You are on page 1of 6

‫المنهج النقدي في تراثنا حاضر أو غائب؟‬

‫ً‬
‫مرتكزا إرشاديًّا‬ ‫شوقي ضيف‬
‫(مادة مرشحة للفوز في مسابقة كاتب األلوكة)‬

‫في أزمنة االنفتاح على" اآلخر "ومناهِجه في نقد الشعر‪ ،‬تتباين ردود الفعل تجاه موروثاتنا ومناهجنا‪ ،‬وتفرز السَّاحة ثنائيَّات تتَّخذ‬
‫الصبغة المعهودة" ‪:‬معي وضدي"‪ ،‬وتتش َّكل حينئذ بيئة خصبة تتنامى بها المقاربات السالكة سبيل المقارنة‪ ،‬والتي غالبًا ما تكون‬
‫مناهجنا‬
‫ِ‬ ‫ازدياده يتضاءل اإلحساس بِجدوى‬ ‫صلة عمليَّاتها حالة الضدِّية مرهونة بالمقدار الذي يبلغه االنبِهار بالمناهج الغيريَّة‪ ،‬فبِ ْ‬ ‫مح ّ‬
‫لالنزعاج أو المفاجأة إذا ما بوغت‬ ‫ِ‬ ‫أمارات‬ ‫هر‬ ‫ْ‬
‫تظ‬ ‫ال‬ ‫َها‬ ‫ت‬‫وساع‬ ‫الشي‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫ت‬‫ال‬ ‫حدود‬ ‫إلى‬ ‫ا‬ ‫ً‬ ‫ن‬‫أحيا‬ ‫ليصل‬ ‫ى‬‫َّ‬ ‫ت‬‫ح‬ ‫والعطاء‪،‬‬ ‫للبقاء‬ ‫وصالحيتها‬
‫اآلتي‪:‬‬ ‫بالسُّؤال‬ ‫دارس‬

‫القول بوجود "منهج"؟‬ ‫شعراء شيئًا يمكن أن يدفعنا إلى ْ‬ ‫هل خلف لنا أسالفُنا من النقَّاد واألُدَباء في بحث ال ِ ّ‬
‫ش ْعر وال ُّ‬
‫ألن الفريق الَّذي يم ِ ّهد للتدابر مع التراث والتَّرويج لمناهج حديثة أو‬ ‫وسواء أكانت اإلجابة إثباتًا أم نفيًا‪ ،‬سيظل السؤال ملحًّا قائ ًما؛ َّ‬
‫ْ‬
‫سيضطرون ‪ -‬ربَّما رغ ًما عنهم ‪ -‬لالنشِغال برحلة البَحْث عن اإلجابة‬‫ُّ‬ ‫مبر ًرا مقنعًا لموقفه‪ ،‬أ َّما المثبِتون فإنَّهم‬
‫وافدة سيجد في النفي ِ ّ‬
‫الهزات‬ ‫حيث هي رحلة للبَحْث عن الذَّات‪ ،‬مدْفوعة بغاية الك ْشف عن موقفِ النَّ ْقد العربي من هذا السُّؤال‪ ،‬خا َّ‬
‫صة في جيل ما بعد َّ‬ ‫ُ‬ ‫من‬
‫ّ‬
‫العنيفة الناشئة عن استقبال الوافد‪ ،‬تتأسَّس صفحات البحث الحالي باتِخاذها من نموذج شوقي ضيف (‪ - 20051910‬م) الناقد‬ ‫َّ‬
‫إرشاديًّا‪".‬‬ ‫ً‬
‫مرتكزا‬‫"‬

‫يتبوأ مكانة لديْه تتالءم وخطورته‪ ،‬فليست هناك أبحاث مستقلَّة‪ ،‬وليست هناك نصوص مستوعبة‬ ‫أن ذلك السؤال المل ّح لم َّ‬ ‫ُّ‬
‫والحق َّ‬
‫تصو ًرا مرضيًا عن موقفه إزاء تراث النقَّاد العرب القدماء ومدى‬ ‫ُّ‬ ‫ن‬ ‫نكو‬
‫ِّ‬ ‫أن‬ ‫أردنا‬ ‫ما‬ ‫إذا‬ ‫‪-‬‬ ‫ْنا‬
‫ي‬ ‫عل‬ ‫ّ‬
‫ِم‬ ‫ت‬‫يح‬ ‫نحو‬ ‫على‬ ‫عليه‪،‬‬ ‫باإلجابة‬ ‫ت ُ ْعنى‬
‫صين‪ ،‬يقول ضيف في‬ ‫عرضًا في سياق بحوثه المختلفة‪ ،‬وربَّما كان أه ُّمها ن َّ‬‫اتِّصاله بالمنهج ‪ -‬أن نلتقط بعض النصوص التي تأتي َ‬
‫صل عن المناهج الغربيَّة الحديثة‪" :‬وما دمنا نتحدَّث عن المناهج المختلِفة في تحليل األدَب وتقويمه‪ ،‬فال‬ ‫األول منهما‪ ،‬بعد حديث مف َّ‬
‫َّ‬
‫شرح الشعر وتفسيره وبيان معاني ألفاظه‬ ‫بدَّ أن نقِف عند منهج ال يعمد إلى الدِّراسة العا َّمة في األدب واألدباء‪ ،‬وإنَّما يقف عند ْ‬
‫ودالالتها]‪ ،"[1‬ويقول في اآلخر عن نقَّادنا في القرون الوسطى‪" :‬قلَّما وجدوا بيْننا من يُعنى بهم وبأعمالهم‪ ،‬كأنَّهم كانوا يعيشون‬
‫والفن‪ ،‬ليس له حدود مرسومة وال مناهج موضوعة]‪ ،!"[2‬مس ِ ّجالً بذلك ن ْعيَه على الذين يهجرونهم وأبحاثهم‪.‬‬ ‫ِّ‬ ‫في تيه من األدب‬

‫تكرس اإلقرار واإلكبار‬ ‫صين الفائتين تتَّضح لنا مالمح الموقف المتَّخذ إزاء التراث النقدي والمنهج الذي يحتذيه‪ ،‬وهي مالمح ِ ّ‬
‫في النَّ َّ‬
‫َّ‬
‫ش ْعر‪ ،‬فأن يس َّمى هذا الطريق الذي سلكه أسالفنا‬ ‫ألن أسالفنا ‪ -‬كما هو مشتهر ‪ -‬قد تركوا تراثًا هائالً في باب شروح ال ِ ّ‬
‫آن؛ َّ‬ ‫في ٍ‬
‫مصاف المناهج الغربيَّة الحديثة‪ ،‬بل و ُي ْن َعى على َمن يهجره ‪ -‬هو دليل ب ِيّن‪ ،‬في رأي البحث‪ ،‬على َّ‬
‫أن النَّاقد‬ ‫ِّ‬ ‫في‬ ‫يوضع‬ ‫وأن‬ ‫ا‪،‬‬ ‫منه ًج‬
‫كان مِ ن الذين يتبنون إجابة اإلثبات على السؤال؛ لكن تبقى رغم هذا بعض الجوانب المتَّصلة بموقفه‪ ،‬ال بد أن تتَّسع الحدقة لها‬
‫إجمالها‪:‬‬ ‫اآلتية‬ ‫العناصر‬ ‫ستتحمل‬ ‫وأشمل‪،‬‬ ‫أت َّم‬ ‫نحو‬ ‫على‬ ‫لنَخبره‬
‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬
‫لم ينشغل ضيف بالتأصيل النظري لهذه القضية‪ ،‬وال نكاد بعد هذين النصين نظفر بأي إشارة إلى المنهج في العربيَّة‪ ،‬الل ُه َّم إال ما‬
‫نظرا لقيام أبحاثهم على‬ ‫ً‬ ‫قد يفهم من حديثِه عن تأْثِير العرب في الغربيين المهاجمين للمنطق األرسطي وطريقته في القياس؛‬
‫والتجْ ربة‪[3].‬‬ ‫والمالحظة‬ ‫االستِ ْقراء‬

‫أن االنشغال بهذه المسألة على هذا النَّحو لن يولِّد قناعات بجدْواه‬‫تفسيرا بع ْينِه لصنيع ناقدنا‪ ،‬فربَّما رأى َّ‬
‫ً‬ ‫وليس في أيدينا ما يؤ ّكِد‬
‫وأن المنهج األصيل‪ ،‬بإمكاناتِه وما يمتلك من أدوات وآليات ‪ -‬كفي ٌل بإثبات ذاتِه والحفاظ عليْها‪ ،‬ر ْغم‬ ‫إقرارا بوجوده‪َّ ،‬‬‫ً‬ ‫وال حتَّى‬
‫ّ‬ ‫َّ‬
‫تحدِّيات طوفان المناهج الغامر للسَّاحة األدبيَّة‪ ،‬أو ربَّما رأى أن في بعض ممارساته من حيث اتِكاؤها على أسس نظريَّة‪ ،‬ما يحمل‬
‫عنه هذا العبء‪ ،‬وأظهر ما يساق هنا تلك المقارنات التي كان يع ِقدُها بين مقوالت نقَّادنا العرب القدماء‪ ،‬وما تنادي به المناهج‬
‫النقديَّة الغربيَّة الحديثة أثناء التَّعريف بها‪ ،‬فعبدالقاهر الجرجاني (ت‪471 :‬هـ) تقترب نظراته النقدية من مقوالت "المنهج‬
‫الجمالي]‪ ،"[4‬وابن سعيد األندلسي (ت‪ 685 :‬هـ) يلتقي مع أصحاب "المنهج الطبيعي"‪ ،‬الذي يرى أن األديب ثمرة من ثمرات‬
‫البيئة الزمنيَّة والمكانيَّة]‪ ،[5‬وابن خلدون (ت‪808 :‬هـ) يسبق الناقد الفرنسي هيبوليت تين (ت‪1893 :‬م) في اإلقرار بالقوانين التي‬
‫تتح َّكم في أدباء كل أ َّمة؛ لكن دون أن يعطيها حتميَّة وال جبريَّة]‪ ،[6‬من ناحي ٍة أ ُ ْخرى أكثر اتِّساعًا‪ ،‬يمكن ْإلصاق حديثه عن استواء‬
‫ضربًا‬
‫صفِه ْ‬ ‫ش ْعريَّة أو إحياء التُّراث وتحقيقه بِمسألتِنا هنا‪ ،‬إذا كنَّا سنن ُ‬
‫ظر إلى "التَّحقيق" بو ْ‬ ‫المنهج العربي في توثيق النُّصوص ال ِ ّ‬
‫النصوص‪[7].‬‬ ‫نقد‬ ‫ضروب‬ ‫من‬

‫أقر بوجوده في المباحث التي خلفها أسالفنا ‪-‬كان يتَّسم بغير قليل من‬ ‫يبْدو أن مفهوم المنهج عند ضيف ‪ -‬وكذلك عند ك ِّل َمن َّ‬
‫إن استحضار ضيف لما‬ ‫ّ‬ ‫"المرونة"‪ ،‬فاالختالف و ْحده ليس سبيالً لالفتِراق في الوصف كما َّ‬
‫أن االجتماع ليس دائ ًما سبيل االتِحاد‪َّ ،‬‬
‫ي‬ ‫ْ‬
‫نشأت فيه‪ ،‬ولم يتغ َّ‬ ‫صمها عن المناخ الَّذي‬ ‫عند العرب من مقوالت ور ًؤى أثناء الحديث عن المناهج األ ُ ْخرى‪ ،‬لم يكن معناه ف ْ‬
‫سِياق الَّذي أنتجت عبره‪ ،‬ولم يكن عبثًا بال ُم ْفردات ليصير الم ْنهج شيئًا آخَر غير سيرته األولى؛ ولِذا كان‬
‫قراءت َها في م ْعزل عن ال ّ‬
‫أن طريقة األبحاث‬ ‫الحِ ْرص على إثبات الفروق الكائِنة بين األطراف المختلفة حا َل اجتماعها‪ ،‬ونحن نلمح هذا هنا في مالحظته َّ‬
‫تناول األدب تغاير طريقة المناهج النقديَّة الحديثة‪ ،‬من حيث كونُها ال تعمد إلى الدراسة العا َّمة في األدب واألدباء‪ ،‬على‬
‫العربيَّة في ُ‬
‫عنها‪.‬‬ ‫المنهج‬ ‫بغياب‬ ‫للقول‬ ‫دافعًا‬ ‫يكن‬ ‫لم‬ ‫نظره‬
‫ِ‬ ‫وجهة‬ ‫من‬ ‫ذلك‬ ‫َّ‬
‫أن‬

‫نلمحه أيضًا حين يضع النَّاقد بعض قامات نقديَّة عربية إزاء نظيراتها الغربية‪ ،‬إذ يمكن للمتأمل أن يلتقي بإشارات‪ ،‬بعضها صريح‬
‫وبعضها ضمني‪ ،‬إلى عناصر االختالف‪ ،‬تتجلى حينما نتساءل هل نستطيع التسوية مثالً بين ابن سعيد وأصحاب المنهج الطبيعي؛‬
‫"الحس التاريخي"‬‫َّ‬ ‫شاعر بصورة معينة؟ إنَّنا ال نجادل في َّ‬
‫أن‬ ‫من أجل إدْراكه المب ّكِر لدور البيئة الجغرافيَّة والزمنيَّة في إنبات ال َّ‬
‫حاض ًرا‪ ،‬ال أقول‪ :‬في عقل ابن سعيد و ْحدَه‪ ،‬بل في العقليَّة العربيَّة النَّاقدة‪ ،‬يتَّضح هذا في اعتِمادها‬ ‫ِ‬ ‫سا لهذا المنهج قد كان‬‫صفِه أسا ً‬
‫بو ْ‬
‫الحس لم‬
‫َّ‬ ‫أن هذا‬ ‫َّ‬
‫أن الذي ينبغي االنتِباه إليْه هو َّ‬
‫ُجملة من الم ْعطيات التاريخيَّة لمعالجة قضايا وظواهر ذات صلة باألدب]‪ ،[8‬غير َّ‬
‫مرتكزا على "خلفيَّات فلسفيَّة"؛ ولذلك ظ َّل تعا ُملهم مع النُّصوص عبر هذا الحس‬ ‫ً‬ ‫تصور نظري" مستتبّ ‪ ،‬ولَم يكن‬ ‫يعتمد على " ُّ‬
‫لطرفين‬ ‫صفِها استيعابًا َ‬ ‫َّ‬
‫"تلقائيًّا" في أغلب األحيان‪ ،‬وهذا الذي يشير البحْث إليْه هو فحوى نصوص ناقدِنا‪ ،‬وهنا تبرز المرونة بو ْ‬
‫بينَ ُهما ‪.‬‬ ‫االختِالف‬ ‫بوجود‬ ‫اإلقرار‬ ‫ر ْغم‬

‫أن هذا الوضوح لم ينسحِ ب على المدْخَل‬ ‫فيما رأيْنا لقد كان ضيف واض ًحا في اإلبانة عن موقفِه إزاء ما خلَّفه نقَّادنا العرب‪ ،‬غير َّ‬
‫غيره من المف ّكِرين‪:‬‬‫طرق‪ ،‬طالما التقيْنا بها عند ِ‬ ‫الَّذي اتَّخذه لتبرير هذا الموقف‪ ،‬لكن يغلب على ال َّ‬
‫ظ ِّن أنَّه قد اتَّخذ لذلك ثالثةَ ُ‬
‫الطريق األول ‪ :‬قوامه مقاربة مصطلح المنهج في حضوره المعجمي‪ ،‬ولما كانت المعاجم العربية في عرضها لهذه اللفظة تطرح‬
‫دالالت تكاد تدور حول السبيل والوضوح والبيان]‪ ،[9‬وهي دالالت تتحقَّق على نحو من األ ْنحاء في األبْحاث النقديَّة العربيَّة‬
‫أن المنهج كان موجودًا في هذا الَّذي خلَّفوه‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫نقرر‬
‫ِّ‬ ‫القديمة‪ ،‬فإنَّه من المنطقي أن‬

‫أ َّما ال َّ‬
‫طريق الثَّاني‪ ،‬فيظهر فيه استِدْعاء المصطلح بِمفهومه التُّراثي داخل حقول المعرفة المختلِفة؛ إذ شاع في هذه ال ّ‬
‫سِياقات ال‬
‫األوليَّة دون كثير انحراف‪[10].‬‬ ‫َّ‬ ‫ِبمعنى خاص يعرقل اتِّساعه؛ وإنَّما بمعنى عام يبدو متكئًا على داللته المعجميَّة‬

‫طريق الثَّالث‪ ،‬فتبرز فيه" أداة السبر ]‪"[11‬لما عساه أ َّه َل المناهج النقديَّة لتظفر بهذا الوصف‪ ،‬وهي العمليَّة التي نرى َّ‬
‫أن‬ ‫أ َّما ال َّ‬
‫أن المناهج التي وضعت لألدَب‪ ،‬قديمها وحديثها‪ ،‬ال تعدو غايتها التوضيح‬ ‫الك ْشف عن نتيجتها قد تمثّل في إخبار ناقدنا َّ‬
‫والتقويم]‪ ،[12‬فيكون من المقبول حينئذ أن تعد الطريقة التي استشرف بها نقَّادنا القدماء ال ِ ّ‬
‫ش ْعر والشعراء منه ًجا من المناهج؛ ألنها‬
‫لكليهما‪.‬‬ ‫أو‬ ‫لتقويمها‬ ‫أو‬ ‫لتوضيحها‬ ‫الغايات؛‬ ‫بنفس‬ ‫منفعلة‬ ‫معها‬ ‫تعاملت‬

‫ظ ِّن في تحقُّق السبر وفقًا لِمعالمها على المستوى الذهني‬‫فإن الَّذي دفع إلى ال َّ‬
‫الطرق لم ي ْسلُ ْكها ناقِدُنا كتابيًّا؛ َّ‬
‫ُ‬ ‫بالرغم من َّ‬
‫أن هذه‬ ‫َّ‬
‫أمران‪:‬‬
‫طلحات‪ ،‬وميْله إلى التَّحليل والك ْشف عن‬‫األول ‪:‬المعرفة بعزوف ضيف عن اتِّباع طريقة التَّعريف فيما يعرض له من مص َ‬ ‫َّ‬
‫َّ‬
‫العرض للمصطلح؛ فال يتوقع أن يكون ذلك قد ت َّم دون أن‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬
‫العناصر]‪ ،[13‬وهو إذ يعدل هنا عن التعريف والتحليل كليْهما أثناء ْ‬
‫التُّراثي‪.‬‬ ‫أو‬ ‫العرفي‬ ‫أو‬ ‫المعجمي‬ ‫بحضوره‬ ‫يتَّصل‬

‫أ َّما األمر اآلخر‪ ،‬فهو استِ ْحضارنا لما ينطوي عليْه الخطاب من ت َمييز‪ ،‬حين يستدعي ناقدًا عربيًّا قدي ًما أثناء التَّعريف بمنهج غربي‬
‫سها سدًّا لهذه الفجْوة المتولِّدة عن تجاور المنتجات التي تنتمي إلى سياقات غير متجانسة‪.‬‬ ‫حديث؛ إذْ تفرض حينَها هذه الطرق نف َ‬

‫أن النَّاقد باعتمادها قد تجنَّب فشالً محقَّقًا كان ينتظره هناك‪ ،‬إذا ما حاول التَّنقيب عن منهج عربي قديم‪ ،‬يتالقى مع المناهج‬ ‫ُّ‬
‫والحق َّ‬
‫يتورط في محاكمة الموروث النقدي العربي إليْها‪ ،‬بتحاشيه عن تثبيت الم ْشهد‬ ‫َّ‬ ‫شكليَّة والموضوعيَّة‪ ،‬ولم‬ ‫الحديثة في خصائصها ال َّ‬
‫النهائي لها وهو يفتِّش عن معيار ما يصح أن يكون منه ًجا؛ باختِصار لقد وجد فيها "بديالً منهجيًّا" ُمري ًحا يرتَكِن إليْه‪ ،‬ليتَّخِ ذ من‬
‫شراكة في منح الوصف‪.‬‬ ‫للقول بال َّ‬
‫غا ْ‬ ‫شراكة المتحقِّقة فيها ّ ِ‬
‫مسو ً‬ ‫ال َّ‬
‫معوقان لتوصيفنا الفائت لموقف الناقد من الموروث العربي النقدي وعالقته بالمنهج‪:‬‬ ‫ِّ‬ ‫يبقى‬
‫األول ‪:‬يتولد عن الوقوف عند قوله بانشغال المباحث العربيَّة بالنظرة الجزئيَّة وعدم تخليفها "نظريَّة" أو ما يشبه النظريَّة]‪ ،[14‬إذ‬
‫ْ‬
‫تعاملت مع‬ ‫أن هذا ال َّ‬
‫ظ َّن ال يجد سبيالً إلى األذْهان إالَّ إذا‬ ‫ّ‬
‫والحق َّ‬ ‫أن هذا يصطدم مع القول بحضور "المنهج" في مباحثهم‪،‬‬ ‫قد يظن َّ‬
‫والفرع‪ ،‬بالمعنى الَّذي يترادف به ذهاب البعض وذهاب الكل‪ ،‬وإالَّ إذا غفلت عن‬ ‫ْ‬ ‫صل‬ ‫ماهيَّة المنهج على أنَّها ال تخضع لفكرة األ ْ‬
‫سا عليْهما منه ًجا من حيث هو‪ ،‬حتى إذا افترضنا‬ ‫طبيعة المدخَل الموضح آنفًا ومرونة المفهوم لدى النَّاقد‪ ،‬وإمكانيَّة أن نعد السَّبر تأسي ً‬
‫خطواته‪.‬‬ ‫بين‬ ‫الظاهر‬ ‫العضوي‬ ‫الترابط‬ ‫من‬ ‫خا ٍل‬ ‫أنه‬ ‫‪-‬‬ ‫األحوال‬ ‫أسوأ‬ ‫في‬ ‫‪-‬‬

‫صريح لوجود منهج في بعض الكتب النقدية القديمة‪ ،‬مثل قوله عن كتاب العمدة البن رشيق (ت‪456 :‬هـ)‪:‬‬ ‫واآلخر ‪:‬يتولَّد عن نفيه ال َّ‬
‫َّ‬
‫"ليس في كتاب العُ ْمدة منهج في دراسة الشعر العربي]‪ ،"[15‬على أن ذلك يجب أن يفهم في سياقه الخاص‪ ،‬وما تقتضيه عملية‬
‫تقييم كتاب نقدي في ضوء موازنات بينه وبين كتُب سابقة زعم أنَّه يقع دونَها‪ ،‬إذ يدفعنا هذا إلى ال َّ‬
‫ظ ِّن بتحقُّق المنهج فيها هي على‬
‫األقل بصورة ما‪ ،‬أو أن يفهم من نفي المنهج ن ْفي النظرة العا َّمة الكلية للفن‪ ،‬وربَّما يدل على ذلك قوله‪" :‬لم ينظر في صناعة الشعر‬
‫نظرا للتَّداخل الحادث‬
‫ونقده نظرة عامة شاملة‪ ،‬وإنَّما هي نظرات جزئية]‪ ،"[16‬وساعتها نستدعي معالجتنا لإلشكاليَّة السابقة؛ ً‬
‫أن نا ِقدَنا قد عاد بأَخَرةٍ فأجْ رى تعديالً على حكمِ ه الفائت؛ ذلك حين سجَّل رأْ َيه في أسباب ذيوع‬
‫بينهما في هذه الحالة‪ ،‬وجدير بال ِذّ ْكر َّ‬
‫كتاب العُ ْمدة وانتشاره في اآلفاق‪ ،‬فكان منها بِحسب ما ذكر ‪:‬دقة المنهج الذي اتَّبعه ابن رشيق في تأليفه لهذا الكتاب‪[17].‬‬

‫بعض ‪ -‬قد اكتملت مفرداته‪،‬‬


‫ٌ‬ ‫أن تصورنا عن موقف النقد العربي من ذلك السؤال‪ ،‬أو باألحرى موقفه كما ينهض به‬ ‫أكبر ال َّ‬
‫ظ ِّن َّ‬
‫وهو موقف يحلو لدارسين أن يشملوه بوصف "االستعالئي االستعادي"؛ من حيث كونُه يحاول قراءة اآلخر من منظور يصطبغ‬
‫بنزعات تدفع للمساوقة معه في الوقت الذي تستعيذ بموروثاتنا ضدَّ الذوبان‪ ،‬وبعيدًا عن كون هذا الوصف ينطوي على بعد قيمي‬
‫البراقة عليه‬ ‫أو ال؛ فإنه قد صار غنيًّا عن البيان أنه ليس و ْحدَه مستطيعًا أن يشق لنا بين المناهج النقدية الحديثة طريقًا؛ َّ‬
‫ألن اإلجابة َّ‬
‫َّ‬
‫شأن لم يعد مرتهنًا بالوجود من حيث هو‪ ،‬وإنما بدور هذا‬ ‫بدو ِرها سؤاالً أكثر تعقيدًا‪ ،‬يتَّجه هذه المرة ْ‬
‫صوب األين‪ ،‬فال َّ‬ ‫قد فتقت ْ‬
‫الوجود في التعاطي والتوصيف والتقييم والتقويم والتوجيه‪ ،‬وهي الدَّوائر المتداخلة التي نلقاها في الممارسة النقدية‪.‬‬

‫إن كثرة الدِّراسات التي عُنيت بتجْ لِية هذه الحقيقة لم تشعر إزا َءها بعالقة التب ّنِي التَّا ّم‪ ،‬فراحت أثناء مباشرتِها للنُّصوص األدبيَّة‬ ‫َّ‬
‫تصطنِع ك َّل طريقة سوى أن تكون هي تلك التي يُمكِن أن تنتمي إليْنا أصالة‪ ،‬بالمعنى الذي حدا بها أن تكون في غالب األحيان‬
‫أزمة حقل معرفي‪ ،‬فبيْنما تؤكد‬ ‫أزمة الهويَّة ال ْ‬‫مستقرة في ذاكرة األ َّمة‪ ،‬وهي ظاهرة تختزل ْ‬ ‫َّ‬ ‫مجرد قناعات متولِّدة عن نصوص‬ ‫َّ‬
‫المقومات الرئيسة التي بها‬
‫ِّ‬ ‫تعوزنا‬ ‫مورة‪،‬‬ ‫ع‬
‫ْ‬ ‫الم‬ ‫هذه‬ ‫فوق‬ ‫نبيلة‬ ‫غايات‬ ‫من‬ ‫البشري‬ ‫س‬ ‫ْ‬
‫ن‬ ‫الج‬
‫ِ‬ ‫إليه‬ ‫يطمح‬ ‫ما‬ ‫ْقيق‬
‫ح‬ ‫َ‬ ‫ت‬ ‫على‬ ‫مقدرتنا‬ ‫نا‬‫ُ‬ ‫ت‬‫خطابا‬
‫صحاب هذا االتجاه تتزاوج فيها صياغة المبادئ وتفعيل‬ ‫متحركة حيَّة‪ ،‬األمر الذي ي ُْلقِي بتبعات ثقيلة على أ ْ‬ ‫ِّ‬ ‫تتراءى نَماذج‬
‫اإلجراءات‪ ،‬حينئذ فحسب يسعنا َّ‬
‫الزعم أنَّنا قد فقهنا السؤال‪.‬‬

‫ــــــــــــــــــــــــ‬
‫ص‪. 56‬‬ ‫‪1962‬م‪،‬‬ ‫القاهرة‪،‬‬ ‫المعارف‪،‬‬ ‫دار‬ ‫األدبي‪،‬‬ ‫النقد‬ ‫في‬ ‫ضيف‪:‬‬ ‫]‪[1‬شوقي‬
‫ص‪.116‬‬ ‫‪1999‬م‪،‬‬ ‫القاهرة‪،‬‬ ‫المعارف‪،‬‬ ‫دار‬ ‫والنقد‪،‬‬ ‫األدب‬ ‫في‬ ‫ضيف‪:‬‬ ‫]‪[2‬شوقي‬
‫ص‪.83‬‬ ‫‪1972‬م‪،‬‬ ‫القاهرة‪،‬‬ ‫المعارف‪،‬‬ ‫دار‬ ‫األدبي‪،‬‬ ‫البحث‬ ‫ضيف‪:‬‬ ‫شوقي‬ ‫]‪[3‬انظر‪:‬‬
‫َّ‬
‫أن "روح العلم التجريبي" كانت سارية في التراث العربي‪ ،‬في شقيه‬ ‫صدد تكاد تتواطأ على َّ‬ ‫أن عبارات الباحثين في هذا ال َّ‬ ‫ُّ‬
‫والحق َّ‬
‫النظري والتطبيقي‪ ،‬من هؤالء مصطفى عبدالرازق‪ ،‬وينبغي أالَّ يغيب عنَّا أنَّه كان أستاذًا لضيف في كلية اآلداب‪ ،‬فقد واجه بشدَّة‬
‫أن النَّظر‬‫مزاعم المست ْشرقين العائدة بتأخر الحركة الفلسفية عند العرب إلى أسباب تنتمي إلى طبيعة العقل المتأثر باألوهام‪ ،‬مؤ ِ ّكدًا َّ‬
‫إن ميول‬ ‫العقلي بدأ في مرحلة مب ّكِرة جدًّا في تاريخ المسلمين بت ْحريض من نصوص الكتاب والسنَّة‪ ،‬ومعضدًا لرأي َمن قال ‪َّ :‬‬
‫لألول من منهج تجريبي يبتعد عن مثاليَّة اآلخر‪ ،‬ثم ينفذ بعد إلى مباحث أصول‬ ‫العرب ألرسطو أكثر من أفالطون إنَّما كان لما َّ‬
‫الفقه وعلم الكالم متَّخذًا منها ُمجليات لسبق العرب في توظيف أدوات االستدالل‪ ،‬انظر ‪:‬مصطفي عبدالرازق‪ :‬تمهيد لتاريخ الفلسفة‬
‫اإلسالميَّة‪ ،‬مكتبة األسرة (مصورة عن طبعة الثقافة الدينية)‪2007 ،‬م‪ ،‬ص‪ ،301 - 226 ،34 - 7‬وشوقي ضيف‪ :‬معي‪ ،‬دار‬
‫شار‪ ،‬وقد ْتلمذ أيضًا لمصطفى عبدالرازق‪ ،‬إذ راح‬ ‫المعارف‪ ،‬القاهرة‪1980 ،‬م‪ ،113 ،112 /1 ،‬ومن هؤالء أيضًا علي سامي الن َّ‬
‫سس التي قامت عليها الفلسفة اليونانية‪ ،‬وما كان من رفضهم للمنطق‬ ‫في َّأول كتاب له يؤ ّكِد هذا القول ببيان ن ْقد المسلمين لأل ُ ُ‬
‫صة في علوم الرياضة والطبيعة والكيمياء‪،‬‬ ‫األرسطي‪ ،‬عاقدًا بابًا ختاميًّا يتتبع فيه النماذج التي تجلَّى فيها المنهج التجريبي‪ ،‬خا َّ‬
‫بشهادات من الغربيين أنفسهم‪ ،‬انظر‪ :‬علي سامي النشار ‪:‬مناهج البحث عند مفكري اإلسالم واكتِشاف المنهج العلمي في العالم‬
‫اإلسالمي‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪1984 ،3‬م‪ ،358 - 329 ،‬انظر أيضًا‪ :‬مصطفى النشار‪ ،‬نظرية العلم األرسطيَّة؛‬
‫دراسة في منطق المعرفة العلمية عند أرسطو‪ ،‬دار المعارف‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ط‪1995 ،2‬م‪ ،‬ص‪ ،174 - 172‬وعلي جمعان الشكيل ‪:‬‬
‫شار يعرض لجهود‬ ‫أن مصطفى الن َّ‬ ‫الكيمياء في الحضارة اإلسالميَّة‪ ،‬دار الشروق‪1989 ،‬م‪ ،18 - 7 ،‬وإن كان ينبغي التَّنبُّه إلى َّ‬
‫سس أرسطو‪ ،‬ليتساوق‬ ‫ُ‬
‫للتطور العلمي‪ ،‬بلفظ آخر بوصفهم امتدادًا ال انقِطاعًا أل ُ‬ ‫ُّ‬ ‫مجرد دورة جديدة‬ ‫َّ‬ ‫العرب في سياق أنَّهم يش ّكِلون‬
‫طريف في هذا القضية أن نجد بعض المستشرقين‪ ،‬من مثل جب‪،‬‬ ‫ذلك ودفاعه عن منهج أرسطو التجريبي االستقرائي‪ ،‬ومن ال َّ‬
‫يقرون بتجريبيَّة المنهج الذي اعتمده العرب‪ ،‬ال لشيء إالَّ ليدلِّلوا على طبيعة "بنية العقل العربي الحسي التجزيئي الذري"؛ بحيث‬
‫يدرك الحاالت المفردة ويعجز عن إدراك الك ِلّيَّات‪ ،‬ويميل إلى التعا ُمل مع المحسوس ويعزف عن التجريد‪ ،‬انظر‪ :‬جب‬
‫‪ (H.A.R.Gibb):‬االتجاهات الحديثة في اإلسالم‪ ،‬ترجمة‪ :‬هاشم الحسيني‪ ،‬دار مكتبة الحياة‪ ،‬بيروت‪1966 ،‬م‪ ،‬ص‪،15 - 13‬‬
‫غير واحد يب ِيّن‬‫أن ما يعدُّه بعض الباحثين مفخرة للعرب صار على يديه منطويًا على قصور؛ ولذا تصدَّى له ُ‬ ‫األمر الَّذي يعني َّ‬
‫َّ‬
‫كثيرا ‪ -‬على أن صفة الذريَّة هذه ليست‬ ‫َّ‬
‫مغالطاته‪ ،‬من مثل مالك بن نبي الذي أكد ‪ -‬رغم ثنائه على كتاب جب وتصريحه بالتقائِه بِه ً‬ ‫َّ‬
‫فطريَّة في الفكر العربي‪ ،‬متَّخذًا أوربا نفسها قبل ديكارت نموذ ًجا لحضانة هذه الصفة أثناء تفكيرها ونشاطاتها‪ ،‬انظر‪ :‬مالك بن‬
‫نبي‪ :‬وجهة العالم اإلسالمي‪ ،‬ترجمة‪ :‬عبدالصبور شاهين‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬دمشق‪2002 ،‬م‪ ،‬ص‪ ،18 ،17‬وإدوارد سعيد الذي وصف‬
‫هذه النَّزعة بالعجز أثناء تفسيرها للنتاج الهائل الذي تم َّخض عن الحضارة اإلسالميَّة‪ ،‬مقي ًما بينها وبين نظرة الغرب المتحيِّز ضد‬
‫بنوة‪ ،‬فالمسألة ال ترتهن بحسبه بمقاييس ومعايير موضوعية بقدْر ارتهانها بقرار معد سلفًا‪ ،‬لدى جماعة من هؤالء‬ ‫الشرق عالقة َّ‬
‫أن الشرق ال بدَّ أن يكون مختلفًا‪ ،‬انظر‪ :‬إدوارد سعيد‪ :‬االستشراق؛ المعرفة السلطة اإلنشاء‪ ،‬ترجمة‪ :‬كمال أبو‬ ‫المستشرقين‪ ،‬مفاده َّ‬
‫ديب‪ ،‬مؤسَّسة األبحاث العربية‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪2005 ،7‬م‪ ،‬ص‪ ،285 - 276 ،131 - 128‬ومح َّمد قطب الذي ألمح إلى ازدواجيَّة‬
‫المكيال الذي يلجأ إليه أثناء الحكم على العقل العربي المسلم؛ فبينما يذ ُّمه لِع ْجزه عن التَّجريد واستِ ْخالص الك ِلّيَّات يذ ُّمه أيضًا ألنَّه‬
‫تصور هللا في صورة فوقيَّة سامية تجريديَّة‪ ،‬انظر‪ :‬محمد قطب‪ :‬المستشرقون واإلسالم‪ ،‬مكتبة وهبة‪ ،‬القاهرة‪1999 ،‬م‪ ،‬ص‪. 181‬‬
‫]‪[4‬انظر‪ :‬شوقي ضيف‪ :‬في النقد األدبي‪ ،‬ص‪ ،166 ،165‬والبحث األدبي‪ ،‬ص‪.125‬‬
‫]‪[5‬انظر‪ :‬شوقي ضيف‪ :‬البحث األدبي‪ ،‬ص‪ ،92 ،20‬وراجع أيضا له‪ :‬في التراث والشعر واللغة‪ ،‬دار المعارف‪ ،‬القاهرة‪،‬‬
‫ص‪.59‬‬ ‫‪1987‬م‪،‬‬
‫‪.92‬‬ ‫ص‪-88‬‬ ‫األدبي‪،‬‬ ‫البحث‬ ‫ضيف‪:‬‬ ‫شوقي‬ ‫]‪[6‬انظر‪:‬‬
‫]‪[7‬انظر‪ :‬شوقي ضيف‪ :‬في التراث والشعر واللغة‪ ،‬ص‪ ،48‬وراجع أيضا له‪ :‬البحث األدبي‪ ،‬ص‪211 -146‬؛ وهي صفحات‬
‫الفصل الذي عقده بعنوان األصول‪ ،‬وعني أثناءه ببيان جهود أسالفنا العرب في مجال توثيق الدواوين الشعرية وكذا في تحقيق‬
‫النسخ المختلفة لها ونشرها‪ ،‬وغني عن البيان أن النقد؛ بالنظر إلى داللته المعجمية‪ ،‬تتقاطع مه َّمته في مستوى من مستوياتها مع‬
‫فن التَّحقيق قد شاع حديثًا حامِ الً‬ ‫أن َّ‬ ‫وللزائف‪ ،‬ولعلَّه ال يغيب عن أذْهانِنَا َّ‬ ‫صحيح َّ‬ ‫هذه المجاالت‪ ،‬إذ تحيل على الكشف والتَّمييز لل َّ‬
‫اسم نقد النصوص‪ ،‬وبه عنون المستشرق األلماني برجستراسر لمؤلفه الرائد في العربية‪ ،‬راجع‪ :‬برجستراسر ‪:‬أصول نقد النصوص‬
‫ونشر الكتب‪ ،‬أعده‪ :‬محمد حمدي البكري‪ ،‬دار الكتب المصرية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ط‪1995 ،2‬م‪ ،‬ص‪.13 - 5‬‬
‫األول ‪:‬نموذج ابن سالَّم الجمحي (ت‪:‬‬ ‫]‪[8‬يمكن هنا اإلشارة إلى نموذجين من النَّماذج التراثيَّة التي يتجلَّى فيها "الحس التاريخي"‪َّ ،‬‬
‫شعَراء"‪ ،‬حين ْيلجأ إلى العامل البيئي أثناء تفسيره لقلة ال ِش ْعر أو كثرته‪ ،‬ولوعورته أو‬
‫ّ‬ ‫َّ‬ ‫شهير "طبقات فحول ال ُّ‬ ‫‪231‬هـ) في كتابه ال َّ‬
‫وأن جهاد‬ ‫السبب في قلة نتاجهم الشعري‪َّ ،‬‬ ‫َ‬ ‫أن قلة الحروب التي خاضتها قريش كانت هي‬ ‫َّ‬ ‫ليونته‪ ،‬فهو ‪ -‬على سبيل التمثيل ‪ -‬يرى َّ‬
‫المسلمين في صدر اإلسالم هو الذي أدى إلى انشغالهم عن الشعر‪ ،‬ومن ثم ضياعه لشفاهية روايته وقتئذ‪ ،‬وأيضًا حين يعرض إلى‬
‫شعراء معتمِ دًا على "التحقيب الزمني"؛ فهناك الجاهليون والمخضرمون واإلسالميون‪ ،‬وربَّما بدا األمر جليًّا إذا ما تأ َّملنا لفظة‬ ‫ال ُّ‬
‫ظر النَّاقد ذي الحس التاريخي؛ ألنَّهم ‪ -‬بحسب‬ ‫المخضرمين‪ ،‬فهم مسلمون ال شكَّ ‪ ،‬لكنَّهم ليْسوا كاإلسالميين في تكوينهم من وجهة ن َ‬
‫توصيفه ‪" -‬الذين كانوا في الجاهليَّة وأدركوا اإلسالم"‪ ،‬وحين ينضوي بعض هؤالء تحت عنوان طبقة شعراء القرى العربيَّة يتأ َّكد‬
‫وشعرهم‪ ،‬انظر‪ :‬ابن سالم ال ُج َمحي‪ :‬طبقات فحول‬ ‫ِ‬ ‫شعراء‬ ‫أن نظر النَّاقد لم يكن يغفل أثناء ْتوزيعه تأثير البيئة المكانيَّة في ال ُّ‬ ‫لنا َّ‬
‫الشعراء‪ ،‬تحقيق ‪:‬محمود شاكر‪ ،‬دار المدني‪ ،‬جدة‪ ،‬د‪.‬ت‪ ،247 ،215 ،46 ،25 /1 ،‬والنموذج اآلخر ‪:‬نموذج الثعالبي (ت‪429 :‬هـ)‬
‫الرابع الهجري وأوائل الخامس‪ ،‬من أسس تعتمِ د‬ ‫في كتابه "يتيمة الدَّهر أو تت َّمتها"‪ ،‬إذ ينطلق في دراسة األدباء لعصره؛ القرن َّ‬
‫"التوزيع اإلقليمي الجغرافي" لهم‪ ،‬فهناك جزء للشام ومصر والموصل‪ ،‬وجزء للعراق‪ ،‬وجزء ألهل الجبال وفارس وجرجان‬
‫صلة الوطيدة التي تجمع بين الفنان‬ ‫وطبرستان‪ ،‬وجزء لخراسان وبالد ما وراء النهر‪ ،‬وهكذا؛ األمر الذي يعكس الوعي المبكر بال ِ ّ‬
‫والوسط الذي ينشأ فيه‪ ،‬انظر ‪ :‬الثعالبي‪ :‬يتيمة الدهر في محاسن أهل العصر‪ ،‬تحقيق‪ :‬محي الدين عبد الحميد‪ ،‬مطبعة السعادة‪،‬‬
‫‪.22‬‬ ‫‪،21‬‬ ‫‪/1‬‬ ‫‪1956‬م‪،‬‬ ‫القاهرة‪،‬‬
‫]‪[9‬راجع‪ :‬ابن منظور المصري‪ :‬لسان العرب‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبدهللا علي الكبير ومحمد أحمد حسب هللا وهاشم محمد الشاذلي‪ ،‬دار‬
‫‪4555.‬‬ ‫ص‪،4554‬‬ ‫ت‪،‬‬ ‫د‪.‬‬ ‫القاهرة‪،‬‬ ‫المعارف‪،‬‬
‫صين ينتميان إلى سياقات مختلفة وأزمنة متغايرة‪ ،‬في حين يكشف التعامل‬ ‫َّ‬ ‫ن‬ ‫عند‬ ‫ف‬ ‫َّ‬ ‫ق‬ ‫نتو‬ ‫أن‬ ‫‪-‬‬ ‫التمثيل‬ ‫سبيل‬ ‫على‬ ‫‪-‬‬ ‫هنا‬ ‫يمكن‬ ‫]‪[10‬‬
‫األول نص لعلي بن عبدالعزيز الجرجاني (ت‪:‬‬ ‫مع اللفظة أنه لم ينحرف بها دالليًّا أو يضفي عليها صبغة اصطالحية معيَّنة‪َّ ،‬‬
‫‪392‬هـ) أثناء دفاعه عن بعض ت ْعقيدات المتنبي (ت‪354 :‬هـ)‪ ،‬يقول فيه‪" :‬ومتى وجدتك تحتمل للفرزدق قوله‪ ..‬وال تسلك بأبي‬
‫صب مائل‪ ،‬ومتحامل جائر"‪ ،‬انظر‪ :‬الجرجاني‪ :‬الوساطة بين المتنبي‬ ‫الطيِّب هذا المسلك‪ ،‬وتحمله على هذا المنهج‪ ،‬علِمت أنَّك متع ِ ّ‬
‫وخصومه‪ ،‬تحقيق ‪:‬محمد أبو الفضل إبراهيم وعلي محمد البجاوي‪ ،‬المكتبة العصرية‪ ،‬بيروت‪2006 ،‬م‪ ،‬ص‪345‬؛ باختِصار‪،‬‬
‫نظرا لألبيات التي حذ ْفناها‬ ‫وهي هُنا بحسب ف ْهم البحث توجه إلى أحد احتمالين‪ ،‬كل منهما يؤكد الزعم‪ ،‬فإ َّما أنَّها ‪ -‬وهو أرجح ً‬
‫تقصد إلى طريقة الفرزدق في القول وتصرفه في التعبير‪ ،‬وكأنَّها حينها تترادف مع المذهب أو االتجاه‪ ،‬وإ َّما أن تكون‬ ‫ِصارا ‪ِ -‬‬‫اخت ً‬
‫البن األزرق ( ت‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫اآلخر‬ ‫ص‬‫ّ‬ ‫َّ‬ ‫ن‬‫وال‬ ‫الوتيرة‪،‬‬ ‫مستتبَّ‬ ‫ليس‬ ‫ان‬ ‫بميز‬ ‫الشاعرين‬ ‫من‬ ‫كل‬ ‫قيد‬ ‫ع‬
‫ْ‬ ‫ت‬ ‫مع‬ ‫عاطي‬ ‫َّ‬ ‫ت‬‫ال‬ ‫في‬ ‫الخصم‬ ‫طريقة‬ ‫إلى‬ ‫قاصدة‬
‫َّ‬
‫‪896‬هـ) في ميدان السياسة الشرعيَّة‪ ،‬أو باألحْ رى "علم االجتماع السياسي"‪ ،‬يقول فيه‪" :‬الركن التاسع‪ :‬رعاية السياسة‪ ،‬وللنَّظر‬
‫فيها منهجان‪ ،‬أحدهما بحسب المعتمد منها عقالً‪ ،‬واآلخر من جهة المعتبر منها شرعًا"‪ ،‬انظر‪ :‬ابن األزرق‪ :‬بدائع السلك في طبائع‬
‫الملك‪ ،‬مكتبة األسرة‪ ،‬القاهرة‪2007 ،‬م‪ ،‬ص‪ ،140‬وهي هنا ال تعدو أن تكون بمعنى الجهة أو الطريقة‪.‬‬
‫صر الجهات التي قد تعود إليها العلَّة في الحكم والوصف‪،‬‬ ‫" ]‪[11‬السبر"‪ :‬مصطلح يُشير إلى عمليَّة تتلو عمليَّة التقسيم‪ ،‬أو ح ْ‬
‫وقوامه االختِبار لهذه الجهات واحدة ْتلو األخرى‪ ،‬فإذا انتقض بعضها تعين وانحصر في الباقية‪ ،‬وقد جعله الغزالي أحدَ الموازين‬
‫صل أثناء المناظرة إلى إثبات حكم أو إبطال دعوى‪ ،‬وربَّما عرض له تحت اسم "التعاند"‪ ،‬وهو يكافئ‬ ‫الخمسة للعقليَّات التي بها يتو َّ‬
‫المتكون من مقدِّمة تحتوي على قضيَّتين متناف َِرتين‪ ،‬أو ربَّما أكثر‪ ،‬على‬ ‫ِّ‬ ‫المنفصل"‪،‬‬ ‫رطي‬ ‫َّ‬
‫ش‬ ‫ال‬ ‫"القياس‬ ‫عند المناطقة ما يعرف باسم‬
‫نَحْو يلزم منه ن ْفي إ ْحداهما إثبات األخرى‪ ،‬وهذا هو دور المقدِّمة الثانية‪ ،‬لتنتج من ثم النتيجة‪ ،‬انظر‪ :‬أبو حامد الغزالي‪ :‬أساس‬
‫القياس‪ ،‬تحقيق‪ :‬فهد محمد السدحان‪ ،‬مكتبة العبيكان‪ ،‬الرياض‪1993 ،‬م‪ ،‬ص‪.31 ،24 -20‬‬
‫]‪[12‬انظر‪ :‬شوقي ضيف‪ :‬البحث األدبي‪ ،‬ص‪ ،145‬وفي النقد األدبي‪ ،‬ص‪.46 ،9‬‬
‫]‪[13‬ال بدَّ هنا من استحضار انتقاد ضيف للعقلية التي تركن في بحثها إلى "آلية التعريف"‪ ،‬إذ وصف ذلك بأنَّه انشِغال بفلسفة‬
‫أن الجانب الذي يمكننا االطمِ ئْنان إليه في البحث‪ ،‬حتَّى لو كان في المعنويَّات‪،‬‬ ‫الحقائق قبل االنشغال بالحقائق نفسها‪ ،‬وأ َّكد على َّ‬
‫إنَّما هو الجانب التجريبي‪ ،‬الذي يقوم على التَّحليل وردّ األمور إلى عناصرها وموادِّها التي يتألَّف منها‪ ،‬وبهذه الطريقة يت ُّم‬
‫االقتراب من ماهيَّة األشياء والتَّعليل والربط بين األفكار‪ ،‬انظر‪ :‬شوقي ضيف‪ :‬في األدب والنقد‪ ،‬ص‪.76 ،50 ،30 ،29‬‬
‫انظر‪ :‬شوقي ضيف ‪:‬في النقد األدبي‪ ،‬ص‪ .31‬وربَّما يذكرنا طرح ضيف لمسألة النَّظرة الجزئية‪ ،‬التي تمتع بها العرب في‬
‫أن ضيف هنا ال يرتب‬ ‫مر بنا من حديث عن زعْم المستشرق جب حول عجز العقلية العربية عن إدراك الكليات‪ ،‬بيد َّ‬ ‫أبحاثهم‪ ،‬ما َّ‬
‫أن العرب خلفوا تراثا ضخ ًما في خصائص الكلِمات‬ ‫على حديثه ما يفهم منه هذا أو شيء منه‪ ،‬بدليل أنَّه يقرر في نفس الصفحة َّ‬
‫كثيرا من األحكام العا َّمة‪ ،‬غير أنَّها بحسبه‬ ‫والعبارات األدبيَّة‪ ،‬غير أنَّه يسجل عليْه اتِّصاله بالبالغة أكثر من النقد‪ ،‬وكذلك تركوا ً‬
‫تجري في جمل مر َّكزة قلَّما تحلل‪ ،‬ويستثني عبدالقاهر الجرجاني من سياق حكمِ ه الفائت على طبيعة المالحظات‪ ،‬وإن كان‬
‫يصنف جهوده هو اآلخر في ميْدان البالغة ال النقد الخالص‪ ،‬فالمسألة عند ضيف لم تكن مسألة جنس شرقي أو عقل شرقي كما‬
‫أن هذه الممارسات قد تش َّكلت في مناخ لم يتواءم والروح الفلسفيَّة‪،‬‬ ‫مجرد مالحظة مفادها َّ‬ ‫َّ‬ ‫هي عند جب‪ ،‬وإنَّما كانت فيما يظهر‬
‫تلك الروح المسلّطة على بعث النظريَّات من كمونِها‪.‬‬
‫]‪[14‬انظر‪ :‬شوقي ضيف‪ :‬في النقد األدبي‪ ،‬ص‪ .31‬وربَّما يذكرنا طرح ضيف لمسألة النَّظرة الجزئية‪ ،‬التي تمتع بها العرب في‬
‫أن ضيف هنا ال يرتب‬ ‫مر بنا من حديث عن زعْم المستشرق جب حول عجز العقلية العربية عن إدراك الكليات‪ ،‬بيد َّ‬ ‫أبحاثهم‪ ،‬ما َّ‬
‫َّ‬ ‫َّ‬
‫على حديثه ما يفهم منه هذا أو شيء منه‪ ،‬بدليل أنه يقرر في نفس الصفحة أن العرب خلفوا تراثا ضخ ًما في خصائص الكلِمات‬
‫كثيرا من األحكام العا َّمة‪ ،‬غير أنَّها بحسبه‬ ‫والعبارات األدبيَّة‪ ،‬غير أنَّه يسجل عليْه اتِّصاله بالبالغة أكثر من النقد‪ ،‬وكذلك تركوا ً‬
‫تجري في جمل مر َّكزة قلَّما تحلل‪ ،‬ويستثني عبدالقاهر الجرجاني من سياق حكمِ ه الفائت على طبيعة المالحظات‪ ،‬وإن كان‬
‫يصنف جهوده هو اآلخر في ميْدان البالغة ال النقد الخالص‪ ،‬فالمسألة عند ضيف لم تكن مسألة جنس شرقي أو عقل شرقي كما‬
‫أن هذه الممارسات قد تش َّكلت في مناخ لم يتواءم والروح الفلسفيَّة‪،‬‬ ‫مجرد مالحظة مفادها َّ‬ ‫َّ‬ ‫هي عند جب‪ ،‬وإنَّما كانت فيما يظهر‬
‫تلك الروح المسلّطة على بعث النظريَّات من كمونِها‪.‬‬
‫]‪[15‬شوقي ضيف‪ :‬في األدب والنقد‪ ،‬ص‪.123‬‬
‫]‪[16‬شوقي ضيف‪ :‬النقد‪ ،‬ص‪ ،118‬وانظر‪ :‬في األدب النقد‪ ،‬ص‪.122‬‬
‫]‪[17‬انظر‪ :‬شوقي ضيف‪ :‬تاريخ األدب العربي‪ ،‬دار المعارف‪ ،‬القاهرة‪1992 ،‬م‪.187 /9 ،‬‬
‫أن ابن رشيق ليست له صورة واحدة في نتاج ناقدنا‬ ‫وقد توقفت عند حالة ابن رشيق القيرواني في بحث سابق منشور‪ ،‬موض ًحا َّ‬
‫بل صورتان ‪:‬األولى ‪:‬هي صورة النَّاقد الذي ال يطيل النظر في آرائه وال يتعمق في أفكاره‪ ،‬وبالطبع ليس بمقدوره تحسس‬
‫الفروق الدقيقة بين االتجاهات الفنية‪ ،‬ويزيد من مأزقه أنَّه لم يحسن تبويب كتابه العمدة‪ ،‬واألخرى ‪:‬هي صورة النَّاقد الممتع‬
‫المحسن في ترتيب كتابه البديع والمتبع منه ًجا دقيقًا في العرض‪ ،‬وبينما تقوم سلسلة تاريخ األدب بعرض هذه الصورة المشرقة‪،‬‬
‫فإن جميع كتابات الناقد األخرى كانت تكرس للصورة القاتمة‪ ،‬وقد حاولت في هذا البحث أن أحدِّد العوامل التي أدَّت إلى هذا‬
‫التغيُّر الحادث في التفاريق والمكونات؛ بمراعاة تأخر تاريخ نشر هذا الجزء الخاص به في السلسلة‪ ،‬فعدت بها حينها إلى ثالثة‬
‫عوامل؛ هي عامل الزمن ‪:‬وما ينطوي عليه من نشر تراث كان في تعداد المخطوطات البن رشيق‪ ،‬أخص بالذكر كتاب أنموذج‬
‫الزمان‪ ،‬ومن إتاحة الفرصة لضيف حتى يرى ابن رشيق في سياق موازنة بينه وبين نقاد العربية الذين عرف بهم في السلسلة‬
‫نظرا النشغاله في هذه المدة باألدب في‬ ‫نفسها‪ ،‬وعامل المادة العلمية ‪:‬إذ بدأت تتوطد صلة الناقد بكتب ابن رشيق بصورة أعمق‪ً ،‬‬
‫المغرب العربي اإلسالمي‪ ،‬وعامل المنهج ‪:‬إذ بدا ضيف عازفًا عن االعتماد على المناهج التي تقارب النقاد بوصفهم ثمرة‬
‫لإلقليم الذي نشؤوا فيه أو أسرى لظرفهم التاريخي‪ ،‬وهو األمر الذي كان متوفّ ًِرا فيما كتب قبالً‪ ،‬انظر‪ :‬أحمد سمير المرسي‪:‬‬
‫شوقي ضيف ومشروع التعريف بنقاد العرب القدماء‪ ،‬ضمن كتاب المؤتمر العاشر لدار العلوم بالفيوم‪ ،‬جامعة الفيوم‪2008 ،‬م‪،‬‬
‫صا بابن‬
‫أن هذا الموقف المستهجن كان خا ًّ‬‫‪ ،1335 ،1329 /2‬والمصادر المثبتة في هذه الصفحات‪ ،‬ويعنينا هنا التأكيد على َّ‬
‫رشيق‪ ،‬وهذا وحده يؤكد ‪ -‬بمفهوم المخالفة ‪ -‬اطراد نظرة ناقدنا ال ُم ِجلَّة للمنهج الذي خلفه األسالف‪ ،‬فكيف إذا كان هذا الموقف‬
‫نفسه قد تبدل وآل إلى استحسان وقبول؟!‬

‫رابط الموضوع‪: https://www.alukah.net/library/0/6547/#ixzz6BDLFnUw4‬‬

You might also like