You are on page 1of 218

‫السيبرانية‬

‫هاجس العصر‬

‫د‪ .‬منى األشقر جبور‬


‫جدول املحتويات‬

‫‪8‬‬ ‫} املقدمة { �إطار الدرا�سة و�أهدافها‬


‫‪8‬‬ ‫‪� .1‬إطار الدرا�سة‬
‫‪10‬‬ ‫‪� .2‬أهدافها‬

‫‪11‬‬ ‫} الف�صل الأول { حوكمة االنرتنت‬


‫‪11‬‬ ‫‪ .1‬من م�رشوع خا�ص �إىل م�رشوع عام‬
‫‪14‬‬ ‫‪ .2‬التف�سري ال�ضيق والتف�سري الوا�سع‬
‫‪14‬‬ ‫‪� .3‬رشاكة لتطوير االنرتنت وا�ستعمالها‬
‫‪15‬‬ ‫‪ .4‬من الطغيان �إىل امل�ساواة‬
‫‪16‬‬ ‫‪ .5‬التقنية والقانون‬
‫‪17‬‬ ‫‪ .6‬موا�ضيع احلوكمة‬
‫‪18‬‬ ‫‪ .7‬املقاربة القانونية وبناء الثقة‬
‫‪19‬‬ ‫‪ .8‬العوامل املحددة لإدارة االنرتنت‬

‫‪25‬‬ ‫} الف�صل الثاين { الأمن ال�سيرباين‪ :‬تعريفات و�أبعاد‬


‫‪25‬‬ ‫‪ .1‬تعريفات‬
‫‪28‬‬ ‫‪� .2‬أبعاد الأمن ال�سيرباين‬

‫‪32‬‬ ‫} الف�صل الثالث { املخاطر ال�سيربانية‬


‫‪32‬‬ ‫‪ .1‬م�ؤ�رشات مقلقة‬
‫‪33‬‬ ‫‪ .2‬املرونة ال�سيربانية يف مواجهة املخاطر‬
‫‪34‬‬ ‫‪ .3‬م�صادر املخاطر‬
‫‪35‬‬ ‫‪� .4‬أنواع من املخاطر‬
‫‪36‬‬ ‫‪ .5‬امل�س�ؤولية يف احلوكمة وال�سيادة‬
‫‪37‬‬ ‫‪ .6‬طبيعة الأخطار‬
‫‪43‬‬ ‫‪ .7‬اال�ستخدام املتنامي والكلفة الباهظة‬
‫‪45‬‬ ‫‪ .8‬يف الوقاية والتمكني‬
‫‪47‬‬ ‫‪ .9‬املخاطر ال�سيربانية‪ :‬من الطوارئ الدولية‬

‫‪49‬‬ ‫} الف�صل الرابع { االعتداءات واجلرائم ال�سيربانية‬


‫‪49‬‬ ‫‪ .1‬التمييز بني امل�صطلحني‬
‫‪51‬‬ ‫‪ .2‬ت�صاعد وترية التهديدات‬
‫‪52‬‬ ‫‪ .3‬اختالف الدوافع والو�سائل‬
‫‪53‬‬ ‫‪ .4‬ترتيب اجلرائم واالعتداءات بح�سب �أهدافها‬
‫‪60‬‬ ‫‪ .5‬املحتوى غري امل�رشوع‬
‫‪61‬‬ ‫‪ .6‬التقنيات يف احلماية‬

‫‪65‬‬ ‫} الف�صل اخلام�س { «احلرب ال�سيربانية» �أو «احلرب الإلكرتونية»‬


‫‪65‬‬ ‫‪ .1‬عالقة وثيقة وحيوية‬
‫‪65‬‬ ‫‪ .2‬توقعات كارثية‬
‫‪66‬‬ ‫‪ .3‬هاج�س احلرب ال�سيربانية‬
‫‪68‬‬ ‫‪� .4‬أدوات احلرب ال�سيربانية‬
‫‪71‬‬ ‫‪ .5‬اال�ستثمار يف املجال التقني‬
‫‪73‬‬ ‫‪ .6‬التقنيات يف العمليات الع�سكرية‬
‫‪75‬‬ ‫‪ .7‬التقنيات ومناذج الإدارة‬
‫‪76‬‬ ‫‪ .8‬التعاون لدرء املخاطر‬
‫‪77‬‬ ‫‪ .9‬منزلقات املواجهة والرد‬
‫‪79‬‬ ‫‪ .10‬ال�صالحيات وامل�س�ؤوليات‬
‫‪80‬‬ ‫‪ .11‬خطوات ال بد منها‬
‫‪81‬‬ ‫} الف�صل ال�ساد�س { الإرهاب ال�سيرباين‬
‫‪81‬‬ ‫‪ .1‬تباين يف املفاهيم‬
‫‪85‬‬ ‫‪ .2‬ظهور امل�صطلح‬
‫‪87‬‬ ‫‪ .3‬ا�ستخدام املجموعات الإرهابية لالنرتنت‬
‫‪90‬‬ ‫‪� .4‬أ�شكال املواجهة‬
‫‪92‬‬ ‫‪ .5‬مواجهة �صعبة ومقرتحات‬
‫‪94‬‬ ‫‪ .6‬جهود م�شرتكة يف مواجهة الإرهاب ال�سيرباين‬

‫‪97‬‬ ‫} الف�صل ال�سابع { التعاون لتحقيق الأمن ال�سيرباين‬


‫‪97‬‬ ‫‪� .1‬إلزامية التعاون‬
‫‪102‬‬ ‫‪ .2‬بني القوانني املحلية والقانون الدويل‬
‫‪103‬‬ ‫‪ .3‬اجلهود الإقليمية‬
‫‪106‬‬ ‫‪ .4‬التعاون الدويل‬
‫‪108‬‬ ‫‪ .5‬املبادرات الفردية‬
‫‪111‬‬ ‫‪ .6‬اجلهود العربية‬
‫‪113‬‬ ‫‪ .7‬مدى كفاية االتفاقيات الإقليمية‬
‫‪115‬‬ ‫‪ .8‬نظام عاملي للمكافحة‬

‫‪117‬‬ ‫} الف�صل الثامن { البيانات ال�شخ�صية‪ :‬بني الرقابة و�صون احلريات‬


‫‪117‬‬ ‫‪ .1‬بني االخفاء واخلوف‬
‫‪118‬‬ ‫‪ .2‬البيانات ال�شخ�صية‬
‫‪120‬‬ ‫‪ .3‬احلق يف اخل�صو�صية‬
‫‪132‬‬ ‫‪ .4‬ال�شبكات االجتماعية و اخل�صو�صية‬
‫‪136‬‬ ‫‪ .5‬و�سائل احلماية‬
‫‪145‬‬ ‫‪� .6‬ضوابط الت�رشيع‬
‫‪146‬‬ ‫‪ .7‬خطوات عملية مطلوبة‬
‫‪146‬‬ ‫‪ .8‬خال�صة‬
‫‪148‬‬ ‫} الف�صل التا�سع { التقنيات يف التنمية واالقت�صاد‬
‫‪148‬‬ ‫‪ .1‬املعلومات‪ :‬قيمة اقت�صادية‬
‫‪149‬‬ ‫‪ .2‬موجب بناء الثقة‬
‫‪150‬‬ ‫‪ .3‬فر�ص وحتديات‬
‫‪150‬‬ ‫‪ .4‬حتديث يف الت�رشيع ومناذج العمل‬
‫‪151‬‬ ‫‪ .5‬البيئة املنا�سبة‬
‫‪152‬‬ ‫‪ .6‬العملة الرقمية ‪bitcoins‬‬
‫‪153‬‬ ‫‪ .7‬خماطر وجرائم‬
‫‪154‬‬ ‫‪ .8‬ت�سهيل تبيي�ض الأموال‬

‫‪165‬‬ ‫} خال�صات وتو�صيات {‬


‫‪165‬‬ ‫‪ .1‬خال�صات‬
‫‪168‬‬ ‫‪ .2‬تو�صيات‬

‫‪170‬‬ ‫} املالحق {‬

‫‪171‬‬ ‫ملحق رقم ‪1‬‬

‫‪173‬‬ ‫ملحق رقم ‪2‬‬

‫‪175‬‬ ‫ملحق رقم ‪3‬‬

‫‪177‬‬ ‫ملحق رقم ‪4‬‬

‫‪179‬‬ ‫ملحق رقم ‪5‬‬


‫‪179‬‬ ‫‪ .1‬تعريفات‬
‫‪182‬‬ ‫ملحق رقم ‪6‬‬
‫‪182‬‬ ‫‪ .1‬مقدمة‬
‫‪182‬‬ ‫‪ .2‬ال�ضوابط والأحكام‬

‫‪185‬‬ ‫ملحق رقم ‪7‬‬


‫‪185‬‬ ‫‪ .1‬الديباجة‬
‫‪187‬‬ ‫‪ .2‬ال�سياق‬
‫‪187‬‬ ‫‪ .3‬الأهداف‬
‫‪188‬‬ ‫‪ .4‬تعريفات‬
‫‪191‬‬ ‫‪ .5‬املبادئ‬
‫‪191‬‬ ‫‪ .6‬حماية البنية التحتية واملن�ش�آت احلرجة‬
‫‪192‬‬ ‫‪ .7‬التعاون‬
‫‪194‬‬ ‫‪ .8‬التعاون يف املجال الأمني‬
‫‪196‬‬ ‫‪ .9‬التعاون الق�ضائي‬
‫‪199‬‬ ‫‪ .10‬ت�سليم املجرمني‬
‫‪200‬‬ ‫‪ .11‬الإنابة الق�ضائية‬
‫‪202‬‬ ‫‪ .12‬هيكلية ادارية ملتابعة �ش�ؤون الأمن ال�سيرباين‬
‫‪205‬‬ ‫‪ .13‬الإطار الت�رشيعي لبناء الثقة يف الف�ضاء ال�سيرباين‬
‫‪207‬‬ ‫‪ .14‬التجارة الإلكرتونية‬
‫‪208‬‬ ‫‪ .15‬حماية البيانات ال�شخ�صية‬
‫‪209‬‬ ‫‪ .16‬جترمي االعتداء على البيانات والأنظمة املعلوماتية‬
‫‪212‬‬ ‫‪ .17‬املنظمة العربية حلماية الف�ضاء ال�سيرباين‬
‫‪214‬‬ ‫‪ .18‬احكام ختامية‬
‫�صفحة رقم ‪8‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫} املقدمة {‬
‫�إطار الدرا�سة و�أهدافها‬

‫‪� .1‬إطار الدرا�سة‬


‫تندرج هذه الدرا�سة‪ ،‬يف �إطار جهود جامعة الدول العربية‪ ،‬التي �أخذت على عاتقها‪ ،‬منذ �سنوات‬
‫عدة‪ ،‬مهمة ن�رش الوعي‪ ،‬على م�ستوى مراكز القرار العربي‪ ،‬ب�أهمية الأمن ال�سيرباين‪ ،‬وباحلاجة �إىل‬
‫التعاون لتحقيقه‪ ،‬وذلك عرب تنظيمها ورعايتها‪ ،‬عددا من امل�ؤمترات‪ ،‬واملن�شورات‪ ،‬واللقاءات‪ ،‬جمعت‬
‫�أكادمييني وخرباء‪ ،‬ونوق�شت خاللها امل�سائل املت�صلة به‪ ،‬من جوانبها كافة‪ :‬االجتماعية‪ ،‬االقت�صادية‪،‬‬
‫القانونية‪ ،‬والتقنية‪ .‬وعليه‪ ،‬فقد انطلقت هذه الدرا�سة من ر�ؤية حددت معاملها عرب مقاربة لواقع احلال‪،‬‬
‫ومتطلبات بناء الثقة‪ ،‬وار�ساء قواعد مرنة ت�سمح مبواكبة حتديات االخرتاقات ال�سيربانية‪ ،‬واحلد من‬
‫اخل�سائر‪ ،‬التي ترتتب عليها‪.‬‬
‫كما تندرج �أي�ضا‪ ،‬يف �إطار االهتمام الدويل املت�صاعد بالأمن ال�سيرباين‪ ،‬وما فر�ضه من حتوالت طاولت‬
‫احلياة اليومية للمواطن‪ ،‬بدءا من املمار�سات احلكومية‪ ،‬مرورا بالعالقات بني الدول‪ ،‬و�صوال �إىل جهود‬
‫املنظمات الدولية واالقليمية‪ ،‬ال�سيما منها الأمم املتحدة‪ ،‬واالحتاد الأوروبي‪ ،‬ودول الكمنولث‪ ،‬وجامعة‬
‫الدول العربية‪ ،‬مبختلف اداراتها وهيئاتها‪،‬‬
‫فقد ترافق اعتماد الأفراد على تقنيات املعلومات واالت�صاالت‪ ،‬يف اجناز خمتلف �أن�شطتهم اليومية‪ ،‬من‬
‫مهنية و�شخ�صية‪ ،‬مع بروز عدد من التحديات‪ ،‬ي�أتي يف مقدمها‪ ،‬طائفة من احلقوق التي ال بد من‬
‫مراعاتها وتنظيمها‪ ،‬ومتكني املواطن من ممار�ستها‪� ،‬ضمن �إطار مينع االعتداء عليها ي�ضاف اىل ذلك‪ ،‬كم‬
‫من املخاطر يفر�ض اتقان اال�ستخدام الأمن لهذه التقنيات‪ ،‬واولها االنرتنت‪ .‬وال يقف االمر عند حدود‬
‫التقنيات التي ي�ستخدمها‪ ،‬بل يتعداه �إىل تلك التي ال ي�ستخدمها‪ ،‬وامنا يت�أثر بها ب�شكل غري مبا�رش‪ ،‬نتيجة‬
‫ا�ستخدام الآخرين لها‪ .‬فامل�ؤ�س�سات يف القطاعني العام واخلا�ص‪ ،‬تدير �ش�ؤونها‪ ،‬او �ش�ؤون امل�ستفيدين‬
‫من خدماتها‪ ،‬باالعتماد على تقنيات املعلومات واالت�صاالت‪ .‬واملثال البديهي الذي ي�ساق هنا‪ ،‬هو‬
‫�سجالت املواطنني يف الدوائر الر�سمية‪ ،‬كال�صحة‪ ،‬واالحوال ال�شخ�صية‪ ،‬والأمن‪ ،‬واملعامالت التجارية‬
‫واملالية‪ ،‬وغريها الكثري‪.‬‬
‫فاالنرتنت‪ ،‬والبث الف�ضائي‪ ،‬والهواتف اجلوالة‪ ،‬قنوات مفتوحة لالت�صال وللم�شاركة‪ ،‬يف امل�ساحات‬
‫العامة‪ ،‬التي خلقتها الو�سائل اجلديدة‪ ،‬والتي ما زالت تت�سع وتتمدد ب�شكل م�ستمر‪ ،‬مع تو�سع ال�رشائح‬
‫والفئات التي تطاولها‪ ،‬ودفق املعلومات وتنوعها‪ .‬وبالفعل‪ ،‬فقد فتحت هذه التقنيات الباب وا�سعا‬
‫امام الكثري من اخليارات‪ ،‬التي مل تكن متاحة �سابقا‪ .‬فالهواتف الذكية‪ ،‬والتي انت�رشت ب�رسعة يف الدول‬
‫العربية‪ ،‬ت�ستخدم ملتابعة الأمور املتعلقة بالعمل‪ ،‬كما ت�ستخدم للحفاظ على االت�صال الدائم بالأ�رسة‬
‫والأ�صدقاء‪ ،‬ولتبادل املعلومات‪ ،‬والدرد�شة‪ ،‬وامل�شاركة يف كل تفا�صيل احلياة تقريبا‪.‬‬
‫�صفحة رقم ‪9‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫وانتقل املواطن �إىل امل�شاركة يف احلياة العامة‪ ،‬بوطنه‪ ،‬وب�سواه‪ ،‬من خالل ابداء �آرائه‪ ،‬ون�رشها‪ ،‬واالطالع‬
‫على االجتاهات العاملية‪ ،‬واالقليمية‪ ،‬واملحلية دون ا�ستثناء‪ .‬فاملهارات املطلوبة مل�ستخدم الإنرتنت‪ ،‬ال‬
‫تتطلب كثريا من اجلهد‪ ،‬وال تختلف عن تلك املهارات التي يحتاجها املهني الإعالمي �أو ال�سيا�سي‪� ،‬أو‬
‫�صاحب القرار‪ .‬وغني عن القول‪ ،‬ما �أوجده هذا الواقع من �أزمة مفاجئة يف حتديد امل�س�ؤوليات‪ ،‬على‬
‫م�ستوى �أخر‪ ،‬هو امل�ستوى الإعالمي‪ .‬فقد كاد كل مواطن يتحول �إىل �إعالمي‪ ،‬ومرا�سل‪ ،‬بينما الإطار‬
‫الت�رشيعي‪ ،‬يف معظم الدول‪ ،‬ما زال الإطار الذي يحدد م�س�ؤوليات املهنيني‪ ،‬يف الإعالم التقليدي‪.‬‬
‫وينطبق هذا االمر على االدارات احلكومية‪ ،‬التي �أن�ش�أت قواعد بيانات‪ ،‬ت�ضم معلومات هائلة عن‬
‫املواطنني واملقيمني‪ ،‬لإدارة �ش�ؤونهم‪ ،‬وت�سهيل وتقدمي خدمات لهم‪ ،‬ذات جودة عالية‪ ،‬وبكلفة اقل‪،‬‬
‫وحت�سني عالقة امل�س�ؤول باملواطن‪ ،‬وتوطيد الثقة بينهما‪ .‬وقد جل�أ العديد من الدول‪� ،‬إىل االعتماد على‬
‫“احلكومة الإلكرتونية”‪ ،‬ك�أداة ناجعة للتحديث االداري‪ ،‬وت�رسيع عجلة العمل‪ ،‬ومالقاة �رشوط ال�شفافية‬
‫يف �إدارة ال�ش�أن العام‪ ،‬وامل�ساءلة‪ ،‬واملرونة‪ ،‬والإدارة الر�شيدة‪ ،‬وكذلك ملكافحة الهدر‪ ،‬وحماربة الف�ساد‪.‬‬
‫وقد �أ�س�س االعتماد على هذه التقنيات‪ ،‬لدفق هائل من املعلومات والبيانات التي تتوزع بني علنية من‬
‫جهة‪ ،‬و�رسية من جهة ثانية‪ .‬وتتفاوت الدرجات بني ما هو �رسي‪ ،‬وح�سا�س‪ ،‬و�شديد اخلطورة؛ ما طرح‬
‫حتديات عديدة‪ ،‬لي�س اقلها ال�سهر على �سالمة البيانات و�أمنها‪ ،‬كما على �أمن الأنظمة وا�ستمرارية‬
‫عملها‪ ،‬وم�صداقيتها‪ ،‬جتاوبا مع املبادئ االدارية‪ ،‬التي تفر�ض‪ ،‬فيما تفر�ض‪ ،‬ا�ستمرارية املرفق العام‬
‫بانتظام‪ ،‬ودون انقطاع‪ ،‬حفاظا على امل�صلحة العامة‪.‬‬
‫وعلى خط مواز‪� ،‬أ�س�ست البنية التحتية لتقنيات املعلومات واالت�صاالت‪ ،‬حلركة تدفق املعلومات عرب‬
‫احلدود اجلغرافية بني الدول‪ ،‬حمولة العامل �إىل “قرية كونية �صغرية”‪ ،‬ففر�ضت ثورة املعلومات التي‬
‫�أر�ستها‪ ،‬واقعا جديدا على ال�سيادة الوطنية‪ ،‬الأمر الذي جعل الدولة تعاين من م�شكالت �أ�شد و�أخطر‪،‬‬
‫من تلك التي واجهتها من قبل‪ .‬فاىل م�سائل الأمن على احلدود‪ ،‬وم�سائل الأمن القومي التقليدية‪،‬‬
‫برزت م�شكلة ال�سيادة على الف�ضاء ال�سيرباين‪ ،‬وعلى العالقات التي حتاك على االنرتنت‪ ،‬بني �أ�شخا�ص‬
‫موجودين على �أرا�ض خمتلفة‪ ،‬خا�ضعة لعدد من ال�سيادات‪ ،‬حيث يختلف بلد م�صدر العمل‪ ،‬وبلد حتقق‬
‫نتائجه‪ ،‬والبالد التي متر عربها البيانات‪ .‬فالف�ضاء ال�سيرباين‪ ،‬مكان خمتلف‪ ،‬لكنه �شديد االرتباط بالعامل‬
‫املادي‪ ،‬ولي�س م�ستقال عنه‪ ،‬كما اعلن بارلو يف �رشعة ا�ستقالل االنرتنت‪ ،‬التي انت�رشت ب�شكل وا�سع‬
‫منذ العام ‪.[[[1996‬‬
‫فالتحديات التي يطرحها الف�ضاء ال�سيرباين‪ ،‬م�صدرها العامل احلقيقي‪ ،‬حيث اال�شخا�ص والن�شاطات‬
‫التي ت�ستخدم االنرتنت‪ ،‬وترتكز اليه‪ .‬وقد برز �شبه اجماع دويل‪ ،‬حول اعتبار ما هو غري �رشعي مبقت�ضى‬
‫القوانني يف العامل املادي‪ ،‬غري �رشعي �أي�ضا يف الف�ضاء ال�سيرباين‪ ،‬وذلك مبقت�ضى الت�رشيعات الوطنية‬
‫القائمة‪ .‬وعليه‪ ،‬فان مبد�أ �سيادة الدولة‪ ،‬ال بد وان يحرتم يف هذا الف�ضاء‪ .‬غري ان امل�س�ألة لي�ست بهذه‬
‫الب�ساطة‪ ،‬مع اختالف القوانني الوطنية على تعريف ما هو �رشعي وقانوين‪ ،‬وما هو غري ذلك‪ ،‬ا�ضافة �إىل‬
‫التعقيدات التي ترافق عملية تطبيق مبد�أ ال�سيادة الوطنية على املجال ال�سيرباين‪ ،‬نظرا لطبيعته اخلا�صة‪.‬‬

‫‪[1] A Declaration of the Independence of Cyberspace- BY JOHN PERRY BARLOW - https://www.eff.org/cyberspace-‬‬


‫‪independence‬‬
‫�صفحة رقم ‪10‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫فقد بد�أ هذا املبد�أ‪ ،‬ي�سجل بع�ض الرتاجعات �أمام حركة العوملة‪ ،‬واالنفتاح غري امل�سبوق‪ ،‬بني الأفراد‬
‫كما بني الدول‪ ،‬يف خمتلف جماالت احلياة‪ :‬من االقت�صاد الدويل �إىل التجارة الإقليمية‪ ،‬والتعليم والرتفيه‪،‬‬
‫والتجارة الإلكرتونية‪.‬‬

‫‪� .2‬أهدافها‬
‫تهدف هذه الدرا�سة‪� ،‬إىل القاء ال�ضوء على عدد من املفاهيم وامل�سائل‪ ،‬التي ترتبط بالأمن ال�سيرباين‪ ،‬عرب‬
‫ت�رشيحها‪ ،‬وت�شخي�ص واقعها‪ ،‬ور�صد �أبعادها‪ .‬وهي بذلك‪ ،‬ت�شكل ا�ضافة �إىل املحاوالت التي �سبقت‪،‬‬
‫وت�ضع بني ايدي الأكادمييني‪ ،‬وكذلك متخذي القرار‪ ،‬مادة ت�ساعدهم على تكوين ر�ؤية وا�ضحة‪،‬‬
‫وبالتايل اتخاذ القرار املنا�سب‪ .‬لكنها‪ ،‬باملقابل‪ ،‬ال تدعي االحاطة‪ ،‬بكل امل�سائل‪ ،‬ذات ال�صلة‪ ،‬وال تعترب‬
‫النتائج امل�ستخل�صة قاطعة ونهائية‪ ،‬ال�سيما مع التغريات املتوا�صلة وال�رسيعة التي تطاول قطاع التقنيات‬
‫واالت�صاالت‪.‬‬
‫وت�ستند الدرا�سة‪� ،‬إىل ما مت اجنازه حتى اليوم على امل�ستويني االقليمي والدويل‪ ،‬واىل جهود جامعة الدول‬
‫العربية‪ ،‬يف جمال ار�ساء قواعد الثقة واالمان يف الف�ضاء ال�سيرباين‪ ،‬وذلك ان�سجاما مع دورها يف و�ضع‬
‫ما جاء من مبادئ‪ ،‬يف مقررات القمة العاملية ملجتمع املعلومات‪ ،‬والتي انعقدت يف تون�س‪ ،‬عام ‪،2005‬‬
‫مو�ضع التنفيذ‪ ،‬حيث �شددت جميع الوثائق‪ ،‬على اهمية الأمن واال�ستقرار والثقة‪ ،‬يف الف�ضاء ال�سيرباين‪.‬‬
‫وتقوم املنهجية املعتمدة‪ ،‬على ركائز‪ :‬التحديد‪ ،‬والتحليل‪ ،‬وال�رشح‪ ،‬واقرتاح خطوات عملية‪ ،‬تهدف‬
‫�إىل ا�ستدراك املخاطر امل�ستقبلية‪.‬‬
‫هذا وتتوزع امل�سائل التي �سنعاجلها‪ ،‬على العناوين الآتية‪:‬‬
‫ •حوكمة االنرتنت‬
‫ •الأمن ال�سيرباين‪ :‬تعريفات و�أبعاد‬
‫ •املخاطر ال�سيربانية من الطوارئ الدولية‬
‫ •االعتداء ال�سيرباين واجلرمية ال�سيربانية‬
‫ •الإرهاب ال�سيرباين‬
‫ •تقنيات املعلومات واالت�صاالت يف املجال الع�سكري‬
‫ •مكافحة اجلرائم ال�سيربانية‪ :‬االتفاقيات الدولية واالقليمية‬
‫ •حماية البيانات ذات الطابع ال�شخ�صي واحلق يف اخل�صو�صية‬
‫ •املرونة ال�سيربانية يف مواجهة املخاطر‬
‫�صفحة رقم ‪11‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫}الف�صل الأول {‬
‫حوكمة االنرتنت‬

‫يدل مفهوم احلوكمة[[[‪ ،‬علىادراة �ش�ؤون امل�ؤ�س�سات‪ ،‬ولي�س ‬


‫بعيدا عن اي ا�شتقاق �أو غمو�ض لغوي‪ّ ،‬‬
‫فقط على تويل �ش�ؤون احلكومة‪ ،‬كما فهم هذا االمر‪ ،‬من قبل اجلهات احلكومية‪ ،‬امل�شاركة يف القمة‬
‫العاملية ملجتمع املعلومات عام ‪ .2003‬وال ميكن احلديث عن حوكمة االنرتنت‪ ،‬دون ا�ستعرا�ض بع�ض ‬
‫املحطات يف حركة تطور االنرتنت‪ ،‬و�آليات العمل التي احاطتها‪ ،‬وكونت بيئتها‪.‬‬

‫‪ .1‬من م�رشوع خا�ص �إىل م�رشوع عام‬


‫تعود بداية االنرتنت‪� ،‬إىل فكرة �إن�شاء �شبكة معلومات من قبل �إدارة الدفاع الأمريكية‪ ،‬يف عام ‪،1969‬‬
‫تهدف �إىل و�صل الإدارة مع متعهدي القوات امل�سلحة‪ ،‬وعدد كبري من اجلامعات‪ .‬و�أطلق على هذه ال�شبكة‬
‫ا�سم “�أربا”) ‪ ARPA‬اخت�صار الكلمة الإجنليزية ‪.The Advanced Research Project Administration‬‬

‫ويقوم م�رشوع �إن�شاء ال�شبكة‪ ،‬على تطوير تقنية ت�شبيك �أجهزة كومبيوتر‪ ،‬ت�ساعد على ال�صمود يف‬
‫وجه الهجمات الع�سكرية‪ ،‬وذلك‪ ،‬باعتماد تقنية خا�صة‪ ،‬تدعى طريقة �إعادة التوجيه الديناميكي‬
‫‪ .Dynamic rerouting‬وت�ستند هذه التقنية‪� ،‬إىل مبد�أ حتويل حركة املعلومات واالت�صاالت‪� ،‬إىل عدد‬
‫من الو�صالت تبعا لتوافرها‪ ،‬يف حال انقطاع احدى الو�صالت �أو تعطلها‪ ،‬ما ي�ضمن عمل ال�شبكة‬
‫ب�شكل م�ستمر‪ ،‬ودون توقف‪ .‬لكن اال�ستخدام الكثيف لل�شبكة‪ ،‬من قبل اجلامعات ومراكز االبحاث‪،‬‬
‫�أدى �إىل ازدحام حركة العمل عليها‪ ،‬فان�شئت �شبكة جديدة يف العام ‪� ،1983‬سميت ‪ ،MILNET‬اي‬
‫ال�شبكة الع�سكرية‪ .‬وخ�ص�صت هذه االخرية خلدمة املواقع الع�سكرية‪ ،‬ومت و�صلها بوا�سطة بروتوكول‬
‫االنرتنت مع �أربا‪ ،‬التي بقيت يف خدمة اجلامعات‪.‬‬
‫فعندما ان�شئت الإنرتنت‪� ،‬شكل �أع�ضا�ؤها قرية افرتا�ضية �صغرية‪ ،‬حيث اجلميع يعرفون بع�ضهم البع�ض‪،‬‬
‫لذا فقد �صمموا نظام ًا مفتوح ًا‪ ،‬ما يف�رس االهتمام املحدود‪ ،‬ب�أمن الأنظمة وحمايتها‪ .‬وقد بقي الأمن‬
‫ال�سيرباين حتى وقت قريب‪ِ ،‬حكراً على جمموعة �صغرية من خرباء الكمبيوتر‪ .‬لكن فتح االنرتنت‬
‫مل�ستخدمني جدد‪ ،‬منذ �أوائل الت�سعينيات‪ ،‬وتنامي عدد امل�ستخدمني ب�شكل هائل‪ ،‬بلغ �أكرث من ثالث‬
‫مليارات يف �أيامنا احلا�رضة[[[‪� ،‬أبرز اال�ستخدامات الوا�سعة لالنرتنت‪ ،‬بوجهيها ال�سلبي وااليجابي‪،‬‬
‫وجعل االهتمام بالأمن ال�سيرباين ينتقل �إىل �سلم الأولويات‪ ،‬يف �سيا�سات الدول‪ .‬فقد حتولت االنرتنت‪،‬‬
‫يف غ�ضون ما يزيد على اجليل تقريبا‪� ،‬إىل ركيزة �أ�سا�سية لالقت�صاد العاملي واحلوكمة‪ ،‬يف خمتلف �أنحاء‬

‫‪[2] Establishment of policies, and continuous monitoring of their proper implementation, by the members of the governing body of‬‬
‫‪an organization. It includes the mechanisms required to balance the powers of the members (with the associated accountability),‬‬
‫‪and their primary duty of enhancing the prosperity and viability of the organization. - http://www.businessdictionary.com/‬‬
‫‪definition/governance.html#ixzz4C0HiS7T7‬‬
‫‪[3] http://www.internetlivestats.com/internet-users/‬‬
‫�صفحة رقم ‪12‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫العامل‪ ،‬يت�صل بها عدد متزايد يف كل يوم من الأفراد‪ ،‬وامل�ؤ�س�سات والأجهزة‪ ،‬االمر الذي ا�ستدعى‬
‫ت�ضافر اجلهود حلمايتها‪.‬‬
‫‪IETF-Inernet‬‬ ‫وميكن القول‪ ،‬انه منذ البداية‪ ،‬ومن خالل عمل الفريق الهند�سي لالنرتنت‬
‫‪ ، -Engineering Task Force‬الذي ت�أ�س�س عام ‪1986‬؛ والذي عمل بالتعاون والتفاهم مع عدد كبري‬
‫من الأفراد واملتخ�ص�صني‪ ،‬لتطوير اجلانب التقني والهند�سي من االنرتنت‪ ،‬ابتعدت هند�سة االنرتنت‬
‫وادارتها‪ ،‬عن اي تدخل حكومي ر�سمي‪� ،‬أو �سلطة‪� ،‬أو خمطط مركزي‪.‬‬
‫و�شكلت الفرتة املمتدة بني االعوام ‪ 1994‬و ‪ ،1998‬حمطة بد أ� معها �إدراك احلكومات والهيئات‬
‫الدولية الهمية االنرتنت‪ ،‬وبد�أ التغيري يطاول طريقة العمل غري املركزية التي اعتمدت‪ ،‬لإدارة �ش�ؤونها‪.‬‬
‫وهكذا قررت امل�ؤ�س�سة العلمية الوطنية‪ ،‬التي كانت تدير البنية التحتية الأ�سا�سية لالنرتنت‪ ،‬التعاقد مع‬
‫م�ؤ�س�سة خا�صة‪ ،‬هي ‪ ،Network Solutions Internet‬لإدارة �أ�سماء النطاقات‪ .‬اال ان هذا االمر‪ ،‬اثار‬
‫حتفظات كثرية‪ ،‬ون�ش�أ ما ي�سمى بحرب �أ�سماء النطاقات‪ ،‬والتي انتهت يف العام ‪ ،1998‬ب�إن�شاء هيئة‬
‫�إدارة ارقام و�أ�سماء االنرتنت‪ ،ICANN ،‬التي حتولت هي نف�سها‪� ،‬إىل حمل جدل ونقا�ش‪ ،‬نظرا لعالقتها‬
‫مع وزارة التجارة الأمريكية‪ ،‬التي متار�س عليها‪ ،‬نوعا من الرقابة‪.‬‬
‫ومع القمة العاملية ملجتمع املعلومات‪ ،‬التي انعقدت عام ‪ 2003‬يف جنيف‪ ،‬وعام ‪ 2005‬يف تون�س‪،‬‬
‫و�ضعت حوكمة االنرتنت على جدول اعمال الدول‪ ،‬وانتهت قمة جنيف �إىل �إن�شاء فريق عمل خا�ص‬
‫بها ‪ .-Working Group on Internet Governance- WGIG‬ويف العام ‪� ،2006‬سجلت ثالث‬
‫احداث هامة‪:‬‬
‫ •انتهاء مدة العقد بني وزارة التجارة الأمريكية والآيكان‪.‬‬
‫ •انطالق منتدى حوكمة االنرتنت يف اثينا‪ ،‬والذي �شكل جتربة اوىل من نوعها‪ ،‬ال�سيما لناحية‬
‫تعدد الديبلوما�سيات ‪ ،multilateral diplomacy‬حيث �شارك جميع ا�صحاب امل�صلحة يف جمتمع‬
‫املعلومات‪ ،‬من القطاعني العام واخلا�ص‪ ،‬ومن م�ستخدمي االنرتنت‪.‬‬
‫ •القمة التي عقدها االحتاد الدويل لالت�صاالت يف اناتاليا يف تركيا‪ ،‬حيث انتخب حمدون توريه‪،‬‬
‫رئي�سا لالحتاد‪ ،‬والقى خطابا حول اهمية الأمن ال�سيرباين‪ ،‬وامل�ساعدة على التطوير‪.‬‬
‫ويف العام ‪ ،2007‬ركزت مناق�شات الآيكان على �أ�سماء النطاقات‪ ،‬التي تن�رش حمتوى اباحيا للرا�شدين‪،‬‬
‫ما جدد النقا�ش حول ما اذا كانت مهمة الآيكان تقنية بحتة‪ ،‬ام ان لها عالقة بال�سيا�سات العامة‪.‬‬
‫وناق�شت الدول دور احلكومات‪ ،‬و�رضورة انخراطها يف عمل الآيكان‪ ،‬بحيث تكون م�شاركة يف‬
‫القرار‪.‬‬
‫يف العام ‪ ،2008‬لفت ا�ستخدام اوباما لالنرتنت‪ ،‬ب�شكل مكثف خالل حملته االنتخابية‪ ،‬كما خطابه‬
‫الداعم للتعددية الثقافية عليها‪� ،‬إىل ما اعترب يف حينه‪ ،‬دعما للتوجه نحو حتويل الآيكان �إىل منظمة‬
‫دولية‪ ،‬واىل �إقرار مقاربة �أكرث انفتاحا لإدارة االنرتنت‪ .‬كما برز مفهوم حيادية ال�شبكة ب�شكل قوي‪،‬‬
‫ال�سيما يف الواليات املتحدة الأمريكية‪ .‬وقد تواجه يف هذا املجال‪ ،‬ا�صحاب حمركات البحث‪ ،‬واملواقع‬
‫االجتماعية‪ ،‬مع موزعي اخلدمات‪ ،‬و�رشكات االت�صاالت‪ ،‬وقطاع امللتيميديا‪ ،‬الن اجلهات الثانية‪،‬‬
‫�صفحة رقم ‪13‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫تف�ضل اعتماد معايري خمتلفة‪ ،‬للخدمات التي تقدمها عرب االنرتنت‪ ،‬والتي تقرر على �أ�سا�سها‪ ،‬التمييز‬
‫بني املعلومات التي تنتقل‪.‬‬
‫اما احلدث االهم‪ ،‬فكان تو�سع الفاي�سبوك‪ ،‬وبدء احلديث عن املعلومات ال�شخ�صية‪ ،‬وحماية احلق يف‬
‫اخل�صو�صية‪ ،‬وامل�سائل املت�صلة بهما‪.‬‬
‫ويف العام ‪ ،2009‬تابع اوباما وفريقه‪ ،‬الدفع باجتاه انرتنت حيادية‪ ،‬ومت توقيع اتفاق بني الآيكان ووزارة‬
‫التجارة الأمريكية‪ ،‬تخلت فيه هذه االخرية‪ ،‬عن دورها املهيمن‪ .‬وخالل منتدى حوكمة االنرتنت يف‬
‫م�رص‪ ،‬دعت ال�صني �إىل ادخال املنتدى يف نظام الأمم املتحدة‪ ،‬بحيث تعطى احلكومات دورا اكرب‪ ،‬يف‬
‫ال�سيطرة عليها‪ ،‬لكن الواليات املتحدة والبالد املتقدمة تقنيا‪ ،‬رف�ضت هذا املقرتح‪.‬‬
‫�أما العام ‪ ،2010‬فقد متيز بخطاب وزيرة خارجية الواليات املتحدة الأمريكية هيالري كلينتون‪ ،‬عن‬
‫حرية االنرتنت ودميقراطيتها‪ ،‬يف مواجهة احلملة التي قادتها ال�صني‪ ،‬ملنع الو�صول �إىل املعلومات‪،‬‬
‫وحجب املواقع‪ ،‬واجبارها غوغل على حجب عدد من اخلدمات‪ ،‬التي تقدم عادة الي م�ستخدم‬
‫حول العامل‪ .‬كما متيز �أي�ضا‪ ،‬بحل ا�شكال ا�ستخدام اللغة العربية يف �أ�سماء النطاقات‪ ،‬وباملوافقة على‬
‫ا�سم النطاق اخلا�ص بالبالغني ‪.XXX‬كما �أعلنت جلنة العلوم والتطوير يف الأمم املتحدة‪ ،‬متابعة �آلية عمل‬
‫منتدى حوكمة االنرتنت[[[‪ ،‬حتى العام ‪.2015‬‬
‫ويف العام ‪ ،2011‬تو�سع نطاق عمل احلوكمة‪ ،‬بحيث �أ�صبح على جدول اعمال معظم الدول‪ ،‬وناق�ش ‬
‫م�سائل البيئة‪ ،‬والطاقة‪ ،‬والأمن‪ ،‬والهجرة‪ .‬والأهم يف ذلك‪ ،‬كان حتول التمثيل يف هذا املنتدى‪ ،‬من‬
‫تقني يتمثل يف اخلرباء والتقنيني‪� ،‬إىل متثيل دبلوما�سي‪ ،‬على م�ستويات عليا‪ ،‬وكذلك املتابعة الإعالمية‬
‫العمال املنتدى‪ ،‬من قبل اهم املحطات االخبارية‪.‬‬
‫كذلك ت�أثرت حوكمة االنرتنت بالربيع العربي‪ ،‬وتعددت الآراء حول دورها فيه‪ ،‬لكن ال�شيء الأكيد‪،‬‬
‫ان دورها كان �أ�سا�سيا‪ ،‬يف تطوير احلياة ال�سيا�سية والدميقراطية للمجتمعات‪ .‬ي�ضاف �إىل ذلك‪ ،‬االهتمام‬
‫الذي توليه الو�سائل الإعالمية التقليدية باالنرتنت‪ ،‬يف كل انحاء العامل‪ ،‬لدرجة تخ�صي�ص العديد منها‬
‫فقرات خا�صة‪ ،‬مبا يحدث عليها‪ ،‬وعلى و�سائل التوا�صل االجتماعي‪ .‬وكان هذا العام قد �شهد قطع‬
‫احلكومة امل�رصية خلدمات االنرتنت‪ ،‬على كل االرا�ضي امل�رصية‪ ،‬وانعقاد م�ؤمترين‪ ،‬الأول يف فيينا‪ ،‬حول‬
‫حقوق االن�سان واالنرتنت‪ ،‬والثاين يف هاغ‪ ،‬حول احلرية واالنرتنت‪.‬‬
‫ويف الوقت عينه‪ ،‬بد�أت احلكومات املمثلة يف الآيكان‪ ،‬والتي حتولت �سلطاتها م�ؤخرا �إىل الآيانا‬
‫‪ ،[[[IANA‬وهي ال�سلطة امل�س�ؤولة عن اعطاء ارقام عناوين االنرتنت‪ ،‬بتقدمي اقرتاحات حول مبادئ‬
‫حلوكمة االنرتنت‪.‬‬

‫‪[4] The Internet Governance Forum (IGF) serves to bring people together from various stakeholder groups as equals, in discussions‬‬
‫‪on public policy issues relating to the Internet. While there is no negotiated outcome, the IGF informs and inspires those with‬‬
‫‪policy-making power in both the public and private sectors. At their annual meeting delegates discuss, exchange information and‬‬
‫‪share good practices with each other. The IGF facilitates a common understanding of how to maximize Internet opportunities and‬‬
‫‪address risks and challenges that arise.‬‬
‫‪[5] Internet Assigned Numbers Authority‬‬
‫�صفحة رقم ‪14‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫‪ .2‬التف�سري ال�ضيق والتف�سري الوا�سع‬


‫يرتبط تنظيم الف�ضاء ال�سيربي‪ ،‬كما وجود القانون فيه‪ ،‬ارتباطا وثيقا ب “حوكمة االنرتنت”‪ .‬ال بل‬
‫�أن حمتوى القانون ونطاقه‪ ،‬يحددان انطالقا من امل�سائل اخلا�صة بتنظيمها‪ ،‬وبا�ستعمالها‪ ،‬وبالنزاعات‬
‫النا�شئة عنها‪ ،‬ويف �إطارها‪ .‬اال �أن مو�ضوع تنظيم االنرتنت‪ ،‬ي�صبح مو�ضوعا �شائكا‪� ،‬إىل درجة كبرية‪،‬‬
‫مع ال�سيا�سة التي تنتهجها بع�ض الدول‪ ،‬يف مراقبة االنرتنت‪ ،‬ويف منع و�صول املواطنني‪� ،‬إىل �أنواع‬
‫معينة‪ ،‬من املعلومات‪ ،‬اذ يعترب هذا‪ ،‬من املوا�ضيع التي متتنع الدول عن مقاربتها‪ ،‬نظرا حل�سا�سيتها‪،‬‬
‫وللحرج الذي ي�شكله التطرق اليها‪ .‬هذا‪ ،‬مع العلم‪� ،‬أن هذه ال�سيا�سات‪ ،‬ت�شكل واحدة من امل�سائل‪،‬‬
‫التي تندرج �ضمن “حوكمة االنرتنت”‪.‬‬
‫فالنقا�ش اجلدي ملو�ضوع حوكمة االنرتنت‪ ،‬يخرج �إىل ال�ضوء‪ ،‬موا�ضيع �شديدة ال�صعوبة‪ ،‬مثل حرية‬
‫التعبري‪ ،‬واخل�صو�صية‪ ،‬والأمن الوطني‪ ،‬وتطبيق القوانني‪ ،‬وال�صالحية على امل�ستوى العاملي‪ ،‬كما‬
‫مو�ضوع‪ ،‬مبد�أ �سيادة الدولة‪ .‬وتعترب هذه املوا�ضيع‪ ،‬من امل�سائل الأكرث اثارة للجدل‪ ،‬واالختالف بني‬
‫الدول‪ .‬وال يخرج مفهوم “حوكمة االنرتنت” هو الآخر‪ ،‬عن دائرة اجلدل واخلالف‪.‬‬
‫وقد �أبرز حتديد مفهوم “حوكمة االنرتنت”‪ ،‬خالفا يف وجهات النظر بني احلكومات‪ ،‬واالطراف‬
‫املعنية االخرى‪ :‬كهيئات املجتمع املدين‪ ،‬والقطاع اخلا�ص‪ ،‬عندما متت مناق�شة ما ميكن �أن يندرج حتت‬
‫هذا العنوان‪ .‬فقد ر�أى البع�ض‪� ،‬أنه يتناول �إدارة موارد االنرتنت‪ ،‬وترتيبات الت�شغيل‪ ،‬ونقاط التبادل‪،‬‬
‫واقتحام الربيد الإلكرتوين والتطفل عليه‪ ،‬والأمن ال�سيرباين‪ ،‬والنفاذ �إىل املعلومات‪ ،‬واخلدمة العاملية‪،‬‬
‫وحقوق امللكية الفكرية‪ ،‬واحلق يف اخل�صو�صية‪ ،‬وغريها من احلقوق واحلريات االن�سانية‪.‬‬
‫بينما دعا فريق �آخر‪� ،‬إىل االخذ بتعريف �أ�ضيق‪ ،‬فيما يتعلق بتدبري و�إدارة موارد االنرتنت‪ ،‬ال�سيما ما‬
‫يخت�ص منه‪ ،‬ب�أ�سماء النطاقات والعناوين‪.‬‬

‫‪� .3‬رشاكة لتطوير االنرتنت وا�ستعمالها‬


‫وكان النقا�ش حول حوكمة االنرتنت‪ ،‬قد �أثار �ضجة كبرية‪ ،‬ومزيجا من اخلوف وعدم الثقة‪ ،‬ونظريات‬
‫حول الت�آمر‪ ،‬وا�ستعرا�ضات قوة‪ ،‬ظهرت ب�شكل �سافر‪ ،‬منذ الأعمال التح�ضريية للقمة العاملية ملجتمع‬
‫املعلومات‪ ،‬يف جنيف‪ ،‬ومنذ اللقاءات التي عقدت يف �إطارها‪.‬‬
‫اال �أن ذلك‪ ،‬مل مينع التو�صل‪ ،‬يف حينه‪� ،‬إىل �إن�شاء فريق عمل خا�ص بحوكمة االنرتنت‪ ،‬يف العام ‪.2004‬‬
‫وت�ألف هذا الفريق‪ ،‬من جمموعة من اخلرباء امل�ستقلني‪ ،‬ينتمون �إىل �أكرث من ثالثني بلدا‪ ،‬وذلك بقرار من‬
‫االمني العام للأمم املتحدة‪ .‬وقد �أ�سندت اليه‪ ،‬مهمة مراجعة االمور‪ ،‬التي ميكن �أن تندرج حتت عنوان‬
‫حوكمة االنرتنت‪ ،‬وتقدمي النتائج التي يتو�صل اليها‪ ،‬نتيجة ذلك‪� ،‬إىل املرحلة الثانية‪ ،‬من القمة العاملية‬
‫ملجتمع املعلومات‪.‬‬
‫�صفحة رقم ‪15‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫وبالفعل‪ ،‬فقد قدم هذا الفريق تقريره يف العام ‪ ،2005‬مو�صيا باعتماد التعريف التايل ملفهوم “حوكمة‬
‫االنرتنت”[[[‪:‬‬
‫«ان حوكمة االنرتنت‪ ،‬هي تطوير وتطبيق‪ ،‬من جانب احلكومات والقطاع اخلا�ص واملجتمع املدين‪،‬‬
‫كل بح�سب دوره‪ ،‬للمبادئ‪ ،‬واملعايري‪ ،‬والقواعد‪ ،‬والأعراف امل�شرتكة‪ ،‬ولإجراءات اتخاذ القرارات‪،‬‬
‫وو�ضع الربامج التي حتدد �شكل تطور الإنرتنت وا�ستعمالها»‪ .‬وقد �أ�شار الفريق‪ ،‬يف التقرير نف�سه‪� ،‬إىل‬
‫عدد من املبادئ‪ ،‬التي ال بد من مراعاتها‪ ،‬وهي‪:‬‬
‫ •عدم ا�ستحواذ حكومة واحدة‪ ،‬على دور غالب يف حوكمة االنرتنت‪ ،‬على امل�ستوى العاملي‪.‬‬
‫ •مراعاة التعددية اللغوية‪ ،‬و�أ�صول ال�شفافية والدميقراطية‪.‬‬
‫ •م�شاركة احلكومات‪ ،‬واملنظمات الدولية‪ ،‬والقطاع اخلا�ص‪ ،‬وهيئات املجتمع املدين‪ ،‬يف �إقرار‬
‫القواعد‪ ،‬التي حتكم االنرتنت‪.‬‬
‫وي�ؤ�رش التعريف املقرتح‪ ،‬ب�شكل وا�ضح‪� ،‬إىل ارتباط “حوكمة االنرتنت”‪ ،‬بامل�سائل التي تعني اجلوانب‬
‫التقنية‪ .‬لكن هذا الأمر‪ ،‬ال يبقي امل�سائل القانونية‪� ،‬أو الت�رشيعية‪� ،‬أو التنظيمية‪ ،‬خارج دائرة ت�أثريها‪.‬‬

‫‪ .4‬من الطغيان �إىل امل�ساواة‬


‫وتعترب هذه املبادئ‪ ،‬مبثابة رد على اخلطر الذي ا�ست�شعرته‪ ،‬بع�ض احلكومات وال�شعوب‪ ،‬نتيجة العالقة‬
‫التعاقدية اخلا�صة‪ ،‬التي تربط حكومة الواليات املتحدة الأمريكية بااليكان ‪ ،ICANN‬ونتيجة طغيان‬
‫اللغة الإنكليزية‪ ،‬وعدم القدرة الوا�ضحة للقانون‪ ،‬على التعامل مع تنظيم االنرتنت‪ ،‬والن�شاط يف الف�ضاء‬
‫ال�سيرباين‪� ،‬ضمن االطر امل�ؤ�س�ساتية والقواعد التقليدية‪ ،‬التي اعتاد العمل من خاللها‪ .‬ولعل التعبري‬
‫االو�ضح‪ ،‬عن هذا االح�سا�س باخلطر‪ ،‬ما نقلته �أجواء القمة العاملية ملجتمع املعلومات‪ ،‬التي انعقدت يف‬
‫تون�س‪ ،‬من وجهات نظر خمتلفة‪ ،‬حول �رضورة اخ�ضاع تنظيم �أ�سماء النطاقات والعناوين على االنرتنت‪،‬‬
‫�إىل هيئات �أخرى‪ ،‬غري الآيكان ‪ ،ICANN‬بحيث ال تكون حكومة الواليات املتحدة الأمريكية‪� ،‬صاحبة‬
‫النفوذ الوحيد‪ ،‬يف هذا املجال[[[‪.‬‬
‫ويالحظ يف هذا الإطار‪ ،‬اجماع العديد من الهيئات الر�سمية واخلا�صة‪ ،‬على �رضورة انطالق هذه املبادئ‪،‬‬
‫من مبد�أ �أ�سا�سي‪ ،‬هو امل�ساواة بني الدول وال�شعوب‪ ،‬يف االفادة من امكانات االنرتنت‪ ،‬ويف امل�شاركة‬
‫يف العامل ال�سيرباين‪ ،‬بناء وتنظيما ومراقبة‪ ،‬بحيث ال تتحول تكنولوجيا املعلومات واالت�صاالت‪ ،‬ال�سيما‬
‫منها االنرتنت‪� ،‬إىل م�صدر لأنواع جديدة من التمييز والتفرقة بني البلدان وال�شعوب‪� ،‬أو بني �أفراد الدولة‬
‫الواحدة‪ ،‬ما يخلق بيئة خ�صبة‪ ،‬للنزاعات والتباعد‪.‬‬

‫‪[6] The report of the Working Group on Internet Governance, published in June 2005, “Internet governance is the development‬‬
‫‪and application by Governments, the private sector and civil society, in their respective roles, of shared principles, norms, rules,‬‬
‫‪decision-making procedures, and programmes that shape the evolution and use of the Internet”.‬‬
‫‪[7] U.S. dominance in Internet regulation under fire. Jeffrey Sparshot. The Washington Times. October 10 2005. www.‬‬
‫‪washingtontimes.com“ a growing bloc of rich and poor nations wants to strip the U.S. government of its role managing the‬‬
‫‪Internet’s most basic infrastructure and hand it to a still-undefined international coalition”.‬‬
‫�صفحة رقم ‪16‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫ويف هذا االجتاه �أي�ضا‪ ،‬جاء تعليق «م�رشوع حوكمة االنرتنت[[[»‪ ،‬على «بيان املبادئ حول نظام �أ�سماء‬
‫النطاقات وانظمة العنونة[[[»‪ ،‬الذي �صدر عن وزارة التجارة القومية لالت�صاالت و�إدارة املعلومات[‪،[[1‬‬
‫منبها �إىل خطورة �سيطرة الواليات املتحدة الأمريكية على قرارات الآيكان‪ ،‬ال�سيما وانها‪ ،‬حتمل خطر‬
‫اثارة ردود فعل لدى الدول التي ترف�ض ذلك‪ ،‬ما ي�ؤدي �إىل تقوي�ض التوافق العاملي حول االنرتنت‪،‬‬
‫واال�رضار حتى مب�صالح امل�ستخدمني واملوردين‪ ،‬يف الواليات املتحدة [‪ [[1‬الأمريكية‪.‬‬
‫لكل ما تقدم‪ ،‬كان طبيعيا ان يبادر املجتمع الدويل‪� ،‬إىل معاجلة التحديات التي تطرح على هذا امل�ستوى‪،‬‬
‫يف حماولة للرد على احلاجة �إىل حتديد اجلهة‪ ،‬التي متلك �سلطة القرار يف و�ضع اال�س�س واملبادئ الت�رشيعية‬
‫والتنظيمية‪ ،‬من جهة �أوىل‪ ،‬وحتديد ال�سيا�سة املفرو�ض اتباعها‪ ،‬ملعاجلة امل�سائل وال�صعوبات الناجتة عن‬
‫االنرتنت‪ ،‬والتي ميكن م�صادفتها يف الف�ضاء ال�سيرباين‪ ،‬من جهة ثانية‪ ،‬و�صوال �إىل �آليات تنفيذ وتطبيق‬
‫القواعد القانونية والتنظيمية‪ ،‬وفر�ض االلتزام بها‪.‬‬
‫ويبقى الأهم ‪ ،‬ذلك املوقف احلازم الذي اتخذته الواليات املتحدة الأمريكية‪ ،‬يف هذا ال�ش�أن‪ ،‬والذي‬
‫جاء يف الر�سالة التي وجهتها وزيرة اخلارجية‪ ،‬غونداليزا راي�س‪� ،‬إىل جاك �سرتو‪ ،‬وزير اخلارجية‬
‫الربيطاين[‪ .[[1‬وقد عربت راي�س‪ ،‬يف هذه الر�سالة‪ ،‬عن ا�ستهجانها للموقف الأوروبي‪ ،‬الذي يدعو �إىل‬
‫�إيجاد هيئة جديدة ت�رشف على �إدارة �ش�ؤون االنرتنت‪ .‬ور�أت فيه‪ ،‬تهديدا ل�سالمة االنرتنت‪ ،‬واعاقة‬
‫لطبيعة تطورها‪ ،‬الذي يتنافى‪ ،‬ومنطق اخ�ضاعها ال�رشاف بريوقراطي[‪.[[1‬‬
‫واذا كانت الدول املجتمعة يف تون�س‪ ،‬مل تفلح يف �أبعاد حوكمة االنرتنت‪ ،‬عن دائرة النفوذ الأمريكي‪،‬‬
‫اال انها جنحت يف اعداد خمطط‪ ،‬ملنتدى عاملي حولها[‪ ،[[1‬اجتمع للمرة الأوىل يف �آثينا يف العام ‪،2006‬‬
‫وما زال ينعقد �سنويا‪ ،‬حتى تاريخنا هذا‪ ،‬ال بل انه بد�أ ميتد �إىل تكوين فروع اقليمية ومناطقية له‪ ،‬مثل‬
‫منتدى احلوكمة االفريقي‪ ،‬واملنتدى العربي‪� ،‬إىل جانب منتديات وطنية عديدة‪.‬‬

‫‪ .5‬التقنية والقانون‬
‫وتتوزع امل�سائل التي ترد حتت عنوان حوكمة االنرتنت‪ ،‬على حمورين اثنني‪ :‬الأول تقني‪ ،‬والثاين قانوين‪.‬‬
‫اال ان كليهما‪ ،‬يطرحان حتديات على امل�ستوى العاملي‪ ،‬تبد�أ بكيفية التن�سيق بني الهيئات واحلكومات‬
‫املختلفة‪ ،‬لت�صل �إىل اعتماد مقايي�س ومعايري تقنية موحدة‪ ،‬ون�صو�ص تنظيمية وت�رشيعية‪ ،‬ت�ستجيب‬
‫‪[8] Internet Governance Project (IGP).‬‬
‫‪[9] Principles on the Internet’s Domain Name and Adressing System.‬‬
‫‪[10] (NTIA) National Telecommunications and Information Administration.‬‬
‫‪[11] The Future US Role in Internet Governance: 7 Points in Response to the US Commerce Department’s “Statement of‬‬
‫‪Principles”Concept Paper by the Internet Governance Project www.internetgovernance.org 28 July, 20052- “The US Government’s‬‬
‫‪exceptional role as unilateral contracting and oversight authorityfor ICANN, should it continue ad infinitum into the future, will‬‬
‫‪directly contradict the two prongs of the 1998 White Paper policy (internationalization and privatization). Obviously, Internet‬‬
‫‪governance is neither internationalized nor privatized if one national government arrogates to itself the exclusive authority to‬‬
‫‪supervise ICANN, negotiate the terms of its contracts, and approve any changes in the root zone. The policy if unchanged also‬‬
‫‪invites reciprocal actions by other states that may undermine the global compatibility of the Internet and the interests of users‬‬
‫‪and suppliers in the United States”.‬‬
‫‪[12] Jack Straw, Secretary of State for Foreign and Commonwealth Affairs‬‬
‫‪[13] Letter from the US secretary of state Condoleezza Rice to the UK foreign minister Jack Straw acting in the role of presidency‬‬
‫‪of the EU., “Burdensome, bureaucratic oversight is out of place in an Internet structure that has worked so well for many around‬‬
‫‪the globe. We regret the recent positions on Internet governance(i.e., the “new cooperation model”) offered by the European Union,‬‬
‫‪the Presidency of which is currently held by the United Kingdom, seems to propose just that - a new structure of intergovernmental‬‬
‫‪control over the Internet”.‬‬
‫‪[14] International Internet Governance Forum.‬‬
‫�صفحة رقم ‪17‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫للم�سائل القانونية‪ ،‬امل�ستجدة يف الف�ضاء ال�سيرباين‪ .‬وي�شمل ذلك‪ :‬حتويل �أ�سماء النطاقات �إىل عناوين‬
‫رقمية فريدة[‪ ،[[1‬ا�ستثمار خدمات االت�صاالت‪ ،‬امل�س�ؤولية عن الأعمال التجارية والأعمال غري ال�رشعية‬
‫على االنرتنت‪ ،‬مكافحة اجلرمية‪ ،‬التجارة الإلكرتونية‪ ،‬ا�ستيفاء ال�رضائب‪ ،‬حماية م�ستخدمي االنرتنت‬
‫وحماية امل�ستهلك‪ ،‬وغريها الكثري من الق�ضايا التي ميكن �أن تثريها العالقات االن�سانية على االنرتنت‪،‬‬
‫اجتماعية كانت‪ ،‬جتارية‪ ،‬ام اقت�صادية‪.‬‬
‫ويعترب اجلزء التقني‪ ،‬الق�سم الأول واالهم‪ ،‬يف حوكمة االنرتنت‪ ،‬كونه الأ�سا�س الذي يرتكز اليه قيام‬
‫العامل ال�سيرباين‪ ،‬وطريقة عمله‪ .‬ا�ضافة �إىل ذلك‪ ،‬ي�ساهم هذا العن�رص‪� ،‬إىل حد بعيد‪ ،‬يف تقرير ما ميكن‬
‫اعتماده من �أ�ساليب متابعة ومراقبة‪� ،‬رضورية يف التنظيم القانوين‪ ،‬ال�سيما على م�ستوى تقرير قواعد‬
‫املراقبة‪ ،‬واملالحقة‪ ،‬والتنفيذ‪� ،‬سعيا �إىل حماية �أمن االنرتنت‪ ،‬و�صوال �إىل حماية الف�ضاء ال�سيرباين‪ .‬على‬
‫�ضوء ما تقدم‪ ،‬ال تتما�شى املقاربة التقليدية يف مقاربة الأمن‪ ،‬املبنية على م�س�ؤولية �سلطة واحدة‪� ،‬أو‬
‫قطاع واحد‪ ،‬مع البيئة اخلا�صة لل�شبكة العاملية للمعلومات‪ .‬اذ ال متلك �أية حكومة‪� ،‬أو مرجعية يف‬
‫القطاع اخلا�ص‪ ،‬ال�سلطات االدارية �أو القانونية الكافية‪ ،‬على مكونات جمموعات الأنظمة وال�شبكات‬
‫املتوا�صلة‪ ،‬من جهة‪ .‬ومن جهة �أخرى‪ ،‬ي�ستلزم ات�ساع نطاق مهمة ت�شغيل االنرتنت‪ ،‬وت�أمني املوارد‬
‫الأ�سا�سية لها‪ ،‬قدرات مادية‪ ،‬وم�ؤهالت ب�رشية‪ ،‬تفوق قدرة اي طرف منفرد‪ ،‬على ت�أمينها‪ .‬انطالقا مما‬
‫تقدم‪ ،‬كان اللجوء �إىل نظام �إ�رشاك �أكب رعدد من �أ�صحاب امل�صالح‪ ،‬هو املقاربة االجدى‪ ،‬واالفعل‪،‬‬
‫على م�ستوى �إدارة وحوكمة االنرتنت‪.‬‬

‫‪ .6‬موا�ضيع احلوكمة‬
‫يعترب النظام اخلا�ص بحوكمة االنرتنت معقدا‪ ،‬نظرا للم�سائل الكثرية التي يطاولها‪ ،‬واجلهات املعنية به‪،‬‬
‫والآليات واال�صول والو�سائل التي يعتمدها‪ .‬ويطاول نظام احلوكمة‪ ،‬بح�سب املنظور الوا�سع‪ ،‬ا�ضافة‬
‫�إىل م�سائل البنية التحتية‪ ،‬والربوتوكول‪ ،‬و�أ�سماء نطاقات االنرتنت‪ ،‬امل�سائل القانونية‪ ،‬واالقت�صادية‬
‫والتنموية‪ ،‬واالجتماعية الخ‪...‬وهذا املنظور‪ ،‬هو الذي اعتمد‪ ،‬بنتيجة التقارير التي قدمت من فريق‬
‫العمل اخلا�ص بهند�سة االنرتنت‪ ،‬والقمة العاملية ملجتمع املعلومات‪ ،‬وهو الذي يقرر موا�ضيع النقا�ش‪،‬‬
‫التي يتناولها منتدى �إدارة االنرتنت‪.‬‬
‫وميكن تعداد هذه املوا�ضيع على النحو الآتي‪:‬‬
‫ •البنية التحتية‪ ،‬و�إدارة املوارد احلرجة لالنرتنت‬
‫ •ا�ستخدام االنرتنت‪ ،‬الربيد غري املرغوب فيه‪� ،‬أمن ال�شبكات‪ ،‬واجلرمية ال�سيربانية‬
‫ •امل�سائل القانونية‪ ،‬التي ميكنها ان ت�ؤثر على ا�ستخدام االنرتنت‪ ،‬والتي تدخل يف اهتمامات‬
‫منظمات قائمة‪ ،‬مثل امللكية الفكرية‪ ،‬والتجارة الدولية‪.‬‬
‫ •اجلوانب املرتبطة بالتنمية والتطوير‪ ،‬كبناء القدرات يف البلدان النامية‬
‫وللمقارنة‪ ،‬نذكر ان منتدى �آثينا‪ ،‬نظم ملناق�شة موا�ضيع اربعة‪ :‬النفاذ‪� ،‬أمن ال�شبكة‪ ،‬االنفتاح‪ ،‬التعددية‪،‬‬
‫‪[15] Translating domain names into unique numerical addresses read by computers.‬‬
‫�صفحة رقم ‪18‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫وا�ضيف مو�ضوع خام�س يف ريو دا جانريو‪ ،‬عام ‪ ،2007‬هو �إدارة املوارد احلرجة لالنرتنت‪ .‬ويعترب‬
‫منتدىى حوكمة االنرتنت‪ ،‬احلدث الأهم الذي تناق�ش فيه �سيا�سة االنرتنت‪ ،‬حيث يجتمع ا�صحاب‬
‫امل�صلحة‪ ،‬الذين ميثلون احلكومات‪ ،‬والقطاع اخلا�ص‪ ،‬واملجتمع املدين‪ .‬ويعترب هذا املنتدى املكان‬
‫االف�ضل‪ ،‬ملناق�شة العديد من الق�ضايا‪ ،‬ال�سيما منها‪ ،‬حرية التعبري‪ ،‬وعالقتها با�ستخدام االنرتنت‪.‬‬
‫وتورد ديبلو ‪ ،Diplo‬وهي منظمة تعنى ببناء القدرات‪ ،‬يف جمال حوكمة االنرتنت‪ ،‬موا�ضيع حوكمة‬
‫االنرتنت‪ ،‬حتت عناوين خم�سة هي‪ :‬البنية التحتية واملقاييي�س‪ ،‬القانون‪ ،‬االقت�صاد‪ ،‬التنمية‪ ،‬االجتماع‬
‫والثقافة‪.‬‬

‫‪ .7‬املقاربة القانونية وبناء الثقة‬


‫�أ‪� -‬أ�سا�س للتنمية‬
‫ي�أتي ثبات العمل وا�ستمراره على االنرتنت‪ ،‬يف �أولويات �أهداف احلوكمة‪ ،‬ال�سيما على امل�ستوى التقني‪،‬‬
‫نظرا لت�أثريه الكبري‪ ،‬على �سيا�سات االمناء‪ ،‬والتطوير‪ ،‬والت�رشيع‪ .‬ومن هنا‪ ،‬يفهم االهتمام مب�شاركة جميع‬
‫االطراف املعنية‪ ،‬بالبنية التحتية لالت�صاالت‪ ،‬وبا�ستعمالها‪ ،‬وبا�ستثمارها‪� ،‬سواء يف و�ضع ال�سيا�سات‬
‫التنظيمية‪� ،‬أو يف و�ضع القواعد التي حتكم االنرتنت‪.‬‬
‫يف املقابل‪ ،‬يعترب الإطار القانوين والتنظيمي‪ ،‬حاجة ملحة‪ ،‬نظرا لكونه عامال م�ؤ�س�سا لعن�رص الثقة‪ ،‬لي�س ‬
‫فقط يف دعم اال�ستثمار وتقدمي نوعية �أف�ضل من اخلدمات بكلفة و�أ�سعار تناف�سية‪ ،‬و�إمنا �أي�ضا يف �إر�ساء‬
‫�أ�س�س ثقة املواطن يف جمتمع املعلومات‪ .‬وذلك انطالقا من �أن القانون‪ ،‬هو �ضمانة احلقوق واحلريات[‪.[[1‬‬
‫وهكذا تندرج حوكمة االنرتنت‪ ،‬يف �إطار القانون ال�سيرباين‪ ،‬الأمر الذي جعل هذا الأخري‪ ،‬ي�ستحوذ‬
‫على اهتمام معظم الدول‪ ،‬منذ ما قبل القمة العاملية ملجتمع املعلومات‪ .‬ذلك ان االنفجار الذي عرفه‬
‫قطاع تكنولوجيا املعلومات واالت�صاالت‪ ،‬منذ مطلع الت�سعينات من القرن املا�ضي‪ ،‬مل ي�ؤ�رش فقط‬
‫�إىل الإمكانات االقت�صادية الهائلة التي ترتبط به‪ ،‬بل �أي�ضا �إىل الإمكانات والتحوالت االجتماعية‬
‫واالقت�صادية‪ ،‬التي ميكن �أن تنتج‪ ،‬عن متكني املواطنني من هذه التكنولوجيا[‪ .[[1‬ا�ضافة �إىل ذلك‪ ،‬تنبهت‬
‫جميع الدول‪� ،‬إىل ما ميكن �أن يعنيه التفرد بحوكمة االنرتنت‪ ،‬من قبل احدى الدول‪ ،‬من تفرد يف‬
‫التنظيم والت�رشيع‪ ،‬لقطاع يعني كل املجتمعات‪.‬‬

‫ب‪� -‬أهمية العامل التقني‬


‫وتنطلق املقاربة القانونية حلوكمة االنرتنت‪ ،‬من الدور التقني الأ�سا�سي الذي تلعبه هذه الأخرية‪ ،‬يف‬

‫‪[16] Communication from the commission to the council, the European Parliament, the European Economic and Social Committee‬‬
‫‪and the committee of the regions- challenges for the European information society beyond 2005. Brussels, 19/11/2004.‬‬
‫‪[17] George Sadowsky, Global Internet Policy Initiative and Internews Network,Raul Zambrano, United Nations Development‬‬
‫‪Programme, Pierre Dandjinou, United Nations Development Programme.Internet Governannce: A Discussion Document‬‬
‫‪prepared for the United Nations ICT Taskk Force. New York, USA / May 24, 2004. 1. Discussions on Internet governance have‬‬
‫‪been taken place for several years and predate the World Summit on the Information Society (WSIS) process. To a large extent,‬‬
‫‪the many globaldebates on the subject grew in volume due to the technology boom of the late 1990s and the heavy involvement‬‬
‫‪and interest of the ICT private sector in the process. The boom not only suggested the apparent emergence of a new economy but‬‬
‫‪also the enormous social and political transformation power that the Internet and related new technologies could deliver into the‬‬
‫‪hands of citizens throughout the globe.‬‬
‫�صفحة رقم ‪19‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫جمع خمتلف �شبكات االت�صاالت املنت�رشة حول العامل‪ .‬وهذا الدور حتديدا‪ ،‬هو ما يجعلها‪ ،‬باجماع‬
‫احلكومات والدول واالطراف املعنية املختلفة‪ ،‬التي اجتمعت يف تون�س‪ ،‬عن�رصا �أ�سا�سيا يف البنى التحتية‬
‫ملجتمع املعلومات‪ ،‬ذا �أهمية فائقة لل�شعوب واحلكومات‪ ،‬وذا دور فاعل يف مكافحة م�شاكل العامل‬
‫التقليدية‪ :‬كالفقر‪ ،‬والأمية‪ ،‬والتخلف‪ ،‬ا�ضافة �إىل الدور احليوي الذي ميكنها �أن تلعبه‪ ،‬يف جمال الأمن‬
‫القومي واالجتماعي‪ ،‬عرب ت�سهيلها �أعمال ال�سلطة‪ ،‬ومتكينها من �ضبط �إدارة م�سائل حيوية‪ ،‬كالدفاع‪،‬‬
‫واالغاثة‪ ،‬والتنمية‪ ،‬وال�صحة وغريها من القطاعات‪.‬‬
‫وال تنح�رص الإدارة التقنية هذه‪ ،‬عمليا‪ ،‬بجهة واحدة مرتبطة بحكومة معينة‪ ،‬بل اتها تتوزع على عدد‬
‫من املجموعات والهيئات‪ ،‬املحلية واالقليمية والدولية‪ ،‬التي تعمل �ضمن �إطار مفتوح من التعاون بينها‪،‬‬
‫والتي تلتزم مبجموعة من املقايي�س و�أ�ساليب العمل‪ ،‬املتفق عليها عامليا‪ .‬وتعود هذه املقايي�س والأ�ساليب‪،‬‬
‫�إىل عدد من امل�سائل املرتبطة بتطوير البنية التحتية لالنرتنت‪ ،‬وبهند�سة الربوتوكوالت واال�صول املتبعة‬
‫عليها‪ ،‬وبا�صول توزيع واعتماد �أ�سماء النطاقات والعناوين‪ ،‬وب�أمن املعلومات والأنظمة‪ ،‬وب�إدارة‬
‫االت�صاالت‪ ،‬وتنظيم دفق املعلومات[‪.[[1‬‬

‫‪ .8‬العوامل املحددة لإدارة االنرتنت‬


‫للإحاطة بالعوامل التي ت�ؤثر يف ادارة االنرتنت البد من التطرق �إىل ال�سلطات التقنية‪ ،‬االقت�صادية‬
‫والقانونية‪.‬‬

‫�أ‪ -‬ال�سلطة التقنية‬


‫حتكم طبيعة االنرتنت التقنية طبيعة العامل ال�سيرباين‪ ،‬ولهذا نراه يت�صف بتقنية عالية‪ ،‬متحركة‪ ،‬و�رسيعة‬
‫التحول‪ .‬و تتحكم هذه التقنية‪ ،‬يف تقرير ما ميكن اعتماده من �أ�ساليب متابعة‪ ،‬ومراقبة �رضورية‪ ،‬يف‬
‫التنظيم القانوين‪ ،‬للعامل ال�سيرباين‪ ،‬ال�سيما على م�ستوى تقرير قواعد املراقبة‪ ،‬واملالحقة‪ ،‬والتنفيذ[‪. [[1‬‬
‫يف املقابل‪ ،‬تتعدد العوامل امل�ؤثرة يف �إدارة االنرتنت‪ .‬فمنها ما يرتبط بالطبيعة التقنية ل�شبكة ال�شبكات‪،‬‬
‫ومنها ما ينتج عن املمار�سات ال�سيا�سية واالقت�صادية والقانونية‪ .‬من هنا‪ ،‬لالجابة على هذا ال�س�ؤال‪ ،‬ال‬
‫بد من مراعاة طبيعة االنرتنت‪ ،‬واال�ستخدامات التي تتيحها‪ .‬فال�شبكة العاملية للمعلومات‪� ،‬أو ال�شبكة‬
‫العنكبوتية‪ ،‬هي عبارة عن جمموعة من ال�شبكات امل�ستقلة‪ ،‬التي تت�صل ببع�ضها‪ ،‬عرب ا�ستخدام بروتوكول‬
‫االنرتنت‪ ،‬وبروتوكول التحكم يف االر�سال ‪ ،IP/TCP‬لالجهزة العاملة عليها‪ .‬ويف هذا جت�سيد لل�سلطة‬
‫التقنية‪ ،‬التي يفر�ضها االلتزام مبعايري تقنية‪ ،‬و�ضعت عن طريق التوافق‪ ،‬بني جهات تقنية متخ�ص�صة‬
‫ومعنية بتطوير عمل ال�شبكة‪ ،‬ما زالت تعمل حتى اليوم‪ ،‬م�شكلة بذلك‪ ،‬ما ميكن ت�سميته‪ ،‬بال�سلطة‬
‫التقنية‪.‬‬
‫‪[18] The Internet Engineering Task Force (IETF),The Internet Architecture Board (IAB), The Internet Society (ISOC) ,which‬‬
‫‪provides the legal umbrella for the activities of the IETF and the IAB, The Internet Corporation for Assigned Names and‬‬
‫‪Numbers (ICANN),The Computer Emergency Response Team (CERT) in the U.S.,The Regional Internet Registries (RIRs),The‬‬
‫‪Internet Assigned Numbers Authority (IANA),The World Wide Web Consortium (W3C),The International Telecommunications‬‬
‫‪Union (ITU),The network operator groups, including RIPE, Apricot, NANOG, APNG, SANOG, AFNOG, SilkNOG,The UNICT‬‬
‫‪Task Force‬‬
‫القانون واالنرتنت‪ :‬تحدي التكيف والضبط‪ -‬صادر نارشون‪ -‬د‪.‬منى األشقر ود‪ .‬محمود جبور ]‪[19‬‬
‫�صفحة رقم ‪20‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫وي�أتي يف هذا ال�سياق‪ ،‬االلتزام بربوتوكول معني‪ ،‬لالت�صال بال�شبكة‪� ،‬أوال‪ ،‬وال�ستعمال التطبيقات‬
‫املرافقة‪ ،‬ثانيا‪ ،‬كالربيد الإلكرتوين‪ ،‬واملت�صفح‪ ،‬وغرف الدرد�شة‪ ،‬واملنتديات‪ ،‬وال�شبكات االجتماعية‪،‬‬
‫وغريها‪ .‬ويعترب ا�ستخدام هذا الربوتوكول‪ ،‬قاعدة ملزمة‪ ،‬تنتفي يف غيابها‪ ،‬امكانية االت�صال بال�شخ�ص‪،‬‬
‫�أو باملوقع‪ .‬ويعترب بروتوكول االنرتنت‪ ،‬م�س�ؤوال عن حتديد كيفية تق�سيم املعلومة‪� ،‬إىل رزم يتم نقلها‬
‫من اجلهة املر�سلة‪� ،‬إىل اجلهة النهائية املحددة لها‪ .‬وتتم عملية االنتقال هذه‪ ،‬عرب العناوين التي حتملها‬
‫الأجهزة املو�صولة باالنرتنت‪.‬‬

‫_ الآيكان‪� :‬صالحية عاملية وقرارات ملزمة‬


‫ظهرت الآيكان يف العام ‪ ،1998‬مع بداية و�ضع االنرتنت‪ ،‬يف ت�رصف اجلمهور الوا�سع‪ .‬وقد ترافق‬
‫هذا االنفتاح مع اعرتا�ضات على احتكار جهة واحدة‪ ،‬لتو�سيع �أ�سماء النطاقات العليا‪org, .com et.( ،‬‬
‫‪ ،).net‬ومع ما بدا وك�أنه و�ضع يد الواليات املتحدة الأمريكية على االنرتنت‪ ،‬من خالل طرحها لإن�شاء‬
‫هيئة خا�صة‪ ،‬خا�ضعة للقانون الكاليفورين‪ ،‬والتي ارتبطت معها بعقد‪ ،‬وقع مع وزارة التجارة الأمريكية‪.‬‬
‫وقد �سمح �إن�شاء الآيكان‪ ،‬مبنع احتكار ال‪ ،.Network Solution Inc‬حيث ا�س�ست لل�سجالت الوطنية‬
‫لأ�سماء النطاقات‪ ،‬واعتمدت مبادئ حل النزاعات حول �أ�سماء النطاقات‪ ،‬التي �أقرتها املنظمة الدولية‬
‫حلماية امللكية الفكرية‪.‬‬
‫فالآيكان هي اجلهة امل�س�ؤولة‪ ،‬عن �ضمان ح�سن �سري عملية انتقال املعلومات‪ ،‬على االنرتنت‪ ،‬وحتتفظ‬
‫لهذه الغاية‪ ،‬بقاعدة بيانات ت�ضم جميع العناوين‪ ،‬مع اجلهة املعنية بها‪ ،‬يتم تيوميها ب�شكل متوا�صل‪.‬‬
‫وت�شكل هذه القاعدة‪ ،‬نقطة حمورية‪ ،‬يف عمل االنرتنت‪ ،‬حيث تقوم ب‪:‬‬
‫ •تخ�صي�ص عناوين بروتوكول االنرتنت‬
‫ •اعطاء معرفات الربوتوكول‬
‫ •�إدارة �أ�سماء النطاقات العليا‬
‫ •�إدارة �أ�سماء النطاقات الوطنية‬
‫ •�إدارة نظام خمدمات اجلذر‬
‫وتقوم الآيكان بعملها‪ ،‬يف انحاء العامل كافة‪ ،‬عرب م�سجلي �أ�سماء النطاقات‪ ،‬الذين تعتمدهم‪ ،‬بناء على‬
‫التزامهم دفرت �رشوط‪ ،‬يبني معايري �أداء مهام الت�سجيل‪ ،‬وتعتمد �أ�ساليب ت�سمح بالتعرف على اال�شخا�ص‪،‬‬
‫الطبيعيني واملعنويني‪ ،‬الذين تنطبق عليهم هذه املعايري‪ ،‬وحتدد القواعد والإجراءات‪ ،‬التي تطبق على‬
‫توفري خدمات امل�سجلني‪ ،‬من خالل « اتفاقية االعتماد»‪ .‬وتتمتع الآيكان ب�صالحية عاملية‪ ،‬مبعنى ان‬
‫قراراتها تلزم اال�شخا�ص‪ ،‬وامل�ؤ�س�سات‪ ،‬واحلكومات‪.‬‬

‫_ �أ�سماء النطاقات‬
‫تعترب �أ�سماء نطاقات االنرتنت‪ ،‬كبطاقة الهوية‪ ،‬يف تعريفها عن املوقع‪ ،‬وعن ال�شخ�ص الذي ين�شئه‪.‬‬
‫فلكل جهاز مو�صول على االنرتنت‪ ،‬عنوان ي�سمى “ عنوان بروتوكول االنرتنت” ‪ ،IP Address‬ويتمثل‬
‫�صفحة رقم ‪21‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫هذا العنوان‪ ،‬من الناحية التقنية‪ ،‬ب�أعداد مف�صولة عن بع�ضها‪ ،‬بنقاط على ال�شكل التايل‪.124.12.56.71 :‬‬
‫كما يعترب هذا العنوان فريدا‪ ،‬اذ ال يجوز ان يحمل جهازان عنوانا واحدا‪ .‬وتتوىل �إدارة هذه العناوين‪،‬‬
‫وتوزيعها‪ ،‬هيئة متخ�ص�صة‪ ،‬هي هيئة الإنرتنت للأ�سماء والأرقام املخ�ص�صة (�آيكان)‪ .‬كما تتوىل هذه‬
‫الهيئة اعطاء �أ�سماء النطاقات ا�ضافة اىل قاعدة املعلومات‪ ،‬التي حتتوي هذه االرقام والعناوين‪ ،‬وت�شكل‬
‫نقطة ارتكاز عمل االنرتنت‪ .‬والن الآيكان‪ ،‬متلك تقنيا القدرة على ف�صل بع�ض الأجهزة‪� ،‬أو ال�شبكات‬
‫عن االنرتنت‪� ،‬أو حتى ايقاف عملها‪ ،‬يعترب البع�ض انها ت�سيطر عليها‪ ،‬مبا يعني‪ ،‬اننا نتحدث هنا‪ ،‬عن‬
‫القدرة اخلا�صة بالعنونة‪.‬‬
‫يبقى مل�ستخدمي ال�شبكة‪ ،‬ان ي�ستعملونها بالطريقة التي يريدون‪� ،‬رشط احرتام القوانني الو�ضعية الوطنية‪،‬‬
‫واالجنبية‪ ،‬يف حال كانت اعمالهم‪ ،‬تطاول �أمواال �أو ا�شخا�صا‪ ،‬خارج احلدود‪ .‬ي�ضاف �إىل ذلك‪،‬‬
‫�رضورة احرتامهم لبع�ض القواعد وا�صول ال�سلوك‪ ،‬اخلا�صة بها‪.‬‬
‫ال يوجد ت�رشيع �شامل‪ ،‬للتعامل مع امل�سائل القانونية والنزاعات‪ ،‬التي ميكن ان ترتبط ب�أ�سماء نطاقات‬
‫االنرتنت‪ ،‬لدى ا�ستعمال ا�سم م�شابه‪� ،‬أو مماثل ال�سم جتاري‪� ،‬أو عالمة جتارية‪ .‬لكن العديد من الت�رشيعات‬
‫الأوروبية‪ ،‬ويف مقدمها الت�رشيع الفرن�سي‪ ،‬كما االجتهاد الوطني والأوروبي[‪ ،[[2‬قد ت�صدى ملعاجلة هذه‬
‫امل�سائل‪ ،‬ا�ستنادا �إىل قوانني حماية امل�ستهلك‪ ،‬وحماية العالمات التجارية‪ .‬وكانت الوايبو‪ -‬املنظمة‬
‫الدولية حلماية امللكية الفكرية‪ ، -‬قد و�ضعت عددا من القواعد‪ ،‬التزمت بها الآيكان واعتمدتها[‪ ،[[2‬يف‬
‫حال ن�شوب نزاع‪ ،‬وهي‪:‬‬
‫ •حق املدعي يف مالحقة اجلهة‪ ،‬التي ت�ستخدم ا�سما م�شابها ملاركة �أو عالمة جتارية‪ ،‬خا�صة مبنتجات‬
‫�أو خدمات موجودة �سابقا‪ ،‬ميلك هو حقوقا عليها‪ ،‬حني ميكن ان ي�ؤدي هذا اال�ستخدام �إىل‬
‫التبا�س‪.‬‬
‫ •عندما ال ميلك م�ستخدم اال�سم‪ ،‬اي حق‪� ،‬أو م�صلحة �رشعية‪ ،‬فيما يخ�ص اال�سم‬
‫ •عندما يتم ت�سجيل اال�سم‪ ،‬وا�ستخدامه‪ ،‬عن �سوء نية‬
‫ويعترب �سوء النية متوافرا يف حال‪:‬‬
‫ •جل�أ مالك اال�سم �إىل عر�ضه للبيع‪� ،‬أو لاليجار‪� ،‬أو التخلي عن ملكيته لقاء بدل‪ ،‬على مالك العالمة‬
‫التجارية‪� ،‬أو املنتج‪� ،‬أو على مناف�سه‪.‬‬
‫ •حماولة جذب جمهور امل�ستخدمني‪ ،‬بهدف جني االرباح‪� ،‬إىل املوقع‪� ،‬أو �إىل اي مكان �آخر ملالك‬
‫ا�سم النطاق‪ ،‬عرب خلق التبا�س يف ذهن امل�ستخدم‪ ،‬مع املاركة �أو اخلدمة‪ ،‬التي يقدمها املدعي‪.‬‬
‫ •الت�سجيل بهدف منع مالك املاركة �أو العالمة‪ ،‬من ا�ستخدام ا�سم منتجه‪� ،‬أو خدمته كا�سم موقع‪،‬‬
‫ال�سيما متى كان هذا الت�رصف‪ ،‬يندرج يف �إطار الت�رصفات العادية‪ ،‬مل�سجل ا�سم النطاق‬
‫ •ت�سجيل اال�سم‪ ،‬بهدف الت�شوي�ش على العمليات التجارية للمناف�س‬
‫‪[20] Arrêt de la Cour (troisième chambre) du 11 juillet 2013. / Belgian Electronic Sorting Technology NV contre Bert Peelaers‬‬
‫‪et Visys NV. / Demande de décision préjudicielle: Hof van Cassatie - Belgique. / Directives 84/450/CEE et 2006/114/CE‬‬
‫‪- Publicité trompeuse et publicité comparative - Notion de ‘publicité’ - Enregistrement et utilisation d’un nom de domaine -‬‬
‫‪Utilisation de balises méta dans les métadonnées d’un site Internet. Affaire C-657/11. http://eur-lex.europa.eu/LexUriServ/‬‬
‫‪LexUriServ.do?uri=CELEX:62011CJ0657:FR:NOT‬‬
‫‪[21] http://www.icann.org/en/help/dndr/udrp/policy‬‬
‫�صفحة رقم ‪22‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫من جهتها‪ ،‬اعتمدت الآيكان‪ ،‬عددا من املبادئ الأ�سا�سية‪ ،‬التي متنع اال�ستيالء على �أ�سماء العالمات‬
‫التجارية‪ ،‬واملنتجات‪ ،‬عرب ت�سجيلها ك�أ�سماء مواقع‪ ،‬وذلك من خالل بنود تعاقدية تفر�ض‪:‬‬
‫ •ت�رصيحا وتعهدا من �صاحب طلب الت�سجيل‪ ،‬بان طلب الت�سجيل الذي يقدمه‪ ،‬كامل و�صحيح‪ ،‬وبان‬
‫ال حقوق ال�شخا�ص ثالثني على اال�سم الذي ي�سجله‪ ،‬وب�أن هذا الت�سجيل ال يبتغي حتقيق �أهداف غري‬
‫�رشعية‪ ،‬وبان طالب الت�سجيل ال يق�صد ا�ستخدام اال�سم‪ ،‬خالفا للقواعد القانونية النافذة‪.‬‬
‫ •التزام طالب الت�سجيل‪ ،‬بالرجوع �إىل هيئة التحكيم‪ ،‬اخلا�صة بحل النزاعات حول ا�سم النطاق‪ ،‬يف‬
‫حال ح�صولها‪ ،‬يف االحوال التي �أ�رشنا �إليها اعاله‪.‬‬
‫وحتمي الت�رشيعات الوطنية الأوروبية‪ ،‬ا�سم النطاق‪ ،‬كما يعمل االجتهاد‪ ،‬على ردع املمار�سات املخالفة‬
‫للقوانني‪ ،‬يف هذا املجال‪ .‬وكان الق�ضاء الفرن�سي‪ ،‬قد منع ا�ستخدام عدد من �أ�سماء العالمات التجارية‬
‫الفرن�سية‪ ،‬من قبل ا�شخا�ص‪ ،‬ال عالقة لهم بامل�ؤ�س�سة[‪.[[2‬‬
‫كذلك‪ ،‬مينع القانون الأمريكي منذ العام ‪ ،1999‬ت�سجيل �أ�سماء مواقع‪ ،‬ت�شكل �أ�سماء عالمات جتارية‪،‬‬
‫ومنتجات موجودة‪ ،‬وم�شهورة‪ ،‬قبل تاريخ هذا الت�سجيل[‪.[[2‬‬

‫ب‪� -‬أمان اجلذر يف ارقام ونطاقات االنرتنت‬


‫يف يوليو ‪ ،2010‬قامت كل من ‪ ICANN‬و�رشكة ‪ ،VeriSign‬والإدارة الوطنية الأمريكية لالت�صاالت‬
‫واملعلومات ‪ ،NTIA‬ب�إ�ضافة م�ستوى حماية �إىل طبعة �أ�سماء النطاقات ‪ DNS‬العليا للإنرتنت‪ ،‬من خالل‬
‫ا�ستخدام تقنية تعرف با�سم ‪ ،[[2[ DNSSEC‬وهي اخت�صار امتدادات �أمن نظام �أ�سماء النطاقات‪ .‬وقد‬
‫مت تطوير هذه التقنية‪ ،‬من �أجل حماية م�ستخدمي الإنرتنت‪� ،‬ضد الهجمات التي ت�ؤدي �إىل قر�صنة‬
‫علما ب�أن ا�ستخدام تقنية‬
‫�أ�سماء النطاقات‪ ،‬وبع�ض الأنواع من الإ�رضار التي ميكن ان تلحق باخلوادم ‪ً .‬‬
‫[‪[[2‬‬

‫‪ ،DNSSEC‬يهدف �إىل الت�أكد‪ ،‬من �أن املعلومات التي يتم احل�صول عليها‪ ،‬من نظام �أ�سماء النطاقات‬
‫‪ ، DNS‬مل يتم العبث بها‪ ،‬خالل عملية النقل من م�صدر البيانات‪� ،‬إىل الآلة التي تطرح ال�س�ؤال‪ ،‬بالنيابة‬
‫عن �أي م�ستخدم‪.‬‬
‫ويتم هذا االمر‪ ،‬من خالل التوقيع والتوثيق الرقميني‪ ،‬لبيانات ‪ .DNS‬ويعتمد هذا التوثيق‪ ،‬على‬
‫مفتاح يرتبط باجلذر اخلا�ص بنظام ‪ ،DNS‬ومن خالل �أي من املفاتيح‪� ،‬أو كلمات املرور �أو نظام‬
‫ومتا�شيا مع �أف�ضل املمار�سات‪ ،‬ف�إن الفريق‬
‫ً‬ ‫الأمن‪ .‬ويخ�ضع هذا املفتاح �إىل التحديث‪ ،‬ب�صفة دورية‪.‬‬
‫الذي يعمل يف ‪ ICANN‬يت�ألف من‪ IANA :‬ب�صفة م�شغل وظائف ‪� ،‬رشكاء �إدارة ملفات خوادم اجلذر‬
‫الآخرين‪ ،‬ك�رشكة ‪ VeriSign‬امل�رشفة على �صيانة منطقة اجلذر‪ ،‬والإدارة الوطنية الأمريكية لالت�صاالت‬
‫واملعلومات(‪.)NTIA‬ويعمل هذا الفريق‪ ،‬على “تدوير” �أو تغيري الزوج املفتاحي الت�شفريي‪ ،‬اخلا�ص‬
‫والعام‪� ،‬أي مفتاح التوقيع الرئي�سي‪ ،‬ملنطقة اجلذر[‪ ،)KSK( [[2‬واجلانب العام منه الذي يعمل ب�صفة‬
‫املفتاح‪ ،‬المتدادات ‪ DNSSEC‬اخلا�صة بالإنرتنت‪.‬‬
‫‪[22] Jugement du TGI de paris sanctionne l’enregistrement du nom de domaine la fayette 25 Mai 1999 sur juriscom.net / TGI‬‬
‫…‪Nanterre 30 juin 1999 a retenu la contrefacon de titulaire de nom lancome, l’oreal, cacharel etc‬‬
‫‪[23] la loi Anticybersquatting Consumer Protection act 1999‬‬
‫‪[24] The Domain Name System Security Extensions‬‬
‫‪[25] Servers‬‬
‫‪[26] key signing keys‬‬
‫�صفحة رقم ‪23‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫ويق�صد بتدوير مفتاح التوقيع الرئي�سي‪ ،KSK ،‬ا�ستخراج زوج جديد من املفاتيح‪ ،‬بالإ�ضافة �إىل توزيع‬
‫املكون العام اجلديد‪ ،‬على الأطراف التي تقوم على و�ضع‪� ،‬أو توزيع‪� ،‬أو ت�شغيل‪ ،‬وحدات حل التوثيق‪.‬‬
‫وميكن النظر �إىل عملية تدوير مفتاح التوقيع الرئي�سي ‪ ،KSK‬كعملية تغيري �أقفال البيت‪ .‬ففي احلاالت‬
‫التي تكون فيها �أ�سماء النطاقات موقعة من‪ ،DNSSEC‬يتم التحقق من ا�سم البيانات املوثقة‪ ،‬يف كل مرة‬
‫يحاول فيها م�ستخدم الإنرتنت‪ ،‬االت�صال بخادم حمدد با�سم نطاق‪ ،‬تتم جتربة املفتاح يف القفل‪ ،‬من �أجل‬
‫التحقق من البيانات‪ .‬وهذا يعني‪� ،‬أن تغيري القفل‪ ،‬دون حتديث املفاتيح‪� ،‬سي�ؤدي �إىل عدم فتح الباب‪،‬‬
‫الن ا�سم النطاق لن يكون مطابقا‪ ،‬و�سوف تف�شل حماولة االت�صال‪.‬‬
‫�أما الت�أثري املحتمل لعملية التدوير‪ ،‬فهو احلاجة ال �إجراء توزيع وا�سع النطاق‪ ،‬ومالئم ملرتكز الثقة‬
‫اخلا�ص مبفتاح التوقيع الرئي�سي ‪ KSK‬اجلديد‪.‬‬
‫وعندما ا�ستخدم جمتمع الإنرتنت‪ ،‬امتدادات ‪ DNSSEC‬للمرة الأوىل‪ ،‬حدد �رشكاء �إدارة ملفات خوادم‬
‫اجلذر‪ ،‬بالت�شاور مع عدد من ا�صحاب امل�صالح‪� ،‬رضورة �إجراء تدوير وتغيري مفتاح التوقيع الرئي�سي‬
‫‪ ،KSK‬عرب مرا�سم خا�صة باملفتاح‪� ،‬أو بعد مرور خم�س �سنوات على الت�شغيل‪ .‬اال ان هذا الإطار‬
‫ً‬
‫م�رشوطا بالوقائع الت�شغيلية للإنرتنت‪ .‬ففي العام املن�رصم ‪ ، 2015 ،‬مثال‪ ،‬تركز االهتمام‬ ‫الزمني‪ ،‬بقي‬
‫يف الآيكان على عملية نقل دور الإ�رشاف �إىل ‪ ،IANA‬باعتبارها امل�س�ألة الأكرث ات�صاال باجلمهور‪ ،‬من‬
‫[‪[[2‬‬

‫منظور االت�صاالت‪ ،‬لكن ذلك مل يعن توقف العمل‪ ،‬على تدوير مفتاح التوقيع الرئي�سي ‪ ،KSK‬الذي‬
‫ا�ستمر ب�شكل مواز‪ .‬وقد بد�أت يف �أكتوبر ‪ ،2016‬عملية اال�ستعداد الرئي�سية اجلديدة‪ ،‬لتدوير مفتاح‬
‫التوقيع الرئي�سي ‪ ،KSK‬ومن املتوقع ان يتم اكمالها‪ ،‬يف مار�س ‪ ،2018‬علما ان هذا الإطار الزمني‪،‬‬
‫يبقى هو الآخر‪ ،‬عر�ضة للتغيري‪� ،‬إذا ما ا�ستدعت الظروف ذلك‪ .‬فتدوير ‪ ،KSK‬ي�شبه تغيري كلمة املرور‬
‫ب�شكل دوري‪ ،‬لكن تغيريه‪ ،‬يتطلب جهودا خا�صة‪.‬‬

‫ج‪ -‬ال�سلطة االقت�صادية‬


‫تلعب القوة االقت�صادية‪ ،‬دورا ال ب�أ�س به‪ ،‬يف الف�ضاء ال�سيرباين‪ ،‬عرب الت�أثري املتبادل‪ ،‬بني القوة االقت�صادية‬
‫واالنرتنت‪ .‬ومن بع�ض ما ميكن ايراده يف هذا املجال‪ ،‬اعرتا�ض بع�ض ال�رشكات الكربى[‪ ،[[2‬على �إدارة‬
‫الآيكان لأ�سماء النطاقات‪ ،‬والذي �أدى �إىل اتفاق[‪ [[2‬بني احدى ال�رشكات املعنية‪ ،‬والآيكان‪ .‬وي�ستدل‬
‫هنا‪ ،‬من االتفاقيات اخلا�صة باعتماد الت�سجيل‪ ،‬واال�سعار اخلا�صة بت�سجيل �أ�سماء النطاقات العليا‬
‫اجلديدة‪ ،‬التي �سيتم �إقرارها‪ ،‬على اهمية الدور االقت�صادي على االنرتنت‪.‬‬
‫وجتدر الإ�شارة �إىل ال�سلطة االقت�صادية‪ ،‬تعني ب�شكل �أ�سا�سي ال�رشكات‪ ،‬التي تريد حجز �أ�سماء النطاقات‪،‬‬
‫وتطوير برجميات‪ ،‬ولكنها تبقى عاجزة‪ ،‬عن ممار�سة �سلطة معينة على عمل االنرتنت على امل�ستوى‬
‫التقني‪.‬‬

‫‪[27] Internet Assigned Numbers Authority‬‬


‫‪[28] Site Finder and Internet Governance - Jonathan Weinberg. “The lesson of Site Finder, in short, is that the existing domain-‬‬
‫‪name architecture and standards process aresubject to substantial pressure from an aggressively for-profit VeriSign”. http://‬‬
‫‪faculty.law.wayne.edu/Weinberg/UOLTJ_1.1.doc%2015(Weinberg).pdf‬‬
‫‪[29] ICANN Board Approves VeriSign Settlement Agreements. http://www.icann.org/en/news/announcements/announcement-‬‬
‫‪28feb06-en.htm‬‬
‫�صفحة رقم ‪24‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫د‪ -‬ال�سلطة الت�رشيعية الوطنية‬


‫انطالقا من مبد�أ �سيادة كل دولة على �أرا�ضيها‪ ،‬ومن املبد�أ القانوين‪ ،‬الذي يتحمل مبوجبه كل �شخ�ص‪،‬‬
‫نتيجة �أعماله التي تلحق �رضرا بالآخرين‪ ،‬يخ�ضع كل م�ستخدم لالنرتنت‪ ،‬للقوانني الو�ضعية الوطنية‪،‬‬
‫ما ي�ؤثر حمليا‪ ،‬على عمل االنرتنت‪ .‬وبالتايل‪ ،‬فان القيام بعمل خمالف للقانون الوطني‪ ،‬ي�ؤدي �إىل مالحقة‬
‫املخالف‪� ،‬أمام املحاكم الوطنية‪ ،‬بح�سب القانون الوطني‪ .‬وبغ�ض النظر‪ ،‬عن جترمي هذا العمل‪� ،‬أو عدم‬
‫جترميه‪ ،‬يف بلد �آخر‪ .‬فالطبيعة العاملية لالنرتنت‪ ،‬التي تثري �صعوبات يف وجه تطبيق القانون الوطني‪،‬‬
‫خارج �إطار ال�سيادة‪ ،‬وعلى مواطنني �أجانب‪ ،‬ال حتول العمل املخالف للقانون الوطني �رشعيا‪ ،‬ب�سبب‬
‫عدم جترميه يف قوانني �أجنبية‪ ،‬بل ان العك�س‪ ،‬ميكن ان ي�ؤدي �إىل مالحقة الفاعل‪ ،‬من قبل �سلطات‬
‫�أجنبية‪.‬‬
‫واذا كانت القوانني الو�ضعية‪ ،‬ال تلحظ ن�صو�صا‪ ،‬جترم بع�ض االفعال على االنرتنت‪ ،‬يبقى االنتباه‬
‫�رضوريا‪� ،‬إىل ان االنرتنت‪ ،‬ال تعترب نطاقا خارج القانون‪ ،‬وبالتايل‪ ،‬ال �شيء مينع تطبيق القوانني التقليدية‪،‬‬
‫يف حال غياب الت�رشيع اخلا�ص‪ ،‬على العديد من االو�ضاع القانونية‪ ،‬النا�شئة عن ا�ستخدام االنرتنت‪.‬‬
‫ولعل املثال الذي ميكن �سوقه هنا‪ ،‬على ت�أثري القوانني الو�ضعية على االنرتنت‪ ،‬هو �إقرار احلق يف ت�سجيل‬
‫الربامج املعلوماتية‪ ،‬بح�سب القوانني الأمريكية‪ ،‬وعدم جوازه يف القوانني الأوروبية‪ .‬ففي فرن�سا‬
‫خا�صة‪ ،‬و�أوروبا عامة‪ ،‬مينع ت�سجيل الربامج املعلوماتية والتطبيقات‪ ،‬والربامج احلرة امل�صادر‪ ،‬كما‬
‫مينع ت�سجيل املعادلة احل�سابية‪ ،‬بينما ي�سمح بذلك يف الواليات املتحدة واليابان‪ .‬وكان هذا الو�ضع‪،‬‬
‫قد ا�ستلزم م�شاورات على امل�ستوى الأوروبي‪ ،‬يف حماولة ملواجهة االرتباك‪ ،‬الذي كان ي�سود ال�سوق‬
‫الداخلي‪ ،‬ب�سبب اختالف التطبيقات االجتهادية‪ ،‬ملبد�أ املنع‪ ،‬ال�سيما وان بع�ض املحاكم‪ ،‬اجتهت �إىل‬
‫�إقرار احلق يف الت�سجيل‪ ،‬رغبة منها يف احلفاظ على امل�ستثمرين الأوروبيني‪ .‬فقد �أ�رشت املمار�سات يف‬
‫االحتاد الأوروبي‪� ،‬إىل معاك�سة قرار الربملان الأوروبي‪ ،‬مبنع الت�سجيل‪.‬‬
‫يبقى ان هذا التب�سيط الذي اعتمدناه‪ ،‬يف حديثنا عن ال�سلطات على االنرتنت‪ ،‬ال يعطي فكرة وافية عمن‬
‫يدير االنرتنت‪ ،‬ال�سيما وان هذه ال�سلطات تتداخل فيما بينها‪ ،‬وتتفرع منها �سلطات وهيئات كثرية‪،‬‬
‫جتعل احلوكمة عملية معقدة‪ .‬ون�شري على �سبيل املثال‪� ،‬إىل خ�ضوع عملية حتديد املقايي�س واملعايري‪،‬‬
‫اخلا�صة بالبنية التحتية لالنرتنت‪ ،‬ل�صالحيات هيئات ومنظمات دولية‪ ،‬مثل االحتاد الدويل لالت�صاالت‪،‬‬
‫ومعهد مهند�سي الكهرباء والإلكرتونيات ‪،Institute of Electrical and Electronics Enginee‬‬
‫والذي يعنى بو�ضع معاير خا�صة بال�شبكات املحلية‪ .‬ي�ضاف �إىل ذلك‪ ،‬الت�أثري ال�سيا�سي الذي يبدو‬
‫جليا‪ ،‬من خالل ممار�سات الواليات املتحدة الأمريكية‪� ،‬سواء فيما يتعلق ب�إدارة موارد االنرتنت‪� ،‬أو عرب‬
‫مطالبتها ب�إقرار احلقوق والدميقراطية عليها‪.‬‬
‫�صفحة رقم ‪25‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫}الف�صل الثاين {‬
‫الأمن ال�سيرباين‪ :‬تعريفات و�أبعاد‬

‫‪ .1‬تعريفات‬
‫ميكن تعريف الأمن ال�سيرباين‪ ،‬بانه �أمن ال�شبكات‪ ،‬والأنظمة املعلوماتية‪ ،‬والبيانات‪ ،‬واملعلومات‪،‬‬
‫والأجهزة املت�صلة باالنرتنت‪ .‬وعليه فهو املجال الذي يتعلق ب�إجراءات‪ ،‬ومقايي�س‪ ،‬ومعايري احلماية‪،‬‬
‫املفرو�ض اتخاذها‪� ،‬أو االلتزام بها‪ ،‬ملواجهة التهديدات‪ ،‬ومنع التعديات‪� ،‬أو للحد من �آثارها يف �أق�سى‬
‫و�أ�سو�أ االحوال‪.‬‬
‫ويرتبط هذا الأمن‪ ،‬ارتباطا وثيقا‪ ،‬ب�أمن املعلومات‪ .‬فالو�صول �إىل هذه الأخرية‪� ،‬أو بثها‪� ،‬أو االطالع‬
‫عليها واملتاجرة بها‪� ،‬أو ت�شويهها وا�ستغاللها‪ ،‬هو ما يقف‪ ،‬غالب االحيان‪ ،‬وراء عمليات االعتداء على‬
‫ال�شبكات‪ ،‬وعلى االنرتنت‪.‬‬
‫فاالعتماد على املعلومة‪ ،‬حقيقة ال لب�س فيها‪ ،‬تفر�ض اعتمادا �أكرث‪ ،‬على الأنظمة الإلكرتونية التي تعاجلها‪.‬‬
‫واحلديث عن الأمن‪ ،‬ي�ستدعي تعريف اخلطر‪� ،‬أي التهديد الذي يتعر�ض له النظام[‪� ،[[3‬إ�ضافة �إىل نقاط‬
‫ال�ضعف‪� ،‬أو الثغرات التي تعرتيه‪ ،‬ومن ثم الإجراءات املفرو�ض اتخاذها‪ ،‬لدفع اخلطر‪ .‬فالتهديد هو‬
‫نوع الأعمال العدائية‪ ،‬التي ميكن ان متار�س �ضد النظام‪ ،‬بينما نقاط ال�ضعف هي م�ستوى االنك�شاف‬
‫على هذا التهديد‪ ،‬يف �سياق معني‪ .‬والإجراءات التي يفرت�ض اتخاذها‪ ،‬ال ميكن ان تقت�رص يف �أي حال‬
‫من االحوال على التقنية‪ ،‬بل انها تتناول بناء القدرات‪ ،‬والتوعية‪ ،‬والتدريب‪ ،‬ونقل اخلربات‪ ،‬عدا عن‬
‫جمموعة من القواعد املحددة والوا�ضحة‪ ،‬التي يفرت�ض اتباعها‪.‬‬
‫فاخلطر يتناول �أمن ال�شبكات و�أمن االنرتنت‪ ،‬لناحيتني‪ :‬الأوىل‪ ،‬هي البنية التحتية‪ ،‬وما عليها من نقاط‬
‫دخول وخروج وتخزين‪ ،‬واعرتا�ض للمعلومات‪ .‬والثانية‪ ،‬عمليات التخريب‪ ،‬والتدمري والتعطيل‪ ،‬التي‬
‫تطاولها‪ ،‬وتطاول الأموال واال�شخا�ص من خاللها‪.‬‬
‫والن لل�شبكة العاملية للمعلومات‪ ،‬موا�صفات تقنية وفنية خا�صة‪ ،‬ت�ؤ�س�س ملخاطر معينة‪ ،‬فان ات�صال‬
‫ال�شبكات بها‪ ،‬يعر�ض هذه االخرية للمخاطر عينها‪ .‬وبذلك‪ ،‬ميكن ت�صور تعر�ض النظام العتداء‪،‬‬
‫يجعله يتوقف عن ت�أدية اخلدمات التي كان يقدمها‪� ،‬أو يجعله يعر�ض �أ�رسار امل�ؤ�س�سات والأفراد‪� ،‬سواء‬
‫منها ال�شخ�صية �أو ال�صناعية واملهنية‪� ،‬أو مبا ي�ؤدي �إىل تلف البيانات احل�سا�سة‪� ،‬أو بث معلومات مغلوطة‪.‬‬
‫وهنا‪ ،‬ال بد ان ن�شري‪� ،‬إىل �رضورة التمييز‪ ،‬بني املعلومات وبني التكنولوجيا وادواتها‪ .‬فاملعلومة هي‬
‫ما ينتج عن معاجلة البيانات واملعطيات ب�شكل معني‪ ،‬ت�ستخدم فيه التكنولوجيا‪� ،‬سواء للتجميع‪� ،‬أو‬
‫للو�صول‪� ،‬أو للتخزين‪ ،‬واملعاجلة‪.‬‬
‫ميكن تحدي حاميته ]‪[30‬‬
‫�صفحة رقم ‪26‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫لذا‪ ،‬فان �أوىل خطوات حتقيق الأمن‪ ،‬هي مراقبة هذه التكنولوجيا‪ ،‬ال�سيما يف �شقها الذي ميثل‬
‫االت�صاالت‪ ،‬ومراقبة حركة انتقال املعلومات‪ ،‬مبا ي�ضمن ازالة العوائق امام الو�صول �إليها‪ ،‬وان�سيابها‪،‬‬
‫ومينع التن�صت‪� ،‬سواء من جانب الطرف املناف�س‪� ،‬أو من قبل الطرف الذي ي�سعى �إىل االعتداء‪ .‬من هنا‬
‫�رضورة �سعي امل�ؤ�س�سات‪ ،‬كما الأفراد‪� ،‬إىل حتقيق �أمن االت�صاالت‪ ،‬عرب احلفاظ على �رسيتها‪ ،‬مع ما ميكن‬
‫ان يطرحه هذا االمر من �إ�شكاليات‪ ،‬تتعلق مبكافحة اجلرائم‪ ،‬واحلفاظ على الأمن‪ .‬وبهذا املعنى‪ ،‬يكون‬
‫الأمن‪ ،‬هو عدم ال�سماح با�ستخدام النظام‪� ،‬إال فيما هو معد لأجله‪ ،‬ويف الإطار امل�سموح به‪.‬‬
‫فالأمن ال�سيرباين‪ ،‬بح�سب التعريف املعطى له‪ ،‬يف التقرير ال�صادر عن االحتاد الدويل لالت�صاالت‪،‬‬
‫حول «اجتاهات اال�صالح يف االت�صاالت للعام ‪ ،»2011-2010‬هو جمموعة من املهمات‪ ،‬مثل‬
‫جتميع و�سائل‪ ،‬و�سيا�سات‪ ،‬و�إجراءات امنية‪ ،‬ومبادئ توجيهية‪ ،‬ومقاربات لإدارة املخاطر‪ ،‬وتدريبات‪،‬‬
‫وممار�سات ف�ضلى‪ ،‬وتقنيات‪ ،‬ميكن ا�ستخدامها حلماية البيئة ال�سيربانية‪ ،‬وموجودات امل�ؤ�س�سات‬
‫وامل�ستخدمني[‪.[[3‬‬
‫وتهدف احلماية‪� ،‬إىل جعل املعتدين يحجمون عن خطتهم‪� ،‬أو �إىل منعهم من حتقيقها‪ ،‬واىل �ضمان حد‬
‫مقبول من الأخطار‪ ،‬وذلك عرب و�ضع خطة �أمن‪ ،‬تتالءم واملحيط التقني‪ ،‬الب�رشي‪ ،‬التنظيمي‪ ،‬والقانوين‪.‬‬
‫اال ان الأمن ب�صورة �شاملة‪ ،‬و�أكيدة‪ ،‬وم�ضمونة‪ ،‬بعيد املنال‪ .‬فلكل نظام نقاط �ضعف وثغرات خا�صة‬
‫به‪ ،‬جعلت البع�ض يعتربون قوة اي نظام‪ ،‬امنا تقا�س بقوة �أ�ضعف نقطة فيه‪ .‬ومما ال �شك فيه‪ ،‬ان‬
‫اهتمامات الأمن‪ ،‬تختلف باختالف املواد واملوارد املعر�ضة للتهديد‪ .‬فاملواقع التجارية اخلا�صة‪ ،‬غري‬
‫املواقع احلكومية‪ ،‬وهذه االخرية‪ ،‬تختلف عن املواقع املالية‪ ،‬والعقارية‪ ،‬كما تختلف عن مواقع الت�سلية‬
‫واملقامرة‪.‬‬
‫ت�أ�سي�سا على ذلك‪ ،‬ميكن تعريف الأمن ال�سيرباين‪ ،‬انطالقا من �أهدافه‪ ،‬بانه الن�شاط الذي ي�ؤمن حماية‬
‫املوارد الب�رشية‪ ،‬واملالية‪ ،‬املرتبطة بتقنيات االت�صاالت واملعلومات‪ ،‬وي�ضمن امكانات احلد من اخل�سائر‬
‫واال�رضار‪ ،‬التي ترتتب يف حال حتقق املخاطر والتهديدات‪ ،‬كما يتيح اعادة الو�ضع �إىل ما كان عليه‪،‬‬
‫ب�أ�رسع وقت ممكن‪ ،‬بحيث ال تتوقف عجلة االنتاج‪ ،‬وبحيث‪ ،‬ال تتحول اال�رضار‪� ،‬إىل خ�سائر دائمة‪.‬‬
‫يف مدلوله العام‪ ،‬يعطى الأمن تعريفات عديدة‪ ،‬تنطلق من الإمكانات الع�سكرية‪ ،‬مرورا باحلفاظ على‬
‫ا�ستقرار النظام‪ ،‬و�صوال �إىل حماية القيم اجلوهرية ملجتمع ما‪ .‬لكن‪ ،‬وبغ�ض النظر عن تقارب �أو اختالف‬
‫النظرات الفل�سفية وال�سيا�سية حول املو�ضوع‪ ،‬فان الرا�سخ‪ ،‬هو اخل�شية التي تبديها معظم الدول حاليا‪،‬‬
‫من تعر�ض امنها القومي‪ ،‬نتيجة االعتداءات ال�سيربانية‪ ،‬ال�سيما وان تقنيات املعلومات واالت�صاالت‪،‬‬
‫قد رفعت من�سوب اخلطر‪ ،‬عرب اتاحتها م�صادر جديدة‪ ،‬مت�شعبة ومتعددة‪ ،‬وامكانات هائلة‪ ،‬لتحقيقه‪،‬‬
‫مقابل انخفا�ض ن�سبة املخاطر وامكانات االنك�شاف‪ ،‬يف جانب اجلهة املعتدية‪ .‬والدليل على ذلك‪ ،‬هو‬
‫التن�سيق املتزايد بني ادارات الأمن واالقت�صاد[‪ ،[[3‬ا�ضافة �إىل الرتابط الذي يراه قادة العامل‪ ،‬بني �أمن الف�ضاء‬
‫ال�سيرباين‪ ،‬واالقت�صاد والأمن القومي‪.‬‬
‫‪[31] Trends in Telecommunication Reform 2010-11- ITU-“ The term “cyber security” refers to various activities such as the‬‬
‫‪collection of tools, policies,security safeguards, guidelines, risk management approaches, training, best practices, andtechnologies‬‬
‫‪that can be used to protect the cyber environment and the assets of organizations and Users”.‬‬
‫‪[32] L’institution militaire en France loge, le poste de Haut représentant charge de l’intelligence économique (HRIE), responsable‬‬
‫‪de la coordination des réponses gouvernementales en ce domaine, a savoir le secrétariat général de la défense nationale (SGDN).‬‬
‫�صفحة رقم ‪27‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫ويالم�س الأمن ال�سيرباين الأمن القومي‪ ،‬ب�شكل جد وثيق‪ .‬فالتقنيات التي و�سعت الآفاق‪ ،‬و�أثرت‬
‫الثقافة‪ ،‬و�سمحت للثقافة املحلية باالمتداد �إىل املجال العاملي‪ ،‬باتت تهدد الهوية الوطنية والقومية‪ ،‬مع‬
‫ت�أثر االجيال ال�صاعدة مبا ي�صلها ومبا ت�صل اليه عرب الإنرتنت‪ ،‬حيث تبدو الهوية وكانها خا�ضعة لعملية‬
‫اعادة ت�شكيل‪ ،‬من خالل تكنولوجيا املعلومات‪ ،‬وحر�ص الغالبية العظمى من النا�س‪ ،‬على ا�ستخدامها‬
‫يف تكوين جمتمعهم اخلا�ص‪ ،‬وبيئتهم املميزة‪.‬‬
‫فالف�ضاء ال�سيرباين‪ ،‬ك�أي جمال �آخر‪ ،‬مكان ي�ستح�رض النا�س فيه قيمهم وم�صاحلهم‪ ،‬واهتماماتهم املختلفة‪،‬‬
‫التي ميكن ان تت�أثر وت�ؤثر‪ .‬وبتنا نالحظ‪ ،‬على �سبيل املثال‪ ،‬ان بع�ض جمموعات امل�صالح اخلا�صة‪ ،‬تهدد‬
‫باحللول كبديل لهوية يندمج حتت مظلتها‪ ،‬جمموعات �أكرب من النا�س‪.‬‬
‫وكان مايكل ماكونال‪ ،‬امل�س�ؤول ال�سابق عن الأمن الوطني الأمريكي‪ ،‬قد اعترب‪ ،‬ان االنرتنت قد رفعت‬
‫م�ستوى الأخطار التي يتعر�ض لها النظام‪ ،‬ب�شكل غري م�سبوق[‪ .[[3‬وذلك‪ ،‬يف �إ�شارة وا�ضحة‪� ،‬إىل‬
‫التهديدات اجلديدة‪ ،‬التي ت�ستهدف الأمن القومي‪ ،‬والتي ميكن ان تتخذ ا�شكاال غري متوقعة‪ ،‬وتطاول‬
‫جماالت �أ�سا�سية وحيوية‪ .‬كذلك‪� ،‬أعلن الرئي�سي الأمريكي احلايل‪ ،‬باراك اوباما‪ ،‬ان �أمن الف�ضاء ال�سيرباين‪،‬‬
‫ي�أتي يف مقدمة اهتماماته‪ ،‬معتربا التهديد الآتي من الف�ضاء ال�سيرباين‪ ،‬من �أخطر امل�سائل‪ ،‬التي تطرح‬
‫على امل�ستوى االقت�صادي‪ ،‬كما على م�ستوى الأمن القومي‪ .‬وقد ترجم هذا عمليا‪ ،‬بتعيني م�س�ؤول عن‬
‫�أمن الف�ضاء ال�سيرباين‪ ،‬يكون على ات�صال وتن�سيق دائمني معه‪ ،‬ويكون ع�ضوا يف الأمن القومي‪ ،‬ويف‬
‫املجل�س االقت�صادي الوطني[‪.[[3‬‬
‫يف هذا الإطار‪ ،‬حددت التو�صية الأوروبية ال�صادرة يف العام ‪، [[3[2002‬الأمن القومي‪ ،‬بانه‪�«:‬أمن الدولة‪،‬‬
‫والدفاع‪ ،‬وال�سالمة العامة‪ .»...،‬وعليه‪ ،‬فالأمن القومي هو جميع الإجراءات القانونية‪ ،‬واالدارية‪ ،‬والع�سكرية‬
‫والأمنية‪ ،‬التي تهدف �إىل حماية بلد معني‪� ،‬ضد اي نوع من التهديدات والأخطار‪ ،‬التي ميكن ان تعر�ض ‬
‫�سالمة مواطنيه �أو ارا�ضيه‪� ،‬أو �سيادته‪ ،‬مبا فيها �سالمة بنيته احل�سا�سة‪ ،‬وبنية االت�صاالت واملعلومات‪.‬‬
‫اما على امل�ستوى العربي‪ ،‬وبالرغم من غياب تعريف وا�ضح للأمن القومي‪ ،‬اال ان هنالك حماولة‪ ،‬قامت‬
‫بها االمانة العامة جلامعة الدول العربية‪ ،‬باعدادها درا�سة يف العام ‪ ،1992‬جاء فيها‪ :‬ان الأمن القومي‪،‬‬
‫هو قدرة االمة على الدفاع عن �أمنها‪ ،‬وحقوقها‪ ،‬و�صيانة ا�ستقاللها‪ ،‬و�سيادتها على ارا�ضيها‪ ،‬وتنمية‬
‫القدرات والإمكانات العربية‪ ،‬يف خمتلف املجاالت ال�سيا�سية‪ ،‬واالقت�صادية‪ ،‬والثقافية واالجتماعية‪،‬‬
‫م�ستندة �إىل القدرة الع�سكرية والدبلوما�سية‪� ،‬آخذة يف االعتبار االحتياجات الأمنية الوطنية لكل دولة‪،‬‬
‫والإمكانات املتاحة‪ ،‬واملتغريات الداخلية واالقليمية والدولية‪ ،‬والتي ت�ؤثر على الأمن القومي العربي‪.‬‬
‫وهكذا‪ ،‬يبدو وا�ضحا‪ ،‬انه مع حتول الأنظمة‪ ،‬وتغري امناط احلروب‪ ،‬وموازين القوى‪ ،‬وتطور مفهوم دور‬
‫الدولة‪ ،‬ات�سع مفهوم الأمن القومي‪ ،‬لي�شمل ال�سالمة املادية للمواطنني والوطن‪ ،‬والأمن االقت�صادي‪،‬‬
‫واالجتماعي‪ ،‬واالن�ساين‪.‬‬

‫‪[33] McConnell said the Internet has «introduced a level of vulnerability that is unprecedented.”Cybersecuritystarts at home‬‬
‫‪and in the office.http://www.google.com:80/hostednews/ap/article/ALeqM5gkZ5sKNT86kqT9TWeDlogVPoASyQD9B469980‬‬
‫‪[34] Loppsi en France et Cyber-securite aux USA http://www.natchers.com/actualite-2009/8239/loppsi-en-france-et-cyber-‬‬
‫‪securite-aux-usa‬‬
‫‪[35] La directive européenne 2002/58/CE, remplacée par la directive 2006/24/CE. La sécurité nationale est “… la sûreté de‬‬
‫”…‪l’état, la défense, et la sécurité publique‬‬
‫�صفحة رقم ‪28‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫‪� .2‬أبعاد الأمن ال�سيرباين‬


‫يطاول الأمن ال�سيرباين جميع امل�سائل االقت�صادية‪ ،‬واالجتماعية وال�سيا�سية‪ ،‬واالن�سانية‪ ،‬وذلك انطالقا‬
‫من التعريف املعطى له‪ ،‬على انه قدرة الدولة على حماية م�صاحلها و�شعبها‪ ،‬يف خمتلف جماالت حياته‬
‫اليومية‪ ،‬وم�سريته نحو التقدم‪ ،‬بامان‪ ،‬من جهة اوىل‪ ،‬ومن كونه يرتبط ارتباطا وثيقا ب�سالمة م�صادر‬
‫الرثوة يف الع�رص احلايل‪ ،‬ونعني بها‪ ،‬البيانات‪ ،‬واملعلومات‪ ،‬والقدرة على االت�صال والتوا�صل‪ ،‬وهي‬
‫املحور الذي يتكون حوله االنتاج‪ ،‬واالبداع‪ ،‬والقدرة على املناف�سة‪ ،‬من جهة ثانية‪.‬‬
‫لذا‪ ،‬ال بد من التوقف عند �أبعاد الأمن ال�سيرباين‪ ،‬على ان ن�ستعر�ضها كما يلي‪:‬‬

‫�أ‪ -‬الأبعاد الع�سكرية‬


‫ترتاكم االمثلة التي ميكن �سوقها‪ ،‬يف هذا املجال‪ ،‬لتو�ضيح الأبعاد الع�سكرية للأمن ال�سيرباين‪ ،‬وخطورة‬
‫الهجمات ال�سيربانية‪ ،‬حيث ميكن ايراد ما ح�صل يف جورجيا‪ ،‬وا�ستونيا‪ ،‬وكوريا اجلنوبية‪ ،‬و�إيران‪،‬‬
‫كمثال على بع�ض الهجمات واالخرتاقات‪ ،‬التي ترجمت ماديا‪� ،‬سواء باندالع �رصاع م�سلح الحق‪،‬‬
‫كذلك الذي وقع بني رو�سيا وجورجيا‪� ،‬أو بانقطاع االت�صال باالنرتنت يف ا�ستونيا‪ ،‬بني الدولة‬
‫واملواطنني‪ ،‬والت�شوي�ش على االدارات احلكومية‪.‬‬
‫كذلك‪ ،‬ترد هنا‪ ،‬اخرتاقات �أنظمة املن�ش�آت النووية‪ ،‬يف �إيران‪ ،‬وحتقق امكانات التالعب بها‪ ،‬مع ما‬
‫يعنيه ذلك من تهديد للأمن القومي‪ ،‬للدولة املعنية‪ ،‬ومن تعري�ض ال�سالم الدويل لالهتزاز‪ .‬يف هذا املجال‬
‫�أي�ضا‪ ،‬ميكن ايراد االخرتاق الذي ح�صل يف الربازيل‪ ،‬واململكة املتحدة‪ ،‬للبنية التحتية للطاقة‪ ،‬حيث‬
‫انقطع التيار الكهربائي‪ ،‬ما طال ب�آثاره ال�سلبية ماليني اال�شخا�ص‪ ،‬وامل�ؤ�س�سات وامل�صالح‪.‬‬
‫يف هذا ال�سياق‪ ،‬وجه خرباء �أمريكيون‪ ،‬خطابا مفتوحا �إىل الرئي�س الأمريكي‪ ،‬جورج بو�ش”[‪ ، [[3‬يف‬
‫ايلول ‪ ،2007‬حمذرين اياه‪ ،‬من خطر الهجمات ال�سيربانية على البنية التحتية الأمريكية‪ ،‬التي ت�ضم �إىل‬
‫الدفاع‪ ،‬امدادات الطاقة الكهربائية‪ ،‬واملياه‪ ،‬واالت�صاالت ال�سلكية والال�سلكية‪ ،‬واخلدمات ال�صحية‪،‬‬
‫والنقل‪ ،‬واالنرتنت‪.‬‬
‫فاىل جانب �سيناريو هجمة �سيربانية على مثال بريل هاربور‪ ،‬يبقى ال�سيناريو الذي تخيله حمدون توريه‪،‬‬
‫حول النتائج الكارثية[‪ ،[[3‬التي ميكن ان تتج�سد فيها التهديدات‪ ،‬هي اف�ضل ما ميكن ان يعرب عن جدية‬
‫االمر‪ ،‬وحاجتنا �إىل العمل معا‪ ،‬لتحقيق هذا الأمن‪ ،‬ال�سيما وان كلفة التقاع�س‪ ،‬وانتظار وقوع الكارثة‪،‬‬
‫يجعالن نتائجها �أكرث دراماتيكية‪.‬‬

‫‪[36] In an open letter to the US president in September 2007, American professionals in cyber defense warned that «the critical‬‬
‫‪infrastructure of the United States, including electrical power, finance, telecommunications, health care, transportation,‬‬
‫‪water, defense, and the internet, is highly vulnerable to cyber attack. Fast and resolute mitigating action is needed to avoid‬‬
‫‪national disaster.» In the murky world of the internet, attackers are difficult to identify. http://belfercenter.ksg.harvard.edu/‬‬
‫‪publication/18727/cyber_insecurity.html‬‬
‫البحث عن السالم السيرباين ‪ »... 2011‬وهذه الهجامت ميكن أن تأيت دون مقدمات فالحواسيب والهواتف الخلوية تتوقف عن العمل فجأة كام أن شاشات آالت رصف ]‪[37‬‬
‫النقد واآلالت املرصفية تنطفئ يف وجه العمالء وتتعطل أنظمة مراقبة الحركة الجوية والسكك الحديدية وحركة السيارات وتعم فوىض الطرق الرسيعة والجسور واملمرات‬
‫املائية وتتوقف السلع غري املعمرة بعيدا ً عن السكان الجائعني‪ .‬ومع اختفاء الكهرباء تهوي املستشفيات واملساكن واملراكز التجارية بل ومجتمعات بأكملها يف غياهب الظالم‪.‬‬
‫ولن تستطيع السلطات الحكومية معرفة مدى الرضر أو االتصاالت ببقية العامل إلبالغه بالكارثة أو حامية مواطنيها الضعفاء من الهجامت التالية‪ .‬وهذه هي املحنة القاسية‬
‫‪».‬التي يواجهها مجتمع تعرض للشلل بسبب ضياع شبكاته الرقمية يف لحظة واحدة‪ .‬وهذا هو التدمري الذي مُيكن أن ينجم عن نوع جديد من الحروب هي «الحرب السيربانية‬
‫�صفحة رقم ‪29‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫ب‪ -‬الأبعاد االجتماعية‬


‫ت�سمح طبيعة االنرتنت املفتوحة‪ ،‬عرب املدونات وال�شبكات االجتماعية ب�شكل خا�ص‪ ،‬لكل مواطن‪،‬‬
‫بان يعرب عن تطلعاته ال�سيا�سية‪ ،‬وطموحاته االجتماعية‪ ،‬ب�أ�شكالها كافة‪ .‬كذلك‪ ،‬ت�شكل م�شاركة جميع‬
‫�رشائح املجتمع ومكوناته‪ ،‬و�سيلة الغناء هذا املجتمع‪ ،‬وتطويره‪ ،‬مبا تتيحه من فر�ص لالطالع على‬
‫االفكار‪ ،‬واملعلومات‪ ،‬املختلفة‪ ،‬ومبا تكونه من حاجة لدى اجلميع‪ ،‬يف احلفاظ على ا�ستقرار الف�ضاء‬
‫ال�سيرباين‪ ،‬واملجتمع الذي يرتكز اليه‪ .‬واملعلوم‪ ،‬ان انفتاح جمتمع ما‪ ،‬على جمتمع �آخر‪ ،‬ي�ؤ�س�س لتبادل‬
‫وتكون حاجات جديدة‪ ،‬و�آفاق تعاون وتكامل‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫خربات‪ ،‬وافكار‪،‬‬
‫ي�ضاف �إىل ذلك‪ ،‬ما تقدمه االنرتنت‪ ،‬من امكانات وقدرات‪ ،‬للمجاالت العلمية‪ ،‬والثقافية‪،‬‬
‫واخلدماتية‪ ،‬حيث ت�سمح بالو�صول �إىل مناطق بعيدة‪ ،‬واىل فئات حمددة‪ ،‬ككبار ال�سن‪ ،‬واملر�ضى‪،‬‬
‫وغريهم من ذوي االحتياجات اخلا�صة‪ .‬هذا عدا عن الدور الذي ميكن ان ت�ؤديه‪ ،‬يف تبادل املعلومات‪،‬‬
‫يف اوقات االزمات االن�سانية والكوارث‪ ،‬بحيث تت�أمن امل�ساعدات‪ ،‬وتوزع بال�رسعة املطلوبة‪ .‬وال‬
‫تقف الأبعاد االجتماعية‪ ،‬عند حدود توفري اطمئنان املواطن �إىل حياته اليومية‪ ،‬واالفادة من طاقات‬
‫تقنيات املعلومات واالت�صاالت‪ ،‬يف تطوير ن�شاطاته املختلفة‪ ،‬بل تتعداها‪� ،‬إىل �صيانة القيم اجلوهرية يف‬
‫املجتمع‪ :‬كاالنتماء‪ ،‬واملعتقدات‪ ،‬ا�ضافة �إىل العادات والتقاليد‪ ،‬عرب �إن�شاء املجموعات‪ ،‬التي تهتم بن�رش‬
‫الوعي حول هذه امل�سائل‪.‬‬
‫يف هذا ال�سياق‪ ،‬ي�أتي الت�شديد من قبل املنظمات والهيئات الدولية‪ ،‬على ن�رش ثقافة الأمن يف الف�ضاء‬
‫ال�سيرباين‪ ،‬و�رضورة تعاون املجتمع‪ ،‬بكل مكوناته‪ ،‬على حتقيقه و�ضمانه‪ .‬فمما ال �شك فيه‪ ،‬ان املخاطر‬
‫ال�سيربانية‪ ،‬تطاول املجتمع ككل‪� ،‬سواء‪ ،‬ب�سبب ارتكاز اخلدمات احليوية‪ ،‬كالطاقة‪ ،‬والنقل‪ ،‬وال�صحة‪،‬‬
‫واالت�صاالت‪ ،‬وغريها‪ ،‬على ما تقدمه تقنيات االت�صاالت واملعلومات‪ ،‬من امكانات‪� ،‬أو عرب ما ي�ضخ‬
‫من حمتوى يف الف�ضاء ال�سيرباين‪ .‬فاملحتويات غري امل�رشوعة‪ ،‬وغري املرغوب بها‪ ،‬ذات ت�أثري �سلبي �أكيد‪،‬‬
‫على اخالقيات جمتمع معني‪ ،‬وعلى ارتفاع ن�سبة املمار�سات اجلرمية‪� .‬أما الأمثلة التي ت�ساق هنا فكثرية‪،‬‬
‫ونذكر منها‪ :‬االباحية‪ ،‬والرتويج لالجتار باملمنوعات‪ ،‬والدعارة‪ ،‬والإرهاب‪ ،‬والتجنيد لق�ضايا مت�س ‬
‫الأمن وال�سالم الدوليني‪ .‬وعليه‪ ،‬ال بد من بناء جمتمع م�س�ؤول‪ ،‬ومدرك ملخاطر الف�ضاء ال�سيبرياين‪ ،‬قادر‬
‫على التعامل بحد �أدنى من قواعد ال�سالمة‪ ،‬مع �إدراك للعواقب القانونية‪ ،‬التي ميكن ان ترتتب على‬
‫بع�ض الت�رصفات‪ ،‬التي متار�س يف الف�ضاء ال�سيرباين‪.‬‬

‫ج‪ -‬الأبعاد ال�سيا�سية‬


‫تتمثل الأبعاد ال�سيا�سية للأمن ال�سيرباين‪ ،‬ب�شكل �أ�سا�سي‪ ،‬يف حق الدولة يف حماية نظامها ال�سيا�سي‪،‬‬
‫وكيانها‪ ،‬وم�صاحلها االقت�صادية‪ ،‬التي تعني‪ ،‬حقها وواجبها يف ال�سعي �إىل حتقيق رفاه �شعبها‪ ،‬يف وقت‬
‫ت�ؤثر التقنيات‪ ،‬يف موازين القوى داخل املجتمع نف�سه‪ ،‬حيث �أ�صبح بامكان املواطن‪ ،‬ان يتحول �إىل‬
‫العب �أ�سا�سي‪ ،‬يف اللعبة ال�سيا�سية‪ .‬كما �أ�صبح بامكانه االطالع‪ ،‬على خلفيات ومربرات القرارات‬
‫ال�سيا�سية‪ ،‬التي تتخذها حكومته‪ ،‬عرب الكم الهائل من املعلومات‪ ،‬التي ميكنه الو�صول اليها‪� ،‬أو الني‬
‫ميكن ان توزع وتن�رش على االنرتنت‪ ،‬وبقية الأجهزة التي تو�صل بها‪.‬‬
‫�صفحة رقم ‪30‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫باملقابل‪ ،‬ال يتوانى العاملون يف ال�ش�أن ال�سيا�سي‪ ،‬عن االفادة مما تقدمه هذه التقنيات‪ ،‬للو�صول �إىل �أكرب‬
‫�رشيحة ممكنة من املواطنني‪ ،‬والرتويج ل�سيا�ساتهم‪ ،‬يف العامل‪ .‬وغني عن البيان‪ ،‬مدى الت�أثري الذي يرتكه‬
‫هذا االمر‪ ،‬بغ�ض النظر عن �صحة ال�سيا�سات‪ ،‬واملبادئ واملواقف‪ ،‬التي يروج لها‪ .‬فقد ا�ستخدم اوباما‪،‬‬
‫مثال‪ ،‬ال�شبكات االجتماعية ب�شكل كثيف‪ ،‬خالل حملته االنتخابية‪ .‬كما تركت الت�رسيبات‪ ،‬لآالف‬
‫الوثائق الدبلوما�سية ال�رسية‪ ،‬عرب الويكيليك�س‪� ،‬أثرا �سلبيا على العالقات بني الدول‪ ،‬وعلى م�صداقيتها‪.‬‬

‫د‪ -‬الأبعاد االقت�صادية‬


‫يرتبط الأمن ال�سيبرياين‪ ،‬ارتباطا وثيقا باالقت�صاد‪ .‬فالتالزم وا�ضح‪ ،‬بني اقت�صاد املعرفة‪ ،‬وتو�سع ا�ستخدام‬
‫تقنيات املعلومات واالت�صاالت‪ ،‬كما بالقيمة التي متثلها البيانات واملعلومات املتداولة‪ ،‬واملخزنة‪،‬‬
‫وامل�ستخدمة‪ ،‬على كل امل�ستويات‪ .‬كذلك‪ ،‬تتيح تقنيات املعلومات واالت�صاالت‪ ،‬تعزيز التنمية‬
‫االقت�صادية لبلدان كثرية‪ ،‬عرب افادتها‪ ،‬من فر�ص اال�ستخدام‪ ،‬التي تقدمها ال�رشكات الدولية‪ ،‬وال�رشكات‬
‫الكربى‪ ،‬التي تبحث عن �إدارة كلفة انتاجها‪ ،‬باف�ضل ال�رشوط‪ .‬اال ان هذا الواقع امل�رشق‪ ،‬يطرح م�سائل‬
‫خمتلفة‪� ،‬سواء منها ما يتعلق بحماية مقدم اخلدمة‪ ،‬والعمل‪� ،‬أو بحماية امل�ستهلك على االنرتنت‪.‬‬
‫ي�ضاف �إىل ذلك‪ ،‬دخول العامل ع�رص املال الإلكرتوين‪� ،‬ضمن بيئة تقنية متحركة‪ ،‬بعد �إطالق خدمات‬
‫املحفظة الإلكرتونية‪ ،‬اذ تتزايد ا�ستثمارات امل�صارف‪ ،‬وامل�ؤ�س�سات املالية‪ ،‬يف جمال املال الرقمي‪ .‬وتتناف�س ‬
‫ال�رشكات‪ ،‬على ا�صدار تطبيقات‪ ،‬ت�سمح ب�آليات دفع �آمنة‪ ،‬وبحفظ املال يف املحفظة الإلكرتونية‪،‬‬
‫وبااليفاء من خاللها‪ ،‬وبا�ستخدامها كر�صيد افرتا�ضي‪ .‬وقد و�ضعت بع�ض الدول ت�رشيعات خا�صة بهذا‬
‫املال[‪ .[[3‬وغني عن القول‪ ،‬ما ميكن ان يثريه هذا االمر‪ ،‬من �صعوبات‪ ،‬وما يتطلبه من ت�رشيعات‪ ،‬للحد‬
‫من بع�ض اجلرائم االقت�صادية واملالية اخلطرة‪ ،‬والعابرة للحدود‪ ،‬كتبيي�ض الأموال‪ ،‬والتهرب من ال�رضيبة‪.‬‬
‫ويربط امل�س�ؤولون عن مقدرات احلكومات‪ ،‬و�سيا�ساتها‪ ،‬بني الأمن والنمو االقت�صادي‪ ،‬ب�شكل‬
‫وا�ضح[‪ .[[3‬فالأمن ال�سيرباين‪ ،‬ي�ضمن ركون اجلمهور‪� ،‬إىل اخلدمات التي تقدم بوا�سطة تقنيات‬
‫املعلومات واالت�صاالت‪ ،‬كما ي�ضمن االقبال عليها‪ ،‬مبا يرتجم عمليا‪ ،‬بتطوير ا�س�س اقت�صاد �سليم‪.‬‬
‫ولعل الدليل االو�ضح‪ ،‬على هذه القيمة‪ ،‬هو ا�ستهداف هذه املعلومات‪ ،‬منذ القدمي‪� ،‬سواء من خالل‬
‫عمليات التج�س�س ال�صناعي والع�سكري التقليدية‪� ،‬أو من خالل االعتداء على امللكية الفكرية‪ .‬هذا عدا‬
‫عن الت�أثريات املالية ال�سلبية‪ ،‬التي يرتكها‪ ،‬االعتداء على انظمة املعلومات‪ ،‬وتعطيلها‪ ،‬كما �رسقة نتائج‬
‫ابحاث‪� ،‬أو غريها من معلومات‪� ،‬أو كتف�شي الفريو�سات‪ ،‬على غرار ما ح�صل‪ ،‬مع فريو�س احلب[‪،[[4‬‬
‫والذي انطلق من الفيليبني‪ ،‬يف العام ‪.2000‬‬

‫‪[38] Electronic money regulations 2011 (EMR 2011) & the payment Services Regulations 2009‬‬
‫‪[39] Senators Unveil Major Cybersecurity Bill Measure Would Update FISMA, Encourage Sharing of Cyber threats By Eric‬‬
‫‪Chabrow, February 14, 2012. “Sen. Susan Collins, R-Maine, one of the bill’s sponsors, said in a Senate speech. “The threat‬‬
‫_‪is not just to our national security, but also to our economic well-being.” http://www.govinfosecurity.com/articles.php?art‬‬
‫‪id=4506&opg=1‬‬
‫‪[40] « If you’re Cisco and you’re making $7 million a day online, and you’re down for a day, you’ve lost $7 million. That’s where‬‬
‫‪you start. There were estimates that the “Love Bug” virus did damage in the billions and billions of dollars. That scale leaves‬‬
‫‪most people saying, “That’s beyond any kind of comprehension.” http://www.pbs.org/wgbh/pages/frontline/shows/hackers/‬‬
‫‪risks/cost.html‬‬
‫�صفحة رقم ‪31‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫هـ‪ -‬الأبعاد القانونية‬


‫يرتب الن�شاط الفردي وامل�ؤ�س�ساتي واحلكومي‪ ،‬يف الف�ضاء ال�سيرباين‪ ،‬كما �أ�سلفنا‪ ،‬نتائج قانونية‪،‬‬
‫وموجبات‪ ،‬ت�ستدعي اهتماما‪ ،‬جلهة �إيجاد القواعد اخلا�صة‪ ،‬بحل النزاعات التي ميكن ان تن�ش�أ عنها‪.‬‬
‫لذا‪ ،‬ال بد من مراعاة بع�ض التحوالت‪ ،‬التي رافقت ظهور جمتمع املعلومات‪ .‬فاىل احلقوق الأ�سا�سية‪،‬‬
‫واحلريات االن�سانية املعرتف بها‪ ،‬يف الد�ساتري وال�رشعات الدولية‪ ،‬ا�ضيفت حقوق �أخرى‪ ،‬كحق النفاذ‬
‫�إىل ال�شبكة العاملية للمعلومات[‪ ،[[4‬كما تو�سعت بع�ض املفاهيم‪ ،‬لت�شمل �أ�ساليب املمار�سة اجلديدة‬
‫با�ستخدام تقنيات املعلومات واالت�صاالت‪ ،‬كاحلق يف �إن�شاء املدونات الإلكرتونية‪ ،‬واحلق يف �إن�شاء‬
‫التجمعات على االنرتنت‪ ،‬كما احلق يف حماية ملكية الربامج املعلوماتية‪.‬‬
‫كذلك‪ ،‬برزت موجبات جديدة‪ ،‬ذات انعكا�سات اقت�صادية‪ ،‬ومنها‪ ،‬على �سبيل املثال‪ :‬موجب‬
‫االحتفاظ ببيانات االت�صاالت‪ ،‬وموجب االبالغ عن خمالفات وجرائم خا�صة باملحتوى‪ ،‬ملا يعنيه هذا‬
‫االمر‪ ،‬من كلفة خا�صة بحفظ املحتوى وادارته‪ .‬ويبقى ان املحور الأ�سا�س‪ ،‬يف حماية اال�شخا�ص‬
‫الطبيعيني واملعنويني‪ ،‬على ال�سواء‪ ،‬تبقى �رضورة حماية البيانات‪ ،‬ال�سيما ال�شخ�صية واحل�سا�سة منها‪،‬‬
‫ا�ضافة �إىل حماية احلق يف اخل�صو�صية‪.‬‬
‫وذلك ي�ضاف �إىل ما يتوقع من حتوالت على م�ستوى �سيا�سات القطاعات ال�صناعية‪ ،‬والتجارية‪ ،‬على‬
‫�ضوء احلاجة �إىل اعادة �صياغتها‪ ،‬مبا ين�سجم مع تو�سع ا�ستخدام ال�شبكات االجتماعية‪ ،‬وامل�سائل‬
‫القانونية التي ال بد وان تثار‪ ،‬على م�ستوى حماية امل�ستهلك‪ ،‬واخل�صو�صية‪ ،‬والبيانات ال�شخ�صية‪،‬‬
‫وحقوق العمال وامل�ستخدمني‪ ،‬وامللكية الفكرية‪ .‬فال�سنوات القادمة‪ ،‬ال بد وان ت�شهد‪ ،‬ت�صاعدا يف‬
‫�أعداد‪ ،‬الأعمال اجلرمية‪ ،‬واملمار�سات غري القانونية‪ ،‬يف الف�ضاء ال�سيرباين‪ ،‬ما يعني عمليا‪ ،‬ازدياد عدد‬
‫الق�ضايا التي �سرتفع امام املحاكم‪ ،‬ما ي�ستدعي‪� ،‬إعداد البيئة التنظيمية والت�رشيعية‪ ،‬وبناء قدرات هيئات‬
‫املكافحة واحلكم‪.‬‬
‫ومما ال �شك فيه‪ ،‬ان النزاعات القانونية �ستطاول‪ :‬الإعالن الذي يرتكز �إىل اطياف م�ستخدمي االنرتنت‪،‬‬
‫انطالقا من اهتماماتهم البحثية‪� ،‬أو املواقع التي يزورونها‪ ،‬واالخرتاقات‪ ،‬والت�رسيبات للبيانات‬
‫ال�شخ�صية‪ ،‬واملالية‪� ،‬سواء منها املق�صودة �أو غري املق�صودة‪ ،‬وم�س�ؤوليات اجلهة التي متلكها‪� ،‬أو تديرها‪،‬‬
‫واحلق يف ت�صحيح البيانات ال�شخ�صية‪ ،‬وحموها‪ ،‬وتعديلها‪.‬‬

‫‪[41] General Assembly- Human Rights Council Seventeenth session - Agenda item 3 - Promotion and protection of all human‬‬
‫‪rights, civil, political, economic, social and cultural rights, including the right to development- Report of the Special Rapporteur on‬‬
‫‪the promotion and protection of the right to freedomof opinion and expression, Frank La Rue. 16 May 2011- A/HRC/17/27-p:16‬‬
‫�صفحة رقم ‪32‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫}الف�صل الثالث {‬
‫املخاطر ال�سيربانية‬

‫‪ .1‬م�ؤ�رشات مقلقة‬
‫مع االعتماد املتزايد‪ ،‬يف حياتنا اليومية‪ ،‬على الأنظمة املعلوماتية‪ ،‬والأجهزة املت�صلة بال�شبكة العاملية‬
‫للمعلومات‪ ،‬وت�شعب طبيعة هذه الأجهزة‪ ،‬من هواتف خليوية‪ ،‬واجهزة حو�سبة �شخ�صية‪ ،‬يزداد‬
‫عدد املت�صلني بالف�ضاء ال�سيرباين‪ ،‬وتزداد احتماالت االعتداءات واجلرمية‪ .‬فقد �أ�شار تقرير �صادر عن‬
‫ماكينزي‪� ،‬إىل توقع زيادة املعلومات الرقمية‪ ،‬مبعدل ‪ ، %44‬خالل االعوام املمتدة من ‪� 2009‬إىل‬
‫[‪ .2020[[4‬كما ي�شري العديد من التقارير‪� ،‬إىل توايل حوادث اخرتاق الأنظمة و�رسقة البيانات وت�رسبها‪،‬‬
‫كاخرتاق انظمة معلومات �سوين‪ ،‬التي نتج عنها ت�رسب بيانات مليون م�ستخدم[‪ .[[4‬فاملعلومات التي‬
‫ت�ضخ‪ ،‬وتن�ساب‪ ،‬وحتفظ‪ ،‬يف الف�ضاء ال�سيرباين وعربه‪ ،‬من اهم املوجودات التي ي�سعى اليها‪ ،‬جميع‬
‫املعنيني بهذا الف�ضاء‪ ،‬دون ا�ستثناء‪ .‬فال�رشكات‪ ،‬واحلكومات‪ ،‬وم�ستخدمو االنرتنت‪ ،‬يالحقون‬
‫املعلومات‪ ،‬كل بح�سب �أهدافه‪.‬‬
‫وت�صدر الأخطار والتهديدات ال�سيربانية‪ ،‬عن �أعمال ق�صدية‪ ،‬كاالخرتاقات واالعتداءات‪ ،‬و�أعمال غري‬
‫ق�صدية‪ ،‬كاالهمال‪ ،‬وقلة الوعي واالدراك‪.‬‬
‫وميكن توزيع الأخطار‪ ،‬يف الف�ضاء ال�سيرباين‪ ،‬انطالقا من �أهدافها‪ ،‬بني ما يطاول الدول‪ ،‬وما يطال‬
‫اال�شخا�ص‪ ،‬وممتلكاتهم و�أموالهم‪ .‬ويندرج يف �إطار الفئة الأوىل‪ ،‬كل ما يعر�ض الأمن القومي‪،‬‬
‫والع�سكري‪ ،‬واالقت�صادي‪ ،‬واالجتماعي‪ ،‬ويهدد البيئة التحتية واحلرجة للدول‪ ،‬و�أ�سواق املال‬
‫والقطاعات امل�رصفية‪ ،‬وال�سلم الدويل‪ ،‬واملن�ش�آت النووية‪ ،‬وامل�ؤ�س�سات ال�صحية‪ ،‬وقطاعات النقل‬
‫بكل �أنواعه‪ :‬الربي والبحري واجلوي‪ ،‬ورفاه ال�شعوب‪ .‬بينما يندرج يف الفئة الثانية‪� :‬رسقة البيانات‬
‫ال�شخ�صية‪ ،‬وت�رسيبها‪ ،‬وا�ستخدامها دون اذن‪ ،‬ودون وجه حق‪ ،‬و�رسقة الأموال‪ ،‬واخرتاق انظمة‬
‫املعلومات‪ ،‬واالعتداء على امللكية الفكرية‪ ،‬وال�صناعية‪ ،‬والعالمات التجارية‪ .‬كما ت�شمل هذه الفئة‬
‫�أي�ضا‪ :‬االحتيال‪ ،‬والربيد غري املرغوب فيه‪ ،‬واجلرائم �ضد االطفال‪ ،‬واملحتوى غري امل�رشوع‪ ،‬وغريها‬
‫الكثري مما يعترب جرائم �سيربانية‪� ،‬ضد اال�شخا�ص و�ضد الأموال‪.‬‬

‫‪[42] Mckinsey noted in its july 2011 report‬‬


‫‪[43] In April 2011 sony acknowledged a breach into its PlayStation network‬‬
‫�صفحة رقم ‪33‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫‪ .2‬املرونة ال�سيربانية يف مواجهة املخاطر‬


‫�إذا‪ ،‬مع بروز املمار�سات اخلطرة‪ ،‬والأعمال اجلرمية على �شبكة االنرتنت‪ ،‬كان ال بد للدول من ان‬
‫تواكب التطور التقني‪ ،‬وان ترفع التحديات الأمنية واالجتماعية التي بات الف�ضاء ال�سيرباين‪ ،‬يطرحها‬
‫ويجددها‪ ،‬مع كل �صباح‪.‬‬
‫من هنا‪ ،‬يحتاج الت�صدي للمخاطر ال�سيربانية‪ ،‬ولتحديات الأمن ال�سيرباين املعقدة �إىل �إرادة �سيا�سية‪،‬‬
‫ت�ضطلع بو�ضع وتنفيذ ا�سرتاتيجية‪ ،‬لتنمية البنى الأ�سا�سية واخلدمات الرقمية‪ ،‬قابلة للتنفيذ‪ ،‬و�سهلة‬
‫الإدارة‪ ،‬فاعلة ومتما�سكة‪ .‬ي�ضاف �إىل ذلك‪� ،‬رضورة توفري م�ستوى كاف من �أمن الأنظمة املعلوماتية‪،‬‬
‫وو�سائل االت�صاالت‪ ،‬ي�ساعد على مواجهة خماطر التكنولوجيا واملعلومات‪ ،‬ل�ضمان �أداء �سليم‬
‫للحكومات واملنظمات‪ ،‬ال�سيما مع اال�ستخدام ال�شائع والوا�سع للتقنيات‪ ،‬واالعتماد املتزايد عليها‪،‬‬
‫يف �إدارة البنى التحتية احلرجة‪ ،‬ما ميكنه تهديد �أداء امل�ؤ�س�سات‪ ،‬على نحو خطري‪ ،‬ي�صل رمبا �إىل تقوي�ض ‬
‫�سيادة الدولة‪.‬‬

‫�أ‪ -‬تلقي ال�صدمات واال�ستمرارية‬


‫يهدف الأمن ال�سيرباين‪� ،‬إىل م�ساعدة الأفراد والدول واملنظمات املختلفة‪ ،‬على حماية �أ�صولها‬
‫ومواردها‪ ،‬من النواحي التنظيمية‪ ،‬والب�رشية‪ ،‬واملالية‪ ،‬والتقنية‪ ،‬واملعلوماتية‪ ،‬بحيث تتمكن من‬
‫اال�ستمرار باداء مهماتها‪� .‬أما الهدف النهائي‪ ،‬فهو �ضمان عدم ت�رضرها ب�شكل دائم‪ ،‬لدى حدوث �أي‬
‫اعتداء �أو حادث‪ ،‬عرب تقليل احتماالت حتقق �أي تهديد‪ ،‬واحلد من ال�رضر الناجم عنه‪ ،‬و�ضمان ا�ستعادة‬
‫العمليات العادية حلالتها ال�سابقة‪ ،‬خالل مدة زمنية مقبولة‪ ،‬دون تكلفة عالية‪ .‬وهذا ما يعرف باملرونة‬
‫ال�سيربانية[‪.[[4‬‬
‫وتعترب هذه االخرية‪� ،‬أحد �أهم امل�سائل والتحديات التي ال بد من مواجهتها‪ ،‬يف م�سرية بناء الثقة‪ ،‬يف‬
‫الف�ضاء ال�سيرباين‪ ،‬حيث تت�صاعد التهديدات وتربز التعقيدات ب�شكل م�ستمر‪ ،‬نتيجة االعداد الهائلة‬
‫من املهمات‪ ،‬التي توكل �إىل الأنظمة والأفراد القيمني عليها‪ ،‬وتو�سع نقاط االت�صال بني الأنظمة‪،‬‬
‫واعتمادها على بع�ضها البع�ض‪ ،‬يف �إدارة تدفق املعلومات‪ ،‬وحفظها‪ ،‬وتوزيعها‪ ،‬وغريه من عمليات‬
‫معاجلة املعلومات‪ .‬ف�أنظمة االت�صال بني اال�شياء‪ ،‬كتلك اخلا�صة بال�سيارات وو�سائل النقل االخرى‪،‬‬
‫تت�صل ب�أنظمة الأمن وال�صحة والطق�س وغريها‪ .‬وهذا يعني‪ ،‬ت�ضافر اخل�صائ�ص‪ ،‬واالعدادات املختلفة‬
‫للربامج والأنظمة‪ ،‬التي تفر�ض االنتباه �إىل ما هو غري �آمن‪� ،‬أو ما هو ح�سا�س‪ ،‬بحيث يتم جتنبه‪ ،‬وت�أمني‬
‫احلماية الالزمة له‪.‬‬
‫ي�ضاف �إىل ذلك‪ ،‬ان احلوادث واالخرتاقات‪ ،‬التي ميكن ان تقع‪ ،‬ال ميكن توقعها خالل عملية هند�سة‬
‫الربامج والأنظمة‪ ،‬مبا يجعل ال�سيطرة عليها �أو تالفيها‪� ،‬شبه م�ستحيل �أحيانا كثرية‪ .‬فيمكن مثال ان‬
‫‪[44] Exploring associations between resilience and construction safety performance in safety networks. “Resilience engineering is‬‬
‫‪a paradigm for safety management that focuses on how people cope with complexity under pressure to achieve success (Wybo et al.‬‬
‫‪2006; Resilience Engineering Network, 2008). Wreathall (2006) associates resilience with the ability of an organization to keep, or‬‬
‫‪recover quickly to, a stable state, allowing it to continue operations during and after a major failure or in the presence of hurdles. Thus,‬‬
‫‪resilience includes both the ability to avoid failures and losses, as well as the ability to respond effectively after these have occurred.‬‬
‫_‪“https://www.researchgate.net/publication/283676719_Exploring_associations_between_resilience_and_construction_safety‬‬
‫‪performance_in_safety_networks‬‬
‫�صفحة رقم ‪34‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫ي�ستمر النظام بالعمل‪ ،‬يف الوقت الذي ترتاجع نوعية اخلدمة التي يقدمها‪� ،‬أو ان يتوقف نظام الت�شغيل‪،‬‬
‫�أو تتدهور نوعية �أدائه‪ .‬وميكن ان تقع هذه احلوادث نتيجة �أخطاء‪� ،‬أو نقاط �ضعف خا�صة بالربنامج‪،‬‬
‫�أو كوارث طبيعية‪� ،‬أو ا�ستعمال غري �سليم من قبل م�ستخدمي النظام �أو الربنامج‪� ،‬أو �أي�ضا نتيجة اعتداء‬
‫جرمي‪.‬‬
‫وعليه‪ ،‬ال بد من حتديد املخاطر‪ ،‬ونقاط ال�ضعف‪ ،‬والثغرات‪ ،‬والتهديدات‪ ،‬وحتليلها‪ ،‬وفهمها لو�ضع‬
‫الإجراءات الكفيلة مبكافحتها‪ ،‬وبحماية الأنظمة والربامج‪.‬‬

‫‪ .3‬م�صادر املخاطر‬
‫يف عامل تلت�صق فيه الن�شاطات االن�سانية‪ ،‬بكل ا�شكالها‪ ،‬ب�أنظمة املعلومات واالت�صاالت‪ ،‬ال بد ل�سيا�سات‬
‫املرونة‪ ،‬من حلظ مروحة وا�سعة من م�صادر املخاطر‪ ،‬التقنية‪ ،‬واالن�سانية‪ ،‬والقانونية‪ ،‬التي تعني البنية‬
‫التحتية العاملية‪ ،‬واخلدمات الدولية كاالنرتنت‪ ،‬ا�ضافة �إىل الأجهزة الفردية املت�صلة بها‪.‬‬
‫وعليه‪ ،‬من ال�رضوري‪ ،‬لدى و�ضع �سيا�سات املرونة واحلماية‪ ،‬من مالحظة عدد من امل�ستويات‪ ،‬التي‬
‫تت�أثر وت�ؤثر ببع�ضها البع�ض‪ ،‬لدى حدوث خلل يف اي منها‪ :‬امل�ستوى العاملي العام‪ ،‬امل�ستوى الوطني‪،‬‬
‫امل�ستوى امل�ؤ�س�ساتي‪ ،‬امل�ستوى املعلوماتي (من معلومات)‪ ،‬امل�ستوى التقني‪ ،‬امل�ستوى املادي‪ .‬وبالتايل‪،‬‬
‫يفرت�ض حتليل املخاطر وحتديد التهديدات اخلا�صة بكل من هذه امل�ستويات‪ ،‬ا�ضافة �إىل الت�أثريات اجلانبية‬
‫واملتبادلة لكل منها على االخرى‪ .‬وميكن يف هذا ال�سياق االعتماد على �أدلة‪ ،‬تقول ب�أن التهديد ي�ساوي‬
‫احتمال وقوعه‪ ،‬ا�ضافة �إىل نتائجه وت�أثرياتها‪.‬‬
‫وتتنوع م�صادر التهديدات واملخاطر‪ ،‬ن�سبة �إىل م�ستوياتها‪ .‬فمن وجهة النظر التقنية مثال‪ ،‬ميكن ان‬
‫ت�صدر عن خط�أ‪� ،‬أو عن ثغرة يف النظام‪� ،‬أو عن اعدادات وتكوين الربامج والأنظمة‪ .‬كما ميكن ان‬
‫ت�صدر عن �س�ؤ ا�ستخدام ق�صدي‪� ،‬أو غري ق�صدي‪� ،‬أو عن هجوم �أو اخرتاق داخلي �أو خارجي‪� ،‬أو عن‬
‫عوامل طبيعية‪ .‬وعليها ت�ضاف �إىل معادلة احت�ساب التهديدات واملخاطر‪ ،‬نقاط ال�ضعف‪ ،‬والعن�رص ‬
‫الب�رشي‪ ،‬كي ت�أتي �إجراءات وترتيبات اعادة احلال �إىل ما كان عليه‪ ،‬بعد وقوع احلادث‪ ،‬فاعلة ومنا�سبة‪.‬‬
‫�أما جلهة امل�صادر االخرى‪ ،‬فنميز بني االعتداءات ال�صادرة عن الأفراد‪ ،‬وتلك ال�صادرة عن الدول‪.‬‬
‫فبعيدا عن ال�رصاعات الع�سكرية‪ ،‬وخارج عمليات التج�س�س‪ ،‬يقوم �أفراد �أو ع�صابات‪ ،‬باعتداءات‬
‫على ادارات حكومية وطنية �أو اجنبية‪ .‬لكن هذه االعتداءات‪ ،‬ال ترقى �إىل خطورة تلك التي تقوم‬
‫بها الدول‪ ،‬الختالف القدرات والإمكانات املتوافرة‪ ،‬كما انها لي�ست مفتوحة على نف�س الأ�ساليب‪،‬‬
‫والو�سائل‪ ،‬التي ت�ؤدي �إىل املخاطر الع�سكرية‪.‬‬
‫وبالرغم من حتول عمليات التج�س�س‪ ،‬واجلرائم ال�سيربانية املوجهة من قبل دول‪� ،‬إىل ممار�سات يومية على‬
‫ال�شبكة العاملية للمعلومات‪ ،‬نتيجة ف�شل التعاون بني البلدان املختلفة‪ ،‬يبقى خطر اندالع حروب كنتيجة‬
‫لها قائما‪ ،‬نتيجة ح�سابات خاطئة لنتائج هذه الأعمال‪ ،‬ومدى ت�أثريها‪ .‬وال ميكن جتنب ردات الفعل‬
‫االنتقامية على هذه الأعمال‪� ،‬أو التهديد بها لردع اجلهة املعتدية‪� ،‬سواء �ضمن �إطار ال�رصاع‪� ،‬أو خارجه‪.‬‬
‫فالو�سيلة الأجنع لذلك‪ ،‬هي تبيان وحتديد النتائج العملية واملح�سو�سة‪ ،‬لالعتداءات املوجهة واملق�صودة‪.‬‬
‫�صفحة رقم ‪35‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫ورمبا يكون الهاكرز الربيطاين “تريك” ‪ ،Trick‬الذي يقود فريق الهاكرز املعروف ب “تيم بويزن”‬
‫‪ ،TeaMpoisoN‬املثال االو�ضح‪ ،‬على االعتداءات الفردية‪ ،‬التي ميكن ان تتحول �إىل اعتداءات على‬
‫البلدان‪ ،‬ورجال ال�سيا�سة‪ ،‬و�أمن الدول‪ .‬فقد ان�ضم هذا املخرتق‪ ،‬بعد خروجه من ال�سجن يف بريطانيا‪� ،‬إىل‬
‫تنظيم الدولة الإ�سالمية‪ ،‬يف �سوريا‪ ،‬حيث يتوىل تدريب عنا�رصه‪ ،‬على االخرتاق والتج�س�س‪.‬‬
‫وكان هذا ال�شخ�ص‪ ،‬قد اخرتق نظام �رشكة بالكبريي‪ ،‬عندما �أعلنت �أنها �ستقوم مب�ساعدة ال�رشطة الربيطانية‪،‬‬
‫يف ك�شف م�شاغبي االحتجاجات‪ ،‬التي عمت لندن �سنة ‪ ،2011‬كما اخرتق الإمييل ال�شخ�صي لرئي�س ‬
‫الوزراء ال�سابق طوين بلري[‪ ،[[4‬و�رسق معلوماته و�صوره ور�سائله‪ ،‬وقام بن�رشها على الإنرتنت‪.‬‬
‫وكان فريق ‪ ،TeaMpoisoN‬قد ن�رش الأرقام ال�رسية‪ ،‬اخلا�صة مب�س�ؤويل �أحد املواقع التابعة لوكالة الف�ضاء‬
‫الأمريكية ‪ ،NASA‬كما قام يف العام ‪ ،2012‬ب�إعداد برنامج‪ ،‬يقوم باالت�صال على اخلط ال�ساخن اخلا�ص‬
‫مبكتب “مكافحة الإرهاب” يف بريطانيا‪ ،‬وير�سل ات�صاالت ع�شوائية مكررة‪� ،‬أدت �إىل تعطيل هذا‬
‫اخلط‪.‬‬
‫كذلك‪ ،‬قام بخداع �ضباط الأمن يف جهاز‪ ،[[4[MI6‬وهو وكالة اال�ستخبارات الع�سكرية ال�رسي‪ ،‬عرب‬
‫اخرتاق جهاز �أحد العنا�رص‪ ،‬وت�سجيل مكاملات داخلية ‪ MI6‬مت ن�رشها على الإنرتنت‪ ،‬ما �أحرج مكتب‬
‫مكافحة الإرهاب‪ .‬وكان الفريق نف�سه‪ ،‬قد اخرتق �أحد البنوك الإ�رسائيلية‪ ،‬خالل احلرب على غزة‪،‬‬
‫ون�رش بيانات بطاقات ائتمانية لأكرث من ‪ 26‬الف ا�رسائيلي‪ ،‬قام با�ستخدامها‪ ،‬يف طلب “ البيتزا”‪.‬‬

‫‪� .4‬أنواع من املخاطر‬


‫تتنوع املمار�سات التي تهدد الأمن ال�سيرباين‪ ،‬بتنوع �أهدافها‪ ،‬كما وبتنوع اجلهات ‪ ،‬التي تعتمدها‪،‬‬
‫وميكن ايراد بع�ضها‪ ،‬على ال�شكل الآتي‪:‬‬
‫ •التعر�ض ل�رسية االت�صاالت‪ ،‬التي تطال الربيد الإلكرتوين‪ ،‬والدرد�شة‪ ،‬ونقل امللفات‪ ،‬والدخول‬
‫�إىل الأنظمة‪ ،‬لالطالع على املعلومات دون اذن‪ .‬وي�شابه هذا‪ ،‬التن�صت على املخابرات الهاتفية‪،‬‬
‫واالطالع على الربيد ال�شخ�صي‪ ،‬ودخول املنازل لتفتي�شها‪ ،‬ما يتطلب عادة‪ ،‬وبح�سب القواعد‬
‫القانونية‪ ،‬اذنا م�سبقا‪ ،‬من قبل ال�سلطات املخت�صة‪ ،‬يف البالد التي تقوم على احرتام القاعدة‬
‫القانونية‪ .‬وتعترب هذه الأعمال‪ ،‬يف غري تلك احلالة‪� ،‬سواء قام بها الأفراد‪� ،‬أو قامت بها ال�سلطات‬
‫العامة‪ ،‬جرائم اعتداء‪ ،‬على احلريات واحلقوق ال�شخ�صية‪.‬‬
‫ •التالعب باملعلومات املوجودة يف نظام معني‪ ،‬وت�شويهها �أو اتالفها‪� ،‬سواء عرب االقتحام اليدوي‪،‬‬
‫�أو عرب ار�سال برامج وفريو�سات متخ�ص�صة بذلك‪ .‬ففي هذا اعتداء على امللكية‪ ،‬وعلى حقوق‬
‫التمتع والت�رصف بها‪ .‬ي�ضاف �إىل ذلك‪ ،‬التعر�ض ل�سالمة عمل املواقع‪ ،‬ال�شخ�صية منها والتجارية‪،‬‬
‫عندما تتوفر نية اال�رضار‪ ،‬بغ�ض النظر عن حتقق ال�رضر املرجو‪� ،‬أم ال‪.‬‬
‫ •اجلرائم العادية التي ت�ستخدم االنرتنت يف تنفيذها‪ ،‬كال�رسقة والغ�ش واخلداع‪ ،‬والتغرير بالقا�رصين‪،‬‬
‫وت�سهيل الدعارة‪ ،‬والرتويج لن�شاطات خمالفة للقانون‪ ،‬واالعتداء على امللكية الفكرية‪ .‬فكل هذه‬
‫‪[45] Team Poison› hacker who posted Tony Blair›s details is jailed - http://www.telegraph.co.uk/technology/internet-‬‬
‫‪security/9432459/Team-Poison-hacker-who-posted-Tony-Blairs-details-is-jailed.html‬‬
‫‪[46] Military Intelligence, Section 6‬‬
‫�صفحة رقم ‪36‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫جرائم تعاقب عليها القوانني الو�ضعية‪ ،‬ومنيل �إىل القول هنا‪ ،‬انها ال تتطلب بال�رضورة �إقرار ن�صو�ص‬
‫جديدة‪ ،‬بل تعديل ما هو موجود‪ ،‬ليتنا�سب مع العنا�رص املادية اجلديدة‪ ،‬التي يدخلها الف�ضاء‬
‫ال�سيبريي‪ ،‬من خالل طبيعته اخلا�صة‪ .‬ففي احدى الق�ضايا التي عر�ضت على املحاكم الأمريكية‪،‬‬
‫ا�ستخدم �أحد اال�شخا�ص الربيد الإلكرتوين‪ ،‬لريا�سل احدى اجلمعيات طالبا للم�ساعدات‪ ،‬مقدما‬
‫نف�سه على �أنه �سيدة‪ ،‬تعي�ش يف خميم لالجئني يف نيجرييا[‪ .[[4‬ومن االطالع على وقائع الق�ضية‪،‬‬
‫نالحظ عدم وجود ما مييزها عن عمليات الغ�ش‪ ،‬التي تت�ضمن انتحاال لل�شخ�صية‪� ،‬سوى جلوء هذا‬
‫ال�شخ�ص‪� ،‬إىل ا�ستعمال تكنولوجيا املعلومات واالت�صاالت‪ ،‬يف ارتكاب جرميته‪.‬‬
‫ •اجلرائم التي تندرج يف �إطار اجلرمية املنظمة‪ ،‬والتي تهدد �أمن الأفراد والدول‪ ،‬على ال�سواء‪ ،‬يف‬
‫الف�ضاء ال�سيبريي‪ ،‬ويف الف�ضاء التقليدي‪ .‬وت�أتي يف هذا الإطار‪ ،‬جرائم تبيي�ض الأموال والإرهاب‪،‬‬
‫والتي �سنعر�ضها بالتف�صيل يف ف�صل الحق‪.‬‬

‫‪ .5‬امل�س�ؤولية يف احلوكمة وال�سيادة‬


‫من هنا‪ ،‬ال بد للدول‪ ،‬من مقاربة م�س�ألة ردع التهديدات التي ميكنها ان ت�ؤدي �إىل االخالل بالأمن‬
‫الدويل‪ ،‬ا�ستنادا �إىل عدد من احلقائق‪ ،‬ومنها‪ :‬ا�رصار بع�ض منها‪ ،‬على التناف�س غري ال�رشيف‪ ،‬الإمكانات‬
‫العالية الندالع حرب‪ ،‬نتيجة خلط�أ يف احت�ساب نتائج الت�رصفات العدوانية واجلرمية‪ .‬ولأن املجال‬
‫ال�سيرباين‪ ،‬لي�س جماال خمتلفا عن غريه‪ ،‬فان الدول �ستمار�س فيه ما متار�سه عادة يف املجاالت االخرى‪،‬‬
‫وبالتايل فمن غري املنطقي احلديث عن غياب التهديد‪ ،‬ما دام من غري املمكن نزع ال�سالح فيه‪.‬‬
‫ويبقى على الدول‪ ،‬الت�سليم ب�رضورة العمل على احلد من خماطر ن�شوب �رصاعات ع�سكرية‪ ،‬عرب اخ�ضاع‬
‫االعتداءات والتج�س�س‪ ،‬لقواعد القانون الدويل احلايل‪ ،‬والعمل على �إيجاد اتفاق دويل‪ ،‬تلتزم فيه الدول‬
‫الأع�ضاء يف الأمم املتحدة‪ ،‬عدم حتويل الف�ضاء ال�سيرباين‪� ،‬إىل جمال خ�صب للتهديدات واملخاطر‪ ،‬التي‬
‫تقو�ض الأمن وال�سلم الدوليني‪.‬‬
‫ويبقى ان �أهم القواعد الرادعة‪ ،‬هي �إعالن م�س�ؤولية الدول عن االعتداءات التي تنطلق من االرا�ضي‬
‫اخلا�ضعة ل�سيادتها‪� ،‬أو ل�سيطرتها الفعلية‪� ،‬سواء ا�صدرت عن �أفراد‪� ،‬أو عن اجهزة ر�سمية لديها‪ ،‬وتطبيق قواعد‬
‫القانون الدويل اخلا�ص بالنزاعات امل�سلحة‪ .‬وعلى �ضوء ال�صعوبات التي يواجهها الو�صول �إىل اتفاقات دولية‬
‫حول حماية الف�ضاء ال�سيرباين‪ ،‬ال بد للدول من العمل على تعبيد الطريق لذلك‪ ،‬عرب االتفاق على �رضورة بناء‬
‫الثقة يف هذا الف�ضاء‪ .‬وميكن يف هذا املجال‪ ،‬االتفاق على حدود معينة‪ ،‬ال يجوز للدول جتاوزها‪ ،‬ما ميكن ان‬
‫ي�ؤثر ايجابا يف ردعها \عن الت�رصف نتيجة ح�سابات خاطئة‪ ،‬تعزز حظوظ ن�شوب حرب‪ .‬ي�ضاف �إىل ذلك‪،‬‬
‫التزام الدول مببادئ ال�شفافية‪ ،‬وتبادل املعلومات حول التهديدات واملخاطر‪ ،‬و�إيجاد منوذج حوكمة يواكب‬
‫طبيعة االنرتنت وخماطرها‪ ،‬ي�ؤمن ار�ساء قواعد ت�رصفات م�س�ؤولة‪ .‬فالأمن ال�سيرباين‪� ،‬شديد االرتباط مب�س�ألة‬
‫حوكمة االنرتنت‪ ،‬ومب�سائل �سيادة الدول‪ ،‬بحيث ال ميكن احلديث عن تدين متطلبات ال�سيادة يف الف�ضاء‬
‫ال�سيرباين‪ ،‬عن تلك التي تقر للدول‪ ،‬على اقليمها الربي‪ ،‬البحري واجلوي‪.‬‬

‫‪[47] The Ikeja High Court Thursday sentenced Nwagbogwu Stephen, 22, to 12 months imprisonment without option of fine for‬‬
‫‪Internet fraud”. www.Thetidenews.com.‬‬
‫�صفحة رقم ‪37‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫‪ .6‬طبيعة الأخطار‬
‫مما ال �شك فيه‪ ،‬ان تكنولوجيا املعلومات واالت�صاالت‪ ،‬تتيح امكانات هائلة‪ ،‬وغري م�سبوقة‪ ،‬لإنتاجية‬
‫�أف�ضل يف جميع القطاعات‪ ،‬وللتوا�صل عرب القارات‪ .‬اال ان البنية التحتية لهذه التقنيات‪ ،‬متثل ارتباطا‬
‫بني م�صالح متعددة‪ ،‬وخدمات خمتلفة‪ ،‬وبلدان عديدة‪ ،‬االمر الذي يجعل من الأخطار يف املجال‬
‫ال�سيرباين‪� ،‬أخطارا عاملية‪ ،‬تطاول اجلميع دون ا�ستثناء‪ ،‬وتفرت�ض منهم التزاما‪ ،‬بكل ما ي�ضمن �أمن‬
‫تقنيات املعلومات واالت�صاالت‪ .‬فال ميكن الية جهة‪ ،‬ان ت�ضمن بقائها يف من�أى عن الأخطار‪ ،‬ما دامت‬
‫�سالمة الآخرين معر�ضة‪ .‬فالطبيعة العاملية‪ ،‬ت�ستلزم ردا ذا �أبعاد عاملية‪ ،‬تتجاور فيه وتتداخل ال�سيا�سة‪،‬‬
‫واالقت�صاد‪ ،‬واالجتماع‪ ،‬والتقنية‪ ،‬والقانون‪ .‬هذا عدا عن التعقيدات النا�شئة‪ ،‬عما يرتبه خ�ضوع البنية‬
‫التحتية الأ�سا�سية‪ ،‬للقطاع اخلا�ص‪ ،‬ولي�س ل�سيطرة احلكومة‪ ،‬ا�ضافة �إىل ان القدرات واخلربات‪ ،‬يف‬
‫جمال تقنيات املعلومات واالت�صاالت‪ ،‬امنا تنمو وتزدهر فيه‪ ،‬وتخ�ضع لقوانني ال�سوق‪ .‬هذا‪ ،‬ف�ضال عن‬
‫�صعوبة حتديد م�صدر الهجوم �أو االخرتاق‪ ،‬بعيدا عن تبادل املعلومات‪ ،‬والتن�سيق بني جهات متعددة‪،‬‬
‫داخلية وخارجية‪ .‬ففي الف�ضاء ال�سيرباين‪ « ،‬جمهولة الهوية» هي القاعدة‪ ،‬يف الوقت الذي يحتاج فيه‬
‫بناء الثقة‪� ،‬إىل حتديد الهوية‪ ،‬ومعرفة امل�صدر‪ ،‬وامكانية االثبات‪ ،‬االمر الذي ال ميكن حتقيقه‪ ،‬بعيدا عن‬
‫ت�ضافر جهود جهات متعددة‪ ،‬من القطاعني العام واخلا�ص‪.‬‬

‫�أ‪ -‬الأخطار القانونية‬


‫وتتمثل املخاطر القانونية‪ ،‬ب�شكل �أ�سا�سي‪ ،‬يف غياب الإطارين الت�رشيعي والتنظيمي‪ ،‬املنا�سبني للتعامل‬
‫مع نتائج الأعمال القانونية‪ ،‬وغري القانونية منها‪ ،‬التي تتم يف الف�ضاء ال�سيرباين‪ .‬فالن�شاط االقت�صادي‪،‬‬
‫والتجاري‪ ،‬وغريه‪ ،‬يتطلب حتديدا وا�ضحا‪ ،‬للموجبات واحلقوق‪ ،‬مبا ي�ضمن معاجلة اخلالفات النا�شئة عنه‪،‬‬
‫ب�شكل ي�ساهم يف تعزيز الثقة بقدرات تكنولوجيا املعلومات واالت�صاالت‪ ،‬يف جمال اخلدمات‪ ،‬والتبادل‬
‫بكل ا�شكاله و�أنواعه‪ .‬فم�ستخدمو هذه التقنيات‪ ،‬واملعتمدون على الفر�ص املتاحة عرب الف�ضاء ال�سيرباين‪،‬‬
‫بحاجة �إىل �إطار‪ ،‬ي�ؤمن حماية ا�ستخدامهم هذا‪ ،‬وحماية وجودهم يف هذا الف�ضاء‪ ،‬حيث تنتقل �أموالهم‬
‫وبياناتهم‪.‬‬
‫من هذا املنطلق‪ ،‬تتمثل املخاطر القانونية‪ ،‬يف غياب الأمن القانوين‪� ،‬أو حتى يف تناق�ض وتنازع الأنظمة‬
‫القانونية‪ ،‬من جهة اوىل‪ ،‬ويف ات�ساع امكانات ن�شوء جنات للجرمية ال�سيربانية‪ ،‬من جهة ثانية‪ .‬ويرتفع‬
‫من�سوب هذه املخاطر‪ ،‬مع انعدام التعاون بني البلدان املختلفة‪� ،‬أو حتى مع وجود تعاون‪ ،‬ال ي�ضمن‬
‫مالحقة فاعلة‪ ،‬تتالءم وطبيعة الأعمال واجلرائم واالعتداءات ال�سيربانية‪ ،‬العابرة للحدود‪ ،‬ولالنظمة‬
‫القانونية‪ ،‬والتي ال يقف تو�سعها على امل�ستوى اجلغرايف؛ بحيث تطاول اي مواطن يف اي بقعة من‬
‫الأر�ض‪ ،‬بل يتعداها �إىل تو�سعها على امل�ستوى املو�ضوعي‪ ،‬مبا يطاول الدول‪ ،‬وامنها‪ ،‬وا�ستقرارها‪.‬‬

‫ب‪ -‬الأخطار التقنية‬


‫ترتافق طبيعة التقنيات واالت�صاالت‪ ،‬مع �أخطار خا�صة‪ ،‬مرتبطة بهند�ستها اخلا�صة‪ ،‬وبالبيئة التي تعمل‬
‫يف �إطارها‪ ،‬اي الف�ضاء ال�سيرباين‪ .‬و�إذا كانت التقنية‪ ،‬والهند�سة‪ ،‬والرقمنة‪ ،‬تتحكم بتو�سع تقنيات‬
‫�صفحة رقم ‪38‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫املعلومات واالت�صاالت‪ ،‬وبالولوج �إىل الف�ضاء ال�سيرباين‪ ،‬ور�سم حدوده‪ ،‬مبا جعل البع�ض يعتربونها‪،‬‬
‫قادرة على لعب دور القانون‪ ،‬يف تنظيم الف�ضاء ال�سيرباين‪ ،‬و�ضبط الأعمال املخلة ب�أمنه‪ ،‬و�صوال �إىل‬
‫�إنكارهم على امل�رشع‪ ،‬حق اال�ضطالع مبهمة هذا التنظيم‪ ،‬ففي ذلك ابتعاد عن جادة ال�صواب‪.‬‬
‫فقد �أثبتت هذه التقنية‪ ،‬انها لي�ست قادرة على �ضبط الت�رصف االن�ساين‪ ،‬وت�أمني �سالمة الأفراد‪،‬‬
‫وامل�ؤ�س�سات والدول‪ ،‬التي �أ�صبحت �أكرث اعتمادا عليها‪ .‬وعليه‪ ،‬دقت �أكرث الدول تقدما‪ ،‬ناقو�س اخلطر‪،‬‬
‫وعلى �أكرث من منرب عاملي‪ ،‬للفت االنتباه �إىل ه�شا�شة الو�ضع‪ ،‬واىل اخللل الع�ضوي الذي يطال الربجميات‬
‫والتجهيزات‪ ،‬على ال�سواء‪ ،‬والذي ي�شكل نقاط �ضعف‪ ،‬ميكن ا�ستغاللها ب�سهولة من قبل اخلرباء‪ ،‬يف‬
‫خرق الأنظمة املعلوماتية‪ ،‬واىل حجم املخاطر التي يرتبها هذا االمر‪.‬‬
‫و�إذا كان �صحيحا ان احللول التقنية موجودة‪ ،‬ف�إن ال�صحيح �أي�ضا‪� ،‬أنها حلول قا�رصة‪ ،‬كونها ال ت�ستطيع‬
‫مواكبة الدينامية التي توجدها‪ ،‬كما ال ت�ستطيع مواكبة التحوالت امل�ستمرة‪ ،‬يف طبيعة املخاطر‪ .‬فهي‬
‫تتبع بروز امل�شكلة‪ ،‬وت�شكل بالتايل‪ ،‬ردا حمدودا الزمان واملكان‪ ،‬كما ومب�س�ألة معينة‪ .‬هذا عدا عن‬
‫مهارات املت�سللني �إىل الأنظمة واملخربني‪ ،‬وتعدد اجلهات املعنية بالأمن ال�سيرباين (تقنيني‪ ،‬م�ستثمرين‪،‬‬
‫عمالء‪ ،‬مهند�سني‪ ،‬مطوري برامج وتطبيقات‪ ،)...‬وانعكا�س ذلك‪ ،‬تعقيدات على م�ستوى الر�ؤية‪،‬‬
‫والفهم اجلامع للمخاطر‪ ،‬كما للتدابري املفرو�ض اتخاذها‪ .‬وال يغفل عن بالنا‪ ،‬حاجة تقنيات احلماية‬
‫نف�سها‪� ،‬إىل احلماية‪.‬‬
‫من هنا القول‪ ،‬ب�أن الركون �إىل احللول التقنية‪ ،‬هو ركون �إىل املجهول‪ ،‬ال�سيما مع �صعوبة التحكم‬
‫بهذه التقنيات‪ ،‬ومع االعطال التي ميكن ان تطر�أ عليها‪ ،‬هذا عدا عن العيوب اخلفية التي تعرتيها‪ ،‬والتي‬
‫ال ميكن اكت�شافها‪ ،‬اال بعد و�ضعها قيد العمل‪ .‬وي�أتي يف هذا ال�سياق‪ ،‬ما توفره من امكانيات احلركة‬
‫بطريقة �رسية‪ ،‬وان بدرجة ن�سبية‪ .‬لكن الإقرار بق�صور التقنية‪ ،‬ال يعني عدم االلتفات �إىل تطوير �آليات‬
‫احلماية التقنية‪ ،‬واال�ستعانة بالربامج والتطبيقات اخلا�صة‪ ،‬مبنع الولوج �إىل البنى التحتية‪ ،‬واىل الأنظمة‬
‫املعلوماتية‪ ،‬ملن لي�س له احلق يف ذلك‪ ،‬وذلك من خالل تدابري تقنية‪ ،‬ترتكز �إىل �إدارة الهوية الإلكرتونية‪،‬‬
‫وا�ستخدام برامج احلماية من الفريو�سات‪ ،‬وبروتوكوالت الت�شفري‪ ،‬وغريها‪.‬‬

‫_ الربجميات ال�ضارة وال�سلوكيات اجلرمية‬


‫ي�شكل اهتمام بع�ض ال�رشكات بالت�سويق ملنتجاتها على االنرتنت‪ ،‬عامال ا�ضافيا لتعري�ض االنرتنت‪،‬‬
‫وال�شبكات للعديد من املخاطر‪ ،‬ال�سيما منها‪ ،‬تلك التي ميكن ان تنتج عن زرع �أنواع معينة من الديدان‪،‬‬
‫�أو من الفريو�سات‪ ،‬واح�صنة طروادة‪ ،‬التي تتخطى برامج احلماية‪� ،‬سواء من خالل الربيد الإلكرتوين‪� ،‬أو‬
‫مواقع حمركات البحث‪ ،‬والإعالنات‪ ،‬التي تن�رش عربها‪.‬‬
‫ولعل �أخطر ما يف االمر‪ ،‬هو تالقي االفعال والتقنيات‪ ،‬مع النيات اجلرمية‪ .‬ففي تقرير[‪ [[4‬حول اجتاهات‬
‫�أمن االنرتنت‪ ،‬ن�رشته جريدة الريا�ض‪ ،‬ك�شف عن عالقة بني بع�ض املواقع التي ت�ستغلها الربجميات‬
‫ال�ضارة‪ ،‬وجمموعة من �رشكات ت�سويق‪ ،‬لأدوية غري قانونية‪.‬‬

‫‪[48] www.alriyadh.com/2008/09/03/articles371725‬‬
‫تقرير اتجاهات أمن االنرتنت ‪ 2008‬يكشف عن صلة بني مواقع إلكرتونية مستغلة من برمجيات ضارة وسلسلة توريد ادوية غري قانونية عرب االنرتنت‬
‫�صفحة رقم ‪39‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫وعن واقعة ت�ؤ�رش �إىل اهمية الأمن يف الف�ضاء ال�سيبريي‪ ،‬ن�رشت جريدة العرب بتاريخ ‪2008/8/20‬‬
‫خربا بعنوان‪« :‬الإرهابيون اجلدد‪...‬قرا�صنة انرتنت»‪ .‬وقد جاء يف تفا�صيله‪� ،‬رسد لتحذيرات خرباء‬
‫يف جمال االنرتنت‪ ،‬من ان الهجوم الإرهابي القادم على الواليات املتحدة الأمريكية‪ ،‬رمبا يكون من‬
‫قبل قرا�صنة االنرتنت‪ .‬وقد �أبرزوا خ�شيتهم هذه‪ ،‬نتيجة الهجوم الذي �شنته رو�سيا‪ ،‬قبل اعتدائها على‬
‫جورجيا‪ ،‬على جميع املواقع الر�سمية اجلورجية‪ ،‬على االنرتنت‪.‬‬
‫ويزداد االمر �سوءا‪ ،‬مع التخ�ص�ص الذي يبدو وا�ضحا يف جمال اخرتاق الأنظمة وال�شبكات‪ ،‬ومع‬
‫دميقراطية ن�رش املعرفة‪ ،‬التي تبدو يف �أح�سن جتلياتها‪ ،‬مع املواقع التي ت�ؤمن برجميات متخ�ص�صة‬
‫يف االخرتاق‪ ،‬ميكن احل�صول عليها جمانا ودون مقابل‪ .‬وتقوم هذه املواقع‪ ،‬بدرا�سة كل نظام على‬
‫حدة‪ ،‬انطالقا من خ�صائ�صه‪ ،‬ومن امليزات اخلا�صة ب�إدارة حمايته‪ .‬ذلك ان ما يعني مديري النظام‪،‬‬
‫واملتخ�ص�صني بحمايته‪ ،‬هو نف�سه الذي يعني مقتحمي الأنظمة‪ .‬كما ميكن احل�صول‪ ،‬من هذه املواقع‬
‫�أي�ضا‪ ،‬على التعليمات اخلا�صة‪ ،‬بنقاط ال�ضعف يف الأنظمة‪ ،‬ومبواقع االخرتاق املمكنة‪ ،‬وب�أ�ساليب تنفيذ‬
‫العمليات بطريقة مهنية‪ ،‬وتقنية عالية‪.‬‬
‫ومع انت�شار االت�صاالت الال�سلكية‪ ،‬وتو�سع ا�ستعماالتها يف الأنظمة‪ ،‬يت�سع عدد ونوع الربجميات[‪،[[4‬‬
‫كما يت�سع حجم م�ساحات وامكانات االخرتاق‪،‬بحيث تتوزع هذه االخرية‪ ،‬على كل نقاط النفاذ‪� ،‬إىل‬
‫خدمات االت�صال‪ ،‬ب�شكل ي�ستدعي احتياطا وحذرا دائمني [‪.[[5‬‬
‫وتعمل الربامج التي ت�ستعمل يف عمليات االقتحام واالخرتاق‪ ،‬عرب تقنيات متعددة وخمتلفة‪ ،‬منها على‬
‫�سبيل املثال‪ :‬اكت�شاف ال�شبكة‪ ،‬وم�سح املعلومات املتوفرة عليها‪ ،‬كما الأجهزة املت�صلة بها وامل�ستخدمة‬
‫عليها‪ ،‬ك�شف �أنواع الت�شفري‪� ،‬إن�شاء ملفات خا�صة بكل �شبكة وحتديد طريقة االت�صال بها‪ ،‬وفك‬
‫ال�شيفرة امل�ستخدمة‪.‬‬

‫_ تقنيات تهدد االنرتنت (برامج متخ�ص�صة يف ن�رش الفريو�سات)‬


‫تعترب التقنيات امل�ستخدمة على االنرتنت‪ ،‬امل�صدر الأول للتهديدات التي ميكن �أن تواجهها هذه االخرية‪،‬‬
‫كونها حتمل يف طبيعتها‪ ،‬البذور امل�ؤاتية لذلك‪� ،‬سواء عرب نقاط ال�ضعف التي تعرتيها‪� ،‬أو عرب الربامج املتخ�ص�صة‬
‫يف ن�رش الفريو�سات‪ ،‬وزرع �أدوات التج�س�س على املواقع والأجهزة‪ ،‬ما يفتح املجال وا�سعا‪ ،‬ال�ستخدام‬
‫التكنولوجيا يف االن�شطة التخريبية واجلرمية‪ ،‬التي تطال االنرتنت‪ ،‬كما تطال الأفراد وامل�ؤ�س�سات‪.‬‬
‫فالربيد الإلكرتوين مثال‪ ،‬وهو �أكرث تطبيقات االنرتنت ا�ستخداما‪ ،‬ي�شكل هدفا �سهال‪ ،‬ملن لديه حملل‬
‫بروتوكوالت‪ ،‬وقدرة على الو�صول �إىل �أجهزة الروتر ‪ ، Routers‬والأجهزة ال�شبكية الأخرى التي‬
‫تعالج الر�سائل التي يتوىل نقلها‪ ،‬وذلك �أثناء عملية االنتقال‪ ،‬من �شبكة �إىل �أخرى‪ ،‬اذ ميكن للمت�سل �أن‬
‫يعرت�ض الر�سائل‪ ،‬فيقر�أ �أو يغيرّ حمتواها‪.‬‬

‫‪[49] Examples of some programs: Kismet for Linux.Netstumbler for windows.Netdiscover for nets not using DHCP.WIFI RADAR.‬‬
‫‪AirSnort, AirCrack.Cowpatty.‬‬
‫‪[50] Thomas.M..Thomas.Wireless security, InformIT. http://www.informit.com/articles/article.aspx?p=177383&seqNum=7‬‬
‫‪Wireless networking is everywhere! That is not meant as hyperbole—it really is everywhere. Wireless technology uses radio waves‬‬
‫‪to transmit data, so wireless packets are probably flowing in the air in front of you as you read this.‬‬
40 ‫�صفحة رقم‬
)1( ‫ هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث‬:‫ال�سيربانية‬

‫ حيث‬، [[5[‫ نتيجة تكاثر الفريو�سات يف الف�ضاء ال�سيبريي‬،‫ تعترب ال�شبكات حاملة خلطر م�ستمر‬،‫كذلك‬
‫ وميكن اال�ستدالل على تو�سع‬.‫ ومتوا�صل‬،‫ ب�شكل يومي‬،‫ بروز فريو�سات جديدة‬،‫ي�شهد عامل االنرتنت‬
‫ ومن‬،MCafee ‫ و‬Symantec ‫ مثل‬،‫ من خالل ما تن�رشه املواقع املتخ�ص�صة‬،‫حركة ن�رش الفريو�سات‬
‫ عرب‬،‫ دون انقطاع‬،‫ وحتديثها‬،‫ وال�سيا�سات املعتمدة يف تيوميها‬،‫خالل انت�شار برامج احلماية نف�سها‬
‫ يف منطقة جغرافية‬،‫ والربامج التي تعر�ض �أمن االنرتنت‬،‫ وال ينح�رص منتجو الفريو�سات‬.‫االنرتنت‬
.[[5[ ‫ بل �أنهم يتوزعون على العديد من الدول‬،‫واحدة‬
،[[5[Malware‫ وال‬،spyware‫ وال‬،adware[[5[‫ ما يعرف بال‬،‫وي�أتي يف عداد هذه الربامج‬
‫ وتتميز‬،[[5[‫ برامج تدخل الأجهزة بوا�سطة ما يعرف بالدودة املعلوماتية‬،‫ وهذه االخرية‬.[[5[Zombie‫وال‬
‫ كفتح ملف‬،‫ دون حاجة �إىل �أي خطوة من قبل م�ستخدم الكومبيوتر‬،‫ يف كونها تنت�رش‬،‫عن الفريو�س‬
‫ �أو‬،‫ �إىل �أن تتلقى �أمرا‬،‫ يف ثبات داخل اجلهاز املقتحم‬،worm‫ وتظل ال‬.‫ �أو ال�ضغط على و�صلة معينة‬،‫ما‬
‫ لتعمل‬،‫ حيث تتم برجمتها‬،‫ على �أعداد كبرية من الأجهزة‬،‫ وغالبا ما يتم زرع الدودة‬.‫حتى تاريخ معني‬
‫ لتنفيذ‬،‫ دفعة واحدة‬،‫ ما يحرك �أعدادا كبرية من �أجهزة الكومبيوتر يف العامل‬،‫بالتزامن مع بع�ضها البع�ض‬
.‫ �أو طلبات دخول �إىل مواقع معينة‬،‫ �أو �أوامر بحث �إىل حمرك معني‬،‫ كار�سال ر�سائل بريدية‬،‫مهمة واحدة‬
‫ وذلك‬،[[5[”‫ الذي يعرف ب “منع اخلدمات‬،‫ �إىل �أداة ت�ستخدم يف االعتداء‬،‫فتتحول الأجهزة املقتحمة‬
‫ باملواقع التي‬،‫ خا�صا �إىل حد ما‬،‫ ويعترب هذا النوع من االعتداء‬.‫عندما تنفذ االمر املعطى لها باالت�صال‬
.‫ بالن�سبة للبلدان الأكرث تقدما يف هذا املجال‬،‫ ما يف�رس انت�شاره وخطورته‬،‫تتعاطى االن�شطة التجارية‬
.‫ واليابان وال�صني واملانيا‬،‫ وفرن�سا‬،‫ وانكلرتا‬،‫ الواليات املتحدة الأمريكية‬،‫وت�أتي يف طليعة هذه البلدان‬
.‫ لال�رضار مب�صالح مناف�سيهم‬،‫ عن اللجوء �إىل خدمات مقتحمي الربامج‬،‫وال يتوانى بع�ض رجال الأعمال‬
،‫ يف الواليات املتحدة الأمريكية‬،‫ متكن مكتب التحقيقات الفدرايل‬،2005 ‫ففي �آذار (مار�س) من العام‬
.‫ ملهاجمة موقع �رشكة مناف�سة‬،‫ ا�ضافة �إىل رجل الأعمال الذي ا�ستخدمه‬،‫من توقيف �أحد املقتحمني‬
،‫ وت�سببت بحوايل مليوين دوالر �أمريكي من اخل�سائر‬،‫ ملدة خم�سة �أ�شهر‬،‫وقد ا�ستمرت هذه العمليات‬
.[[5[ISP‫ التي ت�ستخدم نف�س ال‬،‫ كما لعدد من ال�رشكات‬،‫للمناف�س‬

[51] Le virus: Programme informatique d’autoréplication, doté de fonctions nuisibles, qui s’installe en annexe d’un programme
ou fichier hôte pour se propager.Rapport semestriel de MMELANI 2006/II (Juillet a decembre).
[52] SoBig virus from Moscow (summer 2003), which came in many variants. The sixth one was so successful that Microsoft
together with Interpol and FBI set up a system of reward ($250,000) for information leading to the author(s). I love you virus from
Philippines (2002), Code Red a worm from China (2003).
[53] Les «adware», terme issu de la contraction des mots anglais «advertising» (publicité) et «software», s’utilisent fréquemment à
des fins publicitaires. Ils enregistrent les habitudes de surf de l’utilisateur pour lui offrir ensuite les produits correspondants (p.
ex. via des liens). Rapport semestriel de MMELANI 2006/II (Juillet adecembre).
[54] Malware: “Programme malveillant / maliciel. Le terme anglais «malware» est la contraction de «malicious» et de «software».
Terme générique employé pour tout logiciel exécutant des fonctions nuisibles sur un ordinateur (comme p.ex. les virus, les vers ou
les chevaux de Troie). Rapport semestriel de MMELANI 2006/II (Juillet a décembre).
[55] Réseau de zombies : « Réseau d’ordinateurs infectés par des programmes malveillants (bots). Un pirate (le propriétaire du
réseau de zombies) les contrôle complètement à distance. Un réseau de zombies peut compter de quelques centaines à des millions
d’ordinateurs compromise”, rapport semestriel MELANI 2006/II (juillet a décembre) .
[56] Le ver : « A la différence des virus, les vers n’ont pas besoin de programme hôte pour se reproduire. Ils utilisent les lacunes
de sécurité ou des erreurs de configuration des systèmes d’exploitation ou des applications, pour se propager d’ordinateur en
ordinateur”, rapport semestriel MELANI 2006/II (juilet a decembre)>
[57] Zombies participate to Distributed Denial of Service attacks (DDOS)
[58] McAfee virtual criminal report: North American Study into Organised Crime and the Internet, 2005, p:11 “The Case of the
Hired Hacker”.
41 ‫�صفحة رقم‬
)1( ‫ هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث‬:‫ال�سيربانية‬

‫ خدمة‬،‫ فهي الربامج التي تتوىل ت�سجيل حركة م�ستخدم االنرتنت‬،[[5[Spyware‫�أما برامج التج�س�س ال‬
‫ من �أهم‬،‫ حيث يعترب الربح املادي‬،‫ جتاريا‬،‫ وغالبا ما يكون الهدف الكامن وراء ذلك‬.‫لطرف ثالث‬
‫ كون‬،‫ مواقعا خطرة‬،‫ وتعترب املواقع الإباحية يف هذا املجال‬،[[6[‫الدوافع وراء ممار�سة هذه االعتداءات‬
.[[6[ ‫ على الأجهزة التي تت�صل بها‬،‫ حتمل برامج جت�س�س‬،‫ منها‬%80
‫ كما‬،‫ مع ا�ستخدام الربامج ذات امل�صادر املفتوحة‬،‫ على ما يبدو‬،‫وتزيد هذه اخلطورة بالن�سبة لل�رشكات‬
‫ وزبائنها‬،‫ وموظفيها‬،‫ كونه يعر�ض �سالمة �شبكات ال�رشكات‬،[[6[‫ بع�ض االخت�صا�صني‬،‫نبه �إىل ذلك‬
‫ والتي حافظت على‬،‫ التي ت�ستخدم يف الربامج املرخ�صة‬،‫ الذي ينتج عن �إزالة احلواجز التقليدية‬،‫للخطر‬
.‫ حتى اليوم‬،‫�سالمتها‬
‫ فيما يتعلق‬،‫ يف معر�ض التعليق على احلما�سة التي كان يبديها البع�ض‬،‫كما لفت االخت�صا�صيون‬
‫ من و�ضع بع�ض‬، hackers and spammers‫ �إىل ما ميكن �أن يقوم به ال‬،s’2.0 web‫با�ستخدام ال‬
‫ التي ي�ستخدمها‬،‫ مبا يعر�ض �سالمة الأنظمة والربامج‬،‫ على �صفحاتهم اخلا�صة‬،worms‫الفريو�سات وال‬
‫ والعاملون‬،‫ ومنهم املوظفون‬،‫ على االنرتنت‬،‫ التي ينتمون اليها‬،[[6[‫�أفراد مواقع ال�شبكات االجتماعية‬
.‫ وامل�ؤ�س�سات العامة واخلا�صة‬،‫يف ال�رشكات‬
‫ �أال وهو توجه اجلرمية‬،‫ اذا ما �أ�ضفنا اليه واقعا جديدا‬،‫ �شديد اجلدية واخلطورة‬،‫ويعترب هذا التهديد‬
‫ واملردود الذي ميكن اعادة‬،‫ كم�صدر جديد للعائدات‬،‫ نحو اال�ستثمار يف اجلرائم ال�سيبريية‬،‫املنظمة‬
.[[6[‫ وتعزيزه‬،‫ يف تو�سيع دائرة الن�شاط اجلرمي‬،‫توظيفه‬

)‫ ا�ستغالل ثغرات الربامج‬:”‫_ (الدودة “كونفيكر‬


‫ ان ثغرة يف‬،‫ وزعت مايكرو�سوفت حتذيرا م�ضمونه‬،2008 ‫يف اكتوبر (ت�رشين الأول) من العام‬
‫ دون املرور بعملية التحقق‬،‫ على عدد من انظمة الت�شغيل لديها‬،‫ ت�سمح بتنفيذ �أحد الرموز‬،‫املخدم‬
‫ ومنع برامج‬،‫ لت�ضليل نظام احلماية على اجلهاز‬،‫ عرب ا�ستخدام عدد من التقنيات والتعليمات املعقدة‬،‫منه‬
،‫ ميكنها ان حتول اجلهاز‬،‫ فقد حذرت من ان هذه الثغرة‬،‫ كذلك‬.‫ من مكافحتها‬،‫مكافحة الفريو�سات‬
‫ بوا�سطة ما يعرف‬،‫ فيما لو تلقت �أمرا عن بعد‬،‫�إىل و�سيلة اعتداء على ال�شبكات والأجهزة االخرى‬
.‫ كما ميكن ان ت�ستغل يف خلق دودة ت�ستخدم النظام‬.RPC ،‫بربوتوكول االت�صال من بعيد‬

[59] Spyware collecte des informations, à l’insu de l’utilisateur, sur ses habitudes en matière de navigation (surf) ou sur les
paramètres du système utilisé pour les transmettre à une adresse courriel prédéfinie » rapport semestriel MELANI 2006/II (juillet
a décembre). Ces logiciels espions qui observent l’internaute, www.LeMonde.fr. 06.06.07. le logiciel espion (en anglais, spyware)
s’installe dans un ordinateur dans le but de collecter et de transférer des informations sur l’environnement dans lequel il s’est
installé, très souvent sans que l’utilisateur en ait connaissance.»
[60] http://www.sophos.fr/sophos/docs/fra/comviru/viru_bfr.pdf.
[61] JeromeSaiz « 80% des sites pornographiques seraient infectieux » http://www.lesnouvelles.net/articles/chiffres/675-sites-
pornographiques-et-spywares.html.
[62] Larry Greenmeier, Sharon Gaudin, Information Week. http://www.informationweek.com/story/showArticle.
jhtml?articleID=199702353
- Kris Lamb, director of IBM Internet Security Systems division’s X-Force security research organization.
- David Cole, director of Symantec Security Response.
- Paul Judge, CTO at security vendor Secure Computing.
[63] Tech Encyclopedia. http://www.techweb.com/encyclopedia social networking site. A web site that provides a virtual
community for people interested in a particular subject or just “hang out” together.
[64] Federal Prosecutor: Cybercrime Is Funding Organized Crime,JULY 20, 2007, “Assistant U.S. Attorney Erez Liebermann,
chief of the computer hacking and intellectual property section in New Jersey›s U.S. Attorney›s Office, says cybercrime has
been so profitable for organized crime that they›re now using it to fund the rest of their underground operations”. http://www.
darkreading.com/document.asp?doc_id=129608&WT.svl=cmpnews1_1
‫�صفحة رقم ‪42‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫وقد مت اعتبار هذه الثغرة‪ ،‬على احد املواقع املتخ�ص�صة[‪ ،[[6‬من الأ�شد خطورة‪ ،‬اذ ح�صلت على تقييم‬
‫‪ 10‬على ع�رشة‪ .‬وبالفعل‪ ،‬فقد انت�رشت نتيجة لذلك‪ ،‬دودوة �أطلق عليها ا�سم «كونفيكر»‪،Conficker ،‬‬
‫�رسيعا عرب الأجهزة‪ ،‬وبوا�سطة و�سيلة التخزين‪ ،‬ال‪ .USB‬ومن �آثار هذه الدودة‪ ،‬انها متنع امل�ستخدم من‬
‫الدخول �إىل ح�سابه‪� ،‬أو �إىل عدد من املواقع‪ ،‬يف طليعتها تلك اخلا�صة بربامج مكافحة الفريو�سات‪،‬‬
‫واغالق احل�سابات على املخدمات‪ ،‬ا�ضافة �إىل ابطاء عمل النظام‪ .‬وتعترب امليزة الأ�سا�سية لهذه الدودة‪،‬‬
‫قدرتها على اخفاء �أثرها‪ ،‬ما جعل مكافحتها �شبه م�ستحيلة‪ ،‬حيث �صعبت ازالتها من النظام‪ ،‬ما يعني‬
‫وجود عدد �ضخم من الأجهزة‪ ،‬التي ميكن توجيهها يف عملية روبوتات تخريبية‪ ،‬ميكن للمجرمني‪،‬‬
‫واملعتدين ال�سيربانيني‪ ،‬ا�ستخدامها‪.‬‬
‫يف الواقع‪ ،‬تعمل هذه الدودة‪ ،‬على خلق �شبكة من االت�صاالت بني خمتلف الأجهزة امل�صابة‪ ،‬عرب عدد من‬
‫�أ�سماء النطاقات واملواقع‪ ،‬ما مينع اثبات تبعة االعتداء �أو من�شئه‪ .‬اذ ميكن جلهة اجنبية‪ ،‬ت�سخري خمدمات‬
‫بلد معني‪ ،‬لتنفيذ اعتداءات‪ ،‬على �أنظمة ومواقع بلدان �أخرى‪ ،‬واظهار االمر‪ ،‬كانه �صادر فعال من هذه‬
‫املخدمات[‪.[[6‬‬
‫ويف مواجهة هذه التهديدات‪ ،‬ميكن مل�ستخدمي االنرتنت‪ ،‬ومقدمي خدمات املعلومات‪� ،‬أن يلعبوا‬
‫دورا‪ ،‬ال ب�أ�س به‪ ،‬يف ت�أمني حد معني من احلماية للأنظمة‪ ،‬كما للمعلومات والبيانات‪ .‬وذلك‪ ،‬من‬
‫خالل ا�ستخدامهم برامج مكافحة الفريو�سات‪ ،‬وتقنيات خا�صة‪ ،‬متنع اقتحام قواعد املعلومات‪،‬‬
‫وت�شويهها‪� ،‬أو التالعب بها‪ ،‬ا�ضافة �إىل اتخاذهم التدابري‪ ،‬التي متنع تلفها‪� ،‬أو �ضياعها‪ ،‬مثل‪ :‬الب�صمة يف‬
‫الر�سالة الإلكرتونية‪ ،‬والت�شفري‪ ،‬واالحتفاظ بن�سخ ميكن ا�سرتجاعها عند تلف البيانات‪ ،‬الي �سبب كان‪.‬‬
‫كما ميكن‪ ،‬يف جمال �أمن املعلومات والأنظمة‪ ،‬اللجوء �إىل التحقق من هوية اال�شخا�ص‪ ،‬واالطراف‬
‫املت�صلة‪ ،‬من خالل كلمات املرور‪ ،‬وال�شهادات الرقمية‪ ،‬التي ي�صدق عليها من طرف ثالث‪ ،‬ا�ضافة �إىل‬
‫اجلدار الناري[‪ ،[[6‬الذي مينع عمليات الولوج‪ ،‬غري امل�سموح به‪.‬‬

‫‪[65] https://cve.mitre.org/‬‬
‫‪[66] Chinese Hackers Use US Servers In Cyber Attacks. http://freebeacon.com/national-security/chinese-hackers-use-us-‬‬
‫‪servers-in-cyber-attacks/‬‬
‫‪[67] fire wall‬‬
‫�صفحة رقم ‪43‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫‪ .7‬اال�ستخدام املتنامي والكلفة الباهظة‬


‫يف العام ‪ 1993‬كان عدد املواقع الإلكرتونية ال يتجاوز اخلم�سني موقعا‪ ،‬بينما جتاوز اليوم حدود املليار‬
‫موقع[‪ ،[[6‬ومن املتوقع �أي�ضا‪ ،‬ت�صاعد هذا العدد خالل الأعوام القادمة‪.‬‬
‫على خط مواز‪ ،‬يتوقع اخلرباء تزايد عدد الأجهزة املت�صلة باالنرتنت‪ ،‬يف العام ‪� ،2020‬إىل ما يقارب‬
‫املليارين‪ ،‬وذلك‪ ،‬يف مقابل عدم اتقان م�ستخدميها لأ�ساليب وطرق حمايتها‪ ،‬حتى يف حال وجود‬
‫برامج مكافحة الفريو�سات والربامج اخلبيثة‪ ،‬واالخرتاقات[‪.[[6‬‬
‫يف مقابل هذه التطورات ال�رسيعة‪ ،‬تبقى االحاطة �صعبة ومعقدة‪ ،‬بالعديد من اجلوانب ال�سيا�سية‪،‬‬
‫واالقت�صادية‪ ،‬والقانونية واالجتماعية‪ .‬اال ان هنالك اجماعا دوليا‪ ،‬على احلاجة �إىل مقاربة ال تطال فقط‬
‫حتديد املخاطر‪ ،‬والتهديدات‪ ،‬والردود املنا�سبة‪ ،‬بل تطال �إىل جانب ذلك‪ ،‬حقوق الأفراد والدول‪ ،‬يف‬
‫املجال ال�سيرباين‪ ،‬وم�ستقبل حوكمة االنرتنت‪ ،‬ودور املجتمع املدين‪ ،‬واحلكومات‪ ،‬والأجهزة الأمنية‪،‬‬
‫يف حماية هذه احلقوق وهذا الف�ضاء‪ .‬فمع االعتماد املت�صاعد‪ ،‬و�شبه ال�شامل‪ ،‬على تقنيات املعلومات‬
‫واالت�صاالت‪ ،‬ت�أتي خماطر جدية‪ ،‬وكلفة عالية‪ ،‬ال بد من ان ترتك �آثارها‪ ،‬على الأمن القومي‪ ،‬والدويل‪.‬‬
‫وت�شري التقارير املو�ضوعة من اجلهات املتخ�ص�صة‪ ،‬يف جمال مكافحة االعتداءات على الأنظمة املعلوماتية‪،‬‬
‫�إىل ت�صاعد يف وترية االخرتاقات‪ ،‬و�رسقة البيانات‪ ،‬واالعداد اليومية لالعمال اجلرمية ال�سيربانية‪ ،‬وماليني‬
‫الربامج اخلبيثة‪ ،‬التي ت�ستعمل يف ارتكاب الأعمال غري ال�رشعية‪� ،‬ضد املواقع‪ ،‬واال�صول‪ ،‬والأفراد على‬
‫االنرتنت[‪.[[7‬‬
‫فلقد �شهد العام ‪ ،2015‬الت�أكيد على عدد مما ا�صبح م�سلمات‪ ،‬كالقيمة االقت�صادية العالية للبيانات‬
‫ذات الطابع ال�شخ�صي‪ ،‬وعدم ح�صانة �أي م�ؤ�س�سة‪ ،‬اينما كانت‪ ،‬يف القطاعني العام �أو اخلا�ص‪� ،‬ضد‬
‫االعتداءات ال�سيربانية‪ ،‬وعدم وجود قطاع غري م�ستهدف [‪ .[[7‬كما �أكدت على ان املجرمني ال�سيربانيني‪،‬‬
‫يزدادون اتقانا للأ�ساليب االعتداء‪ ،‬وي�صبحون �أكرث تنظيما‪ .‬كذلك برزت منظمات �إجرامية جديدة‪،‬‬
‫مثل [‪ ،DD4BC gang[[7‬التي ا�شتهرت بهذا النوع من االعتداءات‪� ،‬أو بالتهديد به‪ ،‬مقابل فدية تدفعها‬
‫ال�رشكات امل�ستهدفة‪� .‬أن�شئت هذه الع�صابة بداية‪ ،‬كما ي�ؤ�رش اليه ا�سمها‪ ،‬لتوزيع اعتداءات تعطيل اخلدمة‪،‬‬
‫واقفال املواقع‪ ،‬بهدف �رسقة ال‪ ، Bit coins‬لكنها �رسعان ما و�سعت ن�شاطاتها‪ ،‬ملهاجمة مواقع املي�رس ‬
‫والكازينوهات‪ ،‬ومن ثم‪ ،‬بد�أت با�ستهداف �رشكات مالية تقليدية‪ ،‬منت�رشة حول العامل‪ ،‬يف �أوروبا‪،‬‬
‫وا�سرتاليا‪ ،‬و�أمريكا‪.‬‬
‫‪[68] http://www.internetlivestats.com/total-number-of-websites/‬‬
‫‪[69] McAfee Labs Report 2016 Threats Predictions. Devices will continue to grow in volume and variety, and the forecast for‬‬
‫‪connected devices by 2020 is now 200 billion and climbing. Combine this massive increase in the number of devices that need to be‬‬
‫‪secured with a well-documented shortage of security talent, and it is easy to understand why the security industry must simplify‬‬
‫‪and automate defenses and their configurations, and improve efficiency with machine learning and networked collaboration.‬‬
‫‪Even with those improvements, security settings will remain well outside the realm of the average person, fueling the growth‬‬
‫‪in security services that will provide education, guidance, setup, and update assistance to consumers and small businesses.‬‬
‫‪People who install home and small business networks will be required to get much better about providing secure systems to their‬‬
‫‪customers, because no one is going to be the security administrator on these networks. - http://www.mcafee.com/tw/resources/‬‬
‫‪reports/rp-threats-predictions-2016.pdf‬‬
‫‪[70] http://www.mcafee.com/tw/resources/reports/rp-threats-predictions-2016.pdf‬‬
‫‪[71] http://www.computerweekly.com/news/4500258027/No-sensible-business-ignoring-cyber-threats-says-Kemp-Little. “The‬‬
‫‪potential business impacts [of cyber attacks] combined with increasing levels of awareness among consumers mean that no‬‬
‫‪sensible business is still ignoring this threat,” said Nicola Fulford, head of data protection and member of the cross-departmental‬‬
‫‪cyber security team at Kemp Little.‬‬
‫‪[72] DDoS for Bitcoin‬‬
‫�صفحة رقم ‪44‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫وت�أتي يف مقدم امل�ؤ�س�سات التي تعر�ضت للهجمات يف هذا العام‪ ،‬املكتب الأمريكي لإدارة املوارد‬
‫الب�رشية‪ ،‬وموقع “�آ�شلي مادي�سون”‪ ،‬و�سل�سلة من الفنادق‪ :‬كالهيلتون وترامب‪ ،‬و�رشكة االت�صاالت‬
‫‪ ،TalkTalk‬ا�ضافة �إىل م�صنع االلعاب ‪.VTech‬‬
‫يف املقابل‪� ،‬شهد هذا العام‪ ،‬تعاونا �أكرب بني الأجهزة الأمنية‪ ،‬حول العامل‪ ،‬يف ت�صميم على مواجهة‬
‫االعتداءات ال�سيربانية‪ ،‬و�شل البنية التحتية لها‪ ،‬كانت نتيجتها‪ ،‬توقيف العديد من املجرمني ال�سيربانيني‪.‬‬
‫كما اهتمت ال�سلطات‪ ،‬والقطاعات‪ ،‬املعنية بالأمن‪ ،‬كخرباء الأمن‪ ،‬وم�صنعي برامج احلماية‪ ،‬بتوجيه‬
‫عدد من التو�صيات‪� ،‬إىل ال�رشكات ب�شكل خا�ص‪ ،‬ملقاربة احلماية والدفاع يف وجه الهجمات ال�سيربانية‪،‬‬
‫على قاعدة املخاطر‪ ،‬ولالنتباه �إىل عمليات االختطاف املعلوماتي‪ ،‬وطلب الفدية‪ .‬وتتم هذه العمليات‪،‬‬
‫با�ستخدام برامج ت�شفري خبيثة‪ ،‬حتتجز املعلومات عرب ت�شفريها‪ ،‬ومنع الو�صول اليها‪ ،‬اال بعد دفع الفدية‪.‬‬
‫وكانت عمليات تعطيل اخلدمة‪ distributed denial of service (DDoS) attacks ،‬الأكرث رواجا‪ ،‬قد‬
‫�سعت �إىل ت�شتيت انتباه امل�س�ؤولني عن �أمن الأنظمة‪ ،‬ب�شكل �أ�سا�سي‪.‬‬
‫وقد قدر متو�سط كلفة اخل�سائر املرتتبة على االعتداءات ال�سيربانية‪ ،‬على امل�ؤ�س�سات الكبرية يف بريطانيا‪،‬‬
‫مبا يعادل ‪ 3.14‬مليون جنيه ا�سرتليني[‪ ،[[7‬بينما ارتفعت ن�سبة وقوع االعتداءات‪ ،‬والكلفة االقت�صادية �إىل‬
‫ال�ضعف‪ ،‬مقارنة بالعام ‪ .2014‬كذلك‪ ،‬مت ن�رش بيانات ح�سا�سة‪� ،‬رسقت من موقع �آ�شلي مادي�سون‪ ،‬وبع�ض ‬
‫املواقع االخرى املرتبطة بها‪ ،‬بعد توجيه طلبات �إىل ال�رشكة مالكة املوقع‪ ،‬باقفاله‪ .‬بينما ت�رسبت بيانات‬
‫ماليني االهل واالطفال‪ ،‬من االعتداء على ‪ .VTECH‬كما ك�شف‪ ،‬خالل هذا العام‪ ،‬العديد من �شبكات‬
‫التج�س�س املنظم‪ .‬وكانت منظمة ‪ ،FireEye‬املتخ�ص�صة يف الأمن ال�سيرباين‪ ،‬قد اتهمت احلكومة ال�صينية‪،‬‬
‫بقيادة عملية جت�س�س وا�سعة‪ ،‬منذ ع�رش �سنوات‪ ،‬بهدف �رسقة البيانات احل�سا�سة‪ ،‬ملنظمات وم�ؤ�س�سات‪،‬‬
‫�رشق �أو�سطية و�آ�سيوية‪ .‬كذلك‪� ،‬أعلنت ال�سلطات الأمريكية‪ ،‬توقيف عدد من امل�شتبه بهم‪ ،‬يف ق�ضية جت�س�س ‬
‫جتاري[‪ ،[[7‬يف عملية كانت تهدف �إىل �رسقة بيانات ح�سا�سة‪ ،‬من خدمات وكاالت االنباء‪.‬‬
‫وقد متكن عدد من الدول‪ ،‬خالل عملية م�شرتكة‪ ،‬بني �أجهزة الأمن‪ ،‬و�أجهزة الأمن ال�سيربانية املتخ�ص�صة‪،‬‬
‫وعدد من املنظمات اخلا�صة‪ ،‬من تفكيك جمموعة من الروبوتات ‪ ،[[7[Dorkbot botnet‬كما متكن‬
‫عدد من الوكاالت الأوروبية‪ ،‬من اقفال عدد من اخلوادم‪ ،‬التي كانت ت�ستخدم روبوتات‪ ،‬ت�ستهدف‬
‫�رسقة البيانات ال�شخ�صية وامل�رصفية[‪ .[[7‬كما مت توقيف مئة وثالثني �شخ�صا‪ ،‬على عالقة بعمليات خداع‬
‫�سيربانية‪ ،‬يف ع�رشات املطارات‪ ،‬حول العامل [‪ .[[7‬ويف ال�سياق عينه‪� ،‬أعلن الأوروبول‪ ،‬عن �إمكانات‬
‫جديدة‪ ،‬ملحاربة الإرهاب واجلرمية ال�سيربانية[‪.[[7‬‬

‫‪[73] 2015 Information security breaches survey. http://www.pwc.co.uk/services/audit-assurance/insights/2015-information-‬‬


‫‪security-breaches-survey.html‬‬
‫‪[74] Nine Charged in Insider Trading Case Tied to Hackers. Paul J. Fishman, the United States attorney for New Jersey, said‬‬
‫‪that nine people were charged after stealing corporate news releases and using the information to make over $100 million. By‬‬
‫‪THE ASSOCIATED PRESS on Publish DateAugust 11, 2015. Photo by Karsten Moran for The New York Times. Watch in Times‬‬
‫‪Video http://www.nytimes.com/2015/08/12/business/dealbook/insider-trading-sec-hacking-case.html?_r=0‬‬
‫‪[75] http://www.welivesecurity.com/2015/12/03/news-from-the-dorkside-dorkbot-botnet-disrupted/. News from the Dorkside:‬‬
‫‪Dorkbot botnet disrupted‬‬
‫‪[76] National Crime Agency disables Ramnit bank-robbing botnet. http://www.computerweekly.com/news/2240241226/‬‬
‫‪National-Crime-Agency-disables-Ramnit-bank-robbing-botnet‬‬
‫‪[77] http://www.computerweekly.com/news/4500248925/Police-arrest-130-in-global-anti-cyber-fraud-operation. Police arrest‬‬
‫‪130 in global anti-cyber fraud operation‬‬
‫‪[78] Europol: deal on new powers to step up EU police cooperation and fight terrorism. http://www.europarl.europa.eu/news/‬‬
‫‪en/news-room/20151130IPR05456/Europol-deal-on-new-powers-to-step-up-EU-police-cooperation-and-fight-terrorism‬‬
‫�صفحة رقم ‪45‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫‪ .8‬يف الوقاية والتمكني‬


‫مع ازدياد الن�شاط التجاري‪ ،‬واملايل‪ ،‬يزداد حجم دفق البيانات واملعلومات‪ ،‬عرب ال�شبكة العاملية‬
‫للمعلومات‪ ،‬وتتو�سع حركة املبادالت التجارية‪ ،‬والتحويالت املالية على االنرتنت[‪ .[[7‬يف املقابل‪،‬‬
‫تت�سع حركة الت�رشيع والتنظيم‪ ،‬يف البلدان التي تعي �أهمية اقت�صاد االنرتنت‪ ،‬حول م�سائل‪ :‬حماية‬
‫امل�ستهلك‪ ،‬وحماية البيانات‪ ،‬و�سالمة التحويالت‪ ،‬وال�سلطات الق�ضائية املخت�صة‪ ،‬وحماية امللكية‬
‫الفكرية‪ ،‬واخل�صو�صية‪ ،‬وغريها الكثري مما يتعلق بامل�س�ؤولية عن اخلدمات‪ ،‬ونوعيتها‪.‬‬
‫وتربز يف هذا املجال �أي�ضا‪ :‬الق�ضايا املتعلقة بحوكمة االنرتنت‪ ،‬واحلماية من اجلرمية ال�سيربانية وتداعياتها‪،‬‬
‫على تطور املعامالت الإلكرتونية‪ ،‬وا�ستخدام تقنيات املعلومات واالت�صاالت‪ .‬ومن املتوقع يف هذا‬
‫املجال‪ ،‬بروز الق�ضايا التي ترتبط با�ستخدام املال الإلكرتوين‪� ،‬أو املال اجلوال[‪ ،[[8‬وطرق الدفع الأمنة‪،‬‬
‫و�آلياته‪ ،‬وتخزين املال الإلكرتوين‪ ،‬وا�ستخدامه كبطاقات دفع افرتا�ضية‪� ،‬أو كبطاقات هدايا‪ .‬وي�ضاف‬
‫�إىل ذلك‪ ،‬ازدياد نزاعات العمل‪ ،‬التي ميكن ان تن�ش�أ يف �إطار مناذج العمل عن بعد‪ ،‬وا�ستخدام تقنيات‬
‫املعلومات واالت�صاالت‪ ،‬كما ال�شبكات االجتماعية‪ ،‬وال�شبكات الداخلية‪ ،‬يف اماكن العمل‪ .‬وتندرج‬
‫هنا �أي�ضا‪ ،‬ق�ضايا حماية خ�صو�صية العامل‪ ،‬وحقوقه‪.‬‬
‫وتبذل الهيئات الدولية‪ ،‬ويف مقدمها االحتاد الدويل لالت�صاالت‪ ،‬جهودا حثيثة ‪ ،‬ت�ؤكد على حتمية‬
‫الأمن ال�سيرباين‪ ،‬حيث خ�ص�صله‪ ،‬جز ًء �أ�سا�سي ًا من براجمه‪ ،‬وخطط عمله املختلفة[‪.[[8‬‬
‫وقد تعاملت الأمم املتحدة‪ ،‬مع تقنيات املعلومات واالت�صاالت‪ ،‬ال�سيما فيما يتعلق باالنرتنت‪ ،‬من منطلق‬
‫كونها �أداة للتنمية االجتماعية واالقت�صادية[‪ ،[[8‬وو�سيلة ناجعة يف ال�سعي �إىل حتقيق �أهداف االلفية‪.‬‬
‫وعليه‪ ،‬فقد اوكلت �إىل املجل�س االقت�صادي االجتماعي‪ ،‬متابعة ق�ضايا التنمية املتعلقة باالنرتنت‪ .‬يف‬
‫املقابل‪ ،‬تهتم اللجنة اخلا�صة بالعدالة اجلنائية ومنع اجلرمية‪ ،‬املوكلة مبتابعة اجلهود الدولية يف مكافحة‬
‫ومنع اجلرائم الوطنية والعابرة للحدود[‪ ،[[8‬بالق�ضايا املتعلقة بجرائم االنرتنت‪.‬‬
‫ويف ال�سياق عينه‪ ،‬هنالك تعاون بني املكتب املعني باملخدرات واجلرمية (‪ )UNDOC‬يف الأمم املتحدة‪ ،‬واالحتاد‬
‫الدويل لالت�صاالت‪ ،‬مل�ساعدة الدول الأع�ضاء يف االحتاد‪ ،‬على احلد من املخاطر التي ت�شكلها اجلرمية ال�سيربانية‪،‬‬
‫وذلك مبوجب مذكرة تفاهم موقعة بني املنظمتني‪ ،‬يف منتدى القمة العاملية ملجتمع املعلومات[‪.[[8‬‬
‫‪ - http://www.al7ll.com/vb/thread22429.html. E-Commerce growing like hell‬تقرير ‪ 13% :‬زيادة يف املبيعات عرب االنرتنت يف ‪[79] 2011‬‬
‫‪- http://www.brainsins.com/us/blog/ecommerce-growing/1459. J.P. Morgan: Global E-Commerce Revenue To Grow By‬‬
‫‪19 Percent In 2011 To $680B. http://techcrunch.com/2011/01/03/j-p-morgan-global-e-commerce-revenue-to-grow-by-19-‬‬
‫‪percent-in-2011-to-680b/‬‬
‫‪[80] E-money or m-money‬‬
‫االتحاد الدويل لالتصاالت ‪ -‬دليل األمن السيرباين للبلدان النامية ‪ 2007-‬املوجزالتنفيذي – «ولذلك كانت إقامة حلول كافية عىل صعيد األمن والثقة متثل واحدا ً من التحديات ]‪[81‬‬
‫‪».‬الرئيسية التي يتعني أن يعالجها مكتب تنمية االتصاالت يف االتحاد الدويل لالتصاالت يف متابعة جهوده ملساعدة البلدان عىل استعامل االتصاالت وتكنولوجيا املعلومات واالتصاالت‬
‫‪[82] Resolution 60/252,27 April 2006, adopted by the General Assembly- World Summit on the Information Society. “Reaffirming‬‬
‫‪the potential of information and communication technologies as powerful tools to foster socio-economic development and‬‬
‫”‪contribute to therealization of the internationally agreed development goals, including the Millennium Development Goals,‬‬
‫‪[83] Economic and Social Council Resolution 1992/22: Implementation of General Assembly Resolution 46/152 concerning‬‬
‫‪operational activities and coordination in the field of crime prevention and criminal justice, E/1992/92, 30 July 1992.‬‬
‫‪[84] UN and ITU team up to fight Cybercrime By Messaging News staff‬‬
‫‪On May 19, 2011 the ITU , the United Nations agency for information and communications technologies, cemented new global‬‬
‫– ‪partnerships designed to make cyberspace a safer, more secure place to be for consumers, businesses, and – most crucially‬‬
‫‪children and youth.‬‬
‫)‪A Memorandum of Understanding (MoU), signed between ITU and the United Nations Office on Drugs and Crime (UNODC‬‬
‫‪at this year’s WSIS Forum event in Geneva will see the two organizations collaborate in assisting ITU and UN Member States‬‬
‫‪mitigate the risks posed by cybercrime.‬‬
‫‪http://www.messagingnews.com/short-takes/un-and-itu-team-fight-cybercrime‬‬
‫�صفحة رقم ‪46‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫على خط مواز‪ ،‬اجتهت معظم الدول املتقدمة‪� ،‬إىل �إقرار �سيا�سات وقائية ودفاعية‪� ،‬ضد الهجمات‬
‫ال�سيربانية‪ ،‬وخ�ص�صت الدول الكربى‪ ،‬مثل الواليات املتحدة الأمريكية[‪ ،[[8‬وا�سرتاليا‪ ،‬واململكة‬
‫املتحدة‪ ،‬مبالغ طائلة‪ ،‬ملعاجلة م�سائل الأمن ال�سيرباين‪ ،‬وت�أمني ا�ستقرار الف�ضاء ال�سيرباين‪ .‬ولي�ست هذه‬
‫احلقيقة‪� ،‬سوى م�ؤ�رش‪� ،‬إىل مدى االهتمام الذي توليه هذه الدول‪ ،‬الر�ساء الثقة واال�ستقرار‪ ،‬كما ال�سالمة‬
‫والأمن‪ ،‬يف هذا الف�ضاء‪.‬‬
‫فاقت�صاد العامل‪ ،‬كما حياتنا اليومية‪ ،‬مت�صالن ات�صاال وثيقا بالف�ضاء ال�سيرباين‪ .‬وبالتايل‪ ،‬فان اخلدمات‬
‫احليوية‪ ،‬كما الأمن‪ ،‬والدفاع‪ ،‬والعالقات الدولية‪ ،‬مهددة يف كل حلظة‪ ،‬نتيجة االخرتاقات‪ ،‬واالعتداءات‬
‫على ال�شبكة العاملية للمعلومات‪ ،‬وعلى الأنظمة املعلوماتية‪ ،‬وقواعد املعلومات‪ .‬ومل تت�أخر الإدارة‬
‫الأمريكية‪ ،‬عن ا�ستحداث قيادة ع�سكرية جديدة‪ ،‬خمت�صة ب�أمن الف�ضاء ال�سيرباين[‪ ،[[8‬تتوىل مروحة من‬
‫الن�شاطات الع�سكرية‪ ،‬ت�شمل �إىل احلماية‪ ،‬القيام مبناورات �سيربانية‪� ،‬سواء لتحديد مدى فاعلية احلماية‪،‬‬
‫�أو مدى القدرة على الرد‪� ،‬أو للتعرف �إىل مك�أمن ال�ضعف‪ ،‬والتدريب على �آليات الرد ‪ .‬ويتم ذلك‪ ،‬يف‬
‫�إطار ا�سرتاتيجية اعدتها وزارة الدفاع‪ ،‬يف العام ‪ ،2011‬حول كيفية العمل يف الف�ضاء ال�سيرباين[‪.[[8‬‬
‫وكان رئي�س الوزراء االنكليزي‪ ،‬غوردن براون‪ ،‬قد �أعلن هو �أي�ضا‪ ،‬عن �إن�شاء وحدة خا�صة‪ ،‬ملكافحة‬
‫اجلرمية ال�سيبريانية[‪.[[8‬‬
‫ومع بروز احلو�سبة ال�سحابية‪ ،‬ت�ستعد ال�رشكات الكربى‪ ،‬كما احلكومات‪ ،‬لنقلة نوعية‪ ،‬تتمحور حول‬
‫النماذج اجلديدة‪ ،‬يف تخزين ومعاجلة البيانات واملعلومات‪ ،‬وانتقالها يف الف�ضاء ال�سيرباين‪ ،‬وتواجدها‬
‫يف �أماكن بعيدة عن �سيطرتها املبا�رشة‪ .‬كما تتمحور حول الكلفة‪ ،‬ونوعية اخلدمات و�سالمة املعلومات‪.‬‬
‫وقد بد�أ البع�ض منها‪ ،‬يف و�ضع بنود على موازنتها‪ ،‬خا�صة باخلدمات املرتبطة بهذه التقنية‪ ،‬كما‬
‫بال�سيا�سات واال�سرتاتيجيات التي ال بد من و�ضعها‪ ،‬بحيث ت�ؤمن االطر ال�صحيحة‪ ،‬و�آليات التعاقد‪،‬‬
‫والبنى االدارية ال�رضورية لذلك‪.‬‬
‫وكان قادة القطاعات ال�صناعية والتجارية‪ ،‬قد وجهوا طلبا �إىل جلنة االحتاد الأوروبي‪ ،‬لإيجاد الإطار‬
‫الت�رشيعي املنا�سب‪ ،‬خلدمات احلو�سبة ال�سحابية[‪ .[[8‬فبعد انتقال اخلدمات الكال�سيكية‪ ،‬كالربيد‬
‫الإلكرتوين‪ ،‬والر�سائل الق�صرية‪ ،‬و�شبكات �إدارة العمل‪� ،‬إىل االفادة من خدمات احلو�سبة ال�سحابية‪،‬‬
‫�ستنتقل دون �أدنى �شك‪� ،‬إدارة املحفظة الإلكرتونية‪ ،‬واخلدمات املالية وامل�رصفية‪ ،‬والن�شاطات احلكومية‪،‬‬
‫من نقل وموارد طاقة وغريها‪ .‬وبالتايل‪ ،‬ي�صبح ملحا‪ ،‬تقرير املوجبات واحلقوق‪ ،‬مبا ي�ضمن االن�سياب‬
‫ال�سهل للمعلومات‪ ،‬وتفادي ممار�سات مزودي اخلدمات‪ ،‬التي متنحهم ارباحا غري حمقة‪ .‬كما يبدو‬
‫�رضوريا‪ ،‬ا�ستيعاب احلاجة �إىل مقاربة جديدة حلماية املعلومات‪ ،‬تبعا حل�سا�سيتها‪ ،‬انطالقا من االعتماد‬
‫على املعايري واملقايي�س الدولية‪ ،‬يف هذا املجال‪ .‬وهنا �أي�ضا‪ ،‬يطرح املخت�صون‪� ،‬أهمية �سيا�سات الو�صول‬
‫�إىل املعلومات وحماية البيانات‪ ،‬ال�سيما مع البلبلة التي ما زالت تتحكم يف هذا املو�ضوع‪ ،‬ومع انعدام‬
‫)‪[85] PricewaterhouseCoopers, Cyber Security M&A: Decoding Deals in the Global Cyber Security Industry (Nov. 2011‬‬
‫‪[86] Les USA se dotent d’un commandement militaire pour le cyberspace. …porte parole du pentagone : « les risques lies a la‬‬
‫‪cybersecurite figurent parmi les defiseconomiques et de securite nationale les plus serieux du XXIe siecle ». http://www.elwatan.‬‬
‫‪com/Les-USA-se-dotent-d-un‬‬
‫‪[87] www.defense.gov/news/d20110714cyber.pdf.‬‬
‫‪[88] Le cyberspace anglais desormais protégé par d’anciens pirates informtiques. http://techno.branchez-vous.com/‬‬
‫‪actualite/2009/06/le_cyberspace_anglais_desormais‬‬
‫‪[89] EU commission: industry calls for true digital single market in recommendations on European Cloud Strategy.‬‬
‫�صفحة رقم ‪47‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫االن�سجام بني القواعد الت�رشيعية الوطنية‪ .‬فمع انتقال املعلومات‪ ،‬والعقود اجلديدة‪ ،‬ومتطلبات ت�أمني‬
‫ونوعية عالية من اخلدمات‪ ،‬و�صيانة‪ ،‬ال بد من �إيجاد مناذج جديدة‪ ،‬ت�أخذ كل هذه العنا�رص بعني االعتبار‪.‬‬

‫‪ .9‬املخاطر ال�سيربانية‪ :‬من الطوارئ الدولية‬


‫حتولت املخاطر ال�سيربانية‪ ،‬مبا متثله من تهديد للفرد‪ ،‬واملجتمع‪ ،‬والدولة‪� ،‬إىل م�س�ألة تدرج على لوائح‬
‫الطوارئ الدولية‪ .‬وكان االحتاد الدويل للعلماء‪ ،‬قد ادرجها على الئحة اهتماماته‪ ،‬كواحدة من امل�سائل‪،‬‬
‫التي ال بد من معاجلتها‪ ،‬قبل ان تتحول �إىل �سبب الندالع حروب‪ ،‬ووقوع كوارث[‪ ،[[9‬تهدد االن�سانية‬
‫جمعاء‪ ،‬ودون اي متييز بني الدول املتقدمة تكنولوجيا‪� ،‬أو تلك الأقل تقدما‪.‬‬
‫وقد قدم االحتاد‪ ،‬بناء على ذلك‪ ،‬تقريرا يف العام ‪� ،2003‬إىل القمة العاملية ملجتمع املعلومات‪ ،‬التي انعقدت‬
‫يف جنيف‪ ،‬بعنوان «نحو نظام عاملي للف�ضاء ال�سيرباين»‪ ،‬اقرتح فيه عددا من التو�صيات‪ ،‬جاء فيها‪:‬‬
‫ •حث الأمم املتحدة‪ ،‬على قيادة اجلهود بني احلكومات املختلفة‪ ،‬لت�أمني عمل و�سالمة الف�ضاء‬
‫ال�سيرباين‪ ،‬بحيث ال يتحول �إىل مرتع للمخاطر‪ ،‬نتيجة ا�ستغالل اجلرمية له‪.‬‬
‫ •�إيجاد قانون �شامل للف�ضاء ال�سيرباين‪ ،‬وحتقيق االن�سجام بني الت�رشيعات الوطنية‪ ،‬التي حتكم اجلرمية‬
‫ال�سيربانية‪ ،‬من خالل منوذج‪ ،‬ميكن ان يكون االتفاقية الأوروبية ملكافحة اجلرمية ال�سيربانية‪ ،‬وو�ضع‬
‫قواعد تعاون دويل‪ ،‬وم�ساعدة متبادلة‪ ،‬من خالل مراكز اال�ستجابة لطوارئ االنرتنت‪ ،‬وامل�شاركة‬
‫يف ال�شبكة املعروفة ب ‪ ،7/24‬والتي تعمل ب�شكل متوا�صل‪ ،‬على ر�صد حركة االنرتنت‪.‬‬
‫ •تطبيق القوانني الدولية‪ ،‬من قبل هيئات متخ�ص�صة يف الأمم املتحدة‪ ،‬على االعتداءات ال�سيربانية‪ ،‬التي‬
‫ميكنها ان تهدد ال�سلم الدويل‪ ،‬مثل الإرهاب ال�سيرباين‪ ،‬واحلرب ال�سيربانية‪ ،‬واجلرمية ال�سيربانية‪.‬‬
‫ •درا�سة ال�سيناريوهات‪ ،‬واملعايري‪ ،‬والعقوبات الدولية‪ ،‬التي ميكن ان تطبق على مرتكبي االعتداءات‪.‬‬
‫ •درا�سة امكانية �إن�شاء وكالة دولية‪ ،‬تكون لها �صالحية درا�سة ومراجعة قواعد ال�سلوك‪ ،‬يف الف�ضاء‬
‫ال�سيرباين‪ ،‬وت�سهيل تبادل اخلربات‪ ،‬والتقنيات‪.‬‬
‫ •تعزيز التعاون بني الدول‪ ،‬وار�ساء �رشاكات بني القطاعني العام واخلا�ص‪ ،‬والتن�سيق بني خمتلف املقايي�س ‬
‫الدولية‪ ،‬لت�أمني �إدارة �أكرث فاعلية للمخاطر ال�سيربانية‪ ،‬وتبادل املعلومات حول االعتداءات ال�سيربانية‪،‬‬
‫كما تبادل اخلربات التقنية يف جمال احلماية‪ ،‬مبا يعزز �أمن الأنظمة‪ ،‬وال�شبكات‪ ،‬وتبادل املعلومات‪.‬‬
‫ •تطوير التعليم وم�ؤ�س�ساته‪ ،‬بادخال برامج تدري�س وتدريب متخ�ص�صة‪ ،‬بحيث تت�أمن عملية ن�رش‬
‫الوعي‪ ،‬حول املخاطر ال�سيربانية‪ ،‬التي تتهدد املجتمع‪ ،‬وجمهور م�ستخدمي االنرتنت‪ ،‬وو�سائل‬
‫حمايتها‪.‬‬
‫ •�إلزام امل�س�ؤولني عن �إدارة املوارد املعلوماتية واالت�صاالت‪ ،‬يف القطاعني العام واخلا�ص‪ ،‬باتخاذ‬
‫الإجراءات ال�رضورية للحماية‪ ،‬وبتقييم املخاطر‪ ،‬وبحماية البيانات‪ ،‬والبنية التحتية اخلا�صة‬
‫مب�ؤ�س�ساتهم‪ .‬وميكن للإجراءات ان تلحظ‪ ،‬ت�أمني املخاطر‪ ،‬واحلوادث التي ميكن ان تقع‪.‬‬

‫ويف أغسطس ‪ ،2009‬أعرب فريق الرصد عن قلقه من إمكانية وقوع حرب سيربانية ت ُعطل املجتمع وت ُسبب رضرا ً ال داعي له ومعاناة ال لزوم لها ولذلك عمد إىل صياغة ]‪[90‬‬
‫إعالن إيريتشه ملبادئ االستقرار السيرباين والسالم السيرباين‪ ،‬الذي اعتمدته الجلسة العامة لالتحاد مبناسبة الدورة الثانية واألربعني للحلقات الدراسية الدولية بشأن الطوارئ‬
‫الكوكبية يف إيريتشه يوم ‪ 20‬أغسطس ‪ .2009‬وتم توزيع هذا اإلعالن عىل كل الدول األعضاء يف األمم املتحدة”‪ .‬االتحاد الدويل لالتصاالت ‪ -‬البحث عن السالم السيرباين‬
‫‪www.itu.int/pub/S-GEN-WFS.01-1-2011‬‬
‫�صفحة رقم ‪48‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫•حلظ �أ�س�س م�س�ؤولية مدنية‪ ،‬تكون قواعدها من�سجمة دوليا‪ ،‬وذلك‪ ،‬مبوازاة ال�سعي �إىل االن�سجام‪،‬‬ ‫ ‬
‫بني القواعد اجلزائية‪ .‬وميكن لقواعد هذه امل�س�ؤولية‪ ،‬ان تبنى على االهمال‪ ،‬وخمالفة املوجبات‬
‫االئتمانية‪ ،‬وعدم كفاية تقييم املخاطر‪ ،‬وال�رضر الذي يلحق بال�ضحية‪ ،‬نتيجة اجلرمية‪ ،‬واالعتداءات‬
‫ال�سيربانية‪.‬‬
‫•�أن تعتمد الربامج‪ ،‬والأجهزة اجلاهزة‪ ،‬على امل�صادر املفتوحة‪� ،‬أو �أن تكون‪ ،‬على الأقل‪ ،‬م�صدقة‪.‬‬ ‫ ‬
‫•مناق�شة م�سائل الأمن ال�سيرباين‪ ،‬يف االجتماعات التي تعقد على امل�ستويات االقليمية‪ ،‬ولي�س فقط‬ ‫ ‬
‫على امل�ستويات الوطنية‪ ،‬والدولية‪ ،‬بحيث تربز اخل�صائ�ص اخلا�صة بكل منطقة‪ ،‬من خالل خربائها‪.‬‬
‫•تعزيز دور امل�ؤ�س�سات الدولية كاالنرتبول‪ ،‬واالقليمية كالأوروبول‪ ،‬يف جمال مكافحة اجلرمية‬ ‫ ‬
‫ال�سيربانية‪.‬‬
‫•مقاربة امل�سائل العلمية والتقنية‪ ،‬اخلا�صة بالأمن ال�سيرباين‪ ،‬من جوانبها املختلفة‪ ،‬ال�سيما منها‪ ،‬تلك‬ ‫ ‬
‫التي تتقاطع مع ا�ستخدام التقنيات‪ ،‬مثل اخل�صو�صية‪ ،‬وحماية البيانات‪ ،‬واحلريات العامة واخلا�صة‪.‬‬
‫•املبادرة �إىل م�ساعدة الدول النامية‪ ،‬واجلهات املانحة‪ ،‬على فهم ت�أثري التقنيات على التنمية‪ ،‬يف بيئة‬ ‫ ‬
‫تعزز ال�سالمة والأمن‪ ،‬كما ت�ساعد على هدم الهوة الرقمية‪ ،‬بني املجتمعات‪.‬‬
‫من املالحظ �أن التو�صيات‪ ،‬ركزت على م�سائل �سيربانية‪ ،‬اتخذت وما زالت‪ ،‬طابع ال�رضورة واالهمية‪،‬‬
‫مثل احلرب ال�سيربانية‪ ،‬والإرهاب‪ ،‬والنزاعات ال�سيربانية ب�شكل عام‪ ،‬ا�ضافة �إىل �رضورة حتقيق التوازن‬
‫يف جمتمع املعلومات‪ ،‬مبا ي�ضمن بناء الثقة واال�ستقرار‪ ،‬من خالل حماية احلريات واخل�صو�صية‪.‬‬
‫�صفحة رقم ‪49‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫}الف�صل الرابع {‬
‫االعتداءات واجلرائم ال�سيربانية‬

‫‪ .1‬التمييز بني امل�صطلحني‬


‫االعتداء ال�سيرباين‪ ،‬ذو مدلوالت عديدة‪ ،‬تقررها الأهداف‪ ،‬وال�ضحايا‪ ،‬والدوافع‪ ،‬كما الآثار التي‬
‫يرتكها‪ ،‬والنتائج التي يرتبها‪ .‬فالهجوم على الأنظمة املعلوماتية‪ ،‬ميكن ان ي�سبب ا�رضارا حمدودة‪،‬‬
‫ويكون نتيجة اهمال دون �أي نية جرمية‪ .‬بينما ميكن ربطه بالأعمال اجلرمية‪� ،‬أو الإرهابية‪� ،‬أو احلربية‪،‬‬
‫عندما تكون نتائجه ذات انعكا�سات كارثية‪ ،‬على الأفراد‪� ،‬أو املنظمات‪� ،‬أو الدول‪ .‬لكن قيا�س نتائج‬
‫االعتداءات ال�سيربانية‪ ،‬يبقى غري ممكن‪ ،‬بدرجة دقيقة‪.‬‬
‫فمن ال�صعب على �أي كان‪ ،‬الإملام الوايف‪ ،‬مبدى ونطاق‪ ،‬ارتباط الأنظمة املعلوماتية‪ ،‬واعتمادها على‬
‫بع�ضها البع�ض‪ .‬كما ال ميكن ح�رص درا�سة النتائج مبا يظهر منها‪ ،‬ب�صورة فورية‪ ،‬الن بع�ض االعتداءات‪،‬‬
‫يتم حت�ضريها‪ ،‬لإطالقها بعد �أ�شهر �أو �سنوات‪ ،‬ولتكون اعتداءات تدريجية‪ ،‬مبعنى ا�ستهدافها‪ ،‬ملناطق �أو‬
‫لقطاعات معينة‪ ،‬وعلى مراحل‪ .‬وبالتايل‪ ،‬ال ميكن قيا�س الآثار االجتماعية واالقت�صادية لالعتداءات‪ ،‬مبا‬
‫يخدم فهمها ب�صورة وا�ضحة‪ ،‬واتخاذ اخلطوات �ألأجنح لردعها‪� ،‬أو احلد من �أ�رضارها‪.‬‬
‫وغالبا ما يتم ا�ستخدام م�صطلح «االعتداء ال�سيرباين»‪ ،‬عو�ضا عن م�صطلح «اجلرمية ال�سيربانية»‪ ،‬للداللة‬
‫على اعتداءات موجهة �إىل الأجهزة الإلكرتونية‪ ،‬والأنظمة املعلوماتية‪ ،‬ال�سيما منها تلك املت�صلة ب�إدارة‬
‫املوارد احليوية والبنية التحتية‪ ،‬للبلد امل�ستهدف‪ .‬وغالبا ما تكون اال�رضار بهذه البنية واالدارات‪ ،‬ذات �أثر‬
‫�سلبي‪ ،‬على �سمعة البلد وم�صداقيته‪� ،‬أو على اال�ستقرار االجتماعي‪ ،‬واملايل‪ ،‬واالقت�صادي‪ ،‬والع�سكري‪.‬‬
‫وتعترب هذه الأعمال‪ ،‬اعمال عدائية‪ ،‬تتلف الأنظمة‪� ،‬أو توقف عملها‪ ،‬وتتالعب باملعلومات‪ .‬كما‬
‫ميكن لهذا امل�صطلح‪� ،‬أن ي�ؤ�رش �إىل عمل ع�سكري‪ ،‬اذ �أ�صبح من امل�سلمات‪ ،‬جلوء القوى الع�سكرية‪،‬‬
‫�إىل ا�ستخدام التقنيات يف عملياتها‪� .‬أما امل�ؤ�رش االهم‪ ،‬الذي ي�ساعد يف متييز «االعتداء ال�سيرباين»‪،‬‬
‫ال�سيما ذاك الذي ميكن ت�صنيفه‪ ،‬كحرب �سيربانية‪ ،‬عن «اجلرمية ال�سيربانية»‪ ،‬هو النية �أو الهدف‪ ،‬كما‬
‫�أ�سلفنا‪ .‬وبغ�ض النظر عن حجم امل�صالح‪ ،‬وامل�ؤ�س�سات امل�ستهدفة باالعتداء‪ ،‬تبقى النية‪ ،‬العن�رص الأهم‬
‫يف التو�صيف [‪.[[9‬‬
‫وهكذا‪ ،‬ميكن ت�صنيف بع�ض «االعتداءات ال�سيربانية» ن�سبة �إىل نطاقها‪ ،‬ونتائجها‪ ،‬على ال�شكل الآتي‪:‬‬
‫ •االعتداء على الأنظمة التي تتوىل �إدارة البنية التحتية‪ ،‬كالنقل‪ ،‬وموارد الطاقة‪ ،‬وال�صحة‪ ،‬وامل�ؤ�س�سات‬
‫املالية‪� ،‬أو حتى �أنظمة املعلومات املعدة ملواجهة حاالت التوقف‪� ،‬أو االعطال‪� ،‬أو اعادة احلال �إىل ما‬
‫كان عليه‪ ،‬با�سرتجاع مهمات الأنظمة وبياناتها‪.‬‬
‫ •االعتداء على �أنظمة الدفاع‪� ،‬سواء منها تلك املخ�ص�صة للهجوم �أو للدفاع‪ .‬وهنا ت�ستبعد قانونية‬
‫‪[91] When Do We Call a Cyber Attack an Act of Cyber War? - http://blog.trendmicro.com/trendlabs-security-intelligence/when-‬‬
‫‪do-we-call-a-cyber-attack-an-act-of-cyber-war/‬‬
‫�صفحة رقم ‪50‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫ال�رضبات اال�ستباقية‪ ،‬يف حال االعتماد على هذا املفهوم‪ ،‬لتربير االعتداء‪.‬‬
‫•االعتداء على �أنظمة احلكومة الإلكرتونية‪ ،‬واالدارات املختلفة يف القطاعني العام واخلا�ص‪.‬‬ ‫ ‬
‫•االعتداء الذي ي�ستهدف التالعب باملعلومات‪ ،‬بهدف ت�ضليل ال�سلطات العامة‪� ،‬أو زرع البلبلة يف‬ ‫ ‬
‫املجتمع‪ ،‬وبني املواطنني‪.‬‬
‫•التج�س�س الإلكرتوين‪.‬‬ ‫ ‬
‫•الرقابة ال�شاملة‪ ،‬ور�صد اال�شخا�ص‪ ،‬و�إرهابهم بهدف جمع املعلومات منهم‪.‬‬ ‫ ‬
‫يف املقابل‪ ،‬ميكن تعريف اجلرمية ال�سيربانية‪ ،‬باملعنى‪ ،‬ال�ضيق على انها‪« ،‬جرمية الكومبيوتر» واي ت�رصف‬
‫غري قانوين موجه �ضد اجلهاز‪ ،‬النظام‪� ،‬أو املعلومات التي حتويه‪� ،‬أما مبعناها الوا�سع‪ ،‬فهي اجلرمية املت�صلة‬
‫با�ستخدام الكومبيوتر؛ اي ت�رصف غري قانوين‪ ،‬يرتكب با�ستخدام تقنيات املعلومات واالت�صاالت ‪ ،‬مبا‬
‫فيه حيازة مواد ممنوعة‪� ،‬أو توزيعها‪� ،‬أو عر�ضها[‪.[[9‬‬
‫وي�ستخدم م�صطلح “اجلرمية ال�سيربانية”‪ ،‬للداللة على �أعمال جرمية حمددة قانونا‪ ،‬وعندما ي�ستهدف‬
‫االعتداء‪:‬‬
‫ •�أمن املعلومات‪� ،‬أي م�صداقيتها‪ ،‬وتوافرها‪ ،‬و�صحتها‪ .‬وتندرج يف هذا الإطار‪ ،‬عمليات اخرتاق‬
‫الأنظمة‪ ،‬عرب �رسقة كلمة ال�رس‪� ،‬أو الت�صيد‪� ،‬أو الت�ضليل واالحتيال‪ ،‬كما عمليات تدمري البيانات‪،‬‬
‫و�رسقتها‪.‬‬
‫ •�سالمة اال�شخا�ص‪ ،‬كما هو حال الرتب�ص والرت�صد لالطفال‪ ،‬بغية االعتداء عليهم‪ ،‬وا�ستدراجهم‪،‬‬
‫بهدف ا�ستغاللهم جن�سيا‪ .‬كما تندرج هنا عملية ا�ستدراج اال�شخا�ص‪ ،‬يف �إطار عمليات االجتار‬
‫بالرقيق‪� ،‬أو جتارة الأع�ضاء الب�رشية‪� ،‬أو انتاج املواد االباحية‪� ،‬أو تقدميها‪.‬‬
‫ •الأموال‪ ،‬من خالل عمليات الغ�ش‪ ،‬واالحتيال‪ ،‬واختطاف الأنظمة‪ ،‬والتزوير‪ ،‬واالبتزاز‪ ،‬وتبيي�ض ‬
‫الأموال‪ ،‬الخ‪....‬‬
‫ •املحتوى‪ ،‬كتوزيع مواد اباحية عن االطفال‪� ،‬أو بث الكراهية‪ ،‬والتمييز العن�رصي‪ ،‬وعر�ض خدمات‬
‫مرتزقة‪ ،‬لتنفيذ عمليات اغت�صاب وقتل‪ ،‬والرتويج للإرهاب‪.‬‬
‫ •�أمن الدولة‪ ،‬و�سيادتها‪ ،‬مثل التج�س�س‪ ،‬واف�شاء معلومات �رسية‪.‬‬
‫ •امللكية الفكرية‪ ،‬والتي يدخل فيها �رسقة الربامج واالنتاج الفني‪ ،‬واال�ستعمال غري ال�رشعي‪ ،‬النتاج‬
‫حممي بامللكية الفكرية‪.‬‬
‫وكانت اللجنة الأوروبية قد �أقرت تعريفا للجرمية ال�سيربانية‪ ،‬من خالل ثالثة �أنواع من الن�شاطات اجلرمية‪:‬‬
‫ •اجلرائم التقليدية (الغ�ش‪ ،‬اخلداع‪ ،‬بيع م�رسوقات‪ ،‬ترويج ملمنوعات‪ ،‬التقليد‪ ،‬االعتداء على امللكية‬
‫الفكرية‪ ،‬عدم ت�سليم مبيع بعد قب�ض الثمن‪ ،‬القر�صنة‪ ،‬الخ‪)...‬‬
‫‪[92] At the Tenth United Nations Congress on the Prevention of Crime and Treatment of Offenders, in a workshop devoted to the‬‬
‫‪issues of crimes related to computer networks, cybercrime was broken into two categories and defined thus:‬‬
‫‪a. Cybercrime in a narrow sense (computer crime): Any illegal behavior directed by means of electronic operations that targets the‬‬
‫‪security of computer systems and the data processed by them.‬‬
‫‪b. Cybercrime in a broader sense (computer-related crime): Any illegal behavior committed by means of, or in relation to, a‬‬
‫‪computer system or network, including such crimes as illegal possession [and] offering or distributing information by means of‬‬
‫‪a computer system or network.‬‬
‫�صفحة رقم ‪51‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫ •جرائم ن�رش املحتوى غري امل�رشوع‪ ،‬با�ستخدام تقنيات املعلومات واالت�صاالت (العنف اجلن�سي �ضد‬
‫االطفال‪ ،‬التحري�ض على الكراهية‪ ،‬التمييز العن�رصي‪ ،‬التحري�ض على االنتحار‪ ،‬التعر�ض للحياة‬
‫اخلا�صة‪ ،‬جتنيد ارهابيني‪ ،‬دعارة االطفال‪ ،‬مواد اباحية ت�ستخدم االطفال‪ ،‬و�صفات املتفجرات‪،‬‬
‫الخ‪)...‬‬
‫ •اجلرائم اخلا�صة بتقنيات املعلومات واالت�صاالت‪ ،‬اي االعتداء على االنظمة املعلوماتية (تعطيل‬
‫عمل املوقع‪ ،‬القر�صنة‪ ،‬ن�رش الفريو�سات‪ ،‬االخرتاق‪ ،‬الخ‪)...‬‬
‫وميكن متييز هذين امل�صطلحني‪ ،‬على امل�ستوى القانوين‪ ،‬حيث ال ميكن و�صف �أي اعتداء ب “اجلرمية‬
‫ال�سيربانية”‪ ،‬يف غياب ن�ص قانوين يو�صفها‪ ،‬ويحدد عنا�رصها‪ ،‬بينما ميكن و�صف �أي اعتداء ب‪:‬‬
‫“االعتداء ال�سيرباين”‪ ،‬مبجرد وقوع اي هجوم‪ ،‬وخارج اي ن�ص �أو و�صف قانوين‪ .‬فاالعتداء ال�سيرباين‪،‬‬
‫مفهوم وا�سع ي�شمل مروحة وا�سعة من الأعمال‪ ،‬بغ�ض النظر عن التو�صيفات‪ ،‬والن�صو�ص القانونية‪.‬‬
‫لكن‪ ،‬ال بد من الإ�شارة‪� ،‬إىل نوع من االلتبا�س‪� ،‬أو اخللط‪ ،‬ناجت عن تداخل احلدود بني “اجلرمية ال�سيربانية”‪،‬‬
‫التي تدخل �ضمن �إطار اهتمام ال�سلطات املدنية‪ ،‬و”االعتداء ال�سيرباين”‪ ،‬الذي ميكن ان يندرج يف‬
‫فئة “احلرب الإلكرتونية”‪ ،‬والذي يدخل نطاق �صالحيات الأجهزة الع�سكرية‪ .‬فاجلرمية ال�سيربانية‪،‬‬
‫كما احلرب ال�سيربانية‪ ،‬ي�ستخدمان نف�س االدوات‪ :‬الربامج اخلبيثة‪ ،‬والفريو�سات‪ ،‬وا�ستثمار الثغرات‪،‬‬
‫والدودات الإلكرتونية‪ ،‬وغري ذلك من تقنيات ر�صد‪ ،‬وت�سلل‪ ،‬ومنع خدمات‪ .‬ومنفذو العمليات‪،‬‬
‫لي�سوا بال�رضورة ممن ينتمون �إىل الأجهزة الع�سكرية‪� ،‬أو الأمنية‪.‬‬
‫فمع االنرتنت املظلم‪ ،‬ميكن للدولة والأجهزة احلكومية‪ ،‬كما لالفراد‪ ،‬احل�صول على خدمات اي نوع‬
‫من املرتزقة‪ ،‬وعلى �أعلى كفاءات االخرتاق‪ ،‬وتوزيع الربامج اخلبيثة‪ ،‬وزرع برامج التن�صت‪ ،‬وتدمري‬
‫املعلومات‪ .‬ومما يثري االلتبا�س �أي�ضا‪� ،‬أن جمع املعلومات‪ ،‬والت�سلل �إىل الأنظمة‪ ،‬قا�سمان م�شرتكان بني‬
‫االعتداء ال�سيرباين واجلرمية ال�سيربانية‪ .‬لكن الهدف من وراء عملية اجلمع هذه‪ ،‬خمتلف‪ ،‬اذ ي�شكل هذا‬
‫اجلمع يف االعتداء‪ ،‬مرحلة حت�ضريية حلرب �سيربانية‪ ،‬بينما يهدف يف اجلرمية �إىل احل�صول على الأموال‪.‬‬
‫كذلك‪ ،‬ميكن ان تت�شابه الو�سائل‪ ،‬واالدوات والأ�ساليب امل�ستخدمة للو�صول �إىل هذه املعلومات‪ ،‬بينما‬
‫تختلف النتائج‪.‬‬

‫‪ .2‬ت�صاعد وترية التهديدات‬


‫وت�شري التقارير املو�ضوعة من اجلهات املتخ�ص�صة‪ ،‬يف جمال مكافحة االعتداءات على الأنظمة املعلوماتية‪،‬‬
‫�إىل ت�صاعد يف وترية االخرتاقات و�رسقة البيانات‪ ،‬واالعداد اليومية لالعمال اجلرمية ال�سيربانية وماليني‬
‫الربامج اخلبيثة‪ ،‬التي ت�ستعمل يف ارتكاب الأعمال غري ال�رشعية‪� ،‬ضد املواقع‪ ،‬واال�صول‪ ،‬والأفراد على‬
‫االنرتنت[‪.[[9‬‬

‫‪[93] http://www.mcafee.com/tw/resources/reports/rp-threats-predictions-2016.pdf‬‬
‫�صفحة رقم ‪52‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫فقد واكبت الإمكانات التي اتاحها االنخراط يف جمتمع املعلومات‪ ،‬فر�ص مماثلة‪ ،‬للمخالفات‬
‫واجلرائم[‪ .[[9‬وهذا ما دعا العامل ب�أ�رسه‪� ،‬إىل التنبه والتعاون‪ ،‬يف مواجهة ما ميكن �أن يعترب‪ ،‬تهديدا بحجم‬
‫التهديدات‪ ،‬التي ت�شكلها الأ�سلحة النووية‪ ،‬والكيميائية‪ ،‬والبكتريية[‪.[[9‬‬
‫�أمام هذا الواقع‪ ،‬ن�ستطيع القول‪ ،‬ان �أمن الف�ضاء ال�سيبريي‪ ،‬يتوقف‪ ،‬ب�شكل كبري‪ ،‬على احلد من ا�ستخدام‬
‫تكنولوجيا املعلومات واالت�صاالت‪ ،‬لأهداف جنائية‪� ،‬أو لأغرا�ض تتنافى وامل�صلحة العامة‪ ،‬ملختلف‬
‫املجتمعات؛ بعبارة �أخرى‪ ،‬على احلد من اجلرائم ال�سيبريانية‪.‬‬
‫وكانت املقررات ال�صادرة‪ ،‬عن القمة العاملية ملجتمع املعلومات‪ ،‬قد �شددت[‪ ،[[9‬على �رضورة بناء الثقة‬
‫والأمن‪ ،‬يف الف�ضاء ال�سيبرياين‪ .‬وكانت وثيقة تفعيل خطة عمل جنيف[‪ ،[[9‬قد انتهجت اخلط نف�سه‪،‬‬
‫عندما خ�ص�صت اجلزء ال�ساد�س منها‪ ،‬لبناء الثقة والأمن‪ ،‬يف ا�ستخدام تقنية املعلومات واالت�صاالت‪.‬‬

‫‪ .3‬اختالف الدوافع والو�سائل‬


‫على �ضوء الإجراءات الأمنية املتخذة‪ ،‬يحدد املخرتق‪ ،‬واملجرم ال�سيبريي‪� ،‬أ�ساليب عمله‪ ،‬وطرق‬
‫تنفيذه‪ .‬وعلى �أ�سا�س مواطن ال�ضعف التي يفرت�ض حمايتها‪ ،‬حتدد املداخل �إىل النظام‪ .‬وعليه‪ ،‬فاملعرفة‬
‫التي ير�صدها ويبحث عنها املجرمون يف الف�ضاء ال�سيرباين‪ ،‬هي تلك التي ميلكها امل�س�ؤول عن �أمن‬
‫النظام‪ ،‬وعن حمايته‪� .‬إال انه‪ ،‬ويف �أحيان كثرية‪ ،‬ميلك املجرمون معلومات �أكرث تقدما‪ ،‬جتعل اخرتاق‬
‫الأنظمة‪� ،‬أكرث �سهولة من الدفاع عنها‪.‬‬
‫وي�أتي ا�ستغالل نقاط ال�ضعف‪� ،‬أو العيوب الأمنية‪ ،‬يف اي نظام معلوماتي‪ ،‬كهدف �أول للمعتدين‪ ،‬على‬
‫�أمن ال�شبكات واالنرتنت‪.‬‬
‫وغالبا ما يعمل مقتحم النظام‪ ،‬على خداع امل�ستخدم‪ ،‬عندما يقوم بتزييف �صفته‪� ،‬أو انتحال �شخ�صية‬
‫معينة‪ ،‬لي�صل بعد ذلك �إىل املعلومات والبيانات‪ ،‬واىل كلمات ال�رس‪ .‬وي�ساهم يف دعم هذه الأعمال غري‬
‫ال�رشعية‪ ،‬ما ميكن ت�سميته بدميقراطية ادوات وو�سائل القر�صنة‪ ،‬ون�رش املعرفة‪ ،‬العائدة اليها‪ ،‬حيث جند بع�ض ‬
‫املواقع‪ ،‬التي تتوىل توزيع التعليمات‪ ،‬حول نقاط ال�ضعف يف الأنظمة املختلفة‪ ،‬والتي ميكن النفاذ منها‪.‬‬
‫وتختلف نتائج االعتداء على ال�شبكات وعلى االنرتنت‪ ،‬باختالف ا�سبابه‪ ،‬وباختالف �شخ�صية قائد‬
‫الهجوم على الأنظمة املعلوماتية‪ .‬وميكن ت�صنيف �شخ�صيات املعتدين‪ ،‬بناء على الأهداف �أو الدوافع‪،‬‬
‫حيث جند الباحث عن الت�سلية‪� ،‬أو الباحث عن املعرفة‪ ،‬وعن ا�ستك�شاف كيفية عمل الأنظمة‪ ،‬واخلدمات‬
‫�أو الوظائف التي ميكن ان تقدمها‪ .‬كما جند من يرغب باثبات قدرته الفكرية والتقنية‪� ،‬أو اثبات وجهة‬
‫نظر[‪� ،[[9‬أو الباحث عن االنتقام وعن و�سيلة لإنزال ال�رضر بالغري‪� ،‬أو بكل ب�ساطة‪ ،‬املجرم الذي ي�سعى‬
‫�إىل االبتزاز وال�رسقة‪ ،‬واالعتداء على الأنظمة االجتماعية وال�سيا�سية‪ ،‬واحيانا الدينية‪.‬‬
‫‪[94] Crime Fighting Computer Systems and Databases, Sam Vaknin, Ph.D. - 9/10/2005, http://www.buzzle.com‬‬
‫‪editorials/9-18-2005-77050.asp‬‬
‫‪[95] La cybercriminalité est la troisième grande menace pour les grandes puissances, après les armes chimiques, bactériologiques, et‬‬
‫‪nucléaires » - Colin Rose of Buchanan International, a Scottish-basedcompanythatspecialises in tracking down Internet offenders.‬‬
‫بند ‪”.... 39‬نحن نسعى إىل بناء الثقة واألمن يف استعامل تكنولوجيا املعلومات واالتصاالت من خالل تعزيز أسس هذه الثقة ]‪[96‬‬
‫صدرت هذه الوثيقة‪ ،‬عن املؤمتر التحضريي رفيع املستوى لقمة تونس‪ ،‬يف القاهرة من ‪ 9‬إىل ‪ 10‬مايو ]‪[97‬‬
‫‪[98] http://www.channel3000.com/technology/2613265/detail.htmlN.C. Man First In Nation Convicted Of Wireless Crime,‬‬
‫‪Man Pleads Guilty To Hacking Into Patient Files.‬‬
‫�صفحة رقم ‪53‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫كذلك‪ ،‬تتنوع الو�سائل والأ�ساليب‪ ،‬اذ ميكن ان ترتاوح الطرق امل�ستخدمة بني ال�سلبية؛ والتي تعني‬
‫مراقبة‪ ،‬ور�صد‪ ،‬واعرتا�ض االت�صاالت وحركة املعلومات‪ ،‬وا�ستخدام بروتوكوالت التعريف بالعناوين‬
‫وباال�شخا�ص‪ ،‬وبني الطرق االيجابية؛ عرب اتخاذ املبادرة باللجوء �إىل ن�رش املعلومات‪ ،‬حول كيفية‬
‫مهاجمة الأنظمة وا�ستغالل نقاط ال�ضعف فيها‪ ،‬وكيفية ا�ستخدامها‪.‬‬

‫‪ .4‬ترتيب اجلرائم واالعتداءات بح�سب �أهدافها‬


‫مع ت�صاعد االعتماد على االنرتنت واالت�صاالت‪ ،‬تت�صاعد خماطر واحتماالت اجلرمية ال�سيربانية‪ ،‬وتت�أكد‬
‫احلاجة املا�سة‪ ،‬اىل فهم وحتليل اجلرائم‪ ،‬وقراءة خارطة املحيط القانوين لها‪ ،‬ال�سيما منها‪ ،‬ذلك اجلانب‪،‬‬
‫الذي يتعلق بالأبعاد الدولية‪ .‬فباال�ضافة �إىل الأ�شخا�ص‪ ،‬ت�ستهدف اجلرمية ال�سيربانية‪ ،‬املن�ش�آت احليوية‬
‫واحل�سا�سة‪ ،‬مثل امل�صارف‪ ،‬وامل�ست�شفيات‪ ،‬واملحطات النووية‪ ،‬والنقل‪ ،‬والبور�صة‪ .‬وتتو�سع جماالتها‪،‬‬
‫ومتتد‪ ،‬مع التقدم الذي ي�سجل‪ ،‬على امل�ستوى التقني‪ .‬فقد �سجل العام ‪ ،2015‬مثال‪ ،‬اعتداءات‬
‫�سيربانية‪ ،‬ارتبطت ب�أنواع جديدة من التقنيات والأ�ساليب‪ .‬وميكن متييز االعتداءات واجلرائم ال�سيربانية‬
‫ح�سب �أهدافها‪ :‬الأفراد‪ ،‬الأ�صول والأموال‪ ،‬الدولة‪ .‬كما ميكن متييزها بح�سب م�صادرها‪� ،‬إىل داخلية‬
‫وخارجية‪.‬‬

‫�أ‪ -‬اجلرائم التي ت�ستهدف الأفراد‬


‫ي�ؤدي انت�شار اجلرمية ال�سيربانية‪� ،‬إىل خلل عام‪ ،‬قد يهدد املجتمع كله يف اقت�صاده‪ ،‬و�سيادته‪ ،‬وامنه‬
‫الوطني‪ ،‬كما ميكن لهذه اجلرائم ان تهدد الن�سيج االجتماعي والأ�رسي‪ ،‬ب�سبب الت�شهري‪� ،‬أو �إ�شاعة‬
‫الأخبار الكاذبة‪ ،‬و�رسقة امللفات اخلا�صة بالأفراد‪ ،‬ون�رشها على االنرتنت‪ ،‬وو�سائل االت�صاالت‪.‬‬
‫تتوزع اجلرائم التي تقع �ضد الأفراد‪ ،‬ب�شكل عام‪ ،‬على توزيع حمتوى م�سيئ‪� ،‬رسقة البيانات‪ ،‬ال�سيطرة‬
‫على الأجهزة ال�شخ�صية‪ ،‬ت�شويه ال�سمعة‪ ،‬التحر�ش‪ ،‬احل�ض على ارتكاب اجلرمية‪ ،‬اخلداع‪� ،‬رسقة الهوية‪،‬‬
‫انتحال ال�صفة‪ ،‬االعتداء على اخل�صو�صية‪� ،‬إف�شاء اال�رسار املهنية وال�شخ�صية‪ ،‬والت�صيد واالبتزاز‪ .‬وترتكز‬
‫هذه اجلرائم‪ ،‬ب�شكل �أ�سا�سي‪ ،‬على ا�ستخدام البيانات ذات الطابع ال�شخ�صي‪ ،‬واملحتوى‪ ،‬والأجهزة‬
‫ال�شخ�صية‪ ،‬واالطياف على ال�شبكات االجتماعية‪.‬‬
‫وت�سيئ هذه اجلرائم‪ ،‬ب�شكل �أ�سا�سي‪� ،‬إىل كرامة االن�سان‪ ،‬و�سالمته ال�شخ�صية‪ ،‬عندما ترتجم من خالل‬
‫االجتار بالب�رش‪ ،‬ودعارة االطفال‪ ،‬والإرهاب على اخلط‪ ،‬والتحر�ش‪ ،‬واملالحقة �أو الرت�صد‪.‬‬
‫ويعترب غياب القوانني الرادعة‪ ،‬واتفاقيات التعاون بني البلدان املختلفة‪ ،‬من اهم اال�سباب‪ ،‬التي ت�شجع‬
‫على هذه اجلرائم‪ ،‬اذ ينتقي املجرمون البلدان التي ال �إطار قانوين فيها‪� ،‬أو ال تطبيقا فاعال للقانون‪ ،‬وال‬
‫معاهدات تلزمها مبكافحة اجلرائم‪ ،‬التي يرتكبونها‪.‬‬
‫وي�سهم انت�شار و�سائل االت�صال‪ ،‬بال�شكل الكثيف الذي ن�شهده اليوم‪ ،‬يف تعري�ض م�ستخدمي االنرتنت‪،‬‬
‫�إىل جميع �أنواع املحتوى امل�سيئ‪ ،‬غري االخالقي‪ ،‬وغري امل�رشوع‪ .‬كما تعر�ضهم �أي�ضا �إىل االلتقاء‪ ،‬ب�أنواع‬
‫خمتلفة من اال�شخا�ص‪ ،‬الذين يعر�ضون �صداقة كاذبة‪ ،‬ت�ؤدي �إىل االيقاع بالبع�ض منهم‪ ،‬يف متاعب‬
‫�صفحة رقم ‪54‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫خطرية‪� ،‬أحيانا كثرية‪ ،‬كما تتيح فر�ص االعتداء عليهم‪ .‬ويعود ال�سبب يف ذلك‪� ،‬إىل ال�شعور باالمان‪� ،‬أو‬
‫البحث عنه على ال�شبكة العاملية للمعلومات‪� ،‬أو �إىل خط أ� يف تقدير نتائج وعواقب ن�رش بع�ض البيانات‬
‫ذات الطابع ال�شخ�صي‪ ،‬واالف�شاء ببع�ض اال�رسار‪ .‬وتربز يف هذا الإطار‪ ،‬ب�شكل خا�ص‪ ،‬االعتداءات التي‬
‫تقع على االطفال‪ ،‬والأخطار التي يتعر�ض لها ال�شباب‪.‬‬
‫وتزيد املجهولية‪ ،‬كما امكانات اخفاء الهوية احلقيقية‪ ،‬وانتحال هوية مزيفة‪ ،‬من خطورة املو�ضوع‪،‬‬
‫اذ انها ت�سمح للمعتدي‪ ،‬بارتكاب ما ال يجر�ؤ على ارتكابه‪ ،‬يف العامل املادي‪ ،‬كتوجيه االتهامات‪،‬‬
‫و�إرهاب الآخرين‪ ،‬والتنمر‪ .‬ويزيد يف ارتفاع حظوظ التعر�ض لالعتداءات‪ ،‬االنت�شار الوا�سع‬
‫للتطبيقات املعلوماتية‪ ،‬التي ت�سمح باالت�صال املبا�رش‪ ،‬بني �شخ�ص و�آخر‪ ،‬كربامج املرا�سالت املبا�رشة‪،‬‬
‫مثل الوات�ساب والفايرب وامل�سينجر‪� ،‬أو بعدد من اال�شخا�ص‪ ،‬كاملدونات‪ ،‬وغرف الدرد�شة‪ ،‬وو�سائل‬
‫التوا�صل االجتماعي‪ ،‬التي �ساعدت يف تنمية واظهار امليل �إىل اال�ستعرا�ض‪ ،‬لدى ال�شباب ب�شكل‬
‫خا�ص‪ ،‬ولدى �رشيحة كربى من املجتمع‪ ،‬ب�شكل عام‪.‬‬
‫كذلك ي�سمح اخفاء الهوية‪ ،‬الذي تتيحه التقنيات للمرت�صدين واملجرمني‪ ،‬با�ستدراج م�ستخدمي‬
‫االنرتنت‪� ،‬إىل االف�صاح عن بياناتهم ال�شخ�صية‪� ،‬أو عن �صورهم احلميمة‪� ،‬أو �إىل ار�سال الأموال �إليهم‪،‬‬
‫باللعب على العامل النف�سي لدى ال�شخ�ص الآخر‪ ،‬ال�شعاره باالمان واحلميمية‪� ،‬أو بالرغبة يف امل�ساعدة‪،‬‬
‫�أو حتى باخلوف‪ ،‬نتيجة تهديدات معينة‪ ،‬بك�شف �أ�رسار �أو معلومات �شخ�صية‪ .‬وغالبا ما يقوم املرت�صد‪،‬‬
‫�أو املطارد‪ ،‬بجمع املعلومات ال�شخ�صية عن ال�ضحية‪ ،‬مثل ا�سمه‪ ،‬معلومات عن عائلته‪� ،‬أرقام هواتفه‪،‬‬
‫مكان االقامة‪ ،‬ومكان العمل‪ ،‬وما �إىل ذلك‪ ،‬عن طريق مواقع ال�شبكات االجتماعية‪ ،‬واملدونات‪،‬‬
‫وغرف املحادثة‪ ،‬وغريها من املواقع‪.‬‬

‫_ ا�ستغالل االطفال والقا�رصين يف مواد �إباحية‬


‫وي�شري هذا امل�صطلح‪� ،‬إىل ظهور الأطفال والق�رص (الذين تقل �أعمارهم عن ‪ 18‬عاما)‪ ،‬يف �صور �أو �أفالم‪،‬‬
‫�أو م�شاهد ذات طبيعة وايحاءات �إباحية‪� ،‬أو م�ضمون جن�سي‪ ،‬مبا فيها م�شاهد �أو �صور لالعتداء اجلن�سي‬
‫على الأطفال‪ ،‬وهي جرمية يعاقب عليها قانونيا‪ ،‬يف �أغلب دول العامل‪ .‬كما وتتعامل �أغلب دول العامل‪،‬‬
‫بحزم وجدية‪ ،‬مع هذا النوع من اجلرائم‪ ،‬مع كل من تثبت عليه تهمة االحتفاظ‪� ،‬أو االجتار‪� ،‬أو تداول �صور‬
‫�أو �أفالم �إباحية‪ ،‬وحتذو حذوها املنظمات الدولية‪ ،‬مثل اليون�سيف‪ ،‬وال�رشطة الدولية «الإنرتبول»‪.‬‬
‫كما يلج�أ بع�ض املرت�صدين‪� ،‬إىل دعوة ال�ضحية �إىل اللقاء بهم‪ ،‬وجها لوجه‪ ،‬احيانا كثرية‪ ،‬ال�سيما منهم‪،‬‬
‫املرت�صدون باالطفال‪ ،‬و�أ�صحاب امليول اجلن�سية غري ال�سوية‪ ،‬وال�سوابق اجلرمية‪ .‬وقد بينت عدد من‬
‫احلاالت التي �سجلت‪ ،‬ح�صول اعتداءات جن�سية‪ ،‬وجرائم قتل‪� ،‬أو اختفاء اال�شخا�ص‪ ،‬نتيجة هكذا‬
‫لقاءات‪ .‬فمن ال�صعوبة مبكان‪ ،‬ثني االطفال وال�شباب عن التواجد على االنرتنت‪ ،‬وعلى و�سائل‬
‫التوا�صل االجتماعي‪ .‬ويزيد يف خطورة االمر‪ ،‬ما ت�شعرهم به هذه الو�سائل من امان‪ ،‬عندما ت�صور لهم‬
‫انهم يف بيئة �صديقة و�آمنة‪ .‬وهذا ما يف�رس �سهولة ا�ستدراج االطفال واملراهقني‪� ،‬إىل تبادل مواد جن�سية‪،‬‬
‫حترجهم الحقا‪ ،‬وجتعلهم �ضحية �أكيدة‪ ،‬ملروجي دعارة االطفال‪ ،‬واخلاطفني‪ ،‬واملتاجرين بالب�رش‪.‬‬
‫�صفحة رقم ‪55‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫ويالحق اخلطر البالغني �أي�ضا‪ ،‬اذ ت�سمح االنرتنت‪ ،‬بتكوين جمموعات حول اهتمامات م�شرتكة‪ ،‬ميكن‬
‫ان تكون غري �رشعية‪ ،‬لي�س اقلها‪ ،‬املواد االباحية‪ ،‬واملواد التي تعر�ض عمليات قتل‪� ،‬أو مواد غري اخالقية‬
‫اخرى‪.‬‬
‫من الناحية القانونية‪ ،‬متنع العديد من البلدان العربية‪ ،‬تداول املواد االباحية‪ ،‬كما يلج�أ بع�ضها‪� ،‬إىل‬
‫حجب املواقع التي توزعها‪ ،‬وكذلك يجرم العديد منها‪ ،‬املواد االباحية اخلا�صة باالطفال‪� ،‬أو مواد‬
‫االعتداء عليهم‪.‬‬
‫لكن املجتمع العربي‪ ،‬ال يبدو بعيدا عن هذا احلظر‪ ،‬بالرغم من حر�ص الدول على حماية جمتمعاتها �ضد‬
‫املحتويات امل�سيئة‪ ،‬اذ �سجل احد التقارير الذي ا�صدره حمرك البحث غوغل‪ ،‬احتالل عمليات البحث‬
‫عن املواد االباحية‪ ،‬يف البلدان العربية‪ ،‬تقدما ملحوظا‪ ،‬على بقية دول العامل[‪.[[9‬‬
‫على خط مواز‪ ،‬تزدهر الأعمال اجلرمية‪ ،‬التي جتمع بني مكونني �أ�سا�سيني‪ ،‬هما اجلن�س واملال‪ .‬وميكن‬
‫مالحظة هذا االمر ب�شكل وا�ضح‪ ،‬من خالل انت�شار املواقع‪ ،‬التي تعلن عن ت�أمينها ال�رشيك املنا�سب‪� ،‬أو‬
‫ال�شخ�ص الرثي‪� ،‬أو بكل ب�ساطة‪ ،‬الربح ال�رسيع وال�سهل‪ ،‬بينما يختفي وراءها‪� ،‬أحيانا كثرية‪ ،‬مرت�صدون‬
‫يبحثون عن �رشكاء يف تبيي�ض الأموال‪� ،‬أو االجتار بالرقيق‪� ،‬أو توزيع املواد االباحية‪ .‬وت�شارك هذه‬
‫املواقع‪ ،‬يف تعزيز تطور �صناعة املحتوى غري امل�رشوع‪ ،‬وانت�شار االعتداءات على اال�شخا�ص‪� .‬أما املثال‬
‫االو�ضح على ذلك‪ ،‬فهو موقع ‪ ،Craiglist‬الذي يروج لبيع ال�سيارات وب�ضائع اخرى‪ ،‬وي�ست�ضيف‪،‬‬
‫كما يروج‪ ،‬ملواقع ومواد اباحية‪� ،‬أدت �إىل عمليات ا�ستغالل لالطفال‪ ،‬يف ت�صوير مواد اباحية‪ ،‬ويف‬
‫بيعهم‪ ،‬بهدف عمليات دعارة[‪.[[10‬‬
‫وت�ستخدم االنرتنت �أي�ضا‪� ،‬سواء عرب الر�سائل الق�صرية‪� ،‬أو جمموعات النقا�ش‪� ،‬أو و�سائل التوا�صل‬
‫االجتماعي‪ ،‬يف دعم ال�سلوك العدائي‪ ،‬من قبل جمموعة‪� ،‬أو من قبل فرد واحد‪ ،‬بهدف ايذاء الآخرين‪،‬‬
‫فيما يعرف بالتنمر ال�سيرباين‪ .‬وي�أتي يف هذا الإطار‪ ،‬القمع‪ ،‬وت�شويه ال�سمعة‪ ،‬عرب ن�رش افرتاءات‪� ،‬أو‬
‫�صور ومعلومات‪� ،‬صحيحة حتى‪ .‬وميار�س التنمر على االطفال‪ ،‬كما على البالغني‪ .‬وي�شابه التنمر فعل‬
‫جرمي �آخر‪ ،‬هو الرت�صد ال�سيرباين‪� ،‬أو املطاردة ال�سيربانية‪ ،‬يف املنتديات العامة‪ ،‬وغرف الدرد�شة‪� ،‬أو‬
‫على مواقع التوا�صل االجتماعي‪ .‬وي�سعى معظم املرت�صدين‪� ،‬إىل ت�أليب الآخرين على ال�ضحية‪ ،‬وت�شويه‬
‫�سمعتها‪ ،‬واحلط من قدرها‪ ،‬يف نظر حميطها‪ .‬وغالبا ما تت�ضمن عملية املطاردة‪ ،‬تهديدا و�رسقة هوية‪،‬‬
‫و�رسقة معلومات‪ ،‬وخطابات كراهية‪ ،‬وطلب ممار�سات غري اخالقية‪ ،‬منها اجلن�س‪ .‬ويعترب تكرار‬
‫عمليات الر�صد واملتابعة‪ ،‬حتر�شا �سيربانيا‪ ،‬ي�ؤ�رش �إىل ا�ضطرابات‪ ،‬يف �شخ�صية املتحر�ش [‪.[[10‬‬

‫‪[99] Pakistan tops list of most porn-searching countries: Google. http://tribune.com.pk/story/823696/pakistan-tops-list-of-‬‬


‫‪most-porn-searching-countries-google/‬‬
‫‪[100] Craigslist’s shame: Child sex ads- By MalikaSaada Saar, Special to CNN “ Last month, two girls trafficked for sex through‬‬
‫‪the website Craigslist wrote an open letter to its founder, Craig Newmark, pleading with him to get rid of the adult services‬‬
‫‪section, where sex ads are placed.” http://edition.cnn.com/2010/OPINION/08/02/saar.craigslist.child.trafficking/‬‬
‫‪[101] www.cyberbullying.ca/pdf/Cyberbullying_Article_by_Bill_Belsey.pdf. Cyberbullying: An Emerging Threat to the “Always‬‬
‫‪On” Generation By Bill Belsey, President and Founder of Bullying.org‬‬
‫�صفحة رقم ‪56‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫ب‪ -‬اجلرائم الواقعة على الأ�صول واملمتلكات‬


‫تتخذ هذه اجلرائم امللكية هدفا لها‪ ،‬وتطال اجلهات احلكومية‪ ،‬واخلا�صة‪ ،‬والفردية‪ ،‬دون ا�ستثناء‪ ،‬اذ انها‬
‫تركز على تدمري امللفات واتالفها‪ ،‬وعلى الربامج اخلا�ضعة حلقوق امللكية الفكرية وال�صناعية‪ ،‬وذلك‬
‫عرب برامج �ضارة‪ ،‬يتم نقلها �إىل الأجهزة‪ ،‬بطرق خمتلفة‪ ،‬منها الربيد الإلكرتوين‪.‬‬
‫وتزدهر هذه الأعمال‪ ،‬كامتداد لالعمال اجلرمية‪ ،‬يف الواقع املادي‪ ،‬وكو�سيلة للو�صول �إىل العن�رص ‬
‫الأهم يف امل�ؤ�س�سات التجارية �أو احلكومية على االنرتنت‪ ،‬اال وهو البيانات واملعلومات‪.‬‬
‫وقد �سمحت االنرتنت‪ ،‬با�ستنباط و�سائل جديدة جلمع الأموال‪ ،‬والتقليل من احتماالت ك�شف‬
‫املجرمني‪ ،‬عرب ا�ستخدام تقنيات االت�صال واملعلومات‪ .‬وميكن ارتكاب هذه اجلرائم‪ ،‬من قبل فرد‬
‫واحد‪ ،‬من وراء �شا�شة جهازه‪� ،‬أو من قبل جمموعات �صغرية‪� ،‬أو ع�صابات منظمة‪.‬‬
‫كما ت�ؤمن العديد من املواقع‪ ،‬اخلربات والربامج الالزمة‪ ،‬لعمليات االخرتاق‪ ،‬وحمو الآثار‪ ،‬والت�صيد‪ ،‬مما‬
‫ي�سهل ارتكاب اجلرائم ال�سيربانية‪ .‬كما ت�ساهم االنرتنت‪ ،‬يف ت�سهيل عملية تبادل املعلومات‪ ،‬وتنظيم‬
‫اجلهود‪ ،‬بني خمتلف املجرمني ال�سيربانيني‪ ،‬مما يعطي اجلرمية ال�سيربانية دفعا اقوى‪ ،‬ويعزز فر�ص جناحها‪.‬‬
‫وبالفعل‪ ،‬فقد ت�أثرت اجلرائم االقت�صادية ايجابا‪ ،‬بقدرات تقنيات املعلومات واالت�صاالت‪ ،‬التي حتولت‬
‫�إىل جزء �أ�سا�سي من و�سائل ارتكاب اجلرم‪ ،‬وحيث يفيد املعتدون من ال�رسعة يف التنفيذ‪ ،‬واملجهولية‪،‬‬
‫وامكانية اخفاء االثر‪ ،‬والقدرة على جتاوز احلدود اجلغرافية‪ ،‬دون خطر‪.‬‬
‫وتتمحور االعتداءات يف هذا الإطار‪ ،‬على ا�ستغالل وجود امل�ؤ�س�سات املختلفة على االنرتنت‪ ،‬وات�صال‬
‫الن�شاطات املالية بال�شبكة‪ ،‬حيث ت�ستعمل �أنظمة الدفع الإلكرتوين‪ ،‬والنحويل‪ ،‬والتجارة‪ ،‬لي�س فقط‬
‫عرب الت�سلل �إىل الأنظمة‪ ،‬وامنا �أي�ضا من خالل ا�ستخدام بيانات �شخ�صية‪ ،‬لالفراد امل�س�ؤولني عن �إدارة‬
‫الأموال‪ ،‬وحتويلها �إىل ح�ساباتهم ال�شخ�صية‪� ،‬أو �إىل ح�سابات اخرى‪ ،‬توزع فيما بعد عليهم‪ .‬ولعل‬
‫�أدهى املخاطر‪ ،‬التي ميكن ان تواجه االقت�صاد الرقمي‪ ،‬هي تلك التي تواجه االقت�صاد التقليدي‪ ،‬ونعني‬
‫بها تبيي�ض الأموال‪.‬‬

‫ج‪ -‬الت�صيد‬
‫ومن الأ�ساليب التي ت�شكل ا�ستخداما م�رضا‪ ،‬لتكنولوجيا املعلومات واالت�صاالت‪ ،‬وتهديدا لأمن‬
‫االنرتنت‪ ،‬ال‪� phishing‬أو الت�صيد‪ ،‬حيث ميكن توريط م�ستخدم االنرتنت‪ ،‬يف ف�ضح معلومات �رسية‪،‬‬
‫�أو يف ارتكاب جرائم كتبيي�ض الأموال‪ ،‬والتعدي على امللكية الفكرية‪ ،‬وت�سهيل �أعمال ابتزاز‪ ،‬عندما‬
‫تكون املعلومات املك�شوفة‪� ،‬أ�رسارا �صناعية‪� ،‬أو مالية‪� ،‬أو جتارية‪.‬‬
‫وتتم عمليات الت�صيد‪ ،‬من خالل الربيد الإلكرتوين‪ ،‬حيث يتم توجيه ر�سائل‪ ،‬يطلب فيها من املر�سل‬
‫اليه‪ ،‬اعطاء رقم ح�ساب م�رصيف‪ ،‬ليتم حتويل مبالغ معينة اليه‪ ،‬مقابل ن�سبة مئوية من املال‪� .‬أو ميكن �أن‬
‫يطلب اليه‪ ،‬تيومي معلومات ح�سابه امل�رصيف‪ ،‬وتعديل كلمة املرور �أو ت�أكيدها‪� ،‬أو تعديل �أو ت�أكيد‪� ،‬أي‬
‫معلومة‪� ،‬أو بيان �شخ�صي �آخر‪ ،‬ميكن �أن ي�ساعد منفذي عمليات الت�صيد‪ ،‬يف ا�ستخدام هوية ال�شخ�ص‬
‫امل�ستهدف‪ ،‬للدخول �إىل نظام مايل‪� ،‬أو اقت�صادي‪� ،‬أو اجتماعي‪ ،‬يعمل عليه‪ .‬وال تنح�رص املحاوالت‬
‫�صفحة رقم ‪57‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫يف الربيد الإلكرتوين‪ ،‬بل تتعداه �إىل الرتا�سل املبا�رش‪ ،‬حيث يلج�أ القرا�صنة‪� ،‬إىل توجيه ر�سائل تقود �إىل‬
‫و�صالت‪ ،‬يكفي ال�ضغط عليها‪ ،‬لتحميل برامج جت�س�س‪� ،‬أو فريو�سات على اجلهاز‪ ،‬الذي يتم عربه‬
‫االت�صال[‪.[[10‬‬
‫ففي عملية اقتحام لنظام احدى ال�رشكات التي تقدم خدمات حتويل �أموال‪ ،‬يف الواليات املتحدة‬
‫الأمريكية‪ ،‬متكن املجرمون‪ ،‬من الو�صول �إىل �أ�سماء �أ�صحاب ماليني بطاقات االئتمان‪ ،‬و�أرقامها‪،‬‬
‫ورموز االمان فيها[‪ .[[10‬وقد اكت�شف هذا الأمر‪ ،‬على �أثر حتديد وجود بع�ض التحويالت غري ال�رشعية‬
‫‪ ،fraudulent‬من قبل نظام االمان اخلا�ص بتعقب التحويالت لدى ما�سرت كارد‪ ،‬ما دفع ال�رشكة �إىل‬
‫طلب م�ساعدة �أحد امل�رصفيني‪ ،‬الذي متكن من حتديد وجود امل�شكلة‪ ،‬لدى ال�رشكة التي تتوىل عمليات‬
‫التحويل‪.‬‬
‫كما مت مبنا�سبة هذه العملية‪ ،‬الك�شف عن خمالفة هذه االخرية‪ ،‬ل�سيا�سة االمان املعتمدة لدى ما�سرت كارد‪،‬‬
‫والتي متنع على ال�رشكة التي تتوىل التحويل‪� ،‬أن حتتفظ مبعلومات عن بطاقات االئتمان‪ .‬وكانت �رشكة‬
‫كارد�سي�ستمز‪ ،‬قد احتفظت مبعلومات‪ ،‬عن جميع التحويالت التي ال تتم املوافقة عليها‪.‬‬
‫ويف ق�ضية اقتحام �أخرى‪ ،‬تعر�ضت جامعة �أوهايو‪ ،‬لعملية قر�صنة على البيانات اخلا�صة‪ ،‬ملدة �سنة كاملة‪،‬‬
‫من قبل مقتحمني ‪ ،Hackers‬يف الواليات املتحدة الأمريكية وخارجها‪ ،‬وطالت العملية‪ ،‬فيما طالت‪،‬‬
‫�أرقام ال�ضمان االجتماعي‪ ،‬ل‪� 137‬ألف �شخ�ص[‪.[[10‬‬
‫فباال�ضافة �إىل ال�رشكات‪ ،‬وامل�ؤ�س�سات املالية‪ ،‬تعترب اجلامعات واملدار�س‪ ،‬يف الدول املتقدمة تقنيا‪،‬‬
‫م�صدرا هاما للبيانات واملعلومات ال�شخ�صية‪ ،‬التي ي�ستهدفها القرا�صنة‪ .‬ذلك �أن الأنظمة املعتمدة يف‬
‫هذه امل�ؤ�س�سات‪ ،‬تركز‪ ،‬ب�شكل �أ�سا�سي‪ ،‬على ت�سهيل الو�صول �إىل املعلومات‪ ،‬من جهة �أوىل‪ ،‬كما تفتقر‬
‫�إىل �أ�ساليب احلماية والأمن الفاعلة‪ ،‬من جهة ثانية‪.‬‬
‫�أمام هذا الواقع‪ ،‬تبدو احلماية الذاتية‪ ،‬من قبل الأفراد وامل�ؤ�س�سات‪ ،‬كما اللجوء �إىل بع�ض التقنيات‪،‬‬
‫كتقنية الت�شفري‪ ،‬خطوة احرتازية ال بد منها‪ ،‬للم�ساهمة يف حتقيق الأمن على االنرتنت‪ .‬اال �أن الطبيعة‬
‫التقنية العالية‪ ،‬التي تتميز بها االنرتنت‪ ،‬جتعل هذه اخلطوة‪ ،‬غري �أكيدة النتائج يف كل االحوال‪ ،‬ما‬
‫ي�ستدعي حتمية وجود القانون‪ ،‬و�رضورة قيام الدولة‪ ،‬بدورها التقليدي يف الرقابة‪ ،‬كخطوة نحو‬
‫تدارك حدوث الفعل ال�ضار‪ ،‬ومنعه‪.‬‬

‫د‪ -‬اجلرائم التي ت�ستهدف الدولة‬


‫�إذا �أخذنا طبيعة املخاطر‪ ،‬التي ميكن ان تطاول املجتمع التقليدي‪ ،‬واملجتمع ال�سيبرياين‪ ،‬على ال�سواء‪،‬‬
‫جند انهاال تنال فقط من احلقوق واحلريات ال�شخ�صية‪ ،‬االجتماعية والتجارية والعلمية‪ ،‬و�إمنا �أي�ضا‪ ،‬من‬
‫م�صالح الدول و�أمنها‪ ،‬وا�ستقرار م�ؤ�س�ساتها و�أنظمتها‪ ،‬والن�سيج االجتماعي فيها‪.‬‬

‫‪[102] Heartworm infects Microsoft›s IM network Instant-messaging system in need of a vet, September 26, 2006, http://www.‬‬
‫‪computerworld.com/action/article.do?command=viewArticleBasic&articleId=9003623&source=rss_news50‬‬
‫‪[103] CNNMoney.com, 40M credit cards hacked. Breach at third party payment processor affects 22 million Visa cards and 14‬‬
‫‪million MasterCards. July 27,2005, by Jeanne Sahadi.‬‬
‫‪[104] www.News.com.CNET.‬‬
‫�صفحة رقم ‪58‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫ففي ع�رص املعلومات‪ ،‬ال ميكن لأية حكومة‪� ،‬أو �إدارة‪� ،‬سواء يف العامل الثالث‪� ،‬أم يف الدول الأكرث تقدما‪،‬‬
‫�أن تن�أى بنف�سها‪ ،‬عن الهم الذي ميثله اخرتاق ال�شبكات‪ ،‬والتعر�ض لأمنها‪.‬‬
‫وبالتايل‪ ،‬فان املعنيني بت�أمني الأمن يف جمتمع املعلومات‪ ،‬هم جميع العاملني‪� ،‬سواء انتموا �إىل القطاع‬
‫العام‪ ،‬ام �إىل القطاع اخلا�ص‪ .‬ونعني بذلك‪ ،‬احلكومات؛ وما متثله من ادارات ر�سمية‪ ،‬والقطاع اخلا�ص‪،‬‬
‫واملجتمع املدين‪ .‬اال ان الدور الأبرز‪ ،‬يبقى دور التقنيني‪ ،‬يف كل من هذه القطاعات‪ .‬الن االنك�شاف‬
‫التقني‪ ،‬مبعنى غياب الثقة يف قدرة املوا�صفات الفنية لل�شبكة‪ ،‬وللربامج‪ ،‬على تامني احلماية واالمان‪ ،‬ملا‬
‫ينتقل عليها‪� ،‬أو ملا ميكن ان يتم عليها من معامالت‪ ،‬يعني غياب الثقة يف جمتمع املعلومات‪ ،‬وفيما ميثله‬
‫من قدرة‪ ،‬على حتقيق التطور والنمو‪.‬‬
‫و�إذا كنا منيل‪ ،‬وعلى غرار ما متيل اليه جميع احلكومات املتقدمة‪ ،‬واملنظمات االقليمية والدولية‪� ،‬إىل‬
‫اعتبار الأمن القانوين‪ ،‬خطوة �أ�سا�سية على طريق ت�سخري تكنولوجيا املعلومات واالت�صاالت يف خدمة‬
‫النمو والتنمية‪ ،‬فاننا نرى �أي�ضا‪ ،‬ان القانون‪ ،‬قادر على ح�سم معركة احلماية على االنرتنت‪ ،‬ال�سيما مع‬
‫�إقرار اخلرباء واملخت�صني‪ ،‬بان الأمن التقني على االنرتنت‪� ،‬صعب التحقيق‪.‬‬
‫فالتقنية لي�ست العامل الذي ميكن الركون اليه‪ ،‬ب�شكل �أكيد وحازم‪ ،‬يف حتقيق الأمن‪ .‬وقد اثبتت‬
‫الوقائع‪ ،‬انه ال بد من وازع ومن رادع‪ ،‬يواكب هذا العامل‪ ،‬ويعطيه بعدا �أكرث فعالية‪ .‬لكن ذلك‪ ،‬مل‬
‫مينع العديد من احلكومات‪ ،‬من االجتاه نحو البحث عن احلماية‪ ،‬يف كنف التقنية‪ ،‬حيث مت �إقرار برامج‬
‫حماية‪ ،‬وخطط تطوير النظمة دفاع‪� ،‬ضد االعتداءات الآتية من الف�ضاء ال�سيبريي‪ .‬فقد انتقل االهتمام‬
‫الذي كان خم�ص�صا للتطويرات الع�سكرية التقليدية‪� ،‬إىل االهتمام ب�إيجاد الو�سائل املالئمة لطبيعة اخلطر‬
‫ال�سيبريي‪ ،‬والكفيلة بتداركه وردعه‪.‬‬
‫فاخلطر على االنرتنت‪ ،‬بر�أي كبار امل�س�ؤولني‪ ،‬ال يقل �ش�أنا وت�أثريا‪ ،‬عن االعتداءات والهجمات‪ ،‬التي‬
‫ميكن ان حت�صل يف العامل املادي[‪ .[[10‬وكان وزير الداخلية يف الواليات املتحدة الأمريكية‪ ،‬مي�شال‬
‫�رشتوف‪ ،‬قد �أكد‪ ،‬ان بالده تعمل على تطوير نظام دفاع‪ ،‬ميكنه �صد االعتداءات على ال�شبكات وعلى‬
‫االنرتنت‪ .‬ويهدف امل�رشوع‪ ،‬فيما يهدف‪� ،‬إىل احلد من نقاط االخرتاق على ال�شبكات‪ ،‬ال�سيما منها‪،‬‬
‫تلك اخلا�صة بالأجهزة احلكومية‪.‬‬
‫يف �سياق ما تقدم‪ ،‬تركز االطراف املعنية جهودها‪ ،‬على عدد من املحاور‪ ،‬التي تتكامل فيما بينها‬
‫لتحقيق الأمن‪ ،‬كالإطار الت�رشيعي‪ ،‬والتعاون الدويل‪ ،‬وبناء القدرات والبنية التنظيمية‪ ،‬والتدابري التقنية‪.‬‬
‫وميكن ت�صنيف االعتداءات‪ ،‬التي ت�ستهدف امل�ؤ�س�سات احلكومية والدولة‪ ،‬ب�شكل عام‪ ،‬حتت عدد من‬
‫�أنواع اجلرائم‪ ،‬نذكر منها‪:‬‬
‫ •التالعب باملعلومات‬
‫ •حرب املعلومات‬
‫ •الت�سلل �إىل �أنظمة البيانات احلكومية‪ ،‬واخرتاق الأجهزة احلكومية‪ ،‬التي تدير البنية التحتية والبنية احلرجة‬
‫‪[105] www.csooline.com/article Robert McMillian, IDG News service (San Francisco Bureau), RSA: DHS Project will secure fed’s‬‬
‫‪computers. Homeland security secretary Michael Chertoff said he takes cyber threats as serious as threats in the physical world.‬‬
‫�صفحة رقم ‪59‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫•الرقابة والتج�س�س‬ ‫ ‬
‫•احلرب ال�سيربانية‬ ‫ ‬
‫•الإرهاب الإلكرتوين‪� ،‬أو الإرهاب اجلماعي‬ ‫ ‬
‫•ت�رسيب املعلومات واختطافها‬ ‫ ‬
‫•االخرتاق الن�ضايل‬ ‫ ‬
‫•التج�س�س الإلكرتوين‬ ‫ ‬
‫ونتوقف يف هذا ال�سياق‪ ،‬عند �أعمال التج�س�س‪ ،‬ال�سيما على امل�ستوى االقت�صادي‪ ،‬وال�سيا�سي‪ ،‬والذي‬
‫ميكن ان تتعر�ض له �أجهزة الدولة كافة‪ ،‬وم�ؤ�س�ساتها‪ ،‬كما يتعر�ض له الأفراد‪ ،‬وم�ؤ�س�ساتهم‪ .‬ففي كلمة‬
‫القاها الرئي�س بيل كلينتون‪ ،‬يف العام ‪ 1994‬يف ال‪ ،[[10[CIA‬بدا وا�ضحا االجتاه‪ ،‬نحو �إقرار دور جديد‬
‫للمخابرات‪ ،‬يف جمال مراقبة االت�صاالت واملعامالت الإلكرتونية‪ .‬وكان الرئي�س الأمريكي‪ ،‬قد �أكد على‬
‫دور املخابرات الأمريكية‪ ،‬على م�ستوى امل�ساهمة يف رخاء ورفاهية الواليات املتحدة الأمريكية‪ ،‬مع‬
‫ما يعنيه ذلك‪ ،‬من دور على امل�ستوى االقت�صادي‪ ،‬ال بد وان يتبلور يف �أحد ا�شكاله‪ ،‬بر�صد ومالحقة‬
‫املعلومات االقت�صادية‪ ،‬اخلا�صة بالبلدان ال�صديقة والعدوة‪ .‬ال بل ان التن�صت والر�صد واملالحقة‪ ،‬ميكن‬
‫ان تطاول املواطنني العاديني‪ ،‬وامل�ؤ�س�سات الوطنية‪ ،‬مبا يتعار�ض مع مبادئ احلفاظ على احلريات‪ ،‬وعلى‬
‫احلق يف اخل�صو�صية‪ .‬وكانت و�سائل الإعالم الأوروبية‪ ،‬ا�ضافة �إىل امل�س�ؤولني‪ ،‬قد نددت بت�سخري‬
‫تكنولوجيا املعلومات واالت�صاالت‪ ،‬من قبل الواليات املتحدة الأمريكية‪ ،‬الغرا�ض التج�س�س‪ ،‬ال�سيما‬
‫ال�صناعي واالقت�صادي منه[‪.[[10‬‬
‫فبعد انتهاء احلرب الباردة‪ ،‬كان ال بد للعديد من اجهزة املخابرات حول العامل‪ ،‬ال�سيما منها الأمريكية‬
‫والأوروبية‪ ،‬ان جتد الدوافع‪ ،‬التي تدعم ا�ستمرار ح�صولها على موازنات مرتفعة القيمة‪ ،‬وحتافظ‬
‫على دورها و�سيطرتها‪ .‬ويف هذا الإطار‪ ،‬اعيدت عملية حتديد مفهوم الأمن الوطني‪ ،‬بحيث �شملت‬
‫االقت�صاد‪ ،‬والتجارة‪ ،‬والعديد من ن�شاطات االحتادات املختلفة‪.‬‬
‫ولعل اهم ما ميكن ذكره يف هذا املجال‪ ،‬هو نظام التن�صت الأمريكي‪ ،‬الذي ميكن القيمني عليه‪ ،‬من‬
‫التن�سيق بني املعطيات‪ ،‬التي تبث بوا�سطة اثني ع�رش قمراً ا�صطناعي ًا‪.‬‬
‫ويعترب هذا النظام‪ ،‬من اقوى انظمة التج�س�س‪ ،‬حيث يت�ألف من �شبكة وا�سعة من حمطات التج�س�س ‬
‫الإلكرتونية‪ ،‬املنت�رشة حول العامل‪ ،‬والتي تديرها خم�س دول‪ ،‬هي الواليات املتحدة الأمريكية‪ ،‬وانكلرتا‪،‬‬
‫[‪[[10‬‬
‫وكندا‪ ،‬وا�سرتاليا ونيوزيلندا‪ ،‬والتي ترتبط فيما بينها بوا�سطة اتفاق �رسي‪.‬‬

‫‪[106] newsmax.com Staff for the story behind the story…Clinton used NSA for economic Espionage. Monday, Dec, 19, 2005.‬‬
‫‪http://archive.newsmax.com/archives/ic/2005/12/19/114807.shtml.‬‬
‫‪[107] “and the NSA, as the biggest and wealthiest communications interception agency in the world, is best placed to trawl‬‬
‫‪electronic communications and use what comes up for US commercial advantage” newsmax.com Staff for the story behind‬‬
‫‪the story…Clinton used NSA for economic Espionage. Monday, Dec, 19, 2005. http://archive.newsmax.com/archives/‬‬
‫‪ic/2005/12/19/114807.shtml.‬‬
‫‪[108] Patrick S. Poole. “ECHELON: America’s secret Global surveillance Network”. http://fly.hiwaay.net/~pspoole/echelon.‬‬
‫‪html ECHELON is actually a vast network of electronic spy stations located around the world and maintained by five countries:‬‬
‫‪still-secret agreement called‬م ‪the US, England, Canada, Australia, and New Zealand. These countries, bound together in a‬‬
‫‪UKUSA, spy on.‬‬
‫�صفحة رقم ‪60‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫وكانت احدى ال�صحف ال�سعودية قد ن�رشت م�ؤخرا[‪ ،[[10‬خرب تعر�ض عدد من اجلهات احلكومية ‪،‬‬
‫ملحاوالت اعتداء‪ ،‬عن طريق ر�سائل بريد �إلكرتونية‪ ،‬ا�صطيادية (‪ ،)Phishing email‬مرفقة مبلفات‬
‫تتوىل زرع الربامج اخلبيثة على اجلهاز‪ ،‬فور فتحها‪ ،‬كما تتوىل �رسقة املعلومات‪ ،‬منه‪ ،‬واعادة ار�سال‬
‫نف�سها‪ ،‬بطريقة �أوتوماتيكية‪� ،‬إىل ح�سابات بريد �إلكرتوين �آخر‪ ،‬لتنفيذ العمليات نف�سها‪.‬‬
‫و�أكد م�س�ؤول عن الأمن الإلكرتوين‪ ،‬يف اململكة العربية ال�سعودية‪ ،‬بعد اعتداءات على انظمة حكومية‪،‬‬
‫يف العام ‪ ،2015‬انه قد �سجلت اعتداءات عديدة‪ ،‬يف ال�سابق‪ ،‬ا�ستهدفت بع�ض ال�شخ�صيات ال�سعودية‪،‬‬
‫وعدد من البلدان العربية‪ ،‬من قبل ميلي�شيا �إيرانية تدعى «روكت كينت»‪ ،‬تعتمد على �إن�شاء ح�سابات‬
‫مزيفة‪ ،‬و�أ�سماء وهمية �أو م�ستعارة‪ ،‬و�إر�سال بريد �إلكرتوين مع مرفق‪ .‬وقد �أ�شار �أي�ضا‪� ،‬إىل ان هدف هذه‬
‫امليلي�شيا ال�سيربانية‪ ،‬كما �أ�صبح معلوما‪ ،‬هو التج�س�س على عدد كبري من ال�شخ�صيات‪ ،‬متكنت بنتيجته‬
‫من جمع معلومات‪ ،‬عما يقارب ال‪ 1600‬من الأهداف البارزة‪ ،‬حول العامل‪.‬‬

‫‪ .5‬املحتوى غري امل�رشوع‬


‫بالرغم من االرتباط الوثيق‪ ،‬بني ن�رش املحتوى غري امل�رشوع واجلرائم الإلكرتونية‪ ،‬فاننا نرى �رضورة‬
‫ابرازه‪ ،‬كنقطة م�ستقلة‪ .‬فانطالقا من مقولة ان ما هو غري م�رشوع على امل�ستوى التقليدي‪ ،‬يبقى غري‬
‫م�رشوع يف الف�ضاء ال�سيبرياين‪ ،‬ال بد من النظر �إىل املحتوى غري امل�رشوع‪ ،‬كاحد املخاطر التي ترتبط‬
‫مبا�رشة ب�أمن املجتمع والدولة‪ ،‬على ال�سواء‪ ،‬ما جعل تنظيم وت�رشيع ما ميكن تداوله من معلومات‪،‬‬
‫بوا�سطة اي من و�سائل الن�رش‪ ،‬م�س�ألة ل�صيقة مبهمات الدولة الأ�سا�سية يف حماية املجتمع‪ ،‬وحماية النظام‬
‫القائم فيه‪ .‬ومبا ان مهمات الدولة مل تتغري‪ ،‬يبقى املحتوى غري امل�رشوع‪ ،‬على ال�شبكة العاملية للمعلومات‪،‬‬
‫وعلى و�سائل الن�رش الإلكرتونية كافة‪ ،‬يف طليعة امل�سائل‪ ،‬التي ال بد من ت�أطريها وتنظيمها‪ .‬واملحتوى‬
‫غري امل�رشوع‪ ،‬يدعو �إىل التوقف عنده‪ ،‬على �أكرث من م�ستوى‪ ،‬ونكتفي هنا‪ ،‬بامل�ستوى الإعالمي‪،‬‬
‫وم�ستوى حماية الأطفال وال�شباب والثقافة التي ترتبط بهما‪ .‬فممار�سة الن�رش والإعالم الإلكرتوين‪،‬‬
‫�سواء عرب املواقع الإعالمية الر�سمية‪� ،‬أو عرب املدونات‪ ،‬وال�صفحات ال�شخ�صية على املواقع االجتماعية‪،‬‬
‫حولت مواقع عديدة‪ ،‬على ال�شبكة العاملية للمعلومات‪� ،‬إىل منابر �إعالمية‪ ،‬تطرح وتناق�ش‪ ،‬خمتلف‬
‫الآراء‪ ،‬والتوجهات وال�سيا�سات‪.‬‬
‫على خط مت�صل‪ ،‬يطرح بث بع�ض �أنواع املعلومات‪ ،‬وال�صور‪ ،‬واخلدمات على االنرتنت‪� ،‬إ�شكالية‬
‫حماية ال�شباب‪ ،‬والأطفال ب�شكل خا�ص‪ ،‬من املحتوى غري امل�رشوع‪ .‬ونذكر على �سبيل املثال‪ :‬عر�ض ‬
‫خدمات الدعارة‪ ،‬وبيع الكحول‪ ،‬واملواد الطبية غري امل�رشوعة‪ ،‬واال�ست�شارات الطبية غري امل�رشوعة‪،‬‬
‫والفلك‪ ،‬واملي�رس‪ ،‬واخلطابات العن�رصية‪ ،‬واملواقع اخلا�صة ببدع ومعتقدات‪ ،‬حتر�ض على االنتحار �أو‬
‫على قتل الآخرين‪ ،‬هذا عدا عن املواد االباحية التي ت�ستخدم الأطفال‪ ،‬وت�ستغلهم‪.‬‬
‫و�إذا ا�ضفنا �إىل كل ما تقدم‪ ،‬غياب تعريف عاملي‪� ،‬أو حتى �إقليمي‪ ،‬ملا ميكن اعتباره حمتوى غري م�رشوع‪،‬‬
‫بح�سب ما تفر�ضه فعالية املكافحة‪ ،‬يف الف�ضاء ال�سيرباين‪ ،‬ندرك خطر هذا النق�ص‪ ،‬وانعكا�ساته العملية‪.‬‬

‫‪[109] http://www.okaz.com.sa/new/Issues/20160517/Con20160517839900.htm‬‬
‫�صفحة رقم ‪61‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫وعليه‪ ،‬ال بد من العمل‪ ،‬للو�صول �إىل �إيجاد �أر�ضية م�شرتكة‪ ،‬ومبادئ عمل‪ ،‬متكن من مكافحة املحتوى‬
‫غري امل�رشوع‪ .‬وهنا ميكن للتقنيات‪� ،‬أن تلعب دورا �أ�سا�سيا‪ ،‬ال�سيما من خالل تطوير برامج الرت�شيح‬
‫والفلرتة‪ ،‬بناء على تعليمات حمددة لهذا املحتوى غري امل�رشوع‪ ،‬بحيث مينع و�صوله‪ ،‬على الأقل �إىل‬
‫االوطان التي تعتربه كذلك‪ .‬وهنا �أي�ضا‪ ،‬تبدو احلاجة ملحة‪ ،‬ملعاجلة املدلول الوا�سع واملطاط‪ ،‬للمحتوى‬
‫غري امل�رشوع‪ ،‬يف بع�ض الت�رشيعات الوطنية‪ ،‬والتي ميكن معها لل�سلطة‪� ،‬أن تت�رصف بالتف�سري والقيا�س‪،‬‬
‫�إىل درجة عالية‪ ،‬ما ي�ؤ�رش �إىل امكانات وا�سعة لالعتداء على حرية التعبري‪ ،‬وغريها من احلريات املرتبطة‬
‫بها‪ ،‬كاحلق يف اخل�صو�صية‪ ،‬واحلق يف التعبري عن الر�أي‪.‬‬

‫‪ .6‬التقنيات يف احلماية‬
‫يعترب �إن�شاء حماية على اجلهاز امل�ضيف‪ ،‬من �أكرث الطرق فاعلية‪ ،‬واقلها كلفة‪ ،‬يف ت�أمني حماية الأجهزة‬
‫املت�صلة على ال�شبكة‪ .‬وغالبا ما يلج�أ يف هذا املجال �إىل ما يعرف بجدار النار ‪ ،[[11[Firewall‬وبرامج‬
‫التنقية[‪ .[[11‬وتعترب هذه الربجميات‪ ،‬من االدوات التي ت�ستخدم يف حماية الأنظمة‪ ،‬كما يف منع الو�صول‬
‫�إىل مواقع‪� ،‬أو معلومات معينة‪ .‬فالتنقية من االدوات التي ت�ستعمل حلماية بع�ض الفئات االجتماعية‬
‫والعمرية (االطفال وال�شباب)‪ ،‬اال انها تلعب دورا يف احلماية‪ ،‬عندما متنع الدخول �إىل مواقع ميكن ان‬
‫حتتوي برامج‪ ،‬وفريو�سات‪ ،‬وغريها من الربجميات ال�ضارة‪.‬‬
‫ويعتمد يف حماية البيانات �أثناء عبورها‪ ،‬عدد من الربوتوكاالت‪ ،‬كنظام �أمن االت�صاالت(‪،)SSL‬‬
‫�أو ال‪ .ISPEC‬وت�ستخدم بروتوكوالت احلماية‪ ،‬تقنيات‪ ،‬تدعم الرتميز والت�شفري‪ .‬يف هذا الإطار‪،‬‬
‫يجب االنتباه‪� ،‬إىل ان الرتميز والت�شفري‪ ،‬لي�سا �سوى جزء من احلماية‪ ،‬التي يجب �أن تطاول‪ ،‬لي�س فقط‬
‫املعلومات‪ ،‬و�إمنا الربنامج �أي�ضا‪ .‬كما يفرت�ض االنتباه هنا‪� ،‬إىل املكان الذي يحفظ فيه‪ ،‬مفتاح فك ال�شفرة‬
‫والرمز‪ .‬ومن االف�ضل‪ ،‬التعامل يف هذا املجال‪ ،‬مع احلل الأمني‪ ،‬الذي تواكبه عملية ت�صديق جهة‬
‫ثالثة[‪.[[11‬‬

‫�أ‪ -‬الت�شفري‬
‫يعترب الت�شفري‪ ،[[11[cryptography‬من التقنيات التي ميكن اللجوء اليها‪ ،‬كو�سيلة �أ�سا�سية يف حماية‬
‫املعلومات ال�شخ�صية‪ ،‬واملعلومات ال�رسية‪ .‬فالت�شفري‪ ،‬تقنية ت�ساعد على حماية املعلومات‪ ،‬عرب حتويل‬
‫الن�صو�ص �إىل رموز ال ميكن قراءتها‪ ،‬اال بعد اعادة حتويلها �إىل ن�صو�ص مقروءة‪ ،‬من خالل عملية تفكيك‬
‫هذه الرموز ‪.Decryption‬‬

‫‪[110] A firewall is an integrated collection of security measures designed to prevent unauthorized electronic access to a networked‬‬
‫‪computer system. It is also a device or set of devices configured to permit, deny, encrypt, decrypt, or proxy all computer traffic‬‬
‫‪between different security domains based upon a set of rules and other criteria.http://en.wikipedia.org/wiki/Firewall‬‬
‫‪[111] Internet filter,» refers to a form of computer software sold commercially, designed to be installed on computer terminals‬‬
‫‪providing access to the Internet, which operates to prevent access to information by filtering out certain information otherwise‬‬
‫‪available on the Internet. http://www.hudsonville.org/Library/internetpolicy.html‬‬
‫‪[112] Example: Data Encryption has been certified by the federal Information Processing Standards (FIPS) which is a universally‬‬
‫‪respected governmental certification agency.‬‬
‫‪[113] Cryptology is the science of coding and decoding secret messages. (Crypto is the Greek root for secret or hidden). It is usually‬‬
‫‪divided into Cryptography, which concerns designing cryptosystems for coding and decoding messages, and the more glamorous‬‬
‫‪Cryptanalysis, which is concerned with ``breaking’’ cryptosystems, or deciphering messages without prior detailed knowledge of‬‬
‫‪the cryptosystem. David J. Wrigh,t 1999-11-19‬‬
‫�صفحة رقم ‪62‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫_ �أنواعه‬
‫وت�ستخدم يف العمليتني‪ ،‬مفاتيح �رسية خا�صة[‪ .[[11‬ومن تقنيات الت�شفري الكال�سيكية املعتمدة على‬
‫ال�شبكات‪ ،‬نوعان �أ�سا�سيان‪ ،‬هما‪ :‬تقنيات الت�شفري املتنا�سق ‪� Symmetric‬أو ال ‪ ،Secret Key‬وتقنيات‬
‫الت�شفري غري املتنا�سق‪ .Asymmetric‬تقوم التقنية الأوىل‪ ،‬على ا�ستخدام مفتاح واحد مت�شابه‪ ،‬بني مر�سل‬
‫البيانات �أو املعلومات ومتلقيها‪ ،‬بينما تقوم الثانية‪‬ ،‬على وجود مفتاح عام واحد‪ ،‬وعلى ا�ستخدام‬
‫مفتاحني خمتلفني‪ ،‬من قبل كل من املر�سل‪ ،‬واملر�سل اليه‪.‬‬
‫فمقابل تقنية الت�شفري‪ ،Cryptography‬تقنية فك ال�شيفرة ‪.Cryptanalysis‬واذا كانت الأوىل‪ ،‬معنية‬
‫بت�أمني حاجز للمحافظة على �أمن املعلومات‪ ،‬والبيانات و�صحتها‪ ،‬وم�صداقيتها‪ ،‬فان الثانية‪ ،‬معنية‬
‫ب�إ�سقاط هذا احلاجز‪ ،‬وتفكيكه‪ ،‬لك�شف املعلومات‪ ،‬واقتحام �أ�رسار الأفراد‪ ،‬وال�رشكات‪ ،‬والدول‪ .‬ومن‬
‫�أنظمة الت�شفري الأكرث انت�شارا‪ ،‬وفعالية‪ ،‬يف حفظ �رسية املعلومات‪ ،‬التي تنتقل عرب االنرتنت‪ ،‬تقنية ال‬
‫‪ ،DES‬والتي تعتمد على ت�شفري �أ�صغر �أجزاء الر�سالة‪� ،‬أي البيت ‪ .BIT‬وي�سجل لهذه التقنية‪� ،‬صعوبة‬
‫ك�رس ال�شفرة‪ ،‬ال�سيما و�أنها ت�ؤدي �إىل تغيري حمتوى الر�سالة‪ ،‬لدى �أي خط�أ يرتكب على م�ستوى فكها‪.‬‬
‫و�إذا كانت طريقة عمل تقنية ال‪ ،DES‬معروفة ومنت�رشة‪ ،‬فان املفتاح امل�ستخدم للت�شفري‪ ،‬ولفكه‪ ،‬يبقى‬
‫غري معلوم‪.‬‬
‫كذلك ينت�رش ا�ستخدام تقنية ت�شفري تعرف بال[‪ ،PGP [[11‬التي طورها فيليب زميرمان‪ ،‬وهي عبارة عن‬
‫جمموعة برامج‪ ،‬طورت باالعتماد على بع�ض �أنظمة الت�شفري‪ ،‬والربوتوكوالت املميزة املرتبطة بالربيد‬
‫الإلكرتوين‪ ،‬وتتميز بامكانية العمل مع �أنظمة ت�شغيل متعددة‪ .‬و�أنظمة الت�شفري امل�ستخدمة يف هذا النوع‬
‫من الربامج‪ ،‬هي ذاتها املحددة يف تقنية ‪ ،2440 RFC‬وت�ستخدم فيها �أنظمة خمتلفة يف عملية نقل‬
‫املفتاح‪ ،‬ويف ت�شفري الر�سائل‪ ،‬ويف التوقيع الإلكرتوين‪.‬‬
‫ولتقنية الت�شفري دور هام‪ ،‬يف احلماية من عدد من اجلرائم ال�سيربانية‪ ،‬ال�سيما وانها حتمي املعلومات‪،‬‬
‫والبيانات ال�شخ�صية؛ كتلك املتعلقة ببطاقات االئتمان‪ ،‬والأ�سماء والعناوين‪ ،‬وم�ضمون الر�سائل‬
‫الإلكرتونية‪ ،‬واملعلومات التي تنقل عرب �شبكة االنرتنت‪ ،‬وذلك يف حال اعرتا�ضها‪� ،‬أو الو�صول اليها‪،‬‬
‫دون رغبة �صاحبها‪ .‬كذلك‪ ،‬ت�ستخدم تقنيات الت�شفري‪ ،‬يف جمال ت�أكيد م�صداقية الوثائق الإلكرتونية‪،‬‬
‫و�ضمان �صحة املعلومات والبيانات‪ ،‬ال�سيما منها التوقيع‪ ،‬ما مينع التالعب مب�صداقية الوثائق واملعلومات‪.‬‬
‫ويعتمد على الت�شفري �أي�ضا‪ ،‬يف العديد من برامج و�أنظمة الدفع وااليفاء‪ ،‬على االنرتنت‪ ،‬التي ت�ستخدم‬
‫العملة الرقمية‪ ،‬ومعاجلة ال�شيكات‪ ،‬والتحويل الإلكرتوين للأموال‪ ،‬وما �إىل ذلك‪.‬‬

‫‪[114] Cryptology refers to the twin processes of «encryption» - the conversion of ordinary information («plaintext») into a‬‬
‫‪superficially unintelligible code («ciphertext») - and «decryption» - the conversion of ciphertext back into plaintext. Encryption and‬‬
‫‪decryption are performed using a set of mathematical algorithms of varying complexity, known collectively as a «cipher». A «key»,‬‬
‫‪in turn, controls access to the cipher. In other words, without the key, you can›t break the cipher.Thales, expert in cryptology.‬‬
‫‪http://www.thalesonline.com/uk/Press-Room.html‬‬
‫‪[115] Pretty Good Privacy‬‬
‫�صفحة رقم ‪63‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫_ خطوات داعمة‬
‫لكل ما تقدم‪ ،‬تتجه غالبية الدول املتقدمة‪ ،‬يف جمال ا�ستخدام تكنولوجيا املعلومات واالت�صاالت‪� ،‬سواء‬
‫يف االحتاد الأوروبي‪� ،‬أو يف �أمريكا‪� ،‬إىل دعم ا�ستخدام هذه التقنية‪ ،‬بعد �أن كانت قد حاولت ال�سيطرة‬
‫عليها‪ ،‬عرب و�ضع حدود خا�صة با�ستعمالها‪ ،‬وا�ستريادها �أو بت�صديرها‪ .‬وكانت ال ‪ ،[[11[OECD‬قد‬
‫و�ضعت خطوات توجيهية‪ ،‬خا�صة ب�سيا�سة الت�شفري‪ ،‬ا�ستند �إليها العديد من البلدان‪ ،‬يف و�ضع �سيا�سته‬
‫الوطنية يف هذا املجال‪ ،‬ومنها كندا و�أملانيا‪ ،‬وايرلندا وفنلندا‪ .‬كما �صدر تقرير عن اللجنة الأوروبية يف‬
‫العام ‪� ،[[11[1998‬شدد على �رضورة دعم ا�ستخدام هذه التقنية‪ ،‬ورفع احلظر عن املنتجات واخلدمات‪،‬‬
‫التي تهدف �إىل تطويرها‪ ،‬ون�رش ا�ستخدامها‪.‬‬
‫يف هذا الإطار‪ ،‬ت�ساهم العديد من احلكومات‪ ،‬وم�ؤ�س�سات القطاع اخلا�ص‪ ،‬وبع�ض املنظمات‪،‬‬
‫االقليمية والدولية‪ ،‬يف تطوير جمموعة املعايري اخلا�صة بتقنية الت�شفري‪ ،‬ومن تلك املنظمات‪ :‬ال ‪ISO‬و‬
‫‪ ANSI‬و‪ IEEE‬و‪ NIST‬و‪ .IETF‬وتتنوع هذه املعايري‪ ،‬بتنوع املجاالت التي تطبق فيها‪ ،‬كتلك التي‬
‫تطبق يف القطاع امل�رصيف‪� ،‬أو تلك اخلا�صة بالقطاع احلكومي‪ ،‬ومنها ما هو عاملي �أو حملي‪.‬‬
‫�أمام �أهمية الت�شفري‪ ،‬يف حتقيق �أمن املعلومات‪ ،‬تراجعت الدول عن مواقفها ال�سابقة يف تنظيمه‪ ،‬والتي‬
‫كانت تخ�ضعها لرقابة م�شددة‪� ،‬أو حتظر نقلها‪ .‬ففي العام ‪ ،1997‬عدلت بلجيكا قانون ‪،1994‬‬
‫لتلغي ال�رشوط اخلا�صة با�ستخدام الت�شفري‪ .‬كذلك تخلت فرن�سا‪ ،‬عن �سيا�سة الرقابة التي مار�ستها على‬
‫ا�ستخدام الت�شفري‪ ،‬يف العام ‪ ،1999‬معلنة حق اجلميع يف ا�ستخدامها‪ .‬كما �ألغت الواليات املتحدة‬
‫الأمريكية‪ ،‬ال�رشوط اخلا�صة مبنع ا�سترياد وت�صدير هذه التقنية‪ ،‬يف العام ‪.2000‬‬
‫وقد �أعطت اللجنة الأوروبية‪� ،‬أمثلة عن الأ�شكال التي ميكن للتقنيات امل�ستخدمة يف الت�شفري ان تتخذها‬
‫ف�أوردت‪ :‬االخفاء الأوتوماتيكي للأ�سماء يف البيانات ال�شخ�صية‪ ،‬والت�شفري لت�سهيل عمل امل�س�ؤول عن‬
‫معاجلة البيانات ال�شخ�صية‪ ،‬وتقنيات منع الكعكات من اعطاء �أوامر للجهاز‪ ،‬دون علم م�ستخدمه[‪.[[11‬‬
‫لكن �إقرار مبد�أ �رشعية الت�شفري‪ ،‬الذي يدعمه ويطالب به املدافعون عن احلق يف اخل�صو�صية‪ ،‬ويرون فيه‬
‫�سالحا لدعم احلرية والدميقراطية؛ كونه ي�ؤمن حرية تبادل املعلومات‪ ،‬ال�سيما يف جمال اخفاء م�ضمون‬
‫ر�سائل النا�شطني‪ ،‬يف حركات حماية حقوق االن�سان‪ ،‬يحمل معه خطر ا�ستخدامه يف الأعمال غري‬
‫ال�رشعية‪ ،‬حني ي�ساعد على اخفاء �آثار مرتكبيها‪ ،‬وعلى ات�صال �أفراد الع�صابات والتنظيمات الإرهابية‪،‬‬
‫�أو الإجرامية االخرى‪ ،‬ببع�ضها‪ ،‬بعيدا عن �أعني الرقابة‪.‬‬

‫‪[116] The 1997 OECD Guidelines on Cryptography Policy‬‬


‫‪[117] The 1998 European Commission report‬‬
‫‪[118] Des exemples de technologies donnés par la Commission européenne : l’anonymisation automatique de données ; le cryptage‬‬
‫‪pour améliorer le travail du responsable du traitement des données à caractère personnel afin d’éviter le piratage ; les procédés‬‬
‫‪anti-cookies, bloquant les cookies placés sur le PC pour faire exécuter à l’ordinateur des instructions à l’insu de l’utilisateur, les‬‬
‫‪personnes concernées devant être informées du traitement en cours.‬‬
‫�صفحة رقم ‪64‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫فمن املعروف‪� ،‬أن املواقع التي تتوىل الرتويج للإرهاب‪� ،‬أو لالعمال اجلهادية‪ ،‬كما يطلق عليها‬
‫�أ�صحابها‪ ،‬توزع تعليمات خا�صة‪ ،‬حول ا�ستخدام هذه التقنية‪ ،‬كما تو�صي با�ستخدام الربامج التي‬
‫ت�ؤمنها‪ .‬ويهتم العديد من املواقع على االنرتنت‪ ،‬بالرتويج لهذه الربامج ون�رشها‪ ،‬ما يجعل امكانية‬
‫ا�ستخدامها‪ ،‬متاحة للجميع[‪ .[[11‬وكان منتدى “اجلبهة العاملية اال�سالمية للإعالم»‪ ،‬قد توىل الإعالن عن‬
‫�إطالق برنامج خا�ص للت�شفري‪� ،‬أطلق عليه ا�سم “�أ�رسار املجاهدين”[‪ .[[12‬كما قام العديد من املنتديات‬
‫التي تدعم ن�شاطات �إرهابية‪ ،‬بالرتويج لهذا الربنامج[‪ ،[[12‬الذي يحتوي على كتيب تعليمات‪ ،‬باللغة‬
‫العربية‪ ،‬حول كيفية ا�ستعماله‪.‬‬

‫‪[119] http://www.vicman.net/lib/encryption.htm‬‬
‫]‪[120‬‬ ‫_‪Global Islamic Media Front Releases “Mujahideen Secrets”, http://thesaloon.net/blog/CrimeLaw/‬‬
‫‪archives/2007/1/4/2620252.html‬‬
‫‪[121] SHAUN WATERMAN, “ iDefense Director of Threat Intelligence Jim Melnick told UPI that «Mujahedin Secrets» was‬‬
‫‪being «heavily promoted» on forums and other Web sites used by supporters of Islamic terror groups”.http://www.upi.com/‬‬
‫‪SecurityTerrorism/view.php?StoryID=20070129-053607-9471r‬‬
‫�صفحة رقم ‪65‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫}الف�صل اخلام�س {‬
‫«احلرب ال�سيربانية» �أو «احلرب الإلكرتونية»‬

‫‪ .1‬عالقة وثيقة وحيوية‬


‫ارتبطت تقنيات املعلومات واالت�صاالت باملجال الع�سكري‪� ،‬إذ تعود جذور اال�ستخدام الأول ل�شبكة‬
‫املعلومات العاملية‪� ،‬إىل هذا املجال‪ ،‬بعد اكت�شاف الأمريكيني‪� ،‬أنها �أحد �أهم �أ�سباب تفوق الرو�س عليهم‪،‬‬
‫يف �أبحاث الف�ضاء وبع�ض الأبحاث االخرى‪ .‬وقد ازدادت �أهميتها بعد اندماجها بو�سائل االت�صاالت‬
‫وتو�سعها‪ ،‬ودخولها يف �صناعة الأ�سلحة التقليدية‪ ،‬وعمليات تطويرها‪ .‬و�أثبتت قدرتها كذلك‪ ،‬يف‬
‫�إدارة العمليات الع�سكرية‪.‬‬
‫وتعاظم �ش�أن تقنيات املعلومات واالت�صاالت يف هذا املجال‪ ،‬مع تر�سخها كعن�رص من عنا�رص منظومة‬
‫الأمن ال�شامل‪ ،‬الني تتكون من القوة ال�صلبة؛ �أي جميع العتاد والعديد الع�سكري التقليدي‪ ،‬والقوة‬
‫الناعمة‪� ،‬أي “ جتهيزات ومعدات االت�صال احلديثة‪ ،‬وتوفري املعلومة‪ ،‬التي �أ�صبحت الع�صب الرئي�س‪،‬‬
‫تقدم الأمم يف القرن الع�رشين‪ُ ،‬يقا�س بالقدرة على الت�صنيع‪� ،‬أ�صبح‬
‫قا�س تقدم �أي بلد به‪ .‬فبعد �أن كان ُّ‬
‫ُّ‬ ‫الذي ُي‬
‫ُيقا�س يف القرن احلادي والع�رشين‪ ،‬بال�رسعة يف احل�صول على املعلومة‪ ،‬وا�ستخدامها‪ ،‬وتوظيفها »‪.‬‬
‫[‪[[12‬‬

‫وهكذا‪� ،‬شهد العامل‪ ،‬وال يزال‪ ،‬حتوالت جذرية و�أ�سا�سية‪ ،‬يف مناذج التعامل االجتماعي واملمار�سة‬
‫املهنية‪ ،‬نتيجة هذه اال�ستخدامات‪ .‬وحتولت االنرتنت‪� ،‬إىل بنية حتتية عاملية للن�شاطات املدنية والع�سكرية‪،‬‬
‫واىل و�سيلة جديدة لل�ضغط ال�سيا�سي‪ ،‬والتج�س�س‪ ،‬ما فر�ض بعدا �أمنيا جديدا‪ ،‬على اهتمامات الدفاع‪،‬‬
‫لدى معظم حكومات العامل‪ .‬وت�صدر الأمن ال�سيرباين‪ ،‬املراتب الأوىل‪ ،‬يف �سيا�سات وا�سرتاتيجيات‬
‫الدول الكربى‪ ،‬احلري�صة على نظامها‪ ،‬وامنها القومي‪ ،‬وجمتمعها‪ ،‬و�سالمة مواطنيها‪.‬‬

‫‪ .2‬توقعات كارثية‬
‫ال يخرج املجتمع الرقمي عن مبد�أ «ان املجتمع هو الذي يهيئ �أر�ضية اجلرمية‪ ،‬اذ انه يحمل بذور اجلرائم‪،‬‬
‫التي ميكن ان ترتكب‪ ،‬كما الظروف‪ ،‬التي ميكن ان ت�ساعد يف تو�سعها وتطويرها[‪ .»[[12‬و�إذا كانت نتائج‬
‫اجلرائم ال�سيربانية‪ ،‬التي تطاول الأفراد وامل�ؤ�س�سات‪ ،‬لي�ست اال �شكال جديدا من ا�شكال اجلرمية التقليدية‪،‬‬
‫متاما كاالعتداءات التي تطال الأنظمة والدول‪ ،‬كاعمال التج�س�س‪ ،‬والت�شوي�ش على االت�صاالت‪ ،‬واخرتاق‬
‫الأنظمة املعلوماتية‪ ،‬اال ان �آثار هذه اجلرائم واالعتداءات‪ ،‬مرتبطة بطبيعة البيئة الرقمية‪ .‬من هنا‪ ،‬فانها جتنح‬
‫�إىل اتخاذ �صفة كارثية‪ ،‬ال ميكن ت�صورها‪ ،‬نظرا حلجم امتداداتها غري املحدودة‪ ،‬وتنوعها‪.‬‬
‫أ‪ -‬د‪ .‬عادل طوييس‪ .‬أمني عام املجلس األعىل للعلوم والتكنولوجيا‪ /‬وزيرالثقافة السابق يف اململكة األردنية الهاشمية‪ -‬األمن السيرباين والهوية الوطنية ومنظومة األمن ]‪[122‬‬
‫الوطني الشامل‪ -‬املؤمتر الدويل الثالث حول القانون السيرباين‪ :‬امللكية الفكرية‪ ،‬وحامية البيانات الشخصية واألمن الوطني‪ -‬الجمعية اللبنانية لتكنولوجيا املعلومات ‪20-22‬‬
‫‪ - /‬ترشين أول (أكتوبر)‪ – 2000 -‬تنظيم الجمعية اللبنانية لتكنولوجيا املعلومات‪ -‬بيت املحامي‪ -‬بريوت ‪ -‬لبنان‬
‫‪[123] Society contains the germs of all the crimes that will be committed, as well as the conditions under which they can develop.‬‬
‫‪It is society that, in a sense, prepares the ground for them, and the criminal is the instrument ... AdolpheQuetelet on crime.‬‬
‫�صفحة رقم ‪66‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫و�إذا ا�ضفنا‪� ،‬إىل ما تقدم‪ ،‬واقعة العمل املتوا�صل‪ ،‬من قبل االقمار ال�صناعية‪ ،‬وال�شبكة العاملية لالت�صاالت‪،‬‬
‫حتركات املواطنني وال�سلطات على ال�سواء‪ ،‬فاننا ندرك خطورة االمر‪� ،‬أكرث ف�أكرث‪،‬‬ ‫على ر�صد‪ ،‬وبث ّ‬
‫كما ندرك �أهمية �إقرار امل�س�ؤوليات‪ ،‬عن �أي �رضر �أو تعر�ض للحقوق‪ ،‬يح�صل نتيجة ذلك‪.‬‬
‫وميكننا ر�ؤية املدى الكارثي‪ ،‬لهذه االعتداءات‪ ،‬يف ال�سيناريو الذي تخيله حمدون توري‪ ،‬االمني العام‬
‫لالحتاد الدويل لالت�صاالت‪ ،‬يف « البحث عن ال�سالم ال�سيرباين» يف العام ‪ ،2011‬حيث ت�أتي الهجمات‬
‫دون مقدمات‪ ،‬وحيث تعم الفو�ضى‪ ،‬وتنهار جميع اخلدمات‪ ،‬التجارية‪ ،‬واحليوية‪ ،‬وال�صحية‪،‬‬
‫والع�سكرية‪ ،‬واحلكومية‪ ،‬نتيجة لها‪ ،‬مبا ي�شبه �أفالم اخليال العلمي[‪.[[12‬‬
‫ال �شك اننا ال ن�ستطيع اجلزم‪ ،‬ب�صحة اي من التوقعات‪ ،‬لكن القيا�س على ما ح�صل من هجمات‪ ،‬حتى‬
‫الآن‪ ،‬ي�ؤكد على �رضورة اتخاذ خطوات و�إجراءات وقائية‪ ،‬وحت�ضري خطط هجومية‪ ،‬يف حال ال�رضورة‪.‬‬

‫‪ .3‬هاج�س احلرب ال�سيربانية‬


‫�أمام هذا الواقع‪ ،‬تتحول خماوف الدول من االعتداءات ووقعها املحتمل‪� ،‬إىل هاج�س ا�سمه احلرب‬
‫ال�سيربانية[‪ .[[12‬وقد برز هذا الهاج�س‪ ،‬ب�شكل وا�ضح‪ ،‬يف حديث البع�ض عنها‪ ،‬وكانها احلرب العاملية‬
‫الثالثة‪ .‬ومل يتوان العديد من القيادات الع�سكرية وال�سيا�سية‪ ،‬عن توقع بريل هاربر[‪ [[12‬جديد‪ ،‬يتمثل يف‬
‫الهجمات ال�سيربانية‪.‬‬
‫تعطى احلرب ال�سيربانية تعريفات ت�ستند �أوال �إىل البيئة‪ ،‬التي تتم فيها عمليات االعتداء‪ ،‬فنجد مثال‬
‫تعريفا يعتربها «�رصاعات واعتداءات ترتكز على االنرتنت‪ ،‬وحتركها �أهداف �سيا�سية على املعلومات‬
‫و�أنظمتها‪ ،‬وميكنها ان ت�ؤدي فيما ت�ؤدي‪� ،‬إىل وقف اخلدمات الأ�سا�سية‪ ،‬و�رسقة معلومات �رسية‪ ،‬و�شل‬
‫النظام املايل‪ ،‬تعطيل املواقع الر�سمية و�شبكات االت�صال»[‪.[[12‬‬
‫فبالرغم من جهود املنظمات الدولية‪ ،‬وبع�ض التحالفات االقليمية والعديد من اخلرباء‪� ،‬إيجاد تعريف‬
‫موحد للحرب ال�سيربانية‪ ،‬مل يتم حتى اليوم‪ ،‬التو�صل �إىل نتيجة حا�سمة‪ .‬ويعود ذلك‪� ،‬إىل اختالف‬
‫طبيعة ا�سرتاتيجيات الدول و�أهدافها‪ ،‬واىل اختالف مرتكزات التعريف‪ ،‬حيث تعتمد الواليات املتحدة‬
‫الأمريكية وحلفائها‪ ،‬مقاربة اقت�صادية ومادية ال وجهها‪ ،‬بينما تركز منظمة �شنغهاي للتعاون‪ ،‬على‬
‫�أهداف ال�رصاع يف الف�ضاء ال�سيرباين‪ ،‬مثل‪ :‬ال�سيادة الوطنية‪ ،‬والهوية الثقافية‪ .‬وهكذا خرجت جمموعة‬

‫حمدون توريه‪ -‬البحث عن السالم السيرباين‪« 2011- -‬أصبحت تكنولوجيا املعلومات واالتصاالت جزءا ً ال يتجزأ من الحياة اليومية لكثري من األشخاص يف أنحاء العامل‪[124] .‬‬
‫واالتصاالت الرقمية والشبكات واألنظمة تقدم موارد حيوية ومتثل بنية تحتية ال غنى عنها يف كل جوانب املجتمع العاملي‪ ،‬وهي رضورات ال ميكن لكثري من سكان العامل‬
‫االزدهار أو حتى البقاء بدونها‪ .‬وهذه الهياكل واألنظمة متثل ميدانا ًجديدا ً تقرتن به تحديات جديدة للحفاظ عىل السالم واالستقرار‪ .‬وبدون آليات كفالة السالم فإن مدن‬
‫العامل ومجتمعاته ستكون عرضة لهجامت تتسم بتنوع غري مسبوق وغري محدود‪ .‬وهذه الهجامت ميكن أن تأيت دون مقدمات‪ .‬فالحواسيب والهواتف الخلوية تتوقف عن‬
‫العمل فجأة كام أن شاشات آالت رصف النقد واآلالت املرصفية تنطفئ يف وجه العمالء وتتعطل أنظمة مراقبة الحركة الجوية والسكك الحديدية وحركة السيارات وتعم‬
‫فوىض الطرق الرسيعة والجسور واملمرات املائية وتتوقف السلع غري املعمرة بعيدا ً عن السكان الجائعني‪ .‬ومع اختفاء الكهرباء تهوي املستشفيات واملساكن واملراكز التجارية‬
‫بل ومجتمعات بأكملها يف غياهب الظالم‪ .‬ولن تستطيع السلطات الحكومية معرفة مدى الرضر أو االتصاالت ببقية العامل إلبالغه بالكارثة أو حامية مواطنيها الضعفاء من‬
‫الهجامت التالية‪ .‬وهذه هي املحنة القاسية التي يواجهها مجتمع تعرض للشلل بسبب ضياع شبكاته الرقمية يف لحظة واحدة‪ .‬وهذا هو التدمري الذي مُيكن أن ينجم عن‬
‫نوع جديد من الحروب هي الحرب السيربانية‬
‫أي‪ :‬أساليب الحرب ووسائلها التي تعتمد عىل تكنولوجيا املعلومات‪ ،‬والتي تستخدم يف سياق نزاع مسلح ]‪[125‬‬
‫‪[126] The secretary of defense, Leon Panetta: “The next Pearl Harbor we confront could very well be a cyber attack that cripples‬‬
‫‪our power systems, our grid, our security systems, our financial systems, our governmental systems,”. http://www.huffingtonpost.‬‬
‫‪com/2011/06/13/panetta-cyberattack-next-pearl-harbor_n_875889.html‬‬
‫‪[127] Cyberwarfare is Internet-based conflict involving politically motivated attacks on information and information systems.‬‬
‫‪Cyberwarfare attacks can disable official websites and networks, disrupt or disable essential services, steal or alter classified data,‬‬
‫‪and criple financial systems -- among many other possibilities. - http://searchsecurity.techtarget.com/definition/cyberwarfare‬‬
‫�صفحة رقم ‪67‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫اخلرباء يف الناتو بتعريف احلرب ال�سيربانية على انها‪« :‬جميع العمليات ال�سيربانية �سواء �أكانت دفاعية‪،‬‬
‫�أو هجومية‪ ،‬والتي ميكن ان ت�سبب ا�صابات �أو وفيات‪� ،‬أو تلف و�أ�رضا ر مادية[‪.»[[12‬‬
‫وهنا‪ ،‬نالحظ اغفال هذا التعريف‪ ،‬للعن�رص الأهم يف �أمن املعلومات‪� ،‬أي العامل الب�رشي النف�سي‪ ،‬ما‬
‫يجعله غري مالئم لأ�شكال اال�شتباك وال�رصاع احلاليني‪ ،‬ال�سيما وانه ال ميكن االعتماد عليه‪ ،‬للتمييز‬
‫الوا�ضح‪ ،‬بني احلروب ال�سيربانية وحروب املعلومات‪ ،‬وبني �أ�شكال اجلرمية ال�سيربانية والإرهاب‬
‫ال�سيرباين‪ ،‬كما انه ال ي�ساعد على تبيان احلدود الفا�صلة بينها‪ .‬ويف ذلك‪ ،‬حتديات تطاول حتديد‬
‫امكانيات وا�شكال التن�سيق املفرو�ض اعتمادها‪ ،‬كما طبيعة ونوعية مهمات عنا�رص القيادة والتحكم‬
‫بالقطاعات الع�سكرية‪ ،‬واالقت�صادية واملدنية‪.‬‬
‫�إذا‪ ،‬ويف غياب التعريف املوحد‪ ،‬تبدو هذه احلرب عمليا‪ ،‬كامتداد حلرب اال�ستخبارات‪ ،‬وكميدان‬
‫جديد للنزاعات‪ ،‬ي�أخذ مكان احلرب الباردة‪� .‬أما مميزاتها‪ ،‬فهي انها �رسية‪ ،‬خفية‪ ،‬وحماطة بالكثري من‬
‫املغالطات والت�ضخيم‪.‬‬
‫يف احلقيقة‪ ،‬ان معظم االعتداءات ال�سيربانية‪ ،‬ال حتدث �أ�رضارا مادية‪ ،‬ميكن مل�سها‪ .‬فطبيعة الف�ضاء‬
‫ال�سيرباين‪ ،‬وامل�صالح املت�صلة به‪� ،‬شديدة التعقيد‪ ،‬نظرا المتدادات البنية التحتية‪ ،‬وت�شابكها‪ ،‬ونظرا‬
‫للتقنية العالية‪ ،‬و�رسعة تطورها‪ ،‬وامكانات متويه م�صادر االعتداءات‪ .‬هذا عدا‪ ،‬عن �صعوبة حتديد‬
‫ما الذي ميكن اعتباره عمال ع�سكريا‪� ،‬أو اعتداء‪ ،‬او حربا �سيربانية‪ .‬فال�رسقات التي تطال امل�صارف‪،‬‬
‫وعمليات التج�س�س ال�صناعي‪ ،‬لي�ست اعماال حربية‪ ،‬بالرغم من ابعادها اخلطرة‪ ،‬على االمن القومي‪،‬‬
‫النها مت�س باالقت�صاد الوطني‪ ،‬ورفاه البلد‪ .‬اال �أن اخلرباء يرون‪ ،‬انعكا�سات االعتداء على البنك املركزي‬
‫الأمريكي‪ ،‬مثال‪� ،‬أ�شد و�أدهى‪ ،‬من اعتداءات احلادي ع�رش من �سبتمرب‪،‬على االقت�صاد العاملي[‪.[[12‬‬
‫فلم تت�سبب الهجمات ال�سيربانية على �أ�ستونيا‪ ،‬وجورجيا‪ ،‬و�إيران‪ ،‬ب�أ�رضار ب�رشية‪ ،‬ومل تذكر لها نتائج‬
‫خطرية على املدنيني‪ ،‬ولكن ميكننا ت�صور نتائجها الوخيمة على ال�سالم‪ ،‬لو اعتربت هذه االعتداءات‬
‫حربا‪ ،‬كونها ا�ستهدفت تعطيل مواقع وم�صالح حيوية‪ ،‬ومنها تلك اخلا�صة‪ ،‬بالقوات امل�سلحة‪� ،‬أو فيما‬
‫لو اعتربت الهجمات‪ ،‬من فعل جي�ش �سيرباين معني‪ ،‬ا�ستخداما للقوة‪.‬‬
‫فبالرجوع �إىل قواعد العالقات الدولية‪ ،‬جند مبد أ� «االمتناع عن ا�ستخدام القوة»‪ ،‬حفظا لل�سلم‬
‫واال�ستقرار الدوليني‪ ،‬كقاعدة ملزمة‪ ،‬ترتتب على خمالفتها‪ ،‬نتائج قانونية‪.‬‬
‫وقد ن�صت املادة الثانية من الفقرة الرابعة‪ ،‬من ميثاق الأمم املتحدة على �أنه‪« :‬ميتنع �أع�ضاء الهيئة جميعا‪،‬‬
‫يف عالقاتهم الدولية‪ ،‬عن التهديد با�ستعمال القوة‪� ،‬أو با�ستخدامها‪� ،‬ضد �سالمة الأرا�ضي‪� ،‬أو اال�ستقالل‬
‫ال�سيا�سي لأية دولة‪� ،‬أو على وجه �أخر ال يتفق ومقا�صد الأمم املتحدة‪ .‬و�إذا كانت االجتهادات الكثرية‪،‬‬
‫قد ارفقت «القوة» بعبارة امل�سلحة‪ ،‬اال ان روح االتفاقية وا�ضحة‪ ،‬فيما يتعلق مبنع اللجوء �إىل القوة‪،‬‬

‫‪[128] https://www.icrc.org/ara/resources/documents/faq/130628-cyber-warfare-q-and-a-eng.htm‬‬
‫« ‪[129] La guerre cybernétique, nouveau prétexte des pressions anti-iraniennes!.dimanche, 21 octobre 2012 04:44‬‬
‫‪Bien qu’une guerre cybernétique ne soit pas aussi destructrice et dévastatrice qu’une guerre militaire, cependant,‬‬
‫‪si la seule grande banque des Etats-Unis fait l’objet d’une telle attaque, ses impacts seront beaucoup plus‬‬
‫‪importants, pour l’économie mondiale, que ceux de l’attentat du 11 septembre 2001, selon les analystes américains».‬‬
‫‪http://french.irib.ir/analyses/commentaires/item/220167-la-guerre-cybern%C3%A9tique,-nouveau-pr%C3%A9texte-des-‬‬
‫‪pressions-anti-iraniennes‬‬
‫�صفحة رقم ‪68‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫بغ�ض النظر عما �إذا كان من خالل القوات امل�سلحة‪� ،‬أم غريها من الأ�ساليب‪ .‬والدليل على ذلك‪ ،‬هو‬
‫عنوان الف�صل ال�سابع‪ ،‬من ال�رشعة نف�سها‪ « :‬فيما يتخذ من الأعمال يف حاالت تهديد ال�سلم والإخالل‬
‫به ووقوع العدوان»‪ .‬وعليه‪ ،‬فان الأعمال املخلة بال�سلم‪ ،‬واملهددة له‪ ،‬هي ممنوعة �أي�ضا‪ ،‬وميكن الرد‬
‫بالتايل‪ ،‬على اي اعتداء‪ .‬و�إذا كانت ال�رشعة‪ ،‬مل حتدد املق�صود «بالأعمال املخلة بال�سلم» �أو “الأعمال‬
‫املهددة لل�سلم» �أو «الأعمال العدائية»‪ ،‬اال ان املتفق عليه‪ ،‬هو ان هذه الأعمال‪ ،‬هي كل عمل يتعار�ض ‬
‫مع �أهداف املجتمع الدويل‪ ،‬يف حتقيق ال�سالم‪ ،‬واملبادئ التي يجب ان ترعاها‪.‬‬
‫وكانت اجلمعية العمومية للأمم املتحدة‪ ،‬قد اتخذت قرارا حتت الرقم ‪ /A/ARES 3314‬الدورة ‪29‬‬
‫‪ ،1974/‬عرفت فيه العدوان‪ ،‬وربطته با�ستعمال القوة امل�سلحة‪ ،‬حيث جاء يف املادة الأوىل؛ “العدوان‬
‫هو ا�ستعمال القوة امل�سلحة‪ ،‬من قبل دولة ما �ضد �سيادة دولة �أخرى‪ .”...‬وعددت الأعمال التي تنطبق‬
‫عليها هذه ال�صفة‪ ،‬يف املادة الثالثة‪ ،‬معتربة يف املادة الرابعة‪ ،‬ان الأعمال املعددة اعاله لي�ست جامعة‬
‫مانعة‪ ،‬وملجل�س الأمن ان يحكم بان اعماال اخرى ت�شكل عدوانا مبقت�ضى املادة امليثاق‪ .‬وطاملا ان قرار‬
‫اجلمعية غري ملزم‪ ،‬وطاملا ان جمل�س الأمن هو �صاحب القرار وب�شكله امللزم‪ ،‬ح�سب الف�صل ال�سابع‪ ،‬فان‬
‫بامكانه اعطاء تو�صيف لعمل “عدواين”‪ ،‬لي�س مرتبطا با�ستعماله القوة امل�سلحة‪.‬‬
‫ومعلوم ان قرار اجلمعية العمومية‪ ،‬يندرج يف �سياق تاريخي حمدد اي ال�سبعينات‪ ،‬حيث مل تكن‬
‫تكنولوجيا املعلومات واالت�صاالت‪ ،‬قد برزت بالقوة التي ن�شهدها اليوم‪ ،‬ومل يكن ا�ستعمالها يطاول‬
‫كامل اوجه احلياة تقريبا‪.‬‬
‫كما ت�سجل �أي�ضا‪ ،‬مواقف البع�ض‪ ،‬من ان احلرب ال�سيربانية‪ ،‬هي احلرب التي ال حدود لها‪ ،‬وال‬
‫�ضوابط‪ ،‬فاملعلومات يف كل مكان‪ ،‬و�ساحة املعركة يف كل مكان‪ ،‬وامكانات اجلمع بني التقنيات‬
‫املختلفة متوفرة‪ ،‬واحلدود بني احلرب والال حرب‪ ،‬مل تعد موجودة[‪.[[13‬‬

‫‪� .4‬أدوات احلرب ال�سيربانية‬


‫وت�شكل الفريو�سات الأ�سلحة الأ�سا�سية يف احلرب‪ ،‬حيث ت�ؤ ّدي �إىل تعطيل عمل ال�شبكات الإلكرتونية‪،‬‬
‫واخلوادم الرئي�سية ‪� ،Servers‬أو ت�ؤدي‪� ،‬إىل ا�ستخدامها لإر�سال خمتلف املعلومات‪ ،‬من الأماكن التي تغزوها‪.‬‬
‫وميكن ن�رش الفريو�سات‪ ،‬عرب الر�سائل الإلكرتونية‪� ،‬أو نقل امللفات الإلكرتونية‪� ،‬أو حتميلها على �أداة حلفظ‬
‫البيانات‪ .‬و ُي�شار هنا‪� ،‬إىل �أنّ فريو�س «‪ ،»Stuxnet‬الذي �رضب املفاعل النووي االيراين‪ ،‬قد مت‪ ،‬عرب ا�ستخدام‬
‫هذه الطريقة الأخرية «‪ ،»USB‬ال�سيما وان هذا املفاعل‪ ،‬غري مو�صول بال�شبكة العنكبوتية العاملية‪.‬‬
‫وال تقت�رص احلرب الإلكرتونية‪ ،‬على الفريو�سات والربامج املعادية‪ ،‬فهي ت�شمل �أي�ضا الت�شوي�ش املادي‬
‫يتحول الرد على‬
‫املبا�رش‪ ،‬املتعلق مبوجات البث ال�سلكي الال�سلكي‪ ،‬و�شبكات الطاقة‪ .‬وال �شيء مينع‪� ،‬أن ّ‬
‫هجوم �سيرباين‪� ،‬إىل هجوم ع�سكري مبا�رش‪.‬‬
‫‪[130] 1- Unrestricted Warfare»: Military/Civilian Distinctions Break Down - « Unrestricted Warfare» means that any methods‬‬
‫‪can be prepared for use, information is everywhere, the battlefield is everywhere, and that any technology might be combined‬‬
‫‪with any other technology, and that the boundaries between war and non-war and between military and non-military affairs has‬‬
‫‪systematically broken down. [pp. 6-7] - http://www.fas.org/nuke/guide/china/doctrine/unresw1.htm‬‬
‫‪2 - cyber guerre et guerre de l’information- Hermes Lavoisier 2010- p :164“ la première règle de la guerre hors limite est qu’il n’y a‬‬
‫» ‪pas de regles, rien nést interdit… il n’y a rien dans le monde aujourd’hui qui ne puisse devenir une arme‬‬
‫�صفحة رقم ‪69‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫ويف هذا ال�سياق‪ ،‬ذكرت �صحيفة ‪ The Daily Beast‬الأمريكية‪� ،‬أن �أي هجوم �إ�رسائيلي على �إيران‬
‫�سيكون مدعوم ًا بـغارات �إلكرتونية‪ ،‬من الفريو�سات‪� ،‬إ�ضافة �إىل عمليات الت�شوي�ش‪ .‬فقد متكنت‬
‫�إ�رسائيل من تطوير التقنيات الالزمة‪ ،‬اليقاف �شبكة الهاتف االيرانية‪ ،‬مع امكانية تعطيل نظام الإنذار‬
‫بث الر�سائل الالزمة‪ ،‬بعد هجمة ا�ستباقية‪ ،‬ت�شنها الطائرات مث ً‬
‫ال[‪ .[[13‬وال يعترب هذا‬ ‫لديها‪ ،‬ومنعه من ّ‬
‫ال�سيناريو خياليا‪ ،‬فقد متكنت ا�رسائيل من تعطيل الرادارات ال�سورية‪ ،‬لدى اغارتها وق�صفها‪ ،‬على موقع‬
‫الكرب النووي ال�سوري‪ ،‬قرب دير الزور‪.‬‬
‫ويالحظ دخول العديد من الدول‪ ،‬و�إن ب�صورة خفية‪ ،‬جمال الأعمال اال�ستخباراتية ال�سيربانية‪،‬‬
‫واالخرتاقات املتبادلة لأنظمة املعلومات‪.‬‬
‫ففي العامل العربي‪ ،‬تعر�ض العديد من املواقع اخلا�صة بجهات �أمنية‪ ،‬ووزارات مهمة‪ ،‬اىل اعتداءات‪،‬‬
‫واخرتاقات[‪،[[13‬وتوقف العمل فيها‪ ،‬لعدد من ال�ساعات‪ .‬ويف هذا الإطار‪� ،‬رصح القائد ال�سابق ل�سالح‬
‫اجلو يف االمارات العربية املتحدة‪� ،‬إن البنية التحتية الإلكرتونية املتقدمة يف بالده‪ ،‬جعلتها هدفا مف�ضال‬
‫للمت�سللني عرب االنرتنت‪ ،‬خا�صة لدى ت�صاعد التوتر‪ ،‬يف ال�رصاع الفل�سطيني اال�رسائيلي[‪.[[13‬‬
‫وهددت‬‫تعطلت �شبكة «�أرامكو» ال�سعودية‪ ،‬التي يعمل عليها ‪� 30‬ألف جهاز حا�سوب‪ّ ،‬‬ ‫كذلك‪ ،‬فقد ّ‬
‫ب�إعاقة قدرات �إنتاج نحو ‪ 9‬ماليني برميل يومي ًا‪ ،‬لل�سوق العاملية – ب�سبب �أحد الفريو�سات الإلكرتونية‪:‬‬
‫«�شامون»‪ .‬ويجزم اخلرباء‪ ،‬من رو�سيا �إىل الواليات امل ّتحدة‪ ،‬ب�أن هذا الهجوم‪ ،‬هو جزء من احلرب‬
‫الإلكرتونية‪ ،‬التي تزداد �رضاوة يف ال�رشق الأو�سط‪ .‬وقد ا�ستهدف هذا الهجوم‪� ،‬إ�ضافة �إىل اململكة‬
‫العربية ال�سعودية‪� ،‬شبكات الغاز القطرية‪ .‬وقد توجهت االتهامات‪،‬يف هذه احلادثة‪� ،‬إىل �إيران[‪.[[13‬‬
‫وكانت هذه الأخرية‪ ،‬قد تعر�ضت لهجوم فريو�سني‪ ،‬اعتربا االقوى‪ ،‬والأكرث حيلة‪ ،‬وقدرة على‬
‫االخرتاق‪ ،‬هما‪ Flame :‬و‪ .Stuxnet‬فقد حول الأول الأجهزة االيرانية‪� ،‬إىل �آالت ت�صوير وت�سجيل‪،‬‬
‫ومراقبة‪ ،‬و�أوقف العمل‪ ،‬يف مرف�أ «خرج» النفطي‪ ،‬ما �أدى �إىل ف�صله عن ال�شبكة الإلكرتونية‪ ،‬بينما‬
‫�أوقف الثاين‪ ،‬عمل مئات من �أجهزة الطرد املركزي‪ ،‬يف معامل تخ�صيب اليورانيوم‪.‬‬
‫وتوجهت �أ�صابع االتهام مبا�رشة‪� ،‬إىل �إ�رسائيل والواليات امل ّتحدة اللتني مل تنفيا التهمة[‪ .[[13‬بعد ذلك‪ ،‬ظهر‬
‫ّ‬
‫فريو�س «غو�س» (‪ ،)Gauss‬الذي �رضب يف لبنان‪ ،‬و�إ�رسائيل‪ ،‬والأرا�ضي الفل�سطينية‪ .‬وقد �أو�ضحت‬
‫حينها �رشكة «‪ »Kaspersky‬الرو�سية‪� ،‬أنّ «غو�س» قادر على �رسقة املعلومات ال�شخ�صية من احلوا�سيب‬
‫التي يهاجمها[‪ ،[[13‬وهو قادر �أي�ضا على التج�س�س‪ ،‬على العمليات امل�رصفية املختلفة‪.‬‬
‫معدلة‪ ،‬عن‬
‫كذلك‪ ،‬تعر�ض كل من لبنان و�إيران‪ ،‬ملا ُ�س ّمي بفريو�س «‪ ،»MiniFlame‬وهو ن�سخة ّ‬
‫الفريو�س “‪ .”Flame‬وي�ستخدم هذا الفريو�س‪ ،‬ل�شن هجمات حمددة الأهداف‪ ،‬مثل �رسقة البيانات‪،‬‬
‫واخرتاق الأنظمة‪.‬‬
‫‪[131] Israel’s Secret Iran Attack Plan: Electronic Warfare- Nov 16, 2011 6:28 PM EST - http://www.thedailybeast.com/‬‬
‫‪articles/2011/11/16/israel-s-secret-iran-attack-plan-electronic-warfare.html‬‬
‫‪ - http://www.aleqt.com/2013/05/19/article_756759.html‬تعرض مواقع إلكرتونية سعودية للهجوم ]‪[132‬‬
‫‪: http://human.iraqgreen.net/modules.php?name=News&file=article&sid=32757‬تصاعد الهجامت عىل البنية التحتية يف الخليج ]‪[133‬‬
‫‪[134] In Saudi Arabia and Israel, Signals That Iran Has Retaliation in Works- Oct 26, 2012 4:45 AM EDT http://www.‬‬
‫‪thedailybeast.com/articles/2012/10/26/in-saudi-arabia-and-israel-signals-that-iran-has-retaliation-in-works.html‬‬
‫‪[135] Sorry, Iran. I Didn’t Mean to Invade You. Jul 17, 2012 4:29 PM EDT. http://www.thedailybeast.com/articles/2012/07/17/‬‬
‫‪sorry-iran-i-didn-t-mean-to-invade-you.html‬‬
‫أسامء املستخدمني وكلامت الرس للدخول إىل النظام‪ ،‬واىل الربيد اإللكرتوين وشبكات التواصل االجتامع ]‪[136‬‬
‫�صفحة رقم ‪70‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫اخت�ص ب�رسقة بيانات م�رصفية ح�سا�سة‪ ،‬كانت‬


‫ّ‬ ‫ويعتقد بع�ض اخلرباء‪� ،‬أن الفريو�س الذي ا�ستهدف لبنان‪،‬‬
‫وراء العملية «‪ ،[[13[»Titan‬التي قامت بها الواليات املتحدة الأمريكية‪ ،‬من خالل وزارة املال الأمريكية‪،‬‬
‫بالتعاون مع �أجهزة اال�ستخبارات‪ ،‬والتي ا�سفرت عن اتهام البنك اللبناين الكندي‪ ،‬بتبيي�ض الأموال‬
‫ل�صالح حزب اهلل‪ .‬وقد �أدى االتهام‪ ،‬كما هو معروف‪� ،‬إىل ت�صفية �أعمال امل�رصف‪ ،‬واغالقه‪.‬‬
‫يف املقابل‪ ،‬تعر�ضت كربى امل�صارف الأمريكية[‪� ،[[13‬إىل هجوم مل ت�ستطع ال�سلطات منعه‪ ،‬نظمته جمموعة‬
‫الق�سام الإلكرتونيون»‪.‬‬
‫ُ�سمى «مقاتلو ّ‬‫من القرا�صنة الإيرانيني‪ ،‬املدعومني حكومي ًا‪ ،‬ت ّ‬
‫كذلك‪ ،‬تواجه الواليات املتحدة الأمريكية‪ ،‬هجمات ت�شنها ال�صني‪ ،‬بهدف التج�س�س‪ ،‬على �شبكات‬
‫�إلكرتونية حكومية‪ ،‬ومراكز ابحاث‪ ،‬و�رشكات كربى‪.‬‬
‫وتُ�ص ّنف تلك املجموعات‪ ،‬على �أنها جناح من املجمع ال�صناعي الع�سكري ال�صيني‪ ،‬امل�سمى «املركز‬
‫ال�شمايل للكمبيوتر يف بكني»‪ .‬كذلك تتعر�ض الواليات املتحدة‪ ،‬حلمالت ت�شنها جمموعات مدنية‪ ،‬من‬
‫القرا�صنة الرو�س‪ ،‬و�صو ًال �إىل �شبكة الثورة العاملية ‪ Anonymous‬ف�ض ً‬
‫ال عن اجلي�ش العربي الإلكرتوين‪.‬‬
‫على �ضوء ما تقدم‪ ،‬حت�شد حكومات عديدة‪ ،‬جيو�شا من اخلرباء املعلوماتيني‪ ،‬وتخ�ص�ص موازنات‬
‫طائلة‪ ،‬ل�ضمان �سالمة انظمتها‪ ،‬و�أمن بياناتها‪ ،‬يف مواجهة االخرتاقات‪ ،‬واالعتداءات املختلفة‪.‬‬
‫وترتافق هذه الإجراءات‪ ،‬مع حركة نا�شطة‪ ،‬على امل�ستوى الدويل‪ ،‬حلث الدول قاطبة‪ ،‬على االلتزام‬
‫بثقافة الأمن ال�سيرباين‪ ،‬تقودها الهيئات الدولية‪ ،‬ويف مقدمها الأمم املتحدة‪ ،‬واالحتاد الدويل لالت�صاالت‪،‬‬
‫ومنظمة التعاون االقت�صادي والتنمية‪ ،‬واالحتاد الأوروبي‪ ،‬وهيئة �إدارة �أ�سماء النطاقات‪ ،‬و�أكرث الذين‬
‫ي�صدرون الدرا�سات‪ ،‬واال�سرتاتيجيات وال�سيا�سات واالر�شادات‪ ،‬والقرارات ذات ال�صلة‪.‬‬
‫ويف هذا املجال‪ ،‬قال اللواء املتقاعد البوعينني‪ ،‬يف ت�رصيح‪ ،‬على هام�ش م�ؤمتر للأمن الإلكرتوين يف دبي‪:‬‬
‫“هناك اهتمام على امل�ستوى ال�سيا�سي‪ ،‬بالأمن الإلكرتوين حلماية م�صالح النا�س‪ ،‬واحلكومة‪ ،‬والأمن‬
‫القومي �أ�صبح معتمدا على هذا املو�ضوع[‪.»[[13‬‬

‫‪[137] Statement of Celina B. Realuyo* Professor of Practice William J. Perry Center for Hemispheric Defense Studies On‬‬
‫‪Hezbollah’s Global Facilitators in Latin America At a Hearing Entitled “Terrorist Groups in Latin America: The Changing‬‬
‫‪Landscape” Before the Subcommittee on Terrorism, Non-Proliferation, and Trade House Committee on Foreign Affairs, U.S.‬‬
‫‪House of Representatives February 4, 2014 - http://docs.house.gov/meetings/FA/FA18/20140204/101702/HHRG-113-FA18-‬‬
‫‪Wstate-RealuyoC-20140204.pdf‬‬
‫‪[138] Banks Seek U.S. Help on Iran Cyberattacks - January 15, 2013, 7:31 p.m. EThttp://online.wsj.com/article/SB10001424‬‬
‫‪127887324734904578244302923178548.html‬‬
‫‪[139] http://human.iraqgreen.net/modules.php?name=News&file=article&sid=32757‬‬
‫�صفحة رقم ‪71‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫‪ .5‬اال�ستثمار يف املجال التقني‬


‫ترتكز معظم ا�سرتاتيجيات احلماية والدفاع‪ ،‬يف املجال ال�سيرباين‪ ،‬على مقاربة ثالثية الأبعاد‪ :‬احلد من‬
‫املخاطر‪ ،‬ا�ستك�شاف الإمكانات‪ ،‬وتعزيز امكانات التعامل ال�رسيع مع الطوارئ‪.‬‬
‫بناء على ذلك‪ ،‬ال بد من الإحاطة مبكامن اخلطر‪ ،‬وحتديد نقاط ال�ضعف‪ ،‬واحلد من �أبعاد االعتداءات‪.‬‬
‫ويف�رس هذا االمر عمليا‪ ،‬بجمع املعلومات‪ ،‬ومعاجلة البيانات‪ ،‬والرتويج ل�سيا�سة احلكومة‪ ،‬يف جمال‬
‫الأمن وال�سالمة‪ ،‬واتخاذ اخلطوات ال�رضورية‪ ،‬للرد على العدو‪ ،‬وعلى االعتداءات عند احلاجة‪ .‬ومبا‬
‫ان هذه اخلطوات جميعها‪ ،‬تفرت�ض وجود اجهزة متخ�ص�صة‪ ،‬وخربات متمكنة‪ ،‬يبدو وا�ضحا �رضورة‬
‫اال�ستثمار‪ ،‬على امل�ستوى التقني‪ ،‬عرب اعتماد تقنيات متطورة‪ ،‬وعلى امل�ستوى االداري‪ ،‬عرب التمكني‬
‫والتدريب‪ ،‬ون�رش املعرفة‪ ،‬وحت�سني عملية الإدارة‪ ،‬و�آليات اتخاذ القرار‪ ،‬مبا يتنا�سب وطبيعة املخاطر‬
‫وحاجات التدابري‪ ،‬والعمليات الع�سكرية ال�سيربانية‪.‬‬
‫وعلى �سبيل املثال‪ ،‬يعترب ر�صد نقاط ال�ضعف يف الربامج‪ ،‬من ال�رضورات‪ ،‬على م�ستوى تامني احلماية‪،‬‬
‫للأنظمة واملواقع‪ .‬وميكن لهذا االمر‪ ،‬ان ي�ؤمن حماية من بع�ض االخرتاقات‪ ،‬كتلك التي ا�ستهدفت‬
‫مثال‪ ،‬موقع الأمم املتحدة‪ ،‬وموقع �رشكة مايكرو�سوفت‪ ،‬عرب ‪ ،SQL Injection‬وهي نقطة �ضعف‪ ،‬كان‬
‫من املمكن تفاديها‪.‬‬
‫ولعل الدليل الأبرز على �أهمية هذا االمر‪ ،‬هو ا�ستثمار الأجهزة الأمنية‪ ،‬يف الواليات املتحدة‬
‫الأمريكية‪ ،‬يف هذا املجال[‪ ،[[14‬بحيث تقوم ب�رشاء املهارات‪ ،‬واملعلومات اخلا�صة‪ ،‬بنقاط ال�ضعف يف‬
‫الربامج والتطبيقات‪ ،‬الأكرث انت�شارا‪ ،‬حول العامل‪ ،‬كخطوة احرتازية‪ ،‬متنع ا�ستغاللها من قبل الأنظمة‬
‫الدكتاتورية‪ ،‬واملنظمات الإرهابية‪.‬‬
‫وت�ستثمر احلكومة ال�صينية‪ ،‬هي االخرى‪ ،‬يف هذا املجال �أي�ضا‪ .‬وذلك من خالل املربجمني‪ ،‬واملتخ�ص�صني‬
‫الوطنيني‪ ،‬لديها‪.‬‬

‫�أ‪ -‬املوازنات الع�سكرية‪ :‬منوذجا‬


‫ي�أتي �إقرار املوازنات الع�سكرية‪ ،‬يف �إطار ا�سرتاتيجيات الدولة‪� ،‬سواء الدفاعية منها �أم الهجومية‪ ،‬وعلى‬
‫�ضوء احلاجات التي تفر�ضها هذه اال�سرتاتيجيات‪ ،‬واملهمات املطلوبة من القوى الع�سكرية‪ .‬لذا‪ ،‬تعك�س ‬
‫املوازنات‪ ،‬االهتمامات والأولويات‪ ،‬لدى كل حكومة وجهاز و�إدارة‪.‬‬
‫وهكذا يالحظ اليوم‪� ،‬إقرار بنود يف املوازنات الع�سكرية ت�سمح‪ ،‬لي�س فقط باحل�صول على الأ�سلحة‬
‫التقليدية املطورة معلوماتيا‪ ،‬وامنا �أي�ضا‪ ،‬بتطوير برامج معلوماتية وات�صاالت‪ ،‬متكن اجليو�ش من ممار�سة‬
‫دورها‪ ،‬يف حماية الأمن القومي‪ ،‬يف املجالني املادي وال�سيرباين‪.‬‬
‫ويذكر يف هذا املجال‪ ،‬تخ�صي�ص ن�صف مليار دوالر‪ ،‬من موازنة اال�ستثمار يف الف�ضاء ال�سيرباين‪ ،‬من‬
‫‪[140] Special Report: U.S Cyber war strategy strokes fear of blowback- “…Computer researchers in the public and private‬‬
‫‪sectors say the U.S. government, acting mainly through defense contractors, has become the dominant player in fostering the‬‬
‫‪shadowy but large-scale commercial market for tools known as exploits, which burrow into hidden computer vulnerabilities.‬‬
‫‪In their most common use, exploits are critical but interchangeable components inside bigger programs. Those programs can steal‬‬
‫‪financial account passwords, turn an iPhone into a listening device, or, in the case of Stuxnet, sabotage a nuclear facility”.http://‬‬
‫‪www.reuters.com/article/2013/05/10/us-usa-cyberweapons-specialreport-idUSBRE9490EL20130510‬‬
‫�صفحة رقم ‪72‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫قبل وزارة الدفاع الأمريكية‪ ،‬لأغرا�ض البحث عن برامج وتطبيقات ع�سكرية‪ ،‬ال�سيما يف جمال ت�شفري‬
‫املعلومات‪ ،‬مبا ي�ؤمن حماية امل�صالح الأمريكية ال�سيربانية[‪.[[14‬‬
‫لذا‪ ،‬ت�ضع بع�ض الدول احلرب ال�سيربانية‪ ،‬على �سلم �أولوياتها الإ�سرتاتيجية الوطنية‪ ،‬حلماية الأمن‬
‫القومي‪ .‬وجتهد العديد منها‪ ،‬يف درا�سة وتبيان‪ ،‬حجم املوازنات الع�سكرية‪ ،‬ومدى اعتمادها على‬
‫تقنيات املعلومات واالت�صاالت‪ ،‬كم�ؤ�رش على قدراتها وم�ؤهالتها ال�سيربانية[‪ .[[14‬ويعترب اال�ستعالم‪،‬‬
‫واال�ستخبار‪ ،‬والتج�س�س‪ ،‬وقطع ات�صاالت العدو‪ ،‬والت�شوي�ش عليها‪ ،‬والتن�صت‪ ،‬من املبادئ يف‬
‫العمليات الع�سكرية‪ ،‬وكمكمل للحرب الإلكرتونية‪ ،‬وعمليات اال�ستعالم‪.‬‬
‫وتعترب بع�ض الدول متقدمة جدا‪ ،‬كونها ت�ستخدم عددا وعديدا من ا�صحاب الكفاءات‪ ،‬لالهتمام‬
‫بو�ضع ا�سرتاتيجيات دفاعية وهجومية �سيربانية‪ ،‬كجزء من امكاناتها الع�سكرية‪ ،‬ملواجهة احلرب‬
‫ال�سيربانية‪ ،‬كما تعمل على تطوير تقنيات‪ ،‬ت�ساعدها على متييز الهجمات الع�سكرية‪ ،‬من االعتداءات‬
‫واالخرتاقات اجلرمية العادية‪ .‬وتلج�أ اخرى‪� ،‬إىل ربط امكاناتها الع�سكرية ال�سيربانية‪ ،‬مبا هو متوفر‬
‫لديها‪ ،‬من تخطيط للحرب التقليدية‪ .‬اال �أن هذا الربط ي�ستدعي‪ ،‬فيما ي�ستدعي‪ ،‬انتباها خا�صا‪� ،‬إىل‬
‫تو�سع مروحة و�سائل االت�صاالت‪ ،‬وال�شبكات‪ ،‬ونقاط الو�صول اليها‪ ،‬والتحول نحو االت�صال غري‬
‫ال�سلكي واجلوال‪mobile and wireless .‬‬

‫ويف الدول التي ما زالت تعتمد على النمط القدمي‪ ،‬الذي ظهر يف الت�سعينيات من القرن املا�ضي‪ ،‬اوكل‬
‫الأمن ال�سيرباين‪� ،‬إىل مراكز الرد على طوارئ االنرتنت الوطنية‪ ،)CERT( ،‬ووزارة االت�صاالت‪� ،‬أو‬
‫وزارة التكنولوجيا‪ ،‬واىل وحدات خا�صة �ضمن الأجهزة الأمنية لديها‪ .‬ووا�ضح‪ ،‬ان هذا النمط‪ ،‬ال‬
‫ميكنه جماراة النمط املتقدم‪ ،‬لأ�سباب عديدة‪ ،‬لي�س �أقلها‪ ،‬ما يوفره هذا الأخري‪ ،‬من قدرة على �إدارة‬
‫ال�ش�ؤون ال�سيربانية‪ ،‬ب�صورة �أ�شمل و�أ�رسع‪ ،‬من قبل اجلهة املعنية بالدفاع مبا�رشة‪.‬‬
‫وبالرغم من تخفي�ض قيمة املوازنة الع�سكرية‪ ،‬حلظت املوازنة املقرتحة للعام ‪ ،2014‬يف الواليات‬
‫املتحدة الأمريكية‪ ،‬زيادة ل�صالح احلرب ال�سيربانية‪ ،‬بلغت حوايل البليون دوالر‪ ،‬وذلك بهدف تو�سيع‬
‫قدرات الدفاع ال�سيربانية‪ ،‬بحيث ت�شمل العمليات الع�سكرية‪ ،‬امكان اغالق نظام القيادة لدى العدو‪،‬‬
‫ومنع راداراته من التقاط �أي حركة‪ ،‬وذلك يف حال ح�صول حرب‪ .‬وقد حر�ص امل�س�ؤولون على‬
‫الت�شديد‪ ،‬على ان ا�ستخدام هذه القدرات‪ ،‬حم�صور �ضمن حدود قانون النزاعات امل�سلحة[‪.[[14‬‬
‫وغني عن القول‪ ،‬ما تعنيه هذه الزيادة‪ ،‬من حتريك لعجلة االقت�صاد الأمريكي‪ ،‬ل�صالح ال�رشكات التي‬
‫تتوىل االبحاث‪ ،‬وتزويد البنتاغون بالربامج والتطبيقات الأمنية‪� ،‬إ�ضافة �إىل املعدات والأ�سلحة‪ ،‬التي‬
‫ترتكز �إىل تقنيات االت�صاالت واملعلومات‪.‬‬
‫‪[141] Special Report: U.S Cyber war strategy strokes fear of blowback – “…DOD’s cyber investment includes a half billion dollars‬‬
‫‪in research funding for DARPA (Defense Advanced Research Projects Agency) in the last budget”-‬‬
‫‪http://www.reuters.com/article/2013/05/10/us-usa-cyberweapons-specialreport-idUSBRE9490EL20130510‬‬
‫‪[142] Cybersecurity and Cyberwarfare- Preliminary Assessment of National Doctrine and Organization- 2011- Center for‬‬
‫‪Strategic and International Studies. www.unidir.org‬‬
‫‪[143] Under President’s Budget, Cybersecurity Spending Increases- “We must… confront new dangers, like cyber attacks, that‬‬
‫‪threaten our nation’s infrastructure, businesses and people,” President Barack Obama wrote in the introduction to the budget‬‬
‫‪proposal. ”The budget supports the expansion of government-wide efforts to counter the full scope of cyber threats, and strengthens‬‬
‫‪our ability to collaborate with State and local governments, our partners overseas and the private sector to improve our overall‬‬
‫”‪cybersecurity.‬‬
‫‪http://news.clearancejobs.com/2013/04/26/under-presidents-budget-cybersecurity-spending-increases/‬‬
‫�صفحة رقم ‪73‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫‪ .6‬التقنيات يف العمليات الع�سكرية‬


‫يف زمن تقنيات املعلومات واالت�صاالت‪ ،‬اختلف مفهوم العمليات الع�سكرية‪ ،‬فقد تبدل ميدان‬
‫املواجهة‪ ،‬والهدف ميكن ا�صابته‪ ،‬من �أي نقطة يف العامل‪ ،‬ويف �أي وقت‪ ،‬وتبدلت مع ذلك‪ ،‬قدرة الرد‬
‫والدفاع‪ ،‬التي تفرت�ض هي االخرى‪ ،‬حتديدا لنقطة انطالق الهجوم‪ ،‬وكذلك مراكز العدو‪ .‬كما ت�أثرت‬
‫القدرة على الرد ال�رسيع‪ ،‬وعلى �إدارة النتائج‪ ،‬واثبات م�صدر االعتداء وامل�س�ؤولية‪.‬‬
‫وان�صبت اجلهود على حيازة الأ�سلحة الذكية‪ ،‬والأ�سلحة العاملة عن بعد‪ ،‬بحيث �أ�صبح ال�سالح الذكي‬
‫واملطور معلوماتيا‪ ،‬واملو�صول ب�شبكة معلومات‪� ،‬أ�سا�سيا يف ترجيح الكفة �أثناء احلروب‪ .‬وي�أتي بعدها‬
‫العن�رص الب�رشي‪ ،‬الذي يتطلب هو الآخر‪ ،‬جمهودا لبنائه‪ ،‬ومتكينه‪ .‬كذلك‪ ،‬فقد اختلف جمال العمليات‬
‫الع�سكرية‪ ،‬وانتقل الن�شاط الع�سكري‪ ،‬كما الن�شاط االجتماعي‪ ،‬والتجاري‪ ،‬واالقت�صادي‪� ،‬إىل املجال‬
‫ال�سيرباين‪ .‬وهكذا‪ ،‬حتتوي تر�سانة العديد من اجليو�ش‪ ،‬على الأنظمة املعلوماتية‪ ،‬واملعدات الإلكرتونية‪،‬‬
‫التي ت�ستخدم‪� ،‬سواء يف �إدارة املوارد الب�رشية‪� ،‬أم اللوج�ستية‪� ،‬أم خالل العمليات‪.‬‬
‫وتظهر التقنيات يف املجال الع�سكري‪ ،‬على م�ستويات خمتلفة‪ .‬ف�إ�ضافة �إىل التقنيات امل�ستخدمة يف‬
‫الأ�سلحة التقليدية‪ ،‬كالطائرات والدبابات‪ ،‬برزت تقنيات الر�صد واال�ستعالم‪ ،‬وجمع البيانات بكل‬
‫�أنواعها‪ ،‬وبرامج التوجيه عن بعد‪ ،‬وا�ستخدام الروبوت �أو الإن�سان الآيل يف العمليات الع�سكرية‪ ،‬لإزالة‬
‫الألغام وتوجيه الآليات عن بعد‪ ،‬والقيام بعمليات اال�ستطالع‪ ،‬واال�ستك�شاف امليداين‪.‬‬
‫ي�ضاف �إىل ذلك‪� ،‬رضورة التنبه �إىل عدم امكانية حتقيق الفعالية املرجوة‪ ،‬يف مواجهة تهديد احلرب‬
‫ال�سيربانية‪ ،‬دون م�شاركة �أ�صحاب املعارف املتخ�ص�صة‪ ،‬والفهم العميق للتقنيات‪ ،‬التي تغري ال�صورة‬
‫على امل�رسح العاملي[‪ ،[[14‬ما يعني احلاجة املا�سة‪� ،‬إىل ت�أهيل العن�رص الب�رشي‪ ،‬وتدريبه‪ ،‬ب�صورة م�ستمرة‪ ،‬مبا‬
‫يتنا�سب مع حركة تطور الف�ضاء ال�سيرباين‪ ،‬التي ال تهد�أ‪.‬‬
‫ويربز دور املعلوماتية‪ ،‬ب�شكل خا�ص‪ ،‬يف �أنظمة الت�سلح‪ ،‬التي ت�ساعد على ا�ستمرارية العمل القتايل‪،‬‬
‫ال ونهاراً‪ ،‬وبغ�ض النظر عن حالة الظروف اجلوية‪ ،‬وذلك عرب جتهيزات املالحة‪.‬‬ ‫على مدار ال�ساعة‪ ،‬لي ً‬
‫واىل جانب ذلك‪� ،‬أنظمة الت�سليح املخ�ص�صة للإطالق البعيد ‪ Stand-off‬ذات الدقة العالية‪ ،‬والذخائر‬
‫الذكية ‪ Smart Ammunition‬ذات التوجيه الذاتي‪ ،‬و�أنظمة الت�سليح غري امل�أهولة ‪ ،Unmanned‬والتي‬
‫ت�سمح بالعمل يف عمق دفاعات اخل�صم‪ ،‬يف جمايل املراقبة واال�ستطالع‪.‬‬

‫البحث عن السالم السيرباين –حمدون إ‪ .‬توريه‪ -‬األمني العام لالتحاد الدويل لالتصاالت يناير ‪[144] 2011‬‬
‫‪http://www.google.com.lb/url?sa=t&rct=j&q=&esrc=s&frm=1&source=web&cd=1&cad=rja&ved=0CC0QFjAA&url=http%3A%2F%2‬‬
‫‪Fwww.itu.int%2Fdms_pub%2Fitu-s%2Fopb%2Fgen%2FS-GEN-WFS.01-1-2011-MSW-A.docx&ei=cjqgUcfQFbSf7AbTt4EI&usg=AF‬‬
‫‪QjCNFJ9KhCOzjfH8zG-H3SIhfV_fot4g&sig2=5Ja6CXZVqhQJ_o2nko2BEg&bvm=bv.47008514,d.bGE‬‬
‫�صفحة رقم ‪74‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫يف هذا الإطار‪ ،‬يالحظ مثال‪ ،‬عمل وزارة الدفاع الأمريكية‪ ،‬على تخ�صي�ص موازنات خا�صة‪ ،‬لتمويل‬
‫�أبحاث ت�ساعد على حتويل ن�صف مركباتها �إىل مركبات �آلية‪ ،‬تعمل دون وجود ب�رشي على متنها‪ ،‬وذلك‬
‫منذ عدة �سنوات‪ ،‬كما تعمل على تطوير طائرات جت�س�س �صغرية احلجم‪ ،‬ت�ستخدم النانو تكنولوجي‪،‬‬
‫ميكنها اخرتاق �أكرث الأماكن �رسية‪ ،‬دون ان يتم ر�صدها‪ .‬وميكن جتهيز هذه الطائرات‪ ،‬مبعدات تن�صت‬
‫وت�صوير‪ ،‬و�أ�شعة ليزر قاتلة‪.‬‬
‫وت�ستخدم العديد من الربامج والتطبيقات‪ ،‬امل�صممة يف اال�سا�س لأهداف مدنية‪ ،‬يف املجال الع�سكري‪.‬‬
‫ويح�رض هنا كمثال‪ ،‬برنامج “جوجل �إيرث ‪ ”google earth‬الذي ي�ؤمن معلومات جغرافية‪ ،‬ويعر�ض ‬
‫�صورا للكرة الأر�ضية‪ ،‬وخرائط الدول‪ ،‬بتفا�صيل دقيقة جداً‪ ،‬ت�صل �إىل حد ابراز �أ�سماء ال�شوارع‪،‬‬
‫ً‬
‫و�أرقام املنازل‪ ،‬ما ي�ساعد على حتديد الأماكن ب�سهولة كبرية‪ ،‬ودقة متناهية‪ ،‬وب�رسعة‪ ،‬مع تو�ضيح‬
‫خطوط الطول والعر�ض‪ ،‬للمناطق‪.‬‬
‫من هنا‪ ،‬يعترب هذا التطبيق‪ ،‬على درجة من االهمية‪ ،‬ومن اخلطورة �أي�ضا‪ ،‬كونه ي�ساعد على ك�شف‬
‫مناطق �أمنية‪ ،‬مل يكن باالمكان ك�شفها يف ال�سابق‪ ،‬وذلك عرب ال�صور التي تلتقط‪ ،‬بوا�سطة الأقمار‬
‫ال�صناعية‪ .‬وهذا يجعل بع�ض املواقع مثل‪ :‬االبنية احلكومية‪ ،‬واملراكز الع�سكرية‪ ،‬واملفاعالت النووية‪،‬‬
‫�أهدافا �سهلة للهجوم ولالعتداءات‪ ،‬حتى فيما يعترب عمليات حربية تقليدية‪.‬‬
‫وللتدليل على خطورة االمر‪ ،‬وامكانات اال�ستخدام الع�سكري لهذا التطبيق‪ ،‬نورد ما جاء يف �صحيفة‬
‫التلجراف الربيطانية‪ ،‬عن �أن امل�سلحني يف العراق‪ ،‬قد ا�ستخدموه‪ ،‬يف حتديد املناطق التي ا�ستهدفوها‪،‬‬
‫لتنفيذ هجمات‪� ،‬ضد املع�سكرات الربيطانية والأمريكية‪.‬‬
‫على خط مواز‪ ،‬تعترب �أنظمة جمع املعلومات‪ ،‬جماال حيويا من مكونات الرت�سانة الع�سكرية جليو�ش البلدان‬
‫املتقدمة‪ ،‬حيث يتيح �إمكان الوعي بواقع �ساحة املعركة‪ ،‬لي�س من خالل املعلومات الإ�ستخبارية فح�سب‪،‬‬
‫بل من خالل الت�أ�سي�س ملفهوم التفوق املعلوماتي‪ ،‬بو�صفه جوهر الثورة احلالية يف ال�ش�ؤون الع�سكرية‪.‬‬
‫ومن �أبرز مقوماته‪ :‬ت�سخري الأنظمة الف�ضائية جلمع املعلومات‪ ،‬وجمع املعلومات اال�ستخبارية على‬
‫امل�ستوى الإ�سرتاتيجي يف عمق �أرا�ضى اخل�صم‪ ،‬وتطوير القدرات اال�ستطالعية التقليدية‪ ،‬ال �سيما اجلوية‬
‫منها‪ ،‬مبا يحقق ا�ستمرارية جمع املعلومات عن اخل�صم‪ ،‬والتكامل الأفقي بني �أنظمة جمع املعلومات‪،‬‬
‫وعملها ب�صورة متكاملة‪.‬‬
‫كما ت�ساعد الأنظمة‪ ،‬يف تعزيز �آلية القيادة وال�سيطرة‪ ،‬وذلك عرب ربطها مراكز القيادة وال�سيطرة‪ ،‬وعرب‬
‫الربط بينها وبني �أنظمة جمع املعلومات يف الوقت ذاته‪ ،‬على امل�ستويات املختلفة‪ .‬ويتيح هذا الربط‬
‫�إدراك القيادات املختلفة‪ ،‬حلقيقة ما يجرى يف �أر�ض املعركة‪ ،‬وبالتايل امكانية اتخاذ القرار املنا�سب‪،‬‬
‫يف الزمان واملكان املالئمني‪ ،‬بالن�سبة للقوات ال�صديقة والعدوة‪ ،‬على ال�سواء‪ .‬كما ت�ساهم يف ان�سياب‬
‫�أوامر العمليات‪ ،‬وتن�سيقها افقيا وعاموديا‪ ،‬وبني �أجهزة وفروع القوات امل�سلحة‪ ،‬وقواتها امل�ساندة‬
‫اللوج�ستية‪ ،‬العاملة يف م�رسح العمليات‪.‬‬
‫وي�ساهم ما تقدم‪ ،‬فى دعم قدرة القيادات على املبادرة‪ ،‬بحيث ال يت�أخر‪ ،‬رد الفعل املنا�سب‪.‬‬
‫�صفحة رقم ‪75‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫‪ .7‬التقنيات ومناذج الإدارة‬


‫حلظت وزارة الدفاع الأمريكية‪ ،‬يف تقريرها اال�سرتاتيجي حول املوازنة لل�سنة املالية ‪ ،2014‬اعادة تنظيم‪،‬‬
‫على م�ستوى املوارد الب�رشية والكفاءات لديها‪ ،‬لتعزيز قوتها ال�سيربانية‪ ،‬يف مواجهة املخاطر[‪ .[[14‬وتلحظ‬
‫اال�سرتاتيجية‪ ،‬اعادة تنظيم القوة ال�سيربانية احلالية‪� ،‬ضمن فرق متخ�ص�صة‪ ،‬يف جماالت ثالث‪ :‬حماية‬
‫ال�شبكات‪َ ،‬‬
‫�شل قوة العدو ال�سيربانية‪ ،‬وحماية الدفاع الوطني‪ .‬وقد حلظت هذه اال�سرتاتيجية‪� ،‬إن�شاء قوة‬
‫�سيربانية‪ ،‬بحلول ال�سنة املالية ‪ ،2016‬م�ؤلفة من اربعني فرقة‪ ،‬موزعة على مهمات هجومية‪ ،‬واخرى‬
‫دفاعية‪.‬‬
‫وتتوزع م�س�ؤولية الأمن ال�سيرباين‪ ،‬يف الواليات املتحدة الأمريكية‪ ،‬حاليا‪ ،‬بني وزارة الداخلية‪ ،‬ومكتب‬
‫التحقيق الفدرايل‪ ،‬ووزارة الدفاع‪ ،‬مبا فيها قيادة الأمن ال�سرياين‪ ،‬التي ت�ضم وكالة الأمن القومي‪ .‬وت�سند‬
‫العمليات الهجومية �إىل هذه الأخرية‪� ،‬إ�ضافة �إىل وحدات من وكالة اال�ستخبارات املركزية‪ ،‬بينما تتوىل‬
‫وزارة الداخلية‪ ،‬الأمن ال�سيرباين على امل�ستوى الداخلي‪ ،‬حيث تعمل وحدة الأمن القومي ال�سيرباين‬
‫فيها‪ ،‬بالتعاون مع القطاعني العام واخلا�ص‪ ،‬ومع الهيئات الدولية‪ ،‬حلماية الف�ضاء ال�سيرباين الأمريكي‪،‬‬
‫وم�صالح �أمريكا ال�سيربانية‪ .‬وتتوىل هذه الهيئة‪ ،‬حماية البنية التحتية الوطنية‪� ،‬ضد الهجمات التي ميكن‬
‫ان تتعر�ض لها‪ ،‬من خالل عدد من الربامج املخ�ص�صة لهذه الغاية‪ .‬وتتوىل جمموعة اال�ستجابة ال�سيربانية‬
‫الوطنية‪ ،‬تن�سيق اجلهود على امل�ستوى الفدرايل‪ ،‬يف حال حدوث طارئ �سيرباين وطني‪ .‬وتعمل هذه‬
‫املجموعة‪ ،‬حتت امرة �إدارة الأمن ال�سيرباين الوطني‪.‬‬
‫يف املقابل‪ ،‬يتوىل اجلهاز القيادي ال�سيرباين‪ ،‬التابع للقيادة الفدرالية‪ ،‬م�س�ؤولية حماية البنية التحتية‬
‫ال�سيربانية الع�سكرية‪ .‬وي�ضم هذا اجلهاز‪ ،‬القيادة ال�سيربانية التابعة للجي�ش‪ ،‬وقيادة القوات اجلوية‪،‬‬
‫والبحرية‪.‬‬
‫وتعمل وزارتا الدفاع والداخلية يف الواليات املتحدة‪ ،‬على تن�سيق جهودهما‪ ،‬مبوجب اتفاق وقع‬
‫بينهما‪ ،‬يف اكتوبر ‪ ،2010‬لتعزيز التعاون الداخلي بني خمتلف الأجهزة‪ ،‬التابعة لكل منهما‪.‬‬
‫وكانت ايران‪ ،‬قد �أعلنت عن ت�شكيل وحدة ع�سكرية خا�صة بالأمن ال�سيرباين‪ ،‬ملواجهة االعتداءات‬
‫ال�سيربانية[‪ .[[14‬كما حتدث العديد من التقارير‪ ،‬عن �إن�شاء اجلي�ش ال�صيني ال�سيرباين[‪ ،[[14‬الذي وجهت‬
‫اليه االتهامات عن عمليات التج�س�س‪ ،‬وعن االعتداءات التي طاولت م�ؤ�س�سات حكومية‪ ،‬وم�رصفية‪،‬‬
‫ومالية‪ ،‬و�أمنية‪� ،‬إ�ضافة �إىل �رشكات خا�صة‪ ،‬يف الواليات املتحدة الأمريكية‪.‬‬

‫&‪[145] Defense Budget Priorities and Choices Fiscal Year 2014.http://www.google.com.lb/url?sa=t&rct=j&q=&esrc=s&frm=1‬‬


‫‪source=web&cd=1&sqi=2&ved=0CCsQFjAA&url=http%3A%2F%2Fwww.defense.gov%2Fpubs%2FDefenseBudgetPrioritiesCho‬‬
‫‪icesFiscalYear2014.pdf&ei=2FagUbXxKsmt4ATSzoGIBg&usg=AFQjCNGTTf1a9VAMRqoEnYCXY32wN25q4g&sig2=7c6aAX‬‬
‫‪HNGjJpxoHDyxd4bg&bvm=bv.47008514,d.bGE‬‬
‫‪[146] Iran is building a non-nuclear threat faster than experts ‹would have ever imagined. http://www.businessinsider.com/‬‬
‫‪irans-cyber-army-2015-3‬‬
‫‪[147] How China›s Night Dragon cyber army has infiltrated every corner of Britain: Forget Edward Snowden... a chilling‬‬
‫‪new book by the BBC›s top security expert lays bare the biggest internet hack in history. http://www.dailymail.co.uk/news/‬‬
‫‪article-3113736/How-China-s-Night-Dragon-cyber-army-infiltrated-corner-Britain.html‬‬
‫�صفحة رقم ‪76‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫‪ .8‬التعاون لدرء املخاطر‬


‫انطالقا من الطبيعة اخلا�صة للف�ضاء ال�سيرباين‪ ،‬تقر الدول والهيئات الدولية كافة‪ ،‬ب�رضورة التعاون‪،‬‬
‫بني القطاعني العام واخلا�ص‪ ،‬لدرء املخاطر ال�سيربانية‪ .‬فالقطاع اخلا�ص‪� ،‬صاحب دور �أ�سا�سي‪ ،‬يف‬
‫�إدارة وا�ستثمار البنية التحتية لهذا الف�ضاء‪ ،‬مبا فيها من اجهزة‪ ،‬وخوادم‪ ،‬وتطبيقات‪ ،‬وبرامج‪ ،‬وو�سائل‬
‫ات�صال‪ ،‬وطاقات ب�رشية‪ ،‬وخربات‪ ،‬جتعل حفظ البيانات‪ ،‬واملعلومات‪ ،‬ومعاجلتها‪ ،‬وتبادلها‪ ،‬ممكنا‪.‬‬
‫وي�شهد هذا الف�ضاء تو�سعا وانت�شارا غري م�سبوقني‪ ،‬ي�ستدعيان بذل جهود خا�صة‪ ،‬لإقرار �سيا�سات‬
‫وا�سرتاتيجيات ع�سكرية‪ ،‬ت�ضمن �أمن املجتمع والدولة‪ ،‬من جهة �أوىل‪ ،‬ولو�ضع االطر التنظيمية‬
‫والت�رشيعية‪ ،‬التي ت�ضمن عدم االعتداء على احلريات واحلقوق‪ ،‬من جهة ثانية‪.‬‬
‫ويطاول التعاون‪ ،‬امل�ستوى الداخلي‪ ،‬كما يطاول امل�ستوى اخلارجي‪ .‬ففي اجلانب التقني‪ ،‬وعلى امل�ستوى‬
‫الداخلي‪� ،‬شدد نائب وزير الدفاع الأمريكي‪ ،‬يف خطابه حول اال�سرتاتيجية الدفاعية‪� ،‬أمام الكونغر�س‪ ،‬على‬
‫�أهمية التعاون‪ ،‬مع القطاع ال�صناعي الع�سكري‪ ،‬وقطاع تكنولوجيا املعلومات واالت�صاالت‪ ،‬مبا ي�سمح‬
‫ب�إيجاد حلول تقنية‪ ،‬ملواجهة الأخطار ب�شكل فاعل‪ .‬بينما تتعاون الواليات املتحدة‪ ،‬وغريها من الدول‪،‬‬
‫يف �إطار اتفاقيات ثنائية‪ ،‬كما يف �إطار الناتو‪ ،‬على و�ضع �سيا�سات وا�سرتاتيجيات‪ ،‬يف مواجهة الأخطار‬
‫ال�سيربانية‪.‬‬
‫فالتعاون مطلوب ال�سباب عديدة‪ ،‬لي�س �أقلها‪ ،‬طبيعة ال�شبكة العاملية للمعلومات‪ ،‬التي تتخطى احلدود‬
‫الوطنية‪ ،‬وتربط الدول بع�ضها ببع�ض‪ ،‬والبنى التحتية‪ ،‬وامل�صالح احليوية‪ ،‬من جهة �أوىل‪ ،‬وحداثة الف�ضاء‬
‫ال�سيرباين‪ ،‬الذي يتطور ب�رسعة هائلة‪ ،‬منعت اللحاق به‪ ،‬ت�رشيعيا وتنظيميا‪ ،‬ب�صورة مالئمة حتى الآن‪ ،‬من‬
‫جهة ثانية‪.‬‬
‫ولعل ما يجب ان يحث العرب‪ ،‬على االلتفات بجدية ق�صوى‪� ،‬إىل �رضورة احلفاظ على �أمنهم‬
‫ال�سيرباين‪ ،‬هو ما قاله مو�سكوفيت�ش امل�س�ؤول الع�سكري اال�رسائيلي‪ ،‬يف حديثه عن املفهوم اجلديد حلرب‬
‫املخابرات‪ ،‬وعن ر�ؤية ا�رسائيل للحرب امل�ستقبلية‪ ،‬حيث اعترب ان املعلومات �أ�سا�س يف ربح املعركة‪،‬‬
‫وانه يكفي ان جتمع املعلومات‪ ،‬على نطاق وا�سع‪ ،‬ومن م�صادر خمتلفة‪ ،‬ليعاد ار�سالها �إىل الوحدات‬
‫املقاتلة‪� .‬أما مقومات جناح العملية‪ ،‬فهي بح�سب مو�سكوفيت�ش‪ ،‬نظام حتكم عن بعد بالبنية التحتية‪،‬‬
‫�أنظمة معلومات‪ ،‬والقدرة على دمج املعلومات‪ ،‬وا�ستخراج املالئم منها [‪ .[[14‬ففي احلرب املقبلة‪ ،‬مع‬
‫لبنان مثال‪ ،‬توقع ان تتم قيادة القوات امل�سلحة‪ ،‬وتوجيهها‪ ،‬من خالل مراكز جمهزة ب�شا�شات‪ ،‬و�أنظمة‬
‫معلومات‪.‬‬
‫وبالفعل‪ ،‬فقد دخلت التدريبات على عمليات �سيربانية‪ ،‬يف �صلب املناورات الع�سكرية‪ ،‬الدفاعية منها‬
‫والهجومية‪ .‬فقد ك�شفت �صحيفة «يدعوت �أحرونوت» ‪ ،‬م�ؤخرا‪� ،‬أن اجلي�ش اال�رسائيلي‪ ،‬يعد لعمليات‬
‫هجومية‪ ،‬تهدف �إىل تدمري مفاعالت نووية عن بعد[‪ ،[[14‬عرب التحكم ب�أنظمة تربيد املياه‪� .‬إ�ضافة �إىل‬
‫ذلك‪ ،‬تلحظ تدريبات الهجمات ال�سيربانية‪ ،‬التحكم بحركة النقل الربي‪ ،‬واجلوي‪ ،‬وموارد الطاقة‪،‬‬
‫‪[148] What Israel’s Next War Will Look Like Moscovitch says. “You need a teleprocessing infrastructure, information systems, the‬‬
‫‪ability to integrate and filter information.” - http://www.haaretz.com/israel-news/.premium-1.716800‬‬
‫‪ - http://www.al-akhbar.com/node/238381‬العدو ي ّعد لعمليات هجوم عىل رأسها تدمري مفاعالت نووية عن بعد ]‪[149‬‬
‫�صفحة رقم ‪77‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫و�أنظمة �إطالق ال�صواريخ امل�ضادة للطائرات‪ ،‬بهدف تعميم الفو�ضى‪ ،‬وايقاع ال�ضحايا بني املدنيني‪� .‬إىل‬
‫جانب ذلك‪ ،‬تنظم ا�رسائيل العديد من الدورات التدريبية على التن�صت‪ ،‬ومراقبة االت�صاالت‪.‬‬
‫اال �أن ا�رسائيل‪ ،‬التي تعترب يف قائمة الئحة الدول الأكرث تطورا يف جمال الأمن ال�سيرباين‪ ،‬تعر�ضت‬
‫�أنظمتها لعدد من االخرتاقات‪ ،‬من هاكرز يف لبنان‪ ،‬و�إيران‪ ،‬وال�سعودية‪.‬‬

‫‪ .9‬منزلقات املواجهة والرد‬


‫ت�ضطلع القوى الأمنية مبهمة حماية الأمن القومي‪ ،‬بكل �أبعاده‪ ،‬بناء على اطر قانونية وتنظيمية‪ ،‬وطنية‬
‫ودولية‪ ،‬حتدد الأوىل �صالحياتها‪ ،‬وجمال عملها‪ ،‬وتراتبية وا�صول اتخاذ القرارات‪ ،‬اخلا�صة مبمار�سته‬
‫لدوره الوطني‪ ،‬بينما حتدد الثانية‪� ،‬رشعية الأعمال احلربية �أو الدفاعية‪ ،‬يف مواجهة البلدان االخرى‪.‬‬
‫ويتم االمر الأخري‪ ،‬انطالقا من املعاهدات واالتفاقات الدولية‪ ،‬التي تلتزم بها ال�سلطات ال�سيا�سية املعنية‪،‬‬
‫جتاه املجتمع الدويل‪.‬‬
‫اال ان هذه القواعد واالطر التقليدية‪ ،‬ال ميكن الركون اليها‪ ،‬يف جمال اال�ضطالع مبهمات الدفاع‬
‫واحلماية‪ ،‬والهجوم‪ ،‬يف الف�ضاء ال�سيرباين‪ ،‬كونها �أقرت قبل ظهوره‪ .‬وعليه‪ ،‬ما زالت احلرب ال�سيربانية‪،‬‬
‫خارج هذه القواعد‪ ،‬وتعترب القواعد اخلا�صة بها‪ ،‬مثرية للجدل‪ ،‬باعتبارها تطاول جماال حديثا‪ .‬هذا‪،‬‬
‫عدا عن انها تهيئ ار�ضية خ�صبة‪ ،‬للتعر�ض للحريات واحلقوق املدنية‪ ،‬من قبل ال�سلطات الأمنية‪.‬‬
‫وعلى �سبيل املثال‪ ،‬فقد ا�ستخدمت الإدارة الأمريكية‪ ،‬بعد احلادي ع�رش من �سبتمرب ‪ ،2001‬مربر‬
‫“مكافحة الإرهاب”‪ ،‬كذريعة ال�ستخدامها تقنيات حديثة للرقابة‪ ،‬على مواقع االنرتنت‪ ،‬واالت�صاالت‬
‫الهاتفية‪ ،‬وت�صميم برامج �إلكرتونية للتج�س�س‪ .‬ويجري العمل‪ ،‬يف بع�ض البلدان الأوروبية‪ ،‬ويف‬
‫طليعتها املانيا‪ ،‬على ت�صميم فريو�سات م�شابهة لتلك التي ي�ستخدمها القرا�صنة والإرهابيون‪ ،‬ميكنها‬
‫اخرتاق �أجهزة احلا�سوب واالت�صال‪ ،‬اخلا�صة بهم‪ ،‬مل�ساعدة الأجهزة املعنية‪ ،‬على ر�صد الهجمات‪.‬‬
‫ً‬
‫انتهاكا للحقوق‬ ‫اال �أن هذا االمر ي�شكل‪ ،‬بح�سب العديد من الهيئات الت�رشيعية‪ ،‬واخلرباء القانونيني‪،‬‬
‫واحلريات املدنية‪ .‬ولعل �أبرز املخاوف‪ ،‬تلك املتعلقة بانتهاك احلق يف اخل�صو�صية‪ ،‬نتيجة ا�ستخدام‬
‫تقنيات الر�صد والتن�صت واملراقبة وجمع املعلومات‪ ،‬ال�سيما منها تلك احل�سا�سة‪.‬‬
‫وقد �أثارت ف�ضيحة التج�س�س‪ ،‬التي تقوم بها الواليات املتحدة الأمريكية‪ ،‬خماوفا �أكرث جدية‪ ،‬على �سالمة‬
‫العالقات بني الدول‪ ،‬وعلى احلقوق واحلريات ال�شخ�صية[‪ .[[15‬فماذا لو قررت �إحدى الدول الرد على‬
‫هذه االعتداءات الأمريكية‪ ،‬باعتبارها اعتداء على �أمن املواطنني لديها‪ ،‬والأمن القومي؟ وماذا لو �سبب‬
‫الرد ب�أ�رضار مادية رتبت خ�سائر ب�رشية‪ ،‬نتيجة انطالق �أ�سلحة‪� ،‬أو مواد �سامة‪� ،‬أو نتيجة ا�ضطراب �أو‬
‫توقف �شبكات حيوية‪ ،‬كالنقل‪ ،‬وال�صحة‪ ،‬والطاقة؟‬
‫ويبقى الأخطر‪ ،‬غياب تعريف متفق عليه‪ ،‬ملا ميكن اعتباره حربا �سيربانية‪ ،‬يقر للدولة امل�ستهدفة‪ ،‬احلق‬
‫يف الرد‪ .‬فقد ن�رشت فران�س ‪ 24‬خربا‪ ،‬عن اقتحامات �أنظمة معلومات‪ ،‬ل�رشكات تتوىل �إدارة موارد‬
‫‪[150] NSA Prism surveillance scandal downplayed by UK government - William Hague denies GCHQ tried to bypass privacy‬‬
‫‪laws, as classified papers show Britain had access to Prism since 2010. http://www.guardian.co.uk/world/2013/jun/09/nsa-‬‬
‫‪prism-uk-government‬‬
‫�صفحة رقم ‪78‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫الطاقة يف �أمريكا‪ ،‬من قبل قرا�صنة ايرانيني‪ ،‬ا�ستهدفت جمع معلومات‪ ،‬بهدف توجيه �رضبة �إىل هذا‬
‫القطاع‪ ،‬بح�سب الأمريكيني[‪.[[15‬‬
‫اال �أن احلر�ص على اخل�صو�صية‪ ،‬واحلاجة �إىل احلفاظ على الأمن القومي‪ ،‬ومكافحة الإرهاب‪ ،‬ال يجب‬
‫ان تتحول �إىل حجة‪ ،‬لإقرار قوانني متنع النفاذ �إىل ال�شبكة العاملية للمعلومات‪ ،‬ال�سيما وان هذه الأخرية‪،‬‬
‫قد اثبتت دورها‪ ،‬خالل ما اطلق عليه م�سمى «الربيع العربي» يف ح�شد ودعم اجلهود‪ ،‬للدفاع عن‬
‫احلقوق الإن�سانية[‪ ،[[15‬ومناه�ضة الظلم‪ ،‬والأنظمة الديكتاتورية‪.‬‬
‫لهذه الأ�سباب‪ ،‬جتهد بع�ض الدول‪ ،‬لإقرار قوانني ت�سمح لها بالتج�س�س على الإنرتنت‪ ،‬مبوجب �إذن‬
‫ق�ضائي‪.‬‬
‫فقد اقرت جمموعة من املتخ�ص�صني‪ ،‬يف درا�سة حول القانون الواجب التطبيق‪ ،‬على احلرب ال�سيربانية‪،‬‬
‫و�ضعت بناء على طلب مركز الدفاع ال�سيرباين‪ ،‬التابع للناتو‪ ،‬بحق الدول يف الرد‪ ،‬بطريقة تتنا�سب‬
‫و�أهمية اال�رضار‪ ،‬التي احلقها الهجوم ال�سيرباين‪ ،‬مب�صاحلها[‪ .[[15‬وا�ستندت الدرا�سة �إىل القانون الدويل‪،‬‬
‫ال�سيما منه قاعدة ‪ ،jus ad bellum‬التي تربر الأعمال الع�سكرية‪� ،‬ضد بلد �آخر‪ ،‬وقاعدة ‪،jus in bello‬‬
‫التي حتكم الت�رصف‪ ،‬يف النزاعات الع�سكرية‪.‬‬
‫ويف الرابع من �شهر ني�سان (ابريل) ‪ ،2013‬ن�رشت �صحيفة �أمريكا اليوم[‪ ،[[15‬خربا عن و�ضع البنتاغون‬
‫للم�سات الأخرية‪ ،‬على قواعد تعطي القيادة الع�سكرية‪� ،‬صالحيات وا�ضحة‪ ،‬للرد على الهجمات‬
‫ال�سيربانية‪.‬‬
‫ويثري هذا الواقع‪� ،‬أ�سئلة كثرية‪ ،‬لي�س �أقلها‪ :‬ماذا عن ا�ستهداف الأعمال اجلرمية‪ ،‬واالعتداءات‪ ،‬للبنية‬
‫التحتية وتدمريها �أو تعطيلها؟ ومتى ميكن اعتبار هذه الأعمال حربية؟ وهل ي�ؤثر يف ذلك‪ ،‬كون املعتدي‬
‫فردا �أو دولة؟ وماذا لو كان الفرد‪ ،‬مقيما يف الدولة التي انطلق منها االعتداء‪ ،‬وال يحمل جن�سيتها؟‬
‫وكيف يحدد املدى اجلغرايف للرد؟ وماذا عن حقوق الأفراد واملواطنني؟ وكيف ت�ؤمن حماية املدنيني؟‬

‫‪[151] La cybermenace iranienne donne des sueurs froides à Washington- Dernière modification : 24/05/2013 - http://www.‬‬
‫‪france24.com/fr/20130524-iran-cyberattaque-piratage-hacker-energie-amerique-menace-banque-informatique-internet‬‬
‫‪- Iran Hacks Energy Firms, U.S. Says Oil-and-Gas, Power Companies’ Control Systems Believed to Be Infiltrated; Fear of‬‬
‫‪Sabotage Potential- http://online.wsj.com/article/SB10001424127887323336104578501601108021968.html‬‬
‫وبالنظر إىل أن اإلنرتنت أصبحت أداة الغنى عنها لتحقيق عدد من مبادئ حقوق اإلنسان‪ ،‬ومكافحة عدم املساواة‪ ،‬وترسيع التنمية والتقدم اإلنساين‪ ،‬ينبغي ضامن ]‪[152‬‬
‫حصول الجميع عىل خدمة شبكة اإلنرتنت وأن يكون من أولويات جميع الدول‬
‫‪[153] The Tallinn Manual on the International Law applicable to Cyber Warfare commissioned by NATO- http://www.google.‬‬
‫‪com.lb/url?sa=t&rct=j&q=&esrc=s&frm=1&source=web&cd=2&ved=0CDIQFjAB&url=http%3A%2F%2Fwww.nowandfutures.‬‬
‫‪com%2Flarge%2FTallinn-Manual-on-the-International-Law-Applicable-to-Cyber-Warfare-Draft-.pdf&ei=CFKgUe_nDeTA7Aaa‬‬
‫‪4IGAAw&usg=AFQjCNEXPidhfqVoJCLjyQksHEChc1CC3Q&sig2=ne5xXDgk6IzEee1Hfd2sgw&bvm=bv.47008514,d.bGE‬‬
‫‪[154] Jim Michaels5:47 p.m. EDT April 4, 2013-http://www.usatoday.com/story/news/nation/2013/04/04/pentagon-wants-‬‬
‫‪cyber-war-rules-of-engagement/2054055/‬‬
‫�صفحة رقم ‪79‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫‪ .10‬ال�صالحيات وامل�س�ؤوليات‬
‫مقابل التو�سع التقني‪ ،‬والتطور الهائل‪ ،‬ازدادت التحديات القانونية الناجتة عن ا�ستخدام و�سائل‬
‫االت�صاالت واملعلومات‪ ،‬وبرزت حقوق جديدة‪ ،‬كاحلق يف النفاذ �إىل ال�شبكة[‪ ،[[15‬واحلق يف الو�صول‬
‫�إىل املعلومات‪ ،‬واقرت موجبات على الدولة‪ ،‬لناحية �رضورة ت�سخري التقنيات يف النمو والتنمية‪ ،‬و�إيجاد‬
‫االطر الت�رشيعية والتنظيمية املنا�سبة‪ ،‬لتعزيز الثقة يف الف�ضاء ال�سيرباين‪ ،‬وتعميم ثقافة الأمن ال�سيرباين‪.‬‬
‫هذا‪� ،‬إىل جانب ما �أفرزته اجلرائم ال�سيربانية‪ ،‬و�أخطار احلرب ال�سيربانية‪ ،‬من حتديات‪ ،‬ت�ستدعي �إيجاد‬
‫�أطر حتديد للم�س�ؤوليات‪ ،‬ولقواعد ردع االعتداءات واجلرائم‪ ،‬و�إنزال العقوبات اخلا�صة بها‪ ،‬يف حال‬
‫حدوثها‪.‬‬
‫ويظهر هذا االمر جليا‪ ،‬يف غياب تعريفات قانونية وا�ضحة‪ ،‬ومتفق عليها‪ ،‬للأعمال اجلرمية ال�سيربانية‪،‬‬
‫والأعمال ال�سيربانية احلربية‪ .‬ي�ضاف �إىل ذلك‪ ،‬ما يرتكه من �آثار‪ ،‬على م�ستوى حتديد ال�صالحيات‬
‫القانونية‪ ،‬واحلق يف املتابعة‪ ،‬والقدرة على جمع الأدلة‪ ،‬بطريقة موثوقة‪ ،‬والقوة الثبوتية للأدلة‪ ،‬والقيمة‬
‫القانونية للإجراءات االحتياطية والتنفيذية‪.‬‬
‫فبالرغم من غمو�ض مفهوم احلرب ال�سيربانية‪ ،‬اال انه باالمكان اعتبارها‪ ،‬عملية ا�ستخدام تقنيات‬
‫املعلومات واالت�صاالت‪ ،‬يف �سياق نزاع م�سلح‪� ،‬أو حت�ضرياً له‪ ،‬كما ح�صل يف احلرب الرو�سية على‬
‫جورجيا يف العام ‪ ،2008‬عندما هوجمت جميع املواقع احلكومية‪ ،‬وتعطلت االت�صاالت‪ ،‬و�شلت بني‬
‫خمتلف اجهزة الدولة‪ ،‬واملواطنني‪ .‬اال ان احلرب ال�سيربانية بالت�أكيد‪ ،‬تختلف‪� ،‬أقله من حيث �أ�سبابها‪،‬‬
‫وهدفها‪ ،‬عن عمليات الت�سلل اىل االنظمة‪ ،‬جلمع بيانات �أو ت�صديرها �أو �إتالفها �أو تغيريها �أو ت�شفريها‪،‬‬
‫وعن عمليات ال�سيطرة على االنظمة‪ ،‬وتبديلها �أو التالعب بها‪.‬‬
‫وغني عن القول‪ ،‬ان العامل قد عرف نوعا من هذه ال�صعوبات‪ ،‬مع املجاالت االخرى‪ ،‬كاملجالني‬
‫اجلوي والبحري‪ ،‬وا�ستخدام الف�ضاء‪� ،‬أي يف املجاالت‪ ،‬التي تفر�ض طبيعة الن�شاطات فيها جتاوز‬
‫احلدود‪ ،‬واالتفاق على �إدارة امل�سائل‪ ،‬التي تقوم على �إيجاد التوازن بني �رضورات التنمية‪ ،‬ومبد�أ احرتام‬
‫�سيادة الدول‪ ،‬واحلفاظ على �رسية ما تراه �رضوريا لأمنها‪ ،‬من مواقع ومناطق لديها‪ .‬كما تعمل الدول‬
‫جمتمعة‪ ،‬على تنظيم العديد من امل�سائل ذات االنعكا�سات القانونية‪ ،‬يف زمن احلروب‪ ،‬ك�رضورة حتييد‬
‫املدنيني‪ ،‬واحرتام مبدا الرد املنا�سب حلجم االعتداءات‪ ،‬وعدم االعتداء على حقوق الإن�سان‪ ،‬وغريها‪،‬‬
‫االمر الذي ي�ستدعي م�س�ؤولية الدول عن عدم االلتزام بذلك‪ .‬هذا‪ ،‬ويفرت�ض بكل دولة‪ ،‬ان ت�ؤمن‬
‫االطر الت�رشيعية الالزمة‪ ،‬التي ت�ضمن عدم حتولها �إىل جنات للجرمية‪ ،‬يف امل�سائل التي ميكن ان ت�ؤثر على‬
‫اال�ستقرار وال�سلم الدوليني‪ ،‬مثل حال اجلرائم العابرة للحدود‪� ،‬سواء منها االقت�صادية‪ ،‬كغ�سل الأموال‪،‬‬
‫واالجتار باملواد املمنوعة والأ�سلحة‪� ،‬أو الإن�سانية كاالجتار بالرقيق‪ ،‬والأع�ضاء الب�رشية‪.‬‬
‫و�إذا كان واقع احلال‪ ،‬ي�ؤكد على �رضورة التعاون الدويل‪ ،‬اال �أن االتفاقات الدولية‪ ،‬يف هذا املجال‪ ،‬ما‬
‫زالت يف بداياتها‪ ،‬بالرغم من احلاجة املا�سة �إىل اال�رساع يف تطويرها‪ ،‬واالن�ضمام �إليها‪ ،‬مبا ي�ضمن لي�س ‬
‫�سالمة الإن�سان واملجتمع فقط‪ ،‬بل ومبا ي�ضمن حقوق الدول‪ ،‬و�سيادتها‪ ،‬واال�ستقرار وال�سلم الدوليني‪.‬‬

‫فقد اعترب تقرير صادر عن األمم املتحدة يف ‪ 3‬حزيران‪/‬يونيو ‪ ،2011‬أن الحصول عىل خدمة اإلنرتنت حق من حقوق اإلنسان األساسية ]‪[155‬‬
‫�صفحة رقم ‪80‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫‪ .11‬خطوات ال بد منها‬
‫بهدف الدفاع الفاعل عن الأمن القومي‪ ،‬حتتاج اجليو�ش‪� ،‬إىل نقلة نوعية‪ ،‬ترتبط بال�سعي اجلاد �إىل الإفادة‬
‫من تقنيات املعلومات واالت�صاالت‪ ،‬ومنع ح�صول فجوة ت�ؤدي �إىل ت�رسب املخاطر منها‪ .‬كما ينبغي‬
‫االهتمام‪ ،‬ب�إعداد الكفاءات العلمية والتقنية الوطنية‪ ،‬وح�شد اجلهود‪ ،‬يف �إطار خطة ت�ستهدف مواكبة‬
‫التطورات التقنيات احلا�صلة‪ ،‬يف جمال ال�ش�ؤون الع�سكرية‪ .‬هذا عدا‪ ،‬عن �رضورة �إيجاد االطر الت�رشيعية‬
‫والتنظيمية املنا�سبة‪ ،‬وتخ�صي�ص املوارد املالية الكافية لأعمال البحث‪ ،‬والت�أهيل‪ ،‬والتدريب‪ ،‬والتطوير‬
‫يف املجال الع�سكري‪ ،‬والتعاون مع مراكز االبحاث‪ ،‬واجلامعات‪ ،‬والقطاع اخلا�ص‪ ،‬لتعزيز القوى‬
‫الأمنية‪ ،‬وحتقيق التعاون فيما بينها‪ ،‬يف جميع املجاالت التقنية والقانونية‪.‬‬
‫�أما اخلطوة ال�رضورية يف املدى القريب‪ ،‬فيمكن �أن تكون �إن�شاء غرفة عمليات متخ�ص�صة‪ ،‬يف مراقبة‬
‫الهجمات ال�سيربانية‪ ،‬التي تتعر�ض لها �أنظمة معلومات امل�ؤ�س�سات احل�سا�سة‪ ،‬كتلك اخلا�صة بالدفاع‬
‫واجلي�ش‪ ،‬وامل�ؤ�س�سات الأمنية‪ ،‬من قبل كادرات قادرة على احباطها‪ ،‬واحلد من �آثارها‪ .‬ومن االف�ضل‪،‬‬
‫�أن تعمل هذه الغرفة‪ ،‬بوترية تتنا�سب مع نب�ض الف�ضاء ال�سيرباين‪� ،‬أي على مدار ‪� 24‬ساعة يوميا‪ ،‬كي‬
‫تتمكن من ال�سهر‪ ،‬على ت�أمني احلماية الالزمة‪ ،‬لهذه الأنظمة‪.‬‬
‫قيا�سا على ما تقدم‪ ،‬وعلى التو�صيات ال�صادرة‪ ،‬عن خمتلف الهيئات الدولية املتخ�ص�صة[‪ ،[[15‬ب�شكل عام‪،‬‬
‫وعن االحتاد الدويل لالت�صاالت‪ ،‬وخطته «لتعزيز الأمن ال�سيرباين العاملي»‪ ،‬ب�شكل خا�ص‪ ،‬وا�ستنادا �إىل‬
‫حقيقة ان املوازنة الع�سكرية‪ ،‬هي الو�سيلة التي ت�سمح بتنفيذ اال�سرتاتيجيات‪ ،‬وال�سيا�سات الوطنية يف‬
‫جمال الدفاع‪ ،‬بات لزاما‪ ،‬ان تت�ضمن بنودا خا�صة‪ ،‬باالمور التالية‪:‬‬
‫ •التجهيزات االلكرتونية املتطورة‪� ،‬سواء �أكانت اجهزة �أو برامج‪� ،‬أو من�صات‪� ،‬أو تطبيقات‪ ،‬ال�سيما‬
‫منها‪ ،‬تلك التي ت�ضمن حماية االنظمة واملعلومات‪.‬‬
‫ •تدريب حمققني و�ضباط‪ ،‬جلمع االدلة الرقمية وحتليلها‪ ،‬ومواكبة امل�ستجدات‪ ،‬والتعاون مع‬
‫االجهزة املماثلة‪.‬‬
‫ •�إيجاد �آليات تعاون مع القطاع اخلا�ص‪ ،‬حيث الكفاءات العالية‪ ،‬وت�سخريه كخط دفاع �أول‪،‬‬
‫ل�ضمان حماية االنظمة واملعلومات‪ ،‬والعمليات الع�سكرية‪.‬‬
‫ •و�ضع �آلية للمراقبة‪ ،‬والإنذار‪ ،‬والرد املبكر‪ ،‬مع �ضمان قيام التن�سيق عرب احلدود‪.‬‬
‫ •بناء القدرات الب�رشية‪ ،‬وامل�ؤ�س�ساتية‪ ،‬لتعزيز املعرفة وللتمكني‪ ،‬يف جميع املجاالت املعلوماتية‪.‬‬
‫ •التقييم امل�ستمر لربامج احلماية‪ ،‬واملكافحة والآليات القانونية املتبعة‪.‬‬
‫ •اعتماد تقنيات الت�شفري‪ ،‬يف حفظ امللفات الع�سكرية كافة‪.‬‬

‫مجموعة الدول الثامين‪ ،‬االتحاد الدويل لالتصاالت‪ ،‬الهيئة العامة لألمم املتحدة‪ ،‬مجلس أوروبا واالتحاد االورويب ]‪[156‬‬
‫�صفحة رقم ‪81‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫}الف�صل ال�ساد�س {‬
‫الإرهاب ال�سيرباين‬

‫ي�شكل الإرهاب ال�سيرباين‪ ،‬نوعا من �أنواع النزاعات ال�سيربانية‪ .‬و�سن�ستند يف مقاربته‪� ،‬إىل املبد�أ القائل‪،‬‬
‫بان انتقال الن�شاطات الإن�سانية �إىل الف�ضاء ال�سيرباين‪ ،‬حمل معه م�شاكل وتعقيدات هذه الن�شاطات‪،‬‬
‫ال�رشعية منها وغري ال�رشعية‪ ،‬ومن مبد�أ‪ ،‬ان ما هو غري �رشعي يف احلياة املادية‪ ،‬ويف املجتمع التقليدي‪،‬‬
‫خارج تقنيات املعلومات واالت�صاالت‪ ،‬يبقى غري �رشعي‪ ،‬على االنرتنت ويف الف�ضاء ال�سيرباين‪ .‬وال‬
‫بد لنا من التوقف‪ ،‬عند مدلول الإرهاب يف العامل املادي‪ ،‬قبل االنتقال �إىل الإرهاب الإلكرتوين‪ .‬مع‬
‫مالحظة‪ ،‬ان الهدف لي�س درا�سة معمقة‪ ،‬وال حتليال لتعريفات الإرهاب وو�سائله‪ ،‬وامنا ت�أطريا للإرهاب‬
‫الإلكرتوين‪ ،‬وحماولة تو�ضيح للم�سائل املحيطة به‪ .‬لذلك‪ ،‬نبد�أ من تعريف الإرهاب‪.‬‬

‫‪ .1‬تباين يف املفاهيم‬
‫عرف ابن خلدون الإرهاب يف مقدمته على انه‪”:‬القهر والبط�ش بالعقوبات والتنكيل‪ ،‬والك�شف عن‬
‫عورات النا�س”‪ .‬وعليه‪ ،‬فقد رافقت هذه الأعمال‪ ،‬املجتمعات الب�رشية‪ ،‬منذ ظهورها‪ ،‬وترجمت عمليا‪،‬‬
‫من خالل جلوء فرد معني �أو جماعة‪� ،‬إىل بث اخلوف والرعب‪ ،‬لدى �أفراد �أو جماعات اخرى‪� ،‬سعيا‬
‫لتحقيق �أهداف معينة‪ ،‬غالبا ما متحورت حول نهب و�سلب املقتنيات املادية‪ ،‬واالرا�ضي‪ ،‬واملحا�صيل‪.‬‬
‫لكن ممار�سته‪ ،‬كو�سيلة ال�سرتداد حق‪� ،‬أو �أر�ض‪� ،‬أو ممتلكات و�سلطة‪ ،‬اوجدت اختالفا حول النظرة اليه‪،‬‬
‫وحول �رشعية الأعمال التي ميثلها‪ .‬واىل هنا ترجع الكثري من اخلالفات حول تعريفه‪ .‬وعلى �سبيل املثال‬
‫ال احل�رص‪ ،‬تطرح م�س�ألة تو�صيف اعمال بث الرعب‪ ،‬واثارة البلبلة‪ ،‬والتفجري‪ ،‬والقتل‪ ،‬التي ميار�سها‬
‫املقاومون يف مواجهة االحتالل‪.‬‬
‫وهنا �أي�ضا‪ ،‬تدخل اعتبارات كثرية‪ ،‬لي�س �أقلها ال�سيا�سية منها‪ .‬فما اعترب مقاومة فرن�سية يف مواجهة‬
‫االحتالل االملاين‪ ،‬ال نراه يطبق على املقاومة الفل�سطينية‪ ،‬يف مواجهة االحتالل اال�رسائيلي‪ .‬كما اعتربت‬
‫الأعمال الإرهابية‪ ،‬التي مور�ست من قبل ال�شيوعيني املارك�سيني‪ ،‬يف رو�سيا‪� ،‬ضد القي�رص وعائلته‬
‫والطبقة احلاكمة‪ ،‬ثورة جميدة‪ ،‬بينما �رصح لينني نف�سه‪ ،‬عرب اعدامه �أفراد اجلي�ش االبي�ض دون حماكمة‪ ،‬ان‬
‫الأمن الداخلي‪ ،‬ال يقوم �إال بن�رش الذعر والهلع‪ ،‬بني اعداء الثورة‪.‬‬
‫يف املقابل‪ ،‬يعترب التمرد على �أوامر احلاكم يف بلدان اخرى‪ ،‬متردا وع�صيانا‪� ،‬أو خيانة وطنية‪ ،‬ي�ستدعيان‬
‫العقاب‪ .‬واالمثلة هنا‪ ،‬لي�ست للدخول يف حتليل و�رشح اال�سباب الكامنة وراء ذلك‪ ،‬واملربرات �أو‬
‫امل�سائل االخرى املت�صلة‪ ،‬وامنا فقط للإ�شارة �إىل ارتباط االختالف بجذور ثقافية‪ ،‬و�سيا�سية‪ ،‬وفكرية‪.‬‬
‫فبعيدا عن االنرتنت‪ ،‬والف�ضاء ال�سيرباين‪ ،‬يقوم الإرهاب على �أفعال مادية‪ ،‬تنفذ من قبل �أ�شخا�ص‪،‬‬
‫وتطاول �أ�شخا�صا �آخرين‪� ،‬أو م�صاحلهم‪ ،‬و�أموالهم و�سالمتهم ال�شخ�صية �أو النف�سية‪ ،‬كما تطاول الدول‬
‫�صفحة رقم ‪82‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫وم�صاحلها ال�سيا�سية‪ ،‬واالقت�صادية‪ ،‬ومواردها‪ ،‬ومن�ش�آتها‪ ،‬وغري ذلك‪ .‬وقد عرفت االتفاقية الدولية‬
‫ملكافحة الإرهاب‪ ،‬ال�صادرة يف جنيف عام ‪ ،[[15[1937‬الإرهاب ب�أنه‪« :‬الأفعال الإجرامية املوجهة‬
‫�ضد �إحدى الدول‪ ,‬والتي يكون هدفها‪� ،‬أو من �ش�أنها �إثارة الفزع �أو الرعب لدى �شخ�صيات معينة‪� ،‬أو‬
‫جماعات من النا�س‪� ،‬أو لدى العامة» [‪ .[[15‬اال ان هذه االتفاقية‪ ،‬مل تدخل حيز التنفيذ‪� ،‬إىل يومنا هذا‪،‬‬
‫نتيجة اخلالف على مدلول هذا التعريف‪ ،‬حيث اعتربه البع�ض غري وا�ضح‪ ،‬بينما اعترب البع�ض الآخر‪،‬‬
‫ان هدف العمليات الإرهابية‪ ،‬لي�س اثارة الرعب‪ ،‬بل ان الرعب هو و�سيلة لتنفيذ �أعمال ذات �أهداف‬
‫�سيا�سية‪.‬‬
‫يف كل االحوال‪ ،‬مل تتمكن دول العامل‪ ،‬حتى اليوم‪ ،‬من و�ضع تعريف موحد للإرهاب‪ .‬فاىل تعريف‬
‫الإرهاب على انه «عمليات يرتكبها الأفراد �أو املجموعات» ت�رص بع�ض الدول‪ ،‬على �إ�ضافة «�إرهاب‬
‫الدولة»‪ .‬وقد اكتفى البع�ض‪ ،‬بتحديد بع�ض عنا�رصه[‪ ، [[15‬على ما ت�شري اليه عدد من الوثائق الدولية‪،‬‬
‫مثل اتفاقية قمع الإرهاب‪ ،‬ال�صادرة عن املجل�س الأوروبي يف ‪ 10‬ت�رشين الثاين‪ ،‬نوفمرب‪،1976 ،‬‬
‫واتفاقيتني �صادرتني عن الأمم املتحدة‪ ،‬الأوىل حول اختطاف رهائن يف ‪ 17‬كانون الأول‪ ،‬دي�سمرب‬
‫‪ ،1979‬والثانية حول قمع االعتداءات مبواد متفجرة يف ‪ 15‬كانون الأول‪ ،‬دي�سمرب‪.1997 ،‬‬
‫على خط مواز‪ ،‬تعددت التعريفات‪ ،‬التي اعتمدتها بع�ض الدول‪ ،‬يف �سياق عالقاتها بني بع�ضها البع�ض‪،‬‬
‫ويف �إطار املجموعات التي تنتمي اليها‪.‬‬
‫فقد عمد االحتاد الأوروبي‪ ،‬مثال‪� ،‬إىل ت�صنيف �أعمال اجلناح الع�سكري‪ ،‬يف «حزب اهلل»‪ ،‬بالإرهابية‪،‬‬
‫بينما منع هذا الت�صنيف عن الأعمال ال�صادرة عن «اجلناح ال�سيا�سي»‪ ،‬فيه[‪ .[[16‬وبغ�ض النظر عن املواقف‬
‫ال�شخ�صية من هذا االمر‪ ،‬ال بد من مالحظة اللب�س الذي ي�ؤدي اليه هذا الت�صنيف‪ ،‬كما حماولة االيحاء‪،‬‬
‫بان هنالك متييزا بني جناحني‪ ،‬يخ�ضعان لنف�س القرار‪ ،‬واىل اعمال تنفذ بتعليمات و�أوامر �صادرة‪ ،‬عن‬
‫نف�س اجلهة‪.‬‬
‫من جهتها‪ ،‬ا�صدرت الواليات املتحدة الأمريكية‪ ،‬قانونا اعتربت مبوجبه «حزب اهلل منظمة �إرهابية»‪،‬‬
‫كما اعتمد «جمل�س التعاون اخلليجي[‪ ،»[[16‬هذا التو�صيف �أي�ضا‪.‬‬
‫وت�ؤ�رش قرارات االحتاد الأوروبي‪ ،‬والواليات املتحدة‪ ،‬كما دول اخلليج‪� ،‬إىل معوقات التو�صل �إىل ن�ص‬
‫موحد على امل�ستوى الدويل‪ ،‬نتيجة ارتباط هذا الت�صنيف‪� ،‬أحيانا كثرية‪ ،‬مب�صالح الدول‪ ،‬ولي�س ب�صالح‬
‫املجتمع الدويل ككل‪.‬‬
‫على امل�ستوى العملي‪ ،‬تطبق بع�ض القرارات والقوانني يف �إطار فردي وحمدود‪ .‬فالت�صنيف يطاول �أحيانا‬

‫‪[157] http://adala.justice.gov.ma/production/Conventions/ar/Conv_Arabe/CA_Lutte_contre_terrorisme.htm‬‬
‫‪[158] « faits criminels dirigés contre un État et dont le but ou la nature est de provoquer la terreur chez des personnalités‬‬
‫_‪déterminées, des groupes de personnes ou dans le public ». - http://legal.un.org/avl/pdf/ls/RM/LoN_Convention_on‬‬
‫‪Terrorism.pdf‬‬
‫‪[159] la convention du Conseil de l›Europe du 10 novembre 1976 pour la répression du terrorisme‬‬
‫‪- la convention des Nations Unies du 17 décembre 1979 sur la prise d›otages‬‬
‫‪- la convention des Nations Unies du 15 décembre 1997 sur la répression des attentats terroristes à l›explosif‬‬
‫‪[160] The US, Canada and Australia have also listed Hezbollah as a «terrorist» group. The EU has blacklisted its military wing.‬‬
‫‪http://www.aljazeera.com/news/2016/03/gcc-declares-lebanon-hezbollah-terrorist-group-160302090712744.html‬‬
‫‪[161] GCC declares Lebanon›s Hezbollah a ‹terrorist› group - Gulf countries announce the decision amid an ongoing row with‬‬
‫‪the Lebanese group over involvement in regional conflicts. - http://www.aljazeera.com/news/2016/03/gcc-declares-lebanon-‬‬
‫‪hezbollah-terrorist-group-160302090712744.html‬‬
‫�صفحة رقم ‪83‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫جمموعة من الأفراد‪ ،‬ولي�س دولة‪ .‬وقد �أكدت دول اخلليج على �سبيل املثال‪ ،‬كما الإدارة الأمريكية‪،‬‬
‫ان مفاعيل القرار‪ ،‬كما القانون‪ ،‬تعني بع�ض الأفراد املتعاطفني �أو املنتمني �إىل هذا احلزب‪ ،‬وال تعني‬
‫العالقات مع الدولة اللبنانية‪.‬‬
‫لقد �أطلقت احداث �أيلول الإرهابية‪� ،‬ضد مركزي التجارة الدولية‪ ،‬يف مدينة نيويورك الأمريكية‪،‬‬
‫ديناميكية جديدة يف حماربة «الإرهاب الدويل‪ .‬وتتحرك هذه الدينامية‪ ،‬يف �إطار نظام يقوم على احكام‬
‫ملزمة يف القانون الدويل‪ ،‬ويتكون من بع�ض االتفاقيات الدولية ال�سارية املفعول [‪ ، [[16‬وبع�ض القرارات‬
‫الدولية امللزمة‪� ،‬إ�ضافة �إىل قوانني و�ضعية واتفاقات ثنائية‪� ،‬أو �إقليمية‪ ،‬بني الدول‪ .‬وتقر الأوىل هذه‬
‫املكافحة‪ ،‬يف جماالت خمتلفة‪ ،‬مثل‪ :‬النقل اجلوي والربي واملجال املايل‪ .‬وتندرج يف هذا ال�سياق‪� ،‬أعمال‬
‫القر�صنة‪ ،‬وخطف الطائرات‪ ،‬والتفجريات الإرهابية‪ ،‬ومتويل الإرهاب‪ .‬بينما ت�ستند الثانية‪� ،‬إىل �رشعية‬
‫والزامية القرارات ال�صادرة عن الأمم املتحدة‪ ،‬بالن�سبة جلميع الدول الأع�ضاء‪ ،‬ال�سيما و�أنها ت�صدر‬
‫ا�ستنادا �إىل الف�صل ال�سابع من امليثاق‪.‬‬
‫ولعل القرار ‪ ،2249‬ال�صادر يف ‪ 20‬ت�رشين الثاين (نوفمرب) من العام ‪ ،2015‬هو املثال على القرارات‬
‫الدولية‪ ،‬التي تتخذ يف هذا املجال‪ .‬فقد ا�ستند هذا القرار‪ ،‬يف �رضورة اتخاذ الإجراءات الالزمة ملنع‬
‫وقمع الأعمال الإرهابية‪ ،‬التي ترتكبها داع�ش‪ ،‬والن�رصة‪ ،‬والقاعدة‪� ،‬إىل الف�صل ال�سابع‪.‬‬
‫وبالعودة �إىل التعريفات‪ ،‬اعترب جممع البحوث العلمية يف الأزهر[‪ ،[[16‬الإرهاب‪ ،‬ب�أنه‪ :‬ترويع الأمنني‪،‬‬
‫وتدمري م�صاحلهم‪ ،‬ومقومات حياتهم‪ ،‬واالعتداء على �أموالهم‪ ،‬واعرا�ضهم وحرياتهم‪ ،‬وكرامتهم‬
‫الإن�سانية‪ ،‬بغيا واف�سادا يف الأر�ض‪.‬‬
‫�أما جممع الفقه الإ�سالمي‪ ،‬التابع لرابطة العامل الإ�سالمي فذهب يف تعريفه الإرهاب �إىل �أنه ‪« :‬العدوان الذي‬
‫ميار�سه �أفراد‪� ،‬أو جماعات‪� ،‬أو دول‪ ،‬بغي ًا على الإن�سان (دينه‪ ،‬ودمه‪ ،‬وعقله‪ ،‬وماله‪ ،‬وعر�ضه)‪ ،‬وي�شمل‬
‫�صنوف التخويف‪ ،‬والأذى‪ ،‬والتهديد‪ ،‬والقتل بغري حق‪ ،‬وما يت�صل ب�صور احلرابة‪ ،‬و�إخافة ال�سبيل‪ ،‬وقطع‬
‫الطريق‪ ،‬وكل فعل من �أفعال العنف‪� ،‬أو التهديد‪ ،‬يقع تنفيذاً مل�رشوع �إجرامي‪ ،‬فردي‪� ،‬أو جماعي‪ ،‬يهدف‬
‫�إىل �إلقاء الرعب بني النا�س‪� ،‬أو ترويعهم ب�إيذائهم‪� ،‬أو تعري�ض حياتهم‪� ،‬أوحريتهم‪� ،‬أو �أمنهم‪� ،‬أو �أحوالهم‪،‬‬
‫للخطر‪ ،‬ومن �صنوفه ‪� :‬إحلاق ال�رضر بالبيئة‪� ،‬أو ب�أحد املرافق‪ ،‬والأمالك العامة‪� ،‬أو اخلا�صة‪� ،‬أو تعري�ض �أحد‬
‫املوارد الوطنية‪� ،‬أو الطبيعية‪ ،‬للخطر‪ ،‬فكل هذا من �صور الف�ساد يف الأر�ض‪ ،‬التي نهى اهلل �سبحانه وتعاىل‬
‫امل�سلمني عنها يف قوله ( وال تبغ الف�ساد يف الأر�ض �إن اهلل ال يحب املف�سدين)[‪.[[16‬‬
‫بدورها‪ ،‬عرفت االتفاقية العربية ملكافحة الإرهاب‪ ،‬على انه‪« :‬كل فعل من �أفعال العنف‪� ،‬أو التهديد‬
‫به‪� ،‬أي ًا كانت دوافعه‪� ،‬أو �أغرا�ضه‪ ،‬يقع تنفيذاً مل�رشوع �إجرامي‪ ،‬فردي �أو جماعي‪ ،‬ويهدف �إىل �إلقاء‬
‫الرعب بني النا�س‪� ،‬أو ترويعهم ب�إيذائهم‪� ،‬أو تعري�ض حياتهم �أو حرياتهم �أو �أمنهم للخطر‪� ،‬أو �إحلاق‬

‫تفاقية طوكيو والخاصة بالجرائم واألفعال التي ترتكب عىل منت الطائرات واملوقعة بتاريخ ‪ 1963/09/14‬م ]‪[162‬‬
‫اتفاقية الهاي بشأن مكافحة االستيالء غري املرشوع عىل الطائرات واملوقعة بتاريخ ‪1970/12/ 16‬م ‪-‬‬
‫اتفاقية مونرتيال الخاصة بقمع األعامل غري املرشوعة املوجهة ضد سالمة الطريان املدين واملوقعة يف ‪1971/09/23‬م‪ ،‬والربتوكول امللحق بها واملوقع يف مونرتيال ‪- 1984/05/10‬‬
‫اتفاقية نيويورك الخاصة مبنع ومعاقبة الجرائم املرتكبة ضد األشخاص املشمولني بالحامية الدولية مبن فيهم املمثلون الدبلوماسيون واملوقعة يف ‪1973/12/14‬م ‪-‬‬
‫اتفاقية اختطاف واحتجاز الرهائن واملوقعة يف ‪1979/12/17‬م ‪-‬‬
‫اتفاقية األمم املتحدة لقانون البحار لسنة ‪1983‬م‪ ,‬ما تعلق منها بالقرصنة البحرية ‪-‬‬
‫‪[163] http://www.saaid.net/Doat/adel/8.htm?print_it=1‬‬
‫القصص‪[164] 77 /‬‬
‫�صفحة رقم ‪84‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫ال�رضر بالبيئة‪� ،‬أو ب�أحد املرافق �أو االمالك العامة �أو اخلا�صة‪� ،‬أو احتاللها‪� ،‬أو اال�ستيالء عليها‪� ،‬أو تعري�ض ‬
‫املوارد الوطنية للخطر»‪.‬‬
‫وقد �أ�صدر عدد من الدول العربية‪ ،‬قوانني خا�صة مبكافحة الإرهاب‪ ،‬نذكر منها‪ ،‬على �سبيل املثال‪:‬‬
‫ •مر�سوم �صادر يف �سلطنة عمان‪ ،‬عرفت الأعمال الإرهابية [‪ [[16‬على انها‪« :‬كل فعل من افعال‬
‫العنف �أو التهديد به‪ ،‬يقع تنفيذا مل�رشوع �إجرامي فردي �أو جماعي ولغر�ض �إرهابي ‪ ،‬ويكون‬
‫الغر�ض �إرهابيا �إذا كان يهدف �إىل �إلقاء الرعب بني النا�س‪� ،‬أو ترويعهم ب�إيذائهم‪� ،‬أو تعري�ض ‬
‫حياتهم �أو حرياتهم �أو �أمنهم �أو �أعرا�ضهم �أو حقوقهم للخطر ‪� ،‬أو �إحلاق ال�رضر بالبيئة �أو ب�أحد‬
‫املرافق �أو االمالك العامة �أو اخلا�صة �أو اال�ستيالء عليها‪� ،‬أو تعري�ض �أحد املوارد الوطنية للخطر ‪� ،‬أو‬
‫تهديد اال�ستقرار �أو ال�سالمة الإقليمية لل�سلطنة‪� ،‬أو وحدتها ال�سيا�سية‪� ،‬أو �سيادتها‪� ،‬أو منع �أو عرقلة‬
‫�سلطاتها العامة عن ممار�سة �أعمالها‪� ،‬أو تعطيل تطبيق �أحكام النظام الأ�سا�سي للدولة‪� ،‬أو القوانني‬
‫�أو اللوائح»‪.‬‬
‫ •�أما امل�رشع اللبناين‪ ،‬فقد عرف الإرهاب يف املادة ‪ 314‬من قانون العقوبات‪ ،‬على انه‪« :‬جميع‬
‫الأفعال‪ ،‬التي ترمي �إىل �إيجاد حالة ذعر‪ ،‬وترتكب بو�سائل كاالدوات املتفجرة‪ ،‬واملواد امللتهبة‬
‫واملنتجات ال�سامة �أو املحرقة‪ ،‬والعوامل الوبائية �أو املكروبية‪ ،‬التي من �ش�أنها �أن حتدث خطراً‬
‫عام ًا»‪ ..‬علما ان وزير العدل‪ ،‬اللواء ا�رشف ريفي‪ ،‬كان قد �أعد م�رشوع قانون‪ ،‬حلظ تعريفا‬
‫�أكرث �شمولية للإرهاب‪ ،‬وجاء فيه‪« :‬خالف ًا ل ّأي تعريف �آخر‪ُ ،‬يق�صد باجلرمية الإرهابية‪� ،‬أي فعل‬
‫منظم‪� ،‬صادر عن فرد �أو عن جمموعة من الأفراد‪ ،‬ب�أي و�سيلة من الو�سائل‪،‬‬ ‫منظم �أو غري ّ‬
‫تخريبي‪ّ ،‬‬
‫ال�سيا�سي للدولة‪،‬‬
‫ّ‬ ‫االجتماعي �أو‬
‫ّ‬ ‫بهدف ترهيب املجتمع وامل�سا�س ب�أمنه‪� ،‬أو بالأمن االقت�صادي �أو‬
‫والوطني»[‪.[[16‬‬
‫ّ‬ ‫أهلي‬
‫وتقوي�ض ال�سلم ال ّ‬
‫ّ‬
‫ •وجند يف القانون امل�رصي ‪ ،‬يف املادة الثانية‪ ،‬من قانون مكافحة الإرهاب‪ ،‬تعريفا للعمل الإرهابي‬
‫[‪[[16‬‬

‫بانه « كل ا�ستخدام للقوة �أو العنف �أو التهديد �أو الرتويع‪ ،‬يف الداخل �أو اخلارج‪ ،‬بغر�ض الإخالل‬
‫بالنظام العام‪� ،‬أو تعري�ض �سالمة املجتمع‪� ،‬أو م�صاحله‪� ،‬أو �أمنه‪ ،‬للخطر‪� ،‬أو �إيذاء الأفراد‪� ،‬أو �إلقاء‬
‫الرعب بينهم‪� ،‬أو تعري�ض حياتهم‪� ،‬أو حرياتهم‪� ،‬أو حقوقهم العامة‪� ،‬أو اخلا�صة‪� ،‬أو �أمنهم للخطر‪،‬‬
‫�أو غريها من احلريات واحلقوق‪ ،‬التي كفلها الد�ستور والقانون‪� ،‬أو الإ�رضار بالوحدة الوطنية‪� ،‬أو‬
‫ال�سالم االجتماعي‪� ،‬أو الأمن القومي‪� ،‬أو �إحلاق ال�رضر‪ ،‬بالبيئة �أو باملوارد الطبيعية‪� ،‬أو بالآثار‪� ،‬أو‬
‫بالأموال‪� ،‬أو باملباين‪� ،‬أو باالمالك العامة‪� ،‬أو اخلا�صة‪� ،‬أو احتاللها‪� ،‬أو اال�ستيالء عليها‪� ،‬أو منع �أو‬
‫عرقلة ال�سلطات العامة‪� ،‬أو اجلهات �أو الهيئات الق�ضائية‪� ،‬أو م�صالح احلكومة �أو الوحدات املحلية‪،‬‬
‫�أو دور العبادة �أو امل�ست�شفيات �أو م�ؤ�س�سات ومعاهد العلم‪� ،‬أو البعثات الدبلوما�سية والقن�صلية‪� ،‬أو‬
‫املنظمات والهيئات الإقليمية والدولية‪ ،‬يف م�رص‪ ،‬من القيام بعملها �أو ممار�ستها لكل �أو بع�ض �أوجه‬
‫ن�شاطها‪� ،‬أو مقاومتها‪� ،‬أو تعطيل تطبيق �أي من �أحكام الد�ستور‪� ،‬أو القوانني �أو اللوائح»‪.‬‬

‫نص املرسوم السلطاين رقم ‪ 8/2007‬بإصدار قانون مكافحة اإلرهاب ]‪[165‬‬


‫‪ - http://legal-agenda.com/article.php?id=1440&lang=ar‬مقرتح قانون إلنشاء محاكم متخصصة بجرائم اإلرهاب يف لبنان‪ :‬وعود ال تجاريها النصوص ]‪[166‬‬
‫]‪[167‬‬ ‫‪http://www.aljazeera.net/encyclopedia/events/2015/8/17/%D9%86%D8%B5%D9%82%D8%A7%D9%86%D9%88‬‬
‫‪%D9%86-%D9%85%D9%83%D8%A7%D9%81%D8%AD%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B1%D9%87%D8%A7%D8‬‬
‫‪%A8-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B5%D8%B1%D9%8A‬‬
85 ‫�صفحة رقم‬
)1( ‫ هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث‬:‫ال�سيربانية‬

‫ ظهور امل�صطلح‬.2
‫ وتو�سع االعتماد على تقنيات‬،‫ بظهور الف�ضاء ال�سيرباين‬،‫يرتبط ظهور م�صطلح الإرهاب ال�سيرباين‬
.‫ والدول‬،‫ وامل�ؤ�س�سات‬،‫ يف تنفيذ ال�ش�ؤون احلياتية اليومية للأفراد‬،‫املعلومات واالت�صاالت‬
‫ ميكن تعريف‬،‫ من هنا‬.‫ ومن خاللها‬،‫ بطبيعة البيئة التي ميار�س فيها‬،‫ويرتبط هذا النوع من الإرهاب‬
،‫ �أو من خالل اجلهة‬،‫ وينفذ من خاللها‬،‫ انطالقا من الو�سائل التي ميار�س بوا�سطتها‬،‫الإرهاب ال�سيرباين‬
‫ “بالأعمال التي ت�ستخدم التقنيات‬،‫ ميكن تعريف الإرهاب ال�سيرباين‬،‫ وعليه‬.‫ كذلك‬،‫التي ي�ستهدفها‬
‫ “اعتداءات على‬:‫ بال‬،‫ كما ميكن ان يعرف‬.”‫ الخافة واخ�ضاع الآخرين‬،‫ والف�ضاء ال�سيرباين‬،‫الرقمية‬
.”‫ �أو دينية‬،‫ بدوافع �سيا�سية‬،‫�أنظمة املعلومات‬
،‫ املن�شور على �صفحة املكتب الفدرايل للتحقيقات‬،‫ يف القانون الأمريكي‬،‫وبح�سب التعريف املعطى له‬
‫ ح�سب هذا‬،‫ ويق�صد بالإرهاب ال�سيرباين‬.‫ والإرهاب الوطني‬،‫هنالك متييز بني الإرهاب الدويل‬
‫ �أو‬،‫ �أو الربامج‬،‫ �أو النظام املعلوماتي‬،‫ على املعلومات‬،‫ ذي دوافع �سيا�سية‬،‫ “كل اعتداء ق�صدي‬:‫القانون‬
.[[16[”‫ �أو عمالء غري مرئيني‬،‫ �سواء ارتكبته جمموعة وطنية‬،‫ ينتج عنه اعمال عنف �ضد مدنيني‬،‫البيانات‬
‫ والذي ي�شكل جزءا‬،‫ �أعطى املركز الوطني حلماية البنية التحتية يف الواليات املتحدة الأمريكية‬،‫كذلك‬
،‫ عمل �إجرامي ينفذ من خالل الأجهزة املعلوماتية‬:‫ على �أنه‬،‫ تعريفا للإرهاب‬،‫من وزارة الداخلية‬
‫ من‬.‫ على تغيري �سيا�ساتها‬،‫ ويثري الرعب بهدف اجبار احلكومة‬،‫ �أو موت �أو تدمري‬،‫وي�ؤدي �إىل عنف‬
‫ ي�ستخدم �أو‬،‫ «اي هجوم �سيرباين‬،‫ اعترب الإرهاب‬،[[16[‫ اعتمد حلف �شمال االطل�سي تعريفا‬،‫جهته‬
،‫ و�إرهاب جمتمع‬،‫ الحداث تدمري كاف الثارة الرعب‬،‫ي�ستغل �شبكات املعلوماتية �أو �شبكات االت�صال‬
.‫لأهداف �إيديولوجية‬
،‫ وتغيري البيانات‬،‫ والتعطيل‬،‫ والتالعب‬،‫ �أن الإرهاب هو اعمال التدمري‬،‫ ميكن القول‬،‫وقيا�س ًا على ذلك‬
،‫ �أو �أنظمة املعلومات التي تدير م�صالح الدولة احليوية‬،‫ على ال�شبكة‬،‫التي تطال حركة تدفق املعلومات‬
‫ وبنية احلاق‬،‫ ب�صورة ق�صدية‬،‫ و�سري العمل فيها‬،‫ والتي تعترب �أ�سا�سية لإدارة �ش�ؤونها‬،‫�أو امل�صالح احلرجة‬
‫ تعترب‬،‫ كذلك‬.‫ �أو دينية‬،‫ اجتماعية �أو �سيا�سية‬،‫ ال�سباب �إيديولوجية‬،‫ على او�سع نطاق ممكن‬،‫االذى‬
‫ اعماال‬،‫ حتقيقا لأهداف �سيا�سية‬،‫ بهدف االبتزاز �أو ال�ضغط‬،‫ مبمار�سة اي من هذه الأعمال‬،‫التهديدات‬
.‫ لدى الأ�شخا�ص‬،‫ ان حتدث ترويعا ورعبا‬،‫ كما يكتفى بالن�سبة لنتائجه‬،‫�إرهابية‬
[168] 18 U.S.C. § 2331 defines «international terrorism» and «domestic terrorism» for purposes of Chapter 113B of the Code,
entitled «Terrorism”: «International terrorism» means activities with the following three characteristics: Involve violent acts
or acts dangerous to human life that violate federal or state law; Appear to be intended (i) to intimidate or coerce a civilian
population; (ii) to influence the policy of a government by intimidation or coercion; or (iii) to affect the conduct of a government by
mass destruction, assassination, or kidnapping; and Occur primarily outside the territorial jurisdiction of the U.S., or transcend
national boundaries in terms of the means by which they are accomplished, the persons they appear intended to intimidate or
coerce, or the locale in which their perpetrators operate or seek asylum.* «Domestic terrorism» means activities with the following
three characteristics: Involve acts dangerous to human life that violate federal or state law; Appear intended (i) to intimidate or
coerce a civilian population; (ii) to influence the policy of a government by intimidation or coercion; or (iii) to affect the conduct
of a government by mass destruction, assassination. or kidnapping; and Occur primarily within the territorial jurisdiction of
the U.S. 18 U.S.C. § 2332b defines the term «federal crime of terrorism» as an offense that: Is calculated to influence or affect the
conduct of government by intimidation or coercion, or to retaliate against government conduct; and Is a violation of one of several
listed statutes, including § 930(c) (relating to killing or attempted killing during an attack on a federal facility with a dangerous
weapon); and § 1114 (relating to killing or attempted killing of officers and employees of the U.S.). * FISA defines «international
terrorism» in a nearly identical way, replacing «primarily» outside the U.S. with «totally» outside the U.S. 50 U.S.C. § 1801(c).
[169] NATO Glossary of Terms and Definitions, AAP-06 Edition 2012 Version 2. (NATO) defines terrorism as “the unlawful use
or threatened use of force or violence against individuals or property in an attempt to coerce or intimidate governments or societies
to achieve political, religious or ideological objectives.”
‫�صفحة رقم ‪86‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫فقد ارتبط االهتمام بالإرهاب ال�سيرباين‪ ،‬بظهور االعتداءات واجلرمية ال�سيربانية‪ ،‬والكوارث التي‬
‫ميكن ان ت�سببها‪ ،‬يف حال ا�ستهدافها امل�صالح احليوية للدول‪ .‬فاالعتداءات على الأنظمة التي تدير‬
‫توزيع الطاقة واملياه‪ ،‬ذات ت�أثري مبا�رش و�أكيد‪ ،‬على ال�سالمة العامة‪ ،‬حيث ميكنها ان تثري الذعر‪ ،‬وتخلق‬
‫جوا من الهلع‪ ،‬وتعر�ض حياة النا�س للمخاطر‪ .‬علما �أن ال�سيطرة على موارد الطاقة‪ ،‬ومولدات‬
‫الطاقة النووية‪ ،‬و�شبكات النقل الربي‪ ،‬والبحرين واجلوي‪ ،‬ميكن �أن تكون بحد ذاتها‪ ،‬هدفا لالعمال‬
‫الإرهابية‪ .‬فال�سيطرة على �أنظمة احلكومة الإلكرتونية‪ ،‬ميكنها ان ت�ؤدي �إىل تعطيل اخلدمات‪� ،‬أووقفها‪،‬‬
‫�أو تدمريها‪ ،‬والت�سبب‪� ،‬إىل خ�سائر ب�رشية ومالية‪ .‬كما ميكن لل�سيطرة على االنرتنت‪ ،‬وو�سائل االت�صال‪،‬‬
‫ان ي�ساعد على التالعب بالر�أي العام‪ ،‬ودفعه باجتاه ردات فعل‪ ،‬تعر�ض اال�ستقرار‪ ،‬وت�ؤدي �إىل انهيار‬
‫النظام‪ ،‬عدا عما ميكن ان تت�سبب به من خ�سائر مادية وب�رشية‪ ،‬نتيجة انهيار الثقة‪ .‬ويبقى االدهى‪ ،‬ان‬
‫تتعطل اخلدمات‪ ،‬يف جمال ال�صحة العامة واال�سعاف‪ ،‬نتيجة االعتداءات ال�سيربانية‪ ،‬فيعجز املواطن عن‬
‫االت�صال بالأجهزة املتخ�ص�صة‪ ،‬كما تعجز الدولة عن تقدمي اخلدمات‪.‬‬
‫وهنا‪ ،‬ال بد من الت�أكيد‪ ،‬على �رضورة التمييز بني الن�ضال ال�سيرباين‪ ،‬الذي ميكنه ان يت�شابه يف الدوافع‪،‬‬
‫والو�سائل مع الإرهاب‪ ،‬ولكن باختالف الق�صد والهدف‪ .‬حيث ال ي�سعى الن�ضال ال�سيرباين‪� ،‬إىل احلاق‬
‫االذى‪ ،‬ال بالدولة وال بالأفراد‪ ،‬وامنا ي�سعى �إىل توعية املجتمع‪ ،‬وا�ستنها�ضه للدفاع عن ق�ضية ما‪� ،‬أو‬
‫للوقوف �إىل جانب مطالب اجتماعية‪ .‬كما يتميز الإرهاب عن احلرب ال�سيربانية‪ ،‬برتكيزه على �أهداف‬
‫مدنية‪ ،‬ب�شكل عام‪.‬‬
‫ويعترب الإرهاب ال�سيرباين‪ ،‬من �أ�شد االعتداءات ال�سيربانية خطورة‪ ،‬على االنرتنت‪ .‬اال ان تعريف الإرهاب‬
‫ال�سيرباين‪ ،‬ال ميكن ا�ستخدامه لو�صف جميع االعتداءات ال�سيربانية‪ ،‬التي ميكن ان مت�س امل�صالح احليوية‬
‫للمواطنني و�سالمتهم‪ ،‬وتثري الرعب فيهم‪� ،‬أو تخلق نوعا من عدم اال�ستقرار‪ .‬فاالعتداءات ال�سيربانية‪،‬‬
‫ميكن ان تكون �صادرة عن فرد واحد‪� ،‬أو عن جمموعة منظمة من املجرمني‪ ،‬بينما تكون نتائجها كارثية‬
‫وم�شابهة لتلك التي يرتكبها �إرهابيون‪ .‬وعليه‪ ،‬ال ميكن و�صف االعتداء بالإرهابي‪ ،‬اال متى توافرت‬
‫فيه عنا�رص حمددة‪ ،‬مثل الهدف ال�سيا�سي‪ ،‬وهوية املعتدي �أو املحر�ض عليه‪ ،‬ونقطة انطالقه‪ ،‬وغاياته‪.‬‬
‫ي�ضاف �إىل ذلك‪ ،‬انه لي�س من امل�ستبعد ان تكون للجرمية ال�سيربانية‪� ،‬أحيانا‪� ،‬أبعاد كارثية‪ ،‬ت�ؤثر يف حياة‬
‫النا�س‪ ،‬وتثري لديهم الذعر �أي�ضا‪ ،‬ك�أن يتمكن �أحد الأفراد‪ ،‬من التحكم ب�أنظمة معلوماتية مت�صلة بالبنية‬
‫التحتية للدولة‪ .‬فلي�س غريبا ان ي�شن االعتداء على �أحد �أنظمة توزيع الكهرباء �أو املياه‪� ،‬أو حتى اخلدمات‬
‫امل�رصفية واملالية‪ ،‬والتي تعود ملكيتها كما ادارتها �إىل القطاع اخلا�ص‪ ،‬ويكون الهدف جني االرباح‪،‬‬
‫وابتزاز اجلهة املالكة لدفع فدية‪.‬‬
‫ويقودنا ذلك‪� ،‬إىل امكانية التمييز بني االعتداءات الإرهابية‪ ،‬واجلرمية ال�سيربانية‪ .‬ويرتكز هذا التمييز‬
‫�إىل �أهداف كل منها‪ .‬فاجلرمية ت�سعى �إىل املال واالرباح‪ ،‬بينما يهدف االعتداء الإرهابي‪� ،‬إىل ال�ضغط‬
‫ال�سيا�سي‪ ،‬وفر�ض �رشوط على ال�سلطة‪ ،‬عرب ا�ستعرا�ض قوة يثري الذعر والهلع‪.‬‬
‫اال ان هذا التمييز يبقى �صعبا وغري دقيق‪ ،‬احيانا كثرية‪ ،‬ال�سيما عندما تت�شابه النتائج‪ ،‬بني اجلرمية ال�سيربانية‪،‬‬
‫والإرهاب ال�سيرباين‪ ،‬كما �أ�سلفنا‪ .‬وما يزيد االمر �صعوبة‪ ،‬هو االرتباط املمكن بني اجلرمية ال�سيربانية‬
‫�صفحة رقم ‪87‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫والإرهاب ال�سيرباين‪ ،‬ال�سيما عرب القنوات املالية‪ .‬فاجلرمية ال�سيربانية‪ ،‬ترى يف الإرهاب م�صدرا للمال‬
‫وال�سلطة‪ ،‬كما يرى الإرهاب يف اجلرمية‪ ،‬و�سيلة جلمع املال وت�أمني املوارد‪ .‬وهكذا يلج�أ الإرهابيون‪،‬‬
‫�إىل ا�ستخدام خربات املجرمني ال�سيربانيني و�أدوات تنفيذ �إرهابهم‪ ،‬مقابل مبالغ من املال‪ .‬اما املثال الذي‬
‫ميكن �سوقه هنا‪ ،‬فهو �رشاء الربامج اخلبيثة‪ ،‬والروبوتات‪ ،‬ال�ستخدامها يف تنفيذ االعتداءات على الأنظمة‬
‫املعلوماتية‪ ،‬وتعطيل اخلدمات‪ ،‬واخرتاق احل�سابات‪ ،‬واقفال املواقع احلكومية‪ ،‬وتعطيل مراكز اخلدمات‬
‫العامة‪ ،‬وو�سائل الدفاع‪.‬‬

‫‪ .3‬ا�ستخدام املجموعات الإرهابية لالنرتنت‬


‫تقدم االنرتنت منربا هاما‪ ،‬يطل الإرهاب من خالله‪� ،‬سواء لرتويع املجتمع‪� ،‬أو لإدارة عملياته التي ينفذها‬
‫يف اماكن خمتلفة من العامل‪ ،‬وت�أمني االت�صال بني جمموعاته‪� ،‬أو حتى لبث ثقافة‪ ،‬أ � وفكر‪� ،‬أو �إيديولوجية‬
‫معينة‪ ،‬واحل�شد لها‪ .‬وتتنوع املواقع الإرهابية‪ ،‬كما تتنوع الر�سائل‪ ،‬والتهديدات‪ ،‬واملهمات‪ ،‬التي تقوم‬
‫بها‪ .‬والوجود الإرهابي على ال�شبكة العاملية‪ ،‬ي�ستفيد من تقنيات االخفاء‪ ،‬واملجهولية‪ ،‬كما ي�ستفيد من‬
‫امكانات وخربات املجرمني‪ ،‬يف جمال تغيري عناوين االنرتنت‪ ،‬يف االنرتنت املظلم‪ ،‬حيث تنت�رش �أخطر‬
‫�أنواع اجلرائم‪ .‬وي�ساعد هذا االمر‪ ،‬يف ظهور مواقع �إرهابية‪ ،‬ت�ؤدي مهمة حمددة‪ ،‬لفرتة ق�صرية‪ ،‬تعود‬
‫بعدها �إىل االختفاء‪.‬‬

‫�أ‪ -‬االنرتنت املظلم‪ :‬املجهولية و�إخفاء الأثر‬


‫فاالنرتنت املظلم‪ ،‬هو جزء من االنرتنت اخلفي‪ ،‬الذي ال ميكن الو�صول اليه‪ ،‬با�ستخدام املت�صفحات‬
‫العادية‪� ،‬أو حمركات البحث‪ ،‬التي ن�ستخدمها على ال�شبكة العاملية للمعلومات‪ ،‬مثال غوغل‪� ،‬أو ياهو‪� ،‬أو‬
‫فاير فوك�س‪ .‬فلالنرتنت املظلم‪ ،‬مت�صفحات خا�صة‪ ،‬مثل تور ‪ ،[[17[TOR‬فريبتو [‪ ،Freepto[[17‬وفرينت‬
‫‪ ،[[17[Freenet‬وغريها‪ .‬اما امليزة الأ�سا�سية لهذه املت�صفحات‪ ،‬فهي �إخفاء الأثر‪ ،‬الذي ميكن ان يرتكه‬
‫املتجول على االنرتنت‪ ،‬ومنع تعقبه ومراقبته‪ ،‬ما يتيح له‪:‬‬
‫ •حماية هويته ومعلوماته‪.‬‬
‫ •�إن�شاء مواقع على االنرتنت‪ ،‬دون ك�شف هويته �أو مكان وجوده‪.‬‬
‫ •جتاوز برامج احلجب املعتمدة يف بع�ض البلدان‪.‬‬
‫ •تكوين �شبكات تبادل معلومات �آمنة‪ ،‬وار�سال معلومات �رسية‪.‬‬

‫ِ‬
‫املستخدم عىل اإلنرتنت‪ .‬فهي ت ُنكّر هوية ونشاط املستخدم ملقاومة أساليب كثرية من تقنيات مراقبة اإلنرتنت‪ .‬وسواء أكانت ]‪[170‬‬ ‫تور برمجية صممت لزيادة مجهولية‬
‫‪ - https://securityinabox.org/ar/tor.‬املجهولية مهمة لك أم ال‪ ،‬فإن تور يفيد كوسيلة م َؤ ّمنة لتخطي الرقابة عىل اإلنرتنت لتتمكن من مطالعة املواقع ونرش املحتوى‬
‫‪[171] Freepto is a Debian based operating system on a USB stick developed by hacktivist group AvANA and used, in between‬‬
‫‪others, by various anarchist groups like the Spanish CNT group in Madrid selling USB thumbdrives with Freepto loaded and‬‬
‫‪hacker spaces in Greece and Italy that do Freepto presentations during digital security training. http://www.hacker10.com/‬‬
‫‪internet-anonymity/encrypted-operating-system-for-activists-freepto/‬‬
‫‪[172] Freenet is free software which lets you anonymously share files, browse and publish «freesites» (web sites accessible only‬‬
‫‪through Freenet) and chat on forums, without fear of censorship. Freenet is decentralised to make it less vulnerable to attack,‬‬
‫‪and if used in «darknet» mode, where users only connect to their friends, is very difficult to detect - https://freenetproject.org/‬‬
‫‪about.html‬‬
‫�صفحة رقم ‪88‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫ويتم ت�أمني ذلك‪ ،‬عرب تقنية ترتكز‪ ،‬ب�شكل �أ�سا�سي‪ ،‬على ت�شفري البيانات‪ ،‬وعلى �شبكة من الآف املخدمات‬
‫املوزعة حول العامل‪ ،‬التي ت�ستقبل طلبات الدخول �إىل املواقع‪ ،‬وتقوم برتميزها قبل اعادة ار�سالها‪،‬‬
‫بحيث توزع املعلومات اخلا�صة بالهوية‪ ،‬واملوقع‪ ،‬ونظام الت�شغيل‪ ،‬على عدد من املخدمات الو�سيطة‪،‬‬
‫مبا ي�ؤمن اخفاء هوية املت�صفح‪ ،‬و�رسية الت�صفح واحلركة‪ ،‬عرب منع عملية اجلمع بني عنا�رص الهوية‪ .‬وقد‬
‫بد�أ ‪ ،TOR‬كم�رشوع‪ ،‬يف خمترب �أبحاث تابع للقوات البحرية الأمريكية‪ ،‬لت�أمني �شبكة ات�صاالت خا�صة‪،‬‬
‫ت�ضمن خ�صو�صية و�رسية املعلومات‪ ،‬والأجهزة الأمنية املت�صلة بها‪ .‬وكان من الطبيعي‪ ،‬ان يلج�أ �إىل‬
‫ا�ستخدام هذا املت�صفح‪� ،‬أو ما مياثله من مت�صفحات‪ ،‬الراغبون باحلفاظ على �رسية معلوماتهم‪ ،‬وحركتهم‬
‫على ال�شبكة‪ ،‬بعيدا عن الرقابة والر�صد‪ .‬ويندرج يف هذه الالئحة‪ :‬العاملون لدى املنظمات الدولية‪،‬‬
‫والهيئات احلكومية‪ ،‬والأجهزة الأمنية‪ ،‬واملدافعون عن حقوق الإن�سان‪ ،‬وكل من يحتاج �إىل حرية‬
‫احلركة‪ ،‬ويخاف ال�سلطات القمعية‪ .‬اال ان اجلرمية‪ ،‬مل تت�أخر يف االفادة من تقنيات االخفاء‪ ،‬التي تقدمها‬
‫هذه املت�صفحات‪ ،‬ملمار�سة ن�شاطها بعيدا عن عيون ال�سلطات‪ ،‬واخفاء �آثارها‪ .‬وبات االنرتنت املظلم‪،‬‬
‫مركزا جلميع �أنواع اجلرائم اخلطرة‪ ،‬مثل بيع املخدرات‪ ،‬والأ�سلحة‪ ،‬وت�أمني املرتزقة جلرائم قتل و�رسقة‪،‬‬
‫واجتار بالبيانات امل�رسوقة من االنرتنت‪.‬‬
‫لكل ذلك‪ ،‬ي�صعب الق�ضاء على املواقع الإرهابية‪ ،‬كما على احل�سابات اخلا�صة باملنظمات الإرهابية‪،‬‬
‫على مواقع التوا�صل االجتماعي‪ ،‬حيث تختفي لتعود �إىل الظهور‪ ،‬ب�أ�سماء وعناوين جديدة‪.‬‬

‫ب‪ -‬ال�شبكة العاملية للمعلومات‬


‫بعيدا عن ا�ستخدام االنرتنت املظلم‪ ،‬يلج�أ الإرهابيون �إىل ال�شبكة العاملية للمعلومات‪ ،‬التي ي�صلها جميع‬
‫امل�ستخدمني حول العامل‪ ،‬لي�س لالت�صال مبنا�رصيهم واعوانهم‪ ،‬ممن ال يتواجدون يف االنرتنت املظلم‬
‫وح�سب‪ ،‬بل لالت�صال بالعامل �أي�ضا‪ ،‬وبجميع م�ستخدمي االنرتنت‪ .‬فعرب االنرتنت‪ ،‬يوجه الإرهاب‬
‫ر�سائله �إىل الإعالم‪ ،‬واىل جمتمعات معينة‪ ،‬كما �إىل ال�سلطات واحلكومات‪ ،‬بهدف ن�رش الرعب‪ ،‬وبث‬
‫الذعر‪ ،‬و�شن حمالت نف�سية �ضد من يعتربونه عدوا لهم‪ .‬وقد وجهت داع�ش‪ ،‬ومن قبلها القاعدة‪،‬‬
‫العديد من ر�سائل الرتهيب‪ ،‬كما ن�رشت خطابات زعمائها‪ ،‬وافالما مرعبة لكيفية تعذيب اال�رسى‬
‫واملعتقلني‪ ،‬واالعدامات وعمليات القتل الوح�شية‪ ،‬مقدمة نف�سها‪ ،‬ك�صاحب ق�ضية عادلة‪.‬‬
‫وكانت القاعدة‪ ،‬قد �أن�ش�أت موقعا ر�سميا لها‪ ،‬بعد احداث احلادي ع�رش من ايلول‪ ،‬ن�رشت من خالله بياناتها‬
‫الر�سمية‪ ،‬كما �أن�ش�أت �صحيفة �إلكرتونية‪ ،‬ت�صدر عن اجلهاز الإعالمي لديها‪� ،‬إ�ضافة �إىل عدد من الن�رشات التي‬
‫اهتمت بالرتويج لفكرها‪ ،‬ولفكر قادتها ومنظريها‪ ،‬واخرى خا�صة باملعلومات الع�سكرية والتجنيد‪.‬‬
‫وهكذا ي�ستخدم الإرهابي ال�شبكة‪ ،‬على م�ستويات عدة‪ ،‬منها‪:‬‬
‫ •بناء املعلومات‪ ،‬عرب التنقيب عن البيانات‪ ،‬فيجمع االخبار املتعلقة مبكافحة الإرهاب‪ ،‬واملعلومات‬
‫اخلا�صة مبواقع املن�ش�آت احلكومية‪ ،‬يف البلدان امل�ستهدفة‪ ،‬مثل املطارات‪ ،‬واملن�ش�آت الع�سكرية‪،‬‬
‫واحلكومية‪ ،‬واماكن املن�ش�آت النووية‪.‬‬
‫ •االت�صال والتن�سيق مع �أفراد وجمموعات املنظمات الإرهابية‪ ،‬وتبادل املعلومات معهم‪ ،‬وتوزيع‬
‫املهمات‪ ،‬ومتابعة تنفيذ الهجمات الإرهابية‪ ،‬لي�س فقط على االنرتنت‪ ،‬وامنا يف العامل املادي �أي�ضا‪.‬‬
‫�صفحة رقم ‪89‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫فقد ا�ستخدم �إرهابيو القاعدة االنرتنت‪ ،‬ب�شكل مكثف يف تنفيذ اعتداءات �أيلول‪� ،‬سبتمرب ‪،2011‬‬
‫على مركزي التجارة الدولية‪ ،‬يف نيويورك‪.‬‬
‫ •جتنيد �أ�شخا�ص جدد‪ ،‬ملوا�صلة الن�شاط الإرهابي‪ ،‬وتعزيز قدراته‪ ،‬وفر�ص ا�ستمراره‪ .‬وتتم عملية‬
‫التجنيد‪ ،‬عرب غرف الدرد�شة‪ ،‬وو�سائل التوا�صل االجتماعي‪� ،‬أو حتى بوا�سطة الر�سائل املبا�رشة‬
‫على الهواتف الذكية‪ .‬وكانت درا�سات حديثة‪ ،‬قد �أظهرت جلوء الإرهابيني �إىل جتنيد ال�شباب‬
‫التون�سي[‪ ،[[17‬للقتال يف �سوريا‪� ،‬إىل جانب داع�ش وجبهة الن�رصة وغريها‪ ،‬عرب ا�ستهداف �رشيحة‬
‫معينة من ال�شباب‪ ،‬ت�شكو من م�شاكل اجتماعية‪ ،‬واقت�صادية‪� ،‬أو نف�سية‪ ،‬نتيجة االو�ضاع املزرية‬
‫التي يعي�شون فيها ‪ ،‬فت�ستثمر مهاراتهم العلمية والقتالية‪ .‬ولعل ما �أو�ضحه �أحد امل�س�ؤولني‪ ،‬يف �إطار‬
‫هذه الدرا�سة‪ ،‬عن اال�سباب الكامنة وراء جناح الإرهابيني يف جتنيد ال�شباب‪ ،‬م�ؤ�رش على املكان‬
‫الذي يجب ان تبذل اجلهود فيه‪ ،‬ملنع هذا التجنيد‪ .‬فقد برزت من اال�سباب‪ ،‬على �سبيل املثال‪:‬‬
‫حمدودية امل�ستوى العلمي‪ ،‬والبطالة والفقر‪ ،‬وغياب الإطار القانوين املنا�سب ملكافحة هذه الآفة‪،‬‬
‫وعدم مراقبة املواقع اجلهادية‪ ،‬وغياب ال�سيا�سة اجلدية لوقف النزيف‪ .‬مع الإ�شارة‪� ،‬إىل ان حمدودية‬
‫امل�ستوى العلمي‪ ،‬ميكن تف�سريها‪ ،‬على م�ستوى ا�ستيعاب الق�ضايا اجلهادية‪ ،‬والتعامل مع الفكر‬
‫التكفريي‪ .‬ذلك ان الدرا�سة‪ ،‬قد �أبرزت ا�ستقطاب هذه اجلماعات لطالب و�شباب متفوقني‪،‬‬
‫وا�صحاب كفاءات علمية عالية‪.‬‬
‫وال تبقى البلدان الغربية بعيدة عن خماطر جتنيد ال�شباب‪ ،‬على املواقع الإلكرتونية‪ ،‬اذ تن�رش ال�صحف‬
‫واملواقع الإعالمية املختلفة‪� ،‬أخبار جتنيد ال�شباب يف بلدان �أوروبا‪ ،‬و�أمريكا وا�سرتاليا‪ .‬وتتم هذه العملية‬
‫غالبا‪ ،‬عرب مواقع خم�ص�صة للقتال والقتل [‪ .[[17‬ويعترب «في�سبوك»‪� ،‬أكرث مواقع و�سائل التوا�صل االجتماعي‬
‫ا�ستخدام ًا‪ ،‬يف التجنيد‪ ،‬حيث تقوم اجلماعات الإرهابية ب�إن�شاء «جمموعات»‪ ،‬ال�صطياد من يتوافقون معها‬
‫فكريا‪� ،‬أو من لديهم ا�ستعداد لذلك‪ ،‬موهمة �إياهم‪ ،‬بانها تدافع عن ق�ضايا ذات �أبعاد دينية وقومية‪ ،‬كاال�سالم‬
‫والق�ضية الفل�سطينية‪ ،‬لتقوم بعد ذلك‪ ،‬بتوفري مواد جهادية‪ ،‬ومن ثم توجيههم �إىل مواقع وغرف درد�شة‪،‬‬
‫�أو منتديات مرتبطة بها مبا�رشة‪ .‬ويحذر اخلرباء يف هذا املجال‪ ،‬من خطر �أكيد يكمن يف حتول الإرهاب‪،‬‬
‫من الدعاية والتجنيد‪� ،‬إىل �شن هجمات �سيربانية‪ ،‬على البنية التحتية‪ ،‬والأنظمة‪ ،‬و�رسقة معلومات ح�سا�سة‪،‬‬
‫كاخلطط‪ ،‬واخلرائط‪ ،‬واال�سرتاتيجيات الع�سكرية‪.‬‬
‫ •توزيع من�شورات خا�صة‪ ،‬ون�رش مواد تعليمية حول كيفية �صنع املتفجرات‪ ،‬والقنابل‪ ،‬والأ�سلحة‬
‫الفتاكة‪.‬‬
‫ •جمع الأموال والتربعات‪ ،‬عرب عمليات خداع الأ�شخا�ص‪ ،‬وااليحاء لهم‪ ،‬ب�أنهم امنا يتربعون‬
‫‪ - http://pss.elbadil.com/2016/03/01/%D8%B8%D8%A7%D9%87%D‬ظاهرة تجنيد اإلرهابيني عرب مواقع التواصل االجتامعي ]‪[173‬‬
‫‪8%B1%D8%A9%D8%AA%D8%AC%D9%86%D9%8A%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B1%D9%87%D8%‬‬
‫‪A7%D8%A8%D9%8A%D9%8A%D9%86-%D8%B9%D8%A8%D8%B1-%D9%85%D9%88%D8%A7%D9%82%D8%B9-‬‬
‫‪%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%88/‬‬
‫‪[174] Now ISIS is using social media to expand its war far beyond its borders. What started with thechoreographed execution‬‬
‫‪video of James Foley, blasted across the Web through an army of dummy Twitter accounts, has now morphed into something more‬‬
‫‪devious and distributed. Rather than calling followers to the front lines, ISIS’s social-media strategy cultivates them at home in‬‬
‫‪the U.S., Europe, Africa, and Asia. And it can use those followers to devastating effect, whether sending masked gunmen storming‬‬
‫‪into the Paris Bataclantheater or inspiring an American citizen and his wife to massacre 14 co-workers at a holiday party in San‬‬
‫‪Bernardino, California. TERROR ON TWITTER- How ISIS is taking war to social media—and social media is fighting back.‬‬
‫‪http://www.popsci.com/terror-on-twitter-how-isis-is-taking-war-to-social-media‬‬
‫�صفحة رقم ‪90‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫جلمعيات �إن�سانية‪ ،‬واجتماعية‪ ،‬وخريية‪ ،‬ولق�ضايا عادلة‪.‬‬

‫‪� .4‬أ�شكال املواجهة‬


‫منذ العام ‪ ،2014‬ويف �أعقاب اخلطة التي �أطلقتها الواليات املتحدة الأمريكية‪ ،‬تتكثف اجلهود الآيلة‪،‬‬
‫�إىل ار�ساء �آليات تعاون بني العديد من البلدان‪ ،‬ملواجهة انت�شار ظاهرة الدعوات �إىل التطرف‪ ،‬عرب‬
‫االنرتنت‪ ،‬ال�سيما بعد �صعود تنظيم الدولة اال�سالمية‪ :‬داع�ش‪.‬‬
‫مل تنقطع اجلهود الدولية ملواجهة انت�شار التطرف عرب �شبكة املعلومات الدولية‪ ،‬ومنظومة الإعالم‬
‫اجلهادي‪ ،‬التي اكت�سبت زخم ًا غري م�سبوق عقب �صعود تنظيم داع�ش‪ ،‬وتبنيه ال�سرتاتيجيات‬
‫اال�ستقطاب االفرتا�ضي‪ ،‬للمتعاطفني معه‪ .‬ففي �أكتوبر ‪� ،2014‬أعلنت الواليات املتحدة عن خطة‬
‫للتحالف املعلوماتي مع الدول الغربية والعربية‪ ،‬لتن�سيق اجلهود من �أجل مواجهة تنظيم داع�ش �إلكرتونيا‪،‬‬
‫عرب مواقع التوا�صل االجتماعي‪.‬‬
‫وفى فرباير ‪ ،2015‬خالل قمة مكافحة التطرف والعنف‪� ،‬أكدت الواليات املتحدة الأمريكية مرة‬
‫�أخرى‪ ،‬على خماطر التهديدات الإلكرتونية لتنظيم داع�ش‪ ،‬والذي ا�ستطاع يف فرتة وجيزة‪ ،‬تعزيز قب�ضته‬
‫على و�سائل التوا�صل االجتماعي‪ ،‬وتوظيفها يف الرتويج لإيديولوجيته‪ ،‬وا�ستقطاب �أن�صار جدد‪.‬‬

‫�أ‪ -‬اجلهود الفردية‬


‫_ الواليات املتحدة الأمريكية‬
‫انطالقا من ادراكها خلطورة الو�ضع‪ ،‬عمدت الإدارة الأمريكية‪ ،‬يف عهد اوباما‪� ،‬إىل اتخاذ التدابري الآتية‪:‬‬
‫ •تعزيز الإطار القانوين والت�رشيعي‪ ،‬عرب ا�صدار قانون خا�ص‪ ،‬ملكافحة الإرهاب على االنرتنت [‪،[[17‬‬
‫عرف ب «قانون حماية ال�شبكات ال�سيربانية»‪.‬‬
‫ •تعزيز دور مركز االت�صاالت اال�سرتاتيجي ملكافحة الإرهاب‪ ،CSCC‬التابع لوزارة اخلارجية‬
‫الأمريكية‪ ،‬حيث يعمل عدد من املتخ�ص�صني‪ ،‬يف تقنيات املعلومات واالت�صاالت‪ ،‬ويجيدون‬
‫عددا من اللغات‪ ،‬من بينها العربية‪ .‬وين�شط هذا املركز‪ ،‬عرب توثيق ون�رش مواد مناه�ضة للإرهاب‪،‬‬
‫واعادة ن�رش ما ين�رش من قبل جهات متعاطفة مع حركة مكافحته‪� ،‬سواء �أكانت دوال‪ ،‬ام منظمات‪،‬‬
‫�أم �أفرادا‪ .‬وير�أ�س هذا املركز م�سلم‪ ،‬يحتل من�صب املبعوث اخلا�ص‪ ،‬ملنظمة التعاون اال�سالمي[‪.[[17‬‬
‫ •�إطالق م�رشوع خم�ص�ص للت�صدي للحمالت الإرهابية‪ Think again, Turn Away[[17[ ،‬وحماوالت‬
‫التجنيد على االنرتنت‪ ،‬يعتمد على بث تغريدات م�ضادة للإرهاب‪� ،‬إ�ضافة �إىل ا�ستهداف ح�سابات‬
‫‪[175] The Protecting Cyber Networks Act. Gangs of cyber criminals, sometimes supported by hostile governments,‬‬
‫‪are increasing their attacks on U.S. networks and American businesses. The wave of assaults is a national security‬‬
‫‪threat that is costing our economy billions of dollars and compromising American citizens’ personal and financial‬‬
‫‪information. The House Permanent Select Committee on Intelligence is acting to mitigate this growing problem by‬‬
‫‪advancing a bill, the Protecting Cyber Networks Act (H.R. 1560), that will encourage businesses and the federal‬‬
‫‪government to share information on known cyber threats. More information on the bill is available at the links below.‬‬
‫‪http://intelligence.house.gov/ProtectingCyberNetworksAct‬‬
‫‪[176] Appointment of Rashad Hussain as United States Special Envoy and Coordinator for Strategic Counterterrorism‬‬
‫‪Communications. http://www.state.gov/r/pa/prs/ps/2015/02/237585.htm‬‬
‫‪[177] Think Again Turn Away campaign. http://www.latimes.com/nation/nationnow/la-na-nn-state-department-islamic-‬‬
‫‪state-social-001-photo.html‬‬
‫�صفحة رقم ‪91‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫اجلهاديني‪.‬‬
‫ •ار�ساء قواعد تعاون مع بلدان اخرى‪ ،‬من خالل عدد من املبادرات‪ ،‬مثل‪ :‬مبادرة التعامل مع‬
‫االمارات العربية املتحدة‪ ،‬واململكة الربيطانية‪� ،‬سواء من خالل حماربة الإعالم الداع�شي‪ ،‬ام من‬
‫خالل تفعيل التعاون وتبادل املعلومات بني اجهزة طوارئ االنرتنت‪� ،‬أو �إن�شاء خاليا م�شرتكة‪،‬‬
‫تعمل على ر�صد التهديدات ال�سيربانية‪ ،‬وتبادل املعلومات ب�ش�أنها‪.‬‬
‫هذا ويقوم جهاز من املتج�س�سني يف الواليات املتحدة الأمريكية‪ ،‬بتم�شيط مواقع التوا�صل االجتماعي‪،‬‬
‫منقبني يف البيانات‪ ،‬التي ين�رشها الإرهابيون عن �أنف�سهم‪� ،‬سعيا �إىل توقع خططهم‪ ،‬وتتبع حتركاتهم‪ .‬وقد‬
‫جنحوا يف العام املن�رصم‪ ،‬بتوجيه �رضبة جوية �إىل احد معاقلهم‪ ،‬نتيجة املعلومات التي جتمعت لديهم‪ ،‬من‬
‫خالل ر�صدهم حركة ات�صاالت �أع�ضاء التنظيم‪ ،‬على و�سائل التوا�صل[‪.[[17‬‬

‫_ �أوروبا‬
‫بعد االعتداءات على �شاريل ايبدو‪� ،‬رشع الأوروبول يف العمل على حماربة داع�ش‪ ،‬من خالل وحدة‬
‫خا�صة‪� ،‬سميت ‪ .EU-IRU‬وتتوىل هذه الوحدة مت�شيط االنرتنت بحثا عن احل�سابات ال�شخ�صية‪ ،‬لقياديي‬
‫احلمالت الإعالمية الإرهابية [‪ ،[[17‬وحتديد الأ�شخا�ص الذين ميكن ان ي�ستهدفوا بغر�ض التجنيد‪� ،‬إ�ضافة‬
‫�إىل تعقب م�صادر متويل التنظيم‪.‬‬
‫من جهتها‪� ،‬أن�ش�أت بريطانيا‪ ،‬كتيبة متخ�ص�صة يف احلرب املعلوماتية‪ ،‬هي الكتيبة ‪ ،[[18[77‬ت�ضم خرباء يف‬
‫التوا�صل االجتماعي‪ ،‬وتت�ألف من عنا�رص يف اجلي�ش الربيطاين‪ ،‬مهمتهم �شن حرب نف�سية م�ضادة‪ ،‬من‬
‫خالل ح�سابات ان�شئت لهذه الغاية‪ ،‬على تويرت وفاي�سبوك‪ .‬كذلك‪ ،‬مت �إن�شاء وحدة متخ�ص�صة فرن�سية‪،‬‬
‫تر�صد حركة جتنيد الفرن�سيني‪ ،‬من قبل داع�ش‪ .‬كما عمدت احلكومة الفرن�سية‪� ،‬إىل اتخاذ قرار بتعزيز‬
‫قدرات اجلي�ش‪ ،‬خالل ال�سنوات القليلة املقبلة‪ ،‬ملواجهة املخاطر ال�سيربانية‪ ،‬والإرهاب[‪.[[18‬‬

‫ب‪ -‬دور الهاكرز‬


‫لقد ان�ضم بع�ض الهاكرز �إىل حمالت املكافحة‪ ،‬ف�أعلنت جمموعة الهاكرز املجهولني ‪،Anonymous‬‬
‫عن نيتها حماربة داع�ش‪ ،‬وتعقبت مواقعه‪ ،‬حتى زوايا االنرتنت املظلم‪ .‬وقد متكنت جمموعة منهم‪ ،‬تعمل‬
‫على ر�صد مواقع داع�ش على االنرتنت املظلم‪ ،‬من اغالق مراكز للتجنيد‪ ،‬وجلمع التربعات من العملة‬
‫الرقمية‪ ،‬م�ستبدلة �إعالنات داع�ش‪ ،‬ب�إعالنات عن مواد جتارية [‪ .[[18‬كذلك‪ ،‬بادر عدد من حمركات‬
‫البحث‪ ،‬واملواقع االجتماعية‪� ،‬إىل مراجعة �سيا�ساتها حول امل�ضمون‪ ،‬يف حماولة منها‪ ،‬ملنع املحتوى الذي‬

‫‪[178] Air Force intel uses ISIS ‹moron› post to track fighters. http://edition.cnn.com/2015/06/05/politics/air-force-isis-moron-‬‬
‫‪twitter/‬‬
‫‪[179] On 1 July 2015 Europol launched the European Union Internet Referral Unit (EU IRU) to combat terrorist propaganda‬‬
‫‪and related violent extremist activities on the internet. https://www.europol.europa.eu/content/europol%E2%80%99s-internet-‬‬
‫‪referral-unit-combat-terrorist-and-violent-extremist-propaganda‬‬
‫‪[180] British Army›s new 77th Brigade will wage online PSYOP war with terrorists. The British Army has created a new‬‬
‫‪psychological operations and propaganda unit to wage online war and «control the narrative» during conflicts. The 1,500 members‬‬
‫‪of the 77th Brigade will be drawn from across the British Army and Territorial Army reservists, and will begin operations in April.‬‬
‫‪http://www.ibtimes.co.uk/british-armys-new-77th-brigade-will-wage-online-psyop-war-terrorists-1486044‬‬
‫‪[181] Terrorisme : François Hollande annonce la création de 800 nouveaux postes dans l›armée. https://www.francebleu.fr/‬‬
‫‪infos/societe/terrorisme-hollande-annonce-la-creation-de-800-nouveaux-postes-dans-l-armee-1459944646‬‬
‫‪[182] Hackers replace dark web Isis propaganda site with advert for Prozac. http://www.ibtimes.co.uk/hackers-replace-dark-‬‬
‫‪web-isis-propaganda-site-advert-prozac-1530385‬‬
‫�صفحة رقم ‪92‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫ميجد الإرهاب‪ ،‬ويروج للفكر الإرهابي‪ ،‬والتطرف‪ ،‬والعنف‪ ،‬والكراهية‪ .‬فعمد يوتيوب‪ ،‬على �سبيل‬
‫املثال‪� ،‬إ�ضافة �إىل ازالة املحتوى‪� ،‬إىل ازالة الو�صالت غري املبا�رشة اليه‪.‬‬
‫وكذلك فعلت جمموعة انونيمو�س ‪ ،Anonymous‬عرب تعقبها ع�رشات �آالف احل�سابات اخلا�صة‬
‫باجلهاديني على تويرت‪ ،‬واغالقها‪ .‬اال انه‪ ،‬ويف مقابل التقنية التي اعتمدها الهاكرز‪ ،‬من خالل برنامج‬
‫يتعقب �أوتوماتيكيا احل�سابات ال�شبيهة‪ ،‬التي تظهر بعد اغالق الأوىل‪ ،‬عمدت داع�ش‪� ،‬إىل كتابة برنامج‪،‬‬
‫يخفي �أوتوماتيكيا هذه احل�سابات عنهم‪.‬‬
‫كذلك‪ ،‬يلج�أ الهاكرز‪� ،‬إىل تقنيات منع الو�صول �إىل املواقع ‪ ،DDos‬فيمطرون مواقع الإرهابيني‪،‬‬
‫بع�رشات �آالف طلبات الدخول لتعطيل الو�صول اليها‪ ،‬كما يعمدون �إىل عر�ض خدماتهم يف اخرتاق‬
‫املواقع‪ ،‬وكتابة الربامج املتخ�ص�صة حل�ساب اجلرمية‪ ،‬ويعمدون �إىل جمع املعلومات‪ ،‬عمن يطلبون هذه‬
‫اخلدمات‪ ،‬م�ستخدمني تقنيات التحقيق‪ ،‬ور�صد املوقع‪ ،‬والهوية‪ ،‬للو�صول �إىل من يقف وراء طلب‬
‫خدمات املرتزقة‪ ،‬كما يجمعون معلومات‪ ،‬عن الأ�شخا�ص الذين جتندهم داع�ش‪ ،‬واولئك الذين‬
‫يتوا�صلون معها‪ .‬وقد �ساعد هذا اال�سلوب‪ ،‬يف منع هجوم �إرهابي على تون�س[‪ ،[[18‬وتوقيف ع�رشات‬
‫الإرهابيني من منا�رصي داع�ش‪.‬‬
‫وكانت انونيمو�س‪ ،‬قد �أعلنت احلادي ع�رش من دي�سمرب‪ ،‬يوم «مطاردة داع�ش»[‪ ،[[18‬وهو يوم خم�ص�ص‬
‫حل�شد املناوئني لهذا التنظيم‪ ،‬يف تظاهرة تركز على غبائه الفكري‪ ،‬وال�سيا�سي‪ ،‬وعلى رغبة جمتمع‬
‫ال�شبكات االجتماعية‪ ،‬وقوة االرادة يف جمابهته‪ .‬ومن ال�رضوري الإ�شارة‪� ،‬إىل اهمية حت�سي�س م�ستخدمي‬
‫االنرتنت بخطر الإرهاب‪ ،‬و�رضورة االنخراط يف مواجهته‪ ،‬يف البيئة التي تعترب �أكرث خطرا عليه‪.‬‬
‫وبالفعل‪ ،‬فقد جتاوب عدد كبري‪ ،‬مع الدعوات التي اطلقت‪ ،‬حول ها�شتاغ داع�ش ‪#‬داع�ش‪ ،‬وتبارى‬
‫ال�شباب يف ن�رش ال�صور والتعليقات[‪ ،[[18‬التي ت�ستخف به وت�سخر منه‪.‬‬
‫على م�ستوى خمتلف‪ ،‬يبادر عدد من املواطنني العاديني‪ ،‬املناوئني للفكر التكفريي والداع�شي‪ ،‬بتوثيق‬
‫جرائم داع�ش‪ ،‬وارتكاباتها الوح�شية‪ ،‬ونقلها من خالل مواقعهم على ال�شبكات االجتماعية‪ ،‬الظهار‬
‫ب�شاعة هذا التنظيم‪ ،‬وف�ضح اكاذيبه‪.‬‬

‫‪ .5‬مواجهة �صعبة ومقرتحات‬


‫مما ال �شك فيه‪ ،‬ان اخلطوة الأوىل �إىل ال�شفاء‪ ،‬هي الإقرار بوجود الداء‪ .‬من هنا‪ ،‬ال بد من وعي خطر‬
‫الإرهاب ال�سيرباين‪ ،‬واالنتباه �إىل تداعياته الكارثية‪ ،‬على �أمن وا�ستقرار الدول‪.‬‬
‫‪[183] BBC Trending - Ghost Security Group: ‘Spying’ on Islamic State instead of hacking them. The group claims that it has‬‬
‫‪already helped to thwart one attack in Tunisia by picking up on what they say was online jihadi chatter which indicated that‬‬
‫‪militants would attack a specific location on the island of Djerba. The plot, Ghost Security says, was designed to be a follow up to‬‬
‫‪the June beach massacre which killed 38 people, mostly British tourists. Reports indicate that Djerba did indeed appear on a list‬‬
‫‪of IS targets in Tunisia in July. Like the other claims the groups have made, though, it’s difficult to verify that they thwarted an‬‬
‫‪attack. http://www.bbc.com/news/blogs-trending-34879990‬‬
‫‪[184] Anonymous declares December 11 ‹Isis Trolling Day. http://www.wired.co.uk/article/anonymous-isis-trolling-day‬‬
‫‪[185] C’est vendredi… le jour J pour se moquer de Daesh. «L’objectif est simple : partager sur les réseaux sociaux, avec le hashtag‬‬
‫‪#Daesh et #Daeshbags, des photos drôles et moqueuses ainsi que des vidéos parodiques de Daesh. « Nous vous demandons de‬‬
‫‪montrer votre soutien et votre aide contre Daesh, en nous rejoignant et en se moquant d’eux. Ne pensez pas que vous devez être‬‬
‫‪membre d’Anonymous : tout le monde peut le faire, cela ne demande pas de compétences particulières » expliquait le groupe sur‬‬
‫‪son compte Twitter». http://www.lesoir.be/1067498/article/soirmag/actu-soirmag/2015-12-11/c-est-vendredi%E2%80%A6-‬‬
‫‪le-jour-j-pour-se-moquer-daesh‬‬
‫�صفحة رقم ‪93‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫بعدها‪ ،‬ميكن االنتقال �إىل و�ضع ا�سرتاتيجيات و�سيا�سات تنفيذها‪ ،‬على ان تتقدم خطة توعية �شاملة‪،‬‬
‫ت�أخذ بعني االعتبار‪ ،‬خ�صو�صية البيئة احلا�ضنة لها‪ ،‬ويف مقدمها الأيديولوجيات واملعتقدات‪ ،‬التي‬
‫حتولها �إىل جزء من وجدان املجتمع‪ ،‬الذي يتعامل معها‪ ،‬على انها ق�ضيته اخلا�صة‪ .‬وهذا يعني‪ ،‬و�ضع‬
‫�آليات وتدابري احرتازية‪ ،‬و�صوال �إىل �إقرار عقوبات جزائية رادعة‪.‬‬
‫فربامج املكافحة‪ ،‬كما �أ�رشنا‪ ،‬انطلقت على امل�ستوى العاملي‪ ،‬ومن املمكن االن�ضمام اليها‪ ،‬واالفادة‬
‫منها‪ ،‬ومن التعاون الذي تتيحه‪ ،‬ومن نقل اخلربات‪ ،‬والإحاطة بتقنيات الر�صد‪ ،‬واملتابعة والتن�صت‪ ،‬يف‬
‫حدود احلفاظ على حقوق الإن�سان واحلريات‪ .‬ولعل االعرتا�ض‪ ،‬على هذه الربامج‪ ،‬من هذه الزاوية‪،‬‬
‫هو �أحد �أهم العوائق‪ .‬حيث تقوم حركات “حماية احلقوق واحلريات”‪ ،‬بحمالت �ضد اجتياح هذه‬
‫الربامج‪ ،‬للخ�صو�صية واحلريات االخرى‪ ،‬كحرية التعبري والو�صول �إىل املعلومة‪ .‬اال ان هذه الربامج‪،‬‬
‫وبالرغم من قدراتها الهائلة‪ ،‬يف جمع ترليونات من البيانات‪ ،‬لي�ست حال �أكيدا‪ ،‬وان كانت ت�ساهم‬
‫يف ا�ست�رشاف املخاطر‪ .‬ذلك ان برامج التخفي‪ ،‬وبرجميات جتاوز الرقابة‪ ،‬واالنرتنت املظلم‪ ،‬نا�شطة هي‬
‫االخرى‪.‬‬
‫ففي ال�صني مثال‪ ،‬حيث الرقابة اال�شمل‪ ،‬الأعمق‪ ،‬لي�س فقط للمحتوى‪ ،‬وامنا �أي�ضا للو�صول �إىل‬
‫التطبيقات واملت�صفحات العاملية‪ ،‬واىل و�سائل التوا�صل االجتماعي امل�ستخدمة يف كل انحاء العامل‪،‬‬
‫وحيث الدولة هي املورد الوحيد خلدمات االت�صال‪ ،‬تبقى االنرتنت ع�صية على ال�سيطرة‪ ،‬ويبقى النا�س ‬
‫ع�صاة على التدجني‪.‬‬
‫فقد �أن�ش�أت ال�صني‪ ،‬عازال عن ال�شبكة العاملية للمعلومات‪� ،‬سمي [‪� ،Great Fire wall[[18‬شبكات‬
‫اجتماعية خا�صة بها‪ ،‬لتحل مكان الفاي�سبوك‪ ،‬والتويرت‪ ،‬واليوتيوب‪ ،‬ومنعت اتاحة خدمة املدونات‪،‬‬
‫على غوغل‪ ،‬حتت وط�أة التهديد مبنع ا�ستخدامه‪ .‬و�إذا كانت الإح�صاءات‪ ،‬التي ت�شري �إىل وجود ما‬
‫يتجاوز اخلم�سة وثالثني مليون م�ستخدم �صيني للفاي�سبوك‪ ،‬غري دقيقة‪ ،‬اال ان جلوء ماليني ال�صينيني �إىل‬
‫برامج الربوك�سي‪ ،‬وجتاوز احلظر‪ ،‬يبقى واقعا‪ ،‬وميكنه ان يخرج االنرتنت عن �سيطرة احلكومة‪ ،‬يف اي‬
‫وقت‪.‬‬
‫�إذا‪ ،‬وانطالقا من التجارب التي عر�ضناها‪ ،‬يف مواجهة الإرهاب‪ ،‬ميكن القول‪ ،‬انه قد حان الوقت‪،‬‬
‫ملبادرة الدول العربية اىل‪:‬‬
‫ •و�ضع االطر الالزمة تنظيميا وت�رشيعيا‪ ،‬ل�ضمان تعاون فاعل فيما بينها‪ ،‬على امل�ستوى ال�سيرباين‪،‬‬
‫يحمي مواطنيها‪ ،‬واقت�صادها‪ ،‬وجمتمعها من الأخطار ال�سيربانية‪ ،‬واجلرمية‪ ،‬والإرهاب ب�شكل‬
‫خا�ص‪.‬‬
‫ •�إقرار �سيا�سات دفاع �سيربانية‪ ،‬ت�أخذ بعني االعتبار‪ ،‬جتهيز البنى التحتية‪ ،‬وتطوير برامج متخ�ص�صة‪،‬‬
‫ميكنها مواجهة الأخطار التقنية العديدة‪ ،‬و�رضورة بناء القدرات‪ ،‬وتعزيز مراكز املواجهة الأمنية‪.‬‬
‫ •�إن�شاء �شبكة من اجهزة الوكاالت الوطنية للأمن ال�سيرباين‪ ،‬ومراكز طوارئ االنرتنت‪ ،‬واجهزة‬
‫‪[186] The last thing we want to see is people saying that Chinese netizens have free and open access to social media‬‬
‫‪around the world. They don’t! They are prevented from looking at many foreign web sites and they are also prevented from‬‬
‫‪accessing information on Chinese web sites! Chinese netizens, for example, are unable to search for “Xi Jinping”, the‬‬
‫‪country’s next leader, on Sina Weibo, a leading Chinese microblog. The great firewall is not some myth, it’s a sad reality.‬‬
‫‪http://thenextweb.com/asia/2012/09/28/no-way-jose/#gref‬‬
‫�صفحة رقم ‪94‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫�إعالمية تعنى مبتابعة ما يحدث يف الف�ضاء ال�سيرباين‪ ،‬وترد على احلمالت الدعائية‪ .‬على ان ترتبط‬
‫هذه ال�شبكة‪ ،‬بجهاز عربي موحد للأمن ال�سيرباين‪ ،‬متثل فيه جميع الدول الأع�ضاء‪ ،‬ويتوىل بدوره‬
‫تن�سيق اجلهود‪ ،‬وو�ضع ا�سرتاتيجيات الدفاع‪ ،‬والهجوم امل�ضاد‪ ،‬عند احلاجة‪.‬‬
‫ •التعاون مع الهيئات الدولية‪ ،‬واملنظمات املتخ�ص�صة يف الأمم املتحدة‪ ،‬ومع الدول ذات التجارب‬
‫الناجحة‪.‬‬
‫ •�إن�شاء مواقع متخ�ص�صة على ال�شبكات االجتماعية‪ ،‬يتوالها ب�شكل �أ�سا�سي‪ ،‬عنا�رص من ال�شباب‪.‬‬
‫ •�إن�شاء مركز ابحاث عربي متخ�ص�ص‪ ،‬يكون تابعا للجهاز العربي للأمن ال�سيرباين‪ ،‬الذي �سبق‬
‫واقرتحنا ان�شا�ؤه‪ ،‬يف م�سودة مقرتح االتفاقية العربية للأمن ال�سيرباين[‪ ،[[18‬يتوىل ر�صد وتوثيق‬
‫وحتليل املخاطر ال�سيربانية‪ ،‬واجلرمية كما االعتداءات ال�سيربانية‪ ،‬ويعد ن�رشات ودرا�سات‪ ،‬حول‬
‫هذا املو�ضوع‪.‬‬

‫‪ .6‬جهود م�شرتكة يف مواجهة الإرهاب ال�سيرباين‬


‫نظرا لطبيعة االنرتنت العابرة للحدود‪ ،‬يعترب التعاون الدويل الفاعل‪� ،‬أحد �أهم عنا�رص جناح املالحقات‬
‫واملحاكمات املرتبطة با�ستخدام االنرتنت الغرا�ض ارهابية‪.‬‬
‫وقد �أكد االمني العام لالمم املتحدة‪ ،‬بان كيمون‪ ،‬ان االنرتنت هي املثال االهم على كيفية عمل‬
‫االرهابيني بطريقة عابرة للحدود الوطنية‪ ،‬وعليه‪ ،‬حتتاج الدول اىل ان تفكر وتعمل بطريقة مماثلة‪ .‬وقد‬
‫ورد هذا الت�أكيد يف مقدمة تقرير �صادر عن مكتب االمم املتحدة املعني باملخدرات واجلرمية‪� ،‬صادر‬
‫يف العام ‪ ،2012‬حتت عنوان “ا�ستخدام االنرتنت الغرا�ض ارهابية”[‪ .[[18‬ويت�ألف هذا التقرير من مئة‬
‫وثمانية وخم�سني �صفحة‪ ،‬توزعت على ثماين عناوين‪ ،‬انتهت اىل الت�أكيد على اهمية التعاون الدويل‪،‬‬
‫واالقليمي‪ ،‬والوطني‪ ،‬على كافة امل�ستويات‪ :‬الر�سمية وغري الر�سمية‪ ،‬يف مواجهة االرهاب‪.‬‬
‫اال �أن غياب الإطار الت�رشيعي الدويل‪ ،‬الذي يحكم موجبات الدول‪ ،‬يف جمال التعاون الدويل‪ ،‬ملكافحة‬
‫اجلرمية واالرهاب‪ ،‬ي�ؤثر �سلبا على فاعلية هذا التعاون‪ ،‬يف مواجهة االرهاب‪ ،‬ال�سيما على م�ستويات‬
‫التحقيق والتنفيذ‪.‬‬
‫وي�شكل هذا الإطار‪ ،‬حاجة ملحة لنجاح جهود التعاون يف املكافحة‪ ،‬ما ت�ؤكد عليه‪ ،‬خمتلف‬
‫بروتوكوالت التعاون‪ ،‬واالتفاقيات الدولية واالقليمية‪� ،‬سواء منها تلك اخلا�صة مبكافحة اجلرائم العابرة‬
‫للحدود‪� ،‬أو تلك اخلا�صة مبكافحة االرهاب‪ ،‬والتي تلحظ �آليات تن�سيق وتعاون تلزم الدول بو�ضع‬
‫�سيا�سات واطر ت�رشيعية وتنظيمية ت�سهل التعاون‪ ،‬انطالقا من م�ستويات املالحقة‪ ،‬مرورا بالتحقيق‪،‬‬
‫و�صوال اىل املحاكمة وتنفيذ العقوبات‪.‬‬
‫اال ان االطر الدولية للتعاون‪ ،‬لي�ست كافية‪ ،‬ويفرت�ض بالدول ان تعمد اىل ادراج هذه االطر ومبادئ‬
‫مرفقة مع الدراسة ]‪[187‬‬
‫‪[188] UNITED NATIONS OFFICE ON DRUGS AND CRIME Vienna - The use of the Internet for terrorist purposes-‬‬
‫‪“The Internet is a prime example of how terrorists can behave in a truly transnational way; in response, States need to think and‬‬
‫”‪function in an equally transnational manner.‬‬
‫‪http://www.unodc.org/documents/frontpage/Use_of_Internet_for_Terrorist_Purposes.pdf‬‬
‫�صفحة رقم ‪95‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫التعاون يف ت�رشيعاتها الوطنية‪ .‬كما يفرت�ض بها �أي�ضا‪ ،‬ان�شاء االجهزة اخلا�صة‪ ،‬التي يتطلبها التنفيذ‪ ،‬وبناء‬
‫قدرات املوارد الب�رشية‪ ،‬يف ال�ضابطة العدلية والق�ضاء‪ .‬على خط مت�صل‪ ،‬تعترب االطر الت�رشيعية للتعاون‪،‬‬
‫يف مكافحة االن�شطة اجلرمية العابرة للحدود‪ ،‬غري كافية هي االخرى‪ ،‬يف غياب هيئة مركزية تتوىل‬
‫التن�سيق‪ ،‬وتتخذ املبادرات‪ ،‬لإيجاد الآليات القانونية والعملية لرتجمة ارادة التعاون‪ ،‬ب�شكل عملي‪.‬‬
‫خارج �إطار التعاون الر�سمي‪ ،‬واالدوات الت�رشيعية املنظمة له‪ ،‬تعترب الثقة بني االطراف املتعاونة‪ ،‬من‬
‫اهم عنا�رص جناح هذا التعاون‪ .‬وي�ضاف اليه‪ ،‬املبادرات املحلية‪ ،‬واالقليمية‪ ،‬والدولية الهادفة اىل تعزيز‬
‫قدرات القوى االمنية وال�سلطات الق�ضائية املخت�صة‪.‬‬
‫كذلك‪ ،‬ال بد للدول‪ ،‬من اللجوء اىل اال�ستثمار يف امكانات التعاون غري الر�سمي‪ ،‬ويف �شبكات التعاون‬
‫االمنية التي تنت�رش حول العامل[‪ ،[[18‬مثل مراكز اال�ستجابة لطوارئ االنرتنت[‪ ،[[19‬واىل ار�ساء قواعد‬
‫خا�صة‪ ،‬ر�سمية وغري ر�سمية‪ ،‬تتيح التحقيقات امل�شرتكة‪ .‬فال �شيء مينع مثال‪ ،‬من التعاون املبا�رش مع‬
‫مزودي اخلدمات يف بلدان اجنبية‪ ،‬للطلب منهم ان يحتفظوا ببيانات االت�صاالت ملدة معينة‪ ،‬وان‬
‫بطريقة غري ر�سمية‪ .‬بينما يقت�ضي االنتباه‪ ،‬اىل �رضورة اللجوء اىل ال�سلطات الق�ضائية املخت�صة‪ ،‬يف‬
‫حاالت االعتماد على البيانات اخلا�صة باالنرتنت‪ ،‬كادلة ثبوتية يف املحاكمات اجلنائية‪ ،‬وذلك يف كل‬
‫ما يتعلق ب�آليات معاجلتها‪ ،‬من حفظ‪ ،‬وبحث‪ ،‬وم�صادرة‪ .‬وهنا‪ ،‬ال بد لل�سلطات الق�ضائية‪ ،‬ان تلحظ‬
‫�آليات تنظيمية ت�ضمن القوة الثبوتية لهذه البيانات‪ ،‬ال�سيما لناحية حفظها بطريقة ت�ضمن �أخذ املحاكم‬
‫بها‪ ،‬عند احلاجة‪ .‬ومن هنا �رضورة �إيجاد �آليات عالقات ر�سمية وغري ر�سمية‪ ،‬بني االجهزة االمنية‬
‫والق�ضائية‪ ،‬ومزودي اخلدمات‪� ،‬سواء منهم اولئك اخلا�ضعني لل�سيادة الوطنية‪� ،‬أو اولئك اخلا�ضعني‬
‫ل�سيادة اجنبية‪ ،‬مبا ي�ضمن �ضبط البيانات واحل�صول عليها‪ ،‬ب�أ�رسع وقت ممكن‪ ،‬يف التحقيقات اجلنائية‪.‬‬
‫ومعلوم ان العديد من القوانني الوطنية‪ ،‬تفر�ض على مزودي اخلدمات‪ ،‬موجب االحتفاظ ببع�ض انواع‬
‫بيانات االت�صال عرب االنرتنت‪ ،‬ملدة حمدودة‪ .‬اال انه‪ ،‬خارج الإطار الأوروبي‪ ،‬ال يوجد اتفاق دويل‪،‬‬
‫على نوعية هذه البيانات‪� ،‬أو مدة االحتفاظ بها‪.‬‬
‫فبيانات ا�ستخدام االنرتنت‪� ،‬شديدة االهمية يف التحقيقات اجلنائية اخلا�صة باالرهاب‪ ،‬كما انها �أ�سا�سية‬
‫يف دعم االثبات‪.‬‬
‫من هنا‪ ،‬تبقى فعالية التعاون لناحية تبادل املعلومات‪ ،‬مرتبطة من جهة اوىل‪ ،‬بنوعية البيانات ومدة‬
‫االحتفاظ بها‪ ،‬ومن جهة ثانية‪ ،‬بحاجة الدول املختلفة‪ ،‬اىل حماية البيانات احل�سا�سة‪� ،‬سواء منها تلك‬
‫اخلا�صة باالفراد �أو باالدارات الر�سمية‪ .‬كما يبقى جمع االدلة الرقمية‪ ،‬م�رشوطا بحر�ص الدول على‬
‫�سيادتها‪ ،‬ما ي�ستدعي التن�سيق املبكر‪ ،‬وامل�ستمر‪ ،‬بني ال�سلطات املعنية يف كل من البالد املعنية‪ ،‬ملواجهة‬
‫م�شكلة و�صعوبة احل�صول على بيانات االت�صال باالنرتنت عندما تكون موجودة‪ ،‬خارج احلدود‬
‫الوطنية‪.‬‬
‫ي�ضاف اىل هذا‪ ،‬ال�صعوبات النا�شئة‪ ،‬عن رف�ض ال�سلطات الوطنية اخلا�صة بحماية البيانات ال�شخ�صية‬
‫واحلريات‪ ،‬اعطاء اذن اف�شاء البيانات‪� ،‬أو تبادلها مع �سلطات بلد �آخر‪.‬‬
‫)‪[189] Network Situational Awareness (NetSA‬‬
‫‪http://www.cert.org/netsa/index.cfm‬‬
‫?‪[190] http://www.cert.org/incident-management/national-csirts/national-csirts.cfm‬‬
‫�صفحة رقم ‪96‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫ففي ق�ضايا االرهاب‪ ،‬حيث تنفذ بع�ض االفعال املكونة للجرم على االنرتنت‪ ،‬تربز العديد من الإ�شكاالت‬
‫القانونية والق�ضائية‪ ،‬ال�سيما عندما ي�ستخدم امل�شتبه به‪ ،‬املقيم يف بلد معني‪ ،‬خدمات ومواقع االنرتنت‪،‬‬
‫التي يديرها مزود خدمات‪ ،‬مقيم يف بلد �آخر‪ ،‬لتنفيذ اعماله اجلرمية �أو االرهابية‪ .‬كان ين�شئ او يدير‬
‫مواقع حتث على اجلهاد‪ ،‬واعمال عنف اخرى‪ ،‬مت�صلة باالرهاب‪.‬‬
‫ففي القانون الدويل‪ ،‬ال وجود لقواعد حتدد �آليات وا�صول عمل البلدان‪ ،‬يف ق�ضايا جنائية‪ ،‬تتعدد فيها‬
‫ال�صالحية الق�ضائية‪ ،‬بحيث يكون �أكرث من قانون وطني‪ ،‬واجب التطبيق‪ ،‬على م�شتبه به واحد‪ ،‬ومن‬
‫هنا �رضورة التن�سيق املبكر بني الدول حلل �صعوبات وم�شكالت ال�صالحيات‪.‬‬
‫�صفحة رقم ‪97‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫}الف�صل ال�سابع {‬
‫التعاون لتحقيق الأمن ال�سيرباين‬

‫‪� .1‬إلزامية التعاون‬


‫�أ‪ -‬عامل مرتابط ومعر�ض للمخاطر‬
‫فيما ت�شكل ال�شبكات ال�سلكية والال�سلكية‪ ،‬املحور الذي نبني حوله‪ ،‬ون�ؤ�س�س ن�شاطاتنا وجمريات‬
‫حياتنا اليومية‪ ،‬يطرح ال�س�ؤال حول ما �إذا كنا م�ستعدين للتعاون معا يف حماية هذه ال�شبكات‪ .‬و�إذا‬
‫كانت بع�ض البلدان قد ن�شطت يف جمال مكافحة اجلرمية ال�سيربانية واجلرمية املعلوماتية‪ ،‬مبا فيها الغ�ش ‬
‫ال�سيرباين‪ ،‬واالخرتاقات والتج�س�س‪ ،‬والرقابة‪ ،‬والإرهاب‪ ،‬فان بع�ضها‪ ،‬ال�سيما يف حميطنا العربي‪ ،‬مل‬
‫يحرك �ساكنا �إىل الآن‪ ،‬كلبنان مثال‪ ،‬حيث ال اطر قانونية‪ ،‬وال مواكبة ادارية‪ ،‬وال اجهزة متخ�ص�صة يف‬
‫تبادل املعلومات‪ ،‬حول االخرتاقات واجلرائم‪ ،‬و�أف�ضل املمار�سات‪.‬‬
‫كل ذلك‪ ،‬بالرغم من اننا نعي�ش اليوم‪ ،‬يف الع�رص ال�سيرباين‪ ،‬حيث العامل مرتابط‪ ،‬مت�صل ب�شكل دائم‪،‬‬
‫ومعر�ض للمخاطر‪ ،‬ب�شكل غري م�سبوق‪ ،‬نتيجة اعتمادنا املتنامي على تقنيات املعلومات واالت�صاالت‪،‬‬
‫وقد دخلت يف �أدق تفا�صيل حياتنا اليومية‪ ،‬العملية وال�شخ�صية‪ .‬وبات من ال�صعب على �أي �شخ�ص‬
‫يف هذا العامل‪ ،‬ان يعزل نف�سه عن هذا املجال‪ ،‬بحجة عدم ا�ستخدامه لالنرتنت‪ ،‬ذلك ان البنية التحتية‬
‫لكل اخلدمات التي تقدم له‪ ،‬انطالقا من الطاقة واملوارد املائية‪ ،‬مرورا باخلدمات االدارية‪ ،‬و�صوال �إىل‬
‫ا�ستخدامه لو�سائل النقل‪ ،‬واخلدمات احليوية‪ ،‬تعتمد على تقنيات املعلومات واالت�صاالت‪.‬‬
‫فاجلرمية‪ ،‬مثال‪ ،‬وجدت فيه �آفاقا �أكرث ات�ساعا‪ ،‬واملجرمون تو�سلوه‪ ،‬للحد من خماطر االنك�شاف‪ ،‬والوقوع‬
‫يف يد العدالة‪ .‬لذا‪ ،‬ال ميكن الي دولة‪ ،‬ان تن�أى بنف�سها عن هموم الأمن يف هذا املجال‪ ،‬حيث االخرتاقات‬
‫واالعتداءات‪ ،‬قد تطاول‪ ،‬ايا كان‪ ،‬عرب املروحة الوا�سعة الجهزة االت�صال‪ ،‬بال�شبكة العاملية للمعلومات‪.‬‬
‫واجلرمية التي ت�ستخدم تقنيات املعلومات واالت�صاالت‪� ،‬أو التي ت�ستهدفها‪ ،‬تعر�ض الأفراد‪ ،‬وامل�ؤ�س�سات‪،‬‬
‫والدول‪ ،‬خلطر داهم‪.‬‬
‫فقد تنبه املجرمون �إىل اهمية البيانات‪ ،‬ومعطوبية الأنظمة‪ ،‬وامكانات جمع الأموال‪ ،‬بطرق �أكرث‬
‫�سهولة‪ ،‬كما تنبهوا �إىل طبيعة هذا املجال املفتوحة‪ ،‬واىل �صعوبة تطبيق االطر التنظيمية والت�رشيعية‬
‫التقليدية‪� ،‬أحيانا كثرية‪ ،‬العتبارات متعددة‪ ،‬لي�س �أقلها عدم وجود �إطار ت�رشيعي متكامل للف�ضاء‬
‫ال�سيرباين‪ ،‬وغياب التعاون الفاعل بني الدول‪ ،‬والذي ي�سمح مبالحقتهم عرب احلدود‪ ،‬بالرغم من بروز‬
‫عدد ال ب�أ�س به من اجلهود الدولية‪ ،‬والإقليمية ملكافحة اجلرمية ال�سيربانية‪.‬‬
‫�صفحة رقم ‪98‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫ب‪ -‬جرمية عابرة للحدود‬


‫اجلرمية ال�سيربانية‪ ،‬ك�أي عمل �سيرباين �آخر‪ ،‬ذات �أبعاد عاملية‪ ،‬كونها تتجاوز مبفعولها ومداها‪� ،‬أ�شخا�صا‬
‫�أو �أمواال‪ ،‬يف االمكنة املختلفة التي ميكن ان ت�صل اليها‪ ،‬والتي تقع حتت اخت�صا�صات قانونية خمتلفة‪،‬‬
‫ما ينعك�س على التو�صيف القانوين‪ ،‬و�إجراءات التحقيق وا�صولها‪ ،‬وال�صالحية‪ ،‬والأدلة املوجودة‬
‫واملحفوظة‪ ،‬على ارا�ضي اجنبية‪ ،‬االمر الذي يفر�ض تعاونا بني ال�سلطات املخت�صة‪ ،‬يف عدد من البلدان‪،‬‬
‫للو�صول �إىل نتيجة‪� ،‬سواء على م�ستوى املتابعة واملالحقة وجمع الأدلة‪� ،‬أو على م�ستوى �إنزال العقاب‪.‬‬
‫وت�أخذ اجلرمية طابعا عابرا للحدود‪ ،‬يف كل مرة ينطلق فيها الن�شاط اجلرمي‪ ،‬من بلد معني‪ ،‬لي�صل �إىل‬
‫بلد �آخر‪� ،‬أو ليعربه �إىل بلد ثالث‪ .‬ويف كل مرة‪ ،‬يظهر فيها �أحد عنا�رص اجلرمية‪� ،‬أو نتائجها‪ ،‬يف مكان‬
‫جغرايف �آخر‪ ،‬خا�ضع لنظام قانوين‪ ،‬و�صالحية ق�ضائية خمتلفة‪� ،‬أو عدد من البلدان‪ .‬فا�صول التحقيق‪،‬‬
‫تفر�ض تتبع الن�شاط اجلرمي‪ ،‬ما يرتجم‪ ،‬مبالحقة خط �سري العمل منذ نقطة االنطالق‪ ،‬وحتى نقطة �أو‬
‫نقاط الو�صول‪ .‬وعليه‪ ،‬تلعب ال�سجالت التي حتفظ �آثار العمل‪ ،‬وخط م�سريه‪ ،‬دورا هاما‪ ،‬يف الوقت‬
‫الذي ميكن ان تتواجد فيه‪ ،‬على ارا�ض دول خمتلفة‪ .‬وال يخفى �رضورة اللجوء‪ ،‬خالل التحقيق‪،‬‬
‫�إىل قنوات االت�صال‪ ،‬ومقدمي خدمات االنرتنت؛ وجميعها ميكن ان يكون خا�ضعا ل�سيادة خمتلفة‪،‬‬
‫و�إجراءات قانونية متباعدة‪.‬‬
‫وغالبا ما ي�ؤدي التحقيق‪ ،‬كما املالحقة يف اجلرائم ال�سيربانية‪� ،‬إىل الدخول �إىل �أنظمة معلومات‪،‬‬
‫واالطالع على بيانات ومعلومات‪ ،‬خمزنة على خوادم يف منطقة جغرافية‪ ،‬غري خا�ضعة ل�سيادة الدولة‬
‫التي تقوم بالتحقيق‪ ،‬ومن دون احل�صول على موافقة الدولة املعنية‪ .‬وهذا ما �سيحدث بتواتر �أكرب‪ ،‬مع‬
‫انت�شار احلو�سبة ال�سحابية‪ ،‬وتو�سع ا�ستخدامها‪ ،‬ال�سيما مع اعتمادها على تقنية حفظ املعلومات يف‬
‫مراكز بيانات‪ ،‬يف عدد من البلدان‪ ،‬خا�ضعة لأنظمة قانونية خمتلفة‪ ،‬و�سيادة خمتلفة‪.‬‬
‫وكانت القوانني التقليدية‪ ،‬قد تعاملت مع هذا املو�ضوع‪ ،‬ب�إقرار ال�صالحيات املكانية والذاتية وال�شخ�صية‬
‫وال�شاملة‪ .‬وقد اجتهت معظم الدول‪ ،‬يف جمال اجلرمية ال�سيربانية‪� ،‬إىل اعتبار مكان وقوع اجلرم‪ ،‬كما‬
‫جن�سية املجرم‪� ،‬صلة ارتباط كافية‪ ،‬بني الأعمال اجلرمية ال�سيربانية و�إحدى الدول على الأقل‪ ،‬بحيث‬
‫تتحدد ال�صالحية على �أ�سا�سها‪.‬‬
‫وبالفعل‪ ،‬فقد تنبهت الدول املختلفة‪ ،‬منذ البداية‪� ،‬إىل ان مكافحة اجلرمية ال�سيربانية‪ ،‬تفر�ض مقاربة‬
‫تتنا�سب وطبيعتها التقنية‪ ،‬والعابرة للحدود‪ .‬فالأطر القانونية الوطنية‪ ،‬على الرغم من اهميتها‪ ،‬تبقى غري‬
‫فاعلة‪ ،‬يف غياب التعاون الدويل‪ ،‬الذي ي�ضمن ان�سجاما على م�ستوى تعريف اجلرمية ال�سيربانية‪ ،‬وحتديدا‬
‫لآليات تعاون عرب احلدود‪ ،‬مبا ي�ؤ�س�س لتعاون دويل‪ ،‬ويف غياب مقاربة �إقليمية للم�سائل اخلا�صة‪ ،‬التي‬
‫ميكن التوافق عليها‪ ،‬يف منطقة معينة‪ ،‬دون �أن يكون ذلك ممكنا بال�رضورة‪ ،‬على امل�ستوى الدويل‪.‬‬
‫ويبدو هذا الو�ضع الأخري �صحيحا‪ ،‬بالن�سبة للعديد من ق�ضايا املحتوى‪ ،‬التي غالبا ما ترتبط بخ�صو�صية‬
‫املجتمع‪ ،‬كما باملعتقدات والأديان‪ ،‬على �سبيل املثال‪.‬‬
‫�صفحة رقم ‪99‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫ج‪ -‬خطورة غياب التعاون‬


‫يجمع املتخ�ص�صون واخلرباء‪ ،‬على خطورة التباعد واالنق�سام‪ ،‬يف مكافحة اجلرمية ال�سيربانية‪ ،‬على‬
‫امل�ستوى الدويل‪ ،‬وعلى اعتبار تنوع واختالف الت�رشيعات الوطنية‪ ،‬عائقا �أمام التعاون الدويل[‪.[[19‬‬
‫وكانت جمموعة العمل يف مكتب مكافحة املخدرات واجلرمية‪ ،‬لدى الأمم املتحدة‪ ،‬قد رفعت تقريرا‬
‫بهذا املعنى‪ ،‬حول اجلرمية ال�سيربانية وتعامل الدول الأع�ضاء معها‪ .‬يف املقابل‪ ،‬اعتربت القواعد القانونية‪،‬‬
‫يف االتفاقات متعددة االطراف‪ ،‬فاعلة يف مكافحة اجلرمية[‪ ،[[19‬ال�سيما و�إنها تعزز قدرة الت�رشيعات‬
‫الو�ضعية‪ ،‬و�أ�صول املالحقة والإجراءات الوطنية‪� ،‬إ�ضافة �إىل �إتاحتها امكانية االن�سجام مع الت�رشيعات‬
‫الدولية‪ ،‬حول املو�ضوع‪ ،‬الأمر الذي ميكن �أن ي�ؤ�س�س‪ ،‬لتعاون فاعل‪.‬‬
‫ففي مواجهة تعاون املجموعات الإجرامية‪ ،‬و�إفادة اجلرمية املنظمة‪ ،‬من تقنيات املعلومات واالت�صاالت‪،‬‬
‫يف ت�سهيل �أعمالها‪ ،‬وتبادل البيانات واخلدمات‪ ،‬وربط جمموعاتها املنت�رشة يف بلدان خمتلفة[‪ ،[[19‬ال بد‬
‫من �شبكة تعاون‪ ،‬بني خمتلف الدول‪ ،‬وال�سلطات الق�ضائية والأمنية‪ ،‬تعيد التوازن �إىل قدرة اجلهات‬
‫الر�سمية واحلكومية‪ ،‬على املواجهة‪.‬‬
‫اال �أنه‪ ،‬ال ميكن الي �إطار تعاون‪ ،‬ان ينجح‪ ،‬يف غياب تطابق الأولويات الرئي�سية لدى البلدان ال�رشيكة‪،‬‬
‫النه ي�ؤثر �سلبا على التزامها‪ ،‬وعلى ا�ستدامة التعاون نف�سه‪ ،‬وفعاليته وكفاءته‪ .‬ولعل الدليل االقرب‪،‬‬
‫تاخر ال�سوق العربية امل�شرتكة‪ ،‬ال�ستبعادها ك�أولوية على �أجندات احلكومات العربية املعنية‪ ،‬مقابل جناح‬
‫التكتالت اخلليجية حول ا�ستثمار النفط و�إدارة موارده‪ ،‬حيث حل ك�أولوية يف قائمة اهتمامها‪.‬‬
‫و�إذا كان العديد من دول املنطقة‪ ،‬مل تربم اتفاقية عربية للأمن ال�سيرباين‪ ،‬ومل تعتمد القانون النموذجي‬
‫الذي اعدته جامعة الدول لعربية‪ ،‬ملكافحة اجلرمية ال�سيربانية‪ ،‬فان الوقت قد حان للمبادرة فورا‪� ،‬إىل‬
‫�إيجاد �سبل لإقرار الت�رشيعات الوطنية املالئمة‪ ،‬واملتجان�سة‪ ،‬واعتماد �آليات تعاون تقني وفني وق�ضائي‪،‬‬
‫ت�ضمن ا�ستقرار املجتمعات والدول‪ ،‬وت�ؤ�س�س لتفاهم على امل�سائل الإقليمية امل�شرتكة‪ ،‬ال�سيما على‬
‫م�ستوى اجلرائم اخلا�صة باملحتوى‪ ،‬ولدور فاعل للمنطقة العربية‪ ،‬على امل�ستوى الدويل‪ .‬كذلك‪ ،‬ال بد‬
‫من �إيجاد مراكز ات�صال دائم‪ ،‬بني الأجهزة الأمنية املعنية باملالحقة‪ ،‬وبالأمن‪ ،‬بحيث تر�صد االعتداءات‬
‫واالخرتاقات قبل وقوعها‪ ،‬وميكن احلد من �آثارها‪ ،‬ب�أكرب قدر ممكن‪.‬‬

‫د‪� -‬أهمية التعاون‬


‫ترتاكم العنا�رص التي جتعل املجال ال�سيرباين‪ ،‬جماال خطرا‪ ،‬و�صعب املرا�س‪ ،‬ما يجعل ال�سيطرة على ما‬
‫يحدث فيه‪� ،‬صعبة املنال‪ ،‬وغري فاعلة‪ ،‬ونذكر على �سبيل املثال‪ :‬االمتداد العاملي لل�شبكة‪ ،‬عدم وجود توافق‬
‫دويل‪ ،‬على القواعد الواجبة التطبيق‪ ،‬على �سلوك الدول يف هذا املجال‪� ،‬سهولة ارتكاب االعتداءات‬
‫ونتائجها الكارثية‪ ،‬كانت�شار الفريو�سات‪ ،‬وا�صابة الأنظمة غري املعنية وغري امل�ستهدفة بالهجوم‪ .‬ي�ضاف‬

‫‪[191] Comprehensive Study on Cybercrime Draft—February- 2013. http://www.unodc.org/documents/organizedcrime/‬‬


‫‪UNODC_CCPCJ_EG.4_2013/CYBERCRIME_STUDY_210213.pdf‬‬
‫‪[192] Membership of a multilateral cybercrime instrument corresponds with the perception of increased sufficiency of national‬‬
‫‪criminal and procedural law, indicating that current multilateral provisions in these areas are generally considered effective.‬‬
‫‪[193] White house strategy to combat transnational organized crime. “Virtually every transnational criminal organization and its‬‬
‫‪enterprises are connected and enabled by information systems technologies, making cybercrime a substantially more important‬‬
‫‪concern.”http://www.whitehouse.gov/administration/eop/nsc/transnational-crime/introduction‬‬
‫�صفحة رقم ‪100‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫�إىل ذلك‪ ،‬املجهولية التي ت�ساعد على اخفاء اجلهة املعتدية‪� ،‬أو ت�ساعد يف تعقيد عملية الو�صول اليها‪،‬‬
‫�أو حتى‪ ،‬ميكنها ان ت�ؤدي �إىل ن�سب االعتداء �إىل جهة غري اجلهة املعتدية‪ .‬هذا‪ ،‬دون ان نن�سى الثغرات‬
‫املعلوماتية‪ ،‬يف العديد من الربجميات امل�ستخدمة‪ .‬وت�شكل تقنيات املعلومات واالت�صاالت م�صدرا مقلقا‬
‫للمخاطر‪ ،‬ال ميكن مواجهته‪ ،‬خارج �إطار التعاون الدويل‪ .‬وكان االمني العام لالمم املتحدة قد اكد على‬
‫اهمية هذا التعاون يف منا�سبات عدة[‪.[[19‬‬
‫وهكذا‪ ،‬تتزايد امكانات وو�سائل االعتداء على البنية التحتية للمعلومات واالت�صاالت‪ ،‬وال�سيطرة عليها‪،‬‬
‫وتتو�سع املخاوف‪ ،‬حول القوانني الواجبة التطبيق يف الف�ضاء ال�سيرباين‪ ،‬ما ي�ؤ�س�س لنزاعات دولية‪،‬‬
‫وحروب‪ ،‬ويدرك �صناع القرار يف العديد من البلدان‪ ،‬مدى قوة تقنيات املعلومات واالت�صاالت‪ ،‬على‬
‫ك�رس احلواجز وتطوير االقت�صاد‪ ،‬متاما‪ ،‬كما يدركون �آثارها ال�سلبية واخلطرية‪ ،‬والتي لي�س لأية دولة‬
‫القدرة على حت�صني نف�سها‪ ،‬يف مواجهتها‪ ،‬منفردة‪.‬‬
‫ففي ع�رص ال�شبكات‪ ،‬مل تعد اجلغرافيا درعا للوقاية من التحديات العاملية‪ ،‬حيث يت�شاطر العامل اليوم هموما‬
‫�أمنية م�شرتكة‪ ،‬هي الأخطار ال�سيربانية‪ .‬ولذلك‪� ،‬أ�ضحى التعاون هو النموذج الأمني اجلديد يف ع�رصنا هذا‪،‬‬
‫حيث �أ�صبح الأمن مت�شابكا بوترية متزايدة‪ ،‬و�أ�صبح الدفاع يتطلب مزيدا من العمل‪ ،‬مع الدول وامل�ؤ�س�سات‬
‫واملنظمات‪.‬‬
‫من هنا‪ ،‬يبدو �رضوريا �أن تلعب الأمم املتحدة‪ ،‬دورا ايجابيا يف حتقيق ال�سالم ال�سيرباين‪ ،‬ال�سيما و�أنها‪،‬‬
‫املعنية الأوىل بال�سالم‪ ،‬يف العامل‪ ،‬وباحلد من النزاعات بني الدول‪ .‬يف هذا الإطار‪ .‬يف العام ‪،2012‬‬
‫عني بان كيمون‪ ،‬االمني العام لالمم املتحدة‪ ،‬فريقا من اخلرباء‪ ،‬ت�ألف من ‪ 15‬دولة‪ ،‬من بينها الأع�ضاء‬
‫الدائمون يف جمل�س الأمن‪ ،‬لدرا�سة �إجراءات التعاون املمكنة ملواجهة املخاطر ال�سيربانية‪ .‬ويف التقرير‬
‫الذي رفعه اخلرباء يف العام ‪ ،2013‬والذي جاء حتت ثالث عناوين �أ�سا�سية‪ ،‬برزت مبادئ حول‪:‬‬
‫ •تطبيق القانون الدويل على �سلوك الدول يف الف�ضاء ال�سيرباين‪.‬‬
‫ •تو�سيع مدى تطبيق القواعد التقليدية حول ال�شفافية وبناء الثقة‪.‬‬
‫ •تو�صية بالتعاون الدويل وبناء القدرات جلعل البنية التحتية للمعلومات واالت�صاالت حول العامل‪� ،‬أكرث‬
‫�أمنا‪.‬‬
‫وقد �أبرز التقرير‪ ،‬املخاطر الناجتة عن انت�شار االعتماد على تقنيات املعلومات واالت�صاالت‪ ،‬يف البنية‬
‫التحتية‪ ،‬ال�سيما يف جمال �أنظمة �إدارة ومراقبة املفاعالت النووية‪ .‬وتبقى اهمية التقرير‪ ،‬فيما ميثله من‬
‫�سابقة‪ ،‬يف جمال التوافق بني الدول على جمموعة من التو�صيات حول املعايري‪ ،‬والقواعد‪ ،‬ومبادئ‬
‫م�س�ؤولية الدول يف املجال ال�سيرباين‪ ،‬ما ي�ؤ�س�س لنواة قانون دويل يف هذا املجال‪ .‬وي�سمح بالتوجه نحو‬
‫الإقرار بتطبيق القوانني الدولية‪ ،‬يف غياب الإطار القانوين اخلا�ص‪ ،‬وبتطبيق �رشعة الأمم املتحدة‪ ،‬على‬
‫الدول الأع�ضاء‪ ،‬وباتاحة املجال امام الدول التي تتعر�ض العتداءات ملراجعة الأمم املتحدة‪ ،‬و�أجهزتها‬
‫املخت�صة‪.‬‬
‫‪[194] A/70/174- “Few technologies have been as powerful as information and communications technologies (ICTs) in reshaping‬‬
‫‪economies, societies and international relations. Cyberspace touches every aspect of our lives. The benefits are enormous, but these‬‬
‫‪do not come without risk. Making cyberspace stable and secure can only be achieved through international cooperation, and the‬‬
‫‪foundation of this cooperation must be international law and the principles of the UN Charter‬‬
‫‪https://ccdcoe.org/sites/default/files/documents/UN-150722-GGEReport2015.pdf‬‬
‫�صفحة رقم ‪101‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫كذلك‪ ،‬ميكن البناء على ما تقدم‪ ،‬للخروج باتفاقيات دولية و�إقليمية وثنائية‪ ،‬تنظم العالقات بني الدول‪،‬‬
‫والتعاون فيما بينها‪ ،‬ملواجهة املخاطر ال�سيربانية‪ ،‬ومنع حتولها �إىل �سبب ال�شتعال احلروب ال�سيربانية‪،‬‬
‫التي ميكن �أن ترتجم بكوارث تطال العامل �أجمع‪.‬‬
‫فالدول الأع�ضاء‪ ،‬ملزمة بح�سب هذه ال�رشعة‪ ،‬باحرتام �سيادة الدول االخرى‪ ،‬وا�ستقاللها‪ ،‬كما هي‬
‫ملزمة باالمتناع عن ا�ستخدام القوة‪ ،‬وباللجوء �إىل الو�سائل ال�سلمية يف حل النزاعات‪ .‬و�إذا كان التقرير‪،‬‬
‫مل يورد حتديدا ملا ميكن اعتباره‪ ،‬هجوما �سيربانيا مب�ستوى الإعداء امل�سلح‪ ،‬الذي يجيز للدولة املعتدى‬
‫عليها ا�ستعمال حق الرد‪� ،‬أو ما ميكن اعتباره ردا منا�سبا‪ ،‬اال �أنه �أ�س�س لتطبيق القواعد التقليدية ب�شكل‬
‫منا�سب‪ ،‬ال�سيما فيما يتعلق مبنع الدول من االعتداء على حقوق امللكية ال�صناعية والفكرية للأفراد يف‬
‫الدول االخرى‪ ،‬وا�ستثمار بياناتهم ال�شخ�صية‪ ،‬واالعتداء علىى حياتهم اخلا�صة‪ ،‬ال�سيما وان هذا‬
‫االمر‪ ،‬يعترب اعتداء على �سالمة الدولة وامنها القومي‪.‬‬
‫اال �أن كل ما تقدم‪ ،‬يفرت�ض من وجهة نظر قانونية‪ ،‬اثبات تورط الدولة يف االعتداء‪ ،‬ووقوفها خلفه‪،‬‬
‫�أو حتري�ضها على القيام به‪ .‬اذ ميكن اال تقوم اجهزة يف الدولة بهذا الهجوم‪ ،‬وامنا منظمة �أو م�ؤ�س�سة‬
‫تابعة لها‪� ،‬أو م�أجورة منها‪ .‬وي�ستدعي هذا االثبات‪ ،‬االلتفات �إىل اجلوانب التقنية‪ ،‬والو�سائل التي‬
‫ميكن اعتمادها لالثبات‪ ،‬وتتبع االثر‪ ،‬وت�أكيد انطالق االعتداء من جهاز تابع للدولة‪ ،‬من خالل �أحد‬
‫الأ�شخا�ص التابعني لها‪� ،‬أو من خالل اجهزة خا�صة‪ ،‬ا�ستخدمت من قبل �أ�شخا�ص تابعني للدولة وب�أمر‬
‫منها الخ‪...‬‬
‫وتفهم اهمية هذا التقرير والتعاون‪ ،‬كجهد وخطوة عملية هامة‪ ،‬باجتاه الت�أ�سي�س ملجال �سيرباين �سلمي‪،‬‬
‫وملنع ع�سكرته‪ ،‬على �ضوء ما ورد يف درا�سة ملعهد االبحاث حول نزع ال�سالح التابع لالمم املتحدة‪،‬‬
‫عن جتاوز عدد الدول التي طورت قدرات قتالية �سيبريانية‪ ،‬االربعني دولة‪ ،‬وعن كون اثنا ع�رش منها‪ ،‬قد‬
‫طورت قدرات هجومية[‪ .[[19‬كما من خالل تفاو�ض الدول بني بع�ضها‪ ،‬لإيجاد اطر تنظيمية وت�رشيعية‬
‫ودبلوما�سية ت�ضمن بناء الثقة يف العامل ال�سيرباين‪ ،‬عرب التعاون يف تبادل املعلومات حول التهديدات‪،‬‬
‫واالزمات‪ .‬فقد اتفقت كل من الواليات املتحدة ورو�سيا‪ ،‬مثال‪ ،‬نتيجة مفاو�ضات بينهما‪ ،‬على حتديد‬
‫طرق التعاون يف االزمات ال�سيربانية‪ ،‬عرب خط �ساخن‪ ،‬ومراكز الرد على طوارئ االنرتنت‪ ،‬واالت�صال‬
‫بني املراكز النووية ملواجهة االعتداءات ال�سيربانية[‪ .[[19‬كما ت�سجل يف هذا املجال‪ ،‬مناق�شات الفريق‬
‫الأمريكي ال�صيني[‪ ،[[19‬االمر الذي ي�ساعد على تقدم التوافق الدويل‪ ،‬حول قواعد وا�صول التعامل بني‬
‫الدول‪ ،‬يف العامل ال�سيرباين‪.‬‬

‫‪[195] http://www.unidir.org/files/publications/pdfs/cyber-index-2013-en-463.pdf‬‬
‫‪[196] UNIDIR, “Cyber Index,” pp. 125-138‬‬
‫‪[197] http://www.state.gov./r/pa/prs/ps/2013/07/211862.htm‬‬
‫�صفحة رقم ‪102‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫‪ .2‬بني القوانني املحلية والقانون الدويل‬


‫يعترب القانون الو�سيلة الأوىل‪ ،‬يف تنظيم التعامالت بني �أفراد املجتمعات املختلفة‪ ،‬و�إحدى الو�سائل‬
‫الهامة‪ ،‬يف تنظيم العالقات بني الدول‪� ،‬سواء لت�أمني اال�ستقرار ومنع النزاعات واحلد منها‪� ،‬أو حلماية‬
‫احلقوق ومنع اجلرمية‪ .‬لذا كان من الطبيعي‪ ،‬ان تهتم احلكومات املختلفة‪ ،‬بو�ضع �إطار ت�رشيعي وتنظيمي‪،‬‬
‫لرتتيب االو�ضاع اجلديدة‪ ،‬النا�شئة نتيجة لربوز ن�شاطات جديدة‪ ،‬وا�شكال جديدة من اجلرائم‪ ،‬رافقت‬
‫التحول نحو جمتمع املعلومات واملعرفة‪ .‬فلطاملا حكمت القوانني الوطنية‪ ،‬والقوانني الدولية‪ ،‬العديد من‬
‫االو�ضاع واحلاالت‪ ،‬والعالقات بني الدول‪ ،‬مبا يحقق حماية املجتمعات‪ ،‬ال�سيما يف املجاالت التي‬
‫تطاول جمتمعات متعددة‪� ،‬أو التي ميكن ان تعني الإن�سانية ككل‪ ،‬والتي ميكن ان تقع حتت اخت�صا�صات‬
‫ق�ضائية خمتلفة‪ ،‬مثل النقل الدويل‪ ،‬واالت�صاالت‪ ،‬واجلرمية املنظمة‪ ،‬واجلرمية العابرة للحدود‪ ،‬والف�ضاء‬
‫اخلارجي‪ .‬وال تخرج اجلرائم ال�سيربانية عن هذه القاعدة‪ ،‬حيث ال بد من تطبيق القوانني الوطنية‪،‬‬
‫والقانون الدويل‪ ،‬واالتفاقات املتعددة واالطراف‪ ،‬والثنائية‪ ،‬كما العالقات الدبلوما�سية‪.‬‬
‫اال ان الطبيعة التقنية واجلديدة‪ ،‬كما خ�صو�صية اجلرمية ال�سيربانية‪ ،‬تلزم الدول �إيجاد القواعد القانونية‬
‫املنا�سبة‪ ،‬عند ق�صور القوانني التقليدية‪ ،‬على امل�ستوى الوطني‪ ،‬واطر و�آليات التعاون مع الدول االخرى‪،‬‬
‫لت�أمني �إطار منا�سب لهذه اجلرمية العابرة للحدود‪ ،‬كما ملا ينتج عنها من �أدلة �إلكرتونية‪ ،‬ذات طبيعة خمتلفة‬
‫عن الأدلة التقليدية‪ ،‬وما يرتبط بها من �آليات جمع وتدقيق‪ .‬كذلك‪ ،‬ولنجاح التعاون‪ ،‬ال بد من العمل‪ ،‬على‬
‫حتقيق االن�سجام‪ ،‬بني القوانني والقواعد اخلا�صة مبكافحة اجلرمية ال�سيربانية‪ ،‬منعا لربوز اجلنات اجلرمية‪،‬‬
‫وت�سهيل التعاون‪.‬‬
‫وتقوم فل�سفة التعاون بني الدول‪ ،‬يف املجال القانوين‪ ،‬ب�شكل �أ�سا�سي‪ ،‬على تطويع مبد أ� �سيادة الدول‪،‬‬
‫واالخت�صا�ص القانوين والق�ضائي‪ ،‬الذي يرتبط به‪ ،‬من خالل اعرتاف الدولة‪ ،‬بحق دولة اخرى‪ ،‬بالقيام‬
‫بالتحقيق‪ ،‬على �أرا�ضيها‪.‬‬
‫ويتخذ التعاون يف املجال القانوين‪� ،‬صورا خمتلفة‪ ،‬مثل ت�سليم املجرمني‪ ،‬وامل�ساعدة الق�ضائية‪ ،‬واالعرتاف‬
‫املتبادل بقوة الق�ضية املحكمة‪ ،‬وتن�سيقا غري ر�سمي بني الأجهزة الع�سكرية والأمنية املعنية‪ .‬ونظرا لطبيعة‬
‫الأدلة الإلكرتونية‪ ،‬والتي تتطلب ردا فوريا‪ ،‬يفرت�ض احل�صول على املعلومات ال�رضورية لذلك‪ ،‬االمر‬
‫الذي يعني قدرة على �إطالق عملية حتقيقات متخ�ص�صة‪ ،‬كر�صد االت�صاالت‪ ،‬ومتابعتها‪ ،‬واحلفظ الآين‬
‫للبيانات‪ .‬وتلج�أ الدول‪ ،‬يف غالب االحيان‪� ،‬إىل طلب ر�سمي من الدول االخرى‪ ،‬للح�صول على‬
‫البيانات‪ ،‬ال�ستخدامها كدليل يف اثبات اجلرم‪ ،‬وذلك �ضمن �إطار من االتفاقات الثنائية‪ ،‬التي تنظم‬
‫التعاون فيما بينها‪ .‬ولكن اللجوء �إىل هذه الآلية التقليدية‪ ،‬يتطلب وقتا طويال‪ ،‬ن�سبيا‪ ،‬ميكن ان ميتد‬
‫ل�شهور‪ ،‬وهذا ما ال يتنا�سب وطبيعة اجلرمية ال�سيربانية‪ ،‬كما وطبيعة الأدلة التي يفرت�ض ان جتمع الثباتها‪،‬‬
‫االمر الذي يوجب �إيجاد �آليات وقنوات للتعاون‪ ،‬ت�ضمن �رسعة التجاوب والرد الفوري‪ ،‬لي�س على‬
‫امل�ستويني الإقليمي والدويل‪.‬‬
‫�صفحة رقم ‪103‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫‪ .3‬اجلهود الإقليمية‬
‫�أ‪ -‬نظرة عامة‬
‫يعترب التعاون بني الدول‪ ،‬ب�شكل عام‪ ،‬والتعاون الإقليمي‪ ،‬ب�شكل خا�ص‪ ،‬عن طريق �إقرار االتفاقيات‬
‫الإقليمية‪� ،‬أداة لتحفيز احلوار ال�سيا�سي وحفظ اال�ستقرار‪ ،‬وتنفيذ امل�شاريع الإقليمية‪ ،‬وتلبية الحتياجات‬
‫البلدان ال�رشيكة‪ ،‬وتطوير القدرات‪ ،‬وتثمري االمكانيات‪ ،‬ومعاجلة امل�شاكل والأولويات اخلا�صة‬
‫بدول تت�شارك �إقليما جغرافيا‪� ،‬أو قوا�سم ثقافية واجتماعية ولغوية‪ .‬وميكن للتعاون ان ي�شمل الهموم‬
‫االقت�صادية‪ ،‬بهدف تعزيز الو�ضع املعي�شي‪ ،‬والقدرة االقت�صادية لل�شعوب‪ ،‬كما يح�صل منذ العقد‬
‫املا�ضي‪ ،‬يف جماالت عديدة‪ ،‬مثل النقل‪ ،‬واملوارد املائية والكهربائية‪ ،‬والأمن‪.‬‬
‫ولعل �أهم ما ي�ؤ�رش �إىل وعي احلكومات املختلفة‪ ،‬الهمية التعاون الإقليمي‪ ،‬على امل�ستوى العربي‪ ،‬هو‬
‫�إن�شاء عدد من املنظمات كجامعة الدول العربية‪ ،‬واملنظمة اال�سالمية للرتبية والعلوم والثقافة‪ ،‬وجمل�س ‬
‫التعاون اخلليجي‪ ،‬والبنك اال�سالمي للتنمية‪.‬‬
‫ي�ضاف �إىل ذلك‪ ،‬ما يبذل من جهود‪ ،‬يف بقاع العامل كله‪ ،‬للتعاون على امل�ستويات الأوروبية‪ ،‬والأمريكية‪،‬‬
‫والفرانكوفونية‪ ،‬والكومنولث‪ .‬كما ترد هنا‪ ،‬الأموال التي تخ�ص�ص لربامج التعاون الإقليمي‪ ،‬ولي�س ‬
‫�أقلها ما خ�ص�صته املفو�ضية الأوروبية خالل الفرتة ‪ 2004‬ــــ ‪ ،2010‬بحيث بلغ جمموعه ‪ 9.6‬مليار‬
‫يورو‪ ،‬افادت منها البلدان املنخرطة‪ ،‬يف �سيا�سة اجلوار الأوروبية‪.‬‬
‫ففي كل مرة يظهر فيها هم دويل‪� ،‬أو �إقليمي م�شرتك‪ ،‬تظهر الدول ميال �إىل التعاون‪ .‬وال يخرج هم‬
‫مكافحة اجلرمية ال�سيربانية عن هذه القاعدة‪ .‬لذا جند ان العامل‪ ،‬ممثال بالأمم املتحدة‪ ،‬يدفع بهذا االجتاه‪،‬‬
‫كما نالحظ بروز العديد من املبادرات واجلهود‪ ،‬التي ت�صب يف خانة ار�ساء قواعد التعاون‪ .‬ولكن هل‬
‫تكفي االتفاقيات الإقليمية يف هذا املجال؟ هذا ما �سنحاول االجابة عليه‪ ،‬من خالل ا�ستعرا�ض بع�ض ‬
‫االتفاقيات‪ ،‬ال�سيما منها اتفاقية بوداب�ست‪ ،‬كونها االداة الأوىل‪ ،‬التي برزت حتت عنوان‪ :‬التعاون‬
‫ملكافحة اجلرمية ال�سيربانية‪.‬‬
‫وتن�سجم االتفاقات الإقليمية مع متطلبات مواكبة طبيعة و�رسعة الن�شاط اجلرمي‪ ،‬يف املجال ال�سيرباين‪،‬‬
‫كما مع طبيعة الأدلة والآثار املرتتبة عليه‪ .‬وي�سجل يف هذا املجال‪ ،‬عدد من املبادرات[‪ ،[[19‬كمبادرة‬
‫�شانغهاي‪ ،‬ومبادرة رابطة البلدان امل�ستقلة‪ ،‬وغريها‪ ،‬مما �سريد ذكره‪ ،‬الحقا‪.‬‬
‫ففي العام ‪ ،2002‬و�ضعت جمموعة بلدان الكومنولث[‪ ،[[19‬التي ت�ضم ‪ 53‬دولة‪ ،‬قانونا منوذجيا ملكافحة‬
‫اجلرمية ال�سيربانية‪ ،‬حر�صت على ان ي�أتي من�سجما‪ ،‬مع االتفاقية الأوروبية ملكافحة اجلرمية ال�سيربانية‪.‬‬

‫‪[198] International/Regional Initiatives. Commonwealth of Independent States: Agreement on Cooperation in Combating‬‬


‫‪Offences related to Computer Information (2001). Commonwealth: Model Laws on Computer and Computer-related Crime (2002)/‬‬
‫‪Electronic Evidence (2002)/Harare Scheme (2002/2011) - Shanghai Cooperation Organization: Agreement on Cooperation in the‬‬
‫)‪Field of Information Security (2009) - League of Arab States: Convention on Combating Information Technology Offences (2010‬‬
‫)‪Caribbean: ITU/Caribbean Community/CTU Model Legislative Texts on Cybercrime, e-Crime and Electronic Evidence (2010‬‬
‫)‪Pacific: ITU/Secretariat of the Pacific Community Model Law on Cybercrime (2011‬‬
‫‪(Draft) EAC Legal Framework for Cyberlaws (2008) (Draft) ECOWAS Directive on Fighting Cybercrime (2011) COMESA‬‬
‫‪Cybersecurity Draft Model Bill (2011) (Draft) African Union Convention on the Establishment of a Legal Framework Conductive‬‬
‫ )‪to Cybersecurity in Africa (2012) SADC Model Law on Computer Crime and Cybercrime (2012‬‬
‫‪[199] Commonwealth of Nations‬‬
‫�صفحة رقم ‪104‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫كما و�ضعت قانونا منوذجيا �آخر‪ ،‬حول االثبات الرقمي‪ ،‬نظرا لأهمية االثبات يف القانون‪ .‬فاىل جانب‬
‫القوانني الو�ضعية‪ ،‬ال بد من �إجراءات و�أ�صول‪ ،‬ت�ضمن الو�صول �إىل الإدانة‪� ،‬أو �إىل �إثبات الرباءة[‪.[[20‬‬
‫كما ال ميكن لأي حمكمة‪ ،‬ان تعمل دون �أدلة اثبات‪.‬‬
‫ويف العام ‪ ،2009‬بادرت املجموعة االقت�صادية لغرب افريقيا[‪ ،[[20‬امل�ؤلفة من ‪ 15‬دولة ع�ضوا‪� ،‬إىل‬
‫�إقرار تو�صية ملكافحة اجلرمية ال�سيربانية‪ ،‬ت�شكل الإطار القانوين لعمل الدول الأع�ضاء‪ .‬وقد ت�ضمنت هذه‬
‫االتفاقية‪� ،‬إ�ضافة �إىل املواد التجرميية‪ ،‬موادا خا�صة باال�صول والإجراءات‪ ،‬بحيث غطت م�س�ألة االثبات‪،‬‬
‫والأدلة الرقمية‪.‬‬
‫تبع ذلك‪ ،‬مبادرة من قبل ال�سوق امل�شرتكة ل�رشق وجنوب افريقيا‪ ،‬يف العام ‪ ،2011‬لو�ضع قانون‬
‫منوذجي[‪ ،[[20‬حول خمتلف جوانب اجلرمية ال�سيربانية‪.‬‬
‫وكان االحتاد الدويل لالت�صاالت‪ ،‬واالحتاد الأوروبي‪ ،‬قد ا�شرتكا يف دعم و�ضع قانون و�سيا�سة منوذجيني‪،‬‬
‫يف العام ‪ ،[[20[2010‬قام باعدادهما عدد من اخلرباء‪ ،‬من منطقة الكاريبي‪ ،‬بحيث اعتمدا لو�ضع القوانني‬
‫وال�سيا�سات الوطنية‪ ،‬يف دول الكاريبي‪ ،‬كما دعما جهدا مماثال‪ ،‬لدول املحيط البا�سفيكي[‪.[[20‬‬
‫على خط مواز‪ ،‬و�ضعت منظمة الدول الأمريكية[‪ ،[[20‬عددا من التو�صيات حول اجلرمية ال�سيربانية‪ ،‬لكن‬
‫التنفيذ على امل�ستوى الوطني‪ ،‬مل يتم اجنازه بعد‪.‬‬
‫على امل�ستوى الأوروبي‪� ،‬أقر عدد من التو�صيات‪ ،‬واتخذ العديد من القرارات لتحقيق االن�سجام‪ ،‬بني‬
‫الت�رشيعات الوطنية للدول الأع�ضاء يف االحتاد‪ ،‬والتي تكافح اجلرمية ال�سيربانية‪ .‬فاقر املجل�س الأوروبي‪،‬‬
‫امل�ؤلف من ‪ 47‬دولة ع�ضو‪ ،‬اتفاقية ملكافحة اجلرمية ال�سيربانية‪ ،‬يف العام ‪ ،2001‬والربوتوكول اال�ضايف‬
‫لها‪ ،‬يف العام ‪ ،2003‬كما �أقر اتفاقية حلماية الأطفال �ضد اال�ستغالل اجلن�سي‪ ،‬يف العام ‪.2007‬‬

‫ب‪ -‬اتفاقية بوداب�ست‬


‫�شكلت االتفاقية الأوروبية ملكافحة اجلرمية ال�سيربانية‪ ،‬خطوة رائدة على م�ستوى التعاون بني الدول‪ ،‬ملواجهة‬
‫هذا اخلطر‪ .‬وهي الوحيدة حتى اليوم‪ ،‬من حيث حجم الدول املن�ضمة اليها‪ ،‬ومن حيث مداها‪ .‬وقد جاءت‬
‫هذه االتفاقية‪ ،‬لتكلل جهود جمموعة من اخلرباء‪ ،‬الأوروبيني وغري الأوروبيني‪ ،‬كالواليات املتحدة‪ ،‬وافريقيا‬
‫اجلنوبية‪ ،‬واليابان‪ ،‬والتي عملت �ضمن جمموعة « خرباء ملكافحة اجلرمية يف الف�ضاء ال�سيرباين»‪.‬‬
‫دخلت هذه االتفاقية حيز التنفيذ‪ ،‬يف متوز ‪ ،2004‬بعد ان عر�ضت للتوقيع ابتداء من نوفمرب ‪،2001‬‬
‫كاول اداة �إقليمية ملزمة ملكافحة اجلرمية ال�سيربانية‪ ،‬عرب حتقيق االن�سجام بني القوانني الوطنية‪ .‬وقد‬
‫�شددت‪ ،‬ب�شكل خا�ص‪ ،‬على حت�سني تقنيات التحقيق والبحث‪ ،‬وزيادة التعاون بني الدول‪.‬‬
‫وقد بلغ عدد الدول التي �أقرت هذه االتفاقية‪ ،‬حتى اليوم‪� ،‬إحدى و�أربعني دولة‪ ،‬بينما وقعت عليها‬
‫�إحدى ع�رشة دولة دون ان تقرها‪ .‬وكانت هذه االتفاقية‪ ،‬قد اتبعت بربوتوكول‪ ،‬دخل حيز التطبيق يف‬
‫‪[200] Commonwealth model law on digital evidence- 2002‬‬
‫‪[201] The Economic Community of West African States - ECOWAS - Founded in 1975‬‬
‫‪[202] Cybersecurity Draft Model Bill Model Law - Common Market for Eastern and Southern Africa - Comesa- 2011‬‬
‫‪[203] HIPCAR- Model legislation and policy developed in 2010 by Caribbean experts‬‬
‫‪[204] ICB4PAC- Pacific countries to develop their own model policy and legislation‬‬
‫‪[205] Recommendations of Organization of American States -OAS‬‬
‫�صفحة رقم ‪105‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫مار�س ‪ ،2006‬ويهدف �إىل جترمي املحتوى العن�رصي وكراهية االجانب على االنرتنت‪ ،‬كما لتجرمي‬
‫التهديدات وال�شتائم املبنية عليهما‪.‬‬
‫توزعت بنود االتفاقية‪ ،‬على حماور ثالثة‪:‬‬
‫ •االن�سجام بني الت�رشيعات الوطنية‪ ،‬التي جترم الأعمال غري القانونية يف الف�ضاء ال�سيرباين‬
‫ •حتديد و�سائل التحقيق واملالحقة اجلزائية‪ ،‬التي تن�سجم مع الطبيعة العاملية لل�شبكة‬
‫ •و�ضع نظام تعاون بني الدول‪ ،‬يت�صف بال�رسعة والفاعلية‪.‬‬
‫وزعت االتفاقية اجلرائم التي ترتكب بوا�سطة االنرتنت‪ ،‬على �أربع جمموعات كربى‪ ،‬ت�ضم الأوىل‪:‬‬
‫اجلرائم التي تتعر�ض خل�صو�صية و�سالمة وتوفر الأنظمة والبيانات؛ مثل النفاذ غري ال�رشعي‪ ،‬واالعرتا�ض ‬
‫غري ال�رشعي‪ ،‬وت�شويه البيانات‪ ،‬و�سالمة النظام‪ .‬وت�ضم املجموعة الثانية‪ :‬جرائم التزوير واالحتيال‪،‬‬
‫بينما تندرج يف الثالثة‪ ،‬اجلرائم املت�صلة باملحتوى‪ ،‬مثل‪ :‬انتاج‪ ،‬وتوزيع‪ ،‬وحيازة مواد اباحية ي�ستخدم‬
‫فيها الأطفال‪ ،‬ويف املجموعة الرابعة‪ ،‬جرائم االعتداء على امللكية الفكرية‪ ،‬واحلقوق املجاورة‪.‬‬
‫وي�ؤ�رش �إىل جناح هذه االتفاقية‪ ،‬والربوتوكول التابع لها‪ ،‬ان�ضمام العديد من الدول غري الأوروبية اليها‪،‬‬
‫واتخاذها �صفة االداة الدولية‪ ،‬بان�ضمام الواليات املتحدة الأمريكية‪ ،‬واليابان‪ ،‬وا�سرتاليا‪ ،‬وجنوب‬
‫افريقيا‪ ،‬وكندا وغريها‪ .‬فمع نفاذ هذه االتفاقية‪ ،‬يف كافة الدول التي وقعتها‪ ،‬تتحول �إىل اداة لإدارة‬
‫املخاطر‪ ،‬والتهديدات ال�سيربانية‪.‬‬
‫وترتكز اهمية هذه االتفاقية بفعاليتها على �إقرارها �إجراءات عملية‪ ،‬تلتزم الدول املن�ضمة بادراجها يف‬
‫قوانينها الوطنية‪ ،‬مثل تلك اخلا�صة بجمع بيانات االت�صال وحفظها؛ مبا يتيح حتديد م�صدرها‪ ،‬ونقطة‬
‫و�صولها‪ ،‬و�صالحية اجلهات الق�ضائية املعنية‪ ،‬وامل�ساعدة املتبادلة وت�سليم املجرمني‪.‬‬
‫فقد حلظت املعاهدة‪ ،‬يف املادة الثالثة والع�رشين‪ ،‬تعاون االطراف �إىل اق�صى حد ممكن‪ ،‬ال�سيما على‬
‫م�ستوى‪ :‬تبادل املعلومات والأدلة‪ ،‬ر�صد االت�صاالت وتعقبها‪ ،‬وحفظ البيانات ونقلها‪ ،‬وتبادلها‪،‬‬
‫واالطالع على املحتوى‪ ،‬وبيانات االت�صاالت‪ ،‬تفتي�ش و�ضبط حمتوى الأجهزة املخزن‪ ،‬اجلمع الفوري‬
‫لبيانات االت�صال‪ ،‬التعاون الق�ضائي‪ ،‬تبادل املجرمني‪ ،‬و�إن�شاء مراكز وحدات خا�صة‪ ،‬ت�ؤمن املتابعة‬
‫وتبادل املعلومات دون انقطاع‪ ،‬على مدار اليوم‪ ،‬كل ايام اال�سبوع ‪ .7/24‬وتعترب مراكز االت�صال‬
‫هذه‪ ،‬حجر الأ�سا�س‪ ،‬الذي ترتكز اليه فعالية التحقيق‪ ،‬وتبادل املعلومات‪.‬‬
‫وتتميز االتفاقية الأوروبية‪ ،‬باملتابعة التي حتظى بها‪ ،‬من قبل املجل�س الأوروبي‪ ،‬الذي يعقد اجتماعات‬
‫وندوات ب�شكل م�ستمر‪� ،‬سواء لتعديلها‪ ،‬مبا يتالءم �أكرث مع واقع اجلرمية ال�سيربانية‪ ،‬كما ح�صل مع‬
‫�إقرار الربوتوكوالت الالحقة لها‪� ،‬أو من خالل ت�شديده على اهمية التعاون بني الأجهزة املخت�صة‪،‬‬
‫حيث ركزت على‪ :‬التعاون بني ال�سلطات الق�ضائية ومزودي اخلدمات‪ ،‬ومتابعة �آثار عمليات تبيي�ض ‬
‫الأموال على االنرتنت‪ ،‬والتعرف على اال�شكال اجلديدة للمخاطر ال�سيربانية‪ ،‬وواقع وفعالية الت�رشيعات‬
‫ال�سيربانية يف جمال مكافحة اجلرمية‪ ،‬كما ناق�شت فعالية التعاون بني نقاط االت�صال ‪.7/24‬‬
‫ي�ضاف �إىل ذلك‪ ،‬ما ي�صدر من تو�صيات وتوجيهات عملية‪ ،‬لكيفية تطبيق االتفاقية‪ ،‬ب�شكل عام‪� ،‬أو يف‬
‫�صفحة رقم ‪106‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫م�سائل معينة‪ .‬ويذكر هنا �أي�ضا‪ ،‬تعاون املجل�س مع الالعبني الأ�سا�سيني يف جمال الربجميات‪ ،‬كما االتفاق‬
‫الذي وقع مع مايكرو�سوفت‪.‬‬
‫وقد �أوردت هذه املعاهدة‪ ،‬بنودا خا�صة حلماية احلريات واحلقوق‪ ،‬و�سمحت بو�صول املحققني �إىل‬
‫املعلومات املتاحة للعموم‪� ،‬أو مبوافقة وارادة الطرف املعني‪ ،‬باحلفاظ على البيانات‪.‬‬

‫‪ .4‬التعاون الدويل‬
‫مع االنتباه �إىل الأبعاد العاملية لالعتداءات وللجرمية ال�سيربانية‪ ،‬برز االهتمام بالتعاون الدويل‪ .‬وانطلقت‬
‫الفكرة حلماية الف�ضاء ال�سيرباين‪ ،‬ومواجهة املخاطر‪ ،‬من التجمع الدويل للعلماء[‪ ،[[20‬الذي �أ�شار �إىل‬
‫هذا التعاون‪ ،‬كنظام دويل للف�ضاء ال�سيرباين ‪ ،‬يرعى جميع امل�سائل اجلرمية مبا فيها احلرب الإلكرتونية‪.‬‬
‫وقد قادت الأمم املتحدة‪ ،‬هذه اجلهود‪� ،‬سواء عرب �إقرارها تنظيم القمة العاملية ملجتمع املعلومات‪� ،‬أو‬
‫ان�شائها جمموعات عمل‪ ،‬ملكافحة اجلرمية ال�سيربانية‪ ،‬واتخاذها العديد من القرارات‪ ،‬التي تدعم الأمن‬
‫وال�سالمة‪ ،‬يف الف�ضاء ال�سيرباين‪.‬‬
‫لعبت القرارات ال�صادرة عن الهيئة العامة لالمم املتحدة‪ ،‬حول الأمن ال�سيرباين وتقنيات املعلومات‪،‬‬
‫دورا يف جذب انتباه الدول الأع�ضاء‪� ،‬إىل �أهمية التحديات ال�سيربانية‪.‬‬
‫وت�سجل حركة نا�شطة لعدد من الأجهزة‪ ،‬واالدارات‪ ،‬وفرق العمل‪ ،‬التابعة لالمم املتحدة‪ ،‬يف هذا‬
‫املجال‪ ،‬على م�ستويات عدة‪ ،‬حيث يدعم مكتب مكافحة اجلرمية واملخدرات جهود الأمم املتحدة‪ ،‬يف‬
‫هذا املجال‪ ،‬حتى على االنرتنت‪ ،‬كما تهتم منظمة اجلمارك العاملية‪ ،‬بالرتويج ال�سرتاتيجيات حماية البنية‬
‫التحتية احلرجة‪ ،‬بينما تهتم اللجنة االقت�صادية واالجتماعية على حت�سني تبادل املعلومات‪ ،‬واملمار�سات‬
‫الف�ضلى‪ ،‬والتدريب على مكافحة اال�ستخدام اجلرمي لل�شبكة‪.‬‬
‫كذلك‪ ،‬ا�صدرت الهيئة العامة لالمم املتحدة‪ ،‬قرارا حول �رضورة ن�رش ثقافة الأمن ال�سيرباين[‪،[[20‬‬
‫و�رضورة زيادة الوعي وامل�س�ؤولية‪ ،‬لدى الدول‪ ،‬مبا ي�ضمن التعاون يف الوقت املنا�سب‪ ،‬ملنع‪ ،‬ور�صد‪،‬‬
‫ومعاجلة احلوادث ال�سيربانية‪ .‬بعد ذلك‪ ،‬دعت جميع الهيئات الدولية‪ ،‬والدول الأع�ضاء‪ ،‬التي و�ضعت‬
‫ا�سرتاتيجيات للأمن ال�سيرباين وحماية البنية التحتية احلرجة‪� ،‬إىل امل�شاركة على م�ستوى املمار�سات‬
‫الف�ضلى‪ ،‬والتدابري‪ ،‬التي ت�سهل افادة بقية الدول الأع�ضاء منها[‪.[[20‬‬
‫وقد بدا اهتمام الدول بالتعاون وا�ضحا‪ ،‬من خالل م�شاركتها يف اعمال اجلمعية العامة لالمم املتحدة‪،‬‬
‫التي �ضمت ‪ 192‬دولة‪ ،‬والتي ا�صدرت عددا من القرارات‪ ،‬التي ميكن اعتبارها قاعدة النطالق‬
‫اجلهود‪ ،‬يف مكافحة اجلرمية ال�سيربانية‪.‬‬

‫‪[206] World Federation of Scientists- Combating cybercrime requires significant international cooperation and preventative‬‬
‫‪measures, and this is especially important in deterring acts against critical infrastructure. Document WSIS-03/GENEVA/‬‬
‫‪CONTR/6-E19 November 2003‬‬
‫‪[207] UN document A/RES/57/239, 31 January 2003, p. 2- the resolution calls for more awareness and responsibility by capable‬‬
‫”‪states to “act in a timely and cooperative manner to prevent, detect and respond to security incidents‬‬
‫‪[208] Creation of a Global Culture of Cyber security and the Protection of Critical Information Infrastructures, UN document‬‬
‫‪A/RES/58/199, 30 January 2004, p. 2. 95- the resolution invites all relevant international organizations and Member States‬‬
‫‪“that have developed strategies to deal with cyber security and the protection of critical information infrastructures to share their‬‬
‫”‪best practices and measures that could assist other Member States in their efforts to facilitate the achievement of cyber security‬‬
‫�صفحة رقم ‪107‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫ونذكر هنا‪ ،‬قرار ا�صدر يف العام ‪ ،1990‬حول قانون جرائم املعلوماتية[‪ ،[[20‬ثم قرارا �آخرا يف العام‬
‫الالحق‪ ،‬حول مكافحة اال�ستخدام اجلرمي لتقنيات املعلومات واالت�صاالت[‪ .[[21‬كما ا�صدرت الأمم‬
‫املتحدة‪ ،‬قرارا خا�صا حول الأمن ال�سيرباين‪ ،‬يف العام ‪ ،[[21[2003‬ركز على القدرة على مكافحة‬
‫اجلرمية ال�سيربانية‪ ،‬ومن ثم ا�صدرت قرارا حول املو�ضوع نف�سه‪ ،‬يف العام ‪ ،2010‬وملحقا حول‬
‫�رضورة ان تلج�أ الدول‪� ،‬إىل �إجراء تقييم ذاتي مبح�ض ارادتها‪ ،‬ملعرفة مدى تنا�سب اطرها الت�رشيعية‪،‬‬
‫وقدرتها على مكافحة اجلرمية ال�سيربانية‪ ،‬على �ضوء التطورات ال�رسيعة احلا�صلة‪ ،‬يف جمال تقنيات‬
‫املعلومات واالت�صاالت[‪.[[21‬‬
‫كذلك بذلت جهود عدة‪ ،‬من قبل جمموعات عمل متخ�ص�صة‪ ،‬بدعم من االحتاد الدويل لالت�صاالت[‪،[[21‬‬
‫حيث برزت احلاجة �إىل تعاون الدول فيما بينها‪ ،‬القرار جمموعة من املعايري والقواعد‪ ،‬التي ت�ضمن‬
‫اال�ستخدام الأمن للمجال ال�سيرباين‪ .‬وكانت رو�سيا‪ ،‬قد اعدت م�سودة عدد من القرارات‪ ،‬وقدمتها �إىل‬
‫الأمم املتحدة‪ ،‬لإقرار اتفاقية �سيربانية‪ .‬لكن هذه االقرتاحات مل تقر‪.‬‬
‫وتبقى هذه اجلهود‪ ،‬كما املقررات والتو�صيات‪� ،‬سواء منها تلك التي �صدرت عن القمة العاملية‪� ،‬أو عن‬
‫املنتديات الدولية حلوكمة االنرتنت‪ ،‬وبالرغم من قيمتها ال�سيا�سية والإعالمية‪ ،‬على امل�ستوى الدويل‪ ،‬غري‬
‫كافية‪ ،‬وال فاعلة‪ ،‬نظرا لعدم الزاميتها القانونية‪ ،‬ولعدم اتاحتها امكانات العقاب‪ ،‬يف حال خمالفتها‪ .‬هذا‬
‫عدا عن الهوة الرقمية‪ ،‬التي ما زالت تزداد ات�ساعا‪ ،‬بني الدول‪ ،‬والتي متنع توقع باهتمام الدول املحدودة‬
‫الإمكانات والقدرات‪ ،‬باحلفاظ على �أمن الف�ضاء ال�سيرباين‪ ،‬وبناء الثقة فيه‪ ،‬على ما جاء يف مقررات‬
‫وتو�صيات تون�س[‪ .[[21‬من هنا يبدو التعاون �رضوريا‪ ،‬وملحا‪ ،‬بني الدول املتقدمة‪ ،‬وتلك التي تعاين من‬
‫تخلف على م�ستوى التقنيات‪ ،‬والقدرات‪ ،‬واخلربات‪ ،‬وذلك منعا ال�ستغالل املجرمني للثغرات العديدة‬
‫القائمة‪ ،‬واحل�ؤول دون اقامة اجلرمية املنظمة ل�شبكاتها اخلا�صة بتبيي�ض الأموال‪ ،‬واعمال اخلداع والغ�ش ‬
‫امل�رصيف‪ ،‬يف بالد تعتمد ت�رشيعات غري فاعلة‪� ،‬أو ال تعتمد �إطالقا اي ت�رشيع‪ ،‬يف جمال مكافحة اجلرمية‬
‫ال�سيربانية‪ ،‬مثل رو�سيا‪ ،‬والعديد من البالد االفريقية‪.‬‬
‫وعليه‪ ،‬يبدو التو�صل �إىل �إقرار نظام عاملي‪ ،‬اليوم ويف امل�ستقبل القريب‪ ،‬بعيد املنال‪ .‬فكيف ميكن جلميع‬
‫دول العامل‪ ،‬وان اتفقت يف �إطار الأمم املتحدة على مكافحة اجلرمية ال�سيربانية‪ ،‬ان تتفق على حتديد واحد‬
‫لالعمال ال�سيربانية ال�رشعية‪ ،‬وغري ال�رشعية‪� ،‬سواء منها تلك التي تقوم بها الدول‪� ،‬أم تلك التي يقوم بها‬
‫الأفراد؟ وكيف �سيتم االتفاق على مرجعية حلل اخلالفات‪ ،‬وما هي �آلية فر�ض قراراتها‪ ،‬ال�سيما على‬
‫الدول املارقة �أو املخالفة؟‬

‫‪[209] The UN GA resolution 55/63 dealing with computer crime legislation 1990‬‬
‫‪[210] In 2000 the UN GA resolution 56/121 on combating the criminal misuse of information technology‬‬
‫)‪[211] In 2003 resolution (A/RES/57/239‬‬
‫‪[212] A/RES/64/211‬‬
‫‪[213] Toward a universal Order of cyberspace: managing threats from cybercrime to cyber war. Permanent monitoring panel of‬‬
‫‪cyber security- document wsis-2003- Geneva- www.itu.int‬‬
‫نوفمرب‪WSIS-II/TUNIS/DOC/6(Rev.1)-A182005‬الوثيقة ]‪[214‬‬
‫نحن نسعى إىل بناء الثقة واألمن يف استعامل تكنولوجيا املعلومات واالتصاالت من خالل تعزيز أسس هذه الثقة‪ .‬ونحن نؤكد من جديد رضورة امليض‪ ،‬بالتعاون مع جميع‬
‫أصحاب املصلحة‪ ،‬يف تعزيز وتنمية وتنفيذ ثقافة عاملية لألمن السرباين‪ ،‬كام ورد يف قرار الجمعية العامة لألمم املتحدة ‪ ،57/239‬ويف قرارات بعض املحافل اإلقليمية ذات‬
‫الصلة‪ .‬وتتطلب هذه الثقافة إجراءات وطنية ومزيدا ً من التعاون الدويل لتعزيز األمن‪ ،‬والعمل يف الوقت ذاته عىل النهوض بحامية املعلومات الشخصية وحامية الخصوصية‬
‫والبيانات‪ .‬وينبغي أن يع ِّزز استمرار تنمية ثقافة األمن السرباين إمكانيات النفاذ والتجارة‪ ،‬وأن يراعي مستوى التنمية االجتامعية واالقتصادية يف كل بلد وأن يحرتم الجوانب‬
‫املوجهة نحو التنمية يف مجتمع املعلومات‬
‫�صفحة رقم ‪108‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫‪ .5‬املبادرات الفردية‬
‫تعترب املبادرات الت�رشيعية الأمريكية‪ ،‬حول الأمن ال�سيرباين‪ ،‬من اهم املبادرات يف العامل‪ ،‬بالرغم من‬
‫املبادرات الوطنية والإقليمية والعاملية‪ ،‬التي تعالج هذا االمر‪ .‬ذلك‪ ،‬انها ارتبطت مبا�رشة مبحاربة‬
‫الإرهاب‪ .‬ويعترب االحتاد الدويل لالت�صاالت‪ ،‬من اهم املنظمات النا�شطة على هذا امل�ستوى‪ ،‬عرب االطر‪،‬‬
‫والهند�سيات‪ ،‬واملقايي�س التي اقرها‪ ،‬ومن بينها ‪ ،X.509‬التي ت�شكل �أ�سا�س البنية التحتية للمفاتيح‬
‫العامة‪ ،‬يف التوقيع الإلكرتوين[‪ ،[[21‬امل�ستخدم يف الربوتوكول الت�شعبي لنقل البيانات (‪ ،)HTTPS‬كما‬
‫عرب انتقاله �إىل و�ضع �أجندة الأمن ال�سيرباين العاملي‪ ،‬والتي جتاوز فيها اجلوانب التقنية للأمن ال�سيرباين‪،‬‬
‫�إىل ال�سيا�سات‪ ،‬والتعاون‪ ،‬والت�رشيع‪ ،‬وبناء القدرات‪ .‬لكن هذا ال يحجب بالطبع‪ ،‬وجود العديد من‬
‫املبادرات الت�رشيعية الوطنية والإقليمية‪ ،‬التي تعنى بالأمن ال�سيرباين‪.‬‬
‫يف لبنان‪ ،‬وبعد اجلهود العديدة‪ ،‬للمر�صد العربي لل�سالمة والأمن يف الف�ضاء ال�سيرباين‪ ،‬الذي ا�س�سته‬
‫اجلمعية اللبنانية لتكنولوجيا املعلومات‪ ،‬ان�شئت جلنة خا�صة‪ ،‬للتعامل مع ق�ضايا الأمن ال�سيرباين‪ ،‬حيث‬
‫اكت�شفت احلكومة اللبنانية ان مواقعها‪ ،‬هي الأ�ضعف عامليا‪ ،‬على م�ستوى الربجمة واحلماية‪ .‬وقد مت‬
‫االكت�شاف‪� ،‬أو الإقرار‪ ،‬بنتيجة القر�صنة‪ ،‬التي قامت بها جمموعة جمهولة‪ ،‬لعدد من املواقع اللبنانية‬
‫واحلكومية‪ ،‬مثل موقع الأمن العام وموقع وزارة اخلارجية واملغرتبني وموقع وزارة االقت�صاد‪ ،‬وا�ضعة‬
‫�صورة على ال�صفحة الرئي�سة توحي ب�أن ال�شعب الفقري واجلائع يطعم احلكومة املتخمة‪.‬‬
‫ومطوري املواقع ال‬
‫ّ‬ ‫وقد ورد يف هذا الإطار‪� ،‬شبه �إعالن من احلكومة‪ ،‬بان معظم املُربجمني اللبنانيني‬
‫يهتمون للحماية‪ ،‬ب�سبب �ضعف خلفيتهم يف جمال االخرتاق‪ ،‬الأمر الذي يجعل اللبنانيني ميلكون‬
‫معلومات �ضعيفة عن احلماية‪ ،‬واالخرتاق‪ ،‬وبحيث �أنّ ‪ 70‬يف املئة من املواقع اللبنانية‪ ،‬م�صابة بثغرات‬
‫�أمنية خطرية جداً ي�سهل ا�ستغاللها من القرا�صنة‪.‬‬
‫ونقال عما ن�رش من مقررات �صادرة عن احلكومة‪ ،‬ننقل‪« :‬وعلى هذا الأ�سا�س‪ ،‬وبناء على املر�سوم الرقم‬
‫‪ 5818‬تاريخ ‪ ،2012/6/13‬وحيث �أن �أمن املواقع الإلكرتونية و�أمانها هما م�س�ؤولية م�شرتكة تقع‬
‫على عاتق الإدارات املعنية كلها‪ ،‬للحفاظ على امل�صلحة العامة وانتظام �سري العمل فيها و�ضمان �أمن‬
‫املواقع الإلكرتونية وحمتواها وحمايتها من �أعمال القر�صنة‪ ،‬التي قد تلحق �رضراً فادح ًا بالقطاع العام‪،‬‬
‫قرر جمل�س الوزراء‪ ،‬يف ‪ 25‬متوز املا�ضي‪ ،‬املوافقة على ت�شكيل جلنة �أمنية وطنية لو�ضع تو�صيات �أمنية‬‫ّ‬
‫ال�ست�ضافة املواقع احلكومية على �شبكة الإنرتنت»‪.‬‬
‫وقد اوكلت مبوجب املر�سوم الذي �صدر عقب ذلك‪ ،‬وحمل الرقم ‪ 5818‬تاريخ ‪،2012/6/13‬‬
‫مهمة حماية الف�ضاء ال�سيرباين‪ ،‬ومواقع احلكومة‪� ،‬إىل جلنة اختري �أع�ضا�ؤها‪ ،‬من ممثلني عن الإدارات‬
‫العامة‪ ،‬والأجهزة الأمنية‪ ،‬واجلهات امل�رصفية‪ .‬وا�سندت �إليها املهمات التالية‪:‬‬
‫‪1.1‬و�ضع �سيا�سة �أمنية للف�ضاء ال�سيرباين‪ ،‬واملواقع احلكومية الإلكرتونية‪.‬‬

‫‪[215] UN ITU-T X.1205 ―Overview of Cyber-security : 2Cyber-security has been defined by the ITU to mean ―the collection of‬‬
‫‪tools, policies, security concepts, security safeguards, guidelines, risk management approaches, actions, training, best practices,‬‬
‫‪assurance and technologies that can be used to protect the cyber environment and organization and user‘s assets.‬‬
‫�صفحة رقم ‪109‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫‪2.2‬و�ضع التو�صيات واقرتاح التعاميم يف هذا الإطار‪ ،‬ومتابعة م�س�ألة تطبيقها يف الإدارات العامة‬
‫وامل�ؤ�س�سات العامة‪.‬‬
‫‪3.3‬تن�سيق العمل على امل�ستوى الوطني‪ ،‬يف جمال الأمن ال�سيرباين‪ ،‬والعمل على م�ستوى التوعية‪،‬‬
‫واخلدمات اال�ستباقية‪ ،‬ومواجهة اخلروق ال�سيربانية‪ ،‬واجلرائم املعلوماتية‪ ،‬ودعم اجلهود ملعاجلتها‪.‬‬
‫‪4.4‬اقرتاح اخلطوات العملية وتقدمي التو�صيات ال�رضورية لإن�شاء مركز وطني للأمن ال�سيرباين‪.‬‬
‫على امل�ستوى الدويل‪ ،‬و�ضعت جمموعة الثماين‪ ،‬عددا من املبادرات يف هذا املجال‪ ،‬ركزت ب�شكل‬
‫خا�ص على التعاون بني الدول‪ ،‬من خالل �شبكة مراكز متخ�ص�صة‪� ،‬أطلق عليها ا�سم‪ ،7/24 :‬ت�ؤمن‬
‫التوا�صل بني الأجهزة الأمنية‪ ،‬املعنية بتطبيق القانون واملالحقة‪ .‬وتتوىل هذه املراكز‪� ،‬إ�ضافة �إىل اعمال‬
‫احلماية‪ ،‬التدريب والت�أهيل‪ ،‬وتطوير االطر الت�رشيعية املنا�سبة لتامني ال�سالمة والأمن‪ ،‬وحماربة اجلرمية‬
‫الإلكرتونية‪ ،‬وت�شجيع التعاون بني الأجهزة الأمنية املعنية‪ ،‬وقطاع االت�صاالت التجاري‪.‬‬
‫كذلك ا�صدرت اجلمعية العامة لالمم املتحدة‪ ،‬عددا من القرارات‪ ،‬وذلك يف �إطار التنمية يف جمال‬
‫االت�صاالت واملعلومات‪ ،‬يف جمال الأمن ال�سيرباين العاملي‪ ،‬ومن اهمها‪ ،53/70 :‬يف العام ‪ ،1998‬و‬
‫‪ 54/49‬يف العام ‪ ،1999‬و ‪ 55/28‬عام ‪ ،2000‬و ‪ 56/19‬عام ‪ ،2001‬و ‪ 58/199‬عام ‪.2003‬‬
‫كما دعت اجلمعية العامة �إىل تكوين فريق من اخلرباء‪ ،‬لدرا�سة امكانات �إيجاد قوا�سم م�شرتكة‪ ،‬بني‬
‫دول العامل‪ ،‬ت�ضمن احلفاظ على الأمن ال�سيرباين[‪ .[[21‬اال ان هذا الفريق ف�شل يف التو�صل �إىل تفاهم‪،‬‬
‫يف العام ‪ ،2004‬فاعيد تكوين فريق عمل ثان‪ ،‬يف العام ‪ ،2009‬واوكلت اليه مهمة متابعة درا�سة‬
‫املخاطر ال�سيربانية اجل�سيمة‪ ،‬وامكانات و�ضع تدابري ت�ضمن التعاون يف مواجهتها‪ .‬وقد ا�صدر‪ ،‬بعد‬
‫عام على تكليفه‪ ،‬تقريرا[‪ [[21‬دعا �إىل مزيد من احلوار بني الدول‪ ،‬ملناق�شة املعايري املتعلقة با�ستخدام الدول‬
‫لتقنيات املعلومات واالت�صاالت‪ ،‬بهدف احلد من املخاطر اجلماعية‪ ،‬وحماية البنية احلرجة الوطنية‪،‬‬
‫والبنية التحتية الدولية‪ .‬كما او�صى‪ ،‬ببناء الثقة‪ ،‬واعتماد تدابري لدعم اال�ستقرار‪ ،‬ملعاجلة �آثار ا�ستخدام‬
‫الدول لتقنيات املعلومات واالت�صاالت‪ ،‬مبا يف ذلك تبادل وجهات النظر‪ ،‬حول ا�ستخدام الدول لهذه‬
‫التقنيات يف النزاعات‪.‬‬
‫وقد متكن من و�ضع �أجندة عمل‪ ،‬للعمل امل�ستقبلي‪ ،‬ت�ضمنت �سل�سلة من الإجراءات التي ميكن للدول‬
‫اتخاذها‪ ،‬لتعزيز ال�شفافية‪ ،‬والثقة فيما بينها‪ ،‬مبا ي�سمح با�ست�شعار الأخطار‪ ،‬ومنعها‪ ،‬ومعاجلة �آثارها‪،‬‬
‫واحلد منها‪ ،‬عرب �شبكة ات�صاالت بني الدول‪ ،‬ومبا يحد من امكانات الت�صعيد والنزاعات الع�سكرية‪ .‬وقد‬
‫برزت يف التقرير‪� ،‬إجراءات تعزيز ال�شفافية والثقة‪ ،‬على النحو التايل‪:‬‬
‫ •تبادل املعلومات ووجهات النظر‪ ،‬حول ال�سيا�سات الوطنية و�أف�ضل املمار�سات‪ ،‬و�آليات اتخاذ‬
‫القرار‪ ،‬وامل�ؤ�س�سات الوطنية اخلا�صة بتعزيز الأمن ال�سيرباين‪ .‬وكانت الواليات املتحدة واملانيا‪ ،‬قد‬
‫تبادلتا درا�سات حول الدفاع ال�سيرباين مع رو�سيا‪ ،‬خالل العامني ‪ 2012‬و‪.2013‬‬
‫‪[216] The General Assembly, in its resolution 57/53, of 22 November, on the subject, called upon Member States to promote‬‬
‫‪further at multilateral levels the consideration of existing and potential threats in the field of information security, as well as‬‬
‫;‪possible measures to limit the threats emerging in this field, consistent with the need to preserve the free flow of information‬‬
‫‪considered that the purpose of such measures could be served through the examination of relevant international concepts aimed‬‬
‫‪at strengthening the security of global information and telecommunications systems, and reiterated its request to the Secretary-‬‬
‫‪General, already contained in its resolution 56/19, to carry out a study on these concepts, with the assistance of a group of‬‬
‫‪governmental experts, to be established in 2004.‬‬
‫‪[217] UN document A/65/201, 30 July 2010‬‬
‫�صفحة رقم ‪110‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫يف املقابل‪ ،‬ويف م�سودة حول «قواعد ال�سلوك يف املجال ال�سيرباين اخلا�صة بالدول‪ ،‬قدمت �ضمن‬
‫تقرير‪ ،‬اىل االمني العام لالمم املتحدة يف العام ‪ ،2011‬اقرتحت فيها رو�سيا وال�صني‪ ،‬منع «ا�سلحة‬
‫املعلومات» “‪ ،”information weapons‬وتطوير تقنياتها‪ ،‬لتعودا وتقران خالل اعداد تقرير اخلرباء‪،‬‬
‫بعدم �رضورة هذا املنع‪ ،‬كون التقنيات التي تطور‪ ،‬تقنيات ذات ا�ستخدامات مزدوجة‪ :‬ايجابية و�سلبية‪.‬‬
‫وي�شكل هذا االمر‪ ،‬ان�ضماما اىل الآراء ال�سائدة‪ ،‬التي اقرت مقاربة تقول ب�رضورة البدء ب�إجراءات بناء‬
‫الثقة التقليدية‪ ،‬وا�س�س التعاون‪ ،‬قبل منع ما ال ميكن الت�أكد من طبيعته‪ .‬كما دعا التقرير اىل بناء بيئة‬
‫معلوماتية �سلمية‪ ،‬على غرار ما هو معمول به‪ ،‬يف قانون ا�ستخدام الف�ضاء اخلارجي‪ ،‬ومعاهدات النقل‬
‫اجلوي‪ ،‬وغريها من املجاالت‪ ،‬التي ميكن ان ت�ؤثر على ال�سلم الدويل‪.‬‬
‫ويف العام ‪ ،2012‬اعيد تكوين هذا الفريق‪ ،‬ملتابعة املهمة‪ ،‬انطالقا من التقرير ال�صادر يف العام ‪،2010‬‬
‫حيث قدم تقريرا‪� ،‬أو�صى بار�ساء حوار منتظم بني امل�ؤ�س�سات‪ ،‬واملنظمات‪ ،‬والدول‪ ،‬يف �إ�شارة منه �إىل‬
‫�رضورة ان ي�شمل التعاون‪� ،‬أكرب عدد ممكن من ال�رشائح املعنية مبجتمع املعلومات‪ ،‬مبا فيها املجتمع املدين‪،‬‬
‫وجمال الأعمال‪ ،‬والقطاع اخلا�ص‪ .‬اال ان هذا التفاهم‪ ،‬مل يح�سم اخلالف‪ ،‬حول دور الأمم املتحدة يف‬
‫النقا�شات الدائرة حول الن�شاطات ال�سيربانية‪ ،‬والتي ميكنها ان تهدد ال�سلم والأمن الدوليني‪.‬‬
‫يف العام ‪ ،2013‬ا�صدرت الهيئة العامة باالجماع‪ ،‬قراراً[‪� ،[[21‬أخذت به علما بنتائج عمل الفريق‪،‬‬
‫خالل العام ‪ ،2013-2012‬وطلبت من االمني العام‪ ،‬اعادة تكوين فريق جديد‪ .‬وت�ألف هذا الأخري‬
‫من ع�رشين ع�ضوا [‪ ،[[21‬وعقد اربعة اجتماعات‪ ،‬ليقدم تقريرا ي�ستكمل ما بدء به من عمل‪ ،‬حول بناء‬
‫الثقة‪ ،‬وال�شفافية‪ ،‬وم�س�ؤولية الدول‪ ،‬والتعاون‪ ،‬وبناء القدرات‪ ،‬يف الف�ضاء ال�سيرباين‪ .‬كما ناق�ش التقرير‬
‫كيفية تطبيق القانون الدويل‪ ،‬على ا�ستخدام تقنيات املعلومات واالت�صاالت‪ ،‬و�أ�صدر تو�صيات للعمل‬
‫امل�ستقبلي‪ ،‬جاء فيها‪:‬‬
‫ •�رضورة مراعاة الدول ملبادئ القانون الدويل‪ ،‬وال�سيما منها �سيادة الدول‪ ،‬وحل النزاعات بالطرق‬
‫ال�سلمية‪ ،‬وعدم التدخل يف االمور الداخلية للبلدان االخرى‪.‬‬
‫ •التزام الدول يف الف�ضاء ال�سيرباين‪ ،‬باحرتام موجباتها التي يقرها القانون الدويل‪ ،‬مبا يتنا�سب مع‬
‫احرتام وحماية حقوق الإن�سان واحلريات الأ�سا�سية‪.‬‬
‫ •امتناع الدول عن ا�ستخدام الربوك�سيز ‪ ،Proxies‬الرتكاب اعمال غري �رشعية‪ ،‬واحلر�ص على عدم‬
‫ا�ستخدام ارا�ضيها من قبل جهات غري حكومية‪ ،‬الرتكاب افعال مماثلة‪.‬‬
‫ •على الأمم املتحدة ان تلعب دورا قياديا‪ ،‬يف تعزيز احلوار حول �سالمة ا�ستخدام تقنيات املعلومات‬
‫واالت�صاالت‪ ،‬من قبل الدول‪ ،‬ويف تطوير فهم م�شرتك لكيفية تطبيق قواعد القانون الدويل‪،‬‬
‫وا�صول ومبادئ الت�رصف امل�س�ؤول للدولة‪.‬‬
‫وقد طلبت اجلمعية العامة‪ ،‬تكوين فريق �آخر‪ ،‬من املتوقع �أن يقدم تقريره‪ ،‬يف العام ‪.2017‬‬

‫‪[218] UN General Assembly resolution 68/243‬‬


‫‪[219] Belarus, Brazil, China, Colombia, Egypt, Estonia, France, Germany, Ghana, Israel, Japan, Kenya, Malaysia, Mexico,‬‬
‫‪Pakistan, Russian Federation, Spain, United Kingdom and United States of America.‬‬
‫�صفحة رقم ‪111‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫‪ .6‬اجلهود العربية‬
‫�أ‪ -‬غياب �أطر قانونية وا�ضحة و�شاملة‬
‫تنت�رش اجلرائم ال�سيربانية يف املنطقة العربية‪ ،‬كما تنت�رش يف بقية �أجزاء العامل‪ ،‬وذلك‪ ،‬يف غياب �أطر قانونية‬
‫وا�ضحة و�شاملة‪ ،‬ت�ضمن مكافحة فاعلة لها‪ .‬فالت�رشيعات العربية ال�سيربانية املتوافرة‪ ،‬تركز ب�شكل‬
‫�أ�سا�سي‪ ،‬على مكافحة اجلرائم‪ ،‬التي تت�صل بحماية التعامالت الإلكرتونية‪ ،‬والتجارة الإلكرتونية‪ ،‬تاركة‬
‫فراغا ت�رشيعيا وا�ضحا‪ ،‬على م�ستوى مكافحة اجلرمية ال�سيربانية‪ ،‬يف املجاالت االخرى‪ .‬فقد بادرت‬
‫العديد من الدول العربية‪� ،‬إىل �إقرار ت�رشيعات ملكافحة اجلرمية ال�سيربانية[‪ ،[[22‬بينما بقي البع�ض الآخر‬
‫دون ت�رشيع‪ .‬ي�ضاف �إىل ذلك‪ ،‬اللجوء �إىل تطبيق قواعد القانون اجلزائي‪ ،‬يف بع�ض البلدان‪ ،‬التي ال متلك‬
‫ت�رشيعا �سيربانيا‪ ،‬وذلك بالرغم من ان بع�ضها مل يعدل هذه القوانني لت�شمل اجلرائم ال�سيربانية‪ ،‬ما ي�ضمن‬
‫مالذا �آمنا لها‪.‬‬
‫ويف �سياق مت�صل‪ ،‬ي�سجل تعاون بني بع�ض البلدان العربية‪ ،‬من خالل الفرق الوطنية لال�ستجابة للحوادث‬
‫ولطوارئ االنرتنت‪ ،‬حيث اطلقت مبادرتان �إقليميتان‪ :‬الأوىل مبادرة جمل�س التعاون اخلليجي‪GCC-( ،‬‬
‫‪ )CERT‬حيث تتعاون ُعمان‪ ،‬والإمارات العربية املتحدة‪ ،‬وقطر‪ ،‬والكويت‪ ،‬واململكة العربية ال�سعودية‬
‫والبحرين‪� ،‬أما الثانية‪ ،‬فهي مبادرة منظمة التعاون الإ�سالمي (‪ )OIC‬حيث تتعاون البلدان الأع�ضاء‪،‬‬
‫عرب الفرق الوطنية املعنية ب�أمن احلا�سوب‪ ،‬واال�ستجابة للحوادث احلا�سوبية (‪ )CSIRT‬والفرق الوطنية‬
‫لال�ستجابة للطوارئ احلا�سوبية (‪ )CERT‬يف البلدان الأع�ضاء‪ ،‬وفريق اال�ستجابة للطوارئ احلا�سوبي‬
‫التابع للمنظمة‪.)OIC-CERT( .‬‬
‫وي�شار يف هذا املجال‪� ،‬إىل تعاون الدول العربية‪� ،‬سواء يف �إطار جامعة الدول العربية‪� ،‬أو يف �إطار‬
‫اتفاقيات ثنائية‪ ،‬يف عدد من املجاالت‪ ،‬التي ميكن ان تفعل للتطبيق يف الف�ضاء ال�سيرباين‪ ،‬والتي ميكن‬
‫ان تعترب �إطارا م�سهال للتعاون‪ ،‬مثل‪ :‬االعرتاف بتنفيذ التبليغات واالنابات الق�ضائية‪ ،‬تنفيذ االحكام‬
‫الق�ضائية ال�صادرة ب�صيغة نهائية‪� ،‬سواء منها تلك املقررة حلقوق مدنية‪� ،‬أو جتارية‪� ،‬أو تلك القا�ضية‬
‫بتعوي�ضات‪ ،‬ت�سليم املجرمني‪ ،‬ومكافحة الإرهاب‪.‬‬

‫ب‪ -‬مبادرة مركز البحوث والدرا�سات القانونية والق�ضائية‬


‫ووعيا منه خلطورة امل�س�ألة‪ ،‬ويف �إطار �سعيه الدائم ملواكبة التطورات املت�سارعة‪ ،‬ال�سيما يف جماالت‬
‫التوا�صل العربي والتن�سيق والتكامل البيني‪ ،‬عمل املركز العربي للبحوث القانونية والق�ضائية يف جامعة‬
‫الدول العربية‪ ،‬على و�ضع م�رشوع اتفاقية عربية ل�ضمان �أمن و�سالمة الف�ضاء ال�سيرباين‪ .‬وبالفعل‪ ،‬فقد‬
‫متت مناق�شة هذا امل�رشوع‪ ،‬خالل اجتماعات عقدها املركز‪ ،‬و�شارك فيها نخبة من اخلرباء واملخت�صني‬
‫القانونيني والتقنني العرب‪ ،‬املوفدين من حكوماتهم‪ .‬وقد �شارك يف هذه النقا�شات‪� ،‬أع�ضاء املر�صد‬
‫العربي لل�سالمة والأمن يف الف�ضاء ال�سيرباين‪.‬‬

‫يف مرص‪ :‬القانون ‪ 120‬لسنة ‪، 2008‬قانون الطفل املرصي بالتعديل الصادرعام ‪ ، 2008‬قانون امللكية الفكرية رقم ‪ 82‬لسنة ‪ ،2002‬قانون االتصاالت رقم ‪ 10‬لسنة ‪[220] 2003‬‬
‫قانون التوقيع االلكرتوين رقم ‪ 15‬لسنة ‪ ،2004‬قانون املحاكم االقتصادية رقم ‪ 120‬لسنة ‪2008‬‬
‫�صفحة رقم ‪112‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫وقد عمم املركز هذا امل�رشوع‪ ،‬على الدول العربية‪ ،‬من خالل وزارات العدل فيها‪ ،‬وهو بانتظار‬
‫مالحظاتها‪ ،‬لعر�ضها على جمل�س وزراء العدل العرب‪ ،‬العتمادها و�إقرارها‪ ،‬متهيدا التخاذ اخلطوات‬
‫التنفيذية املنا�سبة‪ ،‬يف هذا املجال‪ ،‬يف كل دولة عربية‪.‬‬
‫�أبرز عنوان امل�رشوع “بناء الثقة يف الف�ضاء ال�سيرباين”‪ ،‬الهدف الأ�سا�س من االتفاقية‪ ،‬وهو االلتزام برفاه‬
‫الدول و�شعوبها‪ ،‬وبت�سخري طاقات تقنيات املعلومات واالت�صاالت‪ ،‬خلدمة النمو والتطوير الإن�ساين‪ .‬وقد‬
‫ركزت الديباجة‪ ،‬على اهمية مواكبة متطلبات حماية �أمن املجتمعات العربية‪ ،‬يف الع�رص الرقمي‪ ،‬من خالل‬
‫التعاون بني احلكومات العربية‪ ،‬و�إقرارها لالطر الت�رشيعية والتنظيمية املالئمة واملن�سجمة‪ ،‬التي ت�ضمن‬
‫تبادل املعلومات‪ ،‬بني الأجهزة املعنية‪ ،‬وت�ضافر جهود ال�سلطات الق�ضائية‪ ،‬ملكافحة اجلرمية ال�سيربانية‪.‬‬
‫بني م�رشوع االتفاقية‪ ،‬على االلتزام باملبادئ االخالقية والدينية ال�سامية‪ ،‬وباخل�صو�صية الثقافية العربية‪،‬‬
‫واحرتام مبادئ القانون الدويل‪ ،‬واملواثيق‪ .‬كما و�ضع �إطار ملا ميكن االتفاق عليه‪ ،‬من جترمي لبع�ض ‬
‫الأعمال غري ال�رشعية‪ ،‬ال�سيما منها‪ ،‬تلك اخلا�صة باملحتوى‪ .‬فلهذه الأخرية‪ ،‬ارتباط وثيق بطبيعة املجتمع‬
‫وثقافته‪ ،‬التي ت�ؤثر ب�شكل �أكيد‪ ،‬على الو�صول �إىل تفاهم حول التجرمي املزدوج‪ ،‬لبع�ض اجلرائم‪ ،‬التي‬
‫ميكن اال تعترب كذلك‪ ،‬يف جمتمعات اخرى‪ ،‬ال�سيما ما يرتبط منها بال�سمات الثقافية للمجتمع‪.‬‬
‫وقد حلظت مبادئ االتفاقية‪ ،‬الإقرار بحق �سيادة الدول على اقاليمها‪ ،‬ومبوجب التزامها حماية الف�ضاء‬
‫ال�سيرباين‪ ،‬مبا مينع حتويله �إىل جمال للنزاعات‪� ،‬سواء منها يف ذلك‪ ،‬تلك التي يرتكبها الأفراد‪� ،‬أو التي‬
‫تتغا�ضى عن ردعها الدول‪� ،‬أو تلك التي ترتكبها‪ .‬كما حلظت‪ ،‬مبد أ� االمتناع عن ا�ستخدام تقنيات‬
‫املعلومات واالت�صاالت‪ ،‬يف االعتداء على دولة اخرى‪� ،‬أو ت�سهيل هذا االعتداء‪ .‬ي�ضاف �إىل ذلك‪،‬‬
‫موجب االلتزام بت�سخري �سيا�سات الدول ومواردها يف املجال ال�سيرباين‪ ،‬للتعاون على حماية الأمن‬
‫القومي العربي‪ ،‬ومنع حتول الف�ضاء ال�سيرباين‪� ،‬إىل مركز انطالق عمليات ع�سكرية‪� ،‬أو �إ�ستخباراتية‪� ،‬أو‬
‫تخريبية‪� ،‬أو �إرهابية‪ ،‬لي�س فقط �ضد الدول الأع�ضاء‪ ،‬وامنا �أي�ضا �ضد دول العامل االخرى‪.‬‬
‫�أما م�ضمون امل�رشوع‪ ،‬فقد توزع حتت عناوين‪ ،‬ميكن اعتبارها العنا�رص الأ�سا�سية والركائز ال�رضورية‪،‬‬
‫ملكافحة اجلرمية ال�سيربانية‪ ،‬انطالقا من خ�صو�صية طبيعة الف�ضاء ال�سيرباين‪ ،‬العابرة للحدود‪ ،‬التقنية‪،‬‬
‫واملتحركة‪ .‬ونذكر منها على �سبيل املثال‪:‬‬
‫ •جترمي كل ا�شكال االعتداء على ال�شبكة العاملية للمعلومات والأنظمة‪� ،‬أوعلى الأ�شخا�ص �أو‬
‫الأموال‪ ،‬با�ستخدام تقنيات املعلومات واالت�صاالت‪.‬‬
‫ •التعاون يف املجال الأمني‬
‫ •التعاون بني ال�سلطات الق�ضائية‬
‫ •اعداد البنية التحتية ال�رضورية لتامني فعالية اجلهود‬
‫ •�إن�شاء مرجعية خا�صة ت�ؤمن التن�سيق والتعاون بني الدول الأع�ضاء‪ ،‬حتت م�سمى‪" :‬املنظمة العربية‬
‫حلماية الف�ضاء ال�سيرباين"‬
‫ •تعزيز القدرات وبنائها وتبادل اخلربات‬
‫�صفحة رقم ‪113‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫ •اعتماد �سيا�سات وا�سرتاتيجيات وطنية‪ ،‬ت�شكل ار�ضية التعاون ومرتكزه‬


‫ •�إن�شاء مراكز ا�ستجابة لطوارئ االنرتنت‪ ،‬وبناء �شبكة عالقات بينها‬

‫‪ .7‬مدى كفاية االتفاقيات الإقليمية‬


‫�شملت االتفاقية الأوروبية‪ ،‬جرائم اخرتاق الأنظمة املعلوماتية‪ ،‬والتزوير واالحتيال‪ ،‬واالعتداء على‬
‫امللكية الفكرية‪ ،‬اال انها تركت جانبا‪ ،‬عددا من الت�رصفات غري ال�رشعية‪ ،‬التي ال تقل خطرا على ا�ستقرار‬
‫الأمن وال�سالمة يف الف�ضاء ال�سيرباين‪ ،‬مثل �رسقة الهوية‪ ،‬والربيد غري املرغوب فيه‪ ،‬والرت�صد‪ ،‬والإرهاب‬
‫الإلكرتوين‪ .‬لذلك‪ ،‬و�ضع بروتوكول ملحق لها‪ ،‬وعدد من االتفاقيات‪ ،‬التي ترعى ا�شكاال اخرى من‬
‫اال�ستخدامات اجلرمية‪.‬‬
‫كذلك مل تلحظ هذه االتفاقية‪ ،‬امكانية الو�صول �إىل البيانات‪ ،‬عرب ات�صال مبا�رش مبقدم خدمات االنرتنت‪،‬‬
‫�سواء منها تلك اخلا�صة باملحتوى‪� ،‬أو باالت�صال‪ ،‬دون املرور باجلهات الر�سمية القانونية‪ ،‬يف البلدين‪.‬‬
‫ذلك انها تركز‪ ،‬على موافقة �صاحب احلق يف اف�شاء املعلومات‪ ،‬وعلى فر�ضية علم طالب البيانات‬
‫مبكان وجودها الفعلي‪ ،‬يف وقت االر�سال �أو التلقي‪ .‬وهنا يربز خطر االعاقة‪ ،‬التي ي�سببها اللجوء �إىل‬
‫القنوات الر�سمية التقليدية‪ ،‬يف التعاون يف املجال اجلزائي‪ ،‬مبا يعنيه من بطء‪ ،‬ال يتنا�سب و�رسعة احلركة‪،‬‬
‫يف املجال ال�سيرباين‪.‬‬
‫فلجوء الدول �إىل تطبيق مبد�أ التعامل باملثل‪ ،‬يف حال عدم اال�ستجابة �إىل طلب الدول التي ال تعتمد‬
‫قوانني من�سجمة ملكافحة اجلرمية ال�سيربانية‪� ،‬أو ملكافحة هذا املحتوى امل�سيئ �أو غري ال�رشعي‪ ،‬يعني‬
‫املرور بالقنوات الدبلوما�سية والقانونية التقليدية للتعاون‪ ،‬التي ال تلحظ‪ ،‬ال طبيعة اجلرمية ال�سيربانية‪،‬‬
‫وال ادلتها‪ ،‬عند احلاجة �إىل ذلك‪ ،‬ما يعرقل التحقيقات‪ ،‬ويطيل عمر الق�ضية‪ ،‬ويذهب بالأدلة ويزيلها‪.‬‬
‫�أمام هذا الواقع‪ ،‬تبقى احلاجة قائمة �إىل مقاربة دولية‪ ،‬ال�سيما على م�ستوى املالحقة واملكافحة‪ ،‬وب�شكل‬
‫خا�ص‪ ،‬فيما يتعلق بجمع الأدلة واالثبات‪ .‬وغني عن القول‪ ،‬ما لالثبات من اهمية يف التجرمي‪ ،‬وتفعيل‬
‫�آليات املحا�سبة‪ ،‬تعزيزا للقدرة على الردع‪.‬‬
‫كذلك‪ ،‬ال بد من �إقرار مقاربة من�سجمة‪ ،‬لآليات نقل البيانات خارج احلدود‪ ،‬ت�سمح للدول التي تعتمد‬
‫حماية البيانات‪ ،‬وتعتربها موجبا قانونيا‪ ،‬بان تتبادلها‪ ،‬مع الدول التي حتتاج اليها‪ .‬وكانت م�سودة‬
‫االتفاقية االفريقية ملكافحة اجلرمية ال�سيربانية‪ ،‬قد تنبهت �إىل هذا النق�ص[‪ ،[[22‬فاوردت بع�ض البنود‪ ،‬التي‬
‫تلحظ ما ميكن ان يدعم‪ ،‬فاعلية التبادل والتعاون‪.‬‬

‫‪[221] Draft African union convention on the establishment of a legal framework conducive to cyber security in Africa or‬‬
‫‪draft African union convention on the confidence and security in cyberspace. http://au.int/en/sites/default/files/AU%20‬‬
‫‪Convention%20EN.%20(3-9-2012)%20clean_0.pdf‬‬
‫‪Article III – 54- Each Member State of the African Union have to take necessary legislative measures to ensure that the violation‬‬
‫‪of the secrets stored in a computer system attracts same punishments applicable to the offense of violation of professional secrets.‬‬
‫‪Article III – 55 - Each Member State of the African Union have to take necessary legislative measures to ensure that, where the‬‬
‫‪imperatives of the information so dictate, the investigating judge can use appropriate technical means to gather or register in real‬‬
‫‪time the data in respect of the content of specific communications in its territory, transmitted by means of a computer system or‬‬
‫‪compel a service supplier to gather and register the data within the framework of his/her technical capacities, using the existing‬‬
‫‪technical facilities in its territory or that of States parties, or provide support and assistance to the competent authorities towards‬‬
‫‪the gathering or registration of the said computerized data.‬‬
‫�صفحة رقم ‪114‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫يف كل االحوال‪ ،‬لقد �أ�صبح �أكيدا‪ ،‬نتيجة تراكم التجارب املختلفة‪� ،‬أن التعاون الإقليمي والدويل‪� ،‬شديدا‬
‫الأهمية‪ ،‬للتمكني من تبادل املعلومات واخلربات‪ ،‬التي ت�سمح للبلدان‪ ،‬مبواكبة عبور اجلرمية حلدود �سيادتها‪،‬‬
‫�سواء لدى انطالقها من �أرا�ضيها‪� ،‬أو لدى ا�ستهدافها لهذه االرا�ضي‪ ،‬من داخل ارا�ضي دولة اخرى‪.‬‬
‫ولقد �أتاح التعاون يف املجال القانوين‪ ،‬ب�شكل عام‪ ،‬حتديد اجلرائم مو�ضوع املكافحة‪ ،‬والتدابري‬
‫الإجرائية‪ ،‬والأدلة‪ ،‬واالخت�صا�ص الق�ضائي‪ ،‬وحتديد امل�س�ؤوليات‪ ،‬و�آليات التعاون‪ ،‬حيث اعتمد مثال‪،‬‬
‫على تو�صيف لعدد من اجلرائم‪ ،‬وعلى ت�سليم املجرمني‪ ،‬ال�سيما يف تلك التي اتفق على كونها‪ ،‬جرائم‬
‫تهدد الإن�سانية‪ ،‬واال�ستقرار الدويل واالقت�صادي‪ ،‬مثل االجتار بالرقيق‪ ،‬وتبيي�ض الأموال‪ ،‬واالجتار غري‬
‫ال�رشعي باملخدرات والأ�سلحة‪ .‬و�أقرت القوانني اجلزائية‪� ،‬صالحيات ق�ضائية‪ ،‬بنيت على مبد أ� �سيادة‬
‫الدول على اقاليمها‪ ،‬ترتكز �إىل مكان ارتكاب اجلرم‪� ،‬أو مكان ظهور نتائجه‪� ،‬أو جن�سية ال�شخ�ص الذي‬
‫وقعت عليه اجلرمية‪.‬‬
‫وللتعاون الناجح‪� ،‬آليات تعاون تنفيذية ثنائية وجماعية‪ ،‬وتن�سيق ي�ضمن تنظيم �أ�شكال التعاون وحتفزيه‪،‬‬
‫وان�سجاما مع التحديات املرتبطة‪ .‬وعليه‪ ،‬ال بد لقيا�س كفاية اية اتفاقية‪ ،‬من النظر‪ ،‬لي�س فقط �إىل م�ضمون‬
‫االتفاقية بحد ذاته‪ ،‬وامنا �أي�ضا �إىل ما يقر من �آليات‪ ،‬ويتخذ من �إجراءات‪ ،‬ل�ضمان تنفيذ هذا االتفاق‪.‬‬
‫فلقد اظهر العديد من الدرا�سات امليدانية‪ ،‬يف البلدان التي اقرت ت�رشيعات وطنية‪ ،‬واتفاقات �إقليمية‬
‫ملكافحة اجلرمية ال�سيربانية‪ ،‬فعالية االطر التنظيمية والت�رشيعية‪ ،‬يف مالحقة اجلرمية ال�سيربانية‪ ،‬وتفكيك‬
‫ال�شبكات الإجرامية املنظمة‪ ،‬واملنت�رشة يف عدد من البلدان املختلفة‪ ،‬ال�سيما فيما يتعلق مبنع ا�ستخدام‬
‫الأطفال يف انتاج املحتوى اجلن�سي‪ ،‬وتوزيع املواد اجلن�سية التي ي�ستغلون فيها‪ .‬كذلك‪ ،‬جنح هذا‬
‫التعاون‪ ،‬يف مكافحة جرائم خا�صة بتوزيع املخدرات‪ ،‬واالدوية غري ال�رشعية‪ ،‬والإرهاب‪.‬‬
‫لكن‪ ،‬وبالرغم من اقتناع اجلميع‪ ،‬باهمية الو�صول �إىل هذا االن�سجام‪ ،‬على م�ستوى التجرمي‪ ،‬ال�سيما يف‬
‫اجلرائم اخلا�صة باملحتوى‪ ،‬يبقى ان امل�سائل التي ميكن الو�صول �إىل اتفاق حولها يف هذا املجال‪ ،‬على‬
‫امل�ستويني الدويل والإقليمي‪ ،‬تظل حمدودة‪ ،‬لي�س ب�سبب اختالف املفاهيم والأنظمة القانونية‪ ،‬فح�سب‪،‬‬
‫بل وب�سبب العوامل الثقافية واالجتماعية املختلفة �أي�ضا‪.‬‬
‫وهنا ال بد من االنتباه‪� ،‬إىل اختالف التعامل مع هذا النوع من اجلرائم‪ ،‬نظرا لكونه �أكرث تعقيدا‪ ،‬ال�سيما‬
‫على �ضوء اختالف الأنظمة القانونية‪ ،‬التي ميكن ان تعترب عمال‪� ،‬أو حمتوى معينا‪ ،‬خمالفا للقانون‪ ،‬فيما‬
‫ال تعتربه الأنظمة االخرى كذلك‪ ،‬وذلك يف الوقت نف�سه‪.‬‬
‫واملالحظ يف هذا املجال‪ ،‬اهتمام الواليات املتحدة الأمريكية‪ ،‬ب�شكل خا�ص‪ ،‬مب�صاحلها‪� ،‬أكرث من اهتمامها‬
‫بالتعاون والتن�سيق مع الدول الأخرى‪ ،‬لإيجاد احللول لتهديدات اجلرمية ال�سيربانية‪ .‬فبعد موافقتها على‬
‫االتفاقية وبروتوكوالتها الالحقة‪ ،‬اعرت�ضت يف العام ‪ 2002‬على تعديل ادان ن�رش مواد عن�رصية‪� ،‬أو‬
‫حمر�ضة على كراهية االجانب‪ ،‬بوا�سطة الأنظمة املعلوماتية‪� ،‬إ�ضافة �إىل االهانات‪ ،‬والتحقري‪ ،‬وت�أييد املجازر‬
‫واجلرائم �ضد الإن�سانية‪ ،‬متذرعة بتعار�ض هذا التعديل‪ ،‬مع حرية التعبري‪ ،‬املكر�سة يف الد�ستور الأمريكي‪.‬‬
‫على خط مواز‪ ،‬وبالرغم من احلملة الأمريكية على الإرهاب‪ ،‬يالحظ وجود عدد من املواقع‪ ،‬يف الواليات‬
‫املتحدة الأمريكية‪ ،‬للحركات امل�صنفة �إرهابية من قبل الإدارة ك”حما�س”‪.‬‬
‫�صفحة رقم ‪115‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫‪ .8‬نظام عاملي للمكافحة‬


‫بناء على ما تقدم‪ ،‬يبدو وا�ضحا‪ ،‬ان �أف�ضل الطرق ملكافحة اجلرمية ال�سيربانية‪ ،‬هي �إقرار نظام عاملي‪،‬‬
‫يرتكز �إىل تعاون بني خمتلف دول العامل‪ ،‬التي تعمل معا يف �إطار �سيا�سة موحدة‪ ،‬و�إطار ت�رشيعي‬
‫وتنظيمي من�سجم‪ .‬اال اننا نالحظ‪ ،‬من واقع احلال‪ ،‬ان املنظمات الدولية‪ ،‬كما احلكومات املختلفة‪،‬‬
‫مل تنجح يف اقناع اجلميع‪ ،‬بذلك‪ .‬وبالتايل‪ ،‬فما زال املجرمون ال�سيربانيون‪ ،‬يعملون على ا�ستغالل‬
‫نقاط ال�ضعف‪ ،‬والثغرات الت�رشيعية الوطنية والإقليمية والدولية‪ ،‬حيث مل تنجح حماوالت �إيجاد الإطار‬
‫الفاعل واملتنا�سق‪� ،‬إىل الآن‪.‬‬
‫فالدول العربية‪ ،‬كما اجلامعة العربية‪ ،‬لديها القدرة الكافية‪ ،‬على اال�ستجابة لتحديات الت�رشيع يف الف�ضاء‬
‫ال�سيرباين‪ ،‬دون و�صاية �أو تو�صية‪ ،‬من �أية جهة كانت وفقد اقرت جامعة الدول العربية‪ ،‬قانونا منوذجيا‬
‫ملكافحة جرائم تقنية املعلومات‪ ،‬وتعمل حاليا‪ ،‬كما �أ�سلفنا‪ ،‬على اعداد م�سودة اتفاقية عربية‪ ،‬حلماية‬
‫الأمن يف املجال ال�سيرباين‪.‬‬
‫من هنا‪ ،‬يبقى املجال ال�سيرباين‪ ،‬وبالرغم من تعدد املبادرات الت�رشيعية‪ ،‬والتو�صيات‪ ،‬واالتفاقات‬
‫الإقليمية‪ ،‬بحاجة �إىل اتفاق دويل على معايري‪ ،‬ومقايي�س‪ ،‬وقواعد قانونية‪ ،‬متنع بروز جنات للجرمية‪،‬‬
‫وت�ضمن �سالمة املمتلكات والأ�شخا�ص واملجتمعات‪ ،‬كما ت�ضمن ا�ستقرار العالقات بني الدول‬
‫والأفراد‪ .‬فالتقنيات يف تطور م�ضطرد‪ ،‬و�رسيع‪ ،‬واخل�شية تت�صاعد من ا�ستفحال �آثار الأعمال اجلرمية‪،‬‬
‫على نحو ت�صعب معه ال�سيطرة عليها‪.‬‬
‫لذا‪ ،‬ال بد من العمل‪ ،‬على ان ت�شكل االتفاقيات الإقليمية‪� ،‬إطارا يعزز ار�ساء االن�سجام‪ ،‬بني مندرجات‬
‫ومقاربات االتفاقيات اخلا�صة بالتعاون يف جمال مكافحة اجلرمية ال�سيربانية‪ ،‬بحيث يبنى على التجارب‬
‫ال�سابقة‪ ،‬وي�ستفاد منها‪ ،‬وبحيث تلحظ بنود ت�ضمن فاعلية التعاون‪ ،‬مثل‪:‬‬
‫ •التزام ال�سلطات املعنية‪ ،‬بالرد �ضمن وقت حمدد‬
‫ •االلتزام مبراجعات دورية‪ ،‬وتقيمية‪ ،‬لقيا�س قدرة الت�رشيعات الوطنية‪ ،‬على اال�ستجابة ملتطلبات‬
‫املكافحة‪ ،‬من جهة‪ ،‬وللم�ستجدات التقنية وحتديات التعاون الإقليمي والدويل‪ ،‬من جهة اخرى‬
‫ •تبادل احلق يف الولوج املبا�رش‪� ،‬إىل الأنظمة املعلوماتية‪ ،‬املوجودة خارج االرا�ضي الوطنية‪� ،‬ضمن‬
‫اطر ت�رشيعية ت�ضمن احلقوق واحلريات‪ ،‬والأمن القومي‬
‫ •حتديد نقاط ات�صال ثابتة‪ ،‬لتن�سيق التعاون بني ال�سلطات الق�ضائية‪ ،‬املعنية بالبحث والتحقيق‬
‫ •متكني التعاون‪ ،‬وتثبيت �آليات وممار�سات ف�ضلى‪ ،‬يف هذا املجال‬
‫ •ادراج التدريب والت�أهيل‪ ،‬يف اطر التعاون الإقليمي والدويل‪ ،‬ال�سيما وان العديد من الدول‪ ،‬تقر‬
‫مبحدودية قدراتها‪ ،‬على م�ستوى املالحقة واملكافحة[‪.[[22‬‬
‫ •�إن�شاء مراكز وطنية ملكافحة الهجمات ال�سيربانية‪ ،‬يف البلدان التي مل تبادر بعد‪� ،‬إىل ذلك‪.‬‬

‫‪[222] Comprehensive Study on Cybercrime Draft - February- 2013 – executive summary- xviii. Two-thirds of countries view their‬‬
‫‪systems of police statistics as insufficient for recording cybercrime. Police-recorded cybercrime rates are associated with levels of‬‬
‫‪country development and specialized police capacity, rather than underlying crime rates‬‬
‫�صفحة رقم ‪116‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫ •تركيز �أكرث‪ ،‬على التزام الأع�ضاء ب�سيا�سات التوعية‪ ،‬ال�سيما وان احللقة الأ�ضعف يف مو�ضوع‬
‫الأمن وال�سالمة‪ ،‬هي م�ستخدم االنرتنت‪ ،‬فما بالك �إذا كان هذا امل�ستخدم‪ ،‬طفال �أو مراهقا‪،‬‬
‫ال يعي وجود �أ�شخا�ص يرتب�صون به‪ ،‬وي�ستهدفون البيانات ال�شخ�صية التي تعود اليه‪ ،‬واىل �أفراد‬
‫ا�رسته؟‬
‫ •اعتماد �أ�س�س للتعاون‪ ،‬بني خمتلف ا�صحاب امل�صلحة‪ ،‬كال�رشكات وامل�ؤ�س�سات املالية‪ ،‬واملجتمع‬
‫املدين‪ ،‬والدولة‪ ،‬ملواجهة الثغرات ونقاط ال�ضعف‪ ،‬يف الربامج والتطبيقات التي تعتمد‪ ،‬يف تقدمي‬
‫اخلدمات االجتماعية‪ ،‬وال�صحية‪ ،‬واملالية‪ ،‬واالدارية‪ ،‬مبا يعزز �أمن جمتمع املعلومات‪.‬‬
‫و�ضع ا�سرتاتيجيات و�سيا�سات وطنية‪ ،‬تلحظ التعاون و�آليات تفعيله‪ ،‬على امل�ستويات كافة‪ ،‬الداخلية‬
‫بني �أ�صحاب امل�صلحة املتعددين‪ ،‬والإقليمية بني الدول ذات امل�صالح امل�شرتكة‪ ،‬والدولية مع دول العامل‬
‫االخرى‪.‬‬
‫�صفحة رقم ‪117‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫}الف�صل الثامن {‬
‫البيانات ال�شخ�صية‪ :‬بني الرقابة و�صون احلريات‬

‫‪ .1‬بني االخفاء واخلوف‬


‫“�إذا مل يكن لديك �شيء تخفيه‪ ،‬فلي�س لديك �شيء تخافه”‪� ،‬شعار ا�ستخدمته احلكومة الربيطانية‪ ،‬يف‬
‫�سياق زرعها‪ ،‬كامريات الرقابة يف املدن والقرى‪ ،‬فهل هذه املقولة �صحيحة؟‬
‫تكون هذه املقولة �صحيحة‪ ،‬فيما لو كان لدينا ا�ستعداد‪ ،‬لك�شف ميولنا‪ ،‬ورغباتنا‪ ،‬وحميطنا العائلي‪،‬‬
‫و�أ�سماء ا�صدقائنا‪ ،‬وحمتوى خمابراتنا‪ ،‬واماكن تواجدنا‪ ،‬ونوعية م�شرتياتنا‪ ،‬وقيمة ر�صيدنا املايل‪،‬‬
‫ومدخراتنا‪ ،‬وموقع منزلنا‪ ،‬وحمتويات غرف نومنا‪ ،‬لأي كان‪ ،‬ويف كل االحوال واالوقات‪.‬‬
‫وقبل املوافقة على هذه املقولة‪ ،‬ال بد من حتديد ردة فعل �أي �شخ�ص‪ ،‬لي�س لديه �شيء يخفيه‪ ،‬على غريب‬
‫يقرتب منه يف ال�شارع‪ ،‬وي�س�أله عن رقم هاتفه‪� ،‬أو عنوانبيته‪� ،‬أو عن مقا�س ثيابه‪� ،‬أو وزنه‪� ،‬أو حتى نوع‬
‫�سيارته‪.‬‬
‫وماذا لو �سئل هذا ال�شخ�ص‪ ،‬عن ا�سمه‪ ،‬وا�سم عائلته‪ ،‬ووالديه؟‬
‫�أو ماذا لو �سئل‪ ،‬عن االمكنة التي زارها خالل اليوم‪� ،‬أونوع احل�سا�سية الذي يعاين منه‪� ،‬أو عن �سوابقه‬
‫املر�ضية‪ ،‬وحالته الع�صبية‪ ،‬وفئة دمه‪ ،‬وانتمائه ال�سيا�سي‪ ،‬ومعتقداته الدينية؟‬
‫بعيدا عن القانون‪ ،‬ومن منظور اجتماعي بحت‪ ،‬يعترب هذا النوع من اال�سئلة‪ ،‬بنظر الكثريين‪ ،‬من االمور‬
‫املمجوجة‪ ،‬وغري املقبولة‪ ،‬واعتداء فا�ضح على اخل�صو�صية‪ ،‬يف املجتمعات الغربية‪ ،‬كما يف املجتمعات‬
‫ال�رشقية‪ ،‬على حد �سواء‪ ،‬واال ملاذا ينعت النا�س بالف�ضول ال�سلبي‪ ،‬وقلة الذوق‪ ،‬وغريها من التعابري التي‬
‫تطلق على من يقوم بهذه الت�رصفات‪ .‬وملاذا تذهب بع�ض ردات الفعل‪� ،‬إىل الت�سا�ؤل‪ ،‬عما �إذا كان طارح‬
‫اال�سئلة‪ ،‬يعمل حتريا؟‬
‫�إذا كان �صحيحا‪ ،‬ان من ال يخفي �شيئا‪ ،‬ال يخ�شى من انف�ضاح اي تف�صيل خا�ص‪ ،‬فال�صحيح �أي�ضا‪� ،‬أن‬
‫لكل �شخ�ص حياته اخلا�صة‪ ،‬التي ال يريد عر�ض تفا�صيلها �أمام العامل‪ ،‬كما ال يريد لهذا العامل‪ ،‬ان يتدخل‬
‫يف �ش�ؤونه‪ .‬وال�صحيح �أي�ضا‪� ،‬أنه وبالرغم من انتماء الفرد �إىل جمتمع‪ ،‬فان للفرد حياة خا�صة‪ ،‬و�شخ�صية‬
‫مميزة‪ .‬ولذا‪ ،‬حلظت حرمة ملحيط ال�شخ�ص‪ ،‬حيث تنت�رش دالئل خ�صو�صيته‪ ،‬كالبيت واملرا�سالت‪،‬‬
‫وو�ضعت قواعد حماية‪ ،‬ال يجوز اخرتاقها‪ ،‬اال مبوجب ن�ص قانوين‪ ،‬ويف حال اعتداء هذا ال�شخ�ص‪،‬‬
‫على حقوق الآخرين‪ ،‬وخمالفته للقوانني املحددة‪ ،‬واملرعية الإجراء‪.‬‬
‫وال�صحيح �أكرث‪� ،‬أن هذه املقولة‪ ،‬نوع من حماولة الق�ضاء على احلق يف اخل�صو�صية‪ ،‬من خالل االيحاء‪،‬‬
‫بان من يخ�شى على حماية بياناته ال�شخ�صية‪ ،‬ال بد وان يخفي �أمرا خمالفا للقانون‪� ،‬أو �أمرا �سيئا‪.‬‬
‫�صفحة رقم ‪118‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫فما هو احلق يف اخل�صو�صية؟ وما هي البيانات ال�شخ�صية؟ وكيف ميكن االعتداء على هذا احلق يف‬
‫غياب حماية البيانات ال�شخ�صية؟ وما هي ال�صلة بني حماية البيانات ال�شخ�صية واحلق يف اخل�صو�صية‬
‫والأمن ال�سيرباين؟ وما هو الإطار القانوين الذي يتم التعامل على �أ�سا�سه مع املخاطر التي يتعر�ض لها‬
‫هذا احلق؟‬
‫هذا ما �سنحاول الإجابة عليه‪ ،‬من خالل العناوين الآتية‪.‬‬

‫‪ .2‬البيانات ال�شخ�صية‬
‫�أ‪ -‬تعريفات‬
‫يختلف العامة على ما يعترب بيانات �شخ�صية‪� ،‬أو بيانات ح�سا�سة‪� ،‬أو معلومات يتحفظون على ن�رشها‪.‬‬
‫اال �أن مقت�ضيات الأمن ال�سيرباين‪ ،‬تفرت�ض اعتماد قواعد وا�ضحة‪ ،‬ملا يعترب بيانات �شخ�صية‪ ،‬بغية و�ضع‬
‫الن�صو�ص القانونية املنا�سبة‪ ،‬وت�أمني احلد االدنى من احلماية املطلوبة‪.‬‬
‫وميكن تعريف هذه البيانات‪ ،‬ا�ستنادا �إىل القواعد االر�شادية التي و�ضعتها منظمة التعاون االقت�صادي‬
‫والتنمية‪ ،‬بانها “‪ ...‬كل معلومة عائدة ل�شخ�ص طبيعي حمدد �أو قابل للتحديد”[‪.[[22‬‬
‫وعليه‪ ،‬فهي تلك البيانات‪ ،‬التي تنقل معلومات ميكن ربطها ب�شخ�ص معني‪ ،‬لتحديد هويته‪.‬‬
‫اال �أن هذا التعريف يثري بع�ض الإ�شكاليات‪ ،‬باعتباره قد ا�ستثنى بيانات‪ ،‬ميكنها ان ت�ساعد على حتديد‬
‫هوية ال�شخ�ص‪� ،‬أو تعقبه ومالحقته‪ ،‬عرب حتديد مكان وجوده‪ .‬وترد يف هذا ال�سياق‪ ،‬البيانات التي ال‬
‫تعود �إىل ال�شخ�ص الطبيعي‪ ،‬وامنا �إىل و�سيلة ي�ستعملها‪ :‬كرقم ت�سجيل ال�سيارة‪ ،‬ورقم الهاتف الثابت‬
‫والنقال‪ ،‬ال�سيما متى بقيت خارج �إطار التنظيم‪ ،‬الذي ي�ستهدف حماية البيانات ال�شخ�صية‪ .‬وي�سمح‬
‫هذا اال�ستبعاد‪ ،‬بالتعدي على خ�صو�صية الأ�شخا�ص‪ ،‬دون رادع‪ ،‬نظرا لعدم امكانية تطبيق الن�ص‪ .‬وكان‬
‫الت�رشيع الفرن�سي الذي �صدر يف العام ‪ ،1978‬قد ن�ص على حماية املعلومات اال�سمية‪ ،‬حا�رصا بذلك‪،‬‬
‫نطاق تطبيقه ب�شكل دقيق‪ ،‬يف كل معلومة ت�شري �إىل هوية ال�شخ�ص‪ ،‬من دون اي التبا�س‪ .‬اال ان هذا‬
‫القانون‪ ،‬جرى تعديله يف العام [‪ ،2004[[22‬لي�صبح نطاق تطبيقه �أكرث ات�ساعا‪ ،‬بحيث اعتمدت عبارة‬
‫“املعلومات ذات الطابع ال�شخ�صي”‪ ،‬مبا ميهد حلماية بيانات غري ا�سمية[‪ ،[[22‬فاحتا بذلك املجال امام‬
‫حماية �أو�سع‪ ،‬ولكن �أمام التبا�سات �أكرب‪.‬‬
‫وبالفعل‪ ،‬فقد اعرت�ضت اللجنة اخلا�صة باملعلوماتية واحلريات يف فرن�سا‪ ،‬على االجتهاد[‪ [[22‬الذي‬
‫اعترب يف قرارين متتاليني �صادرين عن حمكمة اال�ستئناف يف باري�س‪ ،‬ان العنوان اخلا�ص برقم التعريف‬

‫‪[223] Lignes directives de l’OCDE . …”toute information relative a une personne physique identifiee ou identifiable’.‬‬
‫‪[224] Loi 801 intitulee « loi pour la confiance dans l’économie numerique » du 21 juin 2004‬‬
‫‪[225] La loi du 6 janvier 1978 «informatique et libertés» visait les informations nominatives. La loi du 6 août 2004 remplace le‬‬
‫»‪terme «information nominative» par celui de «donnée à caractère personnelle‬‬
‫‪[226] CA Paris, 27 Avril 2007 :” «L’adresse IP ne permet pas d’identifier le ou les personnes, qui ont utilisé cet ordinateur‬‬
‫‪puisque seule l’autorité légitime pour poursuivre l’enquête (police ou gendarmerie) peut obtenir du fournisseur l’accès d’identité‬‬
‫‪de l’utilisateur.». Et CA Paris, 15 Mai 2007 : » «Que cette série de chiffre en effet ne constitue en rien une donnée indirectement‬‬
‫‪nominative relative à la personne dans la mesure où elle ne se rapporte qu’à une machine, et non à l’individu qui utilise‬‬
‫‪l’ordinateur pour se livrer à la contrefaçon».‬‬
‫�صفحة رقم ‪119‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫الإلكرتوين للجهاز ‪ ، [[22[IP‬لي�س من البيانات ال�شخ�صية‪ ،‬كونه ي�سمح بتحديد هوية جهاز‪ ،‬ال هوية‬
‫ال�شخ�ص الذي ي�ستعمل اجلهاز‪ .‬ويف هذا‪ ،‬بح�سب ر�أي اللجنة‪ ،‬خطر يفتح الباب للتعديات على‬
‫اخل�صو�صية‪ ،‬من خالل جمع هذه البيانات‪ ،‬من دون احل�صول على ترخي�ص م�سبق بذلك‪ ،‬كما هو مقرر‬
‫جلمع البيانات ال�شخ�صية‪.‬‬
‫ويف لبنان‪ ،‬حدد م�رشوع القانون الذي اعدته وزارة االقت�صاد والتجارة [‪ ،[[22‬البيانات ال�شخ�صية‪،‬‬
‫على النحو الآتي‪« :‬يق�صد بالبيانات ذات الطابع ال�شخ�صي‪ ،‬جميع �أنواع املعلومات املتعلقة ب�شخ�ص‬
‫طبيعي‪ ،‬والتي متكن من التعريف به‪ ،‬مبا�رشة �أو غري مبا�رشة‪ ،‬مبا يف ذلك عن طريق مقارنة املعلومات‬
‫املتعددة امل�صادر �أو التقاطع بينها»‪ .‬ويبدو وا�ضحا من هذا التعريف‪ ،‬ذي النطاق الوا�سع‪ ،‬ا�ستناده �إىل‬
‫قانون ‪ 2004‬الفرن�سي‪.‬‬
‫ولعل هذا التعريف االو�سع‪ ،‬هو ما يتنا�سب مع قانون كانت الغاية الأ�سا�سية منه‪ ،‬تعزيز الثقة يف التجارة‬
‫الإلكرتونية‪ ،‬كما يدل عليه عنوانه‪ .‬فتوفري م�ساحة �أكرب للحماية‪ ،‬يعني معدال �أعلى من الثقة‪ .‬بالإ�ضافة‬
‫�إىل ذلك‪ ،‬ي�ستجيب هذا التعريف‪ ،‬حلاجات الع�رص‪ ،‬يف مواكبة التطورات املت�سارعة‪ ،‬يف جمال تقنيات‬
‫املعلومات‪ ،‬حيث مل يعد ممكنا توقع قدرات تكنولوجيا معاجلة املعلومات‪ ،‬وال نتائج اجلمع بني تقنيات‬
‫خمتلفة ومتنوعة‪ ،‬على احلياة ال�شخ�صية‪ ،‬وعلى �أمن الدول‪.‬‬
‫ويعلو من�سوب الأخطار‪ ،‬مع ك�شف بع�ض البيانات ال�شخ�صية‪ ،‬التي ميكن اعتبارها بيانات ح�سا�سة‪،‬‬
‫وذلك‪ ،‬نظرا ملا ميكن ان يرتكه هذا االنك�شاف‪ ،‬من �أثر �سلبي على كيفية التعامل مع املعني بها‪� ،‬سواء‬
‫من قبل ال�سلطات املخت�صة‪� ،‬أو من قبل الآخرين‪ .‬وتتمثل هذه البيانات‪ ،‬يف كل ما يك�شف عن الآراء‬
‫واملعتقدات‪ ،‬والو�ضع االجتماعي‪ ،‬وامليول ال�سيا�سية واجلن�سية‪ .‬من هنا‪ ،‬تكون القاعدة فيما يتعلق بهذه‬
‫البيانات هي حظر معاجلتها‪ ،‬وال�سماح مبعاجلتها هو اال�ستثناء‪ ،‬وذلك يف حاالت حمددة ح�رصا[‪.[[22‬‬

‫ب‪ -‬قيمة ادارية واقت�صادية‬


‫من الثابت‪ ،‬ان البيانات ال�شخ�صية مرتكز لبناء القرار االداري والأمني‪ ،‬الهادف �إىل �إدارة ال�ش�أن‬
‫العام‪ ،‬وحتقيق اال�ستقرار‪ ،‬ورفاه ال�شعب‪ .‬من هنا‪ ،‬تعترب البيانات ال�شخ�صية‪ ،‬مادة �أ�سا�سية للعمل‪ ،‬يف‬
‫خمتلف �أجهزة الدولة‪ ،‬والقطاعات الأمنية‪ ،‬حيث تدار االحوال ال�شخ�صية‪ ،‬واملمتلكات العقارية‪،‬‬
‫واال�ستثمارات‪ ،‬وال�ش�ؤون االجتماعية‪ ،‬وال�صحية‪ ،‬والتعليمية‪ ،‬والأمنية‪ ،‬مبا ي�ؤمن �أمن املواطنني‪،‬‬
‫ويحافظ على �أمن الدولة‪.‬‬
‫‪[227] L›adresse IP est le numéro qui permet d›identifier chaque ordinateur sur le réseau Internet. Elle se décompose dans version‬‬
‫‪4 en une série de 4 nombres allant de 0 à 255.‬‬
‫‪[228] ECOMLEB‬‬
‫‪[229] ECOMLEB- art. 20 « Il est interdit de collecter et de traiter des données à caractère personnel qui révèlent, directement ou‬‬
‫‪indirectement, les opinions philosophiques ou politiques, l’appartenance syndicale ou confessionnelle, l’état de santé, l’identité‬‬
‫‪génétique ou la vie sexuelle de la personne concernée. Toutefois, il est fait exception à cette interdiction de principe dans les cas‬‬
‫‪suivants :‬‬
‫‪1°- Lorsque la personne concernée a rendu publiques lesdites données ou qu’elle consent expressément à leur traitement, à moins‬‬
‫; ‪qu’une interdiction légale ne s’y oppose‬‬
‫‪2°- Lorsque le recueil et le traitement des données sont nécessaires à l’établissement d’un diagnostic médical ou à l’administration‬‬
‫; ‪de soins par un membre d’une profession de santé‬‬
‫‪3°- Lorsque le recueil et le traitement des données sont nécessaires à la constatation, à l’exercice ou à la défense d’un droit en‬‬
‫; ‪justice‬‬
‫‪4°- Lorsque des groupements sans but lucratif, à caractère philosophique, politique, syndical ou confessionnel tiennent, à leur‬‬
‫; ‪usage exclusif, des registres de leurs membres ou correspondants non communicables à des tiers‬‬
‫‪5°- Lorsque des traitements justifiés par un intérêt public bénéficient des autorisations prévues à l’article 30 ci-après.‬‬
‫�صفحة رقم ‪120‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫ومن الثابت �أي�ضا‪� ،‬أن هذه البيانات‪ ،‬قد حتولت �إىل مرتكز لالقت�صاد الرقمي‪ ،‬واىل �سلعة ذات قيمة‬
‫اقت�صادية‪ ،‬واىل جزء من عنا�رص امل�ؤ�س�سات التجارية‪ ،‬مبا جعل بيانات م�ستخدم االنرتنت‪ ،‬الذي هو �أي‬
‫مواطن[‪ ،[[23‬تتحول �إىل مادة �أولية‪ ،‬يف حتقيق انتاجية ال�رشكات املختلفة‪.‬‬
‫وبالفعل‪ ،‬تتهافت ال�رشكات اخلا�صة‪ ،‬النا�شطة على االنرتنت‪ ،‬ويف جماالت االت�صاالت كافة‪ ،‬على‬
‫جمع البيانات ال�شخ�صية‪ ،‬ومعاجلتها‪ ،‬وا�ستخدامها‪ ،‬يف عمليات الرتويج‪ ،‬واالبحاث‪ ،‬التي تخدم‬
‫حتديد �أطياف م�ستخدمي تقنيات املعلومات واالت�صاالت‪ ،‬من خالل فئاتهم العمرية‪ ،‬جن�سهم‪ ،‬مكان‬
‫تواجدهم‪ ،‬مبا ي�سمح با�ستهدافهم‪� ،‬إعالنيا‪ ،‬و�إعالميا‪ .‬و�أحيانا كثرية‪ ،‬تلج أ� التطبيقات‪� ،‬إىل جمع بيانات‬
‫ح�سا�سة‪ ،‬من خالل ما ي�سمى معلومات اختيارية‪ ،‬يرتك للم�ستخدم ان يوافق على اعطائها‪ ،‬مثل‪ :‬امليول‬
‫اجلن�سية‪ ،‬والعرق‪ ،‬واحلالة االجتماعية الخ‪...‬‬
‫فالتطبيقات املجانية‪ ،‬على الهواتف اخلليوية‪ ،‬والهواتف الذكية‪ ،‬كما حمركات البحث‪ ،‬ومواقع التوا�صل‬
‫االجتماعي‪ ،‬والرتفيه‪ ،‬وتنزيل املو�سيقى‪ ،‬والتجارة الإلكرتونية‪ ،‬وتطبيقات حتديد االماكن‪ ،‬واخلرائط‬
‫الرقمية‪ ،‬طرق �رسيعة‪ ،‬لي�س فقط لالت�صال والو�صول �إىل املعلومات‪ ،‬بل �أي�ضا جلمع البيانات‪ ،‬ور�صد‬
‫وحتركات الأفراد وعالقاتهم من خالل ن�شاطهم يف الف�ضاء ال�سيرباين‪ .‬فالآلة التي تعرف م�ستخدم‬
‫االنرتنت‪� ،‬أكرث ما يعرف نف�سه‪ ،‬ت�سمح للربامج التي ي�ستخدمها‪ ،‬يف اال�ستثمار مبا�رشة يف خ�صو�صيته‪،‬‬
‫مبا ي�ساهم يف منو وازدهار االقت�صاد الرقمي[‪.[[23‬‬
‫وهكذا‪ ،‬يتعر�ض احلق يف اخل�صو�صية لالنتهاك‪ ،‬نتيجة الدفق الهائل للبيانات ال�شخ�صية‪ ،‬عرب الف�ضاء‬
‫ال�سيرباين‪ ،‬لي�س فقط من قبل ال�سلطات احلكومية‪ ،‬االجنبية منها والوطنية‪ ،‬وامنا �أي�ضا‪ ،‬من قبل‬
‫امل�ؤ�س�سات التجارية‪ ،‬واملجرمني ال�سيربانيني‪ ،‬على حد �سواء‪ .‬ولذا‪ ،‬تعترب حماية البيانات ال�شخ�صية‪،‬‬
‫واحلق يف اخل�صو�صية‪ ،‬من التحديات الأ�سا�سية‪ ،‬التي يواجهها جمتمع املعلومات‪ ،‬يف �سعيه �إىل تعزيز‬
‫الثقة‪ ،‬يف الف�ضاء ال�سيرباين‪.‬‬

‫‪ .3‬احلق يف اخل�صو�صية‬
‫بالرغم من االعرتاف به‪ ،‬من قبل العديد من الدول وال�رشع والقوانني[‪ ،[[23‬يبقى احلق يف اخل�صو�صية‪،‬‬
‫وتبقى حماية البيانات ال�شخ�صية‪ ،‬عر�ضة لالعتداء‪ ،‬لي�س فقط نتيجة النق�ص الت�رشيعي والتنظيمي‪،‬‬
‫واملمار�سات احلكومية ‪ ،‬وامنا نتيجة لالمكانات التقنية الهائلة‪ ،‬التي تتيحها تقنيات املعلومات‬
‫واالت�صاالت‪ ،‬والتي ال ميكن توقع امكاناتها‪ .‬ونذكر هنا على �سبيل املثال‪ :‬تقنيات الر�صد‪ ،‬وجمع‬
‫البيانات‪ ،‬والتتبع‪ ،‬واملعاجلة‪ ،‬والتنقيب‪ ،‬والو�صول ب�رسعة فائقة‪� ،‬إىل عدد �أكرب من النا�س‪ ،‬يف �أماكن‬
‫‪[230] Rapport « Collin et Colin ». Dans toute application en ligne, l’utilisateur est actif et son activité, peut être captée sous la‬‬
‫‪forme de données. Les données sont un flux essentiel qui irrigue l’ensemble de l’économie numérique. - http://www.economie.‬‬
‫‪gouv.fr/files/rapport-fiscalite-du-numerique_2013.pdf‬‬
‫_‪[231] Personal data: Emergence of a new Asset class. http://www3.weforum.org/docs/WEF_ITTC_PersonalDataNewAsset‬‬
‫‪Report_2011.pdf‬‬
‫– الحق يف الخصوصية من الحقوق االساسية‪ ،‬املعرتف بها يف عدد من البالد حول العامل‪ ،‬ويف نصوص عاملية‪ ،‬مثل الدساتري الوطنية واالتفاقية‪ .‬اإلعالن العاملي لحقوق ]‪[232‬‬
‫االنسان‪ ،‬رشعة الحقوق السياسية واملدنية‪ ،‬االتفاقية األوروبية لحامية حقوق االنسان والحريات‪ ،‬واالتفاقية األمريكية لحقوق االنسان‪.‬‬
‫)‪- The Universal Declaration of Human Rights,(Article 17) of the International Covenant on Civil and Political Rights, (Article 8‬‬
‫‪of the European Convention on Human Rights, (Article 11) of the American Convention on Human Rights.‬‬
‫‪- Article 12 of the Universal Declaration of Human Rights states, “No one should be subjected to arbitrary interference with his‬‬
‫‪privacy, family, home or correspondence, nor to attacks on his honour or reputation. Everyone has the right to the protection of‬‬
‫”‪the law against such interferences or attacks.‬‬
‫�صفحة رقم ‪121‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫خمتلفة من العامل‪ .‬ي�ضاف �إىل ذلك‪ ،‬ا�ستحالة معاجلة النتائج ال�سلبية لالعتداءات‪ ،‬يف �أحيان كثرية‪ ،‬مع‬
‫تعذر ا�ستعادة البيانات التي مت اال�ستيالء عليها‪� ،‬أو تعذر ال�سحب �أو االلغاء الكامل للبيانات �أو االخبار‪،‬‬
‫التي مت ن�رشها‪� ،‬أو ت�شويهها‪� ،‬أو تزويرها والتالعب بها‪ .‬وال نن�سى �أي�ضا‪ ،‬اخلطر الذي ميثله‪ ،‬اقتحام بع�ض ‬
‫قواعد املعلومات ال�شخ�صية‪� ،‬سواء منها تلك التي حتتفظ بها ال�رشكات‪� ،‬أو تلك التي حتتفظ بها اجلهات‬
‫الر�سمية[‪.[[23‬‬
‫ويعترب هذا احلق من احلقوق ال�شخ�صية‪ ،‬املحمية يف �إطار احلريات العامة‪ .‬فاخل�صو�صية تعني‪ ،‬ب�شكل‬
‫�أ�سا�سي‪ ،‬املحافظة على �رسية‪� ،‬أو على الأقل‪ ،‬على حمدودية انت�شار املعلومات‪ ،‬التي ت�سمح بتحديد‬
‫ال�شخ�ص‪ ،‬ون�شاطه‪ ،‬ومكان تواجده‪ ،‬وعالقاته ال�شخ�صية‪ ،‬االمر الذي مينع التدخل‪ ،‬فيما يعتربه �أمورا‬
‫حميمة‪� ،‬أو حتى �أ�رسارا‪ ،‬ميكنها ان تعر�ض ا�ستقراره‪ ،‬و�سالمته املادية واملعنوية‪.‬‬
‫وعليه‪ ،‬هنالك اعتداء على اخل�صو�صية‪� ،‬سواء تعلق االمر‪ ،‬بك�شف �رس دفني‪ ،‬ون�رشه �إىل الآخرين‪� ،‬أم‬
‫مبراقبة ور�صد حتركات‪ ،‬مل يقرتنا بك�شف �أ�رسار‪� ،‬أو بن�رش معلومات ح�سا�سة‪ .‬فال�رضر واقع يف احلالتني‪:‬‬
‫اذ ينتج عن ك�شف املعلومات‪ ،‬يف احلالة الأوىل‪ ،‬وعن كون ال�شخ�ص‪ ،‬و�ضع حتت املراقبة‪ ،‬يف احلالة‬
‫الثانية‪.‬‬
‫ويرتبط احلق يف اخل�صو�صية‪ ،‬باحلق يف احلفاظ على ال�صورة‪ ،‬وباحلق يف احلفاظ على ال�سمعة‪ .‬اال‬
‫ان هذا احلق‪ ،‬وبالرغم من االعرتاف به‪ ،‬من قبل العديد من الدول وال�رشع والقوانني[‪ ،[[23‬كالد�ساتري‬
‫الوطنية‪ ،‬و�رشعة حقوق الإن�سان‪ ،‬و�رشعة احلقوق املدنية وال�سيا�سية‪ ،‬واالتفاقية الأوروبية حلماية حقوق‬
‫الإن�سان واحلريات‪ ،‬يتعر�ض لالعتداء‪ ،‬لي�س فقط من قبل اجلهات الر�سمية يف بع�ض البلدان‪ ،‬وامنا �أي�ضا‪،‬‬
‫من قبل م�ستخدمي االنرتنت �أنف�سهم‪ .‬فمما ال �شك فيه‪ ،‬ان الإمكانات الهائلة التي تتيحها االنرتنت‪،‬‬
‫لناحية الو�صول �إىل عدد �أكرب من النا�س‪ ،‬وب�رسعة فائقة‪ ،‬يف �أماكن خمتلفة من العامل‪ ،‬جتعل املخاطر‬
‫التي يتعر�ض لها هذا احلق‪� ،‬أكرب و�أدهى‪ .‬واملثال الذي ميكن ايراده هنا‪ ،‬هو ر�صد حركة الأ�شخا�ص‬
‫ومالحقتهم‪ ،‬كما التن�صت على ات�صاالتهم‪ ،‬واالطالع على مرا�سالتهم‪� ،‬إ�ضافة �إىل امكانية ن�رش �صور‬
‫�شخ�صية و�أخبار خا�صة‪� ،‬أو ت�شويهها‪� ،‬أو تزويرها والتالعب بها‪ .‬ي�ضاف �إىل ذلك‪ ،‬اخلطر الذي ميثله‪،‬‬
‫اقتحام بع�ض قواعد املعلومات ال�شخ�صية‪� ،‬سواء منها تلك التي حتتفظ بها ال�رشكات‪� ،‬أو تلك التي حتتفظ‬
‫بها اجلهات الر�سمية[‪ ،[[23‬مبا يعنيه من خطر انك�شاف‪ ،‬وت�رسب معلومات‪.‬‬
‫وتزيد طبيعة الن�شاط يف الف�ضاء ال�سيرباين‪ ،‬تعقيدات احلفاظ على اخل�صو�صية‪ ،‬كما عرفناها يف العامل‬
‫املادي‪ .‬فكل حركة على جهاز الكومبيوتر‪� ،‬أو الهاتف النقال‪� ،‬أو �أي جهاز مت�صل باالنرتنت‪ ،‬ت�شكل‬
‫معلومة ميكن جمعها‪ ،‬وتناقلها‪ ،‬ومعاجلتها‪ ،‬وحتليلها‪ .‬وهذا ال يحدث بدون موافقتنا القانونية على‬
‫ذلك‪ ،‬عرب ال�ضغط على زر “موافق” يف �سيا�سة اال�ستخدام‪ ،‬التي تخرج الينا‪ ،‬قبل البدء با�ستخدام اي‬
‫تطبيق‪� ،‬أو برنامج‪ .‬وغني عن القول‪ ،‬ان هذه العقود التي نوقع على قبولها‪ ،‬لي�ست يف احلقيقة‪ ،‬اال�إقرارا‬
‫منى األشقر جبور ومحمود جبور‪ -‬القانون واالنرتنت‪ :‬تحدي التكيف والضبط‪ -‬املنشورات الحقوقية‪ -‬صادر‪ -‬بريوت‪[233] 2008 -‬‬
‫‪[234] The Universal Declaration of Human Rights, (Article 17) of the International Covenant on Civil and Political Rights,‬‬
‫‪(Article 8) of the European Convention on Human Rights, (Article 11) of the American Convention on Human Rights.‬‬
‫‪Article 12 of the Universal Declaration of Human Rights states, «No one should be subjected to arbitrary interference with his‬‬
‫‪privacy, family, home or correspondence, nor to attacks on his honour or reputation. Everyone has the right to the protection of‬‬
‫»‪the law against such interferences or attacks.‬‬
‫منى األشقر جبور ومحمود جبور‪ -‬القانون واالنرتنت‪ :‬تحدي التكيف والضبط‪ -‬املنشورات الحقوقية‪ -‬صادر‪ -‬بريوت‪[235] 2008 -‬‬
‫�صفحة رقم ‪122‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫بتنازلنا‪ ،‬عن حقنا يف اخل�صو�صية‪ ،‬عرب منح ال�رشكة‪ ،‬مالكة التطبيق �أو الربنامج حق الت�رصف يف بياناتنا‬
‫ال�شخ�صية‪ .‬وي�ضاف �إىل ذلك‪ ،‬خطر قبولنا‪ ،‬باملالحقة �أمام حماكم اجنبية‪ ،‬ال منلك القدرة الكافية على‬
‫متابعة �أنظمتها والقوانني‪ ،‬التي تطبق لديها‪ .‬ويف حال امتالكنا لهذه القدرة‪ ،‬تبقى التكلفة عالية‪ ،‬ومن‬
‫ال�صعب حتملها‪.‬‬
‫ويرتافق كل ذلك‪ ،‬مع ازدياد وت�صاعد �أعداد الكعكات ‪ ،cookies‬التي تزرعها حمركات البحث‪،‬‬
‫واملواقع التي نزورها‪ ،‬بهدف متابعة نوعية ن�شاطنا‪ ،‬واهتمامتنا‪ ،‬وحركة ت�صفحنا لالنرتنت‪ ،‬ومبا ي�ساعد‬
‫على حتديد �أطيافنا‪ ،‬ال�ستهدافنا ب�إعالنات و�أخبار‪ ،‬وخدمات تطابق �شخ�صيتنا‪ ،‬واحتياجاتنا‪ ،‬وميولنا‪.‬‬
‫ويحدث كل ذلك‪ ،‬دون ان ننتبه اليه‪ ،‬ودون ان ندرك كمية املعلومات‪ ،‬والبيانات ال�شخ�صية التي جتمع‪،‬‬
‫واحلد الذي و�صل اليه‪ ،‬اخرتاق خ�صو�صيتنا‪ .‬وال بد من الإ�شارة هنا‪� ،‬إىل بروز بوادر ت�رشيعية‪ ،‬تنظم‬
‫ومتنع عملية التتبع والر�صد[‪ ،[[23‬والتي تهدف قبل كل �شيء‪� ،‬إىل حماية امل�ستهلك‪ ،‬مبا يعزز الثقة يف البيئة‬
‫ال�سيربانية‪.‬‬
‫ويعود االهتمام باملحافظة على احلق يف اخل�صو�صية‪� ،‬إىل بدايات ا�ستخدام تكنولوجيا املعلومات‬
‫واالت�صاالت‪ ،‬و�إن�شاء قواعد البيانات ال�شخ�صية[‪� .[[23‬إال �أن اهتمام الدول‪ ،‬باحلفاظ على هذه احلقوق‬
‫واحلريات‪ ،‬يختلف باختالف ثقافتها القانونية‪ .‬ففي فرن�سا‪ ،‬حيث القواعد ال�صارمة حلماية احلريات‬
‫ال�شخ�صية‪ ،‬تتوىل هيئة خا�صة الرقابة على �أمن املعلومات ال�شخ�صية‪ ،‬بينما ال توجد يف الواليات املتحدة‬
‫الأمريكية‪� ،‬سلطة م�شابهة لها[‪ .[[23‬وغني عن القول‪ ،‬ان االختالف بني الأنظمة القانونية‪ ،‬واملبادئ التي‬
‫يتم على �أ�سا�سها التعامل مع البيانات‪ ،‬ي�ؤثر �سلبا على احلماية القانونية للحق‪ .‬ففي الواليات املتحدة‬
‫الأمريكية‪ ،‬تعترب هذه البيانات‪ ،‬بيانات جتارية‪ ،‬ذات قيمة خا�ضعة حلاجات ال�سوق‪ ،‬بينما تعترب هذه‬
‫البيانات يف �أوروبا‪ ،‬كجزء من خ�صائ�ص امليزات ال�شخ�صية[‪ ،[[23‬ما يجعل تعامل الق�ضاء مع �رشوط‬
‫ا�ستثمارها‪ ،‬ومعاجلتها‪ ،‬يختلف ب�شكل �أكيد‪.‬‬
‫وتتمثل اجلوانب القانونية لالعتداء على اخل�صو�صية‪ ،‬يف عدد من اجلرائم‪ ،‬والأعمال غري ال�رشعية‪ ،‬التي‬
‫ميار�سها الأفراد‪� ،‬أو اجلهات احلكومية‪ ،‬ومنها‪ :‬انتحال هوية ال�شخ�ص‪ ،‬وانتحال ال�صفة‪ ،‬واالبتزاز‪،‬‬
‫واخرتاق �أنظمة املعلومات‪ ،‬والو�صول �إىل اال�رسار املهنية والتجارية‪� ،‬إ�ضافة �إىل الر�صد غري امل�رشوع‬
‫حلركة الأ�شخا�ص والأموال‪ ،‬من قبل الأجهزة احلكومية‪ ،‬وتكوين ملفات معلومات‪ ،‬دون �سبب‬
‫�رشعي‪ ،‬وكذلك التمييز العن�رصي‪� ،‬أو العقائدي‪� ،‬أو الديني‪.‬‬

‫‪[236] The Do-Not-Track Online Act of 2013.‬‬


‫النص األسايس حول الخصوصية وحامية املعلومات هو ]‪[237‬‬
‫‪ 1980. OECD. European Directive on Data‬يف العام ‪“ guidelines on Protection of Privacy and Transborder Flowa of Personal Data”،‬‬
‫)‪Prtotection (95/46/EC‬‬
‫‪ The Council of Europe’s Convention on the Protection of Individuals with regard to Automatic Processing of‬ويف نفس االتجاه‬
‫‪Personal Data. 1981.‬‬
‫‪[238] CNIL en France. Aux USA il ya Federal Trade Commission qui suit les dossiers internet et poursuit quelques sites web qui‬‬
‫‪n’ont pas respecte sur leur site les déclarations sur la protection des données personnelles.‬‬
‫‪[239] L’oubli numérique, future droit constitutionnel? Selon Alex Türk, le président de la commission nationale de l’informatique‬‬
‫‪et des libertés (CNIL) et président du G29 : « Pour les américains, les données personnelles sont des données commerciales qui‬‬
‫‪ont une valeur marchande. En Europe, nous pensons que ce sont des attributs de la personnalité ». http://eulogos.blogactiv.‬‬
‫‪eu/2009/11/23/1%2%80%99oubli-numerique-futur-droit-con‬‬
‫�صفحة رقم ‪123‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫�أ‪ -‬التوفيق بني مقت�ضيات الأمن واحلفاظ على احلريات‬


‫_ جمع البيانات وا�ستخدامها‬
‫جتمع احلكومة البيانات ال�شخ�صية‪ ،‬ب�شكل متزايد‪ ،‬يف �إطار ت�أديتها لدورها يف �إدارة �أمور املواطنني‬
‫و�ش�ؤونهم احلياتية‪ ،‬ورغبة منها يف حماية ه�ؤالء‪ ،‬وحماية �سيادتها وا�ستقرارها الأمني واالجتماعي‬
‫واالقت�صادي‪.‬‬
‫وتلج�أ احلكومات املختلفة‪� ،‬إىل جمع البيانات ال�شخ�صية‪ ،‬التي حتدد هوية املواطنني‪ ،‬واملقيمني‪ ،‬مثل‪:‬‬
‫بطاقات الهوية‪ ،‬واال�ست�شفاء‪ ،‬وال�ضمان االجتماعي‪ ،‬وجوازات ال�سفر‪ ،‬كما تلج أ� ال�سلطات �إىل تعزيز‬
‫م�صداقية الهوية ال�شخ�صية‪ ،‬عرب �إ�ضافة البيانات البيومرتية على العديد من الوثائق‪.‬‬
‫كذلك ت�ستخدم البيانات ال�شخ�صية‪ ،‬وتنقل وتتبادل‪ ،‬حتت �شعار الدفاع عن الأمن القومي‪� ،‬أو نتيجة‬
‫التزام الدول‪ ،‬مكافحة بع�ض الأعمال واجلرائم‪ ،‬ذات االرتدادات الكارثية‪ :‬كالإرهاب مثال‪ .‬ويف هذا‬
‫املجال‪ ،‬ت�ستعمل البيانات ال�شخ�صية ب�شكل منهجي‪ ،‬من قبل احلكومات املختلفة‪� ،‬سواء يف ان�شطتها‬
‫الوطنية الداخلية‪� ،‬أو يف عالقاتها مع الدول االخرى‪ ،‬من خالل اتفاقيات[‪� ،[[24‬أو من خالل �أنظمة �أمن‪،‬‬
‫وبرامج متخ�ص�صة[‪.[[24‬‬
‫وعليه‪ ،‬تت�شكل م�صادر اخلطر على اخل�صو�صية‪ ،‬نتيجة اال�ستخدام غري القانوين للبيانات ال�شخ�صية‪� ،‬أي‬
‫دون اعتبار حلقوق ا�صحابها‪ ،‬ال�سيما حقهم يف اخل�صو�صية‪ ،‬وذلك‪ ،‬يف القطاعني العام واخلا�ص‪ ،‬على‬
‫ال�سواء‪.‬‬
‫لذا‪ ،‬ال بد من ر�سم حدود وا�ضحة‪ ،‬ال ميكن للدولة ان تتجاوزها‪ ،‬منعا لالعتداء على احلريات واحلقوق‪.‬‬
‫واملثال الذي ميكن اثارته هنا‪ ،‬هو الت�رشيعات[‪ [[24‬التي و�ضعت يف العديد من الدول‪ ،‬بعد اعتداءات‬
‫احلادي ع�رش من �أيلول ‪ ،2001‬حتت عنوان مكافحة الإرهاب‪ .‬فقد اقرت يف الواليات املتحدة‬
‫الأمريكية مثال‪� ،‬صالحيات وا�سعة للحكومة‪ ،‬واعطي هام�ش او�سع للتحقيق‪ ،‬وا�ستبعدت امل�س�ؤولية عن‬
‫�أ�شخا�ص القانون اخلا�ص‪ ،‬يف حال اف�شائهم معلومات للحكومة‪ .‬وكان الربملان الأوروبي‪ ،‬قد اعرب‬
‫عن قلقه‪ ،‬ازاء الأثر الذي ميكن لإجراءات ت�ستهدف حتقيق الأمن‪ ،‬ان ترتكه على احلقوق واحلريات‪،‬‬
‫ويف مقدمها احلق يف اخل�صو�صية[‪.[[24‬‬
‫باملقابل‪ ،‬ال ينبغي حماية الأمن القومي‪ ،‬مبعزل عن احلقوق الأ�سا�سية واحلريات املدنية للمواطن‪ .‬فبني‬
‫حتقيق الأمن القومي‪ ،‬وحماية احلقوق واحلريات‪ ،‬ال بد من مراعاة التوازن‪ ،‬الذي ي�ضمن عدم دفع‬
‫هذه الأخرية‪� ،‬إىل م�ستوى متدن‪ ،‬لت�أمني م�ستوى عال من الأمن‪ .‬وترتبط حماية البيانات ال�شخ�صية‪،‬‬
‫‪[240] Les accords entre l’union européenne et les états unis.‬‬
‫‪* le traite de prum, signe le 27 Mai 2005‬‬
‫‪[241] Les systèmes d’échanges d’informations crées a l’échelle de l’Union Européenne : le système d’information Schengen (SIS),‬‬
‫‪le système d’information douanier, et le système d’information d’Europol et celui d’Eurojust.‬‬
‫‪[242] Le Patriotact aux états unis. - plan d’action contre le terrorisme adopte par le parlement européen et modifie le 25 Mars 2004‬‬
‫‪suite aux attentats de Madrid puis suite aux attentats de Londres du 7 juillet 2005‬‬
‫‪- recommandation relative a l’élaboration de « profiles terroristes » adoptée par le conseil européen en 2002‬‬
‫‪- directive du 15 Mars 2006 qui a prévu la conservation des données téléphoniques par les operateurs.‬‬
‫‪[243] Résolution du 14 janvier 2009 sur la situation desdroits fondamentaux dans l'Union européenne (2004-2008). le Parlement‬‬
‫‪européen « se préoccupe du fait que la coopération internationale dans la lutte contre le terrorisme a souvent abouti à unebaisse‬‬
‫‪du niveau de protection des droits de l’Homme et des libertés fondamentales,notamment du droit fondamental au respect de la vie‬‬
‫‪privée, à la protection des données à caractère personnel et à la non-discrimination‬‬
‫�صفحة رقم ‪124‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫ارتباطا وثيقا‪ ،‬بالأمن القومي للدولة‪ .‬ويعود ال�سبب يف ذلك‪� ،‬إىل خطورة انك�شاف معلومات خا�صة‪،‬‬
‫باملواطنني عامة‪ ،‬وببع�ض ا�صحاب املراكز احل�سا�سة‪ ،‬ب�شكل خا�ص‪ ،‬نظرا المكانات ال�ضغط التي ميكن‬
‫ان متار�س عليهم نتيجة لذلك‪ ،‬بهدف ابتزازهم يف عمليات �إ�ستخباراتية‪ ،‬ت�ؤذي ا�ستقرار البالد‪ ،‬وتعر�ض ‬
‫اقت�صاده‪� ،‬أو ن�سيجه االجتماعي‪ ،‬لالنهيار‪.‬‬
‫ي�ضاف �إىل ذلك‪ ،‬اعتبار حماية البيانات ال�شخ�صية‪ ،‬عن�رصا من عنا�رص تعزيز الثقة يف الف�ضاء ال�سيرباين‪،‬‬
‫ال�سيما فيما يخ�ص ت�أمني املعامالت الإلكرتونية‪ ،‬وحماربة اجلرمية ال�سيربانية‪.‬‬

‫_ البيانات ال�شخ�صية للم�سافرين‬


‫ت�ستدعي مكافحة اجلرائم العابرة للحدود‪ ،‬كتبيي�ض الأموال‪ ،‬والإرهاب‪ ،‬واالجتار غري امل�رشوع‬
‫باملخدرات‪ ،‬اهتماما خا�صا وغري م�سبوق‪ ،‬من قبل احلكومات املختلفة‪ ،‬بالبيانات التي تنتقل عرب‬
‫االنرتنت‪ ،‬وو�سائل االت�صال االخرى‪ .‬فالبيانات ال�شخ�صية‪ ،‬جتمع بكميات كبرية من امل�سافرين‪ ،‬ومن‬
‫الوافدين �إىل اي بلد‪ ،‬وتنظم يف لوائح وقواعد معلومات‪ ،‬ويتم تبادلها‪ ،‬يف حماولة لر�صد التحركات‬
‫امل�شبوهة‪ .‬وي�شكل هذا املو�ضوع‪ ،‬عقبة �أ�سا�سية‪� ،‬أمام امكانية احلفاظ على احلق يف اخل�صو�صية‪ ،‬اذ انه‬
‫يفقد �صاحب البيانات‪ ،‬امكانية ال�سيطرة عليها‪.‬‬
‫وتفر�ض القوانني الأمريكية‪ ،‬يف هذا املجال‪ ،‬على �رشكات الطريان‪ ،‬التي تقدم خدمات النقل‪ ،‬من‬
‫واىل �أرا�ضيها‪� ،‬أو عرب املرور بها‪� ،‬أن تزود وزارة الداخلية الأمريكية[‪،[[24‬بالبيانات ال�شخ�صية للركاب‪.‬‬
‫ويهدف هذا الإجراء‪� ،‬إىل امل�ساهمة يف ت�أمني �سالمة الطريان‪ ،‬ب�شكل عام‪ ،‬واحلفاظ على �أمن الواليات‬
‫املتحدة‪ ،‬ب�شكل خا�ص‪ .‬وتتوزع هذه البيانات على فئتني‪:‬‬
‫‪1.1‬البيانات اخلا�صة با�سم امل�سافر و�سجله[‪ ،[[24‬والتي متثل املعلومات التي تقدم خالل عملية احلجز‬
‫لدى ال�رشكة‪ ،‬عن تفا�صيل الرحلة‪ ،‬مثل‪ :‬ا�سم امل�سافر‪ ،‬وتاريخ الرحلة‪ ،‬ونقطة االنطالق والو�صول‪،‬‬
‫ورقم املقعد‪ ،‬وعدد احلقائب‪� ،‬إ�ضافة �إىل تفا�صيل خا�صة باحلجز‪ ،‬مثل‪ :‬ا�سم وكالة ال�سفر التي‬
‫�أجرت احلجز‪ ،‬وتفا�صيل ايفاء قيمة التذكرة‪ ،‬وان�ضمامه �إىل برامج خا�صة بالزبائن‪� ،‬أو غريها‪.‬‬
‫‪2.2‬البيانات الأكرث حتديدا[‪ ،[[24‬وتتناول‪ :‬املعلومات التي ت�ؤخذ من جواز ال�سفر‪ ،‬والتي جتمع خالل‬
‫عملية الت�سجيل‪ ،‬والتي تقدم �إىل ال�سلطات املخت�صة مبراقبة احلدود‪ ،‬قبل الو�صول‪ ،‬وذلك‪ ،‬للت�أكد‬
‫من �أن امل�سافر‪ ،‬ال ينتمي �إىل الئحة الأ�شخا�ص‪ ،‬الذين ميثلون خطرا على �سالمة الطريان‪.‬‬
‫وكانت الواليات املتحدة الأمريكية‪ ،‬قد وقعت يف هذا الإطار‪ ،‬اتفاقا مع االحتاد الأوروبي‪ ،‬يف ‪16‬‬
‫ت�رشين الأول (اكتوبر) ‪ ،2004‬يفر�ض على هذا الأخري‪� ،‬أن يت�أكد من التزام الناقلني اجلويني‪ ،‬بتقدمي‬
‫هذه املعلومات[‪ ،[[24‬كما هو مطلوب‪� ،‬إىل وزارة الداخلية الأمريكية‪ .‬ويتيح االتفاق املذكور‪ ،‬امكانية‬
‫احل�صول على هذه املعلومات‪ ،‬بالطريقة الإلكرتونية‪ ،‬وب�شكل م�سبق‪ ،‬لقيام الرحالت �أو و�صولها‪ ،‬ما‬
‫يعني اتاحة امكانية توقع املخاطر‪ ،‬وجتنبها‪ ،‬بفاعلية �أكرب‪.‬‬

‫‪[244] US Department of Homeland Security.‬‬


‫‪[245] Passenger Name Record (PNR).‬‬
‫‪[246] (Advanced Passenger Information (API)).‬‬
‫‪[247] décision de la Commission 2004/535/EC:‬‬
‫‪http://eur-lex.europa.eu/LexUriServ/site/en/oj/2004/l_235/l_23520040706en00110022.pdf‬‬
‫�صفحة رقم ‪125‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫يف املقابل‪ ،‬ميكن لالحتاد الأوروبي‪ ،‬وبح�سب هذا االتفاق‪� ،‬أن يطلب من الواليات املتحدة الأمريكية‪،‬‬
‫تزويده بيانات �شخ�صية ‪ ،‬حول امل�سافرين من الواليات املتحدة الأمريكية �إىل �أوروبا‪ ،‬يف حال اعتماده‬
‫ل�سيا�سة م�شابهة‪ ،‬لتلك التي تعتمدها حاليا‪ .‬وي�أتي ذلك‪ ،‬يف �إطار املحادثات التي يقودها االحتاد‬
‫الأوروبي‪ ،‬يف املنظمة العاملية للطريان املدين‪ ،‬من �أجل حتديد معايري عاملية‪ ،‬حول ا�ستخدامات املعطيات‬
‫اخلا�صة بامل�سافرين‪ ،‬بهدف احلماية على املعابر‪ ،‬ويف النقل اجلوي‪.‬‬
‫وقد جاءت ال�ضمانات التي تلتزم بها الواليات املتحدة الأمريكية‪ ،‬لت�أمني م�ستوى حماية مقبول يف‬
‫االحتاد الأوروبي‪ ،‬على ال�شكل التايل‪:‬‬
‫ •ح�رص البيانات التي تنقل �إىل الواليات املتحدة الأمريكية‪� ،‬ضمن ‪ 34‬فئة‪ ،‬وهي �أقل من تلك التي‬
‫جتمع وحتفظ من قبل الواليات املتحدة الأمريكية‪ ،‬عادة‪.‬‬
‫ •حظر نقل البيانات التي تعترب ح�سا�سة‪ ،‬واخلا�صة بالدين �أو ال�صحة‪ .‬ويف حال نقلها‪ ،‬يجري تنقيتها‬
‫والغا�ؤها فيما بعد‪.‬‬
‫ •ح�رص ا�ستعمال هذه البيانات ‪ ،‬ب�أهداف مكافحة الإرهاب‪ ،‬واجلرائم الكربى‪.‬‬
‫ •حمو هذه البيانات‪ ،‬بعد فرتة زمنية‪ ،‬حددت بثالث �سنوات وثالثة �أ�شهر‪ ،‬ما عدا حاالت مراجعتها‪،‬‬
‫يف �إطار حتقيقات خا�صة‪� ،‬أو مراجعتها يدويا‪.‬‬
‫ •الزام الواليات املتحدة الأمريكية‪� ،‬إعالم امل�سافرين‪ ،‬بهدف جمع هذه املعطيات ومعاجلتها‪ ،‬وبهوية‬
‫امل�س�ؤول عن املعاجلة‪.‬‬
‫ •�إقرار حق �أ�صحاب البيانات يف النفاذ اليها‪ ،‬ملراجعتها وت�صحيحها‪.‬‬
‫ •�إقرار �صالحية ال�سلطات املخت�صة يف االحتاد الأوروبي‪ ،‬م�ساعدة الأفراد‪ ،‬لتقدمي �شكوى �أمام‬
‫ال�سلطات الأمريكية‪.‬‬
‫ •منع فرز املعلومات‪ ،‬من قبل ال�سلطات الأمريكية‪ ،‬اال وفقا لكل حالة على حدة‪ ،‬ولأهداف متفق‬
‫عليها‪.‬‬
‫ •حظر نقل البيانات‪� ،‬إىل جهات �أمريكية‪� ،‬أو هيئات �أخرى‪ ،‬وطنية �أو �أجنبية‪ ،‬اال بعد ابالغ �سلطة‬
‫خمت�صة‪ ،‬يعينها االحتاد الأوروبي‪.‬‬
‫ •و�ضع تقرير �سنوي‪ ،‬من قبل الهيئات املخت�صة‪ ،‬على امل�ستوى الأوروبي‪ ،‬حول مدى احرتام‬
‫الواليات املتحدة الأمريكية اللتزاماتها‪.‬‬
‫وميكن للهيئات املكلفة حماية البيانات ال�شخ�صية‪ ،‬ممار�سة �صالحيتها‪ ،‬يف وقف انتقال البيانات �إىل‬
‫وزارة الداخلية الأمريكية‪ ،‬بهدف حماية الأ�شخا�ص‪ ،‬من معاجلة هذه البيانات‪ ،‬بطريقة خمالفة‪ ،‬ملا جاء‬
‫يف االتفاق مع االحتاد الأوروبي‪.‬‬
‫يف العام ‪ ،2012‬وقع االحتاد الأوروبي والواليات املتحدة الأمريكية‪ ،‬اتفاقا �آخرا‪ ،‬حول نقل بيانات‬
‫امل�سافرين‪ ،‬يق�ضي مبا يلي‪:‬‬
‫ •م�شاركة ملفات بيانات امل�سافرين‪ ،‬والتحليالت اخلا�صة بها‪ ،‬مع الهيئات الق�ضائية يف االحتاد‬
‫الأوروبي‪ ،‬ملكافحة اجلرائم العابرة للحدود‪ ،‬والإرهاب‪ ،‬وتفعيل املالحقات‬
‫�صفحة رقم ‪126‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫•التزام الواليات املتحدة الأمريكية‪ ،‬ا�ستخدام هذه البيانات يف مكافحة الإرهاب‪ ،‬واجلرائم اخلطرية‪،‬‬ ‫ ‬
‫مثل تهريب املخدرات‪ ،‬والرقيق‪ ،‬واجلرائم التي ت�صل عقوبتها الدنيا‪� ،‬إىل ثالث �سنوات حب�س‪.‬‬
‫•حتديد مدة االحتفاظ بهذه البيانات ب ‪� 10‬سنوات‪ ،‬على ان يبقى الرجوع �إليها ممكنا ملدة ‪15‬‬ ‫ ‬
‫�سنة‪ ،‬لق�ضايا تتعلق مبكافحة الإرهاب‪ ،‬وعلى ان تتم معاجلة البيانات‪ ،‬بطريقة متنع التعرف على‬
‫ا�صحابها‪ ،‬بعد مرور ‪� 6‬أ�شهر من تلقي ال�سلطات الأمريكية لها‪ ،‬ونقلها �إىل قاعدة معلومات غري‬
‫مو�ضوعة يف اخلدمة‪ ،‬بعد مرور ‪� 5‬سنوات‪ ،‬وحيث ال ميكن للم�س�ؤولني الأمريكيني الو�صول اليها‪،‬‬
‫اال �ضمن �رشوط معينة‪.‬‬
‫•تعيني م�س�ؤول عن حماية البيانات ال�شخ�صية‪ ،‬يف وزارة الداخلية الأمريكية‪ ،‬يقدم تقارير حول‬ ‫ ‬
‫املو�ضوع �إىل الكونغر�س‪ ،‬ويتابع ق�ضايا احلماية مع الهيئات امل�س�ؤولة‪ ،‬يف االحتاد الأوروبي‪،‬‬
‫كما يتابع ال�شكاوى‪ ،‬التي تقدم بها مواطنون‪ ،‬اعتربوا ان الواليات املتحدة‪ ،‬ال تلتزم احرتام‬
‫خ�صو�صيتهم‪.‬‬
‫•اتاحة االمكانية �أمام املواطنني الأوروبيني‪ ،‬لالعرتا�ض على حفظ البيانات‪ ،‬وتقدمي ال�شكاوى‬ ‫ ‬
‫االدارية والق�ضائية‪ ،‬وت�صحيح البيانات‪ ،‬واملطالبة مبحوها‪.‬‬
‫•التزام الناقل‪� ،‬إعالم امل�سافرين‪ ،‬ب�أهداف وكيفية ا�ستخدام بياناتهم‪ ،‬و�آليات ممار�سة حقوقهم‪.‬‬ ‫ ‬
‫•منع حتديد اطياف امل�سافرين‪ ،‬على �أ�سا�س معاجلة �آلية‪ ،‬ومنع املالحقة على هذا الأ�سا�س‪.‬‬ ‫ ‬
‫•ا�ستخدام حمدد للبيانات احل�سا�سة‪ ،‬مع التزام تطبيقات متنع معاجلة البيانات احل�سا�سة‪.‬‬ ‫ ‬
‫•و�ضع �آليات ادارية‪ ،‬وا�صول تقنية‪ ،‬ت�ضمن �أمن البيانات‪� ،‬ضد التلف واملحو والتالعب‪ ،‬وغري ذلك‬ ‫ ‬
‫من �أخطار‪ .‬ويفرت�ض يف هذا املجال‪ ،‬ت�شفري البيانات‪.‬‬

‫ب‪ -‬ت�آكل احلق يف اخل�صو�صية‬


‫_ الرقابة ومتطلبات الثقة‬
‫بعد ان حتولت االنرتنت‪� ،‬إىل م�ساحة مفتوحة لتبادل املعلومات‪ ،‬والو�صول �إىل اخلدمات‪ ،‬وتو�سيع �أفق‬
‫الفرد الفكرية‪ ،‬واالجتماعية‪ ،‬واالقت�صادية‪ ،‬واملعرفية‪ ،‬ر�أت الدول املختلفة‪ ،‬بوادر تهديدات مبا�رشة‬
‫المنها القومي‪ ،‬وبد�أت باالعتماد على تقنيات املعلومات واالت�صاالت‪ ،‬وعلى االنرتنت وكل ما يت�صل‬
‫بها من اجهزة‪ ،‬ملمار�سة رقابتها‪� ،‬سواء بطريقة �رشعية تن�سجم مع دورها يف حفظ الأمن‪� ،‬أو بطريقة غري‬
‫�رشعية تعار�ض ال�رشع الدولية حلقوق الإن�سان وحرياته‪ ،‬كما ملختلف الإعالنات التي اقرت‪ ،‬حرية‬
‫االنرتنت‪ ،‬وحرية تبادل املعلومات‪ ،‬واحلق يف الو�صول �إىل املعرفة‪ .‬فعمد العديد من احلكومات‪� ،‬إىل‬
‫�سيا�سات قمعية تبلورت يف �سيا�سات حجب املواقع‪ ،‬وجمع البيانات ذات الطابع ال�شخ�صي‪ ،‬والتنقيب‬
‫يف البيانات للتحري عن الأ�شخا�ص واال�رسار‪ ،‬ومالحقة املدونني‪� ،‬أو م�ستخدمي ال�شبكات االجتماعية‪،‬‬
‫دون اعتبار حلقوق الإن�سان‪ .‬ويف هذه املمار�سات غري ال�رشعية‪ ،‬جينات م�شابهة لتلك املوجودة‪ ،‬يف‬
‫اجلرمية‪ ،‬واالعتداءات ال�سيربانية‪ ،‬كونها تزعزع الثقة يف الف�ضاء ال�سيرباين‪ ،‬ومتنع حركة التدفق احلر‬
‫للمعلومات‪ ،‬وتعيق ممار�سة احلريات واحلقوق‪.‬‬
‫�صفحة رقم ‪127‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫وغني عن القول‪ ،‬ما لهذا من ت�أثري �سلبي‪ ،‬حيث ت�ؤدي هذه املمار�سات‪� ،‬إىل عزل الفرد عن عامل املعرفة‪،‬‬
‫وت�ؤثر يف تكوينه الفكري‪ ،‬عندما تقدم له �صورة مغلوطة �أو غري مكتملة عن العامل‪ ،‬عدا عن انها ت�ساهم‬
‫يف منع تقدم املجتمع ككل‪.‬‬
‫مما ال �شك فيه‪ ،‬انه ال اعرتا�ض على حق الدولة يف ممار�سة الرقابة على املحتوى‪ ،‬يف الف�ضاء ال�سيرباين‪،‬‬
‫انطالقا من واجبها‪ ،‬يف حفظ الأمن والنظام العام‪ ،‬ك�أن تالحق اجلرمية ال�سيربانية‪ ،‬واالعتداءات على‬
‫حقوق امللكية الفكرية‪ ،‬واحل�ض على خمالفة القانون‪ ،‬وكل عمل من �ش�أنه اال�ساءة �إىل املجتمع‪ ،‬و�إىل‬
‫�سيادة الدولة‪ .‬اال ان دورها هذا‪ ،‬ال يجوز ان يتحول �إىل دور قمعي‪ ،‬مينع حرية التعبري‪ ،‬وحرية تبادل‬
‫املعلومات‪ ،‬النه يتعار�ض ب�شكل �أ�سا�سي‪ ،‬مع مبادئ ومتطلبات الثقة والأمن يف الف�ضاء ال�سيرباين‪ ،‬والتي‬
‫تقوم على‪:‬‬
‫ •حرية دفق املعلومات‪ ،‬دون اي حد منها‪ ،‬اال لأ�سباب قانونية‪ ،‬وبح�سب ما تقره القوانني الدولية‪،‬‬
‫والت�رشيعات‪.‬‬
‫ •احرتام القواعد القانونية اخلا�صة با�صول التحقيق‪ ،‬والتجرمي‪ ،‬واملالحقة‪ ،‬مبا ين�سجم مع احرتام‬
‫القوانني اخلا�صة بحقوق الإن�سان وحرياته‪.‬‬
‫ •دعم اجلهود الدولية يف مكافحة اجلرمية ال�سيربانية‪.‬‬
‫ •احلر�ص على منع االعتداء على امل�ستخدمني‪ ،‬وا�ستغاللهم‪ ،‬والتعدي عليهم‪.‬‬
‫ •احرتام اخل�صو�صية واحلريات‪ ،‬يف كل التطبيقات اخلا�صة ب�أمن ال�شبكات واالت�صاالت‪.‬‬
‫لكن الواقع‪ ،‬وبرغم املبادئ والإعالنات‪ ،‬يبقى مغايرا‪ ،‬و�شديد اخلطورة‪ ،‬حيث تتكاثر وتتكثف الرقابة‪،‬‬
‫كما ونوعا‪ ،‬لت�صبح �شاملة‪ .‬فمع تطور امكانات تقنيات املعلومات واالت�صاالت‪ ،‬وتنوعها‪ ،‬وتو�سع‬
‫االتكال عليها‪ ،‬يف تدبري �ش�ؤون احلياة اليومية‪ ،‬وانت�شار �شبكات التوا�صل االجتماعي‪ ،‬تزداد امكانات‬
‫الر�صد‪ ،‬والتتبع‪ ،‬والتن�صت‪ ،‬وجتميع املعلومات‪ ،‬ومعاجلتها‪.‬‬

‫_ الرقابة ال�شاملة‬
‫حتتل �أخبار انتهاك احلق يف اخل�صو�صية واحلريات املدنية‪ ،‬وحرية التعبري على االنرتنت‪ ،‬ال�صفحات الأوىل‪،‬‬
‫يف و�سائل الإعالم‪ .‬فمن ويكيليك�س[‪� ،[[24‬إىل تامبورا[‪ [[24‬يف بريطانيا‪� ،‬إىل �سنودين[‪ [[25‬وبري�سم[‪[[25‬يف‬
‫الواليات املتحدة الأمريكية‪� ،‬إىل برامج اال�ستخبارات يف كندا[‪� ،[[25‬إىل ت�شديد الرقابة على االنرتنت يف‬

‫‪[248] https://wikileaks.org/‬‬
‫‪[249] Tempora, is a clandestine security electronic surveillance program tested in 2008,[2] established in 2011 and operated by‬‬
‫‪the British Government Communications Headquarters (GCHQ). Tempora uses intercepts on the fibre-optic cables that make‬‬
‫‪up the backbone of the internet to gain access to large amounts of internet users’ personal data. http://en.wikipedia.org/wiki/‬‬
‫‪Tempora‬‬
‫‪[250] http://edition.cnn.com/2013/09/11/us/edward-snowden-fast-facts/‬‬
‫‪En juin 2013, l’informaticien de la National Security Agency (NSA) américaine, Edward Snowden, révélait l’existence de‬‬
‫‪programmes de surveillance. Le plus connu, nommé PRISM, permet au gouvernement américain d’accéder directement aux‬‬
‫‪serveurs de neuf compagnies : Microsoft, Yahoo, Google, Facebook, PalTalk, YouTube, Skype, AOL, Apple. La NSA aurait ainsi,‬‬
‫‪en mars 2013, récupéré 97 milliards d’informations. http://www.la-croix.com/Actualite/Monde/Pourquoi-il-faut-reformer-‬‬
‫‪Internet-2014-04-23-1140281‬‬
‫‪[251] Special source operation system legally immunized private companies that cooperate voluntarily with U.S. intelligence‬‬
‫‪collection.‬‬
‫‪[252] Attention fliers: Canada’s electronic spy agency is following you - new Snowden leaks.http://rt.com/news/canada-‬‬
‫‪snowden-spying-nsa-airport-442/‬‬
‫�صفحة رقم ‪128‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫فنزويال[‪ ،[[25‬و�سورم ‪ 2‬و�سورم ‪ 3‬وال�سجل الواحد يف رو�سيا[‪ ،[[25‬واتخاذ �إجراءات ت�ضمن حتديد هوية‬
‫الأ�شخا�ص[‪ ،[[25‬وحجب مواقع التوا�صل االجتماعي‪ ،‬واجلدار العظيم يف ال�صني[‪ ،[[25‬ت�أكيد على اهمية‬
‫البيانات ال�شخ�صية‪ ،‬و�رضورة حمايتها‪ ،‬ملنع ا�ستغاللها يف اال�ساءة �إىل حقوق الأفراد‪ ،‬ويف الو�صول �إىل‬
‫م�ستخدمي و�سائل االت�صاالت‪ ،‬دون وجه حق‪.‬‬
‫وكانت ت�رصيحات �سنودين‪ ،‬وك�شف عمليات جت�س�س الواليات املتحدة الأمريكية‪ ،‬على الدبلوما�سيني‪،‬‬
‫وال�سيا�سيني‪ ،‬واملواطنني‪ ،‬كما االجانب‪ ،‬قد �أثارت موجة من اال�ستياء حول العامل‪� ،‬أدت فيما �أدت ‪� ،‬إىل‬
‫قيام الرئي�سة الربازيلية بالدعوة لعقد قمة دولية حول م�ستقبل االنرتنت‪ ،‬تناق�ش فيها‪ ،‬ب�شكل �أ�سا�سي‪،‬‬
‫حقوق الدول املختلفة يف �سيا�سة �إدارة االنرتنت‪ ،‬وحماية احلقوق‪ ،‬ال�سيما احلق يف اخل�صو�صية‪،‬‬
‫وحماية البيانات ال�شخ�صية[‪.[[25‬‬
‫فمع دفق املعلومات‪ ،‬وت�صاعد ا�ستخدام الهواتف اخلليوية‪ ،‬وت�ضخم امكانات االت�صال‪ ،‬يتحول كل فرد‬
‫منا‪� ،‬إىل القط عند �أجهزة اال�ستخبارات الدولية[‪ ،[[25‬اذ تتطور �سبل الرقابة‪ ،‬وو�سائل جمع املعلومات‪،‬‬
‫و�أ�ساليب ر�صدها‪ ،‬ومعاجلتها‪ ،‬وا�ستثمارها‪ ،‬وحتليلها‪ ،‬والتنقيب عنها‪.‬‬
‫وبالفعل‪ ،‬يعترب الف�ضاء ال�سيرباين‪ ،‬مر�آة للف�ضاء املادي‪ ،‬الذي تعودنا ان نتحرك خالله‪ .‬لذا‪ ،‬كان من‬
‫الطبيعي‪ ،‬ان حتاول الأجهزة احلكومية املختلفة‪ ،‬التعامل مع البيانات ال�شخ�صية واملعلومات‪ ،‬من‬
‫منطلق �رضورة الرقابة وال�سيطرة‪ .‬وقد تطورت هذه املحاوالت‪ ،‬ب�شكل دراماتيكي‪ ،‬وازدادت حدة‬
‫الرقابة على البيانات واالت�صاالت ال�شخ�صية‪ ،‬بعد احداث احلادي ع�رش من �أيلول يف الواليات املتحدة‬
‫الأمريكية‪ ،‬حيث ارتبطت هذه الرقابة‪ ،‬بحجة مكافحة الإرهاب‪ ،‬واحلرب عليه‪ .‬وت�ستخدم العديد‬
‫من الدول‪ ،‬برامج رقابة متطورة‪ ،‬كما �أ�سلفنا‪ ،‬كما تلج أ� معظم �رشكات االت�صال الكربى‪� ،‬إىل ت�سليم‬
‫البيانات واملعلومات‪� ،‬إىل ادارات وطنية �أمنية‪.‬‬
‫وت�ستفيد هذه الأخرية‪ ،‬من مقارنة البيانات التي ت�سلم اليها‪ ،‬مبا جمعته من بيانات ولوائح‪ ،‬ومن تعقب‬
‫الأفراد عرب تطبيقات حتديد املواقع‪ ،‬والو�صول �إىل لوائح ا�صدقائهم‪ ،‬و�أفراد عائلتهم‪ ،‬وبيانات ات�صاالتهم‬
‫على الهاتف الذكي‪ ،‬والبيانات اجلغرافية املوجودة‪ ،‬على ال�صور التي يتبادلونها على مواقع التوا�صل‬
‫االجتماعي‪ ،‬عرب هواتفهم‪ ،‬وبريدهم الإلكرتوين‪ .‬وكانت اجهزة اال�ستخبارات الربيطانية‪ ،‬قد ا�شارت‬
‫يف م�ستندات �رسية‪� ،‬إىل ان القدرة على التج�س�س‪ ،‬موجودة يف برامج االلعاب الأكرث انت�شارا‪ ،‬ال�سيما‬
‫عندما ت�سمح بتحديد موقع ال�شخ�ص‪ ،‬وعمره‪ ،‬ومكانه‪ ،‬وجن�سه‪ ،‬وغري ذلك من بياناته ال�شخ�صية[‪.[[25‬‬
‫‪[253] Venezuelan Government Expands Internet Censorship- http://mashable.com/2014/02/20/venezuela-social-media/‬‬
‫‪[254] In Ex-Soviet States, Russian Spy Tech Still Watches You-By Andrei Soldatov and Irina Borogan- 12.21.12- 6:30 AM.‬‬
‫‪http://www.wired.com/dangerroom/2012/12/russias-hand/all/‬‬
‫‪[255] China orders real name register for online video uploads. http://www.reuters.com/article/2014/01/21/us-china-internet-‬‬
‫‪idUSBREA0K04T20140121‬‬
‫‪[256] King, Gary, Jennifer Pan, and Margaret Roberts. 2014. Reverse Engineering Chinese Censorship through Randomized‬‬
‫‪Experimentation and Participant Observation. Copy at http://j.mp/16Nvzgehttp://gking.harvard.edu/publications/‬‬
‫‪randomized-experimental-study-censorship-china‬‬
‫‪[257] -Pourquoi il faut réformer Internet.‬‬
‫‪http://www.la-croix.com/Actualite/Monde/Pourquoi-il-faut-reformer-Internet-2014-04-23-1140281‬‬
‫‪[258] We are “somehow becoming a sensor for the world intelligence community” - Philippe Langlois- founder of the Paris-based‬‬
‫‪company Priority One Security, on agencies’ ability to harvest personal data from users of smartphones. http://www.nytimes.‬‬
‫‪com/2014/01/28/pageoneplus/quotation-of-the-day-for-tuesday-january-28-2014.html?_r=0‬‬
‫‪[259] Lisa Vaas on January 29, 2014- Spy agencies are slurping personal data from leaky mobile apps- http://nakedsecurity.‬‬
‫‪sophos.com/2014/01/29/spy-agencies-are-slurping-personal-data-from-leaky-mobile-apps/- consulted on 30/1/2014‬‬
‫‪- A secret British intelligence document, from 2012, said that spies can scrub smart phone apps to collect details, like a user’s‬‬
‫‪“political alignment”, and sexual orientation.‬‬
‫�صفحة رقم ‪129‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫وغني عن القول‪ ،‬ما ميثله هذا الواقع‪ ،‬من تهديد جدي للحياة اخلا�صة‪ ،‬ومن خاللها للحريات املدنية‬
‫واحلقوق ال�شخ�صية االخرى‪ ،‬التي تعترب �أ�سا�سية يف ار�ساء قواعد الدميقراطية‪ ،‬واحلكومة الر�شيدة [‪.[[26‬‬
‫ففي الأنظمة الدميقراطية‪ ،‬ومنها النظام اللبناين‪ ،‬ان حكم القانون‪ ،‬وحرية التعبري‪ ،‬واملجتمع املدين‪،‬‬
‫تعزز حماية احلريات‪ ،‬يف مواجهة ممار�سات الأنظمة اال�ستبدادية‪ :‬ا�ساءة ا�ستخدام ال�سلطة‪ ،‬والتع�سف‬
‫يف ا�ستخدام احلق‪ ،‬وغياب املحا�سبة‪ ،‬واالعتقال غري القانوين‪.‬‬
‫وعليه‪ ،‬ان الرقابة ال�شاملة ‪ ،Mass Surveillance‬والتحكم بو�سائل االت�صاالت املختلفة‪ ،‬وجمع‬
‫البيانات عنها‪ ،‬لتعقب الأفراد وامل�ؤ�س�سات‪ ،‬تهدد احلريات‪ ،‬بدء من حرية املعتقد‪ ،‬والر�أي والتعبري‪،‬‬
‫و�صوال �إىل حرية ممار�سة الن�شاط ال�سيا�سي واالجتماعي‪ ،‬مبا يهدد الثقة وي�ؤثر االقت�صاد ومنوه[‪،[[26‬‬
‫ويقو�ض ا�س�س النظام الدميقراطي[‪.[[26‬‬
‫وقد ر�أى الق�ضاء الأمريكي‪ ،‬ان هذه الرقابة ال�شاملة‪ ،‬ت�شكل تعديا �رصيحا على احلريات‪ .‬ففي ق�ضية‬
‫مرفوعة من االحتاد الأمريكي للحريات املدنية‪� ،‬ضد عدد من الأجهزة الأمنية واال�ستخباراتية‪ ،‬ووزير‬
‫الدفاع‪ ،‬على خلفية التن�صت على املواطنني الأمريكيني‪ ،‬وجمع بيانات ات�صاالتهم وبياناتهم ال�شخ�صية‪،‬‬
‫اعتربت حمكمة يف نيويورك‪ ،‬ان هذا العمل‪ ،‬يخرج عن ال�صالحيات املعطاة لهذه الهيئات‪ ،‬يف �إطار‬
‫مهمتها حلفظ الأمن القومي‪ ،‬ويخالف التعديلني الأول والثاين من الد�ستور‪ ،‬اللذين يقران حرية التعبري‪،‬‬
‫وحق ال�شخ�ص يف عدم انتهاك حرمة م�سكنه‪ ،‬دون وجه حق[‪.[[26‬‬

‫_ حتالف اخلم�س عيون‬


‫على �أثر احلرب العاملية الثانية‪ ،‬ويف رد على حتديات تثبيت الأمن‪ ،‬عمد عدد من الدول‪� ،‬إىل �إن�شاء‬
‫حتالف ا�ستخباراتي‪ ،‬عرف ب “حتالف اخلم�س عيون”‪ ،‬و�أعلن عنه‪ ،‬ك�رشعة “عدم جت�س�س”[‪ [[26‬بني‬
‫الدول املتعاقدة‪ .‬ويت�ألف هذا التحالف‪ ،‬من الوكالة الوطنية للأمن يف الواليات املتحدة الأمريكية‪،‬‬
‫وقيادة االت�صاالت يف اململكة املتحدة‪ ،‬ووزارة االت�صاالت يف كندا‪ ،‬ومكتب �أمن االت�صاالت يف يف‬
‫نيوزيلندا‪ ،‬ومديرية اال�شارات يف ا�سرتاليا‪ .‬وهو عبارة عن حتالف ا�ستخباراتي‪ ،‬يغطي برامج جت�س�س‪،‬‬
‫وتبادل معلومات‪ ،‬ذات �أبعاد عاملية‪ ،‬حيث يطاول معظم �أنظمة االت�صاالت يف العامل‪ .‬بد أ� هذا التحالف‬

‫‪[260] “The right to privacy, the right to access to information and freedom of expression are closely linked. The public has the‬‬
‫‪democratic right to take part in the public affairs and this right cannot be effectively exercised by solely relying on authorized‬‬
‫‪information.” Ms. Pillay- UN High Commissioner for Human Rightshttp://www.un.org/apps/news/story.asp?NewsID=46780‬‬
‫‪&Cr=privacy&Cr1=#.UwCw6ThWHZY‬‬
‫‪[261] The NSA overreach poses a serious threat to our economy. http://www.theguardian.com/commentisfree/2013/nov/20/‬‬
‫‪jim-sensenbrenner-nsa-overreach-hurts-business‬‬
‫‪[262] UNGA- 16 May 2011 A/HRC/17/27- Human Rights Council- Seventeenth session- Agenda item 3 - Promotion and‬‬
‫‪protection of all human rights, civil, political, economic, social and cultural rights, including the right to development “The‬‬
‫‪growing use and sophistication of digital surveillance has outstripped the ability of societies to legislate their proper use, leading‬‬
‫”‪to “ad hoc practices that are beyond the supervision of any independent authority,” and that threaten to repress free expression‬‬
‫‪[263] United states district court southern district of New York. 13 Civ. 3994- June 11 2013- https://www.aclu.org/files/assets/‬‬
‫‪nsa_phone_spying_complaint.pdf‬‬
‫‪[264] No Spy Act‬‬
130 ‫�صفحة رقم‬
)1( ‫ هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث‬:‫ال�سيربانية‬

‫ ن�سبة �إىل �أ�سماء‬،”UKUSA”[[26[ ‫ عرفت ب‬،‫ وو�ضع عددا من اتفاقات التعاون‬،1946 ‫عمله يف العام‬
.‫الدول التي اقرته‬
‫ حيث‬،‫ العالقة الوثيقة بني �أع�ضاء هذا التحالف‬،2013 ‫ يف العام‬،‫وقد �أبرزت ت�رصيحات �سنودين‬
‫ ويتميز التعاون‬.‫ التي ميكن تبادلها بني هذه الدول‬،‫ على معظم الوثائق ال�رسية‬،‫و�ضعت رموز خا�صة به‬
،‫ ولعل املثال االو�ضح‬.‫ م�صدر الوثيقة‬،‫ متييز البلد‬،‫ ي�صعب معها‬،‫ بني اع�ضائه‬،‫بدرجة عالية من التن�سيق‬
‫ الذي ك�شف �سنودين عن‬،Tempora[[26[ ،‫ هو برنامج التن�صت والر�صد‬،‫على عمق هذا التن�سيق‬
‫ التي جتمع عرب‬،‫ على عزل معظم االت�صاالت‬،2011 ‫ منذ العام‬،‫ ويعمل هذا الربنامج‬.[[26[‫وجوده‬
.[[26[‫ ملعاجلتها فيما بعد‬،‫ اي الكابالت الب�رصية‬،‫ع�صب االنرتنت‬
‫ مبعرفة من ال�رشكات مالكة‬،‫ واما خارجها‬،‫ فموجودة اما يف اململكة املتحدة‬،‫�أما مراكز التن�صت‬
،‫ على حتليل البيانات املجموعة‬،‫ وتعمل �أجهزة اال�ستخبارات الأمريكية والربيطانية معا‬.‫الكابالت‬
‫ عددا من‬،‫ وقد و�ضع كل من الأجهزة‬.‫ ومواقع االنرتنت‬،‫ والأجهزة الذكية‬،‫من االت�صاالت الهاتفية‬
‫ يف ما يعزل من‬،‫ وترتكز عملية التنقيب عن البيانات‬.‫ التي يتم البحث من خاللها‬،‫الكلمات املفاتيح‬
‫ ي�سمح بتفتي�ش كم هائل‬،‫ وهو �إطار حتليلي‬،[[26[XKEYSCORE ‫ على برنامج �أ�سا�سي هو‬،‫ات�صاالت‬
،‫ على �سبعمائة قاعدة معلومات‬،‫ يف مئة وخم�سني موقعا عامليا‬،‫من بيانات جمعت على مدى ثالثة ايام‬
.‫ من خالل عملية واحدة‬،‫وذلك‬
،‫ وعناوين االنرتنت‬،‫ �أ�سماء امللفات‬،‫ �إ�ضافة �إىل عناوين الربيد الإلكرتوين‬،‫ويوثق هذا الربنامج‬
‫ التي‬،Metadata ‫ والبيانات الو�صفية‬،‫ وارقام الهواتف‬،‫ والأ�سماء يف لوائح اال�صدقاء‬،‫والكعكات‬
‫ �أ�سهل‬،‫ ي�ؤمن �أمن هذا الربنامج‬.‫ وتطبيقات الهواتف الذكية‬،‫ت�سجل من عمليات ت�صفح االنرتنت‬
‫ من خالل عنوان بريد‬،‫ حول اي كان يف العامل‬،‫ �إىل جمع بيانات ومعلومات خا�صة‬،‫الطرق و�أ�رسعها‬
‫ ال مكننا ت�صور �سيناريو اخرتاق امييل واحد‬،‫ يف بريد كل �شخ�ص‬،‫ و�إذا تخيلنا الئحة العناوين‬.‫�إلكرتوين‬
،‫ وكان يكفي‬.‫ التي متار�سها هذه الأجهزة‬،‫ لنعرف حجم االنفال�ش الع�شوائي للرقابة‬،‫واحل�صول عليها‬
،‫ حتى يدخل من خالله �إىل بيانات �صاحبه‬،‫ عنوان بريدي‬،‫ ان يكون لديه‬،‫بح�سب ت�رصيحات �سنودين‬

[265] https://en.wikipedia.org/wiki/UKUSA_Agreement - The United Kingdom – United States of America Agreement


(UKUSA, /jukus/ ew-koo-sah)[1][2] is a multilateral agreement for cooperation in signals intelligence between Australia,Canada,
New Zealand, the United Kingdom and the United States. The alliance of intelligence operations is also known as the Five Eyes.
[ In classification markings this is abbreviated as FVEY, with the individual countries being abbreviated as AUS, CAN, NZL,
GBR and USA respectively.
Emerging from an informal agreement related to the 1941 Atlantic Charter, the secret treaty was renewed with the passage of the
1943 BRUSA Agreement, before being officially enacted on 5 March 1946 by the United Kingdom and the United States. In the
following years, it was extended to encompass Canada, Australia and New Zealand. Other countries, known as «third parties»,
such as West Germany, the Philippines and several Nordic countries also joined the UKUSA community.
[266] Tempora is the codeword for a formerly secret computer system that is used by the British Government Communications
Headquarters(GCHQ).
[267] GCHQ taps fibre-optic cables for secret access to world›s communications- «The existence of the programme has been
disclosed in documents shown to the Guardian by the NSA whistle blower Edward Snowden as part of his attempt to expose what
he has called «the largest programme of suspicionless surveillance in human history».
https://www.theguardian.com/uk/2013/jun/21/gchq-cables-secret-world-communications-nsa
[268] GCHQ taps fibre-optic cables for secret access to world›s communications- Exclusive: British spy agency collects and stores
vast quantities of global email messages, Facebook posts, internet histories and calls, and shares them with NSA, latest documents
from Edward Snowden reveal. https://www.theguardian.com/uk/2013/jun/21/gchq-cables-secret-world-communications-nsa
[269] XKeyscore: NSA tool collects ‹nearly everything a user does on the internet›. A top secret National Security Agency program
allows analysts to search with no prior authorization through vast databases containing emails, online chats and the browsing
histories of millions of individuals, according to documents provided by whistleblower Edward Snowden. The NSA boasts
in training materials that the program, called XKeyscore, is its “widest-reaching” system for developing intelligence from the
internet. https://www.theguardian.com/world/2013/jul/31/nsa-top-secret-program-online-data
‫�صفحة رقم ‪131‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫خالل دقائق‪ ،‬ورمبا ثوان[‪.[[27‬‬


‫هذا‪ ،‬وتقوم كل وكالة يف دولة من دول التحالف‪ ،‬بجمع وحتليل جميع البيانات‪ ،‬التي متر يف ارا�ضيها‪،‬‬
‫�إ�ضافة �إىل تلك‪ ،‬التي ال متر فيها‪.‬‬
‫وقد �أظهرت الوثائق‪ ،‬كما املعلومات امل�رسبة‪ ،‬كيف ت�سلل هذا التحالف‪� ،‬إىل معظم ا�شكال االت�صاالت‬
‫احلديثة‪ ،‬عرب ممار�سات متثلت‪ ،‬يف اجبار ال�رشكات التي تعمل يف جمال تقنيات املعلومات واالت�صاالت‪،‬‬
‫على ت�سليم بيانات زبائنها‪ ،‬ويف ت�سجيل بيانات االت�صاالت‪ ،‬بني مراكز املعلومات العائدة �إىل هذه‬
‫ال�رشكات‪ ،‬والو�صول �إىل بيانات ح�سا�سة يتم تبادلها على ‪ ،[[27[SWIFT‬وهو �شبكة تتبادل عليها‬
‫امل�صارف‪ ،‬وبقية امل�ؤ�س�سات املالية‪ ،‬املعلومات املالية‪ ،‬بطريقة موثوقة‪ ،‬يف بيئة موحدة املقايي�س واملعايري‪.‬‬
‫وتعترب هذه املمار�سات‪ ،‬تهديدا مبا�رشا لأمن ال�شبكة العاملية لالت�صاالت‪ ،‬كونها ت�ضعف الثقة يف الف�ضاء‬
‫ال�سيرباين‪ ،‬ويف نظام تبادل املعلومات‪ ،‬كما يف م�صداقية برامج و�رشكات الرتميز‪ .‬ويعتمد هذا الت�سلل‪،‬‬
‫ب�شكل �أ�سا�سي‪ ،‬على اخرتاق جمال عملت هذه الدول نف�سها على حت�صينه‪ ،‬بعدد من القواعد واملقايي�س ‬
‫التقنية‪ ،‬التي ت�ضمن ترميزه ب�شكل موثوق‪.‬‬

‫_ ممار�سات غري مقوننة‬


‫مع التقنيات‪ ،‬تغري العامل‪ ،‬ومل تعد البيانات جتمع يف ملفات ورقية‪ ،‬وادراج وخزائن مقفلة‪ ،‬بل يف مراكز‬
‫غري معروفة‪ ،‬ومنت�رشة حول العامل‪ .‬و�أ�صبحت االت�صاالت من املمار�سات اليومية لكل فرد و�إدارة‪،‬‬
‫كما خرجت تفا�صيل احلياة اليومية �إىل العلن‪ ،‬عرب مواقع التوا�صل االجتماعي‪ ،‬كذلك انت�رش التعبري عن‬
‫الر�أي‪ ،‬وتبادل االفكار‪.‬‬
‫يف املقابل‪ ،‬تت�صف م�سارات االت�صاالت‪ ،‬واماكن وجود املخدمات‪ ،‬التي حتفظ البيانات‪ ،‬كما اجلهة‬
‫التي تنتقل اليها‪ ،‬باملجهولية‪ .‬فما من م�ستخدم ميكنه الإحاطة مب�سار البيانات التي ير�سلها عرب االنرتنت‪،‬‬
‫�أو عرب هاتفه‪ .‬ولكن الأكيد‪ ،‬اننا جميعا ندرك‪ ،‬ان البنية التحتية العاملية لالنرتنت واالت�صاالت‪ ،‬متر عرب‬
‫بلدان عديدة‪ ،‬وان احلو�سبة ال�سحابية‪ ،‬ت�ؤمن �إيواء البيانات‪ ،‬يف بلدان �صديقة‪� ،‬أو عدوة‪� ،‬أو حمايدة‪ ،‬ما‬
‫يعر�ضها لالخرتاق‪ ،‬وللتن�صت من قبل عدد من �أجهزة اال�ستخبارات‪.‬‬
‫اما ما ي�شكل اخلطر الأكيد‪ ،‬فهو ان دول التحالف‪ ،‬مل ت�ضع �إطارا ت�رشيعيا‪ ،‬ينظم �رشوط وحاالت عمليات‬
‫التن�صت‪ ،‬وجمع‪ ،‬وتبادل املعلومات‪� ،‬سواء عن املواطنني �أو عن املقيمني‪ ،‬التي تقوم بها �إحدى وكاالت‬
‫اال�ستخبارات‪ ،‬الع�ضو يف التحالف‪ ،‬على ار�ض دولة اخرى من دوله‪ ،‬كما ال يوجد �إطار ت�رشيعي‪ ،‬يحدد‬
‫حاالت �رشعية طلب معلومات االت�صاالت واالنرتنت‪ ،‬والربيد الإلكرتوين‪ ،‬من ال�رشكات اخلا�صة‪.‬‬
‫ومما ال �شك فيه‪ ،‬ان هذه املمار�سات‪ ،‬ت�سقط احلق يف اخل�صو�صية‪ ،‬الذي التزمت به‪ ،‬من خالل التزامها‬
‫الإعالن العاملي حلقوق الإن�سان‪ ،‬والذي ين�ص على عدم جواز التدخل االعتباطي وغري ال�رشعي‪ ،‬يف‬

‫‪[270] Indeed, training documents for XKEYSCORE repeatedly highlight how user-friendly the program is: with just a few clicks,‬‬
‫‪any analyst with access to it can conduct sweeping searches simply by entering a person’s email address, telephone number, name‬‬
‫‪or other identifying data. There is no indication in the documents reviewed that prior approval is needed for specific searches.‬‬
‫‪https://theintercept.com/2015/07/01/nsas-google-worlds-private-communications/‬‬
‫)‪[271] Society for Worldwide Interbank Financial Telecommunication (SWIFT‬‬
‫�صفحة رقم ‪132‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫خ�صو�صية الفرد‪� ،‬أو �ش�ؤونه العائلية‪� ،‬أو مرا�سالته‪ ،‬كما ال يجوز االعتداء على �سمعته‪ .‬فبمقت�ضى هذه‬
‫ال�رشعة‪ ،‬يبقى احلق يف اخل�صو�صية قائما‪ ،‬ومعرتفا به‪ ،‬بغ�ض النظر عن الدول‪ ،‬وال�سيادات املختلفة‪ ،‬التي‬
‫متر بها بيانات االت�صاالت‪.‬‬
‫على خط مواز‪ ،‬تعترب الرقابة ال�شاملة‪ ،‬التي ك�شفها �سنودين‪ ،‬خمالفة للقانون الدويل‪ ،‬الذي يقر حقوق‬
‫الإن�سان‪ ،‬العتبارات عديدة‪ ،‬لي�س �أقلها انها حتدث‪ ،‬دون اي متييز‪ ،‬بني �شخ�ص م�شبوه‪ ،‬و�آخر ال غبار‬
‫على �سلوكه‪ ،‬ودون م�سوغ �رشعي‪ ،‬ودون اذن من ال�سلطات املخت�صة‪ ،‬ملعظم االت�صاالت‪ ،‬وعمليات‬
‫تبادل املعلومات‪ ،‬ودون ادراك من الأفراد الذين تطالهم الرقابة‪ ،‬الي من ا�صولها و�أبعاده‪ ،‬مبا يعني انها‬
‫تطال �أفرادا ال عالقة لهم باي من الن�شاطات‪ ،‬التي ي�سعى الأمن �إىل �ضبطها‪ ،‬وبانها تبقى بعيدة عن حق‬
‫املواطن �أو املقيم‪ ،‬يف االعرتا�ض على انتهاك حقوقه‪ ،‬التي تقرها القوانني وال�رشع الدولية‪.‬‬
‫ويف هذا‪ ،‬ما فيه من خمالفة ملبد�أ “تطبيق القاعدة القانونية”‪ ،‬يف جمتمع دميقراطي‪ ،‬وملبد�أي ال�شفافية‬
‫واملحا�سبة‪ .‬ي�ضاف �إىل ذلك‪ ،‬الت�أثري غري املبا�رش على حرية التعبري‪ ،‬نتيجة خوف م�ستخدمي االنرتنت من‬
‫الرقابة‪ ،‬ما ينتق�ص من اهمية االنرتنت‪ ،‬كو�سيلة تعبري دميقراطي‪ ،‬وتوا�صل‪ ،‬وانفتاح‪ ،‬وتطور‪ .‬هذا‪ ،‬عدا‬
‫عن اخلطر الذي ت�شكله هذه الرقابة‪ ،‬على احلق يف اخل�صو�صية‪.‬‬

‫‪ .4‬ال�شبكات االجتماعية و اخل�صو�صية‬


‫�أ‪ -‬تعريفها‬
‫ميكن تعريف ال�شبكات االجتماعية‪ ،‬على انها مواقع على الإنرتنت‪ ،‬يتوا�صل من خاللها ماليني الب�رش‪،‬‬
‫الذين جتمعهم اهتمامات �أو تخ�ص�صات معينة‪ ،‬ويتاح لأع�ضاء هذه ال�شبكات‪ ،‬م�شاركة امللفات وال�صور‪،‬‬
‫وتبادل مقاطع الفيديو‪ ،‬و�إن�شاء املدونات‪ ،‬و�إر�سال الر�سائل‪ ،‬و�إجراء املحادثات الفورية‪ .‬ويعود �سبب‬
‫و�صف هذه ال�شبكات باالجتماعية‪� ،‬أنها تتيح التوا�صل مع الأ�صدقاء وزمالء الدرا�سة‪ ،‬وتقوي الروابط بني‬
‫�أع�ضاء هذه ال�شبكات يف الف�ضاء ال�سيرباين‪ .‬وتتنوع ال�شبكات االجتماعية على االنرتنت‪ ،‬بتنوع الهدف‬
‫من ان�شائها‪ .‬فمنها املهنية‪ ،‬ومنها العلمية‪ ،‬ومنها االجتماعية‪ .‬ولكن ميكن تقدميها جميعا‪ ،‬انطالقا من‬
‫تركيبتها‪ ،‬كمجموعات من الأ�شخا�ص وامل�ؤ�س�سات �أو الهيئات‪ ،‬التي تبني فيما بينها عالقات مبا�رشة �أو‬
‫غري مبا�رشة‪ ،‬بناء على وحدة االهتمامات‪� ،‬أو الن�شاطات املهنية والثقافية‪� ،‬أو الروابط االجتماعية االخرى‪،‬‬
‫�سواء كانت �سيا�سية �أو دينية �أو عائلية‪ .‬ومن �أ�شهر ال�شبكات االجتماعية يف العامل‪ :‬في�س بوك (‪Facebook.‬‬
‫‪ ،)com‬وتويرت (‪ ،)Twitter.com‬وماي �سبي�س (‪ )myspace.com‬وغريها[‪.[[27‬‬

‫ب‪ -‬ا�ستخداماتها‬
‫وتتيح هذه ال�شبكات الع�ضائها‪ ،‬امكانية التوا�صل املبا�رش والفوري‪ ،‬فيما بينهم‪ ،‬دون اي مقابل مادي‪،‬‬
‫ودون اي تعقيدات على م�ستوى ا�صول و�رشوط الت�سجيل‪ ،‬االمر الذي ي�شجعهم على ا�ستخدامها‪،‬‬
‫للو�صول‪ ،‬لي�س �إىل اال�صدقاء واالقارب فقط‪ ،‬بل �إىل او�سع �رشيحة من م�ستخدمي االنرتنت‪.‬‬
‫‪[272] Bebo, Classmates.com, Delicious, Digg, Facebook, FriendFeed, Friendster, Hi5, Last.fm, LinkedIn, LiveJournal, MySpace,‬‬
‫‪Ning, Reddit, Slashdot, StumbleUpon, Tagged, Twitter‬‬
‫�صفحة رقم ‪133‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫كذلك‪ ،‬ميكن مل�ستخدمي هذه ال�شبكات‪� ،‬إن�شاء مدوناتهم اخلا�صة‪ ،‬حيث يناق�شون الق�ضايا التي تثري‬
‫اهتمامهم‪ ،‬وحيث ميكنهم ان يح�شدوا لدعم ر�أي ما‪� ،‬أو ملعار�ضة موقف وراي �آخر‪ .‬وغالبا ما ي�سعى‬
‫م�ستخدمو هذه ال�شبكات‪� ،‬إىل بناء �شبكة من العالقات‪� ،‬أو جمموعات‪ ،‬ين�رش اع�ضا�ؤها معلومات‬
‫�شخ�صية عن اهتماماتهم‪ ،‬وهواياتهم‪ ،‬كما عن و�ضعهم العائلي‪ ،‬واملهني‪ ،‬والأكادميي‪ ،‬وخلفياتهم‬
‫الثقافية‪ ،‬والدينية‪ ،‬وال�سيا�سية‪.‬‬
‫و�إذا كان العديد من هذه ال�شبكات‪ ،‬ي�سمح بتحديد نوع وكمية املعلومات‪ ،‬كما حلقة الأ�شخا�ص الذين‬
‫ميكنهم االطالع عليها‪ ،‬فان الو�صول �إىل هذه املعلومات‪ ،‬وا�ستغاللها باي �شكل من اال�شكال‪ ،‬يبقى‬
‫ممكنا‪ ،‬ويبقى ا�ستثمارها �أحد اهم الأهداف‪ ،‬التي تقف وراء جمعها‪ ،‬وذلك بغ�ض النظر عن اال�سباب‬
‫الكامنة وراء ذلك‪ ،‬اقت�صادية كانت‪ ،‬ام اجتماعية‪ ،‬ام �أمنية‪.‬‬
‫كذلك‪ ،‬ميكن ا�ستخدام هذه ال�شبكات‪ ،‬لأهداف مهنية بحتة‪� ،‬سواء ملتابعة وتو�سيع اجلهود والآفاق‬
‫املهنية‪� ،‬أو لتبادل الآراء حول مو�ضوع معني‪� ،‬أو لطلب امل�ساعدة من الزمالء الأكرث اطالعا وخربة‪.‬‬
‫وال يعترب الو�صول �إىل هذه ال�شبكات‪ ،‬حكرا على م�ستخدمي االنرتنت‪ ،‬ذلك انه متوافر �أي�ضا على‬
‫اجهزة االت�صال اخلليوية‪ ،‬وعلى البالكبريي‪ ،‬وغريها‪ .‬وترتك هذه ال�شبكات‪� ،‬أثرا �أ�سا�سيا يف احلياة‬
‫اليومية ملاليني الأ�شخا�ص حول العامل‪ ،‬ي�شكل ال�شباب‪� ،‬رشيحة هامة منهم‪ .‬ولعل �أهم امل�ؤ�رشات‪ ،‬على‬
‫ذلك الأثر‪ ،‬هو اهتمام رجال الأعمال‪ ،‬كما ال�رشكات‪ ،‬لي�س فقط مبا ين�رش وينفذ من درا�سات حول‬
‫م�ستخدمي االنرتنت‪ ،‬وال�شبكات‪ ،‬بل و�إ�ضافة �إىل ذلك‪ ،‬بتدريب وتعليم املهنيني‪ ،‬على كيفية التعامل‬
‫مع االنرتنت‪ ،‬ومنهجيات و�أ�ساليب �إيجاد حيثية وم�صداقية‪ ،‬تخدم تطورهم املهني‪ ،‬واملايل‪.‬‬
‫ويبقى العن�رص الأكرث اجتذابا للمن�ضمني �إىل ال�شبكات االجتماعية‪ ،‬هو التوا�صل االجتماعي‪ ،‬ما يعني‬
‫عمليا‪ ،‬تبادل كمية �أكرب‪ ،‬من املعلومات ال�شخ�صية[‪.[[27‬‬
‫من هنا‪ ،‬تعترب ال�شبكات االجتماعية يف “الف�ضاء ال�سيرباين”‪ ،‬البيئة الأخطر على احلق يف اخل�صو�صية‪،‬‬
‫كونها الأكرث ا�ستنزافا للبيانات ال�شخ�صية‪ ،‬والأكرث حتري�ضا لل�شباب على اال�ستعرا�ض‪ ،‬وعلى تو�سيع‬
‫دائرة انت�شارهم‪ ،‬كما انها املواقع التي جتتذب العدد الأكرب‪ ،‬من زائري الف�ضاء ال�سيرباين[‪.[[27‬‬
‫ولعل االعداد الهائلة‪ ،‬مل�ستخدمي هذه ال�شبكات‪ ،‬جتعلنا ننتبه �إىل حجم املعنيني با�ستقرار الف�ضاء‬
‫ال�سيرباين‪ ،‬ومبا يجري فيه‪ ،‬ومبا ميكن ان ينتج من عدم ا�ستقراره‪ .‬كذلك‪ ،‬ال بد من االنتباه �إىل الإمكانات‬
‫الوا�سعة التي يتيحها‪ ،‬وت�أثريها يف املجتمعات املختلفة‪ ،‬تبعا لطريقة ا�ستخدامها من قبل الأفراد‪ .‬وكان‬
‫البع�ض‪ ،‬قد ن�سب جناح عدد من الثورات يف املنطقة العربية‪ ،‬كما بع�ض اال�ضطرابات التي ح�صلت‪،‬‬
‫�إىل التجيي�ش واحل�شد‪ ،‬والتوا�صل‪ ،‬الذي كان يتم بني املجموعات التي تتالقى على �أهداف واحدة‪� ،‬أو‬
‫_‪[273] Sarah Perez. More Adults Than Ever on Social Networks.http://www.readwriteweb.com/archives/more_adults_than‬‬
‫‪ever_on_socia.phpIt appears that the trend of using social networking sites for professional purposes is not quite as common as‬‬
‫‪we may have thought. Although there are portions of the population both young and old that do so, it isn’t the main reason people‬‬
‫‪join social networks. It’s more common for people to go online to use the networks as they were originally intended - to socialize.‬‬
‫‪[274] http://blog.nielsen.com/nielsenwire/online_mobile/social-media-accounts-for-22-percent-of-time-online/ June 15,‬‬
‫‪2010- The popularity of social media is undeniable – three of the world’s most popular brands online are social-media related‬‬
‫‪(Facebook, YouTube and Wikipedia) and the world now spends over 110 billion minutes on social networks and blog sites. This‬‬
‫‪equates to 22 percent of all time online or one in every four and half minutes. For the first time ever, social network or blog sites‬‬
‫‪are visited by three quarters of global consumers who go online, after the numbers of people visiting these sites increased by 24%‬‬
‫‪over last year. The average visitor spends 66% more time on these sites than a year ago, almost 6 hours in April 2010 versus 3‬‬
‫‪hours, 31 minutes last year.‬‬
‫�صفحة رقم ‪134‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫التي ميكن حتريكها‪ ،‬حول ق�ضية معينة‪ .‬ولذا ميكننا و�صف االنرتنت‪ ،‬يف جانبها االيجابي‪ ،‬وو�سائل‬
‫التوا�صل االجتماعي‪ ،‬مبحركات التطور واحلرية والدميقراطية‪ .‬اذ انها تفتح الآفاق على املعرفة‪ ،‬وعلى‬
‫االت�صال بالآخر املختلف‪ ،‬وعلى التدرب على فكرة وجود �شيء خمتلف‪ .‬و�سواء اكان ذلك �صحيحا ام‬
‫ال‪ ،‬فان الأكيد هو تلك القوة‪ ،‬التي متنحها التقنيات للأفراد وللمجموعات‪ ،‬على ال�سواء‪ .‬وال تخرج‬
‫الدولة عن هذه القاعدة‪ ،‬اذ متنحها التقنيات احلديثة امكانات هائلة‪ ،‬هي االخرى للقمع [‪ ،[[27‬حيث‬
‫تتحول البنية التحتية املركزية وعالية التقنية‪ ،‬ب�سهولة فائقة‪� ،‬إىل �أداة يف يد احلكومة‪ ،‬ملمار�سة رقابتها‪.‬‬
‫ومل تقف احلكومات القمعية عاجزة‪ ،‬امام واقع �إدارة القطاع اخلا�ص‪ ،‬للجزء الأكرب من هذه البنية‪ ،‬اذ‬
‫فر�ضت �رشوطا قا�سية على ال�رشكات‪ ،‬جعلتها تذعن لطلبات احلكومة‪ .‬من هنا القول‪ ،‬بان الرقابة عملية‬
‫تتم بالتعاون بني القطاعني العام واخلا�ص‪.‬‬
‫على امل�ستوى القانوين‪ ،‬يثري ا�ستخدام ال�شبكات االجتماعية‪ ،‬عددا من امل�سائل‪ ،‬التي تدور‪ ،‬ب�شكل‬
‫�أ�سا�سي‪ ،‬حول ا�ساءة ا�ستخدام املحتوى‪ ،‬واالثبات‪ ،‬والت�شهري‪� ،‬إ�ضافة �إىل دور ايجابي لها‪ ،‬كونها ت�شكل‬
‫�أر�ضية خ�صبة‪ ،‬تتيح �إمكانات هائلة �أمام الأجهزة الأمنية‪ ،‬وال�سلطات الر�سمية‪ ،‬جلمع الأدلة‪ ،‬ومالحقة‬
‫املجرمني‪.‬‬

‫ج‪� -‬إ�شكالية املوافقة واملعاجلة‬


‫ترتكز �آلية حماية البيانات ال�شخ�صية‪ ،‬يف معظم القوانني‪ ،‬على عدد من املبادئ‪ ،‬ي�أتي يف مقدمها‪ :‬حظر‬
‫جمع املعلومات ومعاجلتها‪ ،‬اال لهدف �رشعي حمدد ومعلن‪ ،‬ال يجوز احلياد عنه‪ ،‬اال مبوافقة �صاحب‬
‫املعلومات‪.‬‬
‫وعليه‪ ،‬تطرح البيانات ال�شخ�صية على ال�شبكات االجتماعية �إ�شكالية خا�صة‪ ،‬تتمثل يف قيام �صاحب‬
‫البيانات �شخ�صيا بتحميلها على املوقع‪ ،‬وبعر�ضها على االنرتنت‪ ،‬مع موافقته على �سيا�سة‪� ،‬أو قواعد‬
‫اخل�صو�صية التي تعتمدها ال�شبكة‪� ،‬أو املوقع‪ .‬وهذا ي�ستدعي �أوال االنتباه‪� ،‬إىل �أن الغالبية العظمى من‬
‫م�ستخدمي ال�شبكات‪ ،‬ال يقر�أون االتفاقيات التي يوقعون عليها‪� ،‬أو ال يفهمونها متاما‪ .‬وبالتايل‪ ،‬فان‬
‫معاجلة املعلومات وحفظها‪ ،‬ا�ستنادا �إىل موافقة �صاحب العالقة‪ ،‬تثري ال�شكوك حول م�رشوعيتها‪ ،‬طاملا‬
‫مل يتمكن امل�ستخدم من ا�ستيعاب امكانات و�أ�ساليب و�أهداف املعاجلة‪ ،‬التي ميكنها ان تتعدد وتت�شعب‬
‫مبا يخرج عن �سيطرته‪ ،‬ورمبا عن �سيطرة املوقع نف�سه‪� .‬أما ثانيا‪ ،‬فيفرت�ض البحث‪ ،‬عن مدى امكانية‬
‫معرفة الهدف‪ ،‬الذي جتمع الجله املعلومات‪ ،‬وحتديد �رشعيته‪ ،‬و�آلية �ضبط االلتزام به‪.‬‬
‫على م�ستوى �آخر‪ ،‬وبالعودة �إىل الن�صو�ص القانونية‪ ،‬نتوقف عند غياب االحكام القانونية اخلا�صة‬
‫بحماية املعلومات ال�شخ�صية على ال�شبكات االجتماعية‪ ،‬حتى يف دول االحتاد الأوروبي‪ ،‬بالرغم من‬
‫ريادة هذه الأخرية‪ ،‬يف جمال حماية املعلومات ال�شخ�صية‪ ،‬واحلياة اخلا�صة‪ .‬فقد اهتم القانون بحماية‬
‫اخل�صو�صية‪ ،‬والبيانات ال�شخ�صية‪� ،‬ضد م�ستغليها من جمرمني‪� ،‬أو جتار‪� ،‬أو م�ستثمري معلومات‪� ،‬أو �إدارة‬
‫متيل �إىل ا�ساءة ا�ستعمال حقها‪ ،‬و�سلطتها‪ ،‬مبا يعر�ض هذه احلقوق واحلريات للمخاطر‪ .‬اال انه‪ ،‬مل يهتم‬
‫‪[275] * Social media — tool of revolution or repression? https://ethics.journalism.wisc.edu/2011/01/31/social-media-tool-of-‬‬
‫‪revolution-or-repression/‬‬
‫‪* The new media: Between revolution and repression – Net solidarity takes on censorship. https://rsf.org/en/news/new-media-‬‬
‫‪between-revolution-and-repression-net-solidarity-takes-censorship‬‬
‫�صفحة رقم ‪135‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫�أبدا بحمايتها‪� ،‬ضمن �إطار العالقات االجتماعية‪ ،‬ويف �سياق ن�رشها من قبل املعني بها‪ ،‬واغفاله تدابري‬
‫احليطة التي ي�ستدعيها احلفاظ على حقه يف اخل�صو�صية‪ ،‬و�سالمته‪.‬‬
‫يف هذا ال�سياق‪ ،‬ونتيجة االنعكا�سات ال�سلبية‪ ،‬التي ميكن ان يرتكها ا�ستغالل البيانات ال�شخ�صية بطريقة‬
‫غري �رشعية‪� ،‬أو بطريقة ترتب م�س�ؤولية على الأ�شخا�ص وال�رشكات املعنية مبعاجلتها‪ ،‬جل�أت املواقع‬
‫املختلفة‪� ،‬إىل و�ضع اتفاقية للخ�صو�صية‪ ،‬تكاد ت�صبح جزءا �أ�سا�سيا وبديهيا‪ ،‬من �أي موقع على االنرتنت‪.‬‬
‫وغالبا ما حتتوي هذه االتفاقية‪ ،‬التي يوافق عليها امل�ستخدم‪ ،‬معلومات عن و�سائل و�أ�ساليب ا�ستخدام‬
‫البيانات‪ ،‬التي حتمل على املوقع‪ .‬كما حتتوي على تفا�صيل‪ ،‬حول اجلهات التي ميكن ان ت�ستفيد منها‪� ،‬أو‬
‫تر�سل اليها‪� .‬إ�ضافة �إىل ذلك‪ ،‬ميكن ان ت�شري �إىل ا�ستخدام الكعكات‪ ،‬التي ت�ساعد على ر�صد امل�ستخدم‪.‬‬
‫اما فعالية هذه االتفاقية‪ ،‬فوقف على القوانني التي تخ�ضع لها‪ .‬والفرق �أكرث من �شا�سع‪ ،‬كما هو معلوم‪،‬‬
‫بني الأنظمة القانونية‪ ،‬التي �سيتم االحتكام اليها‪ ،‬يف حال اخلالف‪ .‬فبني النظامني الأوروبي والأمريكي‬
‫مثال‪ ،‬تختلف قواعد وا�صول حماية البيانات ال�شخ�صية‪ ،‬وامكانية الو�صول اليها‪ .‬وهذا ما دفع حمرك‬
‫البحث “غوغل”‪� ،‬إىل املطالبة ب�إيجاد معايري عاملية وا�ضحة‪ ،‬حلماية اخل�صو�صية‪.‬‬
‫اال ان الأ�سا�س يف احلماية‪ ،‬يبقى مرتكزا �إىل مدى وعي امل�ستخدم‪ ،‬وقدرته على ا�ستخدام التقنيات‬
‫اخلا�صة بحماية اخل�صو�صية‪ ،‬التي تتيحها املواقع‪ ،‬ال�سيما متى كان املبد�أ هو االنك�شاف على او�سع‬
‫جمهور ممكن‪ ،‬بينما اخفاء املعلومات‪ ،‬هو ما يجب ان يختاره امل�ستخدم‪ .‬فا�ستخدام البيانات ال�شخ�صية‪،‬‬
‫مرتبط بال�سمعة‪ ،‬والأمن‪ ،‬واخل�صو�صية‪ ،‬وبالتايل بالعديد من احلريات واحلقوق املدنية‪.‬‬
‫ومع احلو�سبة ال�سحابية‪ ،‬ميكن االطالع على املعلومات‪ ،‬من اي مكان يف العامل‪ .‬فمحركات البحث‬
‫تخ�ضع لقانون البلد‪ ،‬الذي ت�ستقر فيه‪ .‬فغوغل مثال‪ ،‬وان�سجاما مع قانون [‪ [[27‬مطبق يف الواليات املتحدة‬
‫الأمريكية‪ ،‬ال بد له‪ ،‬من ك�شف ا�سم �صاحب احل�ساب‪ ،‬وبياناته‪ ،‬و�سجل دخوله �إىل ال‪ .gmail‬ويبقى‬
‫هذا حريا باالنتباه‪ ،‬وان ترافق مع حق حمرك البحث‪ ،‬يف عدم اال�ستجابة‪ ،‬اال مبوجب مذكرة �صادرة عن‬
‫ال�سلطات الق�ضائية املخت�صة‪ ،‬يف حال طلب معلومات ا�ضافية‪� ،‬أو حقه يف طلب مذكرة تفتي�ش وحتر‪،‬‬
‫يف حال ت�ضمن الطلب‪ ،‬االطالع على حمتوى الربيد الإلكرتوين‪.‬‬
‫على م�ستوى قانوين مكمل‪ ،‬ت�شكل البيانات ال�شخ�صية يف الف�ضاء ال�سيرباين‪ ،‬هوية‪ ،‬تعود م�س�ؤولية‬
‫احلفاظ عليها �إىل مالكها‪ ،‬متاما كما تعود اليه م�س�ؤولية حماية هويته يف العامل املادي‪ ،‬وعدم ال�سماح‬
‫لآخر با�ستخدامها‪ .‬فاذا كان احلفاظ على االوراق الثبوتية‪ ،‬كبطاقة الهوية وجواز ال�سفر‪ ،‬وغريها‪ ،‬من‬
‫واجبات مالكها‪ ،‬وم�س�ؤوليته‪ ،‬فان املحافظة على البيانات ال�شخ�صية يف الف�ضاء ال�سيرباين‪ ،‬هي من‬
‫واجبات وم�س�ؤولية من تعود اليه‪ ،‬بغ�ض النظر عن مكان وجود �أو تخزين هذه املعلومات‪ .‬و�إذا كانت‬
‫�رسقة االوراق الثبوتية يف العامل املادي‪ ،‬ت�شكل خطرا على �صاحبها‪ ،‬ال�سيما ا�ستخدامها لتنفيذ �أعمال‬
‫جرمية‪ ،‬فان �رسقة البيانات ال�شخ�صية‪ ،‬ميكنها ان ت�ؤدي هي االخرى‪� ،‬إىل انتحال هوية‪ ،‬الرتكاب‬
‫اعمال جرمية‪ .‬مع الإ�شارة هنا‪� ،‬إىل الإ�شكالية االخرى‪ ،‬التي تثريها‪ ،‬مدى قدرة �صاحب البيانات‬
‫ال�شخ�صية على املحافظة عليها‪ ،‬يف بيئة عالية التقنية‪ ،‬حيث يعجز بع�ض االخت�صا�صني‪ ،‬عن حماية‬
‫�أنظمتهم املعلوماتية‪� ،‬أحيانا كثرية‪ ،‬من خطر االقتحام‪ ،‬والتالعب بالبيانات‪ .‬كما تثار هنا �إ�شكالية‬
‫‪[276] subpoena‬‬
‫�صفحة رقم ‪136‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫خا�صة تتناول �أ�سا�س امل�س�ؤولية‪ ،‬فهل هو اخلط�أ‪� ،‬أم التق�صري‪� ،‬أم االهمال؟ لالجابة على هذا ال�س�ؤال‪ ،‬ال‬
‫بد من التوقف عند وعي م�ستخدم االنرتنت للمخاطر‪ ،‬وقدرته على مواجهتها‪ ،‬كما ال بد من التوقف‪،‬‬
‫عند دور ال�سلطة‪ ،‬يف ن�رش الوعي حول هذه املخاطر‪ ،‬ويف متكني امل�ستخدمني‪ ،‬وت�أمني االطر التنظيمية‬
‫والقانونية حلمايتهم‪.‬‬

‫‪ .5‬و�سائل احلماية‬
‫تتكون و�سائل حماية البيانات ال�شخ�صية‪ ،‬بالإ�ضافة �إىل التوعية‪ ،‬من �إجراءات تقنية وقانونية‪ .‬لكننا‬
‫�سنح�رص بحثنا‪ ،‬يف هذه الو�سائل‪ ،‬على الو�سائل الت�رشيعية والتنظيمية‪ ،‬نظرا لدورها الأ�سا�سي‪ ،‬حتى يف‬
‫تقرير احلماية التقنية نف�سها‪ ،‬عندما تفر�ضها‪ ،‬وتنظم املحا�سبة عن عدم االلتزام بها‪.‬‬
‫ويتناول الت�رشيع يف جمال حماية البيانات ال�شخ�صية‪ ،‬جماالت‪ :‬احلريات واحلقوق الأ�سا�سية‪ ،‬الأمن‬
‫والعدالة‪ ،‬التقنيات والإجراءات املطلوب االلتزام بها‪ .‬ويرتبط تنظيم الفئة الأوىل من احلماية‪،‬‬
‫باال�ستخدامات اخلا�صة وباملمار�سات التجارية‪ ،‬بينما يرتبط تنظيم الفئات االخرى‪ ،‬برتتيب عالقات‬
‫الأفراد مع الدولة‪ ،‬وعالقات ادارات احلكومة فيما بينها‪ ،‬ال�سيما منها الهيئات املتخ�ص�صة يف مالحقة‬
‫املمار�سات‪ ،‬والأعمال املخالفة للقوانني‪ ،‬واملخلة بالأمن‪ .‬وهذا يعني‪ ،‬وجود قواعد من�شئة �أو مقرة‬
‫للحقوق‪ ،‬واملوجبات‪ ،‬واحلريات‪ ،‬وكيفية احلفاظ عليها‪ ،‬يف مواجهة معاجلة البيانات ال�شخ�صية‪ ،‬بطريقة‬
‫تعر�ض هذه احلقوق‪ .‬كما يعني هذا �أي�ضا‪ ،‬وجود قواعد �أخرى خا�صة‪ ،‬تلحظ احلاالت واال�ستثناءات‬
‫التي تربر معاجلتها‪ ،‬وتبادلها ونقلها‪ ،‬خارج القواعد املعمول بها للحماية‪ .‬ويطرح هذا االمر‪� ،‬رضورة‬
‫رفع التحدي‪ ،‬اخلا�ص ب�إيجاد التوازن بني احلماية‪ ،‬وحقوق وحريات اخرى‪ ،‬منها ما يتعلق بالأفراد‬
‫الآخرين يف املجتمع‪ ،‬وحرياتهم‪ ،‬مثل‪ :‬حرية التعبري‪ ،‬وحرية تبادل البيانات‪ ،‬واحلق يف الو�صول �إىل‬
‫املعلومات‪ ،‬ومنها ما يتعلق بحقوق امل�ؤ�س�سات التجارية‪ ،‬يف �إدراة هذه البيانات وجمعها‪ ،‬واالفادة‬
‫منها يف ن�شاطها االعتيادي‪ ،‬ومنها الآخر‪ ،‬ما يت�صل بواجبات الدولة يف حماية ال�سالمة العامة والأمن‬
‫القومي‪ ،‬والتي لطاملا ارتبطت‪ ،‬بجمع املعلومات‪ ،‬وتبادلها‪ ،‬والو�صول اليها‪.‬‬

‫�أ‪ -‬دليل توجيهي ومبادئ‬


‫ينطلق الت�رشيع حلماية البيانات ال�شخ�صية‪ ،‬على امل�ستوى الدويل‪ ،‬مما ميكن اعتباره‪� ،‬إطارا عامليا للحريات‬
‫ال�شخ�صية‪ ،‬وهو �رشعة حقوق الإن�سان ال�صادرة عن الأمم املتحدة ‪ ،1948‬التي اقرت يف املادة ‪12‬‬
‫“حق ال�شخ�ص بعدم التعر�ض االعتباطي خل�صو�صيته وحقه يف حفظ كرامته وحقوقه الفردية”‪ .‬ويندرج‬
‫يف هذا ال�سياق‪ ،‬االهتمام يف انحاء العامل‪ ،‬باحلفاظ على البيانات ال�شخ�صية‪ ،‬كخطوة �رضورية‪ ،‬للحفاظ‬
‫على احلق يف اخل�صو�صية[‪.[[27‬‬
‫وكانت منظمة التعاون االقت�صادي والتنمية‪ ،‬قد �أ�صدرت دليال حول حماية اخل�صو�صية‪ ،‬وتو�صية‬
‫للدول الأع�ضاء بااللتزام به‪ .‬وقد لعب هذا الدليل‪ ،‬دورا �أ�سا�سيا يف التوجهات الت�رشيعية للدول‬
‫الأوروبية‪ ،‬وت�ضمن عددا من املبادئ هي‪ :‬حمدودية عمليات جمع البيانات ‪،Collection-limitation‬‬
‫مؤمتر استوكهومل ‪ – 1967‬مؤمتر طهران ‪ 1968‬بارشاف األمم املتحدة ]‪[277‬‬
‫�صفحة رقم ‪137‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫نوعية البيانات ‪ ،Data quality‬وحتديد الهدف ‪ ،Purpose-specification‬وح�رص اال�ستخدام بالهدف‬


‫املحدد ‪ ،Use-limitation‬وت�أمني و�سائل حماية و�أمن املعلومات ‪ ،Security-Safeguards‬والعالنية‬
‫‪ ،Openness‬واحلق يف امل�شاركة وامل�ساءلة ‪.Individual Participation and Accountability‬‬
‫وتقت�رص تغطية هذا الدليل‪ ،‬على البيانات اخلا�صة بالأ�شخا�ص الطبيعيني‪ ،‬املعاجلة �آليا‪� ،‬أو يدويا‪ ،‬يف‬
‫القطاعني العام واخلا�ص‪ .‬كما تبنت الأمم املتحدة‪ ،‬عام ‪ ،1990‬من خالل هيئتها العامة‪ ،‬دليال لتنظيم‬
‫املعاجلة الآلية للبيانات ال�شخ�صية‪ ،‬ت�ضمن مبادئ الدليل‪ ،‬الذي �أ�صدرته منظمة التعاون االقت�صادي‬
‫والتنمية‪ .‬وميثل هذا الدليل‪ ،‬تو�صية للدول الأع�ضاء‪ ،‬ب�رضورة تبني ت�رشيعات تنظم معاجلة البيانات‬
‫ال�شخ�صية‪.‬‬

‫ب‪ -‬قوانني و�إر�شادات‬


‫يف العام ‪� ،1978‬صدر قانون فرن�سي حول حماية البيانات ال�شخ�صية‪ ،‬حتول �إىل �أداة عمل يف اتفاقية‬
‫املجل�س الأوروبي ال�صادرة عام ‪ .1981‬بعد ذلك‪� ،‬صدر االر�شاد الأوروبي عام ‪� ،1995‬أي بعد‬
‫�صدور توجيهات منظمة التعاون االقت�صادي والتطوير‪ ،‬عام ‪ ،1980‬وذلك‪ ،‬بهدف منع التناق�ض ‬
‫وعدم االن�سجام‪ ،‬بني القوانني الأوروبية اخلا�صة بحمايات البيانات ال�شخ�صية‪ ،‬مما ميكنه ان ي�ؤثر �سلبا‬
‫على التجارة الإلكرتونية‪ ،‬واخلدمات بني دول االحتاد‪.‬‬
‫وبالفعل‪ ،‬فقد �أر�سى هذا االر�شاد‪ ،‬مبادئ عامة وقواعد وا�ضحة‪ ،‬ميكن الركون �إليها واال�سرت�شاد بها‪،‬‬
‫ال�سيما وانه قد جاء خاليا من �أي تفا�صيل اجرائية‪ ،‬ميكن ان تعرقل عملية التطبيق‪ ،‬وم�ؤ�س�سا لإن�شاء‬
‫�سلطات وطنية للرقابة‪ .‬وكان الهم الأ�سا�س من هذا االر�شاد‪ ،‬هو احلفاظ على احلريات ال�شخ�صية‪،‬‬
‫واحرتام حقوق الإن�سان‪� ،‬ضمن البيئة اجلديدة‪ .‬وبالفعل‪ ،‬فقد �شكل ار�شاد العام ‪ ،95‬نواة احلركة‬
‫الت�رشيعية الأوروبية‪ ،‬الهادفة �إىل حماية البيانات ال�شخ�صية‪ .‬وقد �أدخل هذا االر�شاد‪ ،‬م�صطلحات‬
‫جديدة‪" ،‬كالبيانات ال�شخ�صية"‪ ،‬و"معاجلة البيانات ال�شخ�صية"‪ ،‬و"مراقب املعاجلة"‪ ،‬و"املعالج"‪،‬‬
‫و"املتلقي"‪ ،‬و"�أ�صحاب البيانات"‪ .‬واقت�رص تطبيق هذا االر�شاد‪ ،‬على معاجلة البيانات ال�شخ�صية‪ ،‬التي‬
‫جتري �ضمن االحتاد الأوروبي‪ ،‬والتي تخ�ضع لقوانينه‪ ،‬م�ستثنيا عمليات املعاجلة اخلا�صة بال�سالمة العامة‪،‬‬
‫والدفاع‪ ،‬و�أمن الدولة‪ ،‬ون�شاطات احلكومة‪ ،‬يف املجال اجلزائي‪.‬‬
‫وقد تبع هذا االر�شاد‪ ،‬ار�شادات وقرارات الحقة‪ ،‬احتفظت باملبادئ العامة‪ ،‬وا�ضافت ما يتما�شى مع‬
‫م�ستجدات املعاجلة الإلكرتونية‪ ،‬ونقل البيانات‪ ،‬ال�سيما فيما يتعلق ب�أ�ساليب املعاجلة‪ ،‬وطرق النقل‪.‬‬
‫ونورد يف هذا املجال‪ ،‬اتفاق املالذ الأمن‪ ،‬املوقع بني االحتاد الأوروبي‪ ،‬والواليات املتحدة الأمريكية‪،‬‬
‫والذي يوجب على كل �رشكة‪ ،‬راغبة يف تلقي بيانات �شخ�صية من �إحدى دول االحتاد الأوروبي‪ ،‬ان‬
‫تلتزم م�ستوى حماية مالئمة لالر�شاد رقم ‪ .EC/46/95‬كذلك االر�شاد ال�صادر‪ ،‬عام ‪،58/2002‬‬
‫واملعدل يف العام ‪ ،2008‬حول اخل�صو�صية الإلكرتونية‪ ،‬والإطار التنظيمي لعمل املجل�س للعام‬
‫‪ 977/2008‬تاريخ ‪ 27‬ت�رشين الأول ‪ -‬نوفمرب‪ ،‬حول حماية البيانات ال�شخ�صية يف جمال العمل‬
‫التعاون الق�ضائي‪ ،‬والأمني‪ .‬وينظم هذا الإطار‪ ،‬بع�ض احلقوق‪ ،‬مثل �إعالم �صاحب البيانات‪ ،‬والو�صول‬
‫�إىل البيانات املحفوظة لدى الأجهزة الأمنية املعنية باملالحقة والتحقيق‪ ،‬والتعوي�ض يف حال املعاجلة‬
‫�صفحة رقم ‪138‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫خمالفة للقانون‪ ،‬والقيود املو�ضوعة على معاجلة البيانات ال�شخ�صية‪ .‬وينح�رص مدى تطبيقه‪ ،‬على‬
‫البيانات اخلا�صة بال�ش�ؤون الأمنية والع�سكرية‪ ،‬التي يتم تبادلها بني دول االحتاد‪ ،‬دون تلك التي تتم‬
‫معاجلتها‪ ،‬على امل�ستوى الوطني‪.‬‬

‫ج‪ -‬متايز يف اجتاهات التنظيم‬


‫لكن االن�سجام الذي حتقق على امل�ستوى الأوروبي‪ ،‬وبع�ض امل�ستوى الدويل‪ ،‬ال مينع وجود اختالفات‬
‫ومتايز‪ ،‬ناجتة احيانا عن اختالف الأنظمة القانونية‪ .‬ويبدو هذا االختالف وا�ضحا‪ ،‬على م�ستوى بع�ض ‬
‫امل�سائل اخلا�صة بحماية البيانات‪ ،‬مثل‪ :‬نوعية الأ�شخا�ص املعنيني باحلماية (ال�شخ�ص الطبيعي وال�شخ�ص‬
‫املعنوي)‪ ،‬ونوعية املعاجلة املق�صودة (الآلية �أو اليدوية)‪ ،‬واجلهات املراقبة‪ ،‬و�أ�صول نقل وتبادل البيانات‪،‬‬
‫والأعمال اجلرمية‪.‬‬
‫وتتوزع اجتاهات التنظيم‪ ،‬على امل�ستوى العاملي‪ ،‬ب�شكل �أ�سا�سي‪ ،‬بني تلك التي تن�ضوي حتت لواء‬
‫الواليات املتحدة الأمريكية‪ ،‬وتلك التي تن�ضوي حتت لواء االحتاد الأوروبي‪ ،‬وتلك التي تن�ضوي حتت‬
‫لواء الأنظمة القمعية[‪� .[[27‬إال �إن اجلميع يخ�ضعه‪ ،‬ب�شكل �أو ب�آخر‪ ،‬لل�رشوط اخلا�صة التي متليها تقنيات‬
‫االنرتنت‪ ،‬وال�رشكات القائمة على تطويرها‪ ،‬مع الإ�شارة �إىل خ�ضوع ال�رشكات التجارية هي الأخرى‪،‬‬
‫�إىل االعتبارات التجارية واالقت�صادية التي ترتبط بها‪ ،‬والتي �أخ�ضعتها �إىل رغبات الأنظمة ال�سيا�سية‬
‫و�سيا�ستها اخلا�صة[‪ ،[[27‬يف جمال الرقابة على االنرتنت‪ ،‬واحلد من النفاذ �إىل املعلومات‪ ،‬وا�ستخدام‬
‫البيانات ال�شخ�صية‪.‬‬
‫ويطاول هذا االختالف‪ ،‬اجلهات التي ت�ساهم يف التنظيم‪ ،‬و�صوال �إىل �آلياته وم�ضمونه‪ .‬ففي �أوروبا‪ ،‬تخ�ضع‬
‫عملية تطوير املقايي�س املعتمدة يف تكنولوجيا ملعلومات واالت�صاالت‪� ،‬إىل جهات ر�سمية‪ ،‬بينما ي�سيطر‬
‫القطاع اخلا�ص على هذه العملية‪ ،‬يف الواليات املتحدة الأمريكية‪ .‬كذلك‪ ،‬يعك�س كل من القانونني‪:‬‬
‫الأوروبي والأمريكي‪ ،‬قيما ثقافية خمتلفة‪ ،‬عن ال�سلطة العامة‪ ،‬وال�سوق‪ ،‬وجماالت الت�رشيع والتنظيم‪.‬‬
‫ويبدو هذا االختالف الثقايف وا�ضحا[‪ ،[[28‬على م�ستوى امل�ضمون‪ ،‬كما على م�ستوى املقاربة‪ ،‬ال�سيما‬
‫يف م�س�ألة معاجلة البيانات ال�شخ�صية‪ ،‬وحماية حق الأفراد يف احلفاظ على اخل�صو�صية[‪ ،[[28‬حيث يربز‬
‫االختالف‪ ،‬بدءا من الد�ستور‪ ،‬اذ تتقدم حرية التعبري على احلق يف اخل�صو�صية‪ ،‬بح�سب الد�ستور الأمريكي‪،‬‬
‫بينما تتقدم اخل�صو�صية على هذا احلق‪ ،‬يف دول االحتاد الأوروبي‪ ،‬وحيث يتوىل الأفراد �أنف�سهم وال�رشكات‬
‫التجارية‪ ،‬يف الواليات املتحدة الأمريكية‪ ،‬م�س�ؤولية تقرير �سيا�سة احلماية ال�شخ�صية على االنرتنت‪� ،‬إىل حد‬
‫كبري‪ .‬ويعتمد يف هذا املجال‪ ،‬مبد�أ االن�ضباط الذاتي‪ .‬ويجد هذا االمر مربراته‪ ،‬يف وجود �إطار ت�رشيعي‬
‫للحماية‪ ،‬ي�شمل منع املناف�سة غري امل�رشوعة‪ ،‬ومنع االحتكار‪ ،‬وحماية امل�ستهلك‪ ،‬ومنع الغ�ش‪.‬‬
‫يف املقابل‪ ،‬تتوىل الدولة‪ ،‬اجلزء الأكرب واال�شمل من هذه املهمة‪ ،‬يف �أوروبا‪ ،‬باعتبارها �إحدى واجبات‬

‫وتأيت يف هذه الفئة عىل سبيل املثال‪ :‬الصني وبعض البالد العربية ]‪[278‬‬
‫النظام السيايس املعتمد من ‪yahoo‬و ‪microsoft‬و ‪google‬موافقة ]‪[279‬‬ ‫عىل االلتزام مبنع الوصول اىل بعض املواقع‪ ،‬بناء عىل رغبة الحكومة الصينية‪ ،‬ومبا ينسجم مع‬
‫قبل هذه االخرية‬
‫‪[280] “While the United States and the European Union share the goal of enhancing privacy protection for their citizens, the‬‬
‫‪United States takes a different approach to privacyfrom that taken by the European Union”, Safe Harbor Principles.‬‬
‫من التفسريات التي ميكن ان تساق يف هذا املجال‪ ،‬هو ميل األنظمة التي تعتمد النظام العريف اىل الرتكيز بنسبة أكرب عىل العالقة‪ ،‬بني القانون واالقتصاد واملجتمع‪[281] ،‬‬
‫بينام متيل الثانية‪ ،‬اىل الرتكيز أكرث‪ ،‬عىل العالقة ‪،‬بني القانون والسياسة واملجتمع‬
‫�صفحة رقم ‪139‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫ال�سلطة يف حماية املواطنني‪ ،‬دون ا�سقاط مبد�أ امل�شاركة يف ال�ضبط‪ ،‬والذي يعني م�ساهمة القطاعات‬
‫املعنية‪ ،‬التجارية منها واملدنية[‪ .[[28‬وتعمل هيئات االحتاد الأوروبي‪ ،‬على توجيه الدول الأع�ضاء‪� ،‬إىل‬
‫ا�صدار ت�رشيعات‪ ،‬تتالءم مع القواعد املقررة يف التو�صيات ال�صادرة عن منظماته‪ :‬كمجل�س �أوروبا‪،‬‬
‫واللجنة الأوروبية‪ ،‬واالحتاد الأوروبي‪ .‬كما يربز االجتاه الأوروبي بو�ضوح‪ ،‬نحو التنظيم الت�رشيعي‬
‫ال�شامل‪ ،‬عرب قوانني الربملان الأوروبي‪.‬‬

‫د‪ -‬اتفاق املالذ الأمن‬


‫�أبرز االختالف يف التنظيم‪ ،‬خطورته على حماية البيانات ال�شخ�صية‪ ،‬ما �أدى �إىل تهديد االحتاد‬
‫الأوروبي‪ ،‬بحظر انتقال البيانات ال�شخ�صية‪� ،‬إىل البالد التي ال ت�ؤمن معايري حماية ‪ ،‬موازية لتلك‬
‫املعمول بها‪ ،‬يف التو�صيات ال�صادرة عنه[‪ ،[[28‬وذلك ان�سجاما مع املبادئ التي تقرها هذه الأخرية‪،‬‬
‫االمر الذي نتج عنه‪ ،‬م�شاورات بني وزارة التجارة الأمريكية‪ ،‬و اللجنة الأوروبية‪ ،‬لإيجاد �آلية ت�سهل‬
‫عملية االنتقال هذه‪ ،‬فكان اتفاق املالذ الأمن‪.”safe Harbor Agreement“:‬‬
‫ي�ضم االتفاق عددا من املبادئ‪ ،‬التي ال بد من االلتزام بها‪ ،‬من قبل ال�رشكات الأمريكية‪ ،‬الراغبة يف‬
‫االفادة‪ ،‬من ا�ستمرار دفق البيانات ال�شخ�صية اليها من �أوروبا‪ .‬وتتناول هذه املبادئ‪� ،‬رضورة االلتزام‬
‫بعدد من اال�صول‪ ،‬التي ت�ضمن حلماية الأفراد‪� ،‬إطارا ت�رشيعيا معقوال‪ ،‬ميكن ان مينع االعتداء على‬
‫خ�صو�صيتهم‪ .‬ومنها‪:‬‬
‫ •موجب الإعالم‪ :‬اذ يفرت�ض بال�رشكات‪ ،‬توفري املعلومات التي تو�ضح �أهداف جمع ومعاجلة‬
‫بياناتهم ال�شخ�صية‪ ،‬وطريقة الت�رصف بها‪ ،‬ال�سيما عندما يتعلق االمر‪ ،‬بنقلها �إىل جهة ثالثة‪ .‬ويف‬
‫احلالة الأخرية‪ ،‬يجب اطالع الأفراد‪ ،‬على طبيعة اجلهة الثالثة‪ ،‬التي ميكن �أن حت�صل على هذه‬
‫املعلومات‪ ،‬مع ا�شارتها �إىل اخليارات املتاحة‪ ،‬للحد من ا�ستخدام هذه البيانات‪ ،‬ومن ك�شفها‪.‬‬
‫ي�ضاف �إىل ذلك‪ ،‬اعطا�ؤهم املعلومات‪ ،‬حول كيفية االت�صال بال�رشكة‪ ،‬لنقل �أي �س�ؤال‪� ،‬أو �شكوى‪.‬‬
‫ •حق االختيار‪ :‬اعطاء الأفراد‪ ،‬احلق يف قبول �أو رف�ض‪ ،‬ك�شف �أو نقل بياناتهم ال�شخ�صية‪� ،‬إىل جهة‬
‫ثالثة‪� ،‬أو ا�ستخدامها‪ ،‬لهدف ال يتنا�سب مع الهدف الذي جمعت لأجله‪ ،‬والذي مت على �أ�سا�سه‬
‫القبول‪.‬‬
‫ •نقل البيانات �إىل جهة ثالثة‪ :‬يف هذه احلال‪ ،‬تلتزم ال�رشكات موجب الإعالم الوا�ضح‪ ،‬كما تلتزم‬
‫ت�أمني اخليارات‪ .‬بالإ�ضافة �إىل ذلك‪ ،‬يتوجب عليها‪� ،‬أن تت�أكد من �أن التزام اجلهة الثالثة‪ ،‬اتفاق‬
‫املالذ الأمن‪� ،‬أو التو�صية الأوروبية حلماية البيانات ال�شخ�صية‪� ،‬أو �أي �سيا�سة حماية �أخرى‪ ،‬منا�سبة‬
‫حتل حمله‪ .‬كما ميكن‪� ،‬أن تتفق ال�رشكة‪ ،‬مع اجلهة الثالثة‪ ،‬على احرتام م�ستوى احلماية املطلوب‪.‬‬
‫ •حق النفاذ‪ :‬اعطاء الأفراد حق النفاذ �إىل البيانات ال�شخ�صية التي جتمع عنهم‪ ،‬لت�صحيحها‪،‬‬
‫وتعديلها‪� ،‬أو الغائها‪ ،‬حني ال تكون �صحيحة‪ .‬وميكن ال�سماح للجهة التي جتمع البيانات‪ ،‬بعدم‬
‫اعطاء هذا احلق للمعنيني بالبيانات‪ ،‬يف حال كان هذا النفاذ‪ ،‬ذا كلفة مرتفعة‪ ،‬ال تتنا�سب وحجم‬
‫‪[282] Law put to the test by information technologies. Interviews with French parliamentary Deputy Christian Paul, and Olivier‬‬
‫‪Debouzy.www.france.diplomatie.gouv.fr- on the amerrican side, the individuals active on the web intend to regulate their‬‬
‫‪activities themselves. On the French side, the concept of co-regulation is being promoted by the combined forces of business, users‬‬
‫‪and the authorities.‬‬
‫‪[283] The “safe Harbor Agreement” formula., was suggested by US Ambassador Aaron. Safe Harbor Privacy Principles issued by‬‬
‫‪the U.S. Department of Commerce on July 21, 2000‬‬
‫بحسب هذا االقرتاح‪ ،‬ميكن للرشكات األمريكية التي تتعاطى معالجة املعلومات الشخصية‪ ،‬أن تلتزم القواعد املعمول بها يف االتحاد األورويب حول حامية املعلومات الشخصية‬
‫�صفحة رقم ‪140‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫املخاطر التي يتعر�ض لها الفرد‪� ،‬أو يف حال كان نفاذه �إىل هذه البيانات‪ ،‬يتعر�ض حلق الآخرين يف‬
‫اخل�صو�صية‪.‬‬
‫ •�أمن املعلومات‪ :‬تلتزم ال�رشكات‪ ،‬موجب حماية البيانات‪ .‬ويفرت�ض بها‪ ،‬اتخاذ الإجراءات‬
‫الكفيلة‪ ،‬مبنع تعري�ضها لل�ضياع‪� ،‬أو ا�ساءة اال�ستعمال‪� ،‬أو االنك�شاف‪� ،‬أو الت�شويه‪� ،‬أو التالعب بها‪.‬‬
‫ •م�صداقية البيانات ‪ Data integrity‬يجب �أن تتنا�سب البيانات ال�شخ�صية‪ ،‬مع الأهداف التي‬
‫�ست�ستخدم لأجلها‪ .‬ويفرت�ض بال�رشكة اتخاذ اخلطوات املعقولة‪ ،‬ل�ضمان م�صداقية البيانات‪،‬‬
‫و�صحتها‪.‬‬
‫ •التطبيق‪ :‬تلتزم ال�رشكات �إيجاد �آلية‪ ،‬ت�سمح بالنظر يف �شكاوى الأفراد‪ ،‬وحل النزاعات‪ ،‬وتقرير‬
‫التعوي�ضات حيث يجب‪ ،‬ومبقت�ضى القواعد القانونية‪� .‬إىل جانب ذلك‪ ،‬يجب توفري ا�صول‬
‫خا�صة‪ ،‬ملراقبة مدى التزام ال�رشكات‪ ،‬وتنفيذها للخطوات املطلوبة‪ ،‬ك�رشط لقبول ان�ضمامها‪،‬‬
‫وفر�ض عقوبات �شديدة‪ ،‬على خمالفة هذه االلتزامات‪ ،‬كال�شطب من الئحة ال�رشكات‪ ،‬التي‬
‫ت�ستفيد من االتفاق‪ ،‬مثال‪.‬‬
‫هذا‪ ،‬ويعود قرار االن�ضمام �إىل االتفاق‪� ،‬إىل ال�رشكات نف�سها‪ ،‬التي يفرت�ض بها‪� ،‬أن تعلن التزامها بتطبيق‬
‫�رشوطه‪ ،‬وحترتم هذا االلتزام‪ .‬ويتم ذلك‪ ،‬بتوجيه ر�سالة بهذا املعنى‪� ،‬إىل وزارة التجارة الأمريكية‪ ،‬كل‬
‫عام‪ .‬وتت�ضمن الر�سالة الإعالن‪ ،‬واخليار‪ ،‬والنفاذ‪ ،‬والتطبيق[‪ .[[28‬ويفرت�ض بال�رشكة‪ ،‬التي ترغب يف‬
‫االفادة من هذا االتفاق‪� ،‬أن تعلن عن ان�ضمامها اليه‪ ،‬وذلك يف �سيا�سة احلماية التي تن�رشها على موقعها‪.‬‬
‫وي�شرتط لقبول ان�ضمام هذه ال�رشكات �إىل االتفاق‪� ،‬أن يكون لديها �سيا�سة حماية‪ ،‬خا�صة بالبيانات‬
‫ال�شخ�صية‪� ،‬سواء عرب ان�ضمامها �إىل �أحد برامج احلماية‪ ،‬امللتزم باالتفاق‪� ،‬أو عرب تطويرها لربنامج خا�ص‬
‫بها‪ ،‬يتنا�سب ومندرجات التو�صية الأوروبية‪.‬‬

‫هـ‪ -‬الإطار الت�رشيعي اللبناين‬


‫ال يوجد يف لبنان ن�ص خا�ص‪ ،‬حلماية املعلومات ال�شخ�صية‪ .‬ولكن ي�سجل له‪ ،‬انه ي�ؤمن �سندا د�ستوريا‬
‫للحقوق واحلريات الأ�سا�سية‪ ،‬التي ميكن ان مي�س بها االعتداء على احلريات الفردية‪ ،‬ويف مقدمها‪ ،‬احلق‬
‫يف اخل�صو�صية‪ .‬وتتوزع االحكام ذات العالقة‪ ،‬على الد�ستور من جهة‪ ،‬وبع�ض القوانني الو�ضعية اللبنانية‪،‬‬
‫من جهة �أخرى‪.‬‬

‫_ الد�ستور‬
‫ميكن القول‪ ،‬ان الأ�سا�س حلماية البيانات ال�شخ�صية‪ ،‬يف لبنان‪ ،‬هو د�ستوري ‪ .‬فالد�ستور اللبناين‪ ،‬يعلن‬
‫[‪[[28‬‬

‫يف مقدمته‪ ،‬عن التزام ال�رشع الدولية‪ ،‬واالتفاقات العاملية‪ ،‬اخلا�صة بحقوق الإن�سان‪ ،‬وذلك دون اي‬
‫متييز بني ابنائه‪ .‬كما يعترب احرتام احلريات العامة واحلقوق‪ ،‬من ركائز اجلمهورية الدميقراطية الربملانية‪،‬‬
‫ويف مقدمها‪ ،‬حرية املعتقد والر�أي‪ ،‬والعدالة االجتماعية وامل�ساواة‪ .‬ويبدو وا�ضحا‪ ،‬ان الد�ستور اللبناين‪،‬‬
‫يتعامل مع اخل�صو�صية ببعدها املادي‪ ،‬من خالل �إقراره حرمة املنزل‪ ،‬واحلرية ال�شخ�صية‪ ،‬واحرتام‬

‫‪[284] Includes elements such as notice, choice, access, and enforcement.‬‬


‫الدستور‪ :‬تنص املادة الرابعة عرش عىل ما ييل‪ :‬للمنزل حرمة ال يجوز ألحد الدخول اليه اال يف األحوال والطرق املبينة يف القانون ]‪[285‬‬
‫�صفحة رقم ‪141‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫امللكية‪ .‬اال انه يتعامل معها �أي�ضا ببعدها غري املادي‪ ،‬عندما يقر حرية الراي واملعتقد‪ ،‬وحرية التعبري عن‬
‫الر�أي‪ .‬علما انه ي�ضع حدودا لهذه احلريات‪ ،‬هي النظام العام والآداب‪ ،‬واحرتام حقوق الآخرين‪ .‬وقد‬
‫اقرت املادة الثامنة‪ ،‬مبد�أين �أ�سا�سيني يف حماية احلريات واحلقوق هما‪ :‬مبد�أ �رشعية اجلرائم والعقوبات‪،‬‬
‫ومبد أ� خ�ضوع الإجراءات التي مت�س باحلرية �إىل القانون‪ .‬ويعزز االحتكام �إىل القانون و�سلطته‪ ،‬مبادئ‬
‫�أخرى‪ ،‬مثل مبدا د�ستورية القوانني‪ ،‬والف�صل بني ال�سلطات‪ .‬وعليه‪ ،‬ي�صبح تدخل ال�سلطة ممكنا‪ ،‬عندما‬
‫ت�سمح بذلك الن�صو�ص القانونية‪ ،‬بهدف حماية الأمن القومي‪ ،‬وامل�صلحة العامة‪ ،‬والنظام االجتماعي‪،‬‬
‫واالقت�صادي‪ ،‬واالخالقي‪ ،‬وال�صحة العامة‪ ،‬والآداب العامة‪.‬‬
‫وميثل ذلك‪ ،‬على م�ستوى البيانات ال�شخ�صية‪� ،‬إقرارا بحق املواطن‪ ،‬يف احلفاظ على بياناته ال�شخ�صية‪،‬‬
‫مبا ي�ضمن حماية حقه يف اخل�صو�صية‪ ،‬من جهة �أوىل‪ ،‬كما يعني �إقرارا بحق الدولة يف االطالع عليها‪،‬‬
‫ومعاجلتها‪ ،‬مبا ي�سمح لل�سلطات املخت�صة‪ ،‬مبنع وقوع اعمال خملة بالأمن والنظام‪� ،‬أو مبالحقة ومعاقبة‬
‫مرتكبيها‪ ،‬من جهة ثانية‪.‬‬

‫_ القوانني الو�ضعية‬
‫يف لبنان‪ ،‬ال يوجد ن�ص يحكم مبا�رشة حماية البيانات ال�شخ�صية‪ ،‬وذلك بالرغم من عدد من امل�شاريع‬
‫التي قدمت �إىل املجل�س النيابي منذ العام ‪ ،2004‬وما زالت اللجان حتى اليوم تناق�ش م�رشوعا حول‬
‫املعامالت الإلكرتونية وحماية البيانات ذات الطابع ال�شخ�صي[‪.[[28‬‬
‫لكن امل�شرتع اللبناين‪ ،‬مل يتوان عن �إقرار قانون خا�ص‪ ،‬بحماية احلق يف اخل�صو�صية يف جمال االت�صاالت‪،‬‬
‫بعد ان تعالت اال�صوات‪ ،‬مطالبة بحماية احلق يف اخل�صو�صية‪ ،‬وحماية احلريات‪ ،‬وبعد �سل�سلة من‬
‫االحتجاجات واالعرتا�ضات‪ ،‬من �أكرث من جهة وطرف‪ .‬فبيانات االت�صاالت‪ ،‬نوعان‪ :‬الأول خا�ص‬
‫بعمليات االت�صال‪ ،‬والثاين خا�ص بالأ�شخا�ص الذين يجرون االت�صال‪ .‬ويف النوعني‪ ،‬ميكن ح�صول‬
‫�إعتداء على اخل�صو�صية‪ ،‬حيث ت�سمح الأوىل بتحديد الأ�شخا�ص من خالل ارقام الهواتف‪ ،‬التي تتم‬
‫متابعة حركتها‪ ،‬بينما ت�سمح الثانية‪ ،‬مبعاجلة بيانات �شخ�صية‪ ،‬واالطالع على �أمور �شخ�صية‪.‬‬
‫وقد عرف هذا القانون‪ ،‬بقانون “�صون احلق ب�رسية املخابرات التي جتري بوا�سطة اية و�سيلة من و�سائل‬
‫االت�صال”[‪ .[[28‬وقد تطرق يف املادة الأوىل[‪ [[28‬منه‪� ،‬إىل حماية التخابر باية و�سيلة من و�سائل االت�صال‪،‬‬
‫معددا الربيد الإلكرتوين من �ضمن هذه الأخرية‪ ،‬وم�ؤكدا على االهتمام بحماية احلياة اخلا�صة‪،‬‬
‫واحلريات‪ .‬وكانت املادة التا�سعة‪� ،‬أعطت للدولة‪ ،‬يف حاالت حم�صورة جدا‪ ،‬حق املراقبة والتتبع‪ ،‬عندما‬
‫يتعلق االمر بجمع معلومات ترمي �إىل مكافحة الإرهاب‪ ،‬واجلرائم الواقعة على �أمن الدولة‪ ،‬واجلرائم‬
‫املنظمة[‪.[[28‬‬

‫‪ - http://www.lebanondebate.com/news/247699‬دراسة املواد العالقة يف مرشوع قانون املعامالت اإللكرتونية ]‪[286‬‬


‫قانون ‪ 140‬تاريخ ‪ 27‬ترشين األول ‪ 1999‬معدل بالقانون ‪ 158‬تاريخ ‪ 27‬كانون األول ‪[287] 1999‬‬
‫املادةاألوىل‪ :‬الحق يف رسية التخابر الجاري بأي وسيلة من وسائل االتصال السلكية والالسلكية (األجهزة الهاتفية الثابتة‪ ،‬األجهزة املنقولة‪ ،‬والفاكس والربيد االلكرتوين‪[288] )...‬‬
‫مصون ويف حمى القانون وال يخضع الي نوع من أنواع التنصت او املراقبة او االعرتاض او االفشاء اال يف الحاالت وبواسطة الوسائل التي نص عليها هذا القانون ويحدد اصولها‬
‫]‪[289‬‬ ‫املادة ‪ 9‬من قانون ‪ 140‬تاريخ ‪ 27‬ترشين األول ‪ 1999‬معدل بالقانون ‪ 158‬تاريخ ‪ 27‬كانون األول ‪« :1999‬لكل من وزير الدفاع الوطني ووزير الداخلية ان يجيز‬
‫اعرتاض املخابرات مبوجب قرار خطي معلل وبعد موافقةة رئيس مجلس الوزراء‪ ،‬وذلك يف سبيل جمع معلومات ترمي اىل مكافحة االرهاب‪ ،‬والجرائم الواقعة عىل أمن الدولة‪،‬‬
‫والجرائم املنظمة‪ .‬يحدد القرار وسيلة االتصال موضوع اإلجراء‪ ،‬واملعلومات التي يقتيض ضبطها‪ ،‬واملدة التي تتم خاللها عملية االعرتاض‪ ،‬عىل ان التتجاوز هذه املدة الشهرين‬
‫وعىل ان ال تكون قابلة للتمديد اال وفقا الصول والرشوط عينها‬
‫�صفحة رقم ‪142‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫وكان قانون الدفاع الوطني اللبناين[‪ ،[[29‬قد �أقر هو �أي�ضا‪ ،‬ا�ستثنائيا‪ ،‬وب�صورة ح�رصية (يف حاالت تعر�ض ‬
‫الوطن �أو جزء من ارا�ضيه �أو قطاع من قطاعاته ام جمموعة من ال�سكان للخطر)‪ ،‬حق ال�سلطة يف مراقبة‬
‫االت�صاالت‪ ،‬وامنا مبوجب مرا�سيم تتخذ يف جمل�س الوزراء‪ ،‬وبناء على طلب من املجل�س االعلى للدفاع‪.‬‬
‫عالوة على ذلك‪ ،‬حددت املادة ‪ 850‬من قانون العقوبات‪ ،‬عقوبة من �شهرين �إىل �سنتني‪ ،‬لكل �شخ�ص‬
‫ملحق مب�صلحة الربيد والربق والهاتف‪ ،‬يطلع ب�صفته هذه‪ ،‬على مرا�سالت �أو خمابرات غري موجهة اليه‪.‬‬
‫وتنزل نف�س العقوبة به �أي�ضا‪ ،‬فيما لو �أف�شى م�ضمونها‪.‬‬
‫ويف ال�سياق عينه‪ ،‬تن�ص مواد من قانون العقوبات اللبناين‪ ،‬على احكام خا�صة ب”اجلرائم الواقعة على‬
‫احلرية وال�رشف”‪ ،‬وتلحظ عقوبات تطال الأعمال التي تقع �ضمن دائرة “اف�شاء اال�رسار”‪ :‬كاتالف �أو‬
‫ك�شف ر�سالة �أو برقية‪� ،‬أو كاالطالع باخلدعة على خمابرة هاتفية[‪.[[29‬‬
‫وكان املر�سوم ‪ ،15281‬تاريخ ‪ ،2005/10/1‬قد نظم عمل الهيئة امل�ستقلة‪ ،‬املكلفة التثبت من‬
‫قانونية �إجراءات االعرتا�ض االداري على املخابرات الهاتفية‪ ،‬ومن ثم توىل القانون ‪ ،158‬تاريخ‬
‫‪ ،1999/12/27‬تعديل القانون ‪ ،140‬بعد االعرتا�ض الذي �سجل على �ضم �أع�ضاء من الربملان �إىل‬
‫الهيئة‪ ،‬نظرا ملا ميكن ان ي�شكله هذا االمر‪ ،‬من تعار�ض مع مبدا ف�صل ال�سلطات‪ ،‬ومبد أ� ا�ستقالل الهيئة‪.‬‬
‫وقد منحت هذه الهيئة‪� ،‬صالحيات حتقيق وا�سعة‪ ،‬تتيح لها عمليا‪ ،‬اجناز مهمتها بال�شكل الذي يتنا�سب‬
‫ودورها‪ ،‬يف �صون ال�رسية‪ ،‬واحلفاظ على احلريات‪ ،‬حيث ميكنها م�ساءلة جميع االدارات الر�سمية‬
‫واخلا�صة‪ ،‬العاملة يف املجاالت املت�صلة بت�أمني االت�صاالت‪ ،‬و�إجراء الك�شف الذي ترت�أيه‪ ،‬واال�ستعانة‬
‫مبن تراه‪ ،‬واالطالع على املعدات وامل�ستندات الالزمة‪ ،‬بغ�ض النظر عن درجة �رسيتها‪.‬‬
‫ويف غياب القوانني اخلا�صة‪ ،‬تتم معظم املالحقات املتعلقة باجلرائم املعلوماتية وال�سيربانية‪ ،‬امام املحاكم‬
‫اللبنانية ا�ستادا �إىل القوانني التقليدية‪ ،‬ومنها قانون العقوبات اللبناين‪ ،‬وقانون املطبوعات‪ .‬ففي �سنة‬
‫‪ ،2000‬عر�ضت على الق�ضاء اللبناين‪ ،‬ق�ضية تتعلق ببث ون�رش �صور اباحية للأطفال‪ ،‬عرب االنرتنت‪،‬‬
‫جرى فيها توقيف امل�شتبه به‪� ،‬سندا للمواد ‪ 531‬و ‪ 532‬و ‪ 533‬عقوبات‪ ،‬التي جترم التعر�ض للآداب‬
‫العامة واالخالق‪ .‬ويف ق�ضية �أخرى‪ ،‬يف العام ‪ ،2008‬مت توقيف بع�ض الطالب اجلامعيني‪ ،‬وو�ضعهم‬
‫قيد احلجز‪ ،‬ملدة �أ�سبوع‪ ،‬يف ق�ضية ت�شهري وت�شويه �سمعة‪ ،‬نتيجة ن�رشهم �صورا لإحدى الزميالت دون‬
‫موافقتها‪ ،‬والتعليق عليها بطريقة م�سيئة‪ .‬وكان قانون العقوبات‪ ،‬يف مادتيه ‪ 531‬و ‪ ،582‬هو املعتمد‬
‫ك�أ�سا�س للتوقيف‪.‬‬
‫يف ال�سياق عينه‪ ،‬وحر�صا على حماية جمتمع املعلومات‪ ،‬وم�ستخدمي االنرتنت‪ ،‬ان�شئ يف لبنان‬
‫مكتب تابع لل�رشطة الق�ضائية‪ ،‬يف قوى الأمن الداخلي‪ ،‬ا�سندت اليه مهمة مكافحة اجلرائم املعلوماتية‪،‬‬
‫واالعتداءات على امللكية الفكرية‪ .‬وقد متكن هذا املكتب‪ ،‬بح�سب اح�صاء جرى يف العام ‪ ،2009‬من‬
‫الك�شف على ‪ %80‬من اجلرائم‪ ،‬التي تقدم املت�رضرون منها‪ ،‬ب�شكاوى �أمامه‪.‬‬

‫مرسوم اشرتاعي ‪ 83/102‬تاريخ ‪[290] 1983/9/16‬‬


‫قانون العقوبات اللبناين – الفصل الثاين‪« :‬يف الجرائم الواقعة عىل الحرية والرشف” النبذةالرابعة‪« :‬يف إفشاء األرسار” املواد من ‪ 579‬لغاية ‪[291] 581‬‬
‫�صفحة رقم ‪143‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫و‪ -‬العامل العربي‬


‫نق�ص يف الت�رشيع واحلماية‬
‫ي�سجل يف الدول العربية‪ ،‬نق�ص وا�ضح يف الإطار الت�رشيعي والتنظيمي حلماية البيانات ال�شخ�صية‪ ،‬واحلياة‬
‫اخلا�صة‪ .‬و�إذا كان البع�ض‪ ،‬يعترب ان الد�ستور‪� ،‬إطار مالئم لهذه احلماية‪ ،‬ا�ستادا �إىل املبادئ والقواعد التي‬
‫تقر حماية احلريات الفردية‪ ،‬فانه ال يوجد ن�ص د�ستوري عربي‪ ،‬يقر هذا احلق �رصاحة‪،‬فيما عدا الد�ستور‬
‫امل�رصي‪ ،‬الذي �أقر يف املادة ‪ ،45‬حماية احلياة اخلا�صة للمواطنني‪ ،‬والد�ستور القطري (‪ ،)2003‬الذي‬
‫�أقر حرمة خ�صو�صية الإن�سان‪ ،‬والد�ستور التون�سي‪ ،‬الذي �أقر احلق يف اخل�صو�صية[‪.[[29‬‬
‫�أما القوانني العربية التي ميكن ذكرها‪ ،‬فهي‪ :‬قانون رقم ‪ 63‬عام ‪ 2004‬يف تون�س‪ ،‬والقانون املغربي‬
‫رقم ‪ ،09-2008‬وقانون حماية البيانات ال�شخ�صية ال�صادر يف االمارات العربية املتحدة عام ‪،2007‬‬
‫وهو قانون خا�ص باملركز املايل‪� ،‬صادر باللغة االجنليزية‪ ،‬ومن�سجم �إىل حد بعيد‪ ،‬مع االر�شاد الأوروبي‬
‫‪ ،95‬ولكنه �أقل �شمولية‪ .‬ي�ضاف �إىل ذلك‪ ،‬بع�ض املواد التي وردت عر�ضا يف بع�ض القوانني‪ ،‬دون‬
‫اي تف�صيل �أو �آلية حماية‪ ،‬ت�ضمن تنفيذا فاعال لها‪ ،‬ال�سيما لدى تعار�ض هذا احلق وهذه احلماية‪ ،‬مع‬
‫امل�صلحة العامة وحقوق الغري‪ ،‬كقانون الإح�صاءات العامة امل�ؤقت ل�سنة ‪ ،2008‬ال�صادر يف االردن‪،‬‬
‫وفيه مواد خا�صة ب�رسية البيانات االح�صائية‪ ،‬ومنع اف�شائها[‪ ،[[29‬وقانون االت�صاالت رقم ‪ 18‬ال�صادر‬
‫يف �سوريا عام [‪ ،2010[[29‬الذي ي�ؤكد على مبد�أ احرتام اخل�صو�صية‪ .‬ويف هذا التجاهل لآليات احلماية‬
‫والتنفيذ‪ ،‬وحدود املمار�سة‪ ،‬خطر �أكيد‪ ،‬مع ت�صاعد وترية معاجلة البيانات ال�شخ�صية‪ ،‬وازدياد حجمها‪،‬‬
‫وامكانات معاجلتها‪ ،‬وا�ستخدامها‪ ،‬والربط بينها‪ ،‬والتنقيب عنها‪ ،‬بدون معرفة ا�صحابها وموافقتهم‪.‬‬
‫هذا‪ ،‬وي�سجل وجود عدد من م�شاريع القوانني‪ ،‬اخلا�صة باملعامالت االكرتونية‪ ،‬يف الكويت ولبنان‬
‫و�سوريا‪.‬‬
‫جتدر الإ�شارة هنا‪� ،‬إىل ان جميع الدول العربية‪� ،‬أع�ضاء يف الأمم املتحدة‪ ،‬وملتزمة الإعالن العاملي حلقوق‬
‫الإن�سان‪ ،‬ال�سيما املادة ‪ 12‬منه‪ ،‬التي تقرعدم جواز التدخل التع�سفي‪ ،‬يف حياة الأفراد اخلا�صة �أو‬
‫مرا�سالتهم‪ ،‬وحقهم يف حماية قانونية ت�ضمن ذلك‪ .‬اال �أن �آليات التطبيق والتنفيذ‪ ،‬لي�ست متوافرة‬
‫ل�ضمان حماية البيانات ال�شخ�صية واخل�صو�صية‪ ،‬يف غياب قواعد تف�صيلية وتطبيقية‪ ،‬حلاالت معاجلة‬
‫البيانات‪ ،‬وحفظها‪ ،‬والو�صول اليها‪ ،‬وحقوق الأ�شخا�ص يف املراقبة‪ ،‬واالعرتا�ض‪ ،‬والت�صويب‪،‬‬
‫واملحو‪ ،‬وغري ذلك‪ .‬ومما ال �شك فيه‪ ،‬ان هذا الفراغ الت�رشيعي‪� ،‬سيت�سبب يف تخبط يف مواجهة امل�سائل‬
‫القانونية‪ ،‬الناجتة عن انت�شار معاجلة البيانات ال�شخ�صية‪ ،‬على جميع امل�ستويات‪ ،‬العامة واخلا�صة‪،‬‬
‫الداخلية واخلارجية‪� ،‬إ�ضافة �إىل ا�ستمرار جمع وتدفق البيانات عرب احلدود‪ ،‬دون علم ا�صحابها‪،‬‬
‫وا�ستثمارها وا�ستخدامها‪ ،‬ب�شكل مناف حلقوقهم‪.‬‬
‫ي�ضاف �إىل ما تقدم‪ ،‬غياب الوعي‪ ،‬لدى العديد من امل�رشعني العرب‪ ،‬لأهمية حماية البيانات ال�شخ�صية‪،‬‬
‫ودورها يف تعزيز االنخراط ال�سليم يف جمتمع املعلومات‪ ،‬والنمو االقت�صادي واالجتماعي‪ .‬هذ عدا عن‬
‫عدم �إدراك خلطورة االمر‪ ،‬وعدم قدرة‪ ،‬لدى غالبية م�ستخدمي و�سائل املعلومات واالت�صاالت احلديثة‪،‬‬
‫تحمي الدولة الحياة الخاصة‪ ،‬وحرمة املسكن‪ ،‬ورسية املراسالت واالتصاالت واملعطيات الشخصية”‪ .‬الدستور التونيس لعام ‪[292] 2014‬‬
‫املواد ‪11‬و‪12‬و‪51‬و‪16‬و‪[293] 17‬‬
‫املادة ‪ 50‬من القانون ]‪[294‬‬
‫�صفحة رقم ‪144‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫على حماية �أنف�سهم‪ ،‬يف مواجهة الأخطار واالعتداءات التي متار�س من خالل عمليات معاجلة بياناتهم‪،‬‬
‫وتبادلها‪ ،‬ونقلها وا�ستثمارها‪ .‬وي�ضاف اىل ذلك‪ ،‬ان�سداد جماالت املراجعة واالعرتا�ض‪� ،‬أمام القلة التي‬
‫تدرك منهم‪.‬‬

‫_ الت�أ�سي�س على الإطار الدويل‬


‫نظرا للبعد العاملي‪ ،‬والعابر للحدود‪ ،‬حلماية البيانات ال�شخ�صية‪ ،‬ال بد من االلتفات �إىل االطر‪ ،‬التي‬
‫ميكن البناء عليها‪ ،‬واالنطالق منها‪ ،‬ال�سيما وان لهذه احلماية‪ ،‬وحلماية اخل�صو�صية التي تعنيها‪ ،‬دورا‬
‫حا�سما‪ ،‬يف ت�شجيع التجارة واخلدمات الإلكرتونية‪ ،‬ويف حتقيق االن�سجام‪ ،‬مع توجهات املنظمات‬
‫والهيئات الدولية‪ ،‬مثل منظمة التعاون االقت�صادي والتنمية واالحتاد الأوروبي‪ ،‬اللذين �أ�صدرا عددا من‬
‫التوجيهات‪ ،‬واالر�شادات‪ ،‬والقرارات‪ ،‬يف هذا املجال‪.‬‬
‫من هنا‪ ،‬ميكن االنطالق يف العمل العربي امل�شرتك‪ ،‬من االر�شادات التي و�ضعتها منظمة االقت�صاد‬
‫والتنمية‪ ،‬حول حماية احلياة اخلا�صة‪ ،‬وحركة انتقال هذه البيانات عرب احلدود‪ .‬ويثري هذا املو�ضوع‪،‬‬
‫م�س�ألتني هما‪ :‬ال�شفافية وامل�س�ؤولية‪ .‬ويقوم مبد�أ ال�شفافية بح�سب االر�شادات‪ ،‬على ت�أمني الو�سائل‬
‫الكفيلة بتحديد وجود البيانات ال�شخ�صية‪ ،‬وطبيعتها‪ ،‬و�أهداف معاجلتها‪ ،‬ووجهة ا�ستخدامها‪ ،‬كما‬
‫وبتحديد هوية احلائز على هذه البيانات‪ ،‬واملكان الذي ميار�س فيه ن�شاطه‪� .‬أما امل�س�ؤولية‪ ،‬فتعني‪ :‬ان‬
‫يحرتم ال�شخ�ص الذي يحتفظ باملعلومات‪ ،‬القواعد‪ ،‬والإجراءات‪ ،‬التي ت�ضمن تطبيق االر�شادات‪.‬‬
‫وت�أ�سي�سا على االن�سجام الذي حتقق على امل�ستوى الأوروبي‪ ،‬فيما يتعلق بحماية البيانات ال�شخ�صية‪،‬‬
‫وطرق نقلها عرب احلدود‪ ،‬وانطالقا من االن�سجام بني بع�ض الأنظمة القانونية العربية‪ ،‬التي تنهل من‬
‫الثقافة الأوروبية‪ ،‬ميكن االفادة من التجربة الأوروبية‪ ،‬يف هذا املجال‪ ،‬كنقطة انطالق �إىل حتقيق احلماية‬
‫واالن�سجام على امل�ستوى العربي‪ ،‬بالرغم من غياب �إطار م�ؤ�س�ساتي عربي جامع‪ ،‬على مثال االحتاد‬
‫الأوروبي‪ .‬كذلك ميكن االفادة‪ ،‬من التف�سريات واجلوانب العملية‪ ،‬لكيفية تطبيق االر�شاد الأوروبي‪،‬‬
‫والقوانني الأوروبية‪ ،‬والتي �أبرزتها القرارات الق�ضائية‪ ،‬ال�صادرة يف جمال حماية البيانات ال�شخ�صية‪،‬‬
‫وذلك يف �إطار تطبيق القوانني الأوروبية‪ ،‬اخلا�صة بهذا املو�ضوع‪.‬‬
‫وقد جل�أ معظم امل�رشعني العرب‪ ،‬الذين و�ضعوا قوانني يف هذا املجال‪ ،‬كما اولئك الذين �أعدوا م�شاريع‬
‫قوانني �أي�ضا‪� ،‬إىل الن�صو�ص الأوروبية‪ ،‬وغريها مما هو مطبق‪ .‬ونذكر هنا‪ ،‬اقرتاح القانون اللبناين‪ ،‬حول‬
‫تنظيم املعامالت الإلكرتونية‪ ،‬الذي التزم مبادئ التو�صية الأوروبية حول حماية البيانات ال�شخ�صية‪،‬‬
‫و�أخذ عن ت�رشيعات غربية‪ ،‬واهمها الت�رشيع الفرن�سي يف هذا املجال‪ ،‬وال�صادر عام ‪ .2004‬فقد‬
‫خ�ص�ص هذا االقرتاح‪ ،‬امل�ؤلف من ‪ 175‬مادة‪ 30 ،‬مادة منه‪ ،‬يف الباب اخلام�س‪ ،‬حتت عنوان “حماية‬
‫املعلومات ذات الطابع ال�شخ�صي”‪ ،‬حلماية هذه املعلومات‪ .‬وقد توزعت على خم�سة ف�صول‪ ،‬عناوينها‬
‫االحكام العامة‪ ،‬وعمليات جمع ومعاجلة املعلومات‪ ،‬والإجراءات اخلا�صة بتنفيذ هذه الأخرية‪ ،‬وحق‬
‫الو�صول والت�صحيح‪ ،‬واالحكام اجلزائية التي تطاول خمالفة االحكام اخلا�صة بحماية املعلومات‪.‬‬
‫�صفحة رقم ‪145‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫‪� .6‬ضوابط الت�رشيع‬


‫تفرت�ض حماية البيانات ال�شخ�صية‪� ،‬إحاطة �شاملة‪ ،‬بكل الآليات التقنية‪ ،‬وو�سائل املعاجلة‪ ،‬والت�رصف‬
‫بالبيانات‪ ،‬بحيث ال ترتك ثغرات‪ ،‬ميكن النفاذ منها‪ ،‬لاللتفاف على الهدف املرجو‪ .‬وعليه‪ ،‬ال بد لكل‬
‫�إطار ت�رشيعي �أو تنظيمي‪� ،‬أو ار�شاد‪ ،‬وعلى غرار �أي ن�ص قانوين �آخر‪� ،‬أو ار�شاد �أو اتفاقية‪ ،‬ان يلحظ الآتي‪:‬‬
‫ •الأ�سباب املوجبة‪ ،‬التي تلحظ فل�سفة الن�ص‪ ،‬و�أهدافه‪.‬‬
‫ •التعريفات ال�رضورية لو�ضوح الن�ص وجمال تطبيقه‪ .‬وعليه ال بد هنا من حتديد‪ :‬البيانات ال�شخ�صية‪،‬‬
‫وعمليات املعاجلة‪ ،‬والأنظمة �أو الآليات التي يتم العمل مبوجبها‪� ،‬إ�ضافة �إىل الهيئات والأ�شخا�ص‬
‫امل�س�ؤولني واملعنيني‪ ،‬لأهمية حتديد امل�س�ؤوليات‪ ،‬يف هذا املجال‪.‬‬
‫ •حتديد اجلهات التي ميكنها جمع البيانات ال�شخ�صية‪ ،‬دون اذن م�سبق‪ ،‬على ان حتدد �أهداف هذا‬
‫اال�ستثناء بو�ضوح‪ ،‬وعلى �أن ين�سجم هذا اال�ستثناء‪ ،‬مع مقت�ضيات ال�سالمة العامة‪ ،‬والأمن القومي‪،‬‬
‫وطبيعة بع�ض الن�شاطات املهنية اخلا�صة‪.‬‬
‫ •حتديد ال�رشوط التي ميكن على �أ�سا�سها‪ ،‬احل�صول على اذن مبعاجلة البيانات ال�شخ�صية‪ ،‬ونقلها‪،‬‬
‫وتبادلها‪ ،‬تو�ضح فيه نوعية البيانات التي ميكن معاجلتها‪� ،‬أو نقلها‪� ،‬أو تبادلها‪ ،‬كموافقة �صاحب‬
‫البيانات‪ ،‬وامل�صلحة املربرة وامل�رشوعة‪ ،‬من جمعها‪.‬‬
‫ •حتديد البيانات امل�ستثناة‪ ،‬واال�سباب املانعة ملعاجلتها‪� ،‬إ�ضافة �إىل احلاالت التي ميكن فيها جتاوز‬
‫هذا اال�ستثناء‪� ،‬رشط االن�سجام مع فل�سفة الن�ص و�أهدافه‪� ،‬أي احلفاظ على حرمة احلياة ال�شخ�صية‪،‬‬
‫واحلريات الفردية والعامة‪ ،‬واحلقوق الأ�سا�سية للإن�سان‪ ،‬والن�صو�ص القانونية واالحكام‪،‬‬
‫وامل�صلحة العامة‪� ،‬أو امل�صلحة اخلا�صة لل�شخ�ص املعني‪ ،‬وحرية التعبري‪.‬‬
‫ •�إقرار حقوق ا�صحاب البيانات يف الو�صول اليها‪ ،‬والتدقيق فيها‪ ،‬وطلب ت�صحيحها �أو حموها‪� ،‬أو‬
‫منع النفاذ اليها‪ .‬ي�ضاف �إىل ذلك‪ ،‬حق االعرتا�ض على املعاجلة‪ ،‬متى توافرت لدى ال�شخ�ص ا�سباب‬
‫م�رشوعة‪� ،‬أو متى كان هدف املعاجلة‪� ،‬أعماال جتارية‪ ،‬وترويجية‪.‬‬
‫ •�إن�شاء هيئات رقابية‪ ،‬ذات �صالحيات للمالحقة والعقاب‪ ،‬ت�سهر على التطبيق‪ ،‬وح�سن �سري �آليات‬
‫التنفيذ‪ ،‬بحيث ت�ضمن جميع حقوق ال�شخ�ص‪� ،‬صاحب البيانات‪ ،‬ال�سيما لناحية حقوقه يف مراقبة‬
‫الت�رصف ببياناته‪ ،‬و�أوجه ا�ستخدامها‪ ،‬ودقتها‪ ،‬وم�صداقيتها‪ ،‬والأهداف التي ت�ستخدم الجلها‪.‬‬
‫وتدخل يف هذا الإطار‪ ،‬ال�شكاوى‪ ،‬واملراجعات واالعرتا�ضات‪ .‬من جهة ثانية‪ ،‬ال بد من تنظيم‬
‫حقوق اجلهات املعنية مبعاجلة هذه البيانات‪� ،‬سواء �أكانت م�ؤ�س�سات عامة‪� ،‬أم خا�صة‪� ،‬أم �أ�شخا�صا‬
‫طبيعيني ي�ستثمرون هذه البيانات‪ ،‬ويديرونها يف �إطار ن�شاطهم العلمي‪� ،‬أو التجاري‪.‬‬
‫ •حتديد م�س�ؤوليات اجلهات املراقبة وموجباتها‪ ،‬ال�سيما جلهة االلتزام ب�رسية البيانات‪ ،‬واحلفاظ على‬
‫�سالمتها وعدم انك�شافها‪� ،‬أو ت�رسبها‪ ،‬وتلفها‪ ،‬والتالعب بها‪.‬‬
‫ •�إقرار احلق يف التعوي�ض عن املخالفات املرتكبة‪ ،‬وا�صول مراجعات ق�ضائية وادارية مالئمة‪ ،‬تعزز‬
‫ممار�سة ال�شخ�ص حلقه يف احلفاظ على بياناته ال�شخ�صية‪ ،‬ومن خاللها على حريته ال�شخ�صية‪ ،‬وحياته‬
‫اخلا�صة‪.‬‬
‫ •ت�أمني حماية البيانات ال�شخ�صية املنقولة عرب احلدود‪� ،‬إىل بلد �أجنبي‪ ،‬مبوجب اتفاقات وا�ضحة‪،‬‬
‫حترتم املبادئ العامة للن�ص اخلا�ص باحلماية‪ ،‬وفل�سفته‪ ،‬على ان تلحظ �آليات موافقة وت�رصيح‪ ،‬ال‬
‫�صفحة رقم ‪146‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫تعيق تدفق البيانات لأهداف تخدم تطور التجارة الإلكرتونية‪ ،‬وامل�صلحة العامة‪ ،‬واالقت�صاد‪،‬‬
‫والأمن‪.‬‬
‫ •�إر�ساء �أخالقيات خا�صة‪ ،‬جتارية ومهنية‪ ،‬وادارية‪ ،‬بالتعامل يف جمال معاجلة البيانات ال�شخ�صية‪،‬‬
‫ونقلها‪ ،‬والت�رصف بها‪ ،‬تعزز دور الإطار الت�رشيعي والتنظيمي‪.‬‬
‫ •و�ضع �آليات مواجهة‪ ،‬للتحديات اجلديدة التي تفر�ضها احلو�سبة ال�سحابية‪ ،‬ال�سيما على امل�ستويات‬
‫التالية‪ :‬ت�شجيع التزام ال�رشكات بقواعد احلماية والأمن‪ ،‬حتديد م�س�ؤولية املتعاقدين مع موفري‬
‫اخلدمة الأ�سا�سيني‪ ،‬نوعية اخلدمة‪ ،‬طبيعة امل�س�ؤوليات‪ ،‬م�ستويات احلماية‪ ،‬نقل البيانات �إىل بالد‪،‬‬
‫ميكن ان تكون على عداء مع العامل العربي‪،‬‬

‫‪ .7‬خطوات عملية مطلوبة‬


‫•�إقرار تو�صية �أو ار�شاد على امل�ستوى العربي‪ ،‬من خالل جامعة الدول العربية‪ ،‬تت�ضمن املبادئ العامة‬ ‫ ‬
‫حلماية البيانات ال�شخ�صية وين�سجم مع االجتاه الدويل يف هذا املجال‪ ،‬جلهة الأهداف والفل�سفة‬
‫•�إقرار االطر الت�رشيعية والتنظيمية املالئمة‪ ،‬على امل�ستوى الوطني‬ ‫ ‬
‫•�إن�شاء الهيئات الرقابية املنا�سبة‬ ‫ ‬
‫•و�ضع �أطر ت�رشيعية وتنظيمية‪ ،‬لتبادل البيانات اخلا�صة مبجاالت الأمن واجلزاء‪ ،‬بني الدول العربية‪.‬‬ ‫ ‬
‫•�إن�شاء هيئات تن�سيق وتعاون عربية‪ ،‬تتوىل متابعة التنفيذ على امل�ستوى العربي‪ ،‬والدويل‪ ،‬ال�سيما يف‬ ‫ ‬
‫حاالت انتقال بيانات‪ ،‬تخ�ص مواطني �أكرث من دولة عربية‪.‬‬
‫•تعزيز الوعي يف املجتمع العربي‪ ،‬بكل قطاعاته املدنية‪ ،‬واملهنية‪ ،‬واحلكومية‪ ،‬ب�أهمية حماية البيانات‬ ‫ ‬
‫ال�شخ�صية‪ ،‬ودورها يف حماية الفرد واملجتمع‪.‬‬
‫•تنظيم حركة تبادل البيانات ال�شخ�صية‪ ،‬بني الدول التي ترغب يف حماية بيانات مواطنيها‪ ،‬وتبادل‬ ‫ ‬
‫املعارف واخلربات‪ ،‬لفر�ض حمايتها‪ ،‬ا�ستنادا �إىل القوانني الو�ضعية‪ ،‬واىل القوانني العربية امل�شرتكة‪.‬‬
‫•التعاون على �إيجاد �آليات حماية‪ ،‬ت�سمح للمواطن مبمار�سة حقه يف االطالع على البيانات‪ ،‬وطلب‬ ‫ ‬
‫ت�صحيحها‪ ،‬لدى الدول االخرى التي تتوىل معاجلتها‪ ،‬ومالحقة امل�ؤ�س�سات �أو الهيئات‪ ،‬التي متتنع‬
‫عن تطبيق القوانني اخلا�صة باحلماية‪ ،‬على غرار ما هو معمول به يف جمال مالحقة املجرمني‪،‬‬
‫ومكافحة الإرهاب‪ ،‬واجلرائم العابرة للحدود‪ ،‬بكل �أ�شكالها‪.‬‬

‫‪ .8‬خال�صة‬
‫يتبني‪ ،‬على �ضوء ما تقدم‪ ،‬ان هنالك حاجة ما�سة‪� ،‬إىل �إطار قانوين‪ ،‬ي�ضمن تعزيز الثقة يف الف�ضاء‬
‫ال�سيرباين‪ ،‬ويف ا�ستخدام تقنيات املعلومات واالت�صاالت‪ ،‬عرب �ضمان حماية الأفراد‪ ،‬وامل�ؤ�س�سات‪،‬‬
‫والأموال‪ .‬والبد لهذا الإطار القانوين‪ ،‬ان يت�ضمن قانونا خا�صا حلماية البيانات ال�شخ�صية‪ ،‬و�إن�شاء‬
‫هيئة خا�صة للمعلوماتية واحلريات‪ ،‬ت�شكل مرجعا حلماية املواطنني وحقوقهم‪ ،‬من كل ا�ستثمار غري‬
‫�رشعي يف بياناتهم ال�شخ�صية‪ ،‬كما ومن كل اعتداء على خ�صو�صيتهم‪ ،‬نتيجة عمليات جمع البيانات‪،‬‬
‫�صفحة رقم ‪147‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫والتنقيب عنها‪ ،‬وحتليلها‪ ،‬وا�ستثمارها‪ ،‬واي عملية اخرى تطاولها‪ ،‬خارج القواعد القانونية‪ ،‬املرعية‬
‫الإجراء‪.‬‬
‫ي�ضاف �إىل ذلك‪� ،‬رضورة االنتباه �إىل �أهمية توعية املواطنني‪ ،‬كما املعنيني مبعاجلة البيانات ال�شخ�صية‪،‬‬
‫يف االدارات العامة واخلا�صة‪ ،‬على املخاطر التي تنطوي عليها هذه العملية‪ ،‬كما عملية انك�شافها‪،‬‬
‫وت�رسبها‪.‬‬
‫وميكن البناء يف هذا املجال‪ ،‬على التجارب الدولية‪� ،‬أو الإقليمية الناجحة‪ ،‬وعلى التو�صيات واالتفاقيات‬
‫املوجودة‪� ،‬سواء منها تلك التي تعنى بحماية البيانات ال�شخ�صية‪� ،‬أو تلك اخلا�صة ببيانات االت�صاالت‪.‬‬
‫ويبقى الأهم‪ ،‬عدم جواز التعامل مع حماية البيانات ال�شخ�صية‪ ،‬من منطلق خطورة اخ�ضاع امل�ستخدمني‬
‫للرقابة‪ ،‬والتغا�ضي عن حقهم يف معرفة �أهداف جمع املعلومات حولهم‪ ،‬وطرق ا�ستثمارها‪ ،‬وانكار‬
‫حق املواطن يف امل�شاركة يف عملية اتخاذ القرار‪ ،‬عرب �سلب حقه يف معرفة كمية املعلومات‪ ،‬التي‬
‫جتمع حوله‪ ،‬والتي ميكن ان متنح الآخرين‪ ،‬قوة غري اعتيادية لقيادة حياته والتحكم بها‪ ،‬بحيث تتحول‬
‫امل�س�ألة‪� ،‬إىل مدى قدرة الأجهزة و�سيطرتها‪ ،‬واىل مدى �أحقية تعزيز هذه القدرة‪ ،‬مقارنة مع ما يقره‬
‫القانون من حقوق وواجبات‪ .‬ولعل املثل االو�ضح‪ ،‬هو امكانية ربط �أحد م�ستخدمي االنرتنت‪ ،‬بالئحة‬
‫الرقابة على الإرهاب‪ ،‬مبجرد ا�ستخدامه يف البحث على االنرتنت‪� ،‬أو يف كتابة بريد �إلكرتوين‪ ،‬عبارات‬
‫حمددة مثل‪ :‬متفجرات‪ ،‬طائرة‪ ،‬تنظيمات ا�سالمية‪ ،‬الخ‪....‬‬
‫�صفحة رقم ‪148‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫}الف�صل التا�سع {‬
‫التقنيات يف التنمية واالقت�صاد‬

‫‪ .1‬املعلومات‪ :‬قيمة اقت�صادية‬


‫يتفق العارفون واملعنيون‪ ،‬على اهمية ت�سخري تقنيات املعلومات واالت�صاالت‪ ،‬يف خدمة النمو والتنمية‪،‬‬
‫كما يتفقون على عدم امكانية جتاهل كونها الو�سيلة‪ ،‬التي ال ميكن اال�ستغناء عنها يف العديد من‬
‫الن�شاطات‪ ،‬واوجه االنتاج املختلفة‪ .‬اال انهم يتفقون �أي�ضا‪ ،‬على حجم املخاطر التي تواكب ا�ستخدامها‬
‫واالتكال عليها‪� ،‬سواء يف املهمات العادية اليومية‪� ،‬أو يف املهن والإدارة‪.‬‬
‫فقد �أحدثت تكنولوجيا املعلومات واالت�صاالت‪ ،‬حتو ًال جذريا يف جميع �أ�ساليب العمل‪ ،‬وممار�سة احلياة‬
‫اليومية‪ ،‬يف كافة املجتمعات التي دخلت اليها‪ .‬و�أ�صبح وا�ضحا للعيان‪ ،‬ان التنمية والنمو‪ ،‬متوقفان ب�شكل‬
‫�أ�سا�سي على توافرها‪ ،‬وح�سن ا�ستخدامها‪ ،‬وزيادة انتاجها‪ .‬وقد ا�ستثمرت الدول مواردا مالية وب�رشية‬
‫هائلة‪ ،‬العداد بنى حتتية‪ ،‬للمعلومات واالت�صاالت‪� ،‬سعيا منها �إىل تطوير خدماتها‪ ،‬وحتقيق التنمية والنمو‪.‬‬
‫اال ان ت�أثريها طاول �أي�ضا‪ ،‬املجتمعات التي ما زالت بعيدة عن االفادة من امكاناتها‪ ،‬وعن التمر�س بها‬
‫ب�شكل �أ�سا�سي‪ .‬وقد �أنتجت تغريات هيكلية ومنطية غري متوقعة‪ ،‬على امل�ستويات االجتماعية‪ ،‬واالقت�صادية‪،‬‬
‫واملهنية[‪ ،[[29‬واملعرفية‪ ،‬وال�سيا�سية والع�سكرية‪ ،‬بحيث �أ�صبحت عامال �أ�سا�سيا يف النمو واالنتاج‪ ،‬والتعليم‪،‬‬
‫وممار�سة العمل احلكومي‪ ،‬كما يف خمتلف جماالت التجارة واملال‪ ،‬ما ا�ستدعى بروز منظمات حملية‪،‬‬
‫وعاملية‪ ،‬و�إقليمية‪ ،‬تعنى بدرا�سة االفادة من الطاقات الهائلة التي تقدمها‪� ،‬إىل جانب عناية العديد منها‪،‬‬
‫ب�إدارة املخاطر التي تواكب هذه الطاقات‪ ،‬وبو�ضع االطر املنا�سبة لت�أمني الثقة يف املجال ال�سيبريي‪ ،‬حيث‬
‫تنتقل املعلومات‪ ،‬والبيانات‪ ،‬اخلا�صة بالأفراد‪ ،‬و بالدول‪ ،‬و بر�ؤو�س الأموال‪.‬‬
‫عمليا‪ ،‬حتولت املعلومات �إىل قيمة اقت�صادية �أ�سا�سية‪ ،‬كانت وراء �إطالق ت�سميات‪ ،‬مثل‪“ :‬ع�رص ‬
‫املعلومات” و“جمتمع املعلومات” و“اقت�صاد املعرفة” وغريها من م�سميات‪ ،‬والتي ان دلت على �شيء‪،‬‬
‫فامنا تدل على جتذر ا�ستخدامها‪ ،‬وحتولها �إىل عامل �أ�سا�س‪ ،‬ال بد من التعامل معه‪ ،‬و�ضبط انعكا�ساته‪،‬‬
‫التي ال بد وان تطاول خمتلف اوجه الن�شاط الب�رشي‪� ،‬سواء اكان ذلك �سلبا ام ايجابا‪ .‬فالن�شاط الب�رشي‪،‬‬
‫من�شئ للحقوق والواجبات‪ ،‬كما انه معلن لها‪� ،‬إىل جانب كونه م�صدرا حمتمال‪ ،‬لال�رضار بالآخرين‪،‬‬
‫وب�سالمتهم‪ ،‬و�سالمة �أموالهم‪ ،‬وامنهم‪ .‬فاذا كانت �شبكات وو�سائل االت�صال‪ ،‬م�سهلة لالنتاج والتبادل‬
‫وحتقيق اخلدمات‪ ،‬اال انها �أي�ضا‪� ،‬أهدافا �سهلة للمتخ�ص�صني يف اخرتاق الأنظمة‪ .‬ي�ضاف �إىل ه�ؤالء‪،‬‬
‫اجلرمية املنظمة واملجموعات الإرهابية‪ ،‬والنا�شطون االجتماعيون‪ ،‬وجيو�ش االنرتنت الوطنية املتخ�ص�صة‬
‫يف التج�س�س‪ ،‬والتي ان�شئت حتت عنوان‪« :‬اجليو�ش الرقمية[‪� ،»[[29‬أو «قوات الدفاع الرقمية»‪.‬‬
‫نشوء مناذج جديدة لألعامل موردي الخدمات‪ ،‬تأجري الربامج الخاصة بالحامية‪ ،‬تيويم الربامج عن بعد ]‪[295‬‬
‫‪[296] Iran is building a non-nuclear threat faster than experts ‹would have ever imagined - http://www.businessinsider.com/‬‬
‫‪irans-cyber-army-2015-3 China Reveals Its Cyber war Secrets. http://www.thedailybeast.com/articles/2015/03/18/china-‬‬
‫‪reveals-its-cyber-war-secrets.html‬‬
‫�صفحة رقم ‪149‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫‪ .2‬موجب بناء الثقة‬


‫اال ان انت�شار ا�ستخدام تكنولوجيا املعلومات واالت�صاالت‪ ،‬على نطاق وا�سع‪ ،‬وب�شكل �أ�سا�سي‪ ،‬يف‬
‫�إدارة البنى التحتية‪ ،‬وتطوير العمل االداري‪ ،‬خلق بيئة معقدة تكنولوجيا وتنظيميا‪ .‬يف هذا الإطار‪ ،‬كان‬
‫من الطبيعي ان تطرح حتديات �أ�سا�سية‪ ،‬امام جميع املعنيني مبجتمع املعلومات و�سالمة الف�ضاء ال�سيبريي‪،‬‬
‫لي�س �أقلها‪ :‬حماية البنية التحتية‪ ،‬وحماية البيانات‪ ،‬واعادة تنظيم االدوار والن�شاطات‪ ،‬للم�ستثمرين‬
‫والعاملني يف جمال تكنولوجيا االت�صاالت واملعلومات‪ ،‬بحيث ت�أتي الردود على هذه التحديات‪،‬‬
‫من�سجمة مع االمناط اجلديدة من الن�شاط االقت�صادي‪ ،‬ومن توزع االدوار بني القطاعني العام واخلا�ص‪،‬‬
‫ومن املحافظة على القدرة التناف�سية‪ ،‬على �سبيل املثال‪ .‬وكما يفرت�ض التعامل مع التقنيات احلديثة قدرة‬
‫على تذليل ال�صعوبات التقنية‪ ،‬والتدريب على املمار�سات ال�سليمة‪ ،‬فانه يفرت�ض �أي�ضا‪� ،‬إطارا تنظيميا‬
‫وقانونيا‪ ،‬ي�ضمن احلماية‪ ،‬كما ي�ضمن عدم حتول املخاطر �إىل عقبة يف وجه التقدم‪ ،‬بحيث ال تتعطل‬
‫�إحدى اخل�صائ�ص الأ�سا�سية لتقنيات املعلومات واالت�صاالت‪ ،‬اي التبادل‪ ،‬نتيجة لعدم الثقة‪.‬‬
‫يعترب الأمن الركيزة الأ�سا�سية للمجتمع‪ ،‬بحيث ال ميكن ت�صور منو اي ن�شاط بعيدا عن حتققه‪� ،‬سواء‬
‫كان على امل�ستوى التقني‪ ،‬ام على امل�ستوى القانوين‪ .‬وقد حتول الأمن مع جمتمع املعلومات‪ ،‬واحلاجة‬
‫�إىل ار�ساء الثقة فيه‪� ،‬إىل �إحدى هذه اخلدمات‪ ،‬التي ت�شكل قيمة م�ضافة‪ ،‬ودعامة �أ�سا�سية الن�شطة‬
‫احلكومات‪ ،‬ال�سيما يف التطبيقات اخلا�صة باحلكومة الإلكرتونية‪ ،‬وال�صحة الإلكرتونية‪ ،‬والتعليم عن‬
‫بعد‪ .‬اال ان الوجوه املتعددة للأمن ال�سيرباين‪ ،‬وم�ضاعفاتها اخلطرية‪ ،‬التي ال تقف عند حدود اال�ساءة‬
‫�إىل الأفراد‪ ،‬وامل�ؤ�س�سات‪ ،‬بل تتعداها �إىل تعري�ض �سالمة الدول واحلكومات‪ ،‬تزيد مهمة القيمني على‬
‫املو�ضوع‪ ،‬تعقيدا و�صعوبة‪.‬‬
‫يف هذا الإطار‪ ،‬ي�شكل حتقيق الأمن‪ ،‬وار�ساء الثقة يف الف�ضاء ال�سيبريي‪� ،‬رشطا �أ�سا�سيا لت�سخري تقنيات‬
‫املعلومات واالت�صاالت‪ ،‬يف جماالت التنمية‪ ،‬خدمة للمجتمعات الإن�سانية‪ .‬ولعل الدليل احل�سي على‬
‫ذلك‪ ،‬ما جنده يف اجلهود احلثيثة‪ ،‬التي تبذلها الهيئات الدولية‪ ،‬ويف مقدمها االحتاد الدويل لالت�صاالت‪،‬‬
‫الذي ي�ؤكد على حتمية الأمن ال�سيرباين‪ ،‬ويخ�صه بجزء �أ�سا�سي يف براجمه‪ ،‬وخطط عمله املختلفة[‪.[[29‬‬
‫وكان االحتاد قد كلف بالعمل‪ ،‬على بناء الثقة والأمن يف جمتمع املعلومات‪ ،‬وذلك عقب القمة العاملية‬
‫ملجتمع املعلومات‪ .‬وما ذلك‪ ،‬اال �أ�سا�س بحثنا‪ ،‬يف �رضورة التعاون‪ ،‬ومواكبة امل�ستجدات‪ ،‬مبا يتيح لنا‬
‫العمل اجلدي‪ ،‬على حتقيق منو اقت�صادي �سليم‪ ،‬ومبا ي�سمح لنا مبواجهة التهديد املتزايد لأمن الف�ضاء‬
‫ال�سيبريي‪ ،‬والذي ا�صبح يجاور‪ ،‬بر�أي العديدين‪ ،‬تهديد ال�سالم العاملي‪ ،‬ال�سيما مع ت�صاعد احلديث‬
‫عن احلرب ال�سيربانية‪ ،‬والإرهاب ال�سيرباين‪.‬‬

‫]‪[297‬‬ ‫االتحاد الدويل لالتصاالت‪ -‬دليل األمن السيرباين للبلدان النامية ‪ -2007‬املوجز التنفيذي – «ولذلك كانت إقامة حلول كافية عىل صعيد األمن والثقة متثل واحدا ً‬
‫من التحديات الرئيسية التي يتعني أن يعالجها مكتب تنمية االتصاالت يف االتحاد الدويل لالتصاالت يف متابعة جهوده ملساعدة البلدان عىل استعامل االتصاالت وتكنولوجيا‬
‫‪».‬املعلومات واالتصاالت‬
‫�صفحة رقم ‪150‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫‪ .3‬فر�ص وحتديات‬
‫ا�ضحى ا�ستخدام تكنولوجيا املعلومات واالت�صاالت‪� ،‬أحد اهم العنا�رص يف خطط التنمية واال�سرتاتيجيات‬
‫الوطنية والدولية‪ ،‬يف القطاعني العام واخلا�ص‪ ،‬على ال�سواء‪ ،‬حيث تلجا ال�رشكات وامل�ؤ�س�سات كافة‪،‬‬
‫�إىل تقنيات املعلومات‪ ،‬يف جميع اوجه ن�شاطاتها‪ ،‬االنتاجية‪ ،‬والت�سويقية‪ ،‬والتطويرية �أو غريها‪ .‬فمع كل‬
‫�صباح‪ ،‬هناك جديد للمعلوماتية واالت�صاالت‪� ،‬أقله على م�ستوى اخرتاق احلواجز‪ ،‬وتقريب الأماكن‪،‬‬
‫و�إتاحة الو�صول �إىل املعلومة‪ .‬ويف كل ثانية‪ ،‬دفق جديد من املعطيات واملعلومات‪.‬‬
‫ففي ع�رصنا احلايل‪ ،‬يعود الف�ضل الأكرب يف تطور االقت�صاد‪ ،‬وجناح امل�ؤ�س�سات وال�رشكات واملنظمات‪،‬‬
‫ال�سيما على م�ستوى الإدارة‪ ،‬والقدرة على املناف�سة‪� ،‬إىل ا�ستخدام تكنولوجيا املعلومات واالت�صاالت‪.‬‬
‫وتقا�س قدرتها وامكاناتها‪ ،‬يف جزء كبري منها‪ ،‬مبدى قدرتها التقنية‪ ،‬وتطورها‪.‬‬
‫ولقد �أكد قطاع تكنولوجيا املعلومات واالت�صاالت‪ ،‬على �أهميته‪ ،‬من خالل ما �أحدثه من تغيريات‬
‫جذرية يف جميع القطاعات االقت�صادية‪ ،‬ومن حتوالت يف طرق و�أ�ساليب العمل‪ ،‬يف القطاعات كافة‪.‬‬
‫ولعل اوىل بوادر هذا التغيري‪ ،‬ما �أفرزه من حاجات جديدة‪ ،‬يف البنية التحتية التقنية‪ ،‬وت�أمني فر�ص‬
‫العمل‪ ،‬ويف �إعداد الكادرات الب�رشية‪ ،‬وتنمية القدرات وبنائها‪ ،‬كما يف ت�أمني البيئة القانونية التمكينية‪.‬‬
‫وكانت القمة العاملية ملجتمع املعلومات‪ ،‬قد �شددت على �رضورة ا�ستكمال البنية التحتية‪ ،‬ك�سبيل �إىل‬
‫هدم الهوة الرقمية‪ .‬ذلك �إنها ت�سمح‪ ،‬بزيادة ات�صال الدول باالنرتنت‪ ،‬على م�ستوى اول‪ ،‬وبزيادة‬
‫ات�صال الأفراد‪ ،‬على م�ستوى ثان‪.‬‬
‫وهذا يعني عمليا‪ ،‬مزيدا من الن�شاطات االقت�صادية‪� ،‬سواء عرب بروز خدمات جديدة‪� ،‬أو من خالل‬
‫الو�صول �إىل �أ�سواق جديدة‪ ،‬وخف�ض كلفة االنتاج‪ .‬وبالفعل‪ ،‬فقد و�ضع العديد من الدول املتقدمة‬
‫والنامية‪ ،‬خططا �إر�شادية‪ ،‬و�شارك يف خطط �إقليمية وبرامج دولية‪ ،‬للتعاون ولتحفيز التنمية‪ ،‬بوا�سطة‬
‫ا�ستخدام تكنولوجيا املعلومات واالت�صاالت‪.‬‬

‫‪ .4‬حتديث يف الت�رشيع ومناذج العمل‬


‫�إ�ضافة �إىل التحديات التقليدية‪ ،‬التي طرحها دخول تقنيات املعلومات واالت�صاالت‪ ،‬منذ بداياته‪ ،‬على‬
‫الآليات التقليدية‪ ،‬للعمل والتحرك‪ ،‬داخل املجتمع‪ ،‬تربز حتديات جديدة‪ ،‬ت�ستدعي حركة خا�صة‪،‬‬
‫ميكن ان تطاول‪ ،‬حتديث مناذج و�آليات العمل‪.‬‬
‫فلتقنية املعلومات واالت�صاالت‪ ،‬حركة �رسيعة‪ ،‬ونب�ض دائم التغيري‪ ،‬وللف�ضاء ال�سيرباين‪� ،‬سمة عاملية‪،‬‬
‫وطبيعة عالية التقنية‪ ،‬االمر الذي ال يتنا�سب مع حركة القانون البطيئة‪ ،‬وال مع الإطار ال�سيادي‪ ،‬الذي‬
‫يبنى على �أ�سا�سه‪ .‬من هنا‪ ،‬ال بد للقانونيني‪ ،‬من الرد على حتديات‪ ،‬لي�س �أقلها‪ ،‬رمبا‪� ،‬إيجاد مناذج ت�رشيعية‬
‫جديدة‪ ،‬و�آليات عمل وهيئات‪ ،‬قادرة على التعامل مع متطلبات ال�سالمة والأمن‪ .‬ويف القريب العاجل‪،‬‬
‫قواعد جديدة‪ ،‬للتعامل مع م�سائل احلو�سبة ال�سحابية‪ ،‬واخلدمات التي تقدمها �رشكات خارجية‪،‬‬
‫واجنبية‪ ،‬غريبة عن امل�ؤ�س�سات واالدارات‪� ،‬صاحبة الأنظمة املعلوماتية‪ ،‬يف القطاعني العام واخلا�ص‪.‬‬
‫�صفحة رقم ‪151‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫ويف هذا ال�سياق‪ ،‬تطرح م�سائل عديدة‪ ،‬منها‪ :‬اعادة النظر يف �آليات ا�صدار الت�رشيع‪ ،‬و�إقراره‪ ،‬والهيئات‬
‫املخولة اقرتاح وا�صدار القوانني والأنظمة‪ ،‬وبرامج اعداد وت�أهيل ال�سلطات املعنية باملكافحة والتحقيق‪،‬‬
‫�إ�ضافة �إىل ا�ستحداث ادارات خا�صة‪ ،‬تعالج املوا�ضيع االجرائية واالدارية اخلا�صة بقطاع املعلومات‬
‫واالت�صاالت‪ ،‬ومعاجلة املعلومات‪ .‬وميكن ايراد بع�ض االفكار‪ ،‬يف هذا املجال‪ ،‬مثل‪:‬‬
‫ •التحول نحو �إقرار بع�ض‪ ،‬القواعد التي حتكم تقنيات االت�صاالت واملعلومات‪ ،‬عرب مرا�سيم عو�ض ‬
‫عن القوانني‪ ،‬وذلك لكونها‪� ،‬أكرث قربا من الواقع العملي‪ ،‬وال تتطلب وقتا طويال‪ ،‬لو�ضعها مو�ضع‬
‫التنفيذ‪.‬‬
‫ •�إيجاد هيئات ت�رشيعية منتخبة‪ ،‬ذات �صالحيات مماثلة ل�صالحيات املجال�س النيابية‪ ،‬تلتزم الت�رشيع يف‬
‫جمال االت�صاالت واملعلومات‪ ،‬على ان تراعى التداخالت التي ميكن ان تطر�أ‪ ،‬مع القوانني املرعية‬
‫الإجراء‪ .‬فالتقنية التي اقتحمت جميع جماالت الن�شاط الإن�ساين‪ ،‬حتولت �إىل قطاع جتاري‪ ،‬وخدماتي‬
‫هي االخرى‪ ،‬وال بد لتنظيمها والقواعد القانونية اخلا�صة بها‪ ،‬ان تتاثر بالقطاعات التي دخلتها‪.‬‬
‫ونورد على �سبيل املثال‪ ،‬ما يفر�ض من �إجراءات وموا�صفات‪ ،‬على الربامج املعلوماتية اخلا�صة‬
‫باال�سواق املالية‪ ،‬بحيث ت�ضمن ال�شفافية‪ ،‬واالطالع على املعلومات‪ ،‬وم�صداقيتها‪ ،‬كما القوة الثبوتية‬
‫للتقارير ال�صادرة عنها‪.‬‬
‫ •ت�شكيل هيئات متخ�ص�صة‪ ،‬من املجال�س النيابية‪ ،‬تتابع ب�شكل خا�ص عمليات الت�رشيع والتنظيم يف‬
‫جمال الأمن ال�سيرباين‪ ،‬ولكن �رشط ان تلتزم �آلية عمل‪ ،‬ت�ؤمن �رسعة �إقرار القوانني‪ ،‬وحتديثها‪ ،‬يف‬
‫الوقت املنا�سب‪.‬‬
‫ •خلق ا�صول اجرائية خا�صة بالتبليغ واالنذار‪ ،‬عن االخرتاقات وت�رسب املعلومات‬
‫ويف الوقت عينه‪� ،‬سيكون الق�ضاء مدعوا‪ ،‬لالجابة عن م�سائل تقليدية‪ ،‬وتطبيق قواعد كال�سيكية‬
‫معروفة‪ ،‬على االو�ضاع اجلديدة‪ ،‬كتحديد �صاحب امل�صلحة يف االدعاء يف حاالت ت�رسب البيانات‪،‬‬
‫وتقرير ما �إذا كان ارتفاع خطر �رسقة الهوية‪ ،‬يعطي ال�شخ�ص حقا يف اللجوء �إىل الق�ضاء‪ .‬وما هي‬
‫امكانية االدعاء على اجلهة التي ت�رسبت البيانات من انظمتها‪ ،‬يف حال عدم وجود رابطة عقدية‪ ،‬وهل‬
‫ميكن عندها ان تتم املالحقة‪ ،‬ب�سبب التخلف عن اعتماد معايري احلماية ال�رضورية‪ .‬كذلك‪ ،‬هل ميكن‬
‫اعتبار عدم االلتزام مبعايري احلماية‪ ،‬خرقا لقانون حماية امل�ستهلك‪ ،‬وم�ستخدم ال�شبكة‪� ،‬إىل ما هنالك من‬
‫م�سائل خا�صة بال�رضر‪ ،‬الذي ميكن على �أ�سا�سه املطالبة بتعوي�ض‪ ،‬وكيفية حتديد هذا التعوي�ض‪.‬‬

‫‪ .5‬البيئة املنا�سبة‬
‫لقد حتول الأمن‪ ،‬مع بروز جمتمع املعلومات‪ ،‬والف�ضاء ال�سيرباين‪� ،‬إىل واحد من قطاع اخلدمات‪ ،‬التي‬
‫ت�شكل قيمة م�ضافة‪ ،‬ودعامة �أ�سا�سية‪ ،‬الن�شطة احلكومات والأفراد‪ ،‬على ال�سواء‪ ،‬كما هو احلال‪،‬‬
‫مع التطبيقات اخلا�صة باحلكومة الإلكرتونية‪ ،‬وال�صحة الإلكرتونية‪ ،‬والتعليم عن بعد‪ ،‬واال�ستعالم‪،‬‬
‫والتجارة الإلكرتونية‪ ،‬وغريها الكثري‪.‬‬
‫�صفحة رقم ‪152‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫وبالرجوع �إىل التعريف الذي ي�ضعه «كتاب الأمن»[‪ ،[[29‬ملاهية �سيا�سة الأمن[‪ ،[[29‬ميكن القول‪ ،‬انه‬
‫جمموع القواعد التي ي�ضعها م�س�ؤولو الأمن يف �إدارة النظام‪ ،‬والتي يجب ان يتقيد بها جميع الأ�شخا�ص‬
‫الذين ميكنهم الو�صول �إليه‪ .‬وهكذا‪ ،‬يعترب مفهوم الأمن مفهوما وا�سعا‪ ،‬يطاول جميع العمليات خالل‬
‫مراحل االت�صال‪ ،‬وانتقال املعلومات‪ ،‬وتخزينها وحفظها‪ .‬لذا ميكن القول‪ ،‬انه ي�شمل‪ ،‬فيما ي�شمل‪� ،‬أمن‬
‫الأنظمة الإلكرتونية‪ ،‬و�أنظمة الت�شغيل‪ ،‬وا�ستثمار الأنظمة‪ ،‬و�أمن الدخول اليها‪ ،‬واىل قواعد املعلومات‬
‫واملواقع‪� ،‬إ�ضافة �إىل �أمن االت�صاالت‪.‬‬
‫وعلى خط مواز‪ ،‬ي�شمل الأمن‪� ،‬أمن املعلومات‪ ،‬لي�س فقط املعنى املادي‪ ،‬اي �ضمان عدم تخريبها‪� ،‬أو‬
‫ت�شويهها والق�ضاء عليها‪� ،‬أو �رسقتها‪ ،‬بل �أي�ضا‪� ،‬ضمان �رسيتها‪ ،‬وعدم اطالع الآخرين عليها‪ ،‬وم�صداقيتها‪،‬‬
‫و�صحتها‪.‬‬
‫اال �أن الوجوه املتعددة للأمن ال�سيرباين‪ ،‬وم�ضاعفاتها اخلطرية‪ ،‬تزيد مهمة القيمني على املو�ضوع تعقيدا‬
‫و�صعوبة‪ ،‬وت�ستدعي مقاربة �شاملة‪ ،‬ومتكاملة‪ ،‬جلميع التحديات التي يطرحها الف�ضاء ال�سيرباين‪ ،‬بحيث‬
‫ت�أتي الردود‪ ،‬واحللول املقرتحة‪ ،‬ناجعة وفاعلة‪ .‬فتحقيقا لأمن‪ ،‬وبناء الثقة يف الف�ضاء ال�سيرباين‪ ،‬من‬
‫�أ�سا�سيات ت�سخري تقنيات املعلومات واالت�صاالت‪ ،‬يف جماالت التنمية خدمة للمجتمعات الإن�سانية‪،‬‬
‫على ما جاء يف التو�صيات ال�صادرة عن القمة العاملية ملجتمع املعلومات‪ ،‬املنعقدة يف تون�س عام ‪.2005‬‬
‫يف هذا الإطار‪ ،‬اعترب املنتدى االقت�صادي الدويل‪ ،‬ان امل�سائل الأ�سا�سية على الأجندة الدولية‪ ،‬هي م�سائل‬
‫االقت�صاد الرقمي‪ ،‬م�شددا على �رضورة التعاون ملواجهة التهديدات واملخاطر ال�سيربانية‪ ،‬لت�أمني البيئة‬
‫املنا�سبة‪ ،‬لالفادة من امكانات تكنولوجيا املعلومات واالت�صاالت يف التنمية‪ ،‬ولو�ضع الإطار الناجع‬
‫لإدارة املخاطر[‪ ،[[30‬وعلى �أهمية الرتكيز على العن�رص الب�رشي‪ ،‬لناحية التدريب والت�أهيل على اال�ستخدام‬
‫الآمن للتقنيات‪.‬‬

‫‪ .6‬العملة الرقمية ‪bitcoins‬‬


‫مع تو�سع التجارة الإلكرتونية‪ ،‬والتبادل اخلدماتي عرب االنرتنت‪ ،‬ويف رد على حاجات امل�ستهلك‪ ،‬كان‬
‫ال بد من تطورات تلحق الع�صب الأ�سا�س للتجارة‪ ،‬ولأ�ساليب املمار�سة‪ ،‬وااليفاء‪ ،‬وغريها من االمور‬
‫املت�صلة مبا�رشة بالن�شاط التجاري‪ .‬وكما كانت العملة الورقية‪ ،‬و�سيلة معتمدة يف التجارة‪ ،‬التي كانت‬
‫تقوم على االت�صال املبا�رش‪� ،‬سواء بني التجار �أنف�سهم‪� ،‬أو بينهم وبني امل�ؤ�س�سات املالية وامل�رصفية‪ ،‬كان‬
‫ال بد من ظهور العملة الرقمية‪ ،‬التي تتنا�سب وطبيعة االت�صاالت‪ ،‬التي تتم اليوم عرب الو�سائل الرقمية‪،‬‬
‫دون ات�صال مبا�رش مع الزبون‪.‬‬
‫فالعملة الرقمية‪ ،‬هي البديل عن النقد الورقي �أو املعدين‪ ،‬الذي ي�ستخدم يف العامل املادي‪ .‬فبا�ستعمال‬

‫‪[298] Security handbook, RFC 2196, définit la politique de sécurité comme étant, « une formalisation des règles auxquelles‬‬
‫‪doivent se conformer les gens qui ont accès aux technologies et a l’information d’une organisation ».‬‬
‫‪[299] Securite- Introduction a la securite informatique. www.commentcamarche.net/secu/secuintro.php. La securite des‬‬
‫‪systemes informatiques se cantonne generalemnenta garantir les droits d’accesausdonnees et ressources d’un systeme en mettant‬‬
‫‪en place des mecanismes d’authentification et de contrôle permettant d’assurer que les utilisateurs des dites ressources possedent‬‬
‫‪uniquement les droits qui leur ont eteoctroyes.‬‬
‫‪[300] Partnering for Cyber Resilience- Risk and Responsibility in a Hyperconnected World - Principles and Guidelines - http://‬‬
‫‪www3.weforum.org/docs/WEF_IT_PartneringCyberResilience_Guidelines_2012.pdf‬‬
‫�صفحة رقم ‪153‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫املال الرقمي‪ ،‬تنتقل اال�صول عرب االنرتنت‪ ،‬بطريقة رقمية‪ ،‬متثل النقد الورقي واملعدين‪ .‬وحتمل العملة‬
‫الرقمية‪� ،‬أرقاما ت�سل�سلية‪ ،‬متاما كالعملة الورقية �أو املعدنية‪ .‬اال �أن النقد الرقمي يختلف عنها‪ ،‬من حيث‬
‫اجلهة التي تتوىل ا�صداره‪.‬‬
‫وي�شري م�صطلح العملة الرقمية‪� ،‬أو النقد الرقمي‪� ،‬إىل املال الذي ينتقل �إلكرتونيا‪ ،‬با�ستخدام �أجهزة‬
‫الكومبيوتر واالت�صاالت‪ ،‬ال�سيما االنرتنت‪ .‬واملثال الذي ي�ساق يف هذا املجال‪ ،‬هو انتقال الأموال[‪،[[30‬‬
‫وااليداع‪ ،‬وايفاء قيمة اخلدمات[‪.[[30‬‬
‫وتعمل بع�ض الأنظمة‪ ،‬متاما كالأنظمة التقليدية‪ ،‬حيث تلج�أ �إىل ايداع العملة التي تتلقاها من الزبون يف‬
‫م�رصف‪ .‬وت�شكل بطاقات االعتماد‪ ،‬مثاال على التعامل بالعملة الرقمية‪ ،‬حيث تتم تغذية هذه البطاقات‪،‬‬
‫عرب �أنظمة مالية �إلكرتونية‪ .‬وتطرح هنا‪ ،‬م�س�ألة �أمان هذه البطاقات‪ ،‬والتحويالت املالية‪ ،‬التي ال بد وان‬
‫جتد حماية يف القانون‪ ،‬متاما كما هو الو�ضع بالن�سبة للنقد الورقي‪ ،‬وذلك �سواء بالن�سبة ل�ضمان قيمتها‪،‬‬
‫حيث يتمتع البع�ض منها بتغطية ذهبية‪� ،‬أو بالن�سبة الثبات الدفع وقيمة ال�سحب‪� ،‬أو الفوائد‪� ،‬أو غري ذلك‬
‫من االمور‪ ،‬املت�صلة ب�أمان عمليات االيفاء‪.‬‬
‫وتتنوع عمليات �رشاء العملة الرقمية‪ ،‬حيث تقوم بع�ض الأنظمة‪ ،‬ببيع عملتها الرقمية مبا�رشة �إىل‬
‫امل�ستخدم ‪ ،Paypal and WebMoney‬بينما تلج�أ �أخرى‪� ،‬إىل البيع من خالل طرف ثالث ‪digital‬‬
‫‪ currency exchangers. e-gold‬اال ان تعريف العملة الرقمية يبقى غري م�ستقر‪� ،‬أو غري دقيق‪ ،‬ال�سيما‬
‫مع التعريفات املتعددة التي اعطيت لها‪ ،‬من قبل منظمات ر�سمية‪.paper [[30[G10 ،‬‬

‫‪ .7‬خماطر وجرائم‬
‫ومع اخلدمات امل�رصفية على االنرتنت‪ ،‬ميكن اليوم حتويل الأموال‪� ،‬رشاء الأ�سهم‪ ،‬دفع ثمن امل�شرتيات‪،‬‬
‫وايفاء الفواتري امل�ستحقة‪ ،‬دون �أي حاجة ال�ستخدام العملة الورقية �أو املعدنية‪� ،‬أو ال�شيكات �أو غريها‬
‫من االوراق‪ ،‬التي متثل قيمة مالية ما‪ .‬وترتافق هذه اخلدمات‪ ،‬مع �أنواع معينة من اجلرائم‪ :‬كال�سطو‪،‬‬
‫واالختال�س‪ ،‬واخلداع‪ ،‬والتحويالت االحتيالية‪ .‬وتعترب هذه املمار�سات‪ ،‬موازية للجرائم التي رافقت‬
‫الن�شاطات املالية وامل�رصفية التقليدية‪ ،‬والتي كانت تفرت�ض �أعماال مادية‪ ،‬تتنا�سب وطبيعة املال املادية‪.‬‬
‫فاملبد�أ يف املنقول‪ ،‬هو �أن احليازة اثبات للملكية‪ .‬اال �أن خماطر خا�صة بطبيعة االنرتنت‪ ،‬ترافق ا�ستخدام‬
‫العملة الرقمية هي الأخرى‪ .‬وتتمثل هذه املخاطر‪ ،‬يف االعطال الإلكرتونية‪ ،‬واالعطال على خطوط‬
‫االت�صال‪� ،‬أو انقطاع الطاقة‪� ،‬أو العرثات التقنية‪ ،‬واالعطال التي ميكن ان تطر�أ على الأنظمة املعلوماتية‪.‬‬
‫هذا‪ ،‬بالإ�ضافة �إىل امل�سائل املتعلقة باخل�صو�صية‪ ،‬وبامكانية تعقب الأ�شخا�ص‪ ،‬ور�صد حركتهم‪،‬‬
‫وتعري�ض معلوماتهم ال�شخ�صية لالنك�شاف‪ ،‬و�رسقة هويتهم‪.‬‬

‫)‪[301] Electronic Funds Transfer (EFT‬‬


‫‪[302] One rare success has been Hong Kong’s Octopus card system, which started as a transit payment system and has grown into‬‬
‫‪a widely used electronic cash system. Another success is Canada’s Interac network, which in 2000 at retail (in Canada) surpassed‬‬
‫‪cash [1] as a payment method. Singapore also has an electronic money implementation for its public transportation system‬‬
‫‪(commuter trains, bus, etc), which is very similar to Hong Kong’s Octopus card and based on the same type of card (FeliCa).‬‬
‫‪www.Wikipedia.com‬‬
‫‪[303] http://cryptome.org/g10emoney.htm‬‬
‫�صفحة رقم ‪154‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫وهكذا ميكن ملبي�ضي الأموال‪ ،‬ان يقوموا بتحويل الأموال املودعة‪� ،‬إىل نقد رقمي؛ بعد امتامهم لعملية‬
‫ايداعها‪ ،‬يف ح�سابات عادية لدى امل�صارف التقليدية‪ ،‬مبا يخفي امكانية تتبعها‪ .‬وميكن الو�صول اليه‪،‬‬
‫من �أي جهاز مو�صول على االنرتنت‪ .‬كما ميكن �أن يلج�أ املبي�ض‪� ،‬إىل ا�ستخدام التلنيت ‪ ،telenet‬بحيث‬
‫يقوم باالت�صال من خالل جهازه بجهاز �آخر‪ ،‬يقع يف بلد �آخر‪ ،‬يتوىل ا�صدار �أمر حتويل الأموال �إىل‬
‫امل�رصف املعني‪ ،‬مبا ي�ساهم يف اخفاء الهوية احلقيقية‪ ،‬مل�صدر االمر‪ .‬ذلك �أن هذه العملية‪ ،‬ت�سقط احتمال‬
‫الربط بني العنوان الإلكرتوين للربوتوكول الذي ا�ستخدم يف عملية النقل‪ ،‬وبني ال�شخ�ص الذي �أ�صدر‬
‫االمر‪ .‬وي�ؤمن ا�ستخدام النقد الرقمي‪ ،‬اخفاء[‪ [[30‬هوية الذي توىل نقل الأموال‪� ،‬سواء بالن�سبة للم�رصف‬
‫الذي �أ�صدره‪� ،‬أو بالن�سبة للبائع الذي تلقى املبلغ‪.‬‬
‫كما ان اجلمع بني التلينيت واملال النقدي‪ ،‬يزيد �صعوبة اقتفاء �أثر ال�شخ�ص‪ ،‬الذي توىل عملية التحويل‪.‬‬
‫كما ميكن ملبي�ضي الأموال‪ ،‬اال�ستفادة من امكانات الدفع على االنرتنت‪ ،‬ومنها‪ :‬ا�ستخدام بطاقات‬
‫االعتماد‪� ،‬سواء بت�شفري ارقامها وانتقالها على �شبكة مفتوحة‪� ،‬أو عرب التحقق من �أرقامها دون ا�ستخدام‬
‫االت�صال املبا�رش‪� ،‬أو عرب ا�ستخدام ال�شيك الإلكرتوين على االنرتنت‪ ،‬وت�صفية قيمته خارجها‪ .‬وال �شيء‬
‫مينعهم من اللجوء‪� ،‬إىل ا�ستعمال البطاقات الذكية‪� ،‬أو البطاقات التي ميكن تعبئة قيمتها ‪stored value‬‬
‫‪� ،card‬أو املحفظة الإلكرتونية‪ ،‬التي يتم فيها‪ ،‬انتقال العملة الرقمية وت�صفيتها على ال�شبكة يف وقت‬
‫التحويل‪ ،‬و�إن كانت هذه الطريقة‪ ،‬ال ت�ستخدم‪ ،‬اال يف �إيفاء ثمن امل�شرتيات‪ ،‬ذات القيمة املنخف�ضة‬
‫واملحدودة‪.‬‬
‫لذلك‪ ،‬يعترب توفري الغفلية التامة ‪ ،anonymity‬مل�ستخدم نظام مايل رقمي‪ ،‬حافال مبخاطر فتح املجال‬
‫�أمام اجلرمية الكاملة‪� ،‬أي تلك التي ال ميكن ك�شفها‪ ،‬ال�سيما عندما ميكن حتويل املال‪ ،‬با�ستخدام هوية‬
‫�شخ�ص �آخر‪ ،‬دون ال�سماح بامكانية التعقب‪ .‬لهذا‪ ،‬كان ال بد من حلظ غفلية م�رشوطة‪ ،‬بعدم ح�صول‬
‫�أي جرم‪ ،‬من خالل احل�ساب العائد لل�شخ�ص املغفل‪ ،‬حيث ي�سمح يف حال العك�س‪ ،‬باالف�صاح عن‬
‫هويته‪ ،‬وبتعقب حركته‪.‬‬

‫‪ .8‬ت�سهيل تبيي�ض الأموال‬


‫يعترب التزام القاعدة القانونية‪ ،‬واملمار�سات التجارية امل�ستقيمة‪ ،‬ال�شفافة‪ ،‬والنزيهة‪� ،‬ضمانا ل�سالمة‬
‫النظام االجتماعي واالقت�صادي واال�سواق املالية‪ .‬لذا كان طبيعيا‪� ،‬أن ميتد االهتمام باخ�ضاع املعامالت‬
‫االقت�صادية واملالية والتجارية‪ ،‬يف الف�ضاء ال�سيبريي‪� ،‬إىل القاعدة القانونية التي ت�ضمن �سالمتها‪ ،‬و�سالمة‬
‫املجتمع‪ ،‬الذي جتري يف �إطاره‪ ،‬ومتنع حتول التقنيات �إىل �أداة يف خدمة اجلرمية‪ ،‬وانت�شارها‪.‬‬
‫من هنا يرتافق اللجوء �إىل تكنولوجيا املعلومات واالت�صاالت‪ ،‬يف اجناز املعامالت امل�رصفية واملالية‪ ،‬من‬
‫حتويل �أموال ودفع وفتح اعتمادات‪ ،‬مع ت�صاعد االهتمام املحلي والدويل‪ ،‬ب�إيجاد ال�سبل والآليات‪،‬‬
‫التي ت�سمح للقانون‪ ،‬لي�س فقط بالوجود‪ ،‬وامنا �أي�ضا‪ ،‬باالحتفاظ بفاعليته‪ ،‬يف مكافحة اجلرمية‪ ،‬ب�شكل‬
‫‪[304] ANDRONIKI N. TZIVANAKI- UNIVERSITY OF LEICESTER, ATHENS JANUARY 2001, Information Society services‬‬
‫‪in Southeastern Europe as a means for money laundering. “total anonymity affords criminals the ability to launder money and‬‬
‫‪engage in other illegal activity in ways that circumvent law enforcement.” 16 Combined with encryption or steganography17 and‬‬
‫‪anonymous remailers18, electronic cash19 becomes a very powerful medium”.‬‬
‫�صفحة رقم ‪155‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫عام‪ ،‬وجرمية تبيي�ض الأموال‪ ،‬ب�شكل خا�ص ‪ ،‬وذلك يف مواجهة ازدياد �صعوبة ك�شف هذه اجلرمية[‪،[[30‬‬
‫عندما ت�ستعني بالتكنولوجيا‪ .‬اذ تقدم هذه الأخرية‪ ،‬امكانات لإدارة العديد من احل�سابات واخلدمات‬
‫امل�رصفية‪ ،‬من قبل �شخ�ص واحد‪ ،‬من �أي مكان يف العامل‪ ،‬دون �أي ات�صال مادي بينه وبني امل�ؤ�س�سة‪� ،‬أو‬
‫امل�رصف الذي يوفر له اخلدمات‪.‬‬
‫فال�رسية عامل �أ�سا�سي‪ ،‬يف اخفاء �أثر الأموال القذرة‪ ،‬وطم�س عالقتها باجلرمية‪ .‬ومن هنا‪ ،‬اعتبار‬
‫الغفلية على االنرتنت‪ ،‬من العنا�رص التي ت�شجع مبي�ضي الأموال‪ ،‬على اللجوء �إىل ا�ستخدام امكاناتها‪.‬‬
‫واالنرتنت‪ ،‬تتيح امكانية فتح ح�سابات‪ ،‬دون انتقال �شخ�صي �إىل امل�رصف‪ ،‬ودون احتكاك مبا�رش مع‬
‫املعنيني فيه‪� ،‬إ�ضافة �إىل اختيار �أ�سماء وهمية‪� ،‬أو اعتماد جمرد �أرقام‪ ،‬للتعريف عن �صاحب احل�ساب‪.‬‬
‫فمع التكنولوجيا‪ ،‬حتولت البنية التحتية املالية‪� ،‬إىل نظام ت�شغيل دائم احلركة‪ ،‬ال تتوقف فيه حركة انتقال‬
‫الأموال‪ ،‬ال�سيما وان دخول املال القذر‪ ،‬يف االقنية امل�رصفية العاملية‪ ،‬يجعل تعقبه‪ ،‬ور�صد حركته‪� ،‬أكرث‬
‫�صعوبة‪.‬‬
‫وكانت ال‪ ،FATF‬قد �أ�شارت �إىل هذا الواقع‪ ،‬يف �أحد التقارير ال�صادر عن خرباء لديها‪ ،‬يف مو�ضوع‬
‫اخلدمات امل�رصفية الإلكرتونية‪ ،‬حيث اعتربت �أن هذه الأخرية‪ ،‬ت�شكل و�سيلة جديدة‪ ،‬ت�سهل عمل‬
‫مبي�ضي الأموال‪ ،‬اذ ت�ساعدهم على اخفاء هويتهم‪ ،‬ما يرفع م�ستوى ال�رسية‪ ،‬التي ت�ضمن هام�شا �أكرب من‬
‫الأمان‪ ،‬لدى تنفيذ مراحل التبيي�ض املختلفة‪.‬‬
‫ويدخل تبيي�ض الأموال‪ ،‬يف دائرة اجلرمية املنظمة ‪ ،‬التي ت�ستخدم الف�ضاء ال�سيبريي‪ ،‬كم�صدر جديد‬
‫للعائدات والأموال[‪ ،[[30‬والتي ا�ستطاعت االفادة من تكنولوجيا املعلومات واالت�صاالت‪ ،‬عرب اجلمع‬
‫بني امكانات الو�سائل الإلكرتونية‪ ،‬والو�سائل التقليدية‪ ،‬بحيث ازدادت �صعوبة ك�شف م�صدر الأموال‬
‫القذرة‪ ،‬وتتبع حركتها‪ .‬فاجلرمية املنظمة‪ ،‬بحاجة �إىل اخفاء امل�صادر القذرة لعائداتها‪ ،‬بغية حمو الأثر‬
‫الذي يربطها باجلرمية‪ ،‬التي نتجت عنها‪ .‬لذا ف�إنها تلج�أ �إىل تبيي�ضها‪ ،‬عرب �سل�سلة من الأعمال‪ ،‬التي‬
‫تهدف �إىل ادخال املال يف الدورة االقت�صادية‪ ،‬مبا ي�ضفي عليه ال�صفة ال�رشعية‪ ،‬ويعطيه م�صدرا نظيفا‪،‬‬
‫ال يثري ال�شبهات حول الأ�شخا�ص الذين يتعاملون به‪ .‬ومن هنا‪ ،‬تعترب مكافحة تبيي�ض الأموال‪ ،‬جزءا‬
‫من مكافحة اجلرمية املنظمة[‪ .[[30‬وغني عن القول‪ ،‬ان املوظفني الر�سميني‪ ،‬كما امل�س�ؤولني ال�سيا�سيني‬
‫الفا�سدين‪ ،‬بحاجة �إىل تبيي�ض �أموال الر�شوة‪ ،‬والأموال املختل�سة من اخلزينة‪ ،‬ومن امل�ساعدات الدولية‪،‬‬
‫التي تخ�ص�ص لدعم النمو يف بالدهم‪.‬‬
‫ي�شكل الربنامج العاملي ملكافحة تبيي�ض الأموال[‪ ،[[30‬العن�رص الأ�سا�س‪ ،‬الذي ي�ستخدمه جهاز مكافحة‬
‫اجلرمية واملخدرات‪ .‬فمن خالل هذا الربنامج‪ ،‬متكنت الأمم املتحدة من م�ساعدة الدول املختلفة‪ ،‬على‬
‫ادخال ت�رشيعات ملكافحة تبيي�ض الأموال‪ ،‬وعلى دعم وتطوير �آليات مكافحة هذه اجلرمية‪ ،‬عرب ت�شجيع‬

‫‪[305] The Ten Fundamental Laws of Money Laundering, “The greater the facility of using cheques, credit cards and other non-‬‬
‫‪cash instruments for effecting illegal financial transactions, the more difficult it is to detect money laundering”.United Nations‬‬
‫‪office on Drug and crime.‬‬
‫‪[306] With the growing amount of financial data stored and transmitted online, the ease of computer intrusions add to the‬‬
‫‪severity of traditional crimes such as identity theft; to putthis in perspective for the digital ageover USD$222 billion in losses were‬‬
‫‪sustained to the global economy as a result of identity theft. Of this $222B most was laundered online through various e-channels.‬‬
‫‪http://cybrinth.com/uploads/Money%20Laundering%20in%20Cyberspace.pdf‬‬
‫األموال القذرة تستخدم فقط بطريقة مبارشة‪ ،‬يف متويل األعامل اإلرهابية ]‪[307‬‬
‫)‪[308] Global Programme against Money Laundering (GPML‬‬
‫�صفحة رقم ‪156‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫تطوير �سيا�سات مكافحة التبيي�ض‪ ،‬وتقدمي امل�ساعدة التقنية‪ ،‬واعداد الدورات التدريبية‪ ،‬ونقل اخلربات‬
‫�إىل العاملني يف امل�ؤ�س�سات املالية‪ ،‬والهيئات الق�ضائية‪ ،‬والأمنية‪ ،‬واال�رشاف على درا�سة املو�ضوع‪،‬‬
‫وحتليله‪ ،‬والتوعية حول خطورة هذه اجلرمية‪.‬‬
‫وقد �أوردت التو�صية الأوروبية‪ ،‬ملكافحة تبيي�ض الأموال‪ ،‬يف هذا ال�سياق‪� ،‬أن مكافحة تبيي�ض الأموال‪،‬‬
‫هي من الو�سائل الأكرث فاعلية يف الت�صدي للجرمية املنظمة[‪ ،[[30‬ويف مقدمها‪ :‬االجتار غري امل�رشوع‬
‫باملخدرات وامل�ؤثرات العقلية‪ ،‬والدعارة‪ ،‬والف�ساد‪.‬‬

‫�أ‪ -‬التبيي�ض وتهديد االقت�صاد‬


‫ولتبيي�ض الأموال �أثر �سيئ على الأعمال‪ ،‬كما على النمو‪ ،‬وعلى االقت�صاد‪ ،‬ودور �أكيد يف دعم اجلرمية‬
‫املنظمة والف�ساد‪ ،‬كونه يرفدها بالإمكانات املالية ال�رضورية‪ ،‬لتجنيد املزيد من املجرمني والفا�سدين‪.‬‬
‫وي�ؤدي التغا�ضي عن تبيي�ض الأموال‪� ،‬إىل ت�آكل االقت�صاد‪ ،‬يف البلد الذي ميار�س فيه‪ ،‬وذلك عرب التغريات‬
‫التي يدخلها على حركة النقد‪ ،‬وقيمة الفوائد والت�ضخم‪ ،‬ومن ثم عرب تبخر ماليني الدوالرات �سنويا‪،‬‬
‫بعد ا�ستثمارها يف الدورة االقت�صادية ال�رشعية‪ .‬ويف هذا الت�أثري ال�سلبي على االقت�صاد املحلي‪ ،‬ت�أثري ال بد‬
‫�أن ي�ست�شعره االقت�صاد العاملي‪.‬‬
‫�أما البلدان التي تت�ساهل مع �ضخ �أموال قذرة يف اقت�صادها‪ ،‬كعامل م�ساعد على االمناء‪ ،‬فانها وال �شك‪� ،‬ستجد‬
‫�صعوبة كبرية يف ا�ستقطاب عمليات اال�ستثمار‪ ،‬على املدى الطويل‪ ،‬والثابت‪ ،‬من قبل امل�ؤ�س�سات‪ ،‬والهيئات‬
‫النظيفة ال�سمعة‪ .‬فهذه الأخرية تبحث عن اال�ستقرار‪ ،‬والإدارة اجليدة‪ ،‬وحكم القانون‪� ،‬أي عن العوامل التي‬
‫ت�ساعدها على دعم التطور‪ ،‬والنمو امل�ستمر‪ ،‬على املدى الطويل‪ .‬و�أهم �رشوط هذه اجلرمية هي ال�رسية‪.‬‬
‫والقاعدة �أن ر�ؤو�س الأموال الباحثة عن ال�رشعية‪ ،‬ال ت َْبني اقت�صادا‪ ،‬وال حتقق تنمية اقت�صادية حقيقية‪،‬‬
‫حيث ال يهتم غا�سلو الأموال باجلدوى االقت�صادية لال�ستثمار‪ ،‬قدر اهتمامهم بالتوظيف‪ ،‬الذي ي�سمح‬
‫بتبيي�ض تلك الأموال‪ .‬ولعل الأخطر من هذا كله‪ ،‬هو العالقة بني تبيي�ض الأموال والإرهاب[‪ .[[31‬ففي‬
‫كلمة لرئي�س جمموعة العمل املالية‪ ،Groupe d’Action Financière ،‬التي �ألقاها يف باري�س‪ ،‬بتاريخ‬
‫‪ 29‬حزيران ‪ ،2007‬حول تقرير مف�صل �أعدته نتيجة درا�سة عن و�سائل تبيي�ض الأموال‪ ،‬يف قطاع‬
‫العقارات‪� ،‬إ�شارة وا�ضحة‪� ،‬إىل ا�ستخدام مناذج مت�شابهة‪ ،‬من عمليات اال�ستثمار والتمويل ‪ ،‬يف تبيي�ض ‬
‫الأموال ويف متويل االن�شطة الإرهابية[‪ .[[31‬االمر الذي ي�شري اىل‪� ،‬رضورة ا�ضطالع الدول‪ ،‬مب�س�ؤولية‬
‫ال�سهر على عدم حتويل الطرقات ال�رسيعة للمعلومات‪� ،‬إىل طرق �رسيعة و�آمنة لتبيي�ض الأموال‪ ،‬ملا بني‬
‫هذه اجلرمية‪ ،‬واجلرائم اخلطرية الأخرى‪ ،‬من ترابط وثيق‪ ،‬جعل الدول تتعاون على مكافحتها‪ ،‬منذ ما‬
‫قبل بروز الف�ضاء ال�سيبريي‪.‬‬
‫يف مقدمة التوصية األوروبية ملكافحة تبييض األموال ]‪[309‬‬
‫‪Council Directive 91/308/EEC of 10 June 1991 on prevention of the use of the financial system for the purpose of money‬‬
‫‪laundering. Moreover, the preamble of the above mentioned EC Directive acknowledges: “combating money laundering is one of‬‬
‫‪the most effective means of opposing [organized crime in general and drug trafficking in particular]”.‬‬
‫كتاب تبييض األموال واإلرهاب‪ :‬تعقب الجرمية عرب القنوات املالية‪ -‬منشورات ايدريل بريوت ‪ 2004‬د‪ .‬منى االشقر ود‪ .‬محمود جبور ]‪[310‬‬
‫‪[311] M. Frank Swedlove, Président du Groupe d’action financière. Résumé du Président, Paris, réunion plénière, 27 au 29 juin‬‬
‫‪2007, 29 Juin 2007, « Le rapport sur le blanchiment de capitaux et le financement du terrorisme dans le secteur immobilier‬‬
‫‪étudie les vulnérabilités de ce secteur au regard du blanchiment de capitaux et du financement du terrorisme. Il s’agit du premier‬‬
‫‪rapport approfondi du GAFI sur cette question. Il identifie les méthodes les plus courantes de blanchiment de capitaux associées‬‬
‫‪aux opérations, aux investissements et au financement dans le secteur immobilier. Ce projet démontre que ces mêmes méthodes‬‬
‫‪ont été utilisées dans des schémas financiers potentiellement liés à des activités terroristes ».‬‬
‫�صفحة رقم ‪157‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫ب‪ -‬و�سائل جديدة وردود مالئمة‬


‫وتت�شابه طبيعة جرمية تبيي�ض الأموال‪ ،‬وطبيعة اجلرمية ال�سيبريية‪ ،‬من حيث عبورها احلدود‪ ،‬وظهور‬
‫�آثارها يف مكان‪ ،‬غري ذلك الذي وقعت فيه اجلرمية‪ ،‬التي �أنتجت الأموال‪ .‬وعلى غرار الف�ضاء ال�سيبريي‪،‬‬
‫ت�شكل هذه اجلرمية‪ ،‬حتديا ديناميكيا‪ ،‬للقانون و�آليات تطبيقه‪ .‬وذلك‪ ،‬نظرا للتحوالت امل�ستمرة التي‬
‫تطر�أ على و�سائل و�أ�ساليب التبيي�ض‪ ،‬املعتمدة من قبل املجرمني‪ ،‬ما يعني تغيريا وتطورا م�ستمرين‪،‬‬
‫لو�سائل و�أ�ساليب املكافحة‪.‬‬
‫فمن املتعارف عليه‪ ،‬انه ال بد لأ�سلوب مواجهة �أي جرمية‪ ،‬من �أن يواكب �أ�سلوب ارتكابها‪ .‬وال ينفك‬
‫اجلناة يف جرائم تبيي�ض الأموال‪ ،‬ي�ستنبطون و�سائل و�أ�ساليب جديدة‪ ،‬يف ارتكاب جرائمهم‪ ،‬فكان‬
‫�أن جل�أوا م�ؤخرا‪� ،‬إىل امكانات الو�سائط الإلكرتونية‪ ،‬واهمها ا�ستعمال الكومبيوتر‪ ،‬و�شبكة الإنرتنت‪،‬‬
‫وبرامج االخرتاق للح�سابات امل�رصفية‪ ،‬وذلك للتالعب بها‪ ،‬ونقلها‪ ،‬وحتويلها عن بعد‪.‬‬
‫لذا‪ ،‬يبدو من ال�رضوري‪� ،‬أن ت�ستعمل امل�ؤ�س�سات امل�رصفية‪ ،‬الأنظمة امل�ضادة لهذا االخرتاق‪ ،‬وان تراقب‬
‫حركة احل�سابات �إلكرتوني ًا‪� ،‬سواء يف ذلك‪ ،‬حركات ال�سحب‪� ،‬أو الإيداع‪� ،‬أو التحويل‪� ،‬أو النقل من‬
‫الداخل �إىل اخلارج‪� ،‬أو العك�س‪ .‬كما يبدو �رضوريا �أي�ضا‪ ،‬جلوء �أجهزة املكافحة والأمن‪� ،‬إىل الو�سائل‬
‫الإلكرتونية‪ ،‬هي الأخرى‪� ،‬سواء منها الأجهزة �أو الربامج‪.‬‬
‫فتبيي�ض الأموال‪ ،‬كما الف�ضاء ال�سيبريي‪ ،‬ظاهرة عاملية‪ ،‬تطاول تقريبا املجتمعات كافة‪ ،‬ما ي�ستدعي‬
‫متابعة ومعاجلة‪ ،‬تت�ضافر فيهما جهود البلدان املختلفة‪ ،‬الجناح تدابري املكافحة‪.‬‬

‫ج‪ -‬مراحل التبيي�ض‬


‫تعرف االتفاقية الأوروبية تبيي�ض الأموال بانه‪ :‬كل حتويل �أو نقل مللكية‪ ،‬مع العلم امل�سبق‪� ،‬أن هذه امللكية‬
‫ناجتة عن ن�شاط جرمي‪� ،‬أو عن م�شاركة فيه‪ ،‬وذلك بغر�ض اخفاء �أو متويه امل�صدر غري ال�رشعي للملكية‪،‬‬
‫�أو بغر�ض م�ساعدة �أي �شخ�ص متورط يف ارتكاب ن�شاط مماثل‪ ،‬للتمل�ص من النتائج القانونية لهكذا‬
‫عمل‪ .‬وعليه‪ ،‬فتبيي�ض الأموال هو امتالك‪ ،‬وحيازة‪� ،‬أو ا�ستعمال الأموال‪ ،‬مع معرفة م�صدرها اجلرمي‪،‬‬
‫عند وقت تلقي امللكية‪.‬‬
‫وال تختلف مراحل جرمية تبيي�ض الأموال‪ ،‬عند ا�ستخدام الو�سائل الإلكرتونية‪ ،‬عنها يف الو�سائل‬
‫التقليدية‪ ،‬بل تبقى هي نف�سها‪� ،‬أي االيداع‪ ،‬والتكدي�س‪ ،‬واعادة �ضخ الأموال يف الدورة االقت�صادية‬
‫ال�رشعية‪.‬‬
‫ويعترب االيداع‪ ،‬املرحلة الأوىل واال�صعب‪ ،‬النها اال�شد خطورة لناحية احتماالت ك�شف املجرمني‬
‫فيها‪� .‬أما املرحلة الثانية‪ ،‬فهي املرحلة التي تتم خاللها تغطية م�صدر املال‪ ،‬بحيث ي�صعب على ال�سلطات‬
‫املعنية ك�شفه‪ ،‬يف حال حاولت اال�ستق�صاء والبحث‪� .‬أما اعادة �ضخ املال‪ ،‬فهي املرحلة‪ ،‬التي ت�ضفي‬
‫ال�صورة ال�رشعية الظاهرية‪ ،‬على هذا املال‪.‬‬
‫�صفحة رقم ‪158‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫وت�سمح تكنولوجيا املعلومات واالت�صاالت‪ ،‬بتحريك املال القذر‪ ،‬يف جميع مراحل التبيي�ض‪ ،‬بدءا من‬
‫مرحلة االيداع‪ ،‬مرورا بتوظيف هذا املال يف م�شاريع وهمية‪ ،‬يعلن عنها على االنرتنت‪ ،‬وتخ�ص�ص‬
‫لها املواقع‪ ،‬وحتدد �أ�ساليب و�رشوط االكتتاب‪ ،‬و�صوال �إىل اال�ستثمار بعد ذلك‪ ،‬يف م�شاريع قانونية‪،‬‬
‫والدخول يف الدورة االقت�صادية‪.‬‬
‫فعلى االنرتنت مثال‪ ،‬ميكن فتح ح�سابات �إلكرتونية‪� ،‬إىل جانب احل�سابات العادية‪ ،‬وحتريك الأموال‬
‫املودعة فيها جميعا‪ ،‬عن بعد‪ ،‬ويف وقت واحد‪.‬‬
‫ومع اخلدمات امل�رصفية الإلكرتونية‪ ،‬التي تقدمها معظم امل�صارف‪ ،‬ميكن القيام بعمليات معقدة‪ ،‬ينتقل‬
‫بها املال عن بعد‪ ،‬من ح�ساب �إىل �آخر‪ ،‬ومن م�رصف �إىل �آخر‪ ،‬ومن قارة �إىل قارة اخرى‪� ،‬إلكرتونيا‪،‬‬
‫وتلقائيا‪ ،‬بح�سب توقيت يحدد ب�شكل م�سبق‪ ،‬يربمج بطريقة �أوتوماتيكية‪ ،‬وال ي�ستدعي �أي تدخل‪،‬‬
‫كاالنتقال ال�شخ�صي �إىل امل�رصف‪ ،‬والتوقيع من قبل �صاحب احل�ساب‪.‬‬

‫د‪� -‬آليات التبيي�ض‬


‫يفرت�ض اال�سلوب التقليدي يف تبيي�ض الأموال‪ ،‬بذل جهود مادية‪ ،‬مثل نقل الأموال‪ ،‬وجمعها‪ ،‬واالنتقال‬
‫�إىل امل�رصف اليداعها‪ .‬وذلك باعتماد �أ�ساليب متويهية‪ ،‬واحلر�ص على عدم لفت انتباه ال�سلطات املعنية‬
‫مبراقبة الدخل‪ ،‬مبا ميكن �أن يثري الت�سا�ؤل وال�شبهات‪ ،‬حول م�صدر الأموال املودعة‪ .‬لذا غالبا ما جل�أ‬
‫املبي�ضون �إىل ار�سال الأموال النقدية‪� ،‬إىل م�صارف خارج البالد‪ ،‬التي وقعت فيها اجلرمية‪ ،‬وحتديدا‪،‬‬
‫باجتاه بالد ذات �أنظمة رقابة مت�ساهلة‪� ،‬أو باجتاه البالد التي تعترب مبثابة اجلنات ال�رضيبية‪ .‬هذا عدا عن‬
‫�أعمال الر�شوة‪ ،‬وعمليات �رشاء العقارات‪ ،‬والأموال العينية االخرى‪.‬‬
‫وكان املبي�ضون قد حرموا‪ ،‬من امكانية ايداع مبالغ تتجاوز حدا معينا من املال‪ ،‬بعد �إقرار قوانني‬
‫ملكافحة تبيي�ض الأموال‪ ،‬تن�ص‪ ،‬فيما تن�ص‪ ،‬على �رضورة تقدمي ت�رصيحات خا�صة‪ ،‬حول م�صدر الأموال‪،‬‬
‫والن�شاط الذي يقومون به‪ .‬وقد ا�ضطرهم هذا االمر‪� ،‬إىل �إجراء عمليات ايداع متعددة‪ ،‬وا�ستخدام عدد‬
‫من العمالء المتام هذه العمليات‪ ،‬مع ما يعنيه ذلك‪ ،‬من �رضورة االنتقال‪ ،‬من م�رصف �إىل �آخر‪� ،‬أو من‬
‫فرع �إىل �آخر‪.‬‬
‫�أما اليوم‪ ،‬فقد �سمحت لهم تكنولوجيا املعلومات واالت�صاالت‪ ،‬بتجاوز هذا احلرمان‪ ،‬عندما �أزالت‬
‫العوائق املادية‪ ،‬التي كانت مفرو�ضة على انتقال الأموال‪ ،‬بدءا من جمعها‪ ،‬مرورا بنقلها‪ ،‬و�صوال �إىل‬
‫ايداعها‪ ،‬م�ضيفة �إليها تقنيات الت�شفري‪ ،‬التي ت�ساعدهم على �إجراء عملياتهم املالية‪ ،‬ب�رسية تكاد تكون‬
‫تامة‪ .‬اذ ميكن �أن تنتقل الأموال عرب االنرتنت‪ ،‬من بلد �إىل �آخر‪ ،‬ومن م�رصف �إىل �آخر‪ ،‬ومن عملة �إىل‬
‫�أخرى‪ ،‬دون �أي حاجز �أو مانع مادي‪ ،‬يعر�ض ناقلها �إىل االنك�شاف‪� ،‬أو يعر�ضها لل�ضياع وللتلف‪.‬‬
‫كذلك‪ ،‬تفتح االنرتنت جماالت وا�سعة لال�ستثمارات‪ ،‬بدءا من اال�ستثمار يف ملكية ال�شبكات‪ ،‬مرورا‬
‫باال�ستثمار يف �رشاء الأجهزة والربامج‪ ،‬و�صوال �إىل �إن�شاء ال�رشكات وامل�ؤ�س�سات التجارية‪ ،‬التي تقدم‬
‫اخلدمات‪ ،‬وجتري ال�صفقات التجارية‪ .‬من هنا‪ ،‬ال بد من تنظيم الأعمال التجارية‪ ،‬لي�س فقط انطالقا من‬
‫�رضورة حماية اال�ستثمارات‪ ،‬وت�أمني عامل الثقة‪ ،‬بل �أي�ضا‪ ،‬من احلاجة �إىل منع ا�ستثمار جزء من الن�شاط‬
‫�صفحة رقم ‪159‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫التجاري‪ ،‬يف خدمة اجلرائم االقت�صادية‪ ،‬ال�سيما منها‪ ،‬تلك التي ترتبط بالإرهاب‪ ،‬وبتجارة املواد املمنوعة‪،‬‬
‫كاملخدرات‪ ،‬وامل�ؤثرات العقلية‪ .‬فالتحويالت املالية الرقمية‪ ،digital transactions ،‬ت�صبح �أكرث �سهولة‬
‫يف النقد الرقمي ‪ ،digital cash‬و�أكرث قدرة على خدمة تبيي�ض الأموال‪ ،‬يف التحويالت التي تتم دون‬
‫حتديد لهوية الأ�شخا�ص �أ�صحاب النقد‪ ،‬ذلك �إنها ال ترتك �أثرا يف �سجالت‪ ،‬ميكن اعتمادها يف املالحقة‪،‬‬
‫وتتبع �أثر املجرمني‪.‬‬

‫هـ‪ -‬هيئات املكافحة‬


‫نتيجة ملا تقدم‪ ،‬كان طبيعيا �أن تبادر الدول احلري�صة على مكافحة جرمية تبيي�ض الأموال‪� ،‬إىل ت�أمني‬
‫مواكبة �أكرث مالئمة حلركة الأموال‪ ،‬على م�ستوى الت�رشيع‪ ،‬والتعاون القانوين الدويل‪ .‬وبالفعل‪ ،‬فقد‬
‫ان�شئت العديد من الهيئات املتخ�ص�صة‪ ،‬الإقليمية والدولية‪ ،‬يف خمتلف قارات العامل‪ ،‬وح�شدت الدول‬
‫جهودها‪ ،‬لتحقيق جناح هذه املكافحة‪ ،‬وان باحلد املمكن[‪.[[31‬‬
‫وقد �أدى هذا الأمر‪� ،‬إىل بروز عدة هيئات على ال�ساحة الدولية‪ ،‬تتعاون فيما بينها‪ ،‬ملكافحة جرائم‬
‫مكافحة تبيي�ض الأموال‪ .‬ففي عام ‪ ،1992‬مت توقيع اتفاقية ما�سرتاخت‪ ،‬التي ن�صت على �إن�شاء هيئة‬
‫االيروبل ‪ ،Europol‬وهي هيئة معلومات بدا ن�شاطها عام ‪ ،1994‬ملكافحة االجتار باملخدرات واجلرمية‬
‫املنظمة‪ .‬ويف العام ‪ ،1995‬وقعت �إتفاقية االيروبل‪ ،‬بهدف ت�أكيد التعاون الدويل يف مكافحة اال�شكال‬
‫اخلطرية للإجرام الدويل‪ :‬ومنها جرائم تبيي�ض الأموال‪ .‬ويف فرن�سا‪ ،‬ان�شئت هيئة تراكفني ‪Tracfin‬‬
‫مبوجب القانون ال�صادر يف ‪ 12‬يوليو ‪ ، 1990‬وهي �إحدى هيئات وزارة االقت�صاد واملالية‪ ،‬وتخت�ص‬
‫بتلقي املعلومات من امل�ؤ�س�سات املالية ‪ ،‬لتقوم من ثم بتحليلها وا�ستخال�ص النتائج‪ ،‬فيما يتعلق بجرائم‬
‫تبيي�ض الأموال‪ .‬ويف بريطانيا العظمى‪ ،‬مت �إن�شاء وحده مالية تخت�ص بتتبع تبيي�ض الأموال‪ ،‬ذات امل�صدر‬
‫غري امل�رشوع‪ ،‬وتهريب املخدرات‪� ،‬أطلق عليها‪ ،‬ا�سم ‪ ،NCIS‬وهي �إدارة وحتليل معلومات‪،‬حول‬
‫عمليات م�شتبه فيها‪ ،‬مت �ضبطها من قبل ال�رشطة املعنية‪.‬‬
‫كما �أن�شئت يف الربتغال‪ ،‬على غرار هذه الهيئات‪ ،‬هيئة ‪ [[31[DCCCFIEF‬وهي الإدارة املركزية ملكافحة‬
‫الف�ساد‪ ،‬والتحايل‪ ،‬واجلرائم االقت�صادية واملالية‪ ،‬ويف بلجيكا هيئة ‪ ،CTIF‬والتي ان�شئت عام ‪،1993‬‬
‫وهي وحدة ملعاجلة املعلومات املالية‪ .‬ويف هولندا هيئة ‪ MOT‬عام ‪ .1993‬ويف م�رص وحدة مكافحة‬
‫تبيي�ض الأموال عام ‪ .2002‬وقد �أكدت اتفاقية املجل�س الأوروبي‪ ،‬التي �صدرت يف �سرتا�سبورج‪ ،‬عام‬
‫‪ ،1995‬على حق الدول الأع�ضاء يف االتفاقية‪ ،‬ان تطلب من بع�ضها البع�ض‪ ،‬املعلومات الالزمة‪ ،‬التي‬
‫ت�ساعدها يف ك�شف جرائم تبيي�ض الأموال‪ ،‬الناجتة عن جرائم وقعت على االقليم‪ ،‬اخلا�ضع ل�سيادتها‪.‬‬

‫و‪ -‬دور القطاع امل�رصيف‬


‫حتتاج امل�صارف �إىل امل�صداقية وال�سمعة احل�سنة‪ ،‬كي حتوز ثقة املتعاملني معها‪ ،‬ال بل �أن جناحها يقوم‪،‬‬
‫�إىل حد كبري‪ ،‬على مدى توافر هذا العن�رص لديها‪ ،‬كونها تتعامل ب�أموال الغري‪ .‬ومن هنا �أهمية تنبهها �إىل‬
‫‪[312] The United Nations, the Bank for International Settlements, the OECD›s FATF (Financial Action Task Force), the EU, the‬‬
‫‪Council of Europe, the Organisation of American States, all published anti-money laundering standards. Regional groupings‬‬
‫‪were formed (or are being established) in the Caribbean, Asia, Europe, southern Africa, western Africa, and Latin America.‬‬
‫‪[313] Directorate for the fight Against Corruption, Fraud, and Economic and Financial Infringements. Portugal. http://www.‬‬
‫‪palgrave.com/PDFs/0333802985.PdfJames L. Newell and Martin J. Bull‬‬
‫�صفحة رقم ‪160‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫�سمعتها‪ ،‬التي لن تبقى �سليمة‪ ،‬مع انخراطها يف عمليات تبيي�ض الأموال‪ .‬فامل�ؤ�س�سات املالية املحرتمة‬
‫والكبرية‪ ،‬لن تتعامل مع م�ؤ�س�سات مالية ذات �سمعة �سيئة‪ ،‬وامل�صارف ذات ال�سمعة اجليدة �ستهتز‪ ،‬لو‬
‫تعاملت مع املجرمني‪ .‬و�ستحجم كربيات امل�ؤ�س�سات االقت�صادية‪ ،‬حتى املتورطة منها‪ ،‬على التعامل‬
‫معها‪ ،‬خوفا على �سمعتها هي الأخرى‪ ،‬وعلى �صورة �أموالها‪ ،‬ونظافة م�صدرها‪.‬‬
‫وي�شكل ا�ستثمار امل�صارف لأموال الودائع لديها‪ ،‬تغطية منا�سبة‪ ،‬ومرحلة هامة لتبيي�ض الأموال‪ ،‬كونها‬
‫تخلط الأموال القذرة‪ ،‬بالأموال النظيفة �أوال‪ ،‬وت�ؤدي الفوائد �إىل �أ�صحاب ر�ؤو�س الأموال امل�ستثمرة‪،‬‬
‫ثانيا‪ .‬وت�شكل القرو�ض ب�ضمان الودائع‪� ،‬أحد �أوجه تبيي�ض الأموال‪ ،‬مع الفر�صة التي توفرها ال�ستثمار‬
‫القر�ض‪ ،‬يف م�شاريع قانونية‪ .‬كما �أ�صبح اال�ستعمال ال�شائع للبطاقات املمغنطة‪� ،‬أمرا م�ساعدا لإخفاء‬
‫م�صدر املال‪ ،‬دون اال�ستعانة املادية املبا�رشة‪ ،‬بامل�رصف الذي �أودع املال فيه‪ ،‬حيث ميكن ان يتم �سحب‬
‫الأموال‪ ،‬عن بعد‪ ،‬ومن دولة �أخرى‪ ،‬غري تلك التي متت فيها عملية االيداع‪ .‬لذا‪ ،‬جتري عمليات تبيي�ض ‬
‫الأموال‪ ،‬يف القطاع امل�رصيف‪ ،‬واخلدمات املالية‪ ،‬ب�شكل �أ�سا�سي‪ ،‬بتوزيع ون�رش كميات �ضخمة من‬
‫الأموال‪ ،‬عرب عدد من احل�سابات‪.‬‬
‫ولذا كان من الطبيعي‪� ،‬أن حتاول اجلهات املعنية مبكافحة هذه اجلرمية‪ ،‬و�ضع �سيا�سات ل�ضبط حركة‬
‫الأموال‪ ،‬التي تتداول على هذا امل�ستوى‪.‬‬
‫ويندرج يف هذا الإطار‪ ،‬التغريات التي طر�أت‪ ،‬والتي حولت امل�صارف �إىل هيئات مكافحة‪ ،‬يطلب منها‪،‬‬
‫مراقبة العمليات التي تتم بوا�سطتها‪ ،‬ونوعيتها‪ .‬كما يفر�ض عليها‪ ،‬االلتزام بالتو�صيات والتعليمات‬
‫اخلا�صة بالتعرف �إىل هوية الزبون‪ ،‬ونوعية ن�شاطه‪ ،‬والتحقق من �رشعية م�صدر �أمواله‪ ،‬وان باحلد الأدنى‪.‬‬
‫وكانت التو�صية ال�صادرة عن اللجنة الأوروبية‪ ،‬قد اعتربت حتديد هوية الزبون‪� ،‬رضوريا يف كل‬
‫حتويل تبلغ قيمته ‪ 15000‬يورو‪� ،‬أو �أكرث‪� ،‬سواء �أجري التحويل يف عملية واحدة‪� ،‬أو من خالل عدة‬
‫عمليات تبدو مت�صلة[‪ .[[31‬كذلك تولت ال‪ ،[[31[FATF‬تقدمي عدد من االقرتاحات‪ ،‬يف �إطار تفعيل‬
‫مكافحة التبيي�ض يف الف�ضاء ال�سيرباين‪ ،‬تناولت‪ :‬ت�شديد الإجراءات حول التعريف بهوية الزبون‪،‬‬
‫تطوير الإمكانات على م�ستوى تكنولوجيا املعلومات‪ ،‬لر�صد التحويالت امل�شبوهة‪ ،‬والتحقق من هوية‬
‫الزبون‪� ،‬إ�ضافة �إىل منع امل�ؤ�س�سات املالية‪ ،‬من تقدمي خدماتها على االنرتنت‪ ،‬ما مل تكن حائزة على‬
‫الرتخي�ص القانوين‪ ،‬من ال�سلطات املخت�صة‪ ،‬يف مكان ممار�ستها لن�شاطها هذا[‪.[[31‬‬
‫هذا‪ ،‬وكانت ال[‪ ، FATF [[31‬قد �أ�شارت منذ العام ‪ ،2001‬يف التقرير الذي �أعدته‪� ،‬إىل خطورة حتول‬
‫العاب القمار على االنرتنت‪� ،‬إىل جنة لعمليات تبيي�ض الأموال[‪.[[31‬‬
‫اال �أن هذه اجلهود‪ ،‬مل تثبت حتى اليوم‪ ،‬فاعلية ترتقي �إىل م�ستوى اجلرمية‪ ،‬وانت�شارها‪ ،‬و�آثارها ال�سلبية‪،‬‬
‫وذلك باعرتاف املخت�صني وامل�س�ؤولني عن مكافحتها‪ ،‬نظرا لل�صعوبات العملية‪ ،‬وت�ضخم املعلومات‬
‫‪[314] Article 3(2) of the EC Directive, identification is required “for any transaction (…) involving a sum amounting to 15.000‬‬
‫‪Euro or more, whether the transaction is carried out in a single operation or in several operations which seem to be linked”.‬‬
‫‪[315] 75 FATF-XI, 2000, n 14 above, p.4. In Androniki N. Tzivanaki Information society services in South Eastern Europe as a‬‬
‫‪means for money laundering‬‬
‫‪[316] This measure is also considered in the framework of an ANNEX to be included to the EC antimony laundering Directive,‬‬
‫‪which is currently under amendment [Directive 91/308/EEC, n 5].‬‬
‫‪[317] Financial Action Task Force on Money Laundering‬‬
‫‪[318] Rapport annuel 200-2001, http://www.fatf-gafi.org/dataoecd/42/22/35394319.pdf‬‬
‫�صفحة رقم ‪161‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫والتقارير التي تقدم‪ .‬وميكن تقدمي مثال على ذلك‪ ،‬اهمال تقرير �أحد امل�صارف‪ ،‬الذي قدم‪ ،‬نتيجة‬
‫اال�شتباه بتحويل مت �إىل �أحد ح�سابات املجرمني‪ ،‬الذين نفذوا اعتداءات احلادي ع�رش من ايلول[‪ .[[31‬هذا‬
‫مع الإ�شارة‪� ،‬إىل مبادرة العديد من الدول‪ ،‬نتيجة لهذه االحداث الأخرية‪� ،‬إىل ت�شديد الإجراءات اخلا�صة‬
‫بتبيي�ض الأموال‪� ،‬سواء عرب ن�صو�ص جديدة‪� ،‬أو عرب تعديل ما كان معموال به‪ .‬كذلك ما زالت مواجهة‬
‫تبيي�ض الأموال‪ ،‬با�ستخدام تكنولوجيا املعلومات واالت�صاالت‪ ،‬غري كافية يف العديد من البلدان‪،‬‬
‫ال�سيما منها العربية‪ ،‬ذلك �أن تبيي�ض الأموال‪ ،‬بالو�سائل املعلوماتية وبا�ستخدام الف�ضاء ال�سيرباين‪ ،‬يعد‬
‫من اجلرائم االقت�صادية احلديثة ن�سبيا‪ ،‬هذا عدا عن النق�ص الأ�سا�سي‪ ،‬على م�ستوى مكافحة جرائم‬
‫املعلوماتية‪ ،‬واجلرمية ال�سيبريية‪ ،‬يف هذه البلدان‪.‬‬

‫ز‪ -‬البيانات ال�شخ�صية يف املالحقة‬


‫تعترب �سهولة االت�صال‪ ،‬بني مقدمي اخلدمات والزبائن‪ ،‬من العنا�رص الأ�سا�سية يف االقت�صاد اجلديد‪� ،‬أو‬
‫اقت�صاد املعرفة‪ ،‬واقت�صاد املعلومات‪ .‬اال �أن الزبائن‪ ،‬ال يبدون حما�سة‪ ،‬يف اعطاء البيانات واملعلومات‬
‫ال�شخ�صية‪ ،‬يف كل مرة يطلب منهم ذلك‪ ،‬مقابل ما ي�شرتونه من ب�ضاعة �أو خدمات‪ .‬ويالحظ يف هذا‬
‫املجال‪ ،‬ميل لدى العديد من م�ستخدمي االنرتنت‪� ،‬إىل ا�ستعمال �أ�سماء م�ستعارة‪� ،‬أو تقدمي معلومات‬
‫مغلوطة‪ ،‬لدى ا�ضطرارهم �إىل تعبئة ا�ستمارة‪ ،‬حتتوي معلومات �شخ�صية‪� ،‬سواء العطائهم حق الدخول‬
‫�إىل موقع‪� ،‬أو االفادة من خدمة معينة‪ ،‬ت�ستدعي الت�أكد من بع�ض االمور ال�شخ�صية‪ .‬وينطلق هذا امليل‪،‬‬
‫من �أن االنرتنت والف�ضاء ال�سيرباين‪ ،‬م�ساحة يفرت�ض �أن تكون حرة للحركة‪ ،‬بعيدا عن التحريات‪ .‬و�إذا‬
‫كان كرث متم�سكني بحقهم يف احلفاظ على خ�صو�صيتهم‪ ،‬يف العامل احلقيقي‪ ،‬فهم غري م�ستعدين للتخلي‬
‫عنها‪ ،‬يف الف�ضاء ال�سيرباين‪.‬‬
‫يف هذا ال�سياق‪ ،‬تطرح �إ�شكالية احلق يف اخل�صو�صية‪ ،‬والذي تدعمه ممار�سات الغفلية‪ ،‬يف التحويالت‬
‫والن�شاطات التجارية على االنرتنت‪ ،‬من جهة‪ ،‬ويف ا�ستخدام الربامج املتخ�ص�صة‪ ،‬يف ك�شف مناذج هذه‬
‫الن�شاطات‪ ،‬التي ميكن �أن ت�شكل تبيي�ض �أموال‪ ،‬من قبل الأجهزة الأمنية املتخ�ص�صة‪ ،‬من جهة �أخرى‪.‬‬
‫‪Data‬‬ ‫فقد طورت ال�رشكات التجارية‪ ،‬العديد من الربامج‪ ،‬التي ترتكز �إىل تقنية التنقيب يف البيانات‬
‫‪ ،Mining‬والتي تهدف‪ ،‬ب�شكل �أ�سا�سي‪� ،‬إىل معاجلة ماليني البيانات‪ ،‬حتقيقا لغايتني‪ :‬الو�صف‬
‫‪ ،description‬والتوقع ‪ .[[32[Prediction‬ومع ا�ستخدام هذه التقنية‪ ،‬ميكن لل�سلطة التي تتوىل مكافحة‬
‫التبيي�ض‪ ،‬حتديد موا�صفات العمليات‪ ،‬وحتديد �أطياف للأ�شخا�ص‪ ،‬الذين ميكن �أن يقوموا بن�شاط تبيي�ض ‬
‫الأموال‪ ،‬وتعقب حركتهم تبعا لذلك‪ ،‬يف ماليني املاليني من البيانات ال�شخ�صية واملهنية‪ ،‬املخزنة لدى‬
‫موفري خدمات االنرتنت‪ ،‬وامل�ؤ�س�سات املالية والتجارية املختلفة‪.‬‬

‫‪[319] One bank actually reported a suspicious transaction in the account of one of the September 11 hijackers - only to be ignored.‬‬
‫أعامل مؤمتر‪« :‬معالجة املعلومات القانونية يف القرن الحادي والعرشين وتحدياتها»‪ ،‬بريوت ‪ -2001‬منشورات صادر ص‪[320] 227 :‬‬
‫‪- Mining Data Warehouses to Improve Decision-Making Process, Dr. Aziz Barbar, “from a general point of vew, the two main‬‬
‫‪goals of Data Mining are description and prediction. FAYY96 gives a more precise definition: knowledge discovery in databases‬‬
‫”‪is the non-trivial process of identifying valid, novel, potentially useful and ultimately understandable patterns of data.‬‬
‫�صفحة رقم ‪162‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫ح‪ -‬الإطار القانوين‬


‫تركز الن�صو�ص القانونية حول مكافحة تبيي�ض الأموال‪ ،‬على الدور االيجابي‪ ،‬الذي ميكن �أن يلعبه‬
‫القطاع املايل وامل�رصيف‪ ،‬يف احلد من امكانات تو�سع هذه اجلرمية‪ ،‬ال�سيما و�أنه املعني الأول‪ ،‬بنتائجها‬
‫و�آثارها ال�سلبية‪ .‬لذا‪ ،‬ت�شدد القواعد القانونية‪ ،‬يف البلدان املعنية‪ ،‬على التزامات امل�ؤ�س�سات املالية‬
‫وامل�رصفية‪ ،‬كما على التزامات �أندية القمار وامل�ؤ�س�سات العقارية‪ ،‬يف االبالغ‪ ،‬واالحرتاز‪ ،‬وتطبيق‬
‫الإجراءات االدارية‪ ،‬والقانونية‪ ،‬التي ت�ساعد على حتديد هوية الزبون‪ ،‬وحركة الأموال‪ ،‬لدى امتام‬
‫العمليات وال�صفقات‪ ،‬التي تبلغ �أو تتجاوز قيمة مالية معينة‪.‬‬
‫وترتكز هذه ال�سيا�سة‪ ،‬ب�شكل �أ�سا�سي‪ ،‬على مفهوم ال�صالحية املكانية‪ ،‬مبعنى افرتا�ض ح�صول‬
‫التحويالت والعمليات املالية‪ ،‬ووجود الأفراد وامل�ؤ�س�سات يف الإقليم اخلا�ضع ل�سيادة الدولة املعنية‬
‫بقانون املكافحة‪ .‬و�إذا كانت هناك احتماالت‪ ،‬لعدم تواجد الزبون يف الإقليم نف�سه‪ ،‬الذي تتواجد فيه‬
‫امل�ؤ�س�سة‪ ،‬اال �أنه عادة ما يطلب اليه‪ ،‬حتديد مكان اقامة خمتار‪ ،‬حيث متار�س امل�ؤ�س�سة ن�شاطها امل�سجل‪،‬‬
‫واملرخ�ص قانونا‪ .‬لكن الو�ضع مع االنرتنت يختلف‪ ،‬فالتحويل ميكن ان يح�صل‪ ،‬يف مكان وجود خادم‬
‫‪ server‬ال�رشكة‪ ،‬من خالل موقعها الإلكرتوين‪� ،‬أو مركزها الأ�سا�سي‪� ،‬أو حتى على جهاز العميل �أو‬
‫الزبون‪ ،‬ح�سب القانون‪� ،‬أو التقنية امل�ستخدمة‪.‬‬
‫كذلك تتيح االنرتنت لهذه امل�ؤ�س�سات‪ ،‬العمل دون اال�ستح�صال على اي اذن ر�سمي‪ ،‬من خالل املواقع‬
‫التي تن�شئها‪ ،‬ما يجعلها خارج دائرة االلتزامات املفرو�ضة‪ ،‬على تلك التي تخ�ضع لهذا االذن يف العامل‬
‫املادي‪ ،‬ما يزيد �صعوبة الرقابة على عمليات تبيي�ض الأموال‪ ،‬التي ميكن �أن حت�صل من خاللها‪.‬‬
‫فمزود خدمة االنرتنت‪ ،‬الذي يحفظ البيانات ال�شخ�صية اخلا�صة بزبائنه‪ ،‬ال ميلك �سببا يدفعه لل�شك يف‬
‫ن�شاط ه�ؤالء‪� ،‬سواء �أكانوا يعملون ب�صورة مغفلة تامة‪� ،‬أم ن�سبية‪ .‬كما ال ميكن الطلب من هذا املزود‬
‫ر�صد‪ ،‬وتعقب حركة زبائنه‪ ،‬لك�شف حقيقة ن�شاطهم‪ ،‬ال�سيما وان يف هذا الت�رصف من قبله‪ ،‬خمالفة‬
‫قانونية وا�ضحة‪ ،‬لطبيعة املهمات التي يتوالها‪ ،‬ب�صفته القانونية‪ ،‬والتي ميكن توقعها منه‪ .‬كما �أن فيه‬
‫تعر�ضا حلق الزبائن يف العمل بحرية‪ ،‬ويف احلفاظ على خ�صو�صيتهم‪ .‬وال تخرج امل�صارف‪� ،‬أو مقدمو‬
‫اخلدمات املالية‪ ،‬عن هذه القاعدة‪ ،‬عندما ين�شط املبي�ضون‪ ،‬من خالل اخلدمات التي يتيحونها‪.‬‬
‫فالدور الأ�سا�سي هنا‪ ،‬يعود �إىل امل�ؤ�س�سات وال�سلطات الر�سمية‪ ،‬التي تفر�ض القاعدة القانونية‪ ،‬مبا‬
‫يتنا�سب وطبيعة الن�شاط‪ ،‬وامكانات التطبيق‪ ،‬على امل�ؤ�س�سات املالية وامل�رصفية‪ ،‬املن�ش�أة والعاملة‪ ،‬ح�سب‬
‫اال�صول القانونية املرعية الإجراء‪.‬‬
‫على خط مواز‪ ،‬ي�سمح بع�ض �أ�صحاب �أندية القمار على االنرتنت لزبائنهم‪ ،‬ب�إن�شاء املحفظة الإلكرتونية‪،‬‬
‫وفتح احل�سابات‪ ،‬مقابل بيانات �شخ�صية‪ ،‬ال توازي تلك التي تقدم �إىل امل�ؤ�س�سات املالية‪ ،‬يف العامل‬
‫املادي‪ .‬وميكن له�ؤالء �أن يكونوا‪� ،‬أحيانا كثرية‪ ،‬على علم بن�شاط زبائنهم امل�شبوه‪ ،‬فيغ�ضون الطرف‬
‫عنه‪ ،‬ملا ميكن �أن يعني لهم من �أرباح‪ .‬فالتبيي�ض بهذه الطريقة‪ ،‬يفرت�ض ربح الأموال من قبل ال�شخ�ص‪،‬‬
‫الذي ميار�س القمار‪ ،‬الأمر الذي ال يعترب حا�صال بال�رضورة‪ .‬وبالتايل يكون مزود اخلدمة‪ ،‬هو الذي‬
‫ي�ستفيد من العملية‪ .‬ي�ضاف �إىل ذلك‪� ،‬أن ر�صد الزبون امل�شبوه‪� ،‬أو �إعالن م�س�ؤوليته عند الت�أكد من‬
‫�صفحة رقم ‪163‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫ن�شاطه‪ ،‬يبقى غري م�ضمون‪ ،‬مع غياب �إمكانية حتديد هويته‪ ،‬من خالل البيانات ال�شخ�صية املغلوطة‪،‬‬
‫التي يكون فد �رصح عنها‪ ،‬لدى االكتتاب‪.‬‬
‫ويزداد االمر خطورة‪ ،‬مع الإمكانات التي تقدمها ال�رشكات املتعددة اجلن�سيات‪ ،‬على م�ستوى حتويل‬
‫الأموال‪ ،‬واخلدمات امل�رصفية على االنرتنت‪ ،‬حيث تتفاقم �صعوبة الك�شف عن هوية �أ�صحاب‬
‫التحويالت واحل�سابات‪ ،‬ال�سيما منها‪ ،‬تلك التي ت�ستخدم فيها �أ�سماء وهمية‪� ،‬أو معلومات رقمية‪.‬‬
‫كذلك ي�شكل دخول االت�صاالت اخللوية‪ ،‬على خط هذه اخلدمات‪ ،‬تعقيدات ا�ضافية‪ ،‬متنع التعرف �إىل‬
‫حمركي احل�سابات واملودعني‪ .‬وي�ضاف �إىل ذلك‪ ،‬ال�رسية التي حتيط بهوية امل�شاركني يف �ألعاب القمار‬
‫على االنرتنت‪ ،‬كما يف املزايدات‪ ،‬وال�صفقات التجارية العقارية‪ ،‬وغريها‪.‬‬
‫وتتفاقم �صعوبات ك�شف الهوية‪ ،‬وك�شف عمليات تبيي�ض الأموال‪ ،‬مع ان�ضمام ا�ستخدام العملة الرقمية‪،‬‬
‫يف �ألعاب املي�رس‪ ،‬ويف فتح احل�سابات واالعتمادات امل�رصفية‪ ،‬ومع غياب الت�رشيعات املالئمة‪ ، ،‬ما جعل‬
‫املعنيني مبكافحة هذه اجلرمية‪ ،‬ينكبون على اجراء درا�سة خا�صة‪ ،‬حول املخاطر التي متثلها هذه الآليات‪،‬‬
‫كو�سيلة ميكن ا�ستخدامها من قبل �أ�صحاب ر�ؤو�س الأموال القذرة‪ ،‬لتنفيذ جرائم التبيي�ض[‪ .[[32‬وبالرغم‬
‫من منع هذه االلعاب‪ ،‬بوا�سطة االت�صال املبا�رش(‪ ،)online‬يف ت�رشين الثاين (�أكتوبر) من العام ‪،2006‬‬
‫من قبل الواليات املتحدة الأمريكية‪ ،‬ما زالت ال�سيطرة على هذه االلعاب‪ ،‬بوا�سطة الهاتف اخلليوي‪،‬‬
‫م�ستبعدة‪ ،‬نظرا لغياب الت�رشيع اخلا�ص‪ ،‬الذي ميكن تطبيقه‪ ،‬على املقامرة بهذه الطريقة‪ .‬ويت�ضح حجم‬
‫اخلطر الذي متثله هذه االلعاب‪ ،‬نظرا للعدد الكبري مل�ستخدمي االنرتنت‪ ،‬الذين يكتتبون فيها[‪.[[32‬‬

‫ط‪ -‬القر�صنة واالعتداء على امللكية الفكرية‬


‫كما ت�ؤثر اجلرمية ال�سيربانية ب�شكل �أ�سا�سي على االقت�صاد‪ ،‬من زاوية االعتداء على حقوق امللكية‬
‫الفكرية‪ ،‬عرب عملية القر�صنة‪ ،‬التي تروج لال�ستخدام �أو للن�سخ‪ ،‬لربامج وتطبيقات معلوماتية‪ ،‬ومواد‬
‫�أخرى كاالفالم واملو�سيقى‪ ،‬اخلا�ضعة حلقوق امللكية الفكرية‪ .‬وت�ساهم العديد من املواقع على االنرتنت‪،‬‬
‫يف الرتويج لربامج مقر�صنة جمانا‪� ،‬أو مبقابل مادي وميكن للقر�صنة‪ ،‬ا�ستهداف �أجهزة بغاية تدمريها‪،‬‬
‫�أو حتقيق مكا�سب مالية �شخ�صية‪ ،‬عندما يلج�أ مقتحم النظام‪� ،‬إىل �رسقة معلومات بطاقات االئتمان‪،‬‬
‫وحتويل الأموال من ح�سابات م�رصفية خمتلفة‪� ،‬إىل ح�ساب املقر�صن اخلا�ص‪� ،‬أو �أي ح�سابات �أخرى‪.‬‬
‫على م�ستوى �آخر‪ ،‬يعتمد بع�ض املقر�صنني‪ ،‬على ابتزاز ال�رشكات العاملية‪ ،‬وتهديدها بن�رش املعلومات‬
‫ال�رسية اخلا�صة بها‪ ،‬يف حال عدم قيامهما بدفع‪� ،‬أو حتويل املبلغ املايل املطلوب‪.‬‬

‫‪[321] UMultinational companies are increasingly providing online and remote payment services. This increases the volume of‬‬
‫‪transactions to be examined for detecting suspicious activity and may lead to problems in defining risk. https://www.oecd.org/‬‬
‫‪dataoecd/16/8/35003256.pdfMONEY LAUNDERING & TERRORIST FINANCING TYPOLOGIES, 2004-2005‬‬
‫‪- Jim Ensom, 24/05/2007, Financial Crimes Enforcement Network spokeswoman Anne Marie Kelly said, “The bureau is aware‬‬
‫‪of the laundering and terror finance risks posed by emerging payment technologies ... [and have] an ongoing dialogue with the‬‬
‫‪industries involved ... to study and work with [them] in order to provide the law enforcement community with guidance on how‬‬
‫”‪these systems operate and the money laundering challenges they may present.” However, she did not say how long this “study‬‬
‫_‪will take”. Emerging threat from virtual money-laundering, http://www.globalcontinuity.com/current_headlines/emerging‬‬
‫‪threat_from_virtual_money_laundering‬‬
‫‪[322] Jim Ensom, 24/05/2007,”According to Rachel Ehrenfeld, author of “Funding Evil: How Terrorism is Financed and How‬‬
‫‪to Stop It” and John Wood, the president of The Playfair Group, in 2006 online role-playing games had more than 14 million‬‬
‫‪subscribers, generating more than $1 billion in revenues ($576 million in North America and $299 million in Europe)”. http://‬‬
‫‪www.globalcontinuity.com/current_headlines/emerging_threat_from_virtual_money_laundering‬‬
‫�صفحة رقم ‪164‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫وتهدف عمليات االحتيال واخلداع على االنرتنت‪ ،‬غالبا‪� ،‬إىل جني الأموال‪ ،‬حيث ي�ستدرج امل�ستخدم‬
‫�إىل اف�شاء �أرقام بطاقة ائتمانه‪� ،‬أو �إىل �إر�سال حواالت مالية �أو �شيكات‪� ،‬أو �إىل اعطاء بياناته ال�شخ�صية‪،‬‬
‫ومنها كلمات املرور‪� ،‬إىل ح�ساباته على االنرتنت‪� ،‬أو �إىل بريده‪� ،‬أو هاتفه اخلليوي‪ .‬ويندرج االحتيال‬
‫الذي ي�ستهدف �رسقة بطاقات االئتمان‪� ،‬ضمن دائرة خداع ال�شخ�ص‪ ،‬و�رسقة معلوماته‪ ،‬عن طريق‬
‫اال�ستخدام الغري م�سموح‪ ،‬والغري م�رشوع‪ ،‬لبيانات البطاقة االئتمانية‪.‬‬
‫وكان �أحد التعاميم ال�صادرة عن م�رصف لبنان‪ ،‬والهادف �إىل حماية برامج املعلوماتية‪ ،‬ومكافحة‬
‫القر�صنة‪ ،‬قد ن�ص على “�أن احلماية القانونية لربامج احلا�سوب مهما كانت لغاتها‪ ،‬مبا يف ذلك الأعمال‬
‫التح�ضريية‪ ،‬تخ�ضع للت�رشيعات املتعلقة بحماية امللكية الفكرية يف لبنان‪ ،‬ال�سيما قانون امللكية الأدبية‬
‫والفنية رقم ‪.199/75‬‬
‫�صفحة رقم ‪165‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫} خال�صات وتو�صيات {‬

‫‪ .1‬خال�صات‬
‫ي�شكل ارتباط البنى التحتية اخلا�صة بتقنيات املعلومات واالت�صاالت‪ ،‬كما االعتماد املتزايد عليها‪ ،‬من‬
‫قبل الدول والأفراد وامل�ؤ�س�سات‪ ،‬عامال حمفزا لت�صاعد ن�سبة املخاطر‪ ،‬ما يفر�ض اتخاذ تدابري و�إجراءات‪،‬‬
‫ت�ضمن �إدارة فاعلة للمخاطر التقنية وال�سيربانية‪ ،‬تعتمد على منهجية تتنا�سب والأبعاد الوا�سعة لهذا‬
‫االرتباط‪ ،‬ما ين�سحب على البلدان اجمع‪.‬‬
‫لذلك‪ ،‬ال بد ان تنطلق احللول يف هذا املجال‪ ،‬من فهم الطبيعة اخلا�صة لتقنيات املعلومات واالت�صاالت‪،‬‬
‫ال�سيما اجلزء اخلا�ص بتجاوزها للحدود‪ ،‬وللمجتمعات‪ ،‬والأنظمة‪ ،‬كما لطبيعة البنى التحتية نف�سها‪.‬‬
‫على م�ستوى �آخر‪ ،‬تفر�ض الأبعاد اخلا�صة بالأمن ال�سيرباين‪ ،‬ار�ساء قواعد احلماية‪ ،‬على فهم وت�صور‬
‫وا�ضحني و�شاملني‪ ،‬للمكونات التقنية واملوارد الب�رشية‪ ،‬بحيث ال ت�سقط من احل�سبان‪ ،‬املخاطر التي‬
‫يت�سبب بها الت�رصف الب�رشي‪� ،‬سواء �أكانت جمرد اخطاء‪ ،‬ام اعماال جرمية‪.‬‬
‫على �ضوء ما تبني‪ ،‬جتد املخاطر ال�سيبريانية م�صادرها‪ ،‬ب�شكل �أ�سا�سي‪ ،‬يف �أعمال ق�صدية‪� ،‬أو غري ق�صدية‪،‬‬
‫وتزداد خطورة متى قابلها قلة وعي و�إدراك‪ ،‬لأ�ساليب وطرق الوقاية‪.‬‬
‫وتفتقر الدول العربية‪ ،‬عامة‪� ،‬إىل موارد ب�رشية ومالية‪ ،‬كما �إىل ارادة وا�ضحة وحازمة‪ ،‬ت�ساعد على‬
‫متابعة ما يجري يف الف�ضاء ال�سيرباين‪ ،‬من ن�شاطات غري �رشعية‪ ،‬تنطلق من ارا�ضيها‪ .‬ويف هذا املجال‪،‬‬
‫ال بد من الت�شديد‪ ،‬على �رضورة التعاون‪ ،‬بني القطاعني العام واخلا�ص واملجتمع املدين‪ ،‬للتو�صل �إىل ن�رش‬
‫ثقافة احرتام القانون يف الف�ضاء ال�سيرباين‪ ،‬وحماية احلقوق واحلريات الأ�سا�سية‪.‬‬
‫ي�ضاف �إىل ذلك‪ ،‬ان البيئة التنظيمية والت�رشيعية العربية‪ ،‬ما زالت يف طور الت�شكل‪ .‬و�إذا كانت بع�ض ‬
‫الدول العربية‪ ،‬ع�ضوا يف االحتاد الدويل لالت�صاالت‪ ،‬ويف الأمم املتحدة‪ ،‬ويف ال�رشاكة الدولية املتعددة‬
‫االطراف ملكافحة التهديدات ال�سيربانية ‪ -‬امباكت ‪ ،-‬اال ان االن�ضمام �إىل اجلهود الدولية‪ ،‬بحاجة �إىل‬
‫دينامية �أكرث فعالية‪� ،‬سواء عرب ان�ضمام املزيد من الدول العربية‪� ،‬إىل اجلهود واملنظمات العاملة على برامج‬
‫�أمن و�سالمة الف�ضاء ال�سيبرياين‪� ،‬أو عرب االن�ضمام �إىل املعاهدات الدولية‪ ،‬املعمول بها حاليا‪.‬‬
‫فال بد للقوانني ان حتوي قواعد ملزمة‪ ،‬ورادعة‪ ،‬تطاول فيما تطاول‪ ،‬لي�س فقط �إقرار عقوبات وا�صول‬
‫حماكمات وحتقيق خا�صة‪ ،‬بل �أي�ضا‪ ،‬جمموعة من االلتزامات القانونية اخلا�صة بالأمن‪ ،‬كاعتماد املقايي�س ‬
‫واملعايري الدولية‪ ،‬ال�صادرة عن املنظمات والهيئات الدولية املتخ�ص�صة‪ ،‬يف كل ما يتعلق بحماية الأنظمة‬
‫املعلوماتية‪ ،‬والبنى التحتية‪ ،‬والبيانات واملعلومات احل�سا�سة‪ .‬ي�ضاف اليها‪ ،‬اتخاذ االحتياطات الالزمة‪،‬‬
‫لدفع امل�س�ؤولية يف حال وقوع ا�رضار‪ ،‬ناجتة عن نقاط �ضعف يف الربامج والأنظمة والأجهزة‪ ،‬وحلظ‬
‫�رضورة االلتزام مبوا�صفات تقنية‪ ،‬ت�ضمن م�صداقية املعلومات والبيانات‪ ،‬يف حال اللجوء اليها‪،‬‬
‫�أو اعتمادها‪ ،‬يف اثبات الأعمال التجارية‪ ،‬والتحويالت املالية‪ ،‬و�أي ت�رصف �آخر‪ ،‬ميكن ان يرتب‬
‫�صفحة رقم ‪166‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫موجبات وم�س�ؤوليات‪ .‬اال ان الت�رشيعات العربية‪ ،‬التي ترعى امل�سائل املت�صلة بالأمن وال�سالمة يف‬
‫الف�ضاء ال�سيرباين‪ ،‬ال تتالءم وما تقدم‪.‬‬
‫وعليه‪ ،‬يالحظ وجود ثغرات ت�رشيعية يف الأنظمة القانونية العربية‪ ،‬جلهة املوا�ضيع التي تت�صل بتحقيق‬
‫الأمن والثقة يف الف�ضاء ال�سيرباين‪ .‬ويعود ذلك‪� ،‬إىل غياب ت�رشيعي كامل لبع�ض املوا�ضيع‪ ،‬واللجوء‬
‫�إىل تطبيق القوانني التقليدية يف موا�ضيع اخرى‪� ،‬إ�ضافة �إىل تعار�ض بع�ض ما �أقر من ت�رشيعات‪ ،‬مع‬
‫االر�شادات العاملية �أو املمار�سات الف�ضلى‪ ،‬التي تتوىل املنظمات الدولية ا�صدارها‪.‬‬
‫ويبقى التعاون ال�رشط الأ�سا�س لنجاح هذه املواجهة‪ .‬ويف هذا املجال‪ ،‬ال بد من �إيجاد الإطار الت�رشيعي‬
‫والتنظيمي احلا�ضن‪ ،‬الذي ي�شجيع مبادرات التعاون‪ ،‬اذ ان ا�ستمرارية عمل تقنيات املعلومات‬
‫واالت�صاالت‪ ،‬ويف مقدمها االنرتنت‪ ،‬كما ا�ستقرار الف�ضاء ال�سيرباين‪ ،‬ي�ستدعيان �سيا�سات ملعاجلة‬
‫الثغرات الأمنية‪ ،‬وملواجهة الأخطار واحلد من �آثار الأعمال اجلرمية‪ .‬وبالتايل‪ ،‬ال بد من دعم اجلهود‬
‫الآيلة �إىل و�ضع مقايي�س ومعايري دولية‪ ،‬كما ال بد من دعم �إقرار االطر القانونية والتنظيمية‪ ،‬واالفادة‬
‫من �أف�ضل املمار�سات والتجارب الناجحة‪ ،‬التي تعزز الثقة يف الف�ضاء ال�سيرباين‪ ،‬وت�ؤمن بيئة داعمة‪،‬‬
‫لنمو الن�شاط االقت�صادي‪ ،‬واالجتماعي‪ ،‬يف الف�ضاء ال�سيرباين‪ .‬ويف هذا الإطار‪ ،‬ال بد من االبتعاد عن‬
‫ال�سيا�سات‪ ،‬التي تتعار�ض وطبيعة عمل االنرتنت املفتوحة‪ ،‬وامكاناتها التي ت�شكل �أر�ضية لالبداع‪،‬‬
‫والتمو االقت�صادي واالجتماعي‪ ،‬بحيث ال تتحول هذه ال�سيا�سات‪� ،‬إىل �أدوات تعيق االن�سياب احلر‬
‫للمعلومات‪ ،‬والو�صول اليها‪ ،‬حتت ذريعة حتقيق الأمن واحلماية‪ .‬لذا‪ ،‬ال بد من احلر�ص على التايل‪:‬‬

‫�أ‪ -‬تطوير البنية االدارية‬


‫ترتبط الثقة يف الف�ضاء ال�سيرباين‪ ،‬بقدرة الأجهزة املعنية‪ ،‬على �ضبط االمور‪ ،‬كما ترتبط‪ ،‬بو�ضوح‬
‫امل�س�ؤوليات‪ ،‬وحتديد املرجعيات املعنية‪ ،‬ب�إقرار احلقوق وحمايتها‪ ،‬وبالقدرة على الردع‪ ،‬واملالحقة‬
‫لكل عمل جرمي‪� ،‬أو ت�رصف يعر�ض ا�ستقرار املعامالت‪ ،‬والف�ضاء ال�سيرباين‪ .‬وتتطلب املكافحة الفاعلة‪،‬‬
‫اجهزة متخ�ص�صة‪ ،‬وعنا�رص تتميز بالكفاءة‪ ،‬والقدرة على الإحاطة بكيفية �إدارة �أنظمة املعلومات‪،‬‬
‫وطرق معاجلة البيانات‪ ،‬واحلقوق املت�صلة بها‪ .‬ي�ضاف �إىل ذلك‪� ،‬رضورة وجود مرجعية‪ ،‬ت�رشف على‬
‫توثيق احلقوق‪ ،‬وار�ساء قواعد متينة للثقة يف العاملني يف جمال معاجلة املعلومات‪ ،‬والأنظمة املت�صلة بها‪،‬‬
‫كما احلقوق النا�شئة عنها‪ ،‬يف �سجالت خا�صة‪ ،‬ذات قيود موثوقة‪.‬‬
‫من هنا‪ ،‬ال بد من ايالء عملية بناء قدرات الأجهزة الأمنية‪ ،‬ودوائر تنفيذ القانون‪ ،‬اهمية خا�صة‪ .‬كما ال بد‪،‬‬
‫من �إيجاد اجهزة ادارية متخ�ص�صة‪ ،‬تتوىل اعطاء �شهادات خا�صة للأ�شخا�ص الذين يتولون مراقبة املعلومات‪،‬‬
‫وحفظها‪ ،‬ومعاجلتها‪ ،‬كما تتوىل ت�سجيلهم يف �سجالت خا�صة‪ ،‬وتلزمهم بقواعد حلماية املعلومات والأنظمة‪.‬‬
‫فت�شجيع اال�ستثمار‪ ،‬واالبداع‪ ،‬واالخرتاع‪ ،‬يف ا�سواق العمل املت�صلة بو�سائل االت�صاالت‪ ،‬يرتكز على‬
‫حتديد وا�ضح للحقوق واملوجبات‪ ،‬كما على �آليات حمددة‪ ،‬حلماية احلقوق النا�شئة عن هذا الن�شاط‪ ،‬كما‬
‫كان عليه احلال‪ ،‬مع �إقرار قوانني امللكية الفكرية‪ ،‬وحقوق امل�ؤلف‪ ،‬والعالمات التجارية‪ ،‬وال�سجالت‬
‫التي تثبت امللكية‪ ،‬يف ع�رص ما قبل االنرتنت‪ .‬ويف ذلك �أي�ضا‪ ،‬حفاظ على حقوق امل�ستخدمني‪ ،‬ال�سيما‬
‫حقهم يف تطبيق القوانني املرعية الإجراء‪.‬‬
‫�صفحة رقم ‪167‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫ب‪ -‬تعزيز وحماية االن�سياب العاملي احلر للمعلومات‬


‫يرتكز اقت�صاد االنرتنت‪ ،‬كما منوها‪ ،‬ب�شكل �أ�سا�سي‪ ،‬على االن�سياب احلر للمعلومات‪ .‬و�إذا كانت‬
‫الدول املختلفة‪ ،‬مدعوة �إىل و�ضع �سيا�سات تعزز هذا االن�سياب‪ ،‬وت�شجعه‪ ،‬وتدعمه‪ ،‬اال انها يف املقابل‪،‬‬
‫مدعوة �أي�ضا‪� ،‬إىل تامني الإطار القانوين الذي يوفر حماية احلق يف اخل�صو�صية‪ ،‬والبيانات ال�شخ�صية‪،‬‬
‫واحلريات الفردية‪ ،‬وبع�ض الفئات العمرية‪ ،‬كالأطفال وال�شباب‪ ،‬وامللكية الفكرية‪ .‬ومن هنا‪� ،‬رضورة‬
‫التفاتها �إىل الأمن ال�سيرباين‪ ،‬والعمل على ار�ساء قواعد ثابتة له‪ .‬ويت�صل ان�سياب املعلومات‪ ،‬بالطبيعة‬
‫املفتوحة لالنرتنت‪ ،‬التي تتكل بدورها‪ ،‬على اعتماد مقايي�س ومعايري تقنية عاملية‪ .‬وترد يف هذا الإطار‬
‫�أي�ضا‪� ،‬سيا�سات املناف�سة‪ ،‬وال�سوق املفتوح‪ ،‬والتنوع‪ ،‬واخلدمات العابرة للحدود‪ ،‬التي ت�سمح بت�أمني‬
‫خدمات‪ ،‬بكلفة معقولة‪ ،‬ت�ساهم يف اتاحة االنرتنت للجميع‪.‬‬

‫ج‪ -‬ت�شجيع االلتزام بقواعد �أخالقية‬


‫ميكن الي حكومة‪ ،‬ان تقر قواعد قانونية‪ ،‬تدعم وت�شجع االلتزام بقواعد اخالقيات و�سلوك معينة‪،‬‬
‫ترافقها �آليات حما�سبة وم�س�ؤولية خا�صة‪ ،‬على غرار ما هو معمول به‪ ،‬يف �إطار تنظيم بع�ض املهن‪،‬‬
‫كالتجارة‪ ،‬والطب‪ ،‬واملحاماة‪ ،‬وال�صحافة‪ ،‬وامل�صارف‪ ،‬وغريها‪ .‬وميكن لهذه القواعد‪ ،‬ان ت�ساهم يف‬
‫مكافحة الت�رصفات غري امل�رشوعة‪ ،‬وغري االخالقية‪ ،‬كالغ�ش واخلداع‪ ،‬واملمار�سات غري املهنية‪ ،‬كما‬
‫ميكنها‪ ،‬ان تدعم احلريات العامة‪ ،‬وحت�صن احلقوق املعرتف بها‪ ،‬يف القوانني املرعية الإجراء‪.‬‬

‫د‪ -‬احلفاظ على اخل�صو�صية‬


‫يعترب احلفاظ على احلق يف اخل�صو�صية‪ ،‬من �أ�سا�سيات تعزيز الثقة يف الف�ضاء ال�سيرباين‪ ،‬واالفادة من‬
‫طاقات تقنيات املعلومات واالت�صاالت‪ ،‬على امل�ستويات‪ :‬االجتماعية‪ ،‬واالقت�صادية‪ ،‬والثقافية‪.‬‬
‫فالتحديات احلالية‪ ،‬التي تطرحها و�سائل معاجلة البيانات وجمعها‪ ،‬وا�ستخدامها‪ ،‬وا�ستثمارها‪ ،‬ال‬
‫بد وان تكون ذات انعكا�سات �سلبية‪ ،‬على ا�ستخدام االنرتنت‪ ،‬ومروحة التقنيات املت�صلة بها‪� ،‬سواء‬
‫جتاريا‪� ،‬أو اجتماعيا‪� ،‬أو حكوميا‪ .‬والبد لالطر الت�رشيعية والتنظيمية‪ ،‬من ان متكن امل�ستخدمني‪ ،‬من فهم‬
‫حقيقة ما يجري‪ ،‬من ممار�سات تطال بياناتهم ال�شخ�صية‪ ،‬واملعلومات التي ي�ضعونها على االنرتنت‪.‬‬
‫كما ال بد من متكينهم‪ ،‬من ممار�سة حقوقهم‪ ،‬يف ادارتها‪ ،‬بال�شكل الذي يطمئنهم �إىل امكانية احلفاظ‬
‫على خ�صو�صيتهم‪ ،‬وعلى حقوقهم الفكرية‪ ،‬وال�صناعية واالدبية‪ .‬ويف هذا املجال‪ ،‬ميكن للت�رشيعات‪،‬‬
‫ان ت�سرت�شد بالقواعد الدولية‪ ،‬واملبادئ التي �سبق �إقرارها‪ ،‬على امل�ستوى العاملي‪ ،‬كجزء من �أ�سا�سيات‬
‫املحافظة‪ ،‬على منو وا�ستقرار الف�ضاء ال�سيرباين[‪.[[32‬‬

‫هـ‪ -‬اال�سرت�شاد بنماذج �سابقة‬


‫�إذا التفتنا �إىل اجلانب التقني‪ ،‬و�صعوبة حتديد امل�س�ؤوليات يف بع�ض امل�سائل‪ ،‬ال�سيما منها تلك املرتبطة‬
‫بال�سالمة والأمن‪ ،‬كاخرتاق الربامج‪ ،‬و�رسقة البيانات‪ ،‬وانت�شار الربامج اخلبيثة‪ ،‬و�صعوبات �ضبط‬
‫املحتوى غري امل�رشوع‪ ،‬ومتابعة الت�رصفات اجلرمية‪ ،‬جند ان بع�ض القوانني‪ ،‬ذات الطبيعة التقنية‪،‬‬
‫‪[323] OECD guidelines for Privacy‬‬
‫كالقانون اجلوي‪ ،‬والقانون البحري‪ ،‬قد اوجدت حلوال تقنية‪ ،‬طاولت‪ ،‬لي�س فقط نوعية قواعدها‪،‬‬
‫وامنا �أي�ضا م�صادرها‪ .‬ففي القانون اجلوي‪ ،‬ت�ساهم املنظمة الدولية للنقل اجلوي (اياتا)‪ ،‬وهي جتمع ذو‬
‫طابع خا�ص‪ ،‬يف �صناعة القانون اجلوي‪ ،‬من خالل توليها القواعد اخلا�صة مب�س�ؤولية الناقل‪ ،‬بينما اوكل‬
‫امر اعداد وتطوير املالحق اخلا�صة مبعاهدة �شيكاغو‪� ،‬إىل هيئة تقنية متخ�ص�صة‪ ،‬هي املنظمة الدولية‬
‫للطريان املدين‪.‬‬
‫اما من حيث امل�ضمون‪ ،‬فقد تولت املعاهدات اخلا�صة مبنع اال�صطدام البحري‪ ،‬و�ضع قواعد املرور‬
‫والإ�شارة‪ ،‬يف البحر‪ ،‬مقرة ب�سلوكيات وتدابري‪ ،‬ذات طبيعة تقنية‪ ،‬يعترب اخلروج عنها‪ ،‬مبثابة خطا معلن‬
‫للم�س�ؤولية‪ .‬وعليه‪ ،‬ومراعاة لطبيعة الف�ضاء ال�سيرباين التقنية‪ ،‬والعاملية والدينامية‪ ،‬يبدو ملحا‪ ،‬التعاون‬
‫مع الهيئات الدولية املوجودة حاليا‪ ،‬كاالحتاد الدويل لالت�صاالت‪ ،‬على اعداد ار�ضية �إطار قانوين‪،‬‬
‫ي�ضمن �سالمة و�أمن الف�ضاء ال�سيرباين‪.‬‬
‫كذلك‪ ،‬فقد طورت العديد من قواعد امل�س�ؤولية‪ ،‬يف جمال النقل البحري‪ ،‬لتن�سجم مع التطورات‬
‫التقنية‪ ،‬التي متنع مراقبة دقيقة للب�ضاعة امل�شحونة‪ ،‬من قبل الناقل‪ ،‬ب�سبب ظروف العمل‪ ،‬فلحظت �آلية‬
‫البداء التحفظات‪ ،‬ومبادئ لإقرار �صحتها‪ ،‬وتقرير امل�س�ؤوليات‪ ،‬ودفعها‪ .‬كذلك‪� ،‬أقر مبد�أ “حتديد‬
‫م�س�ؤولية مالكي ال�سفن”‪ ،‬ت�شجيعا لال�ستثمار يف النقل البحري‪ ،‬ال�سيما وان مالك ال�سفينة‪ ،‬ال يرافقها‪،‬‬
‫بل يعهد بها‪� ،‬إىل م�ستثمر �أو جمهز‪ .‬كذلك‪ ،‬و�ضعت معاهدات‪ ،‬وقواعد �سري يف البحر‪ ،‬متكن من حتديد‬
‫امل�س�ؤوليات‪ ،‬عن ال�صدامات البحرية‪ ،‬يف حال حدوثها‪ ،‬وحلظت اتفاقيات خا�صة‪ ،‬مب�س�ؤولية الن�أقلني‬
‫للمواد اخلطرة والنووية‪ ،‬واخرى خا�صة بحماية البيئة‪ ،‬ونظمت املناطق البحرية‪ ،‬بحيث احرتمت‬
‫�سيادة الدول على جزء من البحار‪ ،‬ميكن للدولة حمايته فعليا‪ ،‬وتركت �أعايل البحار‪ ،‬بعيدة عن �سيادة‬
‫اي دولة‪.‬‬
‫وعليه‪ ،‬لي�س ما مينع‪ ،‬ان تطور قواعد م�س�ؤولية خا�صة‪ ،‬ت�أخذ بعني االعتبار‪ ،‬جميع االطراف املعنية‪،‬‬
‫باحلفاظ على ا�ستقرار الف�ضاء ال�سيرباين‪ ،‬من قطاع خا�ص‪ ،‬م�سيطر على البنية التحتية‪ ،‬وموردي‬
‫خدمات‪ ،‬يتحكمون يف الو�صول �إىل ال�شبكة العاملية لالنرتنت‪ ،‬ودولة م�س�ؤولة عن حماية �أمنها القومي‬
‫و�أمن مواطنيها‪ ،‬و�سالمة م�صاحلهم‪ ،‬وم�ستخدمني لل�شبكة العاملية‪ ،‬معنيني مبا�رشة مبا ي�ضخ من حمتوى‪.‬‬
‫كما ميكن و�ضع �أ�صول عمل‪ ،‬ت�ستند �إىل التقنية‪ ،‬واخالقيات مهنية واجتماعية‪ ،‬تعترب خمالفتها‪� ،‬أر�ضية‬
‫لتحديد امل�س�ؤوليات‪.‬‬

‫‪ .2‬تو�صيات‬
‫وختاما‪ ،‬نورد بع�ض التو�صيات‪ ،‬التي يتبناها املر�صد العربي لل�سالمة والأمن يف الف�ضاء ال�سيرباين‪ ،‬واهمها‪:‬‬
‫ •التزام القرارات ال�صادرة عن الأمم املتحدة‪ ،‬وعن القمة العاملية ملجتمع املعلومات ب�سقيها‪ ،‬والداعية‬
‫�إىل ن�رش ثقافة الأمن ال�سيرباين‪.‬‬
‫ •اتخاذ تدابري تعتمد الأمن كعن�رص �رضوري يف االنتاج‪ ،‬ال�سيما ما يخ�ص الربامج والأجهزة‬
‫امل�ستخدمة يف تقنيات االت�صال‪.‬‬
‫�صفحة رقم ‪169‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫•و�ضع �إطار تعاون‪ ،‬ي�ضمن تبادل املعلومات‪ ،‬ونقل املمار�سات الف�ضلى‪ ،‬يف املجال الأمني‪.‬‬ ‫ ‬
‫•ت�أمني ان�سجام الأنظمة القانونية‪ ،‬املكافحة للجرائم ال�سيربانية‪ ،‬مبا مينع ن�شوء جنات رقمية‪.‬‬ ‫ ‬
‫•و�ضع ا�سرتاتيجية لن�رش الوعي‪ ،‬وبنائه‪ ،‬لدى خمتلف �رشائح املجتمع‪� ،‬سواء منهم امل�ستخدمون‬ ‫ ‬
‫العاديون‪� ،‬أو املهنيون‪� ،‬أو متخذو القرار‪ ،‬وامل�س�ؤولون عن �سيا�سات الأمن وال�سالمة‪.‬‬
‫•اعتماد مبادئ خلقية لل�سلوك ال�سيرباين‪ ،‬على مثال خلفيات وا�صول التعامل القائمة يف املجتمع‬ ‫ ‬
‫التقليدي‪ ،‬تكون مبثابة عقد اجتماعي‪ ،‬ي�ؤ�س�س ل�سلوك ي�ضمن �سالمة اجلماعة‪ ،‬و�سالمة مواردها‪.‬‬
‫•و�ضع ا�سرتاتيجية‪ ،‬و�سيا�سة امنية وا�ضحة وملزمة‪ ،‬لكل املعنيني ب�صناعة املعلومات‪ ،‬وب�إدراة‬ ‫ ‬
‫و�سائل االت�صاالت‪ ،‬والبنى التحتية‪ ،‬كما الولئك املعنيني ب�صناعة ادوات وبرامج االت�صال‪ ،‬وخزن‬
‫املعلومات ومعاجلتها‪ .‬و حتويل الأمن ال�سيرباين‪� ،‬إىل جزء من خطط التنمية والتطوير كافة‪.‬‬
‫•اخذ جميع �أبعاد الأمن ال�سيرباين‪ ،‬بعني االعتبار‪ ،‬لدى و�ضع اي ا�سرتاتيجية �أو �سيا�سة‪ ،‬مبا يف‬ ‫ ‬
‫ذلك‪ ،‬حاجات املواطنني وامل�ؤ�س�سات‪ ،‬كما حقوقهم وواجباتهم‪ ،‬بحيث ت�أتي اخلطة متكاملة‪،‬‬
‫ومن�سجمة مع ما ميكن توقع االلتزام به‪ ،‬من قبل املعنيني‪ ،‬ب�أمن جمتمع املعلومات‪.‬‬
‫•الإقرار بامل�س�ؤولية عن حتقيق الأمن ال�سيرباين‪ ،‬كجزء ال يتجز أ� من الأمن القومي والوطني‪.‬‬ ‫ ‬
‫•�إن�شاء مراكز لل�سالمة املعلوماتية‪ ،‬ولطوارئ االت�صاالت‪ ،‬تتعاون فيما بينها‪ ،‬وفق �آلية وا�ضحة‬ ‫ ‬
‫و�شفافة وفاعلة‪.‬‬
‫•تدريب وت�أهيل وحدات ع�سكرية وامنية خا�صة‪ ،‬ميكنها مراقبة البنى التحتية لالت�صاالت‪ ،‬بحيث‬ ‫ ‬
‫تقوم بتحديد املخاطر املحتملة‪ ،‬وازالتها‪.‬‬
‫•ت�أهيل وحدات �أمنية وع�سكرية خا�صة‪ ،‬تتوىلى التعاون على امل�ستوى اخلارجي‪ ،‬مع الهيئات‬ ‫ ‬
‫العاملة على مكافحة املخاطر‪ ،‬واحلد منها ومن �آثارها‪.‬‬
‫•ت�أهيل الأجهزة الق�ضائية املخت�صة‪ ،‬وال�رشطة الق�ضائية‪ ،‬بحيث تتمكن من القيام بواجبها‪ ،‬يف جمال‬ ‫ ‬
‫مالحقة وحماكمة املجرمني ال�سيربانيني‪.‬‬
‫•توجيه دعوة من خالل جامعة الدول العربية‪� ،‬إىل دول العامل‪ ،‬ملناق�شة �إقرار معاهدة دولية‪ ،‬تنطلق‬ ‫ ‬
‫ديباجتها من مقررات القمة العاملية ملجتمع املعلومات‪ ،‬م�ضافا اليها‪ ،‬الإقرار ب�رضورة عدم حتويل‬
‫الف�ضاء ال�سيرباين‪� ،‬إىل جمال يهدد ال�سلم الدويل‪ ،‬مع االلتزام بعدد من املبادئ‪ ،‬ويف مقدمها‪ :‬مبد�أ‬
‫�سيادة الدول‪ ،‬وامل�ساواة فيما بينها‪ ،‬وحق كل دولة يف االفادة من قدرات تقنيات املعلومات‬
‫واالت�صاالت‪ ،‬مبا ي�ضمن قدرتها على املناف�سة يف هذا املجال‪ ،‬وحتقيق رفاه �شعوبها‪.‬‬
‫�إن�شاء هيئات حتكيم وطنية‪ ،‬متخ�ص�صة يف الق�ضايا ال�سيربانية‪ ،‬وخدمات ا�ست�شارات‪ ،‬م�سبقة والحقة‬
‫لأي ن�شاط �إلكرتوين‪ ،‬ميكن ملن يرغب‪ ،‬اللجوء اليها‪.‬‬
‫�صفحة رقم ‪170‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫} املالحق {‬

‫ملحق رقم ‪ 1‬التو�صيات عن اللقاء ال�سيرباين الأول ‪2012‬‬


‫ملحق رقم ‪ - 2‬التو�صيات عن اللقاء ال�سيرباين الثاين ‪2013‬‬
‫ملحق رقم ‪ - 3‬التو�صيات عن اللقاء ال�سيرباين الثالث ‪2014‬‬
‫ملحق رقم ‪ - 4‬التو�صيات عن اللقاء ال�سيرباين الرابع ‪2015‬‬
‫ملحق رقم ‪� - 5‬ضوابط ا�ستخدام املوارد املعلوماتية واالت�صاالتية احلكومية‬
‫ملحق رقم ‪� - 6‬أخالقيات التعامل مع �شبكة الإنرتنت‬
‫ملحق رقم ‪ - 7‬م�سودة اتفاقية عربية ‪ -‬بناء الثقة يف الف�ضاء ال�سيرباين‬
‫�صفحة رقم ‪171‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫ملحق رقم ‪1‬‬


‫للمتخ�ص�صني يف �أمن و�سالمة الف�ضاء ال�سيرباين‬
‫ّ‬ ‫التو�صيات ال�صادرة عن اللقاء ال�سنوي الأول‬
‫(الإنرتنت) املنعقد يف مقر املركز العربي للبحوث القانونية والق�ضائية‬
‫بريوت ‪2012/8/28 – 27‬‬
‫املوافق ‪� 10 -9‬شوال ‪ 1433‬هـ‬

‫�إن امل�شاركني يف اللقاء ال�سنوي الأول للمخت�صني يف �أمن و�سالمة الف�ضاء ال�سيرباين (الإنرتنت) وانطالق ًا‬
‫من وعيهم حلجم املخاطر التي قد ت�صيب بت�أثرياتها الأمن القومي ال�سيا�سي والع�سكري واالقت�صادي‬
‫والثقايف العربي واخل�سائر التي قد تنتج عنها على ال�صعيد الفردي واجلماعي وامل�ؤ�س�ساتي‪.‬‬
‫والرقي يف املجتمعات العربية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫والتقدم‬
‫ّ‬ ‫التطور‬
‫ّ‬ ‫و�إذ يدركون حجم العقبات التي ت�ؤ ّدي �إىل �إعاقة‬
‫و�إذ ُيعربون عن خ�شيتهم نتيجة لذلك من تال�شي القيم الأخالقية والقواعد ال�سلوكية‪ .‬يو�صون مبا يلي‪:‬‬

‫الت�أكيد على اعتبار م�س�ألة حتقيق الأمن ال�سيرباين جزءاً ال يتج ّز أ� من الأمن الوطني‬ ‫�أوالً‪:‬‬
‫والأمن القومي على �أ�سا�س كونه ركن ًا �أ�سا�سي ًا وقاعدة لنجاح خمططات التنمية والتطوير‬
‫املجتمعي الوطني والقومي على �ش ّتى الأ�صعدة ويف خمتلف امليادين‪.‬‬
‫ن�رش الوعي واملعرفة بحجم املخاطر لدى خمتلف �رشائح املجتمع وامل�ؤ�س�سات اخلا�صة‬ ‫ثانياً‪:‬‬
‫الت�سيب الأمني يف الف�ضاء ال�سيرباين (الإنرتنت) بالإ�ضافة �إىل‬ ‫ّ‬ ‫والر�سمية الناجتة عن‬
‫حجم اخل�سائر و�إدراج مو�ضوع �أمن و�سالمة الف�ضاء ال�سيرباين يف املناهج التعليمية‬
‫والأكادميية‪.‬‬
‫ا�ستنها�ض منظمات املجتمع املدين وامل�ؤ�س�سات الر�سمية املخت�صة والتن�سيق فيما بينها‬ ‫ثالثاً‪:‬‬
‫لتغطية جميع �رشائح املجتمع وم�ؤ�س�ساته يف الدول العربية فيما يتع ّلق ب�أمن و�سالمة‬
‫الف�ضاء ال�سيرباين‪.‬‬
‫و�ضع قواعد �أخالقية و�سلوكية تطال جميع �رشائح املجتمع �سواء كانوا م�ستخدمني‬ ‫رابعاً‪:‬‬
‫متخ�ص�صني �أفراداً �أو م�ؤ�س�سات �أو م ّتخذي القرار �أو امل�س�ؤولني‬
‫ّ‬ ‫عاديني �أو مهنيني �أو‬
‫عن �سيا�سات الأمن وال�سالمة للف�ضاء ال�سيرباين (الإنرتنت) وتكليف الدكتور ح�سني‬
‫الغافري من �سلطنة ُعمان ب�إعداد م�سودة القواعد‪.‬‬
‫الدعوة �إىل اال�ستفادة من جتارب الدول العربية التي عر�ضت جتاربها خا�صة �سلطنة‬ ‫خام�ساً‪:‬‬
‫ُعمان وجمهورية ال�سودان ودولة فل�سطني وجمهورية م�رص العربية‪.‬‬
‫�صفحة رقم ‪172‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫دعوة الدول العربية لإجناز البناء الت�رشيعي والقانوين والق�ضائي مبا ي�ضمن امل�ساعدة على‬ ‫�ساد�ساً‪:‬‬
‫مكافحة اجلرائم ال�سيربانية واملعلوماتية ومبا ي�ؤمن االن�سجام بني كافة الأنظمة القانونية‪.‬‬
‫متخ�ص�صة يف جمال الأمن ال�سيرباين على م�ستوى الق�ضاء والنيابات العامة‬ ‫ّ‬ ‫�إن�شاء �أجهزة‬ ‫�سابعاً‪:‬‬
‫امل�ستمر للعاملني‬
‫ّ‬ ‫(الإ ّدعاء العام) والكوادر الفنية واخلرباء واملحقّقني‪ ،‬وت�أمني التطوير‬
‫يف هذه الأجهزة‪.‬‬
‫متخ�ص�صة بالتعاون بني الدول العربية لكل اجلهات والأفراد‬ ‫ّ‬ ‫�إقامة دورات تدريبية‬ ‫ثامناً‪:‬‬
‫العاملني يف الأجهزة وامل�ؤ�س�سات املعنية بحماية �أمن و�سالمة الف�ضاء ال�سيرباين‪.‬‬
‫�إيجاد ال�صيغ املنا�سبة لت�أمني التن�سيق املتوا�صل والتعاون الوثيق بني خمتلف الأجهزة‬ ‫تا�سعاً‪:‬‬
‫وامل�ؤ�س�سات الر�سمية املعنية ب�أمن و�سالمة الف�ضاء ال�سيرباين (الإنرتنت) على امل�ستويات‬
‫الوطنية والإقليمية والدولية‪.‬‬
‫تكليف الدكتورة منى الأ�شقر جبور بو�ضع م�رشوع م�سودة �إتفاقية عربية حلماية �أمن‬ ‫عا�رشاً‪:‬‬
‫و�سالمة الف�ضاء ال�سيرباين العربي مع مذكرة تت�ضمن الأ�سباب املوجبة وعر�ضها على‬
‫اللقاء ال�سنوي الثاين‪.‬‬
‫حادي ع�رش‪ :‬تكليف القا�ضي حامت جعفر من جمهورية م�رص العربية بو�ضع م�سودة م�رشوع ت�رشيع‬
‫تنظيمي ي� ّؤمن تنظيم �آليات وقواعد للمعنيني ب�صناعة املعلومات وتخزينها ومعاجلتها‬
‫وكذا املعنيني ب�صناعة و�سائل االت�صاالت و�إداراتها وبناها التحتية وللمعنيني ب�صناعة‬
‫�أدوات وبرامج االت�صال واملعلوماتية وحمايتها مع مذكرة تت�ضمن الأ�سباب املوجبة‬
‫وعر�ضه على اللقاء ال�سنوي الثاين‪.‬‬
‫اعتبار املحاور التالية حماور علمية للقاء ال�سنوي الثاين‪:‬‬ ‫ثاين ع�رش‪:‬‬
‫ •واقع البنى التحتية العربية يف جمال �أمن و�سالمة الف�ضاء ال�سيرباين‪.‬‬ ‫�أوالً‪:‬‬
‫ •القواعد الأخالقية وال�سلوكية اخلا�صة ب�أمن و�سالمة الف�ضاء ال�سيرباين‪.‬‬ ‫ثانياً‪:‬‬
‫ •�إتفاقية عربية حلماية �أمن و�سالمة الف�ضاء ال�سيرباين‪.‬‬ ‫ثالثاً‪:‬‬
‫ •الت�رشيع التنظيمي اخلا�ص ب�أمن و�سالمة الف�ضاء ال�سيرباين‪.‬‬ ‫رابعاً‪:‬‬
‫ي�ستجد من �أعمال‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ •ما‬ ‫خام�ساً‪:‬‬
‫�صفحة رقم ‪173‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫ملحق رقم ‪2‬‬


‫للمتخ�ص�صني يف �أمن و�سالمة الف�ضاء ال�سيرباين (الإنرتنت)‬
‫ّ‬ ‫التو�صيات ال�صادرة عن امل�ؤمتر الثاين‬
‫املنعقد يف مقر املركز العربي للبحوث القانونية والق�ضائية‬
‫بريوت ‪2013/8/21–19‬‬
‫املوافق ‪� 14 -12‬شوال ‪ 1434‬هـ‬

‫متابعة درا�سة م�سودة م�رشوع االتفاقية العربية حلماية �أمن و�سالمة الف�ضاء ال�سيرباين بعد‬ ‫�أوالً‪:‬‬
‫ّ‬
‫امل�شكلة من امل�ؤمتر على �ضوء املالحظات الواردة من الدول العربية‬ ‫مراجعتها من اللجنة‬
‫الأع�ضاء‪.‬‬
‫متابعة درا�سة م�سودة م�رشوع القواعد وال�ضوابط الأخالقية ال�ستخدام الف�ضاء ال�سيرباين‬ ‫ثانياً‪:‬‬
‫ّ‬
‫امل�شكلة من امل�ؤمتر على �ضوء املالحظات‬ ‫أعدها د‪ .‬ح�سني الغافري من قبل اللجنة‬ ‫التي � ّ‬
‫الواردة من الدول العربية الأع�ضاء‪.‬‬
‫متابعة ما ك ّلف به د‪ .‬حامت جعفر من م�رص حول و�ضع ت�رشيع تنظيم ال�ستخدام وحماية‬ ‫ثالثاً‪:‬‬
‫�أمن و�سالمة الف�ضاء ال�سيرباين وتعميمه على امل�شاركني يف امل�ؤمتر الأول والثاين لإبداء ما‬
‫قد يكون لديهم من �آراء ومالحظات حوله‪.‬‬
‫�إيجاد �آلية لتفعيل التعاون العربي وتبادل اخلربات والزيارات يف جمال حماية �أمن و�سالمة‬ ‫رابعاً‪:‬‬
‫الف�ضاء ال�سيرباين‪.‬‬
‫و�ضع خطط لتفعيل التدريب من خالل التعاون العربي‪.‬‬ ‫خام�ساً‪:‬‬
‫دعوة الدول العربية لإن�شاء هيئة مركزية وطنية خمت�صة بحماية �أمن و�سالمة الف�ضاء‬ ‫�ساد�ساً‪:‬‬
‫ال�سيرباين يف الدول التي لي�س لها مثل هذه الهيئة تكون من مهماتها تطبيق �إجراءات‬
‫التنظيم واحلماية وخا�صة البيانات وا�سرتجاعها والتعاون فيما بينها و�صو ًال �إىل ت�شكيل‬
‫هيكلية عربية موحدة ت�ؤمن حماية �أمن و�سالمة الف�ضاء ال�سيرباين‪.‬‬
‫دعوة الدول العربية �إىل ا�ستكمال الأطر الت�رشيعية والبنى التحتية متهيداً لت�شكيل هيئات �أو‬ ‫�سابعاً‪:‬‬
‫جلان امل�صادقة والتوقيع الإلكرتوين واال�ستفادة من التجارب العربية يف الدول العربية يف‬
‫هذا املجال‪.‬‬
‫تكليف الدكتور �سعيد حيدر من الهيئة الناظمة لالت�صاالت ب�إجراء م�سح ميداين عربي‬ ‫ثامناً‪:‬‬
‫ملراكز اال�ستجابة لطوارئ احلا�سوب‪.‬‬
‫�صفحة رقم ‪174‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫اعتبار املحاور التالية حماور علمية للقاء ال�سنوي الثالث‪:‬‬ ‫تا�سعاً‪:‬‬


‫ •درا�سة م�سودة م�رشوع االتفاقية العربية حلماية �أمن و�سالمة الف�ضاء ال�سيرباين‪.‬‬ ‫�أوالً‪:‬‬
‫ •درا�سة م�سودة م�رشوع القواعد وال�ضوابط الأخالقية ال�ستخدام الف�ضاء ال�سيرباين‪.‬‬ ‫ثانياً‪:‬‬
‫ •درا�سة م�سودة م�رشوع التنظيم الت�رشيعي ال�ستخدام وحماية �أمن و�سالمة الف�ضاء‬ ‫ثالثاً‪:‬‬
‫ال�سيرباين‪.‬‬
‫ •جتارب مراكز اال�ستجابة لطوارئ احلا�سوب ‪ Certs‬يف الدول العربية‪.‬‬ ‫رابعاً‪:‬‬
‫ي�ستجد من �أعمال‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ •ما‬
‫خام�ساً‪:‬‬
‫�صفحة رقم ‪175‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫ملحق رقم ‪3‬‬


‫للمتخ�ص�صني يف �أمن و�سالمة الف�ضاء ال�سيرباين (الإنرتنت)‬
‫ّ‬ ‫التو�صيات ال�صادرة عن امل�ؤمتر الثالث‬
‫املنعقد يف مقر املركز العربي للبحوث القانونية والق�ضائية‬
‫بريوت ‪2014/08/27 – 25‬‬
‫املوافق ‪� 29‬شوال – ‪ 1‬ذو القعدة ‪1435‬هـ‬

‫متابعة درا�سة م�سودة م�رشوع االتفاقية العربية حلماية �أمن و�سالمة الف�ضاء‬ ‫�أوالً‪:‬‬
‫ال�سيرباين بعد مراجعتها من امل�ؤمتر على �ضوء املالحظات الواردة من الدول‬
‫تزود املركز العربي مبالحظاتها �أن‬
‫العربية الأع�ضاء‪ ،‬والطلب �إىل الدول التي مل ّ‬
‫تقوم بذلك بعد �إعادة تعميم االتفاقية مع الردود امل�ستلمة‪.‬‬
‫الطلب �إىل الدول العربية تعميم م�سودة االتفاقية مع الردود واملالحظات امل�ستلمة‬ ‫ثانياً‪:‬‬
‫على اجلهات الوطنية املعنية بها يف كل دولة ح�سب ما ترت�أيه (اجلهات الق�ضائية‬
‫الت�رشيعية –الأمنية – االت�صاالت – �إلخ‪.)....‬‬
‫يطلب من الدول العربية �إبداء مالحظاتها ب�شكل دقيق يتناول املواد الواردة يف‬ ‫ثالثاً‪:‬‬
‫االتفاقية والن�ص املقرتح تعديله �أو �إلغاءه‪.‬‬
‫الطلب من الدول العربية درا�سة م�سودة م�رشوع القواعد وال�ضوابط الأخالقية‬ ‫رابعاً‪:‬‬
‫أعدها د‪ .‬ح�سني الغافري و�إبداء مالحظاتها عليه‬ ‫ال�ستخدام الف�ضاء ال�سيرباين التي � ّ‬
‫لتعر�ض يف االجتماع القادم‪.‬‬
‫متابعة ما ك ّلف به د‪ .‬حامت جعفر من م�رص حول و�ضع ت�رشيع تنظيم ال�ستخدام‬ ‫خام�ساً‪:‬‬
‫وحماية �أمن و�سالمة الف�ضاء ال�سيرباين وتعميمه على امل�شاركني يف امل�ؤمتر الأول‬
‫والثاين لإبداء ما قد يكون لديهم من �آراء ومالحظات حوله‪.‬‬
‫الت�أكيد على �رضورة �إيجاد �آلية لتفعيل التعاون العربي وتبادل اخلربات والزيارات‬ ‫�ساد�ساً‪:‬‬
‫يف جمال حماية �أمن و�سالمة الف�ضاء ال�سيرباين وو�ضع خطط لتفعيل التدريب‪.‬‬
‫الت�أكيد على التو�صيات ال�سابقة ب�رضورة دعوة الدول العربية لإن�شاء هيئة مركزية‬ ‫�سابعاً‪:‬‬
‫وطنية خمت�صة بحماية �أمن و�سالمة الف�ضاء ال�سيرباين يف الدول التي لي�س لها مثل‬
‫هذه الهيئة تكون من مهماتها تطبيق �إجراءات التنظيم واحلماية وخا�صة البيانات‬
‫وا�سرتجاعها والتعاون فيما بينها و�صو ًال �إىل ت�شكيل هيكلية عربية موحدة ت�ؤمن‬
‫حماية �أمن و�سالمة الف�ضاء ال�سيرباين‪.‬‬
‫�صفحة رقم ‪176‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫الت�أكيد على دعوة الدول العربية �إىل �إ�ستكمال الأطر الت�رشيعية والبنى التحتية‬ ‫ثامناً‪:‬‬
‫متهيداً لت�شكيل هيئات �أو جلان امل�صادقة والتوقيع الإلكرتوين واال�ستفادة من‬
‫التجارب العربية يف الدول العربية يف هذا املجال‪.‬‬
‫اعتبار املحاور التالية حماور علمية للقاء ال�سنوي الرابع‪:‬‬ ‫تا�سعاً‪:‬‬
‫ •درا�سة م�سودة م�رشوع االتفاقية العربية حلماية �أمن و�سالمة الف�ضاء ال�سيرباين‪.‬‬ ‫�أوالً‪:‬‬
‫ •درا�سة م�سودة م�رشوع القواعد وال�ضوابط الأخالقية ال�ستخدام الف�ضاء‬ ‫ثانياً‪:‬‬
‫ال�سيرباين‪.‬‬
‫ •درا�سة م�سودة م�رشوع التنظيم الت�رشيعي ال�ستخدام وحماية �أمن و�سالمة‬ ‫ثالثاً‪:‬‬
‫الف�ضاء ال�سيرباين‪.‬‬
‫ •جتارب مراكز الإ�ستجابة لطوارئ احلا�سوب ‪ Certs‬يف الدول العربية‪.‬‬ ‫رابعاً‪:‬‬
‫ي�ستجد من �أعمال‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ •ما‬ ‫خام�ساً‪:‬‬
‫�صفحة رقم ‪177‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫ملحق رقم ‪4‬‬


‫للمتخ�ص�صني يف �أمن و�سالمة الف�ضاء ال�سيرباين (الإنرتنت)‬
‫ّ‬ ‫التو�صيات ال�صادرة عن امل�ؤمتر الرابع‬
‫املنعقد يف مقر املركز العربي للبحوث القانونية والق�ضائية‬
‫بريوت ‪2015/08/19 – 17‬‬
‫املوافق ‪ 4 - 2‬القعدة ‪1436‬هـ‬

‫م�رشوعي االتفاقية العربية حلماية �أمن و�سالمة الف�ضاء ال�سيرباين والت�رشيع‬


‫ّ‬ ‫متابعة درا�سة‬ ‫�أوالً‪:‬‬
‫التنظيمي النموذجي للأمن ال�سيرباين بعد مراجعة ذلك من امل�ؤمتر على �ضوء املالحظات‬
‫تزود املركز العربي‬ ‫الواردة من الدول العربية الأع�ضاء‪ ،‬والطلب �إىل الدول التي مل ّ‬
‫مبالحظاتها �أن تقوم بذلك خالل فرتة ال تتجاوز �شهر مطلع �شهر �سبتمرب‪ ،‬على �أن يقوم‬
‫املركز ب�إعداد جداول مقارنة بالتعديالت و�إر�سالها �إىل الدول العربية‪.‬‬
‫واملقدمة من‬
‫ّ‬ ‫الأخذ بعني االعتبار املالحظات والتعديالت املقرتحة على م�رشوع االتفاقية‬ ‫ثانياً‪:‬‬
‫ي�ستجد من بقية‬
‫ّ‬ ‫كل من �سلطنة ُعمان وال�سودان وفل�سطني خالل امل�ؤمترات ال�سابقة وما‬
‫الدول‪.‬‬
‫ُيرجى من الدول العربية �إبداء مالحظاتها ب�شكل دقيق يتناول املواد الواردة يف االتفاقية‬ ‫ثالثاً‪:‬‬
‫والن�ص املقرتح تعديله �أو �إلغاءه‪ .‬وكذا ن�رشوا الت�رشيع التنظيمي بعد قيام املركز العربي‬
‫بتعميم ما ّمت االنتهاء منه من تكليفات �سابقة‪.‬‬
‫يحدد يف �ضوء ا�ستكمال الردود على �أن‬ ‫ا�ستكمال اجتماعات امل�ؤمتر الرابع يف موعد ّ‬ ‫رابعاً‪:‬‬
‫يعقد قبل منت�صف �أكتوبر‪.‬‬
‫التمني على الدول العربية تزويد املركز العربي للبحوث القانونية والق�ضائية بالقوانني �أو‬ ‫خام�ساً‪:‬‬
‫م�شاريع القوانني اخلا�صة بحماية و�سالمة الف�ضاء ال�سيرباين‪.‬‬
‫التمني على الدول العربية ا�ستكمال درا�سة م�سودة م�رشوع القواعد وال�ضوابط الأخالقية‬ ‫�ساد�ساً‪:‬‬
‫أعدها د‪ .‬ح�سني الغافري و�إبداء مالحظاتها عليه لتعر�ض ‬ ‫ال�ستخدام الف�ضاء ال�سيرباين التي � ّ‬
‫يف االجتماع القادم‪.‬‬
‫احلث على �إيجاد �آلية لتفعيل التعاون العربي وتبادل اخلربات والزيارات يف جمال حماية‬ ‫ّ‬ ‫�سابعاً‪:‬‬
‫�أمن و�سالمة الف�ضاء ال�سيرباين وو�ضع خطط لتفعيل التدريب‪.‬‬
‫�صفحة رقم ‪178‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫الت�أكيد على التو�صيات ال�سابقة ب�رضورة دعوة الدول العربية لإن�شاء مراكز �إ�ستجابة‬ ‫ثامناً‪:‬‬
‫لطوارئ احلا�سب وهيئة مركزية وطنية خمت�صة بحماية �أمن و�سالمة الف�ضاء ال�سيرباين يف‬
‫الدول التي لي�س لها مثل هذه الهيئات‪.‬‬
‫اعتبار املحاور التالية حماور علمية للقاء اخلام�س القادم‪:‬‬ ‫تا�سعاً‪:‬‬
‫ •ا�ستكمال درا�سة م�سودة م�رشوع االتفاقية العربية حلماية �أمن و�سالمة الف�ضاء‬ ‫�أوالً‪:‬‬
‫ال�سيرباين‪.‬‬
‫ •ا�ستكمال درا�سة م�سودة م�رشوع القواعد وال�ضوابط الأخالقية ال�ستخدام الف�ضاء‬ ‫ثانياً‪:‬‬
‫ال�سيرباين‪.‬‬
‫ •ا�ستكمال درا�سة م�سودة م�رشوع التنظيم الت�رشيعي ال�ستخدام وحماية �أمن و�سالمة‬ ‫ثالثاً‪:‬‬
‫الف�ضاء ال�سيرباين‪.‬‬
‫رابعاً‪:‬‬
‫ •عر�ض جتارب مراكز اال�ستجابة لطوارئ احلا�سوب ‪ Certs‬يف الدول العربية‪.‬‬
‫ي�ستجد من �أعمال‪.‬‬ ‫ •ما‬
‫خام�ساً‪:‬‬
‫ّ‬
‫�صفحة رقم ‪179‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫ملحق رقم ‪5‬‬


‫�ضوابط ا�ستخدام املوارد املعلوماتية واالت�صاالتية احلكومية‬

‫‪ .1‬تعريفات‬
‫يف تطبيق �أحكام هذه ال�ضوابط يكون للكلمات والعبارات املعنى املحدد قرين كل منها ما مل يقت�ض ‬
‫�سياق الن�ص خالف ذلك‪:‬‬
‫ •ال�شخ�ص‪� :‬أي �شخ�ص ذي �صفة طبيعية‪� ،‬أو اعتبارية عامة �أو خا�صة‪.‬‬
‫ •امل�ستخدم‪ :‬ال�شخ�ص امل�رصح له با�ستخدام الأنظمة املعلوماتية‪.‬‬
‫ •ح�ساب امل�ستخدم‪ :‬البيانات ال�رسية التي تخول امل�ستخدم ا�ستخدام الأنظمة املعلوماتية‪ ،‬وتتكون‬
‫يف حدها الأدنى من �أ�سم م�ستخدم وكلمة املرور‪.‬‬
‫ •احلا�سب الآيل‪� :‬أي جهاز �إلكرتوين ثابت �أو منقول‪� ،‬سلكي �أو ال �سلكي‪ ،‬يحتوي على نظام معاجلة‬
‫البيانات‪� ،‬أو تخزينها‪� ،‬أو �إر�سالها �أو ا�ستقبالها‪� ،‬أو ت�صفحها‪ ،‬وي�ؤدي وظائف حمددة بح�سب‬
‫الربامج‪ ،‬والأوامر املعطاة له‪.‬‬
‫ •برامج احلا�سب الآيل‪ :‬جمموعة معلومات �إلكرتونية �أو تعليمات ت�ستعمل بطريقة مبا�رشة �أو غري‬
‫مبا�رشة يف نظام معاجلة معلومات �إلكرتونية بغر�ض الو�صول �إىل نتائج حمددة‪.‬‬
‫ •الأنظمة املعلوماتية �أو املوارد املعلوماتية‪ :‬جمموعة برامج �أو �أدوات �أو معلومات معدة ملعاجلة‬
‫البيانات و�إدارتها‪ ،‬وت�شمل احلا�سبات الآلية‪.‬‬
‫ •البيانات �أو املعلومات الإلكرتونية‪ :‬كل ما ميكن تخزينه ومعاجلته وتوليده ونقله بو�سائل تقنية‬
‫املعلومات �أيا كان �شكله كالكتابة وال�صور والأ�صوات والرموز والإ�شارات‪.‬‬
‫ •البيانات �أو املعلومات الر�سمية‪ :‬البيانات �أو املعلومات ال�صادرة من اجلهات احلكومية ذات الطابع‬
‫الر�سمي‪.‬‬
‫ •الوثائق‪ :‬البيانات امل�ستخدمة لأغرا�ض متعددة كالنماذج واخلطابات والعقود والإحاالت‬
‫والتقارير والدرا�سات‪.‬‬
‫ •التعامالت الإلكرتونية‪� :‬أي تبادل �أو ترا�سل �أو تعاقد‪� ،‬أو �أي �إجراء �آخر يربم �أو ينفذ – ب�شكل كلي‬
‫�أو جزئي – بو�سيلة �إلكرتونية‪.‬‬
‫ •الإنرتنت‪ :‬ال�شبكة العاملية للمعلومات‬
‫ •ال�شبكة املعلوماتية‪ :‬ارتباط بني �أكرث من حا�سب �آيل �أو نظام معلوماتي للح�صول على البينات‬
‫وتبادلها ‪ ،‬مثل ال�شبكات اخلا�صة والعامة و�شبكة االنرتنت‪.‬‬
‫�صفحة رقم ‪180‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫ •املوقع الإلكرتوين‪ :‬مكان �إتاحة املعلومات الإلكرتونية على ال�شبكة املعلوماتية من خالل عنوان حمدد‪.‬‬
‫ •الربيد الإلكرتوين العام‪ :‬هو الربيد الإلكرتوين غري املقدم من جهة حكومية‪.‬‬

‫_ ال�ضوابط‪:‬‬
‫�أ‪ .‬يجب على امل�ستخدمني امل�رصح لهم با�ستخدام املوارد املعلوماتية واالت�صاالتية التقيد بجميع‬
‫ال�سيا�سات والإجراءات اخلا�صة بالأنظمة املعلوماتية التي ي�ستخدمونها‪.‬‬
‫ب‪ .‬يجب على م�ستخدمي موارد االت�صاالت واملعلومات يف �أي جهة حكومية با�ستخدامها ب�شكل‬
‫مثمر وم�س�ؤول ولأغرا�ض تخ�ص العمل فقط‪ ،‬وال يجوز ا�ستخدامها لأغرا�ض �شخ�صية �أو �أغرا�ض ‬
‫تخالف القوانني واللوائح املعمول بها يف ال�سلطنة‪� ،‬أو مبا ي�ؤدي �إىل الإ�رضار باجلهة احلكومية �أو‬
‫ب�سمعتها‪ ،‬وي�شمل ذلك على �سبيل املثال ال احل�رص‪:‬‬
‫‪1.1‬ا�ستخدامها يف �أي عمل �أو غر�ض غري �رشعي‪.‬‬
‫‪2.2‬ا�ستخدمها مبا يتعار�ض مع الأخالق والآداب العامة‪.‬‬
‫‪3.3‬الدخول �إىل ح�سابات امل�ستخدمني �أو حماولة ا�ستخدامها دون ت�رصيح‪.‬‬
‫‪4.4‬ا�رشاك الآخرين يف �أي من ح�سابات اال�ستخدام �أو التنازل لهم عن تلك احل�سابات‪.‬‬
‫‪5.5‬ا�ستخدام اخلدمة �أو ا�ستغاللها بطريقة تعر�ض ال�شبكة الداخلية للخطر �أو فتح ثغرات �أمنية يف‬
‫ال�شبكة �أو ن�رش برجميات �ضارة �أو غري ذلك‪.‬‬
‫‪ 6.6‬تثبيت �أو ن�رش برامج حا�سب �آيل غري خمول بها من قبل اجلهة احلكومية وبدون احل�صول على‬
‫ت�رصيح م�سبق بذلك‪.‬‬
‫‪7.7‬ن�رش مواد �أو بيانات �رسية خا�صة بامل�ؤ�س�سة �أو �أية م�ؤ�س�سة حكومية �أخرى دون التخويل من قبل‬
‫اجلهة احلكومية �صاحبة البيانات وبدون �إجراءات �أمنية منا�سبة ت�ضمن �رسية تلك البيانات‪.‬‬
‫‪ 8.8‬انتحال �شخ�صية �شخ�ص �أو جهاز �آخر‪.‬‬
‫‪9.9‬العبث باملعلومات اخلا�صة مبوظفني �آخرين �أو االطالع عليها‪.‬‬
‫‪1010‬ن�رش املعلومات ال�شخ�صية �أو اخلا�صة بالآخرين دون ت�رصيح بذلك‪.‬‬
‫‪1111‬حماولة فك ت�شفري بيانات الآخرين يف الأنظمة املعلوماتية‪.‬‬
‫‪1212‬الإخالل ب�أي من حقوق الن�رش �أو الت�أليف‪� ،‬أو حقوق امللكية الفكرية لأي بيانات �أو معلومات‪.‬‬
‫‪1313‬مراقبة االت�صاالت الإلكرتونية للم�ستخدمني (التج�س�س)‬
‫‪1414‬اال�ستخدام ب�شكل ي�ؤثر �سلبيا على امل�ستخدمني الآخرين‪� ،‬أو على �أداء الأجهزة وال�شبكات‬
‫‪1515‬اال�ستخدام الذي من املمكن �أن يت�سبب يف �أي تهديد‪� ،‬أو تخريب‪� ،‬أو �إزعاج �أو اهانة‪� ،‬أو‬
‫م�ضايقة لأي �شخ�ص �أو جهة �أو �أمنها الإلكرتوين مثل �إر�سال بريد �إلكرتوين ب�شكل متكرر‪� ،‬أو‬
‫غري مرغوب فيه �أو لغر�ض الغ�ش �أو خلداع الآخرين‪.‬‬
‫‪�1616‬إحداث �أي تغيري يف املوارد املعلوماتية �أو االت�صاالتي احلكومية دون امتالك �صالحية‪.‬‬
‫�صفحة رقم ‪181‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫‪�1717‬إن�شاء موقع �إلكرتوين ميثل املن�ش�أة احلكومية‪� ،‬أو �إدارته‪ ،‬دون �إذن كتابي ر�سمي من �صاحب‬
‫ال�صالحية‪.‬‬
‫‪1818‬ا�ستخدام املوارد املعلوماتية واالت�صاالتية لأغرا�ض �شخ�صية ال تخ�ص جهة العمل �أو ب�شكل‬
‫ي�ؤدي �إىل �إهدارها و�إهدار وقت املوظف‪.‬‬
‫ج‪ .‬عدم ا�ستخدام قنوات ات�صال باملوارد املعلوماتية واالت�صاالتية احلكومية �أو االرتباط بها‪� ،‬إال من‬
‫خالل القنوات املتاحة من قبل اجلهة احلكومية‪.‬‬
‫د‪ .‬يعترب امل�ستخدم م�س�ؤوال م�س�ؤولية كاملة عن كل ما ي�صدر من ا�ستخدام جلهازه �أو من خالل احلا�سب‬
‫اخلا�ص به‪ ،‬وعليه احلر�ص على الدخول للموارد املعلوماتية املنوطة به‪.‬‬
‫هـ‪ .‬تعد املرا�سالت عن طريق الربد الإلكرتوين احلكومي ملكا للجهة احلكومية وللجهة احلكومية‬
‫املتخ�ص�صة حق االطالع على تلك املرا�سالت وفقا للقانون يف حالة وجود حتقيق ر�سمي‪.‬‬
‫�صفحة رقم ‪182‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫ملحق رقم ‪6‬‬


‫�أخالقيات التعامل مع �شبكة الإنرتنت‬

‫‪ .1‬مقدمة‬
‫التكنولوجيا بجميع �أ�شكالها و�أنواعها من �أجهزة حوا�سيب و�شبكة انرتنت وهواتف حممولة عادية‬
‫وذكية وكامريات رقمية و�ألعاب الفيديو‪ ،‬وجدت لت�سهل وتي�رس للإن�سان واملجتمع حياته ورفاهيته‪.‬‬
‫لكن الواقع احلايل ي�ؤكد عك�س ذلك فهناك من يجهل �أو يتجاهل الأهداف الأ�سا�سية من اخرتاع‬
‫وتطوير هذه التكنولوجيات‪ ،‬كما ال يعرف كيفية ا�ستخدامها ا�ستخداما �أخالقيا �سليما‪ ،‬واملثال على‬
‫ذلك‪ ،‬اال�ستخدام غري الأخالقي ل�شبكة الإنرتنت‪ ،‬من اعتداء على اخل�صو�صيات والتج�س�س املعلوماتي‬
‫و�رسقة الهويات ال�شخ�صية وانتهاك حقوق امللكية الفكرية‪ ،‬و�رسقة البع�ض للنتاج الفكري للآخرين‬
‫من بحوث ومقاالت ون�سبها لأنف�سهم‪� ،‬أو �رسقة الأر�صدة والأموال البنكية عرب التحويل الإلكرتوين‪،‬‬
‫�أو �رسقة الربامج �أو �إعادة ن�سخها‪� ،‬أو �إتالف و�إزالة وت�شويه البيانات واملعلومات �أو التالعب بها ‪،‬‬
‫�أو التخريب والتدمري الإلكرتوين للأنظمة املعلوماتية �أو الرتويج ملواد وحمتويات �ضارة غري هادفة عرب‬
‫ر�سائل الربيد الإلكرتوين �أو من خالل املواقع الإلكرتونية �أو غرف املحادثة ‪� ،‬أو يف الإ�ساءة �إىل �أ�شخا�ص‬
‫وتلويث وت�شويه �سمعتهم‪ ،‬ناهيك عن املخاطر التي تنجم عن التحاور مع الآخرين عرب مواقع املحادثة‬
‫�أو ما ي�سمى بغرف الدرد�شة (ال�شات)‪ .‬وكذلك من ي�ستخدمون الهواتف املحمولة لإزعاج الآخرين‬
‫باملعاك�سات �أو ن�رش �صور خملة بالآداب عرب كامريات هذه الهواتف �أو ا�ستخدامها يف ن�رش ال�شائعات‪.‬‬
‫يف ظل كل ذلك ظهرت احلاجة �إىل �إيجاد جمموعة من املبادئ والأخالق جتعل من و�سائل تقنية املعلومات‬
‫واالت�صاالت بكافة �أنواعها و�سائل فعالة راقية لالت�صال وتبادل املعلومات واملعرفة النافعة‪ .‬وهي غري‬
‫مرتبطة بو�سائل تقنية املعلومات واالت�صاالت كو�سائل يف حد ذاتها و�إمنا متعلقة بامل�ستخدم ذاته الذي‬
‫يعقل �أفعاله‪ .‬وال تتعلق بالأنظمة التي تقنن ا�ستخدام و�سائل تقنية املعلومات بقدر ما هي متعلقة باخللق‬
‫املوجود يف نفو�سنا الذي �سيحكم كيفية ت�رصفنا عندما ال يكون هناك نظام مفرو�ض‪.‬‬
‫وقد تكون هذه الأخالقيات بني الفرد امل�ستخدم للتكنولوجيا ونف�سه �أو بينه وبني الآخرين‪ ،‬هذا‬
‫بالإ�ضافة �إىل �أخالقيات بني امل�ستخدم واملكونات املادية للتكنولوجيا‪ ،‬والتي ت�شمل احلر�ص على �سالمة‬
‫الأجهزة وحمتوياتها من التك�سري والإتالف‪.‬‬

‫‪ .2‬ال�ضوابط والأحكام‬
‫�أخالقيات التعامل مع و�سائل تقنية املعلومات واالت�صاالت قد تكون بني الفرد امل�ستخدم للتكنولوجيا‬
‫ونف�سه‪ ،‬وقد تكون بينه وبني الآخرين‪ ،‬هذا بالإ�ضافة �إىل �أخالقيات بني امل�ستخدم واملكونات املادية‬
‫�صفحة رقم ‪183‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫للتكنولوجيا‪ ،‬والتي ت�شمل احلر�ص على �سالمة الأجهزة وحمتوياتها من التك�سري والإتالف‬
‫�إذن ن�ستطيع �أن نق�سم �أخالقيات التعامل مع و�سائل تقنية املعلومات واالت�صاالت �إىل ثالثة �أق�سام على‬
‫النحو التايل‪:‬‬

‫الق�سم الأول _ �أخالقيات التعامل بني الفرد امل�ستخدم للتكنولوجيا ونف�سه‪:‬‬


‫ينبغي على �أي م�ستخدم لأي و�سيلة من و�سائل تقنية املعلومات �أو االت�صاالت وهو ب�صدد ا�ستخدام هذه‬
‫التكنولوجيا �أن يراعي‪:‬‬
‫ ‪ .‬أتقوى اهلل ومراقبته والإميان ال�صادق ب�أن اهلل يعلم ال�رس و�أخفى‪.‬‬
‫ ‪ .‬ب�أن تتفق ا�ستخداماته مع تعاليم الأديان ال�سماوية‪.‬‬
‫ ‪ .‬ت احرتام الذات والقيم واملبادئ والعادات والتقاليد‪.‬‬
‫ ‪ .‬ثجتنب الدخول �إىل املواقع امل�شبوهة ال�ضارة وااللتزام باملواقع التي تتنا�سب مع العمر وحتقق‬
‫الأهداف وحتقق احلاجات‪.‬‬

‫الق�سم الثاين _ �أخالقيات التعامل بني امل�ستخدم للتكنولوجيا وغريه من امل�ستخدمني ‪:‬‬
‫•يتعني على م�ستخدمي التكنولوجيا التعريف ب�أنف�سهم ب�شكل وا�ضح و�رصيح يف كل املرا�سالت‬ ‫ ‬
‫واالت�صاالت الإليكرتونية حيث يعترب �إخفاء الهوية �أو �إخفاء االنتماء الإداري �أو انتحال �شخ�صية‬
‫الغري ت�رصفات منافية للأخالق‪.‬‬
‫•احرتام االخرين واحرتام افكارهم وارائهم وعدم ال�سخرية منهم وجتنب اال�ساءة �إليهم �أو جرح‬ ‫ ‬
‫م�شاعرهم عند التوا�صل معهم عرب و�سائل تقنية املعلومات واالت�صاالت وجتنب التحاور الإلكرتوين‬
‫عندما يكون جدال بال غاية‪.‬‬
‫•توخ الدقة واملبا�رشة وااليجاز يف طرح االفكار وحماورة االخرين‪.‬‬ ‫ ‬
‫•االبتعاد عن التزوير واخلداع‪.‬‬ ‫ ‬
‫•مراعاة حقوق الن�رش �أو الت�أليف‪ ،‬وحقوق امللكية الفكرية لأي بيانات �أو معلومات‪..‬‬ ‫ ‬
‫•جتنب انتهاك خ�صو�صيات الغري �أو التعدي على حقهم يف االحتفاظ ب�أ�رسارهم‪.‬‬ ‫ ‬
‫•عدم ا�ستخدام و�سائل تقنية املعلومات يف �إر�سال ر�سائل �إلكرتونية لغري �أ�صحابها‪ ،‬ومراعاة �رضورة‬ ‫ ‬
‫توجيه ر�سالة اعتذار عند ار�سال مثل هذه الر�سائل لغري ا�صحابها‪.‬‬
‫•التعامل ب�أمانة مع الوثائق الإلكرتونية التي ت�صل خطا �إىل عنوان الربيد الإلكرتوين واعادتها على‬ ‫ ‬
‫الفور �إىل مر�سلها وعدم ا�ستغاللها اال�ستغالل ال�سيئ‪.‬‬
‫•جتنب ار�سال الر�سائل امل�سل�سة ‪ -‬ر�سالة يبعث بها �إىل جمموعة من اال�شخا�ص على التوايل ويقوم كل‬ ‫ ‬
‫فرد من املجموعة ب�إعادة ار�سالها �إىل جمموعة اخرى ويف معظم االحيان يغلب على هذه النوعية‬
‫من املرا�سالت تفاهة املحتوى وت�سبب هدرا للوقت وملوارد ال�شبكة‪.‬‬
‫• جتنب اال�رضار باالخرين عن طريق ار�سال الربامج ال�ضارة لأجهزتهم و�أنظمتهم املعلوماتية‪.‬‬ ‫ ‬
‫�صفحة رقم ‪184‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫•جتنب التعر�ض لتعاليم الأديان جميعا ب�سوء واالبتعاد عن جتريح الرموز الدينية �أو الهيئات �أو الدول‬ ‫ ‬
‫�أو ال�شعوب وعدم اثارة النعرات واحلميات املذهبية �أو الطائفية‪.‬‬
‫•جتنب اال�ستخدام الذي من املمكن �أن يت�سبب يف �أي تهديد‪� ،‬أو تخريب‪� ،‬أو �إزعاج �أو �إهانة‪� ،‬أو‬ ‫ ‬
‫م�ضايقة لأي �شخ�ص مثل �إر�سال بريد �إلكرتوين ب�شكل متكرر‪� ،‬أو غري مرغوب فيه �أو لغر�ض الغ�ش ‬
‫�أو خلداع الآخرين‪.‬‬
‫•جتنب ن�رش ما من �ش�أنه بث الكراهية التي ت�شجع وتروج للق�ضاء على جمموعة معينة �أو �أي ت�صوير‬ ‫ ‬
‫ي�شني �أو يحقر �أو ي�شوه �سمعة �شخ�ص �أو جمموعة على �أ�سا�س اجلن�س والعرق والدين واجلن�سية‬
‫والتوجه اجلن�سي �أو االعاقة‪.‬‬
‫•جتنب ن�رش ما من �ش�أنه تعري�ض �أمن النا�س �أو �صحتهم �أو �سالمتهم للخطر‪.‬‬ ‫ ‬
‫•جتنب ن�رش �أو توفري حمتوى غري الئق وخمل بالآداب‪ ،‬وخ�صو�صا التعري واجلن�س‪.‬‬ ‫ ‬
‫•جتنب ن�رش �أي �إ�ساءة لذوي الإعاقة اجل�سدية �أو العقلية �أو احل�سية‪.‬‬ ‫ ‬

‫الق�سم الثالث _ �أخالقيات التعامل بني امل�ستخدم وبني التكنولوجيا ذاتها‪:‬‬


‫•جتنب التقاط غري امل�رشوع للمعلومات �أو البيانات‪.‬‬ ‫ ‬
‫•جتنب ا�ستخدام و�سيلة ات�صاالت غري مرخ�صة حمليا يف التقاط ال�شبكة مثل االلتقاط املبا�رش من‬ ‫ ‬
‫الأقمار ال�صناعية �أو نحوها‪.‬‬
‫•جتنب اتالف �أو تغيري �أو حمو �أية بيانات �أو معلومات بدون وجه حق‪.‬‬ ‫ ‬
‫•جتنب التقاط �أو ت�سجيل �أو جمع البيانات �أو املعلومات و�إعادة ا�ستخدامها ب�شكل غري قانوين‪.‬‬ ‫ ‬
‫• جتنب التقاط مواد من �ش�أنها امل�سا�س بالأخالق والآداب العامة �أو تتعار�ض مع عقيدة املجتمع‬ ‫ ‬
‫وقيمه‪.‬‬
‫•جتنب �رسقة رموز خدمة الآخرين �أو ا�ستغاللها‪.‬‬ ‫ ‬
‫•جتنب اخرتاق الأنظمة لغر�ض �رسقة املعلومات‪� ،‬أو الأموال �أو �أي عمل �آخر خمالف للقانون‪.‬‬ ‫ ‬
‫جتنب ا�ستخدام اللغة ال�سيئة مبا يف ذلك عبارات االزدراء والكلمات النابية وال�شتائم وفاح�ش القول‪.‬‬
‫وتت�ضمن اللغة ال�سيئة اللغة اجلارحة ويق�صد ا�ستخدام كلمات اال�ساءة �أو اال�ستهزاء التي ت�سيئ للآخرين‪.‬‬
‫والإ�شارات الغليظة‪.‬‬
‫�صفحة رقم ‪185‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫ملحق رقم ‪7‬‬


‫م�سودة اتفاقية عربية‬
‫بناء الثقة يف الف�ضاء ال�سيرباين‬

‫‪ .1‬الديباجة‬
‫ي�سجل يف العامل العربي‪ ،‬نق�ص يف االطر الت�رشيعية املالئمة‪ ،‬حلماية الف�ضاء ال�سيرباين‪ ،‬ما ي�ؤثر �سلبا‬
‫على االنخراط ال�سليم يف جمتمع املعلومات واملعرفة‪ ،‬ما ي�ستدعي ت�ضافر جهود الدول العربية‪ ،‬لو�ضع‬
‫االطر الت�رشيعية والتنظيمية‪ ،‬التي ت�سمح لها‪ ،‬بالتعاون الفاعل‪ ،‬لرفع التحديات التي ترتافق والتحوالت‬
‫اجلذرية التي ادخلتها تقنيات املعلومات واالت�صاالت‪ ،‬على احلياة اليومية للمواطنني‪ ،‬وامل�ؤ�س�سات‪،‬‬
‫واحلكومات‪ ،‬واملنظمات االقليمية والدولية‪ ،‬ال�سيما وان معظم الدول العربية‪ ،‬ما زالت تفتقر �إىل‬
‫االدوات الت�رشيعية‪ ،‬والتنفيذية‪ ،‬والتقنية‪ ،‬والهيكلية‪ ،‬والب�رشية‪ ،‬ي�ضمن �سالمة مواطنيها و�أمنها القومي‬
‫فالأنظمة املعلوماتية‪ ،‬وو�سائل االت�صاالت‪ ،‬مفتوحة وميكن الولوج اليها‪ ،‬عن بعد‪ ،‬ومن اي مكان‬
‫يف العامل‪ ،‬وقد حتولت مبا حتويه وتنقله‪ ،‬من بيانات ومعلومات‪ ،‬وما ت�ؤمنه من خدمات‪� ،‬إىل هدف‬
‫للمجرمني‪ ،‬ولال�ستخبارات‪ ،‬والتج�س�س بكل �أنواعه‪ ،‬كما باتت االعتداءات على ال�شبكة العاملية‬
‫للمعلومات‪ ،‬تهدد ا�ستمرارية احلكومات‪ ،‬كما تعر�ض ال�سالم والأمن الدوليني للخطر‪.‬‬
‫على �ضوء هذا الواقع‪ ،‬تبدو احلاجة ملحة‪� ،‬إىل ت�أمني �أدوات احلماية‪ ،‬وو�سائل فاعلة‪ ،‬لإدارة املخاطر‬
‫التقنية‪ ،‬واملعلوماتية‪ ،‬والقانونية‪ ،‬ذات الأبعاد العاملية‪ ،‬ما ي�ستدعي انخراط الدول العربية‪ ،‬يف م�سرية‬
‫حتقيق حماية الف�ضاء ال�سيرباين‪ ،‬لت�أمني م�صاحلها االقت�صادية‪ ،‬والثقافية‪ ،‬والأمنية‪ ،‬واالجتماعية‪ ،‬مع‬
‫احلفاظ على احلقوق الأ�سا�سية للمواطنني والأفراد‪ ،‬وحماية حرياتهم‪ ،‬ال�سيما حياتهم اخلا�صة‪.‬‬
‫ونظرا للأبعاد املتعددة واملعقدة للأمن ال�سيرباين‪ ،‬ال بد من االخذ بعني االعتبار‪ ،‬كل الت�شعبات التقنية‪،‬‬
‫واالقت�صادية‪ ،‬وال�سيا�سية‪ ،‬واالجتماعية‪ ،‬وذلك على جميع امل�ستويات‪ ،‬من خالل التزام ا�سرتاتيجية‬
‫وا�ضحة‪ ،‬تلحظ حتقيق م�ستوى من احلماية التقنية للبنى التحتية لالت�صاالت‪ ،‬ت�ساعد على ال�سيطرة على‬
‫املخاطر‪ ،‬وبناء جمتمع معلومات يحرتم القيم االن�سانية‪ ،‬و�سالمة االن�سان والأموال‪ ،‬وحقوق امللكية‬
‫الفكرية واالدبية‪.‬‬
‫وادراكا منها لهذه املخاطر‪ ،‬ورغبة منها‪ ،‬يف تعزيز التعاون فيما بينها‪ ،‬لبناء الثقة يف جمتمع املعلومات‪،‬‬
‫واحلفاظ على الأمن القومي و�سالمة املواطنني‪ ،‬يف مواجهة الأخطار التي تواكب ا�ستخدامات تقنيات‬
‫املعلومات واالت�صاالت‪ ،‬والتي ميكن �أن تهدد �أمن الأمة العربية وا�ستقرارها‪ ،‬وم�صاحلها احليوية‪.‬‬
‫والتزاما منها‪ ،‬باملبادئ الأخالقية والدينية ال�سامية‪ ،‬و بالرتاث الإن�ساين للأمة العربية القائم على مبادئ‬
‫االنفتاح‪ ،‬والتعاون‪ ،‬واحرتام الفكر‪ ،‬و حماية حقوق الإن�سان‪ ،‬مبا ين�سجم مع مبادئ القانون الدويل‬
‫�صفحة رقم ‪186‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫وقواعده التي قامت على تعاون ال�شعوب من �أجل �إقامة ال�سالم‪.‬‬


‫والتزاما منها‪ ،‬مبيثاق جامعة الدول العربية وميثاق هيئة الأمم املتحدة‪ ،‬وجميع العهود واملواثيق الدولية‬
‫الأخرى‪ ،‬التي تكون الدول املتعاقدة يف هذه االتفاقية‪ ،‬طرفا فيها‪.‬‬
‫وت�أكيدا منها‪ ،‬على حق ال�شعوب يف النفاذ �إىل املعرفة‪ ،‬واالفادة من الإمكانات الهائلة لتقنيات املعلومات‬
‫واالت�صاالت‪ ،‬يف حتقيق �أهداف االلفية وذلك وفقا ملقررات القمة العاملية ملجتمع املعلومات‪ ،‬وملقا�صد‬
‫ومبادئ ميثاق وقرارات الأمم املتحدة‪.‬‬
‫وان�سجاما مع القرارات ال�صادرة عن الهيئة العامة لالمم املتحدة‪ ،‬والداعية �إىل ن�رش ثقافة الأمنفي الف�ضاء‬
‫ال�سيرباين‪ ،‬واحلفاظ على �سالمة البيانات‪ ،‬وحماية البنية التحتية لتقنيات املعلومات واالت�صاالت‪،‬‬
‫ومكافحة اجلرمية ال�سيربانية‪.‬‬
‫وملا كانت تقنيات املعلومات واالت�صاالت‪ ،‬ت�شكل ع�صبا حيويا لن�شاط الفردي واحلكومي‪ ،‬ب�أوجهه‬
‫كافة‪ ،‬االجتماعية‪ ،‬واالقت�صادية‪ ،‬والتعليمية‪ ،‬والتنموية‪ ،‬واملالية‬
‫وملا كانت التطورات املت�سارعة يف املجال ال�سيرباين‪ ،‬وطبيعتها التقنية العالية‪ ،‬تتطلب خربات‪ ،‬وتبادل‬
‫معارف‪ ،‬وتقنيات متطورة‪ ،‬ومتابعة دولية‪ ،‬تفرت�ض ت�ضافر جهود عدد من الدول‪ ،‬الجناح خطوات‬
‫احلفاظ على ال�سالمة والأمن‪ ،‬واملالحقة الفاعلة‪ ،‬وتطبيق القوانني‪ ،‬ومنع حتول الف�ضاء ال�سيرباين �إىل‬
‫جنات للجرمية‬
‫وملا كانت دول العامل وحكوماته‪ ،‬متفقة‪ ،‬على �أن الت�سخري االيجابي‪ ،‬لطاقات وقدرات تقنيات‬
‫املعلومات واالت�صاالت‪ ،‬ي�شكل عن�رصا حيويا يف حتقيق رفاه �شعوبها‪.‬‬
‫وملا كانت احلكومات املجتمعة يف القمة العاملية ملجتمع املعلومات‪ ،‬مبرحلتيها‪ ،‬قد اقرت �رضورة حتقيق‬
‫الثقة يف جمتمع املعلومات‪ ،‬يف مواجهة الأخطار الهائلة التي تواكب بروز الف�ضاء ال�سيرباين‪ ،‬والتي‬
‫تنعك�س �سلبا على �أمن الأفراد‪ ،‬والأمن القومي‬
‫وملا كانت الدول املجتمعة‪ ،‬راغبة يف حتقيق الثقة يف الف�ضاء ال�سيرباين‪� ،‬سعيا �إىل �ضمان انخراط �سليم‬
‫يف جمتمع املعلومات‪ ،‬مع �إقرارها ب�رضورة حماية حقوق وحريات الأفراد‪ ،‬واملواطنني‪ ،‬وامل�ؤ�س�سات‪،‬‬
‫واحلد من انعكا�سات املمار�سات اجلرمية‪ ،‬واالعتداءات‪ ،‬والهجومات عليها‪ ،‬عرب الف�ضاء ال�سيرباين‬
‫وملا كانت طبيعة االنرتنت‪ ،‬وو�سائل االت�صال‪ ،‬وبنيتها التحتية‪ ،‬مت�سمة بالعاملية‪ ،‬وبالقدرة على عبور‬
‫احلدود‪ ،‬والربط بني الأفراد‪ ،‬وامل�ؤ�س�سات‪ ،‬واحلكومات‪ ،‬واملنظمات‪ ،‬اخلا�ضعة ل�سيادات خمتلفة‬
‫وملا كانت ال�شبكة العاملية للمعلومات‪ ،‬قد حتولت �إىل هدف لالعتداءات اجلرمية الفردية‪ ،‬واملنظمة‪.‬‬
‫وملا كانت اجلرمية املنظمة والإرهابيون‪ ،‬يلج�أون �إىل ا�ستخدام تقنيات االت�صاالت واملعلومات‪ ،‬يف‬
‫التخطيط واالعداد العمالهم اجلرمية‪ ،‬ون�شاطاتهم املختلفة‪.‬‬
‫وملا كانت تقنيات االت�صاالت واملعلومات‪ ،‬تتجاوز عددا من حدود الدول‪ ،‬فلقد �أ�صبح �رضوريا ان تقر‬
‫كل دولة‪� ،‬إطارا ت�رشيعيا مالئما‪ ،‬ميكن الركون اليه‪ ،‬يف مالحقة اجلرائم ال�سيربانية العابرة للحدود‪� ،‬سواء‬
‫�صفحة رقم ‪187‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫لناحية التجرمي‪� ،‬أو لناحية املالحقة والتحقيق وت�سليم املجرمني و�إقرار التعوي�ضات‪ ،‬و�إنزال العقوبات‬
‫الرادعة ب�شكل فاعل‪.‬‬
‫وملا كانت االعتداءات والأعمال اجلرمية‪ ،‬احلا�صلة على ال�شبكة العاملية لالت�صاالت‪ ،‬وعلى بنيتها‬
‫التحتية‪ ،‬ذات انعكا�سات كارثية‪ ،‬على امل�ستويات االقت�صادية‪ ،‬واالجتماعية‪ ،‬وال�سيا�سية‪ ،‬واملالية‪،‬‬
‫والدفاعية‪ ،‬والأمنية‪.‬‬
‫وملا كان من االف�ضل‪ ،‬تاليف ا�سباب النزاعات‪ ،‬التي ميكن ان تن�ش�أ بني الدول العربية �أو بني �شعوبها‪،‬‬
‫وتعزيز االنفتاح والتفاهم والتالقي‪ ،‬فيما بينها‪ ،‬حتقيقا للتعاون‪ ،‬مبا ين�سجم مع عدم تهديد ال�سالم‬
‫العربي‪ ،‬واالقليمي‪ ،‬والعاملي‪.‬‬
‫وملا كانت الدول العربية املجتمعة تقر‪ ،‬باحلاجة �إىل التعاون‪ ،‬ل�ضبط اجلوانب ال�سلبية ال�ستخدامات‬
‫تقنيات املعلومات واالت�صاالت‪ ،‬وب�رضورة التن�سيق والعمل امل�شرتك‪ ،‬وح�شد اجلهود‪ ،‬لتحقيق ال�سالمة‪،‬‬
‫والأمن‪ ،‬والثقة‪ ،‬وحفظ ال�سالم‪ ،‬يف الف�ضاء ال�سيرباين‪ ،‬ومنع حتوله �إىل �أر�ضية خ�صبة للنزاعات بكل‬
‫�أ�شكالها‪.‬‬
‫لذا ‪ ،‬اتفقت الدول العربية املجتمعة‪ ،‬على و�ضع هذه االتفاقية‪ ،‬املوقعة �أدناه‪ ،‬داعية من مل تكون طرفا‬
‫فيها‪� ،‬إىل االن�ضمام اليها‪ .‬والتزمت حتقيق الغايات املرجوة منها‪.‬‬

‫‪ .2‬ال�سياق‬
‫انطالقا من واقع البيئة الت�رشيعية والتنظيمية يف املنطقة العربية‪ ،‬التي تظهر نق�صا‪ ،‬وق�صورا عن ت�أمني‬
‫الإطار املالئم‪ ،‬ملواجهة التحديات النا�شئة‪ ،‬عن افال�ش ا�ستخدامات تقنيات املعلومات واالت�صاالت‪،‬‬
‫على جميع امل�ستويات‪ ،‬ونظرا‪ ،‬للحاجة امللحة �إىل حماية الف�ضاء ال�سيرباين‪ ،‬من خالل �إقرار االطر‬
‫القانونية املنا�سبة‪ ،‬واملن�سجمة‪ ،‬التي ت�ضمن الثقة يف الف�ضاء ال�سيرباين‪ ،‬ويف االقت�صاد الرقمي‪ ،‬وتطور‬
‫جمتمع املعرفة‪ ،‬عرب تنظيم م�سائل تنظيم التجارة الإلكرتونية‪ ،‬واملعامالت والعقود الإلكرتونية‪ ،‬وحماية‬
‫البيانات ذات الطابع ال�شخ�صي‪ ،‬والبيانات احل�سا�سة‪ ،‬ومكافحة اجلرائم ال�سيربانية‪ ،‬وحماية امللكية‬
‫الفكرية‪ ،‬وال�صناعية‪ ،‬وجميع حقوق امل�ؤلف‪ ،‬واحلقوق املجاورة‪،‬‬
‫تلتزم الدول الأع�ضاء‪ ،‬العمل معا‪ ،‬على امل�ستوى العربي‪ ،‬ومنفردة‪ ،‬على امل�ستوى الوطني‪ ،‬لإقرار‬
‫الت�رشيعات التي تتنا�سب ومتطلبات االنخراط ال�سليم والأمن يف جمتمع املعرفة‪ ،‬ومتنع بروز جنات‬
‫جرمية �سيربانية‪ ،‬ومتنع حتولها �إىل من�صة‪ ،‬لالعتداء على الدول االخرى‪ ،‬العربية منها واالجنبية‪.‬‬

‫‪ .3‬الأهداف‬
‫تهدف االتفاقية‪� ،‬إىل امل�ساهمة يف احلفاظ على القوى الوطنية والعربية‪ ،‬والرثوات االن�سانية واملالية‪،‬‬
‫والتقنية‪ ،‬واملعلوماتية‪ ،‬لالفراد وامل�ؤ�س�سات واحلكومات‪ .‬ولذلك‪ ،‬ال يتوقف نطاق االتفاقية عند‬
‫حدود �سالمة وحماية الف�ضاء ال�سيرباين‪ ،‬يف مواجهة اجلرمية ال�سيربانية‪ ،‬بل يتعداه �إىل اىل �رضورة تنظيم‬
‫�صفحة رقم ‪188‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫التجارة الإلكرتونية‪ ،‬واملعامالت الإلكرتونية‪ ،‬وحماية البيانات ال�شخ�صية‪ ،‬والبنية التحتية‪ ،‬والرد على‬
‫املخاطر التي تهدد ا�ستمرارية امل�ؤ�س�سات واحلكومات‪ ،‬وان�سياب املعلومات‪ ،‬يف حال حتققها‪ ،‬وت�أمني‬
‫امكانية الرجوع ال�رسيع‪� ،‬إىل ممار�سة الن�شاط‪ ،‬ب�أقل خ�سارة ممكنة‪ ،‬وبكلفة معقولة‪ ،‬وو�ضع �آليات قانونية‬
‫وق�ضائية‪ ،‬ت�ضمن ممار�سة الأفراد حلقوقهم‪ ،‬يف الف�ضاء ال�سيرباين‪.‬‬

‫‪ .4‬تعريفات‬
‫الأمن القومي‪:‬‬
‫هو قدرة االمة على الدفاع عن �أمنها‪ ،‬وحقوقها‪ ،‬و�صياغة ا�ستقاللها‪ ،‬و�سيادتها على ارا�ضيها‪ ،‬وتنمية‬
‫القدرات والإمكانات العربية‪ ،‬يف خمتلف املجاالت ال�سيا�سية‪ ،‬واالقت�صادية‪ ،‬والثقافية واالجتماعية‪،‬‬
‫م�ستندة �إىل القدرة الع�سكرية‪ ،‬والدبلوما�سية‪� ،‬آخذة يف االعتبار االحتياجات الأمنية الوطنية لكل دولة‪،‬‬
‫والإمكانات املتاحة‪ ،‬واملتغريات الداخلية‪ ،‬واالقليمية‪ ،‬والدولية‪ ،‬والتي ت�ؤثر على الأمن القومي العربي‪.‬‬

‫الف�ضاء ال�سيرباين‪:‬‬
‫هو الف�ضاء الذي اوجدته تكنولوجيا املعلومات واالت�صاالت‪ ،‬ويف مقدمها االنرتنت‪ .‬ويرتبط هذا‬
‫الف�ضاء‪ ،‬ارتباطا وثيقا بالعامل املادي‪ ،‬عرب البنى التحتية املختلفة لالت�صاالت‪ ،‬والأنظمة املعلوماتية‪ ،‬وعرب‬
‫العديد من اخلدمات‪ ،‬التي مل يكن باالمكان احل�صول عليها‪ ،‬من دونه‪ ،‬ولي�س اقل ذلك‪ ،‬الو�صول �إىل‬
‫البيانات واملعلومات‪.‬‬

‫تقنيات املعلومات واالت�صاالت‪:‬‬


‫هي تطبيق التقنيات الإلكرتونية‪ ،‬ومنها احلا�سب الآيل‪ ،‬واالقمار ال�صناعية‪ ،‬وغريها من التقنيات‬
‫املتقدمة‪ ،‬كاحلو�سبة ال�سحابية‪ ،‬القتناء وانتاج املعلومات التناظرية والرقمية‪ ،‬وتخزينها وا�سرتجاعها‪،‬‬
‫وتوزيعها‪ ،‬ونقلها من مكان �إىل �آخر‪ ،‬بوا�سطة �أجهزة تعمل �إلكرتونيا‪ ،‬وجتمع بني �أجهزة احلا�سب الآيل‪،‬‬
‫و�أجهزة االت�صال من بعد‪.‬‬

‫البنية التحتية‪:‬‬
‫هي الأجهزة واملعدات‪ ،‬امل�ستخدمة للربط بني �أجهزة احلا�سب الآيل‪ ،‬وبني هذه الأخرية وم�ستخدميها‪.‬‬
‫وت�شمل البنية التحتية و�سائل الإعالم‪ ،‬مبا يف ذلك خطوط الهاتف‪ ،‬وخطوط تلفزيون الكابل‪ ،‬والأقمار‬
‫ال�صناعية والهوائيات‪ ،‬وكذلك �أجهزة التوجيه (‪ ،)Routers‬والتجميع (‪ ،)Aggregators‬وغريها من‬
‫الأجهزة التي تتحكم يف م�سارات الإر�سال‪ .‬كما ت�شمل �أي�ضا‪ ،‬الربامج التي يتم ا�ستخدامها لتوليد‬
‫اخلدمات املرتبطة بها‪ ،‬وذات العالقة بتلك (التقنية) التي ت�صاحبها‪ ،‬والربجميات العامة‪ ،‬وخدمات‬
‫التطوير وال�صيانة املرتبطة بها‪ ،‬وخطوط الت�شبيك‪ ،‬التي تربط بني تلك الربجميات‪.‬‬
‫�صفحة رقم ‪189‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫احلو�سبة ال�سحابية‪:‬‬
‫هي تقنية ت�أمني النفاذ‪� ،‬إىل بنية حتتية م�شرتكة خلدمات االت�صاالت واملعلومات‪ ،‬كال�شبكات‪ ،‬واملخدمات‪،‬‬
‫والتطبيقات‪ ،‬وخمازن البيانات‪ ،‬والتي ميكن توفريها وتامينها‪ ،‬ب�أقل قدر من تدخل مورد اخلدمات‪.‬‬

‫متعهدو اخلدمات‪:‬‬
‫يق�صد بهم‪ ،‬اي �شخ�ص �أو جمموعة‪ ،‬ت�ؤمن للم�شرتكني معه �أو معها‪ ،‬خدمات االت�صال‪ ،‬بوا�سطة تقنيات‬
‫املعلومات واالت�صاالت‪ ،‬عن طريق اجهزة الكومبيوتر‪� ،‬أو غريها من الأجهزة التي ميكن االت�صال من‬
‫خاللها‪ ،‬بال�شبكة العاملية للمعلومات‪� ،‬أو ب�شبكات داخلية‪ ،‬و�أي �شخ�ص �أو جمموعة‪ ،‬تعالج البيانات‪� ،‬أو‬
‫تخزنها‪ ،‬ل�صالح متعهدي خدمات االت�صال‪� ،‬أو م�ستخدمي هذه اخلدمات‪.‬‬

‫املن�ش�آت احلرجة‪:‬‬
‫هي جمموعة ال�شبكات والأنظمة‪ ،‬التي ترتبط مبن�ش�آت‪� ،‬أو قطاعات‪� ،‬أو م�ؤ�س�سات‪� ،‬أو ادارات‪� ،‬أو‬
‫افراد‪ ،‬مبا فيها كل �شبكات توزيع اخلدمات واملنتجات ال�رضورية للدفاع‪ ،‬والأمن االقت�صادي‪ ،‬وعمل‬
‫احلكومة واجهزتها املختلفة‪ ،‬على كل امل�ستويات‪ ،‬ب�شكل �سليم‪ ،‬مثال‪ :‬االت�صاالت‪ ،‬الطاقة‪ ،‬ال�صحة‪،‬‬
‫القطاع املايل وامل�رصيف‪ ،‬النقل‪ ،‬ال�صحة‪ ،‬املياه‪ ،‬الخ‪...‬‬

‫البيانات‪:‬‬
‫جميع امل�صطلحات‪ ،‬والرموز‪ ،‬واحلروف‪ ،‬وال�صور واالرقام‪ ،‬التي تدخل �إىل النظام املعلوماتي‪ ،‬ب�شكل‬
‫معني‪ ،‬لتحويلها �إىل معلومة‪.‬‬

‫البيانات ال�شخ�صية‪:‬‬
‫هي البيانات العائدة �إىل �شخ�ص معني‪ ،‬والتي ميكن ان ت�ساعد على حتديد هويته‪ ،‬والتعرف اليه‪ ،‬كاال�سم‬
‫ال�شخ�صي‪ ،‬وعنوان ال�سكن‪ ،‬ورقم الهاتف‪ ،‬والربيد الإلكرتوين‪ ،‬ورقم ال�سيارة‪ ،‬وغريها‪.‬‬

‫البيانات احل�سا�سة‪:‬‬
‫هي البيانات ال�شخ�صية‪ ،‬التي تك�شف االفكار ال�سيا�سية‪� ،‬أو املعتقدات الدينية والفل�سفية‪� ،‬أو احلالة‬
‫ال�صحية والنف�سية‪� ،‬أو امليول اجلن�سية‪� ،‬أو ال�سوابق اجلنائية‪� ،‬أو العرق‪� ،‬أو الرتكيبة اجلينية‪ ،‬وكل ما ميكن‬
‫�أن ي�ؤثر يف ر�أي املطلع على املعلومات‪ ،‬ب�شكل ي�ؤدي �إىل التمييز العن�رصي‪ ،‬بكل �أ�شكاله‪.‬‬

‫املعلومات‪:‬‬
‫هي جمموع البيانات‪ ،‬التي ت�سمح مبعرفة معينة‪� ،‬أي كل ما ينتج عن عملية جمع البيانات‪ ،‬وحتليلها‪ ،‬او‬
‫معاجلتها‪ ،‬وو�ضع املالحظات والت�سجيالت عليها‪ ،‬وكل العمليات‪ ،‬التي ت�ؤدي �إىل التمكني من االجابة‬
‫على بع�ض اال�سئلة‪ ،‬حول هذه البيانات‪.‬‬
‫�صفحة رقم ‪190‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫عمليات الت�شفري‬
‫كل عملية تهدف �إىل انتاج‪ ،‬ا�ستخدام‪ ،‬ا�سترياد‪ ،‬ت�صدير‪ ،‬وت�سويق �أدوات الت�شفري‪.‬‬

‫امل�صادقة‬
‫هي االعرتاف الر�سمي‪ ،‬بان الربنامج �أو النظام‪ ،‬ي�ؤمن احلد املطلوب من احلماية والأمن‪ ،‬بناء على معايري‬
‫حتددها هيئة ر�سمية‪ ،‬معرتف بها‪.‬‬

‫الرتميز ‪chiffrement‬‬
‫هي عملية حتويل البيانات الرقمية‪� ،‬إىل بيانات غري مقروءة‪ ،‬با�ستخدام تقنيات الت�شفري‪.‬‬

‫التجارة الإلكرتونية‬
‫ن�شاط اقت�صادي‪ ،‬ميار�س با�ستخدام تقنيات املعلومات واالت�صاالت‪� ،‬سواء �أكان عر�ض خدمات‪� ،‬أو بيع‬
‫�أموال‪� ،‬أو �إعالنات‪� ،‬أو تقدمي معلومات‪� ،‬أو امل�ساعدة يف احل�صول عليها‪.‬‬

‫االت�صال الإلكرتوين باجلمهور‬


‫كل ات�صال �إلكرتوين‪ ،‬ذي طابع غري خا�ص‪ ،‬ي�ضع يف متناول اجلمهور‪ ،‬عالمات‪� ،‬أو ا�شارات‪ ،‬ن�صية‪،‬‬
‫�أو ت�صويرية‪� ،‬أو �صوتية‪.‬‬

‫اتفاقية �رسية‬
‫تعني املفاتيح غري املعلنة‪ ،‬وال�رضورية‪ ،‬لتنفيذ عملية ت�شفري‪� ،‬أو فك ت�شفري‪.‬‬

‫الربيد الإلكرتوين‬
‫هي كل ر�سالة ن�صية‪� ،‬صوتية‪� ،‬أو ت�صويرية‪ ،‬مر�سلة عرب �شبكة ات�صال عامة‪ ،‬حمفوظة على خمدم لل�شبكة‪،‬‬
‫�أو يف جتهيزات املر�سل اليه‪.‬‬

‫التوقيع الإلكرتوين‬
‫هو بيانات‪� ،‬أو ا�شارات‪� ،‬أو �آليات مدجمة‪ ،‬يف م�ستند �إلكرتوين‪ ،‬وم�ضافة اليه‪� ،‬أو مرتبطة بها منطقيا‪،‬‬
‫ت�ستخدم لتحديد هوية املوقع على املعاملة‪� ،‬أو امل�ستند‪ ،‬ولت�أكيد موافقته على حمتوى املعاملة‪� ،‬أو امل�ستند‪.‬‬

‫الت�شفري‬
‫هو علم حماية البيانات و�أمنها‪ ،‬ال�سيما �أوجه �رسيتها‪ ،‬والتحقق منها‪ ،‬و�سالمتها‪ ،‬وعدم ردها‪la non .‬‬
‫‪répudiation‬‬

‫املعلومات‬
‫هي كل عن�رص معريف ميكن متثيله با�ستخدام تقنيات املعلومات بهدف ا�ستخدامه‪ ،‬حفظه‪ ،‬معاجلته‪� ،‬أو‬
‫�صفحة رقم ‪191‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫توزيعه ون�رشه‪ .‬واملعلومة ميكن ان تكون ن�صية‪ ،‬ت�صويرية‪� ،‬صوتية‪ ،‬رقمية الخ‪..‬‬

‫‪ .5‬املبادئ‬
‫املادة الأوىل‪:‬‬
‫تقر الدول العربية‪ ،‬املن�ضمة �إىل االتفاقية‪ ،‬ب�سيادة كل دولة عربية‪ ،‬وحقها يف تطبيق �أنظمتها وقوانينها‬
‫املرعية الإجراء‪ ،‬يف جمال �ضبط الف�ضاء ال�سيرباين‪� ،‬ضمن �إطار التعاون‪ ،‬لتحقيق �أهداف هذه االتفاقية‪.‬‬

‫املادة الثانية‪:‬‬
‫تلتزم الدول العربية الأع�ضاء‪ ،‬ا�ستخدام طاقاتها ومواردها‪ ،‬يف جمال تقنيات املعلومات واالت�صاالت‪ ،‬مبا‬
‫ين�سجم مع �أهداف هذه االتفاقية‪ ،‬ومع �سيا�سة منع حتول الف�ضاء ال�سيرباين‪� ،‬إىل مركز انطالق لعمليات‬
‫ع�سكرية‪� ،‬أو �إ�ستخباراتية‪� ،‬أو تخريبية‪� ،‬أو عدائية‪� ،‬أو حربية‪� ،‬ضد الدول الأع�ضاء يف هذه االتفاقية‪،‬‬
‫وذلك مبا يتما�شى‪ ،‬مع �رضورات احلفاظ على ال�سالمة العامة‪ ،‬والأمن القومي‪.‬‬

‫املادة الثالثة‪:‬‬
‫متتنع الدول العربية الأع�ضاء‪ ،‬عن ا�ستخدام تقنيات املعلومات واالت�صاالت‪� ،‬ضد الدول االخرى‪،‬‬
‫ب�شكل يتعار�ض مع حتقيق �أهداف االتفاقية‪ ،‬وتتعهد بعدم تنظيم‪� ،‬أو متويل‪� ،‬أو ت�شجيع االعتداءات‬
‫علىيها‪� ،‬أو اال�شرتاك فيها‪ ،‬حتت �أي م�سمى‪ ،‬ما مل يكن يف �إطار من التعاون العربي‪ ،‬وكجزء من منظومة‬
‫دفاعية‪ ،‬يف مواجهة اعتداءات على م�ؤ�س�ساتها‪� ،‬أو على مواطنيها‪.‬‬

‫املادة الرابعة‪:‬‬
‫تطبق هذه االتفاقية‪ ،‬على كل امل�سائل النا�شئة‪ ،‬عن النزاعات واخلالفات‪ ،‬نتيجة اال�ستخدام امل�سيئ‪،‬‬
‫لتقنيات االت�صاالت واملعلومات‪.‬‬

‫املادة اخلام�سة‪:‬‬
‫تعرتف الدول املتعاقدة‪ ،‬بحق كل دولة عربية‪ ،‬يف النفاذ �إىل الف�ضاء ال�سيرباين‪.‬‬

‫‪ .6‬حماية البنية التحتية واملن�ش�آت احلرجة‬


‫املادة ال�ساد�سة‪:‬‬
‫تتعهد الدول املتعاقدة‪� ،‬أن ت�أخذ بعني االعتبار‪ ،‬التدابري الالزمة‪ ،‬حلماية املن�ش�آت احلرجة‪ ،‬ول�ضمان �سالمة‬
‫البنية التحتية لالت�صاالت واملعلومات‪ ،‬عند �إن�شاء‪� ،‬أو و�ضع جتهيزات تقنيات االت�صاالت واملعلومات‪،‬‬
‫�أو لدى ابرام عقود توكيل‪ ،‬خا�صة ب�إدارة البنية التحتية لالت�صاالت‪ ،‬ومن�ش�آتها‪� ،‬أو خدمات االت�صال‬
‫الإلكرتونية‪.‬‬
‫�صفحة رقم ‪192‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫املادة ال�سابعة‪:‬‬
‫تلزم الدول املتعاقدة‪ ،‬اجلهات اخلا�صة التي تتعاقد معها‪ ،‬لإدارة املن�شات احلرجة‪ ،‬والبنية التحتية على‬
‫امل�ستوى الوطني‪� ،‬أو تن�شئها‪� ،‬أو ت�ؤهلها‪� ،‬أو تعدها‪ ،‬ان تتقيد باملعايري الدولية والعربية‪ ،‬املرعية الإجراء‪،‬‬
‫يف جمال �ضمان ال�سالمة والأمن‪ ،‬يف الف�ضاء ال�سيرباين‬

‫املادة الثامنة‪:‬‬
‫متتنع الدول املتعاقدة‪ ،‬عن اللجوء �إىل �إجراءات تعطل االت�صاالت‪� ،‬أو ت�رض باملن�ش�آت احلرجة‪ ،‬وبالبنية‬
‫التحتية لها‪� ،‬أو تعر�ض �أمن و�سالمة الف�ضاء ال�سيرباين‪ ،‬وم�صالح الأفراد والدول‪ ،‬لأي خطر كان‪.‬‬

‫املادة التا�سعة‪:‬‬
‫يحق لكل دولة‪� ،‬أن تلج�أ �إىل اعرتا�ض �أي عمل تخريبي‪� ،‬أو �إرهابي‪ ،‬ي�ستهدف املن�ش�آت احلرجة‪� ،‬أو ي�رض ‬
‫بالبنية التحتية لتقنيات املعلومات واالت�صاالت‪ ،‬على ان تن�سجم الو�سائل التي ت�ستخدمها‪ ،‬مع الآليات‬
‫املحددة ملواجهة الأخطار‪ ،‬والتي تقرها املنظمة العربية للف�ضاء ال�سيرباين‪.‬‬

‫املادة العا�رشة‪:‬‬
‫تلزم الدول الأع�ضاء يف االتفاقية‪ ،‬جميع ال�رشكات‪ ،‬وامل�ؤ�س�سات اخلا�صة والعامة لديها‪ ،‬املعنية بت�أمني خدمات‬
‫االت�صاالت‪،‬بالتوجيهاتواملعايرياخلا�صةبال�سالمةوالأمن‪،‬التيتقرهااملنظمةالعربيةل�سالمةالف�ضاءال�سيرباين‪.‬‬
‫كما تلتزم‪� ،‬أن تقر القواعد القانونية املالئمة‪ ،‬التي جتعل من خمالفة هذه التوجيهات واملعايري جرما يعاقب‬
‫عليه بعقوبات �شديدة‪ ،‬وفقا لقانونها الداخلي‪ ،‬وبح�سب اال�صول الت�رشيعية والتنظيمية الوطنية‪.‬‬

‫املادة احلادية ع�رشة‪:‬‬


‫يعود لكل دولة‪� ،‬أن تتخذ التدابري التقنية‪ ،‬والتنظيمية‪ ،‬والقانونية املنا�سبة‪ ،‬حلظر اال�ستخدام اجلرمي‬
‫املتعمد‪ ،‬لتقنيات املعلومات واالت�صاالت‪ ،‬انطالقا من �أرا�ضيها‪ ،‬ومن االقليم اخلا�ضع ل�سيادتها‪ ،‬مبا مينع‬
‫ا�ستخدام الف�ضاء ال�سيرباين‪ ،‬الغرا�ض تتنافى مع مقا�صد هذه االتفاقية‪ ،‬ومقت�ضيات التعاون‪.‬‬

‫‪ .7‬التعاون‬
‫املادة الثانية ع�رشة‪:‬‬
‫تتعاون الدول الأع�ضاء‪ ،‬مع الهيئات الدولية واالقليمية‪ ،‬املتخ�ص�صة يف ق�ضايا حماية الف�ضاء ال�سيرباين‪،‬‬
‫ال�سيما منها اللجان التابعة لالمم املتحدة‪ ،‬واالحتاد الدويل لالت�صاالت‪ ،‬والآيكان (هيئة االنرتنت للأ�سماء‬
‫واالرقام)‪ ،‬وجامعة الدول العربية‪ ،‬وهيئات االحتاد الأوروبي‪ ،‬وجمموعة دول الكومنولث‪ ،‬ومنظمة‬
‫التعاون والتنمية االقت�صادية‪ ،‬و�أي هيئة دولية �أخرى ذات اخت�صا�ص و�صلة مب�سائل الأمن ال�سيرباين‪،‬‬
‫ترى �رضورة للتعاون معها‪.‬‬
‫�صفحة رقم ‪193‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫املادة الثالثة ع�رشة‪:‬‬


‫تتعاون الدول املتعاقدة‪ ،‬لبناء الثقة يف الف�ضاء ال�سيرباين‪ ،‬واخلدمات الإلكرتونية‪ ،‬وملكافحة ومنع اجلرائم‬
‫ال�سيربانية‪ ،‬طبقا للقوانني والإجراءات الداخلية لكل دولة منها‪ ،‬من خالل الآتي‪:‬‬
‫�أوال‪ -‬تبادل املعلومات‪:‬‬
‫‪1.1‬تتعهد الدول املتعاقدة‪ ،‬بتعزيز تبادل املعلومات فيما بينها‪ ،‬حول‪:‬‬
‫ •ن�شطة وجرائم اجلماعات‪ ،‬التي تنظم اعتداءات وهجمات‪ ،‬على �أنظمة املعلومات‪ ،‬والبنية‬
‫التحتية لالت�صاالت واملعلومات‪ ،‬واملواقع‪ ،‬وحول من يك�شف من عنا�رصها‪ ،‬و�أماكن انطالق‬
‫الأعمال اجلرمية‪ ،‬وو�سائل وم�صادر و�أنواع الفريو�سات التي ت�ستخدمها‪ ،‬وغريها من و�سائل‬
‫االعتداء‪ ،‬واالعتداء على املواقع‪ ،‬واقفالها‪� ،‬أو ال�سيطرة عليها‪ ،‬وحتوير املعلومات‪ ،‬وحتويل‬
‫االت�صاالت‪.‬‬
‫ •مواقع هذه اجلماعات‪ ،‬وو�سائل االت�صال والدعاية التي ت�ستخدمها‪ ،‬و�أ�ساليب عملها‪.‬‬
‫ •نقاط ال�ضعف‪ ،‬التي تك�شف يف التطبيقات احلكومية والفردية‬
‫‪2.2‬تتعهد كل من الدول املتعاقدة‪ ،‬ب�أخطار �أية دولة متعاقدة �أخرى‪ ،‬على وجه ال�رسعة‪ ،‬باملعلومات‬
‫املتوفرة لديها‪ ،‬عن �أي جرمية �سيربانية‪� ،‬أو اعتداء ي�ستهدف امل�سا�س مب�صالح تلك الدولة‪� ،‬أو‬
‫مبوطنيها‪ ،‬على �أن تبني تلك الأخطار‪ ،‬ما �أحاط باجلرمية من ظروف‪ ،‬و�أ�سماء اجلناة ‪ ،‬وال�ضحايا‪،‬‬
‫واخل�سائر الناجمة عنها‪ ،‬والأدوات والأ�ساليب امل�ستخدمة يف ارتكابها‪ ،‬وذلك بالقدر الذي ال‬
‫يتعار�ض‪ ،‬مع متطلبات البحث والتحقيق‪.‬‬
‫‪3.3‬تتعهد الدول املتعاقدة‪ ،‬بالتعاون فيما بينها‪ ،‬لتبادل املعلومات ملكافحة اجلرائم ال�سيربانية‪ ،‬واملبادرة‬
‫�إىل �أخطار الدولة �أو الدول الأخرى املتعاقدة‪ ،‬بكل ما يتوافر لديها من معلومات‪� ،‬أو بيانات‪ ،‬من‬
‫�ش�أنها �أن حتول دون وقوع االعتداءات والهجمات ال�سيربانية‪ ،‬على �إقليمها‪� ،‬أو �ضد مواطنيها‪� ،‬أو‬
‫املقيمني فيها‪� ،‬أو �ضد م�صاحلها‪.‬‬
‫‪4.4‬تتعهد كل من الدول املتعاقدة‪ ،‬بتزويد �أية دولة متعاقدة �أخرى‪ .‬مبا يتوافر لديها من معلومات‪� ،‬أو‬
‫بيانات‪ ،‬من �ش�أنها‪:‬‬
‫ ‪ .‬أ�أن ت�ساعد يف القب�ض على متهم‪� ،‬أو متهمني بارتكاب جرمية �سيربانية‪� ،‬ضد م�صالح تلك‬
‫الدولة‪� ،‬أو ال�رشوع‪� ،‬أو اال�شرتاك فيها‪� ،‬سواء بامل�ساعدة‪� ،‬أو االتفاق‪� ،‬أو التحري�ض‪.‬‬
‫ ‪.‬بب�أن ت�ضبط �أية �أجهزة‪� ،‬أو برامج‪� ،‬أو تطبيقات‪� ،‬أو معدات ات�صال طرفية‪ ،‬ا�ستخدمت‪� ،‬أو �أعدت‬
‫لال�ستخدام‪ ،‬يف جرمية �سيربانية‪.‬‬
‫‪5.5‬تتعهد الدول املتعاقدة‪ ،‬باملحافظة على �رسية املعلومات املتبادلة فيما بينها‪ ،‬وعدم تزويد �أية دولة غري‬
‫متعاقدة‪� ،‬أو جهة �أخرى ‪ ،‬دون �أخذ املوافقة امل�سبقة‪ ،‬للدولة م�صدر املعلومات‪.‬‬
‫ثانيا‪ -‬التحريات‪:‬‬
‫تتعهد الدول املتعاقدة‪ ،‬بتعزيز التعاون فيما بينها‪ ،‬وتقدمي امل�ساعدة‪ ،‬يف جمال �إجراءات التحري‪ ،‬والقب�ض ‬
‫على الهاربني من املتهمني‪� ،‬أو املحكوم عليهم بجرائم �سيربانية‪ ،‬وفقا لقوانني و�أنظمة كل دولة‪.‬‬
‫�صفحة رقم ‪194‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫ثالثا‪ -‬تبادل اخلربات‪:‬‬


‫‪1.1‬تتعاون الدول املتعاقدة‪ ،‬على �إجراء وتبادل الدرا�سات والبحوث‪ ،‬كذلك اخلربات‪ ،‬ملكافحة‬
‫اجلرائم ال�سيربانية‪.‬‬
‫‪ 2.2‬تتعاون الدول املتعاقدة‪ ،‬يف حدود �إمكاناتها‪ ،‬على توفري امل�ساعدات الفنية املتاحة‪ ،‬لإعداد برامج‪،‬‬
‫�أو عقد دورات تدريبية م�شرتكة‪� ،‬أو خا�صة بدولة‪� ،‬أو مبجموعة من الدول املتعاقدة‪ ،‬عند احلاجة‪،‬‬
‫للعاملني يف جمال مكافحة اجلرمية ال�سيربانية‪ ،‬لتنمية قدراتهم العلمية والعملية‪ ،‬ورفع م�ستوى‬
‫�أدائهم‪.‬‬

‫املادة الرابعة ع�رشة‪:‬‬


‫على الدول الأع�ضاء‪� ،‬إن�شاء هيئات خا�صة‪ ،‬توكل �إليها مهمة متابعة طوارئ االنرتنت‪ ،‬وتبادل‬
‫املعلومات‪ ،‬فيما يخ�ص هذه الطوارئ‪ ،‬والرد عليها‪ ،‬ون�رش املعلومات حولها‪ ،‬مثل مراكز اال�ستجابة‬
‫لطوارئ االنرتنت‪.‬‬

‫‪ .8‬التعاون يف املجال الأمني‬


‫املادة اخلام�سة ع�رشة‪:‬‬
‫تلتزم الدول املتعاقدة التعاون‪ ،‬يف اتخاذ تدابري منع ومكافحة جميع اجلرائم ال�سيربانية‪ ،‬مبا فيها اجلرمية‬
‫املنظمة‪ ،‬ال�سيما منها اجلرائم ال�سيربانية الإرهابية‪ ،‬وتبيي�ض الأموال‪.‬‬

‫املادة ال�ساد�سة ع�رشة‪:‬‬


‫تتعهد الدول املتعاقدة‪ ،‬بالتزام املعايري واملقايي�س اخلا�صة‪ ،‬ب�ضمان حماية الف�ضاء ال�سيرباين‪ ،‬وب�ضمان �أمن‬
‫املعلومات‪ ،‬والأنظمة املعلوماتية‪ ،‬والبنية التحتية‪ ،‬وكافة و�سائل االت�صاالت‪ ،‬وباتخاذ التدابري التقنية‪،‬‬
‫والقانونية‪ ،‬والتنظيمية‪ ،‬التي ت�ضمن �آليات ردع فاعلة‪ ،‬وتعزز �سبل املكافحة‪ ،‬ملنع ومواجهة االعتداءات‬
‫والأعمال اجلرمية‪ ،‬التي ميكن ارتكابها �ضدها �أو عربها‪ ،‬وذلك مبا ين�سجم‪ ،‬مع قوانينها الداخلية‪،‬‬
‫و�أنظمتها املعتمدة‪.‬‬
‫فقرة �أوىل‪ :‬تدابري املنع‬
‫ •التعاون والتن�سيق‪ ،‬بني الأجهزة املتخ�ص�صة‪ ،‬يف الدول املتعاقدة‬
‫ •دعم اجلهود اخلا�صة‪ ،‬بتطوير وتعزيز الأنظمة املت�صلة بالك�شف املبكر عن االعتداءات‪ ،‬وطوارئ‬
‫االنرتنت‬
‫ •ت�أهيل‪ ،‬وتطوير‪ ،‬وتعزيز الكفاءات والقدرات امل�ؤ�س�ساتية والفردية‪ ،‬عرب برامج تدريبية‪ ،‬وبناء‬
‫قدرات‪ ،‬للحد من خطورة العن�رص الب�رشي‪ ،‬يف ح�صول االعتداءات‪.‬‬
‫ •تعزيز نظم ت�أمني �أنظمة املعلومات‪ ،‬وحماية البيانات ال�شخ�صيات‪ ،‬واملن�ش�آت احلرجة‪ ،‬وو�سائل‬
‫االت�صاالت‪ ،‬ب�أ�شكالها كافة‪.‬‬
‫�صفحة رقم ‪195‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫•التعاون مع املنظمات الإقليمية والدولية املتخ�ص�صة‪ ،‬وذات ال�صلة‪ ،‬املعتمدة لدى الدولة املتعاقدة‪،‬‬ ‫ ‬
‫وفقا للقوانني الداخلية لكل دولة‪ ،‬ولالتفاقيات الدولية‪ ،‬التي حتكم هذا املو�ضوع‬
‫•تعزيز �أن�شطة التوعية والإعالم الأمني‪ ،‬وتن�سيقها مع الأن�شطة الإعالمية‪ ،‬يف كل دولة‪ ،‬وفقا‬ ‫ ‬
‫ل�سيا�ستها الإعالمية‪ ،‬بهدف تعزيز الوعي لدى الأفراد‪ ،‬وامل�ؤ�س�سات واالدارات‪ ،‬يف القطاعني‬
‫العام واخلا�ص‪ ،‬و�إحباط خمططات االعتداء‪ ،‬وبيان مدى خطورتها‪ ،‬على الأمن واال�ستقرار‪.‬‬
‫•تقوم كل دولة‪ ،‬ب�إن�شاء قاعدة بيانات‪ ،‬جلمع وحتليل املعلومات‪ ،‬اخلا�صة باالعتداءات‪ ،‬واجلرائم‬ ‫ ‬
‫ال�سيربانية‪ ،‬وخمرتقي الأنظمة‪ ،‬واجلماعات واحلركات والتنظيمات‪ ،‬املتخ�ص�صة يف هذا املجال‪،‬‬
‫ومتابعة م�ستجدات ظاهرة االعتداء‪ ،‬على ال�شبكة العاملية للمعلومات‪ ،‬والبنية التحتية اخلا�صة بها‪،‬‬
‫وحتديد نقاط ال�ضعف‪ ،‬يف الأنظمة والتطبيقات املعلوماتية‪ ،‬والتجارب الناجحة يف مواجهتها‪،‬‬
‫وحتديث هذه املعلومات‪ ،‬وتزويد الأجهزة املخت�صة يف الدول املتعاقدة بها‪ ،‬وذلك يف حدود ما‬
‫ت�سمح به القوانني‪ ،‬والإجراءات الداخلية‪ ،‬لكل دولة‪.‬‬
‫•�إن�شاء مراكز وطنية حكومية‪ ،‬لطوارئ االنرتنت‪ ،‬وت�شجيع جميع اجلهود‪ ،‬الرامية �إىل �إن�شاء مراكز‬ ‫ ‬
‫م�شابهة‪ ،‬لدى م�ؤ�س�سات القطاعني العام واخلا�ص‪ ،‬على ان تلتزم التوجيهات وال�سيا�سات الوطنية‬
‫اخلا�صة‪ ،‬وتتعاون مع املراكز الوطنية‪.‬‬
‫•تعمل الدول املتعاقدة‪ ،‬على اتخاذ تدابري فاعلة‪ ،‬ملنع انت�شار الفريو�سات‪ ،‬والربجميات اخلبيثة‪،‬‬ ‫ ‬
‫والتطبيقات امل�ؤذية‪ ،‬وملنع الأن�شطة غري ال�رشعية‪ ،‬على ال�شبكة العاملية لالت�صاالت‪ ،‬وكل طرفيات‬
‫االت�صال‪ .‬وحتقيقا لهذه الغاية‪ ،‬تبقى الدول املتعاقدة‪ ،‬على ت�شاور وثيق فيما بينها‪ ،‬ومع الوكاالت‬
‫الدولية املعنية بالتدابري االحرتازية‪ ،‬وو�سائل احلماية التقنية‪.‬‬
‫•تتعهد الدول املتعاقدة‪� ،‬أن تتعاون لبلوغ �أق�صى درجة ممكنة من االن�سجام‪ ،‬يف الأنظمة واملعايري‬ ‫ ‬
‫والإجراءات والتنظيم‪ ،‬فيما يتعلق ب�أمن و�سالمة الأنظمة املعلوماتية‪ ،‬والبيانات ال�شخ�صية‪،‬‬
‫واملعلومات‪ ،‬والبنية التحتية‪ ،‬واملن�ش�آت احلرجة‪ ،‬والأفراد‪ ،‬وم�ساعدة امل�ستثمرين يف قطاع‬
‫املعلومات واالت�صاالت‪ ،‬ومتعهدي اخلدمات‪ ،‬يف جميع امل�سائل التي يطاولها هذا التعاون‪ ،‬على‬
‫حتقيق االن�سجام‪ ،‬ال�سيما منها‪ ،‬م�س�ألة تعزيز الثقة‪ ،‬يف االقت�صاد الرقمي‪Une telle consultation .‬‬
‫‪ne préjuge en rien l›application de toute convention internationale existant en la‬‬
‫‪.matière et à laquelle les Etats contractants seraient parties‬‬
‫فقرة ثانية‪ :‬تدابري املكافحة‪:‬‬
‫ •القب�ض على مرتكبي اجلرائم‪ ،‬املعلوماتية وال�سيربانية‪ ،‬وحماكمتهم وفقا للقانون الوطني‪� ،‬أو‬
‫ت�سليمهم وفقا لأحكام هذه االتفاقية‪� ،‬أو االتفاقيات الثنائية‪ ،‬بني الدولتني‪ ،‬املعنيتني‪ ،‬بعملية القاء‬
‫القب�ض‬
‫ •ت�أهيل العاملني يف جمال املالحقة‪ ،‬واملكافحة‪ ،‬واملحاكمة‪ ،‬يف اجلرائم املعلوماتية‪ ،‬وال�سيربانية‪.‬‬
‫�إقامة تعاون فاعل‪ ،‬بني الأجهزة املعنية‪ ،‬وبني املواطنني‪ ،‬ملواجهة االعتداءات على ال�شبكة العاملية‬
‫للمعلومات‪ ،‬وو�سائل االت�صال االخرى‪ ،‬والبنية التحتية ‪ ،‬مبا يف ذلك ن�رش الوعي‪ ،‬حول خطورة‬
‫هذه االعتداءات‪ ،‬و�أهمية االبالغ عنها‪ ،‬يف احلد من �آثارها ال�سلبية‪ ،‬و�إيجاد �ضمانات وحوافز‬
‫منا�سبة‪ ،‬للت�شجيع على الإبالغ عن االعتداءات‪ ،‬واالخرتاقات‪ ،‬وتقدمي املعلومات التي ت�ساعد يف‬
‫الك�شف عنها‪ ،‬والتعاون يف القب�ض على مرتكبيها‪.‬‬
‫�صفحة رقم ‪196‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫•�إقرار اتفاقيات خا�صة‪ ،‬ت�سمح باملالحقة عرب احلدود‪ ،‬وبت�سليم املجرمني‪ ،‬بني الدول الأع�ضاء يف‬ ‫ ‬
‫االتفاقية‪ ،‬وبني الدول الأع�ضاء‪ ،‬والدول االجنبية‪.‬‬
‫•و�ضع �أ�س�س تعاون‪ ،‬مع امل�ؤ�س�سات العاملة يف القطاع اخلا�ص‪ ،‬ت�ضمن ت�سليم وتبادل املعلومات‪،‬‬ ‫ ‬
‫حول الن�شاطات امل�شبوهة‪ ،‬والن�شاطات اجلرمية‪ ،‬يف الوقت املالئم‪ ،‬لنجاح املكافحة واملالحقة‪.‬‬
‫•تتعهد كل دولة‪ ،‬باال�ستجابة الفورية‪ ،‬لكل طلب معلومات‪ ،‬حول عمليات اعتداء‪� ،‬أو اخرتاق‪� ،‬أو‬ ‫ ‬
‫توزيع فريو�سات‪ ،‬يطاول الأنظمة املعلوماتية لديها‪� ،‬سواء �أكان ذلك‪ ،‬يف اداراتها وم�ؤ�س�ساتها‪� ،‬أو‬
‫لدى املقيمني لديها‪ ،‬او املواطنني‪.‬‬
‫•لل�سلطات املخت�صة‪ ،‬يف كل دولة‪ ،‬احلق يف بدء عمليات تتبع‪ ،‬وطلب معلومات‪ ،‬واحل�صول عليها‪،‬‬ ‫ ‬
‫عن كل خطر �أو اعتداء‪ ،‬ال�سيما متى كان هذا اخلطر‪� ،‬أو االعتداء‪ ،‬يطال من�ش�آتها احلرجة‪� ،‬أو‬
‫يعر�ض �أمنها القومي للخطر‪.‬‬
‫•تتعهد الدول‪ ،‬ان تقدم عند الطلب‪ ،‬من �أي دولة ع�ضو‪� ،‬أو من املنظمة العربية لل�سالمة والأمن يف‬ ‫ ‬
‫الف�ضاء ال�سيرباين‪ ،‬معلومات كافية‪ ،‬عن �أية جهة لديها‪ ،‬ميكن ان ت�شكل م�صدر اخلطر‪� ،‬أو االعتداء‬
‫احلا�صل‪ ،‬وذلك‪ ،‬بح�سب اال�صول القانونية الوطنية‪.‬‬
‫•عند تهديد �أمن و�سالمة االت�صاالت‪ ،‬والبنية التحتية‪ ،‬واملن�ش�آت احلرجة‪ ،‬يف �أي من الدول‬ ‫ ‬
‫املتعاقدة‪� ،‬أو عند وقوع اعتداء على احداها‪ ،‬تتعهد الدول املتعاقدة‪ ،‬بالتحقيق يف ظروف اخلطر‪،‬‬
‫�أو االعتداء‪ ،‬بقدر ما ت�سمح به قدراتها وقوانينها‪ ،‬وبالتعاون مع املنظمة العربية لل�سالمة والأمن‬
‫يف الف�ضاء ال�سيرباين‪ ،‬وبابالغ نتائج التقرير‪� ،‬إىل الدول املعنية باخلطر‪� ،‬أو االعتداء‪� ،‬سواء مبا�رشة‪،‬‬
‫�أو بوا�سطة املنظمة‪.‬‬

‫‪ .9‬التعاون الق�ضائي‬
‫املادة ال�سابعة ع�رشة‪:‬‬
‫تقدم كل دولة متعاقدة‪ ،‬للدول الأخرى‪ ،‬امل�ساعدة املمكنة والالزمة‪ ،‬لتحقيقات �أو �إجراءات املحاكمة‪،‬‬
‫املتعلقة باجلرائم ال�سيربانية‪.‬‬

‫املادة الثامنة ع�رشة‪:‬‬


‫يجوز للدولة املتعاقدة‪� ،‬صاحبة ال�صالحية الق�ضائية‪ ،‬يف حماكمة متهم عن جرمية �سيربانية‪� ،‬أن تطلب‬
‫�إىل الدولة‪ ،‬التي يوجد املتهم يف �إقليمها‪ ،‬حماكمته عن هذه اجلرمية‪� ،‬رشط موافقة هذه الدولة‪ ،‬و�رشط‬
‫ان تكون اجلرمية‪ ،‬معاقبا عليها يف دولة املحاكمة‪ ،‬بعقوبة �سالبة للحرية‪ ،‬ال تقل مدتها عن �سنة واحدة‪،‬‬
‫�أو بعقوبة �أخرى �أ�شد‪ .‬وتقوم الدولة الطالبة‪ ،‬يف هذه احلالة‪ ،‬بتزويد الدولة املطلوب منها‪ ،‬بجميع‬
‫التحقيقات‪ ،‬والوثائق‪ ،‬والأدلة‪ ،‬اخلا�صة باجلرمية‪ .‬تطبق يف التحقيق‪� ،‬أو املحاكمة‪ ،‬يف هذه احلال‪،‬‬
‫الأحكام والإجراءات اخلا�صة بدولة املحاكمة‪.‬‬
‫�صفحة رقم ‪197‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫املادة التا�سعة ع�رشة‪:‬‬


‫يرتتب على تقدمي الدولة الطالبة لطلب املحاكمة‪ ،‬وفقا للمادة ال�سابقة‪ ،‬وقف �إجراءات املالحقة‪،‬‬
‫والتحقيق‪ ،‬واملحاكمة‪ ،‬املتخذة لديها ب�ش�أن املتهم املطلوب حماكمته‪ ،‬با�ستثناء ما ت�ستلزمه مقت�ضيات‬
‫التعاون‪� ،‬أو امل�ساعدة‪� ،‬أو الإنابة الق�ضائية‪ ،‬التي تطلبها الدولة املطلوب �إليها‪� ،‬إجراء املحاكمة‪.‬‬

‫املادة الع�رشون‪:‬‬
‫ ‪ .‬أتخ�ضع الإجراءات التي تتم يف �أي من الدولتني – الطالبة‪� ،‬أو التي جترى فيها املحاكمة‪ -‬لقانون‬
‫الدولة التي يتم فيها الإجراء‪ ،‬وتكون لها احلجية املقررة‪ ،‬يف هذا القانون‪.‬‬
‫ ‪.‬بال يجوز للدولة الطالبة‪ ،‬حماكمة �أو �إعادة حماكمة‪ ،‬من طلبت حماكمته‪� ،‬إال �إذا امتنعت الدولة‬
‫املطلوب �إليها‪ ،‬عن �إجراء حماكمته‪.‬‬
‫ ‪.‬جوفى جميع الأحوال‪ ،‬تلتزم الدولة املطلوب منها املحاكمة‪ ،‬ب�أخطار الدولة الطالبة‪ ،‬مبا اتخذته‬
‫ب�ش�أن طلب �إجراء وبنتيجة التحقيقات‪� ،‬أو املحاكمة التي جتريها‪.‬‬
‫املادة الواحدة والع�رشون‪:‬‬
‫للدولة املطلوب �إليها �إجراء املحاكمة‪ ،‬اتخاذ جميع الإجراءات والتدابري‪ ،‬املن�صو�ص عنها يف ت�رشيعاتها‪،‬‬
‫جتاه املتهم‪� ،‬سواء يف الفرتة‪ ،‬التي ت�سبق و�صول طلب املحاكمة �إليها‪� ،‬أو بعده‪.‬‬

‫املادة الثانية والع�رشون‪:‬‬


‫ال يرتتب على نقل ال�صالحية يف املحاكمة‪ ،‬امل�سا�س بحقوق املت�رضرين من اجلرمية‪ .‬ويكون لهم‪ ،‬حق‬
‫اللجوء �إىل ق�ضاء الدولة الطالبة‪� ،‬أو دولة املحاكمة‪ ،‬للمطالبة بحقوقهم املدنية‪ ،‬والتعوي�ضات التي‬
‫ي�ستحقونها‪ ،‬والنا�شئة عن اجلرمية‪.‬‬

‫املادة الثالثة والع�رشون‪:‬‬


‫يتم تبادل طلبات الت�سليم‪ ،‬بني اجلهات املخت�صة‪ ،‬يف الدول املتعاقدة‪ ،‬مبا�رشة‪� ،‬أو عن طريق وزارات‬
‫العدل‪� ،‬أو من يقوم مقامها‪� ،‬أو بالطريق الدبلوما�سي‪.‬‬

‫املادة الرابعة والع�رشون‪:‬‬


‫يقدم طلب الت�سليم كتابة‪� ،‬أو بوا�سطة و�سائل االت�صال الإلكرتونية‪ ،‬املعتمدة بني الدولتني‪� ،‬أو الدول‬
‫املتعاونة‪ ،‬م�صحوب ًا مبا يلي‪:‬‬
‫‪�1.1‬أ�صل حكم الإدانة‪� ،‬أو �أمر القب�ض‪� ،‬أو �أية �أوراق �أخرى‪ ،‬لها القوة نف�سها‪ ،‬وال�صادرة طبق ًا للأو�ضاع‬
‫املقررة يف قانون الدولة الطالبة‪� ،‬أو �صورة ر�سمية عما تقدم‪.‬‬
‫‪2.2‬بيان بالأفعال املطلوب الت�سليم من �أجلها‪ ،‬يو�ضح فيه‪ :‬زمان ومكان ارتكاب االفعال‪ ،‬وو�صفها‬
‫القانوين‪ ،‬مع الإ�شارة �إىل املواد القانونية املطبقة عليها‪ ،‬و�صورة عن هذه املواد‪.‬‬
‫‪3.3‬بيانات و�أو�صاف ال�شخ�ص املطلوب ت�سليمه‪ ،‬ب�أكرب قدر ممكن من الدقة‪ ،‬و�أية بيانات �أخرى‪ ،‬من‬
‫�ش�أنها حتديد �شخ�صه‪ ،‬وجن�سيته وهويته‪.‬‬
‫�صفحة رقم ‪198‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫املادة اخلام�سة والع�رشون‪:‬‬


‫لل�سلطات الق�ضائية يف الدولة الطالبة‪� ،‬أن تطلب من الدولة املطلوب �إليها‪ -‬ب�أي طريق من طرق‬
‫احتياطيا‪� ،‬إىل حني و�صول طلب الت�سليم‪.‬‬
‫ً‬ ‫االت�صال‪ ،‬الكتابية �أو الإلكرتونية‪ ،‬وقف ال�شخ�ص‬
‫احتياطيا‪ .‬و�إذا مل‬
‫ً‬ ‫ويجوز يف هذه احلالة‪ ،‬للدولة املطلوب �إليها الت�سليم‪� ،‬أن توقف ال�شخ�ص املطلوب‬
‫يقدم طلب الت�سليم‪ ،‬م�صحو ًبا بامل�ستندات الالزمة املبينة يف املادة ال�سابقة‪ ،‬فال يجوز توقيف ال�شخ�ص‬
‫املطلوب ت�سليمه‪ ،‬مدة تزيد على ثالثني يو ًما‪ ،‬تبد�أ من تاريخ �إلقاء القب�ض عليه‪� ،‬أو مدة تزيد عن املدة‬
‫املحددة يف القانون الوطني‪ ،‬للدولة منفذة عملية التوقيف‪.‬‬

‫املادة ال�ساد�سة والع�رشون‪:‬‬


‫طلبا م�صحو ُبا بامل�ستندات الالزمة‪ ،‬املن�صو�ص عنها يف هذه االتفاقية‪.‬‬‫على الدولة الطالبة‪� ،‬أن تر�سل ً‬
‫وبعد ان تتحقق الدولة‪ ،‬املطلوب �إليها الت�سليم �سالمة الطلب‪ ،‬تتوىل ال�سلطات املخت�صة فيها‪ ،‬تنفيذه‬
‫طبقًا لت�رشيعاتها الوطنية‪ ،‬على �أن تبلغ الدولة الطالبة‪ ،‬دون ت�أخري‪ ،‬مبا اتخذ ب�ش�أن طلبها‪.‬‬

‫املادة ال�سابعة والع�رشون‪:‬‬


‫�إذا ر�أت الدولة املطلوب �إليها الت�سليم‪ ،‬حاجة �إىل �إي�ضاحات تكميلية‪ ،‬للتحقق من توافر ال�رشوط‪،‬‬
‫املن�صو�ص عليها يف هذه االتفاقية‪ ،‬تبلغ بذلك الدولة الطالبة‪ ،‬وحتدد لها موعدا‪ ،‬ال�ستكمال هذه‬
‫الإي�ضاحات‪.‬‬

‫املادة الثامنة والع�رشون‪:‬‬


‫�إذا تلقت الدولة املطلوب �إليها‪ ،‬عدة طلبات ت�سليم‪ ،‬من دول خمتلفة‪� ،‬إما عن الأفعال ذاتها‪� ،‬أو عن �أفعال‬
‫خمتلفة‪ ،‬يكون لها‪� ،‬أن تف�صل يف هذه الطلبات‪ ،‬مراعية الظروف كافة‪ ،‬وعلى الأخ�ص �إمكان الت�سليم‬
‫الالحق‪ ،‬وتاريخ و�صول الطلبات‪ ،‬ودرجة خطورة اجلرائم‪ ،‬واملكان الذي ارتكبت فيه‪.‬‬

‫املادة التا�سعة والع�رشون‪:‬‬


‫ ‪ .‬أ�إذا تقرر ت�سليم ال�شخ�ص املطلوب ت�سليمه‪ ،‬تلتزم �أي من الدول املتعاقدة‪ ،‬ب�ضبط وت�سليم الأ�شياء‪،‬‬
‫والعائدات املتح�صلة من اجلرمية ال�سيربانية‪� ،‬أو امل�ستعملة فيها‪� ،‬أو املتعلقة بها‪ ،‬للدولة الطالبة‪� ،‬سواء‬
‫وجدت يف حيازة ال�شخ�ص املطلوب ت�سليمه‪� ،‬أو لدى الغري‪ .‬وتلتزم الدول بالت�سليم‪ ،‬ولو مل يتم‬
‫ت�سليم ال�شخ�ص املقرر ت�سليمه‪ ،‬ب�سبب هربه‪� ،‬أو وفاته‪� ،‬أو لأي �سبب �آخر‪ ،‬وذلك بعد التحقق‪ ،‬من‬
‫�أن تلك الأ�شياء‪ ،‬متعلقة باجلرمية ال�سيربانية‪.‬‬
‫ ‪.‬بال ت�ؤثر هذه الأحكام‪ ،‬على حقوق �أي من الدول املتعاقدة‪� ،‬أو اال�شخا�ص الثالثني‪ ،‬ح�سني النية‪،‬‬
‫يف ملكيتهم للأ�شياء �أو العائدات املذكورة‪.‬‬

‫املادة الثالثون‪:‬‬
‫للدولة املطلوب �إليها‪ ،‬ت�سليم الأ�شياء والعائدات‪ ،‬اتخاذ جميع التدابري‪ ،‬والإجراءات التحفظية‪ ،‬الالزمة‬
‫�صفحة رقم ‪199‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫لتنفيذ التزامها بت�سليمها‪ .‬ولها �أي�ضا‪� ،‬أن حتتفظ م�ؤقتا بهذه الأ�شياء �أو العائدات‪� ،‬إذا كانت الزمة‪،‬‬
‫لإجراءات جزائية تتخذ عندها‪� ،‬أو �أن ت�سلمها �إىل الدولة الطالبة‪ ،‬ب�رشط ا�سرتدادها منها‪ ،‬لل�سبب عينه‪.‬‬

‫املادة الواحدة والثالثون‪:‬‬


‫تتعهد الدول املتعاقدة‪ ،‬بفح�ص الأدلة‪ ،‬والآثار الناجتة عن �أية جرمية �سيربانية‪ ،‬تقع انطالقا من �إقليمها‪،‬‬
‫�ضد دولة متعاقدة �أخرى‪ ،‬بوا�سطة �أجهزتها املخت�صة‪ .‬ولها اال�ستعانة‪ ،‬ب�أية دولة متعاقدة �أخرى يف‬
‫ذلك‪ .‬وتلتزم باتخاذ الإجراءات الالزمة‪ ،‬للمحافظة على هذه الأدلة والآثار‪ ،‬واثبات داللتها القانونية‪،‬‬
‫ولها وحدها احلق يف تزويد الدولة‪ ،‬التي وقعت اجلرمية �ضد م�صاحلها‪ ،‬بالنتيجة‪ ،‬متى طلبت ذلك‪ ،‬وال‬
‫يحق للدولة‪� ،‬أو الدول امل�ستعان بها‪� ،‬أخطار �أية دولة بذلك‪.‬‬

‫‪ .10‬ت�سليم املجرمني‬
‫املادة الثانية والثالثون‪:‬‬
‫تتعهد كل من الدول املتعاقدة‪ ،‬بت�سليم املتهمني‪� ،‬أو املحكوم عليهم‪ ،‬يف اجلرائم ال�سيربانية‪ ،‬املطلوب‬
‫ت�سليمهم‪ ،‬من �أي من هذه الدول‪ ،‬وذلك طبقا للقواعد وال�رشوط‪ ،‬املن�صو�ص عليها يف هذه االتفاقية‪.‬‬

‫املادة الثالثة والثالثون‪:‬‬


‫ال يجوز الت�سليم‪ ،‬يف �أي من احلاالت الآتية‪:‬‬
‫ ‪ .‬أ�إذا كانت اجلرمية‪ ،‬املطلوب من �أجلها الت�سليم‪ ،‬معتربة‪ ،‬مبقت�ضى القواعد القانونية النافذة لدى‬
‫الدولة املتعاقدة‪ ،‬املطلوب �إليها الت�سليم‪ ،‬جرمية ذات �صبغة �سيا�سية‪.‬‬
‫ ‪.‬ب�إذا كانت اجلرمية‪ ،‬املطلوب من اجلها الت�سليم‪ ،‬تنح�رص يف الإخالل بواجبات ع�سكرية‪.‬‬
‫ ‪ .‬ج�إذا كانت اجلرمية‪ ،‬املطلوب من �أجلها الت�سليم‪ ،‬قد ارتكبت يف �إقليم الدولة املتعاقدة املطلوب �إليها‬
‫الت�سليم‪� ،‬إال �إذا كانت هذه اجلرمية‪ ،‬قد �أ�رضت مب�صالح الدولة املتعاقدة‪ ،‬طالبة الت�سليم‪ ،‬وكانت‬
‫قوانينها‪ ،‬تن�ص على تتبع مرتكبي هذه اجلرائم‪ ،‬ومعاقبتهم‪ ،‬ما مل تكن الدولة املطلوب �إليها‬
‫الت�سليم‪ ،‬قد بد�أت �إجراءات التحقيق‪� ،‬أو املحاكمة‪.‬‬
‫ ‪ .‬د�إذا كانت اجلرمية‪ ،‬قد �صدر ب�ش�أنها حكم نهائي‪ ،‬له �صفة الق�ضية املربمة‪ ،‬لدى الدولة املتعاقدة‬
‫املطلوب �إليها الت�سليم‪� ،‬أو لدى دولة متعاقدة ثالثة‪.‬‬
‫ ‪ .‬ه�إذا كانت الدعوى‪ ،‬عند و�صول طلب الت�سليم‪ ،‬قد انق�ضت‪� ،‬أو العقوبة قد �سقطت‪ ،‬مب�ضي املدة‪،‬‬
‫طبقا لقانون الدولة املتعاقدة‪ ،‬طالبة الت�سليم‪.‬‬
‫ ‪ .‬و�إذا كانت اجلرمية‪ ،‬قد ارتكبت خارج �إقليم الدولة املتعاقدة الطالبة‪ ،‬من �شخ�ص ال يحمل جن�سيتها‪،‬‬
‫وكان قانون الدولة املتعاقدة‪ ،‬املطلوب �إليها الت�سليم‪ ،‬ال يجيز توجيه االتهام عن مثل هذه اجلرمية‪،‬‬
‫�إذا ارتكبت خارج �إقليمه‪ ،‬من مثل هذا ال�شخ�ص‪.‬‬
‫ ‪ .‬ز�إذا �صدر عفو‪ ،‬ي�شمل مرتكبي هذه اجلرائم‪ ،‬لدى الدولة املتعاقدة الطالبة‪.‬‬
‫�صفحة رقم ‪200‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫ ‪ .‬ح�إذا كان النظام القانوين‪ ،‬للدولة املطلوب �إليها الت�سليم‪ ،‬ال يجيز لها ت�سليم مواطنيها‪ ،‬فتلتزم الدولة‬
‫املطلوب �إليها الت�سليم‪ ،‬بتوجيه االتهام‪� ،‬ضد من يرتكب منهم‪ ،‬لدى �أي من الدول املتعاقدة‬
‫الأخرى‪ ،‬جرمية من اجلرائم ال�سيربانية؛ �إذا كان الفعل معاقبا عليه‪ ،‬يف كل من الدولتني‪ ،‬بعقوبة‬
‫�سالبة للحرية‪ ،‬ال تقل مدتها عن �سنة‪� ،‬أو بعقوبة �أ�شد‪ .‬وحتدد جن�سية املطلوب ت�سليمه‪ ،‬بتاريخ‬
‫وقوع اجلرمية‪ ،‬املطلوب الت�سليم من �أجلها‪ ،‬وي�ستعان يف هذا ال�ش�أن‪ ،‬بالتحقيقات التي �أجرتها‬
‫الدولة‪ ،‬طالبة الت�سليم‪.‬‬

‫املادة الرابعة والثالثون‪:‬‬


‫�إذا كان ال�شخ�ص املطلوب ت�سليمه‪ ،‬قيد التحقيق‪� ،‬أو املحاكمة‪� ،‬أو حمكوما عليه‪ ،‬عن جرمية �أخرى‪،‬‬
‫يف الدولة املطلوب �إليها الت�سليم‪ ،‬فان ت�سليمه ي�ؤجل‪ ،‬حلني الت�رصف يف التحقيق‪� ،‬أو انتهاء املحاكمة‪،‬‬
‫�أو تنفيذ العقوبة‪ ,‬ويجوز مع ذلك‪ ،‬للدولة املطلوب �إليها الت�سليم‪ ،‬ت�سليمه م�ؤقتا‪ ،‬للتحقيق معه‪� ،‬أو‬
‫حماكمته‪ ،‬ب�رشط �إعادته للدولة‪ ،‬التي �سلمته‪ ،‬قبل تنفيذ العقوبة عليه‪ ،‬يف الدولة طالبة الت�سليم‪.‬‬

‫‪ .11‬الإنابة الق�ضائية‬
‫املادة اخلام�سة والثالثون‪:‬‬
‫لكل دولة متعاقدة‪� ،‬أن تطلب �إىل �أية دولة �أخرى متعاقدة‪ ،‬القيام يف �إقليمها‪ ،‬نيابة عنها‪ .‬ب�أي �إجراء‬
‫ق�ضائي‪ ،‬متعلق بدعوى نا�شئة عن جرمية �سيربانية‪ ،‬وب�صفة خا�صة‪.‬‬
‫ ‪ .‬أ �سماع �شهادة ال�شهود‪ ،‬والأقوال التي ت�ؤخذ‪ ،‬على �سبيل اال�ستدالل‪.‬‬
‫ ‪.‬بتبليغ الوثائق الق�ضائية‪.‬‬
‫ ‪ .‬جتنفيذ عمليات التفتي�ش واحلجز‪.‬‬
‫ ‪ .‬د�إجراء املعاينة‪ ،‬وفح�ص الأ�شياء‪.‬‬
‫ ‪ .‬هاحل�صول على الأدلة الثبوتية‪ ،‬الإلكرتونية منها‪ ،‬والتقليدية‪.‬‬

‫املادة ال�ساد�سة والثالثون‪:‬‬


‫يجب �أن تت�ضمن‪ ،‬طلبات الإنابة الق�ضائية‪ ،‬البيانات الآتية‪:‬‬
‫ •اجلهة املخت�صة‪ ،‬ال�صادر عنها الطلب‪.‬‬
‫ •مو�ضوع الطلب‪ ،‬و�سببه‪.‬‬
‫ •حتديد هوية ال�شخ�ص املعنى بالإنابة‪ ،‬وجن�سيته‪ ،‬قدر الإمكان‪.‬‬
‫ •بيان اجلرمية التي تطلب الإنابة ب�سببها‪ ،‬وو�صفها القانوين‪ ،‬والعقوبة املقررة لها‪ ،‬و �أكرب قدر ممكن‬
‫من املعلومات عن ظروفها‪ ،‬مبا ي�ؤمن دقة تنفيذها‪.‬‬
‫�صفحة رقم ‪201‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫املادة ال�سابعة والثالثون‪:‬‬


‫يوجه طلب الإنابة الق�ضائية‪ ،‬مبا�رشة من ال�سلطات الق�ضائية‪ ،‬يف الدولة الطالبة‪� ،‬إىل ال�سلطات الق�ضائية‪،‬‬
‫يف الدولة املطلوب �إليها‪ .‬وتر�سل �صورة من هذه الإنابة‪ ،‬يف الوقت عينه‪� ،‬إىل وزارة العدل يف الدولة‬
‫املطلوب �إليها‪ ،‬وتعاد م�صحوبة‪ ،‬بالأوراق املتعلقة بتنفيذها‪ ،‬بالطريق نف�سه‪.‬‬
‫كما ميكن‪ ،‬توجيه طلب الإنابة الق�ضائية‪ ،‬مبا�رشة من اجلهات الق�ضائية‪� ،‬إىل اجلهة املخت�صة يف الدولة‬
‫املطلوب �إليها‪ ،‬ويجوز �أن حتال الردود‪ ،‬مبا�رشة عن طريق هذه اجلهة‪.‬‬

‫املادة الثامنة والثالثون‪:‬‬


‫ويتوجب �أن تكون طلبات الإنابة الق�ضائية‪ ،‬وامل�ستندات امل�صاحبة لها‪ ،‬موق ًعا عليها‪ ،‬وخمتومة بخامت‬
‫�سلطة خمت�صة‪� ،‬أو معتمدة منها‪ .‬وتعفى هذه امل�ستندات‪ ،‬من كافة الإجراءات ال�شكلية‪ ،‬التي قد يتطلبها‪،‬‬
‫ت�رشيع الدولة املطلوب �إليها‪.‬‬

‫املادة التا�سعة والثالثون‪:‬‬


‫تلقائيا‪� ،‬إىل‬
‫ً‬ ‫�إذا كانت اجلهة‪ ،‬التي تلقت طلب الإنابة الق�ضائية‪ ،‬غري خمت�صة مببا�رشته‪ ،‬تعني عليها‪� ،‬إحالته‬
‫علما‬
‫اجلهة املخت�صة يف دولتها‪ ،‬وفى حالة �إر�سال الطلب بالطريق املبا�رش‪ ،‬ف�إنها حتيط الدولة الطالبة‪ً ،‬‬
‫بالطريقة نف�سها‪.‬‬

‫املادة الأربعون‪:‬‬
‫ال يجوز رف�ض الإنابة الق�ضائية‪ ،‬دون تعليل‪ ،‬من قبل اجلهة التي ترف�ضها‪.‬‬

‫املادة الواحدة والأربعون‪:‬‬


‫تلتزم كل من الدول املتعاقدة‪ ،‬بتنفيذ الإنابات الق�ضائية‪ ،‬املتعلقة باجلرائم ال�سيربانية‪ ،‬ويجوز لها‪ ،‬رف�ض ‬
‫طلب التنفيذ‪ ،‬يف �أي من احلالتني الآتيتني‪:‬‬
‫ ‪ .‬أ�إذا كانت اجلرمية‪ ،‬مو�ضوع الطلب‪ ،‬حمل اتهام‪� ،‬أو حتقيق‪� ،‬أو حماكمة‪ ،‬لدى الدولة املطلوب �إليها‪،‬‬
‫تنفيذ الإنابة‪.‬‬
‫ ‪.‬ب�إذا كان تنفيذ الطلب‪ ،‬من �ش�أنه امل�سا�س ب�سيادة الدولة املكلفة بتنفيذه‪� ،‬أو ب�أمنها‪� ،‬أو بالنظام العام‬
‫فيها‪.‬‬

‫املادة الثانية والأربعون‪:‬‬


‫ينفذ طلب الإنابة‪ ،‬وفقا لأحكام القانون الداخلي‪ ،‬للدولة املطلوب �إليها التنفيذ‪ ،‬وعلى وجه ال�رسعة‪ ،‬ويجوز‬
‫لهذهالدولة‪،‬ت�أجيلالتنفيذ‪،‬حتىا�ستكمال �إجراءاتالتحقيق‪،‬واملالحقةالق�ضائية‪،‬اجلاريةلديها‪،‬يفاملو�ضوع‬
‫نف�سه‪� ،‬أو زوال الأ�سباب القهرية‪ ،‬التي دعت للت�أجيل‪ ،‬على �أن يتم �إ�شعار الدولة الطالبة‪ ،‬بهذا الت�أجيل‪.‬‬
‫�صفحة رقم ‪202‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫املادة الثالثة والأربعون‪:‬‬


‫يكون للإجراء‪ ،‬الذي يتم بطريق الإنابة‪ ،‬وفقا لأحكام هذه االتفاقية‪ ،‬الأثر القانوين ذاته‪ ،‬كما لو مت �أمام‬
‫اجلهة املخت�صة‪ ،‬لدى الدولة طالبة الإنابة‪ .‬على �أنه‪ ،‬ال يجوز ا�ستعمال ما نتج عن تنفيذ الإنابة‪� ،‬إال يف‬
‫نطاق ما �صدرت الإنابة ب�ش�أنه‪.‬‬

‫‪ .12‬هيكلية ادارية ملتابعة �ش�ؤون الأمن ال�سيرباين‬


‫املادة الرابعة والأربعون‪:‬‬
‫تتعهد الدول الأع�ضاء‪ ،‬اعتماد التدابري الالزمة لإن�شاء هيكلية ادارية وطنية‪ ،‬متخ�ص�صة يف متابعة الأمن‬
‫وال�سالمة‪ ،‬يف الف�ضاء ال�سيرباين‪.‬‬
‫وي�شكل �إن�شاء الهيكلية هذه‪ ،‬تعبريا عن التزام الدولة اجلدي‪ ،‬عرب كل مكوناتها االدارية‪ ،‬وامل�ؤ�س�ساتية‪،‬‬
‫بت�أمني الثقة يف االقت�صاد الرقمي‪ ،‬وحماية الف�ضاء ال�سيرباين‪� ،‬ضمن �إطار حمدد‪ ،‬لقيادة وا�ضحة وقوية‪،‬‬
‫تتيح اتخاذ ما يلزم من تدابري‪ ،‬لتحقيق الآتي‪:‬‬
‫ •حتديد امل�س�ؤولية‪ ،‬عن �سالمة الف�ضاء ال�سيرباين‪ ،‬و�أمنه‪ ،‬على كل امل�ستويات احلكومية‪ ،‬من خالل‬
‫حتديد وا�ضح‪ ،‬للمهام واالدوار‪.‬‬
‫ •ت�شجيع القطاع اخلا�ص‪ ،‬على االنخراط يف املبادرات احلكومية‪ ،‬الهادفة �إىل حماية الف�ضاء‬
‫ال�سيرباين‪ ،‬وتعزيز االقت�صاد الرقمي‪.‬‬
‫ •تكوين �إدارة وطنية مو�سعة‪ ،‬متعددة االخت�صا�صات‪ ،‬خا�صة بالأمن ال�سيرباين‪ ،‬ت�ضم خرباء‬
‫واخت�صا�صني‪ ،‬من املجاالت كافة‪ ،‬بحيث تتمكن من رفع التحديات‪ ،‬التي تطرحها الأخطار‬
‫ال�سيربانية‪ ،‬ومن التعامل‪ ،‬بفاعلية و�رسعة‪ ،‬مع امل�ستجدات‪ ،‬والطوارئ التي ميكن ان حت�صل‪.‬‬

‫املادة اخلام�سة والأربعون‪:‬‬


‫تتخذ كل دولة ع�ضو‪ ،‬ما تراه منا�سبا من �إجراءات‪ ،‬متكنها من �إن�شاء م�ؤ�س�سات‪ ،‬ذات كفاءة عالية‬
‫ملكافحة اجلرمية ال�سيربانية‪ ،‬ولن�رش الوعي‪ ،‬وحت�سي�س املجتمع‪ ،‬والرد على طوارئ االنرتنت‪ ،‬والتعامل‬
‫مع االنذارات املبكرة اخلا�صة‪ ،‬بوجود خماطر داهمة �أو حمتملة‪ ،‬وتويل التن�سيق بني اجلهات الوطنية‬
‫املعنية بالأمن ال�سيرباين‪ ،‬ومع اجلهات االقليمية والعربية والدولية‪ ،‬متى ا�ستدعى االمر ذلك‪ .‬وميكن يف‬
‫هذا املجال‪� ،‬إن�شاء الهيئات الآتية‪� ،‬أو ما ي�شبهها‪:‬‬
‫ •جمل�س وطني للأمن وال�سالمة ال�سيربانية‬
‫ •مركز ا�ستجابة لطوارئ االنرتنت‬
‫ •هيئة وطنية لل�سالمة والأمن‪ ،‬يف املجال ال�سيرباين‪ ،‬بهدف متابعة وتنفيذ‪� ،‬سيا�سة حماية و�أمن‬
‫وطنية‪ ،‬وت�سهيل التعاون والتن�سيق‪ ،‬على امل�ستويني الداخلي واخلارجي‪.‬‬
‫ •هيئة وطنية حلماية البيانات ال�شخ�صية‬
‫�صفحة رقم ‪203‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫املادة ال�ساد�سة والأربعون‪:‬‬


‫تن�شئ كل دولة‪ ،‬جمل�سا وطنيا م�ستقال‪ ،‬لل�سالمة والأمن يف الف�ضاء ال�سيرباين‪ ،‬ي�شكل املرجع االعلى‪،‬‬
‫مل�سائل ال�سالمة والأمن‪ ،‬يف املجال ال�سيرباين‪ ،‬وتكون مهامه‪:‬‬
‫ •و�ضع ا�سرتاتيجية �سيربانية‪ ،‬و�سيا�سات تنفيذها‬
‫ •املوافقة على اال�سرتاتيجية وال�سيا�سة واملو�ضوعتني يف كل �إدارة حكومية‪ ،‬لتنفيذها‪.‬‬
‫ • حتديد اولويات الأمن‪ ،‬واملبادرات الوطنية‬
‫ •تن�سيق اجلهود واملبادرات‪ ،‬على امل�ستوى الوطني‬
‫ •حتديد اجلهات املعنية‪ ،‬واملوجلة حفظ الأمن وال�سالمة‪ ،‬وار�ساء قواعد الثقة‪ ،‬يف االقت�صاد الرقمي‬
‫ •تن�سيق العالقات مع القطاع اخلا�ص‪ ،‬ملعاجلة م�سائل الأمن وال�سالمة‬
‫ •التعاون مع الأجهزة الأمنية املختلفة‪ ،‬مثل‪ :‬املخابرات‪ ،‬والأمن العام‪ ،‬والأمن الداخلي‪ ،‬وال�رشطة‬
‫الق�ضائية‪ ،‬واجلهات الق�ضائية املعنية‪ ،‬بهدف و�ضع معايري وا�صول ردع ومالحقة وحتقيق موحدة‪،‬‬
‫و�إقرار توافق م�ؤ�س�ساتي‬
‫ •التعاون مع الهيئات امل�س�ؤولة‪ ،‬عن تطبيق القانون‪ ،‬على امل�ستويات الوطنية‪ ،‬االقليمية والدولية‪.‬‬
‫ •مراقبة انظمة املعلومات احلكومية‪ ،‬والبنية التحتية لالت�صاالت‬
‫ •اال�رشاف على تطوير انظمة املعلومات‪ ،‬اخلا�صة بالهوية الرقمية‪ ،‬والهوية الرقمية املوحدة‪ ،‬و�إدارة‬
‫املمار�سات يف هذا املجال‪ ،‬وا�صدار التو�صيات‬
‫ •تطوير وتن�سيق اجلهود اخلا�صة‪ ،‬بربامج ت�أهيل‪ ،‬وتدريب‪ ،‬وبناء قدرات‪ ،‬يف جمال الأمن وال�سالمة‬
‫يف الف�ضاء ال�سيرباين‪ ،‬والتعاون مع اجلهات الوطنية‪ ،‬واالقليمية‪ ،‬والعربية‪ ،‬والدولية املعنية‪.‬‬

‫املادة ال�سابعة والأربعون‪:‬‬


‫يت�ألف املجل�س الوطني لل�سالمة والأمن‪ ،‬من الوزراء املعنيني‪ :‬وزير الدفاع‪ ،‬وزير الداخلية‪ ،‬وزير‬
‫االت�صاالت‪ ،‬وزير االقت�صاد‪.‬‬

‫املادة الثامنة والأربعون‪:‬‬


‫�إن�شاء هيئة وطنية عليا م�ستقلة‪ ،‬لل�سالمة والأمن يف املجال ال�سيرباين‪ ،‬ت�ضطلع بتنفيذ ا�سرتاتيجيات‬
‫و�سيا�سات الأمن وال�سالمة‪ ،‬وبتن�سيق اجلهود الوطنية‪ ،‬يف هذا املجال‪ ،‬وتتوىل هذه ال�سلطة‪:‬‬
‫ • اتخاذ اخلطوات التي ت�ضمن تنفيذ التدابري‪ ،‬التي يحددها ويو�صي بها‪ ،‬املجل�س الوطني‬
‫ •مراقبة التزام اجلهات احلكومية‪ ،‬واخلا�صة‪ ،‬مبا يو�صي به املجل�س الوطني‬
‫ •اال�رشاف على اعمال تقييم م�ستوى ال�سالمة والأمن‪ ،‬واعمال اخلربة ‪ Audit‬والتدقيق‬
‫ •م�ساعدة املجل�س الوطني‪ ،‬يف عملياته التنفيذية‪.‬‬
‫�صفحة رقم ‪204‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫ •امل�شاركة يف و�ضع القواعد‪ ،‬واعتماد املعايري واملقايي�س الدولية‪ ،‬التي ت�ضمن �أمن الأنظمة املعلوماتية‬
‫واملعلومات‪ ،‬و�سالمة االقت�صاد الرقمي‪ ،‬وامل�صادقة على التوقيع الإلكرتوين‪.‬‬
‫ •مراقبة العقود‪ ،‬التي تربمها الدولة‪ ،‬مع متعهدي اخلدمات‪ ،‬وجميع امل�ستثمرين‪ ،‬يف جمال تقنيات‬
‫املعلومات واالت�صاالت‪ ،‬الذين يقدمون خدمات‪ ،‬تتعلق با�ستخدام تقنيات املعلومات واالت�صاالت‪.‬‬

‫املادة التا�سعة والأربعون‪:‬‬


‫تت�ألف الهيئة الوطنية العليا‪ ،‬من ممثلني عن الأجهزة املعنية بتنفيذ ال�سيا�سات‪ ،‬وحفظ الأمن‪.‬‬

‫املادة اخلم�سون‪:‬‬
‫تتعهد الدول املتعاقدة‪� ،‬إن�شاء مراكز اال�ستجابة لطوارئ االنرتنت‪ ،‬تكون م�س�ؤولة عن مراقبة وحماية‬
‫البنية التحتية للمعلومات واالت�صاالت‪ ،‬من االعتداءات عليها‪ ،‬وت�شكيل نقطة ات�صال وتن�سيق وطنية‪،‬‬
‫ميكنها ان تتجاوب ومتطلبات الرد ال�رسيع‪ ،‬على الأخطار ال�سيربانية‪ ،‬على امل�ستويات الوطنية واالقليمية‬
‫والعربية والدولية وت�ضمن الدولة‪:‬‬
‫ •�أهلية مراكز اال�ستجابة لطوارئ االنرتنت‪ ،‬على العمل بطريقة احرتازية وردعية‪ ،‬وت�أمني توزيع‬
‫املعلومات‪ ،‬حول الطوارئ على االنرتنت‪ ،‬يف الوقت املنا�سب‪ ،‬للحماية منها‪� ،‬أو للحد من‬
‫ا�رضارها‪ ،‬والقدرة على امل�ساعدة يف مواجهة الأخطار‪ ،‬ومعاجلة نتائج االعتداءات بطريقة �رسيعة‬
‫وفاعلة‪.‬‬
‫ •تويل املراكز‪ ،‬انذار امل�ؤ�س�سات واالدارات والأفراد‪ ،‬وحت�صني �أنظمة املعلومات‪ ،‬ومعاجلة احلوادث‪،‬‬
‫وتنظيم وتن�سيق جهود الرد‪ ،‬على الهجمات واالعتداءات‪ ،‬ومعاجلة نقاط ال�ضعف‪ ،‬وم�شاكل‬
‫االبواب اخللفية‪ ،‬ودرا�ستها وحتليلها‪ ،‬وا�ستنباط احللول املالئمة‪.‬‬
‫ •تويل املراكز‪ ،‬مهمة الإعالم والإعالن‪ ،‬عن الطوارئ‪ ،‬واملخاطر‪ ،‬واحلوادث‪ ،‬وتقدمي خدمات‬
‫اخلربة‪ ،‬والتدقيق يف مدى جهوزية الأنظمة‪ ،‬وقدرتها على مواجهة الأخطار‪ ،‬ورد الهجمات‬
‫واالعتداءات‪ ،‬وتطوير برامج حماية‪ ،‬وتوفري خدمات ر�صد الهجمات واالعتداءات‪ ،‬ومنع‬
‫وقوعها‪.‬‬
‫ •ر�صد‪ ،‬وحتليل‪ ،‬وتن�سيق اجلهود‪ ،‬يف مواجهة الفريو�سات‪ ،‬والربامج التج�س�سية واخلبيثة‪ ،‬ودرا�سة‬
‫املخاطر‪ ،‬وحتليلها‪ ،‬ومتابعة‪ ،‬ومواكبة اعادة الأنظمة املعلوماتية‪� ،‬إىل ما كانت عليه‪ ،‬وتقدمي‬
‫ا�ست�شارات يف جمال احلماية‪ ،‬و�أمن الأنظمة‪ ،‬وال�شبكات واملعلومات‪.‬‬
‫ •تنظيم حمالت توعية‪ ،‬وامل�صادقة على اعمال اخلربة‪ ،‬والتدقيق‪ ،‬و�شهادات الكفاءة‪ ،‬يف جمال �أمن‬
‫االت�صاالت‪.‬‬
‫ •التعاون الوثيق‪ ،‬بني املراكز الوطنية‪ ،‬ومراكز اال�ستجابة لطوارئ االنرتنت‪ ،‬الدولية واالقليمية‪،‬‬
‫كما يكون من االف�ضل‪ ،‬ان تنت�سب‪� ،‬إىل ال�شبكات الدولية‪ ،‬ملراكز اال�ستجابة لطوارئ االنرتنت‪.‬‬
‫�صفحة رقم ‪205‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫‪ .13‬الإطار الت�رشيعي لبناء الثقة يف الف�ضاء ال�سيرباين‬


‫املادة الواحدة واخلم�سون‪:‬‬
‫تتعهد كل دولة متعاقدة‪� ،‬إقرار اطر ت�رشيعية وتنظيمية‪ ،‬ا�ستنادا �إىل الن�صو�ص الدولية‪ ،‬واالتفاقيات‪،‬‬
‫وبروتوكوالت التعاون‪ ،‬ال�صادرة حول بناء الثقة يف الف�ضاء‪ ،‬ال�سيما منها تلك اخلا�صة‪ ،‬مبكافحة اجلرمية‬
‫ال�سيربانية‪ ،‬والتعاون يف اجلرائم العابرة للحدود‪ ،‬واملقايي�س واملعايري الدولية‪ ،‬املفرو�ض اعتمادها‪ ،‬يف‬
‫حماية البنية التحتية لالت�صاالت‪ ،‬وانظمة املعلومات‪ ،‬ال�سيما منها على �سبيل املثال‪ :‬القرارات ال�صادرة‬
‫عن اجلمعية العامة لالمم املتحدة‪ ،121/45 ،‬و ‪ ،63/55‬و ‪ ،121/56‬و ‪ ،177/60‬والقوانني‬
‫النموذجية اخلا�صة باجلرمية ال�سيربانية‪ ،‬وحماية الف�ضاء ال�سيرباين‪ ،‬ال�سيما نها‪ ،‬ما اعتمدته جامعة الدول‬
‫العربية‪ ،‬وجمل�س وزراء العدل العرب‪� ،‬أو جمل�س وزراء االت�صاالت العرب‪ ،‬والقانون ال�صادر يف �إطار‬
‫دول الكومنولث‪ ،‬واالتفاقيات الأوروبية حول اجلرمية ال�سيربانية‪ ،‬وحماية البيانات ال�شخ�صية‪ ،‬وبيانات‬
‫االت�صال‪ ،‬و�إعالن �سلفادور‪ ،‬الذي اعتمده م�ؤمتر الأمم املتحدة‪ ،‬عام ‪.2010‬‬

‫املادة الثانية واخلم�سون‪:‬‬


‫تلتزم الدول الأع�ضاء‪� ،‬إقرار الت�رشيعات املالئمة لت�شجيع االنخراط ال�سليم والأمن‪ ،‬يف جمتمع املعلومات‪،‬‬
‫واالفادة من �آفاق جمتمع املعرفة‪ ،‬مبا يخدم النمو والتنمية‪ ،‬ال�سيما فيما يتعلق ب‪:‬‬
‫ •تنظيم التجارة الإلكرتونية‬
‫ •حماية اخل�صو�صية واحلق يف التعبري‬
‫ •�ضمان احلق يف النفاذ �إىل ال�شبكة العاملية للمعلومات‬
‫ •حماية البيانات ال�شخ�صية‪ ،‬والبيانات احل�سا�سة‬
‫ •تنظيم املحتوى‬
‫ •حماية امللكية الفكرية وال�صناعية‪ ،‬وحقوق امل�ؤلف‪ ،‬واحلقوق املجاورة‬
‫ •حماية االطفال على االنرتنت‬
‫ •تنظيم املعامالت الإلكرتونية‬
‫ •تنظيم امل�س�ؤوليات‪ ،‬وخدمات احلو�سبة ال�سحابية‬
‫ •�إقرار قواعد جترمي مو�ضوعية‬
‫ •�إقرار ت�رشيعات خا�صة مبكافحة اجلرائم ال�سيربانية‬
‫ •و�ضع �أ�صول مالحقة‪ ،‬ومتابعة‪ ،‬وتنفيذ‪ ،‬خا�صة باجلرائم ال�سيربانية‬
‫ •�إقرار �آليات تعاون وطنية‪ ،‬واقليمية‪ ،‬ودولية‬
‫ •حلظ هيكلية ادارية خا�صة‪ ،‬حلماية الف�ضاء ال�سيرباين‬
‫ •�إقرار الإطار الت�رشيعي املالئم‪ ،‬للتعاون بني القطاعني العام واخلا�ص‪ ،‬يف مواجهة اجلرائم ال�سيربانية‬
‫�صفحة رقم ‪206‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫املادة الثالثة واخلم�سون‪:‬‬


‫تتعهد كل دولة متعاقدة‪� ،‬ضمان ان�سجام الإجراءات والقواعد القانونية التي تتخذها‪ ،‬يف جمال مكافحة‬
‫اجلرمية ال�سيربانية‪ ،‬مع �أف�ضل الن�صو�ص الدولية‪ ،‬املعمول بها يف هذا املجال‪ ،‬ومع املمار�سات الف�ضلى‪،‬‬
‫مع االخذ بعني االعتبار‪ ،‬احلد االدنى املعتمد يف الدول‪ ،‬التي لديها �أدوات ت�رشيعية وتنظيمية‪ ،‬بحيث‬
‫يكون املجال متاحا‪� ،‬أمام امكانية حتقيق االن�سجام‪ ،‬بني ت�رشيعات الدول الأع�ضاء‪.‬‬

‫املادة الرابعة واخلم�سون‪:‬‬


‫تعتمد الدول الأع�ضاء‪ ،‬فيما يتعلق باجلرائم العابرة للحدود‪ ،‬على مبد�أ توحيد القواعد القانونية‪ ،‬اخلا�صة‬
‫بتجرمي الأعمال اجلرمية ال�سيربانية‪ ،‬وا�صول املالحقة والتنفيذ‪ ،‬اخلا�صة بها‪ ،‬بحيث تعتمد كل دولة‪،‬‬
‫القواعد القانونية‪ ،‬التي ت�سمح لها باعتماد مبد�أ التجرمي املزدوج‪ ،‬وذلك بهدف اجناح التعاون‪ ،‬وتفعيله‪.‬‬

‫املادة اخلام�سة واخلم�سون‪:‬‬


‫تقر الدول الأع�ضاء‪ ،‬القواعد القانونية والتنظيمية‪ ،‬التي تراها �رضورية‪ ،‬والتي تن�سجم مع ت�رشيعاتها‬
‫الوطنية‪ ،‬لت�سهيل عملية تبادل املعلومات‪ ،‬وت�شارك البيانات‪ ،‬ب�شكل �رسيع‪ ،‬فوري ومتبادل بني الهيئات‬
‫املتخ�ص�صة‪ ،‬وذات ال�صالحية يف تطبيق القوانني‪ ،‬يف الدول الأع�ضاء‪.‬‬

‫املادة ال�ساد�سة واخلم�سون‪:‬‬


‫تعمد الدول الأع�ضاء‪� ،‬إىل مراجعة ت�رشيعاتها‪ ،‬بهدف الت�أكد من فعاليتها‪ ،‬يف جترمي‪ ،‬ومعاقبة‪ ،‬كل ا�شكال‬
‫ا�ساءة ا�ستخدام تقنيات املعلومات واالت�صاالت‪ ،‬بال�شكل املنا�سب‪ ،‬ومن قدرتها على رفع التحديات‬
‫ذات العالقة بال�صالحية‪ ،‬واالخت�صا�ص الق�ضائي‪ ،‬وو�سائل التحقيق واملالحقة‪ ،‬والتكوين‪ ،‬والتدريب‪،‬‬
‫واحلماية من اجلرائم ال�سيربانية‪ ،‬والتعاون الدويل يف هذا املجال‪.‬‬
‫وتلتزم الدول‪ ،‬يف هذا ال�سياق‪ ،‬ال�سعي �إىل االن�سجام‪ ،‬مع تو�صيات وتوجيهات‪ ،‬املنظمة العربية حلماية‬
‫الف�ضاء ال�سيرباين‪ ،‬واملقررات الدولية‪ ،‬التي ت�صدر‪ ،‬ال�سيما‪:‬‬
‫ •مقررات وتو�صيات الأمم املتحدة وجلانها املخت�صة‪ ،‬مبكافحة اجلرائم ال�سيربانية‪ ،‬واجلرائم العابرة‬
‫للحدود‪.‬‬
‫ •توجيهات االحتاد الدويل لالت�صاالت‪ ،‬ال�سيما منها‪ ،‬ما يتعلق ب�سبل و�آليات‪ ،‬حتقيق الأمن ال�سيرباين‬
‫ •االتفاقات اجلماعية والثنائية‪ ،‬التي تلتزم بها‪ ،‬يف جمال مكافحة اجلرائم العابرة للحدود‪.‬‬
‫ •االتفاقيات واملعاهدات الدولية‪ ،‬اخلا�صة بحماية امللكية الفكرية‪ ،‬وحماية البيانات ال�شخ�صية‪،‬‬
‫ومكافحة اجلرمية ال�سيربانية‪.‬‬
‫�صفحة رقم ‪207‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫املادة ال�سابعة واخلم�سون‪:‬‬


‫يف �إطار مكافحة اجلرمية ال�سيربانية‪ ،‬وتفعيل �سلطاتها الق�ضائية والع�سكرية‪ ،‬واال�ستخباراتية‪ ،‬والأمنية‪،‬‬
‫وحمافظتها على الأمن القومي‪ ،‬وامل�صلحة العامة‪ ،‬وقيمها االجتماعية والثقافية‪ ،‬تلتزم الدول الأع�ضاء‪،‬‬
‫العمل على �إيجاد الآليات القانونية‪ ،‬التي تن�سجم مع ت�رشيعاتها الوطنية‪ ،‬للحفاظ على احلق يف‬
‫اخل�صو�صية‪ ،‬وعلى حماية احلياة ال�شخ�صية واحلريات‪� ،‬سواء على امل�ستوى الوطني‪� ،‬أو على م�ستوى‬
‫التعاون االقليمي والدويل‪.‬‬

‫املادة الثامنة واخلم�سون‪:‬‬


‫تتعهد الدول الأع�ضاء‪ ،‬مبكافحة جميع �أنواع جرائم اال�ستغالل اجلن�سي لالطفال‪ ،‬با�ستخدام تقنيات‬
‫االت�صاالت واملعلومات‪ ،‬وبو�ضع االطر الت�رشيعية والتنظيمية املالئمة‪ ،‬للتعاون الفاعل‪ ،‬التي جترم هذه‬
‫الأعمال‪ ،‬عرب متكني ال�سلطات املعنية باملكافحة‪ ،‬والبحث واملالحقة‪ ،‬وو�ضع برامج تربوية منا�سبة‪،‬‬
‫و�إن�شاء قواعد خا�صة باال�ستغالل اجلن�سي لالطفال‪ ،‬وتوفري خط �ساخن لل�شكاوى واال�ستعالم‪ ،‬والتعاون‬
‫مع القطاع اخلا�ص‪ ،‬واملجتمع املدين‪ ،‬ومتعهدي اخلدمات‪ ،‬ال�ستنباط ال�سبل االمثل‪ ،‬للمكافحة والتوعية‪.‬‬

‫‪ .14‬التجارة الإلكرتونية‬
‫املادة التا�سعة واخلم�سون‪:‬‬
‫تلتزم الدول املتعاقدة‪ ،‬توفري امل�ستلزمات ال�رضورية‪ ،‬ملمار�سة التجارة الإلكرتونية‪ ،‬بحرية تامة‪ .‬كما‬
‫تتعهد الدول املتعاقدة‪ ،‬الزام ممار�سي التجارة الإلكرتونية‪ ،‬مراعاة م�صالح امل�ستهلك‪ ،‬و�ضمان حقه يف‬
‫التحقق من هوية مقدمي اخلدمات‪ ،‬عرب الإعالن الوا�ضح‪ ،‬عن اال�سم لل�شخ�ص الطبيعي �أو املعنوي‪،‬‬
‫وحمل اقامته‪ ،‬وعنوانه الكامل‪ ،‬و�أرقام الهاتف‪ ،‬وكيفية االت�صال به‪ ،‬ومعلومات حول و�ضعه املهني‪،‬‬
‫كالت�سجيل يف نقابة‪� ،‬أو �سجل جتاري‪ ،‬ورقم الت�سجيل‪ ،‬ور�أ�س املال‪ ،‬واجازة ممار�سة العمل التجاري‪،‬‬
‫و�رشوط املهنة التي ينتمي اليها‪ ،‬والبلد‪ ،‬واجلن�سية‪ .‬ي�ضاف �إىل هذا‪� ،‬رضورة �إقرار م�س�ؤوليته عن تنفيذ‬
‫التزاماته‪� ،‬سواء �أكان املنفذ املبا�رش للخدمة‪� ،‬أو بالوا�سطة‪.‬‬

‫املادة ال�ستون‪:‬‬
‫حتظر �ألعاب املي�رس‪ ،‬واحلظ‪ ،‬ولو كانت ب�شكل العاب لوتو‪� ،‬أو مراهنات‪ ،‬كما حتظر اخلدمات القانونية‪،‬‬
‫والطبية‪ ،‬با�ستخدام تقنيات املعلومات واالت�صاالت‪.‬‬

‫املادة الواحدة وال�ستون‪:‬‬


‫تتعهد الدول املتعاقدة‪ ،‬باتخاذ الإجراءات الت�رشيعية الالزمة‪ ،‬لتنظيم الإعالن التجاري‪ ،‬الذي ت�ستخدم‬
‫فيه ارقام الهواتف‪ ،‬والعناوين الإلكرتونية‪ ،‬ال�سيما جلهة الزام املعلن‪ ،‬باحرتام حق كل م�ستهدف‬
‫بالإعالن‪ ،‬يف رف�ض تلقي ر�سائل‪� ،‬أو ات�صاالت �إعالنية‪.‬‬
‫�صفحة رقم ‪208‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫املادة الثانية وال�ستون‪:‬‬


‫تتعهد الدول املتعاقدة‪ ،‬باتخاذ الإجراءات الت�رشيعية الالزمة‪ ،‬لت�أمني �إطار قانوين‪ ،‬خا�ص يعرتف بالعقود‬
‫الإلكرتونية‪ ،‬واثباتها‪ ،‬ومفاعلها‪ ،‬وكيفية انعقادها‪ ،‬و�آليات الإعالن عن القبول‪.‬‬
‫كما تتعهد‪ ،‬باتخاذ الإجراءات الت�رشيعية الالزمة‪ ،‬لت�أمني القوة الثبوتية‪ ،‬لالعرتاف بال�سند الإلكرتوين‪،‬‬
‫وحجية التحويالت الإلكرتونية‪ ،‬من خالل تنظيم التوقيع الإلكرتوين‪.‬‬

‫‪ .15‬حماية البيانات ال�شخ�صية‬


‫املادة الثالثة وال�ستون‪:‬‬
‫على كل دولة‪ ،‬ان تتخذ الإجراءات الت�رشيعية والتنظيمية املنا�سبة‪ ،‬حلماية البيانات ال�شخ�صية‪ ،‬مبا‬
‫مينع االعتداء على احلياة ال�شخ�صية‪ ،‬والذي ميكن ان ينتج‪ ،‬عن معاجلة البيانات‪ ،‬وجمعها‪ ،‬ونقلها‪،‬‬
‫وا�ستثمارها‪ ،‬وتخزينها‪ ،‬وا�ستخدامها‪.‬‬
‫ويفرت�ض بالت�رشيع‪ ،‬ان يراعي احلريات ال�شخ�صية‪ ،‬واحلقوق الأ�سا�سية لالن�سان‪ ،‬مع احلفاظ على �صالحيات‬
‫الدولة‪ ،‬وحقوق الهيئات املحلية‪ ،‬وم�صالح ال�رشكات وامل�ؤ�س�سات‪ ،‬التي تتعاطى مع البيانات‪.‬‬

‫املادة الرابعة وال�ستون‪:‬‬


‫يتناول الت�رشيع والتنظيم‪ ،‬كل معاجلة �إلكرتونية‪� ،‬أو غريها‪ ،‬ونقل‪ ،‬وتخزين‪ ،‬وا�ستخدام‪ ،‬للبيانات‬
‫ال�شخ�صية‪� ،‬سواء من قبل اال�شخا�ص الطبيعيني‪� ،‬أو الدولة‪� ،‬أو ال�رشكات وامل�ؤ�س�سات‪� ،‬أو الهيئات‬
‫املحلية‪� ،‬أو اال�شخا�ص الطبيعيني‪ ،‬ب�شكل عام‪.‬‬

‫املادة اخلام�سة وال�ستون‪:‬‬


‫ال يدخل يف نطاق هذه احلماية‪:‬‬
‫ •البيانات اخلا�صة بال�سالمة العامة‪ ،‬والدفاع‪ ،‬والبحث والتحري عن اجلرائم‪ ،‬و�أمن الدولة‪ ،‬وذلك‬
‫مع مراعاة الن�صو�ص القانونية املرعية الإجراء‪ ،‬لدى الدولة‪.‬‬
‫ •معاجلة البيانات‪ ،‬التي يقوم بها �أ�شخا�ص طبيعيون‪ ،‬يف �إطار ن�شاطهم ال�شخ�صي‪� ،‬أو املحلي‪� ،‬رشط‬
‫اال يكون هدف املعاجلة‪ ،‬نقل البيانات �إىل اال�شخا�ص الثالثني‪� ،‬أو الن�رش‪.‬‬
‫ •الن�سخ التقنية‪ ،‬التي ت�ستهدف ت�سهيل عمليات البحث‪ ،‬على الأنظمة املعلوماتية‬

‫املادة ال�ساد�سة وال�ستون‪:‬‬


‫ت�شرتط الدول املتعاقدة‪ ،‬التزام اجلهة الراغبة مبعاجلة البيانات ال�شخ�صية‪� ،‬أو تخزينها‪� ،‬أو نقلها‪،‬‬
‫�أو ا�ستعمالها‪ ،‬احل�صول على اذن م�سبق‪ ،‬من الهيئة الوطنية امل�س�ؤولة عن حماية البيانات‪ ،‬وااللتزام‬
‫بال�رشوط التي ت�ضعها‪ ،‬هذه الهيئة‪.‬‬
‫�صفحة رقم ‪209‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫املادة ال�سابعة وال�ستون‪:‬‬


‫تتوىل الهيئة الوطنية‪ ،‬و�ضع ال�رشوط املنا�سبة‪ ،‬حلماية البيانات ال�شخ�صية‪ ،‬واحلياة اخلا�صة‪ ،‬بح�سب‬
‫الإطار الت�رشيعي والتنظيمي الوطني‪ ،‬الذي يرعى املو�ضوع‪ ،‬وبح�سب القوانني املرعية الإجراء‪.‬‬
‫وت�ضع الهيئة املعايري املنا�سبة‪ ،‬كما حتدد البيانات ال�شخ�صية امل�ستثناة‪ ،‬وظروف اال�ستثناء‪ ،‬ا�ضافة �إىل‬
‫املدة الق�صوى لالحتفاظ بالبيانات‪ ،‬وكيفية حمايتها‪ ،‬ومنع ت�رسبها‪ ،‬وا�صول نقلها �إىل دول �أخرى‪� ،‬أو‬
‫�أ�شخا�ص طبيعيني‪ ،‬يف القطاعني‪ :‬العام �أو اخلا�ص‪.‬‬
‫وتلتزم الهيئة الوطنية بالرد‪ ،‬يف مهل حتدد بالقانون‪ ،‬وبتعليل قرارها‪ ،‬يف حال الرف�ض‪.‬‬

‫املادة الثامنة وال�ستون‪:‬‬


‫تت�ألف الهيئة الوطنية حلماية املعلومات‪ ،‬ك�إدارة م�ستقلة‪ ،‬وت�ضم �أع�ضاء من الربملانيني‪ ،‬والأكادمييني‪،‬‬
‫واخلرباء‪ ،‬والتقنني‪ ،‬واملجتمع املدين‪ ،‬والهيئات االقت�صادية‪ .‬ويتمتع �أع�ضاء الهيئة بح�صانة‪ ،‬متنع التعر�ض ‬
‫لهم‪ ،‬ب�سبب القرارات التي تتخذها الهيئة‪.‬‬

‫‪ .16‬جترمي االعتداء على البيانات والأنظمة املعلوماتية‬


‫املادة التا�سعة وال�ستون‪:‬‬
‫تتعهد الدول املتعاقدة‪ ،‬جترمي الأعمال‪ ،‬التي ت�ستهدف �رسية الأنظمة املعلوماتية‪ ،‬والبيانات الإلكرتونية‪،‬‬
‫وم�صداقيتها‪ ،‬وتوفرها‪ ،‬وان�سيابها احلر‪.‬‬

‫املادة ال�سبعون‪:‬‬
‫تتخذ كل دولة‪ ،‬الإجراءات الت�رشيعية ال�رضورية بح�سب نظامها‪ ،‬وقوانينها الو�ضعية‪ ،‬لتجرمي اخرتاق‬
‫الأنظمة املعلوماتية‪ ،‬والدخول ق�صدا‪� ،‬إىل نظام معلوماتي‪� ،‬أو �إىل جزء منه‪ ،‬دون وجه حق‪� ،‬أو دون اذن‪،‬‬
‫من اجلهة �صاحبة ال�صالحية يف االذن بذلك‪� ،‬سواء عرب االلتفاف على الإجراءات الأمنية املعتمدة‪� ،‬أو‬
‫عرب النفاذ من خالل جهاز مو�صول �إىل النظام‪ ،‬بق�صد �رسقة البيانات‪� ،‬أو االطالع عليها‪� ،‬أو حتويرها‪،‬‬
‫�أو الي هدف �آخر‪ ،‬غري قانوين‪.‬‬

‫املادة الواحدة وال�سبعون‪:‬‬


‫تتخذ كل دولة‪ ،‬الإجراءات الت�رشيعية ال�رضورية‪ ،‬بح�سب نظامها‪ ،‬وقوانينها الو�ضعية‪ ،‬لتجرمي اعرتا�ض ‬
‫ان�سياب البيانات‪ ،‬وانتقالها‪ ،‬ق�صدا‪ ،‬ودون وجه حق‪ ،‬من واىل اي نظام معلوماتي‪� ،‬أو جهاز كومبيوتر‪،‬‬
‫بغ�ض النظر عن تقنية النقل‪� ،‬أو االن�سياب‪ .‬وميكن للدولة‪ ،‬ا�شرتاط توفر �سوء النية‪.‬‬
‫�صفحة رقم ‪210‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫املادة الثانية وال�سبعون‪:‬‬


‫تتخذ كل دولة‪ ،‬الإجراءات الت�رشيعية ال�رضورية‪ ،‬بح�سب نظامها‪ ،‬وقوانينها الو�ضعية‪ ،‬لتجرمي العبث‬
‫باملعلومات عن ق�صد‪ ،‬ودون وجه حق‪ ،‬التالف البيانات‪� ،‬أو حموها‪� ،‬أو تخريبها‪� ،‬أو حتويرها‪� ،‬أو‬
‫تعديلها‪ .‬وميكن للدولة املعنية‪ ،‬ا�شرتاط ح�صول �رضر‪ ،‬لإقرار ح�صول اجلرم‪.‬‬

‫املادة الثالثة وال�سبعون‪:‬‬


‫تتخذ كل دولة‪ ،‬الإجراءات الت�رشيعية ال�رضورية‪ ،‬بح�سب نظامها‪ ،‬وقوانينها الو�ضعية‪ ،‬لتجرمي العبث‬
‫بالنظام املعلوماتي عن ق�صد‪ ،‬ودون وجه حق‪ ،‬العاقة عمل النظام‪� ،‬سواء عرب ادخال بيانات �إلكرتونية‪،‬‬
‫�أو نقلها‪� ،‬أو ار�سالها‪� ،‬أو احلاق ال�رضر بها‪� ،‬أو حموها‪� ،‬أو حتويرها‪� ،‬أو تعديلها‪.‬‬

‫املادة الرابعة وال�سبعون‪:‬‬


‫تتخذ كل دولة‪ ،‬الإجراءات الت�رشيعية ال�رضورية‪ ،‬بح�سب نظامها‪ ،‬وقوانينها الو�ضعية‪ ،‬لتجرمي االفعال‬
‫التالية‪ ،‬عندما ترتكب عن ق�صد‪ ،‬ودون وجه حق‪ ،‬ت�صنيع‪ ،‬انتاج‪ ،‬بيع‪ ،‬اال�ستيالء بق�صد اال�ستعمال‪،‬‬
‫ا�سترياد‪ ،‬توزيع �أو توفري‪:‬‬
‫ •�أدوات‪ ،‬مبا فيها الربامج املعلوماتية‪ ،‬معدة الرتكاب �أي من الأعمال اجلرمية‪ ،‬املذكورة يف املواد‬
‫ال�سابقة‬
‫ •كلمات �رس‪ ،‬رمز دخول‪� ،‬أو اي بيانات م�شابهة‪ ،‬ميكن من خاللها الو�صول �إىل نظام معلوماتي‪� ،‬أو‬
‫�إىل جزء منه‪ ،‬بهدف ارتكاب اي من الأعمال اجلرمية‪ ،‬املذكورة يف املواد ال�سابقة‬
‫ •حيازة �أدوات‪ ،‬مبا فيها الربامج املعلوماتية‪ ،‬وكلمات ال�رس‪ ،‬ورمز الدخول‪� ،‬أو اي بيانات ت�ساعد‬
‫على اقتحام نظام معلوماتي‪� ،‬أو جزء منه‪.‬‬
‫ال تطبق هذه املادة‪ ،‬على االفعال املذكورة فيها‪ ،‬متى كان الهدف منها‪� ،‬إجراء اختبارات‪ ،‬لتقييم م�ستوى‬
‫الأمن يف الأنظمة املعلوماتية امل�ستهدفة‪� ،‬رشط ان تتم هذه االختبارات‪ ،‬بناء على اذن م�سبق‪ ،‬من اجلهة‬
‫�صاحبة ال�صالحية‪.‬‬

‫املادة اخلام�سة وال�سبعون‪:‬‬


‫تتخذ كل دولة‪ ،‬الإجراءات الت�رشيعية ال�رضورية‪ ،‬بح�سب نظامها‪ ،‬وقوانينها الو�ضعية‪ ،‬لتجرمي ادخال‬
‫البيانات‪� ،‬أو ت�شويهها‪� ،‬أو تعديلها‪� ،‬أو حموها‪ ،‬متى ارتكبت عن ق�صد‪ ،‬ودون وجه حق‪ ،‬بنية جعل هذه‬
‫البيانات‪ ،‬تبدو �أ�صلية و�صحيحة‪ ،‬وبهدف ا�ستخدامها‪ ،‬ال�سباب قانونية‪ ،‬كاالثبات‪ ،‬بغ�ض النظر عما‬
‫اذا كانت البيانات‪ ،‬مرمزة‪� ،‬أو م�شفرة‪� ،‬أو مقر�ؤة �أو مفهومة‪ .‬وميكن للدولة املعنية‪ ،‬ا�شرتاط نية اخلداع‪،‬‬
‫�أو االحتيال‪� ،‬أو غريها من �سوء النية‪ ،‬لتقرير امل�س�ؤولية اجلزائية‪.‬‬

‫املادة ال�ساد�سة وال�سبعون‪:‬‬


‫تتخذ كل دولة‪ ،‬الإجراءات الت�رشيعية ال�رضورية‪ ،‬بح�سب نظامها‪ ،‬وقوانينها الو�ضعية‪ ،‬لتجرمي االفعال‬
‫التالية‪ ،‬متى ارتكبت عن ق�صد‪ ،‬ودون وجه حق‪ ،‬ومتى ت�سببت يف خ�سارة ملكية‪ ،‬عائدة الحد اال�شخا�ص‪:‬‬
‫�صفحة رقم ‪211‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫ •اي ادخال �أو تعديل‪� ،‬أو حتوير‪� ،‬أو حمو‪� ،‬أو اخفاء‪ ،‬لبيانات �إلكرتونية‬
‫ •�أي تدخل يف عمل النظام املعلوماتي‪ ،‬دون وجه حق‪ ،‬وعن �سوء نية‪� ،‬أو بهدف الغ�ش‪ ،‬للح�صول‬
‫على مكت�سبات اقت�صادية‪ ،‬حل�ساب منفذ التدخل نف�سه‪� ،‬أو حل�ساب �شخ�ص �آخر‬

‫املادة ال�سابعة وال�سبعون‪:‬‬


‫تتعهد الدول‪ ،‬ت�أمني حماية فاعلة لالطفال‪ ،‬يف الف�ضاء ال�سيرباين‪ ،‬وعلى خمتلف و�سائل االت�صاالت‪.‬‬
‫وحتقيقا لهذه الغاية‪ ،‬تتخذ كل دولة‪ ،‬الإجراءات الت�رشيعية ال�رضورية‪ ،‬بح�سب نظامها‪ ،‬وقوانينها‬
‫الو�ضعية‪ ،‬لتجرمي االفعال التالية‪ ،‬عندما تكون مرتكبة عن ق�صد‪ ،‬ودون وجه حق‪:‬‬
‫ •انتاج مواد �إباحية‪ ،‬ت�ستخدم االطفال‪ ،‬بهدف توزيعها‪ ،‬عرب �أنظمة معلوماتية‬
‫ •عر�ض مواد اباحية‪ ،‬ت�ستخدم االطفال‪� ،‬أو توزيعها‪ ،‬عرب �أنظمة معلوماتية‬
‫ •توزيع‪� ،‬أو نقل‪� ،‬أو بث‪ ،‬مواد اباحية‪ ،‬ت�ستخدم االطفال‪ ،‬عرب �أنظمة معلوماتية‬
‫ •احل�صول على مواد اباحية ت�ستخدم االطفال‪ ،‬عرب �أنظمة معلوماتية‪ ،‬لال�ستعمال ال�شخ�صي‪� ،‬أو‬
‫ل�صالح �شخ�ص �آخر‬
‫ •حيازة مواد اباحية‪ ،‬ت�ستخدم االطفال‪ ،‬على �أنظمة معلوماتية‪� ،‬أو على �أي جهاز‪� ،‬أو و�سيلة‪ ،‬ميكن‬
‫حفظ البيانات الإلكرتونية عليها‬
‫واملواد االباحية‪ ،‬التي ت�ستخدم االطفال‪ ،‬هي كل مادة مرئية‪ ،‬تظهر قا�رصا يف فعل جن�سي ظاهر‪� ،‬أو‬
‫تظهر �شخ�صا يبدو قا�رصا‪ ،‬يف فعل جن�سي ظاهر‪� ،‬أو �صورا واقعية‪ ،‬متثل قا�رصا‪ ،‬ميار�س ن�شاطا جن�سيا‬
‫ظاهرا‪.‬‬
‫ويعترب قا�رصا‪ ،‬لتطبيق هذه االحكام‪� ،‬أي �شخ�ص‪ ،‬مل يبلغ الثامنة ع�رشة من عمره‪ ،‬وال ميكن تخفي�ض �سن‬
‫البلوغ‪� ،‬إىل �أقل من �ستة ع�رش عاما‪.‬‬

‫املادة الثامنة وال�سبعون‪:‬‬


‫تتخذ كل دولة‪ ،‬الإجراءات الت�رشيعية ال�رضورية‪ ،‬بح�سب نظامها‪ ،‬وقوانينها الو�ضعية‪ ،‬لتجرمي االفعال‪،‬‬
‫التي ت�شكل اعتداء على حقوق امللكية الفكرية‪ ،‬وال�صناعية‪ ،‬وحقوق امل�ؤلف‪ ،‬واحلقوق املجاورة‪،‬‬
‫بح�سب ما تن�ص عليه قوانينها الو�ضعية‪ ،‬ومبا ين�سجم مع املعاهدات الدولية‪ ،‬التي تكون قد ان�ضمت‬
‫اليها‪ ،‬كلما كانت هذه االفعال‪ ،‬قد ارتكبت عن ق�صد‪ ،‬وبهدف االفادة املادية‪ ،‬واالجتار باملواد التي متت‬
‫قر�صنتها‪ ،‬عرب ا�ستخدام الأنظمة املعلوماتية‪.‬‬

‫املادة التا�سعة وال�سبعون‪:‬‬


‫تتخذ كل دولة‪ ،‬الإجراءات الت�رشيعية ال�رضورية‪ ،‬بح�سب نظامها‪ ،‬وقوانينها الو�ضعية‪ ،‬لتجرمي االفعال‬
‫التي ت�شكل تدخال‪� ،‬أو �رشوعا‪� ،‬أو م�ساعدة‪� ،‬أو حتري�ضا‪ ،‬على ارتكاب اجلرائم ال�سيربانية‪ ،‬الواردة يف‬
‫هذه االتفاقية‪.‬‬
‫�صفحة رقم ‪212‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫املادة الثمانون‪:‬‬
‫تتخذ كل دولة‪ ،‬الإجراءات الت�رشيعية ال�رضورية‪ ،‬بح�سب نظامها‪ ،‬وقوانينها الو�ضعية‪ ،‬لإعالن م�س�ؤولية‬
‫اال�شخا�ص املعنويني‪ ،‬اجلزائية‪� ،‬أو املدنية‪� ،‬أو االدارية‪ ،‬عن الأعمال اجلرمية‪ ،‬الواردة يف هذه االتفاقية‪،‬‬
‫والتي يتم ارتكابها‪ ،‬من قبل الأفراد الطبيعيني مل�صلحتهم‪� ،‬سواء �أعملوا منفردين‪� ،‬أو كجزء من �أحدى‬
‫هيئات ال�شخ�ص املعنوي‪ ،‬ذات املركز القيادي‪ ،‬ومتى كان ملرتكب االفعال‪:‬‬
‫ •ال�صفة القانونية‪ ،‬لتمثيل ال�شخ�ص املعنوي‬
‫ •ال�سلطة التخاذ قرارات‪ ،‬ل�صالح ال�شخ�ص املعنوي‬
‫ •ال�سلطة للرقابة واال�رشاف‬
‫ال ي�ؤثر �إعالن م�س�ؤولية ال�شخ�ص املعنوي اجلزائية‪ ،‬على امل�س�ؤولية اجلزائية لل�شخ�ص الطبيعي‪ ،‬مرتكب اجلرم‪.‬‬

‫املادة الواحدة والثمانون‪:‬‬


‫حتر�ص الدول املتعاقدة‪ ،‬على اتخاذ الإجراءات الت�رشيعية ال�رضورية‪ ،‬بح�سب نظامها‪ ،‬وقوانينها‬
‫الو�ضعية‪ ،‬التي تكفل جترمي االفعال‪ ،‬التي تهدد الأمن ال�سيرباين‪ ،‬ال�سيما منها اجلرائم املذكورة يف هذه‬
‫االتفاقية‪ ،‬بعقوبات رادعة‪ ،‬وفاعلة‪ ،‬تتنا�سب مع خطورتها‪ ،‬وعلى ان تلحظ عقوبة ال�سجن‪ ،‬بالن�سبة‬
‫لالفراد الطبيعيني‪ ،‬واجلزاءات املالية الرادعة‪ ،‬واملنا�سبة‪ ،‬بالن�سبة لال�شخا�ص املعنويني‪.‬‬

‫‪ .17‬املنظمة العربية حلماية الف�ضاء ال�سيرباين‬


‫املادة الثانية والثمانون‪:‬‬
‫تن� أش� مبوجب هذه االتفاقية‪ ،‬منظمة خا�صة‪ ،‬ا�سمها‪ :‬املنظمة العربية للف�ضاء ال�سيرباين‪.‬‬

‫املادة الثالثة والثمانون‪:‬‬


‫تتوىل املنظمة العربية‪ ،‬حلماية الف�ضاء ال�سيرباين‪:‬‬
‫ •مواكبة التطورات احلا�صلة‪ ،‬على م�ستوى تقنيات االت�صال واملعلومات‬
‫ •و�ضع تو�صيات‪ ،‬و�إقرار معايري‪ ،‬واعتماد ممار�سات ف�ضلى‪ ،‬خا�صة بحماية البنية التحتية‪ ،‬و�سالمتها‬
‫ •اقرتاح القواعد التنظيمية املنا�سبة‪ ،‬ل�ضبط الأمن وال�سالمة‪ ،‬يف الف�ضاء ال�سيرباين‬
‫ •و�ضع �آلية خا�صة‪ ،‬لتبادل البيانات‪ ،‬واملعلومات‪ ،‬بني الأجهزة املعنية‪ ،‬بتطبيق القانون واملالحقة‪،‬‬
‫يف كل دولة‪.‬‬
‫ •اال�رشاف على �إن�شاء �شبكة عربية‪ ،‬ملراكز طوارئ االنرتنت‪ ،‬ت�شكل �إطار التعاون فيما بينها‪،‬‬
‫والتن�سيق مع املراكز الدولية امل�شابهة‪ ،‬وامل�ؤ�س�سات الأمنية االخرى‪ ،‬التي متار�س ن�شاطا مت�صال‪،‬‬
‫�أو متمما لن�شاطها‪.‬‬
‫�صفحة رقم ‪213‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫ •اقرتاح‪ ،‬وو�ضع االطر املنا�سبة لتبادل املعلومات واخلربات‪ ،‬بني الأجهزة الق�ضائية والأمنية العربية‪،‬‬
‫املعنية مبكافحة اجلرائم ال�سيربانية‪ ،‬وحماية �سالمة و�أمن الف�ضاء ال�سيرباين‬
‫ •اعتماد وتعديل‪ ،‬املعايري‪ ،‬واملمار�سات املعتمدة‪ ،‬ومتابعة تطوير �إجراءات التعامل مع كافة امل�سائل‬
‫اخلا�صة بال�سالمة والأمن يف الف�ضاء ال�سيرباين‬
‫ •و�ضع قوانني منوذجية‪ ،‬تنظم امل�سائل املت�صلة‪ ،‬ببناء الثقة يف الف�ضاء ال�سيرباين‪ ،‬وجمتمع املعلومات‬
‫واملعرفة‪ ،‬مثل‪ :‬التجارة الإلكرتونية‪� ،‬أمن البيانات‪� ،‬أمن الأنظمة املعلوماتية‪ ،‬حماية البيانات‬
‫ال�شخ�صية‪ ،‬تنظيم املحتوى غري امل�رشوع واملحتوى امل�ؤذي‪ ،‬التوقيع الإلكرتوين ‪ ،‬خدمات امل�صادقة‬
‫على التواقيع‪ ،‬التحقيقات اجلزائية واملالحقات‪ ،‬التتبع والر�صد واالثبات‪ ،‬تطبيقات احلكومة‬
‫الإلكرتونية‪ ،‬حماية اخل�صو�صية وحرية املعلومات‪ ،‬يف قطاع االت�صاالت الإلكرتونية‪ ،‬حقوق‬
‫امللكية الفكرية وال�صناعية‪ ،‬واحلقوق املجاورة �أمن املعامالت الإلكرتونية‪ ،‬حماية االطفال على‬
‫االنرتنت‪ ،‬الخ‪....‬‬

‫املادة الرابعة والثمانون‪:‬‬


‫تعترب الدول العربية‪ ،‬الأع�ضاء يف االتفاقية‪� ،‬أع�ضاء‪ ،‬يف املنظمة العربية للف�ضاء ال�سيرباين‪.‬‬

‫املادة اخلام�سة والثمانون‪:‬‬


‫تت�ألف املنظمة من‪ :‬الهيئة العامة‪ ،‬التي ت�ضم ممثلني عن جميع الدول الأع�ضاء‪ ،‬ومن الهيئة التنفيذية‪ ،‬ومن‬
‫املجل�س اال�ست�شاري العربي‪ ،‬ل�ش�ؤون الأمن ال�سيرباين‪.‬‬

‫املادة ال�ساد�سة والثمانون‪:‬‬


‫تعني الهيئة العامة‪� ،‬أع�ضاء الهيئة التنفيذية‪ ،‬بناء على تر�شيحات‪ ،‬تتقدم بها الدول الأع�ضاء‪.‬‬

‫املادة ال�سابعة والثمانون‪:‬‬


‫تتوىل الهيئة التنفيذية‪ ،‬اعمال اليومية لإدارة املنظمة‪ ،‬وير�أ�سها امني عام‪ ،‬ميثل املنظمة �أمام املحافل‬
‫الدولية‪ ،‬ولدى الدول الأع�ضاء‪ ،‬و�أمام املحاكم‪.‬‬

‫املادة الثامنة والثمانون‪:‬‬


‫يعاون الهيئة التنفيذية‪ ،‬جلنة تقنية‪ ،‬وجلنة قانونية‪ ،‬وجلنة التعاون والدبلوما�سية‪ ،‬وجلنة التحقيقات‬
‫واملالحقة‪ .‬وميكن للهيئة العامة ان تقر �إن�شاء جلان �أخرى‪ ،‬فيما لو اقت�ضت �رضورات العمل ذلك‪.‬‬

‫املادة التا�سعة والثمانون‪:‬‬


‫ين�ش�أ جمل�س ا�ست�شاري‪ ،‬يدعى «املجل�س اال�ست�شاري العربي ل�ش�ؤون الأمن ال�سيرباين»‪ ،‬وتن�ش�أ جلان‬
‫متخ�ص�صة‪ ،‬ملعاونة الهيئة العامة‪ ،‬والهيئة التنفيذية‪ ،‬على �ضوء حاجات ت�سيري العمل يف املنظمة‪.‬‬
‫�صفحة رقم ‪214‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫املادة الت�سعون‪:‬‬
‫يتكون املجل�س اال�ست�شاري العربي‪ ،‬من ‪� 7‬أع�ضاء‪ ،‬يتم تر�شيحهم من قبل الدول الأع�ضاء‪ ،‬انطالقا‪،‬‬
‫من الئحة من اخلرباء امل�شهود لهم‪ ،‬بالكفاءة العالية يف جمال الأمن ال�سيرباين‪ ،‬ويجري انتخابهم من قبل‬
‫�أع�ضاء املنظمة العربية حلماية الف�ضاء ال�سيرباين‪ .‬يتوىل املجل�س اال�ست�شاري الق�ضايا الآتية‪:‬‬
‫ •تعزيز ن�رش الوعي يف العامل العربي‪ ،‬حول �أهمية الأمن ال�سيرباين‪ ،‬و�رضورة حماية احلريات‪،‬‬
‫واحلقوق ال�شخ�صية واملدنية‪ ،‬على االنرتنت‬
‫ •ت�شجيع االعتماد‪ ،‬على تقنيات احلماية‪ ،‬واملعايري الدولية‪ ،‬يف حماية الأنظمة‬
‫ •ن�رش ثقافة الأمن ال�سيرباين‪ ،‬عرب تنظيم ن�شاطات‪ ،‬ثقافية و�إعالمية‬
‫ •�إن�شاء قواعد معلومات‪ ،‬خا�صة باجلرائم ال�سيربانية‪ ،‬و�آثارها‪ ،‬وانعكا�ساتها ال�سلبية‬
‫ •حتديد احلاجات‪ ،‬والتحديات‪ ،‬والأخطار‪ ،‬والأولويات يف جمال الأمن ال�سيرباين‪ ،‬على امل�ستوى‬
‫العربي‪ ،‬وحتديد �أف�ضل ال�سبل والأ�ساليب‪ ،‬للتعاون على مواجهتها‬
‫ •حتليل‪ ،‬ودرا�سة الظواهر‪ ،‬املرتبطة ب�أمن الف�ضاء ال�سيرباين‬
‫ •اعطاء اال�ست�شارات للدول‪ ،‬حول كيفية و�ضع‪ ،‬ا�سرتاتيجيات و�سيا�سات الأمن ال�سيرباين‪،‬‬
‫ومكافحة اجلرمية ال�سيربانية‪ ،‬و�ضمان ال�سالمة‪ ،‬يف الف�ضاء ال�سيرباين‬
‫ •اعداد درا�سات‪ ،‬حول ال�سلوكيات امل�سيئة واجلرمية‪ ،‬للم�ستخدمني‪ ،‬واملجرمني‪ ،‬والأنظمة املعلوماتية‬
‫ •و�ضع �أدلة ا�سرت�شادية‪ ،‬حول املمار�سات الف�ضلى‪ ،‬وم�ستويات اخلطر‪ ،‬واالنعكا�سات ال�سلبية‪،‬‬
‫للجرائم ال�سيربانية‬
‫ •و�ضع تقارير دورية‪ ،‬حول واقع الأمن ال�سيرباين‪ ،‬يف الدول العربية‪ ،‬واخلطوات التي حتققها كل‬
‫دولة ع�ضو‪ ،‬على م�ستوى تنفيذ االتفاقية‪ ،‬واحرتام مندرجاتها‪ ،‬ورفعها �إىل املنظمة العربية‪ ،‬حلماية‬
‫الف�ضاء ال�سيرباين‬
‫ •التعاون مع الهيئات الوطنية‪ ،‬يف جمال حماية الف�ضاء ال�سيرباين‬

‫املادة الواحدة والت�سعون‪:‬‬


‫تتوىل الهيئة العامة‪ ،‬و�ضع النظام الداخلي‪ ،‬لكل هيئة تن�شئها‪ ،‬وذلك يف غ�ضون �شهر من تاريخ ت�أليفها‪.‬‬

‫‪ .18‬احكام ختامية‬
‫املادة الثانية والت�سعون‪:‬‬
‫ميكن لأي دولة عربية‪ ،‬طلب االن�ضمام �إىل هذه االتفاقية‪� ،‬سواء عرب توقيعها‪� ،‬أو االن�ضمام اليها‪ .‬وال‬
‫تنفذ هذه االتفاقية‪ ،‬بحق �أية دولة عربية‪� ،‬إال بعد �إيداع وثيقة الت�صديق عليها‪� ،‬أو قبولها‪� ،‬أو �إقرارها‪،‬‬
‫لدى الأمانة العامة للمنظمة العربية حلماية الف�ضاء ال�سيرباين‪ ،‬وبعد م�ضى ثالثني يو ًما من تاريخ الإيداع‪.‬‬
‫وعلى الأمانة العامة‪� ،‬إبالغ �سائر الدول الأع�ضاء‪ ،‬بكل �إيداع لتلك الوثائق‪ ،‬وتاريخه‪.‬‬
‫�صفحة رقم ‪215‬‬
‫ال�سيربانية‪ :‬هاج�س الع�رص | درا�سات و�أبحاث (‪)1‬‬

‫املادة الثالثة والت�سعون‪:‬‬


‫تدخل هذه االتفاقية حيز التنفيذ‪ ،‬بعد ثالثني يوما‪ ،‬من توقيع ع�رش دول عربية عليها‪ .‬وتعترب نافذة على‬
‫امل�ستوى الوطني‪ ،‬بعد ثالثني يوما‪ ،‬من موافقة ال�سلطات املخت�صة بالت�رشيع‪ ،‬يف الدولة املعنية‪.‬‬

‫املادة الرابعة والت�سعون‪:‬‬


‫ميكن لكل دولة موقعة على االتفاقية‪ ،‬ان ت�سجل حتفظاتها‪� ،‬رشط اال تتعار�ض هذه التحفظات‪ ،‬مع‬
‫�أهداف ومبادئ االتفاقية‪ ،‬و�رشط اال ت�ؤثر على تطبيقها‪ ،‬ب�شكل فاعل‪.‬‬

‫املادة اخلام�سة والت�سعون‪:‬‬


‫ميكن تعديل هذه االتفاقية‪ ،‬بناء على طلب خطي‪ ،‬تتقدم به احدى الدول الأع�ضاء‪� ،‬إىل رئي�س املنظمة‬
‫العربية حلماية الف�ضاء ال�سيرباين‪ ،‬الذي يبلغ الدول الأع�ضاء‪ ،‬ويدعوهم �إىل درا�سة التعديل املقرتح‪ ،‬بعد‬
‫م�ضي ثالثة �أ�شهر‪ ،‬على �آخر تبليغ‪.‬‬

‫املادة ال�ساد�سة والت�سعون‪:‬‬


‫ميكن لأية دولة موقعة على االتفاقية‪� ،‬أن تن�سحب من هذه االتفاقية‪ ،‬بناء على طلب خطي‪ ،‬تر�سله �إىل‬
‫�أمني عام املنظمة العربية حلماية الف�ضاء ال�سيرباين‪ ،‬وال يرتب االن�سحاب �أثره‪ ،‬اال بعد م�ضى �ستة �شهور‬
‫من تاريخ �إر�سال الطلب‪ ،‬وتظل �أحكام هذه االتفاقية نافذة يف �ش�أن التعامالت‪ ،‬والطلبات‪ ،‬والدعاوى‪،‬‬
‫التي قدمت قبل انق�ضاء هذه املدة‪.‬‬

You might also like