Professional Documents
Culture Documents
إن تقرير الوضع الذي نشأت ضمنه إشكالية عالقة النحو بالمنطق ،يفضي إلى النظر في حدود التقارب الذي
صار بين العلمين
إن تقرير الوضع الذي نشأت ضمنه إشكالية عالقة النحو بالمنطق ،يفضي إلى النظر في حدود التقارب الذي
صار بين العلمين ،وتبين مالمح التباعد األصلية التي لم تعد متجلية بفعل التركيز على عالمات التداخل
والتشابك عند القيام بعملية نقل المنطق اليوناني إلى الربوع العربية ،ألن علم المنطق كان بحاجة آنذاك إلى
تأييد من أهل اللغة والفكر ،حتى تتيسر عملية ترسيخه إلى جانب علم قام واكتمل هو علم النحو .لذلك ،تواترت
سجاالت التي دارت رحاها بين المناطقة والنحاة في العصر العباسي؛ وذلك لتتبع معالم هذا
المناظرات وال ٌ
التقارب بين العلمين والبحث في إمكانيٌة الحفاظ على التباين الذي يوجد بين منطق يوناني ونحو عربي أو
النظر في التكامل الذي قد يحصل بينهما .وقد أشار الدكتور جيرار جيهامي إلى أن هذه المجاالت والمناظرات
صلب مسار تاريخ الفكر العربي وما يوازيه من تاريخ علوم النحو ،وقد عكست لنا بنتائجها
"قد انخرطت في ُ
التفاعل المتبادل الذي حصل بين علوم اللغة والمنطق ( )...حيث طبعت حيزا أساسيٌا من المؤلفات الفلسفية
)والكالمية والفقهية3( .
فما الذي جعل العالقة بين النحو والمنطق مشكال؟ وماهي ضروب هذه العالقة التي تشد ٌ الواحد منهما إلى
اآلخر؟ هل "يتعاونان بالمناسبة" أم "يتفاوتان بالفرق"؟
إنه في ضوء هذا النحو من التساؤالت ،سوف نحاول أن نقدم الخطوط األساسية لهذه الخصومة التي دارت
وتدور بين المناطقة والنحاة ،غير أن ديدننا هنا ليس تقصي قيام هذه الخصومة بين األشخاص ،وإنما تتبع
معالم عالقة النحو بالمنطق من جهة ما هي عالقة قد أربكت المناطقة كما أربكت النحاة؛ فالبحث في العالقة
هو بحث عن أنماط التقارب والتباعد ما بين العلمين .لكن ماهي دواعي قيام هذا التناظر ما بين علم المنطق
وعلم النحو؟
لما انتهى أرسطو من تأسيس علم المنطق ،لم يتخذ لهذا العلم رموزا كالرموز الرياضية أو الهندسية ،ولكنه
صاغ القضايا المنطقية والمسائل المتعلقة بها في قوالب لغوية شبيهة بكالم الناس؛ أي في صورة ألفاظ
وأصوات كالتي يألفها الناس في أحاديثهم اليومية ،ومن هنا نشأت عالقة اللغة بالمنطق" .لكن الحدود متشابكة
ومتداخلة؛ فهناك ناحية من المنطق تنطبق تمام االنطباق على ناحية اللغة كما أن هناك من المنطق ما ال ي ُم ْ
ت
)للغة بصلة في صورتها المألوفة الشائعة على األلسن بصلة ما"4( .
لذلك ،فإن وجه الصعوبة هو هذا :بأي معنى يكون لعلم المنطق نفس الموضوع الذي لعلم النحو (اللغة)؟؛ فقد
لبث المنطق يغزو ببحوثه بعض مناطق النحو كما ظل اللغوي يقتحم ببحوثه بعض مناطق المنطق؛ فالنحوي
والمنطقي يتنافسان على نفس الموضوع أال وهو اللغة .وقد أرخ التوحيدي لهذه الخصومة بين المناطقة والنحاة
في كتابه اإلمتاع والمؤانسة( ،)5حيث أورد المناظرة التي دارت بين أستاذه أبي سعيد السيرافي ،أحد النحاة
المشهورين ومتى بن يونس المنطقي ،في حضرة الوزير ابن الفرات .وقد ظهر منها ميل أبي حيان لمسلك
النحاة غير أن رسالته في العلوم( )6تؤكد تحيزه إلى جانب علم المنطق وتجعله في مرتبة أعلى من علم النحو،
إذ يقول" :فكل من تكامل حظه في اللغة وتوفر نصيبه من النحو ،كان بالكالم أمهر وعلى تصريف المعاني
عوار المتكلمين ووقف على عادة
أقدر وازداد بصيرة في قيمة اإلنسان المفضل على جميع الحيوان ،وعرف ُ
الفقهاء في أمر ،فإن شدا بعد ذلك شيئا من المنطق ،فقد سبق جميع الناظرين"( )7وتشير هذه القولة أيضا إلى
نص
الترتيب التفاضلي بين اللغة والنحو والمنطق ويعلل التوحيدي تفوق علم المنطق على علم النحو بقوله في ٌ
الرسالة "النحو مقصور على تتبع كالم العرب في إعرابها ومعرفة أخطائها وصوابها واعتياد ما تواطأت
)".عليه وألفت استعماله(8
فإنه يكشف عن اقتناع التوحيدي بالعالقة الفاعلة التي تربط بين العلمين ،وإن كان تعلقه المقابسات ،أما نص
بالمنطق ال يزال ظاهرا وتظهر في هذا النص رؤية أبي حيان التكاملية .لذلك ،يحدد الصورة التي ينبغي أن
يكون عليها كل من المنطقي ومن النحوي ،ويبين مدى خصوصية الرابطة بين النحو والمنطق ،وهي اللغة
.العربية
اإلمتاع وإن كان نص المقابسات ،إن قصدنا ينحصر في النظر في عالقة النحو بالمنطق ،انطالقا من نص
قد تطرق لهذا الموضوع من جهة التأريخ للمناظرة التي دارت بين أبي سعيد السيرافي ومتى بن والمؤانسة
يونس ،فإنه عالج عالقة النحو بالمنطق بما هي خصومة بين النحاة والمناطقة .فلم تكن الظروف الحافة
بالمناظرة وبالمجلس عامة لصالح علم المنطق ،بل لصالح علم النحو ،غير أنه في الحقيقة كان لصالح علم
المنطق ،وهو ما أثبته التاريخ ،إذ استطاع الفارابي تجاوز هذا اإلشكال بأن وضع العالقات الممكنة بين علم
النحو وعلم المنطق في كتاب الحروف ،وقد كان على بيٌنة من أن علم اللسان كان قد اكتمل قبل ظهور علم
).المنطق(9
لذلك رفض جالل العمراني رد النسق النحوي العربي إلى المنطق األرسطي ،كما رفض رد اللغة العربية إلى
القرآن والشعر ،وإن كان اعتزاز العرب بهذين المنبعين ظاهرا وجليا ،وهو ال يدعو إلى إقامة عالقات الفصل
ما بين النحاة والمناطقة فقط ،بل يتمثل األمر بالنسبة إليه في التفريق الجذري ما بين علم النحو وعلم المنطق،
عندما يفكر كل من النحوي ومن المنطقي على أرضية مشتركة ،أال وهي اللغة العربية( .)10فالمآزق التي
سيرافي ومتى بن يونس هي مآزق راجعة إلى عدم التمييز بين النحو والمنطق؛ فالسيرافي
وقع فيها كل من ال ٌ
ال يرى في المنطق سوى النحو ،وبالتالي فهو نحو للغة قوم ما ،وذلك راجع إلى كونه يخلط بين المنطق
اليوناني واللغة اليونانية ،كما يخلط بين العقل والمنطق؛ فكال الطرفين عارف بمجاله وجاهل بالمجال اآلخر.
فما يميز نص المقابسات عن نص اإلمتاع والمؤانسة هو كون نص المقابسات يكشف عن الرؤية التكاملية ما
بين علم النحو وعلم المنطق ،وهو ما توضحه المقابسة الثانية والعشرون ،والتي يظهر أن أبا حيان قد كتبها
فيما بعد؛ ألنها توحي بمصالحة بين المناطقة والنحاة ،إذ يقول" :النحو منطق عربي والمنطق نحو عقلي" كما
يرى أن النحو يساعد المنطق كما يعين المنطق النحو ،وإذا اجتمع المنطق العقلي والمنطق الحسي فهو الغاية
والكمال .أما النحو ،فهو عند أبي سليمان نظر في كالم العرب يعود بتحصيل ما تألفه وتحيله وتأباه وتذهب
عنه وتستغني بغيره( .)11ويتفق مفهوم أبي سليمان هذا مع مفهوم أبي حيان؛ فكالهما يرى أن النحو يجمع كل
ما يتعلق باللغة من جوانبها المختلفة الصوتية والصرفية والنحوية ،كما يتضمن هذا التعريف إيضاحا لوظيفة
النحو الذي يتحكم في بناء الكالم وسالمته من األخطاء .أما المنطق ،فهو "آلة" يقع بها الفصل والتمييز بين ما
يقال هو حق أو باطل في ما يعتقد وبين ما يقال هو خير أو شر في ما يفعل وبين ما يقال هو صدق أو كذب في
ما يطلق باللسان وبين ما يقال هو حسن أو قبيح بالعقل( ")12هذا في نص المقابسات .أما نص الرسالة ،فإنه
يعرف النحو بأنه "قصور على تتبع كالم العرب في إعرابها ومعرفة خطئها وصوابها واعتياد ما تواطأت
عليه وألفت استعماله" )13(.أما المنطق "فهو اعتبار معاني الكالم في اعتدالها وانحرافها واختالفها وائتالفها
وإيهامها وإيضاحها وإغماضها وإفصاحها وتمييزها والتباسها وإطراحها وانعكاسها واستمرارها واستقرارها
وبه تُفصل الحجة من الشبهة وتنقي الشبهة عن الحجة ،وتعرف حيلة المغالط ونصيحة المحقق ،وهو آلة عند
أربابه كالميزان يزنون به كل مختلف فيه ومتفق عليه وليس فيه كفر وال جهل وال دين وال مذهب"( )14وهذا
التعريف الذي يقدمه الفارابي في الفصل الثاني من إحصاء العلوم ،إذ يقول" :فصناعة المنطق تعطي بالجملة
القوانين التي من شأنها أن تقوم العقل وتسدد اإلنسان نحو طريق الصواب ونحو الحق في كل ما يمكن أن
يغلط فيه من المعقوالت والقوانين التي تحفظه وتحوطه من الخطأ والزلل في المعقوالت والقوانين التي يمتحن
).بها في المعقوالت ما ليس يؤمن أن يكون قد غلط فيه غالط"(15
ونستطيع أن نتبين أوجه اتفاق تجمع بين المنطق والنحو ،اقتنع بها أبو حيان فنقلها عن أستاذه أبي سليمان،
مقابساته ،وتتمثل هذه األوجه أن كال من النحو والمنطق أداة تحقق السالمة من األخطاء كل وذكرها في
منهما في مجاله الخاص به ،كما يشتركان في الوظيفة ،فالنحو يرتب اللفظ لذلك "ينظر النحوي فيما حاله اللفظ
دون اإلخالل بالمعاني التي هي كالحقائق والجواهر" (المقابسة رقم )22والمنطق يرتب المعنى لذلك "ينظر
المنطقي فيما حاله العقل دون اإلخالل باأللفاظ التي هي كال ُحلل والمعارض" (م -عدد ،)22ومن وظائفها
أيضا تحقيق المعنى فالنحو يحقق المعنى باللفظ والمنطق يحقق المعنى بالعقل .غير أن النحو يرتب اللفظ ترتيبا
يؤدي إلى المعنى المعروف أو إلى العادة الجارية في حين أن "المنطق يرتب المعنى ترتيبا يؤدي إلى الحق
المعترف به من غير عادة سابقة" (م -عدد ،)22وذلك عائد إلى كون دليل النحو هو دليل طباعي؛ فالنحو
شكل سمعي وإلى كون دليل المنطق دليل عقلي ،فالمنطق شكل عقلي ،فالبرهان المنطقي مأخوذ من العقل في
.حين أن شهادة النحو طباعية مأخوذة من عادات العرب أي من سنن المشافهة عند العرب
إن ذلك يؤدي إلى ربط علم النحو بالبديهة و"البديهة منوطة بالحس وإن كانت معانة من جهة العقل" (م -
عدد )22وربط علم المنطق بالروية و"الروية منوطة بالعقل وإن كانت معانة من جهة الحس" (م -عدد)22
لذلك يصف أبو سليمان النحو بكونه منطقا حسيا الرتباطه بالفكرة والطباع ،ويصف المنطق بكونه نحوا عقليا
فيربط النحو بحد البالغة والخطابة ،ويربط المنطق بحد اإلفهام والتفهم والواقع أن "حد البالغة والخطابة
).موصوف (م -عدد 22ص )109في حين يكون "حد اإلفهام والتفهم معروف" (م -عدد 22ص 109
لذلك ،فإن النحو يصير علما "مقصورا" على أمة ما في حين يكون المنطق علما "مبسوطا" ،وهو ما ذهب
إليه الفارابي أيضا لما قارن بين صناعة المنطق وصناعة النحو ،إذ رأى أن "نسبة صناعة المنطق إلى العقل
والمعقوالت كنسبة صناعة النحو إلى اللسان واأللفاظ ،فكل ما يعطيه علم النحو من قوانين في األلفاظ يُعطي
علم المنطق نظائرها في المعقوالت ويُفرق بينهما في أن قوانين المنطق عامة ،ألنها قوانين عقلية ال تختلف
باختالف المكان والزمان واللغات .أما قوانين النحو ،فتخص لغة كل أمة ( )...فالمنطق يعطي القوانين في
القوانين جميعا ،وهو يشارك النحو بعض المشاركة بما يعطي من قوانين األلفاظ ويفارقه في أن علم النحو،
تخص ألفاظ أمة ما .وعلم المنطق إنما يعطي قوانين مشتركة تع ٌم ألفاظ األمم كلها ،فإن
ٌ إنما يعطي قوانين
).لأللفاظ أحواال تشترك فيها أحوال كل األمم"(16
لذلك ،فإن النحو يعتريه االختالف وذلك راجع إلى كون "النحو يتبع ما في طبائع العرب" (م -عدد 22ص
)111والطبائع مختلفة متبدٌلة ومرتبطة باألهواء والوشائج .لذلك" ،فقد يعتريه االختالف" .أما المنطق،
فمستمر على االئتالف (م -عدد 22ص )111وذلك راجع إلى كونه "يتبع ما في غرائز النفوس"( )17أي أن
ٌ
المنطق هو قوة مركوزة في النفس؛ لذلك فهو يوزن بميزان العقل ألن "العقل أشدٌ انتظاما للمنطق"( .)18أما
النحو ،فهو كيل بصاع اللفظ( )19أي أن النحو ميزانه ومعياره اللفظ؛ لذلك فهو أشد التحاما بالطبع( )20إذ
يتبع ما في طبائع العرب ،لذلك يقول أبو سليمان رادا على أسئلة التوحيدي ومتحدثا عن يحيى بن عدي أن
النحو والشعر واللغة ليست بعلم ،والدليل على ذلك هو "أنك لو لقيت في البادية شيخا بدويا قحا محرما لم ير
حضريا قط وال جاور عجميا ولم يفارق رعية اإلبل وانتياب المناهل ،وهو على عنجهيته التي ال يشق غباره
فيها أحد منا ،وإن تكلف فقلت له :هل عندك علم؟ فقال ال هذا وهو يسير المثل ويقرض الشعر ويسجع السجع
).البديع ،ويأتي بما إذا سمعه واحد من الحاضرين وعاه واتخذه أدبا ورواه(21
وبما أن النحو أشدّ التصاقا بالطبع منه بالعقل قبل فيه الشاذ والنادر ُ
و"رد في المنطق ما جرى
مجراهما"()22؛ لكن أال يمكن أن يكون مرتبطا بالعقل؟ بمعنى أال يمكن لإلنسان أن يكون منطقيا بالطبع
األول؟ يعتبر أبو سليمان أن اإلنسان منطقي بالطبع األول ،ولكن "يذهب عن استنباط ما عنده باإلهمال "وذلك
راجع إلى كون "الحاجة إلى النحو أكثر من الحاجة إلى المنطق"( )23ولكن ذلك ال يجعل أبا سليمان متأكدا
من كون النحو قوة أصلية في اإلنسان ففي نظره "ليس كل إنسان نحويٌا في األصل" وإن كان "النحو أول
).مباحث اإلنسان" و"المنطق آخر مطالبه"(24
إن أبا سليمان لشدة ربطه للمنطق بالطبع األول لإلنسان يكاد يجعله قريبا في معناه من اإللهام أو الوحي الذي
يرتكز في النفس لوجود القريحة؛ فالعرب في نظره وإن كانت أرضهم ذات جدب وقحط ...و"إن كانوا
أصحاب فقر" ( )...فقد زادتهم جزيرتهم سرا لكنهم عوضوا الفطنة العجيبة والبيان البديع والتصرف المفيد
واالقتدار الظاهر؛ ألن أجسامهم نُقيت من الفضول ووصلوا بحدة الذهن إلى كل معنى معقول وصار المنطق
الذي باينوا به غيرهم باالستخراج مركوزا في أنفسهم من غير داللة عليه بأسماء موضوعة وصفات متميزة،
).بل بشيء كاإللقاء والوحي لسرعة الذهن وجودة القريحة(25
إن ما يؤكد عليه التوحيدي في مناقشة ألبي سليمان للبحث في عالقة المنطق بالنحو وإدراك ما بينهما من
تشابه أو من تباين هو :أوال؛ إدراك أن الفروق القائمة بين المنطق والنحو ال تلغي إمكانية وجود تعاون بينهما،
فهما يتكامالن و"يتعاونان بالمناسبة"( ،)26وإن كانا يتفاوتان بالفرق "فالنحو يدخل المنطق لكن مزينا له
والمنطق يدخل النحو لكن محققا له"( )27بمعنى أن النحو يُزين المنطق؛ ألنه ترتيب لأللفاظ والمنطق يُحقق
النحو ،ألن المنطق ترتيب للمعاني واللفظ متى زال ،فإن "المعنى بحاله ال يزول وال يحول"( )28وإن كان
.زوال المعنى من شأنه أن يُغير المعقول ويرجع إلى غير ما هو عليه في األول
ثانيا :تبيان أن النظر في المنطق قد يرمي بنا إلى النظر في النحو فـ "البحث عن النحو قد يرمي بنا إلى جانب
المنطق"( )29وذلك راجع إلى التكامل الحاصل بينهما فعال ،لذلك يختم التوحيدي المقابسة الرابعة والعشرين
بالتركيز على ضرورة أن يكون المنطقي نحويا وأن يكون النحوي منطقيا؛ إذ يقول أبو سعيد السيرافي مخاطبا
أبا حيان التوحيدي" :تابعت ،حاطك هللا ،بين هذه المقابسات الثالث ،ألنها متواخية في بابها ،أعني أنها في
حديث اللغة والنحو والمنطق والنظر .وبهذا ،تبين لك أن البحث عن المنطق قد يرمي بك إلى جانب النحو،
والبحث عن النحو قد يرمي بك إلى جانب المنطق .ولوال أن الكمال غير مستطاع .لكان يجب أن يكون
المنطقي نحوي ،والنحوي منطقيا ،خاصة واللغة عربية ،والمنطق مترجم بها ،ومفهوم عنها ،والخلل على قدر
).ذلك قد دخل فيها بنقل بعد نقل ،وشرح بعد شرح"(30
ينبغي إعادة النظر في عالقة المنطق بالنحو ،بحسب الدور الذي قد يلعبه المنطق في بناء علم النحو
ثالثا :ال ينبغي تفضيل المنطق على النحو أو وضع واحد منهما في مرتبة أو مقام أشرف من المقام الذي للعلم
اآلخر ،فإذا كان المنطق راجع إلى الروية والنحو راجع إلى البديهة ،فإن الروية والبديهة كالهما قوتان على
غاية من الشرف( )31إذ يقول أبو سليمان" :والروية والبديهة تجريان من اإلنسان مجرى منامه ويقظته أو
حلمه وانتباهه ،وغيبته وشهوته ،وانبساطه وانقباضه ،فال بد من هاتين الحالتين ،ومتى ضعف فيهما فاته الحظ
المطلوب من الحياة ،والثمرة الحلوة من السعي"( )32لذلك "ال يوجد اإلنسان غاية في البديهة ،غاية في
الروية ،ألن إحدى القوتين ،إذا استعملت قمعت األخرى ،وحاجزتها عن بلوغ غايتها القصوى"( )33غير أنه
ال بد من وجود القوتين معا ،ألنه وجد فينا "شيء ال يبرز إال بالروية والفكر والتصفح والقياس وشيء
بالخاطر والبديهة واإللهام والوحي والفلتة"()34؛ وذلك راجع إلى أن الروية تُحيل دائما على الجانب البشري
.في اإلنسان في حين أن البديهة تحيل دائما إلى الجانب اإللهي فيه
ينبغي إعادة النظر في عالقة المنطق بالنحو ،بحسب الدور الذي قد يلعبه المنطق في بناء علم النحو؛ أي أن
تحديد هذه العالقة يحتاج إلى تعيين جهة النظر التي تحدد مقاما خاصا بكل علم في عالقته بالعلم اآلخر ،فإما
أن يكون النحاة قد تأثروا فعال بمنطق أرسطو ،وإما أنهم قد استفادوا منه دون أن يُعولوا عليه كثيرا ،وإ ٌما ٌ
أن
كال العلمين مختلفين ،وإن كانا "يتكامالن بالمناسبة"؛ بمعنى أن المنطق علم ال يمكن االستغناء عنه ،وإن كان
الفرق بين العلمين ظاهرا جليا ،وهو الموقف الذي يتبناه الفارابي( .)35إن ذلك ال يُفضي إلى ضبط المواقف
التي تبناها الناظرون في أمور النحو والمنطق ،فانطالقا من تباين وجهات النظر تباينت المواقف ،وتعددت
اإلحداثيات التي ترغب في مسايرة نمو هذه اإلشكالية في الحضارة العربية تحديدا ،ومن ذلك تأكيد الدكتور
إبراهيم مدكور على تأثر النحاة العرب بمنطق أرسطو ،حيث يقول" :وقد أثر فيه المنطق األرسطي (يقصد
النحو) من جانبين :أحدهما موضوعي واآلخر منهجي ،فتأثر النحو العربي عن قرب أو عن بعد بما ورد على
لسان أرسطو في كتبه المنطقية من قواعد نحوية وأُريد بالقياس النحوي أن يُحدد ويُوضٌح على نحو ما ُحدد
القياس المنطقي ( )...فعُرف أرسطو المنطقي قبل أن يُعرف أرسطو الميتافيزيقي ،وتُرجم األورغانون قبل أن
).يترجم كتاب الطبيعة أو كتاب الحيوان"(36
ال يكتفي بافتراض تأثر النحو بالمنطق اليوناني ،بل ُيرجع كل نحو ) (A.Merxغير أن المستشرق أ -مركس
وكل لغة إلى المنطق والفلسفة كما يرى أن أصل النحو العربي ليس النحو اإلغريقي أو المنطق الرواقي ،وإنما
المنطق األرسطي تحديدا( .)37وإن كان مركس قد دعم هذه النظرية بإحالته على جملة من المصطلحات
يرفض هذه النظرية ،ويعتبرها مفتقرة ) (M.Carterوالقواعد والبنى المشتركة بين العلمين( ،)38فإن كارتر
إلى األدلة والمراجع الواضحة ،إذ ال وجود لنصوص تاريخية تُبين هذا التأثر الواضح بين العلمين( .)39كما
الموقف القائل بتأثير المنطق األرسطي في نحو سيبويه وتمسك أرنالديز ) (G.Troupeauرفض تروبو
بضرورة رد اللغة العربية إلى القرآن( )40كما لو أن "موقف المدافع عن النحو ضد المنطق(Arnaldes) ،
هو موقف المدافع عن اإلسالم وعن الملة ( )...كل ذلك يجعل النحاة محترزين احترازا كبيرا أمام هذا الدخيل
).الذي كأنما هو يريد أن يؤسس لغة في لغة قائمة بين أهلها"(41
النظريات المتعلقة بدراسة عالقة علم النحو بعلم المنطق ُمترددة بين االدعاء بمزج أصول النحو العربي
بأصول المنطق اليوناني ،وبين التحدث عن أصولية علم النحو
إن النظريات المتعلقة بدراسة عالقة علم النحو بعلم المنطق ُمترددة بين االدعاء بمزج أصول النحو العربي
بأصول المنطق اليوناني ،وبين التحدث عن أصولية علم النحو؛ أي القول باستقالله عن علم المنطق .لذلك،
يعتبر جيرار جيهامي أن كال الموقفين ال يفيان بالغرض في تحديد المالمح الحقيقية إلشكالية النحو والمنطق؛
وذلك راجع في نظره إلى "أن االدعاء بمزج أصول النحو العربي بأصول المنطق اليوناني بعيد عن محجة
الصواب نظرا إلى قيامه على تأويالت جزئية ،وليس على نصوص وشواهد ثابتة .كذلك الكالم على أصولية
النحو بشكل قاطع ،إنما هو تجاهل لما حصل عند المتأخرين من تشابك وتفاعل بين العلوم اللسانية وتلك
).اإلنسانية"(42
متى تبينا ذلك ،فإن انعطاف ال ُمساءلة يُفضي إلى تقرير وجود فروق بالطبيعة بين علم المنطق وعلم النحو ،من
حيث إن الفرق هو فرق في الذهنية ،لذلك ينبغي إدراك خصائص كل علم على حدة؛ فالعالقة بين المنطق
والنحو تحيل على اختالف في الذهنية :الذهنية المنطقية اليونانية والذهنية النحوية العربية .ذلك ما أكد عليه
نفسه ُمشيرا إلى أن هذه الثنائية نجدها أيضا داخل الذهنية العربية في ) (Jacques Longhadeجاك لونﭭاد
حد ذاتها ،إذ يتجاذبها فكر نحوي وآخر منطقي ،لذلك اتضح لدى الفارابي في مقدمة كتاب األلفاظ المستعملة
في المنطق (الفقرات 2و 3و ،)7أن النحاة والمناطقة ال يفكرون بنفس الكيفية في المعطى المفهومي ،وال
"يتكلمون نفس اللغة ،وذلك راجع إلى كون المنطق هو لغة صناعية أحدثت ضمن لغة متداولة أو هو "ميتالغة
أما النحو ،فينتج عن اللغة المشتركة والمتداولة عبر سنن المشافهة ويكون خاصا بأمة ما (métalangue).
بعينها ،لذلك فمهما كان وضع العالقة بين النحو والمنطق على درجة من االختالف ،فهو ال ينفي إمكانية وجود
).تكامل بينهما ،فال هما يتناقضان ،وال هما يستغنيان عن بعضهما البعض(43
إذا كان جاك لونﭭاد قد تحدث عن فرق في الذهنية :أي بين الذهنية المنطقية اليونانية والذهنية النحوية العربية،
فإن جيرار جيهامي يُشير إلى نفس الفكرة ُمؤكدا أن العقل العربي له خاصياته التي تميزه عن العقل اليوناني
وعن اللغة اليونانية ،التي تتميز بالتجريد والنظر المعمم في حين تكون اللغة العربية لغة الشعر والخيال ،إذ
يقول" :إنها اللغة الحسية التي قامت على أساس المعاينة بالحس والمشاهدة وليس على ما ورائهما من معان
مستشفة ،فهي قليلة العمق في المقوالت العقلية ( )...فضعف التحليل والتعليل الذي عكسته اللغة العربية في
تركيباتها األولى يعود إلى طبيعة ،فإذا تبصر مثال في أمر أو استكشف حاله ال يذهب إلى حد االستغراق
).الفكري ،إنما يقف على مواطن خاصة أو جانبية استثارت إعجابه أو دغدغت مخيلته(44
نتبين إذن أن السؤال عن النحو والمنطق يُرجعنا إلى السؤال عن اللغة؛ فالمشاكل التي واجهت النحاة
والمناطقة راجعة إلى عدم تمييزهم بين المنطق اليوناني واللغة اليونانية .كذلك ،فإن األزمة التي تعالجها
مقابسات التوحيدي هي "أزمة في اللغة" ،بمعنى أن اللغة في حد ذاتها تتجاذبها ثنائية المبنى والمعنى" ،فال
تعشق اللفظ دون المعنى وال تهو المعنى دون اللفظ"( .)45غير أن الدكتور عبد السالم المسدي ال يكتفي
بحصر األزمة في اللغة فقط ،بل يجعلها "أزمة فيما وراء اللغة"( )46أساسا ،بمعنى أن التوحيدي يضع نفسه
موضع "امتحان مع المجتمع" هو "امتحان المقبولية لديه"( )47لذلك اعتمد على الطريقة الحوارية ،ألن هذه
الطريقة تنشط عملية النقل كما تجعل المشاكل النظرية تنتظم وفق مناظرة فلسفية ترتقي بالمعطيات الفكرية
.عن الجزئيات أو المعطيات الموضوعية الحافة بالحوار
بيد أنه ،وإن تعددت المناظرات التي عالجت إشكالية عالقة النحو بالمنطق ،فإن الخصومة بين المناطقة
والنحاة لم تخفت ،وذلك راجع إلى أن المدافعين عن النحو ضد المنطق ،يصدرون عن خلفيات إيديولوجية
وعقدية أساسا( .)48لذلك ،فإن استئناف النظر في هذه المسألة ،مدعو إلى استيعاب المضاعفات التي أدت إلى
انتشار النصوص المتعلقة بهذه المسألة ،والتصدي لكل محاولة في طمس التفاعل الذي حصل بين علم النحو
وعلم المنطق ،بتحويل المنطق إلى محور للصراعات النظرية العقيمة ،على أال يتم اقتالعه من أرضه التي
).نبت ترعرع فيها(49
بيبليوغرافيا نقدية
● A.ELAMRANI Jamel, logique aristotélicienne et grammaire arabe (Etudes et
documents) J.Vrin, 1983.
● A.ELAMRANI Jamel, «Grammaire et Logique d’après le philosophe arabe
chrétien Yahya Ibn AdI», (280-64 H / 893-971) in ARABICA, Revue d’Etude
Arabe (fondé par E.Lévi, provençal), E.J.Brill, Editeurs, Leiden, 1982.
Langhade Jacques, Du coran à la philosophie, la langue arabe et la
formation du vocabulaire philosophique de Farabi, (préface de Jean Jolivet,
Damas, 1994, (Troisième partie).
● Langhade Jaques, «Mentalité grammairienne et mentalité logicienne au IVème
siècle», in Journal de Linguistique Arabe, N°15, 1985, (pp104-117).
.ابن باجة ،التعاليق المنطقية ،تحقيق وتقديم ماجد فخري ،دار المشرق ،بيروت ،ط1994 ،1
بن ساسي محمد" ،النحو العربي والمنطق الفلسفي" ،مالحظات حول بعض المناظرات في العصر الوسيط،
).المجلة التونسية للدراسات الفلسفية ،عدد ،31/30السنة ( ،17ص ص 27-15
جيرار جيهامي ،اإلشكالية اللغوية في الفلسفة العربية ،دار المشرق بيروت ،ط1992 ،2
التوحيدي (أبو حيان) ،المقابسات ،تحقيق وتقديم محمد توفيق حسن ،دار اآلداب ،بيروت ،ط1989 ،2
التوحيدي (أبو حيان) ،اإلمتاع والمؤانسة ،تصحيح وضبط أحمد أمين وأحمد الزين ،المكتبة العصرية،
.بيروت ،صيدا
.التوحيدي (أبو حيان) ،رسالة في العلوم ،منشورات مكتبة الثقافة الدينية ،بور سعيد ،الظاهر
.الفارابي (أبو نصر) ،إحصاء العلوم ،تحقيق وتقديم الدكتور عثمان أمين ،دار الفكر العربي ،مصر1949 ،
.الفارابي (أبو نصر) ،كتاب الحروف ،تحقيق وتقديم محسن مهدي دار المشرق ،بيروت1990 ،
الفارابي (أبو نصر) ،كتاب األلفاظ المستعملة في المنطق ،تحقيق وتقديم محسن مهدي ،ط ،2دار المشرق،
.بيروت1991 ،
المسدي (عبد السالم)" ،التوحيدي وسؤال اللغة" ،فصول ،م ،14عدد ،3خريف ( ،1995ص ص - 126
157).
السائح (أحمد عبد الرحيم)" ،العالقة بين اللغة والمنطق عند الفارابي" ،الباحث ،عدد ،16بيروت ،مارس-
.أفريل 1981
نصر الدين (صالح سيد)" ،الرؤية اللغوية عند أبي حيان التوحيدي" ،فصول ،م ،15عدد ،1الجزء ،3ربيع
( ،1996).ص ص 221-205
كتاب الحروف ،تحقيق وتقديم محسن مهدي ،ط ،2دار المشرق ،بيروت ،1991 ،المقدمة ،انظر الفارابي(1) ،
)(ص ص 47- 44
(Logique aristotélicienne et Grammaire arabe, J.Vrin,ذكره جمال العمراني في كتابه )(2
كتابه اإلشكالية اللغوية في الفلسفة العربية ،دار المشرق ذكره الدكتور جيرار جيهامي في )1983, p181
بيروت ،ط ،1992 ،2ص 137
اإلشكالية اللغوية في الفلسفة العربية ،الفصل الثالث ،ص 129جيرار جيهامي(3) ،
عدد ،16بيروت ،مارس – الباحث "،أحمد عبد الرحيم السايح" ،العالقة بين اللغة والمنطق عند الفارابي )(4
أبريل ،1981ص 72
.اإلمتاع والمؤانسة انظر "الليلة الثامنة" من كتاب )(5
.انظر التوحيدي" ،رسالة في العلوم" ،ضمن "في الصداقة والصديق" ،قسطنطينة(6) 1301 ،
يقول أحمد عبد الرحيم السائح" :إن القائلين باالستغناء عن المنطق اعتمادا على كثرة استعمال األقاويل )(35
الجدلية واضح ،ألن أولئك يزعمون االستغناء عنه ببديل صناعي ،وهؤالء يزعمون االستغناء عنه ببديل
فطري .وحجة هؤالء أن هللا أودع في فطر بعض الناس صفاء العقل وجودة الذهن ونضج القريحة ،حيث ال
يخطئون الحق أصال دون تعلم لقوانين المنطق وال يملك الفارابي ردا على هؤالء سوى ما ذكره من أن شأن
هؤالء كشأن من يزعم االستغناء عن النحو اعتمادا على سالمة الفطرة من غير احتياج إلى قوانين النحو"،
)المصدر نفسه( ،ص 81
).ذكره ،أحمد عبد الكريم السائح ،المصدر نفسه( ،ص (36) 73 ،72 ،71
ذكره ،جمال العمراني" ،المنطق األرسطي والنحو العربي"( ،ص ،)23وذكره جيرار جيهامي )(37
)ص (124اإلشكالية اللغوية في الفلسفة العربية ،في
يقول جيرار جيهامي" :كرس مركس نظريته هذه بداللته على مجموعة من المصطلحات والقواعد )(38
أن تقسيم أولها المشتركة بين أصول المنطق األرسطي وأصول النحو العربي الذي تفرع مذاهب ومدارس؛
سيبويه لعناصر اللغة إلى اسم وفعل وحرف شبيه إلى حد بعيد بتصريف األسماء واألفعال والحاالت عند
أن أرسطو لم يعرف الموضوع نحويا ،إنما الصفة أو المقولة المحمول كذلك العرب الذين ثانيها أرسطو،
إن فكرة "الجنس" لم ترد أصال عند اليونانيين وانعكست عند العرب في ثالثها "،استبدلوها بموضوع "الخبر
والجر،
ٌ إن تقاربا معنويا جرى بين رابعها تصريف األسماء واألفعال وتشكيلها في حاالت الرفع والنصب
األلفاظ العربية وتلك اليونانية كمثل لفظ "الظرف" الزماني والمكاني الذي انبثق عن معنى "الوعاء اليوناني"،
).المصدر نفسه( ،ص 125 ،124
عن القائلين بتأثر النحو العربي بالمنطق ) (M/Carterيقول جيرار جيهامي متحدثا عن موقف كارتر )(39
األرسطي" :رفض كارتر هذه النظرية منطلقا من افتقارنا إلى مراجع ونصوص تبين تاريخيا وواقعيا تأثر
القوى العربية بالمنطق اليوناني ( )...فال دالئل كافية تقوي موقف الداعين هؤالء إلى تبين آثار المنطق
اليوناني في صلب بنية النحو العربي ( )...فسيبويه بعيد كل البعد عن اللغويين اليونانيين وقصده البصرة كان
لتعلم الحديث والفقه ال المنطق ،فهو ال يهتم بمعاني الكلمات وأبعادها الفكرية قدر اهتمامه بدورها ومكانتها
واستعمالها الصحيح ،وذلك ألسباب لغوية صرفة .أما طرق بحثه في النحو ،فكانت فقهية المصدر ،انطالقا من
استعماله نهج التماثل أو التشابه الواردين في مفهوم "القياس الفقهي" الذي ُ
طبق ُمقربا الفرع من األصل ()...
وينهي كارتر دراسته بإصراره على طغيان المنحى الفقهي – القياسي على قواعد سيبويه وباستبعاده النظر
).إليها من زاوية منطقية يونانية ،المصدر نفسه( ،ص ص 126 -125
(40) A.El Amrani Jamel, Logique aristotélicienne et grammaire arabe (Etude et
)documents), J.Vrin, 1983 (pp 23, 25
).محمد بن ساسي ،المصدر نفسه( ،ص (41) 19
جيرار جيهامي ،المصدر نفسه ،ص .126يمكن االطالع على الوقائع التي يذكرها جيرار جيهامي(42) ،
).والتي تكشف عن النشأة المزدوجة التي لعلم النحو وتؤكد تقلباته المتعددة( .ص ص 127-126
عدد ،3خريف ،1995ص ص -147فصول "،ذكره ،عبد السالم المسدي" ،التوحيدي وسؤال اللغة )(45
148
المصدر نفسه ،ص (46) 132
يقول محمد بن ساسي" :إن المسألة لم تبق في حدود الخصومة النظرية بل تجاوزتها إلى الخلفيات )(48
العقدية بل إن علماء اللغة التحموا مع الفقهاء والمتكلمين ليصفوا الفالسفة والمناطقة أقطاب المدرسة البغدادية
خاصة بالزندقة " -من تمنطق فقد تزندق" -المصدر نفسه ،ص 26
.لذلك ما قام به كل من ابن باجة وابن رشد نظرا القتناعهم بأن المنطق هو منطق الفلسفة )(49