You are on page 1of 237

   






 

  


   




   


‫تنبيه‬
‫ھذه المادة لم تراجع من قبل الشيخ‬

‫الشريط األول‬

‫الرحيم‬
‫الرحمن الرحيم‬
‫ الرحمن‬
‫بسم ‬
‫بسم‬

‫إن الحمد نحمده ونستعين به ونستغفره ‪ ،‬ونعوذ با من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يھديه  فال مضل له‬
‫ومن يضلل فال ھادي له ‪ ،‬وأشھد أن ال إله إال  وحده ال شريك له ‪ ،‬وأشھد أن نبينا محمد عبده ورسوله صلى  عليه‬
‫ً‬
‫كثيرا ‪.‬‬ ‫ً‬
‫تسليما‬ ‫وعلى آله وصحبه وسلم‬
‫أما بعد ‪:‬‬
‫سنشرع في ھذه الليلة بإذن  تعالى ليلة األحد التاسع من شھر رجب عام ست وعشرين وأربعمائة وألف من الھجرة‬
‫النبوية في منظومة الزمزمي رحمه  تعالى في علوم القرآن المسماة بـ )) منظومة التفسير (( وھي أولى لذكر الشراح لھا‬
‫بھذا العنوان ‪.‬‬
‫ً‬
‫)) منظومة الزمزمي (( ھذه كما ذكرت أنھا في علوم القرآن ‪ ،‬إذا يفھم منھا أن البحث يكون فيما يخدم القرآن وكما أن‬
‫ً‬
‫وأصوال‬ ‫ً‬
‫علوما‬ ‫وعلوما تخدم الفقه كذلك لتفسير كالم الرب جل وعال‬ ‫ً‬ ‫وعلوما تخدم علم الحديث وللفقه أصوالً‬ ‫ً‬ ‫للحديث أصوالً‬
‫وقواعد تخدم ھذا الفن ‪ ،‬فكما أنه ال استنباط للفقيه من النصوص نصوص الوحيين في األحكام الشرعية الحالل والحرام إال‬
‫بعد العلم بأصول الفقه ‪ ،‬كذلك ال يمكن للمحدث أن يصحح أو يضعف أو يحكم بصحة حديثه أو ضعفه إال بعد العلم بعلوم‬
‫الحديث كما ھو معلوم لديكم ‪ ،‬كذلك ھنا تأتي األھمية في توقف فھم نصوص الرب جل وعال أو القرآن الكريم القرآن العزيز‬
‫على فھم ھذه القواعد واألصول التي جعلھا العلماء في ما يسمى )) علوم القرآن (( أو )) علوم التفسير (( أو )) أصول‬
‫التفسير (( أو )) قواعد التفسير (( وكلھا كما سيأتي بيانھا ألفاظ ومصطلحات مترادفة وإن كان ثم فرق في بعضھا دون‬
‫بعض إال أنھا في جوھرھا كلھا فيما يخدم القرآن ‪.‬‬
‫وال شك يتميز ھذا العلم وھو )) علوم القرآن (( على قلة وضعف ما يُطرح اآلن يتميز بأنه يبحث في كالم الرب جل‬
‫وعال من جھتين ‪:‬‬
‫أوال ‪ :‬كونه كالم  سبحانه وتعالى ‪ .‬ومعلوم أنه إذا كان كالم الرب أفضل من كل الكالم سواه ألنه كالم الخالق وما‬ ‫ً‬
‫عداه فإنه مخلوق ‪ ،‬حينئذ إذا كان كالم الرب جل وعال أفضل من كل كالم سواه فعلومه حينئذ تكون أفضل من كل علم‬
‫)) البرھان (( ‪.‬‬ ‫عداه كما نص على ذلك الزركشي في مقدمة‬
‫متعلقا بكالم الرب‬ ‫ً‬ ‫متعلقا بكالم الرب جل وعال ‪ ،‬فإذا كان‬ ‫ً‬ ‫ًإذا تنظر في )) علوم القرآن (( أو )) علم القرآن (( في كونه‬
‫جل وعال فھو أفضل كالم وأفصح كالم وأغلب وأعجز كالم حينئذ يكون كل علم منبثق من القرآن يكون شرفه كشرف كالم‬
‫كتاب َ َ ْ َ‬
‫أنزلناه ُ‬ ‫القرآن ﴾ ‪ٌ َ ِ ﴿ ،‬‬ ‫يتدبرون ْ ُ ْ َ‬ ‫الرب جل وعال على سائر الخلق ‪ ،‬كذلك فھم القرآن الذي ھو األصل في التنزيل ﴿ َ َ َ‬
‫أفال َ َ َ َّ ُ َ‬
‫آياته ﴾ ] ص ‪ً [29 :‬إذا فالمقصود األعظم من إنزال القرآن ليس ھو التالوة فحسب ‪ -‬وإن كانت التالوة‬ ‫ليدبروا َ ِ ِ‬‫مبارك ِّ َ َّ َّ ُ‬ ‫َِْ َ‬
‫إليك ُ َ َ ٌ‬
‫مقصودة باإلصالة ‪ ،‬وإنما المقصود باألصالة ھو التدبر والفھم ‪ ،‬والتدبر والفھم كما ھو معلوم‬ ‫ً‬ ‫متعًبدا بھا ‪ -‬إال أنھا ليست‬
‫يحصل بماذا ؟‬
‫ُنون له بالتفسير‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫يحصل بالعلم بأصول الكالم الذي يُتدَ َّب ُر ‪ ،‬فحينئذ يصير توقف تدبر وفھم وإيضاح معنى القرآن الذي ع ِ َ‬
‫ً‬
‫متوقفا على ماذا ؟‬ ‫الذي ھو الكشف واإليضاح ألنه مأخوذ من الفسر كما سيأتي وھو الكشف واإليضاح يكون‬
‫يشاء‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫الحكمة َمن َ ُ‬ ‫ْ‬
‫يؤتي ِ َ‬ ‫ْ‬ ‫عنون لھا العلماء بعلوم القرآن ‪ ،‬ولذلك ذكر مجاھد في قوله تعالى ‪ِ ُ ﴿ :‬‬ ‫على فھم ھذه العلوم التي َ ْ َ َ‬
‫الحكمة ﴾ أي ‪ :‬الفھم‬ ‫يؤتي ْ ِ ْ َ َ‬‫خيراً ﴾ ] البقرة ‪ . [269 :‬قال ‪ :‬الفھم واإلصابة في القرآن ‪ِ ُ ﴿ .‬‬ ‫أوتي َ ْ‬ ‫فقد ُ ِ َ‬ ‫ومن ُ ْيؤ َت ْ ِ ْ َ َ‬
‫الحكمة َ َ ْ‬ ‫َ َ‬
‫واإلصابة في القرآن لماذا ؟‬
‫صوابا إذا ال بد من فھم ومن إصابة ‪ ،‬الفھم قد‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ألن األصل من تنزيل القرآن ھو الفھم واإلصابة ؛ ألن ليس كل فھم يكون‬
‫يشترك فيه العالم وغيره لماذا ؟‬
‫ألنه ما يتبادر إلى الذھن لكن إذا أريد به فھم الصحيح وھو إدراك معاني الكالم أو العلم بمعاني الكالم عند سماعه كما ھو‬
‫معنى الفھم في لغة العرب فحينئذ ال بد من تنزيل ھذا الفھم على قواعد وأصول وضوابط ألن ال يكون الكتاب وكذلك السنة ال‬
‫‪2‬‬
‫تكون مفتوحة ھكذا لكل من أراد أن يفھم فليفھم ما شاء ‪ ،‬ال ‪ ،‬ال بد من ضابط يرجع إليه العالم سواء كان في فھم النصوص‬
‫الوحيين في استنباط األحكام الشرعية الحالل والحرام أو لفھم المعاني العامة معتقد وغيره ألن الكتاب كما ھو معلوم مصدر‬
‫التشريع لألمة اإلسالمية ألن السنة واإلجماع والقياس مرجعھا إلى الكتاب فھو األصل األصيل ‪ ،‬وكل أصل يُستنبط أو ُتؤخذ‬
‫أيضا مقاتل في‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫متفرعا عليه ‪ ،‬فلذلك ذكر‬ ‫منبثقا عن الكتاب ھو األصل األصيل وما عداه كله يكون‬ ‫ً‬ ‫من الشريعة يكون حينئذ‬
‫ْ‬ ‫ُ‬
‫يشاء ﴾ قال ‪ :‬علم القرآن ‪ .‬حينئذ الحكمة فس َِّرت ھنا في بعض األقاويل بأنھا الفھم‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫الحكمة َمن َ ُ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫يؤتي ِ َ‬ ‫اآلية السابقة ﴿ ُ ِ‬
‫الذين‬ ‫َّ‬
‫آياتي ِ َ‬
‫عن َ ِ َ‬ ‫سأصرف َ ْ‬ ‫َ‬
‫واإلصابة في القرآن وبأنھا علم القرآن ولذلك قال ابن عيينة رحمه  سفيان في قوله تعالى ‪ُ ِ ْ َ ﴿ :‬‬
‫الحق ﴾ ] األعراف ‪ . [146 :‬قال ‪ :‬أحرمه نعمة القرآن ‪ .‬لماذا ؟‬ ‫بغير ْ َ ِّ‬ ‫يتكبرون ِفي َ ْ ِ‬
‫األرض ِ َ ْ ِ‬ ‫َ َ َ َّ ُ َ‬
‫ألن األصل من التنزيل ھو الفھم واإلصابة ‪ .‬قال ابن مسعود رضي  تعالى عنه ‪ :‬من أراد العلم فليسور القرآن فإن فيه‬
‫علم األولين واآلخرين ‪ .‬يعني ‪ :‬علم األصول أو أصول الدين وأصول الحالل والحرام موجودة في القرآن وإنما تحتاج إلى‬
‫تسوير بمعنى تفتيش وصح ونظر وتدبر وتأمل ‪.‬‬
‫ًإذا علمنا ھذا نعلم ما السر في وضع ھذه المنظومة في ھذه الدورة وفي ھذه اإلجازة الصيفية لندرك بعض ما يتعلق‬
‫واقعا على منظومة‬ ‫ً‬ ‫بأسرار ھذا العلم الشريف وھو على التفسير وما ينبني عليه ذلك العلم وھو علوم القرآن ‪ ،‬وكان االختيار‬
‫التفسير التي سميت بـ ‪ )) :‬منظومة التفسير (( ‪ .‬وقيل ‪ :‬بأنھا )) منظومة الزمزمي (( ‪ .‬نسبة إلى مؤلفھا وكان األشھر أنه‬
‫ذكر في ترجمته أنه ألف منظومة في التفسير وذكر شارحھا بأنھا )) منظومة التفسير (( ‪.‬‬
‫منظومة التفسير للشيخ األديب المفسر عبد العزيز الرئيس الزمزمي نسبة إلى زمزم ‪-‬كما سيأتي ‪ -‬عز الدين بن علي بن‬
‫الشيرازي‬
‫ُّ‬ ‫البيضاوي‬
‫ُّ‬ ‫عبد العزيز بن عبد السالم بن موسى بن أبي بكر بن أكبر بن علي بن أحمد بن علي بن محمد بن داود‬
‫الزمزمي الشافعي ‪ ،‬ولد عام تسعمائة من الھجرة بمكة ‪ ،‬قدم جده األعلى علي بن محمد إلى مكة في سنة‬ ‫ُّ‬ ‫المكي‬
‫ُّ‬ ‫األصل ُ َّ‬
‫ثم‬
‫ثالثين وسبعمائة فساعد الشيخ سالم بن ياقوت المؤذن ليكون مؤذن لعله المسجد الحرام في ذلك الوقت في خدمة بئر زمزم ‪،‬‬
‫فلما ظھر له فضله نزل له عنه يعني ‪ :‬تنازل له عن بئر زمزم وخدمتھا فاشتغل علي بن محمد الذي ھو جد عبد العزيز‬
‫الزمزمي بخدمة زمزم فقيل له ‪ :‬الزمزمي ‪ً .‬إذا الزمزمي نسبة إلى ماذا ؟ إلى بئر زمزم ‪.‬‬
‫ولد عبد العزيز بمكة ونشأ بھا وأخذ العلم عن أھلھا وبرع في الفنون وله في األدب اليد الطولى وله تآليف ومنھا ذكر في‬
‫النقاية (( لجالل الدين السيوطي ‪ ،‬وشرح مقامات‬ ‫ترجمتھا كذا )) منظومة في التفسير (( وھي التي معنا نظم فيھا )) ُّ َ‬
‫الحريري ‪ ،‬وكتاب في الفتاوى ‪ ،‬وله شعر حسن توفي المترجم له سنة ست وسبعين وتسعمائة بمكة ‪.‬‬
‫قديما واآلن ال ذكر لھا ‪ ،‬وإنما يعنون بھا العلماء الوافدين ‪ ،‬لذلك‬ ‫ً‬ ‫ُني ِبھا خاصة في ھذه البلد الحرام‬ ‫وھذه المنظومة قد ع ِ َ‬
‫شروحا عدة ولھم عليھا بعض الحواشي منھا ‪:‬‬ ‫ً‬ ‫أكثر الشراح من األندلسيين ونحوھم فشرح‬
‫)) نھج التيسير شرح منظومة الزمزمي في أصول التفسير (( ھذا يكاد يكون أول شرح لھا لمحسن بن علي بن عبد‬
‫الرحمن المساوي الحضرمي توفي سنة أربع وخمسين وثالثمائة وألف ‪ -‬قريب العھد ألف ثالثمائة وأربع وخمسين ‪ ، -‬وعلى‬
‫ھذا الشرح حاشيتان مطبوعتان حاشية علوي بن عباس بن عبد العزيز المالكي ‪ ،‬وحاشية الشيخ محمد ياسين الفاداني المكي‬
‫‪ .‬وھذا قريب ً‬
‫أيضا ‪.‬‬
‫الشرح الثاني ‪ )) :‬التيسير شرح منظومة التفسير (( محمد يحيى أمان المدرس بمدرسة الفالح القديمة ‪.‬‬
‫وشرح في الشرحين‬ ‫حينئذ نقول ‪ :‬ھذه المنظومة أصالً لعبد العزيز من ؟ الرئيس الزمزمي وكان من أعيان علماء مكة ‪ُ ،‬‬
‫المذكورين ولجاللتھا عندھم درست في الصولتية المدرسة وكذلك مدرسة الفالح القديمة ‪.‬‬
‫ً‬
‫مرارا أن المقدمة مقدمتان ‪:‬‬ ‫قدم لمنظومته بمقدمة وھي التي تسمى عندھم بمقدمة الكتاب ‪ ،‬وسبق‬
‫مقدمة كتاب ‪.‬‬
‫ومقدمة علم ‪.‬‬
‫مقدمة العلم ھي التي يُعنى بھا المبادئ العشر‬

‫َ ْ َ‬
‫عشرة‬ ‫َ ٍّ‬
‫فن‬ ‫ك ِّل‬
‫إن‬ ‫مبادئ‬ ‫فن َ ْ َ‬
‫عشرة‬ ‫إن مبادئ ك ِّل َ ٍّ‬
‫)‬ ‫)‬
‫واالسم واالستمداد حكم الشارع‬ ‫والواقع‬ ‫وفضله‬ ‫ونسبة‬
‫)‬ ‫)‬
‫ومن درى الجميع حاز الشرف‬ ‫مسائل والبعض بالواو اكتفى‬
‫)‬ ‫)‬
‫‪3‬‬
‫ھذه سيأتينا بحثھا إن شاء  في الدرس القادم ‪.‬‬
‫واليوم نشرع في النظم وھي ما يسمى ‪ :‬بمقدمة الكتاب ‪.‬‬
‫مقدمة الكتاب شاع عندھم أنه يذكر فيھا البسملة والحمدلة والشھادتين وأما بعد وبراعة االستھالل وتسمية نفسه وتسمية‬
‫ً‬
‫كثيرا ‪.‬‬ ‫كتابه إلى ما يُذكر من الواجبات والمستحبات التي مر معنا ذكرھا‬
‫قال ‪ :‬بسم  الرحمن الرحيم ‪.‬‬
‫ًإذا افتتح المصنف أو الناظم رحمه  تعالى منظومته )) منظومة التفسير (( بالبسملة ‪ ،‬وافتتاح الشعر الذي يكون في‬
‫العلوم واآلداب ھذا متفق عليه ال بأس به ‪ ،‬وإنما وقع خالف فيما عدا العلوم واآلداب ھل يجوز أن يفتتح الشعر بالبسملة أو‬
‫ال ؟ على خالف ذكرناه فيما سبق ‪ ،‬أما ھذه التي معنا فباالتفاق أنه يجوز أن يفتتح الشعر ألنھا آية والشعر في الجملة مذموم‬
‫جاء ذمه في الشرع فھل كل شعر مذموم ؟‬
‫ال ‪ .‬ليس كل شعر مذموم ‪ .‬وعليه إذا كان الشعر فيه ما فيه فحينئذ البسملة آية من آيات الكتاب ‪ ،‬ھل يجوز أن يُتقدم‬
‫بالبسملة بين يدي الدواوين والشعر ؟‬
‫المسألة فيھا خالف لماذا ؟‬
‫ألن الشعر كما ذكرت لكم أنه فيه ما فيه من حيث األنواع ‪ ،‬والبسملة جاء في الحديث ‪ » :‬كل أمر ذي بال « ‪ .‬يعني ‪ :‬كل‬
‫شرعا ‪ .‬فھل يھتم الشرع بالدواوين ونحوھا ؟‬ ‫ً‬ ‫أمر ذي بال وشأن يھتم به‬
‫مؤديا إلى حفظ لغة العرب فحينئذ جاء من قبيل ما ال يتم الواجب به فھو واجب لماذا‬ ‫ً‬ ‫الجواب ‪ :‬في الجملة ال ‪ ،‬إال إذا كان‬
‫؟‬
‫ألن القرآن والسنة بلسان عربي ‪ ،‬والقرآن على جھة الخصوص نزل بلسان عربي مبين حينئذ ال يمكن فھم لسان العرب‬
‫الذي ھو القرآن إال بفھم لسان العرب الذي نقل عن العرب أنفسھم ‪.‬‬
‫) بسم  الرحمن الرحيم ( نقول ‪ً :‬إذا ال بأس باالبتداء بھا في ھذه المنظومة باإلجماع ألنھا مما اشتمل على العلم‬
‫واآلداب ‪ ،‬ابتدأ المصنف نظمه بالبسملة ألمور ‪:‬‬
‫أوال ‪ :‬اقتداء بالكتاب العزيز ‪ .‬ألنه مفتتح بالبسملة ‪.‬‬ ‫ً‬
‫ثانيا ‪ :‬اقتداء بالسنة الفعلية ‪ .‬ألن النبي  كان إذا كتب الرسائل افتتحھا بـ ‪ :‬بسم  الرحمن الرحيم إلى ھرقل عظيم‬ ‫ً‬
‫الروم كما جاء في صحيح البخاري ‪.‬‬
‫الثالث ‪ :‬إن صح الحديث فيقال بالسنة القولية ‪ » :‬كل أمر ذي بال ال يبدأ فيه بـ بسم  الرحمن الرحيم فھو أبتر « ‪» .‬‬
‫شرعا ال يُبدأ فيه بـ بسم  الرحمن الرحيم فھو أبتر ‪ -‬يعني كاألبتر ‪. -‬‬ ‫ً‬ ‫كل أمر ذي بال « ‪ .‬يعني ‪ :‬كل شيء ذي بال يُھتم به‬
‫حسا تم الكتاب كتابته وطباعته ولم تذكر فيه‬ ‫حسا إال أنه ناقص من جھة المعنى لو تم ً‬ ‫أي ناقص البركة قالوا ‪ :‬فھو إن تم ً‬
‫حسا إال إنه ناقص من جھة المعنى ‪ .‬لماذا ؟‬ ‫البسملة فحينئذ يقل النفع يعني ‪ :‬وإن تم ً‬
‫حسا بأن لم يتمه بالفعل ‪ ،‬وإما‬ ‫مقطوعا إما ً‬
‫ً‬ ‫الذنب فحينئذ ال بد أن يكون‬ ‫ألن النبي  حكم بأنه أبتر ‪ ،‬واألبتر ھو مقطوع َّ َ‬
‫الذنب أو‬ ‫أن يكون من جھة المعنى فھو إن تمه أو أتمه فحينئذ ال بد أن يصدق عليه الحديث فھو أبتر ال بد أن يكون مقطوع َّ‬
‫الذنب ‪ ،‬فحينئذ الغاية المرجوة من كتابة الكتاب وتأليف المؤلف ھو نفع الناس فحينئذ إذا نقص النفع حصل ماذا ؟‬ ‫كمقطوع َّ َ‬
‫حصل البتر وقل ھذا على جھة التنزل مع صحة الحديث ‪.‬‬
‫األمر الرابع ‪ :‬إجماع المصنفين والمؤلفين ‪ .‬قال ابن حجر رحمه  تعالى ‪ :‬وقد استقر عمل األئمة المصنفين على افتتاح‬
‫كتب العلم بالتسمية وكذا معظم كتب الرسائل ‪ .‬ذكره في مقدمة شرح البخاري وقد استقر عمل األئمة المصنفين على افتتاح‬
‫كتب العلم بالتسمية وكذا معظم كتب الرسائل ‪ً ،‬إذا ھذه سنة عملية من جھة أھل العلم كأربعة أمور شرع الناظم في ابتداء‬
‫منظومته بالبسملة ‪.‬‬
‫ُعلت البسملة‬ ‫َ‬
‫البسملة األحاديث فيھا من جھة المفردات يطول ولكن كالم مختصر ال بد منه في كل موضع يتعلق بما ج ِ ِ‬
‫مبدأً له في ذلك الفن ‪ ،‬والبسملة آية وال ينبغي للطالب أن يتضجر من التفقه والنظر في اآلية ألن البسملة كما ھو معلوم آية‬
‫الرحمن َّ ِ ِ‬
‫الرحيم ﴾ ] النمل ‪ [30 :‬حينئذ النظر فيھا‬ ‫ َّ ْ َ ِ‬‫بسم َّ ِ‬
‫وإنه ِ ْ ِ‬ ‫إنه ِمن ُ َ ْ َ َ‬
‫سليمان َ ِ َّ ُ‬ ‫يُفتتح بھا كل سورة سوى براءة وجزء آية ﴿ ِ َّ ُ‬
‫من جھة اإلعراب ‪ ،‬النظر فيھا من جھة معانيھا ‪ ،‬النظر فيھا من جھة صرفھا وبيانھا يكون من أي حيثية ؟‬
‫يكون من باب التفقه في الكتاب ‪ ،‬والبعض يتضجر من أي كالم يتعلق بالبسملة كأنھا خارجة عن موضوع العلم بالكلية‬
‫الحمد ّ‪ِّ َ ِS‬‬
‫رب‬ ‫كأنھا من فضول العلم ‪ ،‬ال ‪ ،‬ليس بصحيح بل ھي آية فحينئذ يكون النظر فيھا كالنظر في غيرھا كأنك تقرأ ﴿ ْ َ ْ ُ‬

‫‪4‬‬
‫الحمد ّ‪ ﴾ ِS‬ھذا مبتدأ ﴿ ّ‪ ﴾ ِS‬ھذا جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر ‪ ،‬كونك تعرف أن‬ ‫العالمين ﴾ ] الفاتحة ‪ [2 :‬تقول ‪ُ ْ َ ْ ﴿ :‬‬ ‫َْ َِ َ‬
‫ھذه جملة اسمية لھا مدلول غير كونھا جملة فعلية فيختلف المعنى من داللة الجملة االسمية وداللة الجملة الفعلية ‪ ،‬ونحن اآلن‬
‫نبحث في مقدمات التفسير والتفسير مبناه على لغة العرب فحينئذ ال ضجر وال تضجر ‪.‬‬
‫) بسم  الرحمن الرحيم (كما ھو معلوم أن الجار والمجرور ال بد أن يتعلق بمحذوف ألنه حرف جر أصلي ‪ ،‬وعلى‬
‫الصحيح قيل ‪ :‬حرف جر زائد الباء ‪ .‬واألصح أنه حرف جر أصلي فحينئذ ال بد من متعلق يتعلق به الجار والمجرور ال بد‬
‫للجار من التعلق بالفعل أو معناه نحو مرتقي وأحسن ما يقال ‪ :‬أنه فعل مؤخر مناسب ‪ .‬يعني ‪ :‬خاص مناسب بالمقام ‪ ،‬فعل ال‬
‫اسم ‪ ،‬لماذا ؟‬
‫ألن األصل في العمل األفعال ‪ ،‬إذا بسم  ھذا متعلق بمحذوف ھذا المحذوف واجب حذفه ألن الجار والمجرور ھنا‬ ‫ً‬
‫اقرأْ‬
‫ري مُجْ َرى المثل ‪ ،‬يعني ال يجوز النطق به ‪ .‬وما ورد النطق بالمتعلق في الكتاب أو السنة ﴿ ْ َ‬ ‫متعلقا بمحذوف ُ‬
‫وأجْ ِ َ‬ ‫ً‬ ‫صار‬
‫خروجا عن المقصود ‪ ،‬والخروج عن المقصود ألمر ما ال ينافي أصل‬ ‫ً‬ ‫ربك ﴾ ] العلق ‪ [1 :‬ھذا لالھتمام بالقراءة يعني‬ ‫باسم َ ِّ َ‬
‫ِ ِْ‬
‫قاعدة كما ھو معلوم في شأن القواعد العامة ‪ ،‬كل قاعدة فقھية أو نحوية أو غيرھا نقول ‪ :‬األصل فيھا عمومھا لكن ال يمنع أو‬
‫يبطل عمومھا أو كونھا قاعدة أو أصل أو قضية كلية ال يمنع ذلك من استثناء بعض األفراد ‪ ،‬وھذا مطرد في كل العلوم ‪،‬‬
‫الذي َ َ َ‬
‫خلق ﴾ ] العلق‬ ‫ربك َّ ِ‬
‫باسم َ ِّ َ‬ ‫حينئذ بسم  نقول ‪ :‬ھذا متعلق بمحذوف ال يجوز ذكره فإن ذكر في نحو قوله تعالى ‪ْ َ ْ ﴿ :‬‬
‫اقرأ ِ ْ ِ‬
‫اقرأْ ﴾ ھذا ھو المتعلق الذي نريد أن نقدره ھنا وقد نطق به نقول ‪ :‬ھذا خروج عن القاعدة ألمر ما لنكمل الفائدة أھم‬ ‫‪َ ْ ﴿ [1 :‬‬
‫من حذف المتعلق الذي معنا وھو االھتمام بالقراءة ألن المقصود ھناك ليس التبرك بـ ‪ :‬بسم  ‪ ،‬وإنما المقصود أن األعظم‬
‫واألعلى أن المقام مقام تنزيه القرآن دين تشريع ‪ ،‬فحينئذ نقول المقام ھنا في مقام القراءة فھي أھم من المتعلق الذي يحصل‬
‫أو يجب حذفه في ھذا المقام الذي معنا ‪ ،‬كذلك » باسمك ربي وضعت جنبي « نقول ‪ :‬التصريح به ال ينفي أن يكون األصل‬
‫واجبا ‪ ،‬فعل ألن األصل في العمل األفعال فرع في األسماء ‪ ،‬العمل الرفع والنصب والجر‬ ‫ً‬ ‫أنه محذوف وھذا الحذف يكون‬
‫ً‬
‫والجزم ھذا األصل فيه أن يكون للفعل ال لالسم ‪ ،‬حينئذ إذا تردد المعمول الذي معنا بين أن يكون المحذوف فعال أو ً‬
‫اسما‬
‫فاألولى أن يكون فعالً ‪ ،‬لماذا ؟‬
‫اسما لھذه النكتة ‪.‬‬ ‫ألن األصل في العمل األفعال ًإذا قدرناه فعالً ال ً‬
‫مؤخرا لماذا ؟‬‫ً‬ ‫مقدما ‪ .‬تقول ‪ :‬بسم  أقرأ ُ ‪.‬‬ ‫ً‬ ‫مؤخرا يعني ‪ :‬ال‬ ‫ً‬ ‫أن يكون‬
‫ُ‬
‫لفائدة وھي القصر والحصر ‪ ،‬والقصر والحصر بمعنى وھو إثبات الحكم في المذكور ونفيه عما عداه ‪ ،‬بسم  أقرأ ال‬
‫باسم غيره ‪ .‬ألن تقديم ما حقه التأخير يفيد ماذا ؟‬
‫نعبد ﴾ ] الفاتحة ‪ . [5 :‬فنحن نقرأھا في كل ركعة ال تجزأ‬ ‫إياك َ ْ ُ ُ‬
‫يفيد االختصاص والقصر والحصر مثل قوله تعالى ‪َ َّ ِ ﴿ :‬‬
‫نعبد ﴾ أصلھا ‪ :‬نعبدك ‪ .‬فعل وفاعل ومفعول به َِلم قدمت إياك‬ ‫إياك َ ْ ُ ُ‬
‫نستعين ﴾ ] الفاتحة ‪َ َّ ِ ﴿ [5 :‬‬ ‫وإياك َ ْ َ ِ ُ‬
‫نعبد ِ َّ َ‬‫إياك َ ْ ُ ُ‬
‫ركعة إال بـ ﴿ ِ َّ َ‬
‫؟‬
‫إلفادة الحصر ‪ ،‬ما معنى الحصر ؟‬
‫يعني ‪ :‬ال نعبد إال إياك ‪ .‬انظر ھذا المعنى الزائد عن اللفظ ال نعبد إال إياك حصر العبادة في  ‪ ،‬ونفي العبادة عن كل ما‬
‫مطلقا عن كل ما سواه ‪ ،‬بسم‬ ‫ً‬ ‫نستعين ﴾ أي ‪ :‬ال نستعين إال إياك ‪ .‬إثبات االستعانة با عز وجل ونفيھا‬ ‫وإياك َ ْ َ ِ ُ‬
‫سوى  ‪َ َّ ِ ﴿ ،‬‬
‫نعبد ﴾ وھذا الحصر استفدناه من‬ ‫مطلقا ًإذا المعنى موجود كما ھو ھناك في ﴿ ِ َّ َ‬
‫إياك َ ْ ُ ُ‬ ‫ً‬ ‫ أستعين وأتبرك بسم  ال بسم غيره‬
‫ماذا ؟‬
‫ُ‬
‫من تقديم ما حقه التأخير بسم  أقرأ يعني ‪ :‬ال بسم غيره ‪.‬‬
‫أيضا الفائدة الثانية ‪ :‬أن ال يتقدم على اسم  غيره ‪ ،‬يعني االھتمام ‪ .‬االھتمام به لئال يتقدم على اسم  غيره ‪ ،‬حينئذ لو‬ ‫ً‬
‫قيل أقرأ أو أنظم بسم  أو قال ‪ :‬أنظم باسمه ‪ .‬تقدم الفعل وھو داللته على الحدث وھو النظم تقدم على اسم  وھذا مخالف‬
‫لألصل ‪.‬‬
‫خاصا لماذا ؟‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫مؤخرا ثم يكون‬ ‫أخر العامل قدر‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬
‫ًإذا ھاتين الفائدتين َ‬
‫قالوا ‪ :‬ألن كل من بسمل فقد أضمر في نفسه ما جعل البسملة مبدأً له ‪ ،‬كل من بسمل كل من قال بسم  في أي قول فعل‬
‫مقدمة له ‪ ،‬ال يمكن أن يقول ‪:‬‬ ‫ً‬ ‫نوم سفر أكل شرب ‪ ...‬إلى آخره ال بد أنه قد نوى في نفسه الفعل والحدث الذي جعل البسملة‬
‫بسم  ‪ .‬ويشرب وينوي في قلبه أنه سينام يمكن ؟‬
‫ًإذا إذا قال ‪ :‬بسم  ‪ .‬وشرب حينئذ نقول ‪ :‬قدر في نفسه ماذا ؟‬

‫‪5‬‬
‫بسم  أشرب ‪ ،‬لو وضع جنبه وأراد أن ينام قال ‪ :‬بسم  أنام ‪ .‬حينئذ يقدر في كل موضع بحسب الفعل الذي جعل‬
‫المتكلم والناطق للبسملة ما جعل البسملة مبدأً له ‪ ،‬فالمسافر يقدم بسم  أسافر ‪ ،‬واآلكل بسم  آكل ‪ ،‬والشارب بسم ‬
‫أألف ‪ ،‬والقارئ يقول ‪ :‬بسم  أقرأ ‪ ...‬إلى آخره حينئذ لھذه الفائدة وھي كون‬ ‫أنظم أو ُ َ ِّ‬
‫أشرب وھلم جر ‪ ،‬وھنا ‪ :‬بسم  َ ْ ِ ُ‬
‫خاصا ليدل على ما جعل البسملة مبدأً له وھو الناطق والمتكلم بھا ‪.‬‬ ‫ً‬ ‫متعلق البسملة الجار والمجرور‬
‫بسم  الرحمن الرحيم ذكرنا أن بسم  جار ومجرور متعلق بمحذوف وھو مضاف ولفظ الجاللة مضاف إليه وھو‬
‫تخفيفا ثم أدغمت الالم في الالم ثم فخمت ألجل التعظيم فقيل ‪.  :‬‬ ‫ً‬ ‫مشتق على الصحيح وأصله ‪ :‬اإلله ‪ .‬حذفت الھمزة‬
‫أيضا من النكات والفوائد في ھذا الموضوع أن يقال ‪ :‬بسم  ھذا يحتمل اإلضافة ‪ ،‬مضاف ومضاف إليه ‪ .‬إما‬ ‫ً‬ ‫بسم ‬
‫اإلضافة من اإلضافة البيانية ‪ ،‬وإما من إضافة االسم إلى المسَّمى ‪.‬‬
‫وعي ولوحظ اللفظ‬‫اإلضافة البيانية ‪ :‬أن يكون المراد اللفظ ‪ .‬بسم ھذه نكرة أضيف إلى لفظ الجاللة ‪ ،‬إلى اللفظ إن رُ ِ َ‬
‫كانت اإلضافة بيانية ‪ ،‬فحينئذ يصح اإلخبار بالمضاف إليه عن المضاف فيكون التقدير ِبسْ ٍم ھُو  ُ حينئذ استعان بماذا ؟‬
‫بلفظ الجاللة باالسم واالستعانة والتبرك باالسم استعانة بالمسمى من باب األولى واألحرى ‪ ،‬وھذا متى ؟‬
‫إذا جعلنا اإلضافة بيانية ِبسْ ٍم ھُو ُ جعلت المضاف إليه خبر عن المبتدأ الذي ھو اسم ‪ ،‬وإن جعلت اإلضافة من إضافة‬
‫االسم إلى المسمى يعني الحظت المسمى  الحظت المسمى حينئذ تكون اإلضافة مسماة عندھم عند البيانيين بإضافة االسم‬
‫ ﴾ ] إبراھيم ‪ . [34 :‬فيكون من باب إضافة النكرة‬ ‫نعمت ّ ِ‬ ‫وإن َ ُ ُّ ْ‬
‫تعدوا ِ ْ َ َ‬ ‫إلى المسمى فيكون التقدير كما ھو في قوله تعالى ‪ِ َ ﴿ :‬‬
‫إلى المعرفة فيصير من صيغ العموم بكل اسم ھو صار المعنى بسم  أي ‪ :‬بكل اسم ھو سمى به نفسه أو أنزله في‬
‫أحدا من خلقه أو استأثر به في علم الغيب عنده ‪ .‬ألنه صار من صيغ العموم فانظر الفرق بين المعنيين ‪.‬‬ ‫كتابه أو علمه ً‬
‫إن لوحظ اللفظ لفظ الجاللة صارت اإلضافة بيانية فيكون متعلق البسملة أو التبرك أو التيمن أو االستعانة ھو لفظ الجاللة‬
‫فقط ‪ ،‬فيستلزم االستعانة والتبرك باالسم ألن االسم للمسمى كما قال ‪ ،‬االسم للمسمى ‪ .‬األسماء الحسنى ًإذا االسم للمسمى ‪،‬‬
‫تحصوھا ﴾ ] إبراھيم‬ ‫نعمت ّ ِ‬
‫ َال ُ ْ ُ َ‬ ‫وإن َ ُ ُّ ْ‬
‫تعدوا ِ ْ َ َ‬ ‫وعلى الثاني اإلضافة إضافة االسم إلى المسمى تكون اإلضافة على حد قوله ‪ِ َ ﴿ :‬‬
‫‪ . [34 :‬حينئذ يصيغ من صيغ العموم ‪.‬‬
‫بسم  ‪  ،‬المراد به أو المعنى ما معناه ؟‬
‫ ذو األولھية والعبودية على خلقه أجمعين ألن اإلله مشتق ھذا ھو الصواب أنه مشتق بمعنى أنه يدل على ذات متصفة‬
‫بصفة ولذلك وقع نزاع ھل  لفظ الجاللة مشتق أو جامد ؟‬
‫جامد بمعنى أنه ال يدل على معنى تطلق على مسمى علم فقط ‪ ،‬مجرد عن المعنى كما تقول ‪ :‬زيد ‪ .‬ال يدل على معنى ‪،‬‬
‫تقول ‪ :‬صالح ‪ .‬يسمى الرجل صالح وليس له معنى ‪ ،‬ھل لفظ الجاللة  يدل على معنى أو ال ؟‬
‫نقول ‪ :‬الصواب أنه يدل على معنى ‪ ،‬وھو ذات متصفة باإللھية وھي ‪ :‬العبودية ‪ .‬ألن إله فعال مشتق من أله أصله أله‬
‫يأله إلھة وألوھة وإلوھية ‪ ،‬وھذا مأخوذ من معنى التعبد كما قال رؤبة ‪:‬‬

‫تألھي‬ ‫من‬ ‫واسترجعن‬ ‫سبحن‬ ‫)‬ ‫ در الغانيات ْالم َّ ِ‬


‫ُده‬
‫)‬

‫أي ‪ :‬تعبدي ‪ .‬وھذا ھو الحق أنه مشتق قوله ‪ :‬بأنه جامد ‪ .‬ال دليل عليه ‪ ،‬وابن القيم رحمه  قال ‪ :‬من نسب القول‬
‫ْ‬
‫بالجُمود لسيبويه قال ‪ :‬أخطأ عليه ‪ .‬ألنه نسب إلى سيبويه أنه يقول ‪ :‬جامد ‪ .‬والصواب أنه مشتق ‪ ،‬وأن معناه العبودية ‪ ،‬إله‬
‫يعني ‪ :‬معبود ‪ .‬فعال بمعنى مفعول ‪.‬‬
‫) بسم  الرحمن الرحيم ( ‪ .‬الرحمن الرحيم اسمان مشتقان من الرحمة على وجه المبالغة إال أن الرحمن أشد مبالغة من‬
‫غالبا ‪ ،‬رحيم أربعة أحرف ورحمن خمسة أحرف حينئذ ال بد من زيادة‬ ‫الرحيم ألن زيادة البناء تدل على زيادة في المعنى ً‬
‫في المعنى ألنه جاء على وزن فعالن ‪ ،‬وفعالن كما يقول ابن القيم رحمه  ‪ :‬يدل على االمتالء ‪ .‬والرحيم جاء على وزن‬
‫فعيل حينئذ نقص حرف فال بد من فرق بينھما ‪ ،‬حينئذ نقول ‪ :‬اسمان مشتقان من الرحمة على وجه المبالغة كل منھما يدل‬
‫على المبالغة يعني كثرة الرحمة إال أن الرحمن أشد مبالغة وأكثر من الرحيم ‪ ،‬ألن زيادة البناء تدل على زيادة المعنى ‪،‬‬
‫الرحمن يدل على صفة قائمة في الرب جل وعال ذاتية والرحيم يدل على تعلقھا بالمرحوم ‪.‬‬
‫عام ألنه يشمل الرحمة لكل الخلق يعني ‪ :‬يشمل رحمة الكافر والمؤمن بل والبھائم ‪،‬‬ ‫ً‬
‫أيضا ٌ‬ ‫الرحمن من جھة المعنى‬
‫والرحيم ھذا خاص بالمؤمنين ‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫الرحمن من جھة المعنى نقول ‪ :‬عام ‪ .‬ومن جھة اللفظ خاص أي ال يجوز إطالقه على غير الرب جل وعال كاسم الجاللة‬
‫خاص ولذلك قيل ‪ :‬ھو االسم األعظم ‪ .‬الرحمن ھذا خاص ال يجوز أن يسمى به غيره أما الرحيم فھو من جھة اللفظ‬ ‫ٌّ‬ ‫‪،‬‬
‫ً‬
‫خاصا ألن متعلقه المؤمنون ‪.‬‬ ‫عامة فيجوز تسميته أو إطالقھا على المخلوق ألنه من جھة المعنى يكون‬
‫والرحيم كما تقول ‪ :‬جاء زيد الرحيم ‪ .‬تصف به لكن ال يقال الرحمن وأما تسمية مسيلمة الكذاب بالرحمن ھذا من باب‬
‫تعنته كما سبق بيانه ‪.‬‬
‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫) بسم  الرحمن الرحيم ( أألفُ أو أنظم ‪ ،‬الباء ھذه لالستعانة أو للمصاحبة على وجه الخطاب ‪ ،‬أألفُ حال كوني‬
‫ً‬
‫متبركا به ‪ ،‬والتبرك ھو ‪ :‬التيمن والفوز بالبركة ‪.‬‬ ‫ً‬
‫مستعينا بذكره‬
‫قال رحمه  تعالى ‪:‬‬

‫عطر َ ْ ِ‬
‫األردان‬ ‫النبي َ ِ ِ‬‫على َّ ِ ِّ‬ ‫)‬ ‫المنزل ُ ُ ِ‬
‫للفرقان‬ ‫تبارك ُ ْ ِ‬
‫َ َ َ‬
‫)‬
‫يغشاهُ‬ ‫ْ‬
‫دائما َ َ‬ ‫ً‬ ‫سالم‬
‫مع َ ٍ‬ ‫َ‬ ‫)‬ ‫عليه َ َّ‬
‫صلى ُ‬ ‫ِ‬ ‫ُ َ َّ ٍ‬
‫محمد‬
‫)‬
‫عقدْ‬
‫الجمان ِ ُ‬ ‫ُ َ ِ‬ ‫ْ‬
‫فھذه ِمثل ُ‬ ‫َ ِِ‬ ‫)‬ ‫وبعد‬ ‫وآله َ ْ ِ ِ‬
‫وصحبه ‪ُ ْ َ ،‬‬ ‫ِِ‬
‫)‬
‫به َ ِ ْ ُ‬
‫يحير‬ ‫لمن ِ ِ‬ ‫ِبداية ِ َ ْ‬ ‫ً‬ ‫ھو َّ ْ ِ ْ ُ‬
‫التفسير‬ ‫ضمنتھا ِ ً‬
‫علما ُ َ‬ ‫َ َّ ْ ُ‬
‫)‬ ‫)‬
‫غايةْ‬ ‫نظامھا في َ َ‬ ‫َ‬
‫مھذبا ً ِ َ‬ ‫ِّ‬ ‫ُ َ‬ ‫النقايةْ‬
‫نظما ِمن ُّ ََ‬ ‫أفردتھا َ ًْ‬‫َ َُْ‬ ‫ْ‬
‫)‬ ‫)‬
‫يعين‬‫ومن ُ ِ ْ ُ‬
‫الھادي َ ْ‬ ‫ِ‬ ‫َّ ُ‬
‫ألنه‬ ‫وأستعين )‬ ‫َ‬
‫ستھدي ْ َ ِ ْ ُ‬ ‫َ‬
‫و أ ْ َ‬ ‫َ‬
‫)‬

‫النبي ( ھذا يسمى عند البيانيين اقتباس ألنه اقتبس ھذا البيت من‬ ‫للفرقان ** على َّ ِ ِّ‬ ‫المنزل ُ ُ ِ‬ ‫تبارك ُ ْ ِ‬
‫قوله رحمه  تعالى ‪َ َ َ ) :‬‬
‫عبده ﴾ ] الفرقان ‪ . [1 :‬فحينئذ يكون ھذا الشطر ونصف‬ ‫على َ ْ ِ ِ‬ ‫نزل َ ْ ُ ْ َ َ‬
‫الفرقان َ َ‬ ‫تبارك َّالِذي َ َّ‬
‫قوله تعالى في أول سورة الفرقان ‪َ َ َ َ ﴿ :‬‬
‫حديثا ال على أنه منه يعني ال يصرح يقول ‪ :‬قال ‬ ‫ً‬ ‫اقتباسا ‪ ،‬واالقتباس عند البيانيين ھو أن يضمن الكالم ً‬
‫قرآنا أو‬ ‫ً‬ ‫الشطر‬
‫تعالى أو قال رسول  ألنه لو صرح لخرج عن كونه اقتباس ‪ ،‬حينئذ نقول ‪ :‬االقتباس ھو أن يضمن نثره أو شعره ما‬ ‫‬
‫وقع في القرآن أو في السنة ال على أنه منه أي ‪ :‬ال على وجه يُشعر بأنه من القرآن أو من السنة بأن يقال ‪ :‬قال  تعالى ‪:‬‬
‫مقتبسا ‪ ،‬لو قال ‪ :‬قال  ‪ » :‬إنما‬ ‫ً‬ ‫الفرقان ﴾ ] الفرقان ‪ . [1 :‬لو قال ‪ :‬قال  تعالى ‪ .‬خرج عن كونه‬ ‫نزل َ ْ ُ ْ َ َ‬ ‫تبارك َّ ِ‬
‫الذي َ َّ‬ ‫﴿ ََ َ َ‬
‫مقتبسا ‪ ،‬وإنما يذكر القول كأنه من قوله ھو ولكنه في األصل يكون من قول الرب جل‬ ‫ً‬ ‫األعمال بالنيات « ‪ .‬لخرج عن كونه‬
‫ً‬
‫اقتباسا ‪.‬‬ ‫وعال أو من كالم الرسول صلى  عليه وآله وسلم ‪ ،‬فإن صرح قال  تعالى أو قال رسول   فحينئذ ال يكون‬
‫ثم ھو أقسام االقتباس ألنه إما من القرآن أو الحديث ‪ ،‬إما أن يكون في النظم أو في النثر ‪ ،‬أربع ‪ :‬قرآن في نظم أو نثر ‪،‬‬
‫حديث في نظم أو نثر ‪ .‬قد ينقل بلفظه قد يتكلم الواعظ وال يقول ‪ :‬قال  ‪ » :‬إنما األعمال بالنيات « ‪ .‬فيقول ‪ :‬إنما األعمال‬
‫ً‬
‫اقتباسا ‪ ،‬أو نقل‬ ‫لفظا ومعنى يقول ‪ :‬إنما األعمال بالنيات ‪ .‬ھذه يسمى‬ ‫بالنيات ‪ .‬يقتبس كالمه وكأنه أجاب بما تضمنه الحديث ً‬
‫تغيير يسير ال يضر أصل المعنى ‪ ،‬ال يغير‬ ‫ٍ‬ ‫تغيير يسير كما فعله الناظم ھنا يعني ‪ :‬ينقل اللفظ من القرآن أو من السنة مع‬ ‫ٍ‬ ‫مع‬
‫أصل المعنى يعنى يبقى المعنى على أصله ‪ ،‬والمراد أصل المعنى يعني ما يُفھم من فحوى الكالم الذي دل عليه اإلسناد‬
‫تبارك ُ ْ ِ‬
‫المنزل ُ للفرقاِن‬ ‫عبده ﴾ ] الفرقان ‪ [1 :‬ھل يأتي مثله ) َ َ َ‬‫على َ ْ ِ ِ‬ ‫نزل َ ْ ُ ْ َ َ‬
‫الفرقان َ َ‬ ‫الذي َ َّ‬ ‫تبارك َّ ِ‬
‫المسند والمسند إليه ألنه يقال ‪َ َ َ َ ﴿ :‬‬
‫أبدا ال يمكن أليس كذلك ؟‬ ‫على َّ ِ ِّ‬
‫النبي ( ً‬
‫تغير المعنى أو ال ؟‬
‫نقول ‪ :‬فيه تفصيل ‪ ،‬إن كان المراد تغير تمام المعنى وبالغة المعنى ال شك ‪ ،‬ألن الثاني الذي ھو شطر البيت أنزل من‬
‫األول ‪ ،‬وإذا كان المراد أنه تغير أصل المعنى ما دل عليه المسند والمسند إليه فالجواب ال ‪.‬‬
‫ُغي ُر مع بقاء‬ ‫ًإذا مع المحافظة على ما دل عليه الكالم في أصل معناه ھذا شرط في االقتباس ثم قد يبقى على لفظه وقد ي َ َّ‬
‫المعنى األصلي ‪ ،‬وأما تمام المعنى فھذا ال شك من تغيره لماذا ؟‬
‫‪7‬‬
‫الوعاظ والكتاب واألدباء حينئذ ال بد وأن يكون أنزل ألنه ال‬ ‫َّ‬ ‫ألن القرآن أفصح وأبلغ وما طرق إليه الناظم أو غيره من‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫الفرقان ﴾ قال ‪َ ﴿ :‬على َ ْ ِ ِ‬
‫عبده ﴾ ]‬ ‫ْ‬
‫الذي نزل َ ْ َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫تبارك ِ‬ ‫َ‬ ‫تبارك ُ ْ ِ‬
‫المنزل ُ ( قول  جل وعال ‪َ َ َ ﴿ :‬‬ ‫يمكن أن يساوي قول المصنف ھنا ) َ َ َ‬
‫النبي ( ‪ .‬ووصف العبودية أبلغ في ھذا المقام من وصف النبوة ‪ ،‬فلذلك‬ ‫الفرقان ‪ [1 :‬أتى بوصف العبودية ھنا قال ‪ ) :‬على َّ ِ ِّ‬
‫نقول ‪ :‬قد يتغير تمام المعنى ويبقى أصل المعنى على أصله وھو من حيث الحكم الشرعي ھذا فيه نزاع ھل يجوز االقتباس‬
‫أو ال ؟‬
‫جماھير أھل العلم على الجواز لكن بشرط عدم التغيير الكثير وبشرط استعماله فيما يليق من المعاني ‪.‬‬
‫لفظيا كثير حينئذ أخرجه‬ ‫ًّ‬ ‫ً‬
‫تغيرا‬ ‫ًإذا نقول ‪ :‬الجماھير على جواز االقتباس بشرط عدم التغيير الكثير ألنه أخرجه لو غيره‬
‫عاديا ‪ ،‬وبشرط استعماله فيما يليق من‬ ‫ًّ‬ ‫ً‬
‫كالما‬ ‫ً‬
‫شرعا وإنما ينتفي االقتباس فصار‬ ‫على أصله فانتفى االقتباس ‪ ،‬ال ألنه ال يجوز‬
‫ربت خيبر إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين « ‪ .‬ھذا اقتباس من القرآن‬ ‫المعاني وحجتھم حديث ‪  » :‬أكبر َخ ِ َ ْ‬
‫أو ال ؟‬
‫اقتباس من القرآن ‪ ،‬وأما اإلمام مالك رحمه  تعالى فمنعه‬

‫فمالك مشدد في المنع‬ ‫قلت وأما حكمه في الشرع‬


‫)‬ ‫)‬

‫قلت وأما حكمه في الشرع ‪ -‬ھذا السيوطي في عقود الجمان –‬

‫فمالك مشدد في المنع‬ ‫قلت وأما حكمه في الشرع‬


‫)‬ ‫)‬

‫ولكن الجماھير على األول ولذلك ذكر بعضھم أن االقتباس ثالث أقسام ‪ :‬مقبول ‪ ،‬ومباح ‪ ،‬ومردود ‪ .‬والقبول واإلباحة‬
‫ھنا المراد بھا ماذا ؟‬
‫ردا من جھة عدم الذوق البياني وقد‬ ‫القبول من حيث الذوق البياني والبالغي وإال اإلباحة حكم شرعي والرد قد يكون ً‬
‫يكون من جھة حكم الشرعي والمراد ھنا الحكم الشرعي ‪.‬‬
‫فاألول ‪ :‬وھو المقبول ما كان في الخطب والمواعظ ‪.‬‬
‫والثاني ‪ :‬المباح ما كان في الرسائل والقصص ‪.‬‬
‫والثالث ‪ :‬الذي ھو المردود على قسمين ‪:‬‬
‫األول ‪ :‬ما نسبه  سبحانه وتعالى إلى نفسه ‪ .‬قال السيوطي رحمه  تعالى ‪ :‬ونعوذ با ممن ينقله إلى نفسه ‪ .‬ما نسبه‬
‫ُكي عن أحد بني المروان أنه وقع على مطالعة فيھا شكاية عماله فكتب‬ ‫ إلى نفسه ونعوذ با ممن ينقله إلى نفسه كما ح ِ َ‬
‫حسابھم ﴾ ] الغاشية ‪ . [26 ، 25 :‬ھذا ال يجوز ‪ ،‬ھذا مردود اقتباس باطل لماذا ؟‬ ‫علينا ِ َ َ ُ ْ‬‫إن َ َ ْ َ‬ ‫ابھم * ُ َّ‬
‫ثم ِ َّ‬ ‫إن ِ َ ْ َ‬
‫إلينا َِإي َ ُ ْ‬ ‫فيھا ‪َّ ِ ﴿ :‬‬
‫ھل ْ َ َ ْ ِ‬
‫امتألت‬ ‫نقول ُ ِ َ َ َّ َ‬
‫لجھنم َ ِ‬ ‫يوم َ ُ‬
‫ألن ھذا المعنى وھذا اللفظ من اختصاص الرب جل وعال ‪ .‬يقول لك ‪ :‬ال ينفع أن يقتبس ﴿ َ ْ َ‬
‫مزيد ﴾ ] ق ‪ ، [30 :‬ال نقول ‪ :‬ھذا اقتباس باطل ألنه مما يختص به الرب جل وعال ‪.‬‬ ‫وتقول ُ َھلْ ِمن َّ ِ ٍ‬ ‫َ َُ‬
‫دين ﴾ ] الكافرون‬ ‫ولي ِ ِ‬‫دينكم َ ِ َ‬ ‫ھزل ‪ .‬يھزل ويسخر فيأتي بآية كما يقوله بعض العامة ﴿ َ ُ ْ‬
‫لكم ِ ُ ُ ْ‬ ‫الثاني ‪ :‬تضمين آية في معنى َ َ‬
‫‪ [6 :‬نقول ‪ :‬ھذا باطل ھذا ال يجوز لماذا ؟ لكونه ضمن آية في معنى ھزل كأنه يقول لك ‪ :‬يعني أنتم لكم إسالم ونحن لنا‬
‫إسالم خاص يكون ھذا التضمين أو االقتباس ھذا باطل ‪.‬‬
‫ًإذا قول المصنف ھنا رحمه  ‪:‬‬
‫النبي ( ھذا توفر فيه شرطا االقتباس وھو عدم التغير الكثير واستعماله فيما يليق من‬ ‫للفرقان ** على َّ ِ ِّ‬ ‫المنزل ُ ُ ِ‬ ‫تبارك ُ ْ ِ‬ ‫) َ َ َ‬
‫المعاني لماذا ؟‬
‫لما سقناه‬ ‫لما بدأ بالبسملة ‪َ ِ -‬‬ ‫ألنه ساق اآلية ھنا مع التغير اليسير في معنى ممدوح وھو الثناء على الرب جل وعال ألنه َ َّ‬
‫من األدلة أو اآلثار ‪ -‬أراد أن يثني على الرب جل وعال ‪ ،‬والمراد به أن يحصل بما يذكره الثناء فيحصل الحمد حينئذ ألن‬
‫السنة عندھم على تقسيم الحديث السابقة » كل أمر ذي بال ال يبدأ فيه بـ ‪ :‬بسم  « ‪ .‬في بعض الروايات ‪ » :‬بالحمد ‪« S‬‬

‫‪8‬‬
‫‪ .‬حينئذ كان من المستحسن أن يجمع بين البسملة والحمد ‪ ،‬والمقصود بالحمد ھل المقصود به لفظ الحمد عينه أم بما يدل على‬
‫الحمد وھو الثناء ؟‬
‫وخصه بعضھم باألول والصواب الثاني ‪ ،‬أن المراد به الثناء حينئذ أراد أن يثني على الرب جل وعال‬ ‫َّ‬ ‫ال شك أنه الثاني ‪،‬‬
‫النبي ( ‪.‬‬ ‫َّ‬
‫للفرقان ** على ِ ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫المنزل ُ‬ ‫ْ‬
‫تبارك ُ ِ‬ ‫فأتى بھذا االقتباس ًإذا نقول ‪ :‬ھو ممدوح وھو محمود ولذلك ذكره ھنا ) َ َ‬
‫َ‬
‫تبارك ( تفاعل مأخوذ من البركة المستقرة الثابتة الدائمة ‪ .‬قال أبو جعفر الطبري رحمه  تعالى ‪ :‬وھو كقول القائل‬ ‫) َ َ َ‬
‫تقدس ربنا ‪ً .‬إذا تبارك بمعنى تقدس وتعالى وتعاظم أي تبارك ‪ -‬ھذا كالم الطبري ‪ -‬أي تبارك الذي نزل الفصل بين الحق‬ ‫َ َ َّ‬
‫نزلَ ﴾ ‪.‬‬ ‫فصل وسورة بعد سورة مأخوذ من قوله ‪َّ َ ﴿ :‬‬ ‫ٍ‬ ‫فصل وسورة بعد سورة ‪ ،‬ھذا المأخوذ فصالً بعد‬ ‫ٍ‬ ‫والباطل فصالً بعد‬
‫فعل ‪ -‬كما سبق معنى في البناء ‪ -‬أنه يأتي للتكثير حينئذ التكثير يحصل‬ ‫ألن التنزيل تفعيل من التكثير والتكرار ألن صيغة َ َّ َ‬
‫الفرقان ﴾ ] الفرقان ‪ [1 :‬يحصل بماذا ؟‬ ‫نزل َ ْ ُ ْ َ َ‬ ‫الذي َ َّ‬ ‫تبارك َّ ِ‬
‫بماذا ھنا ؟ ﴿ َ َ َ َ‬
‫منجما وھذا سيأتي ‪.‬‬ ‫ً‬ ‫فصل ‪ ،‬سورة بعد سورة ‪ ،‬آيات بعد آيات ‪ ،‬يعني كونه نزل‬ ‫ٍ‬ ‫فصال بعد‬ ‫ً‬ ‫يحصل بكونه‬
‫تبارك ﴾ عرفنا المراد بتبارك ‪.‬‬ ‫﴿ ََ َ َ‬
‫أنزل َ ﴾ ]‬ ‫الذي َ‬‫َ‬ ‫ب َّ ِ َ‬ ‫رسوله َ ْ ِ َ‬
‫والكتا ِ‬ ‫على َ ُ ِ ِ‬ ‫نزل َ َ َ‬ ‫الذي َ َّ‬ ‫والكتاب َّ ِ‬
‫الفرقان ﴾ نزل فعل من التكرر والتكثير كقوله ‪ِ َ ِ ْ َ ﴿ :‬‬ ‫نزل َ ْ ُ ْ َ َ‬ ‫الذي َ َّ‬ ‫﴿ َّ ِ‬
‫نزل وأنزل ما الفرق بينھما ؟‬ ‫فرق َ َّ‬ ‫النساء ‪ [136 :‬انظر َ َّ‬
‫رسوله َ ْ ِ َ ِ‬
‫والكتاب‬ ‫على َ ُ ِ ِ‬ ‫نزل َ َ َ‬ ‫الذي َ َّ‬ ‫والكتاب َّ ِ‬
‫أنزل َ ﴾ جملة واحدة ‪ِ َ ِ ْ َ ﴿ ،‬‬ ‫مفرقا و ﴿ َ َ‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫منجما‬ ‫نزل َ ﴾ ھذا فيه إشارة إلى كونه َ َ َ‬
‫نزل‬ ‫﴿ َ َّ‬
‫وأحكاما بعد أحكام‬ ‫ً‬ ‫مفصال آيات بعد آيات‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫مفرقا‬ ‫منجما‬‫ً‬ ‫أنزل َ ﴾ ألن الكتب المتقدمة كانت تنزيل جملة واحدة والقرآن نزل‬ ‫الذي َ َ‬ ‫َّ ِ َ‬
‫كفروا َ ْ َ‬
‫لوال‬ ‫الذين َ َ ُ‬ ‫وقال َ َّ ِ َ‬ ‫أنزل عليه كما قال جل وعال في أثناء السورة ‪َ َ ﴿ :‬‬ ‫ُ‬
‫اعتناء بما ْ ِ َ‬ ‫ً‬ ‫وسور بعد سور ‪ ،‬وھذا أشد وأبلغ وأشد‬
‫تفسيراً ﴾ ]‬ ‫وأحسن َ ْ ِ‬ ‫بالحق َ َ ْ َ َ‬ ‫جئناك ِ ْ َ ِّ‬
‫بمثل َِّإال ِ ْ َ َ‬ ‫يأتونك ِ َ َ ٍ‬ ‫وال َ ْ ُ َ َ‬ ‫ترتيال * َ َ‬ ‫ادك َ َ َّ ْ َ‬
‫ورتلناهُ َ ْ ِ ً‬ ‫فؤ َ َ‬ ‫به ُ َ‬ ‫كذلك ِ ُ َ ِّ َ‬
‫لنثبت ِ ِ‬ ‫واحدة َ َ ِ َ‬
‫ملة َ ِ َ ً‬ ‫القرآن ُج ْ َ ً‬
‫عليه ْ ُ ْ ُ‬ ‫نزل َ َ َ ْ ِ‬ ‫ُ ِّ‬
‫فرقانا ألنه يفرق بين الحق والباطل والھدى والضالل والغيِّ والرشاد‬ ‫ً‬ ‫الفرقان ‪ . [33 ، 32 :‬ولذلك سماه ھنا الفرقان سماه‬
‫عبده ﴾ أتى بوصف العبودية ألنه صفة مدح وثناء لماذا ؟‬ ‫على َ ْ ِ ِ‬ ‫الفرقان َ َ‬ ‫نزل َ ْ ُ ْ َ َ‬ ‫الذي َ َّ‬‫تبارك َّ ِ‬ ‫والحالل والحرام ‪َ َ َ َ ﴿ ،‬‬
‫أسرى ِ َ ْ ِ ِ‬
‫بعبده ﴾ ]‬ ‫الذي َ ْ َ‬ ‫سبحان َّ ِ‬‫ألن العبودية الخاصة أخص األوصاف ولذلك ذكرت في أعلى المواقف جاء في اإلسراء ﴿ ُ ْ َ َ‬
‫قام ﴾‬ ‫َ‬
‫لما َ‬ ‫وأنه َ َّ‬ ‫َ‬
‫عليه ِ َلبداً ﴾ ] الجن ‪ُ َّ َ ﴿ [19 :‬‬ ‫يكونون َ َ ْ ِ‬ ‫كادوا َ ُ ُ َ‬ ‫يدعوه َ ُ‬
‫ َْ ُ ُ‬ ‫عبد َّ ِ‬ ‫قام َ ْ ُ‬ ‫لما َ َ‬ ‫اإلسراء ‪ [1 :‬وجاء في مقام الدعوة ﴿ َ َ َّ ُ‬
‫وأنه َ َّ‬
‫عبده ﴾ ‪.‬‬ ‫على َ ْ ِ ِ‬ ‫نزل َ ْ ُ ْ َ َ‬
‫الفرقان َ َ‬ ‫الذي َ َّ‬ ‫تبارك َّ ِ‬ ‫ًإذا بالدعوة يدعوكم ‪ ،‬وكذلك جاء في ھذا المقام وھو مقام التنزيل واإلنزال ﴿ َ َ َ َ‬
‫تبارك ﴾ تفاعل اختلف في معناه فقال‬ ‫تبارك ﴾ عرفنا أن المراد به تعاظم وتعالى ‪ ،‬وذكر الطبري رحمه  قال ‪َ َ َ َ ﴿ :‬‬ ‫﴿ ََ َ َ‬
‫الزجاج ‪﴿ :‬‬ ‫تبارك ﴾ بمعنى تقدس والمراد بھما العظمة ‪ .‬وقال َّ َ‬ ‫الفراء ‪ :‬ھو في العربية وتقدس واحد وھو للعظمة ‪ .‬يعني ‪َ َ َ َ ﴿ :‬‬
‫تبارك ﴾ تعالى ‪ ،‬وقيل تعالى عطاؤه أي ‪:‬‬ ‫تبارك ﴾ تفاعل من البركة ‪ .‬قال ‪ :‬ومعنى البركة الكثرة من كل ذي خير ‪ ،‬وقيل ‪َ َ َ َ ﴿ :‬‬ ‫ََ َ َ‬
‫زاد وكثر ‪ ،‬وقيل ‪ :‬دام وثبت إنعامه ‪ .‬قال النحاس ‪ :‬وھذا أوالھا في اللغة واالشتقاق ‪ .‬يعني ‪ :‬دام وثبت إنعامه ‪ ،‬ولذلك ذكر‬
‫تبارك ﴾ أي من البركة ‪ ،‬تفاعل من البركة الدائمة المستقرة الثابتة إشارة إلى قول النحاس‬ ‫سابقا ‪َ َ َ َ ﴿ -‬‬ ‫ً‬ ‫ابن كثير ‪ -‬كما ذكرناه‬
‫ھناك ‪ .‬قال النحاس ‪ :‬وھذا أوالھا في اللغة واالشتقاق ألنه مأخوذ من برك الشيء إذا ثبت ‪ .‬ومنه سميت البركة بركة لماذا ؟‬
‫كالبركة بكسر الباء ِبرْ كة كلمة‬ ‫مستقرا بخالف الماء الجاري وھذا الفرق بينھما الماء الجاري ليس ِ‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫كثيرا‬ ‫ألن الماء يكون‬
‫ً‬
‫فعال لماذا ؟‬ ‫صحيحة‬
‫برك الشيء إذا ثبت ومنه برك الجمل والطير على‬ ‫وثابتا ‪ .‬ھنا مأخوذ من َ َ َ‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫مستقرا‬ ‫الستقرار الماء وكثرته يكون الماء‬
‫الماء أي دام وثبت ‪ً ،‬إذا نقول ‪ :‬البركة دوام الخير وكثرته ‪ .‬وعليه ال خير أكثر وأدوم من خيره سبحانه وتعالى ‪ .‬ولذلك لھذا‬
‫السبب ال خير أكثر وأدوم من خيره جل وعال ال يجوز إطالقه على غير الباري جل وعال ‪ ،‬ال يقال في حق أحد من الخلق‬
‫تبارك وال في حق النبي  ‪ ،‬ألنه يدل على المبالغة والَكثرة في ماذا ؟‬
‫كنت ﴾ ] مريم ‪ً [31 :‬إذا ُ ْ ِ َ‬
‫أطلق‬ ‫أين َما ُ ُ‬ ‫مباركا ً َ ْ َ‬ ‫وجعلني ُ َ َ‬ ‫في حصول البركة وما عداه يجوز لكن يقال مبارك أو فيه بركة ﴿ َ َ َ َ ِ‬
‫لفظ مبارك ‪ ،‬وكذلك يطلق على الشيب‪ 44.55‬بأن فيه بركة أليس كذلك ؟ » إن من الشجر شجرة بركتھا كبركة المسلم «‬
‫تبارك على صيغة تفاعل الدالة على‬ ‫ومبارك ‪ .‬أما َ َ َ َ‬ ‫ِ‬ ‫مبارك‬‫َ‬ ‫ًإذا أثبت النبي  أن للمسلم بركة حينئذ يقال ‪ :‬فيه بركة ‪ .‬ويقال ‪:‬‬
‫المبالغة وعلى وصول الشيء إلى منتھاه وغايته نقول ‪ :‬ھذا ال يجوز في غير الرب جل وعال ‪ .‬ولذلك قال بعضھم ‪ :‬ال يصح‬
‫تبارَك ھل له أمر ؟ ليس له أمر ‪ ،‬ھل له مضارع ؟ ليس له مضارع ‪.‬‬ ‫مضارع وال أمر َ َ‬ ‫ٌ‬ ‫أن يجيء منه‬

‫‪9‬‬
‫تبارك مراد به تعاظم وتعالى جل وعال والتعاظم ھنا لكثرة‬ ‫المنزل ُ ( ًإذا عرفنا أن َ َ َ‬ ‫تبارك ُ ْ ِ‬
‫للفرقان ( ‪َ َ َ ) .‬‬ ‫المنزل ُ ُ ِ‬ ‫تبارك ُ ْ ِ‬ ‫) َ َ َ‬
‫وجه وأبلغه كما يُشعر بذلك اشتقاقه على صيغة تفاعل المسند إليه‬ ‫ٍ‬ ‫الخير ودوامه وذلك يكون في ذاته وصفاته وأفعاله على َ َ ِّ‬
‫أتم‬
‫جل وعال ‪.‬‬
‫ً‬
‫رباعيا ‪،‬‬ ‫فعل مضارع صار‬ ‫ُنز ُل ھذا ٌ‬ ‫ْ‬ ‫أنزل ٌ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫المنزل ُ ( ھذا اسم فاعل من‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫فعل ماض ‪ِ ُ ) ،‬‬ ‫تبارك ( ھذا ٌ‬ ‫) َ َ َ‬
‫فعل ماض ي ِ‬ ‫َ‬ ‫أنزل ‪،‬‬
‫َ‬
‫قاتل ھذا ِمنْ َ َ َ‬
‫قتل ‪ ،‬وأما من‬ ‫ضرب ‪ِ َ ،‬‬
‫حينئذ ال يأتي اسم الفاعل على زنة فاعل ‪ ،‬لم يأت على زنة الثالثي ‪ ،‬فضارب ھذا من َ َ َ‬ ‫ٍ‬
‫ألنزل ولو كان على ما اقتضه اآلية‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُنز ُل ھذا اسم فاعل‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ٍ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َْ َ َ‬
‫َ‬ ‫فحينئذ نقول ‪ :‬الم ِ‬ ‫ُنزل ‪،‬‬
‫ُكرم وم ِ‬ ‫ُخرج وم ِ‬ ‫وأخرج فيقال ‪ :‬م ِ‬‫َ َ‬ ‫وأكرم‬
‫َ َ‬ ‫أنزل‬
‫خرج ي َُخرِّ ُج فھو م َُخرِّ ٌج ‪ ،‬أليس كذلك على وزن‬ ‫فعل ي َُفعِّ ُل فھو م َُف ِّع ُل ‪َ َ َ ،‬‬ ‫ُنز ُل ألنه من َ َّ َ‬ ‫ُنز ُل صار ْالم َ ِّ‬ ‫نزل َ ﴾ ْالم َ ِّ‬
‫الذي َ َّ‬ ‫تبارك َّ ِ‬ ‫﴿ ََ َ َ‬
‫تبارك ُ ْ ِ‬
‫المنزل ُ‬ ‫ُنزل ) َ َ َ‬ ‫حينئذ يكون على زنة ْالم ْ ِ‬ ‫ٍ‬ ‫م َُفعِّل ‪ ،‬ھذا إذا كان من المضارع وأما إذا كان من المخفف يعني العين َ ْ َ َ‬
‫أنزل‬
‫للفرقان ( المراد من الفرقان ھنا القرآن ‪ ،‬فالقرآن والفرقان اسمان‬ ‫المنزل ُ ُ ِ‬ ‫للفرقان ( ‪ -‬وسيأتي معنى كيفية إنزال القرآن ‪ِ ْ ُ ) -‬‬ ‫ُ ِ‬
‫الفرقان ﴾ أراد به القرآن ‪.‬‬ ‫نزلَ ْ ُ ْ َ َ‬‫الذي َ َّ‬‫تبارك َّ ِ‬
‫ُسمى واحد ‪ ،‬من أسماء القرآن الفرقان بدليل ھذه اآلية التي معنا ﴿ َ َ َ َ‬ ‫من م َ ّ‬
‫ً‬
‫ُسمى واحد ‪ ،‬وسمي القرآن فرقانا لماذا ؟‬ ‫ً‬ ‫ًإذا القرآن والفرقان اسمان ِبم َ ّ‬
‫ميز بينھما أو يميز بينھما وكذلك بين الحالل والحرام والھدى والضالل والغي‬ ‫ُفرق به بين الحق والباطل أي ‪َ َّ َ :‬‬ ‫ألنه ي ْ َ ُ‬
‫والرشاد ‪ ،‬إنما يكون الفصل بماذا ؟ بالقرآن ‪.‬‬
‫للفرقان ( الالم ھذه نقول ‪ :‬زائدة للتوكيد لماذا ؟‬ ‫المنزل ُ ُ ِ‬ ‫) ْ ُْ ِ‬
‫المنزل ُ ( ھذا اسم الفاعل واسم الفاعل يعمل عمل فعله إذا حلي بال مطلقاً‬ ‫ألن ) ْ ُ ْ ِ‬

‫تضى‬ ‫ْره ِإعْ َمال ُ ُه َ ِ‬


‫قد ارْ ُ ِ‬ ‫َ َ‬
‫وغي ِ ِ‬ ‫ُضي‬ ‫صلة َأ ْل َ ِ‬
‫ففي ْالم ِ‬ ‫يكنْ ِ َ َ‬
‫وإنْ ُ‬
‫َ ِ‬
‫)‬ ‫)‬

‫وال به أو ال ؟‬ ‫يتعدى بنفسه أو ال ‪ ،‬ينصب مفع ً‬ ‫ونزل فقل َّ‬ ‫أنزل َ َ َّ َ‬‫حينئذ َ ْ َ َ‬
‫ٍ‬
‫ٌ‬
‫مفعول‬ ‫حينئذ نقول ‪ :‬الفرقان الذي ھنا في ھذا الترتيب‬ ‫ٍ‬ ‫الفرقانَ◌ ( بالنصب ‪،‬‬ ‫المنزل ُ ُ‬
‫تبارك ْ ُ ْ ِ‬
‫مفعوال به واألصل ) َ َ َ‬ ‫ً‬ ‫ينصب‬
‫حرف جر الزائد لماذا ؟‬ ‫ٍ‬ ‫به منصوب وعالمة نصبه فتحة مقدرة على آخره منع من ظھورھا اشتغال المحل بحركة‬
‫ألن الالم ھذه زائدة ‪ ،‬وزيادتھا في ھذا الموضع قياسية ألن زيادة حرف الجر والالم على جھة الخصوص قد تكون‬
‫بين‬ ‫مصدقا ً ِّ َ‬
‫لما َ ْ َ‬ ‫حينئذ صارت الزيادة قياسية كما في قوله ‪ِّ َ ُ ﴿ :‬‬ ‫ٍ‬ ‫فرعا عن الفعل‬ ‫اسما ً‬ ‫سماعية وقد تكون قياسية إذا كان العامل ً‬
‫يديه ﴾ ‪ .‬ألن مصدق ھذا اسم‬ ‫بين َ َ ْ ِ‬ ‫مصدقا ً ِّ َ‬
‫لما َ ْ َ‬ ‫صدق كذا يتعدى بنفسه َِلم قال ‪ِّ َ ُ ﴿ :‬‬ ‫لما ﴾ ‪َ َّ َ .‬‬ ‫مصدقا ً ِّ َ‬
‫يديه ﴾ ] البقرة ‪ِّ َ ُ ﴿ . [97 :‬‬ ‫ََْ ِ‬
‫فتسمى ھذه الالم وھي‬ ‫ُف يحتاج إلى تقوية ‪َّ َ ُ ،‬‬ ‫ضع َ‬ ‫ُف فإذا َ‬ ‫ضع َ‬ ‫اسما َ‬ ‫فحينئذ َلمِّا صار العامل ً‬ ‫ٍ‬ ‫واألصل في االسم عدم العمل ‪،‬‬
‫مفعول به منصوب َِلم زيدت الالم ؟‬ ‫ٌ‬ ‫فعال َما ‪ ،‬ھذا‬ ‫َ‬
‫يد ﴾ ] البروج ‪ٌ َّ [16 :‬‬ ‫ير ُ‬ ‫لما ُ ِ‬ ‫زائدة لتقوية العام ﴿ َ َّ‬
‫فعال ٌ ِّ َ‬
‫بالم تقويه‬ ‫ُدي ٍ‬ ‫اسما ع ِّ َ‬
‫ُف العامل بكونه ً‬ ‫ضع َ‬ ‫فحينئذ لما َ‬ ‫ٍ‬ ‫اسم واألصل فيه عدم العمل ‪،‬‬ ‫لكون فعال ھذا من أمثلة المبالغة وھو ٌ‬
‫عمالً ‪.‬‬
‫تعبرون ﴾ ] يوسف ‪ [43 :‬تعبرون الرؤيا ھذا األصل ‪،‬‬ ‫للرؤ َيا َ ْ ُ ُ َ‬ ‫كنتم ِ ُّ ْ‬‫فعل فكذلك تكون الالم قياسية ﴿ إِن ُ ُ ْ‬ ‫وأما إذا تقدم وھو ٌ‬
‫فزيادة الالم َِلم ؟‬
‫ُف احتاج إلى تقوية وإال األصل إن كنتم الرؤيا تعبرون‬ ‫ضع َ‬ ‫ُف ‪ ،‬فإذا َ‬ ‫ضع َ‬ ‫لما تقدم المعمول على عامله واألصل تأخيره َ‬ ‫َ َّ‬
‫ُف العامل ألنه عمل أو ألن عمله فيما بعده ليس كعمله فيما قبله ‪،‬‬ ‫ضع َ‬ ‫قدم الرؤيا تعبرون َ‬ ‫فحينئذ األصل تعبرون الرؤيا ‪ ،‬فلما ُ ِّ َ‬ ‫ٍ‬
‫فرق بينھما تعبرون الرؤيا عمل على وضعه‬ ‫ٌ‬ ‫ففرق بين أن يقال ‪ ) :‬إن كنتم تعبرون الرؤيا ( ‪ ) ،‬إن كنتم الرؤيا تعبرون (‬
‫وترتيبه اللغوي والعقلي لماذا ؟‬
‫ٌ‬
‫خالف‬ ‫حينئذ يعمل فيما قبله وھذا‬ ‫ٍ‬ ‫قدم المعمول‬ ‫وطبعا ‪ ،‬فإذا ُ ِّ َ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫وعقال‬ ‫ً‬
‫متقدما على المعمول لغة‬ ‫ً‬ ‫ألن شأن العامل أن يكون‬
‫ُف العامل على أن يعمل فيه فاحتاج إلى ماذا ؟ إلى تقوية ‪.‬‬ ‫ضع َ‬ ‫األصل ‪ ،‬فلما تقدم معموله عليه ‪ -‬وھو خالف األصل ‪َ -‬‬
‫مفعول به ولو دخلت عليه‬ ‫ٌ‬ ‫للرؤ َيا ﴾ ] يوسف ‪ [43 :‬الالم حرف جر زائد تقوية أو صلة أو تأكيد ‪ ،‬والرؤيا‬ ‫ًإذا ﴿ ِإن ُ ُ ْ‬
‫كنتم ِ ُّ ْ‬
‫الالم ‪ ،‬وتعبرون فعل وفاعل ‪.‬‬
‫لما‬ ‫ربھم يرھبون ھذا األصل لكن َ َّ‬ ‫يرھبون ﴾ ] األعراف ‪ [154 :‬يرھبون ربھم ‪ -‬ھذا األصل ‪-‬للذين ھم َّ‬ ‫لربھم َ ْ َ ُ َ‬‫ھم ِ َ ِّ ِ ْ‬ ‫﴿ ِّ َّ ِ َ‬
‫للذين ُ ْ‬
‫ُدي بماذا ؟ بالم التقوية وھي زائدة لكنھا قياسية ‪.‬‬ ‫ُف العامل عن إدراك ما قبله كما ھو عمله فيما بعده على األصل ع ِّ َ‬ ‫ضع َ‬ ‫َ‬
‫ھذان النوعان قياسيان متى ؟‬
‫‪10‬‬
‫يديه ﴾ ] البقرة‬ ‫بين َ َ ْ ِ‬ ‫مصدقا ً ِّ َ‬
‫لما َ ْ َ‬ ‫فحينئذ لو تأخر المعمول َحس َُن تقويته بماذا بالالم ‪ ،‬مثل قوله تعالى ‪ِّ َ ُ ﴿ :‬‬ ‫ٍ‬ ‫إذا كان العامل ً‬
‫اسما‬
‫لما ﴾ تقول ‪:‬‬ ‫مصدقا ً ِّ َ‬
‫يريد ﴾ ] البروج ‪ِّ َ ُ ﴿ ، [16 :‬‬ ‫لما ُ ِ ُ‬ ‫فعال ٌ ِّ َ‬ ‫َ‬
‫يديه ﴾ ‪َّ ﴿ ،‬‬ ‫بين َ َ ْ ِ‬ ‫لما َ ْ َ‬ ‫مصدقا ً ِّ َ‬
‫‪ . [97 :‬ونحن اآلن في علوم القرآن ﴿ ُ َ ِّ‬
‫مفعول به والالم‬ ‫ٌ‬ ‫يريد ﴾ ] البروج ‪ [16 :‬ما ‪ ،‬نقول ‪ :‬ھذا‬ ‫لما ُ ِ ُ‬ ‫فعال ٌ ِّ َ‬ ‫مفعول به ‪َّ َ ﴿ ،‬‬ ‫ٌ‬ ‫الالم حرف جر زائد صلة تأكيد ‪ ،‬وما ھذا‬
‫فعال وتقدم معموله عليه كما في قوله تعالى ‪:‬‬ ‫ً‬ ‫ھنا حرف جر زائد صلة توكيد يعني جاء به للتقوية فقط ‪ ،‬كذلك إذا كان العامل‬
‫يرھبون ﴾ ] األعراف ‪ [154 :‬ھذا قياس ‪.‬‬ ‫لربھم َ ْ َ ُ َ‬ ‫ھم ِ َ ِّ ِ ْ‬ ‫تعبرون ﴾ ] يوسف ‪َ ِ َّ ِّ ﴿ ، [43 :‬‬
‫للذين ُ ْ‬ ‫للرؤ َيا َ ْ ُ ُ َ‬
‫كنتم ِ ُّ ْ‬ ‫﴿ ِإن ُ ُ ْ‬
‫فظ وال‬ ‫حينئذ يكون زيادةٌ الالم سماعية ال قياسية ‪ ،‬يعني ُتحْ َ ُ‬ ‫ٍ‬ ‫السماعي فھو إذا كان الفعل ھو العامل والمعمول متأخر‬ ‫وأما َّ‬
‫يقاس عليھا ‪.‬‬
‫ْت فعل وفاعل والالم حرف جر زائد صلة توكيد تقوية ‪ ،‬زيدٍ‬ ‫ضرب ُ‬ ‫ٍ‬
‫ضربت لزيد ھذا سماعي ال قياسي ‪ ،‬ضربت لزيد َ َ‬ ‫ٍ‬
‫مفعول به لكن ھل يحسن زيادة الالم في ھذا التركيب ؟‬ ‫ٌ‬ ‫وھذا‬
‫الجواب ‪ :‬ال ‪.‬‬
‫لماذا ؟‬
‫متأخرا ‪ ،‬إذا‬ ‫ً‬ ‫اسما ‪ ،‬وھو األصل في العمل لكون المعمول‬ ‫ً‬
‫لكون العامل فعل النتفاء النوعين السابقين لكون العامل فعال ال ً‬
‫ٍ‬
‫فحينئذ‬ ‫متقدما ‪ ،‬فجاء على األصل‬ ‫ً‬ ‫اسما ‪ ،‬ولم يضعف عن إدراك معموله لكونه‬ ‫ُف لكونه ً‬ ‫قوي فلم َيضْ ع ْ‬ ‫ٌ‬ ‫كان العامل على أصله‬
‫زيادة الالم تكون شاذة يُحْ فظ وال يقاس عليه ‪ ،‬ويعبر عنھا بأنھا سماعية ‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫للفرقان ( قياسية أو سماعية ؟‬ ‫المنزل ُ ُ ِ‬ ‫) ْ ُْ ِ‬
‫ُنز ُل‬ ‫المن ِزل ُ ( الم ْ ِ‬ ‫تبارك ْ ُ ْ‬
‫فحينئذ يحتاج إلى تقوية فقوي بھذه الالم ‪َ َ َ ) .‬‬ ‫ٍ‬ ‫قياسية لكون المنزل ھنا اسم فاعل وھو أدنى من الفعل‬
‫ُسمى واحد ‪ ،‬وذكر في الفرقان ‪ ،‬الفرقان ھذا‬ ‫ً‬ ‫للفرقان ( أي ‪ :‬للقرآن ‪ .‬فالقرآن والفرقان كما ذكرنا اسمان لِم َ ّ‬ ‫ھذا فاعل ) ُ ِ‬
‫وضرب ‪ ،‬فإذا قيل من باب نصر وضرب فماذا المراد به ؟‬ ‫نصر َ َ َ‬ ‫قانا ألنه من باب َ َ َ‬ ‫وفرْ َ ً‬ ‫فرق بينھما َفرْ ًقا َ ُ‬ ‫مصدر َ َ َ‬
‫إذا قيل من باب نصر وضرب ھذا يكون في القاموس مصدره ماذا ؟‬
‫ً‬
‫كضرب َيضْ ِربُ فرقا ھكذا نعم ‪.‬‬ ‫َ‬ ‫يفرق َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫فرق َ ْ ِ ُ‬ ‫ص ُر َنصْ ًرا أو َ َ َ‬ ‫نصر َْين ُ‬ ‫ُق َ ً‬
‫فرقا ‪َ َ َ ،‬‬ ‫فرق َ ْيفر ُ‬ ‫فعل َْيف ُع ُل فيكون َ َ َ‬ ‫ََ َ‬
‫وستة منھا للثالثي المجرد ( الباب‬ ‫ٌ‬ ‫فحينئذ يكون على زنته وھو الباب األول من أبواب الستة )‬ ‫ٍ‬ ‫إذا قيل من باب نصر‬
‫مفتوحا‬‫ً‬ ‫ص ُر َنصْ ًرا وعالمته أن تكون عين ماضيه‬ ‫ْ‬
‫نصر َين ُ‬ ‫فعل َْيف ُع ُل ولم يذكر َفعْ ل ‪ ،‬ألنه يرى أنھا سماعية موزونه َ َ َ‬ ‫األول َ َ َ‬
‫نصر‬ ‫فرق بينھما َفرْ قا َوفرْ َقانا بالضم فصل من باب َ َ َ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫في الماضي ‪ ،‬وفي المضارع مضمومة ھذا الباب األول ھنا قال َ َ َ‬
‫سرق وال‬ ‫نصر وضرب كالھما بفتح العين في الماضي فيقال ‪َ َ َ :‬‬ ‫وضرب ‪ً ،‬إذا ْالمصدر متحد ولو اختلف المضارع ألن َ َ َ‬ ‫َ َ َ‬
‫رق بكسر العين أي الراء‬ ‫وسرق َيسْ ِ ُ‬ ‫ص ُر ‪َ َ َ ،‬‬ ‫ْ‬
‫نصر َين ُ‬ ‫ُق من باب َ َ َ‬ ‫ْ‬
‫فرق َيفر ُ‬ ‫إشكال ‪ ،‬وإنما النظر يكون باعتبار المضارع ألن َ َ َ‬
‫ً‬
‫ردا ‪.‬‬ ‫كرد َ ّ‬ ‫ُعدى من ذي ثالثة َ َ ّ‬ ‫ْ‬
‫رب َيضْ ِربُ والمصدر فيھما َفعْ ٌل ‪ .‬قياس مصدر الم َ َّ‬ ‫ضَ َ‬ ‫يكون من باب َ‬

‫َ ًّ‬
‫ردا‬ ‫َ َّ‬
‫كرد‬ ‫َ َ‬
‫ثالثة‬ ‫ِذي‬ ‫ِمنْ‬ ‫دَر ْالم َ َّ‬
‫ُعدى‬ ‫َفعْ ٌل ِقياسُ َمصْ ٍ‬
‫)‬ ‫)‬

‫الفاء وإسكان العين ‪ً ،‬إذا اتحدا َ َ َ‬


‫فرق‬ ‫وفعل متعدي ‪ -‬ذكرناھم األسبوع الماضي ‪ -‬أنه يأتي مصدره على َفعْ ٍل بفتح ْ َ ِ‬ ‫◌فعل َ ِ َ‬ ‫َ ََ َ‬
‫في الماضي واتحدا في المصدر وافترقا في ماذا ؟‬
‫وزن ُفعالن لكنه سماعي ‪.‬‬ ‫قانا على َ ْ ِ‬‫في المضارع وجاء المصدر ُفرْ َ ً‬
‫مصدر سماعي ‪َ َ َ ،‬‬
‫فرق‬ ‫ٌ‬ ‫وفرْ َقان ھذا‬ ‫مصدر قياسي ‪ُ ،‬‬ ‫ٌ‬ ‫ومصدر سماعي ‪َ ،‬فرْ ًقا ھذا‬
‫ٌ‬ ‫مصدر قياسي‬‫ٌ‬ ‫فرق له مصدران‬ ‫ًإذا َ َ َ‬
‫حكيم ﴾ ] الدخان ‪[4 :‬‬ ‫أمر َ ِ ٍ‬‫يفرق ُكل ُّ َ ْ ٍ‬‫فيھا ُ ْ َ ُ‬ ‫وضرب ﴿ ِ َ‬
‫َ َ َ‬ ‫وفرقانا ھكذا قال في القاموس بالضم فصل من باب َ َ َ‬
‫نصر‬ ‫ً‬ ‫بينھما َفرْ ًقا‬
‫لبحر ﴾ ] البقرة ‪َ ْ َ َ [50:‬‬
‫فلقناهُ ‪﴿ ،‬‬ ‫بكم ا ْ َ ْ َ‬ ‫وإذ َ َ ْ َ‬
‫فرقنا ِ ُ ُ‬ ‫فصلناه وأحكمناه ‪ْ ِ َ ﴿ ،‬‬ ‫فرقناهُ ﴾ ] اإلسراء ‪ [106 :‬أي ‪َّ :‬‬ ‫وقرآنا ً َ َ ْ َ‬
‫قال ‪ :‬يُقضى ‪ْ ُ َ ﴿ ،‬‬
‫فرقا ً ﴾ ] المرسالت ‪ ، [4 :‬أي ‪ :‬المالئكة تنزل بالفرق بين الحق والباطل ‪ ،‬ثم قال ‪ :‬والفرقان بالضم القرآن ‪ ،‬وكل‬ ‫فالفارقات َ ْ‬
‫َ َْ ِ َ ِ‬
‫الكتاب َ ْ ُ ْ َ َ‬
‫والفرقان ﴾ ]‬ ‫موسى ْ ِ َ َ‬‫آتينا ُ َ‬ ‫والفراق البحري ومنه ﴿ َ ْ َ‬ ‫ُطلق الفرقان على التوراة ْ ِ َ‬ ‫ما ُفرِّ َق به بين الحق والباطل وكذلك ي ْ َ ُ‬
‫البقرة ‪ [53 :‬ھل ھو قرآن ؟‬
‫شيء آخر ‪ ،‬و أعلم ‪.‬‬ ‫ٌ‬ ‫شيء آخر ‪ ،‬وقيل الكتاب ھو التوراة والفرقان‬ ‫ٌ‬ ‫ال انفراق البحر ‪ ،‬أو أنه التوراة ‪ ،‬وقيل الكتاب‬

‫‪11‬‬
‫ً‬
‫ُنز ُل وھناك قال في‬ ‫النبي ( ھذا جار مجرور متعلق بقوله ْالم ْ ِ‬ ‫للفرقان ( أي ‪ :‬للقرآن ‪ ) .‬على َّ ِ ِّ‬ ‫ُنز ُل ُ ِ‬ ‫للفرقان إذا للقرآن ) ْالم ْ ِ‬ ‫ُ ِ‬
‫مدح وثناء وما اختص به النبي  من جھة ترتيب الحكم الشرعي من‬ ‫ٍ‬ ‫عبده ﴾ ] الفرقان ‪ [1 :‬وھو أبلغ ألنه صفة‬ ‫على َ ْ ِ ِ‬ ‫اآلية ﴿ َ َ‬
‫عند  جل وعال أولى وأبلغ وأحكم مما رتبه عليه الخلق ‪.‬‬
‫مأخوذ من النبأ ويحتمل أنه مأخوذ‬ ‫ٌ‬ ‫المنزل ُ ( ‪ .‬والنبي ھذا يحتمل أنه‬ ‫النبي ( نقول ‪ :‬جار مجرور متعلق بقوله ‪ِ ْ ُ ْ ) :‬‬ ‫) على َّ ِ ِّ‬
‫تخفيفا ثم أدغمت الياء في‬ ‫ً‬ ‫نبيء على وزن فعيل ‪ ،‬فقلبت الھمزة ياء‬ ‫ٌ‬ ‫مھموزا يكون‬ ‫ً‬ ‫من النبوة ‪ ،‬وعليه إذا كان من النبأ فيكون‬
‫ٌ‬
‫مأخوذ من‬ ‫نبي وھو‬‫النبي ولذلك األفصح أن يقرأ بدون ھمز لكنه قرأ بالھمس نبيء بالھمس وزنه فعيل ‪ ،‬نقول كيف ٌ‬ ‫ّ‬ ‫الياء ‪،‬‬
‫النبأ ؟‬
‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬
‫ألن نبيء فعيل بتخفيف الياء ثم ھمزة وھي الم الكلمة نبيء فعيل فنقول ‪ :‬قلبت الھمزة ياء نبيي ثم أدغمت الياء األولى في‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬
‫واوا فكيف صارت نبي‬ ‫حينئذ ال بد من أن تكون الالم ً‬ ‫ٍ‬ ‫نبيه من النبوة‬ ‫نبي ‪ ،‬وإذا كان من النبوة أصل ٌ‬ ‫الياء الثانية فصير ّ‬
‫والالم واو ؟‬
‫ياء ثم أدغمت‬ ‫فعيل اجتمعت الواو والياء وسبقت إحداھما بالسكون فقلبت الواو ً‬ ‫ٌ‬ ‫نقول ‪ :‬اجتمعت الواو والياء أصله ٌ‬
‫نبيه‬
‫َّ‬
‫كل من القولين ‪ -‬ألنه يجوز ھذا وذاك يجوز أن يكون من النبأ ويجوز أن يكون من النب َْوة ‪-‬‬ ‫نبي ‪ ،‬وعلى ٍ‬ ‫الياء في الياء فصار َّ‬
‫ٌ‬
‫وكل حق وعليه يقاس ‪ ،‬إذا كان النبي مأخوذ من النبأ وھذا فعيل‬ ‫ٌ‬ ‫كل إما أن يكون فعيل بمعنى فاعل أو بمعنى مفعول‬ ‫وعلى ٍ‬
‫ُخبر غيره يعني الخلق بماذا ؟ بحكم عز وجل أو بالوحي‬ ‫ُخبر ألنه اسم فاعل م ْ ِ ٌ‬ ‫حينئذ يكون المعنى أن النبي  م ْ ِ ٌ‬ ‫ٍ‬ ‫بمعنى فاعل‬
‫ُخبر ‪ ،‬اجتمع‬ ‫ُخبر وھو م ْ َ‬ ‫ً‬
‫ُخبر عن  جل وعال بواسطة جبريل عليه السالم ‪ ،‬إذا ھو م ْ ِ‬ ‫‪ ،‬وإذا كان بمعنى اسم المفعول فھو م ْ َ ٌ‬
‫فيه الوصفان أو ال ؟‬
‫ُخبر غيره بالوحي ‪.‬‬ ‫ُخبر عن  عز وجل بتنزيل الوحي بواسطة جبريل عليه السالم ‪ ،‬وھو م ْ ِ ٌ‬ ‫اجتمع فيه الوصفان ھو م ْ َ ٌ‬
‫ًإذا اجتمع فيه الوصفان ونيي من النبوة وھي الرفعة واالرتفاع كذلك يكون بمعنى اسم الفاعل ويكون بمعنى اسم مفعول ‪،‬‬
‫حق أو ال ؟‬ ‫رافع رتبة من اتبعه وھذا ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫وعليه يكون بمعنى اسم فاعل ھو‬
‫ضال مضل ثم يتبع النبي  ارتفع أو ال ؟‬ ‫ٌ‬ ‫حق يكون كافر‬
‫أوحي إليه فارتفع أو‬ ‫ُ‬
‫نبيا ثم ِ َ‬ ‫ارتفع باإليمان ‪ .‬إذا ھو رافع غيره بإتباعه عليه الصالة والسالم ‪ ،‬وھو مرفوع الرتبة لم يكن ً‬ ‫ً‬
‫ال ؟‬
‫ارتفع ‪.‬‬
‫النب َْوة ‪ ،‬وأما في االصطالح فالمشھور‬ ‫ً‬
‫مشتقا من َّ‬ ‫مشتقا من النبأ ويصح أن يكون‬ ‫ً‬ ‫ًإذا المعاني كلھا حق ‪ ،‬إذا يصح أن يكون‬
‫ً‬
‫أمر بتبليغه أو ال ‪.‬‬ ‫سواء ُ ِ َ‬
‫ٌ‬ ‫بشرع‬
‫ٍ‬ ‫حر ُأوحي إليه بشرع أو أوحى  إليه‬ ‫إنسان ذكر ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫عند كثير من المتأخرين بأن النبي‬
‫النحل ﴾ ] النحل ‪ [68 :‬ھل النحل يكون ً‬
‫نبيا ؟‬ ‫ربك َِإلى َّ ْ ِ‬ ‫وأوحى َ ُّ َ‬ ‫نبيا ﴿ َ َ ْ َ‬ ‫إنسان ًإذا غير اإلنسان ال يكون ً‬
‫موسى ﴾ ] القصص ‪[ 7 :‬‬ ‫أم ُ َ‬ ‫وأوحينا َِإلى ُ ِّ‬
‫إنسان ذكر ًإذا لو ثبت ﴿ َ َ ْ َ ْ َ‬ ‫ٌ‬ ‫ال ‪ ،‬ألنه ليس بإنسان ال بد أن نأخذ بھذا القيد إنسان ‪،‬‬
‫ثبت الوحي أو ال ؟‬
‫ثبت الوحي لكنھا ليست نبية ‪ ،‬كذلك القول بأن مريم نبية ‪ -‬كما قال ابن حزم‬
‫حر خرج به‬ ‫ذكر خرج األنثى وھذا قول الجماھير ‪ٌ ،‬‬ ‫نبيا ‪ ،‬و ٌ‬ ‫إنسان ‪ .‬خرج غير إنسان فال يكون ً‬ ‫ٌ‬ ‫حينئذ نقول ‪:‬‬ ‫ٍ‬ ‫‪ -‬مرجوح‬
‫وأوحيناَ‬ ‫َ‬
‫أوحي إليه بشرع خرج ما لو أوحي إليه بغير شرع كما في قوله ‪ْ َ ْ َ ﴿ :‬‬ ‫نبيا ‪َ ِ ،‬‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ْ‬ ‫ً‬
‫العبد ألنه أدنى منزلة من الحُرِّ فال يكون ّ‬
‫سواء أمر بتبليغه أو ال ؟‬ ‫ٌ‬ ‫وحيا بمعنى الوحي المعروف‬ ‫أرضعيه ﴾ ] القصص ‪ . [7 :‬ليس بشرع ولو كان ً‬ ‫أن َ ْ ِ ِ ِ‬ ‫موسى َ ْ‬ ‫أم ُ َ‬‫َِإلى ُ ِّ‬
‫ُعين ِلماذا ؟‬ ‫ًإذا ھنا ُأطلق ماذا ؟ األمر بالتبليغ يعني لم ي َ َّ‬
‫كثير من المتأخرين ‪ ،‬ولذلك يجعلون العالقة بين النبي والرسول العموم‬ ‫ٍ‬ ‫ألنه لو قُيِّدَ باألمر بالتبليغ لصار رسوالً على قول‬
‫رسول نبي وال عكس ‪ ،‬وھذا ھو المشھور وإن كان حقيقة الكالم في مسألة حقيقة النبي وحقيقة‬ ‫ٍ‬ ‫والخصوص المطلق ‪ ،‬فكل‬
‫الرسول ھذه مسألة اجتھادية لم يثبُت في الفرق بينھما نص ‪ ،‬ولذلك اختلف عبارات أھل العلم ‪ ،‬شيخ اإلسالم ابن تيمية رحمه‬
‫بشريعة مكملة لشريعة من قبله والرسول من جاء بشريعة مستقلة ‪ ،‬وبعضھم يرى أن النبي من‬ ‫ٍ‬ ‫ يرى أن النبي من جاء‬
‫قوم مخالفين وكل من ھذه األقوال الثالثة يحتاج إلى دليل‬ ‫بشريعة إلى ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫قوم موافقين والرسول من جاء‬ ‫جاء بشريعة إلى ٍ‬
‫كال من الرسول والنبي ال شك أنه مرسل ‪ ،‬ھكذا كل نبي ورسول ال شك أنه مرسل‬ ‫شرعي وإال المسألة مسألة اجتھادية ألن ً‬
‫بمعنى أنه مأمور بالتبليغ وبعضھم يزيد على مسألة أو ما اشتھر من المتأخرين ولم يُؤمر بتبليغه أو ُعم َِّم سواء أمر بتبليغه أو‬
‫أمر بالتبليغ بمعنى أنه يُقاتل على دعوته ‪ ،‬والنبي أمر بالتبليغ إذا قيل النبي لم‬ ‫ال يقول الفرق بين الرسول والنبي أن الرسول ُ ِ َ‬
‫يؤمر بالتبليغ بمعنى أنه ال يكلم أحد يوحى إليه ويجلس في بيته يتعبد ما الفائدة من الوحي إليه ؟‬
‫‪12‬‬
‫مأمورا بالتبليغ بمعنى‬ ‫ً‬ ‫حينئذ قالوا ‪ :‬النبي ھو من لم يُؤمر بالتبليغ بمعنى أنه لم يأمر بالقتال على دعوته وإن كان‬ ‫ٍ‬ ‫ال فائدة ‪،‬‬
‫بيان الحق للناس ‪ ،‬لكن كل ھذه األقوال تحتاج في الترجيح إلى دليل واضح بين واألشھر عند المتأخرين ھو ما ذكرته أن‬
‫العالقة بينھما العموم والخصوص المطلق ‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫األردان ( ) َ ِ ِ‬‫عطر َ ْ ِ‬ ‫) على َّ ِ ِّ‬
‫النبي َ ِ ِ‬
‫عطر كفرح يقال ‪َ :‬عطرت المرأة إذا تطيبت ‪،‬‬ ‫األردان ( فاعل ھذا اسم فاعل من َ ِ ِ‬ ‫عطر ْ ِ‬
‫أيضا ككتف ‪ ،‬يقال رجٌل عطر وامرأةٌ عاطرة ومعاطرة ومتعطرة وكالھما معطير ومعطار إذا استخدم ماذا العطر‬ ‫ً‬ ‫وعطر‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫الذي ھو الطيب يتعھدان أنفسھما بالطيب ‪ِ ِ َ ) .‬‬
‫بضم فسكون ‪ ،‬أصل الكم كما في‬ ‫ٍ‬ ‫دان ھذه جمع ر ُُدن فعُل‬ ‫األردان ( األرْ ِ‬
‫عطر ْ ِ‬
‫وردن ُه وجعل له ر ُْدناً‬ ‫وأرْ دَ ان القميص َ َ َّ َ‬ ‫الردن يعني واسع ماذا ؟ واسع الكم جمعه َأرْ دَ ان ‪َ ،‬‬ ‫الصحاح يقال قميص واسع ُّ ِ ِ‬
‫عطر ( بمعنى الطيب‬ ‫األردان ( أي ‪ :‬طيب األصول ألن ) َ ِ ِ‬ ‫عطر ْ ِ‬ ‫َ‬ ‫المشھور في شرح ھذا البيت عند الشراح أن المراد بـ ‪ِ ِ َ ) :‬‬
‫الكم والمراد به‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬
‫الردن ‪ -‬كما ذكرناھا ‪ -‬أصل ِّ‬ ‫فحينئذ حصل فيه مجاز بمرتبتين ألن ُّ ُ‬ ‫ٍ‬ ‫األردان ( ھذا المراد به أصل ْ ُ ِّ‬
‫الكم‬ ‫و) َ ْ ِ‬
‫الكم ‪ ،‬أصل ْ ُ ِّ‬
‫الكم‬ ‫األردان ( جمع ر ُُدن ‪ ،‬ر ُُدن المراد به أصل ُ ِّ‬ ‫مجازا نقل إلى مطلق األصل ثم إلى أصل النسب ) َ ْ ِ‬ ‫ً‬ ‫أصل النسب‬
‫الكم نقل إلى أصل النسب يعني مطلقا ثم إلى األصل مطلق األصل نقل إلى مطلق‬ ‫ً‬ ‫ُ‬
‫الكم ھذا الذي يكون طرف الثوب أصل ّ‬ ‫ُّ‬
‫األردان ( أي ‪ :‬طيب األصول ‪.‬‬ ‫عطر َ ْ ِ‬ ‫حينئذ يكون المراد بـ ‪ ) :‬على َّ ِ ِّ‬
‫النبي َ ِ ِ‬ ‫ٍ‬ ‫األصل ثم من مطلق األصل إلى أصل النسب‬
‫مبتدئ محذوف أي ‪:‬‬ ‫ٍ‬ ‫النبي ( ويجوز الرفع على ألنه ٌ‬
‫خبر‬ ‫محمد ھذا بالجر بدل أو عطف بيان لقوله ‪ ) :‬على َّ ِ ِّ‬ ‫ٍ‬ ‫) ُ َ َّ ٍ‬
‫محمد (‬
‫ھو محمد وإن كان األصل في جھة اللسان ما ھو ؟‬
‫حينئذ يكون‬‫ٍ‬ ‫مبتدأ محذوف أي ‪ :‬ھو محمد‬ ‫ٍ‬ ‫ٌ‬
‫خبر‬ ‫محمد بالضم على أنه‬ ‫ٌ‬ ‫البدل أو عطف ويجوز الفصل والقطع ‪ ،‬فيقال ‪:‬‬
‫ً‬
‫جزء أو عين المبدل منه ‪ ،‬والعطف بيان كذلك يجب أن يكون جملة واحدة‬ ‫ٌ‬ ‫واحدا ألن البدل‬ ‫ً‬ ‫جملة مستأنفة واألول يجعل الكالم‬ ‫ً‬
‫وإذا قطع صار جملتين ‪.‬‬
‫محمد ( على أشرف أسمائه  اسم مفعول من ُحمِّدَ فھو م َ َّ ٌ‬
‫ُحمد‬ ‫) ُ َ َّ ٍ‬

‫ٌ‬
‫محمود وھذا محمد‬ ‫فذو العرش‬ ‫وشق له من اسمه ليجله‬
‫)‬ ‫)‬

‫محمد إذا كان كثير الخصال التي يُحمد عليھا من ْال ُم َ َّ‬
‫ضعف ُحمِّدَ للمبالغة فھو الذي يُحْ َ ُ‬
‫مد أكثر مما‬ ‫ٌ‬ ‫ھكذا قال حسان ‪ ،‬فھو‬
‫مد غيره من البشر ‪ ،‬محمد فھو الذي يحمد أكثر مما يحمد عليه البشر لماذا ؟‬ ‫يُحْ َ ُ‬
‫حمدا جل وعال ‪.‬‬ ‫لكثرة خصاله الحميدة ‪ ،‬وقيل لكونه أكثر الناس َحم ًْدا للرب جل وعال لكونه أكثر الخلق ً‬
‫سالم (‬
‫مع َ ٍ‬
‫صلى ُ َ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬
‫عليه َ‬ ‫محمد ( ھذا عطف بيان أو بدل قلنا من النبي ثم قال ‪) :‬‬ ‫سالم ( ‪ٍ َّ َ ُ ) .‬‬
‫مع َ ٍ‬ ‫عليه َ َّ‬
‫صلى  ُ َ‬ ‫ِ‬ ‫) ُ َ َّ ٍ‬
‫محمد‬
‫ُنزل للفرقان على النبي شرع‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫يعني ‪ :‬بعد أن أثنى على الرب جل وعال وھو الخالق سبحانه لقوله ‪ :‬تبارك تعاظم وتعالى الم ِ‬
‫في الثناء على أفضل الخلق وھو النبي صلى  عليه وعلى آله وسلم ‪.‬‬

‫نبينا َ ِ‬
‫فم ْل عن الشقاق‬ ‫وأفضل الخلق على اإلطالق‬
‫)‬ ‫)‬

‫وأداء لبعض حقوقه‬ ‫ً‬ ‫ً‬


‫إظھارا لعظمة قدره‬ ‫يعني أتى بعد الثناء على  تعالى بما ھو أھله عقبه بالصالة على النبي ‬
‫ُبلغ للشرع ألنه يصح أن يقال األنبياء والرسل وسائط بين‬ ‫الواجبة إذ ھو الواسطة بين  جل وعال وبين عباده بمعنى أنه م َ ِّ ٌ‬
‫الرب جل وعال ال لكون العبادة ُتصْ رفُ إليھم ‪ ،‬ال ‪ ،‬وإنما لكونھم مبلغين ألنه ال تعرف العبادة وال يُعرف الوحي إال عن‬
‫حينئذ صاروا وسائط كما أن الصحابة وسائط في معرفة الشرع ھم نقول ‪ :‬حملة الشرع وھم وسائط‬ ‫ٍ‬ ‫طريق األنبياء والرسل‬
‫بين النبي  ومن بعدھم ‪ .‬كذلك األنبياء وسائط بين الخلق وبين الخالق جل وعال ال لكونھم وسائط تصرف إليھم العبادة‬
‫فيوصلون إلى  عز وجل كما يظن أھل الشرك ‪ ،‬ال ‪ .‬وإنما المراد أنه وسائط في تبليغ العلم والشرع بمعنى أن الرب جل‬
‫وجميع النعم الواصلة إليھم‬‫ٌ‬ ‫وعال اصطفى من الخلق من يُوحي إليھم ثم بواسطتھم يصل العلم الشرعي إلى جميع الناس ‪،‬‬
‫ُ‬
‫آمنوا‬ ‫ِ‬
‫الذين َ‬
‫َ‬ ‫َّ‬ ‫أيھا‬ ‫َ‬ ‫ً‬
‫وامتثال لقوله تعالى ‪َ ﴿ :‬يا ُّ َ‬ ‫التي من أعظمھا الھداية للدين القويم إنما ھي به وعلى يديه عليه الصالة والسالم‬
‫عليه َ َ ِّ ُ‬
‫وسلموا َ ْ ِ‬
‫تسليما ً ﴾ ] األحزاب ‪. [56 :‬‬ ‫صلُّوا َ َ ْ ِ‬
‫َ‬

‫‪13‬‬
‫عليه َ َ ِّ ُ‬
‫وسلموا‬ ‫صلوا َ َ ْ ِ‬
‫آمنوا َ ُّ‬ ‫أيھا َّ ِ َ‬
‫الذين َ ُ‬ ‫سالم ( ًإذا جمع بين الصالة والتسليم امتثاالً لآلية المذكورة ﴿ َيا َ ُّ َ‬ ‫مع َ ٍ‬ ‫صلى  ُ َ‬ ‫عليه َ َّ‬ ‫ِ‬ ‫)‬
‫فحينئذ يكون الجمع بينھما ھو األكمل في االمتثال واشتھر عند كثير من المتأخرين أنه يكره‬ ‫ٍ‬ ‫تسليما ً ﴾ ] األحزاب ‪. [56 :‬‬ ‫َ ِْ‬
‫إفراد الصالة عن السالم والسالم عن الصالة بحجة ماذا ؟‬
‫َ‬
‫الزكاة ﴾ ]‬ ‫وآتوا َّ َ‬ ‫َ‬
‫الصالة َ ُ ْ‬‫وأقيموا َّ َ‬ ‫َ‬
‫فحينئذ نقول الجمع بينھما كالجمع بين قوله تعالى ‪ْ ُ ِ َ ﴿ :‬‬ ‫ٍ‬ ‫أن الرب جل وعال جمع بينھما ‪،‬‬
‫حكما يعني داللة االقتران ضعيفة في إفادة األحكام ولذلك‬ ‫ً‬ ‫البقرة ‪ [43 :‬ولذلك المراد عند األصوليين أن داللة االقتران ال تفيد‬
‫والعمرة ِ ّ‪ ] ﴾ ِS‬البقرة ‪ . [196 :‬جمع بينھما قال ‪:‬‬ ‫الحج َ ْ ُ ْ َ َ‬ ‫وأتمواْ ْ َ َّ‬‫ر َُّد على من قال بوجوب العمرة استدالالً بقوله تعالى ‪ُّ ِ َ َ ﴿ :‬‬
‫داللة ضعيفة ‪ ،‬ثم اآلية ليست في الحج وإنما ھي في‬ ‫ٌ‬ ‫الحج واجب ‪ً .‬إذا العمرة ماذا ؟ واجبة ‪ ،‬ألنه قرنھا مع الحج نقول ‪ :‬ھذه‬
‫وجوب اإلتمام ووجوب اإلتمام ليس كإنشاء العبادة من أصلھا حينئذ نقول ‪ :‬الداللة ضعيفة وعليه االستدالل بھذه اآلية في‬
‫كراھة إفراد السالم عن الصالة أو الصالة عن السالم ضعيفة فنحتاج إلى دليل يأتي بالنھي بخصوصه ‪ ،‬وإنما يقال ‪ :‬فيه‬
‫سابقا في التفرقة بين كراھة وخالف األولى ‪ .‬ولذلك قال ابن الجوزي رحمه  ‪ :‬وأما الجمع‬ ‫ً‬ ‫الخالف األولى على ما ذكرناه‬
‫تسليما ً ﴾ ] األحزاب ‪ - . [56 :‬وھذا‬ ‫وسلموا َ ْ ِ‬ ‫ِّ‬
‫عليه َ َ ُ‬ ‫َ‬
‫صلوا َ ْ ِ‬ ‫ُّ‬ ‫بين الصالة والسالم فھو األولى واألكمل واألفضل لقوله تعالى ‪َ ﴿ :‬‬
‫ال نزاع أنه أفضل وأكمل ال نزاع فيه ‪ -‬ولو اقتصر على أحدھما جاز من غير كراھة فقد دار عليه جمع منھم مسلم رحمه ‬
‫خالفا للشافعية ألن أكثر من شيع القول بالكراھة ھم الشافعية ‪ ،‬والنووي رحمه  له نصيب أوفر حتى إن‬ ‫ً‬ ‫في صحيحه‬
‫الشافعي رحمه  تعالى اقتصر على الصالة دون التسليم في خطبة الرسالة وھو من السلف بل من أئمة السلف اقتصر على‬
‫الصالة دون التسليم في خطبة الرسالة ويُنسب إلى مذھب الشافعي الكراھة بإفراد أحدھما عن اآلخر ‪ ،‬نعم امتثاالً لآلية أفضل‬
‫وأسلم لكن القول بالكراھة ال دليل عليه ‪ ،‬ولذلك نقول ‪ :‬جمع ھنا بين الصالة والسالم ال لكونه إذا أفرد أحدھما وقع في‬
‫الكراھة وإنما لكمال االنتساب ‪.‬‬
‫سالم ( صلى  عليه جار ومجرور متعلق بقوله ‪ :‬صلى ‪ ،‬والصالة كما ھو مشھور عند‬ ‫مع َ ٍ‬ ‫صلى  ُ ** َ‬ ‫عليه َ َّ‬
‫ِ‬ ‫) ُ َ َّ ٍ‬
‫محمد‬
‫المتأخرين على ما قاله األزھري ‪ :‬صالة من  الرحمة ‪ ،‬ومن المالئكة االستغفار ‪ ،‬ومن اآلدميين التضرع والدعاء ‪ .‬وھذا‬
‫عليه إشكال يرد عليه إشكاالت ألن تعين الصالة بأنھا من  الرحمة ھذا ورد التغاير بين الرحمة والصالة لقوله تعالى ‪﴿ :‬‬
‫ورحمة ﴾ ] البقرة ‪ . [157 :‬والقاعدة ‪ :‬أن العطف يقتضي التغاير ‪ .‬حينئذ لما عطفت الرحمة على‬ ‫ربھم َ َ ْ َ ٌ‬
‫صلوات ِّمن َّ ِّ ِ ْ‬‫عليھم َ َ َ ٌ‬ ‫َ َْ ِ ْ‬
‫الصلوات علمنا أن الرحمة مغايرة للصالة وقد ال تكون المغايرة من كل وجه وإنما قد تكون من بعض الوجوه دون بعض ‪،‬‬
‫ميتا جائز أو ال ؟‬ ‫حيا أو ً‬ ‫زيدا سواء كان ًّ‬ ‫وكذلك يجوز سؤال الرحمة لكل مسلم باإلجماع اللھم ارحم ً‬
‫جائز باإلجماع ال خالف ‪ً ،‬إذا مشروعية سؤال الرحمة لكل مسلم جائزة باإلجماع والصالة جائز أو ال ؟‬
‫فيھا خالف ‪ ،‬واألشھر أنھا ممنوعة على جھة االستقالل يعني ‪ :‬ال يجوز أن تقول ‪ :‬زيد  ‪ .‬إذا كان ماذا ؟ إذا صار‬
‫مرتبطا بذكره ‪ ،‬أما إذا كان على جھة دون مالزمة ھذا الوصف فحينئذ ال إشكال فيه أما على جھة االستقرار‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫وأمرا‬ ‫ً‬
‫شعارا‬
‫كل ما ذكرت اإلمام أحمد تقول ‪ .  :‬نقول ‪ :‬ھذا خالف األصل واألصل أن الصالة تكون مختصة باألنبياء والرسول ومن‬
‫عداھم حينئذ نقول ‪ :‬وقع الخالف ‪ً .‬إذا الصالة مختصة والرحمة عامة ًإذا الفرق بين الرحمة والصالة ‪ ،‬كذلك تفسير الصالة‬
‫أيضا وھو أن الدعاء يكون بخير والشر دعوت لزيد ودعوت عليه بخير وبشر والصالة ال تكون‬ ‫بمعنى الدعاء ھذا فيه إشكال ً‬
‫إال بخير ‪ً ،‬إذا فرق بينھما فكيف تفسر الصالة بماذا ؟ بالدعاء ‪.‬‬
‫ويتعدى بعلى يعني من جھة الصناعة الصناعة النحوية اللغوية تقول ‪ :‬دعوت لزيد ودعوت‬ ‫َّ‬ ‫يتعدى بالالم‬ ‫كذلك الُّدعاء َّ‬
‫المعدى بعلى ؟‬ ‫َّ‬ ‫المعداة بعلى ھي عينھا الدعاء‬ ‫َّ‬ ‫تتعدى إال بعلى وھل الصالة‬ ‫على زيد ‪ .‬والصالة ال َّ‬
‫الجواب ال ‪.‬‬
‫لماذا ؟‬
‫المعدى بعلى تفسر به الصالة التي ال َّ‬
‫تتعدى‬ ‫َّ‬ ‫وصليت عليه ھذا بالخير ‪ ،‬حينئذ كيف يفسر دعا‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫بشر ‪،‬‬
‫دعوت عليه ھذا ّ‬ ‫َ‬ ‫ألن‬
‫ثان ‪.‬‬
‫إال بعلى ھذا وجه ٍ‬
‫مدع ُّوا ھو  وله ھو‬ ‫ً‬ ‫ومدع ُّوا له دعوت  لزيد َ ْ‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫مدع ُّوا َ ْ‬ ‫وجه ثالث ‪ :‬ذكره ابن القيم رحمه  تعالى ‪ :‬أن الدعاء يقتضي َ ْ‬
‫ومدع ُّوا له كما ھو الشأن في‬ ‫ً‬ ‫مدع ُّوا َ ْ‬‫ً‬ ‫مدعوا فقط اللھم ص ِّل على محمد نقول ‪ :‬ھذه ال تقتضي َ ْ‬ ‫ً‬ ‫زيد والصالة ال تقتضي إال‬
‫الدعاء حينئذ ال يمكن تفسير الصالة بالدعاء كما أنه ال يمكن تفسير الصالة بالرحمة كما أنه ال يمكن تفسير الصالة بمعنى‬
‫االستغفار ألن الصالة واالستغفار متباينان ھذا أمر مدرك من جھة الشرع ‪ ،‬ولذلك عدل كثير من المحققين إلى تفسير الصالة‬
‫معلقا عن أبي العالية أن الصالة من  ثناؤه على عبده في المأل األعلى ‪.‬‬ ‫ً‬ ‫بما ذكره أبو العالية أو ذكره البخاري في صحيحه‬
‫وتكريما ورفعة ‪ ..‬إلى آخره وصالة‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫وكذلك الصالة من المالئكة ثناؤھم عليه كذلك بأنه يزيده الرب جل وعال تشريفا‬
‫‪14‬‬
‫وتكريما ورفعة ‪ ..‬إلى آخره حينئذ اجتمع المعاني‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫تشريفا‬ ‫ُثني عليه وأن يزيده‬ ‫اآلدميين كذلك سؤال الرب جل وعال أن ي ْ ِ َ‬
‫الثالث صالة الرب جل وعال ‪ ،‬وصالة المالئكة ‪ ،‬وصالة اآلدميين في الثناء أو في سؤال الثناء وھذا أولى ما تفسر به‬
‫الصالة ‪.‬‬
‫لسلم ألن سلم المصدر منه التسليم‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫والسالم ھذا اسم مصدر َ‬ ‫َّ‬ ‫سالم ( ھنا جمع بين الصالة والسالم ‪،‬‬ ‫مع َ ٍ‬ ‫صلى  ُ ** َ‬ ‫َّ‬ ‫) َ‬
‫وسالم ھنا اسم مصدر ‪ ،‬إذا ثناء من إما أنه مشتق من السالم وھو اسم الرب جل وعال وإما أنه مأخوذ من السالمة من‬ ‫ً‬
‫النقائص والرذائل ‪ ،‬وإما أنه من السالمة يعني األمان ضد الخوف ‪ ،‬يعني األمان على النبي  في الدنيا واآلخرة واألمان‬
‫على أمته ‪.‬‬
‫صلى ( صلى مع سالم وھو ظرف‬ ‫يغشاهُ ( ‪ .‬ومع ھذا متعلق بقوله ‪َّ َ ) :‬‬ ‫دائما ھذا متعلق بقوله ‪َ ْ َ ) :‬‬ ‫يغشاه ( يغشاه ً‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫دائما َ‬ ‫) ً‬
‫يدل على المصاحبة حينئذ صاحب بين الصالة أو طلب الصالة مع سالم ‪.‬‬
‫دائما ( ھذا‬ ‫ً‬ ‫يغشاهُ ( يغشاه الجملة صفة لسالم يغشاه بأن يغشى النبي  والجملة في محل جار صفة لسالم ‪) ،‬‬ ‫دائما َ ْ َ‬‫ً‬ ‫)‬
‫متعلق به والمراد به الداللة على ديمومة السالم مع الصالة وھذا يدل على ماذا ؟‬
‫صلوا‬‫يدل على أن السالم آكد من الصالة ولذلك لما أفرد فليذكر السالم دون الصالة لماذا ؟ ألنه مؤكد في اآلية بالتأكيد ﴿ َ ُّ‬
‫تسليما ھذا مفعول مطلق مؤكد لعامله ًإذا أكد السالم ولم يؤكد الصالة فدل على‬ ‫ً‬ ‫تسليما ً ﴾ ] األحزاب ‪[56 :‬‬ ‫عليه َ َ ِّ ُ‬
‫وسلموا َ ْ ِ‬ ‫َ َْ ِ‬
‫ماذا ؟‬
‫يغشاهُ ( ‪ .‬يغشاه الجملة صفة لسالم يعني ‪ :‬يعمه ويفسره دائماً‬ ‫دائما َ ْ َ‬
‫سالم ً‬‫مع َ ٍ‬ ‫على أن السالم آكد من الصالة لذلك قال ‪َ ) :‬‬
‫ھذا سؤال للديمومة وعدم االنقطاع ‪.‬‬
‫وآله ھذا عطف على الضمير ‪ -‬أحسنت عليه على الضمير ‪ -‬صلى  عليه وآله ھذا يدل على ماذا ؟‬ ‫وصحبه ( ‪ِ ِ .‬‬ ‫وآله َ ْ ِ ِ‬ ‫) ِِ‬
‫ھذا فيه خالف ھل يجوز أو ال ؟ ھل يجوز العطف على الضمير المجرور أو ال ؟‬
‫تحملون ﴾ قالوا ‪ :‬وھذا جائز ‪ .‬وأما دون‬ ‫ُ‬
‫الفلك ُ ْ َ َ‬ ‫وعلى ْ ُ ْ ِ‬‫وعليھا َ َ َ‬ ‫قالوا ‪ :‬يجوز مع إعادة الخافض ‪ ،‬عليه وعلى آله يجوز ﴿ َ َ َ ْ َ‬
‫حام‬ ‫َ‬ ‫الذي َ َ ُ َ‬ ‫إعادة الخافض قالوا ‪ :‬ھذا ال يجوز وما ورد من ذلك يكون شاذ لذلك حكموا على قوله تعالى ‪ِ َّ ) :‬‬
‫به َواألرْ َ ِ‬ ‫تساءلون ِ ِ‬
‫( ‪ .‬بالخفض قالوا ‪ :‬ھذا شاذ ھذا باطل لماذا ؟‬
‫وباألرحام‬‫َ‬ ‫به َ‬ ‫لكونه عطف على الضمير دون إعادة الخافض واألكثر ‪ -‬وھو الصحيح أنه أكثر ‪-‬في لغة العرب لما قال ‪ِ ِ ) :‬‬
‫ْ َ ِ‬
‫واألرحام ( بالخفض‬ ‫َ‬ ‫تساءلون ِ ِ‬‫الذي َ َ ُ َ‬ ‫( ما دام أنه ج ُّر لفظ األرحام حينئذ يتعين إعادة الخافض الذي خفض به الضمير ) َّ ِ‬
‫به َ ْ َ ِ‬
‫ُعده الخافض الذي عُطف عليه األرحام وھو الضمير ‪ .‬والصواب أنه يجوز بدليل ھذه اآلية ألنھا‬ ‫قالوا ‪ :‬ھذا شاذ ألنه لم ي َ ِّ‬
‫حام ( إذا نقول ‪ :‬يجوز وعليه كالم الناظم ھنا ليس فيه خالف ‪.‬‬ ‫ً‬ ‫َ‬
‫قراءة ثابتة صحيحة بل متواترة ) َواألرْ َ ِ‬
‫عليه ( ‪ .‬على الضمير دون إعادة الخافض وھو لفظ آله نقول ‪ :‬ھذا جائز وھذا صحيح وإن‬ ‫ِ‬ ‫وآله ( عطف على قوله ‪) :‬‬ ‫) ِِ‬
‫كان األكثر في استعمال لغة العرب في إعادة الخافض ‪.‬‬
‫وآله ( ھذا آل اسم جمع ال واحد له من لفظه وأضيف إلى الضمير والصواب أنه يجوز إضافته إلى الضمير ‪ ،‬يعني بعد‬ ‫) ِِ‬
‫امتثاال لقوله  ‪ » :‬قولوا ‪ :‬اللھم صل ِّ على‬ ‫ً‬ ‫أن صلى على النبي  عطف عليه اآلل في طلب الصالة والثناء عليھم وھذا‬
‫محمد وعلى وآل محمد « ‪ً .‬إذا الصالة على اآلل نقول ‪ :‬مأمور بھا من جھة الشرع فال إشكال دليلھا ثابت ‪ ،‬وآله ما المراد‬
‫بآل نقول ‪ :‬األصح أن المراد به في مثل ھذا المقام أتباعه على دينه لماذا ؟‬
‫َ‬
‫أشد َ ِ‬
‫العذاب ﴾ ]‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫فرعون َّ‬ ‫أدخلوا آل َ ِ ْ َ ْ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ألنه في مقام الدعاء فاألولى التعميم وال شك أن اآلل يطلق على األتباع قال تعالى ‪ِ ْ ﴿ :‬‬
‫فرعوَن ﴾ من ؟ أقاربه أم أتباعه على دينه ؟‬ ‫أدخلوا آل َ ِ ْ َ ْ‬ ‫غافر ‪ُ ِ ْ َ ﴿ . [46 :‬‬
‫فرعون ﴾ فدل على أن المراد به األتباع فحينئذ في مثل ھذا المقام يفسر اآلل باألتباع وقيل‬ ‫أدخلوا آلَ ِ ْ َ ْ َ‬ ‫أتباعه وال شك ﴿ َ ْ ِ ُ‬
‫غير ذلك لكن األولى ھذا ‪.‬‬
‫كزمن حركت الواو بفتح ما قبلھا فقلبت ألفا وھذا رجحه شيخ اإلسالم ابن تيمية‬ ‫ً‬ ‫َ‬
‫وصحبه ( وآله قيل ‪ :‬أصل آل َأول َ َ َ‬ ‫وآله َ ْ ِ ِ‬ ‫) ِِ‬
‫فقول ضعيف ؛ ألن الھمزة تقبل ھاء كما أن الھاء تقلب‬ ‫ٌ‬ ‫رحمه  تعالى وقال ‪ :‬مقال إال آل أصله أھل فقلبت الھاء ھمزة‬
‫ھمزة أريق ھريق قلبت الھمزة ھاء كذلك الھاء تقلب ھمزة بدليل ماذا ؟‬
‫قالوا ‪ :‬آل مصغر على أويل وأھيل ‪ .‬يصغر على أويل وأھيل ولذلك األكثر جواز أن يكون أصل آل أھل أو أول يعني ‪:‬‬
‫يجوز فيه الوجھان ولذلك رجحه األشموني في شرح األلفية على ذلك أنه يحتمل أن يكون آل أصله أول كزمن تحركت الواو‬
‫أھيْل فجوز‬ ‫ُمع ُ َ‬ ‫أھيْل ھو س ِ َ‬ ‫ألفا فصار آل ‪ ،‬ويحتمل أنه منقلب على الھاء أصله أھل بدليل تصغيره على ُ َ‬ ‫وانفتح ما قبلھا وقلبت ً‬
‫األكثر الوجھين ‪.‬‬
‫‪15‬‬
‫دائما يقتضي أن يكون المعطوف على األول‬‫وصحبه ( ھذا معطوف على آله أو معطوف على األول ألن العطف بالواو ً‬ ‫) َ ْ ِِ‬
‫ِّ‬
‫وصحبه ( إذا ثلث بطلب الصالة أو السؤال من الرب جل وعال أن يصلي مع السالم على الصحب‬ ‫ً‬ ‫ھذا ھو األفصح ‪ِ ِ ْ َ ) ،‬‬
‫ودليله الصحب أنھم حملة الشريعة كما أن األنبياء وسائط بين الخالق والمخلوق في تبليغ الوحي كذلك الصحابة وسائط بين‬
‫النبي  ومن بعده في تبليغ الشريعة وھذا ال شك ولذلك نقل أھل العلم قاطبة أن من َ َ َ‬
‫طعن في الصحابة فقد طعن في ماذا ؟‬
‫في الشريعة ألن من الذي أوصل إلينا الشريعة إال الصحابة حينئذ أجمع أھل العلم على أنھم ع ُُدول وأن الطاعن فيھم مطعون‬
‫وھم عدول كلھم ال يشتبه ‪ ،‬النووي أجمع من يُعتد به كل من يُعتد به فقد أجمعوا على ماذا ؟‬
‫ون َ َّ ُ َ‬
‫األولون ﴾ ] التوبة ‪ ... [100 :‬إلى آخره والنبي ‬ ‫والسابقُ َ‬
‫على أن الصحابة عدول والقرآن مستفيض بالثناء عليھم ﴿ َ َّ ِ‬
‫أمة ﴾ ] آل عمران ‪ ... [110 :‬إلى آخره ‪.‬‬‫خير ُ َّ ٍ‬
‫كنتم َ ْ َ‬
‫قال ‪ » :‬ال تسبوا أصحابي « ‪ .‬وجاء ﴿ ُ ُ ْ‬
‫ً‬
‫مؤمنا به ومات على ذلك ولو‬ ‫وصحبه ( اسم جمع لصاحب بمعنى الصحابي ‪ ،‬والصحابي ھو من اجتمع بالنبي ‬ ‫) َ ْ ِِ‬
‫ردة في األصح كذا قال ابن حجر وشرحه في مواضعه ‪:‬‬ ‫تخللت ِ َّ‬

‫وطول‬ ‫عنه‬ ‫رواية‬ ‫بدا‬ ‫وإن‬ ‫ً‬


‫مسلما القي الرسول‬ ‫حد الصحابي‬
‫)‬ ‫)‬

‫ألنه ال يشترط فيه طول الصحبة كما ھو المتبادر في اللغة ألن الصاحب بمعنى المالزم لكن لشرف النبي  ُأعْ ِ َ‬
‫طي كل‬
‫من رأى ولو لحظة واحدة ماذا ؟ حكم الصحبة ولذلك سار الصحابة علم على من أدرك النبي  ‪.‬‬
‫أما بعد وھو األصل فيھا وھي السنة أن يقول ‪ :‬أما بعد ‪ .‬ھذا محفوظ عن النبي  لكن‬ ‫وبعد ( ھذه قائمة مقام َّ‬ ‫) َ ْ ِِ‬
‫وصحبه ‪ُ ْ َ ،‬‬
‫أما يعني حذفت وأنيبت الواو منابھا بدليل ماذا ؟‬
‫شاع ماذا ؟ شاع في االستعمال االختصار اختصروا َّ‬
‫بدليل وقوع الفاء جزائية الجواب ‪ ،‬ولذلك أصل أما بعد مھما يكن من شيء بعد ما تقدم فحذفت مھما يكن من شيء‬
‫أما وھو تضمنھا معنى الشرح ‪.‬‬ ‫أما وأقيمت الواو مقامھا يعني دلت على ما دلت عليه َّ‬
‫أما مقامھا ثم حذفت َّ‬ ‫وأقيمت َّ‬‫ُِ‬
‫أما‬
‫أما ‪ ،‬حذفت َّ‬ ‫ذه ( الفاء وقعت في جواب الشرط أين الشرط ؟ أصله مھما حذفت مھما ‪ ،‬أقيمت مقامھا َّ‬ ‫وبعد ** َفھ ِ ِ‬‫) َْ ُ‬
‫أقيمت مقامھا الواو ‪.‬‬

‫ُوبا ُ ِ َ‬
‫ألفا‬ ‫لتلو ِ ْ ِ َ‬
‫تلوھا وُ ج ً‬ ‫ِِْ ِ‬ ‫)‬ ‫كمھ َْما َيكْ ِمنْ َشيْ ٍء َ َ‬
‫وفا‬ ‫أما َ َ‬
‫َّ‬
‫)‬

‫ًإذا الفاء ھذه الواقعة ھنا على جھة الوجوب ‪.‬‬


‫وبعد ( أي ‪ :‬وبعد ما تقدم أو بعد البسملة والتبارك والصالة والسالم فھذه ولذلك قيل ‪ :‬بعد مبنية على الضم لماذا ؟‬ ‫) َْ ُ‬
‫ونوي معناه ‪ ،‬وبعد ھذه لھا أربعة أحوال ‪:‬‬ ‫ألنه حُذف المضاف إليه ُ ِ َ‬
‫الروم‬ ‫ونوي معناه ﴿ ُ ِ َ ِ‬
‫غلبت ُّ ُ‬ ‫تكون معربة في ثالثة أحوال ‪ ،‬وتكون مبنية في حالة واحدة وھي فيما إذا حذف المضاف إليه ُ ِ َ‬
‫بعد ﴾ ] الرم ‪ [4 :‬يعني ‪ :‬من‬ ‫قبل ُ َ ِ‬
‫ومن َ ْ ُ‬ ‫سيغلبون ﴾ ] الروم ‪ُ ْ َ ْ ِSَّ ِ ﴿ [3 ، 2 :‬‬
‫األمر ِمن َ ْ‬ ‫غلبھم َ َ ْ ِ ُ َ‬
‫بعد َ َ ِ ِ ْ‬
‫وھم ِّمن َ ْ ِ‬ ‫أدنى ْ َ ْ ِ‬
‫األرض َ ُ‬ ‫* ِفي َ ْ َ‬
‫قبل الغلب ومن بعده ‪.‬‬
‫وبعد ( نقول ‪ :‬ھذا ظرف مبھم ال يفھم معناه إال باإلضافة لغيره فلذلك صار من األسماء المالزمة لإلضافة ‪ ،‬ويستعمل‬ ‫) َْ ُ‬
‫كثيرا وظرف مكان قليل وبعضھم منع الثاني فلزم عنه حينئذ عنده أن يستعمل ماذا ؟ ظرف زمان كثير يعني‬ ‫ً‬ ‫ظرف زمان‬
‫أما بعد وآله وصحبه وبعد ‪ ،‬يعني من حيث اعتبار أن النطق أو زمن النطق بما بعدھا بعد زمن النطق بما قبلھا وھذا ال شك‬
‫فيه أن المنطوق به النطق بما بعد َبعد ال شك أنه متراخي عما قبل بعد أو باحتمال الرسم في الكتابة فال شك أن ما بعد َبعد‬
‫فحينئذ قد تكون بعد ھنا للزمان وقد تكون للمكان واألشھر وھو األول ‪َ ) ،‬فَھِذِه ( الفاء واقعة في‬ ‫ٍ‬ ‫متراخ عما قبل بعد‬‫ٍ‬ ‫ھذا‬
‫ً‬
‫جواب الشرط ھذه المشار إليه ھنا المرتب الحاضر في الذھن مطلقا والمشھور عند المتأخرين أن المشار إليه قد يكون‬
‫ً‬
‫موجودا ألنه يحتمل ماذا ؟‬ ‫فحينئذ المشار إليه يكون‬ ‫ٍ‬ ‫معدوما ‪ ،‬إن كان الخطبة بعد إنھاء النظم كامالً‬ ‫ً‬ ‫موجودا وقد يكون‬ ‫ً‬
‫فحينئذ فھذه المشار إليه يكون ماذا ؟ يكون‬ ‫ٍ‬ ‫يحتمل أنه كتب المقدمة باب حد التفسير إلى آخر النظم ثم جاء فكتب المفدمة‬
‫موجودا ‪ ،‬ويحتمل أنه ابتدأ الكتاب ھكذا المقدمة أوالً ثم بعد ذلك باب حد التفسير ‪ ..‬إلى آخره ) فھذه ( أي المنظومة مثال أو‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫المسائل موجودة أو معدومة ‪ ،‬معدومة فكيف أشار إلى معدوم واألصل في اإلشارة الحسية أن تكون لشيء موجود ‪ ،‬قالوا ‪:‬‬
‫‪16‬‬
‫قوي العزم واشتدت اإلرادة وكمل المصنف في ذھنه أشار إليه كأنه موجود‬ ‫تنزيالً للحاضر في الذھن منزلة الموجود لما َ ِ َ‬
‫مطلقا معنى أمر عقلي لماذا ؟ ألن‬ ‫ً‬ ‫نزله منزلة الموجود فعامله معاملة المحسوس ھكذا قيل ‪ ،‬ولكن األصح أن المشار إليه‬
‫سواء تقدمت على الديباجة أم تأخرت ال وجود في الخارج ألنه إذا نطق فقال ‪ :‬بسم  الرحمن الرحيم الحمد رب‬ ‫ٌ‬ ‫األلفاظ‬
‫العالمين ‪ ،‬أما بعد ‪.‬‬
‫فھذا أين المشار إليه ؟ أين الوجود لأللفاظ ھذه ؟ ال وجود لھا ليست قائمة بنفسھا حتى يشار إليھا ‪ ،‬وإنما ھي أمور معنوية‬
‫‪.‬‬
‫الحاضر في الذھن مطلقا إذ ال حضور لأللفاظ المرتبة وال لمعالمھا في الخارج‬ ‫ً‬ ‫فھذه ( ‪ .‬إشارة إلى المرتب‬ ‫ً‬ ‫َ‬
‫إذا قوله ‪ِ ِ َ ) :‬‬ ‫ً‬
‫ِ‬
‫ً‬
‫سواء كانت الدباجة قبل النظم أو بعده مطلقا يكون المشار إليه‬ ‫ٌ‬ ‫ً‬
‫فتعين أن يكون المراد به ھنا مطلقا المعنى فيكون قد تجوز‬
‫فھذه ( أي المسائل ھكذا قال بعض الشراح لكن أن الظاھر المراد به‬ ‫تنزيال للمعدوم منزل المحسوس ‪ِ ِ َ َ ) .‬‬ ‫ً‬ ‫أمر معنوي‬ ‫ٌ‬
‫أفردُتھا‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫مفھوم من السياق والقرائن ألنه معلوم كما سيأتي ) َ ْ‬ ‫شيء‬
‫ٍ‬ ‫فھذه ( أي المنظومة لماذا ؟ ألنه قد يشار إلى‬ ‫َ‬
‫المنظومة ) َ ِ ِ‬
‫ٍ‬
‫فحينئذ ال بأس أن يضيف إليھا أو يرجع إليھا‬ ‫ٍ‬ ‫مستحضرا في نفسه ماذا ؟ المنظومة والنظم‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫النقاية ( إذا مراده‬ ‫نظما ً ِمن ُّ َ َ ْ‬ ‫َ ْ َ‬
‫ضمير باعتبار ما في ذھنه لماذا ؟‬
‫علي ﴾ ما ھي ؟ الشمس ھل لھا ٌ‬
‫ذكر‬ ‫َ‬
‫ردوھا َ َّ‬‫ألن الشيء إذا عُرف بالسياق ماذا ؟ صح إرجاع الضمير إليه واإلشارة إليه ﴿ ُ ُّ َ‬
‫ً‬
‫مذكورا‬ ‫ً‬
‫؟ ليس لھا ذكر لماذا ؟ نقول ‪ :‬نرجع الضمير إلى الشمس ألن السياق والقصة تدل عليھا ‪ ،‬إذا قد يكون الشيء ليس‬
‫مدركا فيعامل معاملة الموجود فيشار إليه ويرجع الضمير إليه ولذلك ‪:‬‬ ‫ً‬ ‫لكنه من جھة المعنى‬
‫ْ‬
‫عقد ( نقول ‪ :‬فھذه المشار إليھا المنظومة ) ِمثل ُ‬ ‫ْ‬
‫الجمان ِ ُ‬‫فھذه ِمثل ُ ُ َ ِ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫نظما ( ھذا يحتمل أنه ھو المسائل وأما ) ِ ِ‬ ‫أفردتھا َ ْ ً‬ ‫) َْ َ ْ ُ‬
‫الجمان ( بضم الجيم وجمع جمانة مضاف إليه‬ ‫مثل ُ ( ھذا خبر المبتدأ وھو مضاف ) ُ َ ِ‬ ‫فھذه ( ھذا مبتدأ و) ِ ْ‬ ‫عقد ( ‪ِ ِ َ َ ) ،‬‬ ‫الجمان ِ ْ ُ‬ ‫ُ َ ِ‬
‫وھي حبة تعمل من الفضة كالدرة يعني اللؤلؤة ‪.‬‬ ‫ٌ‬
‫عقد ( ھذا خبر بعد خبر أو بدل بدل‬ ‫ْ‬
‫الجمان ِ ُ‬
‫فھذه ِمثل ُ ُ َ ِ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫عقد ( ‪ِ ِ ) ،‬‬ ‫ْ‬
‫الجمان ِ ُ‬ ‫مثل ُ ُ َ ِ‬ ‫فھذه ِ ْ‬
‫عقد ( ھذا خبر بعد خبر أو بدل ) َ ِ ِ‬ ‫) ُِْ‬
‫مثل ُ ( أي ‪ :‬كالعقد في حسنھا ففيه تشبيه بليغ ‪ ،‬والعقد ھي القالدة كأنه جمع المسائل التي نظمھا‬ ‫من ماذا ؟ بدل من قوله ‪ْ ِ ) :‬‬
‫فحينئذ جمع ھذه المسائل وشبھھا بماذا ؟‬ ‫ٍ‬ ‫عقد مثل السبحة اآلن‬ ‫أو تضمنتھا المنظومة في ِ ْ‬
‫بالجمان وھو اللؤلؤ والنظم كھذا العقد كالعقد لھا ‪.‬‬
‫شيء آخر وھو ھنا من باب َجعْ ل المدلول في‬ ‫ٍ‬ ‫ضمنتھا ( التضمين ھو جعل الشيء في ضمن‬ ‫ضمنتھا ( أي المنظومة ) َ َّ ْ ُ‬ ‫) َ َّ ْ ُ‬
‫شيء آخر والمدخل فيه‬ ‫ٍ‬ ‫شيء آخر كأنه أدخل شيء في‬ ‫ٍ‬ ‫ضمن الدال كأن العلم ھذا مدلول والنظم دال وھنا ضمن الشيء في‬
‫ھو النظم وليس المعنى ‪ ،‬والعلم ھو الذي يُدرك بالعقل ھذا ھو األصل ولذلك نقول ‪ :‬األصل في العلم ھو اإلدراك وھو‬
‫شيء آخر ‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫نتھا ( جعل الشيء في ضمن‬ ‫ضم ْ ُ‬‫وصول النفس إلى المعنى به بتمامه ) َ َّ‬
‫علم ھو التفسير وسيأتي معنى التفسير وھو ‪ :‬التفعيل من‬ ‫محتوية على ٍ‬ ‫ً‬ ‫مفعول ثاني أي جعلت تلك المنظومة‬ ‫ٌ‬ ‫علما ( ھذا‬ ‫) ِ ً‬
‫تفسيرا وھو الكشف والبيان ‪.‬‬ ‫ً‬ ‫فسر يفسر‬
‫التفسير ( قد يظن الظان ماذا ؟ أن الذي سيكون في المنظومة ھو علم التفسير أليس كذلك ؟ لكن ھل المراد‬ ‫ھو َّ ْ ِ ْ ُ‬ ‫علما ُ َ‬ ‫) ِ ً‬
‫ھنا علم التفسير أو مقدمة التفسير أو أصول وقواعد التفسير ؟ الثالث ‪ ،‬فلذلك قال في ) بداية ( أي لما يبتدئ به في علم‬
‫التفسير وھو قواعده وأصوله وعلومه ‪ ،‬بداية ھذا مفعول ألجل أي ابتداء أي أن المضمن ھو مبادئ علم التفسير وأصوله ال‬
‫التفسير ( ظن أن المنظومة كعلم التفسير وليس‬ ‫ھو َّ ْ ِ ْ ُ‬ ‫علما ُ َ‬ ‫نفس التفسير كأنه استدرك على ما سبق ألن الناظم إذا قال ‪ً ِ ) :‬‬
‫يحير ( ‪ .‬لمن‬ ‫به َ ِ ْ ُ‬‫لمن ِ ِ‬
‫بداية ( أي أن المضمن ھو مبادئ علم التفسير ) ِ َ ْ‬ ‫األمر كذلك بل ھي في أصول التفسير ‪ .‬قال ‪ً ِ ) :‬‬
‫يحير به ‪ ،‬لمن أي للشخص الذي يقع في الحيرة في التفسير إذا لم يعرف أصوله ألن من أقدم على التفسير ولم يعرف‬
‫قواعده وأصوله وعلومه ماذا سيھتدي أم يحتار؟‬
‫ِ‬
‫لمن ِبه (‬ ‫ِ‬
‫يحير ( إذا لم يعلم قواعد وأصول وعلوم التفسير ) َ ْ‬ ‫ِ‬
‫به ( يعني بعلم التفسير ) َ ْ ُ‬ ‫لمن ِ ِ‬ ‫الثاني ال شك ‪ ،‬لذلك قال ‪ْ َ ِ ) :‬‬
‫يحير ( يقال ‪ :‬قال ‪) :‬‬ ‫يحير ( ھذه من جملة صلة الموصول وھو من وھنا الناظم قال ‪ُ ْ ِ َ ) :‬‬ ‫) َ ِْ ُ‬ ‫الضمير يعود على التفسير‬
‫حار ي َُحار ولذلك قال في اللسان ‪ :‬تحير واستحار وحار لم يھتدي لسبيل ‪ .‬تحير واستحار وحار ھذا فعل‬ ‫حير ( واألصل َ َ‬ ‫َي ِ ْ ُ‬
‫ً‬
‫ماضي إذا يحار وليس يحير ‪ ،‬لم يھتدي لسبيل وحار يحار ھكذا قال في اللسان ‪ ،‬حار يحار إذا ليس حار يحير وإذا ما حار‬ ‫ً‬
‫يحير (‬ ‫بائر إذا لم يتجه لشيء ًإذا قول الناظم ھنا ) َ ِ ْ ُ‬ ‫حائر ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬
‫ورجل‬ ‫وحيرْ ُت ُه أال فتحير ‪،‬‬ ‫وحيرا أي تحير في أمره ‪َّ َ ،‬‬ ‫ً‬ ‫يحار حيرة‬
‫بأصل مھجور ھذا يسميه الصرفيون بماذا النطق بأصل مھجور ‪ ،‬يقال مثال ‪ :‬قول زيد لعمر كذا أصله‬ ‫ٍ‬ ‫ٌ‬
‫تصريح‬ ‫نقول ‪ :‬ھذا‬
‫حينئذ لو قال‬ ‫ٍ‬ ‫ً‬
‫أصل مھجور يعني لم تنطق به العرب وإنما الفرع قال ‪ :‬تحركت الواو ففتح ما قبلھا فكتبت ألفا‬ ‫ٌ‬ ‫قال ‪ :‬وقول ھذا‬
‫أھل ألن يُؤكرم ‪ .‬قلنا ‪:‬‬ ‫بأصل مھجور ومثل قول أبي حيانة ‪ -‬وقع في السابق معنا ‪ : -‬فإنه ٌ‬ ‫ٍ‬ ‫زيد كذا نقول ھذا نطق‬ ‫‪ :‬تقاول ٌ‬

‫‪17‬‬
‫أھل ألن يُكرم بحذف‬ ‫ٌ‬ ‫بأصل مھجور وھو ما خالف االستعمال دون القياس ألنه في األصل نقول ‪ :‬فإنه‬ ‫ٍ‬ ‫يؤكرم ھذا نطق‬
‫ٍ‬
‫فحينئذ‬ ‫يحير ( أصله يحار‬ ‫أصل مستعمل أو مھجور ؟ نقول ‪ :‬مھجور ‪ ،‬كذلك ) َ ِ ْ ُ‬ ‫ٌ‬ ‫تبعا لألصل وھذا‬ ‫الھمزة لكنه صرح بھا ً‬
‫بأصل مھجور ولكن اإلشكال يرد في كسر الحاء ھنا لعله من أجل ‪ ....‬وھو أن يبقى التفسير وھو‬ ‫ٍ‬ ‫يكون المصنف قد نطق‬
‫التفسير ما قبل الحرف الثالث من األخير مكسور حينئذ يتعين أن يكون في الشرط الثاني مثله وإال األصل َيحْ َي ُر يحار يحي ُر ‪،‬‬
‫حينئذ وقع في إشكالين ‪:‬‬ ‫ٍ‬ ‫وھو قال ‪ُ ْ ِ َ ) :‬‬
‫يحير (‬
‫بأصل مھجور ‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫األول ‪ :‬التصريح‬
‫والثاني ‪ :‬كسر الحاء واألصل فيھا الفتح َحار ي َُحار الفتح في الماضي والمضارع ‪.‬‬
‫ً‬
‫يحار ويجھل بكونه مبتدأ في تعلمه أو‬ ‫يحير ( َ‬‫ًإذا نقول ‪ :‬بداية أي ‪ :‬ابتداء في فن التفسير وھو ما تعرف به أصوله ) لمن ِ‬
‫جاھالً لفن أصول التفسير به علم التفسير ‪.‬‬
‫أفردتھا ( الضمير يعود إلى ماذا ؟‬ ‫) َْ َ ْ ُ‬
‫النقاية ( أفردتھا ھنا لعله يريد المسائل في جميع المواضع الشارح في األصل جعلھا للمسائل لكن‬ ‫نظما ِمن ُّ َ َ ْ‬ ‫) َْ َ ْ ُ‬
‫أفردتھا َ ْ ً‬
‫ضمنتھا ( أي ‪ :‬المسائل نقول ‪ :‬ال ليس بظاھر بل األولى أن يقال ‪ :‬فھذه أي المنظومة ‪) .‬‬ ‫ھناك ال يضام فھذه المسائل ) َ َّ ْ ُ‬
‫أفردتھا ( أي ‪ :‬ھذه المسائل المسماة‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫فردتھا ( أي ‪ :‬تلك المسائل التي تضمنھا النظم ) َ ْ ُ َ‬ ‫وضمنتھا ( أي المنظومة ‪ ) .‬أ◌َ ْ َ ْ ُ َ‬ ‫َ َّ ْ ُ‬
‫ناظما ھذه حال وھو مصدر وجائز أن تقع الحال مصدر ‪.‬‬ ‫ً‬ ‫نظما ( أي ‪ :‬حال كوني‬ ‫ْ‬
‫بأصول التفسير ‪ً َ ) .‬‬

‫َََ‬
‫طلع‬ ‫َزي ٍْد‬ ‫َََْ ً‬
‫كبغتة‬ ‫ِ َْ َ ٍ‬
‫بكثرة‬ ‫)‬ ‫ُنكر َحاالً ََيق ُع‬
‫دَر م َ َّ ٌ‬
‫ومصْ ٌ‬
‫َ‬
‫)‬

‫يفع ُل وھو من إطالق المصدر وإرادة اسم الفاعل ‪.‬‬ ‫فعل َ ْ ِ‬


‫نظما َ َ َ‬ ‫ينظم َ ْ ً‬‫نظم َ ْ ِ‬‫يفع ُل َ َ َ‬ ‫فعل َ ْ َ‬
‫نظما ( ھذا مصدر َ َ َ‬ ‫ًإذا ) َ ْ ً‬
‫نظما النظم كما قال بعضھم ‪ :‬التأليف وضم شيء إلى شيء آخر‬ ‫ناظما لھا ) ِمن ُّ َ َ ْ‬
‫النقاية ( ً‬ ‫ً‬ ‫نظما ( أي حالة كوني‬ ‫أفردتھا َ ْ ً‬ ‫) َْ َ ْ ُ‬
‫ونظمه ألفه وجمعه في سلك‬ ‫نظما ونظام َّ‬ ‫‪ .‬ھكذا قال في القاموس النظم التأليف وضم شيء إلى شيء آخر نظم اللؤلؤ ينظمه ً‬
‫رجزا لتقارب أجزائه وقلة حروفه ‪.‬‬‫الرجز بالتحريك قد ضرب من الشعر سمي َ َ ً‬ ‫أرجوزة من بحر َّ َ‬ ‫ً‬ ‫ناظما لھا‬ ‫ً‬ ‫فانتظم وتنظم أي‬
‫النقاية ( بضم النون كخالصة ً‬
‫وزنا ومعنى‬ ‫ْ‬ ‫وزنا ومعنى ھكذا قال في الشرح ) ِمن ُّ َ َ‬ ‫النقاية ( بضم النون كالخالصة ً‬ ‫) ِمن ُّ َ َ ْ‬
‫علما ‪ ،‬السيوطي وھو أبو الفضل جالل الدين عبد الرحمن‬ ‫علما على كتاب السيوطي رحمه  ضمنه أربعة عشر ً‬ ‫‪ ،‬ثم صار ً‬
‫النقاية ( أربعة عشر ًفنا ‪ ،‬يعني أربعة عشر أو أربع عشرة‬ ‫ْ‬ ‫بن كمال توفي سنة أحد عشر وتسعمائة ضمن ھذا الكتاب ) ُّ َ َ‬
‫مختصرا من المتون في أصول الدين ھذا طريقة األشعرية والتفسير الذي ھو ‪ :‬علوم التفسير ‪ ،‬والحديث ‪ ،‬وأصول الفقه ‪،‬‬ ‫ً‬
‫والفرائض ‪ ،‬والنحو ‪ ،‬والتصريف ‪ ،‬والخط ‪ ،‬والمعاني ‪ ،‬والبيان ‪ ،‬والبديع ‪ ،‬والتشريح ‪ ،‬والطب ‪ ،‬والتصوف ‪ .‬ھذه أربعة‬
‫قديما فھذا النظم أفرده الناظم منھا وھو ما يختص بأصول التفسير وعلوم‬ ‫ً‬ ‫كل لھا مختصر وكلھا كانت ُ ْ َ‬
‫تدرس‬ ‫علما ٌّ‬ ‫عشر ً‬
‫التفسير ‪.‬‬
‫النقاية ( للسيوطي جالل الدين رحمه  تعالى ‪.‬‬ ‫النقاية ( يعني ‪ :‬من الكتاب المسمى بـ ) ُّ َ َ ْ‬ ‫نظما ِمن ُّ َ َ ْ‬ ‫أفردتھا َ ْ ً‬ ‫) َْ َ ْ ُ‬
‫ً‬
‫ومھذبا حال إما أن تكون متداخلة وإما‬ ‫أفردتھا ( إما إذا جعلنا ً‬
‫نظما حال‬ ‫مھذبا ھذه حال من بعد ) َ ْ َ ْ ُ‬ ‫ً‬ ‫مھذبا ( حالة كوني‬ ‫) ُ َ ِّ ً‬
‫مھذبا ھذا مأخوذ من التھذيب ألنه اسم فاعل ھذب يھذب‬ ‫ً‬ ‫أن تكون مترادفة ‪ ،‬والقول بالترادف أولى من القول بالتداخل ‪،‬‬
‫ً‬
‫مخلصا نظامھا‬ ‫ً‬
‫مصفيا‬ ‫ً‬
‫منقحا‬ ‫ً‬
‫مھذبا أي ‪:‬‬ ‫مھذب والتھذيب التنقية والتصفية وتخليص الشيء مما يعيبه حال كوني‬ ‫ٌ‬ ‫تھذيبا فھو‬‫ً‬
‫مھذبا نظامھا في ظھير رسالة قصيرة ً‬
‫جدا‬ ‫ً‬ ‫غاية في بمعنى إلى وغاية يعني في غاية من التھذيب والتخليص ‪،‬‬ ‫أي ترتيبھا في َ َ ْ‬
‫وال تحتاج إلى تھذيب بل يكاد يكون جمع كل ما فيھا ‪.‬‬
‫ومن ُ ِ ْ ُ‬
‫يعين (‬ ‫الھادي َ ْ‬ ‫ِ‬ ‫وأستعين ** َّ ُ‬
‫ألنه‬ ‫أستھدي َ ْ َ ِ ْ ُ‬ ‫و َ ْ َ‬ ‫َ‬ ‫)‬
‫بعد أن بين أنه يريد أن يمضي أراد أن يستعين بالرب جل وعال وھذا يدل على أن المقدمة سابقة ألن االستعانة تكون قبل‬
‫الفعل أو بعده ؟‬
‫وأستعين ( ‪ .‬في ماذا ؟ في شيء قد انتھى منه أو في شيء سيقدم‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫أستھدي ْ ِ ْ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫و ْ‬ ‫َ‬ ‫قبل الفعل بال شك فحينئذ يكون قوله ‪) :‬‬
‫عليه ؟‬
‫الثاني فيدل على ماذا ؟‬
‫و ( ال غيره أستھدي ‪ ،‬من أين أخذنا ال غيره ؟‬ ‫َ‬ ‫عقد ( إشارة إلى شيء لم يوجد بعد ‪) ،‬‬ ‫ْ‬
‫الجمان ِ ُ‬ ‫مثل ُ ُ َ ِ‬ ‫فھذه ِ ْ‬
‫أن قوله ‪ِ ِ َ ) :‬‬

‫‪18‬‬
‫ علم منصوب على التعظيم مفعول به ألستھدي وال يصح أن يكون من باب التنازع كما ذكر‬ ‫تقديم ما حقه التأخير ‪َ ،‬‬
‫الشاعر ‪.‬‬
‫أستھدي ( أي ‪ :‬أطلب الھداية والتوفيق للصواب منه ال من غيره سبحانه وتعالى ألنه محل سؤال الھداية ‪.‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫و ْ‬ ‫َ‬ ‫)‬
‫ً‬
‫وأستعين ( أستعون أستعين أي ‪ :‬أطلب منه اإلعانة ‪ ،‬إذا طلب الھداية وھي محل للتوفيق للصواب وطلب اإلعانة في‬ ‫َ‬
‫) ْ ِْ ُ‬ ‫َ‬
‫اإلقدام على الفعل لماذا ؟‬
‫ألن كل عمل ‪ -‬كما يقول شيخ اإلسالم ابن تيمية رحمه  تعالى ‪ : -‬ال بد له من إرادة جازمة وقدرة كاملة ‪ .‬وكل من‬
‫تخلف في فعل ما فال بد أن يرجع إلى ھذين النوعين إما اإلرادة غير الجازمة وإما القدرة غير كاملة وھذا تستخدمه حتى في‬
‫درسا ما فلم يتم لك فإما لكون اإلرادة غير جازمة وإما لكون القدرة‬ ‫ً‬ ‫متنا تحضر‬ ‫علما ما ً‬‫طلب العلم إذا أردت أن تحفظ ًفنا ما ً‬
‫وأستعين ( أي ‪ :‬أطلب‬ ‫أستھدي ( أي ‪ :‬أطلب منه التوفيق للصواب ) َ ْ َ ِ ْ ُ‬ ‫و َ ْ َ‬
‫َ‬ ‫غير كاملة ال بد من أحد ھذين األمرين حينئذ )‬
‫منه اإلعانة لماذا ؟‬
‫ألنه سبحانه الھادي ‪ ،‬وھذا اسم من أسماء الرب جل وعال ألنه الالم للتعليل وأستعينه ھنا الضمير محذوف ألننا إذا نصبنا‬
‫أستھدي ( على أنه مفعول به ألستعين وقلنا ‪ :‬ال يصح على قول الجماھير أن يكون من باب التنازع ألنه من‬ ‫ َ َْ‬ ‫األول ) َ‬
‫وأستعين ( أين المفعول به ؟ محذوف وأستعين  وأستعينه‬ ‫َ‬
‫أستھدي ْ َ ِ ْ ُ‬ ‫و ْ َ‬‫َ‬ ‫َ‬ ‫المنصوبات والتنازع يكون في المرفوعات وھنا )‬
‫ُضر ( ألنه سبحانه الھادي اسم من أسمائه جل وعال‬ ‫أجز ِإنْ َْلم ي َ ّ‬
‫لة ِ ْ‬ ‫َ‬ ‫وحذف َفضْ َ ٍ‬ ‫ْ‬
‫حذف الضمير للعلم به وحذف ما يعلم جائز ) َ َ ٌ‬
‫بصر عباده‬ ‫الدال على الحق ألنه اسم فاعل مشتق من الھدى مع مصدر كالشورى والتقى وھو من أسمائه تعالى أي ‪ :‬الذي َ َّ َ‬
‫وعرفھم طرق معرفته حتى أقروا بربوبيته وھذا كل مخلوق إلى ما ال بد له منه في بقائه ودوام وجوده ‪ ،‬وھو المالك سبحانه‬
‫وتعالى لمطلق الھداية بنوعيھا ھداية داللة واإلرشاد ‪ ،‬وھداية التوفيق وانشراح الصدر والقلب بقبول الحق ‪.‬‬
‫والثانية مختصة به جل وعال واألولى مشتركة بين الرب جل وعال والخلق ولذلك جاء نفيھا وإثباتھا يعني الھداية مطلق‬
‫من َ ْ َ ْ َ‬
‫أحببت ﴾‬ ‫إنك َال َ ْ ِ‬
‫تھدي َ ْ‬ ‫مستقيم ﴾ ] الشورى ‪ [52 :‬ھذا إثبات الھداية ﴿ ِ َّ َ‬ ‫لتھدي َِإلى ِ َ ٍ‬
‫صراط ُّ ْ َ ِ ٍ‬ ‫وإنك َ َ ْ ِ‬
‫الھداية في حق النبي  ﴿ َ ِ َّ َ‬
‫] القصص ‪ [56 :‬نفيت الھداية ھذه المحل واحد ؟‬
‫لتھدي ﴾ أي ‪ :‬داللة إرشاد وبيان وإيضاح وھذه مشتركة وھي وظيفة الرسول والعلماء والصلحاء‬ ‫وإنك َ َ ْ ِ‬
‫الجواب ‪ :‬ال ‪َ َّ ِ َ ﴿ ،‬‬
‫تھدي ﴾ بمعنى ‪ :‬أنك ال تشرح‬ ‫إنك َال َ ْ ِ‬
‫وكل من عنده علم ال يشترك في مطلق ھذه الھداية ھداية الداللة واإلرشاد ‪ ،‬وأما ﴿ ِ َّ َ‬
‫قلوب العباد لقبول الحق وأما كون العبد ينشرح قلبه وصدره فھذا ليست للخلق ألنه الھادي وحده جل وعال ‪ ،‬عرف الجزأين‬
‫أين الجزءان ؟‬
‫الضمير ألنه الھادي عرف بأل وتعريف الجزأين من أسباب القصر والحصر عند البيانية وإن كان فيه نزاع لكن ھذا ھو‬
‫و‬
‫َ‬ ‫يعين ( والذي يعين كأنه علل لك )‬ ‫ومن ُ ِ ْ ُ‬
‫األشھر ‪ ،‬تعريف الجزأين المسند والمسند إليه ألنه الھادي وحده جل وعال ) َ ْ‬
‫أستھدي ( أي ‪ :‬أطلب الھداية ألنه الھادي ھذا الشطر األول تعليل للجزء األول وأستعين لماذا ؟‬ ‫َ َْ‬
‫يعين ( يعني والذي يعين ‪ .‬يعني والمعين ألن الموصول مع صلته في قوة المشتق عند البيانية‬ ‫ومن ُ ِ ْ ُ‬‫ألنه ھو الذي يعين ) َ ْ‬
‫والمعين غيره جل وعال ‪ .‬أي المعين لعباده على طاعته ھذا فيما يختص بالتعبد أو المعين عباده‬ ‫ِ‬ ‫كأن يقال ‪ :‬الھادي والمعين ‪،‬‬
‫مطلقا في التعبد وفي قضاء أمورھم وكالھما يُفيدان الحصر يعني ومن يعين والذي يعين جل وعال وھل يصح أن تكون )‬ ‫ً‬
‫من ( ھنا استفھامية ؟ ھل يصح ؟‬ ‫َ ْ‬
‫ومن ُ ِ ْ ُ‬
‫يعين (‬ ‫ومن ُ ِ ْ ُ‬
‫يعين ( غيره ) َ ْ‬ ‫من ھنا كل موصولي وھذا الذي ذكره بعض الشراح ھل يصح أن تكون استفھامية ) َ ْ‬
‫غيره جل وحده يصح أو ال يصح ؟‬
‫يصح كأنه قال ‪ :‬وال أحد يعين غيره جل وعال ‪ .‬أو ‪ :‬ومن الذي يعين غيره سبحانه وتعالى ‪ .‬ولو قال في األول ‪ :‬ومن‬
‫يھدي ‪ .‬ومن الذي يھدي غيره جل وعال ًإذا ال ھادي غيره كما أنه ال معين غيره جل وعال ‪.‬‬
‫ھذا ما يتعلق بمقدمة المصنف رحمه  تعالى ذكرنا ما نحتاج إلى بيانه وبعضھم مختصر فيرجع إلى بعض الشروح‬
‫السابقة ‪.‬‬
‫وصل  وسلم على نبيه‬ ‫َّ‬ ‫وغدا إن شاء  نأخذ مقدمة العلم مبادئ العشرة ونأتي عليھا بإذن  تعالى ‪،‬‬ ‫ً‬ ‫نقف على ھذا‬
‫محمد  وعلى آله وصحبه أجمعين ‪.‬‬

‫‪19‬‬
‫الثاني‬
‫الشريط الثاني‬
‫الشريط‬
‫الرحيم‬
‫الرحمن الرحيم‬
‫ الرحمن‬‫بسم ‬
‫بسم‬

‫الحمد رب العالمين والصالة والسالم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ‪ ،‬أما بعد ‪:‬‬
‫شيئا من المقدمة التي سماھا أو أطلق‬ ‫ذكرنا أن ھذا النظم في علوم القرآن ‪ ،‬يعني الفن المسمى بعلوم القرآن ‪ ،‬وذكرنا ً‬
‫عليھا أھل العلم ‪ :‬مقدمة الكتاب ‪ .‬وسبق أن المقدمة مقدمتان ‪:‬‬
‫مقدمة كتاب ‪.‬‬
‫ومقدمة علم ‪.‬‬
‫مقدمة الكتاب التي أخذناھا باألمس ‪ ،‬ويزيد عليھا بعض أھل العلم إذا كان له اصطالحات خاصة في الكتاب فيبين حينئذ‬
‫إذا أطلقت كذا فمرادي به كذا إذا قلت ‪ :‬قال الشيخ فالمراد به فالن ‪ ...‬إلى آخره ‪ ،‬ھذا ما يسمى ببيان اصطالحات ورموز‬
‫الكتاب التي اصطلح عليه المصنف ُتذكر في مقدمة الكتاب ‪.‬‬
‫وأما النوع الثاني وھو ‪ :‬مقدمة العلم ‪ ،‬وھذه تذكر في الشروع أو قبل الشروع في دراسة أي فن ما ‪ ،‬ولھذا يعتني بھا كثير‬
‫من العلماء في أوائل كتبھم بل بعضھم يؤلف رساالت خاصة في بيان ھذه المبادئ العشرة وھي ما يسمى ‪ :‬بمقدمة العلم ‪.‬‬
‫المبادئ العشرة المجموعة في قول محمد بن علي الصبان ‪:‬‬

‫الثمرة‬ ‫ثم‬ ‫والموضوع‬


‫الحد‬
‫)‬ ‫فن َ ْ َ‬
‫عشرة‬ ‫إن مبادئ ك ِّل َ ٍّ‬
‫)‬
‫واالسم االستمداد حكم الشارع‬ ‫والواضع‬ ‫وفضله‬‫ونسبة‬
‫)‬ ‫)‬
‫ومن درى الجميع حاز الشرفا‬ ‫مسائل والبعض بالبعض اكتفى‬
‫)‬ ‫)‬

‫ھذه تسمى بمبادئ العلوم وتسمى بمقدمة العلم ال بد لكل شارع في فن ما أن يتصوره بوجه ما ‪ ،‬وأما التصور على وجه‬
‫التمام ھذا ال يكون إال بعد االنتھاء من الكم لماذا ؟‬
‫ألن التصور عندھم يحصل بالحد يعني ببيان الحقيقة والمھية ‪ ،‬فإذا قيل ‪ :‬ما حقيقة الفقه ؟‬
‫حينئذ يقول المجيب ‪ :‬الفقه ھو العلم باألحكام الشرعية العملية المكتسب من أدلتھا التفسير ‪ .‬فيفھم حينئذ الطالب بوجه ما ‪،‬‬
‫ال يمكن أن يستوعب كل معنى كلمة الفقه االصطالحي عند أرباب الفقه من ھذا الحديث وإال لو صار ً‬
‫فقيھا تام الفقه لو أدرك‬
‫تاما في الفقه ‪ .‬وليس ھذا المراد إنما المراد أن يعرف ما الذي يطلبه في سعيه في‬ ‫فقيھا ً‬
‫الفقه كله من ھذا الحد لقلنا ‪ :‬صار ً‬
‫ھذا الفن فيدرس ً‬
‫كتابا ما يقول ھذا في النحو ما ھو النحو ؟‬
‫ال بد أن يعرف حقيقة النحو وال بد أن يعرف ماذا يدور ھذا الفن يعني ما موضوعه وما فائدته التي تكون مرجوة من‬
‫ً‬
‫عالما بجل ھذه المسائل لقال‬ ‫دراسة ھذا الفن ال بد أن يعرف استمداده ال بد أن يعرف فضله حكمه الشرعي وإال لو لم يكن‬
‫شيئا ال يعرف أھميته وال يعرف حكمه الشرعي فيدرس الفقه وال يعرف أھمية‬ ‫أنه يقع له الكسل والفتور ألنه يتعلل ويطلب ً‬
‫مثال حينئذ ال بد ‪ -‬أمر فطري ‪ -‬ال بد أن تفتر ھمته ويكسل ويتراجع من حيث بدأ ‪.‬‬ ‫ً‬ ‫علم الحالل والحرام‬
‫ًإذا لذلك جعل أھل العلم في مبادئ الفنون ذكر ھذه المسائل العشرة ‪ :‬الحد ‪ ،‬والموضوع ‪ ،‬والثمرة ‪ ،‬التي ھي الفائدة‬
‫المرتبة على تحصيل ھذا العلم وحكمه الشرعي إن كان يتعلق به حكم شرعي وھذا أصل في العلوم التي يدرسھا طالب العلم‬
‫الشرعي ‪ ،‬ولذلك ال بد أن يحدد طالب العلم الشرعي ما ھو العلم الذي يسعى في تحصيله ؟ وما حقيقة ھذا العلم ؟ ھل ھو من‬
‫علم المقاصد أو من علم الوسائل ؟ لماذا ؟ إذا عرف أن ھذا من علم الوسائل حينئذ ال بد أن يتعامل معه لتعامله مع أي وسيلة‬
‫أخرى حينئذ إذا قيل مثالً ‪ :‬السكين للقطع ‪ .‬ھل يالزم السكين كل يوم أربعة وعشرين ساعة وإال أنه يأخذھا إذا احتاجھا ؟‬
‫إذا احتاجھا ‪ ،‬ثم إذا لم يحتج حينئذ يبتعد يتركھا حينئذ العلوم اآللة كالنحو ‪ ،‬والصرف ‪ ،‬والبيان ‪ ،‬وأصول الحديث ‪،‬‬
‫وأصول التفسير ‪ ،‬وكذلك المنطق إذا كان من علوم اآلالت ال بد أن يعرف أن ھذا علم وسيلة ‪ ،‬ال بد فإذا علم أنه علم وسيلة‬
‫بمعنى ‪ :‬أنه موصل إلى غيره وعليه ينبني أنه يأخذ ما يحتاجه في فھم الشرح ألن األصل ھو علم المقاصد علم الوحيين‬
‫الكتاب والسنة ‪ ،‬ثم يأخذ فائدة أخرى إن لم يعرف عن علم الوحيين الكتاب والسنة فال يتخصص في علم الوسيلة ً‬
‫أبدا ‪ ،‬ال‬
‫يقول ‪ :‬أنا أدرس المصطلح فقط ‪ .‬أو ‪ :‬أنا أصولي فقط ‪ .‬أو ‪ :‬أنا نحوي ‪ .‬أو ‪ :‬بياني ‪ .‬إلى آخره نقول ‪ :‬ال ‪ ،‬إال في حالة‬

‫‪20‬‬
‫واحدة إذا جرب التفسير مثالً وما استطاع أن يسلك فيه حينئذ ال بأس أن يرجع إلى الخلف فيتخصص في علم من علوم‬
‫مخطئا ‪ -‬أنه من الخطأ وال‬ ‫ً‬ ‫الوسائل ‪ ،‬وأما تخصص االبتدائي الذي يختاره الكثير من طالب العلم اآلن ‪ -‬في ظني وقد أكون‬
‫ُ‬
‫مقصودا لذاته في الشرع ولذلك ما أعطي النحو‬ ‫ً‬ ‫ينبغي لطالب العلم أن يتخصص ويجعل عمره يُفني عمره كله في علم ليس‬
‫وال أعطيت أصول التفسير وال أي علم من علوم الوسائل ما أعطي حكم شرعي من اإليجاب أو الندب إال لكونه صار وسيلة‬
‫لغيره ‪ ،‬فاإليجاب حينئذ في النحو إذا قيل ‪ :‬إنه واجب ‪ .‬ھذا واجب ال شك ولذلك فرض عين على من تعاطى التفسير ھذا‬
‫باإلجماع حكى السيوطي وغيره اإلجماع على ذلك أن علم النحو ‪ ،‬وعلم الصرف ‪ ،‬وعلم البيان أن علوم اللغة بأثرھا ھذه‬
‫وسيلة لفھم التفسير فھم كالم الرب جل وعال وعليه نقول ‪ :‬ما ال يتم الواجب إال به فھو واجب ‪ .‬وإال ما جعل شرع لم يأت‬
‫نص في القرآن قال ‪ :‬ادرسوا النحو ‪ .‬ھل جاء أمر نقول ‪ :‬أمر يقتضي الوجوب ؟‬
‫ال ‪ ،‬لم يأت لماذا ؟‬
‫ألن النحو قد يكون وسيلة إلى الشرع وقد يكون وسيلة لغير الشرع ‪ ،‬فما كان يحصل أن يكون وسيلة لفھم مقاصد الشرع‬
‫قلوب َ ْ َ ُ َ‬
‫أقفالھا ﴾ ]‬ ‫على ُ ُ ٍ‬ ‫أم َ َ‬ ‫القرآن َ ْ‬
‫يتدبرون ْ ُ ْ َ‬
‫أفال َ َ َ َّ ُ َ‬ ‫أخذ حكمه ألنه يجب على جمھور المسلمين أن يفقھوا كالم الرب جل وعال ‪َ َ َ ﴿ :‬‬
‫محمد ‪ً [24 :‬إذا نقول ‪ :‬ھذا ذم وال يترتب الذم إال على ترك ما ھو واجب ‪ً .‬إذا ما ال يتم الواجب إال به فھو واجب ‪ً .‬إذا علوم‬
‫شرحا‬ ‫ً‬ ‫مثال ويأخذ‬‫ً‬ ‫القرآن نرجع إلى ما خرجنا عنه علوم القرآن ھذا يعتبر من علوم الوسائل يقرأ الطالب منظومة الزمزمي‬
‫عليھا ثم يأخذ التحبير ثم يأخذ اإلتقان ثم يقرأ في تطبيق ھذه العلوم واألنواع المذكورة في علوم القرآن يقرأھا في مظانھا في‬
‫التفسير ‪ ،‬فما من كتاب من كتب التفسير إال وتجده ‪ -‬خاصة التفاسير األثرية ‪ -‬تجده إال وقد نص على أن ھذه اآلية مكية‬
‫حينئذ ‪ :‬علوم القرآن ھذا من علوم الوسائل ‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫ومدنية صيفي شتائي سبب النزول ألنه يعين على الفھم إلى آخره فنقول‬
‫ًّ‬
‫إضافيا‬ ‫ً‬
‫تركيبا‬ ‫ً‬
‫مركبا‬ ‫علوم القرآن ھذا مركب تركيب إضافي ‪ ،‬علوم القرآن مضاف ومضاف إليه ‪ ،‬وإذا كان العلم‬
‫ومعنى لقبي علمي ‪ .‬كما ھو الشأن في أصول الفقه لماذا ؟‬ ‫ً‬ ‫معنى إضافي ‪،‬‬‫لزاما أن يكون له معنيان ‪ً :‬‬ ‫فحينئذ ً‬
‫ٍ‬
‫قل عن‬ ‫ُتوصل ‪ -‬على قول الكثيرين ‪ -‬ال يمكن أن يتوصل إلى إدراك معنى المركب اإلضافي الذي ُن ِ َ‬ ‫ألنه ال يمكن أن ي َ َ َّ َ‬
‫علما‬ ‫حينئذ إذا قيل للناس ‪ :‬علوم القرآن صار ً‬ ‫ٍ‬ ‫معناه وتركيبه اإلضافي إلى معنى اللقب العلمي إال بعد فھم جزأين وطرفين ‪،‬‬
‫مثال كتابه )) اإلتقان (( نقول ‪ :‬ھذا يصلح إذا‬ ‫ً‬ ‫فإذا أطلق اللفظ علوم القرآن انصرف إلى المعنى المراد الذي ضمنه السيوطي‬
‫فحينئذ ال بد في النظر في كل جزء من‬ ‫ٍ‬ ‫ً‬
‫إضافيا‬ ‫ً‬
‫تركيبا‬ ‫ً‬
‫مركبا‬ ‫لق على جھة اإلفراد وأما إذا كان في األصل‬ ‫ابتداء ُ ْ‬
‫أط ِ َ‬ ‫ً‬ ‫كان‬
‫ٍ‬
‫حينئذ نقول ‪ :‬علوم القرآن له معنيان ‪:‬‬ ‫أجزائه كما يقال في أصول الفقه‬
‫معنى إضافي باعتباره مفردين يعني النظر إلى كلمة مضاف ألنه مركب من كلمتين علوم ‪ ،‬وقرآن ‪ ،‬علوم مضاف وقرآن‬
‫مضاف إليه ‪ ،‬علوم ھذا له معنى في اللغة ومعنى في االصطالح ‪ ،‬والقرآن له معنى في اللغة ومعنى في االصطالح أليس‬
‫كذلك ؟‬
‫حينئذ ال بد من النظر في كل كلمة من ھذه الكلمات فنقول ‪ :‬علوم ‪ :‬جمع علم والعلم في اللغة يطلق بمعنى المعرفة والفھم‬
‫إدراكا ‪ .‬والمراد باإلدراك وصول النفس‬ ‫ك ِْ َ ً‬ ‫ُدر ُ‬ ‫‪ -‬عند الكثيرين ‪ -‬ولكن األصح أنه بمعنى اإلدراك ‪ ،‬واإلدراك مصدر ‪َ َ ْ َ :‬‬
‫أدرك ي ْ ِ‬
‫إلى المعنى بتمامه سواء كان متعلق بإدراك المفردات أو المركبات سواء كان على جھة اليقين أو على جھة الظن ‪ ،‬فاإلدراك‬
‫ٌ‬
‫سواء‬ ‫مطلقا الشامل للعلم بنوعيه التصور والتصديق الذي ھو ‪ :‬إدراك المركبات ‪ .‬والتصور الذي ھو ‪ :‬إدراك المفردات ‪.‬‬ ‫ً‬
‫ً‬
‫مطلقا ‪.‬‬ ‫كان على جھة اليقين أو على جھة الظن ‪ ،‬العلم إدراك المعاني‬

‫وحصره في طرفين حققا‬ ‫العلم إدراك المعاني مطلقا‬


‫)‬ ‫)‬
‫‪.........................‬‬ ‫والتصور‬
‫َ‬ ‫سموھما التصديق‬
‫)‬ ‫)‬

‫قسمان ال ثالث لھما‬


‫حينئذ نقول ‪ :‬العلم ھو ‪ :‬اإلدراك ‪ ،‬واإلدراك ھو ‪ :‬وصول النفس إلى المعنى بتمامه ‪ .‬ھذا من حيث اللغة ‪ ،‬وإن اشتھر‬ ‫ٍ‬
‫ٍ‬
‫حينئذ نقول علوم‬ ‫ً‬
‫عند بعضھم أن المعرفة تكون مرادفة للعلم ذكرنا أوجه الفرق بين المعرفة والعلم في )) شرح الورقات ((‬
‫يفع ُل وھو متعدي‬‫ْ‬ ‫لم ِ ْ ً‬
‫علما باب َ ِ َ‬
‫فعل َ َ‬ ‫علم َيعْ َ ُ‬
‫جمع علم والعلم ھذا من حيث االشتقاق واللفظ مصدر بكسر العين وإسكان الالم ‪َ ِ َ ،‬‬
‫وھو بمعنى المعرفة والعلم واألصح أن يقال ‪ :‬أنه بمعنى اإلدراك ‪.‬‬

‫‪21‬‬
‫وأما في االصطالح في مثل ھذا المقام ھنا ألن العلم من حيث االصطالح يختلف باختالف المتكلم في ذلك السند ‪ ،‬وھنا‬
‫كم من المسائل جمع مسألة‬ ‫جملة من المسائل المضبوطة بجھة واحدة جملة يعني ‪ :‬بعض ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫نعرف العلم في االصطالح بأنه‬
‫وقدر مشترك ھي ‪:‬‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬
‫وأصل‬ ‫ٌ‬
‫مفعلة من السؤال وھو ما يُبرھن عنه في العلم ‪ ،‬المضبوطة بجھة واحدة يعني التي يجمعھا ضابط‬ ‫َََْ‬
‫جھة واحدة ‪ .‬وھذه الجھة الواحدة ھي باعتبار ماذا ؟ باعتبار ما يبحثه ذلك العالم في ذلك الفن فمثالً علم أصول الفقه نقول‬ ‫ٍ‬
‫علم أصول الفقه ما المراد بكلمة علم في مثل ھذا التركيب ؟‬
‫بجھة واحدة ‪ .‬وھي معرفة أصول الفقه ما ھو معرفة العام والخاص والمطلق والمقيد‬ ‫ٍ‬ ‫جملة من المسائل المضبوطة‬ ‫ٌ‬ ‫نقول ‪:‬‬
‫‪ ،‬ھذه المسائل ھي العلم في ھذا التركيب ‪ ،‬وھنا في علم علوم القرآن نقول المراد بالجملة ھنا ‪ :‬أسباب النزول ‪ ،‬والمكي ‪،‬‬
‫والمدني ‪ ،‬واإلنزال ‪ ،‬نزول القرآن ‪ ،‬وكيفية إنزاله ‪ ،‬وقراءته ‪ ،‬وأداؤه ‪ ...‬إلى آخره كل األنواع التي ُتذكر في علوم القرآن‬
‫المقصود بلفظة علم ھنا ھي ھذه األنواع الخمسة والخمسين التي ذكرھا المصنف وھي أكثر من ذلك ‪.‬‬
‫بجھة واحدة ‪ .‬والمراد بالجھة الواحدة ھذه ھنا يعني‬ ‫ٍ‬ ‫حينئذ نفسر العلم ھنا في االصطالح ‪ :‬جملة من المسائل المضبوطة‬ ‫ٍ‬
‫يشملھا وحدة الموضوع كما يقال وحدة الموضوع ‪ ،‬أسباب النزول ‪ ،‬المكي والمدني ‪ ،‬الحضري والسفري ‪ ،‬األداء ‪ ،‬اإلدغام‬
‫‪ ،‬اإلمالة ‪ ...‬إلى آخره نقول ‪ :‬ھذه يشملھا ماذا ؟‬
‫وحدة واحدة وھي كونھا من مباحث علوم القرآن تدرك في ھذا الفن ‪ ،‬ھذا ھو اللفظ األول وھو المضاف ‪ ،‬ثم ننتقل إلى‬
‫مشتق أو جامد وھل ھو مھموز أو غير مھموز ؟‬ ‫ٌ‬ ‫مختلف فيه ھل ھو‬ ‫ٌ‬ ‫المضاف إليه وھو القرآن ‪ ،‬قرآن ھذا‬
‫لمسمى ھو كالم الرب جل وعال‬ ‫ً‬ ‫علم مرتجل أول ما ابتدع وضع ً‬
‫اسما‬ ‫مشتق أو جامد ؟ جامد بمعنى أنه مرتجل ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫ھل ھو‬
‫مشتق أم جامد كما قيل في لفظ‬ ‫ٌ‬ ‫وقرْ آن ‪ ،‬أم أنه ابتداء ھذا محل اختالف ‪ ،‬ھل ھو‬ ‫قراءة َ ُ‬
‫يقرأ ِ َ َ ً‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫قرأ َ ْ َ‬‫أما أنه منقول فھو مصدر َ َ‬
‫ذات متصفة‬ ‫ٍ‬ ‫دال على صفة المتصف على ذاته ھل ھو ٌ‬
‫دال على‬ ‫الجاللة ))  (( ھل ھو مشتق أم جامد بمعنى ‪ :‬ھل ھو ٌ‬
‫ٌ‬
‫بصفة أم أنه يدل على ذات فقط وال يتضمن الداللة على صفة كما ھو الشأن في الرحمن ‪ ،‬الرحمن ھذا فعالن صفة مشبھة‬ ‫ٍ‬
‫اسم مشتق من الرحمة على جھة المبالغة ما مفھومه يدل على أي شيء ماذا تفھم من كلمة الرحمن ؟ تفھم أنه يدل على ذات‬
‫بصفة ھي ‪ :‬العلم ‪  .‬جل جالله ھل‬ ‫ٍ‬ ‫بصفة خاصة وھي ‪ :‬صفة الرحمة ‪ .‬العليم يدل على ٍ‬
‫ذات متصفة‬ ‫ٍ‬ ‫‪ ،‬ھذه الذات متصفة‬
‫ذات فقط كما يدل العلم في المخلوق ‪ ،‬المخلوق اآلن نقول زيد ھل له معنى ؟‬ ‫دال على ٍ‬ ‫ھو ٌ‬
‫ليس له معنى بل حتى المشتقات في المخلوقين إال النبي  فمحل نزاع باتفاق أنھا ال تدل على معاني ‪ ،‬ولذلك قد يسمى‬
‫محمود الشخص ويسمى محمد غير النبي  ھل نقول ‪ :‬محمد ومحمود أنه يدل على أنه ذات متصفة بالحمد أو أنه يحمد أو‬
‫قد يسمى صالح يعني ‪ :‬ذات متصفة بالصالح قد يكون صالح بالفعل يوافق االسم المسمى ‪ ،‬وقد يكون من أشر خلق  عز‬
‫لفظ جُرِّ دَ عن المعنى عن الوصف ھذا المراد‬ ‫حينئذ نقول ‪ :‬االسم ھنا لم يوافق مسماه ‪ .‬وإنما المراد أنه ٌ‬ ‫ٍ‬ ‫ً‬
‫صالحا‬ ‫وجل ويسمى‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ٌ‬
‫ذات فقط أم ال ؟ القرآن مثله ھل ھو مشتق أم ال ؟ ثم إذا كان مشتقا أم جامدا ‪ -‬على القولين ‪-‬‬ ‫ٍ‬ ‫دال على‬ ‫بلفظ الجاللة ھل ھو ٌ‬
‫ھل ھو مھموز فيقال ‪ :‬القرآن بالھمز ‪ .‬أم غير مھموز فيقال ‪ :‬القران ‪ .‬ھكذا بدون ھمز ؟‬
‫مھموز وبه قرأ ابن كثير وھو مروي عن الشافعي رحمه‬ ‫ٍ‬ ‫خاص بكالم  فھو غير‬ ‫ٌ‬ ‫علم غير مشتق‬ ‫اسم ٌ‬ ‫قال بعضھم ‪ :‬ھو ٌ‬
‫فنقل إلى كالم الرب جل‬ ‫ُ‬
‫مصدرا ِ‬ ‫ً‬ ‫علم مرتجل يعني ‪ :‬لم يكن‬ ‫ تعالى أن القرآن قران ھكذا يقرأ وھي قراءة ابن كثير ألنه ٌ‬
‫مرتجال ألن العلم عند أھل العربية قسمان ‪:‬‬ ‫ً‬ ‫اسما صار ً‬
‫علما‬ ‫وعال فجعل ً‬
‫علم منقول ‪.‬‬ ‫ٌ‬
‫وعلٌم مرتجل ‪.‬‬
‫العلمية ‪.‬‬‫َ‬ ‫ْ‬
‫استعمال في غير َ ِ َّ‬ ‫ٌ‬ ‫علم منقول ھو الذي سبق له‬ ‫ٌ‬
‫ً‬
‫مصدرا فنقل من‬ ‫العلمية كان‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ً‬
‫ض ُل فضْ ال إذا ھو مصدر ‪ ،‬إذا ھو سابق على َ ِ َّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫فضل َيف ُ‬ ‫َفضْ ل ھذا مصدر فضْ ل مصدر َ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫حينئذ فضل ھذا‬ ‫ٍ‬ ‫المصدرية إلى الداللة على العلم لوحده فضل تقول ‪ :‬ھذا فضل زيد ‪ ،‬وھذا فضل عمرو ‪ ،‬ھذا فضل  ‪.‬‬
‫المراد به زيادة فھل يدل على ذات ؟‬
‫علما موصوال منقول من أي شيء ؟ من المصدر‬ ‫ً‬ ‫ال يدل على ذات ‪ ،‬لكن لو نقلته من المصدرية إلى داللة على ذات صار ً‬
‫شرا ‪ ،‬وشاب قرناھا شاب قرناھا فعل ماضي وفاعل ‪،‬‬ ‫‪ ،‬ومثله المنقول عن جملة اسمية أو المنقول عن الجملة الفعلية تتأبط ً‬
‫مفردا ھذا يسمى‬ ‫ً‬ ‫شخص معين فصار‬ ‫ٍ‬ ‫جملة فعلية إلى كونه ً‬
‫علما على‬ ‫ً‬ ‫ومفعول به ‪ ،‬نقل عن كونه‬ ‫ٌ‬ ‫شرا فعل وفاعل‬ ‫وتتأبط ً‬
‫ً‬
‫علما منقوال ‪.‬‬ ‫ً‬
‫ابتداء أول ما وضع ‪ ،‬وضع على أنه علم لم‬ ‫ً‬ ‫ابتداء من أول األمر ھكذا نطقت به العرب‬ ‫ً‬ ‫والعلم المرتجل ھو الذي وُ ضع‬
‫العلمية قبل كونه أو جعله ً‬
‫علما ‪.‬‬ ‫يستعمل في غير ْ َ َ ِ َّ‬

‫‪22‬‬
‫كسعادَ َ ُ‬
‫وأدَ ْد‬ ‫ارتجال ُ َ‬
‫ٍ‬ ‫َ ُ‬
‫وذو‬ ‫كفضْ ٍل َ َ َ ْ‬
‫وأسد‬ ‫ومن ُه َ ْ ُ ٌ‬
‫منقول َ َ‬ ‫َ ِْ‬
‫)‬ ‫)‬
‫ربا‬ ‫ُ‬
‫تم أعْ ِ َ‬‫َ‬ ‫َذا ِإنْ ِ َ‬
‫بغي ِْر َوي ِْه َّ‬
‫بمزج ُر ِّ َ‬ ‫َو ُجم َ ٌ‬
‫)‬
‫)‬ ‫كبا‬ ‫وما ِ َ ْ ٍ‬
‫ْلة َ َ‬

‫رجل أسد ‪ ،‬ھذا منقول عن اسم حيوان معروف أو فضل وھو مصدر ‪ ،‬وذو‬ ‫ٍ‬ ‫كفضل وأسد لو سميت‬
‫ٍ‬ ‫ٌ‬
‫منقول‬ ‫ًإذا ومنه ما ھو‬
‫استعمال في غير ْ َ َ ِ َّ‬
‫العلمية ‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫العلمية كذلك ُأدَ د لم يسبق له‬
‫استعمال في غير ْ َ َ ِ َّ‬
‫ٌ‬ ‫ارتجال كسعاد ُ‬
‫وأدَ د ‪ ،‬سعاد قيل ‪ :‬ھذا لم يسبق له‬
‫علم غير مشتق خاص بكالم  فإذا أطلق لفظ‬ ‫اسم ٌ‬
‫شخص ٌ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫حينئذ يكون علم‬ ‫وعلم ‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫ًإذا على ھذا القول ‪ :‬بأن القرآن ٌ‬
‫اسم‬
‫القرآن انصرف إلى كالم الرب جل وعال ‪ ،‬مثل ما تقول ‪ :‬قال زيد ‪ .‬فتعرف زيد أنه ذات التي أدركت ماھيتھا وحقيقتھا فھو‬
‫فعال قران‬ ‫فعال ‪َ ُ ،‬‬
‫غير مھموز ألنه وضع ھكذا وما وضع بدون ھمز ال يمكن أن يھمز فإذا قيل ‪ :‬قران ‪ .‬فحينئذ يكون وزنه ُ َ‬
‫فتكون النون أصلية واأللف زائدة ألنھا تكون الم الكلمة فعال قران ليس عندنا ھمز واأللف ھذه مقابلة لأللف والنون تكون‬
‫أصلية قران القاف ھي فاء الكلمة والراء ھي عين الكلمة قران والنون ھي الم الكلمة ‪ ،‬فصارت النون أصلية وھو وُ ضع‬
‫ً‬
‫ابتداء بدون ھمز وھذا منسوب إلى الشافعي ‪.‬‬ ‫ً‬
‫ارتجاال‬
‫مھموزا ولم يؤخذ من َقرأت ‪ً .‬إذا غير‬ ‫ً‬ ‫أخرج البيھقي والخطيب عن الشافعي رحمه  تعالى أنه يقول ‪ :‬القران اسم وليس‬
‫ً‬
‫مشتق ألنه لو أخذ من قرأت لكان األصل فيه أنه مھموز ألن قرأ الھمزة ھي الم الكلمة فصارت الھمزة أصال حينئذ يكون‬
‫األصل في المصدر ألنھا وجدت في الماضي ولذلك بعضھم يستشكل يقول ‪ :‬كيف يقال القرآن مأخوذ من قرأ ومعلوم أن‬
‫القرآن مصدر وقرأ فعل ماضي ‪.‬‬

‫الفعل‬
‫ِ‬ ‫ومنه يا صاح اشتقاق‬ ‫وأي‬ ‫األصل‬ ‫والمصدر‬
‫)‬ ‫أصل )‬
‫ِ‬

‫كما ھو مقرر عند البصريين على القول الراجح فكيف يقال ‪ :‬القرآن مأخوذ من قرأ ؟ نقول ‪ :‬ليس قصدھم أنه فرع العام‬
‫فعل ‪ً ،‬إذا الھمزة‬‫قرأَ على وزن َ َ َ‬ ‫وإنما المراد أنه اجتمع معه في مادة االشتقاق وأرادوا بذلك أن يستدلوا على أن الھمزة أصل َ َ‬
‫ٍ‬
‫فحينئذ‬ ‫ھي الم الكلمة ‪ً ،‬إذا قران سواء نطق بالھمزة قرآن أم حذفت الھمزة إلسقاط حركتھا إلى الساكن قبلھا فحذفت قران‬
‫يكون وزنه فعالن كغفران ورجحان كما سيأتي ‪.‬‬
‫قرآنا ‪-‬‬ ‫مھموزا ولم يؤخذ من قرأت ولو أخذ من قرأت لكان كل ما قرئ ً‬ ‫ً‬ ‫ًإذا قال الشافعي رحمه  ‪ :‬القران اسم وليس‬
‫علما على كالم الرب جل وعال‬ ‫ُسلم ‪ -‬ولو أخذ من قرأت لكان كل ما قرئ ً‬
‫قرآنا ‪ .‬نقول ‪ :‬ال ‪ ،‬جعل ً‬ ‫رحمه  وھذا ليس بم َ َّ‬
‫قرأَ‬ ‫ً‬
‫مشتقا من َ َ‬ ‫مشتقا منه ‪ .‬نحن نقول ‪ :‬ھذا ال شك بتسليمه لو س ِّ َ‬
‫ُلم بكونه‬ ‫ً‬ ‫وحينئذ ال يجوز إطالقه على كل ما ُقرئ أما كونه‬ ‫ٍ‬
‫كالم مقروء ؟‬
‫ٍ‬ ‫يلزم منه أنه يُطلق القرآن على كل‬‫ھل َ ْ َ‬
‫الجواب ‪ :‬ال ‪ ،‬لماذا ؟‬
‫أخذ‬ ‫ُ‬
‫توقيفا ‪ ،‬ولو ِ َ‬
‫ً‬ ‫علما على كالم الرب جل وعال فال يجوز ماذا ؟ استعماله في غيره صار‬ ‫ألننا نقول باالشتقاق ثم نجعله ً‬
‫التوراة ‪ ،‬واإلنجيل ‪ .‬يھمز قرأت وال يھمز القرآن ‪ .‬ھذا قول من‬ ‫من قرأت لكان كل ما قرئ قرآن ولكنه اسم لكتاب  مثل ‪ّ :‬‬
‫؟ قول الشافعي رحمه  تعالى وھو إمام من أئمة اللغة ‪ .‬فقول الشافعي ‪ :‬ھو اسم لكتاب  ‪ .‬يعني ‪ :‬أنه اسم علم غير مشتق‬
‫بل ھو علم مرتجل ‪ .‬وقال آخرون ‪ :‬بل ھو مشتق ‪ .‬ثم اختلفوا في اشتقاقه فقيل ‪ :‬مشتق من قرنت الشيء بالشيء ًإذا مأخوذ‬
‫من مادة االقتران مأخوذ من قرنت الشيء بالشيء إذا ضممت أحدھما إلى اآلخر فلماذا سمي القرآن كالم الرب جل وعال‬
‫قران وھو من قرنت الشيء بالشيء ؟ فسمي بذلك لقران السور واآليات والحروف فيه ‪ ،‬حصل اقتران وھو ‪ :‬ضم السورة‬
‫إلى السورة ‪ ،‬واآلية إلى اآلية ‪ ،‬والكلمة إلى الكلمة ‪ ،‬والحرف إلى الحرف ‪ .‬ومنه ‪ :‬قيل إذا قرن الحج والعمرة قران ‪ .‬ألنه‬
‫قرانا من كونه ضم أحدھما إلى اآلخر ‪ .‬ھذا قول ‪ .‬وقال الفراء ‪ :‬ھو مشتق‬ ‫ضم الحج إلى العمرة أو العمرة إلى الحج فسمي ً‬
‫من القرائن ‪ .‬عندنا القول األول ھو مشتق من ماذا ؟ من القران وھذا مأخوذ على قول الفراء من القرائن ألن اآليات منه من‬
‫بعضا وھي قرائن ‪ ،‬وعلى القولين يكون بال ھمز على القول األول بأنه مشتق‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫بعضا ويشابه بعضھا‬ ‫القرآن يصدق بعضھا‬
‫من القران أو من القرائن يكون قران بال ھمز ونونه أصلية ‪ .‬وقال الزجاج ‪ :‬ھذا القول سھو ‪ .‬القول األخير بأنه من القرائن‬
‫سھو وفي بعض النسخ غلط والصحيح أن ترك الھمز فيه من باب التخفيف ونقل حركة الھمز إلى الساكن قبلھا ھذا مطرد في‬
‫مھموزا إذا قيل من القرائن نقول ‪ :‬قرآن ‪ .‬ھذا أصله‬ ‫ً‬ ‫الھمز قرآن ھذا يحتمل إذا قيل ‪ :‬إنه من القرائن ‪ .‬ال نقطع بأنه ليس‬

‫‪23‬‬
‫قصدَ حذف الھمزة ألن الھمز فيھا ِ َثقل أريد التخفيف فحذفت‬ ‫أريد ُ ِ‬ ‫ُ‬
‫حصل تخفيف وجه التخفيف أسقطت حركت الھمز يعني ‪ِ :‬‬
‫ُتوفر إلى حذفه بكونه ساكن فألقيت الحركة الفتحة على‬ ‫ابتداء ھكذا ‪ ،‬ال بد أن ي َ َ‬ ‫ً‬ ‫الھمزة ال يمكن أن يُحذف الحرف المحرك‬
‫القران بتحريك الراء بالفتح من أين جاءت الفتحة ؟‬ ‫ُ‬
‫قران ‪َ .‬‬ ‫الراء لذلك تقول ‪ُ :‬قرْ آن ‪ .‬بإسكان الراء فإذا حذفت الھمزة تقول ‪َ :‬‬
‫ُ‬
‫من أين جاءت ؟‬
‫ھي حركة الھمزة إذا قران أصله قرآن ألقيت حركة الھمزة وھي الفتحة إلى الراء ثم سكنت الھمزة فصح التخفيف حينئذ‬ ‫ً‬
‫ألن حذف الحرف المتحرك ھذا يستعصي ألن الحرف المتحرك قوي أقوى من الحرف الساكن فحينئذ ال بد من تضعيفه‬
‫تمكنا من حذفه ‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫ٍ‬
‫حينئذ‬ ‫ُف‬
‫فضع َ‬ ‫ساكنا َ‬ ‫ً‬ ‫إدخال الضعف عليه فال بد من إسقاط حركته فإذا سقطت حركته صار‬
‫ً‬
‫يقرأ َقرْ ًءا وقرآنا مصدر زيدت األلف‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬
‫قرأ َ َ‬ ‫َ‬ ‫مصدر لقرأت كالرجحان والغفران ‪َ َ .‬‬ ‫ٌ‬ ‫واختلف القائلون بأنه مھموز قيل ‪ :‬ھو‬ ‫ََْ َ‬
‫غفرا ھذا المصدر‬ ‫يغف ُر َ ْ ً‬
‫غفر َ ْ ِ‬ ‫سماعيا َ َ َ‬ ‫ً‬ ‫والنون عليه كما سيأتي ‪ً ،‬إذا مثل الرجحان والغفران ‪ ،‬الغفران ھذا مصدر وإن كان‬
‫القياسي وغفران ھذا مصدر سماعي ‪ ،‬وقيل ‪ :‬ھو األصل وزيدت عليه األلف والنون ‪ -‬كما سيأتي ‪ . -‬قيل ‪ :‬ھو مصدر‬
‫لقرأت كالرجحان والغفران سمي به الكتاب المقروء من باب تسمية المفعول بالمصدر ‪ .‬وسيأتي ھذا بمعنى أنه مقروء يعني ‪:‬‬
‫متلو ‪ .‬وقال آخرون ‪ -‬منھم الزجاج ‪ : -‬ھو وصف على ُفعْ الن ‪ .‬وصف ليس بمصدر إنما ھو وصف على وزن ُفعْ الن مشتق‬
‫القران قران‬ ‫قرأت الماء في الحوض ‪ .‬أي ‪ :‬جمعته ‪ً .‬إذا قد يحتمل أن القرآن مشتق من ْ ِ‬ ‫القرْ ِء بمعنى الجمع ‪ ،‬ومنه ‪ُ ْ َ َ :‬‬ ‫من ْ َ‬
‫ِّي بذلك ألنه جمع السور‬ ‫ويحتمل أنه من الجمع وھذان صوابان يعني ‪ :‬يحمل عليھما دون تفصيل ‪ .‬قال أبو عبيدة ‪ :‬و ُسم َ‬
‫قرآنا ؟ ألنه جامع للسور بعضھا‬ ‫بعضھا إلى بعض ‪ً .‬إذا قيل ‪ :‬القرآن مأخوذ من الجمع لما سمي القرآن كالم الرب جل وعال ً‬
‫إلى بعض وسيأتي وجه آخر ‪ .‬وقال الراغب األصبھاني ‪ :‬بل لكونه جمع ثمرات الكتب السالفة المنزلة ‪ .‬وھذا أصح لكونه‬
‫ً‬
‫وخاصة‬ ‫كالم قرآن ‪ ،‬ھذا ال شك‬ ‫ٍ‬ ‫جمع قرآن ‪ ،‬ھذا ال شك وال لجمع كل‬ ‫جمع ثمرات الكتب السالفة المنزلة ألنه ال يُقال لكل‬
‫ٍ‬
‫حينئذ ال يصح نقله ‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫علما على كالم الرب جل وعال‬ ‫إذا صار ً‬
‫وقيل ‪ :‬ألنه جمع أنواع العلوم كلھا ‪.‬‬
‫ھذه بعض األقوال التي ذكرھا السيوطي رحمه  تعالى في )) اإلتقان (( وكذلك الزكشي في )) البرھان (( ونقول ‪:‬‬
‫قرأَ ‪ -‬يعني ما سيأتي ھو األصح ‪ -‬مصدر قرأ بمعنى ‪ :‬تال ‪ .‬أو بمعنى ‪:‬‬ ‫واألظھر و تعالى أعلم أن القرآن في اللغة مصدر َ َ‬
‫قرأ يستعمل في التالوة بمعنى التالوة ويستعمل في معنى الجمع فھو‬ ‫َ‬ ‫جمع ‪ .‬مصدر قرأ بمعنى ‪ :‬تال ‪ .‬أو بمعنى ‪ :‬جمع ‪ .‬ألن َ َ‬ ‫َ ََ‬
‫لفظ مشترك أو مشترك لفظي مثل القرح والعين زيدت فيه األلف والنون كما زيدتا في الغفران يعني ‪ :‬القرآن األلف والنون‬ ‫ٌ‬
‫اسم المفعول ‪،‬‬ ‫مصدر بمعنى ٍ‬ ‫ٌ‬ ‫وغفرانا فعلى المعنى األول َتال فھو‬ ‫غفرا َ ُ ْ َ ً‬ ‫غفر َ ْ ً‬ ‫وقرآنا كما تقول ‪َ َ َ :‬‬ ‫ً‬ ‫قرأَ َقرْ ًءا‬ ‫زائدتان ‪ .‬تقول ‪َ َ :‬‬
‫قرأ بمعنى ‪َ :‬تال ‪ .‬ويدل عليه‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬
‫متلوا ألنه مأخوذ من َ َ‬ ‫المتلو ‪ .‬فسمي القرآن ُقرْ ًآنا لكونه َ ْ ُ ًّ‬ ‫المق ُروء أي ‪ّ ُ ْ َ ْ :‬‬ ‫فحينئذ يكون القرآن بمعنى ْ َ ْ‬ ‫ٍ‬
‫قرآنه ﴾ ] القيامة ‪ . [18 ، 17 :‬يعني ‪ :‬تالوته ‪ .‬فصار القرآن ھنا‬ ‫فاتبع ُ ْ َ ُ‬ ‫قرأناهُ َ َّ ِ ْ‬ ‫ْ‬
‫فإذا َ َ َ‬ ‫وقرآنه * َ ِ َ‬
‫جمعه َ ُ ْ َ ُ‬ ‫علينا َ ْ َ ُ‬ ‫إن َ َ ْ َ‬ ‫قوله تعالى ‪َّ ِ ﴿ :‬‬
‫قرأ بمعنى تال‬ ‫َ‬ ‫ً‬
‫القرْ آن قُرْ ًآنا لكونه مأخوذا من َ َ‬ ‫ِّي ْ ُ‬
‫المتلو ‪ .‬فلذلك نقول ‪ :‬ھذا المعنى صحيح ُسم َ‬ ‫اسم المفعول أي ‪ّ ُ ْ َ ْ :‬‬ ‫مصدر لمعنى ٍ‬
‫المقرُ وء والقرآن كالم  تعالى َ ْ‬
‫مق ُر ٌ‬
‫وء‬ ‫المفعُول بمعنى ْ َ ْ‬ ‫فالقرْ آن ُفعْ الن بمعنى ْ َ ْ‬ ‫فيكون من إطالق المصدر وإرادة اسم المفعول ْ ُ‬
‫وھو متلو وال شك في ھذا فالمعنى صحيح ‪.‬‬
‫جمع ‪ -‬كما ذكرناه في السابق ‪ -‬إنه يقال ‪:‬‬ ‫قر َأ يأتي بمعنى َتال ويأتي بمعنى َ َ َ‬ ‫جمع ‪ ،‬قلنا ‪َ َ :‬‬ ‫وعلى المعنى الثاني الذي ھو َ َ َ‬
‫مصدر بمعنى اسم الفاعل فالقرآن‬ ‫ٌ‬ ‫جمع فھو‬ ‫قرأت الماء في الحوض ‪ .‬بمعنى ‪ :‬جمعته ‪ .‬أي ‪ :‬جمعته ‪ .‬وعلى المعنى الثاني َ َ َ‬ ‫ََْ ُ‬
‫أنزلت قبله وزاد عليھا أليس‬ ‫جامع لثمرات علوم الكتب السماوية التي ُ ْ ِ َ ْ‬ ‫ٌ‬ ‫جامع ألي شيء ؟‬ ‫ٌ‬ ‫قارئ جامع ‪ ،‬القرآن جامع ‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫بمعنى‬
‫كذلك ؟ أليست أصول التوحيد والغيب واإليمان باليوم اآلخر موجودة في القرآن ؟‬
‫متفق عليھا بين األنبياء فھي موجودةٌ في ما سبق وزاد عليھا بأمور انفردت بھا شريعة‬ ‫ٌ‬ ‫ًإذا جمع ‪ ،‬وموجودة قبل ذلك ألنه‬
‫شيء ﴾ ھذا‬‫شيء ﴾ ] األنعام ‪ِ ﴿ [38 :‬من َ ْ ٍ‬ ‫الكتاب ِمن َ ْ ٍ‬ ‫فرطنا ِفي ِ َ ِ‬ ‫النبي صلى عليه وآله وسلم ‪ ،‬ولذلك جاء في القرآن ﴿ َّما َ َّ ْ َ‬
‫شيء ﴾ ] األنعام ‪:‬‬ ‫الكتاب ِمن َ ْ ٍ‬ ‫فرطنا ِفي ِ َ ِ‬ ‫نص في العموم ًإذا ﴿ َّما َ َّ ْ َ‬ ‫ٌ‬ ‫نكرة في سياق النفي وزيدت عليھا ﴿ ِمن ﴾ فدل على أنھا‬
‫‪. [38‬‬
‫جمع ألنه يستعمل في المعنيين تال ‪،‬‬ ‫سواء كان بمعنى تال أو بمعنى َ َ َ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫قرأ‬
‫وعليه فالقرآن أصله مھموز ألن أصله ماذا ؟ َ‬
‫وجمع فيكون القرآن األصل فيه أنه مھموز أو ليس بمھموز ؟‬
‫مھموز ھذا ھو األصل فيه فإذا قرأ ابن كثير قران نقول على أي جھة ؟‬
‫على جھة التخفيف أصله قرآن ‪ ،‬فخفف بإسقاط حركة الھمز إلى الراء فحذفت الھمزة فصار قران ‪ .‬على الھمز وترك‬
‫سواء ذكرنا الھمز نطقنا بھا أو لم ننطق بالھمزة لماذا ؟‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫مطلقا‬ ‫الھمز وزنه ُفعْ الن‬

‫‪24‬‬
‫فحينئذ صارت كالموجودة فتراعى في الوزن ‪ً ،‬إذا وعليه فالقرآن أصله‬‫ٍ‬ ‫ً‬
‫تخفيفا يعني ‪ :‬لعلة لغرض ‪.‬‬ ‫ألن الھمز ھنا حذفت‬
‫ُ‬
‫فعال ‪.‬‬ ‫ُ‬
‫خفف بنقل حركة الھمز إلى الساكن قبلھا ثم حذفت فوزنه فعْ الن ‪ ،‬وعلى قول الشافعي رحمه  تعالى وزنه َ‬ ‫مھموز ُ ِّ َ‬
‫فعال ‪ ،‬واستشكل البعض باجتماع معرفين وھي ‪َّ ِ َ َ ْ :‬‬
‫العلمية واأللف والالم ‪ .‬القرآن ‪ ،‬القرآن صار علم‬ ‫فرق بين ُفعْ الن وبين ُ َ‬
‫ٌ‬
‫على كالم الرب جل وعال ‪ ،‬والعلم معرفة وال المعرفة ال تعرف المعرفة أليس كذلك ؟‬
‫ال تدخل على المعرفة وإنما تدخل على النكرة‬

‫قاب ُل َأ ْل م َ ِّ َ‬
‫ُؤثرا‬ ‫نكرةٌ َ ِ‬
‫َِ َ‬

‫إن َھَـذا‬
‫فحينئذ نقول ‪َّ ِ ﴿ :‬‬
‫ٍ‬ ‫صلح لدخول أل عليه والقرآن بدون أل علم على كالم الرب جل وعال‬‫ًإذا ضابط النكرة كل ما َ َ َ‬
‫أقوم ﴾ ] اإلسراء ‪ . [9 :‬ھذا قرآن َ َأتى بأل وھي معرفة وقرآن حيث ھو قبل دخول أل ھو علم فكيف‬ ‫ھي َ ْ َ ُ‬ ‫يھدي ِ َّ ِ‬
‫للتي ِ َ‬ ‫ْ ُْ َ‬
‫القرآن ِ ْ ِ‬
‫رفة ؟‬ ‫ف َْ‬
‫المعْ ِ َ‬ ‫عُرِّ َ‬
‫أمر سھل أن أل ھذه زائدة وليست للتعريف ‪ ،‬وإنما ھي للمح الصفة ‪ ،‬لمح الصفة يعني ‪ :‬قبل جعل‬ ‫فالجواب أن يقال ‪ٌ :‬‬
‫نوع من أنواع المعارف إذا أردت‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬
‫بالعلمية فھو‬‫ْ‬ ‫ً‬ ‫حينئذ صار ً‬
‫علما إذا صار تعريفه َ ِ َّ‬ ‫ٍ‬ ‫منقوال إذا ُنقل االسم فصار ً‬
‫علما‬ ‫ً‬ ‫لكونه‬
‫منقول عن ذاك المعنى ُ ْ ِ‬
‫تدخ ُل عليه أل وھذه األل زائدة ليست معرفة ولذلك قال ابن مالك ‪:‬‬ ‫ٌ‬ ‫اإلشارة عند التكلم للداللة على أنه‬
‫نكرةٌ ‪ .‬رحمه  قال ‪:‬‬

‫قاب ُل َأ ْل م َ ِّ َ‬
‫ُؤثرا‬ ‫نكرةٌ َ ِ‬
‫َِ َ‬

‫أل المعرفة ‪ .‬ليست كل أل تكون للتعريف قد تكون أل مؤثر التعريف يعني ‪ :‬استفاد منھا مكفولھا التعريف رجل الرجل‬
‫معرفة ‪ ،‬وليد الوليد ھكذا يقول الناس ‪ :‬أبو الوليد ‪ .‬الوليد وليد تقول ‪ :‬ھذا اسم علم منقول وليد فعيل يعني ‪ :‬مولود ھو‬ ‫ً‬ ‫صار‬
‫نقل عنه وأنه مولود ُتدخل عليه أل فتقول جاء‬ ‫فحينئذ إذا أردت الداللة على المعنى الذي ُ ِ َ‬
‫ٍ‬ ‫مولود ھذا وصف نقل إلى ْ َ َ ِ َّ‬
‫العلمية‬
‫الوليد تشير إلى ماذا ؟‬
‫منقوال عن ذات الوصف الذي ھو كونه مولود ‪.‬‬ ‫ً‬ ‫أل ھذه ليست معرفة ألنه ھو معرفة علم وإنما تشير إلى كونه‬
‫كذلك عباس علم مشتق من العبوسة فإذا رجل اسمه عباس وقد وافق االسم المسمى في وجه عبوس وكذا فتقول ‪ :‬جاء‬
‫العباس ‪ .‬تقصد به ماذا ؟‬
‫دل على أن‬ ‫علم حينئذ ال يعرف ‪ ،‬القرآن قرآن علم فإذا أدخلت عليه أل َّ‬ ‫أنه جاء عابس الوجه وإال ھو لوحده عباس ھذا َ َ‬
‫جمع ‪ ،‬وال إشكال ‪ .‬واستشكل البعض اجتماع معرفين وھما ْ َ َ ِ َّ‬
‫العلمية واأللف‬ ‫قرأَ بمعنى ‪َ َ َ :‬‬
‫قرأ بمعنى ‪َ :‬تال ‪ .‬أو من َ َ‬ ‫منقول من َ َ َ‬
‫والالم وواضح أن الالم زيدت للمح الصفة ‪.‬‬
‫علما علم جنس أو علم شخص ؟‬ ‫ًإذا عرفنا أن القرآن ھذا لفظ إذا أطلق انصرف إلى كالم الرب جل وعال ‪ً ،‬إذا صار ً‬
‫علم شخص ‪ ،‬لماذا ؟‬
‫ألن مدلوله مشخص محدود ‪ ،‬وھذا المحدود ھل ھو في الذھن أو في الخارج ؟‬
‫فحينئذ صار علم لشخص ھذا من باب التفسير الفرق بين علم الجنس وعلم الشخص ‪ ،‬علم الجنس مدلوله في‬ ‫ٍ‬ ‫في الخارج‬
‫فحينئذ إذا قيل القرآن علم من أي النوعين ؟ علم شخص أو علم جنس ؟‬ ‫ٍ‬ ‫الذھن ال وجود له في الخارج‬
‫نقول ‪ :‬علم شخص ‪ .‬شخص من التشخص له شخص له ماھية له حقيقة يدرك حينئذ تقول ‪ :‬ھذا القرآن من أوله إلى آخره‬
‫كالعلم الشخصي ‪ ،‬ويطلق باالشتراك اللفظي على مجموع القرآن كل القرآن مسماه قرآن من‬ ‫شخصا فصار له َ َ ِ‬ ‫ً‬ ‫‪ً .‬إذا ھذا صار‬
‫القرآن َ ْ َ ِ ُ ْ‬
‫فاستمعوا َ ُ‬
‫له ﴾ ]‬ ‫قرئ ْ ُ ْ ُ‬‫وإذا ُ ِ َ‬
‫شخصا يتلو آية فتقول ‪ :‬يتلو قرآن ‪َ ِ َ ﴿ .‬‬
‫ً‬ ‫الفاتحة إلى الناس ويطلق على بعضه ‪ ،‬إذا سمعت‬
‫األعراف ‪ [204 :‬قرأ القرآن ماذا ؟ كله أو بعضه ؟‬
‫بعضه ًإذا صح إطالقه على بعض كالم الرب جل وعال ‪ ،‬ولذلك ھو نقول ‪ :‬يطلق باالشتراك اللفظي على مجموع القرآن‬
‫كل القرآن من أوله من الفاتحة إلى سورة الناس ‪ ،‬وعلى كل سورة من سوره ‪ ،‬وعلى كل آية من آياته ‪ ،‬ولذلك إذا سمعت من‬
‫له ﴾ ] األعراف ‪[204 :‬‬ ‫القرآن َ ْ َ ِ ُ ْ‬
‫فاستمعوا َ ُ‬ ‫قرئ ْ ُ ْ ُ‬
‫وإذا ُ ِ َ‬
‫يتلو آية من القرآن صح أن تقول ‪ :‬إنه يقرأ القرآن ‪ .‬واآلية واضحة ﴿ َ ِ َ‬

‫‪25‬‬
‫وإذا قيل ‪ :‬إنھا في الصالة ‪ .‬حينئذ ال يقع في الصالة في الركعة الواحدة أو الركعتين كل القرآن إنما يقرأ بعض القرآن فصح‬
‫إطالق لفظ القرآن عليه ‪ ،‬ھذا من جھة القرآن من جھة المعنى اللغوي ومن جھة االشتقاق ‪.‬‬
‫أما مسماه في االصطالح يعني الشرعي المشھور في تعريفه بالطبع ال يمكن في مثل ھذا أنه يُؤتى بحد على طريقة‬
‫المناط إال اللھم في حالة واحدة ‪ .‬إذا قيل ‪ :‬ما ھو القرآن ؟ وأردت تعريف القرآن بحد تام يصدق على مسمى القرآن حينئذ‬
‫بسم ِ‬ ‫يدخ ُل فيه غيره وال يخرج عنه فرد من أفراده تقول ‪ :‬القرآن ھو ‪ِ ْ ِ ﴿ :‬‬ ‫تقول ‪ :‬إذا أريد تعريف القرآن بحد تام ال َ ْ ُ‬
‫والناس ﴾ ] الناس ‪[6 :‬‬ ‫من ْ ِ َّ ِ‬
‫الجنة َ َّ ِ‬ ‫العالمين ﴾ ] الفاتحة ‪ [2 ، 1 :‬وتقرأه من أوله إلى ﴿ ِ َ‬ ‫رب ْ َ َ ِ َ‬ ‫‪ِّ َ S‬‬ ‫الحمد ّ ِ‬ ‫الرحيم * ْ َ ْ ُ‬ ‫الرحمن َّ ِ ِ‬
‫َّ ْ ِ‬
‫ُسمى بالحد الحقيقي ال يخرج عنه فرد من أفراده وال يدخل فيه غيره وال َ ِ ُ‬
‫يرد‬ ‫أريد تعريف القرآن بحد شامل ما ي َّ‬ ‫ُ‬
‫صحيح إذا ِ‬
‫ٍ‬
‫فحينئذ ال‬ ‫ً‬
‫الرحيم ﴾ ثم تقرأ القرآن كامال إلى آخره ‪ ،‬وأما ما عداه‬ ‫الرحمن َّ ِ ِ‬ ‫ َّ ْ ِ‬ ‫بسم ِ‬ ‫عليه غيره أي إيراد فتقول ‪ :‬القرآن ھو ‪ِ ْ ِ ﴿ :‬‬
‫سما ‪ ،‬أما الحد الحقيقي‬ ‫بد من التقريب فقط ولو طبقت عليه من باب اإلخراج واإلدخال ھذا من باب التقريب ولذلك يسمى ر ً‬
‫ُحد بھا‬‫قيدا وبعضھم يخرج اآلخر وھلم جر يعني ‪ :‬يختلفون في القيود التي يمكن أن ي َ َّ‬ ‫فھو كما ذكرناه ‪ ،‬وذلك بعضھم يدخل ً‬
‫ُعنونُ له فيقال ‪ :‬القرآن كالم  إلى آخره إال من باب إثبات أنه صفة عز وجل وما زاد‬ ‫القرآن ‪ .‬والمسلم ال يحتاج أن ي َ ْ َ‬
‫على ذلك فھو معلوم والمشھور في تأليفه أنه ‪ :‬كالم  تعالى المنزل على رسوله وخاتم أنبيائه محمد  المتعبد بتالوته‬
‫المبدوء بسورة الفاتحة المختوم بسورة الناس ‪ .‬وسيأتي أنه زاد في النظم ھناك في المقدمة ‪ :‬المعجز بلفظه ‪ .‬وسيأتي أنه ھذا‬
‫من فوائده ‪.‬‬
‫ُ‬
‫إذا قيل ‪ :‬بأن ھذا ھو مسمى القرآن نحن نفسر اآلن ما ھو ؟ نفسر مسمى القرآن عندنا اسم وعندنا مسمى ‪ ،‬لو قيل ‪ :‬ما‬ ‫ُ‬
‫إن َ َ‬
‫ھـذا‬ ‫الدليل على أن ھذا التعريف ھو مسمى القرآن ؟ لو قال لك قائل ‪ :‬ما الدليل أنت اآلن تقول  عز وجل بقول ‪َّ ِ ﴿ :‬‬
‫يھدي ﴾ ] اإلسراء ‪ . [9 :‬وأنت تقول ‪ :‬أن ھذا القرآن مسماه كالم  تعالى إلى آخره ما الدليل ؟ نقول ‪ :‬الدليل قوله‬ ‫ْ ُْ َ‬
‫القرآن ِ ْ ِ‬
‫تنزيالً ﴾ ] اإلنسان ‪ . [23 :‬فدل على أن المنزل ھو القرآن وليس ثم منزل إال كالم‬ ‫القرآن َ ِ‬‫عليك ْ ُ ْ َ‬
‫نزلنا َ َ ْ َ‬‫نحن َ َّ ْ َ‬ ‫جل وعال ‪َّ ِ ﴿ :‬إنا َ ْ ُ‬
‫تعقلون ﴾ ] يوسف ‪ . [2 :‬فدل على أن المنزل ھو ‪:‬‬ ‫لعلكم َ ْ ِ ُ َ‬
‫عربيا ً َّ َ َّ ُ ْ‬
‫قرآنا ً َ َ ِ ّ‬ ‫الرب جل وعال كذلك قوله تعالى ‪َّ ِ ﴿ :‬إنا َ َ ْ َ‬
‫أنزلناهُ ُ ْ‬
‫القرآن ‪ .‬وھو ‪ :‬كالم الرب جل وعال ‪ً .‬إذا كالم  فكالم ھذا على اصطالح المناطقة جنس يشمل كل كالم ‪ ،‬كالم اإلنس ‪،‬‬
‫كالم المالئكة ‪ ،‬كالم الجن إلى آخره كل من يمكن أن يتكلم فيصدق عليه أنه كالم ‪ ،‬لما أريد تقيده وإخراجه ما عدا كالم‬
‫الرب جل وعال أضيف ألن التقيد إما أن يكون بوصف أو بإضافة » خمس صلوات « حصل التقييم ھنا بماذا ؟‬
‫من ﴾ ] البقرة ‪ [221 :‬حصل ھنا بالوصف ‪.‬‬ ‫مؤ ِ ٌ‬ ‫باإلضافة ‪ٌ ْ َ َ َ ﴿ ،‬‬
‫ولعبد ُّ ْ‬
‫ًإذا كالم  أضيف الكالم إلى لفظ الجاللة فأخرج ما عداه من كالم اإلنس والجن والمالئكة ‪ ،‬كالم  تعالى كالم مسمى‬
‫معا ‪ ،‬ألن كثير ممن يكتب في ھذه المسائل في‬ ‫كالم الرب جل وعال على ما ھو المقرر في كتب النحو أنه اللفظ والمعنى ً‬
‫ً‬
‫علوم القرآن وفي التفسير إنما يقصدون بالكالم ھو ‪ :‬المعنى دون اللفظ إال في أصول الفقه فيعنون به اللفظ مجازا ‪ ،‬والمعنى‬
‫عرف القرآن السيوطي في )) الكوكب الساطع (( بقوله ‪:‬‬ ‫يحيلونه على علم أصول الدين ولذلك َ َّ‬
‫أما القران ھا ھنا ‪ .‬جزء القرآن ‪.‬‬

‫يفصل‬
‫َّ‬ ‫ً‬
‫معجزا‬ ‫على النبي‬ ‫أما القرآن ھا ھنا فالمنزل‬
‫)‬ ‫)‬

‫ًإذا القرآن في كتب أصل الفقه المراد به اللفظ ‪ ،‬والمراد بالقرآن في أصول الدين عندھم علم الكالم ليس في العقيدة السلفية‬
‫إنما ھو علم محدث مبتدع المراد به الكالم النفسي ‪ ،‬وإطالق الكالم على المعنى النفسي أو الحديث حديث النفس ھذا إطالق‬
‫حقيقي ‪ ،‬واختلفوا في إطالق الكالم على اللفظ ھل ھو حقيقي أو مجازي ؟ المرجح عندھم أنه مجاز لماذا ؟‬
‫ألن حقيقة صفة كالم الرب جل وعال ھو المعنى القائم بالناس والكالم أو اللفظ ‪ ،‬اللفظ عبارة ودليل عن المعنى القائم‬
‫ِ ﴾ ] التوبة ‪. [6 :‬‬‫كالم ّ‬
‫يسمع َ َ َ‬
‫حتى َ ْ َ َ‬ ‫استجارك َ َ ِ ْ‬
‫فأجرهُ َ َّ‬ ‫شركين ْ َ َ َ َ‬ ‫من ْ ُ‬
‫الم ْ ِ ِ َ‬ ‫وإن َ َ ٌ‬
‫أحد ِّ َ‬ ‫بالنفس وھذا باطل بالنص لقوله جل وعال ‪ْ ِ َ ﴿ :‬‬
‫داال على معناه ‪ ،‬وھذا واضح وال إشكال فيه ولذلك ال يعرف خالف عن السلف في مثل ھذه المسائل ‪،‬‬ ‫والذي يسمع ھو اللفظ ً‬
‫الكالبي من جھة‬ ‫الكالبي ‪ .‬ولذلك األشاعرة ُكالبية المعنى ھم يرجعون إلى ُ‬ ‫والخالف محدث وقيل ‪ :‬أول ما قال بالتفرقة ھو ُ‬
‫إثبات أن المراد بالكالم ھو المعنى النفسي وإطالقه بأن المراد به المعنى النفسي يرده النص الذي ذكرناه ويرده إجماع النحاة‬
‫بأن الكالم ھو اللفظ المركب المفيد بالوضع ‪ ،‬ھذا مجمع عليه عند النحاة ‪ ،‬وكذلك لو صح إطالق القول على ‪،‬‬
‫ويقولون ِفي َ ُ ِ ِ ْ‬
‫أنفسھم‬ ‫حينئذ لم احتاج إلى قيد في قوله تعالى ‪َ ُ ُ َ َ ﴿ :‬‬ ‫ٍ‬ ‫بمعنى لو صح إطالقه على المعنى النفسي‬ ‫ً‬ ‫ألن القول كالم‬
‫﴾ ] المجادلة ‪ . [8 :‬ألن حديث النفس ھذا ال ينكره أحد ھو موجود ال إشكال فيه ھل أحد ينكر حديث النفس المعنى القائم في‬
‫‪26‬‬
‫النفس ؟ لكن ھل ھو كالم حقيقة أو ال ؟ ھذا محل النزاع ھم يقولون ‪ :‬إذا أطلق لفظ الكالم ؟ ھكذا دون أن يقيد انصرف إلى‬
‫معنى قائم بالنفس وال يدل على اللفظ إال بقرينه ألنه مجاز كذلك إذا أطلق القول انصرف إلى ماذا ؟ إلى ما في النفس وال يدل‬
‫أنفسھم ﴾ ]‬ ‫أنفسھم ﴾ ] المجادلة ‪ِ ﴿ . [8 :‬في َ ُ ِ ِ ْ‬ ‫ويقولون ِفي َ ُ ِ ِ ْ‬
‫على اللفظ إال بقرينه ألنه مجاز ‪ .‬نقول قوله جل وعال ‪َ ُ ُ َ َ ﴿ :‬‬
‫ويقولون ﴾ ] المجادلة ‪ . [8 :‬فلو كان القول إذا أطلق عن القيد انصرف إلى‬ ‫المجادلة ‪ [8 :‬جار مجرور متعلق بقوله ‪َ ُ ُ َ َ ﴿ :‬‬
‫المعنى النفسي لما قيده ؟‬
‫كأنه قال ‪ :‬يقولون في أنفسھم في أنفسھم ‪ .‬ألن القول إذا أطلق انصرف إلى المعنى النفسي فلم قيد ؟ فدل على ماذا ؟‬
‫دل على أن األصل في اللفظ أن األصل في القول ھو اللفظ ألن العلم معناه ولذلك عبارة شيخ اإلسالم ابن تيمية رحمه ‬
‫تعالى يقول ‪ :‬الكالم للفظ والمعنى كاإلنسان للجسد والروح ‪ .‬اآلن إذا قيل ‪ :‬ھذا إنسان ‪ .‬نقول ‪ :‬ھذا إنسان مسماه الجسد‬
‫معا ‪ .‬ھل ھو الروح دون جسد أو الجسد دون الروح ؟‬ ‫والروح ً‬
‫بعبده ﴾ ] اإلسراء ‪ . [1 :‬أنه بروح‬ ‫أسرى ِ َ ْ ِ ِ‬ ‫َ‬
‫﴿ ْ َ‬ ‫ال ‪ ،‬ال يمكن أن يطلق ويراد به اإلنسان ‪ ،‬ولذلك من الباطل أن يقال ‪:‬‬
‫معا ‪ .‬فإثبات اإلسراء للروح فقط دون الجسد يحتاج‬ ‫دون جسد نقول ‪ :‬العبد إذا ُأطلق يحمل على مسماه وھو الروح والجسد ً‬
‫إلى دليل نقول ‪ :‬ال مانع في الشرع لكن ائت بدليل ‪ ،‬واألصل حمل اللفظ على ظاھره كذلك الكالم بالنسبة للفظ والمعنى‬
‫كاإلنسان باعتبار الجسد والروح ‪.‬‬
‫كل إطالق الكالم على ما المعنى القائم بالنفس نقول ھذا محدث وبدعة وضالل ‪ .‬لماذا ؟‬ ‫على ٍ‬
‫ألنه ينبني عليه تحريف كالم الرب جل وعال وبأن القرآن الذي بين أيدنا المكتوب في المصاحف المحفوظ في الصدور‬
‫حينئذ صاروا بذلك يقولون األشاعرة كالمعتزلة في أن القرآن مخلوق لكن يقولون ‪ :‬ال‬ ‫ٍ‬ ‫ھذا ليس بكالم الرب جل وعال ‪،‬‬
‫تأدبا وإنما يذكر في مقام التعليم فقط عند الطالب ‪ .‬يقال ‪ :‬القرآن مخلوق ‪ .‬وما عدا ذلك ال يكون كالم ‬ ‫يُصرح به ً‬
‫ ﴾ ] الشمس ‪ [13 :‬مثلھا كالم  ‪ ،‬وھذا باطل ‪.‬‬ ‫َّ‬
‫ناقة ِ‬‫َ‬ ‫حينئذ تكون من باب إضافة تشريف ﴿ َ َ‬ ‫ٍ‬ ‫واإلضافة‬
‫كل كالم  لفظا ومعنى وانتبھوا من الكتب التي في التفاسير وفي علوم القرآن ونحوھا ولذلك يذكروا حتى في‬ ‫ً‬ ‫على ٍّ‬
‫المصطلح ال يكاد َيسْ َلم يقولون ‪ :‬الحديث ضد القديم ‪ .‬في تعريف الحديث ضد القديم قد يكون في اللغة ال إشكال يُبحث عنھا‬
‫ً‬
‫حديثا لماذا ؟‬ ‫لكن يقول ‪ :‬ھو سمي الحديث‬
‫مقابل لكالم الرب جل وعال ألنه ماذا ؟‬ ‫ٌ‬ ‫ألنه‬
‫قائمة بالنفس ‪ .‬وھذا باطل ‪ .‬فتجد لوثة األشعرية ال يكاد يسلم منھا علم في النحو ‪ ،‬في الصرف ‪ ،‬في‬ ‫ٌ‬ ‫صفة قديمة‬ ‫ٌ‬ ‫قديم‬
‫البيان في البيان حدث وال حرج ‪.‬‬
‫كالم  تعالى المنزل على عبده ‪ ،‬المنزل يخرج كالم  الذي استأثر به ھل كل كالم  جل وعال منزل ؟ ھل كالم ‬
‫ھو القرآن فحسب أم أنه أعم ؟‬
‫ُنزل فقوله‬ ‫كالم يكون م َ ّ‬
‫ٍ‬ ‫القرآن من كالم  من بعض كالم الرب جل وعال وليس كل كالم الرب جل وعال فلذلك ليس كل‬
‫البحر‬ ‫ُنزل ‪ .‬كالم  تعالى المنزل احترز به أو أخرج عن كالم الرب جل وعال الذي استأثر به ولم ينزل ﴿ ُقل َّ ْلو َ َ‬
‫كان ْ َ ْ ُ‬ ‫‪ْ :‬الم َ َّ‬
‫ُخر ُج ما َ ْ َ َ‬
‫أنزل‬ ‫محمد  ي ْ ِ‬
‫ٍ‬ ‫مدداً ﴾ ] الكھف ‪ [109 :‬على‬ ‫جئنا ِ ِ ْ ِ ِ‬
‫بمثله َ َ‬ ‫ربي َ َ ْ‬
‫ولو ِ ْ َ‬ ‫قبل َ َأن َ َ َ‬
‫تنفد َ ِ َ ُ‬
‫كلمات َ ِّ‬ ‫البحر َ ْ‬
‫لنفد ْ َ ْ ُ‬‫ربي َ َ ِ َ‬ ‫مداداً ِّ َ ِ َ ِ‬
‫لكلمات َ ِّ‬ ‫َِ‬
‫ُنز ُل ( على محمد قد أنزل‬ ‫ْ‬
‫أنزل من الكتب على األنبياء قبله كالتوراة ‪ ،‬واإلنجيل وغيرھما ألنه مقيد ) الم َ َّ‬ ‫ُ‬
‫من الكتب أو ما ْ ِ َ‬
‫الرب جل وعال التوراة ‪ ،‬وأنزل اإلنجيل وھي من كالمه جل وعال لكنھا ليست بقرآن وعند األشاعرة ونحوھم كلھا قرآن‬
‫المعنى واحد واختلف باختالف ماذا ؟‬
‫ً‬
‫قرآنا لكونه منزل على محمد وسمي عينه توراة وسمي إنجيالً ھذا كله من الخلط ‪ .‬إذا على‬ ‫ِّي ً‬ ‫المنزل عليه ‪ ،‬فالقرآن ُسم َ‬
‫محمد  يُخرج ما أنزل من الكتب على األنبياء قبله كالتوراة واإلنجيل وغيرھما كصحف إبراھيم وموسى ‪ ،‬متعبد بتالوته ما‬ ‫ٍ‬
‫جامع لكل ما يحبه الرب جل وعال‬ ‫ٌ‬ ‫اسم‬
‫ُتخذ عبادة ‪ ،‬ألن العبادة ھذا شأنھا ٌ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫المراد بالمتعبد ؟ يعني ‪ :‬ما أمر به الشرع أن ي َ‬
‫ويرضاه من األقوال واألعمال الظاھرة والباطنة ‪ ،‬نقول ‪ :‬ھذا عبادة ‪ .‬كل ما أمر به الشرع فھو عبادة كل ما حبه الشرع فھو‬
‫فاعلوه فھو عبادة ‪ .‬كيف نحكم على‬ ‫ُدح َ ِ ُ‬
‫عبادة ‪ ،‬كل ما جاء النص بأن الرب جل وعال رضي عنه فھو عبادة ‪ ،‬كل ما م ِ َ‬
‫الشيء بأنه عبادة ‪ ،‬ھل كل قول بأنه عبادة ؟‬
‫ال ‪ .‬ھل كل فعل ھو عبادة ؟‬
‫نقول ‪ :‬ال ‪ ،‬ال بد من ضابط وھذه المشكلة قد يُشكل على البعض حتى من طالب العلم كون ھذا الشيء عبادة أو ليس‬
‫بعبادة ما الذي ينبني عليه ؟‬
‫ينبني أوالً أنك تعرف أن ھذا عبادة وصرف العبادة لغير  جل وعال كلھا أو بعضھا ما حكمه ؟‬

‫‪27‬‬
‫شرك ‪ً .‬إذا الذي ال يميز العبادة عن غيرھا كيف يسلم من الشرك ‪ ،‬عبادة قد تكون بالقلب ‪ ،‬وقد تكون باللسان ‪ ،‬وقد تكون‬
‫وتركا فالذي ال يميز ھذا عن ذاك ال يكاد يسلم من‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫وعمال‬ ‫ً‬
‫قوال‬ ‫محل للتعبد للرب جل وعال‬ ‫ٌ‬ ‫بالجوارح ‪ً ،‬إذا ثالثة األركان‬
‫خفيا ‪ً ،‬إذا المتعبد بتالوته أي ‪ :‬المأمور بتالوته وقراءته في الصالة وفي غيرھا على وجه قربة‬ ‫الوقوع في الشرك ولو كان ًّ‬
‫متعبد بتالوته ‪ .‬أخرج ماذا ؟‬ ‫ٌ‬ ‫حينئذ نقول ‪ :‬القرآن‬‫ٍ‬ ‫والطاعة‬
‫الحديث القدسي على القول بأن لفظه ومعناه من عند الرب جل وعال ‪ ،‬وأما إذا قيل بأن المعنى من عند الرب جل وعال‬
‫حينئذ لآليات المنسوخة ) الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموھما ( فقل‬ ‫ٍ‬ ‫ولفظه من عند النبي  فال إخراج وإنما يكون اإلخراج‬
‫متعبدا بتالوته ‪ ،‬نحن نعرف أن ھذه كانت آية لھا حرمة ولما نسخت تالوتھا ھل يصح‬ ‫ً‬ ‫فحينئذ ال يكون‬ ‫ٍ‬ ‫ھذا ُنزل أوالً لكنه ر ِ َ‬
‫ُفع‬
‫أن ُ ْتقرأ في الصالة ؟‬
‫ال يصح ‪.‬‬
‫ٍ‬
‫فحينئذ نقول ‪:‬‬ ‫ھل ھي كالم الرب منزل ؟ نعم كان ثم رفعت لھا الحرمة بالنسخ و عز وجل أن ينسخ ما يشاء كما يشاء‬
‫منزلة من عند  تعالى بألفاظھا فھو‬ ‫ٌ‬ ‫ھذه منسوخة فال يُتعبد بتالوتھا ‪ً .‬إذا المتعبد بتالوته أخرج الحديث القدسي إن قلنا ‪ :‬إنھا‬
‫أيضا منسوخ التالوة ‪.‬‬ ‫غير متعبد بتالوتھا وخرج ً‬
‫أيضا اآلن الطرفين المركب اإلضافي علوم القرآن علوم في اللغة واالصطالح ‪ ،‬والقرآن في اللغة في الشرع‬ ‫ً‬ ‫إذا عرفنا‬
‫يرد السؤال ما المراد بـ ‪ :‬علوم القرآن بالمعنى اإلضافي ؟‬
‫ٌ‬
‫فبناء على ھذين التأليفين يمكن أن نعرف القرآن بالمعنى اإلضافي فنقول ‪ :‬علوم القرآن عبارة عن طوائف المعارف‬ ‫ً‬
‫المتصلة بالقرآن ‪ .‬طوائف بمعنى طائفة مثل قوله ھناك ‪ :‬جملة ‪ .‬يعني ‪ :‬بعض ‪ .‬طوائف المعارف جمع معرفة والمراد بھا‬
‫المساء ألنھا جزئيات ولذلك بعضھم يفرق بين الجزئيات والكليات فيطلق على كليات بأنھا علم على الجزئيات بأنھا معرفة ‪،‬‬
‫علم من علوم القرآن فيدخل فيه العقيدة والتوحيد ‪ ،‬والفقه ‪،‬‬ ‫قريب أو ٍ‬
‫بعيد فھو ٌ‬ ‫ٍ‬ ‫ٌ‬
‫اتصال من‬ ‫علم له‬‫المتصلة بالقرآن يعني ‪ :‬كل ٍ‬
‫علم من علوم القرآن واضح ھذا ‪.‬‬ ‫علم له َعالقة بالقرآن فھو ٌ‬‫والحديث ‪ ،‬وأصول الفقه ‪ ،‬واللغة العربية بأنواعھا ‪ ،‬فكل ٍ‬
‫ً‬
‫مرادفا لعلوم الشريعة صار لفظ علوم القرآن بالمعنى اإلضافي مرادفا لعلوم الشريعة ألن علوم‬ ‫ً‬ ‫فحينئذ صار علوم القرآن‬ ‫ٍ‬
‫عموما السنة ما الذي دل عليھا في حجيتھا وإثباتھا ؟‬ ‫ً‬ ‫القرآن الفقه من أي مأخوذ ؟ السنة‬
‫القرآن ‪ .‬إ ًذا ھي داخلة في القرآن كل السنة من علوم القرآن ‪ ،‬والفقه المستنبط من القرآن والسنة إذا ھو من علوم القرآن ‪،‬‬
‫ً‬
‫وسيلة للفقه في الوحيين دل عليه بماذا ؟ بالقرآن ًإذا كل العلوم الشرعية من علوم القرآن ‪ ،‬كل ما اتصل بالقرآن‬ ‫ً‬ ‫علم كان‬ ‫وك ُل ٍ‬
‫موضوع يطابق به‬ ‫ٍ‬ ‫لعلم يستقل ٍ‬
‫بحد أو‬ ‫علم من علوم القرآن ‪ ،‬لكن ھل ھذا يصح ھنا أن يجعل عنوان ٍ‬ ‫بعيد فھو ٌ‬ ‫قريب أو ٍ‬‫ٍ‬ ‫من‬
‫ً‬
‫الحديث والتفسير وأصول الفقه و‪ ..‬و‪ ..‬و ‪ ...‬إلى آخره ھل يصلح ھذا أن يكون فنا يتميز بنفسه وبموضوعه عن سائر الفنون‬
‫؟‬
‫ٍ‬
‫فحينئذ‬ ‫حينئذ صار ھذا التعريف ‪ ،‬التعريف ثابت وال بد ألن داللة اللفظ بالتركيب اإلضافي تدل على ھذا‬ ‫ٍ‬ ‫الجواب ‪ :‬ال ‪،‬‬
‫تعريف أدق وأضبط بحيث يصير َ َ ً‬
‫علما‬ ‫ٍ‬ ‫مستقل عن غيره من الفنون فال بد من‬‫ٍ‬ ‫لفن‬
‫نقول ‪ :‬ھذا التعريف ال يصلح أن يكون ٍ‬
‫دون األول ‪.‬‬
‫رفة اتصلت بالقرآن تدخل تحت‬ ‫ًإذا نقول ‪ :‬علوم القرآن عبارة عن طوائف المعارف المتصلة بالقرآن ‪ .‬يعني ‪ :‬كل مع ٍ‬
‫واللغة فكل ھذه العلوم‬ ‫ِ‬ ‫علوم القرآن بالمعنى اإلضافي فيشمل ذلك كل العلوم الشرعية من التفسير والحديث والفقه واألصول‬
‫بعيد يدخل تحت ھذا التعريف فصار علوم‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫قريب أو‬ ‫تعين على فھم معاني القرآن ومقاصده ‪ ،‬فكل ما يتصل بالقرآن من‬
‫وعلما على‬‫ً‬ ‫فحينئذ ال بد من تخصيص ھذا المفھوم فنقول بالحد الثاني وھو كونه ً‬
‫لقبا‬ ‫ٍ‬ ‫دف لكل العلوم الشرعية ‪،‬‬ ‫القرآن مرا ٌ‬
‫علم ذو مباحث تتعلق بالقرآن الكريم من حيث نزوله ‪ ،‬وترتيبه ‪ ،‬وكتابته ‪،‬‬ ‫الفن المستقل بذاته وبموضوعه علوم القرآن ‪ :‬ھو ٌ‬
‫وجمعه ‪ ،‬وقراءته ‪ ،‬وتفسيره ‪ ،‬وإعجازه ‪ ،‬وناسخه ومنسوخه ‪ ،‬ومحكمه ‪ ،‬ومتشابھه ‪ .‬إلى غير ذلك من المباحث التي ُتذكر‬
‫في أنواع علوم القرآن ‪.‬‬
‫علم ذو مباحث تتعلق بالقرآن الكريم من حيث نزوله ‪ ،‬وترتيبه ‪ ،‬وما يتبع ذلك من التتمات التي‬ ‫حينئذ تقول االختصار ‪ٌ :‬‬ ‫ٍ‬
‫ستذكر في أنواع علوم القرآن ‪.‬‬
‫ُ‬
‫أنواع علوم القرآن ھي مسمى ھذا الفن الذي يكون بالمعنى اللقبي العالمي بحيث إذا أطلق اللفظ انصرف إلى ھذا المعنى ‪،‬‬
‫إذا قيل ‪ :‬أصول الفقه انصرف إلى القواعد الكلية اإلجمالية التي تثبت بھا الفقه ‪ ،‬إذا قيل ‪ :‬علوم القرآن ‪ .‬بالمعنى اإلضافي‬
‫ينصرف إلى أي شيء ال يتعين مسماه ألنه يُعم كل العلوم الشرعية لكن نريد أن نحده بحل بحيث إذا أطلق انصرف إلى‬
‫نوعا ‪،‬‬ ‫الخمسة والخمسين ً‬‫ِ‬ ‫َ ْ ِ‬
‫والخمسينا ( من‬ ‫معنى معين فنقول ‪ :‬علوم القرآن ھي المباحث التي ذكرھا الناظم ھنا ) َ ْ ِ‬
‫بالخمس‬
‫علم ذو مباحث تتعلق بالقرآن الكريم‬ ‫نوع من ھذه األنواع الخمسة والخمسين ھي من مسمى علوم القرآن ولذلك قيل ‪ٌ :‬‬ ‫فكل ٍ‬
‫‪28‬‬
‫ونحوه ( ألنه ال يمكن أن يعد ثمانين أو يعد مائة‬ ‫اإلنزال َ ْ ِ ِ‬
‫جھة ِ ْ َ ِ‬
‫من ِ َ ِ‬ ‫من حيث نزوله وما يتبع ذلك ‪ .‬ولذلك قال الناظم ‪ْ ِ ) :‬‬
‫جھة معينة خاصة وھي الوقوف‬ ‫ٍ‬ ‫واثنين أو يعود خمسة وخمسين ويجعلھا تعريف ‪ ،‬ال ‪ ،‬وإنما كل ما يتعلق بفھم القرآن على‬
‫على مكيه ‪ ،‬وترتيبه ‪ ،‬ونزوله ‪ ،‬وآياته وعدد سوره إلى آخره ھذا ھو مبحث فن علوم القرآن ‪.‬‬
‫ًإذا عرفنا حد علوم القرآن ‪ً .‬إذا يسمى علوم القرآن وھذا ھو المشھور يرادفه عند المتقدمين علوم التفسير سواء كان‬
‫ْ ِْ َ َ‬
‫الحكمة ﴾ ]‬ ‫ومن ُ ْيؤ َت‬
‫يشاء َ َ‬ ‫يؤتي ْ ِ ْ َ َ‬
‫الحكمة َمن َ َ ُ‬ ‫باإلفراد أو بالجمع يقال ‪ :‬علم القرآن ‪ .‬كما ذكرناه عن مقاتل باألمس ﴿ ُ ِ‬
‫البقرة ‪ [269 :‬قال ‪ :‬الحكمة ما ھي ؟ علم القرآن ‪ .‬وذاك عن سفيان قال ‪ :‬الفھم واإلصابة ‪ .‬علم القرآن مفرد ولكنه أضيف‬
‫إلى ماذا ؟ إلى معنى فاكتسب التعريف فصار علوم القرآن ولذلك يقال ‪ :‬علم القرآن وعلوم القرآن ‪ .‬باإلفراد وبالجمع ويرادفه‬
‫عند كثيرين علوم التفسير وعلم التفسير ولذلك سمى السيوطي رحمه  كتابه )) التحبير في علم التفسير (( ھذا على‬
‫ٌ‬
‫مرادف‬ ‫النسخة المطبوعة ‪ ،‬وفي )) اإلتقان (( قال ‪ )) :‬التحبير في علوم التفسير (( علوم بالجمع في علوم التفسير وھو‬
‫أيضا قواعد التفسير كلھا أسماء لمسمى‬ ‫لعلوم القرآن ويسمى أصول التفسير ويسمى علم التفسير ويسمى علم التنزيه ويسمى ً‬
‫واحد ‪.‬‬
‫حيثية مذكورة يبحث في أي شيء ھذا الفن يبحث في ماذا ؟ في كالم  جل وعال من‬ ‫ٍ‬ ‫موضوعه ‪ :‬كالم  تعالى من‬
‫حيث نزوله وترتيبه إلى سائر األنواع التي تذكر في مظانھا ‪.‬‬
‫فائدته ‪ :‬التوصل إلى فھم معاني القرآن والعمل بما فيه بعد الفھم ‪ ،‬ولذلك ما أنزل القرآن إال من أجل العمل ولذلك عند‬
‫أقفالھا ﴾ ] محمد ‪ . [24 :‬ذمھم‬ ‫لوب َ ْ َ ُ َ‬
‫على قُ ُ ٍ‬ ‫القرآن َ ْ‬
‫أم َ َ‬ ‫يتدبرون ْ ُ ْ َ‬ ‫واجب بدليل قوله تعالى ‪َ َ َ ﴿ :‬‬
‫أفال َ َ َ َّ ُ َ‬ ‫ٌ‬ ‫جماھير أھل العلم أن التفسير‬
‫أو لم يذمھم ؟‬
‫ذمھم والذم إنما يترتب على ماذا ؟‬
‫على ترك واجب ‪ ،‬والتدبر إنما يكون بعد الفھم يعني ‪ :‬يتأمل ويتدبر ثم يحصل العبرة والعظة من النظر في القرآن ولم‬
‫ينزل القرآن من أجل أن يقرأ فقط وإن كان متعبد بتالوته لكنه ليس ھو المقصد األساسي من إنزال القرآن وإنما المراد به‬
‫العمل ‪.‬‬
‫واضعه ‪ :‬الرب جل وعال ونبيه  لذلك ھو علم إلھي وإن استنبط بعض أھل العلم بعض الفوائد فمصدرھا في األصل ھو‬
‫‪ :‬القرآن ‪.‬‬
‫استمداده ‪ :‬من القرآن نفسه والسنة وأساليب العرب ‪.‬‬
‫مسائله ‪ :‬ما يبحث فيه من معرفة المكي ‪ ،‬والمدني ‪ ،‬والصيفي ‪ ،‬والشتائي إلى آخره ‪.‬‬
‫نسبته ‪ :‬أنه من العلوم الشرعية وال شك بل يتوقف فھم معاني كالم الرب جل وعال وھو التفسير على معرفة أنواع علوم‬
‫القرآن ‪.‬‬
‫فضله ‪ :‬أنه من أشرف العلوم وأجلھا ‪.‬‬
‫ألن العلوم تشرف بشرف موضوعاتھا وموضوعه أجل وأشرف ألنه كالم الرب جل وعال ‪ ،‬ھذا العلم من حيث النشأة‬
‫متأخرا بل ذكر السيوطي أنه لم يعرف إال ْالب ْ ُِلقيني رحمه  تعالى في‬ ‫ً‬ ‫بعضھم يرى أنه لم يكتب في علم علوم القرآن إال‬
‫ْ‬
‫كتابه ‪ )) :‬مواقع العلوم من مواقع النجوم (( ‪ .‬فقال ‪ :‬أول من ألف في علوم القرآن على جھة الجمع ھو ال ُبلقيني فبدأ ثم ھو‬
‫أتمه في كتبه الثالثة ألنه ألف أوالً ‪ )) :‬التحبير (( ‪ ،‬ثم ألف بعد ذلك )) اإلتقان (( ‪ ،‬و )) التحبير (( ذكر فيه مائة ونوعين‬
‫من أنواع علوم القرآن ‪ ،‬ثم ألف )) اإلتقان (( يعني ‪ :‬وسع المدارك ‪ .‬وجمع بعض تلك األنواع مع بعض فصيرھا ثمانين‬
‫نوعا ‪ ،‬ثم اختصر قيل اختصر )) مواقع العلوم (( للبُلقيني في رسالته )) النقاية (( ‪.‬‬ ‫ً‬
‫لكن ھذا الكالم ليس بسديد كون البلقيني ھو أول من صنف في علوم القرآن ليس بسديد بل علوم القرآن نشأت مع نزول‬
‫أيضا كالطفل أول‬ ‫أمر يعني يدرك بالحس ً‬ ‫ابتداء إال على جھة العلم الجزئي ألن التأليف لما كان ھنا وھذا ٌ‬ ‫ً‬ ‫القرآن وإن لم تدون‬
‫فشيئا مثله العلوم لكنھا تكون موجودة أوالً في عھد الصحابة ثم بعد ذلك من جھة التزويد تنشأ كنشأة الطفل‬ ‫ً‬ ‫ما ينشأ َينشأ ً‬
‫شيئا‬
‫فشيئا وال تولد ھكذا وإنما تكون مستقرة ‪ ،‬ولذلك كيف صار ابن عباس رضي  تعالى عنھما ُترجمان القرآن فقد دعا‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫شيئا‬
‫له النبي  بأن يعلمه الكتاب في رواية البخاري يعلمه التأويل وراوية البخاري أعم يعلمه الكتاب يعني ‪ :‬علم الكتاب ‪ ،‬وعلم‬
‫الكتاب ھذا أعلم من التفسير وإن فُس َِّر التأويل بمعنى التفسير على طريقة السلف ‪.‬‬
‫إماما في التفسير صار مرجع األمة حجة في التفسير وھل يمكن أن‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫مفسرا صار‬ ‫فحينئذ نقول ‪ :‬ترجمان القرآن صار‬‫ٍ‬
‫يكون كذلك دون الوقوف على المكي والمدني وأسباب النزول ونحو ذلك ؟‬
‫ً‬
‫ال يمكن ألن بالمكي مثالً والمدني يعرف المتأخر من المتقدم فعند عدم اإلمكان يحكم بأن المدني ناسخ للمكي إذا ينبغي‬
‫عليه فائدة كبيرة عند المفسرين ‪ ،‬كذلك أسباب النزول ھذه تفيد في فھم كما نص شيخ اإلسالم رحمه  على ذلك أنھا تعين‬
‫‪29‬‬
‫ً‬
‫معينا أو ال ؟ صار‬ ‫ٍ‬
‫حينئذ صار‬ ‫على فھم المراد من اآلية ‪ ،‬قد يغلق المعنى على المفسر فإذا وقف على سبب النزول أدرك‬
‫موجودا ‪ .‬ولكن الصحابة لكونھم فصحاء وأرباب اللغة واللسان ومعاينته للنبي  قد‬ ‫ً‬ ‫ٍ‬
‫فحينئذ نقول ‪ :‬العلم كان‬ ‫ً‬
‫معينا ال شك‬
‫حاجة إلى السؤال عنھا من النبي  فيدركون ما أشكل عليھم أو خفي عليھم سألوا عنه ‪ ،‬ولذلك لم يفسر‬ ‫ٍ‬ ‫يُدركون الكثير دون‬
‫كل القرآن للنبي  لماذا ؟‬
‫ألن بعضه يدرك كما نص ابن عباس على ذلك أنه على أربعة أنحاء بعض يدركه العربي القح فيفھم المراد دون الرجوع‬
‫إلى النبي  ولذلك كان ما ثبت في تفسير القرآن من الحديث المرفوع عن النبي أقل لو نظر إلى ‪ -‬ھو في نفسه كثير ‪ -‬لكن‬
‫باعتبار القرآن ستة آالف آية مثالً فنقول ‪ :‬ھذا قليل ‪ .‬لماذا ؟‬
‫ما وجھه ما سره الصحابة فصحاء أقحاح يعني ‪ :‬يفھمون من اللغة من النحو والبيان والصرف وإن لم تدون تلك العلوم ‪.‬‬
‫موجود بالسليقة والطبيعة ومأخوذ في أنفسھم والنحو كذلك فنقول ‪ :‬كذلك علوم القرآن‬ ‫ٌ‬ ‫ولذلك كما قيل في فن أصول الفقه أنه‬
‫موجودة عندھم وھم أھل القرآن ‪ ،‬وھم أھل التفسير وھم أعلم ممن جاء بعدھم بتفسيرھم أو الوقوف على مراد الرب جل‬
‫موجودا ‪ .‬لما توفي النبي  واتسعت رقعة البالد‬ ‫ً‬ ‫ٍ‬
‫فحينئذ نقول ‪ :‬العلم كان‬ ‫وعال وما ھذه العلوم إال شروط في المفسر ‪،‬‬
‫نوع من أنواع علوم القرآن وھو ‪ :‬جمع القرآن ‪ .‬ثم نشأ‬ ‫شيء من الخالف واالختالف في القراءة ظھر أول ٍ‬ ‫ٌ‬ ‫وكثر الناس ووقع‬
‫ً‬
‫نوع من أنواع علوم القرآن إذا وجد أو لم يوجد ؟‬ ‫رسم القرآن أو الرسم العثماني وھو ٌ‬
‫وأيضا الحسن البصري وشعبة بن‬ ‫ً‬ ‫ٌ‬
‫تفسير لسعيد بن جبير‬ ‫وجد ‪ ،‬كذلك التفاسير التي وجدت من عھد التابعين ولذلك ينسب‬
‫الحجاج وسفيان بن عيينة ووكيع بن الجراح ‪ ،‬كلھم جمعوا تفاسير في أقوال الصحابة أو جمعوا أقوال الصحابة في التفسير‬
‫وكبار التابعين ‪.‬‬
‫والتفسير ما ھو التفسير ؟‬
‫نوع من أنواع علوم القرآن ‪ ،‬وما علوم القرآن إال خدمة لعلم التفسير ‪ ،‬فھو أجل أنواع علوم القرآن فإذا وجد أجل‬ ‫ھو ٌ‬
‫علوم القرآن وكانت سائر علوم القرآن خدمة لھذا الفن وھو فن التفسير ھل يمكن أن يقال بأن علوم القرآن لم‬ ‫أنواع علوم ُ‬
‫شيئا البتة حتى جاء ْالبُلقيني ؟‬
‫يدون فيه ً‬
‫والتفاسير ھذه من لدن سعيد بن جبير إلى عھد البلقيني كلھا نقول ‪ :‬ليست في علوم القرآن ؟‬
‫عد الحروف ‪،‬‬ ‫الجواب ‪ :‬ال ‪ ،‬ألنه ما من تفسير إال ويذكر فيه سائر األنواع من جھة اإلنزال ‪ ،‬من جھة الجمع ‪ ،‬من جھة ّ‬
‫مدنيا ‪ ،‬حضري ‪ ،‬أو سفري ‪ ...‬إلى آخره ‪ ،‬فيذكر في ضمن التفاسير‬ ‫مكيا ‪ ،‬أو ً‬ ‫من جھة القراءات ‪ ،‬من جھة معرفة لكونه ً‬
‫وإال ابن جرير الطبري رحمه  تعالى وھو مُتوفى سنة عشر وثالثمائة قد جمع أجل تفسير إلى يومنا ھذا ‪ ،‬أعظم تفسير من‬
‫ٍ‬
‫فحينئذ نقول ماذا ؟‬ ‫غيره وغيرُ هُ ال يغني عنه البتة‬
‫تفاسير السلف ھو تفسير ابن جرير الطبري رحمه  تعالى ويغني عن ِ ِ‬
‫نقول ‪ :‬وجد أھم وأعلى درجات أنواع علوم القرآن وما ذكر بأن ْالبُلقيني ھو أول من صنف إلى آخره فھذا ليس بسديد وال‬
‫نطيل في ھذا المقام والوقت قد أدركنا ‪.‬‬
‫وصل  وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ‪.‬‬ ‫َّ‬

‫‪30‬‬
‫الشريط الثالث‬
‫الرحيم‬
‫الرحمن الرحيم‬
‫ الرحمن‬
‫بسم ‬
‫بسم‬

‫الحمد رب العالمين ‪ ،‬والصالة والسالم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ‪ ،‬أما بعد ‪:‬‬
‫قال المصنف رحمه  تعالى ‪:‬‬
‫بعضا من مقدمة العلم الذي ذكرنا بعضھا أو كلھا في الدرس الماضي‬ ‫ً‬ ‫التفسير ( أراد أن يبين لك في ھذا الباب‬ ‫ِ‬ ‫حد ِ ْ ِ‬
‫علم‬ ‫) َ ُّ‬
‫حد مضاف يعني ‪:‬‬ ‫خبرا لمبتدأ محذوف على ِّ‬ ‫حد ھذا ً‬‫حينئذ يكون ُّ‬
‫ٍ‬ ‫التفسير (‬
‫ِ‬ ‫ْ‬
‫حد ِ ِ‬
‫علم‬ ‫باب ) َ ُّ‬‫التفسير ( أي ‪ :‬ھذا ٌ‬‫ِ‬ ‫علم‬‫ْ‬
‫حد ِ ِ‬ ‫) َ ُّ‬
‫أصل التركيب ھذا باب حد علم التفسير فقيل ‪ :‬باب حد علم التفسير ‪ .‬ثم حذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه فارتفع‬
‫ارتفاعا ‪ ،‬لكن ال يصح أن يقال ‪ :‬ھذا حد علم التفسير ‪ .‬ال يصح ھذا ال بد من تقديم مضاف وأصل التركيب على ما ذكرناه‬ ‫ً‬
‫كما قال ابن مالك رحمه  تعالى ‪ :‬الكالم وما يتألف منه ‪ .‬ال يمكن أن يقال الكالم ھذا خبر لمبتدأ محذوف ھذا كالم ال يصح‬
‫ٍ‬
‫حينئذ ال بد من تقدير‬ ‫ألنه ليس بكالم ھو أراد ماذا ؟ أراد شرح حد الكالم ‪ ،‬ھنا كذلك أراد بيان حد علم التفسير بالمعنى العام‬
‫ً‬
‫المضاف محذوف ھو األصل خبر والمبتدأ محذوف ھذا باب حد ھذا حذف للعلم به ثم قيل ‪ :‬باب حد علم التفسير ‪ .‬إذا باب‬
‫ھو الخبر فحذف الخبر وأقيم وھو المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه فارتفع ارتفاعه ‪ً ،‬إذا فإعرابه أن تقول ھكذا ‪ :‬حد ھذا‬
‫خبر لمبتدأ محذوف على تقدير ماذا ؟ على تقدير مضاف ‪ .‬ھذا أسھل ما يقال فيه من جھة اإلعراب ومن جھة الحركة يعني ‪:‬‬
‫يكون خبر لمبتدأ محذوف وحركته يكون للرفع ‪.‬‬
‫حدا وله معنيان معنى لغوي ومعنى اصطالحي ‪.‬‬ ‫الحد ھذا مصدر َحدَ يح ُُّد َ ًّ‬
‫حد ( ّ‬ ‫) َ ُّ‬
‫ً‬
‫حدادا لماذا ؟‬ ‫أما معناه اللغوي فھو ‪ :‬المنع ‪ .‬ومنه سمي البواب‬
‫قالوا ‪ :‬ألنه يمنع من غير أفراد البيت من الدخول فيه كما يمنع الداخل أفراد الداخلين من الخروج عنه لذلك سمي ماذا ؟‬
‫حدادا لھذا ألنه يمنع الداخلين من الخروج إال بإذن بالطرق ويمنع غير الداخلين من الدخول ‪ً ،‬إذا‬ ‫ً‬ ‫حدادا بواب سمي‬‫ً‬ ‫سمي‬
‫جامع مانع ‪ ،‬وھذا ھو معناھا االصطالحي ‪.‬‬ ‫ٌ‬ ‫ھو‬
‫الحد في االصطالح عند أرباب األصول على جھة الخصوص الجامع المانع الجامع ألفراد المحدود من الدخول في الحد‬
‫‪ ،‬المانع من دخول غير أفراد المحدود في الحد ‪.‬‬

‫َّ‬
‫والطرْ ِد‬ ‫تشأْ‬
‫أو ذو انعكاس ِإنْ َ َ‬ ‫ِّ‬
‫الحد‬ ‫َ ُّ‬
‫حد‬ ‫المانع‬ ‫الجامع‬
‫)‬ ‫)‬

‫يعني ‪ :‬يعبر بھذا أو يعبر بذاك المشھور أن الحد ھو الجامع المانع ‪ ،‬جامع لكل األفراد أفراد المحدود مانع من غيرھا أو‬
‫من غير أفراد المحدود من الدخول في الحد كما تقول ‪ :‬االسم كلمة دلت على معنى في نفسھا ولم تقترن بأحد األزمنة الثالثة‬
‫‪ .‬كل أفراد االسم ألن االسم ھذا ھو الذي ح ُّد كل أفراد االسم زيد وعمرو وخيل وكتاب وحمار ‪ ..‬إلى آخره كلھا داخلة في‬
‫الحد الذي ھو كلمة دلت على معنى في نفسھا ‪ ..‬إلى آخره ‪ ،‬وھل دخل غير أفراد االسم من أفراد الفعل أو الحرف في الحد ؟‬
‫جامعا ً‬
‫مانعا ‪.‬‬ ‫ً‬ ‫الجواب ال ‪ً ،‬إذا صار‬
‫التفسير ( علم التفسير علم عرفنا المراد بالعلم ‪ ،‬وھنا علم مفرد مضاف إلى التفسير حينئذ يعم كأن العلم ھنا‬ ‫ِ‬ ‫حد ِ ْ ِ‬
‫علم‬ ‫) َ ُّ‬
‫واحدا ھي علوم حينئذ نقول ھنا ‪ :‬أضف العلم وھو نكرة إلى المعرفة واكتسب ماذا ؟ اكتسب العموم من باب قوله تعالى‬ ‫ً‬ ‫ليس‬
‫ ﴾ ] إبراھيم ‪ . [34 :‬يعني ‪ :‬تعدوا نعم  ‪ً .‬إذا حد علم التفسير علم يعني ‪ :‬علوم التفسير ‪ .‬ألن‬ ‫نعمت ّ ِ‬ ‫وإن َ ُ ُّ ْ‬
‫تعدوا ِ ْ َ َ‬ ‫‪ِ َ ﴿:‬‬
‫العلوم متعددة ھنا وليست بواحدة كما سيأتي أنه عدھا خمسة وخمسين ً‬
‫نوعا ‪.‬‬
‫ً‬
‫تخريجا كما أخذناه في‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫خرج يُخرِّ ُج ِ‬ ‫َ‬ ‫ً‬
‫تفعيال َ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫فعل ‪َ َ َ ،‬‬
‫فعل يُفعِّ ُل ِ‬ ‫التفسير ھذا تفعيل من َ َ َ‬
‫ِ‬ ‫التفسير ( علم التفسير ‪،‬‬
‫ِ‬ ‫حد ِ ْ ِ‬
‫علم‬ ‫) َ ُّ‬
‫أيضا مصدر فيكون من باب إضافة المصدر إلى المصدر لكن المراد ھنا‬ ‫حينئذ التفسير نقول ‪ :‬ھذا مصدر ‪ .‬وعلم ً‬ ‫ٍ‬ ‫القريب ‪،‬‬
‫العلم المراد به المعلوم ليس عين العلم لماذا ؟‬
‫ألنه كما ذكرناه المراد باآلحاد ھو المعلوم ‪ ،‬والجنس والمعنى الذھني ھذا ال تعدد فيه لماذا ؟‬
‫دائما يكون اآلحاد والتجزئة والتفاوت إنما يكون في الخارج ال في الذھن ‪،‬‬ ‫ألنه وحدة ذھنية وجودھا في العقل والتعدد ً‬
‫ولذلك إذا قيل ‪ :‬االسم كلمة دلت على معنى في نفسھا ‪ ..‬إلى آخر الحد أين وجود ھذا الحد ؟‬
‫جمعا ھذا ال يتصور‬‫ً‬ ‫ً‬
‫معرفا فإذا كان المعرف‬ ‫في الذھن ال وجود له في الخارج إال في ضمن أفراده ‪ ،‬فإذا كان المحدود‬
‫وجوده في الذھن وإنما ال يكون في ماذا في خارج الذھن لماذا ؟‬

‫‪31‬‬
‫ألن التعدد تعدد األفراد إنما يكون في الخارج ‪ ،‬ولذلك اإلنسان يقال حيوان ناطق ماھية اإلنسان وجودھا في الذھن لكن‬
‫أفراد اإلنسان في الذھن أو في الخارج ؟‬
‫ال يمكن أن توجد في الذھن زيد وعمرو وخالد يوجد في الذھن ھذا مستحيل محال إنما يوجد في خارج الذھن الخارج عن‬
‫الموجود العام ‪ ،‬فتقول ‪ :‬ھذا فضل وھذا محمد وھذا خالد ‪ .‬أما في الذھن فماھية اإلنسان وحقيقة اإلنسان ھل ھي متعددة ؟‬
‫نقول ‪ :‬ال ھي ليست متعددة بل ھي شيء واحد وإنما اآلحاد واألفراد تكون في الخارج ‪.‬‬
‫ًإذا علم التفسير علم مصدر مراد به المعدود الذي ھو متعدد في الخارج ولذلك قلنا ‪ :‬علوم التفسير ‪ .‬ھذا تفعيل وھو‬
‫مرادا به ما يرادف علوم القرآن وھذا ھو المشھور عند المتقدمين‬ ‫ً‬ ‫ومعنى خاص ‪ً ،‬‬
‫معنى عام‬ ‫ً‬ ‫معنى عام‬ ‫أيضا ولكنه ً‬ ‫ً‬ ‫مصدر‬
‫لذلك السيوطي رحمه  تعالى والزركشي وغيره ممن كتب في علوم القرآن على جھة الجمع الكلي أو الجزئي بعض العلوم‬
‫لم يفرقوا بين علوم القرآن وعلوم التفسير وقواعد التفسير وأصول التفسير بل ھذه األصح أنھا كلھا ألفاظ إن لم تكن مترادفة‬
‫فھي متقاربة والفروق التي يمكن أن توجد بين ھذه األفراد ھي فروق ليست جوھرية بحيث يفتقر كل مصطلح عن اآلخر ‪.‬‬
‫علوم القرآن سبق أنه علم ذو مباحث تتعلق بالقرآن الكريم من حيث نزوله وجمعه وكتابته وترتيبه ‪ ...‬إلى آخره ‪ ،‬وعلوم‬
‫أيضا من ماذا ؟ مشتمل على علوم القرآن‬ ‫التفسير كذلك كل ما يتعلق بالقرآن مما يعين على فھم مراد الرب جل وعال وھذا ً‬
‫ألن جوھر أنواع علوم القرآن ولب أنواع علوم القرآن يعتمد عليھا التفسير ‪ً ،‬إذا ال يكاد أن يثبت فرقا بين علوم القرآن وعلوم‬
‫ً‬
‫ً‬
‫مثال من علوم القرآن‬ ‫التفسير ‪ ،‬ولو وجد بعض أنواع فحينئذ ال تكون من أصول ولب العلم نفسه مثالً بعضھم نقول عد اآلي‬
‫وليست من علوم التفسير نقول ‪ :‬لو سلم لكن عد اآلي ھو لب في فھم علوم القرآن على جھة الخصوص أو فھم القرآن على‬
‫جھة الخصوص ؟‬
‫الجواب ‪ :‬ال ‪ ،‬ال ينبني عليه واألصل في فھم كالم الرب جل وعال أنه ما يعين على العمل وما يعين على التدبر وما يعين‬
‫على االتعاظ والتفكر والنظر كل ما يفيد وينتج ھذه النتيجة العظمى الكبرى التي ھي وظيفة المفسر نقول ‪ :‬ھذا ھو الذي‬
‫معينا لعلم التفسير وما عداه كما ھو في سائر الفنون كل فن فيه أصول وفيه مكمالت ‪ ،‬لو نظر في النحو فيه أصول‬ ‫ً‬ ‫يكون‬
‫وفيه مكمالت ‪ ،‬لو نظر إلى الصرف البيان علم مصطلح الحديث ‪ ،‬علم الحديث ‪ ،‬علم التفسير نفسه علم أصول الفقه ال بد‬
‫مثال كأصول الفقه تجد أن الثمرة متعلقة ببعض ما يبحث في أصول وليس بكل ما يكتب في‬ ‫ً‬ ‫وأن تجد أن ثمرة ھذا العلم‬
‫بعضا مما يكتب في فن أصول الفقه ھو الذي يعتمد عند‬ ‫ً‬ ‫أصول الفقه ‪ ،‬ال ‪ ،‬ھذا ال يريد ھذا العلم ھذا ‪ ،‬وإنما يريدون أن ثم‬
‫فمثال قاعدة مقتضى األمر للوجوب يكون ھذه قواعد أصولية لكن البحث فيھا وإثباتھا‬ ‫ً‬ ‫تطبيق العملي وما عداه يكون مكمالً ‪،‬‬
‫بأدلتھا من الكتاب والسنة والنظر الصحيح أن نقول ‪ :‬إثباتھا والبحث في داللة األمر على الوجوب عند اإلطالق والتجرد عن‬
‫قرينة ھو خارج عن أصول الفقه أو منه ؟‬
‫منه ال شك ‪ ،‬ال نفرق بين القواعد األصولية وبين إثبات القواعد األصولية كالھما من أصول الفقه حينئذ البحث في إثبات‬
‫أن مقتضى األمر يقتضي الوجوب أو أن األمر يقتضي الوجوب ھذا يحتاج لمبحث خاص ال بد من األدلة ال بد من ذكر ما‬
‫يستقرئ من الكتاب والسنة وأقوال العلماء وحكاية إجماع الصحابة ونحوھم نقول ‪ :‬ھذا البحث ثمرته ماذا ؟‬
‫النتيجة أن األمر يقتضي الوجوب مطلق األمر يفيد الوجوب ‪ ،‬نقول ‪ :‬القاعدة األصولية ھي األخيرة ھذه الثمرة لكن كونھا‬
‫ھي القاعدة ال يلزم منه أن يكون الدليل أو طريقة أو بحث في إثبات ھذه القاعدة خارجة عن أصول الفقه ‪ ،‬كذلك إذا قيل ‪:‬‬
‫مباشرة المفسر الذي يعتني بإيضاح وكشف وإظھار مراد الرب جل وعال من كالمه نقول ‪:‬‬ ‫ً‬ ‫أصول التفسير ‪ .‬التي يستعملھا‬
‫ٍ‬
‫حينئذ ينظر‬ ‫ً‬
‫خارجا عن أصول التفسير أو قواعده‬ ‫إثبات كقواعد والنتائج ال يلزم منه أن يكون البحث في النوع من حيث ھو‬ ‫ٍ‬
‫الباحث فيما يتعلق بأسباب النزول يبحثھا كلھا من أولھا إلى آخرھا قد يخرج بنتيجة ھي التي يطبقھا يقول ‪ :‬ھذا أصول‬
‫التفسير وال شك وقواعد التفسير وال شك لكن ال يلزم منه أن يكون إثبات قاعدة ھو البحث في الفن نفسه أو النوع كله من‬
‫خارجا عن مقتضى ماذا ؟ قواعد التفسير أو أصول التفسير ‪ ،‬حاول البعض أن يجزأ ھذه المسائل من‬ ‫ً‬ ‫أوله إلى آخره أن يكون‬
‫المعاصرين وال أظن أن اللفظ يساعدھم أو أن المعنى يقتضي ذلك ‪ ،‬بل كل ما يبحث في علوم القرآن وھو لب له في جوھر‬
‫العلم فال بد أن يحتاجه المفسر ‪ ،‬لذلك السيوطي رحمه  قال ‪ )) :‬التحبير في علم التفسير (( ‪ .‬أو )) التحبير في علوم‬
‫كتابا ضمنه التحبير وزاد عليه رتبه وھذبه قال ‪ )) :‬اإلتقان في علوم القرآن (( ‪ً .‬إذا لم يفرق بين علوم‬ ‫التفسير (( ‪ .‬ثم ألف ً‬
‫التفسير وعلوم القرآن ‪.‬‬
‫نعم التفسير له مصطلح خاص ألن التفسير بالمعنى الخاص نوع من أنواع علوم القرآن وال شك لكن من حيث األدلة‬
‫اإلجمالية أما من حيث كشف المفردات والتراكيب والجمل وإيضاح أن مراد الرب جل وعال بكذا ھو كذا ھذا تفسير بالمعنى‬
‫التفسير ( المراد به حد علوم التفسير وإن شئت قل ‪ :‬حد علوم القرآن ‪ .‬وإن شئت قل ‪ :‬حد أصول‬ ‫ِ‬ ‫علم‬ ‫الخاص ‪ً ،‬إذا ) َ ُّ‬
‫حد ِ ْ ِ‬

‫‪32‬‬
‫التفسير ‪ .‬أو حد قواعد التفسير ‪ ،‬كلھا متقاربة أو مترادفة وحصول بعض االختالف في دخول بعض األنواع وخروجھا من‬
‫بعض ال يلزم منه أن يستقل كل فن عن اآلخر بل كلھا مندمجة في بعض ولو وجد بعض الفروق ھذا ال يستلزم االلتفات ‪.‬‬
‫التفسير ( أي ‪ :‬علم أصول التفسير لم سمي بذلك ؟‬ ‫ِ‬ ‫حد ِ ْ ِ‬
‫علم‬ ‫) َ ُّ‬
‫سمي بذلك ألنه مفتاح أو كالمفتاح للمفسرين علوم القرآن كالمفتاح للمفسرين كما أن مصطلح الحديث ‪ ،‬وقواعد الحديث ‪،‬‬
‫وعلوم الحديث ألفاظ مترادفة والمعنى واحد ولم يأت أحد يقول ‪ :‬علوم الحديث مغايرة ألصول الحديث أو قواعد التحديث ‪...‬‬
‫إلى آخره وإنما ھي متقاربة أو مترادفة كحاجة المحدث لمصطلح الحديث ال يمكن أن يثبت حديث صحيح أو ضعيف أو إلى‬
‫آخره أو موضوع أو نحو ذلك ال يمكن أن يحكم عليه إال بالعلم بمصطلح القواعد وأصول الحديث ‪ ،‬كذلك التفسير يعجز‬
‫المفسر بمعنى كلمة يعجز المفسر أن يفسر كالم الرب جل وعال وأن يكشف مراده جل وعال إال بمعونة ھذه العلوم لذلك‬
‫ف ھذا العلم‬ ‫أيضا يبين القرآن ويكشفه ويوضحه ألنه ما َشرُ َ‬ ‫سمي أصول التفسير أو علوم التفسير ألنه مفتاح للمفسرين وألنه ً‬
‫إال بشرف مبحثه بأنه يبحث فيه كما سبق أن موضوعه ‪ :‬كالم الرب جل وعال من الحيثية المذكورة في حد علوم القرآن ‪.‬‬
‫تفسيرا وسبق أن فعل يأتي بالتكثير وھل المراد ھنا التكثير بعينه ؟‬ ‫فسر ي َُفسِّ ُر َ ْ ِ ً‬
‫التفسير ( التفسير ھذا تفعيل من َ َّ َ‬ ‫ِ‬ ‫حد ِ ْ‬
‫عل ِم‬ ‫) َ ُّ‬
‫نقول ‪ :‬نعم ‪ ،‬مراد به التكثير لماذا ؟‬
‫ألنه كأن المفسر يتبع سورة بعض سورة بإيضاحھا وكشف معانيھا يعني ‪ :‬ينظر في الفاتحة فيكشف معانيھا وأسرارھا‬
‫وحقائقھا بما يفتح الرب جل وعال عليه ثم يتبعھا بسورة البقرة ‪ ،‬ثم يتبعھا بسورة آل عمران وھلم جرا إلى آخر القرآن ‪ً ،‬إذا‬
‫حصل التكثير أو ال ؟‬
‫فسرهُ َوي َُف ِّسرُ هُ َوي َ ُّ‬
‫ُفسرُ هُ‬ ‫الفسْ ِر يقال ‪َ َّ َ :‬‬‫ْ‬
‫سورة بعد سورة وآية بعد آية فھو مأخوذ من َ‬ ‫ً‬ ‫نقول ‪ :‬حصل التكثير ‪ .‬إتباع المفسر‬
‫يفسرُ هُ إذا يجوز فيه الوجھان ‪ ،‬التفسير مأخوذ من‬ ‫ً‬ ‫وفسرهُ ضربه من باب ضرب َ ْ ِ‬ ‫فسرهُ نصر َ ْيف ُس ُرهُ َ َ َّ َ‬ ‫ُفسرُ هُ بالتخفيف َ َّ َ‬ ‫َ ْيف ُس ُرهُ َوي َ ِ‬
‫فعل ‪ ،‬ومن باب‬ ‫يفع ُل َ َ َ‬‫فعل َ ْ ِ‬
‫الفسْ ِر وھو ‪ :‬الكشف واإليضاح واإلبانة ‪ .‬ھذا في األصل وفعله كضرب ونصر يعني ‪ :‬من باب َ َ َ‬ ‫َْ‬
‫يفس ُر والمصدر متحد في البابين َفسْ ًرا ‪ ،‬والفسر المراد به اإليضاح ‪ ،‬والكشف ‪ ،‬والبيان ‪.‬‬ ‫وفسر َ ْ ِ‬ ‫فعل َ ْيف ُع ُل ًإذا َ َ َ‬
‫فسر َ ْيفسُرُ َ َ َ‬ ‫ََ َ‬
‫الفسْ ر كشف المغطى ‪ .‬يعني ‪ :‬كأنه أراد أن يجعل الفرق بين‬ ‫ْ‬
‫وفسرهُ ھذا بالتثقيل نقول ‪ :‬أبانه ‪ .‬وفي اللسان لسان العرب ‪َ :‬‬ ‫َ َ َّ َ‬
‫َّ‬
‫حينئذ ال بد من زيادة في المعنى فقال ‪ :‬الفسر كشف المغطى ‪ .‬ألن‬ ‫ٍ‬ ‫الفسر والتفسير يعني التفسير فيه زيادة حرف بل حروف‬
‫الفسْ رُ‬‫ُشكل ‪ ،‬إذا فيه بُعد من جھة المعنى ‪َ ْ ،‬‬ ‫ً‬ ‫حينئذ يكشفه المفسر والتفسير كشف المراد عن اللفظ ْالم ْ ِ‬ ‫ٍ‬ ‫المعنى قد يكون مشغوالً‬
‫ھذا كشف المعنى المغطى الذي ليس فيه إشكال والتفسير كشف المراد عن اللفظ المشكل كأنه جعل التفسير أدق وأعمق من‬
‫ألمر مغطى في الظاھر فيكشفه ويبينه بأدنى كشف وبأدنى إظھار وبأدنى إبانة ال يحتاج إلى بحث ‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫الفسر ‪ ،‬فالفسر يكون‬
‫وأما التفسير فھو ‪ :‬التعمق وزيادة النظر وزيادة البحث وزيادة الكشف فيحتاج إلى عمل أكثر من جھة التدبر والنقل ‪ .‬ھذا من‬
‫جھة المعنى اللغوي لكن من جھة المعنى االصطالحي كالھما بمعنى واحد وقيل ‪ :‬التفسير أو الفسر مقلوب السفر ‪ .‬يقال ‪:‬‬
‫أسفر الصبح إذا أضاء ‪ .‬ومنه يقال ‪ :‬السفور أسفرت المرأة عن وجھھا إذا كشفته ‪.‬‬
‫حد علم التفسير قال ‪:‬‬

‫ِ‬ ‫َ‬
‫أحوال‬ ‫عن‬
‫َ ْ‬ ‫ُْ َ ُ‬
‫يبحث‬ ‫ِِ‬
‫به‬ ‫ٌِْ‬
‫علم‬
‫)‬ ‫جھة ِ ْ َ ِ‬
‫اإلنزال‬ ‫من ِ َ ِ‬
‫كتابنا ِ ْ‬
‫ِ ِ‬ ‫)‬
‫)‬ ‫‪.....‬‬ ‫)‬ ‫َ ْ ِ ِ‬
‫ونحوه ‪......‬‬

‫علم مرادف لعلوم القرآن علم ذو مباحث تتعلق بالكتاب العزيز من حيث النزول وكتابته وجمعه وترتيبه وأسمائه وسوره‬
‫فحينئذ رادف المصنف ھنا معنى علوم التفسير بمعنى علوم القرآن‬ ‫ٍ‬ ‫إلى آخره وناسخه ومنسوخه ومحكمه ومتشابه إلى آخره‬
‫السابقة والمراد بالمعنى اللقبي العلمي ‪ ،‬وأما المعنى الذي ھو اإلضافي ھذا ال يمكن أن يعرف بعلوم القرآن المدون الذي ھو‬
‫نوعا نقول ‪ :‬علوم القرآن بالمعنى اإلضافي الذي سبق معنا باألمس طوائف‬ ‫األنواع التي سيذكرھا المصنف بخمسة وخمسين ً‬
‫َ‬ ‫ْ‬
‫اإلنزال ( ‪.‬‬
‫جھة ِ ِ‬ ‫من ِ َ ِ‬‫متصلة أو طوائف المعارف المتصلة بالقرآن فيشمل كل علم لكن ھنا خصه ببعض العلم لذلك قال ‪ْ ِ ) :‬‬
‫جنسا في حد العلوم ھذا إما أن يفسر باإلدراك وإما أن يفسر بالمسائل وإما أن يفسر‬ ‫ً‬ ‫به ( ) ِ ْ ٌ‬
‫علم ( العلم إذا أخذ‬ ‫) ٌِْ‬
‫علم ِ ِ‬
‫وبكل قيل يعني ‪ :‬كل قول من ھذه األقوال الثالثة قال به بعض أھل العلم فأيده ورد اآلخر ففسر العلم باإلدراك‬ ‫ٍّ‬ ‫بالملكة ‪،‬‬
‫ً‬
‫مرارا ‪ ،‬أو المسائل التي‬ ‫واإلدراك عام يشمل التصور والتصديق إدراك وھو وصول النفس إلى المعنى بتمامه سبق معنا‬
‫تثبت بدليلھم يعني ‪ :‬التصديق بتلك المسائل عن دليل ‪ ،‬أو الملكة التي تسمى ملكة االستحضار التي تحصل بتكرار النظر في‬
‫تلك التصديقات ألن اإلنسان إذا كرر النظر في المسائل بأدلتھا حصل له نوع ملكة ھذه الملكة ال تحصل إال بالرسوخ في‬

‫‪33‬‬
‫العلم ‪ ،‬وبعضھم يطلق ھذه الملكة ملكة االستحضار ويريد بھا ملكة التھيؤ الكامل الذي يُذكر في شأن الفقيه والعلم بالصالح‬
‫فيما قبلھا ألن الفقه يقال فيه العلم باألحكام المراد به العلم الحاصل بالفعل في كل مسألة َمسألة إن قيل بذلك خرج أكثر الفقھاء‬
‫ٍ‬
‫فحينئذ لو‬ ‫ومنھم األئمة األربعة ألن ما من إمام األئمة األربعة وھو العمدة في الفقه إال وقد سئل عن مسائل فقال ‪ :‬ال أدري ‪.‬‬
‫قيل المراد بكل مسألة بالفعل لخرج أكثر الفقھاء ولكن المراد ماذا ؟ ملكة التھيؤ التام بحيث لو سئل عن مسألة فيستحضر في‬
‫حكما فحينئذ ھو متھيئ للبحث والنظر في‬‫ً‬ ‫نفسه حكم المسألة ودليلھا فأجاب وقد يسأل عن مسألة بل مسائل فال يستحضر فيھا‬
‫الكتاب والسنة فيتوصل إلى النتيجة وھو الحكم بدليله ‪ ،‬فحينئذ لو قال اإلمام مالك رحمه  وقد سئل عن بعض المسائل‬
‫تجاوزت الثالثين في أكثرھا ال أدري ھل لو بحث اإلمام مالك ونظر وتأمل وتدبر الكتاب والسنة ھل يستطيع أن يصل إلى‬
‫نتيجة أو ال ؟‬
‫ً‬
‫ولم نفى أوال نفى لماذا واستطاع بماذا ؟ نفى العلم الحصولي الحضوري واستطاع أن يصل إلى المسئول عنه‬ ‫يستطيع ‪َ ِ ،‬‬
‫بالملكة التي تسمى ملكة التھيؤ التام يعني ‪ :‬عنده قدرة بحيث لو نظر في األدلة الستطاع أن يصل إلى الحكم الشرعي ‪ .‬ھذا‬
‫ما يُعبر بالملكة وھو عام في كل الفنون يقال ‪ :‬فالن نحوي ‪ .‬وليس المراد كل مسائل النحو تكون في ذھنه بحيث لو سئل عن‬
‫إعرابھا قال ‪ :‬ال أدري ‪ .‬يقال ‪ :‬ھذا ليس بنحوي ‪ .‬أو أنه فقيه أو أنه محدث لو سئل عن صحة حديث قال ‪ :‬ال أدري ‪ -‬أو ‪ -‬لم‬
‫وأحيانا يكون في البخاري أو مسلم يقول ‪ :‬ال أدري عن ھذا الحديث ‪ .‬لكن لو تأمل وجلس مع نفسه وكذا قد يصل‬ ‫ً‬ ‫علي ‪.‬‬
‫ّ‬ ‫يمر‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫إلى أنه في البخاري مثال أو بحث أن يعرف دليال أو يعرف حكمه من جھة الصحة والثبوت ‪.‬‬
‫ًإذا علم يطلق ويراد به المسائل المخصوصة ويطلق ويراد به التصديقات في تلك المسائل عند دليلھا ويطلق على الملكة‬
‫الحاصلة بتكرار النظر في تلك التصديقات وتسمى ملكة االستحضار ‪ ،‬ويطلق ويراد به الملكة التي تسمى ملكة التھيؤ التام‬
‫وأيھما أرجح ھنا في العلم أيھما أرجح ؟‬
‫األظھر الكل ‪.‬‬

‫قواعد إدراكھا ھو الملكة‬ ‫وكل فن في اسمه مشتركة‬


‫)‬ ‫)‬

‫وكل فن في اسمه اآلن نحن نبحث في ماذا ؟‬


‫ً‬
‫نحويا ؟ ھل يشترط إذا قلنا ‪ :‬المسائل حينئذ‬ ‫ً‬
‫مفسرا ؟ متى يكون‬ ‫نبحث في اسم الفن يعني ‪ :‬ما يطلق عليه الفن متى يكون‬
‫إذا قيل ‪ :‬مسمى النحو ھو المسائل فحينئذ لو سئل عن مسائل وقال ‪ :‬ال أدري ‪ .‬ال يسمى نحوي لم يوجد النحو ألننا قيدنا‬
‫أيضا لو سئل عن بضع المسائل قال ‪ :‬ال أدري ‪ .‬نقول ‪ :‬ال يسمى نحوي ‪ .‬كذلك لو‬ ‫النحو بماذا ؟ بالمسائل ولو قيدناه اإلدراك ً‬
‫ًّ‬
‫نحويا ‪ .‬والصواب أن يقال يحمل لفظ العلم‬ ‫ً‬
‫أيضا ‪ :‬ال يسمى‬ ‫قيدناه بالملكة لو سئل عن بعض المسائل قال ‪ :‬ال أدري ‪ .‬نقول‬
‫في مسمى العلوم على الكل ‪.‬‬

‫قواعد إدراكھا ھو الملكة‬ ‫وكل فن في اسمه مشتركة‬


‫)‬ ‫)‬

‫ھذه الثالثة داخلة في المسمى وال نحتاج إلى الخالف الطويل بين الشراح ھل المراد به المسائل المخصوصة أو الملكة أو‬
‫التصديق ؟ نقول ‪ :‬بل يدخل الجميع يدخل الكل ‪.‬‬
‫ِ‬
‫مصبحين *‬
‫عليھم ُّ ْ ِ َ‬ ‫َ‬
‫لتمرون َ ْ ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫وإنكم ُ ُّ َ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬
‫به ( الباء ھنا بمعنى الظرفية وھي بمعنى في ﴿ َ ِ ْ‬ ‫أحوال ( ) ِ ْ ٌ‬
‫علم ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫عن َ‬ ‫به ُ ْ َ ُ‬
‫يبحث َ ْ‬ ‫) ٌِْ‬
‫علم ِ ِ‬
‫يبحث ( ھذا فعل مضارع مغير‬ ‫وبالليل ﴾ ] الصافات ‪ [138 ، 137 :‬الباء ھنا بمعنى في ًإذا يبحث فيه علم يبحث فيه ) ُ ْ َ ُ‬ ‫َ ِ َّ ْ ِ‬
‫يبحث ( قلنا ‪ :‬ھذا فعل مضارع مغير الصيغة ‪.‬‬ ‫ْحث ) ُ ْ َ ُ‬ ‫الصيغة ومن الباحث ھو طالب العلم نفسه من يطلب العلم ھو الذي َيب َ ُ‬
‫قال في القاموس ‪ :‬بحث عنه كمنع ‪ .‬ما المراد بھذا الكالم يعني من باب منع َيم َْن ُع أم َيم ِْن ُع ؟ َيم َْن ُع بالفتح ًإذا َ َ َ‬
‫بحث َيب َ ُ‬
‫ْحث ويقال‬
‫يفع ُل ‪ ،‬واستبحث وابتحث وتبحث تفتيش ًإذا البحث بمعنى ماذا في اللغة ؟ بمعنى ‪ :‬الفحص‬ ‫ْحث ًإذا من باب َ ْ َ‬ ‫‪ُ َ ُْ ) :‬‬
‫يبحث ( ‪َ .‬يب َ ُ‬
‫والتفتيش ‪.‬‬
‫وفي االصطالح ‪ :‬إثبات المحمول للموضوع أو نفيه عنه ‪ .‬ھذا باصطالح أرباب الفنون ما المراد بالبحث يبحث َ‬
‫يبحث‬
‫لماذا يبحث ؟ من أراد أن يبحث ماذا يريد ؟‬

‫‪34‬‬
‫مثال يبحث ما حكمه‬ ‫ً‬ ‫في ذھنه مسألة يريد إثبات حكم لھا أليس كذلك ؟ فحينئذ إثبات المحمول للموضوع يبحث في الفاعل‬
‫فيثبت أنه مرفوع ‪ً ،‬إذا أثبت المحمول للموضوع الذي يسمى بالخبر المبتدأ أو المسند للمسند إليه أو الفعل للفعال أو نائبه ‪،‬‬
‫فكلھا أسماء لمسمى واحد ‪ً .‬إذا البحث في االصطالح إثبات المحمول للموضوع أو نفيه عنه ألن ھذه وظيفة الباحث يبحث‬
‫ليصل إلى نتيجة ‪ ،‬إثبات المحمول بالموضوع أو نفيه عنه يعني ‪ :‬عنده موضوع في ذھنه مجھول الحكم في األصل فإما أن‬
‫يثبت له وإما أن ينفي عنه فإذا أثبت في نتيجة البحث نقول ‪ :‬ھذا ھو مراده بالبحث ‪.‬‬
‫أحوال ( جار ومجرور متعلق‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫عن‬
‫كتابنا ( ) َ ْ‬ ‫أحوال ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫عن َ‬ ‫يبحث ( ‪ْ َ ) ،‬‬ ‫به( به جار ومجرور يتعلق بقوله ‪ُ َ ْ ُ ) :‬‬ ‫علم ُ ْ َ ُ‬
‫يبحث ِ ِ‬ ‫) ٌِْ‬
‫أحوال ( ‪ .‬األحوال جمع حال والمراد‬ ‫ِ‬ ‫عن َ‬
‫يبحث ( ‪ .‬ألن مطلق البحث ال بد من تعينه يبحث في أي شيء قال ‪ْ َ ) :‬‬ ‫بقوله ‪ُ َ ْ ُ ) :‬‬
‫كتابنا ( أحوال ھذا مضاف وكتابنا مضاف إليه ألن مبحث علوم القرآن أو‬ ‫أحوال ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫عن َ‬ ‫به الصفة صفة ماذا ؟ كتابنا ) َ ْ‬
‫موضوعه كما سبق ھو الكتاب العزيز القرآن الكريم ھذا ھو مبحث علوم القرآن إذا قيل ‪ :‬ما موضوع فن النحو ؟ تقول ‪:‬‬
‫الكلمات العربية من حيث اإلعراب والبناء أليس كذلك ؟ وما مبحث أو موضوع علم التصريف تقول ‪ :‬الكلمات العربية من‬
‫حيث ماذا ؟ من حيث كونھا مفردة وما يطرأ عليھا من تغيير ونحو ذلك كاشتقاق وغيره ‪ ،‬ما مبحث فن الحديث ؟ علم‬
‫الحديث ما مبحثه ما موضوعه ؟ كالم الرسول  وقيل ‪ :‬ذاته ‪ .‬لكن الصواب أنه كالم النبي  ‪ ،‬ما مبحث الطب فن الطب‬
‫؟ البدن بدن اإلنسان من حيث ماذا ؟ طوله وعرض ؟ ! ال ‪ ،‬من حيث الصحة والمرض ‪ً .‬إذا موضوع فن كل علم ما يُبحث‬
‫مثال بدن اإلنسان من أي حيثية ؟ نقول ‪ :‬من حيثية واحدة ألن بدن اإلنسان له صفات فيبحث‬ ‫ً‬ ‫في ذلك الفن عنه فمبحث الطب‬
‫ذكرا وأنثى‬ ‫عنه من جھة بدنه من جھة دينه من جھة معتقده من جھة طوله وعرضه من جھة جماله وعدمه من جھة كونه ً‬
‫جھات متعددة صفات ‪ ،‬ھل مبحث الطب في الجميع ؟‬
‫الجواب ‪ :‬ال ‪ ،‬وإنما يبحث من حال أو صفة معينة وھي ‪ :‬الصحة والمرض ‪ .‬وعندنا كتابنا القرآن العزيز ھو مبحث‬
‫كتابنا ( ‪ .‬أحوال ھذا عام وھنا أطلقه‬ ‫أحوال ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫عن َ‬
‫يبحث َ ْ‬ ‫موضوع علوم القرآن أو الباحث في علم القرآن من أي حيثية قال ‪ُ َ ْ ُ ) :‬‬
‫فيشمل ماذا ؟ يشمل حال كتاب من حيث اإلفراد والتركيب والجمل وكل قاعدة كلية إجمالية كالنزول والكتب الكتابة والجمع‬
‫والناسخ والمنسوخ فيدخل الجميع فيشمل حينئذ الترتيب بالمعنى الخاص والترتيب بالمعنى العام يعني ‪ :‬علم الترتيب بالمعنى‬
‫الخاص الذي ھو كشف معاني كالم الرب جل وعال كتفسير ابن جرير وابن كثير وغيره فحينئذ ھذا التفسير بالمعنى الخاص‬
‫كتابنا ( دخل تفسير الخاص ماذا ؟ ألنه يبحث عن أحوال أو حال‬ ‫أحوال ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫عن َ‬ ‫ھل يدخل معنا ھنا أو ال ؟ يأتي عن قوله ‪ْ َ ) :‬‬
‫من أحوال كتاب الرب جل وعال من حيث كشف المعنى سواء كان متعلق المعنى اإلفراد أو الترتيب أو الجمل ودخل معنى‬
‫البحث عن الكتاب من حيث السند ومن حيث النزول ومن حيث كل ما يبحث من أنواع علوم القرآن أراد أن يخرج التفسير‬
‫من ِ َ ِ‬
‫جھة‬ ‫جھة ( من حيث وحيث ھذه للقيد تقيدية من حيث ما استطاع أن يأتي بحيثية بالحيثية فقال ‪ْ ِ ) :‬‬ ‫من ِ َ ِ‬ ‫الخاص فقال ‪ْ ِ ) :‬‬
‫( ‪ .‬وھي ‪ :‬مرادفة لحيث ‪ ،‬إذا البحث عن أحوال كتاب ربنا ھذا مطلق يشمل كل ما يتعلق بكتاب ربنا جل وعال فيدخل فيه‬ ‫ً‬
‫عن‬‫ونحوه ( ‪ً .‬إذا ) َ ْ‬
‫اإلنزال َ ْ ِ ِ‬
‫جھة ِ ْ َ ِ‬
‫من ِ َ ِ‬ ‫التفسير بالمعنى الخاص وليس مراده التفسير بالمعنى الخاص ھنا فأراد إفراده فقال ‪ْ ِ ) :‬‬
‫كتابنا ( نا ھنا أي ‪ :‬معاشر المسلمين واإلضافة ھنا للتشريف تشريف من ؟ المضاف أو المضاف إليه ؟ المضاف إليه‬ ‫أحوال ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫كتابنا ( اإلضافة ھنا للتشريف أي تشريف المضاف‬ ‫ال شك تشريف المضاف إليه لماذا ؟ ألن األمة شرفت بھذا الكتاب ًإذا ) ِ ِ‬
‫كتابنا ( أي ‪ :‬الكتاب المنزل إلى نبينا محمد  وھو‬ ‫أحوال ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫عن َ‬ ‫كتابنا ( معاشر المسلمين أي ‪ :‬الكتاب المنزل ‪ْ َ ) .‬‬ ‫إليه ) ِ ِ‬
‫تنزيالً ﴾ ] اإلنسان ‪:‬‬ ‫عليك ْ ُ ْ َ‬
‫القرآن َ ِ‬ ‫نزلنا َ َ ْ َ‬ ‫نحن َ َّ ْ َ‬
‫القرآن عرفنا أن الكالم المنزل على النبي  باألمس ھو القرآن ودليله ھذا ﴿ ِ َّإنا َ ْ ُ‬
‫تعقلون ﴾ ] يوسف ‪ [2 :‬فدل على أن كالم  المنزل على‬ ‫لعلكم َ ْ ِ ُ َ‬ ‫عربيا ً َّ َ َّ ُ ْ‬
‫قرآنا ً َ َ ِ ّ‬ ‫‪ [23‬فدل على أن المنزل ھو القرآن ﴿ ِ َّإنا َ َ ْ َ‬
‫أنزلناهُ ُ ْ‬
‫كتابنا ( ‪ .‬فھل الكتاب ھو عين القرآن أم شيء آخر ؟‬ ‫نبينا محمد  ھو ‪ :‬القرآن ‪ .‬لكن ھنا ما قال ‪ :‬القرآن ‪ .‬قال ‪ِ ِ ) :‬‬
‫األلباب ﴾ ] ص ‪ً ، [29 :‬إذا ُأطلق الكتاب وأريد‬ ‫أولوا ْ َ ْ َ ِ‬ ‫وليتذكر ُ ْ ُ‬
‫آياته َ ِ َ َ َ َّ َ‬ ‫ليدبروا َ ِ ِ‬ ‫مبارك ِّ َ َّ َّ ُ‬
‫إليك ُ َ َ ٌ‬ ‫كتاب َ َ ْ َ‬
‫أنزلناهُ ِ َ ْ َ‬ ‫عينه وما الدليل ؟ ﴿ ِ َ ٌ‬
‫به القرآن ًإذا القرآن والكتاب متحدان في اللفظ لفظان متحدين باإلجماع وأطرح دليل على ھذا ما جاء في سورة األحقاف ﴿‬
‫كتابا ً ﴾ ] األحقاف ‪[30 :‬‬ ‫معنا ِ َ‬
‫سَِْ‬ ‫القرآن ﴾ ‪ ] ...‬األحقاف ‪ [29 :‬إلى قوله ‪َّ ِ ﴿ :‬إنا َ‬ ‫ْ ُْ َ‬ ‫الجن َ ْ َ ِ ُ َ‬
‫يستمعون‬ ‫من ْ ِ ِّ‬ ‫نفراً ِّ َ‬‫إليك َ َ‬ ‫وإذ َ َ ْ َ‬
‫صرفنا ِ َ ْ َ‬ ‫َ ِْ‬
‫القرآن ﴾ ] األحقاف ‪ [29 :‬ثم قالوا لما أنذروا قومھم ‪:‬‬ ‫يستمعون ْ ُ ْ َ‬ ‫الجن َ ْ َ ِ ُ َ‬ ‫من ْ ِ ِّ‬ ‫نفراً ِّ َ‬ ‫إليك َ َ‬ ‫وإذ َ َ ْ َ‬
‫صرفنا ِ َ ْ َ‬ ‫المسموع واحد أو متعدد ؟ ﴿ َ ِ ْ‬
‫كتابا ً ﴾ ] األحقاف ‪ . [30 :‬إذا المسموع واحد أم ال ؟‬ ‫ً‬ ‫سمعنا ِ َ‬
‫﴿ ِ َّإنا َ ِ ْ َ‬
‫واحد فدل على أن القرآن ھو الكتاب ھذا تحفظه قد يأتيك مجادل اآلن يقول لك ‪ :‬الكتاب غير القرآن ‪ .‬تقول ‪ :‬ال‪ ،‬ألن‬
‫الدليل على أن الكتاب ھو القرآن ‪ .‬ألننا في زمن العجائب فقد يأتيك آت يقول ‪ :‬القرآن ليس ھو الكتاب ‪ .‬ولذلك يوجد في‬
‫بعض البلدان اآلن يقول ‪ :‬ال بد من أن يكون البخاري ومسلم كالترمذي ‪ .‬بمعنى ماذا ؟‬
‫كتابنا ِ ْ‬
‫من‬ ‫حينئذ ال بد أن يكون بمنزلة واحدة ألنه تراث ‪ ،‬على كل حال ) ِ ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ال بد أن يخضع لقواعد التحديث في الحديث‬
‫اإلنزال ( المراد به علوم التفسير اإلجمالية ‪ ،‬الجار‬ ‫جھة ِ ْ َ ِ‬ ‫من ِ َ ِ‬ ‫اإلنزال ( يعني ما يتعلق بالكتاب على سبيل اإلجمال ) ِ ْ‬ ‫جھة ِ ْ َ ِ‬ ‫ِ َ ِ‬
‫‪35‬‬
‫جھة ( أحوال من جھة حالة كون البحث عن‬ ‫من ِ َ ِ‬‫جھة ( ‪ .‬ھذا حال عن أحوال صفات كتابنا ) ِ ْ‬ ‫من ِ َ ِ‬ ‫والمجرور قوله ‪ْ ِ ) :‬‬
‫اإلنزال ( فصار ماذا ؟ جار ومجرور متعلق بمحذوف حال من أحواله ‪ ،‬والمراد به علوم التفسير‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫جھة ِ ِ‬ ‫من ِ َ ِ‬‫األحوال ) ِ ْ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫ونحوه ( يعني ‪ :‬من جھة نزوله ألن اإلنزال ھذا مصدر والمراد به المُنزل )‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫اإلنزال َ ْ ِ ِ‬
‫جھة ِ ِ‬ ‫من ِ َ ِ‬
‫اإلجمالية التي تخدم الكتاب ) ِ ْ‬
‫ونحوه ( يعني ‪ :‬ونحو اإلنزال ونحو عطف على اإلنزال وذلك كسنده وأدائه وألفاظه‬ ‫ْ ِ ِ‬ ‫َ‬ ‫اإلنزال ( أي ‪ :‬نزوله )‬ ‫جھة ِ ْ َ ِ‬
‫من ِ َ ِ‬ ‫ِ ْ‬
‫أنواعا التي سيذكرھا المصنف ھذا التفسير‬ ‫ً‬ ‫ومعانيه ومكيه ومدنيه وسفريه وحضريه ‪ ...‬إلى آخره من الخمسة والخمسين‬
‫بالمعنى العام وإذا أريد التفسير بالمعنى الخاص يقال ‪ :‬التفسير ھو علم بأصول يعرف بھا معاني كالم  ‪ .‬وأحسن منه أن‬
‫يقال ‪ :‬بيان معاني القرآن الكريم ‪ .‬ھذا ھو حقيقة التفسير وعرفه الزركشي في )) البرھان (( بأنه ‪ :‬علم يعرف به فھم كتاب‬
‫ً‬
‫مأخوذا من‬ ‫وحكمه ‪ً .‬إذا كل ما يرتبط بالمعنى سواء كان‬ ‫ جل وعال المنزل على نبيه  وبيان معانيه واستخراج أحكامه ِ َ ِ ِ‬
‫فرقا بين كتب‬ ‫جھة اإلفراد أو التركيب أو الجمل ھو التفسير ‪ ،‬وعليه كل التفاسير التي نھجت ھذا المنھج ‪ ،‬ولذلك ترى ثم ً‬
‫علوم القرآن التي ھي علوم التفسير وبين كتب التفسير كتفسير ابن جرير ‪ ،‬وابن كثير ‪ ،‬والبغوي ونحوھا ‪ ،‬ھذا ھو التفسير ‪.‬‬
‫أولوا ْ َ ْ َ ِ‬
‫األلباب ﴾ ]‬ ‫وليتذكر ُ ْ ُ‬
‫آياته َ ِ َ َ َ َّ َ‬
‫ليدب ُروا َ ِ ِ‬ ‫مبارك ِّ َ َّ َّ‬ ‫كتاب َ َ ْ َ‬
‫أنزلناهُ ِ َ ْ َ‬
‫إليك ُ َ َ ٌ‬ ‫وتعلم التفسير بالمعنى الخاص واجب لقوله تعالى ‪ٌ َ ِ ﴿ :‬‬
‫على ُ ُ ٍ‬
‫قلوب‬ ‫القرآن َ ْ‬
‫أم َ َ‬ ‫يتدبرون ْ ُ ْ َ‬ ‫ص ‪ . [29 :‬ووجه االستدالل على الوجوب واضح ولذلك قال في اآلية األخرى ‪َ َ َ ﴿ :‬‬
‫أفال َ َ َ َّ ُ َ‬
‫أقفالھا ﴾ ] محمد ‪ . [24 :‬ذمھم على ترك التدبر وال ذم إال على ترك واجب فدل على أن التدبر واجب ‪ ،‬وال تدبر إال ببيان‬ ‫َْ َ ُ َ‬
‫معاني كالم الرب جل وعال حينئذ دل على أن التفسير واجب ‪ ،‬ولذلك جاء في قول عبد الرحمن السلمي ‪ :‬حدثنا الذين كانوا‬
‫يقرءوننا القرآن كعثمان بن عفان وعبد  بن مسعود وغيرھما أنھم كانوا إذا تعلموا من النبي صلى  عليه وآله وسلم‬
‫جميعا ‪ .‬ھذا التفسير بماذا‬ ‫ً‬ ‫عشرة آيات لم يجاوزھا حتى يتعلموا ما فيھا من العلم والعمل ‪ ،‬قالوا ‪ :‬فتعلمنا القرآن والعلم والعمل‬
‫ونحوه ( عرفنا المراد بنحوه ألنه يشمل‬ ‫؟ بمعناه الخاص ما يتجاوزوا العشر آيات إال وتعلموا منھا ما فيھا من العلم والعمل ) َ ْ ِ ِ‬
‫ونحوه ( ھذا مجمل أراد تفسيره وبيان ما الذي َيبْحث عنه أو ُيبْحث فيه في علوم القرآن‬ ‫كل ما يدخل تحت علوم القرآن ) َ ْ ِ ِ‬
‫ذكر لك بعض من ھذه األنواع فقال ‪:‬‬

‫َيقينا‬ ‫َ ُ ُ‬
‫أنواعه‬ ‫حصرت‬ ‫َْ‬
‫قد ُ ِ َ ْ‬ ‫َ ْ ِ‬
‫والخمسينا‬ ‫َ ْ ِ‬
‫بالخمس‬ ‫‪....‬‬
‫)‬ ‫)‬

‫اإلنزال َ ْ ِ ِ‬
‫ونحوه ( جھة اإلنزال يعني النزول ھذا نوع واحد فقط من‬ ‫جھة ِ ْ َ ِ‬
‫من ِ َ ِ‬ ‫ھذا تفسير ألي شيء ؟ لقوله ‪ِ ِ ْ َ ) :‬‬
‫ونحوه ( ‪ْ ِ ) .‬‬
‫أنواع علوم القرآن وال يمكن أن يستوفى جميع أنواع علوم القرآن الخمس والخمسين في حد واحد يقال ‪ :‬حده كذا ثم تذكر‬
‫ونحوه ( ‪ .‬ثم تعد ھذه األنواع فيقال ‪ :‬ھي خمسة وخمسون ‪ .‬لكن ھل ھي محصورة في‬ ‫نزال َ ْ ِ ِ‬
‫جھة اإلِ ْ َ ِ‬
‫من ِ َ ِ‬‫الجميع نقول ‪ :‬ال ) ِ ْ‬
‫الخمسة والخمسين ؟‬
‫الجواب ‪ :‬ال ‪ ،‬لماذا ؟‬
‫ألن علوم القرآن ھذه اجتھادية ليس توقيفية متعلقھا توقيفي وقد يكون بعضه اجتھادي لكن من جھة ّ‬
‫العد وإدماج بعضھا‬
‫مع بعض وتصنيفھا وترتيبھا ھذه مسألة اجتھادية جعلية حصر الجعل يرجع إلى نفس المصنف ‪ ،‬ولذلك السيوطي ذكر ھنا‬
‫نوعا وذكر في )) التحبير (( مائة ونوعين وذكر في )) اإلتقان (( ثمانين ً‬
‫نوعا ‪ ،‬كم ھذا‬ ‫في )) النقاية (( خمسة وخمسين ً‬
‫خمسة وخمسين ثم ذكر في )) التحبير (( ھذا إذا كان التحبير متقدم أو متأخر ذكر في )) التحبير (( مائة نوع ونوعين ثم‬
‫زاد وأدمج فصار ثمانين ألنه أدمج بعضھا مع بعض ولذلك بعضھم ‪ -‬كما سيأتي ‪ -‬قد يذكر ستة أنواع يجمعھا شيء واحد‬
‫عقودا يعني ‪ :‬رؤوس ھامة ليندرج تحتھا أنواع فلو عدت العقود‬ ‫ً‬ ‫عقود ( كما سيأتي أنه جعل لھا‬ ‫ولذلك قال ‪ :‬في ) ِ َّ ٌ‬
‫ستة ُ ُ ُ‬
‫حينئذ صارت ستة أنواع ولكن ذكر أفرادھا وكلھا متداخلة يمكن أن تجعل في نوع واحد فجعلھا ماذا ؟ أنواع ‪ ،‬فالنظر إلى‬
‫األصل العام ھي ستة والنظر إلى اآلحاد التي تكون تحتھا جعلھا خمسة وخمسين والمسألة اجتھادية ليست توقيفية من حيث‬
‫ّ‬
‫العد ‪.‬‬
‫حصرت ( ‪ .‬وقد ھذه بحرف تحقيق وحصرت بمعنى جمعت‬ ‫الخمسينا ( ھذا جار ومجرور متعلق بقوله ‪ْ َ ِ ُ ) :‬‬ ‫بالخمس و َ ْ ِ‬
‫) َ ْ ِ‬
‫والحصر عبارة عن إيراد الشيء على عدد معين أو الحكم بعدم خروج األقسام عن المقسم قد يراد ھذا ويراد ذاك وھنا ثالثة‬
‫أنواع ‪:‬‬
‫حصر عقلي ‪.‬‬
‫وحصر استقرائي ‪.‬‬
‫وحصر جعلي ‪.‬‬
‫‪36‬‬
‫حصٌر عقلي أن يكون التقسيم وحصر المقسوم في عدد معين من جھة العقل ال باعتبار مالحظة الخارج ‪ ،‬وحصر‬
‫استقرائي تتبعي ھذا ما يسمى باالستقراء ھو حصر مما حصر النحاة ماذا ؟‬
‫الكلمة في ثالثة أقسام ھذا حصر واستقرائي ال عقلي ‪ ،‬العقل ال يمنع أن تكون الكلمة قسم واحد أو عشرة أقسام أو مائة‬
‫ً‬
‫جعليا جعلي يعني بجعل المصنف‬ ‫ً‬
‫حصرا‬ ‫ًّ‬
‫استقرائيا ‪ ،‬وقد يكون‬ ‫ً‬
‫حصرا‬ ‫العقل ال يمنع وال يوجب أن تكون ثالثة ًإذا ھذا يسمى‬
‫ٍ‬
‫حينئذ يذكر أن أنواع علوم القرآن عشرة نقول‬ ‫لنفسه قد يأخذ ينظر في المائة نوع مثالً من التحبير فيقول ‪ :‬أريد منھا عشرة ‪.‬‬
‫‪ :‬الحصر ھذا في عشرة من أين جاء بجعل المصنف نفسه فھو اصطالح خاص ‪.‬‬

‫حصرت َ ُ ُ‬
‫أنواعه َيقينا‬ ‫َْ‬
‫قد ُ ِ َ ْ‬ ‫َ ْ ِ‬
‫والخمسينا‬ ‫َ ْ ِ‬
‫بالخمس‬ ‫‪...‬‬
‫)‬ ‫)‬

‫ما نوع الحصر ھنا ؟‬


‫جعلي لماذا ما الدليل ؟‬
‫ھو السيوطي نفسه صاحب النقاية جعلھا خمسة وخمسين أكثر عند من ؟‬
‫عن السيوطي نفسه جعلھا في )) التحبير (( مائة نوع ونوعين وجعلھا في )) اإلتقان (( ثمانين وھنا خمسة وخمسين فدل‬
‫على أن الحصر ھنا جعلي وليس باستقرائي وال عقلي ‪.‬‬
‫والخمسينا ( األلف ھنا لإلطالق والخمس ھنا مذكر أو مؤنث ؟‬ ‫َ ْ ِ‬ ‫) َ ْ ِ‬
‫بالخمس‬
‫بالخمس ( مذكر أو مؤنث ؟‬ ‫ھنا ) َ ْ ِ‬
‫َ ْ ِ‬
‫والخمسينا (‬ ‫بالخمس‬ ‫ً‬
‫والخمسينا ( والتميز ما ھو ؟ إذا ) َ ْ ِ‬‫َ ْ ِ‬ ‫مذكر ‪ -‬ولماذا ترددوا ‪ -‬بالخمس ما قال ‪ :‬بالخمسة ‪ِ ْ َ ) .‬‬
‫بالخمس‬
‫نوعا محذوف أو مذكور ؟‬ ‫ً‬
‫مذكرا حينئذ وجب أن يكون العدد األول مؤنث واألصل أن يقول ‪ :‬بالخمسة والخمسينا ‪ .‬تقول‬ ‫ً‬ ‫محذوف ‪ ،‬وإذا كان التميز‬
‫ٌ‬
‫خمس‬ ‫خمس وعشرون امرأةٌ صحيح وعندي‬ ‫ٌ‬ ‫رجال وعندي‬ ‫ً‬ ‫ٌ‬
‫خمسة وعشرون رجالً ‪ .‬صحيح خمسة وعشرون‬ ‫ٌ‬ ‫‪ :‬عندي‬
‫نوعا فقط ؟‬ ‫َ ْ ِ‬
‫والخمسينا ( ‪ً .‬‬ ‫نوعا فقط ھو يقول ‪ِ ْ َ ) :‬‬
‫بالخمس‬ ‫خمس وخمسون ً‬ ‫ٌ‬ ‫نوعا صحيح‬ ‫وخمسون ً‬
‫أي نعم نقول ‪ :‬يجب أن إجراء القاعدة وھي المخالفة إذا ذكر التميز ‪ ،‬وأما إذا حذف وتقدم على قوله فحينئذ ال يجوز‬
‫دائما يكون ً‬
‫يوما أيام وإما أن‬ ‫ستا بالتذكير التميز ً‬‫ستا من شوال « ‪ً .‬‬ ‫مشھورا » من صام رمضان ثم أتبعه ً‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫حديثا‬ ‫ونذكر ً‬
‫دائما‬
‫يكون ليالي والصواب أين يقع ؟‬
‫ً‬
‫محذوفا‬ ‫ستا من شوال « يعني ‪ :‬ستة أيام حذفت التاء فقال ‪ً » :‬‬
‫ستا « ‪ .‬لماذا ؟ لكون التميز‬ ‫حينئذ » ً‬‫ٍ‬ ‫األيام في النھار‬
‫بالخمس ( األصل أن يقول ‪ :‬بالخمسة ‪ .‬وإنما حذفت لماذا ؟‬ ‫ًإذا ) َ ْ ِ‬
‫نوعا بالخمس والخمسينا ‪ .‬نقول ‪:‬‬ ‫لعدم ذكر التميز ‪ ،‬ويجب التأنيث إذا ذكر التميز ‪ ،‬أما إذا تقدم أو تأخر لو قال ‪ :‬ونحوه ً‬
‫حصرت ( أي ‪ :‬جمعت ‪ ،‬والحصر جعلي بجعل المصنف‬ ‫قد ُ ِ َ ْ‬ ‫والخمسينا َ ْ‬
‫َ ْ ِ‬ ‫ال يجب التأنيث بل يجوز التذكير والتأنيث ) َ ْ ِ‬
‫بالخمس‬
‫استقرائيا لماذا ؟ ألن المصنف أوصلھا بالتحبير إلى مائة ونوعين ‪.‬‬ ‫ً‬ ‫وال يصح جعله‬
‫يقينا ھذا صفة لموصوف‬ ‫يقينا َ ً‬
‫يقينا ‪ .‬حصرت ً‬ ‫حصرا ً‬ ‫ً‬ ‫أنواعه ( أي ‪ :‬أنواع علوم التفسير ) َيقينا ( أي ‪:‬‬ ‫حصرت َ ُ ُ‬ ‫) ُ ِ َ ْ‬
‫جازما ال شك فيه ‪ ،‬لكن ھذا ً‬
‫أيضا يؤكد أن المراد به‬ ‫ً‬ ‫يقينا أي ‪:‬‬‫حصرا ً‬ ‫ً‬ ‫محذوف وھو مفعول مطلق صار مفعوالً مطلق لفظي‬
‫الحصر الجعلي ألنھا كيف ينفي الشك في خمسة وخمسين وھي زادت على ذلك ‪.‬‬

‫حصرت َ ُ ُ‬
‫أنواعه َيقينا‬ ‫َق ْد ُ ِ َ ْ‬ ‫َ ْ ِ‬
‫والخمسينا‬ ‫َ ْ ِ‬
‫بالخمس‬ ‫‪...‬‬
‫)‬ ‫)‬
‫تعود‬
‫ُ ُ‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫َِ‬
‫خاتمة‬ ‫وبعدھا‬
‫َ َ‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫َّ‬
‫حوتھا ِستة ُ ُ‬
‫عقود‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫وقد َ َ َ‬
‫ْ‬
‫)‬ ‫)‬

‫حوتھا ( أي ‪ :‬شمل‬‫ستة ( ھذا فاعل ) َ َ ْ َ‬ ‫حوتھا ( الضمير يعود على األنواع ) ِ َّ ٌ‬ ‫حوتھا ِ َّ ٌ‬
‫ستة ( ) َ َ ْ َ‬ ‫وقد ( ھذه بالتحقيق ) َ َ ْ َ‬ ‫) َْ‬
‫عقود ( بدل من الفاعل‬ ‫ستة ( ما إعرابھا ؟ فاعل و ) ُ ُ ُ‬ ‫عقود ( ) ِ َّ ٌ‬ ‫عقود ( ) ِ َّ ٌ‬
‫ستة ُ ُ ُ‬ ‫وجمع تلك األنواع الخمس والخمسين ) ُ ُ ُ‬
‫عقود ( صار ) ِ َّ ٌ‬
‫ستة ( ھذا‬ ‫حوتھا ِ َّ ٌ‬
‫ستة ُ ُ ُ‬ ‫وقد َ َ ْ َ‬‫عقود ( ھذا ھو األصل لكن ال يتأتي معه في النظم ) َ ْ‬ ‫حوتھا ِ َّ ٌ‬
‫ستة ُ ُ ٍ‬ ‫واألصل ) َ ْ‬
‫وقد َ َ ْ َ‬

‫‪37‬‬
‫عقود ( جمع عقد والمراد بھا القالدة شبھت المسائل بالجواھر الثمينة وإثبات‬ ‫عقود ( ھذا بدل من الفاعل ‪ُ ُ ُ ) ،‬‬ ‫فاعل و ) ُ ُ ُ‬
‫واحد وخمسون ً‬
‫نوعا ‪.‬‬ ‫ٌ‬ ‫عقد فيه بعض األنواع وھذه الستة العقود ھي األصل ويندرج تحتھا‬ ‫عقد ‪ ،‬وكل ٍ‬ ‫العقود ‪ ...‬كأنه ٌ‬
‫) ِ َّ ٌ‬
‫ستة ُ ُ ُ‬
‫عقود (‬
‫نوعا ‪.‬‬‫نوعا ذكر تحته اثني عشر ً‬ ‫العقد األول ‪ :‬في ما يرجع إلى النزول وھو اثنا عشر ً‬
‫العقد الثاني ‪ :‬ما يرجع إلى السلف وھو ستة أنواع ذكر تحته ستة أنواع ‪.‬‬
‫العقد الثالث ‪ :‬ما يرجع إلى األداء وھو ستة أنواع ‪.‬‬
‫ٌ‬
‫أربع وعشرون‬ ‫ھذه كم اثنا عشر وستة وستة‬
‫العقد الرابع ‪ :‬ما يرجع إلى األسفار وھو سبعة أنواع ‪.‬‬
‫كم ھذه واحد وثالثون ‪.‬‬
‫العقد الخامس ‪ :‬ما يرجع إلى المعاني المتعلقة باألحكام وھو أربعة عشر ً‬
‫نوعا ‪.‬‬
‫خمسة وأربعون ‪.‬‬
‫العقد السادس ‪ :‬واألخير ما يرجع إلى المعاني المتعلقة بالعقاب وھو ستة أنواع ‪.‬‬
‫حصرت َ ُ ُ‬
‫أنواعه َيقينا ( ‪ .‬بقي كام أربعة أي ھي ؟‬ ‫والخمسينا َ ْ‬
‫قد ُ ِ َ ْ‬ ‫َ ْ ِ‬ ‫مجموع واحد وخمسون وھو يقول ‪ِ ْ َ ) :‬‬
‫بالخمس‬
‫في الخاتمة ‪ ،‬جعل الخاتمة تحتھا أربعة أنواع ‪.‬‬
‫خاتمة ( تشمل أربعة أنواع فصارت كلھا خمسة وخمسين‬ ‫ٌ‬ ‫وبعدھا ( أي ‪ :‬بعد الستة العقود ) ِ َ‬ ‫عقود َ َ‬ ‫حوتھا ِ َّ ٌ‬
‫ستة ُ ُ ُ‬ ‫) َْ‬
‫وقد َ َ ْ َ‬
‫عود ( يعني مقاصده إلى تلك األنواع الخمس والخمسين ‪.‬‬ ‫نوعا ) َت ُ ُ‬
‫ً‬
‫بد ( ال محالة وال مفر من ذكر مقدمة‬ ‫ً‬
‫وقبلھا ( أي ‪ :‬قبل الشروع في ذكر شيئا من العقود أو من الخمس والخمسين ) ال ُ َّ‬ ‫) َْ‬ ‫َ‬
‫ي َ َُّبينُ فيھا ما يتعلق بعلم التفسير من مسائل وأحكام كتعريف القرآن واآلية والسورة ونحو ذلك ‪.‬‬

‫فيه ُ ْ ِ َ ْ‬
‫معلمة‬ ‫ببعض ما ُ ِّ َ‬
‫خصص ِ‬ ‫َِ ْ ِ‬ ‫من ُ َ ِّ َ ْ‬
‫مقدمة‬ ‫بد ِ ْ‬
‫‪ ...‬ال ُ َّ‬
‫)‬ ‫)‬

‫ببعض ( جار مجرور متعلق بقوله ‪:‬‬ ‫معلمة ) ِ َ ْ ِ‬


‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫مقدمة‬ ‫ٌ‬
‫صفة لمقدمة من‬ ‫معلمة ( ھذا اسم فاعل من اإلعالم يعني ‪ :‬مشعرة‬ ‫) ُْ َِ ْ‬
‫ببعض‬ ‫خصص ِ‬
‫فيه ( ) ِ َ ْ ِ‬ ‫ببعض ما ُ ِّ َ‬ ‫ببعض ( نقول ‪ :‬ھذا جار ومجرور متعلق بقوله ‪ْ َ ِ ْ ُ ) :‬‬
‫معلمة ( ) ِ َ ْ ِ‬ ‫معلمة ( ألنه اسم فاعل ) ِ َ ْ ِ‬ ‫) ُْ َِ ْ‬
‫ِّص فيه أي في علم التفسير أي ذكر في ھذا الفن على جھة الخصوص والمراد بالمقدمة‬ ‫ما ( ببعض الذي أو الشيء الذي ُخص َ‬
‫الحد واالسم فقط وذكرنا ما سبق باألمس‬ ‫ّ‬ ‫ھنا مقدمة كتاب وليست مقدمة علم ‪ ،‬ألن مقدمة العلم ھي ما ذكره أوالً ذكر فيه‬
‫بوجه ما ألن أھم ما يذكر في تلك المبادئ العشرة والحد ‪ ،‬والحد يوصل إلى إيقاع أو‬ ‫ٍ‬ ‫الحد واالسم وھذا يحصل به تطور الفن‬
‫خصص ِ‬
‫فيه‬ ‫ببعض ما ُ ِّ َ‬ ‫ً‬
‫وجه دون وجه ى على وجه التمام ‪ ،‬إذا قوله ‪ِ ْ َ ِ ) :‬‬ ‫ٍ‬ ‫وجود التصور الفني لكنه تصور ما بمعنى أنه من‬
‫ص‬‫ص َ‬ ‫فيه ( ببعض المصطلحات واألحكام التي ُخ ِّ‬ ‫خصص ِ‬‫ببعض ما ُ ِّ َ‬‫مبينة ) ِ َ ْ ِ‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫مشعرة‬ ‫معلمة ( يعني ال بد من مقدمة م ٍ‬
‫ُعلمة‬ ‫ُْ َِ ْ‬
‫مثال ھذا أين تذكر ؟ في علم الحديث في المنطق ؟ ال تذكر ھذا ‪ ،‬إنما تذكر في علم التفسير‬ ‫ً‬ ‫ذكرھا في علم التفسير كالسورة‬
‫‪ً ،‬إذا ال بد من معرفة ھذه األحكام ال بد من معرفة ھذه المصطلحات وھذه مقدمة الكتاب كما ذكرناه في السابق أن مقدمة‬
‫الكتاب ما يشمل األربعة األنواع التي يعبر عنھا بالوجوب االصطالحي واألربعة األخرى المعبر عنھا باالستحباب الصناعي‬
‫حينئذ تذكر في مقدمة الكتاب وليس في مقدمة العلم ألن مقدمة العلم‬ ‫ٍ‬ ‫ثم للمصنف اصطالحات خاصة‬ ‫يزيد على ذلك إن كان َ َّ‬
‫ً‬
‫مرادا‬ ‫حينئذ يندرج تحت مقدمة الكتاب ‪ ،‬وھنا الذي ذكره‬ ‫ٍ‬ ‫خاصة بالعشرة مبادئ وال يزاد عليه وكل ما عدا ذلك من المقدمات‬
‫به بعض المصطلحات التي تختص أو يختص بھا فن علم التفسير ‪.‬‬
‫مقدمة ( ھل يتعارض ھذا مع ذكر حد التفسير ھل يتعارض ؟‬ ‫من ُ َ ِّ َ ْ‬ ‫بد ِ ْ‬ ‫ًإذا ) َ ْ َ‬
‫وقبلھا ال ُ َّ‬
‫التفسير ( إنما ھو من‬‫ِ‬ ‫حد ِ ْ ِ‬
‫علم‬ ‫الجواب ‪ :‬ال ‪ ،‬لماذا ألن المقدمة ھنا مقدمة الكتاب والذي ذكر فيه أو تحته تحت عنوان ) َ ُّ‬
‫شأن مقدمة العلم ‪ ،‬لكن يرد السؤال قوله ‪:‬‬

‫عطر َ ْ ِ‬
‫األردان‬ ‫على َّ ِ ِّ‬
‫النبي َ ِ ِ‬ ‫المنزل ُ ُ ِ‬
‫للفرقان‬ ‫تبارك ُ ْ ِ‬
‫َ َ َ‬
‫)‬ ‫)‬

‫ھذه مقدمة كتاب أو علم ؟‬

‫‪38‬‬
‫كتاب ‪ ،‬فيكون فصل بين بعض أجزاء المقدمة واألصل أنه يذكر مقدمة الكتاب متصلة الحمدلة والشھادة إلى آخره وما‬
‫التفسير ( ھذا ھو األصل لكنه جزء لعله ذكر المقدمة األولى ألنھا‬ ‫ِ‬ ‫حد ِ ْ ِ‬
‫علم‬ ‫يتعلق بالمصطلحات ثم يذكر بعد ذلك باب ) َ ُّ‬
‫التفسير ( من ھنا يبدأ نظم كتاب )) النقاية (( قد يكون ھذا الذي ألجأه إلى ھذا الصنيع‬ ‫ِ‬ ‫حد ِ ْ ِ‬
‫علم‬ ‫منفكة عن النقاية ثم بدأ في ) َ ُّ‬
‫‪.‬‬
‫مقدمة ( واألولى أن يقول المقدمة نعم صحيح األولى أن يقول ‪ :‬المقدمة ‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫مقدمة ( قال المصنف رحمه  تعالى ‪َ ِّ ُ ) :‬‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫) ُ ِّ َ‬
‫مقدمة ( المقدمة التي ذكرت‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫بد ِ ْ‬
‫من ُ ِّ َ‬ ‫حينئذ ) ال ُ َّ‬
‫ٍ‬ ‫ألن األكثر في لغة العرب أن إعادة النكر نكر يدل على أن الثاني غير األول‬
‫ٌ‬
‫خاتمة ( ثم‬ ‫وبعدھا ِ َ‬
‫أوال فإعادة نكرة معرفة يدل على أن الثاني ھو عين األول ولذلك قال في األخير الخاتمة ‪ :‬ألنه قال ‪َ َ ) :‬‬ ‫ً‬
‫قال ‪ :‬الخاتمة ‪ .‬جاء الوجه األفصح لكن يقال بأن ھذه قاعدة ليست مطردة وإنما ھي قاعدة أغلبية على حد قوله جل وعال ‪﴿ :‬‬
‫وھو َّ ِ‬
‫الذي‬ ‫إله ﴾ ] الزخرف ‪ . [84 :‬السبكي انتقض ھذه القاعدة بمثل ھذا اآليات ﴿ َ ُ َ‬ ‫وفي ْ َ ْ ِ‬
‫األرض ِ َ ٌ‬ ‫إله َ ِ‬‫السماء ِ َ ٌ‬ ‫الذي ِفي َّ َ‬ ‫وھو َّ ِ‬ ‫َ َُ‬
‫إله ﴾ ] الزخرف ‪ . [84 :‬إعادة النكرة نكر يدل على أن الثاني غير األول ھذا ھو الغالب لكنه‬ ‫َ‬
‫األرض ِ ٌ‬ ‫وفي ْ ِ‬‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫السماء ِ ٌ‬
‫إله َ ِ‬ ‫ِفي َّ َ‬
‫ٍ‬
‫فحينئذ‬ ‫في اآلية ھذه ھو عينه ‪ ،‬النكرة الثانية ھي عين النكرة األولى ألنك لو قلت غيره ألثبت إلھين وھذا باطل أثبت التعدد ‪،‬‬
‫إله ﴾ ‪ .‬نقول ‪ :‬ھذا ماذا اإلله الثاني ھو عين اإلله األول ‪ ،‬وإن كان األكثر إعادة‬ ‫األرض ِ َ ٌ‬‫وفي ْ َ ْ ِ‬ ‫السماء ِ َ ٌ‬
‫إله َ ِ‬ ‫الذي ِفي َّ َ‬ ‫وھو َّ ِ‬ ‫﴿ َ َُ‬
‫النكرة معرفة‬
‫إذا أتت نكرة مكررة‬ ‫ثم من القواعد المشتھرة‬
‫)‬ ‫)‬
‫المعرفان‬ ‫كذا‬ ‫توافقا‬ ‫يعرف ثاني‬ ‫ّ‬ ‫تغايرا وإن‬
‫)‬ ‫)‬

‫تغايرا يعني ‪ :‬الثاني غير األول‬


‫ٌ‬
‫عسر أبدا‬ ‫لن يغلب اليسرين‬ ‫شاھدھا الذي رُوينا مُسندا‬
‫)‬ ‫)‬

‫ًإذا األولى أن يقول المقدمة ولو قال مقدمة ال إشكال ‪.‬‬


‫مقدمة ھذا محلھا فيصح أن‬ ‫ٌ‬ ‫مقدمة ( ھذه محلھا أو ھذا محلھا‬ ‫مقدمة ‪ ،‬و ) ُ َ ِّ َ ْ‬
‫ٌ‬ ‫مبتدأ محذوف ھذه‬ ‫ٍ‬ ‫مقدمة ( إعرابھا أنھا ٌ‬
‫خبر‬ ‫) ُ َ ِّ َ ْ‬
‫علما فصارت ماذا من ما يجوز االبتداء به وإن كانت في األصل نكرة )‬ ‫تكون مبتدأ ولو لم تحل بأل لماذا ؟ ألنھا صارت ً‬
‫أيھا‬ ‫َ‬
‫مقدمة ( بكسر الدال كمقدمة الجيش للجماعة المتقدمة منھم يقدم الالزم بمعنى ماذا ؟ بمعنى تقدم ومنه قوله تعالى ‪َ ﴿ :‬يا ُّ َ‬ ‫ُ َ ِّ َ‬
‫ُقدمة من َ َّ َ‬
‫قدم‬ ‫ورسوله ﴾ ] الحجرات ‪ . [1 :‬أي ال تتقدموا ‪ ،‬ويجوز فتح الدال على قلة م َ َّ َ‬ ‫ َ َ ُ ِِ‬ ‫َّ‬
‫يديِ ِ‬ ‫بين َ َ‬
‫تقدموا َ ْ َ‬‫آمنوا َال ُ َ ِّ ُ‬ ‫الذين َ ُ‬‫َّ ِ َ‬
‫ُقدمة ‪ ،‬م َ َ ِّ َ‬
‫ُتقدمة‬ ‫ُتقدمة بنفسھا أو م َ َّ َ ٍ‬ ‫ُقدمة ‪ ،‬في أمور م َ َ ِّ َ‬ ‫ُتقدمة أو م َ َّ َ ٍ‬
‫ُتعدي أي في أمور م َ َ ِّ َ‬ ‫قدم ْالم َ َ ِّ‬
‫ُقدمة الرحل في لغة من َ َّ َ‬ ‫ُتعدي َكم َ َّ َ‬ ‫ْالم َ َ ِّ‬
‫ُتعدي ‪ ،‬وحقيقتھا‬ ‫ُتعدي من قدم ْالم َ َ ِّ‬ ‫قدمت يعني بفعل فاعل إذا كانت مأخوذة من ْالم َ َ ِّ‬ ‫ُقدمة إذا ُ ِّ َ ْ‬
‫قدم الالزم أو م َ َّ َ ٍ‬ ‫بنفسھا إذا كان من َ َّ َ‬
‫الرتباط بينھا وبين المقصود وھذا ھو المراد بمقدمة الكتاب ‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫مسائل تذكر أمام المقصود‬

‫حصل‬
‫بسورة َ َ ْ‬ ‫ِْ ُ‬
‫ومنه اإلعجاز ِ ُ َ ٍ‬ ‫محمد َ َ ْ‬
‫نزل‬ ‫َ‬
‫فذاك َما َعلى ُ َ َّ ٍ‬
‫)‬ ‫)‬

‫فيه ﴾ ] البقرة ‪ . [2 :‬ولم يقل ھذا كتاب‬ ‫ريب ِ ِ‬ ‫الكتاب َال َ ْ َ‬ ‫فذاك ( اإلشارة ھنا للتعظيم لذلك قال ‪َ ِ َ ﴿ :‬‬
‫ذلك ْ ِ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫تعريف للقرآن )‬ ‫ٌ‬ ‫ھذا‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫لماذا ؟ إلفادة التعظيم ألن التعظيم يشار إليه بالبعد ) فذاك ( المشار إليه ‪ ،‬ھنا اإلشارة بالبعد للداللة على التعظيم ) فذاك (‬
‫سائال قال ‪ :‬ما ھو الذي‬ ‫ً‬ ‫فيه ُ ْ ِ َ ْ‬
‫معلمة ( فكأن‬ ‫خصص ِ‬ ‫ببعض ما ُ ِّ َ‬ ‫الفاء فاء الفصيحة أي فأقول لك ذلك لماذا ؟ ألنه قال ‪ِ ْ َ ِ ) :‬‬
‫ببعض ما‬ ‫ً‬
‫فذاك ( فأقول لك ذاك فيكون المشار إليه القرآن ضمنا إذا كان المشار إليه قوله ‪ِ ْ َ ِ ) :‬‬ ‫َ‬ ‫ِّص به علم التفسير قال ‪) :‬‬ ‫ُخص َ‬
‫فذاك ( المشار‬ ‫َ‬ ‫أحوال ِ ِ‬
‫كتابنا ( )‬ ‫ِ‬ ‫عن َ‬
‫صراحة إذا كان المشار إليه قوله ‪ْ َ ) :‬‬ ‫ً‬ ‫معلمة ( ويكون المشار إليه القرآن‬ ‫فيه ُ ْ ِ َ ْ‬
‫خصص ِ‬‫ُ ِّ َ‬
‫ببعض‬
‫كتابنا ( وھو القرآن ‪ ،‬وذكر ضن في قوله ‪ِ ْ َ ِ ) :‬‬ ‫التفسير ( ) ِ ِ‬
‫ِ‬ ‫حد ِ ْ ِ‬
‫علم‬ ‫ذكر القرآن في السابق مرتين ) َ ُّ‬‫إليه ما ھو ؟ القرآن ُ ِ َ‬
‫معلمة ( ألن أھم ما يذكر في المقدمة تعريف القرآن ثم السورة ثم اآلية ‪ ...‬إلى آخره فأعظم ما يعرف القرآن‬ ‫فيه ُ ْ ِ َ ْ‬‫ص ِ‬ ‫خص َ‬ ‫ما ُ ِّ‬
‫ٍ‬
‫حينئذ قال ‪:‬‬ ‫سائال ما ھو الذي ُخص َ‬
‫ِّص به أو ما ھو كتابنا ؟‬ ‫ً‬ ‫فحينئذ لما استحضر أن ثم‬ ‫ٍ‬ ‫ضمنا وذكر مرة صراحة ‪،‬‬ ‫ً‬ ‫فذكر مرة‬
‫ُفصحة من اإلفصاح وھو البيان واإليضاح ألنه أفصحت عند جواب‬ ‫ْ‬
‫فعيلة بمعنى م ِ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫فذاك ( فالفاء فاء الفصيحة ‪َ ِ ،‬‬
‫فصيحة ِ‬ ‫َ‬ ‫)‬

‫‪39‬‬
‫سابقا ‪ ،‬وتجد بعضھم يقول‬ ‫ً‬ ‫نزلْ ( ) َما ( أي ‪ :‬كالم  كما ذكرناه‬ ‫محمد َ َ‬ ‫فذاك َما َعلى ُ َ َّ ٍ‬ ‫َ‬ ‫شرط مقدم ‪ً .‬إذا اإلشارة للتعظيم )‬ ‫ٍ‬
‫األولى أن يفسر ما ھنا بلفظ لماذا ؟ قالوا ‪ :‬ألنك لو قلت معي كالم  كالم  يشمل النفسي واللفظي والمراد به ھنا ماذا‬
‫لفظ تعين أن المراد به غير النفسي ‪ ،‬ونقول ھذا باطل كما ذكرناه باألمس ًإذا )‬ ‫حينئذ لو قلت ٌ‬ ‫ٍ‬ ‫على حد زعمھم ؟ النفسي ‪،‬‬
‫أيضا صح على طريقة أھل السنة كالم  الذي نزل على محمد ھنا ذكر ماذا ؟ ذكر جنس )‬ ‫َما ( أي كالم  ولو قلت اللفظ ً‬
‫جنسا‬ ‫ً‬ ‫فصل ثان ‪ ،‬ذكر‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬
‫اإلعجاز ( ھذا‬ ‫ْ‬
‫فصل ) ِ ُ‬
‫ومنه ْ‬ ‫ٌ‬ ‫محمد ( ھذا‬ ‫نزلْ ( على صلة الموصول ) َعلى ُ َ َّ ٍ‬ ‫َما ( ھذا جنس و ) َ َ‬
‫ٌ‬
‫فصل‬ ‫ومنه ْ ُ‬
‫اإلعجاز ( ھذا‬ ‫ثان ) ِ ْ ُ‬ ‫فصل ٍ‬ ‫ٌ‬ ‫محمد ( ھذا‬ ‫فصل أول و ) َعلى ُ َ َّ ٍ‬ ‫ٌ‬ ‫نزلْ ( ھذا‬ ‫وثالثة فصول ‪ ،‬الجنس قوله ‪َ ) :‬ما ( و ) َ َ‬
‫أخرج ماذا ؟ كالم غير  جل‬ ‫فحينئذ ال بد من دخول وخروج ) َما ( أي ‪ :‬كالم  َ ْ َ َ‬ ‫ٍ‬ ‫ُخرج‬ ‫ُدخل والفصل ي ْ ِ‬ ‫ثالث ‪ ،‬الجنس ي ْ ِ‬
‫يرد السؤال كيف عين أن المراد بـ ) َما ( ھنا‬ ‫وحينئذ َ ِ ُ‬
‫ٍ‬ ‫وعال من كالم اإلنس والجن والمالئكة خرج بقوله كالم  باإلضافة‬
‫حينئذ كيف فسرنا ) َما ( ھنا بكالم  ؟‬ ‫ٍ‬ ‫كالم  ‪َ ) ،‬ما ( اسم موصول مبھم واإلبھام يحتاج إلى تعيين‬
‫حد ي َ َّ‬
‫ُصدرُ‬ ‫من السياق والقرائن من سياق الكالم وقرائن المقام نفسر ) َما ( ھنا بمعنى جنس بمعنى كالم  وھذا في كل ٍّ‬
‫لفظ عام أو حقيقة أو مجاز على حسب ما يذكر في موضعه ‪،‬‬ ‫بلفظ أو بكالم أو ٌ‬ ‫ٍ‬ ‫حينئذ نفسرھا بماذا ؟ إما‬ ‫ٍ‬ ‫بما نقول جنس‬
‫ٍ‬
‫خرج به ما استأثر به الرب جل وعال ‪ -‬كما ذكرناه‬ ‫فصل َ َ َ‬ ‫ٌ‬ ‫نزلْ ( ھذا‬ ‫والذي ي َُعيِّنُ مفھوم ) َما ( ھو السياق والقرائن ‪َ َ ) .‬‬
‫وخرج به األحاديث النبوية ‪ ،‬األحاديث نوعان ‪ :‬قدسية ‪ -‬ربانية كما يعبر البعض ‪ ، -‬ونبوية ‪ :‬يعني لفظھا ومعناھا‬ ‫باألمس ‪َ َ َ -‬‬
‫فصل خرج ما لم ينزل مما استأثر  جل وعال به وخرج‬ ‫ٌ‬ ‫نزلْ ( خرج به‬ ‫حينئذ ) َ َ‬ ‫ٍ‬ ‫من عند النبي  وھي لم تنزل ال شك ‪،‬‬
‫عن‬ ‫ينطق َ ِ‬ ‫وما َ ِ ُ‬ ‫به األحاديث النبوية ألنھا من كالم النبي أليس كذلك ؟ لماذا ؟ ألن المعنى قد يقال بأنه من عند  عز وجل ﴿ َ َ‬
‫وحينئذ يكون التعبير واللفظ من‬ ‫ٍ‬ ‫حينئذ المعنى في األصل أنه موحى به‬ ‫ٍ‬ ‫يوحى ﴾ ] النجم ‪. [4 ، 3 :‬‬ ‫وحي ُ َ‬ ‫ھو ِ َّإال َ ْ ٌ‬ ‫إن ُ َ‬
‫الھوى * ِ ْ‬ ‫ْ ََ‬
‫ُنزل أو ال ؟ نقول ‪ :‬ليس‬ ‫معنى اجتھادي ھل اللفظ م ْ َ‬ ‫أنزل أو ً‬ ‫سواء عبر به عن معنى ُ ْ ِ َ‬ ‫ٌ‬ ‫جھة النبي  ‪ ،‬ھل اللفظ لفظ النبي ‬
‫نزلْ ( نقول ‪ :‬ھذا‬ ‫أيضا ‪َ ،‬إذا ) َ َ‬ ‫ً‬ ‫بمنزل وإن كان يمكن إخراجه بقوله كالم  ألنه ليس بكالم الرب جل وعال وليس بمنزل‬
‫ٌ‬
‫فصل‬ ‫محمد ( ھذا‬ ‫فصل أول خرج به ما استأثر به سبحانه واألحاديث النبوية ألن ألفاظھا لم تنزل أو لم ُ ْتنزل عليه ‪َ ) ،‬على ُ َ َّ ٍ‬ ‫ٌ‬
‫ثان خرج به ماذا ؟ ما نزل على غيره من األنبياء كالتوراة واإلنجيل والزبور وصحف موسى وصحف إبراھيم ‪ ...‬إلى آخره‬
‫اإلعجاز ( ھذا فصل ثان ھذا‬ ‫ومنه ْ ُ‬ ‫محمد ( ال على غيره كالتوراة واإلنجيل والزبور ) ِ ْ ُ‬ ‫سواء علمناه أو لم نعلمه ‪َ ) ،‬على ُ َ َّ ٍ‬
‫جز بلفظه ‪ ،‬وتلحظون أن‬ ‫محمد  ْالمُعْ ِ ُ‬ ‫ٍ‬ ‫ُنز ُل على‬ ‫جز بلفظه ‪ ،‬كالم  تعالى ْالم َ َّ‬ ‫بالمُعْ ِ‬ ‫ُعبر عند بعضھم ْ‬ ‫الفصل الثاني وھو ْالم َ َّ‬
‫ُتعبد بتالوته ‪ -‬وقد ذكرناه باألمس ‪ -‬لماذا ؟ لالحتراز عن األحاديث القدسية واآليات المنسوخة ) الشيخ‬ ‫المصنف لم يقل ْالم َ َ َّ‬
‫محمد  لكنه لم‬ ‫ٍ‬ ‫آية نسخت ًإذا لم يُتعبد بتالوته ھي كالم  ونزل على‬ ‫والشيخة إذا زنيا فارجموھما البتة ( ‪ ،‬ھذه كانت ً‬
‫يتعبد بتالوته ًإذا خرجت اآليات المنسوخة وخرجت األحاديث القدسية على القول بأن اللفظ والمعنى من عند الرب جل وعال‬
‫حكم من أحكامه والحكم على الشيء فرع عن تطوره ‪ً ،‬إذا ال يمكن إدخاله في‬ ‫ٌ‬ ‫‪ ،‬لكن قيل أن قوله ‪ ) :‬المتعبد بتالوته ( ھذا‬
‫الحدود ‪ ،‬ونزيد بما ذكرناه باألمس أن المراد في حد القرآن ھو التقرير فقط والرسم وليس المراد إجراءه على طريقة‬
‫وصف يمكن أن ينفصل القرآن عن غيره ) المتعبد بتالوته ( أي ‪ :‬الزم‬ ‫ٍ‬ ‫المناطقة ونحوھم ھذا ھو المراد ‪ ،‬وبذلك يذكر كل‬
‫يكون ذكره أولى من حذفه ألنه يمتاز به القرآن عن غيره ‪ ،‬وأما صفة المعجز بلفظه نقول ھذا نعم اختص به القرآن على‬
‫) ْ ُ‬
‫اإلعجاز‬ ‫ومنه ( الواو واو الحال يعني والحال أن منه من القرآن من ذلك الكالم‬ ‫) ِْ ُ‬ ‫ومنه ْ ُ‬
‫اإلعجاز (‬ ‫جھة القصد ) ِ ْ ُ‬
‫معجزا للخلق إلظھار صدق النبي  في دعواه‬ ‫ً‬ ‫ُنز ُل على النبي ‬ ‫جزا للخلق أن يكون ھذا الكالم ْالم َ َّ‬ ‫( للخلق أن يكون مُعْ ِ ً‬
‫ئذ يكون‬ ‫الرسالة ألنه رسول َّادعى الرسالة ال بد من دليل يثبت ذلك صدق الرسول  وعلى أن القرآن الذي معه حق حين ٍ‬
‫معجزا إلثبات‬ ‫ً‬ ‫معجزا بلفظه ھل ھو لذاته أم لغيره ؟ نقول ‪ :‬لغيره ‪ ،‬وھو إثبات أن القرآن حق كون القرآن‬ ‫ً‬ ‫اإلعجاز ھنا كونه‬
‫معجزا بلفظه ليس‬ ‫ً‬ ‫القرآن حق وإلثبات أن دعوى الرسول  أنه رسول دعوى صدق وحق فصار ماذا ؟ فصار كون القرآن‬
‫المقصود به الزعم وإنما المقصود به إثبات شيئين اثنين وھما ‪ :‬أن القرآن حق ‪ ،‬وأن النبي  صادق في دعواه الرسالة ‪.‬‬
‫مقرون بالتحدي مع عدم المعارضة ‪ .‬والتحدي ما ھو‬ ‫ٌ‬ ‫خارق للعادة‬ ‫ٌ‬ ‫معجزا أو قل آية والمعجزة عندھم ٌ‬
‫أمر‬ ‫ً‬ ‫ولذلك صار القرآن‬
‫معجزا لماذا لكونه طولب أن يعارض به من كالم البشر فعجزوا عن ذلك ﴿ قلُ‬ ‫ً‬ ‫؟ ھو طلب المعارضة ولذلك صار القرآن‬
‫بمثله ﴾ ] اإلسراء ‪ [88 :‬فتحداھم أن يأتوا بمثل القرآن‬ ‫ْ‬
‫يأتون ِ ِ ِ ِ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬
‫القرآن ال َ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫بمثل َھـذا ْ ِ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫يأتوا ِ ِ ِ‬ ‫على َأن َ ْ ُ ْ‬ ‫والجن َ َ‬
‫اإلنس َ ْ ِ ُّ‬ ‫لئن ْ َ َ َ ِ‬
‫اجتمعت ِ ُ‬ ‫َّ ِ ِ‬
‫سور من مثله مفتريات فعجزوا ‪ ،‬ثم تحداھم أن يأتوا بسورة من مثله فعجزوا ‪ ،‬فدل‬ ‫ٍ‬ ‫كله فعجزوا ‪ ،‬ثم تحداھم أن يأتوا بعشر‬
‫على ماذا ؟ دل على أن القرآن حق وأنھم عاجزون لماذا ؟ لكون القرآن نزل بأعلى درجات لسان المخاطبة وھم فصحاء‬
‫العرب وھم أرباب اللسان وھم مساطيع الفصحاء فلما كانوا على ھذه الدرجة وكانوا يتنافسون في منثور الكالم وشعره فنزل‬
‫معجزا داللة على أنه حق وھذا‬ ‫ً‬ ‫بسورة من مثله فدل على أن القرآن حق فصار القرآن‬ ‫ٍ‬ ‫القرآن بلغتھم فعجزوا عن أن يأتوا‬
‫‪40‬‬
‫الوصف مميز له عن غيره والذي يقصد في الحد ھنا من باب التقريب ما يحصل به تمييز القرآن عن غيره ‪ ،‬فحصل أو ال ؟‬
‫نقول ‪ :‬حصل ‪ .‬وأما ما يُذكر في كتب البيان البالغة كما مر معنا في )) الجوھر المكنون (( أن للبالغة طرفان ٌ‬
‫حد أعلى ‪،‬‬
‫ً‬
‫سابقا ‪ -‬أنه القرآن قالوا وما يقرب منه وما قاربه وذكرنا ماذا أن المراد به‬ ‫وحد أدنى ‪ ،‬والحد األعلى فُس َِّر ھناك ‪ -‬وذكرناه‬
‫ٌ‬
‫ُ‬
‫اختصارا « ‪ » ،‬أوتيت جوامع الكلم « ‪ .‬فدل على أن النبي  قد يكون‬ ‫ً‬ ‫كالم النبي  ولذلك جاء » فاختصر لي الكالم‬
‫ٍ‬
‫حينئذ كيف‬ ‫معجزا أليس كذلك ؟ وألنه أبلغ الخلق في البالغة والفصاحة والبيان فيجب أن يكون كالمه أعلى الدرجات‬ ‫ً‬ ‫كالمه‬
‫معجزا وقلنا ھذا يتميز به القرآن دون غيره وأثبتنا أن النبي  قوله معجز وأنه أدنى من القرآن في‬ ‫ً‬ ‫يوصف القرآن بكونه‬
‫مقصود لذاته والنبي  قوله معجز‬
‫ٌ‬ ‫معجزا ‪ -‬أجيب ‪ :‬بأن المقصود ھناك اإلعجاز من باب التحدي وھو‬ ‫ً‬ ‫البالغة ‪ -‬وإن كان‬
‫إال أنه مقصود تبع ال لذاته ‪.‬‬
‫إفادة المعنى بتركيب يُصار‬ ‫ويوصف اللفظ بتلك باعتبار‬
‫)‬ ‫)‬
‫ساحة‬ ‫الكالم‬ ‫ولبالغة‬ ‫وقد يسمى ذاك بالفصاحة‬
‫)‬ ‫)‬
‫وما له مقارب ‪......‬‬ ‫حد اإلعجاز ع ُل‬ ‫ّ‬ ‫بطرفين‬
‫)‬ ‫)‬

‫ع ُل يعني أعلى‬

‫واألسفل‬ ‫مقارب‬ ‫له‬ ‫وما‬ ‫‪.......................‬‬


‫)‬ ‫)‬
‫ھو الذي إذا لدونه نزل‬
‫صار كصوت الحيوان مستفل‬

‫ًإذا البالغة لھا درجتان أعلى وأدنى ‪ ،‬أدنى ما يصل إلى درجة أصوات البھائم ھكذا قيل وأعلى ھذا ھو القرآن وما قاربه‬

‫‪.....‬‬ ‫مقارب‬ ‫وماله‬ ‫بطرفين ّ‬


‫حد اإلعجاز عل‬
‫)‬ ‫)‬

‫حقا وأن دعوى الرسول  الرسالة صدق‬ ‫معجزا وإلثبات كون القرآن ً‬ ‫ً‬ ‫ٌ‬
‫مقصود لذاته لكونه‬ ‫وھو قول النبي  لكن األول‬
‫اإلعجاز ( ) ْ ُ‬
‫اإلعجاز ( ماذا إعرابه ھنا ؟‬ ‫ومنه ْ ُ‬
‫اإلعجاز ( قلنا ) ِ ْ ُ‬
‫ومنه ْ ُ‬ ‫‪ ،‬والثاني يكون ماذا ؟ يكون لغيره ) ِ ْ ُ‬
‫از ( ومن ذلك الكالم ) ْ ُ‬
‫اإلعجاز ( ‪ .‬ما ھو الفاعل ؟ ] أحد اإلخوة قال ‪ :‬فاعل فقال له‬ ‫اإلعج ُ‬
‫ومنه ْ‬‫مبتدأ مؤخر وأين خبره ) ِ ْ ُ‬
‫كوفيا نقبل منك الكوفيون يرون تقدم الفاعل على العامل ‪ ،‬والصواب عدمه [ ‪.‬‬ ‫ً‬ ‫الشيخ ‪ :‬أنت كوفي ‪ ،‬إذا كنت‬
‫واإلعجاز منه حصل بسورة يحتمل اإلعجاز ھذا مبتدأ وجملة حصل بسورة منه ھذا خبر المبتدأ ھذا أولى ولو جعلت منه‬
‫أيضا صح ‪ ،‬لكن‬‫ً‬ ‫بسورة أنھا في موضع نصب حال‬ ‫ٍ‬ ‫اإلعجاز من ذلك الكالم اإلعجاز ثم وقفت أو جعلت الجملة حصل‬
‫أخرج ماذا ھذا الفصل‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫ومنه ْ ُ‬
‫اإلعجاز ( إذا َ َ‬ ‫بسورة منه يعني من ذلك الكالم ) ِ ْ ُ‬ ‫ٍ‬ ‫اإلعجاز ( مبتدأ وجملة حصل‬ ‫األولى جعل ) ْ ُ‬
‫الثالث ؟ أخرج الحديث القدسي ألنھا نزلت كالم  تعالى نزل على النبي  ولكنھا ليست معجزة لماذا ؟ ألنه أسقط حد أو‬
‫فحينئذ ينبغي إخراج األحاديث الربانية القدسية التي يقول فيھا النبي ‬‫ٍ‬ ‫ٌ‬
‫متعبد بتالوته‬ ‫الفصل الرابع الذي ينبغي أن يُذكر وھو‬
‫قدسيا الذي يصرح به » قال  تعالى ‪ :‬أنا عند ظن عبدي بي « ‪ » ،‬قال  تعالى ‪ :‬يا‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫حديثا‬ ‫قال  تعالى ھذا يُسمى‬
‫حديث قدسي واختلف العلماء ھل لفظه ومعناه من عند  أم أنه المعنى من عند ‬ ‫ٌ‬ ‫عبادي « ‪ ...‬الحديث ‪ .‬فنقول ‪ :‬ھذا‬
‫واللفظ من عند النبي  ؟‬
‫إذا قلنا ‪ :‬المعنى من عند الرب جل وعال واللفظ من عند النبي  فال إشكال أنه خالف ال إشكال لماذا ؟‬
‫ألنه لم ينزل من عند الرب جل وعال ‪ ،‬والكالم ھنا في كالم  ) ْ ُ ْ ِ‬
‫المنزل ُ ( وھذا لم ينزل لفظه لم ينزل وإن كان المعنى‬
‫من عند الرب جل وعال ‪.‬‬
‫‪41‬‬
‫ً‬
‫معجزا ‪ -‬الذي ھو القرآن‬ ‫حينئذ ال بد من إخراجه وفصله عن القرآن ‪ ،‬فكونه‬ ‫ٍ‬ ‫وإذا قيل بأن لفظه ومعناه نزل على النبي ‬
‫فروقا بين الحديث القدسي والقرآن وھو ‪:‬‬‫ً‬ ‫‪ -‬ينفك وينفصل عن الحديث القدسي ‪ ،‬ولذلك أثبت أھل العلم‬
‫معجزا بلفظه ‪.‬‬ ‫ً‬ ‫معجز بلفظه ‪ ،‬والحديث القدسي ليس‬ ‫ُ‬ ‫أن القرآن‬
‫القرآن ال يجوز روايته بالمعنى ‪ ،‬والحديث القدسي يجوز روايته بالمعنى ‪.‬‬
‫متعبد بتالوته ‪ ،‬والحديث القدسي ليس كذلك ‪.‬‬ ‫ٌ‬ ‫القرآن‬
‫متواترا ‪ ،‬والحديث القدسي منه الصحيح ومنه الضعيف بل الموضوع ‪.‬‬ ‫ً‬ ‫القرآن في األصل ال يكون إال‬
‫القرآن على قول الجمھور ال يجوز قراءته للجنب والحائض ‪ ،‬والحديث القدسي ليس كذلك ‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫حرفا واحدا ليس معلوما من الدين‬ ‫ً‬ ‫كفر ‪ ،‬والحديث القدسي لو أنكر‬ ‫متفقا عليه بين القراء َ َ َ‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫واحدا‬ ‫ً‬
‫حرفا‬ ‫القرآن إذا َ ْ َ َ‬
‫أنكر‬
‫بالضرورة نقول ‪ :‬لم يكفر ‪.‬‬
‫فرق بين الحديث القدسي والقرآن ‪.‬‬ ‫ًإذا ٌ‬
‫ٍ‬
‫جھات متعددة‬ ‫حاصل بلفظ القرآن ‪ .‬ھل المقصود أنه باللفظ فقط أم من‬ ‫ٌ‬ ‫حصلْ ( قلنا ‪ :‬أن اإلعجاز‬
‫بسورة َ َ‬ ‫ومنه ْ ُ‬
‫اإلعجاز ِ ُ َ ٍ‬ ‫) ِْ ُ‬
‫معجز بلفظه يعني بألفاظه ومعانيه وأوامره ونواھيه وأخباره وقصصه وكل ما ذكر من‬ ‫ٌ‬ ‫؟ القرآن معجز تحدى العرب وھو‬
‫حينئذ ال يختص اللفظ فقط لماذا ؟ ‪ -‬وإن ذكر‬ ‫ٍ‬ ‫موضوعات القرآن فھو معجز فأحكامھما كلھا عدل وأخبارھا كلھا صدق ‪،‬‬
‫حاصل لعموم موضوعات القرآن في أوامره ونواھيه‬ ‫ٌ‬ ‫المعجز بلفظه ‪ -‬ألن المقام مقام تحدي لكن نحن نفھم أن عموم اإلعجاز‬
‫فحينئذ الحاصل فيه اللفظ باللفظ ‪ ،‬ولذلك ذكرت مسألة ھنا وھي كونھم عجزوا عن‬ ‫ٍ‬ ‫وأخباره وقصصه ‪ ،‬أما بالنسبة للمخالفين‬
‫ُسمى بالصرفة ‪ ،‬يعني صُرفوا مع قدرتھم ؟‬ ‫اإلتيان بمثل القرآن ھل ھو لعجزھم وضعفھم أم ما ي َّ‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫أيضا ‪ ،‬ألنھم وجدوا فيه معنى بليغا ‪،‬‬‫ً‬ ‫مئ إليه بعض أھل السنة‬ ‫َ‬
‫األول ال شك ‪ ،‬والثاني مذھب المعتزلة وقال به أو ْأو َ َ‬
‫واألصح األول أنه ماذا ؟ أنه لعجزھم وضعفھم ‪ ،‬وھذا واضح ألن القرآن كالم  ‪ ،‬كالم الخالق ‪ ،‬والبشر الذين ھم ذوات‬
‫مساويا ولو بوجه ما لكالم الخالق ‪ ،‬أليس كذلك ؟ ألن الكالم صفة‬ ‫ً‬ ‫كالمھم كالم مخلوق فال يمكن أن يكون كالم المخلوق‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫للذات فإذا حصل التباين بين ذاتين فالتباين فالصفات من باب أولى ‪ ،‬فإذا ال يمكن أن يجيز العقل أصال أنھم يستطيعون في‬
‫أنفسھم ألن المعنى في الصرف ماذا ؟ أنھم يستطيعون قادرون على أن يأتوا بمثل القرآن كلھم لكن  عز وجل صرفھم‬
‫حجز بينھم وبين أن يأتوا بمثله ‪ ،‬وھذا ٌ‬
‫قول باطل‬

‫ً‬
‫سورة من مثله‬ ‫أن يستطيعوا‬ ‫وليس في طوق الورى من أصله‬
‫)‬ ‫)‬

‫كلھم عاجزون عن معارضته ال‬ ‫ولذلك قال شيخ اإلسالم ابن تيمية رحمه  تعالى ‪ :‬فالصواب المقطوع به أن الخلق ُ َ‬
‫يقدرون على ذلك ‪ .‬فالصواب المقطوع به ‪ ،‬ال شك في ھذا ‪ .‬فالصواب المقطوع به أن الخلق كلھم عاجزون عن معارضته‬
‫سورة من القرآن ألنه بشر‬‫ً‬ ‫نفسه على أن يبدل‬ ‫محمد  َ ْنفسُه من تلقاء ِ‬ ‫ٌ‬ ‫ال يقدرون على ذلك ‪ .‬ثم قال رحمه  ‪ :‬بل وال يقدر‬
‫صفة للخالق فتم تباين كلي بين الذات والذات وبين الصفة والصفات ‪.‬‬ ‫ٌ‬ ‫صفة لبشر والقرآن‬ ‫ً‬ ‫داخل في كون كالمه‬ ‫ٌ‬ ‫وھو‬
‫بسورة واحدة ‪ ،‬وإن حصل بالقرآن كله في آية اإلسراء ﴿ قلُ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫بسورة ‪،‬‬ ‫حصلْ ( اإلعجاز بماذا حصل ؟ حصل‬ ‫بسورة َ َ‬‫) ِ ُ َ ٍ‬
‫ً‬
‫ظھيرا ﴾ ] اإلسراء ‪:‬‬ ‫َ‬
‫لبعض ِ‬ ‫بعضھم ِ َ ْ ٍ‬
‫كان َ ْ ُ ُ ْ‬‫َ‬
‫ولو َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫يأتون ِ ِ ِ ِ‬
‫بمثله َ ْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫القرآن ال َ َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫بمثل َھذا ْ ِ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫والجن َعلى أن َيأتوا ِ ِ ِ‬ ‫ْ‬
‫اإلنس َ ِ ُّ‬ ‫اجتمعت ِ ُ‬ ‫َّ ِ ِ‬
‫لئن ْ َ َ َ ِ‬
‫مثله ﴾ ] ھود ‪ . [13 :‬فعجزوا فتحداھم بماذا ﴿‬ ‫سور ِّ ْ ِ ِ‬
‫عشر ُ َ ٍ‬ ‫فأتوا ِب َ ْ ِ‬ ‫سور قال ‪ُ ﴿ :‬قلْ َ ْ ُ ْ‬ ‫ٍ‬ ‫‪ . [88‬ثم لما عجزوا تحداھم بماذا بعشر‬
‫حينئذ صار التحدي في مكة وفي المدينة ‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫مثله ﴾ ] البقرة ‪ . [23 :‬وھذا في سورة البقرة‬ ‫بسورة ِّمن ِّ ْ ِ ِ‬ ‫َُْ ْ‬
‫فأتوا ِ ُ َ ٍ‬
‫ٍ‬
‫سورة ؟‬ ‫حصلْ ( أقل السور كم آية أقل‬ ‫بسورة َ َ‬ ‫) ِ ُ َ ٍ‬
‫بآية واحدة ؟ ورد في القرآن سورة ‪ ،‬ھل‬ ‫فحينئذ يحصل اإلعجاز بماذا بثالث آيات فأكثر ‪ ،‬ھل ورد تحديھم ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ثالث آيات‬
‫ورد التحدي بآية ؟‬
‫ٍ‬
‫سورة ما ھي ثالث‬ ‫حصلْ ( ‪ .‬يقتضي أنھا أقل ما وقع التحدي به ھو السورة ‪ ،‬وأقل‬ ‫بسورة َ َ‬ ‫ومنه ْ ُ‬
‫اإلعجاز ِ ُ َ ٍ‬ ‫ھنا قال ‪ُ ْ ِ ) :‬‬
‫آيات ‪ ،‬فما كان من قدرھا يحصل التحدي به وما كان أدنى من ثالث وأدنى من السورة بآية من ضمن السورة ال يحصل‬
‫حصلْ ( ‪ .‬اختصر على السورة نقول ‪ :‬لماذا ؟‬ ‫بسورة َ َ‬‫اإلعجاز به وال التحدي به ھذا مفھومه ‪ ،‬ألنه قال ‪ٍ َ ُ ِ ) :‬‬
‫وآية بعدھا ‪ ،‬ولذلك لم يحصل‬ ‫ٍ‬ ‫مستلزمه ٍ‬
‫آلية قبلھا‬ ‫ٌ‬ ‫آية مفردة بل كل ٍ‬
‫آية‬ ‫آية مفردة ال يتصور وجود ٍ‬ ‫ألنه لم يكن في القرآن ٌ‬
‫مدھامتان ﴾ ] الرحمن ‪ . [64 :‬ھل يعجز العربي الفصيح ‪ ..‬أن‬ ‫التحدي بآية الواحدة ألن أقل آية في القرآن كلمة واحدة ﴿ ُ ْ َ َّ َ ِ‬
‫مدھامتان ﴾ ] الرحمن ‪ [64 :‬في موضعھا باعتبار ما قبلھا وما‬ ‫﴿ ُ ْ َ َّ َ ِ‬ ‫ُدھامتان أو أن يأتي بمثلھا ال يأتي ‪ ،‬لكن‬ ‫يقول ‪ :‬م ْ َ َّ َ ِ‬
‫‪42‬‬
‫بالغة عن المعنى السابق لم يستطيعوا إلى‬‫ً‬ ‫بعدھا لو اجتمع اإلنس والجن أن يأتوا بكلمة في ھذا الموضع ثم ال يخل المعنى‬
‫سبيال ‪ ،‬وھذا أحسن ما يقال ولذلك قال بعضھم ‪ :‬القرآن كله معجز ‪ ،‬ھذا نحكم به القرآن كله معجز ‪ ،‬لكن فيه ما لو‬ ‫ً‬ ‫ذلك‬
‫ً‬
‫انفرد لكان معجزا بذاته لو انفردت سورة البقرة من ضمن القرآن لكانت معجزة بذاتھا ال شك في ذلك وحتى أقل سورة التي‬ ‫ً‬
‫ھي سورة الكوثر نقول معجزة بذاتھا ‪.‬‬
‫ومنه ما إعجازه ما النضمامه إلى غيره كاآلية المفردة ھذه معجزة لكن ال من حيث ھي ألن العربي ال يعجز أن يقول ‪:‬‬
‫ٍ‬
‫حينئذ نقول قبل نزول القرآن ال‬ ‫عبس ھذا ال يتصور ‪،‬‬ ‫نظر ‪ .‬أو ُ َّ‬
‫ثم َ َ َ‬ ‫ثم نظر ‪ .‬ھل قبل نزول القرآن لم يتلفظ أحد بقوله ‪َّ ُ :‬‬
‫ثم َ َ َ‬
‫فحينئذ نقول ‪ :‬ھذه اآلية من حيث كونھا مفردة لم يحصل التحدي بھا ألن‬ ‫ٍ‬ ‫نظر ‪،‬‬ ‫ُدھام أو يقول ماذا ؟ ُ َّ‬
‫ثم َ َ َ‬ ‫قائل م ْ َ‬
‫ٌ‬ ‫يمتنع أن يقول‬
‫في إمكانھم أن يأتوا بالمفردة لكن في موضعھا بانضمامھا إلى ما قبلھا وما بعدھا يعجز البشر عن أن يأتوا بمثل ھذه اآلية‬
‫باعتبار ما قبلھا وما بعدھا لذلك قال بعضھم ‪ :‬القرآن كله معجز ‪ -‬وھذا أحسن ما يقال في ھذا الموضع ‪ -‬لكن فيه ما لو انفرد‬
‫معجزا بذاته ‪ ،‬ومنه ما إعجازه مع االنضمام فإن القرآن يتفاوت إعجازه ويتفاضل ثوابه كما أن الثواب سيأتي متفاوت‬ ‫ً‬ ‫لكان‬
‫كذلك اإلعجاز يتفاوت ‪.‬‬
‫ً‬ ‫ٍ‬
‫بسورة ومثلھا فيه قدرھا من غيرھا ‪ ،‬ألنه ال يقال مثال ال‬ ‫حصلْ ( يعني حصل‬ ‫ومنه ْ ُ‬
‫اإلعجاز ِ ُ َ ٍ‬
‫بسورة َ َ‬ ‫اإلعجاز ِ ْ ُ‬
‫ومنه ْ ُ‬ ‫) ِْ ُ‬
‫يحصل اإلعجاز بآية لو انفكت آية الدين ھل يحصل اإلعجاز باآلية ‪ ،‬نعم يحصل اإلعجاز ألنھا بقدر سورة الكوثر بل أكثر‬
‫ٌ‬
‫إعجاز بھا وما أدنى من ذلك سيأتي الكالم الذي ذكرناه‬ ‫فكل آية موازية في الكلمات واألسطر لسورة الكوثر فأكثر يحصل‬
‫ً‬
‫سابقا ‪.‬‬
‫ًإذا اقتصر على السورة لماذا ؟‬
‫حصلْ ( أي حصل‬ ‫ومنه ْ ُ‬
‫اإلعجاز ِ ُ َ ٍ‬
‫بسورة َ َ‬ ‫ً‬
‫مناسبة لما قبلھا وما بعدھا ) ِ ْ ُ‬ ‫آية مفردة بل اآلية تستلزم‬ ‫ألنه لم يكن في القرآن ٌ‬
‫ٍ‬
‫بسورة واحدة ‪.‬‬

‫سمة‬ ‫آي َ َ ِّ‬


‫ألقلھا ِ َ ْ‬
‫ٍ‬ ‫َ ُ‬
‫ثالث‬ ‫َُ ْ َ َ ْ‬
‫المترجمة‬ ‫َُِ‬
‫الطائفة‬ ‫والسورةُ‬
‫ُّ َ‬
‫)‬ ‫)‬

‫وصل  وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ‪.‬‬
‫َّ‬ ‫نقف على ھذا‬

‫‪43‬‬
‫الشريط الرابع‬
‫الرحيم‬
‫الرحمن الرحيم‬
‫ الرحمن‬ ‫بسم ‬
‫بسم‬

‫الحمد رب العالمين والصالة والسالم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ‪ ،‬أما بعد ‪.‬‬
‫ال زال الحديث في مقدمة التي عنون لھا المصنف رحمه  تعالى بذكر بعض ما اختص به علم التفسير‬

‫فيه ُ ْ ِ َ ْ‬
‫معلمة‬ ‫ببعض ما ُ ِّ َ‬
‫خصص ِ‬ ‫َِ ْ ِ‬ ‫)‬ ‫من ُ َ ِّ َ ْ‬
‫مقدمة‬ ‫َْ َ‬
‫وقبلھا ال ُبَّد ِ ْ‬
‫)‬

‫ومنه ْ ُ‬
‫اإلعجاز ( ‪.‬‬ ‫محمد  ‪ ،‬قال ‪ُ ْ ِ ) :‬‬ ‫ٍ‬ ‫وبين أول ما ذكر في المقدمة وھو تعريف القرآن وھو ما نزل على‬
‫الحد الذي يكون عند المناطقة ولذلك بعضھم يذكر بعض الفصول‬ ‫ّ‬ ‫الحد ھو من باب التقريب وليس‬ ‫ّ‬ ‫وذكرنا أن ھذا‬
‫وبعضھم يحذفھا على حسب ما يقع في نفسه من تميز القرآن على غيره ببعض الفصول دون بعض ‪.‬‬
‫محمد ‪  ،‬وبينا محترزات‬ ‫ٍ‬ ‫وھنا ذكر ما أجيز ثم ذكر الفصل األول الذي ھو أول اإلنزال ‪ ،‬والفصل الثاني وھو على‬
‫ھذين الفصلين ‪.‬‬
‫فصل ومعه تسمية ألن قوله ‪) :‬‬ ‫ٌ‬ ‫حصلْ ( ‪ .‬ھذا‬ ‫ومنه ْ ُ‬
‫االعجاز ِ ُ َ ٍ‬
‫بسورة َ َ‬ ‫االعجاز ( ‪ .‬ھذا ھو الفصل الثاني ) ِ ْ ُ‬ ‫ومنه ْ ُ‬ ‫قال ‪ُ ْ ِ ) :‬‬
‫حصل ( أي ‪ :‬حصل اإلعجاز بسورة ‪ ،‬وھذا‬ ‫بسورة ( ھذا جار مجرور متعلق بقوله ‪ْ َ َ ) :‬‬ ‫حصلْ ( ‪ٍ َ ُ ِ ) .‬‬ ‫اإلعجاز ِ ُ َ ٍ‬
‫بسورة َ َ‬ ‫ومنه ْ ُ‬ ‫ِْ ُ‬
‫متوھم‬
‫ٌ‬ ‫اإلعجاز ( يعني المعجز بلفظه وسيأتي إعرابه المعجز بلفظه قد يتوھم‬ ‫ومنه ْ ُ‬ ‫من باب التسمية لماذا ؟ ألنه لو قال ‪ُ ْ ِ ) :‬‬
‫بسورة ال بأقل منھا كما سيأتي‬‫ٍ‬ ‫حينئذ يحصل اإلعجاز‬ ‫ٍ‬ ‫حصلْ ( ‪.‬‬ ‫ودفعا لھذا الوھم قال ‪ٍ َ ُ ِ ) :‬‬
‫بسورة َ َ‬ ‫ً‬ ‫أنه ال إعجاز إال بكل القرآن‬
‫ومنه ( منه جار مجرور متعلق‬ ‫توجيھا في اإلعراب أن منه الواو بالطبع واو الحال ‪ُ ْ ِ ) ،‬‬ ‫ً‬ ‫ومنه ْ ُ‬
‫اإلعجاز ( ‪ .‬ذكرنا‬ ‫فقوله ‪ُ ْ ِ ) :‬‬
‫ٌ‬
‫وجه ‪ ،‬والوجه‬ ‫واإلعجاز ( ‪ .‬ھذا مبتدأ مؤخر وجملته حصل بسورة في محل نص الحال من المبتدأ ھذا‬ ‫ْ ُ‬ ‫خبر مقدم )‬ ‫بمحذوف ٌ‬
‫منه ( ‪ .‬منه األصل أنه‬ ‫بسورة ھذا الجملة الخبر يبقى اإلشكال بقوله ‪ُ ْ ِ ) :‬‬ ‫ٍ‬ ‫األحسن منه أن يعرب اإلعجاز مبتدأ ‪ ،‬وحصل‬
‫متعلق بمحذوف صفة‬‫ٌ‬ ‫جار مجرور في األصل جار مجرور‬ ‫بسورة منه ‪ ،‬فمنه ٌ‬ ‫ٍ‬ ‫متأخر وھو مقدم عن تأخير واإلعجاز حصل‬
‫لسورة ألن الظروف كذلك الجار والمجرور بعد النكرة تعرب صفات ‪ ،‬والمشھور أن الصفة صفة النكرة إذا تقدمت عليھا‬
‫ومنه ( ‪ .‬ومنه جار مجرور متعلق بمحذوف حال وصاحب الحال ھو السورة وھذا‬ ‫ال ‪ ،‬عليه يكون قوله ‪ُ ْ ِ ) :‬‬ ‫أعربت حا ً‬
‫اإلعراب أولى وأوجه لماذا ؟‬
‫ألننا لو قلنا ‪ :‬ومنه اإلعجاز ‪ .‬مبتدأ وخبر ‪ ،‬منه يُفھم التبعيض بعضه يحصل فيه اإلعجاز إال إذا جعلنا من ھنا البتداء‬
‫االبتداء من اللفظ وحصل اإلعجاز مبتدأ بماذا ؟ بلفظ القرآن ‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫حينئذ صار‬ ‫ٍ‬ ‫الغاية بمعنى ما يذكره البعض المعجز بلفظه‬
‫بسورة ھذه الجملة خبر حصل‬ ‫ٍ‬ ‫وجه حسن لكن األولى أن يعرب اإلعجاز مبتدأ ‪ ،‬ومنه ھذا حال مقدم وحصل‬ ‫ٌ‬ ‫ً‬
‫أيضا‬ ‫وھذا‬
‫بسورة منه ألنه ال بد من التقديم ‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫ٌ‬
‫استعمال القرآن‬ ‫جز ھذا يطلق عليه اآلية وھو‬ ‫ْ‬ ‫ً‬
‫جز ِإعْ َجازا ‪ ،‬والمُعْ ِ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫اإلعجاز ( ‪ .‬قلنا ‪ :‬اإلعجاز ھذا مصدر أعْ َجز يُعْ ِ‬ ‫ُ‬ ‫ومنه ْ‬ ‫ْ‬
‫) ِ ُ‬
‫وھو أولى وإن شاع عند كثير من المتأخرين إطالق اإلعجاز على اآلية والعكس ھو الصواب أن يطلق اآلية على اإلعجاز‬
‫مقرون بالتحدي مع عدم المعارضة ‪ ،‬والمراد‬ ‫ٌ‬ ‫خارق للعادة‬‫ٌ‬ ‫ألنه ما جاء في الكتاب والسنة إال لفظ اآلية والمعجزة عندھم ٌ‬
‫أمر‬
‫مقرون بالتحدي يأتي صاحبه يتحدى بھذه اآلية ھذا األمر الخارق للعادة مع عدم‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬
‫خارق للعادة‬ ‫بالتحدي طلب المعارضة ٌ‬
‫أمر‬
‫بلفظ معجز ولما انتفى ذلك لما‬ ‫المعارضة يعني ال يعارضه أحد والمعارضة ھنا ھي ما يكون في مثل ھذا الموضع أن يُؤتى ٍ‬
‫أيضا لم يستطيعوا تحداھم أن‬ ‫ً‬ ‫سور مثله ‪،‬‬
‫ٍ‬ ‫تحداھم الرب جل وعال ليأتوا بمثله فعجزوا ولم يستطيعوا تحداھم أن يأتوا بعشر‬
‫أيضا لم يستطيعوا ‪ً .‬إذا عدم المعارضة لم يتمكنوا من المعارضة لذلك قلنا ‪ :‬الصواب ھو قول من يرى أن عدم‬ ‫بسورة ً‬ ‫ٍ‬ ‫يأتوا‬
‫ُ‬
‫المعارضة ھنا لذواتھم ‪ .‬يعني قصورھم لذاتھم ال لكونھم قادرين وص ُِرفوا ‪ ،‬ال ‪ ،‬ال نقول بالصرف كما يقول المعتزلة ومن‬
‫على شاكلتھم ‪.‬‬
‫ما اختص به علم التفسير‬

‫ً‬
‫سورة من مثله‬ ‫أن يستطيعوا‬ ‫وليس في طوق الورى من أصله‬
‫)‬ ‫)‬

‫‪44‬‬
‫وليس في طوق الورى من أصله ‪ .‬ليس في قدرة وطاقة الورى الخلق من أصله من أصل الخلق نفسھم لذواتھم ولكونھم‬
‫فرق بين القولين أن نقول ‪ :‬أنھم‬ ‫ٌ‬ ‫ُرفوا ‪ ،‬وإنما ھو‬ ‫سورة من مثله ‪ً ،‬إذا ال كونھم قادرين ولكنھم ص ِ ُ‬ ‫ً‬ ‫عاجزين أن يستطيعوا‬
‫بسورة ولكنھم حُجبوا وصُرفوا عن ذلك ‪ ،‬لكن الصواب أنھم‬ ‫ٍ‬ ‫يقدرون على أن يأتوا بمثل ھذا القرآن أو بعشر سور أو‬
‫ُتحدى به كالم الرب جل وعال وھو صفة للخالق سبحانه ‪ ،‬والكالم‬ ‫عاجزون بأنفسھم لذواتھم والعلة واضحة أن الكالم ْالم َ َ َّ‬
‫صفة له وحاش أن تكون صفة المخلوق مساوية لصفة الخالق كما أن الفرق واضح بيِّن بين‬ ‫ٌ‬ ‫الذي يُؤتى من جھة المخلوق‬
‫ٌ‬
‫الذات ذات المخلوق وذات الخالق ‪ ،‬كذلك صفات الذات تابعة لھا لذلك عند أھل السنة أن الكالم في الصفات فرع الكالم في‬
‫الذات كما أن ذاته جل وعال ال تشبھه ذوات ‪ ،‬كذلك صفاته ال تشبھه الصفات ومنه صفة الكالم ‪ً ،‬إذا ال يمكن أن يقال بأنھم‬
‫قادرون ولكنھم صُرفوا ‪ ،‬ھذا قول باطل بما يلزم عليه ‪.‬‬
‫اإلعجاز ( يعني للخلق إعجازه للخلق إلظھار صدق النبي  في صحة دعواه ألن اإلعجاز المقصود به إثبات أن‬ ‫ومنه ْ ُ‬ ‫) ِْ ُ‬
‫صدق صلى عليه وآله وسلم ‪ .‬حصل بسورة ھذا مفھومه أو ھذا بيان ألقل ما يحصل به‬ ‫ٍ‬ ‫القرآن حق وأن الرسول ‪ ،‬رسول‬
‫اإلعجاز ‪ ،‬اقتصر عليه على السورة دون ما دونه وھو اآلية لماذا ؟ ألنه لم يأت نص صريح ‪ -‬أقول ‪ :‬صريح ‪ -‬في التحدي‬
‫ضمنا ‪ً ،‬إذا اقتصر على السورة لماذا ؟‬ ‫ً‬ ‫باآلية وإن جاء التحدي باآلية‬
‫ألنه لم يكن في القرآن آية صريحة في التحدي باآلية ألنه كما ذكرنا أنه ال يوجد آية مفردة ليس عندنا في القرآن آية‬
‫ولما بعدھا فصدق أن أقل ما يحصل به اإلعجاز والتحدي ھو السورة وأقل سورة ھي سورة‬ ‫مفردة بل ھي مستلزمة لما قبلھا ِ َ‬
‫الكوثر وآياتھا عددھا ثالث آيات فدل على ماذا ؟‬
‫على أنه ال تكون اآلية بمفردھا دعوى التحدي وإنما تكون بثالث آيات فأكثر ‪.‬‬
‫بسورة ( قلنا ‪ :‬ھذا‬ ‫لما قبلھا وما بعدھا ) ِ ُ َ ٍ‬ ‫ًإذا اقتصر على السورة ألنه لم يكن في القرآن آية مفردة بل اآلية تستلزم مناسبة ِ َ‬
‫مثله ﴾ ] الطور ‪ . [34 :‬بحديث تحداھم أوالً بأن يأتوا بمثل القرآن ﴿ ُقل‬ ‫بحديث ِّ ْ ِ ِ‬
‫فليأتوا ِ َ ِ ٍ‬ ‫يقتضي أنه ال أقل منھا قوله تعالى ‪ُ ْ َ ْ َ ﴿ :‬‬
‫سور ﴾‬‫بعشر ُ َ ٍ‬ ‫قل َ ْ ُ ْ‬
‫فأتوا ِ َ ْ ِ‬ ‫بمثله ﴾ ] اإلسراء ‪ْ ُ ﴿ ، [88 :‬‬ ‫القرآن َال َ ْ ُ َ‬
‫يأتون ِ ِ ْ ِ ِ‬ ‫ھـذا ْ ُ ْ ِ‬ ‫بمثل َ َ‬ ‫على َأن َ ْ ُ ْ‬
‫يأتوا ِ ِ ْ ِ‬ ‫والجن َ َ‬
‫اإلنس َ ْ ِ ُّ‬
‫اجتمعت ِ ُ‬ ‫َّ ِ ِ‬
‫لئن ْ َ َ َ ِ‬
‫مثله ﴾ ] البقرة ‪ [23 :‬ھذا واضح ال إشكال ﴿‬ ‫بسورة ِّمن ِّ ْ ِ ِ‬‫فأتوا ِ ُ َ ٍ‬‫مثله ﴾ ] يونس ‪ْ ُ ْ َ ﴿ ، [38 :‬‬ ‫بسورة ِّ ْ ِ ِ‬‫فأتوا ِ ُ َ ٍ‬ ‫] ھود ‪ُ ﴿ ، [13 :‬قلْ َ ْ ُ ْ‬
‫مثله ﴾ ] الطور ‪ [34 :‬قال الزركشي رحمه  ‪ :‬ھذه يقتضي اإلعجاز بآية ‪ .‬ألنھا حديث أليس كذلك قلت ‪:‬‬ ‫بحديث ِّ ْ ِ ِ‬ ‫ََُْْ‬
‫فليأتوا ِ َ ِ ٍ‬
‫مثله ﴾ ] الطور ‪ . [34 :‬ألنه يشمل‬ ‫بحديث ِّ ْ ِ ِ‬
‫ليأتوا ِ َ ِ ٍ‬ ‫ضمنا وھو داخل في قوله ‪َ ﴿ :‬ف ْ َ ْ ُ‬ ‫ً‬ ‫صريحا وإنما جاء‬ ‫ً‬ ‫لم يرد التحدي باآلية‬
‫اآلية ‪ ،‬بل قال بعضھم ‪ :‬إن اإلعجاز يكون بجملة يعني ‪ :‬بعض آية وليس بآية فقط ‪ ،‬وإنما يكون بجملة جملة مركبة من مبتدأ‬
‫أيضا يستقيم مع ماذا ؟ مع القول بكونه لم يصرح بالتحدي بآية والسبب في ذلك أنه ال آية‬ ‫وخبر وفعل وفاعلھا أو نائبه وھذا ً‬
‫مفردة وكذلك ال جملة مفردة فنقول ‪ :‬لم يرد التصريح بالتحدي باآلية ال لكونھا ليست معجزة ‪ ،‬ال ‪ ،‬بل القرآن كله معجز لكنه‬
‫بعضه معجز بذاته فيما لو انفرد عن غيره كسورة البقرة مثالً كاملة أو عشر آيات كاملة أو سورة أكثر من ثالث آيات تقول‬
‫ھذه معجزة بذاتھا فيما لو لم تنضم إلى غيرھا ‪ ،‬ومنه ما ھو معجز باالنضمام إلى غيره وھو اآلية والجملة ‪.‬‬
‫معجزا بل نقول ‪ :‬كله معجز ‪ .‬لماذا ؟‬ ‫ً‬ ‫ًإذا ال يخرج القول بكون اآلية ليست معجزة ال يخرج عن كون القرآن‬
‫متحديا لمن اتصف بأعلى درجات الفصاحة حينئذ ال يعجز أن يأتي بكلمة واحدة ‪ ،‬وقد وردت آية واحدة‬ ‫ً‬ ‫ألن القرآن جاء‬
‫مدھامتان ﴾‪ .‬والغريب أن‬ ‫مدھامتان ﴾ ] الرحمن‪ . [64:‬قال بعضھم ‪ :‬ال يوجد غيرھا ﴿ ُ ْ َ َّ َ ِ‬ ‫في القرآن بكلمة واحدة وھي ‪ِ َ َّ َ ْ ُ ﴿ :‬‬
‫عصر ﴾ ] العصر ‪ِ ْ َ ْ َ ﴿ ، [1 :‬‬
‫والفجر ﴾ ]‬ ‫والضحى ﴾ ] الضحى ‪ . [1 :‬أنه كلمة واحد ﴿ َ ْ‬
‫وال َ ْ ِ‬ ‫السيوطي رحمه  مثل بقوله ‪َ ُّ َ ﴿ :‬‬
‫الفجر ‪ [1 :‬أنه كلمة واحدة وھذا مثال صحيح ؟ !‬
‫والعصر ﴾ ھذه جملة فعلية ﴿ َ ْ َ ْ ِ‬
‫والفجر ﴾‬ ‫والضحى ﴾ ھذه جملة ﴿ َ ْ َ ْ ِ‬ ‫ليس بصحيح لماذا ؟ ألنھا جملة وليس بكلمة وال كلمتين ﴿ َ ُّ َ‬
‫تقول ھذه جملة فعلية لماذا ؟ ألن أصلھا أقسم بالضحى ‪ ،‬أقسم بالفجر ھذا األصل فيھا ونابت الواو مناب فعل القسم لذلك ال‬
‫نحويا إال أنه مثل في التحبير بكلمة واحدة وھي‬ ‫ً‬ ‫يجوز الجمع بينھا وبين فعل القسم ‪ً .‬إذا نقول ‪ :‬عجبنا من السيوطي مع كونھا‬
‫نظر ﴾ ] المدثر‬ ‫ثم َ َ َ‬‫مدھامتان ﴾ ‪ .‬كلمة واحدة في آية قيل ‪ :‬ال يوجد غيرھا أما ﴿ ُ َّ‬ ‫والضحى ﴾ ‪ .‬والصواب أنه يقال ‪ِ َ َّ َ ْ ُ ﴿ :‬‬ ‫قوله ‪َ ُّ َ ﴿ :‬‬
‫‪ [21 :‬ھذه جملة ثم حرف عطف على ونظر ھو المركب من فعل فاعل فيكون جملة وال يكون كلمة واحدة ‪.‬‬
‫مثله ﴾ ] البقرة ‪[23 :‬‬ ‫بسورة ِّمن ِّ ْ ِ ِ‬
‫فأتوا ِ ُ َ ٍ‬‫بسورة ( ‪ .‬يقتضي أنھا أقل ما وقع التحدي به لقوله تعالى ‪ْ ُ ْ َ ﴿ :‬‬ ‫ًإذا نقول ‪ :‬قوله ‪ٍ َ ُ ِ ) :‬‬
‫بحديث ِّ ْ ِ ِ‬
‫مثله ﴾ ] الطور ‪ . [34 :‬يقتضي اإلعجاز بآية وقيل ‪ :‬إن الجملة الواحدة معجزة‬ ‫﴿ ََُْْ‬
‫فليأتوا ِ َ ِ ٍ‬ ‫‪ .‬لكن قوله تعالى ‪:‬‬
‫والجواب ما ذكرناه أن اآلية مع غيرھا والجملة مع غيرھا ‪.‬‬
‫‪45‬‬
‫إليه ( ) ِ ْ ُ‬
‫ومنه‬ ‫االنضمام َ ْ ِ‬
‫مع ِ ْ ِ َ ِ‬ ‫ومنه َما ْ َ ُ‬
‫إعجازهُ َ َ‬ ‫معجزا ِ َ ِ ِ‬
‫بذاته ‪ُ ْ ِ َ .‬‬ ‫لكان ُ ْ ِ ً‬ ‫منه َما َْلو ْ َ َ َ‬
‫انفرد َ َ َ‬ ‫معجز ‪ْ ِ َ ،‬‬
‫لكن ِ ْ ُ‬ ‫كله ُ ْ ِ ٌ‬ ‫قال بعضھم ‪ُ ْ ُ ْ ) :‬‬
‫القرآن ُ ُّ ُ‬
‫مثال ‪ ،‬ومثلھا فيه قدرھا من غيرھا ألنه يقال ‪ :‬سورة‬ ‫ً‬ ‫حصلْ ( ‪ .‬حصل اإلعجاز بسورة كسورة الكوثر‬ ‫بسورة َ َ‬ ‫ْ ُ‬
‫اإلعجاز ِ ُ َ ٍ‬
‫الديْن وال شك لكن من حيث‬ ‫الديْن أيھما أكثر ؟ آية َّ‬ ‫الكوثر ‪ .‬ھذه ليست في اآليات أو ليست في الكلمات والحروف مثل آية َّ‬
‫عدد اآليات سورة الكوثر أكثر لكن من حيث الكلمات نقول ‪ :‬آية الدين ‪ .‬ھل يحصل اإلعجاز بآية الدين ؟ نعم كيف نقول بآية‬
‫ال يحصل ؟ باعتبار ما تضمنه من كلمات ًإذا بسورة حصل ومثلھا مثل السورة فيه يعني في اإلعجاز به قدرھا من غيرھا‬
‫الربا ﴾ ]‬ ‫الذين َ ْ ُ ُ َ‬
‫يأكلون ِّ َ‬ ‫معجزا كآية الربا ﴿ َّ ِ َ‬
‫ً‬ ‫أيضا يكون‬ ‫فحينئذ ننظر في سورة الكوثر عدد كلماتھا وأسطرھا ومثله من غيرھا ً‬ ‫ٍ‬
‫ً‬
‫البقرة ‪ ... [275 :‬إلى آخره نقول ‪ :‬ھذه معجزة ألن في عدد الكلمات أكثر من سورة الكوثر إذا مثل سورة الكوثر في قدرھا‬
‫معجز سواء كان آية مستقلة أو بعض آية وعليه نقول ‪ :‬ما كان‬ ‫ٌ‬ ‫مثال وعد الجمل نقول ‪ :‬مثلھا في غيرھا‬ ‫ً‬ ‫في كلماتھا واألصل‬
‫آية لو انفرد وليس بمعجز ھذا ما أمكن أن يؤتى بمثله فيما إذا كان كلمة أو كلمتين أو جملة فعلية أو جملية اسمية يعني ‪ :‬من‬
‫طويال كآية الدين ونحوھا نقول ‪ :‬ھذا ال يمكن أن يُؤتى بمثله وال نقول ھنا‬ ‫ً‬ ‫قصار السور ‪ .‬وأمكن أن يُؤتى بمثله وأما ما كان‬
‫ندعي أنھا معجزة‬ ‫معجزا الستلزامھا ما قبلھا وما بعدھا ًإذا مثل مسألة اآلية أو اإلعجاز والتحدي باآلية نقول ‪ :‬ليس كل آية َ َّ ِ‬ ‫ً‬
‫في ذاتھا بل ما كان يُتصور في العقل أن يأتي العربي الفصيح بمثله فيما لو انفرد ‪ .‬نقول ‪ :‬ھذا ليس بمعجز بذاته بانضمامه‬
‫ً‬
‫أوال‬ ‫إلى غيره وما لم يكن كذلك فال ‪ .‬نقول ‪ :‬ال ‪ ،‬ھو معجز بذاته ًإذا تصريح أھل العلم بكون اآلية لم يرد التحدي به نقول ‪:‬‬
‫معجزة بذاتھا نقول ‪:‬‬ ‫ً‬ ‫مثله ﴾ ] الطور ‪ [34 :‬وكون اآلية ليست‬ ‫بحديث ِّ ْ ِ ِ‬
‫فليأتوا ِ َ ِ ٍ‬ ‫ضمنا فقد ورد ﴿ َ ْ َ ْ ُ‬ ‫ً‬ ‫صريحا أما‬‫ً‬ ‫لم يرد التحدي به‬
‫فيما ‪ -‬ال بد من تقيده ‪ -‬فيما لو أمكن أو تصور العقل أن يأتي العربي الفصيح القح بمثله وما عدا ذلك فال نقول ‪ :‬اآلية معجزة‬
‫سواء انضمت إلى غيرھا أو انفردت عن غيرھا ‪ .‬فالمسألة فيھا تفصيل ‪.‬‬
‫اإلعجازُ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬
‫لما ذكر السورة وھو كونه يحصل اإلعجاز بھا شرع في بيان حقيقة السورة ما ھي السورة ؟ إذا قيل ‪ ) :‬ومنه ْ‬ ‫َ َّ‬
‫والسورةُ ( ‪.‬‬
‫ُّ َ‬ ‫حصلْ ( حصل بسورة من القرآن ما ھي ھذه السورة متى نحكم على بعض اآليات بكونه سورة قال ‪) :‬‬ ‫ِ ُ َ ٍ‬
‫بسورة َ َ‬
‫مستعمال ًإذا يقال ‪ :‬السورة ‪ .‬ويقال ‪ :‬السؤرة ‪ .‬تھمز وال تھمز اختلف في‬ ‫ً‬ ‫بدون ھمز وقد تھمز ويقال ‪ :‬السؤرة ‪ .‬وإن لم يكن‬
‫اشتقاقھا فقيل ‪ :‬مشتقة من سور البلد الرتفاعه ‪ .‬وسميت السورة سورة مع كونھا مشتقة من سور البلد لشرفھا وارتفاعھا وقيل‬
‫‪ :‬السورة المنزلة الرفيعة ‪ .‬أصلھا المنزلة الرفيعة كما قال النابغة ‪:‬‬
‫ما اختص به علم التفسير‬

‫يتذب َْذبُ‬
‫ل◌َھا َ َ َ‬ ‫كل َ ْ ٍ‬
‫ملك حو َ َ‬ ‫ترى ُ َّ‬
‫َ َ‬ ‫ َأعْ َ َ‬
‫طاك س َ ً‬
‫ُورة‬ ‫تر َ َّ‬
‫أن َّ َ‬ ‫ََ ْ‬
‫ألم َ َ‬
‫)‬ ‫)‬

‫سورة ‪ .‬يعني ‪ :‬منزلة رفيعة ‪ ،‬ألم تر أن  أعطاك سورة ‪.‬‬


‫وكل مسموع من لغة العرب وعليه إذا كان‬ ‫ٌ‬ ‫مشتقا من سور البلد أو من المنزلة الرفيعة‬ ‫ً‬ ‫ًإذا يحتمل أن يكون لفظ السورة‬
‫مھموزا ال يُتصور أن يھمز ألنه إذا اشتق مما ال ھمز فيه فال يمكن أن‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫مشتقا من سور البلد أو من المنزلة الرفيعة فال يكون‬
‫مھموزا بل يكون تابًعا ألصله وقيل ‪ :‬مشتقة من سؤر اإلناء ‪ .‬وھو بقيته ألنھا جزء من القرآن فأصلھا سؤرة‬ ‫ً‬ ‫يكون الفرع‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫بالھمزة ولكنھا خففت بإسقاطھا سؤرة إذا ھمزة ساكنة ومعلوم أن الھمز ثقيل خاصة مع الواو فأسقط تخفيفا من باب التخفيف‬
‫وكل يحتمل ‪ ،‬يحتمل أن يكون اشتقاق لفظ السورة من سور البلد أو من المنزلة الرفيعة أو من سؤر اإلناء وھو بقيته ‪،‬‬
‫أيضا مرتفعة‬‫ً‬ ‫ومعلوم أن السورة منزلتھا رفيعة ألنھا جزء من القرآن وألنھا كالم الرب جل وعال ًإذا منزلتھا رفيعة وھي‬
‫ًّ‬
‫معنويا ويحتمل أنھا من‬ ‫ولھا شرف كما أن السور سور البلد مرتفع وإن كان ھذا ارتفاع حسي إال أن ارتفاع السورة يكون‬
‫السؤر سؤر اإلناء حينئذ تكون مھموزة في األصل إال أنھا خففت بماذا ؟ بإسقاط الھمزة ‪.‬‬
‫ً‬
‫توقيفا ‪ .‬السورة الطائفة المترجمة توقيفا ال بد من ھذا في الحد ‪ ،‬الطائفة‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫اصطالحا ‪ :‬الطائفة المترجمة ‪ .‬زد عليه‬ ‫والسورة‬
‫المراد بالطائفة الجملة ‪ .‬طائفة من أي شيء ؟ جملة من أي شيء ؟ من القرآن ‪ ،‬الطائفة ھي الجملة من القرآن وإن شئت‬
‫تقول ‪ :‬القطعة من القرآن ‪ .‬الطائفة قطعة من القرآن أو جملة من القرآن ‪.‬‬
‫المترجمة ( أي ‪ :‬المعنونة لھا عنوان والمراد بالعنوان ھنا أن تكون مسماة باسم خاص سورة البقرة سورة آل عمران‬ ‫) َُ ْ َ َ ْ‬
‫ھذا عنوان سورة النساء ھذا عنوان سورة التحريم ھذا عنوان طائفة سورة التحريم من أولھا إلى آخرھا ھذه طائفة جملة‬
‫قطعة من القرآن أو ال ؟‬
‫قطعة من القرآن ليست كل القرآن وإنما ھي جزء وبعض وقطعة من القرآن معنونة بعنوان خاص وھو التحريم يميزھا‬
‫ً‬
‫توقيفا [ أي ‪:‬‬ ‫عن غيرھا ًإذا صار التحريم ھذا علم ومسماه سورة التحريم التي ھي ﴿ َيا َ ُّ َ‬
‫أيھا َّ ِ ُّ‬
‫النبي ﴾ إلى آخر السورة ‪] .‬‬
‫‪46‬‬
‫موقوفا ليس مجاله االجتھاد فليس لكل شخص أن‬ ‫ً‬ ‫بتوقيف من النبي صلى  عليه وآله وسلم بمعنى أن أسماء السور يكون‬
‫عنوانا لسورة ما والمراد ھنا بكون أسماء السور توقيفية المراد به كما قيده غيره المراد به السورة التي‬ ‫ً‬ ‫يأتي باسم ويجعله‬
‫ً‬
‫يشتھر بھا العنوان ألن بعض السور كسورة البقرة تسمى فسطاط القرآن مثال وتسمى البقرة أيھما أشھر ؟ البقرة وھي التي‬
‫كتابة لكن عنون لھا لم يكتب إال قرآن ولذلك أخلوه من آمين ومن‬ ‫ً‬ ‫فحينئذ نقول ‪ :‬لم يثبتوھا‬ ‫ٍ‬ ‫أثبتھا الصحابة في المصحف‬
‫فيه ﴾ ] البقرة ‪ ، [ 2 ، 1 :‬ھو سورة البقرة‬ ‫ريب ِ ِ‬ ‫ذلك ْ ِ َ ُ‬
‫الكتاب َال َ ْ َ‬ ‫َ‬
‫االستعاذة ومن أسماء السور لكن معلوم عندھم أن ﴿ الم * ِ َ‬
‫وھذا مطرد عندھم ومشتھر وإذا ذكرت سورة البقرة انصرف إلى مسماه الخاص نقول ‪ :‬ھذا االسم الذي إذا ذكر لم ينصرف‬
‫إلى غيره وھو المشتھر عند ذكر اللفظ نقول ‪ :‬ھذا الذي فيه الخالف ھل ھو توقيفي أم اجتھادي ؟‬
‫نقول ‪ :‬الصواب أنه توقيفي ‪ ،‬وما عدا ذلك فھو اجتھادي ألن بعض الصحابة والتابعين كذلك قد أطلقوا بعض األسماء‬
‫على بعض السور ولذلك سمى حذيفة بن اليمان رضي  تعالى عنھما سمى التوبة بالفاضحة أليس كذلك ؟ وسماھا سورة‬
‫أيضا خالد بن معدان البقرة بفسطاط القرآن ‪ ،‬وابن عيينة سمى الفاتحة الواقية ‪ ،‬ويحيى بن أبي كثير سمى‬ ‫ً‬ ‫العذاب ‪ ،‬وسمى‬
‫أيضا بالكافية ‪ ،‬وكثير ھذا تجدونه في أوائل السور ولذلك سميت القرآن بالكنز سميت بالصالة سميت بالدعاء سميت‬ ‫ً‬ ‫الفاتحة‬
‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬
‫‪ ...‬بأن كلھا اجتھادية ھذه ‪ ،‬لكن الفاتحة أو أم القرآن وأم الكتاب ھذه توقيفية ‪ ،‬إذا قوله ‪ ) :‬الطائفة ( من القرآن ) ُ َ ْ َ َ‬
‫المترجمة (‬
‫ً‬
‫اجتھادا‬ ‫توقيفا من النبي  ھذا يتعلق باالسم المشھور للسورة وما عداه فيجوز أن يكون‬ ‫ً‬ ‫باسم خاص‬‫ٍ‬ ‫‪ .‬يعني المعنونة المسماة‬
‫المترجمة ( مترجمة من ماذا ؟ لو نظرت في القرآن ال بد من مناسبة بين االسم‬ ‫ْ‬ ‫وقد وقع من الصحابة ومن غيرھم ‪َ َ ْ َ ُ ) ،‬‬
‫والسورة ‪ ،‬البقرة لماذا سميت البقرة ؟ لذكر سورة البقرة ‪ .‬آل عمران ؟ لذكر آل عمران ‪ .‬النساء ؟ لكونھا اشتملت على‬
‫ثم تناسب وارتباط‬ ‫بقصة ذكرت في السورة ًإذا َّ‬ ‫ٍ‬ ‫بجزء منھا أو‬‫ٍ‬ ‫ً‬
‫ومسماة باسم خاص‬ ‫أحكام النساء ‪ ...‬وھلم جرا ‪ً .‬إذا معنونة‬
‫جزءا من السورة قد عنون له بذلك العنوان وھذا مأخذ بعض من كره أن‬ ‫ً‬ ‫بين االسم وبين المسمى ال بد أن تنظر أن يكون‬
‫يقال ‪ :‬سورة البقرة ‪ .‬قال بل يقال ‪ :‬السورة التي تذكر فيھا قصة البقرة ‪ ،‬والسورة التي يذكر فيھا قصة آل عمران ‪ ،‬والسورة‬
‫التي ذكر فيھا الطالق ‪ ...‬وھلم جرا قالوا ‪ :‬لماذا ؟‬
‫قصة واحدة وھي ‪ :‬أوعب وأكبر من ذلك ‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫ألنك لو قلت ‪ :‬سورة البقرة ‪ .‬يفھم أنك قصرت السورة على ماذا ؟ على‬
‫بحديث عند الطبراني‬‫ٍ‬ ‫فكرھوا أن يقال ‪ :‬سورة البقرة ‪ ،‬وسورة آل عمران ‪ ،‬وسورة النساء ‪ .‬ھذا تعليل مع كونھم احتجوا‬
‫مرفوعا من رواية أنس قال النبي  ‪ » :‬ال تقولوا ‪ :‬سورة البقرة ‪ ،‬وال سورة آل عمران ‪ ،‬وال سورة النساء ‪ ،‬وكذلك‬ ‫ً‬
‫القرآن كله ولكن قولوا ‪ :‬السورة التي يذكر فيھا البقرة ‪ ،‬ويذكر فيھا آل عمران وكذلك القرآن كله « ‪ .‬ھذا حديث رواه‬
‫الطبراني لكنه ضعيف ‪.‬‬
‫ً‬
‫قال ابن كثير رحمه  تعالى ‪ :‬ال يصح رفعه ‪ .‬وقال البيھقي ‪ :‬إنما يُعرف موقوفا عن ابن عمر فقط ‪.‬‬
‫موقوفا وال يكون له حكم الرفع ألن مجاله االجتھاد ويدل على صحة أن يقال ‪ :‬سورة البقرة ‪ .‬ما جاء في صحيح‬ ‫ً‬ ‫ًإذا صار‬
‫البخاري عن ابن مسعود رضي  تعالى عنه بعد رمي الجمرات قال ‪ :‬ھذا مقام الذي أنزلت عليه سورة البقرة ‪.‬‬
‫أيضا أن العباس نادى الناس بأمر النبي  يوم‬ ‫حينئذ نقول ‪ :‬ال وجه أن يُنكر أن يقال ‪ :‬سورة البقرة ‪ .‬ولذلك في المسند ً‬ ‫ٍ‬
‫حنين يوم فر بعض الصحابة ‪ :‬يا أصحاب الشجرة يا أصحاب البقرة ‪ .‬بأمر النبي  والنبي  يسمعه فدل على أنه ال كراھة‬
‫في قولنا ‪ :‬سورة البقرة ‪ ،‬وسورة آل عمران ‪ .‬وال نحتاج أن نقول ‪ :‬السورة التي يذكر فيھا البقرة ‪ ،‬أو السورة التي يذكر فيھا‬
‫أحكام النساء ‪ ...‬وھلم جرا لما ذكرناه من السنة ‪.‬‬
‫توقيفا قال السيوطي في اإلتقان ‪ :‬وقد ثبت جميع أسماء السور بالتوقيف من األحاديث‬ ‫ً‬ ‫الطائفة ُ َ ْ َ َ ْ‬
‫المترجمة (‬ ‫َُِ‬ ‫والسورةُ‬
‫ُّ َ‬ ‫)‬
‫ً‬
‫واآلثار ‪ .‬إذا ثابت أو ال ؟‬
‫ثابت ‪ ،‬والمراد به ما اشتھر ‪ ،‬وأما ما لم يشتھر ما يذكره المفسرون في أوائل السور فھذا ال بأس أن يكون من قبيل‬
‫ً‬
‫سابقا ‪.‬‬ ‫االجتھاد وقد يتعدد أو تتعدد أسماء السورة الواحدة كما ذكرناھم‬
‫الفاتحة ‪ ،‬أم الكتاب ‪ ،‬أم القرآن ‪ ،‬الكنز ‪ ،‬الدعاء ‪ ،‬النور ‪ ،‬الواقية ‪ ،‬الكافية ‪ ،‬المثاني ‪ ...‬إلى آخره ‪.‬‬
‫وكذلك يقال ‪ :‬اإلسراء ‪ ،‬وبني إسرائيل ‪ .‬والجاثية تسمى ‪ :‬الشريعة ‪ .‬والطالق تسمى ‪ :‬النساء القصرى بعضھم يقول‬
‫لجملة من السور كالزھراوين ‪ :‬للبقرة وآل‬ ‫ٍ‬ ‫وقيل ‪ :‬الصغرى ‪ً .‬إذا قد يتعدد للسورة الواحدة اسمان فأكثر وقد يوضع اسم واحد‬
‫عمران ‪.‬‬
‫السبع الطوال ‪ :‬للبقرة ‪ ،‬وآل عمران ‪ ،‬والنساء ‪ ،‬والمائدة ‪ ،‬واألنعام ‪ ،‬واألعراف والسابعة يونس ‪ .‬كما روي عن مجاھد‬
‫وأيضا كذلك يقال ‪ :‬المفصل ‪ .‬المفصل ھذا عنوان اسم واحد مسماه من الحجرات إلى الناس وقيل ‪ :‬من ق إلى الناس‬ ‫ً‬ ‫وغيره‬
‫واحدا ‪ ،‬وقد يتعدد فيكون اثنين فأكثر وقد يوضع اسم واحد لعدة سور ‪.‬‬ ‫ً‬ ‫‪ً .‬إذا قد يكون للسورة ً‬
‫اسما‬

‫‪47‬‬
‫ضل أم داخل في الحد ؟ ما الذي ينبني على القول‬ ‫داخل في الحد أم زيادة ف ٍ‬ ‫ٌ‬ ‫سمة ( ‪ .‬ھل ھذا‬ ‫ألقلھا ِ َ ْ‬ ‫ثالث آيٍ َ َ ِّ‬ ‫ثم قال ‪ُ َ ) :‬‬
‫داخل في الحد ؟‬ ‫ٌ‬ ‫بأنه‬
‫سمة ( داخال في الحد ما كان أكثر من ثالث ليس‬ ‫ً‬ ‫ْ‬ ‫آي ألقلھا ِ َ‬ ‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫بسورة قد يتوھم متوھم ھذا لكن نقول‬ ‫ٍ‬ ‫لو قيل بأن ألقل ) ثالث ٍ‬
‫‪ :‬ال ‪ ،‬ليس داخالً في الحد وإنما ھذا من زيادة الفضل يعني ‪ :‬أراد أن يبين لك أقل ما يسمى سورة أو أقل ما وقع في الواقع‬
‫ألقلھا‬ ‫ثالث آيٍ َ َ ِّ‬‫بكونه سورة ألنه ينبني عليه ماذا ؟ ينبني عليه معرفة أقل عدد آليٍ لسورة حصل اإلعجاز به فإذا قال ‪ُ َ ) :‬‬
‫ثالث‬‫سمة ( ‪ .‬أقل سورة ھي ثالث آيات ًإذا أقل سورة حصل اإلعجاز بھا ھي سورة الكوثر ‪ .‬ال يوجد غيرھا ثالث آيات ) َ ُ‬ ‫ِ َْ‬
‫ثالث ( ھذا مبتدأ و‬ ‫سمة ( يعني ‪ :‬عالمة ‪ُ َ ) .‬‬ ‫ألقلھا ( أقل السورة ) ِ َ ْ‬ ‫ثالث آيٍ َ َ ِّ‬ ‫) َ ُ‬ ‫سمة ( سمة بمعنى ‪ :‬عالمة ‪.‬‬ ‫ألقلھا ِ َ ْ‬‫آيٍ َ َ ِّ‬
‫ثالث آيٍ ( عالمة ألقلھا أي ‪ :‬أقل ما يصدق عليه أنه سورة ‪ً ،‬إذا لماذا بين أقل ما يصدق عليه أنه‬ ‫سمة ( خبر تقدير ) َ ُ‬ ‫) ِ َْ‬
‫حصل ( ‪ .‬ليبين لك أن أقل ما يصدق عليه أنه سورة ھو ‪ :‬سورة الكوثر ‪ .‬وھي ‪ :‬أقل‬ ‫بسورة َ َ ْ‬ ‫اإلعجاز ِ ُ َ ٍ‬ ‫ومنه ْ ُ‬ ‫سورة لقوله ‪ُ ْ ِ ) :‬‬
‫ما يحصل اإلعجاز بھا ‪ .‬وھذا متى ؟‬
‫إذا لم تجعل البسملة آية من السورة ‪ ،‬وأما على قول الشافعي رحمه  وغيره بأن البسملة آية داخلة في مسمى سورة‬
‫داخلة في مسمى سورة سواء قلنا ‪ :‬ھي آية من‬ ‫ً‬ ‫فحينئذ أقل ما يكون سورة ھو ‪ :‬أربع آيات ‪ .‬وأما إذا قيل ‪ :‬بأن البسملة ليست‬ ‫ٍ‬
‫القرآن أو ليست بآية من القرآن نقول ‪ :‬أقل ما يصدق عليه أنه ثالث ‪ .‬أقل ما يصدق عليه أنه سورة ثالث آيات ‪ .‬وإذا قيل‬
‫حينئذ يكون أقل ما يصدق عليه سورة أربع آيات والصواب أن اآلية من‬ ‫ٍ‬ ‫آية منھا‬ ‫بدخول البسملة في مسمى السورة وأنھا ٌ‬
‫القرآن أو ال ؟‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫ھي من القرآن ‪ ،‬ھذا ال شك لكن بعضھم نفى أن تكون آية أصال نفى أن تكون من القرآن وذلك في أربعة أقوال ‪:‬‬
‫ً‬
‫أصال ‪.‬‬ ‫آية من القرآن‬ ‫بعضھم نفى أن تكون ً‬
‫وبعضھم أثبت أنھا آية من القرآن من الفاتحة ومن كل سورة ‪.‬‬
‫آية من الفاتحة دون بقية السور ‪.‬‬ ‫وبعضھم أثبت أنھا ٌ‬
‫آية من سورة الفاتحة‬ ‫آية في القرآن مستقلة ويفتح بھا كل سور وليست ً‬ ‫آية مستقلة ھي ٌ‬ ‫‪ -‬والصواب ‪ -‬القول الرابع ‪ :‬أنھا ٌ‬
‫حينئذ ال تعد من ضمن السور فال يقال سورة الفاتحة أولھا بسم  الرحمن الرحيم بل أولھا ﴿ ْ َ ْ ُ‬
‫الحمد‬ ‫ٍ‬ ‫وال من غيرھا ‪ ،‬وعليه‬
‫العالمين ﴾ ولذلك الذي يدل على أن البسملة ليست آية من الفاتحة حديث » قسمت الصالة بيني وبين عبد قسمين « ‪،‬‬ ‫رب ْ َ َ ِ َ‬ ‫‪ِّ َ S‬‬ ‫ِّ‬
‫العالمين ﴾ « ‪ .‬لو كانت البسملة‬ ‫رب ْ َ َ ِ َ‬
‫‪ِّ َ S‬‬ ‫الحمد ّ ِ‬
‫» قسمت الصالة « الصالة ھنا مراد بھا الفاتحة قال ‪ » :‬فإذا قال عبدي ﴿ ْ َ ْ ُ‬
‫أول آية لقال لو قال عبدي أو إذا عبدي قال ‪ :‬بسم  الرحمن الرحيم لكن لما افتتح الفاتحة بالحمد علمنا أن البسملة ليست آية‬
‫من الفاتحة وال من غيرھا ھي قرآن ال شك فيه وليست بآية من كل سورة ‪.‬‬
‫ثالث آيٍ ( أراد أن يميز لك ھذه اآلية ما‬ ‫المفصولة ( لما ذكر اآلية في قوله ‪ُ َ ) :‬‬ ‫الطائفة َ ْ ُ َ ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫واآلية‬ ‫سمة ‪،‬‬ ‫ألقلھا ِ َ ْ‬ ‫آي َ َ ِّ‬ ‫) َ ُ‬
‫ثالث ٍ‬
‫ُ‬
‫واآلية‬ ‫حينئذ احتجنا إلى بيان معنى اآلية فقال ‪) :‬‬ ‫ٍ‬ ‫ثالث آيٍ ( كيف تعد اآلية‬ ‫حدودھا متى تطلق اللفظ آية على مسماه قال ‪ُ َ ) :‬‬
‫كقائلة حذفت الھمزة‬ ‫ٍ‬ ‫أائئة‬‫َ‬
‫كقائلة ِ َ ٌ‬
‫ألفا على غير قياس ‪ ،‬وقيل أصلھا َ ِ َ‬ ‫كتمْرة قلبت عينھا ً‬ ‫أئية َ َ‬ ‫المفصولة ( آية أصلھا َ ْ َ‬ ‫الطائفة َ ْ ُ َ ْ‬
‫ُ‬
‫واآلية ( عرفنا اشتقاقھا معناھا في اللغة العالمة يعني تطلق اآلية عن العالمة وتطلق على المعجزة وتطلق على‬ ‫ُ‬ ‫تخفيفا ‪) ،‬‬ ‫ً‬
‫العبرة وتطلق على األمر العجيب وتطلق على البرھان إلى غير ذلك ‪.‬‬
‫بفصل وھو آخر اآلية لذلك في األصل في‬ ‫ٍ‬ ‫ُميزة‬‫المفصولة ( أي ‪ :‬م َ َّ‬‫الطائفة ( أي الجملة أو القطعة من القرآن ) ْ َ ْ ُ َ ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫واآلية‬ ‫)‬
‫عرفا طائفة من كلمات القرآن متميزةٌ بفصل ‪ ،‬والفصل المراد به آخر اآلية ‪ً ،‬إذا ذات مقاطع فھو ما‬ ‫ً‬ ‫النقاية ( قال ‪ :‬وحدھا‬ ‫) ُّ‬
‫بفصل وھو آخر اآلية ويسمى فاصلة يعني خاتمة اآلية‬ ‫ٍ‬ ‫المفصولة ( يعني مميزة‬ ‫الطائفة َ ْ ُ َ ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫واآلية‬ ‫يسمى بالمقطع أو الفاصلة )‬
‫ذرواً ﴾ ] الذاريات ‪ . [1 :‬العالمة رقم واحد ھذه فاصلة نقول ھذا اسمه فاصلة ‪ ،‬ھل ھو‬ ‫والذاريات َ ْ‬
‫يسمى فاصلة تقول ماذا ﴿ َ َّ ِ َ ِ‬
‫توقيفي أم اجتھادي ؟‬
‫ُلم من وقف النبي  على رأس اآلية ولذلك كانت قراءة النبي  أنه يقف على‬ ‫نقول ‪ :‬األصل أنه توقيفي ‪ ،‬ھذا فيه ع ِ َ‬
‫حينئذ ال بأس من االجتھاد والقياس لماذا ؟‬ ‫ٍ‬ ‫رؤوس اآلية ‪ ،‬فإن لم يعلم‬
‫نقصان في القرآن ؟‬ ‫ٌ‬ ‫ألنه إذا قيس في مثل ھذا ما لم يعلم على ما علم ھل يحصل منه الزيادة أو‬
‫لم يحصل به ال زيادة وال نقصان ‪ ،‬وعليه ال محذور في دخول االجتھاد في الفواصل لكن األصل أنه توقيفي وھذا ھو‬
‫فحينئذ نقول ماذا نقول ال بأس من االجتھاد ‪ ،‬ولذلك ترون أن‬ ‫ٍ‬ ‫الغالب واألسھل فإذا لم يعلم من النبي  وقف على ھذه اآلية‬
‫ربك‬‫وجه َ ِّ َ‬ ‫فان ﴾ ] الرحمن ‪ [26 :‬ھنا يفصل ﴿ َ َ ْ َ‬
‫ويبقى َ ْ ُ‬ ‫عليھا َ ٍ‬
‫من َ َ ْ َ‬ ‫متعلق بما قبلھا ﴿ ُكل ُّ َ ْ‬ ‫ٌ‬ ‫بعض اآليات تقف رؤوسھا ثم ما بعدھا‬
‫متعلق بما‬ ‫ٌ‬ ‫واآلخرة ﴾ ] البقرة ‪ [220 :‬ھذا‬ ‫الدنيا َ ِ َ ِ‬ ‫تتفكرون ﴾ ] البقرة ‪ [ 219 :‬ورأس آية ﴿ ِفي ُّ ْ َ‬ ‫لعلكم َ َ َ َّ ُ َ‬ ‫﴾ ] الرحمن ‪ْ ُ َّ َ َ ﴿ ، [27 :‬‬
‫‪48‬‬
‫اجتھادا لقيل لعلكم تتفكرون في الدنيا واآلخرة سنقف ھنا لكن وقع ماذا ﴿ َ َ َ َّ ُ َ‬
‫تتفكرون ﴾ ]‬ ‫ً‬ ‫قبله لماذا نقول ھذا لماذا نجوز لو كان‬
‫ربك ﴾ ] الرحمن ‪ [27 ، 26 :‬نقول ھاتان اآليتان فصل‬ ‫وجه َ ِّ َ‬ ‫ويبقى َ ْ ُ‬ ‫َ‬ ‫فان * َ َ ْ‬ ‫َ‬
‫عليھا ٍ‬ ‫من َ َ ْ َ‬ ‫البقرة ‪ [ 219 :‬فجاء رأس اآلية ﴿ ُكل ُّ َ ْ‬
‫وجه َ ِّ َ‬
‫ربك ﴾ ]‬ ‫ويبقى َ ْ ُ‬ ‫فان * َ َ ْ َ‬ ‫عليھا َ ٍ‬ ‫من َ َ ْ َ‬ ‫اجتھادا ال جمع ما بعدھا مع ما قبلھا ﴿ ُكل ُّ َ ْ‬ ‫ً‬ ‫بينھما بفاصل وھي توقيفية وإال لو كان‬
‫الرحمن ‪ [27 ، 26 :‬ألنه بالنظر العقلي ھكذا المجرد مع القصور يكون األولى الوصل أليس كذلك عقولنا قاصرة ال شك‬
‫فحينئذ نقول أولى الوصل لماذا يفصل بينھما نقول ‪ :‬ألن المسألة ھنا توقيفية ‪ً ،‬إذا الفواصل ھذه األصل واألغلب أنھا توقيفية‬ ‫ٍ‬
‫وال بأس بدخول االجتھاد في بعض ووقوع االجتھاد ال يلزم منه تغير في القرآن ال ينبني عليه ال نقص وال زيادة ألن القراءة‬
‫المفصولة ( مفعولة من‬ ‫وقف محرم ألنه ال يختل المعنى في نفس األمر ‪ً ،‬إذا قوله ‪ْ َ ُ ْ َ ) :‬‬ ‫ٌ‬ ‫كما ھي لذلك يقال ليس في القرآن‬
‫حال من الطائفة ) الطائفةُ‬ ‫ٌ‬ ‫كلمات ( ھذا جار مجرور متعلق بمحذوف‬ ‫من َ ِ َ ٍ‬ ‫منه ( ) ِ ْ‬ ‫كلمات ِ ْ ُ‬
‫من َ ِ َ ٍ‬ ‫الفصل يعني المميزة ) ِ ْ‬
‫فحينئذ يكون أقل‬‫ٍ‬ ‫كلمات ( أقل الكلمات ثالث‬ ‫من َ ِ َ ٍ‬ ‫منه ( أي ‪ :‬من القرآن ) ِ ْ‬ ‫كلمات ِ ْ ُ‬
‫من َ ِ َ ٍ‬ ‫المفصولة ( حالة كون تلك الطائفة ) ِ ْ‬ ‫َْ ُ َْ‬
‫كلمات ( معتبر ألن مفھومه أنه ال تكون اآلية كلمتين وال‬ ‫من َ ِ َ ٍ‬ ‫الطائفة المفصولة اآلية ثالث ھل ھذا مفھوم معتبر ‪ ،‬ھل قوله ) ِ ْ‬
‫كلمة واحدة نقول ‪ :‬ھذا المفھوم ال اعتبار له لقلة اآليات المؤلفة من كلمة أو كلمتين ھذا قليل ولذلك نص بعضھم أن ال يوجد‬
‫﴿‬ ‫والفجر ﴾ ‪،‬‬ ‫والضحى ﴾ ‪ِ ْ َ ْ َ ﴿ ،‬‬ ‫مدھامتان ﴾ ] الرحمن ‪ [64 :‬أليس كذلك ؟ وإن ذكر السيوطي ﴿ َ ُّ َ‬ ‫آية كلمة واحدة إال ﴿ ُ ْ َ َّ َ ِ‬
‫كلمات ( ًإذا قد تكون كلمة وقد تكون ماذا كلمتين‬ ‫) ََِ ٍ‬ ‫والعصر ﴾ ‪ ،‬إلى آخره نقول ‪ :‬ھذا ليس بجيد ألنه جمل وليس بكلمة ‪.‬‬ ‫َ َْ ْ ِ‬
‫منه ( أي ‪ :‬من القرآن ‪ً .‬إذا علمنا حد السورة وعلمنا حد اآلية يبقى السؤال ھل ترتيب اآليات توقيفي أم اجتھادي ما المراد‬ ‫) ِْ ُ‬
‫الدين ﴾ ] الفاتحة ‪ [4 ، 2 :‬ھل يصح أن نقول مالك‬ ‫يوم ِّ ِ‬ ‫مالك َ ْ ِ‬ ‫الرحيم * َ ِ ِ‬ ‫الرحمـن َّ ِ ِ‬ ‫العالمين * َّ ْ ِ‬ ‫رب ْ َ َ ِ َ‬ ‫الحمد ّ‪ِّ َ ِS‬‬
‫بترتيب اآليات ﴿ ْ َ ْ ُ‬
‫يوم الدين ‪ ،‬الحمد رب العالمين ‪ ،‬اھدنا الصراط المستقيم ‪ ،‬ال يجوز بالنص واإلجماع ترتيب اآليات توقيفي ال يجوز أن‬
‫يقدم اآلية التالية على سابقتھا وال أن تؤخر تالية على تاليھا وإال ال يجب أن تذكر اآليات على وقت المصحف العثماني الذي‬
‫أجمع عليه الصحابة ‪ً ،‬إذا ترتيب اآليات توقيفي باإلجماع ولذلك قال السيوطي رحمه  تعالى ‪ :‬اإلجماع والنصوص‬
‫المترادفة على أن ترتيب اآليات توقيفي ال شبھة في ذلك ‪ ،‬ولذلك جاء في صحيح البخاري عن ابن الزبير قال ‪ :‬قلت لعثمان‬
‫سابقا والمنسوخ‬ ‫ً‬ ‫أزواجا ً ﴾ قد نسختھا اآلية األخرى وھذا على العكس الناسخ األصل أنه يكون‬ ‫ويذرون َ ْ َ‬
‫منكم َ َ َ ُ َ‬ ‫والذين ُ َ َ َّ ْ َ‬
‫يتوفون ِ ُ ْ‬ ‫﴿ َ َّ ِ َ‬
‫الحول ﴾ ] البقرة‬ ‫متاعاً َِإلى ْ َ ْ ِ‬ ‫وصية ِّ َ ْ َ ِ ِ‬
‫ألزواجھم َّ َ‬ ‫أزواجا ً َ ِ َّ ً‬ ‫ويذرون َ ْ َ‬
‫منكم َ َ َ ُ َ‬ ‫يتوفون ِ ُ ْ‬ ‫والذين ُ َ َ َّ ْ َ‬
‫تابعا ‪ ،‬وھنا ما الذي حصل ؟ ﴿ َ َّ ِ َ‬ ‫أن يكون ً‬
‫وعشراً ﴾ ] البقرة ‪:‬‬ ‫أشھر َ َ ْ‬ ‫َ‬
‫أربعة ْ ُ ٍ‬ ‫َ‬
‫بأنفسھن ْ َ َ َ‬ ‫َ‬
‫يتربصن ِ ُ ِ ِ َّ‬
‫أزواجا ً َ َ َ َّ ْ َ‬ ‫َ‬
‫ويذرون ْ َ‬ ‫منكم َ َ َ ُ َ‬ ‫يتوفون ِ ُ ْ‬ ‫والذين ُ َ َ َّ ْ َ‬
‫‪ [240 :‬ھذه سابقة أم متأخرة ‪َ ِ َّ َ ﴿ ...‬‬
‫‪ [234‬أيھما أسبق في القرآن ؟ أيھما األول ‪ ...‬والوصية الثانية صحيح‬
‫أزواجا ً ﴾ قد نسختھا اآلية األخرى فلم تكتبھا ؟‪ -‬ألنھا‬ ‫ويذرون َ ْ َ‬ ‫منكم َ َ َ ُ َ‬ ‫يتوفون ِ ُ ْ‬ ‫والذين ُ َ َ َّ ْ َ‬ ‫ھنا قال ابن الزبير ‪ :‬قلت لعثمان ﴿ َ َّ ِ َ‬
‫الحول ﴾ ] البقرة ‪ [240 :‬ھذه منسوخة وقلنا ‪:‬‬ ‫متاعا ً َِإلى ْ َ ْ ِ‬ ‫ألزواجھم َّ َ‬ ‫وصية ِّ َ ْ َ ِ ِ‬‫أزواجا ً َ ِ َّ ً‬ ‫رون َ ْ َ‬ ‫ويذ ُ َ‬ ‫منكم َ َ َ‬ ‫والذين ُ َ َ َّ ْ َ‬
‫يتوفون ِ ُ ْ‬ ‫منسوخة ‪َ ِ َّ َ ﴿ -‬‬
‫النسخ ھذا سبق أنه مثال للبعض ال للكل األكثر في النسخ أن يكون لكل الحكم وھنا للبعض لماذا ؟‬
‫حينئذ صار‬ ‫ٍ‬ ‫ً‬
‫وعشرا‬ ‫شھرا فصارت أربعة أشھر‬ ‫ً‬ ‫ألنه نسخ بعض الحول وليس كل الحول ألن كان السنة اثني عشر‬
‫المنسوخ بعض الحكم وليس كل الحكم وھذا يجعل مثال النسخ أو الرفع لبعض الحكم ال لكله ‪ ،‬وقد يشتبه بالتخصيص وذكرنا‬
‫شيئا من مكانه ‪ .‬دل على ماذا ؟ على أن عثمان رضي  تعالى عنه‬ ‫الفرق في القواعد فلم تكتبھا ؟ قال ‪ :‬يا ابن أخي ال أغير ً‬
‫إنما جعل في المصحف الذي سماه أو أطلق عليه ‪ :‬مصحف اإلمام ‪ .‬أنه ما اتفق عليه فعل النبي  من ترتيب اآليات فقال ‪:‬‬
‫ًّ‬
‫توقيفيا ‪.‬‬ ‫فحينئذ يكون ماذا ؟ يكون‬ ‫ٍ‬ ‫شيئا من مكانه ‪.‬‬ ‫يا ابن أخي ال أغير ً‬
‫وأما ترتيب السور بعضھا تلو بعض فھذا مما وقع فيه نزاع فقيل ‪ :‬توقيفي ‪ .‬وقيل ‪ :‬اجتھادي من الصحابة رضي ‬
‫تعالى عنھم ‪ .‬وقيل قول ثالث يجمع بين القولين ‪ :‬بعضه توقيفي ‪ ،‬وبعضه اجتھادي ‪.‬‬
‫واألصح أن يقال ‪ :‬إنه توقيفي ‪ .‬أن ترتيب السور على الموجود اآلن في مصحف عثمان رضي  تعالى عنه أنه توقيفي‬
‫الدليل ماذا ؟‬
‫‬
‫أن الرسول قرأ بعض السور مرتبة في صالته ‪ ،‬وروي أنه كان يجمع المفصل في ركعة وھذا يدل على ماذا ؟‬ ‫‬
‫على أنه رتبه على ما ھو عليه ‪ ،‬وروى البخاري عن ابن مسعود رضي  تعالى عنه أنه قال في بني إسرائيل والكھف‬
‫ومريم وطه واألنبياء ‪ » :‬إنھن من العتاق األول « ‪ .‬رتبھا اإلسراء ‪ ،‬الكھف ‪ ،‬مريم ‪ ،‬طه ‪ ،‬األنبياء وھذه ھي الموجودة‬
‫اآلن أليس كذلك فدل على أنھا توقيفي ولذلك جاء في األحاديث أن النبي  إذا نزلت آية قال ‪ » :‬اجعلوھا « ‪ .‬أو » ضعوا‬
‫موضع ويراعى لھا سورة معينة ‪ ،‬ثم لو وقع نزاع في‬ ‫ٌ‬ ‫ھذه في سورة كذا في موضع كذا « ‪ .‬فدل على أن كل آية يُراعى لھا‬
‫بعض مصاحف الصحابة رضي  تعالى عنھم ألنھم يقولون يعني ‪ :‬ممن يحتج بكون المسألة اجتھادية اختالف المصاحف‬
‫‪49‬‬
‫مصحف ُأبي ‪ ،‬ومصحف ابن مسعود ‪ ،‬ومصحف علي رضي  تعالى عنه نقول ‪ :‬ھذا سابق قبل اإلجماع على مصحف‬
‫عثمان رضي  تعالى عنه ‪ ،‬وأما بعد ما وضع المصحف ورتبه عثمان على ما ھو معلوم ومتقرر من ترتيب النبي  نقول‬
‫كل رجع إلى مصحف عثمان ‪ .‬كلھم رجعوا ورتبوا مصاحفھم على مصحف عثمان رضي  تعالى عنه ‪.‬‬ ‫‪ٍّ :‬‬
‫ما اختص به علم التفسير‬

‫ِ َْ‬
‫سمة‬ ‫َ َ ِّ‬
‫ألقلھا‬ ‫آيٍ‬ ‫َ ُ‬
‫ثالث‬ ‫الطائفة ُ َ ْ َ َ ْ‬
‫المترجمة‬ ‫َُِ‬ ‫والسورةُ‬
‫ُّ َ‬
‫)‬ ‫)‬

‫عدد السور في المصحف مصحف عثمان كم ؟ مائة وأربعة عشر سورة باإلجماع ؟‬
‫قيل ‪ :‬بإجماع من يعتدد به ‪ .‬وھذا صحيح بإجماع من يعتدد به وقيل ‪ :‬مائة وثالثة عشرة ‪ .‬وروي عن مجاھد بجعل‬
‫األنفال والتوبة سورة واحدة وما قيل بأنھا مائة وأحد عشر بإسقاط الفاتحة والمعوذتين على مصحف ابن مسعود رضي ‬
‫ً‬
‫سورا وإنما لم يذكر الفاتحة في مصحفه لكونھا مما اشتھر أمر معلوم الكل‬ ‫تعالى عنه نقول ‪ :‬ھذا ابن مسعود ال يُنكر كونھا‬
‫ٍ‬
‫حينئذ لم يذكرھا في مصحفه ليس المراد بأنه أسقطھا وكذلك المعوذات ھذه فيھا شبه أنه رقية‬ ‫ً‬
‫وكبيرا‬ ‫ً‬
‫صغيرا‬ ‫يحفظ الفاتحة‬
‫وإال رجع لكونھا من القرآن ‪.‬‬
‫ما اختص به علم التفسير‬

‫ِْ ُ‬
‫منه‪.........‬‬ ‫ََِ ٍ‬
‫كلمات‬ ‫ِ ْ‬
‫من‬ ‫َْ ُ َْ‬
‫المفصولة‬ ‫ُ‬
‫الطائفة‬ ‫ُ‬
‫واآلية‬
‫)‬ ‫)‬

‫كلمات ِ ْ ُ‬
‫منه ( أي ‪ :‬من القرآن ‪.‬‬ ‫من َ ِ َ ٍ‬‫أي ‪ :‬من القرآن ) ِ ْ‬
‫ما اختص به علم التفسير‬
‫والمفضولةْ‬
‫َْ ُ َ‬ ‫‪..............‬‬ ‫‪) ...............................‬‬
‫)‬
‫أتت‬ ‫َ‬
‫منه َ ِ‬
‫به ِ ْ ُ‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬
‫والفاضل ُ الذ ِ‬
‫ِ‬ ‫تبت « )‬ ‫به َكـ » َ َّ ِ‬ ‫منه على َ ِ‬
‫القول ِ ُ‬ ‫ِْ ُ‬
‫)‬

‫ٌ‬
‫معجز‬ ‫انتقل إلى مسألة إذا قيل ‪ :‬القرآن ھو كالم الرب جل وعال فھو صفة الخالق سبحانه وتعالى صفات المتكلم وكله‬
‫بلفظه ھذا تقرر أو ال ؟‬
‫يرد السؤال ھل يقع بينه يعني ‪ :‬بين الكالم نفسه ھل يقع بينه وفيه تفاضل أم ال‬ ‫اإلعجاز ( ومتعبد بتالوته ‪ُ ِ َ ،‬‬ ‫ومنه ْ ُ‬ ‫تقرر ) ِ ْ ُ‬
‫؟‬
‫ھل بعضه أفضل من بعض أو ال ؟‬
‫به ( ‪ .‬إشارة إلى أن بعضھم ال‬ ‫َ‬
‫القول ِ ِ‬
‫ِ‬ ‫ول َ ِ‬
‫به ( قوله ‪ ) :‬على‬ ‫َ‬
‫منه على الق ِ‬ ‫ْ‬ ‫َ ُ َ‬
‫والمفضولة ِ ْ ُ‬ ‫ْ‬ ‫ھذه المسألة فيھا خالف ھنا قال ‪) :‬‬
‫يقول به وھو القول اآلخر وھو منسوب إلى أبي الحسن األشعري والباقالني وابن حبان أنھم منعوا التفضيل ال يقال ‪ :‬ھذه‬
‫مطلقا لماذا ؟‬‫ً‬ ‫السورة أفضل من ھذه ‪ ،‬وال ھذه اآلية أفضل من ھذه ‪.‬‬
‫ْ‬ ‫ً‬
‫ُفضل عليه ‪ .‬لو قيل ‪ :‬سورة كذا أفضل من سورة كذا ‪ .‬إذا الم َ َّ‬
‫ُفضل عليه‬ ‫تنقص ْالم َ َّ‬ ‫قالوا ‪ :‬ألن الجميع كالم  ولئال يوھم َ َ ُ‬
‫ً‬
‫يتوھم للمتوھم أنھا أدنى من تلك فقد يتبادر النقص إليھا فقالوا ‪ :‬إذا نمنع التفضيل بين القرآن ونقول ‪ :‬كله على مرتبة واحدة‬
‫وكله على درجة واحدة ‪.‬‬
‫والمفضولة ( ‪ .‬ھذا القول الثاني وھو إثبات كون القرآن فيه فاضل ومفضول ألنه عبر بالمفضولة ‪ ،‬المفضول‬ ‫ْ‬ ‫َْ ُ َ‬ ‫ھنا قال ‪) :‬‬
‫ٌ‬
‫ومفضولة والسورة‬ ‫اسم مفعول أليس كذلك مأخوذ من الفضل مفضول واسم الفاعل منه ‪ :‬فاضلة ‪ .‬فاضل وفاضلة ومفضول‬
‫والمفضولة ( ‪ .‬دل على ماذا ؟‬ ‫َْ ُ َْ‬ ‫مفضولة وفاضلة ھنا قال ‪) :‬‬
‫به ( بوجوده ) َكـ »‬ ‫منه ( يعني ‪ :‬من القرآن ‪ ) .‬على َ ِ‬
‫القول ِ ِ‬ ‫َْ ُ َْ‬
‫والمفضولة ِ ْ ُ‬ ‫على اختيار أن في القرآن فيه مفضول وفاضل )‬
‫وتب ﴾ ] المسد ‪. [1 :‬‬ ‫يدا َِأبي َ َ ٍ‬
‫لھب َ َ َّ‬ ‫تبت « ( يعني ‪ :‬كسورة تبت ﴿ َ َّ ْ‬
‫تبت َ َ‬ ‫َ َّ ِ‬

‫‪50‬‬
‫الذ ( ھذه لغة في الذي ‪ ،‬الذ بحذف الياء لغة في الذي ‪ .‬وأبى اللذ أوبي قال ابن مالك ‪ ) :‬وجعل اللذ كاعتقد (‬ ‫والفاضل ُ َّ ْ‬ ‫ِ‬ ‫)‬
‫فيه ( يعني ‪ :‬في‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬
‫والفاضل ُ الذ ِ‬
‫ِ‬ ‫حينئذ نقول ‪ :‬ھذه لغة في الذي واللذ بحذف الياء )‬ ‫ٍ‬ ‫يعني ‪ :‬وجعل الذي تعتقد ‪ .‬وأبى الذي أوبي‬
‫ت ( أي تلك اآلية أو السورة مراده أن المفضول ھو كالمه تعالى في حق غيره ‪،‬‬ ‫منه ( من  جل وعال ) ََأت ِ‬ ‫ عز وجل ) ِ ْ ُ‬
‫والفاضل ھو كالم  في  جل وعال كيف ھذا ؟‬
‫يدا‬‫تبت َ َ‬ ‫َ‬
‫متعلقا بذاته وأسمائه وصفاته نقول ‪ :‬ھذا أشرف من جھة المعنى مما تعلق بأبي لھب أليس كذلك ؟ ﴿ َّ ْ‬ ‫ً‬ ‫يعني ما كان‬
‫القيوم ﴾ ] البقرة ‪ [255 :‬متعلق الحديث‬ ‫َ‬
‫الحي ْ ُّ ُ‬
‫ھو ْ َ ُّ‬ ‫ّ‬
‫وتب ﴾ ] المسد ‪ [1 :‬متعلق الحديث عن أبي لھب ﴿  ُ الَ ِ َ َ‬
‫إلـه ِإالَّ ُ َ‬ ‫لھب َ َ َّ‬ ‫َِأبي َ َ ٍ‬
‫عن ذات الرب جل وعال بأسمائه وصفاته أيھما أفضل من حيث المعنى ؟‬
‫آية الكرسي فنقول ‪ :‬ھذه أفضل من حيث ما تضمنته من المعاني العجيبة المتعلقة بذات الرب سبحانه وبأسمائه وصفاته ‪،‬‬
‫ٍ‬
‫حينئذ‬ ‫وتلك وإن كانت كالم  عز وجل ومتعبد بتالوتھا وحصل اإلعجاز بھا إال أنھا من حيث المعنى ليست كتلك فالمقارنة‬
‫وتب ﴾ كالم خارجي عن كالم الرب جل وعال حتى‬ ‫يدا َِأبي َ َ ٍ‬
‫لھب َ َ َّ‬ ‫ھنا مقارنة نسبية وليست مطلقة يعني ال نقارن أن ﴿ َ َّ ْ‬
‫تبت َ َ‬
‫تبت ﴾ نقول ‪ :‬ھذه مفضولة بالنسبة إلى ماذا ؟ بالنسبة إلى آية‬ ‫فحينئذ ﴿ َ َّ ْ‬
‫ٍ‬ ‫يُتوھم النقص وإنما نقارن بعض كالمه ببعضه اآلخر‬
‫مثال ‪ ،‬وأما كالمه سبحانه في ذاته وأسمائه وصفاته فال شك أنه أعلى المقامات وما دونه وھو كالمه جل وعال في‬ ‫ً‬ ‫الكرسي‬
‫غيره ھذا ال يُوھم النقص من حيث نسبته إلى األول ‪.‬‬
‫أتت ( أي‬ ‫َ‬
‫منه ( أي من  سبحانه ) َ ِ‬ ‫فيه ( يعني ‪ :‬في  عز وجل ) ِ ْ ُ‬ ‫الذ ( الذي ) ِ‬ ‫والفاضل ُ ( أي كالم  في  ) َّ ْ‬ ‫ِ‬ ‫ًإذا )‬
‫أتت ( ‪ .‬والفاضل الذي أتت فيه منه جار ومجرور متعلق بقوله‬ ‫تلك اآلية أو السورة فيه ومنه ھذان ظرفان متعلقان بقوله ‪ِ َ َ ) :‬‬
‫أتت ( ‪ .‬وأتت ھذه صلة الموصول ‪.‬‬ ‫‪ِ ََ ) :‬‬
‫ًإذا نقول ‪ :‬اختلف أھل العلم في ماذا ؟ في ھل في القرآن شيء أفضل من شيء ؟ نقول ‪ :‬على قولين ‪:‬‬
‫األول ‪ :‬الذين منعوا ‪ ،‬وھذا منسوب إلى ‪ :‬أبي الحسن األشعري ‪ ،‬والباقالني وغيره ونسب لإلمام مالك رحمه  تعالى‬
‫وضحاھا ﴾ ] الشمس ‪ [1 :‬كل يوم في ﴿‬ ‫لذلك كره أن تردد اآليات دون غيرھا في الصالة ال تمسك آية واحدة ﴿ َ َّ ْ ِ‬
‫والشمس َ ُ َ َ‬
‫وضحاھا ﴾ لماذا ؟ ألنه يُوھم أن ھذه أفضل من غيرھا ألن اإلنسان ال تخصيص لمكان أو زمان أو مقروء إال وثم‬ ‫والشمس َ ُ َ َ‬ ‫َ َّ ْ ِ‬
‫حينئذ يوھم أن ھذه اآليات لھا مزية عن غيرھا وھذا قد يتبادر إلى‬ ‫ٍ‬ ‫فحينئذ لو خصص بعض اآليات دون بعض‬ ‫ٍ‬ ‫اعتقاد فيه ‪،‬‬
‫الذھن خاصة عند العوام قد يتبادر إلى الذھن ماذا ؟ أنھا أفضل وأن غيرھا ليس بأفضل يتوھم ماذا ؟ يتوھم النقص ‪ ،‬لذلك‬ ‫ً‬
‫ُوي معناه عن مالك قال يحيى بن أبي يحيى ‪ :‬تفضيل‬ ‫قال بعضھم ‪ :‬ال فضل لبعض على بعض ‪ .‬ألن الكل كالم  سبحانه ر ِ َ‬
‫بعض القرآن على بعض خطأ ‪ .‬ال يجوز أن يقال ‪ :‬بعض القرآن أفضل من بعض لماذا ؟ قال ‪ :‬ألن األفضل يُشعر بنقص‬
‫واحدة ال نقص فيه ‪ .‬وقال قوم بالتفضيل لظواھر األحاديث ثم اختلفوا فقيل ‪ :‬الفضل راجع إلى‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫حقيقة‬ ‫المفضول وكالم ‬
‫عظم األجر والثواب يعني المرتب على قراءة اآليات ومضاعفة الثواب ‪ ،‬وقيل ‪ :‬بل يرجع لذات اللفظ وھذا أصح مع عدم‬
‫مخالفة األول يعني ‪ :‬التفضيل راجع لذات اللفظ لما يتضمنه من المعاني العجيبة كالمتعلق بأسماء الرب جل وعال فالتفضيل‬
‫حينئذ يكون بماذا ؟‬ ‫ٍ‬
‫ً‬
‫يكون بالمعاني العجيبة وكثرتھا ال من حيث الصفة قال بعض العلماء معلقا على ھذا االختالف يقول رحمه  ‪ :‬والعجب‬
‫ممن يذكر الخالف ‪ -‬وقد ذكرته من باب التعليم فقط ‪ -‬والعجب ممن يذكر الخالف في ذلك بعض ورود النصوص عن‬
‫حينئذ إذا جاءت النصوص واضحة بينة صريحة في تفضيل بعض القرآن على بعض كيف يرد‬ ‫ٍ‬ ‫صاحب الشريعة بالتفضيل ‪.‬‬
‫الخالف فيقال ‪ :‬ال تفضيل ومن فضل فقد أخطأ ؟ نقول ‪ :‬من منع التفضيل فقد أخطأ لماذا ؟ لورود النصوص الكثيرة التي‬
‫سورة في‬ ‫ٍ‬ ‫سورة ھي أعظم « أعظم تفضيل ًإذا أعظم‬ ‫ً‬ ‫جاءت في الصحيحين وفي غيره جاء حديث البخاري ‪ » :‬إني ألعلمك‬
‫العالمين ﴾ ] الفاتحة ‪ [2 :‬من قال ھذا ؟ النبي  ‪ً ،‬إذا إذا فضل النبي  بعض السور على‬ ‫رب ْ َ َ ِ َ‬ ‫الحمد ّ‪ِّ َ ِS‬‬
‫القرآن ما ھي ؟ ﴿ ْ َ ْ ُ‬
‫بعض ھل نقول ‪ :‬من فضل بعض القرآن على بعض لقد أخطأ ؟‬
‫ً‬
‫حينئذ نقول ‪ :‬العجب ممن يحكي الخالف لورود التفضيل من صاحب الشريعة » إني ألعلمك سورة ھي أعظم سور‬ ‫ٍ‬ ‫ال ‪،‬‬
‫أبي بن كعب في الصحيحين قال‬ ‫ُ‬
‫العالمين ﴾ ] الفاتحة ‪ . [2 :‬والحديث َ ّ‬ ‫َ‬
‫رب َ ِ َ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬
‫الحمد ‪ِّ َ ِS‬‬ ‫ْ‬
‫في القرآن « ‪ .‬قال ‪ :‬ما ھي ؟ قال ‪ُ ْ َ ﴿ :‬‬
‫رسول   ‪ » :‬أي آية في كتاب  أعظم « ھناك تفضيل في السور وھنا في اآليات » أي آية في كتاب  أعظم « ؟‬
‫ ُ الَ ِ َ َ‬
‫إلـه‬ ‫قلت ‪  :‬ورسوله أعلم ‪ .‬ھذا من باب األدب قال ‪ » :‬يا ُأبي أتدري أي آية في كتاب  أعظم « ؟ قال ‪ :‬قلت ﴿ ّ‬
‫القيوم ﴾ ] البقرة ‪ . [255 :‬قال ‪ :‬فضرب  على صدري أو في صدري وقال ‪ » :‬ليھنك العلم أبا المنذر « ‪.‬‬ ‫الحي ْ َ ُّ ُ‬ ‫ھو ْ َ ُّ‬ ‫ِ َّ‬
‫إال ُ َ‬
‫كتبا مفردة في فضائل القرآن فكل حديث وارد في‬ ‫ًإذا األحاديث الواردة في فضائل القرآن كلھا ‪ -‬وما أكثره ‪ -‬صنف العلماء ً‬
‫فضائل القرآن في بعض السور أو في بعض اآليات كما ھو في العشر األوائل من سورة الكھف أو في األواخر تقول ‪ :‬كل‬
‫‪51‬‬
‫أنكر التفضيل بل الصواب أنه يفاضل بعض بين القرآن‬ ‫ُنكر على َمنْ َ ْ َ‬ ‫حديث دل على ذلك فھو دليل على جواز التفضيل وي ْ َ َ‬
‫بعضه من بعض ‪ ،‬ولذلك ما تضمنته آيات األحكام ھل ھو مثل القصص ؟‬
‫الجواب ‪ :‬ال ‪ ،‬ال شك في ذلك ال يمكن أن يقارن آيات تضمنت أصول المعتقد مع آيات جاءت في ماذا ؟ في بيان بعض‬
‫القصص وال يمكن أن يفضل أو يقارن بين آيات تضمنت أحكام عظيمة في الشريعة كلية قواعد عامة مع غيرھا مما تضمن‬
‫به ( على‬ ‫منه ( من القرآن ) على َ ِ‬
‫القول ِ ِ‬ ‫َْ ُ َْ‬
‫والمفضولة ِ ْ ُ‬ ‫على بعض أو جزئيات الشرعية ‪ً ،‬إذا التفضيل ثابت وال شك فيه )‬
‫ً‬
‫واحدا تبت واإلخالص لماذا‬ ‫أتت ( العلماء يذكرون مثاالً‬ ‫منه َ َ ِ‬
‫فيه ِ ْ ُ‬ ‫والفاضل ُ َّ ْ‬
‫الذ ِ‬ ‫ِ‬ ‫تبت « ( كسورة تبت )‬‫القول بوجوده ) َكـ » َ َّ ِ‬
‫؟ ھكذا في ) البرھان ( و ) اإلتقان ( وغيرھم ‪ ،‬وبعضھم يقول ‪ :‬ال تقرأ ) تبت ( في الصالة وال تقول )عبس ( ال تقرأ )‬
‫عبس َ َ َ َّ‬
‫وتولى ﴾ ] عبس ‪ [1 :‬ھذا في حق النبي ‬ ‫عبس ( ‪ .‬سمعت بعض المعاصرين يذم من يقرأ عبس في الصالة كيف ﴿ َ َ َ‬
‫سبحان  ! ًإذا نقول ‪ :‬لماذا قارنوا بين تبت واإلخالص ؟ ألن تبت لم نجد فيھا فضل واإلخالص ورد فيھا فضل وأنھا تعدل‬
‫ثلث القرآن ‪.‬‬
‫ثم قال ‪ :‬ما اختص به علم التفسير‬

‫يترجم‬ ‫به َ ْ‬
‫وأن ُ َ ْ َ ُ‬ ‫قراءةٌ ِ ِ‬
‫ِ َ‬ ‫العربي َ ْ ُ ُ‬
‫تحرم‬ ‫بغير َ ْ ِ‬
‫لفظ َ َ ِ ِّ‬ ‫َِْ ِ‬
‫)‬ ‫)‬

‫وأن ُ َ ْ َ ُ‬
‫يترجم‬ ‫به َ ْ‬‫قراءةٌ ِ ِ‬
‫أن ( ‪َ ِ ) ،‬‬ ‫به ( قبل الواو وبعضھا أثبتته بعد ) َ ْ‬ ‫ھذا البيت فيه إشكال من جھة أن بعض النسخ أثبتت ) ِ ِ‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫بغير ِ‬
‫لفظ‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬
‫قراءة ( يعني ‪ :‬تحرم قراءة ) ِ ْ ِ‬ ‫ٌ‬ ‫بغير ( جار ومجرور متعلق بقوله ) ِ َ‬ ‫العربي ( ھذا جار ومجرور ) ِ َ ْ ِ‬ ‫لفظ َ َ ِ ِّ‬ ‫بغير َ ْ ِ‬‫(‪ِ َِْ )،‬‬
‫قراءةٌ ( ‪.‬‬‫العربي ( ھذا جار ومجرور متعلق بقوله ‪َ ِ ) :‬‬ ‫لفظ َ َ ِ ِّ‬‫بغير َ ْ ِ‬
‫قراءةٌ ( ھذا فاعله ) ِ َ ْ ِ‬ ‫تحرم ( ھذا فعل مضارع ) ِ َ‬ ‫العربي ( ) َ ْ ُ ُ‬ ‫َ َ ِ ِّ‬
‫ألنه مصدر ‪.‬‬
‫جم ( أيھما أولى ؟‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫يترجم ( ‪ ) ،‬وأنْ ِ ِ‬
‫به يُترْ َ ُ‬ ‫َ‬
‫وأن ُ ْ َ ُ‬ ‫به َ ْ‬ ‫) ِِ‬
‫به (‬ ‫بغير ( أنه جار ومجرور متعلق بقراءة حينئذ ) ِ ِ‬ ‫َ‬
‫به لو قيل ) ِ ْ ِ‬ ‫وأن ُ َ ْ َ ُ‬
‫يترجم ( ِ ِ‬ ‫َ‬
‫به ْ‬ ‫ٌ‬
‫قراءة ِ ِ‬‫بدليل ھذا أولى لقاعدة كذا ؟ ) ِ َ‬
‫بغير ( جار ومجرور متعلق بقوله ‪) :‬‬ ‫َ‬
‫يترجم ( لو جعلنا ماذا ؟ ) ِ ْ ِ‬ ‫به ُ َ ْ َ ُ‬ ‫وأن ِ ِ‬ ‫َ‬
‫أن ( ‪ْ ) ،‬‬ ‫َ‬
‫فحينئذ يتعين تأخير بعد ) ْ‬ ‫ٍ‬ ‫صار ال وجه له‬
‫قراءة ِبه ( قراءة ھذا‬ ‫ٌ‬ ‫تحرم ِ َ‬ ‫بغير ( الباء حرف جر زائد وغير مبتدأ ) َ ْ ُ ُ‬ ‫قراءةٌ ( ‪ .‬ولفظ توجيه وتخريج يمكن أن يقال ‪ِ ْ ِ ) :‬‬
‫َ‬ ‫ِ َ‬
‫وحينئذ ال نقول ‪) :‬‬ ‫ٍ‬ ‫خبرا للمبتدأ غير‬ ‫حينئذ تكون ً‬ ‫ٍ‬ ‫العربي ( والجملة‬ ‫لفظ َ َ ِ ِّ‬ ‫غير ِ‬‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫فاعل تحرم ‪ ،‬و ) ِبه ( الضمير يعود على ) ْ‬
‫درھم الباء حرف جر زائد ‪ ،‬وحسب مبتدأ مرفوع‬ ‫ٌ‬ ‫بغير ( جار ومجرور متعلق بقراءة فلما جعلنا الباء ھنا مثل بحسبك‬ ‫َِْ ِ‬
‫باالبتداء ورفع بضمة مقدرة ‪ً ،‬إذا الباء ھنا ال نحتاج إلى متعلق لتتعلق به لماذا ؟ ألن الذي يكون حرف جر زائد أو شبيه‬
‫حينئذ لو جعلنا الباء حرف‬ ‫ٍ‬ ‫بالزائد ال يحتاج إلى متعلق وإنما الذي يكون أو يفتقر إلى متعلق يتعلق به ھو حرف الجر األصلي‬
‫بغير ( أنه‬ ‫به ( ‪ .‬وإذا جعلنا ) ِ َ ْ ِ‬ ‫قراءةٌ ( ‪ .‬ھو متعلق بغير فكذا قوله ‪ِ ِ ) :‬‬ ‫جر أصلي ال بد من متعلق وھو قراءة ‪ ،‬وإذا كان ‪َ ِ ) :‬‬
‫قراءةٌ ( فعل فاعل والجملة في محل رفع خبر‬ ‫تحرم ِ َ‬ ‫مبتدأ غير مبتدأ مرفوع باالبتداء والباء حرف جر جائز أين خبره ) َ ْ ُ ُ‬
‫قراءة ( ‪ .‬ليس عندنا قبل )‬ ‫تحرم ِ َ ٌ‬ ‫خبرا اشتمالھا على ضمير أين الضمير في قوله ‪ُ ُ ْ َ ) :‬‬ ‫المبتدأ ‪ ،‬يُشترط في الجملة في الواقعة ً‬
‫به ( ‪ .‬الضمير يعود على غير اللفظ العربي فاستقام الكالم‬ ‫قراءةٌ ( ليس عندنا ضمير يعود إلى المبتدأ فقيل ‪ِ ِ ) :‬‬ ‫تحرم ِ َ‬ ‫به ( ) َ ْ ُ ُ‬ ‫ِِ‬
‫‪.‬‬
‫حشر واألولى تأخيره‬ ‫ٌ‬ ‫حينئذ يتعلق بالقراءة وبه صار‬ ‫ٍ‬ ‫بغير ( ھذا الجار والمجرور أصلي حرف جار أصلي‬ ‫وإن جعلنا ) ِ َ ْ ِ‬
‫به ُ َ ْ َ ُ‬
‫يترجم ( ‪.‬‬ ‫وأن ِ ِ‬ ‫َ‬
‫على النصف الثاني ) ْ‬
‫يترجم ( فيه إشكاالت ‪:‬‬ ‫به ُ َ ْ َ ُ‬ ‫وأن ِ ِ‬ ‫إذا قيل ‪ْ َ ) :‬‬
‫يترجم ( ھذا‬ ‫أن ( ھذا حرف مصدر لفظي كيف يقال ‪ُ َ ْ َ ُ ) :‬‬ ‫األول ‪ :‬الفصل بين أن ومعمولھا ‪ ،‬ھل يجوز أو ال يجوز ثم ) َ ْ‬
‫حينئذ نقول ‪ :‬إذا‬ ‫ٍ‬ ‫منصوبا ‪ ،‬فجواب ) أن به يترجم ( ‪،‬‬ ‫ً‬ ‫يغفر ال بد أن يكون‬ ‫َ‬ ‫يغفر ِلي ﴾ ] الشعراء ‪[82 :‬‬ ‫أطمع َأن َ ْ ِ َ‬ ‫والذي َ ْ َ ُ‬ ‫مثل ﴿ َ َّ ِ‬
‫يترجم ( نقول اختلف أھل العربية في جواز الفصل بين أن‬ ‫به ُ َ ْ َ ُ‬ ‫وأن ِ ِ‬ ‫عرضنا عن ھذه النسخة وفي ظني أنھا أولى ) َ ْ‬
‫المصدرية ومعمولھا بالظرف والشبه ‪.‬‬
‫ھذا محل نزاع ھل يجوز أو ال يجوز ‪.‬‬
‫إذا قيل أريد أن أقعدَ في الدار أو في المسجد ‪ ،‬أريد أن أقعدَ في المسجد ‪.‬‬
‫أريد ‪ :‬ھذا فعل ‪ ،‬أن ‪ :‬حرف مصدر ‪ ،‬أقعدَ ‪ :‬ھذا فعل مضارع منصوب بأن ‪ ،‬في المسجد ‪ :‬حال متعلق بأقعد ‪ .‬ھل يصح‬
‫معمول ومعمولھا الذي ھو معمول أن الذي ھو‬ ‫ٍ‬ ‫أن أقول ‪ :‬أريد أن في المسجد أقعدَ أو ال ؟ يعني الفصل بين أن والفعل بين‬
‫‪52‬‬
‫الفعل ‪ ،‬أقعد ھذا معمول أن تعلق به في المسجد ھل يجوز الفصل بين أن ومفھومھا ھذا محل نزاع ‪ ،‬بعضھم جوزه في السعة‬
‫يعني في االختيار ‪ ،‬ومذھب المصريين منھم أنه يجوز في الضرورة فقط وأما في االختيار فال يجوز الفصل بين أن‬
‫فحينئذ ال يجوز أن يقال في النثر يعني ‪ :‬في االختيار‬ ‫ٍ‬ ‫سواء كان في الظرف أو الجار والمجرور أو غيره‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫مطلقا‬ ‫ومدخولھا‬
‫ٍ‬
‫حينئذ أن‬ ‫والسعة ‪ :‬أريد أن في المسجد أقعد ھذا باطل ال يصح ألن أن المصدرية ھذه متصلة بمدخولھا وھو موصولھا فيلزم‬
‫ومجرورا وھذا مذھب سيبويه وھو‬ ‫ً‬ ‫ظرفا أو ً‬
‫جارا‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ظاھرا أو كان‬ ‫سواء كان ً‬
‫اسما‬ ‫ٌ‬ ‫تاليا لھا وال يفصل عنھا بأي كان‬ ‫يكون ً‬
‫مذھب البصريين ‪ ،‬وعليه ‪:‬‬
‫حينئذ صار ضرورة إذا‬ ‫ٍ‬ ‫ٌ‬
‫يترجم ( جائز أو ال ؟ جائز ألنه في مقام ضرورة ليس في النثر ليس في االختيار ‪،‬‬ ‫به ُ َ ْ َ ُ‬
‫وأن ِ ِ‬‫) َْ‬
‫قيل ضرورة مرادھم الشعر وليس مرادھم النثر في االختيار إذا قيل في االختيار مرادھم النسخ والضرورة أو في غير‬
‫يترجم ( ‪ ،‬جائز وال إشكال فيه ًإذا حل‬ ‫به ُ َ ْ َ ُ‬ ‫حينئذ على مذھب البصريين قاطبة ) َ ْ‬
‫وأن ِ ِ‬ ‫ٍ‬ ‫االختيار مرادھم الشعر وھنا جاز‬
‫اإلشكال أو ال ؟ حل اإلشكال ‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫به ُ َ ْ َ ُ‬
‫يترجم ( ‪ .‬ھذا جائز ألنه باب الضرورة وفي غير االختيار ‪.‬‬ ‫) َْ‬
‫وأن ِ ِ‬
‫ويترجم أريد أن في‬ ‫َ‬ ‫يترجم أن حرف يعمل نصب ينصب‬ ‫َ‬ ‫يترجم ‪ :‬بالرفع ليست منصوبة وھذا اإلشكال األصل وأن به‬
‫به ُ َ ْ َ ُ‬
‫يترجم‬ ‫َ‬
‫وأن ِ ِ‬
‫يترجم ) ْ‬
‫َ‬ ‫الدار أو في المسجد أقعدَ ؟ أريد أن في المسجد أقعدَ بالنصب على أنه معمول أن ھنا ً‬
‫أيضا األصل أنه‬
‫(‪:‬‬
‫ما اختص به علم التفسير‬

‫) ما ( أختھا حيث استحقت عملت‬ ‫وبعضھم أھمل ) أن ( حمالً على‬


‫)‬ ‫)‬

‫ھذا على قول بعض أھل العرب أنه إذا وجدت ) أن ( يجوز إعمالھا ويجوز إھمالھا ‪.‬‬
‫مقيس عند ابن مالك رحمه ‬ ‫ٌ‬ ‫أريد أن أقعدَ أن ٌ‬
‫أقعد بالنصب والرفع وھو‬
‫حمال على ما أختھا ما المصدرية ‪،‬‬ ‫ً‬ ‫وبعضھم يعني ‪ :‬بعض العرب ‪ ،‬وبعضھم أھمل أن يعني ال يعملھا النصب أھمل أن‬
‫ألن ما المصدرية ھذه ال تعمل النصب وأن المصدرية تعمل النصب بعضھم حمل ما المصدرية على أن فأعملھا وھو شاذ ‪،‬‬
‫وأن ِ ِ‬
‫به‬ ‫حرفا مھمالً ‪ً ،‬إذا ھنا ‪ْ َ ) :‬‬ ‫ً‬ ‫وبعضھم حمل أن المصدرية على ماذا ؟ على ما المصدرية فأبطل عملھا أھملھا فصارت‬
‫لغة لماذا ؟ حمل أن المصدرية على ما المصدرية ألن ما المصدرية ال تعمل وأن األصل فيھا أنھا‬ ‫جائز ً‬
‫ٌ‬ ‫يترجم ( ‪ .‬نقول ھذا‬‫َُ ْ َ ُ‬
‫عمال ‪ ،‬يعني ‪ :‬ما المصدرية ھذا األصل ‪ ،‬ولو وجد شرط تحقق نصب أن المصدرية‬ ‫ً‬ ‫تعمل ولو وجب إعمالھا حيث استحقت‬
‫ُتم (‬
‫الرضاعة ( ] البقرة ‪ . [233 :‬قراءة ابن محيصن ) ي ِ ُّ‬ ‫أرادَ َأن ي ِ ُّ‬
‫ُتم َّ َ َ َ‬ ‫لمنْ َ َ‬
‫ضمن نقول يجوز اإلھمال ) ِ َ‬
‫ٍ‬ ‫بعلم وال‬
‫وعدم تركھا ٍ‬
‫يغفر لِي ﴾ ]‬‫أطمع َأن َ ْ ِ َ‬
‫والذي َ ْ َ ُ‬
‫يتم فعل مضارع مرفوع كيف رفع وأن سبقته أليس ھو مثل ﴿ َ َّ ِ‬ ‫ُتم ( أن حرف مصدر ُّ‬ ‫أرادَ َأن ي ِ ُّ‬
‫) ََ‬
‫الشعراء ‪ [82 :‬ھذا مثله ال شك إنه مثله لكن ھنالك نصب وھنا أھمل وكالھما جائز ومقيس في لغة العرب ‪.‬‬
‫ما اختص به علم التفسير‬

‫مني السالم وأن ال تشعرا أحدا‬ ‫أن تقرءان على أسماء ويحكما‬
‫)‬ ‫)‬

‫ٍ‬
‫فحينئذ‬ ‫أن تقرءان ‪ ،‬تقرءان ‪ :‬النون ثابتة أو ال ؟ ثابتة واألصل أن تقرءا ھذا مذھب البصريين وعند الكوفيين ال يجوز‬
‫يترجم ( الفرق بين‬ ‫به ُ َ ْ َ ُ‬ ‫يترجم ( فيه إشكاالن وقد وجد الحالن الحمد ) َ ْ‬
‫وأن ِ ِ‬ ‫به ُ َ ْ َ ُ‬ ‫مخففة من الثقلية ‪ً .‬إذا قوله ‪ْ َ ) :‬‬
‫وأن ِ ِ‬ ‫ً‬ ‫تكون أن‬
‫أن‬ ‫َ‬
‫به ( حصل الفصل بين ) ْ‬ ‫أن المصدرية معمولھا بمعمول المعمول ‪ ،‬ما ھو معمول أن ؟ الفعل ترجم ما معمول المعمول ) ِ ِ‬
‫وأن ِ ِ‬
‫به‬ ‫َ‬
‫مطلقا يعني في النثر وفي الضرورة ) ْ‬ ‫ً‬ ‫جائز في الضرورة وھو مذھب البصريين ‪ ،‬وبعضھم جوزه‬ ‫ٌ‬ ‫( ومعمولھا وھو‬
‫أيضا جائز ومقيس كما ھو مذھب ابن مالك رحمه  تعالى وإال األصح واألحسن نقول األصح لو‬ ‫ٌ‬ ‫يترجم ( بالرفع نقول ھذا ً‬ ‫َُ ْ َ ُ‬
‫بغير (‬ ‫قيل ) قراءة به وأن يترجم ( ال إشكال وبعض النسخ فيه شرح التفسير ھكذا ) قراءة به وأن يترجم ( ‪ ،‬على جعل ) ِ َ ْ ِ‬
‫وأن‬ ‫َ‬
‫قراءةٌ ْ‬ ‫حينئذ نقول ‪َ ِ ) :‬‬‫ٍ‬ ‫متعلق بقراءة‬
‫ٍ‬ ‫وحينئذ لو قيل ) ِ َ ْ ِ‬
‫بغير (‬ ‫ٍ‬ ‫الباء حرف جر زائد وليس بأصلي فال يحتاج إلى متعلق ‪،‬‬
‫به ُ َ ْ َ ُ‬
‫يترجم ( وھذا أحسن ‪.‬‬ ‫ِِ‬
‫ما اختص به علم التفسير‬
‫‪53‬‬
‫َُ ْ َ ُ‬
‫يترجم‬ ‫ِِ‬
‫به‬ ‫َْ‬
‫وأن‬ ‫قراءةٌ‬
‫ِ َ‬ ‫)‬ ‫العربي َ ْ ُ ُ‬
‫تحرم‬ ‫بغير َ ْ ِ‬
‫لفظ َ َ ِ ِّ‬ ‫َِْ ِ‬
‫)‬

‫يترجم ( أن وما دخلت عليه في تأويل مصدر‬ ‫به ُ َ ْ َ ُ‬ ‫يعني مراده أنه ال يجوز ويحرم قراءة بغير اللفظ العربي ) َ ْ‬
‫وأن ِ ِ‬
‫العربي ( إن عطفناه على األول )‬ ‫لفظ َ َ ِ ِّ‬ ‫غير َ ْ ِ‬
‫قراءةٌ ( ويحتمل أنه على عطف على ) َ ْ ِ‬ ‫معطوف على ماذا ؟ يحتمل أنه على ) ِ َ‬
‫مغايرا ‪ ،‬وأيھما أولى ؟‬‫ً‬ ‫قراءة ( فاعل صار العطف‬ ‫ٌ‬ ‫العربي ( صار من عطف التفسير وإن عطفناه على اآلخر ) ِ َ‬ ‫لفظ َ َ ِ ِّ‬ ‫بغير َ ْ ِ‬
‫َِْ ِ‬
‫وأن ِ ِ‬
‫به‬ ‫الثاني عطف المغايرة ھو األصل وإذا تردد أن يكون بين عطف التفسير وعطف المغايرة حمل على الثاني ‪ْ َ ) ،‬‬
‫قراءةٌ ( المعنى المراد بھذا‬ ‫العربي ( عطف تفسير ويدل عطفه على ) ِ َ‬ ‫لفظ َ َ ِ ِّ‬‫بغير َ ْ ِ‬
‫عطف على ) ِ َ ْ ِ‬
‫ٌ‬ ‫يترجم ( المصدر المنسبك‬ ‫َُ ْ َ ُ‬
‫البيت أنه يحرم قراءة القرآن بغير اللفظ العربي وبالمترجم به ‪ ،‬وعلى الثاني نقول ‪ :‬يحرم قراءة القرآن بغير اللفظ العربي‬
‫وترجمته ‪ ،‬تحرم الترجمة وتحرف القراءة بغير اللفظ العربي ‪.‬‬
‫ِّ‬
‫بالحد ‪،‬‬ ‫ھذه المسألة وقع فيھا نزاع عند بعضھم وكان الخالف ليس بواقع وإنما ھو متصور أو متوھم لكن ھذا يمكن رده‬
‫محمد  المتعبد بتالوته المعجز بلفظه ‪ً .‬إذا ھو كالم  ألفاظه وحروفه‬ ‫ٍ‬ ‫نقول ‪ :‬القرآن ما ھو ؟ كالم  المنزل على نبيه‬
‫ٌ‬
‫المنزل ُ ( إذا ھذا مكان محلھا منزلة وإذا ترجم‬ ‫ً‬ ‫) ُ ِ‬‫ْ‬ ‫ومعانيه وتراكيبه وجمله وسوره وآياته من أين ؟ من  جل وعال‬
‫ً‬
‫بلغة أخرى قبل أن ندخل في التفاصيل نقول إذا ترجم القرآن بالفارسية مثال ھل المترجم ھو القرآن ؟‬ ‫القرآن ٍ‬
‫] البقرة ‪ [2 ، 1 :‬أتى بكل كلمة ما يرادفھا‬ ‫ذلك ْ ِ َ ُ‬
‫الكتاب ﴾‬ ‫َ‬
‫نقول ‪ :‬القرآن ھو كالم  المنزل إذا قال ‪ ﴿ :‬الم * ِ َ‬
‫مثال أو االنجليزية أو الفرنسية ‪ ،‬الكالم اإلنجليزي ھذا الذي ترجم به القرآن ‪ ،‬االنجليزي ھذا ھل ھو منزل من عند‬ ‫ً‬ ‫بالفارسية‬
‫الرب جل وعال ؟‬
‫لغة أخرى بأن يُجعل كل‬ ‫حينئذ لو قيل بجواز ترجمة القرآن إلى ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ال ‪ ،‬بل األمر واضح وال يحتاج إلى كثير إعمال ذھن ‪،‬‬
‫قرآنا لماذا ؟‬ ‫لغة أخرى لبطل كونه ً‬ ‫مرادف للفظ آخر في ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫لفظ‬
‫ً‬
‫النتفاء كونه كالم الرب جل وعال وإنما ينسب إلى قائله ‪ ،‬ثم انتفاء كونه معجزا ‪ ،‬ثم انتفاء كونه منزل من عند الرب جل‬
‫وعال ‪.‬‬
‫ًإذا لم ينطبق عليه الحد ‪ ،‬فكل دعوى إلى ترجمة القرآن ترجمة حرفية بأن يُجعل بإيذاء كل كلمة في القرآن كلمة أخرى‬
‫وحينئذ ال نحتاج إلى دخول في تفاصيل ‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫لغة أجنبية ونحوھا نقول ‪ :‬ھذا يبطله تعريف القرآن السابق ‪،‬‬ ‫من ٍ‬
‫ًإذا نقول ‪ :‬المعنى الذي دل عليه البيت السابق ھو أنه يحرم قراءة القرآن بغير اللفظ العربي وبالمترجم به ‪.‬‬
‫الترجمان المفسر للكالم ‪ ،‬وقد ترجمه وترجم عنه إذا فسر كالمه بلسان‬ ‫الترجمة ما المراد بالترجمة ؟ قال في القاموس ‪ُّ :‬‬
‫آخر ‪ ،‬وقيل ‪ :‬نقله من لغة إلى لغة أخرى ‪.‬‬
‫ًإذا نقول ‪ :‬الترجمة في اللغة تأتي بمعنى التفسير والبيان واإليضاح وتأتي بمعنى النقل ‪ .‬الترجمة التي يمكن أن تكون‬
‫داخلة معنا ھنا في البحث نوعان ‪:‬‬
‫ترجمة حرفية ‪.‬‬
‫وترجمة تفسيرية معنوية ‪.‬‬
‫الترجمة التفسيرية المعنوية ھذه تتعلق بالمعنى فقط دون اللفظ فيُشرح المعنى بلغة أخرى من غير تقييد بحرفية اللفظ ‪.‬‬
‫يعني ‪ :‬يأتي إلى مراد من آية فيقول ‪ :‬المراد بھذه اآلية كيت وكيت بلسان آخر غير عربي ھذه تسمى ماذا ؟‬
‫ترجمة تفسيرية معنوية أن يترجم وينقل المعنى الذي دل عليه القرآن يترجمه إلى لغة أخرى من غير أن يتقيد بترتيب‬
‫اآليات وال الكلمات ‪.‬‬
‫رب ْ َ َ ِ َ‬
‫العالمين ﴾ ] الفاتحة ‪:‬‬ ‫الحمد ّ‪ِّ َ ِS‬‬
‫الترجمة الحرفية ھي ‪ :‬إبدال لفظ األصل بلفظ آخر مرادف له باللغة أخرى ‪ .‬يأتي ﴿ ْ َ ْ ُ‬
‫رب ﴾ في‬ ‫الحمد ﴾ في لغة العرب الحمد يأتي بالفارسية يقول ‪ :‬كذا ‪ ﴾ ِSّ ﴿ .‬ھذا في العربية يأتي بالفارسية يقول ‪ :‬كذا ﴿ َ ِّ‬ ‫‪ُ ْ َ ْ ﴿ [2‬‬
‫العالمين ﴾ يأتي بمرادفھا في الفارسية فتكون ھذه ترجمة ماذا ؟ حرفية نقل كل كلمة من‬ ‫العربية يأتي بمرادفھا في الفارسية ﴿ ْ َ َ ِ َ‬
‫العربية إلى الفارسية نقول ‪ :‬ھذه ترجمة حرفية ‪ .‬والتفسيرية المعنوية ينظر إلى المعنى دون أن يتقيد ‪ ،‬تقول ‪ :‬وصف الرب‬
‫جل وعال بالربوبية وأنه رب للعالمين يأتي بھذا المعنى فيترجمه إلى لغة أخرى نقول ‪ :‬ھذه ترجمة تفسيرية معنوية ‪.‬‬
‫محالة وغير ممكنة وال مقدور عليھا ‪ .‬ھذا محال يستحيل أن يترجم القرآن حرفاً‬ ‫ٌ‬ ‫ً‬
‫ترجمة حرفية‬ ‫نقول ‪ :‬ترجمة القرآن‬
‫ً‬
‫حرفا بلغة أخرى ولذلك ما نقل أبي حنيفة رحمه  بأنه أجاز قراءة القرآن بالفارسية مطلقا سواء كان في الصالة أو في‬ ‫َ ً‬
‫غيرھا لمن أحسن العربية أو غيرھا ھذا ر َُّد عليه مع صحة رجوعه رحمه  عن ھذا القول ‪ ،‬ر َُّد عليه بأنه لو جاز الترجمة‬
‫‪54‬‬
‫قرآنا ألن القرآن‬ ‫قرآنا وھذا يكفي في إبطال ھذا القول ‪ ،‬لو جازت الترجمة الحرفية لخرج عن كونه ً‬ ‫الحرفية لخرج عن كونه ً‬
‫أعجميا ً ﴾ ] فصلت ‪ [44 :‬وھذا يدل‬ ‫قرآنا ً َ ْ َ ِ ّ‬
‫جعلناهُ ُ ْ‬
‫ولو َ َ ْ َ‬
‫مبين ﴾ ] الشعراء ‪ [195 :‬ولذلك جاء ﴿ َ َ ْ‬ ‫عربي ُّ ِ ٍ‬ ‫ماذا ؟ نزل ﴿ ِ ِ َ ٍ‬
‫بلسان َ َ ِ ٍّ‬
‫حينئذ ما ُنسب إلى أبي حنيفة أنه يجوز قراءة القرآن بالفارسية‬ ‫ٍ‬ ‫ً‬
‫أعجميا‬ ‫على ماذا ؟ على أنه ال يمكن أن يكون ماذا ؟ أن يكون‬
‫كان في أول أمره ثم رجع ‪ ،‬وأما أبو يوسف فقيده بأن لم يحسن العربية لكن ما ذكرناه ھو أصح ‪.‬‬
‫محالة وغير ممكنة وال مقدورة أو مقدور عليھا والعلماء متفقون على عدم‬ ‫ً‬ ‫ًإذا نقول ‪ :‬فترجمة القرآن ترجمة حرفية‬
‫عقال فضالً عن ھل وقعت أم ال ؟ ولھذا قال القفال الشاشي رحمه  ‪ :‬عندي‬ ‫ً‬ ‫إمكانھا فضالً عن وقوعھا ‪ ،‬يعني ‪ :‬ال تتصور‬
‫أحدا أن يأتي بالقرآن بالفارسية ‪ .‬لماذا ؟ قال ‪ :‬ألنه إذا أراد أن يقرأه بالفارسية فال يمكن أن يأتي بجميع مراد ‬ ‫أنه ال يقدر ً‬
‫معجزا ‪ ،‬وعن‬ ‫ً‬ ‫قرآنا ‪ ،‬وعن كون‬ ‫جل وعال وإنما إن جاء فإنما يكون ببعض ‪ .‬وأحسن من ھذا أن يقال ‪ :‬إنه يخرجه عن كونه ً‬
‫كونه متعبد بتالوته ألنه إذا أراد أن يقرأه بالفارسية فال يمكن أن يأتي بجميع مراد  الرب جل وعال فإن الترجمة ‪ -‬ھكذا‬
‫ً‬
‫عقال‬ ‫قال ‪ -‬إبدال لفظة بلفظة تقوم مقامھا وذلك غير ممكن ًإذا نقول ‪ :‬الخالصة القراءة بغير اللسان عربي غير متصور‬
‫واقعا أو ليس بواقع ‪ ،‬فظھر من ھذا كما قال الزركشي فظھر من ھذا أن الخالف في جواز قراءته بالفارسية‬ ‫فضال عن كونه ً‬ ‫ً‬
‫ال يتحقق لعدم إمكان تصوره ألن في كتب الفروع يذكرون ھذه المسألة إذا ذكروا الفاتحة وأنھا ركن ھل يجوز قراءتھا‬
‫الفارسية أو ال ؟‬
‫جدا ھل يجوز قراءته بالفارسية أو ال ؟ فمنھم من يقول ‪ :‬جائز ‪ .‬ومنھم من يقول ‪ :‬لو جاز بطلت‬ ‫ھذا خالف غريب ً‬
‫صالته ‪ .‬وبضعھم يقول ‪ :‬فسدت الصالة ‪ .‬وبعضھم يقول ‪ :‬جائز لمن ال يحسن ‪ .‬نقول ‪ :‬ھذا الخالف باطل من أصله لماذا ؟‬
‫عربياً‬
‫قرآنا ً َ َ ِ ّ‬ ‫متكلما بكالم ليس من جنس الصالة فبطلت صالته ﴿ َِّإنا َ َ ْ َ‬
‫أنزلناه ُ ُ ْ‬ ‫ً‬ ‫قرآنا صار‬‫ألنه لو نقل بالفارسية لخرج عن كونه ً‬
‫أعجميا ً ﴾ ] فصلت ‪ . [44 :‬قال الزركشي رحمه  تعالى في ) البرھان ( ‪:‬‬ ‫قرآنا ً َ ْ َ ِ ّ‬
‫جعلناهُ ُ ْ‬
‫ولو َ َ ْ َ‬
‫﴾ ] يوسف ‪ [2 :‬وقوله ‪ْ َ َ ﴿ :‬‬
‫واستقر اإلجماع على أنه تجب قراءة القرآن على ھيأته التي يتعلق بھا اإلعجاز لنقص الترجمة عنه ولنقص غيره من األلسن‬
‫عن البيان الذي اختص به دون سائر األلسنة ‪ .‬وعبر عن ھذا المعنى ابن تيمية رحمه  تعالى بقوله ‪ :‬وأما اإلتيان بلفظ يبين‬
‫ً‬
‫موجودا‬ ‫فضال عن كونه‬ ‫ً‬ ‫المعنى كبيان لفظ القرآن فھذا غير ممكن أصالً ‪ .‬إذا قيل ‪ :‬غير ممكن ‪ .‬يعني ‪ :‬ال يتصور في العقل‬
‫بواقع ‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫واقعا أو ليس‬ ‫ً‬
‫فضال عن كونه ً‬ ‫في الواقع أم ال ‪ .‬فالنفي ھنا نفي لإلمكان وللتصور‬
‫أيضا‬ ‫ً‬
‫أما الترجمة التفسيرية المعنوية فھي كما ذكرناه سابقا أن يأتي إلى المعنى فيأخذ المعنى ويترجمه إلى لغة أخرى ھذا ً‬
‫جوازا ‪ ،‬وأما الترجمة التفسيرية المعنوية من أجل العمل فجائزة وقيدھا بعضھم‬ ‫ً‬ ‫منعا وال‬ ‫فيه تفصيل ليس على إطالقه ً‬
‫كالزركشي في ) البرھان ( للضرورة يعني ‪ :‬المعنى معاني القرآن يفسر بلغة بلسان غير عربي للضرورة لماذا ؟ لما سيأتي‬
‫ثم فرق بين التفسيرية‬ ‫إن شاء  وھذا على ما مشى عليه كثير من عدم التفريق بين التفسيرية والمعنوية واألحسن أن يقال ‪َّ ّ :‬‬
‫والمعنوية ‪ .‬قال الشاطبي في الموافقات بعد أن قسم لنا معاني القرآن إلى نوعين ‪:‬‬
‫معان أصلية ‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫ومعان ثانوية ‪.‬‬
‫ٍ‬
‫ألنه يطلق القول فيقال ‪ :‬الترجمة المعنوية للقرآن جائزة ‪ ،‬وھذا يطلقه البعض لكن ھذا ليس على إطالقه ألن المعنى الذي‬
‫دل عليه القرآن نوعان ‪:‬‬ ‫ّ‬
‫معان أصلية ‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫ومعان ثانوية فرعية ‪.‬‬
‫ٍ‬
‫المعاني األصلية المراد بھا ‪ :‬التي يستوي في فھما كل من عرف مدلوالت األلفاظ المفردة والمركبة وأساليب تركيب‬
‫المعرفة العامة إجمالية يعرف أن سورة الفاتحة تبحث في ماذا ؟ تبحث في إثبات الربوبية جل وعال ‪ ،‬وإثبات األلوھية ‪،‬‬
‫وإثبات األسماء والصفات ‪ً ،‬إذا ھذا فھم عام ‪.‬‬
‫وأما المعاني الثانوية ھي ‪ :‬خصائص اللسان العربي التي يرتفع بھا شأن كالم مما يتعلق بعلوم البيان والمعاني والبديع ما‬
‫يمسى عندھم بخواص التراكيب ‪.‬‬
‫متعلما أو مدركا لما يدرك به خصائص التراكيب أو ال ‪ ،‬يعني يستوي فيه‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ثم معنى أصلي يستوي في فھمه سواء كان‬ ‫ًإذا َ َّ‬
‫معان في القرآن ثانوية ال تدرك إال بعمق وتدبر ونظر في كالم العرب أوالً ثم من‬ ‫ٍ‬ ‫العامي الذي عنده نوع بيان وغيره ‪َّ َ ،‬‬
‫وثم‬
‫لفظيا أو‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫مشتركا‬ ‫القرآن حتى تستنبط ھذه المعاني من تقديم وتأخير وحذف واستعارة وكناية ومجاز وحقيقة إلى آخره كونه‬
‫معنويا إلى آخره فنقول ‪ :‬ھذه خواص التراكيب التي ال تدرك إال بالبيان وال تدرك إال بالبديع والمعاني وإال تدرك إال‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫مشتركا‬
‫بالتعمق والرسوخ في لغة العرب ھذه ال يمكن ترجمتھا ‪ ،‬وإنما تتعلق الترجمة بالمعاني األصلية فقط لذلك قال الزمخشري ‪:‬‬
‫معان‬
‫ٍ‬ ‫إن في لسان العرب ‪ .‬أو قال ‪ :‬كالم العرب من لطائف المعاني ما ال يستقل بأدائه لسان ‪ .‬يعني ‪ :‬لسان العرب يدل على‬
‫‪55‬‬
‫ولطائف وخصائص تتعلق بالتراكيب ھذه الخصائص وھذه المعاني الخاصة واللطائف التي تؤخذ من لسان عربي ال يمكن‬
‫حينئذ تتعذر الترجمة لمعاني القرآن الثانوية كما تعذرت ترجمة القرآن ترجمة حرفية‬ ‫ٍ‬ ‫أن يقوم مقام اللسان العربي لسان آخر‬
‫أيضا عقالً وال يتصور ترجمة ماذا ؟ المعاني الثانوية ‪ ،‬وھذا النوع من المعاني الثانوية غير مقدور عليه في ترجمة‬ ‫ً‬ ‫تتعذر‬
‫القرآن ألنه ال يفي بحقھا أي لسان غير اللسان العربي ألن أي لغة ال تحمل تلك الخواص كل لغة ال تحمل تلك الخواص ‪.‬‬
‫أما القسم األول وھو المعاني األصلية فھي التي يمكن نقلھا إلى لغة أخرى قال الشاطبي رحمه  ‪ -‬الشاطبي بحث ھذه‬
‫المسألة في ) الموافقات ( بحث نفيس ‪ : -‬إن ترجمة القرآن على الوجه األول ‪ -‬ويعني به النوع األول المعاني األصلية ‪-‬‬
‫ممكن ومن جھته‬ ‫ٌ‬ ‫ممكن إن ترجمة القرآن على الوجه األول ‪ -‬وھو المعاني األصلية العامة التي يشترك في فھمھا الكل ‪-‬‬
‫جائزا باتفاق أھل اإلسالم‬ ‫ً‬ ‫صح تفسير القرآن وبيان معانيه للعامة ومن ليس له فھم يقوى على تحصيل معانيه وكان ذلك‬
‫فصار ھذا االتفاق حجة في صحة الترجمة على المعنى األصلي ‪.‬‬
‫ًإذا عرفنا أنه ال بد من التفريق في القول بأنه يصح ترجمة معاني القرآن بين المعاني األصلية والمعاني الثانوية ‪ ،‬المعاني‬
‫حرف من لسان غير عربي في مقابلة‬ ‫ٌ‬ ‫حرف كذلك ال يقوم‬‫ٍ‬ ‫الثانوية ھذه كالترجمة الحرفية لماذا ؟ ألنه كما ال يقوم حرف مقام‬
‫أيضا فيه تفصيل ‪.‬‬ ‫متعذرا بقي ماذا ؟ المعاني األصلية وھل كل معنى أصلي يصح ترجمته أو ال ھذا ً‬ ‫ً‬ ‫معنى ثانوي إذا صار‬
‫الترجمة التفسيرية أن يفسر القرآن ثم يترجم ھذا التفسير فإن ھذا يكون ترجمة تفسير القرآن فيبين الكالم بلغة أخرى وال‬
‫بأس بذلك لماذا ؟‬
‫ً‬
‫ألن شرط لزوم الرسالة البالغ ‪ ،‬الكفار مثال والعجم ال يمكن أن نقيم الحجة عليھم إال بالبالغ يعني ‪ :‬بالغ ماذا ؟ بالغ‬
‫الرسالة فإذا تعذرت الترجمة الحرفية وتعذرت الترجمة للمعنى الثانوي حينئذ لو مُنع الترجمة التفسيرية كيف يصل إليھم‬
‫البالغ ؟‬
‫ًإذا لذلك جاءت كلمة الزركشي أنه يصح ترجمة المعنى للضرورة ويقصد ھذا المعنى وھو أنه لتعذر الترجمة الحرفية‬
‫حينئذ ال بد من النظر في تفسير القرآن فيفسر القرآن ثم يترجم ھذا التفسير لماذا ؟‬ ‫ٍ‬ ‫وتعذر ترجمة المعنى الثانوي‬
‫ألنه ال بد من إبالغ رسالة النبي  والشريعة إلى الكفار وأما العرب فواضح ألنه بلسانھم نزل القرآن وما عداھم من‬
‫العجم ال بد من تبليغھم الرسالة وال يمكن إال بترجمة تفسير القرآن ألنه واجب وما ال يتم الواجب إال به فھو واجب ‪ ،‬فصار‬
‫ً‬
‫ترجمة‬ ‫حينئذ وترجمته واجبة ‪ً ،‬إذا ألن شرط لزوم الرسالة البالغ وامتنع يعني ‪ :‬إذا امتنع ترجمة القرآن‬ ‫ٍ‬ ‫تفسير القرآن‬
‫حرفية وامتنع ترجمة المعاني الثانوية ومع جواز ترجمة المعاني األصلية إال أن فيھا بعض الفساد والخطأ يعني إذا قيل‬
‫جم ومن حيث اللغة‬ ‫أيضا يقع فيه بعض الخطأ من حيث ماذا ؟ من حيث ْالم َُترْ ِ‬ ‫ً‬ ‫بجواز ترجمة المعاني األصلية الكلية ھذا‬
‫ْالم َُترْ َجم إليھا يحتمل الخطأ أو ال ؟‬
‫يحتمل الخطأ ‪ ،‬والخطأ ھنا ليس بالشيء الھين إذا ُترجم قصد أو قلنا المعاني األصلية بمعنى أصول الشريعة الكلية‬
‫جم أو ظن أن ھذه اللغة ْالم َُترْ َجم‬ ‫والقواعد العامة فإذا ترجمت قاعدة وھي خطأ وأصل في الشرع وھو خطأ لسبق فھم ْالم َُترْ ِ‬
‫إليھا تفي بھذا المعنى األصلي نقول ‪ :‬ھذا فساد وھذا خطأ ‪ .‬ولذلك سيأتي أنه يشترط في الترجمة شروط أربعة فلم يبق إال أن‬
‫يُترجم تفسير القرآن الترجمة المعنوية يأخذ المترجم معاني القرآن وينقلھا إلى لغة أخرى فيقول ‪ :‬معنى ھذا الكالم ھو عين‬
‫معنى اآلية ‪.‬‬
‫جم ھذا المعنى ھذا على قول من فرق‬ ‫وأما الترجمة التفسيرية فالمفسر يذكر فھمه الخاص لآلية فيقول ‪ :‬يعني كذا ‪ .‬ثم ي َُترْ ِ‬
‫‪ ..‬األكثر من المتقدمين على أن التفسيرية ھي المعنوية وال إشكال في ذلك وبعض المعاصرين يفرق بين التفسيرية والمعنوية‬
‫‪ ،‬فيجعل المعنوية أن يقال معنى ھذه الكلمة أو اآلية كيت وكيت فيأتي بمرادفاتھا في اللغة األخرى ‪ ،‬والتفسيرية يفسر القرآن‬
‫خاصة يتكلم عن ھذه السورة بكالم واضح بين ‪ً ،‬إذا صار شبه منفك عن ألفاظ القرآن ثم يأتي المترجم يترجم‬ ‫ً‬ ‫بفھم المفسر‬
‫حينئذ يحتمل الخطأ ً‬
‫أيضا لماذا ؟‬ ‫ٍ‬ ‫ھذا التفسير بفھم خاص‬
‫اجتھادا ألن التفسير الخاص الذي يعبر عن الفھم الخاص ھذا يحتمل الخطأ ‪ ،‬ولذلك إذا قيل‬ ‫ً‬ ‫لكونه عن اجتھاد ‪ ،‬وإذا كان‬
‫بالجواز ال بد أن يضيق ھذا المقام ال يفتح يضيق مقام ترجمة القرآن فيقال ‪ :‬إذا قيل بالجواز في المعاني األصلية أما الثانوية‬
‫فحينئذ ال بد من شروط ‪:‬‬ ‫ٍ‬ ‫فالمنع والحرفية فالمنع ‪.‬‬
‫ٍ‬
‫حينئذ‬ ‫ً‬ ‫ومنفصال‬ ‫ً‬
‫منفكا‬ ‫بديال عن القرآن فال يؤخذ ھذا كتاب ترجمة سورة البقرة ثم يصير‬ ‫ً‬ ‫األول ‪ :‬أن ال تجعل الترجمة‬
‫أصال من أصول تنزيل القرآن‬ ‫ً‬ ‫يؤدي إلى االشتغال بماذا ؟ بالترجمة أو الكالم المترجم بلغة أخرى عن القرآن ‪ ،‬وھذا ينافي‬
‫أيضا في ھذا المعنى‬ ‫ً‬ ‫ألنه متعبد بتالوته واإلعجاز حاصل بلفظه ‪ ،‬وإنما يكون ھذا من باب التقريب ولذلك قيض الزركشي‬
‫ترجمة القرآن قال ‪ :‬يترجم له ما ال بد منه ‪ ،‬ثم يؤمر بتعلم لسان العرب ‪ .‬يعني ‪ :‬ال يؤتى كل الدين من أوله إلى آخره يترجم‬

‫‪56‬‬
‫القرآن من أوله إلى آخره ال تؤخذ األصول العامة فتترجم ثم يقال له ‪ :‬ھذا ھو اإلسالم فيسلم فيؤمر بتعلم لسان العربي‬
‫ً‬
‫بديال عن القرآن ‪.‬‬ ‫أيضا ال بد منه ‪ً .‬إذا أن ال تجعل ھذا الكتاب المترجم‬ ‫إلدراك ما لم يترجم له ‪ ،‬وھذا القيد ً‬
‫ً‬
‫وتركيبا ‪ ،‬اللغة العربية واللغة المترجم إليھا ال بد‬ ‫ً‬
‫عالما بمدلوالت األلفاظ في اللغتين إفرادا‬ ‫جم ِ ً‬ ‫الثاني ‪ :‬أن يكون ْالم َُترْ ِ ُ‬
‫ً‬
‫وتركيبا ‪.‬‬ ‫ً‬
‫إفرادا‬ ‫ً‬
‫متعمقا في فھم معانيھا‬ ‫عالما بمدلول ھذه األلفاظ‬ ‫ً‬ ‫أن يكون‬
‫عالما بمعاني األلفاظ الشرعية يعرف معنى التوحيد توحيد األسماء والصفات توحيد األلوھية توحيد‬ ‫ً‬ ‫الثالث ‪ :‬أن يكون‬
‫ً‬
‫عالما ففسر توحيد األلوھية بتوحيد الربوبية ھذا ماذا صنع ؟ لم يصنع شيئا ھذا ‪ ،‬الكافر يعرف أنه ال رب‬ ‫ً‬ ‫الربوبية إذا لم يكن‬
‫حينئذ لو فسر له ترجم له توحيد األلوھية وتوحيد الربوبية ولم يكن‬ ‫ٍ‬ ‫إال  لكن ال يعرف أنه ال معبود بحق إال  عز وجل‬
‫عالما بمعاني األلفاظ الشرعية فقد أفسد ‪.‬‬ ‫ً‬
‫ٍ‬
‫حينئذ يكون باب الترجمة قد‬ ‫مأموما ال بد من ھذه الشروط األربعة‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫مستقيما في دينه‬ ‫ً‬
‫مسلما‬ ‫جم‬ ‫ْ‬
‫الرابع ‪ :‬أن يكون الم َُترْ ِ ُ‬
‫ضيق على أصحابه ‪ ،‬ويكون الذي ي َُترْ َجم إذا أردنا الخالصة الذي يمكن ترجمته ھو بعض المعاني األصلية ال كل المعاني‬
‫األصلية ‪.‬‬
‫ً‬
‫تحرم ( ھذا مطلقا سواء كان خارج الصالة أو داخلھا أحسن العربية أم ال )‬ ‫به ( ‪ُ ُ ْ َ ) ،‬‬ ‫ٌ‬
‫قراءة ِ ِ‬ ‫العربي َ ْ ُ ُ‬
‫تحرم ِ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫بغير ِ‬
‫لفظ َ َ ِ ِّ‬ ‫ًإذا ) ِ ْ ِ‬
‫َ‬
‫به ( أي ‪ :‬بغير اللفظ العربي ًّأيا كان بالفارسية باإلنجليزية بالفرنسية ‪ ...‬إلى آخره ًّأيا كان وكانوا يمثلون بالفارسية ‪.‬‬ ‫قراءةٌ ِ ِ‬
‫ِ َ‬
‫يترجم ( يعني ‪ :‬تحرم ترجمة القرآن تحرم القراءة بترجمة القرآن ‪.‬‬ ‫وأن ُ َ ْ َ ُ‬ ‫َ‬
‫) ْ‬
‫ما اختص به علم التفسير‬

‫َ َ ِّ َ‬
‫فحررا‬ ‫ََُِْْ‬
‫تأويله‬ ‫ال‬ ‫َ‬
‫بالرأيِ‬ ‫)‬ ‫يفسرا‬ ‫معنى ‪ْ َ ،‬‬
‫وأن ُ َ َّ‬ ‫كذاك ْ‬
‫بال َ ْ َ‬ ‫َ‬
‫)‬

‫بالمعنى ( كذاك أي ‪ :‬مثل ذاك التحريم وھو تحريم ماذا ؟ تحريم القراءة بغير اللسان العربي وتحريم الترجمة )‬ ‫كذاك َ ْ َ‬ ‫َ‬ ‫)‬
‫بالمعنى ( كذاك تحريم قراءته بالمعنى ‪ ،‬يعني ال تقرأ القرآن بالمعنى كما يروى الحديث بالمعنى ما دليله ؟‬ ‫كذاك ْ َ ْ َ‬ ‫َ‬
‫ما رأيكم ھل يجوز قراءة القرآن بالمعنى ؟‬
‫قرآنا فإذا جاز في الحديث ألن الحديث لسنا متعبدين بألفاظه ففرق‬ ‫قرآنا ‪ ،‬امسك بالحد أخرجه عن كونه ً‬ ‫أخرجه عن كونه ً‬
‫فروقا بين الحديث القدسي على قول بأنه من كالم الرب جل وعال ‪ ،‬وأما الحديث النبوي‬ ‫ً‬ ‫بين القرآن والحديث ‪ ،‬لذلك ذكرنا‬
‫وإنشاء من النبي  فيجوز روايته بالمعنى على قول األكثرين ‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ابتداء‬ ‫الذي ليس منزالً وإنما ھو‬
‫بالمعنى ( أي يحرم قراءة القرآن بالمعنى فإذا لم تجز قراءته بالمعنى الذي ھو تفسير بالعربي لمسائل التحدي‬ ‫كذاك ْ َ ْ َ‬ ‫َ‬ ‫)‬
‫نقول ‪ :‬ال يجوز أن يُقرأ بالمعنى أليس كذلك ؟ ال يجوز أن يقرأ القرآن بالمعنى وإذا قرأناه بالمعنى نقرأه بلسان عربي أليس‬
‫كذلك ؟ فإذا امتنع وحرم قراءته بلسان عربي والمراد به المعنى فقراءته بلسان غير عربي من باب أولى وأحرى ‪ ،‬فنجعل‬
‫تحريم قراءة القرآن بالمعنى دليالً على تحريم الترجمة في الجملة أليس كذلك ؟ واضح ھذا الدليل ؟‬
‫فحينئذ العربي صاحب اللسان العربي‬ ‫ٍ‬ ‫نقول ‪ :‬يحرم قراءة القرآن بالمعنى وإذا قرأناه بالمعنى الكالم ھنا متخصص بالعرب‬
‫باب أولى وأحرى أن‬ ‫يحرم عليه أن يقرأ القرآن بالمعنى فإذا حرم عليه قراءة القرآن بالمعنى وقد قرأه بلسان عربي فمن ٍ‬
‫بالمعنى ( أي ‪ :‬مثل ذاك‬ ‫كذاك ْ َ ْ َ‬
‫َ‬ ‫يحرم عليه قراءته بلسان غير عربي ‪ .‬فتجعل التحريم ھنا دليالً على التحريم السابق ‪) .‬‬
‫التحريم تحريم قراءته بالمعنى ‪.‬‬
‫بالرأيِ ( يعني يحرم تفسير القرآن بالرأي ‪ ،‬ما المراد بالرأي ھنا ؟ الفكر والنظر ابتدائي يعني ‪ :‬يسمع آية‬ ‫َ‬ ‫يفسرا‬ ‫وأن ُ َ َّ‬ ‫) َْ‬
‫‪ ،‬يسمع سورة ‪ ،‬يسمع شيء معين من القرآن فيقول ‪ :‬مراد  به كذا ‪ .‬دون أن يرجع إلى التفسير سواء كان تفسير النبي ‬
‫يفسرا ( األلف ھذه لإلطالق يعني ‪ :‬ويحرم تفسير القرآن بالرأي لقوله ‬ ‫وأن ُ َ َّ‬‫أو أصحابه أو عالم بقواعد اللغة ونحو ذلك ) َ ْ‬
‫‪ » :‬من قال في القرآن برأيه أو بما ال يعلم فليتبوأ مقعده من النار « ‪ .‬رواه أبو داوود ‪ ،‬والترمذي وحسنه ‪ .‬ولقوله تعالى ‪:‬‬
‫ليس َ َ‬
‫لك ِ ِ‬
‫به‬ ‫تقف َما َ ْ َ‬‫علم ﴾ ] اإلسراء ‪ . [36 :‬ھذه عامة في التفسير وفي غيره كل الشريعة ﴿ َوالَ َ ْ ُ‬ ‫به ِ ْ ٌ‬ ‫ليس َ َ‬
‫لك ِ ِ‬ ‫تقف َما َ ْ َ‬ ‫﴿ َوالَ َ ْ ُ‬
‫تعلمون ﴾ فإذا قال ‪ :‬مراد  جل وعال بھذه اآلية ‪ .‬وكان‬ ‫على ّ ِ‬
‫ َما الَ َ ْ َ ُ َ‬ ‫تقولواْ َ َ‬ ‫شيئا  أعلم ﴿ َ َ‬
‫وأن َ ُ ُ‬ ‫لم ﴾ كل إنسان ال يعلم ً‬ ‫ِع ْ ٌ‬
‫ابتداء من رأيه دون الرجوع إلى قواعد التفسير نقول ‪ :‬قد قال على  ما ال يعلم ‪.‬‬ ‫ً‬
‫َ‬
‫تأويله ( يعني ‪:‬‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫يفسرا بالرأيِ ال ِ ْ ُ‬ ‫َ‬
‫وأن ُ َّ‬ ‫َ‬
‫تأويله ( بالرأي ألن االستدراك ھنا ) ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫فحررا ( ) ال ِ ْ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫يفسرا بالرأيِ ال تأ ِ ْ ُ‬
‫ويله َ ِّ َ‬ ‫َ‬
‫وأن ُ َّ‬ ‫َ‬
‫) ْ‬
‫بالرأي ‪ .‬ألن الرأي رأيان ‪:‬‬
‫صحيح ‪ ،‬وفاسد ‪.‬‬
‫‪57‬‬
‫متبعا لھواه ‪.‬‬ ‫صحيح إذا اعتمد على قواعد التفسير والمفسرين ‪ ،‬وفاسد إذا كان ً‬
‫بقرة ﴾ ] البقرة ‪ [67 :‬الرافضة يقولون ‪ :‬عائشة رضي  تعالى عنھا ‪ .‬ھذا تفسير ماذا ؟ ھذا‬ ‫تذبحوا َ َ َ ً‬
‫أن َ ْ َ ُ ْ‬ ‫أمركم َ ْ‬
‫ َي ْ ُ ُ ُ ْ‬ ‫إن ّ َ‬ ‫﴿ ِ َّ‬
‫بالرأيِ ( فال يحرم للعالم بالقواعد والواقف على علوم‬ ‫َ‬ ‫تفسيرا ھذا نسميه لعب ھذا يسمى لعب ‪ ) .‬ال َ ْ ِ ْ َ ُ‬
‫تأويله ( )‬ ‫ً‬ ‫ال نسميه‬
‫تبعا لألصل قد فارق أو غاير بين التفسير والتأويل فارق بين وغاير بين‬ ‫فحينئذ يكون المصنف ھنا ً‬ ‫ٍ‬ ‫القرآن وشروط المفسر‬
‫فحينئذ نقول ‪ :‬الفرق بينھما أن التفسير ال يجوز بالرأي لماذا ؟ قال ‪ :‬ألنه شھادة على  والقطع بأنه عنى‬ ‫ٍ‬ ‫التفسير والتأويل ‪،‬‬
‫بھذا اللفظ ھذا المعنى ‪ .‬إذا قطع بأنه عنى بھذا المعنى ھو ھذا المعنى ال بد من نص ال نقطع لذلك المفسر ال يقطع مثل‬
‫المجتھد الذي يجتھد في األحكام يجتھد رأيه وينظر في قواعد يقول ‪ :‬لعل الصواب كذا ‪ .‬وال يقطع بأنه ھو الحق الحتمال‬
‫ماذا ؟‬
‫الحتمال الخطأ في اجتھاده ‪ ،‬كذلك المفسر ال يقطع بأن مراد الرب جل وعال من ھذه اآلية أو من ھذه الكلمة ھو كذا إال‬
‫بلفظ من النبي  أو الصحابة الذين شاھدوا التنزيل والوحي ‪ ،‬وأما التأويل فھو ترجيح أحد المحتمالت بدون القطع والشھادة‬
‫بأن مراد  تعالى كذا يعني ينظر في األقوال فإذا بابن عباس قال قوالً وخالفه زيد بن ثابت وخالفه معاذ مثالً فينظر في‬
‫فحينئذ ماذا ؟ رجح أو قدم أحد المحتمالت على اآلخر ‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫اعتبار القواعد فيقول ‪  :‬أعلم أن قول ابن عباس أرجح ‪.‬‬
‫ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫تأويله ( التأويل إذا نظرنا إليه من حيث ھو نقول ‪ :‬ھذا مصدر ‪َّ .‬أول ي ُِّئو ُل تأويال ألن التأويل له معنى خاص عند‬ ‫) ال َ ْ ِ ْ َ ُ‬
‫األو ِل وھو الرجوع إلى‬ ‫تأويال مأخوذ من َ ْ‬ ‫ً‬ ‫المتأخرين ولكن نقول من حيث القسمة ‪ :‬التأويل في األصل أنه مصدر ََّأول ي َُئوِّ ُل‬
‫وتأول ُه فسره وعليه في المعنى اللغوي ھنا افترق‬ ‫َّ َ‬ ‫األصل يقال ‪ :‬آل إليه َ ْأوالً ومآالً بمعنى رجع ويقال ‪َّ :‬أول الكالم تأويالً‬
‫االصطالح على ثالثة أنحاء ‪:‬‬
‫فيطلق التأويل ويراد به تأويل الكالم بمعنى ما أوله إليه المتكلم ‪.‬‬
‫حينئذ إنما يرجع ويعود إلى حقيقته في اإلنشاء إلى امتثال المأمور وفي الخبر إلى‬ ‫ٍ‬ ‫أو ما يؤول إليه الكالم ويرجع ‪ ،‬والكالم‬
‫إنشاء ومنه األمر‬ ‫ً‬ ‫حينئذ صار ھذا النوع نوعين ألنه إما أن يكون ما يؤول إليه الكالم ويرجع إما أن يكون‬ ‫ٍ‬ ‫ُخبر به‬ ‫وقوع ْالم ْ ِ‬
‫خبرا فتأويل األمر ھو فعل المأمور به ولذلك لو قال ‪ : ....‬أقيموا الصالة ‪ .‬فقام صلى فعل الصالة نقول ‪ :‬ھذا‬ ‫وإما أن يكون ً‬
‫تأول اآلية ‪ .‬بمعنى ‪ :‬امتثل المأمور به ‪ .‬ولذلك جاء في حديث عائشة رضي  تعالى عنھا قالت ‪ :‬كان رسول   يقول‬
‫نصر َّ ِ‬
‫‬ ‫في ركوعه وسجوده ‪ » :‬سبحانك اللھم وبحمدك اللھم اغفر لي « ‪ .‬تقول ‪ :‬كان يتأول القرآن ‪ .‬ألنه جعله ﴿ َِإذا َجاء َ ْ ُ‬
‫واستغفرهُ ﴾ ] النصر ‪ً [3 - 1 :‬إذا امتثل المأمور‬ ‫ربك َ ْ َ ْ ِ ْ‬ ‫بحمد َ ِّ َ‬‫فسبح ِ َ ْ ِ‬‫أفواجا ً * َ َ ِّ ْ‬ ‫ ََْ‬‫دين َّ ِ‬ ‫الناس َ ْ ُ ُ َ‬
‫يدخلون ِفي ِ ِ‬ ‫ورأيت َّ َ‬ ‫والفتح * َ َ َ ْ َ‬ ‫َ ْ َْ ُ‬
‫يقول ُ‬ ‫يأتي َ ْ ِ ُ ُ‬
‫تأويله َ ُ‬ ‫يوم َ ْ ِ‬ ‫ينظرون ِإالَّ َ ْ ِ َ ُ‬
‫تأويله َ ْ َ‬ ‫ُخبر عين ْالم ُْخبر به ﴿ َھلْ َ ُ ُ َ‬ ‫فسمي تأويالً ‪ ،‬وتأويل اإلخبار أو األخبار ھو وقوع ْالم ْ َ ِ‬
‫تأويله ﴾ المراد به يوم يقع عين المخبر به وھو‬ ‫يأتي َ ْ ِ ُ ُ‬ ‫يوم َ ْ ِ‬
‫قبل ُ ﴾ ] األعراف ‪ ... [53 :‬إلى آخر اآلية ﴿ َ ْ َ‬ ‫نسوه ِمن َ ْ‬ ‫الذين َ ُ ُ‬ ‫َّ ِ َ‬
‫تأويله ﴾ يعني ‪ :‬يوم يأتي عين المخبر به وھو وقوع الساعة ‪.‬‬ ‫يأتي َ ْ ِ ُ ُ‬ ‫يوم َ ْ ِ‬
‫الساعة ﴿ َ ْ َ‬
‫وأما النوع الثالث وھو ‪ :‬التأويل عند المتأخرين صرف اللفظ عن المعنى الراجح إلى المعنى المرجوح لدليل ‪ ،‬وھذا قد‬
‫شاع في كتب التأويل التي ھي بمعنى التحريف في باب المعتقد يسمون التحريف بغير اسمه فيقول ‪ :‬ھذا تأويل ‪ .‬من باب‬
‫ً‬
‫صحيحا‬ ‫لدليل يجعله‬ ‫ٍ‬ ‫تنميق وتحسين العبارة ويحدونه بماذا ؟ بصرف اللفظ عن المعنى الراجح إلى المعنى المرجوح لدليل‬
‫تأويله ( يعني ‪ :‬ال يحرم تأويل‬ ‫فحررا ( ‪ ) .‬ال َ ْ ِ ْ َ ُ‬‫تأويله َ َ ِّ َ‬ ‫نئذ يكون من باب إتباع الھوى ًإذا عرفنا قوله ‪ ) :‬ال َ ْ ِ ْ َ ُ‬ ‫فإن لم يكن لدليل حي ٍ‬
‫أيضا بمعنى التفسير كما ھو عادة ابن جرير‬ ‫ً‬ ‫معتمدا على قواعد وشروط المفسرين ‪ ،‬ويطلق التأويل‬ ‫ً‬ ‫القرآن بالرأي إذا كان‬
‫رحمه  فيقال ‪ :‬القول في تأويل ھذه اآلية كيت وكيت ‪ .‬يعني ‪ :‬في تفسير اآلية وھذا ھو المشھور عند السلف أن التأويل‬
‫محررا الفرق بينھما والثاني أولى يعني ‪:‬‬ ‫ً‬ ‫فحررا ( ھذه تكملة للشطر أو فخذ الفرق بين التفسير والتأويل‬ ‫بمعنى التفسير ) َ َ ِّ َ‬
‫ً‬
‫محررا ‪ ،‬إذا نقول‬ ‫ً‬ ‫مرادا به فخذ الفرق بين التفسير والتأويل‬ ‫ً‬ ‫فحررا ( إما أن يكون تكملة وإما أن يكون‬ ‫يجعل للكلمة معنى ‪َ ِّ َ َ ) .‬‬
‫‪ :‬الحاصل من ھذين البيتين أن المصنف رحمه  تعالى يرى أن قراءة القرآن بغير اللسان العربي ‪ -‬وھذا مجمع عليه ليس‬
‫شأن المصنف فقط ‪ -‬أنه يحرم قراءة القرآن بلسان غير عربي ‪ .‬لكن التعبير ھذا يصح أو ال ؟‬
‫قراءةٌ ( ‪ .‬نحن نقول ‪ :‬غير‬ ‫تحرم ِ َ‬ ‫العربي َ ْ ُ ُ‬
‫لفظ َ َ ِ ِّ‬ ‫بغير َ ْ ِ‬ ‫إذا قيل ‪ :‬يحرم قراءة القرآن بغير اللسان العربي يصح ؟ ھو يقول ‪ِ ْ َ ِ ) :‬‬
‫ممكن غير مقدور عليه محاالً مستحيالً فكيف نقول ‪ :‬تحرم ؟ عند األحناف ‪ -‬مضى معنا ‪ -‬أن النھي يقتضي الصحة أليس‬
‫كذلك ؟ النھي عن الشيء يقتضي الصحة قالوا ‪ :‬لو ال تصور وقوعه لما تعلق النھي عنه أما ما ال يقع فال يُنھى عنه ‪ ،‬ال يقال‬
‫مثال ‪ ،‬أعمى تراه أعمى غير مبصر ھنا ال يتعلق به النھي يقال ‪ :‬ال تنظر عورة‬ ‫ً‬ ‫لألعمى ‪ :‬أبصر ‪ .‬أو ال تنظر إلى المرأة‬
‫فحينئذ كيف نقول ھنا ؟‬ ‫ٍ‬ ‫المسلمين ‪ .‬ھو ال يمكن أن يُنھى عنه‬

‫‪58‬‬
‫لسان غير عربي تحرم ‪ .‬يعني ‪ :‬إن ُتصور أو تصورت‬ ‫ٍ‬ ‫نقول ‪ :‬ھذا من باب التنزل يعني ‪ :‬لو قيل بترجمة القرآن إلى‬
‫حسا يعني ‪ :‬وقوعھا في الوجود فالحكم الشرعي التحريم ‪.‬‬ ‫حسا فالحكم الشرعي التحريم إذا تصورت الترجمة ً‬ ‫الترجمة ً‬
‫أيضا‬‫ً‬ ‫والشيخ ابن عثيمين رحمه  تعالى في أصول التفسير يقول ‪ :‬قد يحصل في الحس الترجمة لكلمة واحدة ‪ .‬لكن ھذا‬
‫ريب‬ ‫َ‬
‫ريب ﴾ قد يأتيك يعرف بعض العربية وال يعرف ﴿ ال َ ْ َ‬ ‫ريب ﴾‪ .‬ال يعرف ﴿ الَ َ ْ َ‬‫يحتاج إلى نظر يعني ‪ :‬قد يقال له ‪ ﴿ :‬الَ َ ْ َ‬
‫ريب ﴾ بھذا اللفظ ويوازيھا ويساويھا عندنا في لغة العرب ﴿ َال‬ ‫حرفا بحرف في لغتك ﴿ الَ َ ْ َ‬ ‫ً‬ ‫ٍ‬
‫حينئذ ترجمة له‬ ‫﴾ فتأتي بھا بلغته‬
‫أيضا يحتاج إلى نظر ھل يوجد كلمة في لغة‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ريب ﴾ يقول ‪ :‬إذا كان كلمة فقط أحيانا وكذا يقول ‪ :‬ال بأس بھا ‪ .‬لكن ھذا‬ ‫َْ َ‬
‫ً‬
‫العرب مساوية للغة أخرى من كل وجه ؟ ھذا يحتاج إلى إثبات ‪ ،‬إذا عرفنا أن مراده بھذا البيت تحريم القراءة ‪ -‬قراءة‬
‫وتصُوِّ ر في الحسي وإال فالعقل يمنع الترجمة الحرفية ‪ ،‬كذلك يحرم‬ ‫القرآن ‪ -‬بغير لسان العرب وتحريم ترجمته ھذا إن أمكن ُ‬
‫قراءته بالمعنى وھذا يمكن وكذلك تفسيره بالرأي ال تأويله بالرأي المحمود ‪.‬‬
‫ونقف على ھذا وصَّل  وسلم على نبينا محمد ‪.‬‬

‫‪59‬‬
‫الشريط الخامس‬
‫الرحيم‬
‫الرحمن الرحيم‬
‫ الرحمن‬
‫بسم ‬
‫بسم‬

‫الحمد رب العالمين والصالة والسالم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ‪.‬‬
‫أما بعد ‪:‬‬
‫نوعا ( ‪.‬‬
‫عشر ً‬ ‫َ‬ ‫ً‬
‫النزول زمانا ومكانا ‪ ،‬وھو اثنا َ َ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬ ‫يرجع إلى‬
‫العقد األول ُ ‪ :‬ما َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫قال المصنف رحمه  تعالى ‪ُ ِ ) :‬‬
‫خمس‬
‫ٍ‬ ‫ُّ‬
‫ذكرنا فيما سبق أن المصنف رحمه  تعالى تبع األصل وھو )) النقاية (( وجعل أو حصر أنواع علوم القرآن في‬
‫أنواعه َيقينا ( وجمع ھذه الخمس والخمسين في عقود ك ُل‬ ‫حصرت َ ُ ُ‬ ‫قد ُ ِ َ ْ‬ ‫والخمسينا َ ْ‬‫َ ْ ِ‬ ‫الخمس‬ ‫) َ ْ‬ ‫وخمسين وذلك فيما سبق أن‬
‫العقد األول ُ ( ‪ .‬بكسر العين ‪ ،‬والمراد‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫عقود ( بدأ ينشر ھذه العقود فقال ‪ُ ِ ) :‬‬ ‫ُ‬
‫ستة ُ ُ‬ ‫ٌ‬ ‫حوتھا ِ َّ‬
‫وقد َ َ ْ َ‬ ‫َ‬
‫عقد يحتوي على عدة أنواع ) ْ‬ ‫ِ ٍ‬
‫ومكانا ( ما اسم موصول بمعنى الذي يصدق على أنواع من علوم القرآن‬ ‫ً‬ ‫زمانا‬‫النزول َ ً‬ ‫يرجع إلى ُّ ُ ِ‬ ‫بالعقد كما سبق القالدة ) ما َ ُ‬
‫ومكانا ( ھذا باختالف‬ ‫ً‬ ‫النزول ( ‪ً َ ) ،‬‬
‫زمانا‬ ‫واحد وھو ) ُّ ُ ِ‬ ‫ٍ‬ ‫إطار‬
‫ٍ‬ ‫شيء واحد يعني يمكن جمعھا في‬ ‫ٍ‬ ‫‪ ،‬ھذه األنواع ترجع إلى‬
‫نوعا ( ‪ ،‬إذا أدرج لك من الخمس والخمسين‬ ‫ً‬ ‫عشر ً‬ ‫الوقت واختالف المكان وھو أي ‪ :‬ھذا النوع الذي ھو العقد األول ) اثنا َ َ َ‬
‫وعقد واحد وھو ما عنون له ما يرجع إلى النزول ‪ ،‬وھذه ستأتي متوالية فقال ‪:‬‬ ‫عنوان واحد ِ ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫نوعا تحت‬‫اثني عشر ً‬
‫) األول ُ ( من ھذه االثني عشر ‪.‬‬
‫مكة بحذف التاء على ما ھو القاعدة في قاعدة‬ ‫المكي ھذا نسبة إلى مكانه وھو َ َّ‬ ‫ِّ‬ ‫ْ‬
‫والمدني ( ‪ُّ َ ،‬‬ ‫المكي ْ َ َ ِ ُّ‬ ‫أيضا منھا ) ْ َ ِّ ُّ‬
‫ً‬ ‫والثاني‬
‫حينئذ تحذف الياء‬ ‫ٍ‬ ‫التزم [‬ ‫ْ‬
‫فعيلة ُ ِ‬
‫وفعلي في َ ِ َ ٍ‬
‫فعيلة ] َ َ ِ ٌّ‬ ‫مدينة َ ِ َ‬ ‫والمدني َ ِ َ‬
‫َ ُّ‬ ‫ْ‬ ‫مكي ‪،‬‬‫مكي قالوا ‪ :‬مكة يُنسب إلينا بحذف التاء َ ِّ ٌّ‬ ‫ٌ‬ ‫النسب َ ِّ ٌّ‬
‫مختوم بتاء‬
‫ٌ‬ ‫وتحذف التاء اشتراكا مكة والمدينة في وجود أو ختم ھذه التاء تاء التأنيث وقاعدة أن النسب إذا كان المنسوب إليه‬
‫فعيلة بحذف وإسقاط الياء َ ِ َ‬
‫فعيلة‬ ‫ني بحذف وإسقاط التاء ‪ ،‬يزيد مدينة َ ِ‬ ‫مدينة َمدَ ِّ ٌّ‬ ‫مكي َ ِ َ‬ ‫مكة بالتاء َ ِّ ٌّ‬ ‫التأنيث وجب إسقاطھا نقول ‪ّ َ :‬‬
‫مديني ‪ .‬بإبقاء الياء وجوزه البعض لكنه لو جاز يكون على ندرة‬ ‫فعلي ‪ .‬ھذا ھو المشھور يعني ال يجوز أن يقال ‪ٌّ ِ ِ َ :‬‬ ‫تقول ‪ٌّ ِّ َ َ :‬‬
‫وقلة ‪.‬‬

‫ُ‬
‫فأعرب‬ ‫سليقي أقول‬
‫ولكني َ ِ ِ ٌّ‬ ‫ولست بنحوي يلوك لسانه‬
‫)‬ ‫)‬

‫ني لكنه أثبت الياء ‪.‬‬ ‫فعيلة كمدينة واألصل أن يقال َ َ ِ ٌ‬


‫سلقي مثل َمدَ ِ ُّ‬ ‫سليقة َ ِ َ‬ ‫منسوب إلى َ ِ َ‬ ‫ٌ‬ ‫سليقي واألصل أنه‬ ‫أثبت الياء ھنا َ ِ ِ ٌّ‬
‫ً‬
‫ني نسبة إلى المدينة ‪ ،‬إذا ھما نوعان‬ ‫والمدَ ِ ُّ‬‫المكي نسبة إلى مكة ْ َ‬ ‫ني ‪ُّ ِّ َ ْ ،‬‬ ‫المكُّي ْ َ‬
‫والمدَ ِ ُّ‬ ‫الحاصل أن النوع األول والثاني ھو ْ َ ِّ‬
‫متقابالن ألن مكة مقابلة للمدينة والمدينة مقابلة لمكة ‪ ،‬إذا نوعان متقابالن ھذا النوع أو ھذا الصنف من علوم القرآن أو ما‬ ‫ً‬
‫جماعة من أھل العلم بالتصنيف ألن مسائله تحتاج إلى تحرير وينبني عليه معرفة‬ ‫ٌ‬ ‫والمدَ ِنيِّ ھذا أفرده ألھميته‬ ‫بالمكيِّ ْ َ‬
‫يسمى ْ َ ِّ‬
‫المكيِّ ْ َ‬
‫والمدَ ِنيِّ معرفة‬ ‫فإذا أفرده بعضھم بالتصنيف وأھم ما يُبنى عليه ‪ -‬كما سيأتي ‪ -‬العلم بھذا الباب ْ َ ِّ‬ ‫الناسخ والمنسوخ ‪ً ،‬‬
‫متقدما كما سيأتي ضبطه ما كان قبل ھجرة فھو َ ِّ ٌّ‬
‫مكي ولو‬ ‫ً‬ ‫والمكي يكون‬‫خرا ْ َ ِّ ُّ‬ ‫ني يكون متأ ً‬ ‫وبيان الناسخ من المنسوخ ألن ْ َ‬
‫المدَ ِ َّ‬
‫حينئذ لو تعارض عندنا آيتان ولم يُمكن‬ ‫ٍ‬ ‫ني ولو نزل في أسفار النبي ‬ ‫نزل في غير مكة ‪ ،‬وما كان بعد الھجرة فھو َمدَ ِ ٌّ‬
‫المكية ] متأخرة [ واآلية ْ َ‬ ‫والمدَ ِنيِّ عرفنا التاريخ وھو أن اآلية ْ َ ِّ َّ‬ ‫المكيِّ ْ َ‬ ‫الجمع نقول ‪ :‬من معرفة ْ َ ِّ‬
‫)‪(1‬‬ ‫(‬ ‫‪1‬‬ ‫)‬
‫المدَ ِ َّنية ] متقدمة [ فإذا لم‬
‫جدا في معرفة‬ ‫للمكي ًإذا ھذه الفائدة مھمة ً‬ ‫ٌ‬
‫ناسخ َ ِّ‬ ‫ني‬
‫المدَ ِ ُّ‬ ‫فحينئذ نعدل إلى النسخ فنقول ْ َ‬ ‫ٍ‬ ‫يمكن الجمع وھو األولى في األصل‬
‫والمدَ ِنيِّ ال يحل له أن يُقدم على تفسير كالم الرب جل وعال لما فيه من ھذه‬ ‫بالمكيِّ ْ َ‬ ‫والمدَ ِنيِّ ‪ ،‬ولذلك قيل من ال علم له ْ َ ِّ‬ ‫المكيِّ ْ َ‬
‫ْ َ ِّ‬
‫مخصصا عند من يشترط ماذا عند من يشترط تأخير‬ ‫ً‬ ‫الفائدة األولى وھي بيان الناسخ من المنسوخ أو كون الثاني المتأخر‬
‫اشترط أن يكون‬ ‫حينئذ إذا ُ‬ ‫ٍ‬ ‫ً‬
‫متأخرا‬ ‫صصُ‬ ‫المخصص كما سبق بيانه في موضعه ألن بعض األصوليين يشترط أن يكون ْالم َُخ ِّ‬
‫ُخصصا بفتح الصاد لكن الصواب أنه ال يشترط ‪.‬‬ ‫والمكي يكون م َّ ً‬ ‫ِّصا ْ َ ِّ ُّ‬ ‫ني يكون مخص ً‬ ‫حينئذ ْ َ‬
‫المدَ ِ ّ‬ ‫ٍ‬ ‫ً‬
‫متأخرا‬ ‫المخصِّص‬
‫ھذه الفائدة األولى وھي العظيمة والعظمى في ھذا أو العلم بھذا الباب ‪.‬‬
‫ً‬
‫صحيحا ‪.‬‬ ‫ً‬
‫تفسيرا‬ ‫ثانيا ‪ :‬االستعانة على فھم القرآن وتفسير القرآن‬ ‫ً‬
‫ني له أسلوبه‬ ‫َ ِ ّ‬ ‫ْ‬
‫والمدَ‬ ‫‪،‬‬ ‫الخاصة‬ ‫موضوعاته‬ ‫وله‬ ‫الخاص‬ ‫أسلوبه‬ ‫له‬ ‫المكي‬
‫َ َّ‬ ‫ِّ‬ ‫ْ‬ ‫أن‬ ‫سيأتي‬ ‫كما‬ ‫ألنه‬ ‫القرآن‬ ‫بالغة‬ ‫ظھور‬ ‫‪:‬‬ ‫ً‬
‫ثالثا‬
‫ً‬
‫أسلوبا‬ ‫مكية ثم تتضمن‬ ‫حينئذ الوقوف على كون ھذه السورة وھذه اآليات وھذه القصة َ ِّ َّ‬ ‫ٍ‬ ‫الخاص وله موضوعاته الخاصة‬

‫)‪ (1‬ﺳﺒﻖ ﻟﺴﺎﻥ ‪.‬‬


‫‪60‬‬
‫قوم‬
‫حينئذ نقول ‪ :‬ستظھر بالغة القرآن ألنه يخاطب كل ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫أيضا بالعكس‬ ‫ً‬ ‫ني والعكس‬ ‫المدَ ِ ّ‬‫خاصا ينفرد عن ْ َ‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫وموضوعا‬ ‫ً‬
‫خاصا‬
‫ً‬
‫بما يُصلح شأنھم وھذا ما يُسمى عن البيانيين بمراعاة مقتضى الحال التي من أخص معاني البالغة ‪ ،‬إذا نقول ‪ :‬ظھور‬
‫المكيِّ أن فيه قوة في‬ ‫قوة أو لين كما سيأتي أن من خصائص ْ َ ِّ‬ ‫قوم بما تقتضيه حالھم من ٍ‬ ‫بالغة القرآن حيث يخاطب كل ٍ‬
‫مقام مقال وھذا ما يسمى بمقتضى الحال وھو‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫األلفاظ وشدة العبارة بخالف ْ َ‬
‫قوم مقال لكل ٍ‬ ‫ني فإن فيه لينا وسھولة إذا لكل ٍ‬ ‫المدَ ِ ّ‬
‫من أخص ما يعتني به البياني وھذا دليل على ماذا ؟ على أن الرب جل وعال بكالمه الكريم العزيز قد بلغ أعلى درجات‬
‫قوم بما يناسب حالھم ويصلح شأنھم ‪.‬‬ ‫البالغة يعني أنه خاطب كل ٍ‬
‫ني قد نزلت‬ ‫المدَ ِ ّ‬ ‫ْ‬
‫أيضا في الخصائص أن في َ‬ ‫ً‬ ‫ني ‪ :‬بيان حكمة التشريع ألنه كما سيأتي‬ ‫والمدَ ِ ّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫المكيِّ‬ ‫الفائدة الرابعة من فائدة ْ َ ِّ‬
‫المكيِّ فاألكثر فيه‬ ‫التشريعات عامة بيان تفصيالت العبادات الصالة والزكاة والصيام إلى آخره وكذلك المعامالت ‪ ،‬وأما في ْ َ ِّ‬
‫تقرير العقيدة وتأسيس القواعد العامة للتشريع وذكر الجنة والنار والقيامة إلى آخره ‪ ،‬لماذا ؟‬
‫ألنه كما قالت عائشة رضي  عنھا ‪ :‬لو كان أول ما نزل تحريم الخمر ونحو ذلك لما آمن أحد ‪ ،‬ولكن نزل ذكر الجنة‬
‫رقة في القلب‬ ‫فرقق القلوب فكان أول ما يكون في سمع الكافر ھو ذكر الجنة والنار ألنه يؤدي إلى ماذا ؟ يؤدي إلى ٍ‬ ‫والنار َ َ َّ َ‬
‫َ‬
‫حينئذ يستجيب المخاطب ‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫ثم اعتنى به أرباب علوم القرآن فصنفوا فھي تصانيف مفردة وذكره كثير كما ھو في ))‬ ‫ًإذا عرفنا فوائد ھذا الباب من َّ‬
‫َ‬
‫والمدَ ِنيِّ ‪.‬‬‫للمكيِّ ْ َ‬ ‫ذكرا َ ِّ‬ ‫سورة في كتب التفسير إال وتجد ً‬ ‫ٍ‬ ‫اإلتقان (( و)) البرھان (( بتوسع ‪ ،‬ما من‬
‫والمدَ ِنيِّ ؟‬ ‫بالمكيِّ ْ َ‬ ‫ما المراد ْ َ ِّ‬
‫مكي القرآن ما ھو ؟‬ ‫مكيه ( الضمير يعود إلى القرآن ‪ّ ِّ َ ،‬‬ ‫والمدني َما بعدھا ( ‪ُ ُّ ِّ َ ) .‬‬ ‫ھجرة َن َزلْ ْ َ َ ِ ْ‬ ‫قبل َ ِ ْ َ ٍ‬ ‫مكيه ما َ ْ‬ ‫قال رحمه  ‪ُ ُّ ِّ َ ) :‬‬
‫ني ولكن ثم قول مشھور عند‬ ‫بالمدَ ِ ّ‬ ‫ْ‬
‫ني والمراد َ‬ ‫المدَ ِ ّ‬ ‫ْ‬
‫بالمكيِّ ومعنى َ‬ ‫ْ‬
‫المكي أو المراد َ ِّ‬ ‫ْ‬
‫اختلف فيه ‪ ،‬اختلف في تحديد معنى َ ِّ ّ‬
‫قبل َ ِ ْ َ ٍ‬
‫ھجرة‬ ‫َ‬
‫وخاصة المتأخرين ممن جاء بعد السيوطي رحمه  تعالى ونحوه وھو ما ذكره الناظم ھنا ) ما ْ‬ ‫ً‬ ‫أرباب التفسير‬
‫نزلْ ( ) ما ( سورة كلھا أو أعظمھا ) ما ( ھذا اسم موصول بمعنى الذي يصدق على ماذا ‪ ،‬ونفسره بماذا ؟ ذكرنا فيما سبق‬ ‫ََ‬
‫أن القواعد العامة في ھذه أنه يذكر مفسر ) ما ( الموصولية ما يعلم من السياق والقرائن والكالم ھنا عن ماذا ؟ عن السورة‬
‫مكيه ما ( أي ‪ :‬سورة كلھا أو أكثرھا لماذا كلھا أو‬ ‫فحينئذ نقول ‪ُ َّ ِّ َ ) :‬‬ ‫ٍ‬ ‫ني‬ ‫مكي أو َمدَ ِ ّ‬ ‫ألن نحكم على السورة كلھا أو بعضھا ألنه َ ِّ ّ‬
‫مكَّية أو َمدَ ِ َّنية ھو حكم األغلب على ماذا ؟‬ ‫المكيِّ أو بالحكم بكون السورة َ ِّ‬ ‫كثرھا ؟ ألن الشأن ھنا في معرفة ْ َ ِّ‬
‫شيء من اآليات ْ َ‬
‫المدَ ِ َّنية‬ ‫ٌ‬ ‫مكية وفيھا‬ ‫مكية قد تكون كلھا َمدَ ِ َّنية وقد يكون أكثرھا َ ِّ َّ‬ ‫على معظم السور قد تكون السورة كلھا َ ِّ َّ‬
‫حينئذ وجود بعض اآليات‬ ‫ٍ‬ ‫مكية نزلت في مكة أو نزلت قبل الھجرة‬ ‫مكية فإذا كان معظم السورة َ ِّ َّ‬ ‫ھذا ال يُخرجھا عن كونھا َ ِّ َّ‬
‫مكية لماذا ؟‬ ‫التي نزلت بعد الھجرة ال ينافي كونھا َ ِّ ّ‬
‫متعلقا بأحد أمرين ‪:‬‬ ‫ً‬ ‫مكية‬‫ألن الحكم بكونھا َ ِّ َّ‬
‫مكية كما ھو الشأن في سورة اإلخالص‬ ‫إما أن يوجد األول أو الثاني ‪ ،‬فإن وجد األول فال إشكال وھو كون كل السورة َ ِّ َّ‬
‫حينئذ وجود‬ ‫ٍ‬ ‫ني‬
‫نازل بعد الھجرة وھو َمدَ ِ ّ‬ ‫ٌ‬ ‫مكية ‪ ،‬وقد يكون أكثرھا نزل قبل الھجرة ويكون في بعضھا ماذا ؟ ما ھو‬ ‫مثال كلھا َ ِّ َّ‬ ‫ً‬
‫مكية ال تنافي بينھما لماذا ؟‬ ‫بعض اآليات التي َحكم أھل العلم بكونھا َمدَ ِ َّنية في سورة َ ِّ َّ‬
‫مكية إما كل أو األغلب وقد وجد أحدھما ‪ ،‬وھذا يؤكد المسألة السابقة التي ذكرناھا‬ ‫ألن متعلق الوصف والحكم بكونھا َ ِّ َّ‬
‫وھي أن ترتيب اآلي توقيفي ‪ ،‬وھذا ھو الذي ُنص عليه عند أھل العلم وأجمعوا عليه أن ترتيب اآليات آيات القرآن توقيفي‬
‫بدليل ماذا ؟‬
‫مكَّية ثم تأتي بعض اآليات ثالث أو أربعة َمدَ ِ َّنية ثم يرجع‬ ‫مثال فإذا بھا َ ِّ‬ ‫ً‬ ‫بدليل أن بعضھا من ابتداء السورة إلى منتصفھا‬
‫المكي بجانب‬ ‫اجتھاديا لناسب أن ْ َ ِّ َّ‬ ‫ً‬ ‫مكية ‪ ،‬ھذا دليل على ماذا ؟ على أن الترتيب توقيفي وإال لو كان‬ ‫الحكم إلى ما سبق فتكون َ ِّ َّ‬
‫المدَ ِنيِّ متصالً به ھذا أولى من جھة العقل لو كان االجتھاد له مدخل في ھذا لكان ْ َ ِّ ّ‬
‫المكي‬ ‫ني بجانب ْ َ‬ ‫والمدَ ِ ُّ‬ ‫المكيِّ متصالً به ْ َ‬ ‫ْ َ ِّ‬
‫مكية ثم‬ ‫مكية ثم يوجد بعض اآليات في أولھا ثم تأتيك َ ِّ َّ‬ ‫المدَ ِنيِّ لكن لما توجد سورة كاملة وھي َ ِّ َّ‬ ‫ني بجانب ْ َ‬ ‫المكيِّ ْ َ‬
‫والمدَ ِ ّ‬ ‫بجانب ْ َ ِّ‬
‫ً‬
‫اجتھاديا ‪.‬‬ ‫يرجع الحكم وتأتيك َمدَ ِ َّنية نقول ھذا دليل على أن ترتيب اآلية توقيفي وليس‬
‫ھجرة ( ‪) .‬‬ ‫قبلَ ِ ْ َ ٍ‬ ‫َ‬
‫نزل ( ) ْ‬ ‫ًإذا قوله ) ما ( أي ‪ :‬سورةٌ كلھا أو أكثرھا ‪ ،‬فنفسر ) ما ( ھنا بسورة بالجميع أو بالمعظم ‪ْ ) ،‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫نزل ( ألن نزل ھذه الجملة صلة الموصول كأنه قال ‪ :‬مكيه ھو الذي نزل‬ ‫قبل َ ( ھذا منصوب على الظرفية متعلق بقوله ‪ْ َ َ ) :‬‬ ‫َْ‬
‫فحينئذ كل ما نزل من اآلي قبل ھجرة النبي  وإن نزل بغير مكة‬ ‫ٍ‬ ‫صلى  عليه وآله وسلم ‪.‬‬ ‫ھجرة ‪ ،‬قبل ھجرة النبي َّ‬ ‫ٍ‬ ‫قبل‬
‫مكي ألن غير مكة مثل ماذا ؟ مثل‬ ‫مكي ‪ .‬كل ما نزل قبل ھجرة النبي  وإن نزل بغير مكة نحكم عليه بأنه َ ِّ ّ‬ ‫نقول ھذا َ ِّ ّ‬
‫اسما للحرم كما‬ ‫عرفات َعرفات ھذه ليست من مكة وإن كان المراد والمصطلح عند أھل العلم أن مكة اسم للبنيان وليست ً‬
‫عموم وخصوص ‪ ،‬فكل ما كان من مكة اآلن فكل ما كان من الحرم‬ ‫ٌ‬ ‫يظنه الناس ‪ ،‬ال ‪ ،‬فيظن أن الحرم ھو مكة لذلك بينھم‬
‫‪61‬‬
‫داخل في الحرم ‪ ،‬ولذلك المناطق التي من جھة التنعيم متصلة بمكة نقول ‪:‬‬ ‫ٌ‬ ‫مكان بمكة فھو‬ ‫ٍ‬ ‫فھو في داخل مكة وليس كل‬
‫متصلة بالبنيان الذي ھو داخل الحرم ھي من مكة ولكنھا ليست من الحرم فھي مكة لماذا ؟‬
‫حينئذ ال يمكن توسعة الحرم الذي ھو البقعة‬ ‫ٍ‬ ‫لكون مسمى مكة ھو البنيان المتصل وليست من الحرم لكون الحرم توقيفي ‪،‬‬
‫حينئذ نقول ‪ :‬بينھما عموم وخصوص ‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫األرض وليس المسجد الحرام‬
‫مكي ] ‪ $‬ھكذا قال الشيخ والمفھموم من الشيخ في موضع‬ ‫ِّ‬
‫نزل ( فما نزل في عرفات نقول ‪ :‬ھذا َ ّ‬ ‫ھجرة َ ْ‬
‫َ‬ ‫قبلَ ِ ْ َ ٍ‬ ‫ًإذا ) َ ِّ ُّ ُ‬
‫مكيه ما َ ْ‬
‫ني لماذا ألنه بعد الھجرة‬ ‫ني ؟ َمدَ ِ ّ‬ ‫مكي أو َمدَ ِ ّ‬ ‫دينكم ﴾ ] المائدة ‪ [3 :‬ھذا نقول ‪ّ ِّ َ :‬‬ ‫لكم ِ َ ُ ْ‬ ‫اليوم َ ْ َ ْ ُ‬
‫أكملت َ ُ ْ‬ ‫‪ [ 13.50‬وإذ لم يكن بمكة ﴿ ْ َ ْ َ‬
‫المدني بالتشديد ألن ھذه الياء ياء النسبة تكون مشددة ينتقل‬ ‫والمدني ( نقول ‪ّ ِ ِ َ ْ :‬‬ ‫والمدني َما بعدھا ( ) ْ َ َ ِ ْ‬ ‫ونزل بضواحي مكة ‪ْ ِ َ َ ْ ) ،‬‬
‫والمدني َما بعدھا ( ) َما ( سورة كلھا أو معظمھا ) بعدھا ( أي‬ ‫ُكنت من أجل الوزن ‪ْ ِ َ َ ْ ) ،‬‬ ‫والمدني ( لكنھا س ِّ َ ْ‬ ‫إليھا اإلعراب ) ْ َ َ ِ ْ‬
‫حينئذ المثال السابق ھو موضوعه ھنا ما نزل بعرفات في‬ ‫ٍ‬ ‫صلى  عليه وآله وسلم وإن نزل بغير المدينة‬ ‫‪ :‬بعد ھجرة النبي َّ‬
‫ني ألنه نزل بعد الھجرة وإن نزل بضواحي مكة ‪ ،‬ألن عرفات ليست من مكة وإنما ھي من‬ ‫حجة الوداع نقول ‪ :‬ھذا َمدَ ِ ّ‬
‫سورة كلھا أو أكثرھا ) بعدھا ( أي ‪ :‬بعد الھجرة نزل أي وإن نزل بغير المدينة ‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫والمدني َما ( أي ‪:‬‬ ‫ضواحي مكة ‪ْ ِ َ َ ْ ) ،‬‬
‫وثم ضوابط أخرى كذلك‬ ‫ّ‬
‫والمدَ ِنيِّ ‪َّ ،‬‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫المكيِّ‬ ‫ْ‬
‫فحينئذ نقول ھذا ھو الضابط المشھور ھو ليس بتعريف وإنما ھو ضابط لمعرفة َ ِّ‬ ‫ٍ‬
‫حينئذ نقول ‪ :‬ھذا ھو القول المشھور ما نزل قبل الھجرة فھو‬ ‫ٍ‬ ‫تعرف من جھة السورة نفسھا لفظھا أو موضوعھا أو أسلوبھا‬
‫ني ‪.‬‬
‫مكي وما نزل بعد الھجرة فھو َمدَ ِ ّ‬ ‫َ ِّ ٌّ‬
‫المكي ما نزل بمكة ولو بعد الھجرة ‪.‬‬ ‫ْ‬
‫القول الثاني ‪ُّ ِّ َ :‬‬
‫نسبة إلى مكة‬ ‫ً‬ ‫ُعي فيه المكان ‪ ،‬فقوله ‪ُّ ِّ َ ْ :‬‬
‫المكي‬ ‫ُعَي فيه الزمن ‪ ،‬والتقسيمة على القول الثاني ر ِ‬ ‫التقسيم األول الھجرة ھذا ر ِ‬
‫مكي والمراد بمكة ما يشمل ضواحيھا كعرفات ومنى ونحوھا ولو بعد الھجرة ‪.‬‬ ‫الموضع نفسه فما نزل في مكة فھو َ ِّ ٌّ‬
‫حينئذ اعتبر في ھذا التقسيم ماذا ؟ اعتبر المكان فما‬ ‫ٍ‬ ‫كبدر وأحد وسلع ونحو ذلك ‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫ني ما نزل بالمدينة وضواحيھا‬ ‫َْ‬
‫والمدَ ِ ُّ‬
‫ني ‪.‬‬ ‫مكي ‪ ،‬وما نزل في ساحة المدينة أرض المدينة النبوية وضواحيھا نقول ‪ :‬ھذا َمدَ ِ ّ‬ ‫نزل في ساحة مكة وضواحيھا فھو َ ِّ ٌّ‬
‫طيب ما نزل في تبوك ؟ ما نزل في أسفار النبي  ؟‬
‫ني ‪ ،‬ال يوصف بكونه َ ِّ ًّ‬
‫مكيا وال‬ ‫مكي ‪َ ،‬مدَ ِ ٌّ‬ ‫ني فأثبتوا الواسطة فصار التقسيم للسور واآليات ثالثة أقسام ‪ٌّ ِّ َ :‬‬ ‫ليس بمكي وال َمدَ ِ ّ‬
‫َمدَ ِ ًّنيا ‪.‬‬
‫محصورا في األرض‬ ‫ً‬ ‫المكي محصورة في األرض الموضع ْ َ‬
‫والمدَ ِنيِّ‬ ‫أال يلزم على ھذا القول ؟ يلزم عليه أنه إذا جعل ْ َ ِّ َّ‬
‫حينئذ صار القسمة ثالثية فأثبتوا‬ ‫ٍ‬ ‫ني‬
‫بمكي ال َمدَ ِ ّ‬ ‫حينئذ ما لم ينزل في مكة وضواحيھا والمدينة وضواحيھا نقول ‪ :‬ھذا ليس ِ َ ِّ ٍّ‬ ‫ٍ‬
‫ني ‪ ،‬إذا األسفار أين‬ ‫ً‬ ‫مكي وما نزل بعد الھجرة فھو َمدَ ِ ٌّ‬ ‫الواسطة ‪ ،‬وعلى القول األول ‪ :‬ال واسطة ألنه ما نزل قبل الھجرة فھو َ ِّ ٌّ‬
‫مكي ‪ ،‬وما كان من األسفار بعد‬ ‫تكون ؟ إما أنھا قبل الھجرة وإما أنھا بعد الھجرة فما كان من األسفار قبل الھجرة فھو َ ِّ ٌّ‬
‫مطردا جعلوه ھو المرجح‪.‬‬ ‫ً‬ ‫مطردا يعني لكونه‬ ‫ً‬ ‫مدنيا وال واسطة ‪ ،‬فالقسمة ثنائية ولذلك لھذا الملحظ جعلوه‬ ‫الھجرة فھو ً‬
‫المكي ما نزل بمكة ولو بعد الھجرة ويدخل في مكة ضواحيھا كالذي نزل على النبي  عند بمنى‬ ‫ًإذا القول الثاني ‪ُّ ِّ َ ْ :‬‬
‫وأحد وسلع ‪ ،‬وعلى ھذا القول نثبت الواسطة فما نزل‬ ‫ٍ‬ ‫كبدر‬
‫ٍ‬ ‫نية وضواحيھا‬ ‫ني ما نزل ْ َ‬
‫بالمدَ ِ َّ ِ‬ ‫وعرفات والحديبية ‪َ ْ ،‬‬
‫والمدَ ِ ّ‬
‫ني وھذا التقسيم لوحظ فيه النزول باعتبار المكان ‪.‬‬ ‫مكي وال َمدَ ِ ّ‬ ‫باألسفار ال يطلق عليه َ ِّ ّ‬
‫جدا لم يلتفت إليه أھل‬ ‫خطابا ألھل المدينة وھذا ضعيف ً‬ ‫ً‬ ‫ني ما وقع‬ ‫خطابا ألھل مكة ْ َ‬
‫والمدَ ِ ُّ‬ ‫ً‬ ‫المكي ما وقع‬ ‫القول الثالث ‪ُّ ِّ َ ْ :‬‬
‫ُدرى من‬ ‫معلقا ال ي ْ َ‬ ‫ً‬ ‫العلم ولذلك ال يعرف له قاعدة لم ينسبه السيوطي لبعض أھل العلم وإنما ذكره ھكذا حكاية فصار قوالً‬
‫دائرا بين القول األول والثاني ‪ ،‬إما أن ننظر إلى الزمان وإما أن ننظر إلى المكان ‪ ،‬ولكن الذي‬ ‫ً‬ ‫صاحبه ويكون الترجيح‬
‫يطرد ويصح جعله ضابطا للفرق بين النوعين ھو اعتبار الزمان ‪ ،‬وذلك جرى عليه أكثر أھل العلم ‪.‬‬ ‫ً‬

‫وإن َ َ‬
‫تسلْ‬ ‫ََِْ ْ‬
‫والمدني َما بعدھا ‪ْ ِ ،‬‬ ‫)‬ ‫ھجرة َ َ ْ‬
‫نزل‬ ‫مكيه ما َ ْ‬
‫قبل َ ِ ْ َ ٍ‬ ‫َ ِّ ُّ ُ‬
‫)‬
‫‪............................‬‬ ‫)‬ ‫َ ََِْ ْ‬
‫فالمدني ‪.................‬‬
‫)‬

‫المدَ ِنيِّ ْ َ ِّ‬


‫والمكيِّ لكن‬ ‫تسلْ ( أيھا الطالب عن عدد كل من ْ َ‬ ‫وإن َ َ‬
‫ني ستأتي بعض الضوابط ) ِ ْ‬ ‫المكيِّ ْ َ‬
‫والمدَ ِ ّ‬ ‫اآلن عرفنا ضابط ْ َ ِّ‬
‫المكيِّ ْ َ‬
‫والمدَ ِنيِّ ھل ورد قول عن النبي  بأن البقرة َمدَ ِ َّنية والفاتحة َ ِّ َّ‬
‫مكية واألنعام ؟‬ ‫يرد السؤال أوالً ما المرجع في معرفة ْ َ ِّ‬

‫‪62‬‬
‫نص في تعيين‬ ‫ٌ‬ ‫فحينئذ المرجع ھو حفظ الصحابة رضي  تعالى عنھم والتابعين ألنه لم يرد عن النبي ‬ ‫ٍ‬ ‫ھل ورد ؟ لم يرد‬
‫مكية بلقبھا الخاص وكون ھذه َمدَ ِ َّنية بلقبھا الخاص وسيأتي‬ ‫كية أو َمدَ ِ َّنية لكن في التعيين في التنصيص كون ھذه َ ِّ َّ‬ ‫كون ھذه َم ِّ َّ‬
‫واجتھادي ‪.‬‬
‫ِ‬ ‫أن المعنى الطريق الذي يحكم به نقلي‬
‫ني القرآن كله أربع عشر ومائة سورة ‪ ،‬أو أربع عشرة سورة ومائة‬ ‫والمكيِّ ‪َ ْ ،‬‬
‫فالمدَ ِ ّ‬ ‫المدَ ِنيِّ ْ َ ِّ‬ ‫تسلْ ( عن عدد كل من ْ َ‬ ‫وإن َ َ‬ ‫) ِْ‬
‫مكية ؟ الجواب ال ‪ ،‬ھل كلھا َمدَ ِ َّنية ؟ الجواب ‪ :‬ال ‪ً .‬إذا ال بد من التفصيل منھا ما ھو‬ ‫سورة ھل كلھا َ ِّ َّ‬ ‫ً‬ ‫‪ ،‬مائة وأربع عشرة‬
‫ني باتفاق ‪ ،‬ومنھا ما ھو‬ ‫مكي على الراجح ومنھا ما ھو َمدَ ِ ّ‬ ‫مكي باتفاق ومنھا ما ھو َ ِّ ّ‬ ‫ني منھا ما ھو َ ِّ ّ‬ ‫مكي ومنھا ما ھو َمدَ ِ ّ‬ ‫َ ِّ ّ‬
‫ني على الراجح ‪.‬‬ ‫َمدَ ِ ّ‬
‫النقاية (( السيوطي رحمه  تعالى بأنھا َمدَ ِ َّنية ‪) :‬‬ ‫تبعا لصاحب األصل )) ُّ‬ ‫ھو سيذكر بعض األنواع التي ترجح عنده ً‬
‫ني ‪.‬‬ ‫ني فأقول لك ْ َ‬
‫المدَ ِ ّ‬ ‫والمكيِّ ْ َ‬
‫فالمدَ ِ ّ‬ ‫المدَ ِنيِّ ْ َ ِّ‬ ‫كل من ْ َ‬ ‫تسل ( عن عدد ٍ‬ ‫وإن َ َ ْ‬ ‫ِْ‬
‫ً‬
‫تسلْ ( أين الھمزة ؟ أصلھا سأل حذفت تخفيفا ‪ ،‬لغة ‪ ،‬أو شذوذ ‪ ،‬أو ضرورة ؟‬ ‫وإن َ‬ ‫َ‬ ‫) ِْ‬
‫إسرائيل َ ﴾ ]‬ ‫بني ِ ْ َ ِ‬ ‫أرسلنا ﴾ ] الزخرف ‪َ ﴿ . [ 45 :‬سلْ َ ِ‬ ‫ْ‬
‫من ْ َ َ‬ ‫َ‬ ‫واسألْ َ ْ‬ ‫َ‬ ‫إسرائيل َ ﴾ ] البقرة ‪ . [ 211 :‬اسأل ‪ْ َ ﴿ ،‬‬ ‫بني ِ ْ َ ِ‬ ‫سلْ َ ِ‬ ‫لغة ‪َ ﴿ :‬‬
‫ني ‪،‬‬ ‫المدَ ِ ّ‬‫فالمدني ( فأقول لك ْ َ‬ ‫تسلْ َ ْ َ َ ِ ْ‬ ‫وإن َ َ‬
‫لغة ال يكون من باب الضرورة ‪ْ ِ ) ،‬‬ ‫حينئذ يكون ً‬ ‫ٍ‬ ‫البقرة ‪ . [ 211 :‬جاء بھذا وجاء بھذا‬
‫المدني ( ‪ ،‬بإسكان الياء لضرورة النظم ‪.‬‬ ‫الفاء ھذه واقعة في جواب الشرط ‪ .‬فأقول لك ) ْ َ َ ِ ْ‬
‫مع‬
‫القرآن َ ْ‬‫أولتا ْ ِ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ني ) َّ َ‬ ‫تسع وعشرون سورة ‪ ،‬سيسردھا ‪ ،‬وھي ‪ :‬أي التسع والعشرون سورة التي حُكم عليھا بأنھا َمدَ ِ ّ‬ ‫ٌ‬
‫القرآن ( ما ھو القرآن ھنا مراد القرآن كله وھو من الفاتحة إلى سورة الناس ‪ ،‬أول ما‬ ‫أولتا ْ ِ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫تبع ( ‪َ َّ ) .‬‬ ‫الحج َ َ ْ‬
‫أخيرتيه وكذا َ ُّ‬ ‫َ ِْ َ َْ ِ‬
‫يقرأ في القرآن أي السور الفاتحة ‪ ،‬ثم البقرة ثم آل عمران ‪ .‬على ظاھر كالم المصنف أن الفاتحة والبقرة ھما المرادتان ھنا‬
‫أولتا ُ ْ ِ‬
‫القرآن‬ ‫شيء واحد ‪َ َّ َ ) ،‬‬ ‫ٌ‬ ‫أولتا ( وذكرنا في مضى أن ھذه التسمية من باب التغليب فقط وإن األول‬ ‫القرآن ( ‪َ َّ َ ) ،‬‬ ‫أولتا ُ ْ ِ‬ ‫) َ َّ َ‬
‫( لكن ھل المراد الفاتحة والبقرة أم المراد البقرة وآل عمران ؟‬
‫البقرة وآل عمران ‪.‬‬
‫كيف نصرف كالم المصنف ھنا وإن كان ظاھره أن الفاتحة والبقرة ؟ ‪.‬‬
‫فحينئذ صارت األولية نسبية إضافية فلك أن تقطع الشيء عن‬ ‫ٍ‬ ‫نقول ‪ :‬األولية نسبية إضافية يعني باعتبار البقرة وما بعدھا‬
‫أوال ألي شيء باعتبار الشيء كله أو باعتبار ما بعده باعتبار وما بعدھا ‪ ،‬فصارت األولية ھنا‬ ‫ً‬ ‫أوال فصار‬ ‫ً‬ ‫سابقه فتجعله‬
‫حينئذ صح‬ ‫ٍ‬ ‫نسبية إضافية ‪ ،‬يعني ‪ :‬البقرة بنسبة آلل عمران أول والبقرة وآل عمران بالنسبة للنساء آلخر القرآن أولتا القرآن‬
‫كالم المصنف رحمه  تعالى ‪.‬‬
‫مكية ‪ ،‬وقيل ‪َ :‬مدَ ِ َّنية ‪،‬‬ ‫القرآن ( ‪ .‬وھما البقرة وآل عمران ال الفاتحة والبقرة ألن الفاتحة فيھا خالف قيل ‪َّ ِّ َ :‬‬ ‫أولتا ُ ْ ِ‬ ‫فالمدني َ َّ َ‬ ‫) َ ََِْ ْ‬
‫ني ‪ ،‬وھذا أضعف األقوال ‪ ،‬والجمھور على أنھا َ ِّ َّ‬
‫مكية‬ ‫مكي والنصف الثاني َمدَ ِ ّ‬ ‫وقيل ‪ :‬نزلت مرتين ‪ ،‬وقيل ‪ :‬النصف األول َ ِّ ّ‬
‫أخيرتيه ( ‪) ،‬‬ ‫مع َ ِ ْ َ َ ْ ِ‬ ‫مكية ) َ ْ‬ ‫المدَ ِ َّنية والفاتحة المرجح فيھا عند الجمھور أنھا َ ِّ َّ‬ ‫ًإذا ال يمكن إدخال الفاتحة ھنا لكونه يعد السورة ْ َ‬
‫ذتان بكسر الواو اسم الفاعل م َُعوِّ ذ ‪ ،‬ألن‬ ‫أخيرتيه ( الضمير يعود على ماذا ؟ على القرآن ‪ ،‬وما ھما األخيرتان ھما ْالم َُعوِّ َ َ‬ ‫َ ِْ َ َْ ِ‬
‫يتعوذ ويتحصن بھا والسبب في نزولھما كما ھو معلوم قصة سحر النبي  ‪ ،‬الذي سحره لبيد بن عاصم اليھودي ‪.‬‬ ‫قارئھما َ َ َ َّ‬
‫م َُعوِّ َذتان ‪ :‬يقال ‪ :‬المعوِّ ذات والمعوذتان أليس كذلك ؟ إذا قيل المعوذات فما المراد ؟ ‪.‬‬
‫عند أھل العلم قال ‪ :‬المعوذات بالجمع ‪ ،‬ويقال ‪ :‬المعوذتان إذا قيل ‪ :‬المعوذتان ال شك أنه تثنية فالمراد به سورة الفلق‬
‫فحينئذ تكون سورة اإلخالص من المعوذات ذكر ذلك ابن‬ ‫ٍ‬ ‫والناس وإذا قيل ‪ :‬المعوذات ھذا جمع ال بد أن يكون أقله ثالث ‪،‬‬
‫جدا ‪.‬‬‫حجر في الفتح في كالم طويل ً‬
‫ً‬
‫أخيرتيه ( وھما المعوذتان بكسر الواو المشددة ‪ ،‬إذا المعوذتان مدنيتان ‪.‬‬ ‫مع َ ِ ْ َ َ ْ ِ‬ ‫) َْ‬
‫بع ( ‪ ) ،‬وكذا ( أي ومثل الذي ذكر من سورة البقرة وآل عمران ‪ ،‬والمعوذتين في الحكم بكونھا َمدَ ِ َّنية )‬ ‫ُ‬ ‫الحج َت َ ْ‬ ‫) وكذا َ ُّ‬
‫تبع ( لھا لكونھا َمدَ ِ َّنية ‪ ،‬والحج ھذه قول الجمھور فإنھا َمدَ ِ َّنية وإال فروى مجاھد عن ابن عباس رضي  تعالى عنھما‬ ‫الحج َ َ ْ‬ ‫َ ُّ‬
‫معا ‪ ،‬قيل ‪ :‬س ُِّلم‬ ‫ني ً‬ ‫المدَ ِ ّ‬‫المكي و ْ َ‬ ‫مكية لكن المراد عند أھل العلم بأنھا َمدَ ِ َّنية وإن قيل إنھا من المختلف يعني ‪ :‬مما شمل ْ َ ِّ ّ‬ ‫‪ :‬أنھا َ ِّ َّ‬
‫سابقا فأكثر سورة الحج نزل بعد‬ ‫ً‬ ‫ني لكن ينظر في األكثر واألغلب على الضابط الذي ذكرناه‬ ‫المكيِّ و ْ َ‬
‫المدَ ِ ّ‬ ‫ذلك الشتمال ْ َ ِّ‬
‫حينئذ نحكم عليھا بأنھا َمدَ ِ َّنية ولذلك ذكرھا المصنف ھنا ولذلك ذكر بعضھم مقولة أن سورة الحج من أعاجيب السور‬ ‫ٍ‬ ‫الھجرة‬
‫‪ .‬لماذا ؟ ‪.‬‬
‫ومدَ ِ ًّنيا ‪،‬‬ ‫ومكيا َ‬ ‫وحضرا ‪ًّ ِّ َ ،‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫وسفرا‬ ‫بالنھار ‪.‬‬ ‫ونھارا ‪ ،‬يعني وجد فيھا ما نزل بالليل وما نزل‬ ‫ً‬ ‫قالوا ‪ :‬أنھا نزلت ً‬
‫ليال‬
‫ومتشابھا ‪ .‬ألنھا اشتملت على عدة أنواع من علوم القرآن ‪ ،‬لك نوع من ھذه‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ومحكما‬ ‫ً‬
‫ومنسوخا ‪،‬‬ ‫اسخا‬ ‫وحربيا ‪ ،‬ون ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫وسلميا‬

‫‪63‬‬
‫المذكورات نصيب حظ من آيات سورة الحج ‪ ،‬ولذلك بعضھم ‪ :‬ال يعبر بكونھا َمدَ ِ َّنية بل يقول ھي مختلفة ويذكر ھذا القول‬
‫المنسوب للصاوي ولغيره ألنھا اشتملت على ھذه األنواع العديدة ‪:‬‬
‫القرآن ( و )‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫فالمدني َّأولتا ْ ِ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫معطوف على ) َّأولتا ( ) َ َ ِ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫مائدةٌ ( ومائدة يعني ‪ :‬سورة المائدة ھي َمدَ ِ َّنية‬ ‫تبع ِ َ‬‫الحج َ َ ْ‬ ‫) وكذا َ ُّ‬
‫داخل فيھم‬ ‫ٌ‬ ‫ني األنعام وإنما ھو‬ ‫المدَ ِ ّ‬ ‫ْ‬
‫تلت ( األنعام النساء قوالن ألنھما عدا ھنا في َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫مع َما ْ‬ ‫مائدةٌ ( على إسقاط حرف العطف ) َ ْ‬ ‫َِ‬
‫تعالوا ﴾ ] األنعام ‪[151 :‬‬ ‫ُ‬
‫المدَ ِ َّنية ﴿ قلْ َ َ َ ْ ْ‬ ‫ْ‬
‫مكية وإن وجد فيھا بعض اآليات َ‬ ‫فحينئذ األنعام َ ِّ َّ‬
‫ٍ‬ ‫ْ‬
‫قولھما ‪ :‬ما عدا ھذا المذكور ف َ ِّ ّ‬
‫المكي‬
‫مكية ‪ ،‬وھنا قوله ‪:‬‬ ‫‪ .‬إلى آخره ثالث آيات قيل إنھا َمدَ ِ َّنية ولكن العام أنھا َ ِّ َّ‬
‫متلوة وھنا الحكم للمائدة‬ ‫المتلوة والنساء َ ْ ُ ّ‬ ‫تلت ( يعني ما تلتھا المائدة ‪ ،‬فالمائدة ھي التالية والنساء ھي ْ َ ْ ُ ّ‬ ‫مع َما َ َ ْ‬ ‫مائدةٌ ‪ْ َ ،‬‬ ‫مع ) ِ َ‬
‫حينئذ نحكم على المائدة بأنھا َمدَ ِ َّنية وعلى النساء بأنھا ماذا ؟ َمدَ ِ َّنية عرفتم قوله ‪:‬‬ ‫ٍ‬ ‫مع المتلوة التي تلتھا سورة المائدة‬
‫مكية ولذلك ھذا من المختلف فيه‬ ‫تلت ( يعني ‪ :‬مع ما تلتھا المائدة ‪ ،‬وھي سورة النساء ‪ .‬وزعم النحاس أنھا َ ِّ َّ‬ ‫مع َما َ َ ْ‬ ‫) َ ْ‬
‫وخرج البخاري عن عائشة رضي  تعالى عنھا قالت ‪ :‬ما نزلت سورة البقرة والنساء إال وأنا عنده‬ ‫والمرجح أنھا َمدَ ِ َّنية ‪َّ َ ،‬‬
‫اتفاقا وھي تقول ‪ :‬ما نزلت سورة البقرة والنساء إال وأنا عنده  ‪ .‬عند النبي  ‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ ‪ .‬ودخولھا عليه كان بعد الھجرة‬
‫ني فدل على أن سورة البقرة وسورة النساء مدنيتان‬ ‫اتفاقا وما نزل بعد الھجرة فھو َمدَ ِ ّ‬ ‫ودخولھا على النبي  كان بعد الھجرة ً‬
‫المكيِّ ‪.‬‬ ‫المدَ ِنيِّ و ْ َ ِّ‬ ‫وسقط قول النحاس ‪ ،‬والغريب أن أھل اللغة لھم كالم في ْ َ‬
‫والرعد ( وعن ابن عباس ‪:‬‬ ‫َّ ْ ُ‬ ‫َ ٌ‬
‫براءة ‪،‬‬ ‫ٌ‬
‫سورة َمدَ ِ َّنية و )‬ ‫براءةٌ ( يعني وأنفال بإسقاط حرف العطف فسورة األنفال‬ ‫َ‬ ‫) َْ َ‬
‫أنفال ُ‬
‫مكية والجمھور على‬ ‫غريبا أنھا َ ِّ َّ‬ ‫ً‬ ‫سفي قوالً‬ ‫والقتال ُ ( حكى َّ‬
‫الن َّ ِ ّ‬ ‫َِ‬ ‫مكية )‬‫مكية في رواية أن الرعد ھذا من المختلف فيه أنھا َ ِّ َّ‬ ‫أنھا َ ِّ َّ‬
‫مثال لھا ‪.‬‬‫ٌ‬ ‫أن القتال َمدَ ِ َّنية وھي سورة محمد وتسمى القتال وتسمى محمد وسبق أن بعض السور قد تسمى باسمين وھذا‬
‫والنصر‬
‫ْ ُ‬ ‫َّ‬ ‫َ ُِْ‬
‫والحديد ‪،‬‬ ‫مكية ‪) .‬‬ ‫وتالياھا ( يعني ‪ :‬تاليا القتال وھما سورة الفتح والحجرات ‪ ،‬وفي الحجرات قول شاذ ‪ :‬أنھا َ ِّ َّ‬ ‫) َ َِ‬
‫بيوم ْ ِ َ َ ِ‬
‫القيامة ﴾‬ ‫قيامة ( يعني وسورة القيامة ﴿ ال ُ ْ ِ ُ‬
‫أقسم ِ َ ْ ِ‬ ‫( بإسقاط حرف العطف والحديد والنصر قول الجمھور أنھا َمدَ ِ َّنية ) ِ َ ٌ‬
‫عدھا في ))‬ ‫المدَ ِنيِّ وكذلك ّ‬ ‫النقاية (( السيوطي رحمه  عدھا من ْ َ‬ ‫ھذه َمدَ ِ َّنية ‪ ،‬والمصنف ھنا الناظم تبع السيوطي في )) ُّ‬
‫الشراح يقولون ‪ :‬ھذا‬ ‫مكية ‪ ،‬وتجد ُّ َّ‬ ‫قول فيھا لكن يُحكى اإلجماع بأنھا َ ِّ َّ‬ ‫المدَ ِنيِّ وھنا تبع األصل بأنھا َمدَ ِ َّنية وھو ٌ‬ ‫التحبير (( من ْ َ‬
‫حينئذ نقول ‪ :‬قوله ‪) :‬‬ ‫ٍ‬ ‫كفروا ﴾ ] البينة ‪. [1 :‬‬ ‫الذين َ َ ُ‬
‫يكن َّ ِ َ‬ ‫لم َ ُ ِ‬ ‫ِّمة وھي سورة ﴿ َ ْ‬ ‫لعله سبق قلم بدل من أن كتب قيامة صوابه قي ٌ‬
‫ِّمة ‪ -‬ھكذا قال الشارح ‪ -‬وھي سورة ﴿‬ ‫مكية ‪ ،‬صوابه قي ٌ‬ ‫ضعيفا بأنھا َمدَ ِ َّنية وح ُِكي اإلجماع على أنھا ماذا ؟ َ ِّ َّ‬ ‫ً‬ ‫قيامة ( تبع قوالً‬ ‫ِ َ ٌ‬
‫مكية باإلجماع ‪ ،‬ودعوى اإلجماع ھذا‬ ‫كفروا ﴾ ] البينة ‪ . [1 :‬فإنھا َمدَ ِ َّنية عند الجمھور بخالف القيامة فإنھا َ ِّ َّ‬ ‫الذين َ َ ُ‬‫يكن َّ ِ َ‬ ‫لم َ ُ ِ‬ ‫َْ‬
‫فيه نظر ‪.‬‬
‫النقاية‬ ‫النقاية (( ‪ ،‬و)) ُّ‬ ‫زلزلة ( لكن تصويب كالم الناظم فيه نظر بل تبقى على أصلھا أن مراده القيامة ألنه نظم )) ُّ‬ ‫ٌ‬ ‫و) َََْ‬
‫(( أثبت أن القيامة َمدَ ِ َّنية فإذا ال نقول ‪ :‬أنه سبق قلم وال نقول ‪ :‬أنه خطأ بل نقول ‪ :‬ھذا قوله وھو مرجوح وعدھا السيوطي‬ ‫ً‬
‫النقاية (( ‪.‬‬ ‫المدَ ِ َّنيات وكذلك في )) ُّ‬ ‫في )) التحبير (( بأنھا من ْ َ‬
‫والقدر (‬ ‫َْ‬ ‫زلزلة ( يعني ‪ :‬وزلزلة ‪ ،‬سورة الزلزلة وفيھا قوالن ھذه ‪ ،‬والمرجح عند الجمھور أنھا َمدَ ِ َّنية )‬ ‫قيامة ‪ٌ َ َ ْ َ ،‬‬ ‫) ِ َ ٌ‬
‫والمجادلة ( بفتح الدال‬ ‫ُ َ ََْ‬ ‫واألحزاب ‪،‬‬‫َْ َ ُ‬ ‫والنور ( سورة النور )‬ ‫القدر ﴾ ] القدر ‪ُ ُّ ) . [1 :‬‬ ‫ليلة ْ َ ْ ِ‬ ‫أنزلناهُ ِفي َ ْ َ ِ‬ ‫بسكون الدال ‪َِّ ﴿ :‬إنا َ َ ْ َ‬
‫وسر ( ھذا‬ ‫المجادلة ‪ ،‬وسميت بھا في اللغة ‪ْ ِ َ ) ..‬‬ ‫ِ‬ ‫عي المرأة قيل‬ ‫ويجوز كسر مجادلة إن روعي القصة قيل المجادَ لة وإن ُرو ِ َ‬
‫وسر ( في تعداد السور من المجادلة إلى سورة التحريم وتعد سبعة وتعد سبع سور الحشر ‪ ،‬والممتحنة‬ ‫أمر من السير يعني ) َ ِ ْ‬ ‫ٌ‬
‫المدَ ِ َّنيات يعني من المجادلة يعني جزء قد سمع كله‬ ‫‪ ،‬والصف ‪ ،‬والجمعة ‪ ،‬والمنافقون ‪ ،‬والتغابن ‪ ،‬والطالق ھذه كلھا من ْ َ‬
‫حينئذ إذا قال ‪ :‬إلى التحريم ال يفھم أن ما بعد إلى‬ ‫ٍ‬ ‫ني ألنه عد المجادلة وعد التحريم وما بينھما ‪ ،‬وھي داخلة أي التحريم‬ ‫َمدَ ِ ّ‬
‫التحريم‬ ‫َّ‬
‫وسر ( في تعداد السور ) إلى ْ ِ ْ ِ‬ ‫داخل في الحكم السابق ) َ ِ ْ‬ ‫ٌ‬ ‫ً‬
‫على القاعدة المشھورة أنه ليس داخال في المغيا ‪ ،‬بل المغيا‬
‫لة ( في العدد ‪ ،‬نص على دخولھا لماذا ؟ ألن الغالب عدم دخول المغيا مع إلى بخالفه مع‬ ‫داخ َ ْ‬
‫وھي ( أي سورة التحريم ) ِ‬ ‫َ ْ َ‬
‫ً‬
‫فحينئذ نحتاج إلى التنصيص بكون ما بعد إلى داخال في ما قبله ‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫حده ‪ ،‬الغالب أن ما بعد إلى ال يدخل فيما قبله‬
‫ً‬
‫مذكورا‬ ‫ُكم عليھا بأنھا َمدَ ِ َّنية ‪ ،‬والخالف واألدلة تجدونه‬ ‫تسع وعشرون سورة ھذه ح ِ َ‬ ‫ًإذا عرفنا اآلن ما ذكره الناظم وھو ٌ‬
‫في )) التحبير (( و)) اإلتقان (( ونحو ذلك ‪.‬‬

‫المروي‬
‫َْ ِ ّ‬ ‫به‬ ‫على َّالذي َ َّ‬
‫صح ِ‬ ‫)‬ ‫ھو ْ َ ِ ُّ‬
‫المكي‬ ‫وما َعدا َھذا ُ َ‬
‫)‬

‫‪64‬‬
‫خمس وثمانون وأيھما األولى أن يشرع في تعداد األقل أو‬ ‫ٌ‬ ‫تسع وعشرون بقي‬ ‫ني ألنھم ٌ‬ ‫المدَ ِ ّ‬ ‫ني ‪َ ْ ،‬‬ ‫المدَ ِ ّ‬ ‫المكي أم ْ َ‬ ‫أيھما أقل ْ َ ِّ ّ‬
‫األكثر ؟‬
‫خمس وثمانون سورة ‪ ،‬والمستثنيات ھذه‬ ‫ٌ‬ ‫تسع وعشرون ثم أحالك على األكثر وھو‬ ‫عدد لك األقل الذي ھم ٌ‬ ‫األقل فذكر َّ‬
‫مكية إال‬ ‫ِّ‬ ‫ً‬
‫موجودة في مواضعھا ما من سورة اختلف فيھا إال وذكر أن بعضھا ليس داخال في مسماھا الكلي فيقال سورة كذا َ َّ‬
‫آية كذا وكذا ‪ ،‬وھذه َمدَ ِ َّنية إال آية كذا وكذا ھذا تجدونه في و )) اإلتقان (( ونحو ذلك ‪ ،‬والسيوطي استوفى ھذا الكالم كله في‬
‫)) اإلتقان (( ‪.‬‬
‫سواء كان‬ ‫ً‬ ‫ِّ‬
‫المكي ( ھو المحكوم عليه بأنه َ ّ‬
‫مكي‬ ‫ْ‬
‫ھو َ ِ ُّ‬ ‫خمس وثمانون سورة ) ُ َ‬ ‫ٌ‬ ‫) وما َعدا َھذا ( أي المذكور من السور وھو‬
‫مكية وقيل ‪ :‬الرحمن واإلنسان‬ ‫ِّ‬
‫مكية ‪ ،‬رجح بأن الفاتحة َ َّ‬ ‫ِّ‬
‫اتفاقا أو على األرجح وعليه ما ذكره الناظم ھنا بأن الفاتحة َ َّ‬ ‫ً‬
‫لمدَ ِنيِّ‬ ‫المدَ ِنيِّ يعني يضاف إلى ما سبق ھذه السور الرحمن واإلنسان واإلخالص والفاتحة من ا ْ َ‬ ‫واإلخالص والفاتحة من ْ َ‬
‫مكية ‪.‬‬ ‫مكية واألصح والمرجح عند الجمھور أنھا َ ِّ َّ‬ ‫واألصح أنھا َ ِّ َّ‬
‫ني ھذا ضعيف ‪ ،‬بل قيل‬ ‫مكي والثاني َمدَ ِ ّ‬ ‫وقيل ‪ :‬الفاتحة نزلت مرتين والقول بأنه َمدَ ِ َّنية فقط أو بأنھا نصفين النصف األول َ ِّ ّ‬
‫‪ :‬بأن القول بأن الفاتحة َمدَ ِ َّنية فقط ھذا قول مجاھد ال يعرف عن غيره وقيل ‪ :‬ھو شاذ ضعيف ‪ .‬ولذلك قال بعضھم ‪ :‬قد تفرد‬
‫ھفوة منه ‪ .‬ھفوة يعني بمعنى زلة ‪.‬‬ ‫ً‬ ‫به مجاھد حتى ع َُّد‬
‫وقيل ‪ :‬النساء والرعد والحديد والحج والصف والتغابن والقيامة ‪ ،‬والمعوذتان مكيات واألصح أنھا مدنية ) على َّالذي‬
‫المروي ( ‪ .‬على القول الذي صح به أي بذلك القول المروي من األحاديث على النبي  كيف نقول المروي على‬ ‫به ْ َ ْ ِ ّ‬ ‫صح ِ‬ ‫َ َّ‬
‫ني مرجعه حفظ الصحابة والتابعين المرجع في الحكم ومحل االستنباط ھو األحاديث محل‬ ‫المكي و ْ َ‬
‫المدَ ِ ُّ‬ ‫النبي  ونحن نقول ‪ُّ ِّ َ ْ :‬‬
‫مكية أو َمدَ ِ َّنية فما صح األصل‬ ‫مكية أو َمدَ ِ َّنية ال بد أن يثبت قول أو فعل النبي  فنأخذ منه أن السورة َ ِّ َّ‬ ‫االستنباط بأن ھذه َ ِّ َّ‬
‫مكية‬ ‫حينئذ ضعف االستنباط منه ألن البعض قد يأتي ويحكم بأن السورة كذا وآية كذا َ ِّ َّ‬ ‫ٍ‬ ‫ضعُف األصل‬ ‫صح االستنباط منه وما َ‬
‫حينئذ ماذا نقول ؟ سقط األصل ‪ ،‬فيجب‬ ‫ٍ‬ ‫ثم ننظر نستند إلى دليل أثر عن النبي  من األحاديث فننظر فيه فإذا به ضعيف‬
‫سقوط الفرع ھذا ھو األرجح ‪.‬‬
‫المروي ( ‪ .‬صح المروي عن النبي  من‬ ‫به َ ْ ِ ّ‬ ‫صح ِ‬ ‫المكي على َّالذي ( ‪ .‬يعني على القول ) َّالذي َ َّ‬ ‫ھو ْ َ ِ ُّ‬ ‫) وما َعدا َھذا ُ َ‬
‫األحاديث واآلثار ‪.‬‬
‫المدَ ِنيِّ والمكي واألكثر أنه يذكر تعداد فيه وأما المستثنيات ترجع إلى أصولھا ‪ ،‬لكن ذكروا بأن‬ ‫ھذا جملة ما يذكر في ْ َ‬
‫ني له ضوابط يمكن الحكم على السورة بأنھا َمدَ ِ َّنية لكن ھذا في ما‬ ‫المدَ ِ َّ‬ ‫المكي له ضوابط يمكن ْالحُكم على السورة بأنھا َ ِّ َّ‬
‫مكية و ْ َ‬ ‫ْ َ ِّ َّ‬
‫ٌ‬
‫وقياسي‬ ‫ٌ‬
‫سماعي‬ ‫ٌ‬
‫نقلي‬ ‫مكية أو َمدَ ِ َّنية إسناد‬ ‫لم يصح نقله ولذلك ذكر الجعبري وغيره أن طريق الحكم على السورة بأنھا َ ِّ َّ‬
‫ٌ‬
‫اجتھادي ‪.‬‬
‫النقل السماعي وھو ما حكم به الصحابة رضي  تعالى عنھم ثم التابعون ‪.‬‬
‫واالجتھادي أو النقلي ھذا محل االستنباط والنظر والبحث والتدبر ‪.‬‬
‫صحيحا‬‫ً‬ ‫سماعي وقياسي ‪ ،‬والسماعي يستند إلى النقل الصحيح ال بد من أن يكون النقل‬ ‫ٌ‬ ‫ني طريقان‬ ‫المدَ ِ ّ‬ ‫المكيِّ و ْ َ‬ ‫لمعرفة ْ َ ِّ‬
‫عن الصحابة الذي عاصروا الوحي وشاھدوا نزوله أو عن التابعين الذي أخذوا عن الصحابة وسمعوا منھم ‪ ،‬ومعظم ما ورد‬
‫المدَ ِنيِّ من ھذا القبيل ‪ ،‬أكثر ما حكم فيه إما أن تجد قوالً لمجاھد أو قبل ذلك تجد قوالً البن عباس ‪ ،‬أو ُأبي بن‬ ‫المكيِّ و ْ َ‬ ‫في ْ َ ِّ‬
‫حينئذ نقول ‪ :‬ھذا حكمھم أنه نقلي مستنده‬ ‫ٍ‬ ‫كعب ‪ ،‬أو علي بن أبي طالب ‪ ...‬إلى آخره أو من التابعين كمجاھد وعطاء ونحوھم‬
‫حينئذ ال بد من النظر والبحث ولذلك وُ جد النوع الثاني وھو‬ ‫ٍ‬ ‫حينئذ نحكم به ‪ ،‬فما لم يرد أو إذا اختلفوا‬ ‫ٍ‬ ‫السمع فما صح عنھم‬
‫القياس واالجتھاد وھذا يستند إلى ماذا ؟‬
‫ً‬
‫المدَ ِنيِّ ولذلك بحثوا ونظروا في ما حكم عليه اتفاقا أو عن األرجح فيما حكم عليه‬ ‫ْ‬
‫المكيِّ وخصائص َ‬ ‫إلى معرفة خصائص ْ َ ِّ‬
‫المدَ ِنيِّ ‪ ،‬ووجدوا‬ ‫المكيِّ وال توجد في ْ َ‬ ‫ني وجدوا بعض األلفاظ أو بعض القصص أو بعض المواضيع ھذه تختص ب ْ َ ِّ‬ ‫بأنه َمدَ ِ ّ‬
‫مكية أو‬ ‫ِّ‬
‫مختلف فيھا ھل ھي َ ّ‬ ‫ٌ‬ ‫فحينئذ إذا وجدت سورة أو آيات‬ ‫ٍ‬ ‫ِّ‬
‫المكيِّ‬ ‫ْ‬
‫المدَ ِنيِّ وال توجد في َ‬ ‫ْ‬
‫أيضا توجد في َ‬ ‫ً‬ ‫بعض الخصائص‬
‫مكي لماذا ؟‬ ‫ِّ‬
‫مكي فنحكم عليه بأنه َ ّ‬ ‫ِّ‬
‫شبھا فما وجد فيه مما اتفق عليه أنه َ ّ‬ ‫َمدَ ِ ّنية نقول ‪ :‬نلحقھا بأقربھا ً‬
‫المكيِّ فيلحق به وھذا ھو أصل القياس فيه إلحاق وكذلك‬ ‫ِّ‬ ‫ْ‬
‫ألن أسلوبه وألفاظه على أسلوب وألفاظ وطريقة موضوعات َ‬
‫المكيِّ أمور ‪:‬‬ ‫حينئذ يقال ضوابط ْ َ ِّ‬ ‫ٍ‬ ‫ْ َ ِّ ّ‬
‫المكي‬
‫الناس ﴾ وليس‬ ‫أيھا َّ ُ‬ ‫سورة فيھا ﴿ َيا َ ُّ َ‬ ‫ٍ‬ ‫سورة وھذه الضوابط أغلبية ليست كلية مطردة وإنما في األغلب األكثر كل‬ ‫ٍ‬ ‫أوالً ‪ :‬كل‬
‫واسجدوا ﴾ ] الحج ‪. [ 77 :‬‬ ‫اركعوا َ ْ ُ ُ‬ ‫آمنوا ْ َ ُ‬ ‫الذين َ ُ‬ ‫أيھا َّ ِ َ‬ ‫مكية إال سورة الحج ففي آخرھا ﴿ َيا َ ُّ َ‬ ‫آمنوا ﴾ فھي َ ِّ َّ‬ ‫الذين َ ُ ْ‬ ‫أيھا َّ ِ َ‬ ‫فيھا ﴿ َيا َ ُّ َ‬

‫‪65‬‬
‫الناس ﴾ وليس فيھا ﴿ َيا َ ُّ َ‬
‫أيھا‬ ‫أيھا َّ ُ‬ ‫مكية ًإذا كل سورة اشتملت على قوله تعالى ‪َ ﴿ :‬يا َ ُّ َ‬ ‫وبعضھم يرى أن ھذه اآلية األخيرة َ ِّ َّ‬
‫خطاب يشمل المؤمن والكافر وأھل مكة آمن بعضھم‬ ‫ٌ‬ ‫الناس ﴾ ھذا‬ ‫أيھا َّ ُ‬ ‫مكية لماذا ؟ ألن ﴿ َيا َ ُّ َ‬ ‫آمنواْ ﴾ حكمنا عليھا ألنھا َ ِّ َّ‬ ‫الذين َ ُ‬ ‫َّ ِ َ‬
‫الناس ﴾ ھذا شامل ‪ ،‬وھذا من أدلة أن الكفار مخاطبون‬ ‫أيھا َّ ُ‬ ‫فحينئذ يخاطبون بـ ﴿ َيا َ ُّ َ‬ ‫ٍ‬ ‫وإن كانوا قلة لكن في الجملة ھم كفار‬
‫آدم ﴾ ھذا يشمل الكافر والمؤمن فال‬ ‫بني َ َ‬ ‫بفروع الشريعة ألنھم داخلون في ھذا العموم وكذلك ألحق بعضھم بھذا اللفظ ﴿ َيا َ ِ‬
‫الناس ﴾ نظر إلى‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫أيھا‬ ‫َ‬
‫فحينئذ إذا خوطبوا بـ ﴿ َيا ُّ َ‬ ‫ٍ‬ ‫يختص بالمؤمنين ألن الخطاب في المدينة الغالب بل األصل أنھم مؤمنون‬
‫آدم ﴾ ‪.‬‬ ‫بني َ َ‬ ‫الناس ﴾ ‪َ ﴿ ،‬يا َ ِ‬ ‫أيھا َّ ُ‬ ‫المكي فھذا بـ ﴿ َيا َ ُّ َ‬ ‫الجملة وإلى األغلب ‪ ،‬أما ْ َ ِّ ّ‬
‫مكَّية إال سورة الحج ففي آخرھا ﴿ َيا َ ُّ َ‬
‫أيھا‬ ‫آمنوا ﴾ فھي َ ِّ‬ ‫الذين َ ُ ْ‬ ‫أيھا َّ ِ َ‬ ‫الناس ﴾ وليس فيھا ﴿ َيا َ ُّ َ‬ ‫أيھا َّ ُ‬ ‫صورة فيھا ﴿ َيا َ ُّ َ‬ ‫ٍ‬ ‫فإذا كل‬ ‫ً‬
‫الذين َ ُ ْ‬
‫آمنوا ﴾ ‪.‬‬ ‫َّ ِ َ‬
‫آمنوا ُ ُ ْ‬
‫كلوا‬ ‫الذين َ ُ ْ‬‫أيھا َّ ِ َ‬ ‫ربكم ﴾ ] البقرة ‪ [21 :‬كيف نقول ‪َ :‬مدَ ِ َّنية فيھا ﴿ َيا َ ُّ َ‬ ‫اعبدوا َ َّ ُ ُ‬ ‫الناس ْ ُ ُ ْ‬ ‫أيھا َّ ُ‬ ‫طيب سورة البقرة فيھا ﴿ َيا َ ُّ َ‬
‫الذين َ ُ ْ‬
‫آمنوا ﴾‬ ‫أيھا َّ ِ َ‬ ‫الناس ﴾ وليس فيھا ﴿ َيا َ ُّ َ‬ ‫أيھا َّ ُ‬ ‫سورة فيھا ﴿ َيا َ ُّ َ‬ ‫ٍ‬ ‫رزقناكم ﴾ ] البقرة ‪ . [172 :‬والضابط ھنا كل‬ ‫طيبات َما َ َ ْ َ ُ ْ‬ ‫ِمن َ ِّ َ ِ‬
‫آمنوا ﴾ الضابط ما ھو ؟ إثبات ونفي ‪ ،‬اإلثبات ﴿ َيا أَ ُّ َ‬
‫يھا‬ ‫الذين َ ُ ْ‬ ‫أيھا َّ ِ َ‬ ‫الناس ﴾ وفيھا ﴿ َيا َ ُّ َ‬ ‫أيھا َّ ُ‬ ‫‪ ،‬وھذه فيھا سورة البقر فيھا ﴿ َيا َ ُّ َ‬
‫المكية ولذلك استثني ماذا ؟ استثني سورة الحج‬ ‫حينئذ ليس من ضوابط ْ َ ِّ َّ‬ ‫ٍ‬ ‫آمنوا ﴾ إذا اجتمعا‬ ‫الذين َ ُ ْ‬ ‫أيھا َّ ِ َ‬ ‫الناس ﴾ وليس فيھا ﴿ َيا َ ُّ َ‬ ‫َّ ُ‬
‫‪.‬‬
‫مكية ‪.‬‬ ‫سورة فيھا سجدة فھي َ ِّ َّ‬ ‫ٍ‬ ‫الثاني ‪ :‬كل‬
‫مكية سوى سورة البقرة ‪.‬‬ ‫سورة فيھا قصة آدم وإبليس فھي َ ِّ َّ‬ ‫ٍ‬ ‫الثالث ‪ :‬كل‬
‫مكية سوى البقرة كذلك ‪.‬‬ ‫سورة فيھا قصص األنبياء واألمم الغابرة الخالية فھي َ ِّ َّ‬ ‫ٍ‬ ‫الرابع ‪ :‬كل‬
‫كال ﴾ ھذا حرف زجر وردع لماذا ؟‬ ‫مكية ﴿ َ َّ‬ ‫كال ﴾ فھي َ ِّ َّ‬ ‫سورة فيھا لفظ ‪َّ َ ﴿ :‬‬ ‫ٍ‬ ‫الخامس ‪ :‬كل‬
‫المدَ ِ َّنية ؟‬ ‫المكية دون ْ َ‬ ‫ألنھم قالوا ‪ :‬لماذا وجد في السور ْ َ ِّ َّ‬
‫المكي كما سيأتي من خصائصه القوة والشدة في العبارة لماذا ؟‬ ‫ألن ْ َ ِّ َّ‬
‫كال ﴾‬ ‫سورة فيھا لفظ ﴿ َ َّ‬ ‫ٍ‬ ‫كال ﴾ ًإذا كل‬ ‫بلفظ شاق ﴿ َ َّ‬ ‫حينئذ ناسب أن يُؤتى ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ألن فيه جبابرة معاندين ‪ ،‬جبابرةٌ معاندون مشاقون‬
‫ثالثا وثالثين مرة في خمس عشرة‬ ‫مكية ‪ ،‬ولم ترد إال في النصف األخير من القرآن الخمسة عشرة األخيرة ‪ ،‬ووردت ً‬ ‫فھي َ ِّ َّ‬
‫مكية ‪.‬‬ ‫كال ﴾ ‪ ،‬فدل على أن ھذا خمس عشرة سورة نقول ‪ :‬ھذه َ ِّ َّ‬ ‫سورة في لفظ ﴿ َ َّ‬
‫مكية سوى الزھراوين البقرة وآل عمران واختلف في الرعد والصحيح‬ ‫سورة تفتتح بحروف التھجي فھي َ ِّ َّ‬ ‫ٍ‬ ‫سادس ‪ :‬كل‬
‫أنھا كما سبق َمدَ ِ َّنية ‪ ،‬ھذا من حيث الضوابط اللفظية ‪.‬‬
‫المكية‬ ‫ِّ‬ ‫ْ‬
‫المكيِّ الدعوة إلى التوحيد ‪ .‬الغالب في السورة َ َّ‬ ‫ِّ‬ ‫ْ‬
‫وأما من حيث المميزات الموضوعية واألسلوب فنقول ‪ :‬الغالب في َ‬
‫المكية ؟ لو قيل ھذا السؤال نقول ‪ :‬الغالب فيه أنھا تتحدث عن‬ ‫من حيث الموضوع تبحث في ماذا ؟ ما ھو موضوع السورة ْ َ ِّ َّ‬
‫قوم كفار فأول ما يُبدأ به ھو التوحيد ‪.‬‬ ‫التوحيد ألن المقام مقام دعوة إلى التوحيد ٌ‬
‫وعبادة  وحده جل وعال ‪ ،‬وإثبات الرسالة والبعث والقيامة والنار وأھوالھا والجنة ونعيمھا ومجادلة المشركين‬
‫المكيِّ الدعوة إلى التوحيد ‪ ،‬وعبادة ‬ ‫المكية ‪ ،‬نقول ‪ :‬الغالب في ْ َ ِّ‬ ‫بالبراھين العقلية ‪ ،‬كل ھذا موضوع البحث في السور ْ َ ِّ َّ‬
‫وحده وإثبات الرسالة والبعث ‪ -‬ألنھم منكرون للبعث ‪ ، -‬والقيامة ‪ ،‬والنار وأھوالھا ‪ ،‬والجنة ونعيمھا ‪ ،‬ومجادلة المشركين‬
‫بالبراھين العقلية ‪.‬‬
‫المكية ‪ .‬وقوة المحاجة ألن‬ ‫ِّ‬ ‫ْ‬
‫الثاني ‪ :‬قوة األسلوب وشدة الخطاب مع قصر الفواصل يعني ‪ :‬اآليات تكون قصيرة في َ َّ‬
‫غالبھم معاندون فخوطبوا بما يقتضيه حالھم ھذا ما يسمى بمراعاة مقتضى الحال ‪.‬‬
‫ني فضابطه ‪:‬‬ ‫أما ْ َ‬
‫المدَ ِ ّ‬
‫مكية لماذا ؟ ألن النفاق أين وجد ؟ في المدينة ولذلك‬ ‫األول ‪ :‬كل سورة فيھا ذكر المنافقين فھي َمدَ ِ َّنية سوى العنكبوت فإنھا َ ِّ َّ‬
‫خلص ‪ ،‬وما ظاھرھم اإليمان وباطنھم الكفر‬ ‫خلص ‪ ،‬وكفار ُ ّ‬ ‫صدر سورة البقرة قسمت الناس إلى ثالث أصناف ‪ :‬مؤمن ُ َّ‬
‫مكية ‪.‬‬‫حينئذ نقول ‪ :‬كل سورة فيھا ذكر المنافقين فھي َمدَ ِ َّنية سوى العنكبوت فإنھا َ ِّ َّ‬ ‫ٍ‬ ‫والعياذ با ‪.‬‬
‫الثاني ‪ :‬كل سورة فيھا مجادلة أھل الكتاب فھي َمدَ ِ َّنية ألن أھل الكتاب إنما وجدوا في المدينة ‪.‬‬
‫حد فھي َمدَ ِ َّنية ‪.‬‬ ‫الثالث ‪ :‬كل سورة فيھا فريضة أو َ ّ‬
‫المدَ ِنيِّ تفصيل العبادات والمعامالت والحدود والمواريث ونحو ذلك ألنه في األصل‬ ‫ْ‬
‫أما من حيث الموضوع فالغالب في َ‬
‫حينئذ ال بناء وليس المراد أن النبي‬ ‫ٍ‬ ‫شرع ماذا ؟ التوحيد ھو األصل ثم بعد ذلك يأتي البناء إذا لم يوجد التوحيد وھو األصل‬ ‫ُ‬
‫ جرد الدعوة في المدينة عن التوحيد ال وإنما يقال ‪ :‬كان األصل المركز عليه في مكة قبل الھجرة ھو التوحيد ثم في‬

‫‪66‬‬
‫المدينة لما كانوا موحدين أضاف وال نقول ترك الدعوة للتوحيد ھذا فھم خاطئ ولذلك نقول ‪ :‬بدأ النبي  دعوته بالتوحيد‬
‫وختمھا بالتوحيد ولذلك مات عليه الصالة والسالم وھو يقول ‪ » :‬الصالة وما ملكت أيمانكم « ‪ .‬ثم قال ‪ » :‬لعن  اليھود‬
‫ٍ‬
‫حينئذ بدأ بالتوحيد وختم‬ ‫والنصارى اتخذوا قبور أنبيائھم مساجد « ‪ .‬ھذا توحيد أم ماذا ؟ ھذا توحيد ھذا صميم التوحيد‬
‫المدَ ِ َّنية تفصيل العبادات والمعامالت يفھم منھا أنه ال دعوة للتوحيد ال وإنما أضاف ًإذا‬ ‫بالتوحيد وليس المراد أن ھذه اآليات ْ َ‬
‫الدعوة إلى التوحيد ماذا ؟ الدعوة إلى تفصيل العبادات ألنھا فرع وليست بأصل باعتبار التوحيد أما فيھا بعضھا في نفسھا‬
‫فھي أصول وال إشكال ‪.‬‬
‫ني ‪.‬‬ ‫الثاني ‪ :‬دعوة أھل الكتاب إلى اإلسالم ھذا من موضوعات ْ َ‬
‫المدَ ِ ّ‬
‫ني ‪.‬‬‫الثالث ‪ :‬ذكر الجھاد وبيان أحكامه ‪ ،‬وفضله ‪ ،‬وتفصيالته ‪ ...‬إلى آخره ‪ .‬نقول ‪ :‬ھذا َمدَ ِ ّ‬
‫الرابع ‪ :‬فضح المنافقين وكشف أستارھم أو ستارھم ‪.‬‬
‫الخامس ‪ :‬طول المقاطع واآليات ‪.‬‬
‫ٍ‬
‫حينئذ ننظر إلى مثل ھذه‬ ‫مكية أو َمدَ ِ َّنية‬ ‫ِّ‬
‫المدَ ِنيِّ فإذا اختلف السلف في الحكم على السورة أو اآلية بأنھا َ َّ‬ ‫ھذا من ضوابط ْ َ‬
‫الضوابط وخاصة في الموضوعات عرفنا ھذا ‪.‬‬
‫والسفري من آي القرآن (‬ ‫َّ ِ ُّ‬ ‫َ‬ ‫الحضري‬
‫والرابع ‪ُّ ِ َ َ :‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫الثالث‬ ‫ثم قال ‪ُ َّ ) :‬‬
‫النوع‬
‫المدَ ِنيِّ وأھمھا معرفة الناسخ والمنسوخ ولذلك ال يحل ألحد أن يُقدم على تفسير كالم‬ ‫المكيِّ و ْ َ‬ ‫وعرفنا الفوائد المترتبة على ْ َ ِّ‬
‫ني ‪.‬‬ ‫المكي و ْ َ‬
‫المدَ ِ ّ‬ ‫ عز وجل إال بعد معرفة ھذا النوع ْ َ ِّ ّ‬
‫والسفري من آي القرآن ‪ .‬وما سيذكره اآلن من‬ ‫َّ َ ِ ّ‬ ‫ري‬ ‫نوعا ‪َ َ ْ :‬‬
‫الحض ِ ّ‬ ‫النوع الثالث والرابع من العقد األول وھو اثنا عشر ً‬
‫العقود ھذه ال ينبني عليھا من الفائدة وإن كان لھا أھمية من حيث تعلقھا بالقرآن ال شك بذلك لكن ال ينبني عليھا أحكام كما‬
‫ني ينبني عليه أحكام من جھة التحريم ونسخ إلى آخره وأما الحضري‬ ‫المدَ ِ َّ‬ ‫المكي و ْ َ‬ ‫المدَ ِنيِّ ‪ ،‬ال شك أن ْ َ ِّ َّ‬ ‫المكيِّ و ْ َ‬
‫ھو في شأن ْ َ ِّ‬
‫والسفري والصيفي والشتائي والنھاري والليلي والفراشي والنومي ھذه من قبيل العلم فقط ‪ ،‬من قبيل العلم باآليات فقط أما‬
‫ھل يترتب عليھا حكم شرعي أو ال ؟‬
‫نقول ‪ :‬ال يترتب عليھا شيء من ذلك ‪.‬‬
‫الحضري ( ھذا نسبة إلى حضر والمراد به اإلقامة ألن اإلنسان إما أنه مقيم أو مسافر أما مستوطن ھذا ال وجود له وإن‬ ‫) َ َ ِ ُّ‬
‫ذكره كثير من الفقھاء إما مقيم وإما مسافر وزاد الفقھاء مستوطن وھو الذي يرد إلى بلد لم يقصد أنه يقيم يجعله بلده الخاص‬
‫مستوطنا ھذا عند الفقھاء ورتبوا عليه‬ ‫ً‬ ‫حينئذ نقول ‪ :‬ال ھذا يسمى‬ ‫ٍ‬ ‫كما كان األول يعني يستقيم من األول وينتقل إلى الثاني‬
‫أحكام من حيث القصر والجمعة ‪ ..‬إلى آخره لكن الصحيح أنه ال وجود وإنما ھو إما مقيم وإما مسافر ‪ ،‬فالحضري ھذا نسبة‬
‫إلى الحضر الياء ھذه ياء النسبة وھو ما نزل في الحضر يعني ‪ :‬في حالة إقامة النبي  ‪ .‬وإقامة النبي  قد تكون في مكة‬
‫المكيِّ و ْ َ‬
‫المدَ ِنيِّ ؟‬ ‫وقد تكون في المدينة ًإذا ھل لھذا النوع ارتباط ب ْ َ ِّ‬
‫المدينة عليه الصالة والسالم بعد أن انتقل ألنه أقام في المدينة ترك‬ ‫قد يكون له ارتباط فما نزل في المدينة وھو مقيم في ْ َ ِ َ ِ‬
‫مكي حضري ‪ .‬ألنه كان مقيم‬ ‫مكة وأقام في المدينة نقول ‪ :‬ھذا حضري ومدني ‪ ،‬وما نزل في مكة قبل الھجرة فنقول ‪ :‬ھذا َ ِّ ّ‬
‫المكيِّ و ْ َ‬
‫المدَ ِنيِّ ‪.‬‬ ‫حينئذ قد يجتمعان ‪ ،‬قد يكون ارتباط بين الحضري و ْ َ ِّ‬ ‫ٍ‬ ‫قبل الھجرة‬
‫والسفري ( ھذا نسبة إلى السفر مأخوذ من اإلسفار وھو ‪ :‬البروز والظھور ‪ .‬ومنه ‪ :‬أسفر الصبح إذا أظھر األشياء ‪.‬‬ ‫َّ ِ ُّ‬ ‫َ‬ ‫)‬
‫سفرا ألنه يسفر عن أخالق الرجال إذا أردت أن‬ ‫ً‬ ‫ِّي السفر‬ ‫ومنه ‪ :‬السفور ‪ .‬النساء إذا تبرجت أظھرت محاسنھا وقيل ‪ُ :‬سم َ‬
‫تجرب وتختبر صاحبك خذه في رحلة ‪.‬‬
‫ٍ‬
‫حينئذ نقول ‪ :‬ھذا‬ ‫ً‬
‫سفرا ‪.‬‬ ‫والسفري ( ھذا نسبة إلى السفر ‪ ،‬إذا ما نزل في السفر في حال ليست حال اإلقامة يسمى ‪:‬‬ ‫ً‬ ‫َّ َ ِ ُّ‬ ‫)‬
‫ً‬
‫المدَ ِنيِّ نقول ‪ :‬نعم الشأن شأن األول ‪ .‬إذا النوعان الحضري والسفري قد يجتمعان‬ ‫ْ‬
‫المكيِّ و َ‬ ‫ِّ‬ ‫ْ‬
‫يسمى بالسفري وھل يجتمع مع َ‬
‫سفريا ‪ ،‬ومكي حضري ومكي سفري ممكن أو ال ؟ نعم من آي القرآن قال‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫ومدنيا‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫حضريا‬
‫ّ‬ ‫ًّ‬
‫مدنيا‬ ‫المدَ ِنيِّ فيكون‬ ‫المكيِّ و ْ َ‬
‫مع ْ َ ِّ‬
‫رحمه  ‪:‬‬

‫َ ْ َِ‬
‫فاعلم‬ ‫جيش‬
‫َْ ٍ‬ ‫َ َِ ً‬
‫مائدة‬ ‫َ ِ‬
‫بذات‬ ‫َّ َ ُّ ِ‬
‫التيمم‬ ‫َ ََ ِ‬
‫َّ َ ِ ْ‬
‫كآية‬
‫والسفري‬
‫)‬ ‫)‬
‫ْ‬
‫من َ َ ِ‬
‫يقتفي‬ ‫ِِْ‬ ‫َ‬
‫الغميم يا َ ْ‬ ‫ُ ِ‬
‫كراع‬ ‫َ‬
‫ثم ْ ُ‬
‫الفتح في‬ ‫ُ‬
‫بالبيداء ‪َّ ،‬‬
‫ھي ِ َ ْ َ ِ‬‫َْأو ِ َ‬
‫)‬ ‫)‬

‫‪67‬‬
‫والسفرْي ( أي ‪ :‬من القرآن ‪ .‬ذكرنا أنه منسوب من السفر يعني ‪ :‬ما نزل على النبي  من القرآن وھو في حالة السفر‬ ‫َّ َ ِ‬ ‫)‬
‫التيمم ( السيوطي رحمه  استوفى ھذا الباب في )) التحبير (( وفي )) اإلتقان (( أظن أوصله‬ ‫مقيما في المدينة ) َ َ َ ِ‬
‫كآية َّ َ ُّ ِ‬ ‫ً‬ ‫ليس‬
‫التيمم ( ھذه الكاف تمثيلية وليست استقصائية ألنه ذكر بعض‬ ‫كآية َّ َ ُّ ِ‬ ‫مثاال في )) اإلتقان (( ھنا ذكر أمثلة ) َ َ َ ِ‬ ‫ً‬ ‫إلى بضع وأربعين‬
‫التيمم ( التي في المائدة وھي المصدرة بقوله تعالى ‪َ ﴿ :‬يا‬ ‫كآية َّ َ ُّ ِ‬ ‫مائدة ( ) َ َ َ ِ‬
‫التيمم َ ِ َ ً‬
‫كآية َّ َ ُّ ِ‬‫األمثلة ثم أنت تبحث في بقية اآليات ) َ َ َ ِ‬
‫صعيداً َ ِّ‬
‫طيبا ً ﴾ ] المائدة ‪[6 :‬‬ ‫تجدواْ َماء َ َ َ َّ ُ‬
‫فتيممواْ َ ِ‬ ‫فاغسلواْ ﴾ ] المائدة ‪ [6 :‬اآلية ﴿ َ َ ْ‬
‫فلم َ ِ ُ‬ ‫الصالة ْ ِ ُ‬‫قمتم َِإلى َّ ِ‬ ‫آمنواْ َِإذا ُ ْ ُ ْ‬‫لذين َ ُ‬ ‫َ ُّ َ‬
‫أيھا ا َّ ِ َ‬
‫ھذه تسمى آية التيمم ولم تسم بآية الوضوء ؟‬
‫ُ‬
‫] نعم ھو ھذا [ وله ملحظ آخر وھو خالفھم في اآلية ھل ھي مؤسسة أو مؤكدة بمعنى مؤسسة ھل الوضوء شرع في ھذه‬
‫مؤكدة ؟ الثاني أم األول ؟‬ ‫مشروعا ثم نزلت اآلية ِ‬ ‫ً‬ ‫تأسيسا أو أن الوضوء كان‬ ‫ً‬ ‫مشروعا فصار الحكم‬ ‫ً‬ ‫اآلية وقبله لم يكن‬
‫حينئذ يكون قد صلوا بال وضوء قبل نزول اآلية إذا أثبته من جھة السنة ‪ ،‬ولم يثبت باإلجماع صالة‬ ‫ٍ‬ ‫قلت ‪ :‬التأسيس‬ ‫إن َ‬
‫مؤكدة على الصحيح‬ ‫فحينئذ نقول ‪ :‬ھذه اآلية ِ‬ ‫ٍ‬ ‫بدون وضوء ال في مكة ال قبل الھجرة وال بعدھا لم يثبت صالة بال وضوء‬
‫وليست مؤسسه بالنسبة للوضوء ‪.‬‬
‫مائدة ( التي في سورة المائدة احترازا من آية التيمم التي في سورة النساء وال أدري لماذا يحترزون عنھا‬ ‫ً‬ ‫التيمم َ ِ َ ً‬
‫كآية َّ َ ُّ ِ‬ ‫) َ ََ ِ‬
‫التيمم التي في سورة المائدة فحذف‬ ‫ِ‬ ‫مائدة ( بالنصب على نزع الخاص ‪ ،‬واألصل كآية‬ ‫مع أنھم يقولون ‪ :‬نزلت في السفر ‪ً َ ِ َ ) .‬‬
‫حرف الجر فانتصب ما بعده ‪.‬‬

‫ُنجر‬
‫للم ِ‬ ‫ُذف َفالنصبُ‬
‫حِ َ‬ ‫وإنْ‬
‫ِ‬ ‫)‬ ‫ف َجرِّ‬
‫بحرْ ِ‬
‫الزما ِ َ‬ ‫َ ِ ِّ‬
‫وعد ِ ً‬
‫)‬
‫‪............................‬‬ ‫‪.....................‬‬ ‫نقالً‬
‫)‬ ‫)‬

‫لكنه ھنا من باب الضرورة بل توسعوا فيه جعلوه كالقياس ھم يقولون ‪ً :‬‬
‫نقال ‪ .‬يعني مسموع وال يقاس عليه لكن في‬
‫ً‬
‫ونثرا يجعلونه كالمقيس وإال األصل أنه ماذا ؟‬ ‫تصانيفھم ً‬
‫نظما‬
‫ً‬
‫سماعا ‪.‬‬ ‫ال ُينصب على نزع الخافض إال‬

‫ُنجر‬
‫للم ِ‬ ‫ُذف َفالنصبُ‬
‫حِ َ‬‫وإنْ‬
‫ِ‬ ‫)‬ ‫ف َجرِّ‬ ‫الزما ِ َ‬
‫بحرْ ِ‬ ‫َ ِ ِّ‬
‫وعد ِ ً‬
‫)‬
‫ّ‬ ‫كعجب ُ‬
‫ْت أنْ َ ُ‬
‫يدوا‬ ‫ْن َ َ ٍ‬
‫لبس َ َ ِ‬ ‫َ‬ ‫أن َ َ‬
‫نقالً وفي َ َّ‬
‫مع أم ِ‬ ‫يطرد‬ ‫وأنْ‬
‫)‬ ‫)‬

‫وأن يطرد يعني ‪ :‬قياس ‪ .‬وما عداه من الموضعين فھو نقلي ‪.‬‬
‫في أنْ َّ‬

‫َ ْ َِ‬
‫فاعلم‬ ‫جيش‬
‫َْ ٍ‬ ‫َ ِ‬
‫بذات‬ ‫َ َِ ً‬
‫مائدة‬ ‫)‬ ‫التيمم‬ ‫والسفري َ َ َ ِ‬
‫كآية َّ َ ُّ ِ‬ ‫َّ َ ِ ْ‬
‫)‬

‫جيش ( ھذا بيان للموضع الذي نزل فيه على قولين اختالف بين الرواة ھل ھي بذات الجيش‬ ‫بالبيداء ( ) َ ِ‬
‫بذات َ ْ ٍ‬ ‫) َْأو ِ َ‬
‫ھي ِ َ ْ َ ِ‬
‫موضع يقال له ‪ :‬ذات الجيش أو ھي بالبيداء ؟ فيه قوالن ‪ ،‬في الصحيح عن عائشة رضي  تعالى عنھا أنھا نزلت بالبيداء‬
‫‪ -‬يعني ‪ :‬اآلية آية التيمم ‪ -‬نزلت بالبيداء وھم داخلون المدينة ‪ .‬وفي لفظ ‪ :‬بالبيداء أو بذات الجيش ‪ .‬تردد الراوي بالبيداء أو‬
‫بذات الجيش لھذه الرواية الثانية حصل تردد في الحكم على موضع نزول آية التيمم مقطوع بأنھا سفرية ال إشكال في ھذا‬
‫ھي سفرية نزلت في السفر لكن أين ؟ ھل ھي بذات الجيش أو بالبيداء موضع خالف ‪ ،‬والخالف ھذا ال يخرجھا عن كونھا‬
‫الجيش ( يعني ‪ :‬فإنھا نزلت بمحل يسمى ذات الجيش وھو وراء ذي الحليفة قرب المدينة ‪ .‬يعني ‪ :‬موضوع‬ ‫سفرية ‪ِ َ ) .‬‬
‫بذات ْ َ ْ ٍ‬
‫وراء ذي الحليفة قرب المدينة ‪.‬‬
‫فاعلم ( ذلك الحكم بأنھا نزلت بذات الجيش أو بتنويع الخالف بين الرواة ھي ‪ :‬بالبيداء ‪ .‬ھي أي ‪ :‬آية التيمم نزلت‬ ‫) َ ْ َِ‬
‫بالبيداء ‪ ،‬وھي ذو الحليفة قيل في طرفھا ‪ ،‬فالبيداء قيل ‪ :‬ھي ذو الحليفة ‪ .‬وقيل ‪ :‬طرف ذي الحليفة ‪ .‬قوالن في تفسير البيداء‬
‫‪68‬‬
‫كل ھذا أو ذاك فھي سفرية وسبب النزاع ھو ما ذكرناه من حديث عائشة في البخاري وفي لفظ ‪ :‬في البيداء أو بذات‬ ‫‪ ،‬وعلى ٍّ‬
‫الجيش قرب المدينة في القفول من غزوة بني المصطلق ‪.‬‬
‫ً‬
‫وھذه الغزوة كانت في شعبان سنة ست أو خمس أو أربع ‪ ،‬ثالثة أقوال ‪ ،‬في أقوال ثالثة إذا عرفنا أن السفري كان آية‬
‫التيمم موضعھا فيه خالف ھل ھي بذات الجيش أو بالبيداء ‪.‬‬
‫ثم ( ھنا للترتيب الذكري ال أصل‬ ‫ُ‬
‫الفتح ( أي ‪ :‬ثم سورة الفتح ‪ .‬يعني ‪ :‬يُذكر لك بعد ما سبق سورة الفتح ‪ .‬و) َّ‬ ‫ثم َ ْ ُ‬ ‫) ُ َّ‬
‫جرا‬ ‫التيمم ( ثم سورة الفتح فحذف المضاف وأقيم المضاف مقامه فجر ً‬ ‫معناھا ‪ ،‬ثم سورة الفتح ھذا عطف على آية ) َ َ َ ِ‬
‫كآية َّ َ ُّ ِ‬
‫سورة الفتح سورة بالجر عطف على آية ثم حذف المضاف وأقيم المضاف‬ ‫ِ‬ ‫ألن المضاف ھنا مكسور أليس كذلك مجرور ثم‬
‫حينئذ ‪ :‬ھذا الفتح عطف على آية‬ ‫ٍ‬ ‫جرا فتقول‬‫ً‬ ‫خفضا أو جر ّ‬‫ً‬ ‫انتصابا أو خفض‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ارتفاعا أو انتصب‬ ‫إليه مقامه فاألصل قد ارتفع‬
‫‪.‬‬
‫ثم سورة الفتح يعني ‪ :‬من السفر سورة الفتح ظاھره أن كل سورة الفتح نزلت في السفر أليس كذلك ؟ ثم سورة الفتح دل‬
‫على ماذا ؟‬
‫ً‬
‫كلھا وكذا قال البُلقيني تمسكا بظاھر ما رواه‬ ‫ْ‬ ‫على أن كل سورة الفتح نزلت في السفر لكن ليس بظاھر ‪ ،‬ظاھره‬
‫البخاري من حديث عمر رضي  تعالى عنه ‪ :‬بينما ھو يسير مع النبي  ‪ ..‬فذكر الحديث وفيه قال رسول   ‪» :‬‬
‫مبينا ً * ِ َ ْ ِ َ‬
‫ليغفر‬ ‫لك َ ْ‬
‫فتحا ً ُّ ِ‬ ‫إلي مما طلعت عليه الشمس « ‪ .‬فقرأ قوله تعالى ‪َِّ ﴿ :‬إنا َ َ ْ َ‬
‫فتحنا َ َ‬ ‫علي الليلة سورة ھي أحب َّ‬ ‫َّ‬ ‫لقد أنزلت‬
‫تأخر ﴾ ] الفتح ‪ . [2 ، 1 :‬قال السيوطي رحمه  ‪ :‬وال دليل فيه على نزولھا تلك الليلة بل‬ ‫َ‬
‫وما َ َّ َ‬ ‫َ‬
‫تقدم ِمن ِ َ‬
‫ذنبك َ َ‬ ‫َ‬
‫ ُ َما َ َّ َ‬ ‫لك َّ‬
‫َ َ‬
‫حينئذ نقول ‪ :‬سورة الفتح األصح أن أولھا ھو الذي نزل في السفر ‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫النازل منھا أو فيھا أولھا ‪.‬‬
‫كراع َ ِ ْ ِ‬
‫الغميم (‬ ‫) في ُ ِ‬
‫كرع الغميم ھذا موضع نزول سورة الفتح أو أول سورة الفتح كما قيل في آية التيمم نزلت بذات الجيش أو بالبيداء ما‬
‫كراع َ ِ ْ ِ‬
‫الغميم‬ ‫الغميم ( باإلضافة ھذا األصل ) ُ ِ‬ ‫كراع َ ِ ْ ِ‬
‫موضعھا في السفر ؟ ھنا كذلك قال ‪ :‬الفتح سفرية أين موضعھا قال ‪ِ ُ ) :‬‬
‫حينئذ يكون أقرب إلى مكة‬ ‫ٍ‬ ‫ً‬ ‫ميال من جھة ْ َ‬
‫المدَ ِ َّنية وبينه وبين مكة نحو ثالثين ميال‬ ‫ً‬ ‫مائة وسبعين‬ ‫ٍ‬ ‫المدَ ِ َّنية نحو‬‫( وادي بينه وبين ْ َ‬
‫من المدينة قال في القاموس ‪ :‬وكراع الغميم ‪ -‬ھذا علم موضع كراع الغميم علم موضع ‪ -‬على ثالث أميال من عسفان ‪.‬‬
‫)‬ ‫علم لموضع األصل فيه اإلضافة‬ ‫وغميم ھذا ككريم والكراع جبل أسود في طبق الحرة يمتد إليه ‪ .‬قيل كراع الغميم ھذا ٌ‬
‫الغميم ( األصل أن يجب اإلضافة لماذا ؟‬ ‫كراع َ ِ ْ ِ‬
‫الغميم ( باأللف لكن ھناك للوزن ال بد من تنوين األول ) ُ ٍ‬ ‫كراع َ ِ ْ ِ‬ ‫ُ ٍ‬
‫ألنه من باب سعيد كرز تعرفون ھذا ؟‬

‫ُوھما إذا َ َ ْ‬
‫ورد‬ ‫وأو ْل م ِ ً‬
‫ِّ‬ ‫معنى‬ ‫)‬ ‫به َّ َ ْ‬
‫اتحد‬ ‫لما ِ ِ‬
‫وال يضاف اسم ِ َ‬
‫)‬

‫ال يضاف الشيء إلى نفسه‬

‫ُوھما إذا َ َ ْ‬
‫ورد‬ ‫وأو ْل م ِ ً‬
‫ِّ‬ ‫معنى‬ ‫)‬ ‫به َّ َ ْ‬
‫اتحد‬ ‫لما ِ ِ‬
‫وال يضاف اسم ِ َ‬
‫)‬

‫ٍ‬
‫حينئذ كيف‬ ‫سعيد علم وكرز لقب ومسمى االسم ھو عين مسمى اللقب‬ ‫حينئذ سعيد كرز سعيد ھو كرز وكرز ھو سعيد ِ‬ ‫ٍ‬
‫غالم ٍ‬
‫زيد غالم ليس ھو عين زيد‬ ‫ُ‬ ‫ً‬
‫مغايرا للمضاف ھذا األصل‬ ‫يضاف األصل في اإلضافة المغايرة أن يكون المضاف إليه‬
‫وزيد ليس ھو عين غالم ال بد من المغايرة ‪ ،‬فإذا جاء غالم بمعنى زيد وزيد بمعنى غالم نقول ‪ :‬أضيف شيء إلى مسماه‬
‫ٍ‬
‫حينئذ يجب تأويله أليس‬ ‫ً‬
‫موھما ‪ .‬إذا أوھم أنه من باب إضافة سعيد كرز‬ ‫وھذا ال يجوز إال على التأويل ‪ ،‬ولذلك قال ‪ :‬وأول‬
‫كذلك ؟‬
‫لكن في مقام العلم إذا كانا مفردين االسم واللقب وجبت اإلضافة عند البصريين وھذا من المواضع التي يتناقض فيھا‬
‫ً‬
‫قليال فأنا عندي النحو كالملح في الدرس ‪ -‬االسم واللقب‬ ‫البصريون وال جواب ‪ ،‬ألنه في مقام االسم واللقب ‪ً -‬‬
‫عفوا سنخرج‬
‫ٍ‬
‫حينئذ يجب اإلضافة ‪.‬‬ ‫إذا كانا مفردين‬

‫حتما وإال ْ ِ‬
‫أتبع الذي ردف‬ ‫ً‬ ‫وإن يكونا مفردين فأضف‬
‫‪69‬‬
‫)‬ ‫)‬

‫وجوبا عند البصريين وإال يكونا مفردين فأتبع الذي ردف ‪ ،‬يكون ً‬
‫تابعا ھذا في مقام العلم في‬ ‫ً‬ ‫وإن يكونا مفردين فأضف‬
‫باب العلم يذكرون ھذا ‪ ،‬أن االسم واللقب إذا كانا مفردين وجبت اإلضافة وال يجوز اإلتباع والكوفيون يجوزن اإلتباع‬
‫فيقولون ‪ :‬سعيد ُكرْ ز ‪ .‬الثاني يكون ً‬
‫تابعا لألول عطف أو بدل ويأتون في باب اإلضافة فيقولون ‪:‬‬

‫ً‬
‫موھما إذا ورد‬ ‫وأول‬
‫ِّ‬ ‫َمعْ نى‬ ‫)‬ ‫به َّ َ ْ‬
‫اتحد‬ ‫لما ِ ِ‬
‫ُضافُ اسْ ٌم ِ َ‬
‫وال ي َ‬
‫)‬

‫كيف وال يضاف اسم لما به اتحد ؟ ثم في باب العلم وإن يكونا مفردين فأضف ً‬
‫حتما ھذا ال جواب يعني ‪ :‬عجز كثير من‬
‫النحاة أن يجيبوا عن مسألة البصريين في ھذا الباب أوجبوا اإلضافة في باب العلم سعيد كرز يجب اإلضافة ثم جاءوا في‬
‫باب اإلضافة تكلموا عن المضاف والمضاف إليه إذا كانا متحدين معنى ال يجوز اإلضافة فكيف الجمع ؟‬
‫ال بد من النسخ ھنا ال يمكن الجمع ألن األول يوجب اإلضافة والثاني يوجب عدم اإلضافة فكيف ھذا ؟‬
‫ال جواب ال تنتظر شيء ‪ ،‬ال جواب قيل ‪ :‬ھذا تناقض بين البصريين ال جواب ‪.‬‬

‫ً‬
‫حتما وإال أتبع الذي ردف‬ ‫وإن يكونا مفردين فأضف‬
‫)‬ ‫)‬

‫كرز أليس كذلك ؟‬ ‫حينئذ عندھم في باب العلم يقال ‪ :‬سعيد كرز ‪ .‬باب اإلضافة كر ُع غميم من قبيل سعيد ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫فيجب‬
‫الغميم ككريم ھذا موضع قطعة‬ ‫ألن كراع ھذا طرف الشيء فاالسم ھو عين المسمى ‪ ،‬الغميم ھو مسمى كرع الغميم ‪ِ ،‬‬
‫ٍ‬
‫فحينئذ صار من‬ ‫حينئذ ھو كرع غميم وھو الغميم نفسه‬ ‫ٍ‬ ‫أرض ونحوھا كما قال بعضھم ‪ :‬جبل أسود ينتھي إلى طرف حرة ‪.‬‬
‫الغميم يكون الثاني‬
‫ُ‬ ‫ٌ‬
‫كراع‬ ‫باب سعيد كرز ‪ً ،‬إذا يجب اإلضافة كر ُع غميم مضاف ومضاف إليه ‪ ،‬وعند الكوفيين يجوز اإلتباع‬
‫تبعا لألول ھنا من‬ ‫بدل كل من بعض أو عطف بيان سعيد كرز يجوز عند الكوفيين وال يجوز عند البصريين فيكون الثاني ً‬
‫الغميم ( باإلضافة ولكن ينون‬‫كراع َ ِ ْ ِ‬ ‫كراع َ ِ ْ ِ‬
‫الغميم ( بالتنوين واألصل ) ُ ِ‬ ‫باب ضرورة الوزن نمشي على مذھب الكوفيين ) ُ ٍ‬
‫تابعا لألول ‪ ،‬وإال أتبع الذي ردف يكون ً‬
‫تابعا له ‪.‬‬ ‫حينئذ نجعل الثاني ً‬
‫ٍ‬ ‫ً‬
‫منونا لوجود أل‬ ‫والثاني ال يكون‬‫األول َّ‬
‫ً‬
‫ً‬
‫ميال وكراعه‬ ‫الغميم ( إذا عرفنا كراع الغميم ھذا وادي بينه وبين المدينة نحو مائة وسبعين‬‫كراع بالتنوين ) َ ِ ْ ِ‬
‫ٍ‬ ‫الحاصل ‪ :‬أن‬
‫طرفه إذ كراع كل شيء طرفه ‪.‬‬
‫ً‬
‫يقتفي ( يعني ‪ :‬يا من يتبع ‪ .‬االقتفاء ھو اإلتباع أي ‪ :‬يتبع طريقھم في معرفة السفر ونحو ذلك ‪ ،‬إذا عرفنا أن‬ ‫من َ ْ َ ِ‬
‫) يا َ ْ‬
‫سورة الفتح ھذه سفرية والمراد‬
‫به أولھا ‪ ،‬ثم موضع ذلك السفر الذي نزل فيه أوائل سورة الفتح ھو كراع الغميم وھذا الموضع الذي عينه لنا ما رواه‬
‫الحاكم في مستدركه ثم قال ‪:‬‬

‫َْ َ‬
‫الختما‬ ‫ترجعون ﴾ َ ْ ِ‬
‫أول ھذا‬ ‫و﴿ ُ ْ َ ُ َ‬ ‫وبعد ﴿ َ ْيوما ً ﴾‬
‫ُ‬ ‫وبمنى ﴿ َ َّ ُ‬
‫واتقواْ ﴾‬ ‫َِِ‬
‫)‬ ‫)‬

‫يظلمون ﴾ ] البقرة ‪ [281 :‬ھذه سفرية ) ِ ِ َ‬


‫وبمنى (‬ ‫ھم َال ُ ْ َ ُ َ‬ ‫توفى ُكل ُّ َ ْ ٍ‬
‫نفس َّما َ َ َ ْ‬
‫كسبت َو ُ ْ‬ ‫ثم ُ َ َّ‬ ‫فيه َِإلى ّ ِ‬
‫ ُ َّ‬ ‫﴿ َ َّ ُ ْ‬
‫واتقوا َ ْيوما ً ُ ْ َ ُ َ‬
‫ترجعون ِ ِ‬
‫وبعد (‬
‫ُ‬ ‫﴿ َ َّ ُ ْ‬
‫واتقوا ﴾ )‬ ‫واتقوا ﴾ ( يعني ‪ :‬آية اتقوا أو قوله تعالى ‪:‬‬ ‫وبمنى ﴿ َ َّ ُ ْ‬‫يعني ‪ :‬ونزلت بمنى بدون التنوين للوزن ) ِ ِ َ‬
‫ترجعون ﴾ ) و ﴿ ُ ْ َ ُ َ‬
‫ترجعون ﴾‬ ‫الختما ( ﴿ َ َّ ُ ْ‬
‫واتقوا َ ْيوما ً ُ ْ َ ُ َ‬ ‫أول ھذا َ ْ َ‬ ‫رجعون ﴾ َ ْ ِ‬
‫﴿ ُت ْ َ ُ َ‬ ‫أي ‪ :‬بعد قوله ‪ْ ُ َّ َ ﴿ :‬‬
‫واتقوا ﴾ ) ﴿ َ ْيوما ً ﴾ و‬
‫الختما ( يعني ‪ :‬ختم اآلية وھذا كما سبق أنه من االقتباس‬ ‫أول ( ھذا أمر من اإلله يعني ‪ :‬أجعل تالي ھذا الذي ھو ترجعون ) َ ْ َ‬ ‫َْ ِ‬
‫والمراد به اإلشارة وال نجعل مضمون البيت ھنا ھو اآلية وإنما تلفظ ببعض ألفاظ اآلية على أنھا أدلة على اآلية وليست ھي‬
‫وبعد ( أي ‪ :‬وبعد اتقوا بعد ھذا مبني على الضم حد‬ ‫ُ‬ ‫وبمنى ( أي ‪ :‬نزلت آية ) ﴿ َ َّ ُ ْ‬
‫واتقوا ﴾‬ ‫اآلية وإال ھذا فيه تكلف ‪ً ،‬إذا ) ِ ِ َ‬
‫وبعد ﴿ ْيوما ً ﴾ ( لو قال ‪ :‬وبعدَ ‪ .‬لكان أحسن لماذا ؟ ألنه حذف المضاف ھنا ونوى لفظه أو معناه ؟‬ ‫ُ‬ ‫المضاف بنية معناه )‬
‫وبعد ( وبعد اتقوا أو وبعد ما ھو بمعنى اتقوا ؟ الظاھر و أعلم أنه أراد‬ ‫ُ‬ ‫كيف بمعناه ھو يريد أن يحكي لنا ألفاظ اآلية )‬
‫‪70‬‬
‫وبعد ( ‪ .‬لو ضبط بالنصب لكان أحسن‬
‫ُ‬ ‫ٍ‬
‫حينئذ قوله ‪) :‬‬ ‫يوما َ ً‬
‫يوما ھذا بعد اتقوا‬ ‫يوما ‪ ،‬اتقوا ً‬
‫اتقوا وبمنى اتقوا وبعد اتقوا ً‬
‫ُ‬
‫حينئذ يكون قد حذف المضاف إليه ونوى لفظه وإنما يكون البناء إذا حذف المضاف إليه ونوي معناه لذلك لو نصب بالفتح‬ ‫ٍ‬
‫ً‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬
‫لكان أنسب ﴿ َواتقوا َ ْيوما ﴾ ً‬
‫يوما ما إعراب ھذا ؟‬
‫مفعول به ‪.‬‬

‫كث َ ْ‬
‫أزم َُنا‬ ‫ِّ ِ‬
‫باطراد َك ُھَنا ا ْم ُ ْ‬ ‫فيه‬ ‫ض◌ُ م ًِّنا‬ ‫ٌ‬
‫مكان ِ‬ ‫ٌ‬
‫وقت أو‬ ‫َّ‬
‫الظرفُ‬
‫)‬ ‫)‬

‫ٍ‬
‫حينئذ‬ ‫ظرفا لقدرت في واتقوا في ذلك اليوم‬ ‫ً‬ ‫مفعول به وال يصح جعله ظرف نعم تنبھوا ﴿ َ َّ ُ ْ‬
‫واتقوا َ ْيوما ً ﴾ ألنك لو جعلته‬
‫سلم الناس في الدنيا من التكليف بالتقوى ‪ ،‬صارت التقوى المأمور بھا في ذلك اليوم الذي ھو ال تكليف فيه في األصل أما ﴿‬
‫واتقوا َ ْيوما ً ﴾ أي ‪ :‬ذلك اليوم عينه نفسه ذاته اتقوه بماذا ؟ بالعمل الصالح في الدنيا فيكون اليوم ذاته متقى ‪ ،‬أما وقوع‬ ‫َ َّ ُ ْ‬
‫تتقون * َ َّأياما ً َّ ْ ُ َ ٍ‬
‫معدودات ﴾ ]‬ ‫علكم َ َّ ُ َ‬
‫﴿ لَ َ َّ ُ ْ‬ ‫إفساد للمعنى الذي دلت عليه اآلية مثل ‪:‬‬ ‫ٌ‬ ‫التقوى في ذلك اليوم ھذا ليس بمراد ھذا‬
‫أول ( أمر من‬ ‫َ‬
‫يوما ) ْ ِ‬ ‫ترجعون ﴾ ( جاءت بعد ً‬ ‫وبعد ( لفظ اتقوا ) ﴿ َ ْيوما ً ﴾ و ﴿ ُ ْ َ ُ َ‬
‫ُ‬ ‫وبمنى ﴿ َ َّ ُ ْ‬
‫واتقوا ﴾‬ ‫البقرة ‪َ ِ ِ ) . [185 ، 184 :‬‬
‫اإلله اجعل بھذا الذي ھو ترجعون الختما األلف ھذه لإلطالق أي ‪ :‬ختم اآلية ‪.‬‬
‫الحجة ‪ .‬الفتح‬‫الحجة وذو ْ َ‬ ‫القعدة ‪ ،‬وذو ْ ِ‬ ‫القعدة ‪ ،‬وذو َ‬ ‫وحجة ‪ .‬يقال ‪ :‬ذو ِ‬ ‫حجة ‪َّ ِ ،‬‬ ‫حجة الوداع يقال ‪َّ َ :‬‬ ‫ھذه اآلية نزلت عام ِ َّ ِ‬
‫حجة الوداع فيما أخرجه البيھقي في )) الدالئل ((‬ ‫الحجة أولى من الفتح ‪ ،‬عام ِ‬ ‫القعدة أولى من الكسر ‪ ،‬والكسر في ذي ِ‬ ‫فيه ذا َ‬
‫وذكره السيوطي ھناك ‪.‬‬

‫َُ‬
‫سئول ُ‬ ‫يا‬ ‫ُّ َ ِ‬
‫السورة‬ ‫آلخر‬
‫ِ‬ ‫)‬ ‫الرسول ُ ﴾‬
‫آمن َّ ُ‬ ‫ويوم َ ْ ٍ‬
‫فتح ﴿ َ َ‬ ‫َ‬
‫)‬

‫آلخر ُّ َ ِ‬
‫السورة‬ ‫ِ‬ ‫الرسول ُ ﴾‬‫آمن َّ ُ‬
‫فتح بالتنوين يعني ‪ :‬فتح مكة آية ) ﴿ َ َ‬
‫فتح ( ونزلت يوم ٍ‬ ‫ويوم َ ْ ٍ‬
‫َ‬ ‫يعني ‪ :‬مما نزل وھو سفري )‬
‫إال‬ ‫ُ َ ْ‬
‫نفسا ً ِ َّ‬ ‫يكلف ّ‬
‫الرسول ُ ﴾ والتي تليھا ﴿ َال ُ َ ِّ ُ‬
‫آمن َّ ُ‬
‫السورة ( يعني ‪ :‬آلخر سورة البقرة آيتان ﴿ َ َ‬ ‫آلخر ُّ َ ِ‬
‫ِ‬ ‫( الالم ھنا بمعنى إلى )‬
‫سئول ُ ( قال السيوطي رحمه  تعالى ‪ :‬ولم أقف‬ ‫السورة ( يعني ‪ :‬سورة البقرة ) يا َ ُ‬
‫آلخر ُّ َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫وسعھا ﴾ ھذه نزلت في السفر ‪) ،‬‬
‫ُ َْ َ‬
‫تقليدا لغيره وإال لم يقف على‬ ‫له على دليل ‪ .‬مع أنه يذكره في )) اإلتقان (( وفي )) التحبير (( وفي )) النقاية (( لكنه يذكره ً‬
‫حينئذ يكون من باب التقليد ‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫دليل فذكره‬
‫سئول ُ ( يعني ‪ :‬يا كثير‬ ‫ُ‬ ‫الرسول ُ ﴾ إلى آخر السورة سورة البقرة وال دليل عليه ) يا َ‬ ‫آمن َّ ُ‬ ‫ًإذا ونزلت يوم فتح مكة آية ﴿ َ َ‬
‫سئول ُ ( عن أي شيء كثير السؤال عن ماذا ؟ عن العلم الشرعي ومنه ‪ :‬معرفة‬ ‫سئول ُ ( فعول صيغة مبالغة ) يا َ ُ‬ ‫السؤال ) يا َ ُ‬
‫السفري من غيره ‪.‬‬

‫بعد َ َ ْ‬
‫تبع‬ ‫وما َ ْ ُ‬
‫خصمان ﴾ َ‬ ‫﴿ ََ ِ‬
‫ھذان َ ْ َ ِ‬ ‫)‬ ‫مع‬ ‫سورةُ َ ْ َ ِ‬
‫األنفال َ ْ‬ ‫بدر ُ َ‬
‫ويوم َ ْ ٍ‬
‫َ‬
‫)‬

‫األنفال ( كلھا سورة األنفال كلھا ھذا ظاھر كالم المصنف مع أن السيوطي‬‫سورةُ َ ْ َ ِ‬
‫بدر ( يعني ‪ :‬نزلت يوم بدر ‪َ ُ ) .‬‬‫ويوم َ ْ ٍ‬
‫َ‬ ‫)‬
‫رحمه  في كتاب )) التحبير (( وفي )) اإلتقان (( يعبر بأول األنفال وھذا ھو الظاھر ‪.‬‬
‫األنفال ( كلھا كما ھو ظاھر النظم أو أولھا ‪ ،‬فقد روى اإلمام أحمد رحمه  عن سعد بن أبي وقاص‬ ‫سورةُ َ ْ َ ِ‬
‫بدر ُ َ‬
‫ويوم َ ْ ٍ‬
‫َ‬ ‫)‬
‫بدر ُقتل أخي عمير وقتلت سعيد بن العاص وأخذت سيفه فأتيت به النبي  فقال ‪ » :‬اذھب فاطرحه « ‪- .‬‬ ‫قال ‪ :‬لما كان يوم ٍ‬
‫يسيرا حتى نزلت سورة األنفال‬ ‫ً‬ ‫ليس لك ‪ -‬فرجعت وبي ما ال يعلمه إال  من َقتل أخي وأخذ سببي قال ‪ :‬فما جاوزت إال‬
‫فقال رسول   ‪ » :‬اذھب فخذ سيفك « ‪ .‬فدل على أنھا نزلت في ماذا ؟‬
‫بدر الدليل على أنه أولھا ألن الذي تعلق باألنفال والتقسيم ھو أول سورة األنفال ال كلھا ‪.‬‬
‫يوم بدر ‪ ،‬لما كان يوم ٍ‬

‫بعد َ َ ْ‬
‫تبع‬ ‫وما َ ْ ُ‬
‫خصمان ﴾ َ‬ ‫﴿ ََ ِ‬
‫ھذان َ ْ َ ِ‬ ‫مع‬ ‫سورةُ َ ْ َ ِ‬
‫األنفال َ ْ‬ ‫بدر ُ َ‬
‫ويوم َ ْ ٍ‬
‫َ‬
‫)‬ ‫)‬
‫‪71‬‬
‫‪................................‬‬ ‫الحميد ﴾ ‪) .........‬‬ ‫ِإلى ﴿ ْ َ ِ ِ‬
‫)‬
‫ھذان َ ْ َ ِ‬
‫خصمان ﴾ (‬ ‫َ‬
‫مع ﴿ َ ِ‬ ‫صراط ْ َ ِ ِ‬
‫الحميد ﴾ ] الحج ‪ [24 :‬ھذه في سورة الحج ‪ْ َ ) .‬‬ ‫وھدوا َِإلى ِ َ ِ‬ ‫من ْ َ ْ ِ‬
‫القول َ ُ ُ‬ ‫وھدوا َِإلى َّ ِّ ِ‬
‫الطيب ِ َ‬ ‫﴿ َ ُُ‬
‫خصمان ﴾ ) َ َ ْ‬
‫تبع (‬ ‫بعد ( أي ‪ :‬بعد قوله ‪ِ َ َ ﴿ :‬‬
‫ھذان َ ْ َ ِ‬ ‫وما َ ْ ُ‬
‫خصمان ﴾ يحكم عليھا بأنھا سفري ) َ‬ ‫ھذان َ ْ َ ِ‬ ‫﴿ ََ ِ‬ ‫يعني ‪ :‬مع آية‬
‫ھذان َ ْ َ ِ‬
‫خصمان ﴾ في الحكم بأنھا‬ ‫َ‬
‫تبعا لقوله ‪ِ َ ﴿ :‬‬
‫تبع ( تبع ھذا مصدر يعني ‪ً :‬‬ ‫بعد َ َ ْ‬
‫وما َ ْ ُ‬
‫تقريبا أو ست ) َ‬ ‫ً‬ ‫حينئذ تكون خمس آيات‬ ‫ٍ‬
‫الحميد ﴾ ‪ .‬والدليل كما ورد في البخاري عن أبي ذر رضي  تعالى عنه أنه كان يُقسم أن ھذه اآلية‬ ‫ْ‬
‫سفرية إلى قوله ‪ِ ِ َ ﴿ :‬‬
‫بدر وقت المبارزة لما فيه من‬ ‫ْ‬
‫نزلت في حمزة وصاحبيه وعتبة وصاحبيه ‪ .‬قال البُلقيني رحمه  ‪ :‬الظاھر أنھا نزلت يوم ٍ‬
‫خصمان ﴾ ‪ .‬مشركون والمؤمنون وھذا كان في ماذا ؟ في السفري في حمزة وصاحبيه وعتبة وصاحبيه‬ ‫ھذان َ ْ َ ِ‬‫اإلشارة بـ ﴿ َ َ ِ‬
‫ومتى قتل حمزة ؟‬
‫سفرا بالنسبة للمدينة ولم يقيد بثمانين ونحوھا ‪.‬‬ ‫في أحد ‪ ،‬وأحد ھذه تعتبر ً‬
‫بعد ( أي ‪ :‬بعد خصمان حال كونه‬ ‫وما َ ْ ُ‬
‫) َ‬

‫ُ ِْ ُ‬
‫عوقبتم‬ ‫َما‬ ‫ِِْ ِ‬
‫بمثل‬ ‫ََ ُِ‬
‫فعاقبواْ‬ ‫وإن َ َ ْ ُ ْ‬
‫عاقبتم )‬ ‫الحميد ﴾ ُ َّ‬
‫ثم ﴿ َ ِ ْ‬ ‫تبع ِإلى ﴿ ْ َ ِ ِ‬
‫ََ ْ‬
‫)‬

‫عاقبتم ﴾ بضم الميم للراوي يعني من سورة النحل عبر‬ ‫وإن َ َ ْ ُ ْ‬


‫ثم إن عاقبتم يعني ‪ :‬ثم نزل أو مما حكم عليه بأنه سفري آية ﴿ َ ِ ْ‬
‫عاقبتم َ َ ِ ُ ْ‬
‫فعاقبوا‬ ‫وإن َ َ ْ ُ ْ‬ ‫عاقبتم ﴾ إلى آخر السورة ھذا سفري ) ُ َّ‬
‫ثم ( آية ﴿ َ ِ ْ‬ ‫وإن َ َ ْ ُ ْ‬
‫عنھا السيوطي ھناك بخاتمة النحل من قوله ‪ْ ِ َ ﴿ :‬‬
‫عوقبتم ﴾ ( بضم الميمين في الموضعين للراوي ‪ ،‬أخرج البيھقي في الدالئل والبزار في مسنده من حديث أبي ھريرة‬ ‫بمثل َما ُ ِ ْ ُ‬ ‫ِِْ ِ‬
‫استشھد وقد م ُِّثل به ‪ .‬فذكر الحديث إلى أن قال ‪ » :‬ألمثلن‬ ‫رضي  تعالى عنه أن رسول   وقف على حمزة حين ُ‬
‫عاقبتم ﴾ إلى آخر السورة فھو صريح في‬ ‫وإن َ َ ْ ُ ْ‬
‫بسبعين منھم مكانك « ‪ .‬فنزل جبريل والنبي  واقف بخواتيم سورة النحل ﴿ َ ِ ْ‬
‫بأحٍد ( ھذا دليل على أنھا نزلت في ماذا ؟ في أحد ‪ ،‬ولكن أخرج الترمذي والحاكم عن‬ ‫نزولھا بماذا ؟ بأحد ‪ ،‬ولذلك قال ‪ُ ُ ) :‬‬
‫تبعا لغيره ‪:‬‬ ‫ُأبي بن كعب رضي  تعالى عنه أنھا نزلت يوم فتح مكة ‪ .‬والحديث السابق أنھا نزلت بأحد ‪ .‬قال السيوطي ً‬
‫وإن‬ ‫تذكيرا من  لعباده ‪ .‬يعني ‪ :‬مما كرر نزوله ‪ً .‬إذا ) ُ َّ‬
‫ثم ﴿ َ ِ ْ‬ ‫ً‬ ‫ثالثا يوم الفتح‬‫ثانيا بأحد ‪ ،‬ثم ً‬
‫والجمع أنھا نزلت أوالً بمكة ‪ ،‬ثم ًّ‬
‫بأحد ( يعني ‪ :‬نزلت بأحد ‪ .‬ھذا جار ومجرور متعلق بمحذوف تقديره نزل أي اآلية السابقة‬ ‫عوقبتم ﴾ ُ ُ ٍ‬ ‫فعاقبواْ ِ ِ ْ ِ‬
‫بمثل َما ُ ِ ْ ُ‬ ‫عاقبتم َ َ ِ ُ‬
‫َ َْ ُ ْ‬
‫‪.‬‬

‫دينكم ﴾‬ ‫اليوم َ ْ َ ْ ُ‬
‫أكملت َ ُ ْ‬
‫لكم ِ َ ُ ْ‬ ‫﴿ َْْ َ‬ ‫)‬ ‫رسموا‬ ‫ٍُُ‬
‫بأحد َ َ ٍ‬
‫وعرفات َ َ ُ‬
‫)‬

‫لكم ِ َ ُ ْ‬
‫دينكم ﴾ ( يعني‬ ‫اليوم َ ْ َ ْ ُ‬
‫أكملت َ ُ ْ‬ ‫رسموا ( أي ‪ :‬كتبوا نزول آية ) ﴿ ْ َ ْ َ‬ ‫بضم الميم للراوي ‪ٍ َ َ ) .‬‬
‫وعرفات ( يعني ‪ :‬بعرفات ‪ُ َ َ ) .‬‬
‫‪ :‬في َحجة الوداع جاء في الصحيح من حديث عمر رضي  تعالى عنه أنھا نزلت بعرفة عام حجة الوداع ‪ .‬وفي رواية ‪:‬‬
‫عشية عرفة يوم الجمعة عام حجة الوداع ‪.‬‬

‫َ ِْ ُ‬
‫كثير‬ ‫ُ ُ ُ‬
‫وقوعه‬ ‫والحضري‬
‫َ َِ‬ ‫)‬ ‫اليسير‬ ‫وما َ َ ْ َ‬
‫ذكرنا َھا ُ َ‬
‫ھنا َ ِ ْ ُ‬
‫)‬

‫بعد أن أنھى لك بعض األمثلة التي نزلت في السفر قال ‪ ) :‬وما َ َ ْ َ‬


‫ذكرنا ( والضمير ھنا محذوف وھو مفعول به ‪.‬‬
‫وحذف ما يعلم جائز‬
‫وحذف فضلة أجز‬
‫ھنا ( من السفر ) َ ِ ْ ُ‬
‫اليسير ( يعني ‪ :‬فھو العدد اليسير وقد استوفاه السيوطي رحمه  في ))‬ ‫ً‬
‫سابقا ) َھا ُ َ‬ ‫) وما َ َ ْ َ‬
‫ذكرنا ( لك‬
‫التحبير (( يعني ‪ :‬كل ما وقف عليه ‪.‬‬

‫‪72‬‬
‫كثير ( لماذا ؟ ألن األصل في اإلنسان اإلقامة والحضر أم السفر ؟ الحضر فلزم من ذلك أن يكون‬ ‫والحضري ُ ُ ُ‬
‫وقوعه َ ِ ْ ُ‬ ‫َ َِ‬ ‫)‬
‫ُ ُ‬ ‫ُ‬
‫وقوعه‬ ‫ً‬
‫والحضري ( ألن الحضر ھو األصل ألن اإلقامة ھي األصل والسفر إنما يكون طارئا )‬ ‫َ َِ ّ‬ ‫الحضر أكثر من السفر )‬
‫حينئذ ال يحتاج إلى تمثيل لوضوحه ‪.‬‬‫ٍ‬ ‫كثير ( وقوعه في القرآن كثير ولكونه األصل‬ ‫َ ِْ ُ‬
‫ثم قال رحمه  ‪:‬‬
‫ُّ‬ ‫َّ‬
‫والنھاري‬ ‫الليلي‬
‫ُّ‬ ‫والسادس ‪:‬‬
‫ُ‬ ‫الخامس‬
‫ُ‬ ‫النوع‬
‫الليلي والنھاري يعني ‪ :‬ما نزل بالليل وما نزل بالنھار ‪ .‬ھذا نازل بالليل وھذا نازل بالنھار الليلي والنھاري أيھما األفضل‬
‫؟‬
‫النھار األصل ألن الليل سكن صار النھار أصل والليل ألنه محل للمعاش ‪ ،‬والليل محل للسكن واليقظة تكون في الليل أو‬
‫في النھار ؟‬
‫ٍ‬
‫حينئذ صار النھاري ھو األصل بالنسبة الليلي ‪.‬‬ ‫في النھار ‪ ،‬واألصل أن الوحي ينزل للنبي  يقظة‬

‫﴾‬ ‫ََ‬
‫فول ِّ‬ ‫﴿‬ ‫َ ْ‬
‫أي‬ ‫ِْ َ ِ‬
‫القبلة‬ ‫ُ‬
‫وآية‬ ‫)‬ ‫الليل‬ ‫الفتح َ َ ْ‬
‫أتت في َّ ْ ِ‬ ‫وسورةُ َ ْ ِ‬
‫ُ َ‬
‫)‬
‫سھلْ‬ ‫َْ ُ‬
‫والختم َ ُ‬ ‫﴾‬ ‫َ ِ َ‬
‫ألزواجك‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫بعد ﴿‬ ‫َْ ُ‬ ‫)‬ ‫النبي ُقل ﴾‬ ‫له ‪َ ﴿ :‬يا َ ُّ َ‬
‫أيھا َّ ِ ُّ‬ ‫َ‬
‫وقو ُ ُ‬
‫)‬
‫َ َْ ِ ِ‬
‫فأثبت‬ ‫َْ ُ ُ‬
‫أزواجه‬ ‫ِبھا‬ ‫َّ ْ‬
‫خصت‬ ‫ُ‬ ‫البنات ال َّ ِ ْ‬
‫التي‬ ‫التي فيھا َ َ ُ‬ ‫أعني َّ ِ‬‫َِْ‬
‫)‬ ‫)‬
‫َِ َ‬
‫يقينا‬ ‫َِ َ ٍ‬
‫بتوبة‬ ‫﴾‬ ‫أي ﴿ ُ ِّ ُ‬
‫خلفواْ‬ ‫َ ْ‬ ‫)‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫الثالثة ِ َ‬
‫الذين ﴾‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫وآية ﴿‬
‫)‬
‫ََ‬
‫نزال‬ ‫َّ ِ‬
‫بالنھار‬ ‫ِْ َ‬
‫الكثير‬ ‫َ‬ ‫َ َّ‬
‫أن‬ ‫)‬ ‫بعض ِ َ ْ ِ ٍّ‬
‫لليلي َعلى‬ ‫َ ِِ‬
‫فھذه َ ْ ٌ‬
‫)‬

‫ألنه األصل أنه كثير وھو األصل ‪.‬‬


‫صراطا ً ُّ ْ َ ِ‬
‫مستقيما ً ﴾ ‪.‬‬ ‫الليل ( أي ‪ :‬نزلت ‪ .‬أتت بمعنى نزلت وفي بعض األحاديث إلى قوله ‪َ ِ ﴿ :‬‬ ‫أتت في َّ ْ ِ‬ ‫الفتح َ َ ْ‬
‫وسورةُ َ ْ ِ‬
‫) ُ َ‬
‫مستقيما ً ﴾ ‪ .‬ففي البخاري كما سبق من حديث عمر ‪ » :‬لقد‬ ‫صراطا ً ُّ ْ َ ِ‬ ‫يعني ‪ :‬ليست كلھا نزلت بالليل وإنما أوائلھا إلى قوله ‪َ ِ ﴿ :‬‬
‫مبينا ً ﴾ ‪ ] ...‬الفتح ‪[1 :‬‬ ‫لك َ ْ‬
‫فتحا ً ُّ ِ‬ ‫إلي مما طلعت عليه الشمس « ‪ .‬فقرأ ‪َِّ ﴿ :‬إنا َ َ ْ َ‬
‫فتحنا َ َ‬ ‫علي الليلة سورة ھي أحب َّ‬ ‫َّ‬ ‫أنزلت‬
‫علي الليلة « يعني ‪ :‬في الليل ‪ .‬فدل على أن سورة الفتح‬ ‫َّ‬ ‫الحديث فدل على ماذا ؟ على أنھا نزلت بالليل ألنه قال ‪ » :‬نزلت‬
‫وجھك َ ْ َ‬ ‫أي ﴿ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫الفتح َ َ ْ‬
‫شطر‬ ‫فول ِّ َ ْ َ َ‬ ‫القبلة ( ما ھي آية القبلة فسرھا قال ‪ْ ) :‬‬ ‫وآية ِ ْ َ ِ‬ ‫أتت في َّ ْ ِ‬
‫الليل‬ ‫وسورة َ ْ ِ‬‫أي ‪ :‬أوائلھا ليلي ‪ُ َ ُ ) .‬‬
‫الحرام ﴾ ( ھذه نزلت ماذا ؟ نزلت بالليل في الصحيحين من حديث ابن عمر رضي  تعالى عنھما ‪ :‬بينما الناس‬ ‫المسجد ْ َ َ ِ‬
‫َْ ْ ِِ‬
‫بقباء في صالة الصبح إذ آتاھم آت فقال ‪ :‬إن النبي  قد أنزل عليه الليلة ‪ - .‬ھذا الشاھد ‪ -‬إن النبي  قد أنزل عليه الليلة‬
‫وجھك ﴾ ‪ .‬نزل بماذا ؟‬ ‫فول ِّ َ ْ َ َ‬ ‫قرآن وقد أمر أن يستقبل القبلة ‪ .‬فدل على أن قوله ‪َ َ ﴿ :‬‬
‫بالليل وأول صالة صالھا النبي  ھي ؟‬
‫بكل قيل ‪ ،‬قيل ‪ :‬الصبح ‪ .‬وقيل ‪ :‬الظھر ‪ .‬وقيل ‪ :‬العصر ‪ .‬ولذلك الرواية التي معنا ھنا ‪ :‬بينما الناس بقباء في صالة‬ ‫ِ ُ ٍّ‬
‫الصبح إذ آتاھم آت فقال ‪ :‬إن النبي  قد أنزل عليه الليلة قرآن ‪ً .‬إذا متى نزلت ؟ في الليل لزم من ذلك أن يكون أول‬
‫بناء على ماذا ؟‬ ‫صالة صالھا إلى القبلة التي ھي المسجد الحرام ھو الصبح ً‬
‫على أن تأخير البيان إلى غير وقت الحاجة ھذا ال يجوز عن النبي  لماذا ؟ ألنه من باب البالغ ‪ ،‬فلو جوز أن اآليات‬
‫نزلت في الليل ثم كانت أول صالة صالھا ھي الظھر أو العصر لزم من ذلك ماذا ؟ أنه صلى الفجر إلى القبلة المنسوخة‬
‫فيكون النبي  قد أخر البيان عن وقت الحاجة وھذا ال يجوز ‪ .‬ففي الصحيحين عن البراء أن النبي  صلى قبل بيت‬
‫قبل البيت وإن أول صالة صالھا العصر ‪ .‬وإن‬ ‫شھرا وكان يعجبه أن تكون قبلته ِ َ َ‬ ‫ً‬ ‫المقدس ستة عشر ‪ .‬أو قال ‪ :‬سبعة عشر‬
‫رجل ممن خرج ممن صلى معه فمر على أھل مسجده وھم‬ ‫ٌ‬ ‫أول صالة صالھا العصرُ بالضم وصلى معه قوم فخرج‬
‫قبل البيت ‪.‬‬ ‫قبل الكعبة ‪ .‬فداروا كما ھم ِ َ َ‬ ‫صليت مع رسول  ِ َ َ‬ ‫ُ‬ ‫راكعون فقال ‪ :‬أشھد با لقد‬
‫فھذا يدل على ماذا ؟‬
‫‪73‬‬
‫على أنه أول صالة صالھا ھي العصر لزم منه أن ھذه اآليات نزلت بين الظھر والعصر والرواية رواية ابن عمر تدل‬
‫على أنھا نزلت بالليل وأن أول صالة صالھا صالة الصبح ًإذا وقع ماذا ؟‬
‫وقع اختالف بين الروايتين قال جالل الدين القاضي ْالبُلقيني ‪ :‬واألرجح بمقتضى االستدالل نزولھا ليالً ألن قضية أو قصة‬
‫أھل قباء كانت في الصبح ألنه يبعد قباء ليست بعيدة عن المدينة يبعد أن النبي  يصلي العصر إلى القبلة الجديدة الناسخة‬
‫ناسخة لبيت المقدس ثم يبقى العصر والمغرب والعشاء ثم الفجر وال يخبر أھل قباء بماذا ؟ بتحويل القبلة ھذا فيه‬ ‫ً‬ ‫التي كانت‬
‫نوع بعد لماذا ؟‬
‫لكون قباء ليست ببعيدة عن المدينة ‪.‬‬
‫ً‬
‫ولكن ابن حجر رحمه  له تأويل آخر قال ابن حجر رحمه  ‪ :‬األقوى أن نزولھا كانت نھارا يعني بين الظھر والعصر‬
‫وأول صالة صالھا النبي  ھي صالة العصر ‪ -‬لكن ھذا فيه إشكال ‪ -‬والجواب عن حديث ابن عمر أن الخبر وصل وقت‬
‫العصر إلى من ھو داخل المدينة وھم بنوا حارثة ‪ ،‬ووصل وقت الصبح إلى من ھو خارج المدينة وھم بني عمرو بن عوف‬
‫أھل قباء يعني ‪ :‬الخبر كأنه لم ينتشر حتى يصل أھل قباء إال الصبح ‪ .‬لكن ھذا فيه نوع إشكال وقوله ‪ :‬يعني ابن عمر أو‬
‫مجاز من إطالق الليلة على بعض اليوم الماضي والذي يلي‬ ‫ٌ‬ ‫علي الليلة « ‪.‬‬
‫َّ‬ ‫قول النبي  في رواية ابن عمر ‪ » :‬قد أنزلت‬
‫فول ِّ ﴾ ( ‪ .‬ليس متفق على أنھا ليلية قيل ‪ :‬إنھا نھارية استدالالً بحديث البراء وأن أول‬ ‫القبلة َ ْ‬
‫أي ﴿ َ َ‬ ‫ُ‬
‫وآية ِ ْ َ ِ‬ ‫كل وقوله ‪) :‬‬
‫على ٍّ‬
‫صالة صالھا النبي  ھي صالة العصر ‪ .‬وقيل ‪ :‬إنھا ليلية استدالالً بحديث ابن عمر ‪.‬‬

‫سھلْ‬ ‫َْ ُ‬
‫والختم َ ُ‬ ‫بعد ﴿ ِّ َ ْ َ ِ َ‬
‫ألزواجك ﴾‬ ‫َْ ُ‬ ‫)‬ ‫النبي ُقل ﴾‬ ‫وقوله ‪َ ﴿ :‬يا َ ُّ َ‬
‫أيھا َّ ِ ُّ‬ ‫َ ُُ‬
‫)‬
‫ِ ِ‬ ‫ْ‬
‫فأثبت‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ ُ‬ ‫ْ‬
‫أزواجه‬ ‫َ‬ ‫ِبھا‬ ‫َّ ْ‬
‫خصت‬ ‫ُ‬ ‫البنات ال َّ ِ ْ‬
‫التي‬ ‫التي فيھا َ َ ُ‬ ‫َِْ‬
‫أعني َّ ِ‬
‫)‬ ‫)‬

‫النبي ُقل‬‫أيھا َّ ِ ُّ‬ ‫وقوله ( تعالى ‪َ ﴿ :‬يا َ ُّ َ‬ ‫الفتح ( ليلية ) َ ُ ُ‬ ‫وسورةُ َ ْ ِ‬


‫وقوله ( ھذا عطف على سورة الفتح ) ُ َ‬ ‫طال عليه النظم ) َ ُ ُ‬
‫أيھا َّ ِ ُّ‬
‫النبي‬ ‫منين ﴾ ] األحزاب ‪ . [59 :‬اآلية التي في آخر األحزاب ھي ليلية ھي التي يعنيھا ﴿ َيا َ ُّ َ‬ ‫مؤ ِ ِ َ‬ ‫ونساء ْال ُ ْ‬ ‫ِّ َ ْ َ ِ َ‬
‫ألزواجك َ َ َ ِ َ‬
‫وبناتك َ ِ َ‬
‫الدنيا ﴾ ] األحزاب ‪[28 :‬‬ ‫الحياة ُّ ْ َ‬‫تردن ْ َ َ َ‬ ‫كنتن ُ ِ ْ َ‬ ‫ألزواجك ِإن ُ ُ َّ‬‫النبي ُقل ِّ َ ْ َ ِ َ‬ ‫ونساء ﴾ وھناك آية أخرى ﴿ َيا َ ُّ َ‬
‫أيھا َّ ِ ُّ‬ ‫وبناتك َ ِ َ‬ ‫ُقل ِّ َ ْ َ ِ َ‬
‫ألزواجك َ َ َ ِ َ‬
‫النبي ُقل‬
‫أيھا َّ ِ ُّ‬ ‫ألزواجك ﴾ ( ‪ .‬لم يحصل التعين ألي اآليتين فشملت اآليتين ﴿ َيا َ ُّ َ‬ ‫بعد ﴿ ِّ َ ْ َ ِ َ‬ ‫النبي ُقل ﴾ َ ْ ُ‬ ‫أيھا َّ ِ ُّ‬ ‫ھنا قال ‪َ ﴿ ) :‬يا َ ُّ َ‬
‫حينئذ أراد ماذا ؟‬ ‫ٍ‬ ‫نتن ﴾ آية التخيير وتلك آية اإلذن‬ ‫النبي ُقل ِّ َ ْ َ ِ َ‬
‫ألزواجك ِإن ُك ُ َّ‬ ‫أيھا َّ ِ ُّ‬ ‫ونساء ﴾ و ﴿ َيا َ ُّ َ‬ ‫ِّ َ ْ َ ِ َ‬
‫ألزواجك َ َ َ ِ َ‬
‫وبناتك َ ِ َ‬
‫بعد ( أي ‪ :‬بعده بعد المذكور‬ ‫النبي ُقل ﴾ َ ْ ُ‬ ‫أيھا َّ ِ ُّ‬ ‫أن يبين لك أن اآلية المقصودة ھي التي ذكر فيھا البنات فقوله ‪َ ﴿ ) :‬يا َ ُّ َ‬
‫سھلْ ( سھل عليك ‪.‬‬ ‫ختم ( لآلية ) َ ُ‬ ‫بعد ﴿ ِّ َ ْ َ ِ َ‬
‫ألزواجك ﴾ ( ) وال َ ْ ُ‬ ‫النبي ُقل ﴾ َ ْ ُ‬ ‫أيھا َّ ِ ُّ‬ ‫السابق ) ﴿ َيا َ ُّ َ‬
‫ألزواجك َ َ َ ِ َ‬
‫وبناتك ﴾‬ ‫النبي ُقل ِّ َ ْ َ ِ َ‬ ‫أيھا َّ ِ ُّ‬ ‫البنات ( يعني ‪ :‬ذكر فيھا البنات ﴿ َيا َ ُّ َ‬ ‫التي فيھا َ َ ُ‬ ‫اآلية ) َّ ِ‬
‫ُ‬ ‫أعني ( يعني ‪ :‬أقصد بھذه اآلية‬ ‫) َِْ‬
‫التي ُ َّ ْ‬
‫خصت‬ ‫كنتن ﴾ ] األحزاب ‪ [28 :‬لذلك قال ‪ ) :‬ال ( ‪ .‬اآلية ) َّ ِ ْ‬ ‫النبي ُقل ِّ َ ْ َ ِ َ‬
‫ألزواجك ِإن ُ ُ َّ‬ ‫أيھا َّ ِ ُّ‬‫] األحزاب ‪ [59 :‬وليست ‪َ ﴿ :‬يا َ ُّ َ‬
‫فأثبت ( أمر من‬ ‫أزواجه ( يعني ‪ :‬ال اآلية التي خصت أزواجه بھا بتلك اآلية ) َ َ ْ ِ ِ‬ ‫( ھذا مغير الصيغة ) ِبھا ( بتلك اآلية ) َ ْ ُ ُ‬
‫اإلثبات يعني ‪ :‬أثبت أنت لفظة البنات أو أثبت وال تغفل عما ذكر ‪.‬‬
‫ألزواجك ﴾ ‪ .‬وھذه في موضعين‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫النبي قل َ ِ‬ ‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬
‫أيھا ِ ُّ‬ ‫َ‬
‫البنات ( ‪ .‬ھذا استدراك لما سبق لقوله ‪َ ﴿ :‬يا ُّ َ‬ ‫التي فيھا َ َ ُ‬ ‫أعني َّ ِ‬ ‫ًإذا قوله ‪ِ ْ َ ) :‬‬
‫فأثبت ( ھذا من باب‬ ‫زواجه َ َ ْ ِ ِ‬
‫خصت ِبھا أَ ْ ُ ُ‬ ‫التي ُ َّ ْ‬ ‫البنات ( اآلية التي ذكر فيھا لفظ البنات ) ال ( اآلية ) َّ ِ ْ‬ ‫التي فيھا َ َ ُ‬ ‫قد ) َ ْ ِ‬
‫أعني َّ ِ‬
‫التسليم ‪.‬‬
‫ففي البخاري عن عائشة رضي  تعالى عنھا قالت ‪ :‬خرجت سودة بعدما ضرب الحجاب لحاجتھا وكانت امرأة جسمية‬
‫ال تخفى على من ال يعرفھا فرآھا عمر رضي  تعالى عنه فقال ‪ :‬يا سودة أما و ما تخفين علينا فانظري كيف تخرجين ‪.‬‬
‫عرق فقلت ‪ :‬يا رسول ‬ ‫ٌ‬ ‫وفي رواية ‪ :‬قد عرفناك ‪ .‬فقالت ‪ :‬فارتفعت راجعة إلى رسول   وإنه ليتعشى وفي يده‬
‫خرجت لبعض حاجتي فقال لي عمر كذا وكذا ‪ .‬فأوحى  إليه وإن العرق في يديه فقال ‪ » :‬إنه قد أذن لكن أن تخرجن‬
‫لحاجتكن « ‪ .‬ھذا دليل على أنھا ليلية ‪ ،‬ما الدليل أو ما وجه االستدالل من ھذه القصة ؟‬
‫ھنا قالت ‪ :‬خرجت سودة بعدما ضرب الحجاب لحاجتھا ‪ .‬جاء في قصة اإلفك أن زوجات النبي  ما كن يخرجن‬
‫لحاجتھن إال ليالً فقوله ھنا ‪ :‬لحاجتھا ‪ .‬ثم قال ‪ » :‬قد أذن لكن أن تخرجن لحاجتكن « ‪ .‬ومعلوم باالستقراء وبنص عائشة‬
‫ليال ھذا من باب التستر طلب الستر ‪.‬‬ ‫رضي  تعالى عنھا كما في قصة اإلفك أن الخروج للحاجة إنما يكون ً‬
‫‪74‬‬
‫بتوبة َ ِ َ‬
‫يقينا‬ ‫خلفواْ ﴾ ِ َ َ ٍ‬ ‫َ ْ‬
‫أي ﴿ ُ ِّ ُ‬ ‫)‬ ‫الذين ﴾‬ ‫َ ُ‬
‫وآية ﴿ َّ َ َ ِ‬
‫الثالثة َّ ِ َ‬
‫)‬

‫يعني ‪ :‬ومما نزل في الليل آية الثالثة الذين خلفوا الذين األلف ھذه لإلطالق‬
‫الثالثة ﴾ ( من ھم الثالثة ‪ :‬كعب بن مالك ‪ ،‬وھالل بن أمية ‪ ،‬ومرارة بن الربيع أي ‪ :‬خلفوا بتشديد الالم مغير‬ ‫وآية ﴿ َّ َ َ ِ‬ ‫) َ ُ‬
‫يقينا ( أي ‪ :‬أتيقن أنھا ليلية‬ ‫يقينا ( وتسمى براءة ) َ ِ َ‬ ‫بتوبة ( يعني ‪ :‬بسورة توبة ‪َ ِ َ ) .‬‬ ‫الصيغة حال كونھا كائنة بسورة التوبة ( ِ َ َ ٍ‬
‫يقينا ففي الصحيح من حديث كعب القصة‬ ‫أيضا ً‬ ‫ً‬ ‫وجوبا أتيقن أنھا ليلية‬ ‫ً‬ ‫يقينا ھذا مفعول مطلق لعامل محذوف‬ ‫يقينا َ ً‬ ‫أيضا ً‬ ‫ً‬
‫الطويلة فأنزل  توبتنا حين بقي الثلث األخير من الليل ورسول   عند أم سلمة ھذا دال على أنھا ليلية ‪.‬‬
‫خلفواْ ﴾ ( ‪.‬‬ ‫أي ﴿ ُ ِّ ُ‬ ‫ين ﴾ َ ْ‬ ‫الذ َ‬ ‫وآية ﴿ َّ َ َ ِ‬
‫الثالثة َّ ِ‬ ‫) َ ُ‬
‫تخلفوا ؟‬ ‫خلفوا أم َ َ َّ ُ‬ ‫ُ ِّ ُ‬
‫حينئذ الوصف‬ ‫ٍ‬ ‫أخرُوا بقبول عذرھم ‪.‬‬ ‫وخلفوا يعني ‪ِّ ُ :‬‬ ‫تخلفوا عن الخروج مع النبي  ‪ُ ِّ ُ ،‬‬ ‫أخرُوا ‪ُ َّ َ َ ،‬‬ ‫وخلفوا بمعنى ُ ِّ‬ ‫تخلفوا ُ ِّ ُ‬ ‫ھم َ َ َّ ُ‬
‫ال من حيث تأخرھم وإنما من حيث قبول التوبة ألن النبي  جاء من جاءه ممن لم يخرج فذكر بعضھم أسباب وبعضھم‬
‫] التوبة ‪ ... [43 :‬إلى آخره وھؤالء الثالثة ال إنما ذكروا‬ ‫لھم ﴾‬‫أذنت َ ُ ْ‬ ‫لم َ ِ َ‬ ‫ُ َ َ‬
‫عنك ِ َ‬ ‫عفا ّ‬ ‫أعذار فقبل منھم وجاء العتب ﴿ َ َ‬
‫فأخرُوا في قبول عذرھم‬ ‫أنھم لم يعتذروا كما اعتذر غيرھم وإنما ذكروا األسباب الحقيقة في عدم خروجھم أو في تخلفھم ُ ِّ‬
‫وأخرُوا عن‬ ‫خلفوا َ ِّ‬
‫تخلفوا عن الخروج والغزو وإنما من باب أنھم ُ ِّ ُ‬ ‫خلفوا من حيث إنھم َ َ َّ ُ‬ ‫حينئذ ليس الوصف ھنا ُ ِّ ُ‬ ‫ٍ‬ ‫وقبول توبتھم‬
‫قبول عذرھم ‪.‬‬
‫لليلي ( بعض ليس الكل ذكر السيوطي كثير في اإلتقان ونحوه ) ِ َ ْ ِ ٍّ‬
‫لليلي‬ ‫بعض ِ َ ْ ِ ٍّ‬
‫فھذه ( المذكورات السابقة من األمثلة ) َ ْ ٌ‬ ‫) َ ِِ‬
‫نزال ( ھذه األلف باإلطالق بالنھار ألنه ھو األصل‬ ‫الكثير ( ) َ َ‬
‫أن َ ِ ْ َ‬ ‫َ‬
‫نزال ( ) َعلى َّ‬ ‫بالنھار َ َ‬
‫) َّ ِ‬ ‫الكثير ( من اآليات‬ ‫أن َ ِ ْ َ‬ ‫َعلى َ َّ‬
‫وھو محل اليقظة واألصل فيه أنه محل التنزل ‪.‬‬
‫والشتائُّي ( الصيفي نسبة إلى الصيف ‪ ،‬والشتائي نسبة إلى الشتاء ومعلوم أن الفصول أربعة‬ ‫ِ‬ ‫الصيفي‬
‫والثامن ‪ُّ َّ :‬‬ ‫ُ‬ ‫السابع‬
‫ُ‬ ‫)‬
‫فلم خص أرباب علوم القرآن بالصيفي والشتائي فقط ؟‬ ‫َِ‬
‫خرفي ‪ .‬قالوا ‪ :‬الصيف يلحق به الربيع لكونھما شماليين ‪ ،‬والشتاء يلحق به الخريف لكونھما‬ ‫ٌّ‬ ‫ربيعي ‪ .‬أو‬
‫ٌّ‬ ‫لم يقولوا ‪ :‬ھذا‬
‫ينئذ نقول ‪ :‬كل من الربيع والخريف ألحق بالفصل الذي يليه وھذا من باب االصطالح فقط وإال ما نص ھذا نزل‬ ‫جنوبين ‪ .‬ح ٍ‬
‫في الربيع وھذا نزل في الخريف وإنما جاء في بعض الروايات ‪ :‬آية الصيف ‪ .‬في قول النبي  ‪ ،‬في ليلة شاتية ‪ .‬فجاء لفظ‬
‫الشتاء وجاء لفظ الصيف فألحق أرباب علوم القرآن بھذين الوصفين فكل ما جاء إما أنه صيفي وإما أنه شتائي ولذلك كل ما‬
‫يمثل ال بد من لفظ كلمة صيف أو شتاء والقول بأن الخريف ملحق بكذا والربيع ملحق بكذا ھذا ال مثال له إنما من باب تعميم‬
‫االصطالحات ‪.‬‬
‫ًإذا الصيفي ھو ‪ :‬ما نزل بالصيف ‪.‬‬
‫والشتائي ‪ :‬ما نزل بالشتاء ‪.‬‬
‫الصيفي ( َْلم تحذف الياء لماذا ؟ حذف فعيلة ‪ ،‬ليس من قبيل فعل صيف فعل وھناك فعيلة مدينة وصيف ليس كمدينة‬ ‫) َّ ُّ‬
‫ليس كسليقة ‪.‬‬
‫كغني ‪ .‬وكذلك في‬ ‫شتي َ َ ِ ّ‬
‫شتوي ويحرك ويقال ‪ٌّ ِ َ :‬‬ ‫والشتائي ( قال في القاموس ‪ :‬الشتاء كالكساء شتاء مثل كساء والنسبة َ ْ ِ ٌّ‬ ‫ِ ُّ‬ ‫)‬
‫أساسا الناظم ھنا نسبه إلى نسبة غير‬ ‫ً‬ ‫في َ َ َ ِ ُّ‬
‫وخرفي‬ ‫وشتوي مثل َخرْ ِ ُّ‬ ‫شتوي َ َ ِ ٌّ‬ ‫)) مختار الصحاح (( أن النسبة إلى لشتاء تكون َ ْ ِ ُّ‬
‫مشھورة ‪.‬‬

‫كالعشر في َ ِ َ ِ‬
‫عائشة‬ ‫َ ِْ‬ ‫ِّ َ ِ‬
‫والشتائي‬ ‫)‬ ‫كآية َ َ ِ‬
‫الكاللة‬ ‫َ ْ ِ َّ ٌ‬
‫صيفية َ ِ ِ‬
‫)‬

‫َّ َ ِ ٌّ‬
‫والشتوي كالعشر في عائشة ‪ .‬وبعضھم أصلحه في قوله ‪ :‬والشتائي لكن ھذا‬ ‫بھذه الصيغة الوزن ينكسر واألولى أن يقال ‪:‬‬
‫يحتاج إلى إتباع ‪ ،‬وقد بحثت في القاموس في بعض المعاجم ما وجدت أنه يقال فيه مثل ما قيل في النسأي نسائي ونسأي كأنه‬
‫على وجدانه ‪ ،‬ذاك ال وإنما ھو شتاء ككساء ولذلك نص في القاموس في )) مختار الصحاح (( أن نسبة إلى الشتاء َ ْ ِ ٌّ‬
‫شتوي‬

‫‪75‬‬
‫ي ‪ .‬مثل َخرْ ِقّي َ َ َ‬
‫وخرِقّي أما شتأي ھذا يحتاج‬ ‫وشتوِّ ٌّ‬ ‫أيضا ‪ٌّ ِ ْ َ :‬‬
‫شتوي َ َ َ‬ ‫ويحرك ويقال ‪ٌّ ِ َ :‬‬
‫شتي كغني ‪ .‬وكذلك في )) المختار (( قال ً‬
‫إلى إثبات ‪.‬‬

‫كالعش ِر في َ ِ َ ِ‬
‫عائشة‬ ‫َ ْ‬ ‫و َّ َ ِ ّ‬
‫الشتوي‬ ‫َ َِ‬
‫الكاللة‬ ‫َِ ِ‬
‫كآية‬ ‫َ ْ ِ َّ ُ‬
‫صيفية‬
‫)‬ ‫)‬

‫الكاللة ( الكاف ھذه للتمثيل ويحتمل أن ھذه لالستقصاء ألن‬ ‫أي ‪ :‬القرآن ‪ .‬صيفيه أي ‪ :‬ما نزل في الصيف ‪ِ ِ َ ) ،‬‬
‫كآية َ َ ِ‬
‫حينئذ إذا لم يثبت إال آية الكاللة تكون الكاف ھذه استقصائية ‪ ،‬وإذا وجد مثال آخر فنقول ‪:‬‬ ‫ٍ‬ ‫ً‬
‫واحدا‬ ‫ً‬
‫مثاال‬ ‫بعضھم ما ذكر إال‬
‫الكاللة ( والكاللة ھي ‪ :‬من ال والد له وال ولد ‪ .‬في الكاللة كما قال الواحدي ‪ :‬أنزل  في الكاللة‬ ‫َ‬
‫كآية َ ِ‬ ‫َ‬
‫ھذه الكاف تمثيلية ) ِ ِ‬
‫قل ُّ‬‫يستفتونك ُِ‬
‫ْ‬
‫الصيف وھي التي في آخرھا ‪َ َ ُ َ ْ َ ﴿ .‬‬ ‫ِ‬ ‫آيتين ‪ :‬إحداھما في الشتاء وھي التي في أول النساء ‪ ،‬واألخرى في‬
‫الكاللة ﴾ ] النساء ‪ [176 :‬ھي التي معنا اآلن مثال التي في آخر سورة النساء ‪ ،‬في صحيح مسلم عن عمر رضي‬ ‫ُِْ ُْ‬
‫يفتيكم ِفي ْ َ َ َ ِ‬
‫شيء عليه ‪ -‬يعني ‪ :‬ما أغلظ‬ ‫ٍ‬ ‫ تعالى عنه قال ‪ :‬ما راجعت رسول   في شيء ما راجعته في الكاللة وما أغلظ لي في‬
‫لي فيه ‪ - .‬حتى طعن في أصبعه في صدري حتى قال ‪ » :‬يا عمر أال تكفيك آية الصيف التي في آخر النساء « ؟ الصيف‬
‫كآية َ َ ِ‬
‫الكاللة ( عرفنا ماذا ؟ أن آية الكاللة‬ ‫) َ ْ ِ َّ ُ‬
‫صيفية َ ِ ِ‬ ‫فقال ‪ » :‬الصيف « ‪ .‬فبين النبي  أنھا نزلت في فصل الصيف ‪،‬‬
‫التي في آخر النساء ھذه صيفية والتي في أولھا ھذه َ َ ِ َّ‬
‫شتوية ‪.‬‬
‫عائشة ( يعني ‪ :‬كاآليات العشر التي في سورة النور في براءة عائشة رضي ‬ ‫كالعشر في َ ِ َ ِ‬
‫والشتوي منسوبة للشتاء ) َ ْ ِ‬ ‫َّ َ ِ ُّ‬
‫تعالى عنھا مما لمزه المنافقون ففي صحيح البخاري من حديث عائشة رضي  تعالى عنھا أنھا قالت في ذكر قصتھا ‪:‬‬
‫أنزل عليه فأخذه من كان يأخذه حتى إنه ليتحدر منه مثل‬ ‫أحد من أھل البيت حتى ُ ْ ِ َ‬ ‫فو ما رام رسول   وال خرج ٌ‬
‫شات ‪ .‬دل على ماذا ؟ على‬ ‫ٍ‬ ‫شات من ثقل قول الذي ينزل عليه ‪ ...‬الحديث ‪ .‬قولھا ‪ :‬في يوم‬ ‫ٍ‬ ‫الجمان من العرق وھو في يوم‬
‫أن ھذه العشر نزلت في الشتاء ‪.‬‬
‫الفراشي من اآليات‬
‫ُّ‬ ‫التاسع ‪ِ :‬‬
‫فعال‬
‫فراش ِ َ‬‫أيضا يذكر معه ‪ .‬الفراشي نسبة إلى فراش وھو ما يتوسده اإلنسان لينام عليه ‪َ ِ ،‬‬ ‫ً‬ ‫الفراشي ويقال ‪ :‬النومي‬
‫فراشا ً ﴾ ] البقرة ‪ [22 :‬فراش يعني ‪:‬‬ ‫لكم َ ْ َ‬
‫األرض ِ َ‬ ‫جعلَ َ ُ ُ‬
‫فراش ‪ :‬بمعنى مفروش ‪ .‬كغيرات بمعنى مغرور ﴿ َ َ‬ ‫بمعنى مفعول ِ َ‬
‫وغرار ] وكتاب يحتمل‬ ‫فعال بمعنى مفعول قليل ھذا في اللغة لكن منه فراش ِ َ‬ ‫مفروش ‪ .‬فعال بمعنى ‪ :‬مفعول ‪ .‬وقل أن يوجد ِ َ‬
‫بمعنى فاعل كاتب جامع على أنه مجاز ‪ ،‬ويحتمل أنه مجموع مكتوب ما في بعد ‪ ،‬أما فراش وغرار ونحوه ھذا قليل [ ‪.‬‬
‫نائما أم ال ‪ .‬لكن‬‫نائما أم ال ھم يقولون ‪ :‬سواء كان ً‬ ‫الفراشي ( من اآليات يعني ‪ :‬ما نزلت وھو فوق فراشه سواء كان ً‬ ‫ُّ‬ ‫) ِ‬
‫دائما يكون الوحي في اليقظة ‪.‬‬ ‫نائما ما يرد أنه يوحى إليه وھو نائم ھذا ليس بصحيح وإنما ً‬ ‫ً‬
‫الفراشي من اآليات‬
‫ُّ‬ ‫) التاسع ‪ِ :‬‬

‫سلمة‬ ‫بيت ُ ِّ‬


‫أم َ َ َ ْ‬ ‫في َ ْ ِ ِ‬
‫نومه في َ ْ ِ‬ ‫ُ َ َّ َ ْ‬
‫المقدمة‬ ‫َّ ِ‬
‫الثالثة‬ ‫ََ ِ‬
‫كآية‬
‫)‬ ‫)‬
‫وحيا‬
‫األنبياء َ ْ َ‬
‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫رؤيا‬
‫لكون ُ َ‬ ‫َ‬
‫ِ ْ ِ‬ ‫َّ‬
‫النازل ُ ِمثل ُ ُّ ْ‬
‫الرؤ َيا‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫َ َ ُ‬
‫يلحقه‬ ‫ْ‬
‫)‬ ‫)‬

‫كآية ( ھذا خبر مبتدأ محذوف ‪ ،‬والفراشي كآية خبر مبتدأ محذوف جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر ‪ ،‬والفراشي‬ ‫) ََ ِ‬
‫) ََ ِ‬
‫كآية‬ ‫يعني ‪ :‬ما نزل من اآليات والنبي  فوق فراشه مثل ‪ :‬آية الثالثة ‪ .‬فالكاف ھنا إما اسمية وإما حرفية وال بأس‬
‫نومه ( فإنھا نزلت في نومه  وليس المراد النوم وإنما ما يستعد به للنوم‬ ‫المقدمة ( بفتح الدال أي المتقدمة ) في َ ْ ِ ِ‬‫الثالثة ْ ُ َ َّ َ ْ‬
‫َّ ِ‬
‫سلمة ْ◌ ( ھند بنت أبي أمية المخزومية تزوجھا النبي  بعد موت أبي سلمة ففي‬ ‫أم َ َ َ‬ ‫بيت ُ ِّ‬
‫ألنھا ما نزلت في النوم ) في َ ْ ِ‬
‫الصحيح أنھا نزلت وقد بقي من الليل ثلثه وھو  عند أم سلمة في فراشھا ‪ ،‬لكن استشكل ھذا كونه نزل عند أم سلمة أو‬
‫ٍ‬
‫امرأة غيرھا « ‪ .‬وھنا نزل‬ ‫الوحي في فراش‬ ‫ُّ‬ ‫علي‬
‫َّ‬ ‫نزلت ھذه اآلية في فراش أم سلمة بقوله  في حق عائشة ‪ » :‬ما نزل‬
‫سلمة ( فما الجمع ؟‬ ‫بيت ُ ِّ‬
‫أم َ َ َ ْ‬ ‫امرأة غيرھا « ‪ .‬وھنا يقول ‪ ) :‬في َ ْ ِ‬
‫ٍ‬ ‫الوحي في فراش‬
‫ُّ‬ ‫علي‬
‫َّ‬ ‫في بيت أم سلمة » ما نزل‬

‫‪76‬‬
‫ُ‬
‫أعطيت ً‬
‫تسعا ‪.‬‬ ‫الجمع ما ذكره السيوطي بأنه روي عن عائشة رضي  تعالى عنھا في مسند أبي يعلى أنھا قالت ‪ُ :‬‬
‫الحديث ‪ .‬وفيه ‪ :‬وإن كان الوحي لينزل عليه وھو في أھله فينصرفون عنه ‪ -‬ھذا غريب تقول ‪ :‬فينصرفون ‪ .‬واألصل‬
‫الوحي في‬
‫ُّ‬ ‫علي‬
‫َّ‬ ‫فينصرفن ‪ -‬وإن كان لينزل عليه وأنا معه في لحافه ‪ً .‬إذا ال معارضة بين الحديثين قوله  ‪ » :‬ما نزل‬
‫امرأة غيرھا « ‪ .‬يعني ‪ :‬ينزل الوحي وتبقى في اللحاف وأما البقية ينزل ولكنھا تقوم وتنصرف من مكانھا ًإذا ھل‬ ‫ٍ‬ ‫فراش‬
‫ھناك تعارض ؟‬
‫ال معارضة بين الحديثين ‪.‬‬
‫سابقا وإن كان كثير يذكرون ھذا يقولون ‪ :‬التاسع والعاشر‬ ‫ً‬ ‫الرؤ َيا ( ھنا ما ذكر النوم لما ذكرناه‬ ‫النازل ُ ِمثل ُ ُّ ْ‬ ‫) َْ َ ُ ُ‬
‫يلحقه َّ ِ‬
‫مدع وينفيه ‪،‬‬
‫الفراشي والنومي ‪ .‬لكنه لم يذكر النومي ألنه مظنة أن الوحي نزل عليه وھو نائم وھذا ال وجود بل ال يدعيه ٍ‬
‫لكنه قول ضعيف في سورة الكوثر أغفى إغفاءة لكن ال ليست ھذه اإلغفاءة بنوم وإنما ھي ما يعتريه النبي  عند نزول‬
‫الرؤ َيا ( كسورة‬ ‫أيضا ‪ُ ُ َ ْ َ ) .‬‬
‫يلحقه َّ ِ‬
‫النازل ُ ( من اآليات حال كونه ) ِمثل ُ ُّ ْ‬ ‫الفراشي ً‬
‫ّ‬ ‫يلحقه ( أي ‪ :‬يلحق‬‫الوحي من الثقل ونحوه ) َ ْ َ ُ ُ‬
‫وحيا ( لما روى مسلم عن أنس رضي  تعالى عنه قال ‪ :‬بين رسول   بين أظھرنا إذا‬ ‫رؤيا َ ْ ِ‬
‫األنبياء َ ْ َ‬ ‫لكون ُ َ‬ ‫الكوثر ) ِ َ ْ ِ‬
‫آنفا سورة « ‪ .‬فقرأ ‪ :‬بسم ‬ ‫علي ً‬
‫َّ‬ ‫متبسما فقلنا ‪ :‬ما أضحكك يا رسول  ؟ فقال ‪ُ » :‬أنزل‬ ‫ً‬ ‫غفى إغفاءة ثم رفع رأسه‬
‫حينئذ ھذا نزل ماذا ؟ نزل حيث أغفى النبي  إغفاءة ‪ ،‬فھم البعض أنه‬ ‫ٍ‬ ‫الكوثر ﴾ ‪ ...‬السورة‬ ‫الرحمن الرحيم ﴿ َِّإنا َ ْ َ ْ َ َ‬
‫أعطيناك ْ َ ْ َ َ‬
‫نام فأوحي إليه لكن ھذا ليس بظاھر ‪ ،‬ولذلك نقول ‪ :‬القرآن كله نزل في اليقظة ‪ ،‬فكأنه الجواب عن أغفى إغفاءة فكأنه‬
‫عرض عليه الكوثر الذي نزلت فيه السورة فقرأھا عليھم وفسرھا لھم يعني ‪ :‬الرؤيا التي رآھا النبي  فاستيقظ من اإلغفاء‬
‫فحينئذ فسر السورة بماذا ؟ بما رواه وإال السورة قد نزلت في اليقظة قبل ذلك ‪ ،‬ولكن‬ ‫ٍ‬ ‫وقد تبسم نقول ‪ :‬ھذا لكونه رأى الكوثر‬
‫حينئذ ال تعارض بأن كون القرآن ينزل إال يقظة وبين ظاھر ھذا النص ‪ ،‬وورد في بعض‬ ‫ٍ‬ ‫ما أخبره إال بعد أن أغفى إغفاءة‬
‫أغمي عليه لم يقل أغفى إغفاءة وإنما قال ‪ :‬أغمي عليه ‪ .‬وقد يحمل ھذا على الحالة التي كانت تعتريه عند‬ ‫الروايات أنه ُ ْ ِ َ‬
‫حينئذ اإلغفاءة التي وردت في النص األول‬ ‫ٍ‬ ‫نزول الوحي ويقال له ‪َ :‬برْ َحا ُء ‪ .‬أو بُرْ َحا ُء كما يقولھا البعض الوحي فليس‬
‫إغفاءة النوم وإنما اإلغفاءة ھذه ما يعتري النبي  من ثقل الوحي ‪.‬‬

‫وحَيا‬
‫َ ْ‬ ‫َْ ِ‬
‫األنبياء‬ ‫رؤيا‬
‫ُ َ‬ ‫َِْ ِ‬
‫لكون‬ ‫)‬ ‫الرؤ َيا‬ ‫َْ َ ُ ُ‬
‫يلحقه َّ ِ‬
‫النازل ُ ِمثل ُ ُّ ْ‬
‫)‬

‫وحيا ( لماذا ؟ ألنه كما جاء )) فإنھم تنام أعينھم وال تنام‬ ‫رؤيا َ ْ ِ‬
‫األنبياء َ ْ َ‬ ‫حينئذ ينزل في النوم إن صح التعبير ) ِ َ ْ ِ‬
‫لكون ُ َ‬ ‫ٍ‬
‫نائما ألن محل‬ ‫ً‬
‫حينئذ استوى في الحالين سواء كان يقظا أو ً‬ ‫ٍ‬ ‫حينئذ محل نزول الوحي ھو القلب ‪ ،‬والقلب يقظ‬ ‫ٍ‬ ‫قلوبھم (( ‪.‬‬
‫الرؤ َيا ِ َ ْ ِ‬
‫لكون ( يعني ‪ :‬قيل‬ ‫النازل ُ ِمثل ُ ُّ ْ‬ ‫) َْ َ ُ ُ‬
‫يلحقه َّ ِ‬ ‫نائما أغمضت عينيه أم ال‬ ‫نزول الوحي ھو القلب والقلب يقظ سواء كان ً‬
‫وحيا ( فإنھا تنام أعينھم وال تنام قلوبھم ثم قال ‪ :‬العاشر أسباب النزول ‪.‬‬ ‫رؤيا َ ْ ِ‬
‫األنبياء َ ْ َ‬ ‫بھذا ) ِ َ ْ ِ‬
‫لكون ُ َ‬
‫وصل  وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫ونقف على ھذا ‪،‬‬

‫‪77‬‬
‫الشريط السادس‬
‫الرحيم‬
‫الرحمن الرحيم‬
‫ الرحمن‬
‫بسم ‬
‫بسم‬

‫الحمد رب العالمين والصالة والسالم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ‪.‬‬
‫أما بعد ‪:‬‬
‫نوعا ذكر األول‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫العقد األول وھو ما يرجع إلى النزول زمانا ومكانا وھو اثنا عشر ً‬ ‫ْ‬ ‫فال زال الحديث في بيان ما تضمنه ِ‬
‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬
‫النزول ( ‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫أسباب‬ ‫العاشر وھو )‬
‫ُ‬ ‫والثاني والثالث والرابع والخامس والسادس ثم السابع والثامن والتاسع ‪ ،‬ووقفنا على‬
‫النوع العاشر تضيف النوع العاشر ال بد من ذكر كلمة النوع ‪.‬‬ ‫ھذا النوع ‪َّ ،‬‬
‫علم جليل قد أتانا به‬ ‫مھم كما سيأتي بيانه في فوائد ھذا العلم وھو ٌ‬ ‫نوع ٌ‬‫ٌ‬ ‫أسباب ُّ ُ ِ‬
‫النزول ( ‪ ،‬ھذا النوع‬ ‫ُ‬ ‫شر ‪َ :‬‬‫النوع ) العا ُ‬
‫السلف كما أتانا به الخلف ‪.‬‬
‫أفعال وھو في اللغة الباعث على الشيء‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫فعل يُجمع على َ‬ ‫سبب َ َ‬ ‫ٍ‬
‫سبب ‪َ َ ،‬‬ ‫أسباب ُّ ُ ِ‬
‫النزول ( أسباب جمع‬ ‫ُ‬ ‫العاشر ‪َ :‬‬
‫ُ‬ ‫النوع )‬
‫وھذا على القول بأن السبب قد يُرادف العلة كما سبق بيانه في أصول الفقه ‪.‬‬

‫)‬ ‫والفرق بعضھم إليه قد ذھب‬ ‫)‬ ‫ومع علة ترادف السبب‬

‫ألن العلة فيھا نوع أو دليل على كون الشيء باعث على ما جُعل علة له ‪ ،‬والسبب قد يرادفه في بعض األحوال وقيل ‪:‬‬
‫إنه مذھب جمھور األصوليين ‪.‬‬

‫)‬ ‫والفرق بعضھم إليه قد ذھب‬ ‫)‬ ‫ومع علة ترادف السبب‬

‫مانعا أو أشبه ما يكون بالرسم‬‫جامعا ً‬ ‫ً‬ ‫وحده بعضھم بحد يمكن أن يكون‬ ‫َّ‬ ‫ًإذا أسباب جمع سبب وھو الباعث على الشيء ‪،‬‬
‫ليس على جھة الحدود بالجنس والفصل ‪.‬‬
‫مبينة لحكمه أيام وقوعه ‪ .‬سبب النزول إذا أردنا ضابط‬ ‫ً‬ ‫متحدثة عنه أو‬ ‫ً‬ ‫قال ‪ :‬سبب النزول ھو ما نزلت اآلية أو اآليات‬
‫ً‬
‫مبينة لحكمه أيام وقوعه ‪ .‬إذا ثم ارتباط بين وقوع الحدث واآلية التي نزلت‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫متحدثة عنه أو‬ ‫ھو ‪ :‬ما نزلت اآلية أو اآليات‬
‫مثال سورة الفيل نزلت‬‫ً‬ ‫عما شاع وذاع عند بعض المفسرين حينما يذكرون‬ ‫مبينة لحكم ھذا أو ھذه الحال ‪ .‬ھذا احترز به َّ‬
‫ً‬
‫مبينة لحكم‬ ‫قصة الفيل ھل ھناك ارتباط بين الحادثة واآليات ؟ الجواب ‪ :‬ال ‪ ،‬نقول ‪ :‬سبب النزول أن تكون اآلية نزلت‬
‫ارتباط بين اآليات وبين الواقع ‪ ،‬فإذا كانت الواقعة قد‬ ‫ٍ‬ ‫حينئذ ال بد من‬ ‫ٍ‬ ‫بزمن يسير نزول اآليات‬ ‫ٍ‬ ‫الحادثة ‪ ،‬وھذه الحادثة سبقت‬
‫الفيل ﴾ ] الفيل ‪ . [1 :‬ال نقول ‪:‬‬ ‫ربك ِ َ ْ َ ِ‬
‫بأصحاب ْ ِ ِ‬ ‫فعل َ َ ُّ َ‬ ‫كيف َ َ‬
‫تر َ ْ َ‬ ‫خال عليھا الدھر كقصة أصحاب الفيل ثم نزل قوله تعالى ‪ْ َ َ ﴿ :‬‬
‫ألم َ َ‬
‫ھذه اآليات أو ھذه السورة سبب نزولھا ماذا ؟ قصة أصحاب الفيل نقول ‪ :‬ال ‪ ،‬قصة أصحاب الفيل تضمنت السورة ً‬
‫بيانا‬
‫حينئذ ليس ثم ارتباط بين السورة وبين ھذه القصة ‪ً ،‬إذا ما نزلت اآلية أو‬ ‫ٍ‬ ‫لحادثة قد وقعت ومضى عليھا الزمان الطويل‬ ‫ٍ‬
‫ٍ‬
‫سورة‬ ‫قصة من قصص األنبياء أو‬ ‫ٍ‬ ‫ٌ‬
‫اآليات متحدثة عنه أو مبينة لحكمه أيام وقوعه ھذا فيه رد على كل من وضع أمام‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫زمن قد مضى ‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫واقعة في‬ ‫ٍ‬
‫لحادثة‬ ‫تضمنت حادثة سابقة ربطھا بماذا ؟ بتلك الحادثة نقول ‪ :‬ال ‪ ،‬جاءت ھذه اآليات مبينة‬
‫صالح ‪ ،‬أو شعيب مع قومه ھل نزلت ھذه‬ ‫ٍ‬ ‫ھود مع قومه ‪ ،‬أو عن‬ ‫نوح مع قومه ‪ ،‬أو عن ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫تحدثت كما تتحدث اآليات عن‬
‫اآليات بسبب قوم نوح ؟ ال ‪ ،‬سورة نوح نقول ‪ :‬نزلت بسبب قوم نوح ؟ الجواب ‪ :‬ال ‪ ،‬وإنما تضمنت حادثة وواقعة وحكايةً‬
‫ثم ارتباط من حيث النزول ‪ ،‬يعني لم يكن سبب نزول اآليات ھو تلك الحادثة ‪.‬‬ ‫أمم قد خلت في ھذه السورة وليس َ َّ‬ ‫لحالة ٍ‬
‫أسباب النزول عرفنا أسباب النزول قال الجعبري رحمه  ‪ :‬نزول القرآن على قسمين ‪:‬‬
‫ابتداء ‪ ،‬وقسم نزل عقب واقعة أو سؤال ‪.‬‬ ‫ً‬ ‫قسم نزل‬
‫ابتداء دون سبب ‪ ،‬وإما أن ينزل بسبب ھل له قسم ثالث ؟ الجواب ‪ :‬ال ‪ ،‬كل القرآن من أوله إلى‬ ‫ً‬ ‫القرآن كله إما أن ينزل‬
‫ً‬
‫ابتداء لبيان قصة مثال أو لبيان حكم شرعي‬ ‫ً‬ ‫آخره إما أن ينزل لسبب أو ال ما لم ينزل لسبب ھذا يسمى االبتدائي يعني ‪ :‬نزل‬
‫سببا لحادثة وقعت أو سؤال قد حصل ‪ ،‬وإنما‬ ‫ابتداء لم تنزل ً‬ ‫ً‬ ‫مرتان ﴾ ] البقرة ‪ [229 :‬نقول ‪ :‬ھذه اآلية نزلت‬ ‫مثالً ﴿ َّ َ ُ‬
‫الطالق َ َّ َ ِ‬
‫أول ما نزلت اآلية لبيان ما تضمنته من األحكام ‪ ،‬وقل غير ذلك في كثير من اآليات بل ھو الغالب في آي القرآن ‪ ،‬الغالب‬
‫في آي القرآن أنه ابتدائي ال سببي ‪.‬‬

‫‪78‬‬
‫نزول ُه سبب يقتضيه وھو‬ ‫َ‬ ‫ابتداء وقسم نزل عقب واقعة أو سؤال ‪ ،‬واالبتدائي بعضھم ضبطه بأنه ما ال يتقدم‬ ‫ً‬ ‫قسم نزل‬
‫سؤاال وجه للنبي  أو تكون حادثة‬ ‫ً‬ ‫سبب يقتضيه وھذا السبب إما أن يكون‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬
‫نزول ُه‬ ‫والسببي ھو ما تقدم‬
‫َّ َ ِ ّ‬ ‫الغالب في آي القرآن‬
‫تحتاج إلى بيان وكشف لحكمھا أو واقعة وقعت فأنزل  جل وعال بسبب ھذه الواقعة ما يبين حكمھا ‪.‬‬
‫للناس ﴾ ] البقرة ‪ . [189 :‬نقول‬ ‫مواقيت ِ َّ ِ‬
‫ھي َ َ ِ ُ‬ ‫األھلة ُ ْ‬
‫قل ِ َ‬ ‫عن ِ َّ ِ‬ ‫سؤال كما سئل النبي عن األھلة فنزل قوله تعالى ‪َ َ ُ َ ْ َ ﴿ :‬‬
‫يسألونك َ ِ‬
‫حينئذ نزلت اآلية ‪ً .‬إذا ھذه اآلية لھا سبب نزول ‪ ،‬نزولھا سببي أم ابتدائي ؟‬ ‫ٍ‬ ‫‪ :‬سبب نزول ھذه اآلية سؤال وجه إلى النبي ‬
‫سببي ‪.‬‬
‫نقول ‪ٌّ ِ َ َ :‬‬
‫ما نوع السبب ؟‬
‫سؤال وجه إلى النبي صلى  عليه وآله وسلم ‪.‬‬
‫إنما ُ َّ‬
‫كنا‬ ‫ليقولن ِ َّ َ‬ ‫ولئن َ َ ْ َ ُ ْ‬
‫سألتھم َ َ ُ ُ َّ‬ ‫النوع الثاني ‪ :‬نقول حادثة وقعت تحتاج إلى بيان وكشف ‪ .‬مثل بعضھم بقوله تعالى ‪ِ َ َ ﴿ :‬‬
‫ونلعب ﴾ ] التوبة ‪ . [65 :‬ھذه كما ھو معلوم نزلت في رجل من أھل النفاق في غزوة تبوك حيث قال ‪ :‬ما رأينا مثل‬ ‫نخوض َ َ ْ َ ُ‬
‫َ ُ ُ‬
‫ألسنا وأجبن عند اللقاء ‪ .‬فبلغ ذلك النبي  فنزل الوحي فجاء يعتذر من النبي  فكان يتلو عليه‬ ‫بطونا وأكذب ً‬ ‫ً‬ ‫قراءنا أرغب‬
‫إيمانكم ﴾ ] التوبة ‪ً [66 ، 65 :‬إذا ھذه اآليات‬ ‫بعد ِ َ ِ ُ ْ‬ ‫قد َ َ ْ ُ‬
‫كفرتم َ ْ َ‬ ‫تعتذرواْ َ ْ‬
‫تستھزئون * الَ َ ْ َ ِ ُ‬
‫كنتم َ ْ َ ْ ِ ُ َ‬
‫ورسوله ُ ُ ْ‬
‫وآياته َ َ ُ ِ ِ‬
‫أبا‪ِ ِ َ َ S‬‬ ‫النبي ﴿ ُقلْ َ ِ ّ ِ‬
‫نزلت في ماذا ؟‬
‫في بيان واقعة وحادثة تحتاج إلى بيان وكشف من الرب جل وعال ‪.‬‬
‫الثالث ‪ :‬أن تكون قد وقع فعل وھذا يمكن ‪ -‬بعضھم ال يذكره ‪ -‬أن يكون وقع فعل يحتاج إلى معرفة حكمه ‪ ،‬وھذا يمكن‬
‫ٌ‬
‫أن يدرج في السؤال أو في الحاجة ‪ ،‬لكن فصله بعضھم واألكثر على أن السبب إما أن يكون سؤاالً أو حادثة تحتاج إلى بيان‬
‫التي‬ ‫قولَ َّ ِ‬ ‫ُ َ ْ‬ ‫سمع َّ‬
‫قد َ ِ َ‬ ‫متحدثة عنه أو مبينة لحكمه ‪ .‬قال ‪ْ َ ﴿ :‬‬ ‫ً‬ ‫ولذلك ذكره في الحد ھنا قال ‪ :‬وما نزلت اآلية ‪ -‬أو اآليات ‪-‬‬
‫زوجھا ﴾ ] المجادلة ‪ . [1 :‬ھذه نزلت في خولة بنت ثعلبة لما ظاھر منھا أوس بن الصامت زوجھا فنزلت ھذه‬ ‫تجادلك ِفي َ ْ ِ َ‬ ‫ُ َ ُِ َ‬
‫اآليات فنقول ‪ :‬ھذه وقعت في األصل أنھا مبينة لحكم حادثة ويمكن أن يكون ھذا الحادث سؤال لكنه ليس من جھة المقام‬
‫وإنما من جھة يعني ‪ :‬يكون سؤاالً بلسان المقام أو بلسان الحال ولذلك أدرج بعضھم ھذه اآلية في السؤال ھي لم تسأل وإنما‬
‫جاءت تشتكي للنبي  حال زوجھا وھذا يتضمن ماذا ؟‬
‫ِ َّ ِ‬
‫األھلة ﴾ ] البقرة ‪ [189 :‬وقد يكون بالحال‬ ‫عن‬ ‫فحينئذ السؤال قد يكون بالمقال ويمثل له ﴿ َ ْ َ ُ َ َ‬
‫يسألونك َ ِ‬ ‫ٍ‬ ‫يتضمن سؤاالً ‪،‬‬
‫التي ُ َ ِ ُ َ‬
‫تجادلك ِفي َ ْ ِ َ‬
‫زوجھا ﴾ ] المجادلة ‪. [1 :‬‬ ‫قول َ َّ ِ‬‫ُ َ ْ‬ ‫سمع َّ‬
‫قد َ ِ َ‬‫ويمثل له بـ ‪ْ َ ﴿ :‬‬
‫قال بعضھم ‪ :‬أن ھذا العلم ال طائل تحته لجريانه مجرى التأريخ ال فائدة منه ألنه يبين لك حادثة وقعت فنزل قول الرب‬
‫ٍ‬
‫حينئذ عليھا بعض األحكام الشرعية من‬ ‫جل وعال ًإذا كأنه حالة أو قصة من سيرة النبي  فأجريت مُجْ َرى التاريخ فال ينبني‬
‫تحليل أو تحريم أو تخصيص أو تعميم ‪ ...‬إلى آخره ‪ .‬فنقول ‪ :‬ھذا الكالم خطأ وليس بصواب يعني ‪ :‬قوله وھذا قيل به ً‬
‫قديما‬
‫وحديثا بأن البحث في أسباب النزول ھذا ال طائل تحته وإنما ھو من ضياع األوقات ‪ ،‬أو يُجعل في ضمن ما يتحدث عنه‬ ‫ً‬
‫أيضا التاريخ خاصة إذا كانت من سيرة النبي  ال يمكن أن تخلو عن‬ ‫ً‬ ‫حينئذ يكون من قبيل التاريخ ‪ ،‬نقول ‪:‬‬ ‫ٍ‬ ‫التاريخ بأقسامه‬
‫الفائدة ‪ .‬كيف يقال ‪ :‬ھب أننا سلمنا أنه ال طائل تحته من جھة األحكام الشرعية لكن كيف يقال ‪ :‬أسباب النزول وضعت من‬
‫سيرة النبي  أليست سيرة النبي  محالً لالقتداء والتأسي والبحث والنظر واالستنباط في حال الدعوة مع المشركين مع‬
‫المؤمنين إلى آخره التعامل مع أھل الكتاب إلى آخره ھذا ال طائل تحته ؟‬
‫نقول ‪ :‬ال ھذا الكالم في غاية السقوط ولذلك نقول ‪ :‬فوائد ھذا العلم يمكن أن تجمل في بعض األمور ‪.‬‬
‫أوال ‪ :‬في الوقوف على معرفة سبب النزول معرفة وجه الحكمة الباعثة على تشريع الحكم ‪ .‬إذا ذكر سبب النزول عرفنا‬ ‫ً‬
‫ما ھي الحكمة من تشريع ھذا الحكم ألن بعض األحكام الشرعية في اآليات قد يجھل الناظر فيھا أو يستبعد الناظر فيھا وجه‬
‫حينئذ زال العجب ولذلك يقول العرب ماذا ؟‬ ‫ٍ‬ ‫الحكمة من ھذا األمر أو ھذا النھي فإذا وقف على سبب النزول‬
‫إذا ع ُِرف السبب بطل العجب ‪ .‬أو زال العجب ‪ ،‬ھذا صحيح ألن الشيء الذي ال يعرف سببه تتعجب النفس منه وھذا مثل‬
‫حينئذ الشيء المجھول الذي ال يعرف سببه اإلنسان يتعجب قد يسمع كلمة للعالم وال يعرف ما سببھا‬ ‫ٍ‬ ‫عربي صحيح قح‬
‫يتعجب كيف يقول ھذا الكالم ؟‬
‫حينئذ زال أو بطل العجب ‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫فإذا وقف على السبب‬
‫حينئذ تبين للناظر وجه الحكمة الباعثة على تشريع الحكم ‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫ًإذا إذا وقف على سبب النزول‬

‫‪79‬‬
‫ً‬
‫خاصا‬ ‫الثاني يقال ‪ :‬تخصيص الحكم به بالسبب عند من يرى أن العبرة بخصوص السبب إذا كان اللفظ ً‬
‫عاما والسبب‬
‫ً‬
‫خاصا كآيات‬ ‫الجماھير بل حكي إجماع على أن العبرة بعموم اللفظ ال بخصوص السبب العبرة ‪ ،‬فيكون اللفظ ً‬
‫عاما والسبب‬
‫َّ‬
‫مثال نزلت في ھالل بن أمية وقيل ‪ :‬في عويمر العجالني ‪ .‬لو نظر الناظر في اآليات وقوله جل وعال ‪َ ِ َ ﴿ :‬‬
‫والذين‬ ‫ً‬ ‫اللعان‬
‫والذين ﴾ الذين ھذا صيغة عموم اسم موصول وھو من صيغ‬ ‫] النور ‪ ... [6 :‬إلى آخر اآليات ﴿ َ َّ ِ َ‬ ‫أزواجھم ﴾‬ ‫َ‬
‫يرمون ْ َ َ ُ ْ‬
‫َْ ُ َ‬
‫العموم ‪.‬‬

‫وقد تال الذي التي الفروع‬ ‫كل أو الجميع‬ ‫ُ‬


‫صيغ ُه ٌّ‬
‫)‬ ‫)‬

‫يرمون ﴾ ھذه نزلت في ھالل بن أمية من يرى أن اللفظ‬ ‫حينئذ الموصوالت بجميع أنواعھا من صيغ العموم قوله ﴿ َ َّ ِ َ‬
‫والذين َ ْ ُ َ‬ ‫ٍ‬
‫العام يختص بسببه يقصر ھذا النص على ھالل بن أمية ‪ ،‬ثم إذا جاءت قصة نظير قصة ھالل بن أمية يقيسھا يقول ‪ :‬اللفظ ال‬
‫يشملھا ال يتناولھا وإنما يكون من باب القياس ‪ .‬ھو ال ينفي أن يكون اللعان في غير ھالل بن أمية ‪ ،‬ال ‪ ،‬وإنما يقول ‪ :‬ثبت‬
‫قياسا ‪ .‬ولذلك اللعان ثابت في حق األمة كلھا ‪ ،‬كل من وجد منه ما وجد من‬ ‫ً‬ ‫الحكم في ھالل بن أمية ً‬
‫نصا وثبت في غيره‬
‫حينئذ يكون الحكم ثابت فيه لكن في ھالل بن أمية ھذا من جھة النص واللفظ وغيره يكون من جھة حمله على قصة‬ ‫ٍ‬ ‫ھالل‬
‫ھالل بجامع ما ذكر ‪.‬‬
‫يرمون ﴾ عند من يرى التخصيص بسبب النزول نقول ‪ :‬ھذه اآلية تختص بھا تختص بتلك الحادثة‬ ‫حينئذ قوله ‪َ ِ َّ َ ﴿ :‬‬
‫والذين َ ْ ُ َ‬ ‫ٍ‬
‫فحينئذ ھل ھناك فائدة في الوقوف على معرفة سبب النزول ؟‬ ‫ٍ‬ ‫‪.‬‬
‫عاما فإذا ُنظر في سبب النزول عرفنا أن محله خاص فيحمل اللفظ العام على الخصوص‬ ‫نقول ‪ :‬نعم ألن اللفظ يكون ً‬
‫وكيف ال نقول في ھذه الفائدة ‪ ،‬وإذا كان ھذا المثال فيه نظر لكن على من يرى ھذا الرأي ‪.‬‬
‫ًإذا نقول ‪ :‬تخصيص الحكم به عند من يرى أن العبرة بخصوص السبب ‪.‬‬
‫عاما ‪ -‬على ما عدا صورته فإن دخول الصورة في‬ ‫الثالث ‪ :‬إذا عُرف السبب قصر التقصير ‪ -‬يعني ‪ :‬إذا كان اللفظ ً‬
‫مرارا معنا في أصول الفقه ‪ -‬فإن دخل صورة السبب قطعي وال يجوز إخراجھا باالجتھاد وحُكي‬ ‫ً‬ ‫السبب قطعي ‪ -‬سبق‬
‫اإلجماع عليه ‪.‬‬

‫تصب‬ ‫وارو عن اإلمام ً‬


‫ظنا ِ‬ ‫ِ‬ ‫السبب‬
‫ِ‬ ‫واجزم بإدخال ذوات‬
‫)‬ ‫)‬

‫ھكذا قال في مراتب السور ‪.‬‬


‫ٍ‬ ‫ً‬ ‫ِ‬
‫] واجزم بإدخال ذوات السبب [ يعني ‪ :‬إذا كان اللفظ عاما حينئذ نقول ‪ :‬ھذا اللفظ العام ھل يشمل الصورة التي نزلت‬
‫اآلية من أجلھا أو ال ؟‬
‫قطعا يشملھا ثم ھل يجوز تخصيص ھذا اللفظ العام بإخراج ھذه الصورة ؟‬ ‫ً‬
‫أزواجھم ﴾ نزلت في من ؟‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫يرمون َ َ ُ ْ‬ ‫َّ‬
‫الجواب ‪ :‬ال ‪ ،‬باإلجماع يعني ‪ :‬لو قال قائل ‪ :‬قوله تعالى ‪َ ِ َ ﴿ :‬‬
‫والذين َ ْ ُ َ‬
‫أزواجھْم ﴾ ‪ .‬ما نوع‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫يرمون َ َ ُ‬ ‫في ھالل بن أمية ‪ً ،‬إذا سبب النزول قصة ھالل بن أمية داخلة في قوله تعالى ‪َ ِ َ ﴿ :‬‬
‫َّ‬
‫والذين َ ْ ُ َ‬
‫ٌ‬
‫قطعي أم ظني ؟‬ ‫الدخول‬
‫قطعي ‪ ،‬ما الذي ينبني على ھذا ؟‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫لو وجد ما وجد من المخصصات على جھة التنزل ال يمكن أن تخرج صورة ھالل بن أمية ً‬
‫أبدا لماذا ؟‬
‫ً‬
‫ألنك لو جوزت إخراجھا لخال اللفظ عن الفائدة ألنه نزل لبيان حادثة فإذا أخرجت ھذه الحادثة من مدلول اللفظ إذا اللفظ‬
‫ماذا صار نزل ألي شيء ؟‬
‫ال لشيء ما ‪ ،‬لماذا ؟‬
‫حينئذ يعين أن السبب أو صورة السبب داخلة‬ ‫ٍ‬ ‫ألن سبب النزول قد أخرجته من مدلول اللفظ ‪ ،‬ولذلك نقول ‪ :‬العلم بالسبب‬
‫ً‬
‫خاصا‬ ‫في اللفظ العام وال يجوز إخراجھا ‪ ] .‬واجزم [ أقطع ‪ ] ،‬واجزم بإدخال ذوات السبب [ ‪ ،‬فإذا جاء اللفظ ً‬
‫عاما والسبب‬
‫ال يمكن استثناءه ولذلك ذھب اإلمام مالك رحمه  في القول المشھور عنه في أن صالة التراويح السنة فيھا أن يصليھا في‬
‫منفردا وإن كان يرى أن الجماعة سنة ال إشكال ‪ ،‬الجماعة سنة ‪ ،‬والصالة في البيت سنة ال إشكال في ھذا ال تعارض‬ ‫ً‬ ‫بيته‬
‫‪80‬‬
‫عموما أنه في البيت ال ينفي أو ال يلزم منه أن ينفي سنية‬ ‫ً‬ ‫بين القولين ‪ ،‬فمن يثبت أن السنة في صالة التراويح أو القيام‬
‫الجماعة ألن ھذا ثابت وھذا ثابت ‪ ،‬ما دليل اإلمام مالك مع أن الجمھور أو الكثير يرون أن السنة أن تقام في الجماعة وأن‬
‫منفردا قد ترك السنة ما الدليل ؟‬ ‫ً‬ ‫من صلى في بيته‬
‫ً‬
‫قالوا ‪ :‬قوله  ‪ » :‬فإن أفضل صالة الرجل في بيته إال المكتوبة « ‪ .‬إذا استثنى ماذا ؟‬
‫المكتوبة ‪ ،‬واالستثناء معيار العموم ‪ ،‬فكل ما عدا المكتوبة فاألفضل فعله في البيت أليس كذلك ؟ » أفضل صالة الرجل‬
‫حينئذ فاألفضل أن نصليه في بيته ‪ ،‬استثنى‬ ‫ٍ‬ ‫حينئذ كل ما عدا المكتوبة‬ ‫ٍ‬ ‫في بيته إال المكتوبة « ‪ .‬ما استثنى إال المكتوبة‬
‫مخصصا فقالوا ‪ :‬نعم كونه صالة‬ ‫ً‬ ‫بعضھم بما ثبت من خروج النبي  في معتكفه وصلى بالناس إلى آخره جعلوا ذلك دليالً‬
‫الرجل إال المكتوبة ھذا عام لكنه مخصوص كما خص بالمكتوبة خص بقيام الليل في جھة رمضان على جھة الخصوص ‪.‬‬
‫ھذا تحليل أصولي أو ال ؟‬
‫ھذا لفظ عام وجاء فعل النبي  مخصص وثبت معنا وسبق أن فعل النبي  يعتبر من المخصصات ‪ ،‬ھذا قول األكثر‬
‫لكن ھذا عند التأمل ال يستقيم لماذا ؟‬
‫ثم رواية عند اإلمام البخاري في كتاب )) االعتصام (( في أن سبب الحديث » فإن أفضل صالة الرجل في بيته إال‬ ‫ألن َ َّ‬
‫المكتوبة « ‪ .‬قاله بعد أن التفت إلى الناس لما خرج إليھم المرة الثانية ثم التفت إليھم بعد أن صلى بھم فقال ‪ » :‬أيھا‬
‫» أيھا الناس صلوا في بيوتكم فإن أفضل صالة‬ ‫الناس « ‪ .‬بھذا النص في صحيح البخاري في كتابه )) االعتصام ((‬
‫حينئذ شمل التراويح أو ال ؟‬ ‫ٍ‬ ‫المرء في بيته إال المكتوبة « ‪.‬‬
‫شمل التراويح ‪ ،‬ھل يمكن إخراجھا ؟‬
‫ال يمكن إخراجھا ‪ ،‬فلذلك ذھب اإلمام مالك ‪ -‬أنا ال أضرب المسألة ال من باب الترجيح إنما مثال ‪ -‬لذلك ذھب اإلمام مالك‬
‫تبعا للخطابي في معالم السنن أن الخالف فيمن‬ ‫رحمه  إلى أنه يُصلي في بيته ‪ -‬والمسألة فيھا خالف ‪ -‬وجعل الشوكاني ً‬
‫حينئذ اتفقوا على أن من لم يحفظ فاألفضل أن يصلي جماعة مع‬ ‫ٍ‬ ‫يحفظ القرآن ويقدر على الصالة في بيته ‪ .‬لكن اللفظ عام‬
‫المسلمين ألنه لو جلس في بيته لعجز أو كان يختم يحفظ القرآن لكنه يعجز عنده كسل فھذا األفضل في حقه أن يصلي مع‬
‫جماعة المسلمين لكن ھذا من تبين الفاضل والمفضول ‪ ،‬أما الحكم الشرعي فال مدخل له في مثل ھذه األمور يعني ‪ :‬يقال‬
‫ً‬ ‫مفضوال‬ ‫منفردا ‪ .‬ھكذا قال اإلمام مالك ولو حصل ما يعتري الفاضل بأن صيره‬ ‫ً‬ ‫مطلقا في صالة التراويح في بيته‬ ‫ً‬ ‫األفضل‬
‫ً‬
‫شرعيا ‪.‬‬ ‫ً‬
‫حكما‬ ‫حينئذ يختص الحكم بزيد فقط وال يجعل‬ ‫ٍ‬
‫مثالً بعض الناس قد السنة في الرواتب أن يصليھا في بيته إال الظھر فاألكثر كان  يصليھا في المسجد فصالة مثالً سنة‬
‫خشوعا لو صلى في‬ ‫ً‬ ‫الفجر نقول ‪ :‬األفضل يصليھا في بيته ھذا أفضل ھذا حكم عام مطلق لكن لو وجد اإلنسان من نفسه‬
‫فحينئذ في حق زيد صارت‬ ‫ٍ‬ ‫المسجد وخضوع وابتھال إلى  عز وجل نقول ‪ :‬وجد سبب أو مقتضى الصالة وھو لب الصالة‬
‫عاما ‪ ،‬وإنما ما صار في حق‬ ‫حكما ً‬
‫ً‬ ‫صالة الراتبة راتبة الفجر في حقه فقط أفضل من كونه يصليھا في البيت وال نجعله‬
‫شخص معين صار الفاضل مفضوالً والمفضول فاضالً ‪ ،‬وإال في حقه األصل أنه الفاضل أن يصلي الراتبة في بيته‬
‫والمفضول أن يصليھا في المسجد ‪ ،‬قد تنعكس المسألة في حق زيد أما إذا الحكم عام ؟ فنقول ‪ :‬ال ‪ ،‬ولذلك المسألة يعتبر‬
‫مطلقا كل من له أن يصلي صالة التراويح فالحكم عام سواء قدر أو ال ثم إذا اعتراه كسل أو اعتراه نقص‬ ‫ً‬ ‫فيھا الخالف عام‬
‫ً‬
‫حينئذ يصير الفاضل في حقه على جھة العموم مفضوال ‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫في الحفظ‬
‫ت على‬ ‫وحرجْ َ‬‫أبدا ‪ .‬نقول ‪ :‬تركت السنة َ َّ‬ ‫ًإذا المسألة فيھا خالف وبعض الناس يقول ‪ :‬إذا ما صليت في الحرم ما صليت ً‬
‫غيرك ‪.‬‬
‫ًإذا إذا عرف السبب قصر التخصيص إذا وجد اللفظ العام على ماذا ؟ على ما عدا صورته ‪ ،‬ما عدا صورة السبب التي‬
‫ٌ‬
‫قطعي ‪.‬‬ ‫حينئذ كله يجوز أن يخرج بدليل لكن الصورة نفسھا ال يجوز إخراجھا ألن دخولھا‬ ‫ٍ‬ ‫نزلت اآلية من أجلھا‬
‫السبب [ وحكي اإلجماع على ذلك ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫] واجزم بإدخال ذوات‬
‫إن َّ َ‬
‫الصفا‬ ‫الرابع ‪ :‬الوقوف على المعنى وإزالة اإلشكال فھو خير سبيل لفھم المراد من اآلية ولذلك قوله جل وعال ‪َّ ِ ﴿ :‬‬
‫بھما ﴾ ] البقرة ‪ . [158 :‬يعني ‪ :‬أن يسعى بينھما‬ ‫عليه َأن َ َّ َّ َ‬
‫يطوف ِ ِ َ‬ ‫جناح َ َ ْ ِ‬
‫فال ُ َ َ‬‫اعتمر َ َ‬
‫أو ْ َ َ َ‬ ‫البيت َ ِ‬
‫حج ْ َ ْ َ‬ ‫ ََ ْ‬
‫فمن َ َّ‬ ‫شعآئر ّ ِ‬ ‫َ ََْْ َ‬
‫والمروة ِمن َ َ ِ ِ‬
‫حينئذ تدل ھذه اآلية على أن السعي مباح لكن ھل ھذا‬ ‫ٍ‬ ‫جناح ﴾ ‪ .‬ھذه من صيغ اإلباحة‬ ‫نئذ قوله ‪َ َ ﴿ :‬‬
‫فال ُ َ َ‬ ‫طوافا حي ٍ‬ ‫ً‬ ‫سمي السعي‬
‫صحيح ؟ نقول ‪ :‬السعي ھذا في العمرة والحج ركن من أركان الحج ال يجوز أو ال تمم عمرة شخص إال بالسعي بين الصفا‬
‫عليه ﴾ ‪ .‬ماذا نقول ؟‬ ‫جناح َ َ ْ ِ‬ ‫والمروة في العمرة والحج ‪ ،‬قوله جل وعال ‪َ َ ﴿ :‬‬
‫فال ُ َ َ‬

‫‪81‬‬
‫السبب ي ُِعينُ على فھم المراد في اآلية ‪ ،‬ولذلك جاء في الصحيحين عن عائشة رضي  تعالى عنھا قالت ‪ :‬كان األنصار‬
‫فع ُل أن يطوف بالصفا‬ ‫خروجا من الحرج واإلثم ََيت َ َّ‬ ‫ً‬ ‫يتفع ُل َ َ َ َّ ُ‬
‫يتأثم‬ ‫قبل أن يسلموا يھلون لمناة الطاغية وكان من أھل لھا َ َ َ َّ‬
‫يتحر ُج َ َ َ َّ‬
‫ٍ‬
‫حينئذ النظر في‬ ‫عليه ﴾ ‪ً .‬إذا‬ ‫جناح َ َ ْ ِ‬ ‫والمروة ﴾ إلى قوله ‪َ َ ﴿ :‬‬
‫فال ُ َ َ‬ ‫الصفا َ ْ َ ْ َ َ‬ ‫إن َّ َ‬ ‫والمروة فسألوا عن ذلك رسول   فأنزل  ‪َّ ِ ﴿ :‬‬
‫مبينا لحكم السعي في العمرة والحج ‪ ،‬وإنما ھو لرفع الحرج في النفوس‬ ‫جناح ﴾ ‪ .‬ليس ً‬ ‫سبب النزول عرفنا أن قوله ‪َ َ ﴿ :‬‬
‫فال ُ َ َ‬
‫نفي الجناح ليس ھو حكم السعي بين الصفا والمروة من أين عرفنا ھذا ؟‬ ‫فقط فمتعلق َ ْ َ‬
‫من سبب النزول ‪ ،‬ألنھم كانوا يتحرجون لماذا ؟‬
‫حينئذ ظنوا أنھا من شعائر الجاھلية فلما جاء اإلسالم أمسكوا فنزل قوله ‪َ َ ﴿ :‬‬
‫فال‬ ‫ٍ‬ ‫ألنھم كانوا يھلون لمناة الطاغية عند الصفا‬
‫حينئذ رفع الجناح ھنا في مقابلة ماذا ؟ التأثم والتحرج فليس ً‬
‫بيانا للحكم ‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫َُ َ‬
‫جناح ﴾ ‪.‬‬
‫الوقوف على المعنى وإزالة اإلشكال ‪ .‬فھو خير سبيل لفھم المراد من اآلية قال الواحدي رحمه  في كتابه ‪ :‬ال يمكن‬
‫معرفة تفسير اآلية دون الوقوف على قصتھا وبيان ونزولھا ‪ .‬ال يمكن معرفة تفسير اآلية التي نزلت لسبب وليس المراد بھا‬
‫ابتداء وإنما القسم الذي نحن فيه ال يمكن معرفة تفسير اآلية دون الوقوف على قصتھا وبيان ونزولھا ‪.‬‬ ‫ً‬ ‫التي نزلت‬
‫وقال ابن دقيق العيد رحمه  ‪ :‬بيان سبب النزول طريق قوي في فھم معاني القرآن ‪ .‬ثم يقال ‪ :‬ال طائلة تحته ‪.‬‬
‫وقال شيخ اإلسالم ابن تيمية رحمه  ‪ :‬معرفة سبب النزول يعين على فھم اآلية ‪ -‬في المقدمة ‪ -‬معرفة سبب النزول‬
‫بالسبب يورث العلم بالمسبب ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫يعين على فھم اآلية فإن العلم‬
‫فإن العلم بالسبب سبب النزول القصة أو السؤال يورث العلم بالمسبب وھو اآلية على وجه الكمال ‪.‬‬
‫الخامس من فوائد العلم بأسباب النزول ‪ :‬معرفة اسم النازل فيه اآلية وتعين المبھم فيھا ‪.‬‬
‫أزواجھم ﴾ ] النور ‪ . [6 :‬نزلت في من‬ ‫يرمون َ ْ َ َ ُ ْ‬ ‫مثال قوله تعالى ‪َ ِ َّ َ ﴿ :‬‬
‫والذين َ ْ ُ َ‬ ‫ً‬ ‫إن كان ھناك مبھم كما سيأتي في آخر الخاتمة‬
‫يرمون ﴾ ‪ ...‬إلى آخره‬
‫والذين َ ْ ُ َ‬ ‫حينئذ عرفنا سبب النازل فيه قوله تعالى ‪َ ِ َّ َ ﴿ :‬‬ ‫ٍ‬ ‫؟ تعرف في سبب النزول أنھا في ھالل بن أمية‬
‫ھذا أكثر ما يذكر في بيان فوائد ھذا العلم ‪.‬‬
‫مستقاة ومرجعه قال الواحدي ‪ :‬ال يحل القول في أسباب نزول الكتاب إال بالرواية والسماع ممن شاھدوا التنزيل ووقفوا‬
‫نقلي بحت ليس للرأي فيه مجال وليس من باب االجتھاد‬ ‫ٍّ‬ ‫على األسباب وبحثوا عن عليھا ‪ .‬بمعنى ‪ :‬أن أسباب النزول علم‬
‫حينئذ نقول ‪ :‬ھذه اآلية نزلت بسبب ما ھو ھذا السبب ؟ ھل نجتھد ال يمكن أن‬ ‫ٍ‬ ‫لماذا ؟ ألنه وقائع وأسئلة وجھت للنبي ‬
‫يسمى اجتھاد في بيان سبب النزول وإنما يرد كثير عن السلف يقال ‪ :‬نزلت ھذه اآلية في كذا ‪ .‬بيان أن ھذه اآلية تتضمن‬
‫حكم ھذه القصة أن ھذه اآلية تتضمن بيان حكم ھذه القصة وليس المراد أنه تم ارتباط بين ھذه القصة والنزول ‪.‬‬
‫قال المصنف رحمه  تعالى ‪:‬‬

‫نحوھا ْ ِ ْ َ َ‬
‫استفسارا‬ ‫فيمم َ ْ َ‬‫فيه َ َ ِّ ْ‬
‫ِ ِ‬ ‫َ ْ َ‬
‫األسفارا‬ ‫ََِ ُ‬
‫األئمة‬ ‫َ َّ َ‬
‫وصنف‬
‫)‬ ‫)‬
‫)‬ ‫َ‬
‫فمنقطع‬ ‫َ‬
‫سند ُ ْ ِ ْ‬‫بغير َ َ ٍ‬ ‫َ‬
‫وإن ِ ْ ِ‬
‫ِْ‬ ‫رفع‬‫صحابي ُ ِ ْ‬
‫عن َ ِ ٍّ‬ ‫يروى َ ْ‬ ‫ما ِ ِ‬
‫فيه ُ ْ َ‬
‫)‬
‫من ِ َّ ِ‬
‫قصة‬ ‫إلفكھم ِ ْ‬ ‫َ َْ‬
‫أشيا َكما ِ ْ ِ ِ ْ‬ ‫َ َّ ِ‬
‫وصحت‬ ‫فمرسل ٌ‬
‫ُْ َ‬ ‫َ‬ ‫َأو َ ِ ِ ْ‬
‫تابعي‬
‫)‬ ‫)‬
‫َّ ِ‬
‫بالصالة‬ ‫األمر‬‫َ‬ ‫َ‬
‫المقام‬ ‫َ َ‬
‫خلف‬‫ْ‬ ‫ِ‬
‫آيات‬ ‫جاب ِ ْ‬
‫من‬ ‫والح َ ِ‬
‫ِ‬
‫ْ ُ‬ ‫َ ِ‬ ‫والسعيِ‬
‫َّ ْ‬
‫)‬ ‫)‬

‫األئمة َ ْ َ‬
‫األسفارا ( ھذا من َّ‬
‫فعل مأخوذ من التصنيف ‪.‬‬ ‫وصنف َ ِ َ ُ‬
‫) َ َّ َ‬
‫متميزة أي ‪ :‬بعضھا عن بعض يعني ‪ :‬متميزة ‪ .‬يعني ‪ :‬بعضھا عن بعض ‪ ،‬يميز‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫والتصنيف لغة ‪ :‬جعل الشيء أصنافا‬
‫ھذا عن ذلك فمؤلف الكتاب مثالً إذا صنف ما وجه التصنيف ؟ نقول ‪ :‬وقع فيه اإلفراد والتمييز فإنه يفرد الذي ھو فيه عن‬
‫غيره ويفرد كل صنف مما ھو فيه عن اآلخر فيفرد المعامالت عن العبادات ويأتي بالعبادات يفرد الطھارة يميزھا عن‬
‫الصالة والصالة عن الزكاة والزكاة عن الصيام والصيام عن الحج ھذا تصنيف ‪.‬‬
‫واصطالحا ‪ :‬وضع ألفاظ مخصوصة دالة على معاني مخصوصة ‪.‬‬ ‫ً‬
‫وأما التأليف الذي ھو رديف له فينظر فيه بمعنى آخر وھو وجود األلفة والمناسبة ألنه في اللغة وضع شيء على شيء‬
‫ً‬
‫مطلقا ‪.‬‬ ‫على وجه بينھما ألفت ومناسبة لذلك ھو أخص من الترتيب‬
‫‪82‬‬
‫واصطالحا ‪ :‬وضع ألفاظ مخصوصة على ألفاظ مخصوصة ‪.‬‬ ‫ً‬
‫ْ‬
‫األسفارا ( جمع ِسفر‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫األسفارا ( صنف بمعنى ‪ :‬أنھم ميزوا أسباب النزول عن غيرھا بمصنفات )‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫وصنف ِ َ‬
‫األئمة‬ ‫ًإذا ) َ َ‬
‫َّ‬
‫سفر ولذلك‬ ‫بكسر فسكون وھو ‪ :‬الكتاب الكبير ‪ .‬قال في القاموس ‪ :‬أو جزء من أجزاء التوراة ‪ .‬يعني ‪ :‬يطلق على ھذا وھذا ِ ْ‬
‫يجمع على أسفار ‪ ،‬حمل على أفعال أحمال ‪.‬‬
‫َّ‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬
‫األسفارا ( األئمة جمع إمام فعال بمعنى مفعول وھو في اللغة ‪ :‬المُتبع ‪ .‬اإلمام ھو المُتبع ‪.‬‬ ‫األئمة َ ْ َ‬ ‫وصنف َ ِ َ ُ‬ ‫) َ َّ َ‬
‫واصطالحا ‪ :‬من يصح االقتداء به بأن بلغ رتبة االجتھاد ‪.‬‬ ‫ً‬
‫ًإذا ليس كل شخص يصح أن يطلق عليه أنه إمام كما ھو الشأن اآلن ‪ ،‬بل ال بد أن يكون ممن يصح االقتداء به وليس كل‬
‫فحينئذ من الخلل أن يطلق على بعض أھل البدع قال في القاموس ‪ :‬اإلمام ما‬ ‫ٍ‬ ‫شخص يصح االقتداء به بأن بلغ رتبة االجتھاد‬
‫ْ‬ ‫ْ‬
‫ائتم به من رئيس وغيره ‪ .‬لكن ھذا في اللغة ال باعتبار الشرع ‪ ،‬أما في الشرع فاإلمام من ي َُتبع يعني ‪ :‬من ي َُقتدى به أو يصح‬ ‫ْ ُ َّ‬
‫إماما في الشر صار ً‬
‫إماما‬ ‫ائتم ولو كان ً‬ ‫عموما فكل من ْ ُ َّ‬ ‫ً‬ ‫ائتم به من رئيس أو غيره نقول ‪ :‬ھذا في اللغة‬ ‫االقتداء به ‪ ،‬أما من ْ ُ َّ‬
‫له ‪ ،‬إبليس إمام ألتباعه وفرعون إمام ألتباعه ‪ ..‬وھلم جره ‪.‬‬
‫ُ‬
‫األئمة ( ‪ .‬ويقال‬ ‫َ‬
‫وصنف ِ َ‬ ‫جمعه ‪ :‬إمام ‪ .‬بلفظ واحد ھكذا قال في القاموس‪ :‬إمام مفرد وجمع متحد ‪ .‬ولكن المصنف قال ‪َ َّ َ ) :‬‬
‫َ‬
‫يھدون ِ ْ ِ َ‬
‫بأمرنا‬ ‫أئمة َ ْ ُ َ‬‫ً‬ ‫منھم َ ِ َّ‬ ‫‪ :‬أيمة ‪ ،‬وأئمة ‪ .‬وحكم عليه في القاموس بأنھا شاذة ولكن كيف يقال ھذا مع قوله تعالى ‪َ ْ َ َ َ ﴿ :‬‬
‫وجعلنا ِ ْ ُ ْ‬
‫﴾ ] السجدة ‪ . [24 :‬وھي قراءة سبعية ‪.‬‬
‫جمع من األئمة اعتنوا بھذا‬ ‫ٌ‬ ‫األسفارا ( ًإذا‬ ‫األئمة َ ْ َ‬‫وصنف َ ِ َ ُ‬
‫سفر وھو الكتاب الكبير ‪َ َّ َ ) ،‬‬ ‫األسفارا ( جمع ِ ْ‬ ‫األئمة َ ْ َ‬ ‫وصنف َ ِ َ ُ‬ ‫) َ َّ َ‬
‫العلم وھو ‪ :‬أسباب النزول ‪ .‬فصنفوا فيه المصنفات العديدة وھذا يدل على ماذا ؟ إذا صنف األئمة الكبار مصنفات في علم ما‬
‫دل على ماذا ؟‬
‫حينئذ ال يقال ‪ :‬ال طائلة تحته ‪ .‬ولذلك صنف علي بن المديني شيخ البخاري رحمه‬ ‫ٍ‬ ‫دل على اعتنائھم بھذا الفن بھذا العلم‬
‫ تعالى كتاب ألسباب النزول ومن أشھر ما كتب كتاب الواحدي )) أسباب النزول (( ‪ ،‬وألف الحافظ ابن حجر رحمه ‬
‫كتابا ما جعله مسودة كما قال السيوطي رحمه  تعالى وقد اطلع على جزء منه وخاتمة ھذه المصنفات كتاب السيوطي‬ ‫ً‬
‫رحمه  )) لباب النقول في أسباب النزول (( وھو مطبوع ‪.‬‬
‫األسفارا ( ھذه األلف لإلطالق الروي ‪.‬‬ ‫األئمة َ ْ َ‬ ‫وصنف َ ِ َ ُ‬ ‫) َ َّ َ‬
‫فيه ( الضمير يعود على أسباب النزول ‪.‬‬ ‫) ِ ِ‬
‫ٍ‬
‫حينئذ لما يأتي‬ ‫فيه ( الضمير يعود على ماذا ؟ يعود على قوله ‪ :‬أسباب النزول ‪ً .‬إذا المصنف‬ ‫األسفارا ِ ِ‬‫األئمة َ ْ َ‬ ‫وصنف َ ِ َ ُ‬ ‫) َ َّ َ‬
‫حينئذ تكون الترجمة داخلة في مضمون األبيات وھي معتبرة تكون‬ ‫ٍ‬ ‫بمثل ھذه الضمائر ومرجعھا قد عنون له في التراجم‬
‫الترجمة داخلة في مضمون األبيات ألنھا لو كانت منفصلة لما صح للضمير مرجع ولكنه أراد أسباب النزول وھو قد عنون‬
‫لھذا الباب ‪.‬‬
‫َ‬
‫األسفارا ( ‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫األئمة ْ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫صنف ( ‪ .‬صنف فيه )‬ ‫َّ‬
‫فيه ( في سبب النزول جار ومجرور متعلق بقوله ‪َ َ ) :‬‬ ‫) ِ ِ‬
‫استفسارا ( األلف لإلطالق ‪.‬‬‫نحوھا ْ ِ ْ َ َ‬ ‫فيمم َ ْ َ‬ ‫) َ َ ِّ ْ‬

‫يختلف‬ ‫كمثل ما َ ُ‬
‫تكت ُب ُه ال َ َ ْ‬ ‫ِ ِ‬ ‫باأللف‬
‫ْ‬ ‫المنصوب من ُه‬
‫ِ‬ ‫وقفْ على‬
‫ِ‬
‫)‬ ‫)‬
‫َ ً‬
‫صيدا‬ ‫الغدَ َاة‬
‫َ‬ ‫صادَ‬
‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬
‫وخالد‬ ‫ً‬
‫زيدا‬ ‫أضاف‬
‫َ َ‬ ‫َتقو ُل َ ٌ‬
‫عمرو قد‬
‫)‬ ‫)‬

‫ما نوع ھذه األلف ؟ بدل عن التنوين ‪.‬‬

‫يختلف‬ ‫كمثل ما َ ُ‬
‫تكت ُب ُه ال َ َ ْ‬ ‫ِ ِ‬ ‫باأللف‬
‫ْ‬ ‫المنصوب من ُه‬
‫ِ‬ ‫وقفْ على‬
‫ِ‬
‫)‬ ‫)‬

‫أضاف زيدا [ زيدا مفعول به منصوب وقفت عليه بماذا ؟ باأللف أليس كذلك ؟ لما تقول ‪ :‬ضربت زيدا ‪.‬‬ ‫] َتقول ُ َ ٌ‬
‫عمرو قد َ َ‬
‫ٍ‬
‫حينئذ نقول ‪ :‬األلف ھذه ليست لإلطالق وإنما ھي بدل عن التنوين وھذا عن لغة مشھورة لغة العرب ‪ ،‬وربيعة تقف‬ ‫باأللف‬
‫عليه بالساكن كالمجرور والمرفوع ألنھم اتفقوا مع اللغة المشھورة بالوقف عليه بالسكون جاء ْ‬
‫زيد زيد ھذا فاعل مرفوع‬
‫‪83‬‬
‫ْ‬
‫وزيد‬ ‫زيد جاء فعل ماضي‬ ‫زيد بالسكون وقفت عليه بالسكون جاء ْ‬ ‫حينئذ وقفت عليه بماذا ؟ جاء ْ‬‫ٍ‬ ‫بضمة مقدرة على آخره‬
‫دائما اإلعراب يتبع الملفوظات ال المرسومات‬ ‫فاعل مرفوع وعالمة رفعه الضمة أين الضمة ؟ مقدرة ألنك ما نطقت بھا ً‬
‫انتبھوا إلى ھذا ‪.‬‬
‫تقديرا تقول ‪ :‬مرفوع عالمة رفعه الضمة مقدر على آخره‬ ‫ً‬ ‫حينئذ صار اإلعراب‬ ‫ٍ‬ ‫زيد ‪ .‬وقفت عليه بالسكون‬ ‫حينئذ تقول ‪ْ :‬‬ ‫ٍ‬
‫بزيد يقال فيه مقيلة األول اتفق العرب كلھم في الوقف ھنا على آخر‬ ‫ْ‬ ‫منع من ظھوره اشتغال المحل بسكون الوقف ‪ ،‬مررت‬
‫زيد ھكذا ربيعة كالمرفوع والمجرور ‪ ،‬رأيت ْ‬
‫زيد ‪ ،‬زيد مفعول به‬ ‫الدال من الرفع والجر بالسكون بقي حالة النصب رأيت ْ‬
‫منصوب عالمة نصبه الفتحة المقدرة على آخره منع من ظھوره اشتغال المحل بسكون الوقف ‪ ،‬جمھور العرب ال ‪ ،‬يبدلون‬
‫خطا‬‫لفظا ال ً‬
‫بدل عن التنوين ولذلك يقال مثالً ‪ :‬نون ساكنة زائدة تتبع اآلخرة ً‬ ‫ألفا فيقولون ‪ :‬ضربت زيدا ‪ .‬األلف ھذه ٌ‬ ‫التنوين ً‬
‫ھذا فيه استدراك ألنك تكتب األلف ھذه ‪ -‬خرجنا نحن لكن نرجع ‪ -‬وضربت زيدا كتبت األلف فكيف يقال في التعريف ‪:‬‬
‫خطا‬ ‫لفظا ال ً‬
‫خطا صحيح أو ال ھذا استدراك أو ال ؟ نعم استدراك ‪ ،‬لكن أزيل بأنھا تتبع اآلخر ً‬ ‫لفظا ال ً‬ ‫التنوين تلحق اآلخر ً‬
‫باعتبار كتابته على األصل وھنا ضربت زيدا أنت لم تكتب النون ھذه بدل عن التنوين والذي كتب التنوين أو البدل ؟ البدل‬
‫ونحن نتكلم عن األصل أو البدل ؟ عن األصل ‪ً ،‬إذا ال قراءة ‪.‬‬
‫استفسارا ( نقول ‪ :‬ھذه األلف بدل عن التنوين ‪.‬‬‫ًإذا ) ْ ِ ْ َ َ‬
‫استفسارا ( كأن سائالً يقول ‪ :‬إذا عرفت أن األئمة صنفوا األسفار الكبار في أسباب النزول فماذا أفعل ؟‬ ‫نحوھا ْ ِ ْ َ َ‬ ‫) َ َ ِّ ْ‬
‫فيمم َ ْ َ‬
‫مين ﴾ بمعنى قاصدين ولذلك إذا قال لما نصلي ‪ :‬آمِّين ‪ .‬في التأمين بطل‬ ‫قال له ‪ :‬يمم ‪ .‬يعني ‪ :‬أقصد ‪ .‬ھذا فعل أمر ﴿ آ ِّ َ‬
‫البيت ْ َ َ َ‬
‫الحرام ﴾ ] المائدة ‪ [6 :‬يعني ‪ :‬قاصدين البيت‬ ‫آمين ْ َ ْ َ‬
‫آمين اللھم استجب لو شدد الميم صار معنى قصد ﴿ َوال ِّ َ‬ ‫الصالة ِ‬
‫نحوھا ( أي ‪ :‬جھتھا ‪ .‬جھة ھذه األسفار الكتاب اسأل عنھا ألن كتب لھا أئمة )‬ ‫فحينئذ ) َ َ ِّ ْ‬
‫فيمم ( يعني ‪ :‬أقصد ‪َ ْ َ ) .‬‬ ‫ٍ‬ ‫الحرام ‪.‬‬
‫نحوھا ( النحو ھنا بمعنى الجھة ‪.‬‬ ‫َ َْ‬

‫قسم وبعض قاله األخيار‬ ‫مقدار‬ ‫جھة‬ ‫ومثل‬ ‫قصد‬


‫)‬ ‫)‬

‫ً‬
‫مفعوال ألجله أي‬ ‫سرا فأعربه حال أو‬ ‫استفسارا ( أي ‪ :‬حال كونك مستف ً‬ ‫نحوھا ( أي ‪ :‬نحو ھذه األسفار جھتھا ‪َ َ ْ ِ ْ ) .‬‬ ‫) َ َ ِّ ْ‬
‫فيمم َ ْ َ‬
‫يفس ُر َفسْ ًرا ألن المصدر ْ َ‬
‫الفسْ ر بفاء وسكون ھذا مقابل للسفر‬ ‫فسر َ ْ ِ‬ ‫قصدا استفساري ْ َ‬
‫والفسْ ر بفتح فسكون البيان وبابه ضرب َ َ َ‬ ‫ً‬ ‫‪:‬‬
‫ْ‬
‫ْ َ َ‬‫ِ‬
‫استفسارا‬ ‫)‬ ‫‪،‬‬ ‫خر‬ ‫وأ‬ ‫قدم‬ ‫لكن‬ ‫كلھا‬ ‫الحروف‬ ‫اجتمعت‬ ‫إذا‬ ‫الفسر‬ ‫من‬ ‫استفعال‬ ‫من‬ ‫مأخوذ‬ ‫ھذا‬ ‫واستفسار‬ ‫‪،‬‬ ‫سفر‬
‫ٍ‬ ‫جمع‬ ‫أسفار‬ ‫ھناك‬
‫( أي ‪ :‬قصد استفساري والفسر ھو البيان وبابه ضرب ‪ ،‬استفسره كذا سأله أن يبينه له أن يفسره له قل ما شئت ‪.‬‬

‫سند َ ُ ْ َ ِ ْ‬
‫فمنقطع‬ ‫وإن ِ َ ْ ِ‬
‫بغير َ َ ٍ‬ ‫ِْ‬ ‫صحابي ُ ِ ْ‬
‫رفع‬ ‫عن َ ِ ٍّ‬‫يروى َ ْ‬ ‫ما ِ ِ‬
‫فيه ُ ْ َ‬
‫)‬ ‫)‬
‫‪).....................‬‬ ‫فمرسل ٌ ‪............‬‬
‫ُْ َ‬ ‫َ‬ ‫ِِ ْ‬
‫تابعي‬ ‫َ‬ ‫َأو‬
‫)‬

‫تبعا لصاحب األصل )) النقاية (( سبب النزول إما أن يكون عن صحابي ‪ ،‬وإما أن يكون عن تابعي ‪ ،‬ألنه‬ ‫قسم لك ھنا ً‬
‫سابقا ‪ -‬قول الواحدي ‪ :‬ال يحل القول في أسباب النزول ‪ -‬نزول الكتاب ‪ -‬إال بالرواية والسماع ممن شاھدوا‬ ‫ً‬ ‫كما ذكرناه‬
‫ٍ‬
‫حينئذ سبب النزول‬ ‫التنزيل ووقفوا على األسباب وبحثوا عن علمھا وھم الصحابة أو من أخذ عن الصحابة وھم التابعون ‪.‬‬
‫ً‬
‫مأخوذا عن تابعي ‪.‬‬ ‫إما أن يكون منقوالً عن صحابي وإما أن يكون‬
‫صحابي ( ‪ ) ،‬ما ( ھذا اسم موصول بمعنى الذي يصدق على ماذا ؟ يصدق على سبب النزول يعني‬ ‫عن َ ِ ٍّ‬
‫يروى َ ْ‬ ‫) ما ِ ِ‬
‫فيه ُ ْ َ‬
‫صحابي بقيد ؟ بسند متصل ال بد أن يزاد فيه قيد بسند متصل رُفع يعني ‪ :‬حكمه‬
‫ٍّ‬ ‫كأنه قال ‪ :‬وسبب النزول الذي يُروى عن‬
‫حقيقة بأن يصرح الصحابي يقول ‪ :‬قال رسول   ‪ .‬وإما أنه ال‬ ‫ً‬ ‫الرفع ‪ .‬يعني له حكم الرفع ألن المرفوع إما أن يكون‬
‫فحينئذ نقول ‪ :‬ھذا ليس من مجال الرأي ليس له حظ في الفكر‬‫ٍ‬ ‫يصرح بذكر النبي  ويأتي بخبر ال يحتمل الرأي مثالً‬
‫حينئذ نعطيه حكم الرفع ألن الصحابة ال يذكرون خاصة في الغيبيات ونحو ذلك أسباب النزول ال يذكرون أشياء من‬ ‫ٍ‬ ‫والنظر‬
‫ً‬
‫مرفوعا لكن بشرط‬ ‫فحينئذ إذا أسقطوا ذكر النبي  حكمنا عليه بكونه‬
‫ٍ‬ ‫تلقاء أنفسھم بل ال بد أن يقفوا عليھا من حال النبي ‬
‫صحيحا ‪ ) .‬ما ( يعني ‪ :‬وسبب النزول‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫مثال وأن يكون‬ ‫مثال من البخاري إلى ابن عباس رضي  تعالى عنه‬ ‫ً‬ ‫أن يتصل السند‬
‫‪84‬‬
‫رفع ( يعني ‪ :‬حكمه حكم الرفع ولم يذكر الصحابي النبي  وحكمنا عليه بأنه له حكم الرفع‬ ‫صحابي ُ ِ ْ‬
‫عن َ ِ ٍّ‬
‫يروى َ ْ‬
‫‪ ،‬الذي ) ُ ْ َ‬
‫طرفا في التنزيل ألن العالقة ھنا بين اآلية وسبب النزول ًإذا له ارتباط بالمنزل عليه أو ال ؟ له‬
‫ً‬ ‫ألن النبي  ال بد وأن يكون‬
‫تقديرا ال بد وأن يُذكر النبي  ألنه طرف في التنزيل ‪.‬‬
‫ً‬ ‫ارتباط ‪ً ،‬إذا ال بد وأن يذكر إما ً‬
‫لفظا وإما‬
‫حينئذ بشرط ماذا ؟ صحة السند فله حكم الرفع يعني ‪ :‬حكم الحديث المرفوع ال‬ ‫ٍ‬ ‫رفع ( أي ‪ :‬حكمه الرفع فھو مقبول‬ ‫) ُِ‬
‫الموقوف ‪.‬‬

‫ْ‬ ‫وما ُ‬
‫المقطو ُع‬ ‫وما َ ِ ٍ‬
‫لتابع ھ َُو‬ ‫أضيف للنبي المرْ فوعُ‬
‫َ‬
‫)‬ ‫)‬

‫ً‬
‫موقوفا لماذا ؟ لماذا أعطيناه حكم الرفع ؟ قالوا ‪ :‬ألنه ال مجال وال مدخل للرأي واالجتھاد في أسباب النزول فال‬ ‫وال يكون‬
‫حينئذ من النقل ‪ ،‬ويبُعد كل البعد أن يكون الصحابي قد قال ذلك من تلقاء نفسه ‪ ،‬فكل ما ثبت عن صحابي بسند متصل‬ ‫ٍ‬ ‫بد‬
‫ٍ‬
‫حينئذ نقول ‪ :‬حكمه حكم الرفع كأنه حديث مرفوع ‪.‬‬ ‫صحيح وال مجال له يعني للرأي فيه‬

‫ي َُقا ُل ِْإذ َعنْ َ ِ ٍ‬ ‫ومثل ُ ُه َّ ْ‬ ‫َ‬


‫)‬ ‫سالف َما ح ُِمال‬ ‫)‬ ‫بالرأيِ ال‬‫َوما َأتى َ ِ ْ ِ‬

‫ھذا حكمه حكم الرفع‬


‫ويعطى بالصواب أي يعطى حكم الرفع بالصواب‬

‫َْ‬
‫ولي َ َ‬
‫)‬ ‫صحابي‬ ‫من ُّ َّ ِ‬
‫السنة ِمنْ َ َ ِ‬ ‫َنحْ وُ ‪َ ِ :‬‬ ‫الصواب‬
‫َّ ِ‬ ‫َّ ْ ِ‬
‫الرفع ِفي‬ ‫ُعط ح ْ َ‬
‫ُكم‬
‫)‬
‫)‬ ‫‪................................‬‬ ‫أمرْ َنا ‪....................‬‬‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ََ‬
‫كذا‪:‬‬
‫)‬

‫إلى أن قال ‪:‬‬

‫ومثل ُ ُه َّ ْ‬
‫)‬ ‫ي َُقا ُل ِْإذ َعنْ َ ِ ٍ‬
‫سالف َما ح ُِمال‬ ‫)‬ ‫بالرأيِ ال‬‫َوما ََأتى َ ِ ْ ِ‬

‫يعني ‪ :‬ما حمل عن بني إسرائيل ‪ ،‬وھكذا تفسير ما قد صحب في سبب النزول وھكذا يعني مثله في حكم الرفع تفسير ما‬
‫ٍ‬
‫فحينئذ نعطيه حكم الحديث‬ ‫قد صحب بسبب النزول فإذا ثبت أن الصحابي قد نص على كون ھذه القصة ً‬
‫سببا لنزول اآلية‬
‫المرفوع ‪.‬‬
‫سند َ ُ ْ َ ِ ْ‬
‫فمنقطع‬ ‫وإن ِ َ ْ ِ‬
‫بغير َ َ ٍ‬ ‫ِْ‬ ‫صحابي ُ ِ ْ‬
‫رفع‬ ‫عن َ ِ ٍّ‬
‫يروى َ ْ‬ ‫ما ِ ِ‬
‫فيه ُ ْ َ‬
‫)‬ ‫)‬

‫سند ( ‪ .‬يعني ‪ :‬والسبب الذي‬ ‫وإن ِ َ ْ ِ‬


‫بغير َ َ ٍ‬ ‫) ِْ‬ ‫لذلك اشترطنا في األول ماذا ؟ صحة السند االتصال بسند متصل قوله ‪:‬‬
‫متصل فحكمه أنه منقطع ) َ ُ ْ َ ِ ْ‬
‫فمنقطع ( يعني ‪ :‬فھو منقطع ‪ .‬الفاء واقعة في جواب الشرط ‪ ،‬وفعل‬ ‫ٍ‬ ‫روي عن صحابي بغير سند‬
‫الشرط محذوف معلوم من السابق ‪ .‬وإن ُروي يعني السبب الذي روي عن الصحابي بغير سند يعني ‪ :‬من غير سند والسند‬
‫ھو حكاية الرجال ‪.‬‬

‫ناد َلدَ ى َ ِ ِ‬
‫فريق‬ ‫كاالسْ ِ‬ ‫َْ ٍ‬
‫متن َ ْ ِ‬ ‫َ ِ ِ‬
‫طريق‬ ‫والسند ْ ِ ْ‬
‫اإلخبا ُر عنْ‬ ‫ُ‬
‫)‬ ‫)‬

‫بغير سند متصل فما حكمه فھو منقطع َمنقطع ھذا خبر مبتدأ محذوف والفاء واقعة في جواب الشرط فھو منقطع أي ‪ :‬فھذا‬
‫ً‬
‫ضعيفا ‪.‬‬ ‫ً‬
‫ضعيفا ؟ يكون‬ ‫ً‬
‫صحيحا أو‬ ‫ٍ‬
‫حينئذ يكون‬ ‫المروي عن الصحابي حكمه أنه منقطع وال يعطى حكم الرفع‬
‫‪85‬‬
‫تابعي ( عن صحابي‬ ‫فمرسل ٌ ( أو ھذا عطف على الصحابي بسكون الياء ) َأو َ ِ ِ ْ‬ ‫تابعي ( ھذا النوع الثاني ) َأو َ ِ ِ ْ‬
‫تابعي َ ُ ْ َ‬ ‫) َأو َ ِ ِ ْ‬
‫تابعي لكن سكن ألجل الوزن بسكون الياء ألجل الوزن ھذا معطوف على الصحابي أي ‪ :‬والسبب الذي روي بسند متصل‬ ‫ٍّ‬ ‫أو‬
‫تابعي فمرسل كمجاھد وعكرمة وسعيد بن جبير لو ذكروا قصة فقالوا ‪ :‬فأنزل  ‪ .‬ھل أدركوا ؟ أو قال ‪ :‬نزلت ھذه‬ ‫ٍّ‬ ‫عن‬
‫اآلية في قصة كذا ‪ .‬والقائل ھو سعيد بن جبير ما حكمه ؟‬
‫مرسل لماذا ؟‬
‫راو لم يُسنده إلى الصحابة فاحتمل‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫قطعا لما كان ضعيفا لكنه أسقط ٍ‬ ‫ألنه أسقط الصحابي ‪ ،‬لو علمنا أنه أسقط الصحابي‬
‫ٍ‬
‫حينئذ ال‬ ‫حينئذ أن يكون أخذه عن صحابي أو عن غيره فلما وقع االحتمال توقف فيه ‪ ،‬وإال لو قطع بأن الساقط ھو الصحابي‬ ‫ٍ‬
‫حينئذ ال يُطعن في السند من جھته وھم عدول كلھم ال يشتبه ‪ ،‬النووي‬ ‫ٍ‬ ‫ً‬ ‫مبھما ‪ ،‬والمبھم إذا كان عادال‬ ‫ً‬ ‫إشكال ألن الساقط صار‬
‫أجمع من يعتد به ‪.‬‬
‫فمرسل ٌ ( أو روي السبب الذي روي عن تابعي فمرسل يعني ‪ :‬فحكمه أنه مرسل ألنه سقط فيه‬ ‫َ‬ ‫) َأو َ ِ ِ ْ‬
‫تابعي ( يعني ‪َ ْ ُ ) :‬‬
‫مردودا ألنه منقطع ‪ ،‬وشرط قبوله صحة السند ‪ ،‬زاد بعضھم ألنه‬ ‫ً‬ ‫حينئذ يصير‬ ‫ٍ‬ ‫راو ‪ .‬يحتمل أنه الصحابي فإن كان بال سند‬ ‫ٍ‬
‫ً‬
‫مرسل والمرسل ھذا فيه خالف عند أھل العلم ھل ھو مقبول مطلقا أو فيه تفصيل ھذا إذا كان عن الصحابي ومثله التابعي‬

‫كبر َ ْأو َ ْ ُ‬ ‫َ ْأو‬ ‫َْ‬


‫المرْ ُفو ُع‬ ‫ْالمُرْ َس ُل‬
‫)‬ ‫راو َْقد َ َ ْ‬
‫حكوا‬ ‫سقط َ ٍ‬ ‫ِذي ِ َ ٍ‬ ‫ِ َّ ِ ِ‬
‫بالتابع‬
‫)‬
‫)‬ ‫الثالثة‬ ‫رأى َ ِ َّ ُ‬
‫األئمة َّ َ ُ‬ ‫به َ َ‬
‫ِِ‬ ‫)‬ ‫ُجةُ‬ ‫ْ‬
‫ثم الح َّ‬‫ُ‬ ‫َ‬
‫األو ُل َّ‬
‫أشھر َُھا َّ‬‫َ ْ َ‬

‫ً‬
‫صغيرا أشھرھا األول ثم الحجة به رأى األئمة الثالثة ‪.‬‬ ‫ً‬
‫كبيرا أو‬ ‫ً‬
‫مطلقا لو كان‬ ‫يعني ‪ :‬المرسل المرفوع التابعي‬

‫علم ْ َ َ ِ‬
‫الخبر‬ ‫ْ‬ ‫كالشافعيْ َ َ ِ‬
‫َ َّ ِ ِ‬ ‫ََْ‬ ‫َ َْ‬ ‫ََْ‬ ‫َ َ ُّ‬
‫وأھْل ِ ِ‬ ‫األكثرُ‬ ‫وقو ُل‬ ‫األقوى‬ ‫وردهُ‬
‫)‬ ‫)‬

‫ورده األقوى ‪.‬‬


‫ًإذا فيه خالف وبعضھم يقيده بشروط كالشافعي رحمه  تعالى ‪ ،‬فمنھا ما ذكره السيوطي أنه يقيد يقبل مرسل التابعي في‬
‫سبب النزول إذا كان بسند صحيح إذا اعتضد بمرسل آخر ‪ ،‬أو كان من أئمة المفسرين الذين غلب نقلھم عن الصحابة ‪ ،‬أو‬
‫ً‬
‫مقبوال أو يقبل ولو لم‬ ‫ً‬
‫صحيحا ويكون‬ ‫ٍ‬
‫حينئذ يكون‬ ‫ً‬
‫ضعيفا ‪ ،‬قالوا في ھذه األحوال الثالثة المرسل‬ ‫اعتضد بمتصل آخر ولو‬
‫يصحح ‪.‬‬
‫فمرسل ٌ ( يعني ‪ :‬فحكمه أنه مرسل ألنه الذي سقط فيه من يحتمل أنه صحابي ‪.‬‬ ‫) َأو َ ِ ِ ْ‬
‫تابعي َ ُ ْ َ‬
‫قال الحاكم رحمه  تعالى في علوم الحديث ‪ :‬إذا أخبر الصحابي الذي شھد الوحي والتنزيل عن آية من القرآن أنھا نزلت‬
‫في كذا فإنه حديث مسند ‪ .‬كأنه مرفوع إلى النبي  بل له حكم الرفع ومشى على ھذا ابن الصالح وغيره ومثله بما أخرجه‬
‫مسلم عن جابر رضي  تعالى عنه قال ‪ :‬كانت اليھود تقول ‪ :‬من أتى امرأة من دبرھا ال في قبلھا جاء الولد أحول ‪ .‬فأنزل‬
‫لكم ﴾ ] البقرة ‪ . [223 :‬ھنا حكاية النزول ممن ؟ من جابر ‪ ،‬جابر يقول ‪ :‬كانت اليھود تقول كذا وكذا‬ ‫حرث َّ ُ ْ‬
‫كم َ ْ ٌ‬ ‫نسآؤُ ُ ْ‬
‫﴿ ِ َ‬
‫حرث َّ ُ ْ‬
‫لكم ﴾ ‪ .‬نقول ‪ :‬ھذا له حكم الرفع ‪.‬‬ ‫كم َ ْ ٌ‬ ‫نسآؤُ ُ ْ‬
‫فأنزل  ﴿ ِ َ‬
‫ً‬
‫تارة أن ذلك داخل في‬ ‫تارة سبب النزول ويراد به‬ ‫ً‬ ‫قال شيخ اإلسالم رحمه  ‪ :‬قولھم ‪ :‬نزلت ھذه اآلية في كذا يراد به‬
‫صريحا بل الصيغ التي يُؤدى بھا سبب النزول نوعان ‪:‬‬ ‫ً‬ ‫اآلية ‪ .‬بمعنى ‪ :‬أنه ليس كل ما حكي أنه سبب نزول آية يكون ً‬
‫نصا‬
‫صيغة صريحة ‪ ،‬وصيغة محتملة ‪.‬‬
‫ً‬
‫صريحا في السببية وإما أن تكون‬ ‫يعني ‪ :‬تفيد السببية على جھة االحتمال ‪ً ،‬إذا صيغة أو صيغ سبب النزول إما تكون ً‬
‫نصا‬
‫ٍ‬
‫حينئذ تعلم أن ھذا نص أو إذا أتى‬ ‫ً‬
‫مثال ‪ :‬سبب نزول ھذه اآلية كذا ‪.‬‬ ‫محتملة ‪ ،‬النص نحو ماذا ؟ نحو قول الراوي كالصحابي‬
‫بفاء التعقيبية يعني ‪ :‬تدل على أن ما بعد الفاء نزل عقب ما قبلھا ‪ .‬إذا أتى بالفاء حصل كيت وكيت فأنزل  أتى بالفاء نقول‬
‫‪ :‬ھذا نص في السببية ‪ً .‬إذا ھاتان صيغتان صريحتان وتكون محتملة للسببية ولما تضمنته اآلية من األحكام التي نص عليھا‬
‫شيخ اإلسالم ابن تيمية السابق نزلت ھذه اآلية في كذا ‪ ،‬ھذا ال يؤخذ منه أن ھذه اآلية سبب نزولھا ھي ھذه القصة وھذا‬
‫السؤال وإنما ھذه اآلية تتضمن ھذه القصة ‪ ،‬كما إذا قيل نزلت آيات اللعان في عويمر العجالني نقول ‪ :‬األصل أنھا نزلت في‬
‫فحينئذ نقول ‪ :‬نزلت ھذه اآلية في عويمر ‪ .‬ھل معنى ذلك أن قصة‬ ‫ٍ‬ ‫ھالل بن أمية لكنھا تشمل ماذا ؟ تشمل عويمر العجالني‬
‫‪86‬‬
‫عويمر ھي سبب النزول ؟ الجواب ‪ :‬ال ‪ ،‬وإنما ھذه القصة تضمنتھا تلك اآلية وتكون محتملة إذا قال الراوي نزلت ھذه اآلية‬
‫في كذا أو قال ‪ :‬أحسب ھذه اآلية نزلت في كذا ‪ .‬أحسب أظن ھذا واضح صريح ًإذا عندنا صيغتان صريحتان وصيغتان‬
‫محتملتان ‪ ،‬ولذلك قال شيخ اإلسالم ھنا ‪ :‬قولھم ‪ -‬يعني بعض الصحابة والتابعين ‪ -‬نزلت ھذه اآلية في كذا يُراد به ً‬
‫تارة سبب‬
‫ٍ‬
‫حينئذ نقول ‪ :‬ھذا‬ ‫النزول ‪ ،‬ويراد به تارة أخرى أن ذلك داخل في اآلية وإن لم يكن السبب ‪ ،‬كما تقول ‪ :‬عنى بھذه اآلية كذا ‪.‬‬
‫ال يكون ً‬
‫سببا أو حكاية لسبب النزول ‪.‬‬

‫سند َ ُ ْ َ ِ ْ‬
‫فمنقطع‬ ‫وإن ِ َ ْ ِ‬
‫بغير َ َ ٍ‬ ‫ِْ‬ ‫صحابي ُ ِ ْ‬
‫رفع‬ ‫عن َ ِ ٍّ‬
‫يروى َ ْ‬ ‫ما ِ ِ‬
‫فيه ُ ْ َ‬
‫)‬ ‫)‬

‫فمرسل ٌ ( ‪ً .‬إذا قول الصحابي ‪ :‬حصل كيت وكيت ‪ ....‬فأنزل  أو فنزل قوله تعالى ‪ .‬نقول ‪ :‬ھذا حكاية‬ ‫تابعي َ ُ ْ َ‬ ‫َأو َ ِ ِ ْ‬
‫صريحة أن ھذه القصة سبب للنزول لكن ذكروا مسألة وھي ما يجري مجرى التفسير قول الصحابي ‪ :‬نزلت ھذه اآلية في‬
‫ً‬
‫وتارة‬ ‫تارة يراد به سبب النزول‬ ‫ً‬ ‫نصا في السببية وإنما محتمل ‪،‬‬ ‫كذا نزلت ھذه اآلية في كذا ‪ .‬ھل ھذا نص في السببية ؟ ليس ً‬
‫حينئذ ورد أو وردت مسألة على ھذا التعبير من الصحابي ‪ ،‬قول الصحابي ‪:‬‬ ‫ٍ‬ ‫يراد به أن ھذه القصة تضمنتھا أحكام تلك اآلية‬
‫نزلت ھذه اآلية في كذا ‪ .‬ھل يجري مجرى المسند كما لو ذكر السبب الذي أنزلت ألجله أو يجري مجرى التفسير منه الذي‬
‫ليس بمسند ؟‬
‫إذا قال الصحابي ‪ :‬نزلت ھذه اآلية في كذا ‪ .‬قلنا ‪ :‬يحتمل السببية ويحتمل ماذا ؟ أن ھذه اآلية تضمنت حكم ھذه القصة‬
‫ھل ھذا من قبيل التفسير أو ال ؟‬
‫مرفوعا أو ال ؟ متصل مسند للنبي  أو ال ؟‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫تفسيرا‬ ‫من قبيل التفسير ھل يحكم بكونه‬
‫فيه خالف ‪ ،‬فالبخاري رحمه  يدخله في المسند وغيره ال يدخله فيه ‪.‬‬
‫ولكن األشھر أنه يعتبر أو يجري مجرى التفسير فقط ‪ ،‬ويكون من قول الصحابي وال يكون حكمه حكم المسند ‪ ،‬لماذا ؟‬
‫ألنه يحتمل أنه من قبيل الرأي واالجتھاد ومعلوم أن القاعدة أن قول الصحابي إذا احتمل الرأي واالجتھاد ال يُعطى حكم‬
‫سببا نزلت عقبه فإنه كله ‪ 56.25 # ...‬إلى آخره ولھذا قال الزركشي ‪ :‬قد عرف‬ ‫الرفع وھذا مثله ‪ ،‬ولذلك بخالف ما إن ذكر ً‬
‫من عادة الصحابة والتابعين أن أحدھم إذا قال ‪ :‬نزلت ھذه اآلية في كذا ‪ .‬فإنه يريد بذلك أنھا تتضمن ھذا الحكم ال أن ھذا‬
‫كان السبب في نزولھا فھو من جنس االستدالل على الحكم باآلية ال من جنس النقل بما وقع ‪ .‬كل ھذا تقرير لمسألة عامة‬
‫وھي ‪ :‬إذا قال الصحابي ‪ :‬نزلت ھذه اآلية في كذا ‪ .‬ھل لھا حكم الرفع بأنھا ُتحمل على حكاية سبب النزول فيعطى حكم‬
‫الرفع كما ذكر ھنا أو تجري مجرى التفسير ؟ نقول ‪ :‬إذا كان مما ال قبيل له بالرأي يُعطى حكم الرفع ألنه سبب نزول ‪ ،‬وإال‬
‫فيُعطى حكم الوقف يعني ‪ :‬التفسير على الصحابي ‪.‬‬
‫ت‬ ‫وصح ِ‬ ‫سريعا ‪َّ َ ) ،‬‬‫ً‬ ‫قصة ( يذكر بعض األمثلة على آيات وردت على أسباب نزول نمرھا‬ ‫من ِ َّ ِ‬ ‫أشيا َكما ِ ْ ِ ِ ْ‬
‫إلفكھم ِ ْ‬ ‫وصحت َ ْ َ‬
‫) َ َّ ِ‬
‫وصحت ( التاء تاء تأنيث حرف مبني على‬ ‫َ َّ ِ‬ ‫وصحت ( تاء تأنيث مكسورة كيف تعربونھا )‬ ‫) َ َّ ِ‬ ‫( ما ھذه التاء ؟ تأنيث‬
‫السكون المقدر منع من ظھوره اشتغال المحل بحركة الروم ‪ ،‬تاء التأنيث حرف مبني على السكون أين ھو ؟ مقدر منع من‬
‫ظھور اشتغال المحل بحركة الروم بكسر التاء بالروم ‪.‬‬
‫ً‬
‫أشياء أين الھمزة ؟ حذفت للوزن إذا قصر اللفظ من أجل الوزن ‪ .‬وذلك ) َكما ( ثبت )‬ ‫ٌ‬ ‫أشيا ( أشيا ُء‬ ‫وصحت َ ْ َ‬
‫فمرسل ٌ َ َّ ِ‬ ‫) َُْ َ‬
‫أشيا ( أشيا ھذا فاعل مرفوع ورفعه ضمة ظاھرة على الھمزة المحذوفة للوزن‬ ‫َ‬
‫وصحت ْ َ‬
‫) َ َّ ِ‬ ‫قصة ( ‪،‬‬ ‫من ِ َّ ِ‬ ‫ِِْ ِْ‬
‫إلفكھم ِ ْ‬
‫ھكذا تقول ‪ :‬أشيا فاعل مرفوع ورفعه ضمة ظاھرة على الھمزة المحذوفة من أجل الوزن ‪ .‬ھذا ھو اإلعراب ‪َ ) ،‬كما ِ ْ ِ ِ ْ‬
‫إلفكھم‬
‫حينئذ يكون ِْإفك وھو الكذب ) ِ ْ ِ ِ ْ‬
‫إلفكھم‬ ‫ٍ‬ ‫وعلم والمصدر‬
‫كضرب َ َ ِ َ‬ ‫( يعني ‪ :‬كما ثبت إلفكھم إفك ھذا مصدر مصدَر ماذا ؟ َ َ َ‬
‫أفك َ َ َ َ‬
‫أفكوه ؟ نقول ‪ :‬ماذا ؟‬ ‫قصة ( من ھذه بيانية لما ما الذي َ ِ ُ‬ ‫من ِ َّ ِ‬
‫( يعني ‪ :‬كذبھم ‪ .‬أي ‪ :‬المنافقين ‪ .‬الضمير يعود على المنافقين ) ِ ْ‬
‫إن‬ ‫قصة ( ‪ ،‬قصة من ؟ عائشة رضي  تعالى عنھا والسبب النزول ھذا مشھور كما في الصحيحين وغيرھما ًإذا ﴿ ِ َّ‬ ‫من ِ َّ ِ‬ ‫) ِ ْ‬
‫فك ﴾ ] النور ‪ ... [11 :‬إلى آخر عشر آيات نقول ‪ :‬ھذا قرآن ابتدائي أو سببي ؟‬ ‫باإل ْ ِ‬
‫الذين َجاؤُ وا ِ ْ ِ‬‫َّ ِ َ‬
‫قصة ( ‪.‬‬ ‫سببي ‪ .‬والقصة معروفة مشھورة ) َكما ( يعني ‪ :‬ما ثبت إلفك المنافقين ) ِ ْ‬
‫من ِ َّ ِ‬ ‫ٌّ‬
‫والسعي ( ھذا بالجر عطفا على ؟ على إفكھم أي ‪ :‬وكما ثبت بالسعي من‬ ‫ً‬ ‫َّ ْ ِ‬ ‫ً‬
‫والسعيِ ( بالجر عطفا على ؟ على إفكھم )‬ ‫َّ ْ‬ ‫)‬
‫والسبب ذكرناه قبل قليل حديث الصحيحين عائشة رضي  تعالى عنھا ‪ :‬كان األنصار قبل أن يُسلموا يھلون‬ ‫َّ‬ ‫القصة والسبب‬

‫‪87‬‬
‫يطوف بالصفا والمروة فسألوا عن ذلك رسول   فأنزل  تعالى‬ ‫يطوف أو َ ُ َ‬ ‫أھل لھا يترجح أن َ َّ َ‬ ‫لمناة الطاغية وكان من َ َ َّ‬
‫عليه ﴾ ] البقرة ‪. [158 :‬‬ ‫جناح َ َ ْ ِ‬‫اعتمر َفالَ ُ َ َ‬ ‫أو ْ َ َ َ‬‫البيت َ ِ‬
‫حج ْ َ ْ َ‬ ‫ ََ ْ‬
‫فمن َ َّ‬ ‫شعآئر ّ ِ‬‫والمروة ِمن َ َ ِ ِ‬ ‫الصفا َ ْ َ ْ َ َ‬ ‫إن َّ َ‬ ‫‪َّ ِ ﴿ :‬‬
‫آيات ھذا جار ومجرور متعلق بمحذوف بيان للحجاب وإن شئت تقول ‪ :‬حال ‪ .‬واألصل من‬ ‫ِ‬ ‫آيات ( من‬ ‫ِ‬ ‫والحجاب ِ ْ‬
‫من‬ ‫ِ َ ِ‬ ‫)‬
‫آيات ( أصل التركيب وآيات الحجاب أليس كذلك ؟ وآيات الحجاب فقدم‬ ‫ِ‬ ‫والحجاب ِ ْ‬
‫من‬ ‫ِ َ ِ‬ ‫آيات الحجاب حصل تقديم وتأخير )‬
‫ٍ‬
‫حديد ‪ .‬يجوز ھذا وذاك‬ ‫وخاتم من‬
‫ٌ‬ ‫ٍ‬
‫حديد‬ ‫خاتم‬
‫ُ‬ ‫من ( كما تقول ‪:‬‬ ‫وأخر وفصل من أجل يعني ‪ :‬الوزن ونحوه ويصح بإظھار ) ِ ْ‬
‫خلف ( ھذا متعلق بالصالة وھو‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َّ ِ‬
‫بالصالة ( )‬ ‫األمر‬‫َ‬
‫المقام ْ ُ‬ ‫َ‬ ‫آيات ( أي ‪ :‬كما ثبت آليات الحجاب من سبب ‪َ ْ َ ) ،‬‬ ‫ِ‬ ‫‪ْ ِ )،‬‬
‫َ‬ ‫خلف َ ِ‬ ‫من‬
‫إلفكھم ( أي ‪ :‬كما ثبت لألمر بالصالة خلف المقام من قصة‬ ‫ْ‬
‫األمر ( ھذا معطوف على ) ِ ِ ِ ْ‬ ‫) ْ ُ‬‫َ‬ ‫مضاف والمقام مضاف إليه‬
‫وراء ِ َ ٍ‬
‫حجاب ﴾ ] األحزاب ‪:‬‬ ‫فاسألوھن ِمن َ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫َ‬
‫سألتموھن َمتاعا ْ ُ َّ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫آيات ( المراد بھا قوله تعالى ‪َ ﴿ :‬و ِإذا َ ُ ُ َّ‬ ‫ِ‬ ‫والحجاب ِ ْ‬
‫من‬ ‫ِ َ ِ‬ ‫وسبب )‬
‫بالصالة ( ھذان موضعان من موافقات عمر رضي  تعالى عنه ولذلك دليلھا واحد ‪.‬‬ ‫َّ ِ‬ ‫األمر‬ ‫َ‬
‫المقام ْ ُ‬ ‫َ‬ ‫‪ [53‬و ) َ ْ َ‬
‫خلف َ ِ‬
‫ٍ‬
‫ثالث ‪ -‬ھي أكثر من‬ ‫في البخاري عن أنس رضي  تعالى عنه قال ‪ :‬قال عمر رضي  تعالى عنه ‪ :‬وافقت ربي في‬
‫ثالث والعدد ال مفھوم له ھنا ‪ -‬وافقت ربي في ثالث قلت ‪ :‬يا رسول  ‪ -  -‬لو اتخذنا مقام إبراھيم مصلى ‪ ،‬فنزلت ﴿‬
‫مصلى ﴾ ] البقرة ‪ً - [125 :‬إذا ھذا سبب النزول ‪ -‬وقلت ‪ :‬يا رسول  إن نساءك يدخل عليھن‬ ‫إبراھيم ُ َ ًّ‬‫مقام ِ ْ َ ِ َ‬ ‫واتخذوا ِمن َّ َ ِ‬
‫َ َّ ِ ُ ْ‬
‫سابقا ‪ -‬واجتمع على رسول  نساؤه في الغيرة فقلت لھن‬ ‫ً‬ ‫البر والفاجر فلو أمرتھن أن يحتجبن فنزلت آية الحجاب ‪ -‬ذكرناھا‬
‫طلقكن َأن يبدله ( ‪ ...‬اآلية فنزلت كما ھي ‪ .‬ھذه ثالث موافقات لعمر رضي  تعالى عنه ‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫ربه إن‬ ‫عسى ّ‬ ‫) َ َ‬
‫من ِ َّ ِ‬
‫قصة‬ ‫إلفكھم ِ ْ‬ ‫ْ‬
‫أشيا َكما ِ ِ ِ ْ‬ ‫َ‬
‫وصحت ْ َ‬ ‫ًإذا قوله ‪ِ َّ َ ) :‬‬

‫)‬ ‫َّ ِ‬
‫بالصالة‬ ‫المقام َ ْ ُ‬
‫األمر‬ ‫خلف َ َ ِ‬
‫َْ َ‬ ‫ِ‬
‫آيات‬ ‫والحجاب ِ ْ‬
‫من‬ ‫ِ َ ِ‬ ‫والسعيِ‬
‫َّ ْ‬
‫)‬

‫ھذا المراد بھا أمثلة آليات سببية يعني ‪ :‬لھا سبب نزول ‪.‬‬
‫ثم قال ‪:‬‬
‫َ‬
‫النوع الحادي عشر ‪ :‬أول ُ ما َ َ‬
‫نزلَ‬
‫والمراد باألولية ھنا المطلقة يعني ‪ :‬الذي لم يسبقه قرآن ‪ ،‬ليس أول ما نزل في آية القتال أو أول ما نزل في آيات مثالً‬
‫بيان المنافقين وفضحھم ‪ ،‬ال ‪ ،‬المراد أول ما نزل من القرآن وكانت األولية مطلقة حيث لم يسبق أن نزل قرآن قبل تلك‬
‫اآليات ‪.‬‬
‫ً‬
‫مطلقا‬ ‫َ‬
‫النوع الحادي عشر ‪ :‬أول ُ ما َ َ‬
‫نزل َ من القرآن‬

‫)‬ ‫قوم َ ْ ُ ُ‬
‫يكثر‬ ‫والعكس َ ٌ‬ ‫َ َّ ُ ُ‬
‫أوله ‪ُ ْ َ ،‬‬ ‫ُ َّ ِّ ُ‬
‫فالمدثر‬ ‫‪،‬‬ ‫َ َ ِّ‬
‫األصح‬ ‫ََ‬
‫على‬ ‫ْاقرأْ‬
‫)‬
‫)‬ ‫بدار ِ ْ َ ْ‬
‫الھجرة‬ ‫وقيل َ َ ْ ِ‬
‫بالعكس ِ َ ِ‬ ‫ِْ‬ ‫َََ ْ‬
‫البقرة‬ ‫ُ َّ‬
‫ثم‬ ‫‪،‬‬ ‫َّ ْ ِ ُ‬
‫التطفيف‬ ‫َ َّ ُ ُ‬
‫أوله‬
‫)‬

‫أوله ( أي ‪ :‬أول‬‫حينئذ ) َ َّ ُ ُ‬
‫ٍ‬ ‫أوله ( ھذا مبتدأ مؤخر فالتركيب‬ ‫األصح ( ھذا مراد به الحكاية وھو خبر مقدم ) َ َّ ُ ُ‬ ‫على َ َ ِّ‬ ‫) ْ ْ‬
‫اقرأ َ َ‬
‫ُ‬
‫أقواال أخر ولذلك أكثر‬ ‫ً‬ ‫األصح ( ‪ .‬أن ثم‬‫َ ِّ‬ ‫َ‬ ‫على‬ ‫األصح ( على القول األصح فتفھم من قوله ‪َ َ ) :‬‬‫َ ِّ‬ ‫َ‬ ‫على‬ ‫مطلقا ) ْ ْ‬
‫اقرأ َ َ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫نزوال‬ ‫القرآن‬
‫مطلقا أربعة أقوال ‪ :‬اقرأ المراد بھا صدرھا ‪ ،‬والمدثر والمراد بھا صدرھا خمس آيات ‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ما حكي من أول ما نزل من القرآن‬
‫حينئذ ذكر المصنف‬ ‫ٍ‬ ‫أيضا قول ضعيف‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ضعيفا والبسملة‬ ‫وقيل ‪ :‬البسملة ‪ .‬وقيل ‪ :‬الفاتحة ‪ .‬ولما كان القول الثالث الفاتحة‬
‫األصح ( أوله يعني ‪ :‬أول ما نزل‬ ‫على َ َ ِّ‬ ‫قولين فقط واقتصر عليھما وصحح األول وذكر الثاني من باب العلم بالشيء ‪ْ ْ ) ،‬‬
‫اقرأ َ َ‬
‫مطلقة بحيث لم يسبقه شيء البتة ) ْاقرأْ ( على القول األصح وھو قول‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫أولية‬ ‫من القرآن على النبي صلى  عليه وآله وسلم‬
‫األكثر من أھل العلم وھو الصحيح وھو المرجح لظاھر السنة لما في الصحيحين من حديث عائشة حديث بدء الوحي حديث‬
‫عائشة رضي  تعالى عنھا الحديث الطويل في البخاري في أوله قالت ‪ :‬جاءه الحق وھو في غار حراء فجاءه الملك فقال ‪:‬‬
‫خلق ﴾ إلى قوله ‪َ َّ َ ﴿ :‬‬
‫علم‬ ‫الذي َ َ َ‬ ‫ربك َّ ِ‬
‫باسم َ ِّ َ‬ ‫اقرأ ‪ .‬فقال النبي  ‪ » :‬ما أنا بقارئ « ‪ .‬فذكرت الحديث وفيه ‪ :‬ثم قال ‪ْ َ ْ ﴿ :‬‬
‫اقرأ ِ ْ ِ‬

‫‪88‬‬
‫حينئذ نحمله على ماذا ؟ على صدر‬ ‫ٍ‬ ‫حينئذ إذا أطلق القول بأن ) ْاقرأْ ( أول ما نزل‬ ‫ٍ‬ ‫يعلم ﴾ ] العلق ‪. [5 - 1 :‬‬ ‫لم َ ْ َ ْ‬ ‫اإلنسان َما َ ْ‬ ‫ِْ َ َ‬
‫اقرأ الخمس اآليات األول ليست على السورة كلھا وإنما على أولھا ‪.‬‬
‫فالمدثُر ( الفاء ھذه عاطفة وأراد به الترتيب ‪ ،‬وھل ھو ترتيب النزول أو ترتيب األقوال ؟‬ ‫األصح ‪ِّ َّ ُ ،‬‬ ‫على َ َ ِّ‬ ‫) ْاقرأْ َ َ‬
‫فالمدثر ( بعده يعني بعد ) ْاقرأْ ( أو فالقول اآلخر الذي يقال بأن األصح المدثر يحتمل ھذا‬ ‫ُ َّ ِّ ُ‬ ‫األصح ‪،‬‬‫على َ َ ِّ‬ ‫يحتمل ) ْاقرأْ َ َ‬
‫ردا على من قال بأن المدثر ھي أول ما نزل ‪ .‬وأثبت‬ ‫حينئذ إذا قيل ‪ :‬فالمدثر بعده يعني في النزول يكون قد تضمن ماذا ؟ ًّ‬ ‫ٍ‬
‫) اقرأ ( وأرسل بالمدثر ‪ ،‬حصلت النبوة بـ ‪ :‬اقرأ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬
‫بأن اقرأ ھي أول ما نزل وأن المدثر بعده ‪ ،‬ولذلك يقال ‪ :‬نبِّأ بـ ‪:‬‬
‫فالمدثر ( بعده ھذا إذا جعلناھا ماذا ؟ في النزول وإذا جعلنا الترتيب ھنا لألقوال فالقول الثاني‬ ‫) ُ َّ ِّ ُ‬ ‫وحصلت النبوة بالمدثر‬
‫أوله ( ‪ .‬حكاية للمبتدأ بعد القولين قد يفھم منه أن المراد حكاية القولين كأنه قال ‪ :‬اقرأ‬ ‫َ‬
‫المدثر ھي أول ما نزل لكن قوله ‪ُ ُ َّ ) :‬‬
‫يكثر (‬ ‫ُ‬
‫قوم َ ْ ُ‬ ‫َ‬
‫والعكس ٌ‬ ‫َْ ُ‬ ‫والعكس ( سيأتي دليل المدثر )‬ ‫َْ ُ‬ ‫أوله ( ًإذا حكى ماذا ؟ حكى القولين )‬ ‫فالمدثر َ َّ ُ ُ‬
‫ُ َّ ِّ ُ‬ ‫على األصح أوله )‬
‫العكس ‪ ،‬فالعكس ھنا المراد به العكس اللغوي وھو المخالف ال العكس االصطالح المنطقي ‪.‬‬
‫العكس قلب جزأي القضية ‪ ...‬إلى آخره نقول ھذا اصطالح المناطقة والمراد به ھنا العكس اللغوي يعني ‪ :‬خالفه ‪ .‬يعني‬
‫يكثر ( يعني ‪ :‬وھو أن المدثر نزلت‬ ‫قوم َ ْ ُ ُ‬
‫يكثر ( يعني ‪ :‬قوم كثير عددھم ‪ٌ َ ) .‬‬ ‫قوم َ ْ ُ ُ‬
‫العكس ( يعني ‪ :‬خالف القول السابق ) َ ٌ‬ ‫‪):‬و َ ْ ُ‬
‫حينئذ اختار القول األول كثيرون واختار القول الثاني‬ ‫ٍ‬ ‫يكثر ( القائلون بھذا القول قوم كثر ال يُحصرون‬ ‫قوم َ ْ ُ ُ‬ ‫أوال ثم اقرأ ) َ ٌ‬ ‫ً‬
‫حينئذ نحتاج إلى ماذا ؟ إلى الدليل الفاصل ‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫يضا‬‫كثيرون أ ً‬
‫ْ‬
‫ًإذا قيل ‪ :‬أول ما نزل ) ْاقرأ ( ‪ ،‬والمدثر تالية ‪ .‬لزم من ذلك من ترجيح أن ) ْاقرأ ( ھي أول لزم من ذلك أن يكون‬ ‫ْ‬
‫حينئذ يلزم ماذا ؟ أن اقرأ نزلت تالية ما الدليل على أن المدثر ھي األول حكينا‬ ‫ٍ‬ ‫المدثر تالية ‪ ،‬وقيل العكس المدثر أول ما نزل‬
‫الدليل على أن ) ْاقرأْ ( ھي األول على الصحيح لحديث عائشة في الصحيحين في باب بدء الوحي ‪ ،‬أما سورة اقرأ ففي‬
‫المد ِّ ُ‬
‫ثر‬ ‫أيھا ْ ُ َّ‬‫أيضا عن أبي سلمة بن عبد الرحمن قال ‪ :‬سألت جابر بن عبد  أي القرآن ُأنزل قبل ؟ قال ‪َ ﴿ :‬يا َ ُّ َ‬ ‫الصحيحين ً‬
‫ربك ﴾ قال ‪ :‬أحدثكم بما حدثنا رسول   أنه‬ ‫باسم َ ِّ َ‬ ‫﴾ ‪ -‬ھذا قول من الصحابي جابر ‪ -‬قلت ‪ - :‬يعني أبو سلمة ‪ : -‬أو ﴿ ْ َ ْ‬
‫اقرأ ِ ْ ِ‬
‫فنوديت فنظرت أمامي وخلفي وعن يمني وعن‬ ‫قال ‪ » :‬إني جاورت بحراء فلما قضيت جواري نزلت فاستبطنت الوادي ُ‬
‫شمالي ثم نظرت إلى السماء فإذا ھو ‪ -‬يعني ‪ :‬جبريل ‪ - .‬فأخذتني رجفة فأتيت خديجة فأمرتھم فدثروني فأنزل  تعالى ‪:‬‬
‫فأنذر ﴾ ] المدثر ‪ . « [2 ، 1 :‬ھذا دليل على ماذا ؟‬ ‫قم َ َ ِ ْ‬ ‫المدثر * ُ ْ‬ ‫أيھا ْ ُ َّ ِّ ُ‬ ‫﴿ َيا َ ُّ َ‬
‫على أن المدثر ھي أول ما نزل أليس كذلك ؟‬
‫ُ‬
‫أوال ألن أبا سلمة لما قال ‪ :‬أي القرآن أنزل قبل ؟ قال ‪َ ﴿ :‬يا‬ ‫ْ‬
‫قوال بأن ) ْاقرأ ( نزلت ً‬ ‫ً‬ ‫لما أورد عليه ًإذا جابر يعلم أن َ َّ‬
‫ثم‬
‫علم أو َ ِ َ‬ ‫ربك ﴾ ‪ً .‬إذا عنده علم لو لم يذكر ھذا قلنا ‪ :‬ذاك مقدم على ھذا ‪َ ،‬منْ َ ِ َ‬ ‫باسم َ ِّ َ‬ ‫﴿ َْْ‬ ‫أيھا ْ ُ َّ ِّ ُ‬ ‫َ ُّ َ‬
‫حفظ‬ ‫اقرأ ِ ْ ِ‬ ‫المدثر ﴾ ‪ .‬قال له ‪ :‬أو‬
‫اقرأ ( ھي أول ما نزل قال ‪ - :‬الفصل ‪ -‬أحدثكم بما حدثنا رسول ‬ ‫حجة على من لم يحفظ ‪ .‬لكن ھنا ُذكر أن القول بأن ) ْ ْ‬
‫أيضا ‪  -‬أكبر ‪ -‬عن‬ ‫ً‬ ‫حينئذ بماذا نجيب ؟ أجاب قائلون بأن ) ْاقرأْ ( ھي األصح في النزول أوالً لحديث الصحيحين‬ ‫ٍ‬ ‫‪.‬‬
‫أبي سلمة عن جابر سمعت رسول   وھو يحدث عن فترة الوحي ‪ .‬ألن الوحي بعد أن نزل على النبي  في غار حراء‬
‫فتر قطع ثم نزل فأتى بالمدثر فكانت المدثر أول ما نزل بعد فترة الوحي أن النبي  يحدث عن فترة الوحي فقال في حديثه ‪:‬‬
‫كرسي بين السماء‬ ‫ٌّ‬ ‫صوتا من السماء فرفعت رأسي فإذا الملك الذي جاءني بحراء جالس على‬ ‫ً‬ ‫» فبينما أنا أمشي إذ سمعت‬
‫فأنذر ﴾ ‪ .‬قوله ‪ » :‬فإذا الملك الذي‬ ‫قم َ َ ِ ْ‬‫المدثر * ُ ْ‬
‫أيھا ْ ُ َّ ِّ ُ‬ ‫زملوني ‪ .‬فدثروني فأنزل  ﴿ َيا َ ُّ َ‬ ‫واألرض فرجعت فقلت ‪ :‬زملوني ُ‬
‫جاءني بحراء « ‪ .‬في الحديث ھذا حديث النبي  » فإذا الملك الذي جاءني بحراء « يدل على ماذا ؟ على أن المدثر‬
‫مسبوقة بوحي وھي ما تضمنه حديث عائشة رضي  تعالى عنھا في بدء الوحي فقوله ‪ » :‬الملك الذي جاءني بحراء « ‪.‬‬
‫ً‬ ‫ربك ﴾ ولذلك ترجح ماذا ؟ أن أول ما نزل‬ ‫باسم َ ِّ َ‬ ‫دال على أن ھذه القصة متأخرة عن قصة حراء التي نزل فيھا ﴿ ْ َ ْ‬
‫مطلقا‬ ‫اقرأ ِ ْ ِ‬ ‫ٌّ‬
‫ربك ﴾ ‪ .‬وقول جابر ‪ُّ :‬‬ ‫سم َ ِّ َ‬ ‫ْ‬ ‫ھو ‪َ ْ ﴿ :‬‬
‫أي القرآن نزل قبل ؟ نقول ‪ :‬ھذا أولية نسبية إضافية ‪ ،‬نجعلھا أولية ال بأس لكنھا‬ ‫اقرأ ِبا ْ ِ‬
‫أيھا ْ ُ َّ ِّ ُ‬
‫المدثر ﴾‬ ‫َ‬
‫نسبية إضافية بالنسبة إلى ماذا ؟ إلى فتور الوحي يعني ‪ :‬انقطاع الوحي ‪ ،‬أول ما نزل بعد انقطاع الوحي ﴿ َيا ُّ َ‬
‫المدثر ﴾ نقول ‪ :‬فيه نظر والصواب األول ‪.‬‬ ‫مطلقا ﴿ َيا َ ُّ َ‬
‫أيھا ْ ُ َّ ِّ ُ‬ ‫ً‬ ‫نقول ‪ :‬ھذا كالم صحيح لكن أول ما نزل‬

‫)‬ ‫بدار ِ ْ َ ْ‬
‫الھجرة‬ ‫وقيل َ َ ْ ِ‬
‫بالعكس ِ َ ِ‬ ‫ِْ‬ ‫َََ ْ‬
‫البقرة‬ ‫ُ َّ‬
‫ثم‬ ‫َّ ْ ِ ُ‬
‫التطفيف‬ ‫َ َّ ُ ُ‬
‫أوله‬
‫)‬

‫‪89‬‬
‫الھجرة ( المدينة النبوية متعلق بقوله ‪ُ ُ َّ َ ) :‬‬
‫أوله (‬ ‫بدار ِ ْ َ ْ‬
‫أوله ( أي ‪ :‬أول القرآن نزوالً ) ِ َ ِ‬ ‫التطفيف ( ‪ُ ُ َّ َ ) ،‬‬ ‫أوله بدار الھجرة ) َّ ْ ِ ُ‬
‫أوله ( ‪ً .‬إذا ھذا حديث في ماذا ؟ مقيد بأن أول ما نزل بالمدينة النبوية ما ھو ؟ قيل ‪:‬‬ ‫‪ .‬جار ومجرور متعلق بقوله ‪ُ ُ َّ َ ) :‬‬
‫ثم َ َ َ ْ‬
‫البقرة ( ‪ .‬أريد‬ ‫التطفيف ‪َّ ُ ،‬‬
‫أوله َّ ْ ِ ُ‬ ‫للمطففين ﴾ وقيل ‪ :‬سورة البقرة ‪ .‬وھنا إشكال لكن أريده منكم قوله ‪ُ ُ َّ َ ) :‬‬ ‫ويل ٌ ِّ ْ ُ َ ِّ ِ َ‬ ‫المطففون ﴿ َ ْ‬
‫اإلشكال الذي في ذھني ؟‬
‫نعم التطفيف ھذه مكية أو مدنية ؟‬
‫ھل عدھا أناس من المدني التسع والعشرين ؟‬
‫ال لم يذكرھا فدل على ماذا ؟‬
‫على أنھا مكية وليست مدنية فكيف يذكرھا ھنا ھذا محل إشكال ؟‬
‫مطلقا من القرآن ) ْاقرأْ‬ ‫ً‬ ‫حينئذ جزم ھناك بأن ) ْاقرأْ ( ھي األصح ‪ ،‬بأن أول ما نزل‬ ‫ٍ‬ ‫فالمدثر َ َّ ُ ُ‬
‫أوله (‬ ‫األصح ‪ُ ِّ َّ ُ ،‬‬ ‫على َ َ ِّ‬ ‫) ْاقرأْ َ َ‬
‫( ‪ ،‬ثم أول ما نزل بالمدينة المطففون ثم يذكر المطففين بأنھا من المكي ھذا تعارض ؟‬
‫ً‬
‫أوله ( أي ‪ :‬أول ما نزل بالمدينة التطفيف وسبق أنه عدھا من المدني ] سبق لسان [ ‪ .‬قال البلقيني ‪ :‬إذا ھو صار على‬ ‫) َ َّ ُ ُ‬
‫قول ‪ .‬لكن اإلشكال عندي من جھة اختيار الناظم نفسه ھناك لم يعدھا كان األولى ھنا من أجل أن يتفق اختياره ھناك وھنا أن‬
‫ٍ‬
‫حينئذ‬ ‫ثم قول بأن المطففين مدنية وليست مكية ھناك قول لكن ھو لم يذكر ھذا لم يجعلھا مدنية بل جعلھا مكية‬ ‫يطرد ‪ ،‬وإال َ َّ‬
‫يناسب أن يختار البقرة ھي أول ما نزل بل حُكي االتفاق عليه كما سيأتي ‪.‬‬
‫ً‬
‫للمطففين ﴾ لقول علي بن الحسين ‪ .‬إذا ھذا القول مقيد ليس‬ ‫ويل ٌ ِّ ْ ُ َ ِّ ِ َ‬ ‫قال ْالبُلقيني رحمه  ‪ :‬وأول سورة نزلت بالمدينة ﴿ َ ْ‬
‫ثم رواية أو قول لعلي بن الحسين بأنھا مدنية وبأنھا أول ما نزل‬ ‫على إطالقه بل الجمھور أن المطففين مكية وليست بمدنية َ َّ‬
‫بالمدينة ‪.‬‬
‫البقرة ( ھذا قاله عكرمة بأن البقرة تالية للمطففين ‪.‬‬ ‫َ‬
‫ثم َ َ ْ‬ ‫ُ‬
‫التطفيف ‪َّ ،‬‬ ‫أوله َّ ِ ُ‬ ‫ْ‬ ‫) َ َّ ُ ُ‬
‫للمطففين ﴾ ثم البقرة ‪ .‬لكن‬ ‫ويل ٌ ِّ ْ ُ َ ِّ ِ َ‬
‫روى البيھقي في الدالئل عن ابن عباس رضي  تعالى عنھما ‪ :‬أول ما نزل بالمدينة ﴿ َ ْ‬
‫ھذا لم يثبت عن ابن عباس ‪ ،‬ولذلك قال ابن حجر رحمه  في ] الفتح [ ‪ :‬اتفقوا على أن سورة البقرة أول سورة نزلت‬
‫بالمدينة ‪ .‬ولذلك نقول ‪ :‬أول ما نزل بالمدينة ھي سورة البقرة ‪ ،‬وأما المطففون فھذه مكية على قول الجمھور ‪.‬‬
‫كل بعضھم يتجوز في حكاية‬ ‫التطفيف ( على ٍّ‬ ‫) َّ ْ ِ ُ‬ ‫التطفيف ( ھكذا وردت ھي ؟ سورة‬ ‫البقرة ( ) َّ ْ ِ ُ‬ ‫ثم َ َ َ ْ‬ ‫التطفيف ‪َّ ُ ،‬‬ ‫أوله َّ ْ ِ ُ‬ ‫) َ َّ ُ ُ‬
‫أسماء السور ‪ ،‬سورة المنافقون على الحكاية يجوز ويقول ‪ :‬سورة المنافقين ‪ .‬سورة المنافقون وسورة المنافقين ‪ ،‬سورة‬
‫المنافقون ھذا مضاف إليه وھو مجرور فكيف رفعه ؟ نقول ‪ :‬على الحكاية ‪ .‬سورة المؤمنين سورة المؤمنون يجوز‬ ‫ُ‬ ‫المنافقون‬
‫الوجھان والحكاية أولى ‪.‬‬
‫بالعكس ( يعني ‪ :‬البقرة ثم التطفيف وھذا قول منقول عن عكرمة ‪.‬‬ ‫وقيل َ َ ْ ِ‬ ‫البقرة ِ ْ‬ ‫ثم َ َ َ ْ‬ ‫التطفيف ‪َّ ُ ،‬‬
‫أوله َّ ْ ِ ُ‬ ‫) َ َّ ُ ُ‬
‫الھجرة ( وقيل ‪ :‬بالعكس ‪ .‬يعني ‪ :‬األول البقرة ثم التطفيف ‪ ،‬لكن ذكر ابن حجر باتفاق على أن البقرة ھي األول )‬ ‫بدار ِ ْ َ ْ‬ ‫) َِ ِ‬
‫بالعكس ( ما إعرابه ؟ قول القول يصح أن يكون قول القول على الحكاية ) َ ْ ِ‬
‫بالعكس ( أي ‪:‬‬ ‫الھجرة ( ) َ ْ ِ‬ ‫بدار ِ ْ َ ْ‬ ‫بالعكس ِ َ ِ‬ ‫وقيل َ َ ْ ِ‬ ‫ِْ‬
‫أوال ثم ) َّ ْ ِ ُ‬
‫التطفيف ( ‪.‬‬ ‫بخالف ما سبق أن البقرة ھي ً‬
‫نزلَ‬ ‫آخر ما َ َ‬ ‫النوع الثاني عشر ‪ُ :‬‬
‫وھو مقابل للنوع الحادي عشر أول ما نزل ‪ ،‬لكن ھل ينبني عليه فائدة لمعرفة أول ما نزل وآخر ما نزل ؟‬
‫ناسخ ومنسوخ يحتمل ألن اآلخر متأخر وذاك أول ويكون ما تضمنته اآليات في آخر ما نزل آخر ما يذكر من األحكام‬
‫حينئذ فيه فوائد ولو لم يكن إال أن متعلقه القرآن الكريم لكفى ‪ ،‬كل علم يتعلق بالقرآن الكريم ال بد من فائدة لكن المقصود ھنا‬ ‫ٍ‬
‫من جھة األحكام الشرعية من تحريم وتحليل وناسخ ومنسوخ وإال كل علم يتعلق بالقرآن فال بد من فائدة ‪.‬‬
‫نزل َ‬ ‫آخر ما َ َ‬ ‫النوع الثاني عشر ‪ُ :‬‬
‫حينئذ نحمل كل األقوال الواردة عن‬ ‫ٍ‬ ‫‬ ‫النبي‬ ‫أيضا فيه خالف طويل عريش ‪ ،‬وليس فيھا حديث مرفوع عن‬ ‫ً‬ ‫وھذا‬
‫آخرا بأنه آخر ما‬ ‫حينئذ ال تنافي بينھا ‪ ،‬كل منھم يحكي ما سمعه ً‬ ‫ٍ‬ ‫الصحابة أنھا من اجتھاد الصحابة وإذا كانت من االجتھاد‬
‫يلتق يقول ‪ :‬آخر ما نزل من النبي  كيت‬ ‫نزل ‪ ،‬يمكن أو ال ؟ كل من سمع قبل وفاة النبي  بشھرين أو ثالثة ثم ذھب ولم ِ‬
‫حينئذ ماذا ؟ يحكي ما‬ ‫ٍ‬ ‫وكيت ‪ .‬فيحكي ماذا ؟ يحكي حاله مع سماعه من النبي  فيأتي آخر ويقول ‪ :‬آخر ما نزل كيت كيت ‪.‬‬
‫سمعه من حاله مع النبي  فال تنافي ‪ ،‬ولذلك القطع بآخر ما نزل ھذا فيه نوع صعوبة من كثرة األقوال وصحتھا ‪.‬‬
‫نزلَ‬ ‫آخر ما َ َ‬ ‫النوع الثاني عشر‪ُ :‬‬

‫وقيل َ َ ْ َ ْ‬
‫غيره‬ ‫الربا َ ً‬
‫أيضا ِ ْ‬ ‫ِْ‬
‫قيل َ ِّ‬ ‫َ ِْ َ ْ‬
‫األخيرة‬ ‫َِ‬
‫الكاللة‬ ‫ََ ُ‬
‫وآية‬
‫‪90‬‬
‫)‬ ‫)‬

‫الكاللة ( ذكرنا أنھا في موضعين من سورة النساء األولية‬ ‫َِ‬ ‫الكاللة ( الكاللة الذي ال والد له وال ولد ‪ُ َ َ ) ،‬‬
‫وآية‬ ‫َِ‬ ‫) ََ ُ‬
‫وآية‬
‫واألخروية ھذه صيفية أليس كذلك ؟‬ ‫ُ ْ َ ِ َّ‬ ‫شتوية ‪.‬‬ ‫واألخروية ‪ ،‬األولية ھذه يقال ‪ :‬أنھا َ َ ِ َّ‬
‫األخيرة ( ھل يريد‬ ‫الكاللة َ ِ ْ َ ْ‬‫َِ‬ ‫األخيرة ( ماذا يقصد األخيرة ھنا األخيرة أو األخيرة في النزول ؟ يحتمل ) َ َ ُ‬
‫وآية‬ ‫الكاللة َ ِ ْ َ ْ‬ ‫َِ‬ ‫) ََ ُ‬
‫وآية‬
‫فحينئذ ما الذي يحكم بكون آية الكاللة األخيرة ھي آخر ما نزل ؟‬ ‫ٍ‬ ‫احترازا من األولى‬ ‫ً‬ ‫أن يخص آية الكاللة بكونھا األخيرة‬
‫األخيرة ( احترازا عن األولى بأن ھي آخر ما نزل‬ ‫ً‬ ‫ْ‬ ‫ِْ َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫الكاللة‬ ‫ُ‬
‫وآية‬ ‫َ‬
‫حينئذ لو حمل قوله ‪َ ) :‬‬ ‫ٍ‬ ‫العنوان الترجمة ‪ -‬أحسنت ‪-‬‬
‫حينئذ نأخذ الحكم عليھا بأنھا آخر ما نزل من الترجمة ألني بدأت معكم بأن الترجمة داخلة في ماذا ؟ في مضمون اآليات ‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫ً‬
‫فيه ( قلنا ‪ :‬الضمير يرجع إلى ماذا ؟ إلى الترجمة ‪ ،‬إذا مضمون الترجمة داخل ومعتبر عند‬ ‫األسفارا ِ ِ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫وصنف ِ َ‬
‫األئمة‬ ‫) َ َّ َ‬
‫ً‬
‫األخيرة ( بمعنى التي في آخر سورة النساء احترازا من األولى بأنھا آخر ما نزل نأخذه‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫الكاللة ِ ْ َ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫وآية‬ ‫َ‬
‫الناظم في األبيات ھنا ) َ‬
‫حينئذ ال بد من صفة محذوفة وآية الكاللة التي في آخر النساء أو‬ ‫ٍ‬ ‫من الترجمة ‪ ،‬ولو جعل باألخيرة بأن األخيرة في النزول‬
‫شتوية ‪ ،‬وآية الكاللة الصيفية األخيرة‬ ‫احترازا من األولى ‪ ،‬ألن األولى ليست صيفية َ َ ِ َّ‬ ‫ً‬ ‫روية أو إن شئت تقول ‪ :‬الصيفية ‪.‬‬ ‫األخ َ ِ َّ‬ ‫ُْ‬
‫خبرا عن المبتدأ وعن األول يكون ماذا ؟ يصير صفة يجوز الوجھان وال مانع لك أن تحمل‬ ‫في النزول صار األخيرة ھذا ً‬
‫األخيرة ( روى الشيخان عن البراء بن عازب رضي  تعالى عنه أنه قال ‪ :‬آخر آية نزلت ﴿‬ ‫الكاللِة َ ِ ْ َ ْ‬ ‫َ‬ ‫ھذا أو ذاك ) َ َ ُ‬
‫وآية‬
‫ُ ُ ْ ِ ُ ْ‬
‫يفتيكم ِفي‬ ‫قل ّ‬ ‫يستفتونك ُ ِ‬
‫الكاللة ﴾ ] النساء ‪ . [176 :‬آخر آية نزلت برأي البراء بن عازب ﴿ َ ْ َ ْ ُ َ َ‬ ‫يفتيكم ِفي ْ َ َ َ ِ‬ ‫ُ ُ ْ ِ ُ ْ‬ ‫قل ّ‬ ‫يستفتونك ُ ِ‬
‫َ َُْْ َ َ‬
‫لة ﴾ ] النساء ‪ [176 :‬إلى آخر اآلية ‪ ،‬وآخر سورة نزلت براءة ‪ .‬ھذا الكالم متم لقول البراء آخر آية نزلت ﴿ َ ْ َ ْ ُ َ َ‬
‫يستفتونك ﴾‬ ‫الكالَ َ ِ‬ ‫َْ‬
‫حينئذ قسم لك آخر ما نزل إما أن يكون آية وإما أن يكون سورة بتمامھا فآخر ما نزل من اآليات‬ ‫ٍ‬ ‫وآخر سورة نزلت براءة ‪.‬‬
‫آية الكاللة الصفية وآخر ما نزل من السور براءة ‪.‬‬
‫حينئذ يُرجح المصنف ماذا ؟ القول األول بأن آية الكاللة الصيفية ھي األخيرة ‪ ،‬و‬ ‫ٍ‬ ‫الربا ( قيل بصيغة التضعيف‬ ‫قيلَ ‪ِّ :‬‬ ‫و ) ِْ‬
‫الربا ( يعني ‪ :‬آية الربا ‪ .‬أخرج‬ ‫قيلَ ‪ِّ :‬‬ ‫الربا ( على إسقاط حرف العطف وقيل بالواو لكنه أسقطه لضيق النظم ‪ ،‬و ) ِ ْ‬ ‫قيل َ ‪ِّ :‬‬ ‫) ِْ‬
‫أبو عبيد عن ابن شھاب قال ‪ :‬آخر القرآن عھدا بالعرش آية الربا وآية الدين ‪ .‬وأخرج البخاري عن ابن عباس رضي ‬ ‫ً‬
‫تعالى عنھما قال ‪ :‬آخر آية نزلت آية الربا ‪ .‬ما ھي آية الربا ذكر عن عمر مثله أن آخر آية نزلت آية الربا ما ھي ؟ التي في‬
‫الربا ﴾ ] البقرة ‪ [275 :‬ھذا ھو المشھور‬ ‫يأكلون ِّ َ‬‫الذين َ ْ ُ ُ َ‬ ‫البقرة أو التي في آل عمران ؟ المشھور أنھا التي في آخر البقرة ﴿ َّ ِ َ‬
‫الذين َ ُ ْ‬
‫آمنوا‬ ‫أيھا َّ ِ َ‬ ‫لكن السيوطي رحمه  في )) التحبير (( لما أورد أثر عمر وھو ماذا ؟ قال ‪ :‬والمراد بھا قوله تعالى ‪َ ﴿ :‬يا َ ُّ َ‬
‫الربا ﴾ ] البقرة ‪ [278 :‬ھذه في البقرة ليست في آل عمران قال ‪ :‬المراد بھا ھذه ‪ .‬والمشھور‬ ‫من ِّ َ‬ ‫بقي ِ َ‬ ‫وذروا َما َ ِ َ‬ ‫ َ َ ُ ْ‬ ‫اتقوا ّ َ‬ ‫َّ ُ ْ‬
‫الربا ﴾ إلى آخر آيات الربا فتكون داخلة في األولى ‪.‬‬ ‫يأكلون ِّ َ‬ ‫الذين َ ْ ُ ُ َ‬ ‫أنھا من أول اآليات ﴿ َّ ِ َ‬
‫ ﴾ ] البقرة ‪ [281 :‬وھذه تابعة لآليات‬ ‫فيه َِإلى ّ ِ‬ ‫ترجعون ِ ِ‬ ‫واتقوا َ ْيوما ً ُ ْ َ ُ َ‬ ‫وعند النسائي عن ابن عباس أن آخر آية نزلت ﴿ َ َّ ُ ْ‬
‫واتقوا ﴾ مع آية الدين‬ ‫الربا ﴾ إلى ﴿ َ َّ ُ ْ‬ ‫يأكلون ِّ َ‬ ‫الذين َ ْ ُ ُ َ‬ ‫دفعة من أول ﴿ َّ ِ َ‬ ‫فعة واحدة أو ُ ْ ً‬ ‫حينئذ تكون ماذا ؟ نزلت دَ ْ َ ً‬ ‫ٍ‬ ‫السابقة ًإذا ال تنافي‬
‫حينئذ ھذا حكى بعض ما نزل واآلخر حكى بعض ما نزل ‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫أنفسكم ﴾ ] التوبة ‪. [128 :‬‬ ‫من َ ُ ِ ُ ْ‬ ‫رسول ٌ ِّ ْ‬ ‫لقد َ ُ ْ‬
‫جاءكم َ ُ‬ ‫وروى الحاكم في المستدرك عن ُأبي بن كعب قال ‪ :‬آخر آية نزلت ﴿ َ َ ْ‬
‫وروى مسلم عن ابن عباس ‪ :‬آخر ما نزلت سورة إذا جاء نصر  والفتح ‪.‬‬
‫قال السيوطي رحمه  في )) اإلتقان (( و )) التحبير (( ‪ :‬وال منافة عندي بين ھذه الروايات ‪ .‬يعني ‪ :‬بين آية الدين ‪،‬‬
‫كل عن‬ ‫وآية الربا واتقوا لماذا ؟ ألن الظاھر أنھا نزلت دفعة واحدة كترتيبھا في المصحف وألنھا في قصة واحد فأخبر‬
‫ً‬
‫يستفتونك ﴾ أي ‪ :‬في شأن الفرائض ‪ ،‬إذا الحكم‬ ‫﴿ َ َُْْ َ َ‬ ‫بعض ما نزل بأنه آخر وذلك صحيح ‪ ،‬وقول البراء وآخر ما نزل‬
‫بكونھا ھذه اآلية آخر ما نزل مع كثرة األقوال ومع صحتھا فيه صعوبة ‪.‬‬
‫أيضا ) ِ ْ‬
‫وقيلَ ‪:‬‬ ‫ً‬ ‫آض َِيئضُ‬‫أيضا مفعول مطلق َ‬ ‫ً‬ ‫أيضا آخر ما نزل‬ ‫ً‬ ‫أيضا ( قيل الربا‬ ‫ً‬ ‫الربا‬
‫قيل َ ‪ِّ :‬‬ ‫األخيرة ِ ْ‬ ‫الكاللة َ ِ ْ َ ْ‬ ‫َِ‬ ‫) ََ ُ‬
‫وآية‬
‫ضعف كل ما ذكر من اآلثار حتى‬ ‫غيره ( َ َّ‬ ‫وقيل َ ‪ْ َ ْ َ :‬‬ ‫الربا ( ضعفه ألنه حكاه بصيغة تمريض ) ِ ْ‬ ‫قيل َ ‪ِّ :‬‬ ‫ضعف القولين ) ِ ْ‬ ‫غيره ( َ َّ َ‬ ‫ََْ ْ‬
‫ما رواه مسلم والبخاري وھذا فيه إشكال ‪.‬‬
‫ً‬
‫غيره ( غيره صفة لمحذوف أي ‪ :‬وقيل قوال غيره ‪ .‬أي ‪ :‬غير المذكور ‪.‬‬ ‫وقيل َ ‪ْ َ ْ َ :‬‬ ‫) ِْ‬
‫عقد جديد ‪.‬‬ ‫ھذا ما يتعلق بأول ما نزل وآخر ما نزل وسيبدأ في ٍ‬
‫وصل  وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫نقف على ھذا‬

‫‪91‬‬
‫الشريط السابع‬
‫الرحيم‬
‫الرحمن الرحيم‬
‫ الرحمن‬
‫بسم ‬
‫بسم‬

‫الحمد رب العالمين والصالة والسالم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ‪.‬‬
‫أما بعد ‪:‬‬
‫بالعكس ( عربناه ھنا بأنه مقول‬ ‫ْ‬
‫بالعكس ( ‪ِ َ ) ،‬‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫البقرة ِ ْ‬
‫وقيل َ َ ِ‬ ‫َ‬
‫ثم َ َ‬ ‫ُ‬
‫التطفيف ‪َّ ،‬‬ ‫ِ ُ‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫سبق في قول الناظم رحمه  تعالى ‪ُ َّ ) :‬‬
‫أوله‬
‫نظرا له يعرب نائب فاعل ‪.‬‬ ‫القول ً‬
‫يرجع‬
‫عقد الثاني ‪َ :‬ما َ ُ‬ ‫ْ‬
‫العقد الثاني ‪ .‬بكسر العين كما سبق العقد المراد به القالدة يسمى عقد ال ِ ُ‬ ‫ْ‬
‫ثم قال المصنف رحمه  ‪ُ ِ :‬‬
‫عقود ( ذكر العقد األول وھو ما يتعلق بالنزول وتحته اثنا‬ ‫ُ‬
‫ستة ُ ُ‬ ‫ٌ‬ ‫حوتھا ِ َّ‬ ‫وقد َ َ ْ َ‬ ‫َ‬
‫السند ‪ .‬العقد الثاني من العقود الستة قال ‪ْ ) :‬‬ ‫إلى َّ َ ِ‬
‫عشر ً‬
‫نوعا ‪.‬‬
‫اسم منصوب‬ ‫يرجع إلى َّ َ ِ‬
‫السند ‪َ .‬ما ٌ‬ ‫السند ( ‪ ،‬وھي ستة أنواع ‪َ :‬ما َ ُ‬ ‫يرجع إلى َّ َ ِ‬ ‫العقد الثاني ‪َ :‬ما َ ُ‬ ‫ْ‬ ‫يرجع إلى َّ َ ِ‬
‫السند ‪ُ ِ ،‬‬ ‫) َما َ ُ‬
‫بمعنى الذي في محل رفع خبر المبتدأ ‪ ،‬العقد ھذا مبتدأ ‪ ،‬الثاني صفته ‪َ ،‬ما ھذا اسم موصول بمعنى الذي ماذا في محله رفع‬
‫يرجع ( وقال ‪ :‬وھي ستة أنواع ‪ .‬مصدق ما أنواع ألنه أراد أن يجمع الخمس‬ ‫خبر المبتدأ َيرج ُع ھذا صلة الموصول ‪ُ َ ) ،‬‬
‫ٍ‬
‫حينئذ‬ ‫جمع فھو مؤنث‬ ‫ٍ‬ ‫عقد تحته أنواع ‪ ،‬واألنواع ھذا جمع وكل‬ ‫حينئذ مسمى العقد أنواع كل ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫والخمسين تحت ستة عقود‬
‫َ‬ ‫ً‬
‫يرجع ‪ .‬ولم يقل ترجع وقال ‪ :‬وھي ‪ .‬إذا َّ َ‬
‫ذكر وأنث‬ ‫يرجع ‪ .‬وقال ‪ :‬وھي َ ُ‬ ‫ً‬
‫يصح أن يرجع إليه الضمير مؤنثا ‪ ،‬وھنا قال ‪ُ َ :‬‬
‫أليس كذلك ‪ ،‬فالتذكير باعتبار لفظ ) َما ( ألن اللفظ مذكر ‪ ،‬والتأنيث باعتبار معنى ) َما ( ومصدقھا وھي أنواع ‪ ،‬ألنھا ستة‬
‫واحدا وإنما ذكر ستة أنواع تحت ھذا العقد ‪ً ،‬إذا ال إشكال في تذكير المصنف بقوله ‪ُ َ :‬‬
‫يرجع ‪ .‬ولم‬ ‫ً‬ ‫فھي جمع لم يذكر ً‬
‫نوعا‬
‫يقل ترجع بالتاء ‪ ،‬ترجع ھذا مؤنث ويرجع ھذا للغائب األصل فيه أنه مذكر ‪ ،‬وھي الضمير يعود على ) َما ( ‪ ،‬لو قال ‪:‬‬
‫وھو ستة أنواع ‪ .‬صح باعتبار لفظ ) َما ( ‪ ،‬وقال ھو ھنا ‪ :‬وھي ‪ .‬باعتبار معنى ) َما ( ‪ ،‬ولو قال ‪ :‬ما يرجع ‪ .‬صح ما‬
‫ترجع صح أليس كذلك ‪ ،‬ما يرجع ما ترجع صح الوجھان ‪.‬‬
‫القدر المشترك ھو السند أو السند صار‬ ‫لسند ( أنواع من الخمس والخمسين ترجع إلى السند يعني مبحثھا َ ْ‬ ‫يرجع إلى ا َّ َ ِ‬
‫) َما َ ُ‬
‫مشتركا فعنون به ِ ْ ُ‬
‫العقد الثاني ‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫قاسما‬ ‫حينئذ يوجد في ضمن كل األنواع الستة فلذلك جعله‬ ‫ٍ‬ ‫كالجنس لھا‬
‫طريق المتن ‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫السند ( والمراد بالسند ھو اإلخبار عن‬ ‫) إلى َّ َ ِ‬

‫ناد لدى َ ِ‬
‫فريق‬ ‫كاإلسْ َ ِ‬ ‫َْ ٍ‬
‫متن َ ِ‬ ‫َ ِ ِ‬
‫طريق‬ ‫َِْ‬
‫اإلخبا ُر عنْ‬ ‫َّ َ ُ‬
‫والسند‬
‫)‬ ‫)‬

‫ھكذا قال السيوطي في ألفية المصطلح ‪.‬‬


‫قال ابن جماعة رحمه  ‪ :‬وأخذه إما من السند ‪ ،‬وھو ما ارتفع وعال من سفح الجبل ‪ ،‬لماذا سمي اإلخبار عن طريق‬
‫المتن ً‬
‫سندا ؟‬
‫مرارا بين المعنى االصطالحي الجعلي المنقول إليه ‪ ،‬وبين المعنى اللغوي ال‬ ‫ً‬ ‫ال بد وأن ّثَّم ً‬
‫قدرا مشترك كما سبق تكريره‬
‫ننشئ وننظر ِلما المحدثون نقلوا لفظ السند من اللغة ألنھا سابقة عن االصطالح لما جعلوا ھذا اللفظ السند مسماه‬ ‫بد أن ُ ْ ِ‬
‫اإلخبار عن طريق المتن ‪ ،‬قال ابن جماعة رحمه  ‪:‬‬
‫ٌ‬
‫معتمد‬ ‫فالن ٌ‬
‫سند ‪ .‬أي ‪:‬‬ ‫ٌ‬ ‫وأخذه إما من السند وھو ما ارتفع وعال من سفح الجبل ألن المسند يرفعه إلى قائله أو من قولھم ‪:‬‬
‫سندا العتماد الحفاظ في صحة الحديث وضعفھا عليه ‪ ،‬يلتفتون إلى ماذا ؟ في األصل إلى‬ ‫‪ ،‬فسمي اإلخبار عن طريق المتن ً‬
‫ٍ‬
‫حينئذ اعتمدوا عليه في ماذا ؟‬ ‫السند وقد يكون االعتماد ھو المتن لكن في األصل واألكثر واألغلب ھو السند‬
‫لشيء واحد‬
‫ٍ‬ ‫ً‬
‫معتمدا ولذلك سمي سند ‪ .‬قال ‪ :‬والمحدثون يستعملون السند واإلسناد‬ ‫في معرفة الصحيح والضعيف ‪ ،‬فصار‬
‫‪ .‬ولذلك قال السيوطي ‪:‬‬

‫ناد لدى َ ِ‬
‫فريق‬ ‫كاإلسْ َ ِ‬ ‫َْ ٍ‬
‫متن َ ِ‬ ‫َط ِ ِ‬
‫ريق‬ ‫َِْ‬
‫اإلخبا ُر عنْ‬ ‫َّ َ ُ‬
‫والسند‬
‫)‬ ‫)‬

‫‪92‬‬
‫عند بعضھم السند واإلسناد بمعنى واحد وعند الكثير أن اإلسناد ھذا إفعال مصدر ًإذا رفع الكالم إلى قائله ورفع الكالم إلى‬
‫مغاير لإلخبار عن طريق المتن ألن اإلخبار عن طريق المتن ھو تسمية الرجال حدثنا فالن عن فالن عن فالن ھذا ھو‬ ‫ٌ‬ ‫قائله‬
‫ُوي عن طريق فالن وفالن وفالن ‪ ،‬تسمية الرجال ھو السند إذاً‬ ‫ُوي ؟ ر ِ َ‬ ‫ً‬
‫اإلخبار عن طريق المتن ‪ ،‬مثال حديث كذا بما ر ِ َ‬
‫مسمى السند ھو ذكر الرجال الذين توصل بھم المحدث إلى المتن ‪ ،‬وھي ‪ :‬ستة أنواع ‪ .‬وھي أي ھذا العقد أو األنواع التي‬
‫ترجع إلى السند ستة أنواع ‪.‬‬
‫ّ‬
‫) النوع األول ‪ ،‬والثاني ‪ ،‬والثالث ‪ :‬المتواتر ‪ ،‬واآلحاد ‪ ،‬والشاذ (‬
‫ً‬
‫موضوع واحد ألن كال منھا يتوقف فھمه على فھم اآلخر فقال ‪ ) :‬المتواتر ‪،‬‬ ‫فجمع لك ثالثة أنواع تحت العقد الثاني في‬
‫ٍ‬
‫ّ‬
‫والشاذ ( ‪ .‬المتواتر ‪ ،‬واآلحاد ‪ ،‬والشاذ ‪ .‬في ظاھر كالم المؤلف ھنا لم يجر على طريقة أھل الحديث ألنھم‬ ‫ّ‬ ‫واآلحاد ‪،‬‬
‫قسما من أقسام اآلحاد ھل ھو قسيم أم قسم ؟ الشاذ باعتبار اآلحاد ھل ھو قسم أم قسيم ؟‬ ‫يجعلون الشاذ ھذا ً‬
‫قسيما لآلحاد نقول ‪ :‬ألن البحث ھنا يتعلق بأھل علوم القرآن ومبحث القراءات ولھم‬ ‫ً‬ ‫قسم وليس بقسيم ‪ ،‬وھنا جعل الشاذ‬
‫ً‬
‫بحث خاص يتميزون به في بعض مصطلحاتھم عن غيرھم من أرباب الفنون ‪ ،‬فليس كل ما جاء لفظا متواتر عند المحدثين‬ ‫ٌ‬
‫ھو عينه عند أرباب القراءات وليس كل ما جاء لفظ اآلحاد عند أرباب الحديث ھو عينه عند أرباب القراءات وكذلك يقال في‬
‫مبحث مشترك ولذلك األنواع الخمس والخمسين ھذه بعضھا ينفرد به علم القرآن ‪ ،‬وبعضھا‬ ‫ٌ‬ ‫الشعر ‪ ،‬لكن في الجملة ھو‬
‫مشتركا بينه وبين غيره يعني ‪ :‬ليس كل ما ذكر من أنواع علوم القرآن التي ھي عمدة المفسرين ليس كل ما ذكر من‬ ‫ً‬ ‫يكون‬
‫أنواع علوم القرآن يكون منشأه القرآن ال بل بعضه يكون منشأه القرآن مثل ماذا ؟‬
‫نزول القرآن ‪ ،‬ترتيب السور ‪ ،‬عد اآلي ‪ ،‬نقول ‪ :‬ھذه مباحث في ماذا ؟‬
‫نشأت عن القرآن لوال وجود القرآن لما وجدت ھذه العلوم ‪ً ،‬إذا توقفھا عليه توقف الشيء على شرطه أو حقيقته أو ماھيته‬
‫مشتركا بينه وبين غيره كما ھو الشأن في مبحث السند ھذه يشترك في‬ ‫ً‬ ‫بحيث ينتفي العلم بانتفاء القرآن ‪ ،‬وبعضھا ال ‪ ،‬يكون‬
‫قدر مشترك بين الطائفتين ‪ ،‬وبعضه يشترك‬ ‫أيضا من حيث الجملة أرباب علوم القرآن فھو ٌ‬ ‫أرباب علوم الحديث ويشترك فيه ً‬
‫مع أھل األصول كالناسخ والمنسوخ ‪ ،‬وما خص به من السنة وما خصصت السنة به ‪ ،‬وبعضه يشترك مع أرباب اللغة‬
‫ً‬
‫شرعيا‬ ‫كالمجاز ‪ ،‬واالستعارة ‪ ،‬والمعرب ‪ ،‬والمترادف ‪ ،‬والمشترك ‪ .‬نقول ‪ :‬ھذه أبحاث مشتركة من حيث كونه ً‬
‫نصا‬
‫فاشترك مع علوم الحديث في ماذا ؟ في الشاذ والمتواتر أو نقول في الجملة ‪ :‬من حيث السند ‪ ،‬وبعض األبحاث مشتركة بين‬
‫الحديث والسنة مثل ماذا ؟ وجود المترادف ‪ ،‬ووجود المجاز ‪ ،‬واالستعارة ‪ ،‬والتشبيه ونحو ذلك والعام المخصوص والعام‬
‫الذي خصص على عمومه والعام الذي أريد به الخصوص ھذه مشتركة بين القرآن وبين السنة ‪ ،‬يعني ال ينفك القرآن عن‬
‫ضع واحد كذلك المجاز‬ ‫السنة وال السنة عن القرآن ‪ .‬ولذلك سبق معنا في قواعد األصول إن المصنف جمع بينھما في مو ٍ‬
‫نصا‬ ‫شرعيا وقد يبحث في علوم القرآن من حيث كونه ً‬ ‫ً‬ ‫ونحوه واالستعارة والتشبيه ‪ ،‬ھذا من حيث ماذا ؟ من حيث كونه ً‬
‫نصا‬
‫عربي كاإلعراب ‪ ،‬والصرف ‪ ،‬إعراب القرآن ‪ ،‬إعراب مشكل القرآن ‪ ،‬تصريف القرآن كما ألف فيه المعاصرين أو بالغة‬
‫ً‬
‫مشاركا للسنة أو من‬ ‫ً‬
‫شرعيا‬ ‫نصا‬‫علم من علوم القرآن يتعلق بالقرآن من حيث ماذا ؟ من حيث كونه ً‬ ‫القرآن ‪ .‬نقول ‪ :‬ھذه ٌ‬
‫ً‬
‫عربيا ؟‬ ‫حيث كونه ً‬
‫نصا‬
‫ً‬
‫مثال ‪،‬‬ ‫حينئذ ينزل على القرآن‬ ‫ٍ‬ ‫الثاني ألنه ينظر فيه من حيث القواعد العربية ‪ ،‬فما قعده أھل العربية من قواعد النحو‬
‫علم من علوم القرآن لكنه يشترك مع غيره في كونه‬ ‫فيعرب القرآن إعراب مشكل القرآن أو إعراب القرآن كله نقول ‪ :‬ھذا ٌ‬
‫مثال قصيدة من المعلقات السبع فتعربھا ھذا إعراب المعلقات أو ال ؟ إعراب المعلقات ‪ .‬نص عربي‬ ‫ً‬ ‫عربيا ألنك قد تأخذ‬‫ً‬ ‫ً‬
‫نصا‬
‫ً‬
‫عربيا ‪.‬‬ ‫نص عربي ‪ .‬قد تأخذ سورة الفاتحة وتعربھا عربتھا من أي حيثية من حيث كونھا ً‬
‫نصا‬ ‫ٌ‬ ‫أو ال ؟ نقول ‪:‬‬
‫ًإذا ھنا ال غرابة في كون أرباب علوم القرآن يجعلون من أنواع علوم القرآن المتواتر ‪ ،‬واآلحاد ‪ ،‬والشاذ ‪ .‬فجعلوا الشاذ‬
‫حينئذ انفردوا ببعض ما أطلقه أرباب علوم الحديث ‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫اصطالح خاص عندھم‬ ‫ٌ‬ ‫قسيما لآلحاد وله‬‫ً‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫) المتواتر ‪ ،‬واآلحاد ‪ ،‬والشاذ ( ما المراد بالمتواتر ‪ ،‬وما المراد باآلحاد ‪ ،‬وما المراد بالشاذ قال رحمه  ‪:‬‬

‫)‬ ‫يعمل ُ‬ ‫َ َُ ِ ٌ‬
‫فمتواتر َ ْ َ‬
‫وليس ُ ْ َ‬ ‫قد َ َ ُ‬
‫نقلوا‬ ‫القراء َما َ ْ‬
‫ُ َّ ُ‬ ‫َّ ْ َ ُ‬
‫والسبعة‬
‫)‬
‫وإالَّ َ ْ ِ‬
‫فادر‬ ‫مجَرى َّ ِ ْ ِ‬
‫التفاسير ‪ِ ،‬‬ ‫َ ْ‬ ‫يجر‬
‫لم َ ْ ِ‬ ‫َ‬
‫الحكم َما ْ‬ ‫ْ‬
‫ُ ِ‬ ‫ِ ِْ ِ‬
‫بغيره في‬ ‫َ‬
‫)‬ ‫)‬
‫المسموع‬
‫ھو َ ْ ُ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ ِّ ْ ُ‬
‫قدمه ذا القول ُ ُ َ‬ ‫المرفوع‬
‫َْ ُ‬ ‫ُ‬ ‫إن َ َ َ ُ‬
‫عارضه‬ ‫َْ ْ ِ‬
‫قولين ِ ْ‬ ‫َ‬
‫)‬ ‫)‬

‫‪93‬‬
‫)‬ ‫قراءةُ َّ َ‬
‫الصحابة‬ ‫ََْ ُ‬
‫تتبعھا ِ َ َ‬ ‫َّ ِ ِ‬
‫كالثالثة‬ ‫ََ ُ‬
‫اآلحاد‬ ‫َّ ِ ُ‬
‫والثاني‬
‫)‬
‫ُِْ ْ‬
‫واستطر‬ ‫َّ ِ ُ َ‬
‫التابعون‬ ‫مما َ َ‬
‫قراهُ‬ ‫ِ َّ‬ ‫َ‬
‫يشتھر‬‫ْ‬
‫لم َ ِ ْ‬‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬
‫والثالث الشاذ الذي ْ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬
‫)‬ ‫)‬
‫ينجلي‬ ‫ْ‬
‫شرط َ َ ِ ْ‬ ‫ٌ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ِ ْ ِ‬
‫اإلسناد‬ ‫ُ‬
‫وصحة‬‫َ ِ َّ‬ ‫)‬ ‫َ‬
‫األول‬
‫بغير َّ ِ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫يقرأ ِ ْ ِ‬ ‫ْ‬
‫وليس ُ َ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ‬
‫)‬
‫)‬ ‫ِّ‬ ‫َ‬
‫العربي والخط‬ ‫لفظ َ َ ِ ْ‬ ‫ْ‬
‫اق ِ‬‫َ‬ ‫َ‬
‫ِوف ُ‬ ‫َّ ْ ِ‬
‫الضبط‬ ‫الرجال‬
‫ِّ َ ِ‬ ‫َ َُْ ِ‬
‫كشھرة‬ ‫َُ‬
‫له‬
‫)‬

‫ھذه قسم لك قراءات باعتبار السند إلى متواترة وآحاد وشاذة ‪ ،‬وجرى الناظم ھنا على ما اشتھر عليه أرباب القراءات من‬
‫أن القراءات تنقسم إلى ‪ :‬متواترة ‪ ،‬وآحاد ‪ ،‬وشاذة ‪.‬‬
‫أرسلنا ُ ُ َ َ‬
‫رسلنا َ ْ َ‬
‫تترا ﴾ ] المؤمنون ‪ [44 :‬أي متتابعين ‪،‬‬ ‫َ‬
‫ثم ْ َ ْ َ‬‫مرارا مأخوذ من التواتر وھو التتابع ﴿ ُ َّ‬
‫ً‬ ‫فالمتواتر ھذا سبق معنا‬
‫حينئذ نقول ‪ :‬ھذا متواتر ‪ .‬لكنه من جھة اللغة ‪ ،‬وأما من جھة اصطالح المحدثين ونحوھم فالمتواتر ما‬ ‫ٍ‬ ‫ً‬
‫بعضا‬ ‫بعضھم يتلو‬
‫جم أحالة العادة على تواطئھم وتوافقھم على الكذب رووا ذلك عن مثلھم وكان منتھى خبرھم الحس مع شرط‬ ‫عدد ٌ‬‫ٌ‬ ‫رواه‬
‫ً‬
‫متوترا فإن تخلف عنه‬ ‫ُمي‬ ‫ٍ‬
‫حينئذ س ِ َ‬ ‫وحينئذ إن أفاد ھذا العدد الكثير إن أفاد العلم الضروري‬ ‫ٍ‬ ‫ً‬
‫وانتھاء ‪.‬‬ ‫ً‬
‫ابتداء‬ ‫استواء الكثرة‬
‫ً‬
‫مشھورا ‪.‬‬ ‫العلم الضروري كان‬
‫جم أحالت العادة‬
‫عدد ٌ‬‫متواتر مشھور من غير عكس لماذا ؟ ألن التواتر ھو ما رواه ٌ‬ ‫ٍ‬ ‫ولذلك ذكر ابن حجر رحمه  ‪ :‬كل‬
‫تواطئھم وتوافقھم على الكذب رووا ذلك عن مثلھم من أول السند إلى آخره ‪ .‬ولذلك يشترطون استواء الكثرة في أوله‬
‫نظريا كان أو ضر ًّ‬
‫وريا‬ ‫ًّ‬ ‫ً‬
‫متواترا إن أفاد العلم‬ ‫وانتھائه ويكون منتھى خبرھم الحس سمعت رأيت ‪ ،‬فإن كان العقل فال يكون‬
‫حينئذ نقول ‪ :‬ھذا متواتر ‪ .‬فإن لم يفد العلم الضروري نقول ‪:‬‬ ‫ٍ‬ ‫يعني ‪ :‬اليقين ‪ -‬واألصح أنه ضروري ‪ -‬إن أفاد العلم ضروري‬
‫متواتر مشھور من غير عكس ‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫حينئذ كل‬ ‫ھذا مشھور وليس بمتواتر ‪.‬‬

‫على ْ َ ِ‬
‫الكذبْ‬ ‫تماعھم َ َ‬
‫إحالة اجْ ِ َ ِ ِ ْ‬ ‫َِ َُ‬ ‫يجبْ‬ ‫روا ُه َعدَ ٌد َ ٌ‬
‫جم َ ِ‬ ‫وما َ َ‬ ‫َ َ‬
‫)‬ ‫)‬
‫)‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ي أجْ َود‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬
‫بعشرة َوھْ َو لدَ َّ‬‫ْ‬
‫َِ َ‬ ‫ُ‬
‫َحددوا‬ ‫َّ‬ ‫َ‬
‫وقو ُم‬
‫َ ْ‬ ‫ُتواترُ‬ ‫ْ‬
‫َفالم َ ِ‬
‫َ‬
‫)‬

‫يعني ‪ :‬ھل يشترط بيان إذا قيل ‪ :‬عدد كثير عدد جم ھل يشترط تحديد العدد أم ال ؟‬
‫األصح أنه ال يشترط ‪ ،‬وقيل ‪ :‬عشرة ‪ .‬وقيل ‪ :‬عشرون ‪ .‬وقيل ‪ :‬أربعون ‪ .‬وقيل ‪ :‬خمسون ‪ .‬وقيل ‪ :‬سبعون ‪ .‬إلى آخره‬
‫وقيل ‪ :‬أربعة ‪ .‬والسيوطي قوله ‪:‬‬
‫ُ‬
‫أزود‬ ‫وھو لدي‬

‫ي َأجْ َ ُ‬
‫ود‬ ‫بعشرة َوھْ َو َلدَ َّ‬
‫َِ ْ ٍَ‬ ‫َ َّ ُ‬
‫حددوا‬ ‫َ َْ‬
‫وقو ُم‬ ‫َ ْ‬
‫فالم َ َ ِ‬
‫ُتوات ُر‬
‫)‬ ‫)‬

‫والصواب أنه ال ي َ ّ‬
‫ُحد بعدد فكل ما أفاد العلم اليقيني فھو ‪ :‬متواتر ‪.‬‬
‫القراءة ھنا المتواتر ھي ‪ :‬القراءات السبعة المشھورة ‪ .‬ألنھا ھي التي يتوفر فيھا ضابط التواتر ‪ ،‬لكن سبق وأن انتقدنا‬
‫بشرط واستواء الكثرة في أوله‬‫ٍ‬ ‫بعض الشروط ھذه التي ذكرھا صاحب )) قواعد األصول (( بأن منتھاه الحسي ھذا ليس‬
‫وانتھائه وأال يكون أو تحيل العادة تواطئھم على الكذب أو توافقھم على الكذب تشمل ھذه طبقة صحابة وھذا فيه بعد ‪ ،‬لكن‬
‫ٍ‬
‫فحينئذ يفيد العلم ھذا في األصل‬ ‫عدد ‪ .‬وال ُندخل طبقة الصحابة وأحالت العادة تواطئھم وتوافقھم على الكذب‬ ‫نقول ‪ :‬ما رواه ٌ‬
‫‪ ،‬في األصل أنه يفيد العلم مع شھرة الرواة وضبط الرواة إلى آخره فإن أفاد العلم نقول ‪ :‬ھذا ھو المتواتر ‪ .‬وال تالزم بين ما‬
‫ثقة عندنا ‪ ،‬فلو روى أبو بكر رضي  تعالى‬ ‫ذكر من الشروط وإفادة العلم بل قد يوجد العلم اليقيني برواية شخص واحد ٍ‬
‫ً‬
‫حديثا عن النبي  ألحد التابعين نقول ‪ :‬أفاد العلم ‪ .‬يفيد العلم أو ال ؟‬ ‫عنه‬
‫‪94‬‬
‫متواترا ‪ً ،‬إذا وجد التواتر‬ ‫ً‬ ‫حينئذ نقول ‪ً :‬إذا وجد العلم اليقيني الضروري فلزم أن يكون‬ ‫ٍ‬ ‫قطعا ‪ ،‬فإذا أفاد العلم‬ ‫ً‬ ‫يفيد العلم‬
‫بكر فأي قرينة احتفت به لكونه أبا‬ ‫دون وجود ھذه الشروط ‪ ،‬وھم يقولون ‪ :‬ال ‪ ،‬ال يفيد العلم ‪ .‬ولو أفاد العلم في خبر أبي ٍ‬
‫بخبر واحد أفاد العلم وھم أربعة دون‬ ‫ٍ‬ ‫بكر رضي  تعالى عنه ‪ ،‬وإذا أخبر أبو بكر وعمر وعثمان وعلي أحد التابعين‬
‫حينئذ ال يفيد العلم نقول ‪ :‬كيف ال يفيد العلم وقد أخبره الخلفاء األربعة‬ ‫ٍ‬ ‫العشرة ‪ ،‬السيوطي حده بعشرة ‪ً ،‬إذا ما دون العشرة‬
‫قطعا لكن ھنا قالوا ‪ :‬المتواتر ھو القراءات السبعة المشھورة ‪.‬‬ ‫الراشدون ؟ يفيد العلم ً‬
‫القراء (‬ ‫ُ‬
‫والسبعة ( ھذا مبتدأ أول ‪ ،‬و ) َّ ُ‬ ‫ُ‬ ‫َّ ْ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫قد نقلوا ُ ِ ٌ‬
‫فمتواتر ( ‪) .‬‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫القراء َما ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫والسبعة َّ ُ‬ ‫َّ ْ َ‬ ‫لذلك قال المصنف ھنا رحمه  ‪) :‬‬
‫قد نقلوا ( قد نقلوھا نقلوه يجوز الوجھان ما يطبق‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ھذا بدل أو عطف بيان ‪َ ) ،‬ما ( الذي أو التي بمعنى قراءة ھذا مبتدأ ثان ) ْ‬
‫ً‬
‫تبعا ‪ .‬أو القراءة التي نقلوه بتذكير الضمير مراعاة للفظ ) َما ( كما قلنا في ) َما‬ ‫على قراءة أي ‪ :‬القراءة التي نقلوھا ‪ .‬أي ‪ً :‬‬
‫السند وھي ( ‪.‬‬ ‫يرجع إلى َّ َ ِ‬ ‫َ ُ‬
‫فمتواتر ( الفاء واقعة في جواب المبتدأ الثاني على القاعدة العامة المطردة عند أھل اللغة من أنه إذا كان المبتدأ من‬ ‫) َُ ِ ٌ‬ ‫َ‬
‫فمتواتر ( ‪ .‬الفاء‬ ‫َ‬
‫صيغ العموم أو فيه معنى العموم جاز دخول الفاء في الخبر ليست بواجبة وإنما ھي جائزة ‪ ،‬لذلك قال ‪ٌ ِ َ ُ ) :‬‬
‫ھذه واقعة في جواب المبتدأ لماذا وقعت ؟‬
‫متواتر ھذا خبر لمبتدأ‬ ‫ٌ‬ ‫وجوبا ‪ ،‬لكون المبتدأ من صيغ العموم يعني ‪ :‬فمتواتر ‪ .‬فھو متواتر ‪،‬‬ ‫ً‬ ‫جوازا ال‬ ‫ً‬ ‫نقول ‪ :‬وقعت‬
‫نقلوا ( ‪ ،‬وجملة‬ ‫َ‬
‫قد َ ُ‬ ‫َ‬
‫فمتواتر في محل رفع الخبر المبتدأ الثاني ) َما ْ‬ ‫ٌ‬ ‫محذوف تقديره ھو فھو متواتر ‪ ،‬وجملة المبتدأ مع خبره‬
‫المبتدأ الثاني وخبره خبر المبتدأ األول وھو السبعة ‪ً ،‬إذا نقول ‪ :‬ھذه جملة كبرى أو صغرى ؟‬
‫كبرى ألن خبرھا جملة ‪ ،‬والصغرى ما ھي ؟‬
‫أيضا كبرى لكون الخبر فيھا جملة ‪ ،‬قد‬ ‫ً‬ ‫فمتواتر ( ھذه صغرى لماذا ؟ لكونھا وقعت خبر المبتدأ ‪ ،‬وھي‬ ‫نقلوا َ ُ َ ِ ٌ‬ ‫قد َ َ ُ‬ ‫) َما َ ْ‬
‫قائم ‪ ،‬زيد مبتدأ أول أبوه مبتدأ ثاني قائم خبر مبتدأ الثاني ‪،‬‬ ‫تكون الجملة كبرى فقط وذلك إذا وقع الخبر فيھا جملة زيد أبوه ٌ‬
‫قائم وقع جملة ‪ ،‬الجملة كلھا‬ ‫زيد أبوهُ ٌ‬ ‫وجملة المبتدأ الثاني وخبره في محل رفع المبتدأ األول ‪ً ،‬إذا وقع الخبر في ھذه الجملة ٌ‬
‫قائم من قولك زيد‬ ‫قائم نقول ‪ :‬ھذه جملة كبرى ‪ .‬لماذا ؟ لكون الخبر وقع فيھا جملة ‪ ،‬جملة أبوهُ ٌ‬ ‫زيد أبوهُ ٌ‬ ‫كبرى تسمى كبرى ٌ‬
‫أبوه قائم نقول ‪ :‬ھذه صغرى ‪ .‬لماذا ؟‬
‫خبرا عن المبتدأ ‪ ،‬فالمبتدأ الذي وقع خبره جملة نقول ‪ :‬ھذه جملة كلھا كبرى ونفس الخبر الذي ھو جملة‬ ‫لكونھا وقعت ً‬
‫نسميه جملة صغرى ‪ .‬لو قيل ‪ :‬زيد قائم ھكذا ‪ .‬مبتدأ وخبر مفرد ومفرد صغرى أو كبرى ؟‬
‫حينئذ ال توصف بكونه صغرى وال كبرى ‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫ً‬
‫مفردا‬ ‫مفردا والخبر‬ ‫ً‬ ‫ال صغرى وال كبرى ] نعم أحسنت [ ‪ً ،‬إذا وقع المبتدأ‬
‫قائم ھذا خبر مفرد أو جملة ؟ مفرد ًإذا ال توصف بكونھا كبرى وال صغرى ‪ ،‬لكن لو وقع‬ ‫قائم نقول ‪ :‬مبتدأ وخبر ‪ٌ .‬‬ ‫زيد ٌ‬ ‫ٌ‬
‫قائم ‪ .‬ھنا ليست كزيد‬ ‫زيد أبوهُ ٌ‬‫الخبر جملة لنا نظران ‪ :‬نظر إلى الجملة برمتھا ‪ ،‬ونظر إلى الخبر الذي وقع جملة فنقول ‪ٌ :‬‬
‫حينئذ نسمى الجملة كلھا كبرى ونسمي جملة الخبر صغرى ‪ ،‬ثم ھذا وصف منفك وقد توصف الجملة‬ ‫ٍ‬ ‫قائم وقع الخبر جملة‬
‫باعتبارين يعني ‪ :‬تكون في نفس الوقت كبرى صغرى يجتمع فيھا الوصفان لكن بالنظر إلى سابق والحق ‪.‬‬
‫قد َ َ ُ‬
‫نقلوا‬ ‫السبعة ( ھذا قلنا ‪ :‬مبتدأ أول ) َما ( ھذا مبتدأ ثاني ‪ ،‬أبطل المبتدأ األول اترك المبتدأ األول المبتدأ الثاني ) َما َ ْ‬ ‫) َّ ْ َ ُ‬
‫فمتواتر ( كل الجملة صارت‬ ‫نقلوا َ ُ َ ِ ٌ‬‫قد َ َ ُ‬ ‫فمتواتر ( جملة أو ال ‪ .‬جملة إذا صارت ) َما َ ْ‬ ‫فمتواتر ( ) َما ( ھذا مبتدأ أين خبره ؟ ) َ ُ َ ِ ٌ‬ ‫َ َُ ِ ٌ‬
‫كبرى أو ال ؟‬
‫السبعة ( ھذا مبتدأ أول ) َما ( مبتدأ ثاني )‬ ‫) َّ ْ َ ُ‬ ‫كبرى ‪ ،‬لماذا ؟ لكون خبرھا جملة ‪ ،‬طيب لو نظرت إلى الجملة كلھا‬
‫قد َ َ ُ‬
‫نقلوا‬ ‫فمتواتر ( خبر الثاني والجملة من المبتدأ الثاني وخبره خبر المبتدأ األول نسمي الجملة كلھا كبرى ‪ ،‬وجملة ) َما َ ْ‬ ‫َ َُ ِ ٌ‬
‫السبعة ( وھي في نفسھا كبرى لكون الخبر فيھا وقع‬ ‫خبرا عن المبتدأ الذي ھو ) َّ ْ َ ُ‬ ‫فمتواتر ( ھذا ھذه صغرى ألنه وقعت ً‬ ‫َ َُ ِ ٌ‬
‫جملة ‪ ،‬واضحة أعيد أو تعيدون ؟ ‪ -‬ال ھذه وال تلك ‪. -‬‬ ‫ً‬
‫نقلوا ( ما اسم موصول بمعنى الذي‬ ‫قد َ َ ُ‬ ‫القراء ( ھذا عطف بيان أو بدل منه ) َما َ ْ‬ ‫والسبعة ( نقول ‪ :‬ھذه مبتدأ أول ‪ .‬و ) ُ َّ ُ‬ ‫َّ ْ َ ُ‬ ‫)‬
‫قد نقلوا ( ھذه جملة فعل فاعل والمفعول محذوف قد نقلوھا ألنه ال بد من رابط بين المبتدأ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫في محل رفع مبتدأ بالثاني ‪ْ ) ،‬‬
‫جملة نقلوھا أي ‪ :‬القراءة وما اسم موصول بمعنى الذي يصدق على القراءة يعني ‪ :‬القراءة التي نقلوھا فھي‬ ‫ً‬ ‫والخبر إذا وقع‬
‫خبرا عن المبتدأ الثاني معه ‪ ،‬وجملة المبتدأ الثاني مع خبره‬ ‫فمتواتر ( جملة وقعت ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫متواترة ‪ .‬أو فھو أي المنقول متواتر ) ُ ِ ٌ‬
‫فمتواتر ( كل الجملة ھذه كبرى‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫قد نقلوا ُ ِ ٌ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫القراء َما ْ‬ ‫ُ‬
‫والسبعة َّ ُ‬ ‫ُ‬ ‫َّ ْ َ‬ ‫نقول ‪ :‬ھي في محل رفع خبر المبتدأ األول وھو السبعة )‬
‫نقلوا ( فمتواتر ھذه صغرى باعتبار الجملة السبعة القراء ألنھا خبر عنھا وھي كبرى باعتبار كون الخبر فيھا‬ ‫قد َ َ ُ‬ ‫وجملة ) َما َ ْ‬
‫فمتواتر ( جملة اسمية ‪.‬‬ ‫) َ َُ ِ ٌ‬

‫‪95‬‬
‫واصطالحا يطلق على إمام من األئمة‬‫ً‬ ‫والسبعة ( المراد بھم السبعة القراء والقراء ھذا جمع قارئ اسم فاعل من قرأ‬ ‫َّ ْ َ ُ‬ ‫)‬
‫المعروفين الذين نسبت إليھم القراءة ‪ ،‬في االصطالح إمام يطلق على إمام من األئمة المعروفين المتبعة كما سبق بيان اإلمام‬
‫المراد به المأموم به يعني المتبع ‪ ،‬الذين نسبت إليھم القراءات التي نسبت إليھم أو الذين نسبت إليھم القراءات ‪ ،‬والقراءات‬
‫قرأَ ‪ ،‬وقرأ قلنا المصدر فيه َفعْ ُل‬
‫فعل َ َ‬ ‫يقرأ ُ األصل فيه َ َ‬
‫قرأَ ألنه من باب َ َ َ‬ ‫قرأَ َ ْ َ‬
‫معلومة أنھا جمع قراءة مصدر سماعي لقرأ َ َ‬

‫كرد َرَّدا‬ ‫ِمنْ ِذي َ َ ٍ‬


‫ثالثة َ َ َّ‬ ‫ْالم َُّعدى‬ ‫دَر‬
‫َمصْ ِ‬ ‫َِقياسُ‬ ‫َفعْ ٌل‬
‫)‬ ‫)‬

‫قياسيا بل ھو مصدر سماعي ‪ً ،‬إذا القراءات جمع قراء مصدر سماعي لقرأ ‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫مصدرا‬ ‫ٍ‬
‫حينئذ قراءة نقول ‪ :‬ھذا ليس‬
‫ً‬
‫واصطالحا القراءات عند أرباب القراءات اختالف ألفاظ الوحي ألن القرآن ما ھو ؟ اللفظ المنزل على النبي صلى  عليه‬
‫وآله وسلم المعجز بلفظه المتعبد بتالوته ‪.‬‬

‫وللتعبد‬ ‫اإلعجاز‬ ‫ألجل‬ ‫محمد‬ ‫على‬ ‫منزل‬ ‫لفظ‬


‫)‬ ‫)‬

‫ً‬
‫معجزا يفصل‬ ‫على النبي‬ ‫أما القران ھا ھنا فالمنزل‬
‫)‬ ‫)‬

‫ً‬
‫تالوة ‪...‬‬ ‫بقي‬
‫ًإذا القرآن ھو ‪ :‬كالم  المنزل أو اللفظ المنزل على محمد  المعجز بلفظه المتعبد بتالوته ‪.‬‬
‫ٍ‬
‫فحينئذ‬ ‫القراءات حقيقة مغايرة للقرآن ولذلك نص السيوطي في )) اإلتقان (( بأن القرآن والقراءات حقيقتان متغايرتان ‪،‬‬
‫صار تعريف القراءة بأنھا اختالف ألفاظ الوحي المذكور ‪ -‬ليس كل وحي ‪ -‬وإنما الوحي المذكور الذي أطلقنا عليه بأنه قرآن‬
‫في الحروف وكيفتھا من تخفيف وتشديد وغيرھما ‪ ،‬اختالف ألفاظ الوحي المذكور في الحروف وكيفتھا من تخفيف وتشديد‬
‫وغيرھما ھذه يسمى ماذا ؟ يسمى بالقراءة يجمع على قراءات ‪ ،‬فالقرآن شيء والقراءات شيء آخر فھما حقيقتان متغايرتان ‪.‬‬
‫القراء ( السبعة المراد بھم ‪ :‬نافع ‪ ،‬وعاصم ‪ ،‬وحمزة ‪ ،‬والكسائي ‪ ،‬وابن عامر ‪ ،‬وأبو عمرو ‪ ،‬وابن كثير ‪.‬‬ ‫َّ ْ َ ُ‬
‫والسبعة ُ َّ ُ‬ ‫)‬
‫علما بالغلبة متى ما أطلق‬ ‫حينئذ صار السبعة ً‬ ‫ٍ‬ ‫ھؤالء السبعة أجمع عليھم أھل العلم بأنھم إذا أطلق السبعة فالمراد به ھؤالء ‪،‬‬
‫السبعة القراء انصرف إلى ھؤالء نافع ‪ ،‬وعاصم ‪ ،‬وحمزة ‪ ،‬والكسائي ‪ ،‬وابن عامر ‪ ،‬وأبو عمرو ‪ ،‬وابن كثير ‪ .‬كما إذا قيل‬
‫‪ :‬األسماء الستة ‪ .‬ھذا علم بالغلبة إذا أطلق انصرف إلى معين ‪ ،‬وإال األصل كلھا ست أسماء يصح أن تقال أنھا يقال أنھا‬
‫نقلوا َ ُ َ ِ ٌ‬
‫فمتواتر ( ھنا عرف التواتر بماذا ؟‬ ‫قد َ َ ُ‬ ‫القراء َما َ ْ‬ ‫َّ ْ َ ُ‬
‫والسبعة ُ َّ ُ‬ ‫أسماء ستة ولكن اصطلح النحاة على شيء معين )‬
‫بالمتواتر عند أھل الحديث أم بلفظ ؟‬
‫بلفظ كشف به حقيقة المتواتر لماذا ؟‬
‫حينئذ ينصرف الذھن إلى السبعة القراء ‪ ،‬فمسمى‬ ‫ٍ‬ ‫ألنه يعرف المتواتر عند أرباب القراءات ‪ ،‬فإذا قيل ‪ :‬المتواتر ‪.‬‬
‫نقلوا ] نقلوھا [ َ ُ َ ِ ٌ‬
‫فمتواتر ( ‪ .‬القراءة التي نقلھا‬ ‫قد َ َ ُ‬ ‫القراء َما َ ْ‬‫عة ُ َّ ُ‬‫والسب َ ُ‬
‫َّ ْ‬ ‫المتواتر عندھم ما ُنقل عن السبعة القراء ولذلك قال ‪) :‬‬
‫عرف ُه بلفظ كاشف وھذا من أقسام التعريف عندھم ‪.‬‬ ‫القراء السبعة ھي ‪ :‬مسمى المتواتر عند أرباب القراءات ‪ .‬ولذلك ھنا َ َّ َ‬

‫ورسْ ِمي َو َ ْ ِ ٌّ‬


‫لفظي ع ُِلم‬ ‫َ ٌّ‬
‫حد َ َ‬ ‫ثالثة ُ ِ‬
‫قسم‬ ‫ٍ‬ ‫م َُعرِّ ٌ‬
‫ف على‬
‫)‬ ‫)‬

‫ٍ‬
‫حينئذ يحسن أن‬ ‫قد يأتي بلفظ يكشف به حقيقة اللفظ المجمل ‪ ،‬والمتواتر ھذا لفظ مجمل مبھم عندھم إذا قيل ‪ :‬ما المتواتر ؟‬
‫يؤتى بالحد أو المعرف ‪ ،‬والمعرف على ثالثة أقسام ‪:‬‬
‫ً‬
‫كاشفا للمھية ‪ ،‬إما بالجنس والفصل ‪ ،‬أو بالفصل والخاصة ‪ ،‬أو بالجنس والخاصة ‪،‬‬ ‫قد يكون‬

‫‪96‬‬
‫نقلوا َ ُ َ ِ ٌ‬
‫فمتواتر ( ‪ .‬عرفنا أن القراءة التي‬ ‫قد َ َ ُ‬
‫القراء َما َ ْ‬ ‫َّ ْ َ ُ‬
‫والسبعة ُ َّ ُ‬ ‫أو يأتي بلفظ يكشف المراد مع عدم اإلبھام وھنا لما قال ‪) :‬‬
‫نقلت عن طريق ھؤالء السبعة المعدودين بالسبعة ھو المسمى المتواتر ‪ ،‬والمراد به ھنا تواتر الطبقات كما ھو معلوم عند‬
‫أرباب القراءات ‪.‬‬

‫يعمل ُ‬
‫ُْ َ‬ ‫َْ َ‬
‫وليس‬ ‫‪..............‬‬ ‫‪............................‬‬
‫)‬ ‫)‬
‫َ‬
‫فادر‬ ‫َّ‬
‫وإال ْ ِ‬ ‫ِِْ‬ ‫َّ‬
‫التفاسير ‪ِ ،‬‬ ‫مجرى‬
‫َ ْ َ‬ ‫يجر‬ ‫َ‬
‫لم َ ْ ِ‬
‫الحكم َما ْ‬‫ْ‬
‫ُ ِ‬ ‫بغيره في‬ ‫َ‬
‫ِ ِْ ِ‬
‫)‬ ‫)‬

‫يعمل ُ ( ‪ً .‬إذا النوع األول ألن‬ ‫ًإذا عرفنا حقيقة المتواتر يرد السؤال ما ھو اآلحاد ؟ نرجع بعد ذلك إلى قوله ‪َ ْ َ ) :‬‬
‫وليس ُ ْ َ‬
‫التقسيم عندھم يختلف ‪ ،‬قراءات تنقسم إلى متواتر وعرفنا أن المراد بالمتواتر القراءات السبعة المشھورة ‪ ،‬واآلحاد ھي‬
‫المتمة لعشرھا يعني ‪ :‬الثالثة المتمة للعشر ‪ .‬وھي قراءة ‪ :‬أبي جعفر يزيد بن القعقاع ‪ ،‬ويعقوب ‪ ،‬وخلف ‪ .‬ھذه ثالثة تسمى‬
‫الثالثة إذا أطلق القراءة الثالثة انصرف إلى من ؟ أبي جعفر يزيد بن القعقاع ‪ ،‬ويعقوب ‪ ،‬وخلف ‪ .‬ھؤالء ھم الثالثة ‪.‬‬
‫اآلحاد ھي المتمة لعشرھا ًإذا ما المراد بالقراءات اآلحادية عندھم ؟ الثالثة قراءة يعقوب ‪ ،‬وأبي جعفر ‪ ،‬وخلف ‪ .‬أليس‬
‫كذلك ھذا المشھور كما سيأتي ھذا المشھور عند أھل القراءات مع أن اآلحاد عند المحدثين ماذا ؟‬
‫آحاد جمع واحد ‪ ،‬ما رواه واحد ھو اآلحاد ‪ً .‬إذا ما لم يصل إلى درجة المتواتر ھذا إذا لم نذكر المشھور وإذا ذكرنا‬
‫حينئذ ما رواه الواحد أو االثنين أو الثالثة وكل له اسم خاص عند أرباب الحديث لكن ھنا اآلحاد المراد به ما رواه‬ ‫ٍ‬ ‫المشھور‬
‫الثالثة القراءات الثالثة المتممة للعشر ‪.‬‬
‫ثم ما يكون من قراءات الصحابة إذا صح سندھا ملحقة بھذا القسم وھو قسم اآلحاد كما سيأتي ‪.‬‬
‫ٍ‬
‫فحينئذ ما كان من اآلحاد‬ ‫قراءةُ َّ َ ِ‬
‫الصحابة (‬ ‫والثاني ( الذي ھو اآلحاد ) َّ ِ ِ‬
‫كالثالثة َ ْ َ ُ‬
‫تتبعھا ِ َ َ‬ ‫كالثالثة ( ) َّ ِ ُ‬ ‫والثاني ‪ُ َ َ :‬‬
‫اآلحاد َّ ِ ِ‬ ‫) َّ ِ ُ‬
‫عند أرباب القراءات ھو الثالثة وتلحقھا في الرتبة مثلھا في اآلحاد قراءة الصحابة إن صح سندھا إليھم ‪ ،‬ھذا ھو اآلحاد ما‬
‫عدا ذلك فھو الشاذ ‪ ،‬فما زاد عن األربعة فھو شاذ عندھم والمراد باألربعة ألن القراءات عندھم المشھورة أربعة عشر ‪،‬‬
‫ً‬
‫قراءة ‪.‬‬ ‫أربع عشرة‬
‫قراءة الحسن بن يسار البصري ھذه الحادية عشر ‪.‬‬
‫وابن محيصن محمد بن عبد الرحمن السوسي المكي الثاني عشر ھذا ‪.‬‬
‫الثالث عشر ‪ :‬يحيى بن مبارك اليزيدي ‪.‬‬
‫الرابع عشر ‪ :‬محمد بن أحمد الشنبوذي ‪.‬‬
‫قراءة ‪ ،‬السبعة ھي المتواترة ‪ ،‬والثالثة المتممة للعشر ھي اآلحاد وألحق بھا قراءة الصحابة ‪ ،‬واألربعة‬ ‫ً‬ ‫ھذه أربعة عشر‬
‫بقي فھو شاذ كقراءات التابعين كابن جبير‬ ‫عشر فيما زاد عن العشرة ھذه شاذة ھذا ھو المشھور عند أرباب القراءات ‪ ،‬وما َ ِ َ‬
‫ويحيى بن وثاب واألعمش وغيرھم كل ھذه قراءات شاذة ‪.‬‬
‫القسم الثاني أو التقسيم اآلخر عند بعضھم وھذا منسوب لألصوليين وبعض الفقھاء تقسيم القراءات إلى قسمين ‪ :‬متواتر ‪،‬‬
‫ٍ‬
‫حينئذ جعلوا الثالثة قراء‬ ‫وشاذ ‪ .‬ليس عندنا آحاد ‪ ،‬قالوا ‪ :‬متواتر وشاذ ‪ .‬المتواتر ھو السبعة القراء وما عدا ذلك فھو شاذ‬
‫من قسم الشاذ ھذا منسوب لكثير من األصوليين ‪ ،‬وعند بعض األصوليين وبعض الفقھاء تنقسم القراءات إلى متواتر وھو ‪:‬‬
‫السبع ‪ .‬وشاذ وھو ‪ :‬ما سوى ذلك ‪ .‬فالثالثة على ھذا القول تكون شاذة كقراءة أبي جعفر يزيد ‪ ،‬ويعقوب ‪ ،‬واختيارات خلف‬
‫‪.‬‬
‫الثالث ‪ -‬وھذا نفصله من أجل التباين واإليضاح فقط وإال ھو داخل في بعض األقوال األخرى ‪ : -‬وقيل ‪ :‬العشر متواترة‬
‫أيضا متواتر وشاذ ‪ ،‬ولكن الخالف في الثالثة ھل قراءتھم متواترة أم شاذة ؟‬ ‫وما عداھا فھو شاذ ‪ً .‬إذا القسمة ثنائية ً‬
‫ھذا محل نزاع عند أرباب القراءات مع األصوليين واللغويين ھل قراءة أبي جعفر ‪ ،‬وخلف ‪ ،‬ويعقوب متواترة أم شاذة ؟‬
‫ھذا فيه نزاع ‪.‬‬
‫ً‬
‫القسم الثالث ‪ :‬قيل العشر متواترة ‪ .‬العشر كلھا متواترة وما عداھا فھو شاذ قراءة الحسن بن يسار وغيره تعتبر شاذا ‪،‬‬
‫قال ابن السبكي تاج الدين صاحب )) جمع الجوامع (( ‪ :‬القول بأن الثالثة غير متواترة في غاية السقوط وال يصح القول به‬
‫عمن يعتبر قوله في الدين وھي ال تخالف رسم المصحف ‪ .‬ولذلك نقل السبكي الكبير أبوه عن البغوي رحمه  وھم من‬
‫أيضا كالمتواتر ألنه ينبني إذا قيل ‪ :‬آحاد وشاذة ‪ .‬ينبني عليه أنه ال يجوز القراءة بھا‬ ‫ً‬ ‫المقرئين االتفاق على القراءة بالثالث‬

‫‪97‬‬
‫ً‬
‫مطلقا فينبني على ھذا خالف‬ ‫ٍ‬
‫حينئذ يجوز القراءة بھا‬ ‫مطلقا ال في الصالة وال في خارجھا وإذا أثبتنا أن الثالثة ً‬
‫أيضا متواترة‬ ‫ً‬
‫حكم وھو جواز القراءة بھا أو ال ؟‬
‫فحينئذ صارت الثالثة ھذه من المتواتر فيجوز القراءة بھا مطلقاً‬ ‫ٍ‬ ‫إذا قلنا ‪ :‬متواترة ‪ .‬على اشتراط التواتر في ثبوت القرآنية‬
‫في الصالة وفي خارجھا ‪ً ،‬إذا البغوي ينقل االتفاق على القراءة بالثالث كما يُقرأ بالسبعة ألنھا متواترة قال ‪ :‬وھذا ھو‬
‫الصواب ‪.‬‬
‫القول الرابع في التقسيم قيل ‪ :‬المعتمد في ذلك الضوابط ‪ .‬يعني ‪ :‬ال نقول ‪ :‬سبعة ‪ .‬نتقيد بقارئ وإمام وإنما نتقيد بأصول‬
‫وضوابط إن وجدت فھي قرآن ويصح القراءة بھا إن انتفت كلھا أو بعضھا فليست بقرآن وال يقرأ بھا ‪ ،‬على الخالف‬
‫باالحتجاج بھا أو ال ‪.‬‬
‫ًإذا األقوال األول الثالث ھذه متعلقة بأشخاص متى ما ثبتت القراءة عن فالن أو عن عدد معين فھي ‪ :‬متواترة ‪ .‬كل ما‬
‫قرأ يعقوب فھو ‪ :‬آحاد ‪ .‬كل ما قرأ خلف فھو ‪ :‬آحاد ‪ .‬كل ما قرأ أبو جعفر فھو ‪ :‬آحاد ‪ .‬كل ما قرأ نافع ‪ ،‬عاصم ‪ ،‬ابن عامر‬
‫‪ ،‬أبو عمرو نقول ‪ :‬ھذه متواترة كل ما قرأ حسن بن أبي الحسن فھو ‪ :‬شاذ ‪ً .‬إذا ھذا الحكم معلق بأشخاص قال بعضھم ‪ :‬بل‬
‫ٍ‬
‫حينئذ بالقراءة‬ ‫األولى أن يعلق بضوابط متى ما وجدت ھذه الضوابط حينئٍذ حكمنا بالقرآنية كونه ً‬
‫قرآنا ولو لم يتواتر ونحكم‬
‫مطلقا في الصالة وفي خارجھا وقيل ‪ :‬المعتمد في ذلك الضوابط سواء كانت القراءة من القراءات السبع أو العشر أو‬ ‫ً‬ ‫بھا‬
‫ُ‬
‫غيرھا ‪ .‬قال ابن الجزري رحمه  تعالى ‪ -‬وھو حامل راية ھذا القول ‪ : -‬وقد ِثبر في النشر كل قراءة ‪ -‬ھذا ھو الضابط ‪-‬‬
‫كل قراءة وافقت العربية ولو بوجه‬
‫ووافقت أحد المصاحف العثمانية ولو احتماالً‬
‫وصح سندھا فھي قراءة صحيحة ‪.‬‬
‫فحينئذ ثبتت القرآنية صارت قراءة وال نقف مع فالن أو فالن بل‬ ‫ٍ‬ ‫ھذه ثالثة أركان سماھا أركان متى ما وجدت مجتمعة‬
‫ً‬
‫مخالفا مخالفة‬ ‫ً‬
‫فصيحا أو أن ال يكون‬ ‫ً‬
‫ضعيفا‬ ‫نقول ‪ :‬متى ما وافقت القراءة العربية اللغة العربية ولو بوجه ما يعني ‪ :‬ال يكون‬
‫ثم مصحف واحد بل ھي ستة أو ثمان ‪ -‬كما سيأتي ‪-‬‬ ‫ال تضر كما سيأتي ‪ ،‬ووافقت أحد المصاحف العثمانية ألنه ليس َ َّ‬
‫ال وصح سندھا ھذا ھو الثالث ثالثة أقسام‬ ‫ووافقت أحد المصاحف العثمانية ولو احتما ً‬
‫وافقت العربية ولو بوجه ‪،‬‬
‫ً‬
‫احتماال ‪،‬‬ ‫وافقت أحد المصاحف العثمانية ولو‬
‫وصح سندھا ‪.‬‬
‫سندا فھو متواتر ولذلك جعل ھذا ً‬
‫ركنا‬ ‫حينئذ ھل ھو التواتر أم صحة السند ؟ صحة السند ألنه ليس كل ما صح ً‬ ‫ٍ‬ ‫فالعبرة‬
‫قرآنا ‪ ،‬وصح سندھا فھي القراءة الصحيحة التي ال يجوز ردھا وال‬ ‫في ثبوت القراءة بل في ثبوت القرآنية من حيث كونه ً‬
‫يحل إنكارھا سواء كانت عن السبعة أو العشرة أو غيرھم من األئمة المقبولين ‪ ،‬ومتى اختل ركن من‬ ‫يحل بكسر الحاء وال َ ِ ُّ‬ ‫َ ِ ُّ‬
‫ضعيفة أو شاذة أو باطلة ‪ ،‬وسواء كانت عن السبعة أو عمن ھو أكبر منھم ‪ ،‬يعني قد يكون الشاذ فيما‬ ‫ً‬ ‫الثالثة أطلق عليھا‬
‫ثبت عن السبعة ‪ ،‬وھذا موجود لكنه قليل قالوا ‪ :‬قد يُروى عن نافع ما ھو شاذ ‪ .‬في وجه عن طريق أو يروى عن ابن عامر‬
‫شاذا لكنه قليل ‪ُ .‬أطلق عليه ضعيفة أو شاذة أو باطلة سواء كانت عن السبعة أو عمن ھو‬ ‫أو أبي عمرو نقول ‪ :‬ھذا قد يكون ً‬
‫أكبر منھم وھذا ھو الصحيح عند أئمة التحقيق من السلف والخلف صرح بذلك أبو عمرو الداني والمكي وأبو العباس‬
‫والمھدوي وأبو شامة ‪ ،‬ونقل مثله عن الكواشي وأبو حيان قال ‪ :‬وھو مذھب السلف الذي ال يُعرف عن أحد منھم خالفه ‪.‬‬
‫ًإذا ما العمدة ؟‬
‫تقول ‪ :‬العمدة ھو وجود ھذه الثالثة األركان ‪:‬‬
‫وافقت اللغة العربية ولو بوجه‬
‫وافقت أحد المصاحف العثمانية ‪.‬‬
‫صح سندھا ‪.‬‬
‫فمتى ما وجدت ھذه األركان الثالثة ثبتت القرآنية ‪ ،‬لكن المشھور عند الكثيرين من أرباب القراءات واألصوليين وأھل‬
‫قرآنا ‪ ،‬والسيوطي رحمه  في سائر‬ ‫متواترا وما عدا ذلك فال يثبت كونه ً‬ ‫ً‬ ‫اللغة وغيرھم من الفقھاء أنه ال قرآن إال ما كان‬
‫كتبه جرى على ھذا التفصيل ولكنه رجع في )) اإلتقان (( ‪.‬‬

‫يفصل‬ ‫ً‬
‫معجزا‬ ‫النبي‬ ‫على‬ ‫أما القران ھا ھنا فالمنزل‬
‫)‬ ‫)‬

‫‪98‬‬
‫ال في براءة وال ما نقله‬ ‫البسمله‬ ‫ومنه‬ ‫تالوة‬
‫بقي‬
‫)‬ ‫)‬
‫‪.........................‬‬ ‫آحادھم على الصحيح فيھم )‬

‫قرآنا ومنه البسملة ال في براءة ال شك أن البسملة من القرآن ھذا بإجماع الثالثة ال في‬‫ً‬ ‫ً‬
‫آحادا ال يكون‬ ‫رجح أن ما نقل‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫براءة يعني ال في أول براءة ‪ ،‬ال في براءة وال فيما نقل آحادھم إذا ما نقله آحادھم يعني ‪ :‬طريق اآلحاد ال يكون قرآنا ‪ .‬على‬
‫الصحيح فيھما يعني ‪ :‬في ھذين القولين أن البسملة من القرآن ‪ ،‬وأن ما نقله اآلحاد ال يكون ً‬
‫قرآنا لكنه رجع في )) اإلتقان ((‬
‫فجرى على ما مشى عليه ابن الجزري ورجحه ولذلك قال في )) التحبير (( ‪ :‬تبعت َ‬
‫البلقيني أو البُلقيني في التقسيم ثالثي ثم‬
‫تبين لي أن فيه ً‬
‫نظرا ‪ .‬وھنا جرى على ذلك ‪.‬‬
‫ًإذا عرفنا التقسيمات أو االختالف فيما ذكره بعضھم ‪.‬‬

‫)‬ ‫يعمل ُ‬ ‫َ َُ ِ ٌ‬
‫فمتواتر ‪َ ْ َ ،‬‬
‫وليس ُ ْ َ‬ ‫قد َ َ ُ‬
‫نقلوا‬ ‫القراء َما َ ْ‬ ‫َّ ْ َ ُ‬
‫والسبعة ُ َّ ُ‬
‫)‬
‫وإال َ ْ ِ‬
‫فادر‬ ‫التفاسير ‪َّ ِ ،‬‬
‫مجرى َّ ِ ْ ِ‬ ‫َ ْ َ‬ ‫يجر‬
‫لم َ ْ ِ‬ ‫حكم َما َ ْ‬ ‫َِْ ِ ِ‬
‫بغيره في ال ُ ْ ِ‬
‫)‬ ‫)‬
‫)‪..........................‬‬ ‫‪.....................‬‬ ‫َْ َْ ِ‬
‫قولين‬
‫)‬

‫قولين ھذا لمن ھذا للسيوطي ‪.‬‬


‫بغيره ( ًإذا عرفنا أن المتواتر يقابله اآلحاد والشاذ جماھيرھم على أنه ال يُقرأ وال يحتج إال بالمتواتر ال يقرأ‬ ‫يعمل ُ ِ َ ْ ِ ِ‬ ‫وليس ُ ْ َ‬ ‫) َْ َ‬
‫في الصالة وال في خارجھا إال بالمتواتر وھو السبعة القراء ما نقله السبعة القراء ھذا ھو المتواتر وال يُقرأ بغيره وال يعمل‬
‫بغير ما تضمنته من أحكام ولذلك قال ‪:‬‬
‫يعمل ُ ِ َ ْ ِ ِ‬
‫بغيره‬ ‫بغيره ( لما عرف لك المتواتر من القراءات وھو ما رواه أو نقله السبعة القراءة قال ‪َ ْ َ ) :‬‬
‫وليس ُ ْ َ‬ ‫يعمل ُ ِ َ ْ ِ ِ‬ ‫وليس ُ ْ َ‬ ‫) َْ َ‬
‫( ‪ .‬يعني ‪ :‬بغير المتواتر ‪ .‬وإذا لم يعمل به فمن باب أولى أن ال يُقرأ به لماذا ؟‬
‫فحينئذ إذا منع العمل‬ ‫ٍ‬ ‫أصال وإنما ھي من باب السبعة‬ ‫ً‬ ‫ألن القرآن ُأنزل في األصل للعمل به وتالوته ‪ ،‬ولكن التالوة ليست‬
‫بغير المتواتر فمن باب أولى وأحرى أن يمنع قراءته وھذا ذكره كثير منھم النووي ورجحه في ) شرح المھذب ( قال ‪ :‬من‬
‫جوز القراءة في الصالة أو غيرھا بالثالثة وما عداھا فإما ھو جاھل أو متجاھل ‪ .‬ھكذا قال النووي في ) شرح المھذب ( وقد‬
‫نقله بعض المعاصرين عنه ‪.‬‬
‫بغيره ( أي ‪ :‬بغير المتواتر من اآلحاد والشاذ فال يعمل بقراءة أبي جعفر وال يعقوب وال خلف وال غيره‬ ‫يعمل ُ ِ َ ْ ِ ِ‬ ‫وليس ُ ْ َ‬ ‫) َْ َ‬
‫من الشاذ وخاصة مما نقل من قراءات التابعين ‪.‬‬
‫مجرى َّ ِ ْ ِ‬
‫التفاسير‬ ‫يجر َ ْ َ‬ ‫الحكم ( يعني ‪ :‬في األحكام ‪ .‬ال يُعمل به في األحكام ‪ ،‬وإنما تؤخذ األحكام من المتواتر ) َما َ ْ‬
‫لم َ ْ ِ‬ ‫) في ُ ْ ِ‬
‫( ھذا استثناء أو ال ؟‬
‫التفاسير ( غير المتواتر قد يجري مجرى التفسير والبيان كما في قراءة ابن مسعود ) فصيام‬ ‫مجرى َّ ِ ْ ِ‬ ‫يجر َ ْ َ‬ ‫لم َ ْ ِ‬ ‫استثناء ) َما َ ْ‬
‫ثالثة أيام متتابعات ( متتابعات ھذا يجري مجرى التفسير كأن فسر لك ھل ھذه األيام المأمور بصيامھا متتابعة أو ال ؟ فقال‬
‫) متتابعات ( ‪ .‬أو ال ؟ كذلك بقوله ‪ ) :‬وله أخ أو أخت من‬ ‫‪ ) :‬متتابعات ( ‪ .‬فھذه القراءة ليست متواترة ھل يعمل بقوله ‪:‬‬
‫بغيره ( بغير المتواتر واآلحاد من اآلحاد والشاذ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫يعمل ُ ِ ْ ِ‬ ‫َ‬
‫وليس ُ ْ َ‬
‫أم ( ‪ ) .‬من أم ( ھذا جرى مجرى التفسير والبيان قال ھنا ‪َ ْ ) :‬‬
‫التفاسير ( ال يعمل به ما لم يجر مجرى التفاسير ‪ ،‬ما ھو المنفي ؟‬‫مجرى َّ ِ ْ ِ‬ ‫يجر َ ْ َ‬ ‫لم َ ْ ِ‬‫في األحكام ) َما َ ْ‬
‫ما جرى مجرى التفسير أو الذي لم يجر مجرى التفسير ؟‬
‫قولين ( وإال غير المتواتر ما لم يجر مجرى التفاسير وإال يجري مجرى التفاسير فادر قولين فاعلم قولين‬ ‫فادر َ ْ َ ْ ِ‬ ‫وإال َ ْ ِ‬‫) ِ َّ‬
‫يعني في االحتجاج بھا أو ال قوالن ‪.‬‬
‫التفاسير ( إذا لم يعمل بغيره في الحكم إذا لم يجر مجرى التفاسير ‪ ،‬وھذا فيه قلب في البيت لماذا ؟‬ ‫مجرى َّ ِ ْ ِ‬ ‫يجر َ ْ َ‬ ‫لم َ ْ ِ‬ ‫) َما َ ْ‬
‫ألن الذي وقع فيه خالف ھو ماذا ؟‬

‫‪99‬‬
‫] ما جرى مجرى التفسير [ )‪ ، (2‬أو الذي وقع فيه خالف ھو ما لم يجر مجرى التفسير ‪ ،‬وأما الذي جرى مجرى التفسير‬
‫فھذا يحتج به وال إشكال ‪ ،‬ما جرى مجرى التفسير ھذا يحتج به وال إشكال ‪ ،‬وأما ما لم يجر مجرى التفاسير فھذا يُعمل به أو‬
‫ال ؟‬
‫أال نقول ‪ :‬القراءة التي لم تكن متواترة إما أن تجري مجرى التفسير أو ال ؟‬
‫قولين ( القولين المحكيان ھنا ھل ھي فيما جرى مجرى التفسير أو في غيره ؟‬ ‫فادر َ ْ َ ْ ِ‬
‫وإالَّ َ ْ ِ‬
‫القوالن اللذان حكاھما ) ِ‬
‫لمَ‬ ‫ْ‬
‫الحكم َما ْ‬ ‫َ‬
‫يعمل ُ ِ ْ ِ ِ‬
‫بغيره في ُ ِ‬ ‫َ‬
‫وليس ُ ْ َ‬
‫في غيره ‪ ،‬ولكنھم في الظاھر أنه في ما جرى مجرى التفسير ألنه قيد األول قال ‪َ ْ ) :‬‬
‫قولين ( واألصل ھو العكس ‪ ،‬ولذلك قال بعضھم ‪:‬‬ ‫فادر َ ْ َ ْ ِ‬
‫التفاسير ( وإال فإن جرى مجرى التفاسير فقوالن ) َ ْ ِ‬ ‫مجرى َّ ِ ْ ِ‬‫يجر َ ْ َ‬
‫َ ْ ِ‬
‫قوليِن ( أنھم في الذي جرى مجرى التفسير ھذا مقتضى‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫فادر ْ ْ‬ ‫َ‬
‫مقتضاه أن القولين في الذي يجري مجرى التفسير ‪ .‬الخالف ) ْ ِ‬
‫البيت ‪ ،‬والصواب أن القولين إنما ھما في ما لم يجر مجرى التفاسير ‪ ،‬ولذلك أبدل بعضھم وصحح ھذا البيت ألنه على‬
‫ظاھره خطأ فقال ‪:‬‬

‫مجرى التفاسير وإال فترى‬ ‫بغيره إال الذي من ذا جرى‬


‫)‬ ‫)‬

‫يعمل ُ ِ َ ْ ِ ِ‬
‫بغيره ( إال الذي من ذا جرى مجرى التفاسير يعني ‪ِ :‬منْ َذا المشار إليه غير المتواتر وھو اآلحاد والشاذ‬ ‫) َْ َ‬
‫وليس ُ ْ َ‬
‫إذا جرى مجرى التفاسير يُعمل به وإال يجري مجرى التفاسير فترى قولين ‪ ،‬ولو صحح بطريقة أخرى فقيل ‪:‬‬

‫فادر‬
‫ِ‬ ‫مجرى التفاسير وإال‬ ‫بغيره في الحكم إذ ال يجري‬
‫)‬ ‫)‬

‫صح البيت بغيره نفس بيت الناظم ھكذا قال أبو الوفاء ذلك‬

‫فادر‬
‫ِ‬ ‫مجرى التفاسير وإال‬ ‫بغيره في الحكم إذ ال يجري‬
‫)‬ ‫)‬

‫صح البيت وال يحتاج إلى تصويبه وإعادته مرة أخرى ‪ ،‬واضح ‪.‬‬
‫ً‬ ‫يعمل ُ ِ َ ْ ِ ِ‬
‫بغيره ( بغير المتواتر من اآلحاد والشاذ في الحكم إذ ال يجري مجرى التفاسير ‪ ،‬إذا ما ال يجري مجرى‬ ‫) َْ َ‬
‫وليس ُ ْ َ‬
‫التفاسير ال يعمل به ‪ ،‬وأما ما يجري مجرى التفسير فھذا الذي فيه قوالن ‪ :‬يعمل به ‪ ،‬ال يعمل به ‪ .‬واضح ھذا ‪.‬‬
‫ًإذا نصوب البيت ھكذا ‪:‬‬

‫مجرى التفاسير ‪...........‬‬ ‫بغيره في الحكم ِْإذ ال يجري‬


‫)‬ ‫)‬

‫إذ ھذه تعليلية لنفي العمل عن غير المتواتر لماذا ال يُعمل به ؟‬


‫يعمل ُ ِ َ ْ ِ ِ‬
‫بغيره ( بغير المتواتر من اآلحاد والشاذ في الحكم إذ ال يجري مجرى التفاسير‬ ‫إذ ال يجري مجرى التفاسير ) َ ْ َ‬
‫وليس ُ ْ َ‬
‫العمل‬
‫العمل في َ َ ِ‬
‫ال يعمل به ألنه ال يجري مجرى التفاسير وإال بأن كان يجري مجرى التفاسير فادر أي فاعلم أو اعرف أن َ َ َ‬
‫به على قولين ‪ :‬قيل ‪ :‬يُعمل به ‪ ،‬وقيل ‪ :‬ال يُعمل به ‪.‬‬

‫المسموع‬
‫ھو َ ْ ُ ُ‬ ‫قدمه ذا َ‬
‫القول ُ ُ َ‬ ‫َ ِّ ْ ُ‬ ‫َْ ُ ُ‬
‫المرفوع‬ ‫إن َ َ َ ُ‬
‫عارضه‬ ‫‪ْ ِ ...‬‬
‫)‬ ‫)‬

‫)‪ (2‬ﺳﺒﻖ ﻟﺴﺎﻥ ‪.‬‬


‫‪100‬‬
‫إن قيل ‪ :‬يُعمل به وعارضه حديث مرفوع عارض غير اآلحاد والشاذ كل ما لم يكن من القراءات السبعة إذا عارضه‬
‫فحينئذ إذا عورض بحديث مرفوع أيھما يقدم ؟‬ ‫ٍ‬ ‫الحديث المرفوع وقلنا ھذا يجري مجرى التفسير‬
‫ً‬
‫فحينئذ يعمل به مطلقا وال إشكال ‪ ،‬ھذا فيما إذا جرى‬ ‫ٍ‬ ‫الحديث المرفوع وال إشكال وإذا لم يكن معارض بحديث مرفوع‬
‫مجرى التفسير قيل ‪ :‬يعمل به ‪ .‬وقيل ‪ :‬ال يعمل به ‪ .‬واألصح أنه يُعمل به ‪ ،‬واألصح أنه يحت ُج بھا كخبر اآلحاد كما يُروى‬
‫عن النبي  خبر واحد كذلك يحتج بالقراءة إذا ثبتت عن خبر واحد واألصح أنه يحتج بھا كخبر اآلحاد لصحة نقلھا عن‬
‫ٍ‬
‫حينئذ انتفى التواتر في كونھا قرآن ولكن بقي ماذا ؟‬ ‫النبي  ‪ ،‬إذا صح السند وقرأ ابن مسعود ) فصيام ثالث أيام متتابعات (‬
‫واحدا ولو كان من جھة المعنى أو القيد أو التخصيص دون‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫حرفا‬ ‫أنھا منقولة عن النبي  ألن الصحابة يبُعد أن يزيدوا‬
‫حينئذ نعامله معاملة الحديث المرفوع كأنه خبر واحد ‪ ،‬لذلك لصحة نقلھا‬ ‫ٍ‬ ‫رجوع إلى النقل ‪ ،‬فلھذا االحتمال بل لھذا الظاھر‬
‫عن النبي صلى  عليه وآله وسلم وال يلزم من انتفاء قرآنيتھا لكونھا آحاد لم تكن متواترة ال يلزم من انتفاء قرآنيتھا انتفاء‬
‫حينئذ تعامل معاملة الخبر وإنما لم تصح القراءة بھا لعدم شروط التواتر أو لعدم شرط التواتر ‪ ،‬ھذا إن قلنا‬ ‫ٍ‬ ‫عموم خبريتھا‬
‫الجزري ‪.‬‬ ‫ْ‬
‫حينئذ يدخل فيما ذكره ابن َ َ ِ ّ‬
‫ٍ‬ ‫بأن القرآنية مقيدة بالتواتر ‪ ،‬وإذا أثبتنا بأنھا مقيدة بصحة السند‬
‫وإال ( ‪ .‬يعني ‪ :‬بأن لم يجر بغيره في الحكم إن لم يجر مجرى التفسير وإال فادر بأن جرى مجرى التفسير‬ ‫ًإذا قوله ‪َّ ِ ) :‬‬
‫قولين فادر يعني ‪ :‬فاعلم ‪ .‬قيل ‪ :‬يُعمل به ‪ .‬وقيل ‪ :‬ال يُعمل به ‪ .‬واألصح أنه يُعمل به كخبر الواحد وقيل ‪ :‬ال يُعمل به ‪ .‬لماذا‬
‫قرآنا وسقط ما تضمنته اآلية من زيادة سقط‬ ‫قرآنا ‪ً ،‬إذا سقط ما يدل على كونھا ً‬ ‫قرآنا فانتفى كونھا ً‬‫؟ ألنھا جاءت على كونھا ً‬
‫ماذا ؟ قرآنيتھا وسقط مع قرآنيتھا ما تضمنته من األحكام نقول ‪ :‬ال ‪ ،‬انتفاء شرط التواتر على القول به ال يلزم منه انتفاء‬
‫خبريتھا بل ھي من ھذه الحيثية خبر ألنه يبُعد أن الصحابة يزيدون من عند أنفسھم من تلقاء أنفسھم ‪.‬‬
‫قدمه ( أي ‪ :‬قدم المرفوع ) ذا‬‫المرفوع ھذا فاعل عارض ) َ ِّ ْ ُ‬ ‫ُ‬ ‫عارضه ( أي ‪ :‬غير المتواتر ‪ .‬الحديث المرفوع ‪،‬‬ ‫إن َ َ َ ُ‬‫) ِْ‬
‫القول ُ ( وھو تقديم الحديث المرفوع على غير المتواتر من اآلحاد والشاذ ھو القول المسموع والمرضي عند أھل العلم ألن‬ ‫َ‬
‫مرفوعا عن النبي  وھذا وإن كان الظاھر أنه في قوة المرفوع إال أنه ليس كالمرفوع حقيقة ‪ ،‬ولذلك إذا‬ ‫ً‬ ‫ذاك نص في كونه‬
‫ومرفوع ح ً‬
‫ُكما ولم يمكن الجمع أيھما يقدم ؟‬ ‫ٌ‬ ‫تعارض مرفوع حقيقة‬
‫ً‬
‫حقيقة ھو المقدم ‪.‬‬ ‫المرفوع‬

‫الصحابةِ‬
‫َّ َ‬ ‫قراءةُ‬
‫َِ َ‬ ‫ََْ ُ‬
‫تتبعھا‬ ‫َّ ِ ِ‬
‫كالثالثة‬ ‫ََ ُ‬
‫اآلحاد‬ ‫َّ ِ ُ‬
‫والثاني‬
‫)‬ ‫)‬

‫يبقى في مسألة التواتر ھناك ذكر ابن الحاجب رحمه  تعالى مسألة قد ُ ِّ َ‬
‫شنع عليه بھا وھي ‪ :‬أن المتواتر ھو جوھر اللفظ‬
‫وأما ھيئة اللفظ من المد ‪ ،‬واإلمالة ‪ ،‬وتخفيف الھمزة فليس بمتواتر ‪ .‬وينبني عليه أن التجويد ليس بمتواتر وليس بواجب‬
‫ُ ِّ َ‬
‫فشنع عليه وصارت مسألة فيھا ردود و ‪ ...‬إلى آخره ‪.‬‬

‫للقراء‬
‫ِ‬ ‫وقيل خلف اللفظ‬ ‫األداء‬
‫ِ‬ ‫وقيل إال ھيئة‬
‫)‬ ‫)‬

‫األداء ھذا منسوب البن حاجب رحمه  تعالى ‪ ،‬ولذلك قال ابن الحاجب يعني القراءة السبعة متواترة‬ ‫ِ‬ ‫وقيل إال ھيئة‬
‫ويحكم بأنھا متواترة قال ‪ :‬إال ما كان من قبيل األداء ‪ .‬الذي ھو التجويد وابن الجزري شدد عليه قد وھم قال ‪ :‬ال أعلم له من‬
‫سبقه بھذا القول ‪ .‬إال ما كان من قبيل األداء كالمد ‪ ،‬واإلمالة ‪ ،‬وتخفيف الھمزة فإنه ليس بمتواتر وإنما المتواتر جوھر اللفظ‬
‫ٍ‬
‫حينئذ‬ ‫أحدا تقدم ابن الحاجب إلى ذلك ‪ ،‬ويلزم من تواتر جوھر اللفظ تواتر ھيئته‬ ‫‪ .‬قال ابن الجزري رحمه  ‪ :‬وال نعلم ً‬
‫ٍ‬
‫حينئذ كان تواتر الھيئة من باب أولى وأحرى ‪ .‬ھكذا قال‬ ‫اللفظ وحال اللفظ الذي ھو األداء شيء واحد وإذا ثبت تواتر اللفظ‬
‫ابن الجرزي رحمه  ولذلك يقول في الجزرية ‪:‬‬

‫من لم يجود القرآن آثم‬ ‫حتم الزم‬ ‫واألخذ بالتجويد‬


‫)‬ ‫)‬

‫‪101‬‬
‫آثما ‪ ،‬وقوله ھذا فيه نوع صعوبة ‪ ،‬ولذلك البلقيني توسط قال ‪ :‬أصل المد واإلمالة وتخفيف‬ ‫إذا لم تجود القرآن صرت ً‬
‫الھمزة الذي ھو قدر مشترك بين القراء ھذا متواتر ‪ ،‬وما اختلفوا فيه ھذه يزيد ست حركات وھذا أربع حركات ھذا ليس‬
‫الحمد ّ‪ِّ َ ِS‬‬
‫رب‬ ‫انش َّ ْ‬
‫قت ﴾ ] االنشقاق ‪ - [1 :‬بدون مد ‪ -‬تأثم فعلى ھذا القول إذا قلت ‪ُ ْ َ ْ ﴿ :‬‬ ‫بمتواتر ‪ .‬ولذلك إذا قلت ‪َِ ﴿ :‬إذا َّ َ‬
‫السماء َ‬
‫آثما ‪ .‬من لم يجود القرآن‬ ‫العالمين ﴾ ‪ .‬ھكذا دون أن تخرج الحروف من مخارجھا ودون أن تأتي بالتشديدات ونحوھا صرت ً‬ ‫َْ َِ َ‬
‫انشقت ﴾ ] االنشقاق ‪ . [1 :‬ھكذا ولو مثال لو كالمي اآلن أثمت عند ابن الجزري رحمه  تعالى‬ ‫السماء َ َّ ْ‬
‫آثم ‪ ،‬لو قال ‪َِ ﴿ :‬إذا َّ َ‬
‫لماذا ؟‬
‫واجبا ً‬
‫علما‬ ‫ً‬ ‫ٍ‬
‫حينئذ صار ماذا ؟ صار‬ ‫ً‬
‫متواترا‬ ‫ألن ھيئة األداء الذي ھو التجويد من المد واإلمالة ونحو ھذا متواتر وإذا كان‬
‫قطعيا فال يُؤدى اللفظ إال بھذا ھذا قول ‪...‬‬ ‫ًّ‬

‫الصحابةِ‬
‫َّ َ‬ ‫قراءةُ‬
‫َِ َ‬ ‫ََْ ُ‬
‫تتبعھا‬ ‫َّ ِ ِ‬
‫كالثالثة‬ ‫ََ ُ‬
‫اآلحاد‬ ‫َّ‬
‫والثا ِ ُ‬
‫ني‬
‫)‬ ‫)‬

‫َّ ِ ُ‬
‫والثاني ( مرفوع بالضم‬ ‫َّ ِ ُ‬
‫والثاني ( والثاني بإسكان الياء على األصل لكن حركھا بالضم ً‬
‫ردا إلى األصل للوزن )‬ ‫)‬
‫الظاھرة للضرورة للوزن كما قال األول ‪:‬‬

‫ُدة ْال ُعم ِْر َ ِ‬


‫عاج ُل‬ ‫ولكن َ ْ َ‬
‫أقصى م َّ َ‬ ‫َ َِ‬ ‫متى َ ْ َ‬
‫أنت َجائيُ‬ ‫دري َ َ‬ ‫َ َلع ْمر َ‬
‫ُك َما َت ْ ِ‬
‫)‬ ‫)‬

‫ي ھذا منقوص ‪ ،‬والمنقوص إنما يُرفع بضمة مقدر على آخره وھنا جائ ُل للضرورة ‪) ،‬‬ ‫لعمرك ما تدري متى أنت َجائ ُ‬
‫كالثالثة ( يعني كقراءة‬ ‫ِِ‬ ‫َّ‬ ‫والثاني ( حركه للضرورة من األنواع الثالثة مما ال يصل إلى حل التواتر مما صح سنده اآلحاد ‪) ،‬‬ ‫َّ ِ ُ‬
‫لفظ كالقراءات السبعة ثالثة القراء يعقوب وأبو جعفر وخلف حكم عليھا بكونھا آحاد لماذا ؟ لكونھا لم تنقل‬ ‫الثالثة وھذا ٌ‬
‫آحادا ليس من‬ ‫ً‬ ‫قرآنا ولذلك ال يجوز القراءة بھا عندھم ‪ ،‬ما ُنقل‬ ‫حينئذ سقطت قرآنيتھا ولم تكن ً‬ ‫ٍ‬ ‫بالتواتر وإذا لم تنقل بالتواتر‬
‫تواترا ‪ ،‬وقيل ‪ :‬نعم كما ذكره ابن جزري كما سبق ‪،‬‬ ‫ً‬ ‫القرآن ألنه إلعجازه الناس عن اإلتيان بمثله تتوفر الدواعي على نقله‬
‫تتبعھا ( ھذا بالعطف على إسقاط حرف العطف أي ‪ :‬تتبع الثالثة في كونھا آحادا ال يجوز‬
‫ً‬ ‫الصحابة ( ‪ ) ،‬و َ ْ َ ُ‬ ‫قراءةُ َّ َ ِ‬ ‫و) ََْ ُ‬
‫تتبعھا ِ َ َ‬
‫مطلقا وإنما إذا صح سندھا ‪ً ،‬إذا صحت القراءة عنه الصحابي ابن مسعود مثال ُ َ ُّ‬
‫أبي بن‬ ‫ً‬ ‫قراءةُ َّ َ ِ‬
‫الصحابة ( ال‬ ‫القراءة بھا ) ِ َ َ‬
‫اآلحاد انصرف إلى الثالثة وقراءة الصحابي‬ ‫ٍ‬ ‫آحادا فإذا أطلق أرباب القراءة‬ ‫ً‬ ‫ٌ‬
‫كعب وابن عباس نقول ‪ :‬ھذه تابعة للثالثة لكونھا‬
‫تتبعھا ( أي في‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫و) َُ‬ ‫مختصا بالثالثة وإنما يشمل ماذا ؟ قراءة الصحابة إذا صح سندھا‬ ‫ً‬ ‫فليس مسمى اآلحاد عندھم‬
‫ُ‬ ‫َّ‬
‫الصحابة ( التي صح سندھا لماذا ؟ قالوا ‪ :‬ألنھم عدول ال يقرؤون بالرأي ‪ ) ،‬والث ِالث ( من‬ ‫قراءة َّ َ ِ‬ ‫ُ‬ ‫آحادا ) ِ َ َ‬ ‫ً‬ ‫الحكم في كونھا‬
‫ُ‬ ‫َّ‬
‫يشتھر ( ) الشاذ ( بتخفيف الذال ) الشاذ ( ھو الشاذ لكن عندھم ال يلتقي ساكنان عند‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬
‫لم َ ِ ْ‬‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬
‫األنواع الثالثة ) الشاذ الذي ْ‬
‫ُ‬ ‫َّ‬
‫حينئذ ال بد من إسقاط الذال األولى ولذلك ھو ) الشاذ (‬ ‫ٍ‬ ‫العرضيين ال يلتقي ساكنان ‪ ،‬والساكنان ھنا األلف والذال األولى‬
‫بالتخفيف‬
‫َّ ِ ُ َ‬
‫التابعون ‪.....‬‬ ‫قراهُ‬ ‫َ‬
‫مما َ‬ ‫ِ َّ‬ ‫لم َ ْ َ ِ ْ‬
‫يشتھر‬ ‫َ‬
‫الشاذ الذي ْ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬
‫والثالث‬
‫)‬ ‫)‬

‫قراهُ ( ‪َ َ ) ،‬‬
‫قراهُ ( قرأه بإسقاط الھمزة للتخفيف ) َّ ِ ُ َ‬
‫التابعون ( إما‬ ‫مما َ َ‬ ‫) َّ ِ ُ‬
‫والثالث ( من األنواع الشاذ وھو الذي لم يشتھر ) ِ َّ‬
‫لغرابته لم يشتھر إما لغرابته أو لضعف سنده ‪ ،‬ما لم يشتھر من القراءة عن التابعين إما لغرابته وإما لضعف سنده نقول ‪:‬‬
‫محيص محمد‬
‫ٍ‬ ‫شاذ ‪ ،‬وھو كل القراءات األربعة التي بعد العشرة التي ذكرنا أنھا قراءة الحسن بن يسار البصري ‪ ،‬وابن‬ ‫ھذا ٌ‬
‫بن عبد الرحمن المكي ‪ ،‬ويحيى بن مبارك اليزيدي ‪ ،‬ومحمد بن أحمد ‪ ،‬ھؤالء نقول من التابعين وقراءتھم شاذة إما لكونا ال‬
‫واستطر ( ھذا تكملة يعني استطر كتب الشاذ في أنواع القراءات ‪.‬‬ ‫تصح وإما لكونھا غريبة لم تشتھر ‪ْ ِ ُ ْ ) ،‬‬
‫ً‬
‫السيوطي رحمه  اجتھد وقسم القراءات ستة أقسام أراد أن يلتمس للقراءات مسلكا مع مسالك أو يجتمع مع مسالك أھل‬
‫الحديث فيثبت القراءات متواترة ‪ ،‬وقراءة ومشھورة ‪ ،‬وقراءة أحادية ‪ ،‬وشاذة ‪ ،‬وموضوعة ‪ ،‬ومدرجة ‪ .‬ذكرھا في ))‬
‫التحبير (( وفي )) اإلتقان (( ‪.‬‬

‫‪102‬‬
‫جمع يمتنع تواطئھم على الكذب عن مثلھم إلى منتھاه على التقسيم المشھور أن‬ ‫ٌ‬ ‫] األول [ ‪ :‬المتواتر عنده ‪ .‬ما نقله‬
‫المتواتر ما نقله جمع يمتنع تواطئھم على الكذب عن مثلھم إلى منتھاه ‪ .‬قال ‪ :‬وغالب القراءات على ھذا ‪ ،‬غالب القراءات‬
‫متواترة ‪.‬‬
‫الثاني ‪ :‬المشھور ‪ .‬وھو الذي فقد فيه التواتر ‪ ،‬وھو ما صح سنده ‪ ،‬ووافق العربية والرسم ‪ ،‬واشتھر عند القراء ‪ -‬بقيد‬ ‫ُ‬
‫الشھرة ‪ -‬واشتھر عند القراء فلم يعدوه من الغلط وال من الشذوذ ويُقرأ به على مقال ابن الجزري ‪ ،‬المشھور لم يتواتر ًإذا كل‬
‫فحينئذ المشھور ليس بتواتر فال يقرأ به واألصح أنه يُقرأ به فإذا جوزنا‬ ‫ٍ‬ ‫ما لم يتواتر فليس بقرآن القاعدة العامة عندھم ‪،‬‬
‫ومثل له بما اختلفت‬ ‫َّ‬
‫آحادا ولم يصل إلى درجة التواتر من باب األولى وأحرى ‪َ َ .‬‬ ‫ً‬ ‫نئذ ما لم يكن‬ ‫قراءة اآلحاد كالثالثة حي ٍ‬
‫كل ما اختلف فيه النقل عن السبعة ‪ -‬السبعة كل ما اتفقوا عليه فھو متواتر ‪ -‬إذا اختلفوا في النقل‬ ‫ُ‬
‫الطرق في نقله عن السبعة ‪ّ ،‬‬
‫تواترا فصار ماذا درجة وسطى ‪ ،‬فيجوز القراءة به على الصحيح عند ابن‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫آحادا ولم ينقل‬ ‫ً‬ ‫عن السبعة نقول ‪ :‬ھذا لم يُنقل‬
‫الجزري وغيره وعند الجمھور ال يُقرأ به ‪ ،‬لماذا لفقد شرط التواتر ‪.‬‬
‫الثالثة ‪ :‬اآلحاد ‪ .‬وھو ما صح سنده ‪ ،‬وخالف الرسم أو العربية ‪ .‬صح السند لكنه خالف الرسم رسم القرآن المصحف‬
‫مخالفة تضر أو لم تشتھر مع صحة السند عند القراء وال يُقرأ به مع كونه صح سنده لكنه خالف الرسم‬ ‫ً‬ ‫العثماني أو العربية‬
‫ُ‬ ‫َّ‬
‫وخالف القواعد مخالفة تضر ھذا حتى عند ابن الجزري ال يقرأ به ألنه ليس بقرآن ولو صح سنده ‪َ ،‬مثلوا له بقراءة ابن‬ ‫ً‬
‫أنفسكم ‪ ،‬كما سيأتي بيناه ‪.‬‬ ‫أنفسكم والقراءة المشھورة من َ ْ ُ ِ ُ ْ‬ ‫رسول من َ ْ َ ِ ُ ْ‬ ‫ٌ‬ ‫عباس ) ِمنْ َ ْ َ ِ ِ ْ‬
‫أنفسھم ( ‪ ،‬لقد جاءكم‬
‫يوم الدين ( بصيغة الماضي‬ ‫ملك َ‬ ‫الرابع ‪ :‬الشاذ ‪ .‬وھو ما لم يصح سنده ضعيف لم يصح سنده فھو شاذ ‪ .‬ومنه قراءة ) َ َ َ‬
‫مفعول به ھذه قراءة‬ ‫ٌ‬ ‫ويوم ھذا‬
‫َ‬ ‫فعل ماضي والضمير فاعل ھو‬ ‫ملك ٌ‬ ‫يوم الدين ‪َ َ َ ،‬‬ ‫ملك َ‬ ‫الحمد رب العالمين الرحمن الرحيم َ َ َ‬
‫ضعيفة لم يصح سندھا ‪.‬‬
‫الخامس ‪ :‬الموضوع ‪ .‬وھو ‪ :‬ما ال أصل له ‪ .‬مثلوا له ما جمعه الخزاعي محمد بن جعفر نسبھا إلى أبي حنيفة قراءة‬
‫تعظيما له ‪ ! -‬ولذلك مر‬ ‫ً‬ ‫إكراما له تعظيم‬ ‫ً‬ ‫جماعھا ألفھا ونسبھا إلى أبي حنيفة أتباع أبي حنيفة يصنفون وينسبون ألبي حنيفة ‪-‬‬
‫معنا المقصود ھذا ألفه اإلمام األعظم والفقه األكبر ‪ ..‬إلى آخره وھذا منه ‪ ،‬قراءات ‪.‬‬
‫أخت من ٍأم ( ‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫أخ أو‬ ‫السادس ‪ :‬المدرج ‪ .‬وھو ما زيد في القرآن على وجه التفسير ‪ .‬مثلوا له بقراءة ابن مسعود ) وله ٌ‬
‫تفسيرا ولم يمنع ابن الجزري رحمه  من كون بعض الصحابة يزيد بعض األلفاظ من‬ ‫ً‬ ‫من ٍأم ھذه زيادة زادھا ابن مسعود‬
‫باب التفسير قالوا ‪ :‬وھذا ال يلتبس ألن القرآن عندھم مصان ومحفوظ وال يمكن أن يُشكل ھذا اللفظ زائد عن القرآن أو ال ‪.‬‬
‫ھذه ستة أقسام ذكرھا السيوطي رحمه  في )) اإلتقان (( وفي )) التحبير (( إذا عرفنا أن القراءات وقع خالف ونزاع‬
‫يرد السؤال ھل ھناك فائدة من جھة الشرع في االختالف‬ ‫متواتر ‪ ،‬ومشھور ‪ ،‬وآحاد ‪ ،‬وھل يجوز القراءة به أو ال يحوز قد َ ِ ُ‬
‫أو ال ‪ ،‬حتى فيما ثبت من جھة التواتر ‪.‬‬
‫نقول ‪ :‬نعم ثم فوائد ذكرھا بعض أھل العلم ‪:‬‬
‫أولھا ‪ :‬تدل ھذه القراءات على اختالفھا على صيانة كتاب  تعالى وحفظه من التبديل والتحريف مع كونه على ھذه‬
‫األوجه الكثير ‪ ،‬وجوه كل قارئ له طريقان وكل طريق له وجوه متعددة وخالف إلى آخره كل ھذه تدل على ماذا ؟‬
‫تدل على حفظ القرآن ال العكس ‪ ،‬يعني ال يُستدل على االضطراب في القرآن ‪.‬‬
‫ٍ‬
‫حينئذ‬ ‫مشھور أو صحيح من جھة اآلحاد‬ ‫ٌ‬ ‫متواترا إال أن الصحيح إنه‬ ‫ً‬ ‫نقول ‪ :‬ال ھذه ثابتة ومتواترة وبعضھا إن لم يكن‬
‫محفوظ بلفظه وقراءته‬ ‫ٌ‬ ‫طريقا أو وجه ‪ ،‬فنقول ھذا يدل على ماذا على صيانة كتاب  تعالى وأنه‬ ‫ً‬ ‫يثبت في كونه ً‬
‫قرآنا أو‬
‫اختلف في قراءته أليس كذلك ؟‬ ‫وما ُ‬
‫الثاني ‪ :‬التخفيف عن األمة وتسھيل القراءة عليھا ‪ .‬ھذا يستطع أن ويقول الصراط ويقول السراط ويقول الظراط ‪ ..‬إلى‬
‫آخر كل ذي بال يكون عليه من السليقة ‪.‬‬
‫حكم شرعي دون تكرر اللفظ ‪ .‬يعني اختالف القراءات قد‬ ‫الثالث ‪ :‬إعجاز القرآن في إيجازه ‪ .‬حيث تدل كل قراءة على ٍ‬
‫ٍ‬
‫ٍ‬
‫قراءة‬ ‫حينئذ نقول ‪ :‬كل‬ ‫ٍ‬ ‫حكم شرعي قد يقع اضطراب بينھم خالف أليس كذلك‬ ‫ٍ‬ ‫حكم شرعي واألخرى على‬ ‫قراءة على ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫تدل‬
‫كل منھما‬ ‫نزل ٍ‬ ‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬ ‫دليل مستق ‪ .‬ولذلك نصل الشيخ األمين رحمه  في )) األضواء (( بأنه إذا اختلفت قراءتان‬ ‫ٍ‬ ‫تنزل منزلة‬ ‫ُ َ َّ‬
‫فحينئذ ماذا تصنع ؟‬ ‫ٍ‬ ‫حكما وقراءة أخرى تنفي ذلك الحكم‬ ‫ً‬ ‫ُنزل الحديثين المتعارضين ‪ .‬يعني إذا وقعت قراءة عندھم تتضمن‬ ‫مَ ّ‬
‫ُنزل الحديث كما تصنع بين الحديثين‬ ‫ُنزل م َ ّ‬
‫ُنزل الحديث وھذا م َ ّ‬ ‫ُنزلة م َ ّ‬ ‫اآلية واحدة واختلف القراء فيھا تجعل القراءة األولى م َ ّ ً‬
‫المتعارضين كذلك تصنع بين القراءتين المتعارضتين ‪.‬‬
‫قراءة أخرى ‪ .‬يعني يحتمل أنه مجمل ‪ .‬لو أردنا مثال‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬
‫قراءة أخرى في َ َُّبينُ في‬ ‫ٍ‬ ‫الرابع ‪ :‬بيان ما يحتمل أن يكون مجمالً في‬
‫وسكم َ َ ْ ُ َ ُ ْ‬
‫وأرجلكم ﴾ ]‬ ‫برؤُ ِ ُ ْ‬ ‫وامسحواْ ِ ُ‬
‫على السابق الثالث ‪ :‬إعجاز القرآن في إيجازه ‪ ،‬القراءة المشھورة في سورة المائدة ﴿ َ ْ َ ُ‬

‫‪103‬‬
‫وأرجلكم بدل أن نقول أنه من الجر بالمجاورة ھذا ضعيف ‪،‬‬ ‫َ‬ ‫أرجلكم بالكسر‬‫ِ‬ ‫وأرجلكم ( ‪ .‬ھاتان قراءتان‬ ‫المائدة ‪ْ ُ ِ ُ ْ َ َ ) . [6 :‬‬
‫حكم شرعي ال يُعارض الحكم‬ ‫ٌ‬ ‫المجاورة ضعيف أكثر أھل العربية على أنه ضعيف وإذا أمكن حمل اآلية على معنى مستقل‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫وسكم َ ْ ُ ُ ْ‬
‫وأرجلكم ﴾‬ ‫برؤُ ِ ُ ْ‬ ‫حكم مستقل على األخرى ‪ْ ُ َ ْ َ ﴿ ،‬‬
‫وامسحوا ِ ُ‬ ‫التي دلت عليه قراءة النص فنقول نحمل كالً من القراءتين على ٍ‬
‫وجوھكم ﴾ وھذا يبين ماذا ؟‬ ‫بالنصب عطف على ﴿ ْ ِ ُ ْ‬
‫فاغسلوا ُ ُ َ ُ ْ‬
‫عطفا على رؤوس بالجر وال‬ ‫ً‬ ‫أرجلكم ( بالخفض‬ ‫وسكم ﴾ ) َ ْ ُ ِ ُ ْ‬
‫برؤُ ِ ُ ْ‬ ‫يبين إحدى حالتي القدم وھي إذا كانت مكشوفة ﴿ َ ْ َ ُ ْ‬
‫وامسحوا ِ ُ‬
‫ً‬ ‫ُ‬
‫حينئذ صار من باب المجاورة نقول ‪ :‬ال ‪ ،‬ھنا قصد فيھا أن يكون معطوفا على ﴿‬ ‫ٍ‬ ‫عطفا على األول وجاء بالجر‬ ‫ً‬ ‫نقول‬
‫فحينئذ يُستدل بإثبات مسح‬ ‫ٍ‬ ‫بيان للحالة األخرى للقدم وھي فيما إذا كانت مستورة ‪،‬‬ ‫وسكم ﴾ ] المائدة ‪ [6 :‬وھذا ٌ‬ ‫برؤُ ِ ُ ْ‬ ‫َ ْ َ ُ ْ‬
‫وامسحوا ِ ُ‬
‫الخفين بماذا بالكتاب والسنة وال نقول بالسنة فقط ونذكره نقول ‪ :‬ال ‪ ،‬نقول ھو مجمع على إنھا إشكال ألنه يذكر في باب‬
‫ٍ‬
‫فحينئذ‬ ‫المعتقد ‪ ،‬نقول ‪ :‬ثبت بالكتاب وبالسنة بالكتاب في قراءة ًإذا ھذا دل على حكم شرعي وھذه دلت على حكم شرعي ‪،‬‬
‫نزلت كل قراءة على مضمون خاص مغاير لألخرى وھذا ال بأس فيه ‪.‬‬ ‫ُ ِّ َ‬
‫يطھرن ﴾ ] البقرة ‪ . [222 :‬بالتخفيف ُقرأَ‬ ‫حتى َ ْ ُ ْ َ‬ ‫وأما بيان ما يحتمل أنه مجمل ھذا كما في قوله تعالى ‪َ ﴿ :‬والَ َ ْ َ ُ ُ َّ‬
‫تقربوھن َ َّ َ‬
‫ِ‬
‫يطھرن ﴾ ‪ .‬يعني بانقطاع الدم ] ‪ ...‬اسمع اسمع ‪َ َ ﴿ [ ...‬‬
‫وال‬ ‫حتى َ ْ ُ ْ َ‬
‫يطھرْ ن ‪ ،‬ھل بينھما فرق ﴿ َ َّ َ‬ ‫فحينئذ َ ْ‬
‫يطھُرْ َن َ َّ َّ‬ ‫ٍ‬ ‫يطھرْ َن (‬‫حتى ) َ َّ َّ‬
‫يطھرن ﴾ ‪ .‬بانقطاع الدم ثم يأتي الخالف ھل يجوز أن يأتي ويطأ قبل الغسل أو ال ‪ ،‬سيأتي الخالف نحتاج إلى‬ ‫حتى َ ْ ُ ْ َ‬ ‫َ ْ َ ُ ُ َّ‬
‫تقربوھن َ َّ َ‬
‫يطھرْ َن علمنا ماذا أنه ال يكفي انقطاع الدم وھو طھر انقطاع الدم ھذا يسمى‬ ‫دليل آخر لكن إذا نظرنا إلى القراءة األخرى َ َّ َّ‬
‫يطھرن ﴾ ] البقرة ‪. [222 :‬‬ ‫حتى َ ْ ُ ْ َ‬‫شيء آخر دلت عليه القراءة األخرى فقوله ‪َ َّ َ ﴿ :‬‬ ‫ٍ‬ ‫فحينئذ نقول ‪ :‬ال يكفي ال بد من زيادة‬ ‫ٍ‬ ‫ً‬
‫طھرا‬
‫ھذا صار كالمجمل أنه محتمل ھل المراد بالطھر ھنا الطھر بالغسل أو انقطاع الدم ‪ ،‬محتمل فلما جاءت القراءة األخرى بين‬
‫بغير َ َّ ِ‬
‫األول (‬ ‫يقرأ ُ ِ َ ْ ِ‬
‫وليس ُ ْ َ‬
‫تتطھر بالماء ‪ ،‬ثم قال رحمه  تعالى ‪َ ْ َ ) :‬‬ ‫ماذا أن المراد ھو الغسل أن المراد الغسل يعني حتى َ َ َ َّ‬
‫يعني ال يجوز القراءة بغير األول الذي ھو المتواتر وما عداھا فالمشھور عند المتأخرين ال تجوز قراءة بھا ال في الصالة‬
‫حاصل على جواز القراءة بالثالثة‬ ‫ٌ‬ ‫وال في غيرھا وسبق أن السبكي الكبير نقل عن البغوي وھو من القراء الكبار أن االتفاق‬
‫قال ‪ :‬وھذا ھو الصواب ‪.‬‬

‫ينجلي‬ ‫اإلسناد َ ْ ٌ‬
‫شرط َ ْ َ ِ ْ‬ ‫َ ِ َّ ُ‬
‫وصحة ِ ْ َ ِ‬ ‫‪............................‬‬
‫)‬ ‫)‬
‫والخطِّ‬
‫َ‬ ‫العربي‬
‫َ َِ ْ‬ ‫ْ‬
‫وفاق َ ِ‬
‫لفظ‬ ‫َ‬
‫ِ ُ‬ ‫َّ ْ ِ‬
‫الضبط‬ ‫الرجال‬
‫ِّ َ ِ‬ ‫له َ ُ ْ َ ِ‬
‫كشھرة‬ ‫َُ‬
‫)‬ ‫)‬

‫بيان لما ذھب إليه وال أدري لماذا ذكره إذا مشى على التفصيل الثالثي المتواتر واآلحاد والشاذ وبأنه ال يُقرأ بغير‬ ‫ھذا ٌ‬
‫األول لماذا يذكر الشروط ھذا األركان ؟‬
‫أنا ال أدري لماذا ذكرھا ‪ ،‬األصل أنه ال يذكرھا ألن ھذا يمشي على ماذا على القول الرابع أن المعتمد الضوابط إال إذا‬
‫كان المراد أن يُبين طريقة ابن الجزري ومن سلك مسلكه فال إشكال ‪ ،‬يكون من باب اإلنصاف ‪ ،‬ذكر قوله وما يعتمده ثم‬
‫قرآنا بھذه الشروط الثالثة أليس كذلك‬ ‫ً‬ ‫استطرد فذكر الشروط واألركان التي ذكرھا ابن الجزري في إثبات القرآنية ‪ ،‬كونه‬
‫يعمل ُ ِ َ ْ ِ ِ‬
‫بغيره ( بغير المتواتر وھو اآلحاد والشاذ ‪،‬‬ ‫بغير َ َّ ِ‬
‫األول ( ‪ .‬وقوله فيما سبق ) َ ْ َ‬
‫وليس ُ ْ َ‬ ‫يقرأ ُ ِ َ ْ ِ‬
‫وليس ُ ْ َ‬
‫يحتمل ھذا أما قوله ‪َ ْ َ ) :‬‬
‫ً‬
‫مذھبا للناظم إال أن‬ ‫تعارض ال يمكن أن يجمع بينھما إال إذا كان‬ ‫اإلسناد ( إلى آخره وھذا فيه تعارض ‪َ ،‬‬ ‫وصحة ِ ْ َ ِ‬ ‫ثم يقول ‪ُ َّ ِ َ ) :‬‬
‫يكون من باب التبرع ‪ .‬وھذا يحصل عند بعض المصنفين يذكر اختياره ثم بعد ذلك يتبرع للقارئ فيذكر له ما قد يرجحه‬
‫على اختياره ھو ‪.‬‬
‫استطرادا وإال تناقض مع أوله ‪.‬‬ ‫ً‬ ‫اإلسناد ( ھذا استطراد من المصنف نجعله‬ ‫وصحة ِ ْ َ ِ‬ ‫ًإذا قوله ‪ُ َّ ِ َ ) :‬‬
‫]‪ ...‬السيوطي ذكرھا ما أدري يرجع للنقاية [‬
‫ينجلي ( ھذا شروط تحقق القرآنية للقراءة المشھورة على طريقة ابن الجزري رحمه  ‪ ،‬وھي‬ ‫اإلسناد َ ْ ٌ‬
‫شرط َ ْ َ ِ ْ‬ ‫وصحة ِ ْ َ ِ‬‫) َ ِ َّ ُ‬
‫عدم‬
‫وجود وال ٌ‬‫ٌ‬ ‫معلوم أنه يلزم من عدمه العدم وال يلزم من وجوده‬ ‫ٌ‬ ‫ينجلي ( ) َ ْ ٌ‬
‫شرط ( الشرط‬ ‫شرط َ ْ َ ِ ْ‬ ‫اإلسناد َ ْ ٌ‬
‫وصحة ِ ْ َ ِ‬ ‫ثالثة ) َ ِ َّ ُ‬
‫خارج عن الماھية ‪:‬‬ ‫ٌ‬ ‫لذاته ‪ .‬ھذا ھو الشرط وھو‬

‫وصيغة دليلھا في المنتھج‬ ‫والركن جزء الذات والشرط خرج‬


‫‪104‬‬
‫)‬ ‫)‬

‫اإلسناد ( باتصاله وثقة رجاله وضبطھم وشھرتھم كما سينص عليه المصنف رحمه  تعالى ) َ ْ ٌ‬
‫شرط َ ْ َ ِ ْ‬
‫ينجلي (‬ ‫وصحة ِ ْ َ ِ‬ ‫) َ ِ َّ ُ‬
‫صحة ( ھذا مبتدأ ) َ ْ ٌ‬
‫شرط (‬ ‫اإلسناد ( ) ِ َّ ُ‬ ‫ينجلي ( ) ِ َّ ُ‬
‫صحة ِ ْ َ ِ‬ ‫ويتضح ويظھر لھو الضمير يعود للقرآن أي ‪ :‬لكونه قرآن ) َ ْ ٌ‬
‫شرط َ ْ َ ِ ْ‬
‫الرجال َّ ْ ِ‬
‫الضبط ( )‬ ‫له ( للقرآن في إثبات قرآنيته ) َ ُ ْ َ ِ‬
‫كشھرة ِّ َ ِ‬ ‫ينجلي ( يعني يتضح ‪ُ َ ) ،‬‬ ‫ينجلي ( صفة لشرط ) َ ْ َ ِ ْ‬ ‫ھذا خبره ) َ ْ َ ِ ْ‬
‫الرجال ( يعني ال بد من شھرة الرجال وال بد من ضبطھم فذكر وصفيتن اثنين لصحة اإلسناد ال بد من وجودھما في‬ ‫َ َُْ ِ‬
‫كشھرة ِّ َ ِ‬
‫جائز في الشعر مختلف فيه في النثر ‪ ،‬الضبط ھذا‬ ‫ٌ‬ ‫اإلسناد حتى يحكم بصحته شھرة الرجال والضبط بحذف أو إسقاط وھذا‬
‫اإلسناد ( قال ابن الجزري ‪ :‬أن يروي تلك القراءة العدل الضابط عن مثله ألن كالم اآلن‬ ‫عطفا على شھرة ) َ ِ َّ ُ‬
‫وصحة ِ ْ َ ِ‬ ‫ً‬ ‫بالجر‬
‫ً‬
‫فيه شروط ابن الجزري وأولى من يفسر شروطه ھو ‪ ،‬إذا ما المراد بصحة اإلسناد ؟‬
‫مشھورة عند أئمة ھذا الشأن غير‬ ‫ً‬ ‫قال ‪ :‬أن يروي تلك القراءة العادل الضابط عن مثله كذا حتى تنتھي وتكون مع ذلك‬
‫معدودة من عندھم من الغلط أو مما شذ بھا بعضھم ‪ .‬كأنه ال يجعل صحة اإلسناد فقط ھي المثبتة للقرآنية ‪ ،‬وإنما ال بد من‬
‫مراعاة الشھرة وماذا أنه لم يشذ بھا ‪.‬‬
‫ً‬
‫حينئذ نقول ‪ :‬انتفى كونه قرآنا ‪ ،‬ولو وافق الرسم والقواعد ‪ .‬مثال‬ ‫ٍ‬ ‫الضبط ( فإن انتفى صحة اإلسناد‬ ‫جال َّ ْ ِ‬
‫الر َ ِ‬ ‫له َ ُ ْ َ ِ‬
‫كشھرة ِّ‬ ‫) َُ‬
‫العلماء ( ‪ ،‬ھكذا قرأ بعضھم لكنھا لم تصح من جھة السند فھي‬ ‫َ‬ ‫ما لم يصح سنده كقراءة من قرأ ) إنما يخشى  ُ من عباده‬
‫باطلة برفع لفظ الجاللة ونصب العلماء ‪.‬‬
‫والخطِّ‬
‫َ‬ ‫العربي‬
‫لفظ َ َ ِ ْ‬ ‫ْ‬
‫وفاق َ ِ‬‫َ‬
‫ِ ُ‬ ‫َّ ْ ِ‬
‫الضبط‬ ‫الرجال‬
‫ِّ َ ِ‬ ‫له َ ُ ْ َ ِ‬
‫كشھرة‬ ‫َُ‬
‫)‬ ‫)‬

‫اإلسناد ( ھذا الشرط األول ‪ ،‬الثاني ‪ُ َ ِ ) :‬‬


‫وفاق‬ ‫وفاق ( وفاق يعني موافقة ھذا عطف على ماذا على الصحة ‪ُ َّ ِ َ ) .‬‬
‫وصحة ِ ْ َ ِ‬ ‫) َِ ُ‬
‫سواء كان أفصح أو‬ ‫ٌ‬ ‫وجه من وجوه النحو‬ ‫ٍ‬ ‫بوجه ‪ ،‬ولو بوجه المراد به أي‬ ‫ٍ‬ ‫العربي ( أي موافقة القواعد العربية ولو‬ ‫َْ ِ‬
‫لفظ َ َ ِ ْ‬
‫ً‬
‫اختالفا لكنه‬ ‫ً‬
‫مختلفا فيه‬ ‫ً‬
‫مجمعا عليه أو‬ ‫ً‬
‫فصيحا‬ ‫سواء كان أفصح أو‬ ‫ٌ‬ ‫اختالفا ال يضر مثله ‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫مختلفا فيه‬ ‫مجمعا عليه أو‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫فصيحا‬
‫قيد االختالف ھنا باختالف ال يضر مثله ‪ ،‬إذا كانت القراءة مما شاع وذاع وتلقاه األئمة باإلسناد الصحيح إذ ھو األصل‬
‫األعظم والركن األقوم ‪ -‬يعني صحة اإلسناد ‪ -‬وال يلتفت إلى إنكار النحاة لبعضھا ‪ ،‬بعض النحاة يتدخل القراءة سنة متتبعة‬
‫حينئذ نقول قراءةٌ صحيحة ووافق القواعد العربية في الجملة عام مما اشتھر وذاع ‪ ،‬فإذا‬ ‫ٍ‬ ‫فما وافق صح سنده ووافق الرسم‬
‫ُمع وقيل به عند بعض وقد يكون مذھب الكوفيين قائم عليه فيقول ھذا قراءة شاذة ال تصح لماذا ؟ لكونھا خالفت‬ ‫خالف ولو س ِ َ‬
‫يأمركم ( ] البقرة ‪ ، [67‬ھذه كيف نوجھھا ؟ قال ‪ :‬السكون ھذا‬ ‫ َُْْ ُْ‬‫إن ّ َ‬
‫بارئكم ( ] البقرة ‪َّ ِ ) ، [52 :‬‬ ‫القواعد العربية كإسكان ) َ ِ ْ ُ ْ‬
‫واألرحام ( ] النساء ‪ [1 :‬بالجر‬‫َ‬ ‫الذي َ َ ُ َ‬
‫تساءلون ِ ِ‬ ‫ َّ ِ‬‫واتقوا ّ َ‬
‫واألرحام ( ‪ْ ُ َّ َ ) ،‬‬ ‫َ‬
‫به َ ْ َ ِ‬ ‫فحينئذ خطئوا ھذه القراءة ) َ ْ َ ِ‬ ‫ٍ‬ ‫خطأ ھذا لحن ‪،‬‬
‫ٌ‬
‫خالف ال‬ ‫مخالفة لقواعد العربية لكن نقول قيده ابن الجزري أن تكون ثم خالف لكنه‬ ‫ً‬ ‫بالخفض فطعنوا في القراءة لماذا لكونھا‬
‫واألرحام ( إذا كان مذھب الكوفيين ً‬ ‫َ‬
‫قائما على جواز العطف على الضمير المجرور دون‬ ‫يضر مثله ‪ ،‬وھذا ال يضر مثله ) َ ْ َ ِ‬
‫واألرحام ( وباألرحام ‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ً‬
‫إعادة الخافض إذا ال بأس ) َ ْ َ ِ‬
‫والخط ( أي ‪ :‬وفاق ‪ ،‬الخط ھذا عطف على ماذا ؟‬ ‫َ ِّ‬ ‫العربي‬
‫لفظ َ َ ِ ْ‬ ‫وفاق َ ْ ِ‬
‫) َِ ُ‬
‫لفظ ( ھذا مثل ابن جني لما قال ألبيه ‪ :‬إذا سئلت ‪ ...‬فقل ‪ :‬في المسألة قوالن ‪ .‬إذاً قوله ‪ ) :‬والخط ( ھذا‬ ‫‪ ..‬ال ‪ ،‬على ) َ ْ ِ‬
‫معطوف على ماذا ؟ على ) لفظ ( ‪ ،‬يعني وفاق الخط أن تكون القراءة موافقة للخط ‪ ،‬أي وفاق خط مصحف اإلمام عثمان ‪-‬‬
‫رضي  عنه ‪ ، -‬وھذه قيل ‪ :‬ستة ‪ ،‬المصاحف التي استنسخھا عثمان رضي  عنه قيل ‪ :‬ستة ‪:‬‬
‫‪ -1‬المكي ‪.‬‬
‫‪ -2‬والشامي ‪.‬‬
‫‪ -3‬والبصري ‪.‬‬
‫‪ -4‬والكوفي ‪.‬‬
‫‪ -5‬والمدني العام ‪.‬‬
‫‪ -6‬والمدني الخاص به لنفسه ‪ ،‬اتخذه لنفسه ‪.‬‬
‫ھذه ستة وھو المسمى باإلمام الخاص به ‪ ،‬وقيل ‪ :‬ثمانية ‪:‬‬
‫مصحف البحرين ‪.‬‬
‫ومصحف اليمن ‪.‬‬
‫‪105‬‬
‫وقيل‪ :‬مصحف مصر ‪.‬‬
‫ً‬
‫واحدا‬ ‫يعني صارت تسعة ‪ ،‬والمشھور أنھا ستة ‪ ،‬فما وافق واحدا منھا – وليس المراد أن يوافق اإلمام فقط – فما وافق‬
‫ولداً‬ ‫خذ ّ‬
‫ُ َ َ‬ ‫قالوا َّات َ َ‬
‫ثابتا في بعضھا دون بعض ‪ ،‬كقراءة ابن عامر ) َ ُ ْ‬ ‫منھا ولو احتماالً ‪ ،‬نقول ‪ :‬نثبت به القراءة ‪ ،‬أي ما كان ً‬
‫( ] البقرة ‪ [ 116 :‬في البقرة بدون واو ‪ ،‬وقوله ‪ ) :‬وبالزبر وبالكتاب المنير( بالباء فيھما ‪ ،‬فإن ذلك ثابت في المصحف‬
‫وقالوا ﴾ بزيادة الواو ‪ ،‬ولو نظر إلى مصحف واحد إما أن يكون بالواو ‪ ،‬وإما أن ال يكون‬ ‫ولداً ( ﴿ َ َ ُ‬ ‫اتخذ ّ‬
‫ُ َ َ‬ ‫قالواْ َّ َ َ‬
‫الشامي ‪ُ َ ) ،‬‬
‫‪ ،‬فإذا نظرنا إلى اعتبار القراءة بموافقة مصحف واحد خطأنا إحدى القراءتين ‪ ،‬لكن نقول ‪ :‬ال ‪ ) ،‬وقالوا ( بالواو وافقت‬
‫األنھار ﴾ ] التوبة ‪72 :‬‬ ‫تحتھا َ ْ َ ُ‬
‫تجري ِمن َ ْ ِ َ‬
‫عثمانيا ‪ ،‬ولذلك قرأ ابن كثير ﴿ َ ْ ِ‬‫ً‬ ‫ً‬
‫مصحفا‬ ‫عثمانيا ‪ ) ،‬قالوا ( بدون واو وافقت‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫مصحفا‬
‫األنھار { ؛ ألنھا ثابتة في المصحف المكي ‪) ،‬‬ ‫تحتھا َ ْ َ ُ‬
‫تجري ِمن َ ْ ِ َ‬ ‫تحتھا َ ْ َ ُ‬
‫األنھار ( ‪ِ ْ َ ﴿ ،‬‬ ‫تجري َ ْ َ‬‫[ ‪ -‬في براءة التوبة ‪ِ ْ َ ) ، -‬‬
‫جدا ‪ ،‬وقيل ‪ :‬بل ال يكاد يوجد ‪ ،‬أن يكون صحيح السند‬ ‫وفاق لفظ العربي والخط ( ‪ ،‬مثال ما صح وخالف العربية وھو قليل ً‬
‫ثم يخالف القواعد العربية ‪ ،‬ال يمكن أن يحمل على وجه مشھور أو فصيح أو أفصح أو مختلف فيه اختالف ال يضر ‪ ،‬قالوا ‪:‬‬
‫﴿‬ ‫ھذا ال وجود له ‪ ،‬لكن َمَّثَل السيوطي ‪ -‬رحمه  ‪ -‬برواية خارجة عن نافع ) معائش ( بالھمز ‪ ،‬وبعضھم خرجھا‬
‫معايش ﴾ ‪ ) ،‬معائش ( بالھمز ‪ ،‬وبعضھم خرجھا قراءة صحيحة ‪.‬‬ ‫ََ ِ َ‬
‫ومثا ُل ما صح وخالف الخط قراءة ابن عباس ‪ -‬رضي  تعالى عنھما ‪ ) -‬وكان أمامھم ملك يأخذ كل سفينة غصبا (‬
‫وراءھم ﴾ ) أمامھم ( ‪ ،‬وزاد كلمة ) صالحة ( ‪ ،‬قالوا‬ ‫وراءھم ﴾ ‪ ،‬وھذا من األضداد ‪ُ َ َ ﴿ ،‬‬ ‫﴿ َ َ ُ‬ ‫‪ ) ،‬أمامھم ( أصلھا ‪:‬‬
‫‪ :‬ھذا صح سنده وخالف الخط ‪ ،‬ولذلك حكموا بكونھا شاذة ‪.‬‬

‫وصحة اإلسناد شرط ينجلي‬ ‫‪.......................‬‬


‫وفاق لفظ العربي والخط‬
‫له كشھرة الرجال الضبط‬
‫)‬

‫ھذه ثالثة أركان إن وجدت ثبتت القرآنية ‪ ،‬فحينئذ كل ما صح سنده ‪ ،‬ووافق القواعد العربية ‪ -‬على ما ذكره ابن الجزري‬
‫ً‬
‫مطلقا ‪ ،‬وما اختلت األركان كلھا أو بعضھا حينئذ‬ ‫‪ -‬ووافق الرسم العثماني ‪ ،‬ثبتت القرآنية ‪ ،‬فصحت وجازت القراءة به‬
‫سقطت القرآنية ‪ ،‬فال يجوز القراءة بھا ‪ ،‬وھل ھي كخبر الواحد أو ال ؟ على الخالف المذكور السابق ‪.‬‬
‫وصلى  وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ‪.‬‬

‫‪106‬‬
‫الشريط الثامن‬
‫الرحيم‬
‫الرحمن الرحيم‬
‫ الرحمن‬
‫بسم ‬
‫بسم‬

‫الحمد رب العالمين ‪ ،‬والصالة والسالم على أشرف األنبياء والمرسلين ‪.‬‬


‫أما بعد ‪:‬‬
‫كان الحديث باألمس عن القراءآت ‪ ،‬وقلنا ‪ :‬أنھا متواتر وآحاد وشاذة ‪ ،‬وذكرنا أن االصطالح الشائع عند كثير من أرباب‬
‫القراءآت واألصول والفقھاء أن القراءآت ثالثة أنواع ‪ ،‬ھذا الشائع الموجود في الكتب ‪ ،‬متواترة وآحاد وشاذة ‪ ،‬فالمقصود‬
‫بالمتواترة ھي قراءة السبعة التي نص عليھا الناظم ‪:‬‬

‫فمتواتر ‪................‬‬ ‫والسبعة القراء ما قد نقلوا‬

‫وھي قراءة ‪ :‬نافع ‪ ،‬وابن كثير ‪ ،‬وأبو عمرو ‪ ،‬وابن عامر ‪ ،‬وعاصم ‪ ،‬وحمزة ‪ ،‬والكسائي ‪ ،‬ھؤالء إذا أطلق السبعة انصرف‬
‫إلى ھؤالء السبعة ‪ ،‬واآلحاد إذا أطلق لفظ اآلحاد انصرف إلى قراءة الثالثة وھم ‪ :‬أبو جعفر يزيد بن القعقاع ‪ ،‬وبعقوب ‪،‬‬
‫وخلف ‪.‬‬
‫اآلحاد ‪ :‬إذا أطلق لفظ قراءات اآلحاد انصرف للثالثة ‪ ،‬وھم ‪:‬‬
‫أبو جعفر ‪ :‬يزيد بن القعقاع ‪ ،‬ويعقوب ‪ ،‬وخلف ‪.‬‬
‫وما عدا ذلك من األربعة عشر قراءة الحسن بن أبي الحسن ‪ ،‬وغيره فھي شاذة ‪.‬‬
‫ھذا ھو المشھور وھو الذي جرى عليه الناظم ھنا ‪ ،‬لذلك قال ‪:‬‬
‫نقلوا َ ُ َ ِ ٌ‬
‫فمتواتر ( ثم قال ‪:‬‬ ‫قد َ َ ُ‬ ‫القراء َما َ ْ‬ ‫َّ ْ َ ُ‬
‫والسبعة ُ َّ ُ‬ ‫)‬
‫فحينئذ صارت قراءات الصحابة إن صح‬ ‫ٍ‬ ‫كالثالثة ( وألحق به قراءات الصحابة إن صح سندھا ‪،‬‬ ‫حاد َّ ِ ِ‬ ‫َ‬
‫والثاني ‪ :‬اآل َ ُ‬‫َّ ِ ُ‬ ‫)‬
‫سندھا ملحقة باآلحاد ‪ ،‬ثم قال ‪:‬‬
‫فضال عن رفعھا‬‫ً‬ ‫قراءة ثبتت عن تابعي ولم تثبت عن صحابي‬ ‫ٍ‬ ‫التابعون ( ‪ ،‬فكل‬ ‫مما َ َ‬
‫قراهُ َّ ِ ُ َ‬ ‫لم َ ْ َ ِ ْ‬
‫يشتھر ِ َّ‬ ‫الشاذ َّالذي َ ْ‬ ‫والثالث َّ ُ‬
‫) َّ ِ ُ‬
‫فھي شاذة ‪ ،‬ھذا ھو المشھور عند كثير من أرباب القراءات واألصول وغيرھم ‪.‬‬
‫ابن الجزري رحمه  تعالى اعترض على ھذا التأصيل ‪ ،‬وتبعه السيوطي في )) التحبير (( وفي )) اإلتقان (( قال ‪ :‬ال‬
‫‪ ،‬ليس النظر ھنا إلى كون السبعة قراءتھم ھي المتواترة والثالثة ھي اآلحاد مع عداھا فھو الشاذ قال ‪ :‬ال بل النظر يكون إلى‬
‫ضابط يُعتمد يكون به الفرق بين قراءة الصحيحة وقراءة الشاذة فكأنه قسم القراءة إلى صحيحة وشاذة ‪ ،‬ثم الصحيح قد يكون‬ ‫ٍ‬
‫ً‬
‫احتماال ‪،‬‬ ‫بوجه ‪ ،‬ووافقت أحد المصاحف العثمانية ولو‬ ‫ٍ‬ ‫قراءة وافقت ماذا ؟ العربية ولو‬ ‫ٍ‬ ‫متواترا وقد يكون آحاد فقال ‪ :‬كل‬ ‫ً‬
‫ٍ‬
‫فحينئذ قد يكون من األربعة المزيدة‬ ‫سواء كانت من السبعة أو من العشرة أو ما عداھا ‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫وصح سندھا فھي قراءة صحيحة‬
‫ثابت القراءة بخالف ما ھو قول الجمھور بأن كل ما زاد عن العشرة فھو شاذ ولو صح سندھا‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬
‫صحيح‬ ‫عن العشرة ما ھو‬
‫ووافق الرسم العثماني والقواعد العربية ‪ ،‬فما استجمع الثالثة شروط الذي ذكرھا ابن الجزري في ما زاد على العشرة فليست‬
‫بوجه من وجه النحو يعني‬ ‫ٍ‬ ‫قراءة وافقت العربية ولو‬‫ٍ‬ ‫فرق جوھري بين ابن الجزري وغيره فكل‬ ‫ٌ‬ ‫بقراءة بل ھي شاذة ‪ ،‬وھذا‬
‫ً‬
‫فصيحا‬ ‫سواء كان ھذا الوجه ال يُشترط به أن يرتضيه النحاة فحسب وال نرجع إلى النحاة فحسب ‪ ،‬ال ‪ .‬نقول ‪ :‬سواء كانت‬ ‫ٌ‬
‫فحينئذ نقول ‪ :‬ھذه مع بقية الشروط قراءةٌ صحيحة وكذلك إذا وافقت‬ ‫ٍ‬ ‫اختالفا ال يضر مثله ‪،‬‬ ‫ً‬ ‫مختلفا فيه‬ ‫ً‬ ‫متفقا عليه أو‬ ‫أم أفصح ً‬
‫ٌ‬
‫سواء كان‬ ‫ٍ‬
‫مصحف‬ ‫الرسم العثماني ولو احتماالً ‪ ،‬والمراد بالرسم العثماني المصاحف الستة أو الثمان أو التسع ‪ ،‬يعني كل‬
‫ثم فرق بينھا من حيث إثبات بعض‬ ‫مصحف من ھذه المصاحف ألنه َّ‬ ‫ٍ‬ ‫خاصا إلى آخره أي‬ ‫ً‬ ‫عاما أو‬ ‫مدنيا ً‬ ‫ً‬ ‫شاميا أو ً‬
‫مكيا أو‬ ‫ً‬
‫ٌ‬ ‫ً‬
‫قراءة صح سندھا ووافقت الرسم العثماني ولو احتماال نقول ‪ :‬ھذه قراءة صحيحة مع بقية‬ ‫ٍ‬ ‫الحروف دون بعض ‪ ،‬فأي‬
‫ً‬
‫احتماال أراد به في ما إذا ما كان الوجه محتمال في التقدير ال في النص ‪ ،‬ومثل له ابن الجزري وكذلك‬ ‫ً‬ ‫الشروط ‪ ،‬ولو‬
‫المستقيم ﴾ ] الفاتحة ‪ . [6 :‬والصراط ھذا من حيث اللغة األصل فيه بالسين سراط بالسراط‬ ‫الصراط ُ َ ِ َ‬ ‫َ‬ ‫اھدنا ِّ َ‬ ‫السيوطي بـ ‪َ ِ ﴿ :‬‬
‫فحينئذ كتب بماذا بالصاد لماذا كتب بالصاد ؟ ولذلك نص ابن الجزري قال ‪ :‬ھذا الدليل على فقه الصحابة كتبوه بالصاد على‬ ‫ٍ‬
‫خالف األصل وھو بالسين لماذا ؟ ألنه لو كتب بالسين وقرأ بالصاد ألنكر ) اھدنا السراط ( ثم قرئ بالصاد ألنكر لماذا ألن‬
‫ٌ‬
‫موافق‬ ‫سنة متبعة فحينئٍذ كتب بالصاد بقراءة أخرى فلو قرأ بالصاد فال ينكر ألنه‬ ‫األصل في اللغة أنه بالسين ولكن القراءةُ ٌ‬
‫بحرف بين الصاد والسين‬ ‫ٍ‬ ‫رجوعا إلى األصل ولو قرئ‬ ‫ً‬ ‫للرسم العثماني ولو قرأ بالسين احتمل لكونه احتماالً احتمل لماذا ؟‬
‫حينئذ ال ينكر ‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫‪107‬‬
‫ٍ‬
‫حينئذ يصير مع ھذه الثالثة‬ ‫وصح سندھا ‪ :‬ھذا من الفروق الجوھرية بين اشتراط ‪ ،‬صحة السند ‪ ،‬والتواتر عند الجمھور‬
‫ٍ‬
‫قراءة اجتمعت‬ ‫ً‬
‫محال لالستنباط وغيره كل‬ ‫قراءة ما فھي صحيحة ويقرأ بھا في الصالة وفي خارجھا ‪ ،‬وتكون‬‫ٍ‬ ‫إن وجدت في‬
‫ٌ‬ ‫ٍ‬
‫حينئذ نقول ‪ :‬ھذه قراءة صحيحة ‪ ،‬ولذلك أشار إليھا في طيبة النشر بقول ‪:‬‬ ‫فيھا ھذه األركان الثالثة‬

‫تماالً َيحْ ِوي‬


‫للرسْ ِم احْ ِ َ‬ ‫َ َ َ‬
‫وكان ِ َّ‬ ‫وافق َوجْ َه َنحْ ِو‬‫فكُّل َما ِ َ َ‬ ‫َُ‬
‫)‬ ‫)‬
‫)‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ََِِ‬
‫فھذه الثالثة األرْ كانُ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬
‫نادا ھ َُو القرْ آنُ‬ ‫َ‬
‫وصح ِإسْ ً‬
‫َ َ َّ‬
‫)‬
‫ْعة‬
‫السب َ ِ‬
‫َّ‬ ‫شذوذهُ َ ْلو ََّأن ُه ِفي‬
‫ُُ َ‬ ‫أثبت‬
‫ُكن ِ ِ‬‫َ‬ ‫ْ‬
‫ر ٌ‬ ‫)‪(3‬‬
‫ْثما شرط‬ ‫ُ‬
‫وحي َ‬ ‫َ َ‬
‫)‬ ‫)‬

‫ٍ‬
‫فحينئذ ما ھي القراءة الشاذة عند ابن الجزري ما فقدت أحد األركان الثالثة ‪ ،‬وما‬ ‫شذوذهُ (‬ ‫ُكن َ ِ ِ‬
‫أثبت ُ ُ َ‬ ‫يخت ُل ر ْ ٌ‬ ‫وحي ُ َ‬
‫ْثما َ ْ َ‬ ‫) َ َ‬
‫استجمعت األركان الثالثة فھي قراءةٌ صحيحة ثابتة منقولة عن النبي  وتثبت قرآنيتھا ويصح االحتجاج بھا وال إشكال في‬
‫ذلك ‪ ،‬ھذا رأي ابن الجزري رحمه  تعالى ‪.‬‬
‫جماھير أھل العلم على خالف ھذا ‪ ،‬وھو إن نقل أن السلف ال يُعرف عنھم التقسيم الثالثي ھذا متواتر ‪ ،‬واآلحاد والشاذ ‪،‬‬
‫فحينئذ الفرق بين قول الجمھور وابن الجزري رحمه  تعالى قراءة السبعة ال خالف فيھا لماذا ؟ ألنھا‬ ‫ٍ‬ ‫لكنه ھو المشھور‬
‫متواترة بقي ماذا ؟ بقى الثالثة ‪ ،‬واألربعة ‪ ،‬األربعة أطلق عليھا فيما زاد على العشرة أطلق عليھا الجمھور أنھا شاذة وال‬
‫أبدا ‪ ،‬ال يختلفون أنھا شاذة وال يجوز بل حكى السيوطي رحمه  اإلجماع ‪.‬‬ ‫يختلفون في ھذا ً‬

‫قراءةٌ بھا ولكن األصح‬ ‫وأجمعوا أن الشواذ لم يُبح‬


‫)‬ ‫)‬
‫وأنھا التي وراء العشر‬ ‫كخبر في االحتجاج يجري‬
‫)‬ ‫)‬

‫يعني ما زاد على العشر فأجمعوا ‪ -‬لكن ما في دليل على اإلجماع ھذا ‪ -‬فأجمعوا على ماذا على أنه ال يجوز القراءة بھا‬
‫ً‬
‫تفسيرا أو ال ‪ .‬سبق الخالف فيه ‪ ،‬وأما الثالثة التي‬ ‫البتة ‪ ،‬ال في الصالة وال في خارجھا ثم ھل يحتج بھا في ما إذا تضمنت‬
‫عبر عنھا الجمھور بأنھا اآلحاد وھي قراءة أبي جعفر ويعقوب وخلف ھذه المشھور أنھا متواترة عند المحققين كابن السبكي‬
‫والسبكي وابن تيمية وكذلك مال الشيخ األمين رحمه  تعالى وصاحب )) المراقي (( فقال ‪:‬‬

‫ً‬
‫تواترا لھا لدى من قد غبر‬ ‫النظر‬ ‫ورجح‬ ‫ثالثة‬ ‫مثل‬
‫)‬ ‫)‬

‫مثل الثالثة يعني ‪ :‬مثل لما استجمع الشروط الثالثة التي ذكرھا ابن الجزري مثل بالثالثة لكن استدرك قال ‪ :‬ورجح النظر‬
‫تواترا لھا لدى من قد غبر ‪ .‬يعني من مضى من العلماء رجحوا أن الثالثة ھي متواترة ‪ ،‬لذلك قال ھنا رحمه  ‪:‬‬ ‫ً‬
‫ٍ‬
‫فحينئذ نقول ھذه‬ ‫بالنقل المتواتر على حده عند أرباب الحديث‬
‫ٍ‬ ‫ً‬ ‫نقلوا َ ُ َ ِ ٌ‬
‫فمتواتر ( ‪ .‬إذا كل ما ثبت‬ ‫قد َ َ ُ‬
‫القراء َما َ ْ‬ ‫ُ‬
‫والسبعة ُ َّ ُ‬ ‫َّ ْ َ‬ ‫)‬
‫قراءةٌ متواترة فيُقرأ بھا على أنھا قرآن يعني تثبت قرآنيتھا وال شك أنه يُحتج بھا في إثبات األحكام الشرعية وغيرھا وما عدا‬
‫ذلك قال ‪:‬‬
‫فحينئذ اشترط الجمھور في إثبات قرآنية ما ُنقل‬
‫ٍ‬ ‫بغيره ( مع عدا المتواتر ال يعمل به لماذا ؟ ألنه ليس بقرآن‬‫يعمل ُ ِ َ ْ ِ ِ‬ ‫) َْ َ‬
‫وليس ُ ْ َ‬
‫التواتر ‪ ،‬وابن الجزري يقول ‪ :‬ال يشترط التواتر ‪ .‬لماذا ؟ يقول ‪ :‬ألن من يشترط التواتر يقول ال بد من موافقة الرسم‬
‫والقواعد العربية ‪ ،‬قال ‪ :‬لو اشترطنا التواتر لما احتجنا إلى الركنين اآلخرين ‪ ،‬إذا تواتر أن ھذه قراءة عن النبي  فلو‬
‫ٍ‬
‫فحينئذ تكون‬ ‫ٌ‬
‫وحي ‪،‬‬ ‫وجه فھي مقبولة ٌ‬
‫سنة متبعة‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫بوجه أو بدون‬ ‫خالفت الرسم العثماني ُتقبل ولو لم توافق القواعد العربية‬

‫ﺨ‪‬ﺘ ﹸﻞ [ ‪.‬‬
‫)‪ ] (3‬ﻳ ‪‬‬
‫‪108‬‬
‫فحينئذ يقول ‪ :‬لو اشترطنا التواتر في ثبوت القرآن لما احتجنا إلى‬ ‫ٍ‬ ‫القواعد كلھا متبعة للوحي ال الوحي ً‬
‫تابعا للقواعد ‪،‬‬
‫الشرطين اآلخرين ‪ ،‬وإنما احتجنا إلى الشرطين اآلخرين ‪ ،‬يعني موافقة الرسم العثماني والموافقة للغة العربية مع عدم‬
‫متواترا عند ابن الجزري رحمه  تعالى ‪ ،‬وھذا لعله ينبني على مسألة اآلحاد خبر الواحد‬ ‫ً‬ ‫قرآن يكون‬
‫ٍ‬ ‫التواتر ‪ً ،‬إذا ليس كل‬
‫ھل يفيد العلم أم ال لماذا ؟‬
‫ٍ‬
‫حينئذ ال إشكال ألن المتواتر يفيد ماذا ؟ يفيد العلم‬ ‫ألننا لو ذكرنا أو رجحنا أن خبر الواحد إذا اتفق أنه صحيح يفيد العلم‬
‫ً‬ ‫ٍ‬
‫حينئذ ثبت كونه قرآنا )‬ ‫ً‬
‫نظريا ال إشكال المھم أنه أفاد اليقين ‪ ،‬فإذا أفاد اليقين‬ ‫اليقيني ضروري وخبر الواحد يفيد العلم لو قلنا‬
‫بغيره ( يعني ‪ :‬غير المتواتر ال يعمل به البتة لماذا ؟ ألنه ليس بقرآن ‪.‬‬ ‫يعمل ُ ِ َ ْ ِ ِ‬ ‫َْ َ‬
‫وليس ُ ْ َ‬
‫بغيره ( يعني ‪ :‬بغير المتواتر وھو اآلحاد والشاذ في الحكم يعني ‪ :‬األحكام الشرعية إذا ال يجري مجرى‬ ‫يعمل ُ ِ َ ْ ِ ِ‬ ‫) َْ َ‬
‫وليس ُ ْ َ‬
‫فادر قولين يعمل به‬
‫التفاسير لماذا ؟ يعني ما ال يجري مجرى التفاسير ال يعمل به ‪ ،‬وإال ما جرى مجرى التفاسير ففيه قوالن ِ‬
‫ً‬
‫مطلقا ألنه ليس بقرآن‬ ‫‪ ،‬ال يعمل به ‪ .‬واألصح أنه يُعمل به وإن كان ذھب بعضھم إلى أنه ال يعمل به‬

‫ٌ‬
‫نفي قوي‬ ‫فللقراءة به‬ ‫وليس منه ما باآلحاد روي‬
‫)‬ ‫)‬
‫‪...................‬‬ ‫‪..............‬‬ ‫كاالحتجاج‬
‫)‬ ‫)‬

‫وھذا مشھور عن مذھب مالك والمتأخرين ‪ ) .‬وليس منه ( يعني من القرآن ‪.‬‬
‫) وليس منه ما باآلحاد روي ( ما روي باآلحاد ليس من القرآن فھو قراءة الثالثة ‪ ،‬ما ‪.‬‬

‫)‬ ‫فللقراءة به ٌ‬
‫نفي قوي‬ ‫وليس منه ما باآلحاد روي‬
‫)‬
‫‪........................‬‬ ‫‪.................‬‬ ‫كاالحتجاج‬
‫)‬ ‫)‬

‫ال قراءة وال احتجاج يقابله ماذا ؟ قراءةٌ واحتجاج ‪.‬‬


‫ً‬
‫الثالث التفصيل ‪ :‬ال يُقرئ به ويحتج به وھو ما رجح السيوطي في )) الكوكب الساطع (( ‪ .‬إذا كم قول ؟ ثالثة أقوال ‪:‬‬
‫ال يقرئ به وال يحتج به ‪ ،‬وھذا الذي رجحه صاحب المناط يعني ‪ :‬في ما مشى عليه على مذھب مالك وإن خالفه في آخر‬
‫الباب ‪:‬‬

‫)‬ ‫فللقراءة به ٌ‬
‫نفي قوي‬ ‫وليس منه ما باآلحاد روي‬
‫)‬
‫‪........................‬‬ ‫‪.................‬‬ ‫كاالحتجاج‬
‫)‬ ‫)‬

‫ال احتجاج وال قراءة ‪ ،‬ولكن ذھب بعضھم ولذلك مالك رحمه  ‪ :‬ال يشترط أو ال يُوجب التتابع في صيام كفارة اليمين‬
‫أيام متتابعات من احتج بھا أوجب ماذا ؟ التتابع ‪ .‬من‬ ‫ألن صح سندھا عن ابن مسعود رضي  تعالى عنه فصيام ثالثة ٍ‬
‫ٍ‬
‫فحينئذ ال يوجب التتابع ‪.‬‬ ‫رأى أنھا ليست بحجة‬
‫التفصيل ‪ :‬أنه ال يُقرأ بھا ويحتج بھا ‪.‬‬
‫فادر ( يعني وإال بأن‬‫َ‬ ‫َّ‬
‫وإال ْ ِ‬‫وعلى رأي ابن الجزري رحمه  ‪ :‬ھي يُقرأ بھا ألنھا قرآن ويحتج بھا وال إشكال في ذلك ‪ِ ) ،‬‬
‫ٌ‬
‫حديث مرفوع لماذا ؟‬ ‫جرت مجرى التفاسير فادر قولين ‪ ،‬لكن ما لم يعمل به ما لم يعارضه‬
‫اختلف في كونه‬‫حينئذ مع ما ُ‬‫ٍ‬ ‫منسوب إلى النبي  ً‬
‫قطعا‬ ‫ٌ‬ ‫ألن الحديث المرفوع باتفاق أنه يعمل به ال إشكال في ذلك وھو‬
‫فحينئذ يحتمل أنه يرد ويكون من اجتھاد الصحابة ‪ ،‬لكن نقول ‪ :‬ھذا فيه بعد ‪ .‬كون ابن مسعود رضي  تعالى عنه‬ ‫ٍ‬ ‫ً‬
‫قرآنا‬
‫يزيد كلمة إما أنھا قرآن وإما أنھا تفسير وبيان ‪.‬‬
‫‪109‬‬
‫ً‬
‫تفسيرا ‪ ،‬وأولى‬ ‫فصيام ثالثة أيام متتابعات إن لم ُتقبل إنھا قرآن ‪ ،‬لكونھا آحاد ليست متواترة يتعين علينا أن نقبلھا ماذا ؟‬
‫ٍ‬
‫فحينئذ المرفوع مقدم ‪.‬‬ ‫ما يتعلق به المجتھد ھو تفسير الصحابة رضي  تعالى عنھم للقرآن فإن عارضھم‬

‫الصحابةِ‬
‫َّ َ‬ ‫قراءةُ‬
‫َِ َ‬ ‫ََْ ُ‬
‫تتبعھا‬ ‫َّ ِ ِ‬
‫كالثالثة‬ ‫ََ ُ‬
‫اآلحاد‬ ‫َّ ِ ُ‬
‫والثاني‬
‫)‬ ‫)‬

‫ً‬
‫ألفاظا على القرآن ليست منه ‪.‬‬ ‫ألنه يبعد أو يستبعد أن الصحابة لعدالتھم أن يثبُتوا‬

‫ُِْ ْ‬
‫واستطر‬ ‫التابعون‬ ‫مما َ َ‬
‫قراهُ َّ ِ ُ َ‬ ‫ِ َّ‬ ‫لم َ ْ َ ِ ْ‬
‫يشتھر‬ ‫َّ ُ‬
‫الشاذ َّالذي َ ْ‬ ‫َّ ِ ُ‬
‫والثالث‬
‫)‬ ‫)‬
‫‪.........................‬‬ ‫)‬ ‫َ‬
‫األول‬
‫بغير َّ ِ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫يقرأ ِ ْ ِ‬ ‫ْ‬
‫وليس ُ َ‬
‫ْ َ‬ ‫َ‬
‫)‬

‫َ ِّ‬
‫والخط ( ھذه الثالثة األركان الذي ذكرھا ابن الجزري‬ ‫العربي‬ ‫وفاق َ ْ ِ‬
‫لفظ َ َ ِ ْ‬ ‫اإلسناد ( ثم قال ‪ُ َ ِ ) :‬‬ ‫ألنه ليس بقرآن ‪ُ َّ ِ َ ) ،‬‬
‫وصحة ِ ْ َ ِ‬
‫قرآنا ‪ً ،‬إذا نقول ‪ :‬الخالصة الجمھور على أن التقسيم ثالثي ‪:‬‬ ‫رحمه  في إثبات كونھا ً‬
‫‪ -1‬متواترة ‪ ،‬وھي قراءة السبعة ‪.‬‬
‫‪ -2‬وآحاد وھي قراءة الثالثة ‪.‬‬
‫‪ -3‬والشاذة وھي ما عدا ذلك ‪.‬‬
‫قرآنا التواتر فما لم يتواتر ليس بقرآن ‪ ،‬ثم اآلحاد والشاذة ھل‬ ‫ال يجوز القراءة بغير المتواترة ألن من شرط إثباته كونه ً‬
‫قطعا عندھم فإن قرأ بھا في الصالة فصالته باطلة ‪ ،‬لكن يبقى سؤال آخر ھل‬ ‫يُعمل بھا ويحتج بھا أو ال ؟ ھي ال يقرأ بھا ً‬
‫أيديھما ﴾ ] المائدة ‪:‬‬ ‫َ‬ ‫ُ ْ‬ ‫َ‬
‫فاقطعوا ْ ِ َ ُ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫والسارقة‬ ‫يجوز أن يحتج بھا في ما تضمنت من أحكام أو ال ) فاقطعوا أيمانھما ( ‪ُ ِ َّ َ ﴿ .‬‬
‫والسارق َ َّ ِ‬
‫تبعا لھذه القراءة فھل يحتج بھا أو ال ؟‬ ‫‪ ) [38‬فاقطعوا أيمانھما ( ‪ .‬أخذ جمھور الفقھاء بأن القطع يكون لليمين ً‬
‫ً‬
‫حكما‬ ‫ھذا فيه قوالن ‪ ،‬على التفصيل السابق ما جرى مجرى التفسير وما لم يجر مجرى التفسير واألصح أنه إذا تضمنت‬
‫فحينئذ ال إشكال في العمل بھا ‪ ،‬ھذا ھو األصح ‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫ً‬
‫شرعيا‬ ‫ً‬
‫حكما‬ ‫شرعيا ‪ -‬إذا لم نرجح مذھب ابن الجزري ‪ -‬إذا تضمنت‬ ‫ً‬
‫دليل صحيح ال يُعرف عن‬ ‫ٌ‬ ‫ً‬
‫قرآنا أو ال ليس عليه‬ ‫ابن الجزري رحمه  تعالى يرى أن اشتراط التواتر في كون الشيء‬
‫بوجه ما والرسم العثماني ولو‬ ‫ٍ‬ ‫ً‬
‫متواترا مع موافقة القواعد العربية ولو‬ ‫السلف وال عن الخلف ‪ ،‬بل ما صح إسناده ولو لم يكن‬
‫احتماال فھي قرآن يُقرأ به ويستنبط منه األحكام ‪ ،‬ھذا محل النزاع في خالصة ما ذكرناه البارحة ‪.‬‬ ‫ً‬
‫ثم قال رحمه  تعالى ‪:‬‬
‫أرجو أن تكون المسألة واضحة ‪.‬‬
‫الرابع قراءات النبي  ‪.‬‬
‫مصدر سماعي لقرأ والمراد بھا قراءات ‪ ،‬ھي‬ ‫ٌ‬ ‫يعني النوع الرابع من العقد الثاني قراءات ھذا جمع قراءة وذكرنا أنه‬
‫وتشديد وغيرھما ‪ ،‬ھذا ھو المراد بالقراءات وھل المراد به االختالف‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫تخفيف‬ ‫اختالف ألفاظ الوحي في الحروف وكيفيتھا من‬
‫فقط في الجوھر اللفظي أم فيما يتعلق باللفظ ھذا ذكرناه في المتواتر ھل الذي تواتر ھو الجوھر اللفظي فقط ‪ ،‬وما عدا ذلك‬
‫ھيئة اللفظ أو األداء أو كيفية األداء ھذا فيه الخالف الجمھور على أنه متواتر كاللفظي وھذا اختيار ابن الجزري رحمه ‬
‫وأكثر المتقدمين ‪ ،‬وبعضھم يرى أنه ال يشترط أو ال يشترط تواتر كيفية أداءه اللفظ من اإلمالة والتخفيف والتشديد ونحو ذلك‬
‫وھذا اختيار ابن الحاجب رحمه  تعالى وذكر ابن الجزري ‪ :‬أنه ال يعلم له سابق ‪ .‬وتوسط البلقيني بأن أصل المد والھمز‬
‫والتخفيف والتشديد ھذا متواتر وما زاد عليه فھو غير متواتر ينبني عليه مسألة التجويد التي ذكرناھا باألمس ھل يجب أو ال‬
‫يجب ؟‬
‫قال ‪ ) :‬الرابع القراءات ‪ ،‬قراءة النبي  ( ‪.‬‬
‫تلك قراءات السبعة والثالثة واألربعة عشر وھذه قراءة النبي  ھل معنى ذلك أن تلك غير قراءة النبي  ؟ فلم أفرد‬
‫النوع ھذا قراءة النبي  ‪ ،‬والسبع قراء والثالثة والخالف السابق ھل نقلوا قراءات النبي  أم غيره ؟ قراءة النبي  ‪.‬‬
‫ًإذا لماذا يذكر ھذا النوع ؟‬
‫‪110‬‬
‫نصا نقل أن النبي  قرأ كذا أم تلك لم فيقال ‪ :‬قرأ على ابن مسعود فقط أخذ القرآن عن ابن عباس‬‫أسندت إلى النبي  ً‬
‫بسند صحيح إلى النبي  بأنه قرأ‬
‫ٍ‬ ‫وأبي أخذ عن النبي  عامة ‪ ،‬مجملة ‪ ،‬وأما ھذا أراد أن يبين بعض ما نقل‬ ‫أبي ‪ّ َ ً ،‬‬
‫أخذ عن ُ َ ّ‬
‫كذا أو أقرء كذا أقرأ ‪.‬‬
‫ً‬
‫سريعا ‪.‬‬ ‫مثل مجموعة أمثلة يذكرھا الناظم نمر عليھا‬
‫النبي ‬
‫راءات ِّ ِّ‬
‫الرابع ‪ :‬قِ َ ُ‬

‫)‬ ‫بملك‬ ‫حيث َ َ‬


‫قرا ِ َ ِ ِ‬ ‫بابا ً لھا َ ْ ُ‬
‫َ َ‬ ‫ُ َْْ َ ِ‬
‫المستدرك‬ ‫في‬ ‫َ ِ ُ‬
‫الحاكم‬ ‫َ ََ‬
‫وعقد‬
‫)‬
‫تجزي ِبتا َيا ُ ْ ِ ُ‬
‫محرز‬ ‫كذاك ال َ ْ ِ‬
‫َ‬ ‫ُْ ِ ُ‬
‫وننشز‬ ‫رھن‬
‫ُ ُ ٌ‬ ‫ُ‬
‫الصراط‬ ‫ِّ‬ ‫كذا‬‫َ‬
‫)‬ ‫)‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫يغالَّ‬ ‫أن َ ُ‬ ‫َْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫األولى‬
‫ْ‬ ‫برفع‬
‫بالعين ِ َ ِ‬‫والعين ِ َ ْ ِ‬
‫َْ ُ‬ ‫ياء‬
‫بفتح َ ِ‬ ‫ْأيضا ً ِ ْ ِ‬
‫)‬ ‫)‬
‫َ‬
‫من ْ ِ ُ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫بفتح فا َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫أعظمكم‬ ‫معناهُ ِ ْ‬ ‫ِ ْ ِ‬ ‫من ْ ِ ُ ْ‬
‫أنفسكم‬ ‫تستطيع ِ ْ‬‫درست َ ْ َ ُ‬ ‫َ َ ْ َ‬
‫)‬ ‫)‬
‫)‬ ‫َّ‬
‫وھذي َ ِ‬
‫شذت‬ ‫سفينة َ ِ ْ‬‫بعد َ ٍ‬ ‫ََْ‬ ‫َ َِ ِ‬
‫صالحة‬ ‫َِ ْ‬
‫ملك‬ ‫قبل َ‬‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ََ َ ُْ‬
‫أمامھم‬
‫)‬
‫لجمع ُ ْ َ‬
‫تمضى‬ ‫قرات َ ْ ُ ٍ‬
‫أعين ِ َ ْ ٍ‬ ‫ُ َّ ُ‬ ‫َ‬
‫بسكرى ْأيضا‬ ‫ھم ِ َ ْ َ‬ ‫وما ُ ُ‬ ‫َ‬ ‫سكرى‬‫ََْ‬
‫)‬ ‫)‬
‫)‬ ‫جمعھم‬
‫عباقري َ ْ ُ ُ ْ‬ ‫َ‬
‫رفارفا ً َ َ ِ ِ َّ‬
‫َ ِ‬ ‫)‬ ‫بعد ِّ َّ ِ ِ ْ‬
‫ذريتھم‬ ‫ُ‬ ‫َّ َ َ ْ ُ ْ‬
‫واتبعتھم َ ْ َ‬

‫بوب عقد ھنا استعاره كناية عن‬


‫الحبل والبيع فانعقد يعني ‪َ َّ َ :‬‬
‫َ‬ ‫الحبل والبيع فانعقد ‪ ،‬يقال ‪ :‬عقد‬
‫َ‬ ‫وعقد َ ِ ُ‬
‫الحاكم ( عقد‬ ‫) َ ََ‬
‫خمس وأربع مائة وكذلك‬
‫ٍ‬ ‫الحاكم ( أبو عبد  محمد بن عبد  النيسابوري رحمه  تعالى وتوفى سنة‬ ‫التبويب ) َ َ َ‬
‫وعقد َ ِ ُ‬
‫بابا في المستدرك ھذا الحاكم وعقد الحاكم النيسابوري في كتابه المسمى بالمستدرك على‬ ‫أيضا في الجامع عقد ً‬ ‫ً‬ ‫الترمذي‬
‫الصحيحين كتاب نبيل عظيم استدرك فيه الحاكم على الصحيحين ھذا ً‬
‫بناء على ماذا ؟‬
‫على أن البخاري ومسلم قد اشترطا ماذا جمع كل الصحيح فھم البعض أن البخاري ومسلم عليھما رحمة  اشترطوا ما‬
‫فحينئذ وجد بعض األحاديث الصحيحة ولم تذكر في الجامع الصحيح للبخاري وال عند مسلم‬ ‫ٍ‬ ‫اشترطاه جمع كل الصحيح‬
‫فجمع بعضھم اإللزامات الدارقطني وكذلك الحاكم في المستدرك ‪.‬‬

‫وقال َنجْ ُل َ‬
‫يسيرا‬ ‫ْ ٍَ‬
‫أخرم َ ِ َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َِ‬
‫كثيرا‬ ‫َ َّ َ‬
‫فوتا‬ ‫من‬
‫ِ َ‬ ‫الصحيح‬
‫َّ ِ ِ‬
‫)‬ ‫)‬
‫‪.........................‬‬ ‫الصحيح ‪.........‬‬ ‫أعلى‬‫َ‬
‫ُرادهُ َ َ‬
‫مَ ُ‬
‫َّ ِ ِ‬
‫)‬ ‫)‬

‫يعني ‪ :‬البخاري ومسلم جمعا أعلى الصحيح ھذا ھو األصح ‪ ،‬أصح الصحيح يعني عندنا صحيح وأصح ‪ ،‬أصح الصحيح‬
‫ٌ‬
‫صحيح عند غيرھما ألنه لم يخرجه البخاري‬ ‫ھو الذي اعتنى به البخاري ومسلم عليھما رحمة  وال يُستدرك عليھما ما ھو‬
‫ويلزمه تخريجه ‪ ،‬ال ‪ ،‬نقول ‪ :‬ال يلزمه ألنه لم يشترط ذلك ‪ ،‬ولذلك قال السيوطي ‪:‬‬

‫وقال َنجْ ُل َ‬
‫يسيرا‬ ‫ْ ٍَ‬
‫أخرم َ ِ َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َِ‬
‫كثيرا‬ ‫َ َّ َ‬
‫فوتا‬ ‫من‬
‫ِ َ‬ ‫الصحيح‬
‫َّ ِ ِ‬
‫)‬ ‫)‬
‫‪.........................‬‬ ‫الصحيح ‪.........‬‬ ‫َ‬
‫أعلى‬‫َ‬ ‫ُ‬
‫م َُرادهُ َ‬
‫َّ ِ ِ‬
‫)‬ ‫)‬

‫‪111‬‬
‫ً‬
‫يسيرا قال ‪ :‬مراده أعلى الصحيح‬ ‫ً‬
‫كثيرا من األحاديث الصحيحة ‪ ،‬وقال بعضھم ‪ :‬ال فوتا‬ ‫ً‬
‫يسيرا ‪ :‬يعني بعضھم قال ‪ :‬فواتا‬
‫يسيرا من أصح الصحيح ال من الصحيح ولذلك‬ ‫ً‬ ‫ٌ‬
‫موجود في البخاري ومسلم وفوتا‬ ‫ًإذا أكثر الصحيح الذي ھو أصح الصحيح‬
‫قال ‪:‬‬

‫َ‬
‫)‬ ‫يسيرا‬ ‫وقال َنجْ ُل ْ َ ٍ‬
‫أخرم َ ِ َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َِ‬
‫كثيرا‬ ‫َ َّ َ‬
‫فوتا‬ ‫من‬
‫ِ َ‬ ‫الصحيح‬
‫َّ ِ ِ‬
‫)‬
‫الحاكم َأيْ ِفي َ ْ َ ِ‬
‫المدخل‬ ‫من َ ِ ِ‬
‫ًَْ‬
‫أخذا ِ َ‬ ‫الصحيح فاحْ ِم ْل‬
‫َّ ِ ِ‬
‫َ‬
‫أعلى‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫مَ ُ‬
‫ُرادهُ‬
‫)‬ ‫)‬

‫قرا ( عليه‬ ‫حيث َ َ‬ ‫بابا ً لھا ( أي للقراءات الواردة عن النبي  ) َ ْ ُ‬ ‫المستدرك ( أي على الصحيحين ) َ َ‬ ‫الحاكم في ُ ْ َ ْ َ ِ‬ ‫وعقد َ ِ ُ‬ ‫) َ ََ‬
‫بملك‬ ‫الدين ( ] الفاتحة ‪ . [4 :‬قراءتان سبعيتان قرأ  ِ َ ِ‬ ‫يوم ِّ ِ‬ ‫الدين ﴾ ‪ِ ِ َ ) ،‬‬
‫ملك َ ْ ِ‬ ‫يوم ِّ ِ‬ ‫مالك َ ْ ِ‬‫بملك ( قرأ بملك ﴿ َ ِ ِ‬ ‫الصالة والسالم ) ِ َ ِ ِ‬
‫الدين ( ‪.‬‬ ‫ملك َ ْيو ِم ِّ ِ‬ ‫فيما رواه الحاكم من طريق األعمش عن أبي صالح عن أبي ھريرة رضي  تعالى عنه ‪ :‬أنه  قرأ ) َ ِ ِ‬
‫الدين ﴾ ‪،‬‬ ‫يوم ِّ ِ‬ ‫مالك َ ْ ِ‬‫﴿ َ ِِ‬ ‫عمرو وابن عامر وحمزة وابن كثير ونافع ‪ ،‬وقرأ عاصم والكسائي بألف‬ ‫ٍ‬ ‫ألف وھي قراءة أبي‬ ‫بال ٍ‬
‫كذا ( أي ‪ :‬مثل الذي‬ ‫الصراط ( يعني ‪ :‬وقرأ  الصراط ‪َ ) .‬‬ ‫كذا ِّ ُ‬ ‫الدين ( وكالھما قراءتان صحيحتان ثابتتان ‪َ ) ،‬‬ ‫يوم ِّ ِ‬ ‫ملك َ ْ ِ‬‫) َِِ‬
‫الصراط ( بالصاد وھي التي ثابتة في رسم المصحف وذكرنا‬ ‫كذا ِّ ُ‬ ‫خبر مقدم والصراط مبتدأ مؤخر ‪ ،‬و ) َ‬ ‫كذا ( ھذا ٌ‬ ‫ذكر ‪َ ) .‬‬
‫حينئذ يحتمل ماذا ؟ رد‬ ‫ٍ‬ ‫احتماال ألنھا أثبتت بدون ألف فلو أثبتت األلف مالك‬ ‫ً‬ ‫أن ھذا مثل ملك ‪ ،‬مالك ھذه من حيث الرسم ولو‬
‫يوم‬
‫ملك َ ْ ِ‬ ‫فحينئذ يحتمل أن ﴿ َ ِ ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ً‬
‫اختصارا‬ ‫ملك ألن مالك ھذه ليست بألف لكن لما كتبت ملك مع احتمال أن األلف قد تحذف‬
‫‬
‫الصراط ( يعني ‪ :‬وكذا قرأ الصراط في‬ ‫كذا ِّ ُ‬ ‫) َ‬ ‫الدين ﴾ ولكن لو كان العكس لما قبلت القراءة‬ ‫يوم ِّ ِ‬ ‫مالك َ ْ ِ‬‫الدين ﴾ أنھا ﴿ َ ِ ِ‬ ‫ِّ ِ‬
‫سورة الفاتحة في ما رواه من طريق يعني الحاكم ‪ -‬وكل ما ذكر ھنا عن الحاكم ‪ -‬فيما رواه من طريق إبراھيم بن طھمان‬
‫عن العالء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي ھريرة رضي  تعالى عنه ‪ :‬أنه  قرأ انظر ُأسندت إلى النبي  ﴿ ِ َ‬
‫اھدنا‬
‫قنبال فإنه قرأ بالسين وخلف إنه قرأ باإلشمام أي‬ ‫ً‬ ‫المستقيم ﴾ ] الفاتحة ‪ [6 :‬بالصاد ‪ .‬وھي قراءة الجمھور ما عدا‬ ‫الصراط ُ َ ِ َ‬ ‫ِّ َ َ‬
‫رھن ( بضم الراء والھاء يعني وقرأ  في سورة‬ ‫الصراط ‪ٌ ُ ُ ،‬‬‫كذا ِّ ُ‬ ‫) َ‬ ‫حرف بين الصاد والسين‬ ‫ٌ‬ ‫إشمام الصاد بالزاي ‪،‬‬
‫ٌ‬
‫مقبوضة (‬ ‫فرھن َّ ْ ُ َ‬ ‫فرھان ﴾ ) َ ُ ُ ٌ‬ ‫مقبوضة ﴾ ‪ٌ َ ِ َ ﴿ ،‬‬ ‫ٌ‬ ‫فرھان َّ ْ ُ َ‬ ‫رھن ( ] البقرة ‪ . [283 :‬بضم الراء والھاء بال ألف ﴿ َ ِ َ ٌ‬ ‫) ُ ُ ٌ‬ ‫البقرة ‪:‬‬
‫ألف ‪.‬‬ ‫مقبوضة ﴾ بال ٍ‬ ‫رھن َّ ْ ُ َ ٌ‬ ‫بضم الراء والھاء في ما رواه من طريق خارجة بن زيد بن ثابت عن أبيه أن رسول   قرأ ﴿ ُ ُ ٌ‬
‫وننشز ( يعني ‪ :‬وقرأ‬ ‫ألف بعدھا ‪ُ ِ ْ ُ ) ،‬‬ ‫رھان بكسر الراء وفتح الھاء وإثبات ٍ‬ ‫ٌ‬ ‫وھي قراءة ابن كثير وأبي عمرو وقرأ الباقون‬
‫أيضا من الطريق‬ ‫ً‬ ‫وننشز ( ‪ .‬بضم النون األولى مع سكون الثانية وكسر الشين وھذا فيما رواه‬ ‫أيضا  في سورة البقرة ) ُ ْ ِ ُ‬ ‫ً‬
‫ننشزھا ﴾‬ ‫كيف ُ ِ ُ َ‬ ‫وانظر َِإلى ِ َ ِ‬
‫العظام َ ْ َ‬ ‫ننشز ( أي آية ﴿ َ ُ ْ‬ ‫السابق عن خارجة بن زيد بن ثابت عن أبيه عنه رسول   قرأ ) ُ ْ ِ ُ‬
‫تجزي ( ] البقرة ‪ . [48 :‬بفتح التاء في سورة‬ ‫تجزي ( أي كذاك مثل الذي سبق قرأ  ‪ ) :‬ال َ ْ ِ‬ ‫كذاك ال َ ْ ِ‬ ‫َ‬ ‫] البقرة ‪) . [259 :‬‬
‫تجزي ﴾ بتاء التأنيث أي تاء التأنيث ‪ ،‬تجزي ھي تجزي ھذه التاء تاء التأنيث ويحتمل أنھا تاء‬ ‫البقرة بتاء التأنيث ﴿ َّال َ ْ ِ‬
‫ننشزھا ﴾ نحن ‪ ،‬ھي قراءة حمزة والكسائي وعاصم وابن عامر الشامي وقرأ‬ ‫كيف ُ ِ ُ َ‬ ‫المخاطب لكن المراد ھنا تاء التأنيث ﴿ َ ْ َ‬
‫ُ‬
‫تجزي ( فيما رواه من طريق‬ ‫كذاك ال َ ْ ِ‬
‫َ‬ ‫الباقون ) ننشرھا ( بالراء ‪ ،‬وھنا قراءة أخرى شاذة ) ننشيھا ( قراءة أبي بن كعب ‪) ،‬‬
‫ُ‬
‫داود بن مسلم بن عباد المكي عن أبيه عن عبد  بن كثير القاري عن مجاھد عن ابن عباس رضي  تعالى عنھما عن أبي‬
‫يق َبل ُ‬ ‫شيئا ً ﴾ ] البقرة ‪ . [48 :‬بالتاء ﴿ َوالَ ُ ْ‬ ‫نفس َ ْ‬ ‫نفس َعن َّ ْ ٍ‬ ‫تجزي َ ْ ٌ‬ ‫واتقواْ َ ْيوما ً الَّ َ ْ ِ‬‫رضي  تعالى عنه أن النبي  ‪ :‬أقرأه ﴿ َ َّ ُ‬
‫تجزي ( بضم التاء من أجزأ ‪َ ) ،‬يا‬ ‫عدل ٌ ﴾ بالياء وھي قراءة السبعة ‪ ،‬وقرأ أبو السماك ) الَّ ُ ْ ِ‬ ‫منھا َ ْ‬ ‫خذ ِ ْ َ‬ ‫منھا َ َ َ ٌ‬
‫شفاعة َوالَ ُ ْيؤ َ ُ‬ ‫ِْ َ‬
‫محرز ( من أحرزت المتاع ‪ ،‬وأحزت المتاع إذا جعلته في حفظه ‪ ،‬ألن‬ ‫محرز ( من أحرزت المتاع إذا جعلته في الحرز ) َيا ُ ْ ِ ُ‬ ‫ُ ْ ِ ُ‬
‫وأيضا كلھا معطوفة على إسقاط حرف‬ ‫ً‬ ‫يغالَّ ( ) َ ْأيضا ً ( يعني‬ ‫أن َ ُ‬ ‫ياء َ ْ‬ ‫َ‬ ‫ً‬
‫الحرز ھو الذي يكون حفظا للمادة ‪ْ ) ،‬أيضا ً ِ َ ْ ِ‬
‫بفتح َ ِ‬
‫يغل َّ ﴾ ] آل عمران ‪:‬‬ ‫لنبي َأن َ ُ‬
‫كان ِ َ ِ ٍّ‬
‫وما َ َ‬ ‫يغال ( ھذا في سورة آل عمران ﴿ َ َ‬ ‫أن َ ُ َّ‬‫ياء َ ْ‬‫بفتح َ ِ‬ ‫وأيضا قرأ ‪ِ ْ َ ِ ) :‬‬
‫‬ ‫ً‬ ‫العطف وھو الواو‬
‫‪ . [161‬بألف اإلطالق يغالَّ والمراد بيغل أن يكون في ‪ :‬الغنيمة ‪ ،‬وھذا فيما رواه من طريق داود بن الحصين عن عكرمة‬
‫مبني للفاعل وھي قراءة ابن كثير وأبي عمرو‬ ‫ٌ‬ ‫يغل َّ ﴾ بفتح الياء وضم الغين‬ ‫لنبي َأن َ ُ‬ ‫كان ِ َ ِ ٍّ‬‫وما َ َ‬‫عن ابن عباس أنه  قرأ ‪َ َ ﴿ :‬‬

‫‪112‬‬
‫يغلَّ ﴾ مبني للمعلوم ‪ ،‬والثانية أن ) أن ي َُغل ( ‪ .‬ھذا بضم الياء وفتح الغين‬ ‫وعاصم وقرأ الباقون ) أن ي َُغل ( ‪ .‬األولى ﴿ َأن َ ُ‬
‫مبينا للمفعول ‪.‬‬ ‫ً‬
‫والعين‬
‫بالعين ( ] المائدة ‪ . [45 :‬بالرفع ) َ ْ ُ‬ ‫والعين ِ ْ َ ْ ِ‬ ‫النفس ِ َّ ْ ِ‬
‫بالنفس َ ْ َ ْ ُ‬ ‫أن َّ ْ َ‬ ‫فيھا َ َّ‬ ‫وكتبنا َ َ ْ ِ ْ‬
‫عليھم ِ َ‬ ‫األولى ( ) َ َ َ ْ َ‬ ‫برفع ُ ْ َ‬‫بالعين ِ َ ْ ِ‬
‫والعين ِ َ ْ ِ‬‫) َْ ُ‬
‫األولى ( يعني برفع لفظ العين‬ ‫برفع ُ ْ َ‬‫بالعين ( ‪ .‬برفع العين األولى في سورة المائدة ) ِ َ ْ ِ‬ ‫العين ِ ْ َ ْ ِ‬
‫أيضا ) ْ َ ْ ُ‬ ‫ً‬ ‫بالعين ( يعني وقرأ ‬ ‫ِ َْ ِ‬
‫وكتبنا‬ ‫‬
‫أنس رضي  تعالى عنه أنه كان يقرأ ﴿ َ َ َ ْ َ‬ ‫األولى في سورة المائدة وذلك في ما رواه الحاكم من طريق الزھري عن ٍ‬
‫ٍ‬
‫فحينئذ‬ ‫بالعين ﴾ ] المائدة ‪ . [45 :‬بالضم ‪ ،‬وھي قراءة الكسائي ‪ ،‬وقرأ الباقون بالنصب‬ ‫والعين ِ ْ َ ْ ِ‬ ‫النفس ِ َّ ْ ِ‬
‫بالنفس َ ْ َ ْ ُ‬ ‫أن َّ ْ َ‬ ‫فيھا َ َّ‬ ‫َ َْ ِ ْ‬
‫عليھم ِ َ‬
‫مفردا ال‬ ‫ً‬ ‫ْن ھذا خبره ويكون عطف الجملة على الجملة ‪ ،‬ولو كان‬ ‫العيْنُ مبتدأ ِ ْ َ‬
‫وبالعي ِ‬ ‫والعينُ كيف نوجه ھذه ‪ ،‬ما إعراب ْ َ‬
‫ومالئكته ( ] األحزاب ‪. [56 :‬‬ ‫ َ ََ َُِ ُ‬ ‫إن َّ َ‬ ‫معطوفا على محل أن واسمھا ألنھا في موضع مبتدأ عند سيبويه ‪َّ ِ ) .‬‬ ‫ً‬ ‫إشكال يكون‬
‫بالرفع عطف على إن ومدخولھا ‪.‬‬
‫درست ﴾ ] األنعام ‪ . [105 :‬بسكون السين وفتح التاء وھذا فيما رواه من‬ ‫درست ( في سورة األنعام يعني وقرأ  ‪َ ْ َ َ ﴿ :‬‬ ‫) َ َ ْ َ‬
‫أبي بن كعب رضي  تعالى عنھم أن النبي  أقرأه ﴿‬ ‫طريق حميد بن قيس األعرج عن مجاھد عن ابن عباس عن ُ َ ّ‬
‫بألف بعد الدال‬ ‫ٍ‬ ‫درست ﴾ ‪ .‬وھي قراءة نافع وحمزة والكسائي وعاصم ‪ ،‬وقرأ ابن كثير وأبو عمرو ) َ َ ْ َ‬
‫دارست ( ‪.‬‬ ‫َ َِ ُ ُ ْ‬
‫وليقولوا َ َ ْ َ‬
‫تستطيع ( يعني وقرأ‬ ‫درست ( ‪ .‬أليس كذلك ‪ُ َ ْ َ ) ،‬‬ ‫وسكون السين وفتح التاء ‪ ،‬وابن عامر بال ألف وفتح السين وسكون التاء ) َ َ َ ْ‬
‫ربَك ( ‪ْ َ ﴿ .‬‬
‫ھل‬ ‫ربك ﴾ ] المائدة ‪ُ ِ َ ْ َ ) . [112 :‬‬
‫تستطيع َ َّ‬ ‫ھل َ ْ َ ِ ُ‬
‫يستطيع َ ُّ َ‬ ‫عليه الصالة والسالم تستطيع بالتاء في سورة المائدة ﴿ َ ْ‬
‫ربك ( ‪ ،‬ھذا في ما رواه الحاكم من طريق عبد الرحمن بن‬ ‫ربك ﴾ قراءتنا بالياء ورفع ربك ھناك ) َھلْ َ ْ َ ِ ُ‬
‫تستطيع َ َّ َ‬ ‫َ َْ ِ ُ‬
‫يستطيع َ ُّ َ‬
‫فحينئذ لماذا يكون التقديم ؟‬ ‫ٍ‬ ‫ربك ( بالتاء وبنصب ربك على المفعولية‬ ‫غنم األشعري عن معاذ أن النبي  أقرأه ) َھلْ َ ْ َ ِ ُ‬
‫تستطيع َ َّ َ‬
‫ربك ( ھل تستطيع أن تدعو وتسأل ربك ولذلك ربك ما صار مفعوالً لقوله تستطيع أليس كذلك‬ ‫نعم أحسنت ) َھلْ َ ْ َ ِ ُ‬
‫تستطيع َ َّ َ‬
‫ھل َ ْ َ ِ ُ‬
‫يستطيع‬ ‫ألنه دخله عامل محذوف ھل تستطيع أن تدعو وتسأل ربك ‪ ،‬وھي قراءة الكسائي وقرأ الباقون بالياء والرفع ﴿ َ ْ‬
‫ربك ﴾ ] المائدة ‪. [112 :‬‬ ‫َ ُّ َ‬
‫أنفس‬ ‫أنفس َ ْ ُ‬
‫النفاسة َ ْ َ‬ ‫أنفسكم ( أفعل التفضيل من َّ‬ ‫من َ ْ َ ِ ُ ْ‬‫أنفسكم ( يعني وقرأ  ) ِ ْ‬ ‫من َ ْ َ ِ ُ ْ‬ ‫درست ‪ُ َ ْ َ ،‬‬
‫تستطيع ‪ْ ِ ،‬‬ ‫من َ ْ َ ِ ُ ْ‬
‫أنفسكم ( ) َ َ ْ َ‬ ‫) ِ ْ‬
‫من‬ ‫أنفسكم ) ِ ْ‬ ‫معناهُ ( َ‬ ‫أنفسكم ) َ َ‬ ‫بفتح فا ( َ‬‫َ‬ ‫َ‬
‫أنفس ھذا أفعل التفضيل من النفاسة ھذا في آخر سورة براءة ‪ ،‬لذلك قال ‪ِ ْ ِ ) :‬‬ ‫َْ َ‬
‫قدرا وھذا فيما رواه الحاكم من طريق عبد  بن‬ ‫أعظمكم ( ً‬ ‫من َ ْ َ ِ ُ ْ‬ ‫أنفسكم من النفاسة أفعل التفضيل معناه ) ِ ْ‬ ‫قدرا من َ‬ ‫أعظمكم ( ً‬ ‫َْ َ ُِْ‬
‫أنفسكم ( ] التوبة ‪[128 :‬‬ ‫من َ َ ِ ُ ْ‬‫رسول ٌ ِّ ْ‬ ‫جاءكم َ ُ‬ ‫لقد َ ُ ْ‬ ‫طاوس عن أبيه عن ابن عباس رضي  تعالى عنھما أن النبي  أقرأه ‪ْ َ َ ) :‬‬
‫‪ .‬وھي قراءة ابن عباس وابن محيصن والزھري ھذه نطبقھا قراءة ابن عباس وابن محيصن والزھري ‪ ،‬الزھري من‬
‫من َ ُ ِ ُ ْ‬
‫أنفسكم‬ ‫التابعين فھي شاذة إذا نسبناھا إليه وابن عباس صحابي ھنا وابن محيصن ھذا من األربعة عشر ‪ ،‬وقرأ السبعة ﴿ ِّ ْ‬
‫س‬‫﴾ جمع نف ٍ‬

‫وھذي َ َّ ِ‬
‫شذت‬ ‫َِ ْ‬ ‫بعد َ ٍ‬
‫سفينة‬ ‫ََْ‬ ‫َ َِ ِ‬
‫صالحة‬ ‫َِ ْ‬
‫ملك‬ ‫َْ‬
‫قبل َ‬ ‫ََ َ ُْ‬
‫أمامھم‬
‫)‬ ‫)‬

‫أمامھم ( في سورة‬ ‫أمامھم ( يعني وقرأ  ) َ َ َ ُ ْ‬ ‫ألنھا خالفت ماذا ھي صحيحة اإلسناد لكنھا خالفت الرسم العثماني ) َ َ َ ُ ْ‬
‫سفينة‬ ‫ملك َ ْ ُ ُ‬
‫يأخذ ُكل َّ َ ِ َ ٍ‬ ‫وكان َ َ َ ُ ْ‬
‫أمامھم َّ ِ ٌ‬ ‫سفينة ‪َ َ َ ) :‬‬ ‫ٍ‬ ‫الكھف حال كونھا قبل لفظ ملك بسكون الكاف للوزن ) َ ِ َ ِ‬
‫صالحة ( بعد لفظ‬
‫غصبا ً ﴾ ] الكھف ‪ . [79 :‬كل سفينة‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫سفينة‬ ‫ُ‬
‫يأخذ ُكل َّ َ ِ َ ٍ‬ ‫ْ‬
‫ملك َ ُ‬
‫وراءھم َّ ِ ٌ‬ ‫غصبا ً ( ] الكھف ‪ . [79 :‬ھكذا قرأ ‪َ َ َ ﴿ ،‬‬
‫وكان َ َ ُ‬ ‫صالحة َ ْ‬
‫َ َِ ٍ‬
‫سفينة ( ‪) ،‬‬ ‫بعد َ ٍ‬ ‫ملك َ ِ َ ِ‬
‫صالحة َ ْ َ‬ ‫قبل َ َ ِ ْ‬ ‫صالحة بعد سفينة ولذلك قال ‪ْ ُ َ َ َ ) :‬‬
‫أمامھم َ ْ‬ ‫ٍ‬ ‫صالحة يعني أتى بدل وراء أمام وزاد كلمة‬
‫ُ‬
‫يأخذ ُكلَّ‬ ‫ْ‬
‫سفينة ( ) َ ُ‬
‫بعد ( لفظ ) َ ٍ‬ ‫ملك ( زدت كلمة أمام قبل كلمة ملك ) َ ِ َ ِ‬
‫صالحة َ ْ َ‬ ‫وكان َ َ َ ُ ْ‬
‫أمامھم َّ ِ ٌ‬ ‫ملك ( ) َ َ َ‬
‫قبل َ (كلمة ) َ ِ ْ‬ ‫ََ َ ُْ‬
‫أمامھم َ ْ‬
‫شذت ( ‪ْ ِ َ ) ،‬‬
‫وھذي ( ذي‬ ‫وھذي َ َّ ِ‬ ‫الحة َ ْ‬
‫غصبا ً ( ) َ ِ ْ‬ ‫ص َِ ٍ‬ ‫َ ِ َ ٍ‬
‫سفينة َ‬

‫اقتصر‬ ‫على ُ ْ َ‬
‫األنثى ْ َ ِ‬ ‫وذه ِتي َتا َ َ‬
‫َ ِ‬ ‫بذي‬
‫ِِ‬ ‫َِ‬
‫أشرْ‬ ‫م َ َّ ٍ‬
‫ُذكر‬ ‫لِم ْ َ ٍ‬
‫ُفرد‬ ‫َِبذا‬
‫)‬ ‫)‬

‫‪113‬‬
‫شذت ( شاذة لماذا شاذة ؟ ألنھا وإن صحت‬ ‫وھذي ( أي القراءة ) َ َّ ِ‬ ‫يقال ‪ :‬ذه يقال ‪ :‬ذي ‪ ،‬ھذه ذه وذي ًإذا لغتان ھنا قال ) َ ِ ْ‬
‫سندا ألنه قال ھنا فيما رواه الحاكم من طريق أبي إسحاق السبيعي ‪ -‬وھذا فيه كالم عند أھل الحديث ‪ -‬عن سعيد بن جبير‬ ‫ً‬
‫غصبا ً ( وھي قراءة‬ ‫صالحة َ ْ‬
‫سفينة َ ِ َ ٍ‬‫يأخذ ُكل َّ َ ِ َ ٍ‬ ‫ْ‬
‫ملك َ ُ ُ‬ ‫أمامھم َّ ِ ٌ‬
‫وكان َ َ ُ ْ‬ ‫َ‬ ‫عن ابن عباس رضي  تعالى عنھما أنه  كان يقرأ ) َ َ َ‬
‫ٍ‬
‫صالحة ‪.‬‬ ‫وراءھم ﴾ وبدون لفظ‬ ‫ابن عباس وسعيد بن جبير وھي شاذة كما نص على ذلك الناظم وقرأ السبعة ﴿ َ َ ُ‬
‫وما ُھم ِ ُ َ َ‬
‫بسكارى ﴾ ]‬ ‫سكارى َ َ‬‫الناس ُ َ َ‬‫وترى َّ َ‬ ‫بسكرى َْأيضا ( ھذا في سورة الحج في أولھا ‪َ َ َ ﴿ :‬‬ ‫ھم ِ َ ْ َ‬ ‫وما ُ ُ‬ ‫تغرى ) َ‬ ‫سكرى ( َ َ َّ‬ ‫) ََْ‬
‫ھم‬ ‫بسكرى ( ] الحج ‪ . [2 :‬يعني وقرأ  سكرى على وزن غضبى ) َ َ‬
‫وما ُ ُ‬ ‫وما ُھم ِ َ ْ َ‬ ‫سكرى َ َ‬ ‫الناس َ ْ َ‬‫وترى َّ َ‬ ‫الحج ‪َ َ َ ) ، [2 :‬‬
‫أيضا في سورة الحج بفتح فسكون كعطشى في الموضعين في ما رواه من طريق الحكم بن عبد الملك عن قتادة‬ ‫ً‬ ‫ِ ََْ‬
‫بسكرى (‬
‫بسكرى ( وھي قراءة حمزة والكسائي‬ ‫وما ُھم ِ َ ْ َ‬ ‫سكرى َ َ‬ ‫الناس َ ْ َ‬ ‫وترى َّ َ‬ ‫عن الحسن عن عمران بن حصين أن رسول  قرأ ‪َ َ َ ) :‬‬
‫سكارى ﴾ جمع وسكرى ھذا على وزن‬ ‫وألف بعدھا ﴿ ُ َ َ‬ ‫ٍ‬ ‫سكارى ﴾ بضم السين وفتح الكاف‬ ‫يعني سبعية ‪ ،‬وقرأ الباقون ﴿ ُ َ َ‬
‫] السجدة ‪ . [17 :‬ھذا في سورة السجدة بصيغة‬ ‫قرات َ ْ ُ ٍ‬
‫أعين (‬ ‫تمضى ( يعني وقرأ  ‪َّ ُ ) :‬‬ ‫لجمع ُ ْ َ‬ ‫أعين ِ َ ْ ٍ‬ ‫قرات َ ْ ُ ٍ‬‫غضبى ) ُ َّ ُ‬
‫أعين ﴾ وھذا فيما رواه من طريق عمار‬ ‫قرات ﴾ و ﴿ َ ْ ُ ٍ‬ ‫تمضى ( يعني جمع في ما مضى اللفظين ﴿ ُ َّ‬ ‫لجمع ُ ْ َ‬ ‫أعين ِ َ ْ ٍ‬ ‫قرات َ ْ ُ ٍ‬‫الجمع ) ُ َّ ُ‬
‫النفس ( ‪ -‬وأظن أن ھذا‬ ‫تعلم َ ْ ٌ‬
‫فال َ ْ َ ُ‬‫بن محمد عن األعمش عن أبي صالح عن أبي ھريرة رضي  عنه أن النبي  قرأ ‪َ َ ) :‬‬
‫أعين ( وھي قراءة عبد  وأبي الدرداء وأبي ھريرة وعون والعقيلي ‪،‬‬ ‫قرات َ ْ ُ ٍ‬
‫لھم ِّمن ُ َّ ِ‬ ‫خطأ في اإلتقان ونحوه ‪َّ ) -‬ما ُ ْ ِ َ‬
‫أخفي َ ُ‬
‫ذريتھم ( واتبعتھم يعني وقرأ  ) َّ َ َ ْ ُ ْ‬
‫واتبعتھم ( في سورة‬ ‫عد ُ ِّ َ ِ ِ ْ‬ ‫) َّ َ َ ْ ُ ْ‬
‫واتبعتھم َب ْ ُ‬ ‫أعين ﴾ يعني باألفراد ‪،‬‬ ‫قرة َ ْ ُ ٍ‬ ‫وقرأ السبعة ‪ِ َّ ُ ﴿ :‬‬
‫واتبعتھم ﴾ ] الطور ‪ً . [21 :‬إذا التاء ھذه تسمى تاء التأنيث في سورة‬ ‫الطور بتاء التأنيث يعني ليس أتبعناھم كما سيأتي ‪ْ ُ ْ َ َ َّ َ ﴿ :‬‬
‫ذريتھم ( ھكذا بالضم واألحسن أن يكون بالنصب يعني ‪ :‬بعدھا لفظ ذريتھم بالرفع وھي‬ ‫بعد ُ ِّ َ ِ ِ ْ‬
‫الطور بتاء التأنيث حال كونھا ) َ ْ ُ‬
‫عمرو فإنه‬
‫ٍ‬ ‫ذريتھم ﴾ ھذه قراءة السبع ما عدا أبا‬ ‫واتبعتھم ُ ِّ َّ ُ ُ‬
‫ذرياتھم ( ‪ْ ُ ْ َ َ َّ َ ﴿ ،‬‬ ‫وأتبعناھم ُ ِّ َّ ِ ِ‬
‫عمرو فإنه قرأ ‪ْ ُ َ ْ َ ْ َ ) :‬‬ ‫ٍ‬ ‫قراءة السبعة ما عدا أبا‬
‫ذرياتھم ( بالجمع والنصب بقطع الھمزة مفتوحة أتبعناھم وإسكان التاء والعين وماذا ؟ ونون مفتوحة )‬ ‫وأتبعناھم ُ ِّ َّ ِ ِ‬
‫قرأ ‪ْ ُ َ ْ َ ْ َ ) :‬‬
‫منصوب بالكسرة ألنه جمع مؤنث سالم‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬
‫مفعول به‬ ‫ذرياتھم ( بالنصب على أنه‬ ‫وأتبعناھم ُ ِّ َّ ِ ِ‬
‫وأتبعنا ( بعدھا ألف ) َ ْ َ ْ َ ُ ْ‬

‫جمعھم‬
‫عباقري َ ْ ُ ُ ْ‬ ‫َر ِ ً‬
‫فارفا َ َ ِ ِ َّ‬ ‫ُ ِّ َ ِ ِ ْ‬
‫ذريتھم‬ ‫بعد‬
‫َْ ُ‬ ‫َّ َ َ ْ ُ ْ‬
‫واتبعتھم‬
‫)‬ ‫)‬

‫عباقري ( في سورة الرحمن بصيغة الجمع فيھما وزان مساجد كما قال الناظم ‪) :‬‬ ‫رفارفا ( ومثله ) َ َ ِ ِ َّ‬ ‫يعني ‪ :‬وقرأ  ) َ ِ ً‬
‫رفارفا العباقري ھذا ماذا جمع أو ال ؟‬ ‫ً‬ ‫عباقري ( نقول ‪:‬‬ ‫) َ ِ ً‬
‫رفارفا َ َ ِ ِ َّ‬ ‫ٌ‬
‫ثابت لھم وقرأ ‪:‬‬ ‫جمعھم ( يعني‬ ‫َ ُْ ُْ‬
‫على َ َ َ َ‬
‫رفارف‬ ‫متكئين َ َ‬
‫جمع وال إشكال في ذلك ‪ ،‬ھنا قال ‪ :‬فيما رواه من طريق الجحدري عن أبي بكر أن النبي  قرأ ‪َ ِ ِ َّ ُ ) :‬‬ ‫ٌ‬
‫حسان ( وھي قراءة عثمان‬ ‫وعباقري ِ َ ٍ‬ ‫َ‬
‫ممنوع من الصرف ) َ َ َ ِ َّ‬ ‫ٌ‬ ‫رفارف (‬ ‫َ‬
‫] الرحمن ‪َ َ َ ) . [76 :‬‬ ‫حسان (‬ ‫َ‬
‫وعباقري ِ َ ٍ‬
‫خضر َ َ َ ِ َّ‬ ‫ُ ٍْ‬
‫خضر َ َ ْ َ ِ ٍّ‬
‫وعبقري ﴾‬ ‫رفرف ُ ْ ٍ‬ ‫على َ ْ َ ٍ‬ ‫متكئين َ َ‬
‫بت عفان ومالك بن دينار وابن محيصن وغيرھم ‪ ،‬وقرأ السبعة باإلفراد فيھما ﴿ ُ َّ ِ ِ َ‬
‫ٌ‬
‫جمعھم ( ثابت لھما جمعھم‬ ‫عباقري ( ھذا في سورة الرحمن بصيغة الجمع فيھما ) َ ْ ُ ُ ْ‬ ‫باإلفراد فيھما ‪ ،‬نعم ًإذا ) َ ِ ً‬
‫رفارفا َ َ ِ ِ َّ‬
‫ثابت لھما ًإذا ذكر في‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬
‫محذوف وھو‬ ‫جمعھم ( مبتدأ خبره‬ ‫ٌ‬
‫ثابت لھما ) َ ْ ُ ُ ْ‬ ‫باإلسكان جمعھم ھذا مبتدأ على جھة االستئناف جمعھم‬
‫ھذه األبيات بعض ما نقل عن النبي  بقطع النظر عن صحة إسناده أو غيره والمراد أنه ُنسب وأسند إلى النبي  وھذا‬
‫كثير في المستدرك وفي غيره ‪.‬‬
‫ثم قال ‪ :‬الخامس والسادس أي من العقد الثاني ‪ :‬الخامس والسادس ‪ ،‬من العقد الثاني وھو ما يرجع إلى اإلسناد ‪ :‬الرواةُ‬
‫والحفاظ من الصحابة والتابعين الذين اشتھروا بحفظ القرآن وإقرائه ‪.‬‬ ‫ُ َّ ُ‬
‫الرواة والحفاظ الخامس ‪ :‬الرواة ‪ ،‬والسادسُ ‪ :‬الحفاظ ‪ً .‬إذا الخامس المراد به الرواة والسادس الحفاظ من الصحابة‬
‫تابع ‪ ،‬تابعيين أو‬ ‫مرارا والتابعين ھذا جمع ماذا ؟ ٍ‬ ‫ً‬ ‫معلوم حده وسبق معنا‬‫ٌ‬ ‫صحابيا ‪ ،‬والصحابي‬ ‫ً‬ ‫وسيذكر أن عددھم أحد عشر‬
‫تابع ‪ ،‬أو تابعون واحدھم تابعي أو تابع ‪ ،‬إما ھذا أو ذاك ‪ ،‬وھو حقيقته حده من صحب الصحابي وقيل من لقيه وھذا الثاني‬
‫أظھر وأصح ألنه ال يشترط المالزمة بين التابعي مع الصحابي كما أنه ال يُشترط ذلك الصحابي مع النبي  كذاك األتباع‬
‫كالصحابي ‪.‬‬
‫الذين اشتھروا بحفظ القرآن وإقرائه يعني حفظ القرآن كله ھذا المقصود ال بعضه يعني من الذي حفظ القرآن كله عن‬ ‫ُ‬
‫فعلم » خيركم من تعلم القرآن وعلمه‬ ‫تعلم َ َ َّ َ‬
‫علم ُه َ َ َّ َ‬
‫أقرأه غيره بمعنى أنه َ َّ َ‬‫ومن الذي َ ْ َ َ‬ ‫قلب أوله من فاتحته إلى سورة الناس َ‬ ‫ظھر ٍ‬
‫‪114‬‬
‫» خيركم من تعلم القرآن وعلمه « كأن المقصود به‬ ‫« لكنه ليس خاص بالحفظ كما يظنه البعض يكتب بالتحافيظ اآلن‬
‫الحفظ فقط ال ليس ھذا المراد ‪ ،‬بل ھو أعم ألن اللفظ عام » خيركم من تعلم القرآن « وتعلم القرآن يكون بحفظه ھذا نوع‬
‫من أنواعه وقد يكون بالفقه فيه ونحو ذلك ‪.‬‬
‫) وإقرائه ( ‪ :‬يعني وإقراء القرآن للغير ذكر السيوطي رحمه  أن المشھورين بإقراء القرآن من الصحابة سبعة ‪:‬‬
‫‪ -1‬عثمان رضي  تعالى عنه ‪.‬‬
‫‪ -2‬وعلي ‪.‬‬
‫‪ّ َ ُ -3‬‬
‫وأبي ‪.‬‬
‫‪ -4‬وزيد ‪.‬‬
‫‪ -5‬وابن مسعود ‪.‬‬
‫‪ -6‬وأبو الدرداء ‪.‬‬
‫‪ -7‬وأبو موسى األشعري ‪.‬‬
‫ذكرھم كلھم ھو إال أبا موسى األشعري ‪.‬‬
‫ًإذا عرفنا أن السيوطي رحمه  قال ‪ :‬المشھورون بإقراء القرآن بإقرائه ال بحفظه سبعة وھم ‪:‬‬
‫‪ -1‬عثمان ‪.‬‬
‫‪ -2‬وعلي ‪.‬‬
‫‪ّ َ ُ -3‬‬
‫وأبي بن كعب‬
‫‪ -4‬وزيد بن ثابت ‪.‬‬
‫‪ -5‬وابن مسعود ‪.‬‬
‫‪ -6‬وأبو الدرداء ‪.‬‬
‫‪ -7‬وأبو موسى األشعري ‪.‬‬
‫رضي  تعالى عنھم أجمعين ‪ ،‬وجاء في الصحيح عن عبد  بن عمرو قال ‪ :‬سمعت النبي  يقول ‪ » :‬خذوا القرآن‬
‫أربعة يعني من أصحابي واألربعة ھؤالء ھم ‪ :‬من عبد  بن مسعود ‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫من أربعة « خذوا القرآن يعني ‪ :‬تعلموا القرآن من‬
‫وأبي بن كعب ‪ ،‬ھؤالء أربعة اثنان مھاجران وھما عبد  بن مسعود ‪ ،‬وسالم مولى أبي حذيفة ‪ ،‬واثنان‬ ‫وسالم ومعاذ ُ َ ّ‬
‫أنصاريان وھما معاذ بن جبل ُ َ ّ‬
‫وأبي بن كعب ‪.‬‬
‫» خذوا القرآن من أربعة « اثنان مھاجران عبد  بن مسعود ‪ ،‬وسالم مولى أبي حذيفة ‪ ،‬واثنان أنصاريان وھما معاذ‬
‫وأبي بن كعب ‪.‬‬
‫ٍ‬
‫أربعة ‪.‬‬ ‫أنس رضي  تعالى عنه قال ‪ :‬مات النبي  ولم يجمع القرآن غير األربع أو غير‬ ‫أيضا في الصحيح عن ٍ‬ ‫وفيه ً‬
‫قوله ‪ » :‬خذوا القرآن من أربعة « ‪ .‬ھل يلزم منه نفي أخذ القرآن من غيرھم ؟‬
‫ال ليس فيه ذلك ‪ ،‬وإنما خصھم النبي  تلتمس حكمة للتخصيص ‪ ،‬وأما ھل فيه ٌ‬
‫نفي لعدم أخذ القرآن من غيره ؟‬
‫الجواب ال ًإذا ال إشكال في ھذه الرواية ‪.‬‬
‫أنس قال ‪ :‬مات النبي  ولم يجمع القرآن غير األربعة ‪ :‬أبو الدرداء ‪ ،‬ومعاذ بن جبل ‪ ،‬وزيد بن ثابت ‪،‬‬ ‫أيضا عن ٍ‬ ‫وفيه ً‬
‫وأبو زيد ‪ .‬سئل عنه قال ‪ :‬أحد عمومتي ‪ .‬ھؤالء أربعة أنس رضي  تعالى عنه يقول ‪ :‬لم يجمع القرآن غير األربعة ‪ :‬أبو‬
‫ٌ‬
‫إشكال كبير ‪.‬‬ ‫الدرداء ‪ ،‬ومعاذ بن جبل ‪ ،‬وزيد بن ثابت ‪ ،‬وأبو زيد ‪ .‬وھذا فيه‬
‫أيضا عن قتادة قال ‪ :‬سألت أنس رضي  تعالى عنه من جمع القرآن على عھد رسول   ؟ فقال ‪:‬‬ ‫ً‬ ‫وفي الصحيح‬
‫ٍ‬
‫حينئذ صاروا كم ھؤالء في الروايتين‬ ‫أبي بن كعب ‪ ،‬ومعاذ بن جبل ‪ ،‬وزيد بن ثابت ‪ ،‬وأبو زيد ‪.‬‬ ‫ُ‬
‫أربعة كلھم من األنصار ‪ّ َ :‬‬
‫؟ خمسة ألنه ذكر في األولى قال ‪ :‬أبو الدرداء ‪ ،‬ومعاذ بن جبل ‪ ،‬وزيد بن ثابت ‪ ،‬وأبو زيد ‪ .‬في الرواية الثانية ‪ :‬ذكر من ؟‬
‫أبي بن كعب ولم يذكره في األولى ومعاذ بن جبل ذكره في األولى وزيد بن ثابت وأبو زيد مذكوران في األولى فصاروا كم‬ ‫َُ ّ‬
‫؟ خمسة ‪.‬‬

‫‪115‬‬
‫قال ْالبُلقيني ‪ :‬فيكون الحفاظ بمقتضى الروايتين خمسة ‪ ،‬فيكون الحفاظ في زمن النبي  الذين جمعوا القرآن كله فقط‬
‫خمسة وما عداھم لم يجمع القرآن ‪.‬‬
‫من األنصار وإال فقد حفظه على عھده عليه الصالة والسالم من غير األنصار عثمان وسالم وابن مسعود‬ ‫والمراد بذلك ِ َ‬
‫ھذا زيادة على الخمسة عثمان رضي  تعالى عنه وسالم وابن مسعود ‪.‬‬
‫أيضا منھم عبد  بن عمرو بن العاص فقد قال ‪ :‬جمعت القرآن فقرأت‬ ‫ً‬ ‫وزاد السيوطي قال ‪ :‬بل جمعه في عھده غيرھم‬
‫به ‪ .‬جمعت القرآن إذا أطلقوا ھذا اللفظ مرادھم حفظوه كله ‪ ،‬فقرأت به كل ليلة فبلغ ذلك رسول   الحديث ‪.‬‬
‫بكر الصديق يعني زد على ذلك الخمسة يزاد عليھم عثمان ‪ ،‬وسالم ‪ ،‬وابن مسعود ‪،‬‬ ‫كثير رحمه  تعالى ‪ :‬وأبو ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫قال ابن‬
‫وعبد  بن عمرو بن العاص ‪ .‬قال ابن كثير ‪ :‬وأبو بكر الصديق رضي  تعالى عنه لماذا ؟‬
‫ما الدليل على أنه جمعه ؟‬
‫إماما على المھاجرين واألنصار مع أنه قال ‪ » :‬يؤم القوم أقرأھم لكتاب  « ‪ .‬وقدمه ً‬
‫إماما‬ ‫ً‬ ‫قالوا ‪ :‬قد قدمه النبي ‬
‫على المھاجرين واألنصار فدل على ماذا ؟‬
‫ً‬
‫على أنه يحفظ ‪ ،‬ولوال أنه كان أقرأھم لكتاب  لما قدمه عليھم ‪ ،‬وزاد السيوطي تعليال على ھذا يقول ‪ :‬كيف ھو أقدمھم‬
‫إسالما ويحفظه َمنْ َبعْ دَ ه ثالث وعشرين سنة ما يستطيع أن يحفظ القرآن ؟‬ ‫ً‬
‫حينئذ صاروا كم اآلن ؟‬‫ٍ‬ ‫الجواب ‪ :‬ال ‪ ،‬يستطيع‬
‫أيضا ھذا قليل ً‬
‫جدا بالنسبة‬ ‫ً‬ ‫عشرة ‪ ،‬ورواية أنس ‪ :‬لم يجمع القرآن على عھد النبي  غير أربعة ‪ .‬وإذا صاروا عشرة‬
‫لعدد الصحابة ولذلك استنكر بعضھم حصر العدد في رواية أنس رضي  تعالى عنه حصر العدد في أربعة ‪ ،‬وحتى ما زيد‬
‫عليه زيد عليه باالجتھاد يعني قول عبد  بن عمرو أنه حفظ ‪ :‬جمعت القرآن ھذا يمكن أن يؤول ‪ ،‬وكذلك أبو بكر الصديق‬
‫جمع القرآن‬
‫ُمع أو َ َ َ‬
‫نصا أنه ج ِ َ‬‫قدم من أجل قوله  ‪ » :‬يؤم القوم أقرأھم لكتاب  « ‪ .‬يقول ‪ :‬ھذا يمكن تأويله لكن ً‬ ‫كونه ُ ِّ َ‬
‫أربعة فقط فھذا استشكله الكثير ولذلك قيل في رواية أنس ‪ :‬لم يجمع القرآن غير أربعة ‪ .‬ال يلزم من ذلك أن ال يكون ٌ‬
‫أحد في‬ ‫ٌ‬
‫ذلك الوقت شاركھم في حفظ القرآن ففي الصحيح في غزوة بئر معونة أن الذين ُقتلوا بھا من الصحابة كان يقال لھم ‪ :‬القراء‬
‫حينئذ صار أنه يحفظ القرآن كله عن ظھر قلب فكيف يقول‬ ‫ٍ‬ ‫رجال ‪ ،‬وإذا قيل قراء على عھد الصحابة والتابعين‬ ‫ً‬ ‫وكانوا سبعين‬
‫ٍ‬
‫أربعة ‪.‬‬ ‫أنس ‪ :‬غير‬
‫ٌ‬
‫جماعة من األئمة الحصر في األربعة ‪.‬‬ ‫وجاء أن غزوة بئر معونة قتل فيھا سبعون من القراء وقد استنكر‬
‫والمازري بفتح الزاي وكسرھا قال ‪ :‬ال يلزم من قول أنس ‪ :‬لم يجمعه غيرھم ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫المازري‬ ‫قال المازري رحمه  تعالى ‪:‬‬
‫أن يكون الواقع في نفس األمر كذلك ال يلزم من ذلك أن يكون في نفس األمر أنه لم يجمعه إال األربعة لماذا ؟‬
‫حينئذ يقول ‪ :‬قد أخبر بماذا ؟ بما يعلم أو من أخبر‬ ‫ٍ‬ ‫ألن التقدير أنه ال يعلم أن سواھم جمعه ‪ ،‬إنما أخبر عن علمه ومن علم‬
‫ً‬
‫منفيا بعلمه ‪ ،‬أليس كذلك ال يلزم أن ما ال يعلمه أن يكون منفيا بعلمه بل‬ ‫فإنما أخبر بما يعلم وال يلزم أن ما ال يعلمه يكون ً‬
‫يكون أربعة جمعوه ويعلم ذلك وال يعلم أن عداھم قد جمعوا القرآن ‪.‬‬
‫قال ‪ :‬ألن التقدير أنه ال يعلم أن سواھم جمعه وإال فكيف اإلحاطة بذلك مع كثرة الصحابة وتفرقھم في البالد ‪.‬‬
‫أنس األربعة بالذكر لشدة تعلقه بھم دون غيرھم ‪.‬‬‫قال القرطبي رحمه  ‪ :‬وإنما خص ٌ‬
‫بوصف خاص يميزھم عن غيرھم ‪ ،‬والمراد أنه ال يحصر حفظت كتاب  من‬ ‫ٍ‬ ‫يعني ‪ :‬أراد أن يخص لفظ األربعة‬
‫الصحابة في األربعة وإنما خص أنس األربعة بالذكر لشدة تعلقه بھم دون غيرھم ‪ ،‬أو لكونه في ذھنه دون غيرھم ‪ ،‬وقال‬
‫القاضي أبو بكر الباقالني ‪ :‬الجواب عن حديث أنس من أوجه ‪:‬‬
‫أوالً ‪ :‬أنه ال مفھوم له ألنه عدد ‪ ،‬ال مفھوم له فال يلزم أال يكون غيرھم جمعه ‪.‬‬
‫الوجه الثاني ‪ :‬المراد لم يجمعه على جميع الوجوه والقراءات التي نزل بھا إال أولئك يعني لم يجمعه بقراءاته ووجھه إال‬
‫أولئك األربعة وھذا محتمل ال إشكال ‪.‬‬
‫الوجه الثالث ‪ :‬أن المراد بجمعه تلقيه من في الرسول  ال بواسطة بخالف غيره فيحتمل أنه بواسطة ‪.‬‬
‫ً‬
‫كتابة‬ ‫حفظا أما ھؤالء فجمعوه‬ ‫ً‬ ‫الرابع ‪ :‬المراد بالجمع الكتابة لم يجمعه إال أربعة ‪ .‬مراد بالكتابة فال ينفي أن غيرھم جمعه‬
‫وحفظوه عن ظھر قلب ‪.‬‬
‫‬
‫أحدا لم يفصح بأنه جمعه بمعنى أكمل حفظه في عھد رسول  إال أولئك ‪ ،‬وأما غيرھم لم يفصح‬ ‫الخامس ‪ :‬المراد أن ً‬
‫‪.‬‬

‫‪116‬‬
‫مراد ھؤالء كلھم ال بد من تأويل ظاھر حديث أنس ھذه ھي الخالصة إما أن تكون العدد ال مفھوم له ‪ ،‬وإما أنه أخبر‬
‫جدا على غيرھم بحيث أنھم جمعوه روايات ووجوه إلى آخره ‪ ،‬وإما أن‬ ‫بعلمه ‪ ،‬وإما أن ھؤالء األربعة اعتنوا به عناية فائقة ً‬
‫تقول ‪ :‬أنھم أخذوه من النبي  بال واسطة ‪ ،‬أما أن يقال ‪ :‬الصحابة لم يحفظ منھم القرآن إال أربعة ھذا بعيد ً‬
‫جدا ‪ .‬بل نقول‬
‫أكثرھم يحفظون القرآن بل ھذا ھو األصل فيھم ‪.‬‬

‫)‬ ‫سعد‬ ‫والبن َ ُ ٍ‬


‫مسعود ِبھذا َ ْ ُ‬ ‫ِ‬ ‫)‬ ‫أبي َ ْ ُ‬
‫زيد‬ ‫عثمان ُ ِ ٌّ‬‫علي ُ ْ ُ‬ ‫َ ُّ‬
‫)‬ ‫جبل َ َ َ‬
‫وأخذا‬ ‫بن‬ ‫ُ ٌ‬
‫معاذ ُ َ َ ٍ‬ ‫كذا‬‫الدردا َ َ‬ ‫َّ ْ‬ ‫أبو‬ ‫َ‬ ‫‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫زيد‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫أبو‬‫َ‬
‫كذا ُ‬
‫)‬
‫َِْ‬
‫والمعني‬ ‫ابن َ ِ ٍ‬
‫سائب‬ ‫ُ‬ ‫عباس‬
‫َ َّ ٍ‬ ‫ابن‬
‫ْ ِ‬ ‫مع‬
‫َ َ‬ ‫ٍ‬
‫ھريرة‬‫ََُْ‬ ‫أبو‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫عنھم‬
‫َ ُْ‬ ‫ْ‬
‫)‬ ‫)‬
‫ذكر‬
‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫منھم‬
‫ُْ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬
‫تابعي فالذي‬ ‫ِ‬
‫ِ ٍّ‬ ‫َ‬ ‫من‬
‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫شھر‬‫ِْ‬ ‫ُ‬ ‫من‬
‫ثم َ ْ‬ ‫ُ‬
‫ َّ‬ ‫ِ‬ ‫عبد‬
‫ذين َ ْ ُ‬ ‫ِب ْ ِ‬‫َ‬
‫)‬ ‫)‬
‫شاعوا‬‫ُ‬ ‫َ‬ ‫قد‬ ‫َ‬
‫ھرمز ْ‬ ‫بن ُ ْ ُ ٍ‬ ‫واألعرج ُ‬‫ْ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫القعقاع‬
‫ْ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُُ‬
‫أبه‬‫َ‬ ‫من‬‫أي َ ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫يزيد‬
‫َُِْ‬
‫)‬ ‫)‬
‫علقمةْ‬
‫زر َ ْ ََ‬ ‫والحسن ِ ٌّ‬ ‫َ َ ُ‬ ‫األسود‬
‫َْ ُ‬ ‫َ‬ ‫عكرمةْ‬
‫ِ ِ َ‬ ‫ْ‬ ‫ٌَِْ‬
‫سعيد‬ ‫َ‬
‫َعطا‬ ‫ُ َ ٌِ‬
‫مجاھد‬
‫)‬ ‫)‬
‫)‬ ‫بده‬
‫لھم ال ُ َّ ْ‬ ‫َ‬ ‫رجوع َ ْ ٍ‬
‫سبعة ُ ْ‬ ‫ُ ُ ُ‬ ‫عبيدةْ‬
‫َ ِْ َ‬ ‫مسروق كذا‬ ‫َ ْ ُ ٌ‬ ‫َ‬
‫كذاك‬
‫)‬

‫مبتدأ محذوف ثم يعطف عليھم‬ ‫ٍ‬ ‫علي ( بن أبي طالب رضي  تعالى عنه ‪ ،‬ھو عد أحد عشرة فقط وھم علي ‪ ،‬ھذا خبر‬ ‫) َ ُّ‬
‫علي بن أبي طالب بن عبد المطلب ابن عم‬ ‫ٌ‬ ‫علي ( أي وھم‬‫الباقين بحرف عطف محذوف وال نحتاج أن نكرر كل وقت ) َ ُّ‬
‫ثالث وستين سنة‬ ‫ٍ‬ ‫واحد من العشرة المبشرين بالجنة توفي وھو ابن‬ ‫ٌ‬ ‫النبي  وزوج ابنته وأمير المؤمنين والخليفة الرابع وھو‬
‫عمرو ولد بعد الفيل بست سنين عثمان بن عفان خليفة الثالث وأحد‬ ‫ٍ‬ ‫عثمان ( بن عفان بن أبي العاص ‪ ،‬يكنى أبا‬ ‫‪ .‬و ) ُْ ُ‬
‫وأبي بن كعب الخزرجي توفي بالمدينة ودفن بھا سنة ثالثين في خالفة‬ ‫ُ‬
‫أبي ( يعني َ ّ‬ ‫المھاجرين وأحد المبشرين من العشرة ‪ٌّ ِ ُ ) .‬‬
‫ثابت األنصاري كاتب الوحي والمصحف‬ ‫ٍ‬ ‫زيد ( بن ثابت يعني وزيد بن‬ ‫عثمان وقيل في خالفة عمر رضي  تعالى عنه ‪ُ ْ َ ) .‬‬
‫مسعود ْالھ َُذلي ھذا اختلف في وفاته فقيل‬ ‫ٍ‬ ‫سعد ( يعني ولعبد  بن‬ ‫مسعود ِبھذا َ ْ ُ‬ ‫والبن َ ُ ٍ‬‫ِ‬ ‫ُتوفي بالمدينة سنة أربع وخمسين ‪) .‬‬
‫سعد ( سعد بن أبي وقاص من‬ ‫ُتوفي بالكوفة سنة اثنين وثالثين ‪ ،‬وقيل ‪ :‬ثالث وثالثين ‪ ،‬وقيل ‪ :‬بالمدينة دفن بالبقيع ) ِبھذا َ ْ ُ‬
‫وسعد بھذا الذي ھو الحفظ واإلقراء وفھم‬ ‫ٌ‬ ‫سعد ( يصير والبن ھذا جار مجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم‬ ‫السعود ) ِبھذا َ ْ ُ‬
‫ونجاح وفالح ألن حفظ القرآن ھذا طريق النجاح ولذلك ألحظ على طالب العلم الذي‬ ‫ٌ‬ ‫مسعود ( سعد‬
‫ٌ‬ ‫والبن َ ُ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫معنى القرآن )‬
‫َ‬
‫يحفظ القرآن ھذا يسير ما شاء  كالريح والذي ال يحفظ القرآن ھذا ما أدري يكبو ساعة ويقوم ساعة ألنه إذا ح ُِفظ القرآن‬
‫زيد ( كذا أي‬ ‫فيه كل علم ويكون معونة لكل علم ولذلك الذي ال يحفظ في الغالب أنه ال يستطيع أن يحفظ متن ما ) كذا َُأبو َ ْ ٍ‬
‫زيد األنصاري ولما سئل أنس من أبو زيد ؟ قال ‪ :‬أحد‬ ‫زيد منھم أبو ٍ‬ ‫مثل الذي نسبه في كونھم من حفظة القرآن واإلقراء أبو ٍ‬
‫عمومتي ‪ .‬واألشھر أنه قيل ‪ :‬ال يعرف اسمه ‪ .‬وقيل ‪ :‬اسمه قيس بن السكن وھذا ھو المشھور كما نص على ذلك ابن حجر‬
‫الدردا ( أبو الدرداء الخزرجي األنصاري واسمه عويمر وقيل ‪ :‬عامر ‪ُ .‬توفي بدمشق في‬ ‫زيد ‪َ ،‬أبو َّ ْ‬ ‫والسيوطي ) كذا َُأبو َ ْ ٍ‬
‫جبل أبو عبد الرحمن )‬ ‫ٍ‬ ‫جبل ( أبو عبد الرحمن معاذ بن‬ ‫بن َ َ ٍ‬ ‫كذا ُ ٌ‬
‫معاذ ُ‬ ‫خالفة عثمان سنة إحدى وقيل ‪ :‬اثنتين وثالثين ‪َ َ ) .‬‬
‫علي ‪ ،‬عثمان ُأبي ‪ ،‬زيد ‪ ،‬ابن مسعود ‪ ،‬أبو زيد‬ ‫ھريرة ( ھؤالء عدھم كم اآلن ثمانية ٌّ‬ ‫عنھم َُأبو ُ َ ْ َ ٍ‬ ‫وأخذا ( ھذا منفصل ) َ َ َ‬
‫وأخذا َ ْ ُ ْ‬ ‫َََ‬
‫وأخذا ( بألف اإلطالق أخذا ) َُأبو ُ َ ْ َ ٍ‬
‫ھريرة ( ھذا‬ ‫ھريرة ( ) َ َ َ‬
‫عنھم َُأبو ُ َ ْ َ ٍ‬
‫وأخذا َ ْ ُ ْ‬ ‫‪ ،‬أبو الدرداء ‪ ،‬معاذ بن جبل ‪ .‬ھؤالء ثمانية ) َ َ َ‬
‫عنھم ( عن ھؤالء الثمانية عبد الرحمن بن صخرة الدوسي ُتوفي سنة سبع وخمسين أسلم عام خبير مع ) َ َ‬
‫مع‬ ‫فاعل أخذا ) َ ْ ُ ْ‬
‫ابن َ ِ ٍ‬
‫سائب (‬ ‫عباس ‪ُ ،‬‬
‫ابن َ َّ ٍ‬
‫ْ ِ‬
‫سائب ( يعني ‪:‬‬‫ابن َ ِ ٍ‬ ‫عباس ‪ُ ،‬‬
‫ابن َ َّ ٍ‬
‫مع ْ ِ‬‫عباس ( كيف يكون التقدير ھنا وأخذ عنھم أبو ھريرة ) َ َ‬ ‫ابن َ َّ ٍ‬ ‫مع ْ ِ‬ ‫ھريرة َ َ‬ ‫َ‬ ‫) َْ ُْ‬
‫عنھم ُأبو ُ َ ْ َ ٍ‬
‫أخذ ابن عباس مع أبو ھريرة عن الثمانية السابقين عبد  بن عباس ابن عم رسول   ُتوفي بالطائف سنة ثمانية وستين‬
‫سائب ( يعني ‪ :‬وابن سائب المخزومي قارئ أھل مكة توفي بھا في إمارة‬ ‫ابن َ ِ ٍ‬ ‫وقيل ‪ :‬تسع وستين ‪ .‬وقيل ‪ :‬سنة سبعين ‪ُ ) .‬‬
‫(‪.‬‬ ‫عبد ِ‬ ‫بذين َ ْ ُ‬‫والمعني ِ َ ْ ِ‬
‫َِْ‬ ‫الزبير )‬
‫‪117‬‬
‫عباس ( يعني‬
‫ابن َ َّ ٍ‬ ‫مع ْ ِ‬ ‫ ( يعني ‪ :‬لك أن تفصل ‪ .‬وھذا ھو الظاھر ) َ َ‬ ‫عبد ِ‬ ‫والمعني ِ َ ْ ِ‬
‫بذين َ ْ ُ‬ ‫َِْ‬ ‫ابن َ ِ ٍ‬
‫سائب ‪،‬‬ ‫عباس ‪ُ ،‬‬
‫ابن َ َّ ٍ‬
‫مع ْ ِ‬‫) َ َ‬
‫ ( عبد  بن السائب‬ ‫عبد ِ‬
‫بذين َ ْ ُ‬ ‫َ‬ ‫َِْ‬
‫والمعني ِ ْ ِ‬ ‫ْ‬ ‫سائب ( وابن السائب )‬ ‫ابن َ ِ ٍ‬
‫عباس ‪ُ ،‬‬ ‫ابن َ َّ ٍ‬ ‫‪ :‬مع المذكورين التسعة السابقين ) ْ ِ‬
‫يرد السؤال ابن عباس ھذا كني ولقب صار فإذا أطلق صرف إلى عبد  فال يحتاج إلى تنصيص‬ ‫وعبد  بن عامر لكن َ ِ ُ‬
‫بذين ( المعني اسم‬ ‫َ‬ ‫َِْ‬
‫والمعني ِ ْ ِ‬ ‫كذلك ابن السائب البن السائب إذا أطلق صارت إلى عبد  وال ينصرف إلى غيره من إخوته )‬
‫ثم ( ًإذا انتھى من جرد وذكر الصحابة وھم‬ ‫بذين ( ابن عباس وابن السائب عبد  ) ُ َّ‬ ‫مفعول من عنى ويعني والمقصود ) ِ َ ْ ِ‬
‫أحد عشر لكنھم أكثر بكثير لكن ھؤالء ظھر عنايتھم بالحفظ واإلقراء ‪ ،‬وال يلزم من إثبات اإلقراء وشھرتھم بالحفظ نفي‬
‫والحفظ واإلقراء عن من عداھم ‪.‬‬
‫ثم ( بعد ذكر الصحابة وھم أعلى درجة يذكر من أخذ عن الصحابة وھم أدنى ألنھم طالب للصحابة ‪.‬‬ ‫) ُ َّ‬
‫تابعي لك أن تجعل‬‫ٍّ‬ ‫منھم ُ ِ ْ‬
‫ذكر ( من‬ ‫) َّ ِ‬
‫فالذي ِ ْ ُ ْ‬ ‫من َ ِ ِ ٍّ‬
‫تابعي ( وعرفنا حد التابعين‬ ‫شھر ( من الحفاظ والقراء ) ِ ْ‬ ‫من ُ ِ ْ‬ ‫) ُ َّ‬
‫ثم َ ْ‬
‫ذكر ( واستطر في كتب أھل العلم مع كثرتھم‬ ‫منھم ُ ِ ْ‬ ‫تابعي ( كثر والتنوين قد يأتي للتكثير ‪ِ َّ ) ،‬‬
‫فالذي ِ ْ ُ ْ‬ ‫من َ ِ ِ ٍّ‬ ‫التنوين ھنا للتكثير ) ِ ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫القعقاع (‬
‫أبه ْ ُ‬ ‫َ‬
‫من ُ ُ‬ ‫أي ( ‪ .‬حرف تفسير ) َ ْ‬ ‫َ‬
‫أي ( لما اشتبه يزيد بغيره قال ‪ْ ) :‬‬ ‫َ‬
‫يزيد ( أبو جعفر يزيد وھذا ذكرنا من الثالثة ) ْ‬ ‫) َُِْ‬
‫يزيد بن القعقاع أبو جعفر ھذا شيخ نافع ‪ ،‬غريب نافع من القراء السبعة متواتر وال يختلفون في قراءته شيخه من مشايخه أبو‬
‫أبه ( يعني ‪ :‬من أبوه ‪ .‬ھذا على لغة القصر ‪.‬‬ ‫من َ ُ ُ‬ ‫يزيد َ ْ‬
‫أي َ ْ‬ ‫جعفر وجعلوه من اآلحاد ) َ ِ ْ ُ‬

‫وقصرھا من نصھن أشھروا‬ ‫أب وتالييه يندروا‬


‫ٍّ‬ ‫وفي‬
‫)‬ ‫)‬
‫)‬ ‫وما يشابه أبه فما ظلم‬ ‫بأبه اقتدى علي في الكرم‬
‫)‬

‫أبوه أبه يعني ‪ :‬باإلضافة وعدم إرجاع الواو أبه أبوه بأبه اقتدى ولم يقل ‪ :‬بأبيه ‪ .‬مع وجود الشروط بأبه ولم يقل بأبيه‬
‫على المشھور ومن يشابه أبه ولم يقل ‪ :‬ومن يشابه أباه ‪ .‬نقول ‪ :‬ھذه لغة قصر وھي ‪ :‬أقل ‪ ،‬وقصرھا من نصھن أشھروا ھي‬
‫أشھر من من النقص ‪ ،‬ال ھذه النقص أبه النقص وأبوه اإلتمام ‪ ،‬وإلزام األلف كفتى ھذه القصر ‪.‬‬

‫وقصرھا من نصھن أشھروا‬ ‫أب وتالييه يندروا‬


‫ٍّ‬ ‫وفي‬
‫)‬ ‫)‬

‫القعقاع ( يعني ‪ :‬يزيد بن القعقاع ھذا ُتوفي سنة اثنتين وثالثين ومائة ‪ ،‬مائة‬ ‫من َ ُ ُ‬
‫أبه َ ْ َ ُ‬ ‫أي ( فسره ) َ ْ‬ ‫يزيد ( ًإذا أبو جعفر ) َ ْ‬ ‫) َُِْ‬
‫واثنين وثالثين وقيل ‪ :‬ثماني وعشرين ومائة ‪.‬‬
‫شاعوا ( واألعرج ھذا لقب عبد الرحمن بن ھرمز األعرج قدم اللقب ھنا على االسم وعبد‬ ‫قد َ ُ‬ ‫ھرمز َ ْ‬
‫بن ُ ْ ُ ٍ‬ ‫َ ْ َ ُ‬
‫واألعرج ُ‬ ‫)‬
‫شاعوا ( واشتھروا أنھم من أھل الحفظ واإلتقان‬ ‫ھرمز ( أي ‪ :‬عبد الرحمن بن ھرمز ) َ ْ‬
‫قد َ ُ‬ ‫بن ُ ْ ُ ٍ‬‫الرحمن األعرج لك أن تقدم ) ُ‬
‫ھذا تكملة ‪.‬‬
‫مجاھد ( أبو الحجاج مجاھد بن جبر ُتوفي سنة إحدى ومائة مجاھد بن جبر أبو الحجاج ‪.‬‬ ‫) ُ َ ٌِ‬
‫عطا ( اسمه عطاء بالھمز قصره للوزن ‪ ،‬عطاء ويشمل اثنين عطاء بن يسار أخو سليمان بن يسار وعطاء بن أبي‬ ‫) َ َ‬
‫رباح ذاك مدني وھذا مكي عطاء بن يسار ھذا ُتوفي سنة أربع وتسعين ‪ ،‬وعطاء بن أبي رباح ھذا ُتوفي بمكة سنة مائة‬
‫وخمسة عشرة وقيل أربعة عشرة ومائة ًإذا نستعمل المفرد في اثنين وھذا فيه خالف ‪.‬‬
‫سعيد ( وسعيد سعيد بن جبير ‪.‬‬ ‫) ٌَِْ‬
‫عكرمة ( وعكرمة أبو عبد  مولى ابن عباس ‪.‬‬ ‫) ِِْ َْ‬
‫و) َ ْ َ ُ‬
‫األسود ( بن يزيد النخعي ‪.‬‬
‫والحسن ( بن أبي الحسن البصري ُتوفي سنة مائة وعشرة ‪.‬‬ ‫َ َ ُ‬ ‫)‬
‫ُ‬
‫زر ( زر بن حبيش بالتصغير األسدي توفي سنة اثنين وثمانين ‪.‬‬ ‫و ) ِ ٌّ‬
‫علقمة ( يعني ‪ :‬علقمة بن قيس النخعي الكوفي توفي سنة اثنين وستين ھجرة ‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫) َََْ‬
‫مسروقا لماذا ؟ لكونه سُرق في الصغر ‪ ،‬مسروق أبو عائشة ابن‬ ‫ً‬ ‫مسروق ( مسروق كذاك مسروق ھذا ُسمْيِ‬ ‫) كذاَك َ ْ ُ ٌ‬
‫األجدع الھمداني توفي سنة ثالث وستين ‪.‬‬

‫‪118‬‬
‫مسروق ( يعني ‪ :‬من الحفاظ والقراء مسروق ‪.‬‬ ‫كذاك َ ْ ُ ٌ‬ ‫َ‬ ‫)‬
‫ْ‬
‫عبيدة ( يعني ‪ :‬كذا‬
‫عبيدة ( ھو أشبه ما يكون بالنقل ليس بعلم لكنه وصف كاألصل سُرق ثم سمي مسروق ) كذا َ ِ ْ َ‬ ‫ْ‬ ‫) كذا َ ِ ْ َ‬
‫ً‬
‫منھم َعبيدة بن قيس السلماني توفي سنة اثنين وسبعون أبو مسلم ‪.‬‬
‫بد ْه ( يعني ‪ :‬ال فرار وال‬‫بده ( ھذا األصل ال بد له ‪ ،‬حذفت الالم ھنا للضرورة ) ال ُ َّ‬
‫بده ( ‪ ) ،‬ال ُ َّ ْ‬
‫لھم ال ُ َّ ْ‬‫سبعة َ ُ ْ‬
‫رجوع َ ْ ٍ‬ ‫) ُ ُ ُ‬
‫مناص وال مخلص عنھم ‪ .‬يعني ‪ :‬رجوع السبعة بعد أن ذكر لك التابعين والصحابة وأخذ عن الصحابة خلق كثير من‬
‫ً‬
‫محصورا فيما ذكره‬ ‫التابعين وھم األصل الصحابة ثم التابعون أليس كذلك ‪ ،‬ذكر بعضھم ممن أخذ من التابعين ألنه ليس‬
‫الناظم إنما تبع )) النقاية (( ھنا ھي مختصرة ذكر السيوطي تبًعا للذھبي قال ‪ :‬فممن كان بالمدينة من التابعين الذين أخذوا‬
‫المسيب وابن المسيِّب يعني ‪ :‬يجوز فيه الوجھان ‪.‬‬
‫َّ‬ ‫المسيب وھذا لم يذكره الناظم ابن‬ ‫َّ‬ ‫عن الصحابة ابن‬

‫أبي سعيد فالوجھين حوى‬ ‫سوى‬ ‫فبالفتح‬ ‫مسيب‬


‫َّ‬ ‫كل‬
‫)‬ ‫)‬

‫مسيب ومسيِّب ‪.‬‬


‫سيبني ھذا ضعيف ال يثبت عنه فيقال ‪َّ :‬‬ ‫سيب  من َّ‬ ‫قاله السيوطي في المصطلح ‪ ،‬أما َّ‬
‫وعروة بن الزبير ‪ ،‬وسالم ‪ ،‬وعمر بن عبد العزيز ‪ ،‬وسليمان بن يسار ‪ ،‬وعطاء بن يسار ‪ ،‬وعبد الرحمن بن ھرمز‬
‫األعرج ‪ ،‬وابن شھاب الزھري وغيرھم كثير ھذا ممن كان بالمدينة ممن أخذ عن الصحابة ‪.‬‬
‫وبمكة ‪ :‬عبيد بن عمير ‪ ،‬وعطاء ‪ ،‬وطاووس ‪ ،‬ومجاھد ‪ ،‬وعكرمة ‪ ،‬وابن أبي مليكة ‪.‬‬
‫وعبيدة ‪ ،‬والربيع بن الخثيم ‪ ،‬وعمرو بن ميمون ‪ ،‬وأبو عبد الرحمن السلمي ‪،‬‬ ‫وبالكوفة ‪ :‬علقمة ‪ ،‬واألسود ‪ ،‬ومسروق ‪َ ،‬‬
‫وزر بن حبيش ‪ ،‬وسعيد بن جبير ‪ ،‬والنخعي ‪ ،‬والشعبي ‪.‬‬
‫وبالبصرة ‪ :‬أبو العالية ‪ ،‬وأبو رجاء ‪ ،‬ونصر بن عاصم ‪ ،‬ويحيى بن َيعْ مُر َيعْ َمر فيه الوجھان ‪ ،‬والحسن بن سيرين ‪،‬‬
‫وقتادة ‪.‬‬
‫)‪(4‬‬
‫وبالشام ‪ :‬المغيرة بن أبي شھاب المخزومي صاحب عثمان ‪ ،‬وخليد بن سعيد صاحب أبي الدرداء ‪.‬‬
‫ثم بعد ھؤالء الذين أخذوا عن الصحابة تفرغ أو تجرد قوم من التابعين واعتنوا بضبط القرآن أتم عناية حتى صاروا أئمةً‬
‫يُقتدى بھم ويرحل إليھم اشتھر من ھؤالء التابعين الذين فرغوا أنفسھم لضبط القرآن اشتھر من ھؤالء في اآلفاق األئمة‬
‫السبعة الذين ھم أجمعوا على أن قراءتھم متواترة ‪ :‬نافع وأخذ عن سبعين من التابعين منھم ‪ :‬أبو جعفر يزيد بن القعقاع ‪.‬‬
‫صحابي ‪.‬‬
‫ٌّ‬ ‫وابن كثير وأخذ عن عبد  بن السائب صحابي وھو‬
‫وأبو عمرو وأخذ عن التابعين ‪.‬‬
‫وابن عامر وأخذ عن أبي الدرداء وأصحاب عثمان ‪.‬‬
‫وعاصم وأخذ عن التابعين ‪.‬‬
‫وحمزة وأخذ عن عاصم ‪ ،‬واألعمش ‪ ،‬والسبيعي أبي إسحاق ‪ ،‬ومنصور بن المعتمر وغيرھم ‪.‬‬
‫والكسائي وأخذ عن حمزة ‪ ،‬وأبي بكر بن عياش ‪.‬‬
‫أمما واشتھر من رواة كل طريق اثنان ‪ ،‬اشتھر من رواة كل طريق من السبعة‬ ‫ثم انتشر القراء في األمصار وتفرقوا ً‬
‫راويان فعن نافع قالون وورش عنه ‪.‬‬
‫وعن ابن كثير ‪ :‬قنبل ‪ ،‬والبزي عن أصحابه عنه ‪.‬‬
‫وعن أبي عمرو ‪ :‬الدوري ‪ ،‬والسوسي عن اليزيدي عنه ‪.‬‬
‫وعن ابن عامر ‪ :‬ھشام ‪ ،‬وذكوان عن أصحابه عنه ‪.‬‬
‫وعن عاصم ‪ :‬أبو بكر بن عياش ‪ ،‬وحفص عنه ‪.‬‬
‫وعن حمزة ‪ :‬خلف ‪ ،‬وخالد عن سليم عنه ‪.‬‬
‫وعن الكسائي ‪ :‬الدوري ‪ ،‬وأبو الحارث ‪.‬‬
‫وفننت العلوم وصار كل فن من فنون القراءات يؤلف فيه مؤلف وعزيت الوجوه والروايات وميزوا‬ ‫ُنفت المصنفات ُ ِّ َ ْ‬
‫ثم ص ِّ َ ْ‬
‫الصحيح والمشھور ووضعوا قواعد وأصول وصاروا عليھا حتى ُذكر أن أول من صنف في القراءات أبو عبيدة القاسم ‪ ،‬ثم‬
‫أحمد بن جبير الكوفي ‪ ،‬ثم إسماعيل بن إسحاق صاحب قالون ‪ ،‬ثم أبو جعفر بن جرير الطبري ھذا من أوائل من صنف في‬

‫)‪ (4‬ﺳﻌﺪ ‪.‬‬


‫‪119‬‬
‫سبعة ( ‪ً .‬إذا ھؤالء السبعة الذين ذكروا نافع ‪ ،‬وحمزة ‪ ،‬وعاصم ‪ ،‬وابن عامر ‪ ،‬وأبو عمرو‬ ‫وع َ ْ ٍ‬
‫رج ُ‬
‫القراءات ‪ ،‬لذلك قال ‪ُ ُ ) :‬‬
‫‪ ،‬وابن كثير ‪ ،‬والكسائي ھؤالء مصدرھم التابعون إن لم يكن بعضھم من التابعين ومصدرھم المرجع األخير الصحابة من‬
‫سْ ٍ‬
‫بعة ( الذين أشار إليھم في السابق وھنا قد أعاد المعرفة نكرة‬ ‫النبي  ‪ ،‬ولذلك نقول ‪ :‬وقراءة كل سنة متواترة ‪ُ ُ ُ ) .‬‬
‫رجوع َ‬
‫سبعة ( أعاده نكرة وھو عين األول ھذا على خالف القاعدة استثناء )‬‫رجوع َ ْ ٍ‬
‫قال ‪ :‬السبعة القراء ‪ .‬ھذا معرفة أليس كذلك ) ُ ُ ُ‬
‫بد ْه ( يعني ‪ :‬ال بد له وال مخلص منه وال فرار منه ‪.‬‬ ‫َ ُْ‬
‫لھم ( أي ‪ :‬لھؤالء المذكورين ھنا ) ال ُ َّ‬
‫وصل  وسلم على نبينا محمد وعلى‬ ‫َّ‬ ‫غدا إن شاء  تعالى‬ ‫ثم قال ‪ :‬العقد الثالث ‪ :‬ما يرجع إلى األداء وھذا نأتي عليه ً‬
‫آله وصحبه أجمعين ‪.‬‬

‫‪120‬‬
‫الشريط التاسع‬
‫الرحيم‬
‫الرحمن الرحيم‬
‫ الرحمن‬
‫بسم ‬
‫بسم‬

‫محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫الحمد رب العالمين والصالة والسالم على نبينا‬
‫أما بعد ‪:‬‬
‫الرواةُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬
‫وھي ِستة َ ٍ‬
‫أنواع ( ‪ .‬قبل ذلك قوله في الباب ) ُّ َ‬ ‫األداء َ ِ َ‬
‫يرجع ِإلى َ ِ‬ ‫قال المصنف رحمه  تعالى ‪ُ ِ ) :‬‬
‫العقد الثالث ‪َ :‬ما َ ْ ِ ُ‬
‫َ ُ َّ ُ‬
‫والحفاظ ( ‪:‬‬

‫َِْ‬
‫والمعني‬ ‫ابن َ ِ ٍ‬
‫سائب‬ ‫عباس ُ‬‫َ َّ ٍ‬ ‫ابن‬
‫ْ ِ‬ ‫مع‬
‫َ َ‬ ‫َْ ُْ‬
‫ََُْ ٍ‬
‫ھريرة‬
‫عنھم‬ ‫َُأبو‬
‫)‬ ‫)‬
‫‪.........................‬‬ ‫ ‪................‬‬
‫ِ‬ ‫عبد‬
‫بذين َ ْ ُ‬ ‫َ‬
‫ِ ْ ِ‬
‫)‬ ‫)‬

‫ھريرة ( يعني أبو ھريرة أخذ عن أولئك ثم ذكر‬ ‫عنھم ( يعني عن السابقين الثمانية الذين ذكرھم ) َُأبو ُ َ ْ َ ٍ‬ ‫() َْ ُْ‬ ‫عبد ِ‬ ‫َِْ ِ‬
‫بذين َ ْ ُ‬
‫عباس (‬
‫ابن َ َّ ٍ‬‫مع ْ ِ‬ ‫حينئذ قوله ‪َ َ ) :‬‬ ‫ٍ‬ ‫أيضا عطف على ما سبق ‪،‬‬ ‫سائب ( ھذا ً‬ ‫ابن َ ِ ٍ‬ ‫تبعا للثمانية كأنه قال ‪ :‬مع التسعة ابن عباس ) ُ‬ ‫ً‬
‫مع ( األصل يقول ‪ :‬ابن‬ ‫عباس ( ) َ َ‬ ‫ابن َ َّ ٍ‬ ‫مع ْ ِ‬ ‫ھريرة ( ثم قال ‪َ َ ) :‬‬ ‫َ‬
‫عنھم ُأبو ُ َ ْ َ ٍ‬ ‫عنھم ( وإنما ھو مستقل ‪ْ ُ ْ َ ) ،‬‬ ‫ليس داخل قوله ‪ْ ُ ْ َ ) :‬‬
‫عباس ( إال إن ثبت أن أبا ھريرة رضي  تعالى عنه قد أخذ عن‬ ‫ابن َ َّ ٍ‬ ‫مع ْ ِ‬ ‫عباس أو وابن عباس لكنه للضيق النظم قال ‪َ َ ) :‬‬
‫سائب ( ھذا‬‫ابن َ ِ ٍ‬ ‫عباس ‪ُ ،‬‬ ‫ابن َ َّ ٍ‬ ‫مع ْ ِ‬ ‫حينئذ يصح عطفه عمن أخذ عنھم أبو ھريرة رضي  تعالى عنه لذلك قال ‪َ َ ) :‬‬ ‫ٍ‬ ‫ابن عباس‬
‫بذين‬ ‫َ‬
‫بذين ( ھذا اسم إشارة مثنى تثنية ذا ‪ ،‬ذا ھذا المفرد وذين ھذا مثنى ) ِ ْ ِ‬ ‫َ‬
‫() ِ ْ ِ‬ ‫عبد ِ‬ ‫بذين َ ْ ُ‬ ‫َ‬ ‫َِْ‬
‫والمعني ِ ْ ِ‬ ‫عطف على ما سبق )‬
‫سائب عبد  ‪ ،‬عبد  بن عباس وعبد  بن سائب ‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫بذين ( أن ذين ھما ابن عباس وابن‬ ‫( يعني والمعني والمقصود ) ِ َ ْ ِ‬
‫عقود ( إذا جمع الخمس‬ ‫ً‬ ‫ستة ُ ُ ُ‬ ‫ٌ‬ ‫حوتھا ِ َّ‬ ‫قد َ َ ْ َ‬‫الثالث ( ھذا العقد الثالث من العقود الستة ) َ ْ‬ ‫ُ‬ ‫قال رحمه  تعالى ‪ُ ْ ِ ) :‬‬
‫العقد‬
‫ً‬
‫مرارا‬ ‫العقد ( بكسر العين وھي القالدة كما سبق‬ ‫عقود ستة سبق أن انتھينا من عقدين وھذا ھو العقد الثالث ‪ُ ْ ِ ) ،‬‬ ‫ٌ‬ ‫والخمسين في‬
‫َ‬
‫ج ُع ) َِإلى َ ِ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫يرجع إَِلى َ ِ‬ ‫ُ‬
‫األداء ( والمراد باألداء‬ ‫جعُ أو َيرْ ِ‬ ‫يرجع ( يعني أنواعه َترْ ِ‬ ‫أنواع ( ) َما َ ْ ِ ُ‬ ‫ستة ْ َ ٍ‬ ‫وھي ِ َّ‬ ‫األداء َ ِ َ‬ ‫الثالث ‪َ :‬ما َ ْ ِ ُ‬ ‫‪).‬‬
‫ھنا كيفية تعدية األلفاظ يعني ما تتعلق بالقرآن من جھة األداء ألن القرآن ألفاظ وأداء ‪ ،‬يعني كيف تؤدي وكيف تقرأ ھذا‬
‫القرآن ‪ ،‬يتعلق به بعض أنواع علوم القرآن كالتجويد واالبتداء والوقف واإلمالة وتخفيف الھمزة واإلدغام ھذا كله يتعلق‬
‫أنواع ( ‪:‬‬ ‫وھي ِ َّ ُ َ‬
‫ستة ْ َ ٍ‬ ‫يرجع َِإلى َ َ ِ‬
‫األداء َ ِ َ‬ ‫بجوھر اللفظ أم بكيفية أداء اللفظ ؟ بالثاني ‪ ،‬ولذلك عنون له بھذا الباب القائم وھو ) َما َ ْ ِ ُ‬
‫من جھة التقريب وإال بعضھم زاد على الستة أنواع ‪ ،‬وھي الضمير بالتثنية بالتأنيث مراعاة بمعنى ما ألن ما تصدق على‬
‫أنواع وھي جمع ‪ ،‬أنواع يرجع بالتذكير مراعاة للفظ ما ويصح ما ترجع إلى األداء وھو ستة وھي ستة يجوز الوجھان على‬
‫واالبتداء ( جمع بين الوقف واالبتداء ألنھم متقابالن ألن‬ ‫الثاني ‪ُ ْ َ :‬‬
‫الوقف َ ِ ِ َ ُ‬ ‫وع َّ ِ‬ ‫األول ُ َ َّ‬
‫والن ْ ُ‬ ‫النوع َ َّ‬
‫ما ذكرناه في العقد السابق ‪ُ ْ َّ ) ،‬‬
‫علمان ونوعان من أھم ما يُعنى به في باب األداء‬ ‫الوقف ضد االبتداء واالبتداء ضد الوقف ‪ ،‬وھذا الذي ھو الوقف واالبتداء ِ ْ َ‬
‫ألنه كما ذكر كثير أنه يتعلق به المعنى من جھة تفسير وفھم المعنى المراد من كالم الرب جل وعال ‪ ،‬ولذلك قيل ھذان‬
‫نوعان مھمان وقد صنف فيه أئمة الدين مصنفات شتى فأفردوه بالتصنيف يعني صنفوا في ھذا الفن االبتداء والوقف‬
‫كتاب واحد لماذا ؟‬ ‫ٍ‬ ‫مصنفات مستقلة خارجة عن الكتب التي جمعت علوم القرآن في‬
‫واحد من أھل العلم وطبع كثير منھا‬ ‫ٍ‬ ‫علم جليل قد أفرده غير‬ ‫لطول البحث وألھمية ھذا النوع أفردوه بالتصنيف ‪ ،‬وھو ٌ‬
‫اآلن ‪ ،‬فأفرده بالتصنيف أبو جعفر النحاس وأبو جعفر النحاس ھذا لغوي نحوي لماذا ؟ ألن كثير من مباحث الوقف واالبتداء‬
‫يتعلق بالمعنى والغالب في ھذا مرجعه إلى اللغة ‪ ،‬وأبو بكر محمد بن القاسم األنباري ‪ ،‬والزجاجي ‪ ،‬والداني ‪ ،‬وثعلب ‪،‬‬
‫بمصنف خاص شمل أحكامه وما فيه من أمثلة ‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫ھؤالء كلھم وغيرھم أفردوه بالتصنيف فأفردوا االبتداء والوقف‬
‫ُ‬
‫وقيل أول من صنف فيه محمد بن الحسن الرؤاسي ابن أخي معاذ الھراء ومعاذ الھراء ھو الذي نسب إليه أول ما وضع‬
‫فن الصرف أو التصريف والصواب أنه أبو األسود الدؤلي وليس معاذ الھراء وإنما ُنسب إليه ألنه أول من تكلم في‬
‫التصريف الذي ھو باب التمارين فأكثر منه حتى ُنسب إليه أنه أول من دون فن الصرف ‪.‬‬
‫حفاظا على سالمة معاني القرآن‬ ‫ً‬ ‫أھمية عظمى في كيفية أداء القرآن‬ ‫ٌ‬ ‫فن الوقف واالبتداء فن جليل الفھم عظيم المقدار وله‬
‫وبعدا عن اللف والوقع في الخطأ فيتوصل به بھذا العلم أو العلمين بمعرفة معاني القرآن واستنباط األحكام منه والوقوف على‬ ‫ً‬
‫إعجازه حتى قال بعضھم بوجوب تعلمه لماذا ؟ ألن فھم القرآن وتدبر القرآن واجب وما ال يتم الواجب إال به فھو واجب ‪،‬‬

‫‪121‬‬
‫علم دل على وجوب ھذا العلم ‪ ،‬وقد يُفھم أو يتوقف ليس على اإلطالق ً‬
‫دائما قد‬ ‫فإذا توقف فھم القرآن وتدبر القرآن على ٍ‬
‫ً‬
‫حكما‬ ‫حكما إن أوصل لم يستنبط‬ ‫ً‬ ‫يتوقف فھم معنى اآلية أو االستنباط على معرفة الوقف واالبتداء ‪ ،‬إذا وقف إلى ھنا استنبط‬
‫بناء على ما ُروي عن علي‬ ‫حينئذ توقف الفھم على الوقف واالبتداء فدل على وجوبھما حتى قال بعضھم ‪ :‬بوجوب تعلمه ً‬ ‫ٍ‬
‫ترتيال ﴾ ] المزمل ‪ . [4 :‬قال ‪ :‬ھو تجويد الحروف ومعرفة الوقف ‪.‬‬ ‫القرآن َ ْ ِ ً‬ ‫ُ‬
‫ورتل ْ ْ َ‬ ‫رضي  تعالى عنه لتفسير قوله ‪ِ ِّ َ َ ﴿ :‬‬
‫ورتل ْ ُ ْ َ‬
‫القرآن ﴾ ] المزمل ‪:‬‬ ‫تجويد الحروف ھذا يدل على ماذا ؟ على أن التجويد واجب وھذا مما يستدل به أرباب التجويد ﴿ َ َ ِّ ِ‬
‫‪ [4‬ھذا أمر ‪ ،‬واألمر يقتضي الوجوب ألنه كثر تفسير ترتيل القرآن بأنه إخراج الحروف من مخارجھا يدور حول ھذا‬
‫المعنى ‪ ،‬ومعرفة الوقوف يعني ما يُوقف عنده وما يُبتدئ به مما ينبني عليه فھم المعنى ‪ ،‬وھذا الفن يحتاج إلى دراية بعلوم‬
‫اللغة ولذلك كثير من أئمة اللغة تعرضوا لماذا ؟ للوقف واالبتداء بل لذلك تجد باب الوقف عند ابن مالك في )) األلفية ((‬
‫وتجده في كتب التجويد وتجده في كتب القراءات لماذا ؟‬
‫ٍ‬
‫حينئذ األصل‬ ‫مبين ﴾ ] الشعراء ‪[195 :‬‬ ‫عربي ُّ ِ ٍ‬ ‫للعالقة بين القرآن واللغة العربية ‪ ،‬ألن القرآن نزل بلغة العرب ﴿ ِ ِ َ ٍ‬
‫بلسان َ َ ِ ٍّ‬
‫فيه أنه على ما جرى على سنن لغة العرب ھذا ھو األصل وال يخرج عنه إال بدليل ‪ ،‬وكل ما جاء في لغة العرب فاألصل‬
‫دراية بعلوم اللغة والقراءات وتفسير القرآن يعني لن يضبط ھذا الفن‬ ‫ٍ‬ ‫موجود في القرآن ولذلك قالوا ‪ :‬ھذا الفن يحتاج إلى‬ ‫ٌ‬ ‫أنه‬
‫الوقف واالبتداء لذلك من أصعب الفنون في علوم القرآن ھو ھذا ‪ ،‬الناسخ والمنسوخ وغيره أسھل بكثير والمجمل والمفھوم‬
‫خص من السنة به إلى آخره كل ھذه سھلة عند طالل العلم لكن الوقف واالبتداء ھذا يحتاج إلى معرفة باللغة العربية‬ ‫وما ُ َّ‬
‫وخاصة باب الفصل والوصل عند البيانية وھذا ھو أصعب باب عند البيانية نصوا على ھذا أصعب باب عندھم ھو باب‬
‫الوصل والفصل ولذلك قيل ھناك في تعريف البالغة ما البالغة ؟ قيل ‪ :‬معرفة والوصل والفصل ‪ .‬من عرف الفصل متى‬
‫يفصل بين الجملتين ومتى يصل ھذا ھو البليغ ‪ ،‬ومن ال فليس ببليغ ‪ .‬وكل ما يُذكر في فن البالغة بالنظر إلى ھذا الفن‬
‫جدا سواء باب المعاني أو باب البيان ‪ ،‬ولذلك قيل ‪ :‬يحتاج إلى دراية بعلوم اللغة عامة‬ ‫الوصل والفصل فھو يسير وسھل ً‬
‫الصرف والنحو والبيان والقراءات وتفسير القرآن ‪ ،‬ولھذا قال ابن مجاھد ‪ -‬وھو من أئمة القراءة ‪ : -‬ال يقوم بالتمام في‬
‫عالم بالتفسير والقصص وتخليص بعضھا عن بعض ‪ ،‬عالم باللغة التي نزل بھا القرآن ‪.‬‬ ‫ٌ‬ ‫عالم بالقراءات‬
‫ٌ‬ ‫ٌ‬
‫نحوي‬ ‫الوقف إال‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫نحوا وصرفا وبيانا ‪ ،‬ھذا يؤكد أن‬ ‫نقل عن العرب ً‬ ‫ُ‬
‫فھم لسان العرب على ما ِ َ‬ ‫َ‬
‫علوم مترابطة ال يمكن أن يُفھم القرآن إال من ِ َ‬
‫أبدا ‪ ،‬لو لم يأخذ من علوم اآللة‬ ‫النظر في اللغة ال بد منه ال يمكن أن يستقل طالب العلم بعلوم الشريعة دون أن ينظر في اللغة ً‬
‫إال علوم اللغة لكفاه يعني لو لم يضبط ‪ ،‬وأما ما عداه فھو سھل أصول التفسير أو أصول الفقه وأصول الحديث ھذه بالنسبة‬
‫لعلوم اللغة سھلة لكن التي تحتاج إلى معاناة ونظر وتأمل وكذا ھي علوم اللغة ‪ ،‬ولذلك ترابط بين علوم اآللة كلھا بعضھا مع‬
‫بعض ال يمكن أن ينفك بعضھا عن بعض ‪ ،‬انظر ھنا في باب الوقف واالبتداء ينص أرباب القراءات ونحوه على أنه لن يفھم‬
‫عالما بلسان العرب ‪ً ،‬إذا ماذا نصنع نترك الباب ونمشي ‪ ،‬و المستعان ‪ .‬نحن‬ ‫ً‬ ‫نحوي مقرئ ال بد أن يكون‬ ‫ٌ‬ ‫ھذا الباب إال‬
‫عالم بالقراءات ‪ ،‬القراءات اآلن ال‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬
‫نحوي‬ ‫ً‬
‫اآلن نعيش غربة في التعلم والتعليم حقيقة يا إخوان ال يقوم بالتمام في الوقت إال‬
‫تكاد توجد إال متخصص فيھا فقط ‪ ،‬وفي السابق كان يقرأ القرآن أوالً ثم يقرأ الشاطبية معه ثم ينتقل إلى النحو ثم ينتقل إلى‬
‫والقصص وتخليص بعضھا‬ ‫نحوي عالم بالقراءات عالم بالتفسير َ َ‬ ‫ٌ‬ ‫كذا ترتيب ‪ ،‬الطالب ال يسير ھكذا عشوائي واآلن ‪ ، ..‬إال‬
‫ممن لھم الشعر في العلم ابن تيمية ابن القيم‬ ‫عالم باللغة التي نزل بھا القرآن ‪ ،‬ولذلك انظر في أئمة الدين وخاصة ِ َّ‬ ‫ٌ‬ ‫عن بعض‬
‫السيوطي ممن كتبوا يعني لھم كتبھم عند أھل العلم مرجع ابن قدامة حفظ القرآن وقرأ بالسبع ھكذا في التراجم تجده ‪ ،‬اآلن‬
‫واحد منھا ‪.‬‬‫ٍ‬ ‫فضال عن السبع فضالً عن‬ ‫ً‬ ‫جيد لو حفظ جزء من القرآن‬
‫االبتداء ( وفي )) التحبير (( االبتداء والوقف‬ ‫الثاني ھو ) ِ ِ َ ُ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫لوقف ( َ َّ ْ ُ‬
‫والنوع‬ ‫ْ‬
‫األول ُ ( ھو ) ا َ ُ‬ ‫َ‬ ‫واالبتداء ( ‪ُ ْ َّ ) ،‬‬
‫النوع َّ‬ ‫) َ ْ ُ‬
‫الوقف َ ِ ِ َ ُ‬
‫‪ ،‬قدم االبتداء على الوقف أيھما أصل ؟‬
‫واالبتداء ( ‪ُ ْ َ ) ،‬‬
‫الوقف ( لغة‬ ‫الوقف َ ِ َ ُ‬ ‫االبتداء أصل والوقف فرع ألنه ال وقف إال بعد ابتداء ‪ ،‬على كل قدم وأخر ال بأس ) َ ْ ُ‬
‫معنى خاص بخالفه‬ ‫الحبس وھذا ھو المشھور عند الفقھاء حبس األصل وتسبيل المنفعة ‪ ،‬ھذا الوقف إذا أطلق انصرف إلى ً‬
‫شيئا آخر ليس ھو تحبيس األصل أو حبس األصل وتسبيل المنفعة ‪ ،‬وإنما‬ ‫عند أرباب القراءات والتجويد واللغة فيعنون به ً‬
‫ً‬
‫المراد به في اصطالح أھل القراءات والتجويد قطع الصوت عند آخر كلمة مع التنفس بأحد األوجه الثالثة اإلسكان المحض‬
‫‪ ،‬واإلشمام ‪ ،‬والروم ‪ ،‬كما سيأتي ‪ ،‬لكن ھكذا عرفه بعضھم في ابتداء ھذا الكالم بأن الوقف ھو قطع الصوت عند آخر كلمة‬
‫مع التنفس بأحد أوجه الوقف الثالثة بأحد األوجه الثالثة أو بأحد أوجھه الثالثة اإلسكان المحض وھو األصل اإلسكان ھو‬
‫األصل ‪ ،‬ثم اإلسكان مع اإلشمام والروم لكن ھذا فيه قصور ‪ ،‬ألن الكالم في الوقف عند أرباب القراءات على أمرين أو‬
‫مرتبتين ‪:‬‬
‫األول ‪ :‬ما يوقف عليه ويُبتدئ به ‪ ،‬وھذا الذي يقسم إلى أربعة أقسام ‪ :‬القبيح ‪ ،‬والتام ‪ ،‬والحسن ‪ ،‬والكافي ‪.‬‬
‫‪122‬‬
‫وكيفية الوقف وھذا الذي ينقسم إلى ثالثة ‪ :‬بالسكون ‪ ،‬والروم ‪ ،‬واإلشمام ‪.‬‬
‫ًإذا النظر في شيئين ‪:‬‬
‫األمر األول ‪ :‬ما يُوقف عليه ويُبتدئ به ‪.‬‬
‫الثاني ‪ :‬كيفية الوقف ‪.‬‬
‫واألول أھم من الثاني الذي ينقسم إلى أربعة أقسام أھم من الثاني ألن المعنى يرتبط بماذا باألول الذي ينقسم إلى ‪ :‬والتام‬
‫‪ ،‬والكافي ‪ ،‬والحسن ‪ ،‬والقبيح ألن ھذا ھو معنى أو قريب من باب الوصل والفصل عند البيانيين ألن المعنى يرتبط أو ال‬
‫يرتبط ھنا يأتي الكالم ‪ ،‬أما كونه يقف على آخر الكلمة بالسكون أو بالروم أو باإلشمام ھذا ال يتعلق بالمعنى في الجملة وإن‬
‫عرفنا الوقف بأنه قطع الصوت عند‬ ‫كان اإلشمام والروم فيه إشارة إلى أن الحركة األصلية ھي الضمة أو الكسرة ‪ ،‬ولذلك إذا َ َّ‬
‫عرفوه بھذا التعريف‬‫عنوانا في ھذا الباب قصرناه على أحد نوعين أليس كذلك ؟ ألنه بھذا الذي َّ‬ ‫ً‬ ‫آخر الكلمة وھو المأخوذ‬
‫وقف بالسكون ‪ ،‬واإلشمام أو السكون مع اإلشمام ‪ ،‬والروم وھذا ليس ھو المھم في ھذا الباب بل المھم ھو النوع‬ ‫ٍ‬ ‫ينقسم إلى‬
‫ً‬
‫يقفُ وقفا ھذا مصدر ‪،‬‬ ‫واالبتداء ( االبتداء ھذا معلوم مصدر مثل َ َ َ‬
‫وقف َ ِ‬ ‫ْ‬
‫الوقف َ ِ ِ َ ُ‬
‫األول وھو ما يُوقف عليه ويبتدئ به ) َ ُ‬
‫ٍ‬
‫متحرك لكن‬ ‫واالبتداء ھذا مصدر والمراد به االفتتاح وال يحتاج إلى حل لكنه عندھم ال يُبتدئ بساكن كما أنه ال يوقف على‬
‫ھذا ھو القاعدة الكبرى عندھم ‪ ،‬عند أھل اللغة ال يبتدئ بساكن أي ال يوقف يتعذر أو كالمتعذر أن يُبتدئ بساكن كذلك ال‬
‫يوقف على متحرك ‪.‬‬
‫الوقف ( أنواع ‪:‬‬ ‫ْ‬
‫واالبتداء ( ‪ُ َ ) .‬‬ ‫) َ ْ ُ‬
‫الوقف َ ِ ِ َ ُ‬
‫منه ما ھو اختياري ‪.‬‬
‫ومنه ما ھو اضطراري ‪.‬‬
‫ومنه ما ھو انتظاري ‪.‬‬
‫ومنه ما ھو اختباري ‪.‬‬
‫أربعة أنواع ‪ ،‬اضطراري نسبة إلى للضرورة ‪ ،‬واختياري نسبة إلى االختيار ‪ ،‬واختباري نسبة إلى االختبار ‪ ،‬وانتظاري‬
‫نسبة إلى االنتظار ‪.‬‬
‫عجز أو‬‫ٍ‬ ‫نفس أو سعال ونحوه أو نسيان أو‬ ‫الضروري أو االضطراري ھذا متى إذا اضطر القارئ للوقف بسبب ضيق ٍ‬
‫ُ‬
‫ضيق نفس ‪ ..‬إلى آخره إذا اضطر إلى الوقف فوقف نقول ھذا اضطراري نسبة إلى الضرورة يعني ليس باختياره وإنما ألزم‬
‫اضطراريا ما حكمه ؟ حكمه أنه يبدأ من الكلمة التي وقف عليھا‬ ‫ًّ‬ ‫إما لسعال ونحوه أو نسيان نقول ُألزم ھنا بالوقف ھذا سُمي‬
‫إن كانت صالحة لالبتداء وإال فبما قبلھا ‪ ،‬إن كانت الكلمة التي وقف عليھا صالحة لالبتداء فينطق بھا ويصل ما بعدھا بما‬
‫حينئذ يتعين عليه أن يرجع فيأتي بما قبل الكلمة ويصل بما بعدھا ‪ ،‬ھذا ما ھو االضطراري‬ ‫ٍ‬ ‫قبلھا وإن لم تكن صالحة لالبتداء‬
‫حينئذ االنتظاري ‪ ،‬وھذا يمشي على‬ ‫ٍ‬ ‫ِّي الوقف‬ ‫‪ ،‬ومتى أراد القارئ جمع الروايات ووقف على الكلمة ليعطف عليھا غيرھا ُسم َ‬
‫قول من يجود جمع القراءات اآلية الواحدة يقرأھا بعدة قراءات فيقف عند نھاية الكلمة ثم يرجع إلى الكلمة فيأتي بقراءة‬
‫آية واحدة فيقف ثم يرجع ويأتي‬ ‫خص بھذا وھو من أراد أن يجمع بين القراءات في ٍ‬ ‫ًّ‬
‫انتظاريا ُ ّ‬ ‫ُأخرى لنفس الكلمة وقفه يُسمى‬
‫انتظاريا ومتى أراد القارئ أو متى كان الوقف من‬ ‫ًّ‬ ‫بقراءة أخرى ھذا يُسمى ماذا ؟ ً‬
‫وقفا‬ ‫ٍ‬ ‫اآلية من أولھا ‪ ،‬أول الكلمة السابقة‬
‫مثال يقول للقارئ ‪ :‬قف على كذا ليعرف كيف يقف ھل يقف بالتاء مفتوحة أو بالھاء ھل يصل‬ ‫ً‬ ‫أجل اختبار القارئ كالمعلم‬
‫اختباريا ھذا شأنه في مقام االختبارات ونحوھا ‪ ،‬ھذه الثالثة‬ ‫ًّ‬ ‫الموصول ھل يقف بالروم ھل يقف باإلشمام ھذا يسمى ً‬
‫وقفا‬
‫الوقف ( ال الوقف االضطراري وال الوقف االنتظاري وال‬ ‫األنواع ال مبحث لنا فيھا ھنا يعني ليست ھي المرادة بقوله ) َ ْ ُ‬
‫مقصودا لذاته قصده القارئ قصد أن يقف من غير‬ ‫ً‬ ‫الوقف االختباري ‪ ،‬ھذه ثالثة أنواع ليست داخلة معنا ‪ ،‬ومتى كان الوقف‬
‫اختياريا نسبة إلى االختيار اختيار القارئ بنفسه والبحث فيه ھنا وھو المنقسم إلى‬ ‫ًّ‬ ‫ِّي الوقف‬ ‫سبب من األسباب السابقة ُسم َ‬ ‫ٍ‬
‫أربعة أقسام ‪ :‬تام ‪ ،‬وحسن ‪ ،‬وقبيح ‪ ،‬وكاف ‪.‬‬
‫الوقف ( المراد به االختياري ولذلك جعل ابن الجزري رحمه  الوقف نوعين فقط ‪ :‬اختياري واضطراري‬ ‫ًإذا قوله ‪ُ ْ َ ) :‬‬
‫‪ .‬يعني قابل االضطراري بثالثة أنواع وھو االنتظاري ألنه اختياري واالختباري ألنه اختياري واالختياري الذي يكون ال‬
‫لجمع القراءات وال الختبار الطالب والقارئ ھذا مقابل لالثنين فصارت ثالثة داخلة في قوله اختياري ‪ ،‬ولكن لما كان البحث‬
‫عندھم في تقسيم الوقف االختياري إلى أربعة أقسام صار كاألمر المعھود عندھم إذا أطلق انصرف إلى معين فإذا قيل الوقف‬
‫حينئذ عند اإلطالق االنتظاري وال االختباري ‪ ،‬ال‬ ‫ٍ‬ ‫االختياري انصرف إلى الوقف المنقسم إلى أربعة أقسام ‪ .‬وال يشمل‬
‫َ‬
‫وجعْ لھا أربعة أقسام من باب‬ ‫يشمل االنتظاري وال االختباري لذلك قسم أن الوقف إلى قسمين وبعضھم يجعلھا أربعة أقسام َ‬
‫اإليضاح والتوضيح ‪.‬‬

‫‪123‬‬
‫ً‬
‫واختياريا ؟‬ ‫ً‬
‫اضطراريا‬ ‫االبتداء ( ھل يكون ً‬
‫أيضا‬ ‫َِ ُ‬ ‫وأما )‬
‫ً‬
‫اختياريا أنت الذي تختار أن تقرأ ‪،‬‬ ‫اضطراريا وإنما ال يكون إال‬ ‫ّ‬ ‫اضطراريا ال يمكن أن يكون االبتداء‬ ‫ً‬ ‫ال يمكن أن يكون‬
‫] الفاتحة ‪[2 :‬‬ ‫رب ْ َ َ ِ َ‬
‫العالمين ﴾‬ ‫ّ‬ ‫اضطراريا تقرأ فيأتيك سعال فتقف لكن االبتداء تبدأ ﴿ ْ َ ْ ُ‬
‫الحمد ‪ِّ َ ِS‬‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫لكن الوقف إنما يكون‬
‫ً‬
‫اختياريا‬ ‫بدأت ثم وقفت باالختيار إذا أنت مختار في االبتداء وأنت مختار في ھذا المثال بالوقف ‪ ،‬وأما االبتداء ال يكون إال‬
‫ٍ‬
‫حينئذ ال يتجه إال بماذا ؟ إال بما يؤدي‬ ‫موف بالمقصود‬ ‫ٍ‬ ‫بمستقل بالمعنى‬
‫ٍ‬ ‫ألنه ليس كالوقف تدعو إليه ضرورة فال يجوز إال‬
‫ثالثة ﴾ ] المائدة ‪ [73:‬وال يأتي يبدأ أول ما يقرأ‬ ‫ثالث َ َ َ ٍ‬
‫ َ ِ ُ‬ ‫ّ‬
‫إن َ‬ ‫الذين َ ُ ْ‬
‫قالوا ِ َّ‬ ‫لقد َ َ َ‬
‫كفر َّ ِ َ‬ ‫معنى المقصود فيأتي يقرأ اآلية من أولھا ﴿ َّ َ ْ‬
‫ثالثة ﴾ ] المائدة ‪ [73:‬ال يجوز ھذا ‪ ،‬يجوز ؟ ال يجوز أن يبتدئ بھذا ‪ً ،‬إذا ال يجوز أن يبتدئ ولو قيل بأنه‬ ‫ثالث َ َ َ ٍ‬
‫ َ ِ ُ‬‫إن ّ َ‬‫﴿ ِ َّ‬
‫ً‬
‫مثال ولھا‬ ‫اختياري ال يجوز أن يبتدئ إال بما يكون مستقالً بالمعنى يعني ال يأت يبتدئ بكلمة تكون ھذه الكلمة بمتوسط آية‬
‫موف بالمقصود ‪ ،‬وبعضھم قسمه ألربعة أقسام‬ ‫ٍ‬ ‫بمستقل بالمعنى‬
‫ٍ‬ ‫تعلق بما قبلھا في المعنى أو في اللفظ الذي ھو اإلعراب إال‬ ‫ٌ‬
‫خاص بالوقف ولذلك أمثلته عسيرة في االبتداء ‪ ،‬وأما‬ ‫ٌ‬ ‫وقبيحا ‪ ،‬لكن المشھور أن التقسيم ھذا‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫وحسنا‬ ‫ً‬
‫وكافيا‬ ‫كالوقف فجعله ً‬
‫تاما‬
‫ِ‬
‫واالبتداء (‬
‫الوقف َ ِ َ ُ‬ ‫ْ‬
‫الوقف فأمره واضح قال رحمه  ‪ُ َ ) :‬‬

‫)‬ ‫كما َ َ‬
‫تشا‬ ‫عندھم َ َ‬
‫وحكمه ِ ْ َ ُ ُ‬
‫ُْ ُ ُ‬ ‫قد َ َ‬
‫فشا‬ ‫وصل َ ْ‬ ‫بھمز َ ْ ٍ‬ ‫ِْ‬
‫واالبتدا ِ َ ْ ِ‬
‫)‬
‫)‬ ‫بحسب َ َ ِ‬
‫المقام‬ ‫كتفا ِ َ َ ِ‬ ‫َِ‬
‫أو ْ ِ َ‬ ‫تمام‬ ‫َ‬
‫حسن ْاو َ ِ‬ ‫من ُ ْ ٍ‬ ‫قبح او ِ ْ‬ ‫ُ‬
‫من ْ ٍ‬ ‫ِ ْ‬
‫)‬
‫)‬ ‫لضم َ َ َ ْ‬
‫الحركة‬ ‫ْ َ ُ‬
‫االشمام ِ َ ِّ‬ ‫وزيد‬
‫َِْ‬ ‫المحركةْ‬
‫ُ َ َّ َ‬ ‫َ‬
‫قف َعلى‬ ‫وبالسكون ِ ْ‬ ‫ُ‬
‫ِ ُّ ِ‬
‫)‬
‫حتما ً ُ ِ َ‬
‫حظال‬ ‫عنه َ ْ‬ ‫والفتح َ ِ‬
‫ذان َ ْ ُ‬ ‫َْ ُ‬ ‫أصالَ‬
‫ِّ‬ ‫ُ‬ ‫كسر‬
‫ْ ٍ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫فيه ِمثل ُ‬ ‫ِ‬ ‫والروم‬
‫َّ ْ ُ‬
‫)‬ ‫)‬

‫مثل ُ ( بالضم ‪.‬‬ ‫كسر ُ ِّ‬


‫أصالَ ( ‪ْ ِ ) ،‬‬ ‫فيه ِ ْ‬
‫مثل ُ َ ْ ٍ‬ ‫والروم ِ‬
‫َّ ْ ُ‬

‫)‬ ‫للكسائي َ ْ ُ‬
‫وقف‬ ‫َ َ ْ َ َ َّ‬
‫وويكأن ِ ِ َ ِ ْ‬ ‫رسما ً ُ ْ ُ‬
‫خلف‬ ‫التي َّ ِ‬
‫بالتاء َ ْ َ‬ ‫في الھا َّ ِ‬
‫)‬
‫)‬ ‫حمال‬ ‫وغيرھم َ ْ‬
‫قد َ َ‬ ‫لھا َ َ ْ ُ ُ ْ‬
‫كاف َ َ‬
‫َ ٍ‬ ‫َ‬
‫عمرو َعلى‬ ‫وأبو َ ْ ٍ‬ ‫َ‬
‫اليا ُ‬ ‫َ‬
‫منھا َعلى َ‬ ‫ِْ َ‬
‫)‬
‫عدا َ َ ِ ْ‬
‫الموالي‬ ‫الرسول ﴾ ما َ َ‬ ‫َھذا َّ ُ ِ‬ ‫مال‬
‫نحو ﴿ َ ِ‬ ‫بالم َ ْ ِ‬ ‫ووقفوا ِ ِ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫)‬ ‫)‬
‫)‬ ‫ُ‬
‫نحوهُ ِقفوا‬ ‫َ‬
‫المثال َ ْ َ‬ ‫َ‬
‫وشبه ذا ِ ِ‬ ‫َ ِْ ِ‬ ‫َوقفوا‬‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َما‬ ‫ََ‬
‫فعلى‬ ‫َ‬ ‫َّ ِ ِ ْ َ‬
‫السابقين‬
‫)‬

‫واالبتدا ( أين الھمزة محذوفة ولذلك ذكرھا في األول ) الوقفُ ‪ ،‬واالبتداء ( نص على الھمزة ذكرھا ًإذا ھو‬ ‫ِْ‬ ‫ونقف ھنا ‪) ،‬‬
‫ِْ‬
‫واالبتدا ( ماذا‬ ‫واالبتداء ( ‪ .‬ثم قال ‪) :‬‬ ‫واالبتدا ( بدون ھمز للوزن ‪ .‬قال ‪ُ ْ َ ) :‬‬
‫الوقف َ ِ ِ َ ُ‬ ‫ِْ‬ ‫مھموز ممدود كصحراء ابتداء ‪) ،‬‬
‫أوال الوقف ثم يثني باالبتداء ‪ ،‬لكن لما كان االبتداء أمره‬ ‫نسمي ھذا ؟ مشوش ألنه األصل أنه قدم الوقف على االبتداء فيذكر ً‬
‫حينئذ يستحسن أن يقدم فيُبتدئ به ثم يُثنى‬ ‫ٍ‬ ‫يسير وذكره في شطر بيت يعني إذا كان الشيء التفصيل فيه قليل أو الكالم فيه قليل‬
‫بعد ذلك بما يحتاج إلى تفصيل ‪ ،‬ھنا قدم االبتداء على الوقف مع كونه قدم الوقف على االبتداء في العنوان لكون الكالم في‬
‫)) النقاية (( و )) التحبير (( و )) اإلتقان (( بأن‬ ‫بخالف في الوقف ولو قلنا جرى على األصل في‬ ‫ٍ‬ ‫االبتداء قليل‬
‫ِْ‬
‫واالبتدا ( ھذا مبتدأ )‬ ‫قد َ َ‬
‫فشا ( )‬ ‫وصل َ ْ‬
‫بھمز َ ْ ٍ‬ ‫االبتداء مقدم على الوقف بأن النطق ھكذا االبتداء والوقف ال إشكال ‪ ) ،‬واال ْ ِ‬
‫بتدا ِ َ ْ ِ‬
‫وصل (‬
‫بھمز َ ْ ٍ‬
‫حينئذ صح أن يجعل قوله ‪ِ ْ َ ِ ) :‬‬ ‫ٍ‬ ‫وصل ( يعني بإثبات ‪،‬‬‫بھمز َ ْ ٍ‬
‫وصل ( يعني بإثبات ھمز وصل والمراد ) ِ َ ْ ِ‬ ‫بھمز َ ْ ٍ‬
‫َِِْ‬
‫وصل ( يعني بإثباتھا فتفسر قوله بھمز الوصل أي بإثبات ھمزة الوصل وذلك فيما‬ ‫بھمز َ ْ ٍ‬ ‫ِْ‬
‫واالبتدا ( ثابت أو ) ِ َ ْ ِ‬ ‫ً‬
‫خبرا للمبتدأ )‬
‫وصال لماذا ؟ ألنه يوصل بھا في الكالم يعني يُفتتح بھا الكالم فيما إذا كان‬ ‫ً‬ ‫إذا افتتح بھمزة الوصل وسميت ھمزة الوصل‬
‫الحرف الذي قبلھا ساكن ألنه كما سبق ال يُبتدئ بساكن حيث إن الھمزة نوعان ولذلك يقال األلف نوعان ‪:‬‬
‫‪124‬‬
‫ٌ‬
‫وألف يابسة ‪.‬‬ ‫ألف لينة ‪،‬‬
‫أبدا وھي التي تكون في نحو قال وباع وفتى ‪ ،‬فتى ھذه ال تقبل الحركة وقال األلف ھذه‬ ‫ألف لينة ‪ :‬وھذه ال تقبل الحركة ً‬
‫أبدا ألنھا ال تقبل الحركة ‪ ،‬وھذه ُتسمى األلف اللينة ‪.‬‬ ‫ال تقبل الحركة ولذلك ال تقع في أول الكالم ال توجد في أول الكالم ً‬
‫فحينئذ نقول ‪ :‬التقسيم ھذا للھمزة‬‫ٍ‬ ‫وصل وھمزة قطع‬ ‫ٍ‬ ‫األلف اليابسة ‪ :‬ھي التي تقبل الحركة وھي التي تنقسم إلى ھمزة‬
‫أبدا ‪ ،‬واليابسة سواء كانت ھمزة وصل أو ھمزة قطع ھذه تقبل‬ ‫مرادا به األلف اليابسة ال اللينة ‪ ،‬أما اللينة فال تقبل حركة ً‬ ‫ً‬
‫ً‬
‫الحركة ‪ ،‬ولذلك يقول اضرب ادغم ھمزة مكسورة ھنا وھي ھمزة وصل ‪ ،‬ھل ھذه ألف لينة ؟ نقول ‪ :‬ال ليست ألفا لينة ألن‬
‫األلف اللينة ال تقع في أول الكالم ‪ ،‬ھذا أول ضابط ‪.‬‬
‫أبدا ‪ .‬ولذلك نقول الضابط في الفصل بين ھمزة الوصل وھمزة القطع‬ ‫ثانيا ‪ :‬ألنھا قبلت الكسرة وألف اللينة ال تنقل حركة ً‬ ‫ً‬
‫بأن ھمزة الوصل ھي التي تثبت في االبتداء وتسقط في الدرج ‪ ،‬يعني وصل الكالم بما بعده ‪ ،‬تقول ‪ :‬اجتھد أو استغفر ثبتت‬
‫زيد استغفر ربه سقطت في الدرج بوصل الكالم ‪ ،‬وأما دون أن يتقدمھا شيء‬ ‫في االبتداء استغفر بدليل كسرھا لكن لو قلت ‪ٌ :‬‬
‫استغفر ربه نقول ‪ :‬استغفر ھذا ھمزة َھمزة وصل ثبتت في ابتداء الكالم نطق بھا ينطبق بھا لكن ال تكتب ‪ ،‬وأما إذا قيل ‪:‬‬
‫حينئذ نقول ‪ :‬سقطت في درج الكالم ھذا ضابط ھمزة الوصل أنھا تثبت في االبتداء وتسقط في الدرج فھي‬ ‫ٍ‬ ‫واستغفر ربك ‪.‬‬
‫ھمزة ال تظھر خطا يعني ال تكتب وإنما يُنطق بھا في أول الكالم ال في أثنائه يعني القول بأنھا ال يُنطق بھا البتة ليس على‬ ‫ً‬
‫ٍ‬
‫حينئذ نقول ‪:‬‬ ‫إطالقه وإنما يُنطق بالھمزة في ابتداء الكالم ادغم اضرب نقول ھذه ھمزة اضرب تأتي بھمزة وھي مكسورة ‪،‬‬
‫ألفا وال ترسم فوقھا وال تحتھا ھمزة‬ ‫حينئذ تقع في أول الكالم تظھر في النطق وال تكتب يعني ترسم ً‬ ‫ٍ‬ ‫ھذه ھي ھمزة الوصل‬
‫ٌ‬
‫فرق بين‬ ‫ً‬
‫ألفا فقط ويُنطق بھا في أول الكالم ‪ ،‬وأما إذا وقعت في األثناء فترسم ألفا كاألولى وال يُنطق بھا ‪ .‬ھذا‬ ‫وإنما ترسم ً‬
‫وخطا وابتد ً‬
‫اء‬ ‫ً‬ ‫مطلقا وصالً‬
‫ً‬ ‫ألفا فقط ليس فوقھا وال تحتھا ھمزة بخالف ماذا ھمزة القطع ‪ ،‬وھي التي تثبت‬ ‫النوعين ‪ ،‬وترسم ً‬
‫زيد أكرم ‪ ،‬أكرم ھذا فعل ماضي على أربعة أحرف فھمزته ھمزة‬ ‫عمرو ‪ٌ ،‬‬
‫ٍ‬ ‫زيد أكرم من‬ ‫‪ ،‬وصالً يعني في وصل الكلمة ٌ‬
‫أيضا ً‬
‫ألفا يابسة‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫عمرا نطقنا بھا في االبتداء وتكتب‬ ‫أكرم ٌ‬
‫زيد‬ ‫َ‬ ‫أكرم ‪،‬‬
‫ُ‬ ‫قطع زيد أكرم ًإذا نقول ھنا ماذا ؟ نطقنا بھا في الوصل‬
‫ً‬
‫مطلقا‬ ‫ويكتتب عليھا ھمزة فوقھا إن كانت مفتوحة أو مضمومة وتحتھا إن كانت مكسورة ‪ً ،‬إذا ھمزة القطع ھي التي تثبت‬
‫ألفا كھمزة الوصل ويكتب الھمزة فوقھا إن فتحت أو ضمت وتحتھا إن كسرت ‪ ،‬تقول ‪ :‬زيد‬ ‫وابتداء وتكتب ً‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫وخطا‬ ‫ً‬ ‫وصال‬
‫زيد أج ُل من إكرام عمرو فنقول ‪ :‬إكرام ھنا بالكسر‬ ‫أكرم أبوه بالضم كتبت فوق ‪ُ َ ْ ،‬‬
‫إكرام ٍ‬ ‫ُ‬
‫زيد ْ ِ َ‬ ‫عمرو ھذا بالفتح ٌ‬ ‫أكرم من‬ ‫َْ َ ُ‬
‫ٍ‬
‫نضعھا تحت األلف الھمزة توضع تحت َتحت األلف ‪ ،‬واضح ھذا ؟‬
‫مواضع ھمزة الوصل توجد في األسماء وتوجد في الفعل وتوجد في الحرف ‪ ،‬الھمزة ھمزة الوصل تكون في الفعل‬
‫علم بالغلبة وھي ‪:‬‬
‫وتكون في االسم وتكون في الحرف ‪ ،‬أما في األسماء ففي األسماء العشرة ھذا ٌ‬
‫ايمن  كم ؟ عشرة ھذه يعنون لھا‬ ‫امرؤ ‪ ،‬امرأةٌ ‪ ،‬اثنان ‪ ،‬اثنتان َ‬ ‫ٌ‬ ‫ت ‪ ،‬اب ٌْن ‪ ،‬اب َ ٌ‬
‫ْنة ‪ ،‬ابنم ‪،‬‬ ‫األسماء العشرة ‪ :‬اسْ ٌم ‪ ،‬اسْ ٌ‬
‫باألسماء العشرة ‪ ،‬ھذا النوع األول الذي نحكم على ھمزته بأنھا ھمزة وصل ‪.‬‬

‫الثاني من األسماء ‪ :‬مصدر الخماسي ‪.‬‬


‫الثالث ‪ :‬مصدر السداسي ‪.‬‬
‫انطالقا نقول ‪ :‬ھذه مصدر ھمزته ھمزة وصل ‪ ،‬المصدر السداسي ِاسْ َ ْ َ َ‬
‫تغفر‬ ‫انطالقا ‪ً َ ِ ْ ِ ،‬‬ ‫انطلق َ ْ َ ِ ُ‬
‫ينطلق ِ ْ ِ َ ً‬ ‫مصدر الخماسي ِ ْ َ َ َ‬
‫انطالقا ‪ ،‬وفي مصدر‬ ‫تغفارا ھذا مصدر وھو اسم ًإذا وجدت ھمزة الوصل في مصدر الخماسي وھو ِ ْ ِ َ ً‬ ‫تغفارا ‪ِ ،‬اسْ ِ ْ َ ً‬
‫تغف ُر ِاسْ ِ ْ َ ً‬
‫َيسْ َ ْ ِ‬
‫تغفارا ‪ .‬ھذه ثالثة أنواع ‪.‬‬ ‫السداسي وھو ِاسْ ِ ْ َ ً‬
‫وصل ‪ ،‬والماضي‬ ‫ٍ‬ ‫تمع نقول ‪ :‬ھذه ھمزته ھمزة‬ ‫وفي األفعال توجد في الماضي الخماسي والماضي السداسي ِ ْ َ َ َ‬
‫انطلق ِاجْ َ َ َ‬
‫تخرج نقول ھذه ھمزته ھمزة وصل ‪ ،‬كذلك في أمر الثالثي اضرب اذھب نقول ‪ :‬ھذه الھمزة‬ ‫واسْ َ ْ َ َ‬ ‫السداسي وھو ِاسْ تغفر ِ‬
‫دائما تكون مكسورة‬ ‫تغفارا ً‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ً‬ ‫َ‬
‫انطالقا ِاسْ ِ ً‬ ‫ْ‬
‫دائما تكون مكسورة ِ ِ‬ ‫ھمزة وصل إال أن حركة أمر المصدر الخماسي والسداسي الكسر ً‬
‫ً‬
‫مفتوحا‬ ‫ً‬
‫مكسورا أو‬ ‫‪ ،‬وأما حركة ھمزة األمر من الثالثي فتختلف الختالف عين الفعل فإن كان الثالث ننظر للثالث إن كان‬
‫يفعل تقول في األمر منه‬ ‫يضرب على وزن َ ْ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ضرب َيضْ ِرب الثالث مكسور‬ ‫مفتوحا كسرت َ َ َ‬ ‫ً‬ ‫مكسورا أو‬‫ً‬ ‫كسرت إن كان‬
‫اضْ ِرب بكسر الھمزة لماذا كسرتھا ؟ للقاعدة عندنا قاعدة وضابط وھو أن ثالث ھذا الفعل وھو الراء مكسور في الفعل‬
‫ضرب َيضْ ِربُ ِاضْ ِربْ بكسر الھمزة لماذا كسرناھا ؟ ألن الھمزة ساكنة في أصلھا والضاد ساكنة فالتقى‬ ‫المضارع فتقول َ َ َ‬
‫ساكنان فال بد من تحريك أحدھما واألولى أن يحرك الھمزة وحركت بالكسر للقاعدة التي ذكرناھا ووافقت األصل وھو‬
‫جلس َيجْ ِلسُ اجْ ِلسْ ‪ ،‬فنكسر ھمزة‬ ‫رجع َيرْ ِج ُع ارْ ِجعْ ‪َ َ َ ،‬‬ ‫ضرب َيضْ ِربُ اضْ ِربْ ‪َ َ َ ،‬‬ ‫تخلص التقاء ساكنين يكون بالكسر ًإذا َ َ َ‬
‫يفع ُل‬ ‫يذه َه الھاء مفتوحة َ ْ َ‬
‫يذھبُ َ ْ َ‬ ‫ب َ‬ ‫مفتوحا تكسر كذلك َذَھ َ‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫مكسورا وإذا كان‬ ‫الوصل في األمر من الثالثي باعتبار كون ثالثه‬

‫‪125‬‬
‫منع َي ْم َن ُع ا ْم َنعْ ‪ً ،‬إذا بالكسر ال إشكال ُتكسر ھمزة األمر من‬ ‫افتحْ ‪َ َ َ ،‬‬ ‫يفت ُح ْ َ‬
‫فتح َ ْ َ‬
‫اذھبْ بكسر ھمزة الوصل َ َ َ‬ ‫حينئذ األمر منه يكون ِ ْ َ‬ ‫ٍ‬
‫فحينئذ تضم ھمزة الوصل فيما‬ ‫ُ‬ ‫ٍ‬ ‫ْ‬
‫الثالثي في موضعين إذا كانت عين مضارعه مفتوحة أو مكسورة ‪ ،‬بقي ماذا َيف ُع ُل ثالثه ضمة‬
‫ضممْت ھمزة الوصل لماذا‬ ‫نصر َْينصُرُ َْيف ُع ُل بضم الثالث وھو الصاد ‪ ،‬في األمر تقول ‪ْ :‬انصُرْ َ َ َ‬ ‫مضموما َ َ َ‬ ‫ً‬ ‫إذا كان ثالثه‬
‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬
‫اذھب وافتح ثم تقول انظر انصُرْ ‪،‬‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫اضرب لماذا ھناك كسرت َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫اذھب اضْ ِرب والناس تقول‬ ‫ْ‬
‫ضممتھا ‪ ،‬لو قيل لك لماذا قلت ‪َ :‬‬
‫ْ‬
‫نظرا للثالث إن كسر في المضارع أو فتح كسرت في ھمزة الوصل وإن ض َُّم ضممته في األمر تقول ‪ :‬انصُرْ ‪ ،‬ألنه‬ ‫ً‬ ‫تقول ‪:‬‬
‫ُ‬
‫حينئذ نأت على األصل امْشوا‬ ‫ٍ‬ ‫ص ُر ‪ ،‬لكن يشترط في ھذه الضمة أن تكون أصلية تامة أما إن كانت عارضة‬ ‫ْ‬
‫نصر َين ُ‬ ‫من َ َ َ‬
‫الثالث ھنا مضموم وكسرت الھمز ھمزة الوصل لكون ھذه الضمة عارضة وليست أصل ليست كضمة ْانصُرْ ‪ْ ،‬انصُرْ ھذه‬
‫ْشوا أصله‬ ‫ْش ھذا أصل كيف جاء ام ُ‬ ‫مشى َيم ِْشي واألصل فيه ام ِ‬ ‫ْشوا ھذا ليس ‪َ َ َ ..‬‬ ‫فعل َْيف ُع ُل ‪ ،‬وأما ام ُ‬ ‫من أصل الفعل ألنه من َ َ َ‬
‫ً‬
‫بياء مضمومة ثم واو تحركت الياء وانفتح ما قبلھا فقلبت ألفا فالتقى ساكنان‬ ‫بياء◌ مضمومة ثم واو ‪ ،‬ام ِْشيُوا ٍ‬ ‫ام ِْشيُوا يعني ٍ ِ‬
‫األلف والواو ثم حذف صار ا ْمشيوا الواو ساكنة وقبلھا كسر وجب قلبھا ال ‪ ،‬ال ‪ ..‬الواو ساكنة وكسر ما قبلھا وجب قلبھا ً‬
‫ياء‬
‫ْشوا ] بضم ھمزة الوصل [‬ ‫ْشوا وال تقل ام ُ‬ ‫ضمة فقيل ام ُ‬ ‫ً‬ ‫فرارا عن ھذا لئال تنقلب الواو ياء وجب قلب الكسرة كسرة الشين‬ ‫ً‬
‫حينئذ نقول ‪ :‬ھنا الضمة عارضة وليست أصال مثل اقضُوا مثلھا ‪ ،‬حركة الياء وفتح ما قبلھا وقلبت ‪ ..‬إلى آخره ‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫ً‬ ‫ٍ‬
‫ًإذا كم موضع اآلن األسماء العشرة ‪ ،‬ومصدر الخماسي ‪ ،‬والثالث مصدر السداسي ‪ ،‬والفعل الماضي الخماسي ‪ ،‬والفعل‬
‫الماضي السداسي ‪ -‬إن كان مبدوء في الموضعان بھمزة الوصل ‪ ،‬وفعل األمر الثالثي ‪ ،‬بقي ماذا بقي أل من الحروف أل ‪،‬‬
‫الحمد ا ْل ا ْل ھكذا تقرأ ْالحمد ‬ ‫الرجل تقول ‪َ ْ :‬‬ ‫أل المعرفة فھذه ماذا ھمزتھا ھمزة وصل لكنھا مفتوحة ھمزتھا ھمزة وصل َّ‬
‫رب العالمين ‪ ،‬الحْ مد ] بكسر ھمزة الوصل [ وإال الحمد ] بفتح ھمزة الوصل [ ‪ ،‬الحمد بفتح الھمز ‪ ،‬وھذه الھمزة ھمزة‬
‫وصل ‪ ،‬ھل بقى شيء ؟ كم ھذه ؟ سبعة ‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫ً‬
‫مطلقا ‪.‬‬ ‫مضارع‬
‫ٍ‬ ‫فعل‬
‫ھمزة كل ٍ‬
‫حرف غير ا ْل‬ ‫ٍ‬ ‫وھمزة كل‬
‫ماض على ثالثة أحرف كأتت ‪.‬‬ ‫فعل ٍ‬ ‫وھمزة كل ٍ‬
‫ماض على أربعة أحرف ‪.‬‬ ‫فعل ٍ‬ ‫كل ٍ‬ ‫وھمزة ِ‬
‫مصدر للرباعي ‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫وھمزة كل‬
‫مطلقا إال وھمزتھا ھمزة قطع ‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫كل ھذه الھمزات ھمزة القطع كلھا ھمزتھا ھمزة قطع ‪ ،‬إذا ال تكون الھمزة في المضارع‬
‫فعل ماضي ثالثي على ثالثة أحرف‬ ‫حرف سوى ا ْل فھمزته ھمزة قطع ‪ ،‬وكل ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫فعل مضارع ھمزته ھمزة قطع ‪ ،‬وكل‬ ‫كل ٍ‬
‫مصدر للرباعي المبدوء بھمزة‬ ‫ٍ‬ ‫ماض على أربعة أحرف ھمزته ھمزة قطع ‪ ،‬وكل‬ ‫ٍ‬ ‫فعل‬
‫ھمزته ھمزة قطع كأخذ وأتى ‪ ،‬وكل ٍ‬
‫وصل ( عرفنا متى تكون أو نحكم على الھمزة‬ ‫بھمز َ ْ ٍ‬ ‫واالبتدا ِ َ ْ ِ‬‫ِْ‬ ‫قطع ھمزته ھمزة قطع ما عداھا تكون ھمزته ھمزة وصل )‬
‫ٍ‬
‫حينئذ نقول‬ ‫مفتوحة الحمد أو مضمومة ْانصُر‬ ‫ً‬ ‫مكسورة اضْ ِربْ أو‬ ‫ً‬ ‫وصل ( يعني بإثباتھا‬ ‫بھمز َ ْ ٍ‬ ‫ِْ‬
‫واالبتدا ِ َ ْ ِ‬ ‫وصل )‬ ‫ٍ‬ ‫بأنھا ھمزة‬
‫وحكمه ِ ْ َ ُ ُ‬
‫عندھم‬ ‫فشا ( وكثر ) ُ ْ ُ ُ‬ ‫قد َ َ‬ ‫منطوقا بحركتھا على حسب ما فصلناه في السابق ‪ْ َ ) .‬‬ ‫ً‬ ‫ھذا كلھا يُبدئ فيھا بھمزة الوصل‬
‫وحكمه ( الضمير يعود إلى أي شيء ؟ إلى االبتداء ھذا ھو الظاھر لكنه ال يريد االبتداء وإن كان الشارح‬ ‫تشا ( ‪ُ ُ ْ ُ ) ،‬‬ ‫كما َ َ‬ ‫َ َ‬
‫قبح ( ‪ .‬قسمه إلى أربعة‬ ‫من ُ ْ ٍ‬ ‫تشا ِ ْ‬‫كما َ َ‬ ‫عندھم َ َ‬
‫وحكمه ِ ْ َ ُ ُ‬ ‫المساوي ونحوه أرجعوه إلى االبتداء لكنه ليس بظاھر ألنه قال ‪ُ ُ ْ ُ ) :‬‬
‫أقسام وإذا ُأطلق التقسيم إلى أربعة أقسام القبيح والحسن إلى آخره فما المراد ؟ الوقف ال االبتداء وإنما قيل بأن االبتداء ينقسم‬
‫وحكمه ( المراد به الوقف وليس المراد به االبتداء ‪ ،‬وكان‬ ‫إلى أربعة ھذا فيه خالف وإذا أطلق انصرف إلى الوقف ًإذا ) ُ ْ ُ ُ‬
‫األولى أن يظھر الضمير ھنا وال يضمر ‪ ،‬يقول ‪ :‬حكم الوقف ألن المشھور أن ھذه األقسام التي سيذكرھا للوقف ال لالبتداء‬
‫تشا (‬ ‫كما َ َ‬ ‫عندھم ( أي ‪ :‬عند القراء كما ) َ َ‬ ‫عندھم ( بإشباع الميم ) ِ ْ َ ُ ُ‬ ‫وحكمه ( أي ‪ :‬حكم الوقف ) ِ ْ َ ُ ُ‬ ‫وإن قيل بھا في االبتداء ) ُ ْ ُ ُ‬
‫اكتفى ( ھذه أربعة أقسام ينقسم إليھا الوقف ‪ ،‬فالقسم األول‬ ‫تمام أو من ْ ِ َ‬ ‫حسن ‪ْ ،‬او من َ َ ِ‬ ‫من ُ ْ ٍ‬ ‫قبح ‪ ،‬او ِ ْ‬ ‫من ُ ْ ٍ‬ ‫بالقصر لغة فيه ) ِ ْ‬
‫ُرف‬
‫ُرف القبيح وإذا ع ِ َ‬ ‫ُرف الحسن ع ِ َ‬ ‫فعيل مأخوذ من القبح ضد حسن ‪ ،‬الحسن ضد قبيح وإذا ع ِ َ‬ ‫من الوقف ھو الوقف القبيح َ ِ‬
‫قبح ( ھذا بيان لما قبله والمراد بالقبح ھنا من‬ ‫من ُ ْ ٍ‬ ‫ُرف الحسن ألنه بالضد ‪ ،‬وبضدھا تتميز األشياء تتبين األشياء ) ِ ْ‬ ‫القبيح ع ِ َ‬
‫جھة األداء واالصطالح عند أرباب القراءة وليس المراد به القبح الشرعي على الصحيح ليس المراد به القبح الشرعي فليس‬
‫فحينئذ أخذ حكم التحريم ال لذاته‬ ‫ٍ‬ ‫شيء آخر قصد التحريفي‬ ‫ٌ‬ ‫مكروه ھذا في األصل ‪ ،‬الوقف من حيث ھو إن صحبه‬ ‫ٍ‬ ‫بحرام وال‬
‫ٍ‬
‫صف بكونه‬ ‫ُمي أو وُ ِ َ‬ ‫فحينئذ نقول األصل في القبيح أو الوقف القبيح األصل أنه ممنوع وس ِ َ‬ ‫ٍ‬ ‫قصد فاسد ‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫بل لما صاحبه من‬
‫واجب اصطالحي أو صناعي ‪ ،‬والمراد به ھنا القبح‬ ‫ٌ‬ ‫واجب شرعي‬ ‫ٌ‬ ‫حينئذ يكون من باب االصطالح كما قيل‬ ‫ٍ‬ ‫منعُه‬ ‫قبيحا أو َ ِ‬ ‫ً‬
‫فحينئذ يأخذ حكم التحريم لكن ال‬ ‫ٍ‬ ‫ٌ‬
‫عند أھل األداء ألنه ليس بحرام وليس بمكروه فإن صحبه قصد للتحريف الكلم عن مواضعه‬

‫‪126‬‬
‫إن َّ َ‬
‫‬ ‫كفرا لو قال ‪َّ ِ ﴿ :‬‬ ‫لذات الوقف وإنما لما صاحبه من قصد ‪ ،‬ولذلك بعضھم يقول مثالً كما سيأتي أنه قد يكون الوقف قبيح ً‬
‫يستحيي ﴾ ] البقرة ‪ [26 :‬ثم وقف وقصد المعنى كفر ‪َ ،‬كفر ألي شيء للوقف أو للمعنى ؟‬ ‫َال َ ْ َ ْ ِ‬
‫مثال ﴾ ] البقرة ‪ [26 :‬ھا مسلم أو‬ ‫يضرب َ َ ً‬‫يستحيي َأن َ ْ ِ َ‬ ‫ الَ َ ْ َ ْ ِ‬ ‫إن َّ َ‬ ‫للمعنى ‪ ،‬المعنى لو قصده بقلبه ولم يقرأ اآلية وقال ‪َّ ِ ﴿ :‬‬
‫كافر ؟‬
‫فحينئذ ال يكون الوقف لذاته قبيح وإنما لما‬ ‫ٍ‬ ‫كفر ‪ ،‬إذا الوقف ال تأثير له ‪ ،‬فالقصد والمعنى القائم في القلب ھذا منفك عنه‬ ‫ً‬
‫وقف حرام يأثم‬ ‫ٍ‬ ‫واجب يأثم القارئ بتركه وال من‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫وقف‬ ‫صحبه من معنى فاسد ‪ ،‬ولذلك قال بعضھم ‪ :‬ليس في القرآن من‬
‫بوقفه ‪ ،‬لماذا ؟‬
‫فحينئذ من قصد معنى وحكمنا على أن ھذا المعنى القائم بالقلب‬ ‫ٍ‬ ‫ألن الوصل والوقف ال يدالن على معنى يختل بذھابھما‬
‫معلقا بالوقف وإنما‬ ‫ً‬ ‫فحينئذ ال يُرتبط بماذا ؟ ال يجعل‬ ‫ٍ‬ ‫مكفر لصاحبه نقول قرأ أو لم يقرأ ھو كافر ‪ ،‬وصل أو وقف فھو كافر‬
‫وقف حرام يأثم بوقفه ألن الوصل والوقف ال يدالن‬ ‫ٍ‬ ‫واجب يأثم القارئ بتركه وال من‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫وقف‬ ‫ھو بالمعنى ليس في القرآن من‬
‫وا ﴾ ]‬ ‫الذين َقال ُ ْ‬
‫كفر َّ ِ َ‬ ‫لقد َ َ َ‬
‫سواء وصل أم وقف ولو لم يقرأ ولذلك قيل ﴿ َّ َ ْ‬ ‫ٌ‬ ‫قائما بالقلب‬ ‫معنى يختل بذھابھما بل المعنى يكون ً‬ ‫على ً‬
‫حينئذ نقول‬ ‫ٍ‬ ‫مريم ﴾ ] المائدة ‪ [17 :‬فبدأ ھكذا‬ ‫ابن َ ْ َ َ‬ ‫المسيح ْ ُ‬ ‫ھو ْ َ ِ ُ‬ ‫ َُ‬ ‫إن ّ َ‬ ‫ثالثة ﴾ ] المائدة ‪َّ ِ ﴿ [73:‬‬ ‫ثالث َ َ َ ٍ‬ ‫إن ّ َ‬
‫ َ ِ ُ‬ ‫المائدة ‪ [73:‬وقف ﴿ ِ َّ‬
‫حينئذ الوقف ال‬ ‫ٍ‬ ‫‪ :‬ھذا إن قصد المعنى فكفر ‪ ،‬لكنه لو قصد المعنى ولو لم يصل أو وصل ‪ ،‬أو لم يقرأھا نقول ‪ :‬فھو كافر ‪.‬‬
‫يدل على شيء من حيث ھو ولذلك نقول ‪ :‬القبح ھنا ھذا القبح االصطالحي وليس المراد به القبح الشرعي ‪ ،‬بل ال نقول‬
‫بتحريمه وال بكراھته ال نقول أن محرم وال أنه مكروه ‪ ،‬ھذا حكمه فما ھو الوقف القبيح ؟‬
‫يستحيي ﴾ ] البقرة ‪ [26 :‬فوقف‬ ‫ الَ َ ْ َ ْ ِ‬ ‫إن َّ َ‬ ‫محظور مثل ما ذكرناه من اآلية ﴿ ِ َّ‬ ‫ٍ‬ ‫قيل ‪ :‬الوقف القبيح ھو ما يُوھم الوقوع في‬
‫مريم ﴾ ]‬ ‫ابن َ ْ َ َ‬ ‫ھو ْ َ ِ ُ‬
‫المسيح ْ ُ‬ ‫ َُ‬ ‫إن ّ َ‬ ‫قالوا ﴾ ] المائدة ‪ [73:‬فوقف ﴿ ِ َّ‬ ‫الذين َ ُ ْ‬ ‫كفر َّ ِ َ‬ ‫لقد َ َ َ‬
‫نقول ‪ :‬ھذا يوھم الوقوع في محظور لقد ﴿ َّ َ ْ‬
‫الحد كما سيأتي أنه ناقص غير‬ ‫ّ‬ ‫محظور يوھم الوقوع في محظور لكن ھذا‬ ‫ٍ‬ ‫وقف يوقع أو يومھم في‬ ‫ٌ‬ ‫المائدة ‪ [17 :‬نقول ھذا‬
‫كاف وال حسن ‪ .‬وھذان األخيران‬ ‫ٍ‬ ‫بتام وال‬ ‫جامع ‪ ،‬وقيل ھو ما ال يحسن الوقف عليه وھذا أحسن من األول ‪ ،‬وقيل ‪ :‬ما ليس ٍ‬
‫كاف وال‬ ‫ٍ‬ ‫بتام وال‬ ‫أولى من األول ‪ ،‬يعني ما ال يحسن الوقف عليه ھذا تعريف جيد ما ال يحسن الوقف عليه ‪ ،‬أو ما ليس ٍ‬
‫بفعل وال حرف ‪ ،‬والحرف ما ليس‬ ‫ٍ‬ ‫تعريف بالحصر كأنه قال ‪ :‬االسم ما ليس‬ ‫ٌ‬ ‫أيضا تعريف جيد ولكنه‬ ‫ً‬ ‫حسن ‪ ،‬نقول ‪ :‬ھذا‬
‫معنى لعدم تمام الكالم ‪ ،‬الوقف‬ ‫كالم ال يفھم منه ً‬ ‫ٍ‬ ‫باسم وال فعل ‪ ،‬وھلما جرا ‪ ،‬وتحت الوقف القبيح نوعان ‪ :‬الوقف على‬ ‫ٍ‬
‫القبيح نوعان ‪:‬‬
‫ومعنى كالوقف على‬ ‫ً‬ ‫لفظا‬ ‫معنى لعدم تمام الكالم ‪ ،‬وقد تعلق ما بعده بما قبله ً‬ ‫كالم ال يفھم منه ً‬ ‫النوع األول ‪ :‬الوقف على‬
‫ٍ‬
‫وقف قبيح لماذا‬ ‫ٌ‬ ‫المبتدأ دون الخبر ‪ ،‬أو الوقف على المضاف دون المضاف إليه ‪ ،‬أو الوقف على فعل دون الفاعل نقول ‪ :‬ھذا‬
‫الحمد ﴾ ] الفاتحة ‪ [2 :‬فوقف ھذا نقول ماذا ؟ ھل فھم منه شيء لم يفھم منه شيء ‪ ،‬ألنه ال‬ ‫؟ لكون المعنى ال يتم لو قال ‪ُ ْ َ ْ ﴿ :‬‬
‫يدل على معنى لماذا ؟‬
‫ً‬
‫ألن المعنى ال يتم إال بمبتدأ وخبر وھنا ذكر المبتدأ ولم يذكر الخبر إذا ال يفھم منه شيء ‪ .‬إذا النوع األول ‪ :‬الوقف على‬ ‫ً‬
‫اسما وقد تعلق ما بعده‬ ‫سواء كان فعالً أو ً‬ ‫ً‬ ‫معنى لعدم تمام الكالم ‪ ،‬ومتى يتم الكالم بذكر مسند والمسند إليه‬ ‫كالم ال يُفھم منه ً‬ ‫ٍ‬
‫خبرا له إذا كانت اسم كان‬ ‫مؤثرا ال بد من ذكره وإما لكونه فاعالً أو ناء فاعل أو ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫وصال‬ ‫خبرا وإما لكون‬ ‫بما قبله إما لكونه ً‬
‫لفظا ومعنى ‪ ،‬إذا قيل توقف ما بعده على ما قبله إما ان يكون من جھة اللفظ وإما أن يكون من‬ ‫أو خبر كان أو نحو ذلك ً‬
‫جھات المعنى ‪ ،‬ما كان من جھة اللفظ المقصود به اإلعراب فالمضاف مع المضاف إليه ‪ ،‬وإما أن يكون من جھة المعنى‬
‫حينئذ لو قال ‪ُ ْ َ ْ ﴿ :‬‬
‫الحمد‬ ‫ٍ‬ ‫بمعنى أنه ال يتم المعنى السابق إال بذكر اللفظ الذي وقف عليه أو بذكر ما بعد اللفظ الذي وقف عليه ‪،‬‬
‫‪ ] ﴾ S‬الفاتحة ‪ [2 :‬فوقف ماذا نقول ؟ حصل أو ال ؟ حصل الوقف ولذلك سيأتي أنه حسن لكن لو أراد أن يكمل قالوا ‪ :‬يمنع‬ ‫ِّ‬
‫العالمين ﴾ ] الفاتحة ‪ [2 :‬لماذا ألن رب ھذا‬ ‫رب ْ َ َ ِ َ‬ ‫‪ِّ َ S‬‬ ‫حمد ّ ِ‬‫﴿ ْال َ ْ ُ‬ ‫متعلق بما قبله في اللفظ دون المعنى‬ ‫ٌ‬ ‫لماذا ؟ ألن ما بعده‬
‫صفة وال يمكن أن تنفك الصفة ويبتدئ بھا دون الموصوف ھذا بمثال للفظ فقط وليس المراد به الوقف القبيح ‪ ،‬كالوقف على‬ ‫ٌ‬
‫الذين ﴾ ] الفاتحة ‪[7 ، 6 :‬‬ ‫صراط َّ ِ َ‬ ‫المستقيم * ِ َ َ‬ ‫الصراط ُ َ ِ َ‬ ‫اھدنا ِّ َ َ‬ ‫الحمد ّ‪ ] ﴾ ِS‬الفاتحة ‪َ ِ ﴿ ، [2 :‬‬ ‫الحمد ﴾ ] الفاتحة ‪ [2 :‬من ﴿ ْ َ ْ ُ‬ ‫﴿ ْ َ ُْ‬
‫الذين ﴾ ] الفاتحة ‪ [7 :‬ھذا اسم موصول مبھم ال‬ ‫وقف قبيح ألن ﴿ َّ ِ َ‬ ‫ٌ‬ ‫عليھم ﴾ ] الفاتحة ‪ [7 :‬ابتدأ نقول ‪ :‬ھذا‬ ‫فوقف ﴿ َ َ َ‬
‫أنعمت َ َ ِ ْ‬
‫وقف قبيح لكنه ال يفھم منه‬ ‫ٌ‬ ‫الذين ﴾ ] الفاتحة ‪ [7 :‬فوقف نقول ‪ :‬ھذا‬ ‫صراط َّ ِ َ‬ ‫حينئذ إذا وقف على ﴿ ِ َ َ‬ ‫ٍ‬ ‫يفھم معناه إال بتمام الصلة‬
‫المعنى بتمامه ال لكونه يقع في محظور ‪.‬‬
‫‪127‬‬
‫النوع الثاني ‪ :‬من الوقف القبيح ما يوھم الوقوع في المحظور ولذلك ذكرنا أن التعريف األول قاصر وھذا ذكره المساوي‬
‫﴿ ْ َ ُْ‬
‫الحمد‬ ‫وقف قبيح يوھم الوقوع في المحظور‬ ‫ٍ‬ ‫في شرح النظم قال ‪ :‬القبيح ھو ما يوھم الوقوع في محظور ‪ .‬ليس كل‬
‫ َال‬ ‫إن َ‬‫َّ‬ ‫قالوا ﴾ ] المائدة ‪ [73:‬أو ﴿ ِ َّ‬ ‫الذين ُ ْ‬ ‫َ‬ ‫كفر َّ ِ َ‬ ‫َ‬
‫لقد َ َ‬ ‫َ‬
‫الحمد ﴾ ] الفاتحة ‪ [2 :‬ھل ھو مثل ﴿ َّ ْ‬ ‫‪ ] ﴾ S‬الفاتحة ‪ [2 :‬لو وقف ﴿ ْ َ ْ ُ‬ ‫ِّ‬
‫يستحيي ﴾ ] البقرة ‪ [26 :‬تم المعنى‬ ‫ الَ َ ْ َ ْ ِ‬ ‫إن َّ َ‬ ‫يستحيي ﴾ ] البقرة ‪ [26 :‬ليس مثله ‪ ،‬األول لم يتم معناه والثاني تم معنى ﴿ ِ َّ‬ ‫َ َْ ْ ِ‬
‫الذين َ ُ ْ‬
‫قالوا ﴾‬ ‫لقد َ َ َ‬
‫كفر َّ ِ َ‬ ‫محظور في ممنوع ‪ ،‬ھذا ھو النوع الثاني فالوقف على قوله تعالى ‪ْ َ َّ ﴿ :‬‬ ‫ٍ‬ ‫لكنه فاسد فأوھم الوقوع في‬
‫مريم ﴾ ] المائدة ‪ . [17 :‬والوقف ھذا وقف نحرمه أو نكرھه ؟‬ ‫ابن َ ْ َ َ‬ ‫ ُھَو ْ َ ِ ُ‬
‫المسيح ْ ُ‬ ‫إن ّ َ‬
‫واالبتداء بقولھم ‪َّ ِ ﴿ :‬‬
‫بالقصد ‪ ،‬أما ھو من حيث ھو ال يُحكم عليه من جھة الشرع ‪ ،‬ال بد من دليل ولو قيل بعض القراء قال ‪ :‬ھذا حرام أو ھذا‬
‫كذا ‪ .‬نقول ‪ :‬أت بالدليل ال تحريم إال بصيغة نھي أليس كذلك ؟‬
‫أمھاتكم ﴾ ] النساء ‪. [23 :‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫عليكم َّ َ ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫حرمت َ ْ ْ‬ ‫ھذا مقرر النھي من أين يؤخذ ؟ ال تفعل ‪ ،‬ال بد من ال الناھية أو ما يدل عليھا ﴿ ُ ِّ َ ْ‬
‫إن  ينھى ‪ ...‬إلى آخره ال بد من صيغة تدل على النھي ‪ ،‬وإال فال نحرم ما ال يحرمه  ‪ ،‬كذلك ال نكره ما ال يكره  ‪،‬‬
‫حينئذ ال بد من دليل نص بعضھم ابن الجزري ُنقل عنه ھذا أنه يحرم نقول ‪ :‬إن كان المقصود تحريمه لما قد يكون من معنى‬ ‫ٍ‬
‫حينئذ يكفر‬ ‫ٍ‬ ‫حينئذ ال إشكال ‪ ،‬ھذا المعنى دلت عليه األدلة طائلة إن بقي باإلسالم ھذا يحرم أما إن كان معنى يؤدي إلى الكفر‬ ‫ٍ‬
‫قالوا ﴾ واالبتداء من‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫كفر ِ َ‬
‫الذين‬ ‫َّ‬ ‫َ‬
‫لقد َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫ويخرج من الملة ‪ ،‬لكن ال لذات الوقف وإنما ألمر اقترن بالوقف أو الوقف على قوله ‪ْ ﴿ :‬‬
‫ثالثة ﴾ ] المائدة ‪ . [73:‬قال ابن الجزري رحمه  ‪ :‬وال يجوز تعمد الوقف عليه إال لضرورة من انقطاع‬ ‫ثالث َ َ َ ٍ‬
‫ َ ِ ُ‬ ‫إن ّ َ‬ ‫﴿ ِ َّ‬
‫نفس ونحوه لعدم الفائدة أو لفساد المعنى ‪ .‬لكن نقول ‪ :‬ال بد من دليل ‪ .‬وقد يكون بعضه أقبح من بعض ‪ -‬وھذا ال شك فيه ‪-‬‬ ‫ٍ‬
‫بمعنى أن الوقف القبيح يتفاوت في نفسه كما أن المحرمات تتفوات في نفسھا والواجبات تتفاوت في نفسھا فالوقف على ﴿‬
‫وحكمه ( أي ‪ :‬حكم الوقف )‬ ‫قبح ( ‪ُ ُ ْ ُ ) ،‬‬ ‫من ُ ْ ٍ‬ ‫يستحيي ﴾ ‪ .‬الثاني أقبح من األول ‪ْ ِ ) ،‬‬ ‫ الَ َ ْ َ ْ ِ‬ ‫إن َّ َ‬ ‫الحمد ﴾ ليس ھو كالوقف على ﴿ ِ َّ‬ ‫ْ َ ُْ‬
‫تشا ( كما تشا ُء ال أدري لماذا علقه بمشيئة  ‪ ،‬لعلھا جملة متممة وإال األصل وحكمه‬ ‫كما َ َ‬ ‫عندھم ( أي ‪ :‬عند القراء ) َ َ‬ ‫َِْ ُُ‬
‫حسن ( أو للتنويه بإسقاط الھمزة ھمزتھا ھذه ھمزة وصل أو قطع ؟‬ ‫من ُ ْ ٍ‬ ‫بيان لما قبله ) او ِ ْ‬ ‫قبح ٍ‬ ‫عندھم من ٍ‬
‫قطع لماذا قطع ؟ لكونھا أي حرف يمر عليه غير ال تحكم عليه بھمزته ھمزة قطع مباشرة دون تردد ‪ ،‬فأول وأم وإما‬
‫وأما مباشرة تقول ‪ :‬ھذه ھمزتھا ھمزة قطع وليست ھمزة وصل ‪.‬‬
‫حسن ( ألنه في نفيه مفيد يحسن الوقوف‬ ‫من ُ ْ ٍ‬ ‫قبح او ِ ْ‬ ‫من ُ ْ ٍ‬ ‫قبح او ( أين ذھبت الھمزة ؟ سقطت من أجل الوزن ) ِ ْ‬ ‫من ُ ْ ٍ‬ ‫) ِ ْ‬
‫النوع الثاني من الوقف‬ ‫قبيحا لما يترتب عليه إما لكونه عديم الفائدة وأما لفساد المعنى ‪ ،‬وھنا سمي ھذا النوع َّ‬ ‫عليه ‪ ،‬األول ثم ً‬
‫حسنا لماذا ؟‬‫ً‬ ‫ِّي‬
‫ُسم َ‬
‫ َال‬ ‫َّ‬
‫إن َ‬ ‫ألنه في نفسه مفيد ‪ ،‬والقبيح ھناك ال يفيد بنوعيه ‪ ،‬وھنا يفيد ‪ ،‬وقد يفيد الذي يترتب عليه حكم شرعي كقوله ‪َّ ِ ﴿ :‬‬
‫حسن ( ألنه في نفسه مفيد يحسن الوقوف عليه‬ ‫من ُ ْ ٍ‬ ‫يستحيي ﴾ ‪ .‬ھذه مفيد لكن الفائدة ھنا المعنى فاسد ال بد من بيان ذلك ) ِ ْ‬ ‫َ َْ ْ ِ‬
‫‪ ﴾ S‬فوقف يحسن أو ال مفيد أو ال ؟ مفيد‬ ‫ّ‬
‫الحمد ِ‬ ‫الحمد ‪ ﴾ ِS‬لو قرأ الفاتحة وقال ‪ُ ْ َ ْ ﴿ :‬‬ ‫ّ‬ ‫ألن المعنى مفھوم يُفھم المعنى نحو ﴿ ْ َ ْ ُ‬
‫الحمد ‪ ﴾ ِS‬فوقف نقول ‪ :‬ھذا حصلت الفائدة‬ ‫ّ‬ ‫العالمين ﴾ صحيح ؟ ﴿ ْ َ ْ ُ‬ ‫رب ْ َ َ ِ َ‬ ‫‪ِّ َ S‬‬ ‫ّ‬ ‫لكن لو أراد أن يصل يجب عليه أن يعيد ﴿ ْ َ ْ ُ‬
‫الحمد ِ‬
‫التامة مسند ومسند إليه مبتدأ وخبر ‪ ،‬وقف نقول ‪ :‬الوقف الحسن ‪ .‬لماذا ؟ ألنه مفيد وأفھم معنى يستفاد من تركيب الجملة إذا‬
‫العالمين ﴾ ھذا صفة وال انفكاك للصفة عن‬ ‫رب ْ َ َ ِ َ‬ ‫الحمد ّ‪ . ﴾ ِS‬فوقف ثم إذا أراد أن يصل يلزمه اإلعادة لماذا ؟ ألن ﴿ َ ِّ‬ ‫قيل ‪ُ ْ َ ْ ﴿ :‬‬
‫تابعا وليس برأس آية أما رأس اآلية‬ ‫لعالمين ﴾ لكونه ً‬ ‫رب ا ْ َ َ ِ َ‬ ‫موصوفھا ال تنفك الصفة عن موصوفھا ال يحسن االبتداء بـ ﴿ َ ِّ‬
‫سيأتي أنه ال بأس به ‪.‬‬
‫حد الحسن عندھم ھو الذي يحسُن الوقف عليه ‪ ،‬وال يحسُن االبتداء بما بعده لتعلقه به من جھة اللفظ ‪ ،‬وبعضھم يقول ‪:‬‬ ‫ُّ‬
‫من جھة اللفظ والمعنى ‪ .‬قوله ‪ :‬الذي يحسن الوقوف أو الوقف عليه ‪ .‬أخرج ماذا ؟ القبيح ‪ ،‬القبيح ال يحسن الوقف عليه كما‬
‫عرفناه بالحد الثاني ما ال يحسن الوقف عليه ًإذا الوقف إما أن يحسن الوقف عليه أو ال إن لم فھو قبيح وإال فھو إما حسن أو‬
‫تام أو كاف ‪ .‬ھنا قال ‪ :‬ھو الذي يحسن الوقف عليه ‪ .‬فأخرج القبيح وال يحسن االبتداء بما بعده ھذا أخرج التام والكافي ألن‬
‫التام والكافي يحسن االبتداء بما بعده ‪ ،‬والقبيح ال يحسن الوقوف عليه أصالً والحسن يحسن الوقوف عليه وال يحسن االبتداء‬
‫العالمين ﴾ فيجوز ويحسن الوقف على قوله ‪﴾ ِSّ ﴿ :‬‬ ‫رب ْ َ َ ِ َ‬ ‫الحمد ّ‪ِّ َ ِS‬‬
‫الحمد ّ‪ُ ْ َ ْ ﴿ ، ﴾ ِS‬‬ ‫بما بعده لماذا ؟ لتعلقه به من جھة اللفظ ﴿ ْ َ ْ ُ‬
‫العالمين ﴾ ‪ .‬يبتدأ وإنما يرجع لماذا ؟ لتعلق رب بما قبله من جھة اللفظ لكونه صفة له‬ ‫رب ْ َ َ ِ َ‬ ‫‪ .‬ثم إذا أراد أن يتم ال يقول ‪ِّ َ ﴿ :‬‬
‫والصفة ال تنفك عن موصوفھا ‪ ،‬والمراد بالقيد الثاني الذي ال يحسن االبتداء بما بعده وھذا ال بد من تقيده لماذا ؟ ألن ما ال‬
‫واآلخرة ﴾ ] البقرة ‪ [220 ، 219 :‬ھذا مثل ﴿‬ ‫الدنيا َ ِ َ ِ‬ ‫تتفكرون * ِفي ُّ ْ َ‬ ‫لعلكم َ َ َ َّ ُ َ‬
‫يحسن أو ما يحسن الوقف عليه قد يكون رأس آية ﴿ َ َ َّ ُ ْ‬

‫‪128‬‬
‫تتفكرون * ِفي ُّ ْ َ‬
‫الدنيا‬ ‫لعلكْم َ َ َ َّ ُ َ‬
‫فحينئذ ھل نقول ‪ :‬ال يحسن االبتداء بما بعده إال بأن نقول ﴿ َ َ َّ ُ‬ ‫ٍ‬ ‫العالمين ﴾ مع أليس كذلك ؟‬ ‫رب ْ َ َ ِ َ‬ ‫َ ِّ‬
‫واآلخرة ﴾ أم نستثني ھذا للنص لحديث أم سلمة ؟‬ ‫َ َِ ِ‬
‫فحينئذ ال يحسن االبتداء بما بعده لتعلقه بما قبله من جھة اللفظ ما لم يكن رأس آية فإن كان رأس آية‬ ‫ٍ‬ ‫نستثني ھذا للنص ‪،‬‬
‫حينئذ نقول ‪ :‬ھذا يحسن أو ال يحسن ؟‬ ‫ٍ‬ ‫واآلخرة ﴾ ‪.‬‬‫الدنيا َ ِ َ ِ‬ ‫ْ‬
‫فحينئذ يحسن االبتداء به فلو بدأ بقوله ‪ِ ﴿ :‬في ُّ َ‬ ‫ٍ‬
‫يحسن ألن األصل ھو الوقوف على رأس اآلية ھذا ھو األصل لثبوت السنة بذلك ‪ ،‬ولذلك جاء في حديث أم سلمة تصف‬
‫قراءة النبي  أنه كان يقرأ بسم  الرحمن الرحيم فيقف ويمد الرحمن ويمد الرحيم الحمد رب العالمين ثم يقف ‪،‬‬
‫الرحمن الرحيم ثم يقف مالك يوم الدين ثم يقف فدل على ماذا ؟ على أن ھذا ھو األصل الوقوف على رؤوس اآلية ولو كان‬
‫وبالليل ﴾ ]‬‫مصبحين * َ ِ َّ ْ ِ‬
‫اآلية التي تليھا أو اآلية التالية متعلقة من جھة اللفظ أو المعنى بما قبله كما مثلنا فيما ذكرنا ﴿ ُّ ْ ِ ِ َ‬
‫مصبحين ﴾ ھنا يحسن الوقف عليه وإذا أراد أن يبدأ فإما أن‬ ‫الصافات ‪ [137 ، 136 :‬بالليل ھذا متعلق بما قبله لكن نقول ‪َ ِ ِ ْ ُّ ﴿ :‬‬
‫وبالليل ﴾ ‪﴿ ،‬‬ ‫وبالليل ﴾ لتعلقه باللفظ والمعنى ولو أراد أن يبدأ بأصل اآلية بأول آية ﴿ َ ِ َّ ْ ِ‬ ‫مصبحين * َ ِ َّ ْ ِ‬ ‫يعيد يجوز ما في بأس ﴿ ُّ ْ ِ ِ َ‬
‫واآلخرة ﴾ نقول ‪ :‬ھذا ال نقول بأنه ال يحسن ‪ .‬ألنه يصادم ماذا ؟ يصادم النص ‪ ،‬وكثير من ھذه المسائل ھنا‬ ‫الدَْنيا َ ِ َ ِ‬ ‫ِفي ُّ‬
‫مقبوال وال إشكال وما عداه فھو من باب االجتھاد ولذلك‬ ‫ً‬ ‫فحينئذ يكون‬ ‫ٍ‬ ‫اجتھادية لم يرد فيھا نصوص إال ما ثبت عن الصحابة‬
‫دائما تكون على الوقف على‬ ‫قيل ‪ :‬األفضل الوقف عند رأس كل آية لحديث أم سلمة واختاره أبو عمرو بن العالء قراءته ً‬
‫رؤوس اآلي ‪ً ،‬إذا قوله ‪ :‬بالقيد الثاني وال يحسن االبتداء بما بعده لتعلقه به من جھة اللفظ ھذا ال بد من النظر فيه فنقول ‪:‬‬
‫متعلقا بما بعده من جھة اللفظ سواء كان ما بعده رأس آية أو ال ‪ ،‬فإن كان غير‬ ‫ً‬ ‫المراد بالقيد الثاني أن يكون الموقوف عليه‬
‫فحينئذ نقول ‪ :‬ال يحسن االبتداء به ‪ ،‬فيستحب أن يبتدئ من الكلمة‬ ‫ٍ‬ ‫رأس آية فال يحسن االبتداء به إذا كان غير رأس آية‬
‫العالمين ﴾ فإن لم يفعل ال إثم ال يأثم كله ال يأثم قبيح ‪ ،‬إذا لم يأثم فالحسن من‬ ‫رب ْ َ َ ِ َ‬ ‫الحمد ّ‪ِّ َ ِS‬‬ ‫الحمد ّ‪ُ ْ َ ْ ﴿ ، ﴾ ِS‬‬ ‫الموقوف عليھا ﴿ ْ َ ْ ُ‬
‫الحمد ‪ِّS‬‬‫﴿ ْ َ ُْ‬ ‫باب أولى وإن كان رأس آية فإنه يحسن االبتداء به في اختيار أكثر أھل األداء لحديث أم سلمة في قولھا ‪:‬‬
‫العالمين ﴾ لكونھا صفة وليس برأس آية ‪.‬‬ ‫رب ْ َ َ ِ َ‬ ‫﴾ وال يحسن االبتداء بـ ﴿ َ ِّ‬
‫حسن ( بإسقاط الھمزة للوزن ) ْاو َ َ ِ‬
‫تمام‬ ‫من ُ ْ ٍ‬ ‫أيضا يقال فيھا ما قيل في ) او ِ ْ‬ ‫ً‬ ‫تمام ( ) ْاو (‬ ‫حسن ‪ْ ،‬او َ َ ِ‬ ‫من ُ ْ ٍ‬ ‫قبح ‪ ،‬او ِ ْ‬ ‫من ُ ْ ٍ‬
‫) ِ ْ‬
‫تام ‪ .‬أي ‪ :‬النوع الثالث من أقسام الوقف االختياري التام من تمام المراد به التام ضد الناقص كما أن الحسن ضد‬ ‫( يعني ‪ :‬أو ٍ‬
‫مطلقا ‪ ،‬والتام عندھم ھو ما تم به الكالم وليس لما بعده تعلق بما قبله ال من جھة اللفظ وال‬ ‫ً‬ ‫تاما لتمامه‬ ‫تمام ( سمي ً‬ ‫القبح ) ْاو َ َ ِ‬ ‫ُ‬
‫من جھة المعنى ‪ ،‬ألن التعلق إذا وقفت على كلمة إما أن يكون ما بعد ھذه الكلمة متعلقة بالكلمة التي وقفت عليھا أو بما قبلھا‬
‫إما أن يكون التعلق من جھة اللفظ فقط وھو اإلعراب المراد باللفظ ھنا اإلعراب صفة مضاف ومضاف إليه مبتدأ خبر ‪...‬‬
‫أيضا ألن محاولة االنفكاك المطلق بين النوعين ھذا صعب‬ ‫إلى آخره وإما أن يكون من جھة المعنى فيشمل بعض أفراد اللفظ ً‬
‫ال يكاد يوجد يعني ‪ :‬ال يمكن أن يقال بأن ما ال يتعلق به من جھة اللفظ ال أثر له في المعنى البتة ال يمكن أن يقال ھذا ألن‬
‫المراد ما يتعلق به من جھة اللفظ اإلعراب ومعلوم أن الذي يُعرب ال بد أن يكون له أثر في المعنى إما في أصله وإما في‬
‫حشوا ونحن نتكلم عن القرآن ‪ً ،‬إذا ثم ارتباط ولو جزئي بين اللفظين ‪.‬‬ ‫ً‬ ‫تمامه وإال لو لم يكن للكلمة أثر في المعنى صارت‬
‫ًإذا التام ھو ما تم به الكالم وليس لما بعده تعلق بما قبله ال من جھة اللفظ وال من جھة المعنى فيحسن الوقف عليه‬
‫واالبتداء بما بعده يعني ‪ :‬ال يُستحب أن ترجع إلى الكلمة أو ما قبلھا فتعيدھا مع ما بعدھا ‪ ،‬لماذا ؟ ألن الكلمة التي وقفت‬
‫عليھا ثم أردت أن تبتدئ بما بعدھا ما بعدھا ال ارتباط له ال من جھة اللفظ وال من جھة المعنى وھذا إذا أردنا أن نذكر له‬
‫الدين ﴾ ] الفاتحة ‪- 1 :‬‬ ‫يوم ِّ ِ‬ ‫الرحيم * َ ِ ِ‬
‫مالك َ ْ ِ‬ ‫الرحمـن َّ ِ ِ‬
‫العالمين * َّ ْ ِ‬ ‫رب ْ َ َ ِ َ‬ ‫‪ِّ َ S‬‬ ‫الحمد ّ ِ‬ ‫قاعدة قالوا ‪ :‬أكثر ما يوجد في رؤوس اآلي ﴿ ْ َ ْ ُ‬
‫الرحيم ﴾ ال ارتباط لھا من جھة اللفظ وال من جھة المعنى ھكذا‬ ‫الرحمـن َّ ِ ِ‬‫‪ [3‬كل وقف ھنا قالوا ‪ :‬ھذا وقف تام لماذا ؟ ألن ﴿ َّ ْ ِ‬
‫الدين ﴾ كذلك ال ارتباط لھا ال من جھة اللفظ وال من جھة المعنى وأكثر ما يوجد عند‬ ‫يوم ِّ ِ‬ ‫مثلوا بھذا بما قبلھا و ﴿ َ ِ ِ‬
‫مالك َ ْ ِ‬
‫ھم ْ ُ ْ ِ ُ َ‬
‫المفلحون ﴾‬ ‫سواء ﴾ ] البقرة ‪َ ِ َ ْ ُ َ ﴿ ، [6 ، 5 :‬‬
‫وأولـئك ُ ُ‬ ‫كفروا َ َ ٌ‬‫الذين َ َ ُ ْ‬ ‫إن َّ ِ َ‬ ‫المفلحون * ِ َّ‬ ‫ھم ْ ُ ْ ِ ُ َ‬ ‫﴿ َ ُْ َ ِ َ‬
‫وأولـئك ُ ُ‬ ‫رؤوس اآلي ً‬
‫غالبا‬
‫كفروا ﴾ نقول ‪ :‬ھذه ال ارتباط لھا لماذا ؟ ال من جھة‬ ‫الذين َ َ ُ ْ‬‫إن َّ ِ َ‬‫حينئذ ﴿ ِ َّ‬ ‫ٍ‬ ‫وقفت على رأس اآلية وھذا ھو األصل وھو السنة‬
‫اللفظ وال من جھة المعنى لكن األولى أن يقال المثال بالفاتحة فيه نظر وھذا المثال أولى لماذا ؟ ألنه ذكر أوصاف المؤمنين‬
‫المفلحون ﴾ ‪ .‬ثم شرع في بيان أقسام القسم الثاني قسم األمم إلى ثالثة أقسام ‪ :‬كفار ُخلص ‪،‬‬ ‫ھم ْ ُ ْ ِ ُ َ‬ ‫وانتھى عند قوله ‪َ ِ َ ْ ُ َ ﴿ :‬‬
‫وأولـئك ُ ُ‬
‫المفلحون ﴾ انتھى من ذكر المؤمنين‬ ‫ھم ْ ُ ْ ِ ُ َ‬ ‫مؤمنون ُخلص ‪ ،‬ومنافقون ظاھرھم اإليمان وباطنھم الكفران ‪ .‬فلما أنھى ﴿ َ ُ ْ َ ِ َ‬
‫وأولـئك ُ ُ‬
‫سواء‬
‫كفروا َ َ ٌ‬ ‫ين َ َ ُ ْ‬ ‫إن َّ ِ‬
‫الذ َ‬ ‫كفروا ﴾ نقول ‪ :‬ھذا وقف تام ألنه قوله ‪َّ ِ ﴿ :‬‬ ‫الذين َ َ ُ ْ‬ ‫إن َّ ِ َ‬ ‫فحينئذ الوقف على ھذا ثم الشروع ﴿ ِ َّ‬ ‫ٍ‬ ‫الخلص‬
‫أيضا ھنا ال بد من وجود‬ ‫ً‬ ‫عليھم ﴾ نقول ‪ :‬ھذا ال ارتباط له بما قبله ال من جھة اللفظ وال من جھة المعنى ‪ ،‬لكن المعنى‬ ‫َ َْ ِ ْ‬
‫المعنى ألن ذكر الضد بالضد ھذا معنى ألنه ذكر المؤمنين أوالً ثم ذكر الكافرين وھنا المراد به ماذا ؟ المراد المعنى الذي‬
‫‪129‬‬
‫يترتب عليه ما ترتب على الحسن أو القبيح ھنا يعني ‪ :‬ارتباط الشديد ارتباط الصفة بالموصوف ارتباط الجار والمجرور‬
‫أبدا إال وبينھا مناسبة ولذلك من أين جاء العلم‬ ‫بمتعلقه ارتباط الظرف المتعلق بھذا المراد وإال ال يمكن أن تنفك آية مستقلة ً‬
‫المستقل عندھم تناسب اآليات وتناسب السور ‪ ،‬بل جعلوا آخر آية من السورة لھا مناسبة مع أول السورة التي تليھا وھي‬
‫منفكة يعني أظھر ما يمكن أن يمثل به باالنفكاك ھو آخر آية في السورة مع أول آية في السورة التي تليھا ھذا أولى ما يمثل‬
‫غالبا وذكرنا المثال ‪ ،‬ويوجد في أثنائھا‬ ‫تمام ( ًإذا وأكثر ما يوجد عند رؤوس اآلي ً‬ ‫به ومع ذلك وجود مناسبات بينھم ) ْاو َ َ ِ‬
‫أذلة ﴾ ] النمل ‪ . [34 :‬قالوا ‪ :‬ھنا الوقف التمام ثم يبدأ ﴿‬ ‫أھلھا َ ِ َّ ً‬
‫أعزة َ ْ ِ َ‬
‫وجعلوا َ ِ َّ َ‬‫وجعلوا ﴾ حكايته عن بلقيس ﴿ َ َ َ ُ‬ ‫كقوله تعالى ‪ُ َ َ َ ﴿ :‬‬
‫يفعلون ﴾ يبتدئ ‪ً ،‬إذا‬ ‫وكذلك َ ْ َ ُ َ‬ ‫أذلة ﴾ ثم يقف ﴿ َ َ َ ِ َ‬ ‫أھلھا َ ِ َّ ً‬
‫أعزة َ ْ ِ َ‬‫وجعلوا َ ِ َّ َ‬ ‫﴿ َ ََُ‬ ‫يفعلون ﴾ ألنه قيل من قول الرب جل وعال‬ ‫وكذلك َ ْ َ ُ َ‬ ‫َ ََِ َ‬
‫مصبحين *‬‫ال ارتباط له ال من جھة اللفظ وال من جھة المعنى واضح ھذا ‪ ،‬وقد يوجد بعدھا كما ذكرناه في اآلية السابقة ﴿ ُّ ْ ِ ِ َ‬
‫وبالليل ﴾ ھذا مثلوا به بالتام وذكره ابن الجزري ھنا التمام ألنه‬ ‫مصبحين * َ ِ َّ ْ ِ‬ ‫وبالليل ﴾ ] الصافات ‪ [138 ، 137 :‬لو وقف ﴿ ُّ ْ ِ ِ َ‬ ‫َ ِ َّ ْ ِ‬
‫لعلكم َ َ َ َّ ُ َ‬
‫تتفكرون *‬ ‫وبالليل ﴾ ھنا وقف تام ﴿ َ َ َّ ُ ْ‬ ‫مصبحين * َ ِ َّ ْ ِ‬‫معطوف على المعنى أي ‪ :‬بالصبح وبالليل ‪ .‬ال يقف على رأس اآلية ﴿ ُّ ْ ِ ِ َ‬
‫تتفكرون *‬‫لعلكم َ َ َ َّ ُ َ‬‫تتفكرون ﴾ ھذا وقف حسن ﴿ َ َ َّ ُ ْ‬ ‫لعلكم َ َ َ َّ ُ َ‬ ‫واآلخرة ﴾ ] البقرة ‪ [220 ، 219 :‬ھنا الوقف التام واضح ﴿ َ َ َّ ُ ْ‬ ‫الدنيا َ ِ َ ِ‬ ‫ِفي ُّ ْ َ‬
‫واآلخرة ﴾ ھذا وقف تام ولو لم يعقل ألن السنة ھي التام وذاك حسن يعني ‪ :‬أقل ‪ .‬لذلك التام عندھم أعلى ‪.‬‬ ‫الدنيا َ ِ َ ِ‬ ‫ِفي ُّ ْ َ‬
‫كتفا ( الھمزة ثبتت ھنا الھمزة ثبتت وھي ھمزة قطع ولكن سكنت األصل الواو‬ ‫أو ْ ِ َ‬ ‫تمام َ ِ‬
‫مام ( ) ْاو َ َ ِ‬ ‫حسن ‪ْ ،‬او َت َ ِ‬ ‫من ُ ْ ٍ‬ ‫) ِ ْ‬
‫كتفا ( أي ‪ :‬الكافي ‪ .‬أو كافي ھذا النوع الرابع من أنواع الوقف )‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫أو ِ‬ ‫َ‬
‫ساكنة وحذفت بالكسر ھنا للتخلص من التقاء الساكنين ) ِ‬
‫منقطعا ويكون المعنى متصال ‪ ،‬إذا ثم ارتباط بين ما يبتدئ به أو وقف عليه‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫اكتفا ( وحده عندھم ھو الذي يكون اللفظ في‬ ‫أو ْ ِ َ‬ ‫َِ‬
‫وبين ما قبله من جھة المعنى ال من جھة اللفظ ‪ ،‬يعني ‪ :‬ال يتعلق باإلعراب ما بعده ال يتعلق بما قبله في اإلعراب وإنما‬
‫يتعلق به في المعنى وھذا صعب عند أرباب البيان الوصل والفصل يعني ‪ :‬الذي يتعلق به في اإلعراب واضح ﴿ َ َ َّ ُ ْ‬
‫لعلكم‬
‫وبالليل ﴾ يعرف‬ ‫مصبحين * َ ِ َّ ْ ِ‬ ‫واآلخرة ﴾ طالب علم صغير يعرف أن في الدنيا ھذا متعلق بـ ‪ :‬تتفكرون ﴿ ُّ ْ ِ ِ َ‬ ‫الدنيا َ ِ َ ِ‬ ‫تتفكرون * ِفي ُّ ْ َ‬ ‫َ َ َ َّ ُ َ‬
‫عالما بالمعنى بالمراد‬ ‫ً‬ ‫أنه الصباح والمساء لكن إذا كان في اللفظ منقطع وفي المعنى متصل ھنا تأتي الصعوبة ال بد أن يكون‬
‫باآلية بالقصة بالسورة ‪ ..‬إلى آخره ‪.‬‬
‫منقطعا ويكون المعنى متصال فيُكتفا بالوقف عليه واالبتداء بما بعده كالتام يكتفا بالوقف عليه ثم‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ھو الذي يكون اللفظ فيه‬
‫يُبتدئ بما بعده كالتام ًإذا ما الفرق بين الكافي والتام إذا كان كل منھما يوقف عليه ويبتدئ بما بعده ما الفرق بينھما ؟‬
‫التعلق المعنوي ‪ ،‬والتام ال تعلق ال لفظي وال معنوي أليس كذلك ‪ ،‬جعلوا االرتباط المعنوي بين ما يُبتدئ به وما وُ قف‬
‫عليه أو ما يوقف عليه الكافي وفي التام ال ارتباط ال من جھة اللفظ وال من جھة المعنى ‪ ،‬ولذلك قيل ‪ :‬يكتفي بالوقف عليه‬
‫عليكم ُ َّ َ ُ ُ ْ‬
‫أمھاتكم‬ ‫حرمت َ َ ْ ُ ْ‬ ‫واالبتداء بما بعده كالتام ولذا سمي بالكافي لالكتفاء به واستغنائه عن ما بعده ‪ ،‬واستغناء ما بعده عنه ﴿ ُ ِّ َ ْ‬
‫وبناتكم ﴾ ‪ .‬قالوا ‪ :‬ھذا وقف كافي ‪ .‬يستغني ما بعده عما قبله ھل بينھما ارتباط في اللفظ ؟‬ ‫﴾ ] النساء ‪ [23 :‬يقف ثم يقول ‪ْ ُ ُ َ َ َ ﴿ :‬‬
‫الجواب ‪ :‬ال ‪ ،‬ھل بينھما ارتباط في المعنى ؟ نعم ‪ ،‬ألن العامل المسلط الذي ھو التحريم مدلوله التحريم على األمھات مسلط‬
‫أمھاتكم ﴾ ھنا الوقف كافي ومثله كل رأس آية بعدھا آية مفتتحة بالم كي مثل له بقوله تعالى ‪﴿ :‬‬ ‫عليكم ُ َّ َ ُ ُ ْ‬
‫حرمت َ َ ْ ُ ْ‬
‫على الثاني ﴿ ُ ِّ َ ْ‬
‫حينئذ الوقف‬ ‫ٍ‬ ‫كان ﴾ ] يس ‪ً . [70 ، 69 :‬إذا افتتحت اآلية التي تليھا بماذا ؟ بالم كي‬ ‫لينذر َمن َ َ‬ ‫مبين * ِ ُ ِ َ‬‫وقرآن ُّ ِ ٌ‬‫ذكر َ ُ ْ ٌ‬ ‫ھو َِّإال ِ ْ ٌ‬ ‫إن ُ َ‬
‫ِْ‬
‫لينذر ﴾ قالوا ‪ :‬ھنا تعلق من جھة المعنى ال من جھة اللفظ‬ ‫مبين ﴾ ﴿ ِ ُ ِ َ‬ ‫وقرآن ُّ ِ ٌ‬‫ذكر َ ُ ْ ٌ‬‫ھو َِّإال ِ ْ ٌ‬ ‫إن ُ َ‬‫كافيا إن وقف على قوله ‪ْ ِ ﴿ :‬‬ ‫يكون ً‬
‫‪.‬‬
‫المقام ( إذا عرفنا أقسام الوقف القبيح ‪ ،‬الحسن ‪ ،‬التمام ‪ ،‬االكتفاء وال يتعلق بھا ال تحريم وال كراھة بل‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫بحسب‬ ‫َ‬
‫كتفا‬‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫أو‬ ‫َ‬
‫َ ِ‬ ‫َِ َ‬ ‫ِ‬ ‫)‬
‫المقام (‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫بحسب‬ ‫َ‬
‫كتفا‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫أو‬ ‫َ‬
‫َ ِ‬ ‫َِ َ‬ ‫ِ‬ ‫)‬ ‫‪،‬‬ ‫فيه‬ ‫‬ ‫بالنبي‬ ‫ُقتدى‬ ‫ي‬ ‫الذي‬ ‫وھذا‬ ‫عليه‬ ‫يؤجر‬ ‫الذي‬ ‫ھذا‬ ‫آية‬ ‫كل‬ ‫رأس‬ ‫على‬ ‫الوقوف‬ ‫ھو‬ ‫السنة‬ ‫نقول ‪:‬‬
‫يعني ‪ :‬ھنا االنقسام إلى أربعة وذكر ھذه األقسام وتمييز بعضھا على بعض بحسب المقام الذي يقتضيھا يعني ‪ :‬ال نستطيع أن‬
‫نذكر اآليات كلھا ‪ ،‬سنسرد لك اآليات من أول القرآن إلى آخره فتقول ‪ :‬ھذا الوقف تام ‪ ،‬وھذا الوقف قبيح ‪ ...‬إلى آخره ‪،‬‬
‫وإنما بحسب ما يقتضيه المقام عند القارئ نقول ‪ :‬ھنا ي َُرجِّ ُح القارئ بأن الوقف تام أو قبيح أو نحو ذلك ‪.‬‬

‫َ َ َْ‬
‫الحركة‬ ‫لضم‬ ‫ْ َ ُ‬
‫اإلشمام ِ َ ِّ‬ ‫وزيد‬
‫َِْ‬ ‫ُ َ َّ َ ْ‬
‫المحركة‬ ‫قف َ َ‬
‫على‬ ‫ِ ُّ ُ ِ‬
‫وبالسكون ِ ْ‬
‫)‬ ‫)‬

‫ھذا النوع الثاني من أنواع الوقف وھو كيفية الوقف ‪ .‬األول ما يوقف عليه ويُبتدئ به وھذا ھو األھم والصعوبة فيه وكل‬
‫ما قيل من كونه يحتاج إلى نحو ‪ ..‬وإلى آخره فمرادھم به ھذا النوع ‪.‬‬
‫‪130‬‬
‫وبالسكون ( ‪ .‬ھذا شروع من‬ ‫أما النوع الثاني وھو ‪ :‬كيفية الوقف ‪ .‬فشرع في تقسميه إلى ثالثة أقسام ‪ً ،‬إذا قوله ‪ِ ُ ُّ ِ ) :‬‬
‫المحركة ( ) ِ ُّ ُ ِ‬
‫وبالسكون ( ھذا جار‬ ‫على ُ َ َّ َ ْ‬ ‫قف َ َ‬ ‫الناظم في ذكر تقسيم آخر للوقف وھو باعتبار كيفية الوقف ) ِ ُّ ُ ِ‬
‫وبالسكون ِ ْ‬
‫قف ( ‪ .‬وقف بالسكون على المحرك يعني ‪ :‬على الكلمة المحركة بأي حركة سواء كانت فاتحة أو‬ ‫ومجرور متعلق بقوله ‪ْ ِ ) :‬‬
‫ً‬
‫ضمة أو كسرة لماذا ؟ لكون ھذا ھو األصل في الوقف أليس األصل في الوقف ھو الوقوف على الحرف ساكنا ؟ بلى ‪ ،‬نقول‬
‫قف ( يعني ‪ :‬قف بالسكون على الكلمة المحركة ذكرنا‬ ‫‪ :‬ھذا ھو األصل ‪ً .‬إذا ال يُسأل عنه وال يطلب تعليلھم ) ِ ُّ ُ ِ‬
‫وبالسكون ِ ْ‬
‫فيما سبق أن من عرف الوقف في أول ھذا الباب إنما عنى به ھذا النوع ولذلك ذكره أظنه المساوي أو المحشي قال ‪ :‬تعريف‬
‫الوقف ھو قطع الصوت عند آخر الكلمة مع التنفس بأحد أوجھه الثالثة ‪ :‬اإلسكان المحض وھو األصل ‪ ،‬واإلسكان مع‬
‫ٍ‬
‫حينئذ كان‬ ‫اإلشمام ‪ ،‬والروم ھذا ألي شيء تفصيل ھذا على النوع الثاني كيفية الوقف ‪ ،‬ليس لألول وھذا األول ھو األھم‬
‫األولى أن يُذكر الثاني ‪ ،‬لكن لعله لكون األول يُذكر ويعرف بأقسامه والتعريف في األقسام وھذا معروف ومشھور لعله لم‬
‫يعرفه إال بالثاني ال يذكر في األول إنما يذكر في ھذا الموضع ‪ً ،‬إذا الوقف على أواخر الكلمة ويوقف عليه بالسكون وھو‬
‫زمنا يتنفس فيه عادة بنية استئناف القراءة ‪ .‬ھذا ھو‬ ‫األصل ‪ ،‬عرفه بعضھم كما ذكرناه قطع الصوت على الكلمة الوضعية ً‬
‫عادة ‪ .‬ھذا إلخراج‬ ‫ً‬ ‫زمنا يتنفس فيه‬ ‫الوقف عن السكون قطع الصوت وقيل ‪ :‬النطق على الكلمة زيد الوضعية وال حاجة إليھا ً‬
‫ران ﴾ ] المطففين ‪ [14 :‬ال يتفس يقف ھذا‬ ‫كال َبلْ َ َ‬ ‫السكت ألن الوقف للسكت زمنه دون زمن الوقف وال ذلك ال يتنفس فيه ﴿ َ َّ‬
‫ران ﴾ دون‬‫ران ﴾ ] المطففين ‪ [14 :‬أليس كذلك ‪َ ﴿ ،‬بلْ ﴾ يقف ﴿ َ َ‬ ‫وقف أو ال قطع الصوت أو ال ؟ قطع الصوت ﴿ َ َّ‬
‫كال َبلْ َ َ‬
‫عادة إلخراج السكت بنية ماذا ؟ بنية استئناف القراءة أن يكمل‬ ‫ً‬ ‫زمنا يتنفس فيه‬ ‫حينئذ دخل فيما ؟ فيما ‪ً ...‬إذا ً‬ ‫ٍ‬ ‫تنفس فإن تنفس‬
‫ّ‬
‫الحد قد يكون‬ ‫فحينئذ نخلص من ھذا التعريف أن الوقف ھنا بھذا‬ ‫ٍ‬ ‫ما بعده ھذا أخرج ماذا ؟ فيما لو أعرض وقطع القراءة‬
‫للقطع وقد يكون للسكت وقد يكون للوقف وھو بالسكون ‪.‬‬
‫العالمين ﴾ وقف بالسكون ھو‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫رب َ‬ ‫ّ‬
‫الحمد ‪ِّ َ ِS‬‬ ‫ْ‬
‫عادة بنية الرجوع للقراءة ﴿ َ ْ ُ‬ ‫ً‬ ‫وقفا إذا قطع الصوت ً‬
‫زمنا يتنفس فيه‬ ‫متى يكون ً‬
‫الرحيم ﴾ ھذا وقف فإن قال ‪:‬‬ ‫الرحمن َّ ِ ِ‬ ‫نيته أن يكمل ﴿ َّ ْ ِ‬
‫بل ﴾ وقف دون تنفس نقول ‪ :‬ھذا سكت ‪.‬‬ ‫َ‬
‫العالمين ﴾ فوقف وقطع القراءة نقول ھذا ماذا ؟ ھذا قطع ﴿ كال َ ْ‬ ‫رب ْ َ ِ َ‬
‫َ‬ ‫الحمد ّ‪ِّ َ ِS‬‬
‫﴿ ْ َ ُْ‬
‫ففرق بين الوقف ‪ ،‬والقطع ‪ ،‬والسكت السكون ھو األصل في الوقف ألنه األصل عند العرب كما أنھا ال تبتدئ بساكن كذلك‬
‫ُلل بأن األصل في الوقف السكون ألن الغرض من الوقف االستراحة أن يستريح ما أدري أي تعب‬ ‫ال تقف على متحرك ‪ ،‬ع ِّ َ‬
‫ھذا أصابه ‪ ،‬قالوا ‪ :‬الغرض من الوقف االستراحة لماذا ال يقال ‪ :‬ھو النقل وننتھي ‪ ،‬والسكون أخف من الحركات وأبلغ‬
‫وبعض يعب ُر يقول ‪ :‬السكون أخف الحركة ‪ .‬وھذا خطأ لماذا ؟‬
‫ألن السكون ليس بحركة موجود في كتب القراءات السكون أخف الحركات نقول ‪ :‬ال ليس بأخف الحركات وال أثقل‬
‫الحركات وال أوسط الحركات لماذا ؟‬
‫ألنه ليس بحركة أصالً فكيف يكون أخف حركة ‪ ،‬وإنما نقول ‪ :‬السكون ضد الحركة ولذلك نقول ‪ :‬ال تبتدؤا بساكن وال‬
‫فحينئذ ال نقول ‪ :‬ال من باب التغليب وال مجاز ال‬ ‫ٍ‬ ‫تقفوا على متحرك ‪ ،‬فلو كان السكون حركة ما صار معنى لھذا القاعدة ‪،‬‬
‫يصح ‪ ،‬ال ھذا وال ذاك ‪ ،‬كل ذلك يرد في الحواشي على من يقول الحركات األربعة ‪ :‬الضمة والفتحة والكسرة والسكون ھذا‬
‫ُمشى لكن في مثل ھذا الموضع نقول ‪ :‬ال ‪.‬‬ ‫خطأ ‪ ،‬ولو اعتذر بالتغليب مثل ھذا الموضع قد ي َ َّ‬
‫ًإذا ألن الغرض من الوقف االستراحة والسكون أخف من الحركات كلھا وأبلغ في تحصيل االستراحة وألنه ضد االبتداء‬
‫فكما ال يُبتدئ بساكن ال يوقف على متحرك ھكذا قال المحشي ‪.‬‬
‫ْ َ ُ‬
‫االشمام ( يعني ‪:‬‬ ‫وزيد‬
‫مطلقا سواء كانت حركتھا فتحة أو ضمة أو كسرة ) ِ ْ َ‬ ‫ً‬ ‫قف ( على الكلمة المحركة‬ ‫) ِ ُّ ُ ِ‬
‫وبالسكون ِ ْ‬
‫بعض كالكوفيين اإلشارة إلى الحركة اإلشمام والروم ھذا ال يخرج عن السكون يعني ‪ :‬األصل السكون‬ ‫ٍ‬ ‫وردت الرواية عن‬
‫فحينئذ ُتسقط الحركة أراد بعضھم أن يشير إشارة خفية لكون الحركة المسقطة عينھا الضمة أو الكسرة فأشار إليھا إما‬ ‫ٍ‬
‫اإلشارة تكون باإلشمام أو بالروم ‪ ،‬إذا القصد بالروم أو اإلشمام اإلشعار بأن الحركة التي كانت قبل اإلسكان ھي الضمة أو‬ ‫ً‬
‫الكسرة ‪ ،‬ولذلك نص بعضھم على أن األصل ھو اإلسكان ووردت الرواية عن الكوفيين باإلشارة إلى الحركة ولم يأت عن‬
‫الباقين شيء ‪ ،‬واإلشارة إما أن يكون باإلشمام وإما أن يكون بالروم ولذلك شرع في بيان اإلشمام ثم ذكر الروم ‪ ،‬قال ‪) :‬‬
‫وزيد ھذا فعل ماضي مغير الصيغة وزاد القراء اإلشمام ولك أن تجعل وزاد أھل‬ ‫وزيد في الوقف ‪ِ .‬‬ ‫ام ( ‪ .‬يعني ‪ِ :‬‬ ‫ْ َ‬
‫االشم ُ‬ ‫وزيد‬
‫َِْ‬
‫اللغة ألن الوقف بالسكون ھذا لغوي أمر اللغة حكم لغوي كذلك اإلشمام حُكم لغوي ولذلك ابن مالك يقول ‪:‬‬

‫ُوع َفاحْ ُ ِ‬
‫تم ْل‬ ‫وضم َجا َكب َ‬
‫َعي َْنا َ َ ٌ‬ ‫ثالثي ُ ِ َّ‬
‫أعل‬ ‫واكسرْ َأو ْ ِ ْ‬
‫اشمم َفا ُ ِ‬ ‫ْ ِ‬
‫)‬ ‫)‬
‫‪131‬‬
‫واكسر أو اشمم ھو قرآن أو لغة ؟‬
‫دائما األصل في القرآن أنه يُحمل على ما جاء في‬ ‫فحينئذ نقول ‪ :‬األصل أنه ما ورد عن لسان العرب ولذلك نقول ‪ً :‬‬ ‫ٍ‬ ‫لغة‬
‫دعي أنه في القرآن األصل الجواز والذي يمنع ھو الذي عليه الدليل ‪،‬‬ ‫لغة العرب فكل ما شاع وزاع في لسان العرب فإذا ُ ِ َ‬
‫ليس الذي يجيب فال نقول للذي مثالً استعمل المعرف أو المجاز في لغة العرب فإذا ُدعي في القرآن نقول ‪ :‬األصل أنه‬
‫موجود ‪ .‬فمن قال إنه ال يوجد نقول ‪ :‬ائت بدليل ‪ ،‬ائت لي بدليلك ‪ .‬فالذي ينفي المجاز ھو الذي يأتي بدليل ليس الذي يدعي‬
‫االشمام ( وزيد في الوقف اإلشمام بضمة الحركة مسألة خالفية المسألة المجاز ھذه ‪ِّ َ ِ ) ،‬‬
‫لضم‬ ‫ْ َ ُ‬ ‫وزيد‬
‫المجاز في القرآن ‪َ ْ ِ ) ،‬‬
‫الحركة ( ومن قال بأن الصفات ليست داخلة لو ال يشملھا المجاز فھذا ال إشكال ال يثرب مسألة اجتھادية فإذا اختار طالب‬ ‫َ َ َْ‬
‫العلم أو أحد من أھل العلم أن المجاز في القرآن ال في مانع ال ننكر ھذا ‪ ،‬وألن أدلته كثيرة ويعني وإنكاره فيه نوع صعوبة‬
‫دعي وجود المجاز في القرآن ما يثرب ‪ ،‬مثله مثل أي زيد من المسائل‬ ‫فحينئذ لو ُ ِ َ‬
‫ٍ‬ ‫جدا‬‫واإلجابة على أدلة من أنكر سھلة ً‬
‫المختلف فيھا ولو قيل بأن مثالً مذھب شيخ اإلسالم ابن تيمية المنع وابن القيم كذلك ال بأس ألن شيخ اإلسالم ابن تيمية في‬
‫مسائل العقيدة وكذا ال شك أنه إذا ّادعى اإلجماع أو أنه أصل من أصول أھل السنة ال شك أنه مقبول ‪ ،‬لكن في مسائل أخرى‬
‫غير العقيدة شيخ اإلسالم كغيره من أھل العلم أليس كذلك يا عبد العزيز ؟ كالم ھذا يصعب على بعض طالب أھل العلم إذا‬
‫قيل ابن القيم كغيره من أھل العلم بمعنى ننظر في األدلة ھذا المقصود وليس المراد يعني أن يكون علمه كغيره ال ھو من‬
‫المحققين من المتبعين للسنة للسلف يعني يتجرد عن التعصب ال يتعصب حتى لشيخه ابن تيمية رحمه  ولكن كغيره إذا‬
‫الدليل ‪ .‬فننظر في الدليل وعندنا قواعد أصولية عندنا قواعد لغوية إن عجز‬ ‫فحينئذ نقول ‪ :‬الدليل َّ‬ ‫ٍ‬ ‫جاءت مسألة فيھا نزاع‬
‫حينئذ يُقلد ابن تيمية ويقلد ابن القيم لكن إذا عنده أھلية النظر فيبحث وينظر ھذا ما يجوز أن يقلد ال يقلد ابن تيمية وال‬ ‫ٍ‬ ‫اإلنسان‬
‫ابن القيم وال اإلمام أحمد وال غيره ‪ ،‬إذا اختلف في قول الصحابي ھل ھو حجة أو ال فكيف بقول اإلمام أحمد ؟ ! وليس معنى‬
‫ھذا أن يكون ھذا حط من شأن اإلمام أحمد ‪ ،‬ال ‪ ،‬بل بعضھم كان يصعب عليه أن نقول كيف اإلمام أحمد ‪ ،‬ال ‪ ،‬ما نقلد أحد‬
‫ال أبا حنيفة وال مالك وال الشافعي وال أحمد ‪ ،‬لكن ھم أئمة الدين وال شك في ذلك وال نخرج عن أقوالھم وال نسرب على أحد‬
‫حينئذ إذا قيل بالمجاز ال ينبغي للطالب أن يشنع أو يجعل كأن في النفس منه شيء أو أنه ما‬ ‫ٍ‬ ‫منھم لو اخترنا قول غير قولھم‬
‫وافق السلف أو أنه خروج أو تميع أو شيء ما ينبغي ھذا وإنما يقال المسألة فيھا خالف ‪ ،‬أھم أمر عقيدة السلف وھي‬
‫باألسماء والصفات إذا أثبتت على وجھھا فحينئذ فاألمر خفيف ‪ ،‬أما إذا استغل المجاز في تحريف الكلم عن مواضعه ﴿‬
‫حينئذ نقف معه‬ ‫ٍ‬ ‫الرحمن َّ ِ ِ‬
‫الرحيم ﴾ فحرفه إرادة الرحمة أو غير ذلك ‪.‬‬ ‫استوى ﴾ ] طه ‪ [5 :‬فحرفه ﴿ َّ ْ ِ‬ ‫العرش ْ َ َ‬‫على ْ َ ْ ِ‬ ‫الرحمن َ َ‬
‫َّ ْ َ ُ‬
‫وليس الصحيح وھذه تتأملھا طالب العلم لو نظرت إلى دعوى أھل التحريف ‪ -‬وال نقول التأويل ‪ -‬دعواھم في إثبات المجاز‬
‫في ھذه الصفات أنھا دعوى فاسدة ‪ ،‬ولذلك أدنى من مسك بزمام المجاز يستطيع يرد على أكبر واحد من األشاعرة لماذا ؟‬
‫ألن أصل ما عندھم ھو إدعاء أن ظاھر القرآن التشبيه والتسوية أو التمثيل ‪ ،‬أول قبل ما يأتي يقول مجاز يقول ‪﴿ :‬‬
‫أفھم ِمن استوى إِال االستواء الذي عند المخلوق ‪ .‬ھذه مقدمة أولى ثم بعد ذلك يبحث عن‬ ‫ُ‬ ‫استوى ﴾ ال‬ ‫العرش ْ َ َ‬‫على ْ َ ْ ِ‬ ‫الرحمن َ َ‬
‫َّ ْ َ ُ‬
‫ً‬
‫ثانيا أم أوال ؟‬ ‫التخريج إذا صار المجاز ً‬ ‫ً‬
‫ثانيا إذا أبطلت المجاز ھل أبطلت تحريفھم ؟‬ ‫ً‬
‫ال سيأتيك بمسألة يقول ‪ :‬أسلوب من أساليب العربية ما في يأس ھذا ‪ .‬تقول ‪ :‬استوى ھذا ظاھره االستواء المعلوم من‬
‫جھة المخلوق وھذا تمثيل وتعالى  عز وجل ليس كمثله شيء ًإذا ماذا نقول ؟ نقول ‪ :‬ورد في لسان العرب االستواء بمعنى‬
‫فحينئذ نقول ‪ :‬أسلوب من أساليب العربية أن‬‫ٍ‬ ‫ماذا ؟ بمعنى عال وارتفع وھذا الذي ينفيه ويأتي باستواء بمعنى العلو المعنوي‬
‫االستواء يأتي بمعنى القھر ‪ .‬ما تستطيع أن تنكر عليه ًإذا ما أتى بالمجاز ‪ ،‬ولذلك بعض المعتزلة ينكر المجاز وھم محرفون‬
‫حينئذ رد المجاز يعني ليس فيه إبطال مذھب المحرفة وال المؤولة وإن لم يكن الطالب يحوم في أمور يعني‬ ‫ٍ‬ ‫ھم أئمة التحريف‬
‫أبعد ما يكون عن مذھب المحرفة ‪ -‬نحن خرجنا ‪. -‬‬
‫َ ُ‬ ‫ْ‬
‫االشمام‬ ‫وزيد‬ ‫ْ‬
‫االشمام ( والمراد باإلشمام ھو اإلشارة إلى أن الحركة ) ِ ْ َ‬
‫َ ُ‬ ‫الحركة ( وزيد في الوقف )‬ ‫لضم َ َ َ ْ‬ ‫ْ َ ُ‬
‫االشمام ِ َ ِّ‬ ‫وزيد‬
‫) َِْ‬
‫( واإلشمام المراد به اإلشارة إلى الحركة بال تصويت بأن تجعل شفتيك على صورتھما إذا لفظت بھا ‪ ،‬يعني ‪ :‬تسكن الحرف‬
‫األخير الذي وقفت عليه ‪ً ،‬إذا ھو مع اإلسكان ليس إشمام لوحده ‪ ،‬لذلك ھو فرع عن اإلسكان ‪ ،‬األصل ھو السكون وھذا‬
‫أصول مطرد ثم إذا أردت أن تشير إلى أن الحركة التي أسقطتھا ھي ضمة تحركت شفتيك على ھيئة إخراج الضمة أن تأتي‬
‫فحينئذ لذلك ال يعرف إال بالرؤية الكفيف ال يعرف أنك أشممت أو ال ‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫بصورة الشفتين كأنك تنطق بضمة وھو إسكان‬
‫وإنما الذي يراك ھو الذي يعرف أنك أشممت أم ال ‪ ،‬أما بالصوت ال يعرف ھذا ألنه مجرد تحريك الشفتين فقط إخراجھا‬
‫على ھيئة الضمة لذلك قال ھنا ‪ :‬اإلشارة إلى الحركة بال تصويت ‪ .‬بال صوت لماذا ؟ ألن المقام مقام إسكان نحن نسكن أوالً‬
‫‪132‬‬
‫بأن تجعل شفتيك على صورتھما إذا لفظت بھا وعرفھا بعضھم بقوله ‪ :‬عبارة عن ضم الشفتين بال صوت عقب حذف‬
‫الحركة ‪ .‬وھذا أجود عبارة عن ضم الشفتين بال صوت عقب حذف الحركة ‪ ،‬إشارة إلى أن الحركة المحذوفة ضمة فال بد‬
‫ٍ‬
‫فحينئذ‬ ‫معا تسكن وتحرك الشفتين ‪ ،‬فلو تراخى يعني سكنت ثم بعد ذلك حركت‬ ‫من اتصال ضم الشفتين باإلسكان ال بد منھما ً‬
‫لم تشم ‪ ،‬ما أشممت وإنما سكنت فقط لذلك لو تراخى فإسكان مجرد عن اإلشمام ‪.‬‬
‫وھل يختص باآلخر أم يكون في األول واألسماء واآلخر ؟‬
‫ھذا فيه خالف بينھم ‪ ،‬ذھب مكي إلى أنه يختص باآلخر ‪ ،‬والشارح قيد ھنا في الكلمة ضم الحركة يعني في آخر الكلمة‬
‫لضم َ َ َ ْ‬
‫الحركة (‬ ‫ْ َ ُ‬
‫االشمام ِ َ ِّ‬ ‫وزيد‬
‫مطلقا فال عتب عليه ‪ ،‬المحشي رد عليه قال ‪َ ْ ِ ) :‬‬ ‫ً‬ ‫حديثا عن اإلشمام‬ ‫ً‬ ‫ألن المقام مقام الوقف وليس‬
‫مصاحبا للوقف ‪ ،‬والوقف‬ ‫ً‬ ‫في آخر الكلمة الموقوف عليھا قيده ھنا والتقييد ھذا صحيح ألن الكالم ھنا في اإلشمام الذي يكون‬
‫إنما يكون في آخر حركة ‪.‬‬
‫حينئذ ‪ ،‬نحن نتحدث عن الوقف نسكنه مع‬ ‫ٍ‬ ‫والجمھور على أن اإلشمام يكون في األول وفي األثناء وفي اآلخر وال إشكال‬
‫وحينئذ اإلسكان يكون لألخير واإلشمام يكون ھو المتعلق باآلخر ‪ ،‬واألول واألثناء ال ارتباط لنا به ھنا ولذلك ال‬ ‫ٍ‬ ‫اإلشمام‬
‫اعتراض على الشارح المساوي ‪.‬‬
‫الحركة ( إذا وھل يختص باآلخر فيه قوالن ‪:‬‬ ‫ً‬ ‫لضم َ َ َ ْ‬ ‫ْ َ ُ‬
‫االشمام ِ َ ِّ‬ ‫وزيد‬
‫) َِْ‬
‫األول قيل ‪ :‬يختص بآخر كلمة الموقوف عليھا وبه قال مكي ‪.‬‬
‫وآخرا ‪ ،‬وعليه األكثر ‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ووسطا‬ ‫الثاني ‪ :‬أنه يكون أوالً‬
‫االشمام ( وزيد في الوقف اإلشمام ألجل الالم ھنا للتعليل ألجل ضم الحركة في‬ ‫ْ َ ُ‬ ‫وزيد‬
‫وھنا يحمل على اآلخر تقول ‪َ ْ ِ ) :‬‬
‫بناء ‪ ،‬إذا كانت نافية أما العارضة كما‬ ‫إعرابا أم ً‬
‫ً‬ ‫لضم ( ‪ .‬ھذا يشمل الضم سواء كان‬ ‫آخر الكلمة الموقوف عليھا وقوله ‪ِّ َ ِ ) :‬‬
‫أصال ( ‪ .‬أما العارضة كميم الجمع عند من ضم وھاء التأنيث فال روم وال إشمام كما سيأتي ‪.‬‬ ‫سيأتي ألنه قال ‪َ ِّ ُ ) :‬‬
‫والروم‬
‫َّ ْ ُ‬ ‫والروم ( ھذا القسم الثالث من أقسام الوقف على أواخر الكلم ‪ ،‬وھو الروم )‬ ‫َّ ْ ُ‬ ‫أصال ( ‪) ،‬‬ ‫كسر ُ ِّ َ‬ ‫مثل ُ َ ْ ٍ‬ ‫فيه ِ ْ‬
‫والروم ِ‬‫َّ ْ ُ‬ ‫)‬
‫ً‬
‫فيه ( الضمير يعود على ماذا ؟ على الضم ‪ ،‬إذا الضم يكون فيه اإلشمام والروم الضم يدخله اإلشمام والروم )‬ ‫فيه ( ‪ِ ) ،‬‬ ‫ِ‬
‫كسر ( مثل ما يدخل الروم الكسرة إال أن اإلشمام ال يدخل الكسر اإلشمام يختص‬ ‫مثل ُ َ ْ ٍ‬‫فيه ( أي ‪ :‬في الضم ‪ْ ِ ) .‬‬ ‫والروم ِ‬
‫َّ ْ ُ‬
‫مثل ُ (‬ ‫فيه ِ ْ‬
‫والروم ِ‬
‫َّ ْ ُ‬ ‫)‬ ‫بالضم فقط سواء كانت الضمة ضمة إعراب أو ضمة بناء ‪ ،‬والروم يدخل الضمة ويدخل الكسرة‬
‫أصال ( ما ھو الروم ؟‬ ‫كسر ( ھذا خبر ) ُ ِّ َ‬ ‫مثل ُ َ ْ ٍ‬ ‫الروم ھذا مبتدأ ) ِ ْ‬
‫الروم ھو النطق ببعض الحركة ليست كل الحركة تأتي بجزء منھا جزء الضمة وجزء الكسرة وھذه ال يمكن التمثيل به ‪،‬‬
‫لماذا ؟‬
‫ألنه يحتاج إلى ممارسة ال يأتي به إال من تلقاه مشافھة وال بد أنه يتعلم حتى يأتي به ھو النطق ببعض الحركة وقيل ‪:‬‬
‫تضعيف الصوت بھا حتى يذھب معظمه ‪ .‬صوت ضعيف للكسرة أو الضمة ‪ .‬قال ابن الجرزي ‪ :‬والقوالن بمعنى واحد ‪.‬‬
‫يعني ‪ :‬التعريفان بمعنى واحد ‪ .‬يعني ‪ :‬من عرف الروم بأنه النطق ببعض الحركة ‪ .‬بجزئھا أو كأنھا واو صغيرة وقيل ‪:‬‬
‫تضعيف الصوت بھا حتى يذھب معظمھا قال ‪ :‬القوالن بمعنى واحد ‪ .‬ويكون في الضم والكسر ‪ .‬إًذا الروم يكون في الضم‬
‫أصال ( ‪ .‬ھذا فعل ماضي مغير‬ ‫والكسر بشرط أن يكون الضم في اإلشمام والضم والكسر في الروم أصليين لذلك قال ‪َ ِّ ُ ) :‬‬
‫أصال ( أي ‪ :‬الضم والكسر ‪ .‬بمعنى أنھم أصليان أي ‪ :‬حال كون‬ ‫الصيغة وألفه ؟ نائب فاعل ] نعم أحسنت [ وھي لإلطالق ) ُ ِّ َ‬
‫الضم في اإلشمام والروم والكسر في الروم أصليين ال عارضين كضم ميم الجمع عند من ضمھا فال إشمام فيه ‪ ،‬وكسر‬
‫قم ﴾ تقف بالسكون الخالص ال يأت بروم ببعض‬ ‫الليل َ ﴾ ] المزمل ‪ [2 :‬لو وقف على ﴿ ُ ِ‬ ‫قم َّ ْ‬ ‫التخلص من التقاء الساكنين ﴿ ُ ِ‬
‫المستقيم * ِ َ َ‬
‫صراط َّ ِ َ‬
‫الذين‬ ‫اھدنــــا ِّ َ َ‬
‫الصراط ُ َ ِ َ‬ ‫قم ﴾ يقف ألن الكسرة ھذه ليست أصلية ‪ ،‬كذلك ميم الجمع قد تضم ﴿ ِ َ‬ ‫الحركة ﴿ ُ ِ‬
‫حينئذ ال روم فيھا ال روم‬ ‫ٍ‬ ‫عليھم [ ] الفاتحة ‪ [7 ، 6 :‬ضمھا بعضھم ‪ ،‬نقول ‪ :‬الضمة ھنا ليست أصلية‬ ‫ُ‬ ‫غير ﴾ ]‬ ‫عليھم َ ِ‬ ‫َ َ َ‬
‫أنعمت َ َ ِ ْ‬
‫وال إشمام بشرط أن تكون الضمة في اإلشمام والضمة في الروم والكسر أصليين ‪ ،‬فإن لم يكونا كذلك بل كانا عارضين‬
‫وقفا فلذا ضعف صوتھا لقصر زمنھا ويسمعھا‬ ‫حينئذ نقول ‪ :‬ال إشمام وال روم ‪ .‬قال بعضھم ‪ :‬الروم اإلتيان ببعض الحركة ً‬ ‫ٍ‬
‫القريب المصغي ‪ .‬يعني ‪ :‬ال يسمعھا كل أحد ‪ ،‬يسمعھا القريب الذي ھو مصغي يعني ينتبه لك أما الذي يغافل ھذا ما ينتبه ‪،‬‬
‫والقصد فيه كاإلشمام بيان الحركة األصلية ‪.‬‬
‫قطت وھي الضمة أو الكسرة‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ًإذا نقول ‪ :‬األصل في الوقف على الحرف األخير السكون ‪ ،‬ثم قد يُشار إلى الحركة التي أسْ ِ ْ‬
‫قد يشار إليھا باإلشمام أو بالروم ‪.‬‬
‫حظال ( ما المراد بھذا الشطر ؟‬ ‫حتما ُ ِ َ‬ ‫عنه َ ْ ً‬ ‫ذان َ ْ ُ‬ ‫والفتح َ ِ‬‫َْ ُ‬ ‫)‬

‫‪133‬‬
‫ذان ( المشار إليه اإلشمام‬‫والفتح ( في آخر الكلمة الموقوف عليھا ) َ ِ‬
‫َْ ُ‬ ‫] أحسنتم [ الفتح ال يدخله ال روم وال إشمام )‬
‫َ‬
‫حظال ( ھذا مغير الصيغة واأللف ھذه ألف التثنية‬ ‫َ‬
‫حظال ( ‪ِ ُ ) ،‬‬ ‫ً‬ ‫ْ‬
‫عنه ( الضمير يعود إلى الفتح ) َحتما ُ ِ‬ ‫والروم ] أحسنت [ ) َ ْ ُ‬
‫ُنعا عن الفتح‬ ‫ً‬
‫وجوبا بمعنى أن الروم واإلشمام م ِ َ‬ ‫ً‬
‫جزما أو‬ ‫حتما ( بمعنى ً‬
‫قطعا أو‬ ‫حظالَ ( أي ‪ :‬منع عنه ً‬
‫قطعا ) َ ْ ً‬ ‫نائب فاعل ) ُ ِ‬
‫فال يدخل الحركة إذا كانت فتحة ووقف على الحرف األخير باإلسكان ال يدخله روم وال ماذا ؟ وال إشمام ال يدخله روم وال‬
‫إشمام وسيأتي تعريفه ‪ ،‬عرفنا المراد بھذين البيتين ‪.‬‬

‫َ َ َْ‬
‫الحركة‬ ‫لضم‬ ‫ْ َ ُ‬
‫االشمام ِ َ ِّ‬ ‫وزيد‬
‫َِْ‬ ‫ُ َ َّ َ ْ‬
‫المحركة‬ ‫قف َ َ‬
‫على‬ ‫ِ ُّ ُ ِ‬
‫وبالسكون ِ ْ‬
‫)‬ ‫)‬
‫حتما ُ ِ َ‬
‫حظال‬ ‫عنه َ ْ ً‬‫ذان َ ْ ُ‬‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ْ ُ‬ ‫َ‬
‫والفتح‬ ‫ِّ َ‬
‫أصال‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬
‫فيه ِمثل ُ َ ْ ٍ‬
‫كسر‬ ‫ِ‬ ‫والروم‬
‫َّ ْ ُ‬
‫)‬ ‫)‬
‫)‬ ‫وقف‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫َ َ ْ َ َّ‬
‫وويكأن ِ ِ َ ِ ْ‬
‫للكسائي َ ُ‬ ‫خلف‬ ‫ْ‬
‫رسما ُ ُ‬ ‫َّ‬
‫في الھا الِتي َّ ِ‬
‫بالتاء َ ْ ً‬
‫)‬

‫ھذا يتعلق بالقراءات ولذلك لو يحذفون ھذه األمور كان أجود لماذا ؟ لم يستفد منھا الطالب وإنما يؤتى ببعض األمثلة في‬
‫علوم القرآن يؤتى ببعض األمثلة ليبين لك كيف وقف الكسائي وكيف وقف أبو عمرو وندخل في متاھات ‪.‬‬
‫خلف ( ھذا الوقف على الرسم‬ ‫رسما ُ ْ ُ‬ ‫التي َّ ِ‬
‫بالتاء َ ْ ً‬ ‫خلف ( ) في الھا ( ھاء التأنيث ) في الھا َّ ِ‬ ‫رسما ُ ْ ُ‬ ‫التي َّ ِ‬
‫بالتاء َ ْ ً‬ ‫) في الھا َّ ِ‬
‫ھذا نوع ثاني يسمى الوقف على الرسم مما يوقف عليه ھاء التأنيث ھذه فيھا تقسيم ھاء التأنيث التي في المصحف تنقسم إلى‬
‫القارعة ﴾ ] القارعة ‪ُ َ ِ َ ْ ﴿ ، [2 ، 1 :‬‬
‫القارعة ﴾‬ ‫القارعة * َما ْ َ ِ َ ُ‬ ‫ُسم بالھاء وھو المسمى بالتاء المربوطة فاطمة ﴿ ْ َ ِ َ ُ‬ ‫قسمين ‪ :‬ما ر ِ َ‬
‫ ﴾ ] المائدة ‪[7 :‬‬ ‫عمة ّ ِ‬
‫واذكرواْ نِ ْ َ َ‬
‫نقول ‪ :‬ھذه ھاء مربوطة ما رُسم بالھاء وھو المسمى بالتاء المربوطة ‪ ،‬وما رسم بالتاء ﴿ َ ْ ُ ُ‬
‫رحمت ﴾‬ ‫يرجون َ ْ َ َ‬
‫ ﴾ ورسمت بالتاء المفتوحة ﴿ َ ْ ُ َ‬ ‫لسنة َّ ِ‬
‫تجد ِ ُ َّ ِ‬ ‫ولن َ ِ َ‬ ‫﴿ َ َ‬ ‫نعمة في بعضھا رسمت بالتاء المفتوحة أليس كذلك‬
‫رحمة رسمت في بعضھا بالتاء المفتوحة ًإذا عندنا تاء مربوطة وتاء مفتوحة يسميھا بعضھم المجرورة ما كانت مربوطة ھذا‬
‫القارعة ﴾ ھكذا تقف وال تقف بماذا القارعت ما القارعت ‪ ،‬ال ‪،‬‬ ‫القارعة * َما ْ َ ِ َ ُ‬
‫باتفاق الوقف عليھا بالسكون ال خالف فيھا ﴿ ْ َ ِ َ ُ‬
‫واحدا عند القراء أنه يوقف عليھا بالسكون ‪ً ،‬إذا ما رسم بالھاء وھو المسمى بالتاء المربوطة وإال‬ ‫ً‬ ‫ليس فيھا خالف وإنما قوالً‬
‫ما رسم بالتاء ‪ ،‬فأما ما رسم بالھاء فالوقف عليھا بالھاء الساكنة وھذا مما اتفق عليه القراء وھو الموافق للقاعدة الكتابية‬
‫القارعُة‬
‫القارعة ﴾ الجملة خبر ًإذا ﴿ ْ َ ِ َ‬ ‫القارعة ﴾ ھذا مبتدأ ﴿ َما ْ َ ِ َ ُ‬ ‫العربية وال يدخل فيھا الروم وال اإلشمام ‪ ،‬ولو كانت بالرفع ﴿ ْ َ ِ َ ُ‬
‫القارعة ﴾ ھذه خبر مرفوع بالضمة ھل يدخله روم أو إشمام ؟ نقول ‪ :‬ال ‪ ،‬ال يدخله روم وال إشمام‬ ‫﴾ ھذا مبتدأ مرفوع ﴿ َما ْ َ ِ َ ُ‬
‫بل يوقف عليه بالسكون لماذا ؟‬
‫عليه حالة الوصل والھاء ال حركة لھا في‬ ‫ألن المقصود بھما ‪ -‬الذي ھو اإلشمام والروم ‪ -‬بيان الحرف الموقوف‬
‫ٍ‬
‫فحينئذ‬ ‫القارعة ﴾ ھذا األصل لما وقفنا عليه أبدلنا التاء ھاء فقيل ‪ ) :‬القارعه ( ‪.‬‬ ‫﴿ َْ ِ َ ُ‬ ‫األصل لماذا ؟ ألنھا مبدلة من التاء‬
‫كيف نأتي باإلشمام لنبين حركة الھاء ‪ ،‬الھاء ليست لھا حركة ألنھا مُبدلة عن أصل ‪ ،‬وإذا جئنا بالروم أو اإلشمام لم نظھر‬
‫إظھارا لحركة الھاء ‪ ،‬والھاء األصل أنھا ال حركة لھا ‪ً ،‬إذا ال يدخل فيھا الروم وال اإلشمام ألن‬ ‫ً‬ ‫حركة التاء وإنما كان‬
‫المقصود بھما بيان الحرف الموقوف عليه حالة الوصل والھاء ال حركة عليھا في األصل إذ ھي مبدلة عن التاء والتاء‬
‫معدومة في الوقف ‪.‬‬
‫نعمت ﴾ وما ذكرناه من أمثلة فإنه مما اختلف فيه القراء قيل ‪ :‬إنه اختلف فيه القراء ‪ .‬وھو‬ ‫وا ِ ْ َ َ‬ ‫واذكر ْ‬ ‫ْ‬
‫أما ما رسم بالتاء ﴿ َ ُ ُ‬
‫ً‬
‫المذكور ھنا في النظم ) في الھا ( إذا ھاء التأنيث أي الھاءين المربوطة أم المفتوحة ؟‬
‫التي ( ھاء التأنيث يعني ‪ :‬في الوقف على الھاء ھاء التأنيث )‬ ‫نقول ‪ :‬المفتوحة ألنھا ھي التي وقعت فيھا نزاع ) في الھا َّ ِ‬
‫ُسمت وخططت بالتاء المجرورة‬ ‫رسما أي ‪ :‬ھذا مصدر بمعنى اسم مفعول أي ‪ :‬مرسومة ‪ .‬أي ‪ :‬ر ِ َ ْ‬ ‫ً‬ ‫رسما ُ ْ ُ‬
‫خلف (‬ ‫التي َّ ِ‬
‫بالتاء َ ْ ً‬ ‫َّ ِ‬
‫تجد ِ ُ َّ ِ‬
‫لسنت‬ ‫ولن َ ِ َ‬‫ ﴾ ] البقرة ‪َ َ ﴿ [218 :‬‬ ‫رحمت ّ ِ‬‫يرجون َ ْ َ َ‬ ‫﴾‪،‬و ﴿ َْ ُ َ‬ ‫نعمت ّ ِ‬ ‫التي ھي المفتوحة التاء المفتوحة نحو ﴿ َ ْ ُ ُ ْ‬
‫واذكروا ِ ْ َ َ‬
‫خلف ( والوقف‬ ‫خلف ( أي ‪ :‬خالف بين القراء ) في الھا ( ‪ُ ْ ُ ) ،‬‬ ‫تحويالً ﴾ ] فاطر ‪ [43 :‬ھذه أمثلة ذكرت للتاء المفتوحة ) ُ ْ ُ‬ ‫َّ ِ‬
‫ َ ْ ِ‬
‫خلف ( أي ‪ :‬اختالف عند أھل القراءات ‪ ،‬فوقف عليھا أبو عمرو‬ ‫على ھاء التأنيث التي رُسمت بالتاء في المصحف ) ُ ْ ُ‬
‫ ﴾ لو أراد أن يقف على نعمت ھل يقف‬ ‫نعمت ّ ِ‬
‫واذكرواْ ِ ْ َ َ‬ ‫والكسائي وابن كثير في رواية البزي بالھاء لو وقف على مثالً ﴿ َ ْ ُ ُ‬
‫نعمت ﴾ بالتاء المفتوحة أراد أن يقف على ھذه التاء ھل يقف بالھاء أو بالتاء ؟ قال ‪:‬‬ ‫بالتاء أو الھاء ھنا فيه خالف ﴿ َ ْ ُ ُ‬
‫واذكرواْ ِ ْ َ َ‬
‫‪134‬‬
‫خلف ( فيھا خالف فوقف عليھا أبو عمرو والكسائي وابن كثير في رواية البزي بالھاء‬ ‫وقف عليھا أبو عمرو قال فيھا ) ُ ْ ُ‬
‫) واذكروا نعمه ( بالھاء ) ويرجون رحمه ( ‪ ) ،‬ولن تجد لسنه ( وقف عليھا بالھاء لماذا قالوا ‪ :‬كسائر الھاءات الداخلة على‬
‫إلحاقا لھذه التاء بالتاء األخرى المربوطة لئال نفرق وھذه‬ ‫ً‬ ‫إجرائا لھاء التأنيث على سند واحد يعني ‪:‬‬ ‫ً‬ ‫األسماء كفاطمة ومسلمة‬
‫نسبت إلى لغة قريش بأنه ال فرق بين التاءين سواء كانت مربوطة أو مفتوحة يوقف عليھا بماذا ؟ بالھاء يوقف عليھا بالھاء‬
‫ھيھات ﴾ ] المؤمنون ‪ [36 :‬فقط ھيھاه وقف عليھا‬ ‫ھيھات َ ْ َ َ‬
‫وكذا الكسائي في مرضات والالت وھيھات وتابعه البزي في ﴿ َ ْ َ َ‬
‫بالھاء ‪ ،‬وكذا وقف ابن كثير وابن عامر على تاء أبت حيث وقع في القرآن ھذا عند الثالث أو األربع المذكورين ووقف‬
‫رحمت ﴾ ‪ ...‬إلى آخره على الرسم على ما ُذكر في الرسم ‪،‬‬ ‫يرجون َ ْ َ َ‬
‫نعمت ﴾ ‪َ ُ ْ َ ﴿ ،‬‬ ‫الباقون على ھذه المواضع بالتاء ﴿ َ ْ ُ ُ ْ‬
‫واذكروا ِ ْ َ َ‬
‫ما علتھم ؟‬
‫تغليبا لجانب الرسم ‪ .‬ونسبت إلى لغة طيئ قيل ھي لغة طيئ ‪ ،‬الذي يترتب على األول إذا وقف بالتاء قيل ‪ :‬إنه‬ ‫ً‬ ‫قالوا ‪:‬‬
‫يجوز اإلمالة على مذھب الكسائي كما سيأتي ويدخله الروم واإلشمام إذا وقف عليھا بالھاء ‪ ،‬التاء المربوطة إذا وقف عليھا‬
‫حينئذ تمال عند الكسائي ويدخلھا الروم واإلشمام على تفصيل في ھذه بعض المسائل عند أرباب القراءات ‪ ) ،‬في الھا‬ ‫ٍ‬ ‫بالھا‬
‫خلف ( يعني ‪ :‬الوقف على الھاء التي رسمت بالتاء المفتوحة أي ‪ :‬خالف بين القراء وبعضھم يجعل ھذا‬ ‫رسما ً ُ ْ ُ‬ ‫التي َّ ِ‬
‫بالتاء َ ْ َ‬ ‫َّ ِ‬
‫ُ‬
‫فحينئذ ھل الخالف مطرد أو فيما ال يسمع إال إفراده أو فيما ال‬ ‫ٍ‬ ‫أفرد ‪،‬‬ ‫ُمع وبعضھم ْ ِ‬ ‫خالف فيما لم يختلفوا فيه يعني بعضھم ج ِ َ‬
‫ربك ﴾ ) وتمت كلمات ( ھل ھو داخل أو ال ؟ ألن بعضھم سُمع‬ ‫كلمت َ ِّ َ‬ ‫وتمت َ ِ َ ُ‬
‫يسمع إال جمعه فيه تفصيل عندھم الذي ھو ﴿ َ َ َّ ْ‬
‫داخال في القول ؟ تفصيل عندھم ‪.‬‬ ‫ً‬ ‫باإلفراد فقط وبعضھم بالجمع فقط وبعضھم بالجمع واإلفراد ھل ھذا يكون‬
‫وويكأن ( ھذه جاءت في القصص في موضعين وفي لفظ ويكأن ومثله‬ ‫اليا ( ‪َّ َ َ ْ َ َ ) .‬‬ ‫على َ‬ ‫منھا َ َ‬ ‫وقف ِ ْ َ‬ ‫للكسائي َ ْ ُ‬ ‫) َ َ ْ َ َ َّ‬
‫وويكأن ِ ِ َ ِ ْ‬
‫الرزق ﴾ في آية واحدة جاءت أليس كذلك ويكأن ھي األسبق ﴿ َ ْ َ َ َّ ُ‬
‫ويكأنه َال ُ ْ ِ ُ‬
‫يفلح‬ ‫يبسط ِّ ْ َ‬ ‫ َْ ُ ُ‬ ‫ويكأن َّ َ‬
‫ويكأنه ال يفلح الكافرون ﴿ َ ْ َ َ َّ‬
‫وقف منھا على الياء منھا أي من ويكأن على‬ ‫ٌ‬ ‫الكافرون ﴾ ھذه ختام ‪ ،‬وفي لفظ ويكأن ومثله ويكأنه للكسائي في رواية الدوري‬ ‫َْ ُِ َ‬
‫ٍ‬
‫فحينئذ‬ ‫الياء يعني ‪ :‬كأنه جعل آخر الكلمة الياء وي كأنه َوي كأنه وي ھذه كلمة يقولھا المتندم والمتعجب وي ھذه لغة فصحى‬
‫جعلھا كلمة مستقلة الكسائي فوقف عليھا ) ويكأن  ( ) ويكأنه ( إلى آخره ًإذا وفي لفظ ويكأن للكسائي في رواية الدوري‬
‫اليا ( على الياء منھا وقف على الياء وقف منھا على الياء‬ ‫على َ‬ ‫منھا َ َ‬‫منھا ( ‪ .‬وقف من الكسائي ) ِ ْ َ‬ ‫وقف يعني ‪ :‬وقف منه ) ِ ْ َ‬ ‫ٌ‬
‫أيضا متعلق بوقف ‪ ،‬جعل ) وي ( كلمة‬ ‫ً‬ ‫وقف ( منھا على الياء متعلق بوقف ألنه مصدر ‪ ،‬ومنھا‬ ‫ھذان متعلقان بقوله ‪ُ ْ َ ) :‬‬
‫عمرو ( لكن إذا أراد أن يتبع أن يبدأ وي كأنه ال يُفلح يعني يبتدئ بما‬ ‫وأبو َ ْ ٍ‬ ‫) َُ‬ ‫وكأن كلمة جعل ھذه كلمة وھذه كلمة ‪،‬‬
‫) وي ( ويبدأ بما بعده ) كأنه ال يفلح ( كأن ‬ ‫اليا ( ‪ .‬أي ‪ :‬على‬ ‫على َ‬ ‫بعده وي كأن  يبسط الرزق ًإذا نقول ‪َ ْ ِ ) :‬‬
‫منھا َ َ‬
‫عمرو ( يعني ‪ :‬وقف أبو عمرو على كاف لھا على الكاف لھا من‬ ‫وأبو َ ْ ٍ‬ ‫لھا ( ‪ُ َ ) ،‬‬ ‫كاف َ َ‬
‫على َ ٍ‬ ‫عمرو َ َ‬ ‫وأبو َ ْ ٍ‬ ‫يبسط الرزق ) َ ُ‬
‫) ويك أنه ( وقف على ماذا ؟ على الكاف فجعل ويك كلمة‬ ‫الكلمتين السابقتين في سورة القصص فجعل ) ويك أن ( ‪،‬‬
‫حينئذ ويلك حذفت منھا الالم ويك ويلك أنه ‪ ..‬إلى آخره يرد السؤال لم‬ ‫ٍ‬ ‫وأن ھذه كلمة وأنه كلمة فجعل ويك كلمة ويكون أصله‬
‫فتحت ھمزة أن ؟‬
‫قيل ‪ :‬إما أنه قدر لفظ اعلم وي اعلم كأنه ال يفلح ‪ ،‬وي اعلم كأن  ‪ ،‬أو قدر الم الم الجر اعلم ) ويك ألنه ( ) ويك ألن‬
‫(  يبسط إما بتقدير لفظ اعلم وما بعده تكون الھمزة مفتوحة ‪ ،‬وإما بتقدير الم الجر يعني ‪ :‬ال بد من مسوغ لكون الھمزة‬
‫لھا ( للكلمتين السابقتين ويكأنه فجعل ويك كلمة ويكون أصله ويلك حذفت منھا‬ ‫كاف َ َ‬ ‫مفتوحة ‪ً ،‬إذا وقف أبو عمرو على ) َ ٍ‬
‫قد‬ ‫لھا ( أي ‪ :‬لكلمة ويكأنه ‪ ..‬إلى آخره ‪ .‬وغيرھم ) َ ْ‬ ‫وفتح أو ََفتح أن بعدھا على إضمار اعلم أو الم الجر أي ‪ :‬ألنه ) َ َ‬ ‫الالم َ ُ ِ َ‬
‫حمال ( يعني ‪ :‬على الكل بأنھا‬ ‫قد َ َ‬‫حمال ( ًإذا عرفنا ويكأن فيھا مذھبان ھل ھما كلمة واحدة أم كلمتان سيأتي أن غيرھم ) َ ْ‬ ‫َ َ‬
‫تباعا للرسم ‪ ،‬وبعضھم جعلھا كلمتين ‪ ،‬ثم اختلفوا الكسائي جعل وي كلمة ثم ما بعدھا كلمة مستقلة ‪ ،‬وأبو عمرو‬ ‫كلمة واحدة ً‬
‫جعل ويك وقف على الكاف جعلھا كلمة مستقلة وقيل ‪ :‬ھذا ال أصل له ‪ .‬قيل ‪ :‬ھذا التفريق منسوب إلى الشاطبية والنشر‬
‫يقول أنه ال وجود له عند أبي عمرو وال الكسائي ‪.‬‬
‫حمال ( وغير من ؟ غير الكسائي وأبي عمرو ھم اثنين أم عشرة اثنان ولم قال ‪ :‬غيرھم ‪ .‬لم جمع ؟‬ ‫قد َ َ‬ ‫وغيرھم ) َ ْ‬
‫ألن لھما أتباع يعني باعتبار الرواة ] أحسنت [ ھذا وجه ‪ ،‬ويحتمل أنه للتعظيم ويحتمل أن أقل الجمع اثنان فال إشكال ‪) ،‬‬
‫حمال (‬ ‫حمال ( األلف لإلطالق ) َ َ‬ ‫قد َ َ‬ ‫وغيرھم ( أي ‪ :‬غير أولئك وھم الكسائي وأبي عمرو وھم باقوا السبعة وھم خمسة ) َ ْ‬ ‫َ َْ ُ ُْ‬
‫األلف لإلطالق وحمال بمعنى حمل الوقف على آخر الكلمة وھي النون في ويكأن والھاء في ويكأنه ويكأنْ ويكأن ْه بالوقف‬
‫حمال ( أي ‪ :‬حمل الوقف على آخر الكلمة واعتبر أن‬ ‫قد َ َ‬ ‫حمال ( غير الكسائي وأبي عمرو ) َ ْ‬ ‫قد َ َ‬ ‫على األصل ‪ً .‬إذا وغيرھم ) َ ْ‬
‫إتباعا للرسم ‪ .‬قال في التقريب ‪ :‬ھذا ما عليه الشاطبي ‪ .‬يخطئون بعض األشياء في الشاطبية‬ ‫ً‬ ‫ويكأن ويكأنه ھذا كلمة واحدة‬
‫رسما باإلجماع وھو األولى والمختار‬ ‫ً‬ ‫وأكثر المحققين لم يذكروا شيئا من ذلك ‪ ،‬فالوقف عندھم على الكلمة برأسھا التصالھا‬ ‫ً‬
‫‪135‬‬
‫في مذھب الجميع ُنسب إلى الكسائي ھذا وقيل ‪ :‬إنه يجوز عند أبي عمرو أو يجوز الوجھان عند الكسائي ويجب عند أبي‬
‫عمرو قيل ‪ :‬توجيه بھذا ‪.‬‬

‫عدا َ َ ِ ْ‬
‫الموالي‬ ‫الرسول ﴾ ما َ َ‬
‫َھذا َّ ُ ِ‬ ‫مال‬ ‫بالم َ ْ ِ‬
‫نحو ﴿ َ ِ‬ ‫َ َ َُ‬
‫ووقفوا ِ ِ‬
‫)‬ ‫)‬

‫ووقفوا ( أي ‪ :‬القراء‬ ‫خالف ‪ُ َ َ َ ) ،‬‬ ‫أيضا في دعوى خالف ِ ٌ‬ ‫ً‬ ‫استثني إن صح الخالف‬ ‫ووقفوا ( أي ‪ :‬القراء كلھم أو إال ما ُ‬ ‫) َ َ َُ‬
‫ھذا‬ ‫مال َ َ‬
‫الرسول ﴾ ] الفرقان ‪ [7 :‬ھذا في الفرقان ﴿ َ ِ‬ ‫مال َھذا َّ ُ ِ‬ ‫كلھم على الم بالم الباء ھنا بمعنى على ‪ ،‬على الم نحو مال ﴿ َ ِ‬
‫القوم ﴾ ] النساء ‪ [78 :‬مال ‪ ) ،‬ما ( ‪ ،‬ھل يوقف على ) ما ( أو على الالم ھذا فيه‬ ‫لھـؤُ الء ْ َ ْ ِ‬ ‫الكتاب ﴾ ] الكھف ‪َ َ ﴿ ، [49 :‬‬
‫فما ِ َ‬ ‫َِْ ِ‬
‫ًّ‬
‫اختياريا‬ ‫ًّ‬
‫اضطراريا أم‬ ‫الكتاب ﴾ يعني ‪ :‬إذا أراد أن يقف سواء‬ ‫ھذا ْ ِ َ ِ‬ ‫مال َ َ‬
‫مال ( ثم ُيْكِمل ُون ﴿ َ ِ‬ ‫نحو ﴿ َ ِ‬ ‫ووقُفوا ِ ِ‬
‫بالم َ ْ ِ‬ ‫خالف ) َ َ َ‬
‫واألظھر أن المراد اختياري فلو وقف ھل يقف على ما أو على الالم ؟ ھذا فيه نزاع بينھم أما في الوصل ال بد من الرجوع ‪،‬‬
‫إتباعا للرسم ألن الالم تقع مفصولة عما بعدھا ‪،‬‬ ‫ً‬ ‫الرسول ﴾ (‬
‫مال َھذا َّ ُ ِ‬ ‫نحو ‪ِ َ ﴿ :‬‬ ‫بالم َ ْ ِ‬ ‫ألنه ال يتم معناه إال بما قبله ) َ َ َ ُ‬
‫ووقفوا ِ ِ‬
‫تنبيھا على انفصاله‬ ‫ً‬ ‫كتبت الم الجر في ھذه المواضع الثالث المذكورة مفصولة عن مجرورھا كتبت مفصولة عن مجرورھا‬
‫ُكي اإلجماع‬ ‫إتباعا للرسم يعني ‪ :‬ال على ما ‪ .‬ھذا ح ِ َ‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫واضطرارا على الالم‬ ‫ً‬
‫اختيارا‬ ‫عن مجرورھا في المعنى فوقف الجميع‬
‫فحينئذ الخالف ال وجه له ‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫عدا ( ھذا‬ ‫الموالي ( ًإذا الوقف على الالم إال من ؟ إال الكسائي وأبا عمرو ) ما َ َ‬ ‫عدا َ َ ِ ْ‬ ‫الموالي َّ ِ ِ ْ َ‬
‫السابقين ( ) ما َ َ‬ ‫عدا َ َ ِ ْ‬ ‫) ما َ َ‬
‫وجوبا ‪ ....‬المفھوم من السابق و )‬ ‫ً‬ ‫عدا ( فعل ماضي وفاعلھا ضمير مستتر‬ ‫عدا ( ) ما ( مصدرية و ) َ َ‬ ‫استثناء يعني ‪ ) :‬ما َ َ‬
‫السابقين ( ھذا بدل أليس كذلك ؟ بدل أو ال ؟ بدل بعض منكن موالي جمع و ) َّ ِ ِ ْ َ‬
‫السابقين‬ ‫الموالي ( ھذا مفعول به منصوب ) َّ ِ ِ ْ َ‬ ‫ََ ِ ْ‬
‫الموالي ( قالوا ‪ :‬الكسائي ظاھر‬ ‫عدا َ َ ِ ْ‬ ‫حينئذ بدل بعض منكن ًإذا ) ما َ َ‬ ‫ٍ‬ ‫( مثنى أليس كذلك موالي جمع والسابقين ھذا مثنى‬
‫عدا‬ ‫أنه مولى ألنه أصله من فارس وأما أبو عمرو فمشھور أنه مازني من مازن قبيلة من العرب ‪ ،‬حينئذ كيف يقول ‪ ) :‬ما َ َ‬
‫الموالي ( ‪ .‬وأبو عمرو ليس بمولى والكسائي ھو المولى ؟ نقول ‪ :‬من باب التغليب ‪.‬‬ ‫ََ ِ ْ‬
‫فعلى َما ( يعني ‪ :‬وقفوا على ) ما ( ‪،‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫السابقين ( بالتثنية منصوب بالياء ألنه مثنى ‪ ،‬والمراد به أبو عمرو والكسائي ) َ‬ ‫) َّ ِ ِ ْ َ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫السابقين ‪ ،‬ف َعلى ( لفظ ما على الالم ) َوقفوا ( فعلى‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫الموالي َّ ِ ِ ْ َ‬
‫عدا َ َ ِ ْ‬ ‫الرسول ﴾ ‪ .‬لم يقفوا على الالم ) ما َ َ‬ ‫مال َھذا َّ ُ ِ‬ ‫ثم قالوا ‪ِ َ ﴿ :‬‬
‫لفظ ما ال على الالم وقفوا ‪ ،‬ثم يبتدئ بالالم متصلة بما بعدھا ألن حرف الجر من الكلمة اآلتية يعني ‪ :‬ال بد من الرجوع‬ ‫ً‬
‫عدا َ َ ِ ْ‬
‫الموالي‬ ‫الكالم في الوقف فقط يقف ثم إذا أراد أن يبتدئ بما بعده ال بد من الرجوع ألن الالم داخلة في الكلمة اآلتية ) ما َ َ‬
‫تبع الناظم أصله )) النقاية (( قال في التقريب ‪ :‬ووقف أبو عمرو على ما لقوله تعالى ‪﴿ :‬‬ ‫وقفوا ( ھذا َ ِ َ‬ ‫فعلى َما َ َ ُ‬‫السابقين ‪َ َ َ ،‬‬
‫َّ ِ ِ ْ َ‬
‫مھطعين ﴾ ] المعارج‬ ‫كفروا ِ َ َ َ‬
‫قبلك ُ ْ ِ ِ َ‬ ‫َ‬ ‫فمال َّال ِ َ‬
‫ذين َ ُ‬ ‫َ‬
‫مال َھذا ﴾ بسورتي الكھف والفرقان ﴿ َ ِ‬ ‫َ‬ ‫القوم ﴾ ] النساء ‪ ، [78 :‬و ﴿ َ ِ‬ ‫َ‬
‫لھـؤُ الء ْ ْ ِ‬ ‫ََ‬
‫فما ِ َ‬
‫‪ [36 :‬في المعارج ھذا والباقون على الالم في األربعة إال الكسائي فله الوقف على كل منھم ‪ ،‬ھذا ما في الشاطبية ‪ ،‬وفي‬
‫حاكما على الكل ‪ ،‬في النشر جواز الوقف على كل منھما‬ ‫ً‬ ‫النشر جواز الوقف على كل منھما للجميع ھم يجعلون ابن الجزري‬
‫للجميع ‪ً .‬إذا ال تفصيل إال أن يقال ‪ :‬أن كالم الناظم محمول على الجواز بالنسبة للكسائي والوجوب ألبي عمرو ‪ ،‬وھذا‬
‫ذكرته في القول السابق ھذا المراد به ھنا على الجواز بالنسبة للكسائي والوجوب ألبي عمرو ًإذا المسألة فيھا خالف ‪ ،‬ھل‬
‫يقف على ما أو على الالم ؟‬
‫الجمھور على ما ‪ ،‬ونسب إلى الكسائي وأبو عمرو الوقف على الالم ولھم تعليل موجودة في الشروحات ‪.‬‬

‫نحوهُ ِ ُ‬
‫قفوا‬ ‫وشبه َذا ِ َ ِ‬
‫المثال َ ْ َ‬ ‫َ ِْ ِ‬ ‫فعلى َما َ َ ُ‬
‫وقفوا‬ ‫السابقين ‪َ َ َ ،‬‬
‫َّ ِ ِ ْ َ‬
‫)‬ ‫)‬

‫شبه َذا ( ھذا مشار إليه ‪ ،‬المثال ھذا بدل أو عطف‬ ‫شبه يعني ‪ :‬مثل ) َذا ِ َ ِ‬
‫المثال ( المثال جزئي يُذكر إليضاح القاعدة ) ِ ْ ِ‬
‫حينئذ ج َُّر ھنا ألن شبه مضاف وذا مضاف إليه ‪ ،‬والمثال ھذا بالجرِّ بالكسر أي )‬ ‫ٍ‬ ‫بيان أو نعت ‪ ،‬وبدل المجرور مجرور ‪،‬‬
‫قفوا ( أمر من الوقف يعني ‪ :‬قف أنت أو يا من‬ ‫نح َوهُ ِ ُ‬
‫الرسول ﴾ ) َ ْ‬ ‫شبه َذا ( المثال المذكور في النظم السابق ﴿ َ ِ‬
‫مال َھذا َّ ُ ِ‬ ‫ِْ ِ‬
‫قفوا ( أو تبعوا ھذا أمر من قفوا لكن األولى أن يجعل ً‬
‫أمرا من‬ ‫يقرؤون ھذا النظم نحوه عليه ‪ ،‬نحو مفعول به مقدم لقوله ‪ُ ِ ) :‬‬
‫الوقف ‪ ،‬تبعوا من قفا أثره بمعنى تبع وھذا قد يكون فيه بعد ‪.‬‬
‫‪136‬‬
‫ًإذا عرفنا أن ھذا الوقف المراد به الوقف على الرسم وھذا بحث في القراءات وإنما ذكروا ھذا مثال ‪ ،‬ثم قال رحمه  ‪:‬‬
‫النوع الثالث اإلمالة ‪ ،‬ونميل عن الدرس ‪.‬‬
‫وصل  وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ‪.‬‬
‫َّ‬ ‫ونقف على ھذا‬

‫‪137‬‬
‫الشريط العاشر‬
‫الرحيم‬
‫الرحمن الرحيم‬
‫ الرحمن‬
‫بسم ‬
‫بسم‬

‫محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫الحمد رب العالمين ‪ ،‬والصالة والسالم على نبينا‬
‫أما بعد ‪:‬‬
‫العقد الثالث وھو ما يرجع إلى األداء ‪ ،‬وذكرنا أن العقد الثالث ھذا‬ ‫سبق الحديث في باب أو النوع األول والثاني من ِ‬
‫متعلق باألداء بكيفية قراءة القرآن الوحي ال بذات األلفاظ ال بجوھر األلفاظ وإنما يتعلق بكيفية أداء الوحي من حيث الوقف‬
‫واالبتداء من حيث اإلمالة من حيث تخفيف الھمز إلى آخره اإلدغام وما يذكره المصنف وما زاد عليه بعضھم في المطوالت‬
‫‪.‬‬
‫الوقف واالبتداء قلنا ‪ :‬ھذا نوعان ‪ .‬الكالم في ما يوقف عليه ويبتدئ به ھذا نوع وھذا قلنا االبتداء وال إشكال فيه أمره‬
‫اختياريا بخالف الوقف فإنه ينقسم إلى ‪ :‬اختياري ‪ ،‬اضطراري ‪ .‬واالختياري ھذا قد يكون‬ ‫ً‬ ‫واضح ولذلك ال يكون إال‬
‫تبعا للمشھور إلى أربعة أقسام‬ ‫اختياري بسبب كاالختباري واالنتظاري وقد يكون بغير سبب ‪ ،‬وھو الذي قسمه المصنف ھنا ً‬
‫ٌ‬
‫ووقف كاف ‪.‬‬ ‫ٌ‬
‫ووقف تام ‪،‬‬ ‫ٌ‬
‫وقف حسن ‪،‬‬ ‫ٌ‬
‫وقف قبيح ‪،‬‬ ‫‪:‬‬
‫ثم قسم أو ھذا النوع أھم ما يعتنى به وھو الذي ذكر أھل العلم أن متعلق فھم القرآن يكون بماذا بمعرفة الوقف ‪ ،‬لذلك نقل‬
‫ترتيال ﴾ ] المزمل ‪ . [4 :‬قال ‪ :‬ھو تجويد الحروف ومعرفة‬ ‫ورتل ْ ُ ْ َ‬
‫القرآن َ ْ ِ ً‬ ‫عن علي رضي  تعالى عنه في تفسير قوله ‪ِ ِّ َ َ ﴿ :‬‬
‫الوقوف ‪ .‬وھذا ھو المراد به وليس المراد به ما يوقف به على آخر الكلمة من السكون واإلشمام والروم ‪ ،‬بل المراد به ھو‬
‫ذاك الذي ذكرناه وبسطنا فيه الكالم لماذا ألن االرتباط في المعنى إما أن يكون من جھة اللفظ بما قبله إذا وقف على الكلمة ‪،‬‬
‫مرتبطا بما قبله من جھة اللفظ والمعنى أو من جھة المعنى دون اللفظ ‪ ،‬أما أنه‬ ‫ً‬ ‫إما أن يكون بما وقف عليه يعني ما بعده‬
‫يتصور أن يكون انفصال تام ال من جھة اللفظ وال من جھة المعنى ھذا يمكن أن يكون في خواتيم السور إذا لم نقل بمناسبات‬
‫منفصل ً‬
‫لفظا ال‬ ‫ٌ‬ ‫بين آخر آية في السورة والتي تليھا ‪ ،‬يمكن أن يكون انفصال تام من جھة اللفظ والمعنى أما فيما ي َّ َ‬
‫ُدعى أنه‬
‫معنى لعل المراد أنه المعنى الذي يرتبط بأصل الجملة وإال ارتباطه ما يبتدئ به بعد الوقف بما قبله من جھة اللفظ دون‬
‫المعنى ھذا ال يكاد يتصور أو من جھة المعنى دون اللفظ نقول ‪ :‬ھذا ال يكاد يتصور ولذلك ضبط ھذا الباب ً‬
‫أيضا يتعلق بباب‬
‫العقد الرابع أو الخامس ‪.‬‬ ‫الفصل والوصل عند البيانين وسيذكر المصنف ھنا في ِ‬
‫والنوع الثاني ‪ :‬ھو كيفية الوقف وھذا أدنى من األول من جھة األھمية لماذا ألنه ال ارتباط له بجھة المعنى وإنما االرتباط‬
‫حرف منه ھذا بناء على األصل المطرد عندھم وھو أنه ال يوقف على متحرك وإنما يوقف‬ ‫ٍ‬ ‫من جھة كيفية الوقف على آخر‬
‫على الساكن ‪ ،‬ولذلك الوقف بالسكون ھو األصل ثم أرادوا أن يشيروا للحركة التي حذفت ألن السكون عدم حركة ليس ھو‬
‫بحركة وال نسميه حركة بل نقول ھو عدم حركة ليس بشيء ال بضمة وال بكسرة وال بفتحة ‪ ،‬أرادوا أن يدل على أن‬
‫وبينا كل ما يتعلق بنقل ھذين النوعين‬ ‫المحذوف كسرة أو ضمة أشاروا إليه بنوعين ھما ‪ :‬اإلشمام ‪ ،‬والروم َّ‬

‫َ َ َْ‬
‫الحركة‬ ‫لضم‬ ‫ْ َ ُ‬
‫االشمام ِ َ ِّ‬ ‫وزيد‬
‫َِْ‬ ‫‪.............................‬‬
‫)‬ ‫)‬

‫والروم ِ‬
‫فيه ‪ -‬أي بالضم –‬ ‫َّ ْ ُ‬

‫حتما ً ُ ِ َ‬
‫حظال‬ ‫عنه َ ْ‬ ‫والفتح َ ِ‬
‫ذان َ ْ ُ‬ ‫َْ ُ‬ ‫كسر ُ ِّ َ‬
‫أصال‬ ‫فيه ِ ْ‬
‫مثل ُ َ ْ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫وم‬
‫والر ْ ُ‬
‫َّ‬
‫)‬ ‫)‬

‫حظالَ ( أي ‪ :‬منع عنه‬


‫حتما الفتح عن اإلشمام يعني الفتح ذان عنه حظال ذان ھو اإلشمام والروم ) ُ ِ‬
‫وجوبا ً‬
‫ً‬ ‫يعني منع وھو‬
‫ً‬
‫مشما إذا أوقف عليه بالسكون وال يدخله كذلك الروم فال روم وال إشمام ‪ ،‬وھذه كما ذكرنا أن مبناه على لغة‬
‫ّ‬ ‫ال يكون الفتح‬
‫ٍ‬
‫حينئذ العلة يقال فيه ماذا في اإلشمام أو في الروم أو في عدم دخول اإلشمام والروم على فتح نقول‬ ‫العرب على لسان العرب‬
‫النقل والسماع ھذا ھو األصل ألنه كما ذكرنا القاعدة العامة أن القرآن نزل بلسان العرب واألصل فيه أنه يُحمل على ما‬
‫ٍ‬
‫حينئذ جاز وجوده واستعماله والنطق به في القرآن ھذا ھو األصل ‪،‬‬ ‫اشتھر وذاع من لسان العرب ‪ ،‬فما كان من لسان العرب‬

‫‪138‬‬
‫أشم‬
‫ولكن نزيد على ھذا زيادة المقام نقول ‪ :‬ھنا يزيد بكون القراءة سنة متبعة بمعنى أنھا منقولة عن النبي  فيكون النبي  َّ‬
‫وأيضا أدخل الروم فيما ذكر ‪.‬‬ ‫ً‬
‫لفظ واحد يعني يجوز الوقوف عليه بالسكون فقط‬ ‫ھذه الثالثة قد تجتمع وقد تفترق الروم واإلشمام والسكون قد تجتمع في ٍ‬
‫ً‬
‫أو باإلشمام فقط أو بالروم فقط ‪ ،‬ما يوقف باألقسام الثالثة السكون واإلشمام والروم وھو ما كان متحركا بالرفع أو بالضم‬
‫مبنيا يمكن أن يكون اإلشمام في المبني ‪ً ،‬إذا يوقف باألقسام الثالثة السكون المحض‬ ‫معربا وبالضم إن كان ًّ‬ ‫ً‬ ‫بالرفع إن كان‬
‫نستعين ﴾ ] الفاتحة ‪ [5 :‬ھذا بالضم يوقف‬ ‫ً‬
‫مبنيا ﴿ َ ْ َ ِ ُ‬‫معربا أو بالضم إن كان ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫واإلشمام والروم في ما كان متحركا بالرفع إن كان‬
‫‪،‬‬ ‫نستعين ﴾ ويوقف عليه باإلشمام وبالروم ألن الروم يدخل الضم كما يدخله اإلشمام كذلك ﴿ ِمن َ ْ‬
‫قبل ُ ﴾‬ ‫عليه بالسكون ﴿ َ ْ َ ِ‬
‫حينئذ ﴿‬
‫ٍ‬ ‫قبل ُ ﴾ ھذه الضمة ھنا ضمة بناء‬ ‫َ‬
‫بعد ﴾ من قبل لو وقف عليھا يقف عليھا بالسكون كذلك بالروم واإلشمام و ﴿ ْ‬ ‫﴿ ِمن َ ْ ُ‬
‫َ‬
‫قبل ُ ﴾ ‪ِ ﴿ ،‬من َ ْ ُ‬
‫بعد ﴾ ھذان للبناء ‪.‬‬ ‫نستعين ﴾ ھذا مثال للروم و ﴿ ِمن ْ‬ ‫َ َِْ‬
‫معربا أو بالكسر إن‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫متحركا بالخفض إن كان‬ ‫الروم فقط وال يجوز فيه اإلشمام وھو ما كان‬ ‫ِ‬ ‫ما يوقف عليه بالسكون وھو‬
‫يم ﴾ وقد نقف عليه بالروم وال يدخله اإلشمام لماذا‬ ‫الرحيم ﴾ ھذا قد يقف عليه بالسكون ﴿ َّ ِ‬
‫الرح ْ‬ ‫الرحيم ﴾ ﴿ َّ ِ ِ‬
‫الرحمن َّ ِ ِ‬
‫مبنيا نحو ﴿ َّ ْ ِ‬ ‫ًّ‬
‫ً‬
‫مختوما‬ ‫نقل إذا علة عدم إشمام الكسر ما كان‬ ‫ً‬ ‫مختص بالضم أو الرفع وال يدخل الكسر ‪ ،‬وامتنع اإلشمام لعدم ٍ‬ ‫ٌ‬ ‫؟ ألن اإلشمام‬
‫بكسر إذا سكن نقول عدم النقل لماذا ؟ ألن المسألة ھنا نقليه بحتة وھذا ھو األصل في مباحث اللغة أنه نقليه بحتة ‪.‬‬ ‫ٍ‬

‫تقبل استنباطه بالنقل‬ ‫وعرفت بالنقل إال بالعقل‬


‫)‬ ‫)‬

‫وعُرفت أي اللغة ‪ ،‬وعُرفت بالنقل ال بالعقل فقط ‪ ،‬وإنما العقل يكون مستعمالً في استنباط األحكام فقط ال في إنجاز ألفاظ‬
‫ً‬
‫مشرعا‬ ‫نطق بألفاظ وإنما يُستنبط قواعد األصول فقط كما ھو حاله مع الشرع ‪ ،‬الشارع لم يجعل العقل‬ ‫ٍ‬ ‫وال في إنجاز كيفية‬
‫فسحة من جھة االستنباط والبحث والتدبر والتأمل والنظر لبناء الحكم المدلول على‬ ‫ً‬ ‫كذلك لم يھضم جانب العقل بل أعطاه‬
‫المعلوم كما ھو في شأن القياس ونحوه ‪.‬‬
‫ً‬
‫مختوما بالفتح وھي وال الروم‬ ‫الثالث ‪ :‬ما ال يوقف عليه إال بالسكون فقط وال يجوز اإلشمام وال الروم فيه ‪ .‬وھو ما كان‬
‫المستقيم ﴾ ھذا منصوب إذا وقت‬‫المستقيم ﴾ ‪َ ِ َ ُ ﴿ ،‬‬ ‫متحركا بالفتح أو النقل غير منون نحو ﴿ ْ َ َ ِ َ‬
‫العالمين ﴾ ‪َ ِ َ ُ ﴿ ،‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫أصال وھو ما كان‬
‫المستقيم ﴾ ال يجوز اإلشمام وال الروم لماذا ؟‬ ‫اط ُ َ ِ َ‬ ‫الصر َ‬ ‫عليه تقف عليه بالسكون فقط السكون المحض ﴿ ِ َ‬
‫اھدنا ِّ َ‬
‫حكم فھي أمور مستنبطة فقط يعني البعض يقول لئال إذا فتح أو‬ ‫ُذكر من ِ َ ٍ‬ ‫لعدم النقل ھذا األصل لعدم النقل ‪ ،‬وكل ما ي ْ َ‬
‫ً‬
‫سماعا عن‬ ‫وفرعا إنما ھي منقو ً‬
‫لة نقالً‬ ‫ً‬ ‫حصل إشمام في الفتح أوھم أنه ضمة ‪ ..‬إلى آخره ‪ ،‬كلھا األصل أن اللغة أصالً‬
‫حينئذ نزيد على القراءة بأنھا وافقت القواعد العامة وأصول عامة من لغة العرب وكذلك‬ ‫ٍ‬ ‫العرب ‪ ،‬وإذا كانت القراءة كذلك‬
‫ھي سنة متبعة بمعنى أنھا منقولة عن النبي  فتقرأ كما نقلت إلينا وال نعلل إال بالنقل ‪ ،‬إن وجد ما ھو موافق لألصول‬
‫طردا للقاعدة ‪ ..‬إلى آخره نقول ‪ :‬ال بأس فيه‬ ‫ً‬ ‫نخرِّ ُج ال بأس نقول حذفت الھمزة ونقلت حركتھا لما قبلھا‬ ‫حينئذ ُ َ‬
‫ٍ‬ ‫العامة والقواعد‬
‫نعلل بماذا ؟‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫حينئذ‬ ‫‪ ،‬لكن إذا لم تدخل العرب اإلشمام وال الروم في الفتح وجاءت القراءة كذلك‬
‫روم في الفتح ولم ينقل في السنة المتبعة التي ھي القراءات ونحوھا ثم‬ ‫ٌ‬ ‫إشمام وال‬
‫ٌ‬ ‫نعلل بأنه لم ينقل لم يسمع من لغة العرب‬
‫قال رحمه  ‪:‬‬
‫) النوع الثالث ‪ :‬اإلمالة (‬

‫اسما َأو َْأفعاال‬ ‫الياء َ ْ ُ ُ‬


‫أصله ْ ً‬ ‫ُ‬ ‫َما‬ ‫ََ َ‬
‫أماال‬ ‫َْ‬
‫قد‬ ‫ِ َ ِ ْ‬
‫والكسائي‬ ‫حمزةُ‬
‫َ َْ‬
‫)‬ ‫)‬
‫ُ‬
‫التزم‬
‫ِ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َحتى ِإلى َلدى َعلى زكى‬ ‫َّ‬ ‫باليا ُ ِ ْ‬
‫رسم‬ ‫ِ َ‬ ‫كيف َما‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َأنى ِ َ ْ‬
‫بمعنى‬ ‫َّ‬
‫)‬ ‫)‬
‫)‬ ‫اعدل‬ ‫ِّ‬
‫لمحلھا ْ ِ ِ‬
‫ببعض ِ َ َ َ‬ ‫َّ‬
‫ِإال ِ َ ْ ٍ‬ ‫ُِ ِ‬
‫يمل‬ ‫َْ‬
‫لم‬ ‫َِ ُ‬
‫سواھما‬ ‫ِْ َ ُ‬
‫إخراجھا‬
‫)‬

‫ً‬
‫أيضا كما أن الوقف‬ ‫ٌ‬
‫منقول عن العرب‬ ‫) النوع الثالث ( من أنواع العقد الثالث وھو ما يرجع إلى األداء ) اإلمالة ( ھذه‬
‫ً‬
‫منقول عن العرب وكما أن اإلدغام والتخفيف تخفيف الھمز كذلك والمد منقول عن العرب ‪ ،‬إذا مباحثھا في األصل‬ ‫ٌ‬ ‫واالبتداء‬
‫‪139‬‬
‫أيضا في )) األلفية (( باب اإلمالة وذكرھا الصرفيون الذين بحثھم‬ ‫ھي مباحث اللغة العربية ولذلك بوب ابن مالك رحمه  ً‬
‫جدا يُرجع إلى محله‬ ‫أيضا باب اإلمالة وفصلوھا تفصيل طويل عريض ً‬ ‫منقطع عن علوم الشرع يعني من حيث الكتابة ذكروا ً‬
‫‪ ،‬وابن مالك لما بوب للوقف ألنه مما جاء عن العرب وبوب لإلمالة ألنه مما جاءت عن العرب ‪.‬‬
‫أكرم الباب األول من‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫أفعل وھو َ‬ ‫مالة ھذا من باب َ ْ َ َ‬ ‫أمال ي ُِمي ُل إِ َ َ ً‬ ‫) النوع الثالث ‪ :‬اإلمالة ( ) اإلمالة ( ھذا مصدر إمالة َ َ َ‬
‫إكراما‬ ‫ُكرم ِ ْ َ ً‬‫أكرم ي ْ ِ ُ‬‫إكراما ‪ ،‬وقلنا َ ْ َ َ‬ ‫ُكرم ِ ْ َ ً‬ ‫أكرم ي ْ ِ ُ‬ ‫إفعاالً باب َ ْ َ َ‬ ‫ُفع ُل ِ ْ َ‬
‫واحد وھو باب أفعل ي ْ ِ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬
‫حرف‬ ‫النوع األول من الثالثي المزيد عليه‬
‫أكرم الراء ھنا ھي العين صحيحة ليست بحرف علة ‪،‬‬ ‫أفعل َ َ‬‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫أكرم َ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫مقيد في ما صحت عينه مثل َ َ‬ ‫إفعاالً ھكذا ھذا ٌ‬ ‫ُفع ُل ِ ْ َ‬ ‫‪َ َ َْ ،‬‬
‫وأفعل ي ْ ِ‬
‫اكتفاء‬‫ً‬ ‫أقوم ما الذي حصل ؟ نقول ‪:‬‬ ‫أقام أصله َ ْ َ َ‬ ‫أقوم ھذا األصل َ َ َ‬ ‫ألفا مثل أقام َ ْ َ َ‬ ‫حينئذ ً‬
‫ٍ‬ ‫ياء تنقلب‬ ‫واوا أو ً‬ ‫وأما إذا كانت العين ً‬
‫أصل يرجع‬ ‫ٍ‬ ‫حينئذ ال بد له من‬ ‫ٍ‬ ‫أفعل وأصل األلف ھذه منقلبة عن واو‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫أقام وھو وزن َ َ‬ ‫َ‬
‫بجزء العلة ألنه سمع من للغة العرب َ َ‬
‫أقوم تحركت الواو ولم ينفتح ما قبلھا وألن‬ ‫ْ‬
‫أفعل َ َ‬‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫إليه بطرد األصول العامة عند الصرفيين ونحوھم ‪ ،‬فنقول أصله على زنة َ َ‬
‫ياء مركبة من شيئين ‪ :‬أن تكون متحركة وأن ينفتح ما قبلھا ‪ ،‬ھنا تحركت الواو ولم ينفتح ما قبلھا فنقول‬ ‫العلة في قلب الواو ً‬
‫أمال ي َُمي ُل إذاً‬ ‫َ‬
‫يمي ُل َ َ‬ ‫مال َ ِ‬ ‫يل ألن األلف ھذه منقلبة عن ياء َ َ‬ ‫َ‬
‫‪ :‬اكتفاء بجزء العلة فقلبت الواو ياء فصار أقام كذلك أمال أصله أ ْم َ َ‬
‫ً‬
‫اكتفاء‬ ‫ٍ‬
‫وحينئذ نقول‬ ‫ً‬
‫ْل تحركت الياء ولم ينفتح ما قبلھا بل سكن ‪ ،‬إذا وجدت جزء العلة‬ ‫أمي َ‬‫األلف منقلبة عن ياء ‪ ،‬فأمال أصله َ َ‬
‫أمال ي ُِمي ُل بضم حرف‬ ‫ألفا فصار أمال ھذا أحسن وأسھل ‪ ،‬والوجه الثاني ذكرناه في متن البناء ھناك ‪َ َ َ .‬‬ ‫بجزء العلة ُقلبت الياء ً‬
‫إفعال ھذا األصل‬ ‫إمالة أصله إِم َْيا ْل ِ ْ َ‬ ‫ً‬ ‫اعي‬
‫الد ِ‬ ‫أجاب َّ‬ ‫ُجيبُ ِمنْ َ َ َ‬ ‫المضارعة ألنه من الرباعي وضمھا من أصلھا الرباعي مثل ي ِ‬
‫ً‬
‫إمالة وال نقول ‪ :‬إِم َْياال دل على ماذا ؟‬ ‫إقواما ونقول ِ َ َ‬ ‫إقامة ما نقل ِ ْ َ ً‬ ‫إقواما ونحن نقول ‪َ َ ِ :‬‬ ‫أقوم ي ُْقوُ ُم ِ ْ َ ً‬ ‫إكراما َ ْ َ َ‬
‫ُكرم ِ ْ َ ً‬
‫أكرم ي ْ ِ ُ‬‫كما نقول ‪َ َ ْ َ :‬‬
‫إعالل بالنقل وھو كيف جاءت ھذه األلف‬ ‫ٌ‬ ‫إعالل بالنقل وإعالٌل بالحذف ‪ ،‬اإلعالل األول‬ ‫ٌ‬ ‫ثم إعالل حصل في الكلمة‬ ‫على أن َ َّ‬
‫ٌ‬
‫وإعالل‬ ‫إعالل بالنقل ‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫حينئذ حصل إعالل نوعان ‪:‬‬ ‫ٍ‬ ‫إفعاالً فنقول‬ ‫إكراما ِ ْ َ‬
‫أكرم ِ ْ َ ً‬‫مع زيادة التاء واألصل أن المصدر الرباعي َ ْ َ َ‬
‫إقامة فدل على أن‬ ‫ً‬ ‫إقواما وإنما سمع‬ ‫اكتفاء بجزء العلة أنه لم يُسمع ِ ْ َ ً‬ ‫ً‬ ‫أيضا الذي جعلنا نقلب الواو ألًفا‬ ‫إقواما ً‬‫ُقوم ِ ْ َ ً‬ ‫بالحذف َ ْ َ َ‬
‫أقوم ي ْ ِ ُ‬
‫ألفا إال إذا تحركت وانفتح ما قبلھا فوجدنا أن الواو ھنا تحركت ولكن‬ ‫ھذه األلف منقبة عن الواو ‪ ،‬والقاعدة أن الواو ال تنقلب ً‬
‫لم ينفتح ما قبلھا فال بد ونضطر أن نكسر القاعدة لكن بحيلة وال نأتي لھا ھكذا مباشرة نقول نقلبھا دون نظر للقاعدة لكن‬
‫فاكتفاء بجزء العلة ًإذا ما رددنا العلة كلھا‬ ‫ً‬ ‫نحتال على القاعدة فنقول ‪ :‬القاعدة أو العلة مركبة من تحرك الواو وانفتاح ما قبلھا‬
‫ألفا فاجتمع عندنا ألفان‬ ‫بجزء العلة فقلبت ً‬ ‫ٍ‬ ‫إقواما على األصل تحرك الواو واكتفي‬ ‫ً‬ ‫فحينئذ نقول ‪:‬‬ ‫ٍ‬ ‫بجزء منھا ‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫وإنما اكتفينا‬
‫األلف المنقلبة عن الواو وھي عين الكلمة واأللف التي ھي ألف المصدر ال بد من حذف إحداھما قيل األولى وقيل الثانية ‪،‬‬
‫واألصح أنھا األولى التي انقلبت عن الواو لماذا ؟ ألنھم لما حذفوھا عوضوا عنھا والقاعدة عند العرب أنھم ال يعوضون إال‬
‫عن الحرف األصلي فدل على أن األلف المحذوفة ھذه عوض عنھا التاء ًإذا ھي أصلية وليست كونھا أصلية بعينھا وإنما‬
‫إقواما إقا ‪ ،‬ثم األلف حذفنا األلف األولى‬ ‫ً‬ ‫لكونھا منقلبة عن أصلي فعلمنا أن األلف التي انقلبت عن الواو ھي المحذوفة فقيل‬
‫إفعال ھذا األصل أليس كذلك ؟ قلبت‬ ‫إمالة أصله إِ ْم َيال ِ ْ َ‬ ‫ً‬ ‫إمالة مثله ھذه مقدمة إلمالة ‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫إقامة ‪،‬‬ ‫وعوضنا عنه التاء فصارت‬
‫ألفا فاجتمع عندنا ألفان ألف المصدر الثانية وألف التي ھي عين‬ ‫اكتفاء بجزء العلة قلبت الياء ً‬ ‫ً‬ ‫حركة الياء ولما انفتح ما قبلھا‬
‫الكلمة منقلبة عن الياء اجتمع ألفان ال يمكن تحريك أحدھما ال بد من حذف األلف األولى أو الثانية ‪ ،‬اختلف فيھما على قولين‬
‫أصل ولكون ألف المصدر إنما جاءت لمعنى ‪ ،‬وما جاء‬ ‫ٍ‬ ‫والمرجح أنه األلف األولى للتعويض عنھا بالتاء وال يعوض إال عن‬
‫ألفا ھذه حرف مبنى‬ ‫حرف ال يدل على معنى ألن العين التي ھي انقلبت ً‬ ‫ٌ‬ ‫لمعنى فھو أولى بالثبوت مما ھو من حيث لفظه‬
‫وتلك األلف المصدرية حرف معنى وإذا دار األمر بين حذف حرف المبنى وحرف المعنى فأيھما أولى ؟ الحكم بكون‬
‫لة ‪،‬‬ ‫أمال ي ُِمي ُل إما ً‬ ‫حينئذ نقول ‪ :‬إمالة على مصدر َ َ َ‬ ‫ٍ‬ ‫المحذوف في حرف المبنى أولى ألن حرف المعنى كلمة بذاتھا برأسھا‬
‫ً‬
‫إمالة‬ ‫ُفع ُل‬‫يل ُي ْم ِي ُل ي ُْم ي ُِمي استثقلت الكسرة على الياء فنقلت إلى ما قلبھا ھذا إعالل بالنقل يميل ُي ْم ِي ُل على وزن ي ْ ِ‬ ‫أصله أً ْم َ َ‬
‫إِم َْياالً ھذا أصله ‪.‬‬
‫نوع من ھذه‬ ‫اإلمالة أفردھا جماعة من القراء في التصانيف ‪ .‬ما من ٍ‬
‫ٌ‬ ‫أمال ‪َ َ ِ ،‬‬ ‫) النوع الثالث ‪ :‬اإلمالة ( ذكرنا أنه مصدر َ َ َ‬
‫األنواع المذكورة إلى وقد أفردت بالتصانيف ولكن لما جمع السيوطي وغيرھم في مختصراتھم )) اإلتقان (( وغيرھا كثير لم‬
‫ينقل إلى اآلن ولم يطبع إال القليل منھا ‪.‬‬
‫أفرده بالتصنيف جماعة من القراء قال الداني ‪ :‬الفتح واإلمالة لغتان مشھورتان على ألسنة الفصحاء من العرب الذين نزل‬ ‫ُ‬
‫القرآن بلغتھم ‪ً .‬إذا اإلمالة والفتح لغتان مشھورتان عن فصحاء العرب الذين نزل القرآن بلغتھم ھنا قرن بين القرآن وبين‬
‫دائما وھو أن ما ساغ وجاز وذاع‬ ‫طردا لألصل الذي نذكره ً‬ ‫ً‬ ‫كون اإلمالة من لغة العرب الذين نزل القرآن بلغتھم لماذا ؟‬
‫وشاع في لسان العرب فاألصل وجوده في القرآن والذي ينفي ھو الذي عليه الدليل ‪.‬‬

‫‪140‬‬
‫وأسد وقيس ھكذا قال الداني ‪ ،‬الفتح تحقيق األلف كما ھي ﴿‬ ‫ٍ‬ ‫تميم‬
‫فالفتح لغة أھل الحجاز واإلمالة لغة عامة أھل نجد من ٍ‬
‫وأسد وقيس فھي ثابتةٌ‬ ‫ٍ‬ ‫والضحى ﴾ ] الضحى ‪ [1 :‬بدون إمالة ھذه لغة أھل الحجاز ‪ ،‬واإلمالة ھذه لغة عامة أھل نجد من ٍ‬
‫تميم‬ ‫َ ُّ َ‬
‫لغة لم ينقلھا إال األفراد ألنه إذا كانت اللغة قليلة ولذلك سنقيد‬ ‫لغة ضعيفة أو ٍ‬ ‫بلغة شاذة أو ٍ‬
‫ٍ‬ ‫لغات كثيرة من العرب ًإذا ليست‬ ‫ٍ‬ ‫في‬
‫دائما ننكر ماذا ؟ أن ال يحمل القرآن على لغة أكلوني‬ ‫ً‬
‫ما ذاع وشاع في لسان العرب أما ما كان النقل فيه ضعيفا فال لذلك ً‬
‫البراغيث مع أنھا لغة طيء أو بني الحارث ‪ ،‬كيف ننكر ھنا ونقول األصل ھو في ما كان في لسان العرب أنه يوجد في‬
‫حينئذ ھذا ھو األصل أما ما قل‬ ‫ٍ‬ ‫القرآن ؟ نقول ‪ :‬ما كان في لسان العرب وذاع وشاع وانتشر وكان لغة عامة أھل العرب‬
‫ناقلوه أو ندر قائلوه أو فيه خالف في ثبوته من جھة العرب ھذا أصالً ال يجوز نقول عكس ال يجوز حمل القرآن ولذلك نص‬
‫واحد حتى من المعاصرين ومنھم الشيخ ابن عثيمين رحمه  أنه ال يجوز أن يُحمل القرآن على لغة أكلوني البراغيث‬ ‫ٍ‬ ‫غير‬
‫آت فينكرھا من‬ ‫آت فينكرھا من أصلھا يمكن أن يأتيك ٍ‬ ‫ألنھا لغة ضعيفة قليل نادرة ويمكن مثل ھذه اللغات ممكن أن يأتي ٍ‬
‫أصلھا لكن التي شاع وذاعت عند العرب ووجدت في المعلقات وفي غيرھا من النثر والنظم ھذه ھي التي نثبتھا في القرآن‬
‫النجوى َّ ِ َ‬
‫الذين ﴾ ]‬ ‫أنھا األصل ‪ ،‬ولذلك ال اختالف بين أن يُنفى حمل القرآن على لغة أكلوني البراغيث فنقول ‪ْ ُّ َ َ َ ﴿ :‬‬
‫وأسروا َّ ْ َ‬
‫األنبياء ‪ [3 :‬ھذا ال يمكن حمله على لغة أكلوني البراغيث مع أن ظاھره عليه قلنا ال بد من تأويله وحمله على اللغة‬
‫المشھورة الفصحى الكثيرة التي ذاعت وشاعت ‪ ،‬وأما ما ندر فھذا ال ‪ ،‬نقول ‪ :‬العكس ولذلك قالوا ‪ :‬ھنا لغة أھل الحجاز ھي‬
‫كثير من العرب ‪.‬‬
‫عامة أھل نجد ‪ ،‬وذكر بعضھم أنه لغات ٍ‬ ‫ِ‬ ‫الفتح ‪ ،‬واإلمالة لغة‬
‫ما ھي اإلمالة ؟‬
‫قالوا ‪ :‬اإلمالة ھي أن َ ْينح َُو يعني القارئ أو المتكلم العربي أن ينحو بالفتحة نحو الكسرة ‪ ،‬فتحة األصل أنه ينطق بھا فتحة‬
‫حركة بين الفتح والكسر ‪ ،‬ھذا ما يسمى اإلمالة ‪ ،‬أو باأللف نحو الياء‬ ‫ٌ‬ ‫يء من الكسر فكأنھا‬‫كما ھي خالصة لكن يشوبھا ش ٌ‬
‫بياء خالصة‬ ‫بألف خالصة وال ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫حرفا بين األلف وبين الياء ليست‬ ‫ً‬ ‫ينحو باأللف نحو الياء يعني يميل األلف وكأنھا ٌ‬
‫ياء فيكون‬
‫ً‬
‫كثيرا‬ ‫كثيرا وھو المحض‬ ‫ً‬ ‫بكسرة خالصة ‪ ،‬أن ينحو بالفتحة نحو الكسرة وباأللف نحو الياء‬ ‫ٍ‬ ‫وھناك ليست بفتحة خالصة وال‬
‫منھي عنه عندھم‬‫ٌ‬ ‫ياء خالصة ‪ ،‬ال ھذا‬ ‫ً‬
‫بشاعة في اللفظ أو إلى أن تكون كسرة خالصة أو ً‬ ‫ٍ‬ ‫يعني يشبعھا لكن بحيث ال يؤدي إلى‬
‫ً‬
‫ياء خالصة وإذا نحى بالفتحة نحو الكسرة أال تكون كسرة خالصة ولكنه‬ ‫يعني أال تكون إذا نحى باأللف نحو الياء أال تكون ً‬
‫كثيرا لئال تصل إلى الياء الخالصة ھذا الميل‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫كثيرا يعني ‪ :‬يعدلھا ‪ .‬ويميل األلف إلى الياء ميال‬ ‫ً‬ ‫يميل الفتحة إلى الكسرة ميالً‬
‫الكثير الشديد في الفتح إلى الكسر واأللف إلى الياء ھذا يسمى اإلمالة المحضة اإلمالة الكبرى ألن اإلمالة عندھم نوعان ‪:‬‬
‫إمالة كبرى ‪ ،‬وإمالة صغرى ‪ .‬كما أن الفاصلة ھناك فاصلة كبرى وفاصلة صغرى عند العربية ھنا إمالة كبرى وإمالة‬
‫كثيرا وھو المحض أي اإلمالة المحضة ويقال لھا في اصطالح القراء ‪ :‬إمالة كبرى ‪.‬‬ ‫ً‬ ‫صغرى ھذا الذي ذكرناه‬
‫وعندھم إمالة صغرى تقابلھا تسمى بالتقليل وھي ‪ :‬أن تلفظ بالحرف بحالة بين الفتح واإلمالة كاألولى أن تلفظ بالحرف‬
‫بحالة بين الفتح واإلمالة إال أن الفرق بين الكبرى أن تكون إلى الكسر أقرب ال تكسر خالص وإنما تكون إلى الكسر أقرب‬
‫وإذا كانت حالة متوسطة صارت ماذا ؟ إمالة صغرى ولذلك ھذه ال يمكن أخذھا مرة أو مرتين ھذه ال بد من دربة ال تأتي‬
‫كثيرا بحيث يكاد يكون‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫كثيرا ھذا اإللحاح إن كان‬ ‫فحينئذ أن تنحو بالفتحة إلى الكسرة إن كانت‬‫ٍ‬ ‫ھكذا بمثال أو مثالين واضح‬
‫ً‬
‫كسرة خالصة ال خالصة سمي إمالة كبرى إن لم يكن كذلك بل كان وسطا فھو إمالة صغرى ‪ ،‬وھي ‪ :‬أن تلفظ بالحرف بحالة‬
‫بين الفتح واإلمالة ‪ ،‬أي ‪ :‬بين لفظ الفتح ولفظ اإلمالة الكبرى ھذا تقيد بين اللفظ الفتح أو األلف مثله ولفظ اإلمالة الكبرى‬
‫وسط ال إمالة كبرى وال فتح خالص ال إمالة كبرى وال ألف خالصة ھذا ھو المراد باإلمالة ‪ ،‬القراء ما من قارئ إال وقد أمال‬
‫إال ما استثني وسيأتي لكن األكثر أنھم أمالوا ويختلفون في اإلمالة من جھة الكسرة ومن جھة القلة وإلى آخره لكن قراءتنا‬
‫مجراھا ﴾ ] ھود ‪ [41 :‬قال‬ ‫﴿ َ ْ َ َ‬ ‫ليس فيھا إال إمالة واحدة قراءة حفص عن عاصم إمالة واحدة وھي في سورة ھود‬
‫رحمه  تعالى ‪:‬‬

‫اسما َأو َْأفعاال‬ ‫الياء َ ْ ُ ُ‬


‫أصله ْ ً‬ ‫ُ‬ ‫َما‬ ‫ََ‬
‫أماَال‬ ‫َْ‬
‫قد‬ ‫ِ َ ِ ْ‬
‫والكسائي‬ ‫حمزةُ‬
‫َ َْ‬
‫)‬ ‫)‬

‫حمزةُ ِ َ ِ ُّ‬
‫والكسائي ( ھذا األصل لكنه خففه‬ ‫) َ َْ‬ ‫قد ( حرف تحقيق‬ ‫قد َ َ َ‬
‫أماال ( ) َ ْ‬ ‫حمزة والكسائي وھما من القراء السبعة ) َ ْ‬
‫ً‬ ‫َ‬
‫قد َ َ‬
‫أماال ( إمالة كبرى‬ ‫فعل ماضي واأللف ھنا للتثنية ترجع إلى حمزة والكسائي ) َ ْ‬ ‫قد َ َ َ‬
‫أماال ( األلف للتثنية أماال ھذا ٌ‬ ‫للوزن ) َ ْ‬
‫ً‬
‫مثال عند الوقف ‪ ،‬ال ‪ ،‬ھنا‬ ‫ً‬
‫أيضا أمالوا ھو ليس كاإلشمام‬ ‫ووصال يعني في حالة الوقف وفي حالة الوصل إذا وصلوا‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫وقفا‬
‫إمالة كبرى في الوصل وفي الوقف ‪ ،‬واإلمالة عند حمزة وعند الكسائي كبرى بمعنى أنه يأتي أو ينحو بالفتحة إلى الكسرة‬ ‫ً‬
‫‪141‬‬
‫ألف ينحو بھا إلى الياء أم َ َّ‬
‫ثم‬ ‫يرد السؤال ‪ :‬ھل كل ٍ‬ ‫تكاد تكون خالصة وينحو باأللف إلى الياء تكاد تكون خالصة ‪ ،‬لكن َ ِ ُ‬
‫تفصيل ؟‬
‫أصله ( ما أصله الياء ألن األلف كما سبق تكون منقلبة‬ ‫ُ‬
‫الياء ْ ُ‬‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫أماال ( ‪ .‬إمالة كبرى وصال ووقفا ) َما‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ثم تفصيل قال ‪َ ) :‬‬ ‫َ َّ‬
‫أيضا األلف المنقلبة عن ياء ھي التي تكون‬ ‫ً‬ ‫استثناء عندھم‬ ‫ٍ‬ ‫عن واو وقد تكون منقلبة عن ياء ‪ ،‬األلف المنقلبة عن ياء وعلى‬
‫أصله ( ) َما ( ٌ‬
‫اسم‬ ‫ُ‬
‫الياء ْ ُ‬‫َ‬ ‫ُ‬ ‫كثر عندھم في كتب القراءات ‪َ ) ،‬ما‬ ‫ثم استثناءات ُ ْ‬ ‫محالً لإلمالة الكبرى عند حمزة والكسائي لكن َ َّ‬
‫أصله ( ھذا خبر ‪ ،‬والجملة ال محل‬ ‫الياء ( مبتدأ ) َ ْ ُ ُ‬ ‫ُ‬ ‫أصله◌ُ ( )‬ ‫الياء َ ْ ُ‬ ‫ُ‬ ‫مفعول به ‪َ ) ،‬ما‬ ‫ٌ‬ ‫موصول بمعنى الذي في محل نصب‬
‫أصله ( قال بعضھم ‪َ ) :‬ما ( أي ‪ :‬الحرف الذي‬ ‫ُ‬
‫الياء ْ ُ‬‫َ‬ ‫ُ‬ ‫)‬ ‫لھا من اإلعراب صلة الموصول ‪َ ) ،‬ما ( أي ‪ :‬الحرف الذي‬
‫متطرفة يعني في آخر‬ ‫ٍ‬ ‫ياء تحقيقا حيث وقعت في القرآن ‪ ،‬كل ٍ‬
‫ألف‬ ‫ً‬ ‫منقلبة عن ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫متطرفة‬ ‫والمراد به ‪ -‬كضابط عندھم ‪ -‬كل ٍ‬
‫ألف‬
‫أيضا ‪ ،‬تحقيقاً‬ ‫ً‬ ‫منقلبة عن واو ‪ ،‬والواو ھذا فيه استثناء عندھم‬ ‫ٍ‬ ‫منقلبة عن ياء ال‬ ‫ٍ‬ ‫الكلمة متطرفة في الطرف آخر الكلمة ‪،‬‬
‫قطعا قوالً‬ ‫ً‬
‫بمعنى أن ليس في الكلمة اختالف في كون األلف منقلبة عن ياء أو واو ‪ ،‬ما جزم بكون األلف منقلبة فيه عن ياء ً‬
‫موضع في كل‬ ‫ٍ‬ ‫خارج عن ھذا القيد حيث وقعت في القرآن في كل‬ ‫ٌ‬ ‫واحدا ھذا أطلقوا عليه بأنه تحقيقي وما اختلف فيه فال ‪،‬‬ ‫ً‬
‫الحياة ﴾ و‬ ‫ْ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫سورة في كل آية وقعت بھذه القيود حمزة والكسائي قد أماال إمالة كبرى وصال ووقفا ‪ ،‬فخرج بقيد التحقيق نحو ﴿ َ َ ِ‬ ‫ٍ‬
‫ً‬
‫تحقيقا‬ ‫ً‬
‫الحياة ﴾ األلف ھذه ھل ھي منقلبة عن واو أو ياء فيه خالف إذا ليست األلف منقلبة عن ياء‬ ‫ومناة ﴾ ] النجم ‪ِ َ َ ْ ﴿ [20 :‬‬ ‫﴿ َ ََ َ‬
‫فال يمليھا ال حمزة وال الكسائي لماذا ؟‬
‫تحقيقا ال تحتمل أنھا منقلبة عن واو فما‬ ‫ً‬ ‫ألننا اشترطنا في الياء التي تمال أو األلف التي تمال ما كانت منقلبة عن ياء حقيقة‬
‫ومناة ﴾‬‫الحياة ﴾ و ﴿ َ َ َ َ‬
‫تحقيقا ‪ .‬نحو ﴿ ْ َ َ ِ‬ ‫ً‬ ‫حينئذ نقول ‪ :‬ال إمالة ‪ .‬فخرج بقوله ‪:‬‬ ‫ٍ‬ ‫احتملت أنھا منقلبة عن واو أو وقع فيه نزاع‬
‫قائم ﴾‬ ‫ً‬
‫أصل ھي أصل إذا الزائدة نحو ﴿ َ ِ ٌ‬ ‫ٍ‬ ‫لالختالف في أصلھما وقوله ‪ :‬منقلبة ‪ .‬أخرج ماذا ؟ أخرج الزائدة ألن المنقلبة عن‬
‫األلف ھذه زائدة ؟ ھل تدخلھا اإلمالة ؟ الجواب ‪ :‬ال ‪ ،‬لماذا ؟‬
‫ألنھا ليست منقلبة عن شيء وإنما ھي أصل ‪ ،‬وإن كانت لمعنى ‪ ،‬وبعن ياء نحو عصا ودعا ھذه منقلبة عن واو وليست‬
‫منقلبة عن ياء ودعا على المشھور منقلبة عن واو وليست منقلبة عن ياء وبالمتطرفة المتوسطة سار ھذه منقلبة عن ياء سار‬
‫تحقيقا ھل تدخلھا اإلمالة ؟ نقول ‪ :‬ال ‪ ،‬لماذا ؟‬ ‫ً‬ ‫يسير ًإذا األلف ھذه المنقلبة عن ياء‬
‫ألنھا ليست متطرفة ‪.‬‬
‫أصله ( ‪ .‬بھذه القيود ما أصله الياء يعني ‪ :‬الحرف الذي ھو ألف أصله الياء ووقعت ھذه‬ ‫الياء َ ْ ُ ُ‬ ‫ُ‬ ‫قد َ َ َ‬
‫أماال َما‬ ‫ًإذا قوله ‪ْ َ ) :‬‬
‫تحقيقا فما لم تتوفر ھذه القيود فال إمالة على األصل العام ‪.‬‬ ‫ً‬ ‫األلف متطرفة منقلبة عن ياء‬
‫أصله ( أي ‪ :‬الحرف الذي أصله الياء أو الياء أصله‬ ‫الياء َ ْ ُ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ما‬ ‫َ‬ ‫أماال‬
‫ْ َ‬ ‫َ‬
‫قد‬ ‫)‬ ‫والكسائي‬ ‫حمزة‬ ‫(‬ ‫ْ‬
‫أفعاال‬ ‫َ‬ ‫اسما َأو‬‫أصله ْ ً‬‫الياء َ ْ ُ ُ‬
‫ُ‬ ‫) َما‬
‫ألفا ليس المراد ھنا النظر لألصل فيمال أو ترجع األلف إلى أصلھا ثم تمال ال المراد بھا األلف وھذه األلف أصلھا‬ ‫‪ ،‬ثم قلبت ً‬
‫اسما َأو َْأفعاال ( يعني ‪ :‬سواء كانت األلف منقلبة عن‬ ‫ألفا ) ْ ً‬ ‫ألفا ما أصله الياء ما الياء أصله ثم انقلبت ً‬ ‫الياء ثم انقلبت الياء ً‬
‫واو وھي متطرفة سواء كانت في األسماء أو في األفعال ‪ ،‬والحروف ؟‬
‫قالوا ‪ :‬ال إمالة في الحروف ‪.‬‬
‫تحقيقا وھي متطرفة إذاً‬ ‫ً‬ ‫اسما أو فعال مثل الھدى ھدى ھذه األلف منقلبة عن ياء‬ ‫اسما ( يعني ‪ :‬كان ً‬ ‫أصله ْ ً‬‫الياء َ ْ ُ ُ‬
‫ُ‬ ‫) ما‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫تكون اإلمالة الكبرى عند حمزة والكسائي ‪ ،‬زنى ھذه ألف منقلبة عن ياء وھي متطرفة تحقيقا إذا تدخلھا اإلمالة الكبرى عند‬
‫اسما أو أفعاالً ھذه األلف بدل عن‬ ‫مأواكم ﴾ ‪ ) ،‬او َْأفعاال ( بألف اإلطالق سواء ً‬ ‫مثواكم ﴾ و ﴿ َ ْ َ ُ ُ‬ ‫حمزة والكسائي ‪ ،‬ومثلھا ﴿ َ ْ َ ُ ْ‬
‫أصال لأللف أو األلف التي‬ ‫ً‬ ‫التنوين جمع فعل والھمزة في ) او ( ھذه ساقطة للوزن ) َْأفعاال ( سواء كانت الياء التي كانت‬
‫متطرفة في األسماء كالھدى والزنا أو في األفعال كسعى وأتى ورمى وعسى ويخشى‬ ‫ً‬ ‫أصلھا الياء وھي متطرفة سواء كانت‬
‫وأبى ‪ ...‬إلى آخره ثم قال ‪:‬‬

‫زكى ُ ِ ْ‬
‫التزم‬ ‫حتى ِإلى ََلدى َ َ‬
‫على َ َ‬ ‫َ َّ‬ ‫باليا ُ ِ‬
‫رسْم‬ ‫ِ َ‬ ‫كيف َما‬
‫َ‬ ‫ََّأنى ِ َ ْ َ‬
‫بمعنى‬
‫)‬ ‫)‬
‫)‬ ‫‪............................‬‬ ‫‪....................‬‬ ‫ِْ َ ُ‬
‫إخراجھا‬
‫)‬

‫أيضا أنى في القرآن كيف ما وقعت حيثما وجدت أنى في القرآن فھذه داخلة فيما أماله حمزة‬ ‫ً‬ ‫) ََّأنى ( يعني ‪ :‬وأماال‬
‫والكسائي لكن قيدھا قال بمعنى كيف يعني التي تكون لالستفھام ‪ ،‬وإذا قيل كما قيل بأن أنى ال توجد في القرآن إال استفھامية‬
‫‪142‬‬
‫كيف ( لالحتراز‬ ‫َ‬ ‫بمعنى‬‫فحينئذ قوله ‪َ ْ َ ِ ) :‬‬ ‫ٍ‬ ‫فحينئذ القيد ھنا لبيان الواقع وإذا قيل بأن أنى تأتي في القرآن بمعنى متى‬ ‫ٍ‬ ‫بمعنى كيف‬
‫كيف ( ‪ .‬لبيان‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫بمعنى‬‫حينئذ على كال الحالين يكون قوله ‪ْ َ ِ ) :‬‬ ‫ٍ‬ ‫أيضا الشراح قالوا ‪ :‬بمعنى كيف وبمعنى متى ‪.‬‬ ‫‪ ،‬ولكن مع ذلك ً‬
‫أيضا مع ما سبق ما الياء‬ ‫ً‬ ‫فكون ﴾ أنى بمعنى كيف أي ‪ :‬وأماال ‪ .‬أي ‪ :‬حمزة والكسائي ‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬
‫الواقع ال لالحتراز ‪ ،‬أنى ﴿ أنى ُ ْيؤ‬
‫أيضا إنه داخل تحت أصل ما رسم بالياء يعني ‪:‬‬ ‫ً‬ ‫أصله أماال أنى بمعنى كيف التي لالستفھام وكذلك بمعنى متى ‪ ،‬وھذا قيل‬
‫حينئذ ال داعي إلى‬ ‫ٍ‬ ‫رسم ( ‪ .‬منه أنى وإذا كانت منه أنى‬ ‫باليا ُ ِ ْ‬ ‫تحت األصل الذي سيأتي ‪ .‬األصل الذي سيأتي بقولھم ‪َ ) :‬ما ِ َ‬
‫كيف ( أنى التي لالستفھام وبمعنى متى ‪ ،‬تأتي بمعنى كيف وتأتي‬ ‫َ‬ ‫تخصيصھا بالذكر ألنھا داخلة فيما سيأتي ) ََّأنى ِ َ ْ َ‬
‫بمعنى‬
‫بمعنى متى ‪ ،‬وفي اللغة تأتي بمعنى متى لكن في القرآن يحتاج إلى نظر ‪ ،‬قالوا ‪ :‬أنى التي بمعنى كيف إذا احترزنا بھا عن‬
‫التي بمعنى متى عالمتھا صالحية حلول كيف محلھا ‪ ،‬يعني ‪ :‬إذا صح أن تأتي بلفظ كيف محل فھي بمعناھا كما ھو الشأن‬
‫رسم ( ھذا الثالث ‪.‬‬ ‫باليا ُ ِ ْ‬ ‫في سائر الحروف أو الكلمات التي تنوب بعضھا عن بعض ) َما ِ َ‬
‫األول ‪ :‬أماال ما الياء أصله ‪.‬‬
‫الثاني ‪ :‬أنى التي بمعنى كيف ‪.‬‬
‫أيضا ما ‪ .‬أي ‪ :‬الحرف الذي بالياء رسم ‪ .‬أي ‪ :‬رسم بالياء ھكذا على صيغة مثل‬ ‫ً‬ ‫الثالث ‪ :‬ما بالياء رسم ‪ .‬يعني أماال‬
‫حُبلى وھُدى ما بالياء رسم ‪ ،‬ما رسم بالياء وھذا أعم من األول ‪.‬‬
‫رسم ( أيھما أعم ؟ ھذا أعم لماذا ؟‬ ‫باليا ُ ِ ْ‬ ‫أصله ( وھنا ) َما ِ َ‬ ‫الياء َ ْ ُ ُ‬‫ُ‬ ‫ما العالقة بين ھذا وبين السابق ) َ َ َ‬
‫أماال َما‬
‫ألنه قد يرسم بصورة الياء وتكون األلف ھذه منقلبة عن ياء فيصدق مع ما مضى وقد تكون أعم منقلبة عن واو وقد تكون‬
‫فحينئذ إذا لم يعن أن ھذه‬ ‫ٍ‬ ‫مجھولة األصل ألن بعض الحروف بعض الكلمات آخرھا ألف ونعلم أن األلف ال تكون إال أصالً‬
‫أيضا تدخلھا اإلمالة عند حمزة والكسائي‬ ‫ً‬ ‫الياءات المنقلبة عن واو أو ياء صارت مجھولة األصل وإذا كانت مجھولة األصل‬
‫رسم ( ‪َ ) .‬ما ( أي ‪ :‬الحرف الذي بالياء رسم ‪ .‬يعني في المصحف العثماني ‪ .‬وھي كل ألف متطرفة‬ ‫باليا ُ ِ ْ‬ ‫‪ً ،‬إذا قوله ‪َ ) :‬ما ِ َ‬
‫كتبت في الرسم العثماني بالياء مما ليس أصله الياء ‪ ،‬إذا أردنا فكه عن القيد السابق إذا أردنا أن نجعل ھذا أصالً مستقالً‬
‫رسم ( مما ليس أصله الياء بأن تكون زائدة أو عن واو في الثالثي مثل ماذا ؟ ﴿‬ ‫باليا ُ ِ ْ‬ ‫حينئذ نقول ‪َ ) :‬ما ِ َ‬ ‫ٍ‬ ‫وذاك أصالً مستقالً‬
‫وموسى ﴾‬ ‫﴿ َ ُ َ‬ ‫وعيسى ﴾ ‪،‬‬ ‫حسرتى ﴾ ] الزمر ‪َ ِ َ ﴿ ، [56 :‬‬ ‫] يوسف ‪َ ﴿ ، [84 :‬يا َ ْ َ َ‬ ‫أسفى ﴾‬ ‫بلى ﴾ ‪َ ﴿ ،‬يا َ َ َ‬ ‫متى ﴾ ‪َ َ ﴿ ،‬‬ ‫ََ‬
‫زكى ُ ِ ْ‬
‫التزم‬ ‫على َ َ‬‫حتى ِإلى ََلدى َ َ‬ ‫وغير ذلك مما رسم في المصحف العثماني بالياء إال ما استثني مما سيستثنيه المصنف ھنا ) َ َّ‬
‫رسم ( ألنھا رسمت بالياء لماذا إخراجھا ؟ ألنه لم يُنقل‬ ‫باليا ُ ِ ْ‬ ‫إخراجھا ( من أين ؟ ) َما ِ َ‬ ‫إخراجھا ( حتى التزم إخراجھا ) ِ ْ َ ُ‬ ‫ِْ َ ُ‬
‫حينئذ القراءة سنة متبعة حتى وإلى ولدى وعلى وزكى التزم إخراجھا من اإلمالة من الذي يمال‬ ‫ٍ‬ ‫إمالتھا فإذا لم ينقل إمالتھا‬
‫إخراجھا ( ھذا نائب فاعل اللتزم حتى وإلى وعلى‬ ‫ْ‬
‫ِ َ ُ‬ ‫)‬ ‫و‬ ‫بالياء‬ ‫المرسوم‬ ‫من‬ ‫يمال‬ ‫الذي‬ ‫من‬ ‫(‬ ‫إخراجھا‬‫من المرسوم بالياء ) ِ ْ َ ُ‬
‫ھذه الحروف ‪ ،‬قالوا ‪ :‬والحرف الحظ له في اإلمالة ‪ .‬ولدى ھذه اسم لدَ ى الباب في سورة يوسف أليس كذلك ﴿ ََلدى ْ َ َ ِ ِ‬
‫الحناجر‬
‫﴾ ] غافر ‪ [18 :‬أليس كذلك لدَ ى ھذه اسم وليست بحرف لماذا أخرجت عن اإلمالة ؟ قالوا ‪ُ :‬كتبت في بعض المصاحف‬
‫حينئذ لم تمل ‪ ،‬وزكى زكى ھذا‬ ‫ٍ‬ ‫باأللف دون صورة الياء فلما كتبت في بعض المصاحف باأللف وفي بعضھا بسورة الياء‬
‫واوي األلف ھذه منقلبة عن واو إخراجھا حتى وإلى ولدى وعلى وزكى ھذه الكلمات الخمس التزم إخراجھا من األصل الذي‬
‫رسم ( ‪.‬‬ ‫باليا ُ ِ ْ‬ ‫أخيرا وھو ) َما ِ َ‬ ‫ً‬ ‫ذكره‬
‫يمل (‬ ‫لم ُ ِ ِ‬‫َ‬
‫سواھما ( ھذا مبتدأ ) ْ‬ ‫سواھما ( سوى حمزة والكسائي ‪ُ َ ِ ) ،‬‬ ‫اعدل ( ‪ُ َ ِ ) ،‬‬ ‫لمحلَھا ْ ِ ِ‬ ‫ِّ‬ ‫ببعض ِ َ َ‬ ‫يمل ِإال ِ َ ْ ٍ‬‫َّ‬ ‫لم ُ ِ ِ‬ ‫َ‬
‫سواھما ْ‬ ‫) َِ ُ‬
‫ببعض ( ھذا إثبات فدل‬ ‫إال ِ َ ْ ٍ‬ ‫يمل ( ھذا نفي ) ِ َّ‬ ‫لم ُ ِ ِ‬ ‫َ‬
‫ببعض ( ) ْ‬ ‫إال ِ َ ْ ٍ‬‫يمل ِ َّ‬ ‫لم ُ ِ ِ‬ ‫َ‬
‫سواھما ( أي ‪ :‬سوى حمزة والكسائي ) ْ‬ ‫الجملة خبر ) ِ َ ُ‬
‫على ماذا ؟‬
‫يمل ( إمالة كبرى يعني ‪ :‬لم تتعلق إمالة سوى حمزة والكسائي‬ ‫لم ُ ِ ِ‬ ‫َ‬
‫أن المنفي ھنا اإلمالة الكبرى وليست اإلمالة الصغرى ) ْ‬
‫بكل ما أميل عندھما ال من جھة اإلمالة من كونھا كبرى وال من جھة ما تدخله اإلمالة يعني ‪ :‬من جھة الصفة أو من جھة‬
‫المحل ‪ ،‬من جھة الصفة كيفية اإلمالة فھي ليست بكبرى ‪ ،‬ومن جھة المحل يعني ‪ :‬ليس كل محل أماله حمزة والكسائي أماله‬
‫ببعض ( إال في بعض من المواضع إال ببعض من المواضع‬ ‫إال ِ َ ْ ٍ‬ ‫يمل ( إمالة كبرى ) ِ َّ‬ ‫لم ُ ِ ِ‬‫سواھما َ ْ‬ ‫غيرھما بل ثم خالف ‪ُ َ ِ ) ،‬‬
‫لمحلھا ( أي ‪ :‬اإلمالة ‪ِ ِ ْ ) .‬‬
‫اعدل‬ ‫اعدل ( ھذا أمر من العدل يعني ‪ :‬ال تظلم ‪َ ِّ َ َ ِ ) .‬‬ ‫لمحلھا ( أي ‪ :‬اإلمالة ‪ِ ِ ْ ) .‬‬ ‫اعدل ( ‪َ ِّ َ َ ِ ) ،‬‬ ‫) ِ َ َ ِّ َ‬
‫لمحلھا ْ ِ ِ‬
‫( بمعنى ‪ :‬ال تظلم ‪ ،‬فتأتي باإلمالة في موضعھا مما أماله غيره حمزة والكسائي أو لك أن تحمل اللفظ على معنى آخر ‪) ،‬‬
‫) ِْ ِ‬
‫اعدل‬ ‫ٍ‬
‫حينئذ‬ ‫عدالً وعدوالً بمعنى حاد وعدل إليه بمعنى رجع ‪،‬‬ ‫عدَل َيعْ ِد ُل َ ْ‬‫اعدل ( ھذا أمر من العدل َ َ‬ ‫اعدل ( ) ْ ِ ِ‬ ‫لمحلھا ْ ِ ِ‬‫ِ َ َ ِّ َ‬
‫( بمعنى ‪ :‬ارجع لمحلھا لمحل ذكرھا ھذه اإلمالة وھي كتب القراء والمعنى ھذا أحسن ‪ ،‬بمعنى أن المصنف أحالك إلى كتب‬
‫ببعض ( ًإذا سواھما لم يمل إال ببعض من المواضع ‪ ،‬ما ھي ھذه المواضع ؟ )‬ ‫إال ِ َ ْ ٍ‬‫الخالف وكتب ما يذكر فيھا من قراءات ) ِ َّ‬

‫‪143‬‬
‫اعدل ( لمحلھا يعني ‪ :‬ارجع لمكان ھذه المواضع لتعرف وتقف بنفسك فإن الموضوع طويل وال تحتمله ھذه المنظومة )‬ ‫ِْ ِ‬
‫ً‬ ‫ِ َ َ ِّ َ‬
‫لمحلھا ( أي ‪ :‬من الكتب ‪ِ ِ ْ ) .‬‬
‫اعدل ( ھذا أمر من َعدَل َيعْ ِد ُل عدوال إذا حاد ورجع ‪ .‬واضح ھذا ؟‬
‫يرد السؤال ما الفائدة من اإلمالة ؟‬
‫والضحى ﴾ يمدھا ثم قد يأتي باإلمالة )‬
‫قالوا ‪ :‬فائدة اإلمالة سھولة اللفظ وذلك أن اللسان يرتفع بالفتح وينحدر باإلمالة ﴿ َ ُّ َ‬
‫والضحي ( فكأنه أمالھا إلى الياء ) والضحي ( لم يرتفع لسانه كما ھو الشأن فيما إذا نطق باأللف كما ھي ‪ ،‬أن اللسان يرتفع‬
‫بالفتح وينحدر باإلمالة واالنحدار أخف عن اللسان من االرتفاع فلھذا أمال من أمال ‪ ،‬وأما من فتح ولم يمل فإنه رعى كون‬
‫ابن كثير فإنه لم يمل‬‫ابن كثير بالنصب ًإذا وكل القراء العشرة أمالوا إال َ‬‫الفتح األصل وكل القراء العشرة أمالوا إال من ؟ إال َ‬
‫شيًئا في جميع القرآن وحاصل ما ُذكر في ھذا الباب اختصره المساوي في شرح اختصار جيد أن القراء في اإلمالة على‬
‫قسمين ‪:‬‬
‫األول ‪ :‬منھم من أمال ‪.‬‬
‫الثاني ‪ :‬منھم من لم يمل ‪.‬‬
‫قسمان القراء منھم من أمال ‪ ،‬ومنھم من لم يمل ‪.‬‬
‫واألول الذين ھم أمالوا من أمال األول قسمان ‪ :‬مقل ‪ ،‬ومكثر ‪.‬‬
‫مقل ھم ‪ :‬ابن عامر ‪ ،‬وعاصم ‪ ،‬وقالون فإنھم ال يميلون إال في مواضع معدودة من ؟ ابن عامر ‪ ،‬وعاصم ‪ ،‬وقالون فإنھم‬
‫ال يميلون إال في مواضع معلومة ‪ ،‬ھؤالء المقلون ‪.‬‬
‫ومكثر ھذا من القسم األول ومكثر وھم ‪ :‬ورش ‪ ،‬وحمزة ‪ ،‬والكسائي ‪ ،‬وأبو عمرو ‪ .‬فإنھم أمالوا في مواضع كثيرة لكن‬
‫ً‬
‫جمعا بين اللغتين أبو‬ ‫أصل حمزة والكسائي اإلمالة الكبرى وأصل ورش اإلمالة الصغرى وأما أبو عمرو فمتردد بينھما‬
‫عمرو متردد بينھما بين الكبرى والصغرى ً‬
‫جمعا بين اللغتين ‪.‬‬
‫ثم قال رحمه  ‪:‬‬
‫المد‬
‫النوع الرابع ‪ُّ َ :‬‬

‫ورش َ ْ َ‬
‫أطول ُ‬ ‫حمزةُ َ ْ ٌ‬ ‫وفيھما َ ْ َ‬
‫ِْ ِ َ‬ ‫يوصل ُ ‪َ ،‬أو َما ُ ْ َ‬
‫يفصل ُ‬ ‫نوعان َما ُ َ‬ ‫َْ ِ‬
‫)‬ ‫)‬
‫حرى‬‫عمرو َ ِ‬ ‫فأبو َ ْ ٍ‬‫َ‬
‫الكسائي َ ُ‬
‫مع ِ َ ِ ْ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ِِ‬
‫عامر‬ ‫ابن‬
‫ُ‬ ‫ََْ َ‬
‫فبعدهُ‬ ‫ََ ِ ٌ‬
‫فعاصم‬
‫)‬ ‫)‬
‫صلْ‬ ‫خلفھم في ُ ْ َ‬
‫المنف ِ‬ ‫ولكن ُ ْ ُ ُ ْ‬
‫طرا ِ ْ‬ ‫ُ ًّ‬ ‫ُ َّ ِ‬
‫المتصلْ‬ ‫مكنوا في‬‫مد َ َّ ُ‬ ‫وحرف َ ٍّ‬
‫َ ْ َ‬
‫)‬ ‫)‬

‫كرد َ ًّ‬
‫ردا ‪.‬‬ ‫مد َيم ُُّد َ ًّ‬
‫مدا َ َ َّ‬ ‫العقد الثالث وھو ما يرجع إلى األداء المد وھو مصدر َ َّ‬
‫خلفھم في المنفصل النوع الرابع من ِ‬

‫كرد َ ًّ‬
‫ردا‬ ‫ِمنْ ِذي َ َ‬
‫ثالثة َ َ ّ‬ ‫ْالم َ َّ‬
‫ُعدى‬ ‫دَر‬
‫َمصْ ٍ‬ ‫ِقياسُ‬ ‫َفعْ ٌل‬
‫)‬ ‫)‬

‫ربكم ﴾ ] آل عمران ‪ . [125 :‬أي ‪ :‬يزدكم ربكم وعكسه القصر ألن عندنا‬ ‫يمددكم َ ُّ ُ‬
‫المد في اللغة ‪ :‬الزيادة ‪ .‬قال تعالى ‪ْ ُ ْ ِ ْ ُ ﴿ :‬‬
‫مقصورات ِفي ْ ِ َ ِ‬
‫الخيام ﴾ ]‬ ‫مد وقصر مد فالن وقصر فالن ًإذا ضده وھو في اللغة ‪ :‬المنع ‪ .‬القصر في اللغة ‪ :‬المنع ‪ٌ ُ ﴿ .‬‬
‫حور َّ ْ ُ َ ٌ‬
‫ً‬
‫مقصورا عند النحاة لكونه منع الحركة ‪.‬‬ ‫الرحمن ‪ [72 :‬قيل ‪ :‬بمعنى المد ‪ .‬وقيل ‪ :‬بمعنى الحبس ‪ .‬ومنه سمي المقصور‬
‫مط ‪ ،‬المط ھو المد والمد ھو المط ‪ ،‬والمط ما ھو ؟ ھو طول زمن الصوت ﴿ َيا‬ ‫وأما المد في االصطالح فھو ‪ :‬زيادة ٍ‬
‫أيھا ﴾ ] مدھا ‪ [4‬ھذا طول زمن الصوت ھذا ھو المط ‪ ،‬فالمد ھو المط والمط ھو المد لكن ليس كل مط وإنما ھو محدود‬ ‫َ ُّ َ‬
‫اصطالحا زيادة مط في حرف المد على المد الطبيعي ‪ ،‬وما ھو المد الطبيعي ؟ قالوا ‪ :‬المد‬ ‫ً‬ ‫بقواعد وأصول ‪ً ،‬إذا المد‬
‫الطبيعي ھذا نسبة إلى الطبيعة والسليقة يعني النفس السليمة تأتي بحركته ال تزيد وال ينقص ‪ ،‬المد الطبيعي ھو المد الذي ال‬
‫قول ھذا مد‬ ‫ٌ‬ ‫تقوم ذات الحرف إال به يعني ‪ :‬ال يمكن أن يؤتى بالحرف على وجھه الصحيح التام دون مط إال بھذا الوجه‬
‫حينئذ قول ھذه جاءت على‬ ‫ٍ‬ ‫طبيعي حركتين ألن كل حرف األصل أنه من حروف المد له حركتان له ألف كما يعبر بعضھم‬

‫‪144‬‬
‫طبيعتھا والسليقة لم يقل ُقول ] مد ‪ [2‬أو قُول ] مدھا ‪ [4‬ھذا لم يزد ولم ينقص المد الذي ال تقوم ذات الحرف إال به وليس‬
‫ً‬
‫طبيعيا ألن صاحب الطبيعة السليمة ال ينقصه‬ ‫السببي ال بد من ھمز وسكون ‪ ،‬وسمي‬‫بعده ھمز وال سكون ألن المد الفرعي ّ ِ ّ‬
‫عن حده وال يزيد عليه ‪ ،‬وحده حركتان ويعبر عنه بألف ‪ ،‬كل ألف عن حركتين والحركة ھي بسط األصبع وقبضھا ال‬
‫باستعجال وال ببطء ‪ ،‬يعني ال يستعجل الحركة ھكذا ال ينقصھا عن حده وال يزيد عليه ‪ ،‬وحده مقدار ٍ‬
‫ألف يعني ‪ :‬مقدار‬
‫ووقفا وقدر األلف ھي أن تمد صوتك بقدر النطق بحركة إحداھما حركة الحرف الذي قبل المد واألخرى ھي‬ ‫ً‬ ‫حركتين وصالً‬
‫اصطالحا زيادة مط في حرف المد على المد الطبيعي لو قال على حركتين لما احتجنا إلى تعريف‬‫ً‬ ‫حرف مد ًإذا عرفنا المد‬
‫ٍ‬
‫حينئذ ابتداء المد غير الطبيعي ابتدائه من ثالث فأكثر ألن االثنين‬ ‫المد الطبيعي ‪ ،‬زيادة مط في حرف المد على حركتين‬
‫لسببي فھذا ما زاد على حركتين فأقله ثالث ‪.‬‬
‫الحركتين ھذه المد الطبيعي والمد الفرعي وا َ ِ ّ‬

‫ورش َ ْ َ‬
‫أطول ُ‬ ‫حمزةُ َ ْ ٌ‬
‫وفيھما َ ْ َ‬
‫ِْ ِ َ‬ ‫يوصل ُ ‪َ ،‬أو َما ُ ْ َ‬
‫يفصل ُ‬ ‫َْ ِ‬
‫نوعان َما ُ َ‬
‫)‬ ‫)‬

‫حروف المد ثالثة األلف ‪ ،‬والواو ‪ ،‬والياء ‪ .‬يقول الحريري ‪:‬‬

‫ھن حروف االعتدال المكتنف‬ ‫ً‬


‫جميعا واأللف‬ ‫الواو والياء‬
‫)‬ ‫)‬

‫فالواو الساكنة المضموم ما قبلھا ‪ ،‬والياء الساكنة المكسور ما قبلھا ‪ ،‬واأللف المفتوح ما قبلھا ال تكون إال مفتوح ما قبلھا‬
‫حينئذ ھي حرف‬‫ٍ‬ ‫ولذلك ھي حرف مد ولين وحرف علة ‪ ،‬وأما الياء والواو إن سكنتا وحرك ما قبلھا بحركة ليست من جنسھا‬
‫لين ألنھا بمجرد السكون ھي حرف لين ثم إذا حرك ما قبل الياء بحركة من جنس الياء التي ھي كسرة أو الواو سكنت‬
‫حينئذ صارت ماذا ؟ حرف مد إذا كانت من جنس الواو أو الياء وإذا‬ ‫ٍ‬ ‫وحرك ما قبلھا بحركة من جنس الواو التي ھي الضمة‬
‫لم تكن فھي حرف لين فقد يجتمعان وقد يفترقان ‪ ،‬قد يفترقان وقد يجتمعان َ ْقو ٌل َبي ٌْع َ ْقول واو سكنت ‪ً ،‬إذا صارت حرف لين‬
‫حينئذ صارت حرف لين فقط ‪ْ َ ،‬قو ٌل ‪َ ،‬بي ٌْع ياء ساكنة‬ ‫ٍ‬ ‫ما قبلھا من جنسھا أو ال ؟ ليس من جنسھا الفتحة ليست من جنس الواو‬
‫يقو ُل َِيبيعُ فھي حرف مد وحرف لين وتسمى حروف الزيادة وحروف المد وحروف‬ ‫فتح ما قبلھا فھي حرف لين فقط ‪ ،‬أما َ ُ‬
‫وذكر ؟ ] نعم أحسنت [ ال مد وال لين ليست بحرف مثل الصحيح صارت مثل‬ ‫وعدَ َ َ َ َ‬
‫اللين ‪ ،‬فإذا تحركتا الواو والياء مثل َ َ‬
‫حرف الصحيح وسميت حروف العلة لماذا ؟ لكثرة تغيراتھا ألنھا تنقلب الواو ياء ميزان ميوزان وتنقلب الواو ألف وتنقلب‬
‫الواو ياء وتنقلب الياء واو وتنقلب الواو والياء ألف ‪ً .‬إذا ھذه التغيرات ھذا األصل في العلة ‪ً ،‬إذا عرفنا أن حروف المد ثالثة‬
‫األلف والواو الساكنة المضموم ما قبلھا والياء الساكنة المكسور ما قبلھا المد نوعان ‪:‬‬
‫نوحيھا ﴾ ] ھود ‪[49 :‬‬ ‫أصلي ويسمى الطبيعي وذكرناه فيما سبق ألنه ذكره في الحد مثاله يكون فيما اجتمع فيه الثالث ﴿ ُ ِ َ‬
‫طبيعي ‪ً ،‬إذا نقول ‪ :‬المد نوعان ‪:‬‬ ‫ٌّ‬ ‫ًّ‬
‫طبيعيا ومدھا ٌّ‬
‫مد‬ ‫نو حي ھا ألف حروف المد الثالثة اجتمعت في ھذه الكلمة ومدھا ً‬
‫مدا‬
‫نوحيھا ﴾ وذكر تعريفه ‪.‬‬ ‫أصلي ويسمى طبيعي مثاله ﴿ ُ ِ َ‬
‫النوع الثاني الفرعي ‪ :‬وھو الذي يتوقف على سبب ‪ ،‬والسبب ھو أمران ‪ :‬الھمزة ‪ ،‬والسكون ‪ .‬وشرطه وجود حرف من‬
‫جدا لكن الذي ذكره المصنف ھنا نوعان المتصل والمنفصل وإذا‬ ‫أنواعا كثيرة ً‬
‫ً‬ ‫حروف المد الثالثة السابقة ‪ ،‬وذكروا منه‬
‫أدخلوا العارض والالزم إلى آخره وحرفي وكلمي إلى آخر ما يذكر في كتب التجويد لكن المراد ھنا أن بعضه سببي وھو‬
‫الفرعي والسبب أمران ‪ :‬ھمز ‪ ،‬وسكون ‪ .‬ھذا أنواع كثيرة الذي يذكر ھنا معنا ھو المتصل يُسمى الواجب المتصل ‪،‬‬
‫والمنفصل ‪.‬‬
‫المد الواجب المتصل ھو أن يأتي حرف المد والھمزة بعده أن يأتي حرف المد الذي ھو ‪ :‬الواو ‪ ،‬أو الياء ‪ ،‬أو األلف ‪.‬‬
‫بريئا ً ﴾ ‪ ..‬إلى آخره ‪ ،‬سمي متصالً لماذا ؟‬ ‫السماء ﴾ ‪ِ َ ِ َ َ ْ ﴿ ،‬‬
‫المالئكة ﴾ ‪َ ﴿ ،‬جاء ﴾ ‪ِ َ ﴿ ،‬‬ ‫والھمزة بعده في كلمة واحدة مثل ماذا ؟ ﴿ َّ َ ِ‬
‫ً‬
‫لمجيء الھمزة التي ھي سبب المد مع حرف المد في كلمة واحدة اتصاال في كلمة واحدة سمي متصال لماذا ؟ لمجيء‬
‫واجبا ألنھم يعبرون المد الواجب المتصل سمي‬ ‫ً‬ ‫الھمزة والمد معه في كلمة واحد أو قلنا ‪ :‬التصال الھمزة بحرف المد وسمي‬
‫واجبا وھل المراد الوجوب االصطناعي أو الوجوب الشرعي ھذا ھو الذي فيه خالف وقع ‪ ] ،‬من لم يجود القرآن آثم [ ٌ‬
‫آثم ‪،‬‬ ‫ً‬
‫ھذا إثم شرعي أو إثم اصطناعي ؟‬

‫‪145‬‬
‫ً‬
‫خالفا‬ ‫شرعيا أليس كذلك ‪ ،‬العقاب والثواب شرعيان ال إشكال بإجماع أھل السنة‬ ‫ًّ‬ ‫ما عندنا اصطناع اإلثم ال يكون إال‬
‫المعتزلة ومن على شاكلتھم ‪ ،‬فالثواب والعقاب شرعيان ‪ ،‬وأما الوجوب عند الصرفيين والوجوب عند النحاة ‪ ..‬إلى آخره‬
‫أثمت ؟‬‫ُ‬ ‫زيدا يجب نصبه ھنا واجب النصب ھنا لكن تقول ‪ :‬ضربت ٌ‬
‫زيد ‪.‬‬ ‫ضربت ً‬
‫ً‬
‫واجبا لماذا ؟‬ ‫ِّي‬
‫حينئذ الواجب ھنا المد ُسم َ‬ ‫ٍ‬ ‫زيد ‪.‬‬ ‫ال ‪ ،‬لست بآثم ‪ ،‬ضربت ٍ‬
‫فحينئذ قال ‪ :‬إلجماع القراء على مدھم لم يختلفوا فيه ‪ ،‬ومن يرى أنه شرعي‬ ‫ٍ‬ ‫قيل ‪ :‬ألنه من ال يرى أن التجويد واجب‬
‫ً‬
‫واجبا الجتماع أو إلجماع القراء اجتماعھم على مده أكثر من حركتين إذا خرج عن‬ ‫ً‬ ‫فحينئذ يكون باألدلة الشرعية ‪ ،‬وسُمي‬ ‫ٍ‬
‫المد الطبيعي أكثر من حركتين ‪.‬‬
‫ومقدار مده ھذا ما وقع فيه النزاع ‪ ،‬لكن عندنا أربع حركات أو خمس حركات ‪.‬‬
‫أنزل َ ﴾ ] البقرة ‪:‬‬ ‫َ‬
‫المد الجائز المنفصل ھو ‪ :‬أن يأتي حرف المد في آخر الكلمة األولى والھمزة أول الكلمة التي بعدھا ﴿ َما َ‬
‫‪ [159‬ما حرف نفي آخرھا ألف وھي من حروف المد ‪ ،‬الكلمة التي تليھا أولھا ھمزة ًإذا وقع في كلمتين آخر الكلمة األولى‬
‫حرف مد وأول الكلمة التي تليھا ھمزة ‪.‬‬
‫منفصال لوجود المد في آخر الكلمة والھمزة في أول الكلمة األخرى ‪ ،‬جائز لماذا ھو جائز ؟‬ ‫ً‬ ‫سُمي‬
‫وجائزا لجواز قصره عند غير حفص لبعض القراء ومقدار مده على الخالف الذي سيذكره‬ ‫ً‬ ‫لوقوع االختالف فيه ‪،‬‬
‫آمنوا ُقوا َ ُ َ ُ ْ‬
‫أنفسكم ﴾ ]‬ ‫الذين َ ُ ْ‬ ‫أيھا َّ ِ َ‬ ‫آدم ﴾ ] البقرة ‪َ ﴿ ، [33 :‬يا َ ُّ َ‬ ‫المصنف أربعة حركات أو خمس حركات مثل المتصل ﴿ َيا َ ُ‬
‫التحريم ‪ [6 :‬نقول ‪ :‬ھذا مد منفصل لكن خالصة ما سيذكره المصنف ھو أن المتصل والمنفصل اتفقا في الزيادة وتفاوتا في‬
‫النقص ‪ ،‬فال يجوز الزيادة على ست حركات التي ثالثة ألفات ست حركات ال يجوز الزيادة في المتصل وال المنفصل على‬
‫ست حركات ‪ ،‬وال يجوز نقص المتصل عن ثالث حركات وال المنفصل عن حركتين المتصل ‪ ،‬المتصل ال يجوز أن ينقص‬
‫فحينئذ ال بد من حركة واحدة‬ ‫ٍ‬ ‫طبيعيا وھم أجمعوا على مده ومطه ‪،‬‬ ‫ً‬ ‫على ثالث حركات لماذا ؟ ألنه لو نزل حركتين صار‬
‫طبيعيا ‪ ،‬فأقل ما نقل ثالث حركات فال يجوز نقصه عن ثالث‬ ‫ً‬ ‫مدا متصالً لصار ً‬
‫مدا‬ ‫طبيعيا وإال لما كان ً‬ ‫ً‬ ‫تخرجه عن كونه‬
‫حركات ‪ ،‬وال المنفصل عن حركتين ال يجوز نقص المنفصل عن حركتين صار مثل الطبيعي لماذا ؟ للخالف ألن بعضھم‬
‫أنفسكم ﴾ ھذا مثله مثل الطبيعي ‪ .‬ثم قال المصنف رحمه  تعالى ‪ :‬وھذا باب‬ ‫آمنوا ُقوا َ ُ َ ُ ْ‬ ‫أيھا َّ ِ َ‬
‫الذين َ ُ ْ‬ ‫يقصر المنفصل ھذا ﴿ َيا َ ُّ َ‬
‫من أبواب التجويد ‪ ،‬ھناك تفصيالت أخر ‪:‬‬
‫يفصل ُ ( ھذا خبر مبتدأ محذوف ‪ ،‬والمد نوعان ‪ .‬ھل المد محصور في نوعين ؟‬ ‫يوصل ُ ‪َ ،‬أو َما ُ ْ َ‬ ‫نوعان َما ُ َ‬ ‫) َْ ِ‬
‫مدا وھو المتصل والمنفصل نوعان والمد‬ ‫محصورا وإنما أراد أن يذكر حكم نوعين فقط ‪ ،‬وھو أشھر ما يكون ً‬ ‫ً‬ ‫ال ‪ ،‬ليس‬
‫يوصل ُ ( ھذا في‬ ‫ً‬
‫يوصل ُ ( أي الذي يوصل ‪ ،‬والموصول مع صلته في قوة المشتق نوعان المتصل إذا قوله ‪َ ) :‬ما ُ َ‬ ‫نوعان ) َما ُ َ‬
‫يفصل ُ ( أي المنفصل ‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫قوة المشتق ما ھو المشتق الذي ُيب ُْدل به اللفظ ھنا ؟ المتصل ‪ ،‬نوعان المتصل ) أو ( ھذه للتنويع ) َما ُ َ‬
‫يفصل ُ ( أي المنفصل بأن يكون‬ ‫يوصل ُ ( أي المتصل بأن يكون حرف المد والھمزة في كلمة واحدة ‪َ ) ،‬أو َما ُ ْ َ‬ ‫نوعان ) َما ُ َ‬
‫حرف المد والھمزة في كلمتين ومثال ما ذكرناه ‪.‬‬
‫واألول يسمى ‪ :‬المد المتصل أو واجب الواجب المتصل ‪.‬‬
‫والثاني يسمى ‪ :‬بالمد الجائز ‪.‬‬
‫وذاك واجب إلجماع واجتماع القراء على مده وھذا جائز الختالف القراء في مده ‪ ،‬فابن كثير والسوسي يقصرانه ويمدانه‬
‫مط على حرف المد على حركتين ‪ ،‬والقصر ترك تلك الزيادة‬ ‫‪ ،‬يقصرانه يعني ‪ :‬القصر ضد المد ‪ ،‬المد ھو ‪ :‬المط زيادة ٍ‬
‫ً‬
‫فحينئذ ابن كثير والسوسي يقصرانه ويمدانه والباقون يمدانه بال خالف ‪ ،‬إذا وقع نزاع منھم‬ ‫ٍ‬ ‫وإبقاء المد طبيعي على حاله ‪،‬‬
‫من يعامل المنفصل معاملة الطبيعي فيمده حركتين ‪.‬‬
‫أطول ُ ( من غيرھما‬ ‫َ‬
‫ورش ْ َ‬ ‫حمزةُ ‪ٌ ْ َ ،‬‬ ‫وفيھما ( أي ھذين النوعين المتصل والمنفصل ) َ ْ َ‬ ‫يوصل ُ ‪َ ،‬أو َما ُ ْ َ‬
‫يفصل ُ ِ ْ ِ َ‬ ‫نوعان َما ُ َ‬ ‫) َْ ِ‬
‫ش ( بإسقاط حرف العطف حمزةُ بدون تنوين ألنه ممنوع من الصرف‬ ‫ور ٌ‬ ‫) َ َْ ُ‬
‫حمزة ‪ْ َ ،‬‬ ‫وفيھما ( أي المدين‬ ‫بالتثنية ) ِ ْ ِ َ‬
‫ً‬
‫تقريبا‬ ‫ٍ‬
‫ألفات‬ ‫أطول ُ ( من غيرھما ولھما ثالث‬ ‫َ‬
‫وورش ( بإسقاط الواو للوزن ) ْ َ‬ ‫ٌ‬ ‫ورش ( ) حمزة‬ ‫حمزةُ ‪ٌ ْ َ ،‬‬ ‫للعلمية والتأنيث ) َ ْ َ‬
‫حينئذ أطول ما يمد فيھما المتصل والمنفصل ست حركات ‪ ،‬قالوا ‪ :‬وال يجوز الزيادة عليھما ‪ ،‬ال يجوز‬ ‫ٍ‬ ‫واأللف بحركتين‬
‫أطول ُ ( من‬ ‫َ‬
‫ورش ْ َ‬ ‫حمزة ‪ٌ ْ َ ،‬‬ ‫وفيھما َ ْ َ ُ‬ ‫ً‬
‫الزيادة على ست حركات ألن أكثر ما س ُِمع ھو ثالث ألفات عند حمزة وورش ‪ ،‬إذا ) ِ ْ ِ َ‬
‫تقريبا في األشھر عند المتأخرين ‪.‬‬ ‫ً‬ ‫غيرھما ولھما ثالث ألفات‬
‫عاصم‬
‫ٌ‬ ‫ً‬
‫وورشا‬ ‫فعاصم ( والعطف مع الترتيب يعني ‪ :‬فيليھما في الطول فيلي حمزة‬ ‫فعاصم ( والفاء ھنا للترتيب ) َ َ ِ ٌ‬ ‫) ََ ِ ٌ‬
‫فيليھما في ماذا ؟ في الطول وله ألفان ونصف األلف بحركتين واأللفان بأربعة ونصف األلف حركة ‪ ،‬خمس ‪ ،‬ھكذا يعبرون‬
‫تقريبا وله مذھب آخر كمذھب ابن عامر والكسائي اآلتي ألفان‬ ‫ً‬ ‫ٌ‬
‫ونصف‬ ‫عاصم في الطول وله ألفان‬ ‫ٌ‬ ‫فعاصم ( يعني ‪ :‬فيليھما‬ ‫) ََ ِ ٌ‬
‫‪146‬‬
‫مع ِ َ ِ ْ‬
‫الكسائي ( فبعده‬ ‫ابن َ ِ ِ‬
‫عامر َ َ‬ ‫مذھب آخر وھو أربع حركات ) َ َ ْ َ‬
‫فبعدهُ ُ‬ ‫ٌ‬ ‫فقط يعني أربع حركات ًإذا عاصم خمس حركات وله‬
‫عاصما في الطول ابن عامر الفاء ھنا مرادة للترتيب وھو اآلن بدأ بماذا ؟ باألطول ثم يبدأ اآلن أن‬ ‫ً‬ ‫أي بعد عاصم يعني فيلي‬
‫مع ِ َ ِ ْ‬
‫الكسائي ( ولھما‬ ‫ابن َ ِ ِ‬
‫عامر َ َ‬ ‫تقريبا ) ُ‬
‫ً‬ ‫عاصم الذي له ألفان ونصف‬‫ٍ‬ ‫فبعدهُ ( يعني بعد‬ ‫َ‬
‫فعاصم ‪َ ْ َ ،‬‬ ‫َ‬
‫يقف على ثالث حركات ‪ٌ ِ َ ) ،‬‬
‫عمرو‬
‫ٍ‬ ‫عمرو ( يعني ‪ :‬فيليھما فيلي ابن عامر مع الكسائي أبو‬ ‫فأبو َ ْ ٍ‬‫َ‬ ‫َ‬
‫تقريبا يعني أربع حركات في المتصل والمنفصل ‪ُ ) ،‬‬ ‫ً‬ ‫ألفان‬
‫عمرو ( يعني ‪ :‬فيليھما فيلي ابن عامر والكسائي‬ ‫َ‬
‫فأبو َ ْ ٍ‬
‫) ُ‬ ‫َ‬ ‫العطف ھنا يكون على ما قبله ال على األول يكون على ما قبله‬
‫تقريبا ثالثة حركات ھذا آخر‬ ‫ً‬ ‫ٌ‬
‫ونصف‬ ‫عمرو وقالون وابن كثير وله ٌ‬
‫ألف‬ ‫ٍ‬ ‫عمرو وقالون وابن كثير ليس فقط أربعة فأبو‬ ‫ٍ‬ ‫أبو‬
‫مذھب آخر ألفان أربع حركات يعني ‪ :‬وافق ابن عامر‬ ‫ٌ‬ ‫تقريبا وله‬‫ً‬ ‫ٌ‬
‫ونصف‬ ‫عمرو ( له ٌ‬
‫ألف‬ ‫َ‬
‫فأبو َ ْ ٍ‬ ‫َ‬
‫واحد وقفنا عنده ‪ُ ) ،‬‬
‫ً‬
‫حرى ( يعني حقيق وجدير بالتلو في المد أن يتلو ما سبق ‪ ،‬إذا وقع نزاع المد ‪ ،‬ثم قال ‪:‬‬ ‫ٌ‬ ‫عمرو َ ِ‬ ‫والكسائي ) َ َ ُ‬
‫فأبو َ ْ ٍ‬

‫خلفھم في ُ ْ َ ِ‬
‫المنفصلْ‬ ‫ولكن ُ ْ ُ ُ ْ‬ ‫ُ ًّ‬
‫طرا ِ ْ‬ ‫ُ َّ ِ‬
‫المتصلْ‬ ‫مد َ َّ ُ‬
‫مكنوا في‬ ‫وحرف َ ٍّ‬
‫َ ْ َ‬
‫)‬ ‫)‬

‫مفعول به مقدم لمكنوا حرف مد مضاف إليه ‪ ،‬حرف مد المراد به الواو واأللف والياء‬ ‫ٌ‬ ‫حرف (‬
‫مكنوا ( ‪َ ْ َ ) ،‬‬ ‫مد َ َّ ُ‬ ‫وحرف َ ٍّ‬ ‫) َ ْ َ‬
‫مكنوه بمعنى أنھم‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫مكنوا ( أي القراء مكنوا حرف المد بمعنى أن القراء مكنوا حرف المد أي جعلوا له مكانة ومنزلة ‪َّ َ ،‬‬ ‫) َ َّ ُ‬
‫اتفقوا في المد المتصل على اعتبار أثر الھمزة وھو زيادة المد المسمى عندھم بالمد الفرعي فال يجوز نقصه عن ثالث‬
‫المتصلْ ( أي في المد المتصل مكنوه بماذا ؟‬ ‫مد في المد المتصل ) في ُ َّ ِ‬ ‫سابقا ‪ً ،‬إذا مكنوا أي القراء حرف ٍ‬ ‫ً‬ ‫حركات لما ذكرناه‬
‫عمرو ٌ‬
‫ألف‬ ‫ٍ‬ ‫ُ‬
‫فحينئذ أقل ما وقفوا عليه ھو ما ذكر عن أبي‬ ‫ٍ‬ ‫ً‬
‫مدا فزادوه مطا‬ ‫بأنه مطوه عن أصله ‪ ،‬أصله حركتان فزادوه ً‬
‫طرا (‬ ‫ُ‬
‫طبيعيا ‪ًّ ) .‬‬
‫ً‬ ‫ونصف يعني ‪ :‬ثالث حركات ‪ ،‬ولو نزل قالوا ‪ :‬ال يجوز نزوله عن ثالثة حركات ألنه لو نزل لصار ً‬
‫مدا‬ ‫ٌ‬
‫استثناء منھم وإنما الخالف وقع في ماذا ؟ في المد المنفصل ‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫جميعا تأكيد ھذا من غير‬ ‫ً‬ ‫مكنوا (‬ ‫جميعا ) َ َّ ُ‬‫ً‬ ‫أي‬
‫استثناء منھم وإنما الخالف في القدر‬ ‫ٍ‬ ‫جميعا من غير‬ ‫ً‬ ‫طرا ( أي‬‫المتصلْ ( أي في المد المتصل ) ُ ًّ‬ ‫مكنوا في ُ َّ ِ‬ ‫مد َ َّ ُ‬ ‫وحرف َ ٍّ‬
‫) َ ْ َ‬
‫أي مقدار تلك الزيادة ‪ ،‬إذا لھم اتفاق في المتصل ولھم خالف اتفقوا على أنه ال بد من المد ثم اختلفوا في مقدار تلك الزيادة‬ ‫ً‬
‫ولذلك كما ذكرناه أن بعضھم يمده ست حركات وبعضھم خمس وبعضھم أربع وبعضھم ثالث ھذا يستوي فيه المتصل‬
‫عمرو وقالون وابن كثير أنه‬ ‫ٍ‬ ‫فحينئذ ال بد ألن أقل ما ُنقل عن أبي‬ ‫ٍ‬ ‫والمنفصل ‪ً ،‬إذا في مقدار الزيادة وقع نزاع أما في المد‬
‫فحينئذ أقل ما سمع ھو الذي يجب الوقوف عنده والنزول إلى ما دونه قالوا ‪ :‬ال يجوز ‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫ونصف وھذا أقل ما سمع ‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬
‫ألف‬
‫إذا حصل إجماع وحصل خالف حصل إجماع في المد ‪ ،‬المد من حيث ھو ‪ ،‬وحصل خالف في مقدار الزيادة وھذا َير ُّدنا‬ ‫ً‬
‫قول البلقيني فيما سبق ‪ :‬ھل األداء وكيفية األداء من التخفيف واإلمالة والمد متوترة أم ال ؟‬
‫البُلقيني توسط ‪ .‬ابن حاجب يقول ‪ :‬ال ‪ ،‬كلھا ليست متواترة ‪ .‬والبلقيني يقول ‪ :‬ما اتفق عليه القراء فھو متواتر وما اختلفوا‬
‫أداء في ما تواتر ‪ ،‬وما اختلفوا فيه ال يجب وال يتعين ‪ ،‬وابن الحاجب نفى‬ ‫ً‬ ‫فحينئذ يتعين ويجب‬‫ٍ‬ ‫فيه فھو غير متواتر ‪،‬‬
‫والجمھور أثبت فھي ثالثة أقوال ‪.‬‬
‫استثناء منھم ثم قال ‪ْ ِ ) :‬‬
‫ولكن‬ ‫ٍ‬ ‫جميعا من غير‬‫ً‬ ‫المتصلْ ( أي ‪ :‬في المد المتصل ) ُ ًّ‬
‫طرا ( أي ‪:‬‬ ‫مكنوا في ُ َّ ِ‬ ‫مد َ َّ ُ‬ ‫وحرف َ ٍّ‬‫) َ ْ َ‬
‫ولكن ( ھذا حرف استدراك واالستدراك ھو تعقيب الكالم برفع ما يُتوھم ثبوته أو نفيه ‪ ،‬وھنا ليس‬ ‫المنفصلْ ( ‪ْ ِ ) ،‬‬ ‫خلفھم في ْ ُ ْ َ ِ‬ ‫ُُْ ُْ‬
‫خلفھم ( ‪ ،‬لكن ھذه مخففة‬ ‫ولكن ُ ْ ُ ُ ْ‬ ‫المتصلْ ( فال يشمل المنفصل ‪ْ ِ ) ،‬‬ ‫عند ما يُتوھم ثبوته ألنه نص في األول على قوله ) في ُ َّ ِ‬
‫خلفھم ( أي اختالفھم أو خالف القراء خلفھم أي خلف القراء بمعنى اختالف القراء وقع في ماذا ؟ في المد‬ ‫من الثقيلة ) ُ ْ ُ ُ ْ‬
‫مكانا ‪ ،‬جعلوا لحرف‬ ‫ُكنة ً‬ ‫المنفصل أو في تمكين المد المنفصل ‪ ،‬ألنه قال في األول ‪ :‬مكنوا بمعنى ‪ :‬أنھم جعلوا لحرف المد م ْ َ‬
‫خلفھم في ْ ُ ْ َ ِ‬
‫المنفصلْ ( أي في‬ ‫ولكن ُ ْ ُ ُ ْ‬ ‫مكانا فأعطوه حقه من المط والزيادة وھنا لم يمكن بقي على أصله وھو حركتان ‪ْ ِ ) ،‬‬ ‫ً‬ ‫المد‬
‫تمكين المد المنفصل ألن بعضھم يقصره كما ذكرناه عن من ؟ عن ابن كثير والسوسي يقصرانه ويعامالنه معاملة المد‬
‫حينئذ لم يمكن حرف المد ولكن ُخلفھم أي خالف القراء في المنفصل في تمكين المد المنفصل‬ ‫ٍ‬ ‫الطبيعي يعني ‪ :‬يمد حركتين‬
‫ھل يُمد أو ال ؟ ليس الخالف فقط في مقدار الزيادة وإنما الخالف في األصل ھل يمد أو ال ؟ من أصل المسألة ‪ ،‬أما المتصل‬
‫اتفقوا على أنه يُمد ثم اختلفوا في مقدار المد وھنا ال ‪ ،‬اختلفوا في ھل يمد أو ال ؟‬
‫فمنھم من لم يمد أي ال يزيدون على المد الطبيعي كما ذكرناه عن السوسي وابن كثير وبعضھم يزيد قالون ‪.‬‬
‫مذھب آخر مده ثالثة أو أربعة حركات ‪.‬‬ ‫ٌ‬ ‫ومنھم من مد وھم الباقون وقالون له‬

‫‪147‬‬
‫ًإذا نرجع إلى الخالصة التي يمكن أن تستوفيھا من ھذا ما ذكره الناظم نقول ‪ :‬المتصل والمنفصل اتفقا في الزيادة وتفاوتا‬
‫في النقص ‪ ،‬فال يجوز الزيادة على ست حركات وال يجوز نقص المتصل عن ثالث حركات وال المنفصل عن حركتين ‪،‬‬
‫والزيادة تجدونھا في كتب التجويد ‪.‬‬

‫الھمز‬ ‫النوع الخامس ‪ُ ِ ْ َ :‬‬


‫تخفيف َ ْ ِ‬

‫ورد‬ ‫تلته َ ْ َ َ‬
‫كيفما َ َ ْ‬ ‫جنس َما َ َ ْ ُ‬
‫من ِ ْ ِ‬ ‫ِ ْ‬ ‫ِ َ ّْ‬
‫بمد‬ ‫وإبدال ٌ‬
‫ِْ‬ ‫َِ ْ َ ٌ‬
‫فإسقاط‬ ‫نقل ٌ‬ ‫َْ‬
‫)‬ ‫)‬
‫سقطْ‬‫مواضع َ َ‬ ‫تسھيل ٌ َ َ ْ‬
‫َ ْ ِْ‬ ‫ِ َّ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ ُ‬
‫ھمز في َ ِ ٍ‬ ‫ورب َ ْ ٍ‬
‫َ ُ َّ‬ ‫فقط‬ ‫ِْ ِ‬
‫فيه‬ ‫أئنا‬ ‫نحو‬
‫)‬ ‫)‬
‫)‬ ‫ُ‬
‫القراء‬
‫كتب َّ ِ‬ ‫ُ‬
‫بسطھا في ُ ُ ِ‬ ‫ِإذ َ ْ‬‫ْ‬ ‫واإليماء‬
‫ِْ َ ِ‬ ‫بالرمز‬
‫ِ َّ ْ ِ‬ ‫وكل ُّ ذاَ‬ ‫ُ‬
‫)‬

‫كل المنظومة بسطھا في كتب القراء ‪ ،‬وبسطھا في كتب علوم القرآن ‪ ،‬وبسطھا في كتب التفاسير ‪.‬‬
‫الھمز ( ‪.‬‬
‫َِْ‬ ‫العقد الثالث ‪ :‬فيما يرجع إلى كيفية أداء ) َ ْ ِ ُ‬
‫تخفيف‬ ‫النوع الخامس من ِ‬
‫حرف ثقيل فيحتاج إلى‬ ‫ٌ‬ ‫ًإذا الھمزة يدخلھا التخفيف ‪ ،‬والتخفيف ضد التشديد والتثقيل ‪ ،‬فدل على أن الھمزة من حيث ھي‬
‫ماذا ؟ إلى تخفيف ‪.‬‬
‫فرقا ‪ -‬أمس أظنه ‪ -‬بين ھمزة الوصل وھمزة القطع ‪.‬‬ ‫الھمزة مخرجھا أقصى الحلق ‪ ،‬وذكرنا ً‬
‫بأنواع أربع لما كانت‬ ‫ٍ‬ ‫مخرجا ‪ ،‬تنوع العرب في تخفيھا‬ ‫ً‬ ‫الھمزة مخرجھا أقصى الحلق فكانت أثقل الحروف ً‬
‫نطقا وأبعدھا‬
‫الخفة ‪ ،‬ھذه‬ ‫ْ‬
‫الثقل ما جعله العرب قاعدة عامة وھي طلب ِ َّ‬ ‫ِّ‬
‫مخرجا يناسب ھذا َ‬ ‫ً‬ ‫أقصى الحلق وكانت أثقل الحروف وأبعدھا‬
‫ٍ‬
‫فحينئذ ال‬ ‫ثقيال على اللسان‬ ‫ً‬ ‫قاعدة عامة في النحو والصرف والبيان وفي كل ما يمكن إعمالھا ‪ -‬طلب الخفة ‪ . -‬فكل ما كان‬
‫وأحيانا يحصل نوع تكلف كبير من جھة تخفيف ھذا اللفظ بالحذف والتقدير إلى آخره ‪ ،‬إذاً‬ ‫ً‬ ‫عملية◌ لتخفيفه ال بد ‪،‬‬ ‫ٍ ٍ‬ ‫بد من‬
‫بأنواع ذكرھا المصنف في أربعة ‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫تنوع العرب في تخفيفھا‬
‫‪ -1‬النقل ‪.‬‬
‫‪ -2‬واإلبدال ‪.‬‬
‫‪ -3‬والتسھيل ‪.‬‬
‫‪ -4‬واإلسقاط ‪.‬‬
‫موضع ‪ ،‬ولكن نذكر المراد بالنقل واإلسقاط ثم‬ ‫ٍ‬ ‫موضع عند القراء خالف قل أن تجد أنھم يتفقون في‬ ‫ٍ‬ ‫ھذه أربعة لكل‬
‫التفاصيل تجدھا في كتب القراء كما قال ‪:‬‬
‫مجلد ‪ ،‬أحكام‬ ‫ٍ‬ ‫القراء ( ‪ ،‬ولذلك السيوطي رحمه  يقول ‪ :‬أحكام الھمز كثيرةٌ ال يحصيھا أقل من‬ ‫كتب ُ َّ ِ‬ ‫بسطھا في ُ ُ ِ‬ ‫) ِْإذ َ ْ ُ‬
‫مجلد ‪ ،‬يعني من أراد أن يؤلف فليجمع لنا الھمزات جزاه  ً‬
‫خيرا ‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫الھمزة كثيرةٌ ال يحصيھا أقل من‬
‫نقل ما يسمى بالنقل أو أنواع التخفيف في لغة العرب والتي وجدت في القراءات وھي سنة متبعة‬ ‫نقل ٌ ( يعني ‪ :‬أولھا ٌ‬ ‫) َْ‬
‫النقل ‪.‬‬
‫والمراد بالنقل ‪ :‬النقل لحركة الھمزة إلى الساكن قبلھا فنسقط تلك الھمزة ‪ ،‬يعني ھو إسقاط لكنه بمقدمة ‪ ،‬إسقاط بمقدمة ‪،‬‬
‫مقصودا لذاته ليس ھو عين النوع الثالث وإنما النوع الثالث تسقط الھمزة مباشرة ھكذا‬ ‫ً‬ ‫فاإلسقاط ترتب على النقل ليس‬
‫قد ﴾‬‫أفلح ﴾ ] المؤمنون ‪ْ َ ﴿ [1 :‬‬ ‫قد َ ْ َ َ‬
‫بحركتھا ‪ ،‬وأما ھنا ال ‪ ،‬األصل النقل ‪ ،‬نقل حركة الھمزة إلى الساكن قبلھا ‪ ،‬فنحو مثالً ﴿ َ ْ‬
‫قد َ ْ َ َ‬
‫أفلح ﴾ ؟‬ ‫افلح ( أم ﴿ َ ْ‬
‫قد ْ َ َ‬
‫أفلح ﴾ ھذه ھمزة أيھما أخف ) َ َ‬‫دال ساكنة أليس كذلك ﴿ َ ْ َ َ‬ ‫آخرھا ٌ‬
‫فحينئذ أرادوا التخفيف فأسقطت حركة الھمزة ‪ -‬وھي الفتحة ‪ -‬أين أسقطت ؟ إلى الحرف الساكن الذي‬ ‫ٍ‬ ‫افلح ( أخف ‪،‬‬ ‫قد ْ َ‬
‫َ‬ ‫) ََ‬
‫نون ( ھكذا‬ ‫افلح ْ ُ‬
‫المْوِم ُ َ‬ ‫قد ْ َ َ‬ ‫طلبا للخفة فلذلك قيل ) َ َ‬ ‫قبلھا على الدال فحركت الدال صارت متحركة والھمزة سكنت فأسقطت ً‬
‫فإسقاط ( لھا ‪ ،‬أي‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫منون ( بنقل حركة الھمزة إلى الساكن قبلھا ثم أسقطت لذلك قال الناظم ‪ ) :‬نقل ٌ ِ ْ‬ ‫قد ْ َ َ‬
‫افلح ْ ُ‬
‫المْو ِ ُ َ‬ ‫قرأ ورش ) َ َ‬
‫فإسقاط لھا يعني بعد النقل والمراد‬ ‫ٌ‬ ‫سواء كانت ھذه الحركة فتحة أو ضمة أو كسرة إلى ما قبلھا إلى الساكن قبلھا‬ ‫ٌ‬ ‫نقل لحركتھا‬
‫ھنا به يعني حكمة اإلسقاط طلب الخفة ‪.‬‬
‫‪148‬‬
‫افلح ( بفتح الدال مع إسقاط الھمزة وذلك محله ضابطه متى ؟‬ ‫قد ْ َ َ‬ ‫ًإذا نقول ‪ :‬النقل لحركتھا إلى الساكن قبلھا فتسقط نحو ) َ َ‬
‫ساكنا ال نقالً ﴿ ْ ِ َ َ‬
‫الكتاب‬ ‫ً‬ ‫إذا كان آخر الكلمة ساكنة ‪ ،‬أي كلمة ؟ التي قبل الھمزة ‪ ،‬إذا كان آخر الكلمة ساكنة ‪ً ،‬إذا إذا لم يكن‬
‫بساكن ‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫أفال ﴾ ] البقرة ‪ [44 :‬ال نقل وال إسقاط لماذا ؟ لكون الحرف الذي ھو الباء قبل الھمزة محرك وليس‬ ‫ََ َ‬
‫مد ولين ‪ ،‬يعني ‪ :‬يشترط في الحرف الساكن الذي تنقل إليه حركة الھمزة أال يكون‬ ‫ساكنا غير حرف ٍ‬ ‫ً‬ ‫إذا كان آخر الكلمة‬
‫أنفسكم ﴾ ‪ .‬ھل ننقل‬ ‫َ ُْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬
‫حينئذ ال نقل بل صار ماذا ؟ صار داخال في أنواع المد ‪ ﴿ :‬قوا‬ ‫ٍ‬ ‫مد ولين‬ ‫مد ولين فإن كان حرف ٍ‬ ‫حرف ٍ‬
‫الحركة حركة الھمزة إلى الواو ثم نسقطھا نقول ‪ :‬ال ‪ ،‬شرط النقل أال يكون الحرف الذي قبل الھمزة حرف مد ‪ ،‬ھنا ھو‬
‫قطع أول الكلمة‬ ‫ٍ‬ ‫مد ولين ‪ ،‬وأتى بعده ھمزة‬ ‫ساكن ال إشكال لكنه تخلف القيد الثاني وھو كونه حرف مد ‪ً .‬إذا غير حرف ٍ‬
‫إرم ﴾ ]‬ ‫بعاد * ِ َ َ‬ ‫افلح ( ‪ ،‬و ﴿ ِ َ ٍ‬ ‫قد ْ َ َ‬‫فورش ينقل حركة الھمزة إلى الساكن قبلھا ويسقط الھمزة نحو ) َ َ‬ ‫ٌ‬ ‫فورش ‪ -‬وھذا كثر عنده ‪-‬‬
‫سواء كانت الحركة‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫مطلقا‬ ‫نقل لحركتھا كلھا‬ ‫ً‬
‫لح ﴾ الھمزة مفتوحة ‪ ،‬إذا ٌ‬ ‫قد َْأف َ َ‬ ‫الفجر ‪ . [7 ، 6 :‬ھنا الھمزة مكسورة وھناك ﴿ َ ْ‬
‫امن (‬ ‫ومن َ َ‬ ‫آمن ﴾ ‪َ َ َ ) ،‬‬ ‫ومن َ َ‬ ‫امن ( ﴿ َ َ ْ‬ ‫ومن َ َ‬ ‫محركا بالكسر ‪َ َ َ ) ،‬‬ ‫ً‬ ‫إرم ﴾ ‪ .‬التنوين ھنا يكون‬ ‫بعاد * َ َ‬ ‫فتحة أو ضمة أو كسرة ﴿ ِ َ ٍ‬
‫إرم ﴾ ھذا مثال للكسر‬ ‫بعاد * َ َ‬ ‫أفلح ﴾ ‪ ،‬ھذا بالفتح مثال آخر ﴿ ِ َ ٍ‬ ‫قد ْ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ً‬
‫آمن ﴾ الحركة ھنا فتحة ‪ ،‬إذا ﴿ َ ْ‬ ‫ومن َ َ‬ ‫ھذا ما الذي حصل ؟ ﴿ َ َ ْ‬
‫حرف ساكن‬ ‫ٌ‬ ‫ظننت ﴾ ] الحاقة ‪ . [20 ، 19 :‬مع أنه إني قبله كتابيه ‪،‬‬ ‫كتابيه * ِِّإني َ َ ُ‬ ‫واستثنى أصحاب يعقوب عن ورش ‪ْ ِ َ ِ ﴿ :‬‬
‫ظننت ﴾ فسكنوا الھاء وحققوا الھمزة ‪ ،‬وأما‬ ‫كتابيه * ِِّإني َ َ ُ‬ ‫وليس بحرف مد ومع ذلك لم يحصله النقل ھذا مستثنى من القاعدة ﴿ ِ َ ِ ْ‬
‫الباقون فحققوا وسكنوا في جميع ذلك ‪ ،‬وأما الباقون يعني غير ورش فحققوا الھمزة يعني ‪ :‬نطقوا بھا كما ھي وسكنوا في‬
‫نقل لحركتھا‬ ‫نقل ٌ ( أولھا ٌ‬ ‫فإسقاط ( ھذا بيان للنوع األول من أنواع التخفيف تخفيف الھمزة ‪ْ َ ) ،‬‬ ‫نقل ٌ َ ِ ْ َ ٌ‬ ‫جميع ذلك ‪ً .‬إذا قوله ‪ْ َ ) :‬‬
‫فإسقاط لھا بعده يعني ‪ :‬بعد النقل وحكمة ھذا اإلسقاط ھو التخفيف ‪.‬‬ ‫ٌ‬ ‫إلى ما قبلھا من ساكن غير مد‬
‫إبدال للھمزة الساكنة وقد تبدل الھمزة حال كونھا مفتوحة كما سيأتي ‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫ثانيھا ‪ :‬ثاني األنواع أنواع التخفيف ) ِ ْإبدال ٌ (‬
‫ً‬
‫مد من جنس حركة ما قبلھا ‪ ،‬فتبدل ألفا بعد الفتح ‪ ،‬نحو ‪:‬‬ ‫اإلبدال المراد به عندھم أن ُتبدل الھمزة الساكنة حرف ٍ‬
‫مد من جنس‬ ‫فتح ‪ ،‬ماذا نصنع ؟ نبدل الھمزة حرف ٍ‬ ‫أھلك ﴾ ] طه ‪َ . [132 :‬وأ ‪ ،‬ھذه ھمزة ساكنة بعد ماذا ؟ بعد ٍ‬
‫ْ‬ ‫وأمر َ ْ َ َ‬
‫﴿ َ ُْْ‬
‫أھلك ( ‪ ،‬واضح ھذا ؟‬ ‫امر َ ْ َ َ‬ ‫الفتحة وھو األلف ) َو ُ ْ‬
‫نعيِّن أن ھذه‬ ‫مد ثم حرف المد ھذا يحتمل أنه ألف ويحتمل أنه واو ويحتمل أنه ياء ‪ ،‬متى ُ َ‬ ‫أن نبدل الھمزة الساكنة حرف ٍ‬
‫ً‬
‫ياء ننظر إلى الحرف المحرك إلى حركة الحرف قبله فإن كان فتحة أبدلنا الھمزة ألفا ‪ ،‬وإن كان‬ ‫واوا أو ً‬ ‫ألفا أو ً‬ ‫الھمزة نبدلھا ً‬
‫منون ﴾ ي ُْؤ ھمزة ساكنة أبدلت إلى واو لماذا قلت واو ؟ ألن ما قبل الھمزة الساكنة ضمة أو‬ ‫واوا ‪ْ ُ ﴿ :‬يؤ ِ ُ َ‬ ‫ضمة أبدلنا الھمزة ً‬ ‫ً‬
‫الذئب ﴾ ]‬ ‫﴿ ِّ ْ ُ‬ ‫يومنون ( ‪ ،‬أو إذا كانت الھمزة ساكنة وما قبلھا مكسورة فتبدل بياء ‪:‬‬ ‫حينئذ محرك بضم ) ُ ْ ِ ُ َ‬ ‫ٍ‬ ‫الحرف المحرك‬
‫ت‬ ‫قصصْ ُ‬ ‫جيت ( ھذا قلب ‪ ،‬وھذه لغة فصيحة ] أي نعم [ ھذا مثل َ َ‬ ‫جئت ﴾ أو ) ِ‬ ‫الذيب ( ‪ ] ،‬نعم صحيح [ ﴿ ِ ْ َ‬ ‫يوسف ‪ُ ْ ِّ ) . [13 :‬‬
‫وقصي ُ‬
‫ْت‬ ‫ت َ َّ‬ ‫قصصْ ُ‬ ‫مريت ‪ .‬ھذه صحيحة ذكرھا الحريري في شرح الملحة َ َ‬ ‫ْت الناس ال تقول ‪ُ ِ َ :‬‬ ‫ومري ُ‬ ‫ت َ َّ‬ ‫ومررْ ُ‬
‫ْت ‪َ َ ،‬‬ ‫وقصي ُ‬
‫‪َّ َ ،‬‬
‫ياء َمرِّ يت ِشيت يزيد ‪ً ،‬إذا نقول ‪ :‬من جنس حركة ما قبلھا فتبدل‬ ‫ت إذا فك اإلدغام جاز قلب الحرف الثاني ً‬ ‫ومر ْي ُ‬
‫ت ‪َّ َ ،‬‬ ‫ومررْ ُ‬ ‫َ َ‬
‫والموتفكة ( ] النجم ‪[53 :‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫الذيب ( أليس كذلك ‪ِ ُ َ ) :‬‬ ‫ِّ‬
‫كسر نحو جيت ) ْ ُ‬ ‫وياء بعد‬‫ً‬ ‫ُ‬
‫ضم نحو ‪ُْ ) :‬يو ِ َ‬
‫منون (‬ ‫وواوا بعد ٍ‬ ‫ً‬ ‫فتح‬ ‫ً‬
‫ٍ‬ ‫ألفا بعد ٍ‬
‫ورش مقيد بما إذا كان فاء الفعل‬ ‫ٍ‬ ‫تالمون ( ] النساء ‪ . [104 :‬وعند‬ ‫تألمون ﴾ ) َ َ ُ َ‬ ‫ائذن ِّلي ﴾ ] التوبة ‪َ ُ َ ْ َ ﴿ ، [49 :‬‬ ‫ايذن ِّلي ( ﴿ ْ َ‬ ‫‪َْ )،‬‬
‫ھذا فيه تفصيل طويل عندھم ‪.‬‬
‫سواء كانت الھمزة فاء الكلمة أم عينھا أم المھا يعني بخالف ورش ‪ ،‬ورش قيده إذا‬ ‫ٌ‬ ‫وبه يقرأ أبو عمرو يعني اإلبدال‬
‫ْ‬
‫جزما ‪َ ِ ُ ﴿ :‬‬
‫ننسأھا ﴾‬ ‫ً‬ ‫الما إال أن يكون سكونھا‬ ‫ً‬
‫فاء أو عينا أو ً‬ ‫سواء كانت ً‬ ‫ٌ‬ ‫كانت فاء الكلمة فاء الفعل ‪ ،‬وأما أبو عمرو مطلقة‬
‫ويه ﴾ توويه ھنا الھمزة أخف أو تركه ﴿‬ ‫أرجئه ﴾ ] األعراف‪ . [111 :‬أو ترك الھمز يكون فيه أثقل ﴿ ُ ْتؤ ِ‬ ‫] البقرة‪ْ ِ ْ َ ﴿ [106 :‬‬
‫وتؤ ِوي ﴾ الھمزة أخف من تركھا فصار ترك الھمزة ھو الثقيل ھو األثقل‬ ‫] األحزاب ‪ . [51 :‬في األحزاب ﴿ َ ُ ْ‬ ‫وتؤ ِوي ﴾‬ ‫َ ُْ‬
‫وتووي ( ھذا ثقيل فلذلك الترك ھنا أولى ‪ ،‬أو‬ ‫وتؤ ِوي ﴾ ‪ِ ُ َ ) ،‬‬ ‫والھمزة مع كونھا فيھا ثقل إال أن تركھا في ھذا الموضع أثقل ﴿ َ ُ ْ‬
‫ور ْئيا ً ﴾ ] مريم ‪ . [74 :‬في سورة مريم فإن تحركت فال خالف عنه في التحقيق ال خالف عنه‬ ‫يوقع في االلتباس وھو ﴿ َ ِ‬
‫يعني عن أبي عمرو في التحقيق ‪.‬‬
‫مد من جنس حركة الحرف الذي قبلھا إن كان الحرف‬ ‫كل ھذا ھو اإلبدال أن يبدل أو تبدل الھمزة الساكنة حرف ٍ‬ ‫على ٍ‬
‫ياء والتفصيل في كتب‬ ‫واوا وبالكسرة قلبت الھمزة ً‬ ‫ً‬
‫محركا بالفتحة قلبت الھمزة ألفا إن كان محركا بالضمة قلبت الھمزة ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫القراء ‪.‬‬

‫‪149‬‬
‫وإبدال ٌ ( ھو ذكر ھنا ‪:‬‬ ‫) ِْ‬
‫ورد ( ‪.‬‬ ‫كيفما َ َ ْ‬‫َ‬ ‫َ‬
‫تلته ْ َ‬ ‫ْ‬
‫جنس َما ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫من ِ ِ‬ ‫بمد ِ ْ‬ ‫ْ‬
‫وإبدال ٌ ِ َ ّ‬ ‫) ِْ‬
‫إبدال للھمزة الساكنة ‪ ،‬وتبدل الھمزة المفتوحة عند ورش إذا وقعت فاء الفعل‬ ‫ٌ‬ ‫وإبدال ٌ ( يعني ‪ :‬وثانيھا أنواع التخفيف‬ ‫) ِْ‬
‫تفصيل مرجعه كتب‬ ‫ٌ‬ ‫موذن ( ‪ ،‬وأما الباقون ففيه‬ ‫ِّ‬
‫ذن ﴾ ‪ٌ َ ُ ) ،‬‬ ‫ِّ‬
‫مؤ ٌ‬ ‫موجال ( ‪َ ُ ﴿ ،‬‬ ‫مؤ َّجالً ﴾ ] آل عمران ‪ً َّ َ ُّ ) . [145 :‬‬ ‫واو ﴿ ُّ َ‬ ‫بعد ضم ٍ‬
‫وإبدال ٌ ( للھمزة الساكنة ما الحكمة ھنا ؟‬ ‫القراء ) ِ ْ‬
‫واوا لما لم تسقط ؟‬ ‫قالوا ‪ :‬حكمة اإلبدال ھنا المناسبة مع التخفيف وطلب التخفيف لكن لما ُعي َِّن قلب الھمزة ً‬
‫قالوا ‪ :‬للمناسبة ‪.‬‬
‫جنس ( الذي يعين ھذا الحرف حرف المد )‬ ‫من ِ ْ ِ‬ ‫ياء أو ألفا ) ِ ْ‬ ‫ً‬ ‫واوا أو ً‬ ‫مد ً‬ ‫بمد ( يعني بحرف ٍ‬ ‫ْ‬
‫وإبدال ٌ ( للھمزة الساكنة ) ِ َ ّ‬ ‫) ِْ‬
‫واوا بعد الضم وألفاً‬ ‫تلته ( الھمزة ‪ً ،‬‬ ‫جنس ( يعني ‪ :‬من حركة الحرف الذي ) َ َ ْ ُ‬ ‫من ِ ْ ِ‬ ‫تلته ( ھنا ال بد من التقدير ) ِ ْ‬ ‫جنس َما َ َ ْ ُ‬ ‫من ِ ْ ِ‬ ‫ِ ْ‬
‫تلته ( الھمزة‬ ‫وياء بعد الكسر ‪ ،‬من جنس حركة الحرف التقدير يكون بعد جنس من جنس حركة الحرف الذي ) َ َ ْ ُ‬ ‫ً‬ ‫بعد الفتح‬
‫تلته ( أي الھمزة ‪ ،‬والضمير في تلته يعود إلى ) َما ( واضح ؟‬ ‫من جنس ) َما ( أي الحرف ) َ َ ْ ُ‬
‫تلته ( الھاء يعود إلى ) َما ( والفاعل ھو الھمزة )‬ ‫تلته ( الھمزة الضمير في ) َ َ ْ ُ‬ ‫جنس َما ( من جنس الحرف الذي ) َ َ ْ ُ‬ ‫من ِ ْ ِ‬ ‫) ِ ْ‬
‫ورد ( يعني كيف ما ورد ) َما (‬ ‫كيفَما َ َ ْ‬ ‫ضم أو كسر ) َ ْ َ‬ ‫فتح أو ٍ‬ ‫حالة ورد ما ماذا ما تلته الھمزة من ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ورد ( أي ‪ :‬على أي‬ ‫َْ َ َ‬
‫كيفما َ َ ْ‬
‫ً‬
‫مكسورا ‪.‬‬ ‫ً‬
‫مضموما أو‬ ‫مفتوحا أو‬ ‫ً‬ ‫تلته الھمزة سواء كان‬
‫ً‬
‫فقط ( ھذا النوع الثالث وھو التسھيل ‪ ،‬والتسھيل كاسمه التسھيل ‪ .‬إذا ھو موافق للقاعدة العامة التي‬ ‫تسھيل ٌ َ َ ْ‬ ‫فيه َ ْ ِ ْ‬ ‫أئنا ِ ْ ِ‬ ‫نحو َ ِ َّ‬ ‫) َ ْ ُ‬
‫نوع من أنواع التخفيف ‪.‬‬ ‫جعلھا ھنا تخفيف الھمزة التسھيل ٌ‬
‫تسھيل ٌ‬‫أإله ﴾ ] النمل ‪ْ ِ ْ َ ) [60 :‬‬ ‫أئذا ﴾ ] الرعد ‪ٌ َ ِ َ ﴿ [5 :‬‬ ‫فيه ( أي في ھذا اللفظ ونحوه ﴿ َ ِ َ‬ ‫أئنا ( ‪ِ ْ ِ ) .‬‬ ‫نحو َ ِ َّ‬ ‫ًإذا ثالثھا التسھيل ) َ ْ ُ‬
‫أئنا ( ھذا كلمة واحدة وفيه ھمزتان األولى ھمزة استفھام والثانية‬ ‫نحو َ ِ َّ‬ ‫أئنا ( ‪ ،‬ھذا كلمة واحدة وفيه ھمزتان ) َ ْ ُ‬ ‫فقط ( تسھيل ) َ ِ َّ‬ ‫ََ ْ‬
‫أئنا ( مما في الكلمة الواحدة ھمزتان األولى مفتوحة والثانية مكسورة واألولى ھمزتھا ھمزة‬ ‫نحو َ ِ َّ‬ ‫ھمزة من أصل الكلمة ) َ ْ ُ‬
‫الھمزة وبين حرف حركتھا بأن ُتجعل الھمزة الثانية في الكلمة المذكورة بين الھمزة‬ ‫ِ‬ ‫ٌ‬
‫تسھيل بين‬ ‫تسھيل ٌ (‬ ‫استفھام ‪ ،‬قال ‪ْ ِ ْ َ ) :‬‬
‫أئنا ﴾ بتحقيق الھمزتين ُتجعل الثانية ماذا ؟ َتجعل الھمزة الثانية في‬ ‫أينا ( تسھيل أو ال تسھيل ﴿ َ ِ َّ‬ ‫أئنا ﴾ ] الرعد ‪َّ ِ َ ) [5 :‬‬ ‫والياء ﴿ َ ِ َّ‬
‫صريحة وإنما بين بين ‪ ،‬وھي قراءة نافع ‪ ،‬وابن كثير ‪ ،‬وأبي‬ ‫ً‬ ‫حقيقة وال ياء‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ھمزة‬ ‫الكلمة المذكورة بين الھمزة والياء ليست‬
‫ْ‬
‫تسھيل ٌ فقط ( يعني ال‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫فيه ( بھذا اللفظ ونحوه ) َ ْ ِ ْ‬ ‫أئنا ِ ْ ِ‬ ‫نحو ِ َّ‬‫َ‬ ‫عمرو وكذا قرأ بالتسھيل بعضھم يعني وبعضھم لم يقرأ بالتسھيل ) َ ْ ُ‬
‫ياء ‪ ،‬ال ‪ ،‬ھنا بين بين ‪ ،‬ولذلك‬ ‫واوا أو ً‬ ‫ً‬
‫فقط ( ال إبدال ‪ ،‬لم تبدل كما ھو في األول ُتبدل الھمزة ألفا أو ً‬ ‫تسھيل ٌ َ َ ْ‬
‫إبدال في ھذا ) َ ْ ِ ْ‬
‫تسھيل ٌ فقط ( ‪ ) ،‬فقط ( إشارة إلى ماذا إلى كون التسھيل‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫فيه َ ْ ِ ْ‬ ‫أئنا ِ ْ ِ‬ ‫َ‬
‫نحو ِ َّ‬ ‫بعضھم يعبر يقول ‪ :‬التسھيل بينھا وبين حركتھا ) َ ْ ُ‬
‫ٍ‬
‫كلمة‬ ‫بجعل الھمزة بين حركتھا وبين الياء ‪ ،‬ال إبدال فيه كما ھو اإلبدال السابق ‪ ،‬أما إذا كانت الھمزتان في كلمتين ‪ -‬ھذا في‬
‫ايذن ِّلي ( ايذن ‪ -‬أما إذا كان في كلمتين أو في كلمة والتالية غير مكسورة‬ ‫ائذن ﴾ ھذه كلمة واحدة ) َ‬ ‫ائذن ِّلي ﴾ ‪َ ْ ﴿ ،‬‬ ‫واحدة ﴿ ْ َ‬
‫ففيھا تفصيل ضبطه في كتب القراءات ‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫مواضع َ َ ْ‬
‫نقل وال إبدال ألن النقل فيه إسقاط‬ ‫سقط ( ھذا النوع الرابع ‪ ،‬الذي ھو اإلسقاط ولكنه إسقاط بال ٍ‬ ‫ھمز في َ ِ ٍ‬ ‫ورب َ ْ ٍ‬ ‫) َ ُ َّ‬
‫نقل وال إبدال ‪ ،‬وذلك إذا اتفقتا في الحركة اجتمع عندنا ھمزتان اتفقتا‬ ‫ٌ‬
‫كما نص عليه واإلبدال فيه إسقاط لكن ھنا إسقاط بال ٍ‬
‫في الحركة بأن كانتا مفتوحتين أو مكسورتين أو مضمومتين فإن الھمزة األولى من الھمزتين في ھذه األنواع الثالثة تسقط‬
‫في قراءة أبي عمرو إسقاط مباشرة نحذف الھمزة ‪ .‬وقال الخليل ‪ :‬الھمزة الساقطة ھي الثانية ‪ .‬اختلفوا ھل ھي األولى أم‬
‫أنذرتھم ( ﴿ َ َ َ ْ َ ُ ْ‬
‫أأنذرتھم‬ ‫أأنذرتھم ﴾ ] البقرة ‪ْ ُ َ ْ َ َ ) [6 :‬‬ ‫عليھم َ َ َ ْ َ ُ ْ‬ ‫سواء َ َ ْ ِ ْ‬ ‫سواء كانتا في كلمة نحو ﴿ َ َ ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫كل واحدة منھما تسقط‬ ‫الثانية على ٍ‬
‫أجلھم (‬‫أجلھم ﴾ ] األعراف ‪َ ) ، [34 :‬جا َ َ ُ ُ ْ‬ ‫جاء َ َ ُ ُ ْ‬ ‫ألد ( أو في كلمتين نحو ﴿ َ َ‬ ‫أألد ﴾ ] ھود ‪ُ ِ َ ) [72 :‬‬ ‫﴾بحذف إحدى الھمزتين ﴿ َ َ ِ ُ‬
‫ففيھا تفصيل موضعه كتب القراءات إذا كانت في كلمتين ‪.‬‬
‫ورب ( يعني ورابعھا اإلسقاط ورب حرف تقليل ‪ ،‬للتقليل قليل ‪ ،‬وللتكثير كثير ‪،‬‬ ‫سقْط ( ‪َّ ُ َ ) .‬‬ ‫مواضع َ َ‬ ‫ھمز في َ ِ ٍ‬ ‫ورب َ ْ ٍ‬ ‫) َ ُ َّ‬
‫مواضع ( بالتنوين للضرورة وإال ھو‬ ‫كائن ) في َ ِ ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫متحرك‬ ‫ھمز ( يعني‬ ‫ورب َ ْ ٍ‬ ‫وھنا األصل فيھا أنھا تحمل على التكثير ‪َّ ُ َ ) .‬‬
‫نقل وال إبدال ‪.‬‬ ‫سقط ( بال ٍ‬ ‫ممنوع من الصرف ) َ َ ْ‬ ‫ٌ‬

‫كتب ُ َّ ِ‬
‫القراء‬ ‫ِْإذ َ ْ ُ‬
‫بسطھا في ُ ُ ِ‬ ‫واإليماء‬
‫ِْ َ ِ‬ ‫بالرمز‬
‫ِ َّ ْ ِ‬ ‫َذا‬ ‫ُ‬
‫وكل ُّ‬
‫)‬ ‫)‬

‫‪150‬‬
‫واإليماء ( يعني‬
‫ِْ َ ِ‬ ‫ٌ‬
‫مذكور بالرمز )‬ ‫واإليماء ( يعني ھو‬
‫ِْ َ ِ‬ ‫وكل ُّ َذا ( أي ‪ :‬قال ما سبق من الكالم المذكور ‪ِ ْ َّ ِ ) :‬‬
‫بالرمز‬ ‫) ُ‬
‫بسطھا ( ھذا تعليل ) ِْإذ َ ْ ُ‬
‫بسطھا ( أي ‪ :‬بسط ھذه المسائل‬ ‫طرف من بحثھا ال بالضبط والتفصيل لماذا ؟ ) ِْإذ َ ْ ُ‬
‫ٍ‬ ‫باإلشارة إلى‬
‫القراء ( وھذا إحالة على المطوالت ‪.‬‬ ‫ُ‬
‫كتب َّ ِ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬
‫وغيرھا في األبواب السابقة وما سيأتي موجود وثابت ) في ِ‬
‫ٌ‬
‫اإلدغام‬
‫النوع السادس ‪ُ ْ ِ :‬‬

‫يقلْ‬‫اإلدغام ُ َ‬
‫بمثل ُھو ْ َ ُ‬ ‫حرف ِ ِ ْ ٍ‬
‫َ ْ ٌ‬ ‫دخلْ‬‫إن َ َ‬ ‫كلمة َأو ِ ْ َ َ ْ ِ‬
‫كلمتين ِ ْ‬ ‫في ِ ْ َ ٍ‬
‫)‬ ‫)‬
‫نصا ُ ِ َ‬
‫علما‬ ‫ً‬ ‫بموضعين َ ّ‬
‫إال ِ َ ِ َ ْ ِ‬ ‫ِ َّ‬ ‫لم ُ ْ ِ َ‬
‫يدغما‬ ‫َ‬
‫بھا ْ‬‫عمرو ِ َ‬ ‫َ‬
‫لكن ُأبو َ ْ ٍ‬‫َِ ْ‬
‫)‬ ‫)‬

‫طرفا منه في آخر متن البناء ‪.‬‬ ‫ً‬ ‫جدا وصنف بعضھم فيه مصنفات وذكرنا‬ ‫اإلدغام مباحث طويلة ً‬
‫) اإلدغام ( ويقابله الفك ‪ ،‬المد يقابله القصر ‪،‬‬ ‫العقد الثالث وھو ما يرجع إلى األداء‬ ‫) النوع السادس ( من أنواع ِ‬
‫ُدغم ِ ْ َ ً‬
‫إدغاما ‪.‬‬ ‫أدغم ي ْ ِ ُ‬ ‫َ‬
‫) اإلدغام ( ھذا مصدر ْ َ َ‬ ‫واإلدغام يقابله الفك ‪،‬‬
‫شيء ‪ ،‬يقال ‪ :‬أدغمت اللجام في فم الفرس إذا أدخلته فيه أليس كذلك ‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫شيء في‬ ‫ٍ‬ ‫وھو لغة ‪ :‬إدخال‬
‫مشددا ‪ ،‬يعني ھما حرفان في األصل‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ُ‬
‫حرف في مثله أو مقاربه ‪ .‬وقيل ھو اللفظ بحرفين حرفا كالثاني‬ ‫ٍ‬ ‫واصطالحا ‪ :‬إدخال‬ ‫ً‬
‫ً‬
‫واحدا‬ ‫ً‬
‫مشددا ‪،‬وقيل خلط الحرفين المتماثلين أو المتقاربين أو المتجانسين فيصيران حرفا‬ ‫ً‬ ‫واحدا لكنه كالثاني‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫فتنطق بھما حرفا‬
‫مشددا يرتفع اللسان عند النطق بھا ارتفاعة واحدة ‪ ،‬وھذا ھو الحكمة من اإلدغام ألنه لو قيل َمدَ دَ رجع الحرف ثم يعني ترك‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ٍ‬
‫حينئذ‬ ‫مد ‪ .‬مرة واحدة‬ ‫الحرف األول الدال َمدَ ثم رجع إلى محله ثم رجع إلى موضعه ھذا فيه ثقل ‪ ،‬بخالف ما إذا قال ‪َّ :‬‬
‫ارتفاعة واحدة ‪ .‬وفائدته ‪ :‬التخفيف لثقل عود اللسان إلى المخرج األول أو‬ ‫ً‬ ‫يكون فيه نو ُع خفة يرتفع اللسان عند النطق بھا‬
‫طلبا للخفة ألن النطق بذلك أسھل من اإلظھار ‪.‬‬ ‫مقاربه ‪ ،‬فأختار العرب اإلدغام ً‬
‫سبب اإلدغام ‪ :‬ثالثة أمور ‪ :‬التماثل ‪ ،‬والتقارب ‪ ،‬والتجانس ‪.‬‬
‫وصفة ‪ ،‬تماثل دال مع الدال ‪ ،‬والراء مع الراء ‪،‬والجيم مع الجيم ‪ ،‬ھذا يسمى‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫مخرجا‬ ‫فالتماثل المراد به اتحاد الحرفين‬
‫وصفة ‪ ،‬كالدال مع الدال ‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫مخرجا‬ ‫تماثال اتحاد حرفين‬ ‫ً‬ ‫ماذا‬
‫والتقارب تقارب الحرفين في المخرج أو في الصفة أو فيھما كالدال مع السين أو الشين والالم مع الراء ‪.‬‬
‫مخرجا ال صفة ‪ .‬اتحدا في المخرج ال في الصفة ‪ ،‬كالطاء مع التاء ‪.‬‬ ‫ً‬ ‫والتجانس اتحادھما‬
‫ساكنا أو يكون‬ ‫ً‬ ‫وكل منھما إما أن يكون األول‬ ‫ٌ‬ ‫حينئذ إلى ثالثة أقسام ‪ :‬متماثلين ‪ ،‬ومتقاربين ‪ ،‬ومتجانسين‬ ‫ٍ‬ ‫وعليه فينقسم‬
‫متحركا فھو اإلدغام الكبير ‪ ،‬فيكون ستة أقسام فيكون بالضبط ستة‬ ‫ً‬ ‫ساكنا فھو اإلدغام الصغير وإن كان‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫متحركا ‪ ،‬إن كان‬
‫أقسام ‪.‬‬
‫ًإذا عليه انقسم إلى ثالثة أقسام ‪ :‬متماثلين ‪ ،‬ومتقاربين ‪ ،‬ومتجانسين ‪ .‬وكل منھما إما صغير وإما كبير وضابط الصغير أن‬
‫ً‬
‫ساكنا‬ ‫متحركا ألن الحرفين إذا اتفقا في الصفة والمخرج وكان األول‬ ‫ً‬ ‫ساكنا والكبير أن يكون أول الحرفين‬ ‫ً‬ ‫يكون أول الحرفين‬
‫تجا‪ ] ( ..‬البقرة ‪ً [16 :‬إذا ھما‬ ‫ربحت ِّ َ‬ ‫] البقرة ‪َ َ ) [16 :‬‬
‫فما َ ِ َ‬ ‫ربحت ﴾‬ ‫فما َ ِ َ‬ ‫صغيرا نحو ﴿ َ َ‬ ‫ً‬ ‫متحركا سُمي متماثلين‬ ‫ً‬ ‫والثاني‬
‫تجارتھم ﴾ نقول ‪ :‬ھذا إدغام متماثلين صغير لكون األول ساكن‬ ‫ربحت ِّ َ َ ُ ُ ْ‬ ‫فما َ ِ َ‬ ‫متماثالن واألول ساكن والثاني متحرك تدغم ﴿ َ َ‬
‫بعصاك ﴾ وإن‬ ‫اضرب ِّ َ َ َ‬ ‫بعصاك ﴾ ] األعراف ‪ [160 :‬األول ساكن وھو باء والثاني متحرك ﴿ ْ ِ‬ ‫اضرب ِّ َ َ َ‬ ‫أن ْ ِ‬ ‫والثاني متحرك ‪ِ َ ﴿ ،‬‬
‫] الفاتحة ‪ [4 ، 3 :‬لو أردت أن تدغم الرحمن الرحيم‬ ‫الرحيم * َ ِ ِ‬
‫مالك ﴾‬ ‫الرحمن َّ ِ ِ‬ ‫كبيرا ﴿ َّ ْ ِ‬ ‫ً‬ ‫كانا متحركين سمي متماثلين‬
‫َّملك نقول ھذا إدغام ماذا متماثلين لكن األول متحرك والثاني متحرك ھذا يسمى إدغام متماثلين كبير ‪ .‬أو تقاربا في المخرج‬
‫ ُ ﴾ ] المجادلة ‪[1 :‬‬ ‫سمع َّ‬ ‫قد َ ِ َ‬ ‫صغيرا ﴿ َ ْ‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫متقاربا‬ ‫متحركا سمي متقاربين أو‬ ‫ً‬ ‫ساكنا والثاني‬ ‫ً‬ ‫واختالفا في الصفات وكان األول‬
‫ ُ ( قد ثم السين مشددة نقول ھذا إدغام متقاربين صغير لكون األول ساكن‬ ‫سمع َّ‬ ‫الدال والسن متقاربان في المخرج ) َقد َّ ِ َ‬
‫ذلك ﴾‬ ‫بعد َ ِ َ‬
‫كبيرا نحو ﴿ ِّمن َ ْ ِ‬ ‫ً‬ ‫متحركا سمي متقاربين‬ ‫ً‬ ‫جاءكم ( ‪ .‬وإن كان‬ ‫لقد َّ ُ ْ‬ ‫جاءكم ﴾ ] التوبة ‪َ َ ) [128 :‬‬ ‫لقد َ ُ ْ‬ ‫والثاني متحرك ﴿ َ َ ْ‬
‫طوبى ( ‪،‬‬ ‫الصالحات ُّ َ‬ ‫طوبى ﴾ ] الرعد ‪َ ِ َّ ) [29 :‬‬ ‫الصالحات ُ َ‬
‫] البقرة ‪ [52 :‬أدغم الدال في الذال يعني جعلھا ذال وأدغمھا ‪ِ َ ِ َّ ﴿ ،‬‬
‫معنا ﴾ ] ھود ‪:‬‬ ‫اركب َّ َ َ‬ ‫صغيرا ﴿ ْ َ‬ ‫ً‬ ‫متحركا سمي متجانسين‬ ‫ً‬ ‫ساكنا والثاني‬ ‫ً‬ ‫أو اتفقا في المخرج واختالفا في الصفات وكان األول‬
‫يعذب َمن‬ ‫كبيرا نحو ﴿ ُ َ ِّ ُ‬ ‫ً‬ ‫معنا ( ھذا األصل ‪ ،‬وإن كانا متحركين سُمي متجانسين‬ ‫اركب َ َ َ‬ ‫) ْ َ ْ‬ ‫‪ [42‬ھذا متجانسان صغير‬

‫‪151‬‬
‫يشاء ( ھذا يسمى إدغام كبير ‪ ،‬فالكبير ما كان‬ ‫يشاء ( أدغم الباء في الميم ) ُ َ ِّ‬
‫يعذب َّمن َ َ ُ‬ ‫يشاء ﴾ ] المائدة ‪ِّ َ ُ ) [40 :‬‬
‫يعذب َّمن َ َ ُ‬ ‫َ َ ُ‬
‫متحركا فيه والصغير ما كان أولھما ساكن ‪.‬‬ ‫ً‬ ‫أول الحرفين‬
‫حكم اإلدغام الصغير واجب عندھم حكمه الوجوب إن كان من المتماثلين ‪ ،‬والجواز إن كان من المتقاربين أو المتجانسين‬
‫على ما ذكرناه في األنواع الثالثة في آخر البناء ألنه قسمه ھناك إلى واجب وجائز وممتنع ‪ .‬والجواز إن كان من المتقاربين‬
‫أو المتجانسين ‪.‬‬
‫فخاص برواية من ؟ السوسي عن أبي عمرو‬ ‫ٌ‬ ‫وأما اإلدغام الكبير بأنواعه‬

‫اإلدغام ُ َ ْ‬
‫يقل‬ ‫حرف ِ ِ ْ ٍ‬
‫بمثل ُھو ْ َ ُ‬ ‫َ ْ ٌ‬ ‫إن َ َ ْ‬
‫دخل‬ ‫كلمة َأو ِ ْ َ َ ْ ِ‬
‫كلمتين ِ ْ‬ ‫في ِ ْ َ ٍ‬
‫)‬ ‫)‬

‫سدرة وھي لغة بني تميم ‪ ،‬وأما لغة أھل الحجاز وھي الفصحى َ ِ َ ٌ‬
‫كلمة َ ِ َ‬
‫كنبقة ‪ ،‬وھي الفصحى ھذه‬ ‫) في ِ ْ َ ٍ‬
‫كلمة ( على وزن ِ ْ َ‬
‫مرارا ) في ِ ْ َ ٍ‬
‫كلمة (‬ ‫ً‬ ‫وكلمة َ ِ َ‬
‫وكلمة يجوز فيھا ثالثة أوجه وھذا قاعدة عامة كما ذكرناه‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫كلمة َ َ‬ ‫أفصح من ِ ْ َ‬
‫كلمة ‪َ ِ ،‬‬
‫وكلمة بھا كالم قد يؤم‬

‫كعضد ونحوه عضد عرف‬ ‫كتف وكتف جاء في مثل كتف‬


‫)‬ ‫)‬
‫كلمة ( ھذا جار مجرور متعلق بقوله ‪ ) :‬دخل (‬ ‫كلمتين ( إذا اإلدغام قد يكون في كلمةٍ وقد يكون في كلمتين ‪ ) ،‬في ِ ْ َ ٍ‬ ‫ً‬ ‫) َأو ِ ْ َ َ ْ ِ‬
‫ٍ‬
‫بحرف‬ ‫حرف ساك ٌن‬ ‫ٌ‬ ‫حرف ( يعني إن اتصل‬ ‫دخلْ َ ْ ٌ‬ ‫إن َ َ‬ ‫كلمة ( وأو ھنا للتنويع والتقسيم ‪ْ ِ ) ،‬‬ ‫كلمتين ( ھذا معطوف على ) ِ ْ َ ٍ‬ ‫) َأو ِ ْ َ َ ْ ِ‬
‫حرف ھذا فاعل‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬
‫حرف ‪،‬‬ ‫بمثل ( يعني إن دخل‬ ‫حرف ِ ِ ْ ٍ‬ ‫دخلْ َ ْ ٌ‬ ‫إن َ َ‬‫مشددا ) ِ ْ‬‫ً‬ ‫ً‬
‫واحدا‬ ‫ً‬
‫حرفا‬ ‫حينئذ تصيرھم ماذا ؟ تصيرھما‬ ‫ٍ‬ ‫متحرك‬
‫حرف إن دخل‬ ‫ٌ‬ ‫بمثل الباء ھنا بمعنى في ‪ ،‬وھو معنى اإلدغام ألن اإلدغام يتعدى بفي‬ ‫ٍ‬ ‫مماثل له‬
‫ٍ‬ ‫مثل يعني في‬ ‫من دخل في ٍ‬
‫اإلدغام ( ‪) ،‬‬‫ثل له ھو اإلدغام ‪ ،‬ھنا خصه بالمثل واألصل أنه أعم يشمل المتقارب والمتجانس ‪ُ ) ،‬ھو ْ َ ُ‬ ‫حرف مما ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫حرف في‬ ‫ٌ‬
‫ُھو ( أي ھذا اإلدخال ھنا عاد الضمير إلى أين مرجع الضمير ) ُھو ْ َ ُ‬
‫اإلدغام ( ؟‬
‫حرف ( ) ُھو ( أي ‪ :‬ھذا الدخول أو ھذا اإلدخال َإذا عاد الضمير إلى المصدر المعلوم أو‬ ‫دخلْ َ ْ ٌ‬ ‫إن َ َ‬ ‫الدخول أو اإلدخال ) ِ ْ‬
‫للتقوى ﴾ ] المائدة ‪ [ 8 :‬ھو الضمير يعود إلى المصدر الذي أشار إليه ﴿‬ ‫أقرب ِ َّ ْ َ‬ ‫ھو َ ْ َ ُ‬ ‫اعدلواْ ُ َ‬ ‫﴿ ُِْ‬ ‫المشار إليه بقوله ‪ :‬دخل‬
‫يقلْ ( بالبناء للمفعول محذوف األلف وأصله‬ ‫مثل له ھو اإلدغام ) ُ َ‬ ‫حرف في ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫اعدلواْ ﴾ ‪ً ،‬إذا ) ُھو ( أي ‪ :‬ھذا اإلدخال إدخال‬ ‫ُِْ‬
‫يُقا ُل حذفت األلف للوزن أي يُسمى ھو اإلدغام يقل أي ھو يسمى اإلدغام أو ھو اإلدغام يسمى به وحذف الجار المجرور‬
‫عمرو ( أحد‬ ‫لكن ( ھذا استدراك لكن ھذا حرف استدراك ) َ ُأبو َ ْ ٍ‬ ‫يدغما ( ‪ْ ِ َ ) ،‬‬ ‫لم ُ ْ ِ َ‬ ‫بھا َ ْ‬ ‫عمرو ِ َ‬ ‫لكن َ ُأبو َ ْ ٍ‬‫يسمى به ال بد من ذلك ) َ ِ ْ‬
‫يدغما ( األلف ھذه لإلطالق األلف لإلطالق لكن حمله‬ ‫لم ُ ْ ِ َ‬ ‫بموضعين ( ) َ ْ‬
‫إال ِ َ ِ َ ْ ِ‬ ‫يدغما ِ َّ‬‫لم ُ ْ ِ َ‬ ‫بھا ( أي ‪ :‬بالكلمة ) َ ْ‬ ‫القراء السبعة ) ِ َ‬
‫حينئذ أن نصوب أن نقول ) لن يدغما ( ألن ألف اإلطالق تأتي بعد فتحة ما‬ ‫ٍ‬ ‫على اإلطالق خطأ ‪ ،‬لو قيل باإلطالق ال بد‬
‫لم ( حرف‬ ‫َ‬
‫مفتوحا وھنا ألنھا ھي إشباع مدة وھنا ) ْ‬ ‫ً‬ ‫مطلق كل ألف تراھا تكون ھذه ألف إطالق ‪ ،‬ال ‪ ،‬ال بد أن يكون ما قبلھا‬
‫مجزوم بلم وجزمه سكون آخره وھو الميم فكيف جاءت الفتحة ھذه ؟ ] ‪ ، ...‬ال ‪.‬‬ ‫ٌ‬ ‫فعل مضارع‬ ‫يدغما ( ٌ‬ ‫نفي وجزم وقلب ) ُ ْ ِ َ‬
‫حينئذ ال‬ ‫ٍ‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫نحن نريد أن نسقط األلف أنھا لإلطالق [ ألن األلف ھذه فرع الفتحة أنت تثبت أوال الفتحة ثم تشبعھا فتجعلھا ألفا‬
‫ألفا ‪ ،‬صوبه‬ ‫تأتي باأللف أوالً ثم نقول الحادثة األول مناسبة الفتحة ‪ ،‬ال ‪ ،‬أنت تنطق أوالً بالفتحة ثم تشبعھا فتمطھا فتجعلھا ً‬
‫بعضھم لم يدغما فلم ھذه محرفة عن لن ‪ ،‬لكن ھذا في المستقبل وأبو عمرو أدغم متى في الماضي لن يدغم في المستقبل ھو‬
‫ُدغمن )‬‫إدغاما ي ْ ِ َ َّ‬ ‫ُدغم ِ ْ َ ً‬
‫أدغم ي ْ ِ ُ‬‫ُدغم َ ْ َ َ‬
‫حينئذ ال يتأتى ھذان المعنى ھل يمكن تخريجھم ؟ ھو فعل مضارع ي ْ ِ ُ‬ ‫ٍ‬ ‫لم يدغم في الماضي‬
‫مضارع مبني على الفتح التصاله بنون‬ ‫ٌ‬ ‫يدغما يدغما ھذا ٌ‬
‫فعل‬ ‫ً‬ ‫حينئذ صار‬ ‫ٍ‬ ‫يدغما ( بنون التوكيد الخفيفة‬ ‫لم ُ ْ ِ ً‬ ‫بھا َ ْ‬ ‫عمرو ِ َ‬ ‫لكن َ ُأبو َ ْ ٍ‬ ‫َِ ْ‬
‫ألفا في الوقف ‪ً ،‬إذا على أصله فال نحتاج إلى أن نقول صوابه لن يدغم كما قال المساوي ‪.‬‬ ‫التوكيد الخفيفة ثم قلبت النون ً‬
‫فنقول ‪ :‬الصواب أن األلف ھذه تكون ‪ -‬ھو حكم بأن األلف ألف اإلطالق وھذا سھو ثم صار المعنى فيه نوع انتكاس ‪ ،‬فال‬
‫بد من التصويب فقال ‪ :‬أصله لن يدغما فلم ھذه مصحفة عن لم ‪ ،‬أو قال ‪ :‬صوابه لن يدغما ‪ .‬نقول ‪ :‬ال ‪ .‬صوابه أن األلف‬
‫وارد كثير ‪.‬‬ ‫ٌ‬ ‫ھذه ليست ألف اإلطالق وإنما ھي مبدلة عن نون التوكيد الخفيفة ‪ ،‬وھذا‬
‫سلككم ﴾ ] المدثر ‪﴿ [42 :‬‬ ‫مناسككم ﴾ ] البقرة ‪ [200 :‬و ﴿ َما َ َ َ ُ ْ‬ ‫بموضعين ( ﴿ َّ َ ِ َ ُ ْ‬ ‫إال ِ َ ِ َ ْ ِ‬ ‫يدغما ِ َّ‬ ‫لم ُ ْ ِ َ‬ ‫بھا ( بكلمة ) َ ْ‬ ‫عمرو ِ َ‬ ‫لكن أَ ُبو َ ْ ٍ‬ ‫) َِ ْ‬
‫سقر ﴾‬ ‫سلككم ِفي َ َ َ‬ ‫مناسككم ﴾ في سورة البقرة و ﴿ َما َ َ َ ُ ْ‬ ‫سلككم ( أدغم في الموضعين ﴿ َّ َ ِ َ ُ ْ‬ ‫مناسككم ( ‪َ ) ،‬ما َ َ ُّ ْ‬ ‫مناسككم ﴾ أدغم ) َّ َ ِ ُّ ْ‬ ‫َّ َ ِ َ ُ ْ‬
‫نصا‬‫بموضعين ( في البقرة والمدثر فإنه أدغم فيھما ) َ ًّ‬ ‫إال ِ َ ِ َ ْ ِ‬ ‫يدغما ِ َّ‬‫لم ُ ْ ِ َ‬‫نصا ( يعني فإال في الموضعين ) َ ْ‬ ‫ھذه سورة المدثر ‪ًّ َ ) ،‬‬
‫‪152‬‬
‫ً‬
‫معلوما وما عدا ھذين الموضعين يظھره أبو عمرو‬ ‫ُلم ھذا صفة لنص أي ‪:‬‬‫علما ( ع ِ َ‬ ‫علما ( ) َ ًّ‬
‫نصا ( عنه أي ‪ :‬بالنصِّ عنه ) ُ ِ َ‬ ‫َُِ‬
‫‪.‬‬
‫موجود في كتبه ككتب التجويد ونحوھا ‪.‬‬‫ٌ‬ ‫والكالم في اإلدغام‬
‫الرابع ( ‪ .‬ھذا نأتي عليه غدا إن شاء  تعالى ‪.‬‬
‫ً‬ ‫ثم قال ‪ُ ْ ِ ) :‬‬
‫العقد َّ ُ‬
‫وصل  وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ‪.‬‬ ‫َّ‬

‫‪153‬‬
‫الشريط الحادي عشر‬
‫الرحيم‬
‫الرحمن الرحيم‬
‫ الرحمن‬
‫بسم ‬
‫بسم‬

‫الحمد رب العالمين والصالة والسالم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ‪.‬‬
‫الرابع ( ‪.‬‬
‫العقد َّ ُ‬ ‫قال المصنف رحمه  تعالى ‪ُ ْ ِ ) :‬‬
‫عقدا ِ ْ ً‬
‫عقدا ‪ ،‬ووصلنا‬ ‫عقود ( ‪ .‬ذكرھا جملة ثم فصلھا ِ ً‬ ‫ستة ُ ُ ُ‬ ‫حوتھا ِ َّ ٌ‬
‫وقد َ َ ْ َ‬‫وھذه كما ذكرنا في السابق كلھا تفصيل لقوله ‪ْ َ ) :‬‬
‫العقد الرابع وقلنا ‪ِ :‬عقد بكسر العين ھو القالدة ‪.‬‬ ‫إلى ِ‬
‫يرجع ( أي يرجع ‪ .‬والضمير ھنا‬ ‫ُ‬ ‫يرجع ( ‪ ) ،‬ما ( أي أنواعه ‪) .‬‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬
‫األلفاظ ‪ ،‬وھو سبعة أنواع ( ‪ ) .‬ما‬ ‫ِ‬ ‫يرجع إلى‬ ‫ُ‬ ‫) ما‬
‫األلفاظ ( وأل ھنا للعھد ‪ ،‬والمراد به ألفاظ القرآن ألن البحث ھنا في علوم‬ ‫ِ‬ ‫يرجع إلى‬ ‫ُ‬ ‫ذكره باعتبار تقدير ما فإنه مذكر ‪) ،‬‬
‫والعقد الخامس خصصه‬ ‫فالعقد الرابع خصصه فيما يرجع إلى األلفاظ ‪ِ ،‬‬ ‫حينئذ يبحث فيه عن ألفاظه وعن معانيه ‪ِ ،‬‬ ‫ٍ‬ ‫القرآن ‪،‬‬
‫كليا عن المعنى ‪ ،‬ال ‪ ،‬وإنما يكون الحكم على‬ ‫ً‬ ‫منفكا ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ثم لفظ يكون‬ ‫َ‬
‫فيما يرجع إلى المعاني المتعلقة باألحكام ‪ ،‬وليس المراد أن َّ‬
‫النص من حيث ھو اللفظ وليس المراد أن المعنى ال اعتبار له ‪ ،‬ال ‪ ،‬ھذا ال وجود له بدليل أنه ذكر المجاز ‪ ،‬فالمجاز قد‬
‫حينئذ يكون قد رعى الجھتين ‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫عقليا باعتبار المعنى‬ ‫لفظيا وقد يكون ًّ‬ ‫ًّ‬ ‫يكون‬
‫ٌ‬
‫أيضا ال بأس ) سبعة أنواع ( على جھة‬ ‫ً‬ ‫األلفاظ ( أي ‪ :‬ألفاظ القرآن وھو ذكر ھنا باعتبار ما ولو قال ھي‬ ‫ِ‬ ‫يرجع إلى‬ ‫ُ‬ ‫) ما‬
‫االختصار ‪.‬‬
‫فعيل واألصل فيه من‬ ‫ُعرب ‪ ،‬الغريب ھذا َ ِ‬ ‫ْ‬
‫والمعرب ( جمع بين الغريب والم َ َّ‬ ‫الغريب ْ ُ َ َّ ُ‬ ‫) األول والثاني ( من ھذه السبعة ) َ ُ‬
‫اغترب بمعنى َبعُدَ إذا اغترب المعنى َبعُدَ ‪ ،‬ففيه نوع بُعْ ٍد عن غيره من األلفاظ ألن األصل في اللفظ أن يكون واضح الداللة‬
‫ٍ‬
‫فحينئذ إذا وجد‬ ‫ال يحتاج إلى تنقير وبحث عنه في المعاجم والقواميس ‪ ،‬ال ‪ ،‬بل األصل فيه أن يكون ظاھر وواضح البيان‬
‫حينئذ نقول ‪ :‬ھذا غريب ‪ .‬بمعنى أنه انفرد عن سائر األلفاظ ‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫لفظ غير ظاھر فيحتاج إلى تنقير وبحث‬
‫ُعرب ھذا سيأتي بحثه ‪.‬‬ ‫ْ‬
‫والم َ َّ‬
‫ًإذا الغريب ھنا قال بعضھم ‪ :‬ھذا من العلوم المفيدة التي ال غنى للمفسر عنھا ‪.‬‬
‫صون وھذا قاعدة عامة في كل علم أو فن من فنون علوم القرآن ال بد وأن تجد‬ ‫الغريب ھذا أفرده بالتصنيف خالئق ال يُحْ َ ْ‬
‫من صنف فيه مصنفات ‪ ،‬وھذا غريب ألھميته كما ھو الشأن في الناسخ والمنسوخ ‪ ،‬والعام والمخصوص إلى آخره ألھميته‬
‫صون منھم ‪ :‬أبو عبيدة ‪ ،‬وأبو عمر الزاھد ‪ ،‬وابن‬ ‫كثرت فيه المصنفات ‪ ،‬لذلك قال السيوطي ‪ :‬أفرده بالتصنيف خالئق ال يُحْ َ ْ‬
‫العزيزي ‪ ،‬فقد أقام بتأليفه خمسة عشر سنة يحرره ھو وشيخه أبو بكر بن‬ ‫دريد ‪ ،‬ومن أشھرھا في كتاب ْالع َُزي ِْزي أو ْ َ ِ ِ‬
‫أيضا كتاب مختصر ‪ ،‬ولذلك قال في )) االتقان ((‬ ‫ً‬ ‫األنباري ‪ ،‬ومن أحسنھا )) المفردات (( للراغب ‪ ،‬وألبي حيان في ذلك‬
‫بعدما ذكر المصنفات ‪ :‬وينبغي االعتناء به ‪ .‬يعني ‪ :‬بالغريب بفن الغريب لماذا ؟‬
‫غريبا وقد وقف الصحابة على بعض األلفاظ كما سيأتي‬ ‫ً‬ ‫ألن الخائض في التفسير ال بد وأن تقف أمامه ألفاظ بعضھا يكون‬
‫حينئذ ال بد من أدوات المفسر ومنھا ‪ :‬العلم بغريب القرآن‬ ‫ٍ‬ ‫ْجم على التفسير فيفسر كالم  تعالى‬ ‫حينئذ ال بد أنه إذا أراد أن َيھ ِ َ‬ ‫ٍ‬
‫‪ .‬كما يقال ‪ :‬غريب الحديث ‪ .‬كذلك غريب القرآن ‪ ،‬وينبغي االعتناء به ‪ ،‬ثم قال ‪ :‬وعلى الخائض في ذلك التثبت والرجوع‬
‫إلى كتب أھل الفن وعدم الخوض فيه بالظن ‪ -‬ال يكفي الظن أظن أن ھذه الكلمة المراد بھا كذا ال يكفي ال بد من اليقين‬
‫فحينئذ ال يقطع إال بيقين أو بأدلة‬ ‫ٍ‬ ‫وخاصة في باب التفسير فإنه قيل بأنه القطع بأن ھذا المعنى ھو مراد الرب جل وعال ‪،‬‬
‫العرْ َباء وأصحاب اللغة الفصحى ومن نزل‬ ‫تكون معتمد عليھا المفسر ‪ ،‬وعدم الخوض بالظن فھذه الصحابة وھم العرب ْ َ‬
‫شيئا ‪ -‬يعني سئل عن لفظ من القرآن فال يعلم ھو ال غيره ال‬ ‫عليھم وبلغتھم توقفوا في ألفاظ لم يعرفوا معناھا فلم يقولوا فيھا ً‬
‫ٍ‬
‫حينئذ ھذا‬ ‫ َما الَ َ ْ َ ُ َ‬
‫تعلمون ﴾‬ ‫على ّ ِ‬ ‫وأن َ ُ ُ ْ‬
‫تقولوا َ َ‬ ‫علم ﴾ ] اإلسراء ‪َ َ ﴿ ، [36 :‬‬ ‫به ِ ْ ٌ‬ ‫لك ِ ِ‬‫ليس َ َ‬ ‫حينئذ توقف ﴿ َوالَ َ ْ ُ‬
‫تقف َما َ ْ َ‬ ‫ٍ‬ ‫يعلم ھو‬
‫حينئذ يجب التوقف ‪ -‬توقفوا في ألفاظ يعرف معناھا فلم يقولوا فيھا ً‬
‫شيئا‬ ‫ٍ‬ ‫علم‬
‫ثم ٌ‬ ‫عام يشمل الصحابي وغيره فإذا لم يكن َ َّ‬
‫وأبا ً ﴾ ] عبس ‪ . [31 :‬أو سئل عنھا ﴿‬ ‫وفاكھة َ َ ّ‬ ‫ُوي أن أبا بكر الصديق رضي  تعالى عنه قال في قوله تعالى ‪ً َ ِ َ َ ﴿ :‬‬ ‫‪،‬ر ِ َ‬
‫وي واشتھر عن أبي بكر‬ ‫وأبا ً ﴾ فقال ‪ :‬أي سماء تظلني وأي أرض تقلني إن أنا قلت في كتاب  ما ال أعلم ‪ .‬ھكذا ُر ِ َ‬ ‫وفاكھة َ َ ّ‬‫َ َ ِ ًَ‬
‫وأبا ً ﴾ فقال ‪ :‬ھذه الفاكھة قد‬ ‫وفاكھة َ َ ّ‬
‫أيضا أنه قرأ على المنبر ﴿ َ َ ِ َ ً‬ ‫ً‬ ‫رضي  تعالى عنه ‪ ،‬وعن عمر رضي  تعالى عنه‬
‫عرفناھا فما األب ؟‬
‫ھم يعلمون أنه نبات لكن عينه غير معلوم ‪ ،‬ھذه الفاكھة قد عرفناھا فما األب ؟ ثم رجع إلى نفسه فقال ‪ :‬إن ھذا لھو‬
‫الكلفُ يا عمر ‪.‬‬‫التكلفُ أو ْ ُ َ‬ ‫َ ُّ‬

‫‪154‬‬
‫وعن ابن عباس رضي  تعالى عنھما قال ‪ :‬كنت ال أدري ما ﴿ َ ِ ِ‬
‫فاطر َّ َ َ ِ‬
‫السماوات ﴾ ما المراد بفاطر قال ‪ :‬ال أدري حتى‬
‫لسماوات ﴾ وقال‬ ‫حينئذ معنى ﴿ َ ِ ِ‬
‫فاطر ا َّ َ َ ِ‬ ‫ٍ‬ ‫أتاني أعرابيان يختصمان في بئر فقال أحدھما ‪ :‬أنا فطرتھا ‪ .‬يعني ‪ :‬أنا ابتدأتھا ‪ .‬فعلم‬
‫لدنا ﴾ ] مريم ‪ [13 :‬و ال أدري ما حنان ‪.‬‬ ‫وحنانا ً ِّمن َّ ُ َّ‬
‫أيضا في قوله ‪َ َ َ ﴿ :‬‬ ‫ً‬
‫ًإذا توقف بعض الصحابة في بعض األلفاظ فلم يتكلموا فيھا حين السؤال ولكن بعد البحث والتأمل والنظر في كالم العرب‬
‫عرفوا مدلولھا وعرفوا معناھا لذلك أحسن ما ذكر في تفسير غريب القرآن ما ُنقل عن ابن عباس رضي  تعالى عنه ‪.‬‬
‫حينئذ نقول ‪ :‬ومعرفة ھذا الفن ضرورية للمفسرين ‪ .‬قال الزركشي رحمه  ‪ :‬يحتاج الكاشف عن ذلك إلى معرفة علم‬ ‫ٍ‬
‫ً‬
‫أسماء‬ ‫وحروفا ‪ .‬يحتاج الكاشف عن ذلك يعني ‪ :‬الباحث عن الغريب غريب القرآن إلى معرفة علم اللغة‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫أسماء وأفعاال‬ ‫اللغة‬
‫وحروفا ‪ ،‬واتفقوا على أن أولى ما يرجع إليه في ذلك ما ثبت عن الصحابة وخاصة عن ابن عباس رضي  تعالى‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫وأفعاال‬
‫عنه وأصحابه اآلخذين عنه ‪ ،‬فإنه ورد عنھم ما يستوعب تفسير غريب القرآن باألسانيد الثابتة الصحيحة ‪ ،‬وقد استوفى‬
‫السيوطي رحمه  في ) اإلتقان ( كل ما ورد عن ابن عباس من الفاتحة أو البقرة إلى سورة الناس القرآن كله باألسانيد‬
‫الصحيحة الثابتة عن ابن عباس ‪ ،‬كل ما ورد من لفظ غريب في القرآن فھو موجود في ذلك الكتاب عن ابن عباس على جھة‬
‫الخصوص ‪.‬‬

‫‪155‬‬
‫المعرب ( ًإذا الغريب ھذا علم من علوم القرآن ‪ ،‬والمراد به معنى األلفاظ التي يحتاج إلى البحث‬
‫الغريب و ْ ُ َ َّ‬
‫) األول والثاني ‪ُ َ :‬‬
‫ٍ‬
‫حينئذ النقل مرجعه النقل ‪ ،‬لكن يرد إشكال إذا قيل ‪:‬‬ ‫عنھا في اللغة يعني يحتاج المفسر ‪ .‬إلى البحث عنھا في اللغة ومرجعه‬
‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬
‫غريبا ومعلوم أن من شرط الفصاحة خلوصه من التنافر الكلمي ‪ -‬يعني الكلمة ‪ -‬من التنافر والغرابة والخلف‬ ‫ً‬ ‫بأن في القرآن‬
‫الذي ھو مخالفة القواعد العامة ‪.‬‬

‫تنافر غرابة خلف زكن‬ ‫فصاحة المفرد أن يخلص من‬


‫)‬ ‫)‬

‫قال ‪ :‬غرابة ‪ً .‬إذا من شرط الفصاحة ماذا ؟ خلوص الكلمة عن الغرابة وإذا وجدت الغرابة في الكلمة انتفت فصاحتھا‬
‫وانتفى ماذا ؟ فصاحة الكالم ‪ .‬فإذا علمنا ذلك كيف ُنثبت أن في القرآن ما ھو غريب ويحتاج إلى التنقير والبحث في كتب‬
‫اللغة ‪ ،‬أليس ھذا بإشكال ؟‬
‫الغرابة التي تنفى في باب الفصاحة ‪ -‬ھناك ھي ‪ :‬الغرابة الوحشية ‪ - :‬أال تكون الكلمة وحشية غير مأنوسة االستعمال أن‬
‫تكون الكلمة وحشية بمعنى أنھا غير ظاھرة المعنى ما يُعرف معناھا أصالً بمعنى أنه ال يعرف معناھا الذي وضع له اللفظ‬
‫ُشكل ْ‬
‫والمُجْ َمل‬ ‫في لغة العرب ‪ ،‬وقلنا ‪ :‬غير ظاھرة المعنى ھذا احترزنا به عن المتشابه ذكرناه بالجوھر عن المتشابه ْ‬
‫والم ْ ِ‬
‫لماذا ؟ ألن ھذه الثالثة تدل على معنى وضع له اللفظ في لغة العرب ‪ ،‬ولكن الذي لم يفھم أو لم يعرف أو أشكل ما ھو داللة‬
‫قروء ﴾ ] البقرة ‪ [228 :‬المعنى الذي‬ ‫اللفظ على المعنى المراد ‪ ،‬أما المعنى الذي وضع له في لغة العرب ھذا مفھوم ﴿ َ َ َ َ‬
‫ثالثة ُ ُ َ ٍ‬
‫وضع له القرء في لغة العرب الطھر أو الحيض ‪ً .‬إذا معلوم المعنى الموضوع له بلغة العرب أو ال ؟ موضوع ‪ ،‬لكن ما‬
‫المراد ھنا ؟ نقول ‪ :‬ھذا مجمل لماذا ؟ لكونه غير ظاھر المراد من اللفظ ‪ ،‬وأما المعنى الذي وضع له في لغة العرب فھو‬
‫مثلوا له بقول عيسى ابن عمر لما سقط عن الحمار ‪:‬‬ ‫معلوم ‪ ،‬ولذلك َ َّ‬
‫علي َتَكأُكأُكْم على ذي مرة ‪ ،‬افرنقعوا ‪ -‬افرنقعوا ھكذا ‪ -‬افرنقعوا عني ‪.‬‬‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫ما لكم َتَكأَْكأُْتم‬
‫ُدرى إال بالرجوع إلى‬ ‫تكأكأتم ھذه أين نبحث عنھا ؟ ما تفھم كذا معناھا األصلي الذي وضع لھا في كلم العرب ال ي ْ َ‬
‫مواضع المفردات ‪.‬‬
‫ًإذا فرق بين أن تسمع قرء فتعلم أنه للحيض والطھر ولكن ال تعرف المراد وبين أن تسمع تكأكأتم ‪ ،‬ما تعرفھا حتى ترجع‬
‫حينئذ نقول ‪ :‬ھذه الكلمة وحشية غير مألوفة االستعمال ‪ .‬ھذا قلنا ھناك ‪ :‬احترزنا به عن غريب‬ ‫ٍ‬ ‫إلى القاموس ولعلك تجده‬
‫القرآن وغريب الحديث لماذا ؟‬
‫لكون غريب القرآن ولو كان يحتاج إلى بحث وتنقير إال إن اللفظ مأنوس االستعمال ‪ ،‬استعماله كثير في لغة العرب لكن‬
‫مثال غير موجود غير مستعمل‬ ‫ً‬ ‫خفي على اآلخرين ‪ ،‬لكن ھذا اللفظ كـ كأكأتم‬ ‫خفي على بعض ال يلزم من ذلك أن يكون قد َ ِ َ‬ ‫لو َ ِ َ‬
‫أصالً غير مألوف االستعمال فھو من شواذ الكلمات ‪ ،‬ھذا المعنى الذي ھو الغرابة بھذا المعنى تكون الكلمة وحشية بمعنى‬
‫غير ظاھرت المعنى الموضوع له في لغة العرب وأن ال تكون مأنوسة االستعمال ھذه منفية عن الكلمة الفصيحة سواء كانت‬
‫ٍ‬
‫وحينئذ إذا‬ ‫في القرآن وفي غيره ‪ ،‬ولكن المراد ھنا بالغريب الذي ھو الغريب بالمعنى الثاني وھو ‪ :‬ما ال مدخل للرأي فيه ‪.‬‬
‫لم يكن للرأي والعقل والفكر مدخل فيه فال بد من التنقير والبحث عنه في كتب اللغة ‪.‬‬
‫ًإذا فرق بين ھذا النوع وبين النوع األول ‪ ،‬النوع الثاني الذي ال مدخل للرأي فيه ال يلزم منه أال تكون الكلمة غير ظاھرة‬
‫وأيضا مأنوسة االستعمال‬‫ً‬ ‫المعنى المراد وال يلزم منه أن تكون الكلمة غير مأنوسة االستعمال ‪ ،‬ال ‪ ،‬بل ھي ظاھرة المعنى‬
‫ً‬
‫في كالم العرب ولكن مع ذلك يحتاج البعض وال أقول الكل يحتاج البعض إلى التنقير عنھا في كتب اللغة ‪ .‬إذا ثم فرق بين‬
‫النوعين ‪.‬‬
‫لتنزيه القرآن عنه بسبب إسناده بالفصاحة وإنما‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ً‬
‫إذا نقول ‪ :‬ليس المراد بالغريب ھنا الوحشي غير مأنوس االستعمال ِ ِ‬
‫قسورة ﴾ ] المدثر ‪ [51 :‬قد يُشكل‬ ‫فرت ِمن َ ْ َ َ ٍ‬ ‫المراد بالغريب ما ال مدخل للرأي فيه ‪ ،‬بل نرجع معناه إلى النقل مثل قسورة ﴿ َ َّ ْ‬
‫قسورة ﴾ ھذه معناھا األسد ‪ ،‬ھل ھي وحشية‬ ‫حينئذ يبحث في كتب اللغة فيجد أن ﴿ َ ْ َ َ ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫على البعض قسورة ما المراد بھا ؟‬
‫حينئذ تكون نسبية ال تكون كلية وأغلبية وإنما تكون نسبية‬ ‫ٍ‬ ‫االستعمال ؟ الجواب ‪ :‬ال ‪ ،‬ھي معلومة في لغة العرب لكن الغرابة‬
‫‪ ،‬ولذلك بعضھم يقيد غريب القرآن وغريب الحديث نسبي بالنسبة إلى من بعد الصحابة ‪ ،‬لكن ھذا يُشكل عليه بأن بعض‬
‫موجودا في زمن الصحابة سواء كان غريب القرآن أو‬ ‫ً‬ ‫ٍ‬
‫حينئذ يكون العلم‬ ‫الصحابة قد أشكل عليه بعض غريب القرآن ‪.‬‬
‫غريب الحديث ولكن بالنسبة إلى من بعدھم ھو أكثر وبالنسبة إلى زمن الصحابة تكون الكلمة مأنوسة االستعمال ولكن من‬
‫ثم فرق بين النوعين ‪.‬‬ ‫سئل عنھا فاحتاج إلى البحث والتنقير ھذا في حقه تكون غريبة ًإذا َ َّ‬
‫‪156‬‬
‫قال ھنا ‪:‬‬
‫جعُ يعني ‪ :‬المفسر الخائض‬ ‫ْ‬ ‫يرجع ( مغير الصيغة ‪ ،‬وال بأس أن تقرأه بالبناء للفاعل َيرْ ِ‬ ‫َ‬
‫للنقل لدى ِ ْ ِ‬
‫الغريب ( ‪ُ َ ْ ُ ) .‬‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬
‫يرجع ِ ِ‬ ‫) ُْ َ ُ‬
‫َ‬
‫للنقل لدى‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬
‫يرجع ِ ِ‬ ‫مبنيا للمجھول ‪ُ َ ْ ُ ) .‬‬ ‫مبنيا للمعلوم أو ً‬ ‫للنقل ( ال بأس سواء جعلته ً‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬
‫يرجع ِ ِ‬ ‫) ُْ َ ُ‬ ‫ج ُع للنقل أو‬ ‫في فن التفسير َيرْ ِ‬
‫َ‬
‫ج ُع الخائض في فن التفسير في تفسير الغريب للنقل يعني ‪ :‬للكتب كتب أھل الفن المصنفة في ذلك الفن ) لدى‬ ‫الغريب ( َيرْ ِ‬‫َِْ ِ‬
‫الغريب ( يعني ‪ :‬لدى اللفظ الغريب لدى البحث عن اللفظ الغريب لماذا ؟‬ ‫َِْ ِ‬
‫حينئذ يلزمه الرجوع إلى مواضع‬ ‫ٍ‬ ‫ألن اللفظ إذا أشكل وھذا أمر بديھي إذا أشكل اللفظ على الناظر على المفسر أو غيره‬
‫والبحث عن المفردات مفردات اللغة العربية ‪ ،‬وھذا ما يسمى بعلم اللغة ‪ ،‬وھو علم معاني المفردات ‪ ،‬ھذا عام سواء كان‬
‫الغريب ( يعني ‪ :‬يرجع المفسر أو‬ ‫للنقل َلدى َ ِ ْ ِ‬ ‫يرجع ِ َّ ْ ِ‬‫) ُْ َ ُ‬ ‫ُشكل ‪ ،‬علم معاني المفردات علم اللغة يسمى ‪،‬‬ ‫ُشكالً أو غير م ْ ِ ٍ‬ ‫م ِْ‬
‫الخائض في فن التفسير إذا أراد تفسير الغريب اللفظ الغريب للنقل يعني ‪ :‬للكتب المصنفة عند أھل ذلك الفن المتخصصين‬
‫الغريب ( يعني ‪ :‬لدى اللفظ الغريب لدى البحث عن اللفظ الغريب الموجود في القرآن ‪ ،‬والقول بأن القرآن فيه‬ ‫فيه ) َلدى َ ِ ْ ِ‬
‫فصيحا ‪ ،‬إذ معنى الغرابة ھنا أن تكون الكلمة وحشية غير مأنوسة‬ ‫ً‬ ‫ألفاظ توصف بكونھا غريبة ال يخرجھا عن كونه‬
‫االستعمال ‪ ،‬ومعنى الغرابة ھنا أن ھذا المعنى ال يُدرك بالرجوع إلى مواطن معرفة معاني تلك األلفاظ ‪ ،‬يعني ‪ :‬العقل‬
‫أيضا يقال فيه إنه عام يعني ‪ :‬الوقوف على معاني المفردات األصل فيه الرجوع إلى‬ ‫ً‬ ‫والرأي ال مجال له في اللغة ‪ .‬لكن ھذا‬
‫مواطن الكالم على تلك المفردات ألنه كما سبق أن الوضع الشخصي ھذا نقلي باإلجماع ‪ ،‬يعني ‪ :‬ليس للعقل فيه مجال‬
‫بخالف الوضع النوعي ھذا فيه خالف ‪ ،‬ھل ھو موضوع أو ال ؟ لكن الوضع الشخصي وضع كل لفظ بإزاء معنى ھذا‬
‫موضوعا بالوضع العربي ال يُعرف وال يُدرك‬ ‫ً‬ ‫وحينئذ إذا كان‬‫ٍ‬ ‫األصل فيه يُجمع ال خالف بينھم أنه موضوع بالوضع العربي‬
‫غرب تجد‬ ‫حينئذ إذا أردت معاني مثال غرب ترجع إلى القاموس تفتح َ َ َ‬ ‫ً‬ ‫ٍ‬ ‫إال من ؟ ممن صنف في بيان معاني تلك المفردات ‪،‬‬
‫أنه استعمل في كذا وكذا ھذه المعاني التي تذكر ھي التي لك أن تستعمل ھذا اللفظ ألي معنى شئت فيذكر لك عشرة معاني إذاً‬
‫غرب ‪ ،‬كمثال استعملت ھذا اللفظ في عدة معاني أوصلھا مثالً في القاموس أو اللسان إلى عشرة أنت إذا‬ ‫العرب استعملت َ َ َ‬
‫غرب بمشتقاته يعني ‪ :‬بالمضارع ‪ ،‬باألمر ‪...‬‬ ‫أردت أن تعبر عن أي معنى من ھذه المعاني العشرة فلك أن تستعمل ھذا لفظ َ َ َ‬
‫إلى آخره وال يجوز أن تستعمل اللفظ لغير ھذه العشرة ‪ ،‬لماذا ؟‬
‫ألن ھذا اللفظ موضوع بالوضع العربي ألحد ھذه المعاني ‪ ،‬استعملته العرب إما في كذا وإما في كذا وإما في كذا فإذا‬
‫دليال على المعني ‪ ،‬بمعنى أنه إذا أطلق اللفظ انصرف إلى‬ ‫ً‬ ‫ُأطلق انصرف إلى أحد المعاني ولذلك قيل في حده جعل اللفظ‬
‫معناه ‪ ،‬نقول ‪ :‬ھذه قاعدة عامة سواء كانت اللفظة غريبة أو ال ‪ ،‬لكن يزداد اللفظ الغريب بماذا ؟‬
‫ببعض الغربة لذلك فيه معنى الغرابة بمعنى أنه انفرد عن سائر األلفاظ لقلة االستعمال ولو كانت معلومة أو مؤلفة‬
‫للنقل َلدى‬‫يرجع ِ َّ ْ ِ‬‫االستعمال في ذاك الزمن ‪ ،‬فال تعارض بين كونھا مؤلفة وبين كونھا قليلة االستعمال ‪ ،‬ال تعارض بينھا ) ُ ْ َ ُ‬
‫الغريب ( ھذا كل ما يتعلق بالغريب ذكره في شطر واحد ‪.‬‬ ‫َِْ ِ‬
‫التعْ ِريب ‪،‬‬ ‫ُعرب ھذا اسمه مفعول من َّ‬ ‫ُعرب ‪ْ .‬‬
‫والم َ َّ‬ ‫كالمشكاة ( ‪ .‬انتقل إلى النوع الثاني وھو ْالم َ َّ‬ ‫جاء ِ ْ ِ ْ ِ‬ ‫ثم قال ‪َ ) :‬ما َ َ‬
‫التعْ ِريب الذي‬ ‫مستعمال في معناه مع نوع تغير ‪ .‬ھذا َّ‬ ‫ً‬ ‫لفظ من غير العربية إليھا‬ ‫اصطالحا عندھم نقل اللفظ أو نقل ٍ‬ ‫ً‬ ‫والتعْ ِريب‬ ‫َّ‬
‫التعْ ِريب ھو نفس النقل تنقل اللفظ من لغة غير عربية إلى اللغة‬ ‫ُعرب ‪َّ ،‬‬ ‫ھو المعنى المصدري ألننا عندنا َتعْ ِريب وعندنا م َ َّ‬
‫والتعْ ِريب إذا قلنا ‪:‬‬ ‫ُعرب ‪َّ ،‬‬ ‫التعْ ِريب وبين ْالم َ َّ‬ ‫ُعرب ‪ ،‬ففرق بين َّ‬ ‫العربية مع بقاء معناه مع بعض التغيير ‪ ،‬والذي نقل ھو ْالم َ َّ‬
‫التعْ ِريب وال يُفھم اللفظ الذي ھو فرع المشتق إال بفھم ماذا ؟ أصله وھو ما اشتق منه ‪ ،‬فال يفھم‬ ‫ُعرب مشتق من ماذا ؟ من َّ‬ ‫ْالم َ َّ‬
‫ْني إال إذا فھم البناء ألنه أصله ‪،‬‬ ‫المب ِ ّ‬‫اإلعْ ِراب ‪ ،‬وال يفھم ْ َ‬ ‫ُعرب إال إذا فھم ِ‬ ‫التعْ ِريب ‪ ،‬كما أنه ال يُفھم ْالم َ َّ‬ ‫ُعرب إال إذا فھم َّ‬ ‫ْالم َ َّ‬
‫ُعرب ال يفھم إال إذا فھم التعريب الذي ھو أصله ألنه مشتق منه من جھة اللفظ ‪.‬‬ ‫كذلك ا ْلم َ َّ‬
‫اصطالحا ‪ :‬نقل لفظ من غير العربية إليھا ‪ً .‬إذا ھو في األصل ليس من غير اللغة العربية وإنما ھو دخيل ‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ًإذا التعريب‬
‫دخيل على لغة العرب مستعمالً في معناه الذي استعمل في تلك اللغة يستعمل في نفس المعنى في لغة العرب ما الذي أريد به‬ ‫ِ‬
‫ُ‬
‫في لغة فارس معنى كيت يُستعمل يُنقل ھذا اللفظ إلى لغة العرب ويستعمل في نفس المعنى الذي استعمل في لغة فارس لكن‬
‫دليال على أنه معرب وإال لكانت كلمة فارسية كما ھي ‪ .‬حينئٍذ مع نوع من التغيير‬ ‫ً‬ ‫مع نوع تغير ‪ ،‬قالوا ‪ :‬ليكون ھذا التغير‬
‫معرب إذ ال يدخله تغيير ‪ ،‬األعالم ال تعرب وإنما تبقى كما ھي ‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫ُلم أن العلم غير‬ ‫ھذا للداللة على أن اللفظ معرب ومن ھنا ع ِ َ‬
‫والعلمية ‪ .‬عُجْ َمة ھذا بإجماع النحاة أنه‬ ‫َ‬
‫مة َ ِ َّ‬‫ْ‬ ‫ْ‬
‫ولذلك إبراھيم ھذا أعجمي غير معرب ولذلك نقول ‪ :‬ممنوع من الصرف ِللعُجْ َ ِ‬
‫مة ْ َ َ ِ َّ‬
‫والعلمية ‪.‬‬ ‫ممنوع من الصرف ِ ْللعُجْ َ ِ‬

‫‪157‬‬
‫ُعرب أمر محسوس‬ ‫ُعرب ھو اللفظ ‪ ،‬ومسمى التعريب ھو النقل ‪ ،‬والنقل أمر معنوي ْ‬
‫والم َ َّ‬ ‫ُعربُ ھو لفظ ًإذا مسمى ْالم َ َّ‬‫ْالم َ َّ‬
‫ُعربُ ھو لفظ استعملته العرب في ً‬
‫معنى وضع له في غير لغتھم ‪ .‬زاد ابن السبكي في )) جمع‬ ‫ھذا األصل ألنه حروف ‪ْ .‬الم َ َّ‬
‫الجوامع (( ‪ :‬غير علم ‪ .‬إلخراج ماذا ؟ إلخراج العلم ‪.‬‬

‫)‬ ‫كالمشكاة في َّ ْ ِ ْ ِ‬
‫التعريب‬ ‫جاء ِ ِ ْ ِ‬
‫َما َ َ‬ ‫‪...............................‬‬
‫)‬
‫)‬ ‫عدل ُ‬
‫وھو ال َ ْ‬
‫القسطاس َ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫كذلك ِ ْ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬
‫الكفل ُ‬ ‫ثم‬
‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫والسجل ُّ ‪،‬‬
‫ِّ ِ‬ ‫َ َّأواهُ ‪،‬‬
‫)‬
‫بالوفق قالوا ‪َ ْ :‬‬
‫احذرا‬ ‫ِْ ِ‬ ‫جمھورھم‬
‫ُ ْ ُ ُ ُْ‬ ‫)‬ ‫أنكرا‬ ‫َ‬
‫قد ْ َ َ‬ ‫َ‬ ‫وھذه َ َ َ‬
‫ونحوھا ْ‬ ‫َ ِ‬
‫)‬

‫ونحوھا ( يجوز النصب ويجوز الرفع ‪.‬‬ ‫وھذه َ َ َ‬


‫احذرا ( ‪ .‬قالوا ‪ :‬احذرا ‪ .‬قالوا ‪ :‬حذرا ‪ .‬يجوز الوجھان ) َ ِ‬ ‫) قالوا ‪َ ْ :‬‬
‫ُعربُ اختلف أھل العلم وأئمة الدين في وجوده في القرآن أم ال ؟ ھل ھو‬ ‫ُعربُ ھو أخر حكمه ولو قدمه لكان أجود ‪ْ .‬الم َ َّ‬ ‫ْالم َ َّ‬
‫موجود في القرآن أم ال ؟ ھل نقول في القرآن ما ھو معرب أو ال ؟‬
‫عربيا ً ﴾‬ ‫ُ‬
‫قرآنا ً َ َ ِ ّ‬
‫نزلناهُ ْ‬ ‫َ‬
‫عربيا ً ﴾ ‪َِّ ﴿ ،‬إنا أ َ ْ َ‬ ‫ُ‬
‫قرآنا ً َ َ ِ ّ‬
‫﴿ ْ‬ ‫وسبب الخالف كما ھو معلوم النصوص المتوافرة على أن القرآن عربي‬
‫)‪(5‬‬
‫حينئذ يلزم منه أن ال يوجد فيه لفظ لفظ عربي ‪ .‬ثم‬ ‫ٍ‬ ‫] يوسف ‪ [2 :‬وظاھر اللفظ ماذا ؟ ظاھر اللفظ أن القرآن كله عربي‬
‫عدھا ھل يخرجه عن كونه‬ ‫يرد سؤال ھل إذا وجد في القرآن وقد حكم عليه بأنه عربي لو وجد فيه ألفاظ يسيرة ُتعد يمكن َ ُّ َ‬ ‫َِ ُ‬
‫ًّ‬
‫عربيا أو ال ؟‬
‫عدھا أوصلھا أكثر ما أوصلھا السيوطي إلى ستين‬ ‫تعد ُيم ِْكنُ َ َّ َ‬ ‫ُعربة ُ َ ّ‬
‫ھذا حل نزاع عند أھل العلم ‪ ،‬ھل إذا وجدت ألفاظ م َ َّ َ‬
‫وقيل ‪ :‬إلى مائة ‪ .‬وھب أنھا مائة ھذه معدودة ‪ ،‬القرآن كم كلمة ستة آالف ومائتين كلمة كم تعدل المائة أو الستين من ستة‬
‫عربيا أو ال ؟ ھذا محل نزاع ‪ .‬ولذلك السيوطي جمع ھذه‬ ‫ًّ‬ ‫آالف ومائتين كلمة ‪ ،‬يسير شيء يسير ‪ ،‬ھل يخرجه عن كونه‬
‫المعرب (( ‪ .‬وذكرھا في )) اإلتقان (( كلھا وذكر بعض‬ ‫كتاب سماه )) المھذب في ما وقع في القرآن من ْ ُ َ ّ‬ ‫ٍ‬ ‫األلفاظ كلھا في‬
‫نظم في ذلك ‪.‬‬ ‫ما ُ ِ َ‬
‫المعرب في القرآن على قولين ‪:‬‬ ‫اختلف األئمة في وقوع ْ ُ َ َّ‬
‫ُعرب ‪ ،‬وھذا مذھب األكثر ) وليس في القرآن عند‬ ‫األول ‪ :‬عدم وقوعه في القرآن ‪ .‬ال يكون في القرآن ما ھو لفظ م َ َّ‬
‫األكثر ( ھكذا ‪.‬‬

‫ُعربُ‬
‫م َ َّ‬ ‫لعندھم‬ ‫فيما‬ ‫له‬ ‫اللفظ إن ما استعملته العربُ‬
‫)‬ ‫)‬
‫كالشافعي وابن جرير الطبري‬ ‫األكثر‬
‫ِ‬ ‫وليس في القرآن عند‬
‫)‬ ‫)‬

‫ُعرب ال يدخل القرآن ‪ ،‬لكن ليس ھذا على إطالقه وإنما أرادوا به سوى األعالم‬ ‫ًإذا أكثر عند أھل العلم على أن ْالم َ َّ‬
‫فإبراھيم ھذا عجمي ليست بكلمة عربية وإسحاق ويعقوب ‪ ،‬نقول ‪ :‬ھذه كلمة ليست بعربية مع كونھا موجودة في القرآن‬
‫ً‬
‫عربيا واحفظوا ھذا ‪ ،‬إنما أنزل القرآن بلسان‬ ‫فأجمعوا على أنھا ليست بعربية ‪ ،‬وأجمعوا على أنھا لم تخرج القرآن عن كونه‬
‫مبين ﴾ ] الشعراء ‪ [195 :‬فمن زعم أن فيه غير‬‫عربي ُّ ِ ٍ‬ ‫عربي مبين فمن زعم أن فيه غير العربية فقد أعظم القول ﴿ ِ ِ َ ٍ‬
‫بلسان َ َ ِ ٍّ‬
‫العربية فقد أعظم القول وأعظم الفدية ‪ .‬وقال ابن أوس ‪ :‬لو كان فيه من لغة غير العرب شيء لتوھم متوھم أن العرب إنما‬
‫عجزت عن اإلتيان بمثله ألنه أتى بلغات ال يعرفونھا ‪ .‬لقال متوھم بأن العرب عجزوا لماذا ؟ ألنه خاطبھم بألفاظ ھي من‬
‫فارس والحبشية والروم ‪ ..‬إلى آخرھا وال يعرفون ھذه اللغة ‪ ،‬ھذا يمكن يقال لو أنزل سورة كاملة فارسية ‪ ،‬أو كانت ثالث‬
‫أرباع القرآن كله رومي أو بالحبشي يمكن أن يقال ھذا ‪ ،‬أما كلمة لو قيل ستون كلمة في القرآن والقرآن كم جزء ؟ ثالثون‬

‫)‪ (5‬ﻻ ﻳﻮﺟﺪ ﻓﻴﻪ ﻟﻔﻆ ﺇﻻ ﻟﻔﻆ ﻋﺮﰊ ‪.‬‬


‫‪158‬‬
‫ُعربة ھل‬ ‫حزبا يعني ‪ :‬في كل حزب كلمة واحدة ‪ .‬في كل حزب كلمة وكل عشرة صفحات كلمة واحدة م َ َّ َ‬ ‫جزء ًإذا كم ؟ ستون ً‬
‫يخرجه ھذا عن كونھا عربية ؟ ھذا محل نزاع ‪.‬‬
‫ُعرب في القرآن ‪ .‬ورد أن ابن عباس يقول ‪ :‬ھذه‬ ‫وأجاب ابن جرير عن ما ورد عن ابن عباس ألنھم إذا قالوا ‪ :‬بأنه ال م َ َّ‬
‫ُعرب أن في القرآن ما ھو‬ ‫كلمة الحبشية ‪ ،‬وھذه بلسان فارس ‪ ،‬وھذه بلسان الروم ‪ً .‬إذا ابن عباس يرى أن في القرآن م َ َّ‬
‫ُعرب وھذا واضح بين ‪ ،‬أجاب ابن جرير رحمه  عما ورد عن ابن عباس من تفسير ألفاظ في القرآن إنھا بالحبشية‬ ‫م َ َّ‬
‫والفارسية ونحو ذلك قال ‪ :‬إنما اتفق فيھا توارد اللغات ‪ .‬اتفاق لغة فقط يعني ‪ :‬مشكاة ليست حبشية وإنما اتفقت اللغتان اللغة‬
‫ضعت كذلك في الحبشية فاتفقت في األلفاظ وفي المعنى ‪ً ،‬إذا مشكاة ھذه ليست م َ َّ َ‬
‫ُعربة‬ ‫ضعت مشكاة فيھا ووُ ِ َ‬ ‫العربية أول ما وُ ِ َ‬
‫أصال عربية باألصالة وكذلك مشكاة ھي حبشية باألصالة ولكن اتفقت اللغتان فتكلمت بھا العرب والفرس‬ ‫ً‬ ‫ھي عربية‬
‫علقت من لغاتھم باللسان‬ ‫علقت أو َ ِ َ‬ ‫َ‬
‫والحبشية بلفظ واحد ‪ .‬وقال غيره في اإلجابة عن ما ورد عن ابن عباس ‪ :‬بل ھذه ألفاظ َ َ‬
‫العربي بعد مخالطة األلسن في األسفار فوقعت في كالمھم ونزل بھا القرآن ‪ .‬يعني ‪ :‬ھذه األلفاظ لما كانت رحلة تتجه إلى‬
‫الشام والروم ورحلة إلى الحبشة ‪ ..‬إلى آخره ‪ ،‬ما يذھب تاجر ويجلس أيام وشھر وشھرين إال ويحفظ كلمة ويأتي إلى العرب‬
‫فحينئذ ال بد أن يحفظ منھا‬ ‫ٍ‬ ‫فتندرج ھذه الكلمة فتصير استعماالً كما ھو الشأن اآلن ‪ .‬إذا ذھب ذاھب إلى أرض ليس بلغة قومه‬
‫فحينئذ ھذه األلفاظ مشكاة ونحوھا مما سيذكره أو‬ ‫ٍ‬ ‫كلمة أو كلمتين ثم إذا رجع يدندن بھا صباح مساء ‪ ،‬فقد تستقر ھذه اللغة‬
‫بعضھا الناظم ھذه جاءت بھا األسفار إلى محل العرب وانتشرت ھذه األلفاظ حتى صارت كأنھا من لغة العرب ‪ ،‬فنزل‬
‫القرآن على ما ھو عليه وكانت ھذه األلفاظ من استعمالھم ‪.‬‬
‫وقال بعضھم ‪ :‬بل ھذه األلفاظ عربية صرفة ليست بدخيلة ولكن لغة العرب متسعة وال يبعد أن تخفى عن األفھام ‪ .‬يعني‬
‫حينئذ كون‬ ‫ٍ‬ ‫نبي ‪.‬‬‫يقول ابن عباس ھو كبير من األكابر لكن لغة العرب كما قال الشافعي في )) الرسالة (( ‪ :‬ال يحيط بھا إال ٌّ‬
‫فحينئذ قد يخفى عن ابن عباس بعض ھذه‬ ‫ٍ‬ ‫ابن عباس يقول ‪ :‬ھذه فارسية ‪ ،‬ھذه رومية ‪ .‬خفيت عليه ألن لسان العرب متسع‬
‫ً‬
‫وحنانا ما‬ ‫خفي عليه معنى فاطر وفاتح‬ ‫ُعربة وھي عربية صرفة ‪ ،‬ولذلك جاء عن ابن عباس أنه َ ِ َ‬ ‫األلفاظ فيظنھا أنھا دخيلة م َ َّ‬
‫ً‬
‫خفيت عليه بعض األلفاظ ‪ .‬إذا لسان العرب متسع ‪ .‬ھذا ھو القول األول‬ ‫صرف ُقح ‪ ،‬ومع ذلك َ ِ َ ْ‬ ‫عرف المعنى مع أنه عربي ِ‬
‫ُعرب في القرآن ‪.‬‬ ‫عدم وقوع ْالم َ َّ‬
‫ُعرب في القرآن ‪ .‬أنه واقع ودليل الجواب ‪ :‬الوقوع المشاھدة بما سيذكره المصنف في القرآن )‬ ‫ْ‬
‫القول الثاني ‪ :‬وقوع الم َ َّ‬
‫القسطاس ( ‪ ...‬إلى آخره ‪ .‬ھذه كلھا ألفاظ دخيلة ليست بعربية صرفة‬ ‫ُ‬ ‫الكفل ُ ( ‪ْ ِ ) ،‬‬ ‫السجل ُّ ( ‪ْ ِ ) ،‬‬ ‫كالمشكاة ( ‪َّ َ ) ،‬أواهُ ( ‪ِ ِّ ) ،‬‬ ‫ِ ِ ْ ِ‬
‫عربيا فنزل القرآن بھذه األلفاظ ‪ ،‬وأجابوا عن‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫حكما‬ ‫وإنما ھي باعتبار األصل أعجمية ولكن تم استعملھا العرب وصارت‬
‫ٍ‬
‫وحينئذ ما الجواب ؟‬ ‫عربيا ً ﴾ يدل على أن القرآن كله عربي‬ ‫قرآنا ً َ َ ِ ّ‬‫عربيا ً ﴾ ‪ .‬يرد عليكم ھذه اآلية ﴿ ُ ْ‬ ‫قرآنا ً َ َ ِ ّ‬ ‫قوله تعالى ‪ْ ُ ﴿ :‬‬
‫عربيا ‪ ،‬والقصيدة‬ ‫ًّ‬ ‫عربيا ً ﴾ ‪ .‬أجابوا عنه بأن الكلمات اليسيرة بغير العربية ال تخرجه عن كونه‬ ‫قرآنا ً َ َ ِ ّ‬ ‫قالوا ‪ :‬قوله ‪ْ ُ ﴿ :‬‬
‫فارسية ال تخرج عنھا بلفظة فيھا عربية ‪ ،‬ولذلك أجمعوا على أن األعالم موجودة في القرآن ووجدھا ال يخرجه ولن يخرجه‬
‫ً‬
‫عربيا‬ ‫حينئذ ما الفرق بين أن يُجمع على وجود بعض األعالم وھي أعجمية ولم تخرجه عن كونه ً‬
‫قرآنا‬ ‫ٍ‬ ‫عربيا ‪،‬‬‫ًّ‬ ‫عن كونه‬
‫ًّ‬
‫عربيا ‪.‬‬ ‫تعد على األصابع ال تخرجه عن كونه ً‬
‫قرآنا‬ ‫كذلك وجود بعض األلفاظ اليسيرة التي ُ َ ّ‬
‫وعربي ﴾ ] فصلت ‪ . [44 :‬بأن المعنى من السياق أكالم أعجمي ومخاطب‬ ‫ًإذا ال فرق بينھما ‪ .‬وعن قوله ‪ٌّ ِ َ ْ َ َ ﴿ :‬‬
‫أأعجمي َ َ َ ِ ٌّ‬
‫ٌ‬
‫مجمع عليه ‪.‬‬ ‫أيضا بوجود األعالم األعجمية وھو‬ ‫عربي ‪ .‬واستدلوا ً‬
‫ًإذا ھذان قوالن ‪:‬‬
‫ُعرب في القرآن ‪.‬‬ ‫وقوع ْالم َ َّ‬
‫ُعرب في القرآن ‪.‬‬ ‫عدم وقوع ْالم َ َّ‬
‫ُعرب في القرآن ‪ .‬قال السيوطي رحمه  ‪ :‬وأقوى ما رأيته للوقوع وھو اختياري ‪ -‬أنه‬ ‫والجمھور على أنه عدم وقوع ْالم َ َّ‬
‫واقع ‪ -‬ما أخرجه ابن جرير بسند صحيح عن أبي ميسرة التابعي الجليل حيث قال ‪ :‬في القرآن من كل لسان ‪ .‬يعني ‪ :‬من‬
‫لسان العرب ‪ ،‬ومن لسان الحبشة ‪ ،‬ومن لسان الروم ‪ ،‬ومن لسان الفرس ‪ ...‬إلى آخره ‪ .‬يعني ‪ :‬فيه إشارة وليس المراد أن‬
‫ولذلك أجمعوا على أن المختلف فيه ھو ألفاظ كلمات يعني ال سورة بأكملھا وال جملة بأكملھا باإلجماع ھذا أنه ال يوجد في‬
‫ُعرب أو أنه أعجمي ھذا باإلجماع فضالً عن كونھا سورة أو غيرھا وإنما‬ ‫القرآن تركيب مركب تركيب إسنادي وھو م َ َّ‬
‫الخالف في ألفاظ ‪ .‬ولذلك نقل ھنا عن ميسرة في القرآن من كل لسان وروي مثله عن سعيد بن جرير ووھب بن منبه ‪ ،‬فھذا‬
‫إشارة ‪ -‬السيوطي يقول وھو كالم نفيس ‪ : -‬فھذا إشارة إلى أن حكمة وقوع ھذه األلفاظ في القرآن أنه حوى علوم األولين‬
‫واآلخرين ونبأ كل شيء فال بد أن تقع فيه اإلشارة إلى أنواع اللغات واأللسن ليتم إحاطته بكل شيء ‪ ،‬فاختير له من كل لغة‬
‫استعماال للعرب ‪ .‬لذلك جاء أن النبي  قد ُأرْ ِسل إلى اإلنس عامة بل لإلنس والجن عامة وھذا يشمل‬ ‫ً‬ ‫أعذبھا وأخفھا وأكثرھا‬
‫‪159‬‬
‫أشير ببعض ھذه األلفاظ إلى عموم الرسالة وإن كان األصل أن كل رسول إنما يُرسل بلسان قومه ‪،‬‬ ‫حينئذ ُ ِ‬
‫ٍ‬ ‫العربي وغيره‬
‫ُ‬
‫ولكن ھنا يتعذر أن يُرسل بعدت ألسن فاختير اللسان العربي ألنه أفضل وأميز وأوسع األلسنة ثم أشير إلى بعض األلسنة‬
‫الشھيرة في ذلك الزمان ببعض ھذه األلفاظ ففيه إشارة إلى ما ذكره السيوطي رحمه  تعالى ‪.‬‬
‫جاء ( يعني ‪:‬‬
‫ُعرب ) َما َ َ‬ ‫ْ‬
‫جاء ( إشارة إلى بعض أمثلة الم َ َّ‬ ‫لمشكاة في َّ ْ ِ ْ ِ‬
‫التعريب ( وھذا واقع في القرآن ) َما َ َ‬ ‫جاء ِكا ِ ْ ِ‬
‫) َما َ َ‬
‫لفظ جاء في القرآن لفظ جاء يعني ‪ :‬ثبت تعني إذا جاء المجيء أصله حسي في مثل ھذه المواضع لكن ھنا يأتي بمعنى ثبت ‪،‬‬
‫كالمشكاة ( كلفظ المشكاة والكاف ھنا تمثيلية ) ِ ْ ِ ْ ِ‬
‫كالمشكاة ( ھذا في سورة‬ ‫جاء ( في القرآن يعني ‪ :‬ما ثبت في القرآن ) ِ ِ ْ ِ‬ ‫) َما َ َ‬
‫مصباح ﴾ ] النور ‪ [35 :‬كمشكاة معناھا في لغة الحبشة الكوة كما أخرجه ابن أبي حاتم عن مجاھد‬ ‫فيھا ِ ْ َ ٌ‬ ‫نوره َ ِ ْ َ ٍ‬
‫كمشكاة ِ َ‬ ‫النور ﴿ ُ ِ ِ‬
‫‪ ،‬كوة ھذه فتحة في الجدار توضع فيھا بعض الخزائن موجود إلى عھد قريب ‪ً .‬إذا المشكاة ھذه معناھا في لغة الحبشة ماذا ؟‬
‫جاء ( يعني ‪ :‬لفظ جاء أو‬ ‫الكوة ُتستعمل عندھم بھذا المعنى وتستعمل عندنا بھذا المعنى في لغة العرب ) ِ ْ ِ ْ ِ‬
‫كالمشكاة ( ) َما َ َ‬
‫كالمشكاة ( من األلفاظ المستعملة في لغة أخرى كالحبشة ) في َّ ْ ِ ْ ِ‬
‫التعريب ( أي معدود في‬ ‫) ِ ِْ ْ ِ‬ ‫ألفاظ جاء في القرآن‬
‫ُعرب وعدمه في القرآن ‪ ،‬يعني ال ينبني عليه‬ ‫ْ‬
‫ثم خالف بين أھل العلم في وجود الم َ َّ‬ ‫ُعرب على القول به ‪ ،‬لكن ليس َ َّ‬ ‫اللفظ ْالم َ َّ‬
‫أي خالف ولذلك صاحب المراقي لما ذكر الخالف ‪.‬‬

‫در ضرع‬
‫حتى أبى رجوع ّ‬ ‫وذاك ال يُبنى عليه فرع‬
‫)‬ ‫)‬

‫در ضرع حتى يرجع اللبن في الضرع فإن‬ ‫ُعرب أو ال حتى أبى رجوع ً‬ ‫وذاك ال يُبنى عليه فرع يعني الخالف في ھذا ْالم َ َّ‬
‫عر ِ ّبيا ً ﴾ ھل يشمل بعض‬ ‫قرآنا ً َ َ‬ ‫فحينئذ ينبني الخالف وإال فال خالف ‪ .‬لكن يبقى ھل مدلول قوله ‪ْ ُ ﴿ :‬‬ ‫ٍ‬ ‫رجع اللبن في الضرع‬
‫األلفاظ أو ال ؟‬
‫ُعرب ‪.‬‬
‫نقول ‪ :‬الظاھر أنه ال يمنع ولذلك نقول ‪ :‬ال بأس بالقول بأن القرآن فيه م َ َّ‬
‫حليم ﴾ ] التوبة ‪ [114 :‬معناه في لسان الحبشة الموقن‬ ‫ألواهٌ َ ِ ٌ‬ ‫إن ِ ْ َ ِ َ‬
‫إبراھيم َّ‬ ‫) َ َّأواهُ ( يعني وأواه ‪ .‬أواه ھذه في سورة التوبة ﴿ ِ َّ‬
‫أيضا كما روي عن عمرو بن شراحبيل ‪َّ َ ) ،‬أواهُ (‬ ‫في لسان الحبشة ‪ ،‬كما روي عن ابن عباس أو معناه الرحيم بلغة الحبشة ً‬
‫بفتح الھمزة وتشديد الواو ‪.‬‬
‫للكتب ﴾ ] األنبياء ‪ [104 :‬ھذه في األنبياء ومعناه الرجل بلغة‬ ‫ْ‬
‫السجل ِّ ِ ُ ُ ِ‬
‫كطي ِّ ِ‬ ‫َ‬
‫ِّجل ﴿ َ ِّ‬ ‫والسجل ُّ ( بكسر السين وشد الالم الس ُّ‬ ‫ِّ ِ‬ ‫)‬
‫ُعرب ‪ .‬يعني ‪ :‬إما أنه حبشي وإما أنه‬ ‫وي عن ابن عباس أو الكتاب كما ُنقل عن ابن الجني وقيل ‪ :‬فارسي م َ َّ‬ ‫الحبشة كما رُ ِ َ‬
‫فارسي ‪.‬‬
‫الكفل ُ ( بكسر الكاف وإسكان الفاء معناه الضِّعف بكسر الضاد بالحبشية روي عن أبي‬ ‫ْ‬ ‫ثم ِ‬ ‫ُ‬
‫الكفل ُ ( ثم بمعنى الواو ) َّ‬ ‫ْ‬ ‫ثم ِ‬ ‫) ُ َّ‬
‫كفل ٌ‬‫له ِ ْ‬ ‫يكن َّ ُ‬ ‫كفلين ﴾ ] الحديد ‪ [28 :‬ضعفين وجاء كذلك في النساء ﴿ َ ُ‬ ‫تكم ِ ْ َ ْ ِ‬ ‫موسى األشعري وھذا جاء في سورة الحديد ﴿ ُ ْيؤ ِ ُ ْ‬
‫ضعْ ف ‪.‬‬ ‫منھا ﴾ ] النساء ‪ِ [85 :‬‬ ‫ِّ ْ َ‬
‫القسْ طاس‬ ‫ُعربا ْ ِ‬‫كذلك ( منه القسطاس كذلك أي مثل ذلك المذكور السابق في كونه م َ َّ ً‬ ‫َ‬ ‫العدل ُ ( ‪) ،‬‬‫وھو َ ْ‬ ‫َ‬ ‫القسطاس‬
‫ُ‬ ‫كذلك ِ ْ‬ ‫َ‬ ‫)‬
‫العدل ُ ( ‪ .‬وھو أي ‪:‬‬ ‫وھو َ ْ‬ ‫َ‬ ‫المستقيم ﴾ ] اإلسراء ‪ [35 :‬فسره بقوله ‪) :‬‬ ‫بالقسطاس ْ ُ ْ َ ِ ِ‬ ‫وزنوا ِ ِ ْ َ ِ‬ ‫وقد جاء في سورة اإلسراء ﴿ َ ِ ُ ْ‬
‫الميزان ‪ .‬ولذلك كل من يُنقل عنه‬ ‫وي عن مجاھد ‪ ،‬وعن سعيد بن جبير أنه بلغة الروم ‪َ ِ ْ :‬‬ ‫القسطاس العدل بلغة الروم كما رُ ِ َ‬
‫ُعرب في القرآن سعيد بن جبير ‪ ،‬وابن عباس ‪ ،‬وأبي موسى األشعري ‪ ،‬ومجاھد ‪...‬‬ ‫ْ‬
‫ھذه األلفاظ تضمه إلى القائلين بوجود الم َ َّ‬
‫إلى آخره ‪.‬‬
‫ُعرب في القرآن وقدمناه ألنه‬ ‫ْ‬
‫وھذه ( ھذا شرع في بيان الخالف في وقوع الم َ َّ‬ ‫جمھورھم ( ‪ِ َ ) .‬‬ ‫أنكرا ُ ْ ُ ُ ُ ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫قد‬ ‫َ‬
‫ونحوھا ْ‬‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫) َ ِ‬
‫وھذه‬
‫ِ‬
‫كالمشكاة (‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫) ِ ِ‬ ‫وھذه ( أي ‪ :‬الكلمات السابقة من قوله ‪:‬‬ ‫ُعرب تعريفه ثم حكمه ثم بعد ذلك األمثلة ‪ِ َ ) ،‬‬ ‫ْ‬
‫ھو األولى يُذكر الم َ َّ‬
‫أنكرا‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫قد‬ ‫َ‬
‫ونحوھا ( ونحوُ ھا قد أنكر ھذه مفعول مقدم ألنكر ‪ ،‬أنكر ) ْ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ونحوھا ( ) َ ِ‬
‫وھذه‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫القسطاس ( ‪) .‬‬ ‫ُ‬ ‫و إلى قوله ) ِ ْ‬
‫جمھورھم ( فتقدر ماذا ؟ مفعول به أنكرھا‬ ‫قد ْ َ َ‬
‫أنكرا ُ ْ ُ ُ ُ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫جمھورھم ( ھذه الكلمات ونحوھا أو تقول ‪ :‬ھذه ونحوُ ھا ‪ .‬مبتدأ ) ْ‬ ‫ُ ْ ُ ُ ُْ‬
‫ونحوھا بالنصب‬ ‫َ‬ ‫جمھورھم يجوز الوجھان لكن في مثل يقال ‪ :‬عدم التقدير أولى من ؟ من التقدير ‪ ،‬فتجعل ھذه مفعول مقدم‬
‫ونحوھا ممن لم يذكر وھو كثير كما في ) اإلتقان (‬ ‫َ‬ ‫على أنه معطوف على محل ھذه ‪ ،‬وھذه الكلمات المذكورة فيما سبق‬
‫جمھورھم ( يعني ‪:‬‬ ‫أنكرا ُ ْ ُ ُ ُ ْ‬ ‫َ‬
‫أنكرا ( األلف لإلطالق ) ْ َ َ‬ ‫َ‬
‫قد ْ َ َ‬ ‫أوصلھا إلى مائة كـ ‪ :‬إستبرق ‪ ،‬وسندس ‪ ،‬والسلسبيل ‪ .‬وغيرھا ) َ ْ‬
‫جمھورھم ( ألف اإلطالق ‪ ،‬انظر ألف جاءت بعد ماذا ؟ بعد‬ ‫أنكرا ُ ْ ُ ُ ُ ْ‬ ‫ُعربا ) َ ْ َ َ‬ ‫جمھور العلماء والمعتنين باللغة والقرآن كونه م َ َّ ً‬
‫‪160‬‬
‫أنكرا األلف لإلطالق وال بأس بقول ‪ :‬إنھا لإلطالق ‪ ،‬لماذا ؟ ألنه ال يمكن القول بأنھا نون توكيد ألنھا ال‬ ‫ُدغما َ ْ َ َ‬
‫فتحة لم ي ْ ِ َ‬
‫قدَ‬
‫أنكرا ( ‪ْ ) ،‬‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ً‬
‫وأيضا ھنا األلف جاءت بعض فتح ألنھا إلطالق الروي بمعنى إشباع الفتح ألفا ) َ‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫تتصل بالماضي إال شذوذا ‪،‬‬
‫احذرا ( يعني ‪ :‬كأنه ذكر‬ ‫َ‬ ‫بالوفق قالوا ‪ْ :‬‬ ‫ْ‬
‫ُعربا ‪ِ ِ ) ،‬‬ ‫أنكرا ( ونفى جمھورھم جمھور العلماء كونه م َ َّ ً‬ ‫أنكرا ( قد للتحقيق ھنا ) َ ْ َ‬
‫َ‬ ‫َْ َ َ‬
‫ُعربة كيف قد جاءت في القرآن وھي موجودة في‬ ‫اإلنكار وذكر الجواب عما يقال ألنه إذا قيل قد أنكرتم ھذه الكلمات بأنھا م َ َّ َ‬
‫بالوفق قالوا ( قالوا ‪:‬‬ ‫ْ‬
‫بالوفق ( ‪ِ ِ ) .‬‬ ‫ْ‬
‫لسان الحبشة مشكاة مشكاة ‪ ،‬عندنا مشكاة في القرآن وعند لسان الحبشة مشكاة ‪ .‬قالوا ‪ِ ِ ) :‬‬
‫ْ‬
‫بالوفق‬
‫لوفق جار ومجرور متعلق بقوله ‪ :‬قالوا ‪ .‬قالوا في الجواب ) ِ ِ‬ ‫بالوفق ‪ .‬يعني أجابوا قالوا في الجواب عنھا بالوفق ‪ ،‬با ْ‬
‫( بكسر الواو أي ‪ :‬التوافق ‪ .‬أي ‪ :‬أنھا عربية وافقت فيھا لغة العرب لغة غيرھم ‪ ،‬عربية ‪ -‬ھذا جواب ابن جرير الطبري ‪-‬‬
‫أنھا عربية وافقت فيھا لغة العرب لغة غيرھم يعني ‪ :‬وضعت في لغة العرب أصالة ووضعت في لغة الحبشة أو الروم أو‬
‫احذرا ( لھا قطع الھمز ھنا )‬ ‫احذرا ( ًإذا ھذا من توافق اللغتين ) قالوا ‪َ ْ :‬‬ ‫بالوفق قالوا ‪َ ْ :‬‬
‫أصالة ‪ .‬ولكن ھذا فيه بُعْ د ‪ِ ْ ِ ) .‬‬ ‫ً‬ ‫فارس‬
‫احذرا ( قالوا الذين ھم الجمھور ومنھم الشافعي‬ ‫َ‬ ‫احذرا ( احذرن ھذه األلف بدل عن نون التوكيد الخفيفة ) قالوا ‪ْ :‬‬ ‫َ‬ ‫قالوا ‪ْ :‬‬
‫عربيا ً ﴾‬‫قرآنا ً َ َ ِ ّ‬ ‫ُ‬
‫أنزلناهُ ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫احذرا ( يعني ‪ :‬احذر أن تقول في القرآن ما ليس بعربي ألن  تعالى يقول ‪َِّ ﴿ :‬إنا َ َ‬ ‫َ‬ ‫رحمه  ) قالوا ‪ْ :‬‬
‫حذرا أي ‪ :‬خوًفا وبُعْ ًدا من أين يقولوا‬ ‫حذرا ‪ .‬أنكر جمھورھم َ َ ً‬ ‫] يوسف ‪ . [2 :‬احذر أن تقول في القرآن ما ليس بعربي قالوا ‪َ َ َ :‬‬
‫في القرآن ما ليس بعربي ‪.‬‬
‫ُعرب ‪ ،‬وال بأس بھذا القول ألنه إذا عدت ھذه الكلمات في جھة ما ذكر ال‬ ‫كل نقول ‪ :‬أن الصواب في القرآن ما ھو م َ َّ‬ ‫على ٍّ‬
‫عربيا ‪ ،‬والقول بالتوافق اللغتين ھذا يحتاج إلى إثبات وال دليل وإنما ھو من باب التخريج للقول الذي قالوه‬ ‫ًّ‬ ‫يخرجه عن كونه‬
‫يعني ‪ :‬من باب ماذا ؟ من باب رد أو شبھة أو دليل المخالف ألن المخالف يُثبت في القرآن مشكاة وغيرھا يقول ‪ :‬ھذا من‬
‫حينئذ ھل الجواب الذي‬ ‫ٍ‬ ‫توافق اللغات ‪ .‬باب رد القول فقط وإذا كانت المجادلة والنظر في مثل ھذه األحوال فيُنظر الجواب‬
‫نطق به المخالف عليه دليل أو يكون من باب الجدل والنظر فقط ‪ ،‬ألن بعض األجوبة تكون من باب النظر والجدل ومثل ھذا‬
‫توافق اللغات طيب ما الدليل ؟‬
‫دائما االستدالالت ما تؤخذ في باب المناظرات باب المناظرات لھا شأن حتى‬ ‫ال دليل ‪ -‬واضح ‪ . -‬فالجواب يختلف ولذلك ً‬
‫نفسه قد ال تنسب بعض األقوال التي ينطق بھا في المناظرات ‪ ،‬قد يناظر فيتنزل أو يذكر قول من باب‬ ‫ِ‬ ‫للمصنف أو للقائل‬
‫التنزل ‪ ،‬قد يقرأ قارئ أو يسمع مستمع يقول بكذا يقول ‪ :‬ال ‪ ،‬ھذا ذكره في باب المناظرة فال ي ُْنسب إليه ‪ .‬ومثله في باب‬
‫قوال في ضمن ھذه األقوال من‬ ‫ً‬ ‫البحث ‪ ،‬قد يبحث مسألة صفحتين أو ثالثة أو أربعة سواء من المعاصرين أو غيره فيذكر‬
‫بحثا ‪ ،‬ويقال في مثل المناظرة ھذا ذكره في باب الجدل والمناظرة ‪ ،‬ويقال‬ ‫باب التنزل فال ينسب إليه قوالً وإنما يقال ‪ :‬ذكره ً‬
‫في باب األجوبة مثل ھذه األجوبة خاصة التي تبحث عن دليل ال دليل يقال ھذا من باب رد حجة المخالفة ‪ ،‬ألن الوقوع كما‬
‫سابقا الوقوع من أعظم األدلة ‪ ،‬إذا قال قائل ‪ :‬ال ‪ ،‬العام ال يخصص في القرآن ‪ .‬مباشرة تتلو عليه آية ﴿ َ ْ ُ َ َّ َ ُ‬
‫والمطلقات‬ ‫ً‬ ‫ذكرنا‬
‫ُعرب‬ ‫حمل ﴾ ] الطالق ‪ [6 :‬يكفيك ھذا مثال واحد على الوقوع ‪ْ ،‬الم َ َّ‬ ‫أوالت َ ْ ٍ‬ ‫كن ُ َ ِ‬ ‫يتربصن ﴾ ] البقرة ‪ [228 :‬خصصت بأن ﴿ ُ َّ‬ ‫َ َ َ َّ ْ َ‬
‫غير موجود في القرآن مشكاة لغة الحبشة موجود ؟ ! قال ‪ :‬ال ‪ ،‬توافق اللغتين ‪ .‬من أين ؟ يحتاج إلى دليل ‪.‬‬
‫النوع الثالث ‪ُ َ :‬‬
‫المجاز ‪.‬‬
‫العقد الرابع ما يرجع إلى األلفاظ وھو ‪ :‬المجاز ‪ .‬ولم يذكر الحقيقة ھنا لماذا ؟ كما لم يذكر الفتح ھناك‬ ‫النوع الثالث من ِ‬
‫في باب اإلدغام وھو مقابله ھنا لم يذكر الحقيقة ألن الحقيقة ھي األصل وال خالف في وقوع الحقائق في القرآن ال خالف ‪،‬‬
‫نوعا من أنواع العلوم ألنه على خالف األصل ‪.‬‬ ‫وإنما أفردوا المجاز لكونه ً‬
‫مقعد إما مصدر ميمي وإما اسم زمان وإما اسم مكان ‪ ،‬وبينا في شرح‬ ‫ْ‬
‫مفعل َمجْ َوز َمجْ وز َ َ‬ ‫ْ‬
‫المجاز ‪ .‬أصله َ َ‬ ‫النوع الثالث ‪ُ َ :‬‬
‫المجُوز بھا أو‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬
‫الورقات أنه ال يكون اسم زمان بل يحمل إما أنه مصدر ميمي بمعنى اسم الفاعل جائز أو بمعنى اسم المفعول َ‬
‫ُنتقل بھا الكلمة ‪ ،‬وأما اسم الزمان بينا ذلك فيما سبق أنه ال يقال به ‪.‬‬ ‫المعْ بُو ُر أو ْالم ْ َ َ‬ ‫ُوزة بھا يعني ْ َ‬ ‫المج َ‬ ‫َْ‬
‫ألفا باعتباري النظر إلى السابق وباعتبار النظر إلى‬ ‫ًإذا المجاز أصله َمجْ َوز نقلت حركة الواو إلى ما قبلھا فقلبت الواو ً‬
‫مرارا فال عودة وإال إعادة ‪.‬‬ ‫ً‬ ‫الحال أو اكتفاء بجزء العلة كما ذكرناه‬
‫تعداه ‪ ،‬أو من الجواز وھو العبور واالنتقال ‪ ،‬ألنك أنت نقلت الكلمة‬ ‫ًإذا مصدر ميمي بمعنى الفاعل من جاز المكان إذا َ َ َّ‬
‫من معناھا الحقيقي إلى معناھا المجازي ‪ً ،‬إذا حصل عبور وحصل انتقال ‪ .‬المجاز ضده الحقيقة ويعرف المجاز بمعرفة‬
‫ازا ‪ ،‬الحقيقة ھي اللفظ المستعمل في ما وضع له‬ ‫ضده ألن الكلمة أو الوصف للتركيب إما أن يكون حقيقة وإما أن يكون مج ً‬
‫ابتداء ‪ ،‬والمجاز أو اللفظ المستعمل في غير ما وضع له أوالً ‪ ،‬فوضعت العرب لفظ األسد للحيوان المفترس ‪ ،‬فإذا‬ ‫ً‬ ‫أوالً أو‬
‫ُبر به عن ذلك المعنى‬ ‫مفترسا ‪ُ .‬نقل ھذا اللفظ وع ِ َ‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫حيوانا‬ ‫حينئذ نقول ‪ :‬استعمل فيما وضع له ‪ .‬رأيت ً‬
‫أسدا أي ‪:‬‬ ‫ٍ‬ ‫أطلق اللفظ‬
‫أسدا يخطب ‪ .‬قالوا ‪:‬‬ ‫فحينئذ قالوا ‪ :‬رأيت ً‬ ‫ٍ‬ ‫الذي ھو الحيوان المفترس إلى معنى الرجل الشجاع لكن ال بد من عالقة وقرينة‬
‫‪161‬‬
‫أسد ھذا ليس المراد به الحيوان المفترس ‪ ،‬الحيوان المفترس ال يعلو األوادم فيخطب وإنما ھو الرجل الشجاع يخطب ‪ ،‬ھذا‬
‫حينئذ نقول ‪ :‬حمل على أصله وال‬ ‫ٍ‬ ‫الدليل على أنھم استعملوا ھذا اللفظ في غير ما وضع له لماذا ؟ ألنه إذا أطلق على القرينة‬
‫يجوز أن يحمل على المعنى المجازي عند البيانيين بخالف األصوليين ‪ ،‬األصُوليون ال يشترطون عالقة والبيانيون‬
‫فحينئذ نقول ‪ :‬الحقيقة ھي اللفظ المستعمل ‪ً .‬إذا قبل االستعمال ال توصف بحقيقة أو ال مجاز ‪ ،‬فيما وضع‬ ‫ٍ‬ ‫يشترطون العالقة ‪،‬‬
‫ابتداء ‪ ،‬خرج به المجاز ألن المجاز يُستعمل اللفظ فيما وضع له لكن‬ ‫ً‬ ‫له أوالً يعني في المعنى الذي وضع له في لغة العرب‬
‫ثانيا ال أوالً ‪ ،‬ألن المجاز والحقيقة كالھما موضوعان بالوضع العربي ‪ ،‬اتفقوا على أن الحقائق موضوعة بالوضع العرب‬ ‫ً‬
‫آحادي ‪ ،‬كالقواعد العامة عند‬
‫ّ‬ ‫أيضا موضوع بالوضع العربي لكنه نوعي ال‬ ‫ً‬ ‫واختلفوا في المجاز ‪ ،‬والصواب أن المجاز‬
‫الصرفيين وعند النحاة ‪ً .‬إذا عرفنا ھذه الحقيقة ‪ ،‬المجاز اللفظ المستعمل في غير ‪ -‬خرجت الحقيقة ‪ -‬اللفظ المستعمل ‪ -‬خرج‬
‫أوال خرج به الحقيقة فإنھا تستعمل فيما وضعت لھا‬ ‫مجازا في غير ما وضع له ً‬ ‫ً‬ ‫غير المستعمل ‪ -‬فال يوصف بكونه حقيقة وال‬
‫أوالً ‪ ،‬ھذا المختصر ما يقال في المجاز ‪.‬‬
‫المجاز ھذا فن شھير عند أرباب اللغة وقد أفرده بالتصنيف عز الدين بن عبد السالم ولخصه السيوطي ومعه زيادات‬
‫سماه )) مجاز الفرسان في مجاز القرآن ((‬
‫ھل في اللغة مجاز أو ال ؟‬
‫ھل في القرآن مجاز أو ال ؟‬
‫بحثان ألھل العلم في ھذه المسألة ‪ ،‬المجاز الجمھور على وقوعه في القرآن ‪ ،‬حقائق ال خالف فيھا أنھا في القرآن ‪ ،‬وأما‬
‫المجاز فالجمھور على وقوعه في القرآن جمھور أھل العلم على أن المجاز واقع في القرآن ‪ ،‬وأنكره البعض منھم الظاھرية‬
‫وابن القاسم من الشافعية ‪ ،‬وابن خويز بن منداد من المالكية وعبر بعضھم في الرد عليه قالوا ‪ :‬شبھتھم ‪ -‬لم نقل ‪ :‬دليلھم ‪،‬‬
‫عسير ال يمكن إنكاره ‪ -‬قالوا ‪ :‬شبھتھم أن المجاز أخو الكذب ‪ ،‬والقرآن منزه عنه ‪ .‬ھذا مثل ما‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬
‫قول‬ ‫ألن إنكار المجاز ھذا‬
‫يقال أن المجاز يصح نفيه وما يصح نفيه ال يجوز وقوعه في القرآن ألن النفي والكذب أخوان لماذا ؟ ألنه إذا قيل رأيت مثالً‬
‫أسدا يخطب ‪ .‬يصح أن يقول القائل ‪ :‬ال ليس بأسد ‪ .‬ليس بأسد صح أو ال ؟‬ ‫‪ -‬ال نمثل بالقرآن ‪ -‬قيل ‪ :‬رأيت ً‬
‫حينئذ علمنا أن حمار ھذا ليس في حقيقته إذا استعمل لفظ الحمار‬ ‫ٍ‬ ‫صح ‪ .‬يقول ‪ :‬زيد حمار ‪ .‬بمعنى أنه بليد لما قال ‪ :‬زيد ‪.‬‬
‫بمعنى بليد ھذا نقل من معناه األصلي في الداللة على البھيمة المعروفة إلى اإلشارة إلى بالدة زيد ‪ ،‬يصح أن نقول ‪ :‬ال زيد‬
‫ليس بحمار ‪ً .‬إذا صح نفيه ويصح تكذيبه وما صح نفيه وما صح تكذبه القرآن منزه عنه وھذا أكثر ما اعتمد عليه من أنكر‬
‫المجاز ‪ ،‬من أنكر المجاز أكثر ما اعتمد واتكأ على ھذا الدليل وھو ‪ :‬أن المجاز يصح نفيه ‪ .‬بل أقام الشيخ األمين رحمه ‬
‫ثالثة سنده في دفع المجاز أو رد بالمجاز على ھذه أو على ھذا الدليل ‪ .‬نقول ‪ :‬لكن ھذا من أضعف ما تمسك به المنكرون‬
‫للمجاز لماذا ؟‬
‫أسدا يخطب ‪ .‬له مفھومان ‪:‬‬ ‫بأسد ‪ .‬نقول ‪ :‬قوله ‪ :‬رأيت ً‬
‫ٍ‬ ‫أسدا يخطب ‪ .‬فقال ‪ :‬ال ‪ ،‬ليس‬ ‫النفكاك الجھة ألنه إذا قيل ‪ :‬رأيت ً‬
‫مفھوم مجازي ‪ ،‬ومفھوم حقيقي أليس كذلك مفھوم مجازي ومفھوم حقيقي ألن أسد ھذا له استعماالت استعمال في معناه‬
‫األصلي وھو ‪ :‬الحيوان المفترس ‪ .‬واستعمال في معناه الفرعي وھو ‪ :‬الرجل الشجاع ‪ً .‬إذا له مفھومان ‪ ،‬إذا تكلم المتكلم‬
‫أسدا يخطب ما الذي أثبته ؟‬ ‫رأيت ً‬
‫زيدا بأسد ‪ .‬ما ھو المنفي ؟‬‫المعنى المجازي ‪ً ،‬إذا المثبت ھنا ھو المعنى المجازي المفھوم المجازي ‪ ،‬فإذا قال ‪ :‬ليس ً‬
‫المعنى الحقيقي فكيف نقول ‪ :‬يصح نفيه ھل صح نفيه ؟‬
‫بأسد يعني ‪ :‬ليس بحيوان مفترس ‪ .‬نقول ‪ :‬المنفي ھو المفھوم‬ ‫ٍ‬ ‫أجب إذا قلت ‪ :‬زيد ليس بأسد ‪ .‬ھذا المنفي زيد ليس‬
‫حينئذ انفكت الجھة فال يقال ‪ :‬إن المجاز يصح نفيه وإنما من عالمة‬ ‫ٍ‬ ‫الحقيقي والذي تكلم به المتكلم ھو المفھوم المجازي‬
‫مجازا أن يصح نفيھا منفردة عن أصل الكالم ‪ ،‬فھذا التركيب إذا أردت أن تتأكد من ھل ھو‬ ‫ً‬ ‫الكلمة التي يصح اعتبار كونھا‬
‫مجاز أو ال ؟‬
‫ُ‬
‫بأسد ‪ .‬تجعله دليال على أن اللفظ قد استعمل في المعنى المجازي وليس على إبطال‬ ‫ً‬ ‫ٍ‬ ‫تجعل ھذا التقييم وھو ‪ :‬زيد ليس‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫المجاز وإنما ھو دليل على إثبات كون رأيت أسدا يخطب أن أسدا ھذا مجاز ‪ ،‬ولذلك يقال ‪ :‬من عالمته صحة نفيه ‪ .‬ھم‬
‫يقولون ھذا ‪ :‬من عالمته صحة نفيه ‪ .‬فكيف ُتجعل العالمة التي ھم قرروھا تجعل دليالً في إبطال دعواھم بالمجاز ‪ .‬ھذا بعيد‬
‫فحينئذ نقول ‪ :‬بانفكاك الجھة ‪ .‬صحة النفي ھذا مسلط على المفھوم الحقيقي والمتكلم إنما تكلم وأراد المفھوم المجازي فانفك‬ ‫ٍ‬ ‫‪.‬‬
‫القرية ﴾ ] يوسف ‪ [82 :‬بأنه مجاز ال يقال ‪ :‬ال ‪ ،‬ال ‪ ،‬ما أمر بسؤال القرية ‪ .‬نقول ‪ :‬ال ﴿‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫واسأل ْ َ‬ ‫َ‬
‫فحينئذ إذا قيل ‪ِ ْ َ ﴿ :‬‬
‫ٍ‬ ‫الجھات‬
‫ٍ‬
‫فحينئذ النفي ھنا ھل‬ ‫حينئذ نقول ‪ِ َ ْ َ ﴿ :‬‬
‫واسأل ْ َ ْ َ َ‬
‫القرية ﴾ ھذا مجاز بالحذف كما سيأتي ‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫القرية ﴾ أي واسأل أھل القرية‬ ‫واسأ َِل ْ َ ْ َ َ‬
‫َ ْ‬
‫المراد بسؤال القرية جدرانھا المخصوصة أو ال ؟‬
‫‪162‬‬
‫فحينئذ ينفى لفظ القرية عن كون المراد بالسؤال ھنا ھو الجدران وينزل على ماذا ؟‬ ‫ٍ‬ ‫ليس المراد ھذا ‪،‬‬
‫على األھل ‪ .‬بقرينة ماذا ؟‬
‫دعوى أنه مجاز ‪.‬‬
‫ًإذا قول بعضھم بأن المجاز أخو الكذب والقرآن منزه عنه نقول ‪ :‬ليس أخو الكذب ‪ .‬وإذا قيل ‪ :‬بأنه يصح نفيه ‪ .‬نقول ‪:‬‬
‫مجازا صحة نفيه وال ُتجعل ھذه العالمة دليالً على إبطاله ألنھم أرادوا بصحة النفي أن ُتجعل ھذه‬ ‫ً‬ ‫نعم ھو عالمة كونه‬
‫إثباتا لكونه استعمل ھذا اللفظ في غير المعنى الذي وضع له في اللغة العربية ‪ ،‬وأن المتكلم ال يعدل إليه إال إذا‬ ‫العالمة ً‬
‫ضاقت به الحقيقة فيستعير وذلك محال على  تعالى ‪ .‬قالوا ‪ :‬المجاز ال َيعْ ِد ُل إليه المتكلم إال إذا ضاقت به الحيل ‪ .‬يعني ما‬
‫حينئذ ينزل إلى الدرجة الثانية ويأتي بالمجاز ‪ ،‬وھذا باطل ‪ .‬ھذا فساده يغني عن إفساده‬ ‫ٍ‬ ‫قطع أن يأتي بالكالم على الحقيقة‬
‫ھذا واضح أن المجاز قد تكون في بعض المواضع أبلغ من الحقيقية كما قيل ‪ ،‬وقد تكون إما لخفتھا وإما لكون الحقيقة غير‬
‫مستعملة أو لكونھا بشعة أو لكونھا وحشية يعدل عنھا إلى المجاز ‪.‬‬
‫ًإذا نقول ‪ :‬الجمھور على وقوع المجاز في القرآن ‪ ،‬وإذا وجد في القرآن معناه أنه كائن وثابت في اللغة ‪ ،‬ومن أثبته في‬
‫اللغة ونفاه عن القرآن ھذا من أبعد األقوال وينبغي طرح وإطراحه لماذا ؟‬
‫فحينئذ وجد على جھة االتساع والشيوع وكونه ذاع في لغة العرب وإذا وجد على ھذه الجھة وھذه‬ ‫ٍ‬ ‫ألنه إذا وجد في اللغة‬
‫مبين ﴾ ] الشعراء ‪. [195 :‬‬ ‫عربي ُّ ِ ٍ‬ ‫حينئذ نقول ‪ :‬لزم منه وجوده القرآن ‪ .‬لزم وجوده في القرآن لقوله تعالى ‪ٍ َ ِ ِ ﴿ :‬‬
‫بلسان َ َ ِ ٍّ‬ ‫ٍ‬ ‫الھيئة‬
‫ُت في‬ ‫حينئذ إذا ثبت في لغة العرب لزم من ذلك أن َ ْيثب َ‬ ‫ٍ‬ ‫شحن بالمجازات الكثيرات في النثر وفي الشعر‬ ‫ولسان العرب قد ُ ِ َ‬
‫القرآن ‪ ،‬وأما القول بأنه في اللغة وال يوجد في القرآن نقول ‪ :‬ھذا فيه بُعْ د ‪.‬‬
‫ًإذا ال خالف في وقوع الحقائق في القرآن وأما المجاز فالجمھور على وقوعه في القرآن ودليله الوقوع لو قال قائل ‪ :‬ما‬
‫الدليل على وجود المجاز في لغة العرب ؟‬
‫نقول ‪ :‬ھم استعملوھا ‪ ،‬استعملوا األسد في الحيوان المفترس ‪ ،‬واستعملوا األسد في الرجل الشجاع ‪ ،‬واستعملوا الحمار‬
‫جدا في لسان العرب ما إذا ُأسْ ِندَ‬ ‫في المعھود ‪ ،‬واستعملوه في البليد ‪ ،‬وقالوا ‪ :‬قامت الحرب على ساق ‪ ... .‬إلى آخره كثير ً‬
‫الفعل إلى غير من ھو له أو غير ذلك من اللفظ أو المجاز العقلي أو اإلسنادي نقول ‪ :‬ھذا كله وقوعه دليل على أن المجاز‬
‫موجود في لغة العرب ‪.‬‬
‫النوع الثالث ‪ :‬المجاز ‪ .‬المجاز قسمان ‪:‬‬
‫مجاز في التركيب ويسمى مجاز اإلسناد ‪.‬‬
‫والمجاز العقلي ‪ .‬وعالقته المناقشة ‪.‬‬
‫ھذا ذكرناه ببسط في الجوھر المكنون ‪.‬‬
‫المجاز في المفرد ھذا النوع الثاني ويسمى المجاز اللغوي وھذا الذي ذكرنا تعريفه فيما سبق أو اللفظ المستعلم في غير ما‬
‫الحذف ( من أنواع المجاز الذي ھو المجاز العقلي أو‬ ‫اختصار َ ْ ِ‬ ‫ُ‬ ‫منھا‬‫وضع له ‪ ،‬وأنواعه كثيرة ذكر منھا بعضه قال ‪ْ ِ ) :‬‬
‫اللفظي ؟‬
‫الحذف ( المشھور أنه من المجاز يعني الحذف حذف‬ ‫ْ‬
‫الحذف ( ‪ِ َ ) ،‬‬ ‫ْ‬
‫اختصار َ ِ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬
‫اللفظي ألن الكالم في المجاز اللفظي ) ِمنھا‬
‫المضاف أو حذف الخبر كما سيذكره المبتدأ ھذا المشھور أنه من المجاز ‪ ،‬وأنكر بعضھم كونه من المجاز قالوا ‪ :‬لماذا ؟‬
‫ضع له أوالً ‪ ،‬والحذف ھل استعمل في غير ما وضع له أوالً ‪ ،‬قالوا ‪ :‬ال ‪ ،‬إذاً‬ ‫ألن المجاز ھو اللفظ المستعلم في غير ما وُ ِ َ‬
‫حذف مجاز ‪ .‬قال‬ ‫ٍ‬ ‫مجازا ‪ .‬قال ابن عطية ‪ :‬حذف المضاف ھو عين المجاز ومعظمه ‪ ،‬وليس كل‬ ‫ً‬ ‫ال يمكن أن يكون الحذف‬
‫حذف مجازا ‪ ،‬ھذا نعم صحيح ‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ٍ‬ ‫حذف ومعظمه وليس كل‬ ‫ٌ‬ ‫ابن عطية ‪ :‬حذف المضاف ھو عين المجاز ‪ ،‬يعين أكثر المجاز‬
‫حذف مجاز ‪ ،‬ولذلك قسم القرافي‬ ‫ٍ‬ ‫مجازا ‪ ،‬المجاز قد يكون بالحذف ولكن ليس كل‬ ‫ً‬ ‫ٍ‬
‫حذف‬ ‫حذفا وليس كل‬ ‫المجاز قد يكون ً‬
‫مجازا أو ال إلى أربعة أقسام ‪:‬‬ ‫ً‬ ‫الحذف باعتبار كونه‬
‫يتوقفُ عليه صحة اللفظ ومعناه من حيث اإلسناد ‪ .‬يعني ‪ :‬ال يفھم اللفظ من حيث اإلسناد إال بھذا‬ ‫َّ‬ ‫َ‬
‫قسم َ َ‬ ‫ٌ‬ ‫القسم األول ‪:‬‬
‫القرية ﴾ ] يوسف ‪[ 82 :‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫واسأل ْ ْ َ‬ ‫َ‬
‫المحذوف ال بد أن نقدر ‪ ،‬ال بد أن نجعل في اللفظ ما ھو محذوف ومثل له بقوله تعالى ‪ِ ْ َ ﴿ :‬‬
‫رية ﴾ ‪ .‬كيف يسأل الجدران ؟ قال ‪ :‬ال بد من حذف ‪ .‬أي ‪:‬‬ ‫الق ْ َ َ‬ ‫‪ .‬قرية في أصل وضعھا للبنيان والجدران قالوا ‪ِ َ ْ َ ﴿ :‬‬
‫واسأل ْ َ‬
‫القرية ﴾ أي واسأل أھل القرية ‪ .‬إذ ال يصح إسناد السؤال إليھا ‪ ،‬ھذا ھو‬ ‫اسأل أھلھا أھل القرية أي اسأل أھل القرية ﴿ َ ْ َ ِ‬
‫واسأل ْ َ ْ َ َ‬
‫يتوقفُ صحة اللفظ ومعناه عليه على المحذوف ‪.‬‬ ‫النوع األول وھو ما َ َ َ َّ‬
‫يتوقفُ عليه شرع يصح اللفظ واإلسناد بدونه يعني بدون ھذا المحذوف ال نقدره ‪،‬‬ ‫قسم يصح بدونه لكن َ َ َ َّ‬ ‫القسم الثاني ‪ٌ :‬‬
‫] البقرة ‪. [184 :‬‬ ‫أيام ُ َ َ‬
‫أخر ﴾‬ ‫فعدةٌ ِّ ْ َ‬
‫من َّ ٍ‬ ‫يتوقفُ عليه شرع ‪ ،‬ومثل له بقوله تعالى ‪َّ ِ َ ﴿ :‬‬ ‫يمكن ال نجعله من المحذوف لكن َ َ َ َّ‬
‫‪163‬‬
‫أخر ﴾ من جھة اإلسناد يمكن أن يُلزم لو لم يكن شرع يمكن أن يُلزم بالصيام بالقضاء ولو لم يذكر كما‬ ‫أيام ُ َ َ‬ ‫من َّ ٍ‬
‫فعدةٌ ِّ ْ َ‬ ‫يمكن ﴿ َ ِ َّ‬
‫قال ابن حزم رحمه  قال ‪ :‬كل من صام في السفر أو كان مريض فعليه أن يقضي ولو صام في رمضان لماذا لقوله تعالى‬
‫سفر ﴾ ‪ .‬إذا وجد‬ ‫على َ َ ٍ‬‫مريضا ً َْأو َ َ‬ ‫منكم َّ ِ‬ ‫كان ِ ُ‬ ‫فمن َ َ‬ ‫أخَر ﴾ ‪ .‬يعني ‪ :‬فعليه عدة من أيام ُأخر ألنه علقه بماذا ؟ ﴿ َ َ‬ ‫أيام ُ َ‬ ‫فعدةٌ ِّ ْ َ‬
‫من َّ ٍ‬ ‫‪َّ ِ َ ﴿ :‬‬
‫المرض فعدةٌ من أيام أخر ولو صمت ھذا الظاھر أليس كذلك ؟‬
‫لكن الجمھور على ماذا ؟‬
‫يتوقفُ عليه ھل ھو من جھة‬ ‫َّ‬ ‫َ‬
‫ف ‪ ،‬ھذا المحذوف ما الذي َ َ‬ ‫على أن ثم داللة اقتضاء ھنا ‪ ،‬فأفطر ‪ ،‬ھذا ال بد من تقدير محذو ٍ‬
‫صحة المعنى أو من جھة الشرع ؟‬
‫شرعا كقوله تعالى ‪﴿ :‬‬ ‫ً‬ ‫يتوقفُ عليه‬ ‫َّ‬ ‫من جھة الشرع ھذا ھو القسم الثاني ‪ ،‬يصح بدونه يعني إسناد بدون المحذوف لكن َ َ َ‬
‫أخر ﴾ ‪.‬‬ ‫أيام ُ َ َ‬ ‫فعدةٌ ِّ ْ َ‬
‫من َّ ٍ‬ ‫َ ِ َّ‬
‫شرعا يتوقف عليه‬ ‫ً‬ ‫عادة على المحذوف يعني ال‬ ‫ً‬ ‫شرعا ‪ .‬عكس الثاني يتوقف عليه‬ ‫ً‬ ‫عادة ال‬ ‫ً‬ ‫يتوقفُ عليه‬ ‫القسم الثالث ‪َّ َ َ َ :‬‬
‫اضرب‬‫﴿ ِْ‬ ‫دائما يدخلوه في فاء الفصيحة‬ ‫فانفلق ﴾ ] الشعراء ‪ [63 :‬ھذا ً‬ ‫البحر َ َ َ َ‬ ‫بعصاك ْ َ ْ َ‬ ‫اضرب ِّ َ َ َ‬ ‫شرعا نحو ﴿ ْ ِ‬ ‫ً‬ ‫عادة ال‬ ‫ً‬
‫فانفلق ﴾ أليس كذلك ؟ يعني ھل االنفالق ھنا حصل جواب اضرب أو اضرب‬ ‫اضرب ﴾ ﴿ َ َ َ َ‬ ‫فانفلق ﴾ ‪ِ ْ ﴿ ،‬‬ ‫البحر َ َ َ َ‬ ‫بعصاك ْ َ ْ َ‬ ‫ِّ َ َ َ‬
‫فضرب فانفلق ؟‬
‫اضرب ﴾ ‪َ َ َ َ ﴿ ،‬‬
‫فانفلق ﴾ لكن‬ ‫جوابا لألمر الرب جل وعال ﴿ ْ ِ‬ ‫ً‬ ‫حينئذ صار ﴿ َ َ َ َ‬
‫فانفلق ﴾‬ ‫ٍ‬ ‫الثاني ‪ً ،‬إذا ال بد من تقدير ‪ ،‬إذ لم تقدر‬
‫شرعا ‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫عادة ال‬ ‫اضرب فضرب فانفلق ‪ ،‬واضح ھذا توقف عليه‬
‫دليل غير شرعي وال ھو عادة ‪ .‬غير دليل شرعي وليس بعادة شيء آخر خارج عن الدليل الشرعي‬ ‫ٌ‬ ‫وقسم يدل عليه‬
‫الرسول ﴾ ] طه ‪ . [ 96 :‬يعني ‪ :‬من أثر حافر فرس الرسول ‪ ،‬ھذا دل‬ ‫أثر َّ ُ ِ‬ ‫من َ َ ِ‬ ‫فقبضت َ ْ َ ً‬
‫قبضة ِّ ْ‬ ‫والعادة نحو قوله تعالى ‪ُ ْ َ َ َ ﴿ :‬‬
‫بعادة وال بشرعي ‪.‬‬ ‫ً‬ ‫عليه شيء آخر ليس‬
‫ھذه أربعة أقسام أي األربعة ھي مجاز ؟ كلھا ؟‬
‫يتوقفُ عليه صحة اللفظ ومعناه ال يفھم‬ ‫َّ‬ ‫َ‬
‫مجازا ‪ ،‬وما عداھا ليست بمجاز الذي يدل عليه َ َ‬ ‫ً‬ ‫األول فقط ‪ ،‬ھي التي تعتبر‬
‫حذف ﴿‬
‫ٌ‬ ‫صحيحا إال إذا قدرنا المحذوف ھذا وحكمنا بأن في الكالم ما ھو‬ ‫ً‬ ‫المعنى وال يحكم على اللفظ أو الترتيب بكونه‬
‫القرية ﴾ أي ‪ :‬اسأل أھلھا ‪.‬‬ ‫واسأل ْ َ ْ َ َ‬ ‫َ َِْ‬
‫ً‬
‫مجازا ؟‬ ‫متى نحكم بكون الحذف‬
‫قال في )) اإليضاح (( ‪ :‬متى تغير إعراب الكلمة بحذف أو زيادة فھي مجاز ‪ ،‬أما إذا لم يحصل تغير في الحذف أو‬
‫القرية حذف المضاف فأقيم المضاف إليه مقامه فانتصب ًإذا تغير من‬ ‫ِ‬ ‫ية ﴾ واسأل أھل‬ ‫القر َ َ‬
‫واسأل ْ َ ْ‬ ‫مجازا ‪ِ َ ْ َ ﴿ .‬‬ ‫ً‬ ‫الزيادة فال يعتبر‬
‫كصيب ﴾ ] البقرة ‪ [19 :‬ھذا صفة‬ ‫َ‬ ‫ً‬
‫حينئذ ال نحكم بكونه مجازا ‪ْ ﴿ .‬أو َ َ ِّ ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫الكسر إلى فتحة حصل تغير فإذا لم يحصل تغير‬
‫للموصوف المحذوف ‪ ،‬ھل تغير اإلعراب ؟‬
‫رحمة ﴾ ] آل عمران ‪ [159 :‬حصلت زيادة ھنا ھل تغير اإلعراب ؟ لم يتغير اإلعراب ‪ .‬ال‬ ‫فبما َ ْ َ ٍ‬ ‫لم يتغير اإلعراب ‪َ ِ َ ﴿ .‬‬
‫مجازا ‪.‬‬ ‫ً‬ ‫نحكم بكونھا‬
‫ً‬
‫مجازا‬ ‫حينئذ ال نحكم بكونه‬ ‫ٍ‬ ‫مجازا ما إذا تغير اإلعراب بالحذف أو الزيادة ‪ ،‬أما إذا لم يتغير‬ ‫ً‬ ‫ًإذا ضابط الحذف الذي يكون‬
‫ترك َ َ ِ‬
‫الخبر (‬ ‫أخر ﴾ ‪ .‬ھذا فيه نظر ومنھا ) َ ْ ُ‬ ‫أيام ُ َ َ‬ ‫فعدةٌ ِّ ْ َ‬
‫من َّ ٍ‬ ‫ف ( ولذلك تعلم أنه شرح مثل بقوله تعالى ‪َّ ِ َ ﴿ :‬‬ ‫الحذ ِ‬ ‫اختصار َ ْ‬ ‫ُ‬ ‫منھا‬ ‫‪ِْ ).‬‬
‫ترك َ َ ِ‬
‫الخبر ( في‬ ‫الخبر ( يعني ‪ :‬إبقاء الخبر في الكالم وحذف المبتدأ ) َ ْ ُ‬ ‫ترك َ َ ِ‬ ‫منھا ( أي من أنواع المجاز في المفرد ) َ ْ ُ‬ ‫و) ِ ْ‬
‫الخبر ( يعني ترك الخبر وإبقاؤه‬ ‫ترك َ َ ِ‬ ‫الخبر ( من أنواع المجاز ) َ ْ ُ‬ ‫ترك َ َ ِ‬ ‫الكالم يعني أبقاه في الكالم وحذف ماذا ؟ المبتدأ ‪ُ ْ َ ) ،‬‬
‫حينئذ حذف المبتدأ ھذا مقصوده يعني تكتفي في الترتيب بحذف المبتدأ وتترك الخبر على ما ھو‬ ‫ٍ‬ ‫في الكالم وإذا ُتركت الخبر‬
‫قول بأن‬‫جميل ٌ ﴾ صبر ھذا خبر لمبتدأ محذوف على ٍ‬ ‫فصبر َ ِ‬ ‫جميل ٌ ﴾ ] يوسف ‪ [19 :‬فصبري صبر جميل ﴿ َ َ ْ ٌ‬ ‫فصبر َ ِ‬ ‫عليه ﴿ َ َ ْ ٌ‬
‫والفرد ( يعني ‪ :‬ومنھا من أنواع‬ ‫َْ ُ‬ ‫آخر ( )‬ ‫عن َ َ ِ‬‫يجز َ ْ‬ ‫إن ُ َ ْ‬ ‫جمع ِ ْ‬ ‫َْ ُ‬
‫والفرد َ ْ ٌ‬ ‫صبر ھنا خبر مبتدأ محذوف فصبري صبر جميل ‪) ،‬‬
‫آخر ( يعني ِإن يُستعمل عن آخر إن يستعمل الفرد‬ ‫عن ِ‬‫َ‬ ‫َ‬ ‫يجز َ ْ‬ ‫ْ‬ ‫إن ُ َ‬ ‫جمع ( ) ِ ْ‬ ‫فرد ( و ) َ ْ ٌ‬ ‫جمع ( ‪ ) ،‬ال َ ْ ُ‬ ‫الفرد ( ‪ ،‬وھو ) َ ْ ٌ‬ ‫المجاز ) َ ْ ُ‬
‫استعمل المفرد ‪ ،‬الفرد ھنا فاعل بمعنى اسم المفعول ‪ ،‬والجمع كذلك ‪ ،‬والفرد يعني إذا‬ ‫عن الجمع والجمع عن الفرد يعني إذا ُ‬
‫خسر ﴾ ] العصر ‪ . [2 :‬قيل استعمل ھنا اإلنسان في معنى الجمع‬ ‫لفي ُ ْ ٍ‬ ‫سان َ ِ‬ ‫اإلن َ َ‬ ‫إن ْ ِ‬ ‫مرادا به الجمع قال ‪َّ ِ ﴿ :‬‬ ‫ً‬ ‫استعمل الفرد‬ ‫ُ‬

‫إذ قد كفى الفرض واالحتمال‬ ‫والشأن ال يعترض المثال‬


‫)‬ ‫)‬
‫‪164‬‬
‫اإلنسان ﴾ قالوا ‪ :‬ھذا أريد به الجمع ‪ ،‬بدليل ماذا ؟ بدليل االستثناء ‪.‬‬ ‫إن ْ ِ َ َ‬ ‫﴿ ِ َّ‬
‫رب‬
‫وجمع في محل المفرد ‪ ،‬مفرد في محل الجمع والجمع في محل المفرد ﴿ َ ِّ‬ ‫ٌ‬ ‫ھذا مجاز استعمل المفرد في معنى الجمع ‪،‬‬
‫جمعا‬ ‫ً‬ ‫ارجعون ﴾ ھذا جمع ارجعوني ھذا جمع حكم على نفسه بكونه‬ ‫ارجعون ﴾ ] المؤمنون ‪ [99 :‬أي ‪ :‬ارجعني ھنا ﴿ ْ ِ ُ ِ‬ ‫ْ ُِ ِ‬
‫ونميت ﴾ ] ق ‪ [43 :‬بماذا نفسره يرد‬ ‫نحيي َ ُ ِ ُ‬
‫نحن ُ ْ ِ‬
‫والمراد به ارجعني ‪ ،‬ھذا مجاز ‪ ،‬ولذلك لما قيل لإلمام أحمد رحمه  ﴿ َِّإنا َ ْ ُ‬
‫سؤال ھل المعتزلة قبل اإلمام أحمد أم بعده ؟‬
‫مثال المنكرون المعتزلة ھم الذين قالوا بالمجاز وھنا َ ِ ُ‬
‫يرد‬ ‫ً‬ ‫قبل اإلمام أحمد ‪ ،‬فتنة القرآن قبل اإلمام أحمد ھل يقولون ‪:‬‬
‫بدعيا فكيف اإلمام أحمد يقول في مثل ھذا ‪ :‬إنه من مجاز اللغة ‪ .‬ھذا محل‬ ‫ً‬ ‫حينئذ صار ً‬
‫لفظا‬ ‫ٍ‬ ‫إشكال إذا ُأطلق لفظ المجاز‬
‫إشكال ھنا ألن شيخ اإلسالم ابن تيمية يقول ‪ :‬ليس المراد ھذا المجاز بمعنى االصطالحي ‪ ،‬وإنما المراد به مما تجيزه اللغة ‪،‬‬
‫مجمال وبُني عليه من المسائل‬ ‫ً‬ ‫يعني أسلوب من أساليب العرب لكن يرد إشكال اإلمام أحمد في ذاك الزمان ھذا اللفظ صار‬
‫ارجعون ﴾ لما قيل لإلمام أحمد ﴿ َِّإنا‬ ‫رب ْ ِ ُ ِ‬ ‫سدا لذريعة التحريف لآليات والصفات ﴿ َ ِّ‬ ‫العظام ‪ ،‬لذلك بعضھم َيس ُُّد باب المجاز ً‬
‫علم ﴾ ] آل عمران ‪ [167 :‬قال ‪ :‬ھذا من مجاز اللغة ‪ .‬يعني‬ ‫منتقمون ﴾ ] السجدة ‪ [22 :‬و ﴿ َن ْ َ ُ‬ ‫ونميت ﴾ ھذا و ﴿ ُ َ ِ ُ َ‬ ‫نحيي َ ُ ِ ُ‬ ‫نحن ُ ْ ِ‬ ‫َ ْ ُ‬
‫مما أطلق فيه الجمع وأريد به الواحد ‪ .‬وھذا الذي ذكره المصنف ھنا ‪ ،‬ولذلك أكثر أصحاب اإلمام أحمد على حمل ھذا اللفظ‬
‫إن‬ ‫جمع ِ ْ‬
‫الفرد و@ َ ْ ٌ‬‫على أنه المجاز االصطالحي المعروف ھذا ‪ ،‬أكثرھم على ھذا وبه قال ابن قدامه والكلوذاني وغيرھم ) َ ْ ُ‬
‫إمام من‬ ‫المثنى ( ذكر بعضھم قبل أيام يقول ‪ :‬ھل من ٍ‬ ‫من ْ ُ َ َّ‬ ‫واحدھا ِ َ‬ ‫ُ‬ ‫مجازا عن آخرين )‬ ‫ً‬ ‫آخر ( يعني ‪ :‬إن يُستعمل‬ ‫عن َ َ ِ‬ ‫يجز َ ْ‬ ‫ُ َ ْ‬
‫أئمة السنة نص على أن المجاز ثابت في القرآن أو ال ؟ يعني ‪ :‬إذا قلنا في القرآن مثالً نقول في القرآن مجاز وال شك ‪ ،‬إذا‬
‫مجازا أو ال ؟ ھل نحتاج أو ال ؟‬ ‫ً‬ ‫قيل بھذا ھل ال بد أن نقول ال بد وأن يأتي إمام من أئمة السنة حتى يقول بأن في القرآن‬
‫ما رأيكم ‪ ،‬نحتاج أو ال فقط ؟‬
‫حكم لغوي ؟‬ ‫ٌ‬ ‫حكم شرعي أم‬ ‫ٌ‬ ‫يرد السؤال ھل المجاز‬ ‫‪ ...‬نحتاج ‪ ..‬طيب َ ِ ُ‬
‫لغوي ‪ ،‬إذا قلت لغوي لماذا تحتاج إلى إمام ؟ إياك وأن تقل بمسألة ليس فيھا إمام ھذه في الشرعيات ‪ ،‬ثم إذا كان كل‬
‫حينئذ ُتنكر النحو من أوله إلى آخره ‪ ،‬ولذلك أقول قوله تعالى ‪:‬‬ ‫ٍ‬ ‫مسألة لغوية تحتاج إلى أن ينص عليھا إمام شرعي إمام سنة‬
‫رب ﴾ صفة أو‬ ‫لحمد ﴾ مبتدأ ‪ ،‬و ﴿ ‪ ﴾ ِS‬جار مجرور متعلق بمحذوف خبر ‪ ،‬و ﴿ َ ِّ‬ ‫ّ‬ ‫العالمين ﴾ ] الفاتحة ‪ ﴿ [2 :‬ا ْ َ ْ ُ‬ ‫رب ْ َ َ ِ َ‬ ‫الحمد ّ‪ِّ َ ِS‬‬‫﴿ ْ َ ُْ‬
‫العالمين ﴾ مضاف إليه ‪ ،‬ھل ھذه أوصاف لكالم الرب أو ال ‪ ،‬أوصاف أو ال ؟‬ ‫بدل وھو مضاف و ﴿ ْ َ َ ِ َ‬
‫أوصاف ھل نحتاج إلى إمام أن ينص بأن الحمد مبتدأ و جار مجرور متعلق محذوف أم يجريه على لسان لغة العرب‬
‫لزم ُه أن يُنكر خاصة المحذوفات المقدرات في القرآن ‪،‬‬ ‫على األصل ‪ ،‬ھذه ال نحتاج إلى إمام ‪ ،‬ولذلك قيل من أنكر المجاز َ ِ َ‬
‫الحمد ‪ ﴾ ِS‬إذا قيل متعلق‬ ‫ّ‬ ‫كم ‪ ،‬وكم ‪ ،‬وكم من محذوفات ‪ ،‬ولذلك أورد الخضري في أول حاشيته على ابن عقيل إشكال ﴿ ْ َ ْ ُ‬
‫نقل إال عن النحاس أو غيره بكون الجار‬ ‫لزاما أكثر أھل اللغة على يكاد يكون إجماع ما ُ ِ َ‬ ‫بمحذوف ھذا المحذوف ھذا ِ ً‬
‫والمجرور ھو عين الخبر ‪ ،‬لو قيل بأن المحذوف ھذا ال بد من تقديره ھل ھو من كالم  أو ال ؟‬
‫لماذا نقول ھذا ؟ ألنه في مثل ھذه التقديرات جرت على سنن للغة العرب ‪ ،‬وإذا جرت على سنن لغة العرب فما جاز في‬
‫لغة العرب جاز في القرآن ‪ ،‬أنت احفظ ھذا األصل ‪ ،‬والشيخ األمين رحمه  في الرسالة يقول ‪ ) :‬ال يلزم أن كل ما جرى‬
‫في لسان العرب أن يكون في القرآن ( ‪ .‬وھذا يحتاج إلى دليل ‪ ،‬النافي ھو الذي يحتاج إلى دليل وأما المثبت فھو على األصل‬
‫وصف من مبتدأ أو خبر أو حال أو‬ ‫ٍ‬ ‫لفظ كل‬ ‫فحينئذ كل ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫إمام من أئمة السنة‬ ‫حينئذ إذا قلنا ال بد أن يكون المجاز قد نطق به ٌ‬ ‫ٍ‬ ‫‪.‬‬
‫زائد على كالم الرب فأت بدليل أئت بإمام نطق بھذا ‪ ،‬ثم المحذوفات‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬
‫وصف‬ ‫تمييز أو مضاف أو مضاف إليه ‪ ،‬نقول ‪ :‬ھذا‬
‫ماض ‪ ...‬إلى آخره نقول آيت بدليل‬ ‫ٍ‬ ‫والمقدرات ھذه من األفعال والحروف والتضمين واالشتقاق وكون ھذا أصل وھذا ٌ‬
‫فعل‬
‫أئت بمن نص على ذلك من أئمة السنة ‪ .‬فمثل المجاز ومثل غيره من ھذه القواعد ال نحتاج إلى أن ينص عليه إمام من أئمة‬
‫السنة ‪ ،‬وإذا حملنا كالم اإلمام أحمد أنه من مجاز اللغة على أنه مجاز االصطالحي وھذا ھو الظاھر أنه المجاز االصطالحي‬
‫موجودا في لغة العرب ‪.‬‬ ‫ً‬ ‫حينئذ ال إشكال نقول ‪ :‬نص اإلمام أحمد على ماذا ؟ على كون المجاز‬ ‫ٍ‬
‫واحدھا ( أي ‪ :‬واجعل‬ ‫ُ‬ ‫أوال ماذا ؟ المفرد عن الجمع ‪ ،‬والجمع عن المفرد ‪ ،‬ثم قال ‪) :‬‬ ‫ً‬ ‫المثنى ( ھو ذكر‬ ‫من ْ ُ َ َّ‬‫واحدھا ِ َ‬‫ُ‬ ‫)‬
‫ً‬
‫مجازا‬ ‫مجازا عن األخرى من المثنى ‪ ،‬ھذا إذا جعلنا النظم ھنا بميم أي واجعل واحد الكلمة المستعملة‬ ‫ً‬ ‫واحد الكلمة المستعملة‬
‫كل منھما يقوم مقام اآلخر أو يستعمل‬ ‫عن األخرى من المثنى أي ‪ :‬واجعلھما أي ‪ :‬المفرد والجمع مع المثنى يعني في كون ٍ‬
‫المثنى ( أي واجعلھما المفرد والجمع مع المثنى فنفسر منه بمعنى مع المثنى ‪ ،‬فإن استعمل‬ ‫من ْ ُ َ َّ‬ ‫واحدھا ِ َ‬
‫ُ‬ ‫في معنى اآلخر ‪) .‬‬

‫‪165‬‬
‫مجازا ‪ ،‬ھذا‬ ‫ً‬ ‫كل منھا يستعمل مقام اآلخر‬ ‫واحد من الثالثة في محل اآلخر ‪ ،‬واألصل أن يقال المفرد والجمع والمثنى ٌ‬ ‫ٍ‬ ‫كل‬
‫كل منھا يستعمل مقام اآلخر ‪.‬‬ ‫مراده المفرد والجمع وزد عليه المثنى ٌ‬
‫المثنى ( وفي نسخة واحدھا عن المثنى وھذه أحسن وأجود ‪ ،‬واحدھا عن المثنى يعني أو يُستعمل واحدھا‬ ‫من ْ ُ َ َّ‬ ‫واحدھا ِ َ‬ ‫ُ‬ ‫)‬
‫من المفرد والجمع عن المثنى وھذا واضح ‪ .‬واحدھا أي ‪ :‬يُستعمل واحد المفرد والجمع عن المثنى ‪.‬‬
‫استعمل المفرد‬ ‫يرضوه ﴾ ] التوبة ‪ [62 :‬يرضوھما ھذا ھو األصل ولكن ُ‬ ‫أحق َأن ُ ْ ُ ُ‬ ‫ورسوله َ َ ُّ‬‫و ُ َ َ ُ ُ ُ‬ ‫مثال المفرد عن المثنى ﴿ َ ّ‬
‫عن المثنى ‪.‬‬
‫ألق ھنا‬ ‫ألق كما قيل ‪ :‬قفا نبك ألقيا اثنان قيل ِ‬ ‫جھنم ﴾ ] ق ‪ [24 :‬قيل ‪ِ :‬‬ ‫ألقيا ِفي َ َ َّ َ‬ ‫ومثال المثنى عن المفرد قوله تعالى ‪َ ِ ْ َ ﴿ :‬‬
‫كرة بعد كرة ‪،‬‬ ‫كرتين ﴾ ] الملك ‪ [4 :‬أي ‪ً :‬‬ ‫البصر َ َّ َ ْ ِ‬ ‫ارجع ْ َ َ َ‬‫ثم ْ ِ ِ‬ ‫استعمل المثنى عن المفرد ‪ ،‬ومثال المثنى عن الجمع فارجع ﴿ ُ َّ‬
‫جمع ‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫ھو باعتبار ال يحصل بماذا ؟ بمرتين بل ال بد من‬
‫السدس ﴾ ] النساء ‪ [11 :‬إخوة وھي تحجب بماذا ؟‬ ‫فألمه ُّ ُ ُ‬ ‫ِّ ِ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫إخوة‬ ‫له ِ ْ َ‬ ‫َ‬
‫كان ُ‬ ‫فإن َ َ‬ ‫مثال الجمع عن المثنى قوله تعالى ‪ِ َ ﴿ :‬‬
‫باالثنين ‪.‬‬
‫والمفرد عن الجمع والجمع عن المفرد سبق بيانه فيما سبق ‪.‬‬
‫ضد له يعني ‪ :‬الذي عقل ‪ ،‬الموصول‬ ‫عقل عن ٍ‬ ‫َ‬
‫له ( يعني ‪ :‬ومنھا من أنواع المجاز استعمال الذي َ َ‬ ‫ضد َ ُ‬
‫عن ِ ٍّ‬ ‫عقل َ َ ْ‬ ‫والذي َ َ‬
‫) َّ ِ ْ‬
‫] فصلت ‪:‬‬ ‫أتينا َ ِ ِ َ‬
‫طائعين ﴾‬ ‫قالتا َ َ ْ َ‬
‫له ( وھو غير العقل ﴿ َ َ َ‬ ‫ضد َ ُ‬ ‫عن ِ ٍّ‬ ‫مع صلته في قوة المشتق ‪ ،‬يعني االستعمال العاقل ) َ ْ‬
‫رأيتھم ِلي‬ ‫َ‬
‫‪ [11‬السماء واألرض طائعين ھذا بياء ونون وھذا للعقالء استعمل ھنا العاقل في غير العاقل أليس كذلك ؟ ﴿ َ ْ ُ ُ ْ‬
‫كوكبا ً ﴾ الكواكب األصل ھذا‬ ‫عشر َ ْ َ‬ ‫أحد َ َ َ‬ ‫رأيت َ َ َ‬‫ساجدين ﴾ ] يوسف ‪ [4 :‬جمع بياء ونون وھذا من صفة العقالء رأيتھم ﴿ َ َ ْ ُ‬ ‫َ ِِ َ‬
‫استعمل الذي عقل في من أو فيما ال يعقل ألن الجمع بواو ونون من‬ ‫ساجدين ﴾ جمعه بواو ونون ًإذا ُ‬ ‫رأيتھم ِلي َ ِ ِ َ‬ ‫الظاھر ﴿ َ َ ْ ُ ُ ْ‬
‫ذي ( يرجع إلى أي شيء ؟‬ ‫ذي ( ) ِ ْ‬ ‫عكس ِ ْ‬ ‫ذي ( يعني ‪ :‬ومنھا ) َ ْ ُ‬ ‫عكس ِ ْ‬ ‫ُنزلت ُه ) َْأو َ ْ ُ‬ ‫خواص العقالء ‪ ،‬والمسوغ ھنا َ ْ ِ ُ‬
‫تنزيله م َ َّ َ ُ‬
‫ذي ( ألن اسم اإلشارة يرجع إلى المتأخر ‪ ،‬ھذا األصل كالضمير‬ ‫عكس ِ ْ‬ ‫له َْأو َ ْ ُ‬ ‫ضد َ ُ‬ ‫عن ِ ٍّ‬ ‫والذي َ َ‬
‫عقل َ َ ْ‬ ‫الظاھر أنه لقوله ‪ْ ِ َّ ) :‬‬
‫استعمل غير العاقل في‬ ‫ستعمل العاقل في غير العاقل ُ‬ ‫ذي ( يعني ‪ :‬استعمال لفظ غير العاقل في العاقل كما ا ُ‬ ‫عكس ِ ْ‬ ‫) َْأو َ ْ ُ‬
‫األرض ﴾ ] النحل ‪ . [49 :‬ومعلوم أن‬ ‫وما ِفي َ ْ ِ‬ ‫يسجد َما ِفي َّ َ َ ِ‬
‫السماوات َ َ‬ ‫و‪ُ ُ ْ َ S‬‬ ‫العاقل ‪ ،‬وھذا أجود ‪ .‬مثاله قوله تعالى ‪ِ ّ ِ َ ﴿ :‬‬
‫اسم موصول بمعنى الذي أليس كذلك للعقالء أو غيرھم ؟ لغير‬ ‫يسجد َما ﴾ وما ٌ‬ ‫و‪ُ ُ ْ َ S‬‬ ‫المالئكة والثقلين منھم وھنا قال ﴿ َ ِ ّ ِ‬
‫دائما فيما‬ ‫العقالء ھذا ھو األصل ‪ ،‬وھنا استعمل في ماذا ؟ في غير العقالء ‪ ،‬استعمل غير العقالء في العقالء ألن العبرة ً‬
‫استعمل غير العاقل ‪ ،‬أطلق لفظ ﴿ َما ﴾ على‬ ‫إذا جمع العقالء وغيرھم تغليب ماذا ؟ العقالء ‪ ،‬وھنا استعمل في العقالء ماذا ُ‬
‫سبب ( أي استعماله‬ ‫سبب ( يعني ومنھا ) َ َ ٌ‬ ‫موضوع لغير العاقل لكن لما اقترن به غلب عليه لكثرته ‪ٌ َ َ ) .‬‬ ‫ٌ‬ ‫المالئكة والثقلين وھم‬
‫اءھم ﴾ ‪،‬‬ ‫َ‬
‫يذبح ْأبن ُ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫إسناديا ﴿ ُ ِّ ُ‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫عقليا أو مجازا‬ ‫ً‬
‫في مسبب ‪ ،‬استعمال السبب في المسبب أي إسناد الفعل إلى السبب ويسمى مجازا ً‬
‫ُ‬
‫أبناءھم ﴾ يعني ‪ :‬أبناء بني إسرائيل ‪ ،‬ھو يذبح بنفسه ؟ ھو بنفسه يمسك ويذبح ؟ ال ‪ .‬لَِم أسْ ِندَ‬ ‫يذبح ﴾ يذبح يعني ‪ :‬فرعون ﴿ َ ْ َ ُ ْ‬ ‫﴿ ُ َ ِّ ُ‬
‫أبناءھم ﴾ أبناء بني إسرائيل أي ‪:‬‬ ‫يذبح ﴾ أي ‪ :‬فرعون ﴿ َ ْ َ ُ ْ‬ ‫سببا فيه ُأسند إليه ﴿ ُ َ ِّ ُ‬ ‫إليه الذبح ؟ لكونه السبب في األمر لكونه ً‬
‫عده من أنواع المجاز فيه نظر‬ ‫ٌ‬
‫التفات ( يعني ‪ :‬ومنھا التفات ‪ ،‬وااللتفات َ ُّ‬ ‫سبب ِ ٌ‬ ‫َ‬ ‫سبب فيه ‪ٌ َ َ ) ،‬‬ ‫ٌ‬ ‫يأمرھم بذبحھم فأسند إليه ألنه‬
‫ليس بصواب ‪ ،‬بل ھو من أنواع الخطاب فإنه حقيقة حيث لم يكن معه تجريد الصواب أن االلتفات ھذا من الحقيقة وليس من‬ ‫ٌ‬
‫ماذا ؟ من المجاز ‪.‬‬
‫واحد من التكلم والخطاب والغيب إلى آخر يعني ‪ :‬يكون السياق للغيبة ثم ينتقل إلى متكلم‬ ‫ٍ‬ ‫وااللتفات عندھم ھو االنتقال من‬
‫‪ ،‬أو متكلم إلى الغيبة ‪ ،‬أو من الغيبة إلى التكلم ‪ ،‬ھذه الثالثة ‪ ،‬ثالثة في اثنين بستة ألن المتكلم ال ينتقل إلى المتكلم وال الغيب‬
‫إلى الغيبة وال ‪ ..‬ماذا ؟ وال الخطاب إلى الخطاب ‪ً .‬إذا ثالثة في اثنين بستة ھذا ھو األصل ‪ ،‬أن ينتقل من التكلم إلى الغيبة أو‬
‫الخطاب ‪ ،‬أو من الخطاب إلى التكلم والغيبة ‪ ،‬أو من الغيبة إلى التكلم والخطاب ‪ .‬ھذه ستة أنواع ‪.‬‬
‫محصور في ستة أنواع في ستة‬ ‫ٌ‬ ‫واحد من التكلم والخطاب والغيبة إلى آخر وھذا اآلخر‬ ‫ٍ‬ ‫ًإذا نقول ‪ :‬االلتفات ھو االنتقال من‬
‫إياك ﴾ ] الفاتحة ‪ [5 ، 3 :‬ھذا انتقال من‬ ‫الدين * ِ َّ َ‬ ‫يوم ِّ ِ‬ ‫مالك َ ْ ِ‬‫الرحيم * َ ِ ِ‬ ‫الرحمن َّ ِ ِ‬ ‫أنواع مثال االنتقال من الغيبة إلى الخطاب ﴿ َّ ْ ِ‬
‫الرحمن َّ ِ ِ‬
‫الرحيم *‬ ‫العالمين * َّ ْ ِ‬ ‫رب ْ َ َ ِ َ‬ ‫الحمد ّ‪ِّ َ ِS‬‬ ‫ماذا من غيبة إلى خطاب ألن االسم الظاھر ھذا من الغيبة معدود في الغيبة ﴿ ْ َ ْ ُ‬
‫إياك ﴾ ھذا انتقال من غيبة إلى‬ ‫غائب باعتبار اللفظ ثم قلت ‪َ َّ ِ ﴿ :‬‬ ‫ٍ‬ ‫الدين ﴾ ] الفاتحة ‪ [4 ، 2 :‬تتكلم عن ماذا ؟ عن‬ ‫يوم ِّ ِ‬ ‫َ ِِ‬
‫مالك َ ْ ِ‬
‫نعبد ﴾ واألصل إياه نعبد ھذا األصل لو أردنا السياق أن‬ ‫إياك َ ْ ُ ُ‬ ‫الدين * ِ َّ َ‬ ‫يوم ِّ ِ‬ ‫الك َ ْ ِ‬ ‫خطاب ھذا يسمى ماذا يسمى االلتفات ‪َ ﴿ .‬م ِ ِ‬
‫التفاتا ‪ ،‬ومن‬ ‫ً‬ ‫واحدا الرحمن الرحيم مالك يوم الدين إياه نعبد وإياه نستعين ‪ ،‬لكن لما انتقل من الغيبة للخطاب صار‬ ‫ً‬ ‫يكون‬
‫‪166‬‬
‫وإليه ﴾ ترجع ؟ قال ‪﴿ :‬‬ ‫فطرني َ ِ َ ْ ِ‬ ‫الذي َ َ َ ِ‬ ‫وما ِلي َال َ ْ ُ ُ‬
‫أعبد َّ ِ‬ ‫فطرني ﴾ يتكلم عن نفسه ﴿ َ َ‬ ‫الذي َ َ َ ِ‬ ‫وما ِلي َال َ ْ ُ ُ‬
‫أعبد َّ ِ‬ ‫التكلم إلى الخطاب ﴿ َ َ‬
‫ترجعون ﴾ األصل الكالم يتكلم عن نفسه وما لي ال‬ ‫وإليه ُ ْ َ ُ َ‬ ‫ترجعون ﴾ ] يس ‪ [22 :‬انتقال من ماذا ؟ من التكلم إلى الخطاب ﴿ َ ِ َ ْ ِ‬ ‫ُْ َ ُ َ‬
‫ترجعون ﴾ ‪.‬‬ ‫وإليه ُ ْ َ ُ َ‬ ‫أعبد الذي فطرني وإليه ُأرجع ھذا أصل الكالم لكن انتقل منه إلى الخطاب قال ‪ِ ْ َ ِ َ ﴿ :‬‬
‫حتى َِإذا ُ ُ ْ‬
‫كنتم‬ ‫بھم ﴾ ‪ .‬واألصل بكم خطاب ﴿ َ َّ‬ ‫وجرين ِ ِ‬ ‫كنتم ِفي ْ ُ ْ ِ‬
‫الفلك َ َ َ ْ َ‬ ‫حتى َِإذا ُ ُ ْ‬ ‫ومثاله من الخطاب إلى الغيب قوله تعالى ‪َّ َ ﴿ :‬‬
‫وجرين بِِھم ﴾ ‪ .‬يعني بآبائھم ‪.‬‬ ‫الفلك َ َ َ ْ َ‬ ‫﴾ ‪ .‬كنتم أنتم ﴿ ِفي ْ ُ ْ ِ‬
‫لربك ﴾ واألصل فصل لي أليس كذلك‬ ‫فصل ِّ ِ َ ِّ َ‬ ‫وانحر ﴾ ثم قال ‪َ َ ﴿ :‬‬ ‫لربك َ ْ َ ْ‬ ‫فصل ِّ ِ َ ِّ َ‬ ‫الكوثر * َ َ‬ ‫أعطيناك ْ َ ْ َ َ‬‫ومن التكلم إلى الغيبة ﴿ َِّإنا َ ْ َ ْ َ َ‬
‫لربك ﴾ واألصل أن‬ ‫فصل ِّ ِ َ ِّ َ‬ ‫الكوثر ﴾ ھذا متكلم ﴿ َ َ‬ ‫أعطيناَك ْ َ ْ َ َ‬ ‫لربك ﴾ أو فصل لنا ألنه قال ‪َِّ ﴿ :‬إنا ﴾ واضح ھذا ؟ ﴿ َِّإنا َ ْ َ ْ َ‬ ‫فصل ِّ ِ َ ِّ َ‬ ‫؟﴿ َ َ‬
‫ُسمى التفات من التكلم إلى الغيب ‪.‬‬ ‫يقول فصل لنا لكن ھذا ي َ َّ‬
‫فسقناهُ ﴾ ] فاطر ‪ [9 :‬واألصل فساقه  ثم قال ‪َ ﴿ :‬ف ُ ْ َ‬
‫سقناهُ‬ ‫سحابا ً َ ُ ْ َ‬ ‫فتثير َ َ‬ ‫الرياح َ ُ ِ ُ‬ ‫أرسل َ ِّ َ َ‬ ‫الذي َ ْ َ‬ ‫َّ‬
‫ومن الغيبة إلى التكلم ﴿ َو ُ َّ ِ‬
‫﴾ من غيبة إلى تكلم ‪.‬‬
‫ً‬
‫مفصال ‪.‬‬ ‫ًإذا ھذه أنواع االلتفات وتذكر في علم البيان‬
‫سوف َ ْ َ ُ َ‬
‫تعلمون ﴾ ]‬ ‫كال َ ْ َ‬ ‫ثم َ َّ‬ ‫تعلمون * ُ َّ‬ ‫سوف َ ْ َ ُ َ‬ ‫كال َ ْ َ‬ ‫التكرير ( يعني ‪ :‬ومنھا التكرير والمراد به التأكيد للفظ أو الجملة ﴿ َ َّ‬ ‫) َّ ْ ِ ْ ُ‬
‫التكاثر ‪ [4 ، 3 :‬قالوا ‪ :‬ھذا مجاز ‪ .‬واألصح أنه ليس بمجاز ‪ ،‬في عد التكرار من المجاز في خالف والصحيح أنه حقيقة‬
‫بمجاز ‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫وليس‬
‫شيء ﴾ ] الشورى ‪:‬‬ ‫كمثله ْ ٌ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ليس ِ ِ ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫زيادة ( يعني ‪ :‬ومن أنواع المجاز ‪ :‬المجاز بالزيادة ضد الحذف ‪ ،‬مثاله قوله تعالى ‪َ ْ ﴿ :‬‬ ‫ٌ‬ ‫) ِ َ‬
‫كمثله ﴾ نقول ‪ :‬الكاف ھذه زائدة ألن المراد نفي المثل ‪ ،‬وليس نفي مثل المثل ‪ ،‬ألن المراد ماذا ؟ نفي المثل ليس‬ ‫ْ‬
‫ليس َ ِ ِ ِ‬ ‫‪َ ْ َ ﴿ [11‬‬
‫حينئذ نحكم وأصح األقوال في ھذه نحكم بكون الكاف زائدة سواء قلنا‬ ‫ٍ‬ ‫مثله شيء ھذا أو األصل وليس المراد نفي مثل المثل ‪،‬‬
‫تأدبا أو ال بأس من ذكر الزيادة في القرآن ‪.‬‬ ‫زائدة بأنھا صلة وتوكيد ً‬
‫زيادةٌ ( أي ومنھا زيادة أي ‪ :‬مجاز بالزيادة ‪ ،‬فإن قيل حذف المجاز ال يسقط على المجاز بالزيادة كما ذكرناه في‬ ‫ٌ‬ ‫ًإذا ) ِ َ‬
‫﴿‬ ‫استعمل نفي مثل المثل في نفي المثل‬ ‫الحد السابق ألنه لم يستعمل اللفظ في غير موضوعه فالجواب أنه منه حيث ُ‬
‫كمثله ﴾ ھنا استعمل نفي مثل المثل في نفي المثل ‪ ،‬وسؤال القرية فيما سبق في سؤال أھلھا فقد ُتجُوِّ َز في اللفظ ُ َّ‬
‫وتعدي‬ ‫ليس َ ِ ْ ِ ِ‬ ‫َْ َ‬
‫به عن معناه إلى معنى آخر ‪ .‬وقال القزويني ‪ :‬إنه مجاز من حيث إن الكلمة نقلت من إعرابھا األصلي إلى إعرابھا الجديد ‪.‬‬ ‫ٌ‬
‫خبرا لليس‬ ‫انتقل بالكلمة من كونھا ً‬ ‫كمثله ﴾ ھذا عبور واالنتقال ُ‬ ‫ليس َ ِ ْ ِ ِ‬ ‫ليس مثله كانت منصوبة ثم ماذا لما جاءت الزيادة ﴿ َ ْ َ‬
‫القرية ﴾ أصله واسأل أھل القرية ‪ ،‬انتقل باإلعراب من الكسر‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫واسأل ْ ْ َ‬ ‫َ‬
‫وھي منصوبة فصارت ماذا مجرورة بالكاف ومثله ﴿ َ ْ ِ‬
‫نوع آخر من اإلعراب ‪.‬‬ ‫إلى إلى النصب ‪ .‬وقال القزيني ‪ :‬إنه مجاز من حيث إن الكلمة نقلت عن إعرابھا األصل إلى ٍ‬
‫قوم من المجاز‬ ‫عده ٌ‬ ‫تأخير ( َ َّ‬ ‫تقديم ‪َْ ،‬أو َ ِ ْ ُ‬
‫ْ‬ ‫تأخير ( يعني ‪ :‬من أنواع المجاز التقديم والتأخير أو بمعنى الواو ) َ ْ ِ ْ ٌ‬ ‫تقديم ‪َْ ،‬أو َ ْ ِ ْ ُ‬ ‫) َِْْ ٌ‬
‫واحد منھما عن رتبته وحقه ‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫نقل لكل‬ ‫لماذا ؟ ألن تقديم ما رتبته التأخير كالمفعول وتأخير مع رتبه التقديم كالفاعل ٌ‬
‫زيد صار مجاز ‪،‬‬ ‫عمرا ٌ‬ ‫ً‬ ‫قلت ‪ :‬ضرب‬ ‫عمرا كل جاء في موضعه لو َ‬ ‫ً‬ ‫زيدا أو ضرب ٌ‬
‫زيد‬ ‫ضربت ً‬ ‫ُ‬ ‫قلت ‪:‬‬ ‫ھذا تكلف يعني لو َ‬
‫متأخرا وھو متقدم ‪ ،‬ونقلت رتبة المفعول به من التأخر إلى التقدم ‪،‬‬ ‫ً‬ ‫لماذا ؟ ألنك نقلت اللفظ من رتبته من الفاعل إلى كونه‬
‫قليال ويحاور فيھا أن التقسيمات ھذه أال‬ ‫ً‬ ‫وھذه مشكلة المجاز أنھم توسعوا فيه إلى أبعد الحدود ولو ضبط بأصول بحيث يكون‬
‫يكون لھا وجود أظن يكون له قبول أكثر من اإلنكار ‪.‬‬
‫تأخير ( قال الزركشي ‪ :‬والصحيح أنه ليس منھم ‪ .‬ولذلك نجد منھم من يُنكر والحمد ‪ .‬قال الزركشي في‬ ‫تقديم ‪َْ ،‬أو َ ْ ِ ْ ُ‬ ‫) َِْْ ٌ‬
‫ضع إلى ما لم يوضع له ‪ .‬وضع ال بد من لفظ وله معنى وأين‬ ‫)) البرھان (( ‪ :‬والصحيح أنه ليس منه ‪ ،‬فإن المجاز نقل ما وُ ِ َ‬
‫التقديم والتأخير ھنا ‪ ،‬ولذلك نقول ‪ :‬الصواب أنه ليس من أنواع المجاز ليس التقديم والتأخير من أنواع المجاز ‪.‬‬
‫فبشرناھا ﴾ ] ھود ‪ [71 :‬بشرناھا بإسحاق فضحكت الضحك المعلوم ھذا أيھما مقدم ؟‬ ‫فضحكت َ َ َّ ْ َ َ‬ ‫مثلوا له بقوله تعالى ‪ْ َ ِ َ َ ﴿ :‬‬
‫فبشرناھا ﴾ واألصل‬ ‫فضحكت َ َ َّ ْ َ َ‬ ‫حينئذ حصل تقديم وتأخير قيل ‪ :‬ھذا مجاز ‪ْ َ ِ َ َ ﴿ .‬‬ ‫ٍ‬ ‫البشرى مقدمة ألنھا سبب والضحك ھذا فرع‬
‫فضحكت ﴾ بمعنى‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫البشارة بحصول الولد ‪ ،‬وأما إذا كان ﴿ َ ِ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫فبشرناھا بإسحاق فضحكت إذ الضحك مسبب عن التعجب على َ‬
‫حاضت فھذا شيء آخر ‪.‬‬
‫الحذف ( ليس كل حذف يُعد مجازا وإنما ھو نوع واحد من األنواع‬ ‫ً‬ ‫اختصار َ ِ‬‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ًإذا في قوله ھنا في أنواع المجاز ) ِمنھا‬
‫ْ‬
‫األربعة التي ذكرھا القرافي ‪.‬‬
‫الخبر ( ھذا األصح أنه ليس بمجاز ‪.‬‬ ‫ترك َ َ ِ‬ ‫) َْ ُ‬
‫ً‬
‫مجازا ‪.‬‬ ‫المثنى ( ھذا ال بأس بكونه‬ ‫من ُ َ َّ‬ ‫واحدھا ِ َ‬ ‫ُ‬ ‫عن َ َ ِ‬
‫آخر‬ ‫يجز َ ْ‬ ‫إن ُ َ ْ‬ ‫جمع ِ ْ‬
‫والفرد َ ْ ٌ‬ ‫َْ ُ‬ ‫)‬
‫‪167‬‬
‫ضد َ ُ‬
‫له ( ھذا األولى أن يقال ‪ :‬بأنه مجاز ‪.‬‬ ‫عن ِ ٍّ‬‫عقل َ َ ْ‬ ‫والذي َ َ‬‫) َّ ِ ْ‬
‫ذي ( وھذا مثله ‪ .‬ألنه كثر وشاع فصار كالحقيقة ‪.‬‬ ‫عكس ِ ْ‬ ‫) َْأو َ ْ ُ‬
‫سبب ( ھذا ال إشكال في أنه مجاز ‪.‬‬ ‫) ََ ٌ‬
‫التكرير ( على الصواب أنه ليس بمجاز ‪.‬‬ ‫ِْ ُ‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫) َِ ٌ‬
‫التفات‬
‫زيادةٌ ( ھذا على نزاع كبير واألصح أنھا مجاز ‪.‬‬ ‫) ِ َ‬
‫تأخير ( ليس بمجاز ‪ .‬أكثر ما ذكره ليس من أنواع المجاز ‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫تقديم ‪ْ ،‬أو ِ ْ ُ‬ ‫َ‬ ‫) َِْْ ٌ‬
‫العقد الرابع المشترك نأخذه وال نرجئه ‪.....‬‬
‫النوع الرابع من أنواع ِ‬
‫نقف على ھذا ‪.‬‬
‫وصل  وسلم على نبينا محمد ‪.‬‬ ‫َّ‬

‫‪168‬‬
‫الشريط الثاني عشر‬
‫الرحيم‬
‫الرحمن الرحيم‬
‫ الرحمن‬
‫بسم ‬
‫بسم‬

‫الحمد رب العالمين والصالة والسالم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ‪.‬‬
‫أما بعد ‪.‬‬
‫الرِابع ( من العقد الرابع مما يرجع إلى األلفاظ وذكرنا أن البحث ھنا في األلفاظ‬ ‫َّ‬
‫قال المصنف رحمه  تعالى ‪ ) :‬النْوُع َّ‬
‫َّ‬
‫ليس المراد اللفظ المجرد عن المعنى ‪ ،‬ال يتصور ھذا وإنما المراد أنه ينظر في اللفظ باألصالة وفي المعنى بالتَبِع ھذا ھو‬
‫المراد ولذلك ذكر الغريب وھو ما ج ُِھل معناه ‪ ،‬لم يعرف معناه ‪ً ،‬إذا ھو لوحظ فيه المعنى لكن لما كان اللفظ دليالً على‬
‫المشترك ( ‪.‬‬ ‫والمجاز ‪ً ،‬إذا النوع الرابع ‪َ َ ْ ُ ْ ) :‬‬ ‫ُعرب ْ َ َ‬ ‫فحينئذ اعتبر اللفظ دون المعنى وكذلك في ْالم َ َّ‬ ‫ٍ‬ ‫المعنى الذي جُعل اللفظ له‬
‫اشترك‬ ‫ْ‬
‫يفتع ُل َ َ َ‬ ‫ْ‬
‫افتعل َ َ ِ‬ ‫ْ‬
‫اشترك وھو خماسي َ َ َ‬ ‫ْ‬
‫ُشترك ‪ ،‬اسم مفعول من َ َ َ‬ ‫ْ‬
‫ُشترك وم َ َ ٌ‬ ‫ْ‬
‫ك فھو م َ ِ ٌ‬ ‫شتر ُ‬ ‫ْ‬
‫اشترك َي َ ِ‬ ‫ْ‬
‫ُشترك ھذا اسم مفعول َ َ َ‬ ‫والم ْ َ َ‬ ‫ْ‬
‫ُشترك فيه ‪ ،‬حُذف قوله فيه وھو‬ ‫ُشترك ‪ ،‬واألصل م ْ َ َ ٌ‬ ‫ُفتعل اسم مفعول م ْ َ َ‬ ‫ُفتعل وھو اسم فاعل وم ْ َ َ‬ ‫ُشترك بكسر الراء م ْ َ ِ‬ ‫كم َْ ِ ٌ‬ ‫يشتر ُ‬ ‫َ َْ ِ‬
‫أحيانا يقال المفعول ‪ ،‬المفعول ويقال المفعول به ‪ ،‬وإذا قيل‬ ‫ً‬ ‫جار مجرور كما حذف من قوله المفعول به لماذا ؟ كما يحذف‬ ‫ٌ‬
‫ُشترك فيه حُذف فيه‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫ُشترك أي الم َ َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫علما ‪ ،‬وھنا قوله ‪ :‬الم َ َ‬ ‫َ‬
‫ُعل َ ً‬
‫حينئذ حذفت به لماذا ؟ تخفيفا أو للعلم به أو لكونه ج ِ َ‬ ‫ً‬ ‫ٍ‬ ‫ٌ‬
‫مفعول‬ ‫ھذا‬
‫ظرف ال اسم‬ ‫ٌ‬ ‫علما ‪ ،‬وقال بعضھم ‪ :‬لفظ م ْ َ َ ٌ‬
‫ُشترك‬ ‫وھو جار مجرور نائب فاعل حُذف تخفيفا لكسرة االستعمال أو لكونه صار ً‬ ‫ً‬
‫ظاھرا‬ ‫ً‬ ‫ُتشاركان فيه فاعالن‬ ‫ْ‬
‫تشارك فالم َ َ ِ َ‬‫ظرفا ؟ قالوا ‪ :‬ألن اشترك بمعنى َ َ َ َ‬ ‫ً‬ ‫مفعول واألصح أنه اسم مفعول ولكن ما وجه كونه‬
‫بظرف ‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫ُشترك اسم مفعول وليس‬ ‫ْ‬
‫ُشتق منه صيغة باسم مفعول ‪ .‬والصواب األول أن الم ْ َ َ‬ ‫فال ي ْ َ‬
‫ُشترك اللفظي لماذا ؟‬ ‫ْ‬
‫ُشترك المراد به ھنا الم ْ َ َ‬ ‫ْالم ْ َ َ‬
‫ُشترك ليس بلفظي ؟‬ ‫ُشترك اللفظي ‪ ،‬ھل ھناك م ْ َ َ‬ ‫ُشترك في ھذا المقام انصرف إلى ْالم ْ َ َ‬ ‫أطلق ْالم ْ َ َ‬ ‫ألنه إذا ُ ْ ِ‬
‫ُشترك نوعان ‪:‬‬ ‫نقول ‪ :‬نعم ْالم ْ َ َ‬
‫ُشترك لفظي ‪.‬‬ ‫م َْ َ‬
‫رك معنوي ‪.‬‬ ‫ُشت َ ٌ‬‫وم ْ َ‬
‫فحينئذ نقول ‪:‬‬ ‫ٍ‬ ‫ُشترك اللفظي‬ ‫ُشترك المراد به ھنا ْالم ْ َ َ‬ ‫والم ْ َ َ‬ ‫ْ‬
‫يرجع‬‫كالم في األلفاظ لذلك قال ‪َ ) :‬ما َ ْ ِ ُ‬ ‫ٌ‬ ‫المشترك ( أي اللفظي على حذف الصفة للعلم بھا ألن المقام ھنا‬ ‫النوع الرابع ‪َ َ ْ ُ ْ ) :‬‬
‫حينئذ ال في المعنى ‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫األلفاظ ( فالبحث في اللفظ‬ ‫ِ َإلى َ َ ِ‬
‫يرد السؤال ما‬ ‫حينئذ َ ِ ُ‬
‫ٍ‬ ‫ُنصرفُ إليه اللفظ عند اإلطالق ال المعنوي‬ ‫ُنصرفُ إليه ‪ $‬أو ْالم ْ َ ِ‬ ‫ًإذا المشترك أي اللفظي إذا ھو ْالم ْ َ َ‬
‫الفرق بين االشتراك اللفظي واالشتراك المعنوي ؟‬
‫موسعا في شرح )) السلم المنورق في المنطق (( لكن نعيده باختصار ‪.‬‬ ‫ً‬ ‫فنقول ‪ :‬وھذا ذكرناه‬
‫ً‬
‫المشترك اللفظي ‪ :‬ھو ما اتحد في اللفظ وتعدد فيه المعنى والوضع ‪ .‬إذا ثالثة أمور ‪ :‬عندنا لفظ ‪ ،‬وعندنا وضع ‪ ،‬وعندنا‬ ‫ْ ُ ََْ‬
‫معنى ‪.‬‬
‫ً‬
‫مثال‬ ‫ُلفظ به الصوت المشتمل على بعض الحروف الھجائية المراد بھا ھنا الصوت أو اللفظ المفرد كالقرء‬ ‫اللفظ ھو ‪ :‬ما ي ْ َ ُ‬
‫‪.‬‬
‫حينئذ يكون المراد بالوضع ھنا الوضع الشخصي ‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫دليال على المعنى ‪،‬‬ ‫ً‬ ‫والوضع المراد به ‪َ :‬جعْ ُل اللفظ‬
‫ُقصد من اللفظ المعنى ‪.‬‬ ‫والمعنى ‪ :‬ھو ي ْ َ ُ‬
‫مثال ھذا لفظ واحد وتعدد المعنى ‪ ،‬فيطلق على‬ ‫ً‬ ‫متحدا في اللفظ كالقرء‬ ‫ً‬ ‫ًإذا ھذه ثالثة أمور االشتراك اللفظي أن يكون اللفظ‬
‫الطھر ويطلق على الحيض ‪ ،‬وتعدد الوضع بمعنى أن الواضع وضع لفظ القرء للطھر ‪ ،‬ثم وضع اللفظ مرة أخرى للحيض ‪،‬‬
‫ً‬
‫أوال‬ ‫دليال على المعنى ‪ ،‬فوضعه‬ ‫ً‬ ‫فحينئذ تعدد المعنى وھما ‪ :‬الطھر ‪ ،‬والحيض ‪ .‬وتعدد الوضع بكون الواضع جعل اللفظ‬ ‫ٍ‬
‫فحينئذ تعدد الوضع مع تعدد المعنى واللفظ ھو‬ ‫ٍ‬ ‫ابتداء للداللة على الطھر ‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫وضعا جديدا‬‫ً‬ ‫ً‬
‫للداللة على الحيض مثال ‪ ،‬ثم وضعه‬
‫ُشتركا لماذا‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ِّي م َ‬ ‫اللفظ وھو شيء واحد وھو القرء قاف وراء وھمزة ‪ ،‬إذا اتحد اللفظ وتعدد فيه الوضع والمعنى ‪ ،‬ومن ھنا ُسم َ‬ ‫ً‬
‫ِّي م ْ َ َ ً‬
‫ُشتركا ؟‬ ‫ُسم َ‬
‫الشتراك المعنيين فيه في اللفظ فاشترك معنى الطھر مع معنى الحيض في اللفظ أليس كذلك ؟ فاللفظ شيء واحد والمعنى‬
‫شيئان كاشتراك الزوجتين في الزوج مثال كاشتراك الزوجتين في الزوج الواحد ھذا كذلك المعنيان اشتراكا في ماذا ؟ في‬
‫ُشترك فيه ‪ .‬ما الذي اشترك فيه ؟ اشترك فيه ماذا ؟ المعنيان الطھر‬ ‫القرْ ُء م ْ َ َ ٌ‬ ‫ُشتركا فيه فنقول ‪ُ ْ :‬‬ ‫ِّي م ْ َ َ ً‬ ‫اللفظ الواحد لذلك ُسم َ‬
‫والحيض ‪ ،‬ھذا ھو االشتراك اللفظي ‪.‬‬

‫‪169‬‬
‫أما المشترك المعنوي فھو ما اتحد فيه الوضع والمعنى واللفظ ‪ .‬اتحد فيه اللفظ والمعنى والوضع ‪ ،‬ھذه ثالثة أشياء كلھا‬
‫ً‬
‫واحدا وھذا‬ ‫ً‬
‫أفرادا مع كون اللفظ‬ ‫أفرادا من حيث معناه الشخصي الواحد يشمل‬ ‫ً‬ ‫متحدة ‪ ،‬لكنه من حيث معناه الواحد يشمل‬
‫الذي يسمى بالكلي عند المناطقة ‪ ،‬فمفھم اشتراك الكلي كأسد أليس كذلك ؟ فمفھم اشتراك الكلي كأسد ‪ ،‬ما ھو الكلي ؟ ما أفھم‬
‫اشتراكا أوالً ما ھو معنى اإلنسان قالوا ‪ :‬حيوان ناطق ‪ً .‬إذا‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫اشتراكا في معناه كاإلنسان ھذا لفظ واحد أفھم‬ ‫اشتراكا ‪ٌ ،‬‬
‫لفظ أفھم‬ ‫ً‬
‫أفرادا كزيد ‪ ،‬وبكر ‪ ،‬وعمرو ‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ناطقا ھذه الحيوانية الناطقية تشمل‬ ‫ً‬
‫حيوانا‬ ‫معنى واحد أو متعدد له معنى واحد وھو كونه‬
‫وخالد ‪ ...‬إلى آخره وجود ھذا المعنى الذھني الذي يكون في الذھن أو الحيوان الناطق وجوده في الخارج يكون في ضمن‬
‫وبكر حيوان ناطق ‪ .‬أليس كذلك ؟ تأتي للفظ إنسان يصح أن‬ ‫ٌ‬ ‫زيد حيوان ناطق ‪ ،‬وعمرو حيوان ناطق ‪،‬‬ ‫حينئذ يقول ‪ٌ :‬‬ ‫ٍ‬ ‫أفراده‬
‫ت عن ثالثة بلفظ واحد وھو لفظ إنسان‬ ‫أخبرْ َ‬‫ْ‬ ‫َ‬
‫وبكر إنسان ‪ ،‬وعمرو إنسان قد َ‬ ‫ٌ‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫زيد إنسان ‪ .‬لماذا ؟ لكونه حيوانا ناطقا ‪،‬‬ ‫تقول ‪ٌ :‬‬
‫قرء وعن‬‫‪ ،‬اللفظ متحد أو ال ؟ لفظ متحد مثل القرء الطھر ھو ‪ :‬القرء ‪ ،‬والحيض ھو ‪ :‬القرء ‪ .‬أخبرت عن الحيض بأنه ٌ‬‫ٌ‬
‫زيد إنسان أخبرت عن‬ ‫وبكر إنسان اللفظ واحد والمعنى متحد ‪ٌ ،‬‬ ‫ٌ‬ ‫زيد إنسان ‪ ،‬وعمرو إنسان ‪،‬‬ ‫قرء فاللفظ واحد ٌ‬ ‫الطھر بأنه ٌ‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫إنسانا لماذا ؟ لكونه حيوانا ناطقا وأخبرت عن بكر بكونه إنسانا لماذا ؟ لكون حيوانا ناطقا ‪ ،‬وأخبرت عن عمرو‬ ‫ً‬ ‫زيد لكونه‬
‫أخبرت به أوالً‬
‫ُ‬ ‫ٌ‬
‫وبكر إنسان والمعنى ھو الذي‬ ‫زيد إنسان والمعنى ھو الحيوانية الناطقة‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫بكونه إنسانا لكونه حيوانا ناطقا ‪ ،‬إذا ٌ‬ ‫ً‬
‫ناطقيا وبكر كذلك ‪ً ،‬إذا اتحد اللفظ واتحد المعنى ‪ ،‬المعنى شيء واحد سواء أخبرت به عن زيد أو عن بكر أو عن‬ ‫ًّ‬ ‫ًّ‬
‫حيوانيا‬
‫عمرو أو عن خالد أو عن ھند ‪ ...‬إلى آخره المعنى شيء واحد لذلك نقول ‪ :‬معنى اإلنسان الحيوان الناطق وال يتعدد ‪،‬‬
‫بخالف معنى القرء الطھر والحيض وھو متعدد ألن الطھر مغاير للحيض بل ھما نقيضان ‪ ،‬لكن معنى اإلنسان شيء واحد‬
‫فإذا أخبرت به عن أفراده نقول ‪ :‬ھنا الوضع واحد كذلك ‪.‬‬
‫قرءا اللفظ متحد والوضع متعدد‬ ‫قرءا وعن الثاني بكونه ً‬ ‫فإذا قلت ‪ :‬الطھر قرء ‪ ،‬والحيض قرء ‪ .‬أخبرت عن األول بكونه ً‬
‫ُسمى ماذا ؟‬ ‫‪ .‬وأما زيد إنسان ‪ ،‬وعمرو إنسان ‪ ،‬وخالد إنسان اللفظ واحد والمعنى واحد والوضع واحد وليس متعدًدا ھذه ي َّ‬
‫السلم (( فليرجع إليه ‪.‬‬
‫معنويا وھو الذي ذكرناه بتوسع في )) ُّ‬ ‫ًّ‬ ‫ُسمى ْ ِ َ ً‬
‫اشتراكا‬ ‫ي َ َّ‬

‫ٍ‬
‫كأسد وعكسُه الجزئي‬ ‫الكلي‬ ‫ٍ‬
‫اشتراك‬ ‫فمفھم‬
‫)‬ ‫)‬

‫ُشترك المراد به ھنا ْالم ْ َ َ‬


‫ُشترك اللفظي ‪.‬‬ ‫ثم فرق بين النوعين ْالم ْ َ َ‬ ‫ًإذا َ َّ‬
‫ً‬
‫موجودا في القرآن‬ ‫ٍ‬
‫حينئذ أن يكون‬ ‫ُشترك في اللغة ألنه يلزم إذا وقع في اللغة‬ ‫اختلف أئمة اللغة وأئمة الدين في وقوع ْالم ْ َ َ‬
‫فحينئذ يلزم من ذلك أن يكون‬‫ٍ‬ ‫ذائعا في لغة العرب وقد نزل القرآن بلسان عربي مبين‬ ‫شائعا ً‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫وقوعا‬ ‫‪،‬ھذا دليل مطرد إذا وقع‬
‫في القرآن ما ھو م ْ َ َ ٌ‬
‫ُشترك ‪.‬‬
‫ُشترك على ثالثة أقوال ‪:‬‬ ‫اختلف في وقوع ْالم ْ َ َ‬ ‫ُ‬
‫واحدا لمعنيين فأكثر ‪ ،‬الجواز‬‫ً‬ ‫ً‬
‫حينئذ يجوز أن يضع الواضع لفظا‬ ‫ٍ‬ ‫ً‬ ‫عقال‬ ‫مطلقا ‪ .‬جوازه‬‫ً‬ ‫القول األول ‪ :‬جوازه ووقوعه‬
‫المراد به الجواز العقلي لماذا ؟‬
‫نصا لمعنيين فأكثر ‪ ،‬وبعضھم يرى أنه يجب أن يضع الواضع ً‬
‫لفظا‬ ‫عقال أن يضع الواضع ً‬ ‫ً‬ ‫ألن بعضھم يرى أنه يمتنع‬
‫حينئذ أن يضع اللفظ الواحد لمعنيين فأكثر‬‫ٍ‬ ‫لمعنيين فأكثر ألن المعاني أكثر من األلفاظ قالوا ‪ :‬المعاني أكثر من األلفاظ ‪ .‬فيلزم‬
‫ليستوعب المعاني ‪.‬‬
‫وھنا نقول ‪ :‬القول األول الجواز ‪ً .‬إذا ال الوجوب ‪ ،‬الجواز ال الوجوب ألن العقل ال يوجب مثل ھذه األشياء ‪ ،‬ولذلك نذكر‬
‫لزوما يجب عليه أن يضع نقول ‪ :‬ال ‪ ،‬ھذا‬ ‫ً‬ ‫دائما أن اللغة نقلية ال مدخل للعقل فيھا إال من جھة االستنباط ‪ ،‬أما من كونه يضع‬ ‫ً‬
‫ليس بالزم وخاصة إذا رجحنا أن الواضع ھو الرب جل وعال كما ھو المشھور وھو الصحيح ‪.‬‬
‫واللغة الرب لھا قد وضعا‬
‫توقيف اللغات عند األكثر‬
‫األسماء ﴾‬ ‫َ‬
‫آدم ْ َ‬ ‫َّ‬
‫أكثر أھل العلم بأن اللغات كلھا عربية وغيرھا كلھا توقيفية يعني ‪ :‬من وضعھا ھو الرب جل وعال ﴿ َ َ َ‬
‫وعلم َ َ‬
‫] البقرة ‪ ، [31 :‬ووقوعه يعني ‪ :‬ملفوظ به وقع في لغة العرب ُنطق به وُ جد في الدواوين ووُ جد في النثر بل في القرآن مطلقاً‬
‫مطلقا يعني ‪ :‬في الوحي وفي غيره سواء كان في‬ ‫ً‬ ‫يعني ‪ :‬في الوحي وفي غيره ھذا ھو القول األول ‪ ،‬جوازه عقالً ‪ ،‬ووقوعه‬
‫القرآن وفي غيره ‪ ،‬وھو رأي جمھور أھل العلم ‪ -‬ھذا رأي األكثر ‪ ) ، -‬في رأي األكثر وقوع المشترك ( كذا قال في مراقي‬
‫واقع في األكثر ‪ً ،‬إذا وھو رأي األكثر وھو الحق ودليله مشاھدة الوقوع نحو قوله ‪َ َ َ َ ﴿ :‬‬
‫ثالثة‬ ‫ٌ‬ ‫السعود ‪ ،‬وقوع ذو االشتراك‬
‫‪170‬‬
‫قروء ﴾ ] البقرة ‪ . [228 :‬ونعلم من لسان العرب أن القرء وضع للطھر‬ ‫يتربصن ِ َ ُ ِ ِ َّ‬
‫بأنفسھن َ َ َ َ‬
‫ثالثة ُ ُ َ ٍ‬ ‫قروء ﴾ ‪ُ َ َّ َ ُ ْ َ ﴿ ،‬‬
‫والمطلقات َ َ َ َّ ْ َ‬ ‫َُُ ٍ‬
‫ووضع للحيض وال يمكن أن يكون المراد ھو مجموع المعنيان في ھذه اآلية بل ال بد من واحد منھما ‪ً ،‬إذا ھذا ھو القول‬
‫أيضا وال مانع من ذلك ‪.‬‬ ‫األول وھو الصواب وھو الحق وقوع المشترك في اللغة وفي القرآن ً‬
‫ُشترك‬ ‫ْ‬
‫من ُع ُه يعني ‪ :‬ال يجوز أن يكون في اللغة ما ھو م َ َ‬ ‫منع ُه ثعلب واألبھري والبلخي ‪ْ َ ،‬‬ ‫مطلقا ‪ .‬وھذا َ َ َ‬ ‫ً‬ ‫من ُع ُه‬ ‫القول الثاني ‪ْ َ :‬‬
‫يعني بين معنيين فأكثر لماذا ؟‬
‫مطلقا أرادوا به في الوحي وفي غيره ألنه يقابل القول األول ‪.‬‬ ‫ً‬ ‫يعني‬
‫ً‬
‫القول األول ‪ :‬الجواز والوقوع مطلقا ‪.‬‬
‫مطلقا في الوحي وفي غيره ‪.‬‬ ‫ً‬ ‫القول الثاني ‪ :‬المنع‬
‫وذكرنا أن القول الراجح ھو األول وھو مذھب جمھور أھل العلم ‪ ،‬والقول الثاني ھو مذھب ثعلب واألبھري والبلخي‬
‫ُخل‬
‫ُخل بفھم المراد من اللفظ ‪ ،‬قالوا ‪ :‬االشتراك إذا وضع اللفظ للداللة على معنيين فأكثر ي ِ ُّ‬ ‫مطلقا ‪ ،‬وحجتھم أن االشتراك ي ِ ُّ‬ ‫ً‬
‫ٍ‬
‫حينئذ إذا‬ ‫بفھم المراد لو قال قائل ‪ :‬عندي عين ‪ .‬وعين ھذا لفظ مشترك بين الباصرة ‪ ،‬والجارية ‪ ،‬والذھب ‪ ...‬إلى آخره ‪،‬‬
‫سيفھم ؟ ھو يعلم أن عندي عين ويراني كيف يحمل على الباصرة فصار من‬ ‫قلت ‪ :‬أريد أن أحبر غيري عندي عين فماذا َ َ ْ َ‬
‫تحصيل الحاصل ‪ ،‬فيحتمل يحتمل أن يكون المراد به الباصرة ويحتمل أن يكون المراد به الجارية أو الذھب أو غير ذلك ‪،‬‬
‫ُخل بفھم المراد من اللفظ الحتمال أن يكون لكل من َمعْ َ َنييْ المشترك ‪،‬‬ ‫ثالثون معنى بلفظ العين ًإذا منعوه لماذا ؟ لكونه ي ِ ُّ‬
‫وأجيب عن ھذا االعتراض بأنه يتعين أحد معنييه بالقرينة ليس فيه ماذا ؟ ليس فيه إخالل بالفھم ‪ ،‬بل لو قال ‪ :‬عندي عين‬
‫حينئذ يحمل على العين الباصرة ‪ً ،‬إذا بالقرينة تعين أحد المعنيين أو المعاني ‪ ،‬إذا لم يكن قرينة ليس كل مشترك‬ ‫ٍ‬ ‫واسعتين ‪.‬‬
‫مطلقا في‬ ‫ً‬ ‫حينئذ ثم مسألة أخرى وھي ‪ :‬ھل يجوز حمل المشترك على معنييه أو معانيه‬ ‫ٍ‬ ‫قد وجدت معه قرينة إذا لم يكن قرينة‬
‫لفظ واحد في وقت واحد من متكلم واحد ‪ ،‬ھذه محل خالف واألصح الجواز ‪ .‬وحكى شيخ اإلسالم ابن تيمية أن مذھب أئمة‬
‫ُمل العين على كل المراد من لفظ‬ ‫األربعة على ھذا وھو رأي الشافعي كما ھو في )) الرسالة (( ‪ ،‬فإذا قال ‪ :‬عندي عين ‪ .‬ح ِ َ‬
‫ُخل بفھم المراد نقول ‪ :‬ال ‪ُ ،‬يم َْنع‬ ‫فحينئذ إذا قيل بأن اللفظ المشترك ي ِ ُّ‬ ‫ٍ‬ ‫العين الباصرة والجارية إلى آخره ھذا ھو األصل فيه ‪،‬‬
‫ٍ‬
‫فحينئذ‬ ‫ُخ ُل بفھم المراد ‪ ،‬وإن لم يقيد بقرينة‬ ‫ٍ‬
‫فحينئذ ال ي ِ‬ ‫إما أن يكون بقرينة قُيِّدَ بقرينة أو ال ؟ فإن قيد بقرينة فقد تعين‬ ‫ھذا ألنه َّ‬
‫نقول ‪ :‬األصح والصواب أنه يُحْ َم ُل اللفظ على معنييه فأكثر ‪ .‬لكن ھذا بخير إذا لم يكن تنافي بين المعنيين أو المعاني ‪ ،‬فلو‬
‫قيل ‪ :‬أقرأت المرأة ‪ .‬أقرأت اشتراك قد يقع في الفعل وقد يقع في االسم وقد يقع في الحرف إذا قيل ‪ :‬أقرأت المرأة نحملھا‬
‫تعيِّنُ أن المراد به ماذا ؟ إما الطھر ‪ ،‬وإما الحيض لماذا ؟ ألنه‬ ‫على أي المعنيين ؟ ھنا مشترك الفعل ھنا ال بد من قرينة ُ َ‬
‫ً‬
‫طاھرا‬ ‫ً‬
‫حائضا‬ ‫يمتنع حمل اللفظ على معنييه لماذا ؟ ألنه ال يمكن أن تكون حائض وطاھر في وقت واحد ال يمكن أن تكون‬
‫حينئذ إذا قيل بأن المشترك اللفظ المشترك القول به يؤدي إلى إخالل فھم اللفظ أو المعنى المراد من الكالم‬ ‫ٍ‬ ‫ً‬
‫واحدا‬ ‫في وقت‬
‫فحينئذ نقول‬ ‫ٍ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫نقول ‪ :‬الجواب عن ھذه الشبھة بأن المشترك إما أن ي َُّقيدَ بأن تكون معه قرينة تعين المراد أو ال ‪ ،‬فإن قيِّدَ بقرينة‬
‫فحينئذ إما أنه يمكن حمل اللفظ على معنييه أو معانيه بشرط عدم التنافي ‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫‪ :‬قد تعين المراد بوجود ھذه القرينة وإن لم توجد‬
‫ً‬
‫وھذا ھو األصح أن يُحْ َمل عليه وإما أنه إذا كان تنافي بين المعاني فال بد من قرينة وال يصح إطالقه أصال ھذا القول الثاني‬
‫‪.‬‬
‫القول الثالث ‪ :‬منعه في الوحي دون غيره ‪ .‬يعني ‪ :‬مثل المجاز على قول بعضھم يوجد في اللغة وال يوجد في الوحي ‪،‬‬
‫مبينا أو ال ‪ ،‬لو وقع المشترك في الوحي‬ ‫ما حجتھم ؟ ‪ -‬ھذا منسوب إلى الرازي ‪ -‬وحجتھم أنھم لو وقع في الوحي لوقع إما ً‬
‫فحينئذ يكون اللفظان‬ ‫ٍ‬ ‫ُبينا فيقول بال فائدة ‪،‬‬‫تعيِّنُ المراد أو ال ‪ ،‬فإما أن يقع م َ َّ ً‬ ‫ُبينا بقرينة يعني ُ َ‬ ‫في القرآن في السنة إما أن يقع م َ َّ ً‬
‫ذكرا المشترك والقرينة ھذا فيه تطويل بال فائدة ‪ ،‬وھذا ضعيف ‪ ،‬أو غير مبين فال يُفيد لعدم فھم المراد منه ‪ ،‬والوحي‬ ‫اللذان ُ ِ َ‬
‫منزهٌ عن ذلك ‪.‬‬
‫ً‬
‫وحينئذ صار طوال بال فائدة ‪ ،‬وإما‬ ‫ٍ‬ ‫ً‬
‫وأجيب عن ھذين االعتراضين ‪ :‬بأنه لو وقع أما أن يقع م َ َُّبينا في القرآن يعني ‪ :‬بقرينة‬ ‫ُ ِ‬
‫ُخل بالفھم والوحي منزهٌ عن ذلك ‪.‬‬ ‫حينئذ ي ْ ُّ‬‫ٍ‬ ‫أنه ال يقع م َ َّ ً‬
‫ُبينا‬
‫أجيب بأننا ال نسلم لزوم الطول فقولك ‪ :‬شربت من العين ‪ .‬ھل فيه طول ‪ ،‬شربت من العين ما المراد من العين ھنا ؟‬
‫لفظ مشترك يطلق على الجارية والباصرة إلى آخرة ووجدت قرينة دلت‬ ‫شربت من العين ‪ً ،‬إذا العين ھنا ٌ‬ ‫ُ‬ ‫الجارية ‪ ،‬ما الدليل‬
‫بقرينة صار‬ ‫ٍ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬
‫طول بھذه القرينة ؟ لم يحصل طول ‪ .‬إذا ال نسلم بأنه إذا قيِّدَ اللفظ المشترك‬ ‫ٌ‬ ‫على أحد ھذه المعاني ‪ ،‬ھل حصل‬
‫حينئذ يكون بالجارية ‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫طوالً في اللفظ ‪ ،‬والمقصود‬
‫الثاني ‪ :‬نقول ‪ :‬لو سلمنا من باب التنزل والجدل أنه يطول فال نسلم كون الطول بال فائدة ‪ ،‬ألن التفصيل بعد اإلجمال ھذا‬
‫ُفصل ‪ ،‬يُجْ َم ُل أوالً فتتشوق إليه النفس ثم بعد ذلك‬ ‫من مقاصد اللغة العربية ‪ .‬التفصيل بعد اإلجمال يُجْ َم ُل الشيء أوالً ثم ي َ ّ‬
‫‪171‬‬
‫ٍ‬
‫حينئذ أوقع في النفس التفصيل بعد‬ ‫ُفصل له فيقع البيان موقعه بمحله حيث كانت النفس متعطشة إلى تلك المعاني فيكون أبلغ‬ ‫يَ ّ‬
‫اإلجمال أوقع في النفس ھذا ال إشكال فيه ‪.‬‬
‫ًإذا ھذه ثالثة أقول في وجود المشترك في اللغة وفي غيره ‪.‬‬
‫مطلقا ‪ .‬وھو الصواب والحق ‪.‬‬ ‫ً‬ ‫القول األول ‪ :‬الجواز والوقوع‬
‫مطلقا في الوحي وفي غيره ‪.‬‬ ‫ً‬ ‫الثاني ‪ :‬المنع‬
‫الثالث ‪ :‬التفصيل بين الوحي فيُمنع وغيره فيجوز وقلنا الصواب األول ‪.‬‬
‫النوع الرابع ‪ :‬المشترك‬
‫لم يعرفه الناظم ھنا رحمه  وإنما أورد أمثلة ‪ -‬أظنھا ‪ -‬ثمانية أورد ثمانية من األلفاظ ممن حكم عليه بأنه مشترك وھنا‬
‫حينئذ تعرف أن ) القرء ( ھذا ل ٌ‬
‫فظ دل على معنيين متنافيين‬ ‫ٍ‬ ‫) ُْ ٌ‬
‫قرء ( كالمشترك ُقرْ ٌء ‪.‬‬ ‫كأنه أراد بالمثال أن ي َُعرِّ ف قال ‪:‬‬
‫ٍ‬
‫حينئذ ال يحمل عليھما ‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫تناف بين الحيض والطھر‬ ‫ٍ‬
‫تناف ولكن لما وجد‬ ‫حينئذ يحمل اللفظ عليھما إن لم يكن بينھا‬‫ٍ‬

‫ً‬
‫وضدا أجاز النبال‬ ‫ً‬
‫مجازا‬ ‫إطالقه في معنييه مثال‬
‫)‬ ‫)‬

‫أفعال جمع ِقلة ‪،‬‬ ‫أقراء َ ْ َ‬


‫وقرء ويجمع على ُقرُ وء جمع كثرة وعلى َ ْ َ‬ ‫رء ُ ٌ‬ ‫أيضا َق ٌ‬
‫ً‬ ‫قرء ( بضم القاف وتفتح‬ ‫ھذا ھو الصواب ) ُ ْ ٌ‬
‫ولواد في جھنم يعني يطلق الويل على كلمة عذاب يراد بھا كلمة عذاب‬ ‫ٍ‬ ‫وويل ٌ ( ھذه كلمة عذاب‬ ‫ويطلق للحيض والطھر ‪ْ َ َ ) ،‬‬
‫ند ( بكسر النون وتشديد الدال وھذا يطلق الند للمثل‬ ‫سعيد الخدري ‪ُّ ِ ) ،‬‬ ‫ٍ‬ ‫واد في جھنم كما رواه الترمذي عن أبي‬ ‫ويطلق على ٍ‬
‫خفت‬‫ْ‬
‫أيضا من األلفاظ المشتركة يطلق على السيد والعبد له معنيان ھو مواله ھذا السيد ﴿ ِِّإني ِ ُ‬ ‫ً‬ ‫والضد ‪َ ْ َ ْ ) ،‬‬
‫والمولى (‬
‫جرى ( في المذكورات إطالق اسم‬ ‫ند ( بدون تنوين ) وال َ ْ َ‬
‫مولى َ َ‬ ‫وويل ٌ ِ ُّ‬ ‫جرى ( ) ُ ْ ٌ‬
‫قرء َ َ ْ‬ ‫الموالي ﴾ ] مريم ‪ . [5 :‬ھذا عبيد ‪َ َ ) ،‬‬ ‫ََْ ِ َ‬
‫تواب ( على معنيين ‪ ،‬وھما التائب ولقابل التوبة ‪ ،‬التائب يقال فيه ) َ َّ ٌ‬
‫تواب ( وقابل‬ ‫تواب ( يعني يطلق اللفظ ) َ َّ ٌ‬ ‫المشترك ) َ َّ ٌ‬
‫الغي ( بإسقاط الواو ً‬
‫أيضا‬ ‫تواب ( بإسقاط الواو و ) ْ َ ُّ‬ ‫تواب ( يعني و ) َ َّ ٌ‬ ‫جرى ( ) َ َّ ٌ‬ ‫الغي ( ‪َ َ ) ،‬‬‫تواب ( ‪ُّ َ ْ ) ،‬‬ ‫التوبة يقال فيه ) َ َّ ٌ‬
‫غيا ﴾ ] مريم ‪ . [59 :‬كما فسره بعضھم كابن‬ ‫فسوف َ ْ َ ْ َ‬
‫يلقون َ ًّ‬ ‫﴿ َ َْ َ‬ ‫لواد في جھنم‬ ‫اسم ٍ‬ ‫غي بفتح الغين وتشديد الياء ٌ‬ ‫‪ّ َ ،‬‬
‫مضارع ( يعني وفعل مضارع من حيث داللته على الزمن ألن الزمن باعتبار الفعل‬ ‫مسعود ولضد الرشد الغي ضد الرشد ) ُ َ ِ ٌ‬
‫الزم له فإما أن يكون ماضي أو حاالً أو استقباال أليس كذلك ‪.‬‬
‫ً‬ ‫ٌ‬

‫ولكنني عن علم ما في غد أعجز‬ ‫وأعلم علم اليوم واألمس قبله‬


‫)‬ ‫)‬

‫ماض ‪ ،‬وإما حاضر ‪ ،‬وإما مستقبل ‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫فقسم لك األزمنة ثالثة ‪ :‬إما‬
‫ٍ‬
‫حينئذ‬ ‫المضارع الماضي واضح أنه للماضي ‪ ،‬والمضارع ھذا فيه خالف والمشھور عند الجمھور أنه للحال واالستقبال‬
‫ٍ‬
‫حينئذ داللته عن الحال جائز أنه يصلي‬ ‫زيد يصلي ‪ ،‬يصلي ھذا فعل مضارع فيحتمل‬ ‫مشتركا بين معنيين فإذا قلت ‪ٌ :‬‬ ‫ً‬ ‫يكون‬
‫زيد يصلي ‪ ،‬يصلي في المستقبل سيصلي يعني ‪ ،‬ھذا ھو المشھور عند النحاة والجمھور‬ ‫اآلن قائم يركع ويسجد ويحتمل أن ٌ‬
‫حقيقة في الحال مجاز في االستقبال ‪ ،‬ھذا ھو األصح ‪ ،‬والسيوطي رجح في )) ھمع الھوامع ((‬ ‫ٌ‬ ‫على ھذا ‪ ،‬والصحيح أنه‬
‫ٌ‬ ‫ٌ‬
‫مذھب الجمھور ‪ ،‬لكن الصواب أنه حقيقة في الحال ‪ ،‬مجاز في االستقبال ‪ ،‬بدليل ماذا ؟ بدليل أنه إذا اقترن به لفظ كالسين‬
‫زيد يصلي‬‫فحينئذ نقول ٌ‬
‫ٍ‬ ‫حينئذ ينصرف إلى االستقبال ‪ ،‬وما َ َ َّ َ‬
‫تعين بقرينته وھو االستقبال ھنا ھذا ھو حقيقة المجاز ‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫وسوف‬
‫ٍ‬
‫فحينئذ ال بد من اإلتيان‬ ‫األصح أنه يحمل على أنه يصلى اآلن يركع ويسجد ‪ ،‬أما إذا أردت أنه سيصلي فھذا معنى المجاز‬
‫زيد سوف يصلي ‪ .‬أما حمل اللفظ على معنييه ھذا ليس بصحيح ‪ ،‬ثم ھذا ينافي‬ ‫زيد يصلي ‪ٌ .‬‬ ‫بالسين أو بسوف تقول ‪ٌ :‬‬
‫زمن قد مضى عن زمن اإلخبار ‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫تقسيمھم ھم يقولون ‪ :‬قسمنا األفعال لماذا ثالثة ؟ باعتبار الزمن ألن الحدث إما أن يقع في‬
‫ٍ‬
‫حينئذ يتعين أن يكون المضارع للحال‬ ‫وإما في وقته ‪ ،‬وإما في مستقبل ‪ .‬قالوا ‪ :‬الماضي ھو للماضي ‪ ،‬والمستقبل ھو األمر ‪،‬‬
‫حينئذ كيف يكون األمر‬ ‫ٍ‬ ‫حينئذ يناقش ألن األزمنة ثالثة ‪ ،‬فإذا جُعل المضارع إذا جُعل الفعل المضارع حقيقة في االستقبال‬ ‫ٍ‬ ‫‪.‬‬
‫ٌ‬
‫جزء‬ ‫مستقال بذاته من حيث الزمن ‪ ،‬ھذا ممكن يتمشى على مذھب الكوفيين القائلين بأن القسمة ثنائية وبأن فعل األمر‬ ‫ً‬
‫ٌ‬
‫مشترك فيھما بل‬ ‫مضارع ( يعني ‪ :‬ومضارع يستعمل للحال واالستقبال ‪ ،‬والصواب ألنه ليس‬ ‫ومقتطع من فعل مضارع ‪ٌ ِ َ ُ ) ،‬‬
‫ورا ( يعني ‪ :‬وورا ولفظة ورا بالقصر وراء بالمد لغة في وراء فإنه‬ ‫يتعين فيه الحال ويكون في المستقبل لالستقبال ‪َ َ ) ،‬‬
‫‪172‬‬
‫ملك ﴾ وكان أمامھم‬ ‫وراءھم َّ ِ ٌ‬
‫وكان َ َ ُ‬ ‫وراءھم ﴾ ] الكھف ‪ [79 :‬وكان أمامھم ﴿ َ َ َ‬ ‫وكان َ َ ُ‬ ‫للخلف واألمام ‪ ،‬ولذلك قرأ ابن عباس ﴿ َ َ َ‬
‫المعنى واحد ‪ ،‬فوراء يأتي بمعنى األمام يأتي بمعنى األمام ‪ ،‬ھذا ما يتعلق بالمشترك ووقوع بعض ھذه األلفاظ الذي ذكرھا‬
‫والمولى ( واقعة في القرآن فيدل على ماذا ؟ لو حكمنا عليھا بأنھا‬ ‫َْ َ‬ ‫وويل ٌ ِ ُّ‬
‫ند‬ ‫قرء َ َ ْ‬ ‫الناظم في القرآن يدل على ماذا ؟ ألن ) ُ ْ ٌ‬
‫مشترك لفظي يدل على وجود المشترك في القرآن ‪ ،‬وال مانع من ذلك وجود ‪ ،‬المشترك في القرآن وكل ما ذكره ھنا‬ ‫ٌ‬
‫مضارع ( يعني ‪ :‬زمن‬ ‫ومضارع ؟ و ) ُ َ ِ ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫ورا ( ھذه كلھا أسماء ‪،‬‬ ‫مضارع َ َ‬
‫الغي ُ َ ِ ٌ‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫تواب‬ ‫َ‬
‫والمولى ( ) َ َّ ٌ‬ ‫َْ‬ ‫وويل ٌ ِ ُّ‬
‫ند‬ ‫قرء َ َ ْ‬ ‫ُ‬
‫المصنف ) ْ ٌ‬
‫ٌ‬
‫مضارع‬ ‫ٌ‬
‫مضارع ‪،‬‬ ‫مضارع ( يعني ‪ٌ :‬‬
‫فعل‬ ‫فحينئذ المحكوم عليه ھنا بكونه مشتركا ھو الفعل المضارع لذلك يقدر ) ُ َ ِ ٌ‬ ‫ً‬ ‫ٍ‬ ‫المضارع‬
‫واقعا‬ ‫وفعل مضارع فيكون قد ذكر لك االشتراك كونه ً‬ ‫ٌ‬ ‫اب ( و ) ْ َ ُّ‬
‫الغي (‬ ‫تو ٌ‬ ‫) َ َّ‬ ‫ألنه صفة لموصوف محذوف يكون التقدير‬
‫والليل ِإذاَ‬ ‫ً‬
‫في األسماء وكذلك في األفعال ومنه الفعل المضارع ومثل عسعس يأتي بمعنى أقبل وأدبر ‪ ،‬إذا اختلف أھل العلم ﴿ َ َّ ْ ِ‬
‫مشتركا ‪ .‬وكذلك الحروف كالباء مثالً تكون‬ ‫ً‬ ‫عسعس ﴾ ھل ھو اإلدبار أم اإلقبال ؟ وھو يستعمل في اللغة لھذا وذاك ‪ ،‬فصار‬ ‫َ َْ َ‬
‫لكل معنى من ھذه المعاني باء خاصة بھا‬ ‫للتبعيض وللسببية وللظرفية ‪ ..‬إلى آخره ‪ ،‬لفظ واحد والمعاني متعددة فوضع ٍ‬
‫بالداللة عليھا ‪.‬‬
‫ًإذا يقع االشتراك في األسماء ‪ ،‬ويقع االشتراك في األفعال ‪ ،‬ويقع االشتراك في الحروف ‪ .‬جمع لك المصنف نوعين فقط‬
‫االشتراك األسماء وفي الفعل ‪ ،‬ألنه ذكر لك المضارع ‪ ،‬المضارع ليس المراد باالسم المضارع لفظ المضارع ألن مضارع‬
‫ٍ‬
‫فحينئذ‬ ‫ضلع واحد ھكذا قيل ‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫معنى مشابه فكيف يتضمن الزمن أليست المضارعة مأخوذة من المشابھة كأنھما ارتضعا من‬
‫لموصوف محذوف ‪ً .‬إذا اكتفى الناظم عن تعريفه بذكر بعض أمثلته ‪ ،‬ومن ھذه األمثلة‬ ‫ٍ‬ ‫ٌ‬
‫صفة‬ ‫نعت أو‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬
‫ضارع‬ ‫ٌ‬
‫فعل م‬ ‫نقول‬
‫ُلم واقعه في القرآن ‪.‬‬ ‫مذكور في القرآن فع ِ َ‬ ‫ٌ‬
‫ٌ‬
‫) النوع الخامس ( من العقد الرابع مما يرجع إلى األلفاظ ) المترادف ( ھذا مأخوذ من الترادف ‪ ،‬وھو في اللغة التتابع ‪،‬‬
‫معنى‬ ‫معنى واحد ‪ ،‬توارد اللفظان على ً‬ ‫ُمي بذلك يعني اللفظان لترادف اللفظين بتواردھما على ً‬ ‫المترادف في اللغة التتابع ‪ ،‬س ِ َ‬
‫مأخوذ من الرديف وھو ركوب‬ ‫ٌ‬ ‫مأخوذ من ھذا رديف ‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫مأخوذ من الرديف ‪ ،‬كنت رديف النبي  على حماره ‪ .‬ھذا‬ ‫ٌ‬ ‫واحد‬
‫شيء واحد أليس كذلك ؟ تقول ‪ :‬ھذا‬ ‫ٌ‬ ‫واحدا ‪ ،‬فاإلنسان والبشر مسماه‬ ‫ً‬ ‫معنى‬ ‫دابة واحدة ‪ ،‬والمترادفان يركبان ً‬ ‫معا على ٍ‬ ‫اثنين ً‬
‫جدَ الرديف أو ال ؟‬ ‫ٍ‬
‫حينئذ وُ ِ‬ ‫بشر ھذا إنسان ‪ ،‬فاللفظان ركبا الذات الواحدة ‪،‬‬
‫جدَ معنى الرديف ‪.‬‬ ‫وُ ِ‬
‫ُترادف ‪ .‬حقيقته عندھم‬ ‫يترادَ فُ فھو م َ َ ِ‬ ‫ف ََ َ‬ ‫ُتفاعل ‪َ ،‬ت َرادَ َ‬
‫ُترادف م َ َ ِ‬ ‫) النوع الخامس ‪ :‬المترادف ( عرفنا معناه في اللغة ‪ ،‬م َ َ ِ‬
‫واحدا ويتعدد اللفظ ‪ً ،‬إذا عكس المشارك ‪ ،‬المشترك يتحد اللفظ ويتعدد المعنى‬ ‫ً‬ ‫اتحاد المعنى وتعدد اللفظ ‪ ،‬أن يكون المعنى‬
‫والوضع ‪ ،‬وھنا يتحد المعنى ويتعدد اللفظ ويلزم منه تعدد الوضع وال نحتاج إلى تنصيص ‪ ،‬ال نحتاج إلى التنصيص ‪،‬‬
‫حيوان ناطق ًإذا المعنى واحد‬ ‫ٌ‬ ‫حيوان ناطق ومسمى البشر‬ ‫ٌ‬ ‫سمى اإلنسان‬ ‫فإنسان وبشر لفظان مترادفان اتحد فيھما المعنى ألنه َ َّ‬
‫بشر ًإذا اتحد المعنى وتعدد اللفظ ألن إنسان ليس ھو البشر ‪ ،‬اإلنسان مع‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬
‫وعمرو‬ ‫ٌ‬
‫إنسان‬ ‫ٌ‬
‫وعمرو‬ ‫وزيد بشر‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬
‫إنسان‬ ‫ٌ‬
‫فزيد‬
‫اإلنسان نقول ‪ :‬ھذا متحد في اللفظ ‪ ،‬وأما اإلنسان مع البشر والليث مع األسد والقسورة نقول ‪ :‬ھذا متعدد في اللفظ ‪.‬‬
‫ًإذا المترادف ھو ما اتحد فيه المعنى وتعدد اللفظ ‪ .‬ذكر ابن القيم رحمه  في )) روضة المحبين (( وبأن ما نقله أبو‬
‫الفتوح عنه وغيرھم بأن المترادف نوعان ‪ -‬وھذه فائدة نفيسة مھمة في ھذا الباب ‪ -‬بأن المترادف نوعان ‪:‬‬
‫النوع األول ‪ :‬أن تدل يعني األسماء المترادفة أن تدل األسماء المترادفة على المسمى باعتبار الذات فقط ‪ .‬فھذا ھو‬
‫محضا ‪ .‬فابن القيم يثبت الترادف في اللغة ‪ ،‬وكذلك شيخ اإلسالم ابن تيمية رحمه  تعالى فھذا المترادف‬ ‫ً‬ ‫المترادف َ َ ُ ً‬
‫ترادفا‬
‫واحد ‪ ،‬فمسمى الحنطة ھو مسمى القمح ھو مسمى الب ُُّر‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬
‫شيء‬ ‫محضا مثلوا له بالحنطة والبُرِّ والقمح ھذه ألفاظ مسماھا‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ترادفا‬
‫زائدا على معنى الحنطة ؟‬ ‫‪ ،‬ھل تضمن لفظ البُرِّ معنى ً‬
‫صفة من الصفات ‪ ،‬ھذا ھو‬ ‫ٍ‬ ‫فحينئذ دلت األسماء على مسمى واحد باعتبار الذات فقط وال داللة لھا على‬ ‫ٍ‬ ‫الجواب ‪ :‬ال ‪.‬‬
‫محضا ‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ترادفا‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫النوع األول ‪ .‬وعبر عنه بأنه المُترادف َ ُ‬
‫واحدة كاألول لكن زاد ھذا النوع على األول‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫ذات‬ ‫النوع الثاني ‪ :‬أن تدل ‪ -‬يعني األسماء على مسمياتھا ‪ -‬أن تدل على‬
‫باعتبار تباين صفاتھا ‪ً .‬إذا زاد عن األول بماذا ؟ اشترك مع األول بالداللة على الذات ‪ ،‬لكن األول دل على الذات دون أن‬
‫ٍ‬
‫فحينئذ‬ ‫ٍ‬
‫صفة فيه ‪،‬‬ ‫أيضا كاألول إال أنه زاد مع داللته على الذات داللة على‬ ‫ً‬ ‫صفة ‪ ،‬والثاني ‪ :‬دل على الذات‬ ‫ً‬ ‫يتضمن اللفظ‬
‫النظر إلى ھذه األلفاظ باعتبار داللتھا على الذات فھي شيٌء واحد مترادفة ‪ ،‬وباعتبار ما تضمنته من الصفات فھي متباينة ‪،‬‬
‫فيقع التباين في الصفات ويقع اإلتحاد والترادف في الذات ‪ ،‬ولذلك قيل الخالف في مسألة وجود الترادف أو نفيه في اللغة‬
‫متضمنا للصفات ‪ ،‬لكن‬ ‫ً‬ ‫خالف لفظي ‪ ،‬ألن من أثبت الترادف أثبت باعتبار داللته على الذات ومن نفاه باعتبار كون اللفظ‬ ‫ٌ‬
‫ُرد بما ذكره من النوع األول ابن القيم رحمه  تعالى ‪ ،‬مثل ابن القيم للثاني بأسماء الرب جل وعال وأعالمه ‪ ،‬فأسماء‬ ‫ي َ ُّ‬
‫‪173‬‬
‫يرد سؤال عند البعض ھل ھي مترادفة أم متباينة ؟ فقيل مترادفة وقيل متباينة والصواب أنھا فيھا التفصيل باعتبار‬ ‫الرب ‪ُ ِ َ ،‬‬
‫داللتھا على الذات فھي مترادفة ‪ ،‬فمدلول الرحمن على ذاته ھو مدلول الرحيم ‪ ،‬السميع ‪ ،‬العليم الذات واحد الحمد ‪ ،‬وأما‬
‫باعتبار داللتھا على الصفات فھي متباينة ‪.‬‬
‫وصفة ھي ‪ :‬الرحمة ‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫الرحمن ‪ :‬دل على ٍ‬
‫ذات‬
‫صفة ھي ‪ :‬الرحمة ‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫الرحيم ‪ :‬دل على ٍ‬
‫ذات‬
‫ً‬
‫صفة مغايرة لصفات الرحمة ‪ ،‬إذا باعتبار الذات ھي‬ ‫ٍ‬ ‫ذات ھي التي دل عليھا لفظ الرحمن ‪ ،‬لكن دل على‬ ‫العليم ‪ :‬دل على ٍ‬
‫ُرد على النحاة في قولھم ‪ :‬الرحمن الرحيم ‪ ،‬الرحمن‬ ‫مجرد مرادفة وباعتبار الصفات ھي متباينة ‪ ،‬وھذا كالم جميل ‪ .‬وبذلك ي َ ُّ‬
‫ُنعت بھا ‪ ،‬فأنكر بعضھم قول الرحمن علم قال ‪ :‬ال ليس بعلم ھو كالعلم ليس‬ ‫نعتا للفظ الجاللة ‪ ،‬واألعالم باتفاق ال ي ْ َ ُ‬ ‫كيف وقع ً‬
‫القرآن ﴾ ] الرحمن ‪ . [2،1 :‬جاء ابتداء‬ ‫علم ْ ُ ْ َ‬
‫الرحمن * َ َّ َ‬‫متبوعا يعني لم يتبع غيره ﴿ َّ ْ َ ُ‬ ‫ً‬ ‫تابعا كما في البسملة وجاء‬ ‫بعلم ألنه جاء ً‬
‫ُنعت بھا ‪ ،‬فجاء‬ ‫استوى ﴾ ] طه ‪ً . [5 :‬إذا عومل في ھاتين اآليتين معاملة األعالم ‪ ،‬واألعالم ال ي ْ َ ُ‬ ‫العرش ْ َ َ‬‫على ْ َ ْ ِ‬ ‫الرحمن َ َ‬
‫﴿ َّ ْ َ ُ‬
‫ُنعت بھا باتفاق فكيف نقول‬ ‫مثال أو في غيره ‪ :‬بسم  الرحمن ماذا نعربه ؟ نقول ‪ :‬صفة ‪ ،‬طيب واألعالم ال ي ْ َ ُ‬ ‫ً‬ ‫في البسملة‬
‫صفة لتضمنه لصفة الرحمة ‪ ،‬وفي الرحمن الرحيم بسم ‬ ‫ٌ‬ ‫ھو علم ؟ نقول ‪ :‬ھو علم وال شك فيه لداللته على الذات وھو‬
‫يراع فيه أصالة الذات وإنما من حيث داللته على الصفة صح وقوعه‬ ‫َ‬ ‫نعت به من حيث داللته على الصفة لم‬ ‫الرحمن ‪ ،‬ھنا ُ ِ َ‬
‫تابعا لغيره وال إشكال ‪.‬‬ ‫نعتا ً‬ ‫ً‬
‫ًإذا ھذا قسمان للمترادف ‪ .‬الترادف يقع في األسماء كاألسد والليث ‪ ،‬ويقع في األفعال قعد وجلس ومضى وذھب ‪ ،‬ويقع‬
‫حينئذ وقع الترادف في كل أقسام الكلمة كما أن المشترك وقع في كل أقسام‬ ‫ٍ‬ ‫في الحروف كإلى وحتى فإنھما يفيدان الغاية ‪،‬‬
‫الكلمة ‪.‬‬
‫اختلف أھل العلم في وجود المترادف في اللغة على ثالثة أقوال كما اختلفوا في المشترك ‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫ٌ‬
‫واقع في القرآن ‪ ،‬فإذا وجد ولو لفظ واحد في القرآن مترادفان‬ ‫ٌ‬ ‫واقع في اللغة ويلزم منه على األصل أنه‬ ‫ٌ‬ ‫القول األول ‪ :‬أنه‬
‫حكمنا عليھما بأنھما مترادفان ال إشكال في ذلك لماذا ؟‬
‫حينئذ ال بد وأن نسلم بأنه على خالف األصل ‪ ،‬الترادف على خالف‬ ‫ٍ‬ ‫واقعا في اللغة ‪ ،‬لكن مع وقوعه في اللغة‬ ‫ً‬ ‫لكونه‬
‫األصل لماذا ؟‬
‫لمسمى خاص ينفك به عن غيره ‪،‬‬ ‫ً‬ ‫اسم‬
‫ألن األصل في داللة األسماء على مسمياتھا التباين ‪ ،‬ھذا ھو األصل وضع كل ٍ‬
‫فحينئذ إذا وضع لفظان أو ثالثة أو أربعة أو خمسة أو عشرة لمسمى واحد نقول ‪ :‬ھذا على خالف األصل ‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫واقع في اللغة‬ ‫ٌ‬ ‫خالف األصل وھو التباين ‪ ،‬األصل ھو التباين ولكن مع قولھم بأنه‬ ‫ٌ‬ ‫اقع في اللغة ومع ذلك فھو‬ ‫ًإذا أنه و ٌ‬
‫ٌ‬
‫فاطحة به ‪.‬‬ ‫حكموا عليه بأنه قليل وھو الحق ولغة العرب‬
‫ً‬
‫رجح بأنه كائن في اللغة حكم بكون اللغة فاطحة بھذه األلفاظ ‪ .‬من‬ ‫ومن فوائده ‪ -‬من فوائد الرديفين ‪ -‬ھذا على قول من َ َّ َ‬
‫ً‬
‫لمسمى واحد‬ ‫فوائده لو قيل ما الفائدة من وضع اإلنسان والبشر لمسمى واحد أو األسد والليث لمسمى واحد أو المھند والسيف‬
‫ما الفائدة ؟‬
‫قالوا ‪ :‬من فوائده أن أحد الرديفين يصلح لما ال يصلح له اآلخر في السجع والشعر والغناء ‪ ،‬قد يأتي اللفظ يريد معنى‬
‫حينئذ نقول ‪ :‬صلح المھند لما ال يصلح‬ ‫ٍ‬ ‫السيف فال يصلح كلمة سيف وتكون القافية منتھية مختومة بالدال فيأتي بالمھند مثالً ‪،‬‬
‫شعر ‪ ،‬ونثر ‪.‬‬ ‫ٌ‬ ‫ومعلوم أن كالم العرب قسمان ‪:‬‬ ‫ٌ‬ ‫له لفظ السيف‬
‫مقصود ‪ ،‬إذا من فوائده أن أحد الرديفين يصلح لما ال يصلح له اآلخر في السجع‬ ‫ً‬ ‫ٌ‬ ‫مقصود كما أن النثر‬ ‫ٌ‬ ‫والشعر عندھم‬
‫والشعر والغناء ‪.‬‬
‫ً‬
‫وقد يكون أحدھما أسھل على األلثغ الذي ال ينطق ببعض الحروف ‪ ،‬فالذي ال يقدر على النطق على الراء مثال ال يقل ‪:‬‬
‫حينئذ له فائدة أو ال ؟ له فائدة ‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫ب ُّر ‪ .‬يقول ‪ :‬قمح ‪ ،‬أما بُرِّ ھذه يخرجھا من القاموس ألنه ال ينطق بالراء‬
‫واقع في اللغة ‪ .‬وھو قول ثعلب وابن فارس والزجاج وأبي ھالل العسكري ‪ ،‬وقالوا ‪ :‬ألن وضع‬ ‫ٌ‬ ‫القول الثاني ‪ :‬أنه غير‬
‫معنى أن يضع له ً‬
‫لفظا مستقالً‬ ‫لفظ أو كل ً‬ ‫عي يعني ماذا ؟ عجز ألن األصل أن يضع كل ٍ‬ ‫ٌ‬
‫واحد ٌ‬ ‫اللفظ أو وضع اللفظين لمعنى‬
‫فمباين بالصفة ‪ ،‬وھل أرباب‬ ‫ٌ‬ ‫ً‬
‫فرع وكل ما يُظن مترادفا‬ ‫ٌ‬ ‫ھذا ھو األصل ولذلك نقول األصل في اللغة التباين والترادف ھذا‬
‫لفظي ألن من أنكر الترادف نظر إلى داللة كل ٍ‬
‫لفظ‬ ‫ٌّ‬ ‫القول األول ينكرون ھذه الفائدة ؟ الجواب ‪ :‬ال ‪ .‬ولذلك ذكر أن الخالف‬
‫شيء واحد وال شك لكن اإلنسان لوحظ فيه معنى‬ ‫ٍ‬ ‫صفة ال يتضمنھا اللفظ اآلخر ‪ .‬فقالوا ‪ :‬اإلنسان ‪ ،‬وبشر ھذا يدل على‬ ‫ٍ‬ ‫على‬
‫ٌ‬
‫فحينئذ ظھور البشرة ھذا صفة دل عليھا لفظ بشر‬ ‫ٍ‬ ‫وھو النسيان أو من اإلنس والبشر ھذا لوحظ فيه معنى وھو ظھور البشرة‬

‫‪174‬‬
‫ظن أنه مترادف فھو متباين بالصفة ‪ ،‬لكن نقول المسمى‬ ‫فحينئذ حصل التباين ‪ ،‬فكل ما ُ َّ‬ ‫ٍ‬ ‫صفة دل عليھا لفظ إنسان ‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫والنسيان‬
‫شيء واحد أو ال ؟‬‫ٌ‬ ‫الذات الجوھر‬
‫شيء واحد وال شك فيه ‪.‬‬ ‫ٌ‬
‫الثالث ‪ :‬التفصيل ‪ .‬فھو واقع في اللغة ال في األسماء الشرعية يعني في الشرع ال ‪ ،‬وھذا منقول عن الرازي ‪ ،‬وأنكر‬
‫اإلمام في الشرعية فيمتنع فيھا يعني ‪ :‬في الشرعيات لماذا ؟ قالوا ‪ :‬ألنه ثبت على خالف األصل ثبت الترادف والقول به‬
‫على خالف األصل للحاجة إليه كما سبق في نحو النظم والسجع وھذا موجود في القرآن ؟‬
‫ُزي ھذا القول للرازي ‪ ،‬والصواب الجواز‬ ‫فحينئذ ينتفي في الشرعيات وع ِ َ‬ ‫ٍ‬ ‫منتف في كالم الشرع‬ ‫ٍ‬ ‫الجواب ‪ :‬ال ‪ .‬وذلك‬
‫مطلقا كالليث واألسد ‪ ،‬ھذا في اللغة والفرض والواجب ‪ ،‬والسنة والتطوع ‪ ،‬ھذا في الشرعيات في األحكام ‪ ،‬ومثاله‬ ‫ً‬ ‫والوقوع‬
‫يظنون ھذا ترادف ولذلك قال ابن تيمية رحمه  تعالى ‪ :‬فإن‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫ُون بمعنى َ‬ ‫يظنون ﴾ َيحْ َسب َ‬ ‫ُ‬
‫ويحسبون ﴾ و ﴿ َ ُّ َ‬ ‫في القرآن ‪َ ُ َ ْ َ َ ﴿ :‬‬
‫ٌ‬
‫نادر وإما معدوم ‪ .‬فإما‬ ‫الترادف في اللغة قليل ‪ .‬إذا يثبت الترادف ‪ .‬فإن الترادف في اللغة قليل ‪ ،‬وأما في ألفاظ القرآن فإما‬ ‫ً‬
‫ُعبر عن لفظ واحد بلفظ واحد يُؤدي جميع معناه ھذا ال إشكال فيه ‪ ،‬لو عبر عن‬ ‫نادر قليل إن أثبت وإما معدوم وقل أن ي َ َّ َ‬ ‫ٌ‬
‫الشخص بإنسان ثم أزيح لفظ إنسان وعبر عنه ببشر ال يمكن أن يكون المعنى الذي أودي بإنسان يقوم مقامه لفظ بشر ‪ ،‬ھذا‬
‫ُعبر عن لفظ واحد بلفظ واحد يؤدي جميع معناه بل يكون فيه تقريب لمعناه ‪ .‬وھذا من‬ ‫ال شك فيه ‪ ،‬ولذلك قال ‪ :‬وقل أن ي َ َّ َ‬
‫ريب ﴾ ال شك ‪ ،‬ھذا ليس تفسير بأن اللفظ مساوي له من كل وجه ھذا‬ ‫أسباب إعجاز القرآن ‪ ،‬ولذلك إذا قيل في التفسير ‪ ﴿ :‬الَ َ ْ َ‬
‫ريب ﴾ ال شك الكتاب أي ‪ :‬المكتوب الجامع لو فسر‬ ‫من باب التقريب فقط وإال لو قيل في القرآن كله من أوله إلى آخره ﴿ الَ َ ْ َ‬
‫بھذا وقيل ‪ :‬ھو مساوي له من كل وجه ‪ .‬ال لما عجز العرب عن اإلتيان بمثل القرآن ألن القرآن من أوله إلى آخره وخاصة‬
‫مساويا له من كل وجه نفس المعنى الذي دل عليه اللفظ‬ ‫ً‬ ‫على طريقة تفسير الجاللين يذكر اللفظة بإزاء لفظ القرآن فلو كان‬
‫مساويا له من كل وجه لما عجز العرب أن يأتوا بمثل القرآن ‪.‬‬ ‫ً‬ ‫الذي زيد في التفسير على اللفظة التي فسر في القرآن وكان‬
‫النوع الخامس ‪ :‬المترادف‬
‫يدلون على الشيء بالمثال كما‬ ‫أيضا أشار الناظم إلى بعض األمثلة ولم يعرفه كما سبق في المشترك وھم قد ي َُعرِّ ُفون أو َ ُ ُّ‬ ‫ً‬
‫قال ابن مالك ‪:‬‬

‫من اعْ َ َتذرْ‬ ‫ِإنْ ُ ْ َ‬


‫قلت َزي ٌْد َ ِ ٌ‬ ‫وعاذر َ َ‬ ‫ٌ‬
‫زيد َ َ ِ ٌ‬ ‫مبتدأ ٌ‬
‫عاذر َ ِ‬ ‫خبرْ‬
‫)‬ ‫)‬

‫عرف المبتدأ والخبر بالمثال ‪ ،‬وھذا يسمى رسم عندھم رسم لكنه ناقص ‪.‬‬
‫ھذا يدل على ماذا ؟ أنه َّ‬

‫ُلم‬
‫عِْ‬ ‫َ َ ْ ِ ٌّ‬
‫ولفظي‬ ‫مي‬
‫ورسْ ِ ٌّ‬
‫َ َ‬ ‫َ ٌّ‬
‫حد‬ ‫قسم‬ ‫على َ َ َ ٍ‬
‫ثالثة ُ ِ ْ‬ ‫ف ََ‬
‫م َُعرِّ ٌ‬
‫)‬ ‫)‬

‫جاء ِ ْ َ ِ‬
‫كاإلنسان ( ‪.‬‬ ‫قد َ َ‬‫ذاك َما َ ْ‬
‫من َ َ‬
‫وويل ٌ ( ‪ ...‬إلى آخره ‪ ،‬وعرف المترادف بقوله ‪ْ ِ ) :‬‬ ‫قرء َ َ ْ‬‫حينئذ عرف المشترك بقوله ‪ٌ ْ ُ ) :‬‬
‫ٍ‬
‫ذاك َما ( من ذاك المشار إليه ھنا المضاف إليه ليس المضاف ‪.‬‬ ‫من َ َ‬ ‫) ِ ْ‬
‫جاء ( ما اسم موصول بمعنى‬ ‫قد َ َ‬‫ذاك ( أي ‪ :‬المترادف ) َما َ ْ‬
‫من َ َ‬
‫) النوع الخامس ‪ :‬المترادف ( المترادف ھذا خبر ) ِ ْ‬
‫ذاك ( جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم ) َما ( أي ‪ :‬لفظان فأكثرا أو أكثرا ال‬ ‫من َ َ‬ ‫الذي في محل رفع مبتدأ مؤخر و ) ِ ْ‬
‫ذاك ( أي ‪ :‬من‬‫من َ َ‬
‫يصدق على لفظ واحد كالمشترك ‪ ،‬المشترك لفظ واحد عين أو قرء وھنا ال ‪ ،‬ال بد من لفظين فأكثر ) ِ ْ‬
‫وبشر ‪ ،‬إنسان‬
‫ٍ‬ ‫مجيئا كمجيء اإلنسان‬ ‫ً‬ ‫كاإلنسان َ َ ٍ‬
‫وبشر ( جاء أي ‪ :‬ثبت أو جاء‬ ‫المترادف ) َما ( أي ‪ :‬لفظان أو أكثر جاء ) ِ ْ َ ِ‬
‫يصدق عليه حد المترادف ‪ ،‬إذا أردت أن تضبط ھل ھذان اللفظان مترادفان أم ال ؟ انظر‬ ‫ُ‬ ‫ٍ‬
‫حينئذ‬ ‫وبشر ھذا مدلوله شيء واحد‬
‫فحينئذ إنسان مسماه ذات مشخصة وبشر مسماه ذات مشخصة نفسه تقول‬ ‫ٍ‬ ‫في حد المترادف ما اتحد معناه واختلف فيه اللفظ ‪،‬‬
‫‪ :‬زيد إنسان ‪ .‬وزيد نفسه بشر ‪ ،‬كاإلنسان وبشر وال يمنع ھذا أن يكون اإلنسان متضمن لصفة المغايرة لما تضمنه لفظ بشر‬
‫قسيما للقسم األول من المترادف ) ِ ْ َ ِ‬
‫كاإلنسان ( قيل ‪ :‬سمي به لنسيانه وما‬ ‫ً‬ ‫ال مانع من ذلك ‪ ،‬وھذا ما جعله ابن القيم رحمه ‬
‫ً‬
‫بشرته أي ‪ :‬ظاھر جلده ‪ .‬ھو ليس كالقط مثال القط مغطى أليس كذلك‬ ‫َ‬
‫وبشر ( لظھور َ َ ِ ِ‬ ‫سمي اإلنسان إال لنسيانه ‪ ،‬وبالثاني ) َ َ ٍ‬
‫؟ ولذلك بالنظر ھنا إلى كون كل منھما له صفة مغايرة لألخرى جعل الخالف لفظي ولذلك قيل ‪ :‬من جعلھا مترادفة يعني ‪-‬‬
‫اإلنسان وبشر ‪ -‬من جعلھا مترادفة نظر إلى اتحاد بداللتھا على الذات ‪ ،‬ومن منع من الحكم بكونه إنسان وبشر مترادفين‬

‫‪175‬‬
‫ذاك َما َ ْ‬
‫قد‬ ‫من َ َ‬
‫نظر إلى اختصاص بعضھا بمزيد معنى ‪ ،‬فھي تشبه المترادفة في الذات والمتباينة في الصفة ‪ ،‬وھي نفسھا ‪ْ ِ ) .‬‬
‫القرآن ( محكم‬ ‫محكم ُ ِ‬ ‫واحدا وھو الحيوان الناطق ) في ُ ْ َ ِ‬ ‫ً‬ ‫مجيئا كمجيء اإلنسان وبشر في كون معناھما‬ ‫ً‬ ‫جاء ( قد التحقيق جاء‬ ‫َ َ‬
‫ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫المراد به المتقن من اإلحكام وھو اإلتقان ‪ ،‬ھل جاء اإلنسان في القرآن ؟ نعم ‪ .‬ھل جاء بشر ﴿ َما َھـذا َبشرا ﴾ ] يوسف ‪:‬‬
‫اإلنسان ﴾ ] اإلنسان ‪ً [1 :‬إذا ورد لفظ اإلنسان وورد لفظ البشر ًإذا ليس بالمعدوم ‪.‬‬ ‫على ْ ِ َ ِ‬‫ھل ََأتى َ َ‬
‫اإلنسان ﴾ ‪ْ َ ﴿ ،‬‬
‫إن ِ َ َ‬ ‫‪َّ ِ ﴿ ، [31‬‬
‫اليم ھذا بالجار عطف على ماذا ؟ على اإلنسان يعني ‪ :‬وكما جيء اليم بالجر عطف على اإلنسان‬ ‫والبحر ( َ ِّ‬
‫َ ْ ِ‬ ‫واليم‬
‫َ ِّ‬ ‫)‬
‫والبحر فإن معناھما واحد معنى البحر ھو اليم ووردا في القرآن أو ال ؟ أي وردا في القرآن ‪.‬‬
‫ورجز ( ھذه ثالثة ألفاظ بمعنى واحد ‪،‬‬ ‫رجس ( يعني ‪ :‬ورجس ) ِ ْ ٌ‬ ‫العذاب ِ ْ ٌ‬
‫ب ( اليم والبحر معناھما واحد ) كذا َ ُ‬ ‫العذا ُ‬
‫) كذا َ‬
‫الرجز جاء بمعنى العذاب وقد يأتي في الخارج كما في الحديث » إنھا رجس « ‪ .‬أو رجز ‪ .‬بمعنى النجس ‪ ،‬لكن تأتي‬
‫رجس ( بإسقاط العاطف الحرف )‬ ‫العذاب ( العذاب كذا ‪ ،‬كذا ھذا خبر مقدم والعذاب مبتدأ مؤخر و) ِ ْ ٌ‬ ‫بمعنى العذاب ) كذا َ ُ‬
‫أواب ( يا أواب يعني‬ ‫َ‬
‫جاء َيا َّ ُ‬ ‫رجس ِ ْ ٌ‬
‫ورجز َ َ‬ ‫العذاب ِ ْ ٌ‬
‫أواب ( ) كذا َ ُ‬ ‫َ‬
‫جاء َيا َّ ُ‬‫ورجز ( بكونھا مترادفة إذ معناھا كلھا واحد ) َ َ‬ ‫رجس ِ ْ ٌ‬ ‫ِ ْ ٌ‬
‫‪ :‬يا كثير األوبة والتوبة ھذا تكمله ‪.‬‬
‫ًإذا عرفنا المترادف ھو ما اتحد فيه المعنى وتعدد فيه اللفظ وقد ذكر ابن القيم رحمه  في )) روضة المحبين (( بأنه‬
‫مترادفا لكنه ليس يكون بمحض بمعنى أنه يتضمن‬ ‫ً‬ ‫محضا ال يدل على صفة ‪ ،‬وقد يكون‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ترادفا‬ ‫نوعان ‪ ،‬قد يكون ترادفه‬
‫صفة مغايرة لما دل عليھا اللفظ اآلخر ‪.‬‬
‫ثم قال رحمه  تعالى ‪:‬‬
‫النوع السادس ‪ :‬االستعارة‬
‫تعارة‬ ‫النوع السادس من العقد الرابع فيما يرجع إلى النظم االستعارة واالستعارة ھذه من جھة اللفظ استعارة ھذا مصدر اسْ ِ َ‬
‫ثوبا فأعراه إياه ‪ً ،‬إذا مأخوذ من العارية ‪ ،‬ھنا قال ‪ ) :‬النوع السادس ‪ :‬االستعارة ( ‪ .‬ثم قال ‪ ) :‬النوع السابع ‪:‬‬ ‫تعارهُ ً‬‫اسْ ِ َ َ‬
‫التشبيه ( ‪ ) .‬النوع السادس ‪ :‬االستعارة ( و) النوع السابع ‪ :‬التشبيه ( ‪ .‬واألولى أو المناسب تأخير االستعارة عن التشبيه‬
‫لماذا ؟‬
‫تعارة ‪ ،‬ھكذا ذكره السيوطي في‬ ‫مجازك َ ْ ِ َ َ‬
‫تشبيھك َ ِ ُ‬
‫يلد لك اسْ ِ َ‬ ‫ألن االستعارة متولدة بين المجاز والتشبيه ‪ ،‬ولذلك قيل ‪َ :‬زوِّ ج َ َ َ َ‬
‫)) اإلتقان (( ‪ً ،‬إذا االستعارة متولدة بين المجاز والتشبيه ‪ ،‬وأجيب عن الناظم وغيره ممن قدم االستعارة عن الشبيه ألن‬
‫أوال التشبيه ثم بعد‬ ‫فحينئذ ناسب ماذا ؟ ناسب تقديمھا ‪ ،‬لكن من حيث الفھم للطالب األولى أن يفھم ً‬ ‫ٍ‬ ‫االستعارة أبلغ من التشبيه‬
‫ذلك يفھم االستعارة ‪.‬‬
‫) االستعارة ( ھي ‪ :‬نوع من المجاز ‪ .‬ولذلك اختلفوا في ثبوتھا وإنكارھا ألنھا فرع عن المجاز يعني ‪ :‬متولدة عن ‪ .‬أو‬
‫الخالف متولد عن الخالف في المجاز ‪ ،‬فمن أثبت المجاز أثبت االستعارة ومن نفى المجاز نفى االستعارة ‪ ،‬وبعضھم على‬
‫قلة أثبت المجاز ونفى االستعارة في الوحي ‪ ،‬أثبت المجاز ونفى االستعارة على جھة الخصوص في الوحي ‪.‬‬
‫ُطلق على المجاز كله ‪:‬‬ ‫ًإذا االستعارة من حيث العموم نقول ‪ :‬ھي نوع من المجاز مختصة باسم وحده ‪ .‬وبعضھم ي ْ ِ ُ‬
‫ضع له ونقلته إلى غيره وعرفھا أھل البيان‬ ‫استعارة ‪ .‬المجاز كله يسميه استعارة كأنك استعرت اللفظ من مستحقه الذي وُ ِ َ‬
‫بأنھا مجاز عالقته المشابھة لماذا ؟ ألننا نقول ‪ :‬المجاز ما ھو ؟‬
‫نقل‬ ‫ُ‬
‫ضع له ابتداء ‪ .‬ال بد من َعالقة وھي ‪ :‬المعنى أو الرابط بين المعنى األصلي الذي ِ َ‬ ‫َ‬ ‫ھو ‪ :‬اللفظ المستعمل في غير ما وُ ِ َ‬
‫حينئذ ال مجاز ‪ ،‬ال بد من عالقة‬ ‫ٍ‬ ‫عنه اللفظ إلى المعنى المجازي الثاني ال بد من ارتباط أليس كذلك ؟ فإذا لم يكن ارتباط‬
‫أسدا يخطب ‪ .‬بمعنى‬ ‫معروفا عند المخاطب ‪ ،‬فلو قيل ‪ :‬رأيت ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫مشھورا‬ ‫ولذلك قيل في ھذه العالقة ‪ :‬ال بد أن تكون ً‬
‫شيئا‬
‫حينئذ حصلت االستعارة أو ال ؟‬ ‫ٍ‬ ‫حينئذ نقول ‪ :‬استعير لفظ األسد من الحيوان المفترس إلى الرجل الشجاع‬ ‫ٍ‬ ‫يخطب على المنبر‬
‫شجاعا ‪،‬‬‫ً‬ ‫شبه نقول ‪ :‬نعم وھو الشجاعة ‪ .‬حيوان المفترس شجاع والخطيب قد يكون‬ ‫ھذا مجاز أو ال ؟ ھل ھناك عالقة وجه ٍ‬
‫فحينئذ لما وجدت الشجاعة استعير لفظ أسد المعنى الفاصل ‪ ،‬الشجاعة ھي العالقة وھذه العالقة ال بد أن تكون معلومة‬ ‫ٍ‬
‫أسدا يقرأ ‪ .‬وأردت بأسد ھنا القرأ وجه الشبه بين الحيوان‬ ‫مشھورة في االستعارة عند المتكلم والمخاطب لكن لو قيل ‪ :‬رأيت ً‬
‫المفترس وبين من يقرأ ليس الشجاعة المعنى ھنا االرتباط موجود عالقة بين المعنى األصلي والمعنى الثانوي لكن ھل األسد‬
‫ُرف واشتھر عند الناس أكثر بالبقر أم بالشجاعة ؟ بالشجاعة فإذا أطلق األسد على غير الحيوان المفترس ُظن ماذا ؟ ظن‬ ‫عِ َ‬
‫أبدا ‪ ،‬ولو كان األسد الحيوان المفترس أبقر لماذا ؟‬ ‫أسدا يقرأ إلى كونه أبقر ً‬ ‫الشجاعة ‪ ،‬وال يلتفت ملتفت عند سماع رأيت ً‬
‫ألن ھذا المعنى الموجود بين المشبه به والمشبه أو الحيوان المفترس والرجل القارئ التي ليست بالشجاعة لكان البقر ولو‬
‫كان البقر مما اشتھر به األسد لصح ولكن لما لم يرد اشتھر به مع وجوده واختصاصه به لم يصح التشبيه ‪ ،‬قالوا ‪ :‬وھذه‬
‫العالقة بين المعنيين األصلي والفرعي ‪ ،‬المعنى األصلي الذي ھو الحقيقي والمعنى الفرعي الذي ھو المجازي ال بد من‬
‫‪176‬‬
‫ٍ‬
‫حينئذ‬ ‫عالقة ‪ ،‬ھذه العالقة ال تخرج عن اثنين إما مشابھة أو ال ‪ ،‬أو ال يعني أو ليست المشابھة وإذا لم تكن ليست المشابھة‬
‫جدا أوصلھا بعضھم إلى ثمان عشر وبعضھم إلى خمسة‬ ‫يعنون له بالمجاز المرسل ‪ ،‬والمجاز المرسل له عالقات كثيرة ً‬
‫ُتعلق ‪ ،‬ومنھا إطالق الكل على الجزء ‪ ،‬والجزء على الكل ‪ .‬نقول ‪ :‬ھذه العالقات‬ ‫ُتعلق على ْالم َ َ ِّ‬‫وعشرين ‪ ،‬منھا إطالق ْالم َ َ ِّ‬
‫ليست بعالقة المشابھة ًإذا العالقة إما أن تكون المشابھة أو ال ‪ ،‬إن لم تكن المشابھة فھي المجاز المرسل ‪ ،‬فإن كانت المشابه‬
‫فھي االستعارة التي معنا ‪.‬‬
‫ًإذا نقول ‪ :‬المجاز الذي ھو نقل اللفظ عن معناه األصلي الذي ھو الحقيقي إلى المعنى الفرعي الذي ھو المجاز ال بد من‬
‫ٍ‬
‫فحينئذ نسمي‬ ‫ارتباط عالقة جامع بين المعنيين ‪ ،‬ھذا الجامع وھذه العالقة إما أن تكون المشابھة أو ال ‪ ،‬إن كانت المشابھة‬
‫ھذا المجاز استعارة ‪ ،‬وإن لم تكن المشابھة فھو مجاز لكنه مجاز مرسل ‪.‬‬
‫ًإذا إما استعارة وإما مجاز مرسل ‪ ،‬حقيقة المجاز المرسل نقول ‪ :‬مجاز عالقته غير المشابھة ‪ .‬وھو واحد من ثماني عشر‬
‫التي ذكرھا البيانيون أو أكثر من ذلك ‪ ،‬وأما االستعارة فھي مجاز ‪ً ،‬إذا كل منھما مجاز عالقته المشابھة ‪ً ،‬إذا عرفھا أھل‬
‫البيان بأنھا مجاز عالقته المشابھة ‪ ،‬أو قل ھي اللفظ المستعمل فيما شبه بمعناه األصلي لعالقته وقرينته ‪ ،‬اللفظ المستعمل فيما‬
‫شبه بمعناه األصلي ‪ ،‬الرجل الشجاع الذي قيل ‪ :‬زيد أسد ‪ .‬ھذا مختلف فيه ھل ھو تشبيه أو استعارة فيه خالف ‪ ،‬وعلى‬
‫حينئذ شبھت زيد بمعنى األسد األصلي وھو الحيوان المفترس لعالقته وقرينته العالقة ما ھي ؟ الشجاعة ‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫القول بأنه استعارة‬
‫ما ھي القرينة ؟ زيد ‪ .‬ألنك لما قلت ‪ :‬زيد أسد ‪ .‬علمت بأن األسد ليس بحيوان مفترس ألنك وقفت به ماذا ؟ أخبرت به عن‬
‫زيد وھو آدمي ليس بحيوان مفترس ‪ ،‬والعالقة ھي المناسبة بين المعنى المنقول عنه وإليه الجامع والرابط بين المشبه‬
‫والمشبه به والقرينة ما ھي ؟ ھي األمر الذي يجعله المتكلم دليالً على أنه أراد باللفظ غير ما وضع له ‪ ،‬وھذا شرط عند‬
‫أسدا ‪ .‬ھل ھذا يحتمل أو يتعين ؟‬ ‫البيانيين ال بد من قرينة تدل على المجاز وإال ال يصح ‪ ،‬يعني ‪ :‬إذا قيل ‪ :‬رأيت ً‬
‫يتعين ‪ ،‬بماذا ؟‬
‫أعطيني مسماه الحيوان المفترس ھل يحتمل الرجل الشجاع يحتمل أو ال يحتمل ؟‬
‫بناء على ماذا ؟‬ ‫ال يحتمل ‪ً .‬‬
‫على أن األسد له معنى حقيقي واحد وھو ‪ :‬الحيوان المفترس ‪ .‬ولذلك بعضھم ممن يمنع المجاز يقول ‪ :‬ال ‪ ،‬األسد لم‬
‫يوضع للحيوان المفترس ‪ ،‬بل وضع إلى الحيوان المفترس ووضع للرجل الشجاع ‪ ،‬وھذا فاسد ال يمكن القول به ‪ ،‬لماذا ؟‬
‫قطعا ال يحتمل الرجل الشجاع ‪ .‬إذا قيل ‪ :‬رأيت‬ ‫أسدا ‪ .‬لصرف األسد إلى الحيوان المفترس وھذا ً‬ ‫ألنه ھو لو قيل له ‪ :‬رأيت ً‬
‫فحينئذ يحمله على الحيوان المفترس وال يحمله على الرجل الشجاع ‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫أسدا ‪.‬‬ ‫حينئذ نقول ‪ :‬رأيت ً‬ ‫ٍ‬ ‫ً‬
‫أسدا‬
‫عند أرباب األصول ال يشترطون القرينة يعني ‪ :‬إذا أريد باألسد ھنا الرجل الشجاع ال يشترط فيه أن تأتي باللفظ بقرينة‬
‫ضع له ً‬
‫أوال ‪ ،‬لماذا ؟‬ ‫تدل على أن اللفظ مستعمل في غير ما وُ ِ َ‬
‫حينئذ يحتمل أنك أردت‬ ‫ٍ‬ ‫لجواز استعمال عندھم الراجح لجواز استعمال اللفظ في معنييه الحقيقي والمجازي ‪ ،‬رأيت ً‬
‫أسدا‬
‫به الرجل الشجاع ويحتمل أنك أردت به الحيوان المفترس يعني ‪ :‬ال يشترط القرينة ‪.‬‬
‫فحينئذ إذا أردت األسد الذي‬‫ٍ‬ ‫أما عند البيانيين قاطبة يكاد يكون إجماع وبعضھم ّادعي اإلجماع أنه ال يجوز إال بقرينة ‪،‬‬
‫أسدا يخطب ‪ .‬يخطب ھذه قرينة خالصة عن كون‬ ‫ھو الحيوان المفترس يتعين أن تأتي بقرينة لفظية أو حالية فتقول ‪ :‬رأيت ً‬
‫ضع له ‪.‬‬
‫دليال على أنه أراد باللفظ غير ما وُ ِ َ‬‫ً‬ ‫مرادا به الحيوان المفترس ‪ً .‬إذا القرينة ھي األمر الذي يجعله المتكلم‬ ‫ً‬ ‫األسد‬
‫وأركان االستعارة ثالثة ‪:‬‬
‫مستعار ‪ .‬وھو لفظ مشبه به ‪.‬‬
‫ومستعار منه ‪ .‬وھو معنى لفظ المشبه ‪.‬‬
‫ومستعار له ‪ .‬وھو المعنى الجامع ‪.‬‬
‫ً‬
‫إيھاما للحاجة وألنه‬ ‫وھذا ذكرناه فيما سبق أنكر قوم االستعارة بناء على إنكارھم المجاز وقوم إطالقھا في القرآن ألن فيھا‬
‫لم يرد في ذلك إذن من الشارع ‪ ،‬ھذا خالف االستعارة ‪ .‬إذا عرفنا أركانھا نقول ‪ :‬ھي واقعة في كالم العرب وھي موجودة‬
‫في القرآن وال شك وبعضھم من القائلين بالمجاز من قد أنكر المجاز قاطبة قد أنكر وجود االستعارة وبعضھم أثبت المجاز‬
‫ً‬
‫إيھاما للحاجة ‪ .‬وھذا‬ ‫وحتى في القرآن أثبت المجاز في القرآن لكنه أنكر وجود االستعارة في القرآن لماذا ؟ قال ‪ :‬ألن فيھا‬
‫فاسد ‪ ،‬وألنه لم يرد في ذلك إذن من الشارع ‪.‬‬
‫أيضا من الشارع ‪ ،‬واختلفوا في االستعارة ھل ھي مجاز لغوي أو عقلي على قولين ‪،‬‬ ‫ً‬ ‫أثبت المجاز ما ورد إذن‬ ‫َ‬ ‫إذا‬
‫أسدا يخطب ‪ .‬أسدٌ‬ ‫فأسد في قولك ‪ :‬رأيت ً‬ ‫ٌ‬ ‫واألصح أنھا مجاز لغوي ألنھا موضوعة للمشبه به ال للمشبه وال لألعم منھما ‪،‬‬
‫السبُع الذي ھو الحيوان المفترس ال للرجل الشجاع ما وُ ضع للرجل الشجاع أليس‬ ‫ھذا موضوع ألي شيء في األصل في َّ‬

‫‪177‬‬
‫أسدا من المشبه ھنا ؟ رأيت ً‬
‫أسدا‬ ‫كذلك ؟ ما وضع للرجل الشجاع ‪ً ،‬إذا وضع األسد في أي شيء في للمشبه به ‪ ،‬رأيت ً‬
‫السبُع واللفظ أسد وضع لمن للخطيب أم للحيوان ؟ للحيوان ال شك وضع‬ ‫يخطب المشبه َمنْ ؟ الخطيب والمشبه به األسد َّ‬
‫ً‬
‫للسبُع ال للرجل الشجاع ‪ ،‬وال لألعم منھما ألن لفظا يحتمل أن يكون‬‫أسدا يخطب ‪ .‬موضوع َّ‬‫للحيوان فأسد في قولك ‪ :‬رأيت ً‬
‫السبُع والخطيب الجريء ‪ ،‬فيقال ‪ :‬حيوان جريء ‪ .‬يختص بماذا عن ھذا الحيوان‬ ‫أعم من الحيوان المفترس الذي ھو َّ‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫السبُع وأعم من الخطيب الشجاع فيصدق عليھما حقيقة أو مجازا أو على أحدھما حقيقة والثاني مجازا ؟‬ ‫الجريء ؟ أعم من َّ‬
‫ٍ‬
‫حينئذ ھذا استعمال حقيقي أم مجازي ؟ حقيقي وإذا قلت ‪ :‬رأيت‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫حقيقة فإذا قلت ‪ :‬رأيت حيوانا جريئا يخطب ‪.‬‬ ‫يصدق عليھما‬
‫للسبُع ال للرجل‬ ‫ً‬
‫السبُع المراد به السبع ‪ ،‬إذا األسد نقول ‪ :‬موضوع َّ‬ ‫ٍ‬
‫فحينئذ يتعين أن يكون ماذا ؟ مسماه مسماه َّ‬ ‫ً‬
‫جريئا ‪.‬‬ ‫ً‬
‫حيوانا‬
‫ً‬
‫حقيقة كإطالق الحيوان عليھما ‪.‬‬ ‫الشجاع وال لألعم منھما كالحيوان الجريء ليكون إطالقه عليھما‬
‫النوع السادس ‪ :‬االستعارة‬
‫جدا في باب البالغة لكن ذكرنا أركانھا وتعريفھا وسيأتي مثالين للمصنف ‪.‬‬‫االستعارة بحثتھا طويل ً‬

‫)‬ ‫ََ ِ‬
‫وكالحياة‬ ‫كالموت‬ ‫َ َ‬
‫وذاك َ ْ ِ‬ ‫ََ ِ‬
‫أداة‬ ‫ِبال‬ ‫َ ْ ِْ ٌ‬
‫تشبيه‬ ‫َ ِ َ‬
‫وھي‬
‫)‬
‫كسلخ َّ ْ ِ‬
‫الليل‬ ‫جاء َ َ ْ ِ‬ ‫ََْ ِ‬
‫ھذين َما َ َ‬ ‫َ ِْ ِ‬
‫كمثل‬ ‫وضدِه‬
‫َ ِّ‬ ‫ُ ٍَْ‬
‫مھتد‬ ‫ِ ْ‬
‫في‬
‫)‬ ‫)‬

‫وھي ( أي ‪ :‬االستعارة ) َ ْ ِ ْ ٌ‬
‫تشبيه ( والتشبيه ھو ‪ :‬التمثيل ‪ .‬التشبيه‬ ‫تشبيه ( ًإذا االستعارة مبنية على التشبيه ‪َ ِ َ ) ،‬‬ ‫وھي َ ْ ِ ْ ٌ‬
‫) َ ِ َ‬
‫شيء بشيء آخر تقول ‪ :‬زيد كاألسد ‪ .‬ھذا ماذا نسميه ؟ زيد كاألسد ‪ ،‬ھذا تشبيه‬ ‫ٍ‬ ‫في اللغة ھو ‪ :‬التمثيل ‪ .‬والمراد به ھنا تشبيه‬
‫الستيفاء أركان التشبيه األربعة ‪:‬‬
‫المشبه وھو ‪ :‬زيد ‪.‬‬
‫المشبه به وھو ‪ :‬األسد ‪.‬‬
‫أداة التشبيه وھي ‪ :‬الكاف ‪.‬‬
‫والجامع وھو ‪ :‬الشجاعة ‪.‬‬
‫ً‬
‫أداة ( يعني ‪ :‬بدون أداة ‪ .‬إذا حصل عندنا تشبيه لكن بدون أداة ‪ ،‬زيد أسد ‪،‬‬ ‫َ‬
‫ًإذا االستعارة تشبيه لشيء بشيء آخر ) ِبال َ ِ‬
‫ھذا ماذا نسميه ؟‬
‫زيدا باألسد بدون أداة تشبيه ‪.‬‬ ‫ابتداء زيد أسد فھو استعارة ألنك شبھة ً‬ ‫ً‬ ‫اختلفوا فيه إذا نطقت‬
‫ً‬
‫واحدا ‪.‬‬ ‫ً‬ ‫قوال‬ ‫وإذا قلت ‪ :‬زيد كاألسد ‪ .‬فھو تشبيه‬
‫ً‬
‫مقدرة فھو تشبيه ‪.‬‬ ‫أسد ‪ .‬وحذفت أداة التشبيه ونويتھا‬ ‫زيد ٌ‬ ‫وإذا قلت ‪ٌ :‬‬
‫أسد ھل ھو تشبيه أم استعارة ؟‬ ‫زيد ٌ‬ ‫فحينئذ ٌ‬
‫ٍ‬
‫زيد أسد أنت سمعت ھذا الكالم زيد أسد ھل‬ ‫فيه تفصيل ما ھو التفصيل ؟ ] ‪ ....‬أسمع واحد األذن واحدة أيمن ‪ ....‬ال ‪ٌ ،‬‬
‫كنت َ‬
‫أنت‬ ‫َ‬ ‫ھو تشبيه أم استعارة ؟ ما ھو طب ھنا ما وجدت األداة زيد أسد لم ألفظ باألداة ‪  ....‬أعلم أي ‪ :‬إذا سمعتني إذا‬
‫حينئذ ھذا استعارة فتحكم على كالمك بكون استعارة ‪ ،‬أما إذا كنت‬ ‫ٍ‬ ‫نويت األداة أم ال ؟ إذا لم تنوھا‬ ‫َ‬ ‫المتكلم فأنت تعرف ھل‬
‫ً‬
‫واختصارا ونواھا فھو تشبيه بليغ ‪ ،‬وھذا‬ ‫ً‬
‫تخفيفا‬ ‫سامعا فتقدر الكالم فتقول ‪ :‬إن نوى أداة التشبيه وھي ‪ :‬الكاف يعني ‪ :‬حذفھا‬ ‫ً‬
‫ابتداء دون أداة نقول ‪ :‬ھذا استعارة [ ‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ضابط التشبيه البليغ إذا حذفت أداة التشبيه ‪ ،‬وإذا لم ينو األداة ‪ ،‬بل تكلم‬
‫أداة ( أي ‪ :‬ومع حذف وجه الشبه ‪ ،‬ألن وجه الشبه في التشبيه قد يُذكر تقول ‪ :‬زيد‬ ‫أداة ( ‪ِ ) ،‬بال َ َ ِ‬ ‫تشبيه ِبال َ َ ِ‬
‫وھي َ ْ ِ ْ ٌ‬
‫) َ ِ َ‬
‫كاألسد لشجاعته ‪ .‬ھذا مستوفي لألركان األربعة ‪ ،‬زيد كاألسد في شجاعته نطقت باألركان األربعة ‪ ،‬ولك أن تحذف وجه‬
‫أداة ( ‪ .‬تشبيه لشيء بشيء آخر بال‬ ‫تشبيه ِبال َ َ ِ‬
‫وھي َ ْ ِ ْ ٌ‬
‫الشبه زيد كاألسد ‪ ،‬ولك أن تحذف أداة التشبيه فتقول ‪ :‬زيد األسد ‪َ ِ َ ) .‬‬
‫أيضا كما‬ ‫َ‬
‫أيضا ‪ .‬أن يُحْ ذف أحد المشبه والمشبه به ً‬ ‫أداة أي ومع حذف وجه الشبه ‪ .‬وزاد بعضھم ‪ :‬وأحد المشبه والمشبه به ً‬
‫سيأتي ‪ ،‬ويحذف المشبه في االستعارة التصريحية ‪ ،‬والمشبه به في االستعارة المكنية ‪ ،‬يعني تحذف أو تشبه مشبه بمشبه به‬
‫ٍ‬
‫فحينئذ تسمى استعارة‬ ‫بدون أداة مع حذف وجه الشبه مع حذف أحد الطرفين المشبه أو المشبه به ‪ ،‬إن حذفت المشبه‬
‫ُصرحة ‪ ،‬وإذا حذفت المشبه به فھي االستعارة المكنية ‪ ،‬ولذلك قال بعضھم ‪ :‬كل مجاز مبني على التشبيه فھو‬ ‫تصريحية أو م َ َّ َ‬
‫تشبيه ( ‪ .‬وإذا أردت حدا لالستعارة التي ھي المعنى المصدري فقل‬
‫ً‬ ‫ْ‬
‫وھي ِ ْ ٌ‬‫َ‬ ‫مجاز باالستعارة ‪ ،‬ولذلك فسرھا الناظم بقوله ‪َ ِ َ ) :‬‬
‫ُشابھة ‪ .‬وھذا معنى االستعارة بالمعنى المصدري لماذا ؟‬ ‫ُشبه به في ْالم َ ّ ِ‬
‫ُشبه للم َ َ‬ ‫في حدھا ‪ :‬استعمال اسم ْالم َ َّ ِ‬

‫‪178‬‬
‫قالوا ‪ :‬ألن أصل االستعارة التشبيه ‪ .‬حُذف أحد طرفيه ووجه شبھه وأداته ‪ ،‬فيُحذف المشبه ووجه الشبه واألداة ويستعار‬
‫لفظ المشبه به للمشبه للعالقة بين المشبه والمشبه به وال بد فيھا من تنافي التشبيه الذي وقع من أجله االستعارة بادعاء أن‬
‫فحينئذ يكون المشبه به له فردان ‪ :‬فرد حقيقي ‪ ،‬وفرد ادعائي ‪ .‬يعني ‪ :‬تقصد ٌ‬
‫زيد‬ ‫ٍ‬ ‫المشبه غير المشبه به أو فرد من أفراده‬
‫أسد ‪ .‬ھنا شبھت زيد باألسد في ماذا ؟ في الشجاعة لم تلفظ بأداة التشبيه ولم تأت بالجامع بين المشبه‬ ‫زيد ٌ‬ ‫أسد ‪ .‬تقول ‪ٌ :‬‬ ‫ٌ‬
‫بادعاء زيد كأنه فرد من أفراد األسد ‪،‬فكأن‬ ‫والمشبه به بل حذفتھما ‪ ،‬ثم ذكرت المشبه والمشبه به وتناسيت التشبيه لماذا ؟ ِّ‬
‫السبُع ‪ ،‬وفرد دخل معه باالدعاء يعني ‪:‬‬ ‫األسد وضع لشيء متضمن للشجاعة فكأن له فردان ‪ :‬فرد وھو حيوان حقيقي وھو َّ‬
‫بكأنك نويت وقدرت في نفسك أن زيد فرد من أفراد األسد ‪ ،‬إذا جعلت األسد له معنى مصدري وھذا المعنى المصدري يوجد‬
‫في ضمن أفراده من ضمن ھذه األفراد زيد ولكنه فرد حقيقي أو ادعائي ؟‬
‫تدعي في نفسك تدعي‬ ‫فردا من أفراد األسد يعني ‪َّ :‬‬ ‫فردا من أفراد المشبه به كجعل زيد ً‬ ‫فرد ادعائي ‪ ،‬ولذلك يجعل المشبه ً‬
‫زيدا له أفراد وھذا أقوى من قولك ‪ :‬زيد كاألسد ‪ .‬إذا قلت ‪ :‬زيد كاألسد ‪ .‬ھذا ال شك أن زيد منفصل عن األسد وأنك‬ ‫بأن ً‬
‫شبيھا له في الشجاعة ‪ ،‬ال ‪ ،‬بل ھو فرد من‬ ‫ً‬ ‫تدعي ليس‬ ‫شبھت زيد باألسد وھذا مشبه وھذا مشبه به لكن في االستعارة ال أنت َّ‬
‫أفراد مدلول األسد لكنه فرد ادعائي ‪ ،‬ولذلك قال بعضھم في تفصيل االستعارة ھذا كالم موجز جيد ‪ ) :‬أصل االستعارة تشبيه‬
‫حُذف أحد طرفيه ووجه شبھه وأداته فيُحذف المشبه ووجه الشبه واألداة ويُستعار لفظ المشبه به للمشبه بالعالقة وال بد فيھا‬
‫من تنافي التشبيه الذي وقعت من أجله االستعارة ألن أوالً تشبه ثم بعد ذلك تتركب االستعارة ‪ ،‬فاالستعارة مركبة على‬
‫التشبيه ‪.‬‬
‫من تنافي التشبيه الذي وقعت من أجله االستعارة بادعاء أن المشبه عين المشبه به لفظ زيد وھو األسد ھذا وجه ‪ ،‬أو فرد‬
‫من أفراده ‪ ،‬فيكون للمشبه به وھو األسد فردان ‪ :‬فرد حقيقي وھو السبع ‪ ،‬وفرد ادعائي وھو زيد ‪.‬‬
‫وذاك ( أي ‪ :‬التشبيه المذكور في االستعارة كالموت المستعار للضالل‬ ‫وضده ( ‪َ َ ) ،‬‬ ‫مھتد َ ِّ ِ‬ ‫في ُ ْ َ ٍ‬‫وكالحياة ِ ْ‬
‫ََ ِ‬ ‫َْ ِ‬
‫كالموت‬ ‫) َ َ‬
‫وذاك‬
‫وضده ( كالموت المستعار للضاللة في ضده في ضد المھتد وھو الضال‬ ‫مھتد َ ِّ ِ‬‫في ُ ْ َ ٍ‬ ‫والكفر ‪ ،‬وكالحياة المستعارة للھداية ) ِ ْ‬
‫وكالحياة المستعارة للھداية ‪.‬‬
‫وكالحياة ( ‪ .‬لكنه على اللف والنشر غير المرتب‬‫ََ ِ‬ ‫َْ ِ‬
‫كالموت‬ ‫وضده ( ‪ .‬ھذا تفصيل وتفسير لقوله ‪) :‬‬ ‫مھتد َ ِّ ِ‬‫في ُ ْ َ ٍ‬ ‫ًإذا قوله ‪ْ ِ ) :‬‬
‫ََ ِ‬
‫وكالحياة (‬ ‫وذاك ( ‪ .‬أي ‪ :‬التشبيه المذكور كالموت المستعار لضد المھتد ‪ ،‬الذي ذكره ً‬
‫ثانيا في البيت الثاني )‬ ‫ألنه قال ‪َ َ ) :‬‬
‫فأحييناهُ ﴾ ] األنعام ‪ . [122 :‬ھذا مثال لالستعارة عندھم‬ ‫ميتا ً َ َ ْ َ ْ َ‬ ‫المستعارة في مھتد وھذا إشارة إلى قوله تعالى ‪ََ ﴿ :‬أو َمن َ َ‬
‫كان َ ْ‬
‫فأحييناهُ ﴾ الموت ھو الموت أليس كذلك ھل الضال ميت‬ ‫ضاال ﴿ َ َ ْ َ ْ َ‬‫ً‬ ‫ميتا ً ﴾ أي ‪:‬‬
‫ضاال فھداه ﴿ َ ْ‬ ‫ً‬ ‫ميتا ً َ َ ْ َ ْ َ‬
‫فأحييناهُ ﴾ أي ‪:‬‬ ‫﴿ أََو َمن َ َ‬
‫كان َ ْ‬
‫ً‬
‫ضاال فھديناه ‪ .‬فاستعير لفظ‬ ‫؟ الجواب ‪ :‬ال ‪ ،‬ليس بميت بمعنى أنه فاقد الروح ‪ ،‬وإنما حصل التشبيه كما سيأتي ‪ .‬أي ‪:‬‬
‫ميتا ً َ َ ْ َ ْ َ‬
‫فأحييناهُ ﴾ أحييناه ھذا فعل واإلحياء لإليمان والھداية‬ ‫كان َ ْ‬ ‫فأحييناهُ ﴾ ﴿ ََأو َمن َ َ‬‫الموت للضالل والكفر ‪ ،‬ولفظ اإلحياء ﴿ َ َ ْ َ ْ َ‬
‫بجامع عدم الفوز في األول الذي ھو استعارة الموت بالضالل والفوز بالثاني وھو استعارة اإلحياء لإليمان والھداية ‪ ،‬إذا‬
‫أردنا تفصيل ھذه االستعارة أو بيان كيف وقعت االستعارة ھنا فنقول ‪ :‬شبه الضالل بالموت ‪ .‬ھذا أوالً ‪ ،‬ألنه مبني على‬
‫التشبيه شبه الضالل بالموت بجامع ماذا ؟ بجامع عدم االنتفاع لما ھو سبب السعادة الدنيوية واألخروية ‪ً ،‬إذا أصل التركيب‬
‫زيد كاألسد الضالل كالموت ‪ ،‬ثم حذف المشبه وھو ؟ أين المشبه والمشبه به قولوا معي ‪ :‬الضالل‬ ‫ما ھو ؟ الضالل كالموت ٌ‬
‫كالموت ‪ .‬أما قلنا ‪ :‬االستعارة أصلھا تشبيه ؟ كيف حصل التشبيه ھنا ؟ األصل الضالل كالموت بجامع ماذا ؟ عدم االنتفاع ‪،‬‬
‫ٍ‬
‫فحينئذ قوله ‪:‬‬ ‫قال ‪ :‬حذف المشبه وھو الضالل واستعير اسم المشبه به وھو الموت على طريق االستعارة التصريحية‬
‫كالموت ( الموت ھذا مشبه به حذف المشبه واستعير لفظ المشبه به للمحذوف الذي ھو الضالل إما‬ ‫َْ ِ‬ ‫الضالل ‪ .‬ھذا مشبه )‬
‫ً‬
‫ميتا ﴾ يعني ‪ :‬ضاال ‪ .‬كيف عبر بالميت عن الضال ؟ تقول‬ ‫ً‬ ‫كان َ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫بادعاء أنه عينه أو أن الضالل فرد من أفراد الموت ﴿ َأو َمن َ‬
‫‪ :‬أصل الترتيب الضالل كالموت ثم حذف المشبه واستعير إعارة من باب العارية أعرني قلمك استعير لفظ المشبه به في‬
‫الداللة على ذلك المحذوف بادعاء ماذا ؟ بادعاء أن المحذوف الضالل ھو عين الموت أو أنه فرد لكنه فرد ادعائي وھذا‬
‫معنى التنافي تنافي التشبيه كما أنه لم يكن تشبيه وھذا ينبني عليه معاني جليلة في القرآن حتى أن الشيخ ابن عثيمين رحمه‬
‫ُنك ُر المجاز لكنه إذا جاء في التفسير إلى بعض اآليات قال ‪ :‬وعلى القول باالستعارة ‪ .‬ثم يفسرھا يقول ‪ :‬ھذا معنى ما‬ ‫ يْ ِ‬
‫أجمله ‪ .‬ھكذا يقول ‪ .‬بناء على ماذا ؟ أن المجاز يتألق في بعض المواضع ھذا موجود في تفسيره في أوائل البقرة لو تسمع‬
‫الشيخ قد يأتي ببعض المسائل وھو يشدد في مسألة المجاز رحمه  لكنه يأتي يفسر القرآن على ما يراه أنه حقيقة ثم على‬
‫قول المجازيين بأن في الكالم كناية واستعارة ثم يقول ‪ :‬ما أجمل ھذا القول ‪ .‬أو ھذا المعنى ‪ ،‬معنى جليل لو لم تجر الكالم‬
‫حينئذ ال تستقي معنى يعني ‪ :‬يدل عليه لفظ بالحقيقة ‪ ،‬وإذا قيل ‪ :‬الضالل كالموت ‪ .‬ليس ھو كأن تدعي‬ ‫ٍ‬ ‫على االستعارة‬
‫ْت ‪ .‬تجعل الضالل والكفر ھو عين الموت وأنه فرد من أفراده‬ ‫كافرا وتقول ‪ :‬ھذا َمي ٌ‬ ‫ً‬ ‫الضالل ھو عين الموت عندما ترى‬
‫‪179‬‬
‫وادعي أن الضالل فرد من أفراد الموت ‪ ،‬والثاني‬ ‫ليس فيه كاالنفصال وال شك في ھذا ‪ً .‬إذا الضالل مشبه والموت مشبه به ُّ‬
‫ِّھت الھداية بمعنى اإليصال إلى المطلوب بمعنى اإلحياء ‪ ،‬الھداية كالحياة أو‬ ‫شب َ ْ‬ ‫الذي ھو تشبيه الھداية بالحياة أو اإلحياء ُ‬
‫ُوصلة ھذا ھو الجامع‬ ‫ُوصلة والھداية م ِ‬ ‫كاإلحياء إلى ماذا ؟ بجامع الحصول لالنتفاع والوصول إلى المطالب العلية ‪ ،‬الحياة م ِ‬
‫بينھما ‪ ،‬فصار التشبيه من معنى المصدرين الھداية واإلحياء إلى ما في ضمنھما من معنى الفعلين وحذف لفظ المشبه‬
‫واستعير اسم المشبه به له ثم اشتق من اإلحياء أحييناه بمعنى ھديناه على طريق االستعارة التصريحية التبعية ‪،‬كأنه قال ‪:‬‬
‫الھداية كاإلحياء ‪ .‬الھداية مشبه واإلحياء مشبه به حُذف المشبه وھو ‪ :‬الھداية ‪ ،‬واستعير اللفظ اإلحياء للداللة على المحذوف‬
‫ندعي ھذا في األول ؟‬ ‫وھو الھداية ولكن ھنا أصالً استعارة حصلت في المصدرين لماذا وال َّ‬
‫فأحييناهُ ﴾ ومعلوم أن الميت ھذا اسم وليس بفرع وأحييناه ھذا ليس باسم وإنما‬ ‫ميتا ً َ َ ْ َ ْ َ‬ ‫ألن األول ذكره باسمه ﴿ ََأو َمن َ َ‬
‫كان َ ْ‬
‫حينئذ نجري االستعارة في المصدر األصل ثم نشتق من المصدر فعل ثم نشتق من المصدر فعالً ولذلك‬ ‫ٍ‬ ‫ھو فرع وھو فعل‬
‫نفرق بين النوعين ‪ ،‬فنقول ‪ :‬ھنا صار التشبيه من معنى المصدرين الھداية واإلحياء إلى ما في ضمنھما ‪ ،‬ما ھو الذي في‬
‫ضمن المصدر ؟ الفعالن من معنى الفعلين وحذف لفظ المشبه واستعير اسم المشبه به له ‪ ،‬ثم اشتق منه من اإلحياء ﴿‬
‫أوال أجري في المصدر‬ ‫فأحييناهُ ﴾ وھذه تسمى استعارة ماذا ؟ تصريحيه تبعية ألنھا أجريت أوالً في المصدر ثم في الفعل ‪ً ،‬‬ ‫ََ ْ ََْ‬
‫ميتا ً َ َ ْ َ ْ َ‬
‫فأحييناهُ ﴾‬ ‫وكالحياة ( المذكورين في قوله تعالى ‪ََ ﴿ :‬أو َمن َ َ‬
‫كان َ ْ‬ ‫ََ ِ‬ ‫وذاك ( أي ‪ :‬التشبيه المذكور ) َ ْ ِ‬
‫كالموت‬ ‫ثم في الفعل ‪َ َ ) ،‬‬
‫‪.‬‬
‫مھتد ( يعني ‪ :‬كالموت المستعار للضالل في ضد المھتدي ‪ ،‬ألنه قال ‪ :‬في مھتد وضده ما ھو ضد المھتدي الضال‬ ‫في ُ ْ َ ٍ‬ ‫) ِ ْ‬
‫وإذا أردنا الھداية أصلھا الكافر ألن الھداية تامة ھذه تكون بماذا ؟ باإليمان أو اإلسالم ثم ما يكمله ‪ ،‬وإذا أردنا أصل الھداية‬
‫مھتد ( إلى اإلسالم أو لتمام الطاعة وضده وھو الكافر أو الضال ‪.‬‬ ‫في ُ ْ َ ٍ‬ ‫فھي اإلسالم ) ِ ْ‬
‫وضده ( ما أي‬ ‫مھتد َ ِّ ِ‬ ‫في ُ ْ َ ٍ‬ ‫وكالحياة ِ ْ‬
‫ََ ِ‬ ‫َْ ِ‬
‫كالموت‬ ‫)‬ ‫الليل ( يعني مثل ھذين ماذا ؟ التشبيھين‬ ‫كسلخ َّ ْ ِ‬ ‫جاء َ َ ْ ِ‬ ‫ھذين َما َ َ‬ ‫كمثل َ َ ْ ِ‬ ‫) َ ِْ ِ‬
‫النھار ﴾ ] يس ‪  . [37 :‬أكبر ﴿ َ َ ٌ‬ ‫الليل ُ َ ْ َ ُ‬
‫لھم َّ ْ‬ ‫الليل ( في قوله تعالى ‪ٌ َ َ ﴿ :‬‬
‫وآية َّ ُ ْ‬ ‫سلخ َّ ْ ِ‬
‫وآية‬ ‫منه َّ َ َ‬ ‫نسلخ ِ ْ ُ‬ ‫تشبيه الذي جاء كمجيء ) َ ْ ِ‬
‫النھار ﴾ ھنا حصل ماذا ؟‬ ‫منه َّ َ َ‬ ‫نسلخ ِ ْ ُ‬ ‫الليل ُ َ ْ َ ُ‬ ‫لھم َّ ْ‬ ‫َّ ُ ْ‬
‫استعير السلخ من سلخ الشاه لكشف الضوء عن مكان الليل والجامع كما قيل ما يعقل من ترتب أمر على آخر وحصوله‬
‫عقب حصوله وإذا أردنا التفصيل نقول ‪ :‬شبه إزالة ضوء النھار وإذھابه بسلخ الجلد عن الشاه ‪ ،‬ما ھو المشبه ھنا ؟ إزالة‬
‫ضوء النھار إذا جاء الليل أزال ماذا ؟ ضوء النھار ‪ ،‬إذا دخل الليل أزال ضوء النھار أليس كذلك ؟ ما ھو المشبه ھنا ؟‬
‫كل منھما ‪،‬‬ ‫مستترا في ٍّ‬ ‫ً‬ ‫شب َِّه بماذا ؟ بسلخ الجلد عن الشاه ‪ ،‬بجامع ماذا ؟ بجامع ظھور شيٍء كان‬ ‫المشبه إزالة ضوء النھار ‪ُ ،‬‬
‫فاللحم مستتر تحت الجلد أليس كذلك ؟ وظھور الظلمة بعد ذھاب الضوء ‪ ،‬وظھور اللحم بعد ذھاب الجلد وظھور الظلمة بعد‬
‫ماذا ؟ إذا أزيل النھار ما الذي يظھر وينكشف ؟ الظلمة ًإذا انكشفت الظلمة كما أن السلخ يكشف ماذا ؟ يكشف اللحم ‪ً ،‬إذا‬
‫مستترا في كل منھما ‪ ،‬وھو ‪ :‬ظھور الظلمة بعد ماذا ؟ بعد ذھاب الضوء ‪ ،‬وظھور اللحم بعد ذھاب‬ ‫ً‬ ‫بجامع ظھور شيء كان‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫الجلد ‪ ،‬واستعير لفظ المشبه به وھو السلخ للمشبه واشتق منه الفعل ‪ ،‬إذا أجريت أوال في المصدر ‪ ،‬ثم انتقل إلى الفعل بمعنى‬
‫منه َّ َ َ‬
‫النھار ﴾ ‪،‬‬ ‫الليل ُ َ ْ َ ُ‬
‫نسلخ ِ ْ ُ‬ ‫لھم َّ ْ‬ ‫كل يجري ھذا المثال كما ذكرناه في السابق ﴿ َ َ ٌ‬
‫وآية َّ ُ ْ‬ ‫نزيل على طريق االستعارة التبعية ‪ ،‬على ٍّ‬
‫النھار ﴾ فاستعير السلخ من سلخ الشاة لكشف الضوء عن مكان الليل والجامع ما يعقل من ترتب كل منھما‬ ‫منه َّ َ َ‬ ‫نسلخ ِ ْ ُ‬ ‫الليل ُ َ ْ َ ُ‬‫﴿ َّ ْ‬
‫على اآلخر ‪.‬‬
‫الليل ( كمجيء سلخ الليل ‪.‬‬ ‫َّ‬
‫كسلخ ْ ِ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ھذين َما ( أي ‪ :‬تشبيه الذي جاء ) َ ِ‬ ‫َ‬
‫كمثل َ ْ ِ‬ ‫ْ‬
‫وضده ِ ِ‬ ‫َ‬ ‫ھتد َ ِّ ِ‬ ‫َ‬
‫) ِفي ُم ْ ٍ‬
‫والتشبيه في اللغة التمثيل‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫شبه يُش ِّب ُه ِ ً‬
‫تشبيھا ‪،‬‬ ‫َ‬
‫التشبيه ( ‪ ،‬تفعيل َّ َ‬ ‫ِ ُ‬ ‫َّ‬ ‫النوع السابع من العقد الرابع فيما يرجع إلى األلفاظ )‬
‫مثَل كذا بكذا والتشبيه ھو عينه التمثيل كما ذكره غير واحد من أھل اللغة ‪.‬‬ ‫كمثل مثالً ‪َّ َ ،‬‬
‫النوع السابع ‪ :‬التشبيه ‪ .‬الغرض منه من التشبيه فھمنا بعض ما يتعلق بالتشبيه باالستعارة الغرض منه تأنيس النفسي‬
‫حينئذ تجلى لك‬ ‫ٍ‬ ‫جلي ‪ ،‬زيد كاألسد ما يعرف أن زيد شجاع أو ال فأمره خفي فإذا قلت ‪ :‬زيد كاألسد ‪.‬‬ ‫خفي إلى َ ِ ٍّ‬ ‫بإخراجھا من َ ِ ٍّ‬
‫شجاعة زيد ‪ ،‬وإدنائه البعيد من القريب ليفيد بيان ‪ ،‬وقيل ‪ :‬الغرض منه الكشف عن المعنى المقصود مع االختصار وھذا عام‬
‫زيدا فيه من الشجاعة مثل شجاعة أسد ‪ ،‬فيكون زيد كاألسد وقع‬ ‫ليس بالتشبيه فقط ‪ ،‬ألنه بدل من أن يقول ‪ :‬أنا أعتقد أن ً‬
‫خاصا بالتشبيه ‪ ،‬بل‬ ‫ً‬ ‫اختصار ‪ ،‬بدل من الجملة الطويلة يأتي بھذه الكاف فيدل على ماذا ؟ على التشبيه ‪ ،‬لكن ھذا ليس ھذا‬
‫أيضا ‪.‬‬‫االستعارة فيھا اختصار ً‬

‫‪180‬‬
‫ألمر‬
‫ٍ‬ ‫أمر األمر األول يُسمى ُم َ َّ ً‬
‫شبھا‬ ‫حدهُ عندھم ‪ :‬ما دل على اشتراك أمر ألمر في معنى بينھما ‪ .‬ما دل على اشتراك ٍ‬ ‫َّ‬
‫َّ‬
‫الشبه ‪ ،‬بقي عليه األداة ‪ ،‬وھذا منسوب للسكاكي ‪.‬‬ ‫ُشبھا به في معنى بينھما ي َ َّ‬
‫ُسمى وجه َ ِ‬ ‫َ‬
‫ُسمى م َّ ً‬
‫ي َ َّ‬
‫قال رحمه  ‪:‬‬

‫حال‬ ‫ُ‬
‫حيث َ َّ‬ ‫التشبيه‬ ‫مع َ ْ ِ ِ‬
‫غيره َّ ْ ِ ُ‬ ‫َْ‬ ‫َ َّ‬
‫دال‬ ‫ٍَْ‬
‫أمر‬ ‫َِ ِ‬
‫اشتراك‬ ‫ََ‬
‫على‬ ‫َوما‬
‫)‬ ‫)‬
‫)‬ ‫َ‬
‫وقعا‬
‫كثيرا َ َ‬ ‫َ‬
‫وھو ِ ْ ً‬ ‫ََ ِ ِ‬
‫أداته ُ َ‬ ‫معا‬
‫ََ‬ ‫ْاق ِ ُ ُ‬
‫ترانه‬ ‫ھھنا‬
‫َ ُ‬ ‫والشرطُ‬
‫َّْ‬
‫)‬

‫) َوما ( يعني ‪ :‬وعرف السكاكي التشبيه بأنه ما ھذه واقعة على كالمه ما اسم موصول بمعنى الذي في محل رفع خبر‬
‫أمر ‪ً ،‬إذا ما اسم موصول بمعنى‬ ‫مقدم ‪ ،‬والمبتدأ قوله ‪ُ ِ ْ َّ ) :‬‬
‫التشبيه ( بالشطر الثاني ‪ ،‬كأنه قال ‪ :‬والتشبيه ما دل على اشتراك ٍ‬
‫الذي في محل رفع خبر مقدم ويصدق على ماذا ؟ على الكالم ألن التشبيه ھنا ليس بوصف لمفرد بل ھو وصف لكالم ألنه ال‬
‫ٍ‬
‫حينئذ أو كاألسد فزيد مبتدأ كاألسد جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر المبتدأ ‪ ،‬ولك أن‬ ‫بد من مسند ومسند إليه ‪ ،‬زيد كالقمر‬
‫تقول ‪ :‬زيد كاألسد ‪ .‬زيد مبتدأ والكاف خبر وھو مضاف واألسد مضاف إليه يجوز ھذا الوجه يجوز أو ال ؟ يجوز على جعل‬
‫الكاف اسمية ‪ ،‬قال ابن مالك ‪:‬‬

‫ِمنْ أجل ذا عليھما ِمنْ دَ َخال‬ ‫اسما وكذا َعنْ َ َ َ‬


‫وعلى‬ ‫ً‬ ‫واسْ ُتعْ ِ َ‬
‫مل‬
‫)‬ ‫)‬

‫ٍ‬
‫فحينئذ تعرب مبتدأ وتعرب خبر وتعرب مجرورة وتعرب ‪ ..‬إلى آخره‬ ‫واستعمل ً‬
‫اسما يعني ‪ :‬الكاف ‪ .‬فإذا استعمل االسم‬
‫‪.‬‬
‫دال ( األلف لإلطالق يعني ‪ :‬ذو داللة والداللة كما سبق معنا َفھ ُْم أمر‬ ‫دال ( ‪َّ َ ) .‬‬ ‫أمر َ َّ‬ ‫َ‬ ‫على ِ َ ِ‬
‫اشتراك ْ ٍ‬ ‫) َوما ( أي ‪ :‬كالمھم ) َ َ‬
‫دال ( ‪ .‬مع غيره ‪،‬‬ ‫اشتراك ( ھذا جار ومجرور متعلق بقوله ‪َّ َ ) :‬‬ ‫على ِ َ ِ‬ ‫دال ( الحملة صلة الموصول ) َ َ‬ ‫من أمر للفعل أو ال ؟ ) َ َّ‬
‫مع وقد تسكن وھو قليل ) ومع مع فيھا قليل ( ھكذا قال ابن مالك ‪،‬‬ ‫ً‬
‫معْ باإلسكان للوزن ‪ ) ،‬ومع معْ فيھا قليل ( ‪ ،‬إذا األصل َ‬
‫حال ( بمعنى‬ ‫حال ( ‪َّ َ ) ،‬‬ ‫حيث َ َّ‬ ‫ُ‬ ‫التشبيه ( ھذا مبتدأ مؤخر )‬ ‫اشتراك ( ‪ُ ِ ْ َّ ) .‬‬ ‫وھو ظرف منصوب بالفتح المقدر متعلق بقوله ‪ِ َ ِ ) :‬‬
‫حال ( يعني في أي وقت ومكان‬ ‫حيث َ َّ‬ ‫ُ‬ ‫حيث ( إطالقية ليست تقيدية حيث لإلطالق ھنا )‬ ‫ُ‬ ‫حال ( األلف ھذه لإلطالق )‬ ‫نزل ) َ َّ‬
‫فحينئذ نقول ‪ :‬مراد المصنف ھنا بالتشبيه والمعنى أي ‪ :‬حده ھو الكالم الدال على‬ ‫ٍ‬ ‫حل ونزل فالتشبيه ال يخرج عن معناه ‪،‬‬ ‫َّ‬
‫غيره ( الكالم الدال على‬ ‫مع َ ْ ِ ِ‬
‫دال َ ْ‬ ‫أمر َ َّ‬ ‫َ‬ ‫على ِ َ ِ‬
‫اشتراك ْ ٍ‬ ‫اشتراك األمر مع غيره في معنى بينھما ‪ .‬ھذا مراده بھذا التركيب ) َوما َ َ‬
‫أمر ( ‪ .‬نفسره بماذا ؟ بالمشبه ‪) ،‬‬ ‫اشتراك َ ْ ٍ‬
‫على ِ َ ِ‬ ‫أمر ‪ ،‬المشبه ‪ ،‬مع غيره ‪ ،‬المشبه به ‪ ،‬في معنى بينھما ‪ .‬فقوله ‪َ َ ) :‬‬ ‫اشتراك ٍ‬
‫ھھنا‬
‫والشرط َ ُ‬‫َّ ْ ُ‬ ‫غيره ( يعني ‪ :‬اشتراك مع غيره في ماذا ؟ المشبه به ‪ ،‬ال بد أن يكون في معنى بينھما أو لجامع بينھما ‪) ،‬‬ ‫مع َ ْ ِ ِ‬ ‫َْ‬
‫أداته ( مع ھذا مضاف وأداته مضاف إليه ‪،‬‬ ‫مع َ َ ِ ِ‬‫َ َ‬ ‫)‬ ‫إلطالق‬ ‫ل‬ ‫ھذه‬ ‫األلف‬ ‫(‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أداته‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫مع‬
‫َ َ‬ ‫)‬ ‫‪.‬‬ ‫التشبيه‬ ‫‪:‬‬ ‫أي‬ ‫اقترانه‬ ‫التشبيه‬ ‫في‬ ‫يعني‬ ‫(‬
‫وھو ( أي‬ ‫اقترانه ( اقتران التشبيه مع أداته ‪َ ُ ) ،‬‬ ‫والضمير في أداته يعود على التشكيل ‪ً ،‬إذا مع مضاف وھو متعلق بقوله ‪ُ ُ ِ ْ ) :‬‬
‫ً‬
‫مشتمال على‬ ‫أداته ( الشرط في اللغة العالمة وھنا الشرط كون التشبيه‬ ‫مع َ َ ِ ِ‬ ‫اقترانه َ َ‬ ‫ھھنا ْ ِ ُ ُ‬ ‫َّ ْ ُ‬
‫والشرط َ ُ‬ ‫كثيرا َ َ َ‬
‫وقعا ( )‬ ‫‪ :‬التشبيه ) َ ِ ْ ً‬
‫ذات التشبيه ‪ ،‬وھل ھو ذات فيما ھي فيه أو ھو أمر خارج عنه ؟ لما نقول ‪ :‬أركان التشبيه أربعة ‪ :‬المشبه ‪ ،‬والمشبه به ‪،‬‬
‫واألداة ‪ ،‬ووجه الشبه ‪.‬‬
‫فحينئذ نقول ‪ :‬ال‬ ‫ٍ‬ ‫ًإذا األداة ركن أو شرط ؟ ركن وليست بشرط ‪ ،‬فال يوجد التشبيه إال في ضمنه األداة في بطنه األداة ‪،‬‬
‫حينئذ قوله ‪ :‬ھو الشرط ‪ .‬لعله يريد به أن األداة ركن في‬ ‫ٍ‬ ‫توجد األداة وال يوجد التشبيه ‪ ،‬ال ‪ ،‬توجد األداة في ضمن التشبيه‬
‫مفھوم التشبيه ‪ ،‬يعني ‪ :‬يكون كاالستدراك على حد التشبيه عند السكاكي ‪.‬‬
‫فعل ماضي واأللف ھذه لإلطالق والضمير يعود على‬ ‫وقعا ( ٌ‬ ‫كثير َ َ َ‬
‫وقعا ( ) َ ِ ْ ٌ‬ ‫وھو ( أي التشبيه ) َ َ َ‬ ‫وقعا ( ) ُ َ‬ ‫كثيرا َ َ َ‬
‫وھو َ ِ ْ ً‬ ‫) َُ‬
‫كثيرا ‪ ،‬وقع‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫وقوعا‬ ‫لموصوف محذوف مقدر أي‬ ‫ٍ‬ ‫فكثيرا ھذا صفة‬ ‫ً‬ ‫كثيرا ‪،‬‬‫ً‬ ‫ً‬
‫وقوعا‬ ‫وقعا ( أي وقع في القرآن‬ ‫َ‬
‫وھو ( ) َ َ‬ ‫ھو ‪َ ُ ) ،‬‬
‫لمفعول‬
‫ٍ‬ ‫كثيرا إذا صفة مقدمة ‪ ،‬صفة ألي شيء‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫وقوعا‬ ‫كثيرا ‪ ،‬وھو أي التشبيه وقع في القرآن‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫وقوعا‬ ‫التشبيه في القرآن‬
‫ً‬
‫كثيرا يعني ‪ :‬ال قليال ‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫وقوعا‬ ‫مفعول مطلق وھو مبين للنوع كذلك‬ ‫ٌ‬ ‫ضربا ھذا‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ضربا شديدا مثله‬ ‫ً‬ ‫وقوعا ضربت‬ ‫ً‬ ‫مطلق وقع‬

‫‪181‬‬
‫معنى بينھما ‪ .‬عرفنا التشبيه‬ ‫أمر مع غيره في ً‬ ‫ھذا ھو حد التشبيه عند المصنف وھو المشھور ‪ ،‬الكالم الدال على اشتراك ٍ‬
‫)) اإلتقان (( ‪:‬‬ ‫قال السيوطي رحمه  في‬
‫نوع من أنواع علوم القرآن قال ‪ :‬من أشرف أنواع البالغة وأعالھا ‪.‬‬ ‫نوع من أشرف أنواع البالغة وأعالھا ‪ٌ .‬‬ ‫والتشبيه ٌ‬
‫قال المبرد في )) الكامل (( ‪ :‬لو قال قائل ‪ :‬ھو أكثر كالم العرب لم ُيب ِْعد ‪ .‬وأفرد يعني تشبيھات القرآن بالتصنيف أبو‬
‫الجمان (( ‪.‬‬‫كتاب سماه )) ْ ُ‬ ‫ٍ‬ ‫القاسم بن البندار البغداي في‬
‫أركان التشبيه أربعة ‪ :‬المشبه ‪ ،‬والمشبه به ‪ ،‬الشبه وھو الوصف الجامع بين الطرفين ‪ ،‬وآلة التشبيه ‪ .‬وبعضھم يقول ‪:‬‬
‫وأسماء وأفعال ‪.‬‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬
‫حروف‬ ‫أداة التشبيه وھي‬
‫اشتدت ﴾ ] إبراھيم ‪[18 :‬‬ ‫كرماد ْ َ َّ ْ‬
‫فعال ‪ ،‬فالحروف الكاف ‪ ،‬كالكاف ﴿ َ َ َ ٍ‬ ‫ً‬ ‫اسما وقد تكون‬ ‫حرفا وقد تكون ً‬ ‫ً‬ ‫أداة التشبيه قد تكون‬
‫الشياطين ﴾ ] الصافات ‪ . [65 :‬ھنا التشبيه أو أداة‬ ‫وس َّ َ ِ ِ‬ ‫كأنه ُرؤُ ُ‬ ‫وكأن ﴿ َ َ َّ ُ‬
‫َّ‬ ‫بحرف وھو الكاف ‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫كرماد ﴾ تشبيه‬ ‫﴿ َأعْ َمال ُھ ُْم َ َ َ ٍ‬
‫التشبيه حرف وھذا ھو الكثير أن يكون بالكاف أو بكأن ولذلك يقال في باب إن وأخواتھا وكأن للتشبيه ‪ ،‬واألسماء نحو َ َ‬
‫مثل‬
‫صر ﴾ ] آل عمران ‪. [117 :‬‬ ‫فيھا ِ ٌّ‬‫كمثل ِريٍح ِ َ‬ ‫الدنيا َ َ َ ِ‬ ‫الحياة ُّ ْ َ‬‫ھذه ْ َ َ ِ‬ ‫مثل ُ َما ُ ِ ُ َ‬
‫ينفقون ِفي ِ ِ ِ‬ ‫أيضا للتشبيه ونحوھا ‪َ َ ﴿ :‬‬ ‫وشبْه ھذه ً‬ ‫ومثل ِ‬ ‫ِ‬
‫أيضا ‪.‬‬ ‫ھنا وقع بالكاف ومثل وبمثل ً‬
‫تسعى ﴾ ] طه ‪:‬‬ ‫أنھا َ ْ َ‬ ‫َ‬
‫سحرھم َّ َ‬
‫إليه ِمن ِ ْ ِ ِ ْ‬ ‫َ‬
‫يخيل ُ ِ ْ ِ‬ ‫الظمآن َماء ﴾ ] النور ‪ . [39 :‬ھذا تشبيه ‪َّ َ ُ ﴿ :‬‬ ‫ْ ُ‬ ‫َّ‬ ‫وفي األفعال نحو ‪ُ ُ َ ْ َ ﴿ :‬‬
‫يحسبه‬
‫الظمآن َماء ﴾ ًإذا وقع بالحرف ووقع باالسم ووقع بالفعل ‪.‬‬ ‫يحسبه َّ ْ ُ‬ ‫‪ . [66‬يخيل ﴿ َ ْ َ ُ ُ‬
‫مغيرا ‪ ،‬يعني ‪ :‬ال يشترط في األدلة أن‬ ‫ً‬ ‫لفظا وقد يكون‬ ‫اقترانه ( االقتران قد يكون ً‬ ‫أداته ( ) ْ ِ ُ ُ‬ ‫مع َ َ ِ ِ‬ ‫ھھنا ْ ِ ُ ُ‬
‫اقترانه َ َ‬ ‫َّ ْ ُ‬
‫والشرط َ ُ‬ ‫)‬
‫يكون ملفوظا بھا ‪ ،‬ال ‪ ،‬بل قد تكون مقدرة فإن لم تقدر فھو استعارة ] أحسنت [ ‪ .‬فإن لم تقدر فھي استعارة ‪ .‬قال أھل البيان‬ ‫ً‬
‫تشبيه وإال فھو استعارة ‪.‬‬ ‫ٌ‬ ‫لفظا إن قدرت فيه األداة فھو‬ ‫لفظا ‪ -‬يعني التشبيه ‪ -‬ما فقد األداة ً‬ ‫‪ :‬ما فقد األداة ً‬
‫زيد كالبدر كاألسد‬ ‫أداته ( فسرنا األداة ھنا بما ھو أعم ‪ ،‬وكل األدوات تدخل على المشبه به ‪ٌ ،‬‬ ‫مع َ َ ِ ِ‬ ‫ھھنا ْ ِ ُ ُ‬
‫اقترانه َ َ‬ ‫َّ ْ ُ‬
‫والشرط َ ُ‬ ‫)‬
‫ً‬
‫مطردا وإال فقد‬ ‫دخلت األداة على ماذا ؟ على المشبه به إال كأن فتدخل على المشبه ھذا ھو األصل الغالب الذي يكاد أن يكون‬
‫الربا ﴾ ] البقرة ‪ . [275 :‬أين‬ ‫البيع ِ ْ‬
‫مثل ُ ِّ َ‬ ‫إنما ْ َ ْ ُ‬ ‫تدخل على المشبه بقصد المبالغة فتقلب التشبيه وتجعل المشبه ھو األصل ﴿ ِ َّ َ‬
‫الربا ﴾ ‪ .‬على الظاھر على ظاھر اآلية البيع مثل الربا ‪ً ،‬إذا البيع مشبه بالربا ھذا ھو‬ ‫مثل ُ ِّ َ‬ ‫البيع ِ ْ‬ ‫إنما ْ َ ْ ُ‬ ‫المشبه والمشبه به ﴿ ِ َّ َ‬
‫أصال ويُلحق به البيع ‪ ،‬والبيع الذي ھو ال خال ف‬ ‫ً‬ ‫معنى أدق من ھذا ‪ ،‬وھو أن الربا ال يُختلف فيه فيجعل‬ ‫األصل لكنھم أرادوا ً‬
‫في حله وإنما الخالف في حل ماذا ‪ -‬عندھم يعني ‪ -‬؟ في حل الربا فجعلوا الربا كأنه أصل وجھلوا التحريم وألحقوا به البيع‬
‫الربا ﴾ ] البقرة ‪ . [275 :‬الربا ھو المشبه‬ ‫مثل ُ ِّ َ‬ ‫البيع ِ ْ‬‫إنما ْ َ ْ ُ‬‫مقلوبا فدخلت األداة ھنا على المشبه ﴿ ِ َّ َ‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫تشبيھا‬ ‫وھذا يُسمى ماذا ؟‬
‫ً‬
‫مختلفا فيه‬ ‫شيئا بماذا ؟ ً‬
‫شيئا‬ ‫ُلحق المختلف فيه بالمتفق عليه ‪ ،‬إذا أردت أن تشبه ‪ ،‬تشبه ً‬ ‫والمشبه به ھو ‪ :‬البيع ‪ .‬لماذا ؟ ألنه ي ْ َ‬
‫بمتفق عليه ال العكس ‪ ،‬ھنا قصدوا ماذا ؟ قصدوا أنه ال ينبغي أن يقع خالف في الربا بل ھو األصل فأدخلوا اسم التشبيه مثل‬
‫الربا ﴾ ] البقرة ‪ . [275 :‬الربا ھو المشبه والبيع ھو المشبه به قلبوا وعكسوا ماذا ؟ للداللة على‬ ‫مثل ُ ِّ َ‬ ‫يع ِ ْ‬ ‫على المشبه ﴿ ْ َ‬
‫الب ْ ُ‬
‫حينئذ ينظرون إلى المعنى فأرادوا أن يجعلوا الربا كأنه ال إشكال فيه ھو األصل والبيع ھو‬ ‫ٍ‬ ‫غزيرا ‪ ،‬وھؤالء عرب‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫معنى‬
‫أيضا في‬ ‫بشيء من التشبيه ومبحثه ً‬ ‫ٍ‬ ‫الذي يمكن أن يختلف فيه فجعلوه أصالً وقاسوا عليه أو حملوا عليه البيع ‪ ،‬ھذا ما يتعلق‬
‫ماذا ؟ في كتب البيان ‪.‬‬
‫العقد الخامس‬ ‫ُِْ‬
‫نأخذ العام فقط نقف على ھذا ؟‪.‬‬
‫وصل  وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ‪.‬‬ ‫َّ‬

‫‪182‬‬
‫الشريط الثالث عشر‬
‫الرحيم‬
‫الرحمن الرحيم‬
‫ الرحمن‬
‫بسم ‬
‫بسم‬

‫الحمد رب العالمين والصالة والسالم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ‪.‬‬
‫أما بعد ‪:‬‬
‫وقدَ‬ ‫ً‬
‫العقد الخامس ( العقد الخامس من العقود الستة التي ذكرھا إجماال في قوله ‪ْ ) :‬‬ ‫ْ‬
‫قال المصنف رحمه  تعالى ‪ُ ِ ) :‬‬
‫ستة ُ ُ ُ‬
‫عقود ( ‪ .‬العقد الخامس ذكرنا أن ِ‬
‫العقد بكسر العين ال بالفتح وھي ‪ :‬القالدة ‪.‬‬ ‫حوتھا ِ َّ ٌ‬
‫ََ ْ َ‬
‫مباحث المعاني المتعلقة باألحكام ‪ ) .‬ما ( اسم موصول بمعنى الذي ويصدق ھنا على أنواع ‪ ،‬العقد الخامس‬ ‫ِ‬ ‫يرجع إلى‬
‫ُ‬ ‫ما‬
‫مباحث ( جمع مبحث وھو‬‫ِ‬ ‫يرجع إلى‬
‫ُ‬ ‫أنواع من أنواع علوم القرآن مجموع تحت عنوان واحد أو ضابط أو قدر مشترك )‬
‫مباحث المعاني ( ھذه يقابل مباحث األلفاظ ألنه ذكر في العقد الرابع ما يرجع إلى األلفاظ‬‫ِ‬ ‫محل البحث أو مكان البحث ) إلى‬
‫‪ ،‬وذكرنا أنه ال يمكن إذا جعل مبحث خاص من ألفاظ أو مبحث خاص من معاني ليس المراد أنه ينفك اللفظ عن المعنى أو‬
‫أن المعنى ينفك عن اللفظ ‪ ،‬ال ‪ ،‬وإنما المراد أن يكون النظر أوالً إلى اللفظ ‪ ،‬ثم يتبعه المعنى وھنا النظر إلى المعنى ثم يتبعه‬
‫اللفظ ‪ ،‬فال انفكاك ال ينفك أحدھما عن اآلخر ‪ ،‬إذ لو قدر معاني دون ألفاظ ال يمكن أن تقدر معاني دون ألفاظ لكن ليست ھي‬
‫المعاني التي ترجع إليھا األحكام الشرعية وال يمكن أن نقدر لفظ بدون معنى ‪.‬‬
‫ًإذا مباحث المعاني معاني جمع معنى والمراد به ما يقصد من اللفظ ) المتعلقة باألحكام ( معاني القرآن منھا ما يتعلق‬
‫باألحكام ومنھا ما ال يتعلق باألحكام ‪ ،‬ومن أنواع علوم القرآن ما يرجع إلى معاني خاصة ھذه المعاني الخاصة لھا أثر في‬
‫الحكم الشرعي بمعنى أن الحكم الشرعي التكليفي والوضعي يعتمد على ماذا ؟ يعتمد على ھذا المعنى الذي سيذكره المصنف‬
‫لذا قال ‪ ) :‬المعاني المتعلقة ( ‪ .‬يعني ‪ :‬المرتبطة ) المعاني المتعلقة ( أي ‪ :‬المرتبطة ‪ ) .‬باألحكام ( ھذا جار ومجرور‬
‫ُكم ‪ ،‬والحكم في اللغة المنع ومنه قوله جرير ‪:‬‬‫متعلق بـ ) المتعلقة ( يعني ‪ :‬التي لھا أثر في األحكام واألحكام ھنا جمع ح ْ ٍ‬

‫إني أخاف عليكم أن أغضبا‬ ‫أبني حنيفة أحكموا سفھاءكم‬


‫)‬ ‫)‬

‫والحكم في اصطالح األصوليين ‪ :‬خطاب  المتعلق بفعل المكلف باالقتضاء أو التخير أو الوضع ‪ .‬وھذا ُشرح في ))‬
‫نظم الورقات (( وشرح في )) قواعد األصول (( فال نحتاج إلى شرحه وإال المناسب أن يشرح ھنا ألنه يبين لك المعنى الذي‬
‫تعلق به ھذا الحكم الشرعي ومنه تعلم أن قوله ‪ ) :‬باألحكام ( ‪ .‬ھذا قد يتعلق به الحكم الشرعي التكليفي والحكم الشرعي‬
‫َّ‬
‫المكلف باالقتضاء أو التخير أو الوضع ‪.‬‬ ‫الوقفي وھما داخالن في حد الحكم على ما ذكرناه اآلن خطاب  المتعلق بفعل‬

‫ً‬
‫فعال للمكلف اعلما‬ ‫يصح‬ ‫كالم ربي إن تعلق بما‬
‫)‬ ‫)‬
‫فذاك بالحكم لديھم يعرف‬ ‫من حيث أنه به مكلف‬
‫)‬ ‫)‬

‫نوعا ( ھو أكثر من ذلك لماذا ؟ ألن مباحث لو نظرت فيھا سيتكلم عن العام وعن‬ ‫ً‬ ‫َ‬
‫أربعة عشر‬ ‫) باألحكام وھو‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫الخصوص التخصيص وعن المطلق والمقيد ‪ ،‬والناسخ والمنسوخ ‪ .‬إذا ھذا مبحث ليس مستقال عند أرباب علوم القرآن بل‬
‫اعترض بعض علماء بأن علوم القرآن ليست بعلم مستقل وإنما‬ ‫أشبه ما يكون بمبحث مستعار من فن أصول الفقه ‪ ،‬وھذا ما ُ‬
‫ھي علوم مجموعة ملفقة ھو علم ملفق كما قيل في األصول أصول الفقه بأنه علم ملفق لماذا ؟‬
‫ألن بعضه يرجع إلى اللغة كالمترادف والمشترك وما ذكرناه بالعقد الرابع ‪ ،‬وبعضه يرجع إلى أصول الفقه كالمبحث‬
‫ٍ‬
‫فحينئذ يكون ما يقال في ذلك العلم يُنقل بنفسه فيجعل في علوم القرآن ‪ ،‬ولذلك لو نظر‬ ‫الذي سيذكره في العقد الخامس ھذا ‪،‬‬
‫ُ‬
‫في علوم القرآن لوجد أن العلوم التي يمكن أن تستقل عن العلوم التي تبحث في اللغة وفي أصول الفقه وفي علوم الحديث‬
‫مطلقا سواء كان في األحكام األصلية معتقد واألحكام الفرعية العلمية‬‫ً‬ ‫لوجد أنھا قليلة ‪ ،‬وأما ما يرتبط به الحكم الشرعي‬
‫والعملية لوجد أن أكثرھم يبحث في اللغة وفي أصول الفقه وفي علوم الحديث ‪ ،‬وما ينفرد به علوم القرآن ھو أقل يعني ‪ :‬ما‬
‫يترتب عليه من حيث العمل وإال المبحث ھذا العام والخاص والمطلق والمقيد والناسخ والمنسوخ والمنطوق والمفھوم ھذا جل‬

‫‪183‬‬
‫وأھم ما يُذكر في أصول الفقه وھو البحث في ماذا ؟ في األلفاظ كذلك ھنا لو نظرت نفس ما يقال في أصول الفقه ھو عينه‬
‫الذي يقال ھنا ‪ ،‬وأما ما يقوله البعض العامة من المعاصرين بأن أرباب علوم القرآن قد أخطئوا في وضع ھذه األنواع في‬
‫علوم القرآن ثم نقلوا كالم األصوليين ھنا ‪ ،‬واألولى أنه يتكلم بلغة علوم القرآن ‪ ،‬نقول ‪ :‬وما ھي لغة علوم القرآن ؟‬
‫حينئذ لو قيل ‪ :‬العام ‪ .‬ولم يبحث كما بحثه األصوليين بماذا يقال عام ؟ األصوليون يعرف لك العام‬ ‫ٍ‬ ‫ليس بفن مستقل بذاته‬
‫ثم يقسمه ثم يذكر لك أن العام من عوارض األلفاظ ثم يذكر لك وجود العام القول به سائغ أو ال ‪ ،‬ثم يقول إجماع الصحابة‬
‫ٍ‬
‫حينئذ ننظر فيه‬ ‫على أنھم عملوا بالعام ثم ما يتخصص ‪ً ...‬إذا ھذا كله في الكتاب وھذا كله يتعلق بعلم القرآن علم الكتاب ‪،‬‬
‫من ھذه الجھة وال يمكن أن يُنظر فيه من جھة أخرى ألن الحكم عليه بكونه ً‬
‫عاما ھذا حكم اللغوي ‪ ،‬الحكم بأن ھذا اللفظ عام‬
‫الناس بمعنى عام والذي والتي والذين ليس بحكم األصولي وليس بحكم شرعي وليس بحكم يتعلق بعلوم القرآن وال بحكم‬
‫يتعلق بعلوم الحديث ونحو ذلك ‪ ،‬بل ھي علوم لغوية بحتة في األصل ولذلك يقال ‪ :‬العام ‪ .‬ھذا لفظ وضعته العرب للداللة‬
‫حينئذ ال يتصور أن ينفك الكالم في علوم القرآن في مبحث العام والخاص ومبحث المطلق‬ ‫ٍ‬ ‫على الشمول مع أن اثنين فصاعد‬
‫والمقيد عن كالم األصوليين بل ھو عينه وال إشكال في ھذا ألنھا ما ذكرت في علوم القرآن إال من أجل ماذا ؟ من أجل‬
‫ٍ‬
‫فحينئذ نقول ‪ :‬ھذا ينطبق عليه حد المطلق‬ ‫استنباط األحكام الشرعية منھا ‪ ،‬إن وجد مطلق ومقيد وال يتعلق به حكم شرعي‬
‫فحينئذ ال ينفي كونه من مباحث ماذا ؟ األصوليين أو‬‫ٍ‬ ‫والمقيد عند األصوليين ‪ ،‬وكونه لم يتعلق به حكم شرعي فرعي‬
‫فحينئذ النظر في ھذه العلوم أو ھذه األنواع في علوم القرآن تجد )) البرھان (( للزركشي وھو أصولي كما ھو‬ ‫ٍ‬ ‫اللغويين ‪،‬‬
‫معلوم ‪ ،‬وتجد )) اإلتقان (( وتجد غيره كالبلقيني ونحوه يذكرون خالف األصوليين ويذكرون ما يذكرونه في أصول الفقه‬
‫ٍ‬
‫وحينئذ ال نحتاج أن نقول ‪ :‬ال بد أن‬ ‫بتمامه كأنه بحث نقل من األصول إلى علوم القرآن وھذا ال إشكال فيه بل ھو األصل ‪،‬‬
‫نتكلم في علوم القرآن في مبحث عام في كالم مغاير لكالم األصوليين ھذا ال يمكن أن يقع ‪ ،‬وال يمكن أن نتكلم عن المطلق‬
‫والمقيد بكالم مغاير لكالم األصوليين ھذا ال وجود له أصالً ال وجود له ‪.‬‬
‫نوعا‬
‫وھو أربعة عشر ً‬
‫العام الباقي على ُ ِ‬
‫عمومه‬ ‫ُّ‬ ‫النوع األول ‪:‬‬
‫الخصوص‬
‫ُ‬ ‫أريد به ُ‬‫ُ‬
‫والعام الذي ِ َ‬
‫ُّ‬ ‫العام المخصوص ‪،‬‬‫ُّ‬ ‫النوع الثاني والثالث ‪:‬‬

‫عليم َذا ُ ْ‬
‫ھو‬ ‫شيء ﴾ َ ْ‬
‫أي َ ِ ْ ٌ‬ ‫بكل ِّ َ ْ ٍ‬
‫ُِ‬ ‫قوله ﴿ َ َّ‬
‫وُ‬ ‫إال َ َ ُ‬ ‫وعز ِ َّ‬
‫َ َ َّ‬
‫)‬ ‫)‬
‫)‬ ‫دون َ ْ ِ‬
‫لبس‬ ‫واحدة ﴾ َ ُ ْ‬
‫فخذهُ ُ َ‬ ‫َ َِ ٍ‬ ‫خلقكم ِّمن َّ ْ ٍ‬
‫نفس‬ ‫وقوله ﴿ َ َ َ ُ‬
‫َ َُ‬
‫)‬

‫حينئذ يكون بمعنى الشامل‬‫ٍ‬ ‫العام في اللغة ھو مشتق من قولھم ‪ :‬عممت الناس بالعطاء ‪ .‬أي ‪ :‬شملتھم بالعطاء ‪ ،‬فالعام‬
‫والعموم بمعنى الشمول ‪ ،‬العام بمعنى الشامل والعموم ھو الشمول ‪ ،‬فھذا ھو وجه المناسبة بين المعنى اللغوي والمعنى‬
‫االصطالحي ‪.‬‬
‫فصاعدا وما كان في اصطالح األصوليين وھو الموجود معنا ھنا كذلك‬ ‫ً‬ ‫ًإذا لفظ العام في اللغة معناه الشامل ما شمل اثنين‬
‫ً‬
‫دفعة من‬ ‫فصاعدا لكن ال بد من قيود ‪ ،‬ونقول في االصطالح العام لفظ يستغرق الصالح له بحسب وضع واحد‬ ‫ً‬ ‫ما عم اثنين‬
‫ً‬
‫مستعمال ‪ -‬وھو ما‬ ‫مھمال ‪ -‬وھو ما لم تضعه العرب ‪ -‬أو‬ ‫ً‬ ‫ُتلفظ به سواء كان‬‫غير حصر ‪ .‬لفظ ھذا جنس يشمل كل ما ي َ َ َّ‬
‫ٍ‬
‫حينئذ على كل‬ ‫وضعته العرب ‪ -‬يشمل العام والخاص والمطلق والمقيد الحقيقة والمجاز المجمل المبين ‪ ،‬لفظ جنس فيصدق‬
‫ما يمكن أن يصدق عليه مما تألف من حروف ھجائية ‪ ،‬فكل ما ركب من حروف ھجائية فھو لفظ ‪ً ،‬إذا العام لفظ احترز به‬
‫عن المعنى ألن المعنى ال يوصف بكونه عام وإنما العموم من عوارض األلفاظ وھذا ھو الصحيح ‪ ،‬ولذلك اتفقوا على أن‬
‫اللفظ يوصف بالعموم واختلفوا في وصف المعنى بالعموم ھل ھو حقيقة أو مجاز ؟‬
‫حينئذ الذي يوصف بكونه ً‬
‫عاما ھو اللفظ ‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫الصحيح أنه مجاز‬

‫وقيل لأللفاظ والمعاني‬ ‫وھو من عوارض المباني‬


‫)‬ ‫)‬

‫‪184‬‬
‫وھو من عوارض المباني يعني ‪ :‬األلفاظ حقيقة وھذا باتفاق ‪ ،‬وقيل ‪ :‬لأللفاظ والمعاني ‪ .‬يعني للمباني والمعاني ‪.‬‬
‫ً‬
‫مجازا ولذلك قال السيوطي رحمه ‬ ‫فيوصف بھا المعنى حقيقة كما وصف به اللفظ حقيقة والصواب أنه يوصف به المعنى‬
‫‪:‬‬

‫)‬ ‫اتسم‬ ‫به َّ ْ ُ‬


‫اللفظ َّ َ ْ‬ ‫والخاصُ َ ْ َ ُ‬
‫والعام ِ ِ‬ ‫َ ْ َ‬ ‫)‬ ‫أخص َ َ َ ّْ‬
‫وأعم‬ ‫ي َُقا ُل ِ ْ َ‬
‫للمعْ َنى َ ُّ‬

‫ًإذا يوصف المعنى فيقال ‪ :‬أعم ‪ .‬لكن من قبيل المجاز ويقال للمعنى أخص لكنه من قبيل المجاز ‪ ،‬ويوصف اللفظ بكونه‬
‫خاصا ‪ ،‬فجعلوا صيغة التفضيل للمعنى وما عدا ذلك الذي ھو العام والخاص للفظ ألن المعنى ھو المقصود وھو‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫عاما وبكونه‬
‫أھم وأرفع فجعلوا له أفعل التفضيل ‪.‬‬
‫عاما لماذا ؟‬ ‫ال يوصف المعنى لكونه ً‬
‫يرد السؤال لماذا ال نعطف العام‬ ‫متحدا في الحكم ‪ ،‬ألنه َ ِ ُ‬ ‫ً‬ ‫ألن شرط ‪ -‬ھذا مھم أن تعرفه ‪ -‬ألن شرط العام اللفظي أن يكون‬
‫متحدا في أفراده الحكم متحد في جميع على جھة االستواء فإذا‬ ‫ً‬ ‫عاما ؟ نقول ‪ :‬شرط العام أن يكون الشمول فيه‬ ‫المعنى بكونه ً‬
‫فحينئذ ال يتحقق فيه معنى العموم فلذلك يقال ‪ :‬أكرم الطالب ‪ .‬الطالب ھذا عام ألنه جمع‬ ‫ٍ‬ ‫ً‬
‫متحدا بل متفاوتا‬ ‫ً‬ ‫كان الحكم ليس‬
‫) الجمع والفرد معرفان بالالم ( فنقول ‪ :‬الطالب ‪ .‬ھذا لفظ عام فيشمل زيد ‪ ،‬وبكر ‪ ،‬وعمرو ‪ ،‬وخالد ‪ ...‬إلى‬ ‫محلى بأل‬
‫فحينئذ يكون إكرام‬‫ٍ‬ ‫آخره ‪ ،‬أكرم فاألمر ھنا باإلكرام واقع على كل فرد َفرد من أفراد اللفظ العام على جھة التساوي في الحكم‬
‫زيد مساوي إلكرام عمرو أوالً ال بد أن يصدق الحكم على كل فرد َفرد ھذا ال بد منه ‪ ،‬ثم كل فرد له نصيب من اإلكرام‬
‫فحينئذ إكرام زيد مساوي إلكرام عمرو ‪ ،‬وإكرام عمرو مساوي إلكرام خالد وھلم جره ‪ ،‬ھذا شرط في‬ ‫ٍ‬ ‫مساوي للفرد اآلخر‬
‫بالغا أم أنثى ً‬
‫فقيرا أم‬ ‫ذكرا ً‬ ‫موا ﴾ ‪ .‬الواو يصدق على كل مكلف ً‬ ‫وأقي ُ ْ‬‫َ‬
‫﴿ َ ِ‬ ‫وأقيموا َّ َ َ‬
‫الصالة ﴾ ‪،‬‬ ‫َ‬
‫العام ‪ ،‬ولذلك قوله تعالى ‪ْ ُ ِ َ ﴿ :‬‬
‫صحيحا ‪ ،‬استوى الحكم أم ال ؟‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫مريضا أم‬ ‫محكوما ًّأيا كان‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫حاكما أم‬ ‫غنيا‬ ‫ًّ‬
‫فحينئذ نقول ‪ :‬الحكم ھنا مستوي ‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫استوى الحكم فيھم كلھم ‪ُ ،‬كلھم أربع ركعات أربع ركعات إال المسافر ‪ -‬لدليل خاص ‪-‬‬
‫مثال لو نزل‬‫ً‬ ‫فحينئذ نقول ‪ :‬المطر عم لكن المحل الذي نزل عليه المطر في المدينة مكة‬ ‫ٍ‬ ‫عم المطر المدينة ‪.‬‬ ‫لكن لو قيل ‪ّ :‬‬
‫عليھا المطر نقول ‪ :‬عم المطر المدينة ‪ .‬يعني ‪ :‬مكة ‪ .‬ھل مستوي في جميع األطراف أم متفاوت ؟‬
‫متفاوت ال شك ‪ ،‬قد يكون نزل على ھذه المنطقة بشدة والمنطقة التي تليھا بخفة وقد يكون بعضھا لم ينزل بعد وبعضھا قد‬
‫فحينئذ ھل الحكم متساوي في أفراده ؟‬ ‫ٍ‬ ‫تأخر وبعضھا سابق إلى آخره ‪،‬‬
‫ٍ‬
‫حينئذ‬ ‫مجازا ‪ ،‬فإذا قيل ‪ :‬عم الحاكم القبيلة بالعطاء ‪.‬‬ ‫ً‬ ‫الجواب ‪ :‬ال ‪ ،‬ھذا ھو السر في كون المعنى ال يوصف بالعموم إال‬
‫عاما من باب المجاز لماذا ؟‬ ‫عطاؤه وصف بكونه ً‬ ‫نقول ‪ :‬ھنا العموم وصف بكونه عطائه ‪َ ،‬‬
‫حينئذ يحصل التفاوت‬ ‫ٍ‬ ‫ألنه في األصل أنه ال يساوي بين القبيلة فيعطي الرئيس أكثر من غيره ويعطي ذلك أكثر من غيره‬
‫وعدم التساوي في الحكم ‪ً ،‬إذا قوله ‪ :‬لفظ نعلم منه أن العموم وصف لأللفاظ ال للمعاني ‪ ،‬فخرج به المعنى وخرج به األلفاظ‬
‫فصاعدا بألفاظ مركبة لكنھا ال توصف بكونھا عامة ولو وصفت بكونھا عامة‬ ‫ً‬ ‫المركبة ألنھا قد يحصل شمول يعني يعم شيئين‬
‫ً‬
‫فصاعدا‬ ‫عمرا دل على شيئين‬ ‫ً‬ ‫عمرا ھذا تركيب دل على شيئين فصاعدَ ا أليس كذلك ؟ ضرب ٌ‬
‫زيد‬ ‫ً‬ ‫مجازا ‪ ،‬ضرب ٌ‬
‫زيد‬ ‫ً‬ ‫يكون‬
‫فصاعدا ھذا عموم ألن‬ ‫ً‬ ‫صحيح ؟ ‪ ... -‬ما ھي ھذه األشياء ‪ -‬الضرب ‪ ،‬وفاعل الضرب ‪ ،‬ومن وقع عليه الضرب ‪ً ،‬إذا شيئين‬
‫فحينئذ نقول ‪ :‬األلفاظ المركبة غير‬ ‫ٍ‬ ‫العام في اللغة ھو الشامل والعموم ھو الشمول ‪ ،‬وھنا ھذا اللفظ شمل معنيين فأكثر ‪،‬‬
‫داخلة بل خارجة من قوله ‪ :‬لفظ ‪ .‬يستغرق ‪ .‬االستغراق المراد به االستيعاب والتناول لفظ يستغرق أي يستوعب ويتناول‬
‫فعة واحدة فكل ٍ‬
‫فرد‬ ‫أفرادا دَ ً‬‫ً‬ ‫جميع األفراد التي يصلح لھا اللفظ جميع األفراد ‪ ،‬ھذا ھو األصل في مدلول اللفظ العام أنه يتناول‬
‫حينئذ نقول ‪ :‬خرج المھمل من قوله‬ ‫ٍ‬ ‫فرد يصدق عليه اللفظ فھو داخل في الحكم ‪ .‬يستغرق إذا قلنا ‪ :‬لفظ يشمل المھمل وغيره‬ ‫ٍ‬
‫ً‬
‫موضوعا‬ ‫ً‬
‫فحينئذ إذا لم تضعه العرب إذا ھو غير موضوع وإذ لم يكن‬ ‫ٍ‬ ‫‪ :‬يستغرق ‪ .‬ألن المھمل ھو الذي لم تضعه العرب ‪،‬‬
‫مستغرقا ‪ .‬يستغرق صالح له ‪ .‬قيل ھذا يخرج المطلق على القول بأن المطلق ال استغراق فيه‬ ‫ً‬ ‫فمن باب أولى أن يكون‬
‫والصواب أن المطلق يستغرق ولكنه على جھة البدل ال على جھة الشمول ‪ ،‬فالعام له شمول ‪ ،‬والمطلق له شمول واستغراق‬
‫بدلي بمعنى أن العام إذا قيل أكرموا الطالب فكل من‬ ‫ٌ‬ ‫دفعة واحدة ‪ ،‬وشمول المطلق‬ ‫ً‬ ‫واستيعاب وتناول ‪ ،‬لكن شمول العام‬
‫داخل في مدلول اللفظ فيصدق عليه الحكم ويقع عليه الحكم وھو وجوب اإلكرام ‪ ،‬أكرم الطالب‬ ‫ٌ‬ ‫يتصف بھذا الوصف فھو‬
‫دال على األھمية بال قيد ھذا مطلق ال نقول عام ‪ ،‬نقول ‪:‬‬ ‫رقبة ﴾ ] النساء ‪ [92 :‬رقبة ھذا عام جنس ٌ‬ ‫َ‬ ‫ولكن قوله ‪ُ ِ ْ َ َ ﴿ :‬‬
‫فتحرير َ َ ٍ‬
‫رقبة ﴾ ھل ھذه الرقبة‬ ‫فتحرير َ َ َ ٍ‬
‫عاما لكنه على جھة المجاز والتوسع وإال ھو مطلق ﴿ َ َ ْ ِ ُ‬ ‫ھذا مطلق ‪ .‬ويصفه بعضھم بكونه ً‬

‫‪185‬‬
‫معينة زيد أو عمرو أو خالد ھل معينة من جھة موقعھا أرضھا جنسھا ؟ ال ‪ً ،‬إذا تشمل أو ال ؟ يصدق على زيد أن رقبة إذا‬
‫عبدا ويصدق على عمرو وعلى بكر وعلى من كان ھنا وعلى من كان في الخارج فكلھم داخلون تحت اللفظ لماذا ؟‬ ‫كان ً‬
‫لصدق اللفظ عليه ‪ ،‬لكن صدق اللفظ عليه ھل ھو على جھة الشمول ‪ -‬كما يشمله لفظ الطالب ‪ -‬أم على جھة البدل ؟‬
‫طالبا ھذا‬ ‫طالبا ‪ً َ ،‬‬‫ً‬ ‫طالبا من الموجودين اآلن أكرم‬ ‫ً‬ ‫طالبا لو قيل كرم‬ ‫ً‬ ‫على جھة البدل ‪ .‬بمعنى أنه إذا قيل أعتق أو أكرم‬
‫واحد منكم قد يصدق عليه اللفظ ويشمله اللفظ لكن على جھة البدل ‪ ،‬لماذا ؟‬ ‫ٍ‬ ‫طالب واحد فكل‬ ‫ٌ‬ ‫يشملكم كلكم لكن المراد به‬
‫الزما له ‪ .‬ألنه ھو اللفظ‬ ‫ً‬ ‫موضوعا له وھو النكرة أو‬ ‫ً‬ ‫سواء كان‬‫ٌ‬ ‫بواحد في الخارج‬ ‫ٍ‬ ‫ٌ‬
‫مقيد‬ ‫ألن المطلق ‪ -‬كما سيأتي ‪ -‬أنه‬
‫ً‬
‫رقبة ﴾ أو أكرم رجال أو أكرم ً‬
‫طالبا‬ ‫َ‬
‫فتحرير َ َ ٍ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫فحينئذ المطلق ﴿ ْ ِ ُ‬ ‫ٍ‬ ‫قيد ‪ ،‬وھذا على قول بأنه مفارق للنكرة ‪،‬‬ ‫الدال على الماھية بال ٍ‬
‫ً‬
‫طالبا ليس كل الطالب اآلن دفعة واحدة‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫نقول ‪ :‬ھذا يستوعب ويتناول عدة أفراد ‪ ،‬لكنه ليس دفعة واحدة فليس إذا قيل أكرم‬
‫ً‬
‫حينئذ سقط عن الباقين برئت الذمة ‪ ،‬وإذا قيل أكرم رجاال أو قيل أكرم‬ ‫ٍ‬ ‫يدخلون في اللفظ وإنما يصدق على ھذا فإن أكرم ھو‬
‫داخل تحت‬ ‫ٌ‬ ‫حينئذ ُأكرم ثالثة فقط من الموجودين وسقط العھدة عن البقية ‪ ،‬لكن كل ثالثة على جھة البدل فھو‬ ‫ٍ‬ ‫طالبا بدون ال‬ ‫ً‬
‫اللفظ ‪.‬‬
‫الحد ‪ -‬وھو‬ ‫ِّ‬ ‫مخرجا باالستغراق بل بقوله ‪ :‬دفعة ‪ .‬ولذلك زدناھا في‬ ‫ً‬ ‫لفظ يستغرق ‪ .‬إذا أخرج المطلق ‪ ،‬وبعضھم ال يجعله‬ ‫ً‬
‫دفعة ‪ ،‬دفعة ھو الذي أخرج المطلق ولكن ھنا أخرج المطلق لم يخرج المطلق كما يقول بعضھم‬ ‫ً‬ ‫أحسن ‪ -‬بحسب الوضع‬
‫وإنما أخرج النكرة في سياق اإلثبات ‪.‬‬
‫الصالح جميع األفراد ‪ ،‬الصالح له يعني جميع األفراد ھذا فيه احتراز عن العام إذا ال يصلح وال يصدق اللفظ العام إذا ال‬
‫فحينئذ إذا قيل أكرم الطالب وقد‬ ‫ٍ‬ ‫ابتداء فيراد به جميع األفراد ‪،‬‬ ‫ً‬ ‫يصلح وال يصدق على جميع األفراد ألن لفظ العام قد يطلق‬
‫لفظ يستغرق ويصلح لجميع الطالب جميع األفراد يدخلون تحت اللفظ فھو‬ ‫عام ٌ‬ ‫فحينئذ نقول ھذا ٌ‬ ‫ٍ‬ ‫نويت فقط جميع األفراد ‪،‬‬
‫ابتداء في بعض األفراد وھذا‬ ‫ً‬ ‫ابتداء وھو لفظ عام في أصله قد يُستعمل‬ ‫ٌ‬ ‫ً‬ ‫فردا ولكن قد يُستعمل اللفظ‬ ‫كالعلم عليھم يقع عليھم ً‬
‫فاخشوھم ﴾ ] آل عمران‬ ‫لكم ْ َ ْ ُ ْ‬ ‫َ‬ ‫جمعوا َ ُ ْ‬
‫قد َ َ ُ ْ‬ ‫َ‬
‫الناس ْ‬‫إن َّ َ‬ ‫لھم َّ ُ‬
‫الناس ِ َّ‬ ‫َ‬
‫الذين قال َ َ ُ ُ‬ ‫المسمى العام الذي أريد به الخصوص كقوله تعالى ﴿ َّ ِ َ‬
‫البيت ﴾ ] آل عمران‬ ‫حج ْ َ ْ ِ‬ ‫على َّ ِ‬
‫الناس ِ ُّ‬ ‫و‪َ َ S‬‬ ‫الناس ﴾ الناس ھذا لفظ عام ولذلك جاء في قوله تعالى ‪ِ ّ ِ َ ﴿ :‬‬ ‫لھم َّ ُ‬ ‫الذين َقال َ َ ُ ُ‬
‫‪َ ِ َّ ﴿ [173 :‬‬
‫ربكم ﴾ كل الناس يشمل مؤمنھم‬ ‫اعبدواْ َ َّ ُ ُ‬ ‫ربكم ﴾ ] البقرة ‪ [21 :‬ھذا أمر بالتوحيد ﴿ ْ ُ ُ‬ ‫اعبدواْ َ َّ ُ ُ‬
‫الناس ْ ُ ُ‬ ‫أيھا َّ ُ‬ ‫‪ [97 :‬وجاء ﴿ َيا َ ُّ َ‬
‫الذين ﴾ ھذا صيغة عموم ﴿ َقال َ َ ُ‬
‫لھمُ‬ ‫الناس ﴾ فنقول ﴿ َّ ِ َ‬ ‫الذين َقال َ َ ُ ُ‬
‫لھم َّ ُ‬ ‫﴿ َّ ِ َ‬ ‫وكافرھم ألن الكافر مخاطب فإذا جاء في قوله ‪:‬‬
‫الناس ﴾ ھذه صيغة عموم ‪ ،‬إذا اجتمع عندنا ثالثة صيغ ومن المحال أن يُحمل أو تحمل على‬ ‫ً‬ ‫إن َّ َ‬ ‫الناس ﴾ ھذا صيغة عموم ﴿ ِ َّ‬ ‫َّ ُ‬
‫ھذه األلفاظ الثالث على عمومھا ‪ ،‬ال يمكن أن يكون الناس قالوا للناس إن الناس الذين قال لھم الناس ًإذا الناس كلھم ألن لفظ‬
‫يطبق على كل األفراد ‪ً ،‬إذا ھم الذين تكلموا كلھم تكلموا ‪ ،‬تكلموا لمن للناس لكل الناس ھذا ال يمكن ‪ ،‬وإنما استعمل‬ ‫الناس َ ْ ِ ُ‬
‫أوال في ُنعيم بن مسعود رضي  تعالى عنه صحابي أسلم بعد ذلك فحسن إسالمه ‪ ،‬نعيم بن مسعود فھو واحد‬ ‫ً‬ ‫لفظ الناس‬
‫تغرق لكنه في ھذا التركيب ھل يصلح لجميع األفراد يصدق على كل‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫ٍ‬
‫حينئذ ھنا اللفظ الناس نقول ‪ :‬ھو في األصل لفظ مُسْ ِ‬
‫األفراد ؟‬
‫الجواب ‪ :‬ال ‪.‬‬
‫ھل ھو عام ؟ نقول ‪ :‬ال ‪ .‬ليس بعام ‪ ،‬ال بد من إخراجه ‪ ،‬ولذلك اتفقوا على أنه مجاز ‪،‬‬

‫وذاك لألصل وفرع يُنمى‬ ‫والثاني اعز للمجاز جزما‬


‫)‬ ‫)‬

‫ابتداء فحينئٍذ نقول ھذا ٌ‬


‫عام‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫مستغرقا لجميع األفراد‬ ‫ٍ‬
‫فحينئذ قوله ‪ :‬يستغرق ما يصلح له ‪ .‬يعني ‪ :‬جميع األفراد وإذا لم يكن‬
‫أريد به الخاص وھذا سيأتي الكالم عنه ‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ًإذا في قوله جميع األفراد أخرج العام الذي أريد به الخصوص كما ذكرناه في اآلية ﴿ َ َ ْ ُ‬
‫فنادته َ ِ َ‬
‫المآلئكة ﴾ ] آل عمران ‪:‬‬ ‫َ‬
‫وضع واحد ھذا‬
‫ٍ‬ ‫‪ [39‬وھو جبريل عليه السالم أطلق اللفظ كل المالئكة ؟ نقول ‪ :‬ال ‪ .‬المراد به جبريل عليه السالم ‪ .‬بحسب‬
‫اإلخراج المشترك ‪ ،‬لماذا ؟ ألن المشترك يشمل معنيين فأكثر ‪ ،‬أليس كذلك ؟ َعيْن يشمل الداللة معنى وھو الذھب ويشمل‬
‫دل على اثنين فصاعدا كما دل لفظ الطالب على زيد وبكر وعمرو فشمل اثنين فصاعدا‬ ‫العين الباصرة ويشمل الجارية ‪ً ،‬إذا َّ‬
‫أما استغرق معنيين فأكثر كما استغرق الطالب ‪،‬‬ ‫عام أو ال ؟ َ َ‬
‫‪ ،‬فعين ھذا عام أم ال ؟ ھو اسمه مشترك ال إشكال لكن ھل ھو ٌ‬
‫واحد بوضع واحد ‪ ،‬فمدلول الطالب أفراد متصفون بالطلب ً‬
‫معنى‬ ‫ٍ‬ ‫استغرق ‪ ،‬كيف ؟ فشرط العام أن يكون داللته على ً‬
‫معنى‬
‫وضعا واحًدا لكل الطالب ‪ ،‬لكن العين أخذناه بالعين ما اتحد لفظه وتعدد وضعه ‪ً ،‬إذا الوضع متعدد‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ابتداء‬ ‫واحد ووضع اللفظ‬
‫‪186‬‬
‫فوضع لفظ عين للباصرة مغايرة لوضع لفظ عين للذھب ‪ً ،‬إذا الوضع متعدد ونحن نقيد العام بحسب وضع واحد ًإذا لفظ عين‬
‫لفظ مستغرق لمعاني ال إشكال لكنه بتعدد األوضاع ‪ ،‬فوضع العين على الباصرة مغاير وضع عين على ماذا ؟ الجارية ‪..‬‬
‫ابتدائيا ھكذا أوالً من غير حصر من ھذا اإلخراج أسماء العدد ‪ ،‬عندي مائة ‪،‬‬ ‫ًّ‬ ‫ً‬
‫وضعا‬ ‫وھلم جرا ‪ ،‬أما الطالب فھذا موضوع‬
‫مائة ‪ ، z‬مائة ھذا لفظ مستغرق يصلح لجميع األفراد بحسب وضع واحد لكنه ليس بلفظ عام بل ھو خاص لماذا ؟ ألنه‬
‫ً‬
‫محصورا ‪.‬‬ ‫محصور وشرط العام أن ال يكون‬
‫جدا يعتني بھا طالب العلم وال يزھد فيھا وال يظن أنھا من ضياع األوقات وال‬ ‫ًإذا ھذه كلھا قيد ولذلك الحدود ھذه مھمة ً‬
‫أنھا من تكلف المتأخرين ‪ -‬كما يقال ‪ -‬ال ھذا ليس بصحيح ‪ ،‬ألنه يحدد لك العام انظر لفظ ‪ً ،‬إذا المعنى ال يتصل ھذا قيد ال‬
‫بد أن يعلمه الطالب ‪ ،‬مستغرق ًإذا الذي ال يستغرق الرجل عندي رجل ھذا غير مستغرق جاء زيد ‪َ ،‬زيد ھذا غير مستغرق‬
‫فعة واحدة إلخراج المطلق من غير حصر ‪ ،‬ھذه كلھا قيود يعني ‪ :‬سواء ذكرتھا‬ ‫يصلح لجميع األفراد بحسب وضع واحد دَ ْ َ‬
‫حد أو ذكرتھا شروط وشرحتھا ال بأس بھذا لكن ال بد من العناية بھذا حتى يُفرق ‪ ،‬ال تفرق بين ھذا عام وھذا‬ ‫على ھيئة ّ‬
‫مطلق إال بمعرفة الحدود تطبق الحد أوال ثم بعد ذلك تحكم عليه ‪ ،‬ھذا حد العام ‪.‬‬ ‫ً‬
‫صيغا بإجماع السلف ال خالف بينھم ‪ ،‬إجماع السلف على أن العام له صيغ تدل عليھا‬ ‫ً‬ ‫وأجمع السلف على أن للعام‬
‫ً‬
‫واستفھاما‬ ‫ً‬
‫وأي وما ومن شرطا‬ ‫ٌّ‬ ‫كل والذي والتي وتثنيتھما وجمعھما‬ ‫معلومة في لغة العرب ونزل القرآن بھا ‪ ،‬ومنھا ‪ٌّ :‬‬
‫وموصوالً والجمع المضاف والمعرف بأل واسم الجنس المضاف والمعرف بأل والنكرة في سياق النفي والنھي واالستفھام‬
‫وفي سياق الشرط وفي سياق االمتنان ‪ ،‬ھذه كلھا من صيغ العموم ‪ ،‬ومن أين نأخذ ھذه ؟‬
‫ُنظ ُر فيھا بنظرتين ‪ :‬نظرة شخص أو ناظر أو طالب لغوي ‪ ،‬وأصولي ‪،‬‬ ‫حينئذ ي ْ َ‬ ‫ٍ‬ ‫من لغة العرب ‪ً ،‬إذا بحثھا بحث لغوي‬
‫ألن األصوليون قد يزيدون بعض القيود وبعض المعاني وخاصة من نظر في الكتاب والسنة وتقيدات الكتاب والسنة ‪ ،‬وھذه‬
‫بكتاب موسع يستوفي ھذه‬ ‫ٍ‬ ‫لھا أمثلة وفي بعضھا خالف ‪ ،‬ھذا مبسط وذكر في القواعد وفي ماذا ؟ نظم الورقات ‪ ،‬وقد يأتي‬
‫المسائل ‪.‬‬
‫واحد ھنا فينقسم باعتبار المراد منه ‪ ،‬ما المراد من ھذا اللفظ ؟‬ ‫ٍ‬ ‫باعتبار‬
‫ٍ‬ ‫أقسام العام ‪ :‬ينقسم العام باعتبارات مختلفة نأخذ‬
‫ْ‬ ‫ُ‬
‫مستغرق إلى آخره ‪ ،‬ثم باعتبار المراد منه باعتباره إذا ِ َ‬
‫أطلق‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬
‫أوال فإذا به لفظ‬ ‫ً‬ ‫لفظ عام نطبق عليه الحد‬ ‫إذا حكمنا عليه بأنه ٌ‬
‫كليا أم ال ؟ ھذا الذي سيذكره ھنا ‪.‬‬ ‫أطلق لفظ العام ينصرف إلى مدلوله ً‬ ‫دائما إذا ُ ْ ِ َ‬
‫وانصرف إلى المعنى ھل ً‬
‫ينقسم باعتبار المراد منه إلى ‪:‬‬
‫ُمومه ( ‪ .‬ھو العام الذي أريد‬ ‫العام الباقي على ع ِ‬ ‫ُّ‬ ‫عام أريد به العام ‪ .‬وھو الذي عبر عنه المصنف في ) النوع األول ‪:‬‬ ‫‪ٍ -‬‬
‫دآبة ﴾ ھذا نكرة في السياق النفي‬ ‫رزقھا ﴾ ] ھود ‪ٍ َّ َ ﴿ [6 :‬‬ ‫ ِ ْ َُ‬ ‫على ّ ِ‬ ‫األرض ِإالَّ َ َ‬ ‫دآبة ِفي َ ْ ِ‬ ‫وما ِمن َ َّ ٍ‬ ‫به العام كقوله تعالى ‪َ َ ﴿ :‬‬
‫دآبة ﴾ ھذا مبتدأ جر بمن الزائدة ورفعه ضمة مقدر على آخره ‪ ،‬نكرة في‬ ‫وزيدت عليھا من ‪ ،‬من ھذه صلة توكيد زائدة و﴿ َ َّ ٍ‬
‫ ﴾ ] الشورى ‪﴿ [10 :‬‬ ‫فحكمه َِإلى َّ ِ‬
‫شيء َ ُ ْ ُ ُ‬
‫فيه ِمن َ ْ ٍ‬ ‫وما ْ َ َ ْ ُ ْ‬
‫اختلفتم ِ ِ‬ ‫سياق النفي ‪ ،‬وذكرنا أن النكرة في سياق النفي تعم كقوله ‪َ َ ﴿ :‬‬
‫عام أريد به العام‬‫ ﴾ يعني ‪ :‬رده إلى  تعالى ‪ ،‬ھذا ٌ‬ ‫فحكمه َِإلى َّ ِ‬ ‫شيء ﴾ أي شيء كبير أو صغير قديم أم حديث ﴿ َ ُ ْ ُ ُ‬ ‫ِمن َ ْ ٍ‬
‫دابة إال على ‬ ‫فرد من أفراده البتة ‪ ،‬ال يحتمل التخصيص البتة ال يمكن أن يأتي فرد فيقول ال ھذا من ٍ‬ ‫يعني ‪ :‬ال يخرج عنه ٌ‬
‫ً‬
‫رزقھا إال فرٌد وھو كذا رزقه ليس على  ‪ ،‬ممكن ؟ ! ال يمكن ھذا ‪ ،‬إذا يمتنع أن يُخصص ھذا ‪.‬‬
‫حكما كما‬‫ً‬ ‫ً‬
‫ابتداء ھو يتناول األفراد من جھة االستعمال ال يتناول األفراد ال استعماال وال‬ ‫ً‬ ‫عام أريد به الخاص ‪ .‬يعني‬
‫الناس ﴾ ] آل عمران ‪ [173 :‬الذي ذكرناه ‪ ،‬ومثله ﴿‬ ‫إن َّ َ‬ ‫لھم َّ ُ‬
‫الناس ِ َّ‬ ‫الذين َقال َ َ ُ ُ‬ ‫سيأتي التفريق بينه وبين اآلخر ‪ .‬ومثاله ﴿ َّ ِ َ‬
‫ثم قرينة لفظية تدل على أن المراد بالناس‬ ‫الناس ﴾ قيل ‪ :‬إن َ َّ‬ ‫إن َّ َ‬ ‫لھم َّ ُ‬
‫الناس ِ َّ‬ ‫الذين َقال َ َ ُ ُ‬ ‫المآلئكة ﴾ ] آل عمران ‪َ ِ َّ ﴿ [39 :‬‬ ‫فنادته ْ َ ِ َ ُ‬
‫ََ َْ ُ‬
‫ً‬
‫جمعا لقال إنما‬ ‫الشيطان ﴾ ] آل عمران ‪ [175 :‬ذلكم فلو كان‬ ‫ذلكم َّ ْ َ ُ‬ ‫إنما َ ِ ُ ُ‬ ‫عام أريد به الخاص لقوله تعالى فيما بعد ‪َ َّ ِ ﴿ :‬‬ ‫ھنا ٌ‬
‫ذلكم ﴾ ‪ ،‬ذا‬ ‫أولئكم الشيطان لكنه قال ‪ُ ُ ِ َ ﴿ :‬‬
‫بذي‬ ‫أشرْ ِ ِ‬ ‫ُذكر َ ِ‬
‫ُفرد م َ َّ ٍ‬ ‫َِبذا لِم ْ َ ٍ‬
‫فحينئذ نعلم أن المراد‬‫ٍ‬ ‫الناس ﴾ ‪ .‬والناس في اللفظ مفرد أو جمع ؟ جمع ‪،‬‬ ‫لھم َّ ُ‬ ‫الذين َقال َ َ ُ ُ‬‫ًإذا المشار إليه مفرد وھو قوله ‪َ ِ َّ ﴿ :‬‬
‫ٌ‬
‫واحد ‪.‬‬ ‫بھذا اللفظ وھو عام أريد به الخاص وھو‬
‫ً‬
‫ابتداء ‪.‬‬ ‫عام أريد الخاص‬ ‫ً‬
‫عام أريد به العام وھو الباقي على عمومه ‪ ،‬وإلى ٍ‬ ‫إذا انقسم باعتبار المراد منه إلى ٍ‬
‫وينقسم باعتبار تخصيصه يعني ‪ :‬ما ورد عليه التخصيص أو ال إلى ‪:‬‬
‫يرد عليه تخصيص ‪ ،‬إلى‬ ‫عام محفوظ يعني حفظ عن التخصيص لم َ ِ‬ ‫عام محفوظ ھذا تعبير ابن تيمية رحمه  تعالى ٍ‬ ‫‪ٍ -‬‬
‫باق على عمومه لم يدخله تخصيص ‪.‬‬ ‫محفوظ ٍ‬‫ٍ‬ ‫عام‬
‫‪187‬‬
‫مخصوص يعني قد زال عمومه ودخله التخصيص ‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫‪ -‬وإلى عام‬
‫ًإذا ھذا نوعان أو ھذان تقسيمان ‪:‬‬
‫تقسيٌم باعتبار المراد منه ‪.‬‬
‫ً‬
‫وتقسيم باعتبار ماذا ؟ باعتبار التخصيص ‪ .‬يعني ھو يقبل التخصيص لكنه لم َيرد عليه مخصص فھو محفوظا ‪ ،‬واآلخر‬ ‫ٌ‬
‫عام قد ورد عليه التخصيص ‪.‬‬ ‫ھو ٌ‬
‫قوله ‪َ ﴿ :‬و ُ ( النوع األول ‪ -‬الكالم في العام ھذا طويل ھذا أھم ما نذكره ھنا ويتعلق به ھذه المسائل وإال‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫وعز ِإال‬ ‫َّ‬ ‫) َ َ‬
‫جدا ‪. -‬‬ ‫الكالم فيه طويل ً‬
‫بقي من البقاء‬ ‫النوع األول ‪ :‬العام الباقي على عمومه ‪ .‬العام ھذا يشمل ثالثة أنواع قوله ‪ ) :‬الباقي ( يعني ‪ :‬الذي َ ِ َ‬
‫بقي واستمر على عمومه وھو ما عبر عنه‬ ‫العام الباقي ( يعني ‪ :‬الذي َ ِ َ‬ ‫ُّ‬ ‫واالستمرار يعني الذي بقي ‪ ) ،‬ال ( ھنا موصولة )‬
‫بقي ‪ ،‬يقولون ‪ :‬الماء الطھور ھو الماء الباقي على خلقته ‪ ،‬يفسرون ھناك في الحواشي‬ ‫أيضا شيخ اإلسالم بالعام المحفوظ ‪َ ِ َ ،‬‬ ‫ً‬
‫الباقي يعني الذي بقي واستمر ‪ ،‬ال بد من كلمة واستمر ‪ ،‬ال بد الذي بقي واستمر ‪ ،‬إلى استعمله المكلف في وضوء أو غسل ‪،‬‬
‫بقي ثم لم يستمر إما أنه خرج إلى النجس وإما إلى الطاھر ‪ ،‬وأما إذا قلنا الباقي يعني الذي بقي واستمر إلى زمن ماذا‬ ‫أما إذا َ ِ َ‬
‫؟ إلى زمن استعمل المكلف له ‪ ،‬كذلك ھنا العام الباقي يعني الذي بقي واستمر على عمومه فلم يطرأ عليه مخصص وھو‬
‫وعز ( ما ھو ؟ العام عز يعني قل وندر ‪ ،‬العام الذي بقي على‬ ‫تبعا للسيوطي رحمه  ‪َّ َ َ ) :‬‬ ‫العام المحفوظ ‪ ،‬يقول الناظم ھنا ً‬
‫مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر‬ ‫ٌ‬ ‫فعل ماض‬ ‫عز ( ھذا ٌ‬ ‫عمومه ( فاعل ضمير مستتر ) َ َّ‬ ‫العام الباقي على ُ ِ‬ ‫ُّ‬ ‫عمومه وعز )‬
‫عمومه ( ‪ ،‬وھنا تأخذ باستقراء أن الناظم رحمه  يربط األبيات بالعناوين والتراجم‬ ‫العام الباقي على ُ ِ‬ ‫ُّ‬ ‫يعود على قوله ‪) :‬‬
‫انتبه لھذا ‪.‬‬
‫قوله ( بالنصب واجب أو جائز ؟‬ ‫َ‬
‫قوله ( إال أداة استثناء ‪ُ َ ) ،‬‬ ‫إال َ َ ُ‬ ‫) ِ َّ‬
‫واجب لماذا ؟ تام موجب ] أحسنت [ تام موجب‬
‫ما استثنت إال مع تمام يتصل‬
‫منفيا وتام ألن المستثنى منه مذكور وھو ضمير مستتر ) َ َ َّ‬
‫وعز‬ ‫وجوبا ‪ ،‬ھنا تام موجب ألنه ليس بمنفي موجب لكون ليس ً‬ ‫ً‬
‫( ھو الضمير ‪ ،‬ھذا ضمير مستتر عاملته العرب معاملة المذكور ولذلك استعارت له اللفظ أنت ‪ ،‬قم أنت ‪ ،‬ولذلك من الخطأ‬
‫] البقرة ‪ [35 :‬أنت أعربه بعضھم أنه فاعل نسب لسيبويه ‪ ،‬لكن‬ ‫اسكن َ َ‬
‫أنت ﴾‬ ‫آدم ْ ُ ْ‬ ‫إعرابه ‪ -‬وإن أعرابه البعض ‪َ ﴿ -‬يا َ ُ‬
‫المشھور عند المتأخرين وكثير من المتقدمين أنه ال إعراب فاعل ألن اسكن ھذا فعل أمر وفاعل مطرد أنه ضمير مستتر‬
‫حينئذ يقال أنت اسكن أنت يا آدم اسكن يا آدم ‪،‬ھذا ضمير مستتر ‪ ،‬أنت ھذا ضمير الرفع‬ ‫ٍ‬ ‫حينئذ ال يمكن إبرازه ‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫ً‬
‫وجوبا‬
‫معامل معاملة المذكور ‪ ،‬ولذلك‬ ‫ٌ‬ ‫استعير للتأكيد ‪ ،‬والمؤكد ما ھو ؟ الضمير المستتر ‪ ،‬فلما أكدوه دل على ماذا ؟ دل على أنه‬
‫وزوجك ﴾ بالرفع الواو حرف عطف وزوجك بالرفع معطوف على ماذا ؟ على أنت ؟ ال‬ ‫أنت َ َ ْ ُ َ‬ ‫اسكن َ َ‬ ‫أكدوه وعطفوا عليه ﴿ ْ ُ ْ‬
‫‪ ،‬ليس على أنت ‪ ،‬على الضمير المستر ‪ ،‬ھذا يدل على ماذا ؟ يدل على أن الضمير المستتر في قوة المذكور ‪ ،‬وذكرنا ھذا‬
‫في الملحق بتوسع ‪.‬‬
‫شيء ﴾ ( أين صيغة العموم ؟‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫منصوب على االستثناء ونصبه واجب ) ِإال قوله ( تعالى ) ﴿ َوُ ِبكلِّ ْ ٍ‬ ‫ٌ‬ ‫إال َ َ ُ‬
‫قوله (‬ ‫ًإذا ) ِ َّ‬
‫دائما العموم يكون في أفراد المضاف‬ ‫كل ‪ُ ،‬كل ھذه صيغة عموم أفرادھا أين أفرادھا مصدقھا ؟ شيء الذي ھو المضاف إليه ً‬ ‫ّ‬
‫فرد من أفراد‬ ‫طآئرهُ ﴾ ] اإلسراء ‪ [13 :‬نقول ‪ :‬كل إنسان ھذا من صيغة العموم يعني كل ٍ‬ ‫َ‬
‫ألزمناهُ ِ َ‬ ‫إنسان َ ْ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫وكل َّ ِ َ ٍ‬ ‫إليه كل ﴿ َ ُ‬
‫حينئذ ننظر إلى ما أضيفت إليه الكل ‪ ،‬وھنا شيء ‪َ ،‬شيء يصدق على ماذا ؟ على كل وعلى الجزء‬ ‫ٍ‬ ‫اإلنسان ألزمناه طائره ‪،‬‬
‫‪ً ،‬إذا متعلق علم الرب جل وعال على كليات والجزئيات ألن بعض الفالسفة أنكر تعلقه بالجزئيات ‪ ،‬كذلك يتعلق بالموجود‬
‫عليم بالرفع على أنه خبر ‪ ،‬‬ ‫ٌ‬ ‫] البقرة ‪[282 :‬‬ ‫عليم ﴾‬ ‫شيء َ ِ ٌ‬ ‫وبالمعدوم وبالمستحيل ‪ ،‬يشمل ھذه بقوله ‪ّ َ ﴿ :‬‬
‫و ُ بِ ُكل ِّ َ ْ ٍ‬
‫عام‬
‫ُتعلق علم الرب جل وعال ٌ‬ ‫عليم ﴾ ‪ ،‬وعليم خبر ‪ً ،‬إذا م َ َ َّ ُ‬ ‫جار مجرور متعلق بقوله ‪ٌ ِ َ ﴿ :‬‬ ‫عليم ﴾ ٌ‬ ‫شيء َ ِ ٌ‬ ‫بكل ِّ َ ْ ٍ‬ ‫لفظ الجلة مبتدأ و ﴿ ِ ُ‬
‫فرد من األفراد مھما كان من الموجودات والمعدومات والمستحيالت من الكليات والجزئيات ‪ ،‬ھل يستثنى منه‬ ‫ال يخرج عنه ٌ‬
‫فرد من أفراده البتة وال يمكن وال يجوز إخراج ٍ‬
‫فرد‬ ‫باق على عمومه ال يخرج عنه ٌ‬ ‫عام ٍ‬ ‫شيء ؟ ال يُستثنى منه شيء ‪ ،‬فھو ٌ‬
‫ھو (‬ ‫عليم ( أي أتى بھا من أجل النظم ) َذا ُ ْ‬ ‫أي َ ِ ْ ٌ‬ ‫شيء ﴾ َ ْ‬ ‫بكل ِّ َ ْ ٍ‬ ‫و ُ ِ ُ‬ ‫عنه من أفراده ) ﴿ َ َّ‬
‫ُذكر َ ِ‬
‫أشرْ‬ ‫ُفرد م َ َّ ٍ‬ ‫َِبذا لِم ْ َ ٍ‬
‫ھو ( أي ‪ :‬العام الباقي على عمومه ‪َ ) .‬ذا ( المشار إليه‬ ‫عليم ﴾ ] البقرة ‪ْ ُ ) [282 :‬‬ ‫شيء َ ِ ٌ‬ ‫بكل ِّ َ ْ ٍ‬ ‫و ُ ِ ُ‬‫ما ھو المشار إليه ذا ﴿ َ ّ‬
‫شيء ﴾ ] البقرة ‪) [282 :‬‬ ‫بكلِّ َ ْ ٍ‬ ‫عليم ( ‪َ ) ،‬ذا ( المذكور المثال من قوله تعالى ‪ّ َ ﴿ :‬‬
‫و ُ ِ ُ‬ ‫أي َ ِ ْ ٌ‬ ‫شيء ﴾ َ ْ‬ ‫بكلِّ َ ْ ٍ‬ ‫و ُ ِ ُ‬ ‫المثال قوله ‪َّ َ ﴿ ) :‬‬

‫‪188‬‬
‫نفس َ ِ َ ٍ‬
‫واحدة‬ ‫خلقكم ِّمن َّ ْ ٍ‬ ‫قوله ( وقوله تعالى ‪ُ َ َ َ ﴿ :‬‬ ‫إال َ َ ُ‬ ‫وقوله ( ھذا معطوف على قوله ‪َّ ِ ) :‬‬ ‫ھو ( أي العام الباقي على عمومه ‪ُ َ َ ) ،‬‬ ‫ُْ‬
‫﴾ ] النساء ‪ . [1 :‬أين العموم ‪ ،‬أين صيغة العموم ؟‬
‫األصول ترى مثل النحو يحتاج إلى تمرين أين صيغة العموم ؟‬
‫)‪(6‬‬
‫لك  الكاف صيغة عموم ؟ ! [‬ ‫] ‪ ...‬الكاف صيغة عموم ؟ ! لك َ‬
‫واحدة ﴾ أين الصيغة العموم ؟‬ ‫نفس َ ِ َ ٍ‬ ‫ْ‬
‫خلقكم ِّمن َّ ٍ‬ ‫خلقكم ﴾ خلق وقوله ‪ُ َ َ َ ﴿ :‬‬ ‫﴿ َََُ‬
‫واحدة ﴾ أعدم عن ‪ ....‬الكاف صحيح لماذا قلت لكم‬ ‫نفس َ ِ َ ٍ‬ ‫خلقكم ِّمن َّ ْ ٍ‬ ‫من يقول نفي ‪ ...‬ومن يقول إثبات ‪ ....‬أين ھي ؟ ﴿ َ َ َ ُ‬
‫الكاف من ذلك [‬
‫واحدة ﴾ الكاف‬ ‫نفس َ ِ َ ٍ‬ ‫ْ‬
‫خلقكم ِّمن َّ ٍ‬ ‫َ‬
‫خلقكم ﴾ من المخاطب ؟ أنتم فيشمل جميع البشر ‪ ،‬كلھم من ذرية آدم بال تخصيص ﴿ َ َ ُ‬ ‫﴿ َََُ‬
‫ھنا مخاطبون أنتم ‪ ،‬يعني الصحابة ومن بلغھم القرآن كلكم أيھا البشر مخاطبون بماذا ؟ بكونكم مخلوقين من نفس واحدة ‪،‬‬
‫ھل يختص ھذا بفرد دون فرد ؟ الجواب ‪ :‬ال ‪ ،‬ھل يمكن تخصيصه ؟ الجواب ‪ :‬ال ‪.‬‬
‫خلقكم ( يعني ‪ :‬جميع البشر وكلھم من ذرية آدم بال تخصيص ) ِّمن‬ ‫قوله ( ‪ُ َ َ َ ﴿ ) .‬‬ ‫وقوله ( ھذا معطوف على قوله ‪ُ َ َ ) :‬‬ ‫) َ َُ‬
‫فخذه ( أي ‪ :‬ھذا‬ ‫خلقكم ( ‪ُ ْ ُ َ ) .‬‬ ‫واحدة ﴾ ( نفس مضاف وواحدة مضاف إليه والجار والمجرور متعلق بقوله ‪ُ َ َ َ ﴿ ) :‬‬ ‫نفس َ ِ َ ٍ‬ ‫َّ ْ ٍ‬
‫باقيا على عمومه ‪ .‬من غير لبس واللبس يطلق بمعنى الخلط‬ ‫عاما ً‬ ‫لبس ( يعني ‪ :‬من غير خلط بكونه ً‬ ‫دون َ ْ ِ‬ ‫المذكور المثالين ) ُ َ‬
‫بظلم ﴾ يعني ‪ :‬بشرك ‪ .‬ھذا ما يتعلق بالعام الباقي‬ ‫إيمانھم ِ ُ ْ ٍ‬
‫يلبسوا ﴾ ] األنعام ‪ [82 :‬يعني ‪ :‬لم يخلطوا ﴿ ِ َ َ ُ‬ ‫ولم َ ْ ِ ُ ْ‬ ‫آمنوا َ َ ْ‬
‫الذين َ ُ ْ‬ ‫﴿ َّ ِ َ‬
‫على عمومته ‪ .‬قال السيوطي رحمه  ‪ :‬ھذا النوع مثاله عزيز ‪ ] .‬ترى الدرس سھرة الليلة سأشرح على مھلي المشغول إذا‬
‫واحدة ﴾ أي نعم ممكن على الوقف أي أحسنت اآلية أين ھذا النساء‬ ‫نفس َ ِ َ ٍ‬ ‫اآلية ھكذا ﴿ ِّمن َّ ْ ٍ‬ ‫جاء وقت االنصراف يمشي ‪] [ ...‬‬
‫‪ ...‬أي نعم ﴿ ِّمن َّ ْ ٍ‬
‫)‪(7‬‬
‫نفس َ ِ َ ٍ‬
‫واحدة ﴾ [‬
‫لبس ( قال السيوطي رحمه  تعالى ‪ :‬ھذا النوع مثاله عزيز إذ ما من عام إال ويُتخيل فيه التخصيص ‪.‬‬ ‫دون َ ْ ِ‬ ‫فخذهُ ُ َ‬ ‫) َ ُْ‬
‫خص ‪ .‬ولكن شيخ اإلسالم ابن تيمية رحمه  يرفض ھذا يقول ‪ :‬ال ‪ ،‬ليس‬ ‫وعبارة الفقھاء واألصوليين ‪ :‬ما من عام إال وقد ُ َّ‬
‫تقواْ‬ ‫الناس ا َّ ُ‬
‫أيھا َّ ُ‬ ‫ربكم ﴾ ‪ .‬قد يُخص منه غير المكلم يعني ‪ :‬يمثل للعام الذي ُخص ﴿ َيا َ ُّ َ‬ ‫اتقواْ َ َّ ُ ُ‬‫الناس َّ ُ‬
‫أيھا َّ ُ‬ ‫بصواب فقوله ‪َ ﴿ :‬يا َ ُّ َ‬
‫ربكم ﴾ الناس ھل يشمل كل الناس أم المكلفون ؟‬ ‫َ َّ ُ ُ‬
‫الميتة ﴾ ] المائدة ‪ [3 :‬خص منه حالة االضطرار وميتة السمك والجراد ﴿‬ ‫عليكم ْ َ ْ َ ُ‬
‫حرمت َ َ ْ ُ ُ‬ ‫خص بالمكلفين ﴿ ُ ِّ َ ْ‬ ‫المكلفون ًإذا ُ َّ‬
‫خص منه العرايا كما سيأتي ھذا كالم من ؟ كالم السيوطي‬ ‫الربا ﴾ ] البقرة ‪َّ ُ [275 :‬‬ ‫وحرم ِّ َ‬ ‫الميتة ﴾ حرم الربا ﴿ َ َ َّ َ‬ ‫عليكم ْ َ ْ َ ُ‬
‫حرمت َ َ ْ ُ ُ‬ ‫ُ ِّ َ ْ‬
‫باق على‬ ‫رحمه  تعالى قال ‪ :‬ھذا النوع عزيز ‪ .‬قال الزركشي رحمه  تعالى ‪ :‬إنه كثير في القرآن ‪ .‬العام الذي ٍ‬
‫يظلم‬ ‫ْ‬
‫ الَ َ ِ ُ‬ ‫إن ّ َ‬ ‫عليم ﴾ التي ذكرھا في النظم وقوله تعالى ‪َّ ِ ﴿ :‬‬ ‫شيء َ ِ ٌ‬ ‫بكل ِّ َ ْ ٍ‬ ‫و ُ ِ ُ‬‫خصوصه إنه كثير في القرآن وأورد منه ﴿ َ ّ‬
‫يظلم فعل‬ ‫ُ‬ ‫شيئا ً ﴾ ھنا العام من جھتين ‪ :‬من جھة إيقاع الظلم ﴿ الَ َ ْ ِ ُ‬
‫يظلم ﴾‬ ‫الناس َ ْ‬ ‫يظلم َّ َ‬ ‫شيئا ً ﴾ ] يونس ‪ . [44 :‬عام ﴿ الَ َ ْ ِ ُ‬ ‫الناس َ ْ‬
‫َّ َ‬
‫مضارع في صيغة النفي وإذا وقع فعل المضارع في صيغة النفي فيعم ألنه مصدر ‪ ،‬والمصدر نكرة ‪ ،‬والنكرة في سياق‬
‫الناس ﴾ كل الناس أي فرد من أفراد الناس حتى الكافر‬ ‫يظلم َّ َ‬ ‫ َال َ ْ ِ ُ‬ ‫إن ّ َ‬ ‫النفي تعم ‪ً ،‬إذا ال يقع أدنى ظلم من الرب جل وعال ﴿ ِ َّ‬
‫ُ‬ ‫باق على عمومه ‪َّ ﴿ ،‬‬ ‫أحداً ﴾ ] الكھف ‪ [49 :‬عام ٍ‬ ‫ربك َ َ‬ ‫يظلم َ ُّ َ‬‫وال َ ْ ِ ُ‬ ‫ال يتوجه إليه ظلم من الرب جل وعال ‪ ،‬كذلك قوله ‪َ َ ﴿ :‬‬
‫باق على عمومھا ‪،‬‬ ‫يحييكم ﴾ عام ] الروم ‪ [40 :‬كلھا عام ٍ‬ ‫ثم ُ ْ ِ ُ ْ‬ ‫يميتكم ﴾ عام ‪َّ ُ ﴿ ،‬‬ ‫ثم ُ ِ ُ ُ ْ‬ ‫رزقكم ﴾ عام ‪َّ ُ ﴿ ،‬‬ ‫ثم َ َ َ ُ ْ‬ ‫خلقكم ﴾ عام ‪َّ ُ ﴿ ،‬‬ ‫الذي َ َ َ ُ ْ‬ ‫َّ ِ‬
‫قراراً ﴾ ] غافر‬ ‫األرض َ َ‬‫لكم ْ َ ْ َ‬‫جعلَ َ ُ ُ‬ ‫باق على عمومه ‪َّ ﴿ ،‬‬
‫ ُ َّ ِ‬
‫الذي َ َ‬ ‫نطفة ﴾ ] غافر ‪ [67 :‬ھذا عام ٍ‬ ‫ثم ِمن ُّ ْ َ ٍ‬ ‫تراب ُ َّ‬ ‫خلقكم ِّمن ُ َ ٍ‬ ‫الذي َ َ َ ُ‬ ‫﴿ َّ ِ‬
‫ردا على‬ ‫كثير في القرآن ‪ .‬قال السيوطي ًّ‬ ‫باق على عمومه ‪ ،‬فكيف يقال ‪ :‬وعز ‪ .‬وھذه اآليات ومثلھا كثير ِ‬ ‫‪ [64 :‬عام ٍ‬
‫صاحب )) البرھان (( الزركشي ‪ :‬بل المراد أنھا في األحكام ‪ ،‬وما ذكره الزركشي في )) البرھان (( لم يتعلق باألحكام ‪-‬‬
‫وھذا ھو الجمع بين كالم ابن تيمية وغيره بأن مراد ابن تيمية رحمه  كما ذكره الزركشي ھنا أن العمومات المحفوظة‬
‫الحمد ّ‪﴾ ِS‬‬
‫جدا ھذا بإطالق القرآن كله سواء كان في األحكام أم في غيره بدليل أن شيخ اإلسالم رحمه  مثل بـ ‪ُ ْ َ ْ ﴿ :‬‬ ‫كثيرة ً‬
‫الدين ﴾ كل ما يقع في يوم الدين مالكه الرب جل‬
‫يوم ِّ ِ‬ ‫الدين ﴾ ] الفاتحة ‪ [4 :‬ھذا عام ﴿ َ ِ ِ‬
‫مالك َ ْ ِ‬ ‫يوم ِّ ِ‬ ‫قال ‪ :‬ھذا عام ‪ِ ِ َ ﴿ ،‬‬
‫مالك َ ْ ِ‬
‫وعال ‪ ،‬ال يخرج عنه فرد من أفراد ذلك اليوم ‪ ،‬ھذا يدل على ماذا ؟ على أن مقصد شيخ اإلسالم ابن تيمية رحمه  العام‬

‫)‪ (6‬ﳏﺎﺩﺛﺔ ﺟﺎﻧﺒﻴﺔ ‪.‬‬


‫)‪ (7‬ﳏﺎﺩﺛﺔ ﺟﺎﻧﺒﻴﺔ ‪.‬‬
‫‪189‬‬
‫مطلقا دون نظر إلى كونه تعلق به حكم شرعي تكليفي أم ال ‪ ،‬وھذا ال إشكال فيه ‪ ،‬فيقال ‪ :‬أكثر العمومات‬ ‫ً‬ ‫الباقي على عمومه‬
‫وتخص منه المجنون والصبي والعبد على قول‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫المتعلقة باألحكام التكليفية مخصوصة ألنه ما من عام تعلق بحكم تكليفي إال‬
‫َّ َ‬
‫الصالة ﴾ ھذا‬ ‫َ‬
‫الصالة ﴾ ] األنعام ‪ [72 :‬نقول ‪ْ ُ ِ ﴿ :‬‬
‫أقيموا‬ ‫َّ َ‬ ‫والنائم والساھي كل من ليس بمكلف فھو مخصوص ﴿ َ ِ ُ ْ‬
‫أقيموا‬
‫مخصوص بماذا ؟ بالمكلف ‪ ،‬أخرج الصبي ‪ ،‬أخرج المجنون ال يأمر بالصالة ‪ ...‬إلى آخره ‪ً ،‬إذا كل عام متعلقه في الحكم‬
‫مخصوصا السيوطي رحمه  تعالى قال ‪ :‬قد ظفرت بآية عام في األحكام ال‬ ‫ً‬ ‫فحينئذ يكون ماذا ؟ يكون‬ ‫ٍ‬ ‫الشرعي تكليفي‬
‫أمھاتكم ﴾ ] النساء ‪ [23 :‬قال ‪ :‬ھذه اآلية عامة وھي باقية على عمومھا ‪.‬‬ ‫ُ‬
‫عليكم َّ َ ُ ُ ْ‬ ‫حرمت َ َ ْ ُ ْ‬ ‫خصوص فيه ‪ .‬ما ھي ؟ ﴿ ُ ِّ َ ْ‬
‫والسيوطي إذا بصر بشيء يفرح به ‪.‬‬
‫عليم َذا ُ ْ‬
‫ھو‬ ‫أي َ ِ ْ ٌ‬ ‫َ‬
‫شيء ﴾ ْ‬ ‫بكل ِّ َ ْ ٍ‬ ‫ُ ِ ُ‬‫قوله ‪َ ﴿ :‬و َّ‬
‫وعز ِإالَّ َ َ ُ‬
‫) َ َ َّ‬
‫لبس ( ھذا ھو النوع األول وھو العام الباقي على عمومه يعني ‪ :‬العام‬ ‫دون َ ْ ِ‬ ‫فخذهُ ُ َ‬ ‫واحدة ﴾ َ ُ ْ‬ ‫نفس َ ِ َ ٍ‬ ‫خلقكم ِّمن َّ ْ ٍ‬
‫وقوله ‪ُ َ َ َ ﴿ :‬‬ ‫َ َُ‬
‫أبدا ‪ ،‬وأكثر ما يوجد في األحكام الشرعية التكليفية ‪.‬‬ ‫المحفوظ الذي لم ي َُخصْ ً‬
‫الخصوص‬
‫ُ‬ ‫أريد به ُ‬ ‫ُ‬
‫والعام الذي ِ َ‬
‫ُّ‬ ‫العام المخصوص ‪،‬‬ ‫ُّ‬ ‫النوع الثاني والثالث ‪:‬‬
‫زيدا ‪ .‬فنقول ‪:‬‬ ‫العام المخصوص يعني ‪ :‬ھو في األصل عام ولكنه دخله التخصيص كما إذا قلت ‪ :‬أكرم الطالب إال ً‬
‫واحدا دفعة بال حصر ‪ ،‬لكن استثنيت زيد ‪،‬‬ ‫ً‬ ‫الطالب ھذا لفظ عام يستغرق في جميع ما يصلح له اللفظ إال بحسب وضع‬
‫ربكم ﴾ ھذا يُخص بغيره‬ ‫الناس َّ ُ ْ‬
‫اتقوا َ َّ ُ ُ‬ ‫فحينئذ نقول ‪ :‬الطالب ھذا عام مخصوص ‪ ،‬فكما ذكر السيوطي في ميما سبق ﴿ َيا َ ُّ َ‬
‫أيھا َّ ُ‬ ‫ٍ‬
‫الناس ﴾ ھذا يشمل الصبي ‪ ،‬ويشمل الرضيع ‪ ،‬ويشمل الحمل ‪ ،‬ويشمل المجنون ‪ ،‬ھل نأمرھم بتقوى  ما نأمرھم‬ ‫مكلف ﴿ َّ ُ‬
‫الربا ﴾ ُخص بالسنة بالعرايا يعني ‪ :‬العرايا في‬ ‫وحرم ِّ َ‬ ‫ًإذا مخصوص أو ال ؟ نقول ‪ :‬مخصوص ‪ .‬ھذا عام مخصوص ﴿ َ َ َّ َ‬
‫] المائدة ‪ِ ﴿ ، [3 :‬إالَّ َأن َ ُ َ‬
‫يكون‬ ‫عليكم ْ َ ْ َ ُ‬
‫الميتة ﴾‬ ‫حرمت َ َ ْ ُ ُ‬
‫األصل أنھا داخلة في حد الربا لكن ُخصت بدليل شرعي كذلك ﴿ ُ ِّ َ ْ‬
‫رجس ﴾ ] األنعام ‪ [145 :‬دل على أن الميتة كلھا رجس جاءت األدلة من السنة‬ ‫فإنه ِ ْ ٌ‬ ‫خنزير َ ِ َّ ُ‬
‫لحم ِ ِ ٍ‬ ‫مسفوحا ً َْأو َ ْ َ‬‫تة َْأو َدما ً َّ ْ ُ‬‫مي َ ً‬
‫َْ‬
‫باستثناء ماذا ؟ اإلھابة أو جلد الميت إذا دبغ ‪ ..‬إلى آخر ما يُذكر في موضعه ‪.‬‬
‫ابتداء ‪ ،‬يعني ‪ :‬أول ما ابتدأ به المتكلم نطق به ولم يُرد كل األفراد ‪ ،‬فھو ال يتناول‬ ‫ً‬ ‫والعام الذي أريد به الخصوص ھذا‬
‫حكما ‪ .‬وذكر أھل العلم في الفرق بين العام المخصوص والعام الذي أريد به الخصوص بعض‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫استعماال وال‬ ‫ً‬
‫ابتداء ال‬ ‫األفراد‬
‫الفروق ‪:‬‬
‫حكما العام المخصوص ھو الذي أريد أو يقصد فيه‬ ‫ً‬ ‫أوالً ‪ :‬العام المخصوص ‪ .‬ھو ما يقصد فيه جميع األفراد استعماال ال‬
‫ً‬
‫ً‬
‫حكما ‪.‬‬ ‫جميع األفراد استعماالً ال‬
‫حكما ‪ ،‬بل المراد به‬ ‫ً‬ ‫والعام الذي أريد به الخصوص لم يقصد فيه إال بعض األفراد ‪ ،‬وبعضھا لم يقصد ‪ ،‬ال تناوالً وال‬
‫علي عشرة إال ثالثة ‪ .‬عشرة ھذا نتوسع في كونھا عام ‪ -‬وھي ليس‬ ‫َّ‬ ‫معا ‪ ،‬فإذا قلت مثالً ‪:‬‬‫البعض فقط في االستعمال والحكم ً‬
‫ٍ‬
‫حينئذ‬ ‫بعام لكن يذكرونه مثال ألن التمثيل به واضح ‪ -‬عشرة نقول ‪ :‬لھا أفراد أو ال ؟ لھا أفراد ‪ ،‬إذا أطلقت لفظ العشرة‬
‫علي عشرة‬ ‫َّ‬ ‫ابتداء فكل فرد من أفراد العشرة ھو داخل فيھا إذا قيل له ‪:‬‬ ‫ً‬ ‫يستعمل في أو تدل على أفرادھا من جھة اللغة‬
‫علي عشرة إال ثالثة نقول ‪ :‬ننظر إلى لفظ‬ ‫َّ‬ ‫وسكت ‪ .‬كم يكون األفراد عشرة كل األفراد من واحد إلى عشرة ‪ ،‬لكن لو قال له‬
‫العشرة ھل أريد به لفظ العشرة كله ھل يشمله من جھة اللغة ‪ -‬دعك من الحكم ‪ -‬من جھة اللغة ھل يشمل كل أفراد العشرة‬
‫ً‬
‫ثالثة ‪.‬‬ ‫استعماال من جھة االستعمال اللغوي لماذا ؟ بدليل أنه استثنى منه وقوله ‪ :‬إال‬ ‫ً‬ ‫نقول ‪ :‬نعم ‪ً .‬إذا ھو يشمل كل األفراد‬
‫مرادا بالحكم مع كونھا مراده باالستعمال ‪ ،‬فاللفظ يشملھا من جھة االستعمال‬ ‫ً‬ ‫ھذا يدل على أن الثالثة التي يضعه العشرة غير‬
‫حكما ‪.‬‬‫ً‬ ‫ً‬
‫استعماال ال‬ ‫وال يشملھا من جھة الحكم ‪ ،‬ولذلك نقول بعبارة مختصرة ‪ :‬العام المخصوص ما يقصد فيه جميع األفراد‬
‫علي عشرة إال‬ ‫َّ‬ ‫حكما ‪ -‬يعني ‪ :‬من جھة االعتراف لم ي َُرد به لو أقر على نفسه ھذا حكم شرعي له‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫استعماال ال‬ ‫‪ -‬أحفظ ھذه‬
‫ثالثة يعني كم ؟ سبعة إذا اعترف بسبعة ‪ ،‬يعني السبعة ليست ھي كل العشرة أين ذھبت الثالثة استثناھا ليست بمرادة ‪،‬‬ ‫ً‬
‫ً‬
‫حكما ؟‬ ‫ً‬
‫استعماال أم‬ ‫ليست بمرادة‬
‫استعماال ألن اللفظ يشملھا ‪ ،‬فالذي أريد به الخصوص لم يرد شموله لجميع األفراد فإذا قال كما ذكرناه في اآلية ﴿‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫حكما ال‬
‫أطلق اللفظ ولم يُرد به كل األفراد وإنما أريد به‬ ‫ابتداء في أول الكالم ُ ْ ِ َ‬‫ً‬ ‫الناس ﴾ ] آل عمران ‪ [173 :‬نقول ‪:‬‬ ‫الذين َقال َ َ ُ ُ‬
‫لھم َّ ُ‬ ‫َّ ِ َ‬
‫فحينئذ نقول ‪ :‬ھل شمل األفراد استعماالً ؟‬‫ٍ‬ ‫الواحد وھو نعيم بن مسعود فقط ‪،‬‬
‫ً‬
‫حكما‬ ‫ً‬
‫حكما ‪ .‬إذا نحفظ كلمة استعماال ال‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ال ‪ ،‬وإنما أطلق وأريد به بعض األفراد والبعض اآلخر غير مراد ال استعماال وال‬
‫‪ ] .‬أرى الوجوه ما كأنھا المسألة واضحة [ ‪.‬‬
‫ً‬
‫حكما ‪.‬‬ ‫ً‬
‫سنقول ‪ :‬اللفظ عام له أفراد في باب العام المخصوص نقول ‪ :‬األفراد مرادة استعماال ال‬
‫‪190‬‬
‫حكما بل أريد بعضھا وبعضھا لم يرد ‪ ،‬لو‬ ‫ً‬ ‫في باب العام الذي أريد به الخصوص كل األفراد غير مرادة ال استعماالً وال‬
‫استعمل في نعيم بن مسعود ولم يقصد به كل الناس قالوا ثم بعد ذلك‬ ‫ابتداء ُ‬
‫ً‬ ‫لھم َّ ُ‬
‫الناس ﴾ الناس ھنا‬ ‫الذين َقال َ َ ُ ُ‬
‫تأملت اآلية ﴿ َّ ِ َ‬
‫فحينئذ لم ي َ ّ‬
‫ُرد كل األفراد ال‬ ‫ٍ‬ ‫ابتداء استعمل في ھذا ‪،‬‬‫ً‬ ‫وصل إلى ُنعيم بن مسعود يعني بعد التخصيصات ‪ ،‬نقول ‪ :‬ال ‪،‬‬
‫حكما ‪ ،‬فالذي أريد به الخصوص لم يُرد شموله لجميع األفراد ال من جھة تناول اللفظ وال من جھة الحكم ‪ ،‬بل‬ ‫ً‬ ‫استعماالً وال‬
‫ھو ذو أفراد استعمل في فرد منھا ‪ ،‬ولذلك قيل ‪ :‬ھو مجاز ‪ .‬ولذلك قال ‪ ) :‬والثاني اعز للمجاز جزما ( ‪ .‬يعني ‪ :‬أنه من باب‬
‫أطلق الكل وأريد به البعض ‪ ،‬وھذا ھو المجاز ‪.‬‬ ‫إطالق الكل وأريد به البعض ‪َ ِ ْ ُ ،‬‬
‫والمخصوص أريد عمومه وشموله لجميع األفراد من جھة تناول اللفظ ال من جھة الحكم ھذا ھو الفرق األول ما ھو ؟‬
‫ھل كل األفراد مراده في العام المخصوص أو ال من جھة االستعمال اللفظ ؟‬
‫والمطلقات ﴾ ] البقرة ‪ [228 :‬كل المطلقات حامل أم ال آيسة أم ال حرة أم أمة‬ ‫مرادة ‪ ،‬ومن جھة الحكم غير مرادة ﴿ َ ْ ُ َ َّ َ ُ‬
‫صغيرة أم كبيرة داخلة في ھذا اللفظ أم ال ؟‬
‫داخلة في ھذا اللفظ ‪ ،‬لكن من جھة الحكم ؟‬
‫فنادته ْ َ ِ َ ُ‬
‫المآلئكة ﴾ ] آل عمران ‪ [39 :‬كل المالئكة ؟ ال ‪،‬‬ ‫ال ‪ ،‬لوجود المخصصات ‪ .‬ھذا ماذا نسميه ؟ عام مخصوص ﴿ َ َ َ ْ ُ‬
‫ابتداء أطلق اللفظ الذي له أفراد وأريد به واحد وھذا مجاز ‪ ] .‬ما شاء  عليكم [ ‪.‬‬ ‫ً‬ ‫وإنما أريد به‬
‫ضع للداللة مستغرق‬ ‫ٌ‬
‫قطعا لنقل اللفظ عن موضوعه األصلي ألنه ُنقل ‪ ،‬لفظ وُ ِ َ‬ ‫ً‬ ‫الثاني ‪ :‬الذي أريد به الخصوص مجاز‬
‫لجميع ما يصلح له اللفظ ‪ ،‬ھذا أصل الناس ھذا عام يطلق على كل األفراد ثم استعملته إلى واحد نقول ‪ :‬ھذا مجاز ‪ .‬وسبق‬
‫قطعا ولذلك اتفقوا على ھذا ‪.‬‬ ‫أن الجمع إذا استعمل في المفرد مجاز ‪ ،‬ھذا مجاز ً‬

‫وذاك لألصل وفرع يُنمى‬ ‫والثاني اعز للمجاز جزما‬


‫)‬ ‫)‬

‫والعام المخصوص فيه مذاھب ‪ ،‬اختلفوا فيه ‪ ،‬فيه مذاھب يعني مختلف فيه ھل ھو حقيقة أم مجاز ؟ أصحھا أنه حقيقة‬
‫يعني داللة المطلقات على ما بقي جاءت خمسة مخصصات أخرجت بعض المطلقات خمسة أنواع وبقي دال على بعضھا‬
‫حينئذ داللة اللفظ على ما بقي بعض التخصيص حقيقة أو مجاز ؟ نقول ‪ :‬أصحه أنه حقيقة ‪ .‬وقيل ‪ :‬أنه مجاز ‪ .‬واألصوب‬ ‫ٍ‬
‫أنه حقيقة لماذا ؟ ألن تناول اللفظ للبعض الباقي بعد التخصيص كتناوله له بال تخصيص يعني ‪ :‬ھب أنه لم يرد تخصيص‬
‫داللة اللفظ على الفرد الذي أخرج حقيقة أو مجاز ؟‬
‫حقيقة ًإذا يبقى داللته على الباقي بماذا ؟‬
‫ً‬
‫اتفاقا فليكن‬ ‫ٌ‬
‫حقيقي‬ ‫حقيقة ‪ً ،‬إذا ال فرق ‪ ،‬تناول اللفظ للبعض الباقي بعد تخصيص كتناوله له بال تخصيص وذلك التناول‬
‫أيضا ‪.‬‬ ‫ًّ‬
‫حقيقيا ً‬ ‫ھذا التناول‬
‫الثالث ‪ :‬أن قرينة المخصوص لفظية ‪ ،‬العام المخصوص قرينته لفظية ‪ ،‬قد تكون متصلة وقد تكون منفصلة ‪ ،‬وذات‬
‫عقدية الذي ھو العام الذي أريد به الخصوص وسيأتي في النظم ھذا ‪.‬‬
‫الرابع ‪ :‬أن قرينة العام الذي أريد به الخصوص ال تنفك عنه ‪ .‬يعني ال توجد في غير النص بل تفھمه منه سياق كالمه‬
‫الناس ﴾ أي قارئ بعقل يفھم أنه ال يمكن يكون كل الناس قائلون وكل الناس‬ ‫إن َّ َ‬ ‫الذين َقال َ َ ُ ُ‬
‫لھم َّ ُ‬
‫الناس ِ َّ‬ ‫ومن فحوى الكالم ﴿ َّ ِ َ‬
‫يصلي ِفي ْ ِ ْ َ ِ‬
‫المحراب ﴾ ] آل عمران ‪[39 :‬‬ ‫وھو َ ِ ٌ‬
‫قائم ُ َ ِّ‬ ‫فنادته ْ َ ِ َ ُ‬
‫المآلئكة َ ُ َ‬ ‫مقول لھم ‪ ،‬ھذا بعيد ما يتصوره إنسان عاقل ‪ ،‬كذلك ﴿ َ َ َ ْ ُ‬
‫عام‬
‫فحينئذ نقول ‪ :‬من السياق تعرف أن ھذا ماذا ؟ أنه ٌ‬ ‫ٍ‬ ‫كل المالئكة منذ أن خلق  السماوات واألرض ال يمكن أن يُراد ‪،‬‬
‫ُأريد به الخصوص فھو مجاز من إطالق الكل على الجزء وھو مجاز مرسل ‪.‬‬
‫ًإذا قرينة العام الذي أريد به الخصوص ال تنفك عنه ‪ ،‬واآلخر قد ال تنفك عنه وھذا كثير في المخصصات المنفصلة ‪.‬‬
‫اتفاقا ألنه مجاز ‪ ،‬وأما العام المخصوص ھل يجوز أن يخصص‬ ‫ً‬ ‫الخامس ‪ :‬المراد به الخصوص يصح أن يراد به واحد‬
‫محل نزاع ومحل اختالف ‪.‬‬ ‫ٌ‬ ‫إلى أن يبقى واحد ‪ ،‬ھذا‬
‫ً‬
‫واحدا بل إلى أن يبقى أقل الجمع وما‬ ‫والصواب التفصيل ‪ ،‬فيما يدل على معنى الجمع ال يجوز التخصيص إلى أن يبقى‬
‫عداه فيجوز ‪.‬‬

‫أتت به أدلة في الشرع‬ ‫ٍ‬


‫لواحد في الجمع‬ ‫جوازه‬
‫)‬ ‫)‬
‫‪191‬‬
‫له‬ ‫ً ً‬
‫مطلق◌ا‬ ‫والمنع‬ ‫القفال‬ ‫أقله‬ ‫ٍ‬
‫وموجب‬
‫)‬ ‫اعتالل‬ ‫)‬

‫يعني ھل يجوز في العام المخصوص أن يرد مخصصات ‪ ،‬نقول ‪ :‬ھذا ال يستغرق كل الناس مثالً ‪ .‬لفظ عام أكرم‬
‫ً‬
‫محمدا وإال فوزي وإال عبد ‬ ‫ً‬
‫خالدا وإال‬ ‫ً‬
‫عمرا وإال‬ ‫الطالب ‪ ،‬ويكون الطالب عندي عشرة ثم أقول ‪ :‬إال ً‬
‫زيدا وإال ً‬
‫بكرا وإال‬
‫وإال عبد الرحمن وإال علي كم بقي في العام ؟ واحد يجوز أو ال يجوز ؟‬
‫فيه خالف ‪ ،‬والصواب أنه ال يجوز ‪ .‬في مثل ھذا اللفظ ال يجوز لماذا ألن الطالب ھذا صيغة الجمع وأقل الجمع ثالثة ‪،‬‬
‫ومضى معنى في القواعد قول البستي وھو قول يحفظ ‪ :‬أن الكامل في العموم ھو الجمع ‪ ،‬لماذا ؟ لداللته على العموم‬
‫بصورته ومعناه ‪ .‬تنبه لھذا ‪ ،‬قول البستي الذي سبق معنا في قواعد األصول أن الكامل في العموم ھو الجمع ‪ ،‬لماذا ؟ لداللته‬
‫فحينئذ ال يمكن أن يخصص من جھة المعنى على ما ال يدل عليه الصورة ‪ ،‬وما عدا ذلك‬ ‫ٍ‬ ‫على العموم بصورته وبمعناه‬
‫حينئذ يجوز أن يخصص إلى أن يبقى واحد ‪ ،‬ومن جوز التخصيص إلى أن يبقى واحد اعتمد على العام‬ ‫ٍ‬ ‫كالمفرد المضاف‬
‫الذي أريد به الخصوص ولذلك في )) المراقي (( قال ‪:‬‬

‫أتت به أدلة في الشرع‬ ‫ٍ‬


‫لواحد في الجمع‬ ‫جوازه‬
‫)‬ ‫)‬

‫لواحد يعني جاء في باب التخصيص ‪ ،‬جوازه ‪ ،‬جواز التخصيص إلى أن يبقى واحد أتت به أدلة في الشرع مثلوا‬ ‫ٍ‬ ‫جوازه‬
‫فنادته ْ َ ِ َ ُ‬
‫المآلئكة ﴾ ] آل عمران ‪:‬‬ ‫الناس ﴾ ] آل عمران ‪ُ ْ َ َ َ ﴿ ، [173 :‬‬
‫إن َّ َ‬ ‫الذين َقال َ َ ُ ُ‬
‫لھم َّ ُ‬
‫الناس ِ َّ‬ ‫بماذا ؟ مثلوا بقوله تعالى ‪َ ِ َّ ﴿ :‬‬
‫آتاھم ﴾ ] النساء ‪ [54 :‬قالوا ‪ :‬النبي  ‪ ،‬مثلوا بماذا ؟ بالعام الذي أريد به الخصوص‬‫على َما َ ُ ُ‬ ‫الناس َ َ‬
‫يحسدون َّ َ‬ ‫‪ْ َ ﴿ ، [39‬‬
‫أم َ ْ ُ ُ َ‬
‫وأريد به واحد ‪ ،‬وھذا كان عند المتقدمين ال تفريق بين النوعين ‪ ،‬المتقدمون من األصوليين ممن كتب ال يفرقون بين‬
‫فحينئذ عومل معاملة العام المخصوص فنظر على داللته على واحد فقيل يجوز أن يخصص إلى أن‬ ‫ٍ‬ ‫النوعين فھو ٌ‬
‫نوع واحد‬
‫ٌ‬
‫يبقى واحد ‪ ،‬والصواب التفريق بين النوعين وأن النوع العام المخصوص حقيقة والنوع الثاني مجاز مرسل عالقته الكلية‬
‫والجزئية ألنه من باب إطالق الكل على الجزء ‪.‬‬
‫قال رحمه  ‪:‬‬
‫الخصوص‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫أريد به ُ‬
‫عام الذي ِ َ‬
‫العام المخصوص ‪ ،‬وال ُّ‬
‫ُّ‬ ‫النوع الثاني والثالث ‪:‬‬

‫يحسدون َّ َ‬
‫الناسا‬ ‫نحو َ ْ ُ ُ َ‬ ‫َّ ِ‬
‫والثان َ ْ ُ‬ ‫ََ َ‬
‫أقاسا‬ ‫َِ ْ‬
‫لمن‬ ‫َ َ‬
‫شاع‬ ‫َ َ َّ‬
‫وأول ٌ‬
‫)‬ ‫)‬
‫)‬ ‫لمن ُ َ ِ ْ‬
‫يعاني‬ ‫مجاز َ ْ ُ‬
‫الفرق ِ َ ْ‬ ‫َ َ ٌ‬ ‫َّ ِ ْ‬
‫والثاني‬ ‫ٌ‬ ‫َ ِْ َ‬
‫حقيقة‬ ‫وأول ٌ‬ ‫َ‬
‫َ َّ‬
‫)‬
‫)‬ ‫ترى َ ْ ِ َّ ْ‬
‫لفظية‬ ‫قطعا ً ُ َ‬ ‫َ َ َّ‬
‫وأول ٌ َ ْ‬ ‫عقليةْ‬
‫ترى َ ْ ِ َّ‬ ‫َّ ِ ْ‬
‫الثاني ُ َ‬ ‫ُ‬
‫قرينة‬ ‫ََِْ‬
‫)‬
‫)‬ ‫لھذا َ ِ ُ‬
‫فاقد‬ ‫فيه َ َ َّ‬
‫وأول ٌ ِ َ‬ ‫ِْ ِ‬ ‫يراد َ ِ ُ‬
‫الواحد‬ ‫أن ُ َ َ‬ ‫َ‬
‫جاز ْ‬ ‫َّ ِ‬
‫والثان َ َ‬
‫)‬

‫شاع ( وكثر ‪ ،‬كثير في الكتاب ألن البحث ھنا في الكتاب ‪َّ َ َ ) ،‬‬
‫وأول ٌ ( أي العام‬ ‫وأول ٌ ( بالتنوين ‪ ،‬العام المخصوص ‪َ َ ) ،‬‬ ‫) َ َ َّ‬
‫أقاسا ( بمعنى ‪ :‬تتبع ‪ ،‬من تتبع القرآن وجد أن العام‬ ‫أقاسا ( األلف لإلطالق ) َ َ َ‬ ‫شاع ( وكثر لمن ) َ َ َ‬ ‫المخصوص ) َ َ‬
‫ٍ‬
‫حينئذ‬ ‫شرعيا إال وقد خص‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫حكما‬ ‫وخاصة في األحكام ‪ ،‬بل ال يكاد أن يوجد حكم عام ٌ‬
‫لفظ عام يتضمن‬ ‫ً‬ ‫المخصوص كثير‬
‫ً‬
‫وشائعا ‪.‬‬ ‫ً‬
‫كثيرا‬ ‫صار‬
‫نحو ( قوله تعالى ‪:‬‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫والثان ( بحذف الياء ) ْ ُ‬
‫ِ‬
‫ُ‬
‫والثان ( العام الذي أريد به الخصوص )‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫أقاسا ( كثر )‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫لمن‬ ‫ِ‬
‫شاع َ ْ‬ ‫َ‬
‫وأول ٌ َ‬ ‫َ‬
‫) َ َّ‬
‫ُ‬ ‫‬
‫الناس ﴾ الناس قيل ‪ :‬النبي ‪ ،‬أطلق عليه الناس لماذا ؟ لجمعه‬ ‫يحسدون َّ َ‬
‫أم َ ْ ُ ُ َ‬‫َ‬ ‫يحسدون َّ َ‬
‫الناس ﴾ ‪ .‬األلف لإلطالق ھنا ﴿ ْ‬ ‫أم َ ْ ُ ُ َ‬ ‫﴿ َْ‬
‫ِّي محمد لذلك ‪.‬‬
‫ما في الناس من الخصال الحميدة ‪ ،‬ولذلك سبق معنا أنه ُسم َ‬

‫‪192‬‬
‫الناس ﴾ ‪،‬‬‫يحسدون َّ َ‬‫أم َ ْ ُ ُ َ‬ ‫والثان ( أي العام الذي أريد به الخصوص وعرفنا الفرق بين النوعين مثاله قوله تعالى ‪ْ َ ﴿ :‬‬ ‫َّ ِ‬ ‫)‬
‫ٍ‬
‫واحد‬ ‫وضع‬ ‫عام لفظ مستغرق لجميع ما يصلح له بحسب‬ ‫ٌ‬ ‫حينئذ أطلق لفظ الناس وھو ٌ‬ ‫ٍ‬ ‫والناس المراد به النبي  على قولھم‬
‫ٍ‬
‫ابتداء ُأطلق على النبي  ‪.‬‬ ‫ً‬ ‫لفظ عام لكنه‬ ‫من غير حصر ھذا ٌ‬
‫ُمث ُل لألول لشھرته ‪ ،‬والمشھور األصل فيه أنه‬ ‫مثل للثاني ولم ي َ ِّ‬ ‫حقيقة ( يعني فرق وأراد أن يفرق بين النوعين ‪َ َّ َ ،‬‬ ‫وأول ٌ َ ِ ْ َ ٌ‬ ‫) َ َ َّ‬
‫ذائعا فاألصل‬ ‫شائعا ً‬ ‫ً‬ ‫ال يذكر ‪ ،‬واآلصل األصل فيه على أنه ال يذكر يعني ‪ :‬ما كان على أصل فاألصل أنه ال يذكر وما كان‬
‫أنه معلوم وما كان معلوم ال يحتاج إلى التمثيل ‪ ،‬لكن الثاني فيه نوع لبس وخفاء وقلة فاحتاج إلى أن يمثل له ‪ ،‬أراد أن يفرق‬
‫حقيقة ( وعرفنا ھذا ‪ ،‬الستعماله فيما وضع له ثم أخرج منه البعض‬ ‫) َو َ َّأول ٌ ( أي العام المخصوص ) َ ِ ْ َ ٌ‬ ‫بين النوعين قال ‪:‬‬
‫بمخصص ‪ ،‬لماذا ھو حقيقة ؟‬
‫ألنه استعمل في ما وضع له في لغة العرب ‪ ،‬وكونه أخرج بعض األفراد بمخصص ال يُخرجه عن كونه حقيقة ألن تناول‬
‫ٍ‬
‫حينئذ ‪.‬‬ ‫اللفظ لألفراد بعد التخصيص كتناوله له قبل التخصيص ‪ ،‬فال فرق‬
‫مجاز ( لماذا ؟‬ ‫والثاني ( الذي ھو العام الذي أريد به الخصوص ) َ َ ٌ‬ ‫) َّ ِ ْ‬
‫ابتداء في بعض ما وُ ضع له ‪ ،‬وھذا المجاز‬ ‫ً‬ ‫استعمل‬ ‫ابتداء في بعض ما وُ ضع له ‪ ،‬ال بد من قيد ابتداء ‪ ،‬ألنه ُ‬ ‫ً‬ ‫استعمل‬ ‫ألنه ُ‬
‫﴿‬ ‫مرادا به الجزء ‪ ،‬وعالقته الكلية والجزئية وھي من عالقات المجاز المرسل ‪،‬‬ ‫ً‬ ‫مرسال من إطالق الكل‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫مجازا‬ ‫يُسمى‬
‫أطرافھا ‪ ،‬يقولون ‪ :‬ھذا مجاز ‪ ،‬أطلق الكل وأريد‬ ‫َ‬ ‫آذانھم ﴾ ] البقرة ‪ . [19 :‬كل األصبع أم أطرافھا ؟‬ ‫أصابعھم ِفي َ َ ِ ِ ْ‬ ‫يجعلون َ َ ِ َ ُ ْ‬ ‫َ َُْ َ‬
‫به الجزء أو البعض ‪.‬‬
‫يعاني ( لمن يعتني به ‪،‬‬ ‫ِ‬
‫لمن ُ َ ْ‬ ‫ِ‬ ‫ً‬
‫الفرق ( يعني المذكور بكون األول حقيقة والثاني مجازا ظاھر ) َ ْ‬
‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ني ( ‪ْ ) .‬‬ ‫يعا ِ ْ‬ ‫لمن ُ َ‬ ‫الفرق ِ َ ْ‬ ‫) َْ ُ‬
‫يعني بالفرق ‪ ،‬لمن يعتني به يعلم أن األول حقيقة والثانية مجاز ‪.‬‬
‫ترى ( أي تعلم عقلية نسبة إلى العقل ألن القرائن‬ ‫ً‬ ‫ُ‬
‫الثاني ( الذي ھو العام الذي أريد به الخصوص قرينته ماذا ؟ ) َ‬ ‫قرينة َّ ِ ْ‬ ‫) ََِْ ُ‬
‫ُثل له بالقرينة العقلية وسبق‬ ‫شيء ﴾ ] الزمر ‪ [62 :‬ھذا م ِّ َ‬ ‫خالق ُكل ِّ َ ْ ٍ‬ ‫ُ َ ِ ُ‬ ‫قد تكون لفظية وقد تكون عقلية وقد تكون معنوية ‪َّ ﴿ ،‬‬
‫شيء ﴾‬‫خالق ُكل ِّ َ ْ ٍ‬
‫ُ َ ِ ُ‬ ‫ُمثلون به يعني ‪ :‬بھذه اآلية على ماذا ؟ المخصص العقلي أليس كذلك ؟ ﴿ َّ‬ ‫أن الكثير من األصوليين ي َ ِّ ُ‬
‫ُ ﴾ ] األنعام ‪﴿ . [19 :‬‬ ‫قل َّ‬ ‫شھادة ُ ِ‬
‫أكبر َ َ َ ً‬ ‫شيء َ ْ َ ُ‬ ‫أي َ ْ ٍ‬ ‫شيء ‪ ،‬ھو شيء ھذا جاء في الكتاب أنه يطلق على الرب جل وعال ﴿ ُقلْ َ ُّ‬
‫حينئذ نقول ‪ُ :‬أطلق لفظ الشيء على  عز وجل قوله ‪﴿ :‬‬ ‫ٍ‬ ‫] القصص ‪ . [88 :‬جل وعال‬ ‫ھالك َِّإال َ ْ َ ُ‬
‫وجھه ﴾‬ ‫شيء َ ِ ٌ‬ ‫ُكل ُّ َ ْ ٍ‬
‫شيء ﴾ ] األحقاف‬ ‫تدمر ُكل َّ َ ْ ٍ‬ ‫شيء ﴾ ھل خلق نفسه ؟ الجواب ‪ :‬ال ‪ً .‬إذا بمخصص ھو العقل القرينة ھنا عقلية ﴿ ُ َ ِّ ُ‬ ‫خالق ُكل ِّ َ ْ ٍ‬ ‫ُ َ ِ ُ‬ ‫َّ‬
‫الثاني ( العام الذي‬ ‫قرينة َّ ِ ْ‬ ‫‪ . [25 :‬مع أنھا لم تدمر السماوات واألرض ‪ ،‬أليس كذلك ؟ قالوا ‪ :‬التخصيص ھنا حصل بالعقل ) َ ِ ْ َ ُ‬
‫عقلية ( يعني ُتعلم عقلية نسبة إلى العقل وقيل ‪ :‬حالية وھذا في الغالب ‪ ،‬وقد تكون لفظية ‪ ،‬قد‬ ‫ترى َ ْ ِ َّ ْ‬ ‫أريد به الخصوص ) ُ َ‬
‫الشيطان ﴾ ] آل عمران ‪[ 175 :‬‬ ‫ذلكُم َّ ْ َ ُ‬ ‫إنما َ ِ ُ‬‫] أحسنت [ ﴿ ِ َّ َ‬ ‫تكون قرينة العام الذي أريد به الخصوص لفظية ما ھو مثاله ؟‬
‫الناس ﴾ ] آل عمران ‪ . [173 :‬قلنا النظر إلى سياق اآلية يدل على‬ ‫لھم َّ ُ‬ ‫الذين َقال َ َ ُ ُ‬
‫‪ .‬ھذه قرينة لفظية ذكرناه فيما سبق ‪َ ِ َّ ﴿ :‬‬
‫ذلكم َّ ْ َ ُ‬
‫الشيطان ﴾ ‪ .‬بذا‬ ‫إنما َ ِ ُ ُ‬ ‫ضع له ‪ ،‬ويدل عليه قوله تعالى ‪َ َّ ِ ﴿ :‬‬ ‫ماذا ؟ على أن الناس ھنا استعمل في ماذا ؟ في غير ما وُ ِ َ‬
‫أشرْ‬‫ُذكر ِ‬‫َ‬ ‫َ‬
‫ُفرد م َّ ٍ‬ ‫َِبذا لِم ْ َ ٍ‬
‫الناس ﴾ لو كان المراد به‬ ‫لھم َّ ُ‬ ‫الذين َقال َ َ ُ ُ‬ ‫ھذا مرجعه ماذا ؟ اسم اإلشارة للمفرد المذكر ‪ ،‬لو كان المراد بالناس في قوله ﴿ َّ ِ َ‬
‫ذلكم ﴾ فدل على ماذا فدل‬ ‫َُُِ‬ ‫جميع مدلوله لقال ‪ :‬إنما أولئكم الناس ‪ ،‬إنما أولئكم الشيطان أو الشياطين ‪ ،‬لكنه ما قال ﴿ ِ َّ َ‬
‫إنما‬
‫على أن المراد باللفظ األول واحد ‪.‬‬
‫عقلية ( ًإذا ھذا في الغالب وقد تكون قرينته لفظية كما في اآلية التي ذكرناھا حيث المراد به واحد ‪،‬‬ ‫ترى َ ْ ِ َّ ْ‬ ‫قرينة َّ ِ ْ‬
‫الثاني ُ َ‬ ‫) ََِْ ُ‬
‫قطعا ً (‬‫) َ ْ‬ ‫وأول ٌ ( العام المخصوص ) َ ِ ْ َ ُ‬
‫قرينة (‬ ‫قطعا ً ( ‪َّ َ َ ) ،‬‬ ‫لفظية ( ) َ ْ‬ ‫ترى َ ْ ِ َّ ْ‬ ‫وأول ٌ ( أي العام المخصوص ) َ ِ ْ َ ُ‬
‫قرينة ( ) ُ َ‬ ‫) َ َ َّ‬
‫لفظية ( كاالستثناء والشرط والغاية ‪ ،‬أو الكتاب بالكتاب أو الكتاب بالسنة ‪ ..‬إلى آخره ‪ ،‬يعني‬ ‫ترى ( أي تعلم ) َ ْ ِ َّ ْ‬ ‫جزما ) ُ َ‬ ‫ً‬ ‫أي‬
‫المخصصات كلھا المتصلة والمنفصلة ‪ ،‬المخصصات المنفصلة ذكرنا أنھا تسعة ‪ ،‬والمخصصات المتصلة ذكرنا أنھا أربعة‬
‫الثاني ( الذي ھو العام الذي أريد به الخصوص عقلية ال لفظية ھذا في الحكم األغلبي‬ ‫قرينة َّ ِ ْ‬ ‫أو خمسة ‪ ،‬كل ھذه لفظية ‪ً .‬إذا ) َ ِ ْ َ ُ‬
‫سواء كانت متصلة أو منفصلة ‪.‬‬ ‫ً‬ ‫وأما العام المخصوص فھذا قرينته ماذا ؟ لفظية‬
‫والثان ( أي العام المراد به الخصوص المجاز ‪ ،‬جاز‬ ‫والثان ( بحذف الياء للوزن ) َّ ِ‬ ‫فيه ( ) َّ ِ‬ ‫الواحد ِ ْ ِ‬
‫يراد َ ِ ُ‬ ‫أن ُ َ َ‬ ‫جاز َ ْ‬ ‫والثان َ َ‬ ‫) َّ ِ‬
‫جاز ( بال‬ ‫خالف أن يراد به الفرد الواحد ولذلك أجمعوا على أن المراد الناس واحد في قوله نعيم بن مسعود ‪ِ َّ ) ،‬‬
‫والثان َ َ‬ ‫ٍ‬ ‫بال‬
‫وبالليل ﴾ ]الصافات‬ ‫مصبحين * َ ِ َّ ْ ِ‬ ‫عليھم ُ ْ ِ ِ َ‬ ‫لتمرون َ َ ْ ِ ْ‬ ‫وإنكم َ َ ُ ُّ َ‬ ‫فيه ( ھذا به في بمعنى الباء ھنا ﴿ َ ِ َّ ُ ْ‬ ‫خالف أن يراد به الفرد الواحد ‪ِ ْ ِ ) ،‬‬ ‫ٍ‬
‫‪193‬‬
‫‪ . [138 ، 137 :‬يعني في الليل إذا الباء تأتي بمعنى في وھنا في بمعنى الباء ‪ً ،‬إذا ٌ‬
‫كل منھما يتناوب عن اآلخر ‪ ،‬معتلق‬
‫يراد ( به ) َ ِ ُ‬
‫الواحد ( وذكرنا ھذا ‪:‬‬ ‫بقوله ‪َ َ ُ ) :‬‬

‫أتت به أدلة في الشرع‬ ‫ٍ‬


‫لواحد في الجمع‬ ‫جوازه‬
‫)‬ ‫)‬

‫لھذا ( أي الجواز بإرادة الواحد‬ ‫وأول ٌ ( أي العام المخصوص ) ِ َ‬ ‫فاقد ( ‪َّ َ َ ) ،‬‬ ‫لھذا َ ِ ُ‬
‫وأول ٌ ِ َ‬‫والصواب أنه ال ‪ ،‬بل أقل الجمع ‪َّ َ َ ) ،‬‬
‫متفقا عليه ‪ ،‬بل يجوز عند بعضھم ويمتنع عند آخرين‬ ‫جوازا ً‬ ‫ً‬ ‫فرد من أفراده‬ ‫حينئذ قصر العام على ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫فاقد ( فال يجوز فيه‬ ‫) َ ُِ‬
‫ً‬
‫ممنوعا لماذا ؟‬ ‫ٍ‬
‫حينئذ يكون‬
‫ِّص من جھة المعنى أن يدل على أقل ما يدل‬ ‫فحينئذ ال بد إذا ُخص َ‬ ‫ٍ‬ ‫لما ذكرناه عن الغسل ألنه يدل على الجمع بصورته‬
‫والثان ( أي العام المراد به الخصوص جاز أن يراد‬ ‫ً‬
‫عليه الجمع وھو ثالثة على الصواب أن أقل الجمع ثالثة ‪ ،‬إذا قوله ‪ِ َّ ) :‬‬
‫ُخصص الجمع‬‫حينئذ ال يجوز أن ي َ َّ َ‬‫ٍ‬ ‫مرادا به الواحد وال إشكال ‪ ،‬وأما الثاني فألنه حقيقة‬ ‫ً‬ ‫به الواحد ألنه مجاز فيستعمل للجمع‬
‫فاقد فال يجوز فيه قصر‬ ‫لھذا ( أي الجواز إلرادة الواحد ٌ‬ ‫وأول ٌ ِ َ‬ ‫َ‬
‫إلى أن يبقى واحد بل إلى أن يبقى أقل الجمع وھو ثالثة ‪َّ َ ) .‬‬
‫ٍ‬
‫واحد‬ ‫جمعا وإال‬‫ً‬ ‫خالف واألصح التفصيل إلى أن يبقى أقل الجمع إن كان‬ ‫ٍ‬ ‫متفقا عليه بل على‬ ‫جوازا ً‬ ‫ً‬ ‫فرد من أفراده‬ ‫العام على ٍ‬
‫واحد في غيره ‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫جمعا وإلى‬ ‫ً‬ ‫في غيره إلى أقل الجمع فيما إن كان‬
‫ھذا فيما يتعلق بالجمع والتفريق بين األنواع ‪.‬‬
‫َّ ِ‬
‫بالسنة‬ ‫خص ِ ُ‬
‫منه‬ ‫النوع الرابع ‪ :‬ما ُ َّ‬
‫خص بمعناه أنه أراد بالتبيين الخاص كأنه قال العام والخاص ‪ ،‬ألنه يذكر ھذه األنواع متقابلة ‪ ،‬المنطوق والمفھوم ‪،‬‬ ‫ُ َّ‬
‫والناسخ والمنسوخ ‪ ،‬والمطلق والمقيد ‪ ،‬كذلك العام والخاص ‪ ،‬ولذلك نقول ‪ :‬الخاص ضد العام ‪ ،‬والتخصيص ھو قصر العام‬
‫فيخص بعض تلك‬ ‫يرد دليل متصل أو منفصل َ َ ُ ُّ‬ ‫حكم ثم َ ِ ُ‬
‫ٌ‬ ‫عاما يشمل كل األفراد فيتعلق به‬ ‫على بعض أفراده ‪ ،‬يعني يكون اللفظ ً‬
‫قروء ﴾ ] البقرة ‪ . [228 :‬الحكم‬ ‫ثالثة ُ ُ ٍ‬ ‫يتربصن ِ َ ْ ُ ِ ِ َّ‬
‫بأنفسھن َ َ َ َ‬ ‫األفراد بحكم مغاير لحكم العام كما في قوله تعالى ‪ُ َ َّ َ ُ ْ َ ﴿ :‬‬
‫والمطلقات َ َ َ َّ ْ َ‬
‫ھنا يشمل كل مطلقة من حيث اللفظ وأما إذا نظرنا إلى سائر المخصصات سننظر فإذا به يأتي قوله تعالى ‪ُ َ ُ َ ﴿ :‬‬
‫وأوالت‬
‫حملھن ﴾ ] الطالق ‪ . [4 :‬ھذه آية اختص الحكم فيھا بذوات األحمال وھي مطلقة ًإذا ھي‬ ‫يضعن َ ْ َ ُ َّ‬
‫أن َ َ ْ َ‬ ‫أجلھن َ ْ‬ ‫َْْ َ ِ‬
‫األحمال َ َ ُ ُ َّ‬
‫والمطلقات ﴾ فنقول ھذا ماذا ؟ قصر العام يعني حكم العام على بعض أفراده قصر العام يعني ‪:‬‬ ‫مخصوصة من قوله ‪ُ َ َّ َ ُ ْ َ ﴿ :‬‬
‫قصر حكمه أما العام فيبقى عام ال يقصر وإنما الذي يقصر ھو الحكم على بعض أفراده وأين البعض األخر ؟ خرج‬
‫بالتخصيص ‪ً ،‬إذا التخصيص ھو قصر العام على بعض أفراده ‪ ،‬ويطلق التخصيص على الدليل الذي حصل به التخصيص‬
‫مجازا‬‫ً‬ ‫حقيقة عرفية أو‬‫ً‬ ‫صص فصار‬ ‫التخصيص بمعنى ْالم َُخ ِّ‬ ‫التخصيصُ عند بعضھم ‪ِ ْ َّ ،‬‬ ‫فالم َُخصِّ صُ ھو َّ ْ ِ‬ ‫على نفس الدليل ‪ْ ،‬‬
‫والتخصيص على ْالم َُخصِّص ‪ ،‬وإن كان األصل في ْالم َُخصِّص ما‬ ‫التخصيص َّ ْ ِ‬ ‫عند األصوليين في إطالق ْالم َُخصِّص على َّ ْ ِ‬
‫ھو ؟ ھو الشارع المخصص من ھو ؟ ھو الشارع إرادة الشارع ‪ ،‬عدم إرادة ھذا الفرد في الحكم لكنه نقل من ھذا المعنى‬
‫صص ‪ ،‬من ْالم َُخصِّص النص اللفظ أم الرب جل وعال‬ ‫األحمال ﴾ م َُخ ِّ‬ ‫وأوالت ْ َ ْ َ ِ‬
‫علما على الدليل نفسه ‪ ،‬ولذلك نقول ‪ُ َ ُ َ ﴿ :‬‬ ‫وجُعل ً‬
‫صا من باب التوسع ‪.‬‬ ‫ص ً‬ ‫ِّي م َُخ ِّ‬
‫ِّي الدليل وأوالت األحمال ُسم َ‬ ‫خصص لكن ُسم َ‬ ‫؟ الرب ھو الذي َ َّ َ‬
‫ٍ‬
‫بشرط‬ ‫محصور‬
‫ٍ‬ ‫لغة ضد العام ‪ ،‬والتخصيص عرفناه ‪ ،‬وأما الخاص ألنه يقابل التخصيص ھو اللفظ الدال على‬ ‫ًإذا الخاص ً‬
‫لفظ لم يستغرق أو استغرق إما أنه لم‬ ‫مستغرق بال عدد وال حصر ‪ ،‬الخاص عكسه ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫أو عدم ألنه ضد العام ‪ ،‬العام ٌ‬
‫لفظ‬
‫رجاال ھذا دال على حصر‬ ‫ً‬ ‫حصر ‪ ،‬تقول رأيت‬ ‫ٍ‬ ‫يستغرق كزيد والرجل إذا أريد به معين إذا لم يستغرق أو استغرق لكنه مع‬
‫ليس بعام أليس كذلك محصور رجال ثالثة ‪ ،‬ھذا أقل ما يحمل عليه اللفظ ‪ ،‬عندي مائة ‪ . z‬نقول ‪ :‬ھذا محصور بعدد‬
‫بدليل صحيح‬ ‫ٍ‬ ‫منعقد على جواز التخصيص من حيث الجملة ‪ ،‬شرطه أنه ال يصح إال‬ ‫ٌ‬ ‫خاصا حكم التخصيص اإلجماع‬ ‫ً‬ ‫يسمى‬
‫‪ ،‬أثره يجب العمل بدليل التخصيص إذا صح في صورة التخصيص وإنزال داللة العام عليه ‪ ،‬يعني ‪ :‬اللفظ العام يدل على‬
‫معمول بھا مضطرحة فقوله‬ ‫ٍ‬ ‫الصورة التي ُأخرج حكمھا من اللفظ العام لكنھا من حيث داللة اللفظ العام لھا مھدرة يعني غير‬
‫بأنفسھن ﴾ ‪ .‬ھذا يشمل ذوات األحمال أو ال ؟ يشمله ال شك في ھذا ‪ ،‬لكن من حيث الحكم ال‬ ‫يتربصن ِ َ ْ ُ ِ ِ َّ‬ ‫‪ُ َ َّ َ ُ ْ َ ﴿ :‬‬
‫والمطلقات َ َ َ َّ ْ َ‬
‫يشملھا ‪ً .‬إذا أھدرت ھذه الصورة صورة األصل داخلة لكنھا أھدرت لماذا ؟‬
‫لوجود الدليل المخصص الذي خصھا بحكم المخالف للحكم العام ‪.‬‬

‫‪194‬‬
‫األحمال ﴾ ‪ُ .‬نعمل ھذا اللفظ فيما‬ ‫ت َْْ َ ِ‬ ‫﴿ َ ُ َ‬
‫وأوال ُ‬ ‫ًإذا أثره يجب العمل بدليل التخصيص إذا صح في صورة التخصيص ‪:‬‬
‫دل عليه اللفظ ‪ ،‬ونبقي مدلول العام أو نترك داللة العام على بقية األفراد غير صورة التخصيص ‪ ،‬فصارت داللة اللفظ العام‬
‫على ما أخرج بالنص مھدرة ‪ ،‬الصورة داخلة لكنھا من حيث الحكم مھدرة واضح ؟‬
‫ُلم أن اإلجماع منعقد على جواز التخصيص‬ ‫منه ( من السنة ‪ ) ،‬ما ( أي ‪ :‬القرآن الذي ُ َّ‬
‫خص منه بالسنة ‪ ،‬إذا ع ِ َ‬ ‫خص ِ ُ‬ ‫) ما ُ َّ‬
‫سواء كانت متواترة أم‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫مطلقا‬ ‫كتاب وسنة كل منھما ي َُخصِّصُ اآلخر ‪ ،‬الكتاب ي َُخصِّصُ السنة‬ ‫ٌ‬ ‫حينئذ عندنا وحيان‬ ‫ٍ‬ ‫بالجملة‬
‫سواء كانت السنة آحادية أم متواترة ثم الدليل اآلخر الذي ھو اإلجماع والقياس ‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫آحادية ‪ ،‬والسنة تخصِّصُ الكتاب مطلقا‬
‫خص ِ ُ‬
‫منه‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫اإلجماع ال شك أنه ي َُخصِّصُ الكتاب ويخصص السنة ‪ ،‬وأما القياس ھذا فمحل نزاع واألصح أنه يخصص ‪ ) .‬ما‬
‫َّ ِ‬
‫بالسنة ( ھنا خص السنة لماذا ؟‬ ‫( أي القرآن )‬
‫يوحى ﴾ ]‬ ‫وحي ُ َ‬ ‫َّ‬
‫ھو ِإال َ ْ ٌ‬ ‫إن ُ َ‬‫الھوى * ِ ْ‬ ‫ْ‬
‫عن َ َ‬ ‫وما َ ْ ِ ُ‬
‫ينطق َ ِ‬ ‫وحيا ‪َ َ ﴿ :‬‬
‫وحيا ألنه يتكلم عن الوحي الذي ھو القرآن ‪ ،‬والسنة ً‬ ‫لكونھا ً‬
‫بالسنة ( السنة في اللغة‬ ‫َّ ِ‬ ‫خص ِ ُ‬
‫منه‬ ‫حينئذ أطلق ھنا التخصيص تخصيص القرآن بالسنة لھذه الفائدة ) ما ُ َّ‬ ‫ٍ‬ ‫النجم ‪. [4 ، 3 :‬‬
‫سنة َّ‬
‫حميدة كانت أو ذميمة ﴿ ُ َّ َ‬
‫ھاد ﴾ ] الرعد ‪. [7 :‬‬ ‫قوم َ ٍ‬‫ولكل ِّ َ ْ ٍ‬
‫ِ ﴾ ] األحزاب ‪ . [62 :‬يعني طريقته في المكذبين ﴿ َ ِ ُ‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫سيرة‬
‫قوم سنة وإمامھا تطلق السنة على ما يقابل القرآن ومنه حديث مسلم ‪ » :‬يؤم القوم أقرئھم لكتاب  فإن كانوا في‬ ‫ولكل ٍ‬
‫خص منه يعني‬ ‫القراءة سواء فأعلمھم بالسنة « ‪ .‬السنة ھنا مقابلة للقرآن ‪ ،‬والمراد بالسنة ھنا في اصطالح األصوليين ما ُ َّ‬
‫‪ :‬القرآن بالسنة بأي مفھوم بالسنة ھل السنة المقابلة للفرض ؟ أم السنة المقابلة للبدعة ؟ أم السنة المقابلة للقرآن ؟ أم السنة‬
‫أقول النبي  وأفعاله وتقريراته ؟‬ ‫ٌ‬ ‫عند األصوليين وھي‬
‫خص‬‫األخيرة ‪ً .‬إذا المراد بالكتاب ھنا ما خص بالكتاب أو الكتاب الذي خص بقول النبي  أو بفعله أو بتقريره ‪ ) ،‬ما ُ َّ‬
‫مطلقا ‪ ،‬تخصيص الكتاب‬ ‫ً‬ ‫حينئذ المتواترة واآلحاد ‪ً ،‬إذا يخص الكتاب بالسنة‬ ‫ٍ‬ ‫بالسنة ( أطلق المصنف ھنا السنة فيشمل‬ ‫َّ ِ‬ ‫ِ ُ‬
‫منه‬
‫ٌ‬
‫بالسنة مطلقا ‪ ،‬أما المتواترة فمحل اتفاق يعني ‪ :‬جائز أن يأتي الدليل العام في الكتاب في القرآن ثم يأتي المخصص من السنة‬ ‫ً‬
‫باتفاق بدليلين ‪:‬‬ ‫ٍ‬ ‫ٌ‬
‫جائز‬ ‫‪ ،‬أما المتواترة إن كان المخصص من السنة سنة متواترة فھذا‬
‫ودائما نجعل الوقوع دليل الجواز ‪ ،‬إذا وقع شيء تجده أمامك في الكتاب والسنة تقول ‪ :‬ھذا جائز‬ ‫ً‬ ‫أوالً ‪ :‬مشاھدة الوقوع‬
‫جائز بدليل مشاھدة الوقوع والوقوع دليل الجواز ‪ .‬مثال‬ ‫ٌ‬ ‫واحدا ‪ ،‬فنقول ‪ :‬تخصيص الكتاب بالسنة المتواترة‬ ‫ً‬ ‫ولو كان ً‬
‫فردا‬
‫أوالدكم ﴾ ] النساء ‪ . [11 :‬وقوله‬ ‫يوصيكم َّ‬
‫ ُ ِفي َ ْ َ ِ ُ ْ‬ ‫تخصيص الكتاب بالسنة قوله  ‪ » :‬ال يرث القاتل « مع قوله تعالى ‪ُ ُ ِ ُ ﴿ :‬‬
‫اعترض بكونھما ليس‬ ‫عليه الصالة والسالم » ال يرث المسلم الكافر وال الكافر المسلم « ‪ .‬ھذان حديثان في الزمن األول ُ‬
‫متواترين ولكن أجيب بكونھما متواترين في الزمن األول في زمن الصحابة ولذلك لم يختلفوا في ھذا الحكم فدل على أن‬
‫متواترا في زمن الصحابة والعبرة في تأصيل األحكام ھو زمن الصحابة العبرة في‬ ‫ً‬ ‫فحينئذ صار‬ ‫ٍ‬ ‫معلوم عند الكل ‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫الدليل‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫يوصيكم  ُ ِفي ْ ِ ْ‬
‫أوالدكم ﴾ ‪.‬‬ ‫ُ‬
‫خصصا قوله تعالى ‪ُ ِ ُ ﴿ :‬‬ ‫َّ َ‬ ‫َ‬ ‫ً‬
‫تأصيل األحكام واألصول والقواعد ھو زمن الصحابة إذا ھذان الحديثان‬
‫حينئذ يعم الكافر والمسلم القاتل وغير القاتل الذكر واألنثى جاء‬ ‫ٍ‬ ‫عام أضيف‬ ‫أوال ِ ُ ْ‬
‫دكم ﴾ ٌ‬ ‫ ُ ِفي َ ْ َ‬ ‫يوصيكم َّ‬ ‫أين العام ؟ أوالدكم ﴿ ُ ِ ُ ُ‬
‫أوالدكم ﴾ نقيده ما لم يكن قاتالً فأخرجنا القاتل فإن قتل الولد أباه ال يرث ‪،‬‬ ‫ ُ ِفي َ ْ َ ِ ُ ْ‬ ‫يوصيكم َّ‬
‫لفظ ‪ » :‬ال يرث القاتل « ‪ً .‬إذا ﴿ ُ ِ ُ ُ‬
‫أوالدكم ﴾ يشمل األصل الكافر والمسلم لكن جاء دليل‬ ‫ ُ ِفي َ ْ َ ِ ُ ْ‬ ‫يوصيكم َّ‬
‫ئذ نقول ‪ُ ُ ِ ُ ﴿ :‬‬ ‫مسلما حين ٍ‬ ‫ً‬ ‫كافرا واألب‬ ‫ً‬ ‫لو كان الولد‬
‫ً‬
‫فحينئذ نخص العام ‪ ،‬إذا العام في القرآن والخاص جاء في السنة‬ ‫ٍ‬ ‫مخصص وھو أن الكافر ال يرث المسلم وال المسلم الكافر‬
‫فجاز تخصيص العام الذي في القرآن بالسنة ‪ ،‬والحديثان في مرتبة التواتر في زمن التخصيص وھو زمن الصحابة ألن‬
‫بعضھم اعترض قال ‪ :‬ھذا الحديث آحاد ‪ .‬نقول ‪ :‬ال ‪ ،‬الحديثان في مرتبة التواتر في زمن التخصيص وھو زمن الصحابة ‪،‬‬
‫فحينئذ اتفقوا والعبرة بالصحابة اتفقوا على تخصيص قوله تعالى ‪ُ ُ ِ ُ ﴿ :‬‬
‫يوصيكم‬ ‫ٍ‬ ‫ُلم بأنھا آحاد‬ ‫والعبرة به ال بھذا الزمن ‪ ،‬ولو س ِّ َ‬
‫أوالدكم ﴾ ‪ .‬بقوله ‪ » :‬ال يرث القاتل « ‪ » .‬وال يرث المسلم الكافر وال الكافر المسلم « ‪ .‬حكمنا بأنھما حديثان‬ ‫ ُ ِفي َ ْ َ ِ ُ ْ‬ ‫َّ‬
‫فخصص الصحابة القرآن بالسنة اآلحادية ‪ ،‬والمتواتر أقوى من اآلحاد فإذا أعملوا األضعف الذي ھو اآلحاد عندھم‬ ‫آحاديان َ َّ َ‬
‫فمن باب أولى أن يخصصوه بالمتواتر ‪ .‬إذا سواء قلنا بأنھما متواترين أم آحاد نقول ‪ :‬اتفاق أنه حصل التخصيص به ‪ .‬ألنه‬ ‫ً‬
‫في مرتبة التواتر في زمن الصحابة فصح الدليل قالوا ‪ :‬ال ‪ ،‬ھذا الحديث آحاد ‪ .‬نقول ‪ :‬إذا خصصوا باآلحاد والعام في‬
‫القرآن وھذه سنة فمن باب أولى وأحرى أن يخصصوه بالمتواتر ھذا يدل على ماذا ؟ على فقه ‪ً .‬إذا عرفنا ھذا ‪.‬‬
‫خصص قوله تعالى ‪ُ َ ِ َّ ﴿ :‬‬
‫الزانية‬ ‫مثال تقسيمة الكتاب بالسنة الفعلية المتواترة رجم ماعز بن مالك ھذا فعل فعله النبي  ‪َ َّ َ ،‬‬
‫دة ﴾ ] النور ‪ . [2 :‬فصارت اآلية قاصر على ماذا ؟ الزاني البكر والزانية البكر ‪،‬‬ ‫جل َ ٍ‬ ‫منھما ِ َ َ‬
‫مئة َ ْ‬ ‫واحد ِّ ْ ُ َ‬ ‫والزاني َ ْ ِ ُ‬
‫فاجلدوا ُكلَّ َ ِ ٍ‬ ‫َ َّ ِ‬
‫مطلقا المتواترة واآلحادية ‪ ،‬ذكرنا‬ ‫ً‬ ‫أما المحصن فال ‪ ،‬ھذا الدليل األول مشاھدة الوقوع ًإذا يجوز تخصيص القرآن بالسنة‬

‫‪195‬‬
‫سواء كانت قوليه كما في » ال يرث القاتل « ‪ .‬أو فعلية كما في رجم‬ ‫ً‬ ‫الدليل األول على تخصيص القرآن بالسنة المتواترة‬
‫ماعز بن مالك ‪.‬‬
‫الدليل الثاني ‪ :‬العام من الكتاب والخاص من السنة المتواترة ‪ ،‬العام إذا جاء في القرآن والخاص في السنة المتواترة نقول‬
‫وتثبت به‬ ‫ُثبت به حكم شرعي أليس كذلك لو جاء العام لوحده دون معارض للسنة يُعمل به ُ‬ ‫‪ :‬ھذان دليالن شرعيان كل منھما ي ْ َ ُ‬
‫معا وإما‬ ‫األحكام لو جاء في السنة لوحده دون معارضة مع الكتاب يُثبت به أحكام ‪ً ،‬إذا كل منھما دليالن ‪ ،‬فإما أن يعمل بھما ً‬
‫معا ؟ ال‬‫معا وإما أن يقدم العام على الخاص وإما أن يقدم الخاص على العام ‪ ] ،‬كيف ھذا ھل يمكن أن يعمل بھما ً‬ ‫ُطرحا ً‬ ‫أن ي َّ‬
‫معا في غير سورة التخصيص ال إشكال ‪ ،‬لكن ھل يمكن أن َُتورِّ ث الولد القاتل وال تورثه ھذا‬ ‫ما يمكن إذا أعملت النصين ً‬
‫ورثته ولم تورثه يمكن ؟ ال يمكن [ ھل‬ ‫ْ‬
‫أيضا ‪َ َّ َ ،‬‬ ‫ورثت الولد القاتل ولم تورثه ً‬ ‫ْ‬
‫معنى أنك أعملت النصين معناه ماذا ؟ أنك قد َ َّ َ‬
‫معا ھذا باطل ھل يقدم العام على الخاص مطلقا ؟ نقول ‪ :‬ال لماذا ؟ إعمال الدليلين أولى من إھمال أحدھما فلو‬ ‫ً‬ ‫نسقطھما ً‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫يوصيكم  ُ ِفي ْ ِ ُ ْ‬
‫أوالدكم ﴾ ھذا يشمل القاتل لو‬ ‫َّ‬ ‫قدمت العام مطلقا يعني ‪ :‬ورثت القاتل وھو ولد » ال يرث القاتل « ھذا نص ﴿ ُ ِ ُ ُ‬ ‫ً‬
‫قدمت العام معناه أنك ورثت الولد القاتل وال يرث القاتل كأنھا غير موجود ھذا معناه تقديم العام ‪ ،‬قدمت الخاص على العام‬
‫معناه أنك أعملت العام في غير صورة الخاص وأعملت الخاص في ما دل عليه ‪ ،‬وھذا الرابع ھو األصح وھو األولى ‪.‬‬
‫أما تخصيص الكتاب بالسنة اآلحادية ‪ ،‬فالجمھور على جواز التخصيص ‪ ،‬تخصيص الكتاب بالسنة اآلحادية ‪ ،‬الجمھور‬
‫ًإذا فيه خالف ليس كاألول ‪ ،‬األول متفق عليه ‪ ،‬تخصيص الكتاب القرآن بالسنة اآلحادية الجمھور على جواز تخصيص‬
‫الكتاب بالسنة اآلحادية وھو الحق بدليلين ‪:‬‬
‫ذلكم ﴾ ] النساء ‪ . [24 :‬بعد أن عد‬ ‫وراء َ ِ ُ ْ‬ ‫لكم َّما َ َ‬ ‫ُ‬
‫وأحلَّ َ ُ‬
‫خصصُوا قوله تعالى ‪ِ َ ﴿ :‬‬ ‫أوال ‪ :‬إجماع الصحابة والحمد ‪ ،‬فقد َ َّ‬ ‫ً‬
‫ذلكم ﴾ ‪ .‬ومنه ماذا ؟ جمع المرأة على عمتھا والعمة والخالة ‪ ،‬والعمة والخالة على‬ ‫وراء َ ِ ُ ْ‬ ‫لكم َّما َ َ‬ ‫وأحل َّ َ ُ‬‫المحرمات قال ‪ِ ُ َ ﴿ :‬‬
‫المرأة وجاء حديث » ال تنكح المرأة على عمتھا وال على خالتھا « ‪ .‬فخصصھم وھذا آحاد » ال تنكح المرأة على عمتھا‬
‫وراء َ ِ ُ ْ‬
‫ذلكم ﴾ ‪.‬‬ ‫لكم َّما ﴾ ھذه صيغة عموم ﴿ َّما َ َ‬ ‫وال على خالتھا « ‪ .‬ھذا آحاد خصص اآلية ﴿ َ ُ ِ‬
‫وأحل َّ َ ُ‬
‫الثاني ‪ :‬في إثبات تخصيص الكتاب بالسنة اآلحادية ھو الثاني في النوع األول يعني تقول ‪ :‬ھما دليالن شرعيان كل منھما‬
‫معا أو يقدم العام على الخاص أو الخاص على العام والثالثة األولى باطلة‬ ‫معا أو يعمال ً‬ ‫ُطرحا ً‬ ‫يثبت به حكم شرعي ‪ ،‬إما أن ي َّ‬
‫فيتعين أن يقدم الخاص على العام ال يلتبس عليك التعبير ‪ ،‬تقديم العام على الخاص معناه الخاص كأنه لم يوجد ال أثر له فتقدم‬
‫ملغيا ‪ ،‬ھذا تقديم العام على الخاص وذكرنا أن ھناك رواية‬ ‫ً‬ ‫العام في الصورة التي دل عليھا الدليل الخاص والخاص صار‬
‫عن اإلمام أحمد بھذا ‪ ،‬والصواب أنه يقدم الخاص عن العام فيعمل العام في غير صورة الخاص ‪ ،‬وما كان من صورة‬
‫الخاص دخل في العام فھو إھدارھا الذي ذكرناه في حكم التخصيص أو أثره ‪.‬‬
‫قال رحمه  ‪:‬‬
‫َّ‬
‫بالسنةِ‬ ‫خص ِمنهُ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫النوع الرابع ‪ :‬ما‬
‫بالسنة يشمل السنة المتواترة القولية والفعلية ‪ ،‬واآلحادية القولية والفعلية ‪.‬‬
‫بسنة ( صحيحة أو حسنة وفي الشرع عبر بماذا صحيحة أو‬ ‫تخصيصه ( أي ‪ :‬القرآن ‪ٍ َّ ُ ِ ) .‬‬ ‫وقعا ( ) َ ْ ِ ْ ُ ُ‬ ‫قد َ َ َ‬ ‫بسنة َ ْ‬
‫تخصيصه ِ ُ َّ ٍ‬
‫) َ ْ ِْ ُ ُ‬
‫قد ( للتحقيق ) َ َ َ‬
‫وقعا (‬ ‫وقعا ( ) َ ْ‬ ‫قد َ َ َ‬ ‫في منزلتھا ‪ .‬قال المحشي ‪ :‬ليشمل خبر اآلحاد وال إشكال ‪ .‬ليشمل ماذا ؟ خبر اآلحاد ) َ ْ‬
‫كثيرا ‪ ،‬وقعا األلف لإلطالق يعني ‪ :‬ھذا‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫وقوعا‬ ‫ً‬
‫مطلقا وقعا‬ ‫كثيرا تخصيص القرآن بالسنة‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫وقوعا‬ ‫األلف لإلطالق أي ‪ :‬وقعا‬
‫كثير ‪.‬‬
‫تملْ ( يعني ‪ :‬إذا عرفت أنه قد وقعا وھو كثير بتخصيص الكتاب بالسنة يتفرع على‬ ‫َ‬
‫منعا ( ‪ ) ،‬فال ِ‬ ‫َ‬
‫قد َ َ‬ ‫َ‬
‫من ْ‬ ‫لقول َ ْ‬ ‫َ‬
‫تملْ ِ ِ‬ ‫َ‬
‫) فال ِ‬
‫تملْ تميل‬ ‫َ‬
‫تمل ( ما نوعه ھذا ؟ اسم أم فعل أم حرف ؟ فعل أي أنواع األفعال ؟ مضارع أم أمر ؟ ِ‬ ‫َ‬
‫ھذا الفاء للتفريع ھذه ) فال ِ ْ‬
‫تمل ( أصله مأخوذ من الميل مال يميل تميل فال تمل سكنت الالم لال يعني ال الجازمة فالتقى الساكنان الياء والالم‬ ‫عنه ) فال َ ِ ْ‬
‫عالم أو شخص قد منعا ‪ ،‬األلف لإلطالق لكنه‬ ‫ٍ‬ ‫منعا ( ) ِ َ ِ‬
‫لقول (‬ ‫قد َ َ َ‬‫من َ ْ‬ ‫لقول َ ْ‬ ‫تملْ ( يعني ‪ :‬فال تميل ‪ِ َ ِ ) .‬‬ ‫فحذفت الياء ) فال َ ِ‬
‫يوھم ھذا القول بأن ھذا من منعا أن المنع واقع على ماذا ؟ على السنة المتواترة في كونھا مخصصة للكتاب والسنة اآلحادية‬
‫وليس األمر كذلك ‪ ،‬بل الخالف في السنة اآلحادية ‪ ،‬وأما السنة المتواترة فھذا بال خالف ألن السنة المتواترة قطعية والقرآن‬
‫قطعي وال بأس بتخصيص القطعي بالقطعي ‪ ،‬أما اآلحاد فعندھم ظنية كلھا ظنية كل ما ليس بمتواتر فھو ظني والقرآن قطعي‬
‫منعا ( كأبي حنيفة وغيره ھكذا مثل في الشرح المساوي‬ ‫قد َ َ َ‬ ‫من َ ْ‬ ‫لقول َ ْ‬ ‫تمل ِ َ ِ‬ ‫فال يقوى الظني على تخصيص القطعي ) فال َ ِ ْ‬
‫واألصح أن فيه تخصيص ألن المسألة فيھا أربعة مذاھب ‪:‬‬
‫المذھب األول يعني فيمن منع تخصيص الكتاب بخبر الواحد ‪.‬‬

‫‪196‬‬
‫مطلقا ‪ .‬واإلطالق ھنا يعرف بالمذاھب اآلتية وھو مذھب بعض الفقھاء وبعض المتكلمين يعني ‪ :‬ال‬ ‫ً‬ ‫المذھب األول ‪ :‬المنع‬
‫يجوز أن يخصص القرآن بخبر الواحد مطلقا ما حجتھم ؟ قالوا ‪ :‬إن الكتاب قطعي والسنة ظنية والقطعي ال يخصص بالظن‬ ‫ً‬
‫كالنسخ ‪ ،‬إذ التخصيص نسخ الحكم عن بعض األفراد ‪ ،‬التخصيص يشبه النسخ وسبق معنا في القواعد الفروق بين‬
‫التخصيص والنسخ فال عودة وال إعادة ‪ ،‬لكن نقول ھنا ‪ :‬التخصيص نسخ الحكم عن بعض األفراد يعني ‪ :‬رفع ‪ ،‬التخصيص‬
‫فيه رفع والنسخ فيه رفع ‪ ،‬لكن التخصيص رفع عن بعض األفراد ‪ ،‬والنسخ رفع في الغالب عن كل األفراد ‪ً ،‬إذا فرق بينھما‬
‫‪.‬‬
‫ِّ‬
‫أجيب عن ھذه الحجة ‪ :‬بأن خبر الواحد وإن كان ظني الثبوت إال أن داللته على معناه أقوى من داللة العام ‪ .‬لو سُلم بأن‬
‫خبر الواحد من جھة السند ظني الثبوت إال أنه من جھة الداللة ھو أقوى ألن قوله مثالً ‪ُ َ َّ َ ُ ْ َ ﴿ :‬‬
‫والمطلقات َ َ َ َّ ْ َ‬
‫يتربصن ﴾ ] البقرة ‪:‬‬
‫حينئذ صار‬‫ٍ‬ ‫‪ . [228‬داللته على ذوات الحمل أو األحمال محتملة ‪ ،‬وأوالت الحمل ھذا نص وأيھما أقوى في الداللة النص‬
‫ال ﴾ ] الطالق ‪ [4 :‬نقول ‪ :‬ھذا‬ ‫وأوالت ْ َ ْ َ‬
‫األحم ِ‬ ‫اللفظ أو الخبر خبر الواحد ھذا ليس بالسنة كمثال فقط يعني من باب التنظير ﴿ َ ُ ْ َ ُ‬
‫﴿‬ ‫والمطلقات ﴾ على ذوات الحمل لماذا ؟ ألن ذاك اللفظ العام‬ ‫خاص داللته على أوالت الحمل أظھر من داللة ﴿ َ ْ ُ َ َّ َ ُ‬
‫فحينئذ صار أقوى إال أن داللته على معناه أقوى‬ ‫ٍ‬ ‫احتماال وھذا يدل عليھا من جھة النص‬ ‫ً‬ ‫والمطلقات ﴾ يدل على أوالت الحمل‬ ‫َ ْ ُ َ َّ َ ُ‬
‫راجحا عليه والعمل بالراجح متعين ‪ ،‬وبأن النسخ أشد من‬ ‫ً‬ ‫من داللة العام إال أنه غير محتمل وأما العام فيحتمل فيكون‬
‫التخصيص ولذلك منع الجمھور أن ينسخ القرآن بخبر الواحد وھذا سيأتي معنا ‪ ،‬جمھور أھل العلم على المنع والصواب‬
‫على الجواز كما سيأتي بيانه ‪ ،‬لكن من باب ذكر المسألة ھنا أن أكثر أھل العلم على منع نسخ القرآن بخبر الواحد‬
‫وجمھورھم على جواز تخصيص القرآن بخبر الواحد لماذا ؟‬
‫ألن النسخ أشد من التخصيص ألنه رفع لكل الحكم وذاك رفع لبعض الحكم عن األفراد ‪ ،‬وبأن النسخ أشد من التخصيص‬
‫‪ ،‬وبأن محل التخصيص إنما ھو داللته ال متنه وثبوته ‪ ،‬ألنك إذا قارنت بين خبر الواحد بأنه ظني والنص القرآني بأنه قطعي‬
‫نقول ‪ :‬محل التخصيص ما ھو ؟‬
‫ُ‬
‫والمطلقات ﴾ نقول ‪ :‬من‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫والمطلقات ﴾ من حيث الثبوت قطعي ومن حيث الداللة ظني أليس كذلك ؟ اآلن ﴿ َ ُ‬ ‫اآلن العام ﴿ َ ْ ُ َ َّ َ ُ‬
‫حينئذ ھل يقال بأن الخبر الواحد ظني فال يقوى على‬ ‫ٍ‬ ‫حيث الداللة قطعي الثبوت ومن حيث الداللة والمعنى ظني الداللة‬
‫ً‬
‫تخصيص القطعي ؟ نقول ‪ :‬ھو يخصص اللفظ أم يخصص المدلول ؟ يخصص المدلول إذا االعتراض ليس بوارد ‪ ،‬وبأن‬
‫النسخ أشد من التخصيص وبأن محل التخصيص إنما ھو داللته ال متنه وثبوته وداللة العام على كل فرد للخصوص ظنية‬
‫مطلقا ال يجوز تخصيص القرآن بخبر الواحد‬ ‫ً‬ ‫بخالف ثبوت ذلك العام في القرآن فإنه قطعي ھذا مذھب األول وھو المنع‬
‫ً‬
‫مطلقا ‪.‬‬
‫الثاني ‪ :‬التخصيص بينما خص بقطعي وبينما خص بظني وھذا مذھب كثير من الحنفية ‪ .‬قالوا ‪ :‬إن كان العام في القرآن‬
‫قد خصص بقطعي يعني ‪ :‬لفظ عام جاءت السنة المتواترة خصصته ثم جاء خبر الواحد وھو ظني فأراد أن يخصص ما‬
‫خصص بالسنة القطعية المتواترة قالوا ‪ :‬يجوز ‪ .‬لماذا ؟‬
‫ألنه انتھك عرضه من البداية ‪ ،‬فإذا كان كذلك قالوا ‪ :‬يجوز أن يرد خبر الواحد فيخصص أما الذي لم يرد عليه تخصيص‬
‫فال يجوز ‪ .‬وھذا مذھب كثير من الحنفية التفصيل بين ما خص بقطعي عام في القرآن خص بقطعي يعني ‪ :‬بسنة متواترة ‪.‬‬
‫حينئذ ال يجوز أن‬ ‫ٍ‬ ‫مطلقا وھو المحفوظ‬ ‫ً‬ ‫مخصصا جاز وإن لم يخص‬ ‫ً‬ ‫وبين ما خص بظني ‪ ،‬فإن خص بقطعي فجاء الظني‬
‫يخص بخبر الواحد وكلھا وحي فعالم التفرقة ‪.‬‬
‫الثالث ‪ :‬التفصيل بين المخصص بالمتصل وبين المخصص بالمنفصل ‪ ،‬فما لم يخص أو خص بمتصل فال يخصصه خبر‬
‫الواحد ‪ ،‬وما خص بمنفصل صح ‪ .‬يعني ‪ :‬مثل األول لكن بالنظر إلى المخصص ھل ھو متصل أو ال ‪ ،‬فما لم يخص أو‬
‫نئذ أن يرد المخصص بخبر الواحد لقوله‬ ‫خص بمتصل يعني ‪ :‬جاء القرآن لفظ عام وجاء مخصص متصل بالقرآن فيجوز حي ٍ‬
‫استطاع ﴾ ] آل عمران ‪ . [97 :‬الناس ھذا عام جاء تخصيصه في القرآن بمتصل‬ ‫من ْ َ َ َ‬ ‫حج ْ َ ْ ِ‬
‫البيت َ ِ‬ ‫على َّ ِ‬
‫الناس ِ ُّ‬ ‫تعالى ‪ِ ّ ِ َ ﴿ :‬‬
‫و‪َ َ S‬‬
‫يتربصن ﴾ ال يصح أن‬ ‫خص بمنفصل فال ﴿ َ ْ ُ َ َّ َ ُ‬
‫والمطلقات َ َ َ َّ ْ َ‬ ‫مخصصا له وما عداه فال إن ُ َّ‬ ‫ً‬ ‫مثل ھذا يصح أن يرد خبر الواحد‬
‫يخصص بخبر الواحد لماذا ؟‬
‫ألنه لم يخص بمتصل بل خص بمنفصل ‪.‬‬
‫الرابع ‪ :‬يُعمل بما عدا الفرد الذي دل عليه الخاص ‪ ،‬أما ھو فإنه قد تعارض فنتوقف حتى يرد دليل يرجح أحدھما على‬
‫اآلخر ‪ ،‬وھذا منسوب للباقالني يعني يقول ‪ :‬إذا جاء لفظ عام في القرآن وجاء مخصصه في السنة اآلحادية ما دل عليه السنة‬
‫أوالدكم ﴾ ] النساء ‪ [11 :‬ھذا‬ ‫ ُ ِفي َ ْ َ ِ ُ ْ‬ ‫يوصيكم ّ‬
‫اآلحادية ال ُنجْ ِري عليه حكم العام مثل لو مثلنا بالحديث » ال يرث القاتل « ﴿ ُ ِ ُ ُ‬
‫‪197‬‬
‫يدل على أن القاتل يرث أليس كذلك ؟ قوله ‪ » :‬ال يرث القاتل « ‪ .‬ھذا خبر واحد يدل على أن القاتل ال يرث يقول ‪ :‬نجري‬
‫في غير قاتل الحكم على ما ھو عليه ‪ ،‬وأما القاتل فقد تعارض النصان ھذا قال ‪ :‬يرث ‪ .‬وھذا قال ‪ :‬ال يرث ‪ .‬نحتاج إلى‬
‫منعا ( ‪ .‬أن المانعين على أربعة‬ ‫من َ ْ‬
‫قد َ َ َ‬ ‫تمل ِ َ ِ‬
‫لقول َ ْ‬ ‫مرجح خارج فنتوقف ‪ ،‬وھذا منسوب إلى الباقالني المراد من قوله ‪ ) :‬فال َ ِ ْ‬
‫مذاھب ولذلك يقال ‪ :‬في المسألة خمسة مذاھب ‪:‬‬
‫ً‬
‫مطلقا ‪ .‬وبكون خبر الواحد ال يفيد إال الظن مطلقا بدون تفصيل ھذا محل نظر وليس بسديد ‪.‬‬ ‫ً‬ ‫األول ‪ :‬الحق أنه جائز‬
‫قال ‪:‬‬
‫الرباء‬ ‫َّ ِ‬
‫خصت ِّ َ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬
‫فبالعرايا‬
‫ِ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫سواء‬
‫وغيرھا َ ُ‬
‫ْ ُ‬ ‫َ‬ ‫آحادھا‬
‫َ ُ َ‬
‫)‬ ‫)‬

‫سواء ھذا تأكيد لما ذكرناه في العنوان ما خص منه بالسنة أن‬ ‫ٌ‬ ‫وغيرھا ( غير اآلحاد وھو المتواتر‬ ‫آحادھا ( من السنة ) َ ْ ُ‬ ‫) َ ُ َ‬
‫آحادھا ( أي ‪ :‬السنة آحاد السنة )‬ ‫ً‬
‫مراد المصنف ماذا ؟ المتواتر أو اآلحاد وھنا نص على ما دل عليه قول السنة ضمنا ‪َ ُ َ ) .‬‬
‫الرباء (‬
‫خصت ِّ َ ُ‬ ‫فبالعرايا ُ َّ ِ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫سواء ( أي ‪ :‬مستوي في جواز تخصيص الكتاب بھا ) ِ َ َ َ‬ ‫وغيرھا ( أي ‪ :‬غير اآلحاد وھو المتواتر ) َ ُ‬ ‫َْ ُ‬
‫الربا ﴾ ]‬‫وحرم ِّ َ‬‫فبالعرايا ( فإذا علمت ذلك فيتفرع ماذا ؟ أن العرايا الذي ھو حديث العرايا ألنه يريد أن يمثل ماذا ؟ ﴿ َ َ َّ َ‬ ‫‪َ َ َْ َِ )،‬‬
‫البقرة ‪ [275 :‬ھذا يشمل العرايا وغيرھا فجاءت قصة العرايا في الصحيحين فحملنا اللفظ على غير سورة التخصيص )‬
‫خصت ( آية )‬ ‫فبالعرايا ( أي ‪ :‬فبحديث العرايا وھو ما رواه الشيخان وھو حديث آحاد أنه  رخص في بيع العرايا ‪ِ َّ ُ ) .‬‬ ‫َِ َْ َ َ‬
‫الربا ﴾‬
‫وحرم ِّ َ‬ ‫ُ ْ َ ْ َ‬
‫البيع َ َ َّ َ‬ ‫وأحل َّ َّ‬ ‫الربا ﴾ ‪َ َ َ ﴿ ،‬‬‫وحرم ِّ َ‬ ‫الرباء ( وھي قوله تعالى ‪َ َّ َ َ ﴿ :‬‬ ‫) ِّ َ ُ‬ ‫خصت ( آية‬ ‫الرباء ( ربا ربا ُء لغتان ) ُ َّ ِ‬ ‫ِّ َ ُ‬
‫آحادا قد خصص قرآناً‬ ‫حينئذ صار ماذا ؟ ً‬ ‫ٍ‬ ‫‪ .‬حرم الربا الرِّ با إذا ھذا عام يشمل كل صور الربا ومنه العرايا خصت منه بالسنة‬ ‫ً‬
‫الربا ﴾ فإنھا عامة للعرايا وغيرھا ‪ ،‬العرايا جمع عرية‬ ‫وحرم ِّ َ‬
‫الرباء ( وھي قوله تعالى ‪َ َّ َ َ ﴿ :‬‬ ‫صت ( آية ) ِّ َ ُ‬ ‫‪َ َ َْ َِ )،‬‬
‫فبالعرايا ُخ َّ ِ‬
‫مأخوذ من التعري وھو التجرد ‪ ،‬واختلف في تسميتھا إذ سميت بذلك أنھا عريت من جملة التحريم أي‬ ‫ٌ‬ ‫كمطايا جمع مطية ‪،‬‬
‫خاصا في ما دون خمسة أوسق ولھا تفاصيل في كتب‬ ‫ً‬ ‫خرجت منھا وھي بيع الرطب على رؤوس النخل بقدر كيله من التمر‬
‫خص منه بالسنة ‪ً .‬إذا قرآن يخص بالسنة ‪ ،‬تخصيص القرآن بالسنة مطلقا ثم قال رحمه  ‪:‬‬
‫ً‬ ‫الفقه ‪ ،‬عرفنا ھذا ‪ ،‬ما ُ َّ‬
‫الخامس‬
‫ُ‬ ‫النوع‬
‫ُ‬
‫قال رحمه  ‪ :‬النوع الخامس ‪ ،‬يعني ‪ :‬من العقد ‪ ،‬الخامس ‪.‬‬
‫] الذي يتعب يريد أن يتكيء ما في مانع‬
‫ما في ‪ ..‬الذي يتعب ويريد أن يتكيء على جزاه  خير ‪ ...‬تحت ما في ‪[ . ..‬‬
‫السنة ( عكس األول العام في‬ ‫َّ ِ‬ ‫خص به ِمن‬ ‫النوع الخامس من العقد الخامس ‪ .‬ما يرجع إلى المعاني المتعلقة باألحكام ) ما ُ َّ‬
‫وعطاء ‪،‬‬ ‫أيضا محل ٍ‬
‫أخذ‬ ‫ً‬ ‫السنة ثم يرد الخاص في القرآن يعني ‪ :‬سنة خصصت القرآن ‪ ،‬ھل القرآن يخصص السنة ھذا‬
‫مطلقا المتواترة واآلحادية ‪.‬‬ ‫ً‬ ‫خص به ( أي القرآن ‪ ،‬القرآن خص به من السنة‬ ‫) ما ُ َّ‬
‫مطلقا المتواترة واآلحادية بالكتاب اختلفوا على مذھبين األول يجوز تخصيص السنة بالكتاب أن يرد‬ ‫ً‬ ‫تخصيص السنة‬
‫اللفظ العام في السنة ويرد اللفظ الخاص في القرآن ‪ ،‬نقول ‪ :‬يجوز ‪ .‬وھو مذھب أكثر أھل العلم وھو الحق بدليلين ‪:‬‬
‫شيء ﴾ ] النحل ‪ . [89 :‬فالكتاب مبين لكل شيء والسنة شيء من‬ ‫لكل ِّ َ ْ ٍ‬
‫تبيانا ِ ُ‬ ‫عليك ْ ِ َ َ‬
‫الكتاب ِ ْ َ ً‬ ‫ونزلنا َ َ ْ َ‬ ‫أوالً ‪ :‬قوله تعالى ‪َ ْ َّ َ َ ﴿ :‬‬
‫فحينئذ صح ماذا ؟ أن‬ ‫ٍ‬ ‫شيء من األشياء‬ ‫ٌ‬ ‫ٍ‬
‫فحينئذ السنة‬ ‫األشياء فيشملھا اللفظ لكل شيء ھذا من صيغ العموم يعني كل موجود‬
‫مبينا طيب ‪ ،‬نحن نقول ماذا ؟ نقول ‪ :‬مخصص ‪ .‬والتخصيص بيان ] أحسنت [ ‪.‬‬ ‫يكون الكتاب ً‬
‫مخصصا للسنة ‪.‬‬ ‫ً‬ ‫شيء ﴾ والسنة شيء والتخصيص بيان فيكون الكتاب‬ ‫لكل ِّ َ ْ ٍ‬ ‫تبيانا ِ ُ‬ ‫عليك ْ ِ َ َ‬
‫الكتاب ِ ْ َ ً‬ ‫ونزلنا َ َ ْ َ‬ ‫ًإذا قوله تعالى ‪َ ْ َّ َ َ ﴿ :‬‬
‫مطلقا والخاص من الكتاب دليالن شرعيان نعم دليالً شرعيان ھذا نظر استقراء وتتبع ال يمكن‬ ‫ً‬ ‫الثاني ‪ :‬العام من السنة‬
‫إسقاط ھذا النظر ‪ ،‬ألن العام الذي ھو من القرآن والخاص الذي في السنة دليالن شرعيان كل منھما يثبت به حكم شرعي ‪،‬‬
‫معا وإما أن يقدم العام وإما أن يقدم الخاص على ما ذكرناه واألصح أنه يقدم الخاص‬ ‫ُطرحا ً‬ ‫معا وإما أن ي َّ‬ ‫إما أن يعمل بھما ً‬
‫سواء كان الخاص بالكتاب أو بالسنة قاعدة عامة ‪ ،‬الخاص يقدم على العام‬ ‫ً‬ ‫على العام ‪ً ،‬إذا يقدم الخاص على العام مطلقا‬
‫ً‬
‫وسواء كانت السنة متواترة أو‬ ‫ٌ‬ ‫وسواء كان الخاص من الكتاب أو من السنة‬ ‫ٌ‬ ‫سواء كان العام من الكتاب أو من السنة‬ ‫ٌ‬ ‫ً‬
‫مطلقا‬
‫آحادية ‪.‬‬
‫المذھب الثاني ‪ :‬ال يجوز تخصيص السنة بالكتاب ‪ ،‬لماذا ؟ يعني ‪ :‬ال يجوز أن يرد اللفظ العام في السنة ويرد مخصصه‬
‫ً‬
‫مخصصا‬ ‫في القرآن لماذا ؟ ھذا مذھب بعض الشافعية وبعض المتكلمين قالوا ‪ :‬دليلھم دفع اإليھام ألنك لو جعلت الكتاب‬
‫فدفعا لھذا اإليھام قالوا ‪ :‬نمنع ماذا ؟ نمنع‬ ‫مبينا للسنة والعكس ھو الذي جاء به النص ً‬ ‫للسنة والتخصيص بيان لصار الكتاب ً‬
‫‪198‬‬
‫تابع للسنة ألن‬ ‫مخصصا للسنة ‪ً .‬إذا دليلھم دفع اإليھام وھو أنه إذا وصف الكتاب بكونه ً‬
‫بيانا للسنة ُتوھِّم بأنه ٌ‬ ‫ً‬ ‫أن يكون الكتاب‬
‫دفعا لإليھام ‪ ،‬إيھام من ؟‬ ‫تابع فوجب أال يجوز ً‬ ‫البيان ٌ‬
‫شيء ﴾ ] النحل ‪ . [89 :‬ومنه‬ ‫لكل ِّ َ ْ ٍ‬ ‫تبيانا ِ ُ‬
‫ثم إيھام ألن  تعالى وصف الكتاب بكونه ‪ً َ ْ ِ ﴿ :‬‬ ‫ّ‬
‫وأجيب بالمنع ‪ ،‬نمنع أن يكون َّ‬
‫تابعا للسنة وھنا قد جاء المدح به نقول قد دل الدليل على‬ ‫حينئذ لو كان المبين ً‬ ‫ٍ‬ ‫السنة وال إشكال وھذا كان في معرض المدح‬
‫فحينئذ ليس عندنا إيھام يمكن دفعه ‪ ،‬فھو م َُبيِّن وم َ َُّبين في كلتا الحالتين ھو ممدوح وإذا مدح صار ماذا‬ ‫ٍ‬ ‫ٌ‬
‫ممدوح ‪،‬‬ ‫تابع وھو‬ ‫أنه ٌ‬
‫؟ صار أصال ولذلك يمكن أن يدفع ھذا اإليھام بماذا ؟ بما تقرر في نفوس وخاصة الناظر في التخصيص العام وبأھل العلم‬ ‫ً‬
‫بكون القرآن أصالً ھل يمكن أن نقول قائل من أھل العلم وممن يعرف أن ھذا تخصيص وھذا مخصص أن يقول ‪ :‬إن السنة‬
‫ٌ‬
‫فرع ‪ ،‬والسنة‬ ‫مطلقا في األحكام الشرعية ‪ ،‬ھذا ال يرد حتى في حديث النفس ‪ ،‬بل القرآن ھو األصل والسنة‬ ‫ً‬ ‫ھي األصل‬
‫حجيتھا ثابتة بالقرآن وال شك ‪.‬‬ ‫ٌ‬
‫شيء ﴾ في معرض المدح له فال يوھم التبعية وإال لما‬ ‫لكل ِّ َ ْ ٍ‬ ‫ًإذا أجيب بالمنع ألن  تعالى وصف الكتاب بكونه ‪ً َ ْ ِ ﴿ :‬‬
‫تبيانا ِ ُ‬
‫ً‬
‫أصال والسنة‬ ‫ُلم بالضرورة من كون القرآن‬ ‫ٌ‬
‫ومرتفع بما ع ِ َ‬ ‫ٌ‬
‫زائل‬ ‫تابع له فإن اإليھام‬ ‫جدال بأنه ٌ‬ ‫ً‬ ‫صالحا للمدح ولو سلمنا‬ ‫ً‬ ‫كان ذلك‬
‫ٌ‬
‫وحي‬ ‫مبينا ال إشكال فيه القرآن يخصص السنة والسنة تخصص القرآن وكالھما‬ ‫فرعا ال يختلف اثنان في ھذا ‪ ،‬فكون القرآن ً‬ ‫ً‬
‫يوحى ﴾ ] النجم ‪ . [4 ، 3 :‬فال إشكال ‪ ،‬ولذلك مثل ھذه المسائل األصل فيھا أنه‬ ‫وحي ُ َ‬ ‫ھو َِّإال َ ْ ٌ‬ ‫إن ُ َ‬ ‫الھوى * ِ ْ‬ ‫عن ْ َ َ‬ ‫ينطق َ ِ‬ ‫وما َ ْ ِ ُ‬ ‫‪َ َ ﴿:‬‬
‫أصل ما نأتي ننظر في عقولنا يجوز أو ال يجوز ؟ ثم نأتي ولو وقع في الوجود‬ ‫ٌ‬ ‫ينظر في الوقوع وقع أو ال ؟ إن وقع إنه‬
‫تابعا للوقوع في الكتاب والسنة ‪ ،‬فإن وقع ننظر‬ ‫تخصيص السنة بالقرآن نأتي نؤول ونحرف ‪ ،‬ال ‪ ،‬التأصيل والتقعيد يكون ً‬
‫حينئذ نقول ‪ :‬جائز وال إشكال فنقعد على الموجود ‪ ،‬وأما أن ننظر إليھا نظرة عقلية بحتة ثم ننظر بعد ذلك‬ ‫ٍ‬ ‫وقع أو ال إن وقع‬
‫في الكتاب والسنة فإذا جاء نقول ‪ :‬خالف القاعدة ًإذا ليس بمخصص ھذا ليس بسليم ‪.‬‬
‫َّ ِ‬
‫السنة‬ ‫خص به ِمن‬ ‫الخامس ‪ :‬ما ُ َّ‬ ‫ُ‬ ‫النوع‬
‫ُ‬ ‫)‬
‫وعز ( يعني قل تخصيص السنة بالكتاب ‪ ،‬ھذا عزيز وقليل لو وجد‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬
‫أربعة ( ‪َ ) .‬‬ ‫َ‬
‫سوى ْ َ َ‬ ‫ِ‬
‫يوجد َ‬ ‫لم ُ ْ َ ْ‬ ‫َ‬
‫وعز ( يعني ‪ :‬قل وندر ) ْ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬
‫وعز ( ھذا مثل ما ذكرناه عن ابن تيمية رحمه  في المترادف قال ماذا ‪ :‬قل وندر وجود المترادف في اللغة‬ ‫َّ‬ ‫‪ ،‬إذا قال ‪َ ) :‬‬
‫ً‬
‫نادر أو معدوم ‪ ،‬أما في اللغة قال ‪ :‬قليل ‪ .‬إذا الحكم عليه بكونه نادر في القرآن أو قليل في‬ ‫قليل في اللغة وأما في القرآن فإما ٌ‬
‫ً‬
‫اللغة ھل يمنع وجود الترادف ؟ ال يمنع وجود الترادف إذا الترادف موجود لكنه قليل ‪ .‬ھنا يقول ‪ :‬بجواز تخصيص السنة‬
‫وعز ( أي قل وندر ‪ ،‬لم يوجد تخصيص السنة بالكتاب سوى أربعة أمثلة وزاد عليھا‬ ‫بالكتاب لكنه قليل ولذلك قال ‪َّ َ ) :‬‬
‫تبغي ﴾ ] الحجرات ‪ . [9 :‬قال ‪ :‬ھذه آية خصت ‪ُ ،‬خص‬ ‫التي َ ْ ِ‬ ‫فقاتلوا َّ ِ‬‫السيوطي خامسة في )) اإلتقان (( وھي قوله تعالى ‪ُ ِ َ َ ﴿ :‬‬
‫بھا عموم قوله  ‪ » :‬إذا التقى المسلمان بسيفيھما فالقاتل والمقتول في النار « ‪.‬‬
‫يوجد ( تخصيص السنة بالكتاب )‬ ‫لم ُ ْ َ ْ‬‫يوجد ( قل ) َ ْ‬ ‫لم ُ ْ َ ْ‬ ‫وعز َ ْ‬‫خص بھا أربعة أحاديث ) َ َّ‬ ‫أربعة ( يعني من اآليات قد ُ ّ‬ ‫سوى َ ْ َ َ ِ‬ ‫) َِ‬
‫أربعة ( من اآليات أو أربعة آيات أربعة من اآلية أحسن اإلضافة ال تصح ألنه يجب تجريد أربعة‬ ‫سوى ( ھذا استثناء غير ) َ ْ َ َ ِ‬ ‫َِ‬
‫خص بھا أربعة أحاديث إذاً‬‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫من التاء أربع آيات ‪ ،‬أما أربعة آيات ال ‪ ،‬ولذلك نقدر من أربعة من اآليات ليصح التركيب ‪ ،‬قد‬
‫األصواف َْأو َ ِ ْ َ ِ‬
‫كالجزية‬ ‫كآية َ ْ َ ِ‬ ‫لفظ عام ومخصصاتھا في الكتاب ‪ ،‬وذلك ‪ِ َ َ ) :‬‬ ‫عندنا أربعة أحاديث فيھا ٌ‬

‫ضمھا ِ َ ْ َ‬
‫إليھا‬ ‫َ ِ ِْ َ‬
‫والعاملين ُ َّ َ‬ ‫عليھا‬ ‫والصلوات َ ِ ُ‬
‫حافظوا َ َ ْ َ‬ ‫َّ َ ِ‬
‫)‬ ‫)‬

‫حين ﴾ ]‬ ‫ومتاعا َِإلى ِ ٍ‬ ‫وأشعارھا َ َ ً‬


‫أثاثا َ َ َ ً‬ ‫وأوبارھا َ َ ْ َ ِ َ‬
‫أصوافھا َ َ ْ َ ِ َ‬
‫ومن َ ْ َ ِ َ‬ ‫األصواف ( في سورة النحل قال تعالى ‪ْ ِ َ ﴿ :‬‬ ‫كآية َ ْ َ ِ‬
‫وذلك ‪ِ َ َ ) :‬‬
‫كالجزية ( أو بمعنى الواو ألنه يريد‬ ‫حي فھو ميت « ‪ .‬وسيأتي ) َْأو َ ِ ْ َ ِ‬ ‫أبين من ٍ‬ ‫خصت قوله  ‪ » :‬ما ُ ِ َ‬ ‫النحل ‪ . [80 :‬ھذه آية َ َّ ْ‬
‫أن يجمع األربعة فال معنى للواو ھنا إال أن تكون أداة لمعنى أو إال أن تكون بمعنى الواو ) َْأو ( بمعنى الواو ) َ ِ ْ َ ِ‬
‫كالجزية (‬
‫وھم َ ِ ُ َ‬
‫صاغرون ﴾ ]‬ ‫عن َ ٍ‬
‫يد َ ُ ْ‬ ‫يعطوا ْ ِ ْ َ َ‬
‫الجزية َ ْ‬ ‫حتى ُ ْ ُ‬ ‫منون ﴾ إلى قوله ‪َّ َ ﴿ :‬‬ ‫الذين َال ُ ْيؤ ِ ُ َ‬ ‫يعني ‪ :‬كآية الجزية في سورة التوبة ‪َ ﴿ :‬ق ِ ُ‬
‫اتلوا َّ ِ َ‬
‫الوسطى ﴾ ]‬ ‫والصالة ْ ُ ْ َ‬
‫الصلوات َ َّ َ ِ‬
‫على َّ َ َ ِ‬ ‫حافظوا َ َ‬ ‫عليھا ( ﴿ َ ِ ُ‬ ‫حافظوا َ َ ْ َ‬ ‫الصلوات َ ِ ُ‬
‫َّ َ ِ‬ ‫التوبة ‪ . [29 :‬ھذه المراد آية الجزية أو آية )‬
‫والعاملين َ َ ْ َ‬
‫عليھا‬ ‫للفقراء ﴾ إلى قوله ‪َ ِ ِ َ ْ َ ﴿ :‬‬ ‫الصدقات ِ ْ ُ َ َ ِ‬
‫إنما َّ َ َ ُ‬ ‫العاملين ( ضمھا إليھا ‪َ َّ ِ ﴿ :‬‬ ‫البقرة ‪ [238 :‬ھذه في سورة البقرة ‪ .‬وآية ) َ ِ ِ ْ َ‬
‫ضمھا ( يعني ضم آية العاملين إليھا إلى الثالثة المتقدمة ھذا‬ ‫والعاملين ( يعني ‪ :‬وآية العاملين ) ُ َّ َ‬ ‫) َ ِ ِْ َ‬ ‫﴾ ] التوبة ‪[60 :‬‬
‫من باب التكملة ‪.‬‬
‫‪199‬‬
‫ًإذا ذكر أربع آيات في القرآن ھذه كلھا مخصصات ألربعة أحاديث ‪ ،‬ثم سيسرد لنا األحاديث التي ھي مشتملة على لفظ‬
‫خص ( يعني أولى تلك اآليات األربعة ‪ ،‬وھي آية األصواف خص أي عموم ذلك‬ ‫أبين في ُ َ‬
‫أوالھا ُ َّ‬ ‫حديث َما ُ ِ ْ َ‬
‫عام من السنة ) َ ِ ُ‬
‫أبين ( ‪َ ) .‬ما ( صيغة عموم كل ما قطع من الميت فھو ميت ‪ .‬فحكمه النجاسة ھذا عام أليس كذلك ‪ ،‬فإذا ُج َّز‬ ‫الحديث ) َما ُ ِ ْ َ‬
‫الصوف منھا أو الوبر أو الريش وھي ميتة فحكم الريش وحكم الوبر وحكم الصوف أنه نجس ‪ ،‬أليس كذلك ؟ ] صحيح ‪ ،‬نعم‬
‫]‬ ‫وأوبارھا َ َ ْ َ ِ َ‬
‫وأشعارھا ﴾‬ ‫أصوافھا َ َ ْ َ ِ َ‬
‫ومن َ ْ َ ِ َ‬
‫[ » وما أبين من حي فھو ميت « ‪ .‬وحكم الميتة ماذا النجاسة ‪ ،‬قوله تعالى ‪ْ ِ َ ﴿ :‬‬
‫أصوافھا ﴾‬ ‫َ‬
‫ومن ْ َ ِ َ‬ ‫النحل ‪ . [80 :‬ھذا جاء في سياق االمتنان ‪ ،‬والقاعدة أن الرب جل وعال ال يمتن إال بما ھو طاھر وقوله ‪ْ ِ َ ﴿ :‬‬
‫وأوبارھا ﴾ ‪ .‬يشمل كونھا حية أو ميتة ‪ ،‬فامتن الرب جل وعال بأصواف ھذه األنعام وھي‬ ‫‪ .‬ھذا يشمل كونھا حية أو ميتة ﴿ َ َ ْ َ ِ َ‬
‫حية وھي ميتة فدل على ماذا على أنھا طاھرة ‪ ،‬فنأتي بھذا النص من السنة ‪ » :‬ما أبين « ‪ .‬فنخرج منه ماذا ؟ الصوف‬
‫ميتة نجسة ال شك األصل على إعمال الحديث نقول ‪ :‬ريشھا وشعرھا‬ ‫ٌ‬ ‫والوبر والريش ‪ ،‬فنحكم عليه بأنه طاھر فلو وجد عنك‬
‫طاھرا بداللة اآلية ‪ ،‬فصارت اآلية خاصة واللفظ ھنا في الحديث‬ ‫ً‬ ‫أو وبرھا نقول ‪ :‬ھذا نجس لكن نخصه ونحكم عليه بكونه‬
‫ميت « ‪ .‬ھكذا رواه الحاكم عن أبي سعيد وصححه على شرط‬ ‫ٌ‬ ‫أوالھا ( » ما أبين من حيٍ فھو‬ ‫أبين في ُ َ‬ ‫حديث َما ُ ِ ْ َ‬
‫عام ) َ ِ ُ‬
‫ً‬
‫طاھرا‬ ‫وبرا أو غيرھا وخصصت اآلية بكونه‬ ‫ً‬
‫صوفا أو ً‬ ‫ً‬
‫مطلقا ‪،‬‬ ‫الشيخين ‪ ،‬دل على أن ما انفصل من حيٍ فحكمه حكم الميت‬
‫خص ( أي عموم ذلك الحديث انتھى ‪.‬‬ ‫) ُ َّ‬
‫خص ما َ َ‬
‫تالھا‬ ‫وأيضا َ َّ‬ ‫َ‬
‫) ْ ً‬

‫قابال‬ ‫لما َ َ ْ ُ‬
‫أردت َ ِ‬ ‫من َ ْ‬
‫لم َ ُ ْ‬
‫يكن ِ َ‬ ‫َ ْ‬ ‫َُ ِ‬
‫أقاتال‬ ‫َْ‬
‫أن‬ ‫ُِْ ُ‬
‫أمرت‬ ‫َِ ِِ‬
‫لقوله‬
‫)‬ ‫)‬

‫أيضا نرجع مفعول مطلق‬ ‫ً‬ ‫وأيضا ( أي ‪ :‬وكما َخص ذلك أو ُخص ذلك الحديث بتلك اآلية آية األصواف آض يئيض‬ ‫) َْ ً‬
‫تالھا ( الضمير يعود على اآلية األولى‬ ‫تالھا ( أي ‪ :‬تال اآلية األولى ) ما َ َ‬ ‫خص ( بالبناء للفاعل ) ما َ َ‬ ‫وجوبا ) َ َّ‬
‫ً‬ ‫لعامل محذوف‬
‫الذي تال اآلية األولى ما ھو ؟ آية الجزية ‪ ،‬خصت ماذا ؟ خصت لقوله ‪ » :‬أمرت أن أقاتل الناس حتى يشھدوا أن ال إله إال‬
‫ « ‪ » ،‬أمرت أن أقاتل الناس « الناس ھذا لفظ عام وھو وارد في السنة أليس كذلك يشمل ماذا ؟ يشمل من ؟ كل كافر كل‬
‫سواء أھل الجزية أم غيرھم أليس كذلك ؟ يشمل الكل لكن اآلية قيدت القتل بماذا ؟ بدفع‬ ‫ٌ‬ ‫مشرك من أھل الكتاب ومن غيرھم‬
‫أيضا يقاتل ‪ ،‬القتل مستمر‬ ‫ً‬ ‫مطلقا ولو دفعوا الجزية ھذا ظاھر النص ‪ ،‬ولو دفع الجزية‬ ‫ً‬ ‫الجزية » أمرت أن أقاتل الناس «‬
‫حتى‬ ‫منون ِ ّ ِ‬
‫با‪ ﴾ S‬إلى ﴿ َ َّ‬ ‫الذين الَ ُ ْيؤ ِ ُ َ‬ ‫وا ْ ِ ْ َ َ‬
‫الجزية ﴾ ] التوبة ‪ْ ُ ِ َ ﴿ ، [29 :‬‬
‫قاتلوا َّ ِ َ‬ ‫يعط ْ‬‫حتى ُ ْ ُ‬‫ولو دفع الجزية ‪ ،‬لكن جاءت اآلية م َُقيِّدَ ة ﴿ َ َّ‬
‫يعطواْ ْ ِ ْ َ َ‬
‫الجزية ﴾‬ ‫ُْ ُ‬
‫قاتلوا الذين ال يؤمنون حتى يعطوا الجزية فإن أعطوا الجزية ارتفع األمر بالقتل فصارت اآلية مخصصة لعموم الحديث ‪.‬‬
‫خص فعل ماضي وما ھذا فاعلھا‬ ‫لقوله ( الالم ھذه زائدة ألن َ َّ‬ ‫لقوله ( خص ما تالھا الذي تالھا ) ِ َ ِ ِ‬ ‫تالھا ِ َ ِ ِ‬
‫خص ما َ َ‬
‫وأيضا َ َّ‬‫) َْ ً‬
‫خصت آية الجزية قوله ‪ ،‬قوله ھذا مفعول به دخلت عليه‬ ‫تالھا ( يعني ‪ :‬تال اآلية األولى وھي آية الجزية كأنه قال ‪ْ َّ َ :‬‬ ‫) ما َ َ‬
‫للفرقان ( ھناك بينا تلك المسألة فال عودة وال إعادة ‪.‬‬ ‫نزل ُ ُ ِ‬ ‫الم ْ ِ‬ ‫الالم فنقول ھذه زائدة ) َ َ َ‬
‫تبارك ُ‬
‫أقاتال ( األلف ھذه لإلطالق‬ ‫أن ُ َ ِ‬ ‫أمرت َ ْ‬
‫ًإذا الالم ھذه زائدة مؤكدة لقوله  فيما رواه الشيخان ‪ » :‬أمرت أن أقاتل « ‪ُ ْ ِ ُ ) .‬‬
‫أردت ( ما الذي أراده عليه الصالة والسالم الشھادة قولوا‬ ‫لما َ َ ْ ُ‬
‫يكن ِ َ‬ ‫من َ ْ‬
‫لم َ ُ ْ‬ ‫يعني أقاتل الناس حتى يشھدوا أن ال إله إال  ‪ْ َ ) ،‬‬
‫وناطقا لھا ‪ ،‬األلف ھذه بدل عن التنوين ‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫قابال‬ ‫كلمة واحدة من النطق بالشھادتين ) َ ِ‬
‫قابال (‬

‫)‬ ‫والزكاة ِ ْ َ ِ ْ‬
‫للغني‬ ‫َّ ِ‬ ‫حل ِّ َّ ِ‬
‫الصالة ‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫عن‬
‫َ ِ‬ ‫َّ ْ َ‬
‫النھي‬ ‫َ َِ ُ‬
‫الباقية‬ ‫َ َّ ِ‬
‫وخصت‬
‫)‬

‫والصالة ْ ُ ْ َ‬
‫الوسطى ﴾ ] البقرة ‪ [238 :‬وآية العاملين عليھا‬ ‫َّ َ ِ‬ ‫على َّ َ َ ِ‬
‫الصلوات‬ ‫حافظوا َ َ‬ ‫وخصت َ ِ َ ُ‬
‫الباقية ( من اآليتين وھي آية ﴿ َ ِ ُ ْ‬ ‫) َ َّ ِ‬
‫والصالة ْ ُ ْ َ‬
‫الوسطى ﴾‬ ‫َّ َ ِ‬ ‫على َّ َ َ ِ‬
‫الصلوات‬ ‫الصالة ( ھذا راجع إلى اآلية ﴿ َ ِ ُ ْ‬
‫حافظوا َ َ‬ ‫حلِّ َّ ِ‬ ‫عن ِ‬ ‫وخصت َ ِ َ ُ‬
‫الباقية ( من اآليتين ) َّ ْ َ‬
‫النھي َ ِ‬ ‫) َ َّ ِ‬
‫ً‬
‫الصلوات ﴾ ھذا يشمل ماذا ؟ المكتوبة ‪ ،‬والمراد بھا المكتوبة مطلقا يعني ‪ :‬سواء كانت في‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ھذا راجع إليھا ﴿ َ ِ ْ‬
‫حافظوا َعلى َّ َ ِ‬
‫وقت النھي أو ال ‪ ،‬أحاديث وردت بالنھي عن الصالة ما بين الصبح إلى طلوع الشمس ‪ ،‬ووقت الدلوك ‪ ،‬وما بعد صالة‬
‫العصر إلى الغروب نصوص كثيرة متواترة في ھذا ‪ ،‬ھذه األحاديث عامة نھى النبي  عن الصالة بعد العصر حتى تغرب‬
‫‪200‬‬
‫الشمس ‪ ،‬ھذا يشمل ماذا ؟ ھذا عام أو ال ؟ يشمل المكتوبة أو ال ؟ فلو كانت منسية تذكر بعد صالة العصر يصلي أو ال‬
‫ٍ‬
‫فحينئذ نجعل‬ ‫مطلقا في أي وقت كان‬‫ً‬ ‫على َّ َ َ ِ‬
‫الصلوات ﴾ يشمل المكتوبة‬ ‫حاف ُظواْ َ َ‬
‫بعموم ھذا الحديث ال يصلي ‪ ،‬لكن بقوله ‪ِ َ ﴿ :‬‬
‫ھذه اآلية مخصصة لقوله عليه الصالة والسالم بالنھي أو األحاديث الواردة في النھي عن الصالة في األوقات المعلومة مطلقاً‬
‫النھي ( ھذا‬ ‫وخصت َ ِ َ ُ‬
‫الباقية ( من اآليتين ) َّ ْ َ‬ ‫ألن النھي عام يشمل الصالة المكتوبة وغيرھا لكنه مخصوص بھذه اآلية ) َ َّ ِ‬
‫والزكاة ِ ْ َ ِ ْ‬
‫للغني ( ھذا راجع آلية العاملين قال‬ ‫َّ ِ‬ ‫على َّ َ َ ِ‬
‫الصلوات ﴾ )‬ ‫﴿ َ ِ ُ ْ‬
‫حافظوا َ َ‬ ‫عن ِحل ِّ َّ ِ‬
‫الصالة ( ھذا راجع لآلية‬ ‫مفعول به ) َ ِ‬
‫ً‬
‫عليھا ﴾ ] التوبة ‪ . [60 :‬جاء حديث » ال تحل الصدقة لغني « ‪ .‬ھذا يشمل ماذا ؟ سواء كان عامال عليھا أو ال‬ ‫والعاملين َ َ ْ َ‬
‫‪َ ِِ َْ َ ﴿:‬‬
‫والعاملين َ َ ْ َ‬
‫عليھا ﴾ ‪ .‬خاص أو عام ؟‬ ‫وقوله ‪َ ِ ِ َ ْ َ ﴿ :‬‬
‫عليھا ﴾ ھذا خاص من جھة ويشمل الغني والفقير من جھة أخرى ‪،‬‬ ‫والعاملين َ َ ْ َ‬
‫خاص نحن نقول ‪ :‬الخاص في القرآن ﴿ َ ْ َ ِ ِ َ‬
‫قوله ‪ » :‬ال تحل الصدقة لغني « ‪ .‬سواء كان عامالً أو ال وخصننا ماذا ؟ اللفظة بكونه غير عامل يعني لفظ الحديث » ال‬
‫مطلقا سواء كانوا فقراء أو ال ‪ً .‬إذا قوله ‪:‬‬ ‫ً‬ ‫تحل الصدقة لغني « إال العاملين عليھا فتحل‬

‫)‬ ‫والزكاة ِْلل َ ِ ْ‬


‫غني‬ ‫َّ ِ‬ ‫حل ِّ َّ ِ‬
‫الصالة ‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫عن‬
‫َ ِ‬ ‫َّ ْ َ‬
‫النھي‬ ‫َ َِ ُ‬
‫الباقية‬ ‫َ َّ ِ‬
‫وخصت‬
‫)‬

‫الصلوات ﴾ مخصصة لنھي النبي  عن الصالة في األوقات المنھي عنھا‬ ‫على َّ َ َ ِ‬ ‫نقول ‪ :‬معنى البيت أن قوله تعالى ‪ْ ُ ِ َ ﴿ :‬‬
‫حافظوا َ َ‬
‫المروي في الصحيحين وغيرھما فإنه عام للصلوات المكتوبة وغيرھا وخصته اآلية بما عدا المكتوبة ‪ ،‬وأما المكتوبة فمأمور‬
‫على َّ َ َ ِ‬
‫الصلوات ﴾‬ ‫مطلقا في أوقات النھي وفي غيرھا ‪ ،‬فصار اللفظ خاص في ماذا ؟ في القرآن ﴿ َ ِ ُ ْ‬
‫حافظوا َ َ‬ ‫ً‬ ‫بالمحافظة عليھا‬
‫وحينئذ يحمل أحاديث النھي‬ ‫ٍ‬ ‫الوسطى ﴾ ھذا من باب التأكيد وھي صالة العصر على الصحيح ‪،‬‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َّ َ ِ‬
‫والصالة ُ ْ‬ ‫المراد بھا الخمس ﴿‬
‫على ماذا ؟ على ما عدا المكتوبات مطلقا أليس كذلك ؟ الجمھور على اإلطالق يعني ‪ :‬ال يحل أو ال تحل الصالة غير‬ ‫ً‬
‫المكتوبة في أوقات النھي ولو كانت ذوات أسباب وھذا ھو األصح ‪ ،‬أن النھي عام يشمل ذوات األسباب وغيرھا ولم يرد‬
‫نص بتعميم ذوات األسباب بأنه مصطلح خاص يشمل عدة فرائض أو عدة نوافل فيخرج بھذا الوصف ھذا ليس فيه ذوات‬
‫استنباطا عند الشافعية ولذلك الجمھور على‬ ‫ً‬ ‫أسباب غير مسماة ال في عرف الصحابة وال في عرف كبار التابعين ‪ ،‬وإنما جاء‬
‫صة لقوله مما رواه‬ ‫عليَھا ﴾ م َُخصِّ َ‬ ‫والعاملين َ َ ْ‬
‫الصالة ( وقوله ‪َ ِ ِ َ ْ َ ﴿ :‬‬‫حل ِّ َّ ِ‬ ‫عن ِ‬ ‫النھي َ ِ‬ ‫وخصت َ ِ َ ُ‬
‫الباقية َّ ْ َ‬ ‫مطلقا وھذا ھو الصح ) َ َّ ِ‬ ‫ً‬ ‫المنع‬
‫أو فيما رواه النسائي وغيره بلفظ ‪ » :‬ال تحل الصدقة لغني « ‪ .‬فإنه عام شامل للعاملين وغيره فخصته اآلية بغيرھم وھي‬
‫حل لھم ‪.‬‬
‫المجمل ُ‬
‫النوع السادس ‪َ ْ ُ :‬‬
‫جمل ُ ( واألصل والمجمل والمبين ‪،‬‬ ‫الم ْ َ‬‫) ُ‬ ‫النوع السادس من العقد الخامس فيما يرجع إلى المعاني المتعلقة باألحكام‬
‫تابعا للنقاية مختصر فتركه كما تركه ھناك لعله من باب التسھيل‬ ‫لكنه ترك المبين مع أنه يحتاج إلى بحث لعله لما كان ً‬
‫إجماال جمعته من‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫المجمل ُ ( اسم مفعول من أجملت الشيء ‪ .‬وھو لغة ‪ :‬المجموع ‪ .‬أجملت الشيء‬ ‫والتيسير على المبتدئ ) ُ ْ َ‬
‫إجماال جمعته من غير تفصيل ‪ ،‬ويطلق على الخلق والمبھم‬ ‫ً‬ ‫غير تفصيل ‪ً ،‬إذا ھو في اللغة المجموع ‪ .‬يقال ‪ :‬أجملت الشيء‬
‫والمحصل لذلك جاء فجملوه يعني ‪ :‬أذابوه وخلطوه بغيره ‪.‬‬
‫ً‬
‫وفي االصطالح كما عرفه الناظم ھنا ‪ :‬ما لم تضح داللته على معناه ‪ .‬يعني ‪ :‬لفظ لم تضح داللته على معناه ‪ .‬إذا ھو له‬
‫يتربصن ِ َ ُ ِ ِ َّ‬
‫بأنفسھن‬ ‫معني ولكنه غير ظاھر الداللة فيه مثاله كالمشترك المشترك له معاني كما في قوله تعالى ‪ُ َ َّ َ ُ ْ َ ﴿ :‬‬
‫والمطلقات َ َ َ َّ ْ َ‬
‫قروء ﴾ ] البقرة ‪ . [228 :‬قروء قلنا ‪ :‬ھذا مشترك يصدق على الطھر ويصدق على الحيض ‪ً .‬إذا له معنى لكن من‬ ‫ثالثة ُ ُ َ ٍ‬‫َ ََ َ‬
‫قروء ﴾ ھل اتضح المعنى المراد ؟ ال ‪ ،‬لم يتضح لماذا ؟ ألنه يحتمل معنيين‬ ‫حيث اللفظ دون النظر إلى شيء آخر ﴿ َ َ َ َ‬
‫ثالثة ُ ُ َ ٍ‬
‫معا لو لم يكن متنافيين نقول ‪ :‬ال إجمال ‪ .‬لماذا ؟‬ ‫ھما متنافيان ‪ ،‬ال يمكن أن يحمل على المعنيين ً‬
‫ألن األصح أن المشترك إذا دل على معاني متعددة ولم يكن بينھا تنافي حمل على الجميع ‪ .‬وحكى شيخ اإلسالم ابن تيمية‬
‫أن ھذا مذھب األئمة األربعة وھذا قرره الشافعي في كتاب )) الرسالة (( أنه يحمل على كل المعاني ‪ ،‬أما إذا لم يكن أو كان‬
‫حينئذ يستحيل أن يحمل على ِكال المعنيين ‪ً ،‬إذا ما لم تضح داللته على معناه ‪ ،‬إذا فما اتضحت داللته على معناه‬ ‫ٍ‬ ‫بينھا تنافي‬
‫متضحا ‪ .‬يعني ‪ :‬يحتمل معنيين ھو‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ظاھرا وقد يكون مؤوال بالدليل فصار‬ ‫ً‬ ‫نصا ‪ ،‬وقد يكون ماذا ؟‬ ‫ھذا ھو المبين ‪ ،‬قد يكون ً‬
‫ً‬
‫في أحدھما أرجح لكنه رُجح أو قدم المعنى المرجوح بدليل صحيح وھذا يسمى ماذا ؟ يسمى مؤوال بالدليل ‪ ،‬ھل معناه متضح‬ ‫ُ‬
‫؟ نقول ‪ :‬نعم ‪ ،‬النص معناه متضح الظاھر معناه متضح بقي ماذا ؟ المجمل ‪ ،‬وعرفه في مختصر التحرير بقوله ‪ :‬ما تردد‬
‫ْن ‪ً ،‬إذا ما دل على معنى واحد نص ‪،‬‬ ‫ْن فأكثر على السواء ‪ .‬وھذا أحسن ما تردد ما يعني ‪ :‬لفظ ‪ .‬تردد بين مُحْ َ ِ َ‬
‫تملي ِ‬ ‫بين مُحْ َ ِ َ‬
‫تملي ِ‬
‫‪201‬‬
‫فلذلك أخرج النص فله محمل ‪ ،‬فأكثر بالمعنيين على السواء أخرج ماذا ؟ الظاھر ‪ ،‬لماذا ؟ ألنه وإن دل على معنيين إال إنه‬
‫في أحدھما أظھر من اآلخر وأخرج الحقيقة التي لھا مجاز ألنھا اللفظ األسد مثالً يدل على معنيين أليس كذلك ؟ يدل على‬
‫نوعيا بالثاني ‪.‬‬ ‫ًّ‬ ‫ً‬
‫وضعا‬ ‫شخصيا باألول وموضوع‬ ‫ًّ‬ ‫ً‬
‫وضعا‬ ‫الحيوان المفترس ويدل على الرجل الشجاع موضوع‬
‫المجمل ھل ھو واقع في القرآن أم ال ؟ نقول ‪ :‬نعم مذھب جماھير أھل العلم أن المجمل واقع في القرآن ‪ ،‬ولذلك ذكره ھنا‬
‫مطلقا ‪ .‬وقيل ‪ :‬منعه‬ ‫ً‬ ‫على أنه نوع من أنواع علوم القرآن ‪ ،‬المجمل واقع في القرآن خالف لداود الظاھري فإنه منعه قيل ‪:‬‬
‫ً‬
‫مبينا قال ‪ :‬يجوز وقوعه في القرآن ‪ .‬وإن لم يكن مبينا قال ‪ :‬ال يجوز‬ ‫مطلقا ‪ ،‬إن كان ً‬ ‫ً‬ ‫يعني منع وقوعه إن لم يكن ً‬
‫مبينا ال‬
‫وقوعه في القرآن ‪ً .‬إذا فيه تفصيل ‪ ،‬ولكن أكثر أھل العلم بل الجماھير أنه واقع في القرآن ‪.‬‬
‫أسباب اإلجمال ‪ ،‬ما السبب الذي يؤدي إلى عدم ظھور المعنى أو تردد اللفظ بين معنيين على السواء ؟‬
‫والليل ِإذاَ‬ ‫َّ‬
‫منھا االشتراك الذي ذكرناه في السابق لكن مع عدم إمكان الجمع بين المعاني منھا المشترك أو االشتراك نحو ﴿ َ ْ ِ‬
‫عسعس ﴾ ] التكوير ‪ ، [17 :‬عسعس قلنا ‪ :‬ھذا لفظ مشترك وھو فعل يُطلق على معنيين متضادين أدبر وأقبل ‪ ،‬أقبل وأدبر‬ ‫َ َْ َ‬
‫‪ ،‬ھل يمكن حمل اللفظ على معنيين ؟‬
‫الجواب ‪ :‬ال ‪ .‬فإنه موضوع ألقبل وأدبر كذلك القرء موضوع للطھر والحيض والشفق كذلك متردد بين البياض والحمرة‬
‫ًإذا االشتراك من أسباب ماذا ؟ من أسباب وقوع اللفظ في اإلجمال أو الوقوع في اإلجمال ‪ ،‬ومنھا االشتراك في اللفظ‬
‫النكاح ﴾ ] البقرة ‪ [237 :‬ھذا يحتمل ماذا ؟‬ ‫بيده ُ ْ َ‬
‫عقدةُ ِّ َ ِ‬ ‫الذي ِ َ ِ ِ‬ ‫يعفو َّ ِ‬ ‫المركب ‪ ،‬ذاك في المفرد وھذا في اللفظ المركب نحو ﴿ َْأو َ ْ ُ َ‬
‫يعفو ﴾ من الذي يعفو الزوج أم الولي ؟ يحتمل حصل ھنا االشتراك بالتركيب ألنه فاعل ‪ ،‬وال فاعل إال مع فعله ًإذا حصل‬ ‫﴿ َ ْ َُ‬
‫يعفو ﴾ يحتمل الزوج وھو رأي أبا حنيفة والشافعي وأحمد في رواية ‪ ،‬أو الولي وھو رأي اإلمام مالك‬ ‫بماذا ؟ بالتركيب ﴿ َْأو َ ْ ُ َ‬
‫رحمه  تعالى ‪.‬‬
‫منه ﴾ ] المائدة ‪ [6 :‬منه ‪ ،‬يحتمل أنه لالبتداء ويحتمل أنھا‬ ‫وأيديكم ِّ ْ ُ‬ ‫َ‬
‫بوجوھكم َ ْ ِ ُ‬ ‫فامسحوا ِ ُ ُ ِ ُ ْ‬ ‫َ‬
‫ومنھا االشتراك في الحرف ﴿ ْ َ ُ ْ‬
‫منه ﴾ متردد بين أن تكون البتداء الغاية وبين أن تكون للتبعيض ‪.‬‬ ‫للتبعيض حصل االشتراك في ماذا ؟ في اللفظ فلفظ ﴿ ِّ ْ ُ‬
‫والراسخون ﴾ ھل ھي لالبتداء‬ ‫يقولون ﴾ ] آل عمران ‪َ ُ ِ َّ َ ﴿ . [7 :‬‬ ‫العلم َ ُ ُ َ‬ ‫والراسخون ِفي ْ ِ ْ ِ‬
‫كذلك الواو في قوله تعالى ‪َ ُ ِ َّ َ ﴿ :‬‬
‫االستئناف أم عاطفة فيه خالف وينبني عليه خالف في المعنى ‪ ،‬محتمل العطف واالبتداء ‪.‬‬
‫وترغبون ﴾ الرغب يتعدى بفي ويتعدى بعن ‪ ،‬رغبت عنه‬ ‫تنكحوھن ﴾ ] النساء ‪َ ُ َ ْ َ َ ﴿ [127 :‬‬ ‫وترغبون َأن َ ِ ُ ُ َّ‬
‫ومنه الحذف ﴿ َ َ ْ َ ُ َ‬
‫صرفته عنه ‪ ،‬رغبت فيه أقبلت ‪ ،‬وھنا حذف فوقع إجمال ‪ ،‬ترغبون عن أن تنكحوھن أو ترغبون في نكاحھن ھذا حصل فيه‬
‫إجمال ‪.‬‬
‫شھيد ﴾ ] البقرة ‪:‬‬ ‫وال َ ِ ٌ‬ ‫كاتب َ َ‬
‫يضآر َ ِ ٌ‬
‫وال ُ َ َّ‬ ‫ومنھا التصريف في اللفظ ‪ ،‬صرف يعني ‪ ،‬نحو المختار وذكرنا مثال في القرآن ﴿ َ َ‬
‫‪ [282‬وذكرناه في قواعد األصول ‪.‬‬
‫حكم المجمل ‪ :‬يجب التوقف فيه ‪ -‬لو ورد في القرآن ‪ -‬يجب التوقف فيه ‪ ،‬فال يجوز العمل به حتى يرد الدليل الخارج‬
‫المعين للمراد ‪ .‬يعني ‪ :‬األصل التوقف حتى يرد الدليل المعين للمراد ولكنه دليل خارجي ‪.‬‬
‫ھل يجوز إبقاء اللفظ المجمل على إجماله بعد وفاة النبي  أو ال ؟ ھل يجوز أو ال ؟ فيه مزاعم ‪ ،‬ھي ثالثة أقوال ‪،‬‬
‫متعلقا بحكم تكليفي ال يجوز‬ ‫ً‬ ‫أصحھا ‪ :‬ال يجوز إبقاء المكلف بالعمل به ويجوز إبقاء غيره ‪ ،‬يعني التفصيل ‪ ،‬إن كان المجمل‬
‫مجمال ‪ ،‬وھذا ھو الصواب لماذا ؟‬ ‫ً‬ ‫متعلقا بحكم تكليفي فيجوز أن يبقى‬ ‫ً‬ ‫مجمال وإن لم يكن‬ ‫ً‬ ‫أن يبقى‬
‫ألن ما تعلق به حكم تكليفي حينئذ يجب البيان وال يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة فكيف تنزل اآلية وفيھا لفظ مجمل‬
‫والناس مطالبون بامتثال ھذا األمر أو ما دل عليه اللفظ المجمل ثم يموت النبي  ولم يبينه ھذا بعيد ألن تأخير البيان عن‬
‫وقت الحاجة ھذا ال يجوز باإلجماع ‪.‬‬
‫ً‬
‫والثاني ‪ :‬يجوز بقاؤه ‪ -‬الذي ال يتعلق به تكليف ‪ -‬مجمال لعدم وجود الضرورة إلى بيانه ‪.‬‬
‫ِّ‬
‫إليك ْ َ‬
‫الذكر‬ ‫وأنزلنا ِ َ ْ َ‬ ‫َ‬
‫مطلقا وھو مذھب كثير من العلماء لقوله تعالى ‪َ ْ َ َ ﴿ :‬‬ ‫ً‬ ‫القول الثاني ‪ :‬ال يجوز بقاء المجمل بدون بيان‬
‫للناس ﴾ إذا ھو مأمور بالبيان‬ ‫ً‬ ‫لتبين ِ َّ ِ‬
‫الذكر ﴾ وفيه المجمل ﴿ ِ ُ َ ِّ َ‬ ‫إليك ِّ ْ َ‬ ‫] النحل ‪َ ْ َ َ َ ﴿ . [44 :‬‬
‫وأنزلنا ِ َ ْ َ‬ ‫نزل َ ِ َ ْ ِ ْ‬
‫إليھم ﴾‬ ‫للناس َما ُ ِّ‬
‫لتبين ِ َّ ِ‬
‫ِ ُ َ ِّ َ‬
‫‪ ،‬ھذه وظيفة النبي  فإذا لم يبين المجمل قالوا ‪ :‬لم تحصل لكنه ھناك فائدة في المجمل ولذلك اختلفوا ﴿ الم ﴾ ھذه ما المراد‬
‫كل يقول باجتھاده نقول ‪ :‬مات النبي  ولم يبين المراد به وھو في غير‬ ‫بھا ؟ فيه خالف طويل عريض ھل بينت ؟ ما بينت ٍّ‬
‫األحكام الشرعية وال بأس ويحصل به االبتالء في اإليمان والتسليم ‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫مطلقا لعدم ترتب المحال عقال فكان جائزا وھذا ضعيف ‪.‬‬ ‫ً‬ ‫المذھب الثالث واألخير ‪ :‬يجوز بقاؤه مجمالً‬
‫‪202‬‬
‫قال رحمه  تعالى ‪:‬‬
‫المجمل ُ‬
‫النوع السادس ‪َ ْ ُ :‬‬

‫ُّ ِ‬
‫بالسنة‬ ‫كالقرء ِْإذ َ َ ُ ُ‬
‫بيانه‬ ‫ُْ ِ‬ ‫بواضح َّ َ ِ‬
‫الداللة‬ ‫ِ‬ ‫يكن ِ َ‬ ‫َما َ ْ‬
‫لم َ ُ ْ‬
‫)‬ ‫)‬

‫يكن ( ) َما ( أي ‪ :‬لفظ ‪ ،‬وھذا مطلق فيشمل اللفظ المفرد والمركب ‪ ،‬المركب تمثل له بماذا ؟ ﴿ َْأو َ ْ ُ َ‬
‫يعفو ﴾ ألنه‬ ‫لم َ ُ ْ‬‫) َما َ ْ‬
‫اسما وقد يكون فعالً وقد يكون‬ ‫إجمال وقع بالتركيب ‪ ،‬ولفظ مفرد تمثل له بالقرء ونحوه ‪ ،‬ثم المفرد ھذا قد يكون ً‬ ‫ٌ‬ ‫مركب‬
‫عسعس ﴾ ‪ ،‬وقد يقع في الحرف كـ ‪ِ ﴿ :‬من ﴾ أليس‬ ‫حرفا ‪ ،‬وقد يقع اإلجمال في األسماء كالقرء وقد يقع في األفعال كـ ‪َ َ ْ َ ﴿ :‬‬ ‫ً‬
‫كذلك ؟‬
‫واضح الباء ھذا‬
‫ِ‬ ‫َ‬
‫بواضح َّ ِ‬
‫الداللة ( يعني ‪ :‬المجمل ھو اللفظ الذي لم يكن بواضح الداللة لم يكن واضح الداللة‬ ‫ِ‬ ‫لم َي ُ ْ‬
‫كن ِ َ‬ ‫َ‬
‫) َما ْ‬
‫زائدة وقاعة في جواب يكن ‪.‬‬

‫)‬ ‫كان َْقد يُجْ ز‬ ‫وبعْ دَ ال َ ْ‬


‫ونفي َ َ‬ ‫ََ‬ ‫البا ْ َ َ‬
‫الخبرْ‬ ‫جر َ‬‫ْس َ َّ‬ ‫وبعْ دَ َما َ َ‬
‫ولي َ‬ ‫ََ‬
‫)‬

‫واضح بالجر ھذا خبر منصوب كيف‬


‫ِ‬ ‫ً‬
‫واضحا ‪ ،‬فتكون الباء زائدة‬ ‫نفي كان ھذه باء زائدة للتوكيد واألصل لم يكن‬
‫منصوب وھو مكسور الخبر يكن منصوب ] منصُوب نعم منصوب عالمة نصبه فتحة مقدرة على آخره منع من ظھورھا‬
‫اشتغال المحل بحركة حرف الجر الزائد وھو الباء [ ‪.‬‬

‫كان َْقد يُجْ ز‬ ‫وبعْ دَ ال َ ْ‬


‫ونفي َ َ‬ ‫ََ‬ ‫البا ْ َ َ‬
‫الخبرْ‬ ‫جر َ‬‫س َ َّ‬ ‫وبعْ دَ َما َ َ‬
‫ول ْي َ‬ ‫ََ‬
‫)‬ ‫)‬

‫الداللة ( الداللة فھم أمر من أمر أو كون أمر بحيث يُفھم منه أمر فھم منه بالفعل أو ال ‪ ،‬على ما‬ ‫بواضح َّ َ ِ‬‫ِ‬ ‫يكن ِ َ‬ ‫) َما َ ْ‬
‫لم َ ُ ْ‬
‫ً‬
‫مرارا ‪.‬‬ ‫ذكرناه‬
‫لما لم يكن بواضح الداللة ؟‬
‫الداللة ( بسبب من أسباب اإلجمال‬‫بواضح َّ َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫يكن ِ َ‬ ‫لم َ ُ ْ‬ ‫نقول ‪ :‬بسبب من أسباب اإلجمال سابقة الذكر ال بد من تقيده ) َما َ ْ‬
‫المذكورة السابقة ومنھا االشتراك واقتصر عليه الناظم ‪ ،‬ومنھا يعني من أسباب اإلجمال االشتراك وھذا خص عليه الناظم‬
‫كالقرء ( يعني ‪ :‬وذلك المجمل الذي لم‬‫كالقرء ( ‪ .‬مثال الكاف تمثيلية ال استقصائية كاف تمثيلية ال استقصائية ) ُ ْ ِ‬ ‫لذلك قال ‪ِ ْ ُ ) :‬‬
‫أقراء وقُرُوء دون تفصيل ‪ ،‬يعني سواء كان المراد‬ ‫وقرء ‪ ،‬ويجمع على َ ْ َ‬ ‫يكن بواضح الداللة كلفظ القرء بفتح وضم يقال ُقرء َ‬
‫ً‬
‫أيضا يجمع على‬ ‫به الطھر يجمع على قروء وأقراء ‪ ،‬أقراء جمع قلة وقروء جمع كثرة ‪ ،‬وإن كان المراد به الحيض نقول ‪:‬‬
‫أقراء جمع قلة وقروء جمع كثرة لماذا ؟‬
‫ردا على من قال ‪ :‬أنه إذا جمع على أقراء فالمراد به الحيض وإذا جمع على قروء فالمراد به الطھر ‪ .‬وھذا التفريق ليس‬ ‫ً‬
‫بيانه ( كالقرء الوارد في قوله تعالى ‪﴿ :‬‬ ‫كالقرء ( ھذا يستعمل في ماذا ؟ في القرء والحيض ) ِْإذ َ َ ُ ُ‬ ‫ُْ ِ‬ ‫بسديد ليس عليه دليل ‪) .‬‬
‫ْ‬
‫قروء ﴾ ] البقرة ‪ . [228 :‬إذا وقع في القرآن وھذا الذي عنون له المصنف ) ِإذ ( ھذه‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫بأنفسھن ثالثة ُ َ ٍ‬ ‫يتربصن ِ َ ُ ِ ِ َّ‬ ‫َ ْ ُ َ َّ َ ُ‬
‫والمطلقات َ َ َ َّ ْ َ‬
‫بيانه ( بيان ماذا ؟ القرء ھل المراد به في اآلية الحيض أم الطھر ؟ بالسنة جاء ً‬
‫ثابتا بالسنة على خالف بين‬ ‫للتعليل ‪ِْ ) ،‬إذ َ َ ُ ُ‬
‫ُّ َّ ِ‬
‫بالسنة ( يعني ‪ :‬ھي التي تبين أن‬ ‫كالقرء ِْإذ َ َ ُ ُ‬
‫بيانه‬ ‫مرادا به الحيض فأيدوه بسنة ) ُ ْ ِ‬ ‫ً‬ ‫العلماء ھل المراد به الطھر فأيدوه بسنة أو‬
‫المراد به الطھر أو المراد به الحيض ‪ ،‬قيل ‪ :‬المراد بالقرء ھو الطھر لحديث ابن عمر في الصحيحين لما طلق زوجته وھي‬
‫حائض فغضب النبي  وقال ‪ » :‬مره فليراجعھا ثم ليمسكھا حتى تطھر ثم تحيض ثم تطھر ثم إن شاء أمسك وإن شاء‬
‫طلق قبل أن يمس فتلك العدة التي أمر  تعالى أن يطلق لھا النساء « ‪ .‬فدل على ماذا ؟ على أن زمان العدة ھو الطھر‬
‫وعليه مالك والشافعي وجه االستدالل فيه بعد ‪.‬‬
‫أو الحيض يعني قيل الحيض لحديث فاطمة بنت أبي حبيش ‪ ..‬إني امرأة استحاض إلى آخره قال ‪ » :‬دعي الصالة أيام‬
‫أقرائك « ‪ .‬متى تدع الصالة أيام الطھر أم الحيض ؟ الحيض فدل على أن القرء المراد به الحيض ‪.‬‬ ‫َْ َ‬
‫‪203‬‬
‫أجاب أولئك قالوا ‪ :‬أقراء ‪ .‬ھذا جمع ‪ ،‬والمراد به قرء إذا جمع على أقراء فھو الحيض وإذا جمع على قروء فالمراد به‬
‫الطھر ‪ ،‬لكن ھذا ال دليل عليه ‪ ،‬وعليه أبو حنيفة وأحمد ھذا ما يتعلق بالمجمل ‪.‬‬
‫المؤ َّول ُ‬ ‫السابع ‪َ ُ :‬‬ ‫ُ‬ ‫النوع‬
‫ُ‬ ‫]‬
‫المؤول شرحناه فيما سبق ) ال تأويله فحررا ( ذكرنا معناه في اللغة ومعانيه في االصطالح ذكرنا المعنى الثالث وھو أن‬
‫الظاھر ھذا ما احتمل معانين ھو في أحدھما أظھر‬ ‫المتأخرين ال يعرف عن السلف وھو أنھم يأتون إلى اللفظ الظاھر ‪ ،‬قول َّ‬
‫ًإذا يحمل على المعنى الراجح ال على المعنى المرجوح ‪ ،‬قد يأتي دليل َفي َُعيِّن أن المراد المعنى المرجوح دون الراجح فيقدم‬
‫المرجوح على الراجح ‪ ،‬ھذا ننظر إلى الدليل فإن صح الدليل صح التأويل وإال فال ‪.‬‬
‫بدليل ‪ ،‬ھذا المراد به عند المتأخرين‬ ‫ٍ‬ ‫المؤ َّول ُ ‪ :‬وھو صرف اللفظ عن ظاھره الراجح إلى معناه المرجوح‬ ‫السابع ‪َ ُ :‬‬ ‫ُ‬ ‫النوع‬
‫ُ‬
‫وذكرنا األنواع الثالثة فيما سبق ‪.‬‬
‫ُؤو ُل بمعنى الرجوع كما ذكرناه ‪.‬‬ ‫ُؤو ُل َفھُو م َ َّ‬ ‫ُ‬
‫المؤ َّول ُ ‪ :‬ھذا اسم مفعول ِّأو َل ي َ َّ‬ ‫السابع ‪َ ُ :‬‬ ‫ُ‬ ‫النوع‬
‫ُ‬
‫ُرف عن ظاھره بدليل أي كان‬ ‫عرفه في الشرح بقول ‪ :‬ما ترك ظاھره بدليل ‪ .‬يعني ‪ :‬ما ص ِ َ‬ ‫نزال ( َ َّ َ‬ ‫بالدليل ُ ِ‬
‫ظاھر َما ِ َّ ِ ِ‬ ‫عن ِ ٍ‬ ‫َ‬ ‫) َ ْ‬
‫ظاھر ( ھذا جار ومجرور متعلق بقوله ‪) :‬‬ ‫عن ِ ٍ‬ ‫َ‬ ‫ً‬
‫مردودا أو باطال ‪ْ َ ) .‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫صارا‬ ‫صحيحا وإال‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ِّي تأويال‬ ‫صحيحا ُسم َ‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫مستقيما‬ ‫الدليل‬
‫ظاھر ( جار‬ ‫ٍِ‬ ‫َ‬ ‫عن‬‫نزلت عن الحق إذا تركته ‪ْ َ ) .‬‬ ‫ْ‬
‫ترك ‪ .‬كقولك ‪ُ َ َ :‬‬ ‫ُ‬
‫نزال ( ‪ .‬واأللف نزال األلف لإلطالق بمعنى ماذا ؟ بمعنى ِ َ‬ ‫ُِ‬
‫بالدليل ( قيل ‪ :‬القطعي وال يشترط فيه ‪ .‬بل متى ما‬ ‫بالدليل ( ) َما ( أي ‪ :‬لفظ ‪ِ ِ َّ ِ ) .‬‬ ‫نزال ( ‪َ ) .‬ما ِ َّ ِ ِ‬ ‫ومجرور متعلق بقوله ‪ِ ُ ) :‬‬
‫ظنيا ‪ ،‬ولكن لعلھم قيدوه بالقطعي للمثال الذي سيذكره في الشرح قيدوه بالقطعي لعله للمثال‬ ‫ً‬ ‫قطعيا أو ّ‬ ‫ًّ‬ ‫صح الدليل سواء كان‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫نزال ( ما ترك بالدليل عن ظاھره أليس كذلك ؟ ما نزال بالدليل عن ظاھر يعني ‪ :‬ما ترك‬ ‫ُ‬ ‫الذي سيذكره ‪ً .‬إذا ) َما ِ َّ ِ ِ‬
‫بالدليل ُ ِ‬
‫بالدليل عن ظاھره فحُمل على المعنى المرجوح دون المعنى الراجح ‪ ،‬والمعنى لفظ ُترك ظاھره بسبب الدليل المانع من ذلك‬
‫‪S‬‬ ‫‪ ،‬ھذا المراد بالشطر األول معنى لفظ ترك ظاھره بسبب الدليل القطعي المانع من ذلك ‪ ،‬والقطع ھذا ال نحتاجه ‪ِ َ ) ،‬‬
‫كاليد ِ‬
‫بدليل ما ھو ؟ اليد لماذا ؟ يد  في قوله تعالى‬ ‫ٍ‬ ‫كاليد ( يعني ‪ :‬وذلك الظاھر المؤول‬ ‫اللذ ُِّأوال ( ھذه مصيبة المجاھل ) َ ِ‬ ‫ھو َّ ْ‬ ‫َُ‬
‫أوال شبھوا اعتقدوا التشبيه أن ألفاظ أو‬ ‫ديھم ﴾ ] الفتح ‪ . [10 :‬قالوا ‪ :‬يد  ھذه ال يفھم منھا إال الجارحة ‪ً ،‬‬ ‫فوق َْأي ِ ِ ْ‬ ‫ َْ َ‬ ‫يد َّ ِ‬ ‫‪َُ ﴿:‬‬
‫ ﴾ ال نفھم من‬ ‫يد َّ ِ‬ ‫أسماء أو الصفات التي ھي للرب جل وعال قالوا ‪ :‬ال ُندرك منھا إال ما ُندركه من أنفسنا ‪ ،‬فإذا قال ‪ُ َ ﴿ :‬‬
‫لفظ يد إال ھذه ‪ ،‬و جل وعال منزه عن ھذه الجارحة ‪ .‬نقول ‪ :‬نعم  عز وجل منزه عن اليد الجارحة لكن ما الذي أدراكم‬
‫أيديھم ﴾ أنھا اليد الجارحة ‪ ،‬ما الذي أدراكم ؟ نقول ‪ :‬ال الصفة بحسب الموصوف بحسب الذات‬ ‫فوق َ ْ ِ ِ ْ‬ ‫ َْ َ‬ ‫يد َّ ِ‬ ‫أن مراده بـ ‪ُ َ ﴿ :‬‬
‫‪ ،‬إن أضيفت اليد إلى المخلوق فھي على ما تليق به ‪ ،‬وإن أضيف إلى الخالق فھي على ما تليق به ‪ ،‬فكما أن المضاف إليه‬
‫مباينا كل المباينة عن المخلوق فمن باب أولى أن تباين من جھة الصفات ‪ ،‬ولذلك نقول ‪ :‬الكالم في الصفات فرع‬ ‫ً‬ ‫وھو الخالق‬
‫الكالم في الذات ‪ ،‬كما نثبت ذاتا ال مثيل لھا وال نظير لھا وال تشبھه الذوات كذلك نثبت صفات له ال نظير لھا وال مثيل لھا‬ ‫ً‬
‫وال تشبھھا الصفات ‪.‬‬
‫كاليد ‪ ( ِS‬يعني ظاھرھا ماذا ؟ قالوا ‪ :‬الجارحة ھذا‬ ‫ِ‬ ‫ًإذا عرفنا القاعدة العامة أن الكالم في الصفات فرع الكالم في الذات ) َ‬
‫حينئذ نصرف لفظ اليد‬ ‫ٍ‬ ‫ظاھرھا وإذا أولت بمعنى ماذا القوة مثالً قوة ھذا معنى مرجوح والظاھر أن المراد ماذا ؟ الجارحة‬
‫من الداللة على الجارحة وھو أظھر فيھا إلى المعنى المرجوح وھو ؟ القوة ونحو ذلك فسموه ماذا ؟ مؤوالً بالدليل ‪ ،‬لكن‬
‫اللذ (‬ ‫اللذ ُِّأوال ( ) ُ َ‬
‫ھو َّ ْ‬ ‫ھو َّ ْ‬ ‫وق َ ْ ِ ِ ْ‬
‫أيديھم ﴾ ) ُ َ‬ ‫ َف ْ َ‬‫يد َّ ِ‬ ‫كاليد ( إذ ظاھرھا الجارحة ) ‪ ( ِS‬في قوله تعالى ‪ُ َ ﴿ :‬‬ ‫المثال فاسد ھذا ‪ِ َ ) .‬‬
‫اللذ ( ھذا لغة في الذي‬ ‫‪ْ َّ ) ،‬‬
‫اللذ ُِأبي‬
‫وأب َّ ْ‬ ‫َ ْ َ‬
‫وجعل اللذ كاعتقد‬
‫صحيحا ماذا نقول ؟‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫اللذ ُِّأوال ( بالبناء للمجھول أو مغير الصغية واأللف لإلطالق ‪ ،‬ھذا المثال فاسد ‪ ،‬لو أردنا مثاال‬ ‫ھو َّ ْ‬ ‫) َُ‬
‫فاغسلوا ﴾ ] المائدة ‪ [6 :‬ھذا مثل له بالظاھر ومثل له ھناك في الذي يُطرح إلى‬ ‫الصالة ْ ِ ُ ْ‬ ‫قمتم َِإلى َّ ِ‬ ‫ُ‬
‫آمنوا ِإذا ْ ُ ْ‬ ‫َ‬ ‫الذين َ ُ ْ‬ ‫أيھا َّ ِ َ‬ ‫﴿ َيا َ ُّ َ‬
‫المعنى المرجوح بأدنى دليل ‪ ،‬ذكرناه في القواعد قال ‪ :‬الظاھر بعضه يحتاج إلى دليل قولي ‪ ،‬وبعضه يحتاج إلى دليل‬
‫قمتم َِإلى َّ ِ‬
‫الصالة‬ ‫آمنوا َِإذا ُ ْ ُ ْ‬‫الذين َ ُ ْ‬ ‫أيھا َّ ِ َ‬ ‫متوسط ‪ ،‬وبعضه يحتاج إلى أدنى دليل ‪ .‬ومثلنا فيما سبق ألدنى دليل لقوله تعالى ‪َ ﴿ :‬يا َ ُّ َ‬
‫وأيديكم ﴾ لكن نقول ھنا مؤول‬ ‫وجوھكم َ َ ْ ِ َ ُ ْ‬
‫فاغسلوا ُ ُ َ ُ ْ‬ ‫فاغسلوا ﴾ ‪ .‬ألن ظاھر النص إذا قمتم يعني ‪ :‬إذا وقفت تريد أن تكبر ﴿ ْ ِ ُ ْ‬ ‫ْ ُِ ْ‬
‫شرعت ؟ شرعت ‪ ،‬إذاً‬ ‫َ‬ ‫فاستعذ ﴾ ] النحل ‪ [98 :‬قرأت انتھيت تستعذ أو‬ ‫القرآن َ ْ َ ِ ْ‬
‫قرأت ْ ُ ْ َ‬ ‫ْ‬
‫فإذا َ َ َ‬ ‫بماذا ؟ إذا أردتم ال بد من التقدير ﴿ َ ِ َ‬
‫قد يؤول الفعل الماضي لإلرادة وقد يؤول بالشروع ‪.‬‬
‫النوع الثامن ‪ :‬المفھوم‬

‫‪204‬‬
‫المفھوم والمنطوق ھذا األصل ‪ .‬المفھوم والمنطوق ھما متقابالن ‪ ،‬المفھوم اسم مفعول من فھم وھو إدراك معنى الكالم‬
‫فما يستفاد من اللفظ فھو مفھوم ‪ ،‬والمنطوق اسم مفعول من نطق والمراد به في اللغة الملفوظ به ‪.‬‬
‫المفھوم حقيقة ما دل عليه اللفظ ال في محل النطق ألن األحكام الشرعية إما أن تؤخذ من المنطوق وإما أن تأخذ من‬
‫المفھوم ‪ ،‬والمنطوق ھو ما دل عليه اللفظ في محل النطق يعني في محل اللفظ ‪ ،‬وما فھم منه في محل َمحل السكوت يسمى‬
‫أف ﴾ ] اإلسراء ‪ [23 :‬نقول ‪ :‬ھذه اآلية دلت على تحريم التأفيف من جھة ماذا من جھة المنطوق لماذا‬ ‫لھما ُ ٍّ‬ ‫تقل َّ ُ َ‬ ‫فال َ ُ‬
‫مفھوما ﴿ َ َ‬‫ً‬
‫أف ﴾ ھذا‬ ‫لھما ُ ٍّ‬ ‫فال َ ُ‬
‫تقل َّ ُ َ‬ ‫؟ ألن ضابط المنطوق ما دل عليه أو ما دل على الحكم في محل النطق ‪ ،‬والذي نطق به ھو قوله ‪َ َ ﴿ :‬‬
‫أف ﴾ ھل لفظ‬ ‫لھما ُ ٍّ‬‫تقل َّ ُ َ‬ ‫فال َ ُ‬‫مأخوذ من المنطوق ‪ ،‬تحريم الضرب ؟ من المفھوم ‪ ،‬ما دليله ؟ ﴿ َ َ‬ ‫ٌ‬ ‫منطوق به ًإذا تحريم التأفيف‬ ‫ٌ‬
‫جاء فيه تحريم الضرب ؟‬
‫لم يأت فيه تحريم الضرب ‪ ،‬وإنما أخذنا ھذا الحكم من اللفظ ال في محل النطق بل في محل السكوت ‪.‬‬
‫) النوع الثامن ‪ :‬المفھوم ( وھو ما دل عليه اللفظ ال في محل النطق ‪ ،‬وخالفه المنطوق ما دل عليه في محل النطق ولم‬
‫يذكره ألنه األصل ‪.‬‬
‫المفھوم قسمان ‪:‬‬
‫مفھوم موافقة ‪.‬‬
‫ومفھوم مخالفة ‪.‬‬
‫موافق َ ْ ُ َ ُ‬
‫منطوقه (‬ ‫موافق ( يعني ‪ :‬مفھوم دل عليه اللفظ لكن محل النطق ) ُ ِ ٌ‬ ‫كأف ( ‪ٌ ِ ُ ) .‬‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬ ‫موافق َ ْ ُ َ ُ‬
‫منطوقه‬ ‫قال رحمه  ‪ٌ ِ ُ ) :‬‬
‫منطوقه ( بالنصب‬ ‫موافق ھو أي ‪ :‬المنطوق ‪ُ َ ُ ْ َ ) .‬‬ ‫ٌ‬ ‫موافق ھذا خبر مبتدأ محذوف ھو موافق فھو موافق والتنوين ولذلك نص‬
‫أف ﴾ الحكم ما ھو ؟‬ ‫ُ‬
‫لھما ٍّ‬ ‫تقل َّ ُ َ‬ ‫فال َ ُ‬
‫مفعول به لموافق ‪ ،‬وھو ما يوافق حكمه المنطوق ‪ ،‬وافق حكمه المنطوق ھنا ﴿ َ َ‬ ‫ٌ‬ ‫على أنه‬
‫دل عليه بالمنطوق ‪،‬‬ ‫فحينئذ استوى التأفيف الذي ُ َّ‬ ‫ٍ‬ ‫تحريم الضرب والقتل من باب أولى وأحرى‬ ‫ُ‬ ‫التحريم ‪ ،‬مفھومه‬
‫والضرب الذي دل عليه المفھوم استوى في ماذا في الحكم وھو التحريم ‪ً ،‬إذا وافقه أو ال ؟‬
‫كأف ( ما وافق المسكوت عنه المنطوق في الحكم ويسمى‬ ‫منطوقه ُ ِّ‬‫موافق َ ْ ُ َ ُ‬
‫وافقه ‪ ،‬ھذا يسمى ماذا ؟ مفھوم موافقة ‪ٌ ِ ُ ) .‬‬
‫فحوى الخطاب ‪ ،‬ولحنه ‪ ،‬والقياس الجلي ‪ ،‬والتنبيه ‪ ،‬ومفھوم الخطاب ‪ ،‬بعضھم يخص به بماذا ؟ يخص بفحوى الخطاب إن‬
‫أف ﴾ ألن المسكوت‬ ‫لھما ُ ٍّ‬ ‫تقل َّ ُ َ‬ ‫فال َ ُ‬‫مساويا ‪ ،‬إن كان أولى عرفناه في آية تحريم التأفيف ﴿ َ َ‬ ‫ً‬ ‫كان أولى ‪ ،‬وبلحن الخطاب إن كان‬
‫إن‬‫بطونھم َناراً ﴾ ] النساء ‪َّ ِ ﴿ [10 :‬‬ ‫يأكلون فِي ُ ُ ِ ِ ْ‬ ‫إنما َ ْ ُ ُ َ‬ ‫اليتامى ُ ْ‬
‫ظلما ً ِ َّ َ‬ ‫يأكلون َ ْ َ‬
‫أموال َ ْ َ َ َ‬ ‫الذين َ ْ ُ ُ َ‬
‫إن َّ ِ َ‬ ‫عنه أولى بالتحريم من المنطوق ﴿ ِ َّ‬
‫يأكلون ﴾ يأكلونھا في البطن ‪ ،‬ولو حرقوھا ‪ ،‬يستوي الحكم ‪ ،‬ولو دفنوھا ؟‬ ‫الذين َ ْ ُ ُ َ‬
‫إن َّ ِ َ‬ ‫أموال َ ﴾ مفھومه ﴿ ِ َّ‬ ‫يأكلون َ ْ َ‬
‫الذين َ ْ ُ ُ َ‬
‫َّ ِ َ‬
‫ُلق الحكم على األكل دون غيره‬ ‫يأكلون ﴾ ليس المراد به األكل فقط ] ‪ ...‬كيف ‪ ...‬نعم لماذا ع ِّ َ‬ ‫الذين َ ْ ُ ُ َ‬ ‫إن َّ ِ َ‬ ‫ًإذا يستوي الحكم ﴿ ِ َّ‬
‫اليتامى ﴾ المراد به إتالف مال اليتيم‬ ‫يأكلون َ ْ َ‬
‫أموال َ ْ َ َ َ‬ ‫الذين َ ْ ُ ُ َ‬
‫إن َّ ِ َ‬ ‫[ ألنه الغالب ‪ ،‬لكن يستوي األكل مع اإلحراق بجامع اإلتالف ﴿ ِ َّ‬
‫فحينئذ نقول النص دل على تحريم ماذا إحراق مال اليتيم لكن بالمفھوم ‪ ،‬ھل ھو أولى أم مساوي ؟‬ ‫ٍ‬ ‫صورة كانت‬ ‫ٍ‬ ‫بأي‬
‫مساوي ‪ ،‬ھذا يسمى ماذا يسمى المساوي ‪.‬‬
‫ً‬
‫مساويا‬ ‫ًإذا مفھوم الموافقة قسمان قد يكون الحكم حكم المسكوت عنه أولى من حكم المنطوق به كآية التأفيف ‪ ،‬وقد يكون‬
‫له ‪.‬‬
‫أف ﴾ يعني ‪ :‬وذلك كمفھوم أف فإنه يُفھم منه تحريم الضرب من باب أولى ‪ ،‬والفتل من باب أولى وأحرى ‪ ،‬مفھوم‬ ‫ُ‬
‫كـ ‪ٍّ ﴿ :‬‬
‫إجماعا لتبادر فھم العقالء إليه ‪ ،‬ثم قال ‪) :‬‬ ‫ً‬ ‫الموافقة حجة ‪ ،‬ھذا ال شك فيه أنه حجة ‪ .‬قال ابن مفلح رحمه  ‪ :‬ذكره بعضھم‬
‫تخالف ( يعني مفھوم المخالفة ‪ ،‬يعني ‪ :‬ما يخالف حكمه المنطوق ‪ ،‬المسكوت عنه حكمه مخالف‬ ‫ومنه ُذو َ َ ُ ٍ‬ ‫ومنه ( ‪ .‬أي ) ِ ْ ُ‬ ‫ِْ ُ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ومنه ( أي ‪ :‬من المفھوم ) ذو َ َ ٍ‬
‫تخالف‬ ‫للمنطوق في اآليتين السابقتين التحريم في المنطوق وفي المفھوم ‪ ،‬ھنا ال ‪ ،‬التخالف ) ِ ْ ُ‬
‫( وھذا يسمى دليل ‪ ،‬دليل الخطاب ‪ ،‬يعني ‪ :‬ما يخالف حكمه المنطوق ‪ ،‬أول شيء تقول ما خالف المسكوت عنه المنطوق‬
‫أيضا حجة عند الجماھير مفھوم المخالفة حجة عند الجماھير ‪ ،‬وھذا ما مثاله ؟‬ ‫في الحكم ‪ ،‬وھذا ً‬
‫خيرا ال يفقه في الدين ‪ .‬والمراد بالخير ھنا ليس أصل بالخير‬ ‫خيرا يفقه في الدين « ‪ .‬من لم يرد  به ً‬ ‫» من يرد  به ً‬
‫كما نص ابن حجر على ھذا في الفتح ‪ ،‬ھو ورد به التمام ‪ .‬ألن من عنده التوحيد وھو جاھل عامي عنده خير أو ال ؟ عنده‬
‫تاما » يفقه في الدين « ‪ .‬وأما الموحد العامي ھذا عنده خير عظيم لكنه فاته‬ ‫خيرا ً‬ ‫خيرا « ‪ .‬يعني ً‬ ‫خير ‪ » ،‬من يرد  به ً‬
‫التمام ‪.‬‬
‫مفھوم المخالفة حجة عند جماھير العلماء بجميع أقسامه ما عدا مفھوم اللقب لكن للعمل بھذا المفھوم شروط ‪ ،‬ذكرناھا فيما‬
‫مختصا بالحكم دون سواه ‪ ،‬متى‬ ‫ً‬ ‫سبق لكن يجمعھا قاعدة ال بد من التأمل فيھا وھي أن يكون تخصيص المنطوق بالذكر لكونه‬
‫فحينئذ مفھوم المخالفة ‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫فحينئذ نقول ‪ :‬يعتبر مفھوم المخالفة ‪ .‬فإن انتقى‬ ‫ٍ‬ ‫ما وجدت ھذه العلة ‪،‬‬
‫‪205‬‬
‫حينئذ ال مفھوم وإال فله‬ ‫ٍ‬ ‫مختصا بالحكم دون سواه ‪ .‬إن كان كذلك‬ ‫ً‬ ‫قاعدة ‪ :‬أن يكون تخصيص المنطوق بالذكر لكونه‬
‫مفھوم ‪.‬‬
‫وغايةٌ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬
‫شرط‬ ‫َ‬
‫ومثل ُ ذا ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫تخالف أي ‪ :‬مخالفة ‪ .‬وذلك في الوقف ) ِ‬ ‫ٍ‬ ‫تخالف ( أي‪ :‬صاحب‬ ‫ٍ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫أيضا من المفھوم ) ذو‬ ‫ً‬ ‫) ِ ُ‬
‫ومنه (‬ ‫ْ‬
‫عدد ( يعني أراد أن يعدد لك أنواع مفھوم المخالفة أين توجد ؟ ھي كثيرة لكن ذكر بعضھا ونقف مع ما ذكره فقط ‪.‬‬ ‫ََْ‬
‫تخالف ( يعني ‪ :‬مخالفة وذاك أو وذلك في مفھوم الوصف أي ‪ :‬مثل مفھوم الوصف ‪ ،‬والمراد بمفھوم‬ ‫ٍ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ومنه ذو‬ ‫ْ‬
‫وذلك ) ِ ُ‬
‫ٍ‬
‫غاية‬ ‫بشرط وال‬ ‫ٍ‬ ‫ٌ‬
‫الوصف ھنا عندھم ليس مطلق الوصف المرادف للوصف عند النحاة ‪ ،‬ال ‪ ،‬المراد به لفظ مقيد آلخر ليس‬
‫وال استثناء وال عدد ‪ ،‬وال يريدون بھا النعت النحوي فقط فتشمل نحو ماذا ؟ قوله  ‪ » :‬في الغنم السائمة زكاةٌ « ‪ .‬ھذا‬
‫ساجد ﴾ ] البقرة ‪ [187 :‬أي‬ ‫الم َ ِ ِ‬ ‫عاكفون ِفي ْ َ‬ ‫وأنتم َ ِ ُ َ‬ ‫نعت ‪ ،‬والمضاف سائمة الغنم ‪ ،‬والمضاف إليه مطل الغني ظلم ‪ ،‬والحال ﴿ َ َ ُ ْ‬
‫مؤبرا فثمرته ھذه للبائع « ‪ .‬شرحناھا في قواعد األصول ‪ ،‬ومفھوم الصفة‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫نخال‬ ‫‪ :‬ال في غيرھا ‪ .‬وقوله  ‪ » :‬من باع‬
‫متجھا ألن فيھا‬ ‫ً‬ ‫معبر عن جميع المفاھيم بالصفة لكان ذلك‬ ‫ٌ‬ ‫ھذا رأس المفاھيم ھو في القمة ‪ ،‬ولذلك قال أبو المعالي ‪ :‬لو عبر‬
‫معنى الصفة ‪.‬‬
‫شرط ( )‬ ‫ومثل ُ ( أي ومثل مفھوم الوصف ) َذا ( السابق يعني ) َ ْ ٌ‬ ‫ومثل ُ َذا ( أي ومثل مفھوم الوصف ) ِ ْ‬ ‫الوصف ِ ْ‬ ‫) في َ ْ ِ‬
‫ومثل ُ َذا ( مضاف مضاف‬ ‫ومثل ُ َذا ( مضاف ومضاف إليه ) َذا ( المشار إليه ما ھو ) َذا ( مرجعه ما ھو المفھوم الوصفي ) ِ ْ‬ ‫ِْ‬
‫شيء بأداة الشرع‬ ‫ٍ‬ ‫ُلق من الحكم على‬ ‫شرط ( والمراد به الشرط اللغوي وھو ما ع ِّ َ‬ ‫مثل ُ َذا ( أي ‪ :‬مثل مفھوم الوصف ) َ ْ ٌ‬ ‫إليه ) ِ ْ‬
‫وغاية ( يعني ‪ :‬ومفھوم غايته ‪ ،‬وحقيقتھا مد‬ ‫وغاية ( ستأتي أمثلته في النظم ) َ َ ٌ‬ ‫شيء بأداة الشرع ) َ َ ٌ‬ ‫ٍ‬ ‫‪ .‬ما علق من الحكم على‬
‫ٍ‬
‫مفھوم عدد بإسقاط الواو ‪ ،‬ومفھوم عدد وھو تعليق الحكم بعدد مخصوص ‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫ٌ‬ ‫عدد ( يعني ‪:‬‬ ‫الحكم بأداة الغاية ‪ ،‬و ) َ َ ْ‬
‫ھذه أربعة مفھوم الوصف ‪ ،‬ومفھوم الشرط ‪ ،‬ومفھوم الغاية ‪ ،‬ومفھوم العدد ‪ ،‬يعني ‪ :‬لھا حكم المخالف للمنطوق ‪ ،‬فيحكم‬
‫لھذا المفھوم ويُعتبر بالشرط والقيد الثاني أال يكون تنصيص الحكم في المنطوق أال تظھر له فائدة إال ذكر ماذا ؟ المنطوق أو‬
‫تعريفه به ‪.‬‬
‫مثال للوصف ‪ ،‬ونبأ ھذا مبتدأ وھو مضاف والفاسق ومضاف إليه ‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫الفاسق ( يعني ‪:‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ونبأ‬ ‫َ‬
‫للوصف ( ‪َ َ ) ،‬‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬
‫الفاسق ِ َ‬
‫ِ ِ‬ ‫َ‬ ‫ونبأ ُ‬
‫) َ ََ‬
‫ورد ( بمعنى جاء وثبت يعني جاء مثاالً نبأ الفاسق أين ؟‬ ‫ورد ( ‪ْ َ َ ) .‬‬ ‫جار مجرور متعلق بقوله ‪ْ َ َ ) :‬‬ ‫ورد ( للوصف ٌ‬ ‫للوصف َ َ ْ‬‫ِ‬ ‫) َِْ‬
‫بنبأ ﴾ ] الحجرات ‪ [6 :‬وصف أو ال ؟‬ ‫جاءكم َ ِ ٌ‬
‫فاسق ِ َ َ ٍ‬ ‫في قوله تعالى ‪ِ ﴿ :‬إن َ ُ ْ‬
‫ورد (‬ ‫الفاسق ( لمفھوم الوصف ) َ َ ْ‬ ‫ونبأ ُ َ ِ ِ‬ ‫وصف ‪ً ،‬إذا إذا لم يأتكم فاسق ‪ ،‬عدل يجب قبول خبره ‪ً ،‬إذا له مفھوم مخالفة ) َ َ َ‬
‫فتبينوا ﴾ فيجب التبين في خبر الفاسق ‪ ،‬ومفھومه‬ ‫بنبأ َ َ َ َّ ُ‬
‫فاسق ِ َ َ ٍ‬ ‫جاءكم َ ِ ٌ‬ ‫خبر مبتدأ وھو نبأ ﴿ ِإن َ ُ ْ‬ ‫أي جاء مثاالً ‪ ،‬جملة ورد ھذا ٌ‬
‫يجب قبول خبر الواحد العدل ‪.‬‬
‫ھن ﴾ ] الطالق ‪ . [6 :‬ھنا علق‬ ‫علي ِ َّ‬ ‫فأنفقوا َ َ ْ‬ ‫َ‬
‫أوالت َ ِ ُ‬ ‫كن َ ِ‬ ‫ُ‬ ‫وإن ُ َّ‬ ‫والشرط ( يعني مفھوم الشرط مثاله نحو قوله تعالى ‪ِ َ ﴿ :‬‬ ‫َّ ْ ُ‬ ‫)‬
‫عليھن ﴾‬ ‫فأنفقوا َ َ ْ ِ َّ‬ ‫أوالت َ َ ِ ُ‬ ‫كن ُ َ ِ‬ ‫وإن ُ َّ‬ ‫الحكم على إن الشرطية يعني المراد بالشرط الذي ھو له مفھوم معتبر الشرط اللغوي ﴿ َ ِ‬
‫حمل بالمفھوم إذا خالف أو ال ؟‬ ‫ً‬ ‫ٍ‬ ‫فيجب اإلنفاق على أوالت حمل بالمنطوق ‪ ،‬ومفھومه أنه ال يجب على غير ذوات‬
‫لزوجھا ( مفھوم الغاية‬ ‫حل ِّ ِ َ ْ ِ َ‬ ‫بنفيِ ِ‬ ‫جاءت ِ َ ْ‬ ‫وغاية ( يعني مفھوم غاية ) َ َ ْ‬ ‫حكم المسكوت عنه مخالف لحكم المنطوق به ‪ٌ َ َ ) .‬‬
‫غيره ( من ھو ؟ قبل أن تنكح ماذا‬ ‫نكاح َ ْ ِ ِ‬ ‫قبل َ ِ َ ِ‬ ‫لزوجھا ( أي المطلقة بالثالثة ) َ ْ‬ ‫حل ِّ ِ َ ْ ِ َ‬ ‫بنفيِ ِ‬ ‫لإلنسان ما ھو قد جاءت اآلية ) ِ َ ْ‬
‫ً‬
‫زوجا‬ ‫غيرهُ ﴾ ] البقرة ‪ . [230 :‬فإن لم تنكح‬ ‫زوجا ً َ ْ َ‬ ‫تنكح َ ْ‬ ‫حتى َ ِ َ‬ ‫بعد َ َّ َ‬ ‫له ِمن َ ْ ُ‬ ‫تحل ُّ َ ُ‬‫طلقھا َفالَ َ ِ‬ ‫فإن َ َّ َ َ‬ ‫الزوج وذلك بقوله تعالى ‪ِ َ ﴿ :‬‬
‫حلِّ‬ ‫بنفيِ ِ‬ ‫جاءت ِ َ ْ‬ ‫وغاية َ َ ْ‬ ‫حينئذ حلت له للزوج األول ) َ َ ٌ‬ ‫ٍ‬ ‫بشروط معتبرة‬ ‫ٍ‬ ‫غيره ال تحل له فإن نكحت‬
‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫نكاح َ ْ ِ ِ‬ ‫لزوجھا َ ْ‬
‫وكالثمانين ( يعني‬ ‫َ َ‬ ‫ِ‬ ‫أجره ( ) َ‬ ‫ِ‬ ‫لعد ْ ِ‬ ‫ِ‬
‫وكالثمانين َ ٍّ‬ ‫َ َ‬ ‫ِ‬ ‫غيره ( غيره زوجھا الذي طلقھا غير زوجھا الذي طلقھا ) َ‬ ‫قبلَ ِ َ ِ‬ ‫َِْ ِ َ‬
‫جلدة ﴾ ‪ .‬أي ‪ :‬ال أقل وال أكثر‬ ‫ثمانين َ ْ َ ً‬ ‫فاجلدوھم َ َ ِ َ‬ ‫عدد ھذا مثال لقوله تعالى ‪ْ ُ ُ ِ ْ َ ﴿ :‬‬ ‫ٍ‬ ‫لعد ( أي ‪ :‬لمفھوم‬ ‫‪ :‬كمفھوم الثمانين ‪ٍّ َ ِ ) .‬‬
‫وكالثمانين ( أي كمفھوم‬ ‫َ ِ َ‬ ‫َّ‬ ‫جلدة ﴾ ) َ‬ ‫ً‬ ‫ْ‬
‫ثمانين َ َ‬ ‫فاجلدوھم َ ِ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫التسع وسبعين وال واحد وثمانين ولو زاد شره ؟ ولو زاد شره ‪ ،‬نعم ﴿ ْ ِ ُ ُ ْ‬
‫أمر من اإلجراء‬ ‫أجره ( ٌ‬ ‫َ‬
‫عدد ) ْ ِ ِ‬ ‫لعد ( لمفھوم ٍ‬ ‫جلدة ﴾ ‪ .‬أي ‪ :‬ال أقل وال أكثر ) ِ َ ٍّ‬ ‫فاجلدوھم َ َ ِ َ‬
‫ثمانين َ ْ َ ً‬ ‫الثمانين في قوله تعالى ‪ْ ُ ُ ِ ْ َ ﴿ :‬‬
‫يعني أجره مثاالً لمفھوم العدد ‪.‬‬
‫ونقف على ھذا ‪.‬‬
‫وصل  وسلم على نبينا محمد ‪.‬‬ ‫َّ‬

‫‪206‬‬
‫الشريط الرابع عشر‬
‫الرحيم‬
‫الرحمن الرحيم‬
‫ الرحمن‬
‫بسم ‬
‫بسم‬

‫الحمد رب العالمين والصالة والسالم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ‪.‬‬
‫أما بعد ‪:‬‬
‫قال المصنف رحمه  تعالى ‪:‬‬
‫النوع ) التاسع والعاشر ( وھذا من العقد الخامس فيما يتعلق بالمعاني المتعلقة باألحكام ‪ ،‬جعل العقد الرابع فيما يتعلق‬
‫قسم‬ ‫باأللفاظ ‪ ،‬ثم العقد الخامس فيما يتعلق بالمعاني المتعلقة باألحكام ‪ ،‬ثم جعل السادس في المعاني المتعلقة باأللفاظ كأنه َ َّ‬
‫ُنظ ُر في اللفظ‬ ‫سابقا بأنه ال يمكن تجزئة األلفاظ عن المعاني ‪ ،‬وإنما المقصود أنه ي ْ َ‬ ‫ً‬ ‫اللفظ والمعنى على االعتبار الذي ذكرناه‬
‫ً‬
‫تابعا ‪ ،‬ثم ھذا المعنى قد يكون متعلقا بحكم تكليفي أو‬ ‫ُنظ ُر إلى المعنى أصالة ويكون اللفظ ً‬ ‫تابعا ‪ ،‬أو ي ْ َ‬ ‫أصالة ويكون المعنى ً‬ ‫ً‬
‫متعلقا باأللفاظ ‪.‬‬ ‫ً‬ ‫حكم وضعي عن حكم شرعي ‪ ،‬وإما أن يكون‬ ‫ٍ‬
‫المطلق َ ْ ُ َ َّ ُ‬
‫والمقيد ‪.‬‬ ‫والعاشر‪ُ َ ْ ُ ْ :‬‬ ‫التاسع َ َ ِ ُ‬ ‫النوع َّ ِ ُ‬ ‫َّ ُ‬
‫ھذا من المباحث الراجعة للمعاني المتعلق باألحكام ‪ ،‬ألن األحكام الشرعية كما ھو معلوم أنھا تؤخذ من المنطوق ومن‬
‫مطلقا في‬ ‫ً‬ ‫موضع آخر ‪ ،‬وإن شئت قلت ‪ :‬ما قد يكون‬ ‫ٍ‬ ‫مقيدا في‬ ‫مطلقا في موضع ويكون ً‬ ‫ً‬ ‫الملفوظ ‪ ،‬ومن المنطوق ما قد يكون‬
‫ً‬
‫مل بماذا ؟ بإطالقه يعني ‪ :‬إذا كان مطلقا في موضع ولم يرد تقيده في‬ ‫حينئذ يجب أن يُعْ َ َ‬ ‫ٍ‬ ‫موضع آخر ‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫موضع ولم يقيد في‬ ‫ٍ‬
‫موضع آخر ‪ .‬ما الحكم الشرعي ؟‬ ‫ٍ‬
‫دليل صحيح على تقيد المطلق كان من التحكم‬ ‫ٌ‬ ‫بدليل صحيح فإذا لم يوجد‬ ‫ٍ‬ ‫بقيد إال‬ ‫يجب حمله على إطالقه وال يجوز تقيده ٍ‬
‫وإتباع الھوى ‪.‬‬
‫بدليل‬
‫ٍ‬ ‫أبدا إال‬ ‫فحينئذ يجب إعماله أو حمله على قيده وال يجوز إطالقه ً‬ ‫ٍ‬ ‫يرد إال ً‬
‫مقيدا‬ ‫موضع ولم َ ِ‬ ‫ٍ‬ ‫مقيدا في‬ ‫وكذلك إذا جاء ً‬
‫مقيدا وھذا الذي عنون له ھذا )‬ ‫ً‬ ‫موضع آخر‬ ‫ٍ‬ ‫مطلقا ويرد في‬ ‫ً‬ ‫موضع‬
‫ٍ‬ ‫يرد في‬ ‫حينئذ يجوز أن يطلق المقيد ‪ ،‬وقد َ ِ ُ‬ ‫ٍ‬ ‫صحيح ‪،‬‬
‫والمقيد ( وأما المطلق فقط فھذا يجب إعماله على إطالقه وحمله على إطالقه وال يجوز‬ ‫المطلق َ ْ ُ َ َّ ُ‬ ‫والعاشر‪ُ َ ْ ُ ْ :‬‬
‫التاسع َ َ ِ ُ‬ ‫النوع َّ ِ ُ‬ ‫َّ ُ‬
‫حينئذ يكون‬ ‫ٍ‬ ‫سواء كان في المعتقد أو في الفروع‬ ‫ٌ‬ ‫قيد يضاف إلى أي مطلق من نصوص الشرع‬ ‫بحال من األحوال وأي ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫تقيده‬
‫فحينئذ يجب أن يحمل على تقيده فإطالقه‬ ‫ٍ‬ ‫موضع ولم يرد إطالقه البتة‬ ‫ٍ‬ ‫مقيدا في‬ ‫ً‬ ‫من باب التحكم وإتباع الھوى ‪ ،‬وإذا كان‬
‫يكون من قبيل التحكم وإتباع الھوى ‪.‬‬
‫المطلق‬ ‫ً‬
‫مقيدا ھو الذي عنون له األصوليون بباب المطلق والمقيد إذا ) ُ ْ َ ُ‬ ‫ً‬ ‫موضع آخر‬ ‫مطلقا وفي‬ ‫ً‬ ‫موضع‬ ‫أما إذا جاء في‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫حينئذ ؟ عقد‬ ‫ٍ‬ ‫مقيدا فما العمل‬‫ً‬ ‫موضع آخر‬
‫ٍ‬ ‫مطلقا وورد نفسه في‬ ‫ً‬ ‫موضع‬
‫ٍ‬ ‫والمقيد ( المراد به إذا ورد الخطاب أو اللفظ في‬ ‫ُ َ َّ ُ‬
‫األصوليون ھذا الباب للتعامل مع ھذه النوعية المعينة ‪.‬‬
‫ُطلق ھذا اسم فاعل ْالم َ َُّقيد‬ ‫ْ‬
‫ُطلق ‪ ،‬وبكسرھا م ِ‬ ‫ْ‬
‫ُطلق فھو م َ‬ ‫ْ‬
‫أطلق ي َ ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬
‫ُطلق بفتح الالم ھذا اسم مفعول من ِ َ‬ ‫ُ َ َّ ُ‬
‫والمقيد ( ْالم ْ َ‬ ‫) ُ َْ ُ‬
‫المطلق‬
‫مطلق ‪ .‬يعني‬ ‫ٌ‬ ‫معنويا ‪ ،‬نقول ‪ :‬ھذا الفرس‬ ‫ً‬ ‫حسيا كان أو‬ ‫ً‬ ‫لغة االنفكاك من أي ٍ‬
‫قيد‬ ‫ُقيد فھو م َ َُّقيد فھو اسم مفعول ‪ ،‬والمطلق ً‬ ‫قُيِّد ي َ َّ ُ‬
‫نص مطلق ھذا في‬ ‫ٌ‬ ‫رقبة ﴾ ] النساء ‪ . [92 :‬ھذا‬ ‫فتحرير َ َ َ ٍ‬
‫﴿ ََ ْ ِ ُ‬ ‫‪ :‬في الحس ‪ ،‬والمعنوي نحو األدلة الشرعية تقول ‪:‬‬
‫المعنويات ‪.‬‬
‫شرط أو‬ ‫ٍ‬ ‫ً‬
‫بشيء مطلقا من‬‫ٍ‬ ‫وصف أو نحوه ‪ .‬ما قيد‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫شرط أو‬ ‫بشيء من‬ ‫ٍ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫والم َ َُّقيد لغة ‪ :‬ما يقابل المطلق ‪ .‬وھو ‪ :‬ما قيِّدَ‬ ‫ً‬ ‫ْ‬
‫وصف أو نحوه ‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫قيد ‪ .‬اللفظ ھذا جنس يشمل المطلق والمقيد ويشمل العام والخاص‬ ‫اصطالحا ‪ :‬ھو اللفظ الدال على الماھية بال ٍ‬ ‫ً‬ ‫المطلق‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫والحقيقة والمجاز ‪ ...‬إلى آخره ألن المراد به كل ما يُتلفظ به مھمال كان أو مستعمال قوله ‪ :‬الدال ‪ .‬يعني ‪ :‬ذو داللة إذا أخرج‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫شيء البتة ‪ ،‬الدال على الماھية المراد به الحقيقة حقيقة الشيء سميت ماھية لماذا ؟ ألنه يسأل‬ ‫ٍ‬ ‫المھمل ألن المھمل ال يدل على‬
‫ً‬
‫عنھا ما ھي حقيقة كذا ؟ ما ھي حقيقة اإلنسان ؟ فيقول ‪ :‬حيوان ناطق ‪ ...‬وھلم جره ‪ ،‬إذا لما كان السؤال عنھا بلفظ ما ھي‬
‫ً‬
‫صناعيا‬ ‫ً‬
‫مصدرا‬ ‫حسن أن يُشتق لھا لفظ الماھية ‪ ،‬وإال الماھية ھذا من جھة اللغة فيه ركاكة ماھية ألن أصله ما ھي ثم جعل‬
‫ماھية مثل حيوانية وإنسانية وقومية ونحو ذلك فھذه تمسى ماذا ؟ تسمى مصادر صناعية بزيادة ماذا ؟ ياء النسبة مع التاء ‪.‬‬
‫ما وردت ‪ ،‬إنسان ھذا اسم جامد ال مصدر له ألنه ليس بفعل وال بمشتق حتى يقال إنه له مصدر ‪ ،‬كيف نأتي بالمصدر ‪.‬‬
‫إنسانية ‪ .‬مثل قوم ھذا اسم جمع ال واحد له من‬ ‫ُ‬ ‫قالوا ‪ :‬ثم مصدر صناعي إنسان تزيد عليه الياء ثم تلحقه تاء التأنيث تقول ‪:‬‬
‫لفظه فتقول ‪ :‬قومية ‪ ..‬وھلم جره ‪ً ،‬إذا الماھية نقول ‪ :‬ھذا مصدر اصطناعي ‪.‬‬

‫‪207‬‬
‫قيد ًإذا ما دل على حقيقة الشيء بال قيد يعني من غير تقيد بالوحدة وال َتعْ ِيين في الخارج وال في الذھن ‪ ،‬ھذه ثالثة‬ ‫بال ٍ‬
‫أشياء منفية بال قيد ‪ ،‬يعني أخرج النكرة وأخرج المعرفة وأخرج علم الجنس ألن اللفظ الذي له داللة وھذه الداللة تكون في‬
‫ً‬
‫ناطقا ‪،‬‬ ‫ً‬
‫حيوانا‬ ‫الذھن ألن ما دل على الماھية وجوده وجد الذھن إذا قيل ‪ :‬اإلنسان له ماھية ‪ ،‬ما ھي ھذه الماھية كونه‬
‫ٍ‬
‫واحد‬ ‫مقيدا ومالحظا بفرد‬ ‫ً‬ ‫فحينئذ ما كان ً‬ ‫ٍ‬ ‫الحيوانية الناطقية موجودة في العقل وال وجود لھا في الخارج ‪ ،‬إن لوحظ الخارج‬
‫ضع اللفظ وله معنى في الذھن وھو‬ ‫ٍ‬
‫فحينئذ وُ ِ َ‬ ‫حينئذ لفظ دال على الماھية بقيد الوحدة ‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫في الخارج ھذا يسمى النكرة ‪ ،‬فالنكرة‬
‫فحينئذ يدل المعنى الذھني الذي يكون في ضمن الفرد الخارجي يدل عليه‬ ‫ٍ‬ ‫مالحظا له الفرد الخارجي ‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ضع‬
‫المعنى الكلي وُ ِ َ‬
‫جدَ الخارج على جھة التعيين فھو المعرفة ‪ ،‬ولذلك قلنا ‪ :‬بال قيد ‪ .‬المراد به ثالثة أشياء بال قيد يعني ‪:‬‬ ‫داللة مطابقة ‪ ،‬فإن وُ ِ‬
‫ْن في الخارج ھذا ھو النكرة ألن النكرة تدل على ماھية رجل ‪َ ،‬رجل ھذا يدل على ماذا ؟ ذكر‬ ‫بال قيد الوحدة واحد غير م َُعي ٍ‬
‫كل‬
‫ُعينا في الخارج وإنما يصدق على زيد وعلى بكر وعلى عمرو وعلى خالد ٌّ‬ ‫ً‬ ‫بالغ من بني آدم من ھو ھذا ؟ ال ‪ ،‬ليس م َ َّ‬
‫ً‬
‫ُعينا في‬‫فحينئذ دل عليه داللة مطابقة إن كان م َ َّ‬ ‫ٍ‬ ‫يسمى ماذا ؟ يسمى رجالً ‪ ،‬نقول ‪ :‬المعنى الذھني لوحظ فيه الفرد الخارج ‪،‬‬
‫وفرق بين رجل والرجل ‪ ،‬الرجل ھذا دل على واحد لكنه معين ورجل‬ ‫ٌ‬ ‫فرق بين إنسان واإلنسان‬ ‫ٌ‬ ‫الخارج كالرجل واإلنسان ‪،‬‬
‫دل على واحد لكنه غير معين ‪ ،‬فإن كان التعيين في الخارج فھو المعرفة وإن كان في الذھن فھو ماذا ؟ فھو علم الجنس ألن‬
‫علم الجنس ھو الدال على الماھية لتعيين في الذھن ‪ ،‬ألن التعيين إما أن يكون في الخارج خارج الذھن وإما أن يكون في‬
‫الذھن ‪ ،‬إن ُعي َِّن في الخارج كالرجل وھو أحد المعارف السبعة نقول ‪ :‬لفظ دال على الماھية على الحقيقة لكن بقيد وھو‬
‫التعيين الخارجي وھو المعارف كلھا ‪ ،‬ألنه إما أن يكون نكرة االسم وإما أن يكون معرفة إن كان نكرة فھو لفظ دال على‬
‫الماھية بقيد الوحدة في الخارج ‪ ،‬والمعرفة بتعيين في الخارج دال على الوحدة وغيرھا لكنه بتعيين إن كان التعين في الخارج‬
‫فھو المعرفة إن كان في الداخل في الذھن فھو علم الجنس ‪ ،‬إن لم يكن بقيد الوحدة وال بقيد التعين الخارجي وال بقيد التعيين‬
‫ھي ِھي يعني ال باعتبار كونھا موجودة في الخارج‬ ‫الذھني كأسامة فنقول ‪ :‬ھذا ھو المطلق ‪ .‬الدال على الماھية من حيث ِ َ‬
‫مثال أو إنسان وضع لفظ رجل للذكر البالغ العاقل من بني آدم وجوده في الذھن ليس له أي‬ ‫ً‬ ‫البتة ‪ ،‬وإنما وضع لفظ رجل‬
‫النكرة وضع المعنى ولكنه مالحظ وجوده في الخارج في فرد واحد لكن المطلق‬ ‫بفرد في الخارج ‪ ،‬بخالف النكرة َّ‬ ‫ٍ‬ ‫عالقة‬
‫وضع للحقيقة للماھية للمعنى الذھني للمعنى الكلي للمعني الذي وجوده وجود ذھني وضع له بال قيد البتة ‪ ،‬يعني المعنى من‬
‫قيدا في المعنى الذھني ‪ ،‬لم يؤخذ ‪ ،‬ھذا فرق جوھري بين‬ ‫أفراد في الخارج ‪ ،‬لم يؤخذ للفرد الخارج ً‬ ‫ٍ‬ ‫حيث ھ َُو ھُو دون اعتبار‬
‫قيدا في وضع الحقيقة ‪ ،‬وإنما أخذ الفرد الخارجي من جھة االلتزام لماذا ؟ ألننا نقول ‪:‬‬ ‫النكرة والمطلق لم يؤخذ الفرد الخارج ً‬
‫حينئذ نبحث في ماذا ؟ في المعقوالت أو في‬ ‫ٍ‬ ‫إذا كان بحث األصوليين في المطلق فإذا كان المطلق ھو حقيقة ذھنية بحته‬
‫الملفوظات ؟‬
‫في الملفوظات ‪ ،‬إذا ما أدخل األصوليين ‪ ،‬ما الذي أدخل األصوليين في المباحث العقلية ؟‬ ‫ً‬
‫قيدا في الماھية ‪ ،‬لكن داللته‬ ‫نقول ‪ :‬ال ھذا المعنى الذھني ال بد وأن يوجد في الخارج ‪ ،‬وإن لم يكن الفرد الخارج قد أخذ ً‬
‫عليه بداللة االلتزام ‪ ،‬وداللة النكرة على الفرد الخارج بداللة المطابقة ‪ ،‬ھذا ھو الفرق بين النكرة والمعرفة عند من فرق بين‬
‫النكرة والمطلق عند من فرق بينھما ‪ ،‬وبعضھم سوى بين النكرة والمطلق فأطلقوا في ھذا الباب باب المطلق قالوا ‪ :‬النكرة‬
‫ھي المطلق نفسھا ‪ ،‬النكرة ھي المطلق لماذا ؟‬
‫فحينئذ كل نكرة ھي مطلق‬ ‫ٍ‬ ‫قالوا ‪ :‬ألنه ال ينبني عليه فرق من حيث األلفاظ وما يترتب عليھا من حيث األحكام الشرعية ‪،‬‬
‫ثم فرق بين‬ ‫وكل مطلق ھي نكرة ‪ ،‬لكن فرق الفقھاء ببناء مسألة ‪ -‬وھي مھمة صحيحة واقعة على ھذين الحدين إذا قلنا ‪َّ َ :‬‬
‫ذكرا نكرة فولدت اثنين تطلق أو ال ؟‬ ‫ذكرا فأنت طالق ‪ً .‬‬ ‫المطلق والنكرة ‪ -‬إذا قال الرجل لزوجته ‪ :‬إذا ولدتي ً‬
‫تطلق لماذا ؟ ألنه‬ ‫حينئذ ال َ ْ ُ‬
‫ٍ‬ ‫ھذا ينبني على ھذه ‪ ،‬إن قلنا ‪ :‬المطلق والنكرة بمعنى واحد أنه لوحظ فيه المعنى الخارجي‬
‫ُ‬ ‫ْ‬
‫حينئذ تطلق لماذا‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬ ‫ثم فرق بين المطلق والنكرة‬ ‫فرد واحد وقد وجد اثنين ًإذا لم يوجد المعلق عليه ‪ ،‬لكن لو قلنا ‪ :‬أن َ َّ‬ ‫علق على ٍ‬
‫؟‬
‫فحينئذ قد يوجد في الخارج في ضمن واحد أو‬ ‫ٍ‬ ‫ألن الذكر وضع للماھية من حيث ھي ال باعتبار وجوده في الخارج ‪،‬‬
‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫فحينئذ إذا وجد مع تعدد األفراد في الخارج نقول ‪ :‬قد وجد المطلق وھو معلق عليه الشرط ھنا فتطلق ‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫اثنين أو عشرة ‪،‬‬
‫فحينئذ إذا فرقنا بين النكرة والمطلق‬ ‫ٍ‬ ‫ْ‬
‫ذكرا فأنت طالق ‪ .‬ولدت ثالثة أو اثنين اثنين‬ ‫ذكرا قالوا ‪ :‬إن ولدتي ً‬ ‫ًإذا إن ولدت ً‬
‫فحينئذ ال تطلق ‪ ،‬ألن التقييد‬ ‫ٍ‬ ‫تطلق على القول بأن ھذا اللفظ مطلق ‪ ،‬وإذا قلنا ‪ :‬ھما سيان ‪ ،‬ھما سواء‬ ‫حينئذ َ ْ ُ‬
‫ٍ‬ ‫فرقنا بينھما‬
‫شائع في جنسه دل على فرد واحد‬ ‫ٍ‬ ‫ذكرا واحد ھذا نعت صفة ألن ھذا له الشأن في النكرة ما دل على واحد‬ ‫ً‬ ‫يكون إن ولدتي ً‬
‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ذكرا واحدا فأنت طالق فولدت اثنين ال تطلق ألن المعلق عليه واحد ‪،‬‬ ‫ً‬ ‫حينئذ كأن التقدير إن ولدتي ً‬ ‫ٍ‬ ‫شاع في جنسه وھو ذكر‬
‫ثم نية ‪ .‬إذا ھذا ھو حقيقة المطلق ھو اللفظ الدال على الماھية بال قيد أو إن شئت قل ‪ :‬اللفظ المتناول‬ ‫ً‬ ‫َ‬
‫إذا لم تجد نية إذا لم تكن َّ‬
‫‪208‬‬
‫لواحد ھذا أخرج‬ ‫ٍ‬ ‫لواحد ال بعينه ‪ .‬باعتبار حقيقة شاملة للجنس ‪ ،‬لفظ وھذا يشمل المطلق وغيره كل ما يتلفظ به المتناول‬
‫األلفاظ ألفاظ األحداث ‪ ،‬المتناول ألكثر من واحد كاثنين ثالث وعشرة وخمس إلى آخره ألنه متناولة ألكثر من واحد ‪ ،‬ال‬
‫ً‬
‫واحدا بعينه‬ ‫واحدا بعينه مثل ماذا ؟ العلم زيد ‪ ،‬زيد ھذا لفظ تناول‬ ‫ً‬ ‫بعينه اللفظ المتناول لواحد ال بعينه أخرج ماذا ؟ ما تناوله‬
‫ألن مسماه معين ‪ ،‬وأخرج ما مدلوله واحد معين كالرجل ‪ ،‬الرجل ليس بعلم وھو معرفة لكن مدلوله ماذا معين وھو واحد ‪،‬‬
‫ٍ‬
‫فحينئذ نقول‬ ‫وأخرج العام المستغرق ‪ً ،‬إذا الواحد ال بعينه أخرج المستغرق ألن العام لفظ يستغرق جميع ما َيصْ ُلح له واللفظ ‪،‬‬
‫‪ :‬فرق بين المطلق والمقيد ‪ .‬باعتبار حقيقة واحدة ھذا أخرج المشترك ألن المشترك يتناول لواحد ال بعينه كالقرء مثالً يتناول‬
‫الحيض أو الطھر لكن ھل حقيقة الطھر وحقيقة الحيض من جنس واحد ؟ ال ‪ ،‬متباينان ‪ .‬لكن لو قلت ‪ :‬رجل ‪ .‬يتناول واحد‬
‫أيضا الواجب المخير‬ ‫ً‬ ‫ال بعينه زيد أو خالد حقيقتھم واحدة أم ال ؟ متحدة ًإذا حقائقھم متحدة بخالف القرء ونحوه ‪ ،‬وأخرج‬
‫ُخير بين ثالث‬ ‫الواجب المخير ھذا يتناول واحد ال بعينه أليس كذلك ؟ لكنه حقائقھا مختلفة ال متحدة مثل ماذا ؟ كفارة اليمين م َ ّ‬
‫ًإذا نقول ‪ :‬ھذه الثالث المراد بالواجب المخير واحد منھا ال بعينه أليس كذلك ؟ إما إطعام وإما كسوة وإما تحرير ‪ ،‬واحدة‬
‫منھا ال بعينه ‪ً ،‬إذا الواجب المخير متناول لواحد ال بعينه لكن ھل ھذه ثالثة األشياء من جنس واحد أو مختلفة ؟ مختلفة‬
‫والشرط في المطلق أن تكون من جنس واحد ‪ ،‬لذلك قال ‪ :‬اللفظ المتناول لواحد ال بعينه باعتبار حقيقة شاملة لجنسه وأما‬
‫واحدا ال بعينه باعتبار حقائق مختلفة ‪.‬‬ ‫ً‬ ‫المشترك والواجب والمخير فإن كل منھا يتناول‬
‫ً‬
‫المطلق قد يكون في األمر اعتق رقبة وھذا أمر أو ال ؟ إذا وقع في سياق أو في معرض األمر اعتق رقبة ‪ ،‬كذلك في‬
‫أيضا في الخبر عن المستقبل سأعتق رقبة وھل يرد في الماضي‬ ‫رقبة ﴾ يعني ‪ :‬حرروا رقبة ‪ .‬ويرد ً‬ ‫حرير َ َ َ ٍ‬ ‫مصدر األمر ﴿ َ َ‬
‫فت ْ ِ ُ‬
‫أعتقت رقبة ؟‬
‫رقبة ﴾ مصدر األمر يأتي‬ ‫َ‬
‫فتحرير َ َ ٍ‬ ‫َ‬
‫يرد في األمر أعتق رقبة ‪ ،‬نقول ‪ :‬ھذا لفظ متناول لواحد ال بعينه إلى آخر الحل ‪ُ ِ ْ َ ﴿ ،‬‬ ‫َِ ُ‬
‫واحدا بعينه لو قال ‪ :‬أعتقت رقبة ‪ .‬أخبر بماذا ؟‬ ‫ً‬ ‫أيضا في الخبر عن المستقبل سأعتق رقبة لكن في الماضي يتناول‬ ‫ً‬
‫طالبا ھذا كله في‬ ‫ً‬ ‫واحدا ال بعينه ‪ ،‬أكرمت‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫بأنه أعتق رقبة وھذه متناوله لواحد ال بعينه ‪ ،‬أكرمت رجال ھذا متناول‬
‫واحدا بعينه ‪.‬‬ ‫ً‬ ‫حينئذ ھذا يتناول‬‫ٍ‬ ‫الماضي‬
‫لمعين ‪ ،‬أعْ ِط ھذا الفقير ھذا متعين‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬ ‫لمعين ھو اللفظ المتناول‬ ‫ٍ‬ ‫أما المقيد عرفناه في اللغة وأما في االصطالح فھو ‪ :‬المتناول‬
‫أو ال ؟ متعين ‪ ،‬أو لغير معين موصوف بأمر زائد عن الحقيقة الشاملة لجنسه يعني ‪ :‬قد يتعين بشيء حسي كاإلشارة أو‬
‫منة ﴾ رقبة‬‫مؤ ِ َ ٍ‬ ‫فتحرير َ َ َ ٍ‬
‫رقبة ُّ ْ‬ ‫بشيء لفظي أو يكون نكرة لكنه يأتي وصف زائد دال على وصف زائد على مجرد الماھية ﴿ َ َ ْ ِ ُ‬
‫ٍ‬
‫فحينئذ لما زيد‬ ‫معينة أو ال ؟ رقبة مؤمنة معينة أو ال ؟ معينة من جھة ماذا ؟ من جھة الوصف ألنه إما مؤمن وإما كافر ‪،‬‬
‫وصف اإليمان تعين بكون ھذه الرقبة ال تخرج عن صفة اإليمان وال واسطة ‪.‬‬
‫إًذا المتناول لمعين أو لغير معين موصوف بأمر زائد عن الحقيقة الشاملة لجنسه ‪ ،‬أعْ ِط ھذا الفقير تقول ‪ :‬ھذا معين بماذا‬
‫َ‬
‫مثال نقول ‪ :‬ھذا مقيد بالوصف ‪.‬‬ ‫ً‬ ‫أعط الفقير الجالس‬ ‫؟ باإلشارة ِ‬
‫المطلق َ ْ ُ َ َّ ُ‬
‫والمقيد ‪.‬‬ ‫والعاشر‪ُ َ ْ ُ ْ :‬‬ ‫النوع َّ ِ ُ‬
‫التاسع َ َ ِ ُ‬ ‫َّ ُ‬
‫المطلق مع المقيد عند األصوليين كالعام مع الخاص ولذلك بعضھم يذكره في ضمن الكالم عن العام والخاص لماذا ؟ ألن‬
‫المطلق يشبه العام من حيث ماذا ؟‬
‫من حيث داللته على الشمول ألن المطلق فيه شمول يشمل فيه استيعاب فيه استغراق لكن استغراقه وشموله واستيعابه‬
‫حينئذ الرجل إذا قيل ‪ :‬أعتق رقبة ‪ .‬الرقبة ھذا يشمل كل ما َيصْ ُدق عليه اللفظ أنه رقبة كل ما يصدق عليه أنه رقبة‬ ‫ٍ‬ ‫بدلي ‪،‬‬
‫ٌّ‬
‫داخل تحت مسمى اللفظ ‪ ،‬فيحتمل زيد أو عمرو أو ‪ ..‬إلى آخره من العبيد أليس كذلك ؟ لكنه ال على جھة كونه دفعة واحدة‬
‫يعني ‪ :‬ال يشمل اللفظ رقبة كل المسمى ما يصح أن يطلق عليه لفظ رقبة ال يشمل الجميع دفعة واحدة وإنما على جھة البدل‬
‫حينئذ سقط الحكم وبرئت الذمة عن إطالق اللفظ عن غيره ‪ ،‬وأما العام فال‬ ‫ٍ‬ ‫فإذا قيل ‪ :‬أعتق رقبة ‪ .‬فإذا أعتق زيد وھو رقبة‬
‫نون ﴾ ] المؤمنون ‪ [1 :‬كل المؤمنين‬ ‫المؤ ِم ُ َ‬ ‫ْ‬
‫أفلح ُ ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫قد‬
‫دفعة واحدة ‪ ،‬فإذا قيل ‪ْ ﴿ :‬‬ ‫ً‬ ‫فھو موضوع للماھية لشمولھا لكل األفراد‬
‫طالبا ‪.‬‬ ‫دفعة واحدة ألن اللفظ موضوع لجميع األفراد بخالف ماذا ؟ بخالف أعط رجالً أو أكرم ً‬ ‫ً‬ ‫دخلوا في ھذا اللفظ‬
‫بدلي كأسد ‪ ،‬موضوع لماذا ؟ للماھية فقط بقطع النظر‬ ‫ٌّ‬ ‫ًإذا المطلق موضوع للماھية فقط بقطع النظر عن أفرادھا فعمومه‬
‫حينئذ يكون َبدَ ِلية والعام موضوع للماھية المتحققة في جميع األفراد فعمومه شمولي‬ ‫ٍ‬ ‫الحد فعمومه‬ ‫ِّ‬ ‫عن أفرادھا كما ذكرناه في‬
‫كما ذكرناه في المثال السابق ‪.‬‬
‫المطلق والمقيد قال رحمه  ‪:‬‬

‫له َقْد ُ ِ َ‬
‫أخذا‬ ‫والحكم َ ُ‬ ‫ََْ َ‬
‫أمكن َ ُ ْ ُ‬ ‫ِ ِّ‬
‫الضد ِإذا‬ ‫وحمل ُ ُ ْ َ ٍ‬
‫مطلق على‬ ‫َ َ ْ‬
‫‪209‬‬
‫)‬ ‫)‬

‫الضد ( ھذا متى ؟ ھذا ي َُتصور فيما أطلق في خطاب وقيد في الخطاب اآلخر ألن األحوال ثالثة‬ ‫مطلق على ِ ِّ‬ ‫وحمل ُ ُ ْ َ ٍ‬ ‫) َ َ ْ‬
‫أبدا في موضع آخر ‪ -‬وتنبه إلى ھذه من يبحث في الفقه ‪-‬‬ ‫يرد تقيده ً‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫اإلطالق والتقيد لھا ثالثة أحوال ‪ :‬إما أن يُطلق فقط وال َ ِ ُ‬
‫حينئذ يجب حمله على إطالقه وال يجوز تقيده البتة ‪ ،‬فتقيده من غير دليل شرعي ھذا تحكم وھوى ‪ ،‬وإذا جاء‬ ‫ٍ‬ ‫ً‬
‫مطلقا‬ ‫إذا جاء‬
‫حينئذ يجب حمله على تقيده وال يجوز إطالقه البتة ‪ ،‬فإذا أطلق من غير دليل شرعي فيكون من‬ ‫ٍ‬ ‫مقيدا ولم يرد إطالقه البتة‬ ‫ً‬
‫مطلق‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫وحمل ُ ُ ٍ‬‫باب التحكم وإتباع الھوى ‪ ،‬أما إذا جاء في موضع مطلق وفي موضع آخر مقيد ھو الذي عناه الناظم قال ‪ْ َ َ ) :‬‬
‫الضد ( ‪ .‬ما ھو ضد المطلق ؟‬ ‫على ِ ِّ‬
‫مقيدا في خطاب آخر ال يخلو عن‬ ‫أيضا ً‬ ‫ً‬ ‫المقيد ‪ ،‬ضد المطلق المقيد ‪ .‬وعليه نقول ‪ :‬إذا ورد لفظ مطلق في خطاب وورد‬
‫أربعة أحوال ‪ -‬وھذا ما يسمى عند األصوليين بصور حمل المطلق على المقيد‪: -‬‬
‫وسببا ‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫حكما‬ ‫إما أن يتحدا‬
‫وسببا ‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫حكما‬ ‫وإما أن يختلفا‬
‫سببا ‪.‬‬ ‫حكما ويختلفا ً‬ ‫ً‬ ‫وإما أن يتحدا‬
‫أو بالعكس ‪.‬‬
‫معا ‪ ،‬وما عداه فھو مختلف‬ ‫ھذا أربعة أحوال بعضھا متفق عليھا وادعي فيه اإلجماع وذلك فيما إذا اتفق الحكم والسبب ً‬
‫معا فادعي اإلجماع على ماذا ؟ على عدم حمل المطلق على المقيد ‪.‬‬ ‫فيه إال إذا اختلف الحكم والسبب ً‬
‫معا ‪ ،‬أن يكون حكم المطلق ھو عينه حكم المقيد وأن يكون السبب في‬ ‫الصورة األولى نقول ‪ :‬أن يتحدا في الحكم والسبب ً‬
‫ونفي الخالف يعني ‪:‬‬ ‫المطلق ھو عينه السبب في المقيد ‪ ،‬ادعي اإلجماع في ھذه المسألة بأنه يجب حمل المطلق على المقيد ُ ِ َ‬
‫يجب حمل المطلق على المقيد بال خالف في ھذه المسألة وذلك متى ؟‬
‫ً‬
‫مطلقا‬ ‫والدم ﴾ ] المائدة ‪ . [3 :‬الدم ورد في مواضع‬ ‫عليكم ْ َ ْ َ ُ‬
‫الميتة َ ْ َّ ُ‬ ‫حرمت َ َ ْ ُ ُ‬
‫مثل له بعضھم بقوله ‪ْ َ ِّ ُ ﴿ :‬‬ ‫وسببا ‪َ َّ َ .‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫حكما‬ ‫إذا اتحدا‬
‫حينئذ الحكم واحد وھو ‪:‬‬ ‫ٍ‬ ‫مسفوحاً ﴾ ] األنعام ‪[145 :‬‬ ‫مقيدا ﴿ َْأو َدما ً َّ ْ ُ‬ ‫والدم ﴾ وجاء في سورة األنعام ً‬ ‫الميتة َ ْ َّ ُ‬ ‫عليكم ْ َ ْ َ ُ‬ ‫حرمت َ َ ْ ُ ُ‬ ‫﴿ ُ ِّ َ ْ‬
‫تحريم الدم ‪ .‬والسبب واحد ھو ما في الدم من اإليذاء والمضرة قالوا ‪ :‬فيجب حمل المطلق في جميع السور على المقيد في‬
‫والدم ﴾ ًإذا المسفوح أي ‪ :‬المسفوح ‪ .‬بدليل ماذا ؟ بدليل تقييده في سورة األنعام ھذا نقول‬ ‫عليكم ْ َ ْ َ ُ‬
‫الميتة َ ْ َّ ُ‬ ‫حرمت َ َ ْ ُ ُ‬ ‫سورة األنعام ﴿ ُ ِّ َ ْ‬
‫والدم ﴾ الحكم ھو ‪ :‬تحريم الدم ‪ .‬السبب ھو ‪ :‬ما في الدم من األذية والمضرة ‪ْ ﴿ .‬أوَ‬ ‫ْ‬
‫الميتة َ َّ ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫عليكم َ ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫حرمت َ ْ ُ‬ ‫‪ :‬مطلق ومقيد ‪ْ َ ِّ ُ ﴿ .‬‬
‫وسببا يجب‬‫ً‬ ‫ً‬
‫حكما‬ ‫ً‬
‫ُكم عليه بأنه نجس فيستلزم ماذا ؟ التحريم لما فيه من المضرة واإليذاء ‪ .‬إذا اتحدا‬ ‫مسفوحا ً ﴾ ھذا ح ِ َ‬ ‫َدما ً َّ ْ ُ‬
‫والدم ﴾ يجب تقيد ھذا المطلق بالقيد الذي قُيِّدَ به في سورة‬ ‫عليكم ْ َ ْ َ ُ‬
‫الميتة َ ْ َّ ُ‬ ‫حرمت َ َ ْ ُ ُ‬
‫حمل المطلق على المقيد يعني ‪ :‬نقيد المطلق ﴿ ُ ِّ َ ْ‬
‫األنعام فيقال ‪ :‬حرمت عليكم الميتة والدم المسفوح ‪ .‬من أين جئنا بالدم المفسوح نقول ‪ :‬ھذا من حمل المطلق على المقيد ألن‬
‫السبب واحد والحكم واحد ‪ ،‬ھذا في القرآن مبحثنا في القرآن لكن سبق المثال أنه في السنة » ال نكاح إال بولي « ‪ .‬وجاء في‬
‫مرشد وشاھدي عدل « ‪ » .‬ال نكاح إال بولي « و » ال نكاح إال بولي مرشد « ‪ .‬الحكم ما ھو ؟‬ ‫ٍ‬ ‫رواية ‪ » :‬ال نكاح إال بولي‬
‫نفي النكاح صح ؟ ! والسبب ؟ ما ھو السبب ؟ السبب النكاح والحكم عدم صحته ھذا الحكم » ال نكاح « ‪ .‬صحيح أليس كذلك‬
‫وسببا فنقول ‪ » :‬ال نكاح إال بولي « ‪ .‬ھذا مطلق ولي مطلق يشمل المرشد وغيره » ال نكاح إال بولي‬ ‫ً‬ ‫حكما‬‫ً‬ ‫حينئذ اتحدا‬ ‫ٍ‬
‫حينئذ نقول ‪ :‬يجب تقيد المطلق أو حمل المطلق‬ ‫ٍ‬ ‫فحينئذ أخرج غيره السفيه ونحوه‬ ‫ٍ‬ ‫ً‬
‫مرشدا‬ ‫مرشد « إذا اشترط ماذا ؟ أن يكون‬ ‫ً‬
‫على المقيد ھذا في السنة وبحثنا في القرآن ‪.‬‬
‫معا ‪ ،‬وھذا ال حمل‬ ‫معا ‪ .‬أن يختلفا يعني ‪ :‬المطلق والمقيد في الحكم والسبب ً‬ ‫الثاني ‪ :‬أن يختلفا في الحكم والسبب ً‬
‫إجماعا ‪ ،‬األول ُّادعي اإلجماع وقيل على قول الجمھور والثاني ھذا قيل ‪ :‬ال حمل ألحدھما على اآلخر‬ ‫ً‬ ‫ألحدھما على اآلخر‬
‫إجماعا ‪ ،‬مثاله تقييد الصيام للتابع في كفارة اليمين مع إطالق اإلطعام في كفارة الظھار ‪ ،‬في كفارة اليمين قال ماذا ؟ ﴿‬ ‫ً‬
‫َّ‬
‫أيام ﴾ ما السبب ھنا ؟ كفارة ‪ ،‬كفارة ماذا ؟ كفارة اليمين ‪ ،‬ھذا سبب ‪،‬‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫أيام ﴾ أليس كذلك ؟ بلى ﴿ ِ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َِ ُ‬
‫ثالثة َّ ٍ‬ ‫فصيام‬ ‫ثالثة َّ ٍ‬ ‫فصيام‬
‫والحكم الصيام دون نظر إلى قراءة ابن مسعود ھذا مراد يعني ‪ :‬نظر للنص القرآني فقط وجاء في كفارة الظھار ماذا ﴿‬
‫مسكينا ً ﴾ ] المجادلة ‪ [4 :‬ھل نقول ھنا تقييد الصيام بالتتابع لكفارة الصيام ؟ نعم المثال بالمالحظة قراءة ابن‬ ‫ستين ِ ْ ِ‬ ‫فإطعام ِ ِّ َ‬ ‫َِ ْ َ ُ‬
‫مسكينا ً ﴾ ] المجادلة ‪ [4 :‬ھل‬ ‫ستين ِ ْ ِ‬ ‫مسعود ) فصيام ثالثة أيام متتابعات ( فجاء في كفارة الظھار إطالق اإلطعام ﴿ َ ِ ْ َ ُ‬
‫فإطعام ِ ِّ َ‬
‫نقول ‪ :‬متتابعين ؟ ھل نقيد نحمل المطلق على المقيد ؟ نقول ‪ :‬ال لماذا ؟‬
‫الختالف الحكم والسبب ‪ ،‬ما ھو الحكم في كفارة اليمين ؟ الصيام ‪ ،‬ما السبب ؟ الكفارة ‪.‬‬
‫‪210‬‬
‫وسببا ال يُحْ َمل ھذا على ذاك ‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫حكما‬ ‫في كفارة الظھار الحكم اإلطعام ‪ ،‬السبب الظھار ‪ً ،‬إذا اختلف‬
‫رقبة ﴾ ‪ ،‬وقيدت‬ ‫فتحرير َ َ َ ٍ‬
‫مثل ُه الناظم إطالق الرقبة في كفارة الظھار ﴿ َ َ ْ ِ ُ‬ ‫الثالث ‪ :‬أن يتفق الحكم ويختلف السبب ‪ ،‬وھذا ما َ َّ َ‬
‫في كفارة القتل ‪ ،‬الحكم واحد والسبب مختلف ھذا قتل وھذا ظاھر ‪ ،‬ھل يحمل المطلق على المقيد ‪ ،‬ھذا فيه خالف فيما إذا‬
‫اتحدا السبب ھنا اتحد ماذا ؟ الحكم واختلف السبب ‪.‬‬
‫فتحرير‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫الجمھور على حمل المطلق على المقيد في ھذا النوع ‪ ،‬وذلك مثل إطالق الرقبة في كفارة الظھار في قوله ‪ُ ِ ْ ﴿ :‬‬
‫منة ﴾ ] النساء ‪ [92 :‬فالحكم العتق ‪ ،‬والسبب في‬ ‫مؤ ِ َ ٍ‬‫رقبة ُّ ْ‬ ‫فتحرير َ َ َ ٍ‬
‫رقبة ﴾ ‪ .‬مع تقيد الرقبة بكونھا مؤمنة في كفارة القتل ﴿ َ َ ْ ِ ُ‬ ‫َ ََ ٍ‬
‫الرقبة المطلقة الظاھر ‪ ،‬وفي الرقبة المقيدة باإليمان قتل الخطأ ‪ ،‬وھذا المطلق يحمل على المقيد عند أكثر أھل العلم ‪،‬‬
‫واألحناف لھم نزاع ذكرناه في شرح القواعد ‪.‬‬
‫الرابع ‪ :‬عكس الثالث ‪ ،‬ما ھو عكسه ؟ أن يتفقا السبب ويختلفا في الحكم ‪ ،‬الثالث االتفاق في الحكم واالختالف ‪ ..‬عكسه ‪.‬‬
‫فاغسلوا ُ ُ َ ُ ْ‬
‫وجوھكم‬ ‫مثلوا له بالمثال المشھور وھو قوله تعالى في آية الوضوء ﴿ ْ ِ ُ ْ‬ ‫االتفاق في السبب واالختالف في الحكم ‪ ،‬ھذا َ َّ ُ‬
‫منه ﴾ ‪ .‬أطلق ھنا وقيد في ماذا ؟ في‬ ‫وأيديكم ِّ ْ ُ‬‫بوجوھكم َ َ ْ ِ ُ‬
‫فامسحوا ِ ُ ُ ِ ُ ْ‬ ‫المرافق ﴾ ] المائدة ‪ [6 :‬وقال في التيمم ﴿ َ ْ َ ُ ْ‬ ‫وأيديكم َِإلى ْ َ َ ِ ِ‬ ‫َ َْ ِ َ ُ ْ‬
‫أيضا‬ ‫الوضوء ‪ ،‬ما ھو سبب الوضوء ؟ الحدث والقيام إلى الصالة ‪ .‬الحكم غسل اليدين ‪ ،‬وما ھو السبب في التيمم ؟ الحدث ً‬
‫والقيام إلى الصالة ما الحكم ؟‬
‫الغسْ ل مغاير للمسح ھل يحمل المطلق على المقيد ؟‬ ‫المسح وھو التيمم ‪ً ،‬إذا اتفقا في السبب واختلفا في الحكم ‪َ ْ ،‬‬
‫أيضا‬ ‫ومثلوا له ً‬ ‫ھذا محل نزاع ‪ ،‬والصواب أنه ال يحمل ‪ ،‬أكثر العلماء على عدم حمل المطلق على المقيد في ھذه الحالة ‪ُ َّ َ ،‬‬
‫قبل‬ ‫مسكينا ً ﴾ مع تقييد الصيام بقوله ‪ِ ﴿ :‬من َ ْ ِ‬ ‫ستين ِ ْ ِ‬ ‫فإطعام ﴾ في كفارة الظھار ﴿ َ ِ ْ َ ُ‬
‫فإطعام ِ ِّ َ‬ ‫﴿ َِ ْ َ ُ‬ ‫ً‬
‫إطالقا‬ ‫بقوله ويختلف الحكم‬
‫يتماسا ﴾ ] المجادلة ‪ [4 :‬ھل يُحْ َم ُل أو ال ؟ نقول ‪ :‬ال ‪.‬‬ ‫قبل َأن َ َ َ َّ‬ ‫متتابعين ِمن َ ْ ِ‬
‫شھرين ُ َ َ ِ َ ْ ِ‬ ‫يجد َ ِ َ ُ‬
‫فصيام َ ْ َ ْ ِ‬ ‫لم َ ِ ْ‬ ‫فمن َّ ْ‬ ‫يتماسا ﴾ ‪َ َ ﴿ ،‬‬ ‫َأن َ َ َ َّ‬
‫مقيدا في موضع‬ ‫مطلقا في موضع وجاء ً‬ ‫ً‬ ‫واحدا ‪ ،‬وأما إذا تعدد المقيد يعني ‪ :‬جاء‬ ‫ً‬ ‫ھذه األقسام األربعة فيما إذا كان المقيد‬
‫مقيدا في موضع آخر بقيد يغاير ذلك القيد ‪ ،‬إذا مطلق ومقيدان األحكام األربع صور ھذه كلھا في ماذا ؟‬ ‫ً‬ ‫آخر بقيد وجاء ً‬
‫مطلق ومقيد ‪ ،‬لكن لو جاء عندنا مطلق ومقيدان يعني ‪ :‬جاء إطالقه في موضعه وجاء تقيده في موضع آخر وجاء تقيده في‬
‫أي يحمل منھا أو ال يحمل ؟‬ ‫موضع ثالث لكنه بقيد مغاير عن القيد الثاني في الحالة الثانية على ٍّ‬
‫ھذا فيه تفصيل ‪.‬‬
‫حينئذ ولم يكن أحدھما أقرب من اآلخر لم‬ ‫ٍ‬ ‫أما إن كان ھناك مقيدان بقيدين مختلفين فإن كان القيدان متضادين متقابالن‬
‫اتفاقا يعني ننظر في ھذين المقيدين ُقيد بقيد وقيد في الموضع الثالث بقيد آخر ننظر فيھما إن‬ ‫ً‬ ‫يحمل المطلق على واحد منھما‬
‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ً‬
‫كانا متضادين ولم يكن أحدھما أقرب إلى المطلق نقول ‪ :‬لم يحمل على واحد منھما اتفاقا ‪َ ،‬مثلوا له بماذا ؟ ‪ -‬فضائل رمضان‬
‫فصيام َ َ ِ‬
‫ثالثة‬ ‫يريد ﴾ من أيام متتابعات أم متفرقات مطلق أو مقيد ؟ مطلق ‪ .‬جاء في كفارة اليمين مقيد ﴿ َ ِ َ ُ‬ ‫أخر ُ ِ ُ‬‫أيام ُ َ َ‬ ‫فعدةٌ ِّ ْ َ‬
‫من َّ ٍ‬ ‫‪َّ ِ َ ﴿ -‬‬
‫وسبعة َِإذا‬‫الحج َ َ ْ َ ٍ‬ ‫أيام ِفي ْ َ ِّ‬ ‫فصيام َ َ ِ َ‬
‫) متتابعات ( وجاء في صوم التمتع ﴿ َ ِ َ ُ‬ ‫َ‬
‫ثالثة َّ ٍ‬ ‫أيام ﴾ ] المائدة ‪ [89 :‬قراءة ابن مسعود‬ ‫َّ ٍ‬
‫مقيدا بالتتابع ‪ ،‬وجاء في كفارة في صوم التمتع‬ ‫مقيدا بالتفريق ‪ ،‬جاء في كفارة اليمين ً‬ ‫رجعتم ﴾ ] البقرة ‪ [196 :‬جاء ماذا ؟ ً‬ ‫َ َُْْ‬
‫مقيدا بالتفريق نحمله على ماذا ؟‬ ‫ً‬
‫حينئذ يجب على من عليه قضاء شھر رمضان أن يصومه متتابع فلو فرقه َِأثم ‪ ،‬وإذا قلنا ‪:‬‬ ‫ٍ‬ ‫إذا قلنا ‪ :‬نحمله على كفارة‬
‫حينئذ يجب عليه التفريق فلو تابعه َِأثم أليس كذلك ؟ إذا قيدناه ألننا نقول ‪ :‬يجب ‪ .‬نقول ماذا ؟ يجب ‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫نحمله على صوم التمتع‬
‫لكن نقول ھنا ‪ :‬ال يمكن حمل النص المطلق على واحد منھما ‪ .‬ال يمكن حمل المطلق على واحد منھما بل يبقى على إطالقه‬
‫متتابعين ﴾ ھذا مقيد بالتتابع ‪ ،‬وقوله تعالى في صوم التمتع ‪ُ َ ِ َ ﴿ :‬‬
‫فصيام‬ ‫شھرين ُ َ َ ِ َ ْ ِ‬ ‫فصيام َ ْ َ ْ ِ‬ ‫فال يقيد ال بالمتابعة وال يقيد بتفريق ‪ُ َ ِ َ ﴿ ،‬‬
‫أيام ﴾ ] المائدة ‪ ... [89 :‬اآلية ً‬ ‫َ ََ ِ َ‬
‫مقيدا بالتفريق ‪ ،‬فيبقى المطلق على إطالقه المتناع تقيده بھما لتنافيھما يعني ‪ :‬القيدين ‪،‬‬ ‫ثالثة َّ ٍ‬
‫حينئذ ال يجب في قضاء رمضان تتابع وال تفريق ‪ ،‬وھو معنى قول الناظم الذي‬ ‫ٍ‬ ‫وبواحد منھما النتفاء مرجحه على اآلخر‬
‫تقتفي ( ‪.‬‬ ‫حكمه ال َ ْ َ ِ‬ ‫سيأتي ) ُ ْ َ ُ‬
‫فحينئذ يكون الراجح م َُقي ًِّدا‬ ‫ٍ‬ ‫أما إذا ورد على المطلق قيدان أو مقيدان متضادان ولكن يمكن ترجيح أحدھما على اآلخر ‪،‬‬
‫للمطلق يكون الراجح المعنى الذي ھو أقرب إلى المطلق ھو المقيد يعني يحمل المطلق على أرجح القيدين وأشبھھما كقوله‬
‫بعين ﴾ ‪ .‬في الظھار مع آية التمتع صوم التمتع قوله ‪﴿ :‬‬ ‫متتا ِ َ ْ ِ‬ ‫شھرين ُ َ َ‬ ‫فصيام َ ْ َ ْ ِ‬ ‫أيام ﴾ ‪ .‬مع قوله ‪ُ َ ِ َ ﴿ :‬‬ ‫فصيام َ َ َ ِ َ‬ ‫تعالى ‪ُ َ ِ َ ﴿ :‬‬
‫ثالثة َّ ٍ‬
‫ً‬ ‫أيام ﴾ نقول ‪ :‬ھذا كفارة جاء‬ ‫فصيام َ َ َ ِ َ‬
‫أيام ﴾ ‪ .‬في الكفارة لو لم ننظر إلى قراءة ابن مسعود ﴿ َ ِ َ ُ‬ ‫ثالثة َ‬ ‫فصيام َ َ َ ِ‬‫َ َِ ُ‬
‫مطلقا في‬ ‫ثالثة َّ ٍ‬ ‫َّ ٍ‬
‫مفرقا في صوم التمتع لو أردنا أن ننظر في القيدين التتابع‬ ‫ً‬ ‫ابعين ﴾ وجاء‬ ‫متت ِ َ ْ ِ‬ ‫شھرين ُ َ َ‬ ‫مقيدا في الظھار ﴿ َ ِ َ ُ‬
‫فصيام َ ْ َ ْ ِ‬ ‫القرآن وجاء ً‬
‫أيام ﴾ ؟‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫فصيام َ ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫أو التفريق أي النصين والمقيدين أقرب إلى قوله ﴿ ِ َ ُ‬
‫ثالثة َّ ٍ‬
‫‪211‬‬
‫أيام ﴾ ھذا كفارة ‪ ،‬والظھار كفارة ‪ ،‬والصوم التمتع نقول ‪ :‬ھذا ليس بكفارة ‪ً .‬إذا أيھما‬ ‫فصيام َ َ َ ِ َ‬
‫التتابع ألنه كفارة ﴿ َ ِ َ ُ‬
‫ثالثة َّ ٍ‬
‫أقرب إلى النص إلى المطلق التقييد بالتتابع ‪.‬‬
‫أمكن ( ذلك الحمل بوجود الجامع وانتفاء المانع وذلك في الثالثة الصور‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫الضد ( على المقيد ) ِإذا ْ َ‬ ‫مطلق على ِ ِّ‬ ‫وحمل ُ ُ ْ َ ٍ‬
‫) َ َ ْ‬
‫ً‬
‫حكما ‪ ،‬بقي ماذا ؟‬ ‫سببا ‪ ،‬وفيما إذا اختلفا ً‬
‫سببا واتفقا‬ ‫حكما واختلفا ً‬ ‫ً‬ ‫وسببا ‪ ،‬فيما إذا اتفقا‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫حكما‬ ‫السابقة فيما إذا اتحدا‬
‫وحكما باإلجماع ُّادعى اإلجماع أنه ال يحمل المطلق على المقيد ‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ھناك حالة باإلجماع ال يُحْ َمل وھي ‪ :‬فيما إذا اختلفا ً‬
‫سببا‬
‫سببا ‪ .‬ھذا أكثر أھل العلم على أنه ال يحمل المطلق‬ ‫حكما واتحدا ً‬ ‫ً‬ ‫وھناك حالة قلنا ‪ :‬أكثر العلم على عدم وھو ‪ :‬فيما إذا اختلفا‬
‫ومثلوا له بآية التيمم والصواب أنه‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫على المقيد لكن عند الشافعية يحمل ‪ ،‬ولذلك أجراه الشارح المساوي وغيره قال ‪ :‬يحمل ‪َ .‬‬
‫ال يحمل ‪ ،‬بل أكثر أھل العلم على أنه ال يحمل بقي ماذا ؟‬
‫بقي حالتان وھما ‪:‬‬
‫وسببا وھذا يجب ‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫حكما‬ ‫إذا اتحدا‬
‫حكما واختلفا ً‬
‫سببا ‪.‬‬ ‫ً‬ ‫وفيما إذا اتفقا‬
‫ًإذا الشرط اتحاد الحكم ‪ ،‬الشرط في حمل المطلق على المقيد اتحاد الحكم مطلقا سواء اتحد السبب أم اختلف ‪ ،‬ھذا ھو‬
‫ً‬
‫مطلقا ‪ ،‬حكم المطلق‬ ‫ً‬ ‫أمكن ( ‪ .‬إذا أمكن ذلك الحمل وذلك فيما إذا اتحد الحكم‬ ‫الضد ِإذا َ ْ َ َ‬
‫مطلق على ِ ِّ‬ ‫وحمل ُ ُ ْ َ ٍ‬‫الضابط نقول ‪ْ َ َ ) :‬‬
‫أخذا له الضمير يعود على‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫له ( أي ‪ :‬حكم المقيد قد ِ‬ ‫والحكم َ ُ‬ ‫َ‬
‫أخذا ( ) َ ُ ْ ُ‬ ‫ُ‬
‫قد ِ‬ ‫َ‬
‫له ْ‬ ‫والحكم َ ُ‬
‫سببا ‪ُ ْ ُ َ ) ،‬‬ ‫سببا أم اختلفا ً‬ ‫والمقيد سواء اتحدا ً‬
‫ماذا ھنا ؟ على المطلق ھو الظاھر على أنه على المطلق لكن الشارح المساوي يقول ‪ :‬على المقيد ‪ .‬وليس بظاھر ‪ ،‬بل‬
‫نزل المطلق على‬ ‫الظاھر أنه له للمطلق يعني ‪ :‬ترتيب الكالم والحكم قد أخذ ‪ -‬ھذا مغير الصيغة ‪ -‬واأللف لإلطالق يعني ‪َ ِّ ُ :‬‬
‫أخذ له لماذا ؟ للمطلق ھذا ھو الظاھر ‪.‬‬ ‫أخذا له حكم ‪ ،‬حُكم المقيد أل للعھد ھذه حكم المقيد ُ ِ‬ ‫المقيد ُ ِ َ‬

‫وردت‬ ‫مؤ ِ َ ٌ‬
‫منة ِْإذ َ َ َ ْ‬ ‫ُ َُ‬
‫أوالھما ُ ْ‬ ‫َ َّ َ ْ‬
‫قيدت‬ ‫َْ ُ‬
‫حيث‬ ‫ِّ َ ِ‬
‫والظھار‬ ‫َْ ِ‬
‫كالقتل‬
‫)‬ ‫)‬

‫حيث َ َّ َ ْ‬
‫قيدت (‬ ‫ھذا مثال في أي صورة ؟ في اتحاد الحكم واختالف السبب ‪ِ ْ َ ) ،‬‬
‫كالقتل ( أي ككفارة القتل وككفارة الظھار ) َ ْ ُ‬
‫أوالھما ( الكفارتين التي كفارة القتل مؤمنة فقال ‪ُ ِ ْ َ َ ﴿ :‬‬
‫فتحرير‬ ‫منة ( قيدت مؤمنة ھذا فاعل قيدت ) ُ ُ َ‬
‫مؤ ِ َ ٌ‬ ‫بالبناء الفاعل ) ُ ُ َ‬
‫أوالھما ُ ْ‬
‫رقبة ﴾ ] المجادلة ‪ [3 :‬ھنا السبب مختلف قتل‬ ‫فتحرير َ َ َ ٍ‬
‫منة ﴾ ] النساء ‪ . [92 :‬وجاءت مطلقة في كفارة الظھار ﴿ َ َ ْ ِ ُ‬ ‫مؤ ِ َ ٍ‬ ‫َ ََ ٍ‬
‫رقبة ُّ ْ‬
‫وظھار والحكم واحد وھو تحرير رقبة يجب حمل ماذا ؟‬
‫المطلق على المقيد ‪ ،‬ألنه ممكن ھنا ‪.‬‬

‫‪................‬‬ ‫مؤ ِ َ ٌ‬
‫منة‬ ‫ُْ‬ ‫ُ َُ‬
‫أوالھما‬ ‫حيث َ َّ َ ْ‬
‫قيدت‬ ‫ِّ َ ِ‬
‫والظھار َ ْ ُ‬ ‫َْ ِ‬
‫كالقتل ‪،‬‬
‫)‬ ‫)‬

‫وردت ( يعني ‪ :‬مؤمنة وردت في النص ھذا من باب التتميم ‪ ،‬وحيث ال يمكن‬ ‫منة ( ھذا فاعل قيدت ) ِْإذ َ َ َ ْ‬ ‫مؤ ِ َ ٌ‬ ‫) ُ َُ‬
‫أوالھما ُ ْ‬
‫الضد ِإذا ( ‪ .‬على الضد يعني‬‫مطلق على ِ ِّ‬ ‫وحمل ُ ُ ْ َ ٍ‬
‫أمكن ( ‪ .‬مفھومه إذا لم يمكن ال يحمل قوله ‪ْ َ َ ) :‬‬ ‫ھذا يطابق قوله ‪ِ ) :‬إذا َ ْ َ َ‬
‫وإن ُكَّن ُ َ ِ‬
‫أوالت ﴾ ] الطالق ‪- [6 :‬‬ ‫أمكن ( يحمل ‪ ،‬مفھومه ‪ -‬مفھوم مخالفة مفھوم الشرط كما أخذناه البارحة ﴿ َ ِ‬ ‫المقيد ‪ِ ) .‬إذا َ ْ َ َ‬
‫مفھومه إذا ال يمكن ال يحمل المطلق على المقيد صرح بھذا المفھوم لو سكت عند قوله ‪ِْ ) :‬إذ َ َ َ ْ‬
‫وردت ( ‪ .‬نفھم من البيت األول‬
‫سابقا إليراد المثال ألنه قال ‪ :‬كالقضاء ‪ .‬أراد أن‬ ‫ً‬ ‫أنه إذا لم يمكن ال يُحمل المطلق على المقيد ‪ ،‬لكن نص ھنا على ما ُ ِ َ‬
‫فھم‬
‫ُورد مثال لما ال يمكن فيه حمل المطلق على المقيد ‪.‬‬ ‫ي ِ‬
‫مقيد في محلين بالمتنافيين ولم يكن المطلق أولى بالتقييد من‬ ‫ٌ‬ ‫ثم‬‫َ‬
‫يمكن ( حمل المطلق على المقيد بأن كان َّ‬ ‫ُ‬
‫وحيث ال ُ ْ ِ ُ‬ ‫) َْ‬
‫أخر ﴾ ھنا ورد المقيد في موضعين بمقيدين مختلفين متضادين ليس أحدھما‬ ‫ُ‬
‫أيام َ َ‬ ‫َ‬ ‫فعدةٌ ِّ ْ‬ ‫َ‬
‫أحدھما ھذا فيما ذكرناه من مثال ﴿ ِ َّ‬
‫من َّ ٍ‬
‫ثم شبه بين المطلق وبين‬ ‫َ‬ ‫ً‬
‫حينئذ نقول ‪ :‬ال يحمل المطلق على المقيد اتفاقا إما إذا وجد مرجح في أن يكون َّ‬ ‫ٍ‬ ‫أرجح من اآلخر‬
‫شبھا ‪ ،‬وحيث ال يمكن حمل المطلق على المقيد )‬ ‫شبھا على أقرب المقيدين ً‬ ‫فحينئذ نحمل المطلق على أقربھما ً‬ ‫ٍ‬ ‫أحد المقيدين‬
‫كالقضاء (‬
‫ِ‬ ‫َ‬ ‫كالقضاء ( القضاء ھذا إعرابه خبر مبتدأ محذوف وذلك )‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ ِ‬
‫كالقضاء ( وذلك )‬
‫أيام ُ َ َ‬
‫أخر ﴾ ‪ .‬حكمه ؟‬ ‫فعدةٌ ِّ ْ َ‬
‫من َّ ٍ‬ ‫في شھر رمضان في قوله تعالى ‪َّ ِ َ ﴿ :‬‬

‫‪212‬‬
‫تقتفي ( االقتفاء واإلتباع َْقفوا األسد يعني ‪:‬‬ ‫تقتفي ( يعني ‪ :‬ال تتبع ‪ ) .‬ال َ ْ َ ِ‬ ‫تقتفي ( ‪ ،‬حكمه حكم ماذا ؟ حكمه ) ال َ ْ َ ِ‬ ‫) ال َ ْ َ ِ‬
‫تقتفي ( ‪ .‬يعني ‪ :‬ال تقتفي حكمه ال تتبع‬ ‫حكمه ( ھذا مفعول به منصوب مقدم لقوله ‪ ) :‬ال َ ْ َ ِ‬ ‫تقتفي ( ) ُ ْ َ ُ‬‫إتباع األسد ‪ ) .‬ال َ ْ َ ِ‬
‫ٍ‬
‫حينئذ‬ ‫حكمه أي ‪ :‬حكم ذلك المقيد ‪ ،‬بل يبقى المطلق على إطالقه ‪ ،‬أو ال تقتفي حكمه أي ‪ :‬حكم الحمل ذلك الحمل المذكور‬
‫الضد ( ‪ .‬ھذا حكم ال تقتفي حكمه أي ‪ :‬ال تتبع حكم الحمل المذكور وال إشكال‬ ‫مطلق على ِ ِّ‬ ‫وحمل ُ ُ ْ َ ٍ‬
‫يكون إشارة على قوله ‪ْ َ َ ) :‬‬
‫في التقديرين ‪ ،‬والمثال قد ذكرناه فيما سبق ‪.‬‬
‫ًإذا ھذا ما يتعلق بماذا ؟ بالمطلق والمقيد ‪.‬‬
‫ُ‬
‫والمنسوخ‬ ‫النوع الحادي عشر والثاني عشر ‪ُ ِ َّ :‬‬
‫الناسخ‬
‫النوع الحادي عشر والثاني عشر من ھذا العقد الذي ھو متعلق بالمعاني المتعلقة باألحكام الناسخ والمنسوخ ‪ ،‬ناسخ ھذا‬
‫حينئذ ال بد‬ ‫ٍ‬ ‫اسم فاعل من النسخ ‪ ،‬والمنسوخ ھذا اسم مفعول من النسخ والمراد به الناسخ من القرآن والمنسوخ من القرآن ‪،‬‬
‫من معرفة حقيقة النسخ ‪.‬‬
‫ً‬
‫فنقول النسخ لغة ‪ :‬اإلزالة أو النقل ‪ .‬يعني ‪ :‬يطلق بھذا المعنى أو على المعنى الثاني ‪ ،‬النسخ لغة اإلزالة تقول ‪ :‬نسخت‬
‫الشمس الظل ‪ .‬بمعنى ‪ :‬أزالته ‪ .‬النقل نسخت الكتاب أي نقلت ما فيه ‪ ،‬والمراد به ھنا اإلزالة المراد به ھنا يعني المناسب‬
‫نقل ‪ ،‬وعند السلف ‪ -‬ألن‬ ‫ثم ٌ‬ ‫للمعنى االصطالحي اإلزالة ألن النسخ ھنا في االصطالح رفع الحكم بمعنى إزالة الحكم وليس َ َّ‬
‫مرادا به البيان ‪ ،‬ولذلك عندھم ي ْ َ ُ‬
‫ُطلق‬ ‫ً‬ ‫االصطالح يختلف بين المتقدمين وبين المتأخرين ‪ -‬عند السلف يطلق النسخ بمعنى أو‬
‫نسخ ‪ ،‬فيقال ھذا ‪ :‬نسخ ‪ .‬فيظن الظان أن اآلية ناسخة وھي مخصصة لماذا ؟‬ ‫ٌ‬ ‫على التخصيص‬
‫ً‬
‫ألن مفھوم النسخ عندھم أوسع من مفھوم النسخ عند المتأخرين ‪ .‬إذا معناه معنى النسخ عند السلف ھو ‪ :‬البيان ‪ .‬فإذا كان‬
‫حينئذ أو يدخل فيه تخصيص العام ألنه بيان ‪ ،‬ويدخل فيه تقيد المطلق ألنه بيان ‪ ،‬ويدخل فيه تبين المجمل ألنه‬ ‫ٍ‬ ‫البيان فيشمل‬
‫بيان ‪ ،‬ويدخل فيه رفع الحكم بالجملة ألنه بيان ‪.‬‬
‫الرابع ھذا خصه المتأخرون ‪ -‬قبيل االصطالح ‪ -‬خصه بالنسخ ولم يطلقوا النسخ على تخصيص العام وال على تقييد‬
‫المطلق وال على تبين المجمل ‪ ،‬وھذا ال إشكال يكون من باب االصطالح وال نقول ‪ :‬المتأخرين قد أساءوا للمتقدمين ‪ .‬نقول ‪:‬‬
‫توقيفيا المصطلحات ھذه ليست توقيفية ‪ ،‬فإذا‬ ‫ً‬ ‫ھذا معناه كذا وھذا معناه كذا وال مشاحة في االصطالح ألن ھذا االسم ليس‬
‫خالف المتأخرون المتقدمين في اصطالح وخاصة إذا ال ينبني عليه كبير أحكام أو فرق بأحكام نقول ھذا ماذا ؟ ھذا من قبيل‬
‫االصطالح وال مشاحة في االصطالح وال نأتي بكتب األصول ھنا نقول ‪ :‬ھذه مما تجرأ المتأخرون على المتقدمين ‪ .‬ال بأس‬
‫يبين ھذا ليعلم الطالب أنه إذا بحث في التفسير ونقل عن ابن عباس وغيره أو كبار التابعين بأن ھذا نسخ فيتأنى ال يحمله‬
‫ثم مجمل ومبين إن لم‬ ‫ثم مخصص وعام ‪ ،‬ھل ثم مطلق ومقيد ‪ ،‬ھل َ َّ‬ ‫على النسخ عند المتأخر يتأنى يقف فينظر فيه يتأمل ھل َ َّ‬
‫فحينئذ ال بأس أن يحمله على المعنى عند المتأخرين معنى النسخ عند المتأخرين ‪ ،‬والمراد به أن يتريث ويتأنى ‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫يكن‬
‫قدم بخطاب متراخي عنه ‪ ،‬ربط الحكم الثابت بخطاب متقدم بخطاب‬ ‫وعند المتأخرين رفع الحكم الثابت بخطاب مت ٍ‬
‫متراخي عنه ‪ ،‬أو إن شئت قلت أقصر من ھذا ‪ :‬رفع حكم شرعي بدليل شرعي متراخي ‪ .‬ھكذا عرفه في )) مختصر‬
‫التحرير (( رفع حكم شرعي بدليل شرعي متراخي ‪ ،‬رفع الحكم الثابت رفع ھذا عنون له في أول الحد بالمصدر ‪ ،‬فح ٍ‬
‫ينئذ‬
‫نقول ‪ :‬ھذا موافق لمعناه اللغوي الذي ھو معنى اإلزالة ألن الرفع ھنا بمعنى اإلزالة ‪ ،‬الرفع إزالة الشيء بمعنى تغيره ‪ُ ،‬غيِّر‬
‫ي َ َْ ُْ‬
‫نجواكم‬ ‫يد ْ‬‫بين َ َ‬ ‫الرسول َ َ َ ِّ ُ‬
‫فقدموا َ ْ َ‬ ‫مباحا كنسخ ماذا ؟ ﴿ َِإذا َ َ ْ ُ ُ‬
‫ناجيتم َّ ُ‬ ‫ً‬ ‫واجبا ثم صار‬ ‫ً‬ ‫ُفع الحكم الشرعي بمعنى ُغيِّر كان‬ ‫الحكم ر ِ َ‬
‫فحينئذ نقول ‪ :‬غير الحكم أزيل الحكم األول كله فنقول ‪ :‬تغير الحكم ‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫صدقة ﴾ ] المجادلة ‪ [12 :‬قيل ‪ :‬ھذه للوجوب فنسخت ‪.‬‬ ‫ًَََ‬
‫ًإذا رفع الحكم أي ‪ :‬إزالة الحكم بمعنى تغييره من إيجاب إلى إباحة ‪ ،‬أو من إباحة شرعية إلى إيجاب وندب ونحو ذلك ‪ ،‬من‬
‫تحريم إلى إباحة » كنت نھيتكم عن زيارة القبور « ‪ .‬نھي األصل أنه يحمل على ماذا ؟ على التحريم » فزوروھا « ‪ .‬إما‬
‫إيجاب وإما سنة فنقول ‪ :‬سنة ‪ً .‬إذا انتقل الحكم من ماذا ؟ من التحريم إلى السنة ‪ ،‬نقول ‪ :‬ھذا ھو المراد بالرفع إزالة الحكم‬
‫أأشفقتم َأن‬
‫ثابتا كما ھو يعني لوال قوله تعالى ‪ْ ُ ْ َ ْ َ َ ﴿ :‬‬ ‫ثابتا ‪ ،‬يعني ‪ :‬لوال الحكم الثاني لبقي األول ً‬ ‫وتغيره على وجه لواله لبقي ً‬
‫ثابتا كما ھو ‪،‬‬ ‫تقدموا ﴾ ] المجادلة ‪ ... [13 :‬اآلية لبقي ماذا ؟ وجوب الصدقة بين يدي النبي  لوال الناسخ لبقي الحكم ً‬ ‫ُ َ ِّ ُ‬
‫ليخرج ماذا ؟ ليخرج زوال الحكم بخروج وقته ‪ ،‬لو خرج الحكم بخروج وقته نقول ‪ :‬تغير وأزيل الحكم لكنه ماذا ؟ بانتھاء‬
‫فحينئذ نقول ‪ :‬ھذا نسخ أو ال ؟‬ ‫ٍ‬ ‫وقته ‪ ،‬إذا زال الحكم بخروج الوقت نقول ‪ :‬ھذا ارتفع الحكم وزال الحكم وتغير ‪،‬‬
‫ليس بنسخ لماذا ؟ ألن الحكم مقيد بالزمن ومثلنا له في القواعد بماذا ؟‬
‫بصالة الجمعة ‪ ،‬إذا لم يصل حتى خرج الوقت فقام فصلى الجمعة بعد صالة العصر نقول ماذا صالة واجبة أم ال ؟‬
‫الجمعة تقضى أو ال ؟‬

‫‪213‬‬
‫ٍ‬
‫فحينئذ لو أراد أن يصلي صالة الجمعة بعد العصر نقول ‪ :‬ھذه واجبة زال الحكم أو ال تغير أم ال ؟ ھل‬ ‫ال تقضى باتفاق ‪،‬‬
‫ھذا نسخ ؟‬
‫نقول ‪ :‬ال ‪ ،‬ھنا أزيل الحكم لخروج وقته ألنه مغير بوقت معين بخالف سائر الفرائض ‪.‬‬
‫نسخا كمن أخرج الجمعة عن وقتھا فال يصلي لعدم الوجوب ‪ ،‬رفع الحكم الثابت بخطاب‬ ‫أي ‪ :‬انتھاء وقت الحكم ال يسمى ً‬
‫‪ً ،‬إذا الحكم السابق المنسوخ يكون ً‬
‫ثابتا بماذا ؟ بخطاب ال بد أن يكون ً‬
‫ثابتا بخطاب احترز به عن الثابت بالبراءة األصلي ‪،‬‬
‫والثابت بخطاب ھذا صفة للحكم المنسوخ لي ْ ِ‬
‫ُخرج ماذا ؟‬
‫رفع الحكم السابق باألصالة وھي البراءة األصلية عدم التكليف بالشيء ‪ ،‬فرفع البراءة األصلية ال يسمى ً‬
‫نسخا ‪.‬‬

‫قد أخذت فليست الشرعية‬ ‫وما من البراءة األصلية‬


‫)‬ ‫)‬

‫ينئذ نقول ‪ :‬ھذه إباحة ال شك أنھا إباحة لكنھا إباحة عقلية ال شرعية ألنھا دل عليھا العقل ‪ ،‬وما دل عليه العقل ليس‬ ‫ح ٍ‬
‫بشرع ‪ ،‬فإذا جاء الشرع ابتداء العبادات ال نقول أنه نسخ ‪ ،‬فاألصل عدم وجوب الصلوات كلھا حتى نزل تشريع إيجاب‬
‫الصلوات الخمس ‪ ،‬قبل ذلك نقول ‪ :‬ليست بواجبة ‪ً .‬إذا عدم الوجوب ثم وجبت ھل نقول ‪ :‬الخطاب الثاني رافع وناسخ لما‬
‫ثبت بالعقل وھو عدم وجوب الصلوات ؟ نقول ‪ :‬ال ‪ ،‬ألنه ثبت بالبراءة األصلية ‪.‬‬
‫متقدمة أي في الورود على المكلفين ألن ابتداء العبادات في الشرع مزيل حكم العقل من براءة الذمة وليس ھذا بنسخ ‪،‬‬
‫متراخ نقول ‪ :‬بدليل أحسن ليشمل ماذا ؟ فعل النبي  كما في الوضوء أليس كذلك ؟ كان األصل أنه‬ ‫ٍ‬ ‫وبدليل متقدم بخطاب‬
‫نسخ بماذا ؟ بالسنة بفعل النبي صلى  عليه وعلى آله وسلم ‪ .‬وبدليل ليخرج زواله‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫يجب أن يتوضأ لكل صالة وبعد ذلك ِ‬
‫ُفع الحكم السابق بخطاب‬ ‫ُفع الحكم لكن بالموت مات نقول ‪ :‬ر ِ َ‬ ‫بزوال التكليف يعني رفع الحكم الثابت بخطاب متقدم ‪ ،‬ر ِ َ‬
‫المتقدم كان يجب عليه أن يصلي الصلوات الخمس ويصوم رمضان لكنه مات ارتفع أو ال ؟‬
‫ارتفع ‪ ،‬لكن ارتفع بماذا ؟ بزوال التكليف ال بدليل شرعي ‪ ،‬فإذا أزيل التكليف بنحو جنون أو إغماء أو موت فنقول ‪:‬‬
‫ناسخا ‪ ،‬ال ‪ ،‬وإنما نقول ‪ :‬أزيل لفوات رفع التكليف ‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫رافعا بكونه‬ ‫ارتفع التكليف ‪ .‬وال نجعل ذلك الجنون أو ذلك الموت‬
‫متأخرا عن األول غير متصل به‬ ‫ً‬ ‫متراخ ؟ ليُخرج البيان والتخصيص ‪ ،‬فالناسخ ال بد أن يكون‬ ‫ٍ‬ ‫متراخ لماذا نشترط فيه لكونه‬
‫ٍ‬
‫‪.‬‬
‫عرفنا حد النسخ ؟ ھذا حقيقته ‪.‬‬
‫لحكم منھا التيسير ‪ ،‬ومنھا تسھيل األجر للمؤمنين ومضاعفة األجر لھم ‪ ،‬وقد‬ ‫نقول ‪ :‬النسخ مما خص  به ھذه األمة ِ ِ َ ٍ‬
‫خالفا لليھود والرافضة منعوا النسخ لكن ال نلتفت ھنا دليلھم ‪.‬‬ ‫ً‬ ‫أجمع المسلمون على جوازه ال خالف ‪،‬‬
‫متراخ‬
‫ٍ‬ ‫ْن أليس كذلك ؟ نقول ‪ :‬بالخطاب ‪ ،‬رفع الحكم الثابت بخطاب‬ ‫ْعيي ِ‬
‫من التعريف ال بد أن يكون الناسخ والمنسوخ َسم ِ َّ‬
‫ْن ‪ ،‬فالعقل ال يثبُت به النسخ ‪ ،‬واإلجماع مجرد‬ ‫‪ ،‬ال بد أن يكون كالً من الناسخ والمنسوخ بخطاب ‪ ،‬ال بد أن يكونا َسم ِ َّ‬
‫ْعيي ِ‬
‫إجماعا على النص الناسخ ‪ ،‬أما‬ ‫ً‬ ‫ٍ‬
‫حينئذ يكون‬ ‫جدَ بأن األمة أجمعت وصح اإلجماع‬ ‫دعوى اإلجماع ال يثبت به النسخ ‪ ،‬ولو وُ ِ‬
‫ينعقد إال بعد وفاة النبي  ھذا شرطه ‪ ،‬بعد وفاة النبي‬ ‫في مجرد اإلجماع فليس بنسخ لماذا ؟ ] ‪ ...‬أحسنت [ ألن اإلجماع ال ِ‬
‫حينئذ يكون ما ال يوجد إال بعد انقطاع الوحي يكون ناسًخا ‪ ،‬ھذا ال يمكن ولو وجد أنه‬ ‫ٍ‬ ‫ والنسخ ال يكون إال بوحي فكيف‬
‫باإلجماع ھذه اآلية منسوخة فاعلم أن اإلجماع على النص الناسخ ‪ ،‬أما اإلجماع نفسه فليس بناسخ ‪.‬‬
‫القياس ھل يُنسخ به ؟‬
‫بسم ٍْع ال يُنسخ إال وحي وال يكون الناسخ إال وحي ‪.‬‬ ‫قطعا ‪ً ،‬إذا ال بد من َسم ٍْع َ‬‫ال يُنسخ به ً‬
‫ِّ‬
‫الحد ألنه قال ‪:‬‬ ‫الحد ‪ ،‬كونھما سمعيين نأخذه من‬ ‫ِّ‬ ‫الثاني ‪ :‬ال ُتنسخ األخبار ‪ .‬لذلك قال ‪ :‬رفع حكمي ‪ .‬ھذا كله نأخذه من‬
‫ْن ‪ .‬قوله ‪ :‬رفع‬ ‫متراخ عنه ھذا الناسخ ‪ً .‬إذا ال بد من كونھما َسم ِ َّ‬
‫ْعيي ِ‬ ‫ٍ‬ ‫المنسُوخ ‪ ،‬بخطاب‬ ‫رفع الحكم الثابت بخطاب متقدم ‪ .‬ھذا ْ َ ْ‬
‫الحكم ‪ .‬ھذا دليل على أن النسخ ال يدخل األخبار إال إذا كان الخبر بمعنى الحكم ‪.‬‬
‫ثالثا ‪ :‬نقول ‪ :‬النسخ ال يقع إال في األحكام الشرعية وھذا مما سبق ‪.‬‬ ‫ً‬
‫قال رحمه  تعالى ‪:‬‬

‫َِْ ِ‬
‫واإلكثار‬ ‫َّ ْ ِ‬
‫الضخم‬ ‫َْ ََ ْ‬
‫واشتھرت في‬ ‫من َ ْ َ ِ‬
‫أسفار‬ ‫صنفوا في َ ْ ِ‬
‫ذين ِ ْ‬ ‫كم َ َّ ُ‬
‫َْ‬
‫)‬ ‫)‬
‫‪214‬‬
‫ذين ( المشار إليه ما ھو ؟ الناسخ والمنسوخ ) َ ْ ِ‬
‫ذين‬ ‫صنفوا ( أي العلماء من السابقين والالحقين ) في َ ْ ِ‬
‫كم ( عدد كثير ) َ َّ ُ‬
‫) َْ‬
‫( ھذا تسمية ذا ‪.‬‬

‫اقتصرْ‬ ‫على ُ ْ َ‬
‫األنثى ْ َ ِ‬ ‫وذ ْه ِتي َتا َ َ‬
‫بذي َ ِ‬‫ِِ‬ ‫)‬ ‫ُذكر َ ِ‬
‫أشرْ‬ ‫ُفرد م َ َّ ٍ‬
‫َِبذا لِم ْ َ ٍ‬
‫)‬
‫)‬ ‫تطعْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ْن اذكرْ ِ‬‫ْ‬ ‫َ‬
‫ْن تي ِ‬ ‫َ‬
‫سواهُ ذي ِ‬
‫وفي ِ َ‬
‫َ ِ‬ ‫ْالمُرْ َ ِ‬
‫تفعْ‬ ‫ِللم َ َُّثنى‬ ‫َ ِ‬
‫تان‬ ‫َ َ ِ‬
‫وذان‬
‫)‬

‫أسفار ( جمع سفر ‪ ،‬وذكرنا أنه الكتاب الكبير ھذا ھو األصل قال السيوطي رحمه  في )) اإلتقان ((‬ ‫من َ ْ َ ِ‬ ‫) في َ ْ ِ‬
‫ذين ِ ْ‬
‫كثر ألنه مھم ينبني عليه أحكام شرعية ال يحصى منھم ‪ :‬أبو عبيد القاسم ‪ ،‬وأبو داود‬ ‫صون ‪ُ ُ .‬‬
‫أفرده بالتفصيل خالئق ال يُحْ َ‬
‫ألحد أن يفسر‬‫ٍ‬ ‫السجستاني ‪ ،‬وأبو جعفر النحاس ‪ ،‬وابن األنباري ‪ ،‬ومكي ‪ ،‬وابن العربي ‪ ،‬وآخرون قال األئمة ‪ :‬ال يجوز‬
‫كتاب  إال بعد أن يعرف منه الناسخ والمنسوخ ‪ ،‬ال يجوز أن يفسر كالم  كتاب  إال بعد أن يعرف الناسخ من المنسوخ‬
‫‪ ،‬ألنه يدخل مع اآلية وھي المنسوخة ويفسرھا ويبني عليھا األحكام وھي منسوخة ‪ ،‬وما درى المسكين أنھا منسوخة ولذلك‬
‫لقاض ‪ :‬أتعرف الناسخ من المنسوخ ؟ قال ‪ :‬ال ‪ .‬قال ‪ :‬ھلكت وأھلكت ‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫أورد عن علي رضي  تعالى عنه ً‬
‫أثرا أنه قال‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫قاض جالس يقضي بين الناس وال يعرف الناسخ من المنسوخ ‪ ،‬يعني ‪ :‬ليس ببدعة ‪.‬‬ ‫ض األمر من زمن يعني ‪ٍ ،‬‬ ‫قا ٍ‬
‫كثيرا مفعول به ) َ ْ‬
‫كم (‬ ‫ً‬ ‫ُ‬
‫صنفوا ( ً‬
‫عددا‬ ‫كم ( ھذه ما إعرابھا ؟ ) َ َّ‬
‫كم ( ‪ْ َ ) ،‬‬ ‫ُ‬
‫صنفوا ( ) َ ْ‬
‫كم ( ھذه تكسيريه ) َ َّ‬ ‫ُ‬
‫صنفوا ( ‪ْ َ ) ،‬‬ ‫كم َ َّ‬
‫) َْ‬
‫َْ ََ ْ‬
‫واشتھرت‬ ‫َ‬
‫أسفار‬‫َ‬
‫من ْ ِ‬ ‫ذين ( الناسخ والمنسوخ ) ِ ْ‬ ‫َ‬
‫تكسيريه ليست استفھامية مبنية على السكون في محل نصب مفعول به ) في ْ ِ‬
‫( تلك األسفار عند أھل العلم في الضخم واإلكثار ‪ ،‬في الضخم يعني من جھة الحجم بعضھا كبير وبعضھا صغير واإلكثار‬
‫أي الكثرة ‪.‬‬

‫قد َ َ َ‬
‫ثبتا‬ ‫ترتيبه ِإالَّ الذي َ ْ‬
‫َ ْ ِْ ُ ُ‬ ‫منسوخ ََأتى‬
‫بعد َ ْ ُ ٍ‬ ‫من َ ْ ِ‬ ‫َ ِ ٌ‬
‫وناسخ ِ ْ‬
‫)‬ ‫)‬
‫فيه َّ ْ‬
‫النقل ُ‬ ‫ِ‬ ‫صح‬ ‫لك ِّ ُ‬
‫النساء َ َّ‬ ‫َ‬ ‫)‬ ‫العدة ال َ ِ‬
‫يحل ُّ‬ ‫آية ِ َّ ِ‬
‫من َ ِ‬
‫ِ ْ‬
‫)‬
‫ِّ َ َ ِ‬
‫الرضاعة‬ ‫ية‬ ‫َ ْأو َ ُ‬
‫لھما َكآ َ ِ‬ ‫ِّ َ ِ‬
‫التالوة‬ ‫َأو‬ ‫ِْ ُ ْ ِ‬
‫للحكم‬ ‫َّ ْ ُ‬
‫والنسخ‬
‫)‬ ‫)‬

‫ٌ‬
‫ضابط السيوطي في )) التحبير (( وفي غيره ‪:‬‬ ‫منسوخ ( يقصد به أن القاعدة ذكره‬ ‫بعد َ ْ ُ ٍ‬ ‫من َ ْ ِ‬‫من ( اآليات ) ِ ْ‬ ‫) َ ِ ٌ‬
‫وناسخ ِ ْ‬
‫ليس في القرآن ‪ -‬ھكذا قال نظمه المصنف أو الناظم ‪ - :‬ليس في القرآن ناسخ إال والمنسوخ قبله ‪ ،‬على الترتيب يعني‬
‫أوال ‪ُ ،‬ثم بعد ذلك يتلو الناسخ ‪ ،‬يتلو المنسوخ أوالً ‪.‬‬ ‫المنسوخ التالي يتلو المنسوخ ً‬
‫ناسخ إال والمنسوخ قبله في الترتيب إال‬ ‫ٌ‬ ‫أوال أليس كذلك ؟ ثم يتلو الناسخ ‪ ،‬ما من ليس في القرآن‬ ‫ًإذا من حيث التالوة ھي ً‬
‫من (‬ ‫منسوخ ( ) َ ِ ٌ‬
‫وناسخ ِ ْ‬ ‫بعد َ ْ ُ ٍ‬‫من َ ْ ِ‬
‫من ( اآليات ) ِ ْ‬ ‫العدة ( ‪ ،‬وآية األحكام التي نظمھا المصنف ھنا ‪ٌ ِ َ ) .‬‬
‫وناسخ ِ ْ‬ ‫ية ِ َّ ِ‬ ‫آيتين ) آ َ ِ‬
‫أوال المنسوخ ثم يأتيك بعد ذلك الناسخ يأتيك الناسخ ) َ َأتى َ ْ ِ ْ ُ ُ‬
‫ترتيبه ( في‬ ‫ً‬ ‫منسوخ منھا فتتلو‬ ‫ٍ‬ ‫اآليات يقع في القرآن من بعد‬
‫العدة ( ھاتان اآليتان في‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫العدة ( ) آ َية َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫من آ َية َّ‬ ‫ِ‬
‫قد َثبتا ( األلف لإلطالق ) ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫القرآن ) ِإالَّ ( استثنى من ھذه القاعدة ) ِإال الذي ْ‬
‫َّ‬
‫غير ِ ْ َ ٍ‬
‫إخراج ﴾‬ ‫الحول َ ْ َ‬
‫متاعا ِ َإلى ْ َ ْ ِ‬ ‫وصية ِ َ ْ َ ِ ِ ْ‬
‫ألزواجھم َ َ ً‬ ‫أزواجا َ ِ َّ ً‬‫ويذرون َ ْ َ ً‬
‫منكم َ َ َ ُ َ‬ ‫والذين ُ َ َ َّ ْ َ‬
‫يتوفون ِ ْ ُ ْ‬ ‫سورة البقرة وھي قوله تعالى ‪َ ِ َّ َ ﴿ :‬‬
‫] البقرة ‪ . [240 :‬ھذه منسوخة نسختھا اآلية التي قبلھا ‪.‬‬
‫وعشرا ﴾ ] البقرة ‪ . [234 :‬المنسوخة ‪ ،‬أيھما‬ ‫أشھر َ َ ْ ً‬ ‫أربعة َ ْ ُ ٍ‬
‫بأنفسھن َ ْ َ َ َ‬
‫يتربصن ِ َ ْ ُ ِ ِ َّ‬
‫أزواجا َ َ َ َّ ْ َ‬ ‫ويذرون َ ْ َ ً‬
‫منكم َ َ َ ُ َ‬ ‫والذين ُ َ َ َّ ْ َ‬
‫يتوفون ِ ْ ُ ْ‬ ‫﴿ َ َّ ِ َ‬
‫يتربصن ﴾ ھي المتقدمة ‪ ،‬الناسخ ھو المتقدم على عكس القاعدة وھذا نأخذ منه دليل على ماذا ؟ أن ترتيب اآليات‬ ‫متقدمة ؟ ﴿ َ َ َ َّ ْ َ‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫توقيفي نعم ‪ ،‬ألن ترتيب اآليات توقيفي ‪ ،‬ألن النظر لو أردنا بالعقل نقول نضع الناسخ أوال أليس كذلك ؟ نضع الناسخ أوال ثم‬
‫بعد ذلك المنسوخ لكنھم عكسوا فعُكس األمر فوضع أوالً المنسوخ ثم الناسخ ‪ ،‬وخولف في آيتين فدل على ماذا ؟ على أن‬
‫الترتيب ترتيب اآليات توقيفي ‪.‬‬

‫‪215‬‬
‫إال الذي ( ھذا مبھم بينه بقوله ‪) :‬‬ ‫بيانه يعني قوله ‪َّ ِ ) :‬‬ ‫ية ( ھذا جار مجرور من َ َ ِّ‬ ‫من آ َ ِ‬
‫العدة ( ) ِ ْ‬ ‫ية ِ َّ ِ‬ ‫من آ َ ِ‬‫ثبتا ِ ْ‬ ‫قد َ َ َ‬ ‫) ِإالَّ الذي َ ْ‬
‫العدة ( وھاتان اآليتان في سورة البقرة وعرفنا ھذا ‪.‬‬ ‫ية ِ َّ ِ‬ ‫من آ َ ِ‬‫ِ ْ‬
‫النساء ﴾ ] األحزاب ‪ . [52 :‬في سورة األحزاب‬ ‫لك ِّ َ ُ‬ ‫يحل ُّ َ َ‬
‫النساء ( ھذه اآلية الثانية يعني وقوله تعالى ‪َ ﴿ :‬ال َ ِ‬ ‫لك ِّ ُ‬ ‫يحل ُّ َ‬‫) ال َ ِ‬
‫بعد ﴾ ‪ً .‬إذا‬ ‫لك ا ِّ َ ُ‬
‫لنساء ِ ْ‬
‫من َ ْ ُ‬ ‫يحل ُّ َ َ‬
‫أزواجك ﴾ ] األحزاب ‪ . [50 :‬وھذه متقدمة ثم جاءت ﴿ َال َ ِ‬ ‫لك َ ْ َ َ َ‬ ‫نسختھا آية قبلھا ‪َّ ِ ﴿ :‬إنا َ ْ َ ْ َ‬
‫أحللنا َ َ‬
‫النقل ُ ( صح النقل فيه أي في المذكور كله من أوله إلى آخره ‪ ،‬صح فيه النقل ھذا‬ ‫فيه َّ ْ‬
‫صح ِ‬ ‫الناسخ متقدم والمنسوخ متأخر ) َ َّ‬
‫تقدم‬
‫متفق على أن الناسخ م ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫ناسخ وما ھو منسوخ‬ ‫ٌ‬ ‫احترازا من ما اختلف فيه ‪ ،‬ألن بعض ما ھو‬ ‫ً‬ ‫من باب التكملة أو نجعله‬
‫متقدما على المنسوخ ‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ناسخ ومنسوخ وكون الناسخ‬ ‫ٌ‬ ‫مختلف فيه من كونه‬ ‫ٌ‬ ‫على المنسوخ كاآليتين المذكورتين ‪ ،‬وبعضه‬
‫خالفا للضابط‬ ‫ً‬ ‫النقل ُ ( يعني ما صح فيه النقل من تقديم الناسخ على المنسوخ‬ ‫فيه َّ ْ‬ ‫صح ِ‬ ‫فحينئذ قيد المصنف ھنا قوله ‪َّ َ ) :‬‬ ‫ٍ‬
‫َ‬ ‫اختلف فيه ‪ ،‬وھي آية الحشر في الفيء على رأي من قال بأنھا منسوخة بآية األنفال ‪ْ ُ َ ْ َ ﴿ :‬‬
‫واعلموا َّ َ‬
‫أنما‬ ‫احترازا مما ُ‬ ‫ً‬ ‫السابق ‪،‬‬
‫مختلف فيه ‪ ،‬فتقدم الناسخ ھنا على‬ ‫ٌ‬ ‫غنمتم ﴾ ] األنفال ‪ . [41 :‬ھذه ناسخة وآية الفيء في الحشر ھذه منسوخة على ٍ‬
‫قول لكنه‬ ‫َُِْ‬
‫العفو ﴾ أي ‪ :‬الفضل من‬ ‫] األعراف ‪َ ْ َ ْ ﴿ . [199 :‬‬ ‫العفو َ ْ ُ ْ‬
‫وأمر ِ ْ ُ ْ ِ‬
‫بالعرف ﴾‬ ‫خذ ْ َ ْ َ‬ ‫المنسوخ لكنه على اختالف ‪ .‬كذلك آية ‪ِ ُ ﴿ :‬‬
‫الصدقات ﴾ ] التوبة ‪ . [60 :‬آية الزكاة وھذه في سورة األعراف أليس كذلك ﴿ ُ ِ‬
‫خذ‬ ‫إنما َّ َ َ ُ‬ ‫أموالھم قيل ‪ :‬ھذه منسوخة بآية ‪َ َّ ِ ﴿ :‬‬
‫النقل ُ (‬‫فيه َّ ْ‬ ‫صح ِ‬ ‫قول ) َ َّ‬‫ٌ‬ ‫مختلف فيه ‪ ،‬فيكون‬ ‫ٌ‬ ‫العفو ﴾ ‪ .‬في سورة األعراف أي ‪ :‬متقدمة ‪ً ،‬إذا تقدم الناسخ على المنسوخ لكنه‬ ‫َْ َْ‬
‫متقدم على المنسوخ وفيه كالم ‪.‬‬ ‫ٌ‬ ‫احترازا مما يصح صح فيه النقل مما قيل بأن الناسخ‬ ‫ً‬
‫مسألة أخرى تتعلق بالنسخ وھي بيان أقسام النسخ ‪:‬‬ ‫ٍ‬ ‫ثم انتقل إلى‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫التالوة ( فھمنا أن‬ ‫كائن للحكم لما قال ‪ ) :‬أو ِّ َ ِ‬ ‫ٌ‬ ‫والنسخ ِ ْ ُ ْ ِ‬
‫للحكم (‬ ‫لھما ( ھذه ثالثة أقسام ) َّ ْ ُ‬ ‫التالوة ْأو َ ُ‬
‫للحكم أو ِّ َ ِ‬ ‫والنسخ ِ ْ ُ ْ ِ‬
‫) َّ ْ ُ‬
‫قيد مقدر كما قال ابن مالك رحمه  ‪:‬‬ ‫بقيد نفھم منه أن األول مراد به ٌ‬ ‫للحكم ( أي ‪ :‬دون التالوة قد ي َ َُّقيد الثاني ٍ‬ ‫قوله ) ِ ْ ُ ْ ِ‬

‫اقتصرْ‬ ‫على ُ ْ َ‬
‫األنثى ْ َ ِ‬ ‫وذ ْه ِتي َتا َ َ‬
‫بذي َ ِ‬
‫ِِ‬ ‫َِ‬
‫أشرْ‬ ‫م َ َّ ٍ‬
‫ُذكر‬ ‫لِم ْ َ ٍ‬
‫ُفرد‬ ‫ِ َبذا‬
‫)‬ ‫)‬

‫ال ليس في ھذا ‪.‬‬


‫بقيد مقدر وھو‬ ‫موضع أنه مراد به تأنيث أو المؤنث فعلمنا أن األول مقيد ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫كل ذكر في‬‫أين الموضع نسيته اآلن على ٍ‬
‫للحكِم ( أي ‪ :‬دون التالوة كآية ماذا ؟ العدة المتقدمة نسخ الحكم دون التالوة يعني ‪ :‬الرفع وقع لماذا ؟‬ ‫والنسخ ِ ْ ُ ْ‬
‫المذكر ‪ُ ْ َّ ) .‬‬
‫ألزواجھم َّ َ‬
‫متاعا ً ﴾ ‪.‬‬ ‫َ‬
‫وصية ِّ ْ َ ِ ِ‬‫ً‬ ‫أزواجا ً َ ِ َّ‬ ‫َ‬ ‫منكم َ َ َ ُ َ‬
‫ويذرون ْ َ‬ ‫والذين ُ َ َ َّ ْ َ‬
‫يتوفون ِ ُ ْ‬ ‫للحكم ‪ ،‬والتالوة باقية نتلوھا إلى اآلن كاآلية السابقة ‪َ ِ َّ َ ﴿ :‬‬
‫ھذه منسوخة ونتلوھا ‪ ،‬ما الحكمة من بقاء التالوة مع رفع الحكم ؟‬
‫أجاب السيوطي رحمه  قال ‪ :‬والحكمة في رفع الحكم وبقاء التالوة من وجھين ذكرھم في )) اإلتقان (( ‪:‬‬
‫الوجه األول ‪ :‬أن القرآن كما يتلى ليعرف الحكم والعمل به كذلك يتلى لكونه كالم  فيثاب عليه ‪ ،‬فأبقيت التالوة من ھذه‬
‫الحكمة ًإذا من قبيل ماذا ؟ الثواب ومضاعفة األجور لألمة وھذه حكمة وال بأس بھا ‪ .‬لو لم نعلم الحكمة نقول ‪ :‬سمعنا وأطعنا‬
‫‪ ،‬لو لم نعلم ‪ ،‬لو لم تكون ھذه الحكمة ظاھرة ‪ -‬وھي ظاھرة بينة واضحة ‪ -‬لو لم تظھر نقول ‪ :‬سمعنا وأطعنا ‪.‬‬
‫تذكيرا للنعمة نعم ‪ ،‬كانت المرأة‬ ‫ً‬ ‫ورفعا للمشقة ‪،‬‬ ‫ً‬ ‫تذكيرا للنعمة‬ ‫ً‬ ‫الثاني ‪ :‬أن النسخ غا ًلبا يكون للتخفيف ‪ ،‬فأبقيت التالوة‬
‫وعلما بالنعمة ‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫تذكيرا‬ ‫تتربص حول كامل سنة ھذه مشقة فلما ُخفف فبقية تلك للداللة على ماذا ؟‬
‫واقع باإلجماع قال السيوطي رحمه  تعالى ‪ :‬وھو الذي فيه‬ ‫ٌ‬ ‫ًإذا القسم األول النسخ للحكم دون ماذا ؟ دون التالوة ‪ .‬وھذا‬
‫وقصد بتأليفه ‪ .‬ھذا‬ ‫ُ‬
‫كل منھما ِّألف ُ‬ ‫منزل على ماذا ؟ على النوع الثاني ‪ .‬لكن ٌ‬ ‫الكتب المؤلفة ‪ .‬يعني ‪ :‬كثير وقيل ھذا الكالم َّ‬
‫النوع األول ‪ :‬النسخ للحكم دون التالوة ‪ .‬لكن ما الناسخ له ؟ إذا نسخ الحكم دون التالوة ما الناسخ له ؟‬
‫قرآنا وقد يكون الناسخ سنة قد يكون الناسخ له‬ ‫التالوة ‪ ،‬يعني ال ينسخ قرآن إال بالقرآن إذا قلت ‪ :‬التالوة ‪ ،‬قد يكون الناسخ ً‬
‫قرآنا وقد يكون له الناسخ له سنة ‪ً ،‬إذا نقول ‪ :‬ما نسخ حكمه دون تالوته ‪ ،‬ھذا قد ينسخه قرآن يعني ‪ :‬نسخ القرآن بالقرآن‬ ‫ً‬
‫]‬ ‫منھا َ ْأو ِ ْ ِ َ‬
‫مثلھا ﴾‬ ‫بخير ِّ ْ َ‬ ‫ننسھا َ ْ ِ‬
‫نأت ِ َ ْ ٍ‬ ‫آية َ ْأو ُ ِ َ‬
‫من َ ٍ‬ ‫متفق عليه لقوله تعالى ‪َ ﴿ :‬ما َ َ ْ‬
‫ننسخ ِ ْ‬ ‫ٌ‬ ‫وھذا متفق عليه نسخ القرآن بالقرآن‬
‫مجمع عليه ‪.‬‬‫ٌ‬ ‫ٌ‬
‫وواقع بل‬ ‫ٌ‬
‫البقرة ‪ . [106 :‬فدل على ماذا ؟ على أن نسخ القرآن بالقرآن ھذا جائز‬
‫قال بعضھم ‪ :‬وھذا نسبه الشارح ألبي بكر بن العربي ‪ :‬كل ما في القرآن من الصفح عن الكفار والتولي واإلعراض‬
‫منسوخ بآية السيف ‪ ،‬كل ما ورد في القرآن من الصفح عن الكفار والتولي واإلعراض والكف عنھم فھو‬ ‫ٌ‬ ‫والكف عنھم فھو‬

‫‪216‬‬
‫وجدتموھم ﴾ ] التوبة ‪ . [5 :‬ھذه‬ ‫حيث َ َ ُّ ُ ُ ْ‬ ‫المشركين َ ْ ُ‬
‫فاقتلوا ْ ُ ْ ِ ِ َ‬‫الحرم َ ْ ُ ُ ْ‬‫األشھر ْ ُ ُ ُ‬ ‫انسلخ َ ْ ُ ُ‬
‫فإذا َ َ َ‬ ‫منسوخ بآية السيف وھي قوله تعالى ‪َ ِ َ ﴿ :‬‬ ‫ٌ‬
‫وأربعا وعشرين آية ‪ ،‬لكن ھذا يحتاج إلى تتبع ثم نسخ آخرھا أولھا ‪.‬‬ ‫ً‬ ‫قيل ‪ :‬نسخت ً‬
‫مائة‬
‫أيضا‬ ‫سنة ‪ .‬يعني ‪ :‬نسخ الحكم دون التالوة وكان الناسخ له سنة ‪ ،‬وھذا التقسيم يطرد على النوع الثاني ً‬ ‫الثاني ‪ :‬ما نسخه ٌ‬
‫لكن نذكره لألول للحاجة إليه واختلف للحاجة إليه واختلف في جواز ھذا ‪ ،‬ھل يجوز نسخ القرآن بالسنة أم ال ؟ ھذا فيه‬
‫واألقربين ﴾ ] البقرة ‪:‬‬ ‫لوالدين َ ْ َ ِ َ‬ ‫خيراً ْ َ ِ َّ ُ‬
‫الوصية لِ ْ َ ِ َ ْ ِ‬ ‫ترك َ ْ‬ ‫الموت ِإن َ َ َ‬ ‫أحدكم ْ َ ْ ُ‬ ‫حضر َ َ َ ُ ُ‬ ‫عليكم ِ َإذا َ َ َ‬
‫كتب َ َ ْ ُ ْ‬ ‫مثلوا له بقوله تعالى ‪َ ِ ُ ﴿ :‬‬ ‫الخالف َّ ُ‬
‫مثلوا بھذا لماذا ؟ ألن الوصية ھنا ماذا ؟ واجبة قال ‪:‬‬ ‫‪ . [180‬قيل نسخ بحديث ‪ » :‬ال وصية لوارث « ‪ .‬وھذا فيه نظر لكن َّ ُ‬
‫ٌ‬
‫ناسخ‬ ‫واألقربين ﴾ ‪ .‬والوالدان وارثان ‪ ،‬واألقربين منھم من يرث » وال وصية لوارث « ‪ .‬قالوا ‪ :‬ھذا الحديث‬ ‫للوالدين َ ْ َ ِ َ‬ ‫﴿ َِْ َِ ْ ِ‬
‫لآلية ‪ .‬ومن أنكره قال ‪ :‬الناسخ آية الميراث ‪ ،‬وھو الصواب أن الناسخ ھو آية الميراث ‪.‬‬
‫رواية عنه ‪ : -‬إلى‬ ‫ٍ‬ ‫ذھب جمھور األصوليين إلى أنه يجوز نسخ القرآن بالسنة المتواترة ‪ ،‬وذھب اإلمام الشافعي وأحمد ‪-‬‬
‫قرآنا مثله ‪ ،‬وھذا اختيار ابن قدامة رحمه  ‪،‬‬ ‫أنه ال يجوز نسخ القرآن بالسنة ولو كانت متواترة ‪ ،‬بل ال ينسخ القرآن إال ً‬
‫تنسخ القرآن ولو كانت متواترة وھذا اختيار من ؟ ابن قدامة ‪ ،‬وابن تيمية ‪ ،‬وقرره الشافعي في‬ ‫ً‬
‫مطلقا ال َ ْ َ ُ‬ ‫وابن تيمية أن السنة‬
‫وحي من  تعالى ‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫)) الرسالة (( ‪ .‬وھذا الخالف في الجواز وفي الوقوع ‪ ،‬حجة الجمھور أنه يجوز بالمتواتر ‪ :‬أن الجميع‬
‫يوحى ﴾ ] النجم ‪ [4 ، 3 :‬والقرآن‬ ‫وحي ُ َ‬ ‫ھو َِّإال َ ْ ٌ‬ ‫إن ُ َ‬ ‫الھوى * ِ ْ‬ ‫عن ْ َ َ‬ ‫ينطق َ ِ‬ ‫وما َ ِ ُ‬ ‫السنة المتواترة وحي من  لقوله تعالى ‪َ َ ﴿ :‬‬
‫وحي من  تعالى ‪ .‬فالناسخ والمنسوخ من عند  أليس كذلك ؟ والناسخ في الحقيقة ھو ‬ ‫ٌ‬ ‫كل منھما‬ ‫وحي وال إشكال ًإذا ٌ‬ ‫ٌ‬
‫سواء نسخ بالقرآن أو نسخ على لسان رسوله  ألن الناسخ في الحقيقة ھو الرب جل وعال ليس النص وإنما الرب‬ ‫ٌ‬ ‫جل وعال‬
‫وحي‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬
‫الناسخ‬ ‫فحينئذ يكون‬ ‫ٍ‬ ‫سواء كان الناسخ بلفظ القرآن أو بلسان النبي  والنبي  م َ ُِّبلغ أليس كذلك ؟‬ ‫ٌ‬ ‫ٍ‬
‫فحينئذ‬ ‫جل وعال ‪،‬‬
‫ٍ‬
‫رضعات‬ ‫وحيا ‪ ،‬لكن أظھر النسخ على لسان رسوله ومثل الجمھور للوقوع بأن آية التحريم بعشر‬ ‫‬ ‫وحي ً‬ ‫ٌ‬ ‫لوحي أو نسخ‬
‫نسخن بالسنة ‪،‬‬ ‫نسخن بالسنة أما المثال األول فھذا فيه نظر مثلوا بماذا ؟ بأن آية التحريم بعشر رضعات ‪ -‬التي ستأتي ‪َ ْ ِ ُ -‬‬ ‫ُ ِ ْ َ‬
‫مثلھا ﴾ ]‬ ‫َ‬
‫منھا ْأو ِ ْ ِ َ‬ ‫بخير ِّ ْ َ‬ ‫نأت ِ َ ْ ٍ‬ ‫ْ‬
‫ننسھا َ ِ‬ ‫َ‬
‫آية ْأو ُ ِ َ‬ ‫من َ ٍ‬ ‫وحجة الشافعي وابن قدامة وابن تيمية رحمھم  ‪ :‬قوله تعالى ‪َ ﴿ :‬ما َ َ ْ‬
‫ننسخ ِ ْ‬
‫وخيرا منه إال قرآن ‪ ،‬ھذا باعتبار ماذا ؟ السنة المتواترة ‪ ،‬وأما اآلحاد فلكونھا‬ ‫ً‬ ‫البقرة ‪ . [106 :‬قالوا ‪ :‬وال يكون مثل القرآن‬
‫ٍ‬
‫فحينئذ ال‬ ‫مساو أو أعلى ‪ ،‬واآلحاد يكون أدنى‬ ‫ٍ‬ ‫تالوة إال بما ھو‬ ‫ً‬ ‫نصا وال‬ ‫عند الجمھور ظنية قالوا ‪ً :‬إذا ال يُرفع حكم القرآن ً‬
‫يُنسخ القرآن بخبر الواحد والجمھور على ھذا ألنه ضعيف فال يُرفع األقوى بما ھو دونه ‪ .‬وذھب بعضھم إلى جواز نسخ‬
‫القرآن بأخبار اآلحاد إذ ال يشترط في الناسخ والمنسوخ أن يكونا متساويين في الرتبة ‪ ،‬وال يشترط في الناسخ أن يكون أقوى‬
‫ثابتا بالنقل‬ ‫احترازا من اإلجماع وقياس العقل ‪ً -‬‬ ‫ً‬ ‫وحيا ‪-‬‬ ‫حينئذ في الناسخ أن يكون ً‬ ‫ٍ‬ ‫من المنسوخ ‪ ،‬بل قد يكون أدنى فالشرط‬
‫ً‬
‫متواترا أم آحادا ‪.‬‬ ‫ً‬ ‫خبرا من السنة‬ ‫سواء كان ً‬ ‫ٌ‬ ‫فحينئذ نقول ‪ :‬ھذا ناسخ‬ ‫ٍ‬ ‫الصحيح ‪ ،‬فمتى ما وُ جد الناسخ بھذا القيد‬
‫ًإذا نقول ‪ :‬مسألة النسخ نسخ القرآن بالسنة فيه تفصيل عند الجمھور ‪ ،‬إن كانت السنة متواترة فالجمھور على أن القرآن‬
‫آحادا فالجمھور على ماذا ؟ على أن القرآن ال يُنسخ بخبر الواحد ‪ .‬وعند الشافعي ومثله‬ ‫ً‬ ‫ينسخ بالسنة المتواترة ‪ ،‬وإن كانت‬
‫ينسخ القرآن إال قرآنا وال ينسخ السنة إال السنة ‪ ،‬واضح ؟‬ ‫ً‬ ‫ابن تيمية رحمه  ‪ :‬ال َ ْ َ ُ‬
‫ھذا ھو الخالف عند أھل العلم ‪.‬‬
‫نسخ السنة بالقرآن الكالم اآلن في ماذا ؟ في نسخ القرآن بالسنة ‪ ،‬ھل القرآن ينسخ السنة ؟ ‪.‬‬
‫عند الشافعي وابن تيمية ‪ :‬ال ‪ ،‬ألنه ال ينسخ السنة إال السنة وال قرآن إال القرآن ‪.‬‬
‫ذھب جمھور األصوليين ‪ :‬إلى أنه يجوز نسخ السنة بالقرآن ‪ .‬وذھب اإلمام الشافعي وغيره إلى أن السنة ال ينسخھا إال‬
‫ثابت بالسنة المتواترة‬ ‫ٌ‬ ‫سنة مثلھا ‪ ،‬واألدلة ھي األدلة السابقة للطائفتين ‪ ،‬لكن الوقوع يشھد ‪ ،‬نقول ‪ :‬استقبال بيت المقدس ھذا‬ ‫ٌ‬
‫ثابت بالسنة على القول‬ ‫ٌ‬ ‫سابقا كذلك صوم يوم عاشوراء ھذا‬ ‫ً‬ ‫وجھك ﴾ ] البقرة ‪ . [144 :‬كما ذكرناه‬ ‫فول ِّ َ ْ َ َ‬ ‫ونسخ بالقرآن ‪َ َ ﴿ :‬‬
‫واجبا ثم نسخ بماذا ؟ بالقرآن فكيف نقول ‪ :‬ال تنسخ السنة بالقرآن ‪.‬‬ ‫ً‬ ‫بأنه كان‬
‫مطلقا متى ما صحت السنة ‪ ،‬وأن السنة ُتنسخ بالقرآن ألن الكل‬ ‫ً‬ ‫بالسنة‬
‫ِ‬ ‫ولذلك نقول ‪ :‬األصح في المسألتين أن القرآن يُنسخ‬
‫سواء نسخ بالقرآن بلفظه بحرفه جل وعال أو على لسان‬ ‫ٌ‬ ‫وحي من عند  ‪ ،‬وأن الناسخ في الحقيقة ھو الرب جل وعال‬ ‫ٌ‬
‫رسوله  ‪.‬‬
‫التالوة ( يعني فقط مع بقاء الحكم مثل ماذا ؟ ُنسخ التالوة‬ ‫للحكم ( أي ‪ :‬دون التالوة ‪ ،‬ھذا النوع األول ‪َ ) .‬أو ِّ َ ِ‬ ‫والنسخ ِ ْ ُ ْ ِ‬
‫) َّ ْ ُ‬
‫) الشيخ والشيخة ( ] أحسنت [ آية الرجم ُتسمى آية الرجم وھي ‪ ) :‬الشيخ والشيخة إذا زنيا‬ ‫دون الحكم ‪ ،‬الحكم باقي‬
‫فارجموھما البتة نكاالً من  و عزيز حكيم ( ھي كانت في سورة األحزاب رواه الحاكم وغيره عن عمر رضي  تعالى‬ ‫ٌ‬
‫‪217‬‬
‫ً‬
‫موضعا قال ‪:‬‬ ‫لھما ( منسوخ التالوة دون الحكم ‪ ،‬جمع السيوطي عشرين‬ ‫عنه ‪ .‬ھذه منسوخة في التالوة والحكم باقي ‪َْ ) .‬أو َ ُ‬
‫لھما ( يعني ‪ :‬النسخ لماذا‬ ‫موضعا نسخ فيھا التالوة دون الحكم ذكرھا في )) اإلتقان (( ) َْأو َ ُ‬ ‫ً‬ ‫وال يوجد غيرھم ‪ .‬فقط عشرين‬
‫َ‬
‫معا ‪ .‬قال ‪ ) :‬كآ َ ِ‬
‫ية‬ ‫ُ‬
‫معا ‪ ،‬المنسوخ الحكم والتالوة ً‬ ‫لھما ( يعني للحكم والتالوة ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫التالوة ( ھذا عطف على الحكم ) ْأو ُ‬ ‫؟ ) َأو ِّ َ ِ‬
‫الرضاعة ( خبر لمبتدأ محذوف ‪ ،‬وھي ما رواه الشيخان عن عائشة رضي  تعالى عنھا‬ ‫ية ِّ َ َ ِ‬ ‫الرضاعة ( يعني وذلك ) َكآ َ ِ‬
‫ِّ َ َ ِ‬
‫معلومات يحرمن ‪ ،‬فتوفي رسول   مما‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫رضعات‬ ‫معلومات يحرمن فنسخن بخمس‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫رضعات‬ ‫ُ‬
‫قالت ‪ :‬كان فيما أنزل عشر‬
‫نسخ لماذا ؟ للتالوة الحكم‬ ‫ٌ‬ ‫ْلغ ُه َنسْ َخھ َُّن ‪ ،‬وأما من بلغه النسخ فأسقط تالوتھا ‪ً ،‬إذا ھذا‬
‫يقرأ من القرآن ‪ .‬أي ‪ :‬يقرؤھن َمنْ َْلم َيب ُ ْ‬
‫معا ‪ .‬ھذا ما يتعلق بالناسخ والمنسوخ ‪.‬‬ ‫ً‬
‫ًإذا نقول ‪ :‬القاعدة أنه ال يُشترط في الناسخ أن يكون أقوى من المنسوخ ‪ -‬وھذا نتنبه له ‪ -‬ال يشترط في الناسخ أن يكون‬
‫ثابتا ‪ ،‬ألنه ال يمتنع أن يكون النسخ بالعقل ال يمنع أن‬ ‫وحيا ً‬‫ً‬ ‫أقوى من المنسوخ ‪ ،‬أو في مرتبته بل يكفي أن يكون الناسخ‬
‫يُنسخ بخبر الواحد لكن ھم يمنعون ألنھم يقولون ‪ :‬يفيد الظن فقط وال يفيد العلم ‪.‬‬
‫واحد ( ‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫ً‬ ‫به ُ ً‬
‫مدة معينة ‪ ،‬وما َعمل َ به‬ ‫) النوع الثالث عشر والرابع عشر ( من العقد الخامس ) المعمول ُ ِ‬
‫أيضا ‪ ،‬يعني بعض األحكام الشرعية قد يكون لھا ماذا ؟ أمد معين شھر أو شھرين أو ثالثة بعضھا مثل له‬ ‫تابع للنسخ ً‬
‫ھذا ٌ‬
‫ٌ‬
‫عاما ثم نسخ ‪ ،‬نقول ‪ :‬ھذا كله النسخ على ھذا المنوال ‪ ،‬لكن ما عمل به واحد فقط ھذا قد يكون يحتاج إلى مثال ‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫بستة عشر ً‬

‫علي‬ ‫مذ َن َ َ ْ‬
‫زلت ِإالَّ َ ْ‬ ‫منھم ِبھا ُ ْ‬
‫ِ ُْ‬ ‫يعمل‬ ‫النجوى التي َ ْ‬
‫لم َ ْ َ ِ‬ ‫ية َّ ْ َ‬ ‫كآ َ ِ‬
‫)‬ ‫)‬
‫)‬ ‫أياما‬‫َ‬ ‫ً‬
‫عشرة َّ َ‬ ‫ْ‬ ‫ِْ‬
‫وقيل َ ال َبلْ َ َ‬ ‫َ‬
‫بقيت تماما‬ ‫قد َ ِ َ ْ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ً‬
‫وساعة‬
‫َ َ‬
‫)‬

‫عشرة ( بإسكان الشين ‪.‬‬ ‫) َ َْ‬


‫دائما إذا جاءت مثل ھذا تقدره أنه خبر لمبتدأ محذوف ‪ ،‬ألنه ال يمكن أن‬ ‫النجوى ( يعني ‪ :‬وذلك كآية النجوى ً‬ ‫ية َّ ْ َ‬ ‫) كآ َ ِ‬
‫النجوى‬‫ية َّ ْ َ‬ ‫ً‬
‫يبتدئ الكالم جار ومجرور ‪ ،‬فتنظر إما أن يكون بعده خبر وإما مبتدأ مؤخر وإما أن تقدر مبتدأ محذوفا ‪ ) .‬كآ َ ِ‬
‫فقدموا ﴾ ] المجادلة ‪ . [12 :‬ھذا أمر‬ ‫الرسولَ َ َ ِّ ُ‬ ‫آمنوا َِإذا َ َ ْ ُ ُ‬
‫ناجيتم َّ ُ‬ ‫الذين َ ُ‬‫أيھا َّ ِ َ‬ ‫( يعني ‪ :‬وذلك كآية النجوى وھي قوله تعالى ‪َ ﴿ :‬يا َ ُّ َ‬
‫صدقة ﴾ قيل ‪ :‬على اإليجاب وھو ظاھر النص وقيل ‪ :‬الندب ‪ .‬ھذه‬ ‫نجواكم َ َ َ ً‬ ‫يدي َ ْ َ ُ ْ‬ ‫بين َ َ ْ‬ ‫فقدموا َ ْ َ‬ ‫واألمر يقتضي الوجوب ‪ُ ِّ َ َ ﴿ ،‬‬
‫صدقات ﴾ ‪ .‬قال ابن‬ ‫نجواكم َ َ َ ٍ‬
‫يدي َ ْ َ ُ ْ‬ ‫بين َ َ ْ‬ ‫أأشفقتم َأن ُ َ ِّ ُ‬
‫تقدموا َ ْ َ‬ ‫أأشفقتم ﴾ ] المجادلة ‪ . [13 :‬التي تليھا ‪ْ ُ ْ َ ْ َ َ ﴿ :‬‬ ‫اآلية نسخت بقوله ‪ْ ُ ْ َ ْ َ َ ﴿ :‬‬
‫عطية رحمه  ‪ :‬قال جماعة ‪ :‬لم َيعْ َمل بھذه اآلية بل لم يُعْ َمل بھذه اآلية بل ُنسخ حكمھا قبل العمل ‪ .‬التي ھي ماذا ؟ ] ال‬
‫ناجيتم ﴾ قال ابن عطية رحمه  ‪ :‬قال جماعة ‪ :‬لم يُعْ َمل‬ ‫أوال ﴿ َِإذا َ َ ْ ُ ُ‬ ‫أأشفقتم ﴾ [ نحن نقول ‪ :‬أن ذكرت الصواب ً‬ ‫ليس ‪ْ ُ ْ َ ْ َ َ ﴿ :‬‬
‫أبدا أليس كذلك ؟ بل ُنسخ حكمھا قبل العمل ‪.‬‬ ‫بھذه اآلية أحد ً‬
‫أحد بعدي ‪ .‬رواه الحاكم‬ ‫أحد غيري ‪ ،‬وال يعمل بھا ٌ‬ ‫وصح عن علي رضي  تعالى عنه قال ‪ :‬ما عمل بھذه اآلية ٌ‬
‫أحد بعدي لماذا ؟ ألنھا ُنسخت ‪.‬‬ ‫أحد غيري ولم يعمل بھا ٌ‬ ‫وصححه أليس كذلك ؟ لم يعمل بھا ٌ‬
‫درھما ثم‬‫ً‬ ‫دينار فبعته بعشرة دراھم فكنت كل ما ناجيت النبي  قدمت بين يدي نجواي‬ ‫ٌ‬ ‫وفيه أي ‪ :‬عند الحاكم كان عندي‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫أحد فنزلت ‪ْ ُ ْ َ ْ ﴿ :‬‬
‫أأشفقتم ﴾ اآلية ‪.‬‬ ‫ُنسخت فلم يعمل بھا ٌ‬
‫دينارا « ‪ .‬يعني ‪ :‬في تقدير الصدقة ‪ » .‬ما‬ ‫ً‬ ‫وروى الترمذي عنه قال ‪ :‬لما نزلت ھذه اآلية قال لي النبي  ‪ » :‬ما ترى‬
‫أيضا ‪ . -‬قال ‪ » :‬فكم‬ ‫دينارا « قلت ‪ :‬ال يطيقونه ‪ -‬كثير دينار ‪ . -‬قال ‪ » :‬فنصف دينار « ‪ .‬قلت ‪ :‬ال يطيقونه ‪ -‬كثير ً‬ ‫ً‬ ‫ترى‬
‫أأشفقتم ﴾ قال علي ‪ :‬فخفف عن ھذه األمة بي ‪ ،‬فبي خفف عن ھذه‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫« ؟ قلت ‪ :‬شعيرة ‪ .‬قال ‪ » :‬إنك لزھيد « ‪ .‬فنزلت ‪ْ ُ ْ ﴿ :‬‬
‫ً‬
‫األمة ‪ ،‬ألنه قال ماذا ؟ ال يطيقون الدينار وال نصف الدينار ما بقي شيء ‪ ،‬ما بقي إال الشعيرة » إنك لزھيد « ‪ .‬إذا دعوى‬
‫عمَل‬
‫من قال ‪ :‬بأنه لم يعمل بھا أحد ‪ .‬نقول ‪ :‬ھذه دعوى ساقطة لصحة ماذا ؟ النص عن علي رضي  تعالى عنه ‪ :‬بأنه َ ِ‬
‫منھم ( من الصحابة )‬ ‫يعمل ِ ُ ْ‬ ‫النجوى وھي التي ) الذي َ ْ‬
‫لم َ ْ َ ِ‬ ‫ية َّ ْ َ‬
‫صالح ‪ ) .‬كآ َ ِ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬
‫مثال‬ ‫واحد ( ًإذا ھذا‬ ‫ٌ‬ ‫فقط بھذه اآلية ) وما َعمل َ به‬
‫نزلت (‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫منھم ( من الصحابة ) ِبھا ( أي ‪ :‬بھذه اآلية ) ُمذ َ َ ْ‬ ‫يعمل ِ ُ ْ‬
‫لم َ ْ َ ِ‬ ‫َ‬
‫مقدرا ) ْ‬ ‫ً‬ ‫يعمل ( الكسر ھذا للروي ‪ ،‬والسكون يكون‬ ‫َْ‬
‫لم َ ْ َ ِ‬
‫مذ (‬‫يعني ‪ :‬إلى أن نزلت ) ُ ْ‬
‫كجئت م ُْذ دَ َعا‬ ‫أوليا ْ ِ‬
‫الفعْ َل َ ِ ْ ُ‬ ‫رفعا َ ْأو ُ ِ‬ ‫ْث َ َ َ‬ ‫مان َحي ُ‬
‫ُنذ اسْ َ ِ‬ ‫َوم ُْذ َوم ْ ُ‬

‫‪218‬‬
‫علي‬ ‫نزلت ( إلى أن نسخت ) ِ َّ‬
‫إال َ ْ‬ ‫مذ َ َ َ ْ‬ ‫نزلت ( يعني ‪ :‬إلى أن ُنسخت ) ُ ْ‬ ‫مذ َ َ َ ْ‬ ‫اسما ال تكون حرف جار ) ُ ْ‬ ‫حينئذ تكون ً‬
‫ٍ‬ ‫ھذا مثلھا‬
‫ٍ‬
‫واحد منھم‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫( ابن أبي طالب رضي  تعالى عنه ‪ ،‬ثم كم بقيت ؟ ألنه يرد السؤال لو بقيت وقتا طويال كيف الصحابة لم يناج‬
‫ظرف لما بعده يعني‬ ‫ٌ‬ ‫وساعة ( ھذا‬ ‫بقيت ( ‪ً َ َ ) .‬‬ ‫قد َ ِ َ ْ‬ ‫طويال ) َ َ ً‬
‫وساعة َ ْ‬ ‫ً‬ ‫النبي  كم بقيت ؟ ھذا يدل على ماذا على أنھا لم تبق‬
‫نھار ‪ ،‬وھذا قول‬ ‫ٍ‬ ‫ساعة يعني ‪ :‬من‬ ‫ً‬ ‫فقدموا ﴾ ] المجادلة ‪ [12 :‬بقيت‬ ‫الرسولَ َ َ ِّ ُ‬ ‫وقد بقيت ھذه اآلية التي ھي ماذا ﴿ َِإذا َ َ ْ ُ ُ‬
‫ناجيتم َّ ُ‬
‫نھار‬
‫ٍ‬ ‫ساعة ( أي من‬ ‫قد ( للتحقيق ‪ ،‬بقيت أي تلك اآلية ) َ َ ً‬ ‫بقيت ( ‪ْ َ ) ،‬‬ ‫قد َ ِ َ ْ‬ ‫ظرف لما بعده والتقدير و) َ ْ‬ ‫ٌ‬ ‫قتادة ‪ً َ َ ) ،‬‬
‫وساعة ( ھذا‬
‫تماما ال زيادة فيه وال نقصان وھي ساعة ‪) ،‬‬ ‫ً‬ ‫وھذا ھو قول قتادة أنھا لم تبق النھار كله ‪َ ) ،‬تماما ( أي بقيت تلك اآلية ً‬
‫بقاء‬
‫ً‬
‫عشرة من أيام ال‬ ‫عشرة َ َّ َ‬
‫أياما (‬ ‫أياما ( يعني ‪ :‬عشرة من األيام ) َ ْ َ ً‬ ‫عشرة َ َّ َ‬
‫وقيل َ ‪ :‬ال ( ‪ ،‬لم تبق ساعة بل بقيت إلى أن ُنسخت ) َ ْ َ ً‬ ‫ِْ‬
‫بد من تقدير حرف جر ‪ ،‬وھذا قول مقاتل أنھا بقيت عشرة أيام ‪ ،‬لكن ھذا ردوه بماذا أنه يُستبعد أن يبقى النبي  عشرة أيام‬
‫أحد من الصحابة ‪ ،‬ھذا فيه بعد أن يبقى النبي  وھو المفتي وھو القاضي وھو النبي عليه الصالة والسالم وھو‬ ‫وال يناجيه ٌ‬
‫وقيل َ ‪ :‬ال ( أي لم‬ ‫بقيت َتماما ِ ْ‬ ‫قد َ ِ َ ْ‬ ‫َ‬ ‫ً‬
‫وساعة ْ‬ ‫بعد ) َ َ‬ ‫جدا ھذا فيه ٌ‬ ‫ي األمر ثم عشرة أيام وال يناجيه وال أحد إال علي ھذا بعيد ً‬ ‫ول ُ‬
‫قول ثالث ‪ :‬بأنھا نسخت قبل‬ ‫ٌ‬ ‫عشرة من األيام وھذا قول مقاتل ‪ ،‬وھناك‬ ‫ً‬ ‫عشرةٌ ( أي‬ ‫تبق ساعة بل بقيت إلى أن نسخت ) َ ْ َ‬ ‫ً‬
‫العمل بھا الذي ذكرناه عن ابن عطية بأنه عن جماعة وھذا غير صحيح لحديث الترمذي السابق ‪ .‬ھذا ما يتعلق بالنوع الثالث‬
‫والرابع عشر ‪.‬‬
‫ِ‬
‫باأللفاظ ( ‪.‬‬ ‫يرجع إلى المعاني ُ َ ِّ َ ِ‬
‫المتعلقة‬ ‫ُ‬ ‫السادس ما‬
‫ُ‬ ‫ثم قال ] نأخذ الباب األول والثاني من [ ) ِ ْ ُ‬
‫العقد‬
‫ضابط وقدر المشترك ) المعاني‬ ‫ٍ‬ ‫ج ُع يجوز الوجھان ‪ ،‬ھذه األنواع مرجعھا إلى‬ ‫يرجع ( َترْ ِج ُع َيرْ ِ‬
‫ُ‬ ‫) ما ( يعني أنواعه )‬
‫أيضا‬‫باأللفاظ ( يعني النظر ھنا في المعنى من جھة أثره في اللفظ ال من جھة أثره في الحكم ‪ ،‬وقد يترتب عليه حكم ً‬ ‫ِ‬ ‫ُ َ ِّ َ ِ‬
‫المتعلقة‬
‫والوصل ُ ( ‪ .‬قال رحمه ‬ ‫الفصل ُ َ ْ‬ ‫ستة ( باالستقراء ‪ ) ،‬األول ُ والثاني ‪َ :‬‬ ‫ٌ‬ ‫ستة ( وھي بالتأنيث ) ِ َّ‬ ‫ٌ‬ ‫وھي ِ َّ‬
‫َ‬ ‫حكم )‬
‫ٌ‬ ‫قد يترتب عليه‬
‫‪:‬‬

‫ومنه ُ ْ َ ِ‬
‫يطلبان‬ ‫َ ُْ ُ‬
‫بحثھما ِ ْ ُ‬ ‫والوصل ُ وفي َ َ ِ ْ‬
‫المعاني‬ ‫َ ْ‬
‫الفصل ُ َ ْ‬
‫)‬ ‫)‬

‫ًإذا طلبھما من أين ؟ المعاني‬

‫)‬ ‫حيث ُ ِ‬
‫فصال‬ ‫آخرھا َ َ‬
‫وذاك َ ْ ُ‬ ‫ِِ‬ ‫خلوا ِإلى‬‫أول ِإذا َ َ‬ ‫مثال ُ َ َّ ٍ‬ ‫َِ‬
‫)‬
‫)‬ ‫كما َ َ‬
‫تراهُ‬ ‫عنھا َ َ‬ ‫ِْإذ ُ ِ َ ْ‬
‫فصلت َ َ‬ ‫وتلك ُ‬‫عنھا ِ َ‬ ‫بعدھا َ ْ َ‬ ‫َوَما َ ْ َ‬
‫)‬
‫جحيم‬ ‫ُ َّ َ‬
‫والفجار في َ ِ ْ ِ‬ ‫الوصل‬
‫في َ ْ ِ‬ ‫ِ‬
‫نعيم‬
‫ِ‬ ‫َ‬ ‫لفي‬‫ِ‬ ‫َ‬ ‫األبرار‬
‫َْ َ‬ ‫وإن‬
‫ِ َّ‬
‫)‬ ‫)‬

‫مھم في علم المعاني ‪ ،‬ھنا نظم أربعة أبيات والسيوطي‬ ‫اب ٌ‬‫والوصل ُ ( ھذا ب ٌ‬ ‫جحيم ( ‪ْ َ ) ،‬‬
‫الفصل ُ َ ْ‬ ‫ُ َّ َ‬
‫والفجار ( بالنصب ) في َ ِ ْ ِ‬ ‫)‬
‫ُ‬
‫بحثھما‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬
‫في )) عقود الجمان (( تجاوزت السبعين يدل على أن مسائل ھذا الباب كثيرة جدا ولذلك لما أحْ ِ َ‬
‫رج الناظم قال ‪ُ ْ َ ) :‬‬ ‫ً‬
‫يطلبان ( ‪ً .‬إذا لن ينظم لك إال مثال فقط ‪ ،‬ولذلك سنذكر التعريف والمثالين فقط ما نستطيع أن نبين‬
‫ومنه ُ ْ َ ِ‬
‫( في علم المعاني ) ِ ْ ُ‬
‫مبينا أھمية ھذا الباب الفصل والوصل قال ‪ :‬وتميز موضع أحدھما من موضع‬ ‫الفصل والوصل ‪ .‬قال في )) اإليضاح (( ً‬
‫اآلخر على ما تقتضيه البالغة بند منھا عظيم الخطر ‪ .‬يعني متى تفصل الجملة تعطفھا على ما سبق ‪ ،‬ومتى تقطعھا ؟‬
‫ھذا في المفردات وفي الجمل ‪ ،‬لكن اصطلحوا على أنه إذا أطلق الوصل والفصل انصرف إلى الجمل ‪ ،‬وإال في األصح‬
‫أنه يشمل المفردات ‪ ،‬متى تعطف ومتى ال تعطف ؟‬
‫والوصل ُ ( ھو العطف ‪ ،‬عطف بعض الجملة‬ ‫) َ ْ‬ ‫فقط ھذا الباب مبناه على ھذا ‪ْ َ ) .‬‬
‫الفصل ُ ( ھذا ماذا ترك العطف‬
‫على بعض ‪ ،‬متى تعطف ومتى تفصل ؟‬
‫علم دقيق بالمعاني وباإلعراب وبمواضع الجمل ‪ ،‬يعني الذي ال يعرف‬ ‫ھذا ال يُتقنه أي أحد ‪ ،‬ھذا ال بد أن يكون على ٍ‬
‫ً‬
‫متمرسا ال يستطيع ‪ ،‬ما ينجح في ھذا الباب ‪ ،‬الذي قيل‬ ‫الجمل التي لھا محل من اإلعراب والتي ال محل من اإلعراب ويكون‬
‫البالغة ھي معرفة الوصل والفصل ‪ ،‬ھنا يقول لك في )) اإليضاح (( القزويني ‪ :‬وتميز موضع أحدھما من موضع اآلخر‬
‫‪219‬‬
‫فن‬ ‫‪ -‬يعني متى تفصل ومتى تصل ‪ -‬تميز بعضھما عن اآلخر على ما تقتضيه البالغة ليس برأسك وإنما على وصف البالغة ٌ‬
‫كالم‬
‫ٍ‬ ‫علما بكنھه إال من ُأوتي فھم‬ ‫منھا من البالغة عظيم الخطر صعب المسلك لطيف المأخذ ال يعرفه على وجھه وال يحيط ً‬
‫صحيحا ‪ .‬ولھذا قصر بعض العلماء البالغة على معرفة الفصل من‬ ‫ً‬ ‫سليما ورزق في إدراك أسراره ً‬
‫ذوقا‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫طبعا‬ ‫العرب‬
‫الوصل ‪ ،‬ما ھي البالغة قال ‪ :‬معرفة الفصل من الوصل ‪ .‬ألنك إذا أتقنت ھذا الباب كل أبواب البالغة ال بد أن تكون‬
‫منطوية تحت ذھنك ‪ ،‬ال يمكن أن تتقن ھذا الباب إال بمعرفة علم المعاني من بقية أبوابه وعلم البيان وعلم البديع ‪ ،‬وما‬
‫أحدا ال يكمُل فيه إال كمُل في سائر‬ ‫قصرھا عليه ألن األمر كذلك ؟ ال ‪ ،‬وإنما حاول بذلك التنبيه على مزيد غموضه ‪ ،‬وأن ً‬
‫وجه في البيان ‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫فنونھا ‪ ،‬فوجب االعتناء بتحقيقه على أبلغ‬
‫ويأتي إن شاء  في )) شرح جوھر المكنون (( أو )) عقود الجمان (( بأوسع ‪.‬‬
‫والوصل ُ ( ھو عطف بعض الجمل على‬ ‫الفصل ُ ( ھو ترك عطف الجمل بعضھا على بعض ‪ْ َ ) ،‬‬ ‫والوصل ُ ( ‪ْ َ ) ،‬‬ ‫الفصل ُ َ ْ‬ ‫) َ ْ‬
‫أيضا ھذا ھو الصحيح ال إشكال في ھذا ‪ ،‬يجري‬ ‫ً‬ ‫بعض ‪ .‬ھناك قيل في الوصل عطف الجمل ونقول ‪ :‬يجري في المفردات‬
‫في المفردات ‪ ،‬وإنما المفردات أمرھا أوضح وأيسر ‪ ،‬لكن الجمل أمرھا صعب مأخذھا دقيق يحتاج إلى تأمل ‪ .‬الفصل‬
‫األول ُ َ ْ ِ ُ‬
‫واآلخر‬ ‫ھو ْ َ َّ‬ ‫والوصل يجريان في الجمل وكما يجريان في الجمل يجريان في المفردات ‪ ،‬فالوصل نحو قوله تعالى ‪َ ُ ﴿ :‬‬
‫ُطف ھنا ؟‬ ‫لم ع ِ َ‬ ‫والباطن ﴾ ] الحديد ‪ . [3 :‬في المفردات عُطف بعضھا على بعض وذلك لرفع توھم عدم اجتماعھا ‪َ ِ ،‬‬ ‫والظاھر َ ْ َ ِ ُ‬ ‫َ َّ ِ ُ‬
‫وآخرا ‪ ،‬قد يرد الذھن ھكذا‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫أوال‬ ‫لرفع توھم عدم اجتماعھا ألن الـ‪ ، ..‬ھو األول واآلخر كيف يتصف الشيء الواحد بكونه‬
‫القدوس َّ َ ُ‬
‫السالم‬ ‫الملك ْ ُ ُّ ُ‬ ‫ھو ْ َ ِ ُ‬ ‫إله َِّإال ُ َ‬ ‫الذي َال ِ َ َ‬ ‫ ُ َّ ِ‬ ‫ھو َّ‬ ‫لكن لما عُطف دل على الجمعية الواو لمطلق الجمع ‪ ،‬والفصل نحو ﴿ ُ َ‬
‫المتكبر ﴾ ] الحشر ‪ [23 :‬معطوفات أو ال ؟ غير معطوفات ‪ ،‬ترك العطف لعدم الجامع بينھا‬ ‫الجبار ْ ُ َ َ ِّ ُ‬
‫العزيز ْ َ َّ ُ‬ ‫المھيمن ْ َ ِ ُ‬ ‫من ْ ُ َ ْ ِ ُ‬ ‫المؤ ِ ُ‬ ‫ْ ُْ‬
‫بحثھما ( يعني وفي فن المعاني‬ ‫المعاني َ ْ ُ ُ‬ ‫والوصل ُ وفي َ َ ِ ْ‬ ‫الفصل ُ َ ْ‬ ‫‪ ،‬لكن المصطلح عليه اختصاص الفصل والوصل بالجمل ‪ْ َ ) .‬‬
‫بحثھما ( بحثھما في‬ ‫المعاني َ ْ ُ ُ‬ ‫المعاني ( جار مجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم ) وفي َ َ ِ ْ‬ ‫بحثھما ( ھذا مبتدأ مؤخر ) وفي َ َ ِ ْ‬ ‫) َ ُْ ُ‬
‫يطلبان ( إذ ھناك محلھما ‪ ،‬ألن البحث فيه‬ ‫ومنه ( أي ‪ :‬من فن المعاني ) ُ ْ َ ِ‬ ‫المعاني الفصل والوصل وفي فن المعاني بحثھما ) ِ ْ ُ‬
‫طويل ‪ ،‬يعني ست وسبعين أو أكثر من سبعين ھذا مؤلف خاص ‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫أول ( وھو الفصل ) ِإذا خلوا‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ً‬
‫أول ( المثال ھو جزئي يذكر إليضاح القاعدة ‪ .‬أراد أن يبين لك مثاال للفصل ) ِمثال ُ َّ ٍ‬ ‫مثال ُ َ َّ ٍ‬ ‫) َِ‬
‫بھم ﴾ ]‬ ‫يستھزئ ِ ِ ْ‬ ‫ُ َ ْ َ ْ ِ ُ‬ ‫مستھزئون * ّ‬ ‫نحن ُ ْ َ ْ ِ ُ َ‬ ‫إنما َ ْ ُ‬ ‫معكْم ِ َّ َ‬ ‫قالواْ َِّإنا َ َ ُ‬ ‫شياطينھم َ ُ‬
‫خلواْ َِإلى َ َ ِ ِ ِ ْ‬ ‫وإذا َ َ ْ‬ ‫خرھا ( يعني ‪ :‬قوله تعالى ‪َ ِ َ ﴿ :‬‬ ‫ِإلى آ ِ ِ‬
‫ُطف لتوھم أنه مقول‬ ‫ُطف ‪ ،‬لماذا ؟ ألنه لو ع ِ َ‬ ‫بھم ﴾ الجملة خبر ‪ ،‬ھنا ما ع ِ‬ ‫البقرة ‪ ﴾ ُ ﴿ . [15 ، 14 :‬مبتدأ و ﴿ َ ْ َ ْ ِ ُ‬
‫يستھزئ ِ ِ ْ‬ ‫ّ‬
‫ُ‬ ‫مستھزئون ﴾ لو قيل و ﴿ ّ‬ ‫نحن ُ ْ َ ْ ِ ُ َ‬ ‫إنما َ ْ ُ‬ ‫معكْم ِ َّ َ‬ ‫قالوا َِّإنا َ َ ُ‬ ‫شياطينھم ﴾ ھو ‪ ...‬عن الكفر ﴿ َ ُ ْ‬ ‫خلوا َِإلى َ َ ِ ِ ِ ْ‬ ‫وإذا َ َ ْ ْ‬ ‫تابع له ﴿ َ ِ َ‬ ‫القول أنه ٌ‬
‫ّ‬
‫ودفعا لھذا اإليراد وجب القطع ‪ ،‬فقيل ﴿  ُ ﴾‬ ‫ً‬ ‫دفعا بھذا الوھم‬ ‫معطوف على مقول القول ‪ً ،‬‬ ‫ٌ‬ ‫حينئذ لتوھم أنه‬ ‫ٍ‬ ‫بھم ﴾‬‫يستھزئ ِ ِ ْ‬ ‫َ َْ ِْ ُ‬
‫آخرھا ( يعني ‪ :‬آخر اآلية ‪ ،‬وعلة‬ ‫َ‬
‫أول ِإذا َخلوا ( الذي ھو الفصل ) ِإذا َخلوا ِإلى ِ ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫بھم ﴾ ‪ِ ) ،‬مثال ُ َّ ٍ‬ ‫عطف ﴿  ُ َ ْ َ ْ ِ ُ‬
‫يستھزئ ِ ِ ْ‬ ‫ّ‬ ‫ٍ‬ ‫دون‬
‫قالوا َِّإنا‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫حكم لم يُقصد بإعطائه للثاني لمانع وھو اختالف القائل فيھما ‪ ،‬نعم ﴿‬ ‫ٌ‬ ‫الفصل ھنا قيل ‪ :‬ھو أن الجملة األولى لھا‬
‫منفك عن األول ‪ ،‬إذا ھما مقوالن لقائلين‬ ‫ً‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬
‫قائل‬ ‫بھم ﴾ ھذا‬ ‫يستھزئ ِ ِ ْ‬ ‫ّ‬
‫قائل واحد ‪ ،‬و ﴿ ُ َ ْ َ ْ ِ ُ‬ ‫ٌ‬ ‫نحن ُ ْ َ ْ ِ ُ َ‬
‫مستھزئون ﴾ ھذا‬ ‫إنما َ ْ ُ‬ ‫معكْم ِ َّ َ‬ ‫ََ ُ‬
‫مختلفين ‪ ،‬لو عطف بينھما ُتوھم أن قائل المقولة الثانية ھو عينه قائل المقول األول ‪ ،‬لذلك قال ھنا ‪ :‬ھو أن الجملة األولى لھا‬
‫وذاك ( ھذا ما ھو ذاك‬ ‫نھا ( ) َ َ‬ ‫بعدھا َع ْ َ‬ ‫فصال َما َ ْ َ‬ ‫حيث ُ ِ‬ ‫وذاك َ ْ ُ‬ ‫حكم لم يُقصد إعطاؤه للثانية لماذا ؟ وھو اختالف القائل فيھما ) َ َ‬ ‫ٌ‬
‫فصال (‬ ‫حيث ِ‬ ‫ُ‬ ‫آخرھا ( ) َ ْ ُ‬ ‫خلوا ِإلى ِ ِ‬ ‫وذاك ( أي ‪ :‬قوله ‪ِ ) :‬إذا َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫آخرھا ( ھنا ما جاء معه النظم جيد )‬ ‫خلوا ِإلى ِ ِ‬ ‫؟ مشار إليه ) ِإذا َ َ‬
‫وتلك ( أي ‪ :‬الجملة‬ ‫عنھا ( عن إذا خلو إلى آخره ) ِ َ‬ ‫خرھا ( ) َ ْ َ‬ ‫خلوا ِإلى آ ِ ِ‬ ‫عنھا ( يعني بعد ) ِإذا َ َ‬ ‫بعدھا َ ْ َ‬ ‫األلف لإلطالق ) َما َ ْ َ‬
‫يعمھون ﴾ ‪ ،‬ھذه ھي ما بعدھا مفصولة عما قبلھا ‪ ،‬واضح‬ ‫ٌ‬ ‫طغيانھم َ ْ َ ُ َ‬ ‫ُ‬
‫ويمدھم ِفي ْ َ ِ ِ ْ‬ ‫بھم َ َ ُ ُّ ُ ْ‬ ‫يستھزئ ِ ِ ْ‬ ‫ّ‬
‫التي ُفصلت ما بعدھا ﴿  ُ َ ْ َ ْ ِ ُ‬
‫خلوا ﴾ إلى آخرھا ‪ ،‬ثم قال أراد أن يبن‬ ‫أول ( قوله تعالى ‪َِ ﴿ :‬إذا َ َ ْ ْ‬ ‫َ‬
‫مثال ُ َّ ٍ‬ ‫الترتيب ھنا ؟ فيه ركاكة ‪ ،‬ترتيب فيھما مأزق ) ِ َ‬
‫فصال ( يعني ‪ :‬لم يعطف )‬ ‫فصال ( حيث للتقييد ‪ِ ُ ) .‬‬ ‫حيث ُ ِ‬ ‫آخرھا ( ) َ ْ ُ‬ ‫خلوا ِإلى ِ ِ‬ ‫وذاك ( أي ‪ :‬قوله ‪ِ ) :‬إذا َ َ‬ ‫الفاصل والمفصول ) َ َ‬
‫خلوا‬ ‫عنھا ( عن ) ِإذا َ َ‬ ‫آخرھا ( ‪َ ْ َ ) ،‬‬ ‫خلوا ِإلى ِ ِ‬ ‫بعدھا ( الضمير يعود إلى ) إِذا َ َ‬ ‫بعدھا ( ‪ ،‬فصل لم يعطف ما بعدھا ) َما َ ْ َ‬ ‫َما َ ْ َ‬
‫بھم ﴾ ) ِْإذ‬ ‫يستھزئ ِ ِ ْ‬ ‫ّ‬
‫وتلك ( المفصولة قوله تعالى ‪ :‬أي ما بعدھا ﴿  ُ ﴾ ذكر المبتدأ يعني يتم اآليات ﴿  ُ َ ْ َ ْ ِ ُ‬ ‫ّ‬ ‫آخرھا ( ‪َ ِ ) ،‬‬ ‫ِإلى ِ ِ‬
‫تراهُ‬ ‫كما َ َ‬ ‫خلوا ﴾ ] البقرة ‪َ َ ) [14 :‬‬ ‫عنھا ( عن قوله ‪َِ ﴿ :‬إذا َ َ ْ ْ‬ ‫بھم ﴾ ) َ َ‬ ‫يستھزئ ِ ِ ْ‬‫ُ َ ْ َ ْ ِ ُ‬ ‫فصلت ( يعني ﴿ ّ‬ ‫تراهُ ( ) ِْإذ ُ ِ َ ْ‬ ‫كما َ َ‬ ‫عنھا َ َ‬ ‫فصلت َ َ‬ ‫ُ ِ َ ْ‬
‫مفصوال في القرآن ‪ ،‬ھذا واضح ؟‬ ‫ً‬ ‫(‬
‫دفعا إلى إيھام اتحاد القائل ألنه‬ ‫مستھزئون ﴾ ً‬ ‫نحن ُ ْ َ ْ ِ ُ َ‬ ‫إنما َ ْ ُ‬ ‫معكم ِ َّ َ‬‫بھم ﴾ على قوله ‪َِّ ﴿ :‬إنا َ َ ُ ْ‬ ‫يستھزئ ِ ِ ْ‬ ‫ُ َ ْ َ ْ ِ ُ‬ ‫ًإذا لم يعطف قوله ‪ّ ﴿ :‬‬
‫قالواْ ﴾ وإنما ذكر أو اآلية ﴿ َِإذا‬ ‫لو عطف عليه لكان من مقول المنافقين وليس األمر كذلك ‪ ،‬لكن الناظم ھنا لم يقل على ﴿ َ ُ‬
‫يستھزئ ﴾ ‪ ... ...‬ھذا له مأخذان ‪ ،‬ھو ذكر واحد وأنا ذكرت آخر ‪ ،‬وھو المشھور في كتب البالغة أنه لم‬ ‫ُ َ ْ َ ْ ِ ُ‬ ‫خلواْ ﴾ ‪ّ ﴿ ...‬‬ ‫َ َْ‬
‫‪220‬‬
‫معكم ﴾ والناظم ھنا ذكره على أول اآلية ﴿‬ ‫معطوف على قوله ‪َِّ ﴿ :‬إنا َ َ ُ ْ‬ ‫ٌ‬ ‫معكم ﴾ يعني ‪ :‬فصل ألن ال يتوھم أنه‬ ‫يعطف على ﴿ َِّإنا َ َ ُ ْ‬
‫ٍ‬
‫فحينئذ ال‬ ‫خلواْ ﴾ ‪ ،‬إذا لم يخلوا‬ ‫فحينئذ يصير متعلق الظرف واحد ﴿ َِإذا َ َ ْ‬ ‫ٍ‬ ‫بھم ﴾‬‫يستھزئ ِ ِ ْ‬ ‫ُ َ ْ َ ْ ِ ُ‬ ‫فحينئذ لو عُطف و ﴿ ّ‬ ‫ٍ‬ ‫خلواْ ﴾‬ ‫َِإذا َ َ ْ‬
‫فحينئذ الفصل من‬ ‫ٍ‬ ‫ً‬
‫مطلقا ‪،‬‬ ‫مطلقا ؟‬‫ً‬ ‫بھم ﴾ متى ؟ إذا خلوا أو‬ ‫ُ َ ْ َ ْ ِ ُ‬
‫يستھزئ ِ ِ ْ‬ ‫يقول ھذا القول ‪ ،‬له مفھوم أو ال ؟ له مفھوم ‪ّ ﴿ ،‬‬
‫بھم ﴾ ‪.‬‬ ‫يستھزئ ِ ِ ْ‬ ‫ُ َ ْ َ ْ ِ ُ‬ ‫جھتين ‪ :‬فصل قوله تعالى ‪ّ ﴿ :‬‬
‫ھذا من جھتين ‪:‬‬
‫بھم ﴾ وھذا واضح ‪.‬‬ ‫يستھزئ ِ ِ ْ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫معكْم ﴾ ھو قائل ‪ُ ِ ْ ْ َ ُ  ﴿ :‬‬ ‫ُ‬ ‫أوالً ‪ :‬ألن ال يتوھم أن القائل ﴿ ِإنا َ َ‬
‫َّ‬
‫بھم ﴾ لو عُطف‬ ‫ُ َ ْ َ ْ ِ ُ‬
‫يستھزئ ِ ِ ْ‬ ‫قالوا ﴾ ًإذا المقول مقيد بالخلوة ﴿ ّ‬ ‫شياطينھم َ ُ ْ‬‫خلوا َِإلى َ َ ِ ِ ِ ْ‬ ‫وإذا َ َ ْ ْ‬ ‫فصل عن أول اآلية ﴿ َ ِ َ‬ ‫الثاني ‪َ ِ ُ :‬‬
‫أيضا ‪ ،‬فا يستھزئ بھم إذا خلوا وإذا لم يخلوا ال يستھزئ بھم ‪ ،‬ففصل إلفادة العموم فا يستھزئ‬ ‫ً‬ ‫مقيد للظرف‬ ‫لتوھم أنه ٌ‬
‫مطلقا خلوا أم ال ‪ .‬انظروا إلى البالغة كيف يا إخوان !‬ ‫ً‬ ‫بھم‬
‫بھم‬
‫ھزئ ِ ِ ْ‬
‫يست ْ ِ ُ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫حكم لم يقصد إعطاؤه للثانية تعين الفصل كما ذكرناه أوال ‪ ،‬لم يتعطف ﴿  ُ َ ْ َ‬ ‫ٌ‬ ‫عرفتم ھذه ؟ إذا إن كان لألولى‬ ‫ً‬
‫شياطينھم ﴾ فإن استھزاء ‬ ‫خلوا ِإلى َ َ ِ ِ ِ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫قالوا ﴾ لئال يشاركه في االختصاص بالظرف المتقدم وھو قوله ﴿ ِإذا َ ْ ْ‬ ‫﴾ بھم على ﴿ َ ُ ْ‬
‫قالوا ﴾ ألن متعلق‬ ‫فمطلقا ‪ ،‬وإنما قال ھنا على ‪ْ ُ َ ﴿ :‬‬ ‫ً‬ ‫متصل ال ينقطع بكل حال ‪ ،‬خلوا إلى شياطينھم أم لم يخلوا إليھم‬ ‫ٌ‬ ‫تعالى بھم‬
‫ُ‬
‫فحينئذ فصل لئال يتوھم بكونه مقول القول وفصل لئال يتوھم ألن االستھزاء استھزاء‬ ‫ُ‬ ‫ٍ‬ ‫قالوا ﴾ إذا خلوا قالوا ‪،‬‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫الظرف ھو ﴿‬
‫ُطف عليه ُ ِ َ‬
‫لفھم ماذا ؟‬ ‫مقيدا بالخلوة ‪ ،‬فلو ع ِ َ‬ ‫الرب جل وعال وھو صفة تليق به ليس ً‬ ‫ٌ‬
‫مثال لماذا ؟ للفصل ‪.‬‬ ‫ٌ‬ ‫تقييده بالخلوة ‪ .‬ھذا‬
‫وإن ْ ُ َّ َ‬ ‫األبرار َ ِ‬ ‫َ‬
‫إن ْ ْ َ َ‬ ‫األبرار َ ِ‬
‫الفجار‬ ‫نعيم ﴾ ] االنفطار ‪ . [13‬مع ما بعدھا وھو قوله ‪َّ ِ َ ﴿ :‬‬ ‫لفي َ ِ ٍ‬ ‫نعيم ( يعني وقوله ﴿ ِ َّ‬ ‫لفي َ ِ ِ‬ ‫وإن ْ َ َ‬ ‫) ِ َّ‬
‫اتحادا في‬‫ً‬ ‫جحيم ﴾ ] االنفطار ‪ [14 :‬ھنا عطفت الجملة ھذه على الجملة السابقة ‪ ،‬علة الوصل ھنا أن بين الجملتين‬ ‫لفي َ ِ ٍ‬ ‫َِ‬
‫المعنى ما ھو المعنى ؟‬
‫ٍ‬
‫فحينئذ يُجعل‬ ‫شبه التضاد ‪ ،‬ألن الشيء يُحمل على نظيره وكذلك يُحمل على نقيضه ‪ ،‬ويحمل على مضاده من المعاني ‪،‬‬
‫فحينئذ ھنا حصل ماذا ؟ حصل تشابه وھو بين‬ ‫ٍ‬ ‫اتحاد المعنى إما بحمل النظير على النظير أو بحمل النقيض على النقيض ‪،‬‬
‫نعيم ﴾ نعيم نكرة في سياق االمتنان فيعم ‪ ،‬فاألبرار ھذا عام‬ ‫لفي َ ِ ٍ‬ ‫نعيم ﴾ ابن القيم يقول ‪ِ َ ﴿ :‬‬ ‫لفي َ ِ ٍ‬ ‫إن ْ َ ْ َ َ‬
‫األبرار َ ِ‬ ‫كون الجنة النعيم ﴿ ِ َّ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫نعيم ﴾ أين النعيم في اآلخرة أم في الدنيا واآلخرة ؟ في الدنيا واآلخرة ما‬ ‫لفي ِ ٍ‬ ‫األبرار ِ‬
‫إن ْ َ َ‬ ‫يشمل النعيم في الدنيا وفي اآلخرة ﴿ ِ َّ‬
‫﴿‬ ‫وجه االستدالل نقول ‪ :‬نعيم ھذا نكرة في سياق االمتنان فيعم ‪ ،‬يعم ماذا ؟ يعم مطلق النعيم كل نعيم في الدنيا واآلخرة ‪.‬‬
‫جحيم ﴾ ] االنفطار ‪ [14 :‬ھذا يحمل بحمل النقيض على نقيضه ‪ً .‬إذا علة الوصل ھنا لما بينھما من شبه‬ ‫لفي َ ِ ٍ‬ ‫وإن ْ ُ َّ َ‬
‫الفجار َ ِ‬ ‫َ ِ َّ‬
‫جحيم ﴾ ‪ .‬وعلة الوصل كما‬ ‫لفي َ ِ ٍ‬ ‫وإن ْ ُ َّ َ‬
‫الفجار َ ِ‬ ‫نعيم ( مع ما بعدھا وھو قوله ‪َّ ِ َ ﴿ :‬‬ ‫لفي َ ِ ِ‬ ‫األبرار َ ِ‬
‫وإن ْ َ َ‬ ‫التضاد المقتضي للوصل ) ِ َّ‬
‫وإنشاء ألنھما خبريتان لفظا ومعنى ‪ ،‬وعند البيانين أن الجملة‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫اتحادا في المعنى وھو شبه التضاد ً‬
‫خبرا‬ ‫ً‬ ‫قيل أن بين الجملتين‬
‫خبرا من جھة اللفظ وفي المعنى ‪ ،‬إذا اختلفا ففيه خالف ال تعطف الجملة‬ ‫ً‬ ‫يُشترط فيھا أن تكون ماذا ؟ متحدتين في كونھا‬
‫فحينئذ فيه خالف ھل يعطف الجملة اإلنشائية على‬ ‫ٍ‬ ‫خبرا لفظا ومعنى ‪ ،‬وإذا اختلفتا‬ ‫ً‬ ‫على الجملة إال إذ اتحدت معھا في كونھا ً‬
‫الجملة الخبرية والعكس ؟‬
‫ھذا محل خالف ‪.‬‬
‫جحيم ( ھذا بيان‬ ‫والفجار في َ ِ ْ ِ‬
‫َّ َ‬ ‫ُ‬ ‫الوصل ( يعني ما ذكر مثال وھو جزئي يذكر إليضاح القاعدة في الوصل )‬ ‫مثال ) في َ ْ ِ‬
‫للمعطوف من باب التسليم ‪.‬‬
‫والوصل ُ ( مقامھا يطلبان أو يبحثان من علم وفن المعاني ‪.‬‬ ‫الفصل ُ َ ْ‬ ‫ًإذا ) َ ْ‬
‫نقف على ھذا ‪.‬‬
‫وصل وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ‪.‬‬ ‫َّ‬

‫‪221‬‬
‫الشريط الخامس عشر‬
‫الرحيم‬
‫الرحمن الرحيم‬
‫ الرحمن‬
‫بسم ‬
‫بسم‬

‫ٍ‬
‫محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ‪.‬‬ ‫الحمد رب العالمين ‪ ،‬والصالة والسالم على نبينا‬
‫أما بعد ‪ :‬قال المصنف رحمه  تعالى ‪ ) :‬النوع الثالث والرابع والخامس ( يعني ‪ :‬من العقد السادس ما يرجع إلى‬
‫ً‬
‫مفردا ‪،‬‬ ‫ً‬
‫مركبا وقد يكون‬ ‫المعاني المتعلقة باأللفاظ ‪ .‬ذكرنا أنه جعل ھذا العقد لالرتباط بين المعنى واللفظ ‪ ،‬والمعنى قد يكون‬
‫ً‬
‫مركبا ‪ ،‬كذلك سيأتي اإلطناب واإليجاز‬ ‫ً‬
‫مفردا وقد يكون‬ ‫لذلك الفصل والوصل ھذا في المركبات ‪ ،‬والمعنى قد يكون‬
‫والمساواة التي تتعلق باأللفاظ والمعاني من حيث الترتيب ‪.‬‬

‫‪222‬‬
‫والمساواةُ‬
‫ُ‬ ‫واإلطناب‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫اإليجاز‬ ‫النوع الثالث والرابع والخامس ‪:‬‬
‫ھذه ثالثة أنواع من أنواع علوم البالغة ‪ ،‬قال في )) اإلتقان (( ‪ :‬اعلم أنھما من أعظم أنواع البالغة ‪ .‬اعلم أنھما أم أنھا ؟‬
‫أنھما ‪ ،‬وھي كم ؟‬
‫اإلطناب واإليجاز والمساواة ‪ .‬ھو في )) اإلتقان (( لم يعنون للمساواة أسقط المساواة لمثل ھذا ‪ ،‬ولذلك قال ‪ :‬اعلم أنھما ‪-‬‬
‫يعني ‪ :‬اإليجاز واإلطناب ‪ - .‬من أعظم أنواع البالغة حتى نقل صاحب )) سر الفصاحة (( عن بعضھم أنه قال ‪ :‬البالغة‬
‫ھي اإليجاز واإلطناب ‪ .‬كما قيل ‪ :‬البالغة ھي الفصل والوصل ‪ .‬كذلك قيل ‪ :‬اإليجاز واإلطناب ‪ .‬قال الزمخشري ‪ :‬كما أنه‬
‫يجب على البليغ في مظان اإلجمال أن يُجْ ِمل ويوجز ‪ ،‬فكذلك الواجب عليه في موارد التفصيل أن يفصل ويشبع ‪ .‬لكل مقام‬
‫فصل ‪ً .‬إذا ال يُذم التفصيل‬ ‫حديث ‪ ،‬لكل مقام مقال ‪ ،‬فإذا كان المقام يقتضي اإليجاز أنجز وإذا كان المقام يقتضي التفصيل َ َّ‬
‫محمودا ‪ ،‬ومتى ما كان اإلطناب في مقامه‬ ‫ً‬ ‫ٍ‬
‫حينئذ صار‬ ‫مطلقا ‪ ،‬بل متى ما كان التفصيل في مقامه‬ ‫ً‬ ‫مطلقا وال يذم اإليجاز‬ ‫ً‬
‫محمودا ‪ ،‬وھذا ما يسمى بموافقة أو مقتضى الحال عند البيانيين ‪.‬‬ ‫ً‬ ‫صار‬
‫واختلف ھل بين اإليجاز واإلطناب واسطة وھي المساواة أو ال ؟ ھل بين اإليجاز ‪ ،‬عندنا إيجاز وإطناب ‪ ،‬والمساواة ھذه‬ ‫ُ‬
‫مختلف فيھا ھل ھي واسطة بين اإليجاز واإلطناب أم أنھا داخلة في اإليجاز فيه خالف ‪ ،‬الجمھور على أنھا واسطة بين‬
‫اإليجاز واإلطناب ولذلك يذكرونھا بكثرة في كتب البيان ‪ ،‬واختلف ھل بين اإليجاز واإلطناب واسطة وھي المساواة أو ال ؟‬
‫فالسكاكي وجماعة على إثبات الواسطة ‪ ،‬يعني وھي المساواة لكنھم جعلوا المساواة غير محمودة وال مذمومة ‪ ،‬وعليه ھل‬
‫توجد مساواة في القرآن ؟‬
‫حينئذ لم تكن من مقتضيات البالغة ولم‬ ‫ٍ‬ ‫ال ‪ ،‬ال توجد في القرآن ‪ ،‬ألنھا ليست محمودة وال مذمومة ‪ ،‬وإذا لم تكن محمودة‬
‫نوعا من أنواع البالغة ‪ ،‬ولذلك أسقطھا السيوطي رحمه  لم يعدھا في )) اإلتقان (( بل قال ‪ :‬اإليجاز واإلطناب ‪.‬‬ ‫تكن ً‬
‫وأسقط المساواة ‪.‬‬
‫وقيل ‪ :‬المساواة داخلة في قسم اإليجاز وعليه ابن األثير وجماعة لكن المشھور ماذا ؟ المشھور أن المساواة واسطة بين‬
‫اإليجاز واإلطناب ‪.‬‬
‫إيجازا مصدر أفعل من باب اإلفعال يعني ‪ :‬من الثالثي الذي زيد عليه حرف واحد ‪.‬‬ ‫ُوجز ِ َ ً‬ ‫جز ي ِ ُ‬ ‫َ‬
‫اإليجاز ھذا مصدر ‪ْ ،‬أو َ ُ‬
‫ُوجز ِ َ ً‬
‫إيجازا ‪.‬‬ ‫جز ي ِ ُ‬ ‫َ‬
‫إكراما ْأو َ ُ‬ ‫ُكرم ِ ْ َ ً‬ ‫وھو باب أفعل ‪َ َ ْ َ ،‬‬
‫أكرم ي ْ ِ ُ‬
‫وجزت الكالم أي ‪ :‬قصرته ‪ .‬أوجزت الكالم ‪ْ ،‬الكالم ھذا مفعول به‬ ‫ُ‬ ‫اإليجاز في اللغة ‪ :‬التقصير ‪ .‬ضده التطويل يقال ‪ :‬أ‬
‫أوجزت فعل وفاعل والكالم ھذا مفعول به ًإذا ماذا ؟‬ ‫ُ‬
‫ً‬
‫متعدديا ‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫فحينئذ يُستعمل أوجز‬ ‫قصرْ ُت ُه ‪ .‬وأوجز الكالم أي َقص َُر ‪.‬‬ ‫متعديا ‪ ،‬يقال ‪ :‬أوجزت الكالم ‪ .‬أي َ َّ‬ ‫ً‬ ‫متعدي ‪ ،‬صار‬
‫َ ٌ‬
‫موجز ‪ .‬بالفتح‬ ‫ً‬
‫والزما ‪ ،‬يقال ‪ :‬كالم‬ ‫ًّ‬
‫متعديا‬ ‫الكالم ھذا قاصر الزم يعني ‪ ،‬فورد‬ ‫ُ‬ ‫جز‬ ‫َ‬
‫الكالم ھذا متعددي ْأو َ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫أوجزت‬ ‫ولكن‬
‫موجز بكسر‬‫ِ‬ ‫ُوجز بفتح الجيم وكالم‬ ‫جز الالزم ‪ ،‬كالم ٌم َ‬ ‫َ‬
‫ُوجز بالكسر كسر الجيم من ْأو َ َ‬ ‫وكالم م ِ ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫جز المتعدي ‪،‬‬ ‫َ‬
‫موجز من ْأو َ َ‬ ‫َ‬
‫جز ماذا ؟ الالزم ‪.‬‬ ‫َ‬
‫جز المتعدي والثاني من ْأو َ َ‬ ‫َ‬
‫الجيم ‪ ،‬األول من ْأو َ َ‬
‫اإليجاز واالختصار بمعنى واحد ‪ ،‬ھذا مما يؤخذ من اإليضاح وصرح به الطيبي أن اإليجاز واالختصار بمعنى واحد ‪،‬‬
‫وقيل ‪ :‬االختصار يكون بحذف بعض الجمل ‪ .‬لكنه ذكر السيوطي عن بھاء الدين السبكي أنه ليس بشيء ‪ ،‬بل الصواب أن‬
‫اإليجاز واالختصار بمعنى واحد ‪.‬‬
‫واإلطناب ھذا معناه في اللغة ‪ ،‬وسيأتي في االصطالح ‪.‬‬
‫إكراما ‪ ،‬واإلطناب المبالغة من أطنب‬ ‫ُكرم ِ ْ َ ً‬ ‫اإلفعال ‪َ َ ْ َ ،‬‬
‫أكرم ي ْ ِ ُ‬ ‫إطنابا ‪ً ،‬إذا كان أول من باب ِ ْ َ‬ ‫ُطنبُ ِ ْ َ ً‬ ‫أطنب ي ْ ِ‬‫واإلطناب إطناب َ ْ َ َ‬
‫في الكالم أي ‪ :‬بلغ فيه ‪ .‬من أطنب أفعل في الكالم أي ‪ :‬بالغ فيه ‪ .‬وقيل ‪ :‬اإلطناب بمعنى اإلسھاب يقال ‪ :‬أطنب بالكالم‬
‫وأسھب بالكالم ‪ .‬قيل ‪ :‬إنھما بمعنى واحد ‪ .‬اإلطناب واإلسھاب ‪ ،‬والحق أنه أخص منه يعني اإلسھاب أعم لماذا ؟‬
‫أما اإلطناب فھو تطويل لكنه بفائدة‬ ‫مطلقا ‪ ،‬اإلسھاب التطويل أفاد أم ال ‪ ،‬بفائدة أم ال ‪ّ ،‬‬ ‫ً‬ ‫ألن اإلسھاب التطويل لفائدة أو ال‬
‫ً‬
‫فأيھما أعم أيھا أخص ؟ اإلسھاب أعم ألنه تطويل مطلقا سواء كان بفائدة أو ال ‪ ،‬ھذا اإلسھاب ‪.‬‬
‫وأما اإلطناب فھو مختص بالتطويل بفائدة ‪ ،‬والمساواة ھذه واضحة من التساوي يعني ‪ :‬تساوي اللفظ مع المعنى ‪ .‬ھذا ما‬
‫يتعلق من جھة اللفظ والمعاني اللغوية ‪.‬‬
‫أما حدودھا وتعريفھا فقد اختلف فيه وأكثر البيانيين والبحث للبيانيين ] ما عليه صاحب )) التلخيص (( وھو القزويني‬
‫حيث قال [ ‪ -‬ألنه ال يمكن أن يأتي ھنا بتعريف يشمل الجنس والرسم وإنما المراد أنه يكشف لك حقيقة اإليجاز واإلطناب‬
‫والمساواة ألن المعبر لو أردناه بالجملة ھذا المعبر حتى يكون كالمه مقبوالً إما أن يكون لفظه ومعناه متساويين ‪ ،‬وإما أن‬
‫يكون المعنى أقل ‪ ،‬أو اللفظ أقل ‪ ،‬إما أن يكون المعنى أقل من اللفظ أو يكون المعنى أكثر ‪ -‬وليس اللفظ ‪ -‬أن يكون المعنى‬

‫‪223‬‬
‫واحد فھو ‪ :‬المساواة ‪ .‬إن كان اللفظ قليل والمعنى‬ ‫ٍ‬ ‫أكثر من اللفظ ‪ً .‬إذا العبرة ھنا بماذا ؟ بالمعنى إن كان اللفظ والمعنى بقدر‬
‫كثير فھو ‪ :‬اإليجاز ‪ .‬وإن كان اللفظ كثير والمعنى أقل فھو ‪ :‬اإلطناب ‪ .‬ھذا تلخيصه ‪.‬‬
‫ٍ‬
‫واف‬ ‫مساو له أو ناقص عنه‬ ‫ٍ‬ ‫قال القزويني في )) التلخيص (( ‪ :‬إن المقبول من طرق التعبير عن المراد تأدية أصله بلفظ‬
‫واف ‪ .‬يعني ‪ :‬أدى بالغرض الذي سيق اللفظ من أجله ‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫‪ .‬ھذا احتراز من ماذا ؟ ناقص عنه وفيه خلل ‪ ،‬ھنا قال ‪ :‬ناقص عنه‬
‫يؤد المعنى الذي سيق اللفظ من أجله صار فيه خلل ‪.‬‬ ‫فإذا كان لم ِ‬
‫زائد عليه لفائدة ‪ ،‬فإن لم يكن لفائدة فھو الحشو والتطويل ‪ ،‬أو‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫واف ‪ ،‬أو‬ ‫ناقص عنه‬ ‫ٍ‬ ‫مساو له أو‬
‫ٍ‬ ‫ًإذا تأدية أصله بلفظ‬
‫بعض اإلسھاب الذي ذكرناه ‪.‬‬
‫مساو له يعني للمعنى إذا ساوى اللفظ المعنى قلنا ‪ :‬ھذه مساواة ‪ .‬لكن السيوطي أسقطھا‬ ‫ٍ‬ ‫األول المساواة ‪ :‬أن يكون بلفظ‬
‫من الترجمة لماذا ؟‬
‫خصوصا في القرآن ‪ .‬ألنه َيصْ عُب أن يقال اللفظ والمعنى بمساواة واحدة‬ ‫ً‬ ‫قال في )) اإلتقان (( ‪ :‬المساواة ال تكاد توجد‬
‫جدا ‪ ،‬وحتى في القرآن ‪ ،‬ولذلك ما من مثال يورد للمساواة إال وُ جِّ َه إليه نقد وتعقب قائله ‪ ،‬ولذلك‬ ‫ھذا حكم عليه صعب ً‬
‫ً‬
‫وخصوصا في القرآن ‪.‬‬ ‫أسقطه السيوطي في )) اإلتقان (( وعنون لإليجاز واإلطناب وقال ‪ :‬المساواة ال يكاد أن توجد‬
‫فاألول ‪ :‬المساواة ‪.‬‬
‫والثاني ‪ :‬اإليجاز ‪.‬‬
‫والثالث ‪ :‬اإلطناب ‪.‬‬
‫ولفائدة التطويل والحشو ‪ .‬ھذا على مذھب السكاكي والقزويني تبعه ألن لخص المفتاح ‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫واف ‪ .‬اإلخالل ‪،‬‬‫ٍ‬ ‫فخرج بقوله ‪:‬‬
‫حينئذ المساواة في‬‫ٍ‬ ‫وذھب ابن األثير إلى أن اإليجاز التعبير عن المراد بلفظ غير زائد عنه واإلطناب بلفظ زائد عنه ‪ .‬فتدخل‬
‫اإليجاز ال في اإلطناب ‪ .‬وتنتفي الواسطة ‪ .‬فعلى مذھب ابن األثير ال واسطة بين اإليجاز واإلطناب ‪ ،‬وعلى طريقة‬
‫السيوطي أثبتھا ولكن مثالھا عزيز ‪ ،‬وھذا كاإلجماع يعني ‪ :‬ال بأس أن يُذكر الشيء من حيث العقل ألنه يمكن أن يكون اللفظ‬
‫مساو لمعناه‬
‫ٍ‬ ‫جدَ لفظ‬
‫مساويا له أو أكثر أو أقل ‪ ،‬لكن ھل وُ ِ‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫مطابقا للمعنى‬ ‫لو نظرنا من جھة العقل األصل فيه أن اللفظ يكون‬
‫جدَ‬ ‫ً‬
‫أصال ثم إن وُ ِ‬ ‫ْ‬
‫مطلقا ال يزيد اللفظ عن المعنى وال المعنى على اللفظ ‪ ،‬ھنا يحتاج إلى مثال والمثال عزيز ‪ .‬في َ ُ‬
‫ُثبت الشيء‬ ‫ً‬
‫له مثال ألنه قد يوجد في بليغ يأتي فيما بعد فيأتي بمثال كما يقال في اإلجماع أھل اإلجماع يقولون ‪ :‬لو حصل اإلجماع في‬
‫ھذا الزمان حجة ‪ .‬لكن كيف يحصل اإلجماع ؟ ! عزيز صعب ال يمكن فعدم إمكانه ال يلزم منه نفي حجية اإلجماع ‪ ،‬بل ھو‬
‫باق في كل عصر ‪ ،‬والذي ينضبط ھو إجماع الصحابة رضي  تعالى عنھم وبعضھم يقيده بأنه قبل الفتنة ‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫اإليجاز واإلطناب والمساواة ‪ .‬اإليجاز عندھم نوعان قسمان ‪:‬‬
‫إيجاز قصر ‪.‬‬
‫وإيجاز حذف ‪.‬‬
‫إيجاز قصر ‪ :‬ھو تقليل اللفظ وتكثير المعنى بال حذف تقليل ماذا ؟ اللفظ الحروف والكلمات قليلة والمعنى كثير لكن بال‬
‫القرية ﴾ ] يوسف ‪ [82 :‬حصل تقليل للفظ‬ ‫حذف ‪ ،‬فإن كان بحذف فھو إيجاز الحذف ] نعم أحسنت [ إيجاز الحذف ﴿ َ ْ َ ِ‬
‫واسأل ْ َ ْ َ َ‬
‫بحذف حذف المضاف إليه ‪ ،‬فإن لم يكن بحذف فھو إيجاز الحذف )‪. (8‬‬ ‫ٍ‬ ‫مع زيادة المعنى إيجاز لكنه بماذا ؟‬
‫ًإذا اإليجاز قسمان ‪ :‬إيجاز قصر ‪ .‬وھو تقليل اللفظ وتكثير المعنى بال حذف ‪.‬‬
‫القرية ﴾ ‪ .‬أي ‪ :‬اسأل أھلھا ‪ .‬واإلطناب ھو المساواة ‪.‬‬ ‫إيجاز حذف ھذا نحو ‪ِ َ ْ َ ﴿ :‬‬
‫واسأل ْ َ ْ َ َ‬
‫قال رحمه  ‪:‬‬

‫تخفى ُ ُ‬
‫المثلْ‬ ‫اإليجاز وال َ ْ َ‬
‫َ ِ‬ ‫ِمثال ُ‬ ‫ُقل ْ‬ ‫ِ َ ِ‬
‫القصاص‬ ‫في‬ ‫الحياةُ‬
‫ََ‬ ‫َ َُُ‬
‫ولكم‬
‫)‬ ‫)‬
‫أجر‬ ‫َ‬
‫إكمال َھذي ْ ُ‬ ‫ْ‬
‫في ِ َ ِ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ولك‬ ‫ْ‬
‫المكر ﴾‬
‫َ ُ‬ ‫ْ‬ ‫يحيق‬ ‫َ‬
‫بقي كـ ﴿ ال َ ِ ُ‬ ‫لما َ ِ‬‫َِ‬
‫)‬ ‫)‬
‫باب‬ ‫لھا َلدى َ َ ِ ْ‬
‫المعاني َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫وھي َ‬‫َ‬ ‫ْ‬
‫ِ َ ُ‬
‫اإلطناب‬ ‫لك ﴾‬‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ألم أقل‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫نحو ﴿‬‫َ ْ ُ‬
‫)‬ ‫)‬

‫)‪ (8‬ﺇﳚﺎﺯ ﺍﻟﻘﺼﺮ ‪.‬‬


‫‪224‬‬
‫باب ( يعني ‪ :‬أحالتھا إلى تفاصيل ھذا الباب إلى فن البالغة وخاصة باب أو فن المعاني ‪ ،‬ألنھا‬ ‫لھا ََلدى َ َ ِ ْ‬
‫المعاني َ ُ‬ ‫وھي َ َ‬
‫َ‬ ‫)‬
‫تذكر ھناك بتوسع ولھا أقسام اإلطناب متى يكون واإليجاز ‪ ..‬إلى آخره ‪ ،‬إيجاز الحذف ھذا والقصر له أقسام متعددة ذكر‬
‫السيوطي بعضھا في )) اإلتقان (( ومفصلة في شروحات التلخيص و )) عقود الجمان (( ‪.‬‬
‫الح َياةُ ( ھنا ذكر المثال فقط لم يعرف اإليجاز وال اإلطناب وال المساواة وإنما ذكر أمثلة لماذا ؟‬ ‫ولكم َ‬ ‫) َ َُُ‬
‫كثيرا ‪ ..‬ما عرف فإنما أتى بأمثلة فقط ‪ ..‬تعريف يشير إلى التعاريف كما ذكرناه في المشترك ) ُ ْ ٌ‬
‫قرء‬ ‫ً‬ ‫لإلحالة ‪ ،‬ھذا نذكره‬
‫جرى ( ھذا أراد بالمثال اإلشارة إلى حقيقة المشترك ‪ ،‬وھنا أراد باألمثلة اإلشارة إلى حقيقة ماذا ؟‬ ‫َْ َ‬
‫والمولى َ َ‬ ‫وويل ٌ ِ ُّ‬
‫ند‬ ‫َ َ ْ‬
‫لما قلنا ‪ :‬ابن مالك يقول رحمه  ‪:‬‬ ‫َ‬
‫اإليجاز أتى بمثال له وكذلك اإلطناب والمساواة وھذا كثير َّ‬
‫ُمب َْتدَ أ ُ َزي ُْد َ َ ِ ٌ‬
‫وعاذر َ َ‬
‫خبرْ‬
‫أتى بمثال واألصل قال ‪ :‬االبتداء ‪ .‬عنون باالبتداء ثم قال ‪:‬‬

‫من اعْ َ َتذرْ‬ ‫ِإنْ ُ ْ َ‬


‫قلت َزي ٌْد َ ِ ٌ‬
‫عاذر َ ِ‬ ‫ُمب َْتدَ أ ُ َزي ُْد َ َ ِ ٌ‬
‫وعاذر َ َ‬
‫خبرْ‬
‫)‬ ‫)‬

‫ُسمى عندھم بالرسم ‪ ،‬المثال يصلح أن‬ ‫الحد أو الرسم ‪ ،‬وھذا ي َ َّ‬ ‫ّ‬ ‫الحد أو تقريب‬‫ّ‬ ‫ھذا المراد به أنه أتى بمثال لك أن تأخذ منه‬
‫بحد ألن المعرف ثالثة أقسام ‪ :‬حد ‪ ،‬ورسم ‪ ،‬ولفظي ‪ .‬من الرسم ذكر مثال أو‬ ‫معرفا يعرف بمثال ‪ ،‬وھو ليس ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫تعريفا‬ ‫يكون‬
‫عرف ھنا الكلمة وإنما ذكر أقسامھا ‪ ،‬وتقول ‪ :‬ھذا‬ ‫التفصيل ‪ ،‬ولذلك بعضھم يقول ‪ :‬الكلمة إما اسم وإما فعل وإما حرف ‪ .‬ما َ َّ َ‬
‫ً‬
‫تعريف ‪ .‬تعريف بالتقسيم الكلمة كما عرف سيبويه يذكر عنه في الكتاب قال ‪ :‬االسم كزيد مثال والفعل كقام ‪ .‬ذكر مثال ولم‬
‫الحد أولى وال شك في ھذا ألن المثال لو‬ ‫ذك ُر ْ َ ِّ‬‫يعرفه لماذا ؟ ألنه أراد لك أو أراد منك أن تقيس على نفس ھذا المثال ‪ ،‬لكن ُ ْ‬
‫قيل للمبتدئ ‪ :‬االسم كزيد ‪ .‬يقول لك ‪ :‬االسم كقام ‪ .‬ھو مُبتدئ ‪ ،‬صحيح ألنه قام وزيد ثالثة أحرف ‪ ،‬فالمبتدئ ما يصلح له‬
‫مثل ھذا وإنما ال بد أن يقال ‪ :‬االسم ما دل على مسمى ‪ ...‬إلى آخره ‪.‬‬
‫الحياةُ ( ھذا إشارة إلى ماذا ؟ ذكرنا أنه اقتباس وفصلناه‬ ‫القصاص ( يعني ‪ :‬في آية القصاص ‪ُ ُ َ َ ) .‬‬
‫ولكم َ َ‬ ‫الحياةُ في ِ َ ِ‬ ‫ولكم َ َ‬ ‫) َ َُُ‬
‫للفرقان ( قلنا ھناك ‪ :‬االقتباس ال يُشترط فيه أن يأتي بنسخ النص كما ھو بل يأتي ببعض‬ ‫المنزل ُ ُ ِ‬ ‫تبارك ُ ْ ِ‬‫في أول النظم ) َ َ َ‬
‫القصاص ( يعني ‪ :‬في آية القصاص قوله تعالى ‪ْ ُ َ َ ﴿ :‬‬
‫ولكم ِفي‬ ‫الحياةُ في ِ َ ِ‬ ‫التغير لكن ال يقول ‪ :‬قال  ‪ .‬وإنما كاإلشارة ) َ َ ُ ُ‬
‫ولكم َ َ‬
‫جدا ‪،‬‬ ‫األلباب ﴾ ] البقرة ‪ . [179 :‬ھذه اآلية مثلوا لھا باإليجاز لماذا ؟ ألن اللفظ قليل والمعنى كثير ً‬ ‫أولي َ ْ َ ِ‬ ‫حياة ٌ َياْ ُ ِ ْ‬ ‫ِْ َ ِ‬
‫القصاص َ َ‬
‫حياةٌ ﴾ قال ‪ :‬فإن‬ ‫ولكم ِفي ْ ِ َ ِ‬
‫القصاص َ َ‬ ‫واللفظ قليل ‪ .‬ذكر السيوطي معنى ھذا النص القرآني قال ‪ :‬فإن معناه كثير ‪ .‬يعني ‪ْ ُ َ َ ﴿ :‬‬
‫معناه كثير ‪ .‬ولفظه يسير لماذا ؟‬
‫حينئذ نقول ‪ :‬ھذا بلغ الغاية في اإليجاز ‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫ألنه قائم مقام جمل ‪ ،‬فإذا أقيمت الجملة الواحدة مُقام جمل‬
‫َ‬
‫قتل‬ ‫َ‬
‫حياة ﴾ قال ‪ :‬ألنه قائم مقام قولنا ‪ :‬إذا علم اإلنسان أنه إذا َ‬ ‫ٌ‬ ‫ولكم ِفي ْ ِ َ ِ‬
‫القصاص َ َ‬ ‫ما ھو معناه لو لم نأت بھذا التعبير ؟ ﴿ َ َ ُ ْ‬
‫مانعا له‬‫قويا ً‬ ‫داعيا ًّ‬
‫ً‬ ‫تص منه ‪ .‬إذا علم اإلنسان أنه إذا قتل غيره يعني يقتص منه كان ذلك االقتصاص يعني منه كان ذلك‬ ‫ي ُْق َ ُّ‬
‫حياة لھم ‪ .‬الكالم كله ھذا‬ ‫ً‬ ‫من القتل فارتفع بالقتل الذي ھو قصاص كثير من قتل الناس بعضھم لبعض فكان ارتفاع القتل‬
‫حياة ﴾ المشھور عند‬ ‫ٌ‬ ‫ولكم ِفي ْ ِ َ ِ‬
‫القصاص َ َ‬ ‫حياةٌ ﴾ ًإذا المعنى كثير ألن فيه ردع للقاتل ﴿ َ َ ُ ْ‬ ‫ولكم ِفي ْ ِ َ ِ‬
‫القصاص َ َ‬ ‫﴿ َ َُْ‬ ‫مأخوذ من‬
‫العرب فيما سبق قبل نزول القرآن في ھذا المعنى القتل أنفى للقتل ‪ ،‬نفس المعنى لكن اآلية أبلغ وبعضھم جعل المقارنة بين‬
‫اآلية والمثل المشھور ھذا القتل أنفى للقتل ‪ .‬والسيوطي ذكر مفاضلة بين اآلية والمثل من عشرين وجه في )) اإلتقان (( ‪.‬‬
‫وبعضھم أنكر أن يُجعل مقارنة أو مفاضلة بين النص القرآني وبين المثل لكن المراد أن إعجاز اآلية أن إعجاز اآلية باعتبار‬
‫المثل المشھور يتضمن كيت وكيت وليس المراد أنه مقارنة لفظ بلفظ ‪ ،‬ال ‪ ،‬المراد أن مدلول ھذه اآلية أعظم وأجل من‬
‫حينئذ ال مانع أن يُجعل مقارنة من جھة الداللة ‪ .‬القتل أنفى للقتل ‪ ،‬ما الذي زاد قوله‬ ‫ٍ‬ ‫مدلول ھذا المثل المشھور عند العرب ‪،‬‬
‫حياةٌ ﴾ ‪ .‬على قولھم ‪ :‬القتل أنفى للقتل ؟‬ ‫القصاص َ َ‬ ‫ولكم ِفي ْ ِ َ ِ‬ ‫تعالى ‪ْ ُ َ َ ﴿ :‬‬
‫حياةٌ ﴾ ھذا أقل من القتل أنفى للقتل ألن فيه‬ ‫القصاص َ َ‬ ‫ولكم ِفي ْ ِ َ ِ‬ ‫قال السيوطي رحمه  ‪ :‬فزاد عليه بقلة حروفه ﴿ َ َ ُ ْ‬
‫محذوفا ‪ ،‬والنص على المطلوب القتل ھذا أعم من القصاص أليس كذلك ؟‬ ‫ً‬
‫حينئذ صار ماذا ؟ نص على المطلوب ولذلك إذا قيل ‪ :‬أيھما أنص على المطلوب ؟ نقول ‪ :‬قوله‬ ‫ٍ‬ ‫والمطلوب القصاص‬
‫حياة ﴾ ‪ .‬أما القتل أنفى للقتل ھذا عام ‪.‬‬ ‫ٌ‬ ‫القصاص َ َ‬ ‫ولكم ِفي ْ ِ َ ِ‬ ‫تعالى ‪ْ ُ َ َ ﴿ :‬‬

‫‪225‬‬
‫حياةٌ ﴾ التنوين قد يأتي للتعظيم وتكلم النحاة عن فوائد التنوين ومنھا‬ ‫القصاص َ َ‬ ‫ولكم ِفي ْ ِ َ ِ‬ ‫وما يفيده تنكير حياة من التعظيم ﴿ َ َ ُ ْ‬
‫حياةٌ ﴾ ھذا مطرد بخالف القتل‬ ‫القصاص َ َ‬ ‫ولكم ِفي ْ ِ َ ِ‬ ‫‪ :‬التعظيم ‪ .‬لمنعه عما كانوا عليه من قتل جماعة بواحدة واطراده مطرد ﴿ َ َ ُ ْ‬
‫أنفى للقتل قد ال يطرد ‪.‬‬
‫حياة ﴾ ليس فيه تكرار ‪ ،‬والتكرار ليس فيه‬ ‫ٌ‬ ‫القصاص َ َ‬‫ولكم ِفي ِ َ ِ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫وخلوه من التكرار القتل أنفى للقتل ‪ ،‬قتل قتل تكرار وھنا ﴿ َ ْ‬
‫حياة ﴾ ھذا مطابق لمعناه بخالف‬ ‫ٌ‬ ‫ْ‬
‫ولكم ِفي ِ َ ِ‬
‫القصاص َ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫تمجه األذن فيه نوع ثقل واستغناءه عن تقدير محذوف مع المطابقة ﴿ َ ْ‬
‫القتل أنفى للقتل فليس فيه ثم مطابقة كاآلية وإن كان فيه نوع مطابقة إال أنھا جزئية وليست من كل وجه ‪.‬‬
‫اإليجاز ( ھذا ھنا لكم في القصاص ھذا إيجاز قصر أو حذف ؟‬ ‫َ ِ‬ ‫القصاص ( ) ُقلْ ِمثال ُ‬ ‫الحياةُ ( في آية ) ِ َ ِ‬ ‫ولكم َ َ‬ ‫) َ َُُ‬
‫إيجاز قصر ‪ ] ،‬نعم [ ًإذا يصير ھذا مثال لماذا ؟ إليجاز القصر ‪.‬‬
‫االيجاز ( بإسقاط الھمزة ھمزة القطع ‪ ،‬ھي ھمزة قطع أو وصل ؟‬ ‫َ ِ‬ ‫) ُقلْ ( أيھا القارئ ھي ) ِمثال ُ‬
‫قطع ‪ ،‬لماذا قطع ؟ ألنه مصدر رباعي ] أحسنت [ ألنه مصدر رباعي المصدر الرباعي ھذا ھمزته ھمزة قطع ‪ ،‬بخالف‬
‫المصدر الخماسي والسداسي ھمزته ھمزة وصل ‪.‬‬
‫ُذك ُر إليضاح القاعدة ‪ .‬ھذا ھو الذي فسر به ھنا ‪ ،‬إطلق ھكذا فجأة عرف‬ ‫) ُقلْ ِمثال ُ ( والمراد بالمثال ماذا ؟ ج ْ ِ ٌ‬
‫ُزئي ي ْ َ‬
‫حينئذ ال يالم ‪ ،‬لكنه لما يذكر المعتل قبله واألجوف والناقص‬ ‫ٍ‬ ‫المثال ‪ ،‬فعرف المثال بأنه جزئي يذكر إليضاح القاعدة ‪،‬‬
‫والمثال واألجوف والناقص جاءت متصلة فنقول ‪ :‬ھذا فيه سھو ألن الشيء يُقيد بـ ‪ ..‬كما ذكرناه البارحة وذكرت البيت بيت‬
‫ابن مالك ‪:‬‬
‫التي‬ ‫َّ‬
‫األنثى ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫الذي ْ‬ ‫َّ‬
‫ماء ِ‬ ‫موصُو ُل االسْ َ ِ‬ ‫َْ‬
‫قال ‪ :‬موصول األسماء الذي ‪ .‬لم يقيده بكونه مذكر أو مؤنث ‪ ،‬موصول األسماء الذي األنثى التي لما قيد األنثى بالتي‬
‫عرفنا أن الذي خاص بالمذكر ‪ ،‬ألنه قد يحذف من لفظ قيد ويذكر مخالفه في ما بعده فيُعلم أن ذلك مقيد بضده ‪.‬‬
‫المثلْ (‬ ‫ُ‬ ‫تخفى ُ‬ ‫َ‬ ‫بقي ( ‪ ) .‬وال َ ْ‬ ‫لما َ ِ‬ ‫تخفى ُ ُ‬
‫المثلْ ِ َ‬ ‫االيجاز ( والھمز ھنا ھمزة قطع سھلت من أجل النظم ) وال َ ْ َ‬ ‫َ ِ‬ ‫مثال ھي ) ِمثال ُ‬
‫فعال يُجْ َم ُع على فُعُل مثال يجمع على مُثل ‪ .‬مثال كما ذكرناه بأنه جزئي ويذكر إليضاح القاعدة ) وال‬ ‫ُ‬ ‫المث ُل جمع مثال فُعُل ِ َ‬
‫بقي ( من اإلطناب والمساواة ‪.‬‬ ‫لما َ ِ‬ ‫تخفى ُ ُ‬
‫المثلْ ِ َ‬ ‫َ ْ َ‬
‫المكر ﴾ ( ھذا مثال للمساواة ‪ ،‬وقلنا ‪ :‬مثال المساواة في القرآن عزيز بل نص السيوطي ال يكاد يُوجد‬ ‫يحيق ْ َ ْ ُ‬ ‫) كـ ﴿ َال َ ِ ُ‬
‫خاصة في القرآن ‪ ،‬وكل ما ُّادعي فيه بأنه مساواة ‪ ،‬فإما أن يكون إيجاز أو إطناب ال يخرج عنھما ‪ ،‬ولو وجد في غير‬
‫بقي ( يعني ‪ :‬فمثال المساواة كقوله تعالى ‪:‬‬ ‫لما َ ِ‬‫المكر ﴾ ( ) كـ ﴿ َال ( يعني ‪ :‬كقوله تعالى ‪َ ِ ) .‬‬ ‫يق ْ َ ْ ُ‬ ‫يح ُ‬‫القرآن فال إشكال ) كـ ﴿ َال َ ِ‬
‫أجر ( أكمل اآلية‬ ‫ھذي َ ْ ُ‬ ‫ولك ِفي ِ ْ َ ِ‬
‫إكمال َ ِ‬ ‫بأھله ﴾ ] فاطر ‪َ َ َ ) [43 :‬‬ ‫السيئ َِّإال ِ َ ْ ِ ِ‬
‫المكر َّ ِّ ُ‬ ‫يحيق ْ َ ْ ُ‬ ‫وال َ ِ ُ‬ ‫يحيق ﴾ ‪ .‬يعني ‪ :‬ال ينزل ‪َ َ ﴿ .‬‬ ‫وال َ ِ ُ‬ ‫﴿ ََ‬
‫أدي بما‬ ‫بأھله ﴾ قالوا ‪ :‬ھذه للمساواة مثال للمساواة فإن معناه مطابق للفظه حيث ُ ِّ َ‬ ‫السيئ َِّإال ِ َ ْ ِ ِ‬
‫المكر َّ ِّ ُ‬ ‫يحيق ْ َ ْ ُ‬ ‫وال َ ِ ُ‬ ‫ولك أجر ﴿ َ َ‬
‫يستحقه من التركيب األصلي والمقام يقتضي ذلك وال مقتضى للحدود عنه إلى اإليجاز واإلطناب ھذا رأي من مثل بھذه اآلية‬
‫لكنه منتقد لماذا ؟‬
‫إيرادن ‪: -‬‬ ‫أوردَ عليه َ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬
‫أوردَ عليه أمران ‪ -‬من استدل بھذه اآلية بكونھا مثاال على المساواة نقول ‪ :‬ھذا ِ‬ ‫ِ‬
‫وال‬‫سيئا ﴿ َ َ‬ ‫إطنابا ‪ .‬يعني ‪ :‬زيادة تطويل لفائدة ‪ .‬ألن السيئ زيادة ألن كل مكر من المخلوق ال يكون إال ً‬ ‫ً‬ ‫األول ‪ :‬أن فيه‬
‫السيئ ﴾ ‪ .‬ھذا من باب التأكيد ‪،‬‬ ‫المكر َّ ِّ ُ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ً‬
‫بأھله ﴾ لو قيل ھكذا المكر من المخلوق ال يكون إال سيئا فقوله ‪ُ َ ﴿ :‬‬ ‫َ‬
‫المكر ﴾ ﴿ َِّإال ِ ْ ِ ِ‬ ‫يحيق ْ َ ْ ُ‬‫َ ِ ُ‬
‫ً‬
‫مثاال‬ ‫إطنابا ‪ ،‬نوع من أنواع اإلطناب ‪ً ،‬إذا ھذه اآلية مثال لإلطناب وليست‬ ‫ً‬ ‫والتوكيد عندھم إذا علم من السابق ھذا يسمى‬
‫المساواة ‪ .‬إًذا ألن كل مكر من المخلوق ال يكون إال سيئا ‪.‬‬
‫ً‬
‫مفرغا ففيه إيجاز القصر ‪ ،‬تقليل اللفظ مع زيادة المعنى بال حد وإال ففيه‬ ‫ً‬ ‫إيجازا ‪ ،‬ألن االستثناء إذا كان‬ ‫ً‬ ‫الثاني ‪ :‬أن فيه‬
‫ُقد ُر بأحدھما ‪.‬‬ ‫َ‬
‫إيجاز قصر باالستثناء وإيجاز حذف للمستثنى منه فإنه ي َّ‬
‫السيئ‬
‫المكر َّ ِّ ُ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫يحيق َ ُ‬ ‫َ‬
‫فحينئذ ﴿ َوال َ ِ ُ‬
‫ٍ‬ ‫السيئ ﴾ ‪ .‬والسيئ ھذا معلوم من سابقه‬ ‫ًإذا األول أوضح وھو كون المكر مقيد بقوله ‪ُ ِّ َّ ﴿ :‬‬
‫نعتا ‪ ،‬ولكن من جھة المعنى معلوم مما سبق ﴿‬ ‫نعتا يعرب ً‬ ‫﴾ ھذا جاء من باب التأكيد ولذلك ھو في اللفظ يُعرب عند النحاة ً‬
‫السيُئ َِّإال ِ َ ْ ِ ِ‬
‫بأھله ﴾ ‪.‬‬ ‫المكر َّ ِّ‬ ‫يحيق ْ َ ْ ُ‬ ‫وال َ ِ ُ‬ ‫ََ‬
‫إكمال َھذي ( ھذا اسم إشارة للمفرد المؤنثة ‪.‬‬ ‫في ِ ْ َ ِ‬ ‫ولك ( أيھا الطالب ) ْ‬ ‫المكر ﴾ َ‬ ‫يحيق ْ َ ْ ُ‬ ‫بقي كـ ﴿ َال َ ِ ُ‬ ‫لما َ ِ‬ ‫) َِ‬

‫على ُ ْ َ‬
‫األنثى ْ َ َ ِ‬
‫اق◌تصرْ‬ ‫وذ ْه ِتي َتا َ َ‬
‫بذي َ ِ‬
‫ِِ‬ ‫َِ‬
‫أشرْ‬ ‫م َ َّ ٍ‬
‫ُذكر‬ ‫لِم ْ َ ٍ‬
‫ُفرد‬ ‫َِبذا‬
‫)‬ ‫)‬

‫‪226‬‬
‫أجر ( من  تعالى ألنه قرآن وما من حرف إال تؤجر عليه ‪.‬‬ ‫إكمال َھذي ( يعني ‪ :‬اآلية ‪ْ َ ) .‬‬ ‫في ِ ْ َ ِ‬ ‫ولك ْ‬ ‫) َ‬
‫اإلطناب ( ماذا إعراب نحو ؟‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫لك ﴾ ِ‬ ‫َّ‬
‫ألم أقل َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫نحو ﴿ ْ‬ ‫) َ ْ ُ‬
‫إلطناب ( ًإذا نحو ھذا خبر مقدم‬ ‫لك ﴾ ا ِ ْ َ ُ‬ ‫أقل َّ َ‬ ‫ألم َ ُ‬ ‫نحو ﴿ َ َ ْ‬ ‫خبر ‪ ،‬نحو ھذا خبر مقدم ‪ ،‬واإلطناب ھذا مبتدأ مؤخر ‪ ،‬اإلطناب ) َ ْ ُ‬
‫نحو ﴿‬ ‫لك ﴾ ) َ ْ ُ‬ ‫ألم َ ُ‬
‫أقل َّ َ‬ ‫صبراً ﴾ ] الكھف ‪ْ َ َ ﴿ [75 :‬‬ ‫معي َ ْ‬ ‫تستطيع َ ِ‬‫إنك َلن َ ْ َ ِ َ‬ ‫لك ِ َّ َ‬ ‫أقل َّ َ‬‫ألم َ ُ‬‫لك ﴾ ( ھذا في سورة الكھف ﴿ َ َ ْ‬ ‫أقل َّ َ‬ ‫ألم َ ُ‬ ‫) ﴿ ََ ْ‬
‫لك ﴾ ونحوه نحو ھذا المثال من‬ ‫ألم َ ُ‬
‫أقل َّ َ‬ ‫فقدر ھذا نحو قوله تعالى في سورة الكھف ﴿ َ َ ْ‬ ‫اإلطناب ( نحو قوله تعالى َ َ ِّ‬ ‫لك ﴾ ِ ْ َ ُ‬ ‫أقل َّ َ‬ ‫ألم َ ُ‬‫ََ ْ‬
‫أدي بلفظ أكثر وأزيد منه لكن‬ ‫أدي بلفظ أزيد منه لفائدة ألن ھذا ھو حقيقة اإلطناب ‪ ،‬ونحوه يعني ‪ :‬من كل معنى ُ ِّ َ‬ ‫كل معنى ُ ِّ َ‬
‫اإلطناب ( أي ‪ :‬مثاله ما سبق ذكره ‪.‬‬ ‫لفائدة ‪ُ َ ْ ِ ) .‬‬
‫صبرا ﴾ ھذه جاءت في موضعين في موضع جاءت بدون لك ‪ ،‬وفي موضع جاءت بلك‬ ‫معي َ ْ ً‬ ‫إنك َلن َ ْ َ ِ َ‬
‫تستطيع َ ِ‬ ‫لك ِ َّ َ‬ ‫ألم َأقُل َّ َ‬ ‫﴿ ََ ْ‬
‫في المعنى بدون لك علمنا أن لك في الموضع األخير زائد للتوكيد ‪ ،‬وھذا ھو حقيقة اإلطناب كما ذكرناه في المكر‬ ‫فلما وُ ِّ َ‬ ‫َّ‬
‫السيئ ﴾ ‪ .‬قلنا ‪ :‬ھذا زيادة في المعنى ‪ .‬لماذا ؟‬ ‫فحينئذ لما قيل ‪ُ ِّ َّ ﴿ :‬‬ ‫ٍ‬ ‫سيئا من المخلوق‬ ‫السيئ أن المكر معلوم أنه ال يكون إال ً‬
‫ألنه معلوم مما سبق كذلك إذا لم يقل لك نقول ‪ :‬صح التركيب وطابق المعنى بدليل مجيئھا بدون لك ‪ ،‬فكل باب التوكيد من‬
‫فإذا يكون‬ ‫أجمعون ﴾ ھذا فيه توكيد ً‬ ‫كلھم َ ْ َ ُ َ‬ ‫أجمعون ﴾ ] ص ‪ْ ُ ُّ ُ ﴿ [73 :‬‬ ‫كلھم َ ْ َ ُ َ‬ ‫ئكة ُ ُّ ُ ْ‬ ‫المال ِ َ ُ‬
‫فسجد ْ َ َ‬ ‫اإلطناب كل باب التوكيد في القرآن ﴿ َ َ َ َ‬
‫من باب اإلطناب ‪.‬‬
‫اإلطناب ( والزيادة في لفظ لك توكيد بتكرر القول الصادق من الخضر وموسى عليھما السالم ‪) ،‬‬ ‫لك ﴾ ِ ْ َ ُ‬ ‫أقل َّ َ‬ ‫ألم َ ُ‬ ‫نحو ﴿ َ َ ْ‬ ‫) َ ْ ُ‬
‫لھا ( للثالثة ) ََلدى‬ ‫وھي ( أي ‪ :‬ھذه الثالثة ‪َ َ ) .‬‬ ‫َ‬ ‫وھي ( ما ھي ؟ الثالثة األبواب األنواع )‬ ‫َ‬ ‫باب ( )‬ ‫اني َ ُ‬ ‫المع ِ ْ‬ ‫لھا ََلدى َ َ‬ ‫وھي َ َ‬ ‫َ‬
‫لھا‬‫وھي ََ‬ ‫َ‬ ‫◌َ‬ ‫)‬ ‫إليه‬ ‫الرجوع‬ ‫إلى‬ ‫فيحتاج‬ ‫كثر‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫تفاصيل‬ ‫وفيه‬ ‫عندھم‬ ‫الثامن‬ ‫الباب‬ ‫وھو‬ ‫‪،‬‬ ‫مستقل‬ ‫باب‬ ‫المعاني‬ ‫فن‬ ‫لدى‬ ‫(‬ ‫ِ‬
‫المعاني‬
‫ََ ْ‬
‫باب ( يعني ‪ :‬باب مستقل فارجع إليه ‪.‬‬ ‫َلدى َ َ ْ َ ُ‬ ‫ِ‬
‫المعاني‬
‫ثم قال رحمه  ‪:‬‬
‫القصر‬
‫ْ ُ‬ ‫َ‬ ‫النوع السادس ‪:‬‬
‫واحد القصور صحيح ھكذا في )) مختار الصحاح (( قال ‪ :‬القصر واحد القصور ‪ .‬لكن ليس كل ما أطلق القصر المراد‬
‫ولكل معنى خاص ‪ ،‬فاللفظ لھو معنى‬ ‫ٍّ‬ ‫استعملت في لغة العرب‬ ‫به واحد القصور ‪ ،‬إنما يختلف وھذا يدل على أن األلفاظ ُ‬
‫ضع له فتركبه في كالم مفيد ‪ ،‬أليس كذلك ؟‬ ‫حينئذ تأخذ المعنى الذي ُتريد مع تطبيقه على لفظه الذي وُ ِ َ‬ ‫ٍ‬ ‫يبحث عنه في المعاجم‬
‫ودعوى أن اللفظ ليس له حقيقة إال بالتركيب ھذه يردھا الواقع ‪.‬‬
‫َ‬ ‫ْ‬
‫النوع السادس من العقد السادس ‪ :‬القصر ‪ .‬ويقال له ‪ :‬الحصر ‪ .‬القصر والحصر اثنان لمسمى واحد ‪ ،‬القصْ ُر بفتح‬
‫ص ُر َقصْ ًرا مصدر ًإذا صار ‪.‬‬ ‫قصر َْيق ُ‬ ‫وسكون َفعْ ل َ َ َ‬
‫حور‬
‫الخيام ﴾ ] الرحمن ‪ٌ ُ ﴿ . [72 :‬‬ ‫مقصورات ِفي ْ ِ َ ِ‬ ‫حور َّ ْ ُ َ ٌ‬ ‫القصْ ر في اللغة ‪ :‬الحبس ‪ .‬القصر ‪ :‬الحبس ‪ ،‬ومنه قوله ‪ٌ ُ ﴿ :‬‬ ‫َ‬
‫مقصورا عند النحاة لحبسه عن الحركات أو منعه عن الحركة ‪.‬‬ ‫ً‬ ‫مقصورات ﴾ يعني محبوسات ‪ .‬ومنه سمي المقصور‬ ‫َّ ْ ُ َ ٌ‬
‫أمر بآخر بطريق مخصوص ‪ ،‬يعني ‪ :‬القصر له طرق محفوظة في لغة العرب إذا أردت‬ ‫واصطالحا ‪ :‬ھو تخصيص ٍ‬ ‫ً‬
‫القصر والحصر فال بد أن تأتي به على طريقة مخصوصة ‪ ،‬وحقيقته تخصيص أمر بأمر أن تخص وتحصر أمر بأمر معين‬
‫نعبد ﴾ ]‬ ‫إياك َ ْ ُ ُ‬
‫رسول ٌ ﴾ ھذا فيه قصر وحصر ﴿ ِ َّ َ‬ ‫محمد ِإالَّ َ ُ‬ ‫وما ُ َ َّ ٌ‬ ‫محمد ﴾ ] آل عمران ‪ . [144 :‬أو اآلية ﴿ َ َ‬ ‫وما ُ َ َّ ٌ‬ ‫كما إذا قلت ‪َ َ ﴿ :‬‬
‫الفاتحة ‪ [5 :‬ھذا فيه قصر وحصر بطريق مخصوص ‪ ،‬وعلى التعريف المشھور عندھم أن الحصر أو القصر إثبات الحكم‬
‫نعبد ﴾ ھذا فيه‬ ‫إياك َ ْ ُ ُ‬
‫للمذكور ونفيه عن ما عداه ‪ ،‬وھذا واضح أوضح من األول ‪ ،‬إثبات الحكم للمذكور ونفيه عن ما عداه ﴿ ِ َّ َ‬
‫إثبات الحكم وھو ثبوت العبودية أو إثبات العبودية للمذكور وھو الرب جل وعال اإلله ‪ ،‬ونفيھا عن ما عداه ‪ً ،‬إذا إثبات ونفي‬
‫خص الرب جل وعال بتوجه العبد بالعبودية والتعبد له وھو المعبود الواحد‬ ‫ت أو ُ َّ‬ ‫خصصْ َ‬ ‫ھذا ھو القصر تخصيص أمر بآخر َ َّ‬
‫جدا لكن أشھرھا‬ ‫الحق ‪ ،‬إثبات الحكم للمذكور ونفيه عن ما عداه ھذا ھو حقيقة القصر والحصر ‪ ،‬وله أدوات وطرق كثيرة ً‬
‫ً‬
‫مطلقا‬ ‫معا فھذا أعلى صيغ الحصر أعالھا ً‬
‫جدا‬ ‫أربعة أو خمسة منھا ‪ :‬النفي ‪ ،‬واالستثناء ‪ .‬يعني ‪ :‬أداة إال ‪ ،‬ما وإال إذا ركبتا ً‬
‫رسول ٌ ﴾ ] آل عمران ‪ [144 :‬نقول ‪ :‬ھذا أعلى‬ ‫إال َ ُ‬ ‫محمد ِ َّ‬‫وما ُ َ َّ ٌ‬ ‫ُ ﴾ ] ص‪ [65 :‬ھذا أعجز ﴿ َ َ‬ ‫إله َِّإال َّ‬‫من ِ َ ٍ‬ ‫وما ِ ْ‬ ‫ال يعلوھا شيء ﴿ َ َ‬
‫رسول ٌ ﴾ ‪.‬‬ ‫محمد ِإالَّ َ ُ‬‫وما ُ َ َّ ٌ‬ ‫صيغ الحصر ‪ ،‬النفي واالستثناء ﴿ َ َ‬
‫الميتة ﴾ حصر وقصر ألنه أي ما حرم إال‬ ‫َ‬ ‫عليكم َ ْ َ‬‫ْ‬ ‫َ‬
‫حرم َ ْ ُ ُ‬ ‫إنما َ َّ َ‬‫ومنھا ‪ :‬إنما ‪ » .‬إنما األعمال بالنيات « ‪ .‬حصر وقصر ﴿ ِ َّ َ‬
‫الميتة ﴾ حرم الميتة دون ما ادعوه من البحيرة والسائبة‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫عليكم َ ْ َ‬ ‫حرم َ َ ْ ُ ُ‬ ‫إنما َ َّ َ‬ ‫ذلك دون ما ادعوه من البحيرة والسائبة ونحوھما ﴿ ِ َّ َ‬
‫ونحوھما ‪.‬‬

‫‪227‬‬
‫نستعين ﴾ ] الفاتحة ‪ [5 :‬نقول ‪ :‬ھذا فيه حصر وقصر ‪.‬‬ ‫وإياك َ ْ َ ِ ُ‬
‫نعبد ِ َّ َ‬ ‫إياك َ ْ ُ ُ‬
‫ومنھا ‪ :‬التقديم ‪ .‬يعني تقديم ما حقه التأخير ‪َ َّ ِ ﴿ .‬‬
‫رحيما ً ﴾ ] األحزاب ‪ [43 :‬نقول ‪ :‬فيه قصر وحصر ‪.‬‬ ‫منين َ ِ‬‫بالمؤ ِ ِ َ‬‫وكان ِ ْ ُ ْ‬ ‫ھدى ﴾ ] األعراف ‪َ َ َ ﴿ ، [30 :‬‬ ‫ضربت ﴿ َ ِ‬
‫فريقا ً َ َ‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬
‫زيد‬
‫تقديم ما حقه التأخير ألن العامل رتبته مقدمة والمعمول رتبته مؤخرة ‪.‬‬
‫ ﴾ ] فاطر ‪ [3 :‬ال ‪ ،‬ال أحد ‪ ،‬ھذا نقول ‪ :‬فيه حصر وقصر ‪.‬‬ ‫غير َّ ِ‬
‫خالق َ ْ ُ‬‫من َ ِ ٍ‬ ‫ومنھا ‪ :‬غير ‪ .‬لفظ غير ﴿ َھلْ ِ ْ‬
‫كذلك وھذا فيه خالف تعريف المسند والمسند إليه العالم زيد ھذا فيه حصر وفيه نفي إثبات العلم لزيد ونفيه عن ما عداه‬
‫يعني ‪ :‬إثبات العلم الكامل بحق لزيد ونفيه عن ما عداه ‪ .‬ھذا فيه خالف لكن ھذا ھو المشھور تعريف المسند والمسند إليه ‪.‬‬
‫ينقسم القصر والحصر إلى قسمين ‪:‬‬
‫قصر الموصوف على الصفة ‪.‬‬
‫وعكسه قصر الصفة على الموصوف ‪.‬‬
‫وكل منھما إما حقيقة وإما مجاز ‪ ،‬فقصر الموصوف على الصفة نحو ما زيد إال كاتب ‪ ،‬ھذا قصر الموصوف على‬
‫حقيقة مثاله عزيز وأنكره البعض ‪ ،‬يعني ال يمكن أن يكون لزيد أن‬ ‫ً‬ ‫الصفة يعني ال صفة لزيد إال الكتابة ‪ ،‬ھذا من جھة كونه‬
‫ً‬
‫ينفى عن زيد كل الصفات وال يُثبت له إال الكتابة ولكن يمثل له على سبيل التنزه إذا قصر الموصوف على صفة ‪،‬‬
‫الموصوف وھو زيد تقصره على صفة ال توجد فيه إال صفة كيت ھذا محال ال يمكن فاألول نحو ما زيد إال كاتب ‪ ،‬أي ‪ :‬ال‬
‫صفة له غيرھا وھو عزيز ال يكاد يوجد ‪ ،‬ھكذا قال السيوطي في )) العقود (( وفي )) التحبير (( وفي )) اإلتقان (( ‪ ،‬وھو‬
‫عزيز ال يكاد يوجد لتعذر اإلحاطة بصفات الشيء حتى يمكن إثبات شيء منھا ونفي ما عداھا بالكلية ‪ ،‬ال يمكن أن ال توجد‬
‫صفة واحدة ليس لھا غيرھا ولذا لم يقع في التنزيل لم يقع في‬ ‫ً‬ ‫في زيد صفة إال الكتابة وعلى عدم تعذرھا يُبعد أن تكون للذات‬
‫رسول ٌ ﴾ ‪ .‬ھذا مجاز إضافة يعني ‪ :‬الحديث الواقعة‬ ‫َّ‬
‫محمد ِإال َ ُ‬
‫وما ُ َ َّ ٌ‬ ‫نفي عن اللغة أصالً وإن وجد كما في قوله ‪َ َ ﴿ :‬‬ ‫القرآن ‪ ،‬بل ُ ِ َ‬
‫رسول ٌ ﴾ ھذا مثل ‪ :‬ما زيد‬ ‫محمد ِإالَّ َ ُ‬ ‫وما ُ َ َّ ٌ‬ ‫ٍ‬
‫حينئذ ﴿ َ َ‬ ‫يستلزم أنه ال يُذكر من الصفات في شأن الموصوف إلى صفة الرسالة ‪.‬‬
‫فحينئذ يصح يكون باإلضافة‬ ‫ٍ‬ ‫إال كاتب ‪ .‬لكن األول حقيقي والثاني مجازي ‪ ،‬إذا أريد باألول أنه ال يوجد كاتب بحق إال زيد‬
‫محمد‬
‫وما ُ َ َّ ٌ‬ ‫مجازيا ) ﴿ َ َ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫إلى غيره ولذلك يُسمى المجازي القصر اإلضافي يعني ‪ :‬النظر يكون باعتبار غير الموصوف ومثاله‬
‫رسول ٌ ﴾ ( وھو الذي ذكره المصنف ھنا الناظم رحمه  أي ‪ :‬إنه مقصور على الرسالة بھذا النص مقصور على الرسالة‬ ‫ِإالَّ َ ُ‬
‫أفإن‬‫رسول ٌ ﴾ ھذه قيلت في ماذا ؟ ﴿ َ َ ِ‬ ‫محمد ِإالَّ َ ُ‬
‫وما ُ َ َّ ٌ‬ ‫ال يتعداھا إلى التبري من الموت الذي استعظموه الذي ھو من شأن اإلله ﴿ َ َ‬
‫قتل َ ﴾ ] آل عمران ‪ً [144 :‬إذا ھل النبي  لما ُأثبت له وصف الرسالة يستلزم أن ال يموت ؟ إذا أثبت ھل يفھم من‬ ‫مات َْأو ُ ِ‬
‫َّ َ‬
‫كونه مرسالً أنه ال يموت وأن له صفة الخلد ؟‬
‫رسول ٌ ﴾ ‪ .‬مقصور على الرسالة باعتبار الواقعة ‪ ،‬يعني ‪ :‬ھو رسول أرسل‬ ‫محمد ِإالَّ َ ُ‬
‫وما ُ َ َّ ٌ‬ ‫الجواب ‪ :‬ال ‪ً ،‬إذا قوله ‪َ َ ﴿ :‬‬
‫فحينئذ ال يستلزم ذلك أنه خالد مخلد ألن ھذه صفة ماذا ؟ صفة الرب جل وعال بل ال يتصور من الصحابة‬ ‫ٍ‬ ‫ليؤدي الرسالة‬
‫أنھم يثبتون ھذا للنبي أنه أبدي أنه ال يموت وإنما استعظموا األمر ألنھم يظنون أنه سيبقى مدة طويلة فلما جاء ھكذا األمر‬ ‫‬
‫ُھت بعضھم دون بعض ‪.‬‬ ‫بِ َ‬
‫رسول ٌ ﴾ ] المائدة ‪ . [75 :‬أي ‪ :‬ال يتعدى ذلك الوصف إلى اإللوھية ألن الواقعة‬ ‫إال َ ُ‬‫مريم ِ َّ‬‫ابن َ ْ َ َ‬ ‫كذلك قوله ‪َّ ﴿ :‬ما ا ْ َ ِ ُ‬
‫لمسيح ْ ُ‬
‫التي نزلت اآليات في شأنھا تدل على ماذا ؟ على أنھم قد وصفوه باإللوھية ‪ ،‬والرسالة ال تقتضي ذلك يعني ال يتعدى‬
‫المتعدي من الرسالة إلى إثبات اإللوھية لعيسى عليه السالم ‪.‬‬
‫حقيقيا نحو ال إله إال‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫مجازيا ‪،‬‬‫ّ‬ ‫حقيقيا وقد يكون‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫والثاني ‪ :‬الذي ھو قصر الصفة على الموصوف عكس األول ‪ ،‬قد يكون‬
‫ ھذا قصر الصفة على الموصوف ال إله إال  أي الموصوف ھنا بعد إال ؟  ما ھي الصفة ؟ اإللوھية مقصورة أو ال‬
‫؟ مقصورة ال شك ‪ ،‬قصر الصفة على الموصوف قصر ماذا ؟ الصفة على الموصوف ] نعم [ الصفة التي ھي اإللوھية‬
‫مقصورة ومحصورة في اإلله الحق وھو الرب جل وعال ومنفية عن ما عداه وال إشكال واضح ھذا ‪.‬‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫أجد ِفي َما ُ ْ ِ َ‬ ‫ومجازيا نحو قوله تعالى ‪ -‬على رأي الشافعي ‪ُ ﴿ : -‬قل الَّ َ ِ ُ‬
‫يكون‬ ‫ُ‬
‫يطعمه ِإال أن َ َ‬‫َّ‬ ‫طاعم َ َ ُ ُ‬ ‫على َ ِ ٍ‬ ‫محرما ً َ َ‬ ‫أوحي إِ َ َّ‬
‫لي ُ َ َّ‬ ‫ً‬
‫مقصورا بما ‪ ،‬بل كل ما يؤدي النفي إذا‬ ‫ً‬ ‫إال ﴾ ألن النفي ليس‬ ‫أجد ﴾ ﴿ ِ َّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ميتة ﴾ ] األنعام ‪ ... [145 :‬إلى آخر اآليات ﴿ قل الَّ ِ ُ‬ ‫ََْ ً‬
‫ودائما الذي يحق الحق الحقيقي‬ ‫ً‬ ‫كان في جوابه إال ‪ ،‬ھذه فيھا قصر المحرمات المذكورات أليس كذلك ؟ لكن ليس ھذا مراد ‪،‬‬
‫ھو النظر إلى سبب النزول ومعنى اآلية وما سيقت اآلية من أجله ‪.‬‬
‫ُ‬
‫قال الشافعي رحمه  تعالى في ھذه اآليات ‪ :‬إن الكفار لما كانوا يُحلون الميتة ‪ ،‬والدم ‪ ،‬ولحم الخنزير ‪ ،‬وما أھل لغير‬
‫كثيرا من المباحات نزلت اآلية‬ ‫ً‬ ‫كثيرا من المباحات أحلوا ھذه المذكورات وھي محرمات وحرموا‬ ‫ً‬ ‫ به وكانوا يُحرمون‬
‫‪228‬‬
‫البحيرة والسائبة والوصيلة ‪ ...‬إلى آخره ‪ ،‬وكان الغرض إبانة كذبھم ‪ .‬فكأنه قال ‪ :‬ال حرام إال ما‬ ‫مسوقة بذكر شبھھم في َ‬
‫أحللتموه ‪ .‬وھم قد أحلوا ھذه المذكورات فحينئذ ھذا الحصر إنما المراد به رد الشبه وتكذيب الكفار الذين أحلوا الميتة وما‬
‫فحينئذ ال يكون من باب الحصر ال يلزم منه إذا جاءت تحريم » كل ذي ناب من‬ ‫ٍ‬ ‫عطف عليه أي ‪ :‬ما حرام إال ما أحللتموه ‪.‬‬
‫السباع « ‪ .‬وغيره نقول ‪ :‬ھذا مصروف بحصر ھذه اآلية ‪ .‬نقول ‪ :‬ال ‪ ،‬الحصر ھنا حصر مجازي إيضاحي وليس المراد‬
‫أن ما عدا ھذه المذكورات فھو مباح أو مكروه ‪ ،‬ال ‪ ،‬وإنما نذكره كما ذكر الشافعي ھنا فكأنه قال ‪ :‬ال حرام إال ما أحللتموه ‪.‬‬
‫والغرض الرد عليھم المضادة للحصر الحقيقي ‪.‬‬
‫أيضا باعتبار آخر القصر والحصر إلى ثالثة أقسام ‪:‬‬ ‫وينقسم ً‬

‫قصر إفراد ‪.‬‬


‫وقصر قلب ‪.‬‬
‫وقصر تعيين ‪.‬‬
‫ً‬
‫الشركة فتخاطبه بقصر اإلفراد ‪ ،‬إذا القصر‬ ‫ِ َ‬ ‫َّ‬ ‫الشركة قصر إفراد يعتقد‬ ‫ِ َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬
‫فقصر اإلفراد ‪ :‬ھذا ي َُخاطب به من ؟ من يعتقد‬
‫واحد ﴾ ] النساء ‪ [171 :‬نقول ‪ :‬ھذا قصر إفراد ‪.‬‬ ‫إلـه َ ِ ٌ‬ ‫ّ‬
‫◌نما  ُ ِ َ ٌ‬
‫الشركة نحو ﴿ إ ِ َّ َ‬ ‫يتنوع قصر إفراد ويخاطب به من يعتقد َّ ِ َ‬
‫خوطب به من يعتقد إشتراك  تعالى واألصنام في اإللوھية يعتقد أن اإللوھية مشتركة يعني ‪ :‬لو كان المخاطب يعتقد‬ ‫ُ ِ‬
‫أفرد اعتقد إفراد اإللوھية‬ ‫َ‬
‫واحد ﴾ ‪ .‬يعني ‪ْ ِ ْ :‬‬ ‫إلـه َ ِ ٌ‬ ‫ّ‬
‫إنما  ُ ِ َ ٌ‬
‫الشركة في اإللوھية بين الرب جل وعال وبين األصنام فقيل له ‪َ َّ ِ ﴿ :‬‬ ‫َّ ِ َ‬
‫ً‬
‫وأنھا مختصة بالرب جل وعال ‪ ،‬إذا المخاطب يعتقد الشركة وتأتي بقصر اإلفراد ‪.‬‬
‫وقصر القلب ‪ :‬يخاطب من يعتقد إثبات الحكم لغير من أثبته المتكلم له ‪ .‬يعني ‪ :‬تقلب ‪ .‬ھو يحكم على شيء معين ويكون‬
‫الذي‬ ‫ربي َّ ِ‬ ‫المحكوم عليه غير ما تكلم به المتكلم فتأتي بقصر يقلب عليه المحكوم عليه كما قال إبراھيم عليه السالم ‪َ ِّ َ ﴿ :‬‬
‫يحيـي‬ ‫الذي ُ ْ ِ‬ ‫ربي َّ ِ‬
‫خوطب به من ؟ خوطب به النمرود الذي اعتقد أنه ھو المحي والمميت فقال له ‪َ ِّ َ ﴿ :‬‬ ‫ويميت ﴾ ‪ .‬ھذا ُ ِ‬
‫يحيـي َ ُ ِ ُ‬‫ُْ ِ‬
‫ويميت ﴾ ] البقرة ‪ . [258 :‬إذا قلب عليه أو ال ؟ قلب عليه ‪ ،‬خوطب به نمرود الذي جادله إبراھيم عليه السالم الذي اعتقد‬ ‫ً‬ ‫َ ُِ ُ‬
‫الذي ﴾‬ ‫ربي َّ ِ‬ ‫ويميت ﴾ أين صيغة القصر والحصر ھنا ؟ ﴿ َ ِّ َ‬ ‫يحيـي َ ُ ِ ُ‬ ‫الذي ُ ْ ِ‬ ‫ربي َّ ِ‬
‫أنه ھو المحي والمميت دون  تعالى ﴿ َ ِّ َ‬
‫تعريف الجزأين المسند والمسند إليه ‪.‬‬
‫والثالث الذي ھو قصر التعين ‪ :‬يخاطب به من تساوى عنده األمران حينئٍذ يخاطب بلفظ بقصر ي َُعيِّنُ له أحد الشيئين أحد‬
‫األمرين ‪ ،‬فلم يحكم بإثبات الصفة للصفة لواحد بعينه وال لواحد بإحدى الصفتين بعينھا ھذا يسمى ماذا ؟ قصر َتعْ ِيين ‪ ،‬ولم‬
‫أقف على مثال له في القرآن مما ذكره السيوطي وال غيره ‪ ،‬وإنما يذكرون قصر اإلفراد وقصر التعين وھذا موجود يعني‬
‫ُمثل له أو يذكر في باب ) ال وبل ولكن ( ھكذا ھناك علم النحو وذكرناه في شرح نظم اآلجرومية‬ ‫في لغة العرب كثير لكن ي َ ّ‬
‫لعبيد ربه الشنقيطي فليرجع إليه ‪.‬‬
‫النوع السادس ‪ُ ْ َ :‬‬
‫القصر‬
‫قال رحمه  ‪:‬‬
‫وذاك ( أي ‪ :‬القصر ‪ .‬في فن المعاني بحذف الياء للوزن في فن المعاني بحثه يعني ‪ :‬يبحث‬ ‫َ‬ ‫بحثه ( ‪) .‬‬ ‫ُ‬
‫المعان َ ْ ُ‬
‫وذاك في َ ِ‬‫َ‬ ‫)‬
‫أيضا ما دام أنھم ال يتكلمون عنه ؟ لتعلقه بالقرآن من مباحث القرآن القصر ‪ ،‬وأما‬ ‫ً‬ ‫ولم يذكره ھنا‬ ‫َ‬
‫أين ؟ في فن المعاني ‪ِ ،‬‬
‫ُ‬
‫التفصيل فھذا تأخذه من مظانه ‪ ،‬وھذا يدل على ما ذكرته قبل وھو أن ما ذكر في فنون علوم القرآن من العلوم األخرى‬
‫مرجعھا إلى تلك العلوم ‪ ،‬بخالف ما يدندن حوله بعض المعاصرين ‪ ،‬يعني بعضھم يرى أنه إذا وُ ضع العام والخاص في باب‬
‫العلوم علوم القرآن ينبغي أن نتكلم عليه بما يليق بالقرآن ‪ ،‬وھذا ال يتصور لو تأمل طالب العلم ما يتصور أن يتحدث عن‬
‫العام والخاص والمطلق والمقيد والمجمل والمبين إال بما ذكره األصوليون ألن البحث مأخوذ منھم والبحث مشترك ‪ ،‬كذلك‬
‫ما ذكر في فن المعاني وفن البيان بحثه يكون في ماذا ؟ يكون في فن البيان وفن المعاني ‪ ،‬وإذا بُحث ھنا يبحث بلغة أھل‬
‫البيان كما أن العام والخاص يبحث بلغة األصوليين وال إشكال في ھذا ‪ ،‬ألن العلوم يخدم بعضھا بعض وال يُشترط أن نقول ‪:‬‬
‫ھذا علوم القرآن ‪ .‬حتى نعترف ألن بعضھم يقول ‪ :‬ھذا ليس بعلم مستقل ‪ .‬فإذا كان ليس بعلم مستقل فمتخصص فيه تخصص‬
‫في ماذا ؟ يتخصص في شيء ليس بعلم فيردون أن يجيبوا عن ھذا بأن البحث ھنا ال بد أن يكون مستقل بنظرة ‪ ،‬وھذا يكون‬
‫من األخطاء الذي وقع فيھا السيوطي والزركشي وغيرھم أنھم نقلوا كالم األصوليين في العام ووضعوه في علوم القرآن ‪ً ،‬إذا‬
‫الذين ﴾ ] النور ‪[31 :‬‬ ‫الطف ِل َّ ِ َ‬ ‫أو ِّ ْ‬‫المشركين ﴾ ] التوبة ‪ِ َ ﴿ ، [5 :‬‬ ‫من أين تريد أن نأتي العام ھو العام الذي يستدل به ﴿ َ ْ ُ ُ ْ‬
‫فاقتلوا ْ ُ ْ ِ ِ َ‬
‫بعضا ‪ ،‬وما‬ ‫ً‬ ‫ھو الذي تكلم عنه أرباب علوم القرآن ولذلك ھنا يُحيل على فن البالغة بدليل ماذا ؟ أن العلوم يخدم بعضھا‬
‫بمثال ال يترتب عليه حكم‬ ‫ٍ‬ ‫وضع في ھذا الفن من فن أصول الفقه ھو عينه في فن أصول الفقه وال مغايرة ‪ ،‬قد يمثل ھناك‬
‫‪229‬‬
‫المعان‬
‫وذاك في َ ِ‬ ‫َ‬ ‫شرعي وال إشكال ‪ ،‬قد يمثل بمثال ال يترتب عليه حكم شرعي وال إشكال ‪ ،‬وكذلك في القصر والحصر )‬
‫رسول ٌ‬ ‫َّ‬
‫محمد ِإال َ ُ‬
‫وما ُ َ َّ ٌ‬
‫وما ﴾ تضيف واو )﴿ َ َ‬ ‫محمد ﴾ كما يعني كقوله ﴿ َ َ‬
‫وما ُ َ َّ ٌ‬
‫وما ( يعني ‪ :‬وذلك كما كقوله تعالى ‪َ َ ﴿ :‬‬ ‫َ ُُْ‬
‫بحثه كـ ﴿ َ َ‬
‫﴾ ( ذكرناه في السابق بأنه قصر موصوف على صفته لكنه إضافي مجازي وليس بحقيقي ألن النبي له صفات ) ُ ِ َ‬
‫علما ( أي ‪:‬‬
‫ُلم ھذا مغير للصيغة أتى به من باب التكملة لما أنھى العقود الستة‬ ‫ھذا الفصل ھنا علم األلف ھذه لإلطالق ‪ ،‬وع ِ َ‬
‫تعود‬‫َ‬ ‫ٌ‬
‫خاتمة ُ ُ‬ ‫َِ‬ ‫وبعدھا‬
‫َ َ‬ ‫ُ ُ ُ‬
‫عقود‬ ‫ِ َّ ٌ‬
‫ستة‬ ‫حوتھا‬ ‫َْ‬
‫قد َ َ ْ َ‬
‫)‬ ‫)‬

‫‪230‬‬
‫الخاتمة ( ‪ .‬ھنا قال ‪ :‬ال بد قبلھا من مقدمة ‪ .‬ثم قال ‪ :‬مقدمة ‪ .‬لم يقل المقدمة ‪ ،‬وذكرنا أن األولى أن يقول ‪:‬‬ ‫فقال ‪ُ َ ِ َ ) :‬‬
‫وبعدھا‬ ‫المقدمة ‪ .‬بأل ألن إعادة النكرة نكرة مغاير وعلى القاعدة المشھورة فجرى على غير المشھور فأعاد النكرة نكرة ‪َ َ ) ،‬‬
‫الخاتمة ( ‪ .‬بأل فأل ھذه ما نوعھا ؟ للعھد الذكري ألنه أعاد النكرة معرفة والقاعدة أنه إذا‬ ‫خاتمة ( ذكرھا نكرة ھنا قال ‪ُ َ ِ َ ) :‬‬ ‫َِ ٌ‬
‫أعاد النكرة معرفة فھي عين األولى ‪ ،‬وھناك أعاد النكرة نكرة واألصل أنھا مغايرة فالمقدمة التي ذكرھا بعد ذاك البيت‬
‫حينئذ نقول ‪ :‬ھذا شيء آخر‬ ‫ٍ‬ ‫مقدمة ( ‪.‬‬‫حينئذ يكون قد وعد بذكر مقدمة ولم يذكرھا وقوله ‪ٌ َ ِّ َ ُ ) :‬‬ ‫ٍ‬ ‫ليست ھي المقدمة التي أشار‬
‫إله ﴾ ] الزخرف ‪ [84 :‬فالثاني ھو‬ ‫األرض ِ َ ٌ‬ ‫َ‬
‫وفي ْ ْ ِ‬ ‫إله َ ِ‬ ‫السماء ِ َ ٌ‬ ‫الذي ِفي َّ َ‬ ‫وھو َّ ِ‬ ‫منفصل ‪ .‬لكن نقول ‪ :‬ھذا من باب قوله تعالى ‪َ ُ َ ﴿ :‬‬
‫عين األول ‪.‬‬
‫ضرب ومنه النبي  خاتم األنبياء يعني ‪ :‬آخر األنبياء ‪ ،‬به‬ ‫يختم من باب َ َ َ‬ ‫ختم َ ْ ِ ُ‬ ‫الخاتمة ( خاتمة الشيء آخره ‪ ،‬يقال ‪َ َ َ :‬‬ ‫) َ َِ ُ‬
‫ختمت النبوة ‪ ،‬وإذا ختمت النبوة استلزم ختم الرسالة ‪ .‬أليس كذلك ؟ جاء خاتم األنبياء ولم يرد أنه خاتم الرسل ألنه إذا نفي‬
‫األعم نفي األخص وال عكس ‪.‬‬
‫األسماء (‬
‫ُ‬ ‫والمبھمات ( على طريقة أھل الحديث )‬ ‫ُْ َ ُ‬ ‫واأللقاب ‪،‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫األسماء ‪ ،‬والكنى ‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫أنواع ‪:‬‬ ‫اشتملت ھذه الخاتمة ) على أربعة‬
‫ٍ‬
‫ُقسم إلى ثالثة أقسام أو م َُقسِّم إلى ثالثة أقسام‬ ‫العلم عند النحاة م َ َّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫جمع اسم والمشھور عند النحاة أنه ما ليس بكنية وال لقب ألن َ َ‬
‫علم اسم ‪ ،‬وكنية ‪ ،‬ولقب ‪.‬‬ ‫‪ٌََ :‬‬
‫صحبا‬
‫سواهُ َ ِ َ‬ ‫وأخر◌نْ َذا ِإنْ ِ َ‬ ‫َ َ ِّ َ ً‬ ‫ولقبا‬‫وكنية َ َ َ َ‬‫َواسْ َما ََأتى َ ُ ْ َ ً‬
‫مطلقا ثم قسمه ‪.‬‬ ‫ً‬ ‫واسما أتى يعني ‪ :‬العلم ‪ .‬اسم يعين المسمى‬ ‫ً‬
‫واسما أتى وكنية ولقبا ‪.‬‬ ‫ً‬ ‫قال ‪:‬‬
‫بأب أو ٍأم ونحوھما ‪.‬‬ ‫ُدر ٍ‬ ‫أم على المشھور ‪ ،‬وسيأتي نقضه ما ص ِّ َ‬ ‫بأب أو ٍّ‬ ‫الكنية ‪ :‬ما ص ِّ َ‬
‫ُدر ٍ‬
‫ذم كأنف الناقة أنف الناقة اسم قبيلة ھذا ‪.‬‬ ‫ذم ‪ ،‬ما أشعر بمدح كزين العابدين أو ٍ‬ ‫بمدح أو ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫واللقب ‪ :‬ما أشعر‬
‫واالسم ‪ :‬ما ليس بكنية وال لقب ‪.‬‬
‫مركبا ‪ ،‬فإذا سمي‬ ‫ً‬ ‫مفردا وقد يكون‬ ‫ً‬ ‫اسما ‪ ،‬وقد يكون‬ ‫حينئذ تعين كونه ً‬ ‫ٍ‬ ‫ًإذا القسمة ثالثية ‪ ،‬فلما نفى كونه كنية وكونه ً‬
‫لقبا‬
‫بزيد نقول ‪ :‬ھذا اسم ‪ .‬عبد  ھذا اسم ‪ ،‬أبو زيد أبو عبد  نقول ‪ :‬ھذا كنية ‪ .‬أم عبد  نقول ‪ :‬ھذا كنية ‪ .‬أنف الناقة نقول‬
‫ابتداء وضعوه أول ما ولد المولود سمي بأبو عبد  ‪ ،‬ھل‬ ‫ً‬ ‫‪ :‬ھذا لقب ‪ .‬زين العابدين نقول ‪ :‬ھذا لقب ‪ .‬لو سمي به بالكنية‬
‫أم ؟‬
‫بأب أو ٍّ‬ ‫ُدر ٍ‬ ‫نقول ‪ :‬اسم أم كنية ؟ اسم فكيف نقول في ضابط الكنية ما ص ِّ َ‬
‫ألنه قد يكون كنيته اسمه ‪ ،‬قد أول ما يولد ھذا موجود يسمى ماذا ؟ يسمى أبو عبد  أو يسمى أبو الدرداء كما ھو‬
‫علما مع كونه ماذا من يسمعه أول ما يسمعه يظن أنه كنية ‪ ،‬أم كلثوم ھذه الصحابية اسمھا بالكنية‬ ‫صاحبنا ‪ ،‬اسمه أبو الدرداء ً‬
‫حينئذ ال بد من وضع قيد باعتبار كونه ً‬
‫أوال ‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫ُدر بأب‬ ‫فحينئذ لو ص ِّ َ‬
‫ٍ‬ ‫أم أو بنت أو ابن ونحوھا ‪،‬‬ ‫بأب أو ٍّ‬ ‫أوليا ودل على مسماه ولو صدر ٍ‬ ‫وضعا ًّ‬ ‫ً‬ ‫فنقول ‪ :‬االسم ما وضع‬
‫بأب أو أم أو نحوھما نقول ‪ :‬ھذا‬ ‫مصدرا ٍ‬ ‫ً‬ ‫ًّ‬
‫ثانويا أو‬ ‫ً‬
‫وضعا‬ ‫أوليا فإن وضع‬ ‫وضعا ًّ‬ ‫ً‬ ‫أبو الدرداء فنقول ‪ :‬ھذا علم ‪ .‬ألنه وضع‬
‫أوليا يعني ‪ :‬أول ما وُ ِلدَ ال بد أنه تابع للمولود واألسماء في بني‬ ‫وضعا ًّ‬ ‫ً‬ ‫كنية وليس باسم ‪ً .‬إذا األسماء جمع اسم وھو ما وضع‬
‫أوليا ودل على مسماه ‪.‬‬ ‫وضعا ًّ‬ ‫ً‬ ‫آدم المقصود ھنا ما وضع‬
‫أوليا وص ِّ َ‬
‫ُدر‬ ‫وضعا ًّ‬
‫ً‬ ‫حينئذ لو وضع‬ ‫ٍ‬ ‫بأب أو ٍأم ونحوھما ‪.‬‬ ‫ُدر ٍ‬ ‫ثانويا وص ِّ َ‬ ‫ًّ‬ ‫ً‬
‫وضعا‬ ‫والكنى ( جمع كنية وھي ‪ :‬ما وضعت‬ ‫َُ‬ ‫)‬
‫بأب أو ٍأم نقول ‪ :‬ليس بكنية بل ھو اسم وليس بكنية ‪ ،‬واأللفاظ ھذا واضح ال اعتراض فيھا ما أشار بمدح أو ذم ووضع‬ ‫ٍ‬
‫علما أول ما وضع زين العابدين‬ ‫ثانويا ال بأس بھذا القيد يعني ‪ :‬لو سمي زين العابدين ً‬ ‫ًّ‬ ‫ً‬
‫وضعا‬ ‫ثانويا يعني ‪ :‬لو سمي‬ ‫ًّ‬ ‫ً‬
‫وضعا‬
‫ثانويا يعني ‪ :‬أول ما يوضع ھو‬ ‫ًّ‬ ‫ً‬
‫وضعا‬ ‫لقبا إذا وضع‬ ‫على مسماه نقول ‪ :‬ھذا لقب أو اسم ؟ اسم ‪ ،‬ألن زين العابدين يكون ً‬
‫االسم ثم بعد ذلك يلقب أو يكنى ‪.‬‬
‫والمبھمات ( جمع مبھم كمكرم وھو المغلق من اإلبھام أبھم الليل إذا لم يتضح ‪ ،‬وقيل ‪ :‬المبھم المغلق من األبواب ‪.‬‬ ‫ُْ َ ُ‬ ‫)‬
‫سيذكر بعض األسماء الواردة في القرآن من أسماء األنبياء ‪ ،‬وأسماء المالئكة ‪ ،‬وأسماء بعض الصالحين ‪ ،‬واألولياء ‪،‬‬
‫ً‬
‫مبھما‬ ‫كني وذكر بكنى في القرآن كذلك ما ذكر بلقبه أو ذكر‬ ‫وأسماء بعض الكافرين مما ذكر في القرآن وكذلك الكنى ما ُ ِّ َ‬
‫ُفسرا في طريق ونحو ذلك سيذكر بعض األشياء وھذه مما ال ‪ ،‬وإن بحثت في علوم القرآن لكن ال يتعلق بھا حكم‬ ‫فجاء م َ َّ ً‬
‫شرعي وإنما تعتبر من الزيادات ومن ْالم َُلح ‪ ،‬م َُلح العلم ألن العلم كل علم ھذا قد يكون أصوالً وقد يكون م َُلح ‪ ،‬يعني مما زاد‬
‫عن األصل مما قد يستغنى عنه بل يستغنى عنه ‪ ،‬فطالب العلم إذا لم يعرف المبھمات التي في القرآن أو في األحاديث في‬
‫مثال ھذا ينبني عليه حكم ينبني عليه وال بد من معرفته لكن‬ ‫ً‬ ‫المتون ‪ ،‬ال في األسانيد ‪ ،‬ال ينبني عليه ‪ ،‬لكن المبھم في السند‬

‫‪231‬‬
‫يسعى ﴾ ] القصص ‪[20 :‬‬
‫َ َْ‬ ‫المدينة‬ ‫من َ ْ َ‬
‫أقصى ْ َ ِ َ ِ‬ ‫رجل ٌ ِّ ْ‬
‫وجاء َ ُ‬
‫المبھم في المتن قد ال ينبني عليه حكم وكذلك المبھم في القرآن ﴿ َ َ‬
‫من ھو الرجل ھذا ؟ ما ينبني عليه فائدة لو ذكر أو لم يذكر ‪.‬‬
‫ٌ‬
‫إسحاق ( األسماء بدأ بماذا ؟ بأسماء األنبياء المذكورة في القرآن وھي ‪ :‬خمسة وعشرون ً‬
‫اسما ‪ .‬ذكر ثمانية عشر منھا‬ ‫) ِ ْ ُ‬
‫في آية واحدة في آية األنعام‬

‫موسى‬ ‫وصالح ُ َ ْ ٌ‬
‫شعيب ُ َ‬ ‫َ ِ ٌ‬ ‫ھود‬
‫ُْ ٌ‬ ‫عيسى‬ ‫يوسف ُ ٌ‬
‫ولوط ِ ْ َ‬ ‫ُ‬ ‫ِ ْ ُ‬
‫إسحاق ُ‬
‫)‬ ‫)‬

‫ھود ( لكن في كتب التاريخ تجد أن لھم سند يعني‬ ‫عيسى ُ ْ ٌ‬‫ولوٌط ِ ْ َ‬‫يوسف ُ‬
‫ُ‬ ‫ھذه األسماء ما ذكرت في القرآن ھكذا ) ِ ْ ُ‬
‫إسحاق ُ‬
‫‪ :‬يكون آباھم وأجدادھم وأجداد أجدادھم إلى آخره ‪ .‬ھذه ] مما ال [ إن ثبت عن النبي  بأن النبي كذا أبوه كذا ھذا ال إشكال‬
‫مقبول على العين والرأس وما عدا ذلك فھو مما يُسمع وال يُصدق وال يُكذب ألنه من قبيل ماذا ؟ من قبيل التأريخ والتأريخ‬ ‫ٌ‬
‫جدَ أنھا ‪ -‬إذا ثبت لھا أسانيد ‪ -‬إذا ثبت لھا أسانيد فھي مما لم يشتغل أھل العلم‬ ‫َ‬
‫أكثره لم يثبت إنما ھو بأسانيد لو بحث عنھا لوُ ِ‬
‫) ِ ْ ُ‬
‫إسحاق‬ ‫ً‬
‫جزما وإذا قيل أبوه يقال كذا وال أجزم بكون أباه كذا‬ ‫بتمحيصھا وفحصھا ‪ ،‬ولذلك أنا أنسب المذكور في القرآن‬
‫إسحاق ( ھذا خبر مبتدأ محذوف وھو ألنه عبارة عن ماذا ؟ أعلى من يذكر اسمه في القرآن ھم‬ ‫( يعني وھم إسحاق ‪ُ ْ ِ ) .‬‬
‫األنبياء والرسل لكن لم يرتبھم باألفضل بل جعل النبي  رقم خمس وعشرين وبدأ بإسحاق وأخر آدم عليه السالم ًإذا ھذا‬
‫اتفاقا على ما سمح به النظم ‪ُ ْ ِ ) ،‬‬
‫إسحاق ( وھم إسحاق بن إبراھيم عليھما السالم ‪.‬‬ ‫ليس بترتيب وإنما ذكرھم ھكذا ً‬
‫يوسف ( بالتنوين للوزن ويوسف بن يعقوب ‪.‬‬‫ٌ‬ ‫و) ُ‬
‫ولوط ( ورد في القرآن دون أن يبين من أبوه لكن يُذكر أنه ابن ھاران ‪.‬‬ ‫ٌ‬ ‫) ُ‬
‫عيسى ( بن مريم عليه السالم ‪.‬‬ ‫و) ِْ َ‬
‫ھود ( ھكذا ذكر في القرآن ويقال ‪ :‬ابن عبد  ‪ .‬ھود بن عبد  ‪ .‬و أعلم ‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫و) ُْ ٌ‬
‫وصالح ( وقيل ‪ :‬ابن عبيد صالح بن عبيد النبي صالح ) َ ِ ٌ‬
‫وصالح ( قيل ‪ :‬ابن عبيد ‪.‬‬ ‫و) َ ِ ٌ‬
‫شعيب ( وقيل ‪ :‬ابن ميكائيل ‪ .‬يعني ‪ :‬أبوه اسمه ميكائيل يذكرون جده وجد جده سبعة وعشر و ُيرجع عليھا في الشرح‬ ‫و) َُْ ٌ‬
‫ذكرھا ‪.‬‬
‫ھارون (‬
‫موسى ( ابن عمران ‪ ،‬و ) َ ُ ُ‬ ‫و) ُ َ‬

‫كذا َ ْ ُ ُ‬
‫يعقوب‬ ‫يونس َ َ‬ ‫ُذو ِ ْ ِ‬
‫الكفل ُ ُ ُ‬ ‫ابنه َ َّ ُ‬
‫أيوب‬ ‫داود ْ ُ ُ‬
‫ھارون َ ُ‬
‫َ ُ ُ‬
‫)‬ ‫)‬

‫ھارون ﴾ ] القصص ‪ . [34 :‬أخي ھارون ‪ ،‬وإذا أطلق أخي نحمله على‬ ‫وأخي َ ُ ُ‬ ‫ھارون ( ھذا شقيق موسى ﴿ َ َ ِ‬ ‫يعني ‪ :‬و ) َ ُ ُ‬
‫حقيقته وھو أنه أخوه شقيقه قال بعضھم ‪ :‬ال ‪ ،‬ألمه ‪ .‬وقال بعضھم ‪ :‬ال ‪ ،‬بل ألبيه ‪ .‬نقول ‪ :‬ائت بالدليل نص القرآن قال ‪﴿ :‬‬
‫لسانا ً ﴾ ‪ .‬أخي األصل ماذا ؟ حقيقة أنه شقيق فنقول ‪ :‬شقيقه ‪ .‬ونجزم بھذا إن جاء نص يخص‬ ‫مني ِ َ‬ ‫ھو َ ْ َ ُ‬
‫أفصح ِ ِّ‬ ‫ھارون ُ َ‬ ‫َ َ ِ‬
‫وأخي َ ُ ُ‬
‫أنه ألبيه أو ألمه على العين والرأس وإال سنبقى على ھذا اإلطالق ‪.‬‬
‫ابنه ( يعني ‪:‬‬ ‫داود ْ ُ ُ‬ ‫داود ( عليه السالم وقيل ‪ :‬ابن إيشا ‪ .‬يعني ‪ :‬أبوه إيشا ‪ ،‬و ) ْ ُ ُ‬
‫ابنه ( ) َ ُ‬ ‫ھارون ( شقيق موسى ‪ ،‬و ) َ ُ‬ ‫و) َ ُ ُ‬
‫أيوب (‬ ‫َ‬
‫ابنه ( يعني ‪ :‬سليمان بن داوود ‪ ،‬و ) َّ ُ‬ ‫دائما على إسقاط الواو ونحتاج إلى أن ننص عليھا في كل موضع و ) ْ ُ ُ‬ ‫وابنه ً‬
‫اسم أو لقب ؟  أعلم قيل ‪ :‬ابن أيوب ذو الكفل بن أيوب ‪.‬‬ ‫الكفل ( ھل ھو ٌ‬ ‫الكفل ( ھكذا ورد ) ُذو ِ ْ ِ‬ ‫قيل ‪ :‬ابن أبيض ‪ ،‬و ) ُذو ِ ْ ِ‬
‫متى بفتح الميم مع تشديد التاء ومتى أبوه ال‬ ‫يونس ( ابن َ َّ‬‫متى ھذا جاء في النص ) ُ ُ ُ‬ ‫يونس ( ابن َ َّ‬ ‫وقيل ‪ :‬اسمه بشر ‪ ،‬و ) ُ ُ ُ‬
‫يعقوب ( ابن إسحاق ھذا رقم خمسة عشر ‪ُ َ َ ) ،‬‬
‫آدم (‬ ‫كذا َ ْ ُ ُ‬
‫يعقوب ( يعقوب ابن من ؟ ابن إسحاق نجزم ) َ َ‬ ‫كذا َ ْ ُ ُ‬‫أمه كذا قيل ‪َ َ ) ،‬‬
‫إدريس ( ابن‬
‫ھذا أبو البشر واألولى تقديمه لكن للنظم أخره قيل ‪ :‬سمي آدم ألنه خلق من أديم األرض آدم أبو البشر ‪ ،‬و ) ِ ْ ِ ُ‬
‫يحيى ( ابن زكريا وھذا جاء في‬ ‫ونوح ( قيل ‪ :‬ابن َلمْج بفتح الالم وإسكان الميم ‪ .‬و أعلم ‪ ،‬و ) َ ْ َ‬ ‫يرد ‪  .‬أعلم ‪ ،‬و ) ُ ٌ‬
‫إبراھيم ( ابن آزر ھذا ھو المشھور وھذا ھو الصحيح قيل ‪ :‬آزر‬ ‫ُ‬ ‫واليسع ( ابن جبير ھكذا قيل ‪ .‬و أعلم ‪ ،‬و ) ِ ْ‬ ‫القرآن ‪ُ ْ َ ) ،‬‬
‫ألبيه ﴾ ] األنعام ‪ [74 :‬نقول ‪ :‬لعمه ؟ ! بعض المفسرين يقولون عمه وليس أباه لكن ھذا‬ ‫إبراھيم َ ِ ِ‬
‫وإذ َقال َ ِ ْ َ ِ ُ‬
‫عمه ‪ .‬وھذا فاسد ﴿ َ ِ ْ‬
‫مجازا نقول ‪:‬‬‫ً‬ ‫آزر ﴾ ] األنعام ‪ . [74 :‬لو أطلق األب على العم‬ ‫إبراھيم َ ِ ِ‬
‫ألبيه َ َ‬ ‫وإذ َقال َ ِ ْ َ ِ ُ‬‫ما ھو صحيح  عز وجل يقول ‪ْ ِ َ ﴿ :‬‬
‫‪232‬‬
‫نحمله على حقيقته ‪ .‬ائت بدليل صارف وإال نبقى على الحقيقة ‪ ،‬أنا أقول بالمجاز لكن أقف في حلوقھم ] شوية [ فال بد يعني‬
‫من أدلة وإال ما نصرف اللفظ عن ظاھره ‪.‬‬
‫إبراھيم ( ابن آزر ‪.‬‬
‫ُ‬ ‫إليا ( ) ِ ْ‬ ‫إبراھيم َ ً‬
‫أيضا ِ ْ َ‬ ‫ُ‬ ‫واليسع ‪ْ ِ ،‬‬
‫) َ ْ ُ‬
‫ٌ‬
‫ورفع‬ ‫إليا ( إلياس ترخيم ھذا إلياسين ھذا ترخيم‬ ‫) َِْ‬
‫طرار◌ َ َّ‬
‫رخمُوا ُدون ِندَ ا‬ ‫َوالضْ ِ َ ٍ ٍ‬
‫وھنا ليس عند الندا ھذا باب الشعري فقط إل ياسين ‪ ،‬ترخيم إلياس إلياس بن إل ياسين ھكذا قيل ‪ :‬إليا ‪ .‬حذفت السين من‬
‫باب ماذا ؟ يا سعاد يا سعا أليس كذلك ھذا يسمى ترخيم لكنه يكون في العلم في النداء في المنادى وأما ما عدا المنادى فال‬
‫يجوز ‪.‬‬

‫شذ لمعنى فيه باصطالح‬ ‫وقولھم في صاحب يا صاح‬


‫)‬ ‫)‬

‫شذ ‪ ،‬شاذ لماذا ؟ لكونه مما جرى على ألسنة‬ ‫لماذا ؟ لكون ليس بعلم ما كونه في النداء ‪ ،‬وقولھم في صاحب يا صاح َّ‬
‫العرب ورخموه ‪ ،‬ھنا شاذ لكون ليس في النداء قال ابن مالك ‪:‬‬
‫طرار◌ َ َّ‬
‫رخمُوا ُدون ِندَ ا‬ ‫َوالضْ ِ َ ٍ ٍ‬
‫وزكريا ( قيل ‪ :‬كان من ذرية سليمان بن داوود ‪ .‬و أعلم ‪.‬‬ ‫و ) َ َ ِ َّ‬
‫ٌ‬
‫مفعول مطلق ‪.‬‬ ‫َ‬ ‫أيضا ( َ‬
‫آض َِيئيضُ أي ً‬
‫ْضا‬ ‫َ‬
‫وزكريا ً‬ ‫) َ َ ِ َّ‬
‫إسماعيل ُ ( بإسقاط الھمزة للوزن ھمزة قطع ھي في األصل لكنھا أسقطت للوزن ) ْ َ ِ‬
‫إسماعيل ُ ( بن إبراھيم‬ ‫أيضا ْ َ ِ‬ ‫َ‬
‫وزكريا ً‬ ‫) َ َ ِ َّ‬
‫عليه السالم إسماعيل وھو الذبيح على األصح وليس إسحاق ‪.‬‬
‫تكميل ُ ( يعني ‪ :‬تكميل لألنبياء الخمسة والعشرين الذين ذكروا في القرآن ‪ ،‬ھؤالء لو عددتھم كلھم‬ ‫محمد  َ ْ ِ‬
‫وجاء في ُ َ َّ ٍ‬ ‫َ‬ ‫)‬
‫خمس وعشرون ‪.‬‬ ‫ٌ‬
‫ثم قال ‪:‬‬

‫السجل ُّ ِ ْ َ ِ ْ‬
‫ميكائيل ُ‬ ‫ِّ ِ‬ ‫ٌَِْ‬
‫قعيد‬ ‫ِْ َ ِْ‬
‫وجبرائيل ُ‬ ‫اروت َ ُ ُ‬
‫ماروت‬ ‫َھ ُ ُ‬
‫)‬ ‫)‬

‫ماروت ( بإسقاط الواو ‪.‬‬ ‫ھاروت ‪ُ ُ َ ،‬‬


‫ماروت ( قيل ‪ :‬اسما ملكين ذكرا في آية السحر من سورة البقرة ) َ ُ ُ‬‫ھاروت ‪ُ ُ َ ،‬‬
‫) َ ُ ُ‬
‫) ِْ َ ِْ‬
‫وجبرائيل ُ ( معلوم ‪.‬‬
‫ْن‬ ‫َ‬
‫ُوكلي ِ‬ ‫ْ‬
‫ْن الم َ َّ‬ ‫َ‬
‫اسما بل صفة َ َ‬
‫للملكي ِ‬ ‫قعيد ( يعني ‪ :‬وقعيد ‪ .‬يعني ‪ :‬كاتب السيئات يكون اسمه قعيد ملك ‪ ،‬والمشھور أنه ليس ً‬ ‫) ٌَِْ‬
‫باإلنسان يعني ليس بعلم ھو أراد أن يذكر اآلن أعالم المالئكة لما ذكر أعالم األنبياء في القرآن جمع لك في ھذا البيت ما‬
‫السجل ُّ (‬ ‫وجبرائيل ُ َ ِ ْ ٌ‬
‫قعيد ِّ ِ‬ ‫ماروت ِ ْ َ ِ ْ‬ ‫ُذكر من أعالم المالئكة ‪ً ،‬إذا شرع في بيان أسماء المالئكة الذين ذكروا في القرآن ) َ ُ ُ‬
‫ھاروت َ ُ ُ‬
‫ٌ‬
‫موكل بالصحف ‪ .‬و أعلم ‪.‬‬ ‫السجل ُّ ( يعني ‪ :‬والسجل السجل قيل ‪ :‬ملك‬
‫قعيد ‪ِ ِّ ،‬‬‫‪ٌَِْ )،‬‬
‫ٌ‬
‫موكل للمطر ھذا ثابت وال إشكال فيه ‪.‬‬ ‫) ِ ْ َ ِْ‬
‫ميكائيل ُ ( ھذا‬

‫جالوت‬ ‫إبليس َ ُ ُ‬
‫قارون َكذا َ ُ ُ‬ ‫ِْ ِ ُ‬ ‫َ ُ ُ‬
‫طالوت‬ ‫ََ‬
‫كذا‬ ‫ُ َّ ٌ‬
‫تبع‬ ‫ُْ َ ُ‬
‫لقمان‬
‫)‬ ‫)‬

‫ذكر لك في البيت الشطر األول ثالثة من الصالحين الذين ذكروا في القرآن ‪ ،‬وذكر في الشطر الثاني ثالثة من الكافرين‬
‫عبد صالح وقيل ‪ :‬نجار‬ ‫نبيا قاله عكرمة والشعبي واألكثر على أنه ٌ‬ ‫الذين ذكروا في القرآن ) ُ ْ َ ُ‬
‫لقمان ( قيل ‪ :‬أنه نبي ‪ .‬كان ًّ‬
‫وتبع ‪ .‬بضم‬ ‫ِّي به لكثرة من تبعه ) ُ ْ َ ُ‬
‫لقمان ‪ٌ َّ ُ ،‬‬
‫تبع ( يعني ‪ٌ َّ ُ :‬‬ ‫ٌ‬
‫رجل صالح ُسم َ‬ ‫أيضا قيل ‪ :‬نبي ‪ .‬والصواب أنه‬‫ً‬ ‫تبع (‬ ‫‪ُ َ ُْ ).‬‬
‫لقمان ُ َّ ٌ‬
‫التاء وتشديد الباء المفتوحة ‪.‬‬
‫داوود َ ُ َ‬
‫جالوت ﴾ ] البقرة ‪:‬‬ ‫ملكا على بني إسرائيل لقتال جالوت ﴿ َ َ َ‬
‫وقتل َ َ ُ ُ‬ ‫أيضا ھذا اسم رجل صالح جعله  ً‬ ‫) َكذا َ ُ ُ‬
‫طالوت ( ً‬
‫‪. [251‬‬
‫‪233‬‬
‫إبليس ( ھذا شرع منه في ذكر أسماء ثالثة ممن كفروا با العظيم وإبليس سمي به ألن  أبلسه من الخير يعني ‪:‬‬ ‫) ِْ ِ ُ‬
‫آيسه منه ) ِ ْ ِ ُ‬
‫إبليس ( ‪.‬‬
‫قارون َكذا ( قارون قيل ‪ :‬ابن يسحر ‪ .‬أو يصھر  أعلم ‪.‬‬ ‫) َ ُ ُ‬
‫ملك من ملوك الكفار الذين تجبروا في األرض ‪.‬‬ ‫جالوت ( اسم ٍ‬ ‫) َكذا َ ُ ُ‬
‫أبوھا ( يعني ‪ :‬ومريم بنت عمران ‪ .‬وقيل ‪ :‬إنھا نبية ‪ .‬وعليه ابن حزم رحمه  ‪ ،‬والصواب أنه‬ ‫أي َ ُ َ‬ ‫عمران َ ْ‬
‫ومريم ِ ْ َ ُ‬
‫) ٌََْ‬
‫ليس في األنبياء نساء ‪ ،‬وكونھا أوحي إليھا ھذا ال يلزم منه مجرد الوحي أو صيغة الوحي في القرآن ال يلزم منه أنه إيحاء‬
‫النحل ﴾ ] النحل ‪ . [68 :‬نقول ‪ :‬النحل نبي ؟ ال يلزم إذا تعلق الوحي أو‬ ‫ربك َِإلى َّ ْ ِ‬ ‫نبوة بل  عز وجل قال ‪َ ْ َ َ ﴿ :‬‬
‫وأوحى َ ُّ َ‬
‫ً‬
‫أيضا أبوھا‬ ‫أي َ ُ َ‬
‫أبوھا ( يعني ‪ُ :‬ذكر‬ ‫عمران َ ْ‬
‫ومريم ( يعني ‪ :‬بنت عمران ) ِ ْ َ ُ‬
‫اإليحاء بشيء نقول ‪ :‬إنه يدل على النبوة ال ‪ٌ َ ْ َ ) .‬‬
‫أبو من ؟ مريم وھل ھي أخت موسى بن عمران ؟ الجواب ‪ :‬ال ‪.‬‬
‫ھارون ﴾ ] مريم ‪ [28 :‬ھل‬ ‫أخوھا ( ﴿ َيا ُ ْ َ‬
‫أخت َ ُ َ‬ ‫أي َ ُ َ‬
‫ھارون َ ْ‬
‫ُ‬ ‫كذا ( ممن ذكر في القرآن ) َ‬ ‫أيضا ) َ َ‬
‫ھارون ( أبوھا ً‬ ‫ُ‬ ‫كذا َ‬ ‫) َ ً‬
‫أيضا َ َ‬
‫ھو وأخي ھارون ؟‬
‫أي َ ُ َ‬
‫أخوھا (‬ ‫أيضا ( كما ذكر ھارون ) َ ْ‬ ‫معا في القرآن ) َ ً‬ ‫أي َ ُ َ‬
‫أبوھا ( ُذكرا ً‬ ‫عمران ( وعمران ) َ ْ‬ ‫ومريم ِ ْ َ ُ‬
‫الجواب ‪ :‬ال ‪ٌ َ ْ َ ) .‬‬
‫أخو مريم ال أخو موسى ‪.‬‬
‫ثم شرع في بيان من ذكر من الصحابة أصحاب النبي  ‪.‬‬

‫كعبد ُ َّ‬
‫العزى‬ ‫فيه َ َ ْ ِ‬
‫الكنى ِ ِ‬ ‫ُ َّ‬
‫ثم ُ َ‬ ‫صحاب َ َّ‬
‫عزا‬ ‫من ِ َ ٍ‬ ‫من َ ْ ِ‬
‫غير َ ْ ٍ‬
‫زيد ِ ْ‬ ‫ِ ْ‬
‫)‬ ‫)‬

‫زيد ﴾ ] األحزاب ‪ [37 :‬زيد‬ ‫قضى َ ْ ٌ‬ ‫فلما َ َ‬ ‫ِّي في القرآن ﴿ َ َ َّ‬ ‫زيد ( زيد بن حارثة رضي  تعالى عنه ھو الذي ُسم َ‬ ‫غير َ ْ ٍ‬‫من َ ْ ِ‬ ‫) ِ ْ‬
‫بن حارثة ‪ ،‬وھل ھذا يدل على ماذا ؟ ھل يدل أو يستفاد منه أنه أفضل من أبي بكر وعمر ؟‬
‫من ُذكر اسمه في القرآن أولى وأفضل ممن لم يذكر أليس كذلك ؟ ال شك من تكلم  تعالى باسمه أفضل لكن الفضيلة ال‬
‫مثال ‪ :‬زيد بن حارثة من حيث ھذه المزية من حيث ھذه الفضيلة أفضل من‬ ‫ً‬ ‫تستلزم أن يكون أفضل من حيث الجملة فيقال‬
‫غيره من الصحابة ‪ ،‬لكن ال يستلزم تفضيله في شيء ما أنه أفضل بالجملة ‪ ،‬وإال جاء نص في عمر رضي  تعالى عنه »‬
‫فجا آخر « ‪ .‬ھذه لم تذكر في شأن أبي بكر ‪ ،‬ودخل أبو بكر والنبي  كاشف عن‬ ‫سالكا في فج إال سك ً‬ ‫ً‬ ‫أنه ما رآه الشيطان‬
‫ً‬
‫فخذيه ودخل عمر ثم دخل عثمان فماذا ؟ فستر النبي فقال ‪ » :‬أال أستحي من رجل تستحي منه المالئكة « ‪ .‬إذا ثبتت مزية‬
‫لعثمان لم تثبت ألبي بكر وال عمر ‪ ،‬نقول ‪ :‬الضابط في ھذه أن إثبات المزية لصاحبيٍ ‪ ،‬الصحابة من حيث ھذه المزية ھذا‬
‫مطلقا أفضل الصحابة وبإجماع أھل العلم ‪،‬‬ ‫ً‬ ‫الشخص وھذا الصحابي أفضل ‪ ،‬وھذا ال يستلزم تفضيله بالكلية فنقول ‪ :‬أبو بكر‬
‫ثم عمر ‪ ،‬ثم عثمان ‪ ،‬ثم علي ‪ .‬كترتيبھم في الخالفة ال فرق في الفضل وال في الخالفة ‪ ،‬لكن إثبات مزية لبعض الصحابة لم‬
‫تثبت لمن ھو أعلى ال يستلزم منه أن يكون أفضل بالجملة وإنما في ھذه الخصيصة ‪.‬‬
‫الكنى (‬‫ثم ُ َ‬‫عزا ( يعني ‪ :‬قل بل عدم ‪َّ ُ ) .‬‬ ‫صحاب ( يعني من أسماء صحاب النبي  ) َ َّ‬ ‫زيد ( ابن حارثة ) ِمْن ِ َ ٍ‬ ‫غير َ ْ ٍ‬ ‫من َ ْ ِ‬ ‫) ِ ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫يدا ِأبي َ ٍ‬
‫لھب‬ ‫لھب ( أبو لھب ﴿ َ َّ ْ‬
‫تبت َ َ‬ ‫َ‬
‫كنى َأبا ْ ٍ‬ ‫َ‬ ‫العزى َ َّ‬
‫كعبد ُ َّ‬
‫فيه ( يعني ‪ :‬في القرآن ‪ِ ْ َ َ ) .‬‬
‫شرع في بيان الكنى وھو النوع الثاني ) ِ ِ‬
‫شرعا عبد العزى ُعبِّدَ لغير الرب جل وعال إذاً‬ ‫ً‬ ‫﴾ ] المسد ‪ [1 :‬فقط ال يوجد كنية أخرى لم يذكر باسمه لماذا ؟ ألنه حرام‬
‫حرام وقيل ‪ :‬لإلشارة مع ھذا يعني ‪ :‬زيادة على ھذا – النكات ال تتراحم مع ھذا ‪ -‬إشارة إلى أنه جھنمي ) لھب ( ‪.‬‬
‫جاء ( فيه في القرآن حذف الجار والمجرور ) ُذو‬ ‫قد َ َ‬ ‫أواب ( شرع في بيان األلقاب ) َ ْ‬‫القرنين يا َ َّ ُ‬
‫جاء ُذو َ ْ َ ْ ِ‬
‫قد َ َ‬ ‫) َْ َ ُ‬
‫األلقاب َ ْ‬
‫القرنين ( قيل ألنه ُسمِّي ذو القرنين ألن ملك فارس والروم وھما قرنان أعظم أمتين ‪ ،‬وقيل ‪ :‬ألنه دخل الظلمة والنور ‪.‬‬ ‫َْ َْ ِ‬
‫وقيل ‪ :‬ألنه كان برأسه شبه القرنين ‪ .‬وقيل ‪ :‬كان له ذؤابتان ‪ .‬وقيل ‪ :‬ألنه رأى في النوم بأنه أخذ بقرني الشمس ‪ .‬و أعلم‬
‫‪.‬‬
‫أواب ( ھذا من باب التكملة يا كثير التوبة والرجوع إلى  تعالى ‪.‬‬ ‫َ‬
‫) يا َّ ُ‬
‫إسكندر ( على األشھر و أعلم‬ ‫واسمه ِ ْ َ ْ َ ُ‬
‫إسكندر ( ھذا لقبه ذو القرنين وسبب تلقيبه ما ذكر من بعض األقوال ) ْ ُ ُ‬ ‫واسمه ِ ْ َ ْ َ ُ‬ ‫) ْ ُ ُ‬
‫‪.‬‬
‫المسيح بتخفيف‬ ‫ِ‬ ‫عيسى ( عيسى ابن مريم ‪ ،‬لقبه المسيح وجاء اسمه المسيح عيسى ابن مريم ھنا ذكر أنه لقب‬ ‫المسيح ِ ْ َ‬ ‫) َ ِْ ُ‬
‫يسيح ( يعني ‪ :‬لم لقب‬ ‫أجل َما َ ِ ْ ُ‬ ‫من َ ْ ِ‬ ‫وذا ( اللقب ) ِ ْ‬ ‫السين وقد تشدد المسِّيح بتشديد السين لقب عيسى عليه السالم ابن مريم ) َ‬
‫‪234‬‬
‫يسيح ( يعني ‪ :‬سياحته في األرض من أجل سياحته في األرض أو ألنه ال يمسح ذا‬ ‫أجل َما َ ِ ْ ُ‬‫من َ ْ ِ‬ ‫عيسى ابن مريم بالمسيح ؟ ) ِ ْ‬
‫عاھة إال بريء أو ألنه كان مسيح القدمين أي ‪ :‬ال أخمص فيه ‪ .‬يعني ‪ :‬مستوي القدم من أسفل ھذه يقال أنه مسيح ‪ ،‬يقال ‪:‬‬ ‫ٍ‬
‫أيضا مسيح لكنه مسيح الضاللة وھذا مسيح الھداية ‪ ،‬ومسيح الضاللة قيل ‪ :‬ألنه يمسح األرض في الزمن القليل‬ ‫ً‬ ‫للدجال‬
‫إلضالل الناس أو ألنه ممسوح العينين ‪.‬‬
‫َ‬
‫فرعون ذا ( أي ‪:‬‬ ‫الوليد ( فرعون ھذا لقب اسم ھذا فرعون اسم أو لقب ؟ ھذا لقب ألننا في األلقاب ) ِ ْ َ ُ‬ ‫فرعون َذا َ ِ ْ ُ‬ ‫) ِْ َ ُ‬
‫َ‬
‫الفرعون الوليد بن مصعب ھكذا قيل ‪ ،‬اسمه الوليد بن مصعب و أعلم ‪ ،‬فرعون ھذا اسمه الوليد ) ذا ( أي ‪ :‬الفرعون‬
‫اسمه الوليد بن مصعب ‪.‬‬
‫آل‬ ‫المبھم ( في القرآن ) ِ ْ‬
‫من ِ‬ ‫ثم ُ ْ َ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫لھب ( ‪ .‬ثم األلقاب تقدر ثم ) َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫كنى َأبا َ ٍ‬ ‫المبھم ( ھذا للترتيب ولذلك في قوله ‪َّ َ ) :‬‬ ‫ثم ُ ْ َ ُ‬ ‫) ُ َّ‬
‫فرعون ( من أتباع فرعون الذي آمن وقد كتم إيمانه كما جاء في‬ ‫آل ِ ْ َ َ‬
‫من ِ‬ ‫إيمانه ( ھذا في سورة غافر ) ِ ْ‬ ‫يكتم ِ ْ َ َ ُ‬ ‫قد َ ْ ُ ُ‬ ‫فرعون الذي َ ْ‬ ‫ِْ َ َ‬
‫يكتم ِ َ َ ُ‬
‫إيمانه ﴾ ] غافر ‪. [28 :‬‬ ‫فرعون َ ْ ُ ُ‬
‫آل ِ ْ َ ْ َ‬
‫من ِ‬ ‫من ِّ ْ‬‫مؤ ِ ٌ‬
‫رجل ٌ ُّ ْ‬
‫وقال َ َ ُ‬ ‫سورة غافر ﴿ َ َ‬
‫من ﴾ من‬‫مؤ ِ ٌ‬‫رجل ٌ ُّ ْ‬ ‫حزقيل ُ ( ﴿ َ َ‬
‫وقال َ َ ُ‬ ‫حزقيل ُ ( بكسر الحاء وإسكان الزاي وقاف المكسورة اسم ھذا الرجل المبھم ) ِ ْ ِ ْ‬ ‫واسمه ِ ْ ِ ْ‬‫) ْ ُ ُ‬
‫حزقيل ُ ( لكن ما نجزم بھذا كل المبھمات إن لم يرد نص عن النبي  فال نجزم إال أن يكون لصحابي وصح سنده‬ ‫ھو ؟ ) ِ ْ ِ ْ‬
‫فيأخذ حكم الرفع ‪.‬‬
‫يحيل ُ‬ ‫َ‬
‫قد ُ ِ ْ‬ ‫ومن َعلى َ ِ ْ َ‬
‫ياسين ْ‬ ‫َ ْ‬ ‫‪..............................‬‬
‫)‬ ‫)‬
‫‪..........................‬‬ ‫حبيب‬
‫اسمه َ ِ ْ ُ‬ ‫يسعى ْ ُ ُ‬ ‫أعني الذي َ ْ َ‬ ‫َِْ ْ‬
‫)‬ ‫)‬

‫يحيل ُ ( أي يُسلم أحال أي ‪:‬‬ ‫قد ُ ِ ْ‬ ‫ومن َعلى ياسين ( يعني ومن في على بمعنى في ‪ ،‬في ياسين يعني في سورة ياسين ) َ ْ‬ ‫) َ ْ‬
‫حبيب‬
‫اسمه َ ِ ْ ُ‬ ‫) ْ ُ ُ‬ ‫يسعى ﴾ ] يس ‪ [20 :‬من ھو ھذا الرجل قال ‪:‬‬ ‫رجل ٌ َ ْ َ‬ ‫أقصى ْ َ ِ َ ِ‬
‫المدينة َ ُ‬ ‫َ‬
‫من ْ َ‬ ‫وجاء ِ ْ‬ ‫يسعى ( ﴿ َ َ‬ ‫أعني الذي َ ْ َ‬ ‫أسلم ) َ ْ ِ ْ‬
‫( بن موسى النجار ھذا ھو المشھور حبيب بن موسى النجار ‪ .‬و أعلم ‪.‬‬
‫لبيب ( يعني ‪ :‬يا عاقل ‪.‬‬ ‫نون َيا َ ِ ْ ُ‬
‫بن ُ َ‬ ‫ويوشع ُ‬ ‫) َ َ ُ‬
‫وھو ( أي يوشع‬ ‫السفينة ( يوشع بن نون يا لبيب ھذا من باب التكميل للبيت يعني ‪ :‬يا عاقل ‪َ ُ ) .‬‬ ‫فتى ُموسى ََلدى َّ ِ ْ َ ْ‬ ‫وھو َ َ‬ ‫) َُ‬
‫أبرح ﴾ ] الكھف ‪[60 :‬‬ ‫لفتاهُ َال َ ْ َ ُ‬
‫موسى ِ َ َ‬‫وإذ َقال َ ُ َ‬ ‫نون ( فتى موسى الذي ُذكر معه في سورة الكھف ) ََلدى َّ ِ ْ َ ْ‬
‫السفينة ( ﴿ َ ِ ْ‬ ‫بن ُ َ‬ ‫) ُ‬
‫من ھو ھذا الفتى ؟ يوشع بن نون ‪ .‬و أعلم ال نجزم ‪.‬‬
‫من‬ ‫ِ‬
‫رجالن َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫المائدة بالكسر ﴿ قال َ َ ُ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ھما ( يعني اللذان ھما في سورة‬ ‫ومن ُ َ‬ ‫يوشع ( ) َ ْ‬ ‫مع ُ َ َ‬ ‫كالب َ ْ‬ ‫ُ‬ ‫سورة َ ِ َ ِ‬
‫المائدة‬ ‫ھما في ُ َ ِ‬ ‫ومن ُ َ‬ ‫) َ ْ‬
‫يوشع ( ھما كالب‬ ‫مع ُ َ َ‬‫كالب َ ْ‬
‫ُ‬ ‫عليھما ﴾ ] المائدة ‪ [23 :‬رجالن من ھما ؟ قال ‪ :‬كالب ‪ .‬اسمھما )‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫أنعم  ُ َ ْ ِ َ‬ ‫َ‬
‫يخافون ْ َ َ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫الذين َ َ‬‫َّ ِ َ‬
‫ويوشع ‪ ،‬يوشع بن نون السابق ھكذا قيل ‪.‬‬
‫فارغا ً ﴾ ] القصص ‪ [10 :‬من ھي‬ ‫موسى َ ِ‬
‫أم ُ َ‬ ‫ُ‬
‫فؤ ُاد ِّ‬ ‫وأصبح ُ َ‬ ‫َ‬
‫موسى ( يعني ‪ :‬وأم موسى ‪ .‬واردة في سورة القصص ﴿ َ ْ َ َ‬ ‫أم ُ َ‬ ‫) ُ ُّ‬
‫البوسا ( ھذه جملة دعائية البأس ‪ ،‬األلف ھذه‬ ‫كفيت ُ َ‬ ‫اسمھا ( ‪ .‬و أعلم ‪َ ْ ِ ُ ) .‬‬ ‫أم موسى ھذه كنية من ھي ؟ قيل ‪ُ ِ َ ْ ِ ) :‬‬
‫يوحانذ ْ ُ‬
‫لإلطالق أي ‪ :‬كفاك وحفظك  من البؤس والشدة ‪ ،‬جملة دعائية فاصلة ‪.‬‬
‫من‬ ‫عبداً ِّ ْ‬ ‫العبد ( يعني ‪ :‬والذي ھو العبد لدى سورة الكھف ﴿ َ َ َ َ‬
‫فوجدا َ ْ‬ ‫ھو َ ْ ُ‬ ‫ومن ُ َ‬‫الخضر ( ) َ ْ‬ ‫الكھف َ ِ ْ‬ ‫العبد َلدى َ ْ ِ‬ ‫ھو َ ْ ُ‬ ‫ومن ُ َ‬ ‫) َ ْ‬
‫الخضر ( بفتح الخاء وكسر الضاد ويقال‬ ‫العبد َلدى ( سورة الكھف ) َ ِ ْ‬ ‫ھو َ ْ ُ‬ ‫ومن ُ َ‬
‫عبادنا ﴾ ] الكھف ‪ [65 :‬من ھو ھذا العبد ؟ ) َ ْ‬ ‫َِ َِ‬
‫كتف ‪.‬‬ ‫والخضر مثل َ ِ‬ ‫وخضْ ٌر بفتح وسكون ْ َ ِ‬ ‫بكسر فسكون ‪َ َ ،‬‬ ‫ٍ‬ ‫خضْ ر‬ ‫والخضْ ُر ‪ .‬ثالثة روايات ِ‬ ‫الخضْ رُ ْ ِ‬ ‫‪َ ْ :‬‬

‫في عضد ونحوه عضد عرف‬ ‫كتف َ ِ ْ ٌ‬


‫وكتف جاء في مثل َ ِ‬
‫كتف‬ ‫َْ ٌ‬
‫)‬ ‫)‬

‫خضر وكله من باب َ ِ‬


‫فعل يجوز فيه ثالث رواة ‪.‬‬ ‫فعل َ ِ‬
‫ألنه من باب َ ِ‬

‫‪235‬‬
‫الخضر ھذا لقب له واسمه قيل ‪َْ :‬بليى ‪ .‬بفتح الباء وسكون الالم ومعناه بالعربية أحمد بن ملكان ‪ .‬و أعلم ‪ ،‬وكنيته أبو‬
‫لقب بالخضر ألنه كان إذا جلس على األرض أخضر ما تحته والجمھور على نبوته ‪ ،‬الجمھور على أنه نبي ال أنه‬ ‫العباس ُ ِّ َ‬
‫باق شيخ اإلسالم ابن تيمية على أنه قد مات ‪.‬‬ ‫رسول أو ولي وھذا ھو الظاھر من النصوص أنه نبي وھل ھو مات أو ال أو ٍ‬
‫قد ُ ِ ْ‬
‫ھدر‬ ‫لديھا َ ْ‬
‫دم َ َ ْ‬ ‫ومن َ ُ‬
‫له ال َّ ُ‬ ‫) َ ْ‬
‫ھدر ( بال قصاص وال دية يقال ‪ :‬ھذا ردمه‬ ‫قد ُ ِ ْ‬ ‫َ‬
‫لديھا ( لدى سورة الكھف ) ْ‬ ‫َ‬
‫الدم َ ْ‬
‫له َّ ُ‬ ‫َ‬
‫ومن ُ‬ ‫حيسور ( ) َ ْ‬ ‫وھو َ ْ ُ ُ‬ ‫الغالم ُ َ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َِْ‬
‫أعني‬
‫ٌ‬
‫عقل )‬ ‫باطنا ليس فيه ٌ‬
‫قود وال‬ ‫ً‬ ‫وھدَ َر بإسكان والفتح ماذا ؟ أي ‪:‬‬ ‫ضرب وأھدره السلطان أي ‪ :‬أبطله وأباحه َ ْ ً‬
‫وھدرا َ‬ ‫بطل ‪ .‬بابه َ َ َ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫فقتله ﴾‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫لقيا غالما ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫الغالم ( ﴿ َحتى ِإذا ِ َ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫أعني ( به )‬ ‫َ‬
‫ھدر ْ ِ‬
‫قد ُ ِ ْ‬‫َ‬
‫لديھا ( لدى سورة الكھف ) ْ‬ ‫َ‬
‫الدم َ ْ‬
‫له َّ ُ‬ ‫َ‬
‫ومن ( يعني ‪ :‬الذي ‪ُ ) .‬‬ ‫َ ْ‬
‫قوله ( يعني ‪ :‬والملك في‬ ‫الملك في َ ِ ِ‬
‫حيسور ( اسمه حيسور ) ْ َ ِ ْ‬ ‫وھو َ ْ ُ ُ‬
‫] الكھف ‪ [74 :‬ھدر دمه أباحه من ھو ھذا الغالم ؟ ) ُ َ‬
‫غصبا ً ﴾ ] الكھف ‪ . [79 :‬ما اسمه ھذا الملك ؟ ھُدد بن بدد على وزن‬ ‫سفينة َ ْ‬ ‫ملك َ ْ ُ ُ‬
‫يأخذ ُكل َّ َ ِ َ ٍ‬ ‫وراءھم َّ ِ ٌ‬
‫وكان َ َ ُ‬ ‫قوله تعالى ‪َ َ َ ﴿ :‬‬
‫لك ﴾ اسمه ھدد بن بدد و أعلم ‪.‬‬ ‫وراءھم َّم ِ ٌ‬ ‫﴿ َ َ َ‬
‫وكان َ َ ُ‬ ‫ع َُمر وس َُرر ھدد يعني ‪ :‬اسم الملك الذي جاء في النص‬

‫َُْ ِ‬
‫المقتفي‬ ‫الصديق َ ْ ِ‬
‫أعني‬ ‫ِّ ِّ ُ‬ ‫ھو‬ ‫َ ٍ‬
‫غار ُ َ‬ ‫في‬ ‫ِ َّ ُ ِ‬
‫للرسول‬ ‫َّ ِ ُ‬
‫والصاحب‬ ‫‪.....‬‬
‫)‬ ‫)‬

‫للرسول ( ‬
‫والصاحب ِ َّ ُ ِ‬
‫َّ ِ ُ‬ ‫لصاحبهِ◌ ﴾ ] التوبة ‪ [40 :‬ھذا ال إشكال فيه أن المراد به أبو بكر رضي  تعالى عنه )‬ ‫يقول ُ ِ َ ِ ِ‬‫﴿ ِْإذ َ ُ‬
‫يقول ُ ِ َ ِ ِ ِ‬
‫لصاحبه‬ ‫المقتفي ( المتبع أثره  ﴿ ِْإذ َ ُ‬ ‫أعني ُ ْ َ ِ‬ ‫غار ( غار حراء ھو الصديق ) َ ْ ِ‬ ‫لرسولنا محمد عليه الصالة والسالم ) في َ ٍ‬
‫﴾ في سورة التوبة ‪.‬‬
‫] يوسف ‪ [21 :‬من ھو ھذا القائل ؟ العزيز ما‬ ‫اشتراهُ ِمن ِّ ْ َ‬
‫مصر ﴾‬ ‫الذي ْ َ َ‬ ‫وقال َ َّ ِ‬ ‫قطفير ( العزيز ﴿ َ َ‬ ‫َ‬
‫العزيز أو ِ ْ ِ ْ ُ‬ ‫) ِ ْ ِْ ٌ‬
‫إطفير َ ِ ْ ُ‬
‫قطفير ( اختلفوا فيه على قولين‬ ‫إطفير ( ‪َ ) ،‬أو ِ ْ ِ ْ ُ‬‫إطفير ( ‪ .‬بكسر ھمزة القطع ) ِ ْ ِ ْ ٌ‬ ‫اسمه ھذا لقب أو مبھم ما اسمه ؟ قيل ‪ٌ ْ ِ ْ ِ ) :‬‬
‫قطفير ( إطفير ھو اسم العزيز عزيز مصر ) َأو ِ ْ ِ ْ ُ‬
‫قطفير ( بدل‬ ‫العزيز ‪َ ،‬أو ِ ْ ِ ْ ُ‬ ‫وسواء كان ھذا أو ذاك ال يھمنا العلم به ‪ٌ ْ ِ ْ ِ ) ،‬‬
‫إطفير َ ِ ْ ُ‬
‫كثير ( وارد في القرآن كثير ولكن إن تتبع السلف ھذه المبھمات فيحسن ال خالف أن‬ ‫ورودهُ َ ِ ْ ُ‬
‫ومبھم ُ ُ ُ‬
‫الھمزة قوالن ‪ٌ َ ْ ُ ) ،‬‬
‫ومبھم ( يعني في القرآن ‪ .‬وروده كثير ‪ .‬قال في ) اإلتقان ( ‪:‬‬ ‫فحينئذ ال نشتغل بھا ‪ٌ َ ْ ُ ) ،‬‬ ‫ٍ‬ ‫اتتبعه طالب العلم وإن لم يشتغلوا بھا‬
‫النقل الصحيح ولماذا نطلق‬ ‫إن مرجعه النقل المحض ال مجال للرأي فيه ‪ .‬ھذا ھو األصل وإذا كان مرجعه النقل نقيد النقل َّ‬
‫حينئذ ينبغي أن نقيده بماذا ؟ بالنقل‬ ‫ٍ‬ ‫النقل ثم نأتي كل من ھب ودب في كتب التأليف فنقول ‪ :‬إن كان مرجعه النقل المحض‬
‫الصحيح ‪ .‬ال مجال للرأي فيه وفيه تصنيف مستقل للسھيلي والبدر بن جماعة ھو ذكره في )) التحبير (( مستوفاه كما قال‬
‫)) التحبير في علوم‬ ‫التحبير ( يعني ‪ :‬كاد أن يستوعب كل المبھمات في القرآن‬ ‫يستوعب َّ ْ ِ ْ ُ‬
‫أن َ ْ َ ِ َ‬ ‫وكاد َ ْ‬
‫َ‬ ‫الناظم ھنا ‪) :‬‬
‫التفسير (( للسيوطي نفسه ‪ ،‬ھذا كتاب جيد يعني لو يعتني به طالب العلم زبدة )) اإلتقان (( موجودة في )) التحبير (( كتاب‬
‫قصير ليس بطويل ‪.‬‬
‫جميعھا ( جميعھا ھذا منصوب بيستوعب مفعول به )‬ ‫يستوعب َّ ْ ِ ْ ُ‬
‫التحبير َ ِ َ َ‬ ‫أن َ ْ َ ِ َ‬ ‫َ‬
‫وكاد ْ‬ ‫َ‬ ‫نحرير ( جميعھا )‬ ‫فاقصدهُ َيا ِ ْ ِ ْ ُ‬ ‫جميعھا َ ْ ِ ْ‬
‫) َ ِ َ َ‬
‫نحرير ( النحرير‬ ‫فاقصدهُ ( فاقصد ماذا ؟ )) التحبير (( يعني اقصده اعتني به ) َيا ِ ْ ِ ْ ُ‬ ‫) َ ْ ِْ‬ ‫جميعھا ( أي جميع المبھمات‬ ‫َ ِ َ َ‬
‫بوزن مسكين وھو العالم المتقن ھذا من باب التفاؤل يعني ‪ :‬وصف الطالب بما سيؤول إليه وھو مجاز ألنه اآلن ليس بنحرير‬
‫متقنا فھو مجاز ‪.‬‬ ‫عالما ً‬ ‫ً‬ ‫ليس بعالم متقن وإنما مآله أن يكون‬

‫بحاسد َ ْ ُ ِ‬
‫مغرور‬ ‫وال َ ُ ْ‬
‫تكن ِ َ ِ ٍ‬ ‫مني َلدى ُ ُ ِ ْ‬
‫قصوري‬ ‫َ َ‬
‫فھاكھا ِ ِّ‬
‫)‬ ‫)‬
‫إن َ َ‬ ‫فأصلح َ ِ َ‬ ‫َ‬
‫قد ْ َ‬
‫رتا‬ ‫الفاسد ِ ْ‬ ‫َ ِْ ِ‬ ‫)‬ ‫بخلل َ ِ ْ َ‬
‫ظفرتا‬ ‫إال ِإذا ِ َ َ ٍ‬
‫ِ َّ‬
‫)‬

‫مني ( أي أيھا القارئ أو الناظر‬ ‫ھاكھا ( أي ‪ :‬فخذ ھذه المنظومة المؤلفة في فن أصول التفسير ‪ِّ ِ ) ،‬‬ ‫قدرْ َتا ‪َ ) .‬ف َ‬
‫َقدَرْ َتا أو َ ِ‬
‫قصوري ( قصر عن الشيء عجز عنه ولم يبلغه ‪ ،‬قصر عن الشيء قصر إذا تعدى بعن عن الشيء يعني عجز‬ ‫فيھا ) َلدى ُ ُ ِ ْ‬
‫قصوري ( ‪ .‬يعني ‪ :‬قصوري في ماذا ؟‬ ‫دخوالً فُعُول ھنا قال ‪ْ ِ ُ ُ ) :‬‬
‫خل َْيدُخ ُل ُ ُ‬
‫عنه ولم يبلغه وبابه دخل ولذلك جاء على فُعُول دَ َ َ‬
‫علي وتعترض إال إذا‬
‫َّ‬ ‫مغرور ( بغرور الشيطان ‪ ،‬فال تنتقد‬‫بحاسد ( لي بھذه المنظومة ) َ ْ ُ ِ‬ ‫في العلم ) وال َ ُ ْ‬
‫تكن ( أيھا الناظر ) ِ َ ِ ٍ‬
‫‪236‬‬
‫حينئذ له أن ينتقد لكن بعد أن يتأمل وبعد أن يصحح النسخة وبعد أن ينظر في ھل ذكر بعضھم ھذه المسألة أو‬ ‫ٍ‬ ‫ظفرت بخلل ‪،‬‬
‫ظفرتا ( يعني ‪ :‬وقفت على‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫بخلل ِ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫ال ‪ ...‬إلى آخره يعني بعد أن يتحقق وال يستعجل طالب العلم في النقد وإنما ‪ِ ) . ..‬إال ِإذا ِ ٍ‬
‫َ‬
‫بخلل ھذا متعلق بماذا ؟ بظفرت ولك أن تعلقه بمحذوف يدل‬ ‫فأصلح ( إذا ظفرت بخلل ‪ٍ َ َ ،‬‬ ‫خلل إما في اللفظ وإما في المعنى ) َ ْ ِ ِ‬
‫فأصلح َ ِ َ‬ ‫َ‬
‫الفاسد ( يعني الحاصل من ذلك‬ ‫عليه المذكور إال إذا ظفرت بخلل ظفرت ھكذا ذكره المساوي وھذا ھو األصل ‪ِ ِ ْ َ ) ،‬‬
‫الخلل سواء من جھة المعنى أو من جھة اللفظ يعني بالتعليق عليه ال يغيره بالنص يعني إنما يصلحه في الحاشية أو يقول ‪:‬‬
‫قدرْ َتا َقدَرْ تا قد على الشيء ُ ْ َ ً‬
‫قدرة‬ ‫رتا ( إن َقدَرْ َتا َ ِ‬ ‫إن َ َ‬
‫قد ْ َ‬ ‫لعله يُريد كذا ‪ .‬أو لعل األصح كذا أو لعل الصواب كذا إلى آخره ‪ْ ِ ) ،‬‬
‫وقدرانا ‪ ،‬اختلفوا في الضمة ھذه صاحب‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫وقدرانا ِ ْ َ‬ ‫ُ‬
‫قدرة بضم القاف ْ َ‬ ‫قدَر على الشيء من باب فعل على الشيء ُ ْ َ ً‬ ‫وقدرانا ‪َ َ ،‬‬ ‫ُْ َ ً‬
‫قدرة ھذا لغة فيه باب‬ ‫وقدر َْيقدَ رُ ُ ْ ً‬ ‫انتقد على الضم َ َ ِ َ‬ ‫قدرانا بالكسر ‪ ،‬وصاحب مختار الصحاح بالضم يعني ُ‬ ‫القاموس في اللسان ِ ْ ً‬
‫فأصلح َ ِ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫الفاسد‬ ‫وفعل فتقول ‪ِ ِ ْ َ ) :‬‬ ‫فعل َ ِ َ‬ ‫قدرتا ( إن َقدَرْ َتا ألنه جاء من باب َ َ َ‬ ‫إن َ ِ ْ َ‬ ‫فأصلح َ ِ َ‬
‫الفاسد ِ ْ‬ ‫حينئذ يصح أن تقول ‪ِ ِ ْ َ ) :‬‬ ‫ٍ‬ ‫علم َيعْ َ ُ‬
‫لم‬ ‫ََِ‬
‫قدرتا ( ‪ .‬أو إن َقدَرْ َتا وھنا النظم من أجله فال بأس أن يقال ‪َ :‬قدَرْ تا ‪.‬‬ ‫إن ِ ْ َ‬‫َ‬ ‫ِْ‬
‫بعد ذا ( الكالم كله )‬ ‫من َ ْ ِ‬‫صناعيا ) ِ ْ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫وجوبا‬ ‫ً‬ ‫ووجبت ( ‪.‬‬‫بعد ذا ( يعني بعد أن انتھى من مصنفه قال ‪ْ َ َ َ َ ) :‬‬ ‫من َ ْ ِ‬ ‫ووجبت ِ ْ‬ ‫) َ َ ََ ْ‬
‫النبي ( محمد  كما افتتح نظمه بالصالة على النبي  ختمھا بالصالة على النبي  وبينا الصالة ومعنى النبي‬ ‫صالِتي َعلى َّ ِ‬ ‫َ‬
‫ُ‬
‫كقاض يجمع على قضاة كذلك ٍ‬
‫ھاد‬ ‫ٍ‬ ‫الھداة ( جمع ھادي ‪ ،‬الھداة‬ ‫وآله ( يعني على آله ‪ .‬وسبق بيان معنى اآلل ) ُ َ ِ‬ ‫َ‬
‫فيما سبق ‪ِ ِ ) ،‬‬
‫يجمع على قضاة ‪.‬‬
‫وآله ( ‪ .‬على أقاربه المؤمنين ألنه قال ‪) :‬‬ ‫َ‬
‫فحينئذ يُحمل قوله ‪ِ ِ ) :‬‬ ‫ٍ‬ ‫أتباعه (‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫معمما َ َ ْ‬ ‫جميعا حال كوني ) ُ َ ِّ ً‬ ‫ً‬ ‫وعلى ) َ ْ ِ ِ‬
‫وصحبه (‬
‫وصحبه ( يعني ‪ :‬وعلى صحبه ‪.‬‬ ‫وآله ( على أقاربه المؤمنين ‪ِ ِ ْ َ ) .‬‬ ‫َ‬
‫حينئذ نص على األتباع فيحمل قوله ‪ِ ِ ) :‬‬ ‫ٍ‬ ‫أتباعه ( ‪.‬‬ ‫معمما َ ْ َ َ ْ‬‫ُ َ ِّ ً‬
‫أتباعه (  ) على‬ ‫َ‬
‫شامال تعميم شمول مأخوذ من العام ) ْ َ َ ْ‬ ‫ً‬ ‫أتباعه ( يعني ‪:‬‬ ‫َ‬
‫معمما ْ َ َ ْ‬ ‫جميعا حال كوني ) ُ َ ِّ ً‬ ‫ً‬ ‫ومر معنا الصحب ‪،‬‬
‫الساعة ( الوقف عليھا بالسكون في الموضعين ‪.‬‬ ‫قيام َّ َ ْ‬ ‫قرنا بعد قرن ) ِإلى ِ ِ‬ ‫جيال بعد جيل ً‬ ‫ً‬ ‫الھدى (‬ ‫َُ‬

‫قيام َّ َ ْ‬
‫الساعة‬ ‫الھدى ِإلى ِ ِ‬
‫على ُ َ‬ ‫معمما َ ْ َ َ ْ‬
‫أتباعه‬ ‫َ ْ ِِ‬
‫وصحبه ُ َ ِّ ً‬
‫)‬ ‫)‬

‫إلى قيام القيامة ‪.‬‬

‫‬
‫وبھذا نكون قد انتھينا من ھذا المتن وسائر الدورة‬
‫وجزاكم  ً‬
‫خيرا‬
‫وصل  وسلم على نبينا محمد وعلى آله وسلم‬ ‫َّ‬ ‫‪d‬‬

‫‪237‬‬

You might also like