You are on page 1of 15

‫إن البحث عن المنطق قد يرمي بك إلى جانب النحو‪"،‬‬

‫"والبحث عن النحو قد يرمي بك إلى جانب المنطق‬


‫)م عدد‪ (24‬المقابسات أبو حيان التوحيدي‪،‬‬
‫ال يبدو أن إمكان الحديث عن عالقة النحو بالمنطق على غاية من اليسر؛ وذلك راجع في نظري إلى تشعب‬
‫هذه العالقة تاريخيا أي تأثر المناهج اللغوية النحوية بعوامل لغوية يونانية خاصة وأخرى فقهية‪ ،‬وإن كان‬
‫الفارابي قد أكد على أن علم اللسان كان قد اكتمل قبل ترسيخ علم المنطق في الربوع العربية؛ معنى ذلك أن‬
‫المنطق اليوناني لم يبدأ إال في القرن التاسع ميالديا؛ أي القرن الثالث للهجرة‪ ،‬في حين أن اللغة ضبطت‬
‫قواعدها في الكوفة والبصرة في نهاية القرن األول واكتمال القرن الثاني‪ ،‬حيث إن أثر علم المنطق في نشأة‬
‫علم اللسان عند العرب لم يكن واضحا إال في بداية القرن الثالث للهجرة؛ أي مع ابن السراج وتالمذته (‪260‬ه‬
‫‪310 -).‬ه)(‪1‬‬

‫إن تقرير الوضع الذي نشأت ضمنه إشكالية عالقة النحو بالمنطق‪ ،‬يفضي إلى النظر في حدود التقارب الذي‬
‫صار بين العلمين‬

‫يفضي ذلك إلى ّ‬


‫توطد عالقة النحو بالمنطق إلى حد تبادل التأثير والتأثر؛ بمعنى أن النحو العربي صار يقتبس‬
‫من المنطق جملة من البنى النحوية والقوالب الفكرية‪ ،‬وصار المنطقي على اطالع بما تفرزه جملة البحوث‬
‫النحوية من مناهج حديثة؛ لذلك ال تتبين الحدود الفاصلة بين العلمين نظرا للتداخل والمزج الذي وقع بين‬
‫العلمين‪ ،‬والحال أن لكل علم أغراضه وأساليبه وإن كان األستاذ جمال العمراني قد أرجع هذا المزج الحاصل‬
‫‪).‬بين العلمين إلى ابن باجة تحديدا(‪2‬‬

‫إن تقرير الوضع الذي نشأت ضمنه إشكالية عالقة النحو بالمنطق‪ ،‬يفضي إلى النظر في حدود التقارب الذي‬
‫صار بين العلمين‪ ،‬وتبين مالمح التباعد األصلية التي لم تعد متجلية بفعل التركيز على عالمات التداخل‬
‫والتشابك عند القيام بعملية نقل المنطق اليوناني إلى الربوع العربية‪ ،‬ألن علم المنطق كان بحاجة آنذاك إلى‬
‫تأييد من أهل اللغة والفكر‪ ،‬حتى تتيسر عملية ترسيخه إلى جانب علم قام واكتمل هو علم النحو‪ .‬لذلك‪ ،‬تواترت‬
‫سجاالت التي دارت رحاها بين المناطقة والنحاة في العصر العباسي؛ وذلك لتتبع معالم هذا‬
‫المناظرات وال ٌ‬
‫التقارب بين العلمين والبحث في إمكانيٌة الحفاظ على التباين الذي يوجد بين منطق يوناني ونحو عربي أو‬
‫النظر في التكامل الذي قد يحصل بينهما‪ .‬وقد أشار الدكتور جيرار جيهامي إلى أن هذه المجاالت والمناظرات‬
‫صلب مسار تاريخ الفكر العربي وما يوازيه من تاريخ علوم النحو‪ ،‬وقد عكست لنا بنتائجها‬
‫"قد انخرطت في ُ‬
‫التفاعل المتبادل الذي حصل بين علوم اللغة والمنطق (‪ )...‬حيث طبعت حيزا أساسيٌا من المؤلفات الفلسفية‬
‫)والكالمية والفقهية‪3( .‬‬

‫فما الذي جعل العالقة بين النحو والمنطق مشكال؟ وماهي ضروب هذه العالقة التي تشد ٌ الواحد منهما إلى‬
‫اآلخر؟ هل "يتعاونان بالمناسبة" أم "يتفاوتان بالفرق"؟‬

‫إنه في ضوء هذا النحو من التساؤالت‪ ،‬سوف نحاول أن نقدم الخطوط األساسية لهذه الخصومة التي دارت‬
‫وتدور بين المناطقة والنحاة‪ ،‬غير أن ديدننا هنا ليس تقصي قيام هذه الخصومة بين األشخاص‪ ،‬وإنما تتبع‬
‫معالم عالقة النحو بالمنطق من جهة ما هي عالقة قد أربكت المناطقة كما أربكت النحاة؛ فالبحث في العالقة‬
‫هو بحث عن أنماط التقارب والتباعد ما بين العلمين‪ .‬لكن ماهي دواعي قيام هذا التناظر ما بين علم المنطق‬
‫وعلم النحو؟‬

‫لما انتهى أرسطو من تأسيس علم المنطق‪ ،‬لم يتخذ لهذا العلم رموزا كالرموز الرياضية أو الهندسية‪ ،‬ولكنه‬
‫صاغ القضايا المنطقية والمسائل المتعلقة بها في قوالب لغوية شبيهة بكالم الناس؛ أي في صورة ألفاظ‬
‫وأصوات كالتي يألفها الناس في أحاديثهم اليومية‪ ،‬ومن هنا نشأت عالقة اللغة بالمنطق‪" .‬لكن الحدود متشابكة‬
‫ومتداخلة؛ فهناك ناحية من المنطق تنطبق تمام االنطباق على ناحية اللغة كما أن هناك من المنطق ما ال ي ُم ْ‬
‫ت‬
‫)للغة بصلة في صورتها المألوفة الشائعة على األلسن بصلة ما"‪4( .‬‬

‫لذلك‪ ،‬فإن وجه الصعوبة هو هذا‪ :‬بأي معنى يكون لعلم المنطق نفس الموضوع الذي لعلم النحو (اللغة)؟؛ فقد‬
‫لبث المنطق يغزو ببحوثه بعض مناطق النحو كما ظل اللغوي يقتحم ببحوثه بعض مناطق المنطق؛ فالنحوي‬
‫والمنطقي يتنافسان على نفس الموضوع أال وهو اللغة‪ .‬وقد أرخ التوحيدي لهذه الخصومة بين المناطقة والنحاة‬
‫في كتابه اإلمتاع والمؤانسة(‪ ،)5‬حيث أورد المناظرة التي دارت بين أستاذه أبي سعيد السيرافي‪ ،‬أحد النحاة‬
‫المشهورين ومتى بن يونس المنطقي‪ ،‬في حضرة الوزير ابن الفرات‪ .‬وقد ظهر منها ميل أبي حيان لمسلك‬
‫النحاة غير أن رسالته في العلوم(‪ )6‬تؤكد تحيزه إلى جانب علم المنطق وتجعله في مرتبة أعلى من علم النحو‪،‬‬
‫إذ يقول‪" :‬فكل من تكامل حظه في اللغة وتوفر نصيبه من النحو‪ ،‬كان بالكالم أمهر وعلى تصريف المعاني‬
‫عوار المتكلمين ووقف على عادة‬
‫أقدر وازداد بصيرة في قيمة اإلنسان المفضل على جميع الحيوان‪ ،‬وعرف ُ‬
‫الفقهاء في أمر‪ ،‬فإن شدا بعد ذلك شيئا من المنطق‪ ،‬فقد سبق جميع الناظرين"(‪ )7‬وتشير هذه القولة أيضا إلى‬
‫نص‬
‫الترتيب التفاضلي بين اللغة والنحو والمنطق ويعلل التوحيدي تفوق علم المنطق على علم النحو بقوله في ٌ‬
‫الرسالة "النحو مقصور على تتبع كالم العرب في إعرابها ومعرفة أخطائها وصوابها واعتياد ما تواطأت‬
‫‪)".‬عليه وألفت استعماله(‪8‬‬

‫فإنه يكشف عن اقتناع التوحيدي بالعالقة الفاعلة التي تربط بين العلمين‪ ،‬وإن كان تعلقه المقابسات‪ ،‬أما نص‬
‫بالمنطق ال يزال ظاهرا وتظهر في هذا النص رؤية أبي حيان التكاملية‪ .‬لذلك‪ ،‬يحدد الصورة التي ينبغي أن‬
‫يكون عليها كل من المنطقي ومن النحوي‪ ،‬ويبين مدى خصوصية الرابطة بين النحو والمنطق‪ ،‬وهي اللغة‬
‫‪.‬العربية‬
‫اإلمتاع وإن كان نص المقابسات‪ ،‬إن قصدنا ينحصر في النظر في عالقة النحو بالمنطق‪ ،‬انطالقا من نص‬

‫قد تطرق لهذا الموضوع من جهة التأريخ للمناظرة التي دارت بين أبي سعيد السيرافي ومتى بن والمؤانسة‬
‫يونس‪ ،‬فإنه عالج عالقة النحو بالمنطق بما هي خصومة بين النحاة والمناطقة‪ .‬فلم تكن الظروف الحافة‬
‫بالمناظرة وبالمجلس عامة لصالح علم المنطق‪ ،‬بل لصالح علم النحو‪ ،‬غير أنه في الحقيقة كان لصالح علم‬
‫المنطق‪ ،‬وهو ما أثبته التاريخ‪ ،‬إذ استطاع الفارابي تجاوز هذا اإلشكال بأن وضع العالقات الممكنة بين علم‬
‫النحو وعلم المنطق في كتاب الحروف‪ ،‬وقد كان على بيٌنة من أن علم اللسان كان قد اكتمل قبل ظهور علم‬
‫‪).‬المنطق(‪9‬‬
‫لذلك رفض جالل العمراني رد النسق النحوي العربي إلى المنطق األرسطي‪ ،‬كما رفض رد اللغة العربية إلى‬
‫القرآن والشعر‪ ،‬وإن كان اعتزاز العرب بهذين المنبعين ظاهرا وجليا‪ ،‬وهو ال يدعو إلى إقامة عالقات الفصل‬
‫ما بين النحاة والمناطقة فقط‪ ،‬بل يتمثل األمر بالنسبة إليه في التفريق الجذري ما بين علم النحو وعلم المنطق‪،‬‬
‫عندما يفكر كل من النحوي ومن المنطقي على أرضية مشتركة‪ ،‬أال وهي اللغة العربية(‪ .)10‬فالمآزق التي‬
‫سيرافي ومتى بن يونس هي مآزق راجعة إلى عدم التمييز بين النحو والمنطق؛ فالسيرافي‬
‫وقع فيها كل من ال ٌ‬
‫ال يرى في المنطق سوى النحو‪ ،‬وبالتالي فهو نحو للغة قوم ما‪ ،‬وذلك راجع إلى كونه يخلط بين المنطق‬
‫اليوناني واللغة اليونانية‪ ،‬كما يخلط بين العقل والمنطق؛ فكال الطرفين عارف بمجاله وجاهل بالمجال اآلخر‪.‬‬
‫فما يميز نص المقابسات عن نص اإلمتاع والمؤانسة هو كون نص المقابسات يكشف عن الرؤية التكاملية ما‬
‫بين علم النحو وعلم المنطق‪ ،‬وهو ما توضحه المقابسة الثانية والعشرون‪ ،‬والتي يظهر أن أبا حيان قد كتبها‬
‫فيما بعد؛ ألنها توحي بمصالحة بين المناطقة والنحاة‪ ،‬إذ يقول‪" :‬النحو منطق عربي والمنطق نحو عقلي" كما‬
‫يرى أن النحو يساعد المنطق كما يعين المنطق النحو‪ ،‬وإذا اجتمع المنطق العقلي والمنطق الحسي فهو الغاية‬
‫والكمال‪ .‬أما النحو‪ ،‬فهو عند أبي سليمان نظر في كالم العرب يعود بتحصيل ما تألفه وتحيله وتأباه وتذهب‬
‫عنه وتستغني بغيره(‪ .)11‬ويتفق مفهوم أبي سليمان هذا مع مفهوم أبي حيان؛ فكالهما يرى أن النحو يجمع كل‬
‫ما يتعلق باللغة من جوانبها المختلفة الصوتية والصرفية والنحوية‪ ،‬كما يتضمن هذا التعريف إيضاحا لوظيفة‬
‫النحو الذي يتحكم في بناء الكالم وسالمته من األخطاء‪ .‬أما المنطق‪ ،‬فهو "آلة" يقع بها الفصل والتمييز بين ما‬
‫يقال هو حق أو باطل في ما يعتقد وبين ما يقال هو خير أو شر في ما يفعل وبين ما يقال هو صدق أو كذب في‬
‫ما يطلق باللسان وبين ما يقال هو حسن أو قبيح بالعقل(‪ ")12‬هذا في نص المقابسات‪ .‬أما نص الرسالة‪ ،‬فإنه‬
‫يعرف النحو بأنه "قصور على تتبع كالم العرب في إعرابها ومعرفة خطئها وصوابها واعتياد ما تواطأت‬
‫عليه وألفت استعماله"‪ )13(.‬أما المنطق "فهو اعتبار معاني الكالم في اعتدالها وانحرافها واختالفها وائتالفها‬
‫وإيهامها وإيضاحها وإغماضها وإفصاحها وتمييزها والتباسها وإطراحها وانعكاسها واستمرارها واستقرارها‬
‫وبه تُفصل الحجة من الشبهة وتنقي الشبهة عن الحجة‪ ،‬وتعرف حيلة المغالط ونصيحة المحقق‪ ،‬وهو آلة عند‬
‫أربابه كالميزان يزنون به كل مختلف فيه ومتفق عليه وليس فيه كفر وال جهل وال دين وال مذهب"(‪ )14‬وهذا‬
‫التعريف الذي يقدمه الفارابي في الفصل الثاني من إحصاء العلوم‪ ،‬إذ يقول‪" :‬فصناعة المنطق تعطي بالجملة‬
‫القوانين التي من شأنها أن تقوم العقل وتسدد اإلنسان نحو طريق الصواب ونحو الحق في كل ما يمكن أن‬
‫يغلط فيه من المعقوالت والقوانين التي تحفظه وتحوطه من الخطأ والزلل في المعقوالت والقوانين التي يمتحن‬
‫‪).‬بها في المعقوالت ما ليس يؤمن أن يكون قد غلط فيه غالط"(‪15‬‬

‫ونستطيع أن نتبين أوجه اتفاق تجمع بين المنطق والنحو‪ ،‬اقتنع بها أبو حيان فنقلها عن أستاذه أبي سليمان‪،‬‬
‫مقابساته‪ ،‬وتتمثل هذه األوجه أن كال من النحو والمنطق أداة تحقق السالمة من األخطاء كل وذكرها في‬
‫منهما في مجاله الخاص به‪ ،‬كما يشتركان في الوظيفة‪ ،‬فالنحو يرتب اللفظ لذلك "ينظر النحوي فيما حاله اللفظ‬
‫دون اإلخالل بالمعاني التي هي كالحقائق والجواهر" (المقابسة رقم ‪ )22‬والمنطق يرتب المعنى لذلك "ينظر‬
‫المنطقي فيما حاله العقل دون اإلخالل باأللفاظ التي هي كال ُحلل والمعارض" (م ‪ -‬عدد‪ ،)22‬ومن وظائفها‬
‫أيضا تحقيق المعنى فالنحو يحقق المعنى باللفظ والمنطق يحقق المعنى بالعقل‪ .‬غير أن النحو يرتب اللفظ ترتيبا‬
‫يؤدي إلى المعنى المعروف أو إلى العادة الجارية في حين أن "المنطق يرتب المعنى ترتيبا يؤدي إلى الحق‬
‫المعترف به من غير عادة سابقة" (م ‪ -‬عدد‪ ،)22‬وذلك عائد إلى كون دليل النحو هو دليل طباعي؛ فالنحو‬
‫شكل سمعي وإلى كون دليل المنطق دليل عقلي‪ ،‬فالمنطق شكل عقلي‪ ،‬فالبرهان المنطقي مأخوذ من العقل في‬
‫‪.‬حين أن شهادة النحو طباعية مأخوذة من عادات العرب أي من سنن المشافهة عند العرب‬
‫إن ذلك يؤدي إلى ربط علم النحو بالبديهة و"البديهة منوطة بالحس وإن كانت معانة من جهة العقل" (م ‪-‬‬
‫عدد‪ )22‬وربط علم المنطق بالروية و"الروية منوطة بالعقل وإن كانت معانة من جهة الحس" (م ‪ -‬عدد‪)22‬‬
‫لذلك يصف أبو سليمان النحو بكونه منطقا حسيا الرتباطه بالفكرة والطباع‪ ،‬ويصف المنطق بكونه نحوا عقليا‬
‫فيربط النحو بحد البالغة والخطابة‪ ،‬ويربط المنطق بحد اإلفهام والتفهم والواقع أن "حد البالغة والخطابة‬
‫‪).‬موصوف (م ‪ -‬عدد‪ 22‬ص ‪ )109‬في حين يكون "حد اإلفهام والتفهم معروف" (م ‪ -‬عدد‪ 22‬ص ‪109‬‬

‫لذلك‪ ،‬فإن النحو يصير علما "مقصورا" على أمة ما في حين يكون المنطق علما "مبسوطا"‪ ،‬وهو ما ذهب‬
‫إليه الفارابي أيضا لما قارن بين صناعة المنطق وصناعة النحو‪ ،‬إذ رأى أن "نسبة صناعة المنطق إلى العقل‬
‫والمعقوالت كنسبة صناعة النحو إلى اللسان واأللفاظ‪ ،‬فكل ما يعطيه علم النحو من قوانين في األلفاظ يُعطي‬
‫علم المنطق نظائرها في المعقوالت ويُفرق بينهما في أن قوانين المنطق عامة‪ ،‬ألنها قوانين عقلية ال تختلف‬
‫باختالف المكان والزمان واللغات‪ .‬أما قوانين النحو‪ ،‬فتخص لغة كل أمة (‪ )...‬فالمنطق يعطي القوانين في‬
‫القوانين جميعا‪ ،‬وهو يشارك النحو بعض المشاركة بما يعطي من قوانين األلفاظ ويفارقه في أن علم النحو‪،‬‬
‫تخص ألفاظ أمة ما‪ .‬وعلم المنطق إنما يعطي قوانين مشتركة تع ٌم ألفاظ األمم كلها‪ ،‬فإن‬
‫ٌ‬ ‫إنما يعطي قوانين‬
‫‪).‬لأللفاظ أحواال تشترك فيها أحوال كل األمم"(‪16‬‬

‫لذلك‪ ،‬فإن النحو يعتريه االختالف وذلك راجع إلى كون "النحو يتبع ما في طبائع العرب" (م ‪-‬عدد‪ 22‬ص‬
‫‪ )111‬والطبائع مختلفة متبدٌلة ومرتبطة باألهواء والوشائج‪ .‬لذلك‪" ،‬فقد يعتريه االختالف"‪ .‬أما المنطق‪،‬‬
‫فمستمر على االئتالف (م ‪ -‬عدد‪ 22‬ص ‪ )111‬وذلك راجع إلى كونه "يتبع ما في غرائز النفوس"(‪ )17‬أي أن‬
‫ٌ‬
‫المنطق هو قوة مركوزة في النفس؛ لذلك فهو يوزن بميزان العقل ألن "العقل أشدٌ انتظاما للمنطق"(‪ .)18‬أما‬
‫النحو‪ ،‬فهو كيل بصاع اللفظ(‪ )19‬أي أن النحو ميزانه ومعياره اللفظ؛ لذلك فهو أشد التحاما بالطبع(‪ )20‬إذ‬
‫يتبع ما في طبائع العرب‪ ،‬لذلك يقول أبو سليمان رادا على أسئلة التوحيدي ومتحدثا عن يحيى بن عدي أن‬
‫النحو والشعر واللغة ليست بعلم‪ ،‬والدليل على ذلك هو "أنك لو لقيت في البادية شيخا بدويا قحا محرما لم ير‬
‫حضريا قط وال جاور عجميا ولم يفارق رعية اإلبل وانتياب المناهل‪ ،‬وهو على عنجهيته التي ال يشق غباره‬
‫فيها أحد منا‪ ،‬وإن تكلف فقلت له‪ :‬هل عندك علم؟ فقال ال هذا وهو يسير المثل ويقرض الشعر ويسجع السجع‬
‫‪).‬البديع‪ ،‬ويأتي بما إذا سمعه واحد من الحاضرين وعاه واتخذه أدبا ورواه(‪21‬‬
‫وبما أن النحو أشدّ التصاقا بالطبع منه بالعقل قبل فيه الشاذ والنادر ُ‬
‫و"رد في المنطق ما جرى‬
‫مجراهما"(‪)22‬؛ لكن أال يمكن أن يكون مرتبطا بالعقل؟ بمعنى أال يمكن لإلنسان أن يكون منطقيا بالطبع‬
‫األول؟ يعتبر أبو سليمان أن اإلنسان منطقي بالطبع األول‪ ،‬ولكن "يذهب عن استنباط ما عنده باإلهمال "وذلك‬
‫راجع إلى كون "الحاجة إلى النحو أكثر من الحاجة إلى المنطق"(‪ )23‬ولكن ذلك ال يجعل أبا سليمان متأكدا‬
‫من كون النحو قوة أصلية في اإلنسان ففي نظره "ليس كل إنسان نحويٌا في األصل" وإن كان "النحو أول‬
‫‪).‬مباحث اإلنسان" و"المنطق آخر مطالبه"(‪24‬‬

‫إن أبا سليمان لشدة ربطه للمنطق بالطبع األول لإلنسان يكاد يجعله قريبا في معناه من اإللهام أو الوحي الذي‬
‫يرتكز في النفس لوجود القريحة؛ فالعرب في نظره وإن كانت أرضهم ذات جدب وقحط ‪ ...‬و"إن كانوا‬
‫أصحاب فقر" (‪ )...‬فقد زادتهم جزيرتهم سرا لكنهم عوضوا الفطنة العجيبة والبيان البديع والتصرف المفيد‬
‫واالقتدار الظاهر؛ ألن أجسامهم نُقيت من الفضول ووصلوا بحدة الذهن إلى كل معنى معقول وصار المنطق‬
‫الذي باينوا به غيرهم باالستخراج مركوزا في أنفسهم من غير داللة عليه بأسماء موضوعة وصفات متميزة‪،‬‬
‫‪).‬بل بشيء كاإللقاء والوحي لسرعة الذهن وجودة القريحة(‪25‬‬

‫إن ما يؤكد عليه التوحيدي في مناقشة ألبي سليمان للبحث في عالقة المنطق بالنحو وإدراك ما بينهما من‬
‫تشابه أو من تباين هو‪ :‬أوال؛ إدراك أن الفروق القائمة بين المنطق والنحو ال تلغي إمكانية وجود تعاون بينهما‪،‬‬
‫فهما يتكامالن و"يتعاونان بالمناسبة"(‪ ،)26‬وإن كانا يتفاوتان بالفرق "فالنحو يدخل المنطق لكن مزينا له‬
‫والمنطق يدخل النحو لكن محققا له"(‪ )27‬بمعنى أن النحو يُزين المنطق؛ ألنه ترتيب لأللفاظ والمنطق يُحقق‬
‫النحو‪ ،‬ألن المنطق ترتيب للمعاني واللفظ متى زال‪ ،‬فإن "المعنى بحاله ال يزول وال يحول"(‪ )28‬وإن كان‬
‫‪.‬زوال المعنى من شأنه أن يُغير المعقول ويرجع إلى غير ما هو عليه في األول‬

‫ثانيا‪ :‬تبيان أن النظر في المنطق قد يرمي بنا إلى النظر في النحو فـ "البحث عن النحو قد يرمي بنا إلى جانب‬
‫المنطق"(‪ )29‬وذلك راجع إلى التكامل الحاصل بينهما فعال‪ ،‬لذلك يختم التوحيدي المقابسة الرابعة والعشرين‬
‫بالتركيز على ضرورة أن يكون المنطقي نحويا وأن يكون النحوي منطقيا؛ إذ يقول أبو سعيد السيرافي مخاطبا‬
‫أبا حيان التوحيدي‪" :‬تابعت‪ ،‬حاطك هللا‪ ،‬بين هذه المقابسات الثالث‪ ،‬ألنها متواخية في بابها‪ ،‬أعني أنها في‬
‫حديث اللغة والنحو والمنطق والنظر‪ .‬وبهذا‪ ،‬تبين لك أن البحث عن المنطق قد يرمي بك إلى جانب النحو‪،‬‬
‫والبحث عن النحو قد يرمي بك إلى جانب المنطق‪ .‬ولوال أن الكمال غير مستطاع‪ .‬لكان يجب أن يكون‬
‫المنطقي نحوي‪ ،‬والنحوي منطقيا‪ ،‬خاصة واللغة عربية‪ ،‬والمنطق مترجم بها‪ ،‬ومفهوم عنها‪ ،‬والخلل على قدر‬
‫‪).‬ذلك قد دخل فيها بنقل بعد نقل‪ ،‬وشرح بعد شرح"(‪30‬‬

‫ينبغي إعادة النظر في عالقة المنطق بالنحو‪ ،‬بحسب الدور الذي قد يلعبه المنطق في بناء علم النحو‬

‫ثالثا‪ :‬ال ينبغي تفضيل المنطق على النحو أو وضع واحد منهما في مرتبة أو مقام أشرف من المقام الذي للعلم‬
‫اآلخر‪ ،‬فإذا كان المنطق راجع إلى الروية والنحو راجع إلى البديهة‪ ،‬فإن الروية والبديهة كالهما قوتان على‬
‫غاية من الشرف(‪ )31‬إذ يقول أبو سليمان‪" :‬والروية والبديهة تجريان من اإلنسان مجرى منامه ويقظته أو‬
‫حلمه وانتباهه‪ ،‬وغيبته وشهوته‪ ،‬وانبساطه وانقباضه‪ ،‬فال بد من هاتين الحالتين‪ ،‬ومتى ضعف فيهما فاته الحظ‬
‫المطلوب من الحياة‪ ،‬والثمرة الحلوة من السعي"(‪ )32‬لذلك "ال يوجد اإلنسان غاية في البديهة‪ ،‬غاية في‬
‫الروية‪ ،‬ألن إحدى القوتين‪ ،‬إذا استعملت قمعت األخرى‪ ،‬وحاجزتها عن بلوغ غايتها القصوى"(‪ )33‬غير أنه‬
‫ال بد من وجود القوتين معا‪ ،‬ألنه وجد فينا "شيء ال يبرز إال بالروية والفكر والتصفح والقياس وشيء‬
‫بالخاطر والبديهة واإللهام والوحي والفلتة"(‪)34‬؛ وذلك راجع إلى أن الروية تُحيل دائما على الجانب البشري‬
‫‪.‬في اإلنسان في حين أن البديهة تحيل دائما إلى الجانب اإللهي فيه‬

‫ينبغي إعادة النظر في عالقة المنطق بالنحو‪ ،‬بحسب الدور الذي قد يلعبه المنطق في بناء علم النحو؛ أي أن‬
‫تحديد هذه العالقة يحتاج إلى تعيين جهة النظر التي تحدد مقاما خاصا بكل علم في عالقته بالعلم اآلخر‪ ،‬فإما‬
‫أن يكون النحاة قد تأثروا فعال بمنطق أرسطو‪ ،‬وإما أنهم قد استفادوا منه دون أن يُعولوا عليه كثيرا‪ ،‬وإ ٌما ٌ‬
‫أن‬
‫كال العلمين مختلفين‪ ،‬وإن كانا "يتكامالن بالمناسبة"؛ بمعنى أن المنطق علم ال يمكن االستغناء عنه‪ ،‬وإن كان‬
‫الفرق بين العلمين ظاهرا جليا‪ ،‬وهو الموقف الذي يتبناه الفارابي(‪ .)35‬إن ذلك ال يُفضي إلى ضبط المواقف‬
‫التي تبناها الناظرون في أمور النحو والمنطق‪ ،‬فانطالقا من تباين وجهات النظر تباينت المواقف‪ ،‬وتعددت‬
‫اإلحداثيات التي ترغب في مسايرة نمو هذه اإلشكالية في الحضارة العربية تحديدا‪ ،‬ومن ذلك تأكيد الدكتور‬
‫إبراهيم مدكور على تأثر النحاة العرب بمنطق أرسطو‪ ،‬حيث يقول‪" :‬وقد أثر فيه المنطق األرسطي (يقصد‬
‫النحو) من جانبين‪ :‬أحدهما موضوعي واآلخر منهجي‪ ،‬فتأثر النحو العربي عن قرب أو عن بعد بما ورد على‬
‫لسان أرسطو في كتبه المنطقية من قواعد نحوية وأُريد بالقياس النحوي أن يُحدد ويُوضٌح على نحو ما ُحدد‬
‫القياس المنطقي (‪ )...‬فعُرف أرسطو المنطقي قبل أن يُعرف أرسطو الميتافيزيقي‪ ،‬وتُرجم األورغانون قبل أن‬
‫‪).‬يترجم كتاب الطبيعة أو كتاب الحيوان"(‪36‬‬
‫ال يكتفي بافتراض تأثر النحو بالمنطق اليوناني‪ ،‬بل ُيرجع كل نحو )‪ (A.Merx‬غير أن المستشرق أ‪ -‬مركس‬
‫وكل لغة إلى المنطق والفلسفة كما يرى أن أصل النحو العربي ليس النحو اإلغريقي أو المنطق الرواقي‪ ،‬وإنما‬
‫المنطق األرسطي تحديدا(‪ .)37‬وإن كان مركس قد دعم هذه النظرية بإحالته على جملة من المصطلحات‬
‫يرفض هذه النظرية‪ ،‬ويعتبرها مفتقرة )‪ (M.Carter‬والقواعد والبنى المشتركة بين العلمين(‪ ،)38‬فإن كارتر‬
‫إلى األدلة والمراجع الواضحة‪ ،‬إذ ال وجود لنصوص تاريخية تُبين هذا التأثر الواضح بين العلمين(‪ .)39‬كما‬
‫الموقف القائل بتأثير المنطق األرسطي في نحو سيبويه وتمسك أرنالديز )‪ (G.Troupeau‬رفض تروبو‬
‫بضرورة رد اللغة العربية إلى القرآن(‪ )40‬كما لو أن "موقف المدافع عن النحو ضد المنطق‪(Arnaldes) ،‬‬
‫هو موقف المدافع عن اإلسالم وعن الملة (‪ )...‬كل ذلك يجعل النحاة محترزين احترازا كبيرا أمام هذا الدخيل‬
‫‪).‬الذي كأنما هو يريد أن يؤسس لغة في لغة قائمة بين أهلها"(‪41‬‬

‫النظريات المتعلقة بدراسة عالقة علم النحو بعلم المنطق ُمترددة بين االدعاء بمزج أصول النحو العربي‬
‫بأصول المنطق اليوناني‪ ،‬وبين التحدث عن أصولية علم النحو‬

‫إن النظريات المتعلقة بدراسة عالقة علم النحو بعلم المنطق ُمترددة بين االدعاء بمزج أصول النحو العربي‬
‫بأصول المنطق اليوناني‪ ،‬وبين التحدث عن أصولية علم النحو؛ أي القول باستقالله عن علم المنطق‪ .‬لذلك‪،‬‬
‫يعتبر جيرار جيهامي أن كال الموقفين ال يفيان بالغرض في تحديد المالمح الحقيقية إلشكالية النحو والمنطق؛‬
‫وذلك راجع في نظره إلى "أن االدعاء بمزج أصول النحو العربي بأصول المنطق اليوناني بعيد عن محجة‬
‫الصواب نظرا إلى قيامه على تأويالت جزئية‪ ،‬وليس على نصوص وشواهد ثابتة‪ .‬كذلك الكالم على أصولية‬
‫النحو بشكل قاطع‪ ،‬إنما هو تجاهل لما حصل عند المتأخرين من تشابك وتفاعل بين العلوم اللسانية وتلك‬
‫‪).‬اإلنسانية"(‪42‬‬

‫متى تبينا ذلك‪ ،‬فإن انعطاف ال ُمساءلة يُفضي إلى تقرير وجود فروق بالطبيعة بين علم المنطق وعلم النحو‪ ،‬من‬
‫حيث إن الفرق هو فرق في الذهنية‪ ،‬لذلك ينبغي إدراك خصائص كل علم على حدة؛ فالعالقة بين المنطق‬
‫والنحو تحيل على اختالف في الذهنية‪ :‬الذهنية المنطقية اليونانية والذهنية النحوية العربية‪ .‬ذلك ما أكد عليه‬
‫نفسه ُمشيرا إلى أن هذه الثنائية نجدها أيضا داخل الذهنية العربية في )‪ (Jacques Longhade‬جاك لونﭭاد‬
‫حد ذاتها‪ ،‬إذ يتجاذبها فكر نحوي وآخر منطقي‪ ،‬لذلك اتضح لدى الفارابي في مقدمة كتاب األلفاظ المستعملة‬
‫في المنطق (الفقرات ‪ 2‬و‪ 3‬و‪ ،)7‬أن النحاة والمناطقة ال يفكرون بنفس الكيفية في المعطى المفهومي‪ ،‬وال‬
‫"يتكلمون نفس اللغة‪ ،‬وذلك راجع إلى كون المنطق هو لغة صناعية أحدثت ضمن لغة متداولة أو هو "ميتالغة‬
‫أما النحو‪ ،‬فينتج عن اللغة المشتركة والمتداولة عبر سنن المشافهة ويكون خاصا بأمة ما ‪(métalangue).‬‬
‫بعينها‪ ،‬لذلك فمهما كان وضع العالقة بين النحو والمنطق على درجة من االختالف‪ ،‬فهو ال ينفي إمكانية وجود‬
‫‪).‬تكامل بينهما‪ ،‬فال هما يتناقضان‪ ،‬وال هما يستغنيان عن بعضهما البعض(‪43‬‬

‫إذا كان جاك لونﭭاد قد تحدث عن فرق في الذهنية‪ :‬أي بين الذهنية المنطقية اليونانية والذهنية النحوية العربية‪،‬‬
‫فإن جيرار جيهامي يُشير إلى نفس الفكرة ُمؤكدا أن العقل العربي له خاصياته التي تميزه عن العقل اليوناني‬
‫وعن اللغة اليونانية‪ ،‬التي تتميز بالتجريد والنظر المعمم في حين تكون اللغة العربية لغة الشعر والخيال‪ ،‬إذ‬
‫يقول‪" :‬إنها اللغة الحسية التي قامت على أساس المعاينة بالحس والمشاهدة وليس على ما ورائهما من معان‬
‫مستشفة‪ ،‬فهي قليلة العمق في المقوالت العقلية (‪ )...‬فضعف التحليل والتعليل الذي عكسته اللغة العربية في‬
‫تركيباتها األولى يعود إلى طبيعة‪ ،‬فإذا تبصر مثال في أمر أو استكشف حاله ال يذهب إلى حد االستغراق‬
‫‪).‬الفكري‪ ،‬إنما يقف على مواطن خاصة أو جانبية استثارت إعجابه أو دغدغت مخيلته(‪44‬‬

‫نتبين إذن أن السؤال عن النحو والمنطق يُرجعنا إلى السؤال عن اللغة؛ فالمشاكل التي واجهت النحاة‬
‫والمناطقة راجعة إلى عدم تمييزهم بين المنطق اليوناني واللغة اليونانية‪ .‬كذلك‪ ،‬فإن األزمة التي تعالجها‬
‫مقابسات التوحيدي هي "أزمة في اللغة"‪ ،‬بمعنى أن اللغة في حد ذاتها تتجاذبها ثنائية المبنى والمعنى‪" ،‬فال‬
‫تعشق اللفظ دون المعنى وال تهو المعنى دون اللفظ"(‪ .)45‬غير أن الدكتور عبد السالم المسدي ال يكتفي‬
‫بحصر األزمة في اللغة فقط‪ ،‬بل يجعلها "أزمة فيما وراء اللغة"(‪ )46‬أساسا‪ ،‬بمعنى أن التوحيدي يضع نفسه‬
‫موضع "امتحان مع المجتمع" هو "امتحان المقبولية لديه"(‪ )47‬لذلك اعتمد على الطريقة الحوارية‪ ،‬ألن هذه‬
‫الطريقة تنشط عملية النقل كما تجعل المشاكل النظرية تنتظم وفق مناظرة فلسفية ترتقي بالمعطيات الفكرية‬
‫‪.‬عن الجزئيات أو المعطيات الموضوعية الحافة بالحوار‬

‫بيد أنه‪ ،‬وإن تعددت المناظرات التي عالجت إشكالية عالقة النحو بالمنطق‪ ،‬فإن الخصومة بين المناطقة‬
‫والنحاة لم تخفت‪ ،‬وذلك راجع إلى أن المدافعين عن النحو ضد المنطق‪ ،‬يصدرون عن خلفيات إيديولوجية‬
‫وعقدية أساسا(‪ .)48‬لذلك‪ ،‬فإن استئناف النظر في هذه المسألة‪ ،‬مدعو إلى استيعاب المضاعفات التي أدت إلى‬
‫انتشار النصوص المتعلقة بهذه المسألة‪ ،‬والتصدي لكل محاولة في طمس التفاعل الذي حصل بين علم النحو‬
‫وعلم المنطق‪ ،‬بتحويل المنطق إلى محور للصراعات النظرية العقيمة‪ ،‬على أال يتم اقتالعه من أرضه التي‬
‫‪).‬نبت ترعرع فيها(‪49‬‬

‫بيبليوغرافيا نقدية‬
‫‪● A.ELAMRANI Jamel, logique aristotélicienne et grammaire arabe (Etudes et‬‬
‫‪documents) J.Vrin, 1983.‬‬
‫‪● A.ELAMRANI Jamel, «Grammaire et Logique d’après le philosophe arabe‬‬
‫‪chrétien Yahya Ibn AdI», (280-64 H / 893-971) in ARABICA, Revue d’Etude‬‬
‫‪Arabe (fondé par E.Lévi, provençal), E.J.Brill, Editeurs, Leiden, 1982.‬‬
‫‪‬‬‫‪Langhade Jacques, Du coran à la philosophie, la langue arabe et la‬‬
‫‪formation du vocabulaire philosophique de Farabi, (préface de Jean Jolivet,‬‬
‫‪Damas, 1994, (Troisième partie).‬‬
‫‪● Langhade Jaques, «Mentalité grammairienne et mentalité logicienne au IVème‬‬
‫‪siècle», in Journal de Linguistique Arabe, N°15, 1985, (pp104-117).‬‬

‫‪‬‬ ‫‪.‬ابن باجة‪ ،‬التعاليق المنطقية‪ ،‬تحقيق وتقديم ماجد فخري‪ ،‬دار المشرق‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪1994 ،1‬‬

‫‪‬‬ ‫بن ساسي محمد‪" ،‬النحو العربي والمنطق الفلسفي"‪ ،‬مالحظات حول بعض المناظرات في العصر الوسيط‪،‬‬
‫‪).‬المجلة التونسية للدراسات الفلسفية‪ ،‬عدد ‪ ،31/30‬السنة ‪( ،17‬ص ص ‪27-15‬‬
‫‪‬‬ ‫جيرار جيهامي‪ ،‬اإلشكالية اللغوية في الفلسفة العربية‪ ،‬دار المشرق بيروت‪ ،‬ط‪1992 ،2‬‬

‫‪‬‬ ‫التوحيدي (أبو حيان)‪ ،‬المقابسات‪ ،‬تحقيق وتقديم محمد توفيق حسن‪ ،‬دار اآلداب‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪1989 ،2‬‬

‫‪‬‬ ‫التوحيدي (أبو حيان)‪ ،‬اإلمتاع والمؤانسة‪ ،‬تصحيح وضبط أحمد أمين وأحمد الزين‪ ،‬المكتبة العصرية‪،‬‬
‫‪.‬بيروت‪ ،‬صيدا‬
‫‪‬‬ ‫‪.‬التوحيدي (أبو حيان)‪ ،‬رسالة في العلوم‪ ،‬منشورات مكتبة الثقافة الدينية‪ ،‬بور سعيد‪ ،‬الظاهر‬

‫‪‬‬ ‫‪.‬الفارابي (أبو نصر)‪ ،‬إحصاء العلوم‪ ،‬تحقيق وتقديم الدكتور عثمان أمين‪ ،‬دار الفكر العربي‪ ،‬مصر‪1949 ،‬‬

‫‪‬‬ ‫‪.‬الفارابي (أبو نصر)‪ ،‬كتاب الحروف‪ ،‬تحقيق وتقديم محسن مهدي دار المشرق‪ ،‬بيروت‪1990 ،‬‬
‫‪‬‬ ‫الفارابي (أبو نصر)‪ ،‬كتاب األلفاظ المستعملة في المنطق‪ ،‬تحقيق وتقديم محسن مهدي‪ ،‬ط‪ ،2‬دار المشرق‪،‬‬
‫‪.‬بيروت‪1991 ،‬‬

‫‪‬‬ ‫المسدي (عبد السالم)‪" ،‬التوحيدي وسؤال اللغة"‪ ،‬فصول‪ ،‬م ‪ ،14‬عدد‪ ،3‬خريف ‪( ،1995‬ص ص ‪- 126‬‬
‫‪157).‬‬
‫‪‬‬ ‫السائح (أحمد عبد الرحيم)‪" ،‬العالقة بين اللغة والمنطق عند الفارابي"‪ ،‬الباحث‪ ،‬عدد ‪ ،16‬بيروت‪ ،‬مارس‪-‬‬
‫‪.‬أفريل ‪1981‬‬

‫‪‬‬ ‫نصر الدين (صالح سيد)‪" ،‬الرؤية اللغوية عند أبي حيان التوحيدي"‪ ،‬فصول‪ ،‬م ‪ ،15‬عدد‪ ،1‬الجزء ‪ ،3‬ربيع‬
‫‪( ،1996).‬ص ص ‪221-205‬‬
‫كتاب الحروف‪ ،‬تحقيق وتقديم محسن مهدي‪ ،‬ط‪ ،2‬دار المشرق‪ ،‬بيروت‪ ،1991 ،‬المقدمة‪ ،‬انظر الفارابي‪(1) ،‬‬
‫)(ص ص ‪47- 44‬‬
‫‪ (Logique aristotélicienne et Grammaire arabe, J.Vrin,‬ذكره جمال العمراني في كتابه )‪(2‬‬
‫كتابه اإلشكالية اللغوية في الفلسفة العربية‪ ،‬دار المشرق ذكره الدكتور جيرار جيهامي في )‪1983, p181‬‬
‫بيروت‪ ،‬ط‪ ،1992 ،2‬ص ‪137‬‬
‫اإلشكالية اللغوية في الفلسفة العربية‪ ،‬الفصل الثالث‪ ،‬ص ‪ 129‬جيرار جيهامي‪(3) ،‬‬
‫عدد ‪ ،16‬بيروت‪ ،‬مارس – الباحث ‪"،‬أحمد عبد الرحيم السايح‪" ،‬العالقة بين اللغة والمنطق عند الفارابي )‪(4‬‬
‫أبريل ‪ ،1981‬ص ‪72‬‬
‫‪.‬اإلمتاع والمؤانسة انظر "الليلة الثامنة" من كتاب )‪(5‬‬
‫‪.‬انظر التوحيدي‪" ،‬رسالة في العلوم"‪ ،‬ضمن "في الصداقة والصديق"‪ ،‬قسطنطينة‪(6) 1301 ،‬‬

‫‪).‬ص ص ‪ (24 – 23‬رسالة في العلوم )‪(7‬‬


‫‪).‬ص ‪ (203‬رسالة في العلوم )‪(8‬‬
‫راجع مقال محمد بن ساسي‪" ،‬النحو العربي والمنطق الفلسفي‪ ،‬مالحظات حول بعض المناظرات في )‪(9‬‬
‫عدد ‪ ،31-30‬السنة السابعة عشر‪( ،‬ص‪ ← 15‬ص المجلة التونسية للدراسات الفلسفية ‪"،‬العصر الوسيط‬
‫)‪27‬‬
‫‪ «Mentalité grammairienne et mentalité logicienne au IV‬ذكره جاك لونﭭاد في )‪(10‬‬
‫‪siècle», ZeitArab, linguistik, N°15, 1985 (p104).‬‬
‫مقابسة عدد ‪ ،22‬ص ‪(11) 110‬‬
‫مقابسة عدد ‪ ،22‬ص ‪(12) 110‬‬

‫رسالة في العلوم‪ ،‬ص ‪(13) 203‬‬


‫رسالة في العلوم‪ ،‬ص ‪(14) 203‬‬
‫)إحصاء العلوم‪ ،‬الفصل الثاني (ص ‪ 53‬الفارابي‪(15) ،‬‬
‫عدد ‪ ،16‬مجلة الباحث ‪" -‬ذكره أحمد عبد الكريم السايح‪" ،‬العالقة بين اللغة والمنطق عند الفارابي )‪(16‬‬
‫مارس‪ -‬أفريل ‪ - 1981‬بيروت‪ ،‬ص ‪82‬‬
‫‪.‬المصدر نفسه )‪(17‬‬

‫‪.‬المصدر نفسه )‪(18‬‬

‫‪.‬المصدر نفسه )‪(19‬‬

‫‪.‬المصدر نفسه )‪(20‬‬

‫المقابسة عدد ‪ ،48‬ص ص ‪(21) 171-170‬‬

‫)المقابسة عدد ‪( 22‬ص ‪(22) 111‬‬

‫‪.‬المصدر نفسه )‪(23‬‬

‫‪.‬المصدر نفسه )‪(24‬‬

‫)المقابسة عدد ‪( - 65‬ص ص ‪(25) 222-221‬‬

‫)المقابسة عدد ‪( - 22‬ص ‪(26) 108‬‬

‫)المقابسة عدد ‪( - 22‬ص ‪(27) 111‬‬

‫‪.‬المصدر نفسه )‪(28‬‬

‫)المقابسة عدد ‪( 24‬ص ‪(29) 117‬‬

‫)المقابسة عدد ‪( 24‬ص ‪(30) 116‬‬


‫)المقابسة عدد ‪( 55‬ص ‪(31) 189‬‬

‫)المقابسة عدد ‪( 55‬ص ‪(32) 189‬‬

‫)المقابسة عدد ‪( 55‬ص ‪(33) 189‬‬

‫)المقابسة عدد ‪( 55‬ص ‪(34) 189‬‬

‫يقول أحمد عبد الرحيم السائح‪" :‬إن القائلين باالستغناء عن المنطق اعتمادا على كثرة استعمال األقاويل )‪(35‬‬
‫الجدلية واضح‪ ،‬ألن أولئك يزعمون االستغناء عنه ببديل صناعي‪ ،‬وهؤالء يزعمون االستغناء عنه ببديل‬
‫فطري‪ .‬وحجة هؤالء أن هللا أودع في فطر بعض الناس صفاء العقل وجودة الذهن ونضج القريحة‪ ،‬حيث ال‬
‫يخطئون الحق أصال دون تعلم لقوانين المنطق وال يملك الفارابي ردا على هؤالء سوى ما ذكره من أن شأن‬
‫هؤالء كشأن من يزعم االستغناء عن النحو اعتمادا على سالمة الفطرة من غير احتياج إلى قوانين النحو"‪،‬‬
‫)المصدر نفسه‪( ،‬ص ‪81‬‬

‫‪).‬ذكره‪ ،‬أحمد عبد الكريم السائح‪ ،‬المصدر نفسه‪( ،‬ص ‪(36) 73 ،72 ،71‬‬

‫ذكره‪ ،‬جمال العمراني‪" ،‬المنطق األرسطي والنحو العربي"‪( ،‬ص ‪ ،)23‬وذكره جيرار جيهامي )‪(37‬‬
‫)ص ‪(124‬اإلشكالية اللغوية في الفلسفة العربية‪ ،‬في‬
‫يقول جيرار جيهامي‪" :‬كرس مركس نظريته هذه بداللته على مجموعة من المصطلحات والقواعد )‪(38‬‬
‫أن تقسيم أولها المشتركة بين أصول المنطق األرسطي وأصول النحو العربي الذي تفرع مذاهب ومدارس؛‬
‫سيبويه لعناصر اللغة إلى اسم وفعل وحرف شبيه إلى حد بعيد بتصريف األسماء واألفعال والحاالت عند‬
‫أن أرسطو لم يعرف الموضوع نحويا‪ ،‬إنما الصفة أو المقولة المحمول كذلك العرب الذين ثانيها أرسطو‪،‬‬
‫إن فكرة "الجنس" لم ترد أصال عند اليونانيين وانعكست عند العرب في ثالثها ‪"،‬استبدلوها بموضوع "الخبر‬
‫والجر‪،‬‬
‫ٌ‬ ‫إن تقاربا معنويا جرى بين رابعها تصريف األسماء واألفعال وتشكيلها في حاالت الرفع والنصب‬
‫األلفاظ العربية وتلك اليونانية كمثل لفظ "الظرف" الزماني والمكاني الذي انبثق عن معنى "الوعاء اليوناني"‪،‬‬
‫‪).‬المصدر نفسه‪( ،‬ص ‪125 ،124‬‬
‫عن القائلين بتأثر النحو العربي بالمنطق )‪ (M/Carter‬يقول جيرار جيهامي متحدثا عن موقف كارتر )‪(39‬‬
‫األرسطي‪" :‬رفض كارتر هذه النظرية منطلقا من افتقارنا إلى مراجع ونصوص تبين تاريخيا وواقعيا تأثر‬
‫القوى العربية بالمنطق اليوناني (‪ )...‬فال دالئل كافية تقوي موقف الداعين هؤالء إلى تبين آثار المنطق‬
‫اليوناني في صلب بنية النحو العربي (‪ )...‬فسيبويه بعيد كل البعد عن اللغويين اليونانيين وقصده البصرة كان‬
‫لتعلم الحديث والفقه ال المنطق‪ ،‬فهو ال يهتم بمعاني الكلمات وأبعادها الفكرية قدر اهتمامه بدورها ومكانتها‬
‫واستعمالها الصحيح‪ ،‬وذلك ألسباب لغوية صرفة‪ .‬أما طرق بحثه في النحو‪ ،‬فكانت فقهية المصدر‪ ،‬انطالقا من‬
‫استعماله نهج التماثل أو التشابه الواردين في مفهوم "القياس الفقهي" الذي ُ‬
‫طبق ُمقربا الفرع من األصل (‪)...‬‬
‫وينهي كارتر دراسته بإصراره على طغيان المنحى الفقهي – القياسي على قواعد سيبويه وباستبعاده النظر‬
‫‪).‬إليها من زاوية منطقية يونانية‪ ،‬المصدر نفسه‪( ،‬ص ص ‪126 -125‬‬

‫‪(40) A.El Amrani Jamel, Logique aristotélicienne et grammaire arabe (Etude et‬‬
‫)‪documents), J.Vrin, 1983 (pp 23, 25‬‬
‫‪).‬محمد بن ساسي‪ ،‬المصدر نفسه‪( ،‬ص ‪(41) 19‬‬

‫جيرار جيهامي‪ ،‬المصدر نفسه‪ ،‬ص ‪ .126‬يمكن االطالع على الوقائع التي يذكرها جيرار جيهامي‪(42) ،‬‬
‫‪).‬والتي تكشف عن النشأة المزدوجة التي لعلم النحو وتؤكد تقلباته المتعددة‪( .‬ص ص ‪127-126‬‬

‫‪(43) Langhade Jaques, «Mentalité grammairienne et mentalité logicienne au IVème‬‬


‫‪siècle», ZeitArab, Linguistik, N°15, 1985 (pp 105-106).‬‬
‫جيرار جيهامي‪ ،‬المصدر نفسه‪ ،‬ص ‪(44) 30‬‬

‫عدد ‪ ،3‬خريف ‪ ،1995‬ص ص ‪ -147‬فصول ‪"،‬ذكره‪ ،‬عبد السالم المسدي‪" ،‬التوحيدي وسؤال اللغة )‪(45‬‬
‫‪148‬‬
‫المصدر نفسه‪ ،‬ص ‪(46) 132‬‬

‫‪.‬المصدر نفسه )‪(47‬‬

‫يقول محمد بن ساسي‪" :‬إن المسألة لم تبق في حدود الخصومة النظرية بل تجاوزتها إلى الخلفيات )‪(48‬‬
‫العقدية بل إن علماء اللغة التحموا مع الفقهاء والمتكلمين ليصفوا الفالسفة والمناطقة أقطاب المدرسة البغدادية‬
‫خاصة بالزندقة ‪" -‬من تمنطق فقد تزندق" ‪ -‬المصدر نفسه‪ ،‬ص ‪26‬‬

‫‪.‬لذلك ما قام به كل من ابن باجة وابن رشد نظرا القتناعهم بأن المنطق هو منطق الفلسفة )‪(49‬‬

You might also like