Professional Documents
Culture Documents
الرّياضةّواإليتيقا ّ
اللّعب -التّنافس -التّسامح -الفرد -الواجب -الفرجة – املرح
ّ
ّ
جلنة الترمجة والتأليف
مخيّس بوعلي -الصحّيب بوقرّة -الطيّب اجلالصي -يوسف طرشون
ّّ
1
ّ
ّ
ّ
ّ
ّ
الرياضةّواإليتيقا
ّ
نافذةّوضعياتّاستكشافية
ّ
2
وضعيّة استكشافيّة أوىل :الرّوح الرياضيّة
تقديم الوضعية
هذه صورة الع ّداء الكيني "أبال موطاي" Abel Mutaiوالع ّداء اإلسباني "إيفان فرنينداز
أنايا" Ivan Fernandez Anayaفي نهاية سباق الماراطون الذي دار ببورالدا Burladaبإسبانيا
(2ديسمبر .)2015
كان الع ّداء الكيني يحت ّل الطليعة طيلة السباق وكان الع ّداء اإلسباني يالحقه في المرتبة
الثانية وقبل عشرة أمتار من ّ
خط النهاية يتو ّقف الع ّداء الكيني ظ ّنا منه بأنّ السباق قد انتهى،
وأتاح بذلك لمنافسه اإلسباني فرصة ذهبية للفوز بالسباق .غير أنّ الع ّداء "إيفان فرنينداز أنايا"
وحثه على إنهاء السباق والفوز بالمرتبة ّ رفض انتهاز الفرصة وخيّر تنبيه منافسه إلى هفوته
األولى.
المهامّ
-كيف تقيّم تصرّ ف الع ّداء اإلسباني؟
-ما الذي منع الع ّداء اإلسباني من انتهاز هفوة منافسه والفوز بالسباق؟
-ما الذي يح ّدد االنتصار في الرياضة؟ الفوز والغلبة أم الروح الرياضيّة؟
-لو كنت مكان "إيفان فرنينداز أنايا" ،ماذا سيكون قرارك؟
-كيف تعرّ ف الروح الرياضيّة؟
3
وضعيّة استكشافيّة ثانية :اجملهود البدين
في المجتمعات المعاصرة اليوم حيث ينخفض من يوم إلى آخر المجهود البدني .هل ال يزال من الممكن دفع
ال ّناس لالعتقاد في المتعة البسيطة ال ّتي تأتي من المجهود البدني؟
ماهي األسباب ال ّتي تجعلنا نعتقد انّ بذل الجهد البدني ال متعة فيه؟
........................................................................................................
........................................................................................................
........................................................................................................
........................................................................................................
........................................................................................................
........................................................................................................
........................................................................................................
........................................................................................................
4
وضعيّة استكشافيّة ثالثة :يف قيمة الرياضة
"يتضرّ ع ال ّناس إلى اآللهة لتمنحهم الص ّحة ،إال ّ أنهم يتغافلون
ديموقريط على أنّ أمر الصحّة بأيديهم"
يفضي المجهود البدني إلى: يشترط المجهود البدني من ال ّذات: يمكنّ المجهود البدني ال ّذات من:
.................................................................................. .....................................................................................
.................................................................................
..................................................................................
.....................................................................................
.................................................................................
..................................................................................
.....................................................................................
.................................................................................
...................................................................................
.....................................................................................
....................................................................................
.................................................................................... .....................................................................................
....................................................................................
....................................................................................
.....................................................................................
.....................................................................................
5
وضعيّة استكشافيّة رابعة :كرة القدم -معروف الرصايف
التعريف بال ّكاتب: كرة تراض بلعبها األجسام قصدوا الرياضة العبين وبينهم
فتعاورتها منهم األقدام وقفوا لها متشمّرين فالقيت
للسوق معترك بها وصدام يتراكضون وراءها في ساحة
معروف الرّ صافي: بالكفّ عند الالعبين حرام وبرفس أرجلهم تساق وضربها
شاعر عراقي ،ولد في شرعوا الرءوس فناطحتها الهام ولقد تحلَق في الهواء وأن هوت
بغداد سنة 1877م ،عمل فتم ّر صائتة لها أرزام وتخالها حينا ً قذيفة مدفع
بالتدريس والصحافة حيث
عمل معلما للغة العربية، للضرب عبل الساعدَين همام ولربما سقطت فقام حيالها
وكان من هواة الترحال، سقطت فزمجر دونها الضرغام فتخالها وتخاله كفريسة
وله دواوين ومؤلفات أمل به تتقاذف األوهام ال تستق ّر بحالة فكأنها
عديدة ،وتوفي في سنة نجو الجنوب مالعب ّ
1945م لطام تنحو الشمال بضربة فير ّدها
مراً كما تتواثب اآلرام واثبة على وجه الثرى ً وتمر
عنها وآخر ضارب مقدام وتدور بين الالعبين فمح ِجم
قلبٌ عليه تهاجم اآلالم حتو شونها وكأنها والقوم َي ِ
علما ً تراض بدرسه األفهام راضوا بها األبدان بعد طالبهم
يفع مرير المرفقين غالم أبناء مدرسة أوالء وكلّهم
تعبٌ وبعض مزاحها استجمام البد من هزل النفوس فج ّدها
فاللهو للعقل الطليح جمام ً
سويعة فإذا شغلت العقل ْ
فال ُه
تهن العقول وتهزل األجسام والفكر منهكة فباستمراره
حفظت نشاط جسومها األقوام ورياضة األبدان ملعبة بها
تقوى بفضل نشاطها األحالم ً
نشيطة أن الجسوم إذا تكون
وأسلك مسالكهم عداك الذام هذي مالعبهم فجسمك رض بها
المهام:
استخرج من القصيدة الكلمات ال ّتي تحيل على االستعداد لممارسة الرياضة؟
هل الغرض من لعب كرة القدم ممارسة الرياضة أم هنالك أغراض أخرى؟
حد ّد القيم ال ّتي على أساسها تمارس الرياضة؟
ميّز في هذه القصيدة بين القواعد الرياضيّة والمعايير األخالقيّة؟
6
ّ
ّ
ّ
ّ
ّ
ّ
الرياضةّواإليتيقا ّ
نافذة األسانيد
7
تعريفّالرياضة ّ
ّ
ّ
ّّ ّ
ّّ تعني كلمة رياضة ،بادئ ذي بدء ،ك ّل نشاط حرّ في 1
ّ الهواء الطلق .وتفهم الحريّة ههنا (أي الوقت الحرّ ) في معنى
ّ التحرّ ر من إكراهات المدينة ،أكثر منه في معنى تحديد مضمون
ّ
ّ واقعي .مثل التخييم أو الطيران الشراعي أو اإلبحار ! أن نفعل
ّ ما نشاء كيفما نشاء .إنّ ما هو مح ّدد هو غياب اإلكراه. 5
ّ
وتشير الرياضة إثر ذلك إلى هذا الجهد المنتظم لترويض
الجسد الخاص :التربية البدنية والتنمية الجسدية .وهكذا ففي
"الرياضة هي مالحقة اخلوف مقابل الحالة السابقة ،تحت ّل اآلن فكرة االنضباط المكانة األولى.
هبدف التحكّم فيه ،ومالحقة إذ يتعلّق األمر بمغالبة الذات .إنّ الغاية هي التح ّكم في الجسد.
التعب هبدف االنتصار عليه ك المعنىوتعني كلمة الرياضة في النهاية ،وهو دون ش ّ 10
والبحث عن الصعوبة هبف األكثر قوّ ة ،التنافس .إنّ الفكرة التي تحضر اآلن ،والتي من
التغلّب عليها" بيار دي كوبرتان المناسب التأكيد عليها ،هي فكرة التناقض .وتكتسب الرياضة
ّ
ّ ههنا بعدا جديدا على نحو تام .فقد وقع بالفعل ،إدراج قيم
متناقضة ،انتصار أو هزيمة ،وهي الثنائية التي تحكم الرياضة
مثلما هو األمر بالنسبة للخير والشرّ في األخالق أو الصواب 15
والخطأ في المنطق.
الرياضي والفيلسوف والمسيّر .ص 36-35
برنار جو
ّ ّ
المهامّ
8
الرياضةّحنتّللكيان ّ
ّ
ّّ ّ
ّ إذا كانت الرّ ياضة قد أصبحت أحد أشكال الفرجة الرّ مزيّة 1
ّ
ّ
بامتياز في العالم الحديث ،فليس ذلك فقط بسبب خصائصها
ّ الرّ كحيّة أو ما تولّده من انفعاالت أو السجالّت المتنوّ عة لتحديد
تكثف على الهويّات (المحلّيّة ،الوطنيّة) التي تق ّدم بل كذلك أل ّنها ّ
شاكلة تشخيص كاريكاتوريّ القيم األساسية لمجتمعاتنا .إ ّنها 5
تعلي من شأن االستحقاق الفرديّ أو الجماعيّ وحسن اآلداء
الذات في المجتمعات التي اتخذت من اإلشهار وتجاوز ّ
والتصنيف والترقيم وتقييم القدرات ،قواعدها ّ
الذهبيّة .تبيّن
الرياضة أثناء المنافسات على األقل نظريّا ،أنّ األلعاب غير
ّ
ّ مح ّددة بصفة مسبقة وأنّ "أيّ كان يمكن أن يصبح شخصا 10
مرموقا" وأنّ المقامات ال تمنح عند الوالدة وإ ّنما تكتسب على أن تكون رياضيا هو أن تستغلّ
مدى الحياة .والثابت أ ّنه ألمر عميق ال ّداللة ،أن تكون الرّ ياضة مستطاع اجلسد يف إثراء هذا
في شكلها الفرجويّ قد تطوّ رت في لحظتين تاريخيّتين ،عند "األنا" .ألبار جاكار
ظهور مبادئ العدالة وال ّديمقراطيّة في اليونان القديمة أوّ ال وفي
ّ
الثامن عشر وال ّتاسع عشر ،ثانيا .هل كان لنا أن ّ انقلترا القرنين ّ
ّ
ّ
نتصوّ ر فارسا يواجه ق ّنا في بطولة قروسطيّة؟ 15
ّ ّّ ّ من البديهي أنّ األمر ليس كذلك .فإذا كان ك ّل من
بيلي Peléوكارل لويس Carl Lewisولور مانودو Laure
ّ
ّ
ك بفضل إنجازاتهم Manaudouيبهرون ،فذلك دون ش ّ
ّ النوعيّة وجمالها ولكن كذلك أل ّنه لدينا يقين "بأ ّنهم بلغوا هذا
ّ
ّ المجد بواسطة فضائلهم الخاصّة وليس لكونهم سليلي نسب تليد. 20
ّ ترمز الرّ ياضة للمثل األعلى لدى ال ّشعوب ال ّديمقراطيّة
ّ
ّ والتي تحتكم إلى شريعة الجدارة كما تعلي من شأن المساواة
ّ ال ّنظريّة للحظوظ تجسيدا للقول المأثور " نكون ما نصير إليه ال ّ
ما نولد عليه" .هكذا أصبح المتفوّ قون أبطال زماننا متجاوزين
بذلك نجوم السّينما وملتحقين بهم (الزوج العب كرة القدم 25
وعارضة األزياء ،رمز لل ّنجاح واالمتياز الجسديّ يظهر اليوم
في قمّة السلّم الشعبيّ ).
كريستينا برمبرغار وليدوفيغ الستروالن
"الرياضة في فرنسا" 2008، ّ
ّ
ّ
ّ
9
ّ
المهامّ
10
ّ
الرياضةّبنيّاألخالقيّواإليتيقي ّ
ّ
ّ
ّ
ّّ ّ
ّّ ّ اإليتيقا ليست األخالق .ذلك أنّ األخالق نسق من القيم 1
ّ التي توجّ ه أفعالنا والتي تعطي ك ّل فرد معايير تم ّكنه من تمييز
ما هو محظور عمّا هو جائز .والفصل بين ما نستطيع فعله وما
نطمح إلى فعله .هذه المعايير متعيّنة في الواجب الذي هو
5اإلحساس الباطني بما يجب علينا فعله بمنأى عمّا نفعل أو ما
نمتلك القدرة على القيام به فعال .لقد حاول الفالسفة على ال ّدوام
الظفر بأساس األخالق أي أساس استقامة الفعل في كلّيّة الخير ّ
أو السّعادة أو في كلّيّة الواجب.
ّ ّ
ّ بيد أ ّنه إذا كان ال ّتفكير في األخالق متعيّنا في البعد الكلّيّ 10
ّ
ّ
فإنّ الفعل اإلنسانيّ إ ّنما يتح ّقق في مجال الجزئيّ والعشوائيّ
ّ الظروف وتاريخيّتها .يفتح والتغيّر الالّمتو ّقع وفي عرّ ضيّة ّ
ّ
ّ الفعل إذا حقل اإليتيقا برمّته حيث يجابه المبدأ الموجّ ه للفعل أو
ّ المعيار المميّز للخير والشرّ واقعا مر ّكبا ،غامضا ،فريدا،
15متحّ رّ كا بل متناقضا .على هذا النحو ال ُتفهم اإليتيقا خارج
"كلّ نشاط توجّهه
اإليتيقا ،حمكوم بقاعدتني
المجاالت المختلفة لألفعال اإلنسانيّة شأن العمل والعالج الطبّيّ
ّ
والبحث العلميّ والعالقة بالطبيعة .ومثلما نتح ّدث عن إيتيقا خمتلفتني على وجه تام :إيتيقا
الطبّ الحيويّ ،سنتح ّدث عن إيتيقا رياض ّية أي عن تأمّل في املسؤولية أو إيتيقا االقتناع". ّ
ماكس فيرب ّ 20الممارسات التي نختب ُر ،حيث تضع ال ّتجربة العينيّة من يعيشها،
ّ
ّّ في تناقضات الواجب وصراعاته أو في المقتضيات األخالقيّة
المتقابلة والتي تشترط إلى ح ّد ما احترامها (.)...
ولمّا كانت الرّ ياضة منتمية لمجال الفعل اإلنسانيّ فإ ّنها
شأن إيتيقيّ .إذ لمّا كانت نشاطا غايته في ذاته وممتعا في ذاته
25
فإنّ انتماءها لمجال الفعل مضاعف أل ّنها تبحث مثل الفعل
األخالقيّ عن "تح ّققها" الخاصّ ال غير (براكسيس) وليس عن
إنتاج ما يكون غاية خارجيّة (إنشاء ،صناعة) .إ ّنها إذا ممارسة
حرّ ة متجرّ دة من منافع الحياة (النفعيّة) ومنشئة لل ّشخصيّة
11
30المستقلّة عن الضرورات االقتصاديّة وعن السّياسة والتي ليس
لها من ه ّم سوى تحقّق ملكاتها وتفاعلها .فالداللة اإليتيمولوجيّ
لكلمة desportفي اللّغة الفرنسيّة القديمة ولكلمة disport
في اللّغة اإلنجليزية تكشف عن أنّ الرّ ياضة كانت على ال ّدوام
على الهامش مفصولة ومجرّ دة .إنّ الرّ ياضة ممارسة مجانيّة
35
المبالية ومستقلّة عن المنفعة كما تفترض مسافة من الحياة
العاديّة التي تتو ّقف رده َة مباراة أو سباق أو مقابلة رياضيّة.
تنتسب الرّ ياضة إذا للّعب وللفنّ ولضرب من الفنطازيا أو الخيال
حيث يكون من يمارسها حرّ ا في تحقيقها أو عدم تحقيقها .إنّ
40هذه الحرّ يّة مقارنة باألنشطة اآلليّة هي التي دفعت برغسون إلى
رياضي".
ّ القول إنّ " اإلنسان حيوان
"فلسفة ،إيتيقا ورياضة "
بيار-هنري فراني
والرياضة في أوروبا" ص 29-28
"اإليتيقا ّ
ّ
ّ
المهامّ
13
المهامّ
ميثاق الرياضي
من أجل رياضة دون عنف
المها ّم
ما هي القيم المرتبطة بك ّل قاعدة من هذه القواعد؟
كيف تكون الرياضة تربية على المواطنة؟
ما هو الرهان اإليتيقي لهذا الميثاق؟
ّ
ّّ ّ ّ ّ
ّ
ّ
ّ
ّ
ّ
ّ
ّ
ّ
ّ
ّ
ّ
ّ
ّ
14
ّ
ّ
ّ
فرحّمغالبةّالذات ّ
ّ
ّ
ّّ ّ
ّّ ّ إنّ قانون بطل العالم هو أال ّ يريد أن يعرف في الجهد 1
ّ قار َن إالّ مع ذاته .وذاك ما سيكون ّ
الذي يبذله إالّ ذاته وأالّ ُي َ
ّ
ّ فضيلة أكثر الناس تواضعا إذا بلغت الرياضة مرحلة النضج.
ّ ح ّتى شديد االعتداد بنفسه يمكن له أن يغنم من هذه الفضيلة.
إذا لم يكن للع ّداء من هدف في السباق سوى تحقيق توقيت 5
أفضل ،بفضل وتيرة منتظمة بدل التقيّد والخضوع للمنافس
معاندة لجهده ،فإنّ هذا الع ّداء سينتصر في الغالب على اآلخرين
وعلى ذاته.
الذات ،هو فرح يعرفه الضعفاء كما يعرفه إن فرح مغالبة ّ
ّ سيغذي الفرحّ اآلخرون ،بل أكثر ،ألنّ أمامهم مجال كبير للتق ّدم، 10
ّ صبرهم .ولمّا كان جميعهم قادرا على المشاركة في المعرفة
ّ
ّ الدقيقة بذواتهم ،فسوف يعرف الك ّل أيضا كيف يستمتع بإعادة
انتاج اآلداء نفسه بشكل أكثر يسرا وأكثر سهولة .وعندئذ لن ّ "إن أعظم االنتصارات هو
ل ذاك الزهد في األكل أو االنتصار على الذات" أفالطون تكون التمارين أو أنظمة الحمية أو ك ّ
الشراهة حكرا على األبطال وحدهم. 15
إ ّنه لطموح غريب وبسيط ج ّدا ،ولكن يمكن أن نعادله
بغيره ،ما دامت اآلفاق رحبة ،يتحرّ ك اإلنسان في ك ّل وجهة
باحثا ،عن المعرفة ،والقدرة أو العقيدة ،وعن حدود ذاته؛ مع أ ّنه
ال يمكن أن يستشعره بشكل أفضل إالّ في أوج كبريائه وقمّة ألمه
ومرارة مذاقه.
جون برافوست -متع الرياضة ص 89
ّ
ّ
المهامّ ّ
15
يفّاللهو ّ
ّ
ّ
ّّ ّ
ّّ ّ لمّا أنّ في الحياة أوقات راحة ،ولمّا أ ّنه يلزمنا ح ّتى في 1
ّ
ّ
وقت الراحة من صنوف اللّهو ما يسلّينا يظهر أنّ من الممكن
أن يوجد في تلك األوقات أسلوب من أساليب العشرة حسن
الذوق .وهو ينحصر في قول ما ينبغي كما ينبغي وفي االستماع
إلى ما نستطيع أن نسمح ألنفسنا بسماعه .وربّما اهت ّم المرء ج ّد 5
االهتمام بأال ّ يحادث إالّ أناسا من هذا القبيل وأن ال يستمع إلى
قول سواهم الب ّتة .وبديهي أن يقع في هذا كما يقع في ك ّل شيء
ّ ّ آخر إمّا إفراط وإمّا تفريط بالنسبة إلى االعتدال .فمن الناس من
ّ
ّ
يدفعهم إلى اإلفراط ديدن اإلضحاك فيعتبرون بذلك مُجّ انا ثقال
ّ الطبع .ذلك بأ ّنهم يبحثون عن الهذر في ك ّل مقام األرواح بلداء ّ 10
ّ
ّ
ويقصدون أن يُضحكوا أكثر من أن يقصدوا أن ال يقولوا إال ّ
ّ األقوال النزيهة المناسبة وأن ال يجرحوا الب ّتة من يمازحونه.
ّ
ّ ومن الناس من هم على الض ّد من ذلك ال يجدون الب ّتة قوال يسرّ
ّ ويحقدون على من هم أكثر منهم استعدادا للتنكيت ،أولئك هم
دق ذوقهم في المزاح هم أناس قوم أفظاظ غالظ .ولكنّ الذين ّ 15
أرضياء المحضر ،بل يمكن أن يقال إ ّنهم من طبع مرن ليّن،
ألنّ هذه الصفات هي على وجه ما من تجلّيات الطبع .وكما أ ّنه
ّ
يُحكم على األجسام بما تصدر من الحركات كذلك يمكن الحكم
على الطبع بأمثال هذه اآلثار.
ومع ذلك فلمّا أ ّنه ال شيء أكثر شيوعا من المزاح وأنّ 20
المرء يرضيه عادة أن يتلهّى بل أن يجاوز بالمزاح ما وراء
الحدود القويمة قد يقع كثيرا أن يعتبر أولئك المُجّ ان األراذل
أناس أرضياء أولي ذوق حسن وهم عن ذلك بعيدون ،بل هم
أبعد ما يكون عن هذه الصفات كما يُرى ممّا قد أسلفنا من القول.
أرسطوطاليس – األخالق إلى نيقوماخوس
الجزء الثاني ص 49-48
ترجمة لطفي أحمد السيّد
ّّ ّ
ّ
16
المهامّ
-لماذا نلهو؟
-هل من حدود للهو؟
-هل من وجاهة في اعتبار الرياضة لهوا؟
ّ ّ
ّ
ّ
ّّ
17
ّ
ّ
الرياضةّوالغريية ّ
ّ
ّ
ّّ ّ
ّّ ّ يمثل المشهد الرّ ياضيّ الفرجوي قيمة بالنسبة لإلنسان، ّ 1
ّ
ّ
قيمة انسانيّة ،قيمة إيتيقيّة ،إذ بهذا المعنى تتر ّقى بفضله انسانيّة
ّ اإلنسان .إنّ الفرجة الرّ ياضيّة قيمة ،ألنّ للتألّق في األداء
فالذي يشاهد عرضا الذات قيمة رمزيّةّ . ولتجاوز مستطاع ّ
رياضيّا والذي يدرك الرّ سالة ويدرك معاني األمل للتألّق في 5
بالطبع شأنالذي يمكن أن يتر ّقى في اإلنسانيّة وهذا ّ األداء ،هو ّ
الرّ ياضيين الذين بفضل نشاطهم الرياضي بمقدورهم أيضا
التر ّقي في اإلنسانيّة كما بمقدورهم فعل الشيء عينه باآلخرين:
ّ متفرّ جون ومشاهدون.
ّ
إنّ الواقع الرّ ياضيّ هو قبل ك ّل شيء ممارسة رياضيّة، 10
"تكمن املمارسة احلقيقية
ممارسة األفراد ،العبي القوى والرّ ياضيين .غير أنّ ممارسة
للرياضة يف حماورة الذات
جلسدها اخلاصّ ،يف ظلّ
األفراد للرّ ياضة هذه غير قابلة للفصل عن الغيريّة .إنّ التألّق
النظرة احلرجة لآلخرين، في اآلداء هو تألّق فرد ،ولكنّ الغيريّة بالغة الحضور فيه :ذلك
واليت تكون أحيانا يف شكل أنّ هذا اآلداء يجري تحت أنظار اآلخرين وقبالة اآلخرين
منظمون ،أعضاء الفريق ومدرّ بون))...( . وبفضلهم أيضا ( ّ 15
مديح .قد يكون هذا احلوار
قاسيا وقد تكون الشروط الذات الرياضيّة إنّ الواقع الرّ ياضيّ حدث يعاش بين ّ
صارمة ،غري أنّ املهمّ هو أن وذاتها .وتجاوز مستطاع ّ
الذات حركة ،مسار يت ّم بين الرّ ياضيّ
يكون اجلسد حمترما وأن ال وذاته .غير أنّ التألّق في اآلداء المرتبط بتجاوز مستطاع ا ّلذات
يؤول إىل جمرّد أداة" . يُعرض أيضا بوصفه فرجة .إ ّنه ملتفت با ّتجاه اآلخرين ،أي
ألبار جاكار باتجاه المتفرّ جين .إنّ هذا البعد الفرجويّ الذي يجب أن يعتبر 20
وجها من وجوه واقع الرّ ياضة وممارستها ،يمكن إليتيقا
الرّ ياضة أن تثمّنه بوصفه قيمة بل يجب عليها ذلك.
جون بالسترمان ومارك مايس.
"الرّ ياضة واإليتيقا :قيم ومعايير" ص81
ّ
ّ المهامّ
18
ّ
الرياضةّواخليال ّ
ّ
ّ
ّّ ّ
ّّ ّ تمتلك الرّ ياضة فضيلة إيتيقيّة باعتبار أنّ ك ّل أنشطة 1
ّ
ّ
الحياة اليوميّة تجد فيها مالذا ولكن على ذلك المالذ أن يكون
ّ بمستطاعه تجاوز ذاته وعدم ال ّتمركز حولها .بهذه القطيعة
ّ
ّ الرياضة إيتيقا أل ّنها تبني الحرّ يّة
أو ال ّتناقض ال ّداخلي تكون ّ
شخص اإلنسانيّ ال بوصفه جوهرا 5والمسؤوليّة واستقاللية ال ّ
(هو ما هو) ولك ّنه ما يكون من حيث المبدأ بصفة مستمرّة
ومح ّددة قادرا على االنزياح عن ذاته وعن محض هويّته
وعن الوظائف التي يثقل العالم كاهله بها والتي يسعى
10باستمرار إلى سجننا داخلها.
وهكذا ال تكون الرّ ياضة لعبة بانية للفرد إالّ بال ّشرط
ّ
ّ المزدوج والمتناقض في جعلنا خارج الواقع وإعادتنا إليه
ّ
ّ حيث تسمح لنا بسيطرة أكبر عليه .فالبعد الخياليّ للرّ ياضة
ّ ال يكون ايجابيّا إال ّ شرط أالّ يكون وهما أو مظهرا أو حلما.
15غير أنّ خياال ما ال يكون مجرّ د مظهر إال ّ إذا ق ّدم عالمه
الخياليّ نفسه كنقل مب ّسط أو مستضيء أو مغلّف أو منمذج
للواقع ذاته والذي يكون العالم الخياليّ إعادة تشكيل له .إنّ
إعادة ال ّتشكيل الرّ ياضيّ هذه إذا هي من نفس طبيعة ال ّتشكيل
20الف ّنيّ ولك ّنها تمتلك شيئا ما خصوصيّا باعتبار أ ّنها ليست
لتمثل (مجاز) بل هي كذلك نقل للجسد ذاته مجرّ د محاكاة ّ
ّ
الذي تكون حركاته وطاقاته واندفاعاته أي وسائط عمليّة
ال ّنقل هي ذاتها منقولة أو معادة ال ّتشكيل بتوسّط عمليّة توجيه
وتنميط تجعلها في اآلن ذاته أكثر نجاعة وأكثر جماال وأكثر
25حرّ يّة .وإذا كان األثر الف ّنيّ يوتوبيا أل ّنه استبصار ،فإنّ
صيّتين في نشوة ما وفي سعادة الرّ ياضة تدمج هاتين الخا ّ
ال ّترحال بالجسد.
"الفلسفة واإليتيقا والرياضة"
الرياضة واإليتيقا في أوروبا
بيار-هنري فراني ص 35
19
المهامّ
على أيّ نحو تكون الرّ ياضة إيتيقا؟ -
أيّ منزلة للخيال في ال ّنشاط الرّ ياضي؟ -
ما الذي يميّز الممارسة الرياضيّة عن ال ّنشاط اإلبداعيّ في الفنّ ؟ -
هل من مفارقة في القول بأنّ الرياضة التي "تجعلنا خارج الواقع تعيدنا إليه"؟ -
ّ
تحقق الرّ ياضة السّعادة؟ هل -
ّّ
ّّ ّ ّ
ّ
ّ
ّ
ّ
ّ ّ
ّ
ّّ
20
الرياضةّوالثقافة ّ
ّ
ّّ ّ
ّّ ّ في الرّ ياضة تتقاطع بالفعل ك ّل سمات العصر وكذلك 1
ّ تغذيها. خصائص الفكر مع مختلف أوجه اإليديولوجيا التي ّ
ّ
ّ ليست الرّ ياضة هامشيّة بل هي مركزيّة ومنغرسة في صميم
ّ العالم المعاصر وحجّ ة ذلك:
إنّ احلجّة القدمية تهيئ عولمة الرّ ياضة عولمة السّوق وتمنحها حظوظا 5
اليت نقول وفقها بأنّنا منارس
أوفر .ذلك أنّ المواعيد الرّ ياضيّة ال ّدوليّة ،ككأس العالم لكرة
الرياضة هبدف احلفاظ على
القدم ورياضة الرڤبي ،والبطوالت العالميّة لك ّل رياضة ،قد
اللّياقة ليست خاطئة إالّ من
ش ّكلت العقول تدريجيا منذ ما يزيد عن نصف قرن ،على اعتبار
جهة ادّعاء أنّ الياقة تطلب
لذاهتا .احلفاظ على اللّياقة من
العولمة شأنا طبيعيّا .وبعيدا عن اختزال الرياضة في مجرّ د أداء
أجل العمل ،ذلك هو اهلدف دور االنعكاس ،كما يعتقد المحلّلون السطحيون ،أو كما يوحي 10
غري املعلن للرياضة. بذلك على نفس ال ّنحو ،المفهوم الماركسي " للبنية الفوقيّة" .إنّ
الثقافيّة هي نوع من الرحم المدعوّ إلنتاجالظواهر ّ الرّ ياضة شأن ّ
أدرنو
ّ العصر ذاته .ال تنفك الرّ ياضة من خالل ممارستها وعروضها
ّ
ّ وتحاليلها ،تملي على معاصرينا ،إلزامات متع ّددة .وعلى سبيل
ّ المثال :لم يكن من الممكن لمقتضى تحسين األداء ،في غياب 15
االستمرارية العالمية للعروض الرّ ياضيّة ،أن يهيمن في ك ّل
مجاالت الوجود .وبالمثل فانّ االعتقاد في قيمة المنافسة قد
فرض نفسه على ال ّناس عن طريق الرّ ياضة ،إذ بعد خمسة عقود
من العروض الرّ ياضيّة عالية الوتيرة أصبح أغلب ال ّناس
مقتنعين عن صواب أو عن خطأ بأنّ ال ّتنافس هو شرط ال ّتق ّدم 20
ّ في ك ّل مجاالت الوجود.
باإلضافة إلى ذلك ،يبدو للمتمعّن عن قرب ،أنّ تأويج
األداء أصبح الخير األسمى أي الخير الذي يجب على سائر
الخيرات أن تتجّ ه إليه والذي ينبغي عليها أن تساهم في تحقيقه.
محفزا لحسن األداء، ّ ال يكون الخير خيرا ،إالّ بشرط أن يكون 25
أي الخير الذي يسمو فوق ك ّل الخيرات .هكذا أصبح حسن األداء
الثقافة: بدوره فضيلة الفضائل .لقد أحدثت الرّ ياضة تغيّرا في ّ
ففي ظ ّل هيمنتها تحوّ ل حسن األداء من مجرّ د وسيلة إلى غاية.
روبار ردكار
"هل الرّ ياضة ال إنسانيّة؟" ص.85-84
ّ
ّ
21
المهامّ
ّ ّ
ّ
ّ
ّّ
22
ّ
الرياضةّمتلكّللكائن ّ
ّّ
ّ
ّ حين أتزلّج أظ ّل على السطح كما يقال ،غير أنّ ذلك ليس 1
ّ
ّ
دقيقا؛ وإن كان من المؤ ّكد أ ّنني أالمس فقط السطح ،فهذه
ّ تستحق بح ّد ذاتها دراسة كاملة .بيد أ ّنه ،ليس أق ّل من
ّ المالمسة
ّ أحقق تأليفا في العمق؛ أشعر أنّ طبقة الثلج تنتظم في ّ أ ّنني
أعماقها كي تتحمّلني ،فالتزلّج تأثير عن بعد ،فهو يضمن 5
سيطرتي على الما ّدة دون أن أكون في حاجة ألن أغوص فيها
ّ
التجذر (.)... وألتصق بها كي أروّ ضها .التزلّج هو عكس
إنّ تأليفيّة األنا والالّ-أنا ،ال ّتي يح ّققها هذا النشاط
الرياضي ،يت ّم التعبير عنها من خالل توكيد سيطرة المتزلّج على
ّ ّ الثلج ،كما هو الحال في المعرفة النظريّة أو في العمل الف ّني .إنّ 10
ّ هذا الحقل الثلجي هو حقلي أنا ،لقد اجتزته مائة مرّ ة ،وأنشأت
ّ
ّ فيه مائة مرّ ة ،بفضل سرعتي ،قوّ ة التكثيف والدعم هذه ،إ ّنه لي.
ّ
ّ ينبغي أن نضيف إلى هذا الوجه من التملّك الريّاضي ،وجها
ّ آخر :هو الصعوبة ال ّتي ت ّم تذليلها ...قبل نزول هذا المنحدر
ّ
الثلجي ،كان عليّ تسلّقه .وقد منحني هذا التسلّق مظهرا آخر 15
للثلج :إ ّنها المقاومة .كنت استشعر هذه المقاومة في ما أكابده من
عناء ،واستطعت أن أقيس في ك ّل لحظة ما أحرزته من انتصار.
الثلج هنا مماثل لآلخر ،وأنّ التعابير ال ّشائعة "روّ ض"" ،غلّب"،
"سيطر"...إلخ ،تد ّل بشكل كاف على أنّ المقصود هو أن أقيم
ّ مع الثلج تلك العالقة بين السيّد والعبد... 20
إنّ القمّة ال ّتي رفعنا عليها راية ،إ ّنما هي قمّة قد تملّكناها.
هكذا يكون للنشاط الرياضي وجه رئيسيّ وباألخصّ األلعاب
الرياضيّة في الهواء الطلق ،أال وهو إخضاع تلك الكتل الهائلة
من الماء واألرض والهواء ،ال ّتي تبدو للوهلة األولى غير قابلة
للترويض واالستخدام ،وإن المقصود في ك ّل حالة ،ليس امتالك 25
الذيالعنصر ألجله هو ،وإ ّنما امتالك نمط الوجود في -ذاته ّ
يعبّر بواسطة هذا العنصر عن ذاته...،إنّ الفنّ والعلم واللعب
هي أنشطة تملّك ،إن بصفة كليّة أو بصفة جزئيّة ،وما تريد هذه
األنشطة تملّكه ،إ ّنما هو أبعد من الموضوع العينيّ لبحثها ،إ ّنه
الوجود ذاته ،الوجود المطلق لما هو في -ذاته. 30
جان .بول .سارتر
الوجود والعدم ص675- 674
23
ّ
ّ
المهامّ ّ
ّ
ّ
على أيّ نحو يكون النشاط الرياضي تجربة تملّك؟ وما هي أوجه هذا التملّك؟ - ّ
ّّ ّ
ما هي أوجه التشابه بين النشاط الرياضي من جهة ،والعمل الف ّني والمعرفة - ّ
النظريّة ،من جهة أخرى؟
بأيّ معنى يحوّ ل النشاط الرياضي الطبيعة إلى آخر؟ -
كيف يضمن النشاط الرياضي التحوّ ل من الوجود في ذاته إلى الوجود لذاته؟ -
ّ
ّ
ّ
ّ
ّ
ّ
ّ
ّ
ّّ
24
ّ
ّ
الرياضةّمنبعّالقيم ّ
ّ
ّ
ّّ ّ
ّّ ّ لقد أضحت إيتيقا الرّ ياضة من اآلن فصاعدا رهينة الفاعلين 1
فيها كي توجد على المالعب الرّ ياضيّة ولكن في مختلف اللّجان
اإليتيقيّة للفيدراليّات والمؤسّسات كذلك .إنّ فاعليّة الناشطين في
ّ
والمتمثل في الرّ ياضة والناشطات ُتضا ّد تصوّ را سالبا لإليتيقا
5انتظار تطبيق القواعد والعقوبات للقيام بالفعل الخيّر .يستطيع
الرياضيّون والرّ ياضيّات إظهار قيم إيتيقيّة ال تستطيع أيّة
ّ
ّ
مؤ ّسسة فرضها عليهم.
ّ
ّ يُسائل الرياضيّون بواسطة أفعالهم المعايير وينقدون
"الفكر هو احلياة اإليتيقية 10المعتاد ويشاركون في انبثاق المعياريّة اإليتيقيّة ض ّد المعياريّة
األخالقيّة للسّلوكات .بتجسيدهم لقيم جديدةَ ،تبرز استقالليّتهم في للشعب ".هيغل
ّ
التصرّ ف في عالم الرّ ياضة بأسلوب اختياريّ وبتجديد المعني
الذي سيضفي على الفعل .وعوض تأسيس أخالق للرّ ياضة
ستحكم على قيمة األفعال (يجدر بنا) إظهار اإلشكاليّات اإليتيقيّة:
15اإلنصاف ،الالمساواة ،العدالة ،الميز ،التحرّ ش ،االستغالل،
االحترام ،الكرامة ،ال ّتبادل ،اللعب ،القواعد ،الرّ وح الرّ ياضيّة.
"أ ّية فاعل ّية جسد ّية إليتيقا األخالق؟" ص 69
ّ دومينيك بودان وغايال سامباي
ّ
ّ
المهامّ ّ
ّ
-بأيّ معىن تكون الرّياضة ابداعا للقيم اإليتيقيّة؟ ّ
ّ
-ما الذي يقصده الكاتب بالتّصوّر السّالب لإليتيقا؟ ّ
25
اللهوّوالسعادة ّ
ّ
ّ
ّّ ّ
ّّ ّ األفعال المرغوب فيها لذاتها هي تلك التي ال يطلب فيها 1
ّ المرء شيئا وراء الفعل نفسه .وعندي أ ّنها هي األفعال المطابقة
للفضيلة .ألنّ فعل األشياء الجميلة والطيّبة هو بالضبط أحد هذه ّ"السعادة زهرة نقطفها يف
األفعال التي يجب على اإلنسان أن يطلبها لذواتها وحدها .يمكن ثنايا الواجب"
ّ جون ستيوارت ميل أن َتصف في طائفة األشياء المرغوب فيها لذواتها مجرّ د 5
ّّ ّ
ّ صنوف اللّهو ،أل ّنها ال تطلب على العموم من أجل أشياء أخرى
ّ
ّ غيرها .غير أ ّنه كثيرا ما تضرّ نا صنوف اللّهو هذه أكثر من أن
ّ
ّ
تنفعنا إذا جرّ تنا إلى إهمال العناية بصحّ تنا ورعاية أموالنا.
ّ ومع ذلك فإنّ أكثر هؤالء الناس المحسودين على سعادتهم
ّ ال شيء أه ّم عندهم من أن يسّلموا أنفسهم إلى صنوف اللّهو هذه. 10
ّ كذلك الطغاة يق ّدرون أعظم تقدير أولئك الذين يظهرون بأ ّنهم
ظرفاء في هذه األنواع من المجاملة .ألنّ المتملّقين يصيرون
أنفسهم مقبولين في األشياء التي يرغب فيها الطغاة .والطغاة من
جهتهم في حاجة إلى أناس يُسلّونهم .يتصوّ ر العامّي أنّ اللّهو
واللّعب جزء من السعادة ألنّ أولئك الذين يتم ّتعون بالسلطان هم 15
أوائل من يضيعون فيها وقتهم .ولكنّ حياة هؤالء الرجال ال
يمكن أن تصلح قدوة وال دليال .الفضيلة والعقل وهما الينبوع
الوحيد لجميع األفعال الشريفة ال يكمنان في السلطان .فليس ألنّ
هؤالء الناس وهم كما هم غير أهل لتذوّ ق ّلذة لطيفة وحرّ ة ح ّقا
يرتمون على ّلذات البدن ،أ ّنهم يجعلوننا نعتبر هذه اللّذات الجافية 20
هي المرغوب فيه أكثر ما يكون .ذلك أنّ األطفال أيضا يعتقدون
أنّ ما يحبّونه أكثر ممّا عداه هو أنفس شيء في الدنيا ،فمن
البسيط أ ّنه كما أنّ الكهول واألطفال يختلفون ج ّد االختالف في
تقدير األشياء ،كذلك أيضا األشرار واألخيار يق ّدرون األشياء
تقديرا متضا ّدا. 25
أرسطوطاليس – األخالق إلى نيقوماخوس
الجزء الثاني ص 351-350
ترجمة أحمد لطفي السيّد
ّ
ّ
ّ
ّ
ّ
26
ّ
ّ
المهامّ ّ
ّ
ّ
ّ
ّ
ّ
ّ
ّ
ّ
ّ
ّ
ّ
ّ
ّ
ّ
27
ّ
ّ
ّ
الرياضةّأداةّحترر ّ
ّ
ّ
ّّ ّ
ّّ ّ كيف نفسّر تمكنّ عازف بيانو من التحررّ فورا من 1
ّ
ّ
اعتقاده أ ّنه سيموت خوفا لحظة اعتالئه الركح بمجرد شروعه
ّ في العزف؟ سنقول إ ّنه لم يعد يفكرّ بعد في الخوف ،وهذا
ّ صحيح؛ ولكن أفضّل التفكير في الخوف ذاته بأكثر عمق ،كما
أفضّل فهم كيف يب ّدد الف ّنان الخوف ويذلّـله بحركات أنامله 5
المرنة.
وبما أنّ ك ّل شيء متعلّق بآلتنا الموسيقيّة ،فإنّ األنامل لن
يكون بمستطاعها التحرّ ر ،إذا لم يكن الصدر بدوره متحرّ را؛
"يف السينما ،أو يف الفنون السرديّة تغزو المرونة شأنها شأن التصلّب ك ّل شيء؛ ففي هذا الجسد
األخرى ،يتدبّر كتّاب السيناريو حيال محكم التوجيه ،ينعدم الخوف .فليس الغناء الحقيقي ،بفضل 10
جلعلنا ننسى أن كلّ شيء حمددّ من قبل،
الذي يت ّم فرضه على ك ّل العضالت ،أق ّل قدرة على العمل المد ّقق ّ
وأنّ الشخصيّات تلعب أدوارا وتتحرّك وفق
خمطّط قد حدّد سلفا...مشهد الرياضة منحنا الطمأنينة وال طالقة اللّسان.
ليس يف حاجة إىل مثل هذه احليل .إنّه حيّ إ ّنه ألمر بيّن ق ّل ما نالحظه ،إذ ليس الفكر الب ّتة ،هو ما
ومباشر ...يكمن الفرق بني املشهد
الرياضي وبقيّة املشاهد يف ال يقينيته يخلّصنا من المشاعر ،وإنمّا الفعل .نحن ال نفكرّ كما نريد؛
ديدي تروشييه اجمليدة". ولكن عندما تكون األفعال مألوفة بما يكفي ،وتكون العضالت 15
ّ مروّ ضة ومرنة بفعل الجمباز ،نفعل كما نريد .في لحظات
التو ّتر ال تحاول أبدا التفكير ،ألنّ تفكيرك سيرت ّد رأسا ض ّدك؛
بل جرّ ب بدل ذلك ،ما نتعلّمه اآلن في ك ّل المدارس ،من رفع
لأليادي وثني لها؛ وسوف تبهرك النتيجة .وهكذا ُيحيلك معلّم
الفلسفة إلى معلّم الرياضة.
آالن -محاولة في السعادة ص48
ّ
ّ
المهامّ
-كيف يكون النشاط الرياضي محرّ را لإلرادة؟
-على أيّ نحو يكون خالص الذات بالفعل ال بالفكر؟
-لماذا يع ّد تعلّم الرياضة تمهيدا لتعلّم التفلسف؟
28
ّ
الرياضةّوالعنف ّ
ّ
ّّ ّ
ّّ ّ تسمح الرياضة بجعل تنافس الك ّل ض ّد الكلّ ،وهو ما 1
يه ّدد الرابط االجتماعي ،أمرا طبيعيا :إ ّنها تجعل هذا الصراع
وتجذر عند ك ّلّ المستمرّ وهذه الحرب الدائمة أمرا طبيعيا،
شخص اإلحساس بشرعية قانون األقوى ذي النزعة الفردان ّية،
و ُتؤجّ ج عند الك ّل االنشداد إلى التنافس الدموي. 5
تنفي الرياضة ك ّل ميراث ،من خالل وضع ك ّل الناس
على قدم المساواة البيولوجية ،بهدف إدارة التنافس الشرس بين
ّّ ّ ّ
الكيانات العضوية ،ح ّتى ال تكون أشكال الالمساواة ،أبدا ،نتاج
ّ
الثقافة والتاريخ والحضارة ،بل نتاج الجينات والصراع البدني.
"تعمل احلضارة على
إنّ نزعة المساواة الجذرية التي تسم الرياضة هي أساس 10
توظيف كلّ الوسائل للحدّ من
نخبويتها البيولوجية .وإ ّنه لمن النادر إبراز مخاطر فكرة
عدوانية البشر وتقليص
مظاهرها بواسطة ردود فعل
المساواة ،خاصّة من جهة كونها مصدر نزاعات وطالما ع ّدت
نفسية ذات صبغة إيتيقية" األمر المسلّم به المميّز لعصرنا.
فرويد يعتبر هوبز الوحيد من بين الفالسفة ،الذي فهم في كتابه
ّ الت ّنين ،أهمّية تحديد مصدر الحرب األهلية بين البشر داخل 15
ّ
ّ المساواة الطبيعية :إنّ المساواة بين البشر ،التقريبية بالتأكيد،
ّ
ّ
من جهة ملكاتهم البدنية والفكريّة ،هي ما يولّد لدى الك ّل األمل
ّ في تحقيق رغباتهم ،ممّا يجعل ك ّل واحد منهم عدوّ ا لآلخر.
ّ وهكذا ،ففي حالة الطبيعة التي تسبق وضع السلطة المدنية،
"الالعنف ليس فضيلة حسب هوبز ،عندما يرغب شخصان في ذات الشيء الذي 20
نسكية هدفها توفري سلم داخلي
يستحيل أن يتم ّتعا به معا في نفس الوقت ،يتحوّ الن في حالة
وضمان خالص الفرد .إنّه
المساواة بينهما إلى أعداء.
قاعدة سلوك ضرورية للحياة يف
َتعرض الرياضة في مشهد مستمرّ ،على ك ّل الوسائط
اجملتمع .فالالعنف يضمن
احترام الكرامة اإلنسانية
المرئية للمعمورة ،هذه الحرب الدائمة دون هوادة بقدر ما هي
ويسمح بالتقدّم يف حتقيق دون شفقة والناجمة عن المساواة ،بهدف جعلها نموذجا منغرسا 25
غاندي السلم". في خيالنا .إنّ الرياضة ُتعيد حالة الطبيعة إلى صميم الحضارة،
بشرط فهم داللة حالة الطبيعة ،ال وفق نظريّة روسو وال ح ّتى
نظريّة سامويل بيفندورف ،الذي يؤسّس عنف حالة الطبيعة
يجذر هذا العنف في على البؤس ،وإ ّنما وفق نظريّة هوبز الذي ّ
المساواة الطبيعية.
روبار روديكار
األنا – الجسد .صناعة اإلنسان الحديث ص 167-165
29
ّ
ّ
ّ
المهامّ
ّ ّ
ّ
ّ
ّ
ّ
ّ
ّ
ّ
ّ
ّ
ّ
30
ّ
الرياضةّأفيونّالشعوب ّ
ّ
ّ
ّّ ّ
ّّ ّ يُع ّد تعميم المشهد الرياضي على الفضاء العام في إطار 1
ّ العولمة الرأسمالية ،أحد التعبيرات األكثر اكتماال عن تخدير
الوعي .إنّ دوام الحضور الدعائي للمشهد الرياضي واستشراء
العنف والفساد وتعاطي المن ّشطات والتالعب البيولوجي
يمثلوالتوظيف السياسي المتملّق للوعي الرياضي الزائفّ ، 5
الجوهر عينه العتبار الرياضة أفيون الشعب ،ودعاية جماهيرية
موجَّ هة من طرف ك ّل قنوات صناعة اللّهو.
ّ إنّ االستبداد الرياضي الذي رعته على الدوام ،أشكال
ّ الطغيان المختلفة والدول الكليانية واألنظمة البوليسية ،باعتباره
هيكل مراقبة سياسية ،يتأ ّكد اليوم في السلسلة الالمتناهية من 10
"الرياضة ليست جمرّد رياضة، االستعراضات ،حيث تتدعّم الشعبوية واالغتراب الثقافي
إنّها أداة حكم ووسيلة إكراه والعبودية الطوعية .إنّ هتافات المالعب والحماس المتو ّقد
للرأي العام وإحدى أشكال واالنفعاالت والشطحات الرياضية ،التي يحتفي بها ،بكثير من
التأطري األيديولوجي للشعوب اللّطف ،ايديولوجيو ما بعد الحداثة ،والتي هي أبعد من أن تكون
وذلك يف كلّ بلدان العامل ،يف تجلّيا لديمقراطيّة المساواة ،تنفتح على صورة جديدة للتعصّب: 15
البلدان االستبدادية مثلما هو تعصّب الحشود الصاخبة وعبادة اآلداء والحماقة العامّية بفعل
األمر بالنسبة للبلدان املسمّات
اآللة الجبّارة للترفيه.
دميقراطيّة" جون ماري بروم
جون ماري بروم الطغيان الرياضي
ّ ّ
ّ
ّ
المهامّ
ّ
31
ّ
ّ
ّ
ّ
ّ
ّ
ّ
ّ
ّ
الرياضةّواإليتيقا ّ
32
التمرين:1
املهارة املستهدفة [بيان حدود األطروحة]
التمرين:2
املهارة املستهدفة [الكشف عن الضمنيّة]
"يمكن لعالم اللّعب أن يتضمّن منافسات ،لك ّنها ال تخرج عن قواعد اللّعبة" إ.موران.
"قد يتضمّن اللّعب أخطارا ،ولك ّنها أخطار من أجل المتعة أو جمال اللّعب" .إ.موران.
المهام :أحد ّد ضمنيّة للقول األوّ ل
........................................................................................................
........................................................................................................
.........................................................................
أحد ّد ضمنيّة للقول الثاني
........................................................................................................
........................................................................................................
.......................................................................
التمرين:3
33
املهارة املستهدفة [الكشف عمّا يربرّ طرح مشكل فلسفي]
المهام:
أصوغ مشكل هذا القول.
استحضر بعض الوقائع من المجال االجتماعي واالقتصادي تبرّر طرح المشكل
فيم تساعدني صياغة المشكل في ما يتع ّقل بالوقائع ال ّتي استحضرتها.
34
التمرين:5
املهارة املستهدفة [القدرة على التأليف]
أختار سؤاال وأحررّ فقرة في حدود عشرة أسطر تجيب على السؤال
هل ّ
يحق اعتبار المواجهة الرياضيّة ممارسة غير عنيفة؟ -
ّ
ّ
ّ
ّ
ّ
ّ
ّ
ّ
ّ
ّ
ّ
ّ
ّ
35
ّ
ّ
ّ
ّ
ّ
ّ
ّ
ّ
ّ
ّ
الرياضةّواإليتيقا ّ
للمطالعة
ّّ
ّ
ّّ
36
ّ
ّ
هل يعتمد نجاح الالعب أو الفريق الرياضي على مقدار براعته في فن العدوان؟ يمكن اإلجابة
على هذا السؤال بالنظريات وليس بالشواهد .لكن ال بد من سؤال آخر أكثر أهمية :هل يص ّح
ان تكون س ّيئا أثناء ممارسة األلعاب الرياضية؟ وبالتخصيص :هل يعتبر التع ّدي وسيلة مقبولة
على أرض الملعب؟ إذا لم يكن ذلك مقبوال أخالقيا فال فائدة من النقاش حول فوائده؟
يبدو غريبا سؤالنا ما إذا كانت الممارسات السيئة عمال صحيحا .إال أ ّنه في األلعاب التي فيها
احتكاك بين الالعبين ،نادرا ما تشجب الممارسات العدوانية بل يسمح بها ،وقد تحظى بالمديح.
اللعب "عالم ضمن العالم" بتقاليده الفريدة ومفاهيمه األخالقية.
الالعبان "ليل وغلين بالكوود" اللذان يش ّكالن ثنائي "دالفين ميامي" كنيتهما "أخوا الرض
والكدم" وشعارهما "نحن ال نريد ان نؤذيك بل نس ّبب لك األذى" – وهذا يعبّر تماما عن
الغموض الذي يحيط بشعور الناس حول العدوان في اللعب
وتخفيفا لهذا الغموض يلجأ كثير من الرياضيين الى قوانين اللعب ،واالتفاقات غير الرسمية،
أو القناعة الشخصية ،ليقرّ روا شرعية أعمال العدوان .أحد العبي كرة السلّة في إحدى الكلّيات
قال في مقابلة أجريت معه "ليس خطأ ،إلحاق األذى بشخص ما إذا كان ذلك قانونيا في اللعب،
لكن الضربة غير المتو ّقعة للشخص تكون عمال س ّيئا وليس حسنا :فهل بإمكانك أن تكون
معتديا وتس ّبب أضرارا طفيفة دون ان تلحق بالخصم أذى حقيقيا ،حين تحاول تحقيق هدفك؟
ونحن كعلماء اجتماع يه ّمنا معرفة المعنى الحقيقي للعدوان في نظر الالعبين والهواة .هل
يف ّكر المشاركون في األلعاب بمسألة العدوان ضمن الحدود األخالقية؟ هل يؤثر التفكير
األخالقي الناضج لدى الالعبين في سلوكهم العدواني؟ ما هي الخصائص المميزة ألخالقيات
الرياضة وكيف يؤثر هذا التفكير الرياضي في فهمهم وتقويمهم لشرعية العدوان؟ حتى نخ ّفف
من الممارسات العدوانية (وهي التي تس ّبب األلم أو األذى) يتح ّتم علينا ان نفهم المعاني
المرتبطة بالعدوان لدى الرياضيين.
وتتر ّكز معظم التوصيات المقترحة لتخفيف الممارسات العدوانية في الرياضة على القوانين
والعقوبات كتوجيه الكرة لرأس الالعب (في البيسبول) أو اللكم أو غير ذلك من أشكل العنف
والخشونة مع ذلك فإننا نعتقد ان تخفيف العدوان الرياضي يتطلّب تحوّ ال في بنية األلعاب
الخارجية كالقوانين والعقوبات وفي تركيبة التفكير .وحتى نخ ّفف من العدوان يجب أوّ ال فهم
المعاني المرتبطة به لدى الرياضيين.
37
ونعني بالعدوان األعمال التي يقصد بها إلحاق األلم أو األذى .إنّ اللعب النشط الذي يعتمد
الحق" االّ
ّ على قوّ ة الجسم وال يقصد به إيذاء الالعب اآلخر يحسن تسميته "باإلصرار على
أنّ ذلك ،لسوء الحظ ،ينساه الالعبون على أرضية الحلبة او مسطح الجليد او خضرة الملعب.
نحن نعتقد أنّ مسألة العدوان هي أكثر من تقليد أو عرف ،إنها قضية أخالقية ويجب تناولها
من هذه الزاوية :وإذا ص ّح هذا فال ب ّد من وجود عالقة متعاكسة بين نضوج الفكر األخالقي
لدى الالعبين وتقبلّهم لممارسة العدوان :والبحث الذي قمنا به يب ّين وجود هذه العالقة :فكلّما
ارتفع مستوى التفكير األخالقي لدى الالعبين قلّت ممارساتهم للعدوان والتغاضي عنه.
والربط بين التفكير األخالقي والعدوان في الرياضة هو الخطوة األولى في فهمه :وال يزال
الغموض يحيط بمسألة اعتراض الناس على العدوان وقلّة من يحسّون بوخز الضمير حين
توجّ ه كرة البيسبول الى رأس الالعب الذي يبدأ بإرسال الكرة ،ويمكننا أن نكوّ ن صورة كاملة
للعدوان الرياضي بالكشف على األنماط الفريدة للتفكير األخالقي التي تشجّ عها األلعاب
الرياضية.
الحظ بعض علماء االجتماع حقيقة غريبة هي أنّ الرياضيين والهواة يفترضون أنّ اللّعب
يجب فصله في نواحي اإلدراك والمشاعر عن الممارسات اليومية في الحياة .فمثال ،عالم
األجناس البشرية "دون هاندلمان" يالحظ ان اللّعب "يتطلّب تحوّ ال جذريا في اإلدراك والفهم
"كما ق ّدم عالم االجتماع "ارفن غوفمان" وصفا للنشاطات الرياضية إ ّنها محصورة ضمن
غشاء اجتماعي فريد أو ضمن إطار من التفكير.
في مقابلة أجريت عام 1972مع "رون ريفرن" الذي كان وقتها ظهيرا في فريق جامعة
كاليفورنيا لكرة القدم وهو اآلن في فريق شيكاغو ،ق ّدم وصفا للتحوّ ل الذي يطرأ على شخصيته
في ساحة اللعب ،ويقول أنّ "رون" وهو خارج الملعب إنسان هادئ الصوت يراعي مشاعر
اآلخرين ودود ،وعندما طلب إليه أن يعطي وصفا لــ"رون" وهو في الملعب قال "إ ّنه يختلف
عني كلية ،فهو مجنون ،يضرب الناس دون أن يحسب حسابا للنتائج ،وهو رجل ال يهت ّم
ضحا" :حينئذ أكون حقيرا قذرا فاسدا ج ّدا ال أكنّ أيّ احترام بالحسم اإلنساني ،ثم أضاف مو ّ
لإلنسان الذي أنوي ضربه".
هل هذا التحوّ ل في الشخصية يشتمل على تب ّدل في التفكير األخالقي؟ لكي نتعرّ ف على هذه
الفرضية صممنا دراسة لمعرفة ما إذا كان نفس األشخاص يستعملون نفس المستوى من
صة ث ّم في بيئة من التفكير األخالقي حين استجابتهم لمآزق افتراضية في بيئة رياضية خا ّ
الحياة اليومية .أحد المآزق الرياضية مثال تر ّكز على "توم" العب كرة القدم الذي طلب إليه
مدرّ به أن يوقع األذى بأحد الخصوم ليساعد فريقه على الفوز :أ ّما أحد المآزق من الحياة
اليومية فكان يتو ّقف على ما إذا كان الشخص وف ّيا بوعده بتوصيل المال الى أحد األغنياء ،ا
وأن يستغل هذا المال في مساعدة عائلته الجائعة.
وقد عرضنا أربع مآزق أو مشكالت على 120من طلبة المدارس العليا والكلّيات من
رياضيين وغير رياضيين ،وطلبنا إليهم أن يف ّكروا في الطريقة المثلى لحل كل واحدة من
38
المشكالت .معظم الطالب الحظوا بوضوح الفرق بين األخالقيات في الملعب واألخالقيات
في الحياة اليومية .وقد جاء في تعليق لطالبة في إحدى المدارس العليا تلعب كرة السلّة توضيح
لوجهة النظر هذه " :في اللّعب يصعب أحيانا التمييز بين الخطأ والصواب ،إ ّنك حينئذ تستخدم
التفكير الخاص باللّعبة .الرياضيون وغير الرياضيين أجمعوا على استخدام تفكير أناني
بمستوى متدنّ حين يفكرون في المآزق الرياضية مختلف عن تفكيرهم حين مواجهة قضايا
أخالقية في بيئات اخرى.
هذه النتائج وغيرها توحى بأن قواعد السلوك األخالقية التي تفرض اعتبارا متساويا لجميع
الناس ،يوقف مفعولها حين المنافسة ،وتميل نحو نظرة أنانية .أحد العبي كرة السلّة في إحدى
الكلّيات أوضح الفرق بين النظرتين كما يلي "أثناء اللّعب يمكنك عمل ما تريد ،أ ّما في الحياة
العادية فتكون التصرّ فات مق ّيدة :في الحياة يكون الوصول إلى القرار أكثر صعوبة ،ألن كثيرا
من الناس ينعمون بالنظر ويتد ّبرون األمر ،بينما في اللّعب يكون المرء حرّ ا في التفكير
بنفسه".
وهذا الموضوع ر ّدده الكثيرون الذين أشاروا الى اللّعب كميدان فيه يحاول كل شخص أو
فريق أن يحرز نصرا شخصيا ،وفيه ال يعامل الخصوم بنفس المستوى من التقدير واالعتبار.
صةوهناك أسباب عديدة تجعل اللعب يفرز نمطا أنانيا من التفكير الرياضي أنّ الطبيعة الخا ّ
بالمنافسة تتطلّب من الالعب الرياضي أن يتب ّنى فكرة المنفعة الشخصية بصورة مؤقتة حين
يكافح في سبيل الفوز .إن هذا االنشغال بالمصلحة الذاتية يؤدي الى عيوب اجتماعية في الحياة
العادية :أ ّما في اللعب فإنّ المشاركين أحرار في التركيز على المنفعة الشخصية ضمن بناء
من القوانين المتوازنة التي تعطي فرصا متساوية .إنّ قوانين الحماية التي يضعها المنظمون
الذين يفرضون الجزاء المناسب لالنتهاكات تحمي الالعبين من المخالفات األخالقية لدى
المنظمين الذين يطبقونّ اآلخرين .وبذا انتقلت المسؤولية عن أكتاف الالعبين الى أولئك
القوانين وإلى المدرّ بين الذين يعلم الالعبون انهم المسؤولون عن جميع القرارات.
إذا كانت طبيعة المنافسة تشجّ ع الجانب الذاتي ،فإن الطابع المتم ّيز للّعب يبرّ ر ذلك ويشتمل
اللّعب على أهداف زائفة ت ّم تحقيقها بمهارات مح ّددة وأساليب استبدادية :ومع أنّ الجري عبر
أحد الخطوط او قذف الكرة داخل الطوق يعتبر ذا أهم ّية في محيط اللعبة ،االّ أنّ ذلك ليس له
داللة مم ّيزة خارج نطاق اللّعب :وعدم وجود معان حقيقية لأللعاب يساعد في إظهار التفكير
األناني كعمل مشروع.
بطبيعة الحال ليست أهداف اللّعب كلّها تعوزها مضامين حقيقية في الحياة :كالمالكمة مثال
حين تتض ّمن األهداف أضرارا لشخص آخر ،أو أذى بليغا أو ر ّبما يكون الموت محتمال كذلك.
كما أنّ ألعاب االحتراف تع ّد استثناء آخر حتى أ ّنه في بعض الكلّيات والمدارس العليا قد
يحصل الفائزون على جوائز ومنح مالية أو عالوات وفرص كبيرة في مجاالت التوظيف
والدراسة .إنّ المضامين األخالقية لألذى كهدف للّعب (المالكمة) ،والجوائز الخارجية
39
المحتملة على مهارة األداء في اللّعب (في مجال االحتراف أو شبه االحتراف) مازالت بحاجة
الى بحث واستقصاء.
صون واألنظمة والمضامين غير إنّ قوّ ة المنافسة والحماية األساسية التي يو ّفرها المخت ّ
المنطقية للمفاهيم الرياضية تلتقي كلّها لتعفي المشاركين في الرياضة من المتطلّبات العادية
صة باللّعب لم تحل نهائيا مح ّل األخالقيات العادية لألخالق .إالّ أنّ المفاهيم األخالقية الخا ّ
اليومية .وكما أنّ الرياضة توجد في مكان ووقت مميزين كذلك يكون التفكير الرياضي مح ّددا.
إنّ تغ ّير األخالق في اللعب ال يح ّل مكان المفاهيم الخلقية اليومية بل يكون ذلك جزءا من
األخالقيات الواسعة الشاملة للحياة اليومية.
ولهذا فإنّ معظم الرياضيين يح ّددون درجة العدوان الرياضي الذي يتق ّبلونه على نسق المفهوم
العام لحقوق اآلخرين ،إنّ عمل ّية التوافق بين هذين المستويين ليست سهلة التنفيذ :أنظر مثال
كيف كان تفكير أحد الرياضيين في مشكلة كرة القدم التي طلب فيها من "توم" ان يؤذي
خصمه.
فإذا نظر "توم" للموضوع كلعب فيص ّح له حينئذ أن يؤذي الرجل – ليخرجه من اللعبة :ولكن
إذا نظر الى الالعب (ظهير في فريق كرة القدم) على أ ّنه إنسان يسعى هو إلى ايذائه ،عندها
يكون عمله غير صحيح .عندما سئل الالعب الرياضي كيف سيتصرّ ف في هذه المشكلة
أوضح قائال " :حين تكون في الملعب فإنّ اللعبة كرة قدم ،وأوّ ال وآخرا فأنت تتعامل أخالقيا
مع الناس".
اعترف هذا الرجل أنّ العدوان ُينظر من زاويتين متناقضتين ،ولك ّنه تخلّص من تر ّدده بإخضاع
األخالق العادية لمنطق اللعبة وبالنسبة له يكون الخصم العبا وليس شخصا عاديا ،وهذه
النظرة الموضوعية للخصوم تخ ّفف من اإلحساس بالمسؤولية الشخصية تجاه المنافسين.
ومن الرياضيين الذين أجرينا مقابالت معهم من خ ّفف من قضية المحاسبة (على العدوان)
بقوله ببساطة أ ّنه ال يفكر في هذا األمر ،أما أحد الرياضيين فقد أجاب بإيجاز قائال " :إ ّنك ال
تف ّكر في هذه األشياء (إيذاء اآلخرين) أثناء اللّعب وغالبا فإ ّنك ال تف ّكر في الناس اآلخرين :
إ ّنك تف ّكر في الفوز ليس إالّ".
ومع ذلك فإنّ معظم الرياضيين يحاولون التوفيق بين اللعبة واألخالقيات اليومية ،فهم يم ّيزون
بين العدوان القانوني وغير القانوني .وكما ب ّين أحدهم قائال "إنّ بعض الممارسات العدوانية
ال تكون مقبولة ،فاللّعبة هي لعبة ،وأنت تسعى لتفوز ولكن هناك خطأ فاصال ،حدودا ،هناك
قواعد وقوانين ،إ ّنك تحاول السيطرة على الالعب اآلخر ،ولك ّنك ال تريده أن يترك اللّعبة.
والعب آخر نظر الى المشكلة بهذه الطريقة " :يجب أ ّال يحاول "توم إيذاءه .بل عليه أن يوجّ ه
اليه ضربة عنيفة تذهله الى ح ّد ال يستطيع معه مواصلة اللّعب".
ويستخدم الالعبون منطقا أخالقيا مع ّقدا لين ّسقوا بين سعيهم إلى الفوز والحاجة لتقدير حدود
األنانية وبعض الرياضيين يعتبرون القوانين حكما نهائيا في تقويم الشرعية ،إ ّال أنّ معظمهم
40
يحتكمون إلى معيار بعيد عن الرسميات .أما أمور التخويف والهيمنة واإلنصاف والجزاء
فهي دائما متشابكة في نسيج األفكار الخاصة بالمشاركين ،وهي بذلك تق ّدم صورة متغ ّيرة
لمكوّ نات العمل القانوني.
إنّ التو ّقعات المتغ ّيرة التي تحدثها الفعاليات السّريعة المشحونة باالنفعال تؤدي إلى انتهاكات
ملحوظة أو ضربات غير نظيفة ،وهي بطبيعة الحال تعتبر في نظر المشاهدين غير نظيفة.
وقد أوضح أحد العبي كرة السلّة في إحدى الكل ّيات أنّ االحتكاك الجسماني قد يف ّسره
الحق أو تع ّديا ،معتمدين في ذلك على فهمهم للقصد ّ الرياضيون إ ّما إصرارا على نيل
والغرض" :قد لعبت مع أشخاص يحاولون إلحاق األذى ،ويمارسون أنواع الضربات غير
النظيفة وخصوصا الضرب بالكوع على الوجه والرقبة :وهذا يختلف عن محاولتك الثبات في
موقفك أو جعل الشخص المنافس يشعر بوجودك :وضربة الكوع قد يقصد بها التخويف أو
ر ّبما إلحاق األذى ،أ ّما أنا فأستخدم الكوع في السير المنتظم للّعبة.
وإذا أخذنا الحاالت المع ّقدة والمتغ ّيرة أللعاب الرياضة فليس مستغربا ّأال يكون بين الرياضيين
الذين أجرينا مقابالت معهم إجماع واضح يب ّين الح ّد بين العدوان المشروع وغير المشروع.
وقد وجدنا أ ّنه كلّما كان التفكير األخالقي لدى الرياضيين أكثر نضوجا قلّت ألوان العدوان
الذي يتق ّبلونه ويعتبرونه مشروعا – سواء عند حكمهم على تصرّ ف "توم" الخيالي في مشكلة
كرة القدم المفترضة أو بالنسبة ألنفسهم حين يفكرون في العدوان الشخصي.
لكن حتى أكثر الرياضيين نضوجا في خلقهم غالبا ما يتقبلون ألوان العدوان البسيطة
خطة مشروعة في المباراة .حقيقة أنّ أنواع العدوان البسيطة ينظر إليها أحيانا ويعتبرونها ّ
كمظهر إيجابي يرفع من قيمة اللعبة ،في هذا المجال تح ّدث أحد الالعبين من المدارس العليا
قائال " :كرة القدم لعبة ت ّتسم بالخشونة ولوال وجود قوانين لها ألصيب الناس بأذى كبير وقد
يموتون :فبعض الناس يسعى فقط إللحاق األذى الكبير بالناس اآلخرين" :ثم قال متسائال:
"هل سيطرأ تغيير على القوانين لتخفيف األضرار التي تحدث في كرة القدم؟" وأجاب على
تساؤله قائال" :ال تغيير ،ألن أحدا لن يقبل على اللّعب إذا أصبحت القوانين متش ّددة ال تسمح
بتوجيه الضربات القو ّية".
الب ّد أن يؤدي البحث األخالقي إلى أبعد من مجرّ د توصيف أعمال الناس إلى تحديد ما يجب
على الناس عمله ،ر ّبما يتق ّبل معظم الرياضيين بعض العدوان "كجزء من اللعبة" لكن هل
يعتبر أي مقدار من العدوان مشروعا؟
وتأسيسا على ما علمنا عن التفكير الرياضي ،فإننا نعتقد أن باإلمكان استخدام معيارين للتمييز
بين تقديرات الرياضيين ذوي النضج األخالقي ألنواع العدوان التي قد يرونها مشروعة وبين
تلك التي ليست كذلك بالتأكيد.
أوال :أي عمل ،يقصد به إلحاق األذى ويكون له نتائج سلبية على المعتدى عليه بمجرّ د انتهاء
المباراة ،يكون غير مشروع .إنّ مشروعية التفكير الرياضي تعتمد إلى ح ّد ما على عدم وجود
41
عالقة بين التصرّ ف الرياضي والحياة اليومية :لذا فإنّ إنزال اإلصابات الشديدة نتيجة التفوّ ق
في اللّعب ككسر الساق او ارتجاج المخ ال يمكن تبريره أخالقيا.
وثانيا :فإنّ التفكير أثناء اللّعب يكتسب مشروعية نظرا لحدوثه ضمن موقف تب ّينه مجموعة
ي تصرّ ف من القواعد التي تح ّدد األساليب والمهارات التي تستخدم أثناء اللّعب .لذا فإن أ ّ
يخرج عن الخطط المح ّددة الستخدام المهارات المناسبة للعبة يعتبر غير مشروع ،حتى لو
كان القصد منه التس ّبب في أذى خفيف أو إزعاج بسيط ،ألنّ هذا السلوك يمسّ نظام الحماية
الذي يعفي المشاركين في اللّعب من االلتزامات األخالقية العادية.
إنّ ما تض ّمنه بحثنا عن تفكير الرياضيين في اللّعب قد يمت ّد الى ميادين أخرى في الحياة .فإذا
صة مثل كان التفكير الرياضي متم ّيزا عن أخالقيات الحياة العا ّمة ،فهل هناك أخالقيات خا ّ
التفكير التجاري أو التفكير السياسي ،ور ّبما أمكن التو ّسع في القائمة بال حدود .فحين نجد أنّ
ك ّل محيط أو موقف تظهر فيه أمور أخالقية ينفرد بها ،فإننا ن ّتفق مع أصحاب نظريات التطوّ ر
األخالقي في بقاء البنية األساسية للتفكير األخالقي ثابتة تقريبا في ك ّل المواقف.
والرياضة تستخدم كثيرا كتعبير مجازي عن أعمال أخرى ،كما أنّ لغة اللّعب كثيرا ما ينتفع
بها في النقاش حول موضوعات شتىّ كاألعمال التجارية والمهنية والسياسة والحرب .وقد
صدر حديثا كتاب من تأليف "توماس وسلر" من جامعة شيكاغو بعنوان "قانون اللعبة" فيه
القليل عن الرياضة والكثير عن غرف اجتماعات مجالس اإلدارة.
إنّ استعارة رموز الرياضة ولغتها قد تعكس ميال لزرع أخالقيات الرياضة في أماكن أخرى
غريبة عن أرضها :فإذا كان األمر كذلك فإن التفكير الرياضي يتض ّمن معاني تمت ّد إلى ما
وراء عالم الرياضة المحدود .تكتسب األخالق الرياضية شرعيتها من قوانين الحماية التي
تشتمل عليها التركيبة الرياضية ،إال أنّ المجاالت األخرى تعوزها مثل هذه االجراءات
الوقائية .وإذا أ ّدى التفكير الرياضي إلى تالعب يقصد به المنفعة في أعمال أخرى مثال ،فهل
تتو ّفر قوانين يمكن فرضها لضمان الفرص المتساوية؟ وهل ستكتسب الحيل القذرة في السياسة
مشروعية وكأنها مباراة رياضية؟ وهل التفكير الرياضي سيدعم فكرة إمكانية كسب الحرب
النووية م ّما يدفع بنا إلى اللّعبة التي ستنهي اللُعب كلّها؟ وإذا كانت كذلك ،فمن سيوافق على
ممارسة هذه األلعاب؟
ّ
ّّ ّ
42