Professional Documents
Culture Documents
159
159
من إعداد:
أستاذ محاضر
مطبوعة دروس في مقياس حلقة حول مواضيع متعلقة بالنظام المالي واألسواق المالية مقدمة لطلبة السنة الثالثة
شعبة علوم التسيير ،تخصص إدارة مالية.
السنة الجامعية2016 - 2015 :
محتويـــــات المطبوعة
02 المحتويات
04 قائمة الجداول
04 قائمة األشكال
05 تقـديـــم
07 -Iالنظام المالي ووظائفه في االقتصاد
07 1-Iمفهوم وتعريف النظام المالي...........................................................:
09 2-Iوظائف النظام المالي في االقتصاد.....................................................:
11 3-Iالمتعاملين والمتدخلين في النظام المالي................................................:
14 -IIنظام التمويل داخل األنظمة المالية
14 1-IIطرق وأساليب التمويل داخل األنظمة المالية.........................................:
17 2-IIالمفاضلة بين التمويل المباشر وغير المباشر (دراسة مقارنة)......................:
19 3-IIاألهمية النسبية لألساليب المختلفة من التمويل في دول العالم........................:
21 -IIIالوساطة المالية والوساطة البنكية
21 1-IIIالمنهج النظري للوساطة المالية والوساطة البنكية...................................:
23 2-IIIمفهوم وتعريف الوساطة المالية والبنكية وأسباب ظهورها.........................:
26 3-IIIأنواع الوساطة المالية والوساطة البنكية.............................................:
28 4-IIIطبيعة العملية اإلنتاجية في المؤسسات المالية والبنكية الوسيطة...................:
31 -IVالجهاز المصرفي ومكوناته
31 1-IVمفهوم وتعريف الجهاز المصرفي....................................................:
33 2-IVالبنك المركزي........................................................................:
40 3-IVالخزينة العمومية......................................................................:
41 4-IVالبنوك والمؤسسات المالية............................................................:
49 -Vالسياسة النقدية للبنك المركزي
49 1-Vمفهوم ،تعريف وأهداف السياسة النقدية...............................................:
52 2-Vأدوات السياسة النقدية..................................................................:
59 -VIاستقاللية البنك المركزي في تنفيذ السياسة النقدية
59 1-VIمفهوم وتعريف استقاللية البنك المركزي............................................:
60 2-VIأثر استقاللية البنوك المركزية على المؤشرات االقتصادية.........................:
61 3-VIاالتجاهات الحديثة للبنوك المركزية..................................................:
63 -VIIاألسواق المالية
63 1-VIIمفهوم وتعريف السوق المالي.......................................................:
64 2-VIIتقسيمات السوق المالي (مكونات السوق المالي)...................................:
66 3-VIIأهمية األسواق المالية................................................................:
67 -VIIIالسوق النقدي
67 1-VIIIمفهوم وتعريف السوق النقدي......................................................:
2
68 2-VIIIأهمية وخصائص السوق النقدي...................................................:
70 4-VIIIالمشاركون في السوق النقدي (المتدخلون)........................................:
71 5-VIIIهيكل السوق النقدي.................................................................:
73 6-VIIIأدوات االستثمار في السوق النقدي................................................:
75 -IXسوق رأس المال
75 1-IXمفهوم وتعريف سوق رأس المال....................................................:
77 2-IXتنمية أسواق رأس المال ودورها في النمو االقتصادي.............................:
80 -Xسوق األوراق المالية
80 1-Xمفهوم وتعريف سوق األوراق المالية.................................................:
80 2-Xتصنيف وتقسيمات أسواق األوراق المالية............................................:
86 3-Xأدوات االستثمار في سوق األوراق المالية............................................:
89 خاتمة عامة
90 قائمة المراجع
3
قائمــة الجداول
قائمــة األشكال
4
تقـديـــــم:
كل دولة في العالم لها سياسات اقتصادية ومالية وتنموية تعمل على تحقيقها لتصل من
خاللها إلي تحقيق تنمية اقتصادية شاملة وبالتالي تحقيق رفاهية األفراد .هذه السياسات تتطلب
وضع تخطيط لالستثمارات وتخطيط للمشاريع االقتصادية والتنموية وذلك حسب احتياجات
والقدرات التمويلية لكل دولة ،وتحتاج االستثمارات والمشاريع االقتصادية والتنموية بطبيعة الحال
إلى التمويل الالزم لكي تنمو وتواصل حياتها باستمرار .وعلى هذا الصعيد تظهر أهمية ودور
النظام المالي في تحقيق السياسة االقتصادية والتنموية للدولة ،وذلك من خالل ما يوفره من
خدمات مالية ومختلف األدوات واألصول المالية التي تستعمل كأوعية للربط بين المدخرين
والمستثمرين من عائالت ودوائر األعمال والحكومات ،فهو المسؤول الوحيد في االقتصاد عن
عملية تحريك األموال من وحدات الفائض المالي إلى وحدات العجز المالي من خالل األجهزة
المالية والمصرفية المكونة له كاألسواق المالية (التدفقات المالية المباشرة) ومختلف البنوك
والمؤسسات المالية (التدفقات المالية غير المباشرة) .وتزداد أهمية النظام المالي في االقتصاد كلما
زادت فعالية األجهزة المالية والمصرفية في تعبئة الموارد المالية (المدخرات) ،وتحسين توزيعها
على مختلف القطاعات واألنشطة االقتصادية ،فهو يحفز االستثمارات وبالتالي يدفع بعجلة النمو
االقتصادي للدولة نحو األمام.
شهد النظام المالي على مستوى العالم العديد من التطورات خالل العقد األخير من القرن العشرين
تمثلت في التقدم التكنولوجي الهائل في الصناعة المصرفية ،واستحداث أدوات مالية جديدة،
وانفتاح األسواق المالية على بعضها البعض في الدول المختلفة بصورة غير مسبقة .لذلك يعتبر
الجهاز المصرفي واألسواق المالية أهم األركان المكونة للنظام المالي ،فهي تسهر على توفير
وتقديم مجموعة من الخدمات والعمليات المالية لالقتصاد بهدف تمويل المؤسسات االقتصادية
والمشاريع االستثمارية ،ويتم هذا بصورة منتظمة عن طريق مجموعة من التشريعات والقوانين
التي تشرف على إصدارها الوزارة المالية والسلطات النقدية والمالية خاصة البنك المركزي
باعتباره السلطة النقدية والمسؤول الوحيد عن تطبيق السياسة النقدية في البالد في ظل اقتصاد
مفتوح ورأس مالي.
ويقع ع لى عائق السياسة النقدية خاصة في الدول النامية المساهمة في تحقيق التنمية االقتصادية،
وهي من مسؤولياتها التي تعتبر ضرورية في االقتصاديات المتخلفة نظرا للدور الذي تساهم به
5
هذه السياسة من خالل جمع المدخرات وتشجيع االستثمارات وتنظيم األجهزة المصرفية
واألسواق المالية .ولكي تؤذي السياسة النقدية دورها في تحقيق التنمية االقتصادية البد من وجود
الجهاز المصرفي والسوق المالي ،والعمل على تطويرها بأساليب فعالة حتى ال تتسرب الموارد
المالية المحلية نحو الخارج بحثا عن الفوائد المغرية واألمان المفقود في بلدانها ،والدول التي
عملت على تطوير أجهزتها المصرفية وأسواقها المالية هي التي تكون مؤهلة ألن تسهل عمل
السياسة النقدية.
وقد تناولت هذه المطبوعة مجموعة من الدروس مفصلة ومبسطة بطريقة نظرية لتوضيح وظائف
النظام المالي في االقتصاد ،نظام التمويل داخل النظام المالي ،الوساطة المالية والبنكية ومختلف
المكونات األساسية للنظام المالي (الجهاز المصرفي ،البنك المركزي وسياساته النقدية ،األسواق
المالية بما فيها السوق النقدي وسوق رأس المال وأسواق األوراق المالية) وكذلك تناولت موضوع
تنمية أسواق رأس المال وعالقتها بالنمو االقتصادي.
وتعتبر هذه المطبو عة بمثابة محاولة متواضعة حتى تكون عونا للطالب ،من خالل الشرح البسيط
والمفصل ،واألشكال والجداول المدعمة لكل موضوع من مواضيع هذه الدروس.
6
-Iالنظام المالي ووظائفه في االقتصاد
يسهر النظام المالي ( )Système Financierعلى توفير مختلف الخدمات مالية لالقتصاد،
فهو يحرك األموال من وحدات الفائض المالي إلى وحدات العجز المالي بعرضه لمختلف
األدوات واألصول المالية التي تستعمل كأوعية للربط بين المدخرين والمستثمرين ،والتي تتوافر
فيها السيولة والحماية الالزمة من المخاطر تجعل هذا النظام يكتسب كل صفات االستقرار
والقبول الواسع من طرف الوحدات االقتصادية ،األمر الذي يحفز على االدخار بمختلف صوره
المالية .في هذا الجزء األول سنتطرق إلى دراسة النظام المالي ،وظائفه في االقتصاد والمتعاملين
فيه.
1-Iمفهوم وتعريف النظام المالي:
يمثل النظام المالي كل الوسائل والمؤسسات المالية أو التنظيمات المالية التي تمول وتغطي جزء
هام من االحتياجات المالية لألعوان االقتصاديين أصحاب العجز المالي ،وذلك من خالل القدرات
المالية التي يملكها األعوان االقتصاديون أصحاب الفائض المالي .لهذا يعرف النظام المالي على
أنه " :1ذلك النظام الذي يعبر عن الهيآت واألعوان واآلليات التي تسمح لبعض األعوان
االقتصاديين خالل فترة زمنية معينة الحصول على موارد للتمويل ولآلخرين استخدام وتوظيف
مدخراتهم المالية ،وتتوقف فعالية هذا النظام على قدرته في تعبئة االدخار وضمان أفضل
تخصيص للموارد المالية المتاحة في االقتصاد ".
فالنظام المالي بمختلف هياكله ومكوناته يساهم بالدرجة األولى في سيرورة السيولة النقدية
لالقتصاد ،وذلك من خالل توفير مختلف الخدمات المالية الموزعة بين األجهزة المصرفية
واألسواق المالية وعالقتهم بالمؤسسات االقتصادية والمشاريع االستثمارية وكذلك العائالت
والحكومة .وبالتالي فالنظام المالي يتكفل بعملية تحويل األموال في ما بين المتعاملين في االقتصاد
بشكل مستمر ،حيث يسعى دوما إلى جمع الموارد المالية (المدخرات) من المتعاملين أصحاب
الفائض المالي الذين تتوافر لهم القدرات المالية الكافية وال تتاح لهم فرص استثمارية ،ثم يحول
هذه الموارد إلى المتعاملين أصحاب العجز المالي الذين تتاح لهم فرص استثمارية وال يملكون
األموال الالزمة لتمويلها .هذا التحويل للموارد المالية في ما بين المتعاملين االقتصاديين قد يتم إما
1عبد اجمليد قدي " ،املدخل إىل السياسات االقتصادية الكلية " ،ديوان املطبوعات اجلامعية ،اجلزائر ،2005 ،ص .260
7
بطريقة مباشرة من خالل االعتماد على األسواق المالية ومختلف العمليات المالية التي تتم فيها،
أو بطريقة غير مباشرة عن طريق ما يعرف بالوسطاء الماليين كالبنوك والمؤسسات المالية
المختلفة التي تقوم بدور الوساطة المالية في االقتصاد.
وإن كان النظام المالي يشمل األسواق المالية ومجموعة من المؤسسات المالية التي تسهل من
عملية االدخار -االستثمار ) ،(Epargne-Investissementفهو ال يقتصر فقط على الوسطاء
الماليين كالسماسرة والبنوك وصناديق االستثمار وشركات التأمين ،بل يتضمن أيضا اآلليات
القانونية الالزمة لنفاذ العقود والتعاقدات وحل المنازعات كقوانين اإلفالس ،وكذلك القواعد
الحاكمة للمعامالت المالية وخفض عمليات الغش والتدليس كمتطلبات اإلفصاح ،كما يشمل كذلك
1
على النظم المحاسبية والضريبية.
ومؤدى ما سبق أن أركان النظام المالي هي:2
األهداف التي تتمثل في تعبئة المدخرات وتوجيهها إلى االستثمارات بصورة كفؤة.
السماسرة والمؤسسات المالية الوسيطة التي تحقق هذه األهداف كالبنوك وصناديق
االستثمار وشركات التأمين.
األسواق المالية وهي اآللية التي يتم من خاللها تحقيق أهداف النظام المالي وتتمثل في
أسواق النقد وأسواق رأس المال واألوراق المالية.
األدوات التي يتم بموجبها نقل األموال من وحدات الفائض إلى وحدات العجز كاألسهم
والسندات وغيرها.
إطار قانوني يتضمن تشريع الشركات ،وتشريع للنقد وأعمال البنوك ،وتشريع للضرائب،
وتشريع للدين العام ،وتشريع لسوق األوراق المالية والمؤسسات المالية وصناديق االدخار
واالستثمار والمعاشات وشركات التأمين.
إطار مؤسسي مساند لألسواق المالية خاصة ،ويشمل على هيئة لتنظيم هذه األسواق
والرقابة عليها ،وهيئة لمقاصة وتسوية المدفوعات لمساندة عمليات األسواق المالية وهيئة
للحفظ المركزي للمستندات ،وهيئات ومؤسسات لمساندة المؤسسات الرئيسية في األسواق
1
M. Fanelli José and Rohinton Medhora, « Financial Reform in Developing Countries », IDRC, International
Development Research Centre Canada, 1998, P 328.
2عاطف وليم أندراوس " ،السياسة املالية وأسواق األوراق املالية خالل فرتة التحول القتصاد السوق " ،مؤسسة شباب اجلامعة ،اإلسكندرية ،مصر،2005 ،
ص .84
8
المالية خاصة في أسواق رأس المال مثل المكاتب القانونية ومؤسسات التدقيق والمراجعة
ومؤسسات التحليل المالي.
وفي األخير ،يمكن القول أن النظام المالي له صفات االستقرار والقبول على نطاق واسع ،فهو
يمثل مجموعة من األسواق المالية والمؤسسات المالية بما فيها البنوك المرتبطة ببعضها البعض
والتي تسهر على توفير وتقديم مجموعة من العمليات المالية بهدف تمويل المؤسسات االقتصادية
والمشاريع االستثمارية ،حيث يتم من خالل هذه العمليات المالية تداول مختلف أنواع القروض
واألدوات المالية كاألصول المالية القابلة للتداول مثل الكمبياالت ،األوراق التجارية ،الشيكات،
صكوك الرهن وعمالت أجنبية متداولة ،األسهم والسندات وغيرها من األصول المالية التي من
شأنها أن تسهل المعامالت والمبادالت المالية سواء الحاضرة أو اآلجلة منها ،كل هذا يتم بصورة
منتظمة عن طريق مجموعة من التشريعات والقوانين التي تشرف على إصدارها الوزارة المالية
والسلطات النقدية والمالية كالبنك المركزي.
2-Iوظائف النظام المالي في االقتصاد:
إن أساس النظام المالي كما أشرنا إليه في المفاهيم والتعاريف السابقة هو الربط بين
المدخرين والمستثمرين بهدف تمويل النشاطات االقتصادية والمشاريع االستثمارية ،وعليه فإن
أهم الوظائف التي يمكن أن يؤديها أي نظام مالي يتميز بدرجة متقدمة من التطور يمكن تلخيص
أهمها في ما يلي:1
1-2-Iجمع وتعبئة االدخار(الموارد المالية):
يساهم النظام المالي في عملية جمع وتعبئة الموارد المالية المتوفرة لدى األعوان االقتصاديين
الذين لديهم رغبة في االدخار أو في استثمار أموالهم انطالقا من الهياكل المكونة للنظام المالي،
وتتوقف قدرة هذا النظام في تعبئة أكبر قدر ممكن من المدخرات المالية على قدرته في تنويع
المحافظ المالية (األصول المالية القابلة للتداول) المتاحة لهؤالء األعوان وجعلها أكثر تناسبا مع
تفضيال تهم فيما يخص العائد ودرجة المخاطرة والسيولة النسبية لهذه األصول ،فهي تعد عوامل
أساسية يعتمد عليها األعوان االقتصاديون قبل اتخاذ أي قرار نهائي للقيام بعملية االدخار أو
استثمار األموال.
2-2-Iتوفير المعلومات بأقل تكلفة والتخصيص األمثل للموارد المالية المتاحة:
1
Anne Joseph, Marc Raffinot, Baptiste Venet, « Approfondissement Financier et Croissance: une Analyse Empiriques
en Afrique Sud-Saharienne », Université Paris IX, 2004, P 1.
9
أمام التطورات االقتصادية التي يشهدها العالم في الوقت الحالي وكثرة المعامالت المالية ،أصبح
من الصعب على المدخرين أو الراغبين في استثمار أموالهم كسب كل القدرات والوسائل الممكنة
والوقت ال الزم لجمع ومعالجة المعلومات الكافية والدقيقة التي تخص المقترضين والمشاريع
االقتصادية والفرص االستثمارية المربحة المتاحة في االقتصاد ،وذلك من أجل ضمان وتحقيق
أفضل تخصيص لألموال المتوفرة لديهم ،بل وقد تكلفهم هذه العملية تكاليف مرتفعة للحصول
على أقل قدر ممكن من هذه المعلومات .فالنظام المالي أصبح حاليا يمثل لهؤالء المدخرين أو
الراغبين في استثمار أموالهم وسيلة سهلة غير معقدة وغير مكلفة كثيرا من أجل الحصول على
المعلومات الكافية والالزمة عن كل المقترضين والفرص االستثمارية المتاحة ،يوفرها لهم النظام
المالي من أجل اتخاذ القرار االستثماري الصحيح.
ويتم جمع وتقديم المعلومات في النظام المالي عن طريق المؤسسات المالية خاصة البنوك
التجارية وبنوك االستثمار ،وكذلك عن طريق خدمات المعلومات االستثمارية التي تتكفل بجمع
وتقديم المعلومات التي تخص االستثمار في األسواق المالية خاصة في أسواق رأس المال.
3-2-Iإدارة المخاطر المالية:
هي عملية يتم من خاللها تحديد مختلف الفرص االستثمارية المتاحة في االقتصاد التي يمكن أن
تحقق عوائد بدرجات متفاوتة حسب تفاوت درجة مخاطرة االستثمار فيها وكذا درجة سيولتها
النسبية ،ليتم بعد ذلك توزيع الموارد المالية التي بحوزة أجهزة النظام المالي والجاهزة لعملية
التوزيع لتمويل هذه االستثمارات بشكل عادل وعقالني ،وذلك بهدف التقليل من تكلفة مخاطر
االستثمار المتوقعة ،وبالتالي ضمان األموال المستثمرة وتحقيق أكبر قدر ممكن من العوائد
المتوقعة عن هذه االستثمارات.
لذلك نجد مؤسسات الوساطة المالية خاصة البنوك التجارية أنها تقوم بعملية توزيع الودائع المتاحة
لإلقراض على مختلف المشروعات االقتصادية وفقا لمحددات االستثمار واعتبارات العائد
والمخاطرة والسيولة المرتبطة بها ،األمر الذي يؤدي إلى تخفيض تكلفة المخاطر المجمعة مقارنة
1
بما قد تقتضي إليه مخاطر إخفاق مشروع واحد على مدخر واحد أو مستثمر واحد.
كما قد نجد وظائف أخرى يقوم بها النظام المالي كتقييم األصول المالية خاصة األسهم والسندات،
والسهر على نشر قيمتها االسمية والسوقية باستمرار لغرض تسهيل الربط بين العارضين
1شذا مجال خطيب ،صعفق الركييب " ،العوملة املالية ومستقبل األسواق العربية لرأس املال " ،مؤسسة طابا للنشر والتوزيع ،2002 ،ص .53
10
والطالبين على هذه األصول في األسواق المالية والتحكم في مخاطر االستثمار المتوقعة ،وذلك
في حدود قانون العرض والطلب.
4-2-Iتحريك وتحويل االدخار:
بعد قيام النظام المالي بجمع وتعبئة الموارد المالية ،يسعى بعد ذلك إلى تحريك وتحويل هذه
المدخرات لتمويل االحتياجات المالية للمقترضين واألنشطة االقتصادية ومختلف المشاريع
االستثمارية ،وذلك من خالل توفير مختلف أنواع القروض ومختلف أشكال األدوات المالية
(األصول المالية القابلة للتداول) ،وبتواريخ استحقاق مختلفة (قصيرة ،متوسطة ،وطويلة األجل)
تضمن سير مختلف المعامالت االقتصادية والتجارية ،سواء الحاضرة أو اآلجلة منها.
5-2-Iالرقابة على إدارة المشاريع االستثمارية وأنشطة المؤسسات االقتصادية:
تخضع المؤسسات االقتصادية والمشاريع االستثمارية التي تستفيد من عملية التمويل من خالل
األجهزة المكونة للنظام المالي إلى الرقابة في نفس الوقت من طرف هذه أجهزة ،وذلك بغية تقييم
أداء ومردود هذه المؤسسات والمشاريع الممولة ،والوقوف على صحة ممارسة النشاط
االقتصادي واالستثماري الذي تم االتفاق على تمويله مسبقا ،حفاظا على أموال المدخرين
أصحاب الودائع وأموال المستثمرين.
3-Iالمتعاملين والمتدخلين في النظام المالي:
انطالقا من المفاهيم والتعاريف السابقة للنظام المالي والوظائف األساسية التي يقوم بها أثناء قيامه
بعملية التمويل في االقتصاد ،يمكننا استنتاج فئات المتعاملين في هذا النظام وذلك على أساس أن:
1-3-Iالموارد المالية تتحول من أصحاب الفائض إلى أصحاب العجز المالي:
إذا أخذنا بمفهوم أن النظام المالي يحول الموارد المالية من األعوان االقتصاديين أصحاب الفائض
المالي إلى أعوان االقتصاديين أصحاب العجز المالي عن طريق األسواق المالية ومختلف
المؤسسات المالية ،فإنه يمكننا تحديد فئات المتعاملين في النظام المالي كما يلي:
فئة األعوان االقتصاديون أصحاب القدرات المالية ).(AECF
فئة األعوان االقتصاديون أصحاب العجز المالي ).(AEBF
فئة المؤسسات المالية والتنظيمات المالية.
Agents Economiques à capacité de Financement.
Agents Economiques à Besoin de Financement.
11
أ -فئة األعوان االقتصاديون أصحاب القدرات المالية :هذا النوع من األعوان يتميزون بقدراتهم
العالية على اكتساب موارد مالية أكبر مقارنة بما ينفقون خالل مدة زمنية معينة .وقدرتهم على
اكتساب الموارد المالية قد تعود إلى شروط معينة كحصولهم باستمرار على عوائد في شكل فوائد
نظير إيداعاتهم المالية المتواجدة في البنوك التجارية مثال.
ب -فئة األعوان االقتصاديون أصحاب العجز المالي :هم األعوان الذين يملكون موارد مالية غير
كافية (مصادر ذاتية) ،ويسعون دوما إلى البحث عن مصادر خارجية للتمويل إضافية لتغطية
حاجاتهم من األموال أو لتمويل مشاريعهم االستثمارية وأنشطتهم االقتصادية.
ج -فئة المؤسسات المالية والتنظيمات المالية :هي الفئة الهامة في عملية التمويل ،حيث تلعب
دورا هاما وأساسيا في الربط بين الفئتين السابقتين ،فهي تسعى إلى جمع الموارد المالية من الفئة
األولى أصحاب الفائض المالي ،وتوزيع هذه الموارد على الفئة الثانية أي أصحاب العجز المالي،
ويتم هذا التوزيع للموارد المالية إما بطريقة مباشرة عن طريق األسواق المالية أو بطريقة غير
مباشرة عن طريق ما يعرف بالوسطاء الماليين .هذه الفئة تهدف إلى توفير التمويل من خالل
الرفع من حجم الموارد المالية في االقتصاد.
2-3-Iالنظام المالي يتكون من العارضين للخدمات المالية والطالبين عليها:
إذا أخذنا بمفهوم أن النظام المالي يتكون من العارضين للخدمات المالية والطالبين عليها ،أي من
مقدمو الخدمات المالية ومستخدميها ،فإنه يمكننا تحديد فئات المتعاملين في النظام المالي كما يلي:
أ -مقدمو الخدمات المالية :يختلف مقدمو الخدمات المالية من دولة إلى أخرى وذلك حسب درجة
تطور الدولة ودرجة تطور التنظيمات المالية والمصرفية المتواجدة فيها ،كذلك حسب قدرة
وكفاءة الدولة في السيطرة عليها أي حسب قدرتها على رقابة وتنظيم هذه التنظيمات.
وعموما نميز بين مقدمو الخدمات المالية في أغلب الدول وجود مجموعة من المؤسسات المالية
بما فيها البنوك والتي يتربع على رأسها البنك المركزي باعتباره السلطة النقدية والمسؤول الوحيد
عن تطبيق السياسات النقدية في الدولة .كما نميز كذلك وجود أسواق مالية التي بدورها تشمل
على سوق نقدي يتم فيه تداول أصول مالية قصيرة األجل وسوق آخر منظم لألوراق المالية
(البورصة) ،حيث يتم فيه تداول أصول مالية متوسطة وطويلة األجل ،هذه األسواق تخضع إلى
تشريعات وقوانين تصدرها السلطات المالية والنقدية للدول والبنوك المركزية بهدف تنظيم هذه
12
األسواق والرقابة عليها .كما نميز كذلك خاصة في الدول النامية وجود أسواق مالية غير رسمية
والتي تعرف باألسواق الموازية.
ب -مستخدمو الخدمات المالية :ويتكون مستخدمو الخدمات المالية عموما من قطاع العائالت
ومن المنشآت الصغيرة غير الخاضعة للتنظيمات الصناعية باإلضافة إلى األفراد .وتتمثل
االحتياجات المالية لقطاع العائالت في خدمات المدفوعات ،الحصول على قروض صغيرة،
وحاجاتها ألصول مالية سائلة تودع فيها مدخراتها ،ويبحث هذا القطاع في معامالته مع القطاع
المالي على السيولة ،األمان ،وبساطة المعامالت .كما يضم مستخدمو الخدمات المالية قطاع
األعمال الذي يشمل مختلف المؤسسات االقتصادية العامة والخاصة والتي تحتاج إلى التمويل
القصير ،المتوسط والطويل األجل لتمويل استثماراتها وتوسعها الرأسمالي ،باإلضافة إلى الحكومة
التي تتعامل مع القطاع المالي وتنظم وتضبط عملياته وتراقب النظام المصرفي خاصة .وتستخدم
الحكومة النظام المالي كمصدر لتمويل نفقاتها الجارية والرأسمالية ،وتمويل عجز الميزانية من
خالل بيع أوراق مالية للجمهور (سندات حكومية ،أذونات الخزانة) .وتختلف درجة تدخل
الحكومة في ضبط عمليات النظام المالي والمصرفي ودرجة اعتمادها على النظام المصرفي
لتمويل عجز ميزانيتها من دولة إلى أخرى ،وذلك حسب طبيعة وأشكال سياسة الكبح المالي
المتبعة في كل دولة ،وكذلك حسب درجة االنفتاح المالي للدول.
13
-IIنظام التمويل داخل األنظمة المالية
يقصد بنظام التمويل الطرق التي يتم من خاللها انتقال األموال من الوحدات االقتصادية
التي تعرض األموال (أصحاب الفائض) إلى الوحدات االقتصادية التي تطلب األموال (أصحاب
العجز) ،بمعنى آخر أساليب انتقال األموال من المدخرين (الدائنين) إلى المستثمرين (المدينين).
في هذا الجزء الثاني سنتطرق إلى دراسة مختلف الطرق وأساليب التمويل داخل األنظمة المالية،
دراسة مقارنة بين التمويل المباشر والتمويل غير المباشر وعرض األهمية النسبية لألساليب
المختلفة من التمويل في دول العالم.
1-IIطرق وأساليب التمويل داخل األنظمة المالية:
لو اعتمدنا على طبيعة التمويل كمعيار لتحديد طرق وأساليب التمويل داخل النظام المالي ،فإننا
سوف نميز بين ثالثة أساليب للتمويل ،والتي تتمثل فيما يلي:
1-1-IIالتمويل المباشر:
يعتمد هذا األسلوب في التمويل على تحويل الموارد المالية بين المقرض والمقترض بشكل مباشر
وبدون وجود مؤسسة مالية وسيطة ،ويكون ذلك من خالل إصدار مستخدم األموال أصول مالية
أو أوراق مالية يتم شراؤها من قبل األعوان ذوي الفائض المالي كاألسهم والسندات ،الصكوك،
أو المكاتبات يتعهد فيها المدينون بالدفع مستقبال في المدة المتفق عليها زائد فائدة تمثل عائد المبلغ
المقترض (فائدة الدين) ،وتتم هذه اآللية عموما عبر السوق المالي وبالضبط في السوق األوراق
المالية .1فمن خالل نظام التمويل المباشر ( )Financement Directيتم التبادل أو انتقال األموال
من الدائنين إلى المدينين دون مساعدة وسيط ثالث بينهم ،أي يتبادل الطرفان األموال باألوراق
المالية مباشرة ،وبالتالي فإن ركيزة التمويل المباشر هي األسواق المالية والتي تمثل أهم ركن في
هيكل النظام المالي.
2-1-IIالتمويل الشبه مباشر:
في ظل هذه الطريقة ( )Financement Pseudo-Directفإن المدخرين والمستثمرين يعتمدون على
تدخل وسيط ثالث ،وعادة ما يكون سمسار ،أو وكيل ،أو بنوك الرهان واالستثمار ،أو المؤسسات
المالية األخرى التي ال تقوم بدور الوساطة المالية.
صالح الدين حسني السيسي " ،قضايا اقتصادية معاصرة " ،دار غريب ،2002 ،ص .86 1
14
ومن مميزات هذه الطريقة هي أنها تخفض من تكلفة البحث عن التمويل بالنسبة للمستثمرين
وتكلفة البحث عن توظيف األموال بالنسبة للمدخرين :فبوجود وسيط ثالث كالسمسار سيساعد في
عملية البحث ومن ثم يمد الطر فين بمعلومات عن السوق ويساعد في إتمام الصفقة ،وهذه الطريقة
هي أشبه بالطريقة األولى في أن الدائنين يقبلون األوراق المالية من المدينين مقابل أموالهم ،ولكن
دخول الطرف الثالث يخفض من تكلفة البحث عن التسويق بالنسبة للطرفين ،كما يقوم بتقديم
معلومات عن حالة السوق والتي ربما قد تكلف الدائنين والمدينين وقتا طويال في الحصول عليها
1
دون الطرف الثالث ،كما تساعد هذه المعلومات في سرعة التبادل.
فالسماسرة يختلف عن المضاربين في أنهم يجمعون بين البائعين والمشترين معا ،ولكنهم ال يبيعون
وال يشترون بأنفسهم أوراقا مالية ،مثل سماسرة العقارات ،فببساطة سماسرة العقارات يساعدون
األفراد الذين يبيعون المنازل على أن يجدوا مشترين مقابل الحصول على عمولة نظير خدماتهم
(إنهم ال يشترون المنازل بأنفسهم إلعادة بيعها) ،وبالعكس فالمضاربون يحصلون على ربح من
الفرق بين السعر الذي يشترون به وهو سعر العطاء ( )Bid Priceوالسعر الذي يبيعون به أي
السعر المطلوب ( ،)Asked Priceوقد نجد الكثير من السماسرة والمضاربين في اتصال ببعضهم
2
البعض خاصة في السوق الثانوية لألوراق المالية.
وانطالقا من المفهوم السابق ،يمكننا االستناد على نفس المبدأ للتفرقة ما بين المؤسسات المالية
الوسيطة والمؤسسات المالية األخرى التي ال تقوم بدور الوساطة المالية ،فهذه األخيرة يقتصر
عملها عموما كعمل السمسار وباألساس في توفير التسهيالت الالزمة لتداول األوراق المالية
داخل السوق الثانوي ،فهي تنفذ أوامر الشراء والبيع نيابة عن جمهور المستثمرين مقابل عمولة
معينة وأهم هذه المؤسسات بنوك االستثمار أو الرهان .3أما المؤسسات المالية الوسيطة والتي
تشمل البنوك التجارية بدرجة كبيرة ،فهي تسعى إلى جلب األموال من المدخرين (المقرضين) في
شكل ودائع (المدخرات) مقابل حصولهم على فائدة (عائد) تتحدد بسعر الفائدة ،لتوظف بعد ذلك
هذه الودائع في شكل قروض تمنح للمستثمرين (المقترضين) لتمويل استثماراتهم خالل فترة
زمنية محددة مقابل تسديد فائدة لصالح هذه المؤسسات المالية الوسيطة ،وتكون هذه الفائدة أعلى
1عبد الوهاب يوسف أمحد " ،التمويل وإدارة املؤسسات املالية " ،دار حامد للنشر والتوزيع ،الطبعة األوىل ،2008 ،ص .132
2مائيري كوهني ،ترمجة عبد احلكم أمحد اخلزامي " ،النظم املالية والتمويلية ،املبادئ والتطبيقات " ،دار الفجر للنشر والتوزيع ،2007 ،ص 55و.56
3السيد البدوي عبد احلافظ " ،إدارة األسواق املالية ،نظرة معاصرة " ،دار الفكر العريب ،1999 ،ص .218
15
بقليل من الفائدة على الودائع ،وبالتالي فالبنك التجاري يستفيد من الفرق بين الفائدة على القروض
والفائدة على الودائع .إن طريقة التمويل الشبه مباشر ال تلبي مطالب كل الدائنين والمدينين،
وتتمثل هذه المطالب في ما يلي:1
وتتمثل مطالب الدائنين في ما يلي:
الحصول على أوراق مالية أولية من المدينين األكثر ضمانا في استرداد قيمتها.
إمكانية الحصول على أوراق مالية قصيرة األجل ومجزية العائد.
إمكانية الحصول على أوراق مالية قليلة القيمة بالنسبة لصغار المدخرين.
الدائنين يرغبون عموما في أوراق مالية ذات األسعار األكثر استقرارا ،أي عدم تعرضهم
لخسائر مالية.
أما مطالب المدينين فهي تتمثل عموما في:
أوراق مالية طويلة األجل.
الحصول على القروض الكبيرة ،أي بمعنى تسويق أوراقهم المالية.
قبول مخاطر عدم الدفع في حالة تعرضهم لألزمات المالية.
3-1-IIالتمويل غير المباشر:
يتمثل التمويل غير المباشر ( )Financement Indirectفي تحويل األموال من المقرضين إلى
المقترضين من خالل الوسطاء الماليين ،حيث تتدخل المؤسسات المالية والبنكية التي تقوم بدور
الوساطة المالية كهمزة وصل (كوسيط ثالث) بين الوحدات االقتصادية ذات الفائض المالي والتي
تفتقد إلى المشاريع االستثمارية المربحة ،والوحدات االقتصادية ذات العجز المالي والتي لديها
فرص استثمارية.
وقد شهد النظام المالي خاصة في اقتصاديات المديونية (الدول النامية) حتى بداية الثمانينات هيمنة
نظام التمويل غير المباشر على األنشطة المالية والمصرفية التمويلية ،والذي يتطلب وساطة مالية
وبنكية ( )Intermédiation Financière et Bancaireعن طريق المؤسسات المالية والبنكية
الوسيطة ،هذا النظام المالي تغير وتطور تدريجيا في الدول النامية بعد ما أدرجت معظم هذه
املصدر :مائيري كوهني ،ترمجة عبد احلكم أمحد اخلزامي " ،النظم املالية والتمويلية ،املبادئ والتطبيقات " ،دار الفجر للنشر والتوزيع،
،2007ص .64
19
الشكل رقم :1-IIاإلقراض المباشر واإلقراض غير المباشر في بعض دول العالم.
Source: The World Bank: Quoted in the Economist, August 1989, P 18.
ومهما تعددت األجهزة التي تشرف على عمل القطاع المالي في أي دولة سواء اشتمل على
مؤسسات مالية وبنكية (النظام المصرفي) أو أسواق مالية (أسواق رأس المال وأسواق النقد) أو
االثنين معا ،إال أن الهدف من هذا النظام يبقى نفسه والذي يتمثل في:
يضمن للمؤسسات التمويالت الالزمة لمواجهة مصاريفها الكلية من جهة ،وتحسين
الظروف االقتصادية في الجانب اإلنتاجي من جهة أخرى.
توفير رؤوس األموال الالزمة إلنجاز االستثمارات والمشاريع االقتصادية ،حيث يترتب
عليها توفير مناصب شغل جديدة تؤذي إلى القضاء على البطالة ،تحقيق التنمية االقتصادية
للبالد وتحقيق األهداف المسطرة من طرف الدولة.
تحقيق التنمية االقتصادية الشاملة والرفاهية ألفراد المجتمع عن طريق تحسين الوضعية
المعيشية لهم (توفير السكن ،العمل.)...
20
-IIIالوساطة المالية والوساطة البنكية
شهد النظام المالي خاصة في اقتصاديات المديونية (الدول النامية) حتى بداية الثمانينات
هيمنة نظام التمويل غير المباشر على األنشطة المالية والمصرفية التمويلية ،والذي يتطلب دورا
فعاال من جانب الوساطة المالية والبنكية عن طريق المؤسسات المالية والبنوك الوسيطة ،هذا
النظام المالي تغير وتطور تدريجيا في الدول النامية بعد ما أدرجت معظم هذه الدول مجموعة من
اإلصالحات المالية التي تحفز على قيام وإنشاء اقتصاد األسواق المالية (نظام التمويل المباشر).
وقد تمثل تطور النظام المالي في الدول النامية في تطور كل من أسواق رأس المال التي تشجع
المؤسسات االقتصادية على إصدار األوراق المالية كاألسهم والسندات من أجل الحصول على
التمويل ،وعلى تطور أسواق النقد أين تقوم البنوك بفتح المجال أمام كل األعوان االقتصاديون
للتعامل في سوق نقدي مفتوح ،وبالتالي فتطور النظام المالي يعتمد على إلغاء نظام التمويل غير
المباشر ( )Désintermédiationالذي أساسه الوساطة المالية واالعتماد على نظام مباشر في
التمويل ،لكن هذا اإللغاء للوساطة المالية يترجم فقط إلى انخفاض هام في حجم القروض البنكية
التي تمول االقتصاد بشكل عام .وأثبتت الدراسات التي قام بها مجموعة من االقتصاديون أن
تطور النظام المالي ال يعني اإللغاء التام لخدمات الوساطة المالية والبنكية ،فحاليا وأمام توسع
أسواق رأس المال وأسواق النقد زادت الحاجة إلى الوساطة المالية والبنكية من أجل الحصول
على التمويل ،كما تنوعت أشكال الوساطة المالية والبنكية نظرا لتنوع وتطور البنوك والمؤسسات
المالية وظهور وسطاء ماليون جدد .سنحاول في هذا الجزء الثالث تسليط الضوء على الوساطة
المالية والوساطة البنكية وإبراز أنواع الوساطة المالية والبنكية.
1-IIIالمنهج النظري للوساطة المالية والوساطة البنكية:
إلى غاية سنوات الخمسينات ،لم تكن هناك نظرية تهتم بالبنوك والهيآت المخصصة لمنح
القروض على أنها وحدات تتدخل بطريقة فعالة في تحويل االدخار إلى استثمار وبالتالي في خلق
النقود .وقد تم وضع نظرية الوساطة المالية في نهاية سنوات الخمسينات من خالل دراسات حول
اقتصاد األسواق المالية ،قام بها مجموعة من االقتصاديون 1)1955( GOLD SMITHوكل من
1
Raymond W. Goldsmith (1955), « Capital Formation and Economic Growth », Universities-National Bureau,
Princeton University Press, ISBN: 0-87014-197-X, 1955.
21
1955( GURLEY and SHAWو ،1)1956حيث أبرزوا آنذاك وألول مرة تصاعد أهمية و
دور الوساطة المالية في االقتصاد األمريكي.
كما قام بعد ذلك GOLD SMITHبدراسة بحث فيها عن األسباب التي كانت وراء تزايد تعقد
وعدم تطور األنظمة المالية في االقتصاديات النامية ،حيث لم يجد في هذه الدراسة مبررا لتأكيد
تزايد أهمية الوساطة المالية في االقتصاديات النامية .وقاما كل من GURLEY and SHAW
( 2)1960ألول مرة في كتابهما "النقود في نظرية المال" ()Money in a Theory of Finance
بتحليل و دراسة المؤسسات المالية من خالل وظيفتها األساسية المتمثلة في الوساطة المالية عند
قيامها بعملية تمويل األنشطة االقتصادية.
إن مفهوم الوساطة المالية في اآلونة األخيرة عرف تطورا وتقدما كبيرا بمرور الوقت وذلك من
خالل الدراسات النظرية والتطبيقية التي قام بها العديد من االقتصاديون .وقد استعمل هؤالء
الباحثون نفس المصطلح األنجلوساكسوني " "Anglo-Saxonneالذي طور من طرف GURLEY
and SHAWو الذي هو " "Intermédiationللتعبير عن مفهوم الوساطة المالية والبنكية ،فحسب
"Intermédiation" GURLEY and SHAWتعني العملية التي يتم من خاللها تسوية الحاجات
المالية للوحدات االقتصادية عن طريق الفوائض المالية التي بحوزة الوحدات االقتصادية
األخرى ،حيث يتدخل عون خاص يسمى الوسيط المالي يختص بجمع مدخرات المقرضين والتي
تكون في شكل إصدارات أولية غير مباشرة لألوراق المالية لتوزع في نهاية المطاف على
3
المقترضين لشراء هذه األوراق.
وانطالقا من فكرة تقسيم نظام التمويل إلى تمويل مباشر وآخر غير مباشر يعتمد على الوساطة
المالية ،توصل GURLEY and SHAWإلى وضع نموذج نظري للوساطة المالية كان أقرب
للتعبير عن اإل طار المفهومي والوظيفي للوساطة المالية وعالقتها بتطور األسواق المالية ،حيث
توصال كغيرهم من االقتصاديين إلى أن التطور الذي يشهده القطاع المالي في أغلب الدول يعود
إلى تحول نظام التمويل المباشر إلى نظام غير مباشر للتمويل الذي يعتمد على األنشطة البنكية
1
- J. G. Gurley and E. S. Shaw (1955), « Financial Aspects of Economic Development », The American Economic
Review; Vol. 45, No. 4 (Sep 1955), pp. 515-538.
- J. G. Gurley and E. S. Shaw (1956), « Financial intermediaries and the Saving-Investment Process », The Journal of
Finance, The Journal of The American Finance Association, Vol. 11 Issue 2, (May 1956), pp. 257-276.
2
J. G. Gurley and E. S. Shaw (1960), « Money in a theory of finance », The Brookings Institution, WASHINGTON
DC, January 1960.
3
Lagoute Christine, « Le Paradoxe des Banques Britanniques », Revue d 'Economie Financière, N° 77, 2005.
22
التقليدية ،كمنح القروض وخلق النقود وتسيير المدخرات المجمعة ،وذلك بسبب تنوع وتطور
البنوك والمؤسسات المالية الوسيطة وظهور وسطاء ماليون جدد كوسطاء السوق النقدي ووسطاء
السوق المالي.
2-IIIمفهوم وتعريف الوساطة المالية والبنكية وأسباب ظهورها:
الوساطة المالية و الوساطة البنكية هي تلك العملية التي يتم من خاللها ربط الوحدات االقتصادية
ذات الفوائض المالية (المقرضون) بوحدات اقتصادية أخرى تحتاج إلى التمويل (المقترضون)،
وذلك بهدف تحقيق التوازن بين االدخار واالستثمار في االقتصاد.
1-2-IIIمفهوم وتعريف الوساطة المالية والوساطة البنكية:
تسعى الوساطة المالية إلى الربط بين االختيارات المختلفة لمحافظ األصول المالية المتوفرة لدى
األعوان االقتصاديون سواء المقرضون أو المقترضون ،ويتم هذا عن طريق مجموعة من الهيآت
تسمى الوسطاء الماليون و التي تتكفل بجمع األموال من األعوان االقتصاديون أصحاب الفائض
في الموارد المالية لتحول إلى األعوان االقتصاديون أصحاب العجز المالي .1وبالتالي الوساطة
المالية هي عبارة عن تدخل المؤسسات المالية الوسيطة كوسيط ثالث بين الدائنين والمدينين ،حيث
تتم عملية التبادل ولكن بطريقة غير مباشرة.
ويعرف الكثير المؤسسات المالية الوسيطة على أنها وحدات مالية أو مصرفية تقوم بتجميع
الموارد االدخارية من األفراد والمشروعات لتضعها تحت تصرف هذه الوحدات التي هي بحاجة
لألموال لغرض التوظيف االستثماري ،بمعنى ال يبرر وجود المؤسسات المالية الوسيطة إال في
حالة ما إذا كان هناك بعض الوحدات االقتصادية التي تكون لديها نفقات استهالكية ونفقات
استثمارية تكون أقل وأكثر بالنسبة لمدا خيلها.
فالوظيفة األساسية للمؤسسات المالية الوسيطة هي وضع فائض بعض الوحدات تحت تصرف
الوحدات التي تعاني م ن العجز المالي ،وتؤدي الوساطة المالية وظيفتها من خالل شراء األصول
األولية من المقترضين النهائيين (المشروعات ،األفراد ،الدولة ،األجانب المقيمين، المالية
المستثمرين ،)...وإصدار أصول مالية غير مباشرة (أي ثانوية) مقابلة لها ليقتنيها المقرضون
النهائيون وخاصة ا ألفراد المدخرين ،وبهذا فهي تقدم خدمات مفيدة وحيوية للوحدات االقتصادية
1
Y. Ullmo, « Intermédiation, Intermédiaire Financier et Marché », Revue d’Economie Politique, N°5, 1988, pp. 639-
654.
23
العديدة والمختلفة ،وعلى ذلك فإن هذه المؤسسات المالية الوسيطة تحتفظ بصورة أساسية
باألصول المالية األولية وتخلق أصول مالية جديدة ذات أهمية كبيرة في االقتصاد.
1
أما فيما يخص الوساطة البنكية فحسب النظرية الكالسيكية ل )1960( GURLEY and SHAW
فإن البنك يعرف على أنه وسيط مالي نقدي ،يتمثل نشاطه في التوسط بين األعوان االقتصاديون
أصحاب الفائض في الموارد المالية واألعوان االقتصاديون أصحاب العجز المالي ،حيث يقوم
البنك بقبول ودائع نقدية سائلة (ودائع تحت الطلب وودائع ألجل) مقابل فائدة (دائنة) يدفعها
للمودعين ،ثم يقوم بمنح القروض انطالقا من الودائع التي تحصل عليها وذلك مقابل حصوله على
فائدة (مدينة) يدفعها المقترضون و تكون أكبر من فائدة الودائع.
وحسب 2)1982( PARATATالوساطة المالية البنكية هي مجموعة من المؤسسات البنكية التي
تقوم بجمع الموارد المالية التي بحوزة األفراد والمؤسسات والدولة في شكل مدخرات ثم توجه
هذه الموارد لتغطية الحاجات المالية ألفراد آخرون ومؤسسات أخرى والمشاريع االقتصادية
واالستثمارية في شكل قروض.
من جهة أخرى أكد )1983( DIAMAND and DYBING ،)1979( TOWSENDوآخرون
على أن خصوصية وأهمية البنوك تكمن في تمويل االقتصاد من خالل توفير السيولة الالزمة
للزبائن من أجل تمويل مشاريعهم االستثمارية .3وبالتالي فإن البنوك تلعب دورا هاما في الوساطة
المالية النقدية من خالل قبول الودائع تحت الطلب والودائع ألجل ،وتحويل هذه الودائع إلى
قروض والتزامات للمقترضين.
إن البنوك و خاصة البنوك التجارية لم تعد المؤسسات المالية الوحيدة القادرة على منح الوحدات
االقتصادية الراغبة في االقتراض القوة الشرائية الالزمة للحصول على السلع والخدمات ،كما أنها
لم تعد المؤسسات المالية الوحيدة القادرة على تنظيم عملية االدخار ،بل ظهرت مؤسسات أخرى
تستطيع أن تضاعف من حجم وسائل الدفع وتعدد األصول المالية المصدرة وتنوعها ،وتتمتع كل
منها بخصائص ذاتية وكذلك بدرجات معينة من السيولة تبقيها قادرة على تجميع المدخرات
والقيام بعمليات االقتراض واإلقراض الطويل أو قصير األمد ،وهي تعرف بالمؤسسات المالية
والنقدية الوسيطة ،أو وسطاء السوق المالي ووسطاء السوق النقدي.
1
John G. Gurley and E. S. Shaw (1960), « Money in a theory of finance », Op.cite.
2
J.P. Paratat, « Monnaie, Institution Financière et Politique Monétaire », Economica, Paris, 1982.
3
H. Schamiat Richard, Hackethal Andreas, M. Tymel, « Désintermédiation et Rôle des Banques en Europe, une
Comparaison Internationale », Revue d’Economie Financière, 1999.
24
2-2-IIIأسباب ظهور الوساطة المالية والوساطة البنكية:
يعود ظهور الوساطة المالية والبنكية إلى ظهور األصول المالية غير المباشرة وذلك لألسباب
التالية:
يتعلق السبب األول بالتخصص ومزايا اإلنتاج الكبير (تخفيض التكاليف) ،حيث تتخصص
مؤسسات الوساطة المالية في جمع المدخرات وتمويل الوحدات االقتصادية على نطاق
كبير وواسع يمكنها من الحصول على الموارد المالية بأقل تكلفة ممكنة وتوزيعها بكفاءة
أكبر.
التكيف األفضل لألصول الثانوية المصدرة من طرف المؤسسات المالية الوسيطة لفائدة
الوحدات ذات الفائض ألجل توظيف أمثل والتي ال تحتويها األصول المالية األولية.
تسعى مؤسسات الوساطة المالية إلى إدارة الخطر والتقليل منه وذلك من خالل توزيع
المخاطر على عدد كبير من العمليات المالية ،كما أنها تركز الخطر على مستوى إدارة
األصول والخصوم لذلك تعرف هذه المؤسسات بالمؤسسات المشاركة في المخاطر
( ،)Mutualiste des Risquesوبهذا يصبح الخطر معروف وممكن التحكم فيه من خالل
وحدة مالية تقوم بإدارة المخاطر لمختلف الوحدات ،وبهذا فهي تفرق وتنوع المخاطر
بكفاءة أكبر وأحسن مما تقوم به وحدة اقتصادية واحدة أو فرد بمفرده.
عدم تناظر المعلومات ( )Asymétrie d’Informationبين الوحدات التي لها فائض
والوحدات التي لها عجز ،بمعنى أنه إذا توافرت المعلومات لكل الوحدات فال داعي لنشوء
الوساطة المالية ،أما في حالة وجود الوساطة المالية فهذا يترجم إلى التناقض الموجود في
المعلومات أو عدم كمالية السوق ( )Imperfection de Marchéألن عدم وجود كافة
المعلومات ألجل اتخاذ القرارات المناسبة لكافة المتعاملين يؤدي إلى ظهور تكاليف
إضافية تسمى تكاليف المعامالت ( ،)Costs of Transactionsذلك ألن الوحدات التي لها
فائض ال تملك كل المعلومات الخاصة بالوحدات التي تحتاج إلى أموالها والعكس صحيح،
فكل منهم يبحث عن اآلخر حتى يتم التعاقد .فمشكل عدم تناظر المعلومات قد يحدث
مخاطر محتملة كما أنه قد ال يوازن بين العرض والطلب على األموال.
25
3-IIIأنواع الوساطة المالية والوساطة البنكية:
حسب نظرية ،1)1960( GURLEY and SHAWيرى كل منهما أن الوساطة المالية النقدية أو
غير النقدية هي وساطة الميزانية ( )Intermédiation du Bilanالتي تتطلب من جهة عناصر
الخصوم للوسيط المالي (رأس المال ،موارد مالية من إيداعات ،اكتتابات ،عالوات وسندات)،
وتستثمر من جهة أخرى عناصر األصول لنفس الوسيط المالي (وساطة تؤثر على ميزانية
الوسيط المالي) .ومع التطور الذي يشهده القطاع المالي ومختلف أجهزته حديثا ،أصبح هناك
حديثا آخر عن الوساطة المالية أي وساطة أخرى أكثر تطورا ظهرت في بورصات القيم المنقولة
(أسواق رأس المال) وفي األسواق النقدية ومجال السمسرة والمتاجرة بالمال ،والتي تتمثل في
وساطة السوق المالي (.)Intermédiation du Marché
فبصفة عامة الوساطة المالية والبنكية هي نشاط مالي يسهل على تحقيق التوازن بين حجم الطلب
والعرض على األموال في االقتصاد ،وذلك من خالل نوعين أو شكلين من أشكال الوساطة:
وساطة السوق المالي ( )Intermédiation du Marché ou Passiveيشرف عليها وسيط
مالي عادي أو سمسار لألوراق المالية ،فهو وسيط عادي لنظام التمويل المباشر
(.)Fonction de Négociation
وساطة الميزانية ( )Intermédiation du Bilan ou Activeوالتي يشرف عليها وسيط
محوريا وفعاال في نظام التمويل غير المباشر ( Fonction de غير عادي ،يعتبر
.)Transformation
ومهما اختلفت أنواع المؤسسات المالية التي تقوم بدور الوساطة المالية بين المدخرين
والمقترضين ،إال أنه هناك خمسة أنواع للتوسط المالي تقوم بها هذه المؤسسات وهي كما يلي:2
توسط مالي تجميعي :حيث تقوم المؤسسات المالية الوسيطة بقبول الودائع والمدخرات
البسيطة من األفراد وتجميعها في شكل مبالغ كبيرة لعمل القروض الكبيرة للهيآت و
الشركات والحكومة.
توسط المخاطرة والفشل :وهو عبارة عن رغبة المؤسسات المالية الوسيطة في تقديم
القروض إلى ذوي العجز المالي أي المقترضين األكثر خطرا في سداد هذه القروض ،أي
1
John G. Gurley and E. S. Shaw (1960), « Money in a theory of finance », Op.cite.
عبد الوهاب يوسف أمحد ،مرجع سبق ذكره ،ص 133و.134 2
26
أقل ضمانا في إعادة دفعها وفي نفس الوقت تصدر أوراقا مالية ثانوية لذوي الفوائض
المالية أكثر ضمانا وتسهيال لجذب ودائع المدخرين.
توسط طويل األجل :يعني قبول المدخرات القصيرة األجل من المدخرين ،وعمل القروض
الطويلة األجل للمدينين الذين يستثمرونها في مشاريع طويلة األجل.
توسط معلوماتي :وهي عملية تقديم المعلومات من المؤسسات المالية الوسيطة إلى المدينين
والدائنين عن حالة السوق وفرص االستثمار للذين ليست لديهم وقت واإلمكانيات الالزمة
لمعرفة حالة السوق.
توسط ذو مخاطر عالية وعائد كبير :ويعني استثمار المؤسسات الوسيطة في األصول
المتنوعة ذات المخاطر العالية والربح الكبير ،وهذا التوسط من شأنه أن يحقق للمؤسسة
المالية الوسيطة فوائد كبيرة وتدفق نقدي يجعلها في حالة استقرار مادي ،ومن ثم يؤمن
ودائع ومدخرات الدائنين.
ويوجد عدد كبير من المؤسسات المالية التي تقوم بدور الوساطة المالية ،وهذا في حدود
خصائصها التنظيمية وطبيعة وظيفتها ،وبالرغم من أنها تشترك في وظيفة هامة والتي تتمثل في
الوساطة المالية إال أنها تختلف فيما بينها ،ولهذا يمكن إجماال تقسيم المؤسسات المالية إلى ثالثة
أنواع رئيسية:1
1-3-IIIمؤسسات الودائع:
هي تلك المؤسسات التي موردها الرئيسي ألصولها السائلة األموال من ودائع ومدخرات األفراد
واألسر وقطاع األعمال والحكومة ،ومن هذه المجموعة البنوك التجارية وبنوك االدخار .وتعتبر
البنوك خاصة البنوك التجارية المثال التقليدي لهذا النوع من الوسطاء ،حيث يلجأ العمالء إلى
البنوك لفتح حسابات جارية أو اإليداع ألجل ،أو الحصول على خدمات بنكية ومصرفية متنوعة،
2
نظرا لوجود عاملي األمان والسيولة في التعامل مع البنك.
2-3-IIIالمؤسسات التعاقدية:
وهي تلك المؤسسات التي ت دخل في تعاقد مع زبائنها بغرض ترقية مدخراتهم ،أو تقديم الحماية
المالية لهم في حالة تعرضهم للمخاطر المختلفة (مثل الحوادث ،الخسائر المالية أو المادية بسبب
عبد الوهاب يوسف أمحد ،مرجع سبق ذكره ،ص .136 2
28
الشكل رقم :1-IIIطبيعة العملية اإلنتاجية في المؤسسات المالية والبنكية الوسيطة.
المرحلة 1
خدمات مالية لجذب المدخرات في
مدخالت اإلنتاج شكل فوائد حسابات جارية لتسهيل
مرحلة تجميع عملية الدفع +خدمات التأمين +
األصول بأقل خدمات المعاشات +تحويالت +
العمل تكلفة اتصاالت +خدمات أخرى...
رأس المال
فوائض مالية
األرض
المرحلة 2
التنظيم خدمات مالية في المرحلة الثانية
استثمارات القروض، عمل
مرحلة استخدام
مختلفة ،االستثمارات المالية ،أي
األموال بأقصى ما
خدمات أخرى تمكنها من استخدام
يمكن
األموال بأقصى ما يمكن.
املصدر :عبد الوهاب يوسف أمحد " ،التمويل وإدارة املؤسسات املالية " ،دار حامد للنشر والتوزيع ،الطبعة األوىل ،2008 ،ص .137
فمن خالل الشكل ( )1-IIIيتضح أن المؤسسات المالية والبنكية الوسيطة تستخدم مدخالت اإلنتاج
من عمل ،رأس المال ،أرض وتنظيم لتجميع األموال (مرحلة تجميع الفوائض المالية) ،وفي هذه
المرحلة فان الهدف األساسي للمؤسسات المالية والبنكية الوسيطة هو جذب اكبر قدر ممكن من
الفوائض المالية (المدخرين) وبأقل تكلفة ممكنة ،وبعد االحتفاظ بجزء من هذه الفوائض المالية في
شكل احتياطي نقدي (سيولة) لمقابلة طلب زبائنها من السيولة وفي األجل القصير (خاصة طلبات
الودائع تحت الطلب) ،يذهب باقي الفوائض للمرحلة الثانية (مرحلة استخدام األموال) لتستخدم
هذه األموال في النشاط الرئيسي للمؤسسات المالية والبنكية الوسيطة والذي يتمثل في منح
القروض واالستثمارات المختلفة المجدية والمربحة ،وبالتالي يبقى الهدف األساسي من هذه
المرحلة هو استخدام األموال والفوائض المالية بأقصى ما يمكن للحصول على أكبر عائد منها
29
حتى تت مكن هذه المؤسسات من تغطية االدخار الذي تحصلت عليه في المرحلة األولى،
والحصول على أكبر ربح ممكن.
أصبحت الوساطة المالية والبنكية التي تربط بين االدخار واالستثمار تلعب دورا هاما في تمويل
االقتصاد ،وقد تزايدت أهميتها ودورها في االقتصاد حديثا لما يشهده العالم من تطور كبير في
المجال المالي والمصرفي القائم على العولمة المالية السائدة حديثا ،حيث أصبحت الوساطة المالية
والبنكية أداة فعالة تعتمد عليها مختلف الدول لتحقيق التنمية والتطور في جميع القطاعات
االقتصادية .كما أن الدول النامية أصبحت حديثا تعرف أشكاال مختلفة وحديثة من الوساطة
المالية ،وذلك بفضل اإلصالحات التي انتهجتها في السنوات األخيرة من أجل التحول من اقتصاد
المديونية إلى اقتصاد أسواق المال (اقتصاد السوق) ،هذا االقتصاد الذي يعتمد بالدرجة األولى
على أسواق رأس المال وأسواق النقد في عملية تمويل االستثمارات والمشاريع االقتصادية.
30
-IVالجهاز المصرفي ومكوناته
يمثل الجهاز المصرفي ضمن الهيكل المالي لالقتصاد مركزا حيويا في تعبئة المدخرات
وتمويل التنمية من خالل قدرته على تدفق األموال بين فئات االقتصاد الوطني ،ولهذا يشير الكثير
من االقتصاديين أنه لوال الخدمات التي يقدمها الجهاز المصرفي في الدول المتقدمة لما استطاعت
هذه الدول أن تبلغ ما بلغته من تقدم اقتصادي ،كما أكدت التطورات االقتصادية في الدول النامية
والتي تسعى جاهدة لتحقيق برامج تنموية ضخمة تفوق قدرة مواردها المالية ،على أهمية دور
الجهاز المصرفي في تعبئة المدخرات المالية وتمويل التنمية االقتصادية والمحافظة على
االستقرار االقتصادي لهذه الدول ،لذلك يعتبر الجهاز المصرفي القلب النابض لالقتصاد سواء في
الدول المتطورة أو السائرة في طريق النمو ،وتبرز أهميته من خالل الوظائف المالية التي يقوم
بها قصد المساهمة في انجاز برامج القطاعات االقتصادية المختلفة للدول .في هذا الجزء الرابع
سنتطرق بالتفصيل إلى دراسة الجهاز المصرفي ومكوناته (البنك المكزي ،الخزينة العمومية
والبنوك والمؤسسات المالية).
1-IVمفهوم وتعريف الجهاز المصرفي:
الجهاز المصرفي ( )Système Bancaireهو جزء من النظام المالي ،يضم مجمل النشاطات التي
تمارس بها العمليات المصرفية ،وخاصة تلك المتعلقة بمنح االئتمان ،ويشمل الجهاز المصرفي
البنوك المنشآت المالية المتخصصة والخزينة العمومية والسلطات المسؤولة عن السياسة النقدية
1
أي البنك المركزي.
ومن النظم المصرفية نجد جهاز مصرفي رأسمالي وجهاز مصرفي اشتراكي ،فاألول يتكون من
البنك المركزي ومجموعة من البنوك التجارية المتخصصة في االئتمان والمؤسسات المالية
المختلفة ،أما الثاني فيكون فيه بنك الدولة (المركزي) هو البنك المركزي وبنك االئتمان في آن
واحد مع الخزينة العمومية ،وباإلضافة إلى عدد من المصارف العمومية تتولى كل واحدة منها
مهام مصرفية معينة في االئتمان.
يتكون الجهاز المصرفي من مجموعة من البنوك والمؤسسات المالية العاملة في بلد ما ،وفي
االقتصاديات الحديثة تشمل هذه البنوك والمؤسسات المالية على البنك المركزي والخزينة
1شاكر القز ويين " ،حماضرات يف اقتصاد البنوك " ،ديوان املطبوعات اجلامعية ،الطبعة الثانية ،اجلزائر ،1992 ،ص .36
31
العمومية ،البنوك التجارية وبنوك ومؤسسات مالية أخرى تعمل في جهاز مصرفي واحد ،والهدف
منها توفير التمويل لالقتصاد وتطبيق سياسة اقتصادية واحدة وكذا سياسة اإلصالح االقتصادي
1
تحت سلطة عالية تشرف على العمليات المصرفية والمتمثلة في البنك المركزي.
ويعرف الجهاز المصرفي على أنه جزءا من النظام المالي لالقتصاد ،ويشمل الهيكل المصرفي
في مفهومه الواسع كل الوسطاء الماليين ،حيث يتم من خالله تدفق األموال السائلة لمختلف فروع
النشاط االقتصادي ،إال أنه قد جرت العادة على قصر الهيكل المصرفي فقط على البنوك بأنواعها
المختلفة .2ويقصد بالجهاز المصرفي مجموعة من المؤسسات التي تتعامل باالئتمان ،ومن تم
3
تكون وظيفة الجهاز المصرفي هي توفير االئتمان الالزم على الصعيدين الفردي والوطني.
ويتحدد الجهاز المصرفي بشكل هرم من المؤسسات المصرفية يتربع في قمتها البنك المركزي،
وتشكل أضالعه المصارف التجارية ،مصارف االدخار والمصارف المتخصصة ،وتشكل
محتويات هذا النظام صورة النظرية النقدية من جانبها السلوكي ممثلة في أهم أشخاصها وهي
البنك المركزي والبنوك التجارية ،فهي المؤسسات القادرة على خلق النقود ،أي أن هذه
المؤسس ات قياسا ومقارنة ببقية المؤسسات المالية هي وحدها القادرة على تحويل األصول
الحقيقية إلى أصول نقدية ،أما المصارف االدخارية والمتخصصة فهي ال تستطيع أن تخلق النقود
القانونية ،إذن هذه المؤسسات تكون الجهاز المصرفي الذي يسيطر على شؤون النقد واالئتمان
داخل االقتصاد .4ونجد في الجهاز المصرفي طرف آخر هي الخزينة العمومية والتي تعتبر كأحد
الوسطاء الماليين في هذا الجهاز ،حيث تهتم بتسيير الخزينة العامة للدولة (الحركات العامة
لألموال) .إذن فالجهاز المصرفي يتمثل في مجموعة من البنوك والمؤسسات المالية التي تؤمن
التمويل لألنشط ة االقتصادية انطالقا من وظيفتها األساسية والمتمثلة في تجميع االدخار من
العائالت والمؤسسات االقتصادية والهيآت الحكومية ومنح قروض لمن هم بحاجة إلى التمويل،
باإلضافة إلى هذا فإنها تقوم بخلق قنوات جديدة لالدخار من خالل إصدار أوراق مالية ثانوية
جديدة كشهادات اإل يداع التي تصدرها البنوك التجارية ،وهذا ما يوفر آلية فعالة لحشد االدخارات
وخلق قوة شرائية جديدة.
1
Gobin Gilles, « Les Opérations Bancaires et leurs Fondements Economiques », DUNOD Edition, Paris, 1980, P 4.
2عبد الغفار حنفي " ،إدارة املصارف " ،مرجع سبق ذكره ،ص .22
3شاكر القز ويين ،مرجع سبق ذكره ،ص .25
4حممود محزة الزبيدي " ،إدارة املصارف ،إسرتاتيجية تعبئة املوارد وتقدمي االئتمان " ،مؤسسة الوراق ،الطبعة األوىل ،عمان ،2000 ،ص .16
32
2-IVالبنك المركزي:
يعتبر البنك المركزي ( )Central Bankمن أهم البنوك والمؤسسات المالية ،ويأتي على رأس
الجهاز المصرفي ،ويعتبر الدعامة األساسية للهيكل النقدي والمالي في كل أقطار العالم ،وتعتبر
نشاطاته في غاية األهمية ،ووجوده ضروري لتنفيذ السياسة النقدية للدولة ،وهو يتمتع بالسيادة
واالستقاللية التامة .أما الخزينة العمومية أو العامة ( )Public Treasuryفهي مؤسسة مالية عامة
تابعة للوزارة المالية ،وتمثل طرف في الجهاز المصرفي كونها تقوم بدور مصرف الدولة.
1-2-IVنشأة البنوك المركزية:
كانت البنوك قديما تمارس نشاطها بدون أي قيد أو شرط ،كما أن عملية إصدار النقود سمح بها
لجميع المصارف بدون استثناء ،إال أن تداول هذه النقود بين الناس يتوقف على مدى ثقتهم في
البنك المصدر لها ،لذلك مع مرور الوقت أفرزت هذه الممارسات نتائج سلبية ،األمر الذي أدى
إلى التفكير في ضرورة أن يكون هناك بنك واحد يتولى مهمة اإلشراف وإصدار النقود على بقية
البنوك والمؤسسات المالية األخرى ،ويتمتع بسلطات وصالحيات واسعة من أجل تنظيم سوق
االئتمان وهذا البنك هو ما يدعى بالبنك المركزي.
وتعتبر ظاهرة البنوك المركزية حديثة بالمقارنة مع نشأة البنوك التجارية ،فقد تم تأسيس بنك
ريكس السويدي ( )RIKS Bankعام 1656والذي يعتبر من أقدم البنوك المركزية وأعيد تنظيمه
كبنك للدولة عام ،1668كذلك تم تأسيس بنك انجلترا عام ،1694إال أنه لم يمارس مهامه كبنك
مركزي يقوم بمهمة الصيرفة المركزية إال في عام ،1844وفي الواقع عرفت انجلترا الصيرفة
المركزية عن طريق الصدفة عندما وجدت البنوك التجارية من المالئم لها تسوية حسابات
الصكوك المسحوبة على بعضها عن طريق المقاصة ( )Clearingبواسطة بنك انجلترا ،لهذا يمثل
1
تاريخ بنك انجلترا تاريخ تطور قواعد وأساليب الصيرفة المركزية.
والجدول ( )1-IVيوضح تواريخ إنشاء أقدم البنوك المركزية في العالم:
ضياء جميد " ،اقتصاديات النقود والبنوك " ،مؤسسة شباب اجلامعة ،اإلسكندرية ،مصر ،2005 ،ص .241 1
33
الجدول رقم :1-IVتواريخ إنشاء أقدم البنوك المركزية في العالم.
املصدر :ضياء جميد " اقتصاديات النقود والبنوك " ،مؤسسة شباب اجلامعة ،اإلسكندرية ،مصر ،ص .242
ضياء جميد " ،اقتصاديات النقود والبنوك " ،مرجع سبق ذكره ،ص .244 1
34
" : VERA SMITH الصيرفة المركزية هو نظام صيرفي يتولى فيه بنك واحد إما باحتكار
كامل أو جزئي إلصدار األوراق النقدية".
" :SHAW البنك المركزي هو ذلك البنك المسؤول عن تنظيم حركة االئتمان".
" :HAWTRY البنك المركزي هو الملجأ األخير لإلقراض".
" :STATUTES البنك المركزي هو بنك التسويات الدولية ،وهو يتمتع بدوره في حق تنظيم
حجم العملة وحجم االئتمان في البلد".
" :KHSCH and ELKIN الوظيفة األساسية للبنك المركزي تتمثل مسؤوليته في تحقيق
استقرار النظام النقدي".
ورغم تعدد التعاريف الخاصة بالبنك المركزي ،فإنه يمكن تعريف البنك المركزي على أنه مؤسسة
نقدية قادرة على تحويل األصول الحقيقية إلى أصول نقدية ،واألصول النقدية إلى أصول حقيقية،
وهو خالق ومدمر لذلك النوع من أدوات الدفع التي تمثل قمة السيولة (نقود قانونية) .1بمعنى أن
البنك المركزي هو المصرف الذي يتربع على قمة الجهاز المصرفي ويستطيع تحويل األصول
الحقيقية إلى نقدية ،واألصول النقدية إلى حقيقية ،كما أنه يحتكر عملية إصدار النقد ويدير ويوجه
2
االئتمان وشؤون النقد في البالد.
كما يعتبر المؤسسة التي تشغل مكانا رئيسيا في سوق النقد ،وعلى عكس الحال بالنسبة للبنك
التجاري ،فالهدف الرئيسي لسياسة البنك المركزي حتى في البالد الرأسمالية ليس هو تحقيق أقصى
3
ربح ممكن بل خدمة الصالح االقتصادي العام.
إذن فالبنك المركزي هو مؤسسة نقدية حكومية تهيمن على النظام النقدي والمصرفي في البلد ،ويقع
على عاتقه مسؤولية إصدار العملة ومراقبة النظام المصرفي ،وتوجيه االئتمان لزيادة النمو
االقتصادي وللمحافظة على االستقرار النقدي عن طريق توفير الكميات النقدية المناسبة داخل
االقتصاد وربطها بحاجات النشاط االقتصادي .4بمعنى يقع على عاتقه مسؤولية قيادة السياسة النقدية
واالئتمانية على النحو الذي يحقق أكبر منفعة للبلد.
1مصطفى رشدي شيحة " ،الوجيز يف االقتصاد النقدي واملصريف والبورصات" ،دار اجلامعة اجلديدة للنشر ،1998 ،ص .112
2مجيل الزيدانني " ،أساسيات يف اجلهاز املايل ،املنظور العلمي " ،دار وائل للطباعة والنشر ،الطبعة األوىل ،عمان ،1999 ،ص 75و.76
3صبحي تادرس قريصة " ،النقود والبنوك " ،دار النهضة العربية ،لبنان ،1984 ،ص .142
4رضا صاحب أمحد " ،إدارة املصارف :مدخل حتليلي كمي معاصر " ،دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع ،عمان ،2002 ،ص .61
35
3-2-IVخصائص البنك المركزي:
يمكن تحديد أهم الخصائص التي يتميز بها البنك المركزي ،وذلك كما يلي:
البنك المركزي ال يهدف من ممارسة نشاطه إلى تحقيق األرباح بل تحقيق المصلحة العامة
وتنظيم النشاط النقدي والمصرفي ،فهو بذلك يختلف عن البنوك التجارية التي تهدف أساسا
إلى تحقيق أقصى ما يمكن من األرباح لصالحها أو لصالح أصحابها ،لكن البنك المركزي قد
1
يحقق أرباحا نتيجة لقيامه بوظيفة كمقرض أخير للبنوك التجارية.
يطلق على البنك المركزي اسم بنك الدولة نظرا للعالقة الوثيقة بينه وبين الحكومة ،فهو بنك
الدول ة ومستشارها في مسائل السياسة النقدية والنشاطات األخرى ،أي أنه بنك مملوك للدولة
2
عكس البنوك التجارية التي يمكن أن تكون مملوكة للقطاع الخاص من أفراد وشركات.
له الحق في إصدار العملة الوطنية وتدميرها بمقتضى القانون ،وهي الوظيفة األساسية للبنك
3
المركزي ،وال تمنح إال له من بين كل البنوك والمؤسسات المالية.
البنك المركزي ال يتعامل مباشرة مع أفراد المجتمع ،وإنما بشكل غير مباشر من خالل تعامله
مع البنوك التجارية والسوق النقدية والمالية ،فالبنك المركزي ال يتقبل الودائع من األفراد
4
عكس البنوك التجارية التي تعتبر أهم وظيفة لها هي قبول الودائع ومنح القروض للجمهور.
البنك المركزي ال يقوم باألعمال العادية التي تقوم بها البنوك التجارية في النشاط االقتصادي
ألنه يمتلك اليد العليا إلدارة نشاطها ومن ثم إذا قام بأعمالها تصبح عملية المنافسة غير
عادلة .5وبما أنه يحتل الصدارة وقمة النظام المصرفي بما له من سلطة عليا في الرقابة على
البنوك التجارية وغير التجارية والمؤسسات المالية ،فانه لو يقوم بالعمليات العادية التي تقوم
بها البنوك والمؤسسات المالية األخرى ،فإن هذا سيتعارض مع وظيفته الرقابية التي يمارسها
6
على هذه البنوك والمؤسسات المالية.
1زينب عوض اهلل ،أسامة حممد الفويل "،أساسيات االقتصاد النقدي واملصريف " ،منشورات احلليب احلقوقية ،بريوت ،لبنان ،2003 ،ص .139
2الدليمي عوض فاضل " ،النقود والبنوك " ،دار احلكمة للطباعة والنشر ،العراق ،1990 ،ص .276
3عبد الوهاب يوسف أمحد ،مرجع سبق ذكره ،نفس الصفحة.
4القريشي حممد الشمري ،ناظم حممد نوري " ،مبادئ علم االقتصاد " ،دار الكتب للطباعة والنشر ،املوصل ،العراق ،1993 ،ص .386
5عبد الوهاب يوسف أمحد ،مرجع سبق ذكره ،نفس الصفحة.
37
تاريخيا كانت البنوك التجارية تقوم باإلصدار النقدي ،أي كل بنك يقوم بإصدار النقود حيث
كانت النقود مرتبطة بالذهب ،ولكن فقدت إدارتها في إصدار النقود وأصبحت ال تفي
بالتزاماتها عندما يرغب األفراد في استبدالها بالذهب.
حق إصدار النقود يمنح للبنك المركزي القدرة على إدارة عرض النقد في االقتصاد.
إذا منح حق اإلصدار ألكثر من جهة واحدة ،ربما سيكون هناك فائض من كمية النقود أكثر
من حاجة االقتصاد ،وهذا له آثار سلبية على النشاط االقتصادي.
حق إصدار النقود يتيح للبنك المركزي الفرصة من أجل ممارسة تأثيره على النشاط
المصرفي و خاصة في مجال خلق نقود الودائع ،كما أن حصر اإلصدار النقدي في جهة
واحدة يوفر درجة من الهيبة والنفوذ أعلى من حالة السماح ألكثر من جهة بعملية إصدار
1
النقود القانونية.
ب -البنك المركزي بنك الحكومة ومستشارها المالي :يتولى هذه الوظيفة بعد حصوله على امتياز
حق إصدار العملة الوطنية ،وهذه الوظيفة تتمثل في مجموعة من الخدمات يقدمها البنك المركزي
للحكومة وهي كاآلتي:2
االحتفاظ بالودائع الحكومية.
إقراض الحكومة قروض قصيرة ،متوسطة وطويلة األجل عند الحاجة لذلك ،سواء في حالة
العجز المؤقت الذي يطرأ على الميزانية العامة أو في حاالت أخرى استثنائية.
وكيل الدولة في معامالتها المالية والمصرفية سواء داخل البالد أو خارجها.
تقديم المشورة للحكومة في شؤون النقد واالئتمان واقتراح ما يراه مناسبا من إجراءات
وسياسات تتطلبها الحالة االقتصادية في البالد.
إعداد وتنفيذ السياسة النقدية ،وإحداث التنمية المتوازنة بين القطاعات االقتصادية المختلفة،
وذلك بالتوزيع العادل للتمويل بينها واإلشراف والرقابة على نشاط البنوك والمؤسسات المالية
3
العاملة في االقتصاد.
اإلشراف على مراقبة السياسة المالية والنقدية للدولة.
1حممد عزت غزالن " ،اقتصاديات النقود واملصارف " ،دار النهضة ،بريوت ،2002 ،ص .170
2مجيل الزيدانني ،مرجع سبق ذكره ،ص 81و.82
3عبد الوهاب يوسف أمحد ،مرجع سبق ذكره ،ص .191
38
إدارة خزينة الدولة واالحتياطات من الذهب والعمالت الصعبة.
يتولى عملية إصدار القروض العامة نيابة عن الحكومة ،حيث يقوم بعملية االكتتاب عوضا
1
عنها.
ج -البنك المركزي بنك البنوك :وتتمثل هذه الوظيفة في اآلتي:2
االحتفاظ باالحتياطات النقدية للبنوك التجارية وبعض المؤسسات المالية كشركات التأمين،
وذلك في حساباتها الجارية المتواجدة لدى البنك المركزي.
المقرض األخير للبنوك التجارية والمؤسسات المالية األخرى في حالة لجوئها إليه عند
الحاجة إلى السيولة لمواجهة طلبات المودعين ،وخاصة الجمهور أصحاب الودائع الجارية،
وذلك من خالل تقديم قروض مباشرة إليها أو عن طريق إعادة خصم األوراق المالية المقدمة
له من طرفها.
تنظيم عمليات المقاصة والتسوية المالية بين البنوك التجارية.
اإلشراف والرقابة على أعمال البنوك التجارية وخاصة على االئتمان وتوجيهه على حسب
متطلبات الظروف االقتصادية.
د -الرقابة على االئتمان من خالل تنفيذ السياسة النقدية (اإلدارة النقدية) :إن وظيفة الرقابة على
االئتمان تتحقق من خالل استخدام البنك المركزي لمجموعة من األدوات والوسائل وهي في الوقت
ذاته أدوات السياسة النقدية ،بغرض التأثير في حجم واتجاه االئتمان المقدم إلى القطاعات االقتصادية
المختلفة ،على أساس أن هذا التأثير يترك أثره في عرض النقد (السيطرة على حجم الكتلة النقدية)،
3
وبالتالي التأثير على مستوى األسعار و النشاط االقتصادي بشكل عام.
وتنقسم الرقابة على االئتمان التي يشرف عليها للبنك المركزي إلى ثالثة مجاالت ،وفقا لألساليب
التي يستخدمها البنك المركزي ،وتبعا لطبيعة النظام االقتصادي المتبع ،ودرجة تطور االقتصاد،
وهذه المجاالت هي كاآلتي:4
المجال :1رقابة كمية على االئتمان ،حيث يقوم الحجم الكمي لالئتمان على حجم االحتياطات النقدية
المتوافرة لدى المصارف (السيولة لدى البنوك التجارية) ونسبة االحتياطي النقدي القانوني تجاه
1مدحت صادق " ،النقود الدولية وعمليات الصرف األجنيب " ،دار غريب للطباعة والنشر والتوزيع ،القاهرة ،مصر ،1997،ص .230
40
للدولة وقبض الضرائب ،ودفع نفقات الميزانية للدولة ،كما أنها تشرف على إدارة ديون الدولة
وتقوم بدور المصرف لها ،وذلك للحصول ودائع المدخرين عن طريق حسابات مفتوحة في
مراكز الصكوك البريدية ،وتصدر سندات قصيرة األجل ومتوسطة األجل للحصول على قروض
1
من المواطنين.
وتعتبر الخزينة العامة أحد األطراف المتدخلة في النظام المصرفي حتى تتمكن من تسيير األموال
العامة لصالح الشركات والمؤسسات العامة ،حيث قد ترأس مجمل مؤسسات القرض وتعمل على
حسن تسيير مصالحهم ومهامهم (في حالة النظام االشتراكي) ،تساهم في تسيير الجماعات العامة
في جميع القطاعات (الصناعية ،المالية والتجارية) ،قد تشترك في إدارة المؤسسات المالية
واالقتصادية العالمية مثل صندوق النقد الدولي والبنك العالمي ،تسير تقنيات المالية العامة لصالح
الشركات والمؤسسات العامة ،ال تلعب دور المقرض ومقترض وإنما تضع وسائل تدخل لتقليص
تكاليف الموارد المالية المقدمة للمؤسسات العامة ،فهي بذلك تسهل على هذه المؤسسات الدخول
إلى السوق المالي .قد تمنح سلفيات مالية من أجل البحث وبعض الصناعات األساسية للدولة
وتحرص على التوازنات الكبرى التي تكمن في الحاجيات والقدرات المالية مثل توازنات
الخزينة ،توازن أسواق رؤوس األموال ،التوازنات النقدية وتوازن سوق المبادالت.
4-IVالبنوك والمؤسسات المالية:
تعتبر البنوك والمؤسسات المالية عناصر أساسية في عملية تنشيط االقتصاد وشرط ضروري
لتحقيق النمو االقتصادي ،فهي تمثل أهم مصدر لالئتمان بالنسبة لكل الوحدات االقتصادية ،حيث
تقدم تشكيلة متنوعة من الخدمات المالية كمنح القروض وتلقي الودائع ،باإلضافة إلى ذلك فهي
تتولى إصدار األوراق المالية في السوق المالي نيابة عن المؤسسات االقتصادية ،كما تقوم بتسيير
وإدارة المحافظ المالية لصالح الوحدات االقتصادية المختلفة وإنجاح المعامالت المالية
2
واالقتصادية المحلية والدولية من خالل توفير مجموعة من وسائل الدفع.
1-4-IVتعريف البنوك والمؤسسات المالية:
إن كلمة "البنك" اشتقت من المقاعد التي كان يجلس عليها الصرافون في أسواق البندقية
وأمستردام ،حيث يعود األصل اللغوي لهذه الكلمة إلى الكلمة االيطالية بانكو ( )BANCAوالتي
1أمحد هين " ،العملة والنقود " ،ديوان املطبوعات اجلامعية ،الطبعة األوىل ،1991 ،ص .57
2حممد الصاحل احلناوي ،عبد الفتاح عبد السالم " ،املؤسسات املالية " ،الدار اجلامعية اإلسكندرية ،1998 ،ص .198
41
تعني المصطبة التي كان يجلس عليها الصيارفة لتحويل العملة ،ثم تطور المعنى بعد ذلك ،حيث
أصبحت تعني هذه الكلمة المنضدة التي يتم عد وتبادل العمالت ،وفي األخير أصبحت كلمة بنك
تعني المكان الذي توجد فيه تلك المنضدة والذي تجرى فيه المتاجرة بالنقود ،وكان أول ظهور
1
للبنك سنة 1517بالبندقية ،ثم بنك أمستردام عام .1609
ويعرف البنك على أنه:
منشأة تنصب عملياتها الرئيسية على تجميع النقود الفائضة عن حاجة الجمهور أو منشآت
األعمال أو الدولة لغرض إقراضها آلخرين وفق أسس معينة ،أو استثمارها في أوراق مالية
2
محددة.
هو وسيط مالي يقوم بتجميع فوائض األموال للمدخرين من مختلف األعوان واألفراد
ليقرضها المحتاجين إليها من المستثمرين في شكل قروض في أغلب الحاالت ،ويأخذ نظير
هذه الوساطة الفرق بين معدل الفائدة الدائنة (التي يستحقها المودعون) ومعدل الفائدة المدينة
3
(التي يدفعها المقرضون).
و من خالل هاذين التعريفين يظهر أن البنك كمؤسسة مالية تعمل على خلق النقود المصرفية من
خالل توزيع القروض انطالقا من الودائع التي تحصل عليها ،وبذلك يكون البنك كوسيط نقدي بين
المدخرين والمستثمرين .كما يقوم البنك بوضع عدة طرق مالية وتقنيات للتمويل المصرفي لحشد
االدخارات كإصدار األوراق المالية الثانوية ،وبذلك يكون البنك كوسيط مالي.
وحد يثا تطور مفهوم البنك حيث لم يبقى كمؤسسة مالية تنتظر ودائع األفراد والمؤسسات لتمنح به
القروض ،بل أصبح يبحث بنفسه عن الفائض المالي من خالل عرضه لخدمات ومنتوجات مالية
وبنكية حديثة (ابتكارات مالية وتقنيات جديدة) تتماشى مع التطورات االقتصادية والمالية (العولمة
االقتصادية والعولمة المالية) التي تعتمد على التكنولوجيا واالتصاالت الحديثة.
أما المؤسسات المالية هي عبارة عن شركات أعمال تعمل في سوق المال ،وتمتلك أوراق مالية
كاألسهم والسندات والصكوك المالية ( أصول مالية أو التزامات ومستحقات لدى الغير كاألسهم،
السندات والقروض) بدال من األصول الثابتة (المعدات والمواد الخام والمباني ،)...حيث تقوم هذه
1أمحد نبيل النمريي " ،مبادئ يف العلوم املصرفية " ،مؤسسة الوراق للنشر والتوزيع ،الطبعة األوىل ،عمان ،1981 ،ص 8
2شاكر القزويين ،مرجع سبق ذكره ،ص .25
3حممود محزة الزبيدي ،مرجع سبق ذكره ،ص .16
42
المؤسسات بإقراض أو تسليف زبائنها سواء كانوا مستهلكين أو مستثمرين لشراء السلع والخدمات أو
شراء السندات المالية من سوق النقد أو سوق األوراق المالية ،كما تقدم أنواع مختلفة من الخدمات
1
المالية في االقتصاد مثل خدمات التأمين ،وحفظ الودائع وتحويل المبالغ وآلية الدفع.
2-4-IVأنواع البنوك والمؤسسات المالية:
هناك نوعان من البنوك والمؤسسات المالية:
بنوك ومؤسسات مالية وسيطة (تقوم بدور الوساطة المالية).
بنوك ومؤسسات مالية غير مصرفية (ال تقوم بدور الوساطة المالية).
أ -بنوك ومؤسسات مالية وسيطة :هي تلك البنوك والمؤسسات المالية التي تعمل على شراء أوراق
مالية تصدر من المدينين أصحاب العجز المالي ،تسمى باألوراق المالية األولية ( Primary
،) Securitiesوفي نفس الوقت تبيع أوراق مالية تصدر منها للدائنين أصحاب الفائض المالي والتي
تسمى باألوراق المالية الثانوية ( ،)Secondary Securitiesوخير مثال لهذه البنوك والمؤسسات
المالية :البنوك التجارية التي تتلقى الودائع ،بنوك ومؤسسات مالية أخرى التي ال تتلقى الودائع
كشركات التأمين وبنوك االدخار ،صناديق المعاشات وغيرها.
-البنوك التجارية ) :)Commercial Bankتعرف البنوك التجارية بأنها عبارة عن مؤسسات ائتمانية
غير متخصصة ،تضطلع أساسا بتلقي ودائع األفراد القابلة للسحب لدى الطلب أو بعد أجل قصير،
والتعامل بصفة أساسية في االئتمان القصير األجل .2كما تعرف بذلك النوع من البنوك الذي يستطيع
3
دون غيره من المؤسسات المالية األخرى ،أن يخلق نقود الودائع (النقود المصرفية).
وتسمى البنوك التجارية كذلك بنوك الودائع ألن الجزء األكبر من أموالها يتكون من ودائع الجمهور
المختلفة ،وتقوم بتوظيف األموال لمدة قصيرة ال تتجاوز سنة كاالئتمان التجاري ،ومن أهم آمالها
منح القروض وخصم األوراق المالية وفتح االعتمادات وإصدار خطابات الضمان وتسهيل عملية
الدفع باإلنابة وغيرها .4وتتلخص أهم أعمال البنك التجاري في ما يلي:
تلقي أو قبول الودائع من مختلف الجهات (جمع المدخرات).
1ضياء جميد " ،اقتصاديات النقود والبنوك " ،مؤسسة شباب اجلامعة ،اإلسكندرية ،مصر ،2005 ،ص .254
2عبد الوهاب يوسف أمحد ،مرجع سبق ذكره ،ص .151
3عبد الوهاب يوسف أمحد ،مرجع سبق ذكره ،ص 147و.148
44
اآلخرون وذلك عن طريق حصولهم على قروض بفوائد بسيطة وشروط سهلة ،كما
ترشدهم إلى الطرق األحسن الستغالل أراضيهم.
الشكل رقم :1-IVنشاطات البنوك التجارية.
منح القروض
اعتمادات مقاولين (صفقات العمومية)
سلف بضمان مرتبات محولة على البنك
املصدر :عبد الغفار حنفي ،عبد السالم أبو قحف " ،اإلدارة احلديثة يف البنوك التجارية " ،الدار اجلامعية ،1991 ،ص .27
45
البنوك الشعبية :هي بنوك تتولى إقراض المشتركين من رأس مالها بفوائد زهيدة ويطلق
عليها أحيانا البنوك التعاونية.
البنوك العقارية :هي تقوم بمنح القروض آلجال طويلة مقابل رهن عقاري من مباني أو
أراضي ،وتعمل دائما تحت إشراف ورقابة الدولة ،فهي تعمل على تسهيل المأوى
للمواطنين وتهيئة السكن المالئم مما تساعد على استقرار األسر.
بنوك تمويل التجارة الخارجية :هي بنوك تهتم بتمويل التجارة الخارجية والعمليات
1
الخاصة بها.
-صناديق االستثمار والمعاشات :تعرف على أنها عقد شركة بين إدارة الصندوق والمساهمين
فيه ،يدفع بمقتضاها المساهمون مبالغ نقدية معينة إلى إدارة الصندوق في مقابل حصولهم على
وثائق تثبت مساهمتهم بالصندوق وحجم مساهمتهم ،كما يتعهد الصندوق باستثمارها في بيع
وشراء األوراق المالية ،ويشترك المساهمون في األرباح الناتجة من استثمارات الصندوق كل
2
بنسبة ما يملكه من حصة فيه.
-بنوك االدخار :تستقطب فئات من ذوي الدخل المحدود ،وأغلب هذه المصارف ال تستهدف
الربح بصورة خاصة ،وإنما استقطاب المدخرات وتشغيلها في استثمارات محدودة ،وتلقى هذه
المصارف دعما من مختلف شرائح المجتمع ومن الحكومية.
-البنوك اإلسالمية :هي بنوك حديثة النشأة ،تسعى إلى التخلي عن سعر الفائدة وإتباع قواعد
الشريعة اإلسالمية في التعامل بينها وبين عمالئها ،ويمكن تلخيص الخصائص األساسية لهذا
النوع من البنوك فيما يلي:3
استبعاد التعامل بالفائدة.
توجه الجهد نحو التنمية عن طريق االستثمارات.
ربط التنمية االقتصادية بالتنمية االجتماعية.
-منشآت التأمين ضد الحوادث (شركات التأمين) :تختص هذه الشركات بالدرجة األساسية
بالتأمين ضد المخاطر المحتملة التي يمكن أن يتعرض لها المواطنون ،البضائع والمنشآت على
1حممود يونس حممد ،عبد النعيم حممد مبارك ،مرجع سبق ذكره ،ص .351
2هندي منري " ،األوراق واألسواق املالية " ،منشأة املعارف اإلسكندرية ،مصر ،2000 ،ص .199
3حممود يونس حممد ،عبد النعيم حممد مبارك ،مرجع سبق ذكره ،ص 357و.358
46
اختالف أنشطتها وفعاليتها ،وذلك عن طريق استيفاء أقساط التأمين من المؤمن له ،ومن ثم تغطية
الخسائر عند وقوعها فعال ،كما تقوم بدور آخر يتمثل في جمع المدخرات من الوحدات االقتصادية
ذات الفائض المالي في شكل أقساط التأمين وتوجهها للوحدات االقتصادية ذات العجز المالي،
لذلك تتدخل السلطات النقدية (البنك المركزي) في عمل شركات التأمين حيث تجبرها مثل البنوك
التجارية على االحتفاظ بنسبة من االحتياطات النقدية لديها.
ب -بنوك ومؤسسات مالية غير مصرفية (غير وسيطة) :هذه المؤسسات المالية ال تعتبر وسيطة
مالية ،وإنما دورها يقتصر على نقل األوراق المالية المصدرة من منظمات األعمال إلى
المستثمرين .1وهي تنقسم إلى ثالثة أنواع:
-بنوك االستثمار أو الرهان :من الصعب وضع تعريف محدد لبنوك االستثمار وذلك بسبب تعدد
األنشطة التي تضطلع بها في الوقت الحاضر ،ولكن الدور األساسي لهذه البنوك هو اإلسهام في
تمويل وإدارة االستثمارات لتحقيق التنمية ،فهي تقوم بالتعرف على فرص االستثمار ،وتقييم
المشروعات واختيارها وتأسيسها ،وتقوم بتدبير الموارد المالية ذات اآلجال المناسبة متوسطة
وطويلة األجل ،وتقوم بمتابعة المشروعات التي تقوم بتمويلها .2والوظائف األساسية لبنوك
االستثمار هي:3
الوظيفة التنموية :لها دور هام في تنمية االقتصاد الوطني عن طريق استقطاب المستثمرين
والمنظمين من خالل دراسة الجدوى الفنية واالقتصادية والمالية ،ودراسة األوضاع
االقتصادية واالستثمارية والمالية والقوانين وتقدم االقتراحات .فبنوك االستثمار تقدم يد
العون لمنظمات األعمال والجهات الحكومية عند إصدارها لألوراق المالية الجديدة في
السوق المالي ،كما توفر التسهيالت الالزمة لتداول األوراق المالية داخل السوق الثانوي،
فهي تنفذ أوامر الشراء والبيع نيابة عن جمهور المستثمرين مقابل عمولة معينة.4
الوظيفة التمويلية :تقدم التمويل للمشروعات مستندة على األسهم والسندات المقترحة
لالكتتاب العام الصادرة من قبل الشركات وبيوت االستثمار ،وتعتبر صناديق المعاشات
وشركات التأمين أهم الممولين لهذه البنوك.
1عبد الغفار حنفي ،رمسية قرياقص " ،أسواق املال ومتويل املشروعات" ،دار اجلامعة اإلسكندرية ،2005 ،ص .190
2حممود يونس حممد ،عبد النعيم حممد مبارك ،مرجع سبق ذكره ،ص 355و.356
3إبراهيم خمتار " ،بنوك االستثمار " ،مكتبة األجنلو املصرية ،طبعة ثانية ،1987 ،ص 32إىل .34
4السيد البدوي عبد احلافظ ،مرجع سبق ذكره ،ص .218
47
الوظيفة الرقابية :والتي تتمثل في متابعة المشروعات.
هذه المجموعة من البنوك تعمل فقط على تحويل األوراق المالية من قبل المدينين إلى الدائنين أو
المدخرين دون أن تصدر أوراق مالية جديدة مثل ما تفعله المجموعة األولى من البنوك الوسيطة.
-مضاربي أو سماسرة األوراق المالية ( )Securities Brokersووكالء أو تجار األوراق المالية
( :)Securities Dealersيعمل مضاربي أو سماسرة األوراق المالية كوسطاء بين البائع
والمشتري ،وتنحصر مهمتهم في جمع البائع والمشتري إلكمال الصفقة المالية ،ويأخذون
عموالت نظير الخدمات التي يقدموها للبائع والمشتري ،وتتمثل في عملية البحث عن السوق (ال
يتعرض السماسرة إلى أية مخاطرة في عمليات البيع) ،أما وكالء أو تجار األوراق المالية فليس
عليهم فقط جمع طرفي الصفقة المالية ،بل لديهم رؤوس أموال تمكنهم من شراء أوراق مالية من
1
المدينين متوقعين بذلك إمكانية إعادة بيعها في المستقبل بأسعار مجزية محققة لهم أرباحا.
سنحاول في هذا الجزء الخامس توضيح مفهوم السياسة النقدية التي يشرف عليها البنك
المركزي والتي تهدف إلى تنظيم الجهاز المصرفي والسوق المالي ،وضبط عرض النقود
المتوفرة في المجتمع على النحو الذي يحقق استقرار األسعار والتحكم في التضخم .فالسياسة
النقدية هي واحدة من السياسات االقتصادية التي تهدف إلى تحقيق أهداف االقتصاد النقدي والتي
تتمثل في كبح جماح التضخم وخفض معدالت البطالة ،والحفاظ على معدل نمو اقتصادي مستمر،
وتحقيق التوازن الخارجي في ميزان المدفوعات ،وتقوم السياسة النقدية بطريقتين:1
سياسة نقدية توسعية :وتنفذ في حالة الركود حيث يقوم البنك المركزي عبر وسائله (أدوات
كيفية مباشرة وأدوات كمية غير مباشرة للسياسة النقدية) بزيادة عرض النقود المتداولة في
أيدي الجمهور ،ومن ثم تؤذي إلى انتعاش الطلب الكلي والذي بدوره يقود إلى زيادة
اإلنتاج وانخفاض معدالت البطالة.
سياسة نقدية انكماشية :وتنفذ في حالة التضخم أو فائض الطلب الكلي ،وذلك بهدف التقليل
من عرض النقود المتداولة في أيدي الجمهور عبر الوسائل النقدية للبنك المركزي ،ومن
ثم تؤذي إلى خفض ارتفاع األسعار والطلب الكلي.
فالسياسة النقدية حاليا تعد الوظيفة األساسية للبنك المركزي ،الذي ينفرد وحده بالتشاور مع
الحكومة في وضع هذه السياسة بغرض تنظيم وضبط عرض النقود المتوفرة في المجتمع على
النحو الذي يحقق استقرار األسعار والتحكم في التضخم ،فالبنك المركزي يلجأ إلى السياسة النقدية
كأداة لمعالجة االختالالت االقتصادية من أجل المحافظة على االستقرار والتوازن االقتصادي
العام.
1-Vمفهوم ،تعريف وأهداف السياسة النقدية:
تعددت مفاهيم السياسة النقدية بتعدد واختالف األفكار والنظريات االقتصادية عبر فترات زمنية
متتالية ،وقد أعطيت للسياسة النقدية تعاريف مختلفة من طرف العديد من االقتصاديين:2
1عبد اجمليد قدي " ،املدخل إىل السياسات االقتصادية الكلية ،دراسة حتليلية تقييمية " ،ديوان املطبوعات اجلامعية ،الطبعة الثالثة ،اجلزائر ،2006 ،ص.53
2ضياء جميد املوسوي " ،االقتصاد النقدي " ،دار الفكر ،اجلزائر ،1993 ،ص .173
3عبد اجمليد قدي " ،املدخل إىل السياسات االقتصادية الكلية ،دراسة حتليلية تقييمية " ،مرجع سبق ذكره ،ص.53
4عبد املنعم السيد علي " ،دراسات يف النقود والنظرية النقدية " ،مرجع سبق ذكره ،ص .373
50
و تختلف أهداف السياسة النقدية بين الدول المتقدمة والدول النامية ،وحسب درجة التقدم
االقتص ادي واالجتماعي ،والنظم االقتصادية السائدة واحتياجات وأهداف المجتمعات .ففي أغلب
الدول الصناعية المتقدمة هناك اتجاه متزايد نحو عدم التوسع في هذه األهداف واالقتصار على
هدف واحد للسياسة النقدية الذي يتمثل في استقرار األسعار ،بمعنى أخر استهداف التضخم ،أما
في الدول النامية فال يزال من وراء استخدام السياسة النقدية العديد من األهداف كتشجيع النمو
االقتصادي المصحوب بالعمالة ،وتحقيق االستقرار النقدي بمحاربة التضخم ،وضمان قابلية
الصرف ،والمحافظة على قيمة العملة ،وتطوير أسواقها المالية والنقدية .بمعنى أنه مهما اختلفت
النظريات االقتصادية ،فالسياسة النقدية أيضا تتغاير أهدافها ودورها من نظرية ألخرى ،لكن تبقى
األهداف األساسية لهذه السياسة مشتركة في الدول المتقدمة ،لكنها تختلف كثيرا عن أهدافها في
الدول النامية ،حيث:1
في الدول المتقدمة تهدف السياسة النقدية إلى :تحقيق حجم اإلنتاج في مستوى االستخدام
الشامل والمحافظة عليه .العمل على استقرار األسعار وثباتها وتحقيق التوازن الخارجي،
أي استقرار سعر الصرف األجنبي للعملة الوطنية في مستوى االستخدام الشامل ( تحقيق
التوازن الداخلي والخارجي).
في الدول النامية تهدف السياسة النقدية إلى :تحقيق نمو اقتصادي حقيقي ومتوازن .تطوير
المؤسسات النقدية والمالية والمصرفية على أسس عالمية وسليمة .ضمان قابلية الصرف،
المحافظة على قيمة العملة ودعم السياسة االقتصادية للدولة.
وتبقى معدالت الفائدة من أهم وسائل تأثير السياسة النقدية ،لذلك يعمل البنك المركزي على
مر اقبتها نظرا ألن مستواها وتطورها يؤثران مباشرة على تصرفات المتعاملين االقتصاديين من
حيث االستهالك واالدخار ،كما تؤثر على اختيارات مالكي رؤوس األموال بين استثمارها
وتوظيفها في شكل مدخرات ،لذلك ال تستطيع السلطات تحديد سقف معين لمعدل الفائدة ألن قوى
2
العرض والطلب على النقود هي التي تقرر ذلك.
1عبد املنعم السيد علي " ،دراسات يف النقود والنظرية النقدية " ،مرجع سبق ذكره ،ص.403
2
Marc Mantoussé, « Economie Monétaire et financière », Edition Leila Moussouni, 2000, P 220 à 223.
51
2-Vأدوات السياسة النقدية:
لتحقيق األهداف المسطرة للسياسة النقدية يستخدم البنك المركزي بصفته المسؤول عن تسيير
وتنظيم الكتلة النقدية ،مجموعة من األدوات والوسائل بحسب الحاالت التي تواجه االقتصاد من
تضخم أو انكماش ،ويختلف استخدام هذه األدوات من اقتصاد آلخر ،ويختلف كذلك حسب نوع
األهداف المحددة والقطاعات المستهدفة .وتشمل أدوات السياسة النقدية على نوعين من الوسائل:
مباشرة أو تلقائية ،كيفية أو نوعية ،وتستهدف أنواعا محددة من االئتمان الموجه لقطاعات معينة
أو ألغراض محددة ،وأخرى غير مباشرة (كمية) تستهدف الحجم الكلي لالئتمان المتاح في البلد
دون المحاولة للتأثير على تخصيصه بين مختلف االستعماالت.
1-2-Vاألدوات المباشرة للسياسة النقدية:
تستهدف هذه األدوات التأثير في نوع االئتمان ووجهته وليس في مقاديره ،أي دون النظر إلى
حجم وكمية االئتمان ،ومن بين أهم أنواع أدوات السياسة النقدية المباشرة نجد:1
أ -تسقيف االئتمان ( :)Plafondهو إجراء تنظيمي تقوم بموجبه السلطات النقدية بتحديد أسقف
أو حدود للقروض التي ال يمكن ألي بنك تجاوزها ،وهذا التحديد ألسقف القروض يتم بكيفية
إدارية مباشرة وفق لنسب محددة يضعها البنك المركزي ،واعتماد هذا األسلوب يهدف إلى الحد
من التوسع في القروض الممنوحة من طرف البنوك خاصة البنوك التجارية ،وكل مخالف لهذا
السقف يتعرض لعقوبات صارمة وغرامات مالية من طرف السلطات النقدية.
ب -توجيه القروض ( :)Encadrement du Créditsتقوم بموجبه السلطات النقدية بتحديد
مستويات معينة من القروض التي يجب توجيهها لقطاع معين أو نشاط معين ،أو توفير تسهيالت
ائتمانية مباشرة لقطاعات ذات األولوية بالنسبة للدولة والتي تعتمد عليها من أجل تحقيق االزدهار
االقتصادي ،كما تستعمل السلطات النقدية هذه األداة للحد من توجيه التمويل في شكل قروض
استهالكية بشكل عام.
1انظر إىل:
-أسامة بشري الدباغ ،أثيل عبد اجلبار اجلورمد " ،املقدمة يف االقتصاد الكلي " ،دار املناهج ،عمان ،األردن ،2003 ،ص 331إىل .341
-عبد اجمليد قدي " ،املدخل إىل السياسات االقتصادية الكلية ،دراسة حتليلية تقييمية " ،مرجع سبق ذكره ،ص 80إىل .91
-حممد دويدار ،أسامة حممد الفويل "،مبادئ االقتصاد النقدي " ،دار اجلامعة اجلديدة ،اإلسكندرية ،مصر ،2003 ،ص 256إىل .261
52
ج -النسبة الدنيا للسيولة :ويقتضي هذا األسلوب أن يقوم البنك المركزي بإجبار البنوك التجارية
لالحتفاظ بنسبة دنيا من السيولة ،تتحدد عن طريق بعض األصول المنسوبة إلى بعض مكونات
الخصوم ،وهذا حتى ال تفرط البنوك التجارية في منح القروض.
د -تحديد حصص إعادة الخصم :أي تحديد الحصص التي من خاللها يقوم البنك المركزي بإعادة
التمويل التي يسمح بها لكل بنك تجاري (إعادة خصم األوراق المالية واألوراق التجارية).
ه -الودائع المشروطة من أجل االستيراد :ويقتضي هذا األسلوب على إرغام المستوردين بوضع
المبالغ الالزمة لتسديد ثمن الواردات في شكل ودائع لدى البنك المركزي لمدة محددة ،وقد تؤذي
هذه العملية إلى ارتفاع تكاليف الواردات ،ومن شأن ذلك تقليل حجم القروض الموجهة لتمويل
الواردات وبالتالي تقليل حجم القروض الموجهة لالقتصاد.
و -الودائع الخاصة :يطلب البنك المركزي من البنوك التجارية االحتفاظ بودائع لديه تسمى
بالودائع الخاصة ،وهي تختلف تماما عن االحتياطي اإللزامي واإلجباري ،كما أنها ليست قابلة
للسحب ما لم يخطرها البنك المركزي بذلك ،وتستخدم هذه األداة للتأثير على حجم االئتمان في
1
حالة الركود أو الرواج االقتصادي.
ي -تسقيف معدالت الفائدة على الودائع :تتمثل هذه األداة في تحديد معدالت الفائدة على الودائع
عند مستويات منخفضة وتمييزية بهدف تشجيع االستثمار.
ن -قيام البنك المركزي ببعض العمليات المصرفية :تستخدم البنوك المركزية هذا األسلوب في
البلدان التي تكون فيها أدوات السياسة النقدية محدودة األثر ،حيث تقوم البنوك المركزية بمنافسة
البنوك التجارية بأدائها لبعض األعمال المصرفية كتقديمها للقروض لبعض القطاعات األساسية
في االقتصاد.
م -هامش الضمان المطلوب :هو ذلك المقدار النقدي الذي يحصل عليه العمالء عن طريق
االقتراض من البنوك التجارية لتمويل مشترياتهم من األوراق المالية ،فباستطاعة العمالء
الحصول على مقدار معين من النقود من البنوك التجارية لتمويل نسبة معينة من قيمة األوراق
المالية ،والتسديد الباقي يكون من أموالهم الخاصة ،وتلك النسبة تعرف باسم "هامش الضمان".
فالبنك المركزي قد يأمر البنوك التجارية برفع هذا المقدار في حالة الركود (الكساد االقتصادي)،
1عبد اجمليد قدي " ،املدخل إىل السياسات االقتصادية الكلية ،دراسة حتليلية تقييمية " ،مرجع سبق ذكره ،ص .83
54
طريق التأثير على حجم األرصدة النقدية لدى البنوك التجارية ،ومن تم على قدرتها في منح
االئتمان وخلق نقود للودائع .ومن أهم هذه األدوات ما يلي:1
أ -سياسة سعر الخصم (سياسة معدل إعادة الخصم) :وهو سعر الفائدة الذي يتقاضاه البنك
المركزي من البنوك التجارية في حالة لجوء هذه البنوك لطلب االقتراض القصير األجل أو خصم
األوراق المالية في المدة القصيرة .2ويعد بنك انجلترا أول من طور سعر الخصم كوسيلة للسيطرة
على االئتمان بداية من سنة ،1847إذ كان يسمى آنذاك باسم "سعر البنك" .3فإذا أراد البنك
المركزي إحداث انكماش أو تخفيض في حجم االئتمان المصرفي فانه يقوم برفع سعر الخصم،
وبالتالي ترتف ع أسعار الفائدة على القروض ،فينخفض الطلب الكلي عليها سواء كان بالنسبة
للبنوك التجارية أو األفراد ،وعليه ينخفض حجم االئتمان المصرفي ،والعكس صحيح .وتعتبر
سياسة سعر الخصم التي يتبعها البنك المركزي بمثابة مؤشر عن الوضع االقتصادي السائد
(ركود أو رواج) ،ومن ثم ت تبع البنوك التجارية اتجاها انكماشيا أو توسعيا في نشاطها االئتماني
واالستثماري.
ب -سياسة السوق المفتوحة ( :)Open Marketsويقصد به قيام البنك المركزي ببيع وشراء
األوراق المالية في السوق المالي والنقدي (يتدخل كبائع ومشتري لهذه األوراق المالية) ،كمحاولة
منه للت أثير على النشاط االقتصادي من خالل تأثيره بطريقة غير مباشرة على سيولة السوق
النقدي والمالي وبالتالي على سيولة األفراد والبنوك خاصة البنوك التجارية باعتبارها أهم طرف
في السوق النقدي ( التخفيض من حجم نشاط االئتماني واالستثماري للبنوك التجارية) .وقد ظهرت
هذه األداة سنة 1930بعد اكتشاف محدودية أداة معدل إعادة الخصم ،ويتم اآلن استخدامها على
نطاق واسع .4ففي حالة الرواج أو االزدهار االقتصادي (تضخم) ،يقوم البنك المركزي ببيع
األوراق المالية في السوق المالي والنقدي المتصاص جزء من األموال المتداولة ،أي تخفيض
حجم األرصدة النقدية لدى البنوك واألفراد ،ومن تم ينخفض عرض النقود والذي بدوره يؤدي
إلى انخفاض الطلب الكلي والتضخم .أما في حالة الركود االقتصادي يقوم البنك المركزي بشراء
األوراق المالية لتوفير السيولة النقدية الالزمة في االقتصاد ككل وذلك بهدف زيادة عرض النقود
1انظر إىل:
-عبد اجمليد قدي " ،املدخل إىل السياسات االقتصادية الكلية ،دراسة حتليلية تقييمية " ،مرجع سبق ذكره ،ص .91
-أسامة بشري الدباغ ،أثيل عبد اجلبار اجلورمد ،مرجع سبق ذكره ،ص 334و.335
56
تختلف باختالف الظروف االقتصادية السائدة (رواج أو ركود) ،لكن يبقى الغرض من هذه
السياسة ما يلي:
حماية أموال الجمهور المودعة في البنوك التجارية والمؤسسات المالية.
التأثير على حجم االئتمان الذي تمنحه البنوك التجارية (خلق النقود في االقتصاد) ،ففي
حالة الركود االقتصادي يعمل البنك المركزي على تخفيض نسبة االحتياطي القانوني،
ومن تم يزيد حجم االئتمان المصرفي الممنوح لعمالء البنوك التجارية ،والعكس في حالة
الرواج أو االنتعاش االقتصادي.
وتستعمل هذه األداة بقوة في أغلب الدول النامية ،أين يستحيل استعمال عمليات السوق المفتوحة
في ظل غياب األسواق المالية والنقدية ،وبالتالي محدودية تأثير سياسة إعادة الخصم .1وقد
تعرض أسلوب االحتياطي القانوني لعدة انتقادات:2
يتأثر حجم االئتمان في الواقع بالطرق االقتصادية والمالية ،لدى فإن أي تغير في
االحتياطي القانوني ال يؤد ي بالضرورة إلى التغير في حجم االئتمان ،بمعنى أن هذا
األسلوب يفتقر إلى الدقة في التأكد من مقدار التغير الضروري في معدل االحتياطي
القانوني.
قد يؤثر معدل االحتياطي القانوني على ربحية البنوك التجارية مما يؤدي إلى زيادة تكلفة
اإلقراض.
الطبيعة التمييزية لهذا األسلوب تعود إلى أن أثره يختلف باختالف البنوك ،فالبنوك التي
تمتلك ودائع كبيرة تتأثر قليال بالمقارنة مع البنوك الصغيرة ذات الودائع المتواضعة.
قد يؤثر معدل االحتياطي القانوني على أسعار األوراق المالية خاصة السندات العمومية،
فرفع هذا المعدل يؤثر على قدرة البنوك على اإلقراض ،مما يجعلها تسعى إلى تعويض
السيولة التي هي بحاجة إليها عن طريق بيع األوراق المالية فتنخفض أسعارها.
سياسة االحتياطي اإلجباري غير مرنة ،نتيجة لعجزها عن مواجهة االنخفاض أو الزيادة
في احتياطات البنوك في أماكن مختلفة وفي نفس األوقات.
1حممد عبد العزيز عجمية ،مدحت العقاد " ،النقود والبنوك يف العالقات االقتصادية الدولية " ،دار النهضة العربية ،بريوت ،2003 ،ص .110
2عبد املنعم السيد علي " ،اقتصاديات النقود واملصارف " ،مطبعة العلين ،بغداد ،1980 ،ص .498
57
ويقترح أغلب االقتصاديون أن تقترن هذه السياسة بسياسة السوق المفتوحة لمواجهة وتجنب هذه
النقائص السالفة الذكر .والشكل ( )1.5يبين دور البنك المركزي في الرقابة على االئتمان والتحكم
فيه من حيث تنظيمه ،االستثمار ،اإلنتاج ،التشغيل (العمالة) ،األسعار واألجور والنمو االقتصادي
للدولة.
الشكل رقم :1-Vتأثير السياسة النقدية على االقتصاد.
البنك المركزي
يؤثر على
يؤثر في
النمو االقتصادي
املصدر :زياد رمضان ،حمفوظ جودة " ،االجتاهات املعاصرة يف إدارة البنوك " ،دار وائل للنشر ،الطبعة األوىل ،عمان ،األردن،2000 ،
ص .189
58
-VIاستقاللية البنك المركزي في تنفيذ السياسة النقدية
في السنوات األخيرة ،كثر النقاش حول إشكالية استقاللية البنك المركزي نظرا للتغيرات
االقتص ادية والمالية التي شهدها العالم ،وتحول أغلب الدول النامية نحو اقتصاد رأسمالي حر،
فمعظم االقتصاديون يعتبرون أن استقاللية البنوك المركزية في وضع السياسة النقدية أمر
ضروري من أجل سالمة النظام المالي بشكل خاص واالقتصاد بشكل عام .سنحاول في هذا
الجزء السادس توضي ح مفهوم استقاللية البنك المركزي وأثرها على المؤشرات االقتصادية،
مبرزين في ذلك االتجاهات الحديثة للبنوك المركزية.
1-VIمفهوم وتعريف استقاللية البنك المركزي:
تعني استقاللية البنك المركزي في مفهومها القانوني حجم السلطات الممنوحة للبنك المركزي في
صياغة السياسة النقدية وإدارتها ،ومن ثم مدى إمكانية مساءلة البنك المركزي عن تحقيق واإلبقاء
على استقرار األسعار .1وتعني كذلك منح البنك المركزي االستقاللية الكاملة في إدارة السياسة
النقدية ،من خالل عزله عن أية ضغوط سياسية من قبل السلطات التنفيذية من جهة ،ومن خالل
2
منحه حرية التصرف الكاملة في وضع وتنفيذ السياسة النقدية.
كذلك تعني استقاللية البنك المركزي انفراده في إدارة السياسة النقدية ،دون استعماله كأداة لتمويل
العجز المتزايد في ميزانية الحكومة .3واستقاللية البنك المركزي ال تعني استقالله عن الحكومة
بشكل تام وانفصاله الكامل عنها ،فهو مؤسسة حكومية إال أن االستقاللية تعني حريته في اتخاذ
قراراته خاصة في ما يتعلق منها بالسياسة النقدية ،باإلضافة إلى الحرية التي يتمتع بها
المسؤولون في البنك المركزي ودورها في اتخاذ قراراته.
وبسبب التطورات االقتصادية والمالية التي عرفتها بعض البلدان في عقد السبعينات والثمانينات
من القرن الماضي ،بدأت تظهر أهمية استقاللية البنوك المركزية ،ويبقى السبب الرئيسي للمناداة
بهذه االستقاللية هو عدم فعالية السياسة النقدية في محاربة التضخم في أغلب الدول ،لذلك يبقى
الهدف من وراء منح هذه االستقاللية هو زيادة قدرة البنك المركزي على إدارة السياسة النقدية
بصفة أكثر فعالية في تحقيق والمحافظة على استقرار المستوى العام لألسعار.
1منصور زين " ،استقاللية البنك املركزي ،أثرها على السياسة النقدية " ،امللتقى الوطين األول حول " املنظومة املصرفية والتحوالت االقتصادية ،واقع وحتديات "،
يومي 14و15ديسمرب ،2004كلية العلوم اإلنسانية والعلوم االجتماعية ،جامعة حسيبة بن بوعلي ،الشلف ،ص .424
2زينب عوض اهلل وأسامة حممد الفويل ،مرجع سبق ذكره ،ص .284
3عبد اجمليد قدي " ،املدخل إىل السياسات االقتصادية الكلية ،دراسة حتليلية تقييمية " ،مرجع سبق ذكره ،ص .79
59
وهناك مجموعة من المعايير يمكن من خاللها تحديد درجة استقاللية البنوك المركزية ،وهي:1
مدى سلطة وحرية البنك المركزي في وضع وتنفيذ السياسة النقدية ،ومدى حدود تدخل
الحكومة في ذلك ،والهيئة الفاصلة بين الطرفين في حال االختالف بشأن هذه السياسة.
مدى التزام البنك المركزي في تمويل وتغطية العجز في الميزانية الحكومية من خالل
شرائه ألدوات الدين الحكومية المباشرة.
مدى التزام البنك المركزي بمنح التسهيالت االئتمانية للحكومة ومؤسساتها.
مدى سلطة الحكومة في تعيين وعزل محافظي البنوك المركزية ،وأعضاء مجالس إدارتها
ومؤسساتها ،وكذلك طول مدة تعيين محافظي البنوك المركزية ومدى قابليتهم للتجديد
(الجهات المعينة بتعيين محافظي البنوك المركزية هي :مجلس البنك المركزي ،هيئة
مشتركة بين مجلس البنك المركزي والحكومة والبرلمان).
سلطة الحكومة بشأن ميزانية البنك المركزي.
مدى تمثيل الحكومة في المجالس ،وما إذا كان التمثيل للحضور واالستماع أم يمتد إلى
حق التصويت والمشاركة واالعتراض عن اتخاذ القرارات.
مدى أهمية هدف المحافظة على استقرار األسعار وقيمة العملة كهدف أساسي.
مدى مساءلة ومحاسبة البنك المركزي أمام الهيئات األخرى.
2-VIأثر استقاللية البنوك المركزية على المؤشرات االقتصادية:
بحثت العديد من الدراسات عن طبيعة العالقة بين استقاللية البنك المركزي والمؤشرات
االقتصادية كالتضخم وعجز الموازنة والناتج المحلي اإلجمالي .وأكد خبراء اقتصاديون أن
استقاللية البنك المركزي يؤدي إلى استقرار األسعار وتخفيض معدالت التضخم .وقد توصل كل
من PARKIN and BADEفي دراستهما لطبيعة العالقة بين درجة االستقاللية للبنوك المركزية
ومعدالت التضخم لفترة ما بعد 1994ولعينة متكونة من 12دولة ،إلى أن العالقة بين درجة
1انظر إىل:
-زينب عوض اهلل ،أسامة حممد الفويل ،مرجع سبق ذكره ،ص 286و.287
-عياش قويدر ،إبراهيم عبد اهلل " ،أثر استقاللية البنك املركزي على أداء سياسة نقدية حقيقية ،بني النظرية والتطبيق " ،ملتقى حول " املنظومة املصرفية اجلزائرية
والتحوالت االقتصادية ،واقع وحتديات " ،جامعة األغواط ،ص 58و.59
-أسامة حممد الفويل " ،مبادئ النقود والبنوك " ،دار اجلامعة اجلديدة ،اإلسكندرية ،1999 ،ص 232إىل .235
60
استقاللية البنوك المركزية ومعدالت التضخم هي عالقة وطيدة وعكسية .وقد استخلصا أنه في كل
من ألمانيا وسويسرا اللتين يتمتع بنكاهما المركزيان بأعلى درجة من االستقاللية كانت معدالت
التضخم أصغر المعدالت .كما أجريت العديد من الدراسات حول عالقة البنوك المركزية بعجز
الموازنة العامة والتي أظهرت أن هناك دور الستقاللية للبنوك المركزية في تخفيض عجز
الموازنة العامة للدول التي تتمتع باستقاللية بنوكها المركزية عن الضغوطات السياسية .كما
توصلت بعض الدراسات األخرى هناك عالقة موجبة بين درجة استقاللية البنوك المركزية
ومعدل الناتج المحلي اإلجمالي ،ففي دراسة قام بها كل من DEDONG and SUMMERS
حول بين درجة استقاللية البنوك المركزية ومعدل الناتج المحلي اإلجمالي في الدول الصناعية
خالل فترة الممتدة ما بين 1955و ،1990تم التوصل إلى أن درجة استقاللية البنك المركزي
كانت وراء ارتفاع نمو الناتج المحلي اإلجمالي لكل دولة بنسبة % 0.4سنويا.
3-VIاالتجاهات الحديثة للبنوك المركزية:
تتمثل االتجاهات الحديثة للبنوك المركزية في ما يلي:1
االتجاه نحو اإلدارة النقدية غير المباشرة :اتجهت البنوك المركزية في عدد كبير من
الدول المتقدمة إلى تعديل أهداف سياساتها النقدية ،وتعديل األدوات التي تستخدمها لتنفيذ
تلك السياسات ،ألنه اتضح أن هناك متغيرات نقدية تحتاج إلى استخدام سياسات نقدية غير
مباشرة تستهدف إلى السيطرة على معدالت التضخم خاصة سياسة السوق المفتوحة.
اتجهت البنوك المر كزية في عدد كبير من الدول إلى القيام بتطوير وتحرير األسواق
المالية وذلك بتوفير التشريعات الالزمة والسماح بإنشاء بنوك استثمار خاصة للترويج
واالكتتاب في اإلصدارات الجديدة ،والسماح للبنوك المشاركة في ملكية وإدارة
المشروعات وإقامة مؤسسات تمويل مشتركة.
تنمية ال صيرفة االلكترونية والرقابة عليها :تسعى البنوك المركزية إلى تنمية الوعي حول
أهمية الصيرفة االلكترونية وتنمية البنية التحتية والبيئة التشريعية الخاصة بها ،وضرورة
تنمية وسائل رقابية جديدة ،وذلك نظرا لتزايد حدة المنافسة في صناعة الخدمات المالية
االلكترونية وتزايد سرعة تنفيذ العمليات.
1أمحد شعبان حممد علي " ،انعكاسات املتغريات املعا صرة على القطاع املصريف ودور البنوك املركزية ،دراسة حتليلية تطبيقية خمتارة من البلدان العربية " ،الدار
اجلامعية ،اإلسكندرية ،الطبعة األوىل ،2006 ،ص 160إىل .188
61
الفصل بين وظائف رسم السياسة النقدية وتنفيذها ،وبين وظائف الرقابة على الجهاز
المصرفي :إن الوظائف المتعلقة بالرقابة على الجهاز المصرفي يمكن أن تكون من ضمن
مسؤولية البنك المركزي كما هو الوضع في استراليا ونيوزيلندا وفرنسا ،أو يعهد بها إلى
سلطة أخرى (غالبا الوزارة المالية) كما هو الوضع في كندا والنمسا وسويسرا وبلجيكا
والدانمرك وألمانيا والمملكة المتحدة ،أما في الواليات المتحدة األمريكية فيشترك في
المهمة كل من المجلس االحتياط الفدرالي ووزارة المالية والهيئة االتحادية للتأمين على
الودائع.
الفصل بين هدف الصيرفة المركزية وإدارة الدين العام :وذلك كاستجابة لدعوة صندوق
النقد الدولي في أن وجود جهاز مستقل إلدارة الدين العام يساعد على كسب ثقة
المقرضين ،وتخفيض تكلفة القروض الخارجية وتحسين شروطها وتوفير السيولة الالزمة
للدولة وتسهيل لجوئها إلى أسواق المال الدولية.
تطوير العمل اإلداري في محال إدارة احتياطات النقد األجنبي.
الحذر والحيطة المصرفية ( :)Prudentiel Supervisionوذلك لمواجهة األزمات ،فالبد من
أن يقترن التحرير المصرفي برقابة وإشراف البنك المركزي على الجهاز المصرفي،
وذلك بغرض التخفيف من مخاطر انهيار النظام المصرفي.
التعاون والتنسيق بين البنوك المركزية :وذلك بسبب التطورات االقتصادية العالمية
المعاصرة والمعايير الدولية.
62
-VIIاألسواق المالية
ينبغي في اقتصاد أي دولة إضافة أو خلق سوق للمال إلى جانب النظام المصرفي ،فسوق
المال يعتبر وسيل ة أخرى لتمويل االقتصاد من دون تقليص أهمية التمويل عن طريق الجهاز
المصرفي الذي يجب أن يبقى فعاال ،ذلك أن سوق المال يسمح بتعزيز النظام المالي من خالل
السماح لألعوان االقتصاديين الذين هم في حاجة إلى التمويل بطلب القروض المباشرة من
األعوان الذين لهم القدرة على التمويل .وبهذا تكون األسواق المالية إلى جانب البنوك والمؤسسات
المالية (الجهاز المصرفي) في قلب دائرة التمويل االقتصادي والظواهر النقدية ومنه في قلب
التقدم االقتصادي .1سنحاول في هذا الجزء السابع توضيح مفهوم وتعريف السوق المالي ،مبرزين
تقسيمات وأهمية األسواق المالية.
1-VIIمفهوم وتعريف السوق المالي:
يعمل سوق المال ( )Financial Marketعلى حشد وتعبئة الموارد المالية ،إذ أنها تمثل آلية يتم من
خاللها تحويل الموارد المالية من الوحدات االقتصادية التي يتوافر لديها فوائض مالية وتمثل
عرض األموال ،إلى الوحدات االقتصادية التي تعاني من عجز في الموارد المالية وتعكس الطلب
على الموارد المالية ،أي أن أسواق المال تحول الموارد المالية من الوحدات التي ال تمتلك القدرة
والرغبة على االستثمار إلى الوحدات التي تتوافر لديها الفرص االستثمارية وال تمتلك القدرة على
2
تمويلها.
وفي أدائها لتلك الوظيفة ،فإن أسواق المال تعمل على تحقيق الكفاءة االقتصادية في استغالل
الموارد ،من خالل تحويل الفوائض المالية من مجرد مدخرات متراكمة إلى استخدامات إنتاجية،
تؤدي إلى توسيع القاعدة اإلنتاجية ومن ثم زيادة العمالة وزيادة الدخل القومي ،األمر الذي يؤدي
3
إلى ارتفاع مستويات الرفاهية االقتصادية.
وداخل أي سوق مالي نميز وجود سوقين :سوق نقدية تخص المعامالت المالية القصيرة األجل
وسوق آخر يسمى سوق رأس المال تخص المعامالت المالية المتوسطة والطويلة األجل ،ويعتبر
وجود هاذين السوقين ودرجة نموهما وتطورهما انعكاس لدرجة نمو وتطور النظام والوعي
1محزة حممود الزبيدي " ،االستثمار يف األوراق املالية " ،مؤسسة الوراق للنشر والتوزيع ،الطبعة األوىل ،عمان ،األردن ،2001 ،ص .115
2السيد الطييب " ،البورصات وتدعيم االقتصاد الوطين " ،مؤسسة األهرام ،القاهرة ،1992 ،ص 42و.43
64
وثمة تقسيم آخر لسوق المال ،حيث يقسمه البعض إلى قسمين فقط هما سوق النقد وسوق رأس
المال وينقسم األخير بدوره إلى سوقين:1
سوق رأس المال الذي تتم عملياته عن غير طريق األوراق المالية (سوق اإلقراض
المباشر .)Non Securities Capital Market
سوق األوراق المالية.
فسوق القروض تمثل القروض كوسيلة مباشرة تتم عن طريق التفاوض المباشر حيث يتم من
خاللها انتقال األموال من المقرض إلى المقترض وفقا لشروط محددة في العقد المبرم بينهما،
بينما تمثل سوق األوراق المالية سوق مفتوحة غير شخصية حيث ال يكون كل من المقرض
والمقترض معروف كل منهما لآلخر ،ويتم التعامل من خالل التجار والسماسرة ،وعادة يتم
تمويل شراء السلع االستهالكية والسلع المعمرة باستخدام القروض ،بينما تعتمد الشركات
والمؤسسات الكبيرة على كل من القروض وإصدار وبيع األوراق المالية لتمويل أنشطتها
اإلنتاجية .2وبصفة عامة تتنوع تقسيمات السوق المالي حسب تنوع المعايير التي تصنف على
أساسها وذلك كما يلي:3
حسب معيار طبيعة األوراق المالية المتداولة فيها ،فنجد أسواق أولية وأسواق ثانوية.
حسب معيار الحقوق وااللتزامات المترتبة ،فنجد أسواق دين وأسواق ملكية.
حسب معيار أسلوب التمويل ،فنجد أسواق القروض وأسواق األوراق المالية.
حسب معيار غرض التمويل ،فنجد أسواق النقد وأسواق رأس المال.
وألجل إعطاء صورة أكثر دقة لتوضيح مكونات سوق المال قمنا باالستعانة على الشكل (-VII
)1الذي يعرض مكونات السوق المالي بطريقة مبسطة ودقيقة وباالعتماد على معيار غرض
التمويل ومعيار أسلوب التمويل .إذن عند الحديث عن أسواق المال ال بد من أن نميز بين أسواق
النقد وأسواق رأس المال ،حيث يمكن جوهر االختالف بينهما أساسا في المدة أي أجل العمليات.
1عطية عبد احلليم صقر " ،تطور سوق املال يف ظل التحديات املعاصرة اجلديدة " ،دار النهظة العربية ،1998 ،ص 11و.12
2عاطف وليم أندراوس " ،السياسة املالية وأسواق األوراق املالية خالل فرتة التحول القتصاد السوق " ،مرجع سبق ذكره ،ص 4و.5
3وليد الصايف ،أنس البكري " ،األسواق املالية والدولية " ،دار البداية ودار املستقبل للنشر والتوزيع ،الطبعة األوىل ،2009 ،ص .30
65
الشكل رقم :1-VIIمكونات سوق المال.
األسواق المالية
املصدر :من إعداد األستاذ وباالعتماد على حماضرات يف مقياس " األسواق املالية وتقنيات التغطية من املخاطر " ،لألستاذ الدكتور طاويل
مصطفى واألستاذ غريب ناصر صالح الدين.2010/2009 ،
3-VIIأهمية األسواق المالية:
لألسواق المالية أهمية كبيرة تتمثل في ما يلي:1
تلعب دورا أساسيا في تخطيط السياسة النقدية ،حيث تسهل من مهام البنك المركزي في
تنظيم ومراقبة اإلصدارات النقدية ،والتحكم في الكتلة النقدية من خالل التغيير في معدالت
الفائدة.
يساعد في توفير سيولة عالية لألصول المالية القصيرة األجل من خالل السوق النقدي.
يساعد في توفير مصادر مالية طويلة األجل عن طريق ما يعرف بعمليات سوق رأس
المال.
يساعد على تنمية االدخار وتوجيه المدخرات المالية إلى زيادة وتشجيع االستثمار.
يساهم في عدالة تحديد األسعار لألوراق المالية المتداولة األمر الذي يحفز نجاح
االستثمارات.
يعتبر السوق النقدي أحد مكونات الر ئيسية لألسواق المالية ،وهو مخصص لتداول أوراق
مالية استثمارية قصيرة األجل ،وتعتبر البنوك المركزية والبنوك التجارية والمؤسسات المالية أهم
المتدخلين في نشاطه .سنحاول في هذا الجزء الثامن توضيح مفهوم وتعريف السوق النقدي،
أهميته وخصائصه ،المشاركون والمتدخلون فيه ،مبرزين هيكل السوق النقدي وأهم أدواته
االستثمارية.
1-VIIIمفهوم وتعريف السوق النقدي:
السوق النقدي بمعناه االقتصادي العام هو سوق المال القصير األجل ،يتم تداول فيه أوراق
استثمارية قصيرة األجل مثل :أذونات الخزينة ،األوراق التجارية ،شهادات اإليداع ،القبوالت
المصرفية ،العمالت األجنبية ،...ويتراوح أجل هذه األدوات ما بين يوم وحتى عام .1وتعتبر هذه
األدوات المالية المتداولة في هذا السوق ،أدوات ذات نوعية جيدة من حيث انخفاض درجة
2
المخاطرة فيها وبساطة إجراءاتها ،األمر الذي يخفض من تكلفة الصفقة فيها.
فاألوراق المالية (أدوات االستثمار) التي يتم تداولها في السوق النقدي تتميز بدرجة مرتفعة
للسيولة وانخفاض في درجة المخاطرة ،لذلك تقل فيها معدالت العائد بالمقارنة مع األوراق المالية
المتوسطة والطويلة األجل التي يتم تداولها والتعامل بها في أسواق رأس المال ،وأهم المؤسسات
المالية التي تعمل في السوق النقدي هي البنك المركزي ،البنوك التجارية والمؤسسات المالية
والخزينة.
ومن خالل السوق النقدي يتم القيام بعمليات اإلقراض واالقتراض بين الجهات المختلفة وبين هذه
الجهات والبنوك المحلية ،وبين البنوك المحلية ذاتها ،وبين المؤسسات المالية المحلية األخرى،
وكذلك مع المؤسسات المالية والبنوك والجهات األجنبية ،من خالل توفير الفائض النقدي لدى
بعضها إلى البعض اآلخر منها ولفترات قصيرة األجل تحتاج فيها الستخدام هذا الفائض النقدي
3
لتغطية احتياجاتها التمويلية ،وألغراض مختلفة ومرتبطة بالفترات الزمنية القصيرة األجل.
1رمسية أمحد أبو موسى " ،األسواق املالية والنقدية " ،جامعة البلقاء التطبيقية ،دار املعتز للنشر والتوزيع ،الطبعة األوىل ،2005 ،ص .24
2
N. Henning Charles and Others, « Financial Markets and The Economy », New York: Prentice-Hall Inc. Engelwood
Cliffs, 1978, P 10 et 11.
68
الطويلة األجل ،التحكم في احتياطات البنوك التجارية ،سياسة السوق المفتوحة وسياسة
إعادة الخصم) ،ومن خالل تلك العمليات يمكنها تحقيق العديد من األهداف االقتصادية.
من جهة أخرى ،يمكن للسوق النقدي أن يوفر لصغار المدخرين والمستثمرين وهم الفئات األكثر
واألوسع عددا ،الفرصة في استغالل مدخراتهم الصغيرة واستثمارها من خالل هذا السوق ،لذلك
نجد األ سواق النقدية في الدول النامية خاصة تأخذ مجاال واسعا فيها ،ذلك ألن معمم المدخرين
والمستثمرين في هذه الدول هم من صغار المدخرين والمستثمرين األوسع عددا.
كذلك بوجود سوق نقدي فعال تتوفر سيولة مرتفعة لألصول المالية القصيرة األجل ،فهذا بدوره
يؤدي إلى انخفاض تكلف ة التمويل القصير األجل وبالتالي الزيادة في سرعة دوران األموال العاملة
للمشروعات االقتصادية على اختالف أنشطتها ،فتكون محصلة ما سبق الزيادة في الطاقة
1
اإلنتاجية لهذه المشروعات مما يخلق انتعاشا وازدهارا اقتصاديا.
ومن مميزات أو خصائص هذا السوق ما يلي:
هو سوق ج ملة ،كون المتعاملين فيه من ذوي الحجم الكبير ويتمتعون بخبرات ومهارات
مالية عالية ،وهم خاصة البنك المركزي ،البنوك التجارية والمؤسسات المالية والخزينة.
يتميز هذا السوق بمرونته العالية ،حيث معظم الصفقات التي تتم فيه تحدث في السوق
الثانوي بإجراءات مبسطة جدا ،تخفض تكاليف هذه الصفقات.
موضوع هذا السوق يتعلق بنوع خاص من األصول المالية ،خاصيتها الرئيسية هي
سيولتها النسبية.
انخفاض درجة المخاطرة لسببين:2
تدني درجة المخاطرة النقدية :أي تدني احتماالت انخفاض أسعار األوراق المالية
المتداولة في هذا السوق ،ألن أجل استحقاق هذه األوراق قصير جدا وهي تتداول
بسرعة.
تدني درجة مخاطرة الدين (االئتمان) :أي تدني احتماالت عجز المدين عن الوفاء
بديونه ،ألن األوراق المالية المتداولة في السوق النقدي تكون صادرة عن
1وليد الصايف ،أنس البكري ،مرجع سبق ذكره ،ص 42إىل .44
70
4-4-VIIIالبنوك التجارية :يبرز دورها كأحد المشاركين في األسواق النقدية من خالل النظر
والتركيز في الميزانية العامة للبنك التجاري ،وباألخص التركيز على بنود األصول (الموجودات)
والخصوم (المطلوبات) للبنوك التجارية ،ألن الجزء الرئيسي من مطلوبات هذه الميزانية هي
الودائع الجارية أو الودائع تحت الطلب ،وبشكل أو بآخر تعتبر هذه النقود األداة الرئيسية لألسواق
النقدية ،وهذا ما يميز البنوك التجارية عن المؤسسات المالية األخرى كونها تساهم في عملية خلق
نقود الودائع ،أما الجانب اآلخر من الميزانية (األصول) فيحتوي على القروض واألدوات
االستثمارية القصيرة األجل التي تتمتع بدرجة عالية من السيولة للبنك ،وتعتبر هذه األدوات قابلة
للتسويق .وأهم أدوار البنوك التجارية داخل األسواق النقدية هي:
المحافظة على درجة عالية من السيولة.
القدرة على الوفاء بالتزاماتها تجاه الغير.
الحصول عل أعلى مردود ممكن مع عدم التفريط في درجة السيولة المالئمة والمقدرة
على الوفاء بالسداد.
5-4-VIIIالمؤسسات والشركات المالية :وهي تعمل داخل السوق النقدي ألنها تحاول الوصول
إلى أعلى درجة من السيولة وذلك لتأمين نفسها من تسديد التزاماتها مع مراعاة الحصول على
أعلى مردود ممكن لمجموع استثماراتها ،أهمها شركات التأمين وبنوك االستثمار.
كما يعتبر البعض أن البنوك وصناديق التوفير توجد على هامش السوق النقدي ،حيث تتلقى أموال
قصيرة األجل ولكن توظفها في استثمارات طويلة األجل ،فمهمتها تجميع مدخرات األفراد
وتوظيفها في مشروعات معينة ،حيث يقوم أصحاب الدخول الضئيلة بالتوفير لدى هذه
المؤسسات ،فهي ال تدخر وإنما تؤجل بعض استهالكها إلى زمن الحق ومن هنا تكون ودائع
التوفير ودائع صغيرة القيمة وقصيرة األجل وقليلة التأثير بالتقلبات االقتصادية.
5-VIIIهيكل السوق النقدي:
يختلف هيكل وتقسيم السوق النقدي من دولة إلى أخرى ،وذلك حسب:1
درجة تطور الدولة.
درجة تطور السوق النقدي المتواجد فيها.
1جبار حمفوظ " ،البورصة وموقعها يف أسواق العمليات املالية " ،سلسلة التعريف بالبورصة ،اجلزء األول ،الطبعة األوىل ،2002 ،ص .66
71
قدرة وكفاءة الدولة في السيطرة على السوق النقدي المتواجد فيها ،أي حسب قدرتها على
رقابة وتنظيم هذا السوق.
وعموما نميز بين سوقين في األسواق النقدية:
1-5-VIIIالسوق األولي ( :)Primary Marketيتم من خالله الحصول على األموال
المراد توظيفها آلجال قصيرة وبأسعار فائدة تتحدد حسب مصدر هذه األموال ،ومكانة المقترض
وسمعته المالية ،أي أن السوق األولي محله اإلصدارات الجديدة التي تتمثل في البيع األول
ألدوات الدين (السوق الذي يتم فيه االكتتاب ألول مرة لألصول المالية).
2-5-VIIIالسوق الثانوي ( :)Secondary Marketيتم من خالله تداول اإلصدارات النقدية
القصيرة األجل وبأسعار تتحدد حسب قانون العرض والطلب ،هذا يعني أن هذا السوق محله
إصدارات مستعملة ،حيث يتم تداولها بين مشتريها األول في السوق األولي ومشترين آخرين
جدد ،ونظرا ألهمية هذا السوق (الثانوي) يعتبر السوق النقدي السوق الثانوي للنقد .وهناك
تقسيمين للسوق الثانوي:
أ -التقسيم األمريكي :هو أحسن تقسيم ،يقسم السوق الثانوي إلى سوقين فرعيين وذلك نتيجة لنوع
العمليات التي يتم في كل منهما:
سوق الخصم :حيث يتم فيه خصم أدوات االئتمان القصيرة األجل أهمها :األوراق التجارية
العادية (الكمبياالت والسندات) ،القبوالت المصرفية ،أذونات الخزينة...
سوق القروض القصيرة األجل :وتشمل جميع القروض التي تعقد آلجال قصيرة تتراوح ما
بين أسبوع إلى سنة كاملة ،وتتمثل هذه القروض في قروض االستغالل سواء عن طريق
الصندوق أو عن طريق تعهد كتابي التي يكون قوامها األساسي من المشروعات واألفراد
من ناحية ،والبنوك التجارية وبعض مؤسسات اإلقراض المتخصصة في منح القروض
القصيرة األجل من ناحية أخرى .1كما نجد في سوق القروض القصيرة األجل سوق
القروض ما بين البنوك ( )Marché Interbancaireحيث يمكن للبنوك أن تمنح قروض
لبنوك أخرى تحت إشراف البنك المركزي ،وذلك حسب طبيعة احتياطاتها اإللزامية.
1زينب عوض اهلل ،أمسة حممد الفويل ،مرجع سبق ذكره ،ص .92
72
ب -التقسيم الفرنسي :حسب هذا التقسيم يتكون السوق الثانوي من سوق في ما بين البنوك وسوق
القيم المدينة المتداولة:1
سوق في مابين البنوك :كما يدل اسمه ،فهو مختص أساسا في المعامالت التي تتم في
القطاع البنكي أو المصرفي ،حيث يمكن للبنوك أن تمنح أو تحصل على قروض لبنوك
أخرى تحت إشراف البنك المركزي.
سوق القيم المدينة المتداولة :ويتم فيه تداول شهادات اإليداع ،أذونات الخزينة ،سندات
المؤسسات المالية وسندات الخزينة العمومية المتداولة ،أي أن سوق القيم المدينة هو سوق
مفتوح لكافة المتعاملين االقتصاديين طالما أنهم يوفرون الشروط والضمانات المطلوبة.
ورغم اختالف التقسيمات (التقسيم األمريكي والفرنسي) ،إال أن الغرض من السوق النقدي هو
واحد والذي يتمثل في تأمين سيولة النظام المصرفي وضمان استمرارية النشاطات االقتصادية
وبالذات اإلنتاجية منها ،وذلك عن طريق تداول القروض وأصول استثمارية وائتمانية قصيرة
األجل ،كذلك الحفاظ على التوازن االقتصادي والمالي بالتأثير على كمية وسعر األموال من خالل
السياسات النقدية التي يشرف عليها البنك المركزي في هذا السوق.
6-VIIIأدوات االستثمار في السوق النقدي:
في السوق النقدي وإلى ج انب القروض القصيرة األجل ،يتم التعامل بأدوات االستثمار القصيرة
األجل (أو االئتمان أو الدين أو المديونية الدولية) ،وتتمثل هذه األدوات في صكوك المديونية
م دون عليها ما يفيد بأن لحاملها الحق في استرداد مبلغ معين من المال سبق أن أقرضه لطرف
آخر .والجدول ( )1-VIIIالتالي يوضح أهم األدوات االستثمارية المتداولة في السوق النقدي:
ب -أدوات االستثمار الحديثة والمتطورة المتداولة في السوق النقدي (مستجدات وأدوات المديونية
الدولية الحديثة):
يعني أن للمصارف القدرة على إقراض فائضها من االحتياطي اإللزامي
الموجود لدى البنك المركزي إلى بنوك أخرى لها عجز في هذا االحتياطي قرض فائض
االحتياطي اإللزامي اإللزامي تحت إشراف البنك المركزي ،وذلك مقابل فائدة تتحدد وفقا لقانون
العرض والطلب ومدة االستحقاق ال تتجاوز ليلة واحدة.
هي عملية ال تتجاوز يوما واحدا أو أيام قالئل ،فأثناء الحاجة إلى السيولة
اتفاقية إعادة الشراء يمكن بيع الورقة المالية للمستثمر بصفة مؤقتة وفي نفس الوقت تبرم صفقة
إعادة الشراء لهذه الورقة بسعر أعلى بقليل من سعر البيع.
شهادة المديونية (أو هي أوراق مالية تصدرها الوزارة المالية وتتداول في السوق الثانوي للسوق
كمبياالت الخزينة) النقدي وسوق رأس المال ،مدة استحقاقها تتراوح من سنة إلى 7سنوات.
املصدر :من إعداد األستاذ وباالعتماد على :وليد الصايف ،أنس البكري " ،األسواق املالية والدولية " ،دار البداية ودار املستقبل للنشر
والتوزيع ،الطبعة األوىل ،2009 ،ص 103و .104رمسية أمحد أبو موسى " ،األسواق املالية والنقدية " ،جامعة البلقاء التطبيقية ،دار
املعتز للنشر والتوزيع ،الطبعة األوىل ،2005 ،ص .107 ،105 ،103 ،102منري هندي " ،أدوات االستثمار يف أسواق رأس املال،
األوراق املالية وصناديق االستثمار " ،األكادميية العربية للعلوم املالية واملصرفية ،البحرين ،1993 ،ص .67 ،65 ،63
74
-IXسوق رأس المال
إلى جانب السوق النقدي يوجد سوق آخر لتداول األوراق المالية المتوسطة والطويلة
األجل ،يسمى سوق األوراق المالية .من خالل هذا الجزء التاسع سنحاول توضيح مفهوم وتعريف
سوق رأس المال وإبراز التفرقة بينه وبين السوق النقدي ودور تنمية أسواق رأس المال في النمو
االقتصادي.
1-IXمفهوم وتعريف سوق رأس المال:
تمثل سوق رأس المال بصفة عامة مجال التعامل في األموال متوسطة وطويلة األجل ،ويعمل في
هذه السوق بنوك االستثمار وشركات التأمين والبنوك المتخصصة وصناديق المعاش واالدخار،
وذلك حينما تقوم تلك الجهات بإقراض الغير بنفسها .1فسوق رأس المال هي ممولة خاصة
بقروض الدولة وبإصدارات األوراق المالية الطويلة األجل وبقروض المؤسسات الهيآت التي
تقوم بإصدار السندات ،مفاوضة هذه السندات وتبادل األسهم والذي يقوم عليه أساسا دور
2
البورصة (سوق األوراق المالية أو القيم المنقولة).
وهناك من يعرف سوق رأس المال بأنه سوق الصفقات المالية الطويلة األجل ،والتي تنفذ إما في
شكل صورة قروض مباشرة طويلة األجل ،أو في شكل إصدارات مالية طويلة األجل (سوق
األوراق المالية) .3وما يميز سوق رأس المال أنها أقل اتساعا من السوق النقدي لكنها أكثر
تنظيما ،ومن أجل توضيح الفوارق التي تميز بين السوق النقدي وسوق رأس المال قمنا بوضع
الجدول ( )1-IXالذي يقارن بين السوق النقدي وسوق رأس المال ويوضح بدقة أهم الفوارق
بينهما.
1عاطف وليم أندراوس " ،السياسة املالية وأسواق األوراق املالية خالل فرتة التحول القتصاد السوق " ،مرجع سبق ذكره ،ص .4
2مجعون نوال ،مرجع سبق ذكره ،ص .57
3حممد مطر ،فايز تيم " ،إدارة احملافظة االستثمارية " ،دار وائل ،عمان ،2005 ،ص .13
75
الجدول رقم :1-IXمقارنة بين السوق النقدي وسوق رأس المال.
املصدر :من إعداد األستاذ وباالعتماد على حماضرات يف مقياس " األسواق املالية وتقنيات التغطية من املخاطر " ،لألستاذ الدكتور طاويل
مصطفى واألستاذ غريب ناصر صالح الدين.2010/2009 ،
76
2-IXتنمية أسواق رأس المال ودورها في النمو االقتصادي:
تتطلب عملية التنمية االقتصادية في أي دولة تجميعا لرؤوس األموال ،حيث أنه من غير الممكن
أن تتحقق معدالت التنمية المنشودة في غيبة التكوينات الرأسمالية (،)Capital Formation
ونظرا لكون البنوك التجارية ال تستطيع بمفردها تمويل االستثمارات المتوسطة والطويلة األجل
لقلة األرصدة المالية المتاحة لديها ،كما أن قيامها بتمويل االستثمارات بالعملة المحلية قد يترتب
عليه آثار تضخمية ،تبرز هنا أهمية أسواق رأس المال وخاصة أسواق األوراق المالية في عملية
التنمية االقتصادية ،كأحد اآلليات الهامة لتجميع المدخرات من األفراد والشركات والقطاع العام،
وتوجيهها لمسارها الصحيح .وباإلضافة لذلك فإنها تقوم بتحويل رؤوس األموال من القطاعات
ذات الطاقة التمويلية الفائضة ،إلى القطاعات ذات العجز المالي والتي تفتقر إلى السيولة الالزمة
1
لتمويل االستثمارات المتوسطة والطويلة األجل ،والتي بدورها تخدم أهداف التنمية في أي دولة.
وفيما يخص العالقة بين تنمية أسواق رأس المال والنمو االقتصادي ،ال يزال الجدل النظري دائرا
بين معارض ومؤيد ،ولم يصل األدب االقتصادي إلى اتفاق تام حول دور تطور أسواق رأس
المال في تحقيق النمو االقتصادي ،وينظر المشككون في هذه العالقة والناقدون إلى أن أسواق
رأس المال ما هي إال نوادي للقمار ،وليس لها تأثير ايجابي على النمو االقتصادي .وقد أكد
)1988( MAYERعلى أن وجود سوق متسع لرأس المال قد ال يمثل بالضرورة مصدرا من
مصادر التمويل الرئيسية للمؤسسات االقتصادية والمشاريع االستثمارية .2كما أشار
)1985( STIGLITZإلى أن سيولة أسواق رأس المال قد تمثل عامال محبطا لما قد يترتب
عليها من ضعف في الرقابة على إدارة الشركات نتيجة لتسهيلها ألي فرد التخلص من حصته في
الشركة .3وقد رأى كل من ،)1994( DEVEROUX and SMITHأن الزيادة في توزيع
المخاطر عبر أسواق رأس المال يمكن أن تؤدي إلى تخفيض معدالت االدخار ،وبالتالي تخفيض
معدالت النمو االقتصادي .4ويرى آخرون أن التقلبات الشديدة في بعض األسواق والسيما تلك
1مسري عبد احلميد رضوان " ،أسواق األوراق املالية ودورها يف متويل التنمية االقتصادية " ،املعهد العايل للفكر اإلسالمي ،1996 ،ص .5
2
Mayer Colin, « New Issues in Corporate Finance », European Economic Reviews, N° 32, 1988, P 167 à 188.
3
E. Joseph Stiglitz, « Credit-Markets and the Control of Capital », Journal of Money, Credit and Banking, N° 17, May,
1985, P 133 à 152.
4
B. Michael Devereux and W. Gregor Smith, « International Risk Sharing and Economic Growth », International
Economic Review, N° 35, August, 1994, P 535 à 550.
77
الناتجة عن تقلبات رؤوس األموال الساخنة ( )Hot Moneyقد تعيق االستثمارات وتضر
1
باالقتصاديات المحلية.
وبصفة عام ة يمكن ألسواق رأس المال أن يكون لها تأثير سلبي على النمو االقتصادي ،وذلك
باالستناد على المبررات التالية:2
في الدول النامية وكذلك في العديد من الدول المتقدمة تمول حصة محدودة فقط من
استثمارات الشركات من خالل إصدار األسهم ،بينما يمول الشطر األعظم من تلك
االست ثمارات من مصادر ذاتية كاألرباح المحتجزة أو من مصادر خارجية كالقروض
3
المصرفية.
تسهم أسواق األوراق المالية في تحقيق التقلبات االقتصادية ،إذ أن تزايد تدفقات رؤوس
األموال األجنبية قد يؤدي إلى تغيرات سعرية مفرطة وعدم استقرار على مستوى
االقتصاد الكلي ويؤدي أيضا إلى تقلبات في أسعار الصرف ،ومن شأن ما تقدم أن يؤدي
إلى آثار سلبية على النمو االقتصادي ومن ثم على مستويات الرفاهية االقتصادية.
إ ن أسواق األوراق المالية التي تتمتع بسيولة مفرطة تشجع قصر النظر لدى المستثمرين،
ذلك ألنها تجعل من السهل على المستثمرين غير الراضين أن يبيعوا أسهمهم بسرعة،
وبالتالي فهي قد تضعف التزامهم وتقلل الحوافز التي تجعلهم يمارسون الرقابة على
الشركات المساهمين فيها من خالل اإلشراف على مديرها ورصد أدائها ،األمر الذي قد
يؤثر عكسيا على أداء تلك الشركات ومن ثم على النمو االقتصادي.
وعلى الجانب اآلخر ،يوجد فريق آخر يمثله مجموعة من االقتصاديون مثل ATJE and
)1993( KING and LEVINE ،)1993( JOVANOVICوغيرهم من يؤيدوا دور أسواق
رأس المال في دفع عجلة النمو االقتصادي ،وذلك من خالل قنوات عدة أهمها:4
1
Caprio Gerard and Stijn Claessens, « The Importance of Financial System for Development: Implications for Egypt »,
Egyptian Center for Economic Studies (ECES), Distinguished Paper Series, N° 6, 1997, P 9 et 10.
2عاطف وليم أندراوس " ،السياسة املالية وأسواق األوراق املالية خالل فرتة التحول القتصاد السوق " ،مرجع سبق ذكره ،ص .112
3
Pamicos Demetriades, « Financial Markets and Economic Development », Presented at ECES Conference, Cairo 26-
27 February, 1997, P 17.
4عاطف وليم أندراوس " ،أسواق األوراق املالية بني ضرورات التحول االقتصادي والتحرير املايل ومتطلبات تطويرها " ،دار الفكر اجلامعي ،الطبعة األوىل،
اإلسكندرية ،مصر ،2006 ،ص 235و.236
78
تمثل سوق األوراق المالية أداة هامة لحشد المدخرات وتخصيصها نحو االستثمارات
المنتجة ،وتكتسب تلك الوظيفة أهمية خاصة في الدول النامية عند التحول القتصاد السوق
المدعم ببرامج الخصخصة وإعطاء دور أكبر للقطاع الخاص.
تؤثر أسواق األوراق المالية على النمو االقتصادي من خالل خلق السيولة ،إذ أن العديد
من االستثمارات المربحة تحتاج إلى التزام طويل األجل بتوفير رأس المال ،ولكن غالبا ما
يتجنب المستثمرون التخلي عن سيطرتهم لمدخراتهم لفترات طويلة .وتجعل أسواق
األوراق المالية السائلة االستثمار أقل خطرا وأكثر جاذبية ،ألنها تسمح للمدخرين
بالحصول على أصول مالية مع إمكانية بيعها بسهولة إذا احتاجوا إلى استرداد مدخراتهم
أو رغبوا في تغيير محافظهم لألوراق المالية .وفي الوقت نفسه تتمتع الشركات بإمكانية
دائمة للحصول على رأس المال من خالل إصدار المزيد من األسهم.
تمكن أسواق األوراق المالية المستثمرين من تنويع الثروة بين مجموعة من األصول بشكل
أكثر سهولة بالمقارنة باألشكال األخرى ألسواق رأس المال .ويؤدي التنويع إلى تخفيض
المخاطر التي يتحملها المستثمرين ومن ثم تخفيض عالوة الخطر المطلوبة ،األمر الذي
يؤد ي إلى خفض تكلفة رأس المال بالنسبة للشركات ،وتزيد منافع التنويع في ظل اندماج
األسواق المحلية لألوراق المالية .وألن المشروعات مرتفعة العائد تميل ألن تكون نسبيا
خطرة ،فان سوق األوراق المالية من خالل تسهيلها لتنويع الخطر ،تحفز االستثمار في
المشروعات ذات العوائد المرتفعة من خالل توجيه المدخرات إليها .ومع بقاء العوامل
األخرى على حالها ،ويؤدي ما سبق إلى تعزيز النمو االقتصادي.
يمكن لسوق األوراق المالية (من خالل التغيرات المستمرة التي تنعكس على أسعار
األوراق المالية) أن تسهم في الرقابة على أداء مديري الشركات التي تتداول أوراقها
المالية في السوق ،األمر الذي يؤدي إلى تحسين إدارة وتوجيه تلك الشركات .وتتزايد
أهمية الدور الر قابي مع تزايد عدد الشركات المتداول أسهمها في السوق وتزايد
االستثمارات األجنبية حيث ترتقي أساليب وتقنيات الرقابة.
تعكس أسواق األوراق المالية الكفأة بشكل سريع التغيرات في القيم الحقيقية لألوراق
المالية ،األمر الذي يتيح فرص االختيار من خالل توضيح السوق ألكثر االستثمارات
ربحية.
79
-Xسوق األوراق المالية
يرف سوق رأس المال على أنه سوق الصفقات المالية الطويلة األجل ،والتي تنفذ إما في
شكل صورة قروض مباشرة طويلة األجل ،أو في شكل إصدارات مالية طويلة األجل يتم تداولها
في سوق األوراق المالية .من خالل هذا الجزء العاشر واألخير سنحاول توضيح مفهوم وتعريف
سوق األوراق المالية ،تصنيف وتقسيمات سوق األوراق المالية وأدواته االستثمارية.
1-Xمفهوم وتعريف سوق األوراق المالية:1
تمثل أسواق األوراق المالية اآللية التي يتم من خاللها تداول األصول المالية بيعا وشراءا ،وتمكن
تلك اآللي ة من تحويل الموارد المالية بكفاءة من القطاعات ذات الفوائض المالية إلى القطاعات
ذات العجز المالي ،ويعكس وجود أسواق األوراق المالية فوائد عدة ،تعود على كل من مصدري
األوراق المالية (المقترضين) ومشتري األوراق المالية (المستثمرين) ،ويمثل مصدروا األوراق
المالية المشروعات الخاصة والهيآت الحكومية جانب الطلب على األموال ،وتمكنهم سوق
األوراق المالية من الحصول على احتياجاتهم المالية ،ففي الدول الرأسمالية تعمل أسواق األوراق
المالية على توجيه المدخرات لالستثمار في الصناعات التي تتميز بارتفاع إنتاجية رأس المال،
كما تتمكن الحكومة من خالل أسواق األوراق المالية أيضا من تمويل خططها االنفاقية بدال من
اللجوء إلى األساليب التضخمية .ويمثل المدخرون (مستثمرو األوراق المالية) جانب عرض
األموال ،والذين يفكرون كثيرا قبل التخلي عن مدخراتهم لفترات ،وهنا تبرز أهمية أسواق
األوراق المالية إ ذ أنها تجعل االستثمار في األصول المالية أكثر جاذبية وأقل مخاطرة ،حيث
تسمح للمدخرين بالحصول على األصول المالية مقابل عائد وإعادة بيعها بسرعة عند الحاجة
السترداد األموال أو عند الرغبة في تدوير محافظ األوراق المالية الخاصة بهم .وتتم عملية تبادل
األوراق المالي ة بإحدى الوسيلتين :طريقة مباشرة حيث يقوم المقرضون بشراء األوراق المالية
التي تصدرها المشروعات والحكومة مباشرة ،أو بطريقة غير مباشرة حيث يتدخل وسيط ثالث
مالي ليقوم بتسهيل عملية الشراء والبيع لألوراق المالية في ما بين المقترضين والمستثمرين.
2-Xتصنيف وتقسيمات أسواق األوراق المالية:
هناك عدة معايير لتصنيف أسواق األوراق المالية:
1عاطف وليم أندراوس " ،السياسة املالية وأسواق األوراق املالية خالل فرتة التحول القتصاد السوق " ،مرجع سبق ذكره ،ص .6
80
1-2-Xعلى أساس نوع األصل المالي:
على هذا األساس نجد سوق أدوات الدين ) )Debt Marketوسوق أدوات الملكية ( Equities
،)Marketويتم من خالل األولى تداول السندات التي تصدرها مؤسسات األعمال والحكومة ،أما
من خالل الثانية فيتم تداول األسهم التي تصدرها الشركات ومؤسسات األعمال.
2-2-Xعلى أساس أجل الورقة المالية المصدرة (:)Maturity of Security
حسب هذا المعيار نجد سوق األوراق المالية المتوسطة األجل ،وسوق األوراق المالية الطويلة
األجل ،أي على حسب آجال األوراق المالية المتداولة سواء كانت أسهم أو سندات.
3-2-Xعلى أساس طبيعة اإلصدار:
على هذا األساس ينقسم سوق األوراق المالية إلى سوق أولية ( )Primary Marketأي سوق
اإلصدارات ،وسوق أُخرى ثانية تسمى السوق الثانوية ( )Secondary Marketأي سوق
التداول ،وتعرف كل واحدة منها كما يلي:
أ -السوق األولية :يتم فيها بيع اإلصدارات الجديدة من األسهم والسندات (ألول مرة) ،حيث
تطرح الحكومة السندات وأذون الخزانة لتمويل اإلنفاق العام ،بينما تطرح الشركات ومؤسسات
األعمال السندات واألسهم للحصول على التمويل حسب خططها االستثمارية ،وتعرف هذه السوق
بسوق اإلصدارات الجديدة .1والجدير بالذكر أنه يوجد نوعين من الطرح لألوراق المالية لالكتتاب
العام في السوق األولية هما الطرح للتداول العام ( )Public Placementوالطرح للتداول
الخاص ( ،)Private Placementحيث يتم طرح األوراق المالية لبيعها للمستثمرين بصفة عامة
في السوق في حالة الطرح العام ،بينما تطرح األوراق المالية لعدد محدود من المستثمرين في
ظل أسلوب الطرح الخاص ،وغالبا ما يكون المالك الحاليين للشركة باإلضافة إلى عدد قليل من
2
المستثمرين المحتملين.
ولطرح اإلصدارات الجديدة من األسهم والسندات يتم استخدام ثالثة أساليب هي:3
أن تتولى مؤسسة مالية متخصصة عادة ما تسمى ببنك االستثمار أو المتعهد
( )Underwriterعملية اإلصدار لحساب الشركة أو الجهة الحكومية ،كما يقدم بنك
1عبد الغفار حنفي " ،بورصة األوراق املالية ،األسهم والسندات ،وثائق االستثمار " ،الدار اجلامعية اجلديدة ،اإلسكندرية ،2003 ،ص .39
2عاطف وليم أندراوس " ،السياسة املالية وأسواق األوراق املالية خالل فرتة التحول القتصاد السوق " ،مرجع سبق ذكره ،ص .7
3منري إبراهيم هندي " ،األوراق املالية وأسواق رأس املال " ،منشأة املعارف ،اإلسكندرية ،1997 ،ص 83إىل .88
81
االستثمار النصيحة والمشورة للجهة المعنية فيما يتعلق بنوع الورقة المصدرة والتوقيت
المناسب لإلصدا ر ،وحجم وسعر اإلصدار ،وقد يتعهد بتصريف كل اإلصدار أو جزء
منه ،وفي الدول التي تتميز بصغر حجم سوق األوراق المالية قد تتولى البنوك التجارية
مهمة الترويج لإلصدار.
أن تقوم جهة اإلصدار بنفسها باالتصال مباشرة بعدد من المستثمرين مثل المؤسسات
المالية الضخمة ،لكي تبيع األسهم والسندات المصدرة.
أسلوب المزاد ( :)Auction Approachحيث يتم دعوة المستثمرين المحتملين لتقديم
عطاءات ( )Bidsتتضمن الكميات المراد شرائها وسعر الشراء ،ويتم قبول العطاءات
ذات السعر األعلى ثم السعر األقل ،إلى أن يتم التصريف الكامل لإلصدار ،ويستخدم هذا
األسلوب لتصريف إصدارات السندات الحكومية وأذون الخزانة.
وتعد السوق األولية هي الوسيلة التي تحصل من خاللها الوحدات االقتصادية على الموارد المالية
لتمويل استثماراتها ،وتبعا لذلك فهي بمثابة سوق االستثمار الحقيقي لتلك الوحدات ،وسوق
االستثمار المالي للوحدات ال مشترية لألوراق المالية .فإذا قامت تلك الوحدات بإعادة بيع األوراق
المالية في السوق الثانوية فلن يوجد استثمار حقيقي بل يوجد استثمار مالي للمشتري الجديد
لألوراق المالية المباعة ،وتبعا لذلك فليس كل استثمار مالي يتم لتمويل استثمار حقيقي ،ألن
1
السوق الثانوية هي سوق االستثمار المالي وليس االستثمار الحقيقي.
ب -السوق الثانوية :هي تلك السوق التي يتم فيها إعادة بيع األوراق المالية التي سبق إصدارها،
وتبعا لذلك يحصل بائع الورقة المالية في السوق الثانوية على قيمتها وليست الشركة أو الجهة
المصدرة لها ،وأهم ميزة لهذه السوق هي أنها توفر لألوراق المالية التي سبق إصدارها في
السوق األولية عنصر السيولة ،األمر الذي يجعل السوق األولية تستمد فعاليتها من السوق
الثانوية ،كما أن إمكانية تسييل األوراق المالية يجعلها أكثر قبوال وجاذبية حيث يكون من السهل
2
بيعها وتحويلها إلى نقود بسرعة وبدون خسائر.
وطالما أن السوق الثانوية لألوراق المالية مستمرة ودائمة ،يتعين عليها القيام بالوظائف التالية:3
1أمحد أبو الفتوح الناقة " ،نظرية النقود والبنوك واألسواق املالية " ،قسم االقتصاد بكلية التجارة ،جامعة اإلسكندرية ،مصر ،1994 ،ص .22
2عبد الغفار حنفي " ،بورصة األوراق املالية ،األسهم والسندات ،ووثائق االستثمار " ،مرجع سبق ذكره ،ص .39
3
Meir Kohn, « Financial institutions and Markets », McGraw hill, Inc, New york, 1994, P 453.
82
تحديد سعر عادل ( )Fair Priceلألوراق المالية محل التداول فيما يسمى بعملية
استكشاف السعر (.)Price Discovery
إتمام المعامالت عند ذلك السعر بسرعة (توفير السيولة).
المساعدة على إتمام المعامالت عند أدنى قدر ممكن من التكلفة.
ويتم خلق السوق الثانوية من خالل كل من السماسرة ( )Brokersأو التجار ( ،)Dealersويعمل
السماسرة كوسطاء للتقريب بين المشترين والبائعين ،بينما يتعامل التجار لحسابهم الخاص
ويحددون األسعار التي يكونوا عندها على استعداد إلتمام البيع والشراء .1ويتم التداول في السوق
الثانوية باستخدام أحد األسلوبين:2
أسلوب التفاوض :حيث كل وسيط يقوم بإعالن أسعار العرض أوالطلب وفي ضوءها يتم
التفاوض للوصول إلى سعر إتمام الصفقة.
أسلوب المزاد العلني :يمكن من خالله الوصول إلى أفضل األسعار بالنسبة للبائع
والمشتري.
والشكل ( )1-Xيوضح تصنيف سوق األوراق المالية على أساس نوع األصل المالي المتداول
وعلى أساس طبيعة اإلصدار.
1عاطف وليم أندراوس " ،السياسة املالية وأسواق األوراق املالية خالل فرتة التحول القتصاد السوق " ،مرجع سبق ذكره ،ص .9
2عاطف حسن النقلي " ،اخلصخصة وسوق األوراق املالية يف مصر " ،مؤسسة األهرام ،القاهرة ،1994 ،ص .21
83
الشكل رقم :1-Xتصنيف سوق األوراق المالية.
ال
وتنقسم السوق الثانوية إلى أسواق منظمة وأسواق غير منظمة ،وتسمى األسواق المنظمة بورصة
األوراق المالية ( ،)Stock Exchangeيلتقي فيها بائعو ومشتري األوراق المالية أو مندوبيهم
بمكان محدد أين تكون األوراق المالية المتداولة مسجلة ومستوفاة كل شروط التداول .بينما تسمى
األسواق غير منظمة باألسواق الموازية ( ،)OTC: Over the Counter Marketحيث يتم
التعامل فيها باألوراق غير المسجلة في السوق الرسمية (المنظمة) ،وتمتاز هذه السوق بالسهولة
في التعامل فيها نظرا لتحررها من كل قيود وشروط التداول التي يفرضها السوق المنظم
والرسمي ،وتحدث عملية التبادل في السوق الموازية من خالل مكاتب المتعاملين ومكاتب
84
سماسرة السوق المالي أي أن التعامل يتم خارج منصة السوق المنتظمة .والشكل ( )2-Xيوضح
الفرق بين األسواق المنظمة واألسواق غير منظمة لألوراق المالية.
الشكل رقم :2-Xأنواع األسواق الثانوية لألوراق المالية.
املصدر :من إعداد األستاذ وباالعتماد على حماضرات يف مقياس " األسواق املالية وتقنيات التغطية من املخاطر " ،لألستاذ الدكتور طاويل
مصطفى واألستاذ غريب ناصر صالح الدين.2010/2009 ،
أما الجدول ( )1-Xفهو يوضح نظام وشروط التشغيل أو التداول في بورصة األوراق المالية
(السوق المنظمة).
الجدول رقم :1-Xنظام وشروط التشغيل في بورصة األوراق المالية.
85
أعضاء السوق -السماسرة بالعمولة
-سماسرة الصالة المنظمة
-تجار الطلبات الصغيرة
-تجار الصالة
-المتخصصون
طبيعة المتعاملون -مستثمرون
-مضاربون في البورصة
-متآمرون أو مغامرون
طريقة التداول تحديد سعر التداول عن طريق المفاوضة ،المزايدة أو
طريق السعر االستكشافي
املصدر :من إعداد األستاذ وباالعتماد على حماضرات يف مقياس " األسواق املالية وتقنيات التغطية من املخاطر " ،لألستاذ الدكتور طاويل
مصطفى واألستاذ غريب ناصر صالح الدين.2010/2009 ،
1عبد الغفار حنفي ،رمسية قرياقص ،مرجع سبق ذكره ،ص .7
2عبد الوهاب يوسف أمحد ،مرجع سبق ذكره ،ص 81إىل .86
86
أ -األسهم العادية ( :)Common Shares/Stocksهي عبارة عن حصص متساوية القيمة
تمثل رأس مال المشروع أو المنشأة (حصة في الملكية) ،يحق لحاملها الحصول على األرباح بعد
تسديد االلتزا مات تجاه اآلخرين ،كما يحق له حضور اجتماعات الجمعية العامة للمنشأة
والتصويت ،ك ذلك يحق له بيع األسهم العادية أو شراء المزيد منها ،وحق المشاركة في أصول
المنشأة عند التصفية في حالة إفالس المنشأة .ومن خصائص األسهم العادية:1
أنها أموال ملكية.
ال يوجد لها موعد استحقاق ،بل تنتهي مع تصفية المنشأة.
يحصل حاملها على حقوقه ومنها األرباح ،لكن يتحمل جميع المخاطر التي تتعرض لها
الشركة بمقدار مساهمته فيها.
ب -األسهم الممتازة ( :)Preferred Shares/Stocksتجمع األسهم الممتازة بعض خصائص
األسهم العادية والسندات ،فهي تشبه األسهم ا لعادية في كونها حصة في رأس مال الشركة في
حالة توزيع األرباح ،حيث يحق لمالكها المطالبة بحقها ،وتشبه السندات في أن لها أرباحا محددة،
وأيضا ال يحق لحامل األسهم الممتازة المشاركة في التصويت مثل أصحاب السندات إال إذا ورد
نص خالف ذلك ،ولهم األولوية في حالة التصفية لكن ليس لهم حق المشاركة في األرباح
المحتجزة.
2-3-Xالسندات ( :)Bondsهو عبارة عن قرض طويل األجل يصدر في شكل وثيقة ،تبيعها
المنشأة للجمهور بقيمة اسمية محددة ،وبسعر فائدة ثابت ومحدد ويتم دفعه من طريق المنشأة كل
6أشهر أو كل سنة ،كما تلتزم المنشأة بدفع قيمة السند كاملة عند تاريخ االستحقاق الذي يكون
عموما طويال نسبيا قد يبلغ من 10إلى 15سنة أو أكثر ،ويختلف السند عن القروض بأن يباع
إلى فئات مختلفة سواء للجمهور العادي أو المؤسسات أيضا ،ويمكن بيع السند إلى شخص آخر أو
مؤسسة أخرى قبل تاريخ استحقاقه ،لكن بسعر أقل من قيمته عند االستحقاق .ومن خصائص
السندات:2
تعتبر أموال اقتراض وليس ملكية.
يوجد لها موعد استحقاق.
1طارق احلاج " ،مبادئ التمويل ( ،" )Principles of Financesدار الصفاء للنشر والتوزيع ،الطبعة األوىل ،عمان ،األردن ،2000 ،ص .128
2نفس املرجع ،ص .118
87
الفوائد المترتبة عليها تنزل من الدخل قبل احتساب الضريبة.
والشكل ( )3-Xيوضح أنواع أدوات االستثمار في سوق األوراق المالية والفوارق التي تميزها
عن بعضها البعض.
الشكل رقم :3-Xأدوات االستثمار في سوق األوراق المالية.
األوراق المالية
السوق المنتظمة
املصدر :من إعداد األستاذ وباالعتماد على حماضرات يف مقياس " األسواق املالية وتقنيات التغطية من املخاطر " ،لألستاذ الدكتور طاويل
مصطفى واألستاذ غريب ناصر صالح الدين.2010/2009 ،
88
خاتمة عامة:
يعتبر النظام المالي بمختلف مكوناته أساس عملية التنمية االقتصادية ،وتنبع أهمية هذا
النظام من وظيفته األساسية والتي تتمثل في جمع الموارد المالية من الوحدات االقتصادية ذات
الفائض المالي وتحويلها إلى الوحدات االقتصادية ذات العجز المالي ،فهو بذلك يحقق التنمية
االقتصادية من خالل توفير التمويل لمختلف المؤسسات االقتصادية والمشاريع االستثمارية ،كما
يضمن استمرارية حياة وعمل البنوك التجارية والمؤسسات المالية من خالل األرباح التي تحققها
من وراء مختلف العمليات المالية والمصرفية ،وبالتالي فالنظام المالي يعبر عن حلقة تتفاعل فيها
مختلف النشاطات االقتصادية والمالية.
وبما أن عملية التنمية االقتصادية في أي دولة أصبحت تتطلب تجميعا لتراكم رأس المال ،وأن
البنوك التجارية والمؤسسات المالية ال تستطيع بمفردها تمويل االستثمارات المتوسطة والطويلة
األجل لقلة األرصدة المالية المتاحة لها ،ظهرت أهمية تنمية أسواق رأس المال وخاصة أسواق
األوراق المالية في عملية التنمية االقتصادية ،كأحد اآلليات الهامة لتجميع المدخرات من األفراد
والشركات والقطاع العام ،وتوجيهها لمسارها الصحيح بالشكل الذي يخدم أهداف التنمية في أي
دولة.
وقد تناولت هذه المطبوعة مجموعة من الدروس مفصلة ومبسطة بطريقة نظرية لتوضيح وظائف
النظام المالي في االقتصاد ،نظام التمويل داخل النظام المالي ،الوساطة المالية والبنكية ومختلف
المكونات األساسية للنظام المالي (الجهاز المصرفي ،البنك المركزي وسياساته النقدية ،األسواق
المالية بما فيها السوق النقدي وسوق رأس المال وأسواق األوراق المالية) وكذلك تناولت موضوع
تنمية أسواق رأس المال وعالقتها بالنمو االقتصادي .وتعد هذه الدروس بمثابة محاولة متواضعة
حتى تكون عونا للطالب ،من خالل الشرح البسيط والمفصل ،واألشكال والجداول المدعمة لكل
موضوع من مواضيع هذه الدروس.
89
قائمة المراجع:
-1قائمة المراجع باللغة العربية:
-إبراهيم خمتار " ،بنوك االستثمار " ،مكتبة األجنلو املصرية ،طبعة ثانية.1987 ،
-أمحد أبو الفتوح الناقة " ،نظرية النقود والبنوك واألسواق املالية " ،قسم االقتصاد بكلية التجارة ،جامعة اإلسكندرية ،مصر.1994 ،
-أمحد شعبان حممد علي " ،انعكاسات املتغريات املعاصرة على القطاع املصريف ودور البنوك املركزية ،دراسة حتليلية تطبيقية خمتارة من البلدان
العربية " ،الدار اجلامعية ،اإلسكندرية ،الطبعة األوىل.2006 ،
-أمحد نبيل النمريي " ،مبادئ يف العلوم املصرفية " ،مؤسسة الوراق للنشر والتوزيع ،الطبعة األوىل ،عمان.1981 ،
-أمحد هين " ،العملة والنقود " ،ديوان املطبوعات اجلامعية ،الطبعة األوىل.1991 ،
-أسامة بشري الدباغ ،أثيل عبد اجلبار اجلورمد " ،املقدمة يف االقتصاد الكلي " ،دار املناهج ،عمان ،األردن.2003 ،
-أسامة حممد الفويل " ،مبادئ النقود والبنوك " ،دار اجلامعة اجلديدة ،اإلسكندرية.1999 ،
-الدليمي عوض فاضل " ،النقود والبنوك " ،دار احلكمة للطباعة والنشر ،العراق.1990 ،
-السيد البدوي عبد احلافظ " ،إدارة األسواق املالية ،نظرة معاصرة " ،دار الفكر العريب.1999 ،
-السيد الطييب " ،البورصات وتدعيم االقتصاد الوطين " ،مؤسسة األهرام ،القاهرة.1992 ،
-القريشي حممد الشمري ،ناظم حممد نوري " ،النقود واملصارف " ،دار الكتب للطباعة والنشر ،جامعة املوصل ،العراق.1989 ،
-القريشي حممد الشمري ،ناظم حممد نوري " ،مبادئ علم االقتصاد " ،دار الكتب للطباعة والنشر ،املوصل ،العراق.1993 ،
-أنور إمساعيل اهلوا ري " ،اقتصاديات النقود والبنوك " ،دار الطباعة.1993 ،
-خبراز يعدل فريدة " ،تقنيات وسياسات التسيري املصريف " ،ديوان املطبوعات اجلامعية ،اجلزائر.2000 ،
-جبار حمفوظ " ،البورصة وموقعها يف أسواق العمليات املالية " ،سلسلة التعريف بالبورصة ،اجلزء األول ،الطبعة األوىل.2002 ،
-مجيل الزيدانني " ،أساسيات يف اجلهاز املايل ،املنظور العلمي " ،دار وائل للطباعة والنشر ،الطبعة األوىل ،عمان.1999 ،
-محزة حممود الزبيدي " ،االستثمار يف األوراق املالية " ،مؤسسة الوراق للنشر والتوزيع ،الطبعة األوىل ،عمان ،األردن.2001 ،
-رمسية أمحد أبو موسى " ،األسواق املالية والنقدية " ،جامعة البلقاء التطبيقية ،دار املعتز للنشر والتوزيع ،الطبعة األوىل.2005 ،
-رضا صاحب أمحد " ،إدارة املصارف :مدخل حتليلي كمي معاصر " ،دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع ،عمان.2002 ،
-زياد رمضان ،حمفوظ جودة " ،االجتاهات املعاصرة يف إدارة البنوك " ،دار وائل للنشر ،الطبعة األوىل ،عمان ،األردن.2000 ،
-زينب عوض اهلل ،أسامة حممد الفويل "،أساسيات االقتصاد النقدي واملصريف " ،منشورات احلليب احلقوقية ،بريوت ،لبنان.2003 ،
-سلمان بودياب " ،اقتصاديات النقود والبنوك " ،املؤسسة اجلامعية للدراسات والنشر والتوزيع ،الطبعة األوىل ،بريوت.1996 ،
-مسري عبد احلميد رضوان " ،أسواق األوراق املالية ودورها يف متويل التنمية االقتصادية " ،املعهد العايل للفكر اإلسالمي.1996 ،
-شاكر القز ويين " ،حماضرات يف اقتصاد البنوك " ،ديوان املطبوعات اجلامعية ،الطبعة الثانية ،اجلزائر.1992 ،
-شذا مجال خطيب ،صعفق الركييب " ،العوملة املالية ومستقبل األسواق العربية لرأس املال " ،مؤسسة طابا للنشر والتوزيع.2002 ،
-صبحي تادرس قريصة " ،النقود والبنوك " ،دار النهضة العربية ،لبنان.1984 ،
-صالح الدين حسني السيسي " ،قضايا اقتصادية معاصرة " ،دار غريب.2002 ،
-ضياء جميد املوسوي " ،االقتصاد النقدي " ،دار الفكر ،اجلزائر.1993 ،
-ضياء جميد " ،اقتصاديات النقود والبنوك " ،مؤسسة شباب اجلامعة ،اإلسكندرية ،مصر.2005 ،
-طارق احلاج " ،مبادئ التمويل ( ،" )Principles of Financesدار الصفاء للنشر والتوزيع ،الطبعة األوىل ،عمان ،األردن.2000 ،
-عاطف حسن النقلي " ،اخلصخصة وسوق األوراق املالية يف مصر " ،مؤسسة األهرام ،القاهرة.1994 ،
90
-عاطف وليم أندراوس " ،أسواق األوراق املالية بني ضرورات التحول االقتصادي والتحرير املايل ومتطلبات تطويرها " ،دار الفكر اجلامعي،
الطبعة األوىل ،اإلسكندرية ،مصر.2006 ،
-عاطف وليم أندراوس " ،السياسة املالية وأسواق األوراق املالية خالل فرتة التحول القتصاد السوق " ،مؤسسة شباب اجلامعة ،اإلسكندرية،
مصر.2005 ،
-عبد الغفار حنفي " ،إدارة املصارف " ،دار اجلامعة اجلديدة للنشر ،اإلسكندرية ،مصر.2002 ،
-عبد الغفار حنفي " ،بورصة األوراق املالية ،األسهم والسندات ،وثائق االستثمار " ،الدار اجلامعية اجلديدة ،اإلسكندرية.2003 ،
-عبد الغفار حنفي ،رمسية قرياقص " ،أسواق املال ومتويل املشروعات" ،دار اجلامعة اإلسكندرية.2005 ،
-عبد الغفار حنفي ،عبد السالم أبو قحف " ،اإلدارة احلديثة يف البنوك التجارية " ،الدار اجلامعية.1991 ،
-عبد اجمليد قدي " ،املدخل إىل السياسات االقتصادية الكلية " ،ديوان املطبوعات اجلامعية ،اجلزائر.2005 ،
-عبد اجمليد قدي " ،املدخل إىل السياسات االقتصادية الكلية ،دراسة حتليلية تقييمية " ،ديوان املطبوعات اجلامعية ،الطبعة الثالثة ،اجلزائر،
.2006
-عبد املنعم السيد علي " ،اقتصاديات النقود واملصارف " ،مطبعة العلين ،بغداد.1980 ،
-عبد املنعم السيد علي " ،دراسات يف النقود والنظرية النقدية " ،مطبعة العلين ،الطبعة الثانية ،بغداد.1976 ،
-عبد الوهاب يوسف أمحد " ،التمويل وإدارة املؤسسات املالية " ،دار حامد للنشر والتوزيع ،الطبعة األوىل.2008 ،
-عطية عبد احلليم صقر " ،تطور سوق املال يف ظل التحديات املعاصرة اجلديدة " ،دار النهظة العربية.1998 ،
-عياش قويدر ،إبراهيم عبد اهلل " ،أثر استقاللية البنك املركزي على أداء سياسة نقدية حقيقية ،بني النظرية والتطبيق " ،ملتقى حول " املنظومة
املصرفية اجلزائرية والتحوالت االقتصادية ،واقع وحتديات " ،جامعة األغواط.
-غازي حسني عناية " ،التضخم املايل " ،دار الشهاب ،الطبعة الثانية ،اجلزائر.1986 ،
-فليح حسن خلف " ،األسواق املالية النقدية " ،جدارا للكتاب العاملي ،الطبعة األوىل.2006 ،
-ماهر كنج شكري ،مروان عوض " ،املالية الدولية " ،معهد الدراسات املصرفية ،األردن.2004 ،
-مائيري كوهني ،ترمجة عبد احلكم أمحد اخلزامي " ،النظم املالية والتمويلية ،املبادئ والتطبيقات " ،دار الفجر للنشر والتوزيع.2007 ،
-حماضرات يف مقياس " األسواق املالية وتقنيات التغطية من املخاطر " ،لألستاذ الدكتور طاويل مصطفى واألستاذ غريب ناصر صالح الدين،
.2010/2009
-حممد الصاحل احلناوي ،عبد الفتاح عبد السالم " ،املؤسسات املالية " ،الدار اجلامعية اإلسكندرية.1998 ،
-حممد دويدار ،أسامة حممد الفويل "،مبادئ االقتصاد النقدي " ،دار اجلامعة اجلديدة ،اإلسكندرية ،مصر.2003 ،
-حممد عبد العزيز عجمية ،مدحت العقاد " ،النقود والبنوك يف العالقات االقتصادية الدولية " ،دار النهضة العربية ،بريوت.2003 ،
-حممد عزت غزالن " ،اقتصاديات النقود واملصارف " ،دار النهضة ،بريوت.2002 ،
-حممد مطر ،فايز تيم " ،إدارة احملافظة االستثمارية " ،دار وائل ،عمان.2005 ،
-حممود محزة الزبيدي " ،إدارة املصارف ،إسرتاتيجية تعبئة املوارد وتقدمي االئتمان " ،مؤسسة الوراق ،الطبعة األوىل ،عمان.2000 ،
-حممود يونس حممد ،عبد النعيم حممد مبارك " ،أساسيات علم االقتصاد " ،الدار اجلامعية.1985 ،
-مدحت صادق " ،النقود الدولية وعمليات الصرف األجنيب " ،دار غريب للطباعة والنشر والتوزيع ،القاهرة ،مصر.1997،
-مصطفى رشدي شيحة " ،الوجيز يف االقتصاد النقدي واملصريف والبورصات" ،دار اجلامعة اجلديدة للنشر.1998 ،
-منصور زين " ،استقاللية البنك املركزي ،أثرها على السياسة النقدية " ،امللتقى الوطين األول حول " املنظومة املصرفية والتحوالت االقتصادية،
واقع وحتديات " ،يومي 14و15ديسمرب ،2004كلية العلوم اإلنسانية والعلوم االجتماعية ،جامعة حسيبة بن بوعلي ،الشلف.
91
.1997 ، اإلسكندرية، منشأة املعارف، " " األوراق املالية وأسواق رأس املال،منري إبراهيم هندي-
، األكادميية العربية للعلوم املالية واملصرفية،" األوراق املالية وصناديق االستثمار، " أدوات االستثمار يف أسواق رأس املال، هندي منري-
.1993 ،البحرين
.2000 ، مصر، منشأة املعارف اإلسكندرية،" " األوراق واألسواق املالية،هندي منري-
.2002 ، األردن، دار الكندي للنشر والتوزيع،" " التمويل الدويل، على حممود سعود،هيثم صاحب عجام-
.2009 ، الطبعة األوىل، دار البداية ودار املستقبل للنشر والتوزيع،" " األسواق املالية والدولية، أنس البكري، وليد الصايف-
:) قائمة المراجع باللغات األجنبية (الفرنسية واالنجليزية-1
-Anne Joseph, Marc Raffinot, Baptiste Venet, « Approfondissement Financier et Croissance: une
Analyse Empiriques en Afrique Sud-Saharienne », Université Paris IX, 2004.
-B. Michael Devereux and W. Gregor Smith, « International Risk Sharing and Economic Growth »,
International Economic Review, N° 35, August, 1994.
-Caprio Gerard and Stijn Claessens, « The Importance of Financial System for Development:
Implications for Egypt », Egyptian Center for Economic Studies (ECES), Distinguished Paper Series,
N° 6, 1997.
-E. Joseph Stiglitz, « Credit-Markets and the Control of Capital », Journal of Money, Credit and
Banking, N° 17, May, 1985.
-Gobin Gilles, « Les Opérations Bancaires et leurs Fondements Economiques », DUNOD Edition,
Paris, 1980.
-H. Schamiat Richard, Hackethal Andreas, M. Tymel, « Désintermédiation et Rôle des Banques en
Europe, une Comparaison Internationale », Revue d’Economie Financière, 1999.
-J. G. Gurley and E. S. Shaw (1955), « Financial Aspects of Economic Development », The American
Economic Review; Vol. 45, No. 4 (Sep 1955).
-J. G. Gurley and E. S. Shaw (1956), « Financial intermediaries and the Saving-Investment Process »,
The Journal of Finance, The Journal of The American Finance Association, Vol. 11 Issue 2, (May
1956).
-J. G. Gurley and E. S. Shaw (1960), « Money in a theory of finance », The Brookings Institution,
WASHINGTON DC, January 1960.
-J.P. Paratat, « Monnaie, Institution Financière et Politique Monétaire », Economica, Paris, 1982.
-Lagoute Christine, « Le Paradoxe des Banques Britanniques », Revue d 'Economie Financière, N° 77,
2005.
-M. Fanelli José and Rohinton Medhora, « Financial Reform in Developing Countries », IDRC,
International Development Research Centre Canada, 1998.
-Marc Mantoussé, « Economie Monétaire et financière », Edition Leila Moussouni, 2000.
-Mayer Colin, « New Issues in Corporate Finance », European Economic Reviews, N° 32, 1988.
-Meir Kohn, « Financial institutions and Markets », McGraw hill, Inc, New york, 1994.
-N. Henning Charles and Others, « Financial Markets and The Economy », New York: Prentice-Hall
Inc. Engelwood Cliffs, 1978.
-Pamicos Demetriades, « Financial Markets and Economic Development », Presented at ECES
Conference, Cairo 26-27 February, 1997.
-Raymond W. Goldsmith (1955), « Capital Formation and Economic Growth », Universities-National
Bureau, Princeton University Press, ISBN: 0-87014-197-X, 1955.
-S. Fréderic Miskin, « Financial Markets, Institutions and Money », Harper Collins Publisher, New
York, 1995.
-The World Bank: Quoted in the Economist, August 1989.
-Y. Ullmo, « Intermédiation, Intermédiaire Financier et Marché », Revue d’Economie Politique, N°5,
1988.
92