You are on page 1of 18

‫لفضيلة الشيخ ‪ /‬عبد السالم محمد الشويعر‬ ‫‪1‬‬

‫{كيف تقرأ يف كتب الفقه؟}‬

‫لفضيلة الشيخ‬

‫‪ -‬حفظه اهلل ‪-‬‬


‫‪2‬‬ ‫كيف تقرأ في كتب الفقه؟‬

‫﷽‬
‫الر ِحيْ ِم احلمد هلل رب العاملني‪ ،‬وأشهد أن ال إهل إال اهلل وحده ال رشيك له‪ ،‬وأشهد أن‬ ‫ِ‬
‫بِ ْس ِم اهلل َّ‬
‫الر ْْح َِن َّ‬
‫كثريا ثم أما بعد‪- :‬‬
‫تسليًم ً‬
‫ً‬ ‫حممدا عبد اهلل ورسوله‪ ،‬صىل اهلل عليه وعىل آله وأصحابه وس َّلم‬ ‫ً‬
‫معدودة بمشيئة اهلل َع َّز َو َج َّل‪ُ ،‬عنون هلا من ِقبل اإلخوة األفاضل بعنوان‪" :‬كيف‬
‫ٍ‬ ‫فهذه الكلمة يف دقائق‬
‫تقرأ يف كتب الفقه؟" واحلقيقة أين وجدت هذا السؤال إجابته من أصعب اإلجابة‪ ،‬وذلك أهيا اإلخوة أن‬
‫عَّب بذلك أبو الوليد بن رشد يف كتابه " الرضوري يف‬
‫ال يقولون‪ :‬إن الفقه صنعة‪ ،‬كًم َّ‬
‫هلل َت َع َ‬ ‫العلًمء َر ِ َ‬
‫ْح ُهم ا ُ‬
‫ٍ‬
‫مكث‪ ،‬وقبل‬ ‫ِ‬
‫وطول‬ ‫ٍ‬
‫مالزمة‬ ‫أصول الفقه"‪ ،‬والصنعة تعليمها من األمور الدقيقة التي حتتاج إل د ٍ‬
‫ربة‪ ،‬وإل‬ ‫ُ‬
‫توفيق من اهلل َع َّز َو َج َّل وذكاء من الشخص ومناسب ٌة يف نفسه وذهنه‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫ذلك‬
‫ولذلك فإن إجابة هذا السؤال قد يكون من أصعب األمور‪ ،‬فًم زلت أق ِّلب هذا املوضوع يف ذهني فال‬
‫سأحور املوضوع ً‬
‫قليال‪ ،‬فبدل من أن يكون موضوع هذه املحارضة‪" :‬كيف تقرأ يف‬ ‫ِّ‬ ‫بيد أين‬
‫أجد له جوا ًبا‪َ ،‬‬
‫ُك تب الفقه؟"‪ ،‬ليكن احلديث عن ُكتب الفقه‪ً ،‬‬
‫بدال عن كيفية القراءة فيها‪ ،‬فإن ال ُكتب وسيلة من الوسائل‬
‫املهمة يف حتصيل العلم‪ ،‬ولذلك من ما زال أهل العلم يف احلديث وغريه يعتدون ويعتَّبون بالوجادة للكتب‬
‫هلل َع َليْ ِه َو َس َّل َم األصل‬
‫طري ًقا من طريق التحمل وطري ًقا من طريق النقل واالعتًمد عليه‪ ،‬ولذلك النبي َص َّىل ا ُ‬
‫ِ‬
‫الس َال ُم هلرقل وغريه‬ ‫فيه أنه نقل بعض حديثه يف حياته عن طريق ال ُكتب والوجادة كًم كتب َع َليْه َّ‬
‫الص َال ُة َو َّ‬
‫ِ‬
‫ملوك اآلفاق‪.‬‬ ‫من‬
‫إ ًذا هذه ال ُكتب يف احلقيقة هي وسيل ٌة من وسائل حتصيل العلم؛ ألن طالب العلم ُُي ِّصل العلم بوسائل‪،‬‬
‫من هذه الوسائل ال ُكتب كًم مر معنا ومنها‪ :‬األخذ عن األشياخ‪ ،‬ومنها الرواية‪ ،‬ومنها املذاكرة‪ ،‬ومنها‬
‫قسيًم هلذه األمور التي سبق ذكرها‪ ،‬واحلقيقة أن ال ُكتب والقراءة‬
‫ً‬ ‫مندرجا أو‬
‫ً‬ ‫احلفظ‪ ،‬وغري ذلك مما يكون‬
‫أمر مهم فإنه أحيا ًنا قد يكون سب ًبا يف االنرصاف عن العلم‪ ،‬ألن ذلك يكون سب ًبا يف االنرصاف‬
‫فيها كًم أنه ٌ‬
‫من جهات‪:‬‬
‫ٍ‬
‫فحينئذ يستصعبه‪ ،‬يستصعب العلم‪،‬‬ ‫اجلهة األول‪ :‬حينًم يرى املرء كثرة ال ُكتب‪ ،‬ويرى املرء كثرة العلم‪،‬‬
‫َّلل َعنْه‪" :‬العلم نقطة ك ثَّ ره اجلاهلون بخوضهم"‪،‬‬ ‫ِ‬
‫ِض اَ َّ ُ‬
‫عيل َر َ‬
‫ويستثقل قراءة هذه ال ُكتب كلها‪ ،‬كًم قال ٌ‬
‫لفضيلة الشيخ ‪ /‬عبد السالم محمد الشويعر‬ ‫‪3‬‬

‫ولذلك كلًم طال الزمان عن عهد النبوة‪ ،‬كلًم كثر الكالم‪ ،‬وكثُر اخلوض‪ ،‬وكثر التفصيل والتشقيق‬
‫ٍ‬
‫حديث أو حديثني؛ لربًم أُ ِّلفت جملدات وأعني ما أعني هبذا‬ ‫للمسائل‪ ،‬وأقل املسائل التي العمدة فيها عىل‬
‫األمر‪.‬‬
‫فعىل سبيل املثال‪:‬‬
‫فقراءة املأموم الفاحتة خلف اإلمام أُ ِّلف فيها أكثر من مخسة عرش مؤ َّل ًفا من غري تتب ٍع وال استقر ٍ‬
‫اء هلذه‬
‫املسألة‪ ،‬واإلشارة بسبابة املُصيل حال التشهد أُ ِّلف فيها أكثر من العدد الذي ذكرته قبل قليل يف نفي اإلشارة‬
‫وع ِ‬
‫لله‪ ،‬وما يتعلق يف حملها‪ ،‬وهذا القول بأهنا أربعة مواضع ُيشار فيها وما عدا‬ ‫وإثباهتا وتتبع طرق احلديث ِ‬

‫ذلك من األمور‪.‬‬
‫السهولة ومع ذلك ُيكثَّر يف هذا التشقيق‪ ،‬فإن كثرة ال ُكتب أحيا ًنا‬
‫إ ًذا إذا كانت املسألة هبذه القلة وهذه ُ‬
‫تكون سب ًبا لل ُبعد وتصعيب العلم عىل بعض الناس‪.‬‬
‫َ َْ ُ‬
‫اكمُ‬ ‫األمر الثاين‪ :‬أن كثرة ال ُكتب أحيا ًنا قد تكون سببًا يف التكاثر‪ ،‬وقد قال اهلل َع َّز َو َج َّل‪{ :‬أله‬
‫ُ ْ َ‬ ‫َ ُ‬
‫اتلََّكث ُر * َح ََّّت ُز ْرت ُم ال َمقاب ِ َر} [التكاثر‪ ، ]2 ،1 :‬وقد جاء من بعض من له لطائف يف حديثه أن قال‪ :‬إن مجع‬
‫ال ُكتب إذا كان من غري قصد اإلفادة والقراءة فيها يكون من التكاثر‪ ،‬وهذا معروف‪ ،‬فإننا نعرف من طلبة‬
‫أجد ال ُكتب‪ ،‬بل وأنفسها وأعتقها‪ ،‬فيجد أن للكتاب طبعتني‪ ،‬فينتقي‬
‫العلم من ُيباهي غريه و ُينافسه يف رشائه َّ‬
‫منهًم األغىل ثمنًا ال األفرد له‪.‬‬
‫ولربًم اشرتى الغالية بأضعاف أضعاف وأعني ما أقول‪ ،‬بأضعاف أضعاف قيمة الثانية وإذا اشرتاها‬
‫قديًم مهرتئ أو لغري ذلك من األسباب‪ ،‬فهذا يف احلقيقة داخل كًم ذكر بعض‬ ‫فإنه ال يقرأ فيها لكون ورقها ً‬
‫َ ُ‬ ‫َْ ُ‬
‫الفضالء يف قول اهلل َع َّز َو َج َّل‪{ :‬أل َهاك ُم اتلََّكث ُر} [التكاثر‪ ، ]1 :‬التكاثر يف كل يشء‪ ،‬ومنه أن يتكاثر عىل‬
‫الناس و ُيفاخرهم بكثرة ُكتبه ومتيز طبعاهتا‪ ،‬وما يتعلق به‪.‬‬
‫إذا قضية كثرة ال ُكتب أحيا ًنا قد يكون مشكل‪ ،‬ويف نفس الوقت فإنه ال شك وال ريب أن من أكثر ما‬
‫ُيعني عىل ضبط العلم‪ ،‬وعدم السآمة ف يه‪ ،‬وعدم امللل يف حتصيله‪ ،‬ويف نفس الوقت يف فهم العلم كثرة‬
‫‪4‬‬ ‫كيف تقرأ في كتب الفقه؟‬

‫فاقدا للفهم بال ُكلية‪ ،‬وإما أن يفهم جز ًء منها‬


‫ال ُكتب؛ ألن الشخص قد يقرأ كتا ًبا فيمر عليه فهم املسألة إما ً‬
‫ً‬
‫مشكال‪.‬‬ ‫قيدا‪ ،‬وفتح‬ ‫ٍ‬
‫كتاب آخر‪ ،‬الثاين وضح األول‪ ،‬وزاد ً‬ ‫ال عىل سبيل اإلطالق‪ ،‬فإذا قرأه يف‬
‫كًم أن املرء إذا اشرتى كتا ًبا وإن كان الكتاب األول ُيغني عن الثاين‪ ،‬لكنه إذا اشرتى الثاين فسيقرأ فيه‬
‫فيُجدد املعلومة التي قرأها يف األول‪ ،‬ولذلك قال بعض الفضالء‪ :‬إذا أردت أن تعرف الرجل هل ما زال مع‬
‫طول عمره وتقدمه‪ ،‬هل ما زال ممن ُُيدد علمه أم ال؟ فانظر هل يقتني ال ُكتب أم ال؟ فإن كان يقتني ال ُكتب‪،‬‬
‫فمعناه أن الرجل ما زال ُُي ِّدث معلوماته‪ ،‬وما زال يقرأ‪ ،‬إذ املرء بطبعه يمل من الكتابة‪ ،‬الذي ال يمل منه‬
‫يشء واحد وهو القرآن‪ ،‬ال خيلق عىل كثرة الرد‪ ،‬كًم جاء يف حديث احلارث األعور عن عيل‪.‬‬
‫ما عدا ذلك من ال ُكتب يمل منها صاحبها ‪ ،‬ويمل من تكرارها‪ ،‬ويمل من اإلعادة من النظر فيها‪ ،‬فإذا‬
‫ٍ‬
‫بأسلوب واس ٍم وورق آخر؛ ربًم كان ذلك سببًا يف تثبيت العلم‪ ،‬وهذا واضح‪ ،‬فأنا أعلم من‬ ‫ُغ ِّري الكتاب‬
‫الذين هلم يف طلب العلم ثالثني سنة أو أربعني سنة‪ ،‬غال ًبا الذين استمروا هم الذين ما زالوا ُيتابعون ال ُكتب‬
‫ٍ‬
‫كإعارة من مكاتب عامة ونحو ذلك‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫اقتناء‬ ‫ٍ‬
‫فنون فيقتنوهنا أو يقرؤوهنا من غري‬ ‫يف ٍ‬
‫فن أو يف‬
‫مدخال‪ ،‬أن ال ُكتب هي نعمة من اهلل َع َّز َو َج َّل ووسيلة‬
‫ً‬ ‫إ ًذا أريد أن نعلم مسألة‪ ،‬وهذه املقدمة نجعلها‬
‫ٍ‬
‫بطرق خمتلفة لكسب املعلومة‪ ،‬وفهم املعلومة السابقة‪ ،‬والتذكر هلذا العلم‪ ،‬وقد تكون أحيا ًنا‬ ‫لتحصيل العلم‬
‫فتن ًة لصاحبها إما إذا رأى ال ُكتب الكثرية استصعب العلم‪ ،‬وإما أن تكون فتنة حينًم ينشغل بزخرف هذه‬
‫ٍ‬
‫أناس بعيدين‪ ،‬فإن مننا من نعرف أهنم إنًم يعتني يف‬ ‫ال ُكتب وشكلها عن مضموهنا‪ ،‬وهذا واقع ال يتكلم عن‬
‫ال ُكتب هبيئتها وشكلها واملفاخرة هبا ال بالقراءة‪.‬‬
‫ولذلك قد يكون بعض الناس كمثل الذي ُيمل الكتب وال يعلم ما فيها‪ ،‬إ ًذا نرجع ملسألة الكتب‬
‫جدا‪ ،‬وما زال أهل العلم ُيعنون بكتب الفقه‪ ،‬وهلم يف حتصيلها غرائب األخبار‪ ،‬وعجائب اآلثار‪،‬‬
‫مهمة ًّ‬

‫وأذكر لكم قص ًة واحدة عىل سبيل اإلُياز‪ ،‬كيف أن بعض أهل العلم يتعب تع ًبا ً‬
‫كثريا يف حتصيل بعض‬
‫ال ُكتب؟‬
‫هلل‬ ‫قيل‪ :‬إن إسحاق بن إبراهيم بن راهويه إمام من أئمة املسلمني وال شك‪ ،‬أن اإلمام إسحاق َر ِ َ‬
‫ْح ُه ا ُ‬
‫ال أراد أن يتحصل عىل ُكتب الشافعي ‪-‬حممد بن إدريس ‪ -‬يف الفقه‪ ،‬فبحث عنها فلم ُيدها‪ ،‬فقيل له‪ :‬إن‬
‫َت َع َ‬
‫ً‬
‫رجال كان ممن كتبها عن الشافعي ‪-‬أي من تالميذ الشافعي ‪ ،-‬كتب عنه ُكتبه‪ ،‬وأن هذا الرجل قد مات‪،‬‬
‫لفضيلة الشيخ ‪ /‬عبد السالم محمد الشويعر‬ ‫‪5‬‬

‫وورث ُكتبه زوجته‪ ،‬أي ورثت زوجته ُكتب زوجها‪ ،‬قيل‪ :‬فكان إسحاق أو فإسحاق تقدم هلذه املرأة‬
‫وتزوجها ال رغب ًة هبا‪ ،‬وإنًم رغبة يف ُكتب الشافعي التي عندها‪.‬‬
‫إ ًذا يتزوج امرأة ألجل أن يتحصل عىل ُك تب الشافعي‪ ،‬حتى قيل إن كتاب اجلامع إلسحاق‪ ،‬لكن قيل‬
‫كثريا منه إنًم نقله من ُكتب الشافعي القديمة عىل طريقة العراقيني التي أخذها هبذه‬
‫ما مل يصح بذلك أن ً‬
‫جدا‪ ،‬وقد‬
‫الوسيلة‪ ،‬فاملقصود من هذا أن أهل العلم كانوا ُيعنون ويتعبون يف حتصيل الكتب‪ ،‬أمر عجيب ًّ‬

‫أُ ِّلفت ُك ٌ‬
‫تب مفرد ٌة يف تعب ال ُعلًمء يف التحصيل عىل ال ُكتب‪.‬‬
‫هذه ال ُكتب ُكتب الفقه‪ ،‬احلقيقة ُكتب متنوعة ومتعددة‪ ،‬وأذكر مر ًة من املرات‪ ،‬يف بيت الرزاق عليه‬
‫أحد يشك أن الشيخ من أكَّب ال ُف َق َهاء‪ ،‬بل‬
‫رْحة اهلل‪ ،‬كانت ُكتب الفقه يف مكتبته درفة واحدة‪ ،‬ومل يكن ٌ‬
‫درس الطُالب يف الرشيعة قبل نحو من أربعني أو‬
‫الشيخ ملا كان‪ ،‬الشيخ عبد الرزاق عفيفي أقصد‪ ،‬ملا كان ُي ِّ‬
‫ال‪ :‬يا شيخ أن تأتينا بعل ٍم ال ندري من أين‬
‫هلل َت َع َ‬ ‫نحو من مخسني أو ستني سنة‪ ،‬كانوا يقولون للشيخ َر ِ َ‬
‫ْح ُه ا ُ‬
‫تأتينا به؟‬
‫فًم هو الكتاب الذي ترجع له يا شيخ لكي نأخذ منه هذا العلم‪ ،‬قال‪ :‬أنا ال أرجع إل الكتاب الواحد‪،‬‬
‫هذا الكتاب الذي بني أيديكم هو الروض‪ ،‬فإن هذا الروض فيه مسال ٌة وفيه تصوير للمسألة‪ ،‬فيه املسألة‬
‫عنواهنا‪ ،‬وفيه تصوير املسألة‪ ،‬وفيه دليل املسألة‪ ،‬وفيه ضابط املسألة‪ ،‬يقول الروض هذا فيه أربعة لكن كيف‬
‫تقرأ هذا الكتاب؟‬
‫انظر هذرا الرجل‪ ،‬هذا العامل‪ ،‬قرأ هذا الكتاب الشيخ عبد الرزاق عفيفي‪ ،‬وكان يستخرج منه كال ًما‬
‫يقولون‪ :‬استعجموا يف الكتاب عندنا فال نستخرج ما استخرجت‪ ،‬وأن لقراءة ُكتب أهل العلم طريقة وفن‬
‫جدا ُيب أن املرء يعتاد عليه‪ ،‬فليست قراءة ُكتب الفقه‪ ،‬كًم ُتقرأ ُكتب األدب‪ ،‬يمر عليها املرء‬
‫ومسلك مهم ًّ‬
‫مرورا رسي ًعا‪ ،‬وإنًم لقراءة ُكتب الفقه طريقة اعتاد عليها أهل العلم فالبد من االنتباه هلا‪.‬‬
‫ً‬
‫قبل احلديث عن طريقة قراءة ال ُكتب‪ ،‬وإن كنت نسيت الرجوع هلذا املوضوع فذ ِّكروين فإين أنسى‪،‬‬
‫ٍ‬
‫مسلك واحد‪،‬‬ ‫أبني مسألة‪ :‬وهو أن ُكتب الفقه متنوعة‪ ،‬وم تعددة‪ ،‬وليست عىل ٍ‬
‫سنن واحد‪ ،‬وال عىل‬ ‫أريد أن ِّ‬
‫بل من املهم إذا أردت أن تقرأ كتا ًبا من ُكتب الفقه أن تعلم مل أُ ِّلف هذا الكتاب وما غرض مؤلفه من‬
‫وضعه؛ فإن بعض الكتب أُ ِّلفت ألجل التعليم‪ُ ،‬كتب التعليم‪ ،‬حتى أن بعضها سميت هكذا مسائل التعليم‬
‫‪6‬‬ ‫كيف تقرأ في كتب الفقه؟‬

‫ككتاب ابن حجر‪ ،‬اهلي ثم الشافعي‪ ،‬ففي كتب أُ ِّلفت ألجل التعليم‪ ،‬وهذه ال ُكتب التي أٌ ِّلفت ألجل التعليم‬
‫أغلبها من املخترصات‪.‬‬
‫فاملخترص ُُيعل ليتعلم به املبتدئ‪ ،‬وُيفظه املتوسط‪ ،‬ويستذكر به املنتهي‪ ،‬ويستذكر يعني‪ :‬يتذكر العلم‬
‫ويعرف موا طن املسائل بقراءة هذا املخترص‪ ،‬قلنا يبتدئ به املبتدئ فريتاض ويتعود عىل ُكتب الفقه‪ ،‬ويعرف‬
‫مصطلحاهتم‪ ،‬ويعرف تبويبهم‪ ،‬وُيفظه املتوسط‪ ،‬ألن املرء إذا حفظ متنًا فإنه ُُياوز مرحلة املبتدئ ويكون‬
‫متوسطًا‪ ،‬وأما املنتهي فإنه ُيتاج هلذه املخترصات لالستذكار‪ ،‬فإن املرء بني الفينة واألخرى ُيتاج إل‬
‫استذكار العلم الذي عل مه‪ ،‬وأسهل طريقة للمراجعة مراجعة املحفوظ‪ ،‬ومن املحفوظ حفظ املخترصات‪،‬‬
‫كًم قال الناظم‪:‬‬
‫قد د د د ددد اصد د د د ددطفى اهلل خيد د د د ددار اخللد د د د ددق ل د د د د دده‬ ‫وبع د د د د د د د ددد فالفق د د د د د د د دده عظ د د د د د د د دديم املنزل د د د د د د د ددة‬
‫ب د د د د د د د دددون حفد د د د د د د د ددظ لفظ د د د د د د د دده ال ينفد د د د د د د د ددع‬ ‫لكن د د د د د د دده ب د د د د د د ددل ك د د د د د د ددل عل د د د د د د ددم يوض د د د د د د ددع‬
‫ٍ‬
‫ملخترص ونحو ذلك‪ ،‬إذا املخترصات ُجعلت هلذه األغراض‪ ،‬مل ُُتعل‬ ‫فحتى املنتهي البد أن يكون حافظًا‬
‫املخترصات‪ ،‬انظر لعباريت!‬
‫مل ُتعل املخترصات ملعرفة املذهب‪ ،‬لذلك يقول بعضهم وهو ابن قاسم قطلوبغا احلنفي‪ :‬اعلم أن‬
‫ف فيقول‪ :‬إن كل‬‫التصحيح النيص مقد ٌم عىل التصحيح االلتزامي‪ ،‬التصحيح االل تزامي ما هو؟ أن يأيت ُم َؤلِ ٌ‬
‫مقد ٌم عليه التصحيح النيص‪،‬‬
‫تصحيح التزامي‪َّ ،‬‬
‫ٌ‬ ‫ما ذكرته يف هذا الكتاب هو املعتمد يف مذهب فالن‪ ،‬هذه‬
‫املعتمد واملشهور والصحيح أو املذهب كذا فيها‪.‬‬
‫ُ‬ ‫عندما يقول‪ :‬هذه املسألة‬
‫ٍ‬
‫بمدرسة ما‪ ،‬فحينًم تنسبه ملخترص‬ ‫إ ًذا فالنيص مقد ٌم عىل االلتزامي‪ ،‬ولذلك إذا أردت أن تنسب ً‬
‫قوال‬
‫ُيعتَّب ذلك قصور‪ ،‬قصور ليس خطئًا وإنًم هو ُقصور‪ ،‬ومتام العمل أن تذكر من الذي صحح من ُكتب‬
‫التصحيح والرتجيح وبيان املذهب الرصُية‪ ،‬هذا هو الصواب فيها‪ ،‬ولذلك قلًم يوجد كتاب من‬
‫املخترصات إال ويوجد فيه من األخطاء والفوات‪ ،‬ولذلك أ َّلف العلًمء ُكت ًبا انتبهوا معي!‬

‫أُ ِّلفت ُك ٌ‬
‫تب باسم ُكتب التصحيح‪ ،‬هناك ُكتب اسمها كتب التصحيح‪ ،‬والتصحيح إنًم يكون يف الغالب‬
‫املخترصات‪ ،‬يايت بمخترص فيقول‪ :‬إن صاحب املخترص أخطأ يف كذا فخالف‪ ،‬مل ُُيسن يف التعبري يف كذا‪،‬‬
‫جدا‪ ،‬ومنها ما طُبع‬ ‫وهكذا‪ ،‬إ ًذا التصحيح هذه كت ب موجودة ًّ‬
‫جدا‪ ،‬وكتب موجودة ومشهورة ًّ‬
‫لفضيلة الشيخ ‪ /‬عبد السالم محمد الشويعر‬ ‫‪7‬‬

‫كتاب "تصحيح التنبيه للنووي"‪ ،‬ومنها كتاب "تصحيح املنهاج للبلقيني"‪ ،‬والبلقيني أ َّلف النصف األخري‬
‫وما أ َّلف النصف األول من الكتاب‪ ،‬ولذلك هو ال يريد إال النصف األخري‪ ،‬ألن النصف األول ما أ َّلفه‪،‬‬
‫وهو كتاب يد ل عىل سعة علم هذا الرجل‪ ،‬واطالعه‪ ،‬ومنها "تصحيح القدوري عىل مذهب احلنفية"‪،‬‬
‫لصاحبه الذي ذكرناه قبل قليل ابن قاسم قطلوبغا‪ ،‬ومنها كتاب "تصحيح الفروع للقاِض عالء الدين‬
‫املرداوي عىل مذهب اإلمام أْحد"‪.‬‬
‫والعلًمء يقولون‪ :‬كًم ذكر ذلك بعض املحشني أن اإلطالق عندهم خطأ‪ ،‬فاإلطالق يف ال ُكتب خطأ‪،‬‬
‫فمن تصحيحه أن تذكر القيد‪ ،‬إ ًذا أريد أن تعلم مسألة مما ذكرته وألخصها‪ ،‬أن من أهم األمر أن تعرف‬
‫الغرض من تأليف امل ُ َؤلِف‪ ،‬فمن أغراض املؤلفني يف املخترصات قصدهم التعليم‪ ،‬فال تنزل املخترص منزل ًة‬
‫فوق منزلته‪ ،‬فإنًم املقصود به التعليم‪ ،‬وا الستظهار‪ ،‬واحلفظ والتذكر‪ ،‬ولكن طالب العلم الدقيق إذا أراد أن‬
‫ُيا‪ ،‬فال ُتاوز به‬
‫تصحيحا رص ً‬
‫ً‬ ‫ينسب مسأل ًة ملذهب فال خيرجها من املخترصات‪ ،‬وإنًم يأخذها ممن َّ‬
‫صححها‬
‫املراد‪ ،‬كًم أن هذه املخترصات مل ُتعل ً‬
‫أصال للتدليل‪ ،‬فإن هناك كت ًبا جعلت للتدليل‪ ،‬وبعض الناس يبحث‬
‫عن مسألة يف مذهب ما‪ ،‬ويريد دليل هذه املسألة فينظر يف كتاب وكتابني وثالثة‪ ،‬يقول‪ :‬مل أجد هلا دليل؟‬
‫ٍ‬
‫خمترص أو يف كتاب ذكر‬ ‫نقول‪ :‬ألنك مثالً تبحث يف الكتب التي ُعنيت بالتدليل‪ ،‬وإنًم بحثت إما يف‬
‫ٍ‬
‫كتاب إنًم قصده التفريع‪ ،‬فهناك كتب من الفقه الغرض منها التفريع وسأشري له بعد‬ ‫نازل‪ ،‬أو يف‬ ‫ٍ‬
‫خالف ٍ‬

‫قليل‪ ،‬إ ًذا أريد أن نرجع مرة أخرى إل املخترصات وعرفنا غرضها‪ ،‬وعرفنا ما يتعلق باملخترصات أن هناك‬
‫ُكتب أُ ِّلفت عليها تسمى بالتصحيح إضاف ًة للرشوح‪ ،‬الغرض الثاين من أغراض املؤلفني يف التأليف يف‬
‫جدا أن طالب العلم‬
‫الفقه الذي أرشت له قبل قليل وهو التدل يل‪ ،‬التدليل عىل املسائل‪ ،‬وهذه ال ُكتب مهم ًّ‬
‫يعرفها أن يعرف هذه ال ُكتب‪.‬‬
‫لكي إذا أراد دليل مسألة أو مناطها فإنه يرجع إل هذه ال ُكتب‪ ،‬فإن هذه ال ُكتب هي ال ُعمدة يف ذلك‪،‬‬
‫وقبل أن أذكر بعض من أسًمء ال ُكتب يف هذا الباب بحسب ما يسمح به الذهن‪ ،‬اعلم أن التدليل أنوا ع‪،‬‬

‫كتب أُلفت للتدليل النيص يعني األحاديث التي تدل عىل هذا املذهب‪ ،‬فعىل سبيل املثال ُ‬
‫"س نن‬ ‫فهناك ٌ‬
‫أساسا أ َّلفه أبو‬
‫ً‬ ‫الدارقطني"‪ ،‬هذا الكتاب أُ ِّلف للتدليل ملذهب الشافعي‪ُ ،‬سنن الداقطني هذا املشهور‪،‬‬
‫‪8‬‬ ‫كيف تقرأ في كتب الفقه؟‬

‫احلسن عيل الدارقطني للتدليل عىل مذهب الشافعي‪ ،‬وكذلك ُكتب البيهقي‪ ،‬وخاص ًة املعرفة‪ ،‬معرفة ُ‬
‫السنن‬
‫ال‪.‬‬
‫هلل َت َع َ‬ ‫واآلثار‪ ،‬إنًم أتى به حلشد األدلة التي توا فق مذهب الشافعي َر ِ َ‬
‫ْح ُه ا ُ‬
‫ومثله عىل مذهب اإلمام أْحد ُسنن األثرم‪ ،‬وقد وجد بعضه وفقد أكثره‪ ،‬وعند أيب حنيفة النعًمن‬
‫وأصحابه أشهر ُكتبه كتاب العظيم كتاب أيب جعفر الطحاوي‪ ،‬صاحب " ُم شكل اآلثار"‪ ،‬و "رشح معاين‬
‫ال‪ ،‬ومثله مذهب‬
‫هلل َت َع َ‬ ‫االثار"‪ ،‬فإنه يف احلقيقة ذكر هذه مسند ًة للتدليل عىل مذهب أيب حنيفة النعًمن َر ِ َ‬
‫ْح ُه ا ُ‬
‫وأج ُله‪" :‬موطأ مالك"‪ ،‬فإنه للتدليل ملذهبه‪.‬‬
‫مالك‪َّ ،‬‬
‫إ ًذا املقصود أن هناك كتب مسندة للتدليل‪ ،‬وهناك ُك ٌ‬
‫تب بعد ذلك ُمجعت للتدليل‪ ،‬للتدليل ما أتيت‬
‫بالتعليل بعد‪ ،‬وإنًم للتدليل النيص‪ ،‬من ال ُكتب التي ُعنيت للتدليل النيص عىل مذهب أْحد لعيل أخترص وال‬
‫كتاب‬
‫ٌ‬ ‫اختصارا‪ ،‬من ال ُكتب التي ُعنيت بالتدليل عىل مذهب اإلمام أْحد‬
‫ً‬ ‫أذكر إال كتب مذهب اإلمام أْحد‬
‫جدا هو الذي ألف ابتدا ًء‬
‫جدا جدا‪ ،‬وهو كتاب "املمتع رشح ا مل ُقنع" البن املنجى‪ ،‬هذا الكتاب مهم ًّ‬
‫مهم ًّ‬
‫حلشد األدلة للرواية التي أوردها املقنع صاحب "املقنع املوفق"‪ ،‬والرواية األخرى التي أشار إليها‪.‬‬
‫ولذلك ال يستغني أحد من االستدالل بمذهب اإلمام أْحد عن هذا الكتاب‪ ،‬وكثري من هذه األدلة‬
‫الكشاف‪ ،‬إ ًذا‬
‫التي فيه نقلها الَّبهان بن مفلح يف "املبدع"‪ ،‬وكثري من أدلة صاحب "املبدع" نقلها صاحب َّ‬
‫كثريا من كتاب املمتع البن املنجى رْحة اهلل‬
‫الكشاف ينقل أكثر األدلة عن املبدع‪ ،‬واملبدع استفاد ً‬
‫صاحب َّ‬
‫عىل اجلميع‪.‬‬
‫إ ًذا من اقتنى هذا الكتاب وهو "املمتع" يف ست جملدات‪ ،‬إذا أردت أن تفتحه فإنك ال تفتحه تبحث‬
‫عن خالف‪ ،‬وال حل ألفاظ‪ ،‬وال تفريع‪ ،‬وال تبيني مسائل‪ ،‬وإنًم تفتحه ألجل االستدالل فقط‪ ،‬والكتب التي‬
‫جدا‪ ،‬ولكن أريدك أن تعلم أنه هناك كت ًبا أُ ِّلفت يف‬
‫تتعلق يف االستدالل يف مجع األحاديث وخترُيها كثرية ًّ‬
‫االستدالل‪.‬‬
‫جدا‪ ،‬ال ُكتب التي أُ ِّلفت ألجل ذكر اخلالف‪ ،‬هناك‬
‫النوع الثالث‪ :‬هذا انتبه له‪ ،‬أن من ال ُكتب املهمة ًّ‬
‫ُكتب الغرض منها ذكر اخلالف فقط‪ ،‬وقد يكون ذكر اخلالف ً‬
‫نازال أو عاليًا‪ ،‬فإن كان عاليًا‪ ،‬فإنه اصطلح‬
‫بعض أهل العلم عىل تسمية هذه ال ُكتب برؤوس املسائل‪ ،‬فيذكرون رؤوس املسائل للخالف فيها‪.‬‬
‫لفضيلة الشيخ ‪ /‬عبد السالم محمد الشويعر‬ ‫‪9‬‬

‫ٍ‬
‫مذهب واحد‪ ،‬فإنه ُتسمى ذكر اخلالف املذهبي‪ ،‬هذه ال ُكتب‬ ‫وإن كان ً‬
‫نازال‪ ،‬يعني اخلالف يف داخل‬
‫جدا‪ ،‬ألنه يف الغالب إذا أردت أن حتكي ً‬
‫قوال يف املذهب مذهب ما؛ فالبد أن ترجع هلذه‬ ‫جدا جدا ًّ‬
‫مهمة ًّ‬
‫ٍ‬
‫كتاب‬ ‫ال ُكتب حلكاية اخلالف النازل فيها‪ ،‬هذه ال ُكتب حتشد لك اخلالف املوجود يف ال ُكتب كلها وُتمعه يف‬
‫واحد‪ ،‬هذه ال ُكتب غالبًا مع ذكر اخلالف ُيبينون ما هو املعتمد‪ ،‬بأن من أجل القواعد يف معرفة املعتمد‬
‫معرفته باعتبار األكثر‪ ،‬فمؤلف هذا الكتاب قال‪ :‬إن هذه املسألة وجدت فيها وجهني‪:‬‬
‫الوجه األول‪ :‬قال به عرشة‪ ،‬والثاين‪ :‬قال به ثالثة‪ ،‬بنا ًء عىل ذلك خيتم بقاعدة أن املعتمد واملشهور‪،‬‬
‫لنقل املشهور ألن املشهور املراد يف قول األكثر أن املشهور هو األوجب دون الثاين‪ ،‬من قواعد البيان‬
‫املعتمد‪ ،‬وص حيح املذهب متعددة تصل إل ست أو سبع قواعد منها قول األكثر‪ ،‬كيف تعرف قول األكثر؟‬
‫عن طريق هذه ال ُكتب‪ ،‬األول قال به فالن‪ ،‬وفالن‪ ،‬وفال ٌن‪ ،‬وفالن‪.‬‬
‫جدا‪ ،‬ولكنها تنقسم إل قسمني‪:‬‬
‫الكتب التي ُعنيت بذكر اخلالف يف داخل املذهب كثرية ًّ‬
‫ٍ‬
‫خالف باملذهب تذكره‪ ،‬وهذا مثل الكتاب العظيم‬ ‫تب تذكر كل خالف املذهب‪ ،‬كل‬
‫القسم األول‪ُ :‬ك ٌ‬
‫الذي هو من أهم ُكتب احلنابلة وهو كتاب "اإلنصاف"‪ ،‬للقاِض عالء الدين املرداوي‪ ،‬واسمه "اإلنصاف‬
‫يف معرفة اخلالف" ‪ ،‬واملراد باخلالف هنا خالف املذهبي النازل‪ ،‬فإنه ال يذكر خالف األئمة‪ ،‬كاإلمام أيب‬
‫حنيفة ومالك والشافعي‪.‬‬
‫طالب عل ٍم يف ضبط مذهب اإلمام أْحد ومعرفة اخلالف فيه‪،‬‬
‫ُ‬ ‫جدا وال يستغني عنه‬
‫هذا الكتاب مهم ًّ‬
‫فإنه مجع ما وقف عليه من ُكتب‪ ،‬وقد كان عالء الدين املرداوي ناظر مكتبة‪ ،‬ناظر املكتبة ال ُعًمنية‪ ،‬ليس عنده‬
‫عمل إال اجللوس يف املكتبة‪ ،‬فلذلك كان ُيمع ال ُكتب‪ ،‬وُيمع مج ًعا مل ُيسبق إليه عليه رْحة اهلل‪.‬‬
‫ٍ‬
‫مذهب ما‪ ،‬كتاب العزيز الرا فعي‪ ،‬وكتاب العزيز الرا فعي‪،‬‬ ‫ومن أهم ال ُكتب التي مجعت اخلالف كله يف‬
‫من أهم كتب الشافعية‪ ،‬حتى قال ابن النقاش شيخ احلافظ بن حجر‪ :‬اليوم رافعي ٌة ال شافعية‪ ،‬أصبحت ال‬
‫بعضا ممن استدرك هذا‬
‫ترجع لكالم الشافعي ونسيتموه‪ ،‬وإنًم ترجعون لكالم الرا فعي‪ ،‬ومن النكت هنا‪ :‬أن ً‬
‫تب مل يقف‬‫الرا فعي وهو عبد الرحيم اإلسناوي يف كتاب استدركه عن الرا فعي‪ ،‬قال‪ :‬وقد وقفت عىل ُك ٍ‬
‫ْ‬ ‫ََْ َ ُل‬
‫عليها الرا فعي‪ ،‬هذا الرا فعي الذي اعتمدوه‪ ،‬لكن فوق كل ذي عل ٍم عليم‪ ،‬أو {وفوق ِ‬
‫ك ذِي عِل ٍم‬
‫‪10‬‬ ‫كيف تقرأ في كتب الفقه؟‬

‫َ‬
‫علِيم} [يوسف‪ ، ]76 :‬هذا الرا فعي مع الوقوف عىل هذه ال ُكتب إال أنه مل يقف عىل بعض ال ُكتب‪ ،‬جاء من بعده‬
‫بنحو مائتي عام ففاخر فقال‪ :‬وقفت عىل ُك ٍ‬
‫تب مل يقف عليها الرا فعي‪ ،‬وقد ذكروا أن الرا فعي مل يقف عىل‬
‫كتب الشافعي نفسه‪ ،‬مل يقف عىل الكتاب األم‪ ،‬قيل ذلك ال أدري‪ ،‬لكنه ُنقل أنه مل يقف عىل الشافعي‪ ،‬بحث‬
‫عنه مل ُيده‪.‬‬
‫وبرصا يف زمانه حتى قيل أنه‬
‫ً‬ ‫وهذه هنا نكتة لو نخرج ً‬
‫قليال‪ ،‬هذا الرا فعي الذي مأل الدنيا سم ًعا‬
‫االعتًمد عىل كالمه الشيخان‪ :‬هو والنووي‪ ،‬ومع ذلك مل يقف عىل هذا الكتاب الذي أصغر طلبة العلم‬
‫عندنا يستطيع أن الوقوف عليه‪ ،‬ال أقول أصغر طلبة العلم‪ ،‬بل كلكم مجي ًعا اآلن يف دقيقة واحدة تستطيع أن‬
‫تفتح عن طريق جهازك الذكي قد ُيفتح لك‪ ،‬تأتيك أربع طبعات من كتاب األم يف جهازك الذي يف جيبك‪.‬‬
‫وهذا يدلنا عىل مسألة البد أن ننتبه هلا أن العلم ليس بكثرة ال ُكتب‪ ،‬وإنًم العلم ببذل اجلُهد‪ ،‬بعض‬
‫اإلخوان يريد أن يتحصل عىل العلم ثم يأتيك يقول‪ :‬أعطني الكتب ألسجلها‪ ،‬إذا رأيت الرجل ً‬
‫مقبال هبذه‬
‫اهليئة فاعلم أنه قد ال يستمر يف ٍ‬
‫كثري من األحيان‪ ،‬خذ العلم بالتدرج‪ ،‬وخذ العلم باالكتساب‪ ،‬وال تأخذ‬
‫كالم غريك يف أسًمء ال ُكتب‪ ،‬وإنًم خذ اخلَّبة يف التعامل مع الكتب‪.‬‬
‫أنت قد حتصل عىل كتب مل يقف عليها الرا وي مثل هذا الكتاب‪ ،‬ومع ذلك طالب علم من بعد الرا فعي‬

‫يف مذهب الشافعي إذ به ال أحد ُيقاربه إال القليل‪ ،‬إ ًذا ليس ً‬
‫دائًم كثرة ا ل ُكتب عالمة العلم أو عالمة التميز‪،‬‬
‫أو عالمة الفهم‪ ،‬بل قد يكون ضد ذلك‪.‬‬
‫نرجع لكالمنا إ ًذا هذا النوع األول من أنوا ع معرفة كتب اخلالف أو اخلالف الكيل يف املذهب‪ ،‬وفوق‬
‫كل ذي عل ٍم عليم‪ ،‬البد أن يكون هناك قد فات بعضهم بعض اليشء‪ ،‬هناك نوع من ذكر اخلالف داخل‬
‫املذهب‪ ،‬هناك ُكتب الغرض منها ذكر اخلالف القوي يف املذهب‪ ،‬ال يذكرون كل اخلالف‪ ،‬وإنًم يذكرون‬
‫اخلالف القوي فقط‪.‬‬
‫هل ال ُكتب عند احلنابلة مثالً يقولون‪ :‬هي ال ُكتب التي ُت ِّبني الروايتني‪ ،‬القاِض أبو يعىل عليه رْحة اهلل‬
‫وهذا إمام من أئمة املسلمني‪ ،‬أَ َّلف كتا ًبا سًمه "الروايتني والوجهني"‪ ،‬وهو مطبوع وموجود‪ ،‬أراد أن ُي ِّبني أن‬
‫هذه املسألة أهم يشء فيها قوالن‪ ،‬ماعدا ذلك هي روايات وأقوا ل لكنها ليست قوية‪ ،‬جاء ابن الفراء فكمله‬
‫لفضيلة الشيخ ‪ /‬عبد السالم محمد الشويعر‬ ‫‪11‬‬

‫فسًمها "التًمم" ‪ ،‬وقبلهًم أبو بكر عبد العزيز بن جعفر‪ ،‬هو ابن اخلالل يف كتاب "زاد املسافر"‪ ،‬ويف "التنبيه"‪،‬‬
‫ويف "الشايف" ‪ ،‬أراد أن يذكر اخلالف القوي فقط‪ ،‬الروايتني وال يذكر ما عدا ذلك‪.‬‬
‫من طريقة املتأخرين الذي ُعني بذكر القولني‪ ،‬وهو من أهم ال ُكتب وُيب عىل طالب العلم أن يقتنيه‬
‫جدا‬
‫إن أراد أن يعرف اخلالف القوي يف املذهب‪ ،‬وهو كتاب الكايف للموفق ابن قدامة‪ ،‬وهذا كتاب عظيم ً‬
‫تستفيد منه أمرين‪:‬‬
‫اخلالف القوي‪ :‬وهو رواية هذه القوليات‪ ،‬ومن أهم ال ُكتب يف معرفة قواعد املذهب هذا ِ‬
‫الكتاب‪ ،‬هذا‬
‫الكتاب يضبط لك القواعد واملناطات‪ ،‬وهي األدلة وهي األقيسة‪ ،‬املناطات هي األقيسة‪ ،‬ففيه من العلم‬
‫ال‪ ،‬مر ًة يقول‪ :‬من تويف عنهم من املشايخ الكبار‬
‫هلل َت َع َ‬ ‫اليشء العظيم‪ ،‬وأحد املشايخ الكبار العلًمء َر ِ َ‬
‫ْح ُهم ا ُ‬
‫متأخرا‪ ،‬كنا غافلني‬
‫ُ‬ ‫العلًمء الكل يعرفه بال استثناء‪ ،‬كان يقول‪ :‬هذا الكتاب كنت ً‬
‫غافال عنه ومل أعلم به إال‬
‫عن هذه الكتاب وهو الكايف؛ ألن فيه علًم عظيًم‪ ،‬وهو كتاب "الكايف" للموفق‪ ،‬كفى به ٍ‬
‫كاف عليه رْحة اهلل‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫كذلك عند الشافعية‪ ،‬كتاب "السلسلة يف القولني"‪.‬‬
‫عند احلنفية عدد من ال ُكتب التي ُتعنى بالقول‪ ،‬وعندهم ُتد كتاب أبو الليث السمرقندي يذكر مجيع‬
‫الروايات وهكذا كتب كثرية فيه‪ ،‬وقلت لكم أنني لن أذكر أسًمء الكتب لكي ال نشتت الذهن وال نضيع‬
‫الوقت‪ ،‬عندنا ا لنوع الثالث من ال ُكتب لكي تعرف الكتاب هذا ما الغرض منه؟ وهو ال ُكتب التي ُجعلت‬
‫جدا يف‬
‫يتفرع عليها؟ هذا النوع من ال ُكتب مهم ًّ‬
‫ألجل التفريع‪ ،‬بمعنى أن يذكر املسألة ال ُكلية‪ ،‬وما الذي َّ‬
‫اكتساب ملكة الفقه‪.‬‬
‫ً‬
‫أصال ثم يبني عىل هذا األصل العدد من‬ ‫أن ُيعطيك القاعدة الفرع وهو األساس‪ ،‬ثم يستقرئ هلا‬
‫الفروع الفقهية‪ُ ،‬كتب التفريع هذه من ال ُكتب املهمة‪ ،‬التي ُتكسب الشخص امللكة‪ ،‬وتكسبه حسن بناء‬
‫املسائل بعضها عىل بعض‪ ،‬وأال يناقض قوله يف مسألة املسألة األخرى‪.‬‬
‫جدا منها عندك كتاب "صاحب‬
‫ومن أندر ال ُكتب‪ ،‬أنا أعطيت الكتب الواضحة التي يعني مشهور ً‬
‫اإلنصاف" الذي ذكرناه قبل قليل فإنه ُيعنى بالتفريع فيقول هذه املسألة ُيبنى عليها كذا‪ ،‬ولكن إذا قال فوائد‬
‫يقول‪ :‬وعىل القول بالقول األول فيكون كذا وكذا‪ ،‬وعىل القول بالقول الثاين كذا‪.‬‬
‫‪12‬‬ ‫كيف تقرأ في كتب الفقه؟‬

‫دائًم بالتفريع‪ ،‬فيذكر املسألة بال ُكلية ومناطها ثم يذكر التفريع حتتها بعد ذلك‪ ،‬هذه علم‬
‫"ا مل ُغني" ُيعنى ً‬
‫التفريع الفقهي له قواعده احلاكمة له‪ ،‬وباإلمكان أن نجعل يو ًما ً‬
‫كامال يف التفريع‪ ،‬لكن بعض القواعد أن‬
‫فرع عليه‪ ،‬إال من باب‬
‫تفريع املبدع عندهم قاعدة أننا ال نفرع إال عىل القول املعتمد‪ ،‬القول غري املعتمد ال ُي َّ‬
‫دائًم إذا رأيت ً‬
‫قوال قد ُف ِّرع عليك فهو املعتمد‪ ،‬نص عىل ذلك يف اإلنصاف‪ ،‬ونص عىل‬ ‫التفقه فقط‪ ،‬ولذلك ً‬
‫ذلك صاحب العزيز‪ ،‬قال وال تفريع إال عىل املعتمد‪ ،‬فإذا رأيتهم يفرقون عىل قول؛ إ ًذا هذا هو القول‬
‫فرعوا عليه فليس باملعتد‪.‬‬
‫املعتمد عندهم‪ ،‬القول الثاين‪ :‬إذا مل ُي ِّ‬
‫األمر ال ثاين‪ :‬أن فائدة التفريع أن من ُيعطيك لوازم القول وما ُبني عليه فإن القول فيه إشكال فالتفريع‬
‫قيدا‪ ،‬ولذلك‬
‫سيكون فيه إشكال‪ ،‬ولذلك بعد التفريع قد ُتصحح اجتهادك يف القول األول فتجعل له ً‬
‫ويفرعون عليها ثم ينترصون لألصل فمعناه أهنم نظروا القول‪ ،‬ونظروا إل‬
‫ِّ‬ ‫العلًمء عندما يأتون باملسألة‬
‫لوازمه‪ ،‬فوجدوا أنه منضبط‪ ،‬وأنه مضطرد‪ ،‬وهذا مما ُيقوي تصحيح القول األول ألنكم تعلمون أنه من‬
‫ناقضا‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫حينئذ ً‬ ‫النواقض بالعلة وللحكم وهو العكس بأن تأيت بًم وافقه يف العلة وال تأيت فيه باحلكم فيكون‬
‫إ ًذا كتب التفريع هذه مهمة‪ ،‬وغالب من يستفيد منها أحد اثنني‪:‬‬
‫إما شخص يكتسب امللكة‪ ،‬ملكة الفقه‪.‬‬
‫ٍ‬
‫جزئية وليست عنده يريد حكمها فيجد يف التفريع‪ ،‬وهذه مسائل التفريع هي التي‬ ‫أو ٌ‬
‫رجل يبحث عن‬
‫أرأيت هي للتفريع‪ ،‬لكن بعض‬
‫َ‬ ‫أرأيت‪ ،‬أرأيت‬
‫َ‬ ‫أطالوا فيها الكالم‪ ،‬وأنصح بكالم ابن القيم يف مسألة أرأيت‬
‫أرأيت مذموم ‪ ،‬وبعض أرأيت أو بعض الرأ ي ممدوح‪ ،‬والكالم قلت لكم يف التفريع هذا قلت لكم‬
‫َ‬ ‫أرأيت‬
‫ُيتاج يوم كامل‪ ،‬يوم كامل يف التفريع‪ ،‬متى يكون ممدوح ومتى يكون مذمو ًما‪.‬‬
‫غرض ا يف التأليف يف ال ُك تب‪ :‬وهو أن ُيؤ َّلف كتاب الفقه للتوضيح فقط‪ ،‬يأتيك‬
‫ً‬ ‫النوع الرابع مما كان‬
‫الرشوح‪ ،‬ويكون للمخترصات‪ ،‬ومثل التوضيح احلوا يش‪،‬‬
‫لتوضيح املعاين‪ ،‬فقط للتوضيح وغال ًبا هذا يف ُ‬
‫تفرق بينهًم؟ الرشح التوضيحي‪ ،‬واحلاشية‬
‫فعندك عندما تريد أن متيض كتاب رشحه حاشية‪ ،‬كيف تريد أن ِّ‬
‫لالستدراك غالبًا‪ ،‬أن أقول هذا غالبًا ليس عىل سبيل الطرد‪.‬‬
‫غال ًبا الرشح يكون لتوضيح‪ ،‬إذا كان عندك متن ترجع له‪ ،‬فإذا أردت توضيحه ترجع للرشح‪،‬‬
‫االستدراك واملالحظة‪ ،‬والعناية ببعض دقائق املسائل ُتدها يف احلوا يش وال ُتدها يف الرشوح‪ ،‬ف ُكتب‬
‫لفضيلة الشيخ ‪ /‬عبد السالم محمد الشويعر‬ ‫‪13‬‬

‫الرشوح يف األصل املقصود منها التوضيح وليس املقصود منها التفريع‪ ،‬لكن قد يستطرد بعض الرشاح‬
‫ُ‬
‫فيفرع‪ ،‬الرشوح يف األصل املقصود منها ليس التدليل‪ ،‬ولكن بعض الرشوح ُتعنى بالتدليل‪ ،‬فتجمع بني‬
‫التوضيح والتدليل‪ ،‬الرشوح يف األصل ال يقصد منها ذكر اخلالف‪ ،‬ال النازل وال العايل‪.‬‬
‫الرشاح يذكر هذا وذاك‪ ،‬ولذلك أن تأيت برشح ُيمع هذه األمور كلها؛ كان بعض العلم‬
‫لكن بعض ُ َّ‬
‫كَّب الكتاب وُيعل شأن هذا الكتاب مرج ًعا يف كل يشء‪ ،‬قالوا‪ :‬وهذا إنًم يكون يف‬
‫يقول يظن ذلك فإنه س ُي ِّ‬
‫ُكتب معدودة مثل كتاب املُغني وغريها هو الذي يشمل كل يشء‪ ،‬هذه بعض األغراض يف التأليف‪ ،‬ألن‬
‫جدا ومتنوعة‪ ،‬ولو أردنا أن نتتبع ُكتبهم وطرائقهم فهي عجيبة‪ ،‬فبعضهم‬
‫طرق العلًمء يف التأليف عجيبة ًّ‬
‫يؤلف كتب فقط يف األلغاز الفقهية‪ ،‬وبعضهم يؤلف كتب مثل ابن مازة احلنفي يؤلف ُكتب يف املسائل‬
‫املحرية‪ ،‬ما هي املسائل املحرية؟ التي حريهتم فلم ُيدوا هلا جوا ًبا‪.‬‬
‫يف مسائل يقولون ها ما أدري‪ ،‬هذه املسائل املحرية طبع كتاب ابن مازة وفيه جملد سًمه املسائل‬
‫املحرية‪ ،‬بعض من أهل العلم يؤ ِّلف كتا ًبا بعينها أو يف باب بعينه‪ ،‬ملعرفة ال ُكتب التي أُلفت يف باب مهمة‬
‫جدا فإهنا يف الغالب تكون فيها من التفريع والتدقيق ما ال يوجد يف غريها‪ ،‬فكل فقيه من ال ُف َق َهاء الكبار‬
‫ًّ‬
‫ونتكلم عن املتقدمني‪ ،‬إذا أ َّلف يف ٍ‬
‫باب عىل سبيل اخلص وص فإنه يتوسع يف مثل‪ ،‬يعني بعض الذين ألفوا يف‬
‫أحكام القضاء‪ ،‬وتوسعوا فيه وهكذا‪.‬‬
‫بعض العلًمء يؤلف كت ًبا فقط يف غريب ألفاظ ال ُف َق َهاء‪ ،‬ألف هذا الكتاب يف الغريب‪ ،‬القصد من بيان‬
‫ألفاظ الغريب‪ ،‬مثل كتاب ابن جني يف "غريب املدونة"‪ ،‬ومثل مثالً "ا ملُطلع"‪ ،‬ومثل "هتذيب األسًمء‬
‫واللغات" البن أيب الوفا القريش‪ ،‬أو "طرق اهلداية"‪ ،‬أو هتذيب األسًمء واللغات يف "املهذب للنووي" أو‬
‫املغري البن باطش‪ ،‬ال ُكتب كثرية من ضمنها ما أذكر أسًمءها‪.‬‬
‫إ ًذا مهم ًّ‬
‫جدا إذا أردت أن تقرأ كتاب قبل أن تقرأ الكتاب قبل أن أنتقل إل اجلزء األخري أختم هبا‬
‫حديثي‪ُ ،‬يب أن تعرف أن هذا الكتاب الفقهي ملؤلف‪ ،‬كيف تعرف ذلك؟ بفتح مقدمته‪ ،‬فأول ما تقرأ كتا ًبا‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫اقرأ مقدمته لتعرف هذا الكتاب مل أُ ِّلف؟ وما غرض امل ُ َؤلف من تأليفه‪ ،‬فحينئذ إذا أردت مسأل ًة أو ً‬
‫أمرا‬
‫معينًا يف ُكتب الفقه عرفت ما الذي ترجع له وما الذي ال ترجع له؟‬
‫‪14‬‬ ‫كيف تقرأ في كتب الفقه؟‬

‫بعض اإلخوان يقول هذه املسألة موجودة عند املالكية مل أجدها‪ ،‬بحثت يف الشاملة‪ ،‬طب ًعا املسألة‬
‫الشاملة هذه بحثت فلم أجدها‪ ،‬أقول لن ُتدها هنا‪ ،‬ستجد هذه املسألة ألهنا من التفريعات يف كتب التفريع‬
‫مثل التبرصة لللخمي ستجد فيه مثالً‪ ،‬أو ال ُكتب التي ُعنيت بالتفريع‪ ،‬ومل تعد تتعلق بالتفريع‪ ،‬وهكذا إ ًذا‪،‬‬
‫جدا‪.‬‬
‫معرفة مظنة املسائل مهم ًّ‬
‫واحد يقول ‪ :‬أبحث عن دليل‪ ،‬ابحثه هنا‪ ،‬واحد يبحث عن تفريع وهكذا ُيدها يف مسألته‪.‬‬
‫رسا أنني أتيت هبا‬
‫أختم حديثي يف آخر مخس دقائق وهي املقدمة التي ذكرهتا قبل قليل‪ ،‬ال أخفيكم ً‬
‫ٍ‬
‫ساعة أو أكثر ألن كيفية قراءة ُكتب الفقه‪ ،‬احلديث‬ ‫لتطويل املحارضة‪ ،‬ألنه قيل يل‪ :‬اجعل هذه الكلمة نصف‬
‫فيها مخس دقائق أو عرش‪ ،‬فجعلت هذه املقدمة التي قبل قليل أبحث عن كالم وأنا أتكلم قبل قليل لكي‬
‫نطيل املحارضة‪.‬‬
‫موضوعنا صلب املحارصة هو اآلن‪ ،‬كيف تقرأ كتاب فقه؟‬
‫باختصار‪ ،‬اعرف النو ع الكتاب الذي ستقرؤه‪ ،‬فاقرأه للغرض الذي أُلف له هذا واحد‪.‬‬
‫األمر الثاين‪ :‬إياك أن تقرأ كتاب فقه دون ُدربتك ومعرفتك بمصطلح أهل الفن‪ ،‬من مل يعرف مصطلح‬
‫أهل الفن يأيت بغرائب األمور وعجائب الفهوم‪ ،‬ألم يقرأ يف رسائل الباحثني املعارصين وخاصة طالب‬
‫رشاح احلديث‪ ،‬أو فهم كالم‬
‫املاجستري يقرأ عجب‪ ،‬فهم كالم بلغتنا الدارجة‪ ،‬أو فهم كالم هذا الفقيه بلغة ُ َّ‬
‫هذا الفقيه بلغة األصوليني‪ ،‬ألن استخدام ال ُف َق َهاء أحيا ًنا ُخيالف استخدام األصوليني‪ ،‬وهناك حمارضة كاملة‬
‫تكلمنا عن قضية الفرق بني استخدام هؤالء وهؤالء‪.‬‬
‫إ ًذا البد أن تعرف اصطالح القول‪ ،‬من النكت التي ُتذكر‪ ،‬يقول ابن دقيق أو يقول ابن بدران‪ :‬أنني‬
‫كنت أقرأ عىل شيخي يف الشام فجاء باب املد َّبر‪ ،‬فجاء أحد الطالب يسأل ابن بدران قال يا شيخ ما معنى‬
‫املد َّبر؟ يقول فهذا الشيخ َّ‬
‫حك رأسه ما هو قال هكذا أو أنا أحكيها باملعنى‪ ،‬فجيل ُيك رأسه وأرجع عًممته‬
‫قدمها‪ ،‬قال‪ :‬املد َّبر هو الذي يأتيه سيده يف ُدبره‪.‬‬ ‫ً‬
‫قليال ثم َّ‬
‫درس‪ ،‬هذا ذكره الشيخ عبد القادر بن بدران‪ ،‬املدبر هو من؟ هو الذي ُع ِّلق عتقه عىل‬
‫هذا جاهل و ُي ِّ‬
‫الوفاة‪ ،‬فيكون عتقه معل ًقا عىل دبر احلياة أي يف آخرها بعد الوفاة مبارشة‪ ،‬يقول‪ :‬عبدي فالن ٌ‬
‫حر إذا مت‪،‬‬
‫وحكمه حكم الوصية يف اجلُملة‪ ،‬فيجوز بيعه وُيوز الرجوع فيه وهكذا‪.‬‬
‫لفضيلة الشيخ ‪ /‬عبد السالم محمد الشويعر‬ ‫‪15‬‬

‫إ ًذا بعض الناس يفهم خطأ‪ ،‬وذكر أظن "صاحب املوا هب" احلطاب أو غريه قال‪ :‬غن بعض الضعفاء‬
‫يرشح كتاب خليل بن إسحاق يف الفقه‪ ،‬فمر بقوله يف باب الوليمة وهو يف األكل باخليار‪ ،‬فظن أن قوله‬
‫باخليا ر أي يأكل مقدار خياره‪ ،‬فكان شيخ الطالب يقول‪ :‬وأقل ما ُيعد ً‬
‫أكال أي وليمة النكاح أن يأكل‬
‫بحجم اخليارة‪.‬‬
‫جدا بالعرشات لكن نذكر بعضها‪ ،‬قبل‬ ‫إ ًذا مصطلح ال ُف َق َهاء مهم ً‬
‫جدا أن يعرفه‪ ،‬وهكذا األمثلة كثرية ًّ‬
‫قليل‪ ،‬إ ًذا معرفة مصطلح أهل الفن مهم‪ ،‬كيف تعرف مصطلح أهل الفن؟ بقراءة العلم عىل أهله‪ ،‬أرسع‬
‫طريقة أن تقرأ عىل شيخ يعلم الفن‪ ،‬تقرؤه عىل شيخ يعلم الفن‪ ،‬بل هل تعلم أن املذهبني قد يكون ألحد‬
‫املذهبني مصطلح يستخدم غري املصطلح الثاين‪ ،‬بل املذهب الواحد؛ مدرسة العراقيني ختالف مدرسة‬
‫الشاميني حتى احلنابلة يف بعض املصطلحات عند العراقيني هلا مصطلح غري مذهب غري مصطلح الشاميني‪.‬‬
‫مثل ما جاء يف كتاب األدب املنظَّر‪ ،‬كلًمت له داللته ختتلف عن داللته عند املوفق وغريه‪ ،‬إ ًذا أهم يشء‬
‫أن تعرف مصطلحات أهل الفن‪ ،‬واحلديث فيه طويل‪ ،‬من املصطلحات معرفة األسًمء‪ ،‬معرفة الرموز‪،‬‬
‫معرفة أشياء كثرية‪ٌ ،‬‬
‫كل بحسبه‪ ،‬املبتدئ له مصطلحاته‪ ،‬واملنتهي له مصطلحاته‪ ،‬وكل كتاب له‬
‫مصطلحات‪.‬‬
‫بُسعة‪،‬‬
‫األمر الثالث‪ :‬إذا أرادت أن تقرأ ُكتب الفقه فاعلم أن قراءة كتب الفقه حتتاج إل تأمل فال ُتقرأ ُ‬
‫حتتاج إل تأمل‪ ،‬وأن تقف مع اللفظ‪ ،‬واعلم أن ُكتب الفقه فيها ميزة وخاص ًة ُكتب الفقه التي ألفها العلًمء يف‬
‫املذاهب املتبوعة األربعة‪ ،‬فإن الكتاب الواحد إذا أ َّلفه الرجل فإنه يف الغالب يكون قد أخذه ممن قبله‪،‬‬
‫ٍ‬
‫حماك له‪ ،‬ثم إذا أ َّلف هذا الكتاب جاء بعده من يرشحه‪ ،‬ثم جاء من ُُييش عليه‬ ‫فاخترص عبارة من قبله‪ ،‬فهو‬
‫ويستدرك عليه‪ ،‬وهذا من املكتوب‪.‬‬
‫ناهيك عن األلوف الذين أقرؤوه وب َّينوا اخلطأ فيه‪ ،‬ولذلك وخاص ًة يف املتون املشهورة يف الغالب ملن‬
‫ٍ‬
‫كلمة فيها موزونة‪ ،‬فإذا كان الكلمة غري موزونة‬ ‫جدا‪ ،‬وكل‬‫أراد أن يتعب سيجد أنه خمدوم خدمة دقيقة ًّ‬
‫ٍ‬
‫كتاب أو يف آخر لكن بعض الطلبة قد يقف عىل الكتاب أو ال يقف عليه‪ ،‬أما الذي يؤلف‬ ‫صححوها يف‬
‫ابتداء بلغته اآلن ثق أن يف كالمه قد يكون فيه بعض اخلطأ ما مل يستفد من كالم األوائل‪ ،‬إ ًذا العلًمء بعضهم‬
‫كبريا‪،‬‬
‫اعتبارا ً‬
‫ً‬ ‫يأخذ من بعض‪ ،‬ولذلك إذا أردت أن تقرأ ُكتبهم فاقرأها بتأمل‪ ،‬واقرأها ٍ‬
‫بنظر دقيق‪ ،‬ألن هلم‬
‫‪16‬‬ ‫كيف تقرأ في كتب الفقه؟‬

‫لبعض أهل العلم َّملا أ َّلف بعض الرشوحات‪ ،‬كانت طريقته أن يذكر املنطوق‪ ،‬ثم يذكر املفهوم‪ ،‬و ُيبني‬
‫صحة املفهوم من عدمه‪ ،‬كًم هي طريقة صاحب اإلكليل يف رشح خمترص اخلليل‪ ،‬فهذا كتاب مجيل يف بيان‬
‫كثريا ما ُيبني مفهوم صاحب كالم املقنع‪ ،‬يقول‬ ‫ٍ‬
‫املنطوق لكل مسألة واملفهوم‪ ،‬وابن املُنجى يف املمتع ً‬
‫دائًم ما يذكرون مفهوم‬
‫مفهوم ه كذا‪ ،‬ومفهومه كذا‪ ،‬وأصحاب احلوا يش والرشوح‪ ،‬واملنتهى واإلقناع ً‬
‫املقدم مفهوم املنتهى أم منطوق اإلقناع؟‬
‫املنطوق ويبينون هذا‪ ،‬ولذلك عندهم قاعدة هل َّ‬
‫مقدم عىل مفهوم املنتهى‪ ،‬وأما إن كان منطو ًقا ف ُيقدم منطوق املنتهى عليه‬
‫قالوا‪ :‬إن منطوق اإلقناع َّ‬
‫وهي املسألة املشهورة الكل يعرفها‪.‬‬
‫األمر األخري يف مسألة كيفية قرا ءة كتب الفقه ‪ :‬أنه البد يف ُكتب الفقه من إعادهتا‪ ،‬وتكرارها وعدم‬
‫االكتفاء بمرة‪ ،‬حقيقة أحزن عندما أرى طالبًا نجيبًا فتقول له يقول أنا الكتاب الفالين قرأ ته ولن أرجع له‪،‬‬
‫أو يقول قرأت الفق ه‪ ،‬الفقه لالستغراق‪ ،‬ماذا قرأت؟ قرأت الكتاب الفالين‪ ،‬تعجب أن خترج منه هذه‬
‫الكلمة مع نجابته وذكائه وحرصه‪ ،‬ال يمكن أن تنال العلم بقراءة وال قراءتني وال ثالثة وال أربعة‪ُ ،‬كلنا إال‬
‫ما ندر من الناس يستحرض اليشء قريبًا ثم ينساه‪ ،‬إال قلة من الناس‪ ،‬يقولون إن الزمان‪ ،‬علًمء النفس‬
‫يقولون ال يوجد يف العرص كله إال عرشة‪ ،‬كل عرص يوجد عرشة عندهم هذه احلالة التي إذا مر عليه يشء ال‬
‫ينساه‪.‬‬
‫العلم ُينسى‪ ،‬فالبد لك من استذكاره‪ ،‬البد لك من استذكاره‪ ،‬فالبد من املراجعة‪ ،‬هذا العلم نحن‬
‫نقول العلم ُينسى‪ ،‬فكيف ُيمكنك أن تستذكر هذا الكالم عندما تقرأ كتاب الفقه؟ ألهل العلم مسالك‪،‬‬
‫ٍ‬
‫مسلك من هذه املسالك سأذكر بعضها عىل سبيل التمثيل لكي ال يظن املرء أنه عىل سبيل احلرص‪،‬‬ ‫افعل أي‬
‫دائًم‪،‬‬
‫واحدا من ُكتب الفقه يرجع إليه ً‬
‫ً‬ ‫بعض أهل العلم وهذه الطريقة قديمة عندهم أنه كان ُيعل له كتا ًبا‬
‫وكل كتاب ٍ‬
‫فقه يقر ئه ُيد فيه زيادة عىل هذا الكتاب يثبت هذه الزيادة يف هامش هذا الكتاب‪ ،‬فيكون هذا‬ ‫ُ‬

‫الكتاب عنده هو املرجع‪ ،‬إذا أراد أن ُيراجع أو يستذكر أو ُُي ِّرض لدرس رجع لكتابه هذا فقط‪ ،‬ولذلك ُتد‬
‫يقول نسخة فالن من كتاب كذا‪ُ ،‬تدها مليئة باحلوا يش‪.‬‬
‫شيخنا الشيخ عبد اهلل الرباطي املتوىف سنة ألف ومائتني ومخس وثًمنني نسخة من الروض مليئة‬
‫بالتعليقات‪ ،‬ونسخته من املنتهى مليئة بالتعليقات‪ ،‬وجد فائدة عند شخص وقف عىل متاب أثبتها‪ ،‬ولذلك‬
‫لفضيلة الشيخ ‪ /‬عبد السالم محمد الشويعر‬ ‫‪17‬‬

‫ٍ‬
‫مسألة فقهية إن مل تسجلها ضاعت‪ ،‬كيف تسجلها يف حملها؟‬ ‫ال أظن يقول‪ :‬أن أحيا ًنا قد تأتيك السانحة يف‬
‫يف مظنتها يف الكتاب‪ ،‬ميزة أنك تسجلها عىل مظنتها بالكتاب‪ ،‬أنك حتى ترجع هلذا الكتاب وُتد املظنة‬
‫ستستذكر هذه املسألة وما قبلها وما بعدها‪ ،‬وستقرأ حتى ُتد املسألة يف مظنتها‪ ،‬هذه هي الطريقة‪.‬‬
‫طريقة بعض أهل العلم آخرون‪ :‬انه إذا وجد مسأل ًة كتبها‪ُ ،‬يمع ثم ُيمع املتناظرات وحدها‪ ،‬ثم بعد‬
‫جدا بعضهم إذا وجد فائد ًة البد أن يلتقي‬
‫ذلك يؤلف بينها‪ ،‬فيكون من باب مجع النظائر‪ ،‬وهناك طرق كثرية ًّ‬
‫خَّب هبا زميلك‪ ،‬تبقى يف ذهنك‬
‫دائًم الفائدة إذا قرأهتا ِّ‬ ‫ٍ‬
‫بطالب أو بزميل فيخَّبه هبذه الفائدة لكي ال ينساها‪ً ،‬‬
‫جمرب‪ ،‬كل‬
‫دائًم تكلم بالفائدة‪ ،‬ال تكن ضنِّ ينًا هبا‪ ،‬فإن احلديث بالعلم زكاته‪ ،‬والزكاة نًم ٌء له‪ ،‬وهذا َّ‬
‫أكثر‪ً ،‬‬
‫خَّب الناس هبا‪ ،‬قل لزمالئك‪ :‬وجدت هذه الفائدة‪ ،‬وتك َّلم هبا فإهنا تثبت يف الذهن بإذن اهلل َع َّز‬
‫فائدة ُتدها ِّ‬
‫َو َج َّل‪.‬‬
‫مما يتعلق بقراءة ُكتب الفقه‪ :‬أن قراءة كتب الفقه من األشياء املهمة فيها أن تقرأ عىل الشيخ‪ ،‬ولذلك‬
‫سبحان اهلل العظيم من خصائص هذه األمة القراءة عىل املشايخ‪ ،‬واحرص عىل أن تقرأ عىل ٍ‬
‫شيخ ُُيسن‬
‫الفن‪ ،‬ألين أعلم أن هناك ن يريد أن يتعلم الفن عىل رؤوس الطالب‪ ،‬فيقول أقرئ الطالب هذا الفن‬
‫سأدرس األصول ألفهم األصول‪ ،‬انت‬
‫ِّ‬ ‫ألتعلمه‪ ،‬أعرف من يقول هذا اليشء‪ ،‬من ال ُُيسن األصول يقول‪:‬‬
‫تظلم الطالب الذين عندك‪ ،‬فال تقرأ الفن إال عىل من ُُيسنه‪ ،‬لن تصل ملن وصل أو قد ال ُتد من وصل يف‬
‫العلم منتهاه‪ ،‬أو بلغ فيه درج ًة عالية‪ ،‬وإنًم اإلنسان يبحث عن من يقرأ عليه‪ ،‬وطريقة أغلب املشايخ أو كثري‬
‫عجز أو وفاة‪.‬‬
‫سفر أو ٌ‬
‫فرق بينهًم ٌ‬
‫من املشايخ أنه يستمر يف القراءة عىل شيخه حتى ُي ِّ‬
‫الشيخ عليه رْحة اهلل‪ ،‬كان ُيفظ درس أُناس يف السبعني من عمرهم‪ ،‬ما انقطعوا عن درسه‪ ،‬بعض‬
‫اإلخوان يبدأ يف الدرس أسبوعني‪ ،‬ثالثة‪ ،‬ثم ينقطع‪ ،‬يمل‪ ،‬هذا ليس بطالب علم‪ ،‬الثاين ُيرض ثم يقول‪:‬‬
‫عجز‬ ‫اكتفيت‪ ،‬ال تقطع‪ ،‬وخاص ًة إذا كان شيخك له فضل عليك‪ ،‬ال تقطع الدرس ً‬
‫أبدا‪ ،‬إال أن ُيفرق بينكم ٌ‬
‫قديًم‪ ،‬ولذلك كان أهل احلديث يكتبون يقولون‪ :‬من‬
‫ً‬ ‫موت أو سفر‪ ،‬وهذه مالحظة عند أهل العلم‬
‫ٌ‬ ‫أو‬
‫ً‬
‫طويال وإنًم در س القراءة‪،‬‬ ‫درسا‬
‫املحَّبة إل املقَّبة‪ ،‬وما زال بعض أهل العلم ُيرض‪ ،‬ال يلزم أن يكون ً‬
‫واإلفادة‪ ،‬وحلق العلم وخاص ًة من أخذ عن شيخه ونسب له الفضل‪ ،‬فيه من الَّبكة ما ال تعلم‪ ،‬كًم قال‬
‫بعض أهل العلم‪ :‬إن من بركة العلم نسبته إل أهله‪ ،‬وأن ُينسب إل األشياخ ويذكرون و ُيرتحم عليهم‪.‬‬
‫‪18‬‬ ‫كيف تقرأ في كتب الفقه؟‬

‫عظيًم‪،‬‬
‫ً‬ ‫إ ًذا قصدي يف قضية القراءة عىل املشايخ مهمة‪ ،‬واالستمرار فيها أهم‪ ،‬حتى وإن نال املرء ً‬
‫علًم‬
‫نعم بعض املشايخ يقول لتلميذه رح عني‪ ،‬مثل بعض مشايخ الشيخ عبد العزيز ملا قرأ عليه قال له الشيخ‬
‫صالح بن عبد العزيز‪ ،‬ملا قرأ عليه قال له الشيخ صالح بن عبد العزيز‪ :‬قال الذي عندي أخذته يا شيخ‪،‬‬
‫رْحه اهلل حممد بن إبراهيم‪ ،‬الذي عندي انتهى هو الشيخ قال رح أنت اآلن وصلت ملرحلة أعىل مني‪.‬‬
‫والشيخ جاوز الشيخ نفسه الشيخ عبد العزيز بن باز عليه رْحة اهلل‪ ،‬فاملقصود من هذا أن االستمرار‬
‫جدا فاجعل يف ذهنك االستمرار وهذا من بركة العلم‪ ،‬احلقيقة احلديث طويل‪ ،‬وصعب‪ ،‬فال‬
‫هذا مهم ًّ‬
‫أفكارا يف هذا املوضوع‪ ،‬ولذلك مجَّعت من هاهنا‬
‫ً‬ ‫أخفيكم يعني أين أتيت وأنا يعني مل أستطع أن أُرتب‬
‫وهاهنا‪ ،‬ألمأل الوقت هل وصلت نصف ساعة؟ وصلت نصف الساعة‪ ،‬احلمد هلل‪ ،‬لذلك أسأل اهلل َع َّز‬
‫َو َج َّل للجميع التوفيق والسداد‪ ،‬وأن يرزقنا العلم النافع والعمل الصالح وأن يتوالنا هبداه‪ ،‬وأن يغفر لنا‬
‫ولوا لدينا وللمسلمني واملسلًمت وصىل اهلل وسلم وبارك عىل نبينا حممد وعىل آله وصحبه أمجعني‪.‬‬
‫إن كان أحد عنده أمر واحد أو تعليق واحد فيًم سبق‪ ،‬هل يف يشء؟‬
‫وصىل اهلل وسلم وبارك عىل نبينا حممد‬

You might also like