Professional Documents
Culture Documents
المقدمة
المقدمة
تتوفر الحكامة المالية على مجموعة من التقنيات و األدوات التدبيرية التي تسعى إلى ترشيد التظام المالي بهدف تحقيق أقصى النتائج
من خالل التركيز على مجموعة من المبادئ من بينها مبدأ المشاركة الذي يعتبر من المبادئ األساسية التي جاء بها الدستور الجديد
والتي تضبط تدبير الشأن المالي العام الوطني و المحلي 1؛ فمبدا المشاركة نجد أن مجموعة من المتخصصين في المجال المالي
بادروا في تعريفها هناك من عرفها بالمساهمة والتعاون و التنظيم الطوعي في إطار نشاط مشترك ال يتوخى منه ربح شخصي
ومباشر و تعني في المجال المالي مشاركة الفاعلين المدنيين في صناعة القرار المالي ، 2و هناك من اعتبرها آلية جديدة للتنمية
المنسجمة تنبني على إشراك مختلف الفاعلين إلى جانب الدولة في إنجاز مشاريع تنموية في إطار الشراكة ،ويراعي مبادئ الحكامة
و ينهض بالديمقراطية المحلية كممارسة و يفضل سياسة تستجيب لحاجيات السكان ،وتعد من بين أهم اإلصالحات التي مست
الميزانية ،بحيث تتم بين المصالح و الفاعلين المحليين ( جماعات ترابية و جمعيات و قطاع خاص ) وهي أكثر من ذلك تقنية حديثة
لتنفيذ ميزانية الدولة ، 3ويمكن القول أن مبدأ المشاركة يعتبر أحد المبادئ األساسية للحكامة المالية إضافة إلى الشفافية وربط
المسؤولية بالمحاسبة فإنها تعني أن يكون المرء طرفا في عمل ما ،حيث تكون األولية الكبرى لمدى فعاليته و مشاركته في تدبير
قضاياه اإلقتصادية و اإلجتماعية و السياسية ،وكذا اإلعراب عن خياراته التي يجب إدراجها في إطار السياسة العامة للدولة وذلك
دون تكليفه ألي نص قانوني ، 4و بروجعنا إلى منطلق التفكير في العمل بهذا المبدا نجد أنه جاء نتيجة ازدياد مهام ووظائف الدولة
،التي أصبحت تتدخل في العديد من المجاالت ،فلقيامها بذلك ال بد من أن تتوفر على اإلعتمادات المالية الالزمة لتمويل جميع
تدخالتها ،هذا باإلضافة إلى ضرورة تقاسم إنجاز هذه المهام مع فعاليات جديدة ،في إطار عقد شراكات معها ،وبالتالي فنظرا
ألهمية هذا المبدا في تدبير الشأن المالي العام خاصة في اتخاذ القرارات التنموية على مستوى تدبير وحكامة المالية العمومية ثم
إدراجه ألول مرة كأساس دستوري في إطار دستور 2011و تخصيص له مقتضيات قانونية على مستواه وحتى في القوانين
التنظيمية للجماعات الترابية الصادرة في سنة 2015؛ وماينبغي اإلشارة إلية أن هذا المبدأ لقيامه ال بد أن يرتكز على أسس و
آليات تتمثل في ثالث مستويات ( الهيئة اإلستشارية الموضوعاتية _ الهيئات التشاركية للحوار و التشاور _ حق تقديم العراىض من
طرف الجمعيات ) قصد تحقيق مشاركة فعالة للمواطنين و المواطنات و مختلف الفاعلين هذا من جهة ،ومن جهة أخرى ال بد
التذكير أن المالية العمومية سواء بالنسبة لمالية الجماعة أو مالية الدولة او مالية المؤسسات فهي كلها تشارك في إعداد وتحضير
وتنفيذ المالية العمومية كل بحسب اختصاصه و أكثر من ذلك فهذه المالية التشاركية فهي تمر بمراحل و الهدف يبقى قائم في الوصول
إلى قرار مالي كله شفافية و ديمقراطية ،ومن هنا يتبين لنا مدى أهمية دراسة هذا الموضوع لكونه يبين ويوضح لنا أن مبدأ
المشاركة هو أساس دستوري مهم للمالية العمومية لكونه يضبط هذا المجال ويقوي من مصداقية القرار المالي .وعلى العموم فهذا
الموضوع يقودنا لطرح إشكالية محورية مفاذها :إلى اي مدى يمكن لنا الحديث عن مبدا المشاركة كأساس دستوري للمالية
العمومية ؟
1
محمد التغزوتي _ الحكامة المالية الجيدة في تدبير المرافق العمومية ،رسالة لنيل شهادة الماستر ،كلية الحقوق بفاس سنة 2014 _ 2013
ص 43
2
لوشاعا جاعا _إصالح الميزانية ورهان الحكامة المالية ،بحث لنيل شهادة الماستر في القانون العام سنة 2008 _ 2007ص 42
3
عبد الرحيم أضاوي ،الحكامة المالية ،ص 99
4
كريم كرش _ الحكامة المالية بالمغرب _ ص 45
فهذه اإلشكالية بحد ذاتها يتفرع عنها مجموعة من األسئلة من بينها :ماهي آليات و أسس مبدأ المشاركة ؟ ماذا نقصد بالمالية
التشاركية ؟ وماهي مراحلها ؟
لإلجابة عن هذه التساؤالت سنعتمد على تصميم محكم ،من خالله سنحاول اإلجابة عنها بطريقة سلسة و منتظمة وفق منهجية محكمة
:و متقنة