You are on page 1of 368

‫تأليف‬

‫عضو هيئة كبار العلامء يف اململكة العربية السعودية‬

‫الطبعة األوىل‬
‫حقوق الطبع حمفوظة للمؤلف‬
‫دار عالم الكتب للنشر والتوزيع‪1437 ،‬هـ‬ ‫ح‬
‫فهرسة مكتبة الملك فهد الوطنية أثناء النشر‬
‫المنيع‪ ،‬عبداهلل بن سليمان‬
‫بحوث وفتاوى في االقتصاد اإلسالمي‪ /‬عبداهلل بن سليمان المنيع‪.‬‬
‫الرياض‪1437 ،‬هـ‬
‫‪ 368‬ص؛ ‪ 24×17‬سم‬
‫ردمك‪( 978 - 603 - 8149 - 57 - 7 :‬مجموعة)‬
‫‪ ( 978 - 603 - 8149 - 61 - 4‬ج ‪) 4‬‬ ‫ ‬

‫‪ -2‬الفتاوى الشرعية‬ ‫ ‬
‫‪ -1‬االقتصاد اإلسالمي ‪ -‬بحوث‬
‫أ‪ .‬العنوان‬
‫‪1437 / 8400‬‬ ‫ ‬ ‫ديوي‪330.121 :‬‬

‫رقم اإليداع‪1437 / 8400 :‬‬


‫ردمك‪( 978 - 603 - 8149 - 57 - 7 :‬مجموعة)‬
‫‪ ( 978 - 603 - 8149 - 61 - 4‬ج ‪) 4‬‬ ‫ ‬

‫الطبعة األولى‬
‫‪1437‬هـ ‪2016 -‬م‬
‫بحث يف الصكوك اإلسالمية ورشوط صحتها‬
‫بسم اهلل الرمحن الرحيم‬
‫احلمد هلل رب العاملني‪ ،‬وصىل اهلل وسلم عىل رسول اهلل األمني‬
‫سيدنا ونبينا حممد وعىل آله وأصحابه أمجعني‪ ،‬وبعد‪.‬‬
‫من اهلل علينا عبا َد اهلل بأن يرس لنا أبواب الرزق واالكتساب ‪ ‬‬
‫فلقد َّ‬
‫فقال تعاىل‪ :‬ﭽ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫﭼ((( وحرم س�بحانه أكل‬
‫أم�وال الن�اس بالباطل‪ ،‬فق�ال تع�اىل‪ :‬ﭽﭩ ﭪ ﭫ ﭬ‬
‫ﭭﭮﭯﭰﭱﭲ ﭳﭴﭵﭶ‬
‫ﭷ ﭼ((( وأغل�ق عنا أبواب االكتس�اب اآلثم�ة كالربا والقامر‬
‫والغش والتدليس والغرر واجلهال�ة وبيوع االختيارات والبيوع‬
‫الومهية‪ .‬وفتح اهلل لعباده الكثري من منتجات االكتساب الرشعي‬
‫كبي�وع األمان�ة ‪ -‬املرابحة‪ ،‬املواضعة‪ ،‬التولية ‪ -‬وبيوع املس�اومة‬
‫وعقود اإلجيار واملش�اركة‪ ،‬وبيوع الس�لم‪ ،‬وعقود االس�تصناع‪،‬‬
‫وعق�ود املس�اقاة واملزارع�ة واملضاربة‪ ،‬وغري ذل�ك من منتجات‬
‫االستثامر املباح كالصكوك اإلسالمية‪.‬‬

‫(‪ ) 1‬سورة البقرة‪.٢٧٥ :‬‬


‫(‪ )2‬سورة النساء‪.٢٩ :‬‬

‫(‪)9‬‬
‫وموضوع البحث الصكوك اإلسالمية وكيف أهنا بدأت ببدء‬
‫كان فيه كثري من التجاوزات واألخطاء‪ ،‬حيث اجته السير هبا يف‬
‫م�واز للمرصفية التقليدية ومتفق معها من حيث النتيجة‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫طريق‬
‫تصحيح االجت�اه هبا لتكون‬
‫َ‬ ‫ث�م صار من بع�ض القائمني عليه�ا‬
‫منتجا إسالم ًيا‪ ،‬فأستعني باهلل وأبدأ القول‪:‬‬
‫ً‬
‫الصكوك مجع صك‪ ،‬وهو وثيقة ثبوتية تشهد حلاملها بملكيته‬
‫جزءا مش�ا ًعا ملحتوي�ات وعاء هذه الصكوك م�ن أصول ونقود‬
‫ً‬
‫وديون والتزامات ومنافع وخدمات‪.‬‬
‫والص�ك يف اللغة له معنيان‪ ،‬أحدمها بمعنى الرضب‪ ،‬قال ابن‬
‫ف�ارس يف معجمه‪ :‬الصاد والكاف أصل يدل عىل تالقي ش�يئني‬
‫بق�وة وش�دة حتى كأن أحدمها يرضب اآلخ�ر‪ .‬من ذلك قوهلم‪:‬‬
‫الباب أغلقه‪ .‬اهـ ‪.‬‬
‫َ‬ ‫صككت اليشء صكًا‪ ،‬وصك‬
‫وم�ن ذل�ك ق�ول اهلل تع�اىل‪ :‬ﭽ ﰈ ﰉﭼ((( واملعن�ى‬
‫اآلخ�ر هو كت�اب اإلقرار باملال أو بغريه‪ ،‬وه�ي كلمة معربة عن‬
‫ُ‬
‫الفارس�ية‪ ،‬قال ابن منظور يف لس�ان الع�رب‪ :‬والصك الكتاب‪.‬‬

‫(‪ )1‬سورة الذاريات‪.٢٩ :‬‬

‫(‪)10‬‬
‫وص�كاك‪ .‬ق�ال ابن‬‫ف�اريس مع�رب‪ .‬ومجع�ه آص�ك وصك�وك ِ‬
‫ك وجيمع‬ ‫منصور‪ :‬والصك الذي يكتب لل ُعهدة معرب أصله َج ّ‬
‫صكاكًا وصكوكًا‪.‬ا هـ‪.‬‬
‫وأم�ا معنى الصك يف االصطلاح الرشعي فقد جاء يف معجم‬
‫االصطالحات ال‬
‫الصك�وك مج�ع ص�ك والص�ك عند أه�ل االختص�اص من‬
‫قريب م�ن معناه اللغوي‪ ،‬حيث يطلق‬‫ٌ‬ ‫القانونيين واالقتصاديني‬
‫الصك عندهم على الوثيقة التي تتضمن إثبا ًتا حلق من احلقوق‪،‬‬
‫كما يطلق مصطل�ح الصك عىل الكتاب ال�ذي يكتب فيه وقائع‬
‫الدعوى وما يتعلق هبا من اإلقرارات وغريها‪ .‬اهـ‪.‬‬
‫والص�ك من الصك�وك االس�تثامرية؛ يكاد يك�ون مقار ًبا ملعنى‬
‫ِ‬
‫الصناديق االستثامرية‪ .‬فكالمها وثيقة إلثبات‬ ‫الوحدة االستثامرية يف‬
‫جزءا مش�ا ًعا من موجودات صندوق االستثامر‪ ،‬أو‬ ‫ِ‬
‫متلك حاملها ً‬
‫اصطالحا‬
‫ً‬ ‫من موج�ودات وعاء الصكوك‪ .‬إال أن الصكوك مهيأة‬
‫ورشاء يف أس�واق البورص�ات العاملية‪ .‬ويقصد منها‬ ‫ً‬ ‫لتداوهلا بي ًعا‬
‫أن تكون بديال رشع ًّيا عن الس�ندات النقدية املبنية عىل االقرتاض‬

‫(‪)11‬‬
‫الربوي‪ .‬أما الوحدات االستثامرية يف الصناديق االستثامرية فليس‬
‫هل�ا قوة الصكوك من حيث االصطالح يف التداول العام‪ .‬وإنام يتم‬
‫تسييلها عن طريق االسرتداد بواسطة مدير الصندوق‪ .‬وهو ‪ -‬أي‪:‬‬
‫االسترداد ‪ -‬عملية حمص�ورة بني مالك الوح�دة ومدير صندوق‬
‫ه�ذه الوحدات‪ .‬وال يظهر يل فارق مؤثر بني الصك والوحدة من‬
‫حيث إن الصك صالح للتداول العام وإن الوحدة االس�تثامرية ال‬
‫تصلح للتداول‪ ،‬ولكنه االصطالح‪ .‬وال مشاحة يف االصطالح‪.‬‬
‫والباعث إلجياد هذا النوع من املنتجات االستثامرية ‪ -‬الصكوك‬
‫اإلسلامية ‪ -‬هو اخلروج هبا عن التعامل بالسندات احلكومية أو‬
‫سندات املؤسسات املالية املعتمدة عىل االقرتاض الربوي والفائدة‬
‫الدوري�ة لأِ َجل طويل األمد نس�ب ًّيا‪ .‬جيري يف هناية مدهتا إطفاؤُ ها‬
‫‪ -‬سدادها ‪ .-‬فهي ‪ -‬أعني الصكوك ‪ -‬بديل رشعي عن السندات‪.‬‬
‫وأول من أخذ هبا ‪ -‬الصكوك اإلسالمية ‪ -‬فيام أعلم إحدى دول‬
‫اخلليج‪ ،‬حيث اشرتى البنك املركزي من احلكومة مرف ًقا ًّ‬
‫عاما بمبلغ‬
‫دوالر‪ ،‬وذلك بتصككه وبيعه صكوكا عىل املستثمرين‬ ‫ٍ‬ ‫جتاوز املليار‬
‫برشطين‪ :‬أحدمها أن تق�وم اجلهة املالكة له بعد الرشاء بتأجريه عىل‬
‫ٍ‬
‫متغرية‬ ‫عرش س�نوات‪ ،‬مثلاً ‪ -‬وبأجرة س�نوية‬ ‫احلكومة مد ًة معينة ‪َ -‬‬

‫(‪)12‬‬
‫حيكمها مؤرش مايل معني كمؤرش اليرب مثلاً ‪.‬‬
‫الشرط الث�اين‪ :‬بع�د انته�اء م�دة العقد يلت�زم املال�ك ‪ -‬محلة‬
‫الصك�وك ‪ -‬بإعادته إىل احلكومة عىل س�بيل بيع�ه عليها بالثمن‬
‫الذي اشرتاه به منها البنك املركزي‪.‬‬
‫ث�م ق�ام البن�ك املرك�زي بعد رشائ�ه ه�ذا املرفق م�ن احلكومة‬
‫بتصكيك�ه‪ .‬وبي�ع الصكوك على الراغبين يف رشائها ب�رأس مال‬
‫مشرتى البنك من احلكومة‪ ،‬عالو ًة عىل رسم إصدار لصالح البنك‬
‫عىل كل صك‪ .‬واألجرة الدورية هي عائد الصكوك يوزع منه عىل‬
‫محل�ة الصك�وك عائد دوري وفق مؤرش اليبر‪ .‬وما زاد عن املؤرش‬
‫يأخذه املدير بدعوى أنه حافز حلس�ن األداء‪ .‬ويس�تمر األمر حتى‬
‫يت�م إطفاؤها ببيعه�ا‪ .‬ويقوم البنك املركزي ب�إدارة هذه الصكوك‬
‫نياب�ة عن محلته�ا بأجر معني‪ .‬ه�ذه الصكوك بعد متلكه�ا من قبل‬
‫مالكها مهيأ ٌة لتداوهلا يف األسواق املالية اخلليجية‪ .‬ثم جرى األخذ‬
‫هبذا املنهج يف أس�واق مالية أخرى يف الدول اإلسلامية ويف غريها‬
‫من أسواق العامل‪ ،‬ويمثل هذه الصيغة وهذا اإلجراء‪.‬‬
‫وق�د ش�كل البن�ك املرك�زي بصفت�ه صان�ع س�وق الصكوك‬
‫اإلسالمية هيئ ًة رشعية كنت أحد أعضائها ومن أعضائها الشيخان‬

‫(‪)13‬‬
‫حمم�د تقي العثامين والدكتور عبدالس�تار أبوغ�دة‪ .‬وبمفاجأة هذه‬
‫ُ‬
‫املآخذ الرشعي ُة عىل هذا‬ ‫املنتج لالس�تثامر انطلت عليه�ا‬
‫اهليئة هذا َ‬
‫املنتج‪ .‬فاغرتت اهليئة بلمعته وبريقه ورسابه دون التأمل يف مآالته‪.‬‬
‫ِ‬
‫وانتفاء ما يعرتض به عىل هذا املنتج من‬ ‫فأص�درت فتوى بإجازته‬
‫اجلانب الرشعي‪ .‬وبعد انتش�اره يف األسواق هبذه الصيغة وتوجيه‬
‫ي�ل عن حجمها بأهنا جت�اوزت ثالثني مليار دوالر‪،‬‬ ‫مبال�غ كبرية ِق َ‬
‫وذلك لالس�تثامر هبا عن طريق�ه ظهر أنه جاء بصيغة ربوية مظللة‬
‫أصول هذه الصكوك‬ ‫َ‬ ‫بصيغة مزيفة بدعوى إسالميتها‪ .‬كام ظهر أن‬
‫متلك حاميل الصكوك هلذه األصول‪ .‬وأن‬ ‫أص�ول ومهية من حيث ُ‬
‫األصول لوع�اء هذه الصكوك نق�ود مقرتضة بفائدة‬ ‫ِ‬ ‫حقيق�ة هذه‬
‫ربوية هي العائد الدوري ِوفق املؤرش املايل املعني ‪ -‬مؤرش اليرب ‪-‬‬
‫ُمظلل�ة بظالل اإلجارة الصورية ‪ -‬وملدة معينة جيري بعد انتهائها‬
‫أثن�اء مدة‬
‫َ‬ ‫إطفاؤه�ا ‪ -‬س�دادها ‪ -‬كما ظه�ر أن ت�داول صكوكها‬
‫رسيانهِ ا كتداول السندات النقدية سواء بسواء‪.‬‬
‫فبع�د إع�اديت النظ�ر والتأم�ل وإعادة تص�وري هل�ذا املنتج‬
‫– الصك�وك – وبصيغت�ه التطبيقي�ة ظه�ر يل أن�ه منت�ج ربوي‬
‫ِ‬
‫أعضاء‬ ‫أح�د‬
‫َ‬ ‫مظل�ل بصيغ�ة رشعي�ة مزيفة‪ .‬فأعلن�ت بصفتي‬

‫(‪)14‬‬
‫اهليئ�ة الرشعي�ة املجيزة هل�ا أعلن�ت يف أكثر من جم�ال إعالمي‬
‫رجوع�ي ع�ن اإلفتاء بصحته�ا والبراءة من الق�ول بإجازهتا‬
‫ٍ‬
‫كصيغة رشعية لالستثامر‪.‬‬
‫ويف مؤمت�ر اقتص�ادي يف البحري�ن أعلن الش�يخ تقي العثامين‬
‫وه�و أح�د أعض�اء اهليئ�ة الرشعي�ة هل�ذه الصك�وك ‪ -‬أن هذه‬
‫الصكوك هبذه الصيغة املغلفة للربا صيغ ٌة ربوية وأن التعامل هبا‬
‫ورشاء وت�داولاً ‪ .‬كام أن التعامل‬
‫ً‬ ‫تعامل بالس�ندات النقدية بي ًعا‬
‫بالصك�وك اإلسلامية يف األس�واق العاملي�ة وفق ه�ذه الصيغة‬
‫املغلف�ة للربا متثل نس�بة ال تق�ل عن ‪ ٪٨٥‬م�ن كامل الصكوك‬
‫اإلسلامية املتبادلة عامل ًّيا‪ .‬وسبق الشيخ تقي العثامين ‪ -‬يف تعرية‬
‫ه�ذه الصيغ�ة ا ُملغ ِّلفة للربا ‪ -‬اقتصادي ياب�اين أعلن يف أكثر من‬
‫جم�ال إعالمي نقده هلذه الصيغة‪ ،‬وأهنا ال ختتلف عن الس�ندات‬
‫النقدي�ة‪ ،‬وأن عقو َد البيع واإلجيار وإعادة البي�ع حتقي ًقا وتطبي ًقا‬
‫هل�ذه الصك�وك عق�ود صوري ٌة ومهي�ة ال يثبت لواح�د منها ُّ‬
‫أي‬
‫املبنية على احلقيق�ة يف العق�ود‪ .‬وقد كان‬ ‫ِ‬ ‫حك� ٍم م�ن أحكامه�ا‬
‫س�بق االثنني االقتص�ادي الياباين والش�يخ تقي العثامين يف‬ ‫ُ‬ ‫مني‬
‫وتغريرا وبإعالن‬
‫ً‬ ‫زورا‬
‫نقد هذه الصكوك املوسومة باإلسالمية ً‬
‫الرباءة من إجازهتا‪.‬‬

‫(‪)15‬‬
‫ووجه القول بصورية هذه الصيغة وأهنا تطبيق لصيغ السندات‬
‫الواقع والنتيجة‪ .‬وإن اختلفت عنها من حيث‬ ‫ُ‬ ‫النقدي�ة من حيث‬
‫ع�ار عن حقيقة‬ ‫الش�كل ومن حيث التس�مية بمصطلح رشعي ٍ‬ ‫ُ‬
‫هذا املصطلح‪ .‬وجه ذلك يتضح فيام ييل‪:‬‬
‫الس�ند النقدي وثيق� ٌة بإقراض ِ‬
‫حامله اجله َة املص�در َة له املبلغ‬ ‫ُ‬
‫معينة جي�ري دفع عائد دوري حلامله حتى‬ ‫ٍ‬ ‫املذكور يف الس�ند ٍ‬
‫ملدة‬
‫هناية مدته وسداده – إطفائه ‪ -‬هذا العائد هو فائدة ربوية‪.‬‬
‫ومهي‬
‫ٍّ‬ ‫والصك اإلسلامي هبذه الصيغة املنتق�دة وثيقة بتملك‬
‫ِ‬
‫املباع�ة على إدارة ه�ذه‬ ‫ِ‬
‫األص�ول‬ ‫ٍ‬
‫أص�ل م�ن‬ ‫ٍ‬
‫مش�اعة يف‬ ‫حلص�ة‬
‫الصكوك بي ًعا صور ًّيا ليس له من أحكام البيع احلقيقي ورشوطه‬
‫أي أثر أو تأثري‪.‬‬
‫فهذا األصل ال حقيقة له يف عقد الرشاء من حيث انتقال ملكيته‬
‫ٌ‬
‫إقراض‬ ‫إىل محلة الصكوك‪ .‬فهو انتقال صوري‪ .‬وقيمته يف واقعها‬
‫ِ‬
‫الصكوك للجهة التي قدمت ه�ذا األصل لبيعه بي ًعا‬ ‫من مص ِ‬
‫�در‬ ‫ُ ْ‬
‫صور ًّيا‪ .‬حيث ال تستطيع إدارة هذه الصكوك أن تترصف يف هذا‬
‫األصل بأي ترصف يترصف مثله املالك يف ملكه‪ .‬وتأيت اإلجار ُة‬
‫امللزم ُة حلملة الصكوك ‪ -‬اجلهة املالكة لألصل ‪ -‬والتي باعته بي ًعا‬

‫(‪)16‬‬
‫ِ‬
‫صور ًّيا ل ُت َشكِّل هذه اإلجارة الومهي ُة ً‬
‫وجها حقيق ًّيا للفائدة الربوية‬
‫تغريرا وتضليلاً ‪ .‬وتس�تمر‬ ‫ً‬ ‫الدورية‪ ،‬باعتبارها أجر َة هذا األصل‬
‫هذه اإلجارة الس�اترة للفائدة الربوية م�دة التعاقد اإلجياري هلذا‬
‫األصل‪ .‬وبعد انقضاء مدة اإلجارة تأيت مرحلة اس�تعادة األصل‬
‫إىل مالكه احلقيق�ي‪ ،‬وبالقيمة التي دفعها ملصدر الصكوك ً‬
‫تنفيذا‬
‫لاللتزام لبائع األصل بإعادته له عىل سبيل الرشاء الومهي‪ .‬فهذه‬
‫املرحلة هي املرحلة املش�اهبة لسداد الس�ندات يف منتج السندات‬
‫االستثامرية بعد انتهاء مدة إقراضها‪.‬‬
‫صورة َش� َب ِه هذه الصكوك‬
‫ِ‬ ‫ويف الصيغ�ة صورة أخرى إلكامل‬
‫بالس�ندات النقدية‪ .‬هذه الصورة ه�ي أن إدارة هذه الصكوك ال‬
‫تعطي محلة الصك�وك عائدهم اإلجياري الدوري إال وفق مؤرش‬
‫معين كمؤرش اليرب‪ .‬وما زاد عن ذلك بعد حس�م املصاريف بام‬
‫يف ذلك أجر إدارهتا فهو ملدير الصكوك الذي هو اجلهة البائعة ثم‬
‫املس�تأجرة إلدارة هذه الصكوك ثم املستردة‪ ،‬وذلك بدعوى أنه‬ ‫َ‬
‫حاف�ز ألدائه‪ .‬فالش�به بني هذه الصكوك وبني الس�ندات الربوية‬
‫يكم�ن يف أن العائ�د للس�ندات ثابت م�دة بقائها دي ًن�ا‪ ،‬والعائد‬
‫للصكوك عائد ثابت مدة اإلجارة الومهية‪.‬‬

‫(‪)17‬‬
‫وهبذا نس�تطيع أن نؤكد بكل قناعة وثقة أن الس�ندات النقدية‬
‫وم�ا يس�مى بالصك�وك اإلسلامية بالصيغ�ة املذك�ورة وجهان‬
‫لعمل�ة واحدة‪ .‬واختالف وجه إحدامها ع�ن األخرى من حيث‬
‫الش�كل ال أثر له يف هوية العملة وقيمتها وقوة إبرائها‪ .‬وللقناعة‬
‫هب�ذا االعتراض واالس�تنكار فقد ص�در من املجل�س الرشعي‬
‫التابع هليئة املراجعة واملحاس�بة بي�ان للصيغة الرشعية التي جيب‬
‫أن تكون الصكوك اإلسالمية وفقها هذا نصه‪:‬‬
‫بسم اهلل الرمحن الرحيم‬
‫احلمد هلل رب العاملني‪ ،‬والصالة والسلام عىل رسوله الكريم‬
‫وعىل آله وصحبه أمجعني‪ .‬أما بعد‪:‬‬
‫ف�إن املجل�س الرشعي يف اجتامعه التاس�ع عشر املنعقد بمكة‬
‫املكرم�ة بتاريخ ‪ ٢٦‬ش�عبان س�نة ‪١٤٢٨‬ه�ـ املوافق ‪ ٨‬س�بتمرب‬
‫‪٢٠٠٧‬م‪ ،‬وبع�د دراس�ة الورق�ة املع�دة م�ن قبل فضيلة الش�يخ‬
‫ِ‬
‫املعارصة‬ ‫حمم�د تق�ي العثماين يف موضوع الصك�وك وتطبيقاهت�ا‬
‫ِ‬
‫املنعقد باملدينة‬ ‫التي ف�وض إليه إعدا ُدها يف االجتامع الثامن عرش‬
‫املنورة‪ ،‬وبعد املناقشات التي دارت حوهلا‪ ،‬قرر ما ييل‪:‬‬

‫(‪)18‬‬
‫ٍ‬
‫جتارية‬ ‫إصدار الصكوك عىل أس�اس مرشوعات‬ ‫أولاً ‪ :‬ينبغ�ي‬
‫ُ‬
‫صناعي�ة جدي�دة يس�اهم فيها محل� ُة الصك�وك‪ ،‬وإن صدرت‬ ‫ٍ‬ ‫أو‬
‫ُ‬
‫الصكوك ملكي ًة تامة‬ ‫عىل أس�اس مرشوع قائم فالواجب أن َ‬
‫متثل‬
‫وتباع‪ ،‬سواء‬
‫َ‬ ‫حلملتها يف موجودات حقيقية من ش�أهنا أن ُت َت َ‬
‫ملك‬
‫أكانت أعيانًا أم منافع أم حقو ًقا معنوية‪.‬‬
‫ويتفرع عن ذلك ما يأيت‪:‬‬
‫ٍ‬
‫إي�رادات فقط دون األصول فال‬ ‫‪ -١‬إذا كان�ت الصكوك متثل‬
‫تداوهلا‪.‬‬
‫جيوز إصدارها وال الدخول فيها وال ُ‬
‫‪ -٢‬إذا كان�ت الصك�وك متث�ل أس�هم الشركات فلا بد من‬
‫تس�جيلها باس�م محل�ة الصك�وك أو م�ن يمثله�م‪ ،‬وال‬
‫تكف�ي ملكية احلق يف أرباح األس�هم فقط (‪Beneficial‬‬
‫‪ )ownership‬لكوهنا يف هذه احلالة ال متثل إال اإليرادات‪.‬‬
‫‪ -٣‬تسجيل امللكية باسم محلة الصكوك أو من يمثلهم‪ ،‬ويف حالة‬
‫تعذر ذلك جيب احلصول عىل س�ند ضد يعرتف به القانون‬
‫لنق�ل غن ِم املوج�ودات وغرمها إىل محل�ة الصكوك‪ ،‬أو إىل‬
‫من يمثلهم‪.‬‬

‫(‪)19‬‬
‫عق�د نقل امللكي�ة إىل محلة الصكوك‬
‫‪ -٤‬ال جي�وز أن يش�تمل ُ‬
‫أو م�ن يمثلهم على رشط تأجري العني بعد البيع إىل ناقل‬
‫امللكية‪ ،‬وال عىل رشط وعد املستأجر برشائها‪.‬‬
‫‪ -٥‬ال جي�وز بيع الديون كديون املرابح�ة‪ ،‬إال إذا باعت جه ٌة‬
‫جتاري� ٌة أو مالي�ة مجي�ع موجوداهتا أو موج�ودات حمفظة‬
‫قائمة لدهيا س�اب ًقا وهلا ذمة مالية‪ ،‬أو باعت حصة ش�ائعة‬
‫م�ن موجوداهت�ا‪ ،‬فحينئذ تدخ�ل الديون تابع�ة لألعيان‬
‫واملناف�ع؛ فهي غري مقص�ودة يف األصل‪ ،‬وذلك بضوابط‬
‫مذك�ورة يف املعي�ار الرشع�ي رقم (‪ )٢١‬بش�أن األوراق‬
‫املالية (األسهم والسندات)‪.‬‬
‫ثان ًي�ا‪ :‬جي�ب أن ت�وزع عوائد املرشوع على محلة الصك�وك بالغة‬
‫م�ا بلغت بعد حس�م املرصوفات‪ ،‬بام فيها من أج�رة املدير أو حصة‬
‫املضارب يف الربح‪ ،‬ولئن كان هناك حافز للمدير فإما أن يكون عىل‬
‫أس�اس الربح املتوقع بحي�ث إذا زاد الربح الفعيل عىل الربح املتوقع‬
‫حس�ب دراس�ة اجلدوى فيكون له ما زاد‪ ،‬وأما إذا كان هناك توزيع‬
‫دوري عىل محلة الصكوك عىل أساس مؤرش فيجب أن يكون التوزيع‬
‫حتت احلساب‪ ،‬وخاض ًعا للتصفية النهائية عند إطفاء الصكوك‪.‬‬

‫(‪)20‬‬
‫زائدا على املؤرش ينبغي أن حيتفظ‬
‫وم�ا حتقق من الربح الفعيل ً‬
‫به كل ًّي�ا أو جزئ ًّيا ليكون احتياط ًّيا للتوزيعات الدورية املس�تقبلة‬
‫ولدرء اخلسائر‪.‬‬
‫ثال ًث�ا‪ :‬ال جيوز للمدير س�واء أكان مضار ًبا أم رشيكًا أم وكيلاً‬
‫باالس�تثامر أن يلتزم بتقديم ق�رض إىل محلة الصكوك عند نقص‬
‫الرب�ح الفعلي م�ن الرب�ح املتوق�ع‪ ،‬ول�ه أن يغط�ي النق�ص من‬
‫االحتياط�ي املش�ار إليه أعلاه إن وجد‪ ،‬أو بتموي�ل رشعي عىل‬
‫منصوصا عليه يف‬
‫ً‬ ‫حس�اب محلة الصكوك برشط أن يكون ذل�ك‬
‫نرشة االكتتاب‪.‬‬
‫راب ًع�ا‪ :‬يتعني عىل اهليئات الرشعية أن ال تكتفي بإصدار فتوى‬
‫بجواز هيكلة الصكوك‪ ،‬بل جيب أن تدقق العقود وتراقب طرق‬
‫تطبيقها والتأكد من أن العملية تلتزم يف مجيع مراحلها بمتطلبات‬
‫الرشيعة بام فيها الضواط السابقة‪.‬‬
‫خامس�ا‪ :‬س�بق أن نص املجل�س الرشعي يف املعي�ار الرشعي‬
‫ً‬
‫رقم (‪ )١٢‬بش�أن الرشكة (املش�اركة) والشركات احلديثة البند‬
‫‪ ،٢/٦/١/٣‬ويف املعيار الرشعي رقم (‪ )٥‬بشأن الضامنات البند‬

‫(‪)21‬‬
‫‪ ،١/٢/٢‬و‪ ،٢/٢/٢‬أن�ه ال جي�وز للمض�ارب أو الرشي�ك أو‬
‫وكيل االس�تثامر أن يتعهد برشاء األصول بقيمتها االس�مية‪ ،‬بل‬
‫جي�ب أن يكون الرشاء عىل أس�اس صايف قيم�ة األصول (القيمة‬
‫السوقية) أو بثمن يتفق عليه عند الرشاء‪ .‬ا هـ‪.‬‬
‫ه�ذا البيان م�ن املجل�س صحح املس�ار الذي جيب أن تسير‬
‫الصكوك اإلسلامية وفقه‪ ،‬إال ما جاء يف (ثان ًيا) من البيان حيث‬
‫ج�اء فيه ما نص�ه‪ :‬ولئن كان هن�اك حافز للمدير فإم�ا أن يكون‬
‫من أس�اس الربح املتوقع بحي�ث إذا زاد الربح الفعيل عن الربح‬
‫املتوقع حس�ب دراس�ة اجلدوى فيكون له ما زاد‪ .‬ا هـ وتصحيح‬
‫اإلش�كال يك�ون ‪ -‬يف نظري ‪ -‬بالن�ص التايل‪ :‬ولئ�ن كان هناك‬
‫حاف�ز للمدي�ر فإما أن يك�ون من أس�اس الرب�ح املتوقع بحيث‬
‫إذا زاد الرب�ح الفعلي عن الربح املتوقع حس�ب دراس�ة اجلدوى‬
‫فيكون للمدير حق حفز عىل حس�ن األداء من ذلك املبلغ الزائد‬
‫على الربح املتوقع وذلك بنس�بة منه وفق م�ا يقررها جملس إدارة‬
‫صندوق محل�ة الصكوك عن�د التصفية النهائي�ة للصندوق‪ .‬عىل‬
‫أال تزيد هذه النس�بة احلفزية عن معقول املكافأة‪ ،‬حيث إن كامل‬
‫الفائ�ض ‪ -‬الرب�ح ‪ -‬بع�د التصفي�ة حق حمض حلمل�ة الصكوك‬

‫(‪)22‬‬
‫وبرشط أن يكون عمل املدير حسن األداء؛ ألن الربح مجيعه حق‬
‫حلملة الصكوك قل أو كثر‪.‬‬
‫وسيأيت يف آخر البحث ذكر وجه هذا االعرتاض‪.‬‬
‫الف�رق بين الصك�وك والوح�دات يف الصناديق االس�تثامرية‬
‫وأسهم الرشكات‪:‬‬
‫الواق�ع أن ه�ذه األن�واع م�ن املنتجات االس�تثامرية ‪ -‬أس�هم‬
‫الرشكات‪ ،‬وحدات صناديق االس�تثامر‪ ،‬الصكوك اإلسالمية ‪-‬‬
‫جيمعها قاسم مشرتك يتميز فيام ييل‪:‬‬
‫‪ -١‬وج�ود أص�ول حقيقية للصكوك والوحدات واألس�هم‪.‬‬
‫هذه األصول هي حمل االستثامر‪.‬‬
‫ُ‬
‫األصول وهي موجودات هذه املنتجات االس�تثامرية‬ ‫‪ -٢‬هذه‬
‫صك أو س�هم أو وحدة‬‫مملوكة ألهلها ملكًا مطل ًقا لكل ٍّ‬
‫استثامرية ملكيته املشاعة يف املوجودات بقدرها‪.‬‬
‫ٍ‬
‫إثبات لتملك احلصة‬ ‫‪ -٣‬الس�هم أو الصك أو الوحدة وثيق� ُة‬
‫ِ‬
‫املش�اعة يف املوجودات‪ ،‬ال أن امللكية منحرصة يف ش�هادة‬
‫السهم أو الوحدة أو الصك دون األصول – املوجودات‪.‬‬

‫(‪)23‬‬
‫‪ -٤‬الربح من عمليات االستثامر يف هذه املنتجات ‪ -‬الرشكة‪،‬‬
‫الصندوق االستثامري‪ ،‬الصكوك ‪ -‬بعد حسم املصاريف‬
‫مل�ك حلملتها‪-‬مالكه�ا ‪ -‬وليس ملديري االس�تثامر غري‬
‫أجورهم عليه�ا إال أن تطيب نفوس مالكي الش�هادات‬
‫االستثامرية بحوافز ومكافآت للعاملني عليها‪.‬‬
‫الناتج من النش�اط االس�تثامري يف هذه املنتجات‬
‫ُ‬ ‫‪ -٥‬االلت�زا ُم‬
‫ِ‬
‫ملكي�ة كل واحد‬ ‫ِ‬
‫املس�ؤولية يف موجوداهت�ا بقدر‬ ‫حم�دو ُد‬
‫منها ‪ -‬السهم‪ ،‬الوحدة‪ ،‬الصك ‪.-‬‬
‫‪ -٦‬اختص�اص مالكها يف حال التصفية بص�ايف تصفيتها كل‬
‫بحسب ملكيته فيها‪.‬‬
‫‪ -٧‬هلذه املنتجات إدارة ختتص بتدوير نشاطها وفق اختصاص‬
‫تقرره مجعيتها العامة أو جملس إدارهتا‪.‬‬
‫وجتتمع الصكوك مع أس�هم الشركات يف توزيع عائد دوري‬
‫عىل مالكها‪ ،‬ويف مرونتها للتداول العام يف األسواق املختصة‪.‬‬
‫غري‬
‫وختتلف أس�هم الرشكات عن الصك�وك يف أن الرشكات ُ‬
‫ٍ‬
‫حمددة بزمن‪ ،‬فهي باقية مدة صالحيتها للبقاء‪ ،‬أما الصكوك فهي‬
‫حمددة بمدة معينة جتري يف هنايتها تصفيتها‪.‬‬

‫(‪)24‬‬
‫وتنف�رد الوح�دات االس�تثامرية يف صن�ادق االس�تثامر ع�ن‬
‫األس�هم والصك�وك بمب�دأ االسترداد دون الت�داول الع�ام‪.‬‬
‫وبع�دم توزي�ع عائ�د دوري ‪ -‬يف الغال�ب ‪ -‬حي�ث إن العائ�د‬
‫يض�م إىل رأس امل�ال لزي�ادة قيم�ة الوح�دة االس�تثامرية نتيج ًة‬
‫وإفصاحا عمل ًّيا عن نشاطها‪ ،‬وال يكون ذلك إال بتقويم‬
‫ً‬ ‫لنامئها‬
‫دوري لقيم�ة هذه الوح�دات‪ ،‬وليكون يف ذلك التقويم تيسير‬
‫الدخول واخلروج‪ .‬وهذا اإلجراء يف الغالب يكون يف الصنادق‬
‫االس�تثامرية املفتوح�ة غير املغلق�ة واملؤجلة بوق�ت معني‪ ،‬أما‬
‫الصنادي�ق املغلقة فالغالب أن مدير الصندوق ال يقوم بتقس�يم‬
‫رأس م�ال الصناديق إىل وحدات‪ ،‬وإنام يعترب كل مشترك رب‬
‫مال جيري تنضيض مشاركته يف الوقت املتفق عليه أو عند هناية‬
‫كل مشرتك‬ ‫ختيري ِّ‬
‫مدة الصندوق‪ .‬وقد يكون يف نرشة الصندوق ُ‬
‫يف أخذ ما يقابل العائد عىل س�بيل حماسبته عند التصفية النهائية‬
‫أو يف إبقائه الستثامره له مع أصله‪.‬‬
‫وال يفوتن�ي قبل خت�ام هذا البحث أن أذكر رأيي يف االعرتاض‬
‫عىل أخذ مدير ادارة صندوق الصكوك ومثل ذلك مديري صناديق‬
‫االستثامر ما زاد عن الربح املتوقع بدعوى أنه حاف ُز ُح ْس ِن أداء‪.‬‬

‫(‪)25‬‬
‫اجتت جمموعة من فقهاء املرصفية اإلسلامية إىل جواز أن يقوم‬
‫مدير الصندوق االستثامري أو مديرو الصكوك اإلسالمية بتقدير‬ ‫ُ‬
‫نسبة معينة من األرباح تكون ح ًّقا ملالكي الصكوك‪ ،‬أو الوحدات‪.‬‬
‫ويف ح�ال وج�ود زيادة عىل هذه النس�بة تك�ون هذه الزي�ادة ح ًّقا‬
‫للمدي�ر عالو ًة عىل أجرته املقررة له‪ .‬وذلك مكافأة له عىل حس�ن‬
‫األداء‪ .‬وقال القائلون بأخذ هذه الزيادة يف تعليل أخذها‪ :‬إن مدير‬
‫أجرا‬‫الصندوق ال يأخذ أجر َته التي يس�تحقها عمل�ه‪ .‬وإنام يأخذ ً‬
‫رمز ًّيا طم ًعا يف نسبة احلافز؛ وهو بذلك جيتهد لتحصيل هذا احلافز‬
‫وتكثيره‪ .‬والذي يظه�ر يل أن هذا اإلجراء نتيجة التأثر برواس�ب‬
‫الفائ�دة الربوية التي ه�ي موازية للعائد الثابت لكل صك يف حال‬
‫املصطلح عىل التقيد به يف العائد‪.‬‬
‫َ‬ ‫املؤرش‬
‫َ‬ ‫جتاوز الربحِ‬
‫ووج�ه االعتراض على ه�ذا أن مدي�ر صن�دوق الوح�دات‬
‫أجري بأجرة جرى االتفاق عىل تقديرها‬
‫االس�تثامرية أو الصكوك ٌ‬
‫وتعيينه�ا والرضا هب�ا‪ .‬وهي من املصاريف على الصندوق‪ .‬وما‬
‫حيص�ل للصندوق م�ن صايف العوائ�د فقد حصلت م�ن تقليب‬
‫رأس مال الصندوق يف الصفقات والنشاطات االستثامرية نتيجة‬
‫امل�ال والعمل‪ ،‬أما العمل فقد كان من مدير االس�تثامر وقد تقرر‬

‫(‪)26‬‬
‫ل�ه أجر لقاء هذا العمل تم رصفه له‪ ،‬وقيد ضمن املصاريف عىل‬
‫نشاط االستثامر وأما املال فهو مال ذوي األموال يف هذا االستثامر‬
‫فهو حقهم‪.‬‬
‫ٍ‬
‫معينة من‬ ‫فب�أي ح�ق يكون ملدي�ر الصندوق م�ا زاد عن نس�بة‬
‫أجير أخذ أجرت�ه؟ والقول بأن ه�ذه األجرة‬
‫ٌ‬ ‫العائ�د واحل�ال أنه‬
‫قليل�ة‪ ،‬فق�د ريض هب�ا‪ .‬وله حق طل�ب األجرة الت�ي يرتضيها إذا‬
‫كانت غري كافية‪.‬‬
‫والقول بأن هذا اتفاق بين مدير الصندوق وأرباب املال ٌ‬
‫قول‬
‫حيت�اج إىل حقيقة‪ ،‬فالواقع أن هذا ليس اتفا ًقا وإنام هو تنظيم قبل‬
‫وج�ود محل�ة الصكوك‪ .‬هذا التنظيم جيب أن يك�ون تنظيماً عادلاً‬
‫يعط�ي كل ذي حق حقه‪ .‬والقول بأن النرشة يف قوة االتفاق غري‬
‫ظاهر‪ .‬حيث إن مثل هذه النرشة يف قوة االتفاقية التعس�فية املبنية‬
‫على اإلذعان أو ش�بهه‪ .‬والع�دل يقتيض أن تك�ون اتفاقية عادلة‬
‫مبني�ة عىل الوض�وح والش�فافية والبعد عن التغري�ر باآلخرين‪،‬‬
‫وتقرير حق كل طرف بام يقتضيه العدل واالستحقاق‪.‬‬
‫وبن�اء على ه�ذا ف�أرى أن م�ن إصلاح إج�راءات العم�ل‬
‫ً‬
‫بالصكوك لتكون صكوكًا إسالمية صد ًقا وعدلاًّ وحقا التخيل‬

‫(‪)27‬‬
‫ٍ‬
‫معينة يف صايف‬ ‫ع�ن اشتراط أن يكون للمدي�ر ما زاد عن نس�بة‬
‫الرب�ح‪ .‬فص�ايف الرب�ح ح�ق ألرباب األم�وال‪ ،‬ولي�س للمدير‬
‫ح�ق فيه إال ما كان يف نط�اق املعقول‪ ،‬كجزء من صايف األرباح‬
‫�ن األداء وبطيب نفس‬ ‫مكافأة له عىل حس�ن األداء إن كان َح َس َ‬
‫من أهله ‪ -‬محلة الصكوك ‪ -‬بعد حصول مقتضاه‪ .‬ثم إن حسن‬
‫جيدا‬
‫األداء ال يع�رف إال بع�د العمل فقد يك�ون أداؤه ممتازًا أو ً‬
‫أو متوس�ط األداء أو أنه س�يئ األداء‪ .‬واملكاف�أة جيب أن تكون‬
‫عىل قدر حس�ن األداء‪ ،‬فعىل توجه االس�تحقاق جيب أن يكون‬
‫على ق�در األداء‪ .‬وإذا كان مدي�ر الصندوق ي�رى أن أجره عىل‬
‫عمله قليل فله احلق أن يطلب األجر الذي يكافئ عمله‪ .‬أما أن‬
‫تكون املس�ألة مبنية عىل تغرير أرباب األموال من حيث دعوى‬
‫جدا بينام نصيب األس�د يأخذه املدير من‬ ‫أن أجرة اإلدارة قليلة ًّ‬
‫لف بدعوى أن ذلك مكافأة له عىل حسن األداء‪ .‬فهذا تغرير‬ ‫الخَ ِ‬
‫بأصح�اب األم�وال‪ ،‬وظلم هل�م وجم�اراة للمرصفي�ة التقليدية‬
‫بثبات العائد كالس�ندات النقدية وهذا مما ال جيوز أن ينسب إىل‬
‫املنتجات االستثامرية اإلسالمية‪.‬‬
‫ثم إن القول بتقدير عائد ش�به ثاب�ت للصكوك وأخذ مديري‬
‫صناديقها ما زاد عن املؤرش بدعوى احلفز حلسن األداء هذا القول‬

‫(‪)28‬‬
‫واإلجراء بموجبه يفقد الصكوك يف األسواق املالية عنرص التأثر‬
‫ً‬
‫وانخفاضا‪ ،‬وبالتايل تفقد الصكوك ميزة عرضها‬ ‫بالسعر ارتفا ًعا‬
‫يف األس�واق والتش�وف لرشائها طم ًعا يف ارتفاع أس�عار أصوهلا‬
‫ومن ثم ارتفاع سعر وحداهتا وزيادة عائده‪.‬‬
‫وأخت�م حديثي عن الصكوك وتصحيح وضعها واإلش�ادة هبا‬
‫كوسيلة استثامرية بديلة عن السندات املعتمدة عىل العوائد الربوية‬
‫فالصكوك اإلسالميةجيب أن تكون مهيأة الرتفاع عائدها‪ .‬وأال‬
‫يك�ون عائدها خاض ًعا ملؤرش مايل كالس�ندات إننا حني نحميها‬
‫من مشاهبة السندات فسيكون هلا هبذا التوجيه مزيد تفضيل عىل‬
‫السندات وبديل صادق عنها ‪ -‬أعني السندات ‪ -‬حيث إن واقع‬
‫السندات وثائق عىل ديون ال تزيد وال تنقص‪ .‬وعىل عائد حمدود‬
‫بم�ؤرش م�ايل الغالب فيه الثبات ملدة طويل�ة‪ .‬وهذا يعني ضعف‬
‫احلاف�ز لالس�تثامر فيه�ا ‪ -‬أعني الس�ندات ‪ -‬فضال عما فيها من‬
‫اإلثم والكس�ب احلرام‪ .‬فإذا أصدرت الصكوك بمنهج إسالمي‬
‫والبعد‬
‫َ‬ ‫صحيح فإن االس�تثامر فيها بديل حمقق املصلحة والغبط َة‬
‫عن االستثامرات املحرمة واإلثم يف ذلك‪.‬‬
‫هذا ما تيرس إيراده‪ ،‬واحلمد هلل رب العاملني‪ ،‬واهلل املستعان‪.‬‬

‫(‪)29‬‬
‫يف الفائض االستثامري للصكوك االستثامرية‬
‫بسم اهلل الرمحن الرحيم‬
‫احلمد هلل رب العاملني‪ ،‬وصىل اهلل وسلم عىل رسول اهلل األمني‬
‫سيدنا ونبينا حممد وعىل آله وأصحابه أمجعني‪ ،‬وبعد‪:‬‬
‫من اهلل علينا عبا َد اهلل بأن يرس لنا أبواب الرزق واالكتساب ‪ ‬‬
‫فلقد َّ‬
‫فقال تعاىل‪ :‬ﭽ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫﭼ((( وحرم س�بحانه أكل‬
‫أم�وال الن�اس بالباطل‪ ،‬فق�ال تع�اىل‪ :‬ﭽﭩ ﭪ ﭫ ﭬ‬
‫ﭭﭮﭯﭰﭱﭲ ﭳﭴﭵﭶ‬
‫ﭷ ﭼ((( وأغل�ق عنا أبواب االكتس�اب اآلثم�ة كالربا والقامر‬
‫والغش والتدليس والغرر واجلهال�ة وبيوع االختيارات والبيوع‬
‫الومهية‪ .‬وفتح اهلل لعباده الكثري من منتجات االكتساب الرشعي‬
‫كبي�وع األمان�ة ‪ -‬املرابحة‪ ،‬املواضعة‪ ،‬التولية ‪ -‬وبيوع املس�اومة‬
‫وعقود اإلجيار واملش�اركة‪ ،‬وبيوع الس�لم‪ ،‬وعقود االس�تصناع‪،‬‬
‫وعق�ود املس�اقاة واملزارع�ة واملضاربة‪ ،‬وغري ذل�ك من منتجات‬
‫االستثامر املباح كالصكوك اإلسالمية‪.‬‬

‫(‪ ) 1‬سورة البقرة‪.٢٧٥ :‬‬


‫(‪ )2‬سورة النساء‪.٢٩ :‬‬

‫(‪)33‬‬
‫الفائض االس�تثامري بعد تصفية الصكوك‬‫ُ‬ ‫وموض�وع البحث‬
‫ُ‬
‫وتطل�ع املصدر أو املدير هلذا الفائض فأس�تعني باهلل وأبدأ القول‬
‫فأق�ول‪ :‬الصك�وك مجع ص�ك وهو وثيق�ة ثبوتية تش�هد حلاملها‬
‫جزءا مش�ا ًعا ملحتويات وعاء هذه الصكوك من أصول‬ ‫بملكيته ً‬
‫ونقود والتزامات ومنافع وخدمات‪.‬‬
‫ِ‬
‫الرضب‪ ،‬قال‬ ‫والصك يف اللغ�ة له معنيان‪ :‬أحدمه�ا بمعنى‬
‫ابن ف�ارس يف معجمه‪ :‬الصاد وال�كاف أصل يدل عىل تالقي‬
‫أحدمها يرضب اآلخر‪ .‬من ذلك‬‫ش�يئني بقوة وشدة حتى كأن ُ‬
‫قوهل�م‪ :‬صكك�ت اليشء ص�كا أغلقته‪.‬ا هـ‪ .‬وم�ن ذلك قوله‬
‫تعاىل‪:‬ﭽ ﰈ ﰉﭼ(((‪.‬‬
‫واملعن�ى اآلخر ه�و كتاب اإلقرار بامل�ال أو بغريه‪ .‬وهي كلمة‬
‫معربة عن الفارس�ية‪ ،‬قال ابن منظور يف لس�ان العرب‪ :‬والصك‬
‫وصكاك‪ .‬قال‬‫الكت�اب‪ .‬فاريس معرب‪ ،‬ومجعه آص�ك وصكوك ِ‬
‫ُ‬
‫ك‬‫اب�ن منظور‪ :‬والص�ك الذي يكت�ب للعهدة مع�رب أصله َج ّ‬
‫وجيمع ِصكاكا وصكوكا‪ .‬ا هـ‪.‬‬

‫(‪ )1‬سورة الذاريات‪٢٩ :‬‬

‫(‪)34‬‬
‫ومعناه يف االصطالح الرشعي وثيقة إثباتية مللكية حصة مشاعة‬
‫يف أص�ول معينة من أعيان أو منافع أو منهام م ًعا قابلة لالس�تثامر‬
‫ورشاء وتداولاً ‪ .‬وهو مس�تند توثي�ق إثبات من‬ ‫ً‬ ‫وللت�داول بيع�ا‬
‫جهته املختصة بإصداره‪.‬‬
‫وكان مبعث إجياد هذه الصكوك كصيغ اس�تثامرية هو البحث عن‬
‫صيغ تكون بديلاً عن السندات النقدية املعتمدة عىل الفائدة الربوية‪.‬‬
‫وقد استبرش هبا القائمون عىل املصارف اإلسالمية‪ ،‬وتسابقوا‬
‫يف تطبيقه�ا‪ .‬إال أن التطبيق كان مش�و ًبا بكثري م�ن التجاوزات‬
‫ِ‬
‫وحقائ�ق العقود‬ ‫ِ‬
‫والقواع�د الرشعي�ة‬ ‫واجلن�وح ع�ن األح�كام‬
‫ِ‬
‫الس�ندات الربوي� َة ويتفق معها م�ن حيث النتيجة‪.‬‬ ‫إىل ما يش�به‬
‫فكان�ت صك�وكا يف الظاه�ر وس�ندات م�ن حي�ث احلقيق�ة‬
‫ِ‬
‫الصكوك لألصول واملوجودات‬ ‫والواقع‪ .‬حي�ث إن متلك ِ‬
‫لة‬ ‫حمَ َ‬
‫متل�ك صوري ال خي�رج العين اململوكة عن ملكي�ة بائعها عىل‬
‫محل�ة الصكوك‪ .‬فالبائ�ع يبيعها عىل محلة الصك�وك بثمن معني‬
‫ٍ‬
‫بأجرة مبني�ة عىل مؤرش مايل‬ ‫اس�تئجار َها مد ًة معينة‬ ‫ثم يشترط‬
‫َ‬
‫كم�ؤرش اليبر‪ ،‬ث�م يس�تعيدها بائعها على س�بيل رشائها بعد‬
‫انقض�اء م�دة اإلج�ارة ب�رأس ماهل�ا‪ .‬ويف ح�ال وج�ود فائض‬

‫(‪)35‬‬
‫يزي�د ع�ن رأس ماهلا بع�د التصفية فيأخذه البائ�ع – املصدر –‬
‫أو مدي�ر الصك�وك بدع�وى أن�ه حاف� ٌز ل�ه على حس�ن أدائه‪.‬‬
‫َ‬
‫الصكوك م�ن حيث النتيج� ُة متفق ًة‬ ‫وه�ذا التطبي�ق جعل ه�ذه‬
‫م�ع الس�ندات النقدية‪ ،‬فه�ي هبذا ال خترج ع�ن أن تكون صيغ ًة‬
‫ربوي ًة ُم َظل َّل ًة بصيغة مزيفة بدعوى إسالميتها‪ .‬فلئن كانت هذه‬
‫الظاهر حلملة‬
‫ُ‬ ‫الصك�وك معتمد ًة عىل أصول مملوكة من حي�ث‬
‫ِ‬
‫األص�ول نقود مقرتض� ٌة بفائدة‬ ‫الصك�وك‪ ،‬إال أن حقيق� َة هذه‬
‫ربوي�ة هي العائ�د الدوري ِوفق م�ؤرش مايل فه�ي منتج ربوي‬
‫مظلل بظلال اإلجارة‪ ،‬وملدة معينة تش�به م�دة القرض‪ .‬جيري‬
‫بعد انتهاء املدة تصفيتها‪ .‬ويف حال وجود فائض عىل العائد عىل‬
‫رأس املال فليس حلملة الصكوك منه يشء‪ ،‬وإنام يعود للمصدر‬
‫أو مدير إدارة الصكوك ويسمى باحلافز تضليلاً ‪.‬‬
‫مث�ار انتقاد وس�خرية ومهز وملز‬
‫وكان ه�ذا التطبي�ق اخلاط�ئ َ‬
‫للمرصفية اإلسلامية‪ ،‬فس�ارع املجلس الرشعي هليئة املحاس�بة‬
‫واملراجع�ة يف إص�دار بي�ان أوض�ح في�ه املنه�ج الس�ليم لتطبيق‬
‫الصكوك تطبي ًقا ينبعث من األحكام واملبادئ والقواعد الرشعية‬
‫وهذا نصه‪:‬‬

‫(‪)36‬‬
‫بسم اهلل الرمحن الرحيم‬
‫احلمد هلل رب العاملني‪ ،‬والصالة والسلام عىل رسوله الكريم‬
‫وعىل آله وصحبه أمجعني‪ .‬أما بعد‪:‬‬
‫ف�إن املجل�س الرشع�ي يف اجتامع�ه التاس�ع عشر املنعق�د‬
‫بمك�ة املكرم�ة بتاري�خ ‪ 26‬ش�عبان س�نة ‪1428‬ه�ـ املواف�ق ‪8‬‬
‫سبتمرب‪2007‬م‪ ،‬وبعد دراسة الورقة املعدة من قبل فضيلة الشيخ‬
‫ِ‬
‫املعارصة‬ ‫حمم�د تق�ي العثماين يف موضوع الصك�وك وتطبيقاهت�ا‬
‫التي ف�وض إليه إعدادها يف االجتامع الثامن عرش املنعقد باملدينة‬
‫املنورة‪ ،‬وبعد املناقشات التي دارت حوهلا‪ ،‬قرر ما ييل‪:‬‬
‫ٍ‬
‫جتارية‬ ‫ٍ‬
‫مرشوعات‬ ‫أوال‪ :‬ينبغ�ي إصدار الصكوك عىل أس�اس‬
‫أو صناعي�ة جدي�دة يس�اهم فيها محل�ة الصك�وك‪ ،‬وإن صدرت‬
‫عىل أس�اس مرشوع قائم فالواجب أن متثل الصكوك ملكية تامة‬
‫حلملتها يف موجودات حقيقية من ش�أهنا أت تمُ َ َ‬
‫لك وتباع‪ ،‬سواء‬
‫أكانت أعيانًا أم منافع أم حقو ًقا معنوية‪.‬‬

‫(‪)37‬‬
‫ويتفرع عن ذلك ما يأيت‪:‬‬
‫ٍ‬
‫إيرادات فقط دون األصول فال جيوز‬ ‫إذا كان�ت الصكوك متثل‬
‫إصدارها وال الدخول فيها وال تداوهلا‪.‬‬
‫إذا كانت الصكوك متثل أس�هم الرشكات فال بد من تسجيلها‬
‫باس�م محل�ة الصكوك أو م�ن يمثلهم‪ ،‬وال تكف�ي ملكية احلق يف‬
‫أرباح األسهم فقط (‪ )Beneficial ownership‬لكوهنا يف هذه‬
‫احلالة ال متثل إال اإليرادات‪.‬‬
‫تس�جل امللكية باسم محلة الصكوك أو من يمثلهم‪ ،‬ويف حالة‬
‫ضد يعرتف به القانون لنقل‬
‫تعذر ذلك جيب احلصول عىل س�ند ٍّ‬
‫غنم املوجودات وغرمها إىل محلة الصكوك أو من يمثلهم‪.‬‬
‫ال جيوز أن يش�تمل عقد نقل امللكية إىل محلة الصكوك أو من‬
‫يمثلهم عىل رشط تأجري العني بعد البيع إىل ناقل امللكية‪ ،‬وال عىل‬
‫رشط وعد املستأجر برشائها‪.‬‬
‫ال جي�وز بيع الديون كدي�ون املرابحة إال إذا باعت جه ٌة جتارية‬
‫ٍ‬
‫قائمة لدهيا س�اب ًقا‬ ‫ٍ‬
‫حمفظة‬ ‫مجيع موجوداهتا أو موجودات‬
‫أو مالية َ‬
‫وهل�ا ذمة مالية‪ ،‬أو باعت حص ًة ش�ائع ًة م�ن موجوداهتا‪ ،‬فحينئذ‬
‫الدي�ون تابع� ًة لألعي�ان واملناف�ع‪ ،‬فهي غير مقصودة يف‬
‫ُ‬ ‫تدخ�ل‬

‫(‪)38‬‬
‫األص�ل وذل�ك بضوابط مذكورة يف املعي�ار الرشعي رقم (‪)21‬‬
‫بشأن األوراق املالية (األسهم والسندات)‪.‬‬
‫ثاني�ا‪ :‬جيب أن توزع عوائد املرشوع على محلة الصكوك بالغ ًة‬
‫ما بلغت بعد حس�م املرصوف�ات‪ ،‬بام فيها أج�رة املدير أو حصة‬
‫املضارب يف الرب�ح‪ ،‬ولئن كان هناك حافز للمدير فإما أن يكون‬
‫عىل أساس الربح املتوقع‪ ،‬بحيث إذا زاد الربح الفعيل عىل الربح‬
‫املتوقع حس�ب دراس�ة اجلدوى فيك�ون له ما زاد‪ ،‬وأم�ا إذا كان‬
‫هناك توزيع دوري عىل محلة الصكوك عىل أساس مؤرش فيجب‬
‫أن يك�ون التوزيع حتت احلس�اب وخاض ًعا للتصفية النهائية عند‬
‫زائدا عىل املؤرش ينبغي‬
‫إطفاء الصكوك‪ .‬وما حتقق من ربح فعيل ً‬
‫أن حيتف�ظ به كل ًّيا أو جزئ ًّيا ليك�ون احتياط ًّيا للتوزيعات الدورية‬
‫املستقبلة ولدرء اخلسائر‪.‬‬
‫ثالث�ا‪ :‬ال جيوز للمدير س�واء أكان مضار ًبا أم رشي�كًا أم وكيلاً‬
‫باالس�تثامر أن يلت�زم بتقديم قرض إىل محلة الصك�وك عند نقص‬
‫الربح الفعيل من الربح املتوقع‪ ،‬وله أن يغطي النقص من االحتياطي‬
‫املش�ار إلي�ه أعاله إن وج�د‪ ،‬أو بتمويل رشعي عىل حس�اب محلة‬
‫منصوصا عليه يف نرشة االكتتاب‪.‬‬
‫ً‬ ‫الصكوك‪ ،‬برشط أن يكون‬

‫(‪)39‬‬
‫رابع�ا‪ :‬يتعني عىل اهليئات الرشعية أن ال تكتفي بإصدار فتوى‬
‫بجواز هيكلة الصكوك‪ ،‬بل جيب أن تدقق العقود وتراقب طرق‬
‫تطبيقها والتأكد من أن العملية تلتزم يف مجيع مراحلها بمتطلبات‬
‫الرشيعة بام فيها الضوابط السابقة‪.‬‬
‫خامس�ا‪ :‬س�بق أن نص املجلس الرشع�ي يف املعيار الرشعي‬
‫رقم (‪ )12‬بش�أن الرشكة (املش�اركة) والرشكات احلديثة البند‬
‫‪ ،2/6/1/3‬ويف املعي�ار الرشع�ي رق�م (‪ )5‬بش�أن الضامنات‬
‫البن�د‪ ،1/2/2‬و ‪ ،2/2/2‬أنه ال جيوز للمضارب أو الرشيك‬
‫يتعهد برشاء األصول بقيمتها االسمية‪،‬‬
‫َ‬ ‫أو وكيل االس�تثامر أن‬
‫ب�ل جي�ب أن يك�ون الرشاء عىل أس�اس ص�ايف قيم�ة األصول‬
‫(القيمة السوقية) أو بثمن يتفق عليه عند الرشاء‪ .‬ا هـ‪.‬‬
‫ه�ذا البي�ان م�ن املجلس وض�ح املس�ار الذي جيب أن تسير‬
‫الصكوك اإلسلامية وفقه‪ ،‬إال ما جاء يف (ثان ًيا) من البيان حيث‬
‫ج�اء ما نص�ه‪ :‬ولئن كان هن�اك حافز للمدير فإم�ا أن يكون من‬
‫أس�اس الرب�ح املتوق�ع‪ ،‬بحي�ث إذا زاد الربح الفعلي عن الربح‬
‫املتوقع حس�ب دراسة اجلدوى فيكون له ما زاد‪ .‬اهـ‪ .‬وأقرتح أن‬
‫تكون الصيغة هبذا النص‪:‬‬

‫(‪)40‬‬
‫ولئن كان هناك حافز للمدير فإما أن يكون من أس�اس الربح‬
‫املتوق�ع‪ ،‬بحي�ث إذا زاد الرب�ح الفعيل عن الربح املتوقع حس�ب‬
‫دراس�ة اجلدوى فيك�ون للمدير حق حفز عىل حس�ن األداء من‬
‫ذل�ك املبل�غ الزائد عىل الرب�ح املتوقع‪ ،‬وذلك بنس�بة منه يقررها‬
‫جمل�س إدارة صن�دوق محل�ة الصك�وك عن�د التصفي�ة النهائي�ة‬
‫للصندوق‪ .‬عىل أال تزيد هذه النسبة عن معقول املكافأة‪ ،‬وبرشط‬
‫أن يكون عمل املدير حسن األداء مستحق التقدير‪.‬‬
‫وسيأيت يف آخر البحث ذكر وجه هذا االعرتاض‪.‬‬
‫الف�رق بين الصك�وك والوح�دات يف الصناديق االس�تثامرية‬
‫وأسهم الرشكات‪:‬‬
‫الواق�ع أن ه�ذه األن�واع م�ن املنتجات االس�تثامرية – أس�هم‬
‫الرشكات‪ ،‬وحدات صناديق االس�تثامر‪ ،‬الصكوك اإلسالمية –‬
‫جيمعها قاسم مشرتك يتضح فيام ييل‪:‬‬
‫‪ 1 -1‬وجود أصول حقيقية للصكوك والوحدات واألس�هم‪.‬‬
‫ه�ذه األصول هي حم�ل االس�تثامر وهي مملوك�ة ألهلها‬
‫مطل ًق�ا ل�كل صك أو س�هم أو وح�دة اس�تثامرية ملكية‬
‫مشاعة يف املوجودات بقدرها‪.‬‬

‫(‪)41‬‬
‫‪ 2 -2‬الس�هم أو الصك أو الوح�دة وثيقة إثبات لتملك حصة‬
‫مشاعة يف املوجودات من أعيان ومنافع وحقوق‪.‬‬
‫‪ 3 -3‬الربح من عمليات االس�تثامر يف ه�ذه املنتجات – الرشكة‬
‫الصندوق‪ ،‬الصكوك – بعد حسم املصاريف ملك حلملتها‪.‬‬
‫الناتج من النش�اط االس�تثامري يف ه�ذه املنتجات‬
‫ُ‬ ‫‪4 -4‬االلت�زا ُم‬
‫حمدود املسؤولية يف موجوداهتا وبقدر ملكية كل واحد منها‪.‬‬
‫‪ 5 -5‬اختص�اص مالكها يف حال التصفية بصايف تصفيتها ٌّ‬
‫كل‬
‫حسب ملكيته فيها‪.‬‬
‫‪6 -6‬هل�ذه املنتج�ات إدارة ختت�ص بتدوي�ر نش�اطها وف�ق‬
‫اختصاص تقرره مجعيتها العامة أو جملس إدارهتا وبأجرة‬
‫دورية جيري التعاقد عليها‪.‬‬
‫وجتتمع الصكوك مع أس�هم الشركات يف توزيع عائد دوري‬
‫عىل مالكها ويف مرونتها للتداول العام يف األسواق املختصة‪.‬‬
‫وختتلف أس�هم الشركات ع�ن الصك�وك يف أن الرشكة غري‬
‫حم�ددة بزمن فهي باقية مدة صالحيتها للبقاء‪ .‬أما الصكوك فهي‬
‫حمددة بمدة معينة جتري يف هنايتها تصفيتها‪.‬‬

‫(‪)42‬‬
‫وتنفرد الوحدات االستثامرية يف صناديق االستثامر عن األسهم‬
‫والصكوك بمبدأ االسرتداد دون التداول العام‪.‬‬
‫وبع�دم توزي�ع عائ�د دوري – يف الغالب – حي�ث إن العائد‬
‫يض�م إىل رأس امل�ال‪ ،‬لزي�ادة قيم�ة الوح�دة االس�تثامرية نتيجة‬
‫لنامئه�ا‪ .‬ويت�م التقييم ال�دوري للوحدات لغرض الكش�ف عن‬
‫وتيسريا للدخول يف الصندوق واخلروج منه‪.‬‬
‫ً‬ ‫النامء‬
‫وه�ذا اإلج�راء يف الغال�ب يك�ون يف الصنادي�ق االس�تثامرية‬
‫املفتوحة غري املحددة بوقت معني‪ .‬أما الصناديق املغلقة فالغالب‬
‫أن مدي�ر الصن�دوق ال يق�وم بتقس�يم رأس م�ال الصن�دوق إىل‬
‫ُ‬
‫تنضي�ض‬ ‫رب م�ال جي�ري‬
‫كل مشترك َّ‬ ‫وح�دات‪ ،‬وإنما يعتبر َّ‬
‫اشتراكه عند هناية مدة الصندوق مع أرباب املال املشرتكني معه‬
‫يف الصندوق‪ .‬وقد يكون يف نرشة الصندوق ختيري كل مشرتك يف‬
‫أخذ ما يقابل العائد عىل س�بيل حماس�بته عند التصفية النهائية أو‬
‫يف إبقائه الستثامره له مع أصله‪.‬‬
‫وموضوع البحث النظر يف أخذ مدير إدارة صندوق الصكوك‬
‫ومث�ل ذلك مديرو صناديق االس�تثامر ما زاد على الربح املتوقع‬
‫بدعوى أنه حافز ُح ِ‬
‫سن أداء‪.‬‬

‫(‪)43‬‬
‫اجتهت جمموع�ة من فقهاء املرصفية اإلسلامية إىل جواز‬
‫أن يق�وم مدي�ر الصن�دوق االس�تثامري أو مدي�ر الصكوك‬
‫اإلسلامية بتقدير نسبة معينة من األرباح تكون ح ًّقا ملالكي‬
‫الصك�وك أو الوح�دات‪ .‬ويف ح�ال وج�ود زي�ادة عىل هذه‬
‫النس�بة تك�ون ه�ذه الزيادة ح ًّق�ا للمدير عالوة على أجرته‬
‫املق�ررة له‪ ،‬وذل�ك مكافأة له عىل حس�ن األداء‪ ،‬وألن مدير‬
‫الصن�دوق ال يأخذ أجرته التي اس�تحقها على عمله‪ .‬وإنام‬
‫أجرا رمز ًّيا طم ًعا يف نس�بة احلاف�ز‪ .‬وهو بذلك جيتهد‬
‫يأخ�ذ ً‬
‫لتحصي�ل ه�ذا احلاف�ز وتكثيره‪ .‬وال�ذي يظه�ر يل أن هذا‬
‫اإلج�راء من رواس�ب التأثر بنظام الفائ�دة الربوية التي هي‬
‫املؤرش‬
‫َ‬ ‫الربح‬
‫ِ‬ ‫موازية للعائد الثابت لكل صك يف حال جتاوز‬
‫املصطلح عىل التقيد به يف العائد‪.‬‬
‫َ‬
‫ووج�ه االعتراض على ه�ذا‪ :‬أن مدي�ر صن�دوق الوحدات‬
‫االس�تثامرية أو مدي�ر الصك�وك أجري بأجرة ج�رى االتفاق عىل‬
‫تقديرها وتعينها والرضا هبا‪ ،‬وهي من املصاريف عىل الصندوق‪.‬‬
‫وما حيصل للصندوق من صايف العوائد فقد حصلت من تقليب‬
‫رأس م�ال الصن�دوق يف الصفق�ات والنش�اطات االس�تثامرية‪.‬‬

‫(‪)44‬‬
‫فبأي حق يكون ملدير الصندوق ما زاد عن نسبة معينة من العائد‬
‫أجري أخذ أجرته‪.‬‬
‫واحلال أنه ٌ‬
‫والق�ول بأن هذه األج�رة قليلة فالرد عليه�ا أنه ريض هبا‪ ،‬وله‬
‫حق طلب األجرة التي يرتضيها إذا كانت غري كافية‪.‬‬
‫والقول بأن هذا اتفاق بين مدير الصندوق وأرباب املال قول‬
‫حيت�اج إىل قناعة‪ .‬فالواقع أن ه�ذا ليس اتفا ًقا وإنام هو تنظيم قبل‬
‫وج�ود من ُي َطب�ق عليه من محلة الصكوك‪ .‬ه�ذا التنظيم جيب أن‬
‫يكون تنظيماً عادلاً يعطي كل ذي حق حقه‪.‬‬
‫والق�ول بأن النشرة يف قوة االتفاق غري ظاه�ر‪ .‬حيث إن مثل‬
‫ه�ذه النشرة يف ق�وة االتفاقية التعس�فية واملبنية على اإلذعان أو‬
‫شبهه‪ ،‬والعدل يقتيض أن تكون اتفاقية عادلة مبنية عىل الوضوح‬
‫والشفافية‪ ،‬والبعد عن التغرير باآلخرين‪ ،‬وتقرير حق كل طرف‬
‫بام يقتضيه العدل ووجه االستحقاق‪.‬‬
‫وبناء عىل هذا فأرى أن من إصالح إجراءات العمل بالصكوك‬
‫لتك�ون صكوكًا إسلامية صد ًقا وعدلاً التخيل عن اشتراط أن‬
‫يك�ون للمدي�ر م�ا زاد عن نس�بة معينة من ص�ايف الربح‪ .‬فصايف‬

‫(‪)45‬‬
‫الرب�ح حق ألرب�اب األموال‪ ،‬وليس للمدير ح�ق فيه إال ما كان‬
‫يف نط�اق املعق�ول كجزء من ص�ايف الربح إن كان حس�ن األداء‬
‫حقيقي�ة وبطيب نفس من أهل�ه ‪ -‬محلة الصكوك ‪ -‬بعد حصول‬
‫مقتضاه‪ ،‬ثم إن حس�ن األداء ال يعرف إال بعد العمل فقد يكون‬
‫َ‬
‫متوسط األداء أو أنه سيئ األداء‪.‬‬ ‫جيدا أو‬
‫أداؤه ممتازًا أو ً‬
‫وإذا كان مدي�ر الصن�دوق ي�رى أن أجره عىل عمل�ه قليل فله‬
‫احلق أن يطلب األجر الذي يكافئ عمله‪.‬‬
‫أم�ا أن تكون املس�ألة مبنية عىل تغرير أرب�اب األموال من حيث‬
‫جدا بينام نصيب األس�د يأخذه املدير‬
‫دعوى أن أجرة اإلدارة قليلة ًّ‬
‫من اخللف‪ ،‬بدعوى أن ذلك مكافأة له عىل حسن أدائه‪ .‬فهذا تغرير‬
‫بأصح�اب األموال‪ ،‬وظلم هلم وجم�اراة للمرصفية التقليدية بثبات‬
‫العائد‪ ،‬وهذا ال جيوز أن ينسب إىل املنتجات االستثامرية اإلسالمية‪.‬‬
‫ثم إن القول بتقدير عائد ش�به ثاب�ت للصكوك وأخذ مديري‬
‫صناديقه�ا م�ا زاد عن املؤرش بدع�وى احلفز حلس�ن األداء‪ .‬هذا‬
‫القول والعمل به يفقد الصكوك يف األس�واق املالية عنرص التأثر‬
‫ً‬
‫وانخفاضا‪ ،‬وبالتايل تفقد الصكوك ميزة عرضها‬ ‫بالسعر ارتفا ًعا‬

‫(‪)46‬‬
‫يف األس�واق والتش�وف لرشائها طم ًعا يف ارتفاع أسعار أصوهلا‪،‬‬
‫ومن ثم ارتفاع سعر وحداهتا وزيادة عائده‪.‬‬
‫وأخت�م حديث�ي ع�ن الصك�وك وتصحي�ح وضعه�ا ث�م‬
‫اإلش�ادة هبا كوسيلة اس�تثامرية بديلة عن السندات املعتمدة‬
‫عىل العوائد الربوية‪.‬‬
‫أخت�م حديث�ي بمقارن�ة اقتصادي�ة بين الس�ندات الربوي�ة‬
‫والصكوك اإلسلامية‪ ،‬من حيث إن الصكوك اإلسلامية وثائق‬
‫لتمل�ك أجزاء مش�اعة من موجودات منقول�ة أو ثابتة أو جامعة‬
‫بينهما ه�ذه املوجودات هي ممتلكات محل�ة الصكوك وهي مهيأة‬
‫الرتف�اع قيمته�ا وارتف�اع عائده�ا‪ ،‬حي�ث إهنا ليس�ت خاضعة‬
‫ملؤرش مايل حمدد العائد أو القيمة كالس�ندات‪ ،‬و هلذا س�يكون هلا‬
‫مزيد من تفضيلها عىل الس�ندات التي ه�ي يف واقعها وثائق عىل‬
‫دي�ون ال تزيد وال تنقص‪ .‬وعىل عائد حمدود بمؤرش مايل الغالب‬
‫فيه الثبات ملدة طويلة‪ .‬وهذا يعني ضعف احلافز لالستثامر فيها ‪-‬‬
‫أعني السندات ‪ -‬فضال عام فيها من اإلثم والكسب احلرام‪ .‬فإذا‬
‫ص�درت الصكوك بمنهج إسلامي صحيح فإن االس�تثامر فيها‬

‫(‪)47‬‬
‫والبعد عن االس�تثامرات‬
‫َ‬ ‫بديل رشع�ي حمقق املصلح� َة والغبط َة‬
‫املحرمة واإلثم يف ذلك‪.‬‬
‫وأخترص رأيي يف سالمة تطبيق الصكوك وبعدها عن السندات‬
‫باتباع ما ييل‪:‬‬
‫أوال‪ :‬أن تق�وم جه�ة اس�تثامرية‪ ،‬كأح�د املص�ارف‪ ،‬بدراس�ة‬
‫ج�دوى مشروع اس�تثامري‪ ،‬ويف حالة القناعة ب�ه يقوم املرصف‬
‫بطرحه لالكتتاب عىل س�بيل التصكي�ك‪ ،‬بعد رشائه موجودات‬
‫ه�ذا املرشوع‪ ،‬ويكون للمرصف حق رس�م عىل كل مشترك يف‬
‫مقابل جمهوده يف إصدار هذا املنتج ودراسة جدواه االقتصادية‪.‬‬
‫ثاني�ا‪ :‬أن تنقطع صلة البائع عىل املرصف بام باعه حيث تصبح‬
‫تام�ا حلملة الصك�وك ال عالقة‬
‫ه�ذه املوج�ودات املشتراة ملكًا ً‬
‫لبائعها هبا بعد بيعها‪.‬‬
‫ثالث�ا‪ :‬إذا كان�ت موج�ودات محلة الصك�وك مما حيت�اج إىل إدارة‬
‫تش�غيلية خيتص تش�غيلها يف الغالب ببائعها‪ ،‬فيج�وز أن يتعاقد معه‬
‫على إدارهت�ا إدارة تش�غيلية‪ ،‬وبأجر جي�ري االتفاق علي�ه بينه وبني‬
‫إدارة محلة الصكوك‪ ،‬ويسمى مدير التشغيل‪ .‬وجيب أال يكون له أي‬

‫(‪)48‬‬
‫اختص�اص فيام يتعلق بحقوق محلة الصكوك فيما يملكون‪ ،‬إال فيام‬
‫يتعلق بإدارته التشغيلية إن كانت‪ .‬وباستحقاق األجرة عىل ذلك‪.‬‬
‫رابع�ا‪ :‬رضورة أن يك�ون هل�ذه الصك�وك إدارة تق�وم بإدارة‬
‫موجوداهت�ا واس�تثامرها‪ ،‬وفتح حس�اب هلا‪ ،‬وتقري�ر ما تقتضيه‬
‫مصلح�ة محلة الصك�وك من توزي�ع عائد دوري ش�به ثابت إن‬
‫أمك�ن‪ ،‬وجتني�ب م�ا زاد من ص�ايف العوائ�د إىل احتياطي مملوك‬
‫حلمل�ة الصك�وك‪ ،‬حيتاط ب�ه عىل إثب�ات العائد ال�دوري حلملة‬
‫الصك�وك‪ ،‬ويك�ون ملدي�ر إدارة موجودات الصك�وك أجر جمز‬
‫لعمله‪ .‬وليس له احلق يف الفائض – الربح – إال ما ارتضاه محلة‬
‫الصكوك بقرار من مجعيتهم العامة كجزء من الفائض مكافأة له‬
‫يف حال حسن األداء‪.‬‬
‫خامس�ا‪ :‬جيب أن يكون حلملة الصكوك مجعية عمومية َت ْصدر‬
‫قراراهت�ا بتنظي�م إدارهت�ا‪ ،‬ومن�ح مديره�ا الصالحي�ات املنظمة‬
‫لنشاطها االستثامري‪ ،‬وضبطه وتسجيله‪ ،‬وحتديد العائد الدوري‬
‫حلمل�ة الصك�وك‪ ،‬وإجياد احتياط�ي لتثبيت العوائ�د الدورية إىل‬
‫آخر ما يقتضيه التنظيم اإلداري هلا‪.‬‬

‫(‪)49‬‬
‫سادس�ا‪ :‬عند التصفية تباع األصول اململوكة حلملة الصكوك‬
‫بس�عر سوقها؛ لتضم أثامهنا إىل الوعاء املايل للصكوك‪ ،‬ثم جيري‬
‫توزيع�ه عىل محلة الصك�وك كل بقدر حصته فيه‪ ،‬وال حق ألحد‬
‫يف ص�ايف التصفي�ة غري أهله�ا محلة الصكوك‪ ،‬فلا حيق ملدير وال‬
‫مصدر وال وكيل إال ما ارتضاه أهل احلق – محلة الصكوك ‪ -‬مما‬
‫يسمى بحافز حسن األداء‪.‬‬
‫هذا ما ظهر يل يف املوضوع‪ ،‬واهلل املستعان‬

‫(‪)50‬‬
‫اإلجيار مع الوعد بالتمليك ما له وما عليه‬
‫بسم اهلل الرمحن الرحيم‬
‫احلم�د هلل‪ ،‬وصلى اهلل وس�لم عىل رس�ول اهلل حمم�د وعىل آله‬
‫وصحبه ومن وااله‪ ،‬وبعد‪.‬‬
‫فلق�د اتص�ل يب جمموع�ة م�ن إخ�واين وأخوايت ع�ن طريق‬
‫الرس�ائل واهلات�ف واللق�اء املبارش‪ ،‬كلهم يس�أل عن حكم ما‬
‫كثريا من املؤسسات‬
‫يسمى باإلجيار املنتهي بالتمليك‪ ،‬حيث إن ً‬
‫التجاري�ة ت�زاول ه�ذا التعام�ل م�ع عمالئها‪ ،‬حي�ث يقومون‬
‫ٍ‬
‫سيارات‪،‬أراض‪ ،‬منازل‪ ،‬معدات ثقيلة‪،‬‬ ‫بتأجري س�لع خمتلفة ‪-‬‬
‫م�واد خمتلفة ‪ -‬ويربمون مع عمالئه�م عقود تأجري‪ ،‬جتمع بني‬
‫خصائ�ص التأجري وأحكامه وبني خصائ�ص البيع وأحكامه‪،‬‬
‫وق�د أوجد هذا اخلل�ط كثري ًا من اللب�س والغموض يف حقيقة‬
‫ه�ذا الن�وع م�ن التعام�ل‪ ،‬هل ه�و بي�ع أم تأجري؟ وم�ا حكم‬
‫التعامل به؟ وإجابة مني عن هذا التس�اؤل أقول بعد االستعانة‬
‫باهلل واللجوء إليه تعاىل يف طلب التوفيق والسداد‪:‬‬
‫أولاً ‪ :‬أرى أن تس�مية ه�ذا النوع من التعام�ل باإلجيار املنتهي‬
‫بالتملي�ك تس�مية خاطئة وبالت�ايل فهي غري صحيح�ة؛ فاإلجيار‬

‫(‪)53‬‬
‫ال ينته�ي بالتملي�ك‪ ،‬وإنما ينته�ي بانته�اء مدته‪ ،‬أو فس�خه‪ ،‬أو‬
‫انفساخه‪ .‬ثم يأيت دور التمليك بعد انتهاء مدة اإلجارة‪.‬‬
‫والتس�مية الصحيح�ة هلذا النوع من التعام�ل هي‪ :‬اإلجيار مع‬
‫الوعد بالتمليك‪.‬‬
‫فامل�ك الس�لعة له ح�ق تأجريها بام ش�اء وبما يتف�ق عليه مع‬
‫املس�تأجر من مقدار األجرة‪ ،‬ومدة اإلجارة‪ ،‬وحمل اإلجيار‪ .‬وبعد‬
‫متام عقد تأجريه وتس�ليمه العني املؤجرة‪ ،‬تعترب العني املؤجرة يف‬
‫يد املس�تأجر أمان�ة ال يتعلق بذمت�ه ضامن هذه العين املؤجرة يف‬
‫ح�ال تلفها كل ًّيا أو جزئ ًّيا إال إذا كان نتيجة تقصري منه أو اعتداء‬
‫أو إمه�ال‪ ،‬ف�اذا كان التلف نتيجة تقصري أو إمهال من املس�تأجر‬
‫تعني عليه ضامن ذلك التلف‪.‬‬
‫ف�إذا حص�ل التعاقد بين مؤجر ومس�تأجر عىل اس�تئجار ٍ‬
‫عني‬
‫حم�ل لإلجيار‪ ،‬وحص�ل مع هذا العقد وعد من املؤجر للمس�تأجر‬ ‫ٍّ‬
‫بتمليك�ه إياها ببيع أو هب�ة‪ ،‬فعىل القول املخت�ار والصادر به قرار‬
‫قض�اء وديان ًة فعىل‬
‫ً‬ ‫جمم�ع الفقه اإلسلامي بجدة بأن الوعد ملزم‬
‫املؤج�ر أن يفي بوعده بتمليك املس�تأجر العين املؤجرة‪ ،‬بعد متام‬

‫(‪)54‬‬
‫س�واء كان بي ًعا أم هبة‪ ،‬ويف ح�ال نكول املؤجر عن‬
‫ً‬ ‫م�دة اإلجارة‬
‫الوفاء بوعده فللمس�تأجر احلق يف مطالب�ة املؤجر بالتعويض عن‬
‫رضره الالحق به من نكول املؤجر عن الوفاء بالوعد‪.‬‬
‫ه�ذه اإلج�ارة صحيح�ة وال يؤث�ر على صحته�ا أن األج�رة‬
‫الدورية ‪ -‬س�نوية‪ ،‬شهرية‪،‬أسبوعية – قد تكون زائدة عن أجرة‬
‫املثل‪ ،‬حيث إن رضا املس�تأجر بارتفاع مق�دار األجرة عن أجرة‬
‫املث�ل يف مقابلة وعده بتمليكه العين املؤجرة هبة أو بي ًعا خم َّفضا‪.‬‬
‫وعد بالتمليك‪ ،‬فهذا‬ ‫العقد صاح َب�ه ٌ‬
‫َ‬ ‫كما ال يؤثر عىل صحتها أن‬
‫عقدا‪ .‬ومجيع‬‫الوعد ليس له أث�ر يف صحة اإلجارة‪ ،‬فليس الوعد ً‬
‫خصائ�ص اإلجارة مكتمل من حيث وجود املؤجر واملس�تأجر‪،‬‬
‫والعين املؤج�رة وصالحيتها للتأجير‪ ،‬ومقدار األج�رة‪ ،‬ومدة‬
‫اإلجارة‪ ،‬وإم�كان االنتفاع بالعني املؤجرة مدة اإلجارة‪ ،‬واعتبار‬
‫العني املؤجرة أمانة يف يد املس�تأجر‪ ،‬عليه ضامهنا يف حال التعدي‬
‫أو التفريط أو التقصري أو اإلمهال‪.‬‬
‫وهب�ذا يتض�ح أن اإلجي�ار مع الوع�د بالتمليك بع�د انتهاء‬
‫م�دة اإلجيار صحي�ح ما دام عقد اإلجيار منطبق�ة عليه أحكام‬
‫اإلج�ارة وخصائصه�ا من حي�ث املؤجر واملس�تأجر والعني‬

‫(‪)55‬‬
‫املؤج�رة وصالحيته�ا لالنتف�اع هب�ا مع بق�اء عينه�ا‪ ،‬وإباحة‬
‫تأجريها‪ ،‬ومعرفة مدة اإلجارة ومعرفة مقدار األجرة الدورية‬
‫‪ -‬سنوية‪ ،‬شهرية‪ ،‬أسبوعية ‪ -‬وال يؤثر عىل صحتها حصول‬
‫الوعد من املؤجر للمستأجر بتمليكه إياها بي ًعا أو هبة‪ ،‬حسبام‬
‫جيري االتفاق عليه بني الطرفني املؤجر واملس�تأجر‪ ،‬ولو كان‬
‫عق�دا حتى يقال بوجود‬
‫ً‬ ‫الوع�د مصاح ًبا للعقد فليس الوعد‬
‫عقدي�ن يف‪ :‬عق�د آخ�ر‪ ،‬ذل�ك أن حقيق�ة كل عق�د أن يكون‬
‫مش�تملاً عىل إلزام والتزام لكال طريف العقد‪ ،‬وليس يف الوعد‬
‫غير التزام أحد طريف الوع�د‪ ،‬وأما الطرف اآلخر فليس عليه‬
‫نظرا إىل أن مماريس عقود التأجري مع‬
‫التزام هبذا الوعد‪ .‬ولكن ً‬
‫الوعد بالتمليك من رشكات أو أفراد أو مؤسسات جتارية قد‬
‫يضمنون هذه العق�ود رشو ًطا تبعدها عن خصائص اإلجارة‬
‫وأحكامه�ا‪ ،‬بحي�ث ال تكون ه�ذه العقود املش�تملة عىل هذه‬
‫الرشوط عق�ود بيع وال عقود إجارة‪ .‬وإنام ه�ي عقود ُم َه َّجنة‬
‫ال تظه�ر لن�ا وجاهة القول بصحتها وقد تظه�ر لنا قوة القول‬
‫ببطالهن�ا أو صحتها مع بطلان الرشوط‪ ،‬هذه الرشوط أمهها‬
‫ما ييل‪:‬‬

‫(‪)56‬‬
‫‪ -1‬مطالب�ة املس�تأجر بدفع�ة مقدم�ة يعتربها املؤجر ح ًّق�ا له عىل‬
‫املس�تأجر وذلك عند العقد‪ .‬واملالحظة على هذا الرشط أن‬
‫ه�ذه الدفعة ليس�ت أجرة مقدم�ة وال ضامنًا لس�داد األجرة‬
‫وقت استحقاقها يف حال تعثر السداد‪ .‬وإنام هي دفعة مقدمة‬
‫جزءا من حقه‪ ،‬فبأي حق جيوز‬ ‫للمؤجر يأخذها عىل اعتبارها ً‬
‫للمؤج�ر أخذ هذه الدفعة إال أن تك�ون اإلجارة‪ .‬بي ًعا مغل ًفا‬
‫باس�م اإلجارة‪ ،‬فإذا كانت بي ًعا فيجب أن تأخذ أحكام البيع‬
‫وخصائصه وأن خيل�ع منها لباس اإلجارة أما إذا كانت هذه‬
‫جزءا من اإلجارة فال مالحظة عىل أخذها‪.‬‬ ‫الدفعة املقدمة ً‬
‫‪ -2‬إلزام املستأجر بالتأمني عىل العني املؤجرة‪ .‬واملالحظة عىل‬
‫ه�ذا الشرط أن التأمين ملصلحة املؤجر على العني التي‬
‫يملكه�ا ‪ -‬املؤج�ر‪ -‬والعين املؤجرة بيد املس�تأجر أمانة‬
‫عنده يس�تويف منها املنفعة التي وقعت اإلجارة عليها مع‬
‫املحافظ�ة عىل العني ثم ردها للمؤجر بعد انتهاء اإلجارة‬
‫لتأيت مرحلة الوفاء بالوعد بالتمليك‪.‬‬
‫فب�أي حق ُيل�زم املس�تأجر بالتأمني عىل العني الت�ي هي بيده‬ ‫ ‬
‫عىل سبيل اإلجارة واألمانة؟ فهي مملوكة للمؤجر فله غنمها‬

‫(‪)57‬‬
‫وعلي�ه غرمه�ا‪ .‬فه�ذا رشط باطل‪ .‬فإذا حص�ل التأمني عىل‬
‫هذه العني املؤجرة فأقس�اط التأمني عىل املؤجر‪ .‬وإذا حصل‬
‫التعوي�ض فهو حق للمؤجر‪ ،‬حي�ث إن العني املؤجرة ملكه‬
‫له غنمها وعليه غرمها‪.‬‬
‫‪ -3‬إلزام املس�تأجر بالصيانة األساسية للعني التي استأجرها ويف‬
‫ح�ال تلفها يلزم�ه ضامهنا‪ ،‬س�واء أكان هذا التلف بس�بب‬
‫من املس�تأجر عىل س�بيل التقصري واإلمه�ال أو التعدي من‬
‫املستأجر‪ ،‬أم كان بدون سبب‪ .‬وهذا رشط باطل؛ ألن العني‬
‫املس�تأجرة يف ي�د املس�تأجر عىل س�بيل األمانة‪ ،‬ف�إذا تلفت‬
‫ب�دون تعد أو تقصري أو إمهال فال ضامن عليه‪ ،‬وإنام الضامن‬
‫يتعلق بذمته يف حال تلفها بتقصريه أو إمهاله أو تعديه‪.‬‬
‫‪ -4‬إل�زام املس�تأجر بدف�ع دفعة أخيرة هي ثمن الس�لعة بعد‬
‫استيفاء مدة اإلجارة‪ .‬هذا الرشط غري صحيح؛ ألن ثمن‬
‫الس�لعة بعد انتهاء اإلجارة ال يس�تحق ملالك السلعة إال‬
‫بع�د حصول عقد البيع ومتليك املس�تأجر إياها بموجبه‪.‬‬
‫فمطالبة املستأجراملوعود بالتمليك وهو املستأجر بدفعة‬
‫عىل حس�اب الرشاء قبل وقته يف غري حمله فذمة املستأجر‬
‫بريئة من حق مل يتعلق بذمته سببه‪.‬‬

‫(‪)58‬‬
‫أحدا من أهل العلم‬
‫ه�ذه الشروط املضمنة عقد اإلجيار ال أعلم أن ً‬
‫أحكاما تتعل�ق باإلجارة‪ .‬ولكن اختلف العلامء‬
‫ً‬ ‫أجازه�ا عىل اعتبارها‬
‫رمحه�م اهلل يف بطالن العقد لبطالهن�ا‪ .‬أو أن العقد صحيح وهي باطلة‬
‫بدليل قول رسول اهلل ﷺ يف حديث بريرة حينام أرادت عائشة ر‬
‫رشاءه�ا م�ن أهله�ا وإعتاقها‪ ،‬فاشترطوا هل�م الوالء فذك�رت ذلك‬
‫لرس�ول اهلل ﷺ فقال هلا‪« :‬اشترطي هلم الوالء فإنام الوالء ملن أعتق»‬
‫بطالن الشرط وإن رضيه الطرفان‪ ،‬وصح� َة العقد‪ .‬ولعل‬ ‫َ‬ ‫فذك�ر ﷺ‬
‫القول بصحة عقد اإلجارة وبطالن هذه الرشوط هو القول الصحيح‬
‫إن شاء اهلل‪ .‬ويبقى لنا يف هذه املسألة حكم االتفاق بني طريف العقد عىل‬
‫زيادة مبلغ األجرة عن أجرة املثل‪ ،‬هل يؤثر ذلك عىل صحة اإلجارة؟‬
‫واجل�واب ع�ن هذا إن العقد صحي�ح إذا انتفت عنه الرشوط الس�ابق‬
‫ذكره�ا ومل يوج�د يف العق�د من الرشوط م�ا يتناىف معه وم�ع مقتضاه‪،‬‬
‫ورض�ا املس�تأجر بدفع أجرة أكثر م�ن أجرة املثل ه�و يف مقابلة وعده‬
‫خمفضا ثمنه‪.‬‬
‫بتمليكه العني التي استأجرها إما هبة أو بي ًعا ً‬
‫ول�و حصل عىل العين املؤجرة م�دة اإلج�ارة تلف بدون‬
‫س�بب من املس�تأجر من تقصير أو تعد أو إمه�ال يف حفظها‪،‬‬
‫وضاع حقه يف الوفاء بالوعد بالتملك‪ ،‬فضياع هذا احلق عليه‬

‫(‪)59‬‬
‫يعطي�ه حق مطالبة املؤج�ر بالتعويض عن الرضر الالحق به‪.‬‬
‫لق�اء عدم حتقق م�ا ُو ِعد به‪ ،‬وكذلك مطالبة املؤجر برد ما زاد‬
‫عن أجرة املثل إن كان‪ ،‬حيث إن بذله ذلك كان يف مقابلة وعده‬
‫بالتمليك فتعذر فله حق التعويض عن ذلك باسترداد ما زاد‬
‫تعد‬
‫ع�ن أج�رة املثل‪ .‬أم�ا إذا كان تلف العني املؤجرة بس�بب ِّ‬
‫املس�تأجر أو تقصريه أو إمهاله يف حفظها فعليه ضامهنا ملالكها‬
‫املؤج�ر‪ ،‬وعلى املؤجر دفع ما زاد عن أجرة املثل للمس�تأجر؛‬
‫لف�وات حق�ه يف التملي�ك املوع�ود به بتل�ف العين‪ ،‬عىل أن‬
‫ه�ذا حيتاج إىل اجتهاد قضائي يف تقدي�ر حق كل من الطرفني‬
‫املس�تأجر واملؤج�ر؛ ألن التل�ف حيتمل أن يك�ون يف أول مدة‬
‫اإلج�ارة أو يف وس�طها أو يف هنايتها‪ ،‬ويف ح�ال وجود التلف‬
‫يف هناي�ة املدة فق�د ُيظلم املؤجر يف حال احلكم عليه برد ما زاد‬
‫عن أجرة املثل‪ ،‬وحيكم له بقيمة العني وقت تلفها‪ ،‬واحلال أن‬
‫غالب عمر العني املؤجرة خالهلا قد استهلك يف مدة اإلجارة‪،‬‬
‫وعليه فإن هذه املسألة خاضعة للقضاء‪.‬‬
‫وق�د ا ُع ِ‬
‫تر َض على الق�ول بج�واز عقد اإلج�ارة م�ع الوعد‬
‫بالتمليك بثالثة أمور‪:‬‬

‫(‪)60‬‬
‫أحده�ا‪ :‬القول بأنه عقد مجع بني عقدين عىل عني واحدة غري‬
‫مستقر عليها أحدمها‪ .‬ومها البيع واإلجارة فهام خمتلفان يف احلكم‪.‬‬
‫فالبيع تنتقل به العني بمنافعها إىل املشرتي‪ ،‬وحينئذ ال يصح عقد‬
‫اإلج�ارة عىل املبيع؛ ألنه صار ملكًا للمشتري واإلجارة توجب‬
‫انتقال منافع العني فقط دون رقبتها إىل املستأجر‪ .‬والعني مضمونة‬
‫تعد أو تفريط‪.‬‬
‫عىل املستأجر إال أن حيصل منه ٍّ‬
‫ويمك�ن أن جياب عن هذا االعرتاض بعدم التس�ليم بأنه عقد‬
‫مج�ع بين عقدين عىل عين واح�دة‪ ،‬فلي�س بي ًعا وإنام ه�و إجيار‬
‫مس�توف كامل خصائص اإلج�ارة من مؤجر ومس�تأجر وعني‬ ‫ٍ‬
‫مؤجرة وأجرة معينة ومدة حمددة وعىل عني يمكن استيفاء املنفعة‬
‫منها مع بقائها‪.‬‬
‫وال خيف�ى أن البي�ع يقتضي انتق�ال ملكي�ة العين املباعة إىل‬
‫مشترهيا‪ ،‬فلي�س للبائع بعد بيعه إياها أي تعل�ق هبا‪ .‬وإنام حقه‬
‫يف ثمنها اللازم تعيينه‪ ،‬وتعيني مقداره‪ .‬ف�إن تلفت فمن ضامن‬
‫مشترهيا‪ .‬وإن زاد ثمنه�ا أو نامؤه�ا فلمصلح�ة املشتري وإن‬
‫نقصت فعليه‪.‬‬

‫(‪)61‬‬
‫وهذا احلكم ليس من خصائص اإلجارة مع الوعد بالتمليك‪،‬‬
‫حيث إن اإلجارة مع الوعد بالتمليك عقد إجارة عىل عني مملوكة‬
‫ملؤجرها بيد مس�تأجرها عىل سبيل االستئجار املضمون يف حالة‬
‫التع�دي أو التفريط أو اإلمهال فقط مدة اإلجيار‪.‬ثم إن القول بأن‬
‫اإلجيار مع الوعد بالتمليك اشتمل عىل عقدين عقد إجيار وعقد‬
‫عقدا وإنام هو التزام‬
‫صحيحا؛ فالوعد ليس ً‬
‫ً‬ ‫وعد بالتمليك ليس‬
‫م�ن طرف لطرف آخر‪ ،‬ليس عىل هذا الطرف اآلخر أي التزام‪،‬‬
‫فإن ش�اء طالب بإنفاذ الوعد وإن ش�اء ترك‪ .‬وال خيفى أن العقد‬
‫يقتيض التزام طرفيه بمقتضاه‪ ،‬وليس هذا من شأن الوعود‪.‬‬
‫والشروط املشترطة يف العقد عىل املس�تأجر م�ن تقديم دفعة‬
‫مقدمة وليست من األجرة ودفعة أخرية وتأمني عىل العني املؤجرة‬
‫من قبل املس�تأجر وضامنه إياها مطل ًقا هذه رشوط باطلة‪ ،‬ال أثر‬
‫عىل صحة العقد باشتراطها وال على صحة العقد ببطالهنا‪ ،‬وال‬
‫خيفى أن اإلجارة بيع منافع‪.‬‬
‫والشروط يف العقود منها م�ا يبطل العقد ببطالهنا كاشتراط‬
‫عق�دا آخر كس�لف أو قرض أو إج�ارة أو‬
‫أحدمه�ا على اآلخر ً‬
‫رشك�ة أو نحو ذلك‪ .‬فهذا الرشط باطل ويبطل به العقد وهو من‬

‫(‪)62‬‬
‫قبي�ل بيعتين يف بيعة‪ ،‬ومنه�ا ما ينايف مقتىض العقد كاشتراط إال‬
‫خسارة أو متى نفق املبيع وإال رده أو ال يبيع وال هيب ونحو ذلك‬
‫فه�ذا الرشط باطل وقد اختلف أهل العلم يف تصحيح العقد مع‬
‫بطالن الرشط‪.‬‬
‫ومثل هذه الرشوط‪ ،‬كالرشوط التي يشترطها ممارس�و عقود‬
‫اإلجي�ار م�ع الوعد بالتمليك من اشتراط ضامن العين املؤجرة‪،‬‬
‫وتقدي�م دفعة أوىل ودفعة أخرية والتأمني من قبل املس�تأجر عىل‬
‫العني املؤجرة‪ ،‬فهي رشوط باطلة و العقد صحيح‪.‬‬
‫الثاين‪ :‬إن األجرة تقدر سنو ًّيا أو شهر ًّيا بمقدار مقسط مستوىف‬
‫�ده البائع أجرة من أجل أن يتوثق بحقه‪،‬‬ ‫ب�ه قيمة املعقود عليه ُي ِع ُّ‬
‫بحيث ال يمكن للمشرتي بيعه‪ .‬مثال ذلك‪ :‬إذا كانت قيمة العني‬
‫الت�ي وقع عليها العقد مخسين ألف ريال‪ ،‬وأجرهتا ش�هر ًّيا ألف‬
‫ريال حس�ب املعتاد‪ ،‬جعلت األجرة ألفني وهي يف احلقيقة قسط‬
‫م�ن الثمن حتى تبل�غ القيمة املقدرة‪ ،‬فإن أعرس بالقس�ط األخري‬
‫مثال س�حبت منه العني باعتبار أهن�ا مؤجرة وال يرد عليه ما أخذ‬
‫بن�اء عىل أنه اس�توىف املنفعة وال خيفى ما يف ه�ذا من الظلم‬
‫من�ه‪ً ،‬‬
‫وااللتجاء إىل االستدانة‪.‬‬

‫(‪)63‬‬
‫ويمكن مناقش�ة هذا اإليراد بأن األجرة السنوية أو الشهرية أو‬
‫األس�بوعية أو اليومية خيضع مقدارها على ما يتفق عليه طرفاها‬
‫أح�دا من أهل العل�م قيد األجرة‬‫املؤج�ر واملس�تأجر‪ .‬وال نعلم ً‬
‫بمبل�غ معني‪ .‬ب�ل األمر يف ذلك راجع إىل ما يتف�ق عليه الطرفان‬
‫ق�ل ذلك أو كث�ر‪ ،‬إذا كان كل واحد منهام مؤهلا تأهيلاً رشع ًّيا‬
‫َّ‬
‫للترصف ونفاذه‪ .‬وما ذكره أهل العلم من الرجوع إىل أجرة املثل‬
‫فإن ذلك يف حاالت بطالن عقد اإلجارة بعد نفاذه‪ .‬والتفصيل يف‬
‫ذلك مذكور يف مصادره الفقهية‪.‬‬
‫وس�واء يف ذلك أكان�ت األجرة الدورية لكامل املدة تس�اوي‬
‫قيم�ة العني املؤجرة أم تزيد عنه�ا أم تنقص‪ .‬فليس لذلك عالقة‬
‫بالعين حمل العقد‪ ،‬فليس�ت مبيعة‪ ،‬وإنامه�ي عني مؤجرة ختضع‬
‫لكامل أحكام اإلجارة‪.‬‬
‫وأم�ا القول ب�أن البائع – املؤجر – يعترب مبل�غ قيمة العني هو‬
‫ثم�ن بيعه�ا وإن كان بصيغ�ة اإلجارة وذلك من أج�ل أن يتوثق‬
‫بحق�ه‪ ،‬بحي�ث ال يمكن للمشتري بيعه‪ .‬فهذا ق�ول ال يتفق مع‬
‫واق�ع التعامل فالعني مملوكة للمؤجر‪ ،‬وهي بيد املس�تأجر أمانة‪،‬‬
‫مكن�ه منها الس�تيفائه منفعتها الت�ي جرت اإلج�ارة عليها‪ .‬فلو‬
‫تع�د أو تفري�ط فهي‬
‫تلف�ت العين وه�ي يف يد املس�تأجر ب�دون ٍّ‬

‫(‪)64‬‬
‫م�ن ضامن املؤجر وليس عىل املس�تأجر ضامن ذل�ك‪ .‬ولو بطلت‬
‫اإلجارة بأي سبب من أسباب بطالهنا رجعت العني املؤجرة إىل‬
‫مالكها املؤجر‪ .‬وانفس�خت اإلجارة فيام بقي من املدة‪ .‬فهل هذه‬
‫خصائص البيع أو خصائص اإلجيار؟‬
‫واملثال الذي جاء يف اإليراد ال يؤيد القول بأن العملية بيع‪ .‬سواء‬
‫ناقصا‪ .‬فال‬
‫زائدا أم ً‬
‫أكان جمموع اإلجيارات مساو ًيا لقيمة العني أم ً‬
‫عالقة هبذا االتفاق يف ذلك‪ .‬والقول بأنه يف حال إعساراملس�تأجر‬
‫عن أجرة املدة األخرية تس�حب من�ه العني املؤجرة عليه‪ .‬هذا هو‬
‫العدل ألن العني املؤجرة بيد املس�تأجر عىل سبيل اإلجارة ال عىل‬
‫س�بيل البي�ع الناقل للملكية‪ ،‬وه�ذا هو احلك�م الرشعي يف حال‬
‫انفساخ عقد اإلجيار‪ ،‬ثم رجوع العني املؤجرة إىل مالكها املؤجر‪.‬‬
‫وأم�ا القول بأن مبلغ اإلجي�ار زائد عن أجرة املثل فهذه الزيادة‬
‫إن كانت فهي يف مقابلة الوعد بالتمليك‪ .‬ويف حال انفس�اخ عقد‬
‫اإلج�ارة بأمر خ�ارج ع�ن إرادة الطرفني‪ ،‬أو بس�بب من املؤجر‬
‫نفس�ه فللمس�تأجر حق املطالبة بام زاد عن أج�رة املثل لكامل ما‬
‫دفعه من أجرة‪ ،‬لفوات غرضه يف دفع أجرة زائدة عن أجرة املثل‬
‫وهو وعده بالتمليك الذي فات إنفاذه‪.‬‬

‫(‪)65‬‬
‫األم�ر الثالث‪ :‬إن ه�ذا العقد وأمثاله أدى إىل تس�اهل الفقراء‬
‫يف الديون حتى أصبحت ذمم كثري منهم مش�غولة منهكة‪ ،‬وربام‬
‫يؤدي إىل إفالس بعض الدائنني لضياع حقوقهم يف ذمم الفقراء‪.‬‬
‫اإلجاب�ة ع�ن هذا اإليراد ب�أن هذا جانب س�لوكي ال عالقة‬
‫للعق�ود الرشعي�ة بأث�ره حتليًل�اً أو حتريًم�اً ‪ ،‬فلي�س للجوان�ب‬
‫الس�لوكية آث�ار عىل صح�ة العق�ود أو بطالهن�ا‪ ،‬إال إن كانت‬
‫ص�ادرة مم�ن ال أهلية له يف الترصف من ق�ارص أو حمجور عليه‬
‫حلظه أو حلظ غريه‪.‬‬
‫وأم�ا العقلاء ذوو األهلي�ة الرشعي�ة يف التصرف فلا جيوز‬
‫احلج�ر عىل ترصفاهتم يف بي�ع أو رشاء أو تأجري أو هبة أو وقف‪،‬‬
‫أو غير ذلك من أنواع الترصف�ات الرشعية‪ .‬وال أن يقال يف حق‬
‫ترصفاهتم بأهنا باطلة وعقودها غري صحيحة؛ ألهنا صدرت ممن‬
‫ال حاج�ة له بذلك أو ملا يف ذلك من تعريض الذمة للتحمل واهلل‬
‫سبحانه وتعاىل يقول‪﴿ :‬ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ﴾‪.‬‬
‫متجها لكن‬
‫ً‬ ‫ولو كان هذا التوجيه عىل س�بيل النصيح�ة لكان‬
‫ال أثر له عىل العقود من حيث التصحيح أو اإلبطال أو اإلباحة‪.‬‬

‫(‪)66‬‬
‫وهناك من صحح هذه العقود عىل اعتبارها عقود بيع ال عقود‬
‫إج�ارة وأن العني حمل العقد رهن لبائعها من مشترهيا يف ثمنها‪،‬‬
‫وهذا القول غري صحيح ملا ييل‪:‬‬
‫أوال‪ :‬إن العقد عقد رصيح بأنه عقد إجيار وليس عقد بيع‪ ،‬وال‬
‫جيوز رصف اللفظ الرصيح عن مدلوله إىل غريه‪.‬‬
‫ثاني�ا‪ :‬ل�و كان بي ًعا لكانت العني حمل العقد مملوكة للمشتري‬
‫بعد العقد‪ ،‬ولكان�ت مجيع أحكام البيع ثابتة بموجب هذا العقد‬
‫للط�رف اآلخ�ر‪ .‬وليس األم�ر كذلك فالعين ال ت�زال ملكيتها‬
‫للمؤج�ر ومجي�ع أحكام التمل�ك ثابتة له بموج�ب أصل امللكية‬
‫وانتفاء أسباب انتقاهلا عن يده‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬لو كان بي ًعا وطرأ ما يؤثر عىل صحة العقد رجعت العني‬
‫إىل مالكها األول‪ ،‬باعتبارأن البيع غري صحيح‪ ،‬وتعني عىل البائع‬
‫دف�ع م�ا قبضه من ثم�ن إىل املشتري‪ .‬وليس األم�ر كذلك وإنام‬
‫األم�ر أن يق�وم املؤجر بس�حب العني التي أجره�ا وذلك من يد‬
‫مس�تأجرها يف حال انفس�اخ عقد اإلجيار ألي سبب من أسباب‬
‫فس�خه؛ ألن العني املؤج�رة ال تزال يف ملكيت�ه‪ ،‬ولو افرتض بأن‬
‫العين املؤجرة قد زاد ثمنها‪ ،‬أو حصل هلا نامء متصل أو منفصل‬

‫(‪)67‬‬
‫فإن هذه الزيادة ملصلحة مالكها املؤجر وليس للمستأجر حق يف‬
‫املطالبة بذلك‪.‬‬
‫وإذا ن�كل املؤج�ر عن الوف�اء بوع�ده متليك املس�تأجر العني‬
‫املؤج�رة هبب�ة أو س�عر خمف�ض‪ ،‬فليس للمس�تأجر غير حقه يف‬
‫املطالب�ة ب�رد الزي�ادة عىل أج�رة املثل لف�وات غرض�ه يف دفعها‪،‬‬
‫وكذل�ك املطالب�ة بالتعوي�ض عن الضرر الالحق ب�ه لقاء عدم‬
‫الوفاء بوعوده ويمكننا توضيح ذلك يف املثال اآليت‪:‬‬
‫ش�هرا‪ ،‬أجرة كل ش�هر ثالثة‬ ‫ً‬ ‫بكرا منزلاً مدة أربعني‬
‫زي�د أج�ر ً‬
‫آالف ري�ال‪ ،‬ووع�ده متليك�ه إي�اه بقيمة خمفض�ة بعد انته�اء مدة‬
‫اإلج�ارة‪ .‬وكانت قيمة مثل هذا املنزل مائ�ة وعرشين ألف ريال‪،‬‬
‫وبع�د انقضاء املدة ارتفعت قيمة هذا املنزل إىل أربعامئة ألف ريال‬
‫فنكل املؤجر عن الوفاء بوعده بالتمليك‪ ،‬فللمستأجر حق املطالبة‬
‫بما زاد يف األج�رة؛ لع�دم الوفاء بالوع�د‪ ،‬فلو كانت املس�ألة بي ًعا‬
‫حقيق ًّي�ا كام يقال ملا كان للمؤجر خيار يف الوفاء بالوعد من عدمه‬
‫ويف االلت�زام بالرضر الناتج يف حال عدم الوفاء بالوعد‪ ،‬حيث إن‬
‫هذه النتيجة تعطي القناعة بأن العقد عقد إجيار وليس عقد بيع‪.‬‬
‫واهلل أعلم‪.‬‬ ‫ ‬

‫(‪)68‬‬
‫الديون املتعثرة وعالجها‬
‫بسم اهلل الرمحن الرحيم‬
‫احلم�د هلل‪ ،‬وصلى اهلل وس�لم عىل رس�ول اهلل حمم�د وعىل آله‬
‫وأصحابه وبعد‪:‬‬
‫فالواق�ع أن الدي�ون املتعث�رة تعتبر أكبر عائ�ق من عوائ�ق قدرة‬
‫املصارف اإلسالمية عىل الدخول يف األسواق املالية والصول واجلول‬
‫بمختلف أنواع طرق االس�تثامر‪ .‬فلئن كان للمصارف الربوية حرية‬
‫يف التصرف جيعلها أكثر ق�درة عىل مواجهة الدي�ون املتعثرة‪ ،‬حيث‬
‫تزاول مع أصحاهبا القاعدة الربوية أتريب أم تقيض؟ فليس للمصارف‬
‫اإلسلامية حق األخذ هبذا النهج مسلكًا‪ ،‬وال جيوز هلا أن تتخذ إليه‬
‫طريقا‪ ،‬ولكن جيب أال يكون تقيدها بأحكام اإلسلام يف التعامالت‬
‫التجارية عائ ًقا هلا يف االستثامر؛ فرسول اهلل ﷺ يقول‪:‬‬
‫«مطل الغني ظلم» ويقول‪« :‬ليَ ُّ الواجد يحُ ل عقوبته وعرضه»‪.‬‬
‫ف�إذا ثبت مطل الغن�ي َو َل ُّيه صار مس�تح ًّقا إليق�اع العقوبة عليه‬
‫بجلده وحبس�ه وبيع ما يملكه لس�داد ما علي�ه من دين وعقوبته‬
‫بالتغريم املايل‪.‬‬
‫وقد عرض بعض املهتمني بالدراسات اإلسالمية االقتصادية‬

‫(‪)71‬‬
‫جمموع�ة م�ن األف�كار ملعاجل�ة مش�اكل الدي�ون املتعثرة حيس�ن‬
‫عالج�ا هل�ذه الدي�ون‬
‫ً‬ ‫بن�ا اس�تعراضها‪ ،‬والنظ�ر يف صالحه�ا‬
‫أواالستعاضة عنها بغريها‪ ،‬ومنها ما ييل‪:‬‬
‫أولاً ‪ :‬اشتراط حل�ول مجيع األقس�اط عند التخل�ف عن أداء‬
‫قسط منها‪.‬‬
‫وهذا يمكن التس�ليم به واعتب�اره حاف ًزا للوفاء بالس�داد‪ ،‬إذا‬
‫وج�دت اجله�ة التنفيذي�ة‪ ،‬ومل يك�ن للمامطل جم�ال يف اإلفالت‬
‫من التنفيذ بأي وس�يلة من وس�ائله‪ .‬وتضمني العقد هذا الرشط‬
‫م�ن أس�باب التقليل من حجم الدي�ون املتعث�رة وإخافة املدينني‬
‫بس�وء عاقبة مطلهم‪ ،‬مع أن أثره ضعيف يف حال ضعف الوازع‬
‫السلطاين‪ ،‬أو هتاون اجلهة املختصة يف حتصيل احلقوق‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬التوثيق للديون بالكفالة والرهن ونحومها‪.‬‬
‫ال ش�ك أن توثي�ق الديون بالكفال�ة والرهن يعتبر من أقوى‬
‫األس�باب ملعاجلة الديون املتعثرة‪ .‬فالكفيل غارم‪ ،‬والرهن توثقة‬
‫دي�ن بعين‪ .‬فمتى حص�ل املطل م�ن املدي�ن فالرهن مهي�أ لبيعه‬
‫والوف�اء من ثمنه‪ .‬وهذا من أقوى األس�باب ملعاجلة تعثر س�داد‬
‫الديون‪ .‬ولكن ليس�ت كل الديون موثق�ة برهون‪ .‬وأما الكفالة‪،‬‬

‫(‪)72‬‬
‫فالكفيل قد يك�ون ذا مالءة بامله واعتباره‪ ،‬وقد يكون من جنس‬
‫املدين يف املامطلة‪ ،‬فيبقى اإلش�كال يف تعثر الدين قائماً ‪ .‬فريجع يف‬
‫ذلك إىل املطالبة بتوقيع العقوبة عىل الكفيل كرجوعنا إىل املطالبة‬
‫بتوقيعه�ا عىل املدين نفس�ه‪ ،‬حيث إن الكفالة ض�م ذمة إىل ذمة‪،‬‬
‫وللمكف�ول له مطالبة أهيام ش�اء ‪ -‬املدي�ن أو الكفيل ‪ -‬ففي هذه‬
‫احلال ال يزال اإلشكال يف تعثر سداد الدين قائماً ‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬معاجلة املديونية املتعثرة باملشاركة يف ملكية السلع املبيعة‬
‫للعميل‪.‬‬
‫ال ش�ك أن الدخ�ول مع العميل يف اس�تيفاء م�ا عليه من دين‬
‫ِ‬
‫املتعثر‪،‬‬ ‫ِ‬
‫صاحب�ة الدين‬ ‫ٍ‬
‫متعثر برشاء ما اشتراه من املنش�أة املالية‬
‫رشاء لكامل السلع التي باعها عليه‪ ،‬أو رشاء بعضها ال شك‬ ‫ً‬ ‫إما‬
‫أن ه�ذا مس�لك إجيايب يف س�بيل احلصول على الدي�ن املتعثر أو‬
‫مثل هذا الرشاء من بيوع العينة‪ .‬ألن‬ ‫على بعضه وال يعتبر إعاد َة ِ‬
‫بيوع العينة خاصة بام إذا باع التاجر س�لعة عىل أحد الناس بثمن‬
‫مؤجل‪ ،‬ثم استعادها بالرشاء من هذا الرجل بثمن حال أقل من‬
‫ثمن بيعها عليه‪ ،‬ومل تتغري السلعة‪ ،‬ومل يتغري سعرها‪ ،‬وكان رشاؤه‬
‫إياها بطريق املواطأة عىل عودة الس�لعة إليه‪ .‬أما إذا مل يكن اتفاق‬

‫(‪)73‬‬
‫بينهما عىل بيعها بثمن مؤجل ثم رشائها من�ه بثمن حال أقل من‬
‫ثمن بيعها عليه‪ .‬فإذا استعاد الدائن سلعته من املدين برشائها منه‬
‫بثمن جي�ري االتفاق عىل تعيينه وخصمه م�ن الدين الذي عليه‪.‬‬
‫أو اس�تعاد بعض الس�لعة بحيث يكون الدائن رشيكًا للمدين يف‬
‫ملكية هذه الس�لعة‪ ،‬فهذا مس�لك سليم ال مالحظة عليه‪ .‬ولكنه‬
‫ليس حلاًّ شامال لإلشكال‪.‬‬
‫رابع�ا‪ :‬معاجل�ة املديوني�ة املتعث�رة بشراء املع�دات املبيعة عىل‬
‫العميل املدين ثم إجيارها عليه مع الوعد بالتمليك‪.‬‬
‫ه�ذا املس�لك يتف�ق م�ع املس�لك الثال�ث املتق�دم يف كثري من‬
‫عن�ارص األخذ ب�ه‪ ،‬حتى متام اس�تعادة الشراء ثم ي�أيت اإلجراء‬
‫املغاي�ر واملتمث�ل يف التأجري م�ع الوعد بالتملي�ك‪ .‬وهذه اخلطوة‬
‫األخيرة تذكرنا بقلب الدي�ن عىل املدين‪ .‬حي�ث إن التأجري مع‬
‫الوعد بالتمليك ينتهي بنتيجة بيع روعي يف األخذ به التغلب عىل‬
‫تعثر س�داد الدين‪ .‬وعليه فقد ال يظهر جواز األخذ هبذا املسلك‬
‫يف علاج تعث�ر الدين ال س�يام إذا كان التعثر نتيجة إعس�ار؛ ألن‬
‫قل�ب الدين عىل املدين تحَ َ ُّيل على الربا‪ ،‬وإمكان الدخول لألخذ‬
‫بمب�دأ‪ :‬أتريب أم تقيض؟ وذلك بطريق مغلف كالتحيل عىل الربا‬
‫يف معامالت التورق املنتهية ببيع العينة‪.‬‬

‫(‪)74‬‬
‫خامس�ا‪ :‬االتفاق مع العميل عىل دف�ع زيادة ترصف يف وجوه‬
‫اخلري يف حال املامطلة يف السداد‪.‬‬
‫وه�ذا الق�ول حمل نظ�ر وتأم�ل واجته�اد‪ ،‬فقد يف�ال بجوازه‬
‫النتف�اء املح�ذور من األخذ ب�ه إذا كان هذا التعويض املشترط‬
‫يف العقد س�يرصف يف وجوه الرب‪ ،‬ولن يس�تفيد منه الدائن حيث‬
‫يعترب عنرص ضغط عىل املدين يف الوفاء بالسداد يف وقته‪.‬‬
‫وإن قي�ل بمنع�ه فالق�ول بذلك له وج�ه من النظ�ر‪ ،‬حيث إن‬
‫اشرتاطه يعني الرتايض ضمنًا عىل التأخري بزيادة‪ ،‬كرتايض الدائن‬
‫واملدين عىل التأجي�ل بربا‪ .‬ولعل القول بمنع ذلك أصوب؛ ألن‬
‫املدي�ن س�يدفع زي�ادة ربوي�ة يقتضيه�ا العقد املتمث�ل يف ترايض‬
‫طرفيه بذلك‪ ،‬وال نس�تطيع القول بجواز ذلك وتربير اجلواز بأن‬
‫هذه الزيادة سترصف عىل جهات بر وإحسان‪.‬‬
‫يتضح احلكم بعدم جواز ذلك من املثال التايل‪:‬‬
‫رج�ل ق�دم لبنك رب�وي وديع�ة من امل�ال لغرض اس�تثامرها‬
‫استثامرا ربو ًيا عىل أن تكون عوائد هذه الوديعة جلهة بر كمدرسة‬
‫ً‬
‫أح�دا من أهل‬
‫أو مس�جد أو مستش�في أو غير ذلك‪ ،‬فهل نجد ً‬
‫العلم جييز هذا الترصف؟‬

‫(‪)75‬‬
‫ق�د يقال بأن جمموعة من الفتاوى الصادرة من جهات متعددة‬
‫أباح�ت رصف العوائد البنكي�ة يف أعامل بر‪ .‬نق�ول نعم‪ :‬ونحن‬
‫نفتي بذلك‪ ،‬إال أن األمر خيتلف‪ ،‬فقصد االس�تثامر بطريق ربوي‬
‫أحدا من أهل العلم املعترب قوهلم‬
‫لصال�ح وجوه الرب ال نعتقد أن ً‬
‫جييز هذا‪ .‬وأما من كان له يف أحد البنوك وديعة مل يكن غرضه من‬
‫إيداعها االس�تثامر الربوي‪ ،‬وإنام غرضه حفظها أو َتر ُّصد فرصة‬
‫جتارية لرصفها فيه�ا‪ ،‬أو نحو ذلك من أنواع االحتياج املرشوع‪.‬‬
‫ث�م قرر البن�ك الربوي هل�ا فائ�دة إن مل يأخذها صاح�ب الويعة‬
‫رصفها البنك الربوي يف وجوه يراها وجوه بر‪ ،‬وقد تكون كنيسة‬
‫أو مجعي�ة تبشير أو نحو ذلك مما يرض باملس�لمني‪ ،‬فه�ذه الفوائد‬
‫الربوي�ة ه�ي التي صدرت الفت�اوى بأخذها من البن�وك الربوية‬
‫ورصفها يف وجوه الرب املعتربة رش ًعا‪.‬‬
‫سادس�ا‪ :‬اشتراط دف�ع تعويض للبن�ك يف ح�ال املامطلة دون‬
‫حتديد مقداره‪ ،‬واالكتفاء بوضع أساس له‪.‬‬
‫الواقع أن اشتراط دفع تعويض للبنك يف حال املامطلة ال خيلو‬
‫من الريبة وال يبعد عن مبدأ‪ :‬أتريب أم تقيض؟ ألن قبول مثل هذا‬
‫الشرط من طرفيه ‪ -‬الدائن واملدي�ن ‪ -‬يعني اتفاقهام عىل الزيادة‬

‫(‪)76‬‬
‫يف ح�ال التأخير‪ .‬وهذا ال خيرج عن صور رب�ا اجلاهلية أتريب أم‬
‫تقضي؟ وال يعترب ذلك عقوب�ة مطل؛ ألن عقوبة املطل ال يلحظ‬
‫فيه�ا رض�ا املعا َق�ب‪ .‬والبديل عن ه�ذا ‪ -‬يف رأيي ‪ -‬أن يش�تمل‬
‫العق�د عىل األخذ بمب�دأ العقوبة التعزيري�ة بأنواعها املعتربة من‬
‫جل�د وحب�س وبيع ما للمدين من مال يف ح�ال املطل مع الغني‪،‬‬
‫وأن من العقوبة التعزيرية الغرامة املالية للدائن املترضر من مطل‬
‫حق�ه م�ع الق�درة عىل الس�داد‪ .‬وال ب�أس أن يش�تمل العقد عىل‬
‫أم�ر حتديدها‬
‫الن�ص عىل العقوب�ة املالية يف ح�ال املطل‪ ،‬ويكون ُ‬
‫الرج�وع إىل التحكيم يف تقدير هذه العقوبة التعزيرية‪ .‬وأن يعترب‬
‫َ‬
‫الـم َحك ََّمة حكماً قطع ًيا يرجع يف تنفيذه إىل اجلهات‬
‫حكم اجله�ة ُ‬
‫املختصة باحلقوق املدنية واجلزائية‪.‬‬
‫ه�ذه املعاجلة للديون املتعثرة خاصة فيام إذا كان تعثر س�دادها‬
‫نا ًجتا عن مطل املدينني يف الس�داد مع القدرة عىل الس�داد‪ .‬أما إذا‬
‫تعثر السداد نتيجة اإلعسار‪ ،‬فإن احلكم يف ذلك قوله تعاىل‪:‬‬
‫﴿ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ﴾ فيج�ب إنظ�ار املعرس‬
‫حتى تتيرس له القدرة عىل السداد‪ .‬واهلل املستعان‪.‬‬

‫(‪)77‬‬
‫بحث يف املشاركة املتناقصة‬
‫بسم احلمد هلل الرمحن الرحيم‬

‫احلم�د هلل وح�ده وصىل اهلل وس�لم عىل من ال نب�ي بعده حممد‬
‫وعىل آله وصحبه وبعد‪:‬‬
‫فهذه ورقة بحث يف مس�ألة املش�اركة املتناقصة ومدى جدوى‬
‫اعتباره�ا منتج ًا م�ن املنتجات الرشعية للمرصفيات اإلسلامية‬
‫أعددهت�ا اس�تجابة ألمان�ة رشكة ش�ورى لتكون ضم�ن أوراق‬
‫بحوث ندوهتا املنعقدة يف مدينة الكويت‪.‬‬
‫أرجو أن تكون وافية باملقصود‪ .‬واهلل املستعان‬

‫(‪)81‬‬
‫املشاركة املتناقصة‬
‫يقص�د باملش�اركة املتناقص�ة أن يتش�ارك طرف�ان يف أصل من‬
‫األص�ول العينية كأن يشترك البن�ك مع عميل�ه يف ملكية وحدة‬
‫عقارية‪ .‬فيمل�ك العميل من هذا العقار ‪ ٪10‬من كامله ويملك‬
‫البنك الباقي ‪ ٪90‬و َي ِع ُد البنك عميله وعد ًا ملزم ًا بتمليكه كامل‬
‫حصت�ه عىل فترات متتابع�ة كأن يبيعه من حصت�ه يف العقار كل‬
‫عام ‪ ٪10‬وذلك ملدة تس�ع س�نوات وجيري بني الطرفني االتفاق‬
‫عىل تقدير الثمن إما برأس املال زائد ًا هامش ًا ربحيا خيضع ملؤرش‬
‫معين وقت بيع كل حصة‪ .‬أو أن يكون بثمن معني املقدار وقت‬
‫الوع�د‪ .‬أو أن يك�ون الثمن قيمته الس�وقية وق�ت البيع‪ ،‬وهكذا‬
‫تستمر املبايعة حتى يستكمل العميل ملكيته كامل العقار‪.‬‬
‫وأثناء مدة املش�اركة بني البنك وعميله يقوم الطرفان بتأجريه‬
‫ٍّ‬
‫ولكل من الطرفني حصته من اإلجيار من مبلغ‬ ‫على طرف ثالث‬
‫اإلجي�ار حس�ب حص�ة كل واح�د منهام م�ن التمل�ك‪ .‬ويمكن‬
‫للعمي�ل أن يس�تأجر حصة البنك من العقار املشترك بينهام مدة‬
‫املشاركة املتناقصة‪ ،‬وذلك بام يتفقان عليه من األجرة‪ .‬وتتناقص‬

‫(‪)82‬‬
‫األج�رة بق�در الت�درج يف متل�ك العمي�ل‪ .‬ويف ح�ال اس�تئجار‬
‫العمي�ل حص�ة البنك من العقار يك�ون العقار رهن� ًا للبنك فيام‬
‫يتعلق بحصته من العقار‪ ،‬هذا تصوير إمجايل لنوع هذه املشاركة‬
‫وأيلولته�ا إىل متلك العميل بطريق املبايع�ة املتتالية حلصة البنك‬
‫يف متلك العقار‪ ،‬وهذه املش�اركة والتعام�ل هبا تعتمد عىل عقود‬
‫ووعود يمكن إمجاهلا فيام ييل‪:‬‬
‫أوال‪ :‬عق�د مش�اركة بني البنك وعميل�ه يف أصل من األصول‬‫ً‬
‫العيني�ة كالعق�ارات ً‬
‫مثلا‪ .‬حيث يتف�ق الطرفان عىل املش�اركة‪،‬‬
‫والغال�ب أن تكون حصة البن�ك هي الغالبة‪ ،‬فيشتري الطرفان‬
‫وح�دة عقاري�ة يك�ون اهلدف من رشائه�ا الت�درج يف متلكها من‬
‫قبل العميل عىل س�بيل بيع البن�ك حصته عىل عميله عىل فرتات‬
‫متعاقبة‪ .‬يكون للبنك يف التملك احلصة الكربى وللعميل احلصة‬
‫الصغ�رى ثم يكون الت�درج يف متلك العميل لكام�ل العقار عىل‬
‫سبيل بيع البنك حصته يف الرشاكة يف هذا العقار‪.‬‬
‫ثاني� ًا‪ :‬يص�در البن�ك للعميل وع�د ًا ملزم ًا ببيع�ه حصص ًا من‬
‫ُ‬
‫الوعد للبنك‬ ‫ملكيت�ه يف العقار عىل فرتات متعاقبة‪ .‬وق�د يصدر‬
‫م�ن العميل بالرشاء املتتابع‪ .‬فإذا ص�در الوعد من أحد الطرفني‬

‫(‪)83‬‬
‫لآلخ�ر فال يلزم املوعود املطالبة بالوفاء بالوعد وإنام يلزم الواعد‬
‫الوف�اء بالوع�د يف حال مطالب�ة املوعود بإنف�اذ الوعد‪ .‬ويف حال‬
‫ُ‬
‫تعويض املوعود عام‬ ‫َ‬
‫الواعد‬ ‫التخل�ف عن الوفاء بالوعد ‪ -‬فيلزم‬
‫يلحقه من الرضر لقاء إخالف الوعد‪.‬‬
‫وق�د صدر م�ن جممع الفق�ه التاب�ع ملنظمة الدول اإلسلامية‬
‫ق�رار بصحة الوع�د واإللزام به وكان ذلك مس�تند ًا إىل جمموعة‬
‫عموم�ات نصوص م�ن كتاب اهلل ومن س�نة رس�وله ﷺ ومن‬
‫أقوال وأعامل أصحاب رسول اهلل ﷺ السيام اخللفاء الراشدين‬
‫منهم‪ .‬وكذلك من جمموعة من فقهاء التابعني وتابعيهم من أهل‬
‫الق�رون املفضلة ومن جمموعة فقهاء م�ن املتقدمني واملتأخرين‪.‬‬
‫ويف جملة جممع الفقه اإلسالمي كثري من البحوث املتعلقة بذلك‪،‬‬
‫متبادال بين البنك ورشيك�ه العميل بحيث‬ ‫ً‬ ‫وق�د يكون الوع�د‬
‫يعط�ي البن�ك عميله وعد ًا ببيع�ه حصته يف الرشاكة عىل س�بيل‬
‫املبايعة املتتابعة‪ ،‬ويعطي العميل البنك وعد ًا برشائه‪َ ،‬ي ُعدُّ بعض‬
‫فقهائن�ا املعارصين هذي�ن الوعدين مواع�دة‪ ،‬وقد أصدر جممع‬
‫الفق�ه قرار ًا بعدم جواز املواع�دة بحجة أهنا يف حكم البيع حينام‬
‫كل واح�د من املتواعدين الوفاء بوعده‪ .‬ولكن يظهر يل ما‬ ‫يلزم َّ‬

‫(‪)84‬‬
‫ظهر لإلمام الش�افعي ولإلم�ام ابن حزم رمحهما اهلل أن املواعدة‬
‫ليس�ت بيع ًا وإنما هي وعد بالبيع فإذا نك�ث أحدمها عن الوفاء‬
‫بوع�ده ترت�ب علي�ه تعويض َم ْن وع�ده عن الضرر الالحق به‬
‫نتيجة التخلف عن الوف�اء بالوعد‪ .‬حيث ال يتصور يف املواعدة‬
‫إمج�اع الطرفين عىل املطالب�ة بالوف�اء بالوعد مطالب�ة يتعلق هبا‬
‫االلت�زام م�ن الطرفني‪ ،‬فإم�ا أن يطالب أحدمها اآلخ�ر بالرشاء‬
‫موعو ًدا‪.‬‬ ‫الم َط َالب ً‬
‫واعدا والطاِلب َ‬ ‫تنفيذ ًا لوعده بالرشاء فيكون ُ‬
‫وإم�ا أن يطلب أحدمها اآلخر بالبيع تنفيذ ًا لوعده بالبيع فيكون‬
‫َ‬
‫واملطالب واعد ًا‪.‬‬ ‫املطالِب موعود ًا‬
‫كل وع�د مم�ا يس�مى باملواعدة يعتبر وعد ًا‬
‫وهب�ذا يتض�ح أن َّ‬
‫ال ال عالق�ة له بالوعد اآلخ�ر‪ .‬حيث إن تنفي�ذ أحدمها ال‬‫مس�تق ً‬
‫َ‬
‫املطالبة‪.‬‬ ‫يعترب تنفيذ ًا لآلخر من حيث‬
‫ثالث ًا‪ :‬يقوم الطرفان أو أحدمها كالبنك مث ً‬
‫ال بتأجري هذا األصل‬
‫ِ‬
‫املشرتك بينهام عىل أحدمها أو عىل طرف ثالث ولكل واحد منهام‬
‫نصيبه من األجرة بقدر حصته يف املشاركة‪.‬‬

‫(‪)85‬‬
‫ٍ‬
‫حصة من املشاركة للطرف‬ ‫رابع ًا‪ :‬عند املطالبة بإنفاذ الوعد ببيع‬
‫الثاين فيصدر بينهام عقد مبايعة لتلك احلصة جيري فيه اس�تكامل‬
‫رشوط البي�ع وأركانه ومقتضياته‪ ،‬وهكذا يس�تمر صدور عقود‬
‫املبايع�ة املتتابعة حتى يتم اس�تكامل متلك الط�رف اآلخر لكامل‬
‫األصل املشرتك‪.‬‬
‫خامس� ًا‪ :‬يمك�ن للعميل أن يشتري احلص�ة الت�ي يريدها من‬
‫حص�ة متلك البنك وتكون حص�ة هذا العميل يف املش�اركة رهنا‬
‫للبنك له يف املبلغ املدين به عميل ُه‪ .‬وهذا متجه وله ‪ -‬البنك ‪ُّ -‬‬
‫حق‬
‫بيع حصة العميل للوفاء له بدينه عليه يف حال العجز عن السداد‪.‬‬
‫سادس� ًا‪ :‬إذا أعط�ى العمي�ل وعد ًا بمش�اركة البن�ك يف أصل‬
‫عين�ي كالعق�ار ً‬
‫مثلا وت�م االتف�اق بينهام على صيغ�ة معينة من‬
‫املش�اركة وقام البنك بتنفيذ هذه املش�اركة برشاء هذا األصل ثم‬
‫نكل العميل عن تنفيذ وعده باملشاركة فللبنك مطالبة العميل بام‬
‫يرتت�ب عىل البنك م�ن رضر‪ .‬وله خصم هذا التعويض من مبلغ‬
‫هامش اجلدي�ة وذلك ببيع هذا األصل‪ .‬فام نقص من ثمن رشائه‬
‫فل�ه حق اقتطاعه من هام�ش اجلدية‪ .‬وإن باع�ه البنك بأكثر من‬

‫(‪)86‬‬
‫ثمن رشائه أو بقدره تعني عليه ‪ -‬أي البنك ‪ -‬إعادة كامل هامش‬
‫اجلدية إىل العميل لعدم ترضره من إخالف العميل وعده‪.‬‬
‫سابع ًا‪ :‬للبنك أن يطلب من العميل قبل إنفاذ املشاركة بينهام‬
‫مبل�غ ضمان للتعوي�ض عام يلحق م�ن رضر لق�اء النكول عن‬
‫الوعد باملشاركة‪.‬‬
‫ٍ‬
‫وأمانة‬ ‫ٍ‬
‫ضمان‬ ‫ه�ذا املبلغ يس�مى هام�ش اجلدية وه�و مبلغ‬
‫للعمي�ل عن�د البنك‪ .‬وعىل البن�ك أن يرجع�ه للعميل يف حال‬
‫انته�اء احلاج�ة منه‪ .‬وله خصم م�ا يرتتب عليه م�ن رضر لقاء‬
‫تس�بب العمي�ل يف إحل�اق رضر يتعل�ق بتعامله هذا م�ع البنك‬
‫وذلك من مبلغ هامش اجلدية‪.‬‬
‫وال خيف�ى أن متي�ز املنتج�ات اإلسلامية ومنه�ا املش�اركة‬
‫املتناقص�ة يكم�ن يف ش�فافية عق�ود ه�ذه املنتج�ات ووضوح‬
‫اإللزام وااللتزام هبا‪ ،‬وأهنا مبنية عىل احلقائق والبعد عن أسباب‬
‫اخلالف والنزاع‪ ،‬ومن ذلك سالمتها من اجلهالة والغرر والغبن‬
‫والغش واخلداع‪ .‬وأسباب املخاصمة‪ .‬وال شك أن بناء العقود‬
‫على توقع�ات وأوهام ومن ذل�ك بتعليقه بم�ؤرشات تتغري يف‬

‫(‪)87‬‬
‫بع�ض األحيان بما يتحقق به الضرر عىل أط�راف العقود‪ .‬ال‬
‫ش�ك أن بناء العقود عىل مثل ذلك مما تربأ املرصفية اإلسلامية‬
‫م�ن الوقوع فيه‪ .‬وه�ذا أكرب صفة ومتيز للمرصفية اإلسلامية‬
‫عن املرصفي�ة التقليدية‪ .‬وأنقى هلا عن الغ�رر والغبن واجلهالة‬
‫وأكل أموال الناس بالباطل‪ ،‬فضال عام يف الوضوح والش�فافية‬
‫م�ن توقع تكاث�ر فرص النامء والصفق�ات الرابحة حينام تكون‬
‫اإلرادات االقتصادي�ة مبنية على الثقة ورشف التعامل وصدق‬
‫القول والعمل يف اإلجياب والقبول والتنفيذ‪.‬‬
‫وعليه فيج�ب أن تكون الرشاكة املبنية عىل التدرج يف التملك‬
‫‪ -‬الرشاكة املتناقصة ‪ -‬مشمولة بعقود ووعود وحاالت واضحة‬
‫يتض�ح منها احلق والواج�ب‪ ،‬واإللزام وااللت�زام‪ ،‬وقت العقود‬
‫وخلال تنفيذه�ا وهناية آجاهل�ا‪ .‬مما تق�دم نس�تطيع اإلجابة عن‬
‫الس�ؤالني الواردين من إدارة الندوة‪ .‬أحدمها‪ :‬هل جيوز االتفاق‬
‫بين الطرفني عند توقي�ع اتفاقية املش�اركة املتناقص�ة عىل حتديد‬
‫األج�رة الش�هرية على العمي�ل وااللتزام هب�ا خالل فترة انتقال‬
‫حصة املرصف إليه؟ واجلواب عن الس�ؤال أن احلصة التي باعها‬
‫املرصف من حصته عىل عميله باعها عليه بموجب عقد يشتمل‬

‫(‪)88‬‬
‫على مجيع رشوط صحة العقود وأركاهن�ا منتفيا عنه ما يتناىف مع‬
‫صحة العقد‪.‬‬
‫ال أو مؤج ً‬
‫ال أو مقسطا‪ .‬وبناء عىل‬ ‫وجيوز أن يكون الثمن معج ً‬
‫ه�ذا فإن ه�ذه احلصة من حص�ة الرشيك املم�ول ‪ -‬البنك ‪ -‬قد‬
‫انتقلت ملكيتها إىل رشيكه العميل وتعلقت قيمتها بذمة العميل‬
‫للبن�ك‪ .‬وهكذا تتاب�ع صفقات البي�ع عىل العمي�ل حتى يتحرر‬
‫كام�ل األصل املشترك إىل انفراد العميل بملكيت�ه‪ .‬وتتعلق ذمة‬
‫العمي�ل بكام�ل قيم�ة حصة اجل�زء اململوك قبل البي�ع للرشيك‬
‫املمول ‪ -‬البنك‪.-‬‬
‫وخالصة اإلجابة عن هذا السؤال جواز بل َت ُعينُّ أن يكون‬
‫ثمن كل جزء من أجزاء حصة الرشيك املمول معلوم ًا نوعه‬
‫ومقداره ووقت سداده وفرتات السداد إن كان الثمن مقسط ًا‪.‬‬
‫وإذا كان البي�ع املتتابع يف الرشاكة املتناقص�ة مبني ًا عىل الوعد‬
‫املل�زم فيجب أن يكون بين الرشيكني معي�ار واضح لتعيني‬
‫ثمن الرشاء وطريقة دفعه كأن يكون الثمن رأس مال األصل‬
‫زائ�د ًا ربحا خيضع مقداره ملؤرش جي�ري تعينه عند إبرام عقد‬
‫البيع وحيدد بني حدين أقىص وأدنى‪.‬‬

‫(‪)89‬‬
‫أو أن تك�ون قيم�ة كل ج�زء جي�ري متلكه عن طري�ق البيع‬
‫رأس م�ال األصل زائد ًا ربحا معين ًا بنس�بة م�ن رأس املال‪ .‬أو‬
‫أن تكون قيمته القيم َة السوقية‪ .‬وطرد ًا لالختالف والتنازع يف‬
‫حتديد الثمن عند بيع كل حصة من حصة الرشيك املمول عىل‬
‫العميل تنفيذ ًا للتدرج يف التملك طرد ًا لذلك فينبغي أن جيري‬
‫االتف�اق عىل حتدي�د الثمن مع الوعد بالبي�ع املتتابع وبالصيغة‬
‫والطريق�ة الت�ي جيرى االتف�اق عليه�ا وينبغ�ي ‪ -‬حمافظ ًة عىل‬
‫حق�وق الطرفين ‪ -‬أن يصدر من كل واح�د منهام وعد بالبيع‬
‫من الرشيك املمول وبالرشاء من العميل يلزم كل واحد منهام‬
‫ول�كل واحد منهما إنف�اذه ‪ -‬مقتضيات الوعد يف ح�ال إنفاذ‬
‫الوع�د أو النك�ول ع�ن اإلنف�اذ‪ .‬وأن ينص يف عقد املش�اركة‬
‫بينهما عىل الوعد يف متل�ك الرشيك العميل وعىل رشوط إنفاذ‬
‫الوع�د واآلثار املرتتبة عىل إخلاف الوعد من أي طرف منهام‬
‫وم�ا لآلخ�ر من حقوق جت�اه النكول أو اإلخلال بمقتضيات‬
‫الوعد وتنفيذه أو عدم تنفيذه‪.‬‬

‫(‪)90‬‬
‫السؤال الثاين‪:‬‬
‫ه�ل جيوز االتفاق بني الطرفني عند توقيع االتفاقية عىل حتديد‬
‫ثمن حصة املرصف املمول من األصل التي س�تنتقل تدرجيي ًا إىل‬
‫العميل يف اآلجال املتفق عليها من خالل مدة املشاركة املتناقصة؟‬
‫واجل�واب ع�ن هذا الس�ؤال يتضح م�ن اإلجابة عن الس�ؤال‬
‫األول وذلك فيام يتعلق بثمن حصة الرشيك البنك يف حال بيعها‬
‫عىل العميل بيع ًا متتابع ًا تنفيذ ًا التفاقية املشاركة املتناقصة‪.‬‬
‫وقد ي�ورد عىل تنفيذ املش�اركة املتناقصة ب�أن التنفيذ مبني‬
‫على الوعد امللزم والوعد عقد فهو يف قوة البيع فكيف يكون‬
‫الوع�د والتمس�ك بمتطلبات�ه ومقتضياته‪ ،‬واحل�ال أن حصة‬
‫الرشي�ك املم�ول ‪ -‬البنك ‪ -‬ال تزال مملوك�ة للبنك ويف حال‬
‫حتول الوعد إىل مواعدة فإن املواعدة غري جائزة حس�ب قرار‬
‫جممع الفقه الدويل‪.‬‬
‫واجل�واب عن اإلي�راد األول ب�أن الوعد غري عق�د‪ ،‬حيث إن‬
‫العق�د يش�تمل على اإلل�زام وااللتزام‪ .‬واحل�ق لكل م�ن طرفيه‬
‫والواجب عىل كل واحد منهام‪ ،‬حيث إن العقود مقاطع احلقوق‪،‬‬

‫(‪)91‬‬
‫وأم�ا الوعد فليس عقد ًا وإنام التزام طرف لطرف آخر‪ .‬وال يلزم‬
‫الط�رف املوعود املطالبة بتنفيذ الوع�د وإنام هو حق له متى طلبه‬
‫صار له حق حتقيقه وتنفيذه‪.‬‬
‫فلي�س عىل املوعود التزام وإنام له حق مطالبته الواعد بالوفاء‪.‬‬
‫ويف ح�ال إخلاف الواع�د الودع ف�إن للموعود مطالب�ة الواعد‬
‫بالتعوي�ض عما يناله من الرضر لقاء إخلاف الوعد‪ .‬بمعنى أن‬
‫للموع�ود مطالب�ة الواعد بتنفي�ذ الوعد أو بدف�ع التعويض عن‬
‫الضرر الالحق به لقاء النك�ول عن الوفاء بالوعد‪ .‬وهبذا يتضح‬
‫الف�رق اجلوهري بني الوعد والعقد وأن أحدمها ليس اآلخر وال‬
‫شبيها به‪.‬‬
‫وأما القول بأن املشاركة املتناقصة قد ينبني تنفيذها عىل املواعدة‬
‫وهي ممنوعة حس�ب قرار جمم�ع الفقه الدويل‪ .‬ف�إن اجلواب عن‬
‫ذل�ك بأن م�ا يصدر من املجمع يف أي مس�ألة اختلف يف حكمها‬
‫أه�ل العل�م ال يرف�ع اخلالف فيه�ا‪ .‬فليس لق�رارت املجمع قوة‬
‫اإلمج�اع‪ .‬واملواع�دة مما اختلف أهل العل�م يف حكمها من حيث‬
‫اجل�واز واملنع فقد أجازها اإلمام الش�افعي ب�ل أجازها رمحه اهلل‬

‫(‪)92‬‬
‫فيام حتت�اج صحته إىل قبض عويض العق�د كاملصارفة‪ .‬وأجازها‬
‫كذلك اإلمام ابن حزم يف املصارفة‪.‬‬
‫ووج�ه جوازه�ا أن املطالبة بتنفيذها ال تتص�ور من كال طريف‬
‫املواعدة‪ .‬فأحدمها واعد واآلخر موعود وطلب التنفيذ‪ .‬ال يكون‬
‫إال من املوعود‪ .‬فإذا وعد أحد األطراف طرفا آخر أن يبيعه سلعة‬
‫َ‬
‫الطرف األول أن يشتري منه هذه الس�لعة‬ ‫ُ‬
‫الطرف اآلخر‬ ‫ووعد‬
‫فلدين�ا وع�د من كل واحد منهام مس�تقل ع�ن اآلخر وال يرتتب‬
‫على أحدمها يف حال املطالب�ة بتنفيذه أي يشء يتعلق بمقتضيات‬
‫الوعد اآلخر‪ .‬فم�ن أجاز الوعد واإللزام به لزمه إجازة املواعدة‬
‫الس�تقالل كل واحد من الوعدين ع�ن اآلخر‪ .‬فهذا وعد بالبيع‬
‫والت�زم به يف ح�ال املطالبة به‪ .‬وهذا وعد بالرشاء يف حال املطالبة‬
‫به‪ .‬وتس�مية ه�ذه العالقة التواعدي�ة باملواعدة تس�مية حتتاج إىل‬
‫نظ�ر يف صحة التس�مية النفص�ال كل من الوعدي�ن عن اآلخر‪.‬‬
‫واهلل أعلم‪.‬‬

‫(‪)93‬‬
‫ِ‬
‫خالل فرتة املش�اركة‬ ‫وتوزي�ع العائد اإلجياري عىل الرشيكني‬
‫ط�رف ثالث يكون لكل‬‫ُ‬ ‫المش�تَ َر َك‬ ‫َ‬
‫األصل ُ‬ ‫ىف حال اس�تأجر هذا‬
‫واحد من الرشيكني نصيبه من األجرة طبق ًا لنس�بة مشاركته هلذا‬
‫األصل املؤجر‪ ،‬وإذا اس�تأجره أحد طريف املشاركة فعىل الرشيك‬
‫املس�تأجر دف�ع حصة رشيك�ه من األج�رة الدورية ‪ -‬س�نوية أو‬
‫شهرية ‪ -‬لرشيكه هذا ما تيرس إيراده واهلل املستعان‪.‬‬

‫(‪)94‬‬
‫بسم اهلل الرحمن الرحيم‬
‫احلمد هلل رب العاملني‪ ،‬وصىل اهلل وسلم عىل سيدنا ونبينا حممد‬
‫الرسول األمني وعىل آله وصحبه أمجعني‪ ،‬وبعد‪:‬‬
‫فه�ذه جمموعة فت�اوى يف االقتصاد املايل اإلسلامي فيام يتعلق‬
‫بالكس�ب واإلنف�اق والتصرف والتعام�ل‪ ،‬أحبب�ت خت�م هذه‬
‫البح�وث هبا‪ ،‬أرج�و أن تكون صوا ًبا فإن كان�ت فهذا من فضل‬
‫اهلل وس�داده‪ ،‬وإن كانت دون ذلك فه�ي جمهود برشي اجتهادي‬
‫معرض للخطأ والنسيان أرجوا هلل ريب مغفرة خطئي واملثوبة عىل‬
‫االجتهاد‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬

‫(‪)97‬‬
‫س‪ :1‬انترش لدى املصارف اإلسلامية يف جنوب رشق آس�يا‬
‫فت�وى بجواز بيع الدين بأقل منه‪-‬خص�م الكمبيالة – فهل هذه‬
‫الفت�وى صحيحة؟ وإذا كانت هذه الفتوى غري صحيحة؟ وهي‬
‫حتق�ق مصال�ح كثيرة فهل يوج�د بدي�ل عنها جيمع بين اجلواز‬
‫الرشعي وحتقيق مثل هذه املصالح؟‬
‫الج�واب‪ :‬احلمد هلل‪ ،‬ال ش�ك أن بي�ع الدين ال جي�وز لطرف‬
‫ثال�ث‪ ،‬حي�ث إن بيع�ه من ط�رف ثال�ث يعترب مصارفة يشترط‬
‫جنس�ا‪ ،‬و التقاب�ض‬
‫لصحته�ا التامث�ل يف ح�ال احت�اد العوضين ً‬
‫جنس�ا فيشترط‬
‫يف جمل�س العق�د‪ ،‬ويف ح�ال اختالف العوضني ً‬
‫لصحته�ا احلل�ول والتقاب�ض يف جمل�س العق�د‪ .‬ولي�س هذا من‬
‫ص�ور‪( :‬ضع وتعجل)‪ .‬حيث إن مس�ألة (ضع وتعجل) ال تعترب‬
‫بي ًعا‪ ،‬وإنام ه�ي صلح بني الدائن واملدين يضع الدائن بعض حقه‬
‫ليقوم املدين بتعجيل س�داد باقي�ه‪ .‬فالفتوى بجواز بيع الدين من‬
‫أحدا من أهل العلم‬
‫طرف ثالث فتوى غري صحيحة‪ ،‬وال أعرف ً‬
‫ذوى االعتبار أجازها‪.‬‬
‫ويمك�ن أن نجد بديلاً عنه�ا من حيث انتقاهلا إىل حال تنتفي‬
‫عنها صورة املصارفة‪ ،‬وتتحول إىل مس�ألة ضع وتعجل‪ .‬وذلك‬

‫(‪)98‬‬
‫ب�أن يقوم املدين بأخذ متويل من املرصف بقدر دينه‪ .‬برشائه منه‬
‫س�لعة ثم يق�وم املدين بتحويل بائع هذه الس�لعة وهو املرصف‬
‫اإلسلامي عىل املدين بمبلغ هذا الدي�ن فتنتقل عالقة املديونية‬
‫بني املدين والدائن إىل عالقة املرصف اإلسالمي باملدين األول‪،‬‬
‫حي�ث إن احلوال�ة تعن�ي انتق�ال احلق من ذم�ة إىل ذم�ة فيكون‬
‫املصرف دائنا للمدين األول بعد حتول الدين إىل ذمة املرصف‪.‬‬
‫ويف هذه احلال جيوز للمرصف تعجيل دينه بحط بعضه وسداد‬
‫باقيه عىل طريقة ض�ع وتعجل‪ ،‬ويكون للمرصف وقت حلول‬
‫أجل الس�داد مطالب�ة املدين األول باملبلغ ال�ذي حوله عليه به‪.‬‬
‫واهلل أعلم‪.‬‬
‫س‪ :2‬رج�ل يس�أل فيقول‪ :‬يل عن�د رجل بضاعة‪ ،‬اشتريتها‬
‫عيل‬
‫من�ه بطريق الس�لم من ذمت�ه‪ ،‬ويف حال وقت أدائه�ا عرض َّ‬
‫رشاءها‪ .‬فهل جيوز يل بيعها عليه واحلال أنني مل أقبضها؟‬
‫الجواب‪ :‬احلمد هلل‪ ،‬هذه مس�ألة بي�ع الدين عىل من هو عليه‬
‫فقد أجازها كثري من أهل العلم فيجوز للس�ائل أن يبيع ما بذمة‬
‫املس� َلم إلي�ه‪ ،‬جيري منه‬
‫مدين�ه م�ن بضاعة بثمن حال عىل مدينه ُ‬
‫تس�لمه إي�اه كأن يكون يف ذمته له س�يارة موصوف�ة وص ًفا يصح‬

‫(‪)99‬‬
‫به الس�لم‪ ،‬وأجل أدائها معينَّ ‪ .‬فإذا ج�اء وقت أدائها باعها عليه‬
‫بمبل�غ معين يدفعه إلي�ه وهذا جائز‪ .‬وقد أج�از ﷺ ما هو مثله‬
‫حي�ث ذكر عب�د اهلل بن عمر ‪ c‬لرس�ول اهلل ﷺ أنه كان يف‬
‫البقيع يشتري اإلبل بالدراهم فيقيض بالدنانري‪ ،‬فس�أل رس�ول‬
‫اهلل ﷺ ع�ن ذلك فقال‪« :‬ال بأس بذل�ك إذا تفرقتام وليس بينكام‬
‫يشء»‪ .‬وهذا يف شأن املصارفة وغريها أوىل باجلواز‪ .‬وأما القبض‬
‫فهو حاصل؛ ألن البضاعة يف ذمة املشترى‪ ،‬فإذا اشتراها فهو يف‬
‫حكم القابض هلا‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫س‪ :3‬رجل يمتلك أسهماً يف رشكة معينة‪ ،‬ثم إن هذه الرشكة‬
‫قررت إعطاء كل مس�اهم حق رشاء س�هم مع سهم من أسهمه‬
‫كثيرا عن القيمة االس�مية‪ .‬فه�ل جيوز هلذا‬
‫ً‬ ‫الت�ي يملكه�ا تزيد‬
‫الرج�ل أن يبيع ح َّق�ه يف رشاء هذه األس�هم اإلضافية؛ وإذا جاز‬
‫له‪ ،‬فهل جيوز بيعها بيع عربون؟‬
‫الجواب‪ :‬احلمد هلل‪.‬ال يظهر يل مانع رشعي يف جواز بيع هذا‬
‫الرجل املس�اهم حقه يف رشاء أس�هم إضافية بقيمتها االس�مية‪،‬‬
‫ولكن برشوط‪ ،‬أحدها‪ :‬أن تكون الرشكة قد قامت بإنفاذ قرارها‬
‫الصادر منها بزيادة رأس ماهلا؛ ألهنا قبل القرار حيتمل أن تعدل‬

‫(‪)100‬‬
‫عن قرارها فيس�قط ذلك احلق‪ ،‬حيث إنه قب�ل إنفاذ قرار الزيادة‬
‫يعتبر ح ًقا غري مس�تقر‪ .‬وال خيفى أن م�ن رشوط صحة البيع أن‬
‫قادرا عىل تسليمه‪.‬‬
‫تاما ً‬
‫يكون املبيع مملوكًا لبائعه ملكًا ًّ‬
‫الث�اين‪ :‬أن تس�مح الرشكة ببيع ه�ذا احلق؛ ألن�ه يف حال عدم‬
‫سماحها يعترب مبي ًعا غري مقدور عىل تسليمه‪ ،‬ومن رشوط صحة‬
‫مقدورا عىل تسليمه‪.‬‬
‫ً‬ ‫البيع أن يعترب املبيع‬
‫الثالث‪ :‬أن تكون الرشكة وما هلا من فروع ذات نش�اط حالل‪،‬‬
‫بحي�ث ال تك�ون رشكات حمرم�ة كشركات اخلم�ور واخلنازي�ر‬
‫والبن�وك الربوية‪ .‬هبذه الرشوط الثالثة يتضح لنا القول بجواز بيع‬
‫احلق يف الرشاء‪ ،‬وهذا احلق وإن مل يكن عينا مملوكة فهو اختصاص‬
‫معلوم‪ .‬وقد اجته بعض أهل العلم إىل القول بجواز بيع االختصاص‬
‫واملعاوضة عليه أش�به ح�ق االخرتاع وحق التألي�ف وحق الطبع‬
‫وامل�اركات التجاري�ة وال�وكاالت الدولي�ة‪ ،‬فكله�ا حقوق جيوز‬
‫بيعها ورشاؤها ومتلكها إذا كانت هذه احلقوق متمحضة ملكيتها‪،‬‬
‫باستقرار متلكها والقدرة عىل تسليمها ملشرتهيا‪.‬‬
‫وأما بيعها بيع عربون فإذا كانت مستوفية رشوط اعتبار متلكها‬
‫والقدرة عىل الترصف فيها‪ ،‬فال مانع من بيعها بيع عربون‪ ،‬برشط‬

‫(‪)101‬‬
‫حتديد أجل إنفاذ البيع أو العدول عنه‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫س‪ :4‬م�ا حكم بيع الدين بثمن أق�ل منه وما الفرق بني ذلك‬
‫وبني مسألة ضع وتعجل؟‬
‫الجواب‪ :‬احلمد هلل‪ .‬ال جيوز بيع الدين إال عىل من هو عليه كأن‬
‫يكون مدينًا بذهب فيقيض بفضة أو مدينًا بعملة سعودية فيقيض‬
‫بعملة أمريكية برشط أن يتفرقا وليس بينهام يشء حلديث عبداهلل‬
‫اب�ن عم�ر بن اخلط�اب ‪ .v‬وأما بيع الدين على طرف ثالث‬
‫بثم�ن أق�ل أو أكث�ر فه�ذا من قبي�ل الرصف ويشترط للرصف‬
‫املامثلة يف حال احتاد اجلنس والقبض يف جملس العقد‪ .‬وبيع الدين‬
‫مفق�ود فيه الرشطان فهو بيع باط�ل‪ ،‬إذ هو مصارفة باطلة‪ .‬وبيع‬
‫كالئ بكالئ وقد هنى ﷺ عن بيع الكالئ بالكالئ وهذا احلديث‬
‫وإن كان ضعي ًفا فقد أخذ به مجهور أهل العلم‪.‬‬
‫وأما الفرق بينه وبني مس�ألة (ض�ع وتعجل) فضع وتعجل ال‬
‫يعترب بي ًعا وإنام هو من قبيل تنازل الدائن عن بعض حقه للمدين‬
‫لق�اء تعجي�ل دينه املؤجل‪ ،‬بخلاف بيع الدين على غري املدين‪،‬‬
‫فهو بيع ثمن مؤجل بثمن أقل منه أو أكثر‪ ،‬عىل س�بيل املصارفة‬
‫الفاقدة رشط صحتها وهو باطل‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬

‫(‪)102‬‬
‫س‪ :5‬ه�ل جيوز رهن أس�هم الشركات يف الدين وكيف يتم‬
‫الزما؟‬
‫قبضها ليكون الرهن ً‬
‫الج�واب‪ :‬احلم�د هلل‪ ،‬ال خيف�ى أن من رشوط صح�ة الرهن‬
‫أن يكون الرهن مما جيوز بيعه‪ .‬فال جيوز رهن أس�هم يف رشكات‬
‫مخور أو رشكات تربية خنازير‪ ،‬أو متاجرة فيها‪ ،‬وال رهن أسهم‬
‫بن�وك ربوية‪ .‬فام ج�از بيعه ج�از رهنه؛ وما حرم متلك�ه وتداوله‬
‫بالبي�ع والشراء مل يصح رهنه‪ .‬ألن الرهن توثق�ة دين بعني‪ ،‬فإذا‬
‫ح�ل أجل س�داد الدي�ن وعجز املدين ع�ن الس�داد أو ماطل يف‬
‫الس�داد بيع عليه الرهن وتم س�داد الدين من ثمنه‪ .‬وهبذا يتضح‬
‫أن أس�هم الشركات املباح متلكه�ا جيوز رهن أس�همها إلمكان‬
‫الوف�اء ببيعه�ا‪ .‬وقبضها يت�م بأحد أمرين إما بقبض الش�هادات‬
‫هب�ا واالحتف�اظ هبا حتى انته�اء الدين‪ ،‬أو بتس�جيل رهنها لدى‬
‫الرشكة نفس�ها‪ .‬وال خيف�ى أن القبض أمر ع�ريف يتحقق بكل ما‬
‫يعطي حق الترصف يف املقبوض‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫س‪ :6‬هل جيوز الترصف يف املبيع قبل قبضه ببيع ونحوه؟‬
‫الجواب‪ :‬احلمد هلل‪ ،‬اختلف أهل العلم يف ذلك إذا كان البائع‬

‫(‪)103‬‬
‫قد مكن املشرتي من قبض املبيع‪ .‬والذي عليه مجع من أهل العلم‬
‫ع�د أو ذرع أو كيل‬
‫أن املبي�ع إذا مل حيت�ج إىل التوفي�ة من وزن أو ٍّ‬
‫وكان معينًا فيجوز للمشرتي أن يترصف يف املبيع قبل قبضه‪.‬‬
‫ويس�تدل على ذلك بقصة رشاء رس�ول اهلل ﷺ م�ن جابر بن‬
‫عب�داهلل مجل�ه حيث وهب�ه ﷺ جلابر قب�ل قبضه‪ .‬وه�ذا نوع من‬
‫التصرف بانتق�ال امللكي�ة قب�ل القبض‪ .‬ق�ال يف الفت�ح الرباين‪:‬‬
‫واملبيع يدخل يف ضامن املشرتي بمجرد العقد وإن مل يقبضه‪ .‬اهـ‪.‬‬
‫ويف األث�ر أن عثمان بن عف�ان ‪ v‬باع عىل عب�د الرمحن بن‬
‫فرس�ا وق�ال‪ :‬أحتبس الف�رس عن�دك حتي يأيت‬ ‫ع�وف ‪ً c‬‬
‫رسويل إليك ليأخذها‪ ،‬وهي يف ضامنك بمبلغ أربعة آالف درهم‪.‬‬
‫جاء هذا األثر يف مدونة اإلمام مالك رمحه اهلل‪ .‬وبعض أهل العلم‬
‫منع من ذلك حتي يتم من املشرتي قبض ما رشاه‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫س‪ :7‬أحد اإلخوة يسأل فيقول‪ :‬ظهر يف سوق االستثامرات‬
‫تعام�ل جدي�د ملخص�ه أن تقوم الدول�ة‪ ،‬مثال‪ ،‬ببي�ع مرفق من‬
‫املراف�ق العام�ة كاملطار أو املين�اء أو إحدى اجلامع�ات أو أحد‬
‫املستش�فيات‪ ،‬وذل�ك على إحدى املؤسس�ات املالي�ة التجارية‬

‫(‪)104‬‬
‫بمبل�غ معين جيري قبض�ه يف احلال‪ ،‬وبرشط أن تقوم املؤسس�ة‬
‫املالية املشرتية بتأجريه عىل الدولة بأجرة سنوية ثابتة أو متغرية‪،‬‬
‫حس�ب تغري املؤرشات املالية وذلك ملدة سنوات جيري تعينيها‪،‬‬
‫وعىل أن تعيد املؤسسة املرفق إىل الدولة ببيعه عليها بثمن مشرتاها‬
‫من الدولة‪ ،‬ثم تقوم املؤسس�ة بتقس�يم ثمن املرفق املشترى إىل‬
‫وحدات استثامرية جيري تصكيكها ليتم تداوهلا عىل سبيل البيع‬
‫والرشاء‪ .‬ويقولون عن هذه الطريقة االستثامرية بأهنا تصلح أن‬
‫تك�ون بديلاً رشع ًيا عن إص�دار الس�ندات وتداوهلا‪ .‬فام حكم‬
‫هذا النوع من التعامل؟‬
‫الج�واب‪ :‬احلمد هلل‪ ،‬الذي يظهر يل أن ه�ذا النوع من البيوع‬
‫غير صحيح‪ ،‬فهو بيع صوري مل تقص�د منه حقيقته وال احلقوق‬
‫املرتتبة عىل حصوله ونفاذه‪ .‬ولوال أن الدولة ضمنت بقاء املرفق‬
‫بيده�ا وعود املرفق إليه�ا بالثمن الذي باعته ب�ه‪ ،‬لوال أن الدولة‬
‫ضمن�ت ذلك مل�ا باعته على هذه املؤسس�ة‪ ،‬فهو بي�ع صوري مل‬
‫يغري من أمر املرفق ش�ي ًئا ويدل عىل الصورية كذلك أنه بعد متام‬
‫بي�ع الدول�ة عىل املؤسس�ة‪ ،‬وقبل إب�رام عقد تأجريه على الدولة‬
‫البائعة ال تس�تطيع املؤسس�ة أن تترصف فيه بأي وجه من وجوه‬

‫(‪)105‬‬
‫ترصف املالك يف أمالكهم‪ ،‬فهذا البيع صوري وما تاله من تأجري‬
‫مصحوب بوعد التمليك هو حيلة حلصول الدولة عىل السيولة‪،‬‬
‫ودفع فوائدها املغلفة بلباس األجرة للتأجري‪.‬‬
‫ولئ�ن نازعنا من ينف�ي الصورية يف هذا البي�ع – وهي منازعة‬
‫مرفوض�ة – فعىل فرض التس�ليم هبذه املنازعة‪ ،‬ف�إن العملية من‬
‫قبي�ل بيع الوفاء‪ ،‬وبيع الوفاء تحَ َ ُّيل عىل اس�تغالل الرهن لصالح‬
‫املرهتن‪ ،‬خال ًفا ملا عليه أهل العلم قديماً وحدي ًثا يف منع املرهتن من‬
‫اس�تغالل الراه�ن‪ .‬وإذا حصل للرهن عائ�د فإنه حق متمحض‬
‫للرهن فبي�ع الوفاء باطل‪ .‬وقد صدر بالقول ببطالنه قرار جممع‬
‫الفقه اإلسالمي بجدة‪ .‬ووجه القول باعتباره بيع وفاء أن الدولة‬
‫باع�ت عىل املؤسس�ة ه�ذا املرفق باملبل�غ الذي ه�ي حمتاجة إليه‪،‬‬
‫على أن تعي�ده املؤسس�ة للدولة يف الوق�ت الذي جي�ري حتديده‬
‫بينهما‪ ،‬فيعود املرفق للدول�ة وتعيد الدولة املبلغ الذي قبضته من‬
‫املؤسس�ة بدعوى أنه ثمن رشاء املرفق‪ ،‬بعد أن تقاضت املؤسسة‬
‫م�ن الدولة فوائد دورية ترتب�ط يف الغالب بمؤرش معني يتفق مع‬
‫الفائدة املرصفية الس�ائدة مس�تورة تل�ك الفائدة باس�م األجرة‪.‬‬
‫فإذا انتهت املدة املحددة أعادت املؤسس�ة هذا املرفق إىل الدولة‪،‬‬

‫(‪)106‬‬
‫وأعادت الدولة املبلغ الذي تسلمته من املؤسسة بدعوى أنه ثمن‬
‫املرف�ق‪ ،‬وهو من حيث احلقيقة قرض من املؤسس�ة بفائدة ربوية‬
‫يف شكل أجرة هلذا املرفق‪ .‬وفضال عن ذلك فإن املعاملة من بيوع‬
‫العينة التي قال مجهور أهل العلم بتحريمها‪ ،‬ووجه اعتبارها بيع‬
‫عينة أن املؤسس�ة املالية اشترت املرفق من الدول�ة بثمن معجل‬
‫جرى تسليمه إىل الدولة‪ ،‬وأصبح املرفق ملكًا للمؤسسة وهو يف‬
‫واقع األمر ملك صوري‪ ،‬بدليل عدم متكن املؤسسة املشرتية من‬
‫تأجريا‬
‫ً‬ ‫التصرف يف املرف�ق‪ ،‬وإنام هي ملزمة بتأجريه على الدولة‬
‫صور ًي�ا‪ ،‬بأج�رة ه�ي يف حقيقة األم�ر فائدة ربوي�ة للمبلغ الذي‬
‫دفعته املؤسس�ة للدولة ثمنً�ا للمرفق‪ .‬وبعد انته�اء مدة اإلجارة‬
‫تعي�د املؤسس�ة املرفق للدول�ة بالثمن الذي دفعته املؤسس�ة عند‬
‫بدء عملية البيع من الدولة عىل املؤسسة‪ ،‬فاملرفق باعته الدولة ثم‬
‫رشاء بثمن ما باعته به ومل يتغري املبيع – املرفق – ال من‬
‫ً‬ ‫استعادته‬
‫حيث وضعه‪ ،‬وال من حيث صفته‪ ،‬وال من حيث سعره‪ ،‬وال من‬
‫أي وجه يتغري به املبيع‪.‬‬
‫والعينة رجوع العني إىل بائعها من مشترهيا عىل سبيل اإللزام‬
‫وااللت�زام‪ .‬وقد ج�اء يف املعي�ار الرشعي لإلج�ارة واإلجارة مع‬

‫(‪)107‬‬
‫الوعد بالتمليك الصادر من هيئة املحاسبة واملراجعة للمؤسسات‬
‫املالية اإلسالمية ما نصه‪:‬‬
‫إذا كانت العني املؤجرة مشتراة من املستأجر قبل إجارهتا إليه‬
‫إج�ارة منتهية بالتمليك‪ ،‬فال بد لتجنب عقد العينة من ميض مدة‬
‫تتغري فيها العني املؤجرة أو قيمتها بني عقد اإلجارة وموعد بيعها‬
‫إىل املس�تأجر‪ .‬اه�ـ‪ .‬انظر املعيار ص‪ 125‬م�ن اإلصدار «املعايري‬
‫الرشعية س�نة ‪1423‬هـ ‪2002‬م» ومن املعلوم أن املرفق مل يتغري‬
‫س�عره وال صفت�ه وال حقيقته م�ن وقت اإلجي�ار إىل وقت إعادة‬
‫املبيع – املرفق – عىل الدولة‪ .‬فنص املعيار منطبق عىل أن هذا من‬
‫بيوع العينة‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫وخالصة اجلواب أن هذه العملية غري صحيحة وهي تحَ َ ُّيل عىل‬
‫الربا‪ ،‬فلها وجه واضح بأهنا بيع صوري مل تقصد حقيقته وال آثاره‪،‬‬
‫وجها قو ًّيا بأهنا بيع وفاء وبيع الوفاء باطل كام أخذ هبذا‬
‫كام أن هلا ً‬
‫أكث�ر أهل العلم‪ .‬وهلا وجه ثالث بأهن�ا من بيوع العينة‪ ،‬فلن خترج‬
‫ونظرا إىل أن هذه‬‫هذه العملية عن واحدة من هذه املسائل الثالث‪ً .‬‬
‫عيل أنا وبعض الزمالء من إحدى املؤسسات‬ ‫العملية قد عرضت ّ‬
‫املالية‪ ،‬وج�رى منا إجازهتا والفتوى بصحتها‪ ،‬واتضح يل فيام بعد‬

‫(‪)108‬‬
‫بأهنا غري صحيحة فرجعت عن القول بصحتها وأعلنت رجوعي‬
‫يف جمموعة من امللتقيات الفقهية‪ .‬والرجوع إىل احلق فضيلة‪ ،‬نسأل‬
‫اهلل تعاىل أن يعصمنا من اخلطأ والزلل وأن هيدينا سواء السبيل‪.‬‬
‫س‪ :8‬ه�ل جيوز العم�ل يف رشكات تصنيع الدخان ولو كان‬
‫يف القسم اإلداري؟‬
‫الج�واب‪ :‬احلم�د هلل‪ ،‬ال خيفى أن الدخان ش�جرة خبيثة اجته‬
‫املحققون من أهل العلم إىل حتريمه‪ .‬وحتريمه يعني حتريم زراعته‬
‫وتصنيع�ه وتس�ويقه ورشب�ه‪ ،‬وبن�اء عىل ذل�ك فالعم�ل يف هذه‬
‫الرشكات يف أي قس�م من أقس�امها تعاون عىل اإلثم والعدوان‪،‬‬
‫والتع�اون عىل اإلثم والعدوان خمالف ألم�ر اهلل تعاىل؛ فقد أمرنا‬
‫س�بحانه بالتعاون عىل الرب والتقوى وهنانا عن التعاون عىل اإلثم‬
‫والعدوان‪ .‬واهلل اعلم‪.‬‬
‫س‪ :9‬هل جيوز العمل يف وكاالت الدخان؟‬
‫الجواب‪ :‬احلمد هلل‪ ،‬وكاالت الدخان تقوم بالرتويج للدخان‬
‫ورشاء واستعاملاً ‪ ،‬وهذا هو التعاون عىل اإلثم‬
‫ً‬ ‫والرتغيب فيه بي ًعا‬
‫والعدوان؛ فال جيوز العمل يف هذه الرشكات‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬

‫(‪)109‬‬
‫س‪ :10‬أحده�م يس�أل‪ :‬هل الراتب التقاع�دي الذي يأخذه‬
‫جزءا م�ن الرتكة أم هو‬
‫ورث�ة املوظف املتقاعد املت�وىف هل يعترب ً‬
‫ح�ق من حقوق وارث املوظف‪ ،‬بحيث ال يرتبط بام عىل الوارث‬
‫من دين أو وصية؟‬
‫الجواب‪ :‬احلمد هلل‪ ،‬الذي يظهر يل أن الراتب التقاعدي بعد‬
‫وفاة املوظف ال يعترب من الرتكة‪ ،‬وإنام هو حق لورثة املتوىف وفق‬
‫تنظي�م ويل األم�ر يف تقدي�ر االس�تحقاق ل�كل وارث للموظف‬
‫املتقاع�د‪ ،‬وهلذا مل يكن م�ن علامئنا اعرتاض عىل تقس�يم الراتب‬
‫التقاع�دي عىل ورثة املت�وىف‪ ،‬ولو مل يكن ذل�ك خاض ًعا ألحكام‬
‫املواريث‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫س‪ :11‬إحدى األخوات تسأل بأن هلا مريا ًثا من أبيها وتنازلت‬
‫إرضاء لوالدهتا‪ ،‬ث�م بعد ذلك طلب�ت والدهتا أن‬
‫ً‬ ‫ع�ن جزء من�ه‬
‫تعط�ي أخاها األكرب وكالة عىل باقي املرياث‪ ،‬وتس�أل عن حكم‬
‫تنازهل�ا ألمها وع�ن رفضها إعطاء أخيها وكال�ة للترصف بباقي‬
‫املرياث‪ ،‬واحلال أهنا حمتاجة هي وأوالدها؟‬
‫الج�واب‪ :‬احلم�د هلل‪ ،‬م�ا يتعل�ق بتنازل الس�ائلة ع�ن بعض‬
‫مرياثه�ا ألمه�ا فه�ذا من الس�ائلة نوع م�ن برها بأمه�ا ورعايتها‬

‫(‪)110‬‬
‫حقوقها عليها‪ ،‬ونس�أل اهلل تعاىل أن يتقب�ل منها صلتها والدهتا‪،‬‬
‫وننصح والدة الس�ائلة أن تقدر ظروف بنته�ا وأوالد بنتها‪ ،‬فكام‬
‫أن هلا ح ًّقا عىل بنتها فلبنتها حق الشفقة والرمحة والعطف عليها‪.‬‬
‫وأما امتناع السائلة عن إعطاء وكالة ألخيها لبقية اإلرث‪ ،‬حيث‬
‫إن ه�ذه الوكالة نتيجتها االس�تيالء عىل كام�ل حقها اإلرثي من‬
‫أبيه�ا فللس�ائلة احل�ق يف ذلك؛ ألن امل�ال ماهلا ويس�تحب هلا أن‬
‫تتحبب إىل أمها بأي طريق من طرق التودد لعلها جتمع بني رضا‬
‫أمها وموقفها من االمتناع عن التوكيل‪ .‬واهلل املستعان‪.‬‬
‫س‪ :12‬أحده�م يس�أل بأن قبيلت�ه اتفق أفراده�ا عىل اقتطاع‬
‫ج�زء من راتب كل موظف‪ ،‬وهو منهم‪ ،‬مقداره مخس�ون رياال‪،‬‬
‫جتتم�ع ه�ذه املبال�غ املقتطعة يف صن�دوق مملوك لعم�وم القبيلة‪،‬‬
‫يرصف منه يف مقابلة ما حيدث عىل أفرادها من مس�تلزمات مالية‬
‫نتيجة حوادث سيارات أو نحوها ويسأل هذا االتفاق جائز؟‬
‫الج�واب‪ :‬احلمد هلل‪ ،‬ال ش�ك أن هذا االتفاق مم�ا يدعو إليه‬
‫الدين ويرغب؛ فيه فهو تعاون ‪ -‬إن شاء اهلل ‪ -‬عىل الرب والتقوى‬
‫�ل ه�ذا الترصف موج�ود يف أحكام‬ ‫واملس�اواة واملؤاخ�اة‪َ ،‬‬
‫وأ ْص ُ‬
‫العاقل�ة ويف الرتغي�ب يف اإلحس�ان والصدقة والصل�ة بني أفراد‬

‫(‪)111‬‬
‫القبائل والبطون واألفخاذ والعشائر‪ .‬واخلالصة أن هذا االتفاق‬
‫جائ�ز بل هو مس�تحب‪ ،‬ولكن ينبغ�ي أن يكون ه�ذا الصندوق‬
‫يف أي�د أمينة موثوقة خبرية بسلامة التصرف يف هذا الصندوق‪،‬‬
‫من حيث الوارد واملنرصف وضبط ذلك بطريقة حماس�بية ضامنة‬
‫للسالمة واحلفظ وحسن الترصف‪ .‬واهلل املستعان‪.‬‬
‫س‪ :13‬أحده�م يس�أل ب�أن مورث�ه م�ات مقت�ولاً قتل خطأ‬
‫اس�تحقت بقتله الدي�ة فهل تعترب الدية م�ن الرتكة بحيث يكون‬
‫لوصية املقتول نصيب منها؟‬
‫الجواب‪ :‬احلم�د هلل‪ ،‬الذي عليه كثري من أه�ل العلم أن دية‬
‫املقت�ول ج�زء من تركت�ه تتعلق هبا أح�كام احلق�وق املرتتبة عىل‬
‫الرتكة‪ ،‬وقد أفتى بذلك سماحة ش�يخنا الشيخ حممد بن إبراهيم‬
‫وشيخنا عبد العزيز بن باز رمحهام اهلل‪ ،‬وذكر يل الشيخ عبد العزيز‬
‫أن�ه ال يعلم خمال ًفا هلذا القول‪ ،‬وعلي�ه فيعترب للوصية نصيبها من‬
‫هذه الدية‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫س‪ :14‬أحده�م يس�أل فيق�ول ب�أن مورث�ه قت�ل قتًل�اً خطأ‬
‫واس�تحقت لقتل�ه الدية‪ ،‬وعليه دي�ن وله ورثة‪ ،‬فه�ل تعترب هذه‬
‫الدية من الرتكة أم هي حق للورثة؟‬

‫(‪)112‬‬
‫الج�واب‪ :‬احلمد هلل‪ ،‬املش�هور ل�دى أهل العل�م وما عليه‬
‫ج�زءا من تركته‪ ،‬ختضع‬
‫ً‬ ‫العم�ل والفتوى أن دية املقتول تعترب‬
‫ألح�كام احلقوق املرتتبة عىل الرتكة‪ ،‬وبناء عىل هذا القول فإذا‬
‫كان عىل املقتول ديون فتس�دد من تركته ومن ذلك هذه الدية؛‬
‫هذا هو املش�هور‪ .‬ويبنى عىل ه�ذا القول النظر هل يتصور ملن‬
‫ت�وىف أن يتجدد له ملك كمث�ل الدية لقاء قتله‪ ،‬حيث إن الدية‬
‫مل تس�تحق إال بعد زه�وق روحه‪ .‬ويف احلدي�ث «إذا مات ابن‬
‫آدم انقط�ع عمل�ه إال من ثالث‪ :‬صدقة جاري�ة‪ ،‬أو علم ينتفع‬
‫ب�ه‪ ،‬أو ول�د صالح يدعو ل�ه» وهذا النظر قد ي�ؤدي إىل القول‬
‫جزءا من الرتك�ة‪ ،‬حيث إنه مل‬
‫ب�أن الدي�ة حق للورثة وليس�ت ً‬
‫يملكها قبل موته فصارت تركة له بعد موته‪ .‬وعىل األخذ هبذا‬
‫القول ال تدفع هذه الدية لس�داد دي�ون املقتول‪ .‬فإذا أخذ هبذا‬
‫القول فليس هذا القول خمال ًفا لنص من كتاب اهلل تعاىل أو من‬
‫س�نة رس�ول اهلل ﷺ‪ ،‬وإنام هي مس�ألة قابلة لالجتهاد والذي‬
‫يظه�ر يل ‪ -‬واهلل أعل�م ‪ -‬أن الدي�ة جزء من الرتك�ة وقد أفتى‬
‫هبذا الشيخ حممد بن إبراهيم والشيخ ابن باز وغريمها من أهل‬
‫العلم‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬

‫(‪)113‬‬
‫س‪ :15‬ما التورق املرصيف املنظم ووجه عدم جوازه واختالفه‬
‫عن التورق اجلائز؟‬
‫الجواب‪ :‬احلمد هلل‪ ،‬التورق الصحيح هو أن يشرتي املحتاج‬
‫إىل النقد س�لعة من بائعها بثمن مؤجل‪ ،‬ثم يبيع املشتري سلعته‬
‫على غري من اشتراها من�ه‪ ،‬وذلك بثمن حال يقضي حاجته من‬
‫ذل�ك الثمن‪ .‬وجيب أن يكون املبيع معلوما للمشتري برؤيته أو‬
‫بصف�ة نافي�ه للجهال�ة‪ ،‬وأن يتمكن من قبضه�ا والترصف فيها‪.‬‬
‫وما يسمى بالتورق املرصيف املنظم هو أن يقوم البنك‪ ،‬مثال‪ ،‬ببيع‬
‫سلعة عىل عميل ال يدري هذا العميل عن هذه السلعة وال نوعها‬
‫وال صفته�ا‪ ،‬وال أن البنك يملكها‪ ،‬وقد يذكر البنك أن الس�لعة‬
‫يف مكان بعيد كأمريكا‪ ،‬مثال ثم يطلب البنك من العميل الوكالة‬
‫له عىل بيعها وإيداع ثمنها يف حس�ابه‪ .‬جمموعة من إجراءات هذا‬
‫البي�ع ‪ -‬التورق املرصيف املنظم ‪ -‬مش�كوك يف حتققها وقد تكون‬
‫عملية هذا التورق صورية‪ .‬فهذا هو التورق املرصيف املنظم الذي‬
‫صدر قرار جممع الفقه بمكة املكرمة بعدم إجازته‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫س‪ :16‬ما أثر املقاصد والنوايا عىل العقود صحة أو بطالنًا؟‬
‫الجواب‪ :‬احلمد هلل‪ ،‬اجلواب عن هذا السؤال أن العمل بالنية لقوله‬

‫(‪)114‬‬
‫ﷺ‪« :‬إنام األعامل بالنيات» وأكثر ما يكون العمل أو القول مرتبطا بنيته‬
‫من حيث الظاهر إذا كان ملآله احتامالت بعضها مش�كوك يف رشعيته‪،‬‬
‫ف�إن حك�م ذلك العمل مره�ون ببيان ممن صدر من�ه بمقصوده‪ .‬مثل‬
‫الكناي�ات يف الطالق‪ .‬أم�ا إذا كان العمل أو القول رص ًحيا يف املقصود‬
‫فلا حيت�اج إىل بيان املقصود من القول أو العمل‪ .‬وقد يكون القول أو‬
‫وصحيحا من حيث الظاهر‪ ،‬إال أن القصد من حصول‬ ‫ً‬ ‫العمل رص ًحيا‬
‫مخرا‪ ،‬أو كمن يؤجر‬ ‫مقتض�اه غري جائز كمن يبيع العنب ملن يعصره ً‬
‫حمرم�ا فهذا البيع أو اإلج�ارة غري جائز؛‬
‫بيت�ه أو دكانه مل�ن يزاول فيه ً‬
‫للعل�م أو لغلب�ة الظن أنه سيس�تخدم يف حمرم‪ .‬أم�ا إذا كان القصد إىل‬
‫مباح�ا والغاية هبا مرشوعة كبيوع التورق‪.‬‬‫قصدا ً‬‫احلص�ول عىل النقد ً‬
‫فلي�س احلصول عىل النقد لرصف�ه يف احلاجات املرشوعة غاية حمرمة‪.‬‬
‫أثرا يف صحة العقد من عدمه‪ ،‬وهلذا فعقود‬ ‫وخالصة اجلواب أن للنية ً‬
‫زواج املتعة والتحليل وبيع ما هو مباح الستخدامه فيام هو غري مباح‪،‬‬
‫مخرا أو اس�تئجار حمل الستخدامه مركز‬ ‫كمن يبيع العنب ملن يعرصه ً‬
‫دعارة‪ ،‬هذه العقود غري صحيحة لسوء القصد هبا‪ .‬وأما التورق فلئن‬
‫حراما حتى‬
‫كان القص�د من�ه احلصول عىل النق�د فهذا القصد لي�س ً‬
‫يقال بحرمة العقد املحقق له‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬

‫(‪)115‬‬
‫س‪ :17‬هل التنظيم يف التورق نوع من التواطؤ بني أطراف العقد؟‬
‫الجواب‪ :‬املعروف عن الت�ورق املرصيف املنظم أنه عالقة بيع‬
‫ورشاء بين البن�ك وعميل�ه‪ ،‬إال أن العمي�ل ال يعرف ش�ي ًئا عن‬
‫إج�راءات التورق‪ ،‬وإنام قصده بعد إبدائه للبنك رغبته احلصول‬
‫عىل مبلغ معني يف مقابلة مبلغ أكثر منه عىل س�بيل التأجيل‪ ،‬فهو‬
‫ال يدري عام اشرتاه‪ .‬وهل البنك يملك السلعة التي اشرتاها‪ ،‬وما‬
‫هي هذه الس�لعة وما نوعها‪ ،‬وم�ا صفتها‪ ،‬وأين موقعها‪ ،‬ظلامت‬
‫بعضها فوق بعض‪ ،‬وجهاالت متعددة‪ ،‬وعليه فقد أحسن جممع‬
‫فقه مكة يف القول بعدم جوازه‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫س‪ :18‬ما ضوابط التورق الصحيح؟‬
‫الجواب‪ :‬احلم�د هلل‪ ،‬ليس للتورق املصريف ضوابط ختالف‬
‫التورق الرشعي املش�هور املعتمد عىل اش�تامل العقد عىل رشوط‬
‫وأركان البي�ع وانتف�اء موانع صحته‪ ،‬ومتكن املشتري من قبض‬
‫س�لعته الت�ي اشتراها‪ ،‬ومتكينه م�ن الترصف تصرف املالك يف‬
‫مقدورا عىل تسلمها التسلم املحقق للقدرة‬
‫ً‬ ‫ملكه هبا‪ ،‬و أن تكون‬
‫عىل الترصف هبا‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬

‫(‪)116‬‬
‫س‪ :19‬لدينا س�بائك معدنية تش�تمل عىل ‪ %30‬من الذهب‬
‫والباق�ي معادن أخ�رى من بالتين وغريها‪ .‬فكيف جي�وز بيعها‬
‫ورشاؤها نسيئة؟‬
‫الجواب‪ :‬احلمد هلل‪ ،‬ال شك أن االحتياط لرباءة الذمة والبعد‬
‫اعتبار جان�ب الذهب‪ ،‬وإن كانت نس�بته أقل من‬ ‫ُ‬ ‫ع�ن االش�تباه‬
‫نس�بة املع�ادن األخ�رى‪ ،‬وه�ذا االعتبار يعن�ي االلت�زام يف البيع‬
‫والشراء هلذه املع�ادن وثمنها برشوط املصارف�ة يف بيوع الذهب‬
‫والفض�ة‪ .‬وهن�اك من أهل العل�م من قال بج�واز تأجيل الثمن؛‬
‫حي�ث إن العربة باألكثر والذهب يعتبر قليلاً غري مقصود كمن‬
‫يبيع سي ًفا حملىً بالذهب والفضة بثمن مؤجل‪ ،‬فيجوز ذلك؛ ألن‬
‫بي�ع حليته‪ .‬وأما إذا كانت هذه الس�بائك‬‫بيع الس�يف ال َ‬ ‫القصد ُ‬
‫َ‬
‫يش�كل الذهب فيها النس�بة الكربى مما اشتملت عليه من معادن‬
‫أخ�رى‪ ،‬فال ش�ك يف حرم�ة بيع هذه املع�ادن بثم�ن مؤجل ألنه‬
‫جي�ري عليها حك�م بيع الذهب‪ ،‬ووجوب قب�ض ثمنه يف جملس‬
‫العقد لقوله ﷺ يف ش�أن األموال الربوية ومنها الذهب والفضة‪:‬‬
‫«فإذا اختلفت األجناس فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدا بيد»‪.‬‬

‫(‪)117‬‬
‫واخلالص�ة أنه ال جيوز بيع الس�بائك الت�ي غالبها الذهب وال‬
‫رشاؤه�ا إال يدا بي�د؛ ألن احلكم للغالب واألكث�ر‪ .‬وأما إذا كان‬
‫فيه�ا قليل‪ ،‬كأن يكون م�ن الثلث فأقل فال يظه�ر مانع يف جواز‬
‫بيعها نسيئة‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫س‪ :20‬هناك رشكات صيانة تشرتي مجيع احتياجاهتا ويكون‬
‫هلم خصم‪ ،‬ويطلبون عدم ذكر اخلصم يف الفواتري‪ .‬هل جيوز ذلك؟‬
‫الج�واب‪ :‬احلم�د هلل‪ ،‬يظه�ر واهلل أعل�م أن الذي�ن يقومون‬
‫بالشراء موظفون هلذه الشركات‪ ،‬ويري�دون أن يكون اخلصم‬
‫هل�م دون رشكاهتم‪ .‬هذا نوع من أنواع خيان�ة األمانة منهم‪ ،‬ملن‬
‫فوضهم بالرشاء وحينام تتم االس�تجابة هلم يعترب املستجيب هلم‬
‫متعاونً�ا معهم عىل هذه اخليانة؛ ألن اخلصم ليس ألش�خاصهم‬
‫وإنما لرشكاهتم؛ فال جيوز ع�دم ذكر اخلصم يف الفاتورة‪ ،‬حيث‬
‫إن ع�دم ذك�ره يف الفواتير يعتبر من قبي�ل اخليان�ة‪ ،‬وأكل املال‬
‫بالباطل‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫س‪ :21‬لو حصل اتفاق بني البائع وبني أحد عمالئه إذا وصل‬
‫جمموع مشرتياته مائة ألف (‪ )100000‬فيتم خصم عرشة آالف‬
‫فهل هذا جائز؟‬

‫(‪)118‬‬
‫الج�واب‪ :‬احلمد هلل‪ ،‬نع�م جيوز ذلك؛ ألن احل�ق للبائع فإذا‬
‫تنازل عن بعض حقه جاز ذلك وال يعترب ربا وال جهالة يف ذلك‬
‫وال غ�رر‪ ،‬فاحل�ق حق�ه البائ�ع فله ح�ق التنازل ع�ن بعض حقه‬
‫ترغيبا للعميل وتشجي ًعا له يف التعامل معه‪ ،‬واالستمرار يف ذلك‬
‫فهذا جائز‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫س‪ :22‬مىض عىل وجود املصارف اإلسالمية أكثر من عرشين‬
‫عاما‪ .‬هل وجد املسلمون ضالتهم فيها؟‬
‫الجواب‪ :‬احلمد هلل‪ ،‬ال ش�ك أن املصارف اإلسلامية قامت‬
‫بمجهودات مش�كورة يف س�بيل تعويض املس�لمني عن التعامل‬
‫مع البنوك الربوية‪ ،‬واعتبارها بديلاً رشع ًّيا عنها؛ فقامت بمزاولة‬
‫جمموع�ة من األنش�طة التجاري�ة يف البيوع واإلجارة واملش�اركة‬
‫واالس�تصناع والس�لم‪ ،‬واإلس�هام يف متوي�ل رشكات ومصانع‬
‫هل�ا أثره�ا يف إنعاش األس�واق اإلسلامية التجارية‪ ،‬مس�تضيئة‬
‫بتوجيهات هيئاهتا الرشعية‪.‬‬
‫وهذا القول قد يعتربه من يش�كك يف جدوى هذه املصارف‬
‫دع�وى حتتاج إىل الدليل عىل صحتها‪ .‬وال ش�ك أن املتعاملني‬
‫مع هذه املصارف يدركون صحة هذا القول‪ .‬ومن أقوى األدلة‬

‫(‪)119‬‬
‫على الصحة اجت�اه البنوك الربوية إىل إجياد أقس�ام اس�تثامرات‬
‫إسلامية‪ ،‬فهذا االجتاه منه�م يعني إدراكهم نج�اح املصارف‬
‫اإلسلامية وثقة املس�لمني فيها ويف أنش�طتها والتزامها‪ .‬وهذا‬
‫ال يعني الش�هادة هلذه املصارف اإلسلامية بااللتزام التام وال‬
‫تربأهت�ا م�ن خمالفات‪ ،‬هي موض�ع لفت نظر املس�ؤولني عنها‬
‫إيل يف‬
‫م�ن قبل هيئات الرقابة الرشعية‪ .‬وأذكر أن س�ؤاال وجه َّ‬
‫اجلمعي�ة العمومية لرشكة الراجح�ي املرصفية وقد كنت أحد‬
‫أعضاء هيئتها‪ .‬هل تعتقد أن رشكة الراجحي رشكة إسالمية؟‬
‫فقلت للس�ائل‪ :‬هل أنت مس�لم؟ ال ش�ك أنك مس�لم‪ .‬وإذا‬
‫كن�ت مس�لماً فه�ل أنت معص�وم م�ن الذن�وب واخلطايا؟ ال‬
‫ش�ك أن رشك�ة الراجح�ي رشك�ة مس�لمة‪ ،‬وإذا كان عندها‬
‫م�ن التج�اوزات واملخالفات م�ا عند غريها فه�ذا ال خيرجها‬
‫م�ن االلت�زام باملرصفي�ة اإلسلامية‪ ،‬وكذل�ك األمر بالنس�بة‬
‫للمص�ارف والشركات واملؤسس�ات املالي�ة اإلسلامية فإذا‬
‫وجدت فيها خمالفات أو جتاوزات فهذه املخالفات ال خترجها‬
‫من انتس�اهبا إىل املرصفية اإلسلامية‪ .‬وهي تعمل جاهدة عىل‬
‫تاليف ما يقع فيها من أخطاء‪.‬‬

‫(‪)120‬‬
‫وأرى أن على مجيع عمالء هذه املصارف مس�ؤولية إبالغ أي‬
‫خمالف�ة إىل هيئ�ات الرقاب�ة الرشعية ل�كل مصرف أو رشكة أو‬
‫مؤسس�ة إسلامية‪ ،‬تعاونا من اجلميع عىل البر والتقوي‪ .‬كام أن‬
‫على عموم أه�ل الغرية والتقوى من املس�لمني الدف�اع عن هذه‬
‫املصارف‪ ،‬ورد الشبهات املوجهة إليها من أهل اجلهل واألهواء‪،‬‬
‫إال أن تك�ون ش�بهات موثقة فتحال إىل هيئ�ات الرقابة الرشعية‬
‫فيها ملعاجلتها‪ .‬واهلل املستعان‪.‬‬
‫س‪ :23‬يؤك�د أح�د علامء االقتصاد أن املصارف اإلسلامية‬
‫تسير يف طريق قد جتد نفس�ها يف املس�تقبل عاجزة ع�ن مواصلة‬
‫املشوار‪ .‬فام رأيكم يف هذا القول؟‬
‫الج�واب‪ :‬احلم�د هلل‪ ،‬أعرف ه�ذا الرجل وأع�رف حرصه‬
‫وإخالصه هلذه املصارف اإلسالمية‪ ،‬وقوله هذا صادر من غريته‬
‫عليه�ا وحرص�ه عىل اجتاهه�ا االجتاه الذي من ش�أنه أن يس�هم‬
‫إسهاما بالغًا يف التنمية االقتصادية‪ ،‬وتنشيط األسواق اإلسالمية‬
‫وتفنيد التج�اوزات الرشعية يف األعامل التجارية‪ .‬فذلك الرجل‬
‫الفاضل حيذر املصارف اإلسالمية من أن ينقطع نشاطها وتكتفي‬
‫بعملي�ات املرابحة‪ ،‬وغريها من األنش�طة املعتم�دة عىل التعامل‬

‫(‪)121‬‬
‫احل�ذر البعي�د عن املغام�رات التجاري�ة من بي�ع ورشاء وإجارة‬
‫ومشاركة وبيوع سلم واس�تصناع‪ ،‬وإسهام يف تشجيع املهارات‬
‫وأصح�اب امله�ن‪ .‬فام ذكره ه�ذا الرجل الفاض�ل صحيح مؤيد‬
‫بالنظر املنطقي‪ ،‬والبعد يف التصور‪.‬‬
‫وأرى أن عىل املصارف واملؤسس�ات املالية اإلسالمية واجب‬
‫النظ�ر فيما يضمن هلم التغلب عىل املنافس�ة املرصفي�ة التقليدية‪.‬‬
‫و ُي َمكِنَهم ‪ -‬أي املصارف اإلسالمية ‪ -‬من حتقيق أهدافهم‪ ،‬ومنها‬
‫القضاء عىل أكل أموال الناس بالباطل بأي طريق من طرق الربا‬
‫والقامر والغرر واجلهالة واحليل الباطلة‪ .‬واهلل املستعان‪.‬‬
‫س‪ :24‬ه�ل للبن�وك اإلسلامية اجت�اه مغاير ملا علي�ه البنوك‬
‫الربوي�ة‪ ،‬أم أن األم�ر م�ا كان يعتق�ده بع�ض من الن�اس من أن‬
‫عائدا واالقرتاض‬
‫االختالف لفظي فقط حيث يس�مون الفائ�دة ً‬
‫متويلاً وغري ذلك من املصطلحات املختلفة شكلاً واملتفقة نتيجة؟‬
‫الج�واب‪ :‬احلم�د هلل‪﴿ ،‬ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ﴾ فغال�ب‬
‫األنشطة يف البنوك اإلسالمية أنشطة تعتمد عىل املغامرات التجارية‬
‫من بيع ورشاء وتأجري ومش�اركة وبيوع سلم واستصناع‪ ،‬فليس‬
‫فيه�ا أرباح حمددة بل هي متوقعة‪ .‬قد حتصل وقد ال حتصل‪ ،‬وقد‬

‫(‪)122‬‬
‫تزي�د عن املتوقع وقد تؤول إىل خس�ارة‪ .‬بخالف البنوك الربوية‬
‫فليس فيها مغامرات وأرباحها فوائد ربوية معلومة بمجرد إبرام‬
‫عق�ود اإلقراض‪ .‬والق�ول بأن العائد هو معن�ى الفائدة قول غري‬
‫صحي�ح‪ .‬فالفائدة ل�دى البنوك الربوية أمر حمق�ق‪ .‬والعائد لدى‬
‫املص�ارف اإلسلامية ‪ -‬وهو الربح ‪ -‬أمر غير حمقق فقد حيصل‬
‫وق�د ال حيص�ل‪ .‬وقد يزيد ع�ن املتوقع وق�د ينقص؛ ألن�ه مبني‬
‫على قوة األس�واق التجارية أو ضعفها‪ ،‬وكذل�ك األمر يف مجيع‬
‫م�ا يقال عنه بأن�ه اختالف يف اللف�ظ واحتاد يف املعن�ى‪ .‬فهذا غري‬
‫صحيح فاالختالف يف األعامل التجارية واملرصفية بني املصارف‬
‫اإلسلامية والبنوك الربوية اختالف جذري يف الظاهر والباطن‪،‬‬
‫والش�كل واجلوهر‪ .‬وم�ن يقول هذا فهو بني أمري�ن إما جاهل‪،‬‬
‫وإما مغرض يف قلبه مرض والعياذ باهلل‪ .‬واهلل املستعان‪.‬‬
‫س‪ :25‬يش�كو بعض املتعاملني مع املصارف اإلسلامية أن‬
‫دخوهلم مع هذه املصارف محلهم التزامات أكثر من تعاملهم مع‬
‫البنوك الربوية باالقرتاض بفائدة حمددة مع بقاء مشاريعهم ملكًا‬
‫هلم وعوائدها هلم‪ .‬فكيف يعالج هذا األمر؟‬
‫الج�واب‪ :‬احلم�د هلل‪ ،‬ه�ذا الس�ؤال ال ينبغ�ي أن يص�در م�ن‬

‫(‪)123‬‬
‫املس�لم؛ ألن في�ه موازن�ة بين احل�ق والباط�ل وق�د ق�ال تع�اىل‪:‬‬
‫﴿ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫﭬ ﴾ [البق�رة‪ ] ٢٧٥ :‬ذل�ك أن املوازن�ة ال‬
‫تكون إال بني أمرين كالمها متفق مع اآلخر يف احلكم‪ .‬إال أن أحدمها‬
‫أيرس من اآلخر أو أصلح‪ .‬فالبنوك الربوية ليس لدهيا غري اإلقراض‬
‫بفائ�دة حمددة‪ ،‬بخلاف املصارف اإلسلامية فلدهيا البي�ع والرشاء‬
‫والتأجري واملشاركة واملضاربة‪ ،‬وغري ذلك من املنتجات اإلسالمية‪،‬‬
‫فضًل�اً ع�ن امتناعها عن اإلق�راض الرب�وي أو االس�تيداع بفائدة‪،‬‬
‫فنش�اطها التجاري نشاط يعطي األس�واق التجارية حركة ونشا ًطا‬
‫يف العرض والطلب‪ ،‬واإلس�هام يف تنمية االقتصاد العام وتنش�يطه‪.‬‬
‫فالعمال يس�تفيدون م�ن ه�ذه األنش�طة نقًل�اً وحف ًظ�ا وإصالح�ا‪.‬‬
‫واملستودعات تستفيد من التخزين‪ .‬ووسائل النقل املختلفة تستفيد‬
‫م�ن نقلها‪ .‬واألس�واق تزده�ر بالصفق�ات التجاري�ة‪ ،‬فيكثر بذلك‬
‫الع�رض والطل�ب‪ ،‬وه�ذا معن�ى الضرب يف األس�واق ق�ال تعاىل‬
‫ﭽ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁﮂ ﭼ[املزمل‪.]٢٠ :‬‬
‫بخلاف التعام�ل م�ع البن�وك الربوية‪ ،‬فه�و تعام�ل حمصور يف‬
‫اعتب�ار األثمان س�ل ًعا تب�اع وتشترى‪ .‬خمالف�ة يف ذل�ك األح�كام‬
‫املتعلق�ة بالتعام�ل م�ع األثمان على س�بيل املصارفة م�ن وجوب‬

‫(‪)124‬‬
‫التامث�ل يف ح�ال احت�اد جن�س العوضين‪ ،‬ووج�وب التقاب�ض يف‬
‫جمال�س العق�ود يف ح�ال اختالف جن�س العوضني‪ .‬ه�ذا جانب‪،‬‬
‫وهن�اك اعتب�ار آخر ينبغ�ي للمس�لم أن يعتربه وهو خل�و التعامل‬
‫م�ع املص�ارف اإلسلامية م�ن الرب�ا‪ ،‬ووج�وده يف التعام�ل م�ع‬
‫البن�وك الربوية‪ ،‬وم�ا حيصل يف التعامل معها من املحق واخلس�ارة‬
‫وس�وء العاقب�ة ق�ال تع�اىل‪ :‬ﭽ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈﮉ ﭼ‬
‫[البق�رة‪ .]٢٧٦ :‬أم�ا الق�ول بأن املشروع يف ح�ال االقرتاض من‬
‫البن�وك لتمويله يعترب ملكًا للعميل وعوائ�ده راجعة له‪ .‬فيقال بأن‬
‫العميل يف حال تعامله مع املصارف اإلسالمية خمري بني اشرتاكه مع‬
‫هذه املصارف يف مش�اريعه‪ ،‬وبني أمره بالشراء من هذه املصارف‬
‫عىل س�بيل املرابحة بثمن مؤجل‪ ،‬حسبام جيري االتفاق عليه‪ ،‬وبني‬
‫أن يدخل مع املصارف يف عملية اس�تئجار أو س�لم او اس�تصناع‪.‬‬
‫فوسائل تعامله مع املصارف وسائل متعددة‪ ،‬للعميل أن خيتار منها‬
‫م�ا ه�و أصلح له وأغبط‪ .‬ث�م هو بعد ذلك يف حال من االس�تقرار‬
‫النفيس‪ ،‬حينام يعرف بعد التعاقد مع املرصف اإلسلامي ما له وما‬
‫عليه من غري زيادة أو نقصان يف احلال أو املستقبل‪.‬‬
‫وأم�ا القول ب�أن املص�ارف اإلسلامية يقتيض التعام�ل معها‬
‫إج�راءات فهذه اإلجراءات هي رس إباح�ة التعامل معها‪ .‬فأنت‬

‫(‪)125‬‬
‫حينام تريد تأمني بعض احلاجات ملنزلك ال شك أن ذلك يقتيض‬
‫من�ك إجراءات متع�ددة حتى تصل هذه احلاج�ات إىل منزلك‪.‬‬
‫واهلل املستعان‪.‬‬
‫س‪ :26‬يالحظ أن العوائد التي توزعها املصارف اإلسلامية‬
‫مقاربة للعوائد الربوية يف البنوك‪ .‬فام رأيكم يف هذا االتفاق؟‬
‫الج�واب‪ :‬احلم�د هلل‪ ،‬مقارنة العوائ�د االس�تثامرية بالفوائد‬
‫الربوية مقارنة مع الفارق الكبري‪ ،‬فالعوائد االس�تثامرية مكاسب‬
‫مباح�ة والفوائد الربوية مكاس�ب خبيث�ة‪ ،‬وتقارهبام يف املقدار ال‬
‫يعني املشاهبة بينهام؛ فأحدمها حق وحالل واآلخر باطل وخبيث‪،‬‬
‫معيارا لتقرير اهلامش يف األرباح فال أثر‬
‫ً‬ ‫وأما اعتبار مقدار الفائدة‬
‫له عىل إباحة هذا اهلامش الربحي‪ ،‬إذ االعتبار بطريق الكسب ال‬
‫بمقداره‪ .‬فلو أن رجلني أحدمها باع بضاعة بخمس�ة عرش ريالاً‬
‫وق�د اشتراها بثالثة عشر رياال فرب�ح ريالين‪ ،‬واآلخر أقرض‬
‫غيره ثالثة عرش ريالاً بخمس�ة عرش ريالاً فرب�ح ريالني‪ .‬أيعترب‬
‫الكس�بان يف مقام واح�د الحتادمها يف املق�دار أم أن أحدمها مباح‬
‫واآلخر خبيث؟ واخلالصة أن اتفاق العائد االستثامري والفائدة‬
‫الربوي�ة يف املقدار ال أثر له يف اإلباحة وال التحريم‪ ،‬كام أن اعتبار‬
‫معيارا للهامش الربحي ال أثر له عىل اإلباحة‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫ً‬ ‫الفائدة‬

‫(‪)126‬‬
‫س‪ :27‬الفارق بني املرابحة والربا قد اختلط أمره وحكمه بني‬
‫بع�ض الناس املهتمين بالقضايا االقتصادية‪ ،‬حي�ث إن العائد يف‬
‫املرابحة مقارب للعائ�د من القروض الربوية‪ ،‬وقد تكون الفائدة‬
‫معيارا لتحديد ربح املضاربة‪ .‬فهل من س�بيل إىل توضيح‬
‫ً‬ ‫الربوية‬
‫حراما؟‬
‫ً‬ ‫مباحا واآلخر‬
‫الفارق بني األمرين حتى صار أحدمها ً‬
‫الجواب‪ :‬احلمد هلل‪ ،‬املرابحة من بيوع األمانة؛ فهو بيع معتمد‬
‫على أمانة وصدق البائ�ع يف حتديد ثمن رشاء البضاعة املبيعة منه‬
‫بيع مرابحة‪ .‬وما تبع رشاءها من إضافات كعمولة ونقل وشحن‬
‫وتأمني وختزين وغري ذلك‪ ،‬فثمن الس�لعة عىل سبيل بيع املرابحة‬
‫ما قامت به الس�لعة عىل من يريد بيعها بيع مرابحة‪ ،‬مضاف إليه‬
‫نس�بة معينة من كامل الثمن هي ربح للبائع‪ ،‬ختضع هذه النس�بة‬
‫ً‬
‫وانخفاضا إىل االتفاق عىل دفع الثمن من حيث التعجيل‬ ‫ارتفا ًعا‬
‫أو التأجيل‪.‬‬
‫أم�ا الفائ�دة الربوي�ة فهي رب�ح رصف نقود بنقود عىل س�بيل‬
‫التأجي�ل‪ .‬وال خيفى أن رصف النقود يشترط لصحته رشطان يف‬
‫ح�ال احتاد اجلنس من العوضني مه�ا التامثل والتقابض يف جملس‬
‫جنس�ا يشترط لصحت�ه‬‫العق�د‪ .‬ويف ح�ال اختلاف العوضين ً‬

‫(‪)127‬‬
‫رشط واح�د هو التقابض يف جمل�س العقد‪ ،‬فاملرابحة ختتلف متام‬
‫االختالف ع�ن القروض بفائدة ربوي�ة‪ ،‬فاملرابحة بيع أحله اهلل‪،‬‬
‫واإلق�راض بالفائ�دة رب�ا حرمه اهلل قال تع�اىل‪ :‬ﭽﭧ ﭨ ﭩ‬
‫ﭪ ﭫﭬ ﭼ[البقرة‪.]٢٧٥ :‬‬
‫وأم�ا القول ب�أن عائد بي�ع املرابح�ة مقارب لعائ�د اإلقراض‬
‫بالفائدة فتقارهبام يف املقدار ال يعطيهام تقار ًبا يف الصورة والش�به‬
‫واحلك�م‪ .‬ولئن اتف�ق مقدار العائد م�ن البيع مرابح�ة مع العائد‬
‫الرب�وي يف اإلق�راض‪ ،‬فه�ذا االتف�اق ال ي�دل على تقارهبما يف‬
‫احلك�م‪ ،‬فاملرابحة بيع واإلقراض بفائدة رصف والبيع ال يصلح‬
‫إال برشوطه‪ ،‬واملصارفة ال تصح إال برشوطها‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫س‪ :28‬انترش بني األوساط املالية إشاعة أن البنوك اإلسالمية‬
‫اس�تخدمت احليل للوصول إىل الفوائد الربوية بطرق مغلفة‪ .‬فام‬
‫ردكم عىل هذه املقولة؟‬
‫الج�واب‪ :‬احلمد هلل‪ ،‬قال تع�اىل‪ :‬ﭽ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ‬
‫ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯﭼ‬
‫[احلج�رات‪ ،]٦ :‬وق�ال تع�اىل‪:‬ﭽ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵﯶ ﭼ‬
‫[اإلرساء‪ ،]٣٦ :‬وق�ال تعاىل يف وصف املنافقني‪ :‬ﭽﮊ ﮋ‬

‫(‪)128‬‬
‫ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒﮓ ﭼ [النس�اء‪ ،]٨٣ :‬وق�ال تع�اىل‬
‫يف وص�ف اليه�ود‪:‬ﭽ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔﭕ ﭼ‬
‫[املائدة‪.]٤٢ :‬‬
‫ال ش�ك أن املص�ارف اإلسلامية مس�تهدفة بالع�داء من قبل‬
‫آكيل الرب�ا ومؤكلي�ه‪ ،‬فه�م ال يفت�ؤون يكيلون الته�م واالفرتاء‬
‫خطرا‬
‫وإثارة الش�بهات حول املصارف اإلسالمية؛ ألهنم يروهنا ً‬
‫عىل أعامهلم وأنش�طتهم الربوية من حيث نجاح هذه املصارف‪،‬‬
‫وقدرهتا عىل حماربة الربا وقوة التأثري عىل املس�لمني باجتنابه‪ ،‬فال‬
‫عج�ب وال غ�رو أن تأيت هذ االفرتاءات والش�بهات من هؤالء‪،‬‬
‫ومن هو يف فلكهم من جاهل أو مغرض‪ ،‬والشاعر احلكيم يقول‪:‬‬
‫وإذا َأ َت ْتــك مذمــتــي من نــاقص‬
‫فهــ�ي الش�هــادة يل بــأين كــامل‬
‫وال�ذي أعرف�ه وأدي�ن هلل ب�ه ‪ -‬بصفت�ي أح�د املس�ؤولني يف‬
‫جمموعة م�ن هيئات الرقابة الرشعية يف املصارف اإلسلامية ‪-‬‬
‫أن هذه املصارف اإلسالمية واملؤسسات املالية اإلسالمية تسري‬
‫يف أعامهل�ا عىل النهج اإلسلامي‪ ،‬فال تأخذ رب�ا وال تعطيه‪ ،‬وال‬
‫تبيع بيو ًعا حمرمة وال تشتري ش�ي ًئا من ذل�ك‪ ،‬وال تأخذ يف أي‬

‫(‪)129‬‬
‫من أنش�طتها التجاري�ة بام تأخذ به املص�ارف الربوية من أعامل‬
‫ربوية حمرمة‪.‬‬
‫فنش�اطها يف البيع والرشاء والتأجري واالشرتاك واألخذ ببيوع‬
‫السلم واالستصناع و املصارفات برشوطها‪ ،‬واإلسهام يف تنشيط‬
‫األس�واق التجاري�ة واحل�ركات االقتصادي�ة‪ ،‬ومتوي�ل املصان�ع‬
‫ومتلكها واإلسهام يف متويل املشاريع االقتصادية عن طريق بيوع‬
‫املرابح�ة والتأجري واالشتراك‪ ،‬وتش�جيع ذوي احلرف الصغرية‬
‫بتموي�ل مش�اريعهم الصغرية ع�ن طريق املرابح�ة أو التأجري أو‬
‫االشرتاك‪ ،‬فهل هذه األعامل حيل للتوصل إىل الفائدة ﴿ﯛ‬
‫ﯜ ﯝ ﯞ﴾‪.‬‬
‫إن اهلل س�بحانه وتع�اىل مل حي�رم الكس�ب ب�ل أمر بالس�عي يف‬
‫س�بيل حتصيله‪ ،‬قال تعاىل‪ :‬ﭽ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ‬
‫ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯﭰ ﭱ ﭲ ﭼ[ املل�ك‪ ،]١٥ :‬وق�ال تع�اىل‪:‬‬
‫ﭽﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ‬
‫ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭼ[ اجلمع�ة‪ ،]١٠ :‬وقال تعاىل‪ :‬ﭽ ﭺ‬
‫ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁﮂ ﭼ [ املزمل‪.]٢٠ :‬‬
‫فالكس�ب احلالل م�ال طيب‪ ،‬س�واء أكان بمقدار املكاس�ب‬
‫اخلبيثة أم أزيد منها أم أنقص‪.‬‬

‫(‪)130‬‬
‫وأما القول بأن املصارف اإلسلامية تستخدم احليل للوصول‬
‫إىل الفائ�دة‪ ،‬فما هي احليل التي تس�تخدمها للوصول إىل الفائدة‬
‫إهنا تبيع وتشتري وتربح وخترس‪ ،‬فهل الرب�ح من البيع والرشاء‬
‫حيلة للتوصل بذلك إىل الفائدة الربوية؟‬
‫هل املضاربات الرشعية واملشاركات والتأجريات وما حيصل‬
‫هلا من ذلك من أرباح يعترب حيلاً يتوصل هبا إىل الفائدة الربوية؟!‬
‫هل اإلسهام يف متويل الرشكات واملصانع واحلصول من وراء‬
‫هذه األنش�طة على أرباح‪ ،‬هل يعترب ذلك حيًل�اً للتوصل هبا إىل‬
‫الفائدة الربوية؟!‬
‫ه�ل اإلس�هام يف متوي�ل املش�اريع الصغيرة ل�ذوي احل�رف‬
‫املح�دودة‪ ،‬عىل س�بيل املش�اركة أو التأجري واحلص�ول من وراء‬
‫ذل�ك على أرباح‪ ،‬ه�ل يعترب ذل�ك من احلي�ل إىل الوص�ول إىل‬
‫الفائدة الربوية؟!‬
‫أال تعترب هذه األنشطة من املصارف اإلسالمية من وسائل تنشيط‬
‫األسواق املحلية والدولية بعرض السلع وطلبها‪ ،‬وعرض الفرص‬
‫االس�تثامرية عىل سبيل الرضب يف األس�واق واإلدارات التجارية‪،‬‬
‫فه�ل يت�م مثل ه�ذا يف املص�ارف التقليدية‪ ،‬واملنحرص نش�اطها يف‬

‫(‪)131‬‬
‫ورشاء عىل س�بيل أخ�ذ الربا وإعطائ�ه‪ .‬فهل جيوز لنا‬
‫ً‬ ‫األثمان بي ًعا‬
‫أن نجع�ل الظلمات كالن�ور والباطل كاحلق ونقول بالتس�وية بني‬
‫الكسبني؟! وقبل ختامي هذا اجلواب أحب اإلشارة إىل ما ييل‪:‬‬
‫أولاً ‪ :‬إن البن�وك التقليدي�ة أدرك�ت نج�اح االس�تثامرات‬
‫اإلسلامية‪ ،‬وإقبال املسلمني عليها بدافع التقوى واإليامن وإيثار‬
‫املكاس�ب احلالل عىل املكاس�ب املحرمة أو املش�بوهة‪ .‬فاجتهت‬
‫البنوك التقليدية إىل إجياد أقس�ام لالس�تثامرات اإلسالمية‪ ،‬وهذا‬
‫يعني أن مس�الك البنوك اإلسلامية ناجحة يف سالمة االجتاه من‬
‫حيث اجلملة ويف استقطاب جمموعة من املستثمرين‪.‬‬
‫ثان ًيا‪ :‬إن ما نقوله عن املؤسس�ات املالية اإلسلامية من سالمة‬
‫االجت�اه وحس�ن القصد ال يعني تربئتها م�ن كل نقص أو تقصري‬
‫أو خل�ل أو جت�اوز‪ ،‬فالعصمة هلل تع�اىل ثم ألنبيائه فيما يبلغونه‬
‫ع�ن رب العاملني‪ .‬وال ش�ك أن هيئات الرقاب�ة والفتوى يف هذه‬
‫املصارف مصابيح هلذه املصارف‪ ،‬وسبب قوي يف تقليل األخطاء‬
‫ومتابعة العمل‪ ،‬ولئن ُوجدت بعض األخطاء فال جيوز أن تكون‬
‫معي�ارا للحكم عليها بأهن�ا بنوك ربوية من حي�ث الباطن‪ ،‬فهذا‬
‫ً‬
‫حكم جائر وفيه من الظلم والعدوان ما اهلل به عليم‪ ،‬فكل مسلم‬

‫(‪)132‬‬
‫ال خترجه املعصية واملخالفة عن حظرية اإلسالم إال أن يكون منه‬
‫كفرا‪.‬‬
‫ذلك ً‬
‫وال شك أن من يتأمل ما كانت عليه املصارف اإلسالمية قبل‬
‫عاما وما هي عليه اآلن س�يجد فر ًقا ً‬
‫كبريا من حيث‬ ‫مخس�ة عرش ً‬
‫سلامة االجت�اه‪ ،‬وا ّط�راد تصحيح األخطاء‪ ،‬واس�تمرار حتس�ن‬
‫أوضاعه�ا واجتاهاهت�ا‪ .‬وال ينكر هذا إال جاه�ل أو ذو مرض يف‬
‫قلبه وحقد عىل هذه املصارف اإلسالمية‪ .‬واهلل املستعان‪.‬‬
‫ثال ًثا‪ :‬أرى أن عىل كل ذي غرية عىل سلامة املكاس�ب واالبتعاد‬
‫ع�ن عنارص الربا وأكل أموال الن�اس بالباطل أن يعطف عىل هذه‬
‫املصارف وأن يقف يف صفها ويدافع عنها‪ ،‬وإذا كان لديه مالحظة‬
‫عليه�ا من حي�ث اخلطأ والتجاوز وكانت ه�ذه املالحظة موثقة أن‬
‫يذكر ذلك هليئات الرقابة الرشعية يف هذه املصارف‪ ،‬وسيكون من‬
‫هذه اهليئات‪ ،‬بإذن اهلل‪ ،‬ما حيق احلق ويبطل الباطل‪ .‬واهلل املستعان‪.‬‬
‫راب ًع�ا‪ :‬ال ش�ك أن املصارف اإلسلامية يف تقوقعها يف قنوات‬
‫استثامرية حمددة مهددة بالفشل وانتصار عوامل اإلخفاق عليها‪.‬‬
‫فه�ي اآلن تويل عمليات املرابحة والت�ورق األمهية يف معامالهتا‪،‬‬
‫وه�ي حت�ذو يف تقدير اهلام�ش الربحي ح�ذو الفائ�دة الربوية يف‬

‫(‪)133‬‬
‫التقدير؛ مما جعل قريبي النظر وذوي األهواء امللتوية يقولون بأن‬
‫البنوك اإلسلامية تس�تخدم احليل للوصول إىل الفائدة الربوية‪.‬‬
‫فيج�ب أن يك�ون ل�دى املص�ارف اإلسلامية من الش�جاعة يف‬
‫االس�تثامرات م�ا جيعلها تس�هم بح�ق يف املجاالت االس�تثامرية‬
‫املختلفة‪ ،‬فمن مل خيرس ال يربح‪.‬‬
‫والشاعر العريب يقول‪:‬‬
‫وم�ن يتهي�ب صع�ود اجلب�ال‬
‫يع�ش أب�د الده�ر بين احلف�ر‬
‫واهلل املستعان‪.‬‬
‫س‪ :29‬ه�ل صحي�ح أن تكلفة التمويل اإلسلامي أعىل من‬
‫تكلف�ة التموي�ل التقلي�دي‪ .‬وهل التموي�ل الرب�وي أرحم عىل‬
‫املمول من التمويل اإلسالمي‪ ،‬كام يقول بعضهم؟‬
‫الج�واب‪ :‬احلم�د هلل‪ ،‬لعل هذا الس�ؤال ُي َذكِّر بما قاله كفار‬
‫قريش حينام قالوا‪ :‬إنام البيع مثل الربا‪ .‬فرد اهلل عليهم بقوله تعاىل‪:‬‬
‫﴿ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ﴾‪ .‬فالتمويل اإلسالمي ‪ -‬بغض النظر‬
‫ع�ن اإلجراءات املتعلقة بتحصيله ‪ -‬هو بيوع إسلامية تش�تمل‬
‫على أعي�ان مبيعة وأثامن هل�ا معروفة‪ ،‬فهو بيع س�لع بأثمان‪ .‬أما‬

‫(‪)134‬‬
‫التموي�ل ع�ن طريق الق�روض البنكية فهو بيع نق�ود بنقود‪ .‬وال‬
‫خيفى أن بيع األثامن باألثامن يعترب مصارفة‪ .‬واملصارفة يشرتط هلا‬
‫جنس�ا املامثل�ة والتقابض يف جملس العقد‬
‫يف حال احتاد العوضني ً‬
‫لقول�ه ﷺ‪« :‬الذهب بالذهب‪ ،‬والفض�ة بالفضة‪ ،‬والتمر بالتمر‪،‬‬
‫والرب بالرب‪ ،‬مثلاً بمثل‪ً ،‬يدا بيد‪ ،‬سواء بسواء‪ ،‬فمن زاد أو استزاد‬
‫فق�د أرب�ى اآلخذ واملعط�ي فيه س�واء‪ ،‬فإذا اختلف�ت األجناس‬
‫فبيع�وا كيف ش�ئتم إذا كان ًيدا بيد»‪ .‬أم�ا إذا اختلفت األجناس‬
‫بحيث تك�ون املصارفة خمتلفة العوضني كذه�ب بفضة أو ريال‬
‫س�عودي بدوالر أمريكي فيشترط لصحة املصارفة التقابض يف‬
‫جمل�س العقد لقول�ه ﷺ‪« :‬فإذا اختلفت األجن�اس فبيعوا كيف‬
‫شئتم إذا كان ًيدا بيد»‪.‬‬
‫فال جيوز للمسلم أن يفاضل بني التمويل اإلسالمي والتمويل‬
‫الرب�وي فالتمويل اإلسلامي بي�ع حالل والتموي�ل الربوي بيع‬
‫حرام‪ .‬قال تعاىل‪ :‬ﭽ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫﭬ ﭼ [البقرة‪،]٢٧٥ :‬‬
‫وق�ال أيض�ا‪ :‬ﭽ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ‬
‫ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭼ‬
‫[األحزاب‪.]٣٦ :‬‬

‫(‪)135‬‬
‫وم�ن يفاضل بينهام فهو يفاضل بني احلالل واحلرام‪ .‬وقد ذكر‬
‫حمق قال تعاىل‪ :‬ﭽ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ‬ ‫حمل ٍ‬
‫اهلل تعاىل عن الربا بأنه ُّ‬
‫ﮈﮉ ﭼ [ البق�رة‪ .]٢٧٦ :‬ث�م إن أم�ر التموي�ل الربوي مآله‬
‫عسير‪ ،‬حتى يف حال اإلعس�ار عن دفع احلق‪ ،‬حي�ث إن الفائدة‬
‫الربوي�ة س�ائرة مس�ارها يف حال تعثر الس�داد مهام كان الس�بب‬
‫يف التعثر بخالف التمويل اإلسلامي‪ ،‬فإذا تعثر الس�داد بس�بب‬
‫العج�ز عن�ه فاحلك�م يف ذلك قول�ه تع�اىل‪ :‬ﭽ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ‬
‫ﯫ ﯬ ﯭﯮ ﭼ [البقرة‪.]٢٨٠ :‬‬
‫ثم إن التمويالت اإلسلامية ُت ْعنَى بتنشيط احلركة التجارية يف‬
‫سوق السلع والبضائع‪ ،‬وحتريك عاميل العرض والطلب‪ ،‬وإثراء‬
‫املصانع واملزارع بعوامل احلركة والنش�اط بحكم حاجة السوق‬
‫إىل اإلنت�اج‪ ،‬وإجي�اد فرص الكس�ب احللال والعم�ل املختلف‬
‫لفئات املجتمع‪ ،‬ويف هذا إسهام يف القضاء عىل البطالة‪ ،‬أو تقليل‬
‫هل�ا‪ ،‬وهذه مقاص�د رشعية تتحقق من املعامالت اإلسلامية من‬
‫بيع ورشاء ورشاكة ومضاربة وس�لم واس�تصناع وتأجري‪ ،‬وغري‬
‫ذلك من قنوات االستثامر اإلسالمي‪.‬‬
‫وه�ذا ال يتحقق كل�ه أو بعض�ه يف التمويلات الربوية فضلاً‬

‫(‪)136‬‬
‫عن حجب النقود عن األس�واق وجعلها حملاًّ للبيع والرشاء‪ ،‬مما‬
‫يعترب أقوى س�بب لتفيش البطالة‪ ،‬وازدياد التضخم االقتصادي‪،‬‬
‫وانكماش نش�اط املصانع وامل�زارع واألس�واق التجارية‪ .‬وهبذا‬
‫نستطيع القول بأن السؤال‪ :‬هل التمويل اإلسالمي تكاليفه أعىل‬
‫من التمويالت التقليدية؟ سؤال ال جيوز أن يصدر من عاقل‪ ،‬هذا‬
‫الس�ؤال ُيذكِّر بمن يتس�اءل‪ :‬أهيام أقل تكلفة الزنا أم النكاح؟ ثم‬
‫إن اإلجراءات املتخذة لتحقيق التمويل اإلسالمي هي إجراءات‬
‫تعطي حقيقة التعامل اإلسالمي‪ ،‬من حيث حتقق ملكية البائع ملا‬
‫باع�ه‪ ،‬وم�ن حيث دخوله يف َد َركه وضامنه‪ ،‬ث�م بعد ذلك القدرة‬
‫عىل الترصف فيه ببيع أو تأجري أو رشاكة أو غري ذلك من أحوال‬
‫الترصف‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫وأما القول بأن التمويل الربوي أرحم للمستثمر أو املستهلك‬
‫م�ن التمويل اإلسلامي‪ ،‬فه�و قول غري صحي�ح ال من اجلانب‬
‫التعبدي واإليامين وال من اجلانب املادي يتضح ذلك فيام يأيت‪:‬‬
‫أولاً ‪ :‬إن اهلل سبحانه وتعاىل هو مالك امللك وما بأيدينا ملك هلل‬
‫ونحن مس�تخلفون عليه من قبل ربنا‪ ،‬فيجب أن ننفذ يف مال اهلل‬
‫ما أمرنا به اهلل من القصد يف اإلنفاق وسالمة الكسب‪ ،‬وأداء حق‬

‫(‪)137‬‬
‫اهلل يف املال من زكاة وصدقة وصلة وإسهام يف مصالح املسلمني‪.‬‬
‫بخلاف فاقد اإليامن باهلل والظامل لنفس�ه واخلائن ألمانته‪ ،‬فهو يف‬
‫ح�ال من القل�ق واالضطراب وازدواجية الش�عور‪ ،‬ق�ال تعاىل‪:‬‬
‫ﭽﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ‬
‫ﭛ ﭜ ﭝﭼ [البقرة‪ ]٢٧٥ :‬فهو عبد للامل يس�عد بزيادته‬
‫ويشقى بنقصه‪ ،‬وقد تصل شقاوته بنقصه إىل االنتحار كام حصل‬
‫ملجموعة من رجال األعامل يف يوم االثنني األس�ود حينام حصل‬
‫االنكامش االقتصادي وتعدد االنتحارات‪.‬‬
‫ثاني�ا‪ :‬أمرن�ا اهلل تع�اىل وهنان�ا وبَّي�نَّ لن�ا مس�الك الرضب يف‬
‫األسواق فاحل اهلل البيع وحرم الربا‪ ،‬ووجهنا تعاىل إىل السامحة‬
‫يف البيع والرشاء واالقتضاء‪ ،‬والبعد عن الغش والتدليس والغرر‬
‫واجلهال�ة وامليرس والقامر‪ ،‬وبارك لنا يف املكاس�ب املباحة ومحاها‬
‫بإخراج حق اهلل تعاىل فيها من اآلفات والنقص واخلسارة‪ .‬ومحى‬
‫ُملاَّ كه�ا م�ن املحق واآلف�ات يف أنفس�هم وأمواهل�م وأهليهم‬
‫وذرارهي�م‪ .‬وأعطاه�م نتيج�ة انقياده�م ألوامر اهلل يف الكس�ب‬
‫واإلنفاق الس�عادة النفسية والطمأنينة األمنية والشعور بالقناعة‬
‫فيما أعط�ى اهلل وأخ�ذ‪ .‬بخلاف املتخبطين فيما حت�ت أيدهيم‬

‫(‪)138‬‬
‫م�ن م�ال اهلل ومجعه من أي طري�ق‪ ،‬يظن أنه من ط�رق حتصيله‪،‬‬
‫فأحواهلم الش�خصية والصحية واالجتامعية واألرسية يف ش�قاء‬
‫وبلاء‪ ،‬وثمار أكلهم الرب�ا اتصافهم بالش�ح والبخل وقس�اوة‬
‫القل�وب واس�تمراء الظل�م والع�دوان والل�ؤم يف التعام�ل بي ًعا‬
‫ورشاء واقتضاء‪ ،‬فضلاً عام هم فيه من حماربة اهلل ورس�وله‪ .‬فأي‬‫ً‬
‫املس�لكني أرحم وأهيام ألطف؟! ث�م إن املديونية بطريق الربا قد‬
‫يكون باب الدخول فيها مغر ًيا ولكن العاقبة يف حال العجز عن‬
‫السداد عاقبة وخيمة من حيث تراكم الربا ومضاعفته‪ ،‬ورصف‬
‫النظ�ر عن أي اعتبار موجب لتعثر الس�داد‪ .‬أما املديونية بطريق‬
‫التعامل املباح فهي مديونية ثابتة ال تزيد مطل ًقا إال يف حال املطل‬
‫مع الغني‪ ،‬وأما يف حال العجز عن السداد فنظرة إىل ميرسة‪ .‬فأي‬
‫الفريقني أحق باألمن والرمحة وأوىل وأجدر؟! واهلل املستعان‪.‬‬
‫س‪ :30‬هل إجراءات التمويل اإلسالمي معقدة بالقياس إىل‬
‫إجراءات التمويل الربوي؟‬
‫الجواب‪ :‬احلمد هلل‪ ،‬اجلواب عىل هذا يتضح من اإلجابة عن السؤال‬
‫الس�ابق والعربة باآلثار والنتائج والعواق�ب‪ .‬فعاقبة األخذ بالتمويل‬
‫اإلسلامي الربكة والتوفيق والرفق يف األخذ والعطاء‪ ،‬واإلس�ها ُم يف‬

‫(‪)139‬‬
‫التنمية االقتصادية‪ ،‬وتنشيط احلركات التجارية والصناعية والزراعية‬
‫وأس�واق الس�لع واخلدمات‪ ،‬وإجي�اد عوامل الع�رض والطلب‪ ،‬قال‬
‫علامء اإلسالم‪ :‬الرضب يف األسواق غارات املؤمنني‪.‬‬
‫أما التمويل الربوي‪ ،‬فلئن كانت إجراءاته ميرسة يف احلال فإن‬
‫عاقبته وخيمة وممارسة األنش�طة التجارية والصناعية والزراعية‬
‫عن طريقه مدعاة للخسارة واملحق وتراكم املديونات‪ ،‬قال تعاىل‪:‬‬
‫ﭽ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈﮉ ﭼ[ البق�رة‪ ،]٢٧٦ :‬وقال تعاىل‪:‬‬
‫ﭽﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ‬
‫ﭛ ﭜ ﭝﭞ ﭼ [البقرة‪ .]٢٧٥ :‬واهلل املستعان‪.‬‬
‫س‪ :31‬هل البنوك اإلسلامية قارصة ع�ن الوفاء بمتطلبات‬
‫السوق التجارية والصناعية والزراعية؟‬
‫الجواب‪ :‬احلمد هلل‪ ،‬كانت فكرة إجياد بنوك إسالمية قبل ثالثني‬
‫عام�ا حلماً من األحالم‪ ،‬يراود بعض الغيورين عىل اهلوية اإلسلامية‬
‫ً‬
‫االقتصادية‪ ،‬ولكنها ص�ارت اآلن حقيقة من احلقائق املبرشة باخلري‪،‬‬
‫واالجت�اه باملس�لمني إىل م�ا حيب�ه اهلل ويرض�اه‪ ،‬وفق�ا للتوجيه�ات‬
‫اإلسلامية يف الكس�ب واإلنفاق‪ ،‬ولنجاحها وعوام�ل ثوابتها صار‬
‫جمموع�ة من أه�ل الث�راء والغنى يتنافس�ون يف إجياد ه�ذه املصارف‬

‫(‪)140‬‬
‫و ُيلِ ُّحون عىل حكوماهتم ب�اإلذن يف افتتاحها والرتخيص هلم بذلك‪.‬‬
‫كام س�ارع جمموعة م�ن البنوك التقليدي�ة بافتتاح أقس�ام يف بنوكهم‬
‫خيصوهنا بالتعامل اإلسالمي‪ ،‬وهذا يعني أن البنوك اإلسالمية تسهم‬
‫ومشكورا يف تغطية متطلبات السوق اإلسالمي من‬
‫ً‬ ‫إسهاما ملحو ًظا‬
‫ً‬
‫جت�ارة وصناعة وزراعة‪ ،‬ولكن هذا ال يعني أن املصارف اإلسلامية‬
‫قد بلغت درجة الكامل فهي ال تزال يف أوىل درجات س�لم االكتامل‪.‬‬
‫فنح�ن نأمل منها الكثري‪ ،‬واألخذ بكل جديد يف عامل االقتصاد‪ ،‬مما ال‬
‫يتعارض مع أصول اإلسالم وقواعده‪ .‬واهلل املستعان‪.‬‬
‫س‪ :32‬يسأل أحدهم‪ :‬هل عىل مدخراته لدى رشكة أرامكو‬
‫زكاة؟ وه�ل عىل املكاف�أة التي قد حيصل عليها عند تركه اخلدمة‬
‫زكاة كذلك؟‬
‫الجواب‪ :‬احلمد هلل‪ ،‬بعد التأمل يف السؤال وتصوره أجيب بام ييل‪:‬‬
‫املبلغ املدخر من املوظف لدى الرشكة إذا بلغ نصا ًبا وحال عليه‬
‫احل�ول فيجب فيه الزكاة ربع العرش؛ ألنه ماله وهو مال مملوك له‬
‫تاما متوفرة فيه رشوط الزكاة‪ ،‬فتجب فيه الزكاة‪.‬‬‫مستقرا ًّ‬
‫ً‬ ‫ملكًا‬
‫فنظ�را إىل أهن�ا غير حمققة فه�ي مال مل‬
‫ً‬ ‫وأم�ا املكاف�أة املتوقع�ة‬
‫تس�تقر ملكيته للمنس�وب إليه‪ .‬إذ حيتمل أن يسحب ادخاره عىل‬

‫(‪)141‬‬
‫أم�ل إرجاعه ثم ال يتيرس له إرجاعه م�رة أخرى‪ ،‬وبالتايل فهو ال‬
‫يس�تحق مكافأة عند انتهاء خدمته م�ن الرشكة لعدم وجود مبلغ‬
‫ادخار له عندها‪ .‬وإما أن يس�حب ادخ�اره قبل انتهاء خدمته من‬
‫الرشك�ة لعدوله عن اإليداع لدهي�ا‪ ،‬ويف كلتا احلالتني يتصور أال‬
‫يك�ون له مكاف�أة لدى الرشكة طامل�ا أن اس�تحقاقها ال يكون إال‬
‫بع�د انتهاء‪ ،‬اخلدمة وبرشط وجود إيداع ل�ه عندها‪ .‬هذه املكافأة‬
‫مال غري مس�تقر متلك�ه‪ .‬فقد حيصل عليه املوظ�ف وقد ال حيصل‬
‫عليه‪ .‬ومن رشط الزكاة يف املال الزكوي أن يكون مملوكًا لصاحبه‬
‫مس�تقرا‪ ،‬وهذه املكافأة بصفتها مالاً غري مس�تقر تمَ َ ُّلكُه‪،‬‬
‫ً‬ ‫تاما‬
‫ملكًا ًّ‬
‫فهو يشبه صداق املرأة قبل الدخول هبا وكذلك حال دين املكاتبة‬
‫ونحو ذلك من األموال اململوكة ملكًا غري مستقر‪.‬‬
‫ونظ�را إىل أن ه�ذه املكاف�أة بصفته�ا م�الاً غير مس�تقر متلك�ه‬
‫ً‬
‫للمنس�وب إليه فإن الزكاة غري واجبة فيها حتى يقبضها صاحبها‬
‫قب�ض متلك وحي�ول عليها احل�ول أو حيول عىل بعضه�ا‪ ،‬فام حال‬
‫علي�ه احلول منها عند صاحبها‪ ،‬وبلغ م�ا حال عليه نصا ًبا وجبت‬
‫في�ه ال�زكاة‪ .‬واخلالصة أن امل�ال املدخر هو ملك مس�تقر لصاحبه‬
‫جتب فيه الزكاة إذا بلغ نصا ًبا‪ ،‬وذلك كل عام‪ .‬وأما املكافأة املتوقع‬

‫(‪)142‬‬
‫حصوهلا واملحتمل عدم احلصول عليها فال جتب الزكاة فيها لعدم‬
‫استقرار ملكيتها‪ ،‬إىل أن يتم قرار استحقاقه إياها‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫س‪ :33‬رجل عنده ثالثون ألف ريال‪ ،‬وعنده ولد مريض قرر‬
‫األطب�اء إج�راء عملية له تكلفتها س�تون ألف ري�ال‪ ،‬ومل جيد من‬
‫يقرضه املبلغ املتبقي ومل جيد طريقة أخرى فاستثمر املبلغ الثالثني‬
‫أل�ف ري�ال يف الربا فأصبح س�تون ألف ريال فعال�ج ابنه به وهو‬
‫يقول‪ :‬الرضورات تبيح املحظورات‪ .‬فام رأي الدين يف هذا؟‬
‫الجواب‪ :‬احلمد هلل‪ ،‬ال ش�ك أن االس�تثامر بطري�ق الربا من‬
‫أعظم املحرمات وقد ذكر اهلل س�بحانه وتعاىل يف كتابه العزيز أن‬
‫م�ن يتعاط�ى الربا فق�د آذن بحرب من اهلل ورس�وله‪ .‬قال تعاىل‪:‬‬
‫ﭽﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ‬
‫ﯓﯔﯕﯖ ﯗﯘﯙﯚﯛﭼ [البقرة‪]٢٧٩ – ٢٧٨ :‬‬
‫وال شك أن ترصف هذا السائل باستثامر ماله يف الربا ترصف آثم‬
‫حيتاج منه إىل توبة نصوح‪ ،‬ومن تاب تاب اهلل عليه‪ ،‬لكن برشط أن‬
‫تكون التوبة صادقة وصحيحة ومس�تكملة رشوط قبوهلا قال اهلل‬
‫ﭽ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸﭹ ﭺ ﭻ‬
‫ﭼ ﭽ ﭾﭿ ﮀ ﮁ ﮂﭼ[ البقرة‪.]٢٧٥ :‬‬

‫(‪)143‬‬
‫ولي�س التعام�ل بالربا من الضرورات املبيح�ة للمحرمات‪.‬‬
‫واهلل املستعان‪.‬‬
‫س‪ :34‬سائل يقول بأنه سمع فتوى من كبار العلامء يف مرص‬
‫بإباح�ة الفوائد الربوية‪ ،‬وأنه اجت�ه إىل أحد البنوك الربوية وأودع‬
‫عندها مبلغًا من املال ثم أخذ فوائده الربوية‪ ،‬واآلن خاجله الشك‬
‫يف صحة هذه الفتوى واتقاء للشبهات‪ .‬فامذا يعمل هبذه الفوائد؟‬
‫الجواب‪ :‬احلمد هلل‪ ،‬ال شك أن الفوائد الربوية حرام‪ ،‬وهي من‬
‫الربا الرصيح وقد جاءت النصوص الرصحية من كتاب اهلل تعاىل‬
‫ومن س�نة رس�وله حممد ﷺ بتحريم الربا بجمي�ع صوره‪ ،‬وجاء‬
‫الوعيد الش�ديد والرتهي�ب البالغ ملن أخذ الرب�ا وأعطاه اآلخذ‬
‫واملعط�ي يف اإلثم س�واء‪ .‬وثب�ت عن رس�ول اهلل ﷺ أن اهلل لعن‬
‫آكل الربا وموكله وشاهده وكاتبه‪ .‬وبناء عىل ما ذكره السائل عن‬
‫نفس�ه بأنه اسرتاب يف هذه الفتوى‪ ،‬وأخذ بأسباب براءة ذمته من‬
‫ه�ذا الترصف اآلثم فتاب وأناب‪ ،‬ويس�أل عام يفعله هبذه الفوائد‬
‫الربوية‪ ،‬ال ش�ك أن الس�ائل بام ذكره عن نفسه قد جاءته موعظة‬
‫من ربه فعليه شكر اهلل تعاىل عليها‪ .‬وقد اجته جمموعة من املحققني‬
‫من أهل العلم إىل أن من اكتس�ب ما لاً بغري حق فعليه التخلص‬

‫(‪)144‬‬
‫من�ه بإرجاعه لصاحب�ه إن كان معرو ًفا لدي�ه‪ .‬وكان أخذه له عىل‬
‫س�بيل االعتداء‪ ،‬كم�ن حيتال عىل غريه بأخذ مال�ه منه بغري حق‪،‬‬
‫وم�ن ذلك الرسق�ات والغصوب والنهائب‪ ،‬ف�إن مل يكن معرو ًفا‬
‫مس�تبيحا التعامل مع البنوك الربوية بطريق الربا‪ ،‬فيجب‬
‫ً‬ ‫أو كان‬
‫عىل من بيده فوائد ربوية أن يتخلص منها برصفها يف وجوه الرب‪،‬‬
‫وبرشط أال تكون واقية ماله فال جيوز أن يرصفها زكاة وال صدقة‬
‫وال رضيبة‪ ،‬بل يرصفها عىل سبيل التخلص منها‪ .‬واهلل اعلم‪.‬‬
‫س‪ :35‬أحدهم يسأل ويقول بأن بعض البنوك يعطي جوائز‬
‫للعملاء الذي�ن ال يس�حبون أرصدهتم اإليداعية إال بعد س�نة‪،‬‬
‫مثال‪ ،‬فام حكم هذه اجلوائز؟‬
‫الج�واب‪ :‬احلمد هلل‪ ،‬ال�ذي يظهر يل أن ه�ذه اجلوائز حرام‪،‬‬
‫حيث إهنا يف مقابلة بقاء املال مدة طويلة يف ذمة البنك‪ ،‬فهي فائدة‬
‫ربوية مغ َّلفة‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫س‪ :36‬س�ائل يس�أل عن بيع القروش – املعدني�ة – بالريال‬
‫ال�ورق أو أكث�ر أو أقل مم�ا حددته الدول�ة‪ ،‬كبيع الري�ال الورق‬
‫قرشا‪ .‬هل يف هذا نوع من الربا؟‬‫بثامنية عرش ً‬

‫(‪)145‬‬
‫الج�واب‪ :‬احلم�د هلل‪ ،‬ال خيف�ى أن العمل�ة املعدني�ة جن�س من‬
‫أجن�اس األثمان‪ ،‬وأن الري�ال ال�ورق جن�س وال�دوالر األمريكي‬
‫جن�س‪ ،‬وهكذا‪ ،‬ورس�ول اهلل ﷺ يقول يف الذه�ب والفضة‪« :‬فإذا‬
‫اختلف�ت األجن�اس فبيعوا كيف ش�ئتم إذا كان ي�دا بيد» وقد أخذ‬
‫املحقق�ون من أه�ل العلم أن عل َة وق�وع الربا يف الصرف الثمنية‪.‬‬
‫وهذا يعني أن كل األثامن مقيدة برشوط الرصف فإن احتدت جنسا‬
‫اشرتط التامثل والتقابض يف جملس الرصف‪ ،‬وإذا اختلف العوضان‬
‫جنسا كذهب بفضة ودوالر بيورو اشرتط التقابض يف جملس العقد‪.‬‬ ‫ً‬
‫وبناء عىل هذا فيظهر يل جواز رصف الريال السعودي الورق بثامنية‬
‫ً‬
‫عرش ً‬
‫قرش�ا أو أقل أو أكثر‪ ،‬حس�بام جيرى عليه االتفاق لقوله ﷺ‪:‬‬
‫«فإذا اختلفت األجناس فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدا بيد»‪.‬‬
‫وال ي�ورد عىل القول باجل�واز بأن العملتين الورقية واملعدنية‬
‫لدول�ة واح�دة فالعبرة يف ذل�ك باختلاف اجلن�س وإن احتدا يف‬
‫االرتباط بالدولة أشبه الريال السعودي الفضة واجلنيه السعودي‬
‫الذهب فهام عملتان لدولة واحدة‪ ،‬ولكن ال يعتربان هلذا االرتباط‬
‫عملة واحدة‪ ،‬فتجوز املصارفة بينهام حسب االتفاق الختالفهام يف‬
‫اجلنس‪ ،‬برشط احللول والتقابض يف جملس الرصف‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬

‫(‪)146‬‬
‫س‪ :37‬س�ائل يس�أل هل جيوز له مبادلة ذه�ب قديم بذهب‬
‫جديد وزيادة؟‬
‫الج�واب‪ :‬احلم�د هلل‪ ،‬ال خيف�ى أن تب�ادل الذه�ب بمثل�ه له‬
‫تربا أم مسكوكا‬
‫أحكام جيب التقيد هبا‪ ،‬سواء أكان هذا الذهب ً‬
‫أم مصنو ًع�ا؛ لقول�ه ﷺ‪« :‬التبيعوا الذهب بالذهب وال تش�فوا‬
‫بعضها على بعض» وعليه فال جيوز مبادل�ة الذهب بالذهب إال‬
‫سواء بسواء مع احللول والتقابض يف جملس العقد‪.‬‬
‫ً‬ ‫مثلاً بمثل‬
‫كما ال يظه�ر ج�واز أن يقدر قيم�ة الذهب القدي�م بمبلغ من‬
‫الثم�ن الورق�ي أو الفضي وتق�در قيم�ة الذهب اجلدي�د بمبلغ‬
‫مم�ا ذكر‪ ،‬ثم يق�ال ألحدمها‪ :‬ادف�ع الفرق بني الثمنين؛ ألن هذا‬
‫يفضي إىل بي�ع الذه�ب القديم بالذه�ب اجلديد من غير معرفة‬
‫لوزهنما‪ ،‬هل مها متامثلان أو خمتلفان؟ ثم كذل�ك تؤخذ الزيادة‬
‫ألحدمه�ا عىل اآلخ�ر‪ .‬والطريقة الس�ليمة الصحيحة يف ذلك أن‬
‫يت�م بين الطرفين بيع الذه�ب القديم بغري جنس�ه م�ن فضة أو‬
‫نق�د ورقي‪ ،‬ثم يتس�لم بائعه ثمنه‪ ،‬ثم يشتري الذهب اجلديد بام‬
‫يتفقان عليه‪ ،‬ويدفع له ثمنه يف جملس العقد سواء أكان قدر ثمن‬
‫ذهب�ه القدي�م‪ ،‬أم كان أق�ل أو أكث�ر‪ ،‬إذ ال ارتباط بين البيعتني‪،‬‬

‫(‪)147‬‬
‫وبشرط احلل�ول والتقاب�ض يف كل بيعة منهام يف جمل�س العقد‪.‬‬
‫واهلل أعلم‪.‬‬
‫س‪ :38‬يسأل سائل فيقول‪ :‬بعت عىل أحد الناس سلعة بثمن‬
‫مؤجل‪ ،‬ثم رأيت السلعة يف املزاد العلني فاشرتيتها بثمن معجل‬
‫أقل من ثمنها املؤجل‪ .‬فهل هذا يعترب من بيوع العينة املحظورة؟‬
‫الج�واب‪ :‬احلم�د هلل‪ ،‬ال يظهر يل بأس يف رشاء الس�ائل هذه‬
‫السلعة التي باعها بثمن مؤجل حيث رآها يف سوق املزايدة َف َر َسا‬
‫علي�ه ثمنها؛ ألن األعامل بالنيات فلم يكن يف نيته وقد باعها عىل‬
‫مدينه أن يعيدها إليه برشاء ناقص منه‪ ،‬وإنام اشتراها من س�وق‬
‫املن�اداة عليه�ا بغري اتف�اق بينه وبني مدينه‪ ،‬وعلي�ه فال تعترب هذه‬
‫املسألة من قبيل بيوع العينة املحرمة‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫س‪ :39‬م�ا حك�م م�ن يبيع تس�عة رياالت حديدي�ة بعرشة‬
‫رياالت ورقية؟‬
‫الجواب‪ :‬احلمد هلل‪ ،‬ال يظهر يل مانع رشعي يف ذلك الختالف‬
‫جن�س العملتني‪ .‬حي�ث إن العملة املعدني�ة ‪ -‬القروش‪ -‬جنس‬
‫والعمل�ة الورقية جنس آخر؛ الختالفهما يف ذات العملة‪ ،‬حيث‬
‫إن العملة املعدنية غالب قيمتها يف ذاهتا‪ ،‬بخالف العملة الورقية‬

‫(‪)148‬‬
‫ف�إن قيمته�ا يف أم�ر خ�ارج ع�ن ذاهت�ا‪ ،‬وال يؤثر عىل اجل�واز أن‬
‫العملتين لدولة واحدة‪ ،‬فقد يك�ون للدولة الواحدة عملة ذهبية‬
‫مبررا ملنع التفاضل‬
‫ً‬ ‫وعمل�ة فضية وال تكون نس�بتهام إىل الدولة‬
‫بينهما‪ ،‬فقد ق�ال النب�ي ﷺ يف ذلك‪« :‬ف�إذا اختلف�ت األجناس‬
‫فبيعوا كيف شئتم»‪ .‬إال أنه يشرتط يف تلك املصارفة التقابض يف‬
‫جملس العقد لقوله ﷺ‪« :‬إذا كان يدا بيد»‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫س‪ :40‬ام�رأة تذك�ر أهنا صاحبة مش�غل خياط�ة اتفقت مع‬
‫إحدى العامالت عىل أن تعمل لدهيا مدة أسبوعني جتربة فعملت‬
‫لدهيا مدة ش�هر‪ ،‬ثم رغبت العاملة ت�رك العمل‪ ،‬وطلبت أجرهتا‬
‫ع�ن هذه امل�دة فرفضت ه�ذه املرأة صاحب�ة املش�غل أن تعطيها‬
‫األجرة؛ ألهنا اشرتطت عليها أن تعمل عندها مدة سنة‪ ،‬وتسأل‪:‬‬
‫هل تلزمها األجرة عن املدة التي عملتها عندها؟‬
‫الج�واب‪ :‬احلم�د هلل‪ ،‬ال�ذي يظهر يل ومم�ا تربأ ب�ه الذمة أنه‬
‫يلزم الس�ائلة أجرة هذه العاملة عن امل�دة التي عملت عندها يف‬
‫مش�غلها‪ .‬وامتنا ُعها ع�ن إعطائها حقها ظلم منه�ا هلذه العاملة‪،‬‬
‫وال خيف�ى أن من�ع األجير أجرت�ه يعترب م�ن أكل أم�وال الناس‬
‫بالباطل‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬

‫(‪)149‬‬
‫س‪ :41‬أحدهم يسأل فيقول بأنه يعمل يف إحدى املؤسسات‬
‫التجارية‪ ،‬ورسق منه�ا مبلغًا من املال‪ ،‬واآلن هو نادم وتائب إىل‬
‫اهلل وخيشى أن يعطي املؤسسة املبلغ الذي أخذه منها فتنهي عمله‬
‫عندها‪ ،‬ويسأل‪ :‬كيف يعمل؟‬
‫الجواب‪ :‬احلم�د هلل‪ ،‬طاملا أنه ندم وتاب إىل اهلل فإن من رشوط‬
‫التوب�ة أن يرج�ع احلق إىل أهله‪ .‬ول�ه يف ذلك ثالث ط�رق‪ :‬أوالها‬
‫وأمته�ا أن يصارح صاحب املؤسس�ة بما فعل ويعيد ل�ه حقه الذي‬
‫رسقه منه‪﴿ :‬ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ﴾‪.‬‬
‫وإن أهنى صاحب املؤسسة عمله معه فرزقه عىل اهلل‪ ،‬ومن ترك شي ًئا‬
‫خريا منه‪ .‬الطريق الثاين أن يعيد املبلغ إىل املكان الذي‬
‫هلل عوضه اهلل ً‬
‫أخذه منه من غري أن يعرف صاحب املؤسس�ة من أي مصدر جاءه‬
‫هذا املبلغ‪ ،‬الطريق الثالث إذا كان لصاحب هذه املؤسس�ة حساب‬
‫يف أحد البنوك فيسحب باملبلغ شيكًا لصاحب هذه املؤسسة ويقيده‬
‫يف حس�ابه‪ .‬فإذا مل يستطع األخذ بيشء من هذه الطرق فيسجل هذا‬
‫املبلغ يف ورقة حيررها ويعرتف فيها بأن هذا املبلغ يف ذمته لصاحب‬
‫املؤسس�ة‪ ،‬ف�إن تويف ص�ارت دينًا علي�ه‪ ،‬وإن انتهى عمل�ه من هذه‬
‫املؤسسة يعطي صاحبها املبلغ‪ .‬واهلل املستعان‪.‬‬

‫(‪)150‬‬
‫س‪ :42‬يسأل أحدهم عن حكم القروض التي تعطيها الدولة‬
‫للشباب بغرض إقامة مشاريع صغرية وذلك بفوائد ميرسة؟‬
‫الج�واب‪ :‬احلم�د هلل‪ ،‬الفوائ�د الربوي�ة حمرم�ة مطل ًقا س�واء‬
‫أكانت قليلة أم كثرية‪ ،‬وسواء أكانت من الدولة أم من البنوك أو‬
‫ي بمرشوع يقوم عىل انتهاك حرمة الربا أن يفش�ل‬ ‫وح ِر ٌّ‬
‫األفراد‪َ ،‬‬
‫وتنت�زع منه الربكة‪ ،‬ويف اآلخرة عذاب أليم ﴿ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ‬
‫ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ﴾‪﴿ .‬ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ‬
‫ﯸ﴾‪ .‬واهلل املستعان‪.‬‬
‫كثريا من قوائ�م البيع توجد فيها‬
‫س‪ :43‬أحده�م يس�أل بأن ً‬
‫عبارة‪ :‬البضاعة ال ترد وال تستبدل‪ .‬فهل هذا القول صحيح؟‬
‫الجواب‪ :‬احلمد هلل‪ ،‬الفاتورة التي يصدرها التاجر عبارة عن‬
‫توثيق بيع ورشاء بينه وبني املشرتى‪ ،‬والبيع إذا تم برشوطه‪ ،‬فهو‬
‫الزم فلا جي�وز رد املبي�ع بعد متام البي�ع إال بعيب يظه�ر فيه‪ .‬أو‬
‫بإقالة البائع املشتري وفس�خ البيع بموجبه�ا‪ ،‬أو أن يكون بينهام‬
‫خي�ار ملدة حمددة فيختار املشتري رد البضاعة – املبيع – وأما إذا‬
‫مل يك�ن هناك موجب لرد البضاعة مما ه�و معترب رش ًعا فإن املبيع‬

‫(‪)151‬‬
‫ال ي�رد عىل البائع إال برضاه‪ .‬وعليه فإن هذه العبارة املكتوبة عىل‬
‫الفاتورة صحيحة من حيث اجلملة واهلل أعلم‪.‬‬
‫س‪ :44‬أنا رجل مزارع يأتيني بعض التجار لكي يشرتوا مني‬
‫قمحا كان أو أرزًا وأحيانًا يشرتون مني املحصول ملدة‬
‫املحصول ً‬
‫ثالث س�نوات قادمة ويعطوين ثمنه ‪ -‬أي ثمنًا املحصول الثالث‬
‫سنوات ‪ -‬مقدم‪ .‬فهل جيوز ذلك؟‬
‫الجواب‪ :‬احلمد هلل‪ ،‬ما ذكره السائل من تعامله بصفته مزار ًعا‬
‫م�ع التجار يعترب من عقود الس�لم حيث جيوز للم�زارع مثال أن‬
‫يبي�ع من ذمته حمص�ولاً زراع ًّيا وبرشوط الس�لم املعروفة‪ .‬ومنها‬
‫أن يك�ون املبيع موصو ًف�ا وص ًفا كاملاً بام ينضبط ب�ه املبيع‪ .‬وأن‬
‫معلوم�ا وأن يكون الثمن معجلاً إىل آخر الرشوط‬ ‫ً‬ ‫يكون األجل‬
‫املعتربة‪ .‬وخالصة اجلواب أن ما يقوم به هذا املزارع من التعامل‬
‫مع التجار بطريق السلم صحيح وجائز‪ .‬واهلل املستعان‪.‬‬
‫س‪ :45‬سافرت إىل إحدى الدول الغربية للعمل والتكسب‪،‬‬
‫ولكني بعد عناء من البحث عن العمل وأنا حمتاج وأخشى املسألة‬
‫وج�دت عملاً يف مزرعة لرتبي�ة اخلنازير‪ .‬فهل جيوز أن أعمل يف‬
‫هذه املزرعة حتى يتسنى يل عمل أو أجد غريه؟‬

‫(‪)152‬‬
‫الج�واب‪ :‬احلم�د هلل‪ ،‬العم�ل يف املج�االت املحرم�ة كرتبية‬
‫اخلنازير ومصانع اخلمر ونوادي القامر ‪ -‬العمل يف هذه املجاالت‬
‫حرام وهو من قبيل التعاون عىل اإلثم والعدوان‪ .‬وكون الس�ائل‬
‫يضطر إىل املس�ألة وهي مهنة من أحقر املهن وأرذهلا إال أهنا خري‬
‫وأوىل م�ن العم�ل يف ه�ذه املج�االت املحرم�ة‪ .‬وس�يعوض اهلل‬
‫هذا الس�ائل عملاً رشي ًفا كس�به حالل إذا ت�رك العمل يف املجال‬
‫خريا منه‪.‬‬
‫اآلثم – تربية اخلنازير – فمن ترك ش�ي ًئا هلل عوضه اهلل ً‬
‫واهلل املستعان‪.‬‬
‫س‪ :46‬اقرتض�ت مبلغًا من امل�ال من أحد أصدقائي واحلمد‬
‫هلل س�ددت هذا الدين مع هدية لصاحبه‪ .‬فام حكم اهلدية هنا هل‬
‫هي ربا؟‬
‫الج�واب‪ :‬احلمد هلل‪ ،‬إذا س�دد هذا الس�ائل الق�رض الذي‬
‫اقرتض�ه م�ن أح�د إخوان�ه ثم أعط�اه هدية م�ن غير أن يكون‬
‫�وف إليها بقول أو فعل أو تلميح‪،‬‬ ‫املقرتض قد اشترطها أو َ‬
‫تش َّ‬
‫فلا بأس هب�ذه اهلدي�ة وال تعترب رب�ا؛ فقد روي ع�ن النبي ﷺ‬
‫أداء أحسنكم‬
‫الرتغيب يف ذلك وفعله وقال ما معناه‪ :‬أحسنكم ً‬
‫قضاء‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫ً‬

‫(‪)153‬‬
‫س‪ :47‬متى حيرم البيع والرشاء من يوم اجلمعة؟‬
‫الج�واب‪ :‬احلم�د هلل‪ ،‬حيرم البي�ع والرشاء ي�وم اجلمعة عند‬
‫النداء الثاين قال تعاىل‪ :‬ﭽﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ‬
‫ﭙ ﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦ ﭼ‬
‫[اجلمع�ة‪ ]٩ :‬والنداء الثاين هو األذان الذي يعلم بدخول وقت‬
‫صالة اجلمعة وذلك بعد دخول اإلمام املسجد للخطبة والصالة‪.‬‬
‫واهلل أعلم‪.‬‬
‫س‪ :48‬ما معنى بيع النجش؟‬
‫الج�واب‪ :‬احلمد هلل‪ ،‬بيع النجش من البي�وع الباطلة وصفته أن‬
‫ُينا َدى عىل السلعة فيتقدم لرشائها َم ْن يشرتك يف املزايدة من غري قصد‬
‫للرشاء‪ ،‬وإنام باتفاق مع مالك السلعة أو بإرادة منفردة من الناجش‪،‬‬
‫وذلك لغرض رفع س�عرها عىل س�بيل الغش واخلداع والتغرير من‬
‫غري إرادة رشاء فإذا ثبت النجش يف املس�اومة فالبيع باطل إذا بيعت‬
‫تأسيسا عىل النجش يف املزايدة‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫ً‬ ‫بموجبها عىل آخر‪،‬‬
‫س‪ :49‬يس�أل أحده�م بأن�ه اشترى م�ن إح�دى البقاالت‬
‫مشتريات بقيم�ة ‪ 75‬ريالاً وأعط�ى صاحب البقال�ة مائة ريال‬
‫فاعت�ذر صاحب البقالة بأن�ه ليس لديه رصف‪ ،‬فقال املشتري‪:‬‬

‫(‪)154‬‬
‫غ�دا آخذ من�ك الباقي فاعرتض علي�ه أحد زمالئه ب�أن هذا ربا‬
‫فهل اعرتاضه صحيح؟‬
‫الجواب‪ :‬احلم�د هلل‪ ،‬ليس يف هذه املعاملة ربا‪ ،‬وليس�ت من‬
‫قبيل املصارفة حتى حيتاج األمر فيها إىل التقابض يف جملس العقد‪،‬‬
‫فلا بأس هبذا الترصف بأن يعطي املشتري البائع مائة ريال مثال‬
‫غدا ليأخذ الباقي من املائة‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫ويأيت ً‬
‫س‪ :50‬يس�أل أحدهم ع�ن حكم اإليداع يف البن�وك الربوية‬
‫بدون أخذ فائدة؟‬
‫الجواب‪ :‬احلمد هلل‪ ،‬كنا نفتي بجواز ذلك لالضطرار إليه‬
‫يف حفظ املال يف البنك ويف ذمته ولالنتفاع بمستندات السحب‬
‫واإلي�داع يف جم�ال التعامل‪ ،‬ولكن بع�د أن وجدت املصارف‬
‫اإلسالمية فقد انتفت الرضورة بل انتفت احلاجة‪ ،‬فاملصارف‬
‫اإلسلامية تقوم بوظيفة املص�ارف الربوية م�ن حيث احلفظ‬
‫والتزوي�د بمس�تندات اإليداع والس�حب واإلي�داع عندها‪،‬‬
‫فيج�ب التعاون معها وإيثارها باإليداع لدهيا ملضاعفة قدرهتا‬
‫على اإلس�هام يف أعامل مرشوع�ة نافعة للبالد والعب�اد‪ ،‬وبناء‬
‫على هذا ف�أرى أن اإليداع يف البنوك الربوي�ة تعاون معهم يف‬

‫(‪)155‬‬
‫حتقيق أصل نش�اطهم املرصيف وهو احلصول عىل املال بطريقة‬
‫الربا وال ش�ك أن حرمة ذلك مع�روف من الدين بالرضورة‪.‬‬
‫واهلل املستعان‪.‬‬
‫س‪ :51‬أحدهم يسأل عام تقوم به بعض الفنادق من إعدادهم‬
‫بطاق�ات ختفي�ض يقومون ببيعها على نزالئهم‪ ،‬ليك�ون للنزيل‬
‫بموجبه�ا ح�ق ختفيض أج�رة الس�كن والطعام وغير ذلك من‬
‫مرافق الفندق‪ ،‬فهل رشاء هذه البطاقات جائز؟ وهل التخفيض‬
‫بموجبها حالل؟‬
‫الج�واب‪ :‬احلمد هلل‪ ،‬ال يظه�ر يل مانع رشعي يف تعاطي هذه‬
‫ورشاء‪ ،‬حي�ث إن بي�ع البطاق�ة أو رشاءها ليس‬
‫ً‬ ‫البطاق�ات بي ًع�ا‬
‫مقصو ًدا به ورقة البطاقة‪ ،‬وإنام املقصود منها ما حلاملها بموجبها‬
‫م�ن اختصاص يف ختفيض قيمة الس�كن والطعام‪ ،‬وغري ذلك مما‬
‫يتناوله اختصاصها‪ .‬وال خيفى أن االختصاص منفعة جيوز بيعها‬
‫ورشاؤها واالستعاضة عنها‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫س‪ :52‬ما حكم املتاجرة بالعمالت؟‬
‫الجواب‪ :‬احلمد هلل‪ ،‬ال مانع من املتاجرة باألثامن – العمالت‪-‬‬

‫(‪)156‬‬
‫س�واء أكانت عملات معدني�ة كالذهب والفض�ة وغريمها من‬
‫العملات املعدني�ة‪ ،‬أم كانت عمالت ورقي�ة كالريال والدوالر‬
‫واجلني�ه‪ ،‬لكن يشترط يف التعامل إن كان�ت املصارفة من جنس‬
‫واح�د كمصارف�ة ألف ريال س�عودي ورق بمثلها فيشترط هلا‬
‫رشط�ان التامثل واحللول وال َت َقاب�ض يف جملس العقد‪ ،‬وإن كانت‬
‫املصارفة بجنسني كمصارفة الريال السعودي بالدوالر فيشرتط‬
‫هلا رشط واحد ه�و ال َت َقابض يف جملس العقد‪ ،‬وذلك ملا ثبت عن‬
‫رسول اهلل ﷺ وذلك قوله‪« :‬الذهب بالذهب‪ ،‬والفضة بالفضة»‬
‫إىل أن ق�ال‪« :‬مثال بمثل‪ ،‬يدا بيد‪ ،‬فمن زاد أو اس�تزاد فقد أربى‪،‬‬
‫اآلخذ واملعطي فيه س�واء» ويف رواية‪« :‬ف�إذا اختلفت األجناس‬
‫فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدا بيد»‪.‬‬
‫وم�ن كامل اإلجابة أن من رصف مائ�ة ريال ورق من فئة املائة‬
‫بتس�عة وتس�عني رياال ور ًقا من فئة الريال الواحد فقد أربى‪-‬أي‬
‫قرشا معدنيا‬‫دخل يف الربا – ومن رصف ريالاً ورقا بتسعة عرش ً‬
‫فلا بأس بذلك الختالف اجلنسين‪ ،‬حيث إن جنس الورق غري‬
‫جنس املعدن والرسول ﷺ يقول‪« :‬إذا اختلفت األجناس فبيعوا‬
‫كيف شئتم إذا كان ًيدا بيد»‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬

‫(‪)157‬‬
‫س‪ :53‬أحدهم يس�أل فيقول بأنه اشرتى من أحد الدكاكني‬
‫مقايض بخمسين ريالاً ودفع لصاح�ب الدكان مائة ريال‪ ،‬فقال‬
‫غدا‪ .‬فهل جيوز ذلك؟‬
‫صاحب الدكان أعطيك الباقي ً‬
‫الجواب‪ :‬احلمد هلل‪ ،‬إذا كانت هذه املقايض من السلع العينية‬
‫كأدوات منزلي�ة أو فواك�ه أو خضراوات أو نحو ذلك فال بأس‬
‫بذل�ك‪ ،‬وال تعترب هذه املعاملة من معامالت الرصف التي حتتاج‬
‫إىل التقابض يف جملس العقد‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫س ‪ :54‬ما حكم قول اإلنسان‪ :‬ذهب فالن إىل مثواه األخري؟‬
‫الجواب‪ :‬احلمد هلل‪ ،‬ال يظهر يل بأس يف ذلك حيث إن الغرض‬
‫م�ن هذا القول اإلخب�ار بوفاته‪ ،‬فقربه هو مثواه األخري حتى قيام‬
‫الس�اعة‪ .‬ف�إن كان الغرض م�ن ذلك مقالة أه�ل الكفر واإلحلاد‬
‫(وما هيلكنا إال الدهر) فهذا والعياذ باهلل تعبري عن عقيدة متمثلة‬
‫يف الكفر وإنكار املعاد‪ .‬واهلل املستعان‪.‬‬
‫س‪ :5٥‬ه�ل جي�وز بي�ع تذكرة الس�فر بثمن أق�ل أو أكثر من‬
‫قيمتها لدى مصدرها؟‬
‫الجواب‪ :‬احلم�د هلل‪ ،‬ال يظهر يل مانع رشع�ي من جواز بيع‬

‫(‪)158‬‬
‫تذكرة الس�فر بأقل أو اكثر من قيمتها‪ ،‬حيث إن التذكرة ليس�ت‬
‫ورق�ة مالية‪ ،‬وإنما هي وثيقة عىل اس�تحقاق منفع�ة هي ركوب‬
‫الطائرة‪ ،‬وال خيفى جواز بيع املنافع كبيوع األعيان‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫س‪ :٥٦‬هل جيوز رشاء تذك�رة دخول معرض جتاري‪ ،‬مثال‪،‬‬
‫وإذا اشترى الرجل جمموعة م�ن التذاكر وصار ببيعها بأكثر من‬
‫ثمنها املسجل عليها فهل جيوز ذلك؟‬
‫الجواب‪ :‬احلمد هلل‪ ،‬ال يظهر يل مانع من رشاء تذكرة دخول‬
‫مع�رض‪ ،‬مثال؛ ألن البي�ع ليس عىل ذات التذك�رة‪ ،‬وإنام هو بيع‬
‫منفعة هي التمكن هبذه التذكرة من دخول هذا املعرض والتسوق‬
‫فيه‪ ،‬وكذلك األمر بالنس�بة لبيع التذاكر بأقل من قيمتها أو أكثر‬
‫فلي�س البي�ع عىل التذاكر‪ ،‬وإنام هو بيع مناف�ع تعترب هذه التذاكر‬
‫وثائ�ق ملكية هذه املنافع‪ .‬لكن يشترط لبيع ورشاء هذه التذاكر‬
‫أن تسمح جهة إصدارها بتداوهلا واستعامهلا من غري من اشرتاها‬
‫منها؛ لئال تكون منافع غري مقدور عىل تسليمها‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫س‪ :5٧‬انتشرت بطاق�ات التخفي�ض‪ ،‬حي�ث تتف�ق بعض‬
‫املص�ارف املصدرة هلا مع بع�ض املعارض التجاري�ة أو الفنادق‬

‫(‪)159‬‬
‫أو املطاع�م أو نحوه�ا على معاملة م�ن حيمله�ا بتخفيض املبلغ‬
‫املس�تحق علىه يف حال حتمله إياه بنس�بة معينة لق�اء تقديمه هذه‬
‫البطاقة‪ .‬فام حكم هذه البطاقة؟‬
‫الجواب‪ :‬احلمد هلل‪ ،‬إذا مل تش�تمل بطاقات التخفيض عىل‬
‫فوائ�د ربوية وال منافع حمرمة وإنام وظيفتها توفري حق حلاملها‬
‫بتخفيض ثمن ما يشرتيه‪ ،‬أو حتفيض سكنه يف الفندق‪ ،‬أو قيمة‬
‫تذكرة سفر‪ ،‬أو تكاليف عالج‪ ،‬أو نحو ذلك فال يظهر يل بأس‬
‫يف أخذها ومزاولة اختصاصها‪ ،‬وال يورد عىل القول بجوازها‬
‫احتمال عدم اس�تعامهلا‪ ،‬حيث إن ذلك راج�ع إىل حاملها‪ ،‬إن‬
‫ش�اء زاول هذا االختصاص وإن ش�اء ترك‪ ،‬أشبه من استأجر‬
‫عينا الس�تيفاء منفعة مل�دة معينة بأجرة معروفة فقد يس�تهلك‬
‫املس�تأجر املنفعة وقد يرتكها‪ .‬وال يعترب ذلك موج ًبا للبطالن‪.‬‬
‫واهلل أعلم‪.‬‬
‫س‪ :5٨‬أثارت فتوى أحد مفتي مجهورية مرص العربية ً‬
‫نقاشا‬
‫حا ًّدا يف مؤمتر املستثمرين العرب يف اإلسكندرية‪ ،‬إثر قوله بجواز‬
‫أرباحا على الودائع أو التي‬
‫ً‬ ‫التعام�ل مع البنوك س�واء التي حتدد‬
‫أرباحا‪ ،‬وأن التي حتدد األرباح هي األقرب إىل اإلسالم‪،‬‬
‫ً‬ ‫ال حتدد‬
‫إىل آخر السؤال‪ .‬ما تقويمكم هلذه الفتوى؟‬

‫(‪)160‬‬
‫الج�واب‪ :‬احلم�د هلل‪ ،‬الفت�وى يف احلقيق�ة مث�ار اس�تغراب‬
‫واس�تنكار؛ ألهنا مما ي�كاد يعلم خطؤه بالضرورة‪ ،‬فاآليات من‬
‫كت�اب اهلل تعاىل يف حتري�م الربا كثرية ورصحي�ة وواضحة‪ ،‬ولئن‬
‫كان�ت خالية م�ن جزئيات صوره فإن رس�ول اهلل ﷺ قد وضح‬
‫كثريا من هذه اجلزئيات بالتفصيل وبني أحكامها‪َ .‬‬
‫وأ ْو َض ُح هذه‬ ‫ً‬
‫األحادي�ث وأجاله�ا للربا وص�وره حديث عبادة ب�ن الصامت‬
‫ال�ذي رواه اإلم�ام أمح�د أن النب�ي ﷺ قال‪« :‬الذه�ب بالذهب‪،‬‬
‫والفضة بالفضة‪ ،‬والبرُ ّ بالبرُ ّ ‪ ،‬والش�عري بالش�عري‪ ،‬والتمر بالتمر‪،‬‬
‫س�واء بس�واء‪ً ،‬يدا بيد‪ ،‬ف�إذا اختلفت‬
‫ً‬ ‫والمِل�ح بالمِلح ِم ْثلاً بمثل‪،‬‬
‫هذه األصناف فبيعوا كيف ش�ئتم إذا كان ًيدا بيد» وقد صدرت‬
‫الفت�اوى اجلامعي�ة من املجام�ع الفقهية باعتب�ار األوراق النقدية‬
‫أثامنً�ا هلا أحكام األثامن املعدنية م�ن ذهب وفضة وغريها‪ ،‬وإن مل‬
‫نقل بانعقاد اإلمجاع عىل ذلك‪ ،‬فإنه يكاد ينعقد‪.‬‬
‫فم�ن أعطى البنك نقو ًدا فال خيلو القصد من ذلك إما أن تكون‬
‫وديعة عند البنك‪ .‬عىل اعتبارها حس�ا ًبا جار ًيا مهي ًئا للس�حب منه‬
‫يف أي وقت يريده مالكه‪ ،‬فإن طلب زيادة عليها لقاء وجودها عند‬
‫البن�ك فهذه الزيادة ربا رصيح جلي‪ ،‬حيث إن هذا يعترب بيع ثمن‬

‫(‪)161‬‬
‫بثم�ن مثله وزيادة عىل مقداره يف مقابل�ة اإلنظار‪ .‬وهذه الزيادة ال‬
‫يربره�ا وال يبيحها القول بأن البنك اس�تغل هذ الوديعة فرجعت‬
‫ل�ه بغ ّلة هي من نقود املودع‪ .‬فإن اس�تغالل البنك هلذه الوديعة إما‬
‫أن يكون عىل س�بيل االس�تثامر الربوي‪ .‬فام عاد إليه منها يعترب ر ًبا‬
‫حيا واضح التحريم‪ ،‬والبنك هبذا االستغالل غري عابئ بطريق‬ ‫رص ً‬
‫الكس�ب س�واء أكان حاللاً أم ً‬
‫حراما‪ .‬فإذا قلنا بأن عىل البنك أن‬
‫جزءا من ه�ذه الغ ّلة فهذا يعن�ي أن نرشك املودع يف‬ ‫يعط�ي املودع ً‬
‫املال احلرام؛ ألن كسب وديعته عند البنك جاء بطريق ربوي أثيم‪.‬‬
‫وإم�ا أن يك�ون القصد م�ن اإليداع اس�تثامر الوديع�ة لصالح‬
‫مالكه�ا‪ ،‬فه�ذا البنك إما أن يك�ون بنكًا ربو ًّيا ليس له نش�اط يف‬
‫االس�تثامر إال القرض واالس�تقراض بفائدة ربوية عىل سبيل بيع‬
‫النق�ود بعضه�ا ببعض بتفاضل ونس�أ‪ .‬فهذا عين الربا وأوضح‬
‫ص�وره‪ .‬وق�د لعن اهلل آكل الربا وموكله فالبن�ك الربوي ويمثله‬
‫أهل�ه والقائم�ون عليه ملعونون بلس�ان رس�ول اهلل ﷺ ألكلهم‬
‫الربا وتأكيلهم إياه‪.‬‬
‫وعلى ف�رض احتمايل بعيد ب�أن يك�ون للبنك الربوي نش�اط‬
‫استثامري مرشوع فإن الوديعة مل يقدمها صاحبها للبنك لالستثامر‪،‬‬

‫(‪)162‬‬
‫وإنما قدمها لإليداع فقط‪ .‬وهي مضمونة عليه لصاحبها يف حال‬
‫استثامرا‬
‫ً‬ ‫تلفها أو فقدها‪.‬أما إذا قدمها صاحبها للبنك الستثامرها‬
‫مباحا فهذه الوديعة االس�تثامرية بمنزل�ة مال مضاربة مع‬
‫رشع ًّيا ً‬
‫البن�ك‪ ،‬هلا أحكام املضارب�ة‪ ،‬ومن ذلك أن املض�ارب ال يضمن‬
‫مال املضاربة إال يف ح�ال التعدي أو التقصري‪ .‬والربح بينهام عىل‬
‫م�ا رشط�اه فإن مل يكن رب�ح ضاع جمهود املض�ارب؛ ألن حقه يف‬
‫الربح إن وجد وإن كان َثمة خسارة فعىل رب املال‪.‬‬
‫وعلى أي ح�ال‪ ،‬فالفت�وى غري صحيح�ة ولو يُِّس�رِّ لصاحب‬
‫ه�ذه الفتوى اجتامع مصغ�ر مع بعض العلامء يهُ يم�ن عليه روح‬
‫اهلدوء يف النقاش والبحث والتوايص باحلق‪ ،‬لكان هلذا االجتامع‬
‫أثره اإلجيايب يف س�بيل إقناع املفتي بخطئه يف هذه الفتوى‪ ،‬ولكل‬
‫ج�دا ألن زلت�ه يزل هبا‬
‫حص�ان كب�وة‪ .‬ولكن زلة الع�امل خطرية ًّ‬
‫أق�وام آخرون ويكون وزرهم يف األخ�ذ باخلطأ عىل كاهل العامل‬
‫املخطئ‪ .‬واهلل املستعان‪.‬‬
‫س‪ :59‬ح�رم اإلسلام التأجي�ل يف املبادالت املش�بوهة فهل‬
‫ينطب�ق ه�ذا عىل مبادالت الذه�ب والفضة‪ .‬وم�ا رأيكم يف قول‬

‫(‪)163‬‬
‫ش�يخ اإلسلام ابن تيميه وتلميذه ابن القي�م يف إباحته الزيادة يف‬
‫احليل والتأجيل يف بيعها؟‬
‫الجواب‪ :‬احلمد هلل‪ ،‬الذي علي�ه مجهور أهل العلم أن الذهب‬
‫والفضة ‪ -‬تِربمها ومس�كوكهام ومصوغهام‪ -‬من املواد الربوية التي‬
‫ال جي�وز بيع جنس�ها ببع�ض إال مثال بمثل س�واء بس�واء يدا بيد؛‬
‫للنص�وص العامة ال�واردة يف ذلك‪ ،‬فإذا اختلف�ت األجناس كبيع‬
‫ذه�ب بفض�ة أو بعملة ورقية‪ ،‬فيشترط لصحة البي�ع التقابض يف‬
‫جمل�س العق�د‪ .‬لقوله ﷺ‪« :‬ف�إذا اختلفت األجن�اس فبيعوا كيف‬
‫شئتم إذا كان يدا بيد»‪ .‬وأما ما ذهب إليه شيخ اإلسالم وتلميذه ابن‬
‫القيم من جواز التفاضل يف بيع احليل إذا كان الثمن من جنس احليل‬
‫العتبار الزيادة يف مقابلة الصنعة‪ ،‬وكذلك جواز النسأ – التأجيل–‬
‫ألن احليل قد خرج من وصف الثمنية إىل أن يكون سلعة من السلع‬
‫اجلائز بيعها عاجال وآجال فهذا قول له وجاهته من النظر‪ ،‬لوال أنه‬
‫يف مصادمة نص‪ ،‬وال اجتهاد مع وجود النص‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫س‪ :60‬ه�ل الذهب املصنع واملض�اف إليه بعض املعادن من‬
‫نح�اس وفضة وبالتني فينتقل من عي�ار ‪ 24‬إىل عيار ‪ 21‬أو ‪18‬‬
‫هل يعامل كنقد أو كسلعة جيوز فيها الزيادة والنسأ؟‬

‫(‪)164‬‬
‫الجواب‪ :‬احلمد هلل‪ ،‬الذي علي�ه أكثر أهل العلم أن الذهب‬
‫والفض�ة مطل ًق�ا يعاملان معامل�ة النقدي�ن منهام‪ ،‬وذل�ك بمنع‬
‫التفاضل والتأجيل يف بيع بعضهام ببعض يف حال احتاد العوضني‬
‫جنس�ا ويف ح�ال اختالفهما فال بأس م�ن زيادة أح�د العوضني‬ ‫ً‬
‫عىل اآلخر برشط التقابض يف جملس العقد‪ .‬وما جاء يف الس�ؤال‬
‫ج�زءا من معدهنام‬
‫ً‬ ‫ب�أن تصنيعهما حل ًّيا أو س�كهام نقو ًدا بفقدمها‬
‫فه�ل هذا يؤثر عىل اشتراط التامثل يف البي�ع والتقابض يف جملس‬
‫العق�د‪ .‬الذي علي�ه مجهور أهل العلم أن ذلك ال يؤثر عىل اعتبار‬
‫الرشطين يف صحة البيع‪ .‬وم�ا يضاف إليهام يف الصنع من معادن‬
‫من غري جنس�هام ال يفقدمها اسمهام وال صفتهام وال االشرتاط يف‬
‫بيع بعضهام ببعض‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫س‪ :61‬تق�وم مصان�ع الذه�ب واملجوه�رات بصن�ع احللي‬
‫وإضاف�ة أجزاء من املع�ادن من نحاس وحدي�د وبالتني‪ ،‬حيث‬
‫ينخف�ض عي�ار الذه�ب م�ن ‪ 24‬إىل عي�ار ‪ 21‬أو ‪ ،18‬ثم يقوم‬
‫املصن�ع ببيع هذه املصوغ�ات إىل جتار احللي واملجوهرات بثمن‬
‫ٍّ‬
‫حال وبسعر أعىل من مواد الصنع فهل هذا جيوز؟‬

‫(‪)165‬‬
‫الج�واب‪ :‬ال خيلو ثم�ن احليل املصنع من أح�د حالني‪ ،‬إما أن‬
‫يباع هذا احليل بجنس غري جنسه كالعمالت الورقية فهذه احلال‬
‫جائ�زة؛ ألن العوضني خمتلفان يف اجلنس ورس�ول اهلل ﷺ يقول‪:‬‬
‫ي�دا بيد»‬
‫«ف�إذا اختلف�ت األجناس فبيع�وا حيث ش�ئتم إذا كان ً‬
‫لك�ن يشترط التقاب�ض يف جملس العق�د‪ .‬وإما أن يب�اع احليل من‬
‫جنس�ا فالزي�ادة عىل بعضه غري صحيحة‬ ‫الذهب أو الفضة بمثله ً‬
‫لقول�ه ﷺ‪« :‬ال تبيعوا الذهب بالذهب إال مثلا بمثل وال تبيعوا‬
‫الفضة بالفضة إال مثال بمثل»‪ .‬وما جاء يف السؤال بأن املصانع قد‬
‫ختف�ض عي�ار الذهب من عي�ار ‪ 24‬إىل ‪ 21‬أو ‪ 18‬بإضافة أجزاء‬
‫م�ن املعادن أو األحجار الكريم�ة عليها فهذه اإلضافة ال ترصف‬
‫الذهب عن اسمه وال صفته‪ .‬ومن القواعد الرشعية أنه جيوز تب ًعا‬
‫ما ال جيوز اس�تقاللاً ‪ .‬وهناك من أهل العلم ومنهم شيخ اإلسالم‬
‫اب�ن تيمي�ة وتلميذه اب�ن القيم من يق�ول بجواز ذل�ك‪ ،‬حيث إن‬
‫الزيادة يف الثمن يف مقابلة الصنع‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫س‪ :62‬ه�ل جيوز أن يتفق صائغ احليل مع تاجر احليل عىل أن‬
‫جدي�دا بذهب قديم وزنا ب�وزن ومثال بمثل عىل أن‬
‫ً‬ ‫يعطي�ه ذه ًبا‬
‫يصوغه له حل ًّيا بأجرة جيري االتفاق عليها؟‬

‫(‪)166‬‬
‫الج�واب‪ :‬ال يظه�ر يل مانع من صح�ة ه�ذه املعاملة‪ ،‬حيث‬
‫إهنا اش�تملت عىل مصارفة صحيحة مس�تقلة مس�تكملة رشوط‬
‫صحته�ا‪ .‬وعلى إجارة مس�تقلة مس�تكملة رشوط صحتها‪ .‬وال‬
‫يظه�ر يل أن اشتراط بائ�ع الذه�ب القدي�م بالذه�ب اجلديد أن‬
‫يصيغ�ه له حل ًّيا بأج�رة جيري االتفاق عليها بين الطرفني فذلك‬
‫غري مؤثر عىل صحة املعاملة بينهام – رصافة ثم إجارة – فاملعاملة‬
‫بينهام صحيحة‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫س‪ :63‬يف بع�ض األحي�ان يتع�ذر عىل تاجر الذهب تس�ليم‬
‫املصن�ع الذه�ب املراد تصنيع�ه‪ .‬ويقوم صاحب املصنع بتس�ليم‬
‫متأخرا فهل جيوز ذلك؟‬
‫ً‬ ‫الذهب املصنع للتاجر ويكون التسديد‬
‫الجواب‪ :‬ال خيفى أن تبادل الذهب عىل سبيل املصارفة يشرتط‬
‫له املامثلة والتقابض يف جملس العقد‪ .‬ونظر ًا إىل أن تسليمه متأخر‬
‫فقد آل أمر ذلك إىل أن الصائغ باع عىل التاجر حل ًّيا بثمن مؤجل‬
‫ال َّتس�ليم‪ ،‬وه�ذا ال جي�وز لفقده رشط صحته‪ ،‬وه�و التقابض يف‬
‫جملس العقد‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫س‪ :64‬ه�ل جي�وز بعد مت�ام املصارفة بين الصان�ع والتاجر‬
‫وصحته�ا االتفاق م�ع الصانع عىل التصنيع عىل س�بيل اإلجارة‬
‫مع تأخر تسليم أجرة التصنيع؟‬

‫(‪)167‬‬
‫الجواب‪ :‬احلمد هلل‪ ،‬ال يظهر يل مانع يف تأخر تسليم األجرة‪،‬‬
‫حي�ث إن رشوط املصارف�ة خاصة هبا‪ ،‬ولي�س من رشوط صحة‬
‫اإلجارة تس�ليم األجرة عند تس�ليم السلعة املصنعة‪ ،‬بل جيوز أن‬
‫تسلم يف احلال أو أن تكون مؤجلة أو مقسطة‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫س‪ :65‬ه�ل جي�وز للمصن�ع أن يعطي عميله م�ن جتار احليل‬
‫حل ًّيا مصنو ًعا يقوم بتس�ويقه‪ ،‬ويف حال فش�له يف التسويق يعيده‬
‫إلي�ه‪ ،‬ويدفع له قيمة م�ا باعه منه عىل اعتبار أنه قد جرى االتفاق‬
‫بينهام عىل السعر؟‬
‫الجواب‪ :‬احلمد هلل‪ ،‬ال ختلو حال العميل من إحدى حالني‪:‬‬
‫إما أن يكون العميل لصاحب املصنع وكيلاً يبيع له ما يتيرس بيعه‬
‫ويرد الباقي مما مل يبعه مع ثمن ما باعه‪ ،‬فال يظهر يل مانع من جواز‬
‫ذلك‪ ،‬كام ال يظهر يل مانع من أن يتفقا عىل حتديد سعر البيع‪ ،‬وما‬
‫زاد ع�ن احلد املعني للس�عر فاللوكيل الذي هو تاجر احليل‪ .‬وإما‬
‫أن يبيعه كمية من احليل وبس�عر معني على أن يرد عليه ما مل يبعه‬
‫م�ع ثمن ما باع�ه‪ .‬فهذا ال جيوز ألن البيع ت�م بمخالفة رشط من‬
‫رشوط بيع الذه�ب وهو التقابض يف جملس العقد‪ .‬وأما إن باعه‬
‫احللي وس�لم له ثمن�ه‪ .‬واتفقا على اإلقالة فيام مل يتم تس�ويقه من‬

‫(‪)168‬‬
‫الذه�ب‪ .‬فريجع إليه ما مل يبعه ويرجع له الصانع قيمة ما مل يبيعه‬
‫حيث س�بق منه – أي التاجر – أن س�لم له قيمة ذلك عند البيع‬
‫األول فهذه الصورة ال يظهر يل مانع من إجازهتا فهي إقالة بمعنى‬
‫البيع‪ .‬وقد اش�تملت عىل رشوط الصحة م�ن حيث التقابض يف‬
‫جملس العقد مع اختالف جنس العوضني‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫س‪ :66‬هل جيوز لتاجر الذهب أن يشترط عىل عميله الذي‬
‫جديدا ‪ -‬يشترط عليه‬
‫ً‬ ‫يع�رض علي�ه ذه ًبا قديماً ليشتري ذه ًب�ا‬
‫لرشائه الذهب القديم رشاءه منه الذهب اجلديد؟‬
‫الج�واب‪ :‬احلمد هلل‪ ،‬هذه املس�ألة بحثت يف جمل�س هيئة كبار‬
‫العلماء وص�در قرار منه�م باألغلبية بمنع هذه الصورة الش�تامهلا‬
‫على بيعتين يف بيع�ة‪ ،‬ومل تظه�ر يل صحة ه�ذا الق�رار‪ .‬حيث أرى‬
‫صح�ة ه�ذا الشرط إذا كان يبيع الذه�ب القديم مس�تقلاًّ عن بيع‬
‫الذهب اجلديد‪ ،‬وكلتا البيعتني مس�توفية لرشوط صحة املصارفة‪.‬‬
‫والق�ول بأن هذا البيع من قبيل بيعتين يف بيعة‪ .‬قول غري صحيح؛‬
‫ألن كل بيع�ة منهام مس�تقلة عن األخرى من حي�ث الثمن واملثمن‬
‫جزءا من األخرى وال‬
‫ورشوط الصحة‪ .‬وليس�ت إح�دى البيعتني ً‬
‫جزءا من ثمنها وال من مثمنها‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫ً‬

‫(‪)169‬‬
‫س‪ :67‬إذا اشترى العميل من تاجر الذهب ذه ًبا وتم تبادل‬
‫العوضني إال أن املشرتي اشرتط يف عدم صالح ما اشرتاه أن يرده‬
‫أو أن يشرتي منه بدله‪ .‬هل جيوز ذلك؟‬
‫الجواب‪ :‬ال يظهر يل مانع من ذلك؛ ألن رد املشتري وقبول‬
‫البائ�ع ذل�ك يعترب إقالة‪ .‬لكن بشرط أن يكون الرشاء مس�توف ًيا‬
‫صحته من حيث التامثل يف حال احتاد اجلنس والتقابض يف جملس‬
‫العقد‪ .‬فإذا حصلت املقايلة بعد ذلك فال مانع من صحتها برشط‬
‫أخيرا يف جملس العقد؛ ألن اإلقال�ة ‪ -‬عىل رأي بعض‬ ‫ً‬ ‫التقاب�ض‬
‫العلامء ‪ -‬بيع وليست فسخا‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫س‪ :68‬هل جيوز ملن اشرتى ذه ًبا وأعطى البائع بعض الثمن‬
‫وطلب منه إمهاله يف الباقي؟‬
‫الج�واب‪ :‬احلمد هلل‪ ،‬ال جي�وز ذلك ملخالفت�ه رشط التقابض‬
‫يف جمل�س العق�د‪.‬وإذا كان الذهب مما يتجزأ فيصح البيع فيام يقابل‬
‫قيمة احلارض وال يصح يف الباقي‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫س‪ :69‬حيتوى بعض احليل عىل بعض األحجار الكريمة مثل‬
‫امل�اس والزراك�ون يتم بيعها على الوزن الفعلي للذهب مضا ًفا‬
‫إليها قيمة األحجار الكريمة وأجرة الصياغة‪ .‬فهل هذا جيوز؟‬

‫(‪)170‬‬
‫الجواب‪ :‬احلم�د هلل‪ ،‬إذا كان البيع بجن�س غري الذهب مثل‬
‫الفضة أو العمالت الورقية فال يظهر يل مانع من ذلك لقوله ﷺ‪:‬‬
‫«إذا اختلفت األجناس فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدا بيد»‪ .‬وأما‬
‫واحدا كالذه�ب فتجب لصحته‬ ‫ً‬ ‫جنس�ا‬
‫إذا كان الثم�ن واملثم�ن ً‬
‫املامثلة يف الوزن‪ .‬وما زاد عن املامثلة من األحجار الكريمة وأجرة‬
‫الصياغة فال يظهر يل مانع من أخذ قيمتها‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫س ‪ :70‬انرصف كثري من الش�باب ذوي االلتزام عن العمل‬
‫يف جت�ارة احليل مل�ا يرونه من ش�بهة احلرام يف التعام�ل يف الذهب‬
‫والفض�ة‪ .‬والرغب�ة يف جت�ارة احليل ترغيبه�م يف العمل يف جتارهتام‬
‫صحيحا؟‬
‫ً‬ ‫اجتاها‬
‫ألن عملهم سيزيد هذه التجارة ً‬
‫الج�واب‪ :‬احلم�د هلل‪ ،‬اإلجابة ع�ن هذه الرغب�ة الكريمة هو‬
‫نصيحة ش�بابنا امللتزم بالدخول يف هذه التجارة لتحسني التعامل‬
‫هب�ا‪ ،‬وتوجي�ه العاملني فيه�ا إىل االلت�زام بالشروط الرشعية يف‬
‫التعام�ل معه�ا‪ ،‬فلهم أج�ر التوجي�ه والتوعية والدع�وة العملية‬
‫إىل التج�ارة فيها بام تقتضيه أح�كام الرشيعة‪ ،‬وهلم كذلك فوائد‬
‫التج�ارة املبني�ة على االلت�زام‪ ،‬والبع�د ع�ن االرتياب والش�به‪.‬‬
‫واهلل املستعان‪.‬‬

‫(‪)171‬‬
‫س‪ :71‬ما حكم حجز الذهب بام يسمى التكسري‪ ،‬حيث يتم‬
‫االتف�اق بني البائع واملشتري عىل رشاء كمية من الذهب بس�عر‬
‫أخريا حيث يذهب املشتري‬‫حم�دد بينهام عىل أن البيع ال يتم إال ً‬
‫إىل البائع وجيري بينهام تبادل العوضني فام احلكم يف ذلك؟‬
‫الجواب‪ :‬احلمد هلل‪ ،‬هذه املسألة من مسائل املواعدة حيث إن‬
‫الطرفني تواعدا عىل القيام بمصارفة بينهام يف وقت حمدد بس�عر‬
‫معني‪ ،‬فإن كانت املواعدة مبنية عىل اإللزام وااللتزام فقد منعها‬
‫بعض أهل العلم وقالوا‪ :‬إهنا يف حكم املصارفة الفاقدة لرشوط‬ ‫ُ‬
‫الصحة‪ .‬أخذ هبذا القول جممع الفقه الدويل‪ .‬والذي يظهر يل أن‬
‫املواعدة ليس�ت رص ًفا بدليل إن كل واحد من طرفيها يس�تطيع‬
‫أن يتخل�ف عن الوفاء بالوعد‪ ،‬ويتحمل ما يرتتب عىل الطرف‬
‫اآلخر من رضر‪ .‬وذلك عىل القول بلزوم الوعد‪ .‬فام تواعد عليه‬
‫الطرف�ان ال يظهر مانع م�ن جوازه واألخذ باإلل�زام بمقتضاه‪.‬‬
‫واهلل أعلم‪.‬‬
‫س‪ :72‬م�ا حكم تس�لم بضاعة الذهب عىل س�بيل املصارفة‬
‫والتفرق يف جملس العقد قبل تسلم الثمن؟‬

‫(‪)172‬‬
‫الج�واب‪ :‬احلم�د هلل‪ ،‬هذا بيع مل يس�تكمل أس�باب صحته‪،‬‬
‫حي�ث إنه فاق�د رشط التقابض يف جملس العق�د وعليه فال يصح‬
‫ذلك حيث إن ثمن الذهب ال يزال يف ذمة املشرتي‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫س‪ :73‬رجل لديه جمموعة فروع لتجارته الذهبية‪ ،‬واشترى‬
‫م�ن أح�د املصانع جمموعة من احللي‪ ،‬وطلب من�ه أن يوزع هذه‬
‫البضاعة عىل فروعه ثم بعد ذلك حياسبه عىل ثمن هذه البضاعة‪،‬‬
‫ويسأل عن حكم ذلك؟‬
‫الجواب‪ :‬احلمد هلل‪ ،‬هذه املبايعة غري صحيحة لتأخر تس�ليم‬
‫البائ�ع قيم�ة ما باعه من احللي‪ .‬والطريقة الصحيح�ة هي أن يتم‬
‫بني الطرفني املبايعة الصحيحة بحيث يتس�لم املشتري البضاعة‬
‫ويس�لم للبائع كام�ل الثمن‪ .‬ثم يكلف املشتري البائ�ع بتوزيع‬
‫البضاع�ة على فروعه‪ .‬وهب�ذه الطريقة تصح املبايع�ة ويصح من‬
‫البائع توزيع البضاعة عىل فروع املشرتي‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫س‪ :74‬هل الزكاة واجبة يف حيل النساء املعد لالستعامل؟‬
‫الجواب‪ :‬احلمد هلل‪ ،‬الذي عليه كثري من أهل العلم أن الزكاة‬
‫يف احليل املعد لالستعامل غري واجبة فيه‪ ،‬فحكمه حكم املوجودات‬

‫(‪)173‬‬
‫املعدة للقنية‪ ،‬وهناك قول لبعض أهل العلم يقيض بوجوب الزكاة‬
‫فيها‪ ،‬إال أن القول بسقوط الزكاة عنها هو ما عليه العمل والفتوى‬
‫يف السعودية‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫س‪ :75‬تاج�ر لديه مال يتاجر فيه‪ ،‬وهو ذهب يقدر بخمس�ة‬
‫ماليني متي جتب زكاته وما مقدار الزكاة؟‬
‫الج�واب‪ :‬احلمد هلل‪ ،‬الزكاة واجبة يف الذه�ب إذا بلغ نصابا‬
‫وق�دره عشرون مثق�اال‪ ،‬فإذا ح�ال عليه احل�ول فتج�ب زكاته‬
‫وقدرها ربع العرش أي ‪ %2.5‬من كامل جمموعه‪.‬‬
‫جدي�دا تبيع عىل‬
‫ً‬ ‫س‪ :76‬عندما تشتري إحدى الس�يدات حل ًّيا‬
‫تاجر احليل حليها القديم وتدفع الفرق بني السعرين‪ .‬هل هذا جائز؟‬
‫الجواب‪ :‬ال�ذي يظهر من الس�ؤال أن البيعة واح�دة بمعنى‬
‫أن تاج�ر احليل يق�ول‪ :‬قيمة احليل القديم ك�ذا وقيمة اجلديد كذا‬
‫والف�رق بينهام كذا‪ ،‬فعليك دفع الفرق‪ .‬وهذا ال جيوز؛ ألن البيع‬
‫فاق�د رشط التامثل وزنًا يف العوضني‪ .‬ولي�س البيع هبذه الصورة‬
‫بيعتين وإنام هو بيعة واحدة باطل�ة‪ .‬والطريقة الصحيحة هي أن‬
‫يشتري تاجر احليل من الس�يدة احليل القدي�م بمبلغ معني جيري‬

‫(‪)174‬‬
‫بينهما التقاب�ض يف جمل�س العقد‪ ،‬ثم بع�د متام بيع احللي القديم‬
‫وتس�لم العوضني من الطرفني يبيع التاجر احليل اجلديد بام جيري‬
‫عليه االتفاق يف الس�عر‪ ،‬س�واء أكان ثمن احللي اجلديد أكثر من‬
‫ثمن احليل القديم أم كان أقل‪ ،‬وهذا هو الصحيح‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫ل�دي حس�اب يف أحد البنوك األوربي�ة وأقوم برشاء‬
‫ّ‬ ‫س‪:77‬‬
‫الذهب من هذا البنك أو عن طريقه حيث يودع ذلك يف حس�ايب‬
‫وخيصم الثمن من حسايب‪ ،‬وذلك عرب اهلاتف حيث إن التقابض‬
‫احليس متعذر‪ .‬فهل هذا جائز؟‬
‫الجواب‪ :‬احلمد هلل‪ ،‬صدر قرار جممع الفقه اإلسالمي برابطة‬
‫الع�امل اإلسلامي باعتبار القيد يف احلس�اب يف ق�وة القبض؛ ألن‬
‫القبض خاضع للعرف الس�ائد وعليه فإذا تم الرشاء عرب اهلاتف‬
‫وأودع الذهب يف حساب املشرتي يف البنك البائع‪ ،‬وخصم الثمن‬
‫من حس�اب املشتري يف وقت التبايع‪ ،‬وكانت املبايعة مستكملة‬
‫رشوط الصح�ة من حيث التامثل يف ح�ال احتاد جنس العوضني‬
‫والتقابض مطل ًقا ‪ -‬إذا كان األمر كذلك فال يظهر يل مانع رشعي‬
‫من القول بالصحة واجلواز ‪ -‬واهلل أعلم‪.‬‬

‫(‪)175‬‬
‫س‪ :78‬أنا تاجر أشرتي ذه ًبا من أوربا أو من الصني وأضيف‬
‫إىل ثمنه مصاريف زيادة عىل ثمنه – عمولة – الش�حن‪ -‬تأمني‪-‬‬
‫وأبيع�ه بإحدى طريقتني‪ :‬إحدامها بيع�ه بالعملة الورقية ًيدا بيد‪،‬‬
‫الثاني�ة‪ :‬بيع�ه بذه�ب مثله وزنا ب�وزن ثم أضيف علي�ه يف الثمن‬
‫ربحي وتكاليف مصاريف عليه‪ .‬فهل جيوز ذلك؟‬
‫الجواب‪ :‬احلمد هلل‪ ،‬أما الطريقة األوىل فهي جائزة؛ ألن اشرتاط‬
‫التقابض متحقق فيها‪ .‬والعوضان جنسان خمتلفان ورسول اهلل ﷺ‬
‫يقول‪« :‬إذا اختلفت األجناس فبيعوا كيف شئتم إذا كان ًيدا بيد»‪.‬‬
‫وأما الطريقة الثانية فالذي يظهر يل وجود االشتباه يف صحتها‬
‫ولش�يخ اإلسالم ابن تيمية وتلميذه ابن القيم قول بصحة هذه‬
‫ونظرا إىل‬
‫ً‬ ‫املبايع�ة؛ ألن الزي�ادة خارج�ة ع�ن وزن العوضين‪،‬‬
‫أن الصفق�ة واح�دة فال يظهر يل وجاهة ه�ذا القول‪ .‬والطريقة‬
‫األوىل ه�ي البديل الصحيح اخلايل من االعرتاض واالش�تباه‪.‬‬
‫واهلل أعلم‪.‬‬
‫س‪ :79‬أنا موظف يف أحد املتاجر الذهبية‪ ،‬ويكون عندي مبلغ‬
‫ورشاء لصالح نفيس‬
‫ً‬ ‫م�ن املال لصاحب املتجر وأتصرف فيه بي ًعا‬
‫حيث إنني أعتربما يكون عندي يف ذمتي‪ .‬فهل هذا مني صحيح؟‬

‫(‪)176‬‬
‫الجواب‪ :‬احلمد هلل‪ ،‬هذا الترصف من الس�ائل ال جيوز وهو‬
‫ن�وع من اخليان�ة‪ ،‬وجيب عليه أن خيبر صاحب املتج�ر بام فعل‪،‬‬
‫ف�إن أج�از له الترصف فال بأس بفعل�ه وإن مل جيز له ذلك فيتعني‬
‫علي�ه أن يعيد املبلغ وربحه؛ ألنه غري مأذون له يف هذا الترصف‪.‬‬
‫واهلل أعلم‪.‬‬
‫عيل‬
‫س‪ :80‬أنا أحد موظفي أحد املتاجر الذهبية وقد اشرتط َّ‬
‫أال أش�تغل عند أحد غيره‪ .‬ويأتينا يف املتجر من يرغب تس�ويق‬
‫بضاعته‪ ،‬فأقوم بذلك يف مقابلة عمولة يل هل جيوز يل ذلك؟‬
‫الجواب‪ :‬احلمد هلل‪ ،‬ما دام عقد العمل بني السائل وصاحب‬
‫املتج�ر على ما ذكره يف الس�ؤال‪ ،‬فال يظه�ر يل جواز م�ا يقوم به‬
‫الس�ائل املوظ�ف إال بع�د إذن صاح�ب املتجر‪ .‬وأما ب�دون إذنه‬
‫فيج�ب أن تكون أجرة الس�مرسة لصاحب املتج�ر ً‬
‫تنفيذا للعقد‬
‫بينهام‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫س‪ :81‬أنا أح�د موظفي أحد املتاجر الذهبية ولدي تفويض‬
‫من صاح�ب املتجر يف البي�ع والرشاء‪ ،‬وهو ضام�ن للمتعاملني‬
‫مع�ي يف ترصفايت‪ .‬فهل جيوز يل أن أس�تغل هذا الضامن لصاحلي‬
‫ورشاء معهم؟‬
‫ً‬ ‫بي ًعا‬

‫(‪)177‬‬
‫الج�واب‪ :‬احلمد هلل‪ ،‬ال جيوز للس�ائل أن يس�تغل هذه الثقة‬
‫وه�ذا الضمان لصاحل�ه إال ب�إذن صاح�ب املتج�ر؛ ألن ضمان‬
‫صاحب املتجر ملوظفه مرشوط بعمله لصاحله‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫س‪ :82‬نح�ن نعمل يف أحد املتاج�ر ويأتينا بعض جتار احليل‬
‫بس�لع ذهبية لبيعها‪ ،‬وقد اس�تأجرنا حملاًّ لنا ووظفنا عاملاً لنا يف‬
‫حملن�ا‪ ،‬وإذا جاءن�ا عمالء يف متج�ر من نعمل عنده أرس�لناه إىل‬
‫معرضنا‪ .‬فهل ترصفنا صحيح؟‬
‫الج�واب‪ :‬احلمد هلل‪ ،‬ال ش�ك أن صنيعكم ه�ذا يعترب خيانة‬
‫منكم ملن تعملون عنده‪ ،‬وما حتصلون عليه من أجر يعترب كس� ًبا‬
‫خبيثا؛ ألنه جاءكم عن طريق اخليانة‪ ،‬فعليكم العمل حتت مراقبة‬
‫ربكم والشعور بمحاسبتكم عىل أداء األمانة‪ .‬واهلل املستعان‪.‬‬
‫س‪ :83‬أن�ا موظف ل�دى إح�دى رشكات الصياغ�ة وتأتينا‬
‫سيدة ألصنع هلا حلية معينة‪ ،‬وأقوم بتصنيعها لدى مصنع خارج‬
‫نط�اق عميل‪ ،‬وأتقاىض من ذلك رب�ح خلاصتي وذلك دون علم‬
‫الرشكة التي أعمل فيها‪ .‬فهل هذا صحيح؟‬
‫الجواب‪ :‬هذا يعترب من قبيل اخليانة يف العمل وما تأخذه من‬
‫ربح أو عمولة فهو كسب غري صحيح‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬

‫(‪)178‬‬
‫س‪ :82‬أن�ا موظف ل�دى أحد املتاج�ر الذهبية ومفوض من‬
‫قب�ل صاحب العم�ل بالبيع والشراء‪ ،‬وحتقيق األرب�اح ويأتيني‬
‫جدي�دا فأبيع�ه حل ًّيا قديماً على أنه حيل‬
‫ً‬ ‫املشتري ليشتري حل ًّيا‬
‫جديد وبسعر احليل اجلديد‪ .‬فهل جيوز يل ذلك؟‬
‫الج�واب‪ :‬احلم�د هلل‪ ،‬روى ع�ن رس�ول اهلل ﷺ قوله‪« :‬من‬
‫وتغريرا‬
‫ً‬ ‫غش�نا فليس منا»‪ .‬وهذا الذي يفعله الس�ائل يعترب ً‬
‫غشا‬
‫وما حيصل عليه من كس�ب فهو حرام‪ .‬فعىل الس�ائل أن يتقي اهلل‬
‫ويصدق م�ع عمالئه وحيرص عىل أن يك�ون تعامله تعاملاً مبن ًّيا‬
‫عىل حسن التعامل والصدق يف القول والعمل‪ ،‬والشعور بأن اهلل‬
‫حميط بخلقه وحماسبهم عىل ترصفاهتم‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫س‪ :85‬نحن نعمل يف متجر نبيع فيه املجوهرات من األملاس‬
‫وتش�تمل عقود املاس عىل الذهب‪ ،‬إال أنه قليل بالنس�بة إىل قطع‬
‫املاس فهل جيوز بيع هذه العقود بأثامن مؤجله؟‬
‫الجواب‪ :‬احلمد هلل‪ ،‬النصوص الرشعية الواردة يف النهي عن‬
‫بيع احليل بالنسأ – التأجيل‪ -‬خاصة بام إذا كان احلىل مشتمال عىل‬
‫الذهب‪ ،‬أو عىل كثري الذهب أما إذا كان الذهب‪ ،‬يف السلعة قليلاً‬
‫كحلية الس�يف أو القلم أو الس�اعة أو نحو ذلك فال يظهر مانع‬

‫(‪)179‬‬
‫م�ن بيعه�ا بثمن مؤجل‪ ،‬حيث جي�وز تب ًعا ما ال جيوز اس�تقالال‪،‬‬
‫واألحج�ار الكريم�ة من املاس ونحوه ليس�ت ذه ًب�ا فيجوز بيع‬
‫بعضه ببعض تفاضال أو تأجيال يف الثمن واملثمن‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫س‪ :86‬هل جيوز بيع عقود األملاس مؤجلاً وكذلك الساعات‬
‫املرصعة وليس فيها ذهب وال فضة؟‬
‫الج�واب‪ :‬احلمد هلل‪ ،‬ال يظهر يل مان�ع يف بيعها بثمن معجل‬
‫أو مؤج�ل؛ ألن منع بيع التأجيل خاص بحيل الذهب أو الفضة‬
‫أو بام غالبه منهام‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫س‪ :87‬ه�ل جيوز لبس الس�اعة املرصعة بأملاس؟ وهل جيوز‬
‫لبس الذهب للرجال مثل الدبلة والسلسلة والساعة من الذهب‬
‫أو املرصعة بأملاس؟‬
‫الجواب‪ :‬احلمد هلل‪ ،‬ال يظهر يل مانع من لبس الساعة املرصعة‬
‫بأمل�اس‪ .‬وأما لب�س الرجال خاتم دبلة أو سلس�لة أو س�اعة من‬
‫الذهب فهذا ال جيوز‪ ،‬حيث إن التحيل بالذهب حمرم عىل الرجال‬
‫وإباحته للنس�اء جاء عىل س�بيل االس�تثناء رعاي�ة ألحواهلن مع‬
‫أزواجه�ن‪ ،‬وم�ا يمكن أن يك�ون من حمبب�ات ال�زوج لزوجته‪.‬‬
‫واهلل أعلم‪.‬‬

‫(‪)180‬‬
‫س‪ :88‬هل جيوز اس�تخدام الس�بح من اللؤل�ؤ واألملاس أو‬
‫األحجار الكريمة؟‬
‫الج�واب‪ :‬احلمد هلل‪ ،‬إذا مل يكن الذهب غال ًبا يف خرز الس�بح‬
‫وإنام هو قليل‪ ،‬فالذي يظهر يل جواز ذلك‪ ،‬حيث إن النهي خاص‬
‫بالذه�ب والفضة وأما اللؤلؤ واألمل�اس واألحجار الكريمة فلم‬
‫يرد يف النهي عن اقتنائها أو استعامهلا نص يف حتريمها‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫س‪ :89‬هل جيوز استخدام أسنان من ذهب؟‬
‫الجواب‪ :‬احلمد هلل‪ ،‬ال يظهر يل مانع من ذلك للحاجة‪ ،‬وألن‬
‫رس�ول اهلل ﷺ أذن لعرفج�ة ب�ن هرثمة ؤ باخت�اذه أن ًفا من‬
‫ذه�ب‪ ،‬حي�ث إن أنفه قطع يف إحدى املعارك مع رس�ول اهلل ﷺ‬
‫فأذن له بذلك‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫س‪ :90‬هل جيوز اختاذ األواين الذهبية أو الفضية أو استعامهلا‬
‫ٍ‬
‫كأوان منزلية وحتف؟‬
‫الج�واب‪ :‬احلم�د هلل‪ ،‬ال جي�وز اس�تعامل األدوات املنزلي�ة‪،‬‬
‫وكذلك التحف‪ ،‬إذا كانت من الذهب اخلالص أو من الفضة أو‬
‫من غالبهام؛ لثبوت النهي عن ذلك‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬

‫(‪)181‬‬
‫س‪ :91‬يقدم بعض الن�اس هدايا لبعضهم وجيهل املهدي له‬
‫قيم�ة اهلدية‪ ،‬ويذهب لبيعها فنشترهيا منه بثل�ث قيمتها أو أقل‪.‬‬
‫فهل جيوز لنا ذلك؟‬
‫الج�واب‪ :‬احلم�د هلل‪ ،‬ال خيف�ى أن م�ن املؤث�رات عىل صحة‬
‫العقود يف البيع الغرر والتغرير‪ ،‬وهلذا جاء النهي عن تلقي الركبان‬
‫ونحوهم املزارعني‪ ،‬وهكذا كل من ال يعلم قيمة س�لعته فيبيعها‬
‫بثمن بخ�س‪ .‬فهذا ال جيوز‪ ،‬وإذا تم يشء من ذلك فللبائع اخليار‬
‫يف فسخ البيع إذا ظهر له التغرير به‪ ،‬وعليه فيجب عىل من يعرف‬
‫قيمة السلعة أن يتقي اهلل يف رشائها‪ ،‬وأن يكون صاد ًقا يف اإلخبار‬
‫بثمنها – أي بام تساويه‪ -‬فإذا أخرب بام تساويه انتفى الغرر وله بعد‬
‫ذلك رشاؤها بام يتفق عليه مع الطرف اآلخر واهلل أعلم‪.‬‬
‫س‪ :92‬يتق�دم بعض طالبي العم�ل إىل املتاجر بعرض رغبته‬
‫يف العم�ل‪ ،‬ويت�م التعاقد معه‪ ،‬ولكنه بعد انته�اء عقده وقد أخذ‬
‫التجرب�ة يف العم�ل التجاري يق�رر االنفصال ع�ن العمل‪ .‬فهل‬
‫جيوز له ذلك؟‬
‫الجواب‪ :‬احلمد هلل‪ ،‬إذا أهنى املوظف العقد الذى بينه وبني‬
‫التاجر فقد أوىف بعقده‪ ،‬وهو حر يف جتديد العقد أو عدم ذلك‪.‬‬

‫(‪)182‬‬
‫وكونه اكتسب خربة وصارت أمامه فرص ملصلحته فله احلق‬
‫يف اختي�ار الفرصة التي مصلحت�ه فيها‪ ،‬طاملا أنه أتم العقد بينه‬
‫وبين التاجر املتعاقد معه‪ .‬وأما طلب املوظف إهناء العقد قبل‬
‫انتهائ�ه فلا خيفى أن العق�د عقد إج�ارة وهو عق�د الزم عىل‬
‫الطرفني‪ ،‬وال جي�وز إهناؤه إال برتايض الطرفني عىل ذلك‪ ،‬ويف‬
‫ح�ال قيام أحد الطرفين بإهناء العقد ب�إرادة منفردة فللطرف‬
‫اآلخ�ر منع�ه من ذلك‪ ،‬ويف ح�ال عدم قدرته فل�ه حق املطالبة‬
‫بالتعوي�ض ع�ن الضرر الالحق به جت�اه عدم الوف�اء بالعقد‪،‬‬
‫ويستحس�ن أن ُينَ�ص يف العق�د على اآلثار املرتتب�ة عىل ذلك‬
‫للطرفني منعا للنزاع بينهام‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫س‪ :93‬ماذا تعني األمانة يف املسؤولية؟‬
‫الجواب‪ :‬احلمد هلل‪ ،‬ال شك أن األمانة تعني الوفاء باملسؤولية‬
‫فيام يتعلق بالنصح يف العمل واإلخالص يف أدائه‪ ،‬ورعاية حقوق‬
‫الطرف اآلخ�ر فيام حتت يده من مال ومعلومات رسية خاصة به‬
‫وبأعامله‪ ،‬مما هي حتت يد األجري‪ ،‬وذلك وفقا لقوله ﷺ‪« :‬ال ختن‬
‫من ائتمنك» واهلل أعلم‪.‬‬

‫(‪)183‬‬
‫س‪ :94‬من أس�اليب تس�ويق البضائع والتناف�س يف ذلك نرش‬
‫الشائعات عن البضائع األخرى أو عن صاحبها‪ .‬فهل جيوز ذلك؟‬
‫الج�واب‪ :‬احلمد هلل‪ ،‬ال ش�ك أن ه�ذا خلق ذميم ومس�لك‬
‫يتن�اىف مع النص�وص الكثرية من كتاب اهلل تعاىل وس�نة رس�وله‬
‫ﷺ والتحذي�ر م�ن الكذب واالفتراء ونرش الش�ائعات الكاذبة‬
‫املكذوبة‪ ،‬واإلسلام يأبى هذا االجتاه األثي�م قال ﷺ‪« :‬ال يؤمن‬
‫أحدكم حتى حيب ألخيه ما حيب لنفسه»‪ .‬واهلل املستعان‪.‬‬
‫س‪ :95‬ه�ل جيوز ملن س�ئل عن أم�ور تتعل�ق بالتجارة وهو‬
‫يعل�م اجلواب أن يق�ول‪ :‬ال أعلم‪ .‬وإذا كان ال يعل�م ولكنه أفاد‬
‫بخرب غري صحيح‪ .‬هل جيوز ذلك؟‬
‫الج�واب‪ :‬احلم�د هلل‪ ،‬ال خيف�ى أن دينن�ا مبني على الوضوح‬
‫والنص�ح واإلخالص يف األخوة اإلسلامية‪ ،‬فيجب عىل املس�لم‬
‫يف حال سؤاله أو استشارته أن يبدي ملن سأله أو استشاره ما لديه‬
‫من علم يف ذلك‪ ،‬فاهلل سبحانه وتعاىل يقول‪﴿ :‬ﯜ ﯝ ﯞ﴾‬
‫ويقول ﷺ‪« :‬من علم علماً فكتمه أجلمه اهلل جلام ًا من نار»‪ .‬فيجب‬
‫عىل املس�لم أن يمحض أخاه النصح واإلرش�اد وصدق املشورة‪.‬‬
‫ف�إن كان ال يعلم فيرصح له بع�دم العلم يف ذلك‪ .‬وال جيوز له أن‬

‫(‪)184‬‬
‫صحيحا‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫ً‬ ‫خيربه أو أن يشري عليه بام ليس‬
‫س‪ :96‬يكون من بعض الناس ش�عور بأنه إذا ع َّلم ً‬
‫أحدا ودربه‬
‫سيحل حم ّله‪ ،‬وهلذا يتقاعس عن ذلك‪ .‬فهل هذا جائز؟‬
‫ّ‬ ‫عىل عمل فإنه‬
‫الج�واب‪ :‬احلمد هلل‪ ،‬هذا الش�عور ممن يكت�م علمه ويبخل‬
‫به وببذله س�واء أكان تعليماً أم تدري ًبا أو نحو ذلك هذا الشعور‬
‫ش�عور لؤم وخبث‪ ،‬ق�ال تع�اىل‪﴿ :‬ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﴾‬
‫[النح�ل‪ ]125:‬ويقول ﷺ‪« :‬ألن هي�دي اهلل بك رجلاً خري لك‬
‫م�ن محر النعم»‪ .‬ومن أحس�ن قصده وأصلح نيته وبذل النصح‬
‫إلخوانه املسلمني حمتس ًبا ذلك عند اهلل فله أجره يف الدنيا بتيسري‬
‫أمره ورزقه وأسباب سعادته‪ ،‬وله يف اآلخرة أجره عند ربه لقاء‬
‫مشاعره الصادقة مع إخوانه‪ .‬واهلل املستعان‪.‬‬
‫أحد أن ينفع غريه أو يضره وما معنى‬‫س‪ :97‬ه�ل يس�تطيع ٌ‬
‫أحدا مل يرد اهلل‬
‫قول رس�ول اهلل ﷺ‪« :‬واعلم أن اخللق لن ينفعوا ً‬
‫أحدا مل يرد اهلل مرضته»؟‬
‫نفعه‪ ،‬ولن يرضوا ً‬
‫الجواب‪ :‬احلمد هلل‪ ،‬ال ش�ك أن اهلل هو املترصف يف خلقه فام‬
‫ش�اء اهلل كان وما مل يشأ مل يكن‪ .‬وما نشاهده من أن بعض الناس‬
‫ال س�يام من هلم والية أو س�لطة أو قوة يقومون بنفع من يريدون‬

‫(‪)185‬‬
‫أو مرضته‪ .‬ال شك أن اخلري وضده أمر حصوله إىل اهلل‪ ،‬فمن يرد‬
‫خريا ييرس له أس�باب حصول�ه وكذلك العكس‪ .‬وهؤالء‬ ‫اهلل به ً‬
‫الذي�ن هم مظن�ة نفع أحد أو مرضته ليس�وا أه�ل نفع أو رضر‪،‬‬
‫وإنما هم أس�باب حلص�ول النفع أو الضرر‪ .‬فيمك�ن أن يبذلوا‬
‫األس�باب يف النفع أو الضرر‪ ،‬فإذا كان�ت إرادة اهلل يف منع ذلك‬
‫منهم مل تنفع مس�اعيهم‪ ،‬وهذا معنى قول رس�ول اهلل ﷺ من أن‬
‫اخللق لن ينفعوا أحدا أو يرضوه إال بإرادة اهلل ذلك‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫س‪ :98‬نح�ن جمموع�ة م�ن الش�باب نعم�ل يف متاجر احليل‬
‫ويأتينا نس�اء يردن الرشاء‪ ،‬ونرى منهن أيدهين وعيوهنن ووجوه‬
‫من يكشف منهن‪ .‬ونلتهي برؤيتهن وبمفاتنهن عن مراقبة السلع‬
‫املعروض�ة عليه�ن‪ .‬وربام فقدنا بعض القطع الذهبية عىل س�بيل‬
‫الرسقة‪ .‬فهل جيب علينا ضامن ما يرسق منا؟‬
‫الجواب‪ :‬احلمد هلل‪ ،‬جيب عىل املسلم أن يتقي اهلل وأن يمتثل‬
‫أم�ر ا هلل بغ�ض النظر‪ ،‬فذل�ك أزكى وأحصن‪ .‬وأم�ا ما يفقد من‬
‫القط�ع الذهبية نتيج�ة عرضها عليهن ورسقتهن ذلك النش�غاله‬
‫بفتنتهن‪ ،‬فهذا يعترب تفري ًطا وغفلة من هؤالء العامل الش�باب عن‬
‫حف�ظ ه�ذه املرسوق�ات‪ ،‬وال خيفى أن ما بأيدهي�م مما يف املحالت‬

‫(‪)186‬‬
‫التجارية يعترب أمانة عليهم ضامهنا يف حال التفريط وإمهال أسباب‬
‫حفظها‪ .‬وعليه فأرى أن عىل هؤالء الشباب ضامن ما رسق منهم‬
‫لقاء تساهلهم أو إمهاهلم أسباب حفظها ومحايتها‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫مبتدءا عمله اليومي؟‬
‫ً‬ ‫س‪ :٩9‬ما األدعية التي يقوهلا املؤمن‬
‫الجواب‪ :‬احلمد هلل‪ ،‬ال أعلم أدعية خاصة بذلك‪ ،‬وإنام يدعو‬
‫املس�لم بام يفتح اهلل عليه به‪ .‬ومن ذلك‪ :‬اللهم ال مانع ملا أعطيت‬
‫وال معط�ي ملا منع�ت‪ .‬أنت ال�رازق وأنت املغن�ي‪ ،‬اللهم أغنني‬
‫بحالل�ك عن حرام�ك وبفضلك عمن س�واك‪ .‬ف�رزق اهلل خري‬
‫وأبقى واهلل املستعان‪.‬‬
‫س‪ :100‬اشتريت من أحد جت�ار الذهب حلية بثمن أعطيته‬
‫أخيرا إعادهتا إليه واس�تعادة‬
‫ً‬ ‫إي�اه يف جمل�س البيع‪ ،‬وقد ق�ررت‬
‫ثمنها‪ ،‬فهل يلزمه قبول ذلك؟‬
‫الجواب‪ :‬احلمد هلل‪ ،‬م�ا دام أن البيع تم بينكام فال يلزم البائع‬
‫قبول ردها‪ .‬لكن إن قبل فيعترب ذلك منكام إقالة‪ ،‬فإذا متت اإلقالة‬
‫بينكام انفس�خ البيع ويعيد كل واحد منكام ما بيده لآلخر‪ ،‬فأنت‬
‫‪ -‬أهي�ا الس�ائل ‪ -‬تعيد له احللي�ة وهو يعيد لك ثمنه�ا‪ ،‬وال يلزم‬
‫واحد منكام ذلك إال باتفاقكام عىل الفسخ‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬

‫(‪)187‬‬
‫س‪ :101‬اشتريت يل حلي�ة من أحد جت�ار الذهب‪ ،‬ودفعت‬
‫له ثمنها‪ ،‬ولكن اشترطت عليه أن يل حق إرجاعها يف حال عدم‬
‫رغبة زوجتي هلا‪ ،‬فهل يصح ذلك؟‬
‫الجواب‪ :‬احلمد هلل‪ ،‬ال يظهر يل مانع يف ذلك حيث إنك ‪ -‬أهيا‬
‫السائل ‪ -‬اشرتطت فسخ البيع يف حال عدم رغبة زوجتك‪ ،‬فام دام‬
‫البيع قد تم باستكامل رشوطه فإن اشرتاط فسخ البيع بعد متامه ال‬
‫يظه�ر يل أنه بيع معلق وإنام هو بيع مرشوط فيه قبول فس�خ البيع‬
‫حرام�ا أو حرم حاللاً ‪،‬‬
‫واملؤمن�ون على رشوطهم إال رشطا أحل ً‬
‫ولكن ينبغى أن يكون بينكام مدة حمددة لذلك‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫س‪ :١٠2‬اشتريت حلي�ة ورشطت عىل البائ�ع يف حال عدم‬
‫الرغبة فيها استبداهلا بغريها‪ ،‬فهل جيوز ذلك؟‬
‫الج�واب‪ :‬احلمد هلل‪ ،‬ال يظهر يل ج�واز هذا الرشط الحتامل‬
‫انتف�اء رشط املامثل�ة ىف حال ال�رد؛ ألن الرد يعن�ي مبايعة جديدة‬
‫ذه ًبا بذهب فيجب التامثل يف الوزن مع التقابض يف جملس العقد‬
‫ف�إن تم التامثل بني العوضني يف البيع األخري من حيث الوزن فال‬
‫ب�أس‪ .‬وإن مل يتم التامثل فال جيوز لقول�ه ﷺ‪« :‬ال تبيعوا الذهب‬
‫بالذهب إال مثال بمثل»‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬

‫(‪)188‬‬
‫س‪ :١٠3‬يبي�ع بعض الناس الذهب بالذه�ب بأثامن مؤجلة‬
‫فهل جيوز ذلك؟ ما املخارج الرشعية لصحة هذا الترصف؟‬
‫الج�واب‪ :‬احلم�د هلل‪ ،‬من املعل�وم أن هذا البي�ع باطل لفقده‬
‫خمرج�ا رشع ًّيا جييز‬
‫رشط التقاب�ض يف جمل�س العق�د‪ .‬وال أعلم ً‬
‫هذا البيع‪ ،‬ويمكن أن يتسلم أحد الطرفني الذهب لبيعه للطرف‬
‫اآلخر عىل سبيل الوكالة يف بيعه‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫س‪ :104‬أنا أعمل يف أحد متاجر الذهب وتأتيني املرأة ومعها‬
‫ذهب تريد بيعه‪ ،‬فأذكر هلا ثمنًا له يقل عام يساويه وال أصدق معها‬
‫رغبة يف اللعب عليها والكسب من وراء ذلك‪ ،‬فهل هذا صحيح؟‬
‫الجواب‪ :‬احلمد هلل‪ ،‬اإلسالم مبني عىل الصدق وبذل النصح‬
‫والبعد عن املكاسب وراء الكذب واملغالطة وسوء التعامل وأي‬
‫تعامل يبنى عىل الغش والغرر والتدليس فهو تعامل حمرم وسبب‬
‫م�ن أس�باب بطلان العقود‪ .‬والذي جي�ب عىل الس�ائل أن يتقي‬
‫أخ َّوت�ه إلخوانه وأخوات�ه‪ ،‬وأال هيتبل غفلتهم‬
‫اهلل وأن يستش�عر ُ‬
‫وجهله�م ليغ�رر هبم ول�ه أن يذكر ثم�ن احللية املقدم�ة إليه عىل‬
‫س�بيل التقريب فيقول مثال‪ ،‬هذه احللية ثمنها مخسة آالف ريال‪،‬‬

‫(‪)189‬‬
‫ولكني أشترهيا بأربع�ة آالف ريال مثال فإذا واف�ق من بيده هذه‬
‫السلعة بعد إعالمه بثمنها التقريبي فال بأس بذلك‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫س‪ :105‬أن�ا أح�د جتار الذه�ب وعندي ثالث�ة أوالد وبنت‬
‫وأمه�م زوجت�ي‪ ،‬وأعطي�ت كل واحد م�ن أبنائي ملي�ون ريال‬
‫قرضا ليتمكن من تأهيل نفس�ه للتجارة وقد رد كل واحد منهم‬
‫عقارا بمليون ريال وأوقفت‬
‫القرض الذي عليه‪ .‬وأعطيت ابنتي ً‬
‫عقارا عىل املحتاج من أوالدي‪ ،‬فهل ترصيف صحيح؟‬
‫ً‬
‫الجواب‪ :‬احلمد هلل‪ ،‬ال يظهر يل مانع من إقراضك إياهم املبالغ‬
‫الت�ي ذكرهتا وأهنم أع�ادوا لك ما أقرضتهم‪ .‬أرجو أن يوفقهم اهلل‬
‫عىل برك وصلتك‪ .‬وأما ما أعطيته ابنتك وهو العقار املقدر بمليون‬
‫ري�ال فعليك أن تعطي أوالدك الثالث�ة كل واحد منهم ضعف ما‬
‫أعطي�ت أخته�م لقول�ه تع�اىل‪﴿ :‬ﮓ ﮔ ﮕ ﮖﮗ ﮘ‬
‫ﮙ ﮚ ﮛ﴾ [النس�اء‪ ]11:‬أو أن تستأذهنم وتطلب إجازهتم‬
‫ترصف�ك مع أختهم‪ .‬فإن أذن�وا لك وأجازوا ترصفك فاحلمد هلل‪،‬‬
‫وإال فيجب عليك أن تعدل بني مجيع أوالدك وفقا لآلية الكريمة‪.‬‬
‫وأم�ا وقفك عقارا عىل املحتاج من أوالدك فهذا ترصف صحيح‪،‬‬
‫نرجو اهلل تعاىل أن يتقبل منا ومنك‪ .‬واهلل املستعان‪.‬‬

‫(‪)190‬‬
‫س‪ :١٠6‬نطال�ع يف الصح�ف ويف املعارض التجارية عرض‬
‫مس�ابقات على جوائز مالية‪ ،‬بعضها يشترط أن تكون املس�ابقة‬
‫بواسطة كوبون يف الصحيفة مثال‪ ،‬فام حكم االشرتاك يف ذلك؟‬
‫الجواب‪ :‬احلمد هلل‪ ،‬إذا كانت هذه املس�ابقات ال تس�تلزم من‬
‫املشرتك بذل مال لقاء االشرتاك فيها فال يظهر يل مانع من جوازها‪.‬‬
‫وليس�ت م�ن قبيل القامر وامليسر – اليانصيب – وأم�ا إذا كانت‬
‫الصحيف�ة أو املجلة أو أي جهة تعرض هذه املس�ابقات تشترط‬
‫أن يكون االشتراك بواسطة كوبون ال يحُ صل عليه إال ببذل مبلغ‬
‫لشراء ه�ذه الصحيفه للحصول عىل كوبون املس�ابقة‪ ،‬فهذا نوع‬
‫م�ن أنواع اليانصيب‪ ،‬وهو من القامر املح�رم حيث إنه يبذل ثمنًا‬
‫هلذا الكوبون نسبة ضياعه عليه نسب ُة جمموع الكوبونات اخلارسة‪،‬‬
‫فهذا حرام وهو من أكل أموال الناس بالباطل‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫س‪ :107‬م�ا حكم بيع الدين بثمن أق�ل منه؟ وما الفرق بني‬
‫ذلك وبني مسألة ضع وتعجل؟‬
‫الج�واب‪ :‬احلم�د هلل‪ ،‬ال جي�وز بي�ع الدي�ن إال على من هو‬
‫عليه‪ ،‬ومثال ذلك أن يكون مدينًا بعملة س�عودية فيقتيض بعملة‬
‫أمريكي�ة برشط أال يتفرقا وبينهما يشء حلديث عبد اهلل بن عمر‬

‫(‪)191‬‬
‫اب�ن اخلطاب ء وأم�ا بيع الدين عىل طرف ثالث بثمن أقل‬
‫منه أو أكثر‪ ،‬فهذا من قبيل الرصف ويشترط للرصف املامثلة يف‬
‫ح�ال احتاد اجلنس والقبض يف جمل�س العقد‪ .‬وبيع الدين مفقود‬
‫من�ه الرشط�ان أو أحدمها فه�و بيع باطل‪ .‬وأما الف�رق بينه وبني‬
‫«ض�ع وتعجل» فإن مس�ألة «ض�ع وتعجل» ال تعتبر بي ًعا وإنام‬
‫ه�و تنازل من الدائن عن بعض حقه لق�اء تعجيل دينه املؤجل‪،‬‬
‫بخلاف بيع الدي�ن عىل غري املدين‪ ،‬فهو بي�ع ثمن مؤجل بثمن‬
‫أقل منه أو أكثر‪ ،‬وهو بيع غري صحيح‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫س‪ :١٠8‬م�ا اجلمع بني قوله تع�اىل‪﴿ :‬ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ‬
‫ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ﴾ [البقرة‪ .]٢٧٥:‬وقوله تعاىل‪﴿ :‬ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ‬
‫ﯘ ﯙ ﯚ ﯛﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ‬
‫ﯤ ﯥ﴾ [البق�رة‪ .]٢٧٩:‬حيث إن اآلي�ة تدل عىل عفو اهلل‬
‫عام س�لف من الربا واآلية األخرى تدل عىل أنه ليس للمرايب إال‬
‫رأس ماله؟‬
‫الجواب‪ :‬احلمد هلل‪ ،‬الذي يظهر يل ‪ -‬والعلم عند اهلل تعاىل ‪-‬‬
‫أن اآلي�ة األوىل خاص�ة بام إذا كان املس�لم عنده أموال اكتس�بها‬
‫م�ن معامالت حمرمة ثم إن اهلل تعاىل أمده بموعظة صارت س�ببا‬

‫(‪)192‬‬
‫لتوبته النصوح‪ ،‬فإن له ما كسب فيام مىض‪ ،‬وعليه التوبة النصوح‬
‫وااللتزام الكامل بمقتضاها‪ ،‬وقد قال ﷺ فيمن يدخل اإلسلام‬
‫ب م�ا قبله»‪ .‬فإذا كان‬
‫وعليه خطايا وجماوزات‪« :‬إن اإلسلام يجَ ُ ُّ‬
‫مكف�را للخطايا ومنها الشرك والكفر باهلل‬‫ً‬ ‫الدخول يف اإلسلام‬
‫ف�إن التوبة الصادقة النصوح مكف�رة لآلثام‪ .‬وقوله تعاىل ﴿ﭳ ﭴ‬
‫ﭵ﴾ [البق�رة‪ ]٢٧٥:‬دليل ذلك واألص�ل يف اآلية العموم حتى‬
‫يرد ما خيصصه بنص من كتاب اهلل تعاىل أو من س�نة رس�ول اهلل‬
‫ﷺ وال نعلم ختصيصا هلذا العموم‪.‬‬
‫وأم�ا اآلية األخ�رى ﴿ﯟ ﯠ ﯡ﴾ [البقرة‪]٢٧٩:‬‬
‫فه�ي خاص�ة بالديون الربوية فم�ن كان له دين رب�وي عىل آخر‬
‫ومل يتم س�داده‪ ،‬فإن الزيادة الربوية س�اقطة عمن ال تزال ىف ذمم‬
‫املدينني هبا‪ .‬وقد قال النبي ﷺ تطبيقا ملدلول هذه اآلية الكريمة‪:‬‬
‫«إن أول رب�ا أضع�ه رب�ا العب�اس»‪ .‬أو كام قال ﷺ وهب�ذا يظهر‬
‫اجلمع بني اآليتني الكريمتني‪ ،‬وقد أخذ هبذا ش�يخ اإلسلام ابن‬
‫تيمي�ة رمح�ه اهلل ومن املعارصين الش�يخ عبد الرمحن بن س�عدي‬
‫رمحه اهلل‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬

‫(‪)193‬‬
‫س‪ :١٠٩‬ظهرت يف الغرب صناديق استثامرية فهل يتعارض‬
‫نشاط هذه الصناديق مع أنشطة املصارف اإلسالمية؟‬
‫الج�واب‪ :‬احلم�د هلل‪ ،‬لي�س من أص�ول اإلسلام وقواعده‬
‫احت�كار املصال�ح ألجن�اس دون أجن�اس‪ ،‬وإنما اإلسلام دين‬
‫سماحة ودين ش�مول ودين مصال�ح هتدف إىل خري اإلنس�انية‪.‬‬
‫ويلزم املس�لمني القيام بنرش هذه املب�ادئ واألصول‪ ،‬فأي طريق‬
‫اس�تثامري ُتلتزم فيه األحكام الرشعية وخيلو من عوامل الفس�اد‬
‫والبطلان‪ ،‬فيخلو م�ن الغ�ش والغرر والقمار والرب�ا واجلهالة‬
‫وأكل أموال الناس بالباطل ‪ -‬كل طريق استثامري ُيلتزم فيه هبذا‬
‫جهات‬
‫ٌ‬ ‫سواء توىل القيام به‬
‫ً‬ ‫املسلك فهو طريق يدعو إليه اإلسالم‬
‫إسلامية أو جهات أخرى‪ .‬وال يظهر يل وجود تعارض بني هذه‬
‫األنش�طة وأنشطة املصارف اإلسالمية‪ ،‬طاملا أن اجلميع ملتزمون‬
‫باألحكام الرشعية يف هذه األنشطة‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫س‪ :١١٠‬كيف يمكن توفري الرقابة املؤهلة ملعاجلة العمليات‬
‫االقتصادية بواسطة هذه الصناديق؟‬
‫الج�واب‪ :‬احلم�د هلل‪ ،‬يل�زم املس�لم أال يث�ق بدع�اوى التقيد‬
‫باألح�كام الرشعية يف جمال االس�تثامر‪ ،‬والقول بأن ذلك يف حدود‬

‫(‪)194‬‬
‫املقتضيات الرشعية‪ ،‬إال بعد أن تتوافر لديه األسباب املوجبة للثقة‬
‫بمس�لك أه�ل هذا االس�تثامر‪ ،‬من حيث وجود رقاب�ة رشعية من‬
‫فقهاء مسلمني مؤهلني ملعرفة احلالل واحلرام‪ ،‬واجلائز واملحظور‪،‬‬
‫والرشوط الصحيحة والرشوط الباطلة‪ ،‬والعقود املعتربة والعقود‬
‫ذات اخللل والزلل‪ ،‬ومعرفة نوعية جماالت األنش�طة االقتصادية‪،‬‬
‫والتعام�ل يف نطاقه�ا‪ ،‬وكذل�ك م�ن حي�ث الثق�ة واالطمئنان إىل‬
‫القائمني هبذه األنشطة‪ .‬وتوفر الثقة يف أمانتهم ونصحهم وخربهتم‬
‫يف ه�ذه املعلوم�ات واملج�االت‪ .‬فمت�ى توافرت ه�ذه املعلومات‬
‫ع�ن هذه الصناديق ع�ن طريق رقابة رشعية عليه�ا وبالثقة بإدارة‬
‫صناديقها من حيث األمانة والنصح وصدق التنفيذ‪ .‬متى توافرت‬
‫هذه املعلومات عن هذه الصناديق‪ ،‬فال يظهر يل بأس يف االستثامر‬
‫فيه�ا ف�إن اهلل أحل البيع وح�رم الربا‪ .‬وحتلي�ل اهلل البيع حتليل عام‬
‫ش�امل ال يقتصر أمر التحليل فيه عىل زم�ن دون زمن‪ ،‬وال مكان‬
‫دون مكان‪ ،‬وال عىل جنس دون جنس‪ ،‬واهلل املستعان‪.‬‬
‫س‪ :1١١‬ه�ذه الصناديق الدولية تتعامل مع أس�هم رشكات‬
‫دولية كيف يمكن التدقيق يف أصل نشاطها املايل؟‬
‫الجواب‪ :‬احلمد هلل‪ ،‬املشورة بحكم التعامل مع هذه الصناديق‬

‫(‪)195‬‬
‫الدولية من اختصاص هيئة الرقابة الرشعية هلذه الصناديق‪ ،‬فهي‬
‫الت�ي تبح�ث وتتحرى عن ه�ذه الشركات التي أس�همها جمال‬
‫االس�تثامر يف ه�ذه الصناديق م�ن حيث أصل نش�اطها حتليلاً أو‬
‫مباحا‪.‬‬
‫حتريًم�اً ‪ .‬ومن حيث مدى التزامها بأصل نش�اطها إذا كان ً‬
‫وم�ن حيث حج�م جتاوزها وع�دم تقيدها باألح�كام الرشعية‪،‬‬
‫فإذا كانت هذه الصنادي�ق مما يدعي أصحاهبا التزامها باألحكام‬
‫الرشعي�ة يف نش�اطاهتا ولي�س هل�ا رقاب�ة رشعي�ة‪ ،‬فالدعوى من‬
‫أصحاهب�ا ال تكف�ي للدخ�ول معها يف اس�تثامرات‪ ،‬فهي ليس�ت‬
‫أهال لقبول دعواها‪ .‬وبالتايل فإن الدخول يف استثامرات مثل هذه‬
‫الصناديق املشبوهة ال تربأ به الذمة‪ ،‬حيث إن أصحاهبا يف الغالب‬
‫ليس�وا عىل جانب موثوق من ال�وازع الديني‪ .‬بحيث إذا وجدوا‬
‫فرصة االس�تثامر وإن كان آثام فليس لدهيم من الضوابط والقيود‬
‫م�ا يمنعه�م من الدخول يف ذل�ك‪ .‬وعليه ف�أرى أن أي صندوق‬
‫التقيد باألحكام اإلسالمية‬
‫َ‬ ‫اس�تثامري دويل َي َّدعي القائمون عليه‬
‫يف تعامل�ه ونش�اطه ولي�س لديه رقاب�ة رشعية‪ ،‬ف�إن الدخول يف‬
‫التعامل معه من األمور املشبوهة‪ ،‬ومن اتقى الشبهات فقد استربأ‬
‫لدينه وعرضه ومن وقع يف الشبهات وقع يف احلرام‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬

‫(‪)196‬‬
‫كثريا من الشكوك حول‬
‫س‪ :1١٢‬قضية األسهم الدولية تثري ً‬
‫اختالط احلالل باحلرام‪ .‬فام الرأي؟‬
‫الجواب‪ :‬احلمد هلل‪ ،‬ال شك أن الغالب عىل الرشكات الدولية‬
‫التجاوز واختالط احلالل باحلرام‪ ،‬وقد يكون احلرام فيها أكثر من‬
‫احلالل‪ ،‬وقد يكون العكس‪ ،‬ونحن حينام نقول بإباحة الدخول يف‬
‫هذه الصناديق املتعاملة مع أسهم الرشكات الدولية نقيد هذا القول‬
‫برضورة وجود رقابة رشعية عليها‪ ،‬تقوم هذه اهليئة بمراجعة هذه‬
‫الرشكات واستبعاد التعامل مع الرشكات ذات التجاوز ممن تكون‬
‫أمواهل�م وعوائده�م فيها احلالل وفيها احل�رام‪ .‬ولئن كان الغالب‬
‫عىل الرشكات الدولية التجاوز وعدم التقيد بالكس�ب احلالل فإن‬
‫يف الرشكات الدولية رشكات خالية من احلرام يف تعاملها ونشاطها‬
‫وجماالت كس�بها‪ .‬واخلالصة أن الصناديق االستثامرية الدولية إن‬
‫كان�ت مرتبط�ة هبيئة رشعي�ة إسلامية ذات ثقة وأمان�ة وطمأنينة‬
‫وعلم فستقوم اهليئة بمنع القائمني عىل هذه الصناديق من التعامل‬
‫مع أسهم رشكات خمتلط حالهلا بحرامها‪ .‬واهلل املستعان‪.‬‬
‫س‪ :1١٣‬ه�ل هناك رضر من التعامل باألس�هم الدولية عىل‬
‫االقتصاد اإلسالمي أو املحيل؟‬

‫(‪)197‬‬
‫الج�واب‪ :‬احلمد هلل‪ ،‬ال�ذي يظهر يل‪ ،‬واهلل أعل�م‪ ،‬أن جماالت‬
‫ج�دا وليس�ت حمص�ورة يف التعام�ل‬ ‫النش�اط االقتص�ادي كثيرة ًّ‬
‫باألس�هم‪ ،‬وم�ن حرص نش�اطه االقتص�ادي يف التعامل باألس�هم‬
‫فقد أخذ بصفة من صفات احلمقى الذين جيعلون بيضهم يف س�لة‬
‫واحدة معرضة للسقوط ثم للضياع‪ .‬مع العلم أن التعامل باألسهم‬
‫يف الرشكات س�واء أكانت حملية أم دولية يعترب من أخطر القنوات‬
‫االستثامرية‪ ،‬فهناك كارثة املناخ‪ ،‬وهناك كارثة بنك االعتامد‪ ،‬وهناك‬
‫كارثة االثنني األسود‪ ،‬وهي كوارث عاملية ذهب ضحيتها جمموعة‬
‫م�ن ذوي الغن�ى الواس�ع؛ فاضط�ر بعضه�م إىل االنتح�ار‪ ،‬ولئن‬
‫ص�درت الفت�اوى بجواز التعام�ل مع هذه الصناديق االس�تثامرية‬
‫يف أس�هم الشركات وبقيودها وضوابطها فال يعني ذلك س�حب‬
‫اخلطر من هذا النوع من االستثامر‪ .‬فأخطار التعامل باألسهم قائمة‬
‫فنحن نرى أن هناك رشكات انخفضت قيمة أسهمها إىل ما ال يقل‬
‫عن ‪ %300‬وهي رشكات إسالمية ملالك مسلمني‪.‬‬
‫وخالصة اجلواب عن هذا السؤال أنه ال يظهر يل أن االقتصاد‬
‫اإلسالمي‪ ،‬أو االقتصاد املحيل‪ ،‬أو املصارف اإلسالمية‪ ،‬سيترضر‬
‫من وجود هذه القنوات االستثامرية يف أسهم الرشكات الدولية‪،‬‬

‫(‪)198‬‬
‫ظهورا‬
‫ً‬ ‫ح�ذرا‪ ،‬واملال يعتبر من أجبن املمتل�كات‬
‫ً‬ ‫فالن�اس أكثر‬
‫ونش�ا ًطا‪ .‬وأه�ل التق�ى والصالح يعلم�ون احلالل واحل�رام فيام‬
‫يأتونه وما يذرونه‪ .‬واهلل املستعان‪.‬‬
‫س‪ :1١٤‬ه�ل حيق�ق االس�تثامر يف أس�هم الشركات العاملية‬
‫فرصا للنفوذ املايل اإلسالمي يف أسواق االقتصاد العاملية؟‬
‫ً‬
‫الجواب‪ :‬احلمد هلل‪ ،‬قد ال يتيرس يل اجلواب الش�ايف عن هذا‬
‫الس�ؤال؛ ألن االس�تثامر يف أس�هم الرشكات العاملي�ة يعتمد عىل‬
‫احلذر واحليطة وبذل املزيد من التحري عن نجاح هذه الرشكات‪،‬‬
‫إذا اجته�وا هبا إىل ما فيه س�عادة اإلنس�انية‪ ،‬ونرش وس�ائل األمن‬
‫والرخ�اء فيام تنتجه ه�ذه الرشكات‪ ،‬وقد تك�ون هذه الرشكات‬
‫متصفة بس�وء املس�لك والتعام�ل بام يع�ود عليها باملح�ق فتبوء‬
‫بالفشل واخلسارة‪ .‬واهلل املستعان‪.‬‬
‫س‪ :1١٥‬يذك�ر الس�ائل أن لدي�ه مالاً وقد وضع�ه يف البنك‬
‫الرب�وي‪ ،‬وأن�ه يعطي�ه فائ�دة ربوي�ة تغط�ي أج�رة الش�قة الت�ي‬
‫استأجرها‪ ،‬ويسأل عن هذه الفائدة‪ :‬هي حالل أم حرام؟‬
‫الجواب‪ :‬احلمد هلل‪ ،‬ال ش�ك أن هذه الفائدة حرام‪ ،‬وأهنا ربا‬
‫رصيح‪ ،‬وأن آخذها ودافعها ملعونان عىل لس�ان رسول اهلل ﷺ‪:‬‬

‫(‪)199‬‬
‫«لعن اهلل آكل الربا وموكله» فعىل السائل تقوى اهلل تعاىل‪ ،‬والتوبة‬
‫من فعله الذميم‪ ،‬وس�حب ماله من البنك‪ ،‬والبحث عن مرصف‬
‫إسالمي يقوم باستثامره االستثامر املرشوع‪ .‬واهلل املستعان‪.‬‬
‫س‪ :1١٦‬ش�خص يبيع بالتقس�يط بعد إمتام كاف�ة املطالبات‬
‫يق�وم املشتري ببيع العني املشتراة‪ .‬والس�ؤال‪ :‬هل حي�ق للبائع‬
‫دخ�ول امل�زاد ورشاء ما س�بق أن باعه علما بأن املدي�ن له كامل‬
‫الترصف ولن يبيع إال بأفضل قيمة؟‬
‫الج�واب‪ :‬احلمد هلل‪ ،‬من صور البيوع املمنوعة بيوع العينة‬
‫وصفتها أن يبيع التاجر س�لعة عىل أح�د الناس بثمن مؤجل‪،‬‬
‫ثم يقوم هذا املشرتي ببيعها عىل التاجر الذى اشرتاها منه بثمن‬
‫عاجل أقل من ثمن بيعها عليه‪ .‬وأما إذا باع التاجر سلعة عىل‬
‫أح�د الن�اس بثمن مؤجل‪ ،‬ثم وجد هذه الس�لعة تباع يف املزاد‬
‫فاشتراها من غري مواطأة وال حتيل مع م�ن باعها عليه بأجل‪،‬‬
‫فال يظهر يل مانع من صحة رشائه إياها النتفاء الريبة يف ذلك‪.‬‬
‫واهلل أعلم‪.‬‬
‫س‪ :1١٧‬كلفني شخص برشاء سلعة بمقدار مائة ريال ولكن‬
‫حصلت عىل خصم عند رشائها‪ ،‬فهل اخلصم يعترب حاللاً يل؟‬

‫(‪)200‬‬
‫الجواب‪ :‬احلمد هلل‪ ،‬الذي كلف السائل برشاء سلعة بامئة ريال‬
‫يعترب هذا التكليف توكيلاً ‪ .‬والوكالة عقد أمانة‪ ،‬فعىل هذا الس�ائل‬
‫الوكي�ل أن يذك�ر ملن كلف�ه بأنه حصل عىل خصم خ�اص له‪ ،‬وأنه‬
‫يستبيحه يف أخذه‪ ،‬فإن أباحه فبها ونعمة‪ ،‬وإال فقيمة السلعة ما دفعه‬
‫ثمنًا هلا‪ ،‬وإن كان ناقصا عام قدرها به املكلف فإن أخذ الس�ائل هذا‬
‫اخلصم دون إشعار َم ْن كلفه بذلك فأخذه إياه حرام‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫س‪ :1١٨‬وضع�ت مبلغًا من املال يف مصارف غري إسلامية‪،‬‬
‫وق�ررت س�حبه ووضعه يف بنك إسلامي‪ ،‬فهل جي�وز أن أتربع‬
‫بالربح لبعض األقارب اليتامى أم ال؟‬
‫الجواب‪ :‬احلمد هلل‪ ،‬ال ش�ك أن الفائ�دة الربوية حرام وهي‬
‫وس�يلة من وس�ائل حمق املال احلالل إذا اختلطت فيه‪ .‬قال تعاىل‬
‫﴿ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ﴾ [البق�رة‪ ]276:‬والواج�ب على‬
‫املس�لم احل�رص عىل تق�وى اهلل تع�اىل ومراقبت�ه‪ ،‬وأن يبتعد عن‬
‫البنوك الربوية من حيث اإليداع عندها والتعامل معها واس�تثامر‬
‫مال�ه لدهي�ا‪ .‬فذلك كله من قبي�ل التعاون عىل اإلث�م والعدوان‪.‬‬
‫ومت�ى وجد من املس�لم هت�اون يف ذلك ثم جاءه م�ن ربه موعظة‬
‫فانته�ى ع�ن التعامل معه�م‪ ،‬وظهر ل�ه عندهم فائ�دة ربوية فله‬

‫(‪)201‬‬
‫أخذه�ا ورصفه�ا يف وجوه الرب‪ ،‬ومن ذلك ما ذكره الس�ائل عىل‬
‫بع�ض األقارب واليتام�ى املحتاجني فال ب�أس برصفها عليهم‪.‬‬
‫وإخراجه�ا م�ن قبيل التخل�ص منها ألهنا مال ح�رام ال جيوز له‬
‫متلكها‪ ،‬وال جيوز أن يعتربها من زكاته وال من صدقاته‪ ،‬وإنام هي‬
‫مال خبيث جيب التخلص منه يف وجوه اخلري‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫س‪ :111‬ما حكم من يشرتي سلعة بمبلغ ‪ 60‬رياال ويبيعها‬
‫بمبل�غ ‪ 280‬ري�الاً ؟ وم�ا الربح املس�موح به رش ًع�ا يف التجارة‪،‬‬
‫أحيانا أبيع الس�لع بمكس�ب ضئي�ل وأحيانًا بمكس�ب كبري إذا‬
‫اختلف املشرتي مع أن السلعة هي نفسها فهل هذا جائز؟‬
‫الجواب‪ :‬احلمد هلل‪ ،‬قال تعاىل ﴿ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ‬
‫ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ﴾ فمن اشترى سلعة‬
‫كثريا فال‬
‫بثم�ن معني وباعها بأكثر م�ن ذلك ولو كان ربحه فيها ً‬
‫بأس بذلك‪ ،‬إذا مل يكن البيع مشتمال عىل غش أو تدليس أو غبن‬
‫فاحش أو اسرتسال جاهل يف السوق‪ ،‬أو نحو ذلك من مبطالت‬
‫البيع‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫س‪ :1٢٠‬ه�ل جي�وز بي�ع الذه�ب بالذه�ب أم ذل�ك حمرم؟‬
‫فزوجت�ي لدهي�ا ذهب وتري�د اس�تبداله بذهب آخ�ر فطلب منا‬

‫(‪)202‬‬
‫البائ�ع بوضع م�ا عندنا عىل امليزان‪ ،‬وأعطانا ب�دال منه بكمية من‬
‫الذه�ب أقل وقال لن�ا إذا أردتم أكثر تدفع�وا الفرق‪ ،‬فهل جيوز‬
‫ذل�ك التب�ادل أو رشاء الذه�ب بالذهب؟ وكي�ف الترصف إذا‬
‫أردنا استبدال الذهب القديم بذهب جديد؟‬
‫الجواب‪ :‬احلمد هلل‪ ،‬ال جي�وز بيع الذهب بالذهب إال بمثله‬
‫وزنا بوزن ًيدا بيد لقوله ﷺ‪« :‬ال تبيعوا الذهب بالذهب إال مثال‬
‫بمثل ًيدا بيد‪ ،‬وال تش�فوا بعضها عىل بعض»‪ .‬فإذا أراد املرء بيع‬
‫الذهب ورشاء بدله من الذهب فإنه يبيع ذهبه بثمن خمالف جلنس‬
‫الذهب من فضة أو نقد ورقي‪ ،‬ثم بعد ذلك يشرتي ما يريده من‬
‫الذه�ب بثمن خمالف جنس�ه جلنس الذهب‪ ،‬فينبغ�ي إخبار بائع‬
‫الذه�ب بالطريق�ة الرشعي�ة املعتبرة يف البي�ع‪ ،‬وأن طريقته التي‬
‫ذكرها الس�ائل يف س�ؤاله طريقة غري صحيحة الش�تامهلا عىل ربا‬
‫الفضل‪ ،‬حيث أخذ ذهبا بذهب أقل منه وهذا خمالف لقوله ﷺ‪:‬‬
‫«وال تشفوا بعضها عىل بعض»‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫س‪ :١٢١‬أقوم بتبديل العملة النقدية بعملة أجنبية بالضعفني‬
‫أي الدينار بدينارين وقد س�معت أن ه�ذا يعترب ربا وقال بعض‬
‫الناس بأنه جتارة‪ .‬أرجو إيضاح حكم الرشيعة يف ذلك‪.‬‬

‫(‪)203‬‬
‫الجواب‪ :‬احلمد هلل‪ ،‬إب�دال العملة بعملة أخرى يعترب رص ًفا‪.‬‬
‫والصرف ال خيلو أم�ره إما أن يكون رصف عمل�ة بمثلها أي من‬
‫جنسها‪ ،‬كمن يشرتي عملة جزائرية بعملة جزائرية أو من يشرتي‬
‫ذه ًب�ا بذه�ب أو فضة بفض�ة‪ ،‬فهذا النوع من الرصف يشترط له‬
‫رشط�ان‪ :‬أحدمها التامثل فال جيوز دين�ار بدينارين وال جنيه ذهب‬
‫مق�دارا‪ ،‬والرشط الثاين‬
‫ً‬ ‫بجنيهين إال أن يتحدا يف املق�دار وزنا أو‬
‫التقاب�ض يف جملس الرصف‪ .‬وأم�ا إن اختلف�ت العملتان كدينار‬
‫جزائ�ري بدوالر أمريكي أو ذهب بفضة‪ ،‬فهذا النوع من الرصف‬
‫يشترط له رشط واحد هو التقابض يف جملس الرصف لقوله ﷺ‪:‬‬
‫«الذهب بالذهب‪ ،‬والفضة بالفضة‪ ،‬والرب بالرب‪ ،‬والشعري بالشعري‪،‬‬
‫والتم�ر بالتمر‪ ،‬وامللح باملل�ح‪ ،‬مثال بمثل‪ ،‬يدا بي�د‪ ،‬فإذا اختلفت‬
‫األجناس فبيعوا كيف شئتم‪ ،‬إذا كان ذلك ًيدا بيد»‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫س‪ :1٢٢‬بع�ض أصح�اب العق�ارات اعت�ادوا ياخذون من‬
‫املؤجر ما يسمى خلو ِرجل‪ .‬هل هذا جيوز؟‬
‫الرج�ل يكون بني‬
‫الج�واب‪ :‬احلم�د هلل‪ ،‬املع�روف أن خل�و ِّ‬
‫مس�تأجر ومس�تأجر آخ�ر حيل حمل�ه إذا ريض املؤجر باملس�تأجر‬
‫اآلخر‪ .‬فيدفع املس�تأجر اآلخر مبلغًا من املال للمس�تأجر األول‬

‫(‪)204‬‬
‫جيري االتفاق بينهام عىل مقداره ليحل حمله يف االس�تئجار‪ .‬وهذا‬
‫يعترب من العوض لقاء التنازل عن االختصاص؛ ألن االختصاص‬
‫حق لصاحبه جيوز له الترصف فيه ترصف املحق يف حقه من هبة‬
‫أو بي�ع أو نح�و ذل�ك‪ .‬ولكن يشترط لذلك رضا مال�ك العقار‬
‫املؤجر باملس�تأجر اجلديد ووجود اختصاص املس�تأجر األول يف‬
‫استمرار جتدد االستئجار‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫علي‪ ،‬وعندما ح�ان موعد الس�داد‬
‫س‪ :1٢٣‬رج�ل ل�ه دين َّ‬
‫سلمته دينه كاملاً ولكني أعطيته هدية‪ .‬فهل جيوز ذلك؟‬
‫الج�واب‪ :‬احلمد هلل‪ ،‬إذا كان األمر كام ذكره الس�ائل من أن‬
‫اهلدية التي أعطاها لدائنه كانت بعد أدائه دينه‪ ،‬فال بأس يف ذلك‪،‬‬
‫وليس�ت من مس�ائل القروض التي جتر نف ًعا فتحرم لذلك‪ .‬وإنام‬
‫هذا من قبيل األحس�ن قض�اء وقد قال ﷺ‪« :‬أحس�نكم أخال ًقا‬
‫قضاء» أو كام قال ﷺ‪ .‬واهلل أعلم‬
‫ً‬ ‫أحسنكم‬
‫س‪ :1٢٤‬هل جيوز بيع الثامر وهي فوق أشجارها قبل أن تنضج؟‬
‫الج�واب‪ :‬احلم�د هلل‪ ،‬ال جي�وز بي�ع الثم�رة قب�ل أن تصلح‪.‬‬
‫وصلاح الزروع اش�تداد حبه‪ ،‬وصالح ثم�رة النخيل اصفرارها‬
‫أو امحراره�ا‪ .‬وصالح بعضه صالح جلميعه‪ .‬فإذا صلحت الثمرة‬

‫(‪)205‬‬
‫جاز بيعها وهي عىل أشجارها‪ .‬وأما قبل صالحها فال جيوز بيعها‬
‫ملا يف ذلك من الغرر واجلهالة بصالح الثمرة من عدمه‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫س‪ :1٢٥‬هل جتوز مبايعة الصبي كأن يشتري الصبي سيارة‬
‫أو ً‬
‫أرضا أو ماشية دون علم وليه؟‬
‫الجواب‪ :‬احلمد هلل‪ ،‬ال خيفى أن الترصفات الرشعية واعتبار‬
‫موجبه�ا من االلتزامات من حقوق وواجبات يشترط أن تكون‬
‫ممن هو أهل للترصف‪ .‬وأهلي ُة الترصف يشرتط هلا التكليف من‬
‫بل�وغ وعقل وإيناس رش�د‪ .‬وهبذا يتض�ح أن الصبي قارص عن‬
‫أهلي�ة الترصف‪ ،‬فإذا ترصف يف تعام�ل كبيع أو رشاء نحو ذلك‬
‫فإن نفاذ هذا الترصف موقوف عىل إجازة وليه‪ ،‬فإن أجازه صح‪،‬‬
‫وإن اعرتض علي�ه ورفضه بطل‪ .‬ورأي الويص وقراره يف إجازة‬
‫تصرف الصبي من عدم�ه مرشوط بتحقي�ق املصلحة للطفل أو‬
‫دفع املفسدة عنه‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫س‪ :126‬ه�ل جيوز رش ًعا الدخول م�ع بنك يتعامل بالفائدة‬
‫يف مرشوع عىل أساس املضاربة‪ ،‬بمعنى أن يمول البنك املرشوع‬
‫وأن يقوم العميل بأمور اإلدارة؟‬
‫الجواب‪ :‬احلمد هلل‪ ،‬ال يظهر يل مانع من املشاركة بني بنك ربوي‬

‫(‪)206‬‬
‫ومسلم يف مرشوع اقتصادي عىل سبيل املضاربة بحيث يعطي البنك‬
‫ه�ذا الرجل مبلغً�ا من املال يغطي تكاليف املشروع‪ ،‬ويقوم الرجل‬
‫بالعم�ل يف هذا املال بالطرق الرشعي�ة اخلالية من املحاذير الرشعية‪،‬‬
‫ويكون له قسط من الربح لقاء عمله يف هذا املال‪ .‬وال يؤثر عىل صحة‬
‫رشك�ة املضارب�ة بينهام أن م�ال البنك جاء بطري�ق ربوية فاملضارب‬
‫وه�و رب العم�ل ال دخل له يف طريق حتصي�ل البنك هذا املال‪ .‬وال‬
‫خيفى أن حرمة املال ليست يف ذاته وإنام يف طريق كسبه‪.‬‬
‫ولقد كان الس�لف من الصحاب�ة والتابعني وغريهم يتعاملون‬
‫م�ع أهل الكتاب م�ن هيود ونص�ارى‪ .‬ومعروف أن م�ن اليهود‬
‫�ن يكون ىف مكاس�بهم أموال ربوي�ة‪ ،‬ومل يكن هذا‬ ‫والنص�ارى َم ْ‬
‫مان ًع�ا من التعامل معه�م مادام املتعامل معه�م ال يأخذ ربا‪ ،‬وال‬
‫ُي َمكِّن املرايب من العمل يف مال املضاربة حتى يكون يف عمله أخذ‬
‫رب�ا أوإعط�اؤه‪ ،‬ولقد تويف رس�ول اهلل ﷺ ودرع�ه مرهونة عند‬
‫هي�ودي‪ ،‬فإذا مل يرتتب عىل رشك�ة املضاربة التي ذكرها الس�ائل‬
‫إعطاء ربا أو معامل� ٌة ربوية أو ٌ‬
‫بيوع حمرمة‪ ،‬وإنام هي‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫أخ�ذ ربا أو‬
‫ش�خصا‬
‫ً‬ ‫مضارب�ة مباح�ة فال يرض أن يكون أحد طرفيها بنكًا أو‬
‫غري مسلم إذا مل يكن له عمل فيها‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬

‫(‪)207‬‬
‫س‪ :1٢٧‬انتشرت عندن�ا يف اآلون�ة األخرية بمصر البنوك‬
‫اإلسالمية والتي تعطي ما يسمي بالربح املتغري وهو يعني إعطاء‬
‫ربح غري ثابت شهريا يرتاوح بني ‪ %12‬و ‪ %17‬فهل جيوز التعامل‬
‫مع ه�ذه البنوك؟ وهل هذا النوع م�ن األرباح حالل؟ ويف حالة‬
‫عدم جواز ذلك فام هو احلل يف نظر سيادتكم؟‬
‫الجواب‪ :‬احلمد هلل‪ ،‬إذا كانت هذه البنوك اإلسلامية ملتزمة‬
‫بالتعام�ل الرشع�ي وعليه�ا رقاب�ة م�ن رشعيين هل�م مقاماهتم‬
‫العلمية يف الفقه اإلسلامي‪ ،‬فام ربحته هذه البنوك حالل إن شاء‬
‫اهلل‪ ،‬وليس من قبيل الربا؛ ألن البنوك اإلسالمية ال تتعامل بالربا‬
‫والعطاء‪ ،‬وإنام تقوم باستثامر ما لدهيا من أموال بالطرق‬
‫ً‬ ‫ال ً‬
‫أخذا‬
‫الرشعية املباحة من بيع وتأجري ومشاركة واستصناع ومضاربات‬
‫قال تعاىل ﴿ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ﴾‪ .‬واهلل املستعان‪.‬‬
‫س‪ :128‬اشرتيت قطعة أرض زراعية من رشكة من رشكات‬
‫القطاع العام وقد اشترطت الرشكة يف عقد البيع عيل دفع ‪%40‬‬
‫نقدا عىل أن أقوم بتسديد باقي الثمن عىل أقساط‬ ‫من قيمة األرض ً‬
‫س�نوية ملدة عرش سنوات بزيادة ‪ %50‬عىل باقي الثمن‪ .‬فهل هذا‬
‫الن�وع م�ن أنواع الربا؟ وإن كان ربا فما احلل مع هذه الرشكة يف‬
‫حالة رفضها استالم باقي الثمن دفعة واحدة؟‬

‫(‪)208‬‬
‫الج�واب‪ :‬احلمد هلل‪ ،‬قب�ل اجلواب عن هذا الس�ؤال نصور‬
‫املسألة حسب فهمنا من سؤال السائل‪:‬‬
‫اشترى الس�ائل من الرشكة قطعة أرض بعرشي�ن ألف جنيه‬
‫عرشة آالف مقدمة وعرشة آالف مقس�طة عىل عرش سنوات كل‬
‫سنة ألف جنيه‪ .‬وبعد متام العقد وتعيني الثمن أرادت الرشكة أن‬
‫جتع�ل العشرة اآلالف املؤجلة عرشين ألف جني�ه إذا كان األمر‬
‫كذل�ك‪ ،‬فالعشرة اآلالف الزائ�دة عىل العشرة اآلالف املؤجلة‬
‫تعتبر ربا‪ ،‬وم�ن أكل أموال الن�اس بالباطل‪ .‬فال جيوز للس�ائل‬
‫أن يدفعه�ا للرشك�ة؛ ألهنا ربا وخارجة عن مس�مى الثمن الذي‬
‫ج�رى عليه العقد‪ .‬ولكن إذا كان الس�ائل ق�د ريض بدخوله مع‬
‫�ل األجل صار‬ ‫الرشك�ة يف ه�ذا التعام�ل الربوي‪ ،‬ث�م بعد أن َح َّ‬
‫يبحث ع�ن احلالل واحلرام فإنه مس�تحق للعقوب�ة وهي تكليفه‬
‫بدفع هذا املبلغ الزائد لبيت املال عقوبة له‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫س‪ :12٩‬نح�ن طالب مدرس�ة متوس�طة يوجد بمدرس�تنا‬
‫نظام اس�مه املس�امهة يف املقصف‪ ،‬واملقصف هنا عبارة عن دكان‬
‫صغري داخل املدرس�ة يباع فيه الطعام واملثلجات‪ ،‬يدفع الطالب‬
‫يف أول السنة مبلغ مخسني ريالاً ثم يأخذه يف آخر العام مع ربحه‪.‬‬
‫فهل هذا ربا حمرم؟‬
‫(‪)209‬‬
‫الجواب‪ :‬احلم�د هلل‪ ،‬هذا املقصف الذي وصفه الس�ائل بأنه‬
‫عبارة عن رشكة جتارية بني مجيع الطالب املسامهني‪ ،‬وما زاد عن‬
‫ربحا هذا الربح لي�س من الربا يف يشء فهو‬
‫قيمة املس�امهة يعترب ً‬
‫حالل يستحقه أهل املقصف‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫س‪ :1٣٠‬اشتريت س�لعة ما من تاجر وألنه ال يوجد عندي‬
‫خم�زن أضع فيه هذه الس�لع أو خل�ويف عليها من الفس�اد عندي‪،‬‬
‫قل�ت ل�ه اترك هذه البضاعة عندك يف املخ�زن‪ ،‬ثم ما لبث أن زاد‬
‫نقدا‪ ،‬فهل‬
‫س�عر هذه البضاعة يف السوق‪ ،‬علماً بأين دفعت قيمتها ً‬
‫جيوز للتاجر أن يطالبني بمقدار الزيادة هذه؟‬
‫الج�واب‪ :‬احلم�د هلل‪ ،‬وضع�ك أهي�ا الس�ائل الس�لعة التي‬
‫اشرتيتها من التاجر يف خمزن بعد قبضها ‪ -‬وضعك إياها يف خمزن‬
‫التاجر يعترب استيدا ًعا‪ .‬وتعترب البضاعة عنده أمانة‪ ،‬وهي ملكك‬
‫بع�د إمتام رشائك إياها‪ ،‬فإن زادت قيمتها فمن حظك ونصيبك‬
‫وإن نقصت قيمتها فعليك نقصها‪ ،‬وال جيوز للتاجر الذي باعك‬
‫البضاع�ة أن يطالب�ك بزيادة عىل الثمن الذي اشتريتها منه‪ ،‬وإن‬
‫كان ختزينه لبضاعتك عىل سبيل اإلجارة فله حق املطالبة باألجرة‬
‫فقط‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬

‫(‪)210‬‬
‫س‪ :1٣١‬م�ا رأي الشرع يف املس�ابقات التجاري�ة الت�ي ال‬
‫يصاحبها رشاء لس�لعة معين�ة حمدودة‪ ،‬ولكن يك�ون فيها جوائز‬
‫كبرية كالسيارات ومبالغ نقدية كبرية ملن جييب عن أسئلة معينة؟‬
‫الجواب‪ :‬احلمد هلل‪ ،‬إذا كانت اجلوائز مكافآت عىل اإلجابة‬
‫الصحيحة عن أس�ئلة معينة فال يظهر يل مانع يف جوازها‪ ،‬ولكن‬
‫بشرط أال تكون اجلوائ�ز مرشوطة برشاء كوبون�ات من التاجر‬
‫جي�ري الس�حب عليه�ا فهذا م�ن رضوب القامر وهو ما يس�مي‬
‫باليانصيب وهو من أكل أموال الناس بالباطل‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫س‪ :1٣٢‬أن�ا عام�ل أجنبي اس�تقدمني صاح�ب العمل من‬
‫بل�دي على أن أعمل لدي�ه‪ ،‬ولكن عندما حضرت عنده مل أجد‬
‫عمًل�اً وق�ال يل‪ :‬اذهب اعم�ل واطلب ال�رزق‪ ،‬ولكن برشط أن‬
‫أعطيه يف الشهر مبلغًا معينًا من املال‪ .‬وسؤايل هو‪ :‬هل املال الذي‬
‫يأخذه هذا الرجل الذي اس�تقدمني حلال له؟ وهل جيوز يل أنا‬
‫أيضا أن أعطيه مبلغًا معينًا كل شهر نظري عميل يف السوق؟‬
‫الجواب‪ :‬احلمد هلل‪ ،‬هذه املسألة صدر فيها قرار من هيئة كبار‬
‫العلامء يف اململكة يتضمن أنه ال جيوز ملن يستقدم عاملاً أو أكثر أن‬
‫يدعه يعمل يف الس�وق لدى غريه‪ ،‬ث�م يأخذ من أجرته اليومية أو‬

‫(‪)211‬‬
‫الش�هرية بعضها يف مقابلة كفالته‪ ،‬ويعترب ذلك خمال ًفا لتوجيهات‬
‫ويل األم�ر املبنية على املصلحة العام�ة للبالد والعب�اد‪ ،‬فضال عام‬
‫يف ذل�ك من أكل أموال الن�اس بالباطل‪ ،‬وما يأخ�ذه الكفيل من‬
‫حراما فضلاً عن إثمه عىل خمالفة‬
‫ً‬ ‫مكفوله يعترب كس� ًبا خبي ًثا ومالاً‬
‫ويل األمر يف منع االستقدام هلذا الغرض اآلثم‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫س‪ :1٣٣‬هل اس�تبدال الذهب القدي�م بذهب جديد وأخذ‬
‫الفرق حرام؟ وهل هو نوع من الربا؟‬
‫الجواب‪ :‬احلمد هلل‪ ،‬اس�تبدال الذهب اجلدي�د بذهب قديم‬
‫أو العك�س وأخذ الف�رق أو إعطاؤه وذلك عىل س�بيل املصارفة‬
‫ال جي�وز لقول�ه ﷺ‪« :‬ال تبيعوا الذهب بالذه�ب إال مثال بمثل‪،‬‬
‫وال تش�فوا بعضه�ا على بع�ض‪ ،‬وال تبيع�وا الفض�ة بالفضة إال‬
‫مثال بمثل‪ ،‬وال تش�فوا بعضها عىل بعض‪ ،‬وال تبيعوا منهام غائبا‬
‫بناج�ز»‪ ،‬وال�ذي ينبغ�ي هو أن يب�اع الذهب اجلدي�د أو القديم‬
‫بقيمت�ه من فض�ه أو من الورق النقدي ويقب�ض الثمن يف جملس‬
‫البيع بعد أن يسلم الذهب ملشرتيه‪ .‬ثم بعد ذلك يشرتي منه ذهبا‬
‫جدي�دا أو قديماً ويعطيه قيمته الفضي�ة أو الورقية يف جملس‬
‫ً‬ ‫آخ�ر‬
‫البيع ويتسلم الذهب منه‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬

‫(‪)212‬‬
‫مال أشتري به‬‫س‪ :1٣٤‬أن�ا ش�اب أريد الزواج وليس لدي ٌ‬
‫أثا ًثا للمنزل‪ ،‬فذهبت لبعض األشخاص وعرضت عليه الفكرة‪،‬‬
‫فق�ال يل‪ :‬اذه�ب وس�عر األثاث يف الس�وق‪ .‬فذهبت وس�عرت‬
‫نقدا فرجعت للش�خص وأرس�ل‬ ‫األث�اث وكان ثمنه ألف دينار ً‬
‫مع�ي مندو ًب�ا عنه كي يدف�ع الثمن على أن أرده هلذا الش�خص‬
‫‪ 1100‬دينار بالتقسيط‪ ،‬فهل هذا جائز؟‬
‫الج�واب‪ :‬احلمد هلل‪ ،‬الص�ورة التي ذكرها الس�ائل يف البيع‬
‫بالتقس�يط غري صحيحة؛ ألن البائع بالتقس�يط مل يملك البضاعة‬
‫وإنما دفع ثمنها عن الس�ائل املشتري من غريه‪ ،‬وس�جلها عليه‬
‫بزيادة مائة دينار فهذا الترصف هو ما يسمى لدى البنوك الربوية‬
‫بالتموي�ل بالفائدة الربوية‪ ،‬وهو عني الرب�ا والصورة الصحيحة‬
‫هو أن يشتري هذا الش�خص الذي ذهب إليه الس�ائل البضاعة‬
‫رشاء ناج� ًزا وبع�د قبضه إياها يبيعها عىل هذا الس�ائل بام يتفقان‬
‫ً‬
‫حال أو مؤجل أو مقس�ط‪ ،‬سواء أكان بمثل ثمنها‬ ‫عليه من ثمن ٍّ‬
‫أم بزيادة أم بنقص‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫علي مش�اركة ش�خص يف عم�ل جت�اري‬ ‫س‪ :1٣٥‬ع�رض َّ‬
‫حالل هو برأس املال وأنا بعميل‪ ،‬وأن نتقاس�م الربح‪ ،‬واملش�كلة‬

‫(‪)213‬‬
‫هن�ا تتعلق برأس املال فهو من مص�در غري رشعي فهل جيوز أن‬
‫أشارك يف ربح رأس املال أم ال؟‬
‫الجواب‪ :‬احلمد هلل‪ ،‬يقول ﷺ‪« :‬احلالل بني واحلرام بني وبينهام‬
‫أمور مش�تبهات ال يعلمهن كثري من الناس‪ ،‬فمن اتقى الشبهات‬
‫فقد اس�تربأ لدينه وعرضه‪ ،‬ومن وقع يف الشبهات وقع يف احلرام‪،‬‬
‫كالراعي يرعى حول احلمى يوشك أن يقع فيه» فلو بحث السائل‬
‫عن مشارك آخر غري الذي عرض عليه مشاركته بامل حرام لكان‬
‫ه�ذا أس�لم له وأبقى عىل التق�وى والنزاهة يف الكس�ب والعمل‪،‬‬
‫خريا منه‪ .‬وال يعني هذا أن الدخول‬ ‫ومن ترك شي ًئا هلل عوضه اهلل ً‬
‫معه حرام إذا كان العمل التجاري بيد هذا الس�ائل امللتزم بام حيبه‬
‫اهلل ويرضاه‪ ،‬ولو دخل الس�ائل مع َم ْن عرض عليه املشاركة عىل‬
‫سبيل املضاربة كام وضح ذلك يف سؤاله فأخذ السائل مال املضاربة‬
‫واس�تعمله يف جتارة أو صناعة أو زراع�ة مباحة‪ ،‬بعد اتفاقهام عىل‬
‫عق�د املضاربة برشوطه�ا‪ ،‬فال يظهر يل ب�أس يف صحة ذلك‪ ،‬وال‬
‫يؤث�ر عىل صحة املضارب�ة أن رب املال اكتس�ب املال بطريق غري‬
‫مرشوع فهو حماسب عىل اكتسابه وحده‪ ،‬وليس للمضارب الذي‬
‫هو الس�ائل يشء من رأس مال رشيك�ه رب املال‪ ،‬وإنام نصيبه يف‬
‫الربح إن كان يف مقابلة عمله‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬

‫(‪)214‬‬
‫س‪ :1٣٦‬اتفقت مع شخص عىل رشاء سلعة ودفعت عربونًا‬
‫لتلك السلعة‪ ،‬ولكن يف الوقت املحدد الستالم السلعة مل أحرض‬
‫الستالمها لظروف خارجة عن إراديت فقال يل صاحب السلعة‪:‬‬
‫إن العرب�ون لي�س لك حق يف استرداده‪ ،‬فه�ل العربون من حق‬
‫البائع مقابل تأخري عن تسلم السلعة؟‬
‫الجواب‪ :‬احلمد هلل‪ ،‬اجته بعض أهل العلم إىل اعتبار العربون من‬
‫حق البائع‪ ،‬إذا عدل املشرتي عن الرشاء‪ ،‬أما إذا مل يعدل عن الرشاء‬
‫ولكنه تأخر يف استالم السلعة املشرتاه وقد اختار إمضاء عقد الرشاء‬
‫جزءا من ثمن الس�لعة‪ ،‬وعىل املشتري دفع بقية‬
‫فإن العربون يعترب ً‬
‫الثم�ن‪ ،‬وأما العربون فق�د انتهى حكمه بعد ميض م�دة اخليار وتم‬
‫جزءا من الثمن‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫عقد البيع‪ .‬وصار العربون بعد ذلك ً‬
‫س‪ :1٣٧‬ق�ال ﷺ‪« :‬من باع بيعتني يف بيعة فله أوكس�هام» ما‬
‫معنى هذا احلديث؟‬
‫الج�واب‪ :‬احلم�د هلل‪ ،‬اختل�ف العلامء رمحهم اهلل يف تفسير‬
‫بيعتين يف بيع�ة‪ .‬فاجت�ه بعض حمققيه�م إىل أن املعنى ه�و أن يبيع‬
‫الرجل عىل آخر س�لعة بثمن مؤجل ثم يشرتهيا منه بثمن عاجل‬

‫(‪)215‬‬
‫أقل من ثمن مشرتاه‪ ،‬وهذا النوع من البيع يسمى بيع العينة‪ ،‬وقد‬
‫جاءت أحاديث تنهى عنها‪ ،‬وتعتربها من أقسام الربا‪ .‬وبعضهم‬
‫فرسه�ا بقول البائع للمشتري أبيع�ك هذه الس�لعة بألف ريال‬
‫ح�اال أوأبيع�ك إياها بأل�ف ومائتني مؤجال مدة س�نة مثال فقال‬
‫املشتري‪ :‬قبل�ت‪ ،‬وافرتقا ومل حيددا ص�ورة من البي�ع من هاتني‬
‫الصورتني‪ ،‬فه�ذا بيع باطل حيث إن القبول للرشاء غري معلوم‪،‬‬
‫ه�ل هو بالثم�ن املعج�ل أم بالثم�ن املؤجل على أي حال فكال‬
‫الصورتني غري جائزة‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫س‪ :13٧‬رج�ل أودع عندي أمان�ة من نقود وهو يف بلد آخر‬
‫طلبه�ا فأرس�لتها له مع أحد األش�خاص األمن�اء رسقت منه يف‬
‫عيل يشء لصاحب األمانة؟‬
‫الطريق هل َّ‬
‫الج�واب‪ :‬احلم�د هلل‪ ،‬إذا كان األم�ر كام ذكر الس�ائل من أن‬
‫صاح�ب األمان�ة طلب منه إرس�ال أمانته وأرس�لها ل�ه مع أحد‬
‫األش�خاص األمن�اء ثم رسق�ت منه ف�إذا مل يكن من ه�ذا الذي‬
‫ُأرسلت األمانة معه تقصري يف حفظها وكان أهلاً لتحمل األمانة‬
‫من حيث التقوى والقوة والنباهة واألمانة‪ ،‬فال يشء عىل السائل‬
‫جتاه صاحبها‪ ،‬فالس�ائل أمني عىل أمانته وقد طلب منه صاحبها‪،‬‬

‫(‪)216‬‬
‫إرس�اهلا فأرسلها مع أمني تقي قوي غري مقرص يف حفظها فليس‬
‫عليه ضامهنا واحلال ما ذكر‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫س‪ :138‬اقرتض ش�خص مبلغًا من املال أي من الدوالرات‬
‫من�ذ أكث�ر من عام‪ ،‬وقام برده�ا بعد ذلك بقيمته�ا بالريال وقت‬
‫رشائهم وليس بأس�عار الدوالر ليوم رد الدين‪ ،‬ثم الرد بغري نوع‬
‫العمل�ة املقرتض هبا‪ .‬ما حكم الدين يف ذلك؟حيث س�معت أن‬
‫هناك حدي ًثا من رسول اهلل ﷺ ما معناه‪ :‬أنه جيب رد الدين بنفس‬
‫العملة التي اقرتض هبا؟‬
‫الج�واب‪ :‬احلمد هلل‪ ،‬إذا كان يف ذمة امل�رء دين ألحد الناس‬
‫بال�دوالر مثلا وبع�د م�دة أراد وفاءه الدي�ن الذي علي�ه بعملة‬
‫أخ�رى كالريال مثال‪ ،‬فإذا تراضي�ا عىل رصف معني‪ ،‬بحيث يرد‬
‫ل�ه عن الدوالرات التي يف ذمته رياالت س�عودية بام يتفقان عليه‬
‫م�ن املصارفة فلا بأس بذلك؛ ملا روى ع�ن ابن عمر ء يف‬
‫حديث املصارفة عام يف الذمة وجواز ذلك‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫س‪ :139‬م�ن أحد إخواننا املس�لمني يف اهلند يقول‪ :‬إنه ال يوجد‬
‫مص�ارف إسلامية يف بل�ده‪ ،‬وخيزن ألحدن�ا مبلغ من النقود خيش�ى‬
‫عليه من اآلفات املتعددة عند حفظه يف املنزل أو إيداعه عند أحد من‬
‫الناس‪ ،‬وهلذا نضطر لإليداع يف البنوك يف اهلند وهي بنوك ربوية كام‬
‫(‪)217‬‬
‫ال خيف�ى‪ ،‬ويعطونا عن اإليداع فوائ�د ربوية‪ ،‬فهل جيوز ‪ -‬واحلال ما‬
‫ذكر ‪ -‬اإليداع يف البنك؟ وهل جيوز أخذ الفائدة التي يدفعها البنك؟‬
‫الجواب‪ :‬احلمد هلل‪ ،‬ال شك أن اإلنسان يلزمه حفظ ماله بأي‬
‫وس�يلة من وسائل احلفظ فإذا مل جيد ًيدا أمينة مليئة موثوقة حيفظ‬
‫عندها ما يملكه من مال حيتاج إىل احلفظ مثل النقود‪ ،‬واحتاج إىل‬
‫حفظه يف البنوك الربوية حيث ال توجد عنده بنوك إسالمية‪ ،‬فإن‬
‫ه�ذه حاج�ة عامة له وجلميع إخوانه ممن تش�به حاهلم حاله‪ ،‬وقد‬
‫ذك�ر أهل العلم أن احلاجة العامة تن�زل منزلة الرضورة الفردية‪،‬‬
‫وبناء عىل هذا فال يظهر يل مانع رشعي من اإليداع يف هذه البنوك‬
‫الربوية لغرض احلفظ‪.‬‬
‫أم�ا إذا كان القص�د من اإليداع أخذ الفوائ�د الربوية‪ ،‬فهذا ال‬
‫جيوز واملودع يف هذه البنوك هلذا الغرض ‪ -‬أي غرض االس�تثامر‬
‫الربوي ‪ -‬واقع حتت لعنة اهلل تعاىل حيث ثبت عن رسول اهلل ﷺ‬
‫قول�ه‪« :‬لع�ن اهلل آكل الربا وموكله وش�اهده وكاتبه» وإذا أودع‬
‫املس�لم يف البن�ك لغ�رض حفظه ماله فق�ط ومل يك�ن هناك جهة‬
‫موثوق�ة إلي�داع هذا امل�ال عندها وأعط�اه البنك الرب�وي فوائد‬
‫لقاء اإلي�داع‪ ،‬فيجوز للمودع أن يأخذ هذه الفوائد ويرصفها يف‬
‫مصارف خريية عىل الفقراء واملس�اكني واملراف�ق التي يرتفق هبا‬
‫(‪)218‬‬
‫املس�لمون مم�ا ال تتوفر لدهي�م‪ .‬وال جيوز ل�ه أن يضيفها إىل ماله‪،‬‬
‫وال أن جيعله�ا من زكات�ه‪ ،‬وال أن يرصفها فيام يعتبره وقاية ملاله‬
‫ختلصا‬
‫كالرضائب والرس�وم‪ ،‬وإنام يرصفها يف املصارف اخلريية ً‬
‫منها‪ ،‬ومنعا للعدو أن ينتفع هبا أو يرصفها إىل عدو آخر ينتفع هبا‬
‫أو يرصفها فيام يرض املسلمني‪ .‬واهلل اعلم‪.‬‬
‫س‪ :140‬رج�ل أقرضت�ه ثالثني أل�ف روبية باكس�تانية ملدة‬
‫ش�هرين‪ ،‬اشترطت عليه أن يس�ددين إياها ألف دوالر أمريكي‬
‫فهل يصح هذا الرشط؟ وإذا مل يصح فام البديل؟‬
‫الجواب‪ :‬احلم�د هلل‪ ،‬ال يظهر يل جواز ذل�ك؛ ألن هذا يعترب‬
‫من املصارفة‪ .‬واملصارفة يشترط هلا احللول والتقابض يف جملس‬
‫العقد إذا اختلف اجلنس�ان‪ ،‬وإذا احتدا يف اجلنس فيشترط التامثل‬
‫والتقابض يف جملس العقد‪ .‬وإذا كان السائل خيشى من تدين قيمة‬
‫الروبية الباكس�تانية مدة بقاء ه�ذا القرض أو الدين يف ذمة مدينه‬
‫فإن املخرج من ذلك أن يرصف الثالثني ألف روبية إىل دوالرات‬
‫ويقرضها رفيقه‪ ،‬أو أن يبيعه س�لعة بال�دوالر وأن يكون مؤجل‬
‫الدف�ع فيس�تقر ال�دوالر يف ذمة املدي�ن‪ .‬فإذا حل األجل س�دده‬
‫بال�دوالر‪ ،‬وبذل�ك ينتفي عن الس�ائل املحذور ال�ذي ذكره عن‬
‫تدين العملة الباكستانية‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬

‫(‪)219‬‬
‫مندوب مشرتيات أسامك إلحدى الرشكات‪،‬‬ ‫َ‬ ‫س ‪ :١٤١‬أعمل‬
‫وأق�وم برشاء األسماك بطلب من املس�ؤول ع�ن الطلبات‪ ،‬وقد‬
‫تعاق�دت م�ع أحد املوردين لألسماك على أن آخذ منه نس�بة يف‬
‫األسماك التي يوردوهنا م�ن غري علم الرشكة‪ ،‬علًم�اً بأن الرشكة‬
‫موافقة عيل أسعار الرشاء‪ .‬أفتوين يف ذلك‪.‬‬
‫الج�واب‪ :‬احلم�د هلل‪ ،‬هذا التصرف من الس�ائل يعترب من‬
‫أن�واع اخليان�ة وم�ن الترصفات الباطل�ة وما ينتج له من كس�ب‬
‫حراما‪ ،‬ورضا الرشكة بس�عر الرشاء ال يبيح له هذا‬
‫ً‬ ‫يعترب كس� ًبا‬
‫الترصف؛ ألن الرشكة ق�د وثقت فيه وصدقته عىل ثمن الرشاء‪،‬‬
‫فهو بالنس�بة للرشكة وكيل هلا‪ ،‬ف�إذا أراد تصحيح ترصفه فعليه‬
‫أن يش�عر الرشك�ة بذل�ك‪ ،‬فإن أج�ازت له أخذ نس�بة من الثمن‬
‫فترصفه صحيح‪ ،‬فإن مل تعلم الرشكة أو مل جتز ذلك فهذا نوع من‬
‫أنواع اخليانة‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫س‪ :1٤٢‬إىل األخ املك�رم س�عادة األس�تاذ عمر ب�ن حممد الثنيان‬
‫حفظه اهلل ووفقه السالم عليكم ورمحة اهلل وبركاته وبعد‪ ،‬فقد وصلني‬
‫اس�تفتاؤك عن حك�م ادخار موظفي رشكة أرامكو املنتهي بتس�ليمه‬
‫للموظ�ف بعد عرش س�نوات بزي�ادة ‪ %100‬وقد قرأت االس�تفتاء‪،‬‬

‫(‪)220‬‬
‫وج�رى مني تصوره ومقارنته بنظام تقاعد الدولة وما فيه من فوارق‬
‫تعطي أفضليت�ه‪ .‬وملخص هذا االدخار أن املوظف يف الرشكة يدفع‬
‫ً‬
‫انخفاضا‬ ‫للرشكة من راتبه الشهري نسبة ال تزيد عن ‪ %10‬وقد تصل‬
‫إىل ‪ %1‬وبعد عرش سنوات تدفع الرشكة كامل ادخاره وبزيادة ‪%100‬‬
‫من كامله‪ .‬وأن الدخول يف هذا االدخار اختياري‪ ،‬وللموظف خالل‬
‫مدة عرش س�نوات أن يس�حب من مدخره ما يريد ويعيده متى أراد‪،‬‬
‫وأن ه�ذه الزي�ادة ‪ -‬املكاف�أة ‪ -‬ال ختضع لترصف املوظف يف س�حبه‬
‫وإعادة س�حبه‪ ،‬وال لزمن إعادة الس�حب‪ ،‬وإنام املعيار يف تقدير هذه‬
‫الزي�ادة ‪ -‬املكاف�أة ‪ -‬إمجايل مبلغ ادخاره حتى وقت تصفية حس�ابه‪.‬‬
‫وأن غ�رض الرشك�ة من ذلك تش�جيع العاملة عندها لالس�تمرار يف‬
‫العمل لدهيا وإغراء العاملة اخلارجة عن عملها إليثارها العمل لدهيا‬
‫عىل غريها‪ .‬والسؤال هل هذه الزيادة التي تدفعها الرشكة للموظف‬
‫بع�د متام عرش س�نوات من خدمت�ه يف الرشكة حلال أم هي حرام؟‬
‫تدخل يف أبواب الربا وأكل أموال الناس بالباطل‪.‬‬
‫وبعد تأميل االس�تفتاء وما صحبه من توضيح وبيان‪ ،‬ملخصه‬
‫ما ذكر يف صدر خطايب هذا إليكم‪ ،‬ظهر يل أن ما تقوم به الرشكة‬
‫من اس�تقباهلا مدخ�رات موظفيها بالصفة املذكورة يف الس�ؤال‪،‬‬

‫(‪)221‬‬
‫وكذل�ك طريق�ة إعادهت�ا هل�ذه املدخ�رات بالزي�ادة املذكورة يف‬
‫السؤال‪ ،‬وباشرتاط اخلدمة عرش سنوات‪ .‬ما تقوم به الرشكة من‬
‫هذا التصرف مع عامهلا وموظفيها ال يظه�ر يل دخوله يف أبواب‬
‫الرب�ا وال عق�ود الغرر واجلهال�ة واملقامرة وبالت�ايل فالزيادة التي‬
‫يأخذها املوظف عيل ادخاره تعترب حاللاً ؛ فهي يف الواقع مكافأة‬
‫م�ن الرشك�ة ملوظفيه�ا و تش�جيع هلم على االدخ�ار‪ ،‬والرشكة‬
‫بأخذه�ا هذا النظام ‪ -‬نظ�ام االدخار ‪ -‬تصيد عصفورين بحجر‬
‫واح�د‪ .‬أحدمه�ا حفز املوظف على االدخار املوج�ب لالقتصاد‬
‫يف اإلنف�اق‪ .‬ويف هذا مصلح�ة للموظف وأخذ بتأمني مس�تقبله‬
‫ومس�تلزمات احتياجات�ه املس�تقبلية‪ .‬والث�اين ارتباط�ه بالرشكة‬
‫واس�تمرارا‪ ،‬ويف ه�ذا مصلحة للرشكة م�ن حيث ضامن‬ ‫ً‬ ‫ابت�داء‬
‫ً‬
‫عامل�ة تراه�ا كافي�ة ملتطلبات نش�اطها واس�تمرار ذلك النش�اط‬
‫ومضاعفت�ه‪ .‬وال ش�ك أن غ�رض الرشكة من بذل ه�ذه الزيادة‬
‫على االدخار هو إعطاء املوظف مكافأة عىل خدمته واس�تمراره‬
‫يف اخلدم�ة‪ .‬والغرض م�ن نظامها االدخاري ه�و األخذ بطريقة‬
‫تس�تطيع هبا إعطاء كل موظف ما يس�تحقه م�ن مكافأة تتفق مع‬
‫عمله ومكانته يف نطاق العمل‪.‬‬

‫(‪)222‬‬
‫وليست هذه الزيادة من قبيل ربا الفضل وال ربا النسيئة ملا يأيت‪:‬‬
‫أول‪ :‬ليس�ت الزي�ادة مرتبط�ة ببقاء مبل�غ االدخ�ار بدليل جواز‬ ‫اً‬
‫س�حبه أو الس�حب منه بدون تأثر السحب عىل هذه الزيادة بذلك‪،‬‬
‫حت�ى ولو طال زمن اس�تعادة ه�ذا املبلغ من املوظف الذي س�حبه‬
‫طاملا أنه أعاد كامل املبلغ الذي سحبه‪ ،‬وال أن املكافأة مربوطة بقدر‬
‫املبلغ املتبقي من االدخار فال أثر من ذلك عىل هذه الزيادة ‪ -‬املكافأة‪.‬‬
‫ثانيً�ا‪ :‬ملبلغ االدخار نس�بة للحد األعىل فلا جيوز ملوظف أن‬
‫ي�ودع م�ا يزيد على ‪ %10‬م�ن راتبه‪ ،‬وه�ذا يعن�ي أن الرشكة ال‬
‫قص�د هل�ا يف تقبل الودائع من موظفيها غير مصلحتهم يف تأمني‬
‫مس�تقبلهم‪ .‬ومصلح�ة الرشك�ة يف اختي�ار عامل�ة مؤهل�ة قابل�ة‬
‫لالستمرار يف العمل لدهيا‪.‬‬
‫ثالثًا‪ :‬لو كان للرشكة قصد يف االدخار غري ما ذكر لكان منها‬
‫تقب�ل لزيادة االدخ�ار عن احلد األعىل‪ ،‬وتقب�ل لالدخار من غري‬
‫موظفي الرشكة‪.‬‬
‫رابعً �ا‪ :‬ل�و كان للرشكة قصد اس�تثامري لودائ�ع موظفيها ملا‬
‫س�محت لواحدهم بس�حب ما ادخره أو بعضه‪ ،‬ثم إعادته بعد‬
‫زم�ن قصير أو طوي�ل‪ ،‬ومل�ا كان لذل�ك الترصف م�ن املوظف‬
‫(‪)223‬‬
‫بالس�حب وإعادته أثر يف انخفاض نس�بة الزي�ادة‪ .‬وكل ذلك ال‬
‫تأثري له يف ثبات هذه الزيادة‪.‬‬
‫ولي�س فيام تعطي�ه الرشكة ملوظفيها زيادة على ما ادخروه وال‬
‫غ�رر وال جهالة وال مقام�رة وال ُ‬
‫أخذ مال بغري حق وال إعطاؤه‪.‬‬
‫وإنما هو مكافأة م�ن الرشكة ملوظفها الذي اختار االس�تمرار يف‬
‫العمل لدهيا‪ .‬وقد اختذت الرشكة هذه املكافأة تشجي ًعا للموظف‬
‫ً‬
‫وأخذا بقاعدة الع�دل يف اإلجراء بني املوظفني لدهيا‬ ‫يف االدخ�ار‬
‫بخصوص التشجيع‪ ،‬هذا ما ظهر يل‪.‬‬
‫وق�د عرضت هذه الفتوى عىل سماحة الش�يخ عبد العزيز بن‬
‫باز ‪ -‬رمحه اهلل ‪ -‬بواس�طة الشيخ إبراهيم احلصني رمحه اهلل وعن‬
‫طريق الدكتور حممد بن خالد بن فاضل فأقرها سامحته ومل يذكر‬
‫يل مالحظ�ة عليها‪ ،‬وقد كنت معل ًقا األخذ هبا عىل رأي سماحته‬
‫فأجازها‪ ،‬ثم اعتربهتا بعد ذلك‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫س‪ :1٤٣‬يس�أل أحده�م فيق�ول‪ :‬انتشرت يف الصح�ف‬
‫واملع�ارض التجارية وحمطات الوقود ويف مجعي�ات حتفيظ القرآن‬
‫واجلمعي�ات اخلريي�ة ويف بع�ض املطاع�م ما يس�مى باملس�ابقات‬
‫واحلوافز التشجيعية عىل الرشاء‪ ،‬بحيث تعرض الصحيفة مسابقة‬

‫(‪)224‬‬
‫عن طريق الس�حب برشط أن تكون اإلجابة عىل أصل كوبون يف‬
‫الصحيفة نفس�ها‪ ،‬وال جيوز أن يكون الكوبون صورة وال كوبونًا‬
‫لصحيف�ة غري معدة للبيع‪ ،‬وكذلك بالنس�بة للمحلات التجارية‬
‫تعطي كل مشتري منها بمبلغ له حد أدن�ى كوبونًا أو أكثر جيري‬
‫عليه الس�حب للحصول عىل جوائز هذا املحل‪ ،‬وكذلك حمطات‬
‫الوقود تعطي كل من يزود س�يارته بوق�ود منها منديلاً أو أكثر أو‬
‫ك�رت عن�د كل تعبئة منها‪ ،‬حت�ى إذا بلغت الكروت ع�د ًدا معينًا‬
‫كان ملن بيده هذه الكروت حق تغسيل سيارته وتغيري زيتها جمانًا‪،‬‬
‫وكذل�ك حمالت غس�يل املالبس ختف�ض ملن يقدم هل�ا مبلغًا معينًا‬
‫عىل حساب تغسيلها مالبسه باملبلغ نفسه بنسبة ‪ %10‬من تكاليف‬
‫كثريا كانت نسبة التخفيض أعىل‪.‬‬‫الغسيل‪ ،‬وكلام كان املبلغ ً‬
‫وكذلك ما يعرض يف بعض القنوات التلفزيونية من مسابقات‬
‫تقتضي أن يك�ون االتص�ال هبا للدخ�ول يف املس�ابقة عن طريق‬
‫رشائ�ح اتصال معينة‪ ،‬تعرضها اجلهة املمولة للمس�ابقة للرشاء‪،‬‬
‫وكذلك ما يسمى بشهادات اإليداع يف البنوك حيث تقوم البنوك‬
‫بعرض مس�ابقات عن طريق كوبونات تعطى ملن يودع يف البنك‬
‫وديعة هلا حد أدنى‪ ،‬تبقى يف البنك حتى تتم عملية الس�حب‪ ،‬ثم‬

‫(‪)225‬‬
‫بعد ذلك تعاد الوديعة لصاحبها‪ ،‬ويس�أل السائل عن حكم هذه‬
‫املسابقات واحلوافز‪.‬‬
‫الجواب‪ :‬احلمد هلل‪ ،‬ما يتعلق باملسابقات املبنية عىل السحب‬
‫للحص�ول عىل اجلوائز‪ ،‬فإذا كانت هذه املس�ابقات ال يس�تطيع‬
‫الراغب يف الدخول فيها إال بعد دفعه مبلغًا من املال سواء أكان‬
‫كثريا‪ .‬حيث يمكن أن خيرس هذا املال الذي دفعه‪ .‬نسبة‬‫قليلاً أم ً‬
‫خس�ارته م�ا دفع�ه هي نس�بة جمموع ما خيسره املتس�ابقون معه‬
‫والفاشلون معه فهذا النوع من املسابقات من أقسام القامر‪ ،‬وهو‬
‫ما يسمى باليانصيب حيث يعرض أحد الناس سيارته بامئة ألف‬
‫ري�ال يصدر هلا عرشة آالف كرت يبي�ع الكرت بعرشة رياالت‬
‫ثم جيري الس�حب عىل هذه الك�روت‪ ،‬فريبح منها كرت واحد‬
‫بالسيارة وخترس الكروت الباقية‪.‬‬
‫أم�ا إذا كانت املس�ابقات ال يرتتب على الراغب يف الدخول‬
‫فيها دفع مال كمس�ابقات القرآن الكريم للكبار والصغار التي‬
‫تعرض عىل الشاش�ة الس�عودية يف ش�هر رمضان‪ ،‬وال يشترط‬
‫لإلجاب�ة عليه�ا ورق معين فه�ذه املس�ابقات جائ�زة ب�ل هي‬
‫مس�تحبة ملا فيها من احلفز عىل تالوة كت�اب اهلل تعاىل والتعرف‬

‫(‪)226‬‬
‫عىل تفسيره‪ ،‬ومثل تلك املسابقات العلمية التي ال يرتتب عىل‬
‫الدخ�ول فيها خس�ارة بل تك�ون اإلجابة على أي ورقة تكتب‬
‫عليه�ا‪ .‬وهب�ذا التمهي�د والتأصي�ل لإلجاب�ة نس�تطيع أن نقول‬
‫ب�أن املس�ابقات الصحفي�ة املنترشة يف غالب صحفن�ا من أنواع‬
‫اليانصيب حيث إن املتسابق فيها خيرس قيمة الكوبون يف الغالب‬
‫األغلب‪ ،‬وقد يربح يف النادر األندر‪ .‬وال شك أن هذا من القامر‬
‫ومن ا مليرس ومن أكل أموال الناس بالباطل ومن التغرير بالناس‬
‫وإضاع�ة األموال وأكله�ا بغري حق‪ .‬وقد ذك�ر يل أحد حمرري‬
‫إح�دى الصح�ف لدين�ا أن الصحيفة التي حيرر فيه�ا كان عدد‬
‫النس�خ التي تطبع يوم ًّيا أربعني ألف نسخة يسرتجع منها قرابة‬
‫عرشة آالف نس�خة‪ .‬وبعد أن أخذت هذه الصحيفة بإجراءات‬
‫املس�ابقات صارت تطبع ثالثامئة ألف نسخة يف اليوم‪ ،‬ال يرجع‬
‫منها يشء‪ ،‬فاملتس�ابقون يشرتون أعدا ًدا كثرية ال لقراءهتا‪ ،‬وإنام‬
‫يقص�دون من رشائها الكوبون ليتم هلم الدخول يف املس�ابقات‬
‫بأكثر من كوبون‪.‬‬
‫ال ش�ك أن ه�ذا هو اليانصي�ب وهو من أن�واع القامر وامليرس‬
‫وأمتن�ى من إخواننا املس�ؤولني يف بالدنا من أه�ل هذه الصحف‬

‫(‪)227‬‬
‫أن يتقوا اهلل ىف إعالمهم‪ ،‬كام أمتنى من املس�ؤولني لدينا يف وزارة‬
‫اإلعلام وه�ي اجله�ة املرشفة على الصحاف�ة أن يقف�وا من هذه‬
‫املامرس�ات موق ًفا يتفق مع هوية بالدنا اإلسالمية ِّ‬
‫ويربئون ذممهم‬
‫من مسؤولية احلساب عند اهلل تعاىل‪.‬‬
‫وأما تغس�يل الس�يارة وتغيري الزي�ت أو تقديم مبلغ للغس�ال‬
‫ليك�ون عىل حس�اب غس�يل املالبس بتخفيض نس�بة م�ن قيمة‬
‫الغس�يل يف مقابل�ة تقديم األج�رة‪ ،‬فال يظهر يل مان�ع من اعتبار‬
‫صح�ة هذا التصرف؛ ألن ذلك من قبيل التنازل عن بعض حقه‬
‫‪ -‬أعن�ي صاح�ب املحطة أو صاحب املغس�لة أو صاحب املحل‬
‫التجاري ‪ -‬وليس من قبيل القامر؛ ألن املتعامل مع هذه اجلهات‬
‫الثلاث ال خيرس ش�ي ًئا حيث إن ما يقدمه م�ن مبلغ هو يف مقابلة‬
‫ما حيصل عليه من عوض ذلك املبلغ‪ ،‬وما حيصل عليه من جائزة‬
‫هو من قبيل احلوافز عىل التعامل معهم‪.‬‬
‫وأما البوكيمون فهو نوع من القامر الرصيح‪ ،‬فضلاً عام يشتمل‬
‫عليه من رموز عقدية إحلادية تكاد السموات يتفطرن منها وتنشق‬
‫األرض وختر اجلبال من س�وء مقاصدها‪ ،‬فتعاىل اهلل وتقدس عام‬
‫كبريا‪.‬‬
‫علوا ً‬‫يقول الظاملون ًّ‬

‫(‪)228‬‬
‫أم�ا كونه نو ًعا م�ن القامر فيظه�ر ذلك من تص�ور اللعب به‪.‬‬
‫حيث تكون اللعبة به بني اثنني فأكثر يتنافس�ون يف استحواذ كل‬
‫واح�د منه�م عىل ما بي�د اآلخر من قطع معينة‪ ،‬جي�ري تأمينها يف‬
‫أس�واق األلعاب بأس�عار خيضع قدرها للعرض والطلب‪ ،‬وقد‬
‫يتم تأمينها بوسائل أخرى كتعبئتها لبعض الوجبات الرسيعة أو‬
‫عل�ب البطاطس‪ .‬وقد يعرضها الالعب الكاس�ب عىل الالعبني‬
‫اخلارسين ثم يعاد لعبها مرة أخرى ليخرج من اللعبة اخلارس‪.‬‬
‫ال ش�ك أن ه�ذا عني القامر فهذه اللعبة تربي�ة ألبناء العامل عىل‬
‫ممارس�ة القامر‪ ،‬فضلاً عما يف ذلك من القول على اهلل تعاىل بام ال‬
‫يلي�ق بجالله وعظمته فقد نرش أحد األحباب يف إحدى صحفنا‬
‫املحلية ترمجة بعض الكلامت املشتملة عليها هذه اللعبة الشيطانية‬
‫وم�ا فيها من تنقص واس�تهانة بجلال اهلل وعظمت�ه – تعاىل اهلل‬
‫وتق�دس – فج�زى اهلل قادتنا كل خري‪ ،‬حيث طه�روا بالدنا من‬
‫ه�ذه الق�اذورات املنتنة‪ ،‬وآم�ل أن تتبعها من حكومتنا الرش�يدة‬
‫عزمة عىل الصحافة بمنع هذه املس�ابقات فهي تدريب وتيسير‬
‫ألعامل القامر وامليرس يف بالدنا‪ .‬واهلل املستعان‪.‬‬

‫(‪)229‬‬
‫س‪ :1٤٤‬هل جتوز اإلقالة يف السلم؟‬
‫الجواب‪ :‬احلمد هلل‪ ،‬جتوز اإلقالة يف السلم قبل حلول األجل‬
‫وبعده‪ ،‬وقبل قبض املسلم فيه وبعده وذلك عند مجهور الفقهاء‪.‬‬
‫يقول الشيرازي يف املهذب‪« :‬جيوز فسخ عقد السلم باإلقالة‪،‬‬
‫ألن احلق هلام‪ ،‬فجاز هلام الرضا بإسقاطه‪ ،‬فإذا فسخا رجع املسلم‬
‫إىل رأس امل�ال‪ .‬فإن كان باق ًيا وجب رده وإن كان تال ًفا ثبت بدله‬
‫يف ذمة املسلم إليه»‪( .‬جـ‪1‬ص‪.)309‬‬
‫ويف رشح منتهى اإلرادات‪( :‬وتصح إقالة يف س�لم ألهنا فسخ‬
‫(و) تص�ح إقالة يف (بعض�ه) وأهنا مندوب إليه�ا‪ .‬وكل مندوب‬
‫إلي�ه إذا ص�ح يف يشء ص�ح يف بعضه‪( )..‬ج�ـ‪2‬ص‪ .)223‬ويف‬
‫الفت�اوى اهلندي�ة‪( .‬جي�ب أن يعل�م أن اإلقالة يف الس�لم جائزة)‪.‬‬
‫(جـ‪3‬ص‪.)195‬‬
‫ويف املدونة الكربى قال مالك لنا فيمن أسلم دابة يف طعام فحل‬
‫األجل فأراد أن يقيله‪ ،‬قال‪ :‬ال بأس أن يقيله ويأخذ دابته‪ ..‬قلت‬
‫(س�حنون)‪ :‬فإن أقاله قب�ل حمل األجل؟ قال (ابن القاس�م)‪ :‬ال‬
‫بأس بذلك أيضا يف قول مالك (املدونة الكربى جـ‪3‬ص‪.)156‬‬
‫(وانظر‪ :‬بداية املجتهد ‪.)181-180/2‬‬

‫(‪)230‬‬
‫ونقل ابن قدامة يف املغني عن ابن املنذر‪( :‬أمجع كل من نحفظ‬
‫عن�ه م�ن أهل العلم على أن اإلقال�ة يف مجيع ما أس�لم فيه جائزة‬
‫(جـ‪4‬ص‪ .)336‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫س‪ :1٤٥‬ه�ل جي�وز رشاء األس�هم العادية للشركات التي‬
‫تعمل يف أنش�طة مباحة ونس�بة الدين تقل ع�ن ‪ %30‬وذلك عن‬
‫طريق السلم؟‬
‫الجواب‪ :‬احلمد هلل‪ ،‬كل ما جاز بيعه وكان مما يثبت يف الذمة‪،‬‬
‫وينضبط بالوصف وكان مقدور التسليم يف املحل جاز فيه السلم‪.‬‬
‫وق�د أج�ازت ن�دوة الربك�ة الرمضاني�ة املرابح�ة يف األس�هم‬
‫فالقي�اس جواز الس�لم فيها إذا كان حمل التس�ليم يف وقته ممكنا‪،‬‬
‫بحيث يكون عام الوجود يف حمله‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫س‪ :1٤٦‬إذا كانت رشكة حتت اإلنش�اء‪ ،‬هل جيوز أن يمول‬
‫جزءا من أسهمها سلماً ؟‬
‫البنك ً‬
‫الجواب‪ :‬احلمد هلل‪ ،‬اشترط الفقهاء أن يكون املس�لم فيه عام‬
‫الوج�ود يف حمله‪ .‬قال ابن قدام�ة‪« :‬وال نعلم فيه خال ًفا» أما وجود‬
‫املس�لم في�ه عن�د العقد فلي�س رش ًطا لصحة الس�لم عن�د مجهور‬

‫(‪)231‬‬
‫الفقهاء من الشافعية واملالكية واحلنابلة والظاهرية‪ ،‬فيجوز السلم‬
‫يف املع�دوم وق�ت العق�د وجيوز فيما ينقطع من أي�دي الناس قبل‬
‫حلول األجل‪ .‬وخالف يف ذلك احلنفية فقالوا بعدم صحة السلم‪،‬‬
‫إال فيام هو موجود يف األسواق يف وقت العقد إىل حمل األجل دون‬
‫انقط�اع‪ .‬قال الكاس�اين يف البدائ�ع «ومنها أن يك�ون موجو ًدا من‬
‫وقت العقد إىل وقت األجل فإن مل يكن موجودا عند العقد أو عند‬
‫حمل األجل أو كان موجودا فيهام لكنه انقطع من أيدي الناس فيام‬
‫بني ذلك كالثامر والفواكه واللبن ال جيوز السلم(جـ‪5‬ص‪.)211‬‬
‫وذل�ك ألن القاعدة عندهم أن الدين حيل بموت املدين فإذا مل‬
‫يكن موجودا من وقت العقد إىل وقت التس�ليم‪ ،‬آل إىل غرر هو‬
‫عدم القدرة عىل التسليم ولكن نظرا إىل أن الرشكة حتت اإلنشاء‬
‫حمل نظر وشك يف توفر أسهام يف وقت التسليم فالذي يظهر عدم‬
‫جواز ذلك ألن املس�لم فيه وهو أسهم هذه الرشكة حتت اإلنشاء‬
‫لي�س عام الوج�ود يف الغالب ويف نفس األمر جي�وز العدول عن‬
‫إنشاء الرشكة‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫س‪ :14٧‬رشط املثلية‪ ،‬هل ينطبق عىل السلع الصناعية أم أهنا‬
‫تعترب من املعينات يف العرص احلديث؟‬

‫(‪)232‬‬
‫الج�واب‪ :‬احلم�د هلل‪ ،‬ال يقترص جواز الس�لم عىل املثليات‬
‫كاملكي�ل وامل�وزون وامل�ذروع واملعدود بل جي�وز يف القيميات‬
‫الت�ي تقب�ل االنضباط بالوصف فالس�لع الصناعي�ة مما ينضبط‬
‫بالوص�ف ومم�ا هو مق�دور عىل تس�ليمه عند حمله‪ ،‬فما يغلب‬
‫وج�وده عند حلول األجل فيجوز فيه الس�لم ق�ال ابن قدامة‪:‬‬
‫«الرشط اخلامس وهو كون املس�لم فيه عام الوجود يف حمله وال‬
‫نعلم فيه خالفا»‪.‬‬
‫(املغني جـ‪4‬ص‪ .)325‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫س‪ :14٨‬هل جيوز بيع الس�لم يف س�لع هلا م�اركات جتارية؟‬
‫وما احلل إذا عجز عن تسليم السلعة ذات املاركة ويمكن أن يويف‬
‫بسلعة مطابقة للمواصفات لكن ليس هلا نفس املاركة التجارية؟‬
‫الجواب‪ :‬احلمد هلل‪ ،‬إذا أمكن وصفها وص ًفا ناف ًيا للجهالة‪،‬‬
‫وكان�ت مما يثب�ت يف الذمة ويوج�د عند حمل األج�ل فالظاهر‬
‫اجلواز‪ .‬أما اس�تبدال الس�لعة املوصوفة يف العقد بسلعة أخرى‬
‫أو مارك�ة أخرى فإن كان قبل حلول األجل‪ ،‬فذلك غري جائز‬
‫لقوله ﷺ‪« :‬من أس�لم يف يشء فال يرصفه إىل غريه» وألنه من‬
‫ترصف املس�لم فيه قبل قبضه‪ .‬وهو غري جائز‪ .‬قال الكاس�اين‪:‬‬

‫(‪)233‬‬
‫(ال جيوز اس�تبدال املس�لم فيه قبل قبضه بأن يأخذ رب الس�لم‬
‫مكان�ه من غير جنس�ه)‪( .‬البدائع ج�ـ‪5‬ص‪ .)214‬ف�إذا كان‬
‫االس�تبدال عند أجل التس�ليم مل جي�ز؛ إن كان طعاما‪ .‬قال ابن‬
‫جزي يف القوانني الفقهية‪( :‬من أسلم يف طعام مل جيز له أن يأخذ‬
‫طعاما من جنس آخر‪ ،‬س�واء كان‬ ‫ً‬ ‫عن�ه غري طعام وال أن يأخذ‬
‫ذل�ك قبل األج�ل أو بعده؛ ألنه من بيع الطعام قبل قبضه) فإن‬
‫كان غير طعام جاز ل�ه أن يأخذ غريه إذا قب�ض اجلنس اآلخر‬
‫مكان�ه‪ ،‬ف�إن تأخ�ر القبض عن العق�د مل جيز ملصيره إىل الدين‬
‫بالدين‪( .‬ص‪.)274‬‬
‫وعلى ذلك إذا أتى بس�لعة أخ�رى من جنس الس�لعة املتعاقد‬
‫عليه�ا ونوعه�ا ولك�ن على صف�ة دون الصف�ة املرشوط�ة جاز‬
‫للمسلم قبوله‪ ،‬لكنه ال يلزمه ذلك القبول؛ ألن فيها إسقا ًطا حلقه‪.‬‬
‫وإذا أحضره بصفة أج�ود لزمه قبوله؛ ألنه أتى بما تناوله العقد‬
‫وزي�ادة‪ .‬وإن أت�ى بنوع آخ�ر من نفس اجلنس أي س�لعة مطابقة‬
‫للمواصف�ات ولكن م�ن ماركة ما تم التعاق�د عليه فقد اختلف‬
‫يف ذل�ك الفقهاء قال احلنابل�ة ال يلزمه قبوله؛ ألن العقد تناول ما‬
‫وصف�اه عىل الصفة التي رشطاها وقد ف�ات بعض الصفات فإن‬

‫(‪)234‬‬
‫النوع صف�ة وقد فات (املغن�ي جـ‪ 4‬ص‪ )340‬وللمس�ألة ثالثة‬
‫أوجه عند الشافعية ال يلزم قبوله وجيب وجيوز‪ .‬اهـ‪.‬‬
‫(النووي روضة الطالبني جـ‪ 4‬ص‪.)30‬‬
‫ق�ال اب�ن قدامة‪« :‬ليس له – أي املس�لم‪-‬إال أقل م�ا تقع عليه‬
‫الصف�ة؛ ألن�ه إذا أس�لم إليه ذلك فقد س�لم إليه م�ا تناوله العقد‬
‫فربئت ذمته منه» (املغني جـ‪4‬ص‪.)341‬‬
‫وال ري�ب أن امل�اركات التجاري�ة م�ن أه�م صف�ات الس�لع‬
‫تأثريا عىل ثمنها وماليتها‪ .‬فيجوز للمسلم قبول السلعة‬
‫وأكثرها ً‬
‫إذا اختلف�ت املارك�ة واحت�دت املواصفات‪ ،‬ولك�ن ال يلزمه أن‬
‫يقب�ل وله حق اإلرصار على املاركة التي جرى عليه�ا التعاقد‪.‬‬
‫واهلل أعلم‪.‬‬
‫س‪ :14٩‬هل جيوز السلم يف األرايض؟‬
‫الجواب‪ :‬احلمد هلل‪ ،‬ال جيوز السلم يف معني‪ ،‬فإن عني له ً‬
‫أرضا‬
‫وباعه�ا عليه بطريقة الس�لم مل جيز؛ ألن الس�لم بيع موصوف ىف‬
‫الذم�ة وليس بيع معني‪ .‬وال يتصور بيع أرض موصوفة يف الذمة‬
‫الختلاف املواق�ع وندرة تطاب�ق أوصافه�ا‪ .‬األمر ال�ذي جيعل‬
‫املسلم إليه غري قادر عىل تسليم األرض املسلم فيها عند املحل‪،‬‬

‫(‪)235‬‬
‫إال أن يمتلكه�ا عند االبتداء‪ ،‬فتتعني فال يكون بيعها س�لماً ‪ ،‬وقد‬
‫نص الفقهاء عىل عدم جواز اإلسلام يف الدور والعقار‪ ،‬قال ابن‬
‫رش�د‪« :‬واتفقوا عىل امتناعه (أي الس�لم) فيما ال يثبت يف الذمة‬
‫وهي الدور والعقار»‪( .‬بداية املجتهد‪.)151/2‬‬
‫س‪ :1٥٠‬هل جيوز تس�ليم الس�لعة يف بيع الس�لم قبل حلول‬
‫األج�ل؟ وه�ل يص�ح اإلش�ارة إىل ذل�ك يف العق�د؟ وهل جتوز‬
‫مسألة «ضع وتعجل» يف السلم؟‬
‫الجواب‪ :‬احلمد هلل‪ ،‬ال جيوز مطالبة املسلم إليه بالدين املسلم‬
‫في�ه قبل حلول أجل�ه‪ ،‬ولكن إذا أتى به قبل األجل وقبله املس�لم‬
‫فه�ذا جائز‪ .‬ف�إن مل يقبله‪ ،‬هل جيرب عىل أخ�ذه؟ اختلف الفقهاء‪،‬‬
‫فق�ال املالكية‪« :‬إذا دفع املس�لم فيه قبل حل�ول األجل جاز قبوله‬
‫يف الي�وم واليومني» (بداية املجتهدجـ‪ 2‬ص‪ )232‬وقال ىف املغني‬
‫البن قدامه‪ :‬إذا أتى به إليه قبل حمله فينظر فيه‪ ،‬فإن كان مما يف قبضه‬
‫قب�ل حمله رضر إما لكونه مما يتغير كالفاكهة واألطعمة كلها‪ .‬أو‬
‫كان قديم�ه دون حديثه كاحلبوب ونحوها مل يلزم املس�لم قبوله؛‬
‫غرضا يف تأخريه وكذلك احليوان؛ ألنه ال يأمن تلفه وحيتاج‬ ‫ألن له ً‬
‫إىل اإلنفاق عليه‪ ...‬وإن كان مما ال رضر يف قبضه بأن يكون مما ال‬

‫(‪)236‬‬
‫يتغري كاحلديد والرصاص‪ ...‬فعليه قبضه ألن غرضه حاصل مع‬
‫زيادة تعجيل املنفع�ة‪ ،‬فيجري جمرى زيادة الصفة وتعجيل الدين‬
‫املؤجل‪ .‬اهـ (املغني البن قدامة جـ‪ 4‬ص ‪.)339‬‬
‫وعلى ذل�ك إذا رشط املس�لم إليه عىل املس�لم أنه متى س�لمه‬
‫املسلم فيه فعليه قبضه وقبوله جاز ولزمه ذلك الرشط‪ .‬وإن رشط‬
‫املس�لم عىل املس�لم إليه عند التعاقد التس�ليم قبل حلول األجل‬
‫فه�و إلغاء لألج�ل البعيد فيك�ون أجل الدين هو ذل�ك التاريخ‬
‫القري�ب‪ .‬ولكن جيب أن يكون أجل التس�ليم قبل حلول األجل‬
‫معلوما‪ .‬وأما مس�ألة «ضع وتعجل» فال يظهر يل مانع من األخذ‬‫ً‬
‫هب�ا إذا اتف�ق الطرفان عليه�ا ولكن ال يلزم أحدمه�ا بقبوهلا دون‬
‫رض�اه‪ .‬وال يلزم املس�لم بالتن�ازل عن بعض دينه لق�اء التعجيل‬
‫ولك�ن إذا اتف�ق الطرفان عىل التعجيل والوض�ع جاز ذلك؛ ألن‬
‫احلق حمصور هلام وفيهام‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫س‪ :1٥١‬أعم�ل على رشك�ة تس�تورد على بواخره�ا حلوم‬
‫اخلنازير واخلمر‪ .‬فهل جيوز يل أن أرشف عىل تنزيلها من البواخر؟‬
‫الج�واب‪ :‬احلم�د هلل‪ ،‬ه�ذه الرشك�ة آثم�ة يف جتارهت�ا‬
‫ومعاملتها الس�يئة يف التجارة باملحرمات والذي يعمل معها‬

‫(‪)237‬‬
‫متع�اون معها عىل اإلث�م والعدوان ومعصية اهلل ورس�وله‪،‬‬
‫وعلي�ه فيجب عىل هذا الس�ائل أن يتقي اهلل ربه‪ ،‬وأال يعمل‬
‫يف ه�ذا املجال اآلثم‪ .‬فاملتعاون عىل اخلري كفاعله‪ ،‬واملتعاون‬
‫على الشر كفاعل�ه ق�ال تع�اىل‪﴿ :‬ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ‬
‫ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ﴾‬
‫[الطالق‪ .]٣–٢:‬واهلل املستعان‪.‬‬
‫س‪ :1٥٢‬ما حك�م العمل يف رشكات التأمني؟ وهل الراتب‬
‫الذي أتقاضاه حالل؟‬
‫الجواب‪ :‬احلم�د هلل‪ ،‬اختلف أهل العل�م يف حكم رشكات‬
‫التأمين فذه�ب بعضهم إىل حتريمها مطلق�ا‪ .‬وذهب آخرون إىل‬
‫إباحته�ا مطلق�ا‪ .‬وذه�ب فري�ق منهم إىل تقس�يمها إىل قس�مني‬
‫رشكات تأمين تعاوني�ة ورشكات تأمين جتاري�ة‪ .‬أم�ا رشكات‬
‫التأمين التعاونية فقد أجازوها وقال�وا بأهنا من التعاون عىل الرب‬
‫والتق�وى‪ .‬ورشكات التأمني التجارية حرموه�ا وقالوا‪ :‬إهنا من‬
‫أقس�ام أكل أموال الناس بالباطل‪ .‬والذي يظهر يل أن تقس�يمها‬
‫إىل تع�اوين وجت�اري تقس�يم ال أثر له يف احل�ل واحلظر‪ ،‬حيث إن‬
‫عن�ارص قيامه�ا متحدة س�واء أكان�ت جتاري�ة أم تعاوني�ة‪ ،‬وأما‬

‫(‪)238‬‬
‫العم�ل فيها فمن أراد االس�ترباء لدينه وعرض�ه فعليه البعد عن‬
‫مجيع األمور املشتبهة‪ .‬واهلل اعلم‪.‬‬
‫س‪ :1٥٣‬هل جيوز أن يشرتط عىل املضارب أو الوكيل باالستثامر‬
‫يف أنش�طة ال يقل عائدها عن نس�بة حمددة من األرباح؟ وهل يعترب‬
‫تعهدا واجب التنفيذ عىل املضارب أو الوكيل باالس�تثامر بأن‬ ‫ذلك ً‬
‫يلتزم لرب املال أو املوكِّل بعائد معني عىل رأس املال حتقق فعلاً من‬
‫النش�اط أو مل يتحقق؟ ويف حال خمالفة القيد املشار إليه‪ ،‬هل يضمن‬
‫املضارب أو الوكيل باالس�تثامر ما نقص عن النس�بة الثابتة املحددة‬
‫أو يضمن الفرق يف حدود ربح املثل أو ثمن املثل؟‬
‫الج�واب‪ :‬احلمد هلل‪ ،‬ذه�ب مجهور العلماء إىل أن املضاربة‬
‫خمالفة للقياس؛ وذلك ألهنا إجارة بأجر جمهول ومعدوم ولعمل‬
‫جمهول‪ .‬وقد جازت للحاجة فجاءت الرخصة باألخذ هبا وجاء‬
‫الن�ص بجوازه�ا وإقرارها‪ .‬وقد نص ش�يخ اإلسلام ابن تيمية‬
‫‪-‬رمح�ه اهلل ‪ -‬عىل أن املضاربة ليس�ت عىل خلاف القياس فهي‬
‫من عقود الرشكات وليست من عقود املعاوضات‪ .‬وال خالف‬
‫بني أهل العلم يف أن لرب املال أن يشرتط عىل املضارب رشو ًطا‬
‫حيمي به ماله من الضياع كاشتراطه أن يكون االستثامر يف جتارة‬

‫(‪)239‬‬
‫معين�ة‪ ،‬ويف أماكن حمدودة‪ ،‬وعىل أال يبيع باألجل‪ .‬وذكر أن من‬
‫مستند مثل تلك الرشوط أثري العباس بن عبد املطلب وحكيم‬
‫ب�ن ح�زام ء‪ ،‬ويف هذين األثرين االشتراط عىل املضارب‬
‫بحرا‪ ،‬وال ينزل به واد ًيا‪ ،‬وال يشرتي به‬
‫أال يس�لك بامل املضاربة ً‬
‫ذات كبد رطب فإن فعل ضمن‪.‬‬
‫وه�ذا يعني أن املضاربة يف املال تك�ون مطلقة وتكون مقيدة‪،‬‬
‫ف�إذا كانت مطلقة فللمضارب الترصف املطلق يف االس�تثامر يف‬
‫حدود ما هو مباح ويقوى به الظن لديه بتحقيق املصلحة يف ذلك‪.‬‬
‫وهو أمني يف ترصفه ويف دعواه توخي املصلحة‪ .‬وال ضامن عليه‬
‫تعد أو‬
‫يف حال وجود رضر أو خسارة‪ ،‬إال أن يكون ذلك نتيجة ٍّ‬
‫تفريط فيضم�ن ذلك‪ .‬وأما املضاربة املقي�دة بمثل قيود العباس‬
‫وحكيم أو بغريها مما به محاية مال املضاربة من التعرض للرضر‬
‫أو اخلس�ارة فيجب عىل املضارب االلتزام بشروط التقييد‪ .‬فإن‬
‫خالف ضمن ما ينتج عن ذلك من رضر أو خسارة‪.‬‬
‫وحيث إن تقييد املضارب برشوط يلتزم هبا قد يكون يف بعضها‬
‫ما يتعارض مع الغرض من مرشوعية إباحة املضاربة‪ .‬فقد اختلف‬
‫أهل العلم يف إجازة رشوط حتول دون حرية املضارب يف االستثامر‬

‫(‪)240‬‬
‫بقدر احلاجة‪ ،‬فجاء عن املالكية والش�افعية منعهم ذلك؛ ألن مثل‬
‫هذا الرشط يتعارض مع حرية املضارب يف االس�تثامر ومع أصل‬
‫الغ�رض من إجازهتا‪ .‬وأما احلنفي�ة واحلنابلة فقد أجازوا ذلك ما‬
‫دام االشتراط ال يقيد املضارب يف توخي الربح والنشاط املعتاد‪.‬‬
‫وق�د أمج�ع أهل العل�م على أن املضارب أمين‪ ،‬وأن�ه ال يضمن‬
‫جزءا من الربح عىل‬‫بتعد أو تفريط‪ ،‬وأن له ً‬
‫خسارة رأس املال إال ٍّ‬
‫م�ا يتفق عليه مع رب املال‪ .‬ف�إن رشط عليه ضامن نقص املال بال‬
‫تعد أو تفريط فاملضاربة فاسدة‪ ،‬ويف حال فساد املضاربة فحكمها‬‫ٍّ‬
‫الفس�خ ونفاذ ما تم تنفيذه منها ولرب املال الربح وعليه اخلسارة‬
‫وللعام�ل أجرة املث�ل يف حال وجود الربح من الترصف‪ .‬أما إذا مل‬
‫يوج�د ربح م�ن الترصف فقد اختلف الفقه�اء يف ذلك فبعضهم‬
‫أوج�ب للعامل أج�رة املثل مطلقا ربح امل�ال أو خرس‪ .‬وبعضهم‬
‫ق�ال بوج�وب أجرة املثل للعام�ل يف حال وجود الرب�ح أما إذا مل‬
‫قياسا عىل املضاربة الصحيحة‪.‬‬
‫يوجد ربح فال حق له يف ذلك ً‬
‫صحيحا اشترطه عليه رب املال‪،‬‬
‫ً‬ ‫وإذا خال�ف املضارب رش ًطا‬
‫متعد فيضمن لرب‬‫فق�د ذكر بعض أهل العلم أن املضارب بذلك ٍ‬
‫امل�ال مال�ه‪ .‬وللمض�ارب الربح املتف�ق علي�ه إن كان وعليه ضامن‬

‫(‪)241‬‬
‫اخلس�ارة‪ .‬ويف حال تعه�د املضارب لرب املال بضامن نس�بة حمددة‬
‫م�ن الربح ربح املال أو مل يربح فإن كان العجز عن حتقيق الربح أو‬
‫كان وجود اخلس�ارة ليس راج ًعا إىل تقصري املضارب‪ ،‬وأن نشاطه‬
‫كان فيام هو متو َّقع ربحه بالنسبة املطلوبة فال يلزم املضارب ضامن‬
‫ما تعهد به؛ النتفاء تقصريه واللتزامه بام قيدته به املضاربة‪.‬‬
‫وق�د أمجع الفقه�اء عىل أن املض�ارب ال يضمن خس�ارة املال‬
‫يف املضارب�ة إال إذا تع�دى أو قصر فكذل�ك م�ن ب�اب أوىل ال‬
‫يضمن الربح‪ .‬وإذا كان انتفاء الربح أو حصول اخلس�ارة راج ًعا‬
‫إىل تقصير املض�ارب أو خمالفته رشوط تقيي�د املضاربة فيضمن‬
‫املضارب ما تعهد به لرب املال‪.‬‬
‫ُ‬
‫القول‪ :‬بأن العدل يقتيض أن‬ ‫والذي يرتجح يل يف هذه املس�ألة‬
‫اخلس�ارة يضمنها املضارب يف حال التعدي‪ .‬فإن حتقق ربح أقل‬
‫من النس�بة التي اشترطها رب املال وكانت هذه النس�بة ملخالفة‬
‫املضارب الرشط الصحيح من رب املال فيضمن املضارب نقص‬
‫النسبة املحددة‪ .‬وما حصل من ربح فبينهام عىل ما اشرتطاه‪ ،‬وهبذا‬
‫نستطيع أن نقرر عقوبة املضارب عىل خمالفته وأن نعدل يف إيقاع‬
‫هذه العقوبة وفق حجم ترضر رب املال من املخالفة‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬

‫(‪)242‬‬
‫س‪ :1٥٤‬هل جيوز السحب ببطاقة االئتامن عن طريق مكتب‬
‫املوظف املختص يف املرصف سواء أكان املرصف املصدر للبطاقة‬
‫أم كان مرص ًفا آخر؟‬
‫الج�واب‪ :‬احلمد هلل‪ ،‬إذا كان الس�حب ع�ن طريق املرصف‬
‫(مص�در البطاق�ة) فال يظهر يل ج�واز أخذ عمول�ة أو أجرة عىل‬
‫هذا الس�حب؛ ألن هذا السحب هو من أنواع اإلجراءات املتبعة‬
‫يف احلس�ابات اجلارية مع العمالء‪ ،‬أما إذا كان الس�حب بموجب‬
‫هذه البطاقة من مرصف آخر فلهذا املرصف اآلخر احلق أن يأخذ‬
‫أجرة خلدمة هذا العميل ‪ -‬حامل البطاقة ‪ -‬لكن ينبغي أن تكون‬
‫أجرة حمددة وعىل أال َيكون حلجم املبلغ املس�حوب أثر يف الزيادة‬
‫أو النقص؛ ألن اخلدمة خدمة دفرتية ال أثر الختالف حجم املبلغ‬
‫املس�حوب يف تكالي�ف إثباهتا‪ .‬وه�ذا املبلغ الذي ه�و أجرة هذه‬
‫اخلدمة ال يظهر لنا مانع يف أن يتقاس�مه ه�ذا املرصف مع املنظمة‬
‫العاملي�ة‪ ،‬وم�ع مصدر البطاقة‪ .‬فهو حق م�ن حقوق هذا املرصف‬
‫املس�حوب منه وله احل�ق أن يتنازل عن جزء م�ن حقه ألي جهة‬
‫خمتصة حس�ب ما جي�ري االتفاق فيام بينه وبني غيره من اجلهات‬
‫املذكورة‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬

‫(‪)243‬‬
‫س‪ :1٥٥‬هل جيوز أخذ أجرة عىل السحب عن طريق جهاز‬
‫الرصف اآليل؟‬
‫الج�واب‪ :‬احلمد هلل‪ ،‬ال ب�أس بأخذ أج�رة مقطوعة لقاء كل‬
‫س�حب س�واء أكان اجلهاز مملوكًا ملصدر البطاق�ة أم كان جهازًا‬
‫لغيره‪ ،‬حيث إن األج�رة املقررة عىل هذا الس�حب هي يف مقابلة‬
‫خدمة اس�تمرارية يف كل وقت حيتاجه العميل س�واء أكان وقت‬
‫عم�ل أم كان وقت�ا ال عم�ل في�ه كاإلج�ازات والعط�ل وخارج‬
‫الدوام‪ .‬وال يظهر مانع من حتديد مبلغ السحب إذا كان ذلك مبن ًّيا‬
‫عىل اتفاق أو تنظيم فيام بني مصدر البطاقة وحاملها‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫س‪ :15٦‬اقرتض شخص مبلغًا من املال من الدوالرات منذ‬
‫أكث�ر من عام وقام بردها بع�د ذلك بالريال وقت رشائهم وليس‬
‫بأسعار الدوالر ليوم رد الدين ثم الرد بغري نوع العملة املقرتض‬
‫هب�ا‪ .‬ما حكم الدين يف ذلك؟ حيث س�معت أن هناك حدي ًثا من‬
‫رس�ول اهلل ﷺ م�ا معن�اه أنه جي�ب رد الدين بنف�س العملة التي‬
‫اقرتض هبا‪.‬‬
‫الجواب‪ :‬احلمد هلل‪ ،‬احلمد هلل إذا كان يف ذمة املرء دين ألحد‬
‫الناس بالدوالر مثلاً وبعد مدة أراد وفاءه لصاحب الدين بعملة‬

‫(‪)244‬‬
‫أخ�رى كالريال مثلاً ‪ ،‬فإذا تراضيا عىل رصف معني بحيث يرد‬
‫له عن الدوالرات التي يف ذمته رياالت س�عودية مثال فال بأس‬
‫بذلك إذا كان بس�عر يومه وتفرق�ا ومل يكن بينهام يشء حلديث‬
‫ابن عمر املشهور‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫س‪ :15٧‬سائل يسأل‪ :‬هل جيوز له مبادلة ذهب قديم بذهب‬
‫جديد وزيادة؟‬
‫الجواب‪ :‬احلم�د هلل‪ ،‬ال خيفى أن ملبادل�ة الذهب بذهب آخر‬
‫ربا أم مسكوكًا أو‬ ‫أحكاما جيب التقيد هبا سواء أكان هذا الذهب تِ‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫مصنو ًعا لقوله ﷺ‪« :‬ال تبيعوا الذهب بالذهب إال مثال بمثل وال‬
‫تشفوا بعضها عىل بعض»‪ .‬وعليه فال جيوز مبادلة الذهب بالذهب‬
‫إال مثال بمثل سواء بسواء مع احللول والتقابض يف جملس العقد‪.‬‬
‫كما ال جيوز أن تقدر قيمة الذهب القديم بمبلغ من الثمن الورقي‬
‫ثم تقدر قيمه الذهب اجلديد بثمن آخر‪ ،‬ويأخذ البائع من املشرتي‬
‫الف�رق بني الثمنين؛ ألن املبادلة من قبي�ل املصارفة واملصارفة من‬
‫رشوطها التامثل يف حال احتاد جنس العوضني‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫س ‪ :15٨‬رج�ل يمل�ك أس�هماً يف رشك�ة معين�ة ث�م إن هذه‬
‫الرشك�ة ق�ررت إعطاء كل مس�اهم حق رشاء س�هم مع س�هم‬

‫(‪)245‬‬
‫م�ن أس�همه التي يملكها بالقيمة االس�مية‪ ،‬مع العل�م أن القيمة‬
‫كثريا عن القيمة االسمية‪ ،‬فهل جيوز‬
‫الس�وقية هلذه األسهم تزيد ً‬
‫هل�ذا الرجل أن يبي�ع حقه يف رشاء هذه األس�هم اإلضافية؟ وإذا‬
‫جاز له فهل جيوز بيعها بيع عربون؟‬
‫الجواب‪ :‬احلمد هلل‪ ،‬ال يظهر يل مانع رشعي يف جواز بيع هذا‬
‫الرج�ل املس�اهم حقه رشاء أس�هم إضافية بقيمته�ا املحددة من‬
‫الرشك�ة‪ ،‬حيث إن هذا احلق اختص�اص وقد اجته كثري من أهل‬
‫العل�م عىل جواز بيع االختصاص والتن�ازل عنه بعوض أو بغري‬
‫عوض‪ ،‬ولكن برشوط‪:‬‬
‫أحده�ا أن تكون الرشكة قد قامت بإنفاذ قرارها الصادر منها‬
‫بزي�ادة رأس ماهلا؛ ألهنا قبل اإلنفاذ حيتمل أن تعدل عن قرارها؛‬
‫فيس�قط ذلك احلق حي�ث إنه قبل إنف�اذ قرار الزي�ادة يعترب ح ًّقا‬
‫غري مس�تقر‪ ،‬وال خيفى أن من رشوط صحة البيع أن يكون املبيع‬
‫تاما‪.‬‬
‫مملوكًا لبائعه ملكًا ًّ‬
‫الث�اين‪ :‬أن تس�مح الرشكة ببيع ه�ذا احلق؛ ألن�ه يف حال عدم‬
‫سماحها يعترب مبي ًعا غري مقدور عىل تس�ليمه ومن رشوط صحة‬
‫مقدورا عىل تسليمه‪.‬‬
‫ً‬ ‫البيع أن يكون املبيع‬

‫(‪)246‬‬
‫الثالث‪ :‬أن تكون الرشكة وماهلا من فروع ذات نش�اط حالل‪،‬‬
‫بحي�ث ال تك�ون رشكات حمرمة كشركات اخلم�ور واخلنازير‬
‫والبن�وك الربوية‪ ،‬فبهذه الشروط الثالثة يتضح لنا القول بجواز‬
‫بي�ع احل�ق يف الشراء وه�ذا احل�ق وإن مل يك�ن عينً�ا مملوكة فهو‬
‫اختص�اص وق�د اجت�ه بعض أه�ل العل�م إىل القول بج�واز بيع‬
‫االختصاص واملعاوضة عليه‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫س ‪ :15٩‬هل هناك رضر من التعامل باألس�هم الدولية عىل‬
‫االقتصاد اإلسالمي أو املحيل؟‬
‫الجواب‪ :‬احلمد هلل‪ ،‬ال ش�ك أن جماالت النشاط االقتصاد كثرية‬
‫ج�دا وليس�ت حمص�ورة يف التعام�ل باألس�هم وم�ن حرص نش�اطه‬ ‫ً‬
‫االقتص�ادي يف التعام�ل باألس�هم‪ ،‬فق�د أخ�ذ بصف�ة م�ن صفات‬
‫احلمقى الذين جيعلون َب ْيضهم يف س�لة واحدة معرضة للس�قوط ثم‬
‫للضياع‪ ،‬مع العلم أن التعامل باألس�هم يف الرشكات س�واء أكانت‬
‫حملي�ة أم دولية يعترب من أخط�ر القنوات االس�تثامرية‪ ،‬فهناك كارثة‬
‫املن�اخ و كارثة بنك االعتامد و كارثة االثنني األس�ود‪ ،‬وهي كوارث‬
‫عاملي�ة ذه�ب ضحيتها جمموع�ة م�ن ذوي الغنى الواس�ع مما اضطر‬
‫بعضه�م إىل االنتح�ار‪ .‬ولئ�ن ص�درت الفت�وى بج�واز التعامل يف‬

‫(‪)247‬‬
‫هذه الصناديق االس�تثامرية يف أسهم الرشكات بقيودها وضوابطها‪،‬‬
‫فال يعني ذلك س�حب اخلطر من هذا النوع من االس�تثامر‪ ،‬فأخطار‬
‫التعامل باألس�هم قائمة ال س�يام يف األس�هم العاملية‪ ،‬فنحن نرى أن‬
‫هن�اك رشكات انخفض�ت قيمة أس�همها إىل ما ال يق�ل عن ‪٪300‬‬
‫وهي رشكات إسالمية ملالك مسلمني‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫س‪ :1٦٠‬أحدهم يسأل عن حكم العمل يف البنوك الربوية؟‬
‫الج�واب‪ :‬احلم�د هلل‪ ،‬ال خيف�ى أن البنوك الربوية تس�تبيح ما‬
‫وعط�اء وقد ثبت عن رس�ول اهلل ﷺ‬
‫ً‬ ‫حرم�ه اهلل من الرب�ا أخذا‬
‫قول�ه‪« :‬لع�ن اهلل آكل الرب�ا وموكله وش�اهده وكاتبه» وال خيفى‬
‫أن العم�ل يف البنك يتناول الرتيج لنش�اط البن�ك وتوثيق تعامله‬
‫الرب�وي‪ .‬وتوثيقها يكون بالكتابة ث�م إن مجيع املوظفني يف البنك‬
‫يقوم�ون بأعامهلم ا ُمل َيِّس�رِّ ِ ة ألعامل البنك‪ ،‬وه�ذا تعاون عىل اإلثم‬
‫والعدوان فعىل من يلتزم بتقوى اهلل وخمافته والعناية بطيب كسبه‬
‫أن يبتعد عن جماالت الريب والشك يف خبث املكاسب‪ .‬وأقل ما‬
‫يقال يف العمل يف البنوك الربوية‪ :‬إنه من األمور املشتبهة وقد قال‬
‫ﷺ‪« :‬فمن اتقى الش�بهات فقد استربأ لدينه وعرضه‪ ،‬ومن وقع‬
‫يف الشبهات وقع يف احلرام»‪ .‬واهلل املستعان‪.‬‬

‫(‪)248‬‬
‫س‪ :1٦١‬م�ا حكم التورق لتش�جيع العمالء عىل االس�تثامر‬
‫لدى املصارف اإلسالمية؟‬
‫الج�واب‪ :‬احلم�د هلل‪ ،‬ال يظهر يل ما يؤثر على جواز التورق‬
‫لتش�جيع العملاء على االس�تثامر يف الصنادي�ق االس�تثامرية‬
‫اإلسلامية؛ النتفاء املانع الرشعي من ذلك‪ ،‬حيث إن اهلدف من‬
‫التورق حتقيق املصلحة بحيث يتوفر لطالب التورق السيولة التي‬
‫يستطيع استثامرها دون أن يكون وراء ذلك إكراه أو اضطرار أو‬
‫استغالل لضعف أو حاجة‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫س‪ :1٦٢‬ه�ل الت�ورق بصفت�ه صيغ�ة متويل عام�ة يقوم إىل‬
‫جانب الصيغ األخرى؟‬
‫الج�واب‪ :‬احلم�د هلل‪ ،‬س�بق احلديث ع�ن ه�ذا العنرص وأن‬
‫الت�ورق صيغة من صي�غ التمويل واحلصول عىل الس�يولة ذات‬
‫االحتي�اج‪ ،‬وأنه جائز إال أن يس�تخدم يف قل�ب الدين عىل املدين‬
‫املعرس فهذا ال جيوز؛ لتعارضه مع األمر بإنظار املعرس إىل ميرسة‬
‫قال اهلل تعاىل‪﴿ :‬ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ﴾‪.‬‬
‫س‪ :163‬م�ا أث�ر التورق والتوس�ع يف األخذ ب�ه عىل الصيغ‬
‫األخرى من حيث االستخدام واالبتكار؟ وهل هو من صيغ املرابحة؟‬

‫(‪)249‬‬
‫الج�واب‪ :‬احلم�د هلل‪ ،‬الواق�ع أن الت�ورق يعتبر م�ن صي�غ‬
‫االستثامر وتلبية االحتياج من حيث قدرته عىل التمكن من توفري‬
‫الس�يولة‪ .‬وقد يكون التورق بطري�ق املرابحة‪ ،‬وقد يكون بطريق‬
‫املس�اومة إال أنه صيغة رشعية استطاع هبا أهل الصالح والتقوى‬
‫أن جيدوا فيه بديال عن القروض الربوية‪.‬‬
‫وقد كان لألخذ به أثر حمس�وس عىل تقلص القروض الربوية‬
‫ً‬
‫قروضا لرشكات ومؤسسات‪،‬‬ ‫سواء أكانت قروضا شخصية أم‬
‫حيث انحرست نس�بة نشاطها بمقارنتها بنسبة استخدام التورق‬
‫إىل ‪ %30‬بحي�ث اس�تحوذ الت�ورق على ‪ %70‬م�ن الق�روض‬
‫الش�خصية الربوية وبزيادة مستمرة‪ .‬أما صيغ االستثامر األخرى‬
‫من مرابحة أو مش�اركة أو عقود سلم أو استصناع‪ ،‬أو غري ذلك‬
‫من الصيغ الرشعية مما يتعلق بالنشاط االستثامري‪ ،‬فلم يكن لبيوع‬
‫الت�ورق أثر عىل هذه الصي�غ‪ ،‬حيث إهنا صيغ توفر ألصحاهبا ما‬
‫يريدونه من التورق نفس�ه وهو التموي�ل املايل لتغطية االحتياج‪.‬‬
‫آثارا عىل هذه الصيغ ال يف احلال وال‬
‫وهلذا ال يظهر يل أن للتورق ً‬
‫يف املس�تقبل‪ ،‬وإنام أثر النورق عىل الق�روض الربوية ىف تقليصها‬
‫أو القضاء عليها إن شاء اهلل‪ .‬واهلل املستعان‪.‬‬

‫(‪)250‬‬
‫س‪ :1٦٤‬م�ا أث�ر التوس�ع يف الت�ورق عىل فلس�فة املصارف‬
‫اإلسالمية ومستقبلها؟‬
‫الجواب‪ :‬احلمد هلل‪ ،‬احلمد هلل النقد عنرص التجارة وأس�اس‬
‫اعتباره�ا‪ .‬والت�ورق وس�يلة م�ن وس�ائل توفري النق�د وحتصيله‬
‫حتقيقا للنش�اط التج�اري للمصارف اإلسلامية‪ .‬وم�ن املعلوم‬
‫أن املص�ارف اإلسلامية كان�ت يف موق�ف عائ�ق لقدرهت�ا عىل‬
‫االنطالق بقوة ملزامحة نش�اط املص�ارف التقليدية‪ .‬فجاء التورق‬
‫عونًا للمصارف اإلسلامية عىل الق�درة عىل املزامحة‪ ،‬بل التفوق‬
‫عىل نش�اط املص�ارف التقليدية‪ .‬ذلك أن املجتمعات اإلسلامية‬
‫ذات إيامن باهلل يدعوها إىل التطلع إىل تعامل إسالمي يبعدها عن‬
‫آفات الربا وآثامه‪ ،‬والتورق صيغة استثامرية حلت حمل القروض‬
‫الربوية‪ ،‬وأعطت فوائد ومصالح لذوي احلاجات املختلفة‪ ،‬وقد‬
‫ش�كك ىف ج�وازه بعض أهل العل�م ولكن الصحي�ح أنه جائز؛‬
‫حي�ث إن األصل ىف العقود والرشوط اإلباح�ة إال ما دل الدليل‬
‫عىل منعه‪ .‬وقد قال بجوازه جمموعة من أهل العلم‪.‬‬
‫قال يف اإلنصاف‪« :‬وهو املذهب وعليه األصحاب»(((‪ .‬اهـ‪.‬‬
‫(‪ )1‬اجلزء الرابع‪ ،‬ص‪.237‬‬

‫(‪)251‬‬
‫وقال يف الروض املربع‪« :‬ومن احتاج إىل نقد فاشرتى ما يساوي‬
‫مائة بأكثر ليتوسع بثمنه فال بأس وتسمى مسألة التورق»(((‪ .‬اهـ‪.‬‬
‫وقال يف كش�اف القناع‪« :‬ولو احتاج إنس�ان إىل نقد فاشترى‬
‫م�ا يس�اوي مائ�ة بامئة ومخسين مثال فلا بأس بذلك ن�ص عليه‬
‫الو ِرق وهي‬
‫‪ -‬وهي أي هذه املس�ألة ‪ -‬تسمى مسألة التورق من َ‬
‫الفضة»(((‪.‬اهـ‪.‬‬
‫وص�در بج�وازه ق�رار جمم�ع الفق�ه اإلسلامي برابط�ة العامل‬
‫اإلسلامي يف دورته اخلامسة عرش املنعقدة ابتداء من يوم السبت‬
‫‪ 11‬رجب ‪1419‬هـ وجاء فيه ما نصه‪( :‬إن بيع التورق هذا جائز‬
‫رش ًع�ا‪ ،‬وبه ق�ال مجهور العلماء؛ ألن األصل يف البي�وع اإلباحة‬
‫لقوله تعاىل‪﴿ :‬ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ﴾ [البقرة‪ ،]275:‬ومل يظهر‬
‫قصدا وال ص�ورةً‪ ،‬وألن احلاج�ة داعية إىل‬
‫يف ه�ذا البيع رب�ا‪ ،‬ال ً‬
‫ذلك لقضاء دين أو زواج أو غريه)‪ .‬اهـ‪.‬‬
‫وج�اء في�ه‪( :‬ج�واز ه�ذا البيع مشروط بأنه ال يبيع املشتري‬
‫الس�لعة بثمن أقل مما اشتراها به عىل بائعها األول ال مبارشة وال‬
‫(‪ ) 1‬اجلزء الرابع‪ ،‬ص‪388‬مع حاشية ابن قاسم عىل الروض املربع‪.‬‬
‫(‪ )2‬اجلزء الثالث‪ ،‬ص‪.186‬‬

‫(‪)252‬‬
‫بواس�طة‪ ،‬فإن فعل فقد وقع يف بيع العينة ا ُملحرم رش ًعا الش�تامله‬
‫حمرما)‪ .‬ا هـ‪ ،‬وصدرت فتوى اللجنة‬ ‫عقدا ً‬‫عىل حيلة الربا فصار ً‬
‫الدائمة للبحوث العلمية واإلفتاء يف اململكة العربية الس�عودية ـ‬
‫وبعد أن ذكر يف الفتوى صورة املس�ألة ـ جاء فيها ما نصه‪ :‬وهذا‬
‫العمل ال بأس به عند مجهور العلامء اهـ‪.‬‬
‫وجاء يف املوس�وعة الفقهية الكويتية م�ا نصه‪« :‬مجهور العلامء‬
‫س�واء َم ْن سماه تور ًقا وهم احلنابلة‪ ،‬أو مل يس�مه هبذا‬
‫ً‬ ‫عىل إباحته‬
‫االس�م وهم من عدا احلنابل�ة لعموم قوله تعاىل‪﴿ :‬ﭧ ﭨ ﭩ‬
‫ﭪ ﭫﭬ ﴾ ولقول�ه ﷺ لعامله عىل خيرب‪« :‬بع اجلمع بالدراهم‬
‫ثم ابتع بالدراهم جني ًبا»‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫س‪ :1٦٥‬م�ا معنى قول بعض الفقهاء بأن دين الس�لم دين‬
‫غري مس�تقر ومع ذلك يقول بوجوب الزكاة عىل املشرتي رشاء‬
‫س�لم ويف رشوط الزكاة أن يكون املال الزكوي مملوكا للمزكي‬
‫مستقرا؟‬
‫ً‬ ‫ملكًا‬
‫الجواب‪ :‬احلمد هلل‪ ،‬هذه املسألة – ديون السلم‪ -‬مما اختلف‬
‫يف زكاهت�ا الفقهاء فجمهورهم عىل أن الزكاة فيها كالزكاة عىل‬

‫(‪)253‬‬
‫الديون فإن كانت عىل ميلء باذل وجبت فيها الزكاة كل حول‬
‫إذا كان�ت مع�دة للتجارة ف�إن كانت عىل معسر أو مماطل فال‬
‫زكاة عليه�ا حتى يقبضها ويس�تقبل هبا حولاً ‪ .‬وهناك من أهل‬
‫العل�م م�ن قال يزكيه�ا إذا قبضها لعام واحد‪ ،‬ول�و بقيت عند‬
‫املدين س�نوات كثيرة‪ .‬والذي�ن يقولون بأهنا مال غري مس�تقر‬
‫وم�ع ذلك يقول�ون بزكاهتا مع تقريرهم رشط اس�تقرار امللك‬
‫لوج�وب ال�زكاة‪ .‬فه�م يقول�ون بأنه يزك�ي رأس مال�ه الذي‬
‫دفعه إىل البائع س�لماً ؛ ألن أمر املس�لم إليه ‪-‬املشتري‪-‬ال خيلو‬
‫من إحدى حالني إما أن يفي بس�داد ما عليه مما أس�لم فيه وإما‬
‫أن يتعذر ذلك فريجع رأسمال السلم إىل املسلم وينفسخ عقد‬
‫مستقر فتجب‬
‫ٌ‬ ‫رأس ماله مال‬
‫السلم‪ .‬فقالوا بأن املشتري سلماً ُ‬
‫فيه الزكاة‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫س‪ :16٦‬ظه�ر يف األس�واق التجاري�ة م�ا يس�مى ببي�وع‬
‫األوبش�ن ومنه بيوع العربون املتداول‪ ،‬وذلك بأن يشرتي أحد‬
‫الناس أسهماً برشكات بمبلغ مليون ريال‪ ،‬عىل أن يدفع عربونًا‬
‫قدره مخس�ون ألف ريال‪ ،‬ويكون له خي�ار إمضاء البيع أو رده‬

‫(‪)254‬‬
‫خالل ش�هر مثلاً ‪ ،‬فإن رد البيع ضاع عليه العربون وأصبح من‬
‫حق البائع‪ ،‬ثم يكون من هذا املشرتي أثناء مدة اخليار بيع هذه‬
‫األسهم بامله فيها من حق اخليار من اإلمضاء أو الرد وبعربون‬
‫أكثر من العربون الذي دفعه‪ ،‬ثم يكون من املشتري الثاين مثل‬
‫ما كان من األول‪ ،‬وهكذا جيري تداول رشاء هذه األس�هم بني‬
‫جمموعة من املشترين‪ ،‬ويكون ل�كل واحد منهم حق اإلمضاء‬
‫أو ال�رد باعتبار أن هذا احلق املقاب�ل للعربون اختصاص جيوز‬
‫بيعه أو االس�تعاضة عنه مدة اخليار ويس�أل الس�ائل عن حكم‬
‫هذه البيوع‪.‬‬
‫الجواب‪ :‬احلم�د هلل‪ ،‬بيع العربون من مف�ردات اإلمام أمحد‬
‫رمح�ه اهلل‪ ،‬فقد أجازه‪ ،‬وأخذت بإجازت�ه القوانني الدولية‪ .‬وهو‬
‫مس�لك من مس�الك تيسير أمر البي�وع وله يف ذلك مس�تند من‬
‫أيضا‪ ،‬إال أنه يشترط أن‬
‫النقل عن الس�لف الصالح ومن العقل ً‬
‫يك�ون خلياره م�دة ينتهي اخلي�ار فيه بانتهاء أجله�ا‪ ،‬أو باختيار‬
‫أح�د األمرين خالهلا ‪ -‬إمضاء البيع أو الرد ‪ -‬س�واء أكان ذلك‬
‫بإفص�اح م�ن املشتري دافع العرب�ون‪ ،‬أم كان ذل�ك بترصفه يف‬

‫(‪)255‬‬
‫املبيع ترص ًفا يشعر بإمضائه البيع كبيع السلعة أو هبتها أو وقفها‬
‫أو تأجريها‪ ،‬أو نحو ذلك مما يعترب رضا بالبيع وإمضائه وترصفا‬
‫يف املبيع ترصف املالك يف ملكه‪.‬‬
‫وعليه فترصف املشتري ببيعه السلعة خالل مدة اخليار يسقط‬
‫حقه ىف اخليار ويثبت البيع وعليه أن يدفع للبائع بقية ثمن السلعة‪.‬‬
‫اختصاصا منشؤه العربون‪ ،‬حيث‬
‫ً‬ ‫وقد يرد عىل هذا بأن للمشرتي‬
‫حي�ق له بموجبه التن�ازل عن هذا العربون لغيره‪ ،‬واجلواب عىل‬
‫ه�ذا اإلي�راد من أمري�ن‪ :‬أحدمها أن للبائع ح�ق االعرتاض عىل‬
‫املشتري بذلك الترصف‪ ،‬حيث إن حق املشتري بالعربون عىل‬
‫البائع حق أكده اتفاق الطرفني البائع واملشرتي‪ ،‬فال جيوز دخول‬
‫طرف ثالث بينهام إال بالرتايض‪ .‬فليس حق املشرتي ح ًّقا مستقلاًّ‬
‫حتى يقال بجواز ترصفه فيه مطل ًقا‪.‬‬
‫األمر الثاين‪ :‬أن ترصف املشتري دافع العربون ببيعه الس�لعة‬
‫وإهناء حلق اخليار وهذا حكم‬
‫ً‬ ‫إمض�اء للبيع‬
‫ً‬ ‫التي اشتراها يعترب‬
‫العرب�ون‪ ،‬فليس له حق يف العربون وم�ن املعلوم أنه ال جيوز له‬
‫بي�ع ما ال يملك�ه‪ ،‬حيث إن ترصف�ه بالبيع قطع حلق�ه يف اخليار‬

‫(‪)256‬‬
‫والعرب�ون وإمض�اء للبي�ع‪ ،‬وإهناء حلك�م العرب�ون‪ ،‬حيث إن‬
‫العرب�ون يف البيع األول قد انتهى حكمه بترصف املشتري فيام‬
‫جزءا‬
‫اشتراه بام يعترب إهناء للخيار وثبوتا للبيع ويعترب العربون ً‬
‫من ثمن املبيع وعىل املشتري األول دفع بقية ثمن املبيع ويثبت‬
‫البيع الثاين بني املشرتي الثاين والبائع الثاين ‪ -‬وهو بيع عربون‪-‬‬
‫بينهما وأما البائع األول فق�د انتهى أمره وانقط�ع بيعه وأصبح‬
‫حقه بقية ثمن ما باعه‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫س‪ :167‬انترش بني جمموعة من الناس ما يس�مى بالسحب‬
‫عىل الش�هادات‪ ،‬وذلك بأن تقوم مؤسسة مالية بدعوة جمموعة‬
‫من الراغبني يف الدخول بسحب عىل جوائز ذات قيمة كسيارة‬
‫أو منزل أو نحوه‪ ،‬حيث يقوم الراغب يف السحب بإيداع مبلغ‬
‫ألف ريال مثال ُي َعا ُد َله بعد انتهاء أجل السحب ويعطى شهادة‬
‫عىل إيداعه وتكون مس�تنده يف االس�تعادة‪ ،‬وحي�ق له بموجب‬
‫ه�ذه الش�هادة أن حيص�ل على كوب�ون (ك�رت) يدخ�ل به يف‬
‫الس�حب وقد يفوز باجلائزة وقد ال يف�وز‪ .‬فام حكم هذا النوع‬
‫من املسحوبات؟‬

‫(‪)257‬‬
‫الج�واب‪ :‬احلم�د هلل‪ ،‬ال خيفى أن مب�دأ اليانصي�ب يعتمد‬
‫على ب�ذل القليل أملا يف حتصي�ل الكثير‪ .‬والغال�ب األغلب‬
‫ضي�اع ه�ذا املبذول على باذله‪ ،‬والن�ادر األن�در أن حيصل عىل‬
‫اجلائ�زة يف مقابل�ة القليل ال�ذي بذله‪ .‬ه�ذا النوع من املامرس�ة‬
‫معلوم�ة حرمته لدى اجلميع وأنه ن�وع من القامر فقد بذل قليلاً‬
‫جدا وقد خيرس ما بذله وال يربح ش�ي ًئا وهو‬
‫كثريا ًّ‬
‫جدا وكس�ب ً‬ ‫ًّ‬
‫الغال�ب األغلب‪ .‬وبمزي�د من التأمل والنظ�ر ال يظهر لنا فرق‬
‫يف احلالين؛ فاحلال األوىل معلومة ومعلوم وجه القول بحرمتها‬
‫والتعام�ل هبا‪ .‬واحلال الثانية تعتمد عىل رشط اإليداع إىل وقت‬
‫السحب‪ .‬وال شك أن املؤسس�ة املو َدعة ستستثمر هذه الوديعة‬
‫مدة م�ا بني إيداعه�ا وأجل إعادهتا‪ .‬وس�يكون ريع اس�تثامرها‬
‫للمؤسس�ة الس�احبة املودعة هذا املبلغ املودع فلو أودعه وديعة‬
‫استثامرية لصاحله كام هو احلال يف الودائع االستثامرية عىل سبيل‬
‫املضارب�ة حلصل ىف الغال�ب عىل ربح وديعته‪ ،‬فه�و بدخوله يف‬
‫هذا الس�حب (السحب عىل الشهادة) قد استحق كوبونا قيمته‬
‫ما س�يعود عىل املؤسس�ة من ريع لقاء اس�تثامرها هذه الوديعة‪،‬‬
‫فص�ارت هذه احل�ال كاحل�ال األوىل م�ن حي�ث اعتبارمها من‬

‫(‪)258‬‬
‫ح�االت اليانصيب (القامر)‪ ،‬وعليه فالدخول يف هذا الس�حب‬
‫هبذه الطريقة ال جيوز؛ ألنه تعاون عىل اإلثم والعدوان ومن أكل‬
‫أموال الناس بالباطل‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫س‪ :168‬لدين�ا أطب�اء يعمل�ون بنس�بة معلومة بينن�ا وبينهم‬
‫ونقتس�م املبال�غ النقدية طب ًق�ا لالتفاق املبرم معهم أما بالنس�بة‬
‫للمبال�غ اآلجلة فإهنم يرغبون يف احلص�ول عىل نصيبهم يف هناية‬
‫كل ش�هر‪ ،‬على الرغم مما حيمله ذلك من خماط�ر يف عدم حتصيل‬
‫كامل مس�تحقاتنا‪ ،‬لذا كان هناك اقرتاح باقتطاع نس�بة معينة من‬
‫نصيب األطباء لقاء تس�ديدهم يف هناية كل ش�هر‪ ،‬ونحن بذلك‬
‫نتحم�ل كافة خماطر عدم التس�ديد أو التأخري يف التس�ديد أرجو‬
‫التك�رم بإفادتنا ح�ول هذا االقرتاح هل هو حلال أم حرام علماً‬
‫بأنه اختياري ملن أراد؟‬
‫الج�واب‪ :‬احلم�د هلل‪ ،‬ال خيف�ى أن اس�تحقاق الطبي�ب‬
‫حس�ب النس�بة املتفق عليه معه فهو حقه‪ .‬فإذا قامت املؤسس�ة‬
‫خمصوما منه نس�بة معينة من‬
‫ً‬ ‫الطبي�ة بس�داد اس�تحقاقه معجًل�اً‬
‫االس�تحقاق‪ ،‬وتتحمل املؤسس�ة بعد ذلك مس�ؤولية التأخر يف‬

‫(‪)259‬‬
‫الس�داد أو التعث�ر يف ذلك‪ ،‬هذا الترصف ه�و من نظائر حتصيل‬
‫الكمبياالت من طرف ثالث لقاء تعجيل الس�داد وخصم جزء‬
‫منه‪ ،‬وهذا غري جائز؛ ألنه يدخل يف مكاس�ب غري مباحة‪ .‬وقد‬
‫ص�درت جمموع�ة من الفت�اوى الرشعية م�ن املجام�ع الفقهية‬
‫وهيئات الرقابة الرشعية للمؤسس�ات املالية بمنع ذلك واعتبار‬
‫األخذ به من الفوائد الربوية‪ ،‬وال يربر ذلك ما جاء يف االستفتاء‬
‫ب�أن املؤسس�ة الطبي�ة تتحم�ل كل املخاط�ر املتعلق�ة بالس�داد‬
‫ومتابعته واحتامل تعثر س�داده؛ فالطبيب جيب أن يكون بالنسبة‬
‫الس�تحقاقه كاملؤسس�ة الطبية ينتظر كام تنتظر‪ ،‬ويتحمل بقدر‬
‫استحقاقه ما تتحمله املؤسسة الطبية من خماطر السداد وتعثره‪،‬‬
‫واحتامل اس�تبعاد ما تس�تبعده رشكة التأمني مما تراه غري خاضع‬
‫للتغطية الطبية‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫س‪ :16٩‬يق�وم مكت�ب عق�اري ببيع عق�ار معين‪ ،‬وعندما‬
‫يتم البيع بني البائع واملشتري يقول املشتري أو البائع لصاحب‬
‫املكت�ب العق�اري أنني ل�ن أعطي�ك إال مبلغ كذا وه�و أقل من‬
‫الس�عي املتع�ارف علي�ه بني الن�اس وه�و ‪ %2.5‬ويضغط عليه‬
‫للقب�ول وموق�ف صاحب املكت�ب يف هذه احلال�ة ضعيف؛ ألن‬

‫(‪)260‬‬
‫البيع تم فعلاً وال يس�تطيع أن يرفض خو ًفا من أن ال حيصل عىل‬
‫ٍ‬
‫راض فام‬ ‫مضط�را وهو يف احلقيق�ة غري‬
‫ًّ‬ ‫يشء‪ ،‬فيقب�ل بمث�ل ذلك‬
‫حك�م مثل هذا الفعل؟ وهل يبقى الفرق عىل ذمة من خصم من‬
‫حق صاحب املكتب؟‬
‫الج�واب‪ :‬احلمد هلل‪ ،‬لصاحب املكت�ب العقاري أن يطالب‬
‫البائع أو املشتري حس�ب العرف الس�ائد بكامل حقه يف السعي‬
‫ويف حال امتناع من عليه احلق عن أداء كامل السعي‪ ،‬فله احلق ىف‬
‫التقدم بدعواه لدى القضاء باملطالبة بام بقي له من س�عي حسب‬
‫املتبع يف السوق العقارية‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫س‪ :1٧٠‬يق�وم مكتب عقاري بوض�ع لوحة أو اإلعالن عن‬
‫ع�رض عقار للبيع فيعرف صاحب مكت�ب عقاري آخر أن هذا‬
‫العق�ار مع�روض للبيع من إعالن املكت�ب األول‪ ،‬فيقوم املكتب‬
‫الثاين بعرضه بنفس�ه‪ ،‬ويذهب إىل مالك العقار ليعرض خدماته‬
‫لبي�ع العقار متجاوزًا صاحب املكت�ب األول‪ ،‬فام حكم مثل هذا‬
‫العمل؟ وهل الس�عي املتحصل علي�ه صاحب املكتب الثاين فيام‬
‫لو باع هذا العقار حالل أم حرام؟‬

‫(‪)261‬‬
‫الج�واب‪ :‬احلم�د هلل‪ ،‬ال ش�ك أن ح�ق الس�مرسة والداللة‬
‫لصاح�ب املكت�ب األول املوك�ول إلي�ه الس�عي يف بي�ع العق�ار‬
‫املذكور‪ ،‬واملكتب العقاري اآلخر يعترب متطفلاً يف تعرضه لعقار‬
‫مل ي�وكل إليه أم�ر بيعه فإذا باعه صاحب املكت�ب العقاري الثاين‬
‫فلصاح�ب املكتب األول أن يتصالح معه إن أمكن يف االشتراك‬
‫يف الس�عي ف�إن مل يت�م ذلك‪ ،‬فله ح�ق إقامة دعواه على البائع أو‬
‫املشرتي حسب العرف املتبع‪ ،‬وأما املكتب العقاري اآلخر فليس‬
‫له حق إقامة الدعوى عليه النتفاء العالقة معه‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫س‪ :1٧١‬إذا ع�رض أحد عقاره ل�دى مكتب عقاري لبيعه‪،‬‬
‫سعرا لذلك العقار ولنفرض مثال مائة ألف ريال فيحدث‬ ‫وحدد ً‬
‫أن يس�ام ه�ذا العقار لدى صاح�ب املكتب بمبلغ تس�عني ألف‬
‫ريال‪ ،‬فريفض صاح�ب العقار البيع‪ ،‬وبعد ذلك يفاجأ صاحب‬
‫املكتب العقاري أن مالك العقار قد باع عقاره بمبلغ ثامنني ألف‬
‫ريال أو بتسعني ألف ريال مبارشة‪ ،‬فهل يلزم مالك العقار سعي‬
‫لصاحب املكتب؟‬
‫أخريا‬
‫الج�واب‪ :‬احلم�د هلل‪ ،‬إذا ب�اع مال�ك العق�ار عق�اره ً‬
‫مب�ارشة دون واس�طة بعد مدة يتغري فيها س�عر العق�ار فال يظهر‬

‫(‪)262‬‬
‫يل أن للمكت�ب العق�اري ح ًّقا يف ذلك‪ ،‬وإن باعه يف وقت عرضه‬
‫عن طريق املكتب بتسعني ألف ريال فأرى أن ملكتب العقار حق‬
‫املطالبة بسعيه؛ ألنه بذل جمهو ًدا يف عرضه للبيع فله حق السمرسة‬
‫عليه‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫س‪ :1٧٢‬بع�ض الن�اس إذا أراد بي�ع عق�ار لدي�ه فإن�ه يذهب‬
‫إىل أح�د املكاتب العقارية من أجل عرض�ه للبيع وبعض املكاتب‬
‫تشترط عىل البائع أال يعرض عقاره لدى مكتب آخر‪ ،‬وأنه ال يتم‬
‫البي�ع إال من قبل املكتب العقاري أو قد يشترط البائع عىل نفس�ه‬
‫أم�ام صاح�ب املكتب العق�اري بذلك‪ ،‬ولك�ن حي�دث أحيانًا أن‬
‫ينقض البائع الرشط أو التعهد الذي تعهده عىل نفسه ويبيع عقاره‬
‫عن طريق مكتب آخر أو يبيعه مبارشة بنفسه دون إذن من صاحب‬
‫املكت�ب األول‪ ،‬فه�ل مثل هذا الترصف من قبل البائع جائز أم ال؟‬
‫وهل لصاحب املكتب العقاري حق مطالبة البائع بالسعي؟‬
‫الجواب‪ :‬احلمد هلل‪ ،‬إذا ب�ذل املكتب العقاري األول جمهو ًدا‬
‫يف ع�رض العق�ار للبي�ع‪ ،‬ثم تم بيع�ه عن طريق مكت�ب عقاري‬
‫آخ�ر‪ ،‬حيث نق�ض صاح�ب العقار رشط�ه وتعهده‪ .‬ف�أرى أن‬
‫لصاح�ب املكتب العقاري األول حق مطالبة البائع أو املشتري‬

‫(‪)263‬‬
‫حسب العرف املتبع‪ ،‬وذلك بسعيه‪ .‬وأما مطالبة صاحب املكتب‬
‫العق�اري الث�اين بام أخذه من س�عي فال يظه�ر يل وجاهة املطالبة‬
‫النتفاء العالقة بينهام‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫س‪ :1٧٣‬يس�أل أحدهم عن بيع خي�ار العربون وصورته أن‬
‫يشتري خالد من زيد من الناس مائة سهم من رشكة‪-‬أ‪ -‬بسعر‬
‫الس�هم ثالثين رياال‪ ،‬ويدفع للبائع عن كل س�هم ثالثة رياالت‬
‫عربونًا ويشرتط خالد عىل زيد البائع أن له اخليار يف إمضاء البيع‬
‫أو رده م�دة ش�هر مثال‪ ،‬فإن مضت امل�دة أو قرر تنازله عن رشط‬
‫اخلي�ار أو ترصف يف األس�هم أثناء مدة اخلي�ار بام تنقل به امللكية‬
‫انقىض خياره‪ ،‬وتعني عليه سداد بقية الثمن وتسلم األسهم‪ ،‬وإن‬
‫اختار رد املبيع وفس�خ البيع فله ذلك‪ ،‬ويك�ون املبلغ الذي دفعه‬
‫عربونًا من حق البائع فيضيع عىل املشرتي‪ .‬فهل هذا صحيح؟‬
‫الجواب‪ :‬احلمد هلل‪ ،‬هذا ما يسمى بيع العربون وهو جائز لدى‬
‫احلنابل�ة‪ ،‬وصدر بجوازه والتعامل التجاري بموجبه قرار املجمع‬
‫الفقهى بجده وجمموعة من قرارات ندوات علمية وهيئات رشعية‬
‫للبنوك‪ .‬وأما إذا رغب املشتري خالد بيع حق�ه يف العربون فباعه‬
‫على ط�رف ثالث‪ ،‬فهذا ترصف منه ُيبطل ح َّقه جتاه زيد‪ ،‬ويس�تقر‬

‫(‪)264‬‬
‫يصح أن يرجع‬‫البيع ويتعني عليه أن يس�دد لزيد بقي�ة الثمن‪ .‬وال ِ‬
‫الط�رف الثالث عىل زيد‪ ،‬حيث إن العالقة الثنائية بني خالد وزيد‬
‫قد انتهت بترصف خالد يف األسهم التي اشرتاها من زيد‪ .‬وأسقط‬
‫هذا الترصف حق خالد يف رجوعه إىل زيد بتقرير فسخ البيع‪.‬‬
‫وأما الطرف الثالث فعالقته مع خالد‪ .‬فإن كانت هذه العالقة‬
‫مربوط�ة بالطرف األول البائع عىل خالد وهو زيد بحيث يرجع‬
‫الطرف الثالث عىل الطرف األول زيد‪ ،‬فبيع اخليار هبذه الطريقة‬
‫باط�ل؛ ألن املبيع انتق�ل إىل ملكية خالد انتق�الاً كاملاً وليس له‬
‫ح�ق الرج�وع عىل زيد‪ .‬وعليه أن يتس�لم أس�همه م�ن زيد وأن‬
‫يس�لم له بقية الثمن ثم خلالد بعد ذلك أن يبيع هذه األسهم عىل‬
‫من يشاء بيع عربون إن رغب‪.‬‬
‫ووج�ه القول بأن حق العربون خيار ال جيوز بيعه هو أن خيار‬
‫الرشط يف العربون مرشوط بقاؤه وحق استخدامه بثالثة رشوط‪:‬‬
‫أحده�ا‪ :‬أن يكون اس�تخدام هذا احلق خالل م�دة اخليار فلو‬
‫مض�ت املدة دون إبلاغ البائع بال�رد فال يقبل من املشتري بعد‬
‫جزءا من الثمن وعليه أن يسدد‬
‫ذلك قراره الرد‪ .‬ويعترب العربون ً‬
‫للبائع بقية الثمن‪ .‬وأن يتسلم املبيع إن مل يكن قد تسلمه‪.‬‬

‫(‪)265‬‬
‫الثاين‪ :‬أن يكون للخيار أجل حمدد حيث ال يصح العربون إال‬
‫بتحديد مدة معينة للخيار‪.‬‬
‫الثالث‪ :‬أال يترصف صاحب خيار العربون املشترى يف املبيع‬
‫ببي ًعا أو ره ًنا أو إجار ًة أو وق ًفا أو هب ًة أو غري ذلك من الترصفات‬
‫املختص�ة باملال�ك يف ملكه أثناء م�دة اخليار‪ ،‬فإن تصرف فيه بام‬
‫خيار اإلمس�اك فإن هذا الترصف ينهي اخليار‬
‫يظهر من الترصف ُ‬
‫وعىل املشرتى تسليم البائع بقيمة الثمن‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫س‪ :1٧٤‬هل صحيح أن تكلفة التمويل اإلسلامي أعىل من‬
‫تكلف�ة التمويل التقليدي بواس�طة البنوك؟ وهل خماطر التمويل‬
‫اإلسلامي أعىل م�ن خماطر التموي�ل التقليدي؟ وه�ل التمويل‬
‫املمول من التمويل اإلسالمي؟‬
‫الربوي أرحم عىل َّ‬
‫الج�واب‪ :‬احلم�د هلل‪ ،‬لعل هذا الس�ؤال ُي َذكِّر بما قاله كفار‬
‫قريش حينام قالوا‪ :‬إنام البيع مثل الربا‪ .‬فرد اهلل عليهم بقوله تعاىل‪:‬‬
‫ﭽﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫﭬ ﭼ‪ .‬فالتموي�ل اإلسلامي بغ�ض‬
‫النظ�ر ع�ن اإلج�راءات املتعلق�ة بتحصيل�ه هو متويل إسلامي‬
‫ٍ‬
‫معروفة فهو بيع س�لع بأثامن‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫وأثامن هلا‬ ‫يش�تمل عىل أعيان مباعة‬
‫أم�ا التمويل عن طري�ق القروض البنكية‪ ،‬فهو بي�ع نقود بنقود‪،‬‬
‫(‪)266‬‬
‫وال خيفى أن بيع األثامن باألثامن يعترب مصارفة ال تصح إال بتوفر‬
‫رشوط صحتها‪.‬‬
‫واملصارف�ة يشترط هل�ا يف حال احت�اد العوضني جنس�ا املامثل ُة‬
‫والتقابض يف جملس العقد لقوله ﷺ‪( :‬الذهب بالذهب‪ ،‬والفضة‬ ‫ُ‬
‫بالفض�ة‪ ،‬والتمر بالتمر‪ ،‬والرب بالرب‪ ،‬والش�عري بالش�عري‪ ،‬وامللح‬
‫باملل�ح‪ ،‬مثًل�اً بمثل‪ً ،‬يدا بيد‪ ،‬س�واء بس�واء‪ ،‬فمن زاد أو اس�تزاد‬
‫فق�د أرب�ى‪ ،‬اآلخذ واملعطي فيه س�واء‪ ،‬ف�إذا اختلفت األجناس‬
‫ي�دا بيد) أم�ا إذا اختلفت األجناس‬
‫فبيع�وا كيف ش�ئتم إذا كان ً‬
‫بحيث تكون املصارفة خمتلف�ة العوضني كذهب بفضة‪ ،‬أو ريال‬
‫س�عودي بدوالر أمريكي فيشترط لصحة املصارفة التقابض يف‬
‫جمل�س العقد لقول�ه ﷺ‪( :‬فإذا اختلفت األجن�اس فبيعوا كيف‬
‫شئتم إذا كان ًيدا بيد)‪.‬‬
‫فال جيوز للمسلم أن يفاضل بني التمويل اإلسالمي والتمويل‬
‫الرب�وي فالتمويل اإلسلامي بي�ع حالل والتموي�ل الربوي بيع‬
‫ح�رام ﭽﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫﭬﭼ‪ ،‬ﭽﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ‬
‫ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞﭼ ومن يفاضل بينهام فهو‬
‫يفاضل بني احلالل واحلرام‪ .‬وقد ذكر اهلل تعاىل عن الربا بأنه حمل‬

‫(‪)267‬‬
‫حم�ق ق�ال تع�اىل‪ :‬ﭽ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈﮉ ﭼ‪ .‬ثم إن أمر‬
‫التموي�ل الربوي له مآل عسير يف حال اإلعس�ار عن دفع احلق‪،‬‬
‫حيث إن الفائدة الربوية سائرة مسارها مطل ًقا حتى يف حال تع ُّثر‬
‫الس�داد مهام كان الس�بب يف التعثر‪ ،‬بخالف التمويل اإلسالمي‬
‫فإذا تعثر السداد بسبب العجز عنه فأمر ذلك قوله تعاىل‪ :‬ﭽ ﯧ‬
‫ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭﯮ ﭼ‪.‬‬
‫ثم إن التمويالت اإلسلامية ُتعنَى بتنشيط احلركة التجارية يف‬
‫سوق السلع والبضائع‪ ،‬وحتريك عاميل العرض والطلب‪ ،‬وإثراء‬
‫املصانع واملزارع بعوامل احلركة والنش�اط بحكم حاجة السوق‬
‫إىل اإلنت�اج‪ ،‬وإجي�اد فرص الكس�ب احللال والعم�ل املختلف‬
‫لفئ�ات املجتمع‪ ،‬ويف هذا قضاء عىل البطال�ة أو تقليل هلا‪ .‬وهذه‬
‫املقاصد الرشعية تتحقق من املعامالت اإلسالمية من بيع ورشاء‬
‫ورشاك�ة ومضارب�ة وس�لم واس�تصناع وتأجري وغير ذلك من‬
‫قن�وات االس�تثامر اإلسلامي‪ .‬وال يتحقق مثله�ا يف التمويالت‬
‫الربوي�ة ب�ل إن التمويلات الربوية تش�تمل عىل حج�ب النقود‬
‫ع�ن األس�واق وجعلها حمًّل�اًّ للبيع والشراء مما يعتبر من أقوى‬

‫(‪)268‬‬
‫األس�باب لتفيش البطالة وازدياد التضخم االقتصادي وانكامش‬
‫نشاط املصانع واملزارع واألسواق التجارية‪.‬‬
‫وهب�ذا نس�تطيع القول ب�أن الس�ؤال‪ :‬هل التمويل اإلسلامي‬
‫تكاليفه أعىل من التمويالت التقليدية؟ س�ؤال من مس�لم يف غري‬
‫حمله‪ ،‬ثم إن اإلجراءات املتخذة لتحقيق التمويل اإلسلامي هي‬
‫إجراءات تعطى حقيقة التعامل اإلسالمي من حيث حتقق ملكية‬
‫البائع ملا باعه‪ ،‬ومن حيث حتقق قبضه ودخوله يف َد َركه وضامنه‪،‬‬
‫ث�م القدرة عىل الترصف فيه ببيع أو تأجري أو رشاكة أو غري ذلك‬
‫من أحوال الترصف املعترب‪.‬‬
‫وأما القول بأن التمويل الربوي أرحم للمستثمر أو املستهلك‬
‫م�ن التمويل اإلسلامي‪ ،‬فهو قول غري صحي�ح‪ ،‬ال من اجلانب‬
‫التعبدي واإليامين وال من اجلانب املادي يتضح ذلك فيام يأيت‪:‬‬
‫أولاً ‪ :‬إن اهلل سبحانه وتعاىل هو مالك امللك وما بأيدينا ملك اهلل‬
‫ونحن مستخلفون عليه من ِق َبل ربنا‪ .‬فيجب أن ننفذ يف مال اهلل ما‬
‫أمرنا اهلل به من القصد يف اإلنفاق‪ ،‬وسالمة الكسب‪ ،‬وإدراك حق‬
‫اهلل يف املال من زكاة وصدقة وصلة وإسهام يف مصالح املسلمني‪.‬‬

‫(‪)269‬‬
‫بخلاف فاقد اإليامن ب�اهلل والظاملِ لنفس�ه واخلائ�ن ألمانته‪ ،‬فهو‬
‫يف حال م�ن القلق واالضطراب وازدواجية الش�عور قال تعاىل‪:‬‬
‫ﭽﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ‬
‫ﭛ ﭜ ﭝﭼ‪ .‬فهو عبد للامل يسعد بزيادته ويشقى بنقصه‬
‫وقد تصل ش�قاوته بنقصه إىل االنتح�ار كام حصل ملجموعة من‬
‫رج�ال األعامل يف يوم االثنني األس�ود‪ ،‬حينما حصل االنكامش‬
‫االقتصادي وكساد األسواق‪.‬‬
‫َ‬
‫مسالك الرضب يف األسواق‬ ‫ثان ًيا‪ :‬أمرنا اهلل تعاىل وهنانا‪ ،‬وبينَّ لنا‬
‫فأح�ل اهلل البي�ع وحرم الرب�ا‪ .‬ووجهنا تعاىل إىل السماحة يف البيع‬
‫والرشاء واالقتضاء‪ ،‬والبعد عن الغش والتدليس والغرر واجلهالة‬
‫وامليسر والقامر‪ ،‬وبارك لنا يف املكاس�ب املباح�ة‪ ،‬ومحاها بإخراج‬
‫ح�ق اهلل تعاىل فيها من اآلفات والنقص واخلس�ارة‪ .‬ومحى ُم ْ‬
‫الكها‬
‫م�ن املحق واآلف�ات يف أنفس�هم وأمواهل�م وأهليه�م وذرارهيم‪،‬‬
‫وأعطاه�م نتيج�ة انقياده�م ألوام�ر اهلل يف الكس�ب واإلنف�اق‬
‫الس�عادة النفسية والطمأنينة األمنية والش�عور بالقناعة فيام أعطى‬
‫اهلل وأخ�ذ‪ ،‬بخلاف املتخبطني فيام حتت أيدهيم من مال اهلل ومجعه‬
‫م�ن أي طريق‪ ،‬يظن أنه م�ن طرق حتصيله‪ ،‬فأحواهلم الش�خصية‬

‫(‪)270‬‬
‫والصحية واالجتامعية واألرسية يف ش�قاء وبالء‪ .‬ومن ثامر أكلهم‬
‫الربا اتصافهم بالشح والبخل‪ ،‬وقساوة القلوب‪ ،‬واستمراء الظلم‬
‫واقتضاء‪ ،‬فضلاً عام هم‬
‫ً‬ ‫ورشاء‬
‫ً‬ ‫والع�دوان واللؤم يف التعامل بي ًع�ا‬
‫في�ه م�ن حمارب�ة هلل ورس�وله‪ .‬فأي املس�لكني أرحم وأهيما ألطف‬
‫وأعط�ف؟! ثم إن املديوني�ة بطريق الربا قد يك�ون باب الدخول‬
‫فيه�ا مغر ًي�ا‪ ،‬ولك�ن العاقب�ة يف ح�ال العج�ز ع�ن الس�داد عاقبة‬
‫وخيم�ة‪ ،‬من حيث تراكم الرب�ا ومضاعفته ورصف النظر عن أي‬
‫اعتب�ار موجب لتعثر الس�داد‪ ،‬أما املديونية بطري�ق التعامل املباح‬
‫فهي مديونية ثابتة ال تزيد مطل ًقا إال يف حال املطل مع الغني‪ ،‬وأما‬
‫يف ح�ال العجز عن الس�داد فنظرة إىل ميرسة‪ .‬ف�أي الفريقني أحق‬
‫باألمن وأوىل وأجدر‪ ،‬ال يس�تويان ﭽ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰﯱ ﯲ ﯳ‬
‫ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸﭼ‪ .‬واحلمد هلل رب العاملني‪.‬‬
‫س‪ :17٥‬هل البنوك اإلسالمية قارصة عن الوفاء بمتطلبات‬
‫التجارية والصناعية والزراعية؟‬
‫الج�واب‪ :‬احلم�د هلل‪ ،‬كانت فكرة إجياد بنوك إسلامية قبل‬
‫عاما حلماً من األحالم يراود بع�ض الغيورين عىل اهلوية‬
‫ثالثين ً‬
‫اإلسلامية االقتصادية‪ ،‬ولكنه�ا اآلن صارت حقيقة من احلقائق‬

‫(‪)271‬‬
‫املبشرة باخلري واالجتاه باملس�لمني إىل ما حيب�ه اهلل ويرضاه‪ ،‬وف ًقا‬
‫للتوجيهات اإلسالمية يف الكسب واإلنفاق‪ .‬ولنجاحها وعوامل‬
‫ثوابته�ا صار جمموعة م�ن أهل الثراء والغنى يتنافس�ون يف إجياد‬
‫ه�ذه املص�ارف و ُيلِ ُّح�ون على حكوماهت�م ب�اإلذن يف افتتاحها‬
‫والرتخيص هلم بذلك‪ .‬كما اجتهت جمموعة من البنوك التقليدية‬
‫إىل افتتاح أقس�ام يف بنوكهم خيصوهنا بالتعامل اإلسالمي‪ .‬وهذا‬
‫ومشكورا يف‬
‫ً‬ ‫إس�هاما ملحو ًظا‬
‫ً‬ ‫يعني أن البنوك اإلسلامية تسهم‬
‫تغطية متطلبات الس�وق اإلسلامي من جتارة وصناعة وزراعة‪،‬‬
‫ولكن هذا ال يعني أن املصارف اإلسالمية قد بلغت الكامل فهي‬
‫ال تزال يف أوىل درجات س�لم االكتمال‪ .‬فنحن نأمل منها الكثري‬
‫واألخذ ب�كل جديد يف عامل االقتصاد‪ ،‬مما ال يتعارض مع أصول‬
‫اإلسالم وقواعده‪ .‬واهلل املستعان‪.‬‬
‫س ‪ :17٦‬لدين�ا مزرعة فيها نخي�ل بكميات كبرية نأخذ منه‬
‫ج�زءا منه والباقي ي�وزع‪ ،‬فام ال�زكاة املطلوبة يف‬
‫ً‬ ‫ألنفس�نا ونبي�ع‬
‫النخي�ل؟ وهل هي عينية أم نقدية؟ وكم النصاب ونس�بة الزكاة‬
‫في�ه؟ وه�ل يف فراخ النخيل التي تباع زكاة؟ ول�و بلغ املبيع أكثر‬
‫من النصاب؟‬

‫(‪)272‬‬
‫الج�واب‪ :‬احلم�د هلل‪ ،‬الناتج من النخيل م�ن التمر جتب فيه‬
‫ال�زكاة وقت صالحه إذا بلغ نصا ًبا وق�دره بالكيلو قرابة ثامنامئة‬
‫ومخسين كيًل�اً ‪ -‬ثالثامئة صاع بالص�اع النبوي ‪ -‬وق�در الزكاة‬
‫نص�ف العرش فيام يس�قى‪ ،‬والعرش فيما ال مؤونة لس�قيه كالذي‬
‫يس�قى بمياه األمطار واألهنار‪ .‬وأما القول بأن مالك هذه الثمرة‬
‫م�ن النخيل يوزعها هداي�ا ونحوها فال يظه�ر يل أن توزيع هذه‬
‫الثم�رة يس�قط حق اهلل منها وه�و الزكاة‪ .‬فعلي�ه أن خيرج زكاهتا‬
‫ث�م بع�د ذلك يترصف يف الباقي حس�بام يش�اء من هب�ة أو عطية‬
‫لة أو غري ذلك‪ .‬والزكاة الواجبة عينية وليس�ت‬ ‫أو صدق�ة أو نِح ٍ‬
‫ْ‬
‫نقدي�ة‪ ،‬إال أن يرى ويل األمر االس�تعاضة ع�ن الثمرة بثمنها فال‬
‫ب�أس بذلك‪ .‬وأم�ا فروخ النخل فال زكاة فيه�ا وال يف قيمتها إال‬
‫فيام حيول عليه احلول من ثمنها‪ .‬إن بيعت‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫س‪ :17٧‬ه�ل جي�وز أن يق�وم املصرف ب�دور الوكي�ل يف‬
‫الصن�دوق االس�تثامري واالس�تعانة ب�وكالء خارجيين إلدارة‬
‫الصندوق وبأجرة ثابتة حتتسب له يف مجيع األحوال؟‬
‫الج�واب‪ :‬احلم�د هلل‪ ،‬إذا كان�ت املتاج�رة يف الصن�دوق‬
‫االستثامري يف األسهم حمصورة يف الضوابط والقيود الصادرة من‬

‫(‪)273‬‬
‫اهليئات الرشعية للمصارف اإلسلامية حيث سبق صدور قرار‬
‫ببياهنا واعتبارها‪ ،‬ورضورة التقيد هبا يف التعامل‪ ،‬إذا كان كذلك‪،‬‬
‫فال يظهر يل مانع من أن يقوم املرصف يف إدارته صندوق املتاجرة‬
‫باألسهم بدور الوكيل بأجر معني‪ ،‬ال دخل له يف الربح واخلسارة‪،‬‬
‫ويف ح�ال اس�تعانته بمكتب استش�اري أو وكيل عن�ه يف البيع أو‬
‫يف الشراء فيجب أن تكون أجرته على املرصف الوكيل‪ .‬وهكذا‬
‫مجي�ع ما يتعلق بمصاريف ه�ذا الصندوق فيام يتعلق بإدارته‪ ،‬وال‬
‫بأس من أن يكون للبنك عالوة إضافية تشجيعا وحفزا له يف اجلد‬
‫واملتابع�ة كأن يك�ون له نس�بة ‪ %15‬مم�ا يزيد من أرب�اح تزيد عن‬
‫‪ %6‬مثلاً وأما الرشوط واألحكام‪ ،‬فيجب أن تراجع من قبل هيئة‬
‫الرقابة والفتوى يف البنك بصفة دورية‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫س‪ :17٨‬ش�اب يذك�ر أنه من أرسة فقرية وهتي�أ له العمل يف‬
‫أحد البنوك الربوية وعمله فيه طابع آلة وحمرر شيكات وسكرتري‬
‫ملدير الفرع‪ .‬فهل عمله يف البنك حرام؟‬
‫الجواب‪ :‬احلمد هلل‪ ،‬ثبت عن رسول اهلل ﷺ قوله‪« :‬لعن اهلل‬
‫آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه» وال خيفى أن البنوك الربوية‬
‫تأخ�ذ الرب�ا وتوكل�ه‪ ،‬وموظفوها هم كتب�ة الربا وقد يش�هدون‬

‫(‪)274‬‬
‫علي�ه‪ ،‬والذي يظهر يل أن العمل يف البنوك من األمور املش�تبهة‪،‬‬
‫إن مل تك�ن م�ن األم�ور املمنوع�ة والداخلة يف اللع�ن الوارد عن‬
‫رس�ول اهلل ﷺ‪ ،‬وقول الس�ائل بأنه فقري وحمتاج ومضطر للعمل‬
‫يف البنك قول ال يؤيد الدخول يف املحرمات أو املش�تبهات‪ ،‬فمن‬
‫اتقى الش�بهات فقد استربأ لدينه وعرضه ومن وقع يف الشبهات‬
‫وقع يف احلرام‪ .‬وال ش�ك أن األمر ما جاء عن اهلل سبحانه وتعاىل‬
‫من قول�ه‪﴿:‬ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥﮦ‬
‫ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ﴾ واهلل أعلم‪.‬‬
‫س‪ :17٩‬س�ائل يس�أل عن حكم رشائه الس�يارة مثال بمبلغ‬
‫مخس�ة وثالثين أل�ف ري�ال‪ ،‬ثم يبيعه�ا بالتقس�يط بمبلغ مخس�ة‬
‫ومخسون ألف ريال فهل هذا البيع صحيح؟‬
‫الج�واب‪ :‬احلمد هلل‪ ،‬الش�ك يف صحة هذا البيع بالتقس�يط‬
‫بعد أن تم من البائع متلكه للسيارة ثم بيعها بعد ذلك‪ ،‬فهذا البيع‬
‫مس�تكمل لرشوطه وأركانه وكون البيع مؤجل الثمن ومقس� ًطا‬
‫سداده عىل فرتات معينة‪ ،‬ومعينا مبلغ كل قسط هذا من مربرات‬
‫القول بصحة البيع‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬

‫(‪)275‬‬
‫س‪ :1٨٠‬م�ا حك�م رشاء أس�هم رشكة الراجح�ي املرصفية‬
‫لالستثامر بثمن مؤجل؟‬
‫الجواب‪ :‬احلمد هلل‪ ،‬من املعلوم أن رشكة الراجحي املرصفية‬
‫رشكة مرصفية إسلامية‪ ،‬والس�هم يف الرشكة يعترب حصة شائعة‬
‫يف عموم ممتلكاهتا من أصول وديون ونقود‪ ،‬وغري ذلك مما ينسب‬
‫إليها مثل القيمة املعنوية للرشكة‪ - .‬وهي ما بني قيمتها الدفرتية‬
‫وبناء عىل هذا فال‬
‫ً‬ ‫وقيمتها الس�وقية يف س�وق تداول أس�همها ‪-‬‬
‫ورشاء بثمن عاجل أو‬
‫ً‬ ‫يظهر يل مانع من تداول أس�همها ‪ -‬بي ًع�ا‬
‫مؤجل أو مقس�ط‪ ،‬ولش�يخنا الش�يخ حممد إبراهي�م رمحه اهلل يف‬
‫جمم�وع رس�ائله وفت�اواه فتوى بج�واز تداول أس�هم الرشكات‬
‫ورشاء‪.‬‬
‫ً‬ ‫املحلية بي ًعا‬
‫وال ي�رد عىل الق�ول باجلواز بأن من موج�ودات الرشكة نقود‬
‫من ديون ونقود حارضة فبيع الس�هم ورشاؤه ليست هذه النقود‬
‫مقصودة وإنام املقصود رشاء السهم املمثل حلصة شائعة يف عموم‬
‫ممتلكات الرشكة أو بيعه‪ ،‬هذا ما ظهر يل‪ ،‬وعليه فال يظهر يل مانع‬
‫ورشاء‬
‫ً‬ ‫من صحة تداول أس�هم رشك�ة الراجحي املرصفي�ة بيعا‬
‫واستغالال‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬

‫(‪)276‬‬
‫س‪ :1٨١‬م�ا رأيكم يف حتفظ بعض العلماء عىل مبدأ اإلجيار‬
‫املنتهي بالتمليك واعتباره عقدين يف عقد وف ًقا لقوهلم؟‬
‫الج�واب‪ :‬احلم�د هلل‪ ،‬م�ن أس�باب حتف�ظ بع�ض العلامء يف‬
‫ذلك تس�مية ه�ذا النوع من اإلجي�ار باإلجيار املنته�ي بالتمليك‪.‬‬
‫الوهم و َت َع ُّتم‬
‫ُ‬ ‫هي تس�مية غري صحيحة‪ ،‬ومن هذه التس�مية وقع‬
‫الصورة‪ .‬والتس�مية الصحيحة هي اإلجيار مع الوعد بالتمليك‪.‬‬
‫فمت�ى انتهت مدة اإلجيار أو اتف�ق الطرفان عىل تقصري مدته بعد‬
‫ذلك ثم إهنائه بفسخه‪ ،‬تأيت إجراءات مرحلة التمليك إما هببة أو‬
‫بقيمة خمفضة أو بقيمة املثل‪ ،‬حسبام يتفق عليه الطرفان‪.‬‬
‫وم�ن تعلي�ل املتحفظين عىل الق�ول باجل�واز قوهلم ب�أن حمل‬
‫العق�د توارد عليه عقدان أحدمها عقد البيع والثاين عقد اإلجيار‪،‬‬
‫وهذا غري صحيح من أن حمل العقد توارد عليه عقدان‪ :‬عقد بيع‬
‫وعقد إجيار‪ ،‬فمحل العقد مش�غول بعقد واحد هو اإلجيار‪ .‬وقد‬
‫ملزما بتمليك�ه العني املؤجرة بعد‬
‫وعدا ً‬
‫أعطى املؤجر املس�تأجر ً‬
‫انتهاء مدة اإلجارة‪ .‬والوعد ليس عقدا وإنام هو التزام من طرف‬
‫ملزما بأي جزء من الوعد له‪.‬‬
‫لطرف آخر‪ .‬والطرف اآلخر ليس ً‬

‫(‪)277‬‬
‫وإنام احلق له بمطالبته الواعد بام وعد به إن أراد‪ .‬وهذا هو الفهم‬
‫الصحيح هلذه املسألة‪ ،‬وقد صدر قرار جممع الفقه بإجازة اإلجيار‬
‫مع الوعد بالتمليك‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫س‪ :1٨٢‬إذا انتقلت ملكية السلعة يف هناية املطاف عىل أساس‬
‫اهلب�ة‪ ،‬وكان هناك وعد باهلبة فاملعل�وم أن اهلبة ال تلزم إال بالقبض‬
‫فكيف إذا بدا له أال يويف بوعده إال يف مقابل مبلغ إضايف؟ وإذا كان‬
‫ملزما فكيف ذلك واهلبة نفسها ال تكون ملزمة إال بقبضها؟‬ ‫الوعد ً‬
‫الجواب‪ :‬احلمد هلل‪ ،‬إذا انتقلت الس�لعة إىل ملكية املس�تأجر‬
‫باهلب�ة بعد انتهاء مدة اإلج�ارة حيث وهب املؤجر العني املؤجرة‬
‫للمس�تأجر‪ .‬فالعني بيد املس�تأجر ويده عليه�ا قبض هلا‪ ،‬وأما إذا‬
‫ن�كل املؤجر ع�ن الوفاء بوعده امللزم فللمس�تأجر ح�ق مطالبته‬
‫بالتعوي�ض ع�ن الضرر الالحق ب�ه لق�اء إخالفه الوع�د‪ .‬ومن‬
‫ترضره ‪ -‬أي املس�تأجر ‪ -‬أن يك�ون قد دفع أجرة تزيد عن أجرة‬
‫املثل فيطالبه هبذه الزيادة‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫س ‪ :1٨٣‬جمموعة إحدى رشكات س�تقوم بتأس�يس رشكة‬
‫عقاري�ة ع�ن طري�ق االكتت�اب الع�ام‪ ،‬وس�تقوم ه�ذه الرشك�ة‬
‫العقاري�ة برشاء العقارات التجارية الت�ي متلكها هذه املجموعة‬

‫(‪)278‬‬
‫وتستخدمها لتجارة التجزئة‪ ،‬ثم بعد ذلك تقوم الرشكة العقارية‬
‫عاما‬
‫بتأجري هذه العقارات التجارية عىل هذه املجموعة مدة ‪ً 24‬‬
‫وقد يكون لدى هذه املجموعة قدرة عىل استعادة هذه العقارات‬
‫ع�ن طري�ق رشائها من الرشك�ة العقارية بعد مخس س�نوات أو‬
‫أكث�ر من توقيعه�ا عقد اإلجيار مع الرشكة العقارية‪ ،‬والس�ؤال‪:‬‬
‫هل جيوز ذلك؟‬
‫الجواب‪ :‬احلمد هلل‪ ،‬ال يظهر يل مانع رشعي من هذا اإلجراء‬
‫والترصف‪ .‬فأول اإلجراء بعد تأس�يس الرشكة العقارية أن تقوم‬
‫الرشك�ة العقارية برشاء عق�ارات هذه املجموع�ة‪ ،‬وهذا إجراء‬
‫صحي�ح‪ ،‬فه�ذه املجموع�ة ط�رف بائ�ع يمل�ك العق�ارات حمل‬
‫ٍ‬
‫مشتر‪ ،‬له ش�خصيته احلكمية ىف‬ ‫البيع‪ ،‬والرشكة العقارية طرف‬
‫وتأجريا‪ .‬ثم بعد ذلك تقوم الرشكة‬
‫ً‬ ‫ورشاء‬
‫ً‬ ‫األهلية للترصف بي ًعا‬
‫العقاري�ة بتأجري العق�ارات عىل هذه املجموعة م�دة معينة‪ ،‬وهلا‬
‫احل�ق يف تقصير م�دة اإلجيار باالتف�اق بني طريف اإلج�ارة حينام‬
‫يك�ون هل�ا الق�درة يف اس�تعادة العق�ارات برشائه�ا م�ن الرشكة‬
‫العقارية‪ .‬وليس يف هذا ما يمكن االعرتاض عليه‪ .‬وقد يقال بأن‬
‫إع�ادة هذه املجموعة العقارات إليه�ا بطريق الرشاء من الرشكة‬

‫(‪)279‬‬
‫صحيحا؛ ألن بيوع العينة‬
‫ً‬ ‫يعترب من قبيل بيوع العينة وليس ذلك‬
‫يشترط فيها املواطأة عىل التحيل‪ .‬وكذلك بقاء العني املبيعة عىل‬
‫حاهلا ووصفها وثمنها‪ .‬وال خيفى أن العني املبيعة – العقارات –‬
‫س�تتغري حاهل�ا بع�د مضي مخ�س س�نوات أو أكث�ر م�ن رشائها‬
‫وتأجريه�ا على املجموع�ة‪ .‬وذلك م�ن حيث الوص�ف والثمن‬
‫واالستهالك‪ ،‬وعليه فال يعترب رشاء هذه املجموعة من العقارات‬
‫م�ن الرشكة العقارية من قبيل بيوع العينة واحلال ما ذكر‪ .‬هذا ما‬
‫ظهر يل‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫س‪ :1٨٤‬إذا علم أحد الناس عن طريق عمله بفرصة كسب‬
‫مس�تقبلية‪ ،‬كأن يكون مس�ؤولاً يف رشكة فيعرف من مس�ؤوليته‬
‫أن أرب�اح ه�ذه الرشك�ة كثرية‪ ،‬أو أهنا س�توزع أس�هماً جمانية‪ ،‬أو‬
‫أن يك�ون يف بلدي�ة ظهر قرارها بفتح ش�ارع أو ميدان أو س�وق‬
‫جتاري أو نحو ذلك‪ ،‬فيكون من هذا املوظف اغتنام هذه الفرصة‬
‫ليشتري أس�هماً بثمن أقل من الثمن املس�تقبيل دون أن خيرب بائع‬
‫هذه األس�هم بمس�تقبلها‪ ،‬وإنام يشرتي منه عىل س�بيل تغريره إذ‬
‫ل�و علم مالك األس�هم بام يعلم�ه املوظف ملا باعه�ا عليه بالثمن‬
‫املخف�ض‪ ،‬وكذلك األمر يف مالك عقار على املوقع الذي صدر‬

‫(‪)280‬‬
‫ق�رار البلدية بتحس�ينه‪ ،‬وبالتايل ارتفاع أمت�ار العقارات يف ذلك‬
‫املوق�ع ونحو ذل�ك كل ما يش�ابه هذين املثالني‪ .‬والس�ؤال‪ :‬هل‬
‫الرشاء صحيح واحلال ما ذكر؟‬
‫الج�واب‪ :‬احلمد هلل‪ ،‬الذي يظه�ر يل أن للبائع حق االدعاء‬
‫بالتغرير والرضر من ذلك إذا اس�تطاع أن يثبت أن املشتري –‬
‫املوظف‪-‬كان يعلم مس�تقبل هذه الس�لعة التي اشتراها‪ ،‬وأنه‬
‫كت�م ذلك عنه وغ�ره برشائه إياه�ا بثمن أقل مما س�تكون عليه‬
‫بع�د إنفاذ ما تقرر‪ ،‬مما له أثر يف ارتف�اع القيمة‪ .‬وأرى أن للبائع‬
‫اخلي�ار بعد علمه بام تقرر إن ش�اء أمىض البيع وإن ش�اء عدل‪.‬‬
‫وأما إذا مل يعلم املشتري بام تقرر فال حق للبائع يف االعرتاض‪.‬‬
‫واألص�ل فيام ذكرنا قصة أحد الصحابة الذي يبيع ويشتري يف‬
‫السوق وهو ال حيسن ذلك فشكا أوالده لرسول اهلل ﷺ وضعه‬
‫فوجههم ﷺ إىل أن يقول عند بيعه أو رشائه‪ ،‬ال ِخالبة‪ .‬وبذلك‬
‫يضم�ن حق نقص البيع أو الشراء يف حال وجود الغرر‪ .‬ومثل‬
‫ذل�ك احلك�م حكم تلق�ي الركب�ان‪ ،‬والنجش‪ ،‬واالسرتس�ال‪،‬‬
‫وأم�ا املوظ�ف الذي يزاول عملا مثل هذا الترصف فال ش�ك‬

‫(‪)281‬‬
‫أنه مس�تحق للعقوبة املوجبة للزجر وال�ردع‪ ،‬ومن ذلك فصله‬
‫وإبطال ترصفه‪ .‬هذا ما ظهر يل‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫س‪ :185‬هل الصناديق االستثامرية اإلسالمية عليها زكاة؟‬
‫الج�واب‪ :‬احلم�د هلل‪ ،‬ه�ذه الصناديق خمتصة باالس�تثامر فيام‬
‫ت به بام يظهر من أسامئها‪ ،‬فهي نشاط جتاري وأصول أموال‬ ‫ُو ِس َم ْ‬
‫مهيأة للتجارة باإلدارة والتقليب‪ ،‬فهي عروض جتارة جتب الزكاة‬
‫فيه�ا عند م�رور كل حول عليه�ا يف رأس ماهل�ا ويف أرباحها وىف‬
‫أصوهلا املعدة للبيع وذلك كل عام‪ .‬هذا ما يظهر يل‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫س‪ :186‬ما حكم التأمني عىل املنشآت العامة؟‬
‫الج�واب‪ :‬احلمد هلل‪ ،‬الذي يظه�ر يل‪ ،‬واهلل أعلم‪ ،‬أن التأمني‬
‫بصوره املتطورة من النوازل املعارصة يف االقتصاد وجرب اخلسائر‪.‬‬
‫وقد عقد لبحث موضوع التأمني جمموعة من املؤمترات والندوات‬
‫واحللقات والدراسات‪ ،‬وكان اخلالف يف احلكم يف التأمني قو ًّيا‪.‬‬
‫فمنه�م من منعه مطل ًقا وقال بتحريم�ه‪ ،‬ومنهم من أجازه مطل ًقا‬
‫وق�ال بإباحت�ه‪ ،‬ومنه�م م�ن فص�ل يف أم�ره فأجاز بعض�ه ومنع‬
‫البع�ض اآلخ�ر كالتأمني عىل احلياة‪ .‬ومنهم من قس�مه إىل تأمني‬
‫تعاوين فأجازه وإىل تأمني جتاري فمنعه‪ .‬وقد صار مني تتبع هلذه‬

‫(‪)282‬‬
‫الدراسات‪ ،‬وما نتج عنها من أقوال متعارضة‪ ،‬وما اس ُتدل به هلذه‬
‫األقوال من أدلة وتعليالت‪ ،‬فظهر يل أن املوضوع ال يزال بحاجة‬
‫دل به كل فريق من‬ ‫إىل املزيد من الدراسة والتأمل‪ ،‬ومناقشة ما اس َت َّ‬
‫أصح�اب هذه األقوال يف ضوء قواعد ومبادئ وأصول رشيعتنا‬
‫اإلسلامية وخضوعها للمقاصد واملصال�ح الرشعية‪ ،‬حيث إن‬
‫املوضوع من األمور املس�تجدة فليس فيه نصوص خاصة به من‬
‫كتاب اهلل وال من سنة رسوله ﷺ ويمكن أن يبحث املوضوع يف‬
‫ضوء االعتبارات اآلتية‪:‬‬
‫‪1 -1‬األصل يف العبادات احلظ�ر ويف املعامالت اإلباحة‪ ،‬فهل‬
‫التامني عبادة أو معاملة؟‬
‫‪2 -2‬الرشيعة مبنية عىل رفع املش�قة وعىل التيسري ونفي احلرج‪،‬‬
‫فهل يف التأمني عىل املرافق العامة واخلاصة جرب للمصائب‬
‫والنكبات؟‬
‫‪3 -3‬املس�لك النبوي لرس�ول اهلل ﷺ ىف التيسير ورفع احلرج‬
‫واألخ�ذ بما فيه اليسر ورفع املش�قه وق�د أبانته عائش�ة‬
‫ر يف قوهل�ا‪« :‬ما ُخيرِّ رس�ول اهلل ﷺ بين أمرين إال‬
‫اختار أيرسمها ما مل يكن إثماً »‪.‬‬

‫(‪)283‬‬
‫‪4 -4‬احلاجة العامة تنزل منزلة الرضورة الفردية‪.‬‬
‫‪5 -5‬ال اجتهاد مع نص‪ ،‬وال َح ْج َر عىل اجتهاد‪.‬‬
‫‪6 -6‬الرشيع�ة اإلسلامية مبنية على حتقيق الع�دل واملصلحة‬
‫وانتف�اء املضرة يف التعام�ل والترصف واإلج�راء‪ ،‬فكل‬
‫مصلحة يقتضيها الترصف ف َث َّم رشع اهلل‪.‬‬
‫‪7 -7‬ضواب�ط الكس�ب واإلنف�اق مراع�ى فيه�ا انتف�اء الغرر‬
‫واجلهالة والغبن والتدلي�س والغش والربا والقامر‪ ،‬وأي‬
‫تعامل يتحقق منه أكل أموال الناس بالباطل‪.‬‬
‫‪8 -8‬القول بالتحلي�ل كالقول بالتحريم من حيث املس�ؤولية‬
‫الفقهية‪ ،‬وإن القول بذلك من غري دليل قول عىل اهلل بغري‬
‫علم وافرتاء على اهلل‪ .‬قال تعاىل‪﴿ :‬ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ‬
‫ﯵ﴾ [األس�راء‪ .]36:‬وقال تعاىل‪﴿ :‬ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ‬
‫ﰃ﴾ [البقرة‪ .]169:‬وق�ال تعاىل ﴿ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ‬
‫ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ﴾ [النحل‪.]1١6:‬‬
‫‪9 -9‬النظر يف املعاوضة يف عقود التأمني هل هي معاوضة بني نقد‬
‫ونقد أو ه�ي معاوضة بني ثمن هو النقد ومثمن هو األمن‬
‫وااللتزام بمقتىض حتقيق هذا األمن عىل حمل التأمني؟‬

‫(‪)284‬‬
‫وعليه فإن موضوع التأمني ال يزال حمل إش�كال لدى جمموعة‬
‫م�ن أه�ل العل�م‪ ،‬وأرجو أن ين�ال م�ن فقهائن�ا املعارصين ومن‬
‫اجلامعات اإلسالمية ما يستحقه من النظر و التحقيق والدراسة‪،‬‬
‫وأن ينته�ي األم�ر في�ه إىل القول ال�ذي تطمئن النف�س إىل قبوله‬
‫واألخ�ذ ب�ه واإلفت�اء بمقتض�اه‪ ،‬وأعتق�د أن عق�دة اخللاف يف‬
‫حكمه بني أهل العلم جهل نوع املعاوضة ىف عقود التأمني‪ ،‬هل‬
‫املعاوض�ة ىف هذه العقود بين نقود ونق�ود أم أن املعاوضة رشاء‬
‫أمن بنقود‪ .‬واهلل املستعان‪.‬‬
‫س‪ :18٧‬سائل يسأل عن الفوائد الربوية التي تدفعها البنوك‬
‫مل�ن ي�ودع عندهم أم�والاً لغرض رصفها يف جم�االت احلاجة إىل‬
‫الصرف‪ ،‬هل جيوز ملن يأخذها أن يدفعها إىل فقراء مس�لمني يف‬
‫مناطق مشهورة بالفقر والعوز واحلاجة؟‬
‫الج�واب‪ :‬احلم�د هلل‪ ،‬ال خيفى أن اإلي�داع يف البنوك الربوية‬
‫معاون�ة هلم على اإلثم والع�دوان؛ ألن البنوك الربوية تس�تخدم‬
‫هذه الودائع يف ممارس�ة عمليات اإلق�راض بفوائد ربوية‪ .‬وعليه‬
‫فال جيوز للمس�لم إيداع ماله يف البنوك الربوية لغرض استثامرها‬
‫ربو ًّي�ا‪ .‬وأما إذا كان اإليداع ملدة قصرية ولغرض تيسير رصفها‬

‫(‪)285‬‬
‫يف صفقات جتارية أو نحو ذلك‪ ،‬فال يظهر يل مانع من ذلك‪ .‬وإذا‬
‫دف�ع البنك على بقائها فوائد ربوية‪ ،‬فيج�وز للمودع أن يأخذها‬
‫لك�ن برشط أن يتخلص منها برصفها يف وج�وه الرب‪ ،‬ومن ذلك‬
‫رصفه�ا إىل فقراء املس�لمني يف املناطق املحتاجة إىل ذلك حس�بام‬
‫ذك�ر يف الس�ؤال‪ ،‬وال جي�وز أن يتملكه�ا أو يتمل�ك منها ش�ي ًئا‪.‬‬
‫واهلل أعلم‪.‬‬
‫س‪ :18٨‬تقوم وزارة املالية بدفع بعض مستحقاتنا عن املشاريع‬
‫ٍ‬
‫حمددة فرتة س�دادها‪ ،‬ويض�اف عليها‬ ‫م�ن خالل س�ندات خزين�ة‬
‫فوائ�د‪ ،‬ونح�ن بدورنا نقوم بتس�ييلها لدى البن�وك‪ ،‬ويقوم البنك‬
‫بحسم نسبة من قيمة املستحق لنا ترتاوح بني (‪%2‬و‪ )%5‬ويستفيد‬
‫البنك من النس�بتني النس�بة املضافة عىل الس�ند والنسبة املحسومة‬
‫علين�ا‪ ،‬فهل جيوز تس�ييل هذه املس�تندات علام أننا نقوم بتس�ييلها‬
‫اضطرارا لدفع املستحقات التي علينا والرواتب وخالفه؟‬
‫ً‬
‫الجواب‪ :‬احلمد هلل‪ ،‬تقديم وثائق هذه املستحقات إىل بنوك‬
‫لالتفاق معهم عىل رصفها بعد حس�م نس�بة منها فائدة للبنك‪،‬‬
‫يعتبر من أن�واع حتصي�ل الكمبي�االت من ط�رف ثال�ث لقاء‬
‫احلوالة بكامل املبلغ من مالك هذه املستحقات إىل البنك‪ .‬وهذا‬

‫(‪)286‬‬
‫اإلج�راء غري جائز فهو من قبيل بيع الدين‪ ،‬ومن قبيل املصارفة‬
‫الباطل�ة‪ .‬واحلاجة ال تبرر التعامل بالباط�ل‪ .‬ويمكن أن يكون‬
‫ٍ‬
‫أراض أو‬ ‫بديل ذلك أن يشرتي مالك هذه املستحقات سل ًعا –‬
‫ٍ‬
‫مبان أو معدات‪ -‬ممن يستعد بتقبل هذه املستحقات الستيفائها‬
‫ممن هي واجبة عليه‪ ،‬ثم تكون هذه املستحقات ثمنًا هلذه السلع‬
‫جيري حتويل البائع بمبالغها ملن هي له عىل من استحقت عليه‪،‬‬
‫واهلل أعلم‪.‬‬
‫س‪ :189‬ل�دى رشكة عقارحمل مؤجر عىل أحد البنوك الذي‬
‫نعلم أنه يأخذ الفوائد ويدفعها‪ ،‬فهل هذا العمل جيوز؟‬
‫الج�واب‪ :‬احلم�د هلل‪ ،‬ال خيف�ى أن البن�وك الربوي�ة أصل‬
‫نش�اطها حمرم؛ حيث إن غالب نشاطها اإلقراض واالقرتاض‬
‫بالفوائ�د الربوية وقد ثبت عن رس�ول اهلل ﷺ قوله‪« :‬لعن اهلل‬
‫آكل الرب�ا وموكل�ه وش�اهده وكاتب�ه» وعليه فإن تيسير أمر‬
‫ه�ذه البن�وك بأي طريق من طرق التيسير يعتبر تعاونًا معهم‬
‫على اإلثم والع�دوان وقد هنانا اهلل تع�اىل فقال‪﴿ :‬ﯭ ﯮ‬
‫ﯯ ﯰﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶﯷ ﯸ ﯹﯺ ﯻ ﯼ ﯽ‬
‫ﯾ﴾ [املائدة‪ .]2:‬واهلل أعلم‪.‬‬

‫(‪)287‬‬
‫س‪ :1٩٠‬ي�أيت إلين�ا يف صال�ة التقس�يط أح�د راغب�ي رشاء‬
‫س�يارة بالتقس�يط ومع�ه كفيل�ه‪ ،‬فيجري من�ا االتف�اق معه عىل‬
‫رشائه السيارة بالتقسيط والدفعة األوىل والكفالة والثمن ومجيع‬
‫م�ا يتعلق بالشراء‪ ،‬ثم بعد هذا يك�ون منا االتص�ال بأحد جتار‬
‫التقس�يط ونقدم له عرض الراغب يف الرشاء‪ ،‬ويف حال موافقته‬
‫يق�وم ه�ذا التاج�ر برشاء الس�يارة وبيعه�ا عىل ه�ذا الراغب يف‬
‫الرشاء وف ًقا لالتفاق معه عىل النوع والثمن والتقس�يط والدفعة‬
‫األوىل‪ ،‬وليس ملكتب الصالة غري الوساطة بني املشرتي والبائع‪.‬‬
‫فام حكم هذا التعامل؟‬
‫الجواب‪ :‬احلم�د هلل‪ ،‬ال يظهر يل بأس يف صحة التعامل؛ ألن‬
‫االتفاق عىل طريقة الرشاء والتقس�يط ومجيع ما يتعلق هبذه املبايعة‬
‫لي�س بي ًع�ا‪ .‬وإنام البيع املس�تلزم ألحكام�ه هو البيع ال�ذي تم بني‬
‫البائع‪ -‬التاجر – وبني املشتري بعد متلك البائع للسيارة ثم بيعها‬
‫بعد متلكه إياها‪ ،‬وأما عمل مكتب الصالة فهو سمرسة يستحق هبا‬
‫أجرة الداللة عىل من جيري االتفاق معه يف استقرارها عليه‪ .‬وهذه‬
‫املعاملة هي ما يس�مى باالتفاق مع اآلمر بالرشاء؛ فاالتفاق وعد‪.‬‬
‫والبيع بعد متلك البائع هو البيع املستلزم ألحكامه‪ .‬واهلل املستعان‪.‬‬

‫(‪)288‬‬
‫س‪ :1٩١‬ت�م بينن�ا وبني الراغب يف الشراء وعد منه بالرشاء‬
‫على الطريقة التي تم هب�ا االتفاق‪ ،‬ولكن ه�ذا الوعد غري ملزم‪،‬‬
‫ف�إذا مل يتم الرشاء من الراغب وقد ق�دم دفعة‪ ،‬فهل نرجعها إليه‬
‫وإذا تم رشاء التاجر للسيارة وقد عدل الراغب عن رشائها فهل‬
‫نفسخ البيع منا مع التاجر ونرجع له املبلغ الذي دفعه أم أن ذلك‬
‫راجع إىل ما بيننا وبينه من اتفاق؟‬
‫الج�واب‪ :‬احلمد هلل‪ ،‬بالنس�بة للدفع�ة التي دفعه�ا الراغب‬
‫فنظرا إىل أن الس�ائل يرى أن الوع�د غري ملزم فيجب‬
‫يف الشراء ً‬
‫إرج�اع الدفع�ة التي دفعه�ا الراغب يف الرشاء إلي�ه فهذه الدفعة‬
‫ملزما‬
‫تسمى هامش اجلدية‪ .‬والغرض منها يف حال اعتبار الوعد ً‬
‫أن خيصم منها املوعود ما يترضر به من عدم الوفاء بالوعد‪ .‬وأما‬
‫يف حال اعتبار الوعد غري ملزم ففي حال عدول الراغب يف الرشاء‬
‫ع�ن رغبته فيجب إرجاع كامل هذا املبل�غ إىل صاحبه (الراغب‬
‫يف الرشاء)‪ ،‬وأما بالنسبة لرشاء التاجر السيارة من مكتب الصالة‬
‫فه�ذا راج�ع إىل ما جرى االتفاق عليه بينهام م�ن إمضاء البيع أو‬
‫فسخه‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬

‫(‪)289‬‬
‫س‪ :1٩٢‬جيري من بعض التجار رشاء جمموعة من السيارات‬
‫م�ن عندن�ا ويقومون ببيعها بالتقس�يط‪ ،‬ويطلب�ون منا رشاء هذه‬
‫الس�يارات املقس�طة من أصحاهبا يف حال رغبتهم يف بيعها‪ ،‬فهل‬
‫جي�وز ملكتبن�ا رشاءه�ا منهم باملبلغ احل�ال؟ وهل يف ذلك ش�بهة‬
‫العينة املحرمة؟‬
‫الج�واب‪ :‬احلمد هلل‪ ،‬ال يظهر يل مانع يف جواز رشاء املكتب‬
‫ما يعرضه عليه َم ْن يشترى سيارة بالتقس�يط من التاجر‪ ،‬وذلك‬
‫ناقصا عن الثمن أم ال‪ .‬وال يعترب ذلك من‬
‫بثمن حال سواء أكان ً‬
‫العينة؛ ألن العينة هي أن يشترهيا من مالكها بالتقسيط َم ْن باعها‬
‫علي�ه بثمن مؤجل‪ ،‬فهذا ال جيوز؛ ألن ذلك ىف معنى التواطؤ بني‬
‫التجار ومعارض السيارات وحتيال لألخذ بالعينة‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫س‪ :1٩٣‬يس�أل أحده�م ع�ن اجلوائز املبنية عىل املس�ابقات‬
‫املنترشة يف الصحف ويف مسابقات التلفزيون واملعارض التجارية‬
‫وغير ذلك‪ .‬فهل ما حيصل عليه املتس�ابق من فوز باجلائزة يعترب‬
‫حمرما؟‬
‫مباحا أو ً‬
‫كس ًبا ً‬
‫الجواب‪ :‬احلمد هلل‪ ،‬كل مس�ابقة يشترط للدخول فيها بذل‬
‫مال س�واء أكان قليلاً أم كان ً‬
‫كثريا‪ .‬وكان احتامل الفوز باجلائزة‬

‫(‪)290‬‬
‫جدا‪ ،‬فهو نوع من أنواع القامر وهو ما يسمى باليانصيب‬ ‫ضعيفا ًّ‬
‫وهو كس�ب حرام وه�ذا احلكم حمل اتفاق بني أه�ل العلم‪ .‬وال‬
‫خيف�ى أن القامر هو امليسر الذي جاء النهي عنه‪ ،‬وحتريمه رصيح‬
‫يف ق�ول اهلل تع�اىل‪﴿ :‬ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ‬
‫ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ﴾ [املائدة‪ .]٩٠ :‬واملس�ابقات املنترشة‬
‫يف الصح�ف ال ش�ك أهن�ا م�ن امليسر؛ ألن املس�ؤولني عن هذه‬
‫الصحف يشترطون أن تك�ون اإلجابة يف كوب�ون هو أصل من‬
‫أعداد الصحيفة وال يس�تطيع الراغب يف الدخول يف املس�ابقات‬
‫إال بحصوله عىل الصحيفة املش�تملة على الكوبون‪ .‬وهذا يعني‬
‫أنه بذل مالاً ليتم له الدخول يف املسابقة‪.‬‬
‫ومع�روف أن املس�ؤولني ع�ن ه�ذه املس�ابقات يف الصح�ف‬
‫يشترطون أن يكون الكوبون أصًل�اً وأال يكون من صحف غري‬
‫خمصص�ة للبيع‪ .‬وذلك لضامن رشاء ه�ذا الكوبون‪ .‬وقد ذكر لنا‬
‫أحد حم�رري إحدى هذه الصحف أن مبيع�ات الصحيفة كانت‬
‫تتراوح بني ‪ 30‬ألف نس�خة‪ ،‬وبعد الدخ�ول بالصحيفة يف هذه‬
‫املسابقات وصلت مبيعات هذه الصحيفة إىل ثالثامئة ألف نسخة‬
‫فاملتس�ابق يبذل ريالني لشراء الصحيفة املش�تملة عىل الكوبون‬
‫ألمل احلصول عىل اجلائزة‪ .‬وهذا هو القامر الذى هو امليرس‪.‬‬

‫(‪)291‬‬
‫أص ْلنا الفتوى عليه�ا يف أول اجلواب‪،‬‬
‫وبن�اء عىل القاع�دة التي َّ‬
‫فإن املتسابق ال يتم له الدخول يف هذه املسابقة حتى يشرتي وسيلة‬
‫اتصال بربنامج املس�ابقة‪ ،‬وقد يفوز وهو النادر األندر وقد يفشل‬
‫وخيرس وهو الغالب األغلب وعليه فإن هذا النوع من املس�ابقات‬
‫يف التليفزي�ون هو م�ن جنس ما تتعاطاه الصح�ف‪ ،‬وتتابع األخذ‬
‫به‪ ،‬هداهم اهلل وال شك يف حرمته وأنه من أنواع اليانصيب‪.‬‬
‫ٍ‬
‫مشرت إذا‬ ‫وما يتعلق بام تأخذه املعارض التجارية من إعطاء كل‬
‫حدا معينا يعط�ى كرتا حيمل رقماً ليجري‬
‫وصلت أثامن مشترياته ًّ‬
‫الس�حب بموجبه‪ ،‬وقد يفوز وهو النادر وقد يفش�ل وخيرس وهو‬
‫الغال�ب األغل�ب كان من�ي التوقف ع�ن القول ولك�ن يمكن أن‬
‫يقال بأهنا قريبة مما تأخذ به الصحف‪ ،‬حيث إن املتس�ابق ال حيق له‬
‫الدخول يف املسابقات إال بعد أن يشرتي من املعرض بثمن خيول له‬
‫الدخول يف املس�ابقة وإعطائه كرتا جيري السحب بموجبه‪ ،‬بدليل‬
‫أن صاحب املعرض ال يعطي هذا الكرت ملن تقل أثامن مشترياته‬
‫ِ‬
‫يشتر من هذا املعرض‪ ،‬وبناء عىل‬ ‫عن حد معني‪ ،‬وال ُيعطى ملن مل‬
‫ه�ذا ف�أرى أن هذا التعامل به فيه ش�بهة من مس�الك الصحف يف‬
‫ذل�ك‪ ،‬وأما م�ا تفعله حمطات البنزي�ن – املحروقات – من إعطاء‬

‫(‪)292‬‬
‫املتعام�ل معه�ا كروتا لتغس�يل س�يارته أو تغيري زيته�ا أو إعطاء‬
‫كرت�ون منادي�ل ونحو ذلك‪ ،‬فلا يظهر يل مانع رشع�ي من ذلك‬
‫وليس�ت من قبيل القامر وامليرس‪ ،‬حيث إن ما حيصل عليه املتعامل‬
‫معها من قبيل اجلائزة التشجيعية للتعامل معهم‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫س‪ :19٤‬أحده�م يس�أل أن أحد عمالئه مدي�ن له بمبالغ يف‬
‫مقابل كمبياالت عىل عمالئه مضمونة لدى أحد البنوك األجنبية‪،‬‬
‫وهي مؤجلة الس�داد‪ ،‬على أن حيتفظ بنكك�م بالكمبياالت وأن‬
‫يكون سدادها من عمالء عميلكم أو من البنك الضامن هلم عن‬
‫طريقك�م‪ ،‬ويكون منكم حس�م يشء من مبل�غ التحصيل إنفا ًذا‬
‫لس�داد م�ا عليه من مديوني�ة‪ .‬ويرغب العمي�ل أن يتفق مع أحد‬
‫البنوك يف حتصيل كمبيالة أو أكثر‪ ،‬ويكون التحصيل بواسطتكم‬
‫املحص�ل الكمبيالة‪ ،‬ويس�لم لكم مبلغ‬
‫ِّ‬ ‫بحي�ث تس�لمون للبنك‬
‫حتصيله�ا لتحس�موا منه�ا بعضه�ا‪ ،‬وتس�لموا الباق�ي للعمي�ل‬
‫وتسألون عن جواز ذلك‪.‬‬
‫الجواب‪ :‬احلمد هلل‪ ،‬ال خيفى أن حتصيل الكمبيالة من طرف‬
‫ثال�ث يعترب م�ن بيع الدين وم�ن املصارفة الباطل�ة؛ ألن حتصيل‬
‫الكمبيال�ة م�ن ط�رف ثال�ث بي�ع نق�د بنق�د يتح�دان يف اجلنس‬

‫(‪)293‬‬
‫وخيتلفان يف القدر‪ ،‬وال خيفى أن املصارفة يشرتط هلا يف حال احتاد‬
‫جنس�ا املامثلة والقبض يف جمل�س العقد‪ ،‬فرشط املامثلة‬
‫العوضني ً‬
‫يف العوضين مفقود يف عملية حتصيل الكمبيالة من طرف ثالث‪.‬‬
‫ونظرا إىل أن املرصف يده عىل الكمبياالت يد أمانة ورهن‪ ،‬فليس‬ ‫ً‬
‫مال�كًا للكمبيال�ة وال حمصلاً هلا‪ ،‬وإنام ذل�ك ملالكها وهو العميل‬
‫املدي�ن له‪ ،‬وعميلك�م يف ذلك حمصور يف اإلفراج ع�ن الكمبيالة‬
‫جزءا‬
‫من حجزكم إياها‪ ،‬وذلك يف مقابل تسلمكم بعض مبلغها ً‬
‫من سداد ما عليه – أي العميل – من دين لكم‪.‬‬
‫وعليه فال يظهر يل مالحظة رشعية يف إفراجكم عن الكمبيالة؛‬
‫ليقوم العميل بتحصيلها وإثم الترصف عىل العميل نفسه ولكن‬
‫يشرتط لرباءة ذمتكم من هذا الترصف أال يكون منكم اتفاق مع‬
‫البن�ك املحصل يف إجراءات التحصي�ل‪ ،‬وإنام يكون من العميل‬
‫نفس�ه‪ ،‬م�ع البن�ك – الط�رف الثالث – وجي�وز لك�م وبالتعاون‬
‫م�ع العمي�ل أن تدخل�وا مع البن�ك اخلارجي الضام�ن يف عملية‬
‫التحصيل باعتباره بحكم ضامنه مدينًا بمبلغ الكمبيالة موضوعة‬
‫التحصي�ل‪ ،‬وذل�ك بالدخ�ول مع�ه يف مس�ألة (ض�ع وتعج�ل)‬
‫فيقوم هذا البنك اخلارجي بتعجيل س�داد الكمبيالة للعميل عن‬

‫(‪)294‬‬
‫طريقك�م يف مقابل التنازل له عن بعض مبلغ الكمبيالة‪ ،‬ثم يقوم‬
‫ه�ذا البنك اخلارجي بتحصيل مبلغ الكمبيالة يف تاريخ س�دادها‬
‫ممن هو مدين بمبلغها‪ ،‬هذا ما ظهر يل‪ ،‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫س‪ :19٥‬لدين�ا عدد من األغن�ام بحدود ‪ 1200‬رأس غنم‬
‫(كبير وصغير) ويتم بيع األغنام بالس�وق وجزء لالس�تهالك‬
‫املن�زيل‪ ،‬علًم�اً أن�ه يف الس�ابق كان من�دوب الدولة ي�أيت وحيرص‬
‫األغن�ام ويأخذ نصيب ال�زكاة من األغنام‪َّ .‬أم�ا اآلن فإنه يأخذ‬
‫نقدا‪ ،‬فهل هذا جائز؟ أم الواج�ب علينا أن نخرج منها‬ ‫ال�زكاة ً‬
‫زكاهت�ا؟ وه�ل عىل الدخل من املبي�ع إذا زاد عن النصاب زكاة‬
‫وكم نسبة الزكاة فيه؟‬
‫الجواب‪ :‬احلمد هلل‪ ،‬يشترط لزكاة امل�وايش‪ -‬اإلبل‪ ،‬البقر‪،‬‬
‫الغنم – أن تكون س�ائمة أي ترعى يف البر غالب احلول‪ ،‬أما إذا‬
‫كان�ت ترعى يف م�زارع مالكه�ا أو أنه يطعمه�ا يف حظائرها فال‬
‫زكاة فيها إال إذا أعدت للتجارة فتعترب من عروض التجارة جتب‬
‫الزكاة يف قيمتها كل حول بواقع ربع العرش ‪.%2.5‬‬
‫وأم�ا دخل ه�ذه األغنام فإذا مل تك�ن متخذة للتج�ارة فال زكاة يف‬
‫الدخل إال فيام حيول عليه احلول من مبالغ بيعها‪ .‬إذا بيعت واهلل أعلم‪.‬‬

‫(‪)295‬‬
‫س‪ :19٦‬لدين�ا ع�دد من اإلب�ل رأس (كبير وصغري) فهل‬
‫فيه�ا زكاة وكم مقدارها؟ علام بأهنا ليس�ت مع�دة للتجارة وإنام‬
‫لالنتفاع واالس�تفادة من احلليب‪ ،‬وبالنس�بة للرع�ي ففي الربيع‬
‫ترعى ويف الصيف نتكلف برشاء األعالف هلا؟‬
‫الج�واب‪ :‬احلم�د هلل‪ ،‬يشترط لوجوب ال�زكاة يف املوايش‬
‫– اإلب�ل‪ ،‬البق�ر‪ ،‬الغن�م – أن تك�ون س�ائمة أي ترعى يف الرب‬
‫أكث�ر احلول وأم�ا إذا كان صاحبها يعلفها احل�ول كله أو أكثره‬
‫فلا جتب فيها الزكاة‪ ،‬إال أن تكون معدة للتجارة فتجب الزكاة‬
‫يف قيمتها يف مت�ام احلول وإن كان صاحبها يعلفها يف حظائرها‪.‬‬
‫واهلل أعلم‪.‬‬
‫س‪ :19٧‬الرشك�ة تص�در ميزانيته�ا وحصر املبال�غ التي هلا‬
‫والتي عليها بالتاريخ امليالدي أي ‪ 12/31‬من كل سنة ميالدية‪،‬‬
‫فهل الزكاة جتب عىل هذا التاريخ امليالدي أم اهلجري (احلول)؟‬
‫وما احلل العميل؟‬
‫الجواب‪ :‬احلمد هلل‪ ،‬ال�زكاة يف املوايش واألثامن جتب ىف كل‬
‫حول هجري وال اعتبار للحول امليالدي‪ .‬حيث إن السنة امليالدية‬
‫يوم�ا‪ .‬فإذا‬
‫تزي�د عن الس�نة اهلجري�ة القمرية بقراب�ة ثالثة عرش ً‬

‫(‪)296‬‬
‫اعتربن�ا التاريخ امليالدي َت َر َّتب عىل ذلك نقص يف مقدار الزكاة‪.‬‬
‫وأما احلل العميل فهو لدى اجلهات املحاسبية‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫س‪ :19٨‬متل�ك الرشكة عقارات معدة لالس�تثامر منها ما له‬
‫تبن ومنها ما مل يؤجر‪ ،‬فهل الزكاة عىل قيمة‬ ‫ٍ‬
‫أراض مل َ‬ ‫إيراد ومنها‬
‫األصل أم عىل اإليراد أم عىل اإلمجايل هلذه العقارات؟‬
‫وم�اذا عن األرايض املعدة لالس�تثامر ولكن مل تب�ع فهل عليها‬
‫زكاة كل س�نة أم ال؟ وماذا عن األرايض املعدة للبناء ثم التأجري‬
‫يبن عليها فهل عليها زكاة؟‬‫والبيع وحال عليها احلول ومل َ‬
‫الجواب‪ :‬احلمد هلل‪ ،‬حيتاج األمر إىل بيان املقصود من االستثامر‬
‫ٍ‬
‫وأراض – فإذا كان‬ ‫ه�ل املقصود ب�ه املتاجرة يف العقارات – ٍ‬
‫مبان‬
‫هذا ه�و املقصود فتعترب هذه العقارات ع�روض جتارة جتب فيها‬
‫ال�زكاة يف قيمتها كل عام أصوهل�ا وواردها حيث ُت َق َّوم آخر العام‬
‫ويزك�ى عن ثمنها بمق�دار الزكاة فيه‪ ،‬وأم�ا إذا كان املقصود من‬
‫االستثامر اس�تغالل هذه العقارات بالتأجري دون نية املتاجرة فيها‬
‫بالبي�ع والشراء‪ ،‬فهذه العقارات هب�ذا القصد والني�ة والعمل ال‬
‫جتب الزكاة يف أصوهلا وإنام جتب فيام حيول عليه احلول من غالهلا‪.‬‬

‫(‪)297‬‬
‫وأم�ا األرايض املع�دة للتجارة والت�ي ان ُتظر هبا أكثر من س�نة ومل‬
‫يت�م بيعها‪ ،‬ه�ذه األرايض جتب الزكاة يف قيمته�ا كل عام باعتبار‬
‫تقويمه�ا عند متام احلول‪ ،‬وإن امتد االنتظ�ار هبا إىل أعوام‪ .‬وهذا‬
‫ما عليه أكثر أهل العلم وتقتضيه عموم النصوص‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫س‪ :19٩‬تعم�ل الرشك�ة باالس�تثامر يف األس�هم املحلي�ة‬
‫والدولية‪ ،‬إال أهنا ال تتعامل يف االس�تثامر يف أس�هم البنوك‪ ،‬وإنام‬
‫بالشركات الصناعي�ة ورشكات األدوي�ة ورشكات الكمبيوتر‬
‫واإلنرتنت (والتي نعتقد أو نعلم من اجلرائد أهنا تأخذ القروض‬
‫م�ن البن�وك وتدفع الفوائ�د) فهل االس�تثامر يف ه�ذه الرشكات‬
‫حالل أم حرام؟ وتعاملنا عن طريق رشكة الراجحى‪.‬‬
‫الجواب‪ :‬احلمد هلل‪ ،‬يظهر من السؤال أن رشكة السائل تتاجر‬
‫يف األسهم املحلية والدولية عن طريق رشكة الراجحي املرصفية‬
‫ف�إذا كان األمر كذلك فإن لدى رشك�ة الراجحي املرصفية هيئة‬
‫رقاب�ة رشعية تقوم بمراقبة تعام�ل الرشكة بالتجارة واملتاجرة يف‬
‫األس�هم طبق�ا ملا لدهيا م�ن ضوابط وقيود‪ .‬وعلي�ه فال حمذور يف‬
‫املتاجرة باألس�هم يف حدود الصناديق االستثامرية التابعة لرشكة‬
‫الراجحي املرصفية املعتمدة من هيئتها الرشعية واهلل املستعان‪.‬‬

‫(‪)298‬‬
‫س‪ :٢٠٠‬إذا كان االس�تثامر يف األس�هم لرشكات نعتقد (أو‬
‫ً‬
‫قروضا م�ن البنوك وتدفع‬ ‫نعل�م من اجلرائد اليومي�ة) أهنا تأخذ‬
‫الفوائد‪ ،‬فهل جيوز رشاء أسهمها وبيعها لغرض املضاربة وأخذ‬
‫أرباح من فروقات األس�عار‪ ،‬وليس الغرض االستمرار مع هذه‬
‫الرشكة وجني األرباح منها؟‬
‫الجواب‪ :‬احلمد هلل‪ ،‬ال ش�ك أن الفرد حينام يس�تقل باملتاجرة‬
‫يف األس�هم فهو يف الغالب جيهل الكثري من الضوابط والرشوط‬
‫املجيزة لذلك فقد يقع يف املمنوع‪ .‬وعليه فينبغي أن تكون املتاجرة‬
‫يف األسهم عن طريق صناديق استثامر لدهيا هيئات رقابية رشعية‪،‬‬
‫تقوم بمتابع�ة هذه الرشكات ومراقبتها والنظر فيام جتوز املتاجرة‬
‫فيه منها وم�ا ال جيوز‪ ،‬طبقا ملا لدهيا من ضوابط وقيود للمتاجرة‬
‫يف أسهم الرشكات‪ .‬وعليه فال بأس باملتاجرة فيها وفق الضوابط‬
‫الرشعية‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫س‪ :٢٠١‬ورد س�ؤال م�ن بعض عامل رشكة الزي�ت العربية‬
‫املحدودة باخلفجي هذا نصه‪:‬‬
‫م�ا حكم املكاف�أة املمنوحة من الرشكة حس�ب ما هو موضح‬
‫بالبند«‪ »2-9‬من نظام االدخار واالستثامر الصادر من الرشكة‪.‬‬

‫(‪)299‬‬
‫وه�ل ترك جزء من الراتب ‪ %10‬عن�د الرشكة يعترب يف حكم‬
‫القرض الذي يتقاىض صاحبه فائدة؟ وقد أرفق مع هذا الس�ؤال‬
‫ص�ورة من نظ�ام االس�تثامر واالدخار ل�دى الرشكة‪ .‬واش�تمل‬
‫الس�ؤال على رشح مفصل ع�ن طريق�ة اقتطاع جزء م�ن راتب‬
‫املوظف عند رغبته لتوظيفها يف االستثامر واالدخار؟‬
‫الج�واب‪ :‬احلم�د هلل‪ ،‬لق�د جرى من�ى تأمل نظ�ام الرشكة‬
‫لالس�تثامر واالدخار‪ ،‬كام جرى مني تأمل للرشح املش�تمل عليه‬
‫الس�ؤال ال س�يام ما يتعلق بالفقرة ‪ 2-9‬م�ن نظام الرشكة فظهر‬
‫يل أن املكافأة التي تدفعها الرشكة‪ ،‬للعامل عند انتهاء خدمته ال‬
‫ترتب�ط بام يدخره لدهيا ارتبا ًطا ً‬
‫رئيس�ا وإنام ترتبط املكافأة بصايف‬
‫االدخار ارتباطا معياريا لتقدير املكافأة‪ ،‬وهي مكافاة من الرشكة‬
‫لعامهل�ا تقصد منها إغراءه�م عىل البقاء يف خدمتها وترغيبهم يف‬
‫الدخول يف هذا النوع من االستثامر ملصلحتهم‪.‬‬
‫وإذا كان�ت ترب�ط املكاف�أة بنتيجة االس�تثامر فإهن�ا جتد ذلك‬
‫وس�يلة لتقدير مكاف�أة املوظف وال ش�ك أن الرشكة هتدف من‬
‫رعايته�ا هذا النظام ورصفه�ا عليه املبالغ الكبيرة من مكافآت‬
‫إضافي�ة – انظ�ر املادة ‪ – 9‬أو مس�تلزمات مالي�ة يف مقابلة إدارة‬

‫(‪)300‬‬
‫ه�ذا النظ�ام – انظر املادة ‪ – 4-7‬هتدف م�ن وراء ذلك اإلغراء‬
‫بالعمل لدهيا باس�تمرارية العمل ليكون لدهيا القدرة العاملية يف‬
‫قيامها بأعامهلا األساس�ية‪ .‬هبذا التوجيه والتوضيح فإنه ال يظهر‬
‫يل حم�ذور فيام تقدم�ه الرشكة لعامهل�ا من مكاف�آت إضافية عند‬
‫انتهاء اخلدمة تقدر طبقا للامدة ‪ 2-9‬من نظام االستثامر‪.‬‬
‫هذه إجابة عىل الشق األول من السؤال‪ ،‬وأما اإلجابة عىل الشق‬
‫الث�اين منه‪ :‬هل ترك جزء م�ن الراتب ‪ %10‬عند الرشكة يعترب يف‬
‫حك�م القرض الذي يتقاىض عليه صاحب�ه فائدة؟ فاإلجابة عنه‬
‫تتضح من التمهيد له‪:‬‬
‫فقد جاء يف نظام االس�تثامر واالدخ�ار أن الرشكة تقوم بإدارة‬
‫اس�تثامر هذه األموال بصفتها أمي ًنا مسؤولاً – انظر املادة ‪– 1-7‬‬
‫وهذا يعني أن الرشكة بمنزلة الوكيل املفوض لالستثامر بموجب‬
‫استامرة طلب االستثامر‪ .‬حيث جاء يف نظام االستثامر‪ :‬إن الرشكة‬
‫تقوم باستثامر أموال عامهلا يف وجوه خمتلفة ولصاحلهم بعد اقتطاع‬
‫مصاري�ف االس�تثامر ‪ -‬انظ�ر امل�ادة ‪ - 7‬ف�إذا مل يكن يف اس�تثامر‬
‫الرشك�ة وجه من الوجوه املحرمة رش ًع�ا كاالدخار لدى البنوك‬
‫بفائدة أو البيع والرشاء يف السندات النقدية‪ .‬ومتحض استثامرهم‬

‫(‪)301‬‬
‫يف وج�وه مرشوع�ة كاملصارف�ة يف العمالت من ورقي�ة أو ذهبية‬
‫أو فضي�ة وكان ذلك ًيدا بيد‪ ،‬أو البي�ع والرشاء يف العقارات‪ ،‬أو‬
‫الدخول يف مش�اريع استثامرية عىل سبيل املضاربة أو املشاركة يف‬
‫البيع والرشاء يف أسهم الرشكات أو البيوع إىل أجل يف معامالت‬
‫الس�لم‪ ،‬أو غري ذلك من املعامالت التجارية اخلالية من أس�باب‬
‫بطالهن�ا رش ًع�ا‪ ،‬إذا كانت الرشكة تقوم باس�تثامر ودائع عامهلا يف‬
‫أعامل اس�تثامرية مباح�ة فإن ما يتحصله العامل املس�تثمر املدخر‬
‫من ربح رشكته ال يظهر يل بأس فيه‪ ،‬وال يف اعتباره‪ ،‬وليس ً‬
‫قرضا‬
‫ج�ر منفعة‪ .‬وإنام هو مال مس�تثمر بطريق مشروع ال غبار عليه‪،‬‬
‫بدلي�ل أن َم ْن تس�تثمر الرشك�ة وديعته قد خيرس وق�د يربح انظر‬
‫املادة ‪ 2-7‬من نظام االس�تثامر واالدخار‪ ،‬ويبقى علينا حكم من‬
‫يدخر من العامل وال يرغب اس�تثامر وديعته فإذا انقضت خدمته‬
‫يف الرشكة وتس�لم منها مكافأت�ه اإلضافية طبقا للقرار ‪ 2-9‬من‬
‫نظ�ام االدخار واالس�تثامر فهل يعتبر ما تس�لمه مرتب ًطا بمقدار‬
‫وديعته؟ وما النس�بة التي يستحقها طب ًقا لسنني خدمته هل يعترب‬
‫ذلك من القرض الذي جير نف ًعا؟‬

‫(‪)302‬‬
‫لقد مرت اإلجابة عن ذلك بصفة جمملة‪ ،‬إذ هي داخلة فيام إذا‬
‫كان املدخ�ر قد رغب من الرشكة يف اس�تثامر وديعته‪ .‬ولتوضيح‬
‫اإلجاب�ة عن ذلك بيشء من التفصيل‪ ،‬ف�إن الوديعة التي أودعها‬
‫قرض�ا منه للرشكة‪ ،‬وإنام هي وديعة‬‫العامل لدى الرشكة ليس�ت ً‬
‫مضمون�ة تقصد الرشك�ة من قبوهلا ه�ذه الودائ�ع والرتغيب يف‬
‫اس�تيداعها من قبل عامهلا مصلح َة عامهلا يف اطمئناهنم إىل وجود‬
‫مبالغ هلم حمفوظة ومهيأة هلم عند احلاجة‪ .‬وما تضيفه الرشكة إىل‬
‫هذه الودائع ملن تنتهي خدمته لدهيا هو بمنزلة مكافأة منها للعامل‬
‫لقصد احتف�اظ الرشكة بحس�ن تعاملها‪ ،‬وذكرها ل�دى معارفه‬
‫وأصدقائه بالذكر احلس�ن والس�معة احلس�نة؛ إلغ�راء اآلخرين‬
‫يف العمل لدهي�ا ولرعايتها اجلانب اإلنس�اين‪ .‬فليس هناك رابطة‬
‫نفعي�ة بني الوديعة ذاهتا واملكافأة نفس�ها‪ ،‬وإنما الوديعة ملصلحة‬
‫العامل لتحفظها له خش�ية إنفاقها إذا كانت يف يده‪ ،‬واملكافاة من‬
‫الرشكة للعامل إغراء له باالستمرار للعمل لدهيا‪ ،‬ال أن الرشكة‬
‫جزءا من الفائدة‪.‬‬
‫اس�تفادت من هذه الوديعة فأعطت صاحبه�ا ً‬
‫وعلي�ه فلا يظهر يل أن ه�ذه املكافأة من قبي�ل القرض الذي جير‬
‫نف ًعا وبالتايل فال يظهر يل فيها بأس‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬

‫(‪)303‬‬
‫س ‪ :٢٠٢‬أعمل يف رشكة تستورد عىل بواخرها حلوم اخلنازير‬
‫واخلمرة‪ .‬فهل جيوز يل أن أرشف عىل تنزيلها من البواخر؟‬
‫الجواب‪ :‬احلم�د هلل‪ ،‬هذه الرشكة آثمة يف جتارهتا ومعاملتها‬
‫الس�يئة يف التجارة باملحرمات‪ ،‬وال�ذي يعمل معها متعاون معها‬
‫عىل اإلثم والعدوان ومعصية اهلل ورسوله‪ ،‬وعليه فيجب عىل هذا‬
‫السائل أن يتقي اهلل ربه وأال يعمل يف هذا املجال اآلثم‪ ،‬فاملتعاون‬
‫على اخلير كفاعله ومن يت�ق اهلل ييسر اهلل له األمر‪ ،‬ق�ال تعاىل‪:‬‬
‫﴿ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥﮦ ﮧ ﮨ‬
‫ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ﴾‪ .‬والله أعلم‪.‬‬
‫س ‪ :٢٠٣‬م�ا معنى قول بعض الفقهاء بأن دين الس�لم دين‬
‫غري مستقر ومع ذلك يقول وبوجوب الزكاة عىل املشرتي رشاء‬
‫س�لم ويف رشوط الزكاة أن يكون املال الزكوي مملوكًا للمزكى‬
‫مستقرا؟‬
‫ً‬ ‫ملكًا‬
‫الجواب‪ :‬احلمد هلل‪ ،‬هذه املسألة ‪ -‬ديون السلم ‪ -‬مما اختلف‬
‫يف زكاهت�ا الفقه�اء فجمهورهم عىل أن ال�زكاة فيها كالزكاة عىل‬
‫الديون‪ ،‬فإن كانت على ميلء باذل وجبت فيها الزكاة كل حول‬
‫إذا كان�ت مع�دة للتجارة‪ ،‬ف�إن كانت عىل معسر أو مماطل‪ ،‬فال‬

‫(‪)304‬‬
‫زكاة عليه�ا حت�ى يقبضها ويس�تقبل هبا ح�ولاً ‪ ،‬وهناك من أهل‬
‫العلم من قال يزكيها إذا قبضها لعام واحد ولو بقيت عند املدين‬
‫سنوات عدة‪.‬‬
‫والذين يقولون بأهنا مال غري مستقر ومع ذلك يقولون بزكاهتا‬
‫مع تقريرهم رشط اس�تقرار امللك لوجوب ال�زكاة فهم يقولون‬
‫بأنه يزكي رأس ماله الذي دفعه إىل البائع س�لماً ؛ ألن أمر املس�لم‬
‫‪ -‬املشتري ‪ -‬ال خيلو من حالتني إما أن يفي البائع س�لماً بس�داد‬
‫ما عليه مما أس�لم في�ه‪ ،‬وإما أن يتعذر ذلك فريجع املشتري عىل‬
‫البائع برأس ماله الذي دفعه له وينفس�خ عقد املسلم‪ .‬فقالوا بأن‬
‫مال مستقر فتجب فيه الزكاة‪.‬‬ ‫رأسامله ٌ‬
‫املشرتي سلماً ُ‬
‫ه�ذا وجه القول بإجياب الزكاة عليه‪ ،‬وإن كان دينه س�لماً غري‬
‫فرأس ماله ٌ‬
‫مال مس�تقر إما باس�تيفائه دينه أو برد رأس‬ ‫مس�تقر‪ُ .‬‬
‫ماله إليه يف حال تعذر السداد‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫س ‪ :٢٠٤‬ه�ل جي�وز رش ًع�ا بيع عمل�ة بعملة أخ�رى خمتلفة‬
‫القيمة واجلنسية كبيع الدوالر األمريكي باليورو األوريب؟‬
‫الج�واب‪ :‬احلم�د هلل‪ ،‬ال يظهر يل مانع رشعي م�ن ذلك إذا‬
‫كان�ت املصارفة مس�تكملة رشطي صحة املصارف�ة ‪ -‬التامثل يف‬

‫(‪)305‬‬
‫حال�ة احتاد جنس املصارفة يف العوضني‪ ،‬وأن يتم التقابض يف جملس‬
‫العقد واهلل أعلم‪.‬‬
‫س ‪ :20٥‬ه�ل جي�وز للمؤسس�ات املالي�ة الكبرى التعامل‬
‫باملصارفة فيام بينها بوس�ائل العرص اإللكرتونية برأس مال ناتج‬
‫ع�ن عمليات مصارفة صادرة هلا وعليها بضامن االلتزام القانوين‬
‫ووجاهته�ا؟ ويعن�ي بالوجاه�ة االلت�زام ب�األداء املؤس�س عىل‬
‫السمعة والثقة املتبادلة بني الطرفني ماد ًّيا ومعنو ًّيا‪.‬‬
‫الج�واب‪ :‬احلمد هلل‪ ،‬الس�ؤال غري واضح وفي�ه يشء ظاهره‬
‫التناق�ض فلا خيف�ى أن املصارفة تص�ح إذا حتقق فيه�ا رشطان‪:‬‬
‫أحدمها التامثل يف حال احتاد اجلنس يف العوضني والثاين التقابض‬
‫يف جملس العقد‪ .‬وقد صدرت الفتاوى باعتبار القيد يف احلس�اب‬
‫يف معن�ى القب�ض‪ .‬ولك�ن بشرط أن يك�ون القيد احلس�ايب عىل‬
‫حس�اب دائن غري مكش�وف‪ .‬فإذا كان القيد احلس�ايب عىل سبيل‬
‫االلت�زام والوجاه�ة فه�ذا يعن�ي أن احلس�اب حم�ل القي�د مدين‬
‫ومكشوف‪ ،‬وأن القيد فيه مبني عىل االلتزام بتغطيته والثقة املبنية‬
‫عىل الوجاهة بالوفاء بالتغطية‪ .‬وهذا يعني فقد التقابض احلقيقي‬
‫يف جملس العقد‪ .‬وأن العوضني أو أحدمها دين يف ذمة املصارف‪.‬‬

‫(‪)306‬‬
‫كام أن القيد احلس�ايب لنتيجة املصارفة قيد عىل حساب مكشوف‬
‫مدي�ن‪ ،‬وبالت�ايل ف�إن رشط التقاب�ض يف جمل�س العق�د مفقود‪،‬‬
‫وبفق�ده تكون املصارف�ة غري صحيحة‪ ،‬وباطل�ة لقوله ﷺ‪« :‬إذا‬
‫اختلفت األجناس فبيعوا كيف شئتم وإذا كان ًيدا بيد»‪.‬‬
‫وأم�ا املصارفة بوس�ائل العرص اإللكرتونية فلا يظهر يل مانع‬
‫م�ن ج�واز املصارفة ع�ن طريقها‪ ،‬لكن بشرط أن يتحق�ق فيها‬
‫رشط صحة املصارفة وهو التقابض يف جملس العقد س�واء أكان‬
‫تقابضا حكم ًّيا كالقيود احلسابية‪،‬‬
‫ً‬ ‫تقابضا حس ًّيا أم كان‬
‫ً‬ ‫التقابض‬
‫برشط أن يكون احلس�اب دائنًا ال مدينًا وبقدر القيد أو أكثر منه‪.‬‬
‫واهلل أعلم‪.‬‬
‫س ‪ :20٦‬جرت العادة يف املايض أن يكون القبض يف املصارفة‬
‫فور ًّيا من قبل الفرد بمبالغ يسهل محلها ًيدا بيد‪ ،‬بينام تتم عمليات‬
‫املصارفة املعارصة بني املؤسسات املالية العاملية فور ًّيا بسعر حمدد‬
‫متف�ق عليه عرب القارات بوس�ائل العصر اإللكرتونية‪ ،‬وبمبالغ‬
‫ضخم�ة يتعذر محله�ا وعليه يتم التقابض بالقي�ود البنكية ‪ -‬قيد‬
‫اخلص�م أو اإلضافة ‪ -‬فهل هذه الصورة املعارصة للقبض جائزة‬
‫رش ًعا وتقوم مقام التسليم ًيدا بيد؟‬

‫(‪)307‬‬
‫الج�واب‪ :‬احلمد هلل‪ ،‬ال يظه�ر يل مانع من ج�واز ذلك لكن‬
‫بشرط أن يك�ون القيد على حس�اب دائن غري مكش�وف‪ .‬وقد‬
‫صدر م�ن جممع الفقه اإلسلامي التابع لرابطة العامل اإلسلامي‬
‫قبضا ملا‬
‫قبضا‪ ،‬وباعتبار الشيك املعترب ً‬
‫قرار باعتبار القيد املرصيف ً‬
‫احتواه‪ ،‬حيث إن القبض لكل يشء بحس�به وبحسب ما يقتضيه‬
‫العرف‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫س ‪ :20٧‬ه�ل جي�وز رش ًع�ا يف املصارف�ة التعام�ل بأس�عار‬
‫الرصف العاملية املعلنة عىل الشاش�ات اإللكرتونية للتعاقد احلال‬
‫املحدد املتفق عليه‪ ،‬أو التعاقد احلال بالسعر املستقبيل‪ ،‬بحيث يتم‬
‫التقابض يف التاريخ املحدد املتفق عليه بني الطرفني؟‬
‫الج�واب‪ :‬احلم�د هلل‪ ،‬بعد تأميل الس�ؤال أكثر م�ن مرة مل‬
‫تظه�ر صورته‪ ،‬ولكن يظهر من عب�ارة (بحيث يتم التقابض‬
‫يف التاري�خ املحدد واملتف�ق عليه بني الطرفين) يظهر أن عقد‬
‫املصارفة قد تم بسعر حمدد ومعلوم سواء أكان السعر حال ًيا أم‬
‫مستقبل ًيا‪ ،‬وأن تسليم وتسلم العوضني كان مؤجلاً إىل تاريخ‬
‫حمدد‪ .‬إذا كان هذا هو تصور السؤال فالذي يظهر يل أن القول‬
‫بجواز ذلك غري صحيح فهو عقد باملصارفة فاقد رشط صحته‬

‫(‪)308‬‬
‫يدا بيد ‪ -‬فالعقد باملصارفة قد‬
‫وهو التقابض يف جملس العقد ‪ً -‬‬
‫ت�م‪ .‬وتقابض العوضني مؤجل إىل وق�ت الحق إلبرام العقد‬
‫ومس�تند ه�ذا البطالن حديث رس�ول اهلل ﷺ حي�ث يقول‪:‬‬
‫يدا بيد»‪.‬‬
‫«إذا اختلف�ت األجناس فبيعوا كيف ش�ئتم إذا كان ً‬
‫واهلل أعلم‪.‬‬
‫س ‪ :20٨‬ه�ل جي�وز تقايض األجر املتف�ق عليه بني الطرفني‬
‫مقابل أعامل اخلربة يف عمليات املصارفة؟‬
‫ً‬
‫غموضا يف‬ ‫الج�واب‪ :‬احلمد هلل‪ ،‬بتأميل للس�ؤال ظهر أن فيه‬
‫تصوير وقائع الس�ؤال‪ ،‬والذي يظهر أن األجر للخبري املستش�ار‬
‫ليس حمق ًقا إال يف حال الربح وبنسبة منه غري واضحة‪.‬‬
‫وال خيف�ى أن األج�رة على العم�ل مرشوعة ومباح�ة‪ ،‬ولكن‬
‫يشترط أن تك�ون معلوم�ة بغ�ض النظ�ر ع�ن رب�ح املؤج�ر أو‬
‫الس�ؤال ‪ -‬بالرغم من غموضه ‪ -‬أن‬
‫َ‬ ‫خس�ارته‪ ،‬والذي يظهر من‬
‫األجرة مقيدة بالربح يف املصارفة‪ ،‬وهذا القيد جيعل اإلجارة غري‬
‫صحيحة الحتمال ضياع األجرة عىل األجري وضياع جهده بغري‬
‫حق‪ ،‬وذلك يف حال اخلسارة يف املصارفة‪.‬‬

‫(‪)309‬‬
‫ونظ�را إىل أن احلك�م عىل اليشء فرع ع�ن تصوره‪ ،‬وحيث إن‬
‫ً‬
‫هذا الس�ؤال وما قبله فيهام من الغم�وض وعتم التصور ما يمنع‬
‫م�ن إعطاء اجلواب عن كل منهام‪ .‬وقد كان مني اإلجابة عن كل‬
‫واحد منهام حس�ب تصوري الذي يمكن أن يكون غري املقصود‬
‫السؤال‪ .‬واهلل املستعان‪.‬‬
‫من َ‬
‫س ‪ :20٩‬أن�ا تاج�ر عملة جت�اريت بالري�ال الس�عودي‪ ،‬وأنا‬
‫مدي�ن إلحدى الرشكات األملاني�ة بامئة مليون دوالر ألجل حمدد‬
‫وأخشى ارتفاع سعر اليورو وقت السداد فام طريقة التحوط هلذا‬
‫االحتامل؟‬
‫الج�واب‪ :‬احلم�د هلل‪ ،‬يمك�ن للس�ائل أن يس�لك لتحوطه‬
‫إح�دى طريقتني أو أن يأخذ هبام م ًعا‪ .‬الطريقة األوىل أن يتفق مع‬
‫أح�د البن�وك املليئة بأخذ وعد م�ن البنك على أن ُيصارفه املبلغ‬
‫املحت�اج إلي�ه وقت حل�ول س�داده مديونيته وذلك بس�عر معني‬
‫حيق�ق له التح�وط‪ .‬وللمتح�وط أن يعط�ي البن�ك الواعد أجرة‬
‫جي�ري االتف�اق عىل حتديده�ا مقابل االلت�زام بالوع�د‪ ،‬فإذا جاء‬
‫وق�ت حل�ول مديونيته ج�رت املصارفة بينه وبين البنك وحتقق‬

‫(‪)310‬‬
‫ل�ه باملصارف�ة املبلغ املح�دد ملديونيته‪ .‬والطريق�ة الثانية أن جيري‬
‫تور ًقا مع أحد املؤسسات املالية أو مع أحد أفراد رجال التجارة‪،‬‬
‫بحيث يبيعه س�لعة معينة بقدر مديونيته وبأجل حلول مديونيته‬
‫وبالعمل�ة التي هبا مديونيته املطالب هبا‪ ،‬وهبذه الطريقة يس�تطيع‬
‫حتقيق التحوط‪ .‬واهلل املستعان‪.‬‬
‫س ‪ :2١٠‬ما الفرق بني احلسابات اجلارية والودائع واالستثامر‬
‫والصكوك اإلسالمية؟ وما الفرق بني الوديعة املضمونة والوديعة‬
‫غري املضمونة؟‬
‫الجواب‪ :‬احلمد هلل‪ ،‬احلس�ابات اجلارية ل�دى البنوك تأخذ‬
‫حك�م الدي�ون‪ ،‬بحي�ث جيوز للبن�ك أن يترصف يف احلس�ابات‬
‫اجلاري�ة بصفته�ا مل�كًا للبن�ك‪ ،‬على أن يتحم�ل يف ذمت�ه هذه‬
‫احلس�ابات بصفته�ا ديونً�ا ألهلها على البنك‪ ،‬وه�ي ديون غري‬
‫مؤجل�ة بل أمر س�دادها عند طلب أصحاهب�ا‪ .‬ويف حال تفليس‬
‫البن�ك وإج�راء تصفيته تكون هذه احلس�ابات م�ن موجودات‬
‫البنك ومن مشتمالت التصفية‪ .‬ويكون أصحاب هذه احلسابات‬
‫من ضمن دائني البنك‪ ،‬جيري السداد هلم من صايف التصفية عن‬
‫طريق املحاصة‪.‬‬

‫(‪)311‬‬
‫وأما الودائع االس�تثامرية لدى البنك فه�ي بيده أمانة يترصف‬
‫فيها وفق االتفاق بينه وبني صاحب الوديعة‪ ،‬فإن كان وكيلاً فله‬
‫أجر الوكالة‪ .‬وإن كان مضار ًبا فله حصته من الربح وفق ما جيري‬
‫عليه االتفاق بينهام يف تقاس�م الربح‪ .‬والوديعة بيده أمانة ال جيوز‬
‫له أن يضيفها إىل موجوداته‪ ،‬وال إىل قوائمه املالية يف ميزانيته‪ ،‬وال‬
‫أن حتس�ب ضمن موجوداته يف ح�ال تصفيته‪ ،‬بل جيب أن يكون‬
‫هلا حساب خاص هبا‪ .‬ويف حال خسارهتا جزئ ًّيا أو كل ًّيا وهي بيد‬
‫البنك من غري أن يكون س�بب اخلس�ارة من البن�ك من إمهال أو‬
‫تع�د أو خمالفة‪ ،‬فال ضامن عىل البنك وتكون اخلس�ارة‬ ‫تقصير أو ٍّ‬
‫على صاحب الوديعة االس�تثامرية‪ .‬فإن كان من البنك س�بب يف‬
‫اخلسارة فعليه الضامن‪ .‬وللصكوك اإلسالمية يف يد البنك املمثل‬
‫حلمل�ة الصكوك نفس األحكام املتعلقة بالودائع االس�تثامرية مما‬
‫ذكر أعاله‪.‬‬
‫والوديعة غري االستثامرية لدى البنك إما أن ال يترصف فيها بل‬
‫مسؤوليته منحرصة يف حفظها‪ ،‬وقد بذل جهده النايف للتقصري يف‬
‫حفظه�ا‪ ،‬ثم حيص�ل عليها تلف فال ضامن علي�ه‪ ،‬ولو كان تلفها‬
‫وهي حتت يده‪.‬‬

‫(‪)312‬‬
‫وأما الوديعة غري االس�تثامرية التي ترصف فيها البنك فتتحول‬
‫من وديعة غري مضمونة إىل وديعة مضمونة عىل البنك لترصفه فيها‬
‫م�ن غري إذن مودعها‪ ،‬و ُي َم َّثل هلذه الودائع املضمونة باحلس�ابات‬
‫اجلارية‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫س ‪ :2١١‬خط�اب مفت�وح إىل رؤس�اء جمال�س الشركات‬
‫التجارية وأعضائها‪:‬‬
‫السالم عليكم ورمحه اهلل وبركاته‪ ،‬وبعد‪:‬‬
‫يرسين أن يكون توقيت هذا اخلطاب يف ش�هر رمضان املبارك‪،‬‬
‫شهر التقوى‪ ،‬وزيادة اإليامن‪ ،‬وقوة الشعور بسلطان اهلل وعظمته‬
‫وغريته عىل حدوده‪ ،‬وأن يكون خطا ًبا ألهل اإلسالم واإليامن‪.‬‬
‫إخ�واين ‪ -‬حفظك�م اهلل ‪ -‬تعرف�ون أنك�م وكالء املس�امهني‬
‫ونواهب�م يف الشركات اللايت متثلوهن�م فيه�ا‪ ،‬فيام يتعل�ق بذمم‬
‫الرشكات من حيث اإلل�زام وااللتزام واالمتثال لداعي الرمحن‪،‬‬
‫وأنكم بوكاالتكم عن املسامهني أمناء عىل تسيري أعامل الرشكة‪.‬‬
‫يلزمكم العمل وفق ما تقتضيه األحكام الرشعية من حالل وحرام‬
‫وغبط�ة ومصلح�ة‪ ،‬وأنكم حماس�بون على ما تقررون�ه يف أعامل‬
‫رشا فرش‪ .‬ومن املس�لم به‪ ،‬واحلمد‬‫خيرا فخري وإن ً‬
‫الرشك�ة‪ ،‬إن ً‬

‫(‪)313‬‬
‫هلل‪ ،‬أنكم مسلمون وممثلون ملسلمني‪ ،‬وأن معايري عملكم يف هذه‬
‫الشركات تتطلب تقوى اهلل تع�اىل واألمانة واخلربة والقوة‪ ،‬قال‬
‫تع�اىل‪﴿ :‬ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ﴾‪ ،‬وقال تعاىل‪﴿ :‬ﭴ‬
‫ﭵ ﭶ ﭷ ﭸﭹ ﭺ ﭻ ﭼ﴾‪ ،‬وقال تعاىل‪﴿ :‬ﯟ ﯠ‬
‫ﯡﯢﯣ ﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪ‬
‫ﯫ ﯬﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ﴾‪ ،‬وقال تعاىل‪﴿ :‬ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ‬
‫ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ﴾‪.‬‬
‫فأموال الرشكات الاليت حتت أيديكم أموال مسلمني ائتمنوكم‬
‫اس�تثامرا إسلام ًّيا خال ًيا من املكاسب اآلثمة‬
‫ً‬ ‫عليها لتس�تثمروها‬
‫والعوائد املش�بوهة‪ ،‬والنشاطات املبنية عىل التجاوز عن االلتزام‬
‫الرشعي‪ ،‬من حيث احلظر والتحريم والوسائل املفضية إليهام‪.‬‬
‫وال ش�ك أن ق�رارات كل جمل�س مرتبط�ة بذم�م مصدرهيا ‪-‬‬
‫جمال�س اإلدارات ‪ -‬فإن كانت قرارات هتدف إىل اس�تثامر أموال‬
‫الرشكة حس�بام يقتضيه الوجه الرشعي‪ ،‬مبتعدة عن كل وس�يلة‬
‫إىل املكاس�ب اخلبيث�ة‪ ،‬فق�د برأت ذم�ة كل عضو َو َّق�ع عىل هذه‬
‫القرارات وأجازها‪ .‬وإن كانت القرارات تتعلق بطلب متويالت‬
‫ربوية‪ ،‬أو بإيداعات اس�تثامرية ربوية‪ ،‬أو بإجازة تعامالت حمرمة‬

‫(‪)314‬‬
‫إما حلرمة ذاهتا أو حلرمة وس�يلة إجرائها وتنفيذها‪ ،‬فال ش�ك أن‬
‫كل عضو َو َّقع عىل مثل هذه القرارات قد علق ذمته بسوء ترصفه‬
‫يف حياته الدنيا ويف اآلخرة بآثار لعنة اهلل؛ فقد قال رسول اهلل ﷺ‪:‬‬
‫«لعن اهلل آكل الربا وموكله وشاهده وكاتبه»‪ .‬والشك أن عضو‬
‫جملس كل رشكة حني يوقع عىل قرار االس�تثامر باقرتاض ربوي‬
‫أو إق�راض ربوي أو هبما مجي ًعا فقد أكل الربا وأ َّك َله‪ ،‬واس�تحق‬
‫بذلك لعنتني‪ ،‬إن مل يكن أكثر من ذلك‪ ،‬وصار يف صف الشيطان‬
‫ومن حزبه‪ ،‬حمار ًبا اهلل ورسوله‪ ،‬قال تعاىل‪﴿ :‬ﮥ ﮦ ﮧ‬
‫ﮨﮩ ﮪﮫﮬﮭﮮﮯ ﮰ ﮱﯓﯔﯕﯖ ﯗ‬
‫ﯘ ﯙ ﯚ ﯛﯜ﴾‪.‬‬
‫وليعل�م إخوانن�ا رؤس�اء املجال�س اإلداري�ة هل�ذه الرشكات‬
‫وأعضاؤها أهنم نواب عن املسامهني يف رشكاهتم‪ ،‬وأن املسامهني‬
‫مس�لمون‪ ،‬فوضوا أمر اس�تثامر أمواهلم يف هذه الرشكات إليهم‪،‬‬
‫واستأمنوهم عىل استثامر أمواهلم بام ال يتعارض مع أحكام دينهم‬
‫منصوص�ا عليه يف النظام أم هو‬
‫ً‬ ‫ومبادئه‪ ،‬س�واء أكان تقييد ذلك‬
‫مقتضى اإليامن باهلل وأداء األمانة‪ .‬فإذا كان من املجالس اإلدارية‬
‫هب�ذه الرشكات جت�اوز وانتهاك لألح�كام الرشعي�ة فيعترب ذلك‬

‫(‪)315‬‬
‫خيانة منهم‪ ،‬وتتعلق بذممهم مس�ؤولية خيانة األمانة ومس�ؤولية‬
‫املكاس�ب اخلبيث�ة‪ ،‬وقديماً قيل وص�دق الق�ول‪« :‬رش الناس من‬
‫يظلم الناس للناس»‪.‬‬
‫إخ�واين‪ ،‬رؤس�اء وأعض�اء املجال�س وأعضاءه�ا أمامك�م‬
‫‪ -‬وفقك�م اهلل ‪ -‬رب العاملني سيحاس�بكم عىل مس�ؤوليتكم جتاه‬
‫أم�وال إخوانكم املس�لمني يف ح�ال ترصفكم فيه�ا ترص ًفا يتناىف‬
‫م�ع املقتضي�ات الرشعية من حيث األمان�ة يف القرار‪ .‬ومن حيث‬
‫األمانة يف وجوب األخذ باملكاسب املباحة‪ .‬ومن حيث األمانة يف‬
‫استهداف الغبطة واملصلحة يف االختيار يف التعامل بام ال يتعارض‬
‫م�ع املقتضيات الرشعية‪ ،‬ومن حي�ث البعد عن التفريط يف أموال‬
‫الرشكة عىل سبيل تسليط العاطفة عىل مصلحة الرشكة وأمواهلا‪.‬‬
‫ونظرا إىل أن غالب الرشكات ‪ -‬إن مل يكن مجيعها ‪ -‬قد طرحت‬
‫ً‬
‫يف سوق التداول‪ ،‬ويتداوهلا يف الغالب مسلمون خماطبون بالوعد‬
‫والوعي�د والرتغيب والرتهيب واألمر والنهي‪ .‬فإصدار قرارات‬
‫من جمالس�كم فيها التجاوز وانته�اك املحظورات الرشعية جيعل‬
‫هذه الشركات يف أقفاص االهت�ام‪ ،‬من حيث احلظ�ر والتحريم‬
‫وصحة التداول يف الرشاء والبيع والتملك‪ .‬واملتاجرون يف أسهم‬

‫(‪)316‬‬
‫هذه الرشكات أو املكتفون بأخذ عوائدها الدورية مع االحتفاظ‬
‫هبا عىل س�بيل االقتناء هم يف ذمة جمل�س إدارة كل رشكة‪ ،‬حيث‬
‫إن ملاك أس�همها من مضارب ومس�تغل مل يقدم�وا عىل متلكها‬
‫إال وه�م يعرف�ون أن أصل نش�اط ه�ذه الرشكات مب�اح‪ ،‬وأهنا‬
‫بأيدي مس�لمني خماطبني بأصول الرشيعة وفروعها‪ .‬وهذا يعني‬
‫أن مسؤولية رؤساء جمالس الرشكات وأعضائها مضاعفة وأهنم‬
‫بتجاوزه�م املقتضي�ات الرشعية يصدق عليه�م أهنم من أرشار‬
‫الن�اس‪ ،‬فرش الن�اس من يظلم الن�اس للناس‪ .‬وإهن�م بإجازهتم‬
‫الربا للرشكة مش�مولون باللعن يف أكلهم الربا وتأكيله‪ ،‬كام أهنم‬
‫م�ن حزب الش�يطان حينام يكون�ون بأكلهم الرب�ا يف ٍّ‬
‫صف قتايل‬
‫ضد اهلل ورسوله واملؤمنني من عباده‪.‬‬
‫إخواين رؤوساء جمالس الرشكات وأعضاءها‪:‬‬
‫لئن كان لكم يف الس�ابق خيط عنكبوت يف اللجوء إىل البنوك‬
‫الربوي�ة ألخ�ذ التمويالت لرشكاتك�م فليس لكم الي�وم ‪ -‬بعد‬
‫وجود املصارف اإلسلامية‪ ،‬وانتش�ارها والتس�ابق والتنافس يف‬
‫إيثارها لالستثامر والتمويالت‪ ،‬حتى لدى من ال يدين باإلسالم ‪-‬‬
‫ع�ذر يف ذلك وال خي�ط عنكب�وت‪ .‬فاملرصفية اإلسلامية فاحتة‬
‫أبواهبا قادرة عىل تغطية حاجة كل رشكة بمنتجات إسالمية‪ ،‬من‬

‫(‪)317‬‬
‫مرابحة أو مشاركة أو إجيار أو تورق أو استصناع أو بيوع سلم‪،‬‬
‫أو غري ذلك من املعامالت اإلسالمية املبنية عىل شفافية التعامل‪،‬‬
‫والبعد عن وسائل أكل أموال الناس بالباطل‪ ،‬من غش وغرر ‪-‬‬
‫وجهالة وقامر وربا وظلم‪ ،‬وذلك كله حتت رقابات رشعية‪ .‬إنكم‬
‫حفظك�م اهلل وهداك�م ووفقكم ‪ -‬تس�تطيعون تغطي�ة حاجتكم‬
‫التمويلي�ة هب�ذه املنتجات املباح�ة البعيدة عن الغ�ش والتدليس‬
‫والغرر واجلهالة والربا والظل�م والعدوان‪ ،‬وأكل املال بالباطل‪،‬‬
‫حفظكم اهلل وهداكم إىل رصاطه املستقيم‪ .‬واهلل املستعان‪.‬‬
‫س ‪ :2١٢‬ه�ل جي�وز بي�ع تذاكر الس�فر‪ ،‬أو تذاك�ر النوادي‬
‫الرياضية‪ ،‬أو بطاقات االختصاص بالتسوق من أسواق خمصصة‬
‫وذلك بأكثر من قيمتها التي اشرتيت به‪.‬‬
‫الج�واب‪ :‬احلم�د هلل‪ ،‬ه�ذه التذاك�ر وكذل�ك بطاق�ات‬
‫االختصاص ليس�ت أورا ًقا مالية ‪ -‬نقود ‪ -‬حتى يقال يف تداوهلا‬
‫بي ًع�ا ورشاء بوجوب التقي�د برشوط املصارف�ة‪ ،‬وإنام هي وثائق‬
‫على متلك املنفع�ة املعينة واملحددة فيها‪ .‬فبيعه�ا بيع منفعة ال بيع‬
‫نقود بنقود‪ ،‬وعليه فال يظهر يل مانع ببيعها بمثل رشائها أو بأقل‬
‫م�ن ذلك أو أكثر‪ ،‬وس�واء كان ثمن بيعها ح�الاًّ أم كان مؤجلاً ‪.‬‬
‫واهلل أعلم‪.‬‬

‫(‪)318‬‬
‫س‪ :2١٣‬ص�در منذ عامين أو أكثر معي�ار اقتصادي يعالج‬
‫املشاكل االقتصادية‪ ،‬ولكنه يتسلط عىل الودائع االستثامرية لدى‬
‫املصارف باالس�تيالء عليها يف حال تعثر هذه املصارف ويف حال‬
‫بوادر إفالس�ها‪ ،‬وقد وجهت البنوك املركزية اخلليجية إىل األخذ‬
‫هبا‪ .‬فام رأيكم يف ذلك؟‬
‫الجواب‪ :‬احلمد هلل‪ ،‬املعروف واملفروض أن مؤسس�ة النقد‬
‫العريب الس�عودي وه�ي البنك املرك�زي للدولة حصن حصني‬
‫حلامية حقوق املواطنني ورعايتها ملن يستثمرون فائض ما لدهيم‬
‫م�ن أموال‪ ،‬وذلك ل�دى املصارف املحلية‪ .‬وال ش�ك أن رعاية‬
‫حق�وق الطرفني ‪ -‬املس�تثمر‪ ،‬البنك ‪ -‬جي�ب أن تكون خاضعة‬
‫ملعي�ار عادل حيمي الطرفني‪ ،‬فال طغيان عىل أرباب األموال من‬
‫البنوك‪ ،‬وال طغيان عىل البنوك من أرباب األموال‪ .‬وبحكم عميل‬
‫يف املرصفية اإلسالمية يف كثري من املصارف املحلية واخلليجية‪،‬‬
‫حتث اخلط�ى نحو محاي�ة البنوك‬ ‫ب طغي�ان ُّ‬‫�ح َ‬
‫أبرصت ُس َ‬
‫ُ‬ ‫فق�د‬
‫م�ن التعثر والتفلي�س وذلك بأموال املس�تثمرين فيها وعندها‪.‬‬
‫بابتزازها وهنبها وبتس�ليط سيادي من البنوك املركزية يف العامل‪،‬‬
‫ومنها البنوك املركزية اخلليجية بام فيها مؤسسة النقد السعودي‪.‬‬
‫لع�ل هذا القول حمل اس�تغراب‪ ،‬ولكنه احلقيق�ة‪ ،‬فقد صدرت‬

‫(‪)319‬‬
‫التوجيه�ات إىل البنوك بتضمين النرشات الصادرة بخصوص‬
‫الصناديق االس�تثامرية والصكوك اإلسالمية بأن البنوك القائمة‬
‫بإدارة الصناديق االس�تثامرية والصكوك اإلسلامية هلا احلق يف‬
‫ح�ال إفالس�ها أو تعرضها لذلك أن تس�دد التزامهاهتا وديوهنا‬
‫م�ن أم�وال ه�ذه الصنادي�ق والصكوك عىل س�بيل االس�تيالء‬
‫عليه�ا ال عىل س�بيل افرتاضها‪ .‬وأنه جيب على البنوك املصدرة‬
‫ضمن يف نرشاهتا وضمن خماطر‬ ‫هلذه الصناديق والصك�وك أن ُت ِّ‬
‫قضاء عىل‬
‫ً‬ ‫االس�تثامر أن للبن�وك احل�ق يف ذلك‪ .‬ولو كان ذل�ك‬
‫رابحا فليس‬
‫كامل املال املستثمر‪ .‬حتى لو كان نشاط االستثامر ً‬
‫ملالكيه منه يشء إال فيام يبقى بعد سداد البنك كامل ما عليه من‬
‫مستلزمات ال تعلق هلا بنشاط االستثامر لدهيا‪.‬‬
‫م�ن املعل�وم أن البن�وك املركزية مس�ؤولة عن محاي�ة األموال‬
‫املودعة لدى البنوك سواء أكان ذلك عىل سبيل احلساب اجلاري‪،‬‬
‫أم كان ذل�ك عىل س�بيل الوديع�ة االس�تثامرية‪ ،‬أم كان ذلك عىل‬
‫س�بيل التعامل م�ع البنوك‪ .‬ونتيجة املس�ؤوليةأن البنوك املركزية‬
‫ضامنة البنوك املرخص هلا من قبلها بمزاولة املرصفية‪ .‬وهي هبذا‬
‫الضامن تلزم البنوك بايداع نس�بة من رأس ماهلا ومن اإليداعات‬
‫االس�تثامرية واحلسابات اجلارية لدهيا بدون فائدة ضامنًا لتعهدها‬

‫(‪)320‬‬
‫بضمان أم�وال املودعين لدهيا يف ح�ال تعثر أي بنك مم�ا هلا حق‬
‫اإلرشاف علي�ه‪ ،‬ضامنا الس�داد التزامات�ه للمتعاملني معه‪ .‬وبعد‬
‫حص�ول األزم�ة املالي�ة الت�ي مر هب�ا العامل من�ذ بضع س�نوات‪،‬‬
‫وكان�ت نتيجتها أن أعلنت جمموعة من البنوك العاملية تفليس�ها‪.‬‬
‫لزام�ا على البن�وك املركزية أن تف�ي بالتزامه�ا للمودعني‬ ‫وكان ً‬
‫بضامن أمواهلم‪ .‬ففزع ش�ياطني املال إىل هذه الكارثة ووضعوا هلا‬
‫خطرا على أموال املودعني‪،‬‬ ‫من احلل�ول اآلثمة والظاملة بام صار ً‬
‫الس�يام أموال الودائع االستثامرية بضياعها كل ًّيا أو جزئ ًّيا‪ .‬وكان‬
‫م�ن ه�ذه احلل�ول أن للبن�ك املتعثر حق االس�تيالء على أموال‬
‫املودعني لتغطية كفاية رأس مال البنك املتعثر‪ ،‬وأن هذا اإلجراء‬
‫جيب أن يضاف يف نرشات اإلصدار ضمن بند خماطر االستثامر‪.‬‬
‫هذا املعيار اجلائر الظامل اس�تقبلته البنوك املركزية باالستبش�ار‬
‫والف�رح‪ .‬فه�و دعم قوي للبن�وك املركزية لكوهن�ا ضامنة أموال‬
‫املودعين لدى البن�وك املرشفة عليها‪ .‬ووجه�ت البنوك املركزية‬
‫البن�وك التابع�ة هل�ا إىل العمل به‪ ،‬وإب�راز العمل ب�ه يف النرشات‬
‫الص�ادرة منه�ا ع�ن اس�تثامراهتا‪ ،‬س�واء أكان ذل�ك ع�ن طريق‬
‫االس�تثامر يف صناديق االستثامر أم كان ذلك عن طريق االستثامر‬
‫يف الصكوك‪.‬‬

‫(‪)321‬‬
‫وج�ه إنكار هذا املعيار الغاش�م الظامل أن ي�د البنك عىل أموال‬
‫املستثمرين يد أمانة‪ .‬فليست هذه األموال االستثامرية متعلقة بذمة‬
‫البنك‪ .‬وإنام هي أمانة يف يده ألصحاهبا سواء أكان البنك مضار ًبا‬
‫أم وكيلاً أم مدير اس�تثامر‪ .‬فال عالقة هلذه األموال بأصول البنك‬
‫وال بخصوم�ه‪ ،‬وال جي�وز أن يضمها يف قوائم�ه املالية عند إعداد‬
‫امليزانية‪ ،‬ال يف أصوله وال يف خصومه‪ .‬وهي ليس�ت كاحلسابات‬
‫اجلارية‪ .‬حيث إن احلس�ابات اجلاري�ة ديون عىل البنك ويف ذمته‪،‬‬
‫وتعترب من أصوله وختصم ضمن خصومه وتشملها ميزانيته‪.‬‬
‫وبن�اء عىل ما تق�دم فإنني أتوجه إىل ثالث جه�ات‪ :‬أوىل هذه‬
‫اجلهات مؤسس�ة النقد العريب الس�عودي‪ ،‬أذكره�ا باملادة األوىل‬
‫أو الثاني�ة م�ن نظامها‪ .‬وه�ي تنص عىل أن مجي�ع تعامالهتا جيب‬
‫أال تتع�ارض م�ع األح�كام واملب�ادئ الرشعي�ة‪ .‬وال ش�ك أن‬
‫أخذه�ا بمعيار ب�ازل فيام يتعل�ق بالودائع االس�تثامرية يف البنوك‬
‫وتوجيه البن�وك يف حال تعثرها عن القدرة عىل الوفاء بالتزاماهتا‬
‫أن تس�تخدم ه�ذه األم�وال ‪ -‬الودائ�ع االس�تثامرية ‪ -‬يف الوف�اء‬
‫بالتزاماهتا مما هو خارج نش�اط هذه األموال‪ .‬ال ش�ك أن موقف‬
‫املؤسسة من هذا املعيار باألخذ به يتناىف مع ما ألزمها به ويل األمر‬
‫يف تنظي�م عملها‪ .‬فه�ذه الودائع حقوق ألهلها ال عالقة لنش�اط‬

‫(‪)322‬‬
‫ُ‬
‫والتس�لط عليها ظلم وع�دوان وأكل ألموال الناس‬ ‫البن�وك هبا‪.‬‬
‫بالباط�ل‪ .‬فعلى مؤسس�ة النقد أن تع�رف صفتها وأهنا مؤسس�ة‬
‫إسلامية هدفها األس�ايس محاي�ة االقتصاد املحيل م�ن أي عامل‬
‫اهت�زاز أو مؤثر وأهن�ا املرجع املأمون حلامية أم�وال املواطنني من‬
‫التالعب هبا والتس�لط عليها‪ .‬وكم أمتنى أن تس�لك املؤسس�ة ما‬
‫س�لكته البنوك املركزية يف جمموعة من البلدان اإلسالمية يف إجياد‬
‫صدر يف‬
‫هيئ�ة رشعية‪ ،‬ترجع إليها فيما تقرره وتلزم العمل به‪ ،‬و َت ُ‬
‫قراراهتا وفق ما تقرر هيئتها الرشعية‪.‬‬
‫اجلهة الثانية البنوك املحلية‪ :‬فهي رشكات جتارية مالك أسهمها‬
‫أناس مس�لمون يتورع�ون من أكل أموال الن�اس بالباطل‪ ،‬وقد‬
‫علق�وا على ذمم العاملين يف هذه البن�وك حقوقه�م‪ ،‬من حيث‬
‫املحافظ�ة عليه�ا واس�تثامرها فيما فيه الرب�ح احلالل والكس�ب‬
‫املباح‪ ،‬والبعد هبا عن الش�بهات واحليل الباطلة‪ .‬بام يف ذلك تقبل‬
‫ه�ذا املعيار الظامل ‪ -‬معيار بازل ‪ -‬املس�لط عىل أموال االس�تثامر‬
‫بالسلب والغصب والعدوان‪.‬‬
‫فه�ذه األموال أمان�ة يف أعناق القائمني عىل ه�ذه البنوك‪ ،‬إن‬
‫بتعد أو إمهال أو نقص فام حيصل عليها‬
‫حص�ل االعتداء عليها ٍّ‬
‫م�ن نق�ص فه�و مضمون على أهل ه�ذه البنوك ألرب�اب هذه‬

‫(‪)323‬‬
‫األم�وال‪ ،‬وال يقيهم من املس�ؤولية عنها أم�ام اهلل تعاىل ثم أمام‬
‫خلقه احليل الباطلة والتأويالت املضلة‪ .‬اجلهة الثالثة املستثمرون‬
‫م�ن املواطنني وممن هم تبعهم‪ ،‬فأمواهلم املس�تثمرة لدى البنوك‬
‫يف صنادي�ق أو يف صكوك واقعة حتت ِم ْر َز َّب�ة العدوان عليها يف‬
‫سبيل االعتداء عليها‪ ،‬واألدهى من ذلك أن االستيالء عىل هذه‬
‫الودائ�ع ليس عىل س�بيل اقرتاضه�ا‪ ،‬وإنام عىل س�بيل مصادرة‬
‫متلكها من مالكها‪.‬‬
‫وعليه فاحذر إخواين املس�تثمرين لدى البنوك من هذا التس�لط‬
‫الظامل‪ ،‬وأنصح هلم أال يشتركوا يف صناديق االس�تثامر وصكوكه‬
‫حت�ى يك�ون لدهيم املزيد م�ن احلذر من التس�لط عليها‪ .‬فنرشات‬
‫اإلصدار فيها البيان الشايف عام يراد من هذه األموال من سوء نية‪،‬‬
‫ثان من آليات التس�لط عىل الودائع الس�يام يف صكوك‬ ‫وهناك أمر ٍ‬
‫االستثامر حيث ُينص يف إجراءات االستثامر فيها عىل أن الربح بعد‬
‫تصفية الصكوك وسلامة رأسامهلا من النقص أن هذا الربح ملدير‬
‫االستثامر حافز ومكافأة له عىل حسن األداء‪ .‬مع أن مدير االستثامر‬
‫أجريا؛ وإن‬
‫يتس�لم أجرته الدورية من صندوق االس�تثامر إن كان ً‬
‫كان مضار ًبا فيتس�لم حصته من الربح كلام تم تنضيض املضاربة‪.‬‬
‫ولكن األمر ال يعدو أكل أموال الناس بالباطل‪.‬‬

‫(‪)324‬‬
‫وكم أمتنى من مؤسس�ة النقد‪ ،‬وهي احلامية لألموال واملرشفة‬
‫عىل سلامة اس�تثامرها‪ ،‬أال تكون يف غفلة عن هذا وأن تشعر بام‬
‫حمَ َّ َله�ا به ويل األمر من املس�ؤولية عن أم�وال املواطنني‪ .‬وكذلك‬
‫النظر يف عدالة التعامل بني البنوك واملواطنني بام يف ذلك الرسوم‬
‫املتعددة واملذكورة يف نرشات اإلصدار‪ .‬هذا ما لزم بيانه ووجب‬
‫النصح به‪ .‬واهلل املستعان‪.‬‬
‫س ‪ :2١٤‬اجته لدى جمموعة من اهليئات الرشعية للمصارف‬
‫اإلس�امية إجازة عق�ود اإلجارة املبنية عىل تغري اإلج�ارة ارتبا ًطا‬
‫بتغير املؤرش العام للفائدة وقد علل ج�واز ذلك بجواز البيع بام‬
‫ينقطع به السعر‪ .‬فهل ذلك صحيح؟‬
‫الج�واب‪ :‬احلمد هلل‪ ،‬ال خيفى أن اجلهالة يف العقود مؤثرة عىل‬
‫صحته�ا وقد كاد إمجاع أهل العلم ينعقد على أن الثمن يف البيع‬
‫معلوما ويف اإلجارة كذلك يشترط أن تكون‬ ‫ً‬ ‫يشترط أن يك�ون‬
‫األج�رة معلوم�ة‪ .‬وتغري الثم�ن بعد انعق�اد عقد البي�ع وكذلك‬
‫األجرة يف اإلجارة بعد إبرام عقدها يوجد يف العقد جهالة‪ .‬فثمن‬
‫املبي�ع ال يعرف مقداره وكذلك األجرة ال يعرف مقدارها‪ .‬ومن‬
‫مزايا الطمأنينة يف ش�فافية العقود اإلسالمية أن تكون سليمة من‬
‫الغ�رر والغب�ن واجلهال�ة‪ ،‬وعليه ف�أرى أن العقود املش�تملة عىل‬

‫(‪)325‬‬
‫اعتبار الثمن أو األجرة متغرية وفق تغري مؤرش مايل معني ‪ -‬أرى‬
‫أن هذه العقود فاسدة أو باطلة‪.‬‬
‫وأم�ا القول بصحته�ا واالحتجاج عىل ذلك بما ذكر بعض أهل‬
‫العلم من جواز الرشاء بام ينقطع به السعر‪ ،‬فال يظهر يل انطباق هذا‬
‫التوجيه عىل املسألة‪ .‬فانقطاع السعر ال يشتغرق السنني أو الشهور‪،‬‬
‫وإنما مدته ي�وم أو يومان أو نحومه�ا‪ ،‬وأرى أن الباع�ث لألخذ به‬
‫مراع�اة املرصفي�ة التقليدي�ة يف تغري الفائ�دة‪ ،‬وهذا مس�لك أثيم مما‬
‫تنحرف به املرصفية اإلسالمية عن سالمة اجتاهها‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫س ‪ :21٥‬ه�ل جي�وز لطرفين أن يتواع�دا على مصارف�ة يف‬
‫ملزم�ا أن يرصف‬‫وع�دا ً‬
‫ً‬ ‫املس�تقبل‪ ،‬بحي�ث يع�د أحدمها اآلخر‬
‫ل�ه مبلغ مليون دوالر بعملة س�عودية‪ ،‬جيري االتفاق عىل س�عر‬
‫الرصف وقت صدور الوعد عىل أال جتري املصارفة إال يف وقتها‬
‫املح�دد ِوف�ق االتفاق عىل حتدي�ده‪ ،‬وأن يكون هل�ذا الوعد أجرة‬
‫للواعد يس�تحقها س�واء تم الوع�د أو مل يت�م إذا كان عدم إمتامه‬
‫بإرادة من املوعود؟‬
‫الج�واب‪ :‬احلمد هلل‪ :‬ال يظهر يل م�ا نع رشعي من جواز هذه‬
‫املواعدة‪ ،‬وجواز أخذ األجرة للواعد من املوعود‪ ،‬وهذه املعاملة‬
‫ليس�ت مصارفة يف وقت صدور الوعد هبا‪ .‬وإنام املصارفة تكون‬

‫(‪)326‬‬
‫يف وقته�ا املحدد هلا وبطلب من املوع�ود‪ .‬ومن املعلوم أن الوعد‬
‫ص�درت بلزوم�ه جمموعة م�ن الق�رارات الرشعية م�ن املجامع‬
‫عقدا‪،‬‬
‫واهليئ�ات الرشعية‪ .‬وبجواز أخذ األجرة علي�ه وأنه ليس ً‬
‫وإنما هو الت�زام من طرف واح�د بإرادة منفردة لط�رف آخر هو‬
‫خمري يف طلب تنفيذ الوعد من عدمه‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫س ‪ :21٦‬ه�ل جي�وز ملؤسس�ة مالية كأحد البن�وك ممن حتول‬
‫عليه روات�ب موظفي بعض اإلدارات التش�غيلية ليقوم برصفها‬
‫ألهله�ا يف وقته�ا أن يوجد برنام�ج إقراض ه�ؤالء املوظفني يف‬
‫ح�دود معينة قب�ل تاريخ رصف رواتبهم وب�دون فوائد‪ ،‬عىل أن‬
‫خمتصا ملن ينضم يف عضويته‪ ،‬وبرسم سنوي‬ ‫يكون هذا الربنامج ًّ‬
‫ال خيضع ملقدار الغرض وال لتعدده وال الس�تخدامه‪ ،‬ويس�تحق‬
‫س�واء اس�تقرض من البنك مرة أو مرتني أو‬
‫ً‬ ‫الرس�م من العضو‬
‫أكثر أو مل يستقرض‪ ،‬فهل هذا الرسم جيوز أخذه؟‬
‫الج�واب‪ :‬احلمد هلل‪ ،‬م�ن منطلق تصور ه�ذا الربنامج مما ذكر‬
‫يف الس�ؤال ال يظه�ر يل مان�ع رشعي م�ن جوازه فه�و ‪ -‬أعني هذا‬
‫الربنام�ج ‪ -‬تنظيم اختصاص ألعضائه حتتاج إدارته وتش�غيله إىل‬
‫مقاب�ل مايل يغط�ي متطلب�ات االقتراض والتحصيل‪ .‬والرس�وم‬
‫املتحصلة من مس�تخدميه هي ما يقابل هذه األعامل‪ .‬ومما يدل عىل‬

‫(‪)327‬‬
‫أن هذه الرس�وم ليس�ت نفعا جيره هذا القرض أن الرس�م مستحق‬
‫عىل العضو املنضم يف خدماته ولو مل يقرتض‪ .‬ومما يس�تأنس به عىل‬
‫القول بجوازه ما صدر من شيخنا الشيخ حممد بن إبراهيم ‪ -‬رمحه‬
‫اهلل ‪ -‬م�ن أن�ه جيوز لبنك التس�ليف الزراع�ي أن يأخذ ممن يقرضه‬
‫مبلغًا من املال يكون يف مقابلة خدمة البنك للقرض‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫س‪ :217‬ما معايري الفتوى يف النوازل الفقهية؟‬
‫الجواب‪ :‬احلمد هلل‪ ،‬اجت�ه مجهور أهل العلم وحمققوهم إىل أن‬
‫األص�ل يف العبادات احلظر فال جيوز من�ع يشء من العبادات وال‬
‫إباحة يشء منها إال بنص رشعي من كتاب اهلل ومن س�نة رسوله‬
‫ﷺ؛ ألن العبادة أمر ترشيعي يقصد منه االمتثال ألمر اهلل ورشعه‪،‬‬
‫وأن األصل يف أمور الدنيا اإلباحة لقوله ﷺ‪« :‬أنتم أعلم بشؤون‬
‫دنياك�م»‪ .‬وأن ينته�ج املفتى يف ذلك االهتداء واالس�تدالل بام يف‬
‫كتاب اهلل أو يف سنة نبيه حممد ﷺ‪ .‬ومن منطلق املقاصد الرشعية‪،‬‬
‫وحتقي�ق املصالح‪ ،‬ودرء املفاس�د‪ ،‬واألخذ بالتيسير ورفع احلرج‬
‫ع�ن األم�ة ما مل يكن إثام‪ .‬فأي أمر من أم�ور العبادات األصل فيه‬
‫احلظ�ر‪ .‬فإذا ق�ال املفتي يف أمر من أمور العب�ادات‪ :‬هذا ال جيوز‪.‬‬
‫فم�ن يعرتض عليه يطال�ب بالدليل املثبت للق�ول لإلباحة‪ .‬وإذا‬
‫كان األمر يتعلق بشؤون الدنيا وقال املفتي باجلواز‪ ،‬فمن يعرتض‬

‫(‪)328‬‬
‫عليه بعدم اجلواز يطالب بالدليل عىل ذلك‪ .‬ونحن حينام نفتى يف‬
‫أم�ر رشعي ونربر فتوانا باملقاصد الرشعية وحتقيق املصالح ودرء‬
‫املفاس�د فهذا تطبيق للقول بأن اإلسالم صالح لكل زمان ومكان‬
‫وجمتم�ع‪ ،‬بحك�م اش�تامله على قواعد ومب�ادئ وأص�ول تتحقق‬
‫باالنطالق منها مصالح العباد وانتفاء مفاسدها‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫س‪ :21٨‬ه�ل يعت�د بإخ�وة املت�وىف يف حرم�ان أم املتويف من‬
‫الثلث إىل الس�دس يف حال وفاته ع�ن أمه وأبيه وإخوته‪ .‬واحلال‬
‫أهنم حمجوبون عن اإلرث بأيب املتويف‪.‬‬
‫الجواب‪ :‬احلمد هلل‪ ،‬ال خيف�ى أن األحكام الرشعية مبنية عىل‬
‫مقاصد ومصالح وعلل‪ ،‬تظهر يف األخذ هبا نتائج تطبيقها‪ .‬وطاملا‬
‫أن اإلخوة يف احلال املذكورة يف السؤال حكمهم يف حال الوجود‬
‫كحكمه�م يف حال الفقد‪ .‬وحكمهم يف ح�ال الفقد أن أم املتوىف‬
‫تس�تحق الثلث يف ح�ال انحص�ار اإلرث يف األم واألب‪ ،‬وعليه‬
‫فالذي يظهر يل ويتفق مع مقاصد الترشيع أن تأثريهم يف حجب‬
‫األم م�ن الثلث إىل الس�دس ال يك�ون إال يف ح�ال إرثهم‪ ،‬وهذا‬
‫الق�ول قال بخالفه جمموعة م�ن أهل العلم‪ ،‬وقال به جمموعة من‬
‫املحققني من أهل العلم‪ ،‬ومنهم ش�يخ اإلسالم ابن تيمية وغريه‪،‬‬
‫وهو رواية عن اإلمام أمحد‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬

‫(‪)329‬‬
‫س ‪ :21٩‬ذه�ب بع�ض أهل العلم إىل أن ال�رد يف اإلرث ال‬
‫يتناول الزوجني‪ ،‬فهل هذا القول وجيه؟‬
‫الج�واب‪ :‬احلمد هلل‪ ،‬نعم ذهب بعض أه�ل العلم إىل أن الرد‬
‫يف اإلرث ال يتناول الزوجني ولعل التعليل بذلك أهنام يف الغالب‬
‫ليست حلمة أحدمها من اآلخر‪ ،‬فليس بينهام رابطة نسبية‪ .‬ولكنني‬
‫ال أع�رف دليلا نقلي�ا من الكتاب أو الس�نة يس�تثنيهام من ذلك‪.‬‬
‫فرابط�ة أحدمها باآلخر من أقوى الرواب�ط البرشية فقد جعل اهلل‬
‫بينهام رابطة الرمحة واملودة والسكون إىل بعضهام‪ ،‬واعتداد الزوجة‬
‫أش�هرا‪ ،‬بينام ال جيوز ذلك لغري الزوجة عىل زوجها‪.‬‬
‫ً‬ ‫عىل زوجها‬
‫وهل�ذا ذه�ب املحققون م�ن أه�ل العلم إىل الق�ول بال�رد عليهام‬
‫باإلرث كالرد عىل أهل الفروض من غريمها وممن ذهب إىل ذلك‬
‫الش�يخ عبدالرمحن بن س�عدي رمحه اهلل‪ .‬انظر الفتاوى الس�عدية‬
‫ص‪ ،481‬وهذا القول وجيه والنفس متيل إليه‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫س‪ :2٢٠‬إذا ت�ويف املدي�ن ودين�ه مؤجل‪ ،‬فهل جي�وز تعجيل‬
‫سداده من الرتكه والتنازل عن بعضه لقاء التعجيل؟‬
‫الج�واب‪ :‬احلم�د هلل‪ ،‬ال يظه�ر يل مان�ع من تعجي�ل املؤجل‬
‫والتنازل عن ربح املدة املؤجلة بعد تعجيلها‪ .‬وهذه من مس�ائل‬

‫(‪)330‬‬
‫«ض�ع وتعجل»‪ .‬وربط املبل�غ املتنازل عنه بربح املدة املس�تقبلية‬
‫ومعيارا دقي ًق�ا يف حتديد املبل�غ املتنازل عنه‪،‬‬
‫ً‬ ‫يعتبر نص ًفا وع�دلاً‬
‫وللش�يخ عبدالرمح�ن بن س�عدي ‪ -‬رمحه اهلل ‪ -‬فت�وى يف إجازة‬
‫ذل�ك هذا نص املقصود منه�ا‪ :‬الذي نحن نفتي به إذا كان املدين‬
‫له مصلحة مثل أن يباع عليه ما يس�اوي مائة ريال بامئة وعرشين‬
‫ري�اال إىل أج�ل‪ .‬ث�م مىض نص�ف األجل مثًل�اً وقلنا حي�ل لعدم‬
‫التوثيق فإنه ال حيق للغريم إال مائة وعرشة بحس�ب ما مىض من‬
‫الوقت‪ ،‬وهو قول لبعض العلامء وهو العدل الذي ال يليق القول‬
‫إال به‪ .‬اهـ‪ .‬الفتاوى السعدية ص‪.382‬‬
‫س‪ :2٢١‬املصاريف املتعلق�ة بتصفية مال املفلس هل تدخل‬
‫يف املحاصة أم تؤخذ بكاملها قبل التوزيع؟‬
‫الجواب‪ :‬احلمد هلل‪ ،‬الذي يظهر أن مجي�ع املصاريف املتعلقة‬
‫بتصفية أموال املفلسني ال تدخل يف املحاصة‪ ،‬بل حتسم من مبالغ‬
‫التصفي�ة دون نق�ص وال إدخال يف حس�اب التصفي�ة؛ ألن هذه‬
‫املصاريف مل نكن يف حال سابقة لإلفالس‪ .‬ولو قيل بدخول هذه‬
‫املصاري�ف يف حس�اب التصفية ملا وجد من يق�وم بتصفية أموال‬
‫املفاليس‪ .‬وقد علل لذلك الش�يخ عبدالرمحن بن س�عدي تعليلاً‬

‫(‪)331‬‬
‫آخ�ر هو قوله‪ :‬احلقوق املتعلقة بامل�ال احلارض تقدم عىل احلقوق‬
‫املتعلق�ة بالذمم‪.‬كام تق�دم أجرة املنادي وال�دالل واحلافظ‪ .‬اهـ‪.‬‬
‫الفتاوى السعدية ص‪ .384‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫س‪ :2٢٢‬هل يتأجل القرض بتأجيله من قبل املقرض؟ وهل‬
‫يلزم التأجيل؟‬
‫الجواب‪ :‬احلمد هلل‪ ،‬هذه املس�ألة من مس�ائل الوعد‪ ،‬فذهب‬
‫قض�اء وال ديانة وذهب‬
‫ً‬ ‫بعضه�م إىل أن الوع�د جائ�ز غير الزم‬
‫قضاء؛ وذهب املحققون منهم إىل أن‬
‫ً‬ ‫بعضهم إىل أنه الزم ديانة ال‬
‫قضاء وديانة‪ .‬وهذا القول هو الذي تقضيه األصول‬ ‫ً‬ ‫الوعد الزم‬
‫الرشعي�ة‪ ،‬وهو م�ن جزئيات االلتزام كالن�ذر واحللف والكفالة‬
‫والضامن‪ .‬فالوعد التزام بام ال يلزم قبله‪ .‬وللش�يخ عبدالرمحن بن‬
‫سعدي ‪ -‬رمحه اهلل ‪ -‬فتوى بلزوم تأجيل القرض من املقرض إذا‬
‫أجله‪ ،‬حيث قال‪:‬‬
‫الصواب أن الق�رض والعارية والديون احلالة تلزم بالتأجيل‪.‬‬
‫وال يطالب صاحبها قبل حلول األجل‪ .‬اهـ‪.‬‬
‫وذك�ر ‪ -‬رمح�ه اهلل ‪ -‬أن القول بذلك أح�د القولني يف مذهب‬
‫اإلم�ام أمحد‪ ،‬واختاره الش�يخ ‪ -‬يعني به تق�ي الدين ابن تيمية ‪-‬‬

‫(‪)332‬‬
‫ومجلة من األصحاب‪ .‬ا‪.‬هـ‪ .‬الفتاوى السعدية ص‪.354 - 353‬‬
‫واهلل أعلم‪.‬‬
‫س ‪ :2٢٣‬هل جيوز يل أن أقرض أحد عمالئي مبلغًا من املال‬
‫مس�او ًيا لقيمة س�لعته التي بعثها يل ألبيعها وقد بعتها ومل أتسلم‬
‫ثمنها ألس�دد عنه القرض م�ن ثمنها بعد قبض�ه‪ .‬وذلك حمافظة‬
‫عىل تعامله معي‪.‬‬
‫الجواب‪ :‬احلم�د هلل‪ ،‬ال يظهر يل مانع رشعي من جواز ذلك‬
‫ولي�س ه�ذا من جزئيات الق�روض التي جتر نف ًع�ا؛ ألن العميل‬
‫املقترض مل ُينقص بس�بب قرض�ه بيش‪ ،‬وقد أفت�ى بجواز ذلك‬
‫الش�يخ حمم�د ب�ن إبراهيم ‪ . -‬وكذل�ك الش�يخ عبدالرمحن بن‬
‫س�عدي ‪ -‬رمحهما اهلل ‪ ،-‬حيث ق�ال ابن س�عدي يف مثل ذلك‪:‬‬
‫إذا دين إنس�انًا س�لعة ثم وكله املدين عىل بيعها فهل جيوز له أن‬
‫يسلفه ويستويف؟‬
‫الجواب‪ :‬ال بأس بذلك؛ ألنه إرفاق ألجل بيع س�لعته‪ .‬فلم‬
‫ُيكرها‪ .‬وال صار بينهام رشط‪ .‬اهـ‪ .‬الفتاوى الس�عدية ص‪.353‬‬
‫واهلل أعلم‪.‬‬

‫(‪)333‬‬
‫س‪ :2٢٤‬مت�ى يتم احلجر عىل املفلس ه�ل بحكم احلاكم أم‬
‫بمجرد وقوعه؟‬
‫الج�واب‪ :‬احلمد هلل‪ ،‬الذي عليه مجع م�ن أهل العلم أن ذلك‬
‫ال يت�م إال بحك�م احلاك�م‪ ،‬وق�د اجته بع�ض املحققين من أهل‬
‫العلم ومنهم ش�يخ اإلسلام ابن تيمية وتلمي�ذه ابن القيم إىل أن‬
‫احلج�ر على املفلس يت�م بوقوع إفالس�ه ولو مل حيكم ب�ه حاكم؛‬
‫ألن العبرة بالواق�ع‪ .‬فمتى ثب�ت اإلفالس ثب�ت احلجر‪ .‬وحكم‬
‫احلاكم باإلفالس أش�به يف ذل�ك بالتوثيق واإلثب�ات‪ .‬واإلثبات‬
‫يتم بمجموعة وس�ائل ومن ذلك حكم احلاكم‪ ،‬وممن قال بذلك‬
‫من املتأخرين من فقهائنا الش�يخ عبدالرمحن بن س�عدي ‪ -‬رمحه‬
‫اهلل ‪ -‬فقد قال‪ :‬قال األصحاب‪ :‬وكل ما فعله املفلس قبل احلجر‬
‫عليه نافذ ولو استغرق مجيع ماله‪.‬‬
‫وعند الش�يخ ‪ -‬الكالم ال يزال كالم الش�يخ الس�عدي ‪ -‬تقي‬
‫الدي�ن ال ينف�ذ الترصف املضر بالغريم ولو مل حيج�ر عليه وهو‬
‫أرجح األقوال وأقرب إىل العدل‪ .‬اهـ‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫س‪ :225‬ج�اء يف احلدي�ث «كفارة النذر كف�ارة يمني»‪ .‬هل‬
‫هذا شامل جلميع النذر؟‬

‫(‪)334‬‬
‫الج�واب‪ :‬احلمد هلل‪ ،‬قد يكون النذر بصيغة يمني كأن يقول‪:‬‬
‫ش�هرا متتاب ًعا فه�ذا النذر ‪ -‬واهلل‬
‫ً‬ ‫واهلل لئ�ن فعلت كذا ألصومن‬
‫أعلم ‪ -‬يمكن أن يلحق باأليامن‪ .‬ويف حال احلنث يف أدائه يرتتب‬
‫عىل احلالف به كفارة يمني ويستدل عىل إحلاقه باأليامن باحلديث‪:‬‬
‫«كفارة نذر كف�ارة يمني»‪ .‬وقد يكون النذر بصيغة إجياب طاعة‬
‫غير واجب�ة‪ .‬كأن يبتدر بقول�ه‪ :‬عيل هلل إطعام ثالثني مس�كي ًنا أو‬
‫صي�ام عرشة أيام أو احلج يف هذا العام‪ .‬أو نحو ذلك مما ال صيغة‬
‫للحل�ف في�ه‪ ،‬فهذا النوع م�ن النذر لي�س فيه َش� َب ٌه َباحللف وال‬
‫أحدا م�ن أهل العلم اعتبره من األيمان املكفرة يف حال‬ ‫أع�رف ً‬
‫احلنث‪ ،‬بل جيب الوفاء به وهو دين عىل الناذر به حتى يوفيه‪ .‬ويف‬
‫حال عدم الوفاء به ال يسقطه أداء كفارة اليمني‪ .‬هذا ما ظهر يل‪،‬‬
‫وهب�ذا يظه�ر اجلمع بني حديث‪« :‬كفارة ن�ذر كفارة يمني» وبني‬
‫القول بأن النذر ال تسقطه الكفارة‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫س ‪ :226‬صدر لفضيلتكم رأي رشعي يف التشكيك يف صحة‬
‫عقود اإلجيار املبنية يف حتديد األجرة فيها عىل مؤرشات مستقبلية‬
‫ال يظهر باألخذ هبا معرفة األجرة وال حتديدها فهي بذلك عقود‬
‫مبنية عىل اجلهالة املؤثرة يف صحة العقود‪ .‬فام البديل؟‬

‫(‪)335‬‬
‫الجواب‪ :‬احلمد هلل‪ ،‬وجه تفضيل العقود الرشعية عىل العقود‬
‫التقليدية ظهور الشفافية فيها‪ ،‬وذلك بمعرفة كل طرف من أطرافها‬
‫ما له من حق وما عليه من التزام عىل سبيل الدقة والوضوح‪ .‬ومن‬
‫ذلك اشتراط أن تك�ون األجرة يف عقود اإلجي�ار معينة بمقدار ال‬
‫تزيد وال تنقص وال ختضع لتقلبات أسعار األسواق ال بزيادة وال‬
‫أحدا من أهل العلم‬ ‫بنق�ص‪ ،‬وذلك مدة رسيان العق�د وال أعرف ً‬
‫مم�ن يعت�د بعلمه‪ .‬ق�ال بجواز تغير األجرة وفق تقلب األس�واق‬
‫بع�د إبرام العقود‪ .‬ملا يرتتب عىل ذلك م�ن اجلهالة املوجبة لظهور‬
‫اخلصوم�ات وضي�اع احلق�وق‪ .‬وال خيف�ى أن العقود ه�ي مقاطع‬
‫صحيحا‪ .‬فمن‬
‫ً‬ ‫عقدا‬
‫احلق�وق‪ .‬فأي عقد ال يتضح منه احلق فليس ً‬
‫يس�تأجر منزلاً مثلاً مدة عرش س�نوات‪ ،‬السنة األوىل بمبلغ حمدود‬
‫معني‪ ،‬وما بعد السنة األوىل خيضع حتديد أجرته ملؤرش ُم َعينَّ حسبام‬
‫يمليه واقع الس�وق كل عام‪ .‬فاملس�تأجر بذلك يف حميط جهالة‪ .‬ال‬
‫ي�دري م�ا هي أج�رة منزله الذي اس�تأجره‪ ،‬هل تزي�د عىل أجرته‬
‫األوىل أو تنق�ص؟ م�ع أن عقد اإلجيار واحد وش�امل لكامل املدة‬
‫عرش سنوات‪ .‬فهذا هو وجه تشكيكي يف صحة هذه العقود املبني‬
‫تقدير أجورها عىل مؤرشات مستقبلية جمهولة املقدار‪.‬‬

‫(‪)336‬‬
‫والبدي�ل عن هذا ‪ -‬يف رأيي ‪ -‬أن يتفق طرفا اإلجيار عىل أن‬
‫يك�ون اإلجيار متغري املق�دار كل عام عن العام اآلخر وعىل أن‬
‫قدرا لكال ط�ريف العقد ّ‬
‫لكل فرتة‬ ‫معلوم�ا ً‬
‫ً‬ ‫يك�ون ذلك املقدار‬
‫وعدا‬
‫م�ن فرتات اإلجي�ار‪ .‬ويمكن أن يعطى املؤجر املس�تأجر ً‬
‫ملزم�ا بأن يتنازل عن نس�بة من زيادة فرتة عىل الفرتة الس�ابقة‬
‫ً‬
‫هلا‪ .‬ويظهر‪ ،‬واهلل أعلم‪ ،‬أن هذا اإلجراء وإن كان قريب الشبه‬
‫بالص�ورة األوىل إال أن�ه بعي�د ع�ن اجلهالة املؤث�رة عىل صحة‬
‫العق�د‪ .‬واملث�ال لذل�ك أن يكون مق�دار األجرة للع�ام األول‬
‫مثًل�اً عرشة آالف وللع�ام الثاين أحد عرش أل ًف�ا وهكذا تكون‬
‫تغيرا معلوما مبلغه‬
‫ً‬ ‫أج�رة كل ع�ام لكامل مدة اإلجيار متغرية‬
‫ومقداره‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫س ‪ :227‬أخ�ذت بعض القنوات الفضائي�ة بمنتج أعالمي‬
‫ملخصه أن تعرض عىل مش�اهدهيا تزكية بعض من املش�اهري يف‬
‫املجتم�ع عىل س�بيل التصويت له بالتزكي�ة يف مقابل مبلغ يدفعه‬
‫املص�وت ليدف�ع للمزكى‪ .‬فه�ل هذا اإلجراء مب�اح أو حرام مع‬‫ِّ‬
‫العلم أن املرشح للتزكية ال يدفع شيئا مطلقا؟‬

‫(‪)337‬‬
‫الج�واب‪ :‬احلم�د هلل‪ ،‬ال يظه�ر يل مالحظة عىل ج�واز هذا‬
‫املسلك ألن املرشح ال خيرس شيئا يف سبيل ترشيحه سواء كسب‬
‫يف الرتشيح أم خرس‪.‬‬
‫وهذه املس�ألة تش�به ما ذكره الفقهاء يف مس�ائل الس�باق فلو‬
‫قرر أحد الناس ملتس�ابقني مبلغا للسابق منهام كان للسابق حق‬
‫أخ�ذه وإباحته له بخالف ما إذا وضع املتس�ابقان مبلغا من كل‬
‫واحد منهام واتفقا عىل أنه للسابق منهام فهذا ال يصح وهو نوع‬
‫من القامر واهلل أعلم‪.‬‬
‫س‪ :228‬ه�ل احلس�ابات اجلارية ق�روض إىل البنوك أم هي‬
‫ودائع لدهيا وما الفرق بني أن تكون قروضا أو ودائع؟‬
‫اجلواب احلمد هلل‪ :‬الذي يظهر يل أن احلسابات اجلارية ديون يف ذمة‬
‫البنوك معجل سدادها عند طلب صاحب احلساب – الدائن – وهي‬
‫يف حك�م القرض من حيث تعل�ق ذمة البنك بمديونيته�ا واعتبارها‬
‫عن�د إع�داد ميزاني�ة البن�ك م�ن أصوله وه�ي هب�ذا ختتلف عن‬
‫الودائع س�واء أكانت كان�ت ودائع اس�تثامرية أم ودائع ادخارية‬
‫أو غير ذلك من أنواع الودائع‪ .‬ووجه االختالف أن احلس�ابات‬
‫اجلاري�ة مل�ك للبن�ك وألصحاهب�ا مقابله�ا ىف ذمة البن�ك‪ ،‬فلو‬

‫(‪)338‬‬
‫أفل�س البن�ك أو تعرض جلائحة قض�ت عىل أصوله ف�إن مبالغ‬
‫احلس�ابات اجلارية ال يضي�ع مقابلها عىل أصحاهب�ا فهي دين يف‬
‫تعي عليه أداؤه�ا‪ .‬وأما الودائع‬
‫ذم�ة البن�ك متى أيرس بس�دادها نَّ‬
‫فإذا مل يترصف البنك فيها ترصفا غري مسموح له فيه وترتب عىل‬
‫ذل�ك ضياعه�ا أو ضياع جزئها فام ضاع منه�ا فهو مضمون عىل‬
‫البن�ك لصاح�ب الوديعة‪ .‬وكذلك ترصفه يف الوديعة بام يس�بب‬
‫هلا الضياع عىل س�بيل التعدى أو التقصري أو اإلمهال ويدخل يف‬
‫ذلك ودائع االستثامر سواء أكانت يد البنك عىل الوديعة –وديعة‬
‫االستثامر – يد وكالة أم يد مضاربة‪.‬‬
‫وأما تكييف احلساب اجلاري هل هو قرض من صاحبه للبنك‬
‫يأخذ مجيع أحوال وأحكام القرض أم هو قرض من حيث تعلق‬
‫ذمة آخذه –البنك –من صاحب احلساب دون أن يكون له أحكام‬
‫القرض وبواعث إقراضه‪ .‬بمعنى أن له بعض خصائص القرض‬
‫دون أن تكون له كامل خصائصه؟‬
‫اجلواب عىل هذا حيتاج إىل متهيد وتفريق بني القرض املقصود‬
‫من�ه القرب�ة واالحتس�اب وبين القرض –احلس�اب اجل�اري –‬
‫املقص�ود من�ه انتف�اع املق�رض بإقراض�ه‪ ،‬ومن ذلك حف�ظ ماله‬

‫(‪)339‬‬
‫واحلصول عىل مس�تندات لإليداع والس�حب منه وغري ذلك من‬
‫املنافع العائدة عليه أي صاحب احلساب اجلاري‪.‬‬
‫م�ن املعل�وم أن الترشيع اإلهل�ي يعتمد من حي�ث جريانه عىل‬
‫األحكام اخلمس�ة –الوجوب االس�تحباب‪ ،‬اإلباح�ة‪ ،‬الكراهة‪،‬‬
‫التحري�م ‪ -‬عىل حتصيل اخلير للعباد ونفي الرضر عنهم‪ ،‬بمعنى‬
‫اعتب�ار القص�د يف الترشيع وأنه أهم باع�ث للحكم‪ .‬فأحكام اهلل‬
‫معللة بام تتحقق به املصالح وتنتفى به املطالح‪.‬‬
‫والقرض من األمور املستحبة وقد جاءت النصوص الرشعية‬
‫من كتاب اهلل تعاىل وس�نة رس�وله ﷺ بالرتغي�ب يف ذلك وذكر‬
‫ث�واب اآلخذين ب�ه وأنه من تفريج الك�رب‪ ،‬ومكارم األخالق‪،‬‬
‫ومبادئ التس�امح واملحبة واألخ�وة‪ .‬وأن تقديم القرض ال جيوز‬
‫أن يكون الباعث له استغالل ضعف املحتاج واضطراره وإحلاح‬
‫حاجته‪ .‬وأن أي قرض يس�تهدف ذلك يتناىف مع روح اإلسلام‬
‫ورواب�ط اإلخ�وة بين أهله‪ .‬ف�إذا كان الق�رض مقدم�ا من غني‬
‫إىل فقير ضعي�ف حمتاج فأخذ زي�ادة عىل القرض مم�ا يترضر هبا‬
‫املضطر إىل أخذه يعترب مس�لكا خارجا ع�ن الرتاحم والتعاطف‬
‫بني املسلمني وخيرج القرض لذلك عن أن يكون إرفاقا وإحسانا‬

‫(‪)340‬‬
‫إىل أن يك�ون تعاملا جتاري�ا ُيبت ََغي م�ن ورائه الفوائ�د واألرباح‬
‫وبناء على هذا التصور‬
‫واس�تغالل ضعف الفق�راء وحاجاهتم‪ً :‬‬
‫فق�د ج�اء النهي عن الق�روض اجلارة نفعا وأهنا م�ن الربا وأكل‬
‫أموال الناس بالباطل‪.‬‬
‫فهل ينطبق هذا التصور عىل البنوك وعىل أصحاب احلسابات‬
‫اجلارية؟‬
‫إننا نستطيع أن نستخلص من إيداع األموال من قبل أصحاب‬
‫احلسابات اجلارية لدى البنوك ما ييل‪:‬‬
‫أوال‪ :‬صاح�ب احلس�اب اجل�اري – وه�و مق�رض حس�ب‬ ‫ً‬
‫االصطلاح – ال يقصد بقرضه إرفاقا وال إحس�ان ًا وال تقربا إىل‬
‫اهلل بإيداعه يف حسابه اجلاري ما يعترب إقراضا للبنك‪ .‬وإنام يقصد‬
‫بذل�ك حتصي�ل منافع دنوية – حف�ظ ماله‪ ،‬حصوله عىل مس�تند‬
‫نش�اطه م�ع هذا احلس�اب من حي�ث اإليداع والس�حب – وهو‬
‫املحتاج لقبول البنك فتح حساب جا ٍر له‪.‬‬
‫ثاني ًا‪ :‬البنك وقد قبل من عميله أن يتلقى الفائض من س�يولته‬
‫لتك�ون له حس�ابا جاري�ا مهيئا للس�حب منه واإلي�داع فيه دون‬

‫(‪)341‬‬
‫حتديد وقت لذلك ليس البنك بذلك فقري ًا وال ضعيف ًا وال حمتاج ًا‬
‫وال مضطر ًا‪ .‬بل قد يكون حمس�نا مع عميله يف َت َقب َّل ِه الفائض من‬
‫س�يولته بفتحه حس�ابا جاريا له‪ .‬ف�كأن البن�ك خزينة لصاحب‬
‫احلساب اجلاري‪.‬‬
‫ثالث� ًا‪ :‬بناء على ً‬
‫أوال وثاني ًا فلي�س لدينا حمت�اج لإلقراض وال‬
‫حمس�ن باإلق�راض‪ .‬وإنما لدين�ا حمت�اج لإلي�داع وه�و صاحب‬
‫احلس�اب اجلاري ولدينا‪ ،‬مستعد لتقبل هذا اإليداع وهو البنك‪،‬‬
‫عىل سبيل حتمله دينا يف ذمته سداده عند الطلب‪.‬‬
‫رابع�ا‪ :‬م�ن العل�وم إن اإلق�راض لدف�ع احلاج�ة واالقرتاض‬
‫مبعث�ه احلاجة وليس لدينا يف عمليات احلس�ابات اجلارية مقصد‬
‫لتغطية االحتياج باالقرتاض‪ ،‬وال مقصد لإلحس�ان باإلقراض‪.‬‬
‫وإنام لدينا مصالح مشرتكة بني طريف اإلقراض واالقرتاض دون‬
‫تضرر أحدمها عىل حس�اب مصلح�ة اآلخر‪ .‬ف�كل واحد منهام‬
‫منتفع ومثل ذلك الس�فتجه والسمسار – الد َّالل – حينام يقرض‬
‫صاحب الس�لعة ثمن س�لعته التي باعها عن طريق السمرسة ومل‬
‫يتسلم ثمنها من املشرتى‪.‬‬

‫(‪)342‬‬
‫خامس� ًا‪ :‬م�ن املعل�وم أن الغ�رض م�ن اإلق�راض اإلرف�اق‬
‫واإلمساك‪ ،‬وهلذا صار قرض ًا حسن ًا واستحق املقرض األجر عىل‬
‫اإلق�راض‪ ،‬وهذا املعنى منتف من إجراءات احلس�ابات اجلارية‪.‬‬
‫فلي�س فيها مقاصد إرفاق وإحس�ان وال ترصد لالضطرار‪ .‬فإذا‬
‫ختلف املقص�د والنتيجة من الترصف فيل�زم ختلف احلكم عليه‪.‬‬
‫فإذا بذلت البنوك حوافز وجوائز ألهل احلسابات اجلارية فقد ال‬
‫يتج�ه القول بأن هذه اجلوائز من االنتفاعات التي جرها القرض‬
‫وترضر يدفعها املقرتض وهو البنك‪.‬‬
‫سادسا‪ :‬األصل يف القروض احلسنة أهنا تكون من غني حمسن‬
‫إىل فقير مضطر‪ .‬وه�ذه احلس�ابات اجلارية عكس ه�ذه احلال‪،‬‬
‫وه�ذا التصوي�ر‪ .‬فاملقرتض هو البن�ك وهو غن�ي واملقرض هو‬
‫صاحب احلس�اب اجلاري والغالب األغلب أن املقارنة بني غنى‬
‫البنك وغنى صاحب احلساب اجلاري تأيت مع الفارق الكبري‪.‬‬
‫س�ابع ًا‪ :‬املقاص�د الرشعي�ة يف الترشي�ع مس�تند يف التحلي�ل‬
‫والتحري�م واالس�تحباب والكراه�ه وكذلك اإلباح�ة‪ .‬وإعطاء‬
‫القرض س�ياجا من محاية املحتاج إليه من االستغالل ومن انتهاء‬
‫أح�وال االحتياج إليه مقصد رشع�ي ابتنى عليه النهي والتحذير‬

‫(‪)343‬‬
‫من اس�تغالل ه�ذه األح�وال والضغط عىل الفقراء باالسترباح‬
‫منها فج�اء املنع من الزيادة عىل اس�تيفاء القرض أو التحيل عىل‬
‫ذل�ك باس�تخدام املقترض بام يضره وينفع املق�رض‪ .‬وليس يف‬
‫احلسابات اجلارية يشء من هذا املعنى‪.‬‬
‫ثامن� ًا‪ :‬نظ�ر ًا إىل أن الق�رض تنتهي العالقة به بعد س�داده فقد‬
‫أجاز الش�ارع احلكيم للمقرتض أن يسدد قرضه ومعه ما تطيب‬
‫ريا عن ش�كر املقرض عىل إحس�انه ببذل‬ ‫به نفس�ه من زي�ادة تعب ً‬
‫أداء أحس�نكم‬
‫الق�رض للمقترض لتغطية حاجته – أحس�نكم ً‬
‫قض�اء‪ .‬وذل�ك ألن العالقة احلقوقي�ة قد انتهت بالس�داد فليس‬
‫هن�اك قص�د من املقترض ألن يمدد املق�رض أجل الس�داد؛ أو‬
‫هيون من أسلوب املطالبة بسداده‪ .‬فجاء الترشيع بإباحة ما يبذله‬
‫املقرتض للمقرض زيادة عىل قرضه النتفاء املحذور من ذلك‪.‬‬
‫وبن�اء على ما ذكر وحي�ث إن البن�وك وإن كان�ت حمتاجة إىل‬
‫الس�يولة لتلبي�ة حاجتها إىل توس�يع نش�اطها التجاري فليس�ت‬
‫يف ح�ال ضع�ف الفقراء املحتاجين إىل ق�روض لتلبية حاجات‬
‫معايشهم الدنوية‪ .‬وليس أصحاب احلسابات اجلارية يف حال من‬
‫الغنى واليس�ار فيكونون حمتس�بني يف إقراض البنوك ما يودعونه‬

‫(‪)344‬‬
‫يف حس�اباهتم اجلارية‪ .‬وعليه فإن احلسابات اجلارية ال يظهر أهنا‬
‫تأخ�ذ أحكام الق�روض‪ .‬وإنام تكييفه�ا أهنا ودائ�ع ترصف فيها‬
‫َم ْن أودعت عن�ده وهم البنوك‪ .‬وال خيفي أن الوديعة إذا ترصف‬
‫�ن أودعت عنده فه�و ضامن هلا‪ .‬بمعن�ى أن ذمته تعلقت‬ ‫فيه�ا َم ْ‬
‫هب�ا كالدي�ن‪ .‬وعلى ه�ذا فاحلس�اب اجل�اري والقرض احلس�ن‬
‫جيتمعان يف قاس�م مشترك هو اعتبارمها دينا يف ذمة َم ْن مها بيده‬
‫وهم البنوك ويفرتقان يف املقاصد‪ .‬وافرتاقهام يف املقاصد يلزم منه‬
‫افرتاقهام يف احلكم‪ .‬فليس احلساب اجلاري قرضا وإنام هو وديعة‬
‫متصرف فيها‪ .‬فهي مضمون�ة لذلك‪ .‬بخالف القرض احلس�ن‬
‫فأحكام�ه باقية لبقاء املقصد الرشع�ي يف إقراضه‪ ،‬ونتيجة لذلك‬
‫يمكن القول بأن قاعدة كل قرض جر نفعا فهو ربا ال تنطبق عىل‬
‫احلسابات اجلارية‪ .‬فهي ليست قروضا‪ .‬وإنام هي ودائع مترصف‬
‫فيه�ا‪ .‬فه�ي مضمون�ة‪ .‬وعىل أي حال فاملس�ألة جدي�رة بتكثيف‬
‫اجلهود البحثية والتداولية يف النظر يف ذلك‪.‬‬
‫وأم�ا االحتجاج بعم�ل الزبري بن العوام وبعم�ل ابنيه عبد اهلل‬
‫ومصعب‪ .‬فإن الزبري (رمحه اهلل) يأخذ الودائع من الناس ويعلمهم‬
‫أهن�ا يف حكم القرض من حيث اس�تقرارها يف ذمته‪ِ ،‬‬
‫الم ْن حيث‬

‫(‪)345‬‬
‫ختزينه�ا يف خزائنه‪ .‬حيث إهنا يف حكم الودائع املضمونة لترصفه‬
‫فيها بإضافتها إىل ممتلكاته العينية‪ .‬وأما ابنه عبد اهلل وابنه مصعب‬
‫ف�إن تعامل عب�د اهلل مع اآلخري�ن يف تقبله أمواهل�م إليصاهلا إىل‬
‫الع�راق عن طري�ق أخيه مصعب فه�و تعامل معهم عىل س�بيل‬
‫الس�فتجة ‪ -‬احلوال�ة أو نق�ل املال إىل بلد آخر –والس�فتجة أخذ‬
‫بإجازهت�ا جمموع�ة كبرية م�ن الفقهاء يف القدي�م واحلديث‪ ،‬وقد‬
‫صدرت جمموعة فتاوى بإجازهتا النتفاء ترضر أطرافها بعضهم‬
‫م�ن بعض‪ ،‬وحلصول االنتف�اع للكل من التعام�ل‪ .‬هبا فليس يف‬
‫هذا دليل عىل أن احلسابات اجلارية قرض حيمل كامل خصائص‬
‫وأحكام القرض ومقاصده االحتسابية‪.‬‬
‫فام يفعله الزبري مع املتعاملني معه ممن يودعون فوائض أمواهلم‬
‫لديه ليس من قبيل القرض واإلقراض وإنام هو من قبيل اإليداع‬
‫وم�ا يفعل�ه أبناه عب�د اهلل ومصع�ب فليس من ذل�ك أيض ًا وإنام‬
‫م�ن قبيل الس�فتجة‪ .‬فالزبري (رمحه اهلل) وه�و يف معنى املقرتض‬
‫لي�س حمتاجا إىل القرض ولي�س طالبا القرض‪ .‬و َم ْن يعطيه املال‬
‫لتحويل�ه إىل الع�راق لي�س حمس�نا إىل الزبري بذل�ك‪ .‬وإنام يعترب‬
‫الزبري شبه حمسن إليه يف تلبية طلبه التحويل‪ .‬ونظر ًا إىل أن الزبري‬

‫(‪)346‬‬
‫ال يق�وم بتحويل أعيان ما يطلب منه حتويل�ه وإنام يترصف فيها‬
‫بإضافته�ا إىل ماليت�ه‪ ،‬ويعطى أصحاب هذه األعيان مس�تندات‬
‫اس�تقرارها يف ذمته وحتويلها إىل َم ْن ُيراد التحويل إليه فهو رمحه‬
‫أعامال مرصفية‪ .‬وهلذا أطلق عليه بعض فقهاء‬ ‫ً‬ ‫اهلل يمارس معهم‬
‫العصر بأن�ه أول بنك إسلامي‪ .‬وكذلك األم�ر يف ابنيه عبد اهلل‬
‫ومصع�ب وبن�اء عىل م�ا ذك�ر‪ ،‬فالذي يظه�ر يل أن احلس�ابات‬
‫اجل�ارة ال تأخذ أح�كام القرض من كل وجه وال يعترب ما تقدمه‬
‫البن�وك من حواف�ز وجوائز ألصح�اب احلس�ابات اجلارية من‬
‫قبيل القروض اجلارة نفع ًا‪ .‬وإن كانت هذه احلس�ابات يف حكم‬
‫الديون املتعلقة بذمة البنوك فهي ودائع مضمونة لترصف البنوك‬
‫هب�ا بإضافته�ا إىل خزائنهم البنكي�ة‪ .‬وأكرر قويل أن احلس�ابات‬
‫اجلارية من املس�ائل املحتاجة إىل البحث والنظر‪ ،‬وعقد دورات‬
‫فقهي�ة لبحثها والوصول بذلك إىل حقيقتها والتفريق بينها وبني‬
‫القروض االحتسابية واهلل املستعان‪.‬‬
‫س ‪ :229‬س�ألني أحد اإلخوان بأهنم ينوون تش�كيل س�وق‬
‫للبيع والرشاء واملزاد ويشترطون لدخول هذه السوق والتعامل‬
‫فيه رسما حمد ًدا بثالثني رياال يف الس�نة أو يف نصفها أو يف الش�هر‬

‫(‪)347‬‬
‫ويتيحون ملن يدخل هذه الس�وق ويتعامل فيه�ا ويدخل مزادها‬
‫أن يشرتى ما يريد ثم يعدل عن الرشاء‪ ،‬وذلك عن طريق املزايدة‬
‫يف الس�لعة ثم العدول عن رشائها حينام ترسو عليه املزايدة‪ .‬فهل‬
‫هذا التعامل يف هذه السوق وهبذه الصفة صحيح؟‬
‫واجلواب احلمد هلل‪ :‬الذي يظهر يل أن هذه الس�وق من أسواق‬
‫التغرير والنجش وأكل أموال الناس بالباطل‪ .‬فهي سوق معتمدة‬
‫عىل النجس�ن‪ .‬والنجسن حمرم ملا فيه من التغرير بالناس وغبنهم‬
‫ورفع أقيام السلع عن طريق املزايدة الكاذبة‪ ،‬وعليه فهذه السوق‬
‫ال جي�وز إنش�اؤها وال الدخ�ول فيها وهي س�وق ك�ذب وغش‬
‫ونج�ش وتع�اون على أكل أم�وال الن�اس بالباطل وعلى اإلثم‬
‫والعدوان‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬

‫(‪)348‬‬
‫الفهرس‬

‫الصفحة‬ ‫الموضوع‬

‫البحث اخلامس والعرشون‪:‬‬


‫‪9‬‬ ‫بحث يف الصكوك اإلسالمية ورشوط صحتها ‪..........‬‬
‫البحث السادس والعرشون‪:‬‬
‫‪33‬‬ ‫بحث يف استحقاق الفائض بعد تصفية الصكوك ‪.......‬‬
‫البحث السابع والعرشون‪:‬‬
‫‪53‬‬ ‫اإلجيار مع الوعد بالتمليك ‪.............................‬‬
‫البحث الثامن والعرشون‪:‬‬
‫‪71‬‬ ‫الديون املتعثرة وعالجها ‪...............................‬‬
‫البحث التاسع والعرشون‪:‬‬
‫‪81‬‬ ‫املشاركة املتناقصة ‪...................................‬‬

‫(‪)349‬‬
‫الفتاوى العامة يف املسائل املالية‬
‫‪98‬‬ ‫حكم بيع الدين بأقل أو أكثر منه ‪.........................‬‬
‫‪99‬‬ ‫حكم بيع السلعة سلام عىل من هي يف ذمته ‪...............‬‬
‫‪100‬‬ ‫حكم بيع حق رشاء أسهم يف رشكة ما ‪....................‬‬
‫‪102‬‬ ‫الفرق بني بيع الدين ومسألة «ضع وتعجل» ‪.............‬‬
‫‪103‬‬ ‫حكم رهن أسهم الرشكات ‪.............................‬‬
‫‪103‬‬ ‫الترصف يف املبيع قبل قبضه ‪............................‬‬
‫‪104‬‬ ‫حكم رشاء مرافق عامة جيري بعد رشائها إعادة متلكها ‪..‬‬
‫‪109‬‬ ‫حكم العمل يف رشكات التعامل بالدخان جتارة أو تصنيغًا‬
‫‪109‬‬ ‫حكم العمل يف وكاالت الدخان ‪.........................‬‬
‫‪110‬‬ ‫هل الراتب التقاعدي للموظف املتوىف يعترب تركه ‪.......‬‬
‫‪110‬‬ ‫حكمتنازلالوارثعنمرياثه‪...........................‬‬
‫‪111‬‬ ‫اتفاق القبيلة عىل إنشاء صندوق تعاوين بينهم ‪............‬‬
‫‪112‬‬ ‫هل تعترب الديه لورثة املقتول من الرتكة ‪...................‬‬
‫‪112‬‬ ‫هل يسدد دين املقتول من ديته ‪...........................‬‬

‫(‪)350‬‬
‫‪114‬‬ ‫ما هو التورق املرصيف املحرم ‪............................‬‬
‫‪114‬‬ ‫هل التواطؤ يف التورق مؤثر عىل صحته ‪..................‬‬
‫‪116‬‬ ‫ضوابط التورق الصحيح ‪..............................‬‬
‫سبائك معدنية فيها قرابة ‪ ٪ ٣٠‬من الذهب هل هلا أحكام‬
‫‪117‬‬
‫الذهب ‪..............................................‬‬
‫وكالء رشكات يعهد إليهم الرشاء ويطلبون من البائعيني‬
‫‪118‬‬
‫التغيري يف الفواتري ‪.....................................‬‬
‫‪118‬‬ ‫حكم اخلصم للمشرتى من الثمن ‪.......................‬‬
‫‪119‬‬ ‫هل املصارف اإلسالمية أدت الطموحات املرجوة منها‪.‬‬
‫هل ل�دى املص�ارف اإلسلامية خط�ة يف حتقيقه�ا كامل‬
‫‪121‬‬
‫أهدافها ‪..............................................‬‬
‫ه�ل األم�ر كام يق�ال ب�أن البنوك اإلسلامية وج�ه لعملة‬
‫‪122‬‬
‫وجهها اآلخر التقليدية ‪...............................‬‬
‫يش�كو بعض املتعاملني مع املصارف اإلسالمية من كثرة‬
‫‪123‬‬
‫إجراءات التعامل ‪....................................‬‬
‫هل تق�ارب العوائد بني املصارف اإلسلامية واملصارف‬
‫‪126‬‬
‫التقليدية مؤثر عىل اجتاهها ‪..............................‬‬
‫هل عائد املرابحة وقربه من عائد الفائدة الربوية مؤثر عىل‬
‫‪127‬‬
‫سالمة الكسب ‪.......................................‬‬

‫(‪)351‬‬
‫الرد عىل تش�بيه املصارف اإلسلامية باملصارف التقليدية‬
‫‪128‬‬
‫من حيث النتيجة ‪.....................................‬‬
‫ه�ل الق�ول ب�أن التموي�ل الرب�وي أرح�م م�ن التمويل‬
‫‪134‬‬
‫اإلسالمي ‪............................................‬‬
‫انتق�ادات اإلج�راءات التمويلية يف املصارف اإلسلامية‬
‫‪139‬‬
‫بالتعقيد ‪..............................................‬‬
‫ال�رد على القول ب�أن املص�ارف اإلسلامية عاج�زة عن‬
‫‪140‬‬
‫متطلبات السوق ‪.....................................‬‬
‫حك�م نظام االدخار لدى رشك�ة أرامكو واملكافأة املرتتبة‬
‫‪141‬‬
‫عليه ‪.................................................‬‬
‫‪143‬‬ ‫استثامر املال استثامر ربوي وحرمة ذلك قل أو كثر ‪......‬‬
‫‪144‬‬ ‫الرد عىل فتوى شيخ األزهر بإباحة الفوائد البنكية ‪......‬‬
‫‪145‬‬ ‫حكم جوائز البنوك ملن يبقى حسابه اجلاري مدة طويلة ‪..‬‬
‫حك�م املصارفة بني الريال الس�عودي ال�ورق والعمالت‬
‫‪145‬‬
‫املعدنية ‪..............................................‬‬
‫‪147‬‬ ‫حكم مبادلة ذهب قديم بذهب مثله وزيادة ‪...............‬‬
‫حكم رشاء إنس�ان س�لعة وجدها يف املزاد وكان قد باعها‬
‫‪148‬‬
‫نسيئة عىل عارضها ‪...................................‬‬
‫‪148‬‬ ‫حكم بيع عمالت حديدية برياالت ورقية خمتلفة العدد‬

‫(‪)352‬‬
‫عاملة تركت عملها عند مؤسس�ة قبل انتهاء عقد عملها‬
‫‪149‬‬
‫وهربت وهلا مبلغ عندها ‪...............................‬‬
‫عام�ل يعم�ل ل�دى مؤسس�ة ورسق منها مبلغا م�ن املال‬
‫‪150‬‬
‫فكيف يعيد ما رسق ‪..................................‬‬
‫حك�م ق�روض تعطيه�ا الدول�ة ألصحاب مه�ن صغرية‬
‫‪151‬‬
‫وبفوائد ربوية خمفضة ‪.................................‬‬
‫كتاب�ة بع�ض التجار يف فواتريهم ‪ -‬البضاعة ال تسترد ‪-‬‬
‫‪151‬‬
‫هل هذا صحيح ‪......................................‬‬
‫‪152‬‬ ‫مسألة يف السلم ‪.......................................‬‬
‫‪152‬‬ ‫هل جيوز العمل يف مزرعة تربية خنازير ‪...................‬‬
‫‪153‬‬ ‫حكم سداد القرض بأكثر من مبلغ القرض بدون رشط ‪.‬‬
‫‪154‬‬ ‫متى حيرم البيع والرشاء يوم اجلمعة ‪......................‬‬
‫‪154‬‬ ‫ما معني بيع النجش ‪..................................‬‬
‫من اشرتى سلعة بـ ‪ ٧٥‬ريال وأعطى صاحبها ‪ ١٠٠‬ريال‬
‫‪154‬‬
‫وأجل الباقي فهل هذا جائز ‪............................‬‬
‫‪155‬‬ ‫حكم اإليداع يف البنوك الربوية ‪..........................‬‬
‫‪156‬‬ ‫هل جيوز رشاء بطاقات التخفيض ‪.....................‬‬
‫‪156‬‬ ‫حكم املتاجرة بالعمالت ‪...............................‬‬

‫(‪)353‬‬
‫من اشترى س�لعة بـ ‪ ٥٠‬ريال ودفع لصاحبها ‪ ١٠٠‬فهل‬
‫‪158‬‬
‫جيوز تأخري الباقي؟ ‪...................................‬‬
‫‪158‬‬ ‫قول اإلنسان ذهب فالن إىل مثواه األخري‪ .‬هل هذا جائز‪.‬‬
‫‪158‬‬ ‫هل جيوز بيع تذكرة السفر بثمن أكثر أوقل من قيمتها ‪...‬‬
‫‪159‬‬ ‫هل جيوز رشاء تذاكر دخول املعارض أو بيعها؟ ‪.........‬‬
‫‪159‬‬ ‫ورشاء ‪..............‬‬
‫ً‬ ‫حكم تداول بطاقات التخفيض بيع ًا‬
‫ال�رد عىل الش�يخ حمم�د طنط�اوي يف فت�واه بج�واز أخذ‬
‫‪160‬‬
‫الفوائد البنكية ‪........................................‬‬
‫حكم الزيادة يف بيع الذهب بالذهب إذا كان حل ًّيا؟ وكذلك‬
‫‪163‬‬
‫التأجيل يف بيعها ‪.......................................‬‬
‫هل الذهب عيار ‪ ١٨‬يعامل كنقد ال جيوز فيه الزيادة والنسأ‬
‫‪164‬‬
‫أو كسلعة جيوز فيها ذلك ‪..............................‬‬
‫مصنع حيل يبيع مصوغاته إىل جتار احليل بثمن حال وبسعر‬
‫‪165‬‬
‫أعىل من مواد الصنع ‪.................................‬‬
‫هل جيوز لصائغ أن يأخذ من إنسان ذهب ًا قدي ًام بذهب جديد‬
‫‪166‬‬
‫وزن ًا بوزن وبأجرة جيري االتفاق عليها ‪.................‬‬
‫ه�ل جي�وز للصائ�غ أن يتفق م�ع تاجر حيل على أن يقوم‬
‫‪167‬‬
‫الصائغ ببيع ذهب عىل التاجر ويكون التسديد متأخر ًا ‪...‬‬

‫(‪)354‬‬
‫بعد متام مصارفة بني الصائغ والتاجر ثم تصنيع الذهب بعد‬
‫‪167‬‬
‫ذلك بأجره‪............................................‬‬
‫هل جيوز ملصنع احليل أن يعطي عميله حل ًّيا مصنوعا يقوم‬
‫‪168‬‬
‫ببيعه ويعيد إليه ما مل يتم بيعه؟ ‪........................‬‬
‫هل جيوز أن يبيع اإلنسان ذهب ًا عىل تاجر عىل أن يبيعه ذهب ًا جد‬
‫‪169‬‬
‫يد ًا؟‪..................................................‬‬
‫‪170‬‬ ‫هل جتوز املقايلة يف املصارفة ‪............................‬‬
‫‪170‬‬ ‫هل جيوز ملن اشرتى ذهب ًا أن يؤجل بعض ثمنه؟ ‪.........‬‬
‫هل جيوز بيع احليل املشتمل عىل بعض األحجار الكريمة عىل‬
‫‪170‬‬
‫اعتبار أهنا جزء من الذهب؟ ‪..........................‬‬
‫‪171‬‬ ‫نصيحة للشباب امللتزم بالدخول يف جتارة الذهب ‪.......‬‬
‫حكم حجر الذهب بام يس�مى التكسري «أي املواعدة عىل‬
‫‪172‬‬
‫املصارفة يف املستقبل» ‪.................................‬‬
‫‪172‬‬ ‫حكم مصارفة تتم بتسلم أحد العوضني وتأجيل اآلخر‪..‬‬
‫حكم رشاء جمموعة من حيل الذهب من أحد املصانع عىل أن‬
‫‪173‬‬
‫تكون املحاسبة يف املستقبل ‪............................‬‬
‫‪172‬‬ ‫حكم وجوب الزكاة عىل حيل النساء لالستعامل ‪.........‬‬
‫‪174‬‬ ‫ما مقدار نصاب الذهب ‪...............................‬‬

‫(‪)355‬‬
‫‪174‬‬ ‫هل جيوز بيع ذهب قديم بذهب جديد بزيادة؟ ‪...........‬‬
‫‪175‬‬ ‫هل يعترب القيد يف احلساب قبض ًا يف حال املصارفة ‪........‬‬
‫هل جيوز بيع ذهب بذهب مثله وزن ًا وبزيادة يف الثمن عىل‬
‫‪176‬‬
‫اعتبار أن الزيادة يف مقابلة الصنيع ‪........................‬‬
‫‪176‬‬ ‫مسألة يف املسؤولية الوظيفية ‪.............................‬‬
‫هل جيوز ألحد موظفي أحد املتاجر الذهبية أن يضيف مع‬
‫‪177‬‬
‫عمله املتاجرة لآلخرين ‪...............................‬‬
‫أح�د املوظفني يف املتاجر الذهبية حتت مس�ؤولية صاحب‬
‫‪177‬‬
‫املتجر هل جيوز أن يعمل لصاحله مع عمله يف املتجر ‪....‬‬
‫مس�ألة يف املس�ؤولية الوظيفي�ة ل�دى إح�دى رشكات‬
‫‪178‬‬
‫الصياغة هل جيوز له أن يعمل لصاحله ‪................‬‬
‫‪178‬‬ ‫مسألة يف املسؤولية الوظيفية ‪............................‬‬
‫‪179‬‬ ‫مسألةتتعلقبالغشوالتغرير‪............................‬‬
‫هل جيوز بيع املجوهرات من املاس املش�تمل عىل الذهب‬
‫‪179‬‬
‫بنسبة قليلة بأثامن مؤجلة؟ ‪..............................‬‬
‫ه�ل جيوز بيع عقود املاس وكذلك الس�اعات املرصعة به‬
‫‪180‬‬
‫بيع ًا مؤج ً‬
‫ال؟ ‪.........................................‬‬
‫‪180‬‬ ‫هل جيوز لبس الساعة املرصعة باألملاس ‪..................‬‬

‫(‪)356‬‬
‫‪181‬‬ ‫هل جيوز استخدام السبح من اللؤلؤ واألملاس ‪..........‬‬
‫‪181‬‬ ‫هل جيوز استخدام أسنان من الذهب ‪....................‬‬
‫‪181‬‬ ‫هل جيوز استخدام ومتلك األواين الذهبية والفضية ‪......‬‬
‫ه�ل جيوز رشاء س�لع ذهبية أو نحوه�ا بثلث قيمتها عىل‬
‫‪182‬‬
‫سبيل التغرير لصاحبها؟ ‪..............................‬‬
‫هلجيوزملنيعمللدىمتجرأنينفصلمنهبعدأخذالتجربة‬
‫‪182‬‬
‫والتدريب عىل العمل؟ ‪...............................‬‬
‫‪183‬‬ ‫ماذا تعني األمانة يف املسؤولية ‪............................‬‬
‫م�ا حك�م نرش الش�ائعات الس�يئة ع�ن البضائ�ع لغرض‬
‫‪184‬‬
‫املنافسة يف البيع ‪.......................................‬‬
‫هل جيوز ملن كان ذا خربة يف عمل أن حيجب خربته خشية‬
‫‪184‬‬
‫أن حيل غريه حمله ‪......................................‬‬
‫‪185‬‬ ‫ما معنى أن اخللق لن ينفعوا أحد ًا مل يرد اهلل نفعه ‪...........‬‬
‫‪185‬‬ ‫مسألة يف التفريط يف املسؤولية وضامن ما يتعلق هبا ‪......‬‬
‫‪186‬‬ ‫هل هناك دعاء يقوله املؤمن مبتدأ عمله اليومي؟ ‪.........‬‬
‫‪187‬‬ ‫متى تلزم اإلقالة بني الطرفني ‪............................‬‬
‫‪187‬‬ ‫هل جيوز خيار الرشط يف املصارفة ‪.......................‬‬

‫(‪)357‬‬
‫رشاء حلية واشتراط اس�تبداهلا يف ح�ال الرغبة هل جيوز‬
‫‪188‬‬
‫ذلك ‪.................................................‬‬
‫‪189‬‬ ‫بيع ذهب بذهب مؤجل ‪...............................‬‬
‫‪189‬‬ ‫مسألة يف أداء النصيحة ‪................................‬‬
‫‪190‬‬ ‫يف العدل بني األوالد يف العطية ‪...........................‬‬
‫‪191‬‬ ‫حكم املسابقات واجلوائز عليها ‪.........................‬‬
‫‪191‬‬ ‫بيع الدين بثمن أقل منه ‪...............................‬‬
‫‪192‬‬ ‫من كان بيده مكاسب غري مباحة وتاب فامذا يرتتب عليه‬
‫‪194‬‬ ‫هل الصناديق االستثامرية يباح االشرتاك فيها مطلقا ‪....‬‬
‫‪194‬‬ ‫كيف يمكن االحتياط لسالمة الصناديق االستثامرية ‪.....‬‬
‫‪195‬‬ ‫هل جيوز االستثامر يف الصناديق الدولية ‪...................‬‬
‫‪197‬‬ ‫مسألة يف صناديق االستثامر الدولية ‪......................‬‬
‫هل ألسهم الوحدات االستثامرية يف الصناديق الدولية أثر‬
‫‪197‬‬
‫عىل االقتصاد اإلسالمي ‪..............................‬‬
‫ه�ل للمرصفي�ة اإلسلامية تأثير على الصنادي�ق‬
‫‪199‬‬
‫االستثامرية الدولية ‪...................................‬‬

‫(‪)358‬‬
‫هل جيوز للمس�لم أن ينتفع بالفوائد الربوية من حساباته‬
‫‪199‬‬
‫اجلارية ‪...............................................‬‬
‫هل جيوز ملن باع عىل آخر سلعة مؤجل ثمنها ووجدها يف‬
‫‪200‬‬
‫املزاد أن يشرتهيا ‪......................................‬‬
‫وكيل آلخر اشرتى له سلعة بثمن معني ثم حصل عىل خصم‬
‫‪200‬‬
‫فهل جيوز للوكيل اخلصم ‪..............................‬‬
‫رجل له حساب جار يف أحد املصارف وأعطاه فوائد ربوية‬
‫‪201‬‬
‫فهل يعطيه فقراء بلده ‪...............................‬‬
‫‪202‬‬ ‫هل جيوز للرجل أن يربح يف بيعه سلعة ربح ًا كثري ًا جد ًا ‪.‬‬
‫‪202‬‬ ‫هل جيوز بيع الذهب بالذهب متفاض ً‬
‫ال ‪..................‬‬
‫ه�ل جي�وز املصارفة بني جنسين م�ن العملات الورقية‬
‫‪203‬‬
‫بتفاضل بينهام ‪........................................‬‬
‫‪204‬‬ ‫ما حكم بيع خلو القدم ‪................................‬‬
‫‪205‬‬ ‫حكم اهلدية من املدين لدائنه عند سداده الدين ‪..........‬‬
‫‪205‬‬ ‫حكم بيع ثامر األشجار قبل صالحها ‪....................‬‬
‫‪206‬‬ ‫هل ترصفات الصبي يف البيع والرشاء نافذة ‪..............‬‬
‫‪206‬‬ ‫هل جيوز الدخول مع بنك ربوي يف رشاكة مضاربة ‪......‬‬

‫(‪)359‬‬
‫‪208‬‬ ‫هل جيوز الدخول مع بنك لالستثامر يعطي ربح ًا متغري ًا ‪.‬‬
‫‪208‬‬ ‫هل جيوز للطالب االشرتاك يف ملكية مقصف املدرسة ‪..‬‬
‫‪209‬‬ ‫مسألة يف رشاء قطعة زراعة بعاجل وبمؤجل ‪.............‬‬
‫‪210‬‬ ‫مسألة يف ختزين بضاعة عند بائعها ‪........................‬‬
‫‪211‬‬ ‫مسألة يف املسابقات التجارية وحكمها ‪..................‬‬
‫حك�م أخذ جزء من كس�ب عام�ل ثم ت�رك ليعمل لدى‬
‫‪211‬‬
‫الغري ‪.................................................‬‬
‫‪212‬‬ ‫مسألة يف تبايع حىل قديم بحىل جديد وبزيادة ‪.............‬‬
‫‪213‬‬ ‫مسألة يف بيع ما ال يملكه البائع ‪..........................‬‬
‫‪213‬‬ ‫هل يشرتط أن يكون رأسامل املضاربة ماال مباحا ‪........‬‬
‫‪215‬‬ ‫ما معنى أوكس البيعتني ‪...............................‬‬
‫‪215‬‬ ‫هل عىل األمني ضامن ما تلف بيده من غري تفريط ‪.......‬‬
‫‪216‬‬ ‫هل بتغري االلتزام بتغري قيمة االلتزام ‪.....................‬‬
‫‪217‬‬ ‫هل جيوز فتح حساب ٍ‬
‫جار لدى البنوك التقليدية ‪.........‬‬
‫‪219‬‬ ‫مسألة يف املصارفة ‪...................................‬‬

‫(‪)360‬‬
‫مندوب مشتريات أسماك حيصل عىل خصم هل جيوز له‬
‫‪220‬‬
‫ذلك اخلصم ‪..........................................‬‬
‫فتوى لرشك�ة أرامكو بخصوص االدخ�ار وربط مكافأة‬
‫‪220‬‬
‫هناية اخلدمة به ‪........................................‬‬
‫‪224‬‬ ‫مسألة يف حكم السلم يف الرشكات املسامهة ‪...............‬‬
‫‪231‬‬ ‫مسألة يف إنشاء رشكة عن طريق السلم ‪...................‬‬
‫‪232‬‬ ‫هل تنطبق املثلية عىل املنتجات الصناعية ‪..................‬‬
‫‪233‬‬ ‫هل من صفات السلع يف السلم املاركات التجارية ‪......‬‬
‫‪235‬‬ ‫هل جيوز السلم يف األرايض ‪............................‬‬
‫‪236‬‬ ‫هل جيوز تسليم السلعة يف السلم قبل حلول األجل ‪......‬‬
‫‪237‬‬ ‫هل جيوز العمل يف رشكات حمرمة ‪........................‬‬
‫‪238‬‬ ‫حكم العمل يف رشكات التأمني ‪.........................‬‬
‫‪239‬‬ ‫هل جيوز أن يشرتط عىل املضارب نسبة حمددة يف الربح ‪..‬‬
‫ه�ل تس�تحق أجرة عىل الس�حب م�ن الكونتر يف البنك‬
‫‪243‬‬
‫بالبطاقة ‪..............................................‬‬
‫‪244‬‬ ‫هل تستحق أجرة عىل السحب من جهاز الرصف ‪......‬‬

‫(‪)361‬‬
‫رج�ل علي�ه دي�ن بعمل�ة ورده بعمل�ة آخرى ع�ن طريق‬
‫‪244‬‬
‫املصارفة ‪.............................................‬‬
‫‪245‬‬ ‫حكم املبادلة بذهب قديم بذهب جديد وزيادة ‪..........‬‬
‫‪245‬‬ ‫حكمبيعحقاالكتتابيفرشكةما‪.......................‬‬
‫‪247‬‬ ‫املتاجرة يف األسهم الدولية وتأثريها عىل االقتصاد املحيل‬
‫‪248‬‬ ‫العمل يف البنوك الربوية ‪...............................‬‬
‫‪249‬‬ ‫التورق للحصول عىل مال لالستثامر ‪.....................‬‬
‫‪249‬‬ ‫هل للتورق تأثري عىل املنتجات االستثامرية األخرى ‪....‬‬
‫‪249‬‬ ‫هل التورق من صيغ االستثامر ‪..........................‬‬
‫‪251‬‬ ‫ما هو تأثري التورق عىل االستثامر العام ‪....................‬‬
‫‪253‬‬ ‫ما معنى استقرار دين السلم ‪.............................‬‬
‫‪254‬‬ ‫ما هي بيوع اإلبشن وما حكمها ‪..........................‬‬
‫‪257‬‬ ‫حكم السحب عىل الشهادات وما معناها ‪................‬‬
‫‪259‬‬ ‫مسألة يف التأمني واملتعاملني به من األطباء ‪...............‬‬
‫‪260‬‬ ‫مسألة يف السعي بني مكاتب العقار ‪.......................‬‬

‫(‪)362‬‬
‫‪261‬‬ ‫مسألة يف التنازع يف السعي عند مكاتب العقار ‪...........‬‬
‫‪262‬‬ ‫مسألة يف التنازع بني مكتب العقار ومالك العقار ‪........‬‬
‫‪263‬‬ ‫مسألة أخرى يف التنازع بني مكتب العقار ومالك العقار ‪.‬‬
‫‪264‬‬ ‫حكم بيع خيار العربون ‪...............................‬‬
‫مس�ألة يف املفاضل�ة بين التموي�ل اإلسلامي والتموي�ل‬
‫‪266‬‬
‫الربوي ‪..............................................‬‬
‫‪271‬‬ ‫هل البنوك اإلسالمية عاجزة عن متويل التجارة ‪..........‬‬
‫‪272‬‬ ‫مسألة يف زكاة ثامر النخيل ‪..............................‬‬
‫ه�ل جيوز ملدير صندوق اس�تثامري أن يس�تعني بغريه من‬
‫‪273‬‬
‫املدراء ‪...............................................‬‬
‫‪274‬‬ ‫مسألة يف العمل يف البنك الربوي ‪.........................‬‬
‫‪275‬‬ ‫مسألة يف البيع بالتقسيط ‪...............................‬‬
‫‪276‬‬ ‫حكم رشاء أسهم ثم بيعها بثمن مقسط ‪...................‬‬
‫‪277‬‬ ‫مسألةيف اإلجيارمع الوعد بالتمليك ‪......................‬‬
‫‪278‬‬ ‫مسألة يف الوعد باهلبه ‪.................................‬‬
‫‪278‬‬ ‫مسألة يف الغرر‪.......................................‬‬

‫(‪)363‬‬
‫‪282‬‬ ‫حكم وجوب الزكاة عىل الصناديق االستثامرية ‪.........‬‬
‫‪282‬‬ ‫حكم التأمنيعىل املنشآت العامة‪.........................‬‬
‫حك�م الفوائ�د الربوي�ة ه�ل جيوز مل�ن عرض�ت عليه أن‬
‫‪285‬‬
‫يأخذها ‪..............................................‬‬
‫‪286‬‬ ‫مسألة يف خصم الكمبياالت املالية ‪.......................‬‬
‫‪287‬‬ ‫هلجيوزتأجريالعقارعىلبنكربوي‪.....................‬‬
‫‪288‬‬ ‫مسألة يف بيوع السيارات يف املعارض التجارية للسيارات‬
‫‪289‬‬ ‫حكم الدفعة املالية عىل جدية االتفاق هل هي حق لدافعها‬
‫‪290‬‬ ‫هل جيوز للمعرض رشاء سيارة من مالكها بطريقة التورق‬
‫‪290‬‬ ‫حكم اجلوائز املبنية عىل السحب ‪........................‬‬
‫‪293‬‬ ‫مسألة يف الكمبياالت وخصمها ‪.........................‬‬
‫‪295‬‬ ‫مسألة يف زكاة أغنام لدى مالكها ‪.........................‬‬
‫‪296‬‬ ‫مسألةيفزكاةإبلعندمالكها‪............................‬‬
‫‪296‬‬ ‫هل جيوز احتساب الزكاة بالتاريخ امليالدي ‪.............‬‬
‫‪297‬‬ ‫من كانت جتارته إنشاء املساكن وبيعها كيف يزكى ‪......‬‬
‫‪298‬‬ ‫مسألة يف التعامل التجاري مع الصناديق االستثامرية ‪.....‬‬

‫(‪)364‬‬
‫‪299‬‬ ‫هل جيوز املتاجرة يف أسهم رشكات االستثامر‪.............‬‬
‫‪299‬‬ ‫حكم نظام رشكة اخلفجي يف االدخار ‪....................‬‬
‫‪304‬‬ ‫العمل يف رشكة نقل بحري تقوم بنقل حلوم اخلنازير ‪.....‬‬
‫من رشوط الزكاة أن تكون يف دين مستقر فهل جتب الزكاة‬
‫‪304‬‬
‫يف دين السلم ‪........................................‬‬
‫‪305‬‬ ‫هل جتوز املصارفة بالتفاضل بني عملتني خمتلفتني ‪........‬‬
‫‪306‬‬ ‫هل جتوز املصارفة باألجهزة اإللكرتونية ‪................‬‬
‫‪307‬‬ ‫هل القيود احلسابية يف البنوك يعترب قبض ًا ‪.................‬‬
‫‪308‬‬ ‫هل جتوز املصارفة وفق الشاشة اإللكرتونية ‪.............‬‬
‫‪309‬‬ ‫مسألة يف أجرة األجري ‪.................................‬‬
‫‪310‬‬ ‫مسألة يف التحوط للحصول عىل عمله الدين املتعلق بذمة املدين‬
‫‪311‬‬ ‫الفرق بني احلسابات اجلارية والودائع االستثامرية ‪.......‬‬
‫‪313‬‬ ‫خطابللمجالساإلداريةيفالرشكات‪..................‬‬
‫‪318‬‬ ‫حكم بيع تذاكر السفر ونحوها ‪..........................‬‬
‫‪319‬‬ ‫االعرتاض عىل معيار بازل رقم ‪........................ ٣‬‬

‫(‪)365‬‬
‫‪325‬‬ ‫العقود اإلجيارية املبنية عىل تغري املؤرشات املالية ‪..........‬‬
‫‪326‬‬ ‫املواعدة يف الرصف ‪..................................‬‬
‫‪327‬‬ ‫حكم االتفاق مع املوظف يف دخوله يف نظام اإلقراض ‪...‬‬
‫‪328‬‬ ‫معايريالفتوىيفالنوازلالفقهية‪.........................‬‬
‫‪329‬‬ ‫إخوة املتويف املحجوبون باألب هل حيجبون األم إىل السدس‬
‫‪330‬‬ ‫هل الرد يف األرث يتناول األزواج ‪........................‬‬
‫‪330‬‬ ‫هل حيل الدين بوفاة املدين ‪.............................‬‬
‫‪331‬‬ ‫املصاريف املتعلقة بتصفية الرشكة هل تدخل يف املحاصة‬
‫‪332‬‬ ‫هل يتأجل القرض بتأجيله ‪.............................‬‬
‫‪333‬‬ ‫هل جيوز إقراض الوكيل موكله بثمن سلعة باعها له ‪....‬‬
‫‪334‬‬ ‫هل حيصل احلجر عىل املفلس بمجرد ظهور اإلفالس ‪...‬‬
‫‪334‬‬ ‫ما هو البديل عن األخذ بتغري األجرة وفق املؤرش ‪.......‬‬
‫هل احلس�ابات اجلارية قروض حس�نة أم ودائع مضمونة‬
‫‪338‬‬
‫حكم تشكيل رشكة لرتويج املبيعات عىل سبيل النجش‬
‫مسأله ىف أخذ رسوم عىل تزكية بعض املشهورين ىف برامج‬
‫‪347‬‬
‫تلفزيونية ‪............................................‬‬

‫(‪)366‬‬

You might also like