You are on page 1of 45

‫تخض ع عملي ة إنج از وإ ع داد البحث العلمي في مي دان العل وم القانوني ة واإلداري ة مث ل بقي ة ف روع‬

‫وأنواع العلوم الطبيعية والرياضية واالجتماعية األخرى‪ ،‬إلى إجراءات وطرق وأساليب عملية وفنية ومنطقية‬

‫ص ارمة ودقيق ة‪ ،‬يجب االل تزام بإتباعه ا بعناي ة ودق ة ح تى يمكن إع داد البحث العلمي وانج ازه بص ورة س ليمة‬

‫وناجحة ورشيدة وفعالة‪.‬‬

‫وتعت بر ه ذه اإلج راءات والط رق العملي ة والفني ة والمنطقي ة المتعلق ة بإع داد البحث العلمي من ص ميم‬

‫تطبيق ات علم المنهجي ة في مفهوم ه الواس ع الع ام‪ .‬كم ا تجب اإلش ارة –هن ا‪ -‬إلى اطالع البحث العلمي‪ ،‬اطالع‬

‫واسع يشمل كل التقارير العلمية المنهجية والموضوعية مثل مذكرات التخرج في مستوى الليسانس‪ ،‬وأبحاث‬

‫رسائل الماجستير والدراسات العليا‪ ،‬وتقارير األخرى‪.‬‬

‫ومن هذه الدراسة‪ ،‬فإن هذا الفصل األول من الباب الثاني ينصب كلية على دراسة مراحل وأجزاء‬

‫البحث العلمي في ميدان العلوم القانونية واإلدارية‪ ،‬فيشمل هذا الفصل على مبحثين هما‪:‬‬

‫المبحث األول‪ :‬مراحل إعداد البحث العلمي في ميدان العلوم القانونية واإلدارية‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬أجزاء البحث العلمي في ميدان العلوم القانونية واإلدارية‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫تت درج عملي ة إع داد البحث العلمي وإ نج ازه بع دة مراح ل متسلس لة ومتتابع ة ومتكامل ة ومتناس قة في‬
‫تكوين وبناء البحث العلمي وإ نجازه‪.‬‬

‫فالبد من االضطالع بهذه المراحل مرحلة بعد مرحلة بكل عناية وجدية وصبر وهدوء ودقة وعمق‬
‫من طرف الباحث العلمي‪ ،‬حتى يصل إلى نتيجة إعداد البحث العلمي الكامل‪.‬‬

‫ومراح ل البحث العلمي هي مرحل ة تحدي د المشكلة واختي ار الموض وع‪ ،‬مرحل ة حصر وجم ع الوثائق‬
‫العلمي ة المتعلق ة بالموض وع‪ ،‬مرحل ة الق راءة والتفك ير‪ ،‬مرحل ة تقس يم وتب ويب الموض وع‪ ،‬مرحل ة تخ زين‬
‫المعلومات‪ ،‬مرحة الصياغة والتحرير‪ .‬وستعالج هذه المراحل في المطالب التالية‪:‬‬

‫المطلب األول‪ :‬مرحلة اختيار الموضوع‪.‬‬ ‫‪‬‬


‫المطلب الثاني‪ :‬مرحلة البحث عن الوثائق وجمعها‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬مرحلة القراءة والتفكير‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫المطلب الرابع‪ :‬مرحلة تقسيم وتبويب الموضوع‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫المطلب الخامس‪ :‬مرحلة جمع وتخزين المعلومات‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫المطلب السادس‪ :‬مرحلة الكتابة‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫‪ ‬المطلب األول‪ :‬مرحلة اختيار الموضوع‬

‫عملي ة اختي ار موض وع البحث العلمي هي عملي ة تحدي د القض ية أو المش كلة العلمي ة ال تي تتطلب حال‬
‫علمي ا له ا من ع دة فرض يات علمي ة‪ ،‬بواس طة الدراس ة والبحث والتحلي ل الكتش اف الحقيق ة أو الحق ائق العلمي ة‬
‫المتعلقة بالمشكلة وتفسيرها واستغاللها في حل ومعالجة القضية و المشكلة المطروحة للبحث العلمي‪.‬‬

‫وتعت بر مرحل ة اختي ار موض وع البحث العلمي من أولى م راح إع داد البحث العلمي واألك ثر ص عوبة‬
‫ودقة‪ ،‬نظرا لتعدد واختالف عوامل ومقاييس االختيار‪ ،‬حيث توجد عدة عوامل ومعايير ومقاييس ذاتية نفسية‬
‫وعقلية واجتماعية واقتصادية ومهنية‪ ،‬وموضوعية علمية وقانونية وإ دارية تتحكم في عملية اختيار موضوع‬
‫البحث العلمي بصفة عامة وموضوع البحث العلمي في ميدان العلوم القانونية واإلدارية بصفة خاصة‪.)1(1‬‬
‫‪ )1(1‬الدكتور أحمد شلبي‪ ،‬كيف تكتب بحثا أو رسالة‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مكتبة النهضة المصرية‪ ،‬الطبعة التاسعة‪ ،1976 ،‬ص ‪.40-31‬‬
‫‪2‬‬
‫ومن أج ل ترش يد عملي ة اختي ار موض وع البحث العلمي‪ ،‬وتوجي ه الب احث الناش ئ وارش اده في نط اق‬
‫عملية االختيار هذه يجب التطرق لبيان العوامل والمعايير الذاتية والموضوعية التي تقود وتتحكم في عملية‬
‫اختي ار موض وع البحث العلمي بص فة عام ة‪ ،‬وموض وع البحث العلمي في مي دان العل وم القانوني ة واإلداري ة‬
‫بصفة خاصة‪.‬‬

‫‪ ‬أوال‪ :‬العوامل والمعايير الذاتية الختيار موضوع البحث العلمي ‪Les Critères Subjectifs‬‬

‫تسود عملية اختيار موضوع البحث العلمي وتتحكم فيها عدة عوامل ومعايير ومقاييس ذاتية متصلة‬
‫وخاصة بنفسية الباحث‪ ،‬ومدى استعداداته ومقدرته العلمية‪ ،‬ونوعية تخصصه العلمي‪ ،‬وطبيعة موقفه ومركزه‬
‫الوظيفي والمهني‪ ،‬وكذا ظروفه االجتماعية واالقتصادية‪.‬‬

‫عامل ومعيار الرغبة‪ -‬النفسية الذاتية في اختيار موضوع البحث العلمي ‪La Préférence Personnelle‬‬ ‫أ‪-‬‬

‫عامل ومعيار الرغبة النفسية الذاتية لدى الباحث في الميل والتفضيل في اختيار موضوع دون غيره‬
‫من الموضوعات ليكون مح ل ومحور البحث العلمي الذي س يقود ويعده عامل أساسي وجوهري من عوامل‬
‫ومق اييس اختي ار موض وع البحث العلمي ال تي يجب احترامه ا ومراعاته ا في مرحل ة اختي ار موض وع البحث‬
‫العلمي من طرف الباحث ذاته ومن طرف كل من األستاذ المشرف ومؤسسات التكوين العالي والبحث العلمي‬
‫العامة والخاصة‪.‬‬

‫تع د الرغب ة النفس ية الذاتي ة معي ارا ومقياس ا معت برا وأساس يا في اختي ار موض وع البحث العلمي‪ ،‬ألن ه‬
‫يحقق عملي ة االندماج واالرتب اط النفس ي والع اطفي بين الب احث العلمي وموض وع البحث العلمي‪ ،‬األم ر الذي‬
‫ي ؤدي إلى توف ير وتحقي ق العدي د من الع وام والق درات النفس ية ال تي تخ دم عملي ة إع داد البحث العلمي بص ورة‬
‫قوية وحية وجدية وخالقة‪.‬‬

‫فهكذا تؤدي عملية االرتباط النفسي والعاطفي بين الباحث العلمي وموضوع البحث العلمي إلى توليد‬
‫وتوفير عدة مزايا وعناصر ومكنات اإلبداع والخلق‪ ،‬والمثابرة والصبر والمعاناة والتؤددة والتحمس المعقول‬
‫واإلخالص المطلق والتضحية الكاملة للبحث العلمي الذي يقوم بإعداده‪.‬‬

‫ف إذا ك انت عملي ة البحث العلمي عملي ة ش اقة وقاس ية تتطلب التض حية باالجته اد واألعص اب وبق وة‬
‫الح واس وك ذا التض حية بمل ذات الحي اة النفس ية واالجتماعي ة‪ ،‬وبالم ال وب الوقت الثمين من عم ر اإلنس ان‪ ،‬ف إن‬
‫‪3‬‬
‫عام ل اح ترام الرغب ة النفس ية الذاتي ة ل دى الب احث العلمي في اختي ار موض وع البحث العلمي ال ذي سيض طلع‬
‫بإعداده‪ ،‬يؤدي خلق عنصر االرتباط النفسي والعاطفي بينه وبين الموضع‪ ،‬األمر الذي يولد لديه روح القبول‬
‫النفسي التلقائي لكافة ضروب التضحية من أجل إعداد بحثه العلمي إعدادا علميا ممتازا‪.‬‬

‫وإ ذا كانت مواهب اإلبداع والخلق واالبتكار والمثابرة والصبر والشجاعة والهدوء واإلخالص للبحث‬
‫العلمي هي أمور نفسية ذاتية لدى الباحث العلمي‪.‬‬

‫فإن احترام ومراعاة عامل ومعيار الرغبة النفسية الذاتية وتوليد عامل االرتباط النفسي والعاطفي بين‬
‫الب احث العلمي وموض وع البحث العلمي يدغ دغ ويح رك ك وامن ه ذه الم واهب لخدم ة عملي ة إع داد البحث‬
‫العلمي بصورة علمية وموضوعية مبدعة وكاملة‪.‬‬

‫ولتحقي ق عملي ة التواف ق بين متطلب ات سياس ية البحث العلمي المعتم دة رس ميا ل دى مؤسس ات التك وين‬
‫والبحث العلمي العام ة والخاص ة‪ ،‬يجب اعتم اد قائم ة الموض وعات العلمي ة المتخصص ة المنتق اة والمدروس ة‬
‫بعناية ودقة في نطاق سياسة التكوين العالي والبحث العلمي الوطنية‪ ،‬ويترك بعد ذلك‪ -‬للرغبة النفسية الذاتية‬
‫للباحث العلمي – حرية التحرك واالختيار أو تبني الموضوعات المختارة تلقائيا من طرف الباحث العلمي في‬
‫نط اق عملي ات التوجي ه والتبص ير وال ترغيب المختلف ة من دن األس تاذ المش رف ومؤسس ات التك وين الع الي‬
‫والبحث العلمي العامة والخاصة‪.‬‬

‫فعام ل ومعي ار الرغب ة النفس ية الذاتي ة في اختي ار موض وع البحث العلمي يعت بر مقياس ا هام ا من‬
‫المقاييس الذاتية والموضوعية األخرى التي يجب على الباحث العلمي واألستاذ المشرف ومؤسسات التكوين‬
‫العالي والبحث العلمي العامة والخاصة أن تحترمه بعناية‪.‬‬

‫عام‪-- -‬ل ومعي‪----‬ار م‪-- -‬دى االس‪----‬تعدادات والق‪----‬درات الذاتي‪----‬ة‪Les Capacités et Les Compétences :‬‬ ‫ب‪-‬‬
‫‪Personnelles‬‬

‫من العوام ل والمق اييس الذاتي ة ال تي تتحكم في عملي ة اختي ار موض وع البحث العلمي‪ ،‬عام ل ومعي ار‬
‫مدى توفر االستعدادات والقدرات الذاتية لدى الباحث العلمي‪ ،‬التي يجب احترامها ومراعاتها بعناية وجدية من‬
‫ط رف الب احث العلمي أوال‪ ،‬ومن ط رف األس تاذ المش رف ومؤسس ات التك وين الع الي والبحث العلمي العام ة‬

‫‪4‬‬
‫والخاص ة ثاني ا‪ ،‬وذل ك من أج ل ض مان الس ير الحس ن والنج اح لعملي ة البحث العلمي ح ول موض وع معين من‬
‫الموضوعات‪.‬‬

‫فيجب أن تك ون ل دى الب احث العلمي اس تعدادات وق درات ذاتي ة تمكن ه من إع داد البحث العلمي إع دادا‬
‫ممتازا وفقا لقواعد وإ جراءات وقوانين وشروط المنهجية العلمية المطلوب احترامها وتطبيقها في مجال البحث‬
‫العلمي‪.‬‬

‫لذا يجب أن يتأكد كل من الباحث العلمي واألستاذ المشرف‪ ،‬والمؤسسات العلمية والتربوية المختصة‬
‫في مرحلة اختيار موضوع البحث العلمي‪ ،‬من مدى مالئمة وتناسب استعدادات وقدرات الباحث المختلفة مع‬
‫الموض وع المخت ار والمق رر لعملي ة البحث العلمي لض مان االنطالق ة المنطقي ة والموض وعية إلنج اح عملي ة‬
‫إعداد البحث العلمي(‪ .)1‬ومن بين مظاهر وأنواع القدرات واالستعدادات الذاتية التي يجب توافرها ومراعاتها‬
‫بعناية وجدية ما يلي‪:‬‬

‫‪ ‬القدرات والمكنات العقلية التي تجعل الباحث قادرا على التعمق في الفهم والتحليل والربط والمقارنة‬

‫(‪)2‬‬
‫واالستنتاج في معالجة ودراسة جوانب وعناصر وحقائق الموضوع محل الدراسة والبحث العلمي‬

‫ويكتسب الباحث العلمي هذه القدرات والمكنات بواسطة سعة االطالع وكثرة القراءة والتفكير والتأمل في‬

‫شتى الوثائق والمصادر المتعلقة بالموضوع‪ ،‬ومن سنوات الدراسة المتخصصة التي اهلته إلعداد البحث‬

‫العلمي‪ ،‬ومن تجارب الحياة العملية والمهنية في بعض الحاالت‪ ،‬وكذا من مصادر الثقافة والمعرفة‬

‫المختلفة‪.‬‬

‫‪ ‬الصفات واألخالقيات التي يتطلب وجودها في الباحث العلمي‪ ،‬مثل هدوء األعصاب وقوة المالحظة‪،‬‬

‫وشدة الصبر واالحتمال‪ ،‬والموضوعية والشجاعة وقدرة التضحية ومواهب الخلق والمبدأة واالبتكار‪ ،‬إلى‬

‫(‪ )1()1‬الدكتور أحمد شلبي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.35-34‬‬


‫‪ -‬الدكتور عمار بوحوش‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.11‬‬
‫‪ -‬الدكتور عبد القادر الشيخلي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.11-10‬‬
‫(‪ )2()2‬الدكتور عبد القادر الشيخلي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.11-10‬‬
‫‪ -‬و‪.‬ا‪.‬ن بقردج‪ ،‬فن البحث العلمي‪ ،‬ترجمة الدكتور زكري فهمي‪ ،‬ومراجعة الدكتور أحمد مدفي أحمد لبان‪ ،‬بيروت‪ ،‬دار إقرأ‪ ،‬الطبعة‬
‫الرابعة‪ ،1983 ،‬ص ‪.251-220‬‬
‫‪5‬‬
‫غير ذلك من الخصال والصفات التي يجب التأكد من مدى وجودها أو تربيتها وتنميتها في روح الباحث‬

‫العلمي‪ ،‬وكذا مراعاتها بدقة وعناية اختيار طبيعة الموضوع الذي سيبحث فيه‪ .‬وذلك بهدف تحقيق‬

‫عناصر ومقومات المالئمة بين قدرات واستعدادات الباحث ونوعية وطبيعة الموضوع المختار للبحث‬

‫العلمي(‪.)3‬‬

‫‪ ‬القدرات االقتصادية‪ ،‬فهناك أنواع من الموضوعات تتطلب من الباحث قدرة مالية جوهرية ومعتبرة أثناء‬

‫القيام بإعداد البحث العلمي‪ ،‬مثل إجراء التجارب والترحال القتناء الوثائق والمصادر من أماكن بعيدة‬

‫ومتباعدة‪ ،‬وشراء وتصوير الوثائق واآلالت واألدوات المطلوبة لعملية إعداد البحث العلمي وإ نجازه‪،‬‬

‫فضال عن ضرورة االستقرار االقتصادي لحياة وعائلة الباحث العلمي‪ ،‬حتى يتحرر من قيود الفقر‬

‫والحاجات وأنواع الحرمان االقتصادية هادئة وبال مرتاح وقب قوي‪ ،‬لذا يجب االستناد إلى معيار القدرة‬

‫االقتصادية في اختيار الموضوع‪ ،‬مراعاة هذا المعيار جيدا وبعناية من طرف الباحث العلمي نفسه‪ ،‬ومن‬

‫لدن األستاذ المشرف ومؤسسات التكوين العالي والبحث العلمي العامة والخاصة(‪.)1‬‬

‫‪ ‬االستعدادات والقدرات اللغوية‪ ،‬تتحكم مدى قدرات واستعدادات الباحث العلمي اللغوية في اختيار موضوع‬

‫البحث العلمي‪ ،‬حيث هناك موضوعات تتطلب الدراسات المقارنة وتتطلب الباحث أن يجيد العديد من‬

‫اللغات األجنبية‪ ،‬كما توجد موضوعات مصادرها ووثائقها مكتوبة بلغات معينة‪ ،‬األمر الذي يجب أن‬

‫يؤخذ في االعتبار هذا المعيار من طرف الباحث العلمي نفسه ومن طرف األستاذ المشرف وهيئات‬

‫ومؤسسات التكوين العالي والبحث العلمي عند اختيار موضوع البحث العلمي(‪.)2‬‬

‫(‪ )3()3‬األستاذ و‪..‬ن‪ 9‬بقردج‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.251-220‬‬


‫‪ -‬الدكتور فالديمير كورغافوف‪ ،‬مناهج البحث العلمي‪ ،‬ترجمة الدكتور على مقلد‪ ،‬بيروت‪ ،‬دار الحداثة‪ ،‬بدون تاريخ‪ ،‬ص ‪.91-89‬‬
‫(‪ )1()1‬الدكتور أحمد شلبي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.35‬‬
‫‪ -‬الدكتور فالديمير كورغافوف‪ ،‬مناهج البحث العلمي‪ ،‬ترجمة الدكتور على مقلد‪ ،‬بيروت‪ ،‬دار الحداثة‪ ،‬بدون تاريخ‪ ،‬ص ‪.31-9‬‬
‫(‪ )2()2‬الدكتور أحمد شلبي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.35-34‬‬
‫‪6‬‬
‫‪ ‬الوقت المتاح‪ ،‬حيث تتحكم مدة الوقت المحددة إلنجاز البحث العلمي في عملية اختيار نوعية موضوع‬

‫البحث العلمي‪ ،‬حيث فترات زمنية مقررة رسميا وواقعيا ألنواع معينة من البحوث العلمية‪ .‬فهناك البحوث‬

‫العلمية للتخرج من مرحلة الليسانس (مرحلة التدرج) التي يجب على الطلبة الباحثين أن يعدونها‬

‫وينجزونها خالل شهور فقط حتى يتحصلوا على شهادة التخرج‪ ،‬وهناك أبحاث درجة الماجستير‬

‫والدراسات العليا التي يجب إعدادها في فترة زمنية ال تتجاوز أصال سنة ونصف سنة‪ ،‬وهناك أبحاث‬

‫رسائل الدكتوراه التي تتراوح مدة إعدادها ما بين سنتين وخمس سنوات داخل البلد وثالثة سنوات للطلبة‬

‫المبعوثين للدراسة في الخارج فضال المدة الزمنية المحددة للباحثين من طرف مكاتب الدراسات وهيئات‬

‫البحث العلمي الوطنية والدولية والخاصة‪.‬‬

‫فعامل الوقت المحدد للبحث يعد معيارا الختيار نوعية وطبيعة الموضوع الي سيكون محل الدراسة‬
‫والبحث‪ ،‬يجب مراعات ه بدق ة وعناي ة من ط رف الب احث واألس تاذ المش رف وهيئ ات مؤسس ات التكوين الع الي‬
‫والبحث العلمي في مرحل ة اختي ار موض وع البحث العلمي‪ ،‬ح تى يمكن اختي ار الموض وع ال ذي يعطي ه ال وقت‬
‫المقرر بصورة كافية وسليمة‪ ،‬وحتى يستطيع الباحث إعداد البحث في ظروف زمنية جيدة ومالئمة‪ ،‬وتجنب‬
‫مخاطر اإلخالل واالختالل واالرتجال بسبب عامل الوقت المحدد‪.‬‬

‫هذه هي بعض مظاهر ومقومات االستعدادات والقدرات الذاتية التي تتحكم في عملية اختيار موضوع‬
‫البحث العلمي‪.‬‬

‫ج‪-‬عامل ومعيار التخصص ‪La Spécialisation‬‬

‫كما يتحكم عامل نوعية تخصص الباحث في أحد فروع العلوم والشعب المتخصصة في عملية اختيار‬
‫نوعية وطبيعة موضوع البحث العلمي(‪ .)1‬فالباحث في العلوم الطبيعية او الرياضية أو علم النفس والتربية‬
‫أو علم االجتماع‪ ،‬أو علم التاريخ أو في الفلسفة أو في العلوم االقتصادية والمالية أو في العلوم السياسية‬

‫‪ -‬الدكتور فالديمير كورغافوف‪ ،‬مناهج البحث العلمي‪ ،‬ترجمة الدكتور على مقلد‪ ،‬بيروت‪ ،‬دار الحداثة‪ ،‬بدون تاريخ‪ ،‬ص ‪.30-28‬‬
‫)‪(1)(1‬‬
‫‪Simone Dreyfus, op.cit.p.80.‬‬
‫‪7‬‬
‫والعالق ات الدولي ة‪ ،‬أو في العل وم القانوني ة واإلداري ة و في العل وم الطبي ة‪ ،‬يخت ار موض وع البحث في نط اق‬
‫التخصص العام‪ ،‬ثم تضيق دائرة التخصص واالختيار داخل التخصص‪.‬‬

‫فهك ذا نج د الب احث العلمي في نط اق العل وم القانوني ة واإلداري ة‪ ،‬يخت ار موض وع بحث ه في نط اق‬
‫تخص ص العل وم القانوني ة واإلداري ة‪ ،‬كتخص ص ع ام ثم نج ده يخت ار موض وع بحث ه في نط اق ش عبة أو ف رع‬
‫تخصصه الخاص الضيق‪ .‬فقد يكون الباحث متخصص في قسم القانون العام أو متخصص في قسم القانون‬
‫الخاص – وفقا للتقسيم التقليدي للقانون‪ ،‬وقد يكون متخصص في فرع القانون الدولي والعالقات الدولية‪ ،‬أو‬
‫في فرع القانون اإلداري والعلوم اإلدارية‪ ،‬المتخصص في فرع القانون الجنائي والعلوم الجنائية‪ ،‬وقد يكون‬
‫متخصصا في الق انون الدستوري والعلوم السياس ية‪ ،‬وقد يكون متخصصا في الشريعة اإلس المية‪ ،‬وقد يكون‬
‫متخصصا في القانون المدني أو في القانون التجاري‪ ،‬فيجب أن يختار الموضوع في نطاق التخصص العام‬
‫والضيق الخاص للباحث‪.‬‬

‫فعام ل تخص ص الب احث العلمي معي ار أساس ي في اختي ار موض وع البحث العلمي يجب على الب احث‬
‫واألس تاذ المش رف وهيئ ات مؤسس ات التك وين الع الي والبحث العلمي أن تح ترم بعناي ة وجدي ة ه ذ المعي ار في‬
‫مرحلة اختيار موضوع البحث العلمي‪.‬‬

‫د‪ -‬عامل ومعيار العمل والتخصص المهني‪L’Utilité Pratique Et professionnel :‬‬

‫تتحكم وت ؤثر طبيع ة مرك ز العم ل والتخص ص المه ني للب احث في عملي ة اختي ار نوعي ة موض وع‬
‫البحث‪ ،‬حيث يخت ار الموض وع من نط اق الوظيف ة المهني ة للب احث ألس باب ذاتي ة بالدرج ة األولى ح تى يعم ق‬
‫معلوماته ومعارفه حول مهنته‪ ،‬وحتى يستغل نتائج بحثه في تحسين وتطوير مهنته وعمله بصورة تتيح له‬
‫سبل االرتقاء والمجد المهني واالجتماعي واالقتصادي(‪.)1‬‬

‫فاألستاذ الجامعي الباحث يختار موضوعاته من ضمن المواد المقررة على مستوى الليسانس (مرحلة‬
‫الت درج) وعلى مس توى الدراس ات العلي ا وال دكتوراه (مرح ة م ا بع د الت درج)‪ ،‬ليق وم بعملي ة البحث العلمي‬
‫للتكوين‪ ،‬والمحامي والقاضي يقوم بأبحاثه في النطاق العملي والتطبيقي للقانون‪( ،‬البحث العلمي التطبيقي في‬
‫نطاق القانون)‪ ،‬والباحث في نطاق هيئات البحث العلمي المتخصصة فهو يختار موضوع البحث العلمي الذي‬
‫يناسب مركزه ووظيفته المهنية كباحث أساسي‪ ...‬وهكذا‪.‬‬
‫)‪(1)(1‬‬
‫‪Simone Dreyfus, op.cit.p.82-83.‬‬
‫‪8‬‬
‫فعامل التخصص العلمي والمهني يلعب دورا كبيرا كمعيار في اختيار موضوع البحث العلمي‪ ،‬فعلى‬
‫الباحث نفسه واألستاذ المشرف وهيئات التكوين والبحث العلمي أن تراعي هذا االعتبار بكل عناية وجدية‪.‬‬

‫ه ذه هي أهم العوام ل والمع ايير الذاتي ة ال تي تتحكم – باإلض افة إلى العوام ل والمع ايير الموض وعية‪-‬‬
‫في عملية اختيار الموضوع العلمي‪.‬‬

‫‪ ‬ثانيا‪ :‬العوامل والمعايير الموضوعية الختيار موضوع البحث العلمي ‪Les Critères Objectifs‬‬

‫باإلض افة إلى العوام ل والمع ايير الذاتي ة‪ ،‬هن اك مجموع ة من العوام ل والمع ايير الموض وعية ال تي‬
‫تتوق ف عملي ة اختي ار موض وع البحث العلمي عليه ا‪ ،‬ومن أهم ه ذه العوام ل الموض وعية القيم ة العلمي ة‬
‫للموضوع محل البحث‪ ،‬وأسس وأهداف ومحاور سياسة البحث العلمي للهيئات والجهات والمؤسسات العلمية‬
‫ال تي تش رف رس ميا على عملي ة إع داد البحث العلمي‪ ،‬ومكان ة ونوعي ة البحث العلمي بين أن واع البح وث‬
‫والدراسات العلمية‪ ،‬ومدى توفر الوثائق والمصادر العلمية لموضوع البحث العلمي‪ ،‬فهذه العوامل والمقاييس‬
‫الموض وعية تتحكم في ك ل من الب احث واألس تاذ المش رف‪ ،‬وهيئ ات مؤسس ات التك وين الع الي والبحث العلمي‬
‫في مرحلة اختيار موضوع البحث‪.‬‬

‫عامل ومعيار القيمة العلمية لموضوع البحث العلمي ‪La Valeur Scientifique‬‬ ‫أ‪-‬‬

‫إن القيم ة العلمي ة لموض وع البحث العلمي وقيم ة نت ائج البحث العلمي في ه في الحي اة العملي ة مث ل‬
‫التكوين‪ ،‬وحل المشكالت االجتماعية واالقتصادية القائمة تتحكم في عملية اختيار موضوع البحث العلمي(‪.)1‬‬

‫حيث يتم االختي ار في مج ال عملي ات البحث العلمي للموض وعات ذات القيم ة العلمي ة النظري ة‬
‫والتطبيقية الممتازة‪ ،‬وذلك وفقا لمقاييس ومعايير موضوعية تنبثق من طبيعة التخصص العلمي‪ ،‬ومن مجموع‬
‫القيم والمزايا والفوائد التي تحققها نتائج بحث الموضوع والكشف عن الحقائق العلمية المتعلقة به والتحكم فيها‬
‫واستغاللها في الحياة العملية‪.‬‬

‫الدكتور احمد شلبي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.33‬‬ ‫(‪)1 ()1‬‬

‫‪Simone Dreyfus, op.cit.p.83-85.‬‬


‫‪9‬‬
‫ويتع اون ك ل من الب احث واألس تاذ المش رف وهيئ ات مؤسس ات التك وين الع الي والبحث العلمي العام ة‬
‫والخاص ة في انتق اء الموض وع العلمي القيم الج دير بعملي ة البحث العلمي في ه وبب ذل ال وقت والم ال والجه د‬
‫الثمين من أجل دراسته وبحثه علميا من طرف الباحث‪.‬‬

‫وفي نطاق العلوم القانونية واإلدارية توجد العديد من الموضوعات الجديدة والمتجددة ذات قيم علمية‬
‫نظرية وعملية حية ومفيدة في كافة مجاالت الحياة العامة والخاصة‪ ،‬يجب ترصدها باستمرار ومعالجتها في‬
‫صورة أبحاث علمية‪.‬‬

‫فنظرا الرتباط العلوم القانونية واإلدارية وتفاعلها الشديد بمجاالت الحياة الوطنية والدولية واالقتصادية‬
‫واالجتماعي ة‪ ،‬ف إن ذل ك ي ؤدي باس تمرار إلى تولي د العدي د من المش كالت الدولي ة والوطني ة ذات الطبيع ة‬
‫االقتص ادية واالجتماعي ة والسياس ية والقانوني ة تتطلب حل وال علمي ة قانوني ة باإلض افة إلى الحل ول العلمي ة‬
‫األخ رى‪ ،‬ومن ثم يجب ترص د ه ذه المش كالت وتبنيه ا كموض وعات حي ة لبح وث علمي ة قيم ة ومفي دة للب احث‬
‫نفسه وللحياة العامة اإلنسانية والوطنية‪ ،‬وذلك في نطاق مقاييس علمية واضحة ودقيقة‪ ،‬وفي ظل سياسة بحث‬
‫علمي معلومة‪.‬‬

‫عام‪-‬ل ومعي‪-‬ار أس‪-‬س وأه‪-‬داف ومح‪-‬اور سياس‪-‬ة البحث العلمي المعتم‪-‬دة ‪La Politique Générale‬‬ ‫ب‪-‬‬
‫‪de la Recherche Scientifique‬‬

‫ويعتبر أيض ا من العوام ل والمع ايير الموضوعية ال تي تتحكم وتؤس س عملي ة اختيار موض وع البحث‬
‫العلمي سياس ة البحث العلمي العام ة والرس مية بك ل أسس ها وأه دافها ومحاوره ا‪ ،‬عن وج دت بطبيع ة الح ال‪،‬‬
‫فنظرا الرتباط البحث العلمي بكل أنواعه وصوره ومستوياته بالحياة العامة الوطنية والدولية‪ ،‬ونظرا الرتباط‬
‫ولتكامل وتفاعل عمليات التكوين والبحث العلمي بالحياة االقتصادية واالجتماعية والسياسية في الدولة‪ ،‬توجد‬
‫سياسات عامة وخاصة للبحث العلمي لتربط وتدمج وسائل وجهود ونتائج البحوث العلمية بتوجيهات سياسة‬

‫‪10‬‬
‫البحث العلمي الس ائد وتوج ه عملي ات البحث العلمي ال تي تش رف عليه ا – بطريق ة مباش رة أو غ ير مباش رة‪-‬‬
‫لتتجاوب مع أسس وأهداف ومحاور وسياسة البحث العلمي العامة والخاصة‪.‬‬

‫ل ذا ف إن عام ل وج ود سياس ة عام ة وطني ة ودولي ة أو خاص ة للبحث العلمي تق وم كمعي ار يتحكم في‬
‫اختيار موضوع البحث العلمي‪.)1(1‬‬

‫والدول ة الجزائري ة تتب نى في مواثيقه ا وسياس اتها وبرامجه ا العام ة ومخططاته ا الوطني ة مب دأ ارتب اط‬
‫وتفاعل وتكامل عمليات التكوين والبحث العلمي ومتطلبات الحياة العامة وبرامج وسياسات التنمية الوطنية في‬
‫كاف ة المج االت االقتص ادية واالجتماعي ة والسياس ية‪ ،‬ومن ثم ك ان على مؤسس ات التك وين والبحث العلمي‬
‫واألستاذ المشرف والباحث العلمي األخذ بعين االعتبار عند اختيار موضوع البحث أسس وأهداف ومحاور‬
‫سياس ة البحث العلمي في الجزائ ر‪ ،‬وذل ك دون التض حية بقيم حري ة الفك ر والحي اة العلمي ة في ال وطن‪ ،‬وب دون‬
‫التضحية بقيم التفتح على عالم الخلق واإلبداع اإلنساني العالمي(‪.)2‬‬

‫ج‪-‬عامل ومعيار مكانة البحث بين أنواع البحوث العلمية األخرى ‪La Place de la Recherche Dans‬‬
‫‪les divers Recherches‬‬

‫كم ا تتحكم نوعي ة ومكان ة البحث العلمي الم راد إع داده بين أن واع البح وث العلمي ة األخ رى في تحدي د‬
‫واختي ار موض وع البحث العلمي‪ ،‬ف البحث العلمي ق د يك ون إع دادا لمدرك ة التخ رج والحص ول على درج ة‬
‫الليس انس في بعض التخصص ات‪ ،‬وق د يك ون البحث العلمي في ص ورة إع داد بحث رس الة الماجس تير أو‬
‫الدراس ات العلي ا‪ ،‬ودكت وراه الدرج ة الثالث ة‪ ،‬وق د يك ون في ص ورة بح وث علمي ة للترقي ة في بعض الوظ ائف‬
‫والدرجات العلمية والمهنية‪ ،‬وقد يكون في صورة دراسة خبرة مقدمة لمكاتب الدراسات ومؤسسات ومخابر‬
‫األبحاث واإلنتاج والعمل المختلفة(‪.)1‬‬

‫‪ )1(1‬الدكتور فالدمير كورغانون‪ ،‬مناهج البحث العلمي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.93-37‬‬
‫‪ -‬األستاذ و‪.‬ا‪.‬ب بقردج‪ ،‬فن البحث العلمي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.219-194‬‬
‫انظر في مبادئ وأهداف ومحاور السياسة العامة للبحث العلمي في النظام الجزائري الميثاق الوطني‪ ،‬المصادق عليه في عام ‪،1976‬‬ ‫(‪)2 ()2‬‬

‫ص ‪ .105-91‬والم ثرى في ‪ ،1986‬الجري دة الرس مية للجمهوري ة الجزائري ة الديمقراطي ة الش عبية‪ ،‬الع دد‪ ،7‬الص ادرة بت اريخ ‪ 16‬فيف ري‬
‫‪ ،1986‬ص ‪.154‬‬
‫)‪(1)(1‬‬
‫‪Simone Dreyfus, op.cit, pp.78-79.‬‬
‫‪11‬‬
‫وتختل ف بطبيع ة الح ال – موض وعات م ذكرات التخ رج في مس توى الليس انس (مرحل ة الت درج) عن‬
‫موض وعات أبح اث رس ائل الماجس تير والدراس ات العلي ا والدراس ات المعمق ة ودكت وراه الدرج ة الثالث ة‪ ،‬وه ذه‬
‫األخ يرة تختل ف ب دورها عن موض وعات أبح اث رس ائل ال دكتوراه وموض وعات األبح اث العلمي ة األكاديمي ة‬
‫تختل ف عن موض وعات األبح اث العلمي ة المع دة لمخ ابر ومؤسس ات األبح اث العلمي ة ومك اتب الدراس ات‬
‫وورشات العمل واإلنتاج‪.‬‬

‫فنوعي ة ومكان ة البحث المزم ع إعداده وانج ازه بين أنواع البح وث العلمي ة والدراس ات األخ رى تتحكم‬
‫في تحديد الموضوع الصالح للبحث العلمي المقرر إعداده‪.‬‬

‫د‪ -‬عام ‪-- -‬ل ومعي ‪-- -‬ار م ‪-- -‬دى ت ‪-- -‬وفر الوث ‪-- -‬ائق العلمي ‪-- -‬ة المتعلق ‪-- -‬ة بموض‪-----‬وع البحث‪Le Critère De La :‬‬
‫‪Documentation‬‬

‫كث يرا م ا تتحكم مس ألة م دى ت وفر أو ع دم ت وفر الوث ائق العلمي ة المختلف ة المتعلق ة بموض وع البحث‬
‫العلمي في تحدي د واختي ار نوعي ة موض وع البحث العلمي‪ ،‬فالموض وعات والمس ائل والمش اكل المطروح ة‬
‫تختلف بدرجات متفاوتة من حيث كمية الوثائق والمصادر العلمية المختلفة المتعلقة بها وبكافة جوانبها العلمية‬
‫الص حيحة‪ ،‬حيث توج د الموض وعات الن ادرة المص ادر والوث ائق العلمي ة ال تي تكش ف عن الحقيق ة العلمي ة‬
‫المتص لة به ا‪ ،‬وهن اك الموض وعات ال تي تق ل الوث ائق العلمي ة المتعلق ة بحقائقه ا وأس رارها العلمي ة‪ ،‬وتوج د‬
‫الموض وعات الغني ة بالوث ائق والمص ادر العلمي ة األص لية ال تي تغ رى باختياره ا ودراس تها وبن اء بحث ا علمي ا‬
‫جديدا ابتكاري من خالل استغالل وفحص ونقد وتحليل كافة الوثائق العلمية المتعلقة بها(‪.)2‬‬

‫وعام ل ومعي ار م دى ت وفر الوث ائق والمص ادر العلمي ة المتعلق ة بالموض وع عام ل ومعي ار أساس ي‬
‫وج وهري في تحدي د واختيار موض وع البحث العلمي‪ ،‬ألن ه ب دون توفر الوث ائق والمص ادر والمراج ع العلمي ة‬
‫المتض منة لكاف ة ج وانب وحق ائق وأس رار الموض وع ال يمكن للب احث أن يك ون م ا يع رف منهجي ا (بنظ ام‬
‫التحليل) أي مجموعة المعارف والمعلومات واألفكار والحقائق المختزنة والمتخرمة في ذهنية الباحث‪ ،‬تمكنه‬

‫(‪ )2()2‬الدكتور أحمد شلبي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.33‬‬


‫‪ -‬الدكتور عبد القادر الشيخلي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.13‬‬
‫‪ -‬الدكتور فالديمير كورغانوف‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.28-11‬‬
‫‪12‬‬
‫من دراس ة وتحلي ل وت ركيب الموض وع مح ل الدراس ة والبحث العلمي دراس ة وبحث ا علمي ا عميق ا وك امال‬
‫وموضوعيا‪.‬‬

‫لذا يجب احترام عامل ومعيار مدى توفر ووجود الوثائق والمصادر العلمية المتعلقة بالموضوع من‬
‫ط رف الب احث واألس تاذ المش رف والهيئ ات العلمي ة المس ؤولة في مؤسس ات التك وين والبحث العلمي العام ة‬
‫والخاصة‪.‬‬

‫ه ذه هي أهم العوام ل والمق اييس الذاتي ة والموض وعية المتحكم ة في عملي ة اختي ار موض وع البحث‬
‫العلمي‪ ،‬والتي يجب مراعاتها بدقة وعناية وجدية في مرحلة اختيار الموضوع‪.‬‬

‫‪ ‬المطلب الثاني‪ :‬مرحلة البحث عن الوثائق العلمية وجمعها ‪La Documentation‬‬

‫بع د مرحل ة اختي ار موض وع البحث العلمي‪ ،‬والقي ام بكاف ة اإلج راءات اإلداري ة لتس جيله رس ميا ل دى‬
‫الجهات المختصة‪ ،‬تأتي مرحلة البحث عن الوثائق المختلفة والتي تتضمن كافة المعلومات والمعارف المتعلقة‬
‫بموض وع البحث‪ ،‬والقي ام بجم ع ه ذه الوث ائق وتنظيمه ا على أس س منهجي ة مدروس ة الس تغاللها بع د ذل ك عن‬
‫طريق حصر واستخالص جميع المعلومات والحقائق والمعارف التي يتكون منها موضوع البحث‪.‬‬

‫وتس مى مرحل ة البحث عن الوث ائق وتجميعه ا وترتيبه ا باس م " عملي ة التوثي ق" أو "الببليوجرافي ا‬
‫‪ "Bibliographie‬وهي عملي ة له ا أص ولها وأسس ها وأه دافها‪ ،‬وطرقه ا وأس اليبها وإ جراءاته ا الفني ة والعملي ة‬
‫المختلفة(‪.)1‬ليس هنا مجال للتعرض لتفاصيل هذه العملية‪ ،‬وإ نما سوف يقتصر التركيز واالهتمام ببيان أنواع‬
‫الوث ائق والمص ادر والمراج ع ال تي تحت وي على معلوم ات وحق ائق ومع ارف الموض وع مح ل البحث العلمي‬
‫وأماكن تواجدها‪ ،‬ووسائل الحصول عليها في البحوث العلمية بصفة عامة والبحوث العلمية في ميدان العلوم‬
‫القانونية واإلدارية بصفة خاصة‪.‬‬

‫الدكتور أحمد بدر‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.217-109‬‬ ‫(‪)1 ()1‬‬

‫‪ -‬الدكتور أحمد بدر‪ ،‬والدكتور محمد فتحي عبد الهادي‪ ،‬المكتبات الجامعية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مكتبة غريب‪ ،1977 ،‬ص ‪.66-15‬‬
‫‪ -‬الدكتور فاخر عاقل‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.253-240‬‬
‫‪13‬‬
‫وس وف يتم توض يح مرحل ة البحث عن الوث ائق وجمعه ا عن طري ق التع رض أوال لمع نى الوث ائق‬
‫العلمية‪ ،‬وبيان أنواع الوثائق العلمية‪ ،‬ثم تحديد أماكن وجود الوثائق العلمية‪ ،‬وكذا بيان وسائل الحصول على‬
‫الوثائق العامة‪ ،‬وذلك على النحو التالي‪:‬‬

‫أوال‪ :‬معنى الوثائق العلمية‪.‬‬ ‫‪‬‬


‫ثانيا‪ :‬أنواع الوثائق العلمية‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫ثالثا‪ :‬أماكن وجود الوثائق العلمية‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫رابعا‪ :‬وسائل الحصول على الوثائق العلمية‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫‪ ‬أوال‪ :‬معنى الوثائق العلمية‬

‫لق د س بق التع رض لبي ان الم دلوالت اللغوي ة واالص طالحية والمنهجي ة الص طالح الوث ائق‪ ،‬وذل ك في‬
‫الفصل الخامس من الباب األول من هذه الدراسة‪ ،‬ويكفي هنا إضافة المدلول العام للوثائق العامة‪ ،‬عن طريق‬
‫التقري ر ب أن الوث ائق العلمي ة لموض وع من موض وعات البحث العلمي‪ ،‬هي جمي ع المص ادر والمراج ع األولي ة‬
‫والثانوي ة ال تي تحت وي أو تتض من على جمي ع الم واد والمعلوم ات والحق ائق والمع ارف المكون ة للموض وع‪،‬‬
‫وال تي تش كل في مجموعه ا طاق ة لإلنت اج الفك ري والعقلي واإلعالمي في مي دان التعليم والبحث العلمي‪ ،‬وه ذه‬
‫الوثائق العلمية قد تكون مخطوطة أو مطبوعة أو مسموعة أو مرئية(‪.)1‬‬

‫‪ ‬ثانيا‪ :‬أنواع الوثائق العلمية‬

‫الوث ائق العلمي ة المتعلق ة بموض وع البحث العلمي في ف رع من ف روع التخص ص العلمي كث يرة‬
‫ومتنوع ة‪ ،‬مث ل الكتب والوث ائق الرس مية‪ ،‬وال دوريات‪ ،‬والق واميس‪ ،‬والموس وعات ودوائ ر المع ارف‪ ،‬وتق ارير‬
‫ونت ائج األبح اث الميداني ة‪ ،‬وتس جيالت المق ابالت ونت ائج االس تطالعات‪ ،‬والم ذكرات والرس ائل العلمي ة‬
‫والمراسالت العلمية الخاصة‪...‬الخ‪.‬‬

‫راجع الفصل الخامس من الباب األول من هذه الدراسة لمعرفة أنواع الوثائق بصفة عامة‪ ،‬الحظ أيضا الفرق بين اصطالحات‪ :‬الوثائق‬ ‫(‪)1 ()1‬‬

‫‪ ،Document‬والمصادر‪ ،Les sources:‬والمراجع‪.Les Références :‬‬


‫‪14‬‬
‫وهن اك عدة أس س ومع ايير يتم على أساس ها ت رتيب وتص نيف الوثائق العلمي ة‪ ،‬مث ل المعيار الهاجائي‬
‫والمعيار الزمني‪ ،‬والمعيار الموضوعي الغائي‪ ،‬ومعيار الجدة واألصالة والقيمة اإلعالمية في بناء موضوع‬
‫البحث العلمي* ‪...‬الخ(‪.)1‬‬

‫الوثائق األولية واألصلية والمباشرة‪:‬‬ ‫أ‪-‬‬

‫الوث ائق العلمي ة األص لية أو المباش رة‪ ،‬هي تل ك الوث ائق ال تي تتض من مب دئيا ومباش رة الحق ائق‬
‫والمعلومات األصلية المتعلقة بالموضوع‪ ،‬وبدون استعمال وثائق ومصادر وسيطة في نقل هذه المعلومات‪،‬‬
‫ويطلق البعض على هذا النوع من الوثائق اصطالح "المصادر"‪.‬‬

‫وأنواع الوثائق األولية واألصلية والمباشرة في ميدان العلوم القانونية واإلدارية هي‪:‬‬

‫المواثيق القانونية العامة والخاصة‪ ،‬الوطنية والدولية‪.‬‬ ‫‪-1‬‬


‫محاضر ومقررات وتوصيات هيئات المؤسسات العامة األساسية مثل المؤسسة السياسية‪ ،‬والمؤسسة‬ ‫‪-2‬‬
‫التشريعية‪ ،‬والمؤسسة التنفيذية‪.‬‬
‫التشريعات والقوانين والنصوص التنظيمية المختلفة‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫العقود واالتفاقيات والمعاهدات المبرمة والمصادق عليها رسميا‪.‬‬ ‫‪-4‬‬
‫الشهادات والمراسالت المعتمدة رسمية‪.‬‬ ‫‪-5‬‬
‫األحكام والمبادئ واالجتهادات القضائية الرسمية‪.‬‬ ‫‪-6‬‬
‫نتائج وتقارير التحقيقات والمقابالت وسبر الرأي العام‪.‬‬ ‫‪-7‬‬
‫اإلحصائيات الرسمية‪.‬‬ ‫‪-8‬‬

‫الوثائق غير األصلية وغير المباشرة " الوثائق الثانوية"‪:‬‬ ‫ب‪-‬‬

‫حيث يختلف الكتاب في استخدام هذه المصطلحات الثالثة‪ ،‬فالبعض يقصد بالوثائق المصادر والمراجع الرسمية فقط‪ ،‬ويقصد بالمصادر‬ ‫**‬

‫المراج ع األولية أو األصلية‪ ،‬ويقصد ب المراجع الثانوية وليس األصلية ونرى منهجيا أن اصطالح الوث ائق أدق وأعم وأشمل من المصادر‬
‫والمراجع‪ ،‬حيث يشمل كافة المصادر والمراجع األصلية األولية والثانوية غير األصلية‪.‬‬
‫راج ع في تفاص يل فهرس ة وت رتيب المراج ع‪ ،‬ال دكتور أحم د ب در‪ ،‬المرج ع الس ابق‪ ،‬ص ‪ ،217-140‬ال دكتور ف اخر عاق ل‪ ،‬المرج ع‬ ‫(‪)1 ()1‬‬

‫السابق‪ ،‬ص ‪.253-240‬‬


‫‪15‬‬
‫وهي الوث ائق والمراج ع العلمي ة ال تي تس تمد قوته ا اإلعالمي ة العلمي ة ومعلوماته ا من مص ادر ووث ائق‬
‫أصلية ومباشرة أو غير أصلية ومباشرة من الدرجة األولى أو من الدرجة الثانية أو الثالثة‪ ...‬وهكذا‪ .‬أي أنها‬
‫الوثائق والمراجع التي نقلت الحقائق والمعلومات والمعارف العلمية عن الموضوع محل البحث والدراسة أو‬
‫على بعض جوانبه من مصادر ووثائق أخرى‪ ،‬ويقول البعض بأن الوثائق العلمية غير المباشرة أو الثانوية‪،‬‬
‫هي التي يجوز أن يطلق عليها اصطالح " المراجع ‪.)1("Les Références‬‬

‫ومن أمثل ة الوث ائق والمراج ع العلمي ة غ ير األص لية وغ ير المباش رة‪ ،‬أي الوث ائق الثانوي ة في مي دان‬
‫العلوم القانونية واإلدارية ما يلي‪:‬‬

‫الكتب والمؤلف ات القانوني ة األكاديمي ة العام ة والمتخصص ة في موض وع من الموض وعات مث ل كتب‬ ‫‪-1‬‬
‫ومؤلف ات الق انون ال دولي والعالق ات الدولي ة‪ ،‬ومؤلف ات الق انون اإلداري والعل وم اإلداري ة العام ة‬
‫والمتخصصة‪ ،‬ومؤلفات القانون الدستوري والعلوم السياسية العامة والمتخصصة‪ ،‬ومؤلفات القانون‬
‫الجنائي والعلوم الجنائية العامة والمتخصصة‪ ،‬وكتب القانون المدني ومؤلفات القانون التجاري العامة‬
‫والمتخصصة‪.‬‬
‫ال دوريات والمق االت العلمي ة المتخصص ة وأحك ام القض اء والنص وص القانوني ة والتنظيمي ة ال تي‬ ‫‪-2‬‬
‫تتضمنها‪ ،‬ومن أمثلة الدوريات الشائعة المعروفة في مجال العلوم القانونية المجاالت المتخصصة في‬
‫العلوم القانونية واإلدارية التي تصدرها أكاديميات ومعاهد العلوم القانونية واإلدارية الوطنية والدولية‬
‫ونش ريات وزارة العدال ة "نش رة القض اء"‪ ،‬وال دوريات المتخصص ة الص ادرة عن نقاب ات المح اميين‪،‬‬
‫واتحادات الحقوقيين الوطنية والدولية‪ ،‬والمنظمات الدولية المتخصصة‪ ،‬والمعاهد الدولية المتخصصة‬
‫في ميدان العلوم القانونية واإلدارية‪.‬‬
‫الرسائل العلمية األكاديمية‪ ،‬ومجموع البحوث والدراسات العلمية االبتكارية والجامعية التي تقدم من‬ ‫‪-3‬‬
‫أج ل الحص ول على درج ات علمي ة أكاديمي ة مث ل أبح اث الدراس ات العلي ا والماجس تير ورس ائل‬
‫الدكتوراه‪ ،‬وأبحاث الترقية الخاصة بسلك األساتذة الجامعيين‪ ،‬وهناك كشفات وفهارس خاصة للكشف‬
‫عن الرسائل العلمية في المكتبات‪.‬‬
‫المطبوعات الرسمية الحكومية في ميدان العلوم القانونية واإلدارية‪.‬‬ ‫‪-4‬‬

‫(‪ )1()1‬انظر في الجدل القائم حول هذه االصطالحات‪.‬‬


‫الدكتور أحمد شلبي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.47‬‬
‫الدكتور عبد القادر الشيخلي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.34-33‬‬
‫‪16‬‬
‫الموسوعات دائرة المعارف والقواميس التي تتعلق بالعلوم القانونية واإلدارية‪.‬‬ ‫‪-5‬‬
‫ه ذه أهم أن واع الوث ائق العلمي ة ال تي تتض من المعلوم ات والحق ائق ح ول الموض وعات المطروح ة‬
‫لالهتمام بالبحث والدراسة‪.‬‬

‫‪ ‬ثالثا‪ :‬أماكن وجود الوثائق العلمية‬

‫توجد الوثائق العلمية في عدة أماكن مختلفة وفقا لنوعيتها ودرجة قيمتها العلمية اإلعالمية‪ ،‬في هذا‬
‫توجد بعض الوثائق لدى الجهات والدوائر الحكومية والرسمية الوطنية والدولية‪ ،‬وتوجد في المكتبات العامة‬
‫والخاص ة‪ ،‬الش املة والمتخصص ة‪ ،‬الثقافي ة والعلمي ة والتجاري ة‪ ،‬ت دل عليه ا كش افات وفه ارس المكتب ات ودور‬
‫النشر‪ ،‬وكشوف الوثائق المتخصصة‪.‬‬

‫وتوجد وثائق العلوم القانونية واإلدارية بالجرائد الرسمية وفي المكتبات العامة الوطنية والدولية‪ ،‬وفي‬
‫المكتبات المتخصصة مثل مكتبات كليات ومعاهد العلوم القانونية واإلدارية على المستوى الوطني والدولي‪،‬‬
‫كما توجد بالمكتبات التجارية في األسواق‪ ،‬ومؤسسات النشر والتوزيع الوطنية والدولية‪ ،‬ومكتبات المؤسسات‬
‫الرسمية في الدولة‪.‬‬

‫‪ ‬رابعا‪ :‬وسائل الحصول على الوثائق العلمية‬

‫يتحصل الباحث على الوثائق العلمية المتعلقة بموضوع البحث بوسائل الشراء أو التصوير أو اإلعارة‬
‫العامة والخاصة‪ ،‬أو بوسائل النقل والتلخيص‪.‬‬

‫وبعد عملية حصر وجمع كافة الوثائق العلمية المتعلقة بموضوع البحث تأتي مرحلة القراءة والتأمل‬
‫والتفكير‪.‬‬

‫‪17‬‬
‫‪ ‬المطلب الثالث‪ :‬مرحلة القراءة والتفكير‬

‫مرحل ة الق راءة والتفك ير هي عملي ات االطالع والفهم لكاف ة األفكار والحقائق والمعلوم ات ال تي تتعلق‬
‫وتتص ل بالموض وع مح ل الدراس ة والبحث العلمي‪ ،‬وتأم ل وتحلي ل ه ذه المعلوم ات واألفك ار والحق ائق عقلي ا‬
‫وفكريا حتى تولد في عقل وذهن الباحث النظام التحليلي للموضوع‪.‬‬

‫فمرحلة القراءة والتأمل هذه البد أن تتحقق كافة أهدافها وتجعل الباحث مسيطرا ومستوعبا لكل أسرار‬
‫وحق ائق ومعلوم ات الموض وع ومتعمق ا في فهمه ا وق ادرا على اس تنتاج الألفك ار والفرض يات والحق ائق‬
‫والنظريات منها‪.‬‬

‫ومرحل ة الق راءة والتفك ير ال يمكن أن تحق ق أه دافها إال إذا تحققت وتمت وفق ا لش روطها وقواع دها‬
‫المنهجي ة والموض وعية المختلف ة‪ ،‬ويجب التط رق في لمام ة م وجزة إلى تحدي د أه داف مرحل ة الق راءة‪ ،‬وبي ان‬
‫شروطها وقواعدها األساسية‪ ،‬ثم تحديد أنواع القراءة المختلفة‪ ،‬وذلك على النحو التالي‪:‬‬

‫‪ ‬أوال‪ :‬أهداف مرحلة القراءة والتفكير‬

‫‪18‬‬
‫تس تهدف عملي ة الق راءة الواس عة والش املة والمتعمق ة والواعي ة لك ل الوث ائق العلمي ة المتعلق ة بالموض وع‬
‫واس تيعاب وفهم كاف ة المعلوم ات والحق ائق واألفك ار الموج ودة في الوث ائق العلمي ة المتص لة بالموض وع‪،‬‬
‫(‪:.)1‬‬
‫تستهدف هذه العملية تحقيق األهداف التالية‬

‫التعمق في التخصص وفهم الموضوع والسيطرة على جوانبه اإلعالمية والعلمية والفكرية‪ ،‬بواسطة‬ ‫‪-1‬‬
‫االطالع وفهم والعلم بكاف ة أس راره وحق ائق ومعلوم ات وأفك ار الموض وع‪ ،‬الموج ودة في الوث ائق‬
‫العلمية المختلفة المتعلقة بالموضوع‪.‬‬
‫اكتس اب نظ ام التحلي ل "متخص ص وق وى ح ول موض وع البحث‪ ،‬أي اكتس اب ذخ يرة كب يرة من‬ ‫‪-2‬‬
‫المعلوم ات والحق ائق واألفك ار المختزن ة في ذهني ة وعق ل الب احث والمتخم رة والمرتب ة والمترابط ة‬
‫والمتكاملة نتيجة القراءة الواسعة والفهم الشامل والعميق والواعي‪ ،‬وفترات التأمل والتفكير والتحليل‬
‫الباطني‪ ،‬ونظام التحليلي هذا هو وسيلة الباحث العلمي في مالحظة وتجريب وتحليل وبناء واستنتاج‬
‫جوانب الموضوع محل الدراسة والبحث عن طريق وضع الفرضيات واستخالص النتائج والنظريات‬
‫والقوانين العلمية(‪.)1‬‬
‫كذلك تستهدف عملية القراءة الواسعة والتفكير السليم اكتساب أسلوبا علميا قويا من طرف الباحث‬ ‫‪-3‬‬
‫يساعده في إعداد ممتازا‪.‬‬
‫تكسب مرحلة القراءة والتفكير الباحث القدرة المنطقية والعلمية والمنهجية في إعداد خطة الموضوع‪،‬‬ ‫‪-4‬‬
‫حيث أن سعة االطالع وقوة فهم واستيعاب كافة جوانب وحقائق ومعلومات الموضوع‪ ،‬االطالع على‬
‫تجارب اآلخرين الموجودة في الوثائق المشمولة بعملية القراءة‪ ،‬تجعل الباحث قادرا على إقامة خطة‬
‫موض وعية جي دة وتقس يم الموض وع على أس س موض وعية ومنطقي ة ص ائبة وإ لى أج زاء متوازن ة‬
‫ومتناسقة ومتكاملة في بناء هيكل الموضوع منهجيا‪.)2(1‬‬

‫الدكتور أحمد بدر‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.182-181‬‬ ‫(‪)1 ()1‬‬

‫‪ -‬الدكتور فاخر عاقل‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.253-251‬‬


‫‪ -‬الدكتور عبد القادر الشيخلي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.29‬‬
‫‪ -‬الدكتور أحمد شلبي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.65-64‬‬
‫‪ -‬الدكتور فالديمير كورغانوف‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.62-37‬‬
‫(‪ )1()1‬الدكتور عبد الرحمان بدوي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.131-130‬‬
‫األستاذ و‪.‬ا‪.‬ا‪.‬ب بقردج‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.251-220‬‬
‫‪ )2(1‬الدكتور أحمد شلبي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.64‬‬
‫األستاذ و‪.‬ا‪.‬ا‪.‬ب بقردج‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.251-220‬‬
‫‪19‬‬
‫تكس ب عملي ة الق راءة والتفك ير الب احث ث روة لغوي ة فني ة متخصص ة‪ ،‬تمكن ه من ص ياغة البحث بلغ ة‬ ‫‪-5‬‬
‫علمية سليمة وقوية‪ ،‬األمر الذي يزيد في القيمة الجمالية والعلمية والفنية للبحث‪.‬‬
‫ت دعم عملي ة الق راءة الناجح ة كاف ة الوث ائق العلمي ة المتعلق ة بالموض وع مب دأ الش جاعة األدبي ة ل دى‬ ‫‪-6‬‬
‫الب احث وتق وى من شخص يته في البحث‪ ،‬حيث يعت د الب احث ب الثروة والرص يد الكب ير من األفك ار‬
‫والمعلومات والحقائق والطرق واألساليب التي اكتسبها بفعل القراءة الواسعة والفهم المتعمق والتفكير‬
‫الرصين‪.‬‬
‫هذه هي أهم األهداف والمزايا التي تحققها عملية القراءة والتأمل السليمة والناجحة‪.‬‬

‫‪ ‬ثانيا‪ :‬شروط وقواعد القراءة‬

‫هناك عدة شروط وقواعد تتطلبها عملية القراءة السليمة والناجحة‪ ،‬يجب احترامها حتى تحقق أهداف‬
‫القراءة السابقة البيان‪ ،‬ومن أهم شروط وقواعد القراءة العلمية السليمة ما يأتي‪:‬‬

‫أن تك ون الق راءة واس عة وش املة لكاف ة الوث ائق والمص ادر والمراج ع المتعلق ة بالمض وع‪ ،‬ويجب أن‬ ‫‪-1‬‬
‫تكون هذه القراءة متعددة وعميقة الفهم واالطالع(‪.)1‬‬
‫يجب أن يك ون الب احث الق ارئ ذكي ا وق ادرا على تق ييم قيم ة الوث ائق والمص ادر والمراج ع ال تي‬ ‫‪-2‬‬
‫يقرأؤها‪ ،‬حتى يكسب عملية القراءة والتفكير مقومات الرشادة والفاعلية(‪.)2‬‬
‫يجب االنتباه والتحفز والتركيز في القراءة وفي فهم ما يقرأ فهما تاما وواضحا(‪.)3‬‬ ‫‪-3‬‬
‫يجب أن تكون عملية القراءة مرتبة ومنظمة ال أرتجالية وعشوائية(‪.)4‬‬ ‫‪-4‬‬
‫يجب اح ترام القواع د الص حية والنفس ية أثن اء عملي ة الق راءة‪ ،‬فيجب أن تك ون عملي ة الق راءة والب احث‬ ‫‪-5‬‬
‫الق ارئ في كام ل ق واه الص حية العقلي ة والنفس ية والعص بية‪ ،‬ح تى تك ون عوام ل وف رص االس تفادة‬
‫والتحصيل من عملية القراءة مؤكدة وكثيرة‪ ،‬لذا يجب على الباحث القارئ االهتمام بظروفه الصحية‬
‫السليمة جسميا وعقليا ونفسيا واجتماعيا(‪.)5‬‬

‫(‪ )1()1‬الدكتور عبد القادر الشيخلي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.29‬‬


‫(‪ )2()2‬الدكتور أحمد شلبي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.66‬‬
‫(‪ )3()3‬الدكتور فاخر عاقل‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.252‬‬
‫(‪ )4()4‬الدكتور عبد القادر الشيخلي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.32-29‬‬
‫(‪ )5()5‬الدكتور فالديمير كورغان‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.31-9‬‬
‫الدكتور أحمد شلبي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.67‬‬
‫‪20‬‬
‫يجب اختي ار األوق ات المناس بة للق راءة الناجح ة والرش يدة‪ ،‬فلق د أثبتت التج ارب ليس ت ك ل األوق ات‬ ‫‪-6‬‬
‫صالحة للقراءة والفهم‪ ،‬حيث نتأكد أن األوقات المناسبة والصالحة لعملية القراءة والفهم الصحيح هي‬
‫س اعات الص باح خصوص ا‪ ،‬وس اعات م ا بع د الراح ة والن وم على عموم ا‪ ،‬حيث يك ون عق ل وفك ر‬
‫القارئ أكثر استعدادا وقدرة وتقبال للقراءة والفهم واالستيعاب والتحصيل(‪.)6‬‬
‫يجب اختيار األماكن الصحية والمريحة والهادئة للقراءة المتانية والمتعمقة‪ ،‬فالبد من اختيار أماكن أو‬ ‫‪-7‬‬
‫مك ان الق راءة ال ذي تت وفر في ه الش روط والظ روف الص حية والنفس ية الالزم ة لراح ة وه دوء الق ارئ‬
‫الباحث(‪.)7‬‬
‫يجب ترك فترات للتأمل والتفكير خالل أو ما بين القراءات المختلفة‪ ،‬وذلك لتمحيص وغربلة وتحليل‬ ‫‪-8‬‬
‫ما يقرأ ويستوعب من معلومات وأفكار وحقائق في هدوء وصفاء الذهن والفكر وصحوة العقل وجيدة‬
‫الخيال العلمي المطلوب(‪.)8‬‬
‫يجب االبتع اد عن عملي ة الق راءة والتفك ير خالل ف ترات األزم ات النفس ية واالجتماعي ة والص حية‬ ‫‪-9‬‬
‫للباحث‪.‬‬
‫هذه بعض الشروط والقواعد التي يطالب من القارئ الباحث احترامها حتى تتم عملية القراءة بصورة‬
‫سليمة وناجحة ومحققة ألهداف القراءة والتفكير‪.‬‬

‫‪ ‬ثالثا‪ :‬أنـواع القراءة‬

‫تنقسم القراءة – على أساس مدى عمقها ودقتها وتركيزها‪ -‬إلى ثالثة أنواع من القراءات‪ ،‬لكل نوع‬
‫وظائف ه وأه داف‪ ،‬وهي الق راءة الس ريعة والفاحص ة‪ ،‬والق راءة العادي ة‪ ،‬والق راءة العميق ة والمرك زة‬
‫والمتخصصة‪.‬‬

‫الق‪--‬راءة الس‪--‬ريعة الكاش‪--‬فة‪ :‬وهي الق راءة الخاطف ة والس ريعة وال تي تحق ق عن طري ق االطالع على‬ ‫أ‪-‬‬
‫فه ارس الوث ائق وعنوينه ا وموض وعات في ق وائم المراج ع والمص ادر المختلف ة وكش فات الوث ائق‬
‫المختلف ة‪ ،‬كم ا تش مل الق راءة الس ريعة االطالع على مق دمات وبعض فص ول وعن وانين المراج ع‬
‫والوث ائق والمص ادر المتعلق ة بالموض وع والخاتم ة وفه ارس الموض وعات والخاتم ة‪ ،‬وقائم ة الوث ائق‬

‫(‪ )6()6‬الدكتور أحمد شلبي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.67‬‬


‫(‪ )7()7‬الدكتور فالديمير كورغانوف‪ ،‬مناهج البحث العلمي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.34-9‬‬
‫(‪ )8()8‬األستاذ و‪.‬ا‪.‬ا‪.‬ب‪.‬بقردج‪ ،‬فن البحث العلمي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.155-94‬‬
‫‪21‬‬
‫والمص ادر والمراج ع‪ .‬وأه داف ووظ ائف الق راءة الس ريعة واالس تطالعية‪ ،‬وه و تحدي د الموض وعات‬
‫والمعلوم ات المتعلق ة بالموض وع‪ ،،‬وتق دير وتق ييم الوث ائق المجمع ة من حيث درج ة ارتباطه ا‬
‫بالموضوع محل الدراسة والبحث‪ ،‬درجة قيمة المعلومات واألفكار التي تحتويها كل وثيقة أو مصدر‬
‫من حيث جدة المعلومات وحيويتها في بناء البحث‪ ،‬كما تستهدف القراءة السريعة واالستطالعية تغذية‬
‫وتدعيم قائمة الوثائق والمصادر والمراجع المجمعة بوثائق جديدة‪ ،‬وكذا معرفة سعة وآفاق الموضوع‬
‫وجوانب ه المختلف ة‪ ،‬كم ا تس تهدف الق راءة الس ريعة االس تطالعية ترش يد عملي ة الق راءة والتفك ير‪ ،‬حيث‬
‫تكشف القيم والجديد والمتخصص والخاص من الوثائق والعام السطحي والقديم من الوثائق‪ ،‬فتنحصر‬
‫وتتركز كل من القراءتين العادية والمتعلقة على الوثائق القيمة فقط(‪.)1‬‬
‫الق‪--‬راءة العادي‪--‬ة‪ :‬والق راءة ت تركز ح ول الموض وعات ال تي تم اكتش افها بواس طة الق راءة الس ريعة‬ ‫ب‪-‬‬
‫واالس تطالعية‪ ،‬يق وم به ا الب احث الق ارئ بعم ق بت ؤدة وه دوء‪ ،‬وفق ا لش روط وقواع د الق راءة الس ابقة‬
‫البيان‪ ،‬واستخالص النتائج واستخراج األفكار والحقائق والمعلومات‪ ،‬وتدوينها بعد ذلك في البطاقات‬
‫والملفات المعدة لذلك‪ ،‬أو القيام باالقتباسات الالزمة وفقا لقانون االقتباس(‪.)1‬‬
‫ج‪ -‬الق‪--‬راءة العميق‪--‬ة والمرك‪--‬زة‪ :‬وهي الق راءة ال تي تنص ب وت تركز ح ول بعض الوث ائق والمص ادر‬
‫والمراج ع والمعلوم ات ذات القيم ة االعالمي ة والعلمي ة والمنهجي ة الممت ازة وذات االرتب اط الش ديد‬
‫بجوهر الموض وع مح ل الدراس ة والبحث‪ ،‬األمر ال ذي يتطلب التعمق والترك يز في الق راءة المتكررة‬
‫والتمعن والتأم ل لالقت داء بالحق ائق واألفك ار والمعلوم ات الموج ودة في ه ذه الوث ائق كأفك ار وحق ائق‬
‫ومعلوم ات قائ دة ومحرك ة وموجه ة في عملي ة إع داد البحث العلمي(‪ .)2‬وتتطلب الق راءة العميق ة‬
‫والمركزة أكثر من غيرها من أنواع القراءة صرامة االلتزام بشروط وقواعد القراءة السابقة البيان‪.‬‬

‫هذه أنواع القراءة التي يجب انجازها خالل مرحلة القراءة والتفكير‪.‬‬

‫(‪ )1()1‬الدكتور فاخر عاقل‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.252-251‬‬


‫‪ -‬الدكتور أحمد شلبي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.66-65‬‬
‫‪ -‬الدكتور أحمد بدر‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.182-181‬‬
‫(‪ )1()1‬الدكتور أحمد شلبي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.66‬‬
‫‪ -‬الدكتور عبد القادر الشيخلي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.32-29‬‬
‫(‪ )2()2‬الدكتور أحمد شلبي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.66‬‬
‫‪ -‬الدكتور عبد القادر الشيخلي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.37-29‬‬
‫‪22‬‬
‫وبمج رد االنته اء من عملي ة الق راءة يس توجب األم ر االختالء والتف رغ لعملي ة التأم ل والتفك ير في م ا‬
‫تمت قراءته وتحصيله خالل فترة زمنية معقولة‪ ،‬وذلك حتى تتحقق عملية تخمر المعلومات والحقائق واألفكار‬
‫واألس اليب والص يغ المكتس بة بفع ل الق راءات وتتفاع ل وتتق ولب في عق ل وذهني ة الب احث‪ ،‬ولتتح رك وتنطل ق‬
‫عملي ات االس تنتاج والتخريج ات والتص ورات لعناص ر وأج زاء وف روع بن اء وهيك ل موض وع البحث‪ ،‬وإ قام ة‬
‫الفرضيات التي تستند إليها‪ ،‬وتصور آفاق خطة بناء هيكل إعداد بناء الموضوع(‪.)3‬‬

‫ثم بع د ذل ك تتح رك وتنطل ق المرحل ة التالي ة‪ ،‬وهي مرحل ة بن اء هيك ل الموض وع وخط ة العام ة عن‬
‫طري ق تقس يمه وتبويب ه إلى عناص ر متدرج ة ومتسلس لة على أس س ومع ايير علمي ة ومنهجي ة منطقي ة واض حة‬
‫ومتكاملة‪.‬‬

‫‪ ‬المطلب الرابع‪ :‬مرحلة تقسيم وتبويب الموضوع‬

‫بع د مرحل ة الق راءة والتأم ل والتفك ير‪ ،‬تك ون فك رة الموض وع األساس ية وآفاقه ا وجوانبه ا وعناص رها‬
‫األص لية واألساس ية والثانوي ة‪ ،‬والكلي ة والجزئي ة والعام ة والخاص ة‪ ،‬ق د نض جت وتجمعت مالمحه ا في ذهني ة‬
‫وعقلية الباحث‪ ،‬األمر الذي يساعد الباحث في هيكلة وتخطيط عملية دراسة وبحث الموضوع‪.‬‬

‫وعملي ة هيكل ة وتخطي ط وتقس يم موض وع البحث‪ ،‬هي عملي ة جوهري ة وحيوي ة للب احث إلع داد بحث ه‪،‬‬
‫مثل حيوية وحتمية عمليات إعداد وتصاميم البناء والعمران إلتمام وإ قامة البناءات‪ ،‬وخرائط العمليات الحربية‬
‫بالنسبة لقيادة األركان العسكرية التي تترقب االنتصار في المعارك الحربية‪ .‬حيث أن تخطيط وتقسيم موضوع‬
‫البحث تع ني البن اء الهيكلي والعظمي للبحث‪ ،‬قب ل كس وه لحم ا وبعث ال روح والحي اة في ه بالص ياغة والتحلي ل‬
‫والتركيب العلمي والتحرير‪.‬‬

‫(‪ )3()3‬الدكتور عبد القادر الشيخلي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.49‬‬


‫‪23‬‬
‫فعملية تقسيم وتبويب الموضوع والبحث والتي تتضمن تقسيمات الموضوع األساسية والكلية والعامة‬
‫والفرعية والجزئية والخاصة‪ ،‬على أسس ومعايير علمية ومنطقية منهجية واضحة ودقيقة‪ ،‬هي عملية حتمية‬
‫وحيوية إلعداد البحث العلمي‪ ،‬حيث يقوم الباحث على هدى الخطة والتقسيم والتوبيب المرسوم بأمجاز وإ عداد‬
‫بحثه خطوة خطوة ومرحلة مرحلة‪ ،‬في حركات وتنقالت منتظمة ومتناسقة ومتكاملة حتى يصل إلى النتيجة‬
‫العلمية المقصود كشفها وتفسيرها وإ عالمها في نهاية البحث‪.‬‬

‫ولتوضيح مضمون ومقومات مرحلة التقسيم والتبويب‪ ،‬يستوجب األمر التطرق أوال لمضمون ومعنى‬
‫تقس يم وتب ويب البحث‪ ،‬ثم بي ان ش روط وقواع د تحقي ق عملي ة التقس يم والتب ويب ثم تحدي د وتوض يح األس س‬
‫العلمية‪ ،‬والمنطقية والمنهجية للتقسيم والتبويب‪ ،‬وأخيرا بيان قوالب أطر التقسيم والتبويب‪.‬‬

‫‪ ‬أوال‪:‬معنى ومضمون التقسيم والتبويب للبحث‬

‫إن مضمون ومعنى تقسيم وتبويب موضوع البحث‪ ،‬يعني ويتضمن تحديد المشكلة أو الفكرة األساسية‬
‫والكلية لموضوع البحث تحديدا جامعا مانعا وواضحا‪ ،‬وإ عطائها عنوانا رئيسيا‪ ،‬ثم تحديد مدخل الموضوع في‬
‫ص ورة مقدم ة البحث‪ ،‬والقي ام بتف تيت وتقس يم وت رتيب الفك رة أو الموض وع األساس ي والرئيس ي في مش كالت‬
‫وموض وعات فرعي ة وجزئي ة وخاص ة‪ ،‬ثم تقس يم الموض وعات واألفك ار الفرعي ة والجزئي ة والخاص ة إلى‬
‫موضوعات ومشكالت أقل فرعية وجزئية وخصوصية ‪ ...‬وهكذا‪ ،‬وذلك على أسس ومعايير منطقية وعلمية‬
‫منهجية دقيقة وواضحة‪ ،‬بحيث يشكل التقسيم والتبويب هيكلة وبناء البحث الكامل‪ ،‬ثم القيام بإعطائها عنوانين‬
‫جزئي ة فرعي ة وخاص ة في نط اق ق والب وص ور منهجي ة معلوم ة ( فص ول ومب احث وف روع ومط الب‪ ،‬وأوال‬
‫وثاني ا ‪ ...‬وأدب‪ ...‬و ‪ )..3 ،2 ،1‬حس ب ق والب وص ور التقس يم المعتم دة من ط رف الب احث واألس تاذ‬
‫(‪.)1‬‬
‫المشرف‬

‫‪ ‬ثانيا‪ :‬شروط وقواعد التقسيم والتبويب‬

‫هن اك مجموع ة من الش روط والقواع د واإلرش ادات تتب ع وتح ترم إلقام ة وتحقي ق خط ة تقس يم وتب ويب البحث بص ورة س ليمة وناجح ة‪ ،‬ومن ه ذه الش روط والقواع د‬
‫واإلرشادات ما يلي‪:‬‬
‫)‪(1)(1‬‬
‫‪Simone Dreyfus, op ?cit, pp.139-145.‬‬
‫(‪ )2‬الدكتور أحمد شلبي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.44-41‬‬
‫‪24‬‬
‫التعمق والشمول في قراءة وتأمل كافة جوانب وأجزاء وفروع ونقاط الموضوع بصورة جيدة‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫ضرورة االطالع واالستفادة من خطط وتقسيمات األبحاث العلمية الممتازة الناجحة في ميدان العلوم‬ ‫‪‬‬
‫القانونية واإلدارية(‪.)2‬‬
‫االعتم اد الكلي على المنط ق والموض وعية والمنهجي ة في التقس يم والتب ويب المؤس س والمقب ول‬ ‫‪‬‬
‫لموضوع البحث(‪.)3‬‬
‫حتمي ة األخ ذ في الحس بان الموض وعات والعناص ر المس تحدثة المتوقع ة وغ ير المتوقع ة والمتعلق ة‬ ‫‪‬‬
‫بموضوع البحث‪ ،‬لذا البد من احترام مبدأ مرونة خطة وتقسيم البحث(‪.)4‬‬
‫يجب أن يكون التقسيم والتبويب تحليليا وحيا وداال‪ ،‬وليس تجميعا لموضوعات وعناوين فارغة‪ ،‬فالبد‬ ‫‪‬‬
‫أن ي ذكر التقس يم والتب ويب في موض وعاته وعناوين ه األساس ية والكلي ة والفرعي ة والجزئي ة والعام ة‬
‫والخاصة وفرضيات وأفكار ذات دالالت وإ يحاءات علمية(‪.)5‬‬
‫يجب تحاشي التكرار والتداخل واالختالط بين مضامين ومحتويات العناصر والموضوعات والعناوين‬ ‫‪‬‬
‫األساسية والفرعية والجزئية والعامة والخاصة أثناء تقسيم وتبويب البحث(‪.)6‬‬
‫ض رورة تحقي ق التقاب ل والت وازن بين التقس يمات األساس ية والفرعي ة والجزئي ة أفقي ا وعمودي ا‪ ،‬ك أن‬ ‫‪‬‬
‫يتس اوى ويت وازن ع دد أب واب األقس ام واألج زاء‪ ،‬وك ذا ع دد فص ول األب واب‪ ،‬وع دد ف روع الفص ول‪،‬‬
‫وعدد مباحث الفروع‪ ،‬وعدد مطالب المباحث وهكذا(‪.)1‬‬

‫‪ ‬ثالثا‪ :‬أسس ومعايير التقسيم‬

‫لقد سبقت اإلشارة إلى الحقيقة العلمية والمنهجية المقررة لحتمية استناد عملية تقسيم وتبويب موضوع‬
‫البحث العلمي إلى أس س ومع ايير علمي ة ومنطقي ة ومنهجي ة س ليمة ودقيق ة وواض حة‪ ،‬ح تى ال تك ون خط ة‬
‫الموض وع وتقس يم وتب ويب البحث العلمي عب ارة عن قائم ة من العن اوين المكدس ة والمختلط ة ال ت دل على أي ة‬
‫دالالت ومع اني وفرض يات وعناص ر الموض وع وأجزائ ه وفروع ه وخصوص ياته‪ ،‬األم ر ال ذي يعتم ويعق د‬

‫الدكتور عبد القادر الشيخلي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.55-52‬‬ ‫(‪)3 ()2‬‬

‫‪ -‬الدكتور أحمد بدر‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.182-181‬‬


‫‪ -‬الدكتور أحمد شلبي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.45-44‬‬
‫(‪)3‬‬
‫)‪(4)(4‬‬
‫‪Simone Dreyfus, op. cit, pp 147-148.‬‬
‫)‪(5)(5‬‬
‫‪Simone Dreyfus, op. cit, pp 142-145.‬‬
‫)‪(6)(6‬‬
‫‪Simone Dreyfus, op. cit, p148.‬‬
‫)‪(1)(1‬‬
‫‪Simone Dreyfus, op. cit, pp 149.‬‬
‫‪25‬‬
‫عملية الدراسة والبحث‪ ،‬ويتوه الباحث في متاهات عديدة ويضيع طاقاته ووقته وإ مكانيته المادية‪ ،‬وتبعده عن‬
‫الوصول إلى الحقيقة العلمية الصحيحة في نهاية األمر‪ .‬فلكي يسير الباحث ويصل إلى النتائج العلمية والحقيق ة‬
‫العلمية في بحثه على هدى بين ويخطئ ويئدة ورؤية واضحة آلفاق وجوانب موضوع بحثه‪ ،‬البد أن تؤسس‬
‫الخط ة وعملي ة تقس يم وتب ويب الموض وع والبحث على أس س ومع ايير واض حة وفاص لة لألج زاء والف روع‬
‫والعناصر األساسية –أفقيا‪ -‬والفرعية والجزئية‪ -‬عموديا‪ -‬للموضوع محل البحث والدراسة‪.‬‬

‫فإذا كانت الحقيقة العلمية المنطقية والمنهجية تقرر أن لكل شيء فكرة أو ظاهرة أوامر من األمور‬
‫والظواهر واألفكار واألشياء لمفهوم ما صدق‪ ،‬وأن مفهوم الشيء أو الفكرة أو الظاهرة‪ ،‬أو األمر يعني بيان‬
‫وتوض يح جنس ون وع وفص ل وخاص ية وع رض ع ام للفك رة أو الظ اهرة أو األم ر‪ ،‬أم ا م ا ص دق األش ياء‬
‫واألفكار والظواهر واألمور‪ ،‬فهو بيان الصفات والخصائص المشتركة للشيء أو الفكرة أو الظاهرة أو األمر‪،‬‬
‫والتي تشكل مفهوم التصور(‪.)2‬‬

‫ولألشياء والظواهر واألفكار واألمور القانونية واإلدارية مفاهيم وما صدق وأحكام وآثار قانونية‪ ،‬لذا‬
‫يجب على الباحث العلمي أن يفتت ويقسم المشكلة الرئيسية أو الموضوع الرئيسي إلى أجزاء وفروع متساوية‬
‫أفقيا‪ ،‬ثم يقوم بتفتيت كل الموضوعات والمشاكل الفرعية والجزئية إلى عناصر ونقاط أقل تجزئة وتفريعا –‬
‫عمود‪ -‬وهكذا حتى يشمل التقسيم والتبويب كل األفكار والموضوعات والعناصر والخصائص والتفاصيل التي‬
‫يتكون منها هيكل بناء موضوع البحث العلمي(‪.)1‬‬

‫وأس س ومع ايير التقس يم الموض وعي والمنهجي والمنطقي ق د تك ون المفه وم واألحك ام‪ ،‬وق د تك ون‬
‫النظري والتطبيقي‪ ،‬وقد تكون نظم الدراسة المقارنة‪ ،‬وقد المراحل التاريخية المتعاقبة والمتواترة‪ ،‬وقد تكون‬
‫ت رتيب مص ادر النظ ام الق انوني واإلداري للش يء أو الفك رة أو الظ اهرة القانوني ة‪ ،‬الفق ه‪ ،‬القض اء‪ ،‬التش ريع‪-،‬‬
‫التأس يس والدس توري والق انون الع ادي بكاف ة فروع ه‪ ،‬ثم التش ريع التنظيمي (الل وائح اإلداري ة)‪ ،...‬وق د تك ون‬
‫أسس ومعايير التقسيم والتبويب الكل والجزء‪ ،‬واألصل والفرع‪ ،‬والعام والخاص‪ ،‬واألسبق والسابق والحاضر‬
‫والالحق من األشياء واألمور والظواهر القانونية واإلدارية محل الدراسة والبحث العلمي‪ ،‬فهذه بعض األمثلة‬
‫فق ط عن األس س والمع ايير الموض وعية والمنطقي ة والمنهجي ة لتقس يم وتب ويب موض وع البحث العلمي ال تي‬
‫(‪ )2()2‬انظر الدكتور فتحي السنيطي‪ ،‬أسس المنطق والمنهج العلمي‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،1970 ،‬ص ‪.60-52‬‬
‫(‪ )1()1‬الدكتور أحمد شلبي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.44-43‬‬
‫الدكتور عبد القادر الشيخلي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.54-49‬‬
‫‪- Simone Dreyfus, op, cit, pp, 146-149.‬‬
‫‪26‬‬
‫يكتشفها عقل وفكر الباحث العلمي بفعل فهمه العميق والواسع لموضوع البحث العلمي نتيجة مرحلة القراءة‬
‫والتفك ير والتأم ل‪ ،‬حيث تتول د لدي ه عبقري ة التمي يز والفص ل بين الفك رة الرئيس ية واألساس ية لموض وع البحث‬
‫العلمي‪ ،‬واألجزاء والفروع والعناصر الفرعية والجزئية والخاصة والتفصيلية‪.‬‬

‫فتقس يم وتب ويب موض وع البحث العلمي يجب أن يق وم ويس تند إلى أس س ومع ايير علمي ة وموض وعية‬
‫ومنطقية ومنهجية دقيقة وواضحة‪ ،‬ثم إعطاء كل فكرة أو موضوع أساسي أو ثانوي أصلي أو فرعي‪ ،‬عام أو‬
‫خاص كلي أو فرعي‪ ،‬عنوانا داال عليه وموحيا لمحتواه‪ ،‬ثم صبه ووضعه في قالب وأطار من أطر وقوالب‬
‫التقسيم والتبويب (قسم أو جزء أو باب أو فصل أو مبحث أو مطلب أو أوال وثانيا‪ ،‬أو أدب‪ ،‬أو ‪ 1‬و ‪.)... 2‬‬

‫‪ ‬رابعا‪ :‬أطر وقوالب التقسيم والتبويب‬

‫المقصود بأطر وقوالب وصور التقسيم والتبويب – هنا‪ -‬هو تحديد وتوزيع األطر والقوالب المنهجية‬
‫المعروفة للتقسيمات المختلفة التي تشملها خطة دراسة وبحث الموضوع‪ ،‬وهي األجزاء واألقسام‪ ،‬واألبواب‪،‬‬
‫والفص ول‪ ،‬والف روع‪ ،‬والمب احث‪ ،‬والمط الب‪ ،‬وأوال وثاني ا‪ ،...،‬في مي دان العل وم القانوني ة ال تي تتف رع وتتعق د‬
‫ظواهرها وأفكارها‪ ،‬بالقياس إلى فروع العلوم األخرى‪.‬‬

‫فهكذا بعد أ يحدد الباحث العنوان األساسي واألصلي لموضوع بحثه‪ ،‬وبعد التقديم والتمهيد له‪ ،‬وبعد‬
‫تقسيم الموضوع إلى العناصر التي يتكون منها‪ ،‬وحصرها أفقيا وعموديا يقوم بصبها وإ فراغها في القوالب‬
‫واألطر المنهجي ة المعروف ة في ميدان العلوم القانونية على وجه التخصيص‪ ،‬والتي تترتب وتتدرج وتسلسل‬
‫على النحو التالي‪ :‬األجزاء‪ ،‬األقسام‪ ،‬األبواب‪ ،‬الفصول‪ ،‬الفروع‪ ،‬المباحث‪ ،‬المطالب‪ ،‬أوال وثانيا وثالثا‪.)1(...،‬‬

‫وتتحكم في عملية تحديد نقطة البداية في اختيار األطر والقوالب المنهجية المعروفة في عالم القانون‬
‫–بصفة خاصة‪ -‬من حيث هل يبدأ الباحث باألجزاء‪ ،‬أو يبدأ باألقسام‪ ،‬أو يبدأ باألبواب‪ ،‬ثم يتسلسل ويتدرج‬
‫في بقية عقود أطر وقوالب التقسيم والتبويب‪ ،‬وهي المباحث‪ ،‬والفروع‪ ،‬والمطالب‪ ،‬وأوال وثانيا‪ ،‬و اوب‪ 1 ،‬و‬
‫‪ ،...2‬يتحكم في ذلك حجم وكمية ونوعية الدراس ة والبحث‪ ،‬من حيث الضخامة والصغر‪ ،‬والطول والقصر‪،‬‬

‫‪Simone Dreyfus, op, cit, pp, 155-168.‬‬


‫)‪(1)(1‬‬

‫‪.‬الدكتور عبد القادر الشيخلي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪- 54-53‬‬


‫‪27‬‬
‫واالتساع والضيق‪ ،‬كما يتحكم في ذلك عدد تقسيمات وعناصر وعناوين هيكل التقسيم والتبويب الذي توصل‬
‫إليه الباحث أثناء عملية تفتيت وتقسيم موضوع البحث‪.‬‬

‫هذه بعض الحقائق المتعلقة بعملية تقسيم وتبويب موضوع البحث العلمي‪.‬‬

‫‪ ‬المطلب الخامس‪ :‬مرحلة جمع وتخزين المعلومات‬

‫تتمحور مرحلة جمع وتخزين المعلومات حول عملية استنباط وانتقاء المعلومات والحقائق واألفكار‬
‫المتعلقة بموضوع البحث من شتى أنواع الوثائق والمصادر والمراجع المتصلة بالموضوع‪ ،‬وذلك وفقا لطرق‬
‫وإ جراءات تقنية ومنهجية دقيقة ومنظمة‪ ،‬تمهيدا لعملية كتابة وصياغة البحث وإ خراجه النهائي‪.‬‬

‫وعملي ة جم ع وتخ زين المعلوم ات هي عملي ة حيوي ة ومص يرية في إع داد البحث العلمي‪ ،‬حيث أنه ا‬
‫تجس د مس ألة س يطرة الب احث على العملي ة اإلعالمي ة المتعلق ة بموض وع البحث‪ ،‬حيث يجب على الب احث أن‬

‫‪28‬‬
‫يس تخلص ويلتق ط ك ل المعلوم ات والمع ارف والحق ائق المتص لة بالموض وع المتن اثرة في وث ائق ومص ادر‬
‫ومراج ع متنوع ة وعدي دة ومتفرق ة‪ ،‬ويحص رها كله ا بإيج از مرك ز ومقي د وم رتب في أوراق أو بطاق ات أو‬
‫ملفات منتظمة وكحدود جدا‪ ،‬حتى يمكنه استغاللها برشادة وبفاعلية في تحرير وصياغة البحث فيما بعد‪.‬‬

‫إن الباحث الذي يجمع العديد من الوثائق المختلفة‪ ،‬ويطلع بالقراءة على ألفكار والحقائق والمعلومات‬
‫الكثيرة يحت اج إلى عملية استخالص وجم ع وتخزين هذه الذخيرة والثروة من المعلومات والحقائق واألفكار‬
‫بطريق ة منظم ة ودقيق ة إلخض اعها للتحلي ل وال تركيب واالس تنتاج وفق ا لمنهج معين من من اهج البحث العلمي‬
‫السابقة البيان‪ ،‬وذلك أثناء مرحلة التحرير والصياغة‪.‬‬

‫ولتوض يح مرحل ة جم ع وتخ زين المعلوم ات‪ ،‬يجب بي ان أس اليب تخ زين المعلوم ات‪ ،‬وبي ان بعض‬
‫القواعد واإلرشادات لكيفية جمع المعلومات وحصرها وتسجيلها في وسائل خزن المعلومات وذلك على النحو‬
‫التالي‪:‬‬

‫أوال‪ :‬أساليب جمع وتخزين المعلومات‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬بعض القواعد واإلرشادات المتعلقة بكيفية جمع المعلومات وتسجيلها‪.‬‬

‫‪ ‬أوال‪ :‬أساليب جمع وخزن المعلومات‬

‫هن اك أس لوبان أساس يان لجم ع وتخ زين المعلوم ات المحص لة من مرحل تي جم ع الوث ائق والق راءة‬
‫والتفك ير‪ ،‬وهم ا أس لوب البطاق ات ‪ -Les fiches ou les cartes‬وأس لوب الملف ات‪ ،‬كم ا أس لوب ث انوي‬
‫وتكميلي دور استخدامه محدود جدا وهو أسلوب التصوير(‪.)1‬‬

‫أسلوب البطاقات‪:‬‬ ‫أ‪-‬‬

‫‪Simone Dreyfus, op, cit, pp 42-64.‬‬


‫)‪(1)(1‬‬

‫‪.‬الدكتور أحمد شلبي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪ ،47-45‬ص ‪- 79-75‬‬


‫‪.‬الدكتور عبد القادر الشيخلي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪- 24-23‬‬
‫‪29‬‬
‫يعتمد أسلوب البطاقات ‪ Les fiches ou les cartes‬في جمع وتخزين المعلومات على إعداد بطاقات‬
‫ص غيرة الحجم أو متوس طة الحجم‪ ،‬ق د تك ون ه ذه البطاق ات مع دة مس بقا ويتم الحص ول عليه ا من المكتب ات‬
‫والقرطاسيات أو يعدها الباحث بنفسه من ورق جيد(‪.)1‬‬

‫ثم يق وم بتنظيمه ا عن طري ق تص نيفها وترتيبه ا طبق ا ألج زاء وأقس ام وعن اوين خط ة تقس يم وتب ويب‬
‫موضوع البحث‪ ،‬ويشترط في البطاقات أن تكون متساوية الحجم‪ ،‬وتكون مجهزة للتسجيل والكتابة فيها على‬
‫وج ه واح د فق ط ووض ع مجموع ات البطاق ات المتجانس ة من حيث عنوانه ا الرئيس ي في ظ رف أو ص ندوق‬
‫خاص(‪.)2‬‬

‫ويجب أن يكتب في البطاق ة كاف ة المعلوم ات المتعلق ة بالوثيق ة أو المص در أو المرج ع ال ذي نقلت من ه‬
‫المعلومات واألفكار والحقائق‪ ،‬مثل اسم المؤلف‪ ، ،‬وعنوان الوثيقة‪ ،‬وبلد ودار اإلصدار والنشر‪ ،‬ورقم الطبعة‬
‫وتاريخها ورقم الصفحة أو الصفحات(‪.)3‬‬

‫ويجب أن يكتب في البطاق ة بخ ط واض ح‪ ،‬وت ترك فراغ ات الحتم االت تس جيل أفك اره مس تجدة ح ول‬
‫الموضوع‪.‬‬

‫ويتص ف أس لوب البطاق ات بالدق ة والتعقيدي ة والص عوبة في اس تعماله‪ ،‬بالقي اس إلى أس لوب الملف ات‪،‬‬
‫(‬
‫ولكن عملية المفاضلة في اختيار أي األسلوبين يجب اعتماده ترجع إلى اعتبارات وعوامل نفسية لدى الباحث‬
‫‪.) 4‬‬

‫أسلوب الملفات‪:‬‬ ‫ب‪-‬‬


‫أسلوب الملفات يتكون من غالف سميك ومعد الحتواء أوراق مثقوبة متحرك ة‪ ،‬فيقدم الباحث بتقسيم‬
‫الملف أو الملفات وفقا ألجزاء وأقسام خطة تقسيم وتبويب الموضوع المعتمدة (أقسام وأبواب وفصول وفروع‬

‫(‪ )1()1‬الدكتور أحمد شلبي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.76-75‬‬


‫‪ -‬الدكتور عبد القادر الشيخلي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.24-23‬‬
‫‪ -‬الدكتور أحمد بدر‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.183‬‬
‫(‪ )2()2‬الدكتور أحمد شلبي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪ ،45-44‬ص ‪.76-75‬‬
‫‪ -‬الدكتور أحمد بدر‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.183‬‬
‫(‪ )3()3‬الدكتور أحمد شلبي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.76‬‬
‫الدكتور عبد القادر الشيخلي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪ 24‬وانظر الرأي المخالف‪ ،‬والذي يقرر أفضلية أسلوب البطاقات في االستعمال‪،‬‬ ‫(‪)4 ()4‬‬

‫انظر في ذلك الدكتور أحمد بدر‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.183‬‬


‫‪30‬‬
‫ومباحث ومطالب وأوال وثانيا‪ ،‬و أ و ب‪ ،‬مع ترك فراغات الحتماالت اإلضافة وتسجيل معلومات مستجدة أو‬
‫احتماالت التغيير والتعديل(‪.)1‬‬

‫ويمتاز أسلوب الملفات بعدة مزايا بالقياس إلى أسلوب البطاقات أهمها(‪:)2‬‬

‫ميزة السيطرة الكاملة على معلومات الموضوع من حيث الحيز‪.‬‬ ‫‪-1‬‬


‫ميزة ضمان حفظ المعلومات المدونة وعدم تعرضها للفقد‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫ميزة المرونة‪ ،‬حيث يسهل على الباحث أن يعدل أو يغير أو يضيف في المعلومات‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫م يزة س هولة المراجع ة والمتابع ة من ط رف الب احث لم ا تم جمع ه وتخزين ه من المعلوم ات والحقائق‬ ‫‪-4‬‬
‫واألفكار‪.‬‬

‫هذا هما األسلوبان األساسيان لجمع وتخزين المعلومات من الوثائق والمصادر والمراجع‪ ،‬ويوجد إلى‬
‫جانبهم ا أس لوب التص وير كأس لوب اس تثنائي ج دا‪ ،‬حيث ينحص ر اس تعماله في الوث ائق ال تي تحت وي على‬
‫معلومات قيمة وهامة‪ ،‬ولكنها مكتوبة بصورة مختصرة ومركزة جدا(‪.)3‬‬

‫‪ ‬ثانيا‪ :‬بعض القواعد واإلرشادات حول كيفية جمع المعلومات وتسجيلها‬

‫إلى حقيقة دقة وصعوبة مرحلة جمع المعلومات وتخزينها‪ ،‬لذا يجب على الباحث أن يتسلح ويتزود‬
‫بمجموعات المبادئ واإلرش ادات والتوجيه ات التي تس اعده في جم ع أكبر وأنس ب كمية من المعلومات حول‬
‫موضوع البحث بطريقة منظمة وواضحة‪ ،‬ومن هذه القواعد واإلرشادات والتوجيهات‪:‬‬

‫حتمية الدقة والتعمق في فهم أراء ومحتويات الوثائق والفقهاء‪ ،‬والحرص واليقظة في التقاط وتسجيل‬ ‫‪-1‬‬
‫األراء واألفكار والحقائق في البطاقات أو الملفات مسنودة ومدعمة بالحجج الكافية(‪.)4‬‬

‫(‪ )1()1‬الدكتور أحمد شلبي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.77-76‬‬


‫‪ -‬الدكتور عبد القادر الشيخلي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.23‬‬
‫(‪ )2()2‬الدكتور عبد القادر الشيخلي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.24‬‬
‫وانظر الرأي المخالف الذي يقرر أفضلية أسلوب البطاقات‪ ،‬الدكتور أحمد بدر‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.193‬‬
‫)‪(3)(3‬‬
‫‪Simone Dreyfus, op, cit, pp, 61-62.‬‬
‫(‪ )4()4‬الدكتور أحمد شلبي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.76‬‬
‫‪31‬‬
‫يجب أن ينتفي الب احث بعناي ة ودق ة ويقظ ة م ا ه و ه ام وج وهري ومرتب ط بموض وع البحث من‬ ‫‪-2‬‬
‫المعلومات والحقائق واألفكار فقط‪ ،‬ويترك ما يعتبر حشوا وتزيدا(‪.)1‬‬
‫يجب أن ينتفي األفكار والحقائق األساسية والقائدة والوحية ببقية معلومات وأجزاء الموضوع(‪.)2‬‬ ‫‪-3‬‬
‫يجب اح ترام قواع د ومنط ق تص نيف وت رتيب البطاق ات أو الملف ات المس تخدمة في جم ع وخ زن‬ ‫‪-4‬‬
‫المعلومات(‪.)3‬‬
‫قاعدة احترام الترابط والتسلسل المنطقي بين المعلومات والحقائق واألفكار(‪.)4‬‬ ‫‪-5‬‬

‫هذه مرحلة جمع وخزن المعلومات استعدادا لمرحلة صياغة وتحرير البحث بأسلوب علمي ومنهجي‬
‫كامل‪.‬‬

‫‪ -‬الدكتور أحمد بدر‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.184‬‬


‫‪.Simone Dreyfus, op, cit, pp, 42-47 -‬‬
‫(‪ )1()1‬الدكتور أحمد شلبي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.76‬‬
‫(‪ )2()2‬الدكتور أحمد بدر‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.184‬‬
‫)‪(3)(3‬‬
‫‪Simone Dreyfus, op, cit, pp, 42-43.‬‬
‫(‪ )4()4‬الدكتور أحمد بدر‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.184‬‬
‫‪32‬‬
‫‪ ‬المطلب السادس‪ :‬مرحـلـة الكتـابـة‬

‫بع د مراح ل اختي ار الموض وع‪ ،‬جم ع الوث ائق والمص ادر والمراج ع‪ ،‬الق راءة والتفك ير والتأم ل تقس يم‬
‫تبويب موضوع البحث ومرحلة جمع وخزن المعلومات‪ ،‬تأتي المرحلة األخيرة والنهائية وهي مرحلة صياغة‬
‫وكتابة البحث في صورة نهائية‪.‬‬

‫وتتجس د عملي ة كتاب ة البحث العلمي في ص ياغة وتحري ر نت ائج الدراس ة والبحث‪ ،‬وذل ك وفق ا لقواع د‬
‫وأساليب وإ جراءات منهجية وعلمية ومنطقية دقيقة‪ ،‬وإ خراجه وإ عالمه بصور وأساليب واضحة وجيدة للقارئ‬
‫بهدف اقناعه بمضمون البحث العلمي المعد‪.‬‬

‫فعملية كتابة البحث العلمي تتضمن أهدافا معينة ومحددة‪ ،‬وتتكون من مجموعة من المقدمات والدعائم‬
‫يجب على الباحث احترامها وااللتزام بها أثناء مرحلة الكتابة‪ ،‬كما تحكم عملية كتابة وصياغة البحث العلمي‬
‫جملة من القواعد والمبادئ العلمية والمنهجية والمنطقية تقود وترشد الباحث إلى الطريقة العلمية والمنهجية‬
‫الصحيحة والواضحة والدقيقة والتي توصله في نهاية األمر تحقيق أهداف تحرير وصياغة نتائج بحثه العلمي‪.‬‬

‫فلبيان معنى ومضمون مرحلة كتابة البحث العلمي‪ ،‬يستوجب األمر التعرض إلى النقطتين التاليتين‪:‬‬

‫أوال‪ :‬أهداف كتابة البحث العلمي‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬مقومات كتابة البحث العلمي‪.‬‬

‫‪ ‬أوال‪ :‬أهداف كتابة البحث العلمي‬

‫تستهدف عملية كتابة وصياغة البحث العلمي‪ ،‬عدة أهداف علمية ومنهجية‪ ،‬أهمها األهداف التالية‪:‬‬

‫أهداف إعالن وإ عالم نتائج البحث العلمي‬ ‫أ‪-‬‬

‫‪33‬‬
‫إن اله دف األساس ي والج وهري من عملي ة ص ياغة وكتاب ة البحث العلمي ه و إعالم الق ارئ بطريق ة‬
‫علمية ومنهجية ومنطقية دقيقة ومنظمة عن مجهودات وكيفيات إعداد البحث وانجازه‪ ،‬وإ عالن النتائج العلمية‬
‫التي توصل إليها الباحث‪.‬‬

‫فكتابة وصياغة البحث العلمي‪ ،‬ال يستهدف التشويق وتحقيق اإلشباع والمتعة الفنية واألدبية والجمالية‬
‫واألخالقي ة ل دى الق ارئ كم ا تفع ل القص ص والرواي ات والمس رحيات والمق االت األدبي ة‪ ،‬ب ل تس تهدف كتاب ة‬
‫وصياغة البحث العلمي تحقيق عملية اإلعالم العلمي عن جهود ومراحل ونتائج عملية البحث العلمي التي قام‬
‫بها الباحث العلمي وأنجزها‪.)1(1‬‬

‫هدف عرض وإ عالن أراء وأفكار الباحث الشخصية‪:‬‬ ‫ب‪-‬‬

‫كما تستهدف عملية تحرير وصياغة البحث العلمي إعالم اجتهادات وآراء الباحث الشخصية مدعمة‬
‫باألسانيد والحجج المنطقية والعملية‪ ،‬وذلك بصورة منهجية مضبوطة ودقيقة وواضحة‪ ،‬وذلك إلبراز شخصية‬
‫(‪)2‬‬
‫الباحث العلمي الجديد في الموضوع محل الدراسة والبحث العلمي‪.‬‬

‫ج‪ -‬هدف استنباط واكتشاف النظريات والقوانين العلمية‬

‫وذلك عن طريق المالحظة العلمية ووضع الفرضيات العلمية المختلفة ودراستها وتحليلها وتقييمها‪،‬‬
‫بهدف استخراج نظريات قانونية أو قوانين علمية حول موضوع الدراسة والبحث العلمي وإ عالنها(‪.)3‬‬

‫‪ ‬ثانيا‪:‬مقومات كتابة البحث العلمي‬

‫‪ )1(1‬الدكتور فاخر عاقل‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.259‬‬


‫الدكتور أحمد بدر‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.394‬‬
‫وانظر في أهداف القصص والروايات والمسرحيات والمقاالت األدبية‪ ،‬ويلبر‪ ،‬س‪ .‬سكوت‪.‬‬
‫‪Simone Dreyfus, op, cit, pp 66-67- Wilber Scott -‬‬
‫خمس مداخيل إلى النقد األدبي‪ ،‬ترجمة عناد غزوان اسماعيل‪ ،‬وجعفر صادق الخليلي‪ ،‬بغداد‪ ،‬دار الرشيد للنشر‪،1981 ،‬‬
‫(‪ )2()2‬الدكتور فاخر عاقل‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.259‬‬
‫‪Simone Dreyfus, op, cit, pp 67-68-‬‬
‫‪.Simone Dreyfus, op, cit, pp, 68-71 -‬‬
‫(‪ )3()3‬الدكتور فاخر عاقل‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.260-257‬‬
‫‪34‬‬
‫لكتاب ة وص ياغة البحث العلمي‪ ،‬كتاب ة وص ياغة علمي ة ومنطقي ة ناجح ة‪ ،‬وبطريق ة علمي ة س ليمة‪،‬‬
‫وأس لوب علمي ممت از‪ ،‬من أج ل تحقي ق أه داف البحث العلمي الس ابقة البي ان‪ ،‬الب د من ت وفر مقوم ات كتاب ة‬
‫وصياغة البحث العلمي الجيد‪ ،‬واحترامها وااللتزام بها من طرف الباحث العلمي‪.‬‬

‫ومن أهم مقوم ات كتاب ة البحث العلمي‪ ،‬تحدي د واعتم اد منهج – البحث العلمي المعروف ة وتطبيق ه في‬
‫الدراس ة والبحث‪ ،‬واألس لوب العلمي والمنهجي الجي د‪ ،‬واح ترام ق انون االقتب اس‪ ،‬وق انون االس ناد والتوثي ق‬
‫واألمان ة العلمي ة‪ ،‬ووج ود وظه ور شخص ية الب احث‪ ،‬ومق دم الخل ق والتجدي د واالبتك ار الجدي د في موض وع‬
‫البحث العلمي‪.‬‬

‫وبهدف توضيح مقومات كتابة وصياغة البحث العلمي بصورة جيدة ودقيقة وأكثر عمقا‪ ،‬يتطلب األمر‬
‫عرض وتفسير كل مقوم من هذه المقومات‪ ،‬وذلك على النحو التالي‪:‬‬

‫تحديد وتطبيق منهج البحث العلمي المعتمدة في الدراسة والبحث‪.‬‬ ‫أ‪-‬‬


‫األسلوب في كتابة وصياغة البحث العلمي‪.‬‬ ‫ب‪-‬‬
‫ج‪ -‬قوانين االقتباس‪.‬‬

‫د‪ -‬قواعد اإلسناد وتوثيق الهوامش‪.‬‬

‫هـ‪ -‬األمانة العلمية‪.‬‬

‫و‪ -‬اإلبداع واالبتكار والخلق والتجديد واإلضافة‪.‬‬

‫تحديد وتطبيق منهج البحث العلمي المعتمدة في الدراسة والبحث‬ ‫أ‪-‬‬


‫من المقومات الجوهرية واألساسية لكتابة وصياغة البحث العلمي بصورة جيدة وعلمية تطبيق منهج‬
‫أو أكثر من مناهج البحث العلمي‪ ،‬وااللتزام بمبادئها ومراحلها وقوانينها وأدواتها‪ ،‬بدقة وصرامة‪ ،‬حتى يصل‬
‫ببحثه العلمي إلى النتائج العلمية الصحيحة بطريقة منتظمة ودقيقة وواضحة‪.‬فلقد سبقت محاولة تحديد وتعريف‬
‫مع نى المنهج العلمي‪ ،‬باعتب اره حس ن الس ير بالعق ل للبحث عن الحقيق ة في العل وم(‪ ،)1‬أو باعتب اره‪":‬الطري ق‬

‫(‪ )1()1‬تعريف ديكارت‪ ،‬ورد هذا التعريف في مؤلف الدكتور عبد الرحمان بدوي السابق االشارة‪ ،‬ص ‪.4‬‬
‫‪35‬‬
‫الم ؤدي إلى الكش ف عن الحقيق ة في العل وم بواس طة طائف ة من القواع د العام ة تهيمن على س ير العق ل وتح دد‬
‫عملياته حتى يصل إلى نتيجة معلومة"(‪.)2‬‬

‫وق د س بق التع رف على من اهج البحث العلمي وهي المنهج االس تداللي‪ ،‬المنهج التجري بي‪ ،‬المنهج‬
‫الدياليكتيكي " الجدلي" والمنهج التاريخي‪.‬‬

‫فتطبيق منهج أو أكثر من مناهج البحث العلمي في عملية إعداد البحث العلمي‪ ،‬يعتبر مقوم جوهري‬
‫وحيوي للكتابة والصياغة العلمية الصحيحة والجيدة للبحث العلمي‪ ،‬حيث يسير الباحث وينتقل بطريقة علمية‬
‫ومنهجية منتظمة ودقيقة في ترتيب وتحليل وتركيب وتفسير الحقائق واألفكار العلمية‪ ،،‬حتى يصل إلى النتائج‬
‫العلمية النهائية لبحثه بطريقة مؤكدة ومضمونة‪.‬‬

‫فهك ذا يؤدي المنهج االستداللي بك ل نظام ه‪ ،‬ومبادئ ه "المب دهيات‪ ،‬المص ادرات‪ ،‬والتعريف ات"‪ ،‬وأدوات ه‬
‫"القي اس‪ ،‬التج ريب العقلي‪ ،‬وال تركيب"‪ ،‬وتط بيق المنهج التجري بي بكاف ة خطوات ه (خط وة التعري ف‪ ،‬خط وة‬
‫التحليل‪ ،‬وخطوة التركيب)‪ ،‬وعناصر أو مقوماته (المالحظة العلمية‪ ،‬ووضع الفرضيات العلمية‪ ،‬والتجريب‬
‫العلمي)‪ ،‬وتط بيق المنهج الج دلي "ال دياليكتيكي" بك ل قوانين ه العلمي ة ( ق انون التح ول من التغ يرات الكمي ة إلى‬
‫التغيرات الكيفية والنوعية‪ ،‬قانون وحدة وصراع االضداد‪ ،‬وقانون نفي النفي)‪.‬وتطبيق المنهج التاريخي بكافة‬
‫عناصره‪ ،‬ومراحله األساسية (عنصر ومرحلة تحديد المشكلة العلمية التاريخية‪ ،‬عنصر ومرحلة جمع وحصر‬
‫الوث ائق العلمي ة التاريخي ة‪ ،‬عنص ر ومرحل ة نق د وتق ييم الوث ائق العلمي ة التاريخي ة‪ ،‬وعنص ر ومرحل ة عملي ة‬
‫التركيب والتفسير التاريخي)‪.‬‬

‫يؤدي تطبيق منهج أو مناهج البحث العلمي هذه بدقة وصرامة من طرف الباحث العلمي إلى اكتساب‬
‫عملي ة الص ياغة والكتاب ة في البحث العلمي مزاي ا الدق ة والوض وح والعلمي ة والمنطقي ة والموض وعية‪ ،‬وفت‬
‫ت رتيب وتوض يح الحق ائق واألفك ار العلمي ة المتعلق ة بموض وع البحث العلمي‪ ،‬ي وفر ض مانات الس ير المتناس ق‬
‫والمنتظم والدقيق والواضح في بحث وتحليل وتركيب وصياغة وتحرير البحث عبر أجزائه المختلفة‪.‬‬

‫األسلوب في كتابة البحث العلمي‪:‬‬ ‫ب‪-‬‬

‫(‪ )2()2‬تعريف الدكتور عبد الرحمان بدوي‪ ،‬السابق‪ ،‬ص ‪.5‬‬


‫‪36‬‬
‫األسلوب في صياغة وتحرير البحوث العلمية‪ ،‬له مفهوم أوسع من المفهوم اللغوي لألسلوب في‬
‫النظرية األدبية‪ ،‬حيث يتضمن مدلول األسلوب –هنا‪ -‬العديد من العناصر والخصائص حتى يكون أسلوبا‬
‫علمي ا مفيدا وداال وإ عالمي ا موضوعيا‪ ،‬مث ل س المة اللغة وفنيته ا ودقتها وس المتها ووضوحها‪ ،‬واإليجاز‬
‫والترك يز ال دال والمفي د‪ ،‬وع دم التك رار‪ ،‬والق درة على تنظيم المعلوم ات واألفك ار والحق ائق العلمي ة‪،‬‬
‫وعرضها وإ عالمها بطريقة منطقية وفق أنماط وأسس ومقاييس محددة‪ ،‬والدقة والوضوح والتحديد والبعد‬
‫عن الغم وض واإلبه ام والعمومي ة في الع رض‪ ،‬وت دعيم األفك ار والحق ائق والفرض يات المعروض ة ب أكبر‬
‫وأق وى األدل ة القوي ة والمناس بة‪ ،‬والتماس ك والتسلس ل والتناس ق بين أج زاء وف روع وعناص ر الموض وع‪،‬‬
‫وكذا قوة وجودة الربط في عمليات االنتقال من كلمة إلى كلمة ومن جملة إلى جملة‪ ،‬ومن فقرة إلى فقرة‪،‬‬
‫ومن موضوع إلى موضوع‪ ،‬ومن فكرة إلى أخرى‪ ،‬ومن دليل إلى آخر ومن جزء أو فرع إلى آخر من‬
‫أجزاء وفروع موضوع البحث العلمي(‪.)1‬‬

‫فأس لوب كتاب ة ص ياغة البح وث العلمي ة بطريق ة موض وعية ومنطقي ة جي دة وس ليمة يش تمل على العناص ر‬
‫التالية‪:‬‬

‫اللغة الفنية المتخصصة السليمة والقوية في داللتها ومعانيها وتركيبها(‪.)1‬‬ ‫‪-1‬‬


‫االتج اه والترك يز المباشر ح ول حق ائق وأفك ار وفرض يات الموضوع مح ل الدراس ة والبحث‪ ،‬بتعابير‬ ‫‪-2‬‬
‫موجزة ومركزة ودالة‪ ،‬والبعد تماما عن األسلوب الخطابي واإلطناب والمبالغة في عرض الفرضيات‬
‫والحقائق واألفكار المتعلقة بموضوع البحث(‪.)2‬‬
‫حسن وفن تنظيم المعلومات والحقائق واألفكار العلمية المتعلقة بموضوع البحث العلمي عند عرض ها‬ ‫‪-3‬‬
‫على أسس ومعايير منطقية وعلمية منهجية موضوعية(‪.)3‬‬

‫(‪ )1()1‬الدكتور احمد شلبي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪ ،17-16‬ص ‪.95‬‬


‫الدكتور أحمد بدر‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.397-394‬‬
‫الدكتور فاخر عاقل‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.269-267‬‬
‫الدكتور عبد القادر الشيخلي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.81-63‬‬
‫(‪ )1()1‬الدكتور أحمد شلبي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.99-90‬‬
‫الدكتور عبد القادر الشيخلي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.63‬‬
‫(‪ )2()2‬الدكتور أحمد بدر‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.395‬‬
‫(‪ )3()3‬الدكتور أحمد بدر‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.396-395‬‬
‫الدكتور عبد القادر الشيخلي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.65-64‬‬
‫‪37‬‬
‫الدقة والتماسك والتناسق الجيدين عناصر وأجزاء وفروع الموضوع(‪.)4‬‬ ‫‪-4‬‬
‫تسلس ل وتراب ط عملي ة االنتق ال بين الكلم ات والجم ل والفق رات واألفك ار‪ ،‬والحق ائق وأج زاء وف روع‬ ‫‪-5‬‬
‫موضوع البحث(‪.)5‬‬
‫البساطة والوضوح والدقة في عرض األفكار والحقائق والمعلومات واالبتعاد عن كافة مظاهر التعقيد‬ ‫‪-6‬‬
‫واإلبهام والغموض واالستطراد(‪.)6‬‬
‫التك ييف واالس ناد والت دليل الق وي والمنتظم للحق ائق واألفك ار والمعلوم ات والفرض يات العلمي ة‬ ‫‪-7‬‬
‫المعروضة والمتعلقة بموضوع البحث العلمي(‪.)7‬‬
‫تالفي التك رار والحش و واالطن اب والتن اقض في الص ياغة والع رض ألفك ار وحق ائق ومعلوم ات‬ ‫‪-8‬‬
‫موضوع البحث العلمي(‪.)8‬‬
‫هذه بعض عناصر وخصائص األسلوب العلمي الجيد والسليم الالزم لصياغة وكتابة البحث العلمي‪.‬‬

‫ج‪ -‬قواعد االقتباس‪:‬‬

‫كث يرا م ا ينق ل الب احث ويقتبس نص وص وأحك ام رس مية أو أراء وأفك ار اآلخ رين به دف اس ناد وتأس يس‬
‫وتدعيم فرضياته وآرائه العلمية‪ ،‬أو بغرض نقدها وتحليلها وتقييمها‪ ،‬أو بغاية بيان اآلراء واألفكار واألحكام‬
‫المختلفة والمتعارضة بخصوص الموضوع محل الدراسة والبحث(‪.)1‬‬

‫(‪ )4()4‬الدكتور فاخر عاقل‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.268‬‬


‫الدكتور عبد القادر الشيخلي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.71-70‬‬
‫(‪ )5()5‬الدكتور عبد القادر الشيخلي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.65-64‬‬
‫الدكتور أحمد شلبي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.17-16‬‬
‫(‪ )6()6‬الدكتور فاخر عاقل‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.268‬‬
‫الدكتور أحمد شلبي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.17‬‬
‫(‪ )7()7‬الدكتور أحمد بدر‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.397-395‬‬
‫الدكتور أحمد شلبي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.17-16‬‬
‫الدكتور عبد القادر الشيخلي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.71-70‬‬
‫(‪ )8()8‬الدكتور عبد القادر الشيخلي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.81-79‬‬
‫(‪ )1()1‬الدكتور عمار بوحوش‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.48‬‬
‫الدكتور أحمد شلبي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.99‬‬
‫الدكتور عبد القادر الشيخلي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.68-67‬‬
‫‪.Simone Dreyfus, op, cit, pp, 193-195‬‬
‫‪38‬‬
‫ولكي تتحق ق عملي ة االقتب اس ه ذه‪ ،‬وتحق ق أه دافها في نط اق ح دود أخالقي ات النزاه ة والموض وعية‪،‬‬
‫واألمان ة العلمي ة‪ ،‬وتأكي د وج ود الكف اءة والشخص ية العلمي ة للب احث العلمي‪ ،‬توج د مجموع ة من الض وابط‬
‫والقواعد المنهجية‪ ،‬يجب على الباحث العلمي احترامها والتقيد بها عند القيام بعملية االقتباس(‪.)2‬‬

‫‪ ‬بعض اإلرشادات والقواعد المتعلقة بعملية االقتباس‪:‬‬

‫هناك بعض القواعد واإلرشادات تتعلق بعملية االقتباس في البحوث العلمية يتطلب من الباحث العلمي‬
‫وااللتزام بها بدقة وعناية‪ ،‬حتى يستفيد –علميا‪ -‬من عملية االقتباس‪ ،‬وحتى تتم عملية االقتباس هذه بصورة‬
‫مشروعة وسليمة وموضوعية‪.‬‬

‫ومن هذه القواعد واإلرشادات ما يلي‪:‬‬

‫الدقة والفطنة التامة في فهم القواعد واألحكام والفرضيات العلمية وآراء الغير المراد اقتباسها(‪.)3‬‬ ‫‪‬‬
‫عدم التسليم واالعتقاد بأن القواعد واألحكام والفرضيات واآلراء هي حجج ومسلمات مطلقة ونهائية‬ ‫‪‬‬
‫بخص وص الموض وع‪ ،‬ب ل يجب اعتباره ا دائم ا أنه ا مج رد فرض يات تتطلب عملي ة التج ريب والنق د‬
‫والتحليل والتقييم(‪.)4‬‬
‫الدقة والجدية والموضوعية في اختيار ما يقتبس منه‪ ،‬وما يقتبس‪ ،‬يوصي ويطلب من الباحث العلمي‬ ‫‪‬‬
‫دائما أن يختار العينات الجديرة باالقتباس في البحوث العلمية‪ ،‬أي أن يختار األفكار واألحكام واآلراء‬
‫والمواقف األصلية والقيمة‪ ،‬والتي تعتبر حجة علمية جوهرية‪ ،‬مثل النص القانوني‪ ،‬والحكم القضائي‬
‫والوث ائق األص لية في الموض وع‪ ،‬وآراء وأفك ار ونظري ات الفقه اء والعلم اء الكب ار وال ذين يعت برون‬
‫حجة علمية في ميدان تخصصهم العلمي المتعلق بالموضوع محل الدراسة والبحث(‪.)1‬‬
‫الفطنة والدقة والعناية الكاملة أثناء عملية النقل واالقتباس‪ ،‬وتجنب األخطاء والهفوات في عملية النقل‬ ‫‪‬‬
‫واالقتباس هذه(‪.)2‬‬

‫(‪ )2()2‬الدكتور عمار بوحوش‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.68-48‬‬


‫الدكتور أحمد شلبي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.102-99‬‬
‫(‪ )3()3‬الدكتور أحمد شلبي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.15‬‬
‫(‪ )4()4‬الدكتور أحمد شلبي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.15‬‬
‫(‪ )1()1‬الدكتور أحمد شلبي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.99‬‬
‫(‪ )2()2‬الدكتور أحمد شلبي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.100-99‬‬
‫‪39‬‬
‫حس ن االنس جام والتواف ق بين المقتبس وبين م ا يتص ل ب ه‪ ،‬وتحاش ي ع وام التن افر والتع ارض وع دم‬ ‫‪‬‬
‫االنسجام بين العينات المقتبسة وسياق الموضوع المتصل بها(‪.)3‬‬
‫عدم التطويل والمبالغة في االقتباس‪ ،‬والحد األقصى المتفق هو أال يتجاوز االقتباس الحرفي المباشر‬ ‫‪‬‬
‫على ستة أسطر(‪.)4‬‬
‫عدم ذوب ان واختف اء شخص ية الب احث العلمي بين ثناي ا االقتباس ات‪ ،‬ب ل الب د من تأكيد وجود شخصية‬ ‫‪‬‬
‫الباحث العلمية أثناء عملية االقتباس ذاتها‪ ،‬عن طريق دقة وحسن االقتباس‪ ،‬والتقديم والتعليق‪ ،‬والنقد‬
‫والتقييم للعينات المقتبسة‪.‬‬
‫ه ذه بعض اإلرش ادات والتوجيه ات والقواع د المرش دة للب احث أثن اء القي ام بعملي ة االقتب اس أثن اء تحري ر‬
‫وصياغة بحثه‪.‬‬

‫‪ ‬كيفيات وضوابط عملية االقتباس‪:‬‬

‫النقل واالقتباس نوعان‪ ،‬نقل واقتباس حرفي ومباشر‪ ،‬ونقل واقتباس غير مباشر غير حرفي يعتمد‬
‫على نقل األفكار واآلراء والفرضيات ولكن تعاد صياغة بأسلوب ولغة الباحث(‪.)5‬‬

‫وفي حال ة االقتب اس الح رفي والمباش ر للعين ة المقتبس ة‪ ،‬س واء ك انت نص ق انوني رس مي‪ ،‬أو حكم‬
‫قض ائي‪ ،‬أو رأي فقهي‪،‬يجب أن ينق ل بعناي ة ودق ة – كم ا س بقت اإلش ارة إلى ذل ك‪ -‬ويكتب بين قوس ين "بين‬
‫ظفرين"‪ ،‬وبطريقة واضحة وبشكل مختلف ومتميز عن سياقة كتابة الموضوع‪ ،‬كأن يكتب في وسط الصفحة‪،‬‬
‫وبح روف ص غيرة ج دا‪ ،‬وفي س طور ج د متقارب ة‪ ،‬وي رقم االقتب اس ثم يش ار في اله امش إلى كاف ة المعلوم ات‬
‫المتعلق ة بالمص در المقتبس من ه‪ ،‬وفق ا لقواع د وإ ج راءات اإلس ناد وتوثي ق الوث ائق والمص ادر والمراج ع‪ ،‬ال ذي‬
‫(‪ )1‬وهذا مثال يجسد معنى الفقرة السابقة‪.‬‬
‫سيأتي شرحه بعد قليل‬

‫الدكتور عبد القادر الشيخلي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.74-72‬‬


‫الدكتور أحمد شلبي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.100‬‬
‫(‪ )3()3‬الدكتور عبد القادر الشيخلي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.74-72‬‬
‫(‪ )4()4‬الدكتور أحمد شلبي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.100‬‬
‫(‪ )5()5‬الدكتور عمار بوحوش‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.48‬‬
‫(‪ )1()1‬المادة السادسة من الدستور الجزائري‪ ،‬الصادر ‪.1976‬‬
‫‪40‬‬
‫الميثاق‬ ‫"الميثاق الوطني هو المصدر األساسي لسياسة األمة وقوانين الدولة وهو المصدر األيديولوجي والسياسي المعتمد لمؤسسات الحزب والدولة على جميع المستويات‪.‬‬

‫الوطني مرجع أساسي أيضا ألي تأويل ألحكام الدستور"(‪.)2‬‬

‫و" إن مس ؤولية األب تق وم على أس اس خط أ مف ترض في ه‪ ،‬إن ه أهم ل مراقب ة وتربي ة ول ده‪ ،‬وال تس قط‬
‫هذه القرينة إال إذا أثبت أنه قام بواجب الرعاية والتوجيه‪...‬‬

‫أم ا في االقتب اس غ ير الح رفي وغ ير المباش ر‪ ،‬ف إن الب احث مطل وب من ه ص ياغة اآلراء واألفك ار‬
‫والفرض يات ال تي اقتبس ها‪ ،‬بأس لوبه الخ اص‪ ،‬وأن يس ند ويش ير في اله امش إلى أص حاب ه ذه اآلراء واألفك ار‬
‫والفرض يات ومص ادرها‪ ،‬وذل ك وفق ا لقواع د وإ ج راءات اإلس ناد وتوثي ق اله وامش‪ ،‬ودون وض ع العين ات‬
‫المقتبسة بين قوسين أو ظفرين‪ ،‬كما هو الحال في االقتباس المباشر والحرفي(‪.)3‬‬

‫د‪ -‬قواعد اإلسناد وتوثيق الوثائق في الهوامش‪:‬‬

‫المقص ود –هن ا‪ -‬بقواع د اإلس ناد وتوثي ق الوث ائق‪ ،‬من وث ائق ب المعنى الخ اص الض يق‪ ،‬ومص ادر‪،‬‬
‫ومراج ع في اله وامش‪ ،‬ه و إس ناد وإ لح اق المعلوم ات المقتبس ة اقتباس ا مباش را وحرفي ا أو اقتباس ا غ ير مباش ر‬
‫وغ ير ح رفي إلى أص حابها األص ليين‪ ،‬وبي ان الوث ائق ال تي وج دت فيه ا ه ذه المعلوم ات‪ ،‬وذل ك في اله وامش‬
‫ووفقا للقواعد واألساليب المنهجية المقررة لذلك‪.‬‬

‫فم ا دامت البح وث والدراس ات العلمي ة هي مجموع ة معلوم ات مس تقاة من مختل ف الوثائق والمص ادر‬
‫والمراج ع بالدرج ة األولى‪ ،‬وليس ت مث ل المق االت العلمي ة واألدبي ة ال تي تعت بر عن اآلراء الشخص ية لكاتبيه ا‪،‬‬
‫فإنه البد من استخدام قواعد اإلسناد وتوثيق الوثائق في الهوامش طبقا لقواعد وأساليب المنهجية الحديثة في‬
‫توثيق الوثائق وتنظيم الهوامش عند كتابة البحث العلمي‪.‬‬

‫فهكذا يجب على الباحث عندما يعتمد ويقتبس معلومات أو أفكار وحقائق من وثائق ومصادر ومراجع‬
‫مختلفة‪ ،‬أن يوضع في نهاية االقتباس رقما في متن الصفحة‪ ،‬ثم يعطي في الهامش كافة المعلومات المتعلقة‬

‫حكم الغرف ة المدني ة ب المجلس األعلى‪ ،‬الص ادر بت اريخ ‪ 2‬م ارس ‪ 1983‬في القض ية رقم ‪ ،30064‬مجل ة نش رة القض اة‪ ،‬الص ادرة عن‬ ‫(‪)2 ()2‬‬

‫وزارة العدل الجزائرية‪ ،‬العدد الثالث جويلية ‪ ،1985‬ص ‪.62‬‬


‫(‪ )3()3‬الدكتور عمار بوحوش‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.48‬‬
‫الدكتور فاخر عاقل‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.263‬‬
‫‪41‬‬
‫بهذه الوثائق‪ ،‬مثل اسم المؤلف‪ ،‬وعنوان الوثيقة‪ ،‬وبلد ومدينة الطبع والنشر‪ ،‬ثم رقم الطبعة‪ ،‬وتاريخها‪ ،‬ورقم‬
‫الصفحة التي توجد فيها المعلومات المقتبسة‪ ...‬وهكذا(‪.)1‬‬

‫ونظ را الختالف أن واع الوث ائق ال تي تحت وي على المعلوم ات المتعلق ة بموض وع البحث‪ ،‬من مؤلف ات‬
‫وكتب عام ة‪ ،‬ومق االت علمي ة منش ورة في مجالت دوري ة‪ ،‬ووث ائق رس مية‪ ،‬ورس ائل وأبح اث الماجس تير‬
‫والدراس ات العلي ا وال دكتوراة‪ ،‬ونظ را الختالف ح االت االقتب اس‪ ،‬مث ل تع دد االقتب اس من وثيق ة واح دة ع دة‬
‫م رات‪ ،‬واالقتب اس من أك ثر من وثيق ة واح دة ل ذات المعلوم ات‪ ،‬ف إن قواع د وكيفي ات اإلس ناد وتوثي ق الوث ائق‬
‫والمصادر والمراجع في الهوامش تختلف من حالة إلى حالة أخرى(‪.)2‬‬

‫اإلسناد وتوثيق الهوامش في حالة االقتباس من المؤلفات والكتب العامة‪:‬‬ ‫‪-1‬‬


‫هن ا الب د من ذك ر المعلوم ات التالي ة والمتعلق ة بالكت اب أو المؤل ف الع ام‪ ،‬ال ذي نقلت واقتبس ت من ه‬
‫المعلومات‪:‬‬

‫اسم الكاتب أو المؤلف‬ ‫‪‬‬


‫عنوان المؤلف أو الكتاب‬ ‫‪‬‬
‫بلد ومدينة ودار الطبع والنشر‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫عدد الطبعة‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫تاريخ الطبعة‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫رقم الصفحة أو الصفحات‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫مثال ذلك‪:1‬‬

‫هن اك ثالث ة ط رق لوض ع األرق ام في المتن واله امش‪ ،‬الطريق ة األولى‪ ،‬تتض من ت رقيم متسلس ل األرق ام خ اص بك ل ص فحة على ح دة‪،‬‬ ‫((‪)1‬‬

‫والطريقة الثانية تجعل تسلسل األرقام خاص بكل فصل أو باب‪ ،‬والطريقة الثالثة‪ ،‬تجعل أرقام الهوامش تبدأ مع بداي ة البحث ثم بتسلسل‬
‫حتى نهاية البحث‪،‬وتعتبر الطريقة األولى أوضح وأسهل وأبسط‪ ،‬أنظر الدكتور أحمد شلبي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.113-112‬‬
‫(‪ )2()2‬الدكتور عمار بوحوش‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.69-52‬‬
‫الدكتور أحمد شلبي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.120-111‬‬
‫الدكتور عبد القادر الشيخلي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.59-56‬‬
‫الدكتور أحمد بدر‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.191-188‬‬
‫‪.Simone Dreyfus, op, cit, pp, 24-42‬‬
‫‪42‬‬
‫‪ /1‬يوسف نجم جبران‪ ،‬درسات في القانون‪ ،‬لبنان‪ ،‬بيروت‪ ،‬دار الثقافة‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،1962 ،‬ص ‪ 7‬وما‬
‫بعدها‬

‫‪.J.M Auby, droit administratif, Paris, Sirey, 1957, P19 et S‬‬

‫هذا في حالة ذكر المرجع أو المصدر ألول مرة‪ ،‬وفي حالة استخدام ذات المرجع ولنفس المؤلف فإنه يكتفي‬
‫بذكر المرجع على النحو التالي(‪.)1‬‬

‫‪ /2‬يوسف نجم جبران‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬أو المرجع السابق الذكر‪ ،‬ص ‪.20‬‬

‫‪.J.M Auby, op, cit, p31‬‬

‫اصطالح ‪ op. cit‬أي ‪In the work cited opero citato‬‬

‫ما سبق ذكره‪ ،‬كما قد يستعمل باللغة األجنبية المختصر ‪ IBID‬ومعناه في ذات المكان‪.‬‬

‫وإ ذا م ا اس تخدمت ع دة كتب أو مؤلف ات لك اتب واح د‪ ،‬ف إن األم ر يتطلب ذك ر عن وان ك ل كت اب على‬
‫حدة في كل مرة يستخدم فيها اسم الكاتب الذي اعتمد عليه في نقل المعلومات‪ .‬وذلك قبل ذكر عبارة المرجع‬
‫الس ابق‪ ،‬وذل ك لتجنب الخ ط والغم وض في تحدي د الكت اب ال ذي تض من المعلوم ات المقتبس ة من بيت الكتب‬
‫المتنوعة المختلفة لكاتب واحد(‪.)2‬‬

‫اإلسناد وتوثيق الهوامش في حالة االقتباس من مقال منشور في مجلة دورية‪:‬‬ ‫‪-2‬‬

‫وفي حال ة االقتب اس من مق ال علمي متخص ص منش ور في دوري ة من ال دوريات‪ ،‬ف إن عملي ة ت رتيب‬
‫المعلومات وتوثيق الهامش تكون كالتالي‪:‬‬

‫(‪ )1()1‬الدكتور أحمد شلبي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.58-57‬‬


‫الدكتور عمار بوحوش‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.58-57‬‬
‫الدكتور أحمد بدر‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.190-189‬‬
‫(‪ )2()2‬الدكتور أحمد شلبي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.119-117‬‬
‫الدكتور عمار بوحوش‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.59‬‬
‫الدكتور عبد القادر الشيخلي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.58‬‬
‫‪43‬‬
‫اسم المؤلف أو الكاتبن عنوان المقال بين قوسين‪ ،‬المجلة‪ ،‬وتحتها خط‪ ،‬ثم اسم الهيئة التي تصدرها‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫بلد ومدينة ودار الطبع والنشر‪ ،‬والسنة ورقم العدد‪ ،‬ثم تاريخ ورقم الصفحة أو الصفحات الموجودة‬
‫فيها المعلومات المقتبسة‪ ،‬مثال ذلك(‪:)1‬‬
‫وإ ذا ما تكرر استخدام ذات المقال‪ ،‬ولنفس الكاتب‪ ،‬فإنه يكتب اسم الكاتب‪ ،‬ثم تذكر عبارة المقال السابق‪،‬‬
‫المرجع السابق‪ ،‬ص؟‪.‬‬

‫اإلس ناد وتوثي ق اله وامش في االقتب اس من أبح اث ورس ائل الماجس تير والدراس ات العلي ا وال دكتوراة‬ ‫‪-3‬‬
‫غير منشورة‪:‬‬

‫أما في حالة االقتباس واالستفادة من المعلومات المتعلقة بموضوع البحث والموجودة في أبحاث علمية‬
‫أكاديمية‪ ،‬جامعية متخصصة‪ ،‬وفي صورة أبحاث ورسائل لنيل درجات وألقاب علمية‪ ،‬مثل أبحاث ورسائل‬
‫دبلوم ات الدراس ات العلي ا‪ ،‬والماجس تير‪ ،‬وال دكتوراة ب اختالف أنواعه ا‪ ،‬ف إن عملي ة اإلس ناد وتوثي ق اله وامش‬
‫بشأنها‪ ،‬فإنها تكون كالتالي(‪:)2‬‬

‫اسم الباحث مقدم البحث او الرسالة‪.‬‬ ‫‪‬‬


‫عنوان البحث أو الرسالة ويوضع تحته خط‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫بيان صورة البحث من حيث هل هو بحث دبلوم الدراسات العليا‪ ،‬أو بحث لنيل درجة الماجستير أو‬ ‫‪‬‬
‫لنيل درجة الدراسات المعمقة‪ ،‬أو رسالة دكتوراة الدرجة الثالثة‪ ،‬أو رسالة دكتوراه دولة‪ ،‬ثم ذكر اسم‬
‫الجامعة والكلية او المعهد أو األكاديمية التي تم إعداد ومناقشة البحث أو الرسالة بها‪.‬‬
‫تاريخ المناقشة‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫ثم رقم الصفحة أو أرقام الصفحات(‪.)3‬‬ ‫‪‬‬

‫ال دكتور عواب دي عم ار‪" ،‬عملي ة اتخ اذ الق رارات اإلداري ة بين علم اإلدارة العام ة والق انون اإلداري" المجلة الجزائري ة للعل وم القانوني ة‬ ‫(‪)1 ()1‬‬

‫واإلدارية‪ ،‬المجلد العدد‪ ،2‬جوان ‪ ،1985‬ص ‪ 454‬وما بعدها‪.‬‬


‫)‪(2)(2‬‬
‫‪Simone dreyfus, op, cit, pp. 33-34.‬‬
‫)‪(3)(3‬‬
‫‪Simone dreyfus, op, cit, pp. 29-31.‬‬
‫‪Emmanuel Acouetey, le contrôle juridictionnel de l’administration en Afrique noire francophone. Thèse, Université de‬‬
‫…‪Nancy II, Faculté de droit et des sciences économiques, Juin 1974, pp‬‬
‫‪44‬‬
‫وفي حالة االعتماد على ذات البحث أو الرسالة مرة أو مرات أخرى متكررة‪ ،‬فإنه يكتفي بذكر اسم‬
‫الباحث‪ ،‬وذكر لفظ البحث أو الرسالة السابقة حسب نوعية وصورة البحث من حيث هل هو بحث أم رسالة‬
‫دكتوراة‪ ،‬ثم بيان رقم الصفحة أو أرقام الصفحات(‪.)1‬‬

‫)‪(1‬‬
‫مثال…‪Emmanuel Acouetey. Thèse, op,cit, p‬‬

‫‪45‬‬

You might also like