You are on page 1of 36

‫نظريات التجارة الخارجية وأهمية السياسة التجارية لها‬ ‫الفصل األول‬

‫مدخل الفصل ‪:‬‬

‫يحتل موضوع العالقات االقتصادية الدولية مكانة متميزة في الفكر االقتصادؼ‪ ،‬نظ ار‬
‫لحجم المعامالت المتبادلة التي تنشأ بين الدول في إطار التجارة الخارجية‪ ،‬ىذه األخيرة التي‬
‫أخذت اىتمام االقتصاديين‪ ،‬والبحث في مراحل تطورىا وتفسير سبب تمك العالقات التجارية‪.‬‬

‫وتعتمد الدولة التجارة الخارجية لمخروج من حالة العزلة والبحث عن طريق تصريف‬
‫منتجاتيا‪ ،‬واالستفادة من فروقات األسعار ‪ ،‬وىو األمر الذؼ دعا إليو كل من‪" 4‬آدم سميث"‪،‬‬
‫و"دافيد ريكاردو" و"جون ستيوارت ميل" عن طريق االنفتاح التجارؼ‪ ،‬أما الوجو اآلخر لمتجارة‬
‫يستخدم االنغالق وعدم سماح لدخول المنتجات األجنبية لمداخل‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫نظريات التجارة الخارجية وأهمية السياسة التجارية لها‬ ‫الفصل األول‬

‫المبحث األول ‪ :‬ماهية التجارة الخارجية‬

‫تعتبر التجارة الخارجية من أىم األنشطة االقتصادية التي ترتكز عمييا الدول‪ ،‬نظ ار‬
‫لما تقتضي الحاجة االقتصادية من تبادل السمع والخدمات وانتقال عناصر اإلنتاج‪ ،‬وخاصة‬
‫وأنيا كانت الحل الوحيد لجميع الدول لمخروج من حالة العزلة ‪ ،‬ورغم اختالف النظم‬
‫السياسية واالقتصادية والقانونية ليذه الدول‪ ،‬إال أنيا كانت حال أمثل لمدول التي كانت تنتج‬
‫بعض السمع فاقتضى األمر أن تتخصص كل دولة في إنتاج السمع والخدمات التي تنتجيا‬
‫بكفاءة و أقل تكمفة‪ ،‬وتبادل منتجاتيا مع دول أخرػ التي ال تستطيع إنتاجيا بكفاءة الرتفاع‬
‫تكمفتيا‪ ،‬فأصبحت بذلك التجارة الخارجية قائمة عمى مبدأ التخصص وتقسيم العمل بين‬
‫الدول‪.‬‬

‫المطمب األول ‪ :‬مفهوم التجارة الخارجية‬

‫يخضع معنى اصطالح "التجارة الخارجية" لتباين كبير في الرأؼ حول نطاق مضمونو‬
‫ولمصور التي يتألف منيا‪ ،‬وفي ىذا الخصوص يمكن التفرقة بين مصطمح " التجارة‬
‫الخارجية بمعناىا الضيق " ومصطمح " التجارة الخارجية " بمعناىا الواسع‪.‬‬

‫يشمل مصطمح التجارة الخارجية بالمعنى الضيق كال من الصادرات والواردات المنظورة‬
‫وغير المنظورة‪ ،‬في حين مصطمح التجارة الخارجية بالمعنى الواسع كال من‪4 1‬‬

‫‪ ‬الصادرات والواردات المنظورة‪.‬‬


‫‪ ‬الصادرات والواردات غير المنظورة‪.‬‬
‫‪ ‬اليجرة الدولية‪ ،‬أؼ انتقاالت األفراد بين دول العالم‪.‬‬
‫‪ ‬الحركات الدولية‪ ،‬أؼ انتقاالت السمع ورؤوس االموال بين دول العالم المختمفة‪.‬‬

‫‪ -1‬سامي عفيفي حاتم‪ ،‬التجارة الخارجية بين التنظير والتنظيم‪ ،‬ط‪)،4‬مصر‪ ،‬الدار المصرية اللبنانية‪ ،( 3;;5 ،‬ص ص‬
‫‪.59-58‬‬

‫‪5‬‬
‫نظريات التجارة الخارجية وأهمية السياسة التجارية لها‬ ‫الفصل األول‬

‫وأمام ىذا التباين في المفاىيم اتجو بعض الكتاب إلى استخدام مصطمح التجارة الخارجية‬
‫لمداللة عمى النطاق الضيق ليا‪.‬‬

‫بينما أطمق مفيوم التجارة الدولية لمداللة عمى التجارة الخارجية بالمعنى الواسع‪ ،‬من‬
‫ىنا كان استخدام اصطالح " التجارة الخارجية" بدال من اصطالح "التجارة الدولية " أم ار‬
‫منطقيا في ظل الفيم والنيج الكالسيكي لطبيعة حركة عناصر اإلنتاج بين الدول‪ ،‬حيث‬
‫افترضت ىذه النظرية عدم قدرة ىذه العناصر عمى االنتقال بين الدول لوجود العديد من‬
‫العوائق المادية والمعنوية التي تعيق انسيابيا بين ىذه الدول‪.‬‬

‫غير أنو في منتصف حقبة التسعينات من القرن الماضي حممت إلينا نيجا جديدا‬
‫لقضايا التجارة العالمية‪ ،‬من خالل التوقيع عمى الوثيقة الختامية لنظام األورجواؼ – مراكش‬
‫– لمتجارة متعددة األطراف‪ ،‬والتي حممت مسمى " جولة األوروجواؼ لمتجارة الدولية متعددة‬
‫األطراف " ‪ ،‬ومنذ ىذا التاريخ أصبح التبادل الدولي يشتمل عمى حركة السمع والخدمات‪،‬‬
‫وانتقاالت رؤوس األموال‪ ،‬إلى جانب حقوق الممكية الفكرية‪ ،‬وجوانب االستثمار المرتبطة‬
‫بالتجارة وغيرىا‪ ،‬ومن ىنا كان طبيعيا أن يتغير مصطمح " التجارة الخارجية" ليصبح‬
‫مصطمح " التجارة الدولية " حيث أن األول جزء من الثاني‪.‬‬

‫المطمب الثاني ‪ :‬أسس قيام التجارة الخارجية وأثرها عمى االقتصاد‬

‫سنتطرق في ىذا العنصر إلى أساس قيام التجارة الخارجية بين الدول‪ ،‬والى أىم‬
‫العوامل الرئيسية المؤثرة في قيام وتشكيل ىيكل التخصص الدولي‪.‬‬

‫التخصيص الدولي كأساس لقيام التبادل الدولي‬

‫يقوم التبادل أساسا عمى مبدأ التخصيص الدولي‪ ،‬حيث تتخصص كل دولة من الدول‬
‫في إنتاج سمعة أو مجموعة من السمع وتتبادليا مع غيرىا من الدول‪ ،‬فكما يتخصص األفراد‬

‫‪6‬‬
‫نظريات التجارة الخارجية وأهمية السياسة التجارية لها‬ ‫الفصل األول‬

‫كل منيم في حرفة معينة كذلك البمدان تتخصص في انتاج سمعة أو سمع معينة‪ .1‬فال‬
‫نستطيع أؼ دولة أن تنتج كل ما تحتاجو من السمع وانما يقتضي األمر أن تتخصص في‬
‫انتاج السمع التي تؤىميا ظروفيا الطبيعية واالقتصادية ألنيا تنتجيا ثم تبادليا بمنتجات دول‬
‫أخرػ ال تستطيع إنتاجيا داخل حدودىا أو أنيا تستطيع ولكن بتكمفة مرتفعة‪ ،‬وبذلك يمكن‬
‫القول بأن التخصص بين الدول ىو األساس القوؼ لقيام التبادل الدولي‪ ،‬حيث سيؤدؼ إلى‬
‫زيادة الدخل الوطني لمدول المشتركة في ىذا التبادل وبالتالي زيادة مداخيل األفراد و ارتفاع‬
‫مستوػ رفاىيتيم االقتصادية وتتمثل أىم العوامل الرئيسية المؤثرة عمى قيام وتشكيل ىيكل‬
‫التخصص الدولي منيا‪4‬‬

‫‪ -1‬التفاوت في الموارد الطبيعية‬

‫حيث تختمف دول العالم اختالفا شاسعا فيما تمتمكو من موارد طبيعية‪ ،‬وىذا ما يؤدؼ‬
‫إلى اختالف تخصص من دولة إلى أخرػ حسب ىذا التفاوت في الموارد الطبيعية‪ .‬فيناك‬
‫دول تتوفر بيا أراضي زراعية مما يجعميا تتخصص في إنتاج بعض المحاصيل الزراعية‪،‬‬
‫وىناك دول بيا حقول البترول فتخصص في انتاج النفط وىكذا مع بقية الدول‪.2‬‬

‫‪ -2‬التفاوت في القوة البشرية‬

‫فوفرة األيدؼ العاممة في بعض الدول المكتظة بالسكان قد تؤدؼ إلى زيادة عرض‬
‫العمالة وبالتالي انخفاض األجور‪ ،‬وىذا ما يؤدؼ إلى تفوق ىذه الدول في إنتاج بعض السمع‬
‫ذات الكثافة العالية لعنصر العمل ىذه األخيرة ال تتطمب ميارة فنية كبيرة‪ ،‬أما الدول األخرػ‬
‫التي تعاني قمة في عرض القوة العاممة وبالتالي ارتفاع األجور‪ ،‬فإنيا ستخصص في انتاج‬
‫السمع ذات الكثافة الرأسمالية الكبيرة‪.‬‬

‫‪ -1‬عادل أحمد حشيش‪ ،‬العالقات االقتصادية الدولية‪) ،‬مصر‪ ،‬الدار الجامعية الجديدة‪ ،(4222 ،‬ص ‪.43‬‬
‫‪ -2‬المرجع نفسه ‪ ،‬ص‪.44‬‬

‫‪7‬‬
‫نظريات التجارة الخارجية وأهمية السياسة التجارية لها‬ ‫الفصل األول‬

‫‪ -3‬التفاوت في حجم رؤوس األموال‬

‫سيؤدؼ تمتع بعض الدول برصيد ضخم من رؤوس األموال إلى تخصصيا في انتاج‬
‫السمع ذات الكثافة الرأسمالية طالما أن المقومات األخرػ ليذه الصناعات متوفرة لدييا ‪ ،‬أما‬
‫بالنسبة لمدول التي تعاني من ندرة نسبية لرأس المال فإنيا ستخصص في بعض الصناعات‬
‫البسيطة ذات الكثافة العممية‪ ،‬ورغم أىمية رأس المال في مجال التخصص الدولي فقد أصبح‬
‫من الممكن التغمب عمى ندرة رأس المال عن طريق االستثمارات األجنبية‪ ،‬لذا تسعى الدول‬
‫التي تعاني من العجز في رأس المال إلى جمبو من الخارج واستغاللو في مشروعات التنمية‪.‬‬

‫‪ -4‬نفقات النقل‬

‫تمعب نفقات النقل دو ار ىاما في التجارة الدولية‪ ،‬فيي أحد العوامل المؤثرة في التوطن‬
‫الدولي لمصناعات‪ ،‬فالتوطن يتم إما بالقرب من المادة الخام أو بالقرب من األسواق أو‬
‫بالقرب من مواد الوقود أو القوة الكيربائية‪.1‬وقد ساعد النقل عمى قيام التخصص الدولي‬
‫بتوسيعو لدائرة السوق أمام منتجات الدول المختمفة‪ ،‬و بعض الدول يمكنيا أن تخصص في‬
‫انتاج سمع معينة ولكن ارتفاع في تكمفة نقل ىذه السمع لمعالم الخارجي يفقدىا ميزة ىذا‬
‫التخصص‪.‬‬

‫‪ -5‬فروق األسعار‬

‫يؤثر االختالف في نفقات اإلنتاج ) تكمفة عوامل اإلنتاج( تأثي ار مباش ار عمى أسعار‬
‫السمع سراء في السوق الداخمي أو الخارجي‪ .‬وليذا فإن األساس المبدئي لقيام التجارة‬
‫الخارجية يكاد ينحصر في فروق األسعار بين السمع المنتجة محميا والسمع المستوردة من‬
‫الخارج‪ ،‬فالمستيمك الرشيد يسعى إلى الشراء من أرخص األسواق حتى يتمكن من تحقيق‬
‫أقصى إشباع ممكن أما المنتج فإنو يرغب في بيع منتجاتو في أغمى األسواق‪.‬‬

‫‪ -1‬المرجع نفسه‪،‬ص‪.46‬‬

‫‪8‬‬
‫نظريات التجارة الخارجية وأهمية السياسة التجارية لها‬ ‫الفصل األول‬

‫المطمب الثالث ‪ :‬مدى تميز التجارة الخارجية عن التجارة الداخمية‬

‫عمى الرغم من أن تبادل السمع والخدمات ما بين مختمف االقتصاديات القومية‪ ،‬إنما‬
‫يتشابو مع تبادليا في الدخل االقتصاد القومي الواحد وعمى األخص من حيث األثر المشترك‬
‫في زيارة اإلنتاج وبالتالي زيادة إشباع الحاجات وذلك بسبب تقسيم العمل والتخصص ما بين‬
‫األفراد وما بين المناطق الجغرافية‪ ،‬إال أنو يوجد في الواقع عدة عوامل من شأنيا تمييز‬
‫العالقات االقتصادية الدولية عن العالقات االقتصادية داخل االقتصاد القومي والتي تتمثل‬
‫فيما يمي‪41‬‬

‫أوال ‪ :‬تباين واختالف الوحدات السياسة فيما بين الدول‬

‫تقوم العالقات االقتصادية الداخمية بين أفراد ووحدات تضميم حدود سياسية واحدة‪،‬‬
‫وبالتالي يخضعون الى قانون واحد وعادات وتقاليد ونظم تجارية واحدة‪ ،‬في حين أن التجارة‬
‫الدولية تقوم بين أفراد ووحدات ينتمون لدول مختمفة‪ ،‬لكل منيا قانونا وتقاليدىا ونظميا‬
‫االقتصادية واالجتماعية والسياسية‪ ،‬وال يقتصر األمر عمى مجرد القوانين التي تصدرىا‬
‫الحكومات والمؤسسات السياسة‪ ،‬ولكنو يشمل أيضا مجموعة من النظم والعادات التي تعود‬
‫عمى أفراد المجتمع الواحد إتباعيا وممارستيا عبر قرون طويمة‪ ،‬بحيث أصبحت تمثل ىذه‬
‫القواعد عرفا لو قوة ترفعو إلى مرتبة قد تعمو عمى مرتبات القانون‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬تنوع السياسات الوطنية‬

‫لكل دولة من الدول سياساتيا االقتصادية التي تتبعيا‪ ،‬والتي تيدف من ورائيا إلى‬
‫تحقيق بعض األىداف القومية‪ ،‬ولعل أىم األىداف التي تصب إلييا الحكومات تحقيق‬
‫الرفاىية االقتصادية لمواطنييا دون غيرىا‪ ،‬وبالتالي فإن الحكومات تراعي عادة من ناحيتيا‬

‫‪ -1‬عادل أحمد حشيش‪ ،‬مجدي محمود شهاب‪ ،‬أساسيات االقتصاد الدولي)مصر ‪ ،‬منشورات الجلبي المقوقية‪،(4225 ،‬ص‬
‫ص ‪.43-36‬‬

‫‪9‬‬
‫نظريات التجارة الخارجية وأهمية السياسة التجارية لها‬ ‫الفصل األول‬

‫عدم التفرقة بين شخص وآخر يتمتع بجنسية الدولة‪ ،‬في حين أنيا تعرض عمى معاممة‬
‫األجانب بأسموب مخالف لذلك والذؼ تعامل بو مواطنييا‪ ،‬فالحكومات عادة ال تعطي عادة‬
‫لعوامل الربح والخسارة الناشئة لمتجارة الداخمية نفس االىتمام الذؼ تعطيو لتمك الناشئة عن‬
‫التجارة الخارجية فاألول ال تمثل سوػ تحويالت تصيب المراكز النسبية لممجتمع ككل‪ .‬في‬
‫حين أن الثانية تنشأ عن فقدان لجزء من الثروة القومية أو إضافة جديدة إلى ىذه الثروة‪،‬‬
‫وبالتالي البد أن يكون ليا تأثير عمى الوضع االقتصادؼ عمى المجتمع سواء من حيث‬
‫مستوػ معيشتو‪ ،‬أو من حيث دائنيتو ومديونيتو‪.‬‬

‫ثالثا ‪ :‬اختالف النظم النقدية والمصرفية‬

‫من المعروف أن ادخال النقود كوسيط في عممية التبادل يؤدؼ إلى تقسيميا إلى‬
‫عممتين منفصمتين‪ .‬في العممية األولى يتم تبادل السمع التي يزيد عن حاجة الفرد بالنقود‪،‬‬
‫وىي عممية البيع‪ .‬والثانية عممية تبادل النقود بالسمع التي يحتاجيا الفرد‪ ،‬وىي عممية الشراء‪.‬‬
‫أما في التجارة الدولية فنجد أن عممية التبادل تنقسم إلى ثالث عمميات ‪4‬‬

‫‪ ‬في العممية األولى يتم تبادل السمع بالنقود األجنبية‪.‬‬


‫‪ ‬في العممية الثانية يتم تبادل النقود األجنبية بالنقود الوطنية‬
‫‪ ‬في العممية الثالثة يتم تبادل النقود الوطنية بالسمع‬

‫وال تنشأ المشكمة من مجرد تجزئة عممية التبادل إلى ثالث أجزاء‪ ،‬ولكنيا تنشأ أساسا‬
‫من أن لكل بمد من البمدان عممتيا الخاصة بيا‪ ،‬والتي تختمف عن غيرىا بحيث ال توجد‬
‫عممة واحدة يتم عمى أساسيا التبادل التجارؼ فيما بين الدول كما ىو الحال بالنسبة لمتبادل‬
‫الداخمي‪ ،‬وباإل ضافة إلى اختالف وحدات النقود بين البمدان المختمفة‪ ،‬ىناك أيضا االختالف‬
‫في النظام المصرفي‪ ،‬سواء كان بالنسبة لعممية إصدار البنكنوت أو بالنسبة لعممية الودائع‪،‬‬
‫أو منح االئتمان‪ .‬ولعل اختالف شروط منح االئتمان من دولة إلى أخرػ تشكل العامل الميم‬
‫في التفرقة بين التجارة عمى المستوػ الدولي وبين التجارة عمى المستوػ المحمي‪.‬‬

‫‪:‬‬
‫نظريات التجارة الخارجية وأهمية السياسة التجارية لها‬ ‫الفصل األول‬

‫رابعا ‪ :‬االختالف في طبيعة األسواق الدولية‬

‫يعتبر االختالف في طبيعة األسواق بين البمدان المختمفة‪ ،‬من العوامل التي تؤثر‬
‫تأثي ار واضحا عمى العالقات االقتصادية الدولية وعمى طبيعة التبادل التجارؼ الدولي‪،‬‬
‫وبالتالي يعطي مبر ار لمعالجة مثل ىذا التبادل بأسموب خاص‪.‬‬

‫خامسا ‪ :‬مدى قدرة عوامل االنتاج التقني عمى التنقل‬

‫إن امكانية تنقل عوامل االنتاج من نشاط آلخر من شأنو أن يحقق التوازن في‬
‫السوق‪ ،‬ويجعل من أسعار السمع المختمفة متناسبة مع احتياجات المستيمكين من ناحية‪ ،‬ومع‬
‫ندرة عوامل اإلنتاج من ناحية أخرػ‪ ،‬ومن ثم ال نتوقع أن ينشأ داخل البمد الواحد اختالف‬
‫في أسعار السمع ال تبرره حاجات المستيمكين أو ندرة عوامل االنتاج‪ .‬أما إذا انتقمنا من‬
‫المستوػ المحمي إلى المستوػ الدولي‪ ،‬فإننا نالحع أن عوامل اإلنتاج تتسم بالجمود النسبي‪،‬‬
‫من حيث قابميتيا لمتنقل‪ ،‬وينشأ عن ىذا الجمود وجود اختالف في أسعار السمع المختمفة‪ ،‬بل‬
‫واختالف في أسعار السمعة الواحدة من دولة إلى أخرػ‪ .‬ويعزؼ ىذا االختالف بصفة أساسية‬
‫إلى عدم قابمية عوامل االنتاج لمتنقل من دولة إلى أخرػ بنفس السيولة واليسر التي تنتقل بو‬
‫من منطقة إلى أخرػ داخل حدود الدولة الواحدة‪.‬‬

‫;‬
‫نظريات التجارة الخارجية وأهمية السياسة التجارية لها‬ ‫الفصل األول‬

‫المبحث الثاني ‪ :‬النظريات المفسرة لمتجارة الخارجية‬

‫لقد اختمفت نظريات التجارة الخارجية حول أسس وطبيعة الضوابط التي ينبغي أن‬
‫تحكم التجارة الخارجية‪ ،‬وانقسمت النظريات إلى عدة مدارس ومن ىذه النظريات من جاءت‬
‫لتطور األفكار السابقة وتضيف عمييا بعض التحسينات وىناك من النظريات من جاءت‬
‫تناقض النظريات التي سبقتيا‪.‬‬

‫المطمب األول ‪ :‬النظرية الكالسيكية‬

‫ظيرت النظرية الكالسيكية في أواخر القرن الثامن عشر وأوائل القرن التاسع عشر‬
‫كرد فعل عمى مذىب التجاريين الذين كانوا يرون أن المعادن النفيسة ىي المقياس األساسي‬
‫لقوة الدولة االقتصادية في ذلك الوقت‪ ،‬لذلك كانت دعوتيم تنصب في فرض قيود عمى‬
‫التجارة الخارجية بغية الحصول عمى أكبر قدر من المعادن النفيسة‪ ،‬ولقد ىاجم " الكالسيك"‬
‫آراء التجاريين وأخذو عمى عاتقيم بيان فوائد التبادل التجارؼ بين الدول‪ ،‬وجاءت نظريتيم‬
‫لمدفاع عن حرية التجارة الخارجية وبين أن قوة الدولة ال تكمن فيما تحتويو من معادن نفيسة‬
‫فقط ‪ ،‬وانما ايضا فيما يتوافر لدييا من موارد اقتصادية حقيقية‪ ،‬وأن حرية التجارة ىي‬
‫الوسيمة األنجع لزيادة ثروة البالد الحقيقية‪ .‬وتقوم ىذه النظرية عمى مجموعة من الفروض‬
‫تتمثل فيما يمي‪4 1‬‬

‫‪ ‬إن عناصر االنتاج تتمتع بحرية االنتقال داخل البمد الواحد‪.‬‬


‫‪ ‬أن عناصر االنتاج ال تتمتع بحرية االنتقال بين البمدان المختمفة‪.‬‬
‫‪ ‬إن آلية المواءمة عن طريق العالقة بين كمية المسكوكات ومستوػ األسعار‬
‫تضمن توازن ميزان المدفوعات‪.‬‬
‫‪ ‬إن كمية الموارد المتاحة معطاة حيث ال تتأثر بالتبادل‬

‫‪.72-72‬‬ ‫‪ -1‬مجدؼ محمود شياب‪ ،‬االقتصاد الدولي المعاصر‪ )،‬مصر‪ ،‬دار الجامعة الجديدة ‪ ،( 7002،‬ص ص‬

‫‪32‬‬
‫نظريات التجارة الخارجية وأهمية السياسة التجارية لها‬ ‫الفصل األول‬

‫‪ ‬أن ىناك تشغيل كامل لمموارد‪ ،‬وبالتالي فان تأثير التجارة الخارجية ينحصر في‬
‫اعادة تخصيص الموارد‪.‬‬
‫‪ ‬أن ىناك بمدين فقط يتم بينيما التبادل‪.‬‬

‫وفيما يمي نستعرض أىم النظريات الكالسيكية لمتجارة الخارجية‪4‬‬

‫أوال ‪ :‬نظرية الميزة المطمقة " آدم سميث "‬

‫من رواد ىذه النظرية نجد المفكر االقتصادؼ " آدم سميث " يعتمد ىذا األخير في‬
‫تفسيره عمى وجوب وجود التبادل الدولي من أجل عدم إعادة تقسيم العمل‪ ،‬حيث أن ىذا‬
‫األخير ناتج عن اتساع نطاق السوق وبالتالي يسمح لكل دولة ان تتخصص في انتاج السمع‬
‫التي تكون ليا ميزة مطمقة في انتاجيا وبالتالي تقوم بتبادل فائضيا االنتاجي الناتج عن‬
‫استيالكيا مع فائض انتاج دولة أخرػ ليا ميزة مطمقة‪ ،‬باإلضافة إلى ذلك فإن زيادة إنتاج‬
‫العمل يسمح بزيادة وزن النمو لرأس المال‪ ،‬والعامل الوحيد الذؼ يدخل في تحديد نفقات‬
‫االنتاج الالزمة إلنتاج السمعة ىو العمل‪ ،‬وأن الربح لكل دولة متبادلة غير مرتبط بالحصول‬
‫عمى الفائض في االنتاج‪.1‬‬

‫‪ -1‬تقييم النظرية ‪:‬‬

‫يعرف "آدم سميث" ثروة األمة بقدرتيا عمى تراكم األرصدة الدولية و المعادن‬
‫لم ّ‬
‫النفيسة كما عرفيا التجاريين بل عرفيا بقدرتيا عمى إنتاج السمع و الخدمات‪ ،‬وبالتالي يجب‬
‫عمييا أن تبحث عن السبل التي تمكنيا من زيادة القدرة اإلنتاجية‪ ،‬وىذا ال يتم إال عن طريق‬
‫الحرية االقتصادية؛ وأن دور الدولة محدود يتمثل في الحفاظ عمى كفاءة عمل األسواق‬

‫‪ -1‬صدر الدين جواليمي ‪ ،‬النمو والتجارة الدولية لمدول النامية‪ ،‬أطروحة دكتوراه )غير منشورة( كمية العموم االقتصادية‬
‫والعموم التجارية وعموم التسيير ‪ ،‬جامعة الجزائر‪،( 7002-7002)،‬ص‪.33‬‬

‫‪33‬‬
‫نظريات التجارة الخارجية وأهمية السياسة التجارية لها‬ ‫الفصل األول‬

‫بصورة تنافسية دون قيود احتكارية‪ ،‬وأن تقسيم العمل يحقق أعمى إنتاجية في ظل المنافسة‬
‫الكاممة‪.1‬‬

‫حيث يشكل اختالف النفقات المطمقة عند" آدم سميث " أساسا لمتخصص وتقسيم‬
‫العمل الدولي‪ ،‬ولذلك فيذا االختالف في رأيو ىو سبب قيام التجارة الدولية‪.‬‬

‫ولكن يؤخذ عمى ذلك أن نظرية "سميث" لم تفسر أسباب قيام التجارة الخارجية بين‬
‫الدول في حالة وجود ميزة مطمقة لمدولة في انتاج سمعتين في حين ال تتمتع الدولة األخرػ‬
‫بأؼ ميزة في انتاج أؼ من السمعتين‪ ،‬ومن ناحية أخرػ ال يرػ" سميث " داعيا لمتفرقة بين‬
‫التجارة الداخمية والخارجية‪ ،‬فالثانية تعد امتداد لألولى وكالىما وسيمة لمتخمص من االنتاج‬
‫الفائض‪.‬‬

‫وتطبيق مبدأ تقسيم العمل والتخصص‪ ،‬وقد كان " ريكاردو" ىو من أوضح ىذا‬
‫الفراق فيما أسماه بقانون النفقات النسبية‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬نظرية الميزة النسبية "دافيد ريكاردو"‬

‫فإلى جانب االنتقادات السابقة الذكر التي وجيت إلى نظرية التكاليف المطمقة "آلدم‬
‫سميث" وبعد أن صارت ىذه النظرية ال تستطيع إيجاد تفسير لواقع بعض حاالت تبادل‬
‫الدولي مثل‪4‬‬

‫‪ ‬حالة تمتع دولة معينة بإنتاج سمعة بتفوق مطمق‪ ،‬بالرغم من ذلك ال تتخصص في‬
‫إنتاجيا ومن تم في تصديرىا‪.‬‬
‫‪ ‬حالة قيام التجارة بين بمدين‪ ،‬بالرغم من أن أحدىما ال يتمتع بتفوق مطمق في إنتاج‬
‫أؼ من السمعتين‪ ،‬في حين يتمتع البمد الثاني بتفوق مطمق في إنتاج السمعتين‪.‬‬

‫‪ -1‬زينب حسين عوض هللا‪ ،‬االقتصاد الدولي‪)،‬مصر‪ ،‬الدار الجامعة الجديدة‪،(7002،‬ص‪.27‬‬

‫‪34‬‬
‫نظريات التجارة الخارجية وأهمية السياسة التجارية لها‬ ‫الفصل األول‬

‫ففي ىذه الحالة ىل أن البمد الثاني سيقوم بالتخصص في إنتاج السمعتين وتصدير‬
‫الفائض إلى البمد اآلخر‪ ،‬حيث يبقى البمد األول دون تخصص وبالتالي دون اشتراكو في‬
‫عممية التبادل الدولي؟‬

‫إن اإلجابة عن ىذه التساؤالت قد تصدػ ليا " د‪ .‬ريكاردو" من خالل مساىمتو في‬
‫التحميل االقتصادؼ الذؼ يعتمد عمى أن األساس في ظاىرة التخصص الدولي ىو التفوق‬
‫النسبي في نفقات اإلنتاج‪ ،‬وليس التفوق المطمق كما يرػ" آدم سميث"‪.‬‬

‫وقد تم ذلك من خالل عرض نظريتو المعروفة " نظرية التكاليف النسبية " التي تعتبر‬
‫بمثابة العمود الفقرؼ لمنظرية الكالسيكية في التجارة الخارجية‪ ،‬وىي ال زالت في العديد من‬
‫جوانبيا صحيحة‪ ،‬وقادرة عمى تفسير جوانب ىامة من ظواىر التبادل الدولي في الوقت‬
‫الراىن‪. 1‬‬

‫‪ -1‬عرض النظرية ‪:‬‬

‫نشر" ريكاردو" كتابو مبادغ في االقتصاد السياسي عام ‪ 2222‬وقد بين فيو قانون‬
‫" النفقات النسبية "والذؼ يعد من أىم القوانين االقتصادية‪ ،‬ويطمق عمى نظرية النفقات النسبية‬
‫أيضا نظرية المنافع المقارنة أو المزايا النسبية‪ . 2‬وطبقا ليذه النظرية وفي ظل التجارة الحرة‬
‫فان كل دولة تتخصص في انتاج السمع التي تنتجيا بنفقات نسبية أقل من الدول األخرػ ‪،‬‬
‫وتقوم بتصديرىا لكي تستورد السمع التي تتمتع دول أخرػ في الخارج بإنتاجيا بنفقات نسبية‬
‫أقل ‪ ،‬ويتم التبادل الدولي بين الدولتين اذا اختمفت التكاليف النسبية األكثر عمومية وشمولية‬
‫فالشرط الضرورؼ والكافي لقيام تبادل تجارؼ بين دولتين تنتجان مجموعة من السمع ذاتيا‬
‫ىو أن تختمف النفقات النسبية إلنتاج ىذه السمع من دولة الى أخرػ‪.‬‬

‫‪ -1‬سامي عفيفي حاتم‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.23‬‬


‫‪ -2‬عمي عبد الفتاح أبو شرار‪ ،‬االقتصاد الدولي – نظريات وسياسات ‪، -‬ط‪) ، 2‬عمان‪ ،‬االردن‪ ،‬دار المسيرة لمنشر‬
‫والتوزيع‪ ،‬ب ت (‪،‬ص ‪.33‬‬

‫‪35‬‬
‫نظريات التجارة الخارجية وأهمية السياسة التجارية لها‬ ‫الفصل األول‬

‫‪ -2‬تقييم النظرية ‪:‬‬

‫رغم دفاع نظرية" الميزة النسبية "عن التخصص الدولي وحرية التجارة إال أنيا لم تسمم‬
‫من النقد فالنظرية مبسطة أكثر مما يجب حيث تبدو غريبة عن الواقع‪ ،‬فيي تغفل امكانية‬
‫انتقال عناصر االنتاج بين الدول وأنيا تنتقل وبخاصية رأس المال‪ ،‬وىي اذ نفترض ثبات‬
‫النفقة تغفل المدػ الذؼ تنخفض اليو بفضل االنتاج الكبير‪ ،‬وتغفل نظرية نفقة التنقل‬
‫وتفترض كذلك استغالل جميع الموارد رغم أن دورة التجارة الخارجية يجب أن يؤدؼ إلى‬
‫تحقيق ىذا التشغيل الكامل يضاف إلى ذلك أن ىذه النظرية تقوم أساسا عمى نظرية العمل‬
‫في القيمة والتي تبين قصورىا عن مطابقة الواقع‪.‬‬

‫ويجب االشارة الى أن القصور الرئيسي ليذه النظرية انو يكمن في الطابع السكوني‬
‫الذؼ تتميز بو‪ ،‬فما يكون ميزة نسبية اليوم قد ال يكون كذلك في المستقبل‪.1‬‬

‫وأن ىذه النظرية لم تعالج كيفية تحديد معدل التبادل الدولي ويرجع الفضل في ذلك إلى‬
‫"جون ستيوارت ميل " الذؼ كان لو السبق في سد ىذا النقص‪.‬‬

‫ثالثا ‪ :‬نظرية القيم الدولية "جون ستيوارت ميل"‬

‫إن عجز " نظرية النفقات النسبية " في بيان الكيفية التي يتحدد بيا معدل التبادل‬
‫الدولي الفعمي‪ ،‬حيث اقتصرت عمى مجال تحدده قيمة تمثل الحد األدنى وأخرػ تمثل الحد‬
‫األقصى وأن قيمة معدل التبادل الدولي يتراوح بينيما‪ ،‬وبالتالي لم تستطع أن تحدد مقدار‬
‫الكسب الذؼ يحصل عميو كل طرف من طرفي التبادل الدولي‪ ،‬لذلك جاءت نظرية" جون‬
‫ستيوارت ميل " لتبرز فكرة الميزة النسبية عوض التكاليف النسبية‪ ،‬فبينما يرػ" ريكاردو" أن‬
‫النفقة النسبية ىو تثبيت كمية اإلنتاج إلبراز الفروق في نفقات اإلنتاج‪ ،‬يرػ" جون ستيوارت‬

‫‪ -1‬زينب حسين عوض هللا ‪ ،‬مرجع سبق ذكره ‪ ،‬ص ص‪.22-23‬‬

‫‪36‬‬
‫نظريات التجارة الخارجية وأهمية السياسة التجارية لها‬ ‫الفصل األول‬

‫ميل " يفرق بين حالة التبادل الداخمي وحالة التبادل الدولي حيث يرػ أن معدل التبادل‬
‫الداخمي يتحدد وفقا لنفقات اإلنتاج النسبية في الداخل‪ ،‬وىذا ال ينطبق عمى التبادل الدولي‪.‬‬
‫لذلك يعتمد في إطار تحميمو لحالة التبادل الدولي تثبيت النفقة والتي ىي وفق نظرية العمل‬
‫في القيمة ليبرز الفرق في اإلنتاج ومن ثم الفروق في اإلنتاجية حيث يرفض افتراض أن‬
‫إنتاجية العمل واحدة في كل من الطرفين المتبادلين ليحل محمو اختالف إنتاجية العمل من‬
‫دولة إلى أخرػ‪.‬‬

‫وعميو فقد اعتمدت" نظرية القيم الدولية " عمى اختالف الكفاءة النسبية لمعمل لتفسير‬
‫التجارة الخارجية‪ ،‬وتعتبر أن معدل التبادل الدولي وشروطو ىو الذؼ عمى أساسو يتم توزيع‬
‫الكسب بين أطراف التجارة الدولية‪.‬‬

‫إن تحميل" نظرية القيم الدولية " وقصد صياغتيا‪ ،‬فقد تم اإلعتماد عمى اشتقاق‬
‫منحن يي الطمب المتبادل من منحنيي اإلنفاق الكمي‪ ،‬ومن ثم تمثيميا بيانيا قصد تحديد معدل‬
‫التبادل والذؼ بموجبو يتبين مقدار الكسب من التجارة الخارجية بالنسبة لطرفي التبادل‬
‫الدولي‪ ،‬ومن ثم يمكن اعتبار أن" نظرية القيم الدولية " ىي امتداد" لنظرية التكاليف‬
‫النسبية " وبذلك تكون عناصر النظرية الكالسيكية قد اكتممت‪.‬‬

‫‪-1‬عرض النظرية ‪:‬‬

‫قام " جون ستيوارت ميل" بصقل وادخال بعض التعديالت عمى" نظرية ريكاردو"‬
‫في النفقات النسبية والتي أغفمت االجابة عمى سؤال ىام بخصوص تحديد معدل التبادل‬
‫الدولي والذؼ يتم عن أساسو تبادل السمع في التجارة الدولية‪ ،‬وأغفمت " نظرية ريكاردو"‬
‫أيضا القيود التي تمعب دوار ىاما في تحديد معدل التبادل الدولي وتقسم مكاسب التجارة بين‬
‫البمدين المتاجرين‪ ،‬وقد أبرز ميل أىمية قوة طمب الدولة عمى السمع التي تنتجيا الدولة‬
‫األخرػ ومرونة ىذا الطمب في تحديد معدل التبادل الدولي‪.‬‬

‫‪37‬‬
‫نظريات التجارة الخارجية وأهمية السياسة التجارية لها‬ ‫الفصل األول‬

‫تتحدد‬ ‫فنسب التبادل الفعمية أو شروط التبادل الدولي >> طبقا ليذه النظرية <<‬
‫طبقا لقوة ومرونة طمب كل دولة عمى منتجات الدولة األخرػ‪ ،‬أو بتعبير متكافئ عمى الطمب‬
‫المتبادل‪ ،1‬ويضيف" ميل " أن معدل التبادل الدولي يتحدد بحدين الحد األول ىو معدل‬
‫التبادل المحمي بين السمعتين المنتجتين في الدولة األولى‪ ،‬والحد الثاني ىو معدل التبادل‬
‫المحمي بين السمعتين المنتجتين في الدولة الثانية‪ ،‬ويبين" ميل" أن من بين معدالت التبادل‬
‫الدولي التي تقع بين الحدين المذكورين معدال خاصا يحقق التعادل بين قيمة صادرات‬
‫وواردات البمد الواحد‪ ،‬ولما كانت صادرات ىذا البمد ىي واردات البمد األخر‪ ،‬وواردات ىذا‬
‫البمد ىي صادرات البمد األخر‪ ،‬فان معدل التبادل الدولي التوازني يحقق التوازن التجارؼ بين‬
‫قيمة الصادرات والواردات في البمد اآلخر‪ ،‬وأن أؼ معدل آخر يؤدؼ الى اختالل في الميزان‬
‫التجارؼ وظيور الفائض أو العجز في أحد البمدين‪ ،‬وقد أوضح " جون ستيوارت ميل " أن‬
‫جميع معدالت التبادل الدولي الواقعة بين معدلي التبادل المحمي تؤدؼ الى مكاسب تجارية‬
‫لكل من البمدين‪ ،‬وبصفة عامة فانو كمما اقترب معدل التبادل الدولي كثي ار من معدل التبادل‬
‫المحمي لدولة ما فان نصيب ىذه الدولة يكون ضئيال من المكاسب التجارية والعكس‬
‫صحيح‪.‬‬

‫‪-2‬تقييم النظرية ‪:‬‬

‫رغم معالجة ىذه النظرية لكيفية تحديد معدالت التبادل إال أنيا ابتعدت عن الواقع‬
‫حين افترضت تكافؤ أطراف المبادلة‪ ،‬فاذا ما كان التبادل الدولي يتم بين الدول غير متكافئة‬
‫فمن المحتمل أن ال يكون لمطمب المتبادل أؼ دور يذكر في تحديد نسبة التبادل الدولي‪،‬‬
‫حيث في وسع الدول الكبرػ أن تممي شروطيا‪ ،‬كما أن شرط التكافؤ بين قيم صادرات‬
‫وواردات كل من الدولتين لتحقيق استقرار معدل التبادل الدولي يعد قيدا عمى تمك النظرية‪،‬‬

‫‪ - 1‬سامي عفيفي حاتم ‪ ،‬االتجاىات الحديثة فب االقتصاد الدولي والتجارة الدولية‪ ،‬الكتاب االول‪) ،‬مصر‪ ،‬الدار المصرية‬
‫المبنانية ‪ (7002،‬ص ص ‪.222 – 220‬‬

‫‪38‬‬
‫نظريات التجارة الخارجية وأهمية السياسة التجارية لها‬ ‫الفصل األول‬

‫فما الحل عندما يكون التبادل في اتجاه واحد فقط‪ ،‬باإلضافة إلى أن التفرقة بين العوامل التي‬
‫تحدد أثمانيا والمتمثمة في جانب الطمب تفرقة غير صحيحة‪ ،‬فمن نظام التوازن الشامل‬
‫نعرف أن كال من العرض والطمب يحددان معا وفي نفس الوقت الكميات المباعة واألثمان‬
‫السائدة والصحيح ىو أن العوامل مجتمعة تحدد السمع الداخمة في التجارة الدولية ومعدالت‬
‫التبادل ليا‪.1‬‬

‫المطمب الثاني‪ :‬النظرية النيوكالسيكية‬

‫استمرت" النظرية التقميدية " في تفسير التجارة الخارجية‪ ،‬الى غاية الحرب العالمية‬
‫األولى‪ ،‬اال أن مرحمة االولى لمنظرية النيوكالسيكية ماىي اال اعادة صياغة" نظرية‬
‫النفقات النسبية" ‪ ،‬وذلك بإدخال المنفعة في تفسير التجارة الخارجية‪ ،‬والتخمي عن النفقة‬
‫المحددة عمى أساس العمل‪ ،‬أما المرحمة الثانية تتمثل في اعطاء أسباب وجود التجارة‪ ،‬عن‬
‫طريق عوامل االنتاج وأسباب وجود االختالف في األسعار النسبية‪ ،‬واألجور وفي ىذا الصدد‬
‫قامت " النظرية السويدية " بتقديم ىذا التفسير بواسطة الكاتبين الشييرين "ىيكشر" و"بريل‬
‫أولين"‬

‫أوال ‪ :‬النظرية السويدية )هكشر – أولين (‬

‫في عام ‪ 2323‬قام االقتصادؼ السويدؼ" ىيكشر " بنشر مقالو تحت عنوان " اثر‬
‫التجارة الخارجية في توزيع الدخل" وقد تضمنت ىذه المقالة الخطوط الرئيسية لمنظرية‬
‫الحديثة في التجارة الدولية‪ ،‬ولقد ربط " ىكشر " في مقالو بين نظرية" ريكاردو" وتفسيره‬
‫ألسباب اختالف المزايا النسبية بين الدول المجاورة‪ ،‬ثم قام من بعده تمميذه" أولين " بتنقيح‬

‫‪ -1‬زينب حسين عوض هللا ‪ ،‬مرجع سبق ذكره ‪ ،‬ص‪.22‬‬

‫‪39‬‬
‫نظريات التجارة الخارجية وأهمية السياسة التجارية لها‬ ‫الفصل األول‬

‫ما كتبو أستاذه‪ ،‬ونشر كتابو المشيور عام ‪ 2333‬تحت عنوان " التبادل االقميمي والتجارة‬
‫الدولية " ‪.1‬‬

‫وقد وجو" أولين " انتقاداتو الى نظرية" ريكاردو" والعتمادىا عمى نظرية العمل في‬
‫قياس القيمة ولكن انتقاداتو لم تتعرض الى جوىر نظرية" ريكاردو" وىذا ما يجعل نظرية‬
‫" ىكشر" و" أولين" نظرية مكممة وليست بديمة لنظرية " النفقات النسبية" ‪ ،‬حيث جاءت‬
‫لمنفقات النسبية " بدال من االكتفاء بالصياغة‬ ‫كمحاولة لتعميق التحميل الكالسيكي"‬
‫المبسطة‪ ،‬وقبل أن نتناول ىذه الطريقة بالشرح والتحميل نستعرض أىم الفروض التي تقوم‬
‫عمييا‪.‬‬

‫‪-1‬فروض نظرية " هكشر" و" أولين"‬

‫ال يمتزم " ىكشر" و" أولين" والمحدثون بفرضية التقميديين والمتمثل في أن قيمة‬
‫السمعة تتحدد بكمية العمل المبذولة في انتاجيا‪ ،‬لذلك سنسقط ىذا الفرض من قائمة فروض‬
‫التقميديين‪ ،‬ويضيف " ىكشر" و" أولين" الفروض الباقية كما يمي ‪42‬‬

‫‪ ‬أن السمع المختمفة تتفاوت من حيث كثافة استخداميا لعناصر االنتاج‪.‬‬


‫‪ ‬أن أذواق المستيمكين معطاة بحيث أنو لن يترتب عمى التجارة الدولية‬
‫أؼ تغير في ىذه األذواق وال تختمف كثي ار من بمد آلخر‪.‬‬
‫‪ ‬أن نمط توزيع الدخل معطى ومعروف في البالد المختمفة‪.‬‬

‫‪ -1‬عمي عبد الفتاح أبوشرار ‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.220‬‬


‫‪ -2‬عادل أحمد حشيش و مجدؼ محمود شياب‪ ،‬العالقات االقتصادية الدولية‪ )،‬مصر‪ ،‬الدار الجامعية الجديدة‪(7002،‬‬
‫‪،‬ص‪.222‬‬

‫‪3:‬‬
‫نظريات التجارة الخارجية وأهمية السياسة التجارية لها‬ ‫الفصل األول‬

‫‪-2‬شرح نظرية" نسب عناصر االنتاج "‬

‫ترجع ىذه النظرية والتي جاء بيا كل من" ىكشر" و" أولين" سبب قيام التجارة‬
‫الخارجية‪ ،‬الى التفاوت في ما بين الدول ومدػ وفرة عناصر االنتاج المختمفة في كل منيا‪،‬‬
‫فبعض الدول تمتاز بوفرة عنصر العمل وبعضيا غنية بعنصر األرض‪ ،‬ىذا التفاوت يؤدؼ‬
‫إلى اختالف في أثمان عناصر االنتاج وبالتالي في أثمان المنتجات نظ ار لتفاوت السمع فيما‬
‫تحتاجو من شتى العناصر‪.1‬االمر الذؼ يمكن الدولة من استيراد السمع من الخارج بنفقة‬
‫انتاج أقل مما لو أنو تم انتاجيا محميا‪ ،‬وتصدير السمع التي تمتمك وفرة في عنصر االنتاج‬
‫الداخل في انتاجيا‪ ،‬ويرػ" أولين" أن أسعار المنتجات في النياية تتحدد بالطمب عمييا‬
‫والمعروض منيا أؼ يعتمد عمى العوامل األربعة التالية‪42‬‬

‫عامالن يكونان جانب العرض ىما‪4‬‬

‫‪ -‬مدػ توافر الكميات المختمفة من عناصر االنتاج‪.‬‬


‫‪ -‬الشروط الفنية لإلنتاج أو دالة االنتاج‬

‫عامالن يكونان جانب الطمب ىما‪4‬‬

‫‪ -‬مستوػ الدخل‪ ،‬عمى األخص ىيكل توزيع ىذا الدخل‪.‬‬


‫‪ -‬تفضيالت وأذواق المستيمكين‪.‬‬

‫وطبقا لمفروض األساسية لمنظرية فانو يتبين لنا أن دوال االنتاج لسمعة ما متشابية‬
‫في كل دول العالم‪ ،‬وأن ىيكل الدخل القومي ثابت‪ ،‬وأن أذواق والتفضيالت لممستيمكين‬
‫متماثمة بين جميع الدول‪ ،‬وبالتالي مصدر اختالف الميزة النسبية ىو عامل الوفرة النسبية‬

‫‪ -1‬زينب حسين عوض هللا ‪ ،‬مرجع سبق ذكره ‪ ،‬ص ‪.222‬‬


‫‪ -2‬سامي عفيفي حاتم‪ ،‬االتجاىات الحديثة في االقتصاد الدولي والتجارة الدولية ‪ ،‬مرجع سبق ذكره ‪،‬ص‪.222‬‬

‫;‪3‬‬
‫نظريات التجارة الخارجية وأهمية السياسة التجارية لها‬ ‫الفصل األول‬

‫لكميات عناصر االنتاج‪ ،‬وبذلك فان نموذج " ىكشر" و" أولين" يعتمد عمى تفسير أسباب‬
‫قيام التجارة الخارجية عمى العوامل المتعمقة بجانب العرض دون العوامل المتعمقة بجانب‬
‫الطمب‪.‬‬

‫ووفقا ليذه النظرية فان سبب االختالفات النسبية ألثمان السمع المتبادلة ال يعود الى‬
‫عامل الوفرة أو الندرة لعناصر االنتاج فقط وانما يعود أيضا الى االختالف في دوال االنتاج‬
‫من سمعة الى أخرػ والذؼ يرجع بدوره الى المعامالت الفنية التي تحكم المزج بين عناصر‬
‫من اجل الحصول عمى تنمية الناتج بأكفأ طريقة ممكنة‬

‫‪-3‬تأثير قيام التجارة الدولية عمى أثمان عناصر االنتاج‬

‫و" أولين " لنسب‬ ‫ىكشر"‬ ‫يحتوؼ المنطق االفتراضي النظرؼ الثاني لنموذج"‬
‫عناصر االنتاج عمى أن الحركة غير المقيدة لمسمع تنعكس عمى أسعار عناصر االنتاج‪.‬‬

‫حيث تقوم ىذه النظرية عمى أن كل بمد سيتخصص في انتاج السمع الكثيفة في‬
‫استخدام عنصر االنتاج األكثر وفرة والذؼ يكون ثمنو مرتفعا‪ ،‬وبقيام التجارة الخارجية فإن‬
‫الطمب عمى عنصر االنتاج األكثر وفرة يزيد‪ ،‬بينما ينخفض الطمب عمى العنصر األقل‬
‫وفرة‪ ،‬ويترتب عمى ذلك اتجاه ثمن العنصر الوفير الى االرتفاع‪ ،‬واتجاه ثمن العنصر النادر‬
‫الى االنخفاض‪ ،‬وبالتالي فيناك اتجاه نحو التعادل الجزئي عمى األقل بين عناصر االنتاج‬
‫المتفاوتة‪.‬‬

‫وكنتيجة لما توصمت إليو ىذه النظرية فإن " أولين" يعتبر أن حرية تبادل السمع‬
‫والخدمات تعد عامال معوضا عن الفرض الكالسيكي القائل بعدم قدرة عناصر االنتاج عمى‬
‫التنقل بين بالد العالم المختمفة‪ .‬ويسجل " أولين" في ىذا المقام رأيو في أن قدرة عناصر‬
‫االنتاج عمى التنقل بين دول العالم المختمفة تعتبر شرطا ضروريا لحدوث التعادل التام بين‬
‫أسعار عناصر االنتاج‪ ،‬ولما كان ىذا الشرط يتعارض مع الفروض األساسية لمنموذج فإنو‬

‫‪42‬‬
‫نظريات التجارة الخارجية وأهمية السياسة التجارية لها‬ ‫الفصل األول‬

‫يمكن القول بأن نموذج " ىكشر" و" أولين" ال يسمم إال بإمكانية حدوث التعادل الجزئي بين‬
‫أسعار عناصر االنتاج‪.1‬‬

‫ثانيا ‪ :‬لغز ليونتيف‬

‫منذ صياغة نظرية " ىكشر" و" أولين" ظيرت عدة محاوالت الختبار صحتيا‪ ،‬ومن‬
‫أبرز تمك المحاوالت االختبار الذؼ قام بو فاسيمي ليونتيف ‪ wassily leontief‬عام ‪2322‬‬
‫من خالل دراستو لألساس الييكمي لمتجارة بين الواليات المتحدة األمريكية وبقية العالم‪ ،‬حيث‬
‫استخدم فيو اسموبا جديدا في التحميل االقتصادؼ عرف باسم " جدول المدخالت‬
‫والمخرجات "‪.2‬‬

‫لقد استيل " ليونتيف" دراساتو التطبيقية مؤكدا عمى االقتناع والتوصيات التي انتيت‬
‫الييا الدراسة التحميمية لمنموذج " ىكشر" و" أولين" ‪ ،‬ولما كانت ىذه الدراسات التطبيقية‬
‫" ليونتيف" تركز عمى الواليات المتحدة األمريكية والتي كانت أكثر الدول وفرة لعنصر أٍرس‬
‫المال‪ ،‬فمقد توقع " ليونتيف" وغيره من االقتصاديين المؤيدين لنموذج " ىكشر" و" أولين"‬
‫أن تقوم الواليات المتحدة األمريكية بإنتاج وتصدير السمع كثيفة رأس المال واستيراد السمع‬
‫كثيفة العمل‪ ،‬غير أن األمر كان خالفا لذلك الكتشاف " ليونتيف" أن الصادرات لمواليات‬
‫المتحدة األمريكية تتكون أساسا من سمع كثيفة العمل‪ ،‬وأن وارداتيا تتكون أساسا من سمع‬
‫كثيفة رأس المال‪ ،‬وىي نتائج مخالفة لما جاءت بو نظرية " ىكشر" و" أولين" في" نسب‬
‫عناصر االنتاج"‪.‬‬

‫ويستنتج " ليونتيف" من ذلك أن الرأؼ القائل بأن اقتصاد الواليات المتحدة األمريكية‬
‫يتميز بفائض نسبي في رأس المال ونقص نسبي في العمل أنو خاطئ وفي الحقيقة فان‬

‫‪ -1‬المرجع نفسو ‪ ،‬ص ‪.227‬‬


‫‪ -2‬المرجع نفسو ‪ ،‬ص ‪.220‬‬

‫‪43‬‬
‫نظريات التجارة الخارجية وأهمية السياسة التجارية لها‬ ‫الفصل األول‬

‫العكس صحيح‪ ،‬وىو بذلك يستخدم نظرية لمحكم عمى الواقع وال يستخدم الواقع لمحكم عمى‬
‫النظرية وىذا المبدأ معكوس في مجال الحكم عمى صحة النظرية العممية‪.1‬‬

‫لقد أثارت ىذه النتائج كثير من المناقشات األكاديمية لحل ىذا لمغز‪ ،‬وفي نفس الوقت‬
‫أثارت العديد من األفكار الجديدة التي ساىمت في تطورىا وجعميا أكثر مالئمة لمواقع‬
‫االقتصادؼ لعالم اليوم‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬تقييم النظرية النيوكالسيكية‬

‫الشك أن نظرية " ىكشر" و" أولين" قد سارت باألدب االقتصادؼ في مجال التجارة‬
‫الخارجية خطوة أبعد من النظرية التقميدية من خالل مجيوداتيا المتمثمة في البحث عن‬
‫أسباب اختالف النفقات النسبية‪ ،‬إال أنيا تعرضت لمعديد من االنتقادات تتمثل أىميا فيما‬
‫يمي‪42‬‬

‫‪ ‬أن النظرية تعتمد عمى االختالف الكمي لعناصر االنتاج أؼ عمى درجة الوفرة أو‬
‫الندرة ليذه العناصر المقفمة بذلك الفروق النوعية لعناصر االنتاج‪.‬‬
‫‪ ‬اشتركت نظرية " ىكشر" و" أولين" مع نظرية " ريكاردو" في إىماليا االنتقال‬
‫عناصر االنتاج الدولية‪ ،‬فمن غير الممكن تجاىل أثر حركتي عنصر العمل ورأس‬
‫المال دوليا‪ ،‬عمى نشاط االقتصادؼ عامة والتبادل الخارجي خاصة‪.‬‬
‫‪ ‬تنص النظرية عمى ضرورة تماثل دالة االنتاج الواحدة بين الدول إال أن ىذا االفتراض‬
‫ال يتفق مع الواقع رغم إق ارراىا بإمكانية تغيير أسموب إنتاج السمعة الواحدة لكن في‬
‫حدود ضيقة‪.‬‬
‫‪ ‬تتميز نظرية " ىكشر" و" أولين" بالطابع السكوني غير أن األصل في الواقع ىو‬
‫التطور الذؼ يتم بشكل ديناميكي‪ ،‬فقد نص في مرحمة معينة وضع بأنو يحقق ميزة‬

‫‪ -1‬مجدؼ محمود شياب ‪ ،‬االقتصاد الدولي المعاصر ‪ ،‬مرجع سبق ذكره ‪ ،‬ص ‪.22‬‬
‫‪ -2‬دمحم عبد العزيز عجمية‪ ،‬مدحت دمحم العقاد‪ ،‬النقود والبنوك والعالقات االقتصادية الدولية‪)،‬مصر‪ ،‬دار النيضة العربية ‪،‬‬
‫ب ت (‪ ،‬ص ‪.732‬‬

‫‪44‬‬
‫نظريات التجارة الخارجية وأهمية السياسة التجارية لها‬ ‫الفصل األول‬

‫نسبية‪ ،‬لكن استمرار ىذا الوضع أمر غير متصور واقعيا‪ ،‬فتغير الميزة النسبية أمر لم‬
‫تستطع نظرية " نسب عناصر االنتاج" إيجاد إجابة لو‪.‬‬

‫المطمب الثالث ‪ :‬التفسيرات الحديثة‬

‫عمى الرغم من المحاوالت التي قامت بيا النظريات التي تعرضنا إلييا في تفسير‬
‫التجارة الخارجية‪ ،‬اال أن الواقع مخالف لما توصمت إليو ىذه النظريات‪ ،‬حيث أن جانبا كبي ار‬
‫من التجارة الخارجية يتم بين الدول الصناعية والتي تتميز بتشابو ظروفيا‪ ،‬باإلضافة إلى أن‬
‫نسبة كبيرة منيا تتمثل في تصدير واستيراد المنتجات المتشابية‪ ،‬وفي ىذا االطار فانو قد‬
‫ظيرت عدة محاوالت من أجل تقديم تفسير أكثر مالءمة لمتجارة الخارجية فقد اتخذت ىذه‬
‫المحاوالت اتجاىين رئيسين‪ ،‬األول ييدف إلى ىدم نموذج " ىكشر" و" أولين" ‪ ،‬وايجاد‬
‫نموذج أكثر قبوال وعمومية لتفسير األوضاع القائمة‪ ،‬أما االتجاه الثاني فيرػ ضرورة تطوير‬
‫نظرية" المزايا النسبية" و" نسب عوامل االنتاج " حتى يمكنيا من معالجة ما ظير من‬
‫مشكالت‪ ،‬وفيما يمي نستعرض أىم المحاوالت التي جاءت في االتجاىين معا‪.‬‬

‫أوال‪ :‬االتجاه األول‬

‫ويضم كال من منيج قابمية كثافة دوال االنتاج لإلنعاش و ىيكل الحماية التجارية‪ ،‬نظرية‬
‫ليندر‪4‬‬

‫‪-1‬منهج قابمية كثافة دوال االنتاج لإلنعاش‬

‫ويتمثل جوىر ىذه النظرية في رفض الفرض الذؼ تستند عميو نظرية" ىكشر" و‬
‫" أولين" في تحميميا والمتمثل في استبعادىا إلمكانية حدوث انعكاس لكثافة عناصر االنتاج‬
‫وفي ىذا الصدد فقد قام االقتصادؼ " منياس ‪ " minhas‬عام ‪ 2327‬اول تحميل مترابط‬
‫لظاىرة انعكاس كثافة عناصر االنتاج ولكي يبرىن عمى ذلك قام بتقدير ما أطمق عميو إسم‬

‫‪45‬‬
‫نظريات التجارة الخارجية وأهمية السياسة التجارية لها‬ ‫الفصل األول‬

‫المرونات الثابتة لدوال االنتاج االحاللية مجموعة من الصناعات شممت إحدػ وعشرون‬
‫صناعة من مختمف الدول‪ ،‬ودلت النتائج التي توصل الييا ىذا االقتصادؼ إال أن اختالف‬
‫مرونات االحالل بين الصناعات المختمفة تؤدؼ الى حدوث ظاىرة انعكاس كثافة عناصر‬
‫االنتاج عند مستويات مختمفة لألسعار النسبية ليذه العناصر‪ ،‬ووفقا ليذا التحميل فانو من‬
‫الصعب ايجاد نمط واضح ومحدد ودائم لمتجارة الخارجية ألؼ دولة من الدول المشتركة في‬
‫التبادل الدولي‪ ،‬وعمى كل حال‪ ،‬فان" ليونتيف " و" بول ‪ " ball‬فقد أثبتا أن النتائج التي‬
‫أظيرىا "منحاس" كانت متحيزة‪ ،‬وأن انعكاس الكثافة نادر الحدوث‪ ،‬وعميو يجب األخذ‬
‫بنظرية " ىكشر" و" أولين" ‪ .1‬حيث توصل بول أنو بابتعاد ثالث قطاعات من بين اإلحدػ‬
‫والعشرين التي اختارىا " منحاس" ‪ ،‬فان معامل االرتباط بين الصناعات المتبقية يبقى ذا‬
‫أىمية وداللة كبيرة في كل من اليابان والواليات المتحدة االمريكية‪.‬‬

‫‪-2‬هيكل الحماية التجارية‬

‫يعتمد ىذا المنيج في تحميمو لنمط التجارة الخارجية بين الدول بإدخال األثار الممكنة‬
‫لييكل الحماية التجارية القائم بعين االعتبار والمتمثل في وجود عقبات جمركية وغير‬
‫جمركية‪ ،‬حيث حاول االقتصادؼ" تريز ‪ " trais‬بتفسير لغز " ليونتيف" باإلشارة الى أن‬
‫الرسوم الجمركية ليا تأثير ىام عمى التجارة الخارجية في الواليات المتحدة األمريكية ‪ ،‬ويرجع‬
‫ذلك إلى ما تخضع إليو الواردات األمريكية من السمع كثيفة العمل من حماية جمركية وغير‬
‫جمركية من أجل حماية الصناعات االمريكية الوطنية و المعتمدة عمى عنصر العمل‪ ،‬وفي‬
‫الوقت ذاتو فان الواردات األمريكية كثيفة رأس المال ال تخضع ألؼ من ىذه القيود‬
‫الحمائية‪ ،2‬ىذا ما يفسر تميز الصادرات األمريكية بالسمع كثيفة العمل ووارداتيا بالسمع كثيفة‬
‫رأس المال‪.‬‬

‫‪ -1‬عمي عبد الفتاح ابو شرار‪ ،‬مرجع سبق ذكره ‪ ،‬ص ‪.222‬‬
‫‪ -2‬سامي عفيفي حاتم ‪ ،‬االتجاىات الحديثة في االقتصاد الدولي والتجارة الدولية‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.702‬‬

‫‪46‬‬
‫نظريات التجارة الخارجية وأهمية السياسة التجارية لها‬ ‫الفصل األول‬

‫‪-3‬نظرية" ليندر"‬

‫يفرق" ليندر" في تفسيره لقيام التجارة الخارجية بين نوعين من السمع‪ ،‬النوع األول‬
‫ىو السمع األولية والتي يرػ أن تبادليا يتم وفقا من ميزة النسبية وأن الميزة النسبية تتحدد‬
‫بنسب عناصر االنتاج‪ ،‬وىو نفس تفسير " ىكشر" و" أولين" ‪ ،‬أما النوع الثاني والمتمثل‬
‫في السمع الصناعية فان تبادليا يستند إلى شرط ضرورؼ يتمثل في وجود طمب داخمي‬
‫عمى ىذه السمع‪ ،‬إذ لكي يصبح في مقدور أؼ بمد أن يصدر سمعة معينة إلى الخارج‪ ،‬ال بد‬
‫أن يكون ىناك طمب محمي عمى ىذه السمعة وال بد أن يكون انتاجيا منيا عمى األقل في‬
‫المراحل األولى موجيا ليذا الطمب المحمي‪ ،‬ومن المسمم أن الطمب يتوقف باإلضافة إلى‬
‫عوامل أخرػ عمى الثمن ولذلك فالمقصود ىو وجود طمب محمي عمى السمع األثمان‬
‫السائدة في السوق الدولية ليذه السمع‪.‬‬

‫تعتبر كثافة التجارة في مفيوم" ليندر" كمقياس لحجم التجارة بين الدول‪ ،‬حيث يمكن‬
‫القول أنو كمما تشابو ىيكل الطمب في بمدين كانت التجارة المحتممة بين ىذه البمدين أكثر‬
‫كثافة‪ ،‬أما عن محددات الييكل الطمب في البالد المختمفة فيرجعو" ليندر" إلى مجموعة من‬
‫العوامل اىميا الدخل المتوسط‪ ،‬فيو يرػ أنو كمما ارتفع متوسط الدخل في بمد ما أدػ ذلك‬
‫إلى تحول الطمب إلى سمع معقدة التركيب‪ ،‬وعمى ذك فان التجارة المحتممة تكون أكثر كثافة‬
‫بين الدول التي يتقارب مستوػ الدخل المتوسط فييا‪ ،‬فتشابو ىياكل الطمب الداخمية في الدول‬
‫المنتمية الى اقميم اقتصادؼ معني كنتيجة لتشابو مستويات الدخول الفردية ليذه الدول‬
‫ينعكس في صورة ارتفاع كثافة التجارة الخارجية بين الدول‪ ،‬وىذا ما ينطبق عمى الدول‬
‫المتقدمة‪.‬‬

‫أما فيما يخص أثر قيام التبادل الدولي فان " ليندر" يفرق بين نوعين من الدول‪،‬‬
‫فيناك دول تتميز اقتصادياتيا بدرجة عالية من القدرة عمى اعادة تخصيص الموارد استجابة‬

‫‪47‬‬
‫نظريات التجارة الخارجية وأهمية السياسة التجارية لها‬ ‫الفصل األول‬

‫ألؼ تغيير في ىيكل األثمان وفرص التجارة وىي الدول المتقدمة والذؼ يكون التبادل مفيدا‬
‫ليا‪ ،‬وىناك دول أخرػ تكون اقتصادياتيا عمى درجة عالية من الجمود وعدم القدرة عمى‬
‫اعادة تخصيص الموارد والذؼ يكون التبادل بالنسبة ليا ضرره أكبر من نفعو‪ ،‬ومن ىنا فانو‬
‫من العسير اصدار حكم قاطع حول األثر الصافي لمتجارة الدولية عمى مختمف دول العالم‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬االتجاه الثاني‬

‫ويضم كال من نظرية نسب عناصر االنتاج الجديدة و نظرية " اقتصاديات الحجم" و‬
‫نظرية " الفجوة التكنولوجية"‪ ،‬نظرية "دورة حياة المنتوج ‪4‬‬
‫‪-1‬نظرية نسب عناصر االنتاج الجديدة‬

‫والتي تعرف ايضا بنظرية " رأس المال البشرؼ" ‪ ،‬والمبدأ األساسي ليذه النظرية‬
‫يتمثل في رفض الفرض الكالسيكي المتعمق بتجانس عنصر العمل‪ ،‬ويحل محمو فرض‬
‫انقسام ىذا العنصر ومن ىنا يمكن القول أن ىذه النظرية تفرق بين العمل الماىر والعمل‬
‫غير الماىر‪ ،‬وعميو فإن نموذج التحميل الذؼ تقترحو ىذه النظرية يتكون من ثالث عناصر‬
‫انتاجية ىي‪ 4‬ال عمل الماىر‪ ،‬والعمل غير الماىر ‪ ،‬وراس المال المادؼ‪ ،‬وطبقا ليذه النظرية‬
‫تنقسم الى سمع ودول كثيفة األيدؼ العاممة الماىرة في جانب‪ ،‬وسمع ودول نادرة األيدؼ‬
‫العاممة الماىرة في جانب آخر‪ ،‬وىذه الطريقة أمكن ليذه النظرية أن تقدم حال لمغز‬
‫" ليونتيف" تتميز الواليات المتحدة االمريكية تكون صادراتيا كثيفة العمل يرجع الى ما‬
‫تحظى بو ىذه الدول من وفرة نسبية في عنصر رأس المال البشرؼ‪.1‬‬

‫‪-2‬نظرية " اقتصاديات الحجم"‬

‫وىي النظرية التي تحاول تغيير طبيعة التحميل االقتصادؼ من خالل ادخال عنصر‬
‫الزمن في التحميل ادخاال صريحا‪ ،‬ويتحقق ذلك من خالل اسقاط الفرض الكالسيكي القائم‬
‫عمى ان ظروف االنتاج تخضع في تحميميا لقانون الغمة أو النفقة الثانية‪ ،‬واحالل محمو‬

‫‪ -1‬المرجع نفسو ‪ ،‬ص ‪.727‬‬

‫‪48‬‬
‫نظريات التجارة الخارجية وأهمية السياسة التجارية لها‬ ‫الفصل األول‬

‫قانون تناقص الغمة والذؼ يحدث أثره كمما زادت كمية أحد العناصر بالنسبة لكمية العنصر‬
‫األخر‪ ،‬وذلك بصرف النظر ع ن طبيعة العنصرين وفي ضوء ىذا التحميل فانو يمكن النظر‬
‫الى مزايا االنتاج الكبير والتي تعرف ايضا بوفرة االنتاج الكبير عمى انيا تشكل أحد‬
‫المصادر المكتسبة الختالف النفقات النسبية‪ ،‬وبالتالي قيام التجارة الخارجية‪.1‬‬

‫فيذه النظرية تعتبر توافر سوق داخمي ضخم شرطا أساسيا لتصدير تمك السمع ‪ ،‬التي‬
‫يتم انتاجيا في ظل شروط اقتصاديات الحجم المتصمة في زيادة العائد مع زيادة االنتاج‪.‬‬

‫‪-3‬نظرية " الفجوة التكنولوجية"‬

‫تعتمد نظرية " الفجوة التكنولوجية " ‪ ،‬في تفسيرىا لييكل التجارة الخارجية بين الدول‪،‬‬
‫عمى امكانية حيازة احدػ الدول عمى طرق فنية متقدمة لإلنتاج تمكنيا من انتاج سمع جديدة‬
‫او منتجات ذات جودة أفضل أو منتجات بنفقات أقل‪ ،‬األمر الذؼ يؤىل الدول الى اكتساب‬
‫مزايا نسبية مستقمة عن غيرىا من الدول وتؤدؼ بذلك الى قيام التجارة الخارجية من خالل‪4‬‬

‫أ‪ -‬زيادة الكفاءة النسبية ألحدػ الدول في انتاج السمع التي تنتج في جميع الدول أطراف‬
‫التبادل الدولي‪ ،‬وبالتالي اكتساب ىذه الدولة لميزة نسبية دون غيرىا من الدول‪.‬‬
‫دخول إحدػ الدول بمنتجات جديدة ذات مستويات تكنولوجية متقدمة الى االسواق‬ ‫ب‪-‬‬
‫الدولية في الوقت الذؼ ال تستطيع الدول األخرػ انتاجيا داخميا بسبب الضعف‬
‫التكنولوجي‪.‬‬

‫وقد أطمق االقتصادؼ " بوسنر " اسم تجارة الفجوة التكنولوجية عمى النموذج الذؼ‬
‫أسسو " نموذج الفجوة التكنولوجية " مكن تحديدىا بيانيا كالتالي‪42‬‬

‫‪ -1‬المرجع نفسو ‪ ،‬ص ‪.722‬‬


‫‪ -2‬عبد الرشيد بن ديب‪ ،‬تنظيم وتطور التجارة الخارجية حالة الجزائر‪ ،‬اطروحة دكتوراه‪) ،‬غير منشورة(‪ ،‬كمية العموم‬
‫االقتصادية وعموم التسيير والعموم التجارية‪ ،‬جامعة الجزائر‪ ،7007.7003 ،‬ص‪.23‬‬

‫‪49‬‬
‫نظريات التجارة الخارجية وأهمية السياسة التجارية لها‬ ‫الفصل األول‬

‫الشكل رقم )‪ : (1-1‬نموذج " الفجوة التكنولوجية"‪.‬‬

‫انتاج وتصدير‬

‫الدول المخترعة‬ ‫االنتاج‬ ‫الصادرات‬

‫‪P1‬‬ ‫‪P2‬‬ ‫‪P3‬‬ ‫‪P4‬‬

‫انتاج وتصدير‬

‫الدول المقمدة‬ ‫االنتاج‬ ‫الصادرات‬

‫المصدر ‪ :‬سامي عفيفي حاتم‪ ،‬االتجاهات الحديثة في االقتصاد الدولي والتجارة الدولية‪،‬‬
‫مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.242‬‬

‫‪-4‬نظرية "دورة حياة المنتوج "‬

‫تنشأ " دورة حياة المنتوج " من اختالل وضعين متوازيين يتخمميما حدوث ضاىرة‬
‫تخصص دولة معينة في انتاج سمعة معينة‪ ،‬ال يفسر قيام التجارة الخارجية فييا عمى اساس‬

‫‪4:‬‬
‫نظريات التجارة الخارجية وأهمية السياسة التجارية لها‬ ‫الفصل األول‬

‫اختالف المزايا النسبية الطبيعية ويحدث ذلك في الدول األكثر تقدما ويراىا " قرنون" تمر‬
‫بثالث مراحل ‪4‬‬

‫أ‪ -‬مرحمة المنتوج الجديد‬

‫ب‪-‬مرحمة المنتوج الناضج‬

‫ج‪ -‬مرحمة المنتوج النمطي‬

‫وبمرور المنتوج من مرحمة االختراع الى مرحمة التنميط‪ ،‬فان معدل الطمب عمى ىذا‬
‫المنتوج سوف يتعرض صعودا أو ىبوطا ففي المرحمة االولى‪ ،‬نجد أن معدل الطمب ىذا‬
‫يتميز بالبطء ليأخذ في االرتفاع خالل مرحمة النضج ثم يعود مرة أخرػ الى اليبوط عندما‬
‫يصبح المنتوج نمطيا‪ ،‬كما يصاحب ىذه المراحل المختمفة لنمو الطمب تغيرات مناظرة في‬
‫االىمية النسبية لعناصر االنتاج المختمفة المتمثمة في االرض‪ ،‬العمل الماىر‪ ،‬العمل غير‬
‫الماىر‪ ،‬راس المال المادؼ التكنولوجي وىي تغيرات من شأنيا تنعكس عمى مستوػ االنتاج‬
‫وىيكل التجارة الخارجية‪.1‬‬

‫‪ -1‬المرجع نفسو‪ ،‬ص‪.22‬‬

‫;‪4‬‬
‫نظريات التجارة الخارجية وأهمية السياسة التجارية لها‬ ‫الفصل األول‬

‫المبحث الثالث ‪ :‬السياسات التجارية المتعمقة بالتجارة الخارجية‬

‫منذ القديم شيدة السياسة التجارية تغييرات وتطورات كبيرة من الحرية الى الحماية او‬
‫العكس ‪,‬وىذا التغيير مرتبط اساسا بما يمد بو االقتصاد الدولي من رواج او كساد‪.‬‬

‫وبالتالي تتعرض التجارة الدولية في مختمف بمدان العالم سواء المتقدمة او النامية‪،‬‬
‫التشريعات والموائح الرسمية من جانب الدولة التي تعمل عمى تنفيذىا بدرجة اؼ تحريرىا من‬
‫القيود الجمركية وغير الجمركية ‪.‬‬

‫المطمب االول ‪ :‬تعريف السياسة التجارية الدولية واهدافها‬

‫ان استقراء تاريخ الفكر االقتصادؼ المعاصر في مجال السياسات التجارية الدولية‬
‫يشير الى ان ىناك نوعين من ىذه السياسات التي تأخذ بيا الدول المختمفة ‪.‬‬

‫ففي المراحل االولى لتطور المجتمعات‪ ,‬كانت المبادالت الدولية تتسم بطابع الحرية‬
‫المطمقة بمعنى لم تعرف آنذاك قيود تعترض حركة السمع ‪ ,‬الى ان جاءت المدرسة التجارية‬
‫التي سادت في القرنين السادس عشر والسابع عشر ‪ ,‬لتضع القيود الحمائية في وجو التجارة‬
‫الدولية ‪.‬‬

‫أخدت ىذا الفكر في االصطالح التدريجي مع مطمع القرن الثامن بدافع الظروف‬
‫االقتصادية التي سادت تمك الفترة اال انو لم يختفي ‪ ,‬بحيث تحول مع الزمن الى سياسة‬
‫تجارية تطبق كأسموب من قبل الدولة‪ ،‬ألسباب عديدة من بينيا حماية الصناعات الناشئة ‪.‬‬

‫فعرفت المرحمة الجديدة ‪ ،‬فكر مغاير تماما لألول ‪ ،‬والذؼ وضع حولو آلدم سميث‬
‫حيث كان يدعو لمحرية االقتصادية بمعنى "دعو يعمل اتركو يمر" الفمسفة التي قادت ىذا‬
‫الفكر لموصول الى مفيوم جديد الذؼ يرفع جميع القيود الحمائية امام حركة السمع بين الدول‬
‫المختمفة ‪.‬‬

‫‪52‬‬
‫نظريات التجارة الخارجية وأهمية السياسة التجارية لها‬ ‫الفصل األول‬

‫ظير من ذلك الحين في مناخ السياسات التجارية الدولية تقيم ثنائي ‪ ،‬اولو سياسة‬
‫حماية التجارة ‪،‬والثاني سياسة حرية التجارة ‪ ،‬فمن الدول التي تؤيد حرية التجارة ومنيم من‬
‫يعارضيا محبذة حمايتيا ‪ ،‬وفق المحافظة عمى مصالحيا االقتصادية ‪ ،‬اال انو مع قيام‬
‫المنظمة العالمية لمتجارة ‪ ،‬ترسخت سيادة سياسة حرية التجارة الدولية مرة اخرػ ‪.‬‬

‫أوال ‪ :‬مفهوم السياسة التجارية الدولية‬

‫يمكن تعريف السياسة التجارية في اؼ دولة عمى انيا ‪" 4‬مجموعة القواعد واالساليب‬
‫واالدوات واالجراءات والتدابير التي تقوم بيا الدولة في مجال التجارة الدولية لتعظيم العائد‬
‫من التعامل مع باقي دول العالم وفي اطار تحقيق االىداف االقتصادية االخرػ لممجتمع‬
‫خالل فترة زمنية معينة‪"1‬‬

‫ويقصد كذلك بالسياسة التجارية في مجال العالقات االقتصادية الدولية مجموعة‬


‫الوسائل التي تمجأ الييا الدولة في تجارتيا مع الخارج بغرض تحقيق اىداف معينة فالسياسة‬
‫التجارية تختمف من دولة الى اخرػ ‪ ،‬باختالف النظم االقتصادية ‪ ،‬فمكل دولة وسائميا‬
‫الخاصة التي تضعيا لتحقيق االىداف االقتصادية ‪ .‬ففي الواقع ىي وسيمة الى جانب وسائل‬
‫اخرػ تستعين بيا الدولة لتحقيق اىداف معينة‪.‬‬

‫ولعل من الضرورؼ توضيح النموذج الواقعي لمسياسة التجارية الدولية التي تطبق‬
‫اليوم فيي عبارة عن مزيج لمسياسة التجارية الدولية التي تطبق اليوم فيي عبارة عن مزيج‬
‫لسياسة الحرية و الحمائية التجارية ‪ ،‬بحيث انا المنظمة العالمية لمتجارة رخصت لمدول حق‬
‫الحماية من سياسة االغراق من جية وحماية الصناعات الناشئة من جية اخرػ ‪.‬‬

‫وبالتالي ال يوجد صورة مطمقة لحماية التجارة الدولية او سياسة حرية التجارة الدولية‬

‫‪ -1‬عبد المطمب عبد الحميد‪ ،‬السياسات االقتصادية)تحميل كمي(‪،‬الجزء الثاني‪) ،‬القاىرة‪ ،‬مجموعة النيل العربية‪،(7007،‬‬
‫ص‪.272‬‬

‫‪53‬‬
‫نظريات التجارة الخارجية وأهمية السياسة التجارية لها‬ ‫الفصل األول‬

‫ثانيا‪ :‬اهداف السياسة التجارية الدولية‬

‫تسعى السياسة التجارية الدولية الى البحث عن تعظيم الفائدة من التعامل مع باقي‬
‫دول العالم مع تحقيق التوازن الخارجي ‪ ،‬وباإلضافة الى ذلك ىناك اىداف اخرػ نذكر من‬
‫بينيا‪41‬‬

‫‪ ‬تحقيق التوازن في ميزان المدفوعات من خالل زيادة الصادرات وترشيد الواردات‪.‬‬


‫‪ ‬حماية االنتاج الوطني المحمي من المنافسة االجنبية ‪.‬‬
‫‪ ‬حماية االقتصاد الوطني من خطر سياسة االغراق ‪.‬‬
‫‪ ‬تشجيع االستنكار من اجل التصدير بإقامة المناطق الحرة‪.‬‬
‫‪ ‬زيادة العمالة ومستوػ التشغيل في االقتصاد الوطني‪ ،‬بشرط ان يتوفر عدد من الشروط‬
‫االقتصادية لمحماية العقالنية وىي ‪4‬‬
‫‪ ‬معرفة ماىي الصناعات االساسية التي تستحق الدفاع عنيا‪ ،‬بمعنى ان تكون الصناعة‬
‫المحمية فعال ليا فرص تحقيق غزو االسواق وجمب العممة الصعبة‬
‫‪ ‬تحديد الفترة القصوػ التي من خالليا يمكن لممنتوج المحمي ان يصل فترة النمو من‬
‫اجل مواجية التحدؼ ومنافسة المنتوجات االجنبية ‪.‬‬
‫‪ ‬التعامل مع التقمبات الخارجية المؤثرة عمى االقتصاد الوطني ‪ ،‬باألدوات المالئمة ‪.‬‬
‫‪ ‬ايجاد الية لمتكيف مع التحوالت االقتصادية العالمية‬

‫المطمب الثاني ‪:‬انواع السياسات التجارية الدولية‬

‫تقسم السياسات التجارية الدولية من طرف االقتصاديين الى نوعين رئيسيين وىما‪4‬‬

‫‪ ‬سياسة حرية التجارة‪.‬‬

‫‪ -1‬المرجع نفسو‪ ،‬ص ص ‪.230 -272‬‬

‫‪54‬‬
‫نظريات التجارة الخارجية وأهمية السياسة التجارية لها‬ ‫الفصل األول‬

‫‪ ‬سياسة حماية (تقييد ) التجارة ‪ ،‬وىذا بحسب اختالف النظم االقتصادية ‪.‬‬

‫أوال‪ :‬سياسة حماية التجارة الدولية‬

‫يقصد بحماية التجارة الدولية ‪ ،‬تقييد التجارة مع الخارج من خالل تدخل السمطات‬
‫العامة في الدولة في كل او بعض المؤثرات التي تتدخل لتسيير المبادالت الخارجية وفقا لما‬
‫تفرضو المصمحة العميا ليا‪.‬‬

‫وفي ىذا اإلطار يمكن تعريف سياسة حماية التجارة الدولية بانيا عبارة عن" مجموعة‬
‫من القواعد واالجراءات والتدابير التي تقع تضع قيودا مباشرة او غير مباشرة كمية او غير‬
‫كمية ‪ ،‬تعريفية او غير تعريفية عمى تدفق التجارة الدولية عبر حدود الدولة ‪ ،‬لتحقيق اىداف‬
‫اقتصادية معينة‪.1‬‬

‫فمقد نادػ الكثير من االقتصاديين بتقييد التجارة الخارجة وضرورة حمايتيا باستخدام‬
‫الدولة لسياستيا التجارية لمتأثير عمى اتجاه المبادالت مع الخارج ‪ ،‬وعمى حجميا ومن اىم‬
‫الحجج التي جاء بيا انصار ىذه السياسة تنقسم عادة الى حجج اقتصادية وغير اقتصادية‪.‬‬

‫‪ ‬الحجج غير االقتصادية وىي الخوف من الحرب و حماية النظام الز ارعي و المحافظة‬
‫عمى الطابع الوطني ‪.‬‬
‫‪ ‬الحجج االقتصادية وتتمثل في حماية الصناعات الوليدة واستقطاب رؤوس االموال‬
‫االجنبية الى داخل الوطن و تنويع االنتاج وتحقيق االستقرار االقتصادؼ ‪ ،‬معالجة‬
‫البطالة وتحسين مستوػ العمالة ‪ ،‬زيادة الضرائب الجمركية ‪.‬‬
‫‪ ‬ان معظم الحجج المقدمة من قبل انصار الحماية غبر مقنعة الى حد كبير ‪ ،‬اال ان‬
‫الحجة الخاصة بحماية الصناعات الناشئة من المنافسة الدولية ‪ ،‬تبقى من الحجج التي‬

‫‪ -1‬المرجع نفسو‪،‬ص‪.232‬‬

‫‪55‬‬
‫نظريات التجارة الخارجية وأهمية السياسة التجارية لها‬ ‫الفصل األول‬

‫ليا وزنيا االقتصادؼ ودلك لعدم نضجيا والصمود امام صناعات اجنبية استكممت قدرتيا‬
‫عمى المنافسة فيتحقق من خال ل حمايتيا‪ ،‬المحافظة عمى النسيج الصناعي الوليد في‬
‫الدولة‪.‬‬

‫ولعمو من المالحع كذلك أن مجمل ىذه القيود المختمفة المفروضة عمى التجارة‬
‫الدولية‪ ،‬بدأت مجمل الدول المستعممة ليا في التخفيف منيا والتحول تدريجيا الى رفع جميع‬
‫العراقيل عنيا‪ ،‬وبالتالي تحرير التجارة الخارجية‪ ،‬وفق برامج االصالح االقتصادؼ المدعم من‬
‫قبل صندوق النقد الدولي‪ ،‬في كثير من الدول النامية‪ ،‬ويمكن اضافة الى ذلك ما ترمي اليو‬
‫المنظمة العالمية لمتجارة‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬سياسة حرية التجارة الدولية‬

‫يقصد بحرية التجارة الدولية‪ ،‬عدم تدخل الدولة في نشاط المبادالت التجارية‬
‫الدولية‪ ،‬بمعنى تركيا تسير بدون قيود سواء كانت جمركية أو غير جمركية‪ ،‬وفي ىذا االطار‬
‫يمكن تعريف سياسة حرية التجارة الدولية بأنيا عبارة عن " مجموعة من القواعد واالجراءات‬
‫والتدابير التي تعمل عمى ازالة أو تخفيض القيود المباشرة أو غير المباشرة الكمية وغير‬
‫الكمية‪ ،‬التعريفية وغير التعريفية‪ ،‬لتعمل عمى تدفق التجارة الدولية عبر حدود الدولة لتحقيق‬
‫أىداف اقتصادية معينة‪".1‬‬

‫فمقد نادػ الكثير من االقتصاديين الى تحرير التجارة الدولية وجعميا خالية من القيود‬
‫والعقبات‪ ،‬فال يحق فرض أؼ حواجز تعرقل دخول السمع عبر الحدود‪.‬‬

‫‪ -1‬المرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.233‬‬

‫‪56‬‬
‫نظريات التجارة الخارجية وأهمية السياسة التجارية لها‬ ‫الفصل األول‬

‫وينادؼ أنصار سياسة حرية التجارية بضرورة القيام بالتبادل الدولي من أجل تحقيق‬
‫المكاسب‪ ،‬وفي نظام دولي خالي من القيود والعراقيل‪ ،‬واستنادا الى مجموعة من الحجج‬
‫أىميا‪41‬‬

‫‪ -1‬التخصيص في االنتاج‬

‫تتنافس عدة دول في فروع واحدة من االنتاج دون ان تجد كل منيا مصمحة واضحة‬
‫في االنتصار عمى فروع دون غيره‪ ،‬باإلضافة الى ذلك فان الظروف االنتاجية التي تدعوا‬
‫الى التخصص معرضة لمتغيير ومن الصعب في الفترة القصيرة أن يتكيف تركيب االنتاج ‪،‬‬
‫بحيث يتناسب وىذه الظروف الجديدة السيما اذا اعتمدنا عمى قوػ السوق وحدىا لتحقيق ىذا‬
‫التكيف‪.‬‬

‫‪ -2‬الحرية تؤدي الى انخفاض أسعار السمع الدولية‬

‫فيي تراعي مصمحة المستيمك وتيمل وجية نظر المنتج الوطني نظ ار ألنو ليس من‬
‫السيل أن ينتجو المنتج الى فرع جديد يكون العائد فيو أعمى من الفرع الذؼ يفقده بسبب‬
‫حرية التجارة وشدة المنافسة األجنبية‪ ،‬وبذلك فان من المحتمل أن تؤدؼ الحرية الى االضرار‬
‫بمصالح بعض المنتجين‪ ،‬ومن جية اخرػ توجد احتكارات دولية تظم المنتجين الوطنيين‬
‫واالجانب وتقسم بينيم األسواق وبذلك قد يتحقق االحتكار لممنتج المحمي حتى في ظل حرية‬
‫التجارة وقدرة المحتكر الداخمي عمى البقاء بعيدا عن المنافسة الدولية تتوقف عمى مشكالت‬
‫المنافسة ونفقات النقل‪ ،‬فيمكن أن يتمتع المنتج المحمي باالحتكار نظ ار لبعد المسافة وارتفاع‬
‫نفقات نقل السمع من الخارج الى الداخل مما يجعل ثمنيا أعمى من ثمن السمع المماثمة‬
‫المنتجة محميا‪.‬‬

‫‪ -1‬عادل أحمد حشيش ومجدؼ محمود شياب‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.772‬‬

‫‪57‬‬
‫نظريات التجارة الخارجية وأهمية السياسة التجارية لها‬ ‫الفصل األول‬

‫‪ -3‬كون الحرية تشجع التقدم التقني‬

‫يرد عمى ىذه الحجة أنيا تيتم بمصمحة المستيمك عمى حساب المنتج‪ ،‬كون طبيعة‬
‫المنافسة ىي البقاء لألصمح والقضاء عمى المنتج الضعيف وبذلك إذا حصل المنتج الخارجي‬
‫عمى أؼ تفوق في االنتاج نتيجة التقدم الفني‪ ،‬ونجح في ذلك فسيؤدؼ الى سحب السوق‬
‫المحمي من المنتج الوطني‪ ،‬وبالتالي اضمحالل ىذا الفرع من االنتاج واالعتماد عمى‬
‫االستيراد لتمويل احتياجات االستيالك‪.‬‬

‫‪ -4‬كون الحماية تؤدي الى سياسة افقار الغير‬

‫لقد ظيرت ىذه الحجة في االوساط االقتصادية بعد الحرب العالمية الثانية وأساسيا‬
‫ىو ان الرسوم الجمركية العالية قد تدعو الى خفض حجم التجارة الدولية بوجو عام الن‬
‫التقميل من حجم الواردات ينتيي عادة بنقص في حجم الصادرات وحيث ان التجارة الدولية‬
‫ماىي اال تبادل ومقايضة في السمع والخدمات بين الدول فمن تستطيع الدولة أن تصدر‬
‫فائض انتاجيا بصفة مستمرة دون ان تستورد فائض انتاج العالم الخارجي‪.‬‬

‫‪58‬‬
‫نظريات التجارة الخارجية وأهمية السياسة التجارية لها‬ ‫الفصل األول‬

‫ممخص الفصل‬

‫من خالل عرضنا ليذا الفصل توصمنا الى انو توجد في الواقع عدة عوامل من شأنيا‬
‫تمييز العالقات االقتصادية الدولية عن العالقات االقتصادية داخل االقتصاد الوطني ‪ ،‬كما‬
‫ان التجارة الخارجية ليا عدة أثار عمى العديد من المتغيرات والمؤشرات االقتصادية كالنمو‬
‫االقتصادؼ‪ ،‬الدخل القومي‪ ،‬توزيع الدخل‪.‬‬

‫ومن مختمف النظريات التي قمنا بسردىا في ىذا الفصل نستخمص أن النظرية‬
‫الكالسيكية والنيوكالسكية تسمح بتفسير جزء من التبادل الدولي الحالي‪ ،‬حيث انيا تفسر‬
‫التبادل في الواقع ما بين الدول دول الشمال ودول الجنوب وسبب قيامو بينما تسمح بإعطاء‬
‫نظرة ايجابية لمتجارة الدولية عمى االقتصاديات التي تقوم بالتجارة الدولية وأنيا تعود‬
‫بالمكاسب عمى كل الدول القائمة بالتبادل ‪ ،‬أما االتجاىات الحديثة في تفسير التجارة الدولية‬
‫بأنيا تفسر الجزء الثاني من التبادل والمتعمق بالعالقة بين الدول المصنعة الجديدة والدول‬
‫الصناعية‪ ،‬أما النظريات الحديثة فإنيا تفسر الجزء الثالث من التبادل الدولي والمتعمق بالدول‬
‫المتقدمة فيما بينيا‪ ،‬حيث ترجع التبادل ما بين ىذه الدول الى اقتصاديات الحجم والى تشابو‬
‫االذواق والى تنوع المنتجات‪.‬‬

‫ومن خالل عرضنا لتطور سياسات التجارة بنوعييا الحمائية وسياسات التقييد وحجم‬
‫انصار كل من السياستين‪ ،‬واالىداف المتوخاة من كل سياسة تبين لنا أن السياسة التجارية‬
‫انما تعود الى طبيعة النظام االقتصادؼ المتعمد في كل دولة كما ان تحقيق اىداف السياسة‬
‫االقتصادية العامة والمتمثمة في تحقيق االستقرار االقتصادؼ‪ ،‬تحقيق مستوػ أعمى لمتشغيل‪،‬‬
‫ال يأتي اال بالتكامل بين مختمف السياسات االقتصادية بصفة عامة وبينيا وبين السياسة‬
‫التجارية بصفة خاصة‪.‬‬

‫وباعتبار التجارة الخارجية أداة ىامة لتحقيق النمو االقتصادؼ ومن ثم فانو يتعين‬
‫االستفادة من ىذا الدور التي تقوم بو التجارة الخارجية عن طريق اتباع سياسات تجارية‬
‫متحيرة تمكنيا من االستفادة من التجارة كقطاع قائد لمتنمية الصناعية‪.‬‬

‫‪59‬‬

You might also like