‫وأما يتنج عنها من ضحايا أبرياء ل علقة لهم بالصراع‪.‬‬
‫وأأمام هذا الغليان الجتماعي ل يمكن إل أن نإجد بعدا نإفسيا يطبعه التوتر وأالتوجس كقاسام‬
‫مشترك بين كل الشخصيات وأإن اختلفت الساباب وأالدوأافع ‪،‬وأقد تطور إلى الغضب وأالحقد‬
‫وأالرغبة في النإتقام في ساادية وأاضحة تغمر ساعيد وأهو يقبل على النإتقام ‪،‬أوأ رءوأف وأهو يتلذذ‬
‫بمطاردة ساعيد للتخلص منه‪ ،‬لتكون النهاية مثخنة بالحإباط وأالندم ثم الموت‪،‬بعد مشوار طويل‬
‫من القلق وأالضطراب وأالضياع‪.‬‬
‫وأنإجيب محفوظ كان بارعا في نإقل فصول وأأطوار العملية النإتقامية التي كرس لها ساعيد كل‬
‫جهوده ‪،‬حإيث أخضع الروأاية لبناء محكم يبدأ بالوضعية الوألية‪،‬ثم سايروأرة الحدث وأتطوراته‪،‬‬
‫وأانإتهاء بالوضعية النهائية التي تضعنا أمام نإهاية الحدث وأالنتيجة التي آل إليها ساعيد مهران‪.‬‬
‫وأيستند الكاتب في نإقل تفاصأيل روأاية "اللص وأالكلب" إلى الرؤية من الخلف وأاساتعمال ضمير‬
‫الغائب وأالسارد المحايد الموضوعي الذي ل يشارك في القصة كما في الرؤية من الداخل‪ ،‬بل‬
‫يقف محايدا من الحإداث يصف وأيسرد الوقائع بكل موضوعية‪ ،‬فهو يملك معرفة مطلقة عن‬
‫الشخصيات وأيعرف كل شيء عن شخصياته المرصأودة داخل المتن الروأائي خارجيا وأنإفسيا‪.‬‬
‫وأمن وأظائف السارد في الروأاية السرد وأالحكي‪ ،‬وأهذه هي الوظيفة السااساية للسارد‪ ،‬إضافة‬
‫إلى وأظيفة التنسيق بين الشخصيات‪ ،‬وأوأظيفة الوصأف من خلل تشخيص الشخصيات وأوأصأف‬
‫المكنة وأالشياء ‪ ،‬وأوأظيفة النقد التي تتجلى في نإقد الواقع وأتشخيص عيوبه وأمساوأئه الكثيرة‬
‫وألسايما تفاوأته الجتماعي وأالطبقي‪.‬‬
‫وأهذا ما جعل الوصأف ينصب على الشخاص وأالمكنة وأالشياء وأالوساائل‪ ،‬وأله وأظائف جمالية‬
‫وأدللية وأتوضيحية تفسيرية‪ .‬وأيقوم الوصأف بتمثيل الموجود مسبقا وأمحاكاته من أجل اليهام‬
‫بوجوده الحقيقي وأالمرجعي )اليهام بالواقعية(‪ .‬وأيهتم الوصأف في الروأاية الواقعية بتحديد‬
‫المجال العام الذي يتحرك فيه البطال‪ .‬وأيعني هذا أن الوصأف يستخدم في تحديد الخطوط‬
‫العريضة لديكور الروأاية‪ ،‬ثم ليضاح بعض العناصأر التي تتميز بشيء من الهمية‪.‬‬
‫وأمن العناصأر التي تم التركيز عليها وأصأفا وأتشخيصا وأتجسيدا تصوير الشخصيات فيزيولوجيا‬
‫وأاجتماعيا وأأخلقيا وأنإفسانإيا‪ ،‬كوصأف ساناء التي أثارت أباها ساعيد مهران بوجودها الرائع؛‬
‫وأيصف الكاتب رءوأف علوان سااخرا من مبادئه الزائفة وأثورته الواهمة التي ذهب ضحيتها‬
‫كثير من البرياء وأالفقراء ‪ ،‬وأوأصأف عليش سادرة وأ زوأجته نإبوية وأخليلة ساعيد نإور في عدة‬
‫مواضع من الروأاية عبر مستويات خارجية وأاجتماعية وأأخلقية وأنإفسية تكشف لنا انإتهازية‬
‫عليش وأخيانإة رءوأف علوان وأمكر نإبوية وأاساتهتار نإور‪ ،‬وأصأفاء الشيخ الجنيدي وأنإكران ساناء‬
‫لبيها الخارج من السجن ‪.‬‬

You might also like