Professional Documents
Culture Documents
اجتماعية مؤسسات السجون
اجتماعية مؤسسات السجون
تاريخ نشر المقال3102/03/10: تاريخ قبول نشر المقال3102/01/21 : تاريخ استقبال المقال3102/01/32 :
ملخص:
تمثل السجون واحدة من بين المؤسسات االجتماعية التي لها الكثير من األهمية في تنفيذ العقوبة الجزائية،
لما لها من دور في عملية التأهيل واإلدماج ،وكذا إعادة التنشئة والتأهيل االجتماعي لألفراد الخارجين عن
القانون ال جمعي ،ومن أكثر المؤسسات فاعلية في ضمان أمنه وطمأنينته ومحافظته على كيانه واستم ارريته
ووجوده ،من هذا تحاول هاته الورقة العلمية اعطاء صورة مقارنة بين نظرة اتجاه الدفاع االجتماعي وكذا
موقف الشريعة االسالمية من رسالة مؤسسات السجون.
Abstract :
Represents one prison between social institutions that have a lot of importance in
the implementation of the criminal punishment, because of its role in the
rehabilitation and reintegration process, as well as the re-socialization and social
rehabilitation for individuals in conflict with the collective law, and more
institutions effective in ensuring security and tranquility and maintaining the
entity and its continuity and existence , of this paper is shown trying to give a
picture of scientific comparison between the look direction of social defense, as
well as the position of the Islamic Sharia message prisons institutions.
جملة الدراسات والبحوث االجتماعية–جامعة الشهيد حمة لخضر-الوادي العدد 31/31ديسمبر 5132ص ص()302-289
289
د .مصطفى شريك اجتماعية مؤسسات السجون
مقدمة:
ينظر إلى عقوبة السجن أو الحبس على أنها منن العقوبنات الماسنة بالحرينة ومقيندة لهنا ،أو السنالبة لهنا،
بحيث يوضع المحكوم عليهم في بيئة مغلقة ،وهو ما يعني أن السجن مؤسسة جد قديمة ،ومعروفة مننذ زمنن
طويننل لنندك الكثيننر مننن المجتمعننات ،حتننى أن تطننور نظمهننا كننان عبننر الكثيننر مننن الم ارحننل التنني اختصننرت
انتقالها من مبدأ الشدة في العقاب واإليالم إلى األخنذ بفكنرة اإلصنالا والعنالج ،لكنن هنذا لنم ينأتي هكنذا دفعنة
واحدة ،وانما جناء بعند جهنود كبينرة سنعى إلنى تحقيقهنا كثينر منن الفقهناء والبناحثين فني فقنه السنجن والسنجناء،
والع ننارفين بكن ننه الخدم ننة واألداء ،فتع ننددت ا،راء واألفك ننار ،واختلف ننت الم نندارس والنظري ننات الت نني حاول ننت فه ننم
وتفسير أنظمة السجون ومن زوايا مختلفة ،مما جعنل منن علنم السنجون علمنا قائمنا بذاتنه ،ممنا أثنرك السياسنة
الجنائيننة بننالكثير مننن اإلسننهامات التنني تحمننل فنني طياتهننا جهنندا ثريننا يفينند فنني بلننورة السياسننة الجنائيننة وجعننل
تعاملها مع فئة المحكوم عليهم في طريق نحو األخذ بفكرة العالج واإلصالا بدل القسوة والشدة.
العديند منن ا،راء فني كيفينة حاولت الكثينر منن االتجاهنات تفسنير لينة عمنل مؤسسنات السنجون ،وعنر
التعامل مع شريحة السجناء عبر سلسلة من المراحل والعهود ،فقد عرفت المجتمعات بمختلف أمكنن تواجندها
جملننة مننن المنندارس والنظريننات التنني سننعت إلننى تقننديم رد فعننل اجتمنناعي إزاء الفعننل اإلج ارمنني المرتكننب ،أو
السلوك االنحرافي المؤتى ،وتبقى تلك الجهود تعبير من المجتمع عن موقفه من السنلوكات واألفعنال المخالفنة
لنننظم الضننبط السننائدة ،لكننن فنني مقابننل ذلننك كانننت النظريننة اإلسننالمية التنني تضننمنت أحكامننا فنني ايننة الدقننة
والضبط والفعالية ،ألن الشريعة اإلسالمية رسالة كاملة متكاملة ،أين أعطت بذلك جانب من جواننب الجريمنة
والعقن ناب كثين ن ار م ننن التفص ننيل ،وعالج ننت قض نناياها عل ننى أس ننس ومع ننايير تح ننافظ فيه ننا عل ننى الفض ننائل والق ننيم
اإلسالمية ،وتحقيق الردع العام والخاص ،وتطهير المجتمع من براثن الجريمة واالنحراف.
مفهوم السجن:
جملة الدراسات والبحوث االجتماعية–جامعة الشهيد حمة لخضر-الوادي العدد 31/31ديسمبر 5132ص ص()302-289
290
د .مصطفى شريك اجتماعية مؤسسات السجون
يعتبر مفهوم السجن مفهوم قديم ،إذ تم وروده في الكثينر منن التنناوالت لمنا يمثلنه منن ارتبناط بواقنع الحيناة
العامنة للفنرد والمجتمنع ،وقند وردت اإلشنارة إلينه فني القنرن الكنريم فني قصنة سنيدنا يوسنف (علينه السنالم) فنني
اح ُدد القَ ّهدار ﴾( ،)1وكاننت هنذه ا،ينة حنول ون َخ ْير؟ أَِم اهلل الو ِ
اب ُمتَفَِّرقُ َ ِ
ُ َ الس ْجن أأ َْرَب ٌ
صاح َب ِي ّ
قوله تعالى ﴿ َيا َ
ممددا َيد ْدد َُوَن َني مِلَ ْيد ، ﴾...
()2
دي ّ
أحددب ملد َ
دجن َ
رؤينا لسننيدنا يوسننف (عليننه السننالم) ،وقولننه تعنالى ﴿ قَددال َر ّب السد ُ
وذكننر أن يوسننف (عليننه السننالم) دخننل السننجن ولبننث فيننه بضننع سنننين ،ووروده أيضننا فنني قصننة سننيدنا موسننى
ونين﴾( ،)3وهنو تهديند منن
دج َ سُ
الم ْ
دن َدَ ِم َ
َج َعلََن َ
لهدا َ ْيد ِري أل ْ (عليه السالم) في قوله تعنالى﴿ قَدا َل لَ ِدن ْن اتّ َخدَ َ
ْإ مِ غ
قبل فرعون إلى النبي موسى رسول بني إسرائيل يتوعده بالسجن ،التخاذه إله خر ير فرعنون ،فمناذا نقصند
بهذا المفهوم؟ ،وفيما تكمن ماهيته؟.
* التعريف اللغوي:
معنى السنجن فني اللغنة هنو الحنبس ،والحنبس معنناه المننع ،ومعنناه الشنرعي هنو تعوينق الشنخص ومنعنه منن
التصرف بنفسه ،سواء أكان في بلد أو بيت أو مسجد أو سجن معد للعقوبة أو ير ذلك( ،)4والسنجن بنالكبير
المحبس ،وصاحبه سجان ،والسجين المسجون( ،)5وقد جاء في كتاب (لسان العرب) البن منظور حول كلمنة
السجن ما يلي(:)6
القنراءة :قنال"سجن :السجن :الحبس والسجن ،بالفتح :المصدر .سنجنه يسنجنه سنجنا أي حبسنه .وفني بعن
السددجن أحددب ِ ِ
رب السننجن أحننب إلنني ،والسننجن :المحننبس ،وفنني بع ن الق نراءة﴿ :فنني قولننه تعننالى ﴿قددال رب َ
الم ْحبِ ُس وهو اسم ،ومن فتح السين فهو مصدر سجنه سجنا. ملي﴾ ،فمن كسر السين فهو َ
* التعريف االصطالحي:
()7
كمننا يقصنند بالسننجون تلننك المؤسسننات المعنندة خصيصننا السننتقبال المحكننوم علننيهم بعقوبننات مقينندة للحريننة
وسننالبة لهننا وهنني تشننترك فنني ذلننك مننع الحكننم باألشننغال الشنناقة واالعتقننال ،حيننث يحننرم المحكننوم علننيهم مننن
الخننروج أو متابعننة الحينناة بشننكل عننادي وفنني أج نواء طليقننة ،والحيلولننة دون ممارسننة أي نشنناط مننا ،وعننادة مننا
يرتبط بالسجون عدة مفاهيم وتسميات مثل مراكز التأديب أو دور اإلصالا والتهذيب أو التقويم أو مؤسسنات
إعننادة التربيننة أو يننر ذلننك مننن التسننميات( ،)8وحتننى تسننمى باإلصننالحيات التنني تخننتص بننعيواء وحفننظ وعننالج
األفعننال المخالفننة للشننرع أو النظننام العننام فنني المجتمننع، مننن صنندرت ضنندهم أحكننام قانونيننة الرتكننابهم بع ن
وتختلف في معاملتها للسجناء باختالف أهدافها ووظائفها( ،)9كما يعرف النظنام القنانوني الج ازئنري السنجن أو
المؤسسننة العقابيننة عل ننى أنهننا "هنني مكننان للحننبس تنف ننذ فيننه وفقننا لقننانون العقوبننات السننالبة للحريننة ،واألوامننر
الصادرة عن الجهات القضائية ،واإلكراه البدني عند االقتضناء"( ،)10وهنذا التعرينف ال يختلنف عمنا ذهنب إلينه
الممولة
ّ تعريف هيئة األمم المتحدة "السجون والمؤسسات العقابية أو اإلصالحية" يقصد بها جميع المؤسسات
يجرد فيها األشخاص من حريتهم .ويمكن أن تشمل هذه المؤسسنات ،علنى سنبيل تمويال عاما أو خاصا التي ّ
المثال ال الحصر ،المرافق العقابية واإلصالحية وم ارفنق الطنب النفسناني التابعنة إلدارة السنجون( ،)11ويشنترط
فنني السننجن أن يكننون مكانننا السننتقبال كننل مننن كننان علننى اسننتعداد ليصننالا والتربيننة والتقننويم ،ألنننه لننو يفقنند
المحكننوم عليننه هننذه القابليننة ليصننالا فلننن يجنندي إيداع نه فنني السننجن ،وبالتننالي وجننوب تسننليط ليننة أخننرك
لتطبيق الحكم عليه كبديل لييداع في مؤسسة السجن.
إذا كننان مننن الثابننت حتننى ا،ن ،أن السننجون لننم تسننتطع تحقيننق رسننالتها فنني إصننالا المسننجونين بالقنندر
()12
المنتظر منها ،فعن أمرها في ذلنك يعتبنر هيننا ،ألن السنجون لنم تفنتح أصنال للتهنذيب ،إنمنا فتحنت للعقناب
جملة الدراسات والبحوث االجتماعية–جامعة الشهيد حمة لخضر-الوادي العدد 31/31ديسمبر 5132ص ص()302-289
291
د .مصطفى شريك اجتماعية مؤسسات السجون
،مننن هنننا أرتننبط مفهننوم إعننادة التربيننة بمفهننوم السننجن ،الننذي هننو ا،خننر م نرادف لمفهننوم حسننب نظ نرة الننبع
الح ننبس ،كم ننا عب ننر ع ننن ذل ننك الباح ننث الفرنس نني –ج ننون ش ننازال -عن نندما تح نندث ع ننن إع ننادة تربي ننة األح ننداث
الجننانحين بقولننه أن دور هننذه المؤسسننات "ال تعن نني فقننط إعننادة تكييفننه مننع الحينناة االجتماعيننة بتربيننة أنم نناط
سننلوكية معينننة عنننده ،ولكننن –وفنني حنندود الممكننن -أن ندمجننه فنني المجتمننع بتشننجيع تفتحننه ونمننوه ،وبعثننارة
مظاهر الوعي لديه ،وبجعله يعيش المواقف بشكل حي .وهنو بقندر منا يعني نفسنه ومكانتنه فني المجتمنع بقندر
،أو يختنار ،أو ينتمني .أي يصنبح باالختصنار ،مسنئوال"(،)13 ما يرتفع تدريجيا إلى وضنعه اإلنسناني .فينرف
وحتى يتحقق هنذا الهندف حسنبه أضناف –شنازال -بنأن "هنذه الم اركنز ،وبعند أن عنززت بنالمربين المختصنين،
ووضعت بعشراف تقنيين في علم النفس التربوي وفي التحليل النفسي الطفولي والعصبي ،توفر للفتى الجنانح،
عمومننا إطننا ار مننن الحينناة العائليننة الح نرة ،المنفتحننة باتسنناع علننى العننالم الخننارجي ،إطننا ار يمكننن أن تطبننق فنني
أرجائه الط ارئنق المعتمندة علنى الثقنة ،والمراقبنة الذاتينة ،والتربينة الحديثنة ،وال يسنتبعد االعتمناد اللجنوء إلنى قنيم
التربيننة الجماعيننة"( ،)14وهننو العمننل المنننوط بمؤسسننات السننجون حتننى تحقيننق ايتهننا فنني العمننل علننى مواجهننة
السننلوك اإلج ارمنني ،وعننالج المنح نرفين ،باعتبارهننا مؤسسننات ليسننت عقابيننة بقنندر مننا هنني مؤسسننات إصننالا
وتقننويم للمجننرمين ،وهننذا االعتبننار الننذي يصنننف السننجون كمؤسسننات للتأهيننل والعننالج لننم يكننن مننن قبننل ،وانمننا
جاء بعد مراحل ،لتحل بنذلك "فكنرة التهنذيب واإلصنالا محنل فكنرة اإلهاننة واالنتقنام ،وتجناوزت رسنالة السنجن
عن حد وقاية المجتمع من الخارجين على نظمه ،إلى المساهمة إيجابيا في تقندم المجتمنع بتخنريك أكبنر عندد
ممكن من نزالئه إلى الحياة االجتماعينة مهيئنين مهنينا وثقافينا واجتماعينا ،وصنالحين جسنميا وعقلينا ،السنتعادة
أماكنهم في عملية اإلنتاج في المجتمع"( ،)15وهو ما يفسر االتجناه بمعننى السنجن إلنى "الحرمنان منن الحرينة،
لكن دون حرمان النزيل من حقه في التعليم ،والتكوين ،والحق في الرعاية ،وتحسين مسنتوك االحتجناز ،بعيندا
عن ضنروب التعنذيب والمعاملنة القاسنية أو الالإنسنانية المهيننة ،وهنو منا تحنرص علينه القواعند الندنيا لمعاملنة
السننجناء لألمننم المتحنندة ( ،)16(")3522وبهننذا ال فننرق بننين مؤسسننة إعننادة التربيننة والمؤسسننة اإلصننالحية فنني
التسمية ،ذلك أن مراكز إعادة التربية لم تكن سوك بيوتا ليصالا والتقويم كما عبر عنن ذلنك السنيد رمضنان
منن إرسنال السنجين عندما تحدث عن تحول دور السنجن منن العقناب إلنى اإلصنالا وأننه "لنم يصنبح الغنر
إلننى السننجن القضنناء عليننه أو االنتقننام منننه ،وانمننا إبعنناده عننن المجتمننع فتنرة يشننعر فيهننا بالننندم ،ويعنناد عالجننه
()18
مؤسسننة وتأهيلننه للتعنناون مننع المجتمننع تعاونننا مثم ن ار بننناءا"( ،)17ومننن هننذا تصننبح مؤسسننة إعننادة التربيننة
عالج ،ورعاية ،وتأهيل ،وادماج ،وهو ما قد يدفعنا إلنى تكنرار تسنمية المؤسسنات العقابينة واإلصنالحية بشنكل
دائم خالل هذه الدراسة وذلك إيمانا منا بالدور العقابي واإلصالحي في نفس الوقت لمؤسسات السجون.
التعريف اإلجراني:
مؤسسات السجون يمكن اعتبارها حسب قانون السجون الج ازئنري تلنك "األمناكن المعندة السنتقبال
األشننخاص المحكننوم علننيهم بعقوبننات مقينندة للحريننة ،بهنندف إعننادة ت نربيتهم وتننأهيلهم والعمننل علننى
إدماجهم في الوسط االجتماعي بما يتناسب وسياسة الدفاع االجتماعي".
ج -السجين:
جاء في لسان العرب "السجان :صناحب السنجن .ورجنل سنجين :مسنجون ،وكنذلك األنثنى بغينر هناء ،والجمنع
سجناء ،وسجنى.
جملة الدراسات والبحوث االجتماعية–جامعة الشهيد حمة لخضر-الوادي العدد 31/31ديسمبر 5132ص ص()302-289
292
د .مصطفى شريك اجتماعية مؤسسات السجون
وقال اللحياني :امرأة سجين وسجينة :أي مسجونة ،من نسوة َس ْجنى وسجائن ،ورجل سنجين فني قنوم سنجنى،
كل ذلك عنه.
قال ابن عرفة :سجين هو ِفعِّي ٌل من َس َج ْن ُ
()19
ت ،أي هو محبوس عليهم كي ُي َج ُازوا بما فيه" .
كمننا عننرف السننجين علننى أنننه "الشننخص الننذي منعننت حريتننه بقصنند تعويقننه ومنعننه مننن التصننرف بنفسننه"
ونقصد بالسجين هنا الشخص الذي عوق ومنع من التصرف بنفسه سواء كان ذلك من خالل وضعه في ٍ
قبو
كمننا كننان سننائدا فنني الوقننت الماضنني أو كننان ذلننك مننن خننالل وضننعه فنني بننناء مقفننل يوضننع فيننه األشننخاص
المتهمننون فنني انتظننار محنناكمتهم أو تنفيننذ األحكننام الصننادرة ض ندهم كمننا هننو سننائد ومعمننول بننه فنني الوقننت
الحاضر) ،وهو ما يتوافق مع ما ذهب إليه المشرع الجزائري في تعريفه للسجين أو المحبوس والذي قال عنه
أن ننه "الش ننخص ال ننذي ارتك ننب جريم ننة أو أكث ننر ،مخالف ننا ب ننذلك نص ننا ف نني الق ننانون عم نندا ،ومودع ننا ف نني إح نندك
المؤسسات العقابية"( ،)20وهذا التعريف يكشف الخصائص ا،تية:
-3ركز على الفرد المرتكب لجريمة أو أكثر.
-5من المحتمل أن يرتكب الفرد جريمة أو أكثر.
-1أن ارتكاب الجريمة يكون بصورة عمدية وليست عفوية.
-1أن المسجون البد وأن يودع في إحدك المؤسسات العقابية.
وبهننذا يمكننن القننول أن مفهننوم السننجين أو المحبننوس علننى أنننه "كننل شننخص صنندر بحقننه حكننم نافننذ يقضنني
بحبسه" ،مما يعني أن الشخص الذي لم يصدر ضده حكما نافذا يقضي بحبسه ال يعد سنجينا حتنى وان كنان
مودع ننا ف نني الس ننجن ،ويص نننف الس ننجناء الم ننودعين بالمؤسس ننات العقابي ننة أو اإلص ننالحية إل ننى ثالث ننة أص ننناف
هم(:)21
)3محبننوس مؤقت ننا ،وه ننم األشننخاص المتننابعون جزائي ننا ،والننذين لننم يص نندر بشننأنهم أم ننر ،أو حك ننم ،أو قننرار
قضائي نهائي.
)5محبوس محكوم عليهم ،وهم األشخاص الذين صدر في حقهم حكم أو قرار أصبح نهائيا.
)1محبوسين تنفيذا إلكراه بدني.
يعامننل المحبوسننون وفننق ب نرامك تضننعها السياسننة الجنائيننة للمجتمننع ،والقائمننة علننى أسننس ومبنناد النندفاع
االجتمن نناعي ،وه ن نو من ننا أقرتن ننه المن ننادة ( )3األولن ننى من ننن قن ننانون تنظن ننيم السن ننجون واعن ننادة اإلدمن نناج االجتمن نناعي
للمحبوسين والتي أقرت "يهدف هذا القانون إلى تكريس مباد وقواعد إلرساء سياسة عقابية قائمنة علنى فكنرة
النندفاع االجتمنناعي التنني تجعننل مننن تطبيننق العقوبننة وسننيلة لحمايننة المجتمننع بواسننطة إعننادة التربيننة واإلدمنناج
منه االنتقام ،وانما الهادف إلى: االجتماعي للمحبوسين" ،هذا التعامل مع المحبوس ليس الغر
-إصالا وتقويم وتأهيل المسجونين من خالل استخدام كافة الوسائل التربوية والتعليمية والطبية والتندريب
المهني والخدمات االجتماعية واألنشطة الرياضية والترفيهية.
-خلق الر بة والجنوا لدك المسجونين نحو الحياة الشريفة والمواطنة الصالحة.
مما يعني أن القانون ينظر لهذا السجين على أنه إنسان قبل كل شيء وهو ما تقره األعنراف والمعاهندات
الدولية ويحرص عليه التشريع الجزائري مثلما أقرت به المنادة ( )5منن قنانون تنظنيم السنجون واعنادة اإلدمناج
جملة الدراسات والبحوث االجتماعية–جامعة الشهيد حمة لخضر-الوادي العدد 31/31ديسمبر 5132ص ص()302-289
293
د .مصطفى شريك اجتماعية مؤسسات السجون
االجتماعي للمحبوسين "يعامل المحبوسون معاملة تصون كرامتهم اإلنسانية ،وتعمل على الرفنع منن مسنتواهم
الفكري والمعنوي بصفة دائمة ،دون تمييز بسبب العرق أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأي".
التعريف اإلجراني:
"كل شخص سبق وأن صدر بحقه حكم نافذ يقضي بحبسه ،وتنم إيداعنه بالسنجن بهندف إعنادة
تربيتننه وتأهيلننه واعننادة إدماجننه فنني المجتمننع حسننب مننا توصنني بننه سياسننة النندفاع االجتمنناعي
وقضى فترة حكمه".
نظرياإ الدفاع االجتماَي:
كلما حدث حراك داخل المجتمعات كلما زادت السياسة الجنائية في التغير والتطور ،ونالت اهتمنام أوسنع منن
قبل الفقهاء الجنائيين ،ودخلت مراحل أخرك أكثر اجتماعية وانسانية في التعامل مع الجريمة إلنى بحنث سنبل
إصالا المجرم بدل عقابه ،وهو ما حدث مع ظهور ما عرف بمدرسة الدفاع االجتماعي.
بدت الحاجة إلى سياسة جنائية جديدة بعد الحرب العالمية الثانية ،وكان لهذا دور بارز للمفكنر اإليطنالي
فيليبو جراماتيكا الذي أنشأ في مدينة جنوة اإليطالينة سننة 3512مركنز بحنث يتنولى أبحناث ود ارسنات للندفاع
االجتمنناعي ،ولننم يتوقننف عننند ذاك بننل نظننم مننؤتم ار للنندفاع االجتمنناعي فنني مدينننة سننان ريمننو (إيطاليننا) سنننة
،3511وخرج المؤتمر بتوصيات واقتراحات أخذتها هيئة األمم المتحدة كأرضنية لتبنني سياسنة جنائينة جديندة
فني التعامنل مننع المنذنبين ،وهنو مننا عنرف بالقواعند النموذجيننة الندنيا لمننع الجريمننة ومعاملنة السنجناء ،وأنشننأت
على رار ذلك هيئة خاصة تسهر على الدفاع االجتماعي.
حركة الندفاع االجتمناعي تقنوم علنى اعتبنار الكفناا ضند ظناهرة اإلجنرام ،حينث يجنب اللجنوء إلنى مختلنف
الوسائل ليقالع عن تلك الظاهرة سواء قبل وقوع الجريمة أو بعد ارتكابها ،وال تهدف هذه الوسائل إلى مجنرد
حمايننة المجتمننع مننن المجننرمين ،وانمننا تهنندف إلننى حمايننة أعضننائه مننن خطننر الوقننوع فنني الجريمننة( ،)22وقنند
اسننتعمل لفننظ النندفاع االجتمنناعي قبننل ظهننوره بننالمعنى الحننديث فنني القننرن العش نرين(*) ،وقنند اختلفننت أسنناليب
تحقيق الدفاع االجتماعي ضد الجريمة اختالفا يرجع إلى وجود اتجاهين ،حيث ننادك بناألول الفقينه اإليطنالي
فيليبننو جراماتيكننا ،وذهننب بالثنناني المستشننار الفرنسنني مننارك أنسننل ،وفنني ذلننك تكمننن تفسننيرات كننل واحنند علننى
حده:
* الدفاع االجتماَي َند فيليبو جراماتيكا:
يعتبنر الباحنث اإليطنالي "فيليبنو ج ارمناتيكو "Filippo Gramaticaأحند المفكنرين المحندثين الكبنار ،النذين
سنناهموا بشننكل واضننح فنني إث نراء الفلسننفة الجنائيننة بجملننة مننن األفكننار وا،راء ،التنني تتعلننق بننالفرد والمجتمننع،
حينث يؤكند جراماتيكنا علنى إحنالل اإلجنراءات الوقائينة والعالجينة والتربوينة علنى حسنب كنل حالنة علنى حنده،
مصناب باضنطرابات نفسنية ،وتوجينه كنل منن ظنل طرينق الصنواب، وهذا يعني أنه يجب معالجة كنل منري
وارشاد كل من انحرف عن تواقعات وتوافقات المجتمع ،وكل هذا ألجل استعادة كل فرد منحنرف علنى قدرتنه
علننى التكيننف السننوي مننع مجتمعننه ،ومسنناعدته علننى تقنويم نفسننه ،واالمتثننال للقننانون ،ويننرك جراماتيكننا أن مننن
استعصننى عالجننه البنند مننن عزلننه ،والعمننل علننى إعننادة تنشننئته اجتماعيننا ،وتربيتننه نفسننيا ،وتهذيبننه سننلوكيا،
وتأهيله صحيا من جديد بغية إعادته إلى الحياة االجتماعينة بشنكل سنوي ،كمنا يطبنق جراماتيكنا هنذه األفكنار
علننى مننن يقتننرف الجن ارئم ،إذ يننرك أن الجنناني هننو مركننز الثقننل ،وليسننت الحمايننة الموضننوعية للمصننالح ،وهننذا
يتطلب أن يكون مضمون التنفيذ الجنائي االجتماعي في نظنره هنو العمنل علنى تهنذيب القنادرين علنى العنودة
جملة الدراسات والبحوث االجتماعية–جامعة الشهيد حمة لخضر-الوادي العدد 31/31ديسمبر 5132ص ص()302-289
294
د .مصطفى شريك اجتماعية مؤسسات السجون
إل ننى المجتم ننع ،وع ننالج ي ننر الق ننادرين عل ننى ذل ننك وت ننأهيلهم للع ننودة إلي ننه ،أعض نناء ص ننالحين ،ل ننذا ال يعت ننرف
جراماتيكننا بننالجزاء الجنننائي( ،)23وحسننب المفسنرين لنظريننة النندفاع االجتمنناعي لنندك جراماتيكننا يننرون أنننه همننل
دور الدولة كنظام في تطبيق أو تنفيذ العقوبة في حق الجاني ،ويمكن إيجناز أهنم عناصنر هنذه النظرينة فيمنا
يلي(:)24
-3يجب على الدولة أن تأخذ على عاتقها القضاء على أسباب قلق الفرد وضيقه بالمجتمع.
-5لتحقينق النظننام الننذي ينشننده القننانون ،لننيس مننن حننق الدولننة أن تعاقننب بننل مننن واجبهننا أن تكيننف الفننرد مننع
المجتمع.
-1عمليننة تكييننف الفننرد مننع المجتمننع ال ينبغنني أن تننتم بوسنناطة (الجنزاءات) بننل عننن طريننق إجنراءات النندفاع
االجتماعي الوقائية والتربوية والعالجية.
-1يجب أن يتمشى إجراءات الدفاع االجتماعي مع كنل فنرد ،وفقنا لمقتضنيات شخصنيته "مناهضنة المجتمنع
الذاتية" وليس بالنسبة "المسؤولية" الضرر الناتك "الجريمة".
-2تبدأ قضية الدفاع االجتماعي بتقدير طبيعنة ودرجنة مناهضنة الفنرد للمجتمنع ،وينتهني –قضنائيا -باختفناء
. الحاجة إلى تطبيق اإلجراء مثلما ينتهي العالج بشفاء المري
أن عملية تكييف الفرد مع المجتمع تدخل في إطار أوسع لسياسة الدفاع االجتماعي.
األوقات العقوبة هي وسيلة ليصالا لكن ما يؤاخذ عليه جراماتيكا هو إ فاله جانبا مهما هو أن في بع
وردع المنحرف ،وأنها ضرورة اجتماعية للحفاظ على أساسيات التنظيم االجتماعي واألمن في المجتمع.
* الدفاع االجتماَي َند مارَ أنسل:
يعتبننر المفكننر الفرنسنني "مننارك أنسننل "Ancel Marcمننن كبننار المفك نرين الننذين صننا وا راءهننم فنني شننكل
نظننري ،والتنني عرفننت بالنظريننة الجدينندة فنني النندفاع االجتمنناعي ،وبننني أفكنناره بتجنننب العثنرات التنني سننقط فيهننا
جراماتيكا ،أين انتقده في كثير من الجوانب.
ذهب أنسل إلى االعتراف بوجود القانون الجنائي والقضناء الجننائي وأكند علنى أهمينة مبندأ شنرعية الجنرائم
والتنندابير الجنائيننة حرصننا علننى حمايننة الحريننات الفرديننة ،كمننا اعتننرف بمبنندأ المسننؤولية الجنائيننة علننى أسنناس
()25
وهنننا يؤكنند أنسننل علننى المعنننى الفننردي للمسننئولية ،وأخننذها كمعيننار لتحدينند حنند التسننليم بحريننة االختيننار
العقوبننة ،ويؤكنند أيضننا علننى دور الخطننورة فنني تحدينند التنندابير الوقائيننة كأسنناس لتحدينند اإلج نراءات العالجيننة،
ونظريتننه ال تركننز علننى النندفاع االجتمنناعي علننى أسنناس أنننه عقنناب للمننذنب ،وانمننا هننو حمايننة للمجتمننع مننن
المجرم وشروره ،وعلى ذلك فعن مارك أنسل ينؤمن بمبناد ثالثنة لمذهبنه "الندفاع االجتمناعي الجديند" وفنق منا
يلي(:)26
القانونية في التجريم.
اإلرادة الحرة لينسان في المسؤولية الجنائية.
العقاب كجزاء على قدر الخطأ.
جملة الدراسات والبحوث االجتماعية–جامعة الشهيد حمة لخضر-الوادي العدد 31/31ديسمبر 5132ص ص()302-289
295
د .مصطفى شريك اجتماعية مؤسسات السجون
ويننرك الس ننمالوطي أن تحقي ننق ذل ننك يننتم م ننن خ ننالل تفه ننم عوام ننل الجريمننة والظ ننروف الت نني وقع ننت فيه ننا،
والموقف الشخصي للجاني ،واحتماالت إصالحه واإلمكانيات الطبية والنفسية التي يمكن استثارتها في نفسنه،
حتننى يمكننن اختيننار األسننلوب األمثننل والعملنني إلصننالحه واعننادة توافقننه مننع مجتمعننه( ،)27وتفهننم الجريمننة عنند
أنسل يعني ضرورة دراسة شخصية المجرم ووضع هذه الدراسة في يدي القاضي قبل المحاكمة حتى يستطيع
في ضوئها تقدير التدابير المالئمة له والذي يحقق التأهيل المقصود مع الحرص الكامنل علنى حماينة الك ارمنة
عقوبة اإلعدام على أساس أن المجرم مهمنا كاننت جريمتنه فعننه يمكنن اإلنسانية ،وقد دفعه التفاؤل إلى رف
إصالحه وتأهيله( ،)28ويتعين معاملته وفقا لمنهك إيجابي ال سلبي ،وأنه من الضروري انتهاج موقنف إيجنابي
وأكثر فاعلية ،وهي كلها أفكار أضفت نظرة أكثر احتراما لينسان في مسيرة الفلسنفة العقابينة ،وأضنفت أيضنا
عليها طابعا إنسانيا.
لم يسلم أنسل بما ذهب إليه سابق جراماتيكا منن وجنوب إلغناء النظنام الجننائي ،والجنزاء ،وجعنل الفنرد هنو
مركننز الثقننل فحسننب ،بننل تمسننك أنسننل بننالجزاء الجنننائي (عقوبننات واج نراءات) ،وأكنند علننى أن هنندف العقوبننة
يتعننين أن يكننون عالجيننا ،فتحننل فك نرة المعاملننة العالجيننة محننل فك نرة العقوبننة التطهيريننة ،بهنندف إعننادة التوافننق
االجتمنناعي( ،)29كمننا دعننا أنسننل إلننى ضننرورة إحننداث تغيي نرات علننى اإلج نراءات الجنائيننة ،التنني يترتننب عنهننا
إدخال الفحص العلمي لشخصية الجاني في الدعوك ،والهدف من ذلك حسبه هو اتخاذ كنل الوسنائل الممكننة
لتأهيل المنحرف ،واعادة تنشئته أو تأهيله اجتماعيا ،وهذا من خالل عمل المؤسسات االجتماعينة المختلفنة،
وبتنوافر المجنناالت العلميننة كننالعلوم االجتماعيننة والنفسننية والتربويننة والطبيننة ،...التنني تقننوم كلهننا بنندور هننام فنني
وقاية المجتمع منن الجريمنة واالنحنراف ،والحيلولنة دون تحنول هنذه المينول إلنى سنلوك إج ارمني واقعني ،وأيضنا
باستثارة حاجاته المختلفة حتى يمكن اختيار األسلوب العلمي األمثنل لتأهيلنه واعنادة توافقنه وتكيفنه السنليم منع
المجتمع.
مهمننا اختلفننت األفكننار التنني أتننى بهننا كننل مننن جراماتيكننا أو أنسننل وكننل رواد نظريننة النندفاع االجتمنناعي إال
أنها تتفق كلها على أن سياسة الدفاع االجتماعي ال تستهدف على اإلطالق عقاب الفاعنل ،بنل إعنادة تأهيلنه
إال بمراعاة مختلف العوامل المكونة والمؤثرة في شخصيته. اجتماعيا ،وال يتأتى تحقيق هذا الغر
من كل ما سبق نقول أن تدبير الدفاع االجتماعي ال يقابل الفعل أو الضرر المترتنب علينه ولكنن طبيعتنه
علنى العقوبننة تبنني التنندابير اإلصنالحية والوقائيننة المنبعثنة منننن ودرجتنه الالجتماعينة ...ولننذلك فضنل الننبع
فكنرة الندفاع االجتمنناعي( ،)30وربمننا دعننوة النظريننة إلننى إعننادة النظننر فنني الجنزاءات الجنائيننة التقليديننة ،والعمننل
على تأهيل المذنبين بآليات قائمة على أساس احتياجات شخصية الجناني الفعلينة وأن يكنون الهندف منن ذلنك
كلننه تحقيننق التأهيننل االجتمنناعي هننو مننا جعننل الكثيننر مننن التش نريعات القانونيننة فنني أ لننب المجتمعننات والنندول
تأخذ بفكرة الندفاع االجتمناعي ،ومنن ذلنك منا تؤكنده السياسنة الجنائينة الجزائرينة ،حينث تقنر المنادة األولنى منن
قانون تنظيم السجون واعادة اإلدماج االجتماعي للمحبوسين الصادر سنة 5112والتني نصنت علنى منا يلني
"يهدف هذا القانون إلى تكريس مباد وقواعد سياسة عقابينة قائمنة علنى فكنرة الندفاع االجتمناعي التني تجعنل
جملة الدراسات والبحوث االجتماعية–جامعة الشهيد حمة لخضر-الوادي العدد 31/31ديسمبر 5132ص ص()302-289
296
د .مصطفى شريك اجتماعية مؤسسات السجون
من تطبيق العقوبة وسيلة لحماية المجتمع بواسطة إعادة التربية واإلدماج االجتماعي للمحبوسنين" ،ممنا يعنني
أن األخذ بمبدأ الدفاع االجتماعي في التعامل مع الجناة ومعاملة المذنبين.
سبق واشرنا إلى كلمة السجن أو الحبس حسب ما وردت في نص القرن الكنريم ،لقولنه تعنالى ﴿ قَدال َر ّب
مما َي ْد َُوَن َني مِلَ ْي ﴾( ،)35وأكدت السنة النبوية الشريفة على مشروعية السجن في اإلسنالم،
ملي ّ
أحب َ
السجن َ
ُ
على الر م من أن الرسول (ص) لنم يتخنذ سنجنا ،ثنم اتسنعت رقعنة بنالد اإلسنالم ممنا دعنا إلنى ضنرورة إيجناد
حل لمشكلة المجرم والجريمة ،وقيل أن أول من تكلم عن السجن هو ابن تيمية الملقب بشيا اإلسالم ،والنذي
سننجن فكننان يصننلح مننن حننال المسننجونين ويرشنندهم ويعلمهننم حتننى أنننه أنكننر علننى المحبوسننين الننذي وجنندهم
منشننغلين بننأنواع مننن اللعننب يتلهننون بهننا كالشننطرنك والنننرد فننأنكر ذلننك علننيهم أشنند اإلنكننار ونصننحهم بمالزمننة
الصالة والتوجه إلنى ان سنبحانه وتعنالى باألعمنال الصنالحة والتسنبيح والندعاء واالسنتغفار وعلمهنم منن السننة
ما يحتاجون إليه ور بهم في أعمال الخير وحثهم على ذلنك حتنى صنار السنجن بمنا فينه منن االشنتغال بنالعلم
والدين خي ار من المدارس( ،)36لكن هناك من يرجح ابن حزم لما ورد في كتابه (اإلحكام فني أصنول األحكنام)
حيننث عننرف السننجن علننى أنننه "منننع المسننجون مننن األذك للننناس أو مننن الف نرار بحننق لزمننه وهننو قننادر علننى
أدائننه"( ،)37لهننذا كانننت الصننورة عننن تنناريا الحضننارة اإلسننالمية فنني التعامننل مننع السننجناء تنندهش الكثيننر مننن
البنناحثين الغ نربيين ،ومننن هننذا مننا قالننه أحنند المستش نرقين معجبننا بمننا تمثلننه القنندوة الصننالحة فنني التعامننل مننع
السننجناء قولننه "وقنند تسننرب اإلسننالم إلننى أوربننا الشنرقية أو األمننر بفضننل مننا قننام بنه فقيننه مسننلم سننيق أسنني ار فنني
جملة الدراسات والبحوث االجتماعية–جامعة الشهيد حمة لخضر-الوادي العدد 31/31ديسمبر 5132ص ص()302-289
297
د .مصطفى شريك اجتماعية مؤسسات السجون
مستهل القرن الحادي عشر وقد بسط بين يدي كثير من أهلها تعاليم اإلسالم فاعتقدوه في إخنالص حتنى إننه
أخننذ فنني االنتشننار بننين هننذا الشننعب ولننم تننأت نهايننة القننرن الحننادي عشننر حتننى كننان الشننعب بأس نره قنند اعتقنند
اإلسننالم وكننان مننن بينننهم مسننلمون تعلم نوا الفقننه والتوحينند( ،)38عقوبننة الحننبس فنني الش نريعة ال تننؤدي إلننى تلننك
العيوب التي تنوء بعيبها التشريعات القانونية ،وتشكل ضبابا معوقا أمام شنراع القنوانين والمصنلحين وذلنك لمنا
يأتي(:)39
-0عقوبة السجن في اإلسالم ليست أساسية فاستخدامها لحاالت معدودة.
الجرائم البسيطة من األشخاص المبتدئين لم يتو لوا في الجرائم الكبينرة وبمندد -3ال يلجأ إليها إال في بع
قصيرة.
-2كونهننا عقوبننة اختياريننة لنندك القاضنني فيلجننأ إليهننا إذا رأك أنهننا تننردع الجنناني ،وينتقننل إلننى يرهننا إذا رأك
عقوبة أجدك منها حسب الحالة الموجودة لديه.
-2مدة بقائهم في السجن قصيرة فال تتاا لهم فرصة االختالط الطويل الذي يتيح لهم فسناد األخنالق ولنيس
فيهم من مرن على اإلجرام أو اعتاده".
وتهدف العقوبات في النظام الجنائي اإلسنالمي إلنى حماينة المصنالح األساسنية المعتبنرة ،بحينث تقنوم هنذه
الرعاية في اإلسالم على ركائز ،هي(:)40
تنظننر الش نريعة اإلسننالمية للفننرد المجننرم عل نى أنننه يمكننن إصننالحه وتهذيبننه ،وتغييننر سننلوكه وتعننديل
انحرافاتننه والعننودة بننه إلننى الطريننق المسننتقيم ،فهنني ال تنظننر إليننه تلننك النظ نرة المتطرفننة التنني تننرك أن الشننر
متأصل فيه أو أنه ير قابل للتعديل واإلصالا يقول اللّه عز وجل{ :إن اللّه ال يغير ما بقوم حتنى يغينروا
ما بأنفسهم} "الرعد."33:
تعنند التوبننة فنني الشنريعة اإلسننالمية عنصن ار مهمننا مننن عناصننر اإلصننالا فنني حينناة ف ،فهنني تجعلننه
يفتح صفحة جديدة بينه وبين ربه ،لذا نجند الشنريعة اإلسنالمية تحنث منن تنم عقابنه منن أفرادهنا علنى التوبنة
مننن الننذنب الننذي ارتكبننه .فلقنند ورد عننن المصننطفى صننلى اللّننه عليننه وسننلم أنننه قننال لمننن أقننيم عليننه حنند مننن
الحدود" :استغفر اللّه وتب إليه".
تلنزم الشنريعة اإلسننالمية التعامنل مننع منن تننم عقابنه مننن المجنرمين وفننق واقعنه الجدينند ،فهني تفتننر
فيه بعد العقاب تطهره من الذنب الذي ارتكبنه ،وهنذا يمكنن أخنذه منن حنديث الرسنول صنلى اللّنه علينه وسنلم
"من أذنب في الدنيا ذنبا فعوقنب بنه فاللّنه أعندل منن أن ُي ِّثنني عقوبتنه علنى عبنده ومنن أذننب ذنبنا فني الندنيا
فستر اللّه عليه وعفا عنه فاللّه أكرم من أن يعود في شيء قد عفا عنه".
تعد الرعاية التي تقدم لمن تم عقابه جزءا من واجبات الدولة المسلمة تجاه من انحراف من أفرادها،
وهنني جانننب مننن جوان نب الرعايننة بمفهومهننا الشننامل التنني وردت فنني حننديث الرسننول صننلى اللّننه عليننه وسننلم
"كلكننم راع وكلكننم مسننؤول :فاإلمننام راع وهننو مسننؤول" ،كمننا يحننث اإلسننالم علننى إتقننان العمننل ،يقننول الرسننول
ص ننلى اللّ ننه علي ننه وس ننلم" :إن اللّ ننه يح ننب إذا عم ننل أح نندكم عم ننال أن يتقن ننه" وال ش ننك أن م ننن إتق ننان العم ننل
اإلصالحي مع المجرم تهيئته للعيش وسط مجتمعه بتكيف جيد.
للفرد المجرم في المجتمع المسلم حق على المجتمع ،فالمجتمع المسلم كما وصفه المصطفى صلى
اللّننه عليننه وسننلم (تننرك المننؤمنين فنني ت نراحمهم ،وت نوادهم ،وتعنناطفهم كمثننل الجسنند إذا اشننتكى منننه عضننو،
تداعى له سائر جسده بالسهر والحمى).
جملة الدراسات والبحوث االجتماعية–جامعة الشهيد حمة لخضر-الوادي العدد 31/31ديسمبر 5132ص ص()302-289
298
د .مصطفى شريك اجتماعية مؤسسات السجون
ولما كان السجن كما رأينا في اإلسنالم هنو لتعوينق الشنخص ومنعنه منن التصنرف فني نفسنه ،فنعن معاملنة
السننجناء داخننل السننجون وفننق الش نريعة اإلسننالمية قننائم علننى الكثيننر مننن النصننوص واالجتهننادات الفقهيننة بهننذا
الشأن سواء فيما يتعلق بالموجب للسجن ،أو تقدير مدة السجن ،أو بيان حقوق السجناء وما يترتب على هنذه
األمور من تفريعات( ،)41وفنق مننهك إنسناني ،يتبنع الكثينر منن األسناليب الحسننة والتني منهنا حسنب سنعيد بنن
مسفر الوادعي(:)42
* القدو الصدالحة وأثرادا َلدر الند الء :وهنذا مصنداقا لقولنه تعنالى (لقند كنان لكنم فني رسنول ان أسنوة حسننة
لمن كان يرجو ان واليوم ا،خر وذكر ان كثيرا)( ،)43وهنا يكمن دور مؤسسات السجن في تمكين النزالء من
أو رجننال علننم ، ...وذلننك لمحاكنناة تجنناربهم االقتننداء بمننن كننانوا خي ن ار لهننذا المجتمننع ،سنواء مننن رجننال ديننن
واالقتداء بتفكيرهم وسلوكهم وطرقهم المنتهجة في الحياة.
* مشغال أوقاإ فراغ الن الء بالنافع المفيد:
وهذا مصداقا لقوله (ص) (نعمتان مغبون فيهما كثينر منن النناس :الصنحة والفنراو) (رواه ابنن عبناس رضني
ان عننه) ،وهنننا يجنب علننى المؤسسنات اإليوائيننة أن تسننتثمر أوقنات تواجنند النزينل بالسننجن فني تنندبير األعمننال
الخيرة وتأهيله بما يفيد به نفسه وا،خرين كالقراءة والتدريب والرياضة . ...
* أسلوب الحوار:
وهننذا مصننداقا لقولننه تعننالى (وجننادلهم بننالتي هنني أحسننن ،)44()...ويقصنند هنننا بننالحوار الهننادف ،والبننناء ،الننذي
يعتمد على الحجة واإلقناع ،وهنا يبرز دور المؤسسات اإليوائية في تنوير فكر النزالء وتبين لهم الفكر السليم
من الخناط ،،ومشناركتهم فني المشنكالت التني تعترضنهم بطريقنة تشنجعهم علنى كيفينة إيجناد الحلنول ،وتوجينه
طاقاتهم إلى التفكير الحسن ،وصرفهم عمنا يضنرهم ،ويضنر المجتمنع ،واسنتثمار طاقناتهم فني منا يعنود علنيهم
وعلى المجتمع بالخير والمنفعة.
كما يتم داخنل مؤسسنات السنجون تبنني العديند منن بنرامك تفرضنها الشنريعة اإلسنالمية منهنا دروس النوعظ
والمحاضرات والدورات اإليمانية ومسابقات حفظ القرن الكريم والثقافنة اإلسنالمية والبنرامك اإليمانينة والترفيهينة
والنندورات النفسننية واالجتماعيننة ،وتهنندف هننذه األنشننطة إلننى تنميننة الثقننة فنني نفننس السننجين واصننالحه وتأهيلننه
ومسناعدته علننى تجنناوز محنتنه( ،)45باإلضننافة علننى هنذا توصنني الشنريعة اإلسنالمية بضننرورة التكفننل الصننحي
بالسننجناء ،حيننث أن تقننديم الرعايننة الصننحية للسننجين مننن األمننور الهامننة لمننا يحننف بننه مننن ظننروف تمنعننه مننن
كامل التصرف بالذهاب لتحصيل هذه الرعاية الصحية ،وقد كانت هذه الرعاية فيعهد عمنر بنن العزينز تتمثنل
في أمور ثالثة(:)46
جملة الدراسات والبحوث االجتماعية–جامعة الشهيد حمة لخضر-الوادي العدد 31/31ديسمبر 5132ص ص()302-289
299
د .مصطفى شريك اجتماعية مؤسسات السجون
بما قد يصل إلى العفو عنه بالكلية ،وقد جاء أن سجينا عند عمنر -تخفيف العقوبة عن السجين المري
بن عبد العزيز اشتد وجعه فأمر عمر بعخراجه من السجن ،وهذا مبدأ شرعي فني أن العقوبنات التعزيرينة
البدنينة إذا تبنين عنند تنفيننذها أن المحكنوم علينه ال يقنندر علنى تحملهنا وال سنبيل إلننى تأجيلهنا فنعن العقوبننة
تنفذ مخففة أو تسقط.
إذن فن نني نظن ننام العقوبن ننات اإلسن ننالمي ،أن السن ننجن لن ننيس عقوبن ننة أساس ن ننية لن ننردع األف ن نراد عن ننن االنح ن نراف
االجتمنناعي ،بننل انننه عقوبننة مسنناندة للعقوبننات األساسننية الفوريننة كالقصنناص والحنندود والننديات علننى اخننتالف
أنواعها ،وأزمان دفعها .على عكس نظام العقوبات الرأسمالي ،الذي جعل السجن ،المصدر الرئيسي والساحة
الحقيقيننة لمعالجننة االنح نراف( ،)47والغايننة مننن السننجن جنناءت مننن خننالل حكمننة ان فنني ش نريعة اإلسننالم أيننن
اقتضت الحاجة وجود مثل هذه المؤسسات ،وتحدث عن هذه الحكمة
الكثيننر مننن الفقهنناء ،وقننالوا بننأن ذلننك مننن بنناب حفننظ أهننل الج نرائم المنتهكننين للمحننارم ،الننذين يسننعون فنني
فسننادا ،ويلحقننون االذك والضننرر بننا،خرين ويعتننادون ذلننك دونمننا رادع مننن ضننمير أو خننوف مننن ان، األر
بل يعتادون ذلك السلوك المنحرف ،ويعرفون من أخالقهم إال أنهم لم يرتكبوا ما يوجب حدا وال قصاصا حتنى
يقام فنيهم الحند أو القصناص فترتناا مننهم النبالد والعبناد ،فهنؤالء إن تركنوا ،وخلني بيننهم وبنين المسنلمين بلغنوا
مننن األضنرار لهننم كننل ايننة ،وان قتلنوا سننفك دمننائهم بنندون حننق تصننح منننهم التوبننة أو يقضنني ان فننيهم مننا
يشاء(.)48
جملة الدراسات والبحوث االجتماعية–جامعة الشهيد حمة لخضر-الوادي العدد 31/31ديسمبر 5132ص ص()302-289
300
د .مصطفى شريك اجتماعية مؤسسات السجون
الهوامش
جملة الدراسات والبحوث االجتماعية–جامعة الشهيد حمة لخضر-الوادي العدد 31/31ديسمبر 5132ص ص()302-289
301
د .مصطفى شريك اجتماعية مؤسسات السجون
جملة الدراسات والبحوث االجتماعية–جامعة الشهيد حمة لخضر-الوادي العدد 31/31ديسمبر 5132ص ص()302-289
302