You are on page 1of 14

‫الجمهورية الجزائرية الديموقراطية الشعبية‬

‫وزارة التعليم العالي و البحث العلمي‬


‫* جامعة قاصدي مرباح * ورقلة‬
‫كلية العلوم االقتصادية و التجارية و علوم التسيير&‬

‫المستوى‪ :‬الثانية مالية بنوك‬

‫المقياس‪ :‬الصيرفة اإلسالمية‬

‫‪ :‬بحث حول‬

‫مفهوم المال والنقود والقرض والربا في الفقه اإلسالمي‬

‫تحت إشراف اإلستاذ‬ ‫‪ :‬من إعداد الطلبة ‪:‬‬


‫بن ساسي عبد الحفيظ‬ ‫عنتير حمزة‬ ‫‪‬‬
‫بوبالل مسعود‬ ‫‪‬‬
‫دقيش ميلود‬ ‫‪‬‬

‫‪ :‬السنة الجامعية‬
‫‪2020/2019‬‬
‫المقدمة‬
‫ينظر اإلسالم للمال على أنه قوام احلياة‪ ،‬به تنتظم معايش الناس‪ ،‬ويتبادلون على أساسه جتاراهتم ومنتجاهتم‪،‬‬
‫ويقو مون على أساسه ما حيتاجون إليه من أعمال ومنافع فاإلنسان مستخلف يف هذا املال‪ ،‬الذي هو وسيلة من‬ ‫ّ‬
‫ني فِ ِيه} وملا يرتتب على‬ ‫ِ‬ ‫وسائل احلياة املهمة‪ ،‬وهبما تقوم معاشات الناس‪ ،‬قال تعاىل‪ ِ :‬مِم‬
‫{وأَنْف ُقوا َّا َج َعلَ ُك ْم ُم ْستَ ْخلَف َ‬
‫َ‬
‫التعامل بالنقود واألوراق املالية من آثار عديدة يف املبادالت واملعامالت احلالة واآلجلة‪.‬‬

‫حيث مرت النقود خالل تارخيها الطويل بتطور مستمر‪ ،‬متأثرة يف ذلك بتطور الظروف االقتصادية واالجتماعية‪،‬‬
‫حىت أضحت النقود اليوم طرفا يف معظم ما يدور بني الناس من تعامالت‪ ،‬فيعرب الناس هبا عن قيم ما يتبادلونه من‬
‫السلع واخلدمات‪ ،‬ويقبلوهنا يف الوفاء بكافة االلتزامات‬

‫ومن يسر الشريعة أن اهلل تعاىل أباح لنا القرض احلسن‪ ،‬بل ر غب فيه مع أّنه يف أصله ربا إن كان يف األموال‬
‫الربوية‪ ،‬ألن املعروف يف الشريعة أن مبادلة األموال الربوية كالنقود مثال جبنسها ربا‪ ،‬وإن كان الرد باملثل‪ ،‬لعدم‬
‫التقابض يف اجمللس‪.‬‬

‫لكن اهلل تعاىل أباح هذا يف القرض احلسن ّمنة منه وتفضال و حرم الربا بصوره املتنوعة ملا فيه من االستغالل‬
‫والظلم‪،‬بل ّشنع على املرابني‪،‬وأغلظ يف حرمته‪ ،‬لقوله تعاىل ( يا أيها الذين آمنوا اتقوا اهلل وذروا ما بقي من الربا‬
‫إن كنتم مؤمنني) البقرة ‪278‬‬

‫ومن هذا نطرح اإلشكالية التالية‬

‫اإلسالمي ؟‬ ‫ما مفهوم املال والنقود والقرض والربا يف الفقه‬


‫المبحث األول ‪ :‬المال والنقود في الفقه الإلسالمي‬

‫المطلب األول ‪ :‬مفهوم المال في الفقه اإلسالمي‬

‫يف اللغة‪ :‬هو كل ما يرغب اإلنسان يف اقتنائه أو امتالكه‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫إصطالحا ‪:1‬‬

‫اختلف تعريف الفقهاء للمال تبعا الختالفهم يف أحكامه على اصطالحني رئيسيني مها اصطالح احلنفية واصطالح اجلمهور‪.‬‬
‫‪ -1‬اصطالح احلنفية‪:‬‬
‫عرف املتقدمون من فقهاء املذهب احلنفي املال بتعريفات كثرية وهي وإن اختلفت يف ألفاظها إال أهنا تتفق يف معناها ومرماها‪.‬‬
‫وأوضحها تعريفه بأنه عني جيري فيه التنافس واالبتذال أي بذل العوض‬

‫‪ -2‬اصطالح اجلمهور‪:‬‬
‫عرف مجهور الفقهاء ومنهم الشافعية واحلنابلة واملالكية املال بعدة تعريفات يؤخذ منها أن املال يطلق على كل ماله قيمة مادية بني‬
‫الناس وأجاز الشارع االنتفاع به يف حاله السعة ‪ 2‬واالختيار وينضج لنا أن مالية األشياء يف اصطالح مجهور الفقهاء‪ ،‬أن الشيء ال‬
‫يكون ماال إال إذا توفر له عنصران ‪.‬‬
‫العنصر األول‪ :‬أن يكون الشيء له قيمة بني الناس سواء كان عينا أو منفعة ماديا أو معنويا ‪.‬‬
‫‪.‬‬ ‫فلو كان الشيء تافها ال قيمة له بني الناس‪ ،‬ال يكون ماال عينا أو منفعة“ كحبة قمح‬
‫العنصر الثاين‪ :‬أن يكون الشيء قد أباح اإلسالم االنتفاع به يف حالة السعة واالختيار كاحلبوب واإلبل والعقارات‪ .‬أما إذا كان‬
‫‪.‬‬ ‫اإلسالم حرم االنتفاع به كاخلمر واخلنزير وحلم امليتة فإنه ال يكون ماال‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬تقسيم المال في المنهج اإلسالمي‪  :‬وهو تقسيم الفقهاء‬

‫‪ -1 ‬من حيث المقصود منه‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫مرجع إلكتروني ‪http://zidni3ilma.arabepro.com‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ ‬مال مقصود“ منه املعاملة‪ :‬أي كونه مثنا ألشياء معينه وهو الن ـ ــقود‪ ,‬ويستخدم هذا املال يف عملية املبــادلة بني السلع واخلدمات وهو‬
‫نوعني‪:‬‬

‫ـ نقود مطــلقة‪ :‬ذهب ‪  /‬فضة‪                              ‬ـ نقود مقيدة ‪ :‬أوراق البنكنوت‬

‫مال مقصود“ منه االنتفاع‪ :‬أي كونه اعد لالنتفاع به وهو العروض وهي قد تكون عروض قنية أو عروض جتارة‪.‬‬

‫عروض قنية ثابتة‪ :‬لالستخدام واالنتفاع هبا‪.‬‬

‫عروض التجارة املتداولة‪ :‬أعدت للبيع والتبادل‪.‬‬

‫‪ -2 ‬من حيث االستخدام‪:‬‬

‫‪ ( ‬أ ) ‪ -‬مال املعامــلة‪ :‬املقصود به ما يستخدم يف املعامالت بني الناس ووسيلة للتبادل‪.‬‬

‫(ب) ‪ -‬مال االنتفـ ــاع‪ :‬املقصود به احليازة لالستخدام وهـ ـ ــو مقسم“ إىل عروض قنية وعـ ـ ـ ــروض التجارة‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -3‬من حيث التقويم‬

‫مال املتقوم‪ :‬كل ما كان حمرزاً بالفعل‪ ،‬وأباح الشرع االنتفاع به كأنواع العقارات واملنقوالت واملطعومات وحنوها‪.‬‬

‫وغري املتقوم‪ :‬ما مل حيرز بالفعل‪ ،‬أو ما ال يباح االنتفاع به شرعاً إال يف حالة االضطرار‪ ،)1( ‬مثال األول‪ :‬السمك يف املاء والطري‬
‫يف اهلواء واملعادن يف باطن األرض وحنوها من املباحات كالصيد واحلشيش فهي غري متقومة عرفاً‪ .‬ومثال الثاين‪ :‬اخلمر واخلنزير‬
‫بالنسبة للمسلم غري متقومني شرعاً‪ ،‬فال يباح للمسلم“ االنتفاع هبما إال عند الضرورة وبقدر“ الضرورة كدفع خطر جوع شديد أو‬
‫عطش شديد خيشى معه اهلالك‪ ،‬وال جيد اإلنسان شيئاً آخر سوامها‪ ،‬فيباح له االنتفاع بأحدمها بقدر ما يدفع اهلالك عن نفسه‪.‬‬

‫أما بالنسبة لغري املسلم فهما من األموال املتقومة عند فقهاء احلنفية؛ ألننا أمرنا برتكهم وما يدينون‪ .‬فلو أتلفهما مسلم“ أو غري مسلم“‬
‫وجب عليه ضماهنما‪ .‬وقال غري احلنفية‪ :‬ال يعتربان ماالً متقوماً؛ ألن غري املسلمني املقيمني يف بالدنا ملزمون“ بأحكام املعامالت‬
‫اإلسالمية‪ ،‬فلهم ما للمسلمني‪ “،‬وعليهم ما عليهم‪.‬‬

‫‪ ‬المطلب الثالث ‪ :‬النقود في الفقه اإلسالمي‬


‫‪4‬‬
‫أوال ‪ :‬النقود في اللغة‬
‫‪ 3‬وهبة الزحلي ‪ ،‬كتاب الفقه اإلسالمي وأدلته ‪ ،‬مرجع إلكتروني ‪ ،‬الجزء ‪، 4‬ص ‪887‬‬
‫‪4‬‬
‫دكتور علي غازي ‪ ،‬بحوث فقهية مقارنة في قضايا اقتصادية معاصرة‪ ،‬كلية الشريعة والقانون‪-‬دمنهور ‪ ، 2006،‬ص‪11‬‬
‫يطلق النقد يف اللغة على عدة معان ‪ ،‬منها ‪:‬‬

‫‪ ) 1‬التعجـيل ‪ :‬وهـو ضـد التأخـري ‪ ،‬يقـال " نقد الثمن " إذا أعطاه معجال ‪.‬‬

‫‪ ) 2‬االختبار والتمييز ‪ :‬ويقصد به تبني اجليد من الرديء ‪ ،‬يقال " نقد الشعر " إذا بني جيده من رديئه ‪ ،‬و" نقد الدراهم " إذا بني‬
‫جيدها من رديئها ‪ ،‬ومنه قول سيبويه ‪:‬‬

‫نفي الدراهم تنقاد الصياريف‬ ‫تنفي يداها احلصى يف كل هاجرة‬

‫‪ ) 3‬املناقشة ‪ :‬يقال " ناقدت الرجل ‪ ،‬إذا ناقشته‬

‫‪ ) 4‬اإلعطـاء والقبض ‪ :‬يقـال " نقـد الثمـن " إذا دفعـه إليه ‪ ،‬و" انتقده " إذا قبضه ‪.‬‬

‫‪ ) 5‬والنقـد هو اجليد الوازن من الدراهم والدنانري ‪ ،‬يقال " درهم نقد " أي جيد ‪ ،‬وهذا وصف‬

‫ثانيا ‪ :‬النقود في االصطالح الفقهي‬

‫لـم يرد لفظ " النقود " يف القرآن الكرمي ‪ ،‬وال يف السنة الشريفة ‪ ،‬وإمنا ورد يف القرآن والسنة استعمال كلمة الدراهم والدنانري‬
‫اب َم ْن إِن تَأْ َمْنهُ بِِقنطَا ٍر يُ َؤ ِّد ِه‬ ‫س در ِاهم مع ُدود ٍة )( ‪ ،‬وقوله تعاىل‪ ( :‬وِمن أَه ِل ِ‬
‫الكتَ ِ‬ ‫َ ْ ْ‬ ‫والو ِرق ‪ ،‬ومنه قوله تعاىل ‪َ ( :‬و َشَر ْوهُ بِثَ َم ٍن خَب ْ ٍ َ َ َ َ ْ َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َح َد ُكم‬ ‫ت َعلَْيه قَائماً ) ‪ ،‬وقولـه تعـاىل حكاية عن أهل الكهف ‪ ( :‬فَ ْاب َعثُواْ أ َ‬ ‫ك َومْن ُهم َّم ْن إِن تَأْ َمْنهُ بِدينَا ٍر ال يُ َؤ ِّده إِلَْي َ‬
‫ك إِالَّ َما ُد ْم َ‬ ‫إِلَْي َ‬
‫(‬

‫بَِو ِرقِ ُك ْم َه ِذ ِه إِىَل امل ِدينَ ِة‬


‫َ‬
‫ومن السنة قوله ‪ ( : ‬ال تبيعوا الدينار بالدينارين ‪ ،‬وال الدرهم بالدرمهني ومنه أيضا قوله ‪ ( ‬ال تبيعوا الذهب بالذهب وال‬
‫(‬
‫بالو ِرق إال وزنا بوزن مثال مبثل سواء بسواء )‬ ‫الورق َ‬
‫ِ‬
‫َ‬
‫كما اسـتعمل فقهـاء الشـريعة يف كتاباهتم كلمـة " الدراهم " و " الدنانري " و" النقود " و " النقد " و " النقدين " ( الذهب‬
‫والفضة ) على ما هو معروف يف كتب الفقه اإلسالمي ‪.‬‬

‫ويقصد بالنقود يف اصطالح الفقهاء على ما هو مستفاد من كالمهم أحد ثالثة معاين ‪:‬‬

‫املعىن األول ‪ :‬املضروب من الذهب والفضة ‪.‬‬

‫املعىن الثاين ‪ :‬املضروب من الذهب والفضة ‪ ،‬وما يقوم مقامهما مما يتعـامل الناس به ‪ ،‬ويعترب قيمة لألمـوال ‪ ،‬حىت قال اإلمام مالك‬
‫(‬
‫الو ِرق نظرة أي نسيئة "‬
‫" ولو أن الناس أجازوا بينهم اجللود حىت يكون هلا َس ّكة ‪ ،‬لكرهتها أن تباع الذهب أو َ‬
‫وهذا التعريف للنقود هو الراجح يف الفقه ‪ ،‬وذلك ألن اصطالح الناس على اعتبار أي شـيء مثـنا وقيمـة جيـعل ذلك الشـيء يقوم‬
‫مقام النقود ‪.‬‬

‫املطلب الرابع‪ :‬نظرة االقتصاد اإلسالمي للنقود“‪:5‬‬


‫بعد أن بينا املفهوم االقتصادي البحث للنقود نتطرق إىل مفهوم“ النقد يف الفكر االقتصادي اإلسالمي‪ ،‬ويف هذا اجملال عدة مسائل‪:‬‬
‫حيث ينظر الفقهاء إىل النقود على اعتبار أن هلا وظيفة مهمة يف احلياة العامة بني الناس‪ ،‬بل وهلا استخدامات وأهداف أخروية دينية‬
‫أيضاً‪.‬‬
‫وهلذا فقد حدد مجهور الفقهاء وظائف النقود يف أمرين‪:‬‬
‫األول‪ :‬أهنا وسيط للتبادل‪.‬‬
‫والثاين‪ :‬أهنا أمثان يف ذاهتا‪.‬‬
‫وهذا يعين أهنا مقياس للقيمة“ ومستودع هلا ومقياس للمدفوعات اآلجلة‪.‬‬
‫قال السرخسي‪" :‬أما الذهب والفضة“ فخلقا جوهرين لألمثان ملنفعة التقلب“ والتصرف فكانت معدة للنماء على أي صفة كانت‬
‫فتجب الزكاة فيها"‪ .‬والتقلب هنا يعين التداول‪ ،‬والتصرف يعين الشراء أو بيع السلع‪.‬‬
‫وقال ابن قدامة‪" :‬اخلارج من املعدن مستفاد خارج من األرض مبنزلة الزرع والثمر إال أنه إن كان من جنس األمثان ففيه الزكاة‬
‫عند كل حول ألنه مظنة للنماء من حيث إن األمثان قيم األموال ورأس مال التجارات‪ ،‬وهبذا حتصل املضاربة والشركة وهي خملوقة‬
‫لذلك فكانت بأصلها وخلقتها كمال التجارة املعد هلا"‪ ،‬فاألمثان تعين النقود‪ .‬وكوهنا خملوقة لذلك يعين أن السلعة تقوم بوحدات‬
‫نقدية من الذهب والفضة“‪.‬‬
‫وقال ابن القيم "إن الدراهم والدنانري أمثان املبيعات‪ ،‬والثمن هو املعيار الذي بيه يعرف تقومي األموال‪ ،‬فيجب أن يكون حمدودا‬
‫مضبوطا ال يرتفع وال ينخفض‪ ،‬إذ لو كان الثمن يرتفع وينخفض كالسلع“ مل يكن لنا مثن نعترب بيه املبيعات بل اجلميع سلع‪،‬‬
‫وحاجة الناس إىل مثن يعتربون بيه املبيعات حاجة ضرورية عامة‪ ،‬وذلك ال ميكن إال بسعر تعرف بيه القيمة‪ ،‬وذلك ال يكون إال‬
‫بثمن تقوم بيه األشياء‪ ،‬ويستمر على حالة واحدة‪ ،‬وال يقوم هو بغريه‪ ،‬إذ يصري سلعة يرتفع وينخفض‪ ،‬فتفسد معامالت الناس‪،‬‬
‫ويقع اخللف‪ ،‬ويشتد الضرر‪ ،‬كما رأيت من فساد معامالهتم والضرر الالحق هبم حني اختذت الفلوس سلعة تعد للربح فعم الضرر‬
‫وحصل الظلم‪ ،‬ولو جعلت مثنا واحدا ال يزداد وال ينقص بل تقوم بيه األشياء وال تقوم هي بغريها لصلح أمر الناس"‪.‬‬
‫نلحظ أن هذه الوظائف واالستخدامات ال ختتلف يف جوهرها عن الوظائف االقتصادية للنقود واليت قررها علماء االقتصاد اليوم‪،‬‬
‫الشرعية‪.‬‬ ‫وهي ال تعارض يف حقيقتها القواعد‬

‫المبحث الثاني ‪ :‬القرض والربا في الفقه اإلسالمي‬


‫‪ 5‬أ‪ .‬د عبد العزيز خليفة القصار وآخرون ‪ ،‬النقود والمصارف في الشريعة اإلسالمية ‪ ،‬مرجع إلكتروني ‪،‬‬
‫‪/http://www.maktabatalfeker.com‬‬
‫المطلب األول ‪ :‬القرض في الفقه اإلسالمي‬

‫‪ -1‬القرض لغة‪ :‬القرض يف اللُّغة معناه القطع؛ أل ّن املق ِرض يقتطع جزءاً من ماله ويدفع به إىل املق ِرتض‪ّ ،‬أما يف ّ‬
‫الشرع فالقرض‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫الرسول صلى اهلل عليه وسلم‬ ‫أمساه‬ ‫وقد‬ ‫سلمني‪،‬‬ ‫امل‬ ‫على‬ ‫وسيع‬ ‫والت‬
‫ّ‬ ‫اإلرفاق‬ ‫هو دفع ٍ‬
‫مال ملن ينتفع به ويرد بدله‪ ،‬وهو من باب‬
‫ّ‬ ‫ُ‬
‫ينتفع به مُثّ يعيده إىل املق ِرض‪.‬‬
‫للمقرتض كي َ‬ ‫منيحةً؛ أل ّن املُق ِرض مينح املال ُ‬
‫ُ‬

‫‪6‬‬
‫اصطالحا‪:‬‬
‫ً‬ ‫‪-2‬القرض‬

‫‪ ‬عرف بتعاريف كثرية‪ ،‬خنتار منها التعريف التايل‪:‬‬

‫"هو دفع مال ملن ينتفع به ويرد بدله"‪.‬‬

‫قرضا؛ ألن املقرض يقطع جزءًا من ماله ليعطيَه إىل املقرتض‪ ،‬ويسميه أهل احلجاز سل ًفا‪.‬‬
‫ومسي ً‬
‫ِ‬ ‫‪ ‬مشروعيته‪ :‬القرض جائز ومشروع‪َّ ،‬‬
‫ض اللَّهَ َقْر ً‬
‫ضا‬ ‫دل على ذلك القرآن والسنة وإمجاع األمة‪ ،‬قال ‪-‬تعاىل‪َ  ﴿ :-‬م ْن َذا الَّذي يُ ْق ِر ُ‬
‫َض َعافًا َكثِ َري ًة‪[ ﴾ ‬البقرة‪ ،]245 :‬والقرض هلل ‪-‬تعاىل‪ -‬يتناول الصدقات كما يتناول القرض للعباد‪.‬‬ ‫حسنًا َفيض ِ‬
‫اع َفهُ لَهُ أ ْ‬ ‫ََ َُ‬
‫‪ ‬واألحاديث الكثرية خنتار منها‪:‬‬

‫مرتني إال كان كصدقتها مرة))؛‬


‫قرضا َّ‬ ‫ما روى ابن مسعود أن النيب ‪-‬صلى اهلل عليه وسلم‪ -‬قال‪(( :‬ما من مسلم يُق ِرض ً‬
‫مسلما ً‬
‫ابن ماجه‪.‬‬

‫((رأيت ليلة أسري يب على باب اجلنة الصدقة بعشر أمثاهلا‪ ،‬والقرض بثمانية عشر‪،‬‬
‫ُ‬ ‫‪ ‬وعن أنس قال‪ :‬قال ‪-‬صلى اهلل عليه وسلم‪:-‬‬
‫فقلت‪ :‬يا جربيل‪ ،‬ما بال القرض أفضل من الصدقة؟ قال‪ :‬ألن السائل يسأل وعنده‪ ،‬واملستقرض‪  ‬ال يستقرض إال من حاجة))؛ ابن‬
‫ماجه‪.‬‬

‫‪  ‬وأمجع املسلمون على جواز القرض‪ ،‬وما زالت األمة تتعامل به منذ عهد النيب ‪-‬صلى اهلل عليه وسلم‪ -‬إىل عصرنا من غري نك ٍري‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫((من نفَّس عن مؤمن كربةً من كرب‬ ‫حكمه‪ :‬هو مندوب إليه يف حق املقرض‪ ،‬مباح للمقرتض“ للنصوص السابقة‪ ،‬وحلديث‪َ :‬‬
‫يسر اهلل عليه يف الدنيا واآلخرة‪ ،‬واهلل يف عون العبد ما‬ ‫يسر على م ِ‬
‫عسر‪َّ ،‬‬ ‫ومن َّ‬
‫ُ‬ ‫الدنيا‪ ،‬نفَّس اهلل عنه كربة من كرب يوم القيامة‪َ ،‬‬
‫كان العبد يف عون أخيه))؛ مسلم“‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫أ‪ .‬د‪ .‬الحسين بن محمد شواط و د‪ .‬عبدالحق حميش ‪،‬القرض وأحكامه ‪ ،‬مقالة ‪ ،‬مرجع إلكتروني ‪https://www.alukah.net/، 2014 ،‬‬
‫‪ ‬‬

‫حكمة تشريعه‪  :‬حكمته واضحة‪ ،‬وهي حتقيق ما أراده اهلل ‪-‬تعاىل‪ -‬من التعاون على الرب والتقوى بني املسلمني‪ ،‬ومتتني روابط‬
‫األخوة بينهم‪ ،‬واملسارعة إىل تفريج كرهبم‪ ،‬والقضاء على استغالل َع َوز امل ْع ِوزين وحاجة احملتاجني‪ ،‬كما يفعله بعض املرابني الذين‬
‫ُ‬
‫ال يتعاطون“ القرض احلسن‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫أركان القرض‪ :‬للقرض ثالثة أركان؛ هي‪:‬‬

‫ويصح بلفظ املاضي واألمر‪ :‬أقرضين وأسلفين‪ ،‬واقرتض مين واستلف‪،‬‬


‫ُّ‬ ‫‪ -1‬الصيغة‪ :‬وهي اإلجياب والقبول؛ كأقرضتُك واقرتضت‪،‬‬
‫وال بد من الصيغة؛ ألهنا عنوان الرتاضي‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫‪ -2‬العاقدان‪ :‬ومها املقرض واملقرتض‪ ،‬ويشرتط فيهما‪:‬‬

‫يصح اإلقراض أو‬


‫العقل والبلوغ واالختيار وأهلية التربع؛ ألن القرض عقد تربع‪ ،‬فيجب أن يكون املقرض أهالً له‪ ،‬فال ُّ‬
‫االستقراض من صيب وال جمنون وال مكره وال حمجور عليه ٍ‬
‫لسفه‪ ،‬وال يصح من الويل من مال من حتت واليته‪ ،‬وهكذا‪.‬‬ ‫َ‬
‫‪ ‬‬

‫‪ -3‬املعقود عليه ‪:‬وهو املال املقرض‬


‫‪7‬‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬حكام القرض في اإلسالم‬

‫يُشرتط لصحة القرض ما يلي‪:‬‬ ‫‪‬‬

‫لويل اليتيم أ ْن يُق ِرض شيئاً من ماله‪.‬‬ ‫ِ‬


‫أ ْن يكون املُقرض مالكاً للمال لنفسه؛ فال جيوز ّ‬ ‫‪‬‬

‫رد بدله إىل املق ِرض‪.‬‬‫حتديد مقدار املال املدفوع للقرض سواءً كان نقداً أم شيئاً عينيّاً؛ كي يتم ّكن املق ِرتض من ّ‬ ‫‪‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫الزيادة‪ ،‬أو‬
‫رده؛ فقد أمجع العلماء على أ ّن من اشرتط ِّ‬ ‫حُي رم على املق ِرض أ ْن يشرتط على املقرتض زياد ًة يف القرض عند ّ‬ ‫‪‬‬
‫ُ‬
‫الربا‪.‬‬ ‫إىل‬ ‫هلل‬ ‫ة‬ ‫رب‬ ‫ق‬‫و‬ ‫باحملتاج‬ ‫ٍ‬
‫إرفاق‬ ‫عقد‬ ‫كونه‬ ‫من‬ ‫القرض‬ ‫رج‬ ‫ذلك‬ ‫ن‬ ‫فإ‬ ‫القرض؛‬ ‫بسبب‬ ‫ٍ‬
‫منفعة‬ ‫أو‬ ‫ٍ‬
‫ة‬ ‫هبدي‬ ‫اها‬ ‫حتر‬
‫ِّ‬ ‫ُ ً‬ ‫خُي‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫طلبها‪ ،‬أو ّ‬
‫جيب على املق ِرض أن يأخذ املال من املقرتض بنفس مقداره؛ فالقرض ال يُقصد منه التِّجارة أو زيادة املال على ِحساب‬ ‫‪‬‬
‫ُ‬
‫حاجة املحتاج‪ ،‬وإمّن ا ينال املق ِرض الربكة يف ماله من اهلل سبحانه وتعاىل‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫‪7‬‬
‫مرجع إلكتروني ‪ /https://mawdoo3.com ،‬تاريخ اإلطالع ‪2019_11_15 :‬‬
‫رده إىل صاحبه دون تأخ ٍري أو ٍ‬
‫مماطلة؛ أل ّن تأخري رد املال من اخلصال‬ ‫ويتوجب عليه ُّ‬ ‫كما وأ ّن هذا املال يُصبح ديناً يف ذمة املقرتض‬
‫ّ‬ ‫ُ‬
‫الذميمة واليت جعلت الكثري من الناس حيجمون عن بذل القرض للمحتاجني والتوسعة عليهم بسبب أمثال هؤالء‪.‬‬

‫تلميح من‬
‫طلب أو ٍ‬ ‫إذا دفع املقرتض للمق ِرض“ عند سداد القرض شيئاً من املال زائداً عن قيمة مال القرض أو هديّةً دون ٍ‬ ‫‪‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫الشرط وحسن القضاء من مكارم“ األخالق احملمودة عرفا وشرعا‪ ،‬قال صلى اهلل عليه‬‫ّ‬ ‫النتفاء‬ ‫قبوهلا‬ ‫من‬ ‫مانع‬ ‫فال‬ ‫املق ِرض؛‬
‫ُ‬
‫وسلم‪":‬خريكم أحسنكم قضاء"‪.‬‬
‫ٍ‬
‫خالف بني أهل العِلم؛ إذ يرى‬ ‫الزواج‪ ،‬أو البناء‪ ،‬أو شراء ٍ‬
‫منزل أو سيّار ٍة؛ هو موضع‬ ‫أخذ القرض من البنوك هبدف َّ‬ ‫‪‬‬
‫جر‬ ‫وسلم‪":‬كل ٍ‬
‫قرض ّ‬ ‫ُّ‬ ‫حمرمة؛ أل ّن فيها زياد ًة جاءت عن طريق املشارطة‪ ،‬قال صلى اهلل عليه‬ ‫معظمهم أ ّن هذه القروض ّ‬
‫ُ‬
‫نفعاً؛ فهو ِربا"‪ ،‬فعلى ُك ُّل مسل ٍ“م التَّحري يف هذا األمر من أهل العِلم الثِقات‪.‬‬

‫المطلب الثالث ‪ :‬الربا في الفقه اإلسالمي‬

‫الربا في اللغة ‪ :‬الزيادة‪ ،‬ويقال‪ :‬ربا املال‪ :‬زاد‪ ،‬وربا الشجر‪ :‬منا وزاد‪.‬‬

‫اصطالحا‪ُ :‬عِّرف بتعاريف خمتلفة‪:8‬‬


‫ً‬
‫قال الحنفية‪ :‬هو الفضل اخلايل عن العِ َوض مبعيار شرعي بشروط ألحد املتعاقدي ِن يف املعاوضة (حاشية ابن عابدين [‪.)]4/184‬‬

‫وقال المالكية والشافعية في تعريف الربا‪ :‬هو عقد على ِع َوض خمصوص‪ ،‬غري معلوم“ التماثل يف معيار الشرع حالة العقد أو مع‬
‫التأخري يف البدلني أو أحدمها (القوانني الفقهية ‪ ،164‬مغين احملتاج [‪ .)]2/21‬وقال احلنابلة‪ :‬هو الزيادة يف أشياء خمصوصة‬
‫(كشاف القناع [‪.)]3/251‬‬

‫حمر م يف مجيع الشرائع السماوية‪ ،‬وجاء حترميه يف اإلسالم بأدلة قاطعة من القرآن والسنة واإلمجاع‪ .‬فمن القرآن‪ ،‬قول‬ ‫حكمه‪ّ :‬‬
‫الربا َّ‬
‫اع َفةً َو َّات ُقوا اللَّهَ لَ َعلَّ ُك ْم ُت ْفلِ ُحو َن}“ [آل عمران‪ ،]130:‬وقال اهلل تعاىل‪:‬‬ ‫ضَ‬ ‫َض َعافًا ُم َ‬ ‫ين َآمنُوا اَل تَأْ ُكلُوا ِّ‬
‫الربَا أ ْ‬
‫َّ ِ‬
‫اهلل تعاىل‪{ :‬يَا أَيُّ َها الذ َ‬
‫ب ِم َن اللَّ ِه َو َر ُسولِِ“ه َوإِ ْن ُتْبتُ ْم َفلَ ُك ْم‬
‫ني‪ .‬فَِإ ْن مَل َت ْفعلُوا فَأْذَنُوا حِب َر ٍ‬
‫ْ‬ ‫ْ َ‬
‫ِِ‬ ‫ين َآمنُوا َّات ُقوا اللَّهَ َوذَ ُروا َما بَِق َي ِم َن ِّ‬
‫الربَا إِ ْن ُكْنتُ ْم ُم ْؤمن َ‬
‫َّ ِ‬
‫{يَا أَيُّ َها الذ َ‬
‫وس أ َْم َوالِ ُك ْم اَل تَظْلِ ُمو َن َواَل تُظْلَ ُمو َن}‪[ ‬البقرة‪ .]279-278:‬فظاهر ارتباط النهي يف هذه اآليات بالتحذير والوعيد الشديد‬ ‫ُر ُؤ ُ‬
‫ومضاره‬ ‫دليل قاطع على حرمة الربا‪ ،‬وعلى عظم مفاسده‬ ‫ِ‬
‫ِّ‬ ‫واإلعالم باحلرب من اهلل ورسوله ‪ ‬صلى اهلل عليه وسلم ‪ ‬على املَُرابني ٌ‬
‫وعد منها‬ ‫على الناس من الناحية االجتماعية واالقتصادية‪ .‬ومن السنة أحاديث كثرية‪ ،‬خنتار منها‪« • :‬اجتنبوا السبع املوبقات» َّ‬

‫‪8‬‬
‫الحسين بن محمد الشواط‪  ‬وعبد الحق حميش ‪ ،‬مقالة ‪ ،‬مرجع إلكتروني‪/https://ar.islamway.net ، A‬‬
‫وشاهديه وكاتبَه»؛ (متفق عليه)‪.‬‬
‫َ‬ ‫الربَا ومؤكلَه‬
‫آكل ِّ‬
‫«أكل الربا»؛ (متفق عليه)‪« • .‬لعن اهلل َ‬
‫الربا‬
‫المطلب الرابع ‪:‬أنواع ّ‬
‫الربا إىل ع ّدة أشكال‬
‫الربا وأخطاره العظيمة على اجملتمع‪ ،‬وقد قُ ّسم ّ‬
‫والسنة النّبوية حت ّذر من ّ‬
‫وردت نصوص كثرية يف القرآن الكرمي ّ‬
‫يتم فيه‪ ،‬وهي على النّحو التايل‪.‬‬
‫كل حسب األسلوب الذي ّ‬

‫ربا الفضل‬

‫أهم النّصوص اليت وردت يف ذكر ربا‬


‫ربوي آخر من نفس جنسه‪ .‬ومن ّ‬
‫ربوي مبال ّ‬
‫الزيادة يف مبادلة مال ّ‬
‫معىن ربا الفضل هو‪ّ :‬‬
‫الفضل‪ ،‬ما يأيت‪:‬‬

‫عن أيب سعيد اخلدري رضي اهلل عنه‪ ،‬أ ّن رسول اهلل ‪ -‬صلّى اهلل عليه وسلّم ‪ -‬قال‪( :‬ال تبيعوا ال ّذهب بال ّذهب‪ ،‬إال مثالً‬ ‫‪‬‬
‫شفوا بعضها على بعض‪ ،‬وال‬ ‫الو ِرق بالو ِرق إال ِمثْالً بِ ِمثْ ٍل‪ ،‬وال تَ ُّ‬
‫بمثل‪ ،‬وال تَشفوا بعضها على بعض‪ ،‬وال تبيعوا َ‬
‫تبيعوا منها غائباً بناجز)‪ ‬رواه البخاري‪ ‬واملقصود بالنّاجز أي احلاضر‪ ،‬وبالغائب أي ما هو ّ‬
‫مؤجل‪.‬‬

‫وعن عثمان بن عفان رضي اهلل عنه‪ ،‬أ ّن رسول اهلل ‪ -‬صلّى اهلل عليه وسلّم ‪ -‬قال‪( :‬ال تبيعوا ال ّدينار بال ّدينارين‪ ،‬وال‬ ‫‪‬‬
‫ال ّدرهم بال ّدرهمين)‪ ‬رواه مسلم“‪. ‬‬

‫ضة‪،‬‬
‫ضة بالف ّ‬
‫الصامت رضي اهلل عنه قال‪ :‬قال رسول اهلل صلّى اهلل عليه وسلّم‪( :‬ال ّذهب بال ّذهب‪ ،‬والف ّ‬
‫وعن عبادة بن ّ‬ ‫‪‬‬
‫سواء بسواء‪ ،‬يداً بيد‪ ،‬فإذا اختلفت هذه‬
‫شعير‪ ،‬والتّمر بالتّمر‪ ،‬والملح بالملح‪ ،‬مثالً بمثل‪ً ،‬‬
‫شعير بال ّ‬
‫بالبر‪ ،‬وال ّ‬
‫والبر ّ‬
‫ّ‬
‫األصناف فبيعوا كيف شئتم‪ ،‬إذا كان يداً بيد)‪ ‬رواه مسلم‪. ‬‬

‫حرم النّيب‬
‫الربا يف اجلملة‪ ،‬وإن اختلفوا يف ضابطه وتعاريفه‪ .‬وقد ّ‬
‫الربا‪ :‬أمجع املسلمون على حترمي ّ‬
‫وقد قال اإلمام النّووي يف حكم ّ‬
‫والشعري‪ ،‬وامللح‪ ،‬والتّمر‪ .‬وقد قال أهل الظاهر‪ :‬ال ربا‬
‫والفضة‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫والرب‪،‬‬
‫الربا يف ستّة أمور‪ ،‬وهي‪ :‬ال ّذهب‪ّ ،‬‬
‫‪ -‬صلّى اهلل عليه وسلّم ‪ّ -‬‬
‫بالستة‪ ،‬بل يتع ّدى إىل ما يف‬
‫خيتص ّ‬
‫الستة‪ ،‬بناءً على أصلهم يف نفي القياس‪ّ .‬أما مجيع العلماء سواهم فقد قالوا‪ :‬ال ّ‬
‫يف غري هذه ّ‬
‫معناها‪ ،‬وهو ما يشاركها يف العلَّة‪.‬‬

‫ربا النسيئة‬
‫الربوي‬
‫كل جنسني اتفقا يف علة ربا الفضل "‪ ،‬وقيل أ ّن ربا النّسيئة هو‪ :‬بيع ّ‬
‫يُعرف ربا النّسيئة بأنّه‪ ":‬هو تأخري القبض يف بيع ّ‬
‫بالربوي‪ ،‬سواءً أكان من جنسه أو من غري جنسه‪ ،‬إذا اتفقا يف العلة‪.‬‬
‫الربوي ّ‬
‫جبنسه نسيئةً‪ ،‬وقيل هو أيضاً‪ :‬هو تأخري القبض يف بيع ّ‬

‫وقد اشتهر ربا النّسيئة يف أيّام اجلاهليّة بكثرة‪ ،‬حيث كان الواحد منهم يقوم بدفع ماله لغريه من النّاس إىل أجل‪ ،‬وذلك على أن‬
‫حل فإنّه يطالبه برأس ماله‪ ،‬ويف حال تع ّذر عليه‬
‫كل شهر‪ ،‬يف حني يبقى رأس املال على حاله‪ ،‬فإذا ّ‬ ‫يقوم بأخذ قدر معنّي منه يف ّ‬
‫الربا بالنّسيئة مع أنّه مشابه لربا الفضل‪ ،‬أل ّن النّسيئة هي األمر الذي يقصد منه‬
‫احلق واألجل‪ ،‬وقد مسّي هذا ّ‬
‫أداؤه‪ ،‬فإنّه يزيد يف ّ‬
‫بال ّذات‪.‬‬

‫والسنة النّبوية‪ ،‬واإلمجاع‪ ،‬فعن أيب‬


‫وال يوجد هناك خالف بني العلماء يف حترمي ربا النّسيئة‪ ،‬وهذا التحرمي ثابت بالقرآن الكرمي‪ّ ،‬‬
‫صاحل قال‪ :‬مسعت أبا سعيد اخلدري رضي اهلل عنه يقول‪( :‬ال ّدينار بال ّدينار‪ ،‬وال ّدرهم بال ّدرهم‪ ،‬مثالً بمثل‪ ،‬فمن زاد أو استزاد‬
‫فقد أربى‪ ،‬فقلت له‪ :‬إ ّن ابن عباس يقول غير هذا‪ ،‬فقال‪ :‬لقد لقيت ابن عباس فقلت له‪ :‬أرأيت هذا الذي تقول‪ ،‬أشيء‬
‫وجل؟ فقال‪ :‬لم أسمعه من رسول اهلل صلّى اهلل‬
‫عز ّ‬‫سمعته من رسول اهلل صلّى اهلل عليه وسلّم‪ ،‬أو وجدته في كتاب اهلل ّ‬
‫الربا في‬
‫عليه وسلّم‪ ،‬ولم أجده في كتاب اهلل‪ ،‬ولكن ح ّدثني أسامة بن زيد أ ّن النّبي ‪ -‬صلّى اهلل عليه وسلّم ‪ -‬قال‪ّ :‬‬
‫النّسيئة)‪ ‬رواه مسلم‪. ‬‬

‫بيع العينة‬

‫أقل من ذلك‬ ‫ِّ‬


‫مؤجل ويُسلمه إىل املشرتي‪ ،‬مثّ يشرتيه قبل قبض الثّمن بثمن نقد ّ‬
‫يعرف بيع العينة بأنّه‪ :‬أن يبيع شيئاً من غريه بثمن ّ‬
‫القدر‪ .‬فعن ابن عمر رضي اهلل عنهما قال‪ :‬مسعت رسول اهلل ‪ -‬صلّى اهلل عليه وسلّم ‪ -‬يقول‪( :‬إذا تبايعتم بالعينة‪ ،‬وأخذتم‬
‫بالزرع‪ ،‬وتركتم الجهاد‪ ،‬سلّط اهلل عليكم ذُالًّ ال ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم)‪ ‬رواه أبو داوود‪ ، ‬وقد‬
‫أذناب البقر‪ ،‬ورضيتم ّ‬
‫أشار إىل عدم جواز بيع العينة جمموعة من العلماء‪ ،‬منهم‪ :‬اإلمام مالك بن أنس‪ ،‬واإلمام أمحد‪ ،‬واإلمام أبو حنيفة‪ ،‬واهلادويّة‪،‬‬
‫الشافعية‬
‫وبعض من ّ‬

‫الخاتمة ‪:‬‬
‫ويف اخلامتة إذا أردنا أن نكتب عن املال يف اإلسالم فقد ال تكفينا موسوعة بأكملها ؛ ألنه‬
‫توجد العديد“ من األمور“ غري واضحة حىت اآلن ‪ ،‬ويبقى املال نعمة للمسلم وجيب عليه‬
‫احلفاظ على هذه النعمة وال جيعل املال يسيطر عليه ‪ ،‬فاملال ليس إال وسيلة وليس غاية ‪،‬‬
‫فقال اهلل سبحانه وتعاىل يف القرآن الكرمي أن املال والبنون زينة حياة الدنيا واستدرجنا أيضا‬
‫أضرار الربا‪ ،‬ومع القيام باالستدالل من القرآن الكرمي والسنة النبوية على حرمانية الربا‪ ،‬مع‬
‫تقدمي البدائل اليت قدمها اإلسالم بداًل من الربا‪ ،‬والبد أن يعلم اإلنسان الذي“ يتاجر يف ماله‬
‫مستخدما الربا أن اهلل لن يبارك له يف ماله أو رزقه‬
‫ً‬
‫املراجع‬

‫‪-‬وهبة الزحلي ‪ ،‬كتاب الفقه اإلسالمي وأدلته ‪ ،‬مرجع إلكرتوين ‪ ،‬اجلزء ‪4‬‬

‫‪-‬دكتور علي غازي ‪ ،‬حبوث فقهية مقارنة يف قضايا اقتصادية معاصرة‪ ،‬كلية الشريعة والقانون‪-‬دمنهور ‪2006،‬‬

‫‪-‬أ‪ .‬د عبد العزيز خليفة القصار وآخرون ‪ ،‬النقود واملصارف يف الشريعة اإلسالمية ‪ ،‬مرجع إلكرتوين ‪،‬‬
‫‪/http://www.maktabatalfeker.com‬‬

‫‪-‬احلسني بن حممد الشواط وعبد احلق محيش ‪ ،‬مقالة ‪ ،‬مرجع إلكرتوين ‪https://ar.islamway.net ،‬‬

‫‪-‬أ‪ .‬د‪ .‬احلسني بن حممد شواط و د‪ .‬عبداحلق محيش ‪،‬القرض وأحكامه ‪ ،‬مقالة ‪ ،‬مرجع إلكرتوين ‪،‬‬
‫‪/https://www.alukah.net‬‬

‫‪-/https://mawdoo3.com-‬‬

‫‪-http://zidni3ilma.arabepro.com‬‬

You might also like