You are on page 1of 38

‫التناوب الداليل للصيغ الصرفية‬

‫) تطبيق على القرآن الكرمي(‬

‫إعداد‬
‫د‪ .‬دوكوري ماسريي‬ ‫د‪ .‬عبد هللا أمحد البسيوين‬
‫األستاذ املساعد بكلية اللغات‬ ‫األستاذ املساعد بكلية اللغات‬
‫جامعة املدينة العاملية ‪ -‬ماليزاي‬ ‫جامعة املدينة العاملية ‪ -‬ماليزاي‬
‫امللخص‬
‫تُعىن هذه الدراسة ببيان ظاهرة تناوب الصيغ الصرفية‪ ،‬وآراء العلماء فيها بطرح األمثلة هلا‪،‬‬
‫وتتبع شواهدها من القرآن الكرمي يف قراءاته املتواترة؛ وقد أدركنا من خالل تطبيقنا هلذه الظاهرة‬
‫على أ ّن مثة ألفاظ ترد فيها قراءاتن فأكثر بصيغ خمتلفة‪ ،‬ومع ذلك تؤدي معىن واحد أو متقارب‪،‬‬
‫ورمبا تكون الصيغة واحد ة ولكنها تعطي معىن صيغة أخرى؛ كما وجدان كذلك تعدد الصيغة‬
‫يف املبىن الواحد مع ثبات الداللة أو اختالفها‪.‬‬
‫حت لنا‬
‫وض ْ‬ ‫ومن هنا ظهرت لنا أمهية دراسة التناوب الداليل للصيغ الصرفية اليت ّ‬
‫العالقة بني الصيغة والداللة‪ ،‬وجعلنا نؤّكد بكل أرحييّة ذلك الرتابط القوي بني مستوايت اللغة‬
‫وعناصرها الداخلية؛ مما جعل طبيعة البحث ينحو حنو منهج االستقراء والتطبيق؛ وذلك‬
‫ابستقراء الصيغ الصرفية من مظاهنا األصلية‪ ،‬وما ذكره العلماء من توضيح لدالالهتا‪ ،‬وما يطرأ‬
‫عليها من عالقة تناوب أو جتاذب أو تباين‪ ،‬ومن مث تطبيق ذلك كلّه على نصوص القرآن‬
‫الكرمي؛ مما جعل البحث يصل إىل نتائج كشف النقاب عن‪ :‬جهود العلماء قدميا وحديثا يف‬
‫أقر أن العرب توسعوا يف توظيف الصيغ الصرفية‬ ‫تلمس دالالت أبنية العربية‪ ،‬كما أ ّن البحث ّ‬
‫إلفادة معان متعددة غري معانيها املوضوعة هلا‪ ،‬وأنّه ميكن إحلاق ذلك ابلعوامل اليت تكسب‬
‫اللغة مرونة واتساعا واهتماما ابملعىن وتنوعا يف األساليب‪.‬‬
‫وأقرت الدراسة‪ -‬أيضا مقولة الرضي اليت أوردها لبيان أن الزايدة على الصيغة يف املبىن لن‬
‫ختلو عن معىن زائد‪ ،‬قد يكون للتوكيد على األقل‪.‬‬
‫من النتائج اليت توصلت إليها هذه الدراسة الفروق الداللية املرتتبة على اختالف الصيغ‬
‫الصرفية للفظ‪ ،‬وما خالف القياس اللغوي يف ذلك؛ ومن جمموع تلك النتائج توصل البحث إىل‬
‫توصيات أمهها‪ :‬حث الباحثني والدراسني اللغويني على االهتمام بدراسة النحو يف ظالل‬
‫القراءات القرآنية؛ وذلك ملكانة هذا املصدر يف جمال االستدالل اللغوي وتوجيهاهتا‪ ،‬كما حثت‬
‫الدراسة الباحثني على االهتمام ابللهجات العربية؛ ألهنا األصل يف حل كثري من األلغاز‬
‫اللغوية؛ حيث إن القرآن الكرمي وقراءاته قد أثبت مشوله ملعظم هلجات‪.‬‬
‫الكلمات املفتاحية‪ :‬التناوب الداليل‪ -‬الصيغ الصرفية‪.‬‬
‫د‪ .‬عبد اهلل البسيوني ود‪ .‬دوكوري ماسريي‬ ‫التناوب الداللي للصيغ الصرفية‪ :‬تطبيق على القرآن الكريم‬

‫احملور األول‪ :‬دراسة متهيدية‬


‫‪ 1.1‬املقدمة ‪:‬‬
‫موضوع هذا البحث هو "التناوب الداليل للصيغ الصرفية يف اللغة العربية تطبيق‬
‫على القرآن الكرمي"‪ ،‬وتعىن هذه الدراسة ببيان ظاهرة تناوب الصيغ الصرفية‪ ،‬وآراء العلماء‬
‫فيها بطرح األمثلة هلا‪ ،‬وتتبع شواهدها من القرآن الكرمي يف قراءاته املتواترة‪ ،‬وهبذا سريكز‬
‫البحث على اآلايت اليت يرد هبا أكثر من قراءة‪ ،‬وتؤدي الصيغ أو الصيغتان معىن واحدا أو‬
‫متقاراب‪ ،‬ورمبا تكون الصيغة واحدة ولكنها تعطي معىن صيغة أخرى‪.‬‬
‫فتناوب الصيغ معناه‪ :‬أن تؤدي صيغة معينة معىن صيغة أخرى كأن أييت اسم املفعول‬
‫مبعىن اسم الفاعل أو العكس‪ ،‬ومن أمثلة ذلك يف القرآن الكرمي قوله تعاىل ‪( :‬ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ‬
‫ﯝ ﯞ) (هود‪ .)43 :‬فأكثر املفسرين على أن قوله (عاصم) اسم فاعل مبعىن املفعول‪،‬‬
‫واملعىن يف اآلية الكرمية‪ :‬ال معصوم اليوم من أمر هللا‪ ،‬وهذه الظاهرة هلا حضورها يف العربية؛‬
‫حيث أسهم علماء العربية القدماء واحملدثون منهم يف بيان معاين األبنية والصيغ العربية‪ ،‬كما‬
‫تنبهوا للعالقة بني هذه الصيغ؛ فأدركوا أن الصيغة الواحدة ميكن أن يعرب هبا عن ٍ‬
‫معان‬
‫خمتلفة‪ ،‬كما تنبهوا إىل تناوب الصيغ يف أدائها للوظائف الداللية‪ ،‬وطرحوا أمثلة كثرية لذلك‪،‬‬
‫وداللة الصيغة هي املستمدة من طبيعة ائتالف احلروف األصول والزوائد واحلركات‬
‫والسكنات على نسق معني متشابه‪.‬‬
‫ويفرق الكفوي بني داللة الرتكيب وداللة الصيغة بقوله‪" :‬ما دل عليه أصل الرتكيب‬
‫فهو داللة اللغة وما دلت عليه هيأته فهو داللة الصيغة"(‪.)1‬‬
‫فكل صيغة صرفية هلا معىن داليل ووظيفي تؤديه‪ ،‬وذلك ما أطلق عليه ابن جين‬
‫مصطلح" الداللة الصناعية"؛ ويعىن هبا الصورة اليت حيملها اللفظ وخيرج عليها (‪.)2‬‬

‫‪ - 1‬أبو البقاء الكفوي‪ ،‬الكليات‪ ،‬معجم يف املصطلحات والفروق اللغوية‪ ،‬حتقيق‪ :‬عدانن درويش ‪ -‬حممد املصري‪ ،‬دار‬
‫النشر‪ :‬مؤسسة الرسالة ‪ -‬بريوت ‪1419 -‬ه ‪1998 -‬م‪.326 /5،‬‬
‫‪ - 2‬أبو الفتح عثمان بن جين‪ ،‬اخلصائص‪ ،‬حتقيق‪ :‬حممد علي النجار‪ ،‬بريوت‪ ،‬دار اهلدى للطباعة والنشر‪ ،‬الطبعة الثانية‪،‬‬
‫‪.98/3‬‬

‫‪391‬‬
‫العدد السادس مايو ‪2013‬‬ ‫جملة جامعة املدينة العاملية ( جممع )‬

‫‪ 2 .1‬أمهية املوضوع‪:‬‬
‫يربط موضوع هذا البحث علم الداللة بعلم الصرف‪ ،‬وهبذا تنعكس القيمة احلقيقيّة اليت‬
‫من أجلها أنشئ علم التصريف؛ حيث كانت غاية علم التصريف عند علمائنا القدماء‪ ،‬هو "‬
‫حصول املعاين املختلفة املتشعبة عن املعىن الواحد"(‪ )1‬ويعين ذلك أن اختالف صيغ املادة‬
‫الواحدة راجع إىل اختالف معانيها؛ فنجد مثال مادة فهم ختتلف صيغها ابختالف معانيها‪،‬‬
‫فتصبح امسا للفاعل يف بناء فاهم‪ ،‬وللمفعول يف بناء مفهوم وصيغة للمبالغة يف بناء فهامة‪،‬‬
‫وهكذا كل بناء خيتلف معناه وداللته عن غريه‪.‬‬
‫وقد بذل القدماء جهودا مضنية يف حتديد تلك الصيغ وتصنيفها وفقا لبنائها الصريف‬
‫ومفهومها‬
‫الداليل يف فئات مستقلة‪ ،‬لكننا نرى من خالل الواقع اللغوي أن بعض هذه الصيغ تؤدي‬
‫معاين صيغ‬
‫أخرى وهو ما يسمى ابلتناوب الداليل يف الصيغ أو تقارض الصيغ الصرفية‪ ،‬وقد فطن‬
‫القدماء إىل ذلك‪ ،‬كما ذكران سابقا‪ ،‬وتوالت جهود احملدثني يف تلمس معاين أبنية العربية‪ ،‬وعلى‬
‫رأسهم الدكتور فاضل السامرائي يف معاين األبنية يف العربية وبالغة الكلمة يف التعبري القرآين‪،‬‬
‫لكن جهوده احنصرت يف إيراد املعاين املختلفة للبناء الواحد‪ ،‬ومل يتطرق إىل تناوب هذه األبنية‬
‫والعالقة بينها(‪.)2‬‬
‫‪ 3 .1‬أهداف الدراسة‪:‬‬
‫هتدف هذه الدراسة إىل دقيق ما أييت‪:‬‬
‫أ‪ -‬تتبع آراء اللغويني يف ظاهرة التناوب بني الصيغ بتلمس سبل العالقة بني األبنية‪ ،‬وطرح‬
‫آراء العلماء حول هذه الظاهرة‪.‬‬

‫‪ -3‬اإلمام بدر الدين حممد بن عبدهللا الزركشي‪ .‬الربهان يف علوم القرآن‪ :‬حتقيق‪ :‬حممد أبو الفضل إبراهيم القاهرة‪ .‬دار‬
‫الرتاث ‪1376‬ه ‪297/1.‬‬
‫(‪ )2‬فاضل السامرائي‪( ،‬معاين األبنية العربية)‪ ،‬حبث نشر جبامعة بغداد‪ ،‬طبعة ‪.1987 -1401‬‬

‫‪392‬‬
‫د‪ .‬عبد اهلل البسيوني ود‪ .‬دوكوري ماسريي‬ ‫التناوب الداللي للصيغ الصرفية‪ :‬تطبيق على القرآن الكريم‬

‫ب‪ -‬دراسة ظاهرة التبادل الصويت من خالل تطبيقها على نصوص القرآن الكرمي بقراءاته‬
‫املتواترة‪.‬‬
‫‪ 1.4‬منهج الدراسة‪:‬‬
‫نظرا لطبيعة البحث والغرض الذي يسعى الباحثان يف حتقيقه؛ التزم البحث مبنهج مجع بني‬
‫الوصف واالستقراء والتطبيق؛ وذلك من أجل استقراء الصيغ الصرفية اليت يعرتيها التبادالت‬
‫الداللية‪ ،‬ومجع ما قاله العلماء يف دالالهتا؛ مرتبطا ذلك كله ابلقرآن الكرمي كمجال لتطبيق ما‬
‫مت استقراؤه من ظواهر التبادل الداليل‪ ،‬ومتمثال آبراء علماء اللغة واملفسرين‪.‬‬
‫‪ 1.5‬الدراسات السابقة ‪:‬‬
‫ابلرغم من تعدد البحوث اليت تناولت الصيغ الصرفية من قبل إال أن هذا البحث ينحو‬
‫منحى جديدا يف عرض هذه القضية متخذا من التناوب بني هذه الصيغ الفكرة الرئيسية له‪،‬‬
‫ومطبقا ذلك على القرآن الكرمي بقراءاته املتواترة‪ ،‬ومن أبرز الدراسات اليت عرضت لألبنية‬
‫الصرفية وربطت بينها وبني معانيها‪:‬‬
‫‪ -1‬حبث ابسم‪( :‬الوحدات الصرفية ودورها يف بناء الكلمة العربية) للدكتور‪ :‬أمحد عبد‬
‫العظيم‪ ،‬دار النصر للنشر والتوزيع جبامعة القاهرة‪ ،‬د ‪.‬ت‪.‬‬
‫‪ -2‬حبث ابسم‪) :‬معاين األبنية العربية) للدكتور‪ :‬فاضل صاحل السامرائي‪ ،‬نشر جبامعة‬
‫بغداد‪ ،‬طبعة ‪.1987‬‬
‫‪ -3‬حبث ابسم‪):‬ظاهرة التحويل يف الصيغ الصرفية) للدكتور‪ :‬حممود سليمان ايقوت‪،‬‬
‫صدر عن دار املعرفة اجلامعية‪ ،‬ابإلسكندرية ‪1985‬م‪.‬‬
‫‪ -4‬حبث ابسم ‪( :‬دور البنية الصرفية يف وصف الظاهرة النحوية وتقعيدها) للدكتورة‪:‬‬
‫لطيفة إبراهيم النجار‪ ،‬صدر عن دار البشري ابألردن ط ‪ 1414‬ه ‪1994‬م‪.‬‬
‫وقد عرضت هذه البحوث مجيعا للصيغ الصرفية ومعانيها الداللية‪ ،‬ولكنها مل تتناول‬
‫الفكرة الرئيسة هلذا البحث‪ ،‬وهي قضية التناوب الداليل بني الصيغ الصرفية‪ ،‬وهي القضية املعين‬
‫مبعاجلتها هذا البحث‪ ،‬بيد أن هناك دراسة تناولت قضية التناوب الداليل؛ وهي دراسة‬

‫‪393‬‬
‫العدد السادس مايو ‪2013‬‬ ‫جملة جامعة املدينة العاملية ( جممع )‬

‫"التناوب الداليل بني صيغ الوصف العامل"‪ ،‬للدكتور طه حممد اجلندي‪ ،‬فرق فيها بني‬
‫مصطلحني؛ مها التناوب الداليل والتناوب الوظيفي(‪ ،)1‬واقتصر يف دراسته على التناوب الداليل‬
‫بني صيغ الوصف العامل‪ ،‬وحنا يف حبثه منحى خيتلف عن هذا البحث؛ حيث ذكر األبواب من‬
‫اسم الفاعل واسم التفضيل وغريها من أبواب الوصف العامل‪ ،‬مث يذكر البناء ويتتبع داللته‬
‫ويذكر املعاين اليت يشرتك فيها مع األبنية األخرى‪ ،‬وهذا ‪-‬كما يبدو‪ -‬خمالف ملنهج هذه‬
‫الدراسة اليت انفردت بتناول قضية التناوب بني الصيغ من ثالث زوااي مل تتطرق إليها الدراسات‬
‫السابقة جمتمعة‪ ،‬مطبقة بشواهد من القرآن الكرمي‪ ،‬وذلك عر ثالثة مباحث هي‪:‬‬
‫املبحث األول‪ :‬الرتادف بني الصيغ‪.‬‬
‫املبحث الثاين‪ :‬عدول الصيغة عن معناها األساسي‪.‬‬
‫املبحث الثالث‪ :‬اختالف الصيغة يف املبىن الواحد‪.‬‬
‫‪ 1.6‬هيكل الدراسة‪:‬‬
‫اقتضت طبيعة املنهج الذي سار عليه هذا البحث أن تقوم هيكلة البحث على ثالثة حماور‬
‫أساسية؛ حمور يتناول الدراسة التمهيدية؛ وفاقا ألدبيات البحث العلمي املعاصر‪ ،‬وحمور ٍ‬
‫ثن‬ ‫ّ‬
‫تتخلله تقسيمات فرعية‪ ،‬يعىن بعرض مباحث التبادل الداليل للصيغ الصرفية‪ ،‬وطرح آراء‬
‫العلماء حوله‪ ،‬ومن مث ذكر مناذج تطبيقية له من القرآن الكرمي؛ وحمور أخري يناقش النتائج‬
‫والتوصيات‪.‬‬

‫‪ 1.7‬تقسيمات الدراسة‪:‬‬
‫يقوم هذا البحث على التقسيمات التالية‪:‬‬
‫احملور األول‪ :‬دراسة متهيدية‪:‬‬
‫‪ 1.1‬املق ّدمة‪.‬‬
‫‪ 1.2‬أمهية الدراسة‪.‬‬
‫‪ 1.3‬أهداف الدراسة‪.‬‬

‫(‪ )1‬للدكتور طه حممد اجلندي‪ ،‬التناوب الداليل بني صيغ الوصف العامل‪ ،‬دار الكتب املصرية‪1998 ،‬م‪.‬‬

‫‪394‬‬
‫د‪ .‬عبد اهلل البسيوني ود‪ .‬دوكوري ماسريي‬ ‫التناوب الداللي للصيغ الصرفية‪ :‬تطبيق على القرآن الكريم‬

‫‪ 1.1‬منهج الدراسة‪.‬‬
‫‪ 1.1‬الدراسات السابقة‪.‬‬
‫‪ 1.1‬هيكل الدراسة‪.‬‬
‫‪ 1.1‬تقسيمات الدراسة‪.‬‬
‫احملور الثاين‪ :‬مباحث الدراسة‪:‬‬
‫‪ 2.1‬الرتادف بني الصيغ‪.‬‬
‫‪ 2.2‬عدول الصيغة عن معناها األساسي‪.‬‬
‫‪ 2.3‬اختالف الصيغة يف املبىن الواحد‪.‬‬
‫احملور الثالث‪ :‬النتائج والتوصيات‪:‬‬
‫‪ 3.1‬النتائج‪.‬‬
‫‪ 3.2‬التوصيات‪.‬‬
‫‪ 3.3‬فهرس املصادر واملراجع‪.‬‬

‫‪395‬‬
‫العدد السادس مايو ‪2013‬‬ ‫جملة جامعة املدينة العاملية ( جممع )‬

‫احملور الثاين‪ :‬مباحث الدراسة‬


‫‪ 2.1‬الرتادف بني الصيغ‪:‬‬
‫يهدف هذا املبحث إىل دراسة الرتادف بني الصيغ عن طريق ذكر مناذج للصيغ اليت أتت‬
‫مبعىن‬
‫واحد واختلفت يف البناء‪ ،‬ومن صوره‪ :‬أن تذكر الصيغة مبعىن صيغة أخرى‪ ،‬أو تذكر‬
‫الصيغتان ويقال‪ :‬إهنما مبعىن واحد‪ ،‬أو تذكر الصيغة‪ ،‬ويقال‪ :‬إهنا نقلت من معىن إىل معىن‬
‫آخر‪ ،‬ويكون ذلك على سبيل االتساع الداليل‪ ،‬ويتضح ذلك فيما يلي‪:‬‬
‫أوال‪ :‬است ْف َعل مبعىن أفْـ َعل‪:‬‬
‫ً‬
‫ومن مناذج ورود ذلك على سبيل املثال ال احلصر‪:‬‬

‫أ‪ -‬قوله تعاىل‪( :‬ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ) [البقرة‪.]17 :‬‬


‫ب‪ -‬قوله تعاىل‪( :‬ﯞ ﯟ ﯠ) [املائدة‪.]112 :‬‬
‫ج‪ -‬قوله تعاىل( ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ) [هود‪.]61 :‬‬
‫(ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ‬ ‫د‪ -‬قوله تعاىل‪:‬‬
‫ﭧ) [األنعام‪.]10 :‬‬
‫ه‪ -‬وقوله تعاىل‪( :‬ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ) [الصافات‪.]14 :‬‬
‫است ْعمر) و(استهزأ) على وزن‪.‬‬
‫است ْوقد) و(استطاع) و( ْ‬
‫نلحظ يف اآلايت السابقة أن كلمة ( ْ‬
‫)استفعل) جاءت مبعىن (أوقد) و )أطاعوا) و (يهزؤون) و(يسخرون) على وزن )أفعل(؛‬
‫وذلك ملوافقة معىن اآلايت اليت وردن هبا؛ كما أشار إىل ذلك جماهد‪ ،‬والقرطيب‪ ،‬وأبو حيان‪،‬‬
‫وصاحب اللباب وغريمها من املفسرين (‪.)1‬‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬أبو عبد هللا حممد بن أمحد بن أيب بكر‪ ،‬اجلامع ألحكام القرآن أتليف‪ :‬القرطيب؛ حتقيق‪ :‬هشام مسري البخاري‪،‬‬
‫الناشر‪ :‬دار عامل الكتب‪ ،‬الرايض‪ ،‬اململكة العربية السعودية‪ ،‬الطبعة‪1423 :‬ه ‪ 2003 /‬م‪ ،56/9 ،‬وتفسري البحر‬
‫احمليط‪ ،‬أتليف‪ :‬حممد بن يوسف الشهري أبيب حيان األندلسي‪ ،‬حتقيق‪ :‬الشيخ عادل أمحد عبد املوجود‪ -‬الشيخ علي‬
‫حممد معوض‪ ،‬شارك يف التحقيق‪ :‬د‪ .‬زكراي عبد اجمليد النوقي‪ ،‬د‪ .‬أمحد النجويل اجلمل‪ ،‬دار النشر‪ :‬دار الكتب العلمية‬
‫لبنان‪ ،‬بريوت‪ ،‬الطبعة األوىل ‪1422‬ه ‪2001-‬م‪ ،112/1 ،‬واللباب يف علوم الكتاب‪ ،‬أتليف‪ :‬أبو حفص عمر بن‬
‫=‬
‫‪396‬‬
‫د‪ .‬عبد اهلل البسيوني ود‪ .‬دوكوري ماسريي‬ ‫التناوب الداللي للصيغ الصرفية‪ :‬تطبيق على القرآن الكريم‬

‫وقد أ ّكد الصرفيون ‪-‬كذلك‪ -‬جميء استفعل مبعىن أفعل؛ قائلني‪ :‬يقول رضي الدين‬
‫األسرتآابذي يف شرحه لشافية ابن احلاجب‪ :‬تقول‪ :‬استخرجت الوتد‪ ،‬وال ميكن هاهنا طلب يف‬
‫احلقيقة‪ ،‬كما ميكن يف "استخرجت زيدا" إال أنه مبزاولة إخراجه‪ ،‬واالجتهاد يف حتريكه؛ كأنه‬
‫طلب منه أن خيرج‪ ،‬فقولك "أخرجته" الدليل فيه على أنك أخرجته مبرة واحدة أو مع اجتهاد‪،‬‬
‫أخرجت؛ وهذا ما أ ّكده علماء اللغة املعجميون‪،‬‬
‫ُ‬ ‫خبالف استخرج"(‪)1‬؛ فجاء استخرجت مبعىن‬
‫واملعاصرون(‪)2‬؛ يقول الدكتور عبده الراجحي‪" :‬وقد أييت استفعل مبعىن أفعل مثل‪ :‬أجاب‬
‫واستجاب‪ -‬أيقن واستيقن"(‪.)3‬‬
‫على أن هذه الصيغ املزيدة حينما تقع يف موضع اجملرد فإهنا إ ْن عدمت الداللة على‬
‫تكثري م عناه أو املبالغة فيه‪ ،‬فإهنا ال تعدم الداللة على أتكيده‪ ،‬كما يؤكد ذلك الرضي بقوله‪:‬‬
‫"اعلم أن املزيد فيه لغري اإلحلاق البد لزايدته من معىن؛ ألهنا إن مل تكن لغرض لفظي كما‬
‫كانت يف اإلحلاق وال ملعىن كانت عبثا‪ ،‬فإذا قيل مثال‪:‬إن أقال مبعىن قال فذلك منهم تسامح‬
‫(م ْن) يف ( ﭯ ﭰ ﭱ)‬ ‫يف العبارة‪ ،‬وذلك على حنو ما يقال‪ :‬إن الباء يف (ﭘ ﭙ) و ِ‬
‫زائداتن ملا مل تفيدا فائدة زائدة يف الكالم سوى تقرير املعىن احلاصل وأتكيده‪ ،‬فكذا البد يف‬

‫=‬
‫علي ابن عادل الدمشقي احلنبلي‪ ،‬حتقيق‪ :‬الشيخ عادل أمحد عبد املوجود والشيخ علي حممد معوض‪ ،‬دار النشر‪ :‬دار‬
‫الكتب العلمية ‪ -‬لبنان‪ ،‬بريوت‪ ،‬الطبعة األوىل ‪1419 -‬ه ‪1998 -‬م‪ .605/7 ،‬ينظر‪ :‬املصدر السابق نفسه‪،‬‬
‫وأحكام القرآن البن العر (حممد بن عبد هللا األندلسي) الناشر‪ :‬دار الكتب العلمية‪ ،18/3 :‬وتفسري السراج املنري‪،‬‬
‫أتليف‪ :‬حممد بن أمحد الشربيين‪ ،‬دار النشر‪ :‬دار الكتب العلمية‪ ،41/3 ،‬ونظم الدرر يف تناسب اآلايت والسور‪،‬‬
‫أتليف برهان الدين أيب احلسن إبراهيم بن عمر البقاعي‪ ،‬حتقيق ‪ :‬عبد الرازق غالب املهدي‪ ،‬دار النشر‪ :‬دار الكتب‬
‫العلمية ‪ -‬بريوت ‪1415 -‬ه ‪ 1995 -‬م ‪.348/5 :‬‬
‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬شرح شافية ابن احلاجب أتليف‪ :‬رضي الدين حممد بن احلسن االسرتآابذي‪ ،‬حتقيق‪ :‬حممد نور احلسن‪ ،‬وحممد‬
‫الزفزاف‪ ،‬وحممد حمىي عبد احلميد‪ ،‬الناشر‪ :‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بريوت لبنان‪ ،‬الطبعة األوىل‪1975-1395 :‬م ‪:‬‬
‫‪.110/1‬‬
‫الرزاق احلسيين)‪ ،‬الناشر دار اهلداية ‪:‬‬
‫حممد بن عبد ّ‬
‫حممد بن ّ‬‫(‪ ) )2‬ينظر‪ :‬اتج العروس من جواهر القاموس‪ ،‬للزبيدي ( ّ‬
‫‪ ،522/11‬ولسان العرب البن منظور مادة (س‪/‬خ‪/‬ر) (خ‪/‬ل‪/‬أ)‪.‬‬
‫(‪ )3‬ينظر‪ :‬التطبيق الصريف أتليف د ‪ /‬عبده الراجحي‪ ،‬دار املعرفة اجلامعية‪ ،‬اإلسكندرية [د‪.‬ط]‪ ،‬ص‪.41‬‬

‫‪397‬‬
‫العدد السادس مايو ‪2013‬‬ ‫جملة جامعة املدينة العاملية ( جممع )‬

‫اهلمزة يف (أقالين) من التأكيد و املبالغة"(‪.)4‬‬


‫اثنيا‪ :‬ت َف َّعل مبعىن أفعل‪:‬‬
‫ومن مناذج ذلك يف القرآن على سبيل التمثيل والتوضيح ال احلصر‪:‬‬

‫(ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ )‬ ‫أ‪-‬قوله تعاىل‪:‬‬


‫[األعراف‪.]167 :‬‬
‫(ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ)‬ ‫ب‪-‬وقوله‬
‫[إبراهيم‪.] :‬‬
‫ذكر الطربي يف تفسريه أن (أتذّن) هنا مبعىن (آذن(؛ فقال" أتذن"‪ "،‬تفعل "من" آذن"؛‬
‫والعرب رمبا وضعت "تفعل" موضع "أفعل"‪ ،‬كما قالوا‪" :‬أوعدت" " وتوعدته"‪ ،‬مبعىن واحد‪،‬‬
‫و"آذن"‪ ،‬أعلم" ‪ ،‬واستدل على ذلك بقول احلارث بن ِحلِّزة‪:‬‬
‫(‪)5‬‬

‫رب ث ٍو مي ُّل ِمْنه الثواء‬ ‫ِِ‬


‫آذنت نا بب ْينها أمساءُ‬
‫يعين بقوله‪ " :‬آذنتنا "‪" ،‬أعلمتنا"‪.‬‬
‫وقال ابن كثري ‪":‬وقوله (ﭭ ﭮ ﭯ )أي ‪:‬آذنكم وأعلمكم بوعده لكم"(‪ ،)1‬وقال‬
‫(‪) 2‬‬
‫يف موضع آخر‪( :‬ﭮ) ت فعل من اإلذن أي‪ :‬أعلم‪ ،‬قاله جماهد‪ ،‬وقال غريه‪ :‬أمر"‪.‬‬
‫أعلم‪،‬‬
‫نالحظ فيما سبق جميء "ت فعل" هنا مبعىن "أفْ عل" عند املفسرين فقالوا‪ :‬آذن ربك و ْ‬
‫وإىل هذا املعىن مال كثري من اللغويني(‪)3‬؛ يقول أبو علي‪( :‬آذن) ابمل ّد‪ :‬أعلم‪ ،‬و(أذّن)‬

‫(‪ - )4‬شرح شافية ابن احلاجب أليب الفضائل رضي الدين احلسن األسرتآابذي‪.83/1 :‬‬
‫(‪ )5‬ينظر‪ :‬جامع البيان يف أتويل القرآن‪ ،‬للطربي (حممد بن جرير بن يزيد بن كثري بن غالب اآلملي‪ ،‬أبو جعفر الطربي)‪،‬‬
‫حتقيق ‪ :‬أمحد حممد شاكر‪ ،‬الناشر مؤسسة الرسالة‪ ،‬الطبعة األويل ‪1420‬ه ‪2000-‬م ‪ ،526/16 :‬وينظر ‪:‬‬
‫‪ . 204/13‬وينظر‪ :‬تفسري الفخر الرازي‪ ( ،‬حممد بن عمر بن احلسني )‪ ،‬دار النشر ‪ /‬دار إحياء الرتاث العريب ‪:‬‬
‫‪.67/19‬‬
‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬تفسري القرآن العظيم البن كثري (أبو الفداء إمساعيل بن عمر بن كثري القرشي الدمشقي)‪ ،‬حتقيق‪ :‬سامي بن‬
‫حممد سالمة‪ ،‬الناشر‪ :‬دار طيبة للنشر والتوزيع‪ ،‬الطبعة الثانية‪1420 :‬ه‪1999 -‬م ‪.479/3 :‬‬
‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬املصدر السابق‪.479/3 :‬‬
‫(‪ )3‬ينظر‪ :‬خمتار الصحاح‪ ،‬حممد بن أ بكر بن عبودالقادر الرازي‪ ،‬حتقيوق‪ :‬حممود خاطر‪ .‬الناشر‪ :‬مكتبة لبنان انشرون ‪-‬‬
‫=‬
‫‪398‬‬
‫د‪ .‬عبد اهلل البسيوني ود‪ .‬دوكوري ماسريي‬ ‫التناوب الداللي للصيغ الصرفية‪ :‬تطبيق على القرآن الكريم‬

‫ابلتشديد‪ ،‬اندى‪ ،‬وقال قوم‪ :‬آذن وأذن مبعىن أعلم؛ كما يقال‪ :‬أيقن وتيقن(‪)4‬؛ وقد ذكر أبو‬
‫علي الفارسي أن الفعل) أتذن( يف اآلية السابقة‪ ،‬ورد مبعىن (آذن(‪ ،‬ووزن تفعل من معانيه‬
‫مطاوعة أفعل‪" ،‬وهو يدل على الرغبة يف حصول الفعل واجتهاده يف سبيل ذلك‪ ،‬وال يكون‬
‫ذلك إال يف الصفات احلميدة مثل‪::‬تصرب تشجع ‪ -‬جتلد ‪ -‬تكرم"(‪.)5‬‬
‫كما ذكر اإلمام الفخر الرازي الرتادف بني الصيغتني يف قوله‪" :‬وقوله (أتذن) مبعىن آذن‬
‫أي أعلم‪ ،‬وبناء (تفعل) هنا ليس معناه أنه أظهر شيئا ليس فيه‪ ،‬بل معناه (فعل)"(‪ ،)6‬فقد‬
‫أجري ُجمرى فعل القسم كعلم هللا وشهد هللا؛ ولذلك أجيب مبا جياب به القسم"(‪.)7‬‬
‫(‪)8‬‬
‫وصرح أبن (تفعل) يكون مبعىن (أفْعل)؛ حنو‬ ‫ّ‬ ‫‪،‬‬ ‫علي‬
‫ّ‬ ‫يب‬‫أ‬ ‫مذهب‬ ‫وقد أ ّكد الثعاليب‬
‫تعلم مبعىن أعل ْم؛ مستشهدا لذلك بقول الشاعر‪:‬‬
‫(‪) 1‬‬
‫وأ ّن هلذه الغم ِر انقشاعا‬ ‫الشر خريا‬
‫تعل ْم أن بعد ّ‬
‫انتهى كالمه"؛ وقال يف معجمه‪" :‬رمبا قالت العرب يف معىن أفعلت‪ :‬تفع ْلت؛ ومثله‬
‫أ ْوعدين وت وعدين؛ وهو كثري"(‪.)2‬‬
‫=‬
‫بريوت‪ ،‬الطبعة طبعة جديدة‪ 1995- 1415،‬م‪( ،‬أ‪/‬ذ‪/‬ن)‪ ،‬و معجم مقاييس اللغة (أبو احلسني أمحد بن فارس بن‬
‫زكراي )‪ ،‬حتقيق‪ :‬عبد السالم حممد هارون‪ ،‬الناشر‪ :‬دار الفكر الطبعة‪1399 :‬ه ‪1979 -‬م ‪( :‬أ‪/‬ذ‪/‬ن) ‪،77/1 :‬‬
‫ولسان العرب البن منظور ( حممد بن مكرم بن منظور األفريقي )‪ ،‬الناشر ‪ :‬دار صادر ‪ -‬بريوت الطبعة األوىل ‪:‬‬
‫(أ‪/‬ذ‪/‬ن)‪ ،‬وكتاب الكليات‪ .‬أليب البقاء الكفوي‪ ،‬ص ‪.489‬‬
‫(‪ )4‬اجلامع ألحكام القرآن الكرمي ‪ -‬املعروف بتفسري القرطيب‪ -‬أتليف‪ :‬أيب عبد هللا حممد بن أمحد األنصاري القرطيب‬
‫(ت‪ 671‬ه )‪ ،‬دار النشر‪ :‬دار الشعب ‪ -‬القاهرة‪.309/7 ،‬‬
‫(‪ )5‬التطبيق الصريف‪ ،‬ص ‪.39‬‬
‫(‪ )6‬تفسري الفخر الرازي املعروف ابلتفسري الكبري‪ ،‬دار النشر ‪ /‬دار إحياء الرتاث العريب‪.34/15 ،‬‬
‫(‪ )7‬الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون األقاويل يف وجوه التأويل‪ -‬أتليف ‪ /‬أيب القاسم جاد هللا حممود بن عمر الزخمشوري‬
‫اخلووارزمي(ت ‪538‬ه)‪ ،‬حتقيق عبد الرازق املهدي‪ ،‬دار النشر ‪ :‬دار إحياء الرتاث العريب ‪ -‬بريوت ‪163/2‬‬
‫(‪ )8‬ينظر‪ :‬كتابه فقه اللغة وأسرار العربية فقه اللغة وأسرار العربية‪ ،‬حتقيق‪ :‬ايسني األيويب‪ ،‬الناشر‪ :‬املكتبة العصرية الطبعة‬
‫الثانية‪1420 ،‬ه ‪2000/‬م‪-61( .‬فصل يف أبنية األفعال ) ص ‪.410‬‬
‫(‪ )1‬البيت للقطامي (عمري بن شييم (ت‪101‬ه)‪ ،‬يف ديوانه ‪ :‬ص ‪ ،35‬نقال عن حمقق الصاحيب يف فقه اللغة العربية البن‬
‫فارس (أيب احلسن أمحد بن فارس )‪ ،‬ص‪ ،170‬وينظر ‪ :‬فقه اللغة وأسرار العربية ص‪.410‬‬
‫((‪ )2‬ينظر‪ :‬معجم مقاييس اللغة(أبو احلسني أمحد بن فارس بن زكراي)‪ ،‬حتقيق‪ :‬عبد السالم حممد هارون‪ ،‬الناشر‪ :‬دار‬
‫=‬
‫‪399‬‬
‫العدد السادس مايو ‪2013‬‬ ‫جملة جامعة املدينة العاملية ( جممع )‬

‫وقد عرب رضي الدين االسرتابذي عن سر هذا التبادل الداليل بني هاتني الصيغتني؛‬
‫وذلك حني أشار قائال‪" :‬وقوهلم مبعىن أفعل حنو؛ (ختاطأ) مبعىن (أخطأ) مما ال جدوى له‪،‬‬
‫ألنه إمنا يقال هذا الباب مبعىن ذلك الباب إذا كان الباب احملال عليه خمتصا مبعىن عام‬
‫مضبوط بضابط فيتطفل الباب اآلخر عليه يف ذلك املعىن‪ ،‬أما إذا مل يكن كذا فال فائدة‬
‫فيه"(‪.)3‬‬
‫اثلثا‪ :‬أفْـ َعل مبعىن فَـ َعل‪:‬‬
‫ومن مناذج ذلك يف القرآن على سبيل التمثيل والتوضيح ال احلصر‪:‬‬
‫أ‪-‬قول هللا تعايل (ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ) [ البقرة‪] :‬؛ قال ابن األنباري‪" :‬وقد يكون‬
‫أصرب مبعين صرب وكثريا ما يكون أفعل فعل حنو أكرم وكرم‪ ،‬وأخرب وخرب"(‪.)4‬‬
‫ب‪-‬وقوله تعاىل ‪(:‬ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ) [األعراف‪]22 :‬؛ قرأ الزهري‪:‬‬
‫ووجهت القراءة على أهنا من ابب "أفْ عل مبعىن ف عل"(‪.)5‬‬ ‫ُ ِ ِ ِ‬
‫(خيْصفان) م ْن أخصف؛ ُ‬
‫د‪-‬وقوله تعاىل ‪( :‬ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ) [ الطور ‪]45/‬؛ وقُرأ‬
‫صع ُقون) قال السمني احلليب ‪" :‬وقراءة السلمي ْتؤِذن أن أفْ عل مبعىن ف عل"(‪.)6‬‬
‫(يُ ْ‬
‫ت) ابلفتح(‪ ،)7‬فمن‬
‫ج‪-‬وقول هللا تعاىل (ﭳ ﭴ) [املؤمنون‪ ،]20 :‬وقرئ (ت ْن بُ ُ‬
‫فتح التاء كان الباء للتعدية‪ ،‬ومن ضم التاء فله وجهان‪ :‬أحدمها‪ :‬أ ْن يكون "ن بت " و "‬

‫=‬
‫الفكر الطبعة‪1399:‬ه‪1979-‬م‪( :‬أ‪/‬ذ‪/‬ن)‪ ،‬وكتاب الكليات‪ .‬أليب البقاء الكفوي( أبو البقاء أيوب بن موسى احلسيين‬
‫الكفوي)‪ .‬حتقيق‪ :‬عدانن درويش ‪ -‬حممد املصري‪ ،‬دار النشر ‪ :‬مؤسسة الرسالة ‪ -‬بريوت ‪1419 -‬ه ‪1998 -‬م‪،‬‬
‫فصل ( التاء ) ص ‪.489‬‬
‫(‪ )3‬شرح شافية ابن احلاجب أليب الفضائل رضي الدين احلسن االسرتاابزي‪.104/1 :‬‬
‫(‪ )4‬ينظر‪ :‬تفسري الفخر الرازي‪ ،‬حممد بن عمر بن احلسني الرازي الشافعي‬
‫(‪ )5‬الدر املصون يف علوم الكتاب املكنون‪ ،‬السمني احلليب (أمحد بن يوسف)‪ ،‬حتقيق‪ :‬د‪ .‬أمحد اخلراط‪ ،‬الناشر‪ :‬دار القلم‪،‬‬
‫دمشق ‪ -‬سوراي [د‪.‬ط]‪.284/5 ،‬‬
‫(‪ )6‬ينظر‪ :‬املصدر السابق ‪.79/10‬‬
‫(‪ )7‬ينظر‪ :‬النشر يف القراءات العشر ‪ -‬أتليف ‪ /‬احلافظ أيب اخلري حممد بن حممد الدمشقي‪ ،‬الشهري اببن اجلزري ( ت‬
‫‪833‬ه)‪ ،‬تصحيح ومراجعة أ‪ /‬علي حممد الضباع‪ ،‬دار الكتب العلمية ‪ -‬بريوت ‪ -‬لبنان ‪.368/2‬‬

‫‪400‬‬
‫د‪ .‬عبد اهلل البسيوني ود‪ .‬دوكوري ماسريي‬ ‫التناوب الداللي للصيغ الصرفية‪ :‬تطبيق على القرآن الكريم‬

‫أنْبت " مبعىن واحد‪ ،‬كما جاء يف شعر زهري(‪:)8‬‬

‫ق ِطينا هلُْم حىت إذا أنبت الب ْق ُل‬ ‫ات حول ِ‬


‫بيوهت ْم‬ ‫رأيت ذ ِوي احلاج ِ‬
‫ُ‬
‫أي‪ :‬نبت‪ ،‬والثاين‪ :‬أن الباء زايدةٌ؛ أي‪ :‬تنبت الدهن‪.‬‬
‫وقد ذكر أبو حيان وجوها إلعراب اجلار واجملرور (ابلدهن) تبعا لتوجيهه قراءة (تنبت)‬
‫ُّه ِن) على هذا‬ ‫نبت) بفتح التاء وضم الباء‪ ،‬والباء يف ِ‬
‫(ابلد ْ‬ ‫على النحو التايل‪" :‬قرأ اجلمهور (ت ُ‬
‫ُّه ِن) أي‪ :‬ومعها الدهن‪ ،‬وقرأ ابن كثري وأبو عمرو‬ ‫ت) مصحوبة ( ِابلد ْ‬‫ابء احلال‪ ،‬أي (تنبُ ُ‬
‫ُّه ِن) مفعول والباء‬ ‫وسالم وسهل ورويس واجلحدري بضم التاء وكسر الباء‪ ،‬فقيل‪ِ ( :‬ابلد ْ‬
‫ت) جناها‪ ،‬و( ِابلد ْ‬
‫ُّه ِن) يف‬ ‫زائدة‪ ،‬والتقدير‪ :‬تنبت الدهن‪ ،‬وقيل املفعول حمذوف أي (تُنبِ ُ‬
‫موضع احلال من املفعول احملذوف؛ أي تنبت جناها ومعه الدهن‪ ،‬وقيل‪ :‬أنبت الزم‪ ،‬كنبت‪،‬‬
‫فتكون الباء للحال"(‪ ، )1‬وممن ذكر أن أنبت يف اآلية الكرمية مبعىن نبت صاحب التفسري‬
‫الكبري‪ ،‬واستشهد على ذلك بقول زهري السابق(‪.)2‬‬
‫ودخول مهزة التعدية على بناء (ف عل) من طرق تعدية الفعل الثالثي‪ ،‬فيقال‪ :‬ذهب‬
‫وأذهبته‪ ،‬وخرج وأخرجته‪ ،‬قال هللا تعاىل‪( :‬ﯹ ﯺ) [األحقاف‪ ]20 :‬وقال‪( :‬ﮏ‬
‫ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ) [األعراف‪ ،]27 :‬فإذا كان يتعدى إىل مفعول واحد وأتيت ابهلمزة‬
‫بت زيدا عمرا؛ أي‪ :‬محلته على الضرب‪ ،‬فصار الفاعل‬ ‫صار يتعدى إىل مفعولني حنو‪ :‬أضر ُ‬
‫مفعوال‪ ،‬وإن كان يتعدى إىل مفعولني صار يتعدى إىل ثالثة‪ ،‬حنو قولك يف‪ :‬علمت زيدا‬
‫قائما و رأيت عمرا عاملا‪ :‬أعلمين بكر زيدا قائما‪ ،‬وأراين عبد هللا عمرا عاملا(‪.)3‬‬
‫وقد ورد يف اللغة أفعال ثالثية ملا دخلت عليها اهلمزة مل تنقلها‪ ،‬بل ظلت على حاهلا‪،‬‬
‫ومن ذلك‪ :‬جد فالن يف أمره و أجد‪ ،‬وأضاء القمر و ضاء‪ ،‬و أوحى ووحى(‪ ،)4‬ويقال‪ :‬مت‬

‫(‪ )8‬انظر‪ :‬لسان العرب ‪.343/13 ،96/2‬‬


‫‪ - 1‬البحر احمليط ‪.371 /6‬‬
‫‪ - 2‬انظر‪ :‬تفسري الفخر الرازي ‪.79 / 23‬‬
‫‪ - 3‬شرح املفصل البن يعيش‪ ،‬عامل الكتب‪ ،‬بريوت [د‪ .‬ت ] ‪.65 /7‬‬
‫‪ - 4‬أدب الكاتب أتليف‪ :‬أيب حممد عبد هللا بن مسلم بن قتيبة‪ ،‬السكويف‪ ،‬املروزي‪ ،‬الدينوري‪ ،‬حتقيق‪ :‬حممد حمي الدين‬
‫=‬
‫‪401‬‬
‫العدد السادس مايو ‪2013‬‬ ‫جملة جامعة املدينة العاملية ( جممع )‬

‫هللا عليه النعمة‪ ،‬وأمت عليه النعمة‪ ،‬وتبع الرجل الشيء وأتبعه مبعىن واحد‪ ،‬ويقال‪ :‬ثوى الرجل‬
‫ابملكان وأثوى إذا أقام به‪ ،‬وثرى املكان وأثرى إذا ندى بعد يبس وكثر فيه الندى‪ ،‬وثلجت‬
‫السماء وأثلجت من الثلج (‪)1‬؛ وهذا يفسر جميء بناء أفعل (أنبت) مبعىن فعل (نبت) يف‬
‫اآلية الكرمية‪.‬‬
‫ويذكر العلماء أن فعل وأفعل ال يكوانن مبعىن واحد إال إذا كان ذلك من لغتني‬
‫خمتلفتني‪ ،‬وأما من لغة واحدة فال جيوز‪ ،‬فيقول سيبويه‪" :‬وقد جييء فعلت و أفعلت املعىن‬
‫فيهما واحد إال أن اللغتني اختلفتا"(‪.)2‬‬
‫"قال ابن درستويه يف شرح الفصيح‪ :‬ال يكون فعل وأفعل مبعىن واحد إال أن جييء ذلك‬
‫يف لغتني خمتلفتني‪ ،‬فأما من لغة واحدة‪ ،‬فمحال أن خيتلف اللفظان واملعىن واحد"(‪.)3‬‬
‫فاعل مبعىن فَـ َعل‪:‬‬
‫رابعا‪َ :‬‬
‫ومن مناذج ورود ذلك يف القرآن الكرمي‪:‬‬
‫أ ‪ -‬ورد يف قوله تعاىل‪( :‬ﭰﭱﭲ) [البقرة‪ ،]51 :‬وقرئ (وع ْدان) ابأللف وتركه(‪:)4‬‬
‫حيتمل واعدان‪ :‬أن يكون مبعىن وعدان‪ ،‬ويكون صدر من واحد‪ ،‬وحيتمل أن يكون من‬
‫اثنني على أصل املفاعلة‪ ،‬فيكون هللا قد وعد موسى الوحي‪ ،‬ويكون موسى وعد هللا اجمليء‬
‫للميقات أو يكون الوعد من هللا وقبوله كان من موسى‪ ،‬وقبول الوعد يشبه الوعد‪ ،‬وقيل‪:‬‬
‫وعد إذا كان عن غري طلب‪ ،‬وواعد إذا كان عن طلب‪ ،‬وقد رجح أبو عبيد قراءة من قرأ‪:‬‬
‫وعدان بغري ألف‪ ،‬وأنكر قراءة من قرأ‪( :‬واعدان) ابأللف قائال املواعدة ال تكون إال من‬
‫البشر‪ ،‬وال وجه لرتجيح إحدى القراءتني على األخرى‪ ،‬ألن كال منهما متواتر‪ ،‬فهما يف‬

‫=‬
‫عبد احلميد‪ ،‬مكتبة السعادة ‪ -‬مصر‪ ،‬الطبعة الرابعة‪1963 -‬م‪ ،‬ص ‪.333‬‬
‫‪ - 1‬فعلت وأفعلت للزجاج‪ ،‬حتقيق‪ :‬ماجد حسن الذهيب‪ ،‬الشركة املتحدة للتوزيع [د‪ .‬ت] ص ‪.13 -12‬‬
‫‪ - 2‬الكتاب‪ ،‬سيبويه‪.61 /4 ،‬‬
‫‪ - 3‬املزهر يف علوم اللغة وأنواعها للسيوطي‪ ،‬حتقيق‪ :‬فؤاد علي منصور‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بريوت‪ ،‬ط ‪1998‬م‪/1 ،‬‬
‫‪.303‬‬
‫‪ - 4‬ينظر‪ :‬النشر يف القراءات العشر‪.242 /2 ،‬‬

‫‪402‬‬
‫د‪ .‬عبد اهلل البسيوني ود‪ .‬دوكوري ماسريي‬ ‫التناوب الداللي للصيغ الصرفية‪ :‬تطبيق على القرآن الكريم‬

‫(‪)1‬‬
‫الصحة على ح ّد سواء‪.‬‬
‫ب ‪ -‬ورد يف قوله تعاىل (ﭼﭽﭾﭿ) [البقرة‪ ]9 :‬وقرئ (ﭼﭽ) (‪:)2‬‬
‫ذكر الصرفيون أن بناء (فاعل) قد يدل على معىن (ف عل) وذلك جبانب داللته على‬
‫معان أخري مثل املشاركة واملتابعة والداللة على أن شيئا صار صاحب صفة يدل عليها‬ ‫ٍ‬
‫(‪)3‬‬
‫الفعل‪.‬‬
‫ومن هنا‪ :‬حكم كثريون أن املعىن واحد يف القراءتني‪( ،‬وما خيادعون‪ ،‬وما خيدعون) فمن‬
‫(خي ِادعُون هللا)‬
‫(خي ِادعُون) ابأللف‪ ،‬أراد به أيضا املطابقة وازدواج الكالم؛ ألن قبله ُ‬
‫قرأها‪ُ :‬‬
‫فنفى بقوله‪( :‬وما خيادعون) ما أثبت هلم بقوله‪( :‬خيادعون هللا)‪ ،‬ومن قرأها (وما خيْدعُون)‬
‫قال‪ :‬خدع وخادع هنا مبعىن واحد(‪.)4‬‬
‫وبنظرة متأنية يف اآلية القراءتني جند أن الفعلني (خيادعون) و (خيدعون) ميكن أن‬
‫خيتلف معنامها‪ ،‬وليس كما ذكروا أن أحدمها يصلح مكان اآلخر؛ حيث إن بناء (فاعل)‬
‫الذي أتى عليه الفعل (خيادع) يدل على املشاركة بني الفاعل واملفعول‪ ،‬ونلحظ ذلك من‬
‫املعىن؛ حيث إهنم يريدون خداع هللا ‪-‬حاشا هلل‪ -‬وهللا ‪-‬سبحانه‪ -‬يبطل هذا اخلداع‪ ،‬أما‬
‫بناء (فعل) الذي ورد عليه الفعل (خيدع)‪ ،‬فنلحظ فيه أن أفراد الفاعل هم أنفسهم أفراد‬
‫املفعول‪ ،‬ولذلك ال يكون هناك مشاركة‪ ،‬ولذلك وردت كل صيغة مالئمة يف موضعها ال‬
‫يصح وضع صيغة أخرى مكاهنا وهذا إعجاز القرآن‪.‬‬
‫ويقول اإلمام الفخر الرازي يف تفسري اآلية الكرمية السابقة‪" :‬قرأ انفع وابن كثري وأبو‬
‫عمر (خيادعون) والباقون (خيدعون) وحجة األولني مطابقة اللفظ حىت يكون مطابقا للفظ‬
‫األول‪ ،‬وحجة الباقني أن املخادعة إمنا تكون بني اثنني فال يكون اإلنسان الواحد خمادعا‬
‫لنفسه‪ ،‬مث ذكروا يف قوله (ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ) وجهني‪ :‬األول‪ :‬أنه تعاىل جيازيهم على‬
‫ذلك ويعاقبهم عليه فال يكونون يف احلقيقة خادعني إال أنفسهم‪ ،‬والثاين‪ :‬ما ذكره أكثر‬

‫‪ - 1‬تفسري البحر احمليط‪.356 /1 ،‬‬


‫‪ - 2‬ينظر‪ :‬النشر يف القراءات العشر ‪237 /2‬‬
‫‪ - 3‬انظر‪ :‬التطبيق الصريف ص ‪.36 - 35‬‬
‫‪ - 4‬ينظر‪ :‬اللباب يف علوم الكتاب ‪.338 /1‬‬

‫‪403‬‬
‫العدد السادس مايو ‪2013‬‬ ‫جملة جامعة املدينة العاملية ( جممع )‬

‫اجع إليهم يف الدنيا؛ألن هللا تعاىل كان يدفع ضرر خداعهم عن‬ ‫املفسرين وهو أن وابل ذلك ر ٌ‬
‫املؤمنني ويصرفه إليهم وهو كقوله (ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ) [النساء‪:‬‬
‫‪.)1("]142‬‬
‫فاعل مبعىن فعَّل‪:‬‬
‫خامسا‪َ :‬‬
‫ً‬
‫(‪)2‬‬
‫اع ْر) ابأللف ‪.‬‬ ‫ورد يف قوله تعاىل‪( :‬ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ) [ لقمان‪ ،]18 :‬وقرئ (تُص ِ‬
‫ابلنظر إىل داللة البناءين السابقني جند أنه تدل صيغة (فاعل) يف الغالب على املشاركة‬
‫حنو‪ :‬خاصمته‪ ،‬وانفرته‪ ،‬وسابقته‪ ،‬وصارعته(‪ ،)3‬كما أن من دالالته أيضا التعريض‪ :‬أي أنك‬
‫تعرض املفعول ملعىن الفعل(‪)4‬؛ وهذا يوافق معىن اآلية‪ ،‬وأما فعل‪ :‬فمجيئه للتكثري هو الغالب‬‫ِّ‬
‫عت الثياب‪ ،‬وغلقت األبواب(‪.)5‬‬ ‫عليه‪ ،‬حنو‪ :‬قط ُ‬
‫ويف اآلية الكرمية جند أن جميء الفعل تُصعِر على وزن تفعِل مبعىن ِ‬
‫تصاعر على وزن‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫تفاعل‪ ،‬والتاء يف أول البناءين للمضارعة فقط‪ ،‬وابلتدقيق يف معىن اآلية الكرمية على القراءتني‬
‫صعِر) يدل على الكثرة‪ ،‬و (تُصاعر) يدل على احلدوث من الفاعل على سبيل‬ ‫جند أن (تُ ّ‬
‫الثبات‪ ،‬كما يدل على تعرض املفعول ملعىن الفعل موافقا رأي النحاة السابق وهللا تعاىل أعلم‪.‬‬
‫وتفاعل مبعىن‪:‬‬
‫فاعل وتفعَّل و َ‬ ‫سادسا‪َ :‬‬
‫ً‬
‫ورد يف قوله تعاىل (ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ) [األحزاب‪ ]4 :‬قرئ‬
‫(تُظاهرون) و(تظاهرون) و(تظاهرون) و(تظه ُرون)‪ ،‬و"ظ اهر" و"ت ظ اهر" و"تظهر" مبعىن(‪.)6‬‬
‫يظهر مما سبق‪ :‬الرتادف يف الصيغ الثالث فاعل و تفعل و وتفاعل وهي كما يبدو يف‬
‫اآلية متقاربة يف املعىن املراد‪ ،‬وقد مر بنا ما يدل عليه بناء فاعل‪ ،‬أما بناء تفاعل فأشهر‬
‫معانيه‪ :‬املشاركة بني اثنني فأكثر‪ ،‬مثل‪ :‬تقاتل و جتادل‪ ،‬كما أن من معانيه التظاهر‪ ،‬ومعناه‬

‫‪ - 1‬تفسري الفخر الرازي املعروف ابلتفسري الكبري ‪.58 /2‬‬


‫‪ - 2‬ينظر حجة القراءات ‪ -‬أتليف ‪ :‬أيب زرعة ابن زجنلة [د‪.‬ت] ‪.565/1‬‬
‫‪ - 3‬أدب الكاتب البن قتيبة ‪.465 ،464‬‬
‫‪ -4‬التطبيق الصريف ص ‪.33‬‬
‫‪ - 5‬شرح املفصل البن يعيش‪.159 /7 ،‬‬
‫‪ - 6‬ينظر‪ :‬النشر يف القراءات العشر ‪.388 /2‬‬

‫‪404‬‬
‫د‪ .‬عبد اهلل البسيوني ود‪ .‬دوكوري ماسريي‬ ‫التناوب الداللي للصيغ الصرفية‪ :‬تطبيق على القرآن الكريم‬

‫االدعاء ابالتصاف ابلفعل مع انتفائه عنه‪ ،‬مثل‪ :‬تناوم ‪ -‬تكاسل ‪ -‬جتاهل ‪ -‬تعامى‪ ،‬وأيضا‬
‫من معانيه الداللة على التدرج مثل تزايد و توارد‪ ،‬وميكن أن يدل على املطاوعة وهو يطاوع‬
‫معىن (فاعل) مثل‪ :‬ابعدته فتباعد‪ ،‬وواليته فتواىل‪.‬‬
‫أما تفعل فأشهر معانيه‪ :‬املطاوعة‪ ،‬وهو يطاوع (فعل) مثل‪ :‬أدبته فتأدب ‪ -‬علمته‬
‫فتعلم‪ ،‬والتكلف مثل تصرب وتشجع‪ ،‬واالختاذ مثل‪ :‬تسنم فالن اجملد أي اختذه سناما‪ ،‬توسد‬
‫ذراعه أي اختذه وسادة‪ ،‬والتجنب وهو ترك معىن الفعل واالبتعاد عنه مثل‪ :‬أتمث وحترج؛أي‬
‫ترك اإلمث واحلرج (‪.)1‬‬
‫ويف اآلية الكرمية السابقة "قرأ عاصم ومحزة والكسائي‪( :‬تظاهرون) بتخفيف الظاء‬
‫والباقون ابلتشديد‪ ،‬فوجه التخفيف احلذف إلحدى التاءين‪ ،‬كقوله‪( :‬ﯲ ﯳ) ووجه‬
‫التشديد إدغام التاء يف الظاء كقوله تعاىل (ﮀ) [التوبة‪ ،]38 /‬واحلذف أخف‬
‫واإلدغام أدل على األصل"(‪.)2‬‬
‫سابعا‪ :‬فَـعل مبعىن فعول‪:‬‬
‫ً‬
‫ورد يف قوله تعاىل‪( :‬ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ) [ البقرة‪ ،]143 :‬وقرئ (لرُؤوف)‪،‬‬
‫و(رؤوف) ف عُول‪ ،‬وفيه معىن املبالغة‪ ،‬و"رُؤف" ف عُل مثل ح ُذر و ن ُدس و ي ُقظ(‪ ،)3‬وما أشبه‬
‫(‪)4‬‬
‫ذلك‪ ،‬وقد جاء يف شعر جرير‬
‫ِ‬
‫الد الرؤ ِ‬
‫ف الرِحيم‬ ‫ِ‬
‫كف ْع ِل الو ُ‬ ‫‪.........................‬‬
‫وقد ذكر اإلمام الفخر الرازي الوجهني السابقني وزاد عليهما وجهني آخرين‪ ،‬ونسب‬
‫ءوف‬
‫كل قراءة إىل أصحاهبا قائال‪" :‬قرأ عمرو ومحزة والكسائي وأبو بكر عن عاصم (لر ٌ‬
‫يم) مهموزا غري مشبع والباقون (رؤف) مثقال مهموزا مشبعا‪..‬‬ ‫ِ‬
‫رح ٌ‬

‫‪ 1‬انظر‪ :‬التطبيق الصريف ص ‪.39 - 38‬‬


‫‪ - 2‬تفسري الفخر الرازي املعروف ابلتفسري الكبري ‪ ،157 /3‬وينظر‪ :‬البحر احمليط ‪.459 /1‬‬
‫‪ - 3‬ينظر‪ :‬حجة القراءات ‪.116/1‬‬
‫‪ - 4‬انظر‪ :‬خزانة األدب ‪.207 / 4‬‬

‫‪405‬‬
‫العدد السادس مايو ‪2013‬‬ ‫جملة جامعة املدينة العاملية ( جممع )‬

‫وفيه أربع لغات رئف ‪-‬أيضا‪ -‬كحزر ورأف على وزن ف عُل"(‪.)1‬‬
‫‪ 2.2‬عدول الصيغة عن معناها األساسي‪:‬‬
‫يتناول هذا املبحث بعض املشتقات اليت مت العدول عن معناها األصلي الذي عليه‬
‫أصل بنائها‪ ،‬وأ ُِّولت بصيغة أخرى‪ ،‬على النحو التايل‪:‬‬
‫‪ -1‬فاعل مبعىن اجلمع‪:‬‬
‫ورد يف قوله تعاىل (ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ) [املؤمنون‪ ،] 67 :‬جاء فيه (سامرا)‬
‫"مسار"‪ ،‬وهو اجلماعة يتحدثون ابلليل‪ ،‬وجميء اسم الفاعل‬ ‫بعد قوله (مستكربين) ألنه مبعىن ُ‬
‫مبعىن اجلمع يف بناء (سامرا) يؤيده اإلمام القرطيب قائال‪(" :‬سامرا) نصب على احلال ومعناه‬
‫ُمسارا‪ ،‬وهو اجلماعة يتحدثون ابلليل مأخوذ من السمر وهو ظل القمر‪ ،‬ومنه مسرة اللون‪،‬‬
‫(مسارا) وهو‬
‫وكانوا يتحدثون حول الكعبة يف مسر القمر فسمى التحدث به وقرأ أبو رجاء ُ‬
‫مجع سامر‪ ...‬فهو اسم مفرد مبعىن اجلمع؛ كاحلاضر وهم القوم النازلون على املاء‪ ،‬والباقر مجع‬
‫البقر‪ ،‬واجلامل مجع اإلبل ذكورهتا وإانثها‪ ،‬ومنه قوله تعاىل (ﮯ ﮰ ﮱ) أي أطفاال‪،‬‬
‫يقال‪ :‬قوم ُمسر ومسر وسامر‪ ..‬ويقال السمري‪ :‬الدهر‪،‬وابناه‪ :‬الليل والنهار" (‪.)2‬‬
‫وف على ل ْف ِظ ِ‬
‫فاع ٍل وهي مجْ ٌع عن‬ ‫ت ُح ُر ٌ‬‫وذكر صاحب (اتج العروس) أنه قد جاء ْ‬
‫ِ (‪.)3‬‬
‫الس ِام ُر والباق ُر‬ ‫ِ‬
‫العرب فمنها اجلام ُل و ّ‬
‫‪ -2‬فاعل مبعىن مفعول‪:‬‬
‫ورد يف قوله تعاىل‪( :‬ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ) [ هود‪ ،]43 :‬األكثر يف‬
‫صوم (‪،)4‬وجميء فاعل مبعىن‬
‫اآلية الكرمية السابقة أن قوله تعاىل‪( :‬ﯙ ﯚ) مبعىن ال م ْع ُ‬
‫مفعول كثري‪ ،‬وهذا عدول عن ابهبا األصلي‪ ،‬أي‪ :‬إن صيغة فاعل هنا أصبحت تدل على من‬

‫‪ - 1‬تفسري الفخر الرازي املعروف ابلتفسري الكبري ‪.99 /4‬‬


‫‪ - 2‬اجلامع ألحكام القرآن املعروف بتفسري القرطيب ‪ -‬أتليف‪ :‬أيب عبد هللا حممد بن أمحد األنصاري القرطيب (ت ‪671‬‬
‫ه )‪ ،‬دار النشر‪ :‬دار الشعب ‪ -‬القاهرة‪.137 - 136 / 12 ،‬‬
‫‪ - 3‬اتج العروس ‪.73 / 12‬‬
‫‪ - 4‬ينظر‪ :‬اجلامع ألحكام القرآن الكرمي ‪.39 /9‬‬

‫‪406‬‬
‫د‪ .‬عبد اهلل البسيوني ود‪ .‬دوكوري ماسريي‬ ‫التناوب الداللي للصيغ الصرفية‪ :‬تطبيق على القرآن الكريم‬

‫وقع عليه الفعل ال م ن وقع منه الفعل فهي مبعىن مفعول‪ ،‬وقد روى لنا السيوطي جميء فاعل‬
‫مبعىن مفعول‪ ،‬وحصره يف ألفاظ معدودة‪ ،‬فقال‪" :‬ومل أيت عنهم فاعل مبعىن مفعول إال قوهلم‪:‬‬
‫مسفي؛ ألن الريح سفته‪ ،‬وعيشة راضية مبعىن مرضية‪ ،‬وماء دافق مبعىن‬ ‫ٌ‬ ‫تراب ساف‪ ،‬إمنا هو‬
‫مدفوق‪ ،‬وسر كامت مبعىن مكتوم‪ ،‬وليل انئم مبعىن قد انموا فيه"(‪.)1‬‬
‫ويبدو أن أهل احلجاز كانوا حيولون املفعول فاعال إذا كان يف حمل نعت‪ ،‬كقول هللا‬
‫تعاىل‪( :‬ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ) [الطارق‪ ]6 :‬مبعىن مدفوق‪ ،‬كما يظهر ذلك من قول الفراء‪" :‬أهل‬
‫ب ْنعت"(‪ ،)2‬أي‪:‬‬ ‫احلجاز أفعل هلذا من غريهم؛ أي أن جيعلُوا امل ْفعول ِ‬
‫فاعال إِذا كان يف م ْذه ِ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬
‫إنه حييل ذلك الختالف اللغات‪.‬‬
‫وقال اإلمام الفخر الرازي يف معىن قوله تعاىل‪( :‬ﯙ ﯚ)‪" :‬أي‪ :‬ال ذا عصمة‪ ،‬كما‬
‫قالوا‪ :‬رامح والبن ومعناه‪ :‬ذو رمح وذو لنب‪ ،‬وقال تعاىل‪( :‬ﭩ ﭪ ﭫ) [الطارق‪ ]6 :‬و‬
‫(ﮪ ﮫ) [احلاقة‪ ،]21 :‬ومعناه ما ذكران فكذا هاهنا‪ ،‬وعلى هذا التقدير العاصم هو‬
‫ذو العصمة فيدخل فيه املعصوم‪ ،‬وحينئذ يصح استثناء قوله‪( :‬ﯟ ﯠﯡ) منه"(‪.)3‬‬
‫‪ -3‬فَـ ْعل مبعىن فاعل‪:‬‬
‫ورد يف قول هللا تعاىل‪( :‬ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ) [الكهف‪.]41 :‬‬
‫(غورا) مبعىن غائِر(‪ ،)4‬ومعىن هذا‪ :‬أن بناء املصدر ف ْعل‬
‫األكثر على أن قوله تعاىل ْ‬
‫(غور) جاء مبعىن اسم الفاعل (غا ِور) وقيام املصدر ‪-‬وصفا‪ -‬مقام اسم الفاعل ٌ‬
‫كثري أقره‬
‫النُّحاة‪ ،‬منه قوله تعاىل‪( :‬ﮋ ﮌ ﮍ) [الطارق‪ ]13 :‬أي‪ :‬فاصل يفصل بني احلق والباطل‪،‬‬
‫يقول ابن جين‪" :‬إذا وصف ابملصدر صار املوصوف كأنه يف احلقيقة خملوق من ذلك الفعل؛‬
‫وذلك لكثرة تعاطيه له واعتياده إايه"(‪" ،)5‬وهذا معىن ال جتده وال تتمكن منه مع الصفة‬

‫‪ - 1‬املزهر يف علوم اللغة وأنواعها‪ ،‬حتقيق‪ :‬فؤاد علي منصور ‪.93 /2‬‬
‫‪ - 2‬اتج العروس ‪.292 / 25‬‬
‫‪ - 3‬تفسري الفخر الرازي املعروف ابلتفسري الكبري ‪.186 / 17‬‬
‫‪ - 4‬تفسري ابن كثري ‪.159 /5‬‬
‫‪ - 5‬اخلصائص ‪.259 /3‬‬

‫‪407‬‬
‫العدد السادس مايو ‪2013‬‬ ‫جملة جامعة املدينة العاملية ( جممع )‬

‫الصرحية"(‪ ، )1‬وبناء على ذلك ميكن العدول عن اسم الفاعل الذي يعرب عن وصف فاعل‬
‫احلدث إىل املصدر الذي يعرب عن املبالغة يف وصف فاعل احلدث‪ ،‬ذلك ألن الوصف‬
‫ابملصدر ميثل أكرب طاقات املبالغة يف الوصف‪ ،‬وجييز ذلك ابن يعيش قائال‪" :‬وقد جييء‬
‫املصدر ويراد به الفاعل‪،‬من حنو قوهلم‪ :‬ماء غور‪ ،‬أي غائر‪ ،‬ورجل عدل‪ ،‬أي عادل"(‪ )2‬وممن‬
‫ذكر جميء اسم الفاعل مبعىن املصدر (ف ْعل) اإلمام الفخر الرازي؛ حيث قال‪ (" :‬ﮬ ﮭ)‬
‫أي غائرا‪ ،‬وهو نعت على لفظ املصدر‪ ،‬كما يقال‪ :‬فالن زور وصوم‪ ،‬للواحد واجلمع واملذكر‬
‫واملؤنث‪ ،‬ويقال‪ :‬نساء نوح‪ ،‬أي نوائح"(‪.)3‬‬
‫‪ -4‬فاعل ومفعول‪ :‬الوصف هبما على معىن النسب "ذو فعل"‪:‬‬
‫ورد يف قوله تعاىل‪( :‬ﯕ ﯖ) [ اإلسراء‪ ،]45 :‬قال صاحب اللباب‪ :‬إن قوله‬
‫تعاىل (مستورا)‪ :‬أي‪ :‬ذو سرت‪ ،‬فهذا على بناء النسب(‪.)4‬‬
‫وذكر أبو حيان وجوها كثرية لكلمة (مستورا) الواردة يف اآلية الكرمية السابقة‪ ،‬وأرجع‬
‫كل وجه من هذه الوجوه إىل املعىن الدال عليه‪ ،‬كما يظهر ذلك يف قوله‪" :‬الظاهر إقرار‬
‫(م ْستُورا) على موضوعه من كونه اسم مفعول؛ أي (م ْستُورا) عن أعني الكفار فال يرونه‪ ،‬أو‬
‫(م ْستُورا) به الرسول عن رؤيتهم‪ ،‬ونسب السرت إليه ملا كان مستورا به قاله املربد‪ ،‬ويؤول‬
‫معناه إىل أنه ذو سرت كما جاء يف صيغة البن واتمر‪ ،‬أي‪ :‬ذو لنب وذو متر‪ ..‬وقال األخفش‪:‬‬
‫(م ْستُورا) ساترا‪ ،‬واسم الفاعل قد جييء بلفظ املفعول‪ ،‬كما قالوا مشئوم وميمون يريدون شائم‬
‫ورّد أبن املبالغة إمنا‬
‫وايمن‪ ،‬وقيل مستور وصف على جهة املبالغة كما قالوا يف (شعر) شاعر‪ُ ،‬‬
‫تكون ابسم الفاعل"(‪.)5‬‬
‫ويتبني من كالم أيب حيان السابق أن (مستورا) حيتمل فيها أن تكون اسم مفعول‬
‫على أصل بنائها أو تكون مبعىن اسم الفاعل‪ ،‬أو تدل على املبالغة مع أن هذا الوجه‬

‫‪ - 1‬اخلصائص ‪.260 /3‬‬


‫‪ - 2‬ينظر‪ :‬شرح املفصل البن يعيش ‪.50 ،49 /3 ،50/ 6‬‬
‫‪ - 3‬تفسري الفخر الرازي املعروف ابلتفسري الكبري ‪.109 / 21‬‬
‫‪ - 4‬اللباب يف علوم الكتاب ‪.300 /12‬‬
‫‪ - 5‬البحر احمليط ‪.39 /6‬‬

‫‪408‬‬
‫د‪ .‬عبد اهلل البسيوني ود‪ .‬دوكوري ماسريي‬ ‫التناوب الداللي للصيغ الصرفية‪ :‬تطبيق على القرآن الكريم‬

‫رده أبو حيان‪ ،‬أو أن تكون مبعىن (ذو سرت) وهو الراجح؛ ألنه ابلنظر يف اآليتني‬
‫السابقتني جند أنه دلت صيغة (مفعول)‪ :‬مستور‪ ،‬و صيغة (فاعل)‪ :‬راضية على صفتني‬
‫ثبتتني ودائمتني؛ ألهنما تعربان عن احلال الدائم و توجد يف األزمنة الثالثة‪ ،‬و آية‬
‫تعبريمها عن احلال الدائم أنه ميكن إضافة مصدرمها إىل كلمة "ذو أو ذات"‪ ،‬أي‪" :‬ذو‬
‫سرت‪ ،‬وذات رضا"‪ ،‬وهي بذلك خرجت عن كوهنا امس ا للفاعل واملفعول وأصبحت صفة‬
‫مشبهة؛ ألن صيغة فاعل من الفعل الثالثي أتيت للداللة على وصف من قام ابلفعل‬
‫على سبيل التجدد واحلدوث‪ ،‬فإن دل ت على هذا الوصف على سب يل الثبات والدوام‬
‫واالستمرار فهي صفة مشبهة؛ "أي تشبه اسم الفاعل يف املعىن"(‪.)1‬‬
‫ومما سبق ميكن القول أبن الصفة املشبهة‪" :‬تتعدد صيغها تعددا جيعلها صاحلة للبس‬
‫من حيث املبىن مع كل واحد من الصفات األخرى [صفة الفاعل واملفعول واملبالغة‬
‫والتفضيل]‪ ،‬لوال أن معناها خيتلف من حيث الدوام والثبوت عن معاين الصفات‪ ،‬فيوضح أن‬
‫الصيغة املعرضة لإللباس تنجو منه بفضل ما يفهم منها من معىن الثبوت والدوام‪ ،‬فالصفة‬
‫املشبهة تشبه يف مبناها صيغة الفاعل كطاهر‪ ،‬واملفعول كموجود (من صفات هللا) أو املبالغة‬
‫كوقِح أو التفضيل كأبرص وأشدق؛ فاملعىن يفرق بني كل واحدة من هذه الصفات وبني‬
‫األخرايت إذا اتفقت الصيغة يف أي اثنتني منها(‪)2‬؛ ذلك ألن "القيم اخلالفية املتعلقة ابملعىن‬
‫واليت تفرق بني صفة وأخرى من هذه الصفات ‪ ...‬هي االنقطاع يف مقابل االستمرار أو‬
‫الدوام‪ ،‬مث التجدد يف مقابل الثبوت‪ ،‬مث املبالغة يف مقابل جمرد الوصف‪ ،‬مث التفضيل يف مقابل‬
‫كل ما عداه من الصفات"(‪.)3‬‬
‫‪ -5‬فعيل مبعىن فاعل أو مفعول‪:‬‬
‫اآلمن‪ ،‬وجيوز أن يكون‬ ‫ورد يف قوله تعاىل‪( :‬ﭗ ﭘ ﭙ) [التني‪ :]3 :‬قيل يعين ِ‬
‫مبعىن املفعول أي املأمون(‪ 01143256814.)4‬عم حسن‬

‫‪ - 1‬التطبيق الصريف‪ ،‬ص ‪.79‬‬


‫‪ - 2‬اللغة العربية معناها ومبناها‪ ،‬ص ‪.100 - 99‬‬
‫‪ - 3‬اللغة العربية معناها ومبناها‪ ،‬ص ‪.99‬‬
‫‪ - 4‬ينظر‪ :‬تفسري الفخر الرازي املعروف ابلتفسري الكبري‪.212/32 ،‬‬

‫‪409‬‬
‫العدد السادس مايو ‪2013‬‬ ‫جملة جامعة املدينة العاملية ( جممع )‬

‫ففي اآلية الكرمية السابقة نلحظ أن صيغة (فعيل) جاءت مبعىن ِ‬


‫فاعل أو ُمفعول‪ ،‬وإذا‬
‫أتملنا اآلية الكرمية جند أن صيغة فعيل ابإلضافة إىل أتديتها املعىن وحلوهلا مكان اسم الفاعل‬
‫إال أهنا أفادت املبالغة يف الصفة اليت كانت ستحدث ابستخدام اسم الفاعل أو اسم املفعول‪،‬‬
‫فاألمني أبلغ يف أتدية املعىن من اآلمن واملؤمن وأثبت للصفة وأكثر استمرارا هلا‪.‬‬
‫على أن فعيال إذا "كان يف أتويل فاعل كان مؤنثه ابهلاء‪ ،‬حنو‪ :‬رحيمة وعليمة و كرمية‬
‫وشريفة"(‪ ،)1‬ومما سبق يتبني صحة حلول صيغة فعيل مبعىن فاعل أو مفعول‪ ،‬ولكنها تفيد‬
‫أيضا زايدة املعىن واملبالغة فيه‪.‬‬
‫ومما يؤكد املعىن السابق‪ :‬قول أيب حيان يف هذه الكلمة‪(" :‬ﭗ ﭘ ﭙ) هو مكة‪،‬‬
‫وأمني للمبالغة أي آمن من فيه ومن دخله وما فيه من طري وحيوان‪ ،‬أو من‪ُ :‬أمن الرجل بضم‬
‫امليم أمانة فهو أمني ‪ ..‬وجيوز أن يكون مبعىن مفعول من أمنه؛ ألنه مأمون الغوائل كما‬
‫وصف ابآلمن يف قوله‪( :‬ﮪ ﮫ) "(‪.)2‬‬
‫‪ -6‬فعيل مبعىن مفعول‪:‬‬
‫ورد يف قول هللا تعاىل‪( :‬ﭫ ﭬ) [القلم‪ :]20 :‬الصرمي أي املصروم "فعيل"‬
‫ِ (‪)3‬‬ ‫ِ‬ ‫مبعىن "مفعول"‪ ،‬وهلذا مل يقل "كالصرمية"‪ ،‬فهذا كقوهلم ُّ ِ‬
‫ني"‬
‫يب" و"حليةٌ ده ٌ‬‫"كف خض ٌ‬ ‫ْ‬
‫وهذا يتفق هذا مع علماء الصرف؛ حيث إن بناء "فعيل" أييت يف العربية الفصحى انئبا عن‬
‫مفعول يف الداللة على معناه ال يف العمل؛ أى‪ :‬ال ترفع فاعال(‪.)4‬‬
‫وقد ذكر الفخر الرازي وجوها كثرية لكلمة (الصرمي) الواردة يف اآلية الكرمية السابقة‬
‫على حسب توجيهه للمعىن قائال‪" :‬واعلم أن الصرمي (فعيل) حيتمل أن يكون مبعىن املفعول‪،‬‬
‫وأن يكون مبعىن الفاعل‪ ،‬وهاهنا احتماالت؛ أحدها‪ :‬أهنا ملا احرتقت كانت شبيهة ابملصرومة‬
‫يف هالك الثمر‪ ..‬وثنيها‪ :‬قال احلسن‪ :‬أي صرم عنها اخلري؛ فليس فيها شيء‪ ،‬وعلى هذين‬
‫الوجهني الصرمي مبعىن املصروم‪ ،‬وثلثها‪ :‬الصرمي من الرمل قطعة ضخمة تنصرم عن سائر‬
‫‪ - 1‬أدب الكاتب‪.229 /1 ،‬‬
‫‪ - 2‬البحر احمليط ‪.486 /8‬‬
‫‪ - 3‬ينظر اللباب يف علوم الكتاب ‪.287 /19‬‬
‫‪ - 4‬انظر‪ :‬شرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك ‪.139 - 138 / 3‬‬

‫‪410‬‬
‫د‪ .‬عبد اهلل البسيوني ود‪ .‬دوكوري ماسريي‬ ‫التناوب الداللي للصيغ الصرفية‪ :‬تطبيق على القرآن الكريم‬

‫الرمال ومجعه الصرائم‪ ،‬وعلى هذا شبهت اجلنة وهي حمرتقة ال مثر فيها وال خري ابلرملة‬
‫املنقطعة عن الرمال‪ ،‬وهي ال تنبت شيئا ينتفع به‪ ،‬ورابعها‪ :‬الصبح يسمى صرميا؛ ألنه انصرم‬
‫من الليل‪ ،‬واملعىن‪ :‬أن تلك اجلنة يبست؛ وذهبت خضرهتا ومل يبق فيها شيء من قوهلم بيض‬
‫اإلانء إذا فرغه‪ ،‬وخامسها‪ :‬أهنا ملا احرتقت صارت سوداء كالليل املظلم‪ ،‬والليل يسمى‬
‫صرميا‪ ،‬وكذا النهار يسمى أيضا صرميا؛ ألن كل واحد منهما ينصرم ابآلخر‪ ،‬وعلى هذا‬
‫الصرمي مبعىن الصارم‪ ،‬وقال قوم‪ُِ :‬مسّي الليل صرميا ألنه يقطع بظلمته عن التصرف وعلى هذا‬
‫(‪.)1‬‬
‫يؤول فعيل مبعىن فاعل"‬
‫وقد اختلف الصرفيون يف قياسية "فعيل" مبعىن "مفعول"‪ ،‬فجعله بعض العلماء مقيسا‪،‬‬
‫وجعله بعضهم اآلخر غري مقيس‪ ،‬فأما من جعلوه مقيسا فإهنم جعلوه كذلك يف كل فعل‬
‫ليس له فعيل مبعىن فاعل كجريح‪ ،‬فإن كان للفعل فعيل مبعىن فاعل مل ينب قياسا كعليم‪ ،‬وقد‬
‫مال ابن مالك إىل أن صوغ "فعيل" مبعىن "مفعول" ‪-‬مع كثرته‪ -‬غري مقيس(‪.)2‬‬
‫ومن اجلدير ابلذكر‪ :‬أنه إذا جاءت صيغة فعيل ابهلاء فرمبا يذهب هبا مذهب األمساء‪،‬‬
‫حنو القتيلة‪ ،‬الذبيحة‪ ،‬وليس من ذلك صيغة "فعيلة" مبعىن "مفعولة" مما يدخل يف عداد‬
‫األمساء ال النعوت‪ ،‬حنو‪ :‬الرمية‪ ،‬الضريبة‪ ،‬النطيحة‪ ،‬األكيلة‪،‬وميكن أن تتجرد صيغة "فعيل"‬
‫ضيب" ِ‬
‫و"حليةٌ‬ ‫مبعىن "مفعول" من التاء إذا ذكر معها املوصوف‪ ،‬وذلك كما يف‪ِ ُّ :‬‬
‫"كف خ ٌ‬
‫ني"‪ ،‬وقد أجاز جممع اللغة العربية حديثا‪" :‬أن تلحق التاء فعيال‪ ،‬مبعىن مفعول‪ ،‬سواء ذكر‬ ‫ِ‬
‫ده ٌ‬
‫املوصوف معه أم مل يذكر"(‪. )3‬‬
‫‪ -7‬فَـعول مبعىن مفعول‪:‬‬
‫ورد يف قول هللا تعاىل‪( :‬ﭪ ﭫ ﭬ) [ النساء‪ :] 163 :‬فزبور ‪ -‬ابلفتح ‪-‬‬
‫ف عُول مبعىن مفعول ‪ -‬كالركوب مبعىن‪ :‬املركوب ‪ -‬واحللوب ‪ -‬مبعىن احمللوب ‪ -‬واملعىن‪:‬‬
‫الزبُر‪ :‬مجع زبور‪ ،‬وهو الكتاب(‪.)4‬‬
‫ال ُكتُب املزبورة‪ ،‬أي‪ :‬املكتوبة‪ ،‬و ُّ‬

‫‪ - 1‬تفسري الفخر الرازي املعروف ابلتفسري الكبري ‪.78 / 30‬‬


‫‪ - 2‬انظر‪ :‬شرح ابن عقيل ‪.138 /3‬‬
‫‪ - 3‬يف أصول اللغة‪.53 /3 ،‬‬
‫‪ - 4‬ينظر‪ :‬اللباب يف علوم الكتاب‪.96 /6 ،‬‬

‫‪411‬‬
‫العدد السادس مايو ‪2013‬‬ ‫جملة جامعة املدينة العاملية ( جممع )‬

‫(زبُورا) بضم الزاي يف كل القرآن والباقون‬‫وقال الفخر الرازي يف هذه الكلمة‪" :‬قرأ محزة ُ‬
‫ب األمري‬ ‫بفتحها‪ ،‬وحجة محزة أن الزبور مصدر يف األصل مث استعمل يف املفعول كقوهلم‪ :‬ض ْر ُ‬
‫وش ُهد‪ ،‬واملصدر إذا أقيم مقام املفعول‪ ،‬فإنه‬
‫ون ْس ُج فالن‪ ،‬فصار امسا مث مجع على ُزبُر كشهود ُ‬
‫الزبُر بضم الزاي الكتب‪،‬‬ ‫جيوز مجعه كما جيمع الكتاب على كتب؛ فعلى هذا الزبور الكتاب و ُ‬
‫أما قراءة الباقني فهي أوىل ألهنا أشهر والقراءة هبا أكثر"(‪.)1‬‬
‫وجميء فعول مبعىن مفعول كثري مما دعا علماء الصرف إىل القول بقدم صيغة فعول‪،‬‬
‫وأهنا األصل يف االستعمال‪" ،‬ورمبا كانت صيغة (فعول) هي األصل يف االستعمال بدليل‬
‫وجود بقااي هلا‪ ،‬مث مبرور الزمن ضعف معناها على هذه الصيغة؛ فحاولوا ترميمها مبيم زائدة‬
‫حىت تستعيد قوهتا املعربة‪ ...‬وهكذا جيب أن نفهم الزوائد يف املشتقات على أهنا ترميم جلسم‬
‫الكلمة بعد هزاهلا"(‪ ،)2‬ومما يؤكد هذا الرأي أن صيغة فعول هي الصيغة األصلية السم‬
‫املفعول يف العربية الذي يزاد عليه امليم يف العربية(‪.)3‬‬
‫‪ - 8‬تَـ َفعُّل مبعىن تفاعل‪:‬‬
‫ورد يف قوله عز وعال‪( :‬ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ) [ امللك‪ ،]3 :‬وقرئ‪ :‬و ِ‬
‫(م ْن‬
‫ت) (‪ )4‬ف "ت فعُّل" مبعىن "ت فاعُل"‪ ،‬وقد قال اإلمام الفخر الرازي يف هذه الكلمة‪" :‬قرأ محزة‬ ‫ت ف ُّو ٍ‬
‫ت) قال الفراء‪ :‬ومها مبنزلة واحدة مثل تظهر‬ ‫(من ت فاو ٍ‬
‫ت) والباقون ِ‬ ‫(من ت فو ٍ‬‫والكسائي ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ت) أجود ألهنم يقولون‪ :‬تفاوت األمر وال‬ ‫وتظاهر‪ ،‬وتعهد وتعاهد‪ ،‬وقال األخفش‪( :‬ت فاو ٍ‬
‫ُ‬
‫(‪)5‬‬ ‫ٍ‬
‫يكادون يقولون تفوت‪ ،‬واختار أبو عبيدة (ت ف ُاوت) وقال يقال تفوت الشيء إذا فات"‪.‬‬
‫‪ 2 .3‬اختالف الصيغة يف املبىن الواحد‪:‬‬
‫يتناول هذا املبحث مناذج لكلمات اختلفت صيغتها يف املبىن الواحد‪ ،‬ونشأ عن‬
‫اختالف الصيغة اختالف املعىن أحياان و ثباته أحياان أخرى‪ ،‬على النحو التايل‪:‬‬

‫‪ - 1‬تفسري الفخر الرازي املعروف ابلتفسري الكبري‪ ،86 / 11 ،‬وينظر‪ :‬البحر احمليط ‪.413 /3‬‬
‫‪ - 2‬اللهجات العربية يف الرتاث‪.610 /2 ،‬‬
‫‪ - 3‬انظر‪ :‬فقه اللغات السامية‪ ،‬ص‪.120‬‬
‫‪ 4‬ينظر‪ :‬النشر يف القراءات العشر‪.429/2 ،‬‬
‫‪ - 5‬تفسري الفخر الرازي املعروف ابلتفسري الكبري ‪ ،51 / 30‬وينظر‪ :‬البحر احمليط ‪.293 /8‬‬

‫‪412‬‬
‫د‪ .‬عبد اهلل البسيوني ود‪ .‬دوكوري ماسريي‬ ‫التناوب الداللي للصيغ الصرفية‪ :‬تطبيق على القرآن الكريم‬

‫أوال‪ :‬اختالف الصيغ مع ثبات الداللة‪ ،‬ومنها ما يلي‪:‬‬


‫ً‬
‫‪ -1‬فَـ َعل وفـ ْعل‪:‬‬
‫ورد يف قوله تعاىل‪( :‬ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ) [ القصص‪،] 8 :‬‬
‫(‪.)1‬‬
‫و(ح ْزان) ‪-‬ابلضم‪ ،-‬ك ‪ " :‬البخل " و " البُ ْخل " لغتان حسنتان‬
‫وقرئ‪ُ :‬‬
‫وردت يف اآلية كلمة " حزن " بفتح ففتح على قراءة‪ ،‬و بضم فسكون على قراءة‬
‫أخرى‪ ،‬وهي يف كلتا القراءتني تعرب عن معىن واحد‪ ،‬هو املصدر الدال على احلدث اجملرد من‬
‫الزمن؛ ولذلك حتقق فيها الرتادف بني صيغيت ف عل وفُ ْعل‪ ،‬ويرجع ذلك كما يبدو إىل‬
‫اختالف اللهجات؛ حيث مالت بعض القبائل العربية إىل النطق ابلفتح فالفتح يف هذه‬
‫الكلمة‪ ،‬ومالت قبائل أخرى إىل النطق بضم فسكون‪ ،‬وجند انسجام النطق يف كل صيغة‬
‫منهما‪ ،‬ومما يؤكد ذلك قول اإلمام الفخر الرازي‪" :‬قرأ محزة والكسائي‪( :‬حزانً) بضم احلاء‬
‫السقم"(‪.)2‬‬
‫وسكون الزاي والباقون ابلفتح ومها لغتان مثل السقم و ُّ‬
‫‪ -2‬فـ ْعل و فـعل‪:‬‬
‫ومن مناذج ورود ذلك يف القرآن الكرمي‪:‬‬
‫أ ‪ -‬ورد يف قوله تعاىل‪( :‬ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ) [آل عمران‪،]151 :‬‬
‫قرئ (الرعب)‪ :‬بضم العني وإسكاهنا (‪.)3‬‬
‫أرجع أبو حيان االختالف يف القراءتني السابقتني إىل اختالف اللغات قائال‪" :‬قرأ ابن‬
‫عامروالكسائي (الرعب) بضم العني والباقون بسكوهنا فقيل لغتان‪ ،‬وقيل األصل السكون‬
‫الر ُسل"(‪.)4‬‬
‫كالر ْسل و ُ‬
‫الصْبح‪ ،‬وقيل‪ :‬األصل الضم وسكن ختفيفا ّ‬
‫وضم إتباعا كالصْبح و ُّ‬
‫ُ‬
‫ب ‪-‬كما ورد يف قوله تعاىل (ﭙ ﭚ) [البقرة‪ ،]283 :‬قرئ (ف ُرُهن) على‬

‫‪ - 1‬ينظر حجة القراءات‪.542 ،‬‬


‫‪ - 2‬تفسري الفخر الرازي املعروف ابلتفسري الكبري‪.195 / 24 ،‬‬
‫‪ 3‬ينظر‪ :‬حجة القراءات‪.176 ،‬‬
‫‪ - 4‬البحر احمليط ‪ ،83 /3‬وينظر‪ :‬تفسري الفخر الرازي املعروف ابلتفسري الكبري ‪.27 / 9‬‬

‫‪413‬‬
‫العدد السادس مايو ‪2013‬‬ ‫جملة جامعة املدينة العاملية ( جممع )‬

‫(رْه ٌن) (‪.)1‬‬


‫وزن "فُعُل" ابلضم‪ ..،‬وقد خ فف قوم فقالوا ُ‬
‫(خشب)‬ ‫ج‪ -‬كما ورد يف قوله تعاىل (ﯩ ﯪ ﯫ) [ املنافقني‪ ،]4 :‬وقرئ‪ :‬و ُ‬
‫ابإلسكان ‪.‬ف " ُخشْب " ِم ْن " خشبة " ك " بُ ْدن " من " بدن ة " والتثقيل مثل "أُسُد"‬
‫(‪)2‬‬
‫و"أُسْد"‪.‬‬
‫يف اآلية األوىل حدث تغري صويت يف بناء "فُ ْعل" وذلك بضم حركة العني ليصبح "فُعُل"‬
‫وذلك ملماثلة حركة العني حركة الفاء املضمومة ابلضم‪ ،‬وهذه الظاهرة ليست إال امليل إىل‬
‫االنسجام بني احلركات داخل الصيغة‪ ،‬وهو اقتصاد عضوي يف النطق يلجأ إليه املتكلم دون‬
‫شعور أو تعمد‪ ،‬كذلك يؤدي هذا االنسجام إىل طول الصيغة عن طريق زايدة مقاطعها من‬
‫فُعْل إىل فُعُل مما يؤدي إىل التماثل بني مقاطع الصيغة‪.‬‬
‫أما يف اآليتني الثانية والثالثة فحدث تغري صويت مضاد ملا سبق حيث خفف بناء "‬
‫فُعُل " الذي ورد يف كلمات " ُرُهن و ُر ُسل و أُ ُكل و سقُف و ُخشُب و أُسُد " إىل " فُْعل‬
‫ور ْسل و أُكْل و سقْف و ُخشْب و أُسْد "‪ ،‬وهذا التغري الصويت حيدث‬ ‫" لتصري " ف ُرْهن ُ‬
‫للتخفيف عن طريق تسكني حركة العني املضمومة‪ ،‬ونالحظ يف كل ما سبق أن التغري‬
‫الصويت مل يؤثر على داللة الكلمات وإمنا كان النسجام الصيغة فقط‪.‬‬
‫‪ -3‬فـ ْعلَى و ف ْعلَى‪:‬‬
‫ورد يف قوله تعاىل‪( :‬ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ) [ النجم‪ ] 22 :‬وقرئت ابهلمز ضئزى (‪.)3‬‬
‫قال اإلمام الفخر الرازي يف هذه الكلمة‪ِ :‬‬
‫"(ضيزى) قُرئ ابهلمزة وبغري مهزة‪ ،‬وعلى‬
‫األوىل هي (فِ ْعلى) بكسر الفاء كذكرى‪ ،‬على أنه مصدر وصف به كرجل عدل‪ ،‬أي‪ :‬قسمة‬
‫ضائزة‪ ،‬وعلى القراءة الثانية هي فُعلى‪ ،‬وكان أصلها ضوزى لكن عني الكلمة كانت ايئية‬
‫فكسرت الفاء لتسلم العني عن القلب‪ ،‬كذلك فعل ب (بيض) فإن مجع أفعل فُعل‪ ،‬تقول‪:‬‬
‫ومحر وتقول‪ :‬أبيض وبيض‪ ،‬وكان الوزن بيض وكان يلزم منه قلب العني‬
‫أسود وسود‪ ،‬وأمحر ُ‬

‫‪ 1‬ينظر‪ :‬النشر يف القراءات العشر ‪.277 /2‬‬


‫‪ - 2‬ينظر حجة القراءات ‪.709‬‬
‫‪ - 3‬ينظر‪ :‬النشر يف القراءات العشر ‪.447 /1‬‬

‫‪414‬‬
‫د‪ .‬عبد اهلل البسيوني ود‪ .‬دوكوري ماسريي‬ ‫التناوب الداللي للصيغ الصرفية‪ :‬تطبيق على القرآن الكريم‬

‫فكسرت الباء وتركت الياء على حاهلا‪ ،‬وعلى هذا ضيزى للمبالغة من ضائزة؛ تقول فاضل‬
‫وأفضل وفاضلة وفضلى وكبري وأكرب وكبرية وكربى‪ ،‬كذلك ضائز وضوز وضائزة وضوزى على‬
‫هذا نقول أضوز من ضائز وضيزى من ضائزة"(‪.)1‬‬
‫"ضْي زى"‪ ،‬وهنا جند أن تغريا صوتيا قد حدث‬ ‫ِ‬
‫مما سبق يتبني أن كلمة "ضيزى" أصلها ُ‬
‫للكلمة هو االنتقال من الضم إىل الكسر يف فاء الكلمة‪ ،‬وقد ترتب على ذلك أن حتول عني‬
‫الكلمة من حرف صامت إىل متحرك ليالئم الكسرة؛ نظرا ألن احلرف املتحرك هو الياء وهو‬
‫مبثابة الكسرة الطويلة اليت تعد الكسرة جزءا منها‪ ،‬وبذلك مت العدول من " فُ ْعلى " إىل "‬
‫فِ ْعلى " ومل يكن هناك تغري يف داللة الكلمة مع هذا العدول‪ ،‬وبناء "فِ ْعلى" ليس من أبنية‬
‫الصفات إبمجاع النُّحاة وإمنا جاء "فِ ْعلى" عنهم يف الصفات يف حرفني أو ثالثة(‪)2‬؛ حكى‬
‫أمحد بن حيي "رجل كيصى" وحكى غريه مشية حيكى‪ ،‬وحكوا أيضا "رجل عزهي" و "امرأة‬
‫سعلى "والصحيح" عزهاة " و "سعالة " (‪ ،)3‬والقول يف "مشية حيكى" مثل "ضيزى" أي‬
‫أن أصلها ُحْيكى مث كسر فاؤها لتصبح ِحيكى‪ ،‬وأما كيسى فقال عنه أبو علي أنه منون فال‬
‫خيالف ما قاله سيبويه‪ ،‬ومن ذلك يتبني إمجاعهم على أن بناء "فِ ْعلى" ليس من أبنية‬
‫الصفات‪.‬‬
‫‪ -4‬فـ ْعلَة وفَـ ْعلَة‪:‬‬
‫(خطْوات) يقرأ بضم‬‫ورد يف قوله تعاىل‪( :‬ﯱ ﯲ) [ البقرة‪ ،] 168 :‬ف ُ‬
‫الطاء وإسكاهنا‪ ،‬فاحلجة ملن ضم أنه أتى بلفظ اجلمع على حقيقة ما وجب له؛ ألنه مجع‬
‫خطوة‪ ،‬واحلجة ملن أسكن أنه خفف الكلمة الجتماع ضمتني متواليتني وواو فلما كانوا‬
‫يسكنون مثل ذلك مع غري الواو كان السكون مع الواو لثقلها أوىل ومعىن خطوات الشيطان‬
‫(‪.)4‬‬
‫طرقه واخلطوة بفتح اخلاء االسم وبضمها قدر ما بني قدميك‬

‫‪ - 1‬تفسري الفخر الرازي املعروف ابلتفسري الكبري ‪ ،257 / 28‬وينظر‪ :‬البحر احمليط ‪.152 /8‬‬
‫‪ - 2‬يقصد حبرف هنا الكلمة‪.‬‬
‫‪ - 3‬انظر‪ :‬املفصل يف صنعة اإلعراب‪ ،‬حتقيق‪ :‬د‪ .‬علي بو ملحم ‪ ،251 /1‬والسعالة‪ :‬الصخابة البذيئة‪ ،‬والعزهاة‪ :‬العازف‬
‫عن اللهو والنساء‪ ،‬والرجل الكيص‪ :‬الذي أيكل وحده‪ ،‬وقد كاص طعامه إذا أكله وحده‪.‬‬
‫‪ - 4‬ينظر‪ :‬احلجة يف القراءات السبع ص ‪.91‬‬

‫‪415‬‬
‫العدد السادس مايو ‪2013‬‬ ‫جملة جامعة املدينة العاملية ( جممع )‬

‫واخلطوة ‪-‬ابلضم‪ -‬تعرب عن معىن االمسية‪ ،‬واخلطوة ابلفتح تعرب عن احلدث أي املصدر‪،‬‬
‫(‪)5‬‬
‫جاء يف لسان العرب " خطا خطوا‪ ...‬واخلطوة ما بني القدمني"(‪ ،)4‬فالقيمة املورفولوجية‬
‫لكلمة خطوة تكمن يف ضم اخلاء ليعرب عن االمسية‪ ،‬مقابل مورفيم الفتح يف "خطوة" ليعرب‬
‫عن معىن املرة الواحدة‪ ،‬وقال ابن منظور‪" :‬اخلطوة ابلضم ما بني القدمني‪ ...‬وقيل‪ :‬اخلُطوة‬
‫واخلطوة لغتان‪ ،‬واخلُطوة الفعل‪ ،‬واخلطوة ابلفتح‪ ،‬املرة الواحدة"(‪.)6‬‬
‫‪ -5‬فـعول و فعول (فعول قد تكسر فاؤه إن كان اثنيه ايء)‪:‬‬
‫ورد ذلك يف قول هللا تعاىل‪( :‬ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ) [البقرة‪]189 :‬‬
‫قرئ (البُيُوت) و (البِيُوت) ابلضم والكسر‪ ،‬فالضم هو األصل ألنه على وزن " فُعُول " مثل‬
‫(‪) 7‬‬
‫ك ْعب وُكعُوب‪.‬‬
‫‪َ -6‬م ْف َعلَة و َم ْفعلَة‪:‬‬
‫ورد يف قوله تعاىل‪( :‬ﯫ ﯬ ﯭ ) [البقرة‪ ،]280 :‬وقرئ (مْي ُسرٍة) لغتان بضم‬
‫السني وفتحها(‪.)1‬‬
‫ويرجع االختالف يف الصيغة بني م ْفعلة بفتح العني و م ْفعُلة بضم العني إىل اختالف‬
‫اللهجات العربية‪ ،‬وذلك ألهنما لغتان يعين أهنما قراءاتن‪ ،‬والقراءات يرجع التعدد فيها إىل‬
‫اختالف اللهجات ألن القرآن الكرمي نزل على سبعة أحرف تشمل اللهجات العربية‪،‬‬
‫ولذلك مل تتغري داللة الكلمات ابلنطق على البناءين‪ ،‬فلم يتبع التغري الصويت فيها تغري داليل‬
‫كما هو ظاهر‪.‬‬
‫ويؤكد أبو حيان أن القراءة ابلضم والفتح لغتان‪ ،‬وينسب كل قراءة إىل أصحاهبا مث‬
‫(ميسرة) بضم السني‪ ،‬والضم لغة أهل احلجاز‪ ،‬وهو‬ ‫يرجح النصب يف قوله‪" :‬قرأ انفع وحده ُ‬

‫(‪ )4‬لسان العرب ‪.231/14‬‬


‫(‪ )5‬املورفولوجيا‪ :‬مصطلح حديث يطلق على علوم الصرف‪ .‬ينظر‪ :‬معجم اللسانيات احلديثة (إجنليزي‪ -‬عريب )‪ ،‬د‪ .‬سامي‬
‫عياد حنا‪ ،‬وأخرون‪ ،‬ط ‪1997‬م‪ ،‬مكتبة لبنان‪ .‬بريوت ‪ -‬لبنان ‪.)Morphology( :‬‬
‫(‪ )6‬لسان العرب ‪.231 / 14‬‬
‫(‪ )7‬ينظر ‪ :‬النشر يف القراءات العشر‪.258/2 ،‬‬
‫‪ - 1‬ينظر‪ :‬النشر يف القراءات العشر‪.270 /2 ،‬‬

‫‪416‬‬
‫د‪ .‬عبد اهلل البسيوني ود‪ .‬دوكوري ماسريي‬ ‫التناوب الداللي للصيغ الصرفية‪ :‬تطبيق على القرآن الكريم‬

‫ومسربه‪ ،‬والكثري (مفعلة) بفتح العني‪ ،‬وقرأ اجلمهور بفتح السني على‬
‫ومشرفة ُ‬
‫كمقربة ُ‬‫قليل ُ‬
‫اللغة الكثرية وهي لغة أهل جند‪ ،‬وقرأ عبد هللا (ميسوره) على وزن مفعول مضاف ا إىل ضمري‬
‫الغرمي وهو عند األخفش مصدر كاملعقول واجمللود يف قوهلم‪ :‬ما له معقول وال جملود‪ ،‬أي‪:‬‬
‫(ميس ِره) بضم السني‬
‫مفعوال مصدرا‪ ،‬وقرأ عطاء وجماهد إىل ُ‬ ‫عقل وجلد‪ ،‬ومل يثبت سيبويه‬
‫(‪)1‬‬
‫وكسر الراء بعدها ضمري الغرمي" ‪.‬‬

‫‪ - 1‬البحر احمليط‪ ،355 /2 ،‬وينظر‪ :‬تفسري الفخر الرازي املعروف ابلتفسري الكبري‪.90 / 7‬‬

‫‪417‬‬
‫العدد السادس مايو ‪2013‬‬ ‫جملة جامعة املدينة العاملية ( جممع )‬

‫اثنيا‪ :‬اختالف الصيغة واختالف الداللة‪ :‬ومما ورد من ذلك ما يلي‪:‬‬


‫‪ -1‬فـ ْعلَة وفَـ ْعلَة ‪:‬‬
‫ورد يف قول هللا تعاىل‪( :‬ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ) [ البقرة‪ ،] 249 :‬قرئ (غ ْرفة)‬
‫فالضم معناه ملء الكف‪ ،‬والغ ْرفة املرة الواحدة‪ ،‬وهي قراءة أيب عمرو‪،‬‬
‫ُّ‬ ‫ابلضم والفتح (‪،)1‬‬
‫وكان أبو عمرو يطلب شاهدا على قراءته (غ ْرفة) من أشعار العرب الع ْرابء؛ فلما طلبهُ‬
‫ينشد قول أمية بن أيب‬
‫اكب ُ‬ ‫احلجاج وهرب منه إىل اليمن خرج ذات يوم مع أبيه فإذا هو بر ٍ‬
‫ُ‬
‫(‪)2‬‬
‫الص ْلت ‪:‬‬
‫كحل العِقال‬ ‫ِ‬
‫ر لهُ ف ْرجةٌ ِّ‬ ‫األم‬ ‫رب ما تكْره النُّف ِ‬
‫وس من ْ‬ ‫ُ ُ ُ‬
‫احلجاج! قال أبو عمرو‪ :‬فال أدري أبي األمرين‬
‫ُ‬ ‫قال‪ :‬فقلت له‪ :‬ما اخلربُ؟ قال‪ :‬مات‬
‫كان فرحي أكثر‪ :‬مبوت احلجاج أم بقوله " ف ْرجة "؛ ألنهُ شاهد قراءته (ﭤ ﭥ ﭦ‬
‫(‪.)3‬‬
‫ﭧ)‬
‫مما سبق يتبني أن‪ :‬االختالف بني الصيغتني فُ ْعلة بضم الفاء وف ْعلة بفتح الفاء نتج عنه‬
‫اختالف يف الداللة‪ ،‬فالضم يف غ ْرفَةً جعل معناها ملء الكف‪ ،‬والفتح يف (غ ْرفة) عرب عن‬
‫معىن املرة الواحدة؛ لذلك فاختالف الصيغة هنا نتج عنه اختالف يف الداللة أيضا ومل يكن‬
‫راجعا إىل اختالف اللهجات‪.‬‬
‫وقد ذكر اإلمام الفخر الرازي القراءتني يف (غرفة) مث فرق بينهما يف املعىن يف قوله‪" :‬قرأ‬
‫ابن كثري وانفع وأبو عمرو (غ ْرفة) بفتح الغني وكذلك يعقوب وخلف‪ ،‬وقرأ عاصم وابن عامر‬
‫ومحزة والكسائي ابلضم‪ ،‬قال أهل اللغة (الغرفة) ابلضم الشيء القليل الذي حيصل يف الكف‬
‫والغرفة ابلفتح الفعل‪ ،‬وهو االغرتاف مرة واحدة‪ ،‬ومثله األكلة واألُكلة‪ ،‬يقال‪ :‬فالن أيكل يف‬
‫أكلت عندهم إال أُكلة ابلضم أي شيئا قليال كاللقمة‪ ،‬ويقال احلزة‬ ‫ُ‬ ‫النهار أكلة واحدة‪ ،‬وما‬

‫‪ - 1‬ينظر‪ :‬النشر يف القراءات العشر‪.262 /2 ،‬‬


‫‪ - 2‬انظر‪ :‬الكتاب‪.315 /2 ،‬‬
‫‪ - 3‬كشف املشكالت جلامع العلوم أيب احلسن علي بن احلسني األصبهاين الباقويل (ت ‪543‬ه )‪ ،‬حتقيق‪ :‬د‪ /‬حممد أمحد‬
‫الدايل‪ ،‬مطبوعات جممع اللغة العربية بدمشق‪ ،‬مطبعة الصباح‪1415 ،‬ه ‪1995 -‬م‪.178 /1 ،‬‬

‫‪418‬‬
‫د‪ .‬عبد اهلل البسيوني ود‪ .‬دوكوري ماسريي‬ ‫التناوب الداللي للصيغ الصرفية‪ :‬تطبيق على القرآن الكريم‬

‫من اللحم ابلضم للقطعة اليسرية منه‪ ،‬وحززت اللحم حزة أي قطعته مرة واحدة وحنوه اخلطوة‬
‫واخلُطوة ابلضم مقدار ما بني القدمني واخلطوة أن خيطو مرة واحدة‪ ،‬وقال املربد غرفة ابلفتح‬
‫مصدر يقع على قليل ما يف يده وكثريه‪ ،‬والغُرفة ابلضم اسم ملء الكف أو ما اغرتف به"(‪،)1‬‬
‫ويقول ابن هشام يف إعراهبا‪" :‬إن فتحت الغني فمفعول مطلق أو ضممتها فمفعول به‪،‬‬
‫وحسوة"(‪.)2‬‬‫ومثلهما حسوت حسوة ِ‬
‫ُ‬
‫وم ْفعل ‪:‬‬
‫وم ْف َعل َ‬
‫‪ -2‬م ْفعل َ‬
‫ورد يف قول هللا تعاىل‪( :‬ﮐ ﮑ ﮒﮓ) [ النمل ‪.] 49 /‬‬
‫(مهلك) بضم امليم وفتح الالم من أهلك‪،‬‬ ‫قال أبو حيان يف هذه الكلمة‪" :‬قرأ اجلمهور ُ‬
‫وقرأ حفص (مهلِك) بفتح امليم وكسر الالم‪ ،‬وأبو بكر بفتحهما‪ ،‬فأما القراءة األوىل فتحتمل‬
‫املصدر والزمان واملكان؛ أي‪ :‬ما شهدان إهالك أهله أو زمان إهالكهم أو مكان إهالكهم‪،‬‬
‫ويلزم من هذين أهنم إذا مل يشهدوا الزمان وال املكان أن ال يشهدوا اإلهالك‪ ،‬وأما القراءة‬
‫الثانية فالقياس يقتضي أن يكون للزمان واملكان أي ما شهدان زمان هالكهم وال مكانه‪،‬‬
‫والثالثة تقتضي القياس أن يكون مصدرا؛ أي ما شهدان هالكه‪ ،‬وقال الزخمشري وقد ذكروا‬
‫القراءات الثالثة قال وحيتمل املصدر والزمان واملكان"(‪.)3‬‬
‫مما سبق يتضح أن‪ :‬بناء "مفعل" تتعدد فيه االستخدامات الصرفية تبعا حلركة امليم‬
‫والعني فيه‪ ،‬فبضم امليم وكسر العني يكون امسا للفاعل‪ ،‬وبفتح امليم وكسر العني جنده يصلح‬
‫امسا للزمان واملكان ومصدرا ميميا‪ ،‬ويف اآلية الكرمية وردت كلمة "مهلك" بصور متعددة كما‬
‫نالحظ‪ ،‬فوردت بضم امليم وكسر العني على وزن ُم ْفعِل وهو بناء اسم الفاعل ولكن املعىن‬
‫هنا يرجح أهنا مبعىن إهالك وهو األقرب للصواب‪ ،‬كما وردت كلمة "مهلك" بضم امليم وكسر‬
‫الالم وهو بناء املصدر امليمي وال يكون املكان وال الزمان‪ ،‬أما بناء مفعل بفتح الالم فريجح‬
‫على أنه لغة من مفعل بكسر العني‪ ،‬ومن هنا نرى تغري املعىن بتغري احلركة على املبىن الواحد‪.‬‬

‫‪ - 1‬تفسري الفخر الرازي املعروف ابلتفسري الكبري‪.154 /6‬‬


‫‪ - 2‬مغين اللبيب‪.782 /1 ،‬‬
‫‪ - 3‬البحر احمليط‪ ،81 - 80 /7 ،‬وينظر‪ :‬تفسري الفخر الرازي املعروف ابلتفسري الكبري‪.174 / 24‬‬

‫‪419‬‬
‫العدد السادس مايو ‪2013‬‬ ‫جملة جامعة املدينة العاملية ( جممع )‬

‫فاع ٌل وفاع ٌل‪:‬‬


‫‪َ -3‬‬
‫ورد يف قوله تعاىل‪( :‬ﯱ ﯲ) [ األحزاب‪ ]40 :‬قرئ‪ :‬و (خامت) بكسر التاء‬
‫والفتح ومها لغتان(‪ ،)1‬وجيوز فيمن كسر أن يكون "فاعال" من ختم فهو خامت‪ ،‬واملعىن من‬
‫املضي‪ ،‬واإلضافة حمضة‪ ،‬وليست يف تقدير االنفصال‪ ،‬ومن فتح التاء فهو مصدر‪ ،‬أي‪:‬‬
‫ولكن رسول هللا وخْتم النبيني‪.‬‬
‫فنالحظ أن حركة العني من بناء (فاعل) تتحكم يف أتويله؛ فحني فتحها يؤول على أنه‬
‫مصدر‪ ،‬وحني كسرها يؤول على أنه اسم فاعل‪ ،‬على أنه إذا كان اسم فاعل يف اآلية الكرمية؛‬
‫فالبد أن يؤول ابملضي حىت تكون إضافته حمضة ويعرف ابإلضافة ليصلح عطفه على اسم‬
‫الفاعل املعرف يف اآلية قبله "رسول هللا"؛ ألن اسم الفاعل إذا كان مبعىن احلال واالستقبال‬
‫كان نكرة يف كل حال‪ ،‬فإن أضيف إىل معرفة مل يتعرف ابإلضافة ألن إضافته غري حمضة‬
‫وهي إضافة لفظية يف تقدير االنفصال؛ ولذلك يوصف به النكرة وال يوصف به املعرفة‪ ،‬ومن‬
‫هنا نرى أن العدول من الفتح إىل الكسر يف حركة العني يف بناء "فاعل" يف اآلية الكرمية‬
‫ترجع إىل االختالف يف اللغات إذا كان اسم الفاعل مبعىن احلال واالستقبال؛ ألنه ال يصح‬
‫حينئذ تقديره معرفة وعطفه على معرفة‪ ،‬ويف وجه آخر يؤول ابملضي وجيعل اإلضافة حمضة‬
‫ويرجع اختالف القراءات إىل التأويل على أنه اسم فاعل أو مصدر‪ ،‬والوجهان يسري معهما‬
‫معىن اآلية الكرمية‪.‬‬
‫وقد ذكر الوجهني السابقني اإلمام القرطيب يف قوله‪(" :‬خامت) قرأه عاصم وحده بفتح‬
‫التاء مبعىن أهنم به ختموا فهو كاخلامت والطابع هلم‪ ،‬وقرأ اجلمهور بكسر التاء مبعىن أنه ختمهم‬
‫أي‪ :‬جاء آخرهم‪ ،‬وقيل‪ :‬اخلامت و ِ‬
‫اخلامت لغتان مثل طابع وطابِع"(‪.)2‬‬

‫‪ - 1‬ينظر حجة القراءات‪.578 ،‬‬


‫‪ - 2‬اجلامع ألحكام القرآن الكرمي‪ ،196 /14 ،‬وينظر‪ :‬الكشاف‪.353 /3 ،‬‬

‫‪420‬‬
‫د‪ .‬عبد اهلل البسيوني ود‪ .‬دوكوري ماسريي‬ ‫التناوب الداللي للصيغ الصرفية‪ :‬تطبيق على القرآن الكريم‬

‫احملور الثالث‪ :‬خامتة الدراسة‪:‬‬


‫‪ 3 .1‬النتائج‪:‬‬
‫لسنا ن ّدعي يف هذا البحث أننّا استطعنا أن نطرق جدي دا مل نسبق إليه؛ أل ّن ذلك‬
‫يتناىف مع طبيعة الدراسات الصرفية ذات الطابع الداليل‪ ...‬لكن حسبنا أننا استطعنا من‬
‫خالل تناولنا التناوب الواقع بني الصيغ الصرفية يف بساط نصوص القرآن الكرمي الفسيح أن‬
‫نصل إىل النتائج اآلتية‪:‬‬
‫‪ .1‬أ ّن التناوب ال ِّداليل بني صيغ التصريف يع ّد من أسباب حدوث الرتادف بني ألفاظ‬
‫اللغة؛ مما يؤّكد مذهب بعض اللغويني الذي رأوا أ ّن الرتادف قد يقع ألسباب صرفية‪.‬‬
‫‪ .2‬أ ّن ظواهر اللّهجات املتمثلة يف القراءات القرآنية ميكن أن يكون تفسريا لبعض‬
‫القضااي املتعلقة بعلم الصرف كقضية " تناوب األبنية الصرفية والعالقة بينها"(‪)1‬؛ مما جعل‬
‫هذه الدراسة تُعىن ابلقراءات القرآنية ونسبتها إىل أصحاهبا‪ ،‬مع توجيهها لغواي‪ ،‬وذكر الفروق‬
‫الداللية املرتتبة على ذلك يف مواضع عديدة‪.‬‬
‫‪ .3‬أ ّن الداللة الصيغة أثرا واضحا على داللة املعجم؛ مما يؤّكد العالقة الوطيدة بني‬
‫الصيغة والداللة؛ أو بني علم الصرف وعلم الداللة‪.‬‬
‫تقرر يف هذا البحث املقولة الصرفية "الزايدة على املبىن تدل على زايد املعىن" إذ‬
‫‪ّ .4‬‬
‫إن الصيغ املزيدة حينما تقع يف موضع اجملردة فإهنا إن عدمت الداللة على تكثري معناها أو‬
‫املبالغة فيها‪ ،‬فإهنا ال تعدم الداللة على أتكيدها‪.‬‬
‫‪ .5‬وتبني من خالل الدراسة صحة القول أبن أهل احلجاز كانوا حيولون املفعول فاعال‬
‫إذا كان يف حمل نعت‪ ،‬كقول هللا تعاىل (ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ) [الطارق‪ ]6 :‬مبعىن مدفوق‪ ،‬كما‬
‫يظهر ذلك من قول الفراء‪" :‬أهل احلجاز أفعل هلذا من غريهم؛ أي أن جيعلُوا امل ْفعول ِ‬
‫فاعال‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬
‫ب ْنعت"(‪ ،)2‬أي‪ :‬إنه حييل ذلك الختالف اللغات‪.‬‬ ‫إِذا كان يف م ْذه ِ‬

‫(‪ )1‬حبث ابسم (معاين األبنية العربية) للدكتور‪ :‬فاضل صاحل السامرائي‪ ،‬نشر جبامعة بغداد‪ ،‬طبعة ‪.1987 - 1401‬‬
‫(‪ )2‬اتج العروس‪.292 / 25 ،‬‬

‫‪421‬‬
‫العدد السادس مايو ‪2013‬‬ ‫جملة جامعة املدينة العاملية ( جممع )‬

‫‪ 3 .2‬التوصيات‪:‬‬
‫على الباحثني والدارسني االهتمام بدراسة النحو يف ظالل القراءات القرآنية؛ ألن القرآن‬
‫جل‬
‫الكرمي وقراءاته مها املصدر األول واألوثق من مصادر التشريع اللغوي؛ فعليهما اعتمد ُّ‬
‫عدهم‪ ،‬بل كان الغرض األول من وضع النحو هو احملافظة على هذا‬ ‫النُّحاة يف بناء قوا ِ‬
‫الكتاب وصيانته عن وقوع اللحن فيه؛ وألن ربط النحو ابلقراءات القرآنية يثرى الفكر‬
‫النحوي‪ ،‬وهو يف ذات الوقت يعد جانبا تطبيقيا‪.‬‬
‫ولقد تعاون النُّحاة والقراء مجيعا يف خدمة هذا الكتاب العظيم‪ ،‬وإن اختلف املنحي‬
‫بينهم‪ ،‬فالقراء بصدد توثيقه سندا ورواية وتنحية ما مل يرد منه موثق ا‪ ،‬والنُّحاة بصدد توثيقه‬
‫إعرااب والتزاما يف قراءته ابلصورة اليت نزل هبا؛ لذا على النُّحاة اللجوء إىل القرآن الكرمي وقراءاته‬
‫املختلفة ألهنا أوثق يف جمال االستشهاد من غريها؛ ألهنا ارتبطت آبايت الذكر احلكيم‪.‬‬

‫‪422‬‬
‫د‪ .‬عبد اهلل البسيوني ود‪ .‬دوكوري ماسريي‬ ‫التناوب الداللي للصيغ الصرفية‪ :‬تطبيق على القرآن الكريم‬

‫املصادر واملراجع‬
‫فيما يلي قائمة املصادر واملراجع الذي رجعنا إليها يف هذا البحث؛ وهي مرتبة حسب‬
‫احلروف اهلجائية‪:‬‬
‫‪ -1‬أدب الكاتب ‪ -‬أتليف‪ :‬أيب حممد عبد هللا بن مسلم بن قتيبة‪ ،‬السكويف‪ ،‬املروزي‪،‬‬
‫الدينوري‪ ،‬حتقيق‪ :‬حممد حمي الدين عبد احلميد‪ ،‬مكتبة السعادة ‪ -‬مصر‪ ،‬الطبعة الرابعة ‪-‬‬
‫‪1963‬م‪.‬‬
‫‪ -2‬الربهان يف علوم القرآن ‪ -‬أتليف‪ :‬حممد بن هبادر بن عبد هللا الزركشي‪ ،‬حتقيق‪:‬‬
‫حممد أبو الفضل إبراهيم‪ ،‬دار املعرفة ‪ -‬بريوت ‪1391 -‬ه ‪.‬‬
‫‪ -3‬اتج العروس من جواهر القاموس ‪ -‬أتليف‪ :‬حممد مرتضى احلسيين الزبيدي‪،‬‬
‫حتقيق‪ :‬جمموعة من احملققني‪ ،‬دار النشر‪ :‬دار اهلداية‪.‬‬
‫‪ -4‬التطبيق الصريف ‪ -‬أتليف د ‪ /‬عبده الراجحي‪ ،‬دار املعرفة اجلامعية‪ ،‬اإلسكندرية‬
‫[د‪.‬ت]‪.‬‬
‫‪ -5‬تفسري البحر احمليط‪ - ،‬أتليف‪ :‬حممد بن يوسف الشهري أبيب حيان األندلسي‪،‬‬
‫حتقيق‪ :‬الشيخ عادل أمحد عبد املوجود ‪ -‬الشيخ علي حممد معوض‪ ،‬شارك يف التحقيق‪ :‬د‪/‬‬
‫زكراي عبد اجمليد النوقي‪ ،‬د‪ /‬أمحد النجويل اجلمل‪ ،‬دار النشر‪ :‬دار الكتب العلمية ‪ -‬لبنان‪/‬‬
‫بريوت‪ ،‬الطبعة األوىل ‪1422‬ه ‪.‬‬
‫‪ - 6‬تفسري الفخر الرازى املعروف ابلتفسري الكبري‪،‬املؤلف‪ :‬حممد بن عمر بن احلسني‬
‫الرازي الشافعي املعروف ابلفخر الرازي أبو عبد هللا فخر الدين ولد ابلري من أعمال فارس‬
‫من تصانيفه الكثرية‪ :‬مفاتيح الغيب من القرآن الكرمي‪ ،‬دار النشر ‪ /‬دار إحياء الرتاث العرىب‪.‬‬
‫‪ -7‬تفسري القرآن العظيم البن كثري) أبو الفداء إمساعيل بن عمر بن كثري القرشي‬
‫الدمشقي(‪ ،‬حتقيق‪ :‬سامي بن حممد سالمة‪ ،‬الناشر ‪:‬دار طيبة للنشر والتوزيع‪ ،‬الطبعة الثانية‬
‫‪1420‬ه ‪1999 -‬م‪.‬‬
‫‪ -8‬جامع البيان يف أتويل القرآن‪ ،‬للطربي ) حممود بن جرير بن يزيد بن كثري بن‬
‫غالب اآلملي‪ ،‬أبو جعفر الطربي(‪،‬حتقيق ‪:‬أمحد حممد شاكر‪ ،‬الناشر ‪:‬مؤسسة الرسالة‪ ،‬الطبعة ‪:‬‬
‫األوىل‪1420 ،‬ه ‪2000 -‬م ‪.526/16 :‬‬
‫‪423‬‬
‫العدد السادس مايو ‪2013‬‬ ‫جملة جامعة املدينة العاملية ( جممع )‬

‫‪ -9‬اجلامع ألحكام القرآن املعروف بتفسري القرطيب ‪ -‬أتليف‪ :‬أيب عبد هللا حممد بن‬
‫أمحد األنصاري القرطيب (ت ‪ 671‬ه )‪ ،‬دار النشر‪ :‬دار الشعب ‪ -‬القاهرة‪.‬‬
‫‪ -10‬حجة القراءات ‪ -‬أتليف‪ :‬أيب زرعة ابن زجنلة [د‪.‬ت]‪.‬‬
‫‪ -11‬خزانة األدب ولب لباب لسان العرب ‪ -‬أتليف‪ :‬عبد القادر بن عمر البغدادي‪،‬‬
‫حتقيق‪ :‬حممد نبيل طريفي‪/‬إميل بديع اليعقوب‪ ،‬دار الكتب العلمية ‪ -‬بريوت‪ ،‬الطبعة األوىل‬
‫‪1998‬م‪.‬‬
‫‪ -12‬اخلصائص ‪ -‬أتليف‪ :‬أيب الفتح عثمان ابن جين‪ ،‬حتقيق‪ :‬حممد علي النجار‪ ،‬دار‬
‫النشر‪ :‬عامل الكتب ‪ -‬بريوت‪.‬‬
‫‪ - 13‬الدر املصون يف علوم الكتاب املكنون السمني احلليب) أمحد بن يوسف (حتقيق ‪:‬د ‪.‬‬
‫أمحد اخلراط‪ ،‬الناشر‪:‬دار القلم ‪ -‬دمشق ‪ -‬سوراي [د‪.‬ت]‪.‬‬
‫‪ -14‬شرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك ‪ -‬أتليف‪ :‬قاضي القضاة هباء الدين عبد‬
‫هللا بن عقيل العقيلي املصري اهلمداين‪ ،‬حتقيق‪ :‬حممد حميي الدين عبد احلميد‪ ،‬دار النشر‪:‬‬
‫دار الفكر ‪ -‬سوراي ‪1405‬ه ‪1985 -‬م‪.‬‬
‫‪ -15‬شرح املفصل‪ -‬ملوفق الدين يعيش بن علي بن يعيش النحوي (ت ‪ 643‬ه )‪،‬‬
‫عامل الكتب‪ ،‬بريوت [ د‪.‬ت ]‪.‬‬
‫‪ -16‬شرح شافية ابن احلاجب ‪ -‬أليب الفضائل رضي الدين احلسن االسرتاابزي (ت‬
‫‪ 715‬ه )‪ ،‬حتقيق د ‪ /‬عبد املقصود حممد عبد املقصود‪ ،‬الناشر‪ :‬مكتبة الثقافة الدينية‪ ،‬الطبعة‬
‫األوىل ‪ 1425‬ه ‪ 2004 -‬م‪.‬‬
‫‪ -17‬شرح شافية ابن احلاجب أتليف ‪:‬رضي الدين حممد بن احلسن االسرتآابذي‪ ،‬حتقيق ‪:‬‬
‫حممد نور احلسن‪ ،‬وحممد الزفزاف‪ ،‬وحممد حمىي عبد احلميد‪ ،‬الناشر ‪:‬دار الكتب العلمية بريوت‬
‫لبنان‪ ،‬الطبعة األوىل‪1975-1395 :‬م‪.‬‬
‫‪ -18‬الصاحيب يف فقه اللغة العريب البن فارس (أيب احلسن أمحد بن فارس(‪ ،‬حتقيق‪:‬‬
‫أمحد حسن بسج‪ ،‬الناشر‪ :‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بريوت لبنان‪ ،‬الطبعة األوىل‪1418 :‬ه ‪-‬‬
‫‪1997‬م‪.‬‬

‫‪424‬‬
‫د‪ .‬عبد اهلل البسيوني ود‪ .‬دوكوري ماسريي‬ ‫التناوب الداللي للصيغ الصرفية‪ :‬تطبيق على القرآن الكريم‬

‫‪ -19‬فعلت و أفعلت ‪ -‬للزجاج‪ ،‬حتقيق‪ :‬ماجد حسن الذهيب‪ ،‬الشركة املتحدة للتوزيع‬
‫[د‪ .‬ت]‪.‬‬
‫‪ -20‬فقه اللغات السامية ‪ -‬أتليف ‪/‬كارل بروكلمان‪ ،‬ترمجة د‪ /‬رمضان عبد التواب‪،‬‬
‫منشورات جامعة الرايض‪ 1397 ،‬ه ‪1977 -‬م‪.‬‬
‫‪ -21‬فقه اللغة وأسرار العربية‪ ،‬الثعاليب‪ ،‬حتقيق ‪:‬ايسني األيويب‪ ،‬الناشر ‪ :‬املكتبة العصرية‬
‫الطبعة الثانية ‪1420‬ه‪ 2000 /‬م‪.‬‬
‫‪ -22‬يف أصول اللغة ‪ -‬جممع اللغة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬اجلزء الثالث‪1403 ،‬ه ‪-‬‬
‫‪1983‬م‪.‬‬
‫‪ -23‬كتاب سيبويه ‪ -‬أتليف‪ :‬أيب بشر عمرو بن عثمان بن قنرب (ت ‪ 180‬ه )‪،‬‬
‫حتقيق‪ :‬عبد السالم حممد هارون‪ ،‬دار النشر‪ :‬دار اجليل ‪ -‬بريوت‪ ،‬الطبعة األوىل‪.‬‬
‫‪-24‬الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون األقاويل يف وجوه التأويل ‪ -‬أتليف ‪ /‬أيب‬
‫القاسم جاد هللا حممود بن عمر الزخمشري اخلوارزمي (ت ‪ 538‬ه )‪ ،‬حتقيق‪ :‬عبد الرزاق‬
‫املهدي‪ ،‬دار النشر‪ :‬دار إحياء الرتاث العريب ‪ -‬بريوت‪.‬‬
‫‪ -25‬كشف املشكالت وإيضاح املعضالت ‪ -‬صنعة ‪ /‬جامع العلوم أيب احلسن علي‬
‫بن احلسني األصبهاين الباقويل (ت ‪543‬ه )‪ ،‬حتقيق‪ :‬د‪ /‬حممد أمحد الدايل‪ ،‬مطبوعات جممع‬
‫اللغة العربية بدمشق‪ ،‬مطبعة الصباح ‪1415‬ه ‪1995 -‬م‪.‬‬
‫‪ -26‬الكليات‪ :‬معجم يف املصطلحات والفروق اللغوية ‪ -‬أتليف‪ :‬أيب البقاء أيوب بن‬
‫موسى احلسيين الكفوي (ت ‪ 1094‬ه )‪ ،‬حتقيق‪ :‬عدانن درويش ‪ -‬حممد املصري‪ ،‬دار‬
‫النشر‪ :‬مؤسسة الرسالة ‪ -‬بريوت ‪1419‬ه ‪1998 -‬م‪.‬‬
‫‪ - 27‬اللباب يف علوم الكتاب ‪ -‬أتليف‪ :‬أبو حفص عمر بن علي ابن عادل‬
‫الدمشقي احلنبلي حتقيق‪ :‬الشيخ عادل أمحد عبد املوجود والشيخ علي حممد معوض‪ ،‬دار‬
‫النشر‪ :‬دار الكتب العلمية ‪ -‬بريوت ‪ /‬لبنان‪ ،‬الطبعة‪ :‬األوىل‪ 1419 -‬ه ‪ 1998-‬م‪.‬‬
‫‪ -28‬لسان العرب ‪ -‬أتليف‪ :‬حممد بن مكرم بن منظور األفريقي املصري‪ ،‬دار النشر‪:‬‬

‫‪425‬‬
‫العدد السادس مايو ‪2013‬‬ ‫جملة جامعة املدينة العاملية ( جممع )‬

‫دار صادر ‪ -‬بريوت‪ ،‬الطبعة األوىل‪.‬‬


‫‪ -29‬اللغة العربية معناها ومبناها ‪ -‬أتليف‪ :‬د‪ /‬متام حسان‪ ،‬اهليئة املصرية العامة‬
‫للكتاب‪ ،‬الطبعة الثانية ‪1979‬م‪.‬‬
‫‪ -30‬اللهجات العربية يف الرتاث ‪ -‬أتليف د‪ /‬أمحد علم الدين النجدي‪ ،‬طرابلس‪،‬‬
‫الدار العربية للكتاب‪1983 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -32‬املزهر يف علوم اللغة وأنواعها ‪ -‬أتليف‪ :‬جالل الدين السيوطي‪ ،‬حتقيق‪ :‬فؤاد‬
‫علي منصور‪ ،‬دار النشر‪ :‬دار الكتب العلمية ‪ -‬بريوت‪ ،‬الطبعة األوىل ‪1418‬ه ‪1998‬م‪.‬‬
‫‪ - 33‬معجم مقاييس اللغة (أبو احلسني أمحد بن فارس بن زكراي(‪ ،‬حتقيق ‪:‬عبد السالم‬
‫حممد هارون‪ ،‬الناشر‪:‬دار الفكر الطبعة‪1399 :‬ه ‪1979 -‬م‪.‬‬
‫‪ -34‬مغين اللبيب عن كتب األعاريب ‪ -‬أتليف‪ :‬أيب حممد مجال الدين بن يوسف‬
‫أمحد بن عبدهللا بن هشام األنصاري املصري (ت ‪760‬ه ) حتقيق‪ :‬د ‪ /‬مازن املبارك ‪ /‬حممد‬
‫علي محد هللا‪ ،‬دار النشر‪ :‬دار الفكر ‪ -‬دمشق‪ ،‬الطبعة السادسة ‪1985‬م‪.‬‬
‫‪ -35‬املفصل يف صنعة اإلعراب ‪ -‬أتليف‪ :‬جار هللا حممود بن عمر الزخمشري (ت‬
‫‪ 538‬ه )‪ ،‬حتقيق‪ :‬د ‪/‬علي بو ملحم‪ ،‬دار النشر‪ :‬مكتبة اهلالل ‪ -‬بريوت‪ ،‬الطبعة األوىل‬
‫‪ 1993‬م‪.‬‬
‫‪ -36‬النشر يف القراءات العشر ‪ -‬أتليف ‪ /‬احلافظ أيب اخلري حممد بن حممد الدمشقي‪،‬‬
‫الشهري اببن اجلزري (ت ‪ 833‬ه )‪ ،‬تصحيح ومراجعة أ‪ /‬علي حممد الضباع‪ ،‬دار الكتب‬
‫العلمية ‪ -‬بريوت ‪ -‬لبنان‪.‬‬

‫‪426‬‬

You might also like