You are on page 1of 92

‫الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية‬

‫وزارة التعليم العالي والبحث العلمي‬


‫المركز الجامعي نور البشير البيض‬
‫معهد العلوم االقتصادية والتجارية وعلوم التسيير‬
‫قسم علوم التسيير‬

‫ ‬ ‫ ‬ ‫‬ ‫‬
‫من إعداد‪:‬‬

‫د‪ .‬بن عالل بلقاسم‬

‫أستاذ محاضر‬

‫مطبوعة دروس في مقياس حلقة حول مواضيع متعلقة بالنظام المالي واألسواق المالية مقدمة لطلبة السنة الثالثة‬
‫شعبة علوم التسيير‪ ،‬تخصص إدارة مالية‪.‬‬
‫السنة الجامعية‪2016 - 2015 :‬‬
‫محتويـــــات المطبوعة‬

‫‪02‬‬ ‫المحتويات‬
‫‪04‬‬ ‫قائمة الجداول‬
‫‪04‬‬ ‫قائمة األشكال‬
‫‪05‬‬ ‫تقـديـــم‬
‫‪07‬‬ ‫‪ -I‬النظام المالي ووظائفه في االقتصاد‬
‫‪07‬‬ ‫‪ 1-I‬مفهوم وتعريف النظام المالي‪...........................................................:‬‬
‫‪09‬‬ ‫‪ 2-I‬وظائف النظام المالي في االقتصاد‪.....................................................:‬‬
‫‪11‬‬ ‫‪ 3-I‬المتعاملين والمتدخلين في النظام المالي‪................................................:‬‬
‫‪14‬‬ ‫‪ -II‬نظام التمويل داخل األنظمة المالية‬
‫‪14‬‬ ‫‪ 1-II‬طرق وأساليب التمويل داخل األنظمة المالية‪.........................................:‬‬
‫‪17‬‬ ‫‪ 2-II‬المفاضلة بين التمويل المباشر وغير المباشر (دراسة مقارنة)‪......................:‬‬
‫‪19‬‬ ‫‪ 3-II‬األهمية النسبية لألساليب المختلفة من التمويل في دول العالم‪........................:‬‬
‫‪21‬‬ ‫‪ -III‬الوساطة المالية والوساطة البنكية‬
‫‪21‬‬ ‫‪ 1-III‬المنهج النظري للوساطة المالية والوساطة البنكية‪...................................:‬‬
‫‪23‬‬ ‫‪ 2-III‬مفهوم وتعريف الوساطة المالية والبنكية وأسباب ظهورها‪.........................:‬‬
‫‪26‬‬ ‫‪ 3-III‬أنواع الوساطة المالية والوساطة البنكية‪.............................................:‬‬
‫‪28‬‬ ‫‪ 4-III‬طبيعة العملية اإلنتاجية في المؤسسات المالية والبنكية الوسيطة‪...................:‬‬
‫‪31‬‬ ‫‪ -IV‬الجهاز المصرفي ومكوناته‬
‫‪31‬‬ ‫‪ 1-IV‬مفهوم وتعريف الجهاز المصرفي‪....................................................:‬‬
‫‪33‬‬ ‫‪ 2-IV‬البنك المركزي‪........................................................................:‬‬
‫‪40‬‬ ‫‪ 3-IV‬الخزينة العمومية‪......................................................................:‬‬
‫‪41‬‬ ‫‪ 4-IV‬البنوك والمؤسسات المالية‪............................................................:‬‬
‫‪49‬‬ ‫‪ -V‬السياسة النقدية للبنك المركزي‬
‫‪49‬‬ ‫‪ 1-V‬مفهوم‪ ،‬تعريف وأهداف السياسة النقدية‪...............................................:‬‬
‫‪52‬‬ ‫‪ 2-V‬أدوات السياسة النقدية‪..................................................................:‬‬
‫‪59‬‬ ‫‪ -VI‬استقاللية البنك المركزي في تنفيذ السياسة النقدية‬
‫‪59‬‬ ‫‪ 1-VI‬مفهوم وتعريف استقاللية البنك المركزي‪............................................:‬‬
‫‪60‬‬ ‫‪ 2-VI‬أثر استقاللية البنوك المركزية على المؤشرات االقتصادية‪.........................:‬‬
‫‪61‬‬ ‫‪ 3-VI‬االتجاهات الحديثة للبنوك المركزية‪..................................................:‬‬
‫‪63‬‬ ‫‪ -VII‬األسواق المالية‬
‫‪63‬‬ ‫‪ 1-VII‬مفهوم وتعريف السوق المالي‪.......................................................:‬‬
‫‪64‬‬ ‫‪ 2-VII‬تقسيمات السوق المالي (مكونات السوق المالي)‪...................................:‬‬
‫‪66‬‬ ‫‪ 3-VII‬أهمية األسواق المالية‪................................................................:‬‬
‫‪67‬‬ ‫‪ -VIII‬السوق النقدي‬
‫‪67‬‬ ‫‪ 1-VIII‬مفهوم وتعريف السوق النقدي‪......................................................:‬‬
‫‪2‬‬
‫‪68‬‬ ‫‪ 2-VIII‬أهمية وخصائص السوق النقدي‪...................................................:‬‬
‫‪70‬‬ ‫‪ 4-VIII‬المشاركون في السوق النقدي (المتدخلون)‪........................................:‬‬
‫‪71‬‬ ‫‪ 5-VIII‬هيكل السوق النقدي‪.................................................................:‬‬
‫‪73‬‬ ‫‪ 6-VIII‬أدوات االستثمار في السوق النقدي‪................................................:‬‬
‫‪75‬‬ ‫‪ -IX‬سوق رأس المال‬
‫‪75‬‬ ‫‪ 1-IX‬مفهوم وتعريف سوق رأس المال‪....................................................:‬‬
‫‪77‬‬ ‫‪ 2-IX‬تنمية أسواق رأس المال ودورها في النمو االقتصادي‪.............................:‬‬
‫‪80‬‬ ‫‪ -X‬سوق األوراق المالية‬
‫‪80‬‬ ‫‪ 1-X‬مفهوم وتعريف سوق األوراق المالية‪.................................................:‬‬
‫‪80‬‬ ‫‪ 2-X‬تصنيف وتقسيمات أسواق األوراق المالية‪............................................:‬‬
‫‪86‬‬ ‫‪ 3-X‬أدوات االستثمار في سوق األوراق المالية‪............................................:‬‬
‫‪89‬‬ ‫خاتمة عامة‬
‫‪90‬‬ ‫قائمة المراجع‬

‫‪3‬‬
‫قائمــة الجداول‬

‫الصفحة‬ ‫عنوان الجدول‬ ‫رقم الجدول‬


‫‪19‬‬ ‫مقارنة بين اإلقراض المباشر واإلقراض غير المباشر‪.‬‬ ‫‪1-II‬‬
‫‪34‬‬ ‫تواريخ إنشاء أقدم البنوك المركزية في العالم‪.‬‬ ‫‪1-IV‬‬
‫‪74‬‬ ‫أدوات االستثمار في السوق النقدي‪.‬‬ ‫‪1-VIII‬‬
‫‪76‬‬ ‫مقارنة بين السوق النقدي وسوق رأس المال‪.‬‬ ‫‪1-IX‬‬
‫‪85‬‬ ‫نظام وشروط التشغيل في بورصة األوراق المالية‪.‬‬ ‫‪1-X‬‬

‫قائمــة األشكال‬

‫الصفحة‬ ‫عنوان الشكل‬ ‫رقم الشكل‬


‫‪20‬‬ ‫اإلقراض المباشر واإلقراض غير المباشر في بعض دول العالم‪.‬‬ ‫‪1-II‬‬
‫‪29‬‬ ‫طبيعة العملية اإلنتاجية في المؤسسات المالية والبنكية الوسيطة‪.‬‬ ‫‪1-III‬‬
‫‪45‬‬ ‫نشاطات البنوك التجارية‪.‬‬ ‫‪1-IV‬‬
‫‪58‬‬ ‫تأثير السياسة النقدية على االقتصاد‪.‬‬ ‫‪1-V‬‬
‫‪66‬‬ ‫مكونات سوق المال‪.‬‬ ‫‪1-VII‬‬
‫‪84‬‬ ‫تصنيف سوق األوراق المالية‪.‬‬ ‫‪1-X‬‬
‫‪85‬‬ ‫أنواع األسواق الثانوية لألوراق المالية‪.‬‬ ‫‪2-X‬‬
‫‪88‬‬ ‫أدوات االستثمار في سوق األوراق المالية‪.‬‬ ‫‪3-X‬‬

‫‪4‬‬
‫تقـديـــــم‪:‬‬

‫كل دولة في العالم لها سياسات اقتصادية ومالية وتنموية تعمل على تحقيقها لتصل من‬
‫خاللها إلي تحقيق تنمية اقتصادية شاملة وبالتالي تحقيق رفاهية األفراد‪ .‬هذه السياسات تتطلب‬
‫وضع تخطيط لالستثمارات وتخطيط للمشاريع االقتصادية والتنموية وذلك حسب احتياجات‬
‫والقدرات التمويلية لكل دولة‪ ،‬وتحتاج االستثمارات والمشاريع االقتصادية والتنموية بطبيعة الحال‬
‫إلى التمويل الالزم لكي تنمو وتواصل حياتها باستمرار‪ .‬وعلى هذا الصعيد تظهر أهمية ودور‬
‫النظام المالي في تحقيق السياسة االقتصادية والتنموية للدولة‪ ،‬وذلك من خالل ما يوفره من‬
‫خدمات مالية ومختلف األدوات واألصول المالية التي تستعمل كأوعية للربط بين المدخرين‬
‫والمستثمرين من عائالت ودوائر األعمال والحكومات‪ ،‬فهو المسؤول الوحيد في االقتصاد عن‬
‫عملية تحريك األموال من وحدات الفائض المالي إلى وحدات العجز المالي من خالل األجهزة‬
‫المالية والمصرفية المكونة له كاألسواق المالية (التدفقات المالية المباشرة) ومختلف البنوك‬
‫والمؤسسات المالية (التدفقات المالية غير المباشرة)‪ .‬وتزداد أهمية النظام المالي في االقتصاد كلما‬
‫زادت فعالية األجهزة المالية والمصرفية في تعبئة الموارد المالية (المدخرات)‪ ،‬وتحسين توزيعها‬
‫على مختلف القطاعات واألنشطة االقتصادية‪ ،‬فهو يحفز االستثمارات وبالتالي يدفع بعجلة النمو‬
‫االقتصادي للدولة نحو األمام‪.‬‬
‫شهد النظام المالي على مستوى العالم العديد من التطورات خالل العقد األخير من القرن العشرين‬
‫تمثلت في التقدم التكنولوجي الهائل في الصناعة المصرفية‪ ،‬واستحداث أدوات مالية جديدة‪،‬‬
‫وانفتاح األسواق المالية على بعضها البعض في الدول المختلفة بصورة غير مسبقة‪ .‬لذلك يعتبر‬
‫الجهاز المصرفي واألسواق المالية أهم األركان المكونة للنظام المالي‪ ،‬فهي تسهر على توفير‬
‫وتقديم مجموعة من الخدمات والعمليات المالية لالقتصاد بهدف تمويل المؤسسات االقتصادية‬
‫والمشاريع االستثمارية‪ ،‬ويتم هذا بصورة منتظمة عن طريق مجموعة من التشريعات والقوانين‬
‫التي تشرف على إصدارها الوزارة المالية والسلطات النقدية والمالية خاصة البنك المركزي‬
‫باعتباره السلطة النقدية والمسؤول الوحيد عن تطبيق السياسة النقدية في البالد في ظل اقتصاد‬
‫مفتوح ورأس مالي‪.‬‬
‫ويقع ع لى عائق السياسة النقدية خاصة في الدول النامية المساهمة في تحقيق التنمية االقتصادية‪،‬‬
‫وهي من مسؤولياتها التي تعتبر ضرورية في االقتصاديات المتخلفة نظرا للدور الذي تساهم به‬
‫‪5‬‬
‫هذه السياسة من خالل جمع المدخرات وتشجيع االستثمارات وتنظيم األجهزة المصرفية‬
‫واألسواق المالية‪ .‬ولكي تؤذي السياسة النقدية دورها في تحقيق التنمية االقتصادية البد من وجود‬
‫الجهاز المصرفي والسوق المالي‪ ،‬والعمل على تطويرها بأساليب فعالة حتى ال تتسرب الموارد‬
‫المالية المحلية نحو الخارج بحثا عن الفوائد المغرية واألمان المفقود في بلدانها‪ ،‬والدول التي‬
‫عملت على تطوير أجهزتها المصرفية وأسواقها المالية هي التي تكون مؤهلة ألن تسهل عمل‬
‫السياسة النقدية‪.‬‬
‫وقد تناولت هذه المطبوعة مجموعة من الدروس مفصلة ومبسطة بطريقة نظرية لتوضيح وظائف‬
‫النظام المالي في االقتصاد‪ ،‬نظام التمويل داخل النظام المالي‪ ،‬الوساطة المالية والبنكية ومختلف‬
‫المكونات األساسية للنظام المالي (الجهاز المصرفي‪ ،‬البنك المركزي وسياساته النقدية‪ ،‬األسواق‬
‫المالية بما فيها السوق النقدي وسوق رأس المال وأسواق األوراق المالية) وكذلك تناولت موضوع‬
‫تنمية أسواق رأس المال وعالقتها بالنمو االقتصادي‪.‬‬
‫وتعتبر هذه المطبو عة بمثابة محاولة متواضعة حتى تكون عونا للطالب‪ ،‬من خالل الشرح البسيط‬
‫والمفصل‪ ،‬واألشكال والجداول المدعمة لكل موضوع من مواضيع هذه الدروس‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫‪ -I‬النظام المالي ووظائفه في االقتصاد‬

‫يسهر النظام المالي (‪ )Système Financier‬على توفير مختلف الخدمات مالية لالقتصاد‪،‬‬
‫فهو يحرك األموال من وحدات الفائض المالي إلى وحدات العجز المالي بعرضه لمختلف‬
‫األدوات واألصول المالية التي تستعمل كأوعية للربط بين المدخرين والمستثمرين‪ ،‬والتي تتوافر‬
‫فيها السيولة والحماية الالزمة من المخاطر تجعل هذا النظام يكتسب كل صفات االستقرار‬
‫والقبول الواسع من طرف الوحدات االقتصادية‪ ،‬األمر الذي يحفز على االدخار بمختلف صوره‬
‫المالية‪ .‬في هذا الجزء األول سنتطرق إلى دراسة النظام المالي‪ ،‬وظائفه في االقتصاد والمتعاملين‬
‫فيه‪.‬‬
‫‪ 1-I‬مفهوم وتعريف النظام المالي‪:‬‬
‫يمثل النظام المالي كل الوسائل والمؤسسات المالية أو التنظيمات المالية التي تمول وتغطي جزء‬
‫هام من االحتياجات المالية لألعوان االقتصاديين أصحاب العجز المالي‪ ،‬وذلك من خالل القدرات‬
‫المالية التي يملكها األعوان االقتصاديون أصحاب الفائض المالي‪ .‬لهذا يعرف النظام المالي على‬
‫أنه‪ " :1‬ذلك النظام الذي يعبر عن الهيآت واألعوان واآلليات التي تسمح لبعض األعوان‬
‫االقتصاديين خالل فترة زمنية معينة الحصول على موارد للتمويل ولآلخرين استخدام وتوظيف‬
‫مدخراتهم المالية‪ ،‬وتتوقف فعالية هذا النظام على قدرته في تعبئة االدخار وضمان أفضل‬
‫تخصيص للموارد المالية المتاحة في االقتصاد "‪.‬‬
‫فالنظام المالي بمختلف هياكله ومكوناته يساهم بالدرجة األولى في سيرورة السيولة النقدية‬
‫لالقتصاد‪ ،‬وذلك من خالل توفير مختلف الخدمات المالية الموزعة بين األجهزة المصرفية‬
‫واألسواق المالية وعالقتهم بالمؤسسات االقتصادية والمشاريع االستثمارية وكذلك العائالت‬
‫والحكومة‪ .‬وبالتالي فالنظام المالي يتكفل بعملية تحويل األموال في ما بين المتعاملين في االقتصاد‬
‫بشكل مستمر‪ ،‬حيث يسعى دوما إلى جمع الموارد المالية (المدخرات) من المتعاملين أصحاب‬
‫الفائض المالي الذين تتوافر لهم القدرات المالية الكافية وال تتاح لهم فرص استثمارية‪ ،‬ثم يحول‬
‫هذه الموارد إلى المتعاملين أصحاب العجز المالي الذين تتاح لهم فرص استثمارية وال يملكون‬
‫األموال الالزمة لتمويلها‪ .‬هذا التحويل للموارد المالية في ما بين المتعاملين االقتصاديين قد يتم إما‬

‫‪ 1‬عبد اجمليد قدي‪ " ،‬املدخل إىل السياسات االقتصادية الكلية "‪ ،‬ديوان املطبوعات اجلامعية‪ ،‬اجلزائر‪ ،2005 ،‬ص ‪.260‬‬
‫‪7‬‬
‫بطريقة مباشرة من خالل االعتماد على األسواق المالية ومختلف العمليات المالية التي تتم فيها‪،‬‬
‫أو بطريقة غير مباشرة عن طريق ما يعرف بالوسطاء الماليين كالبنوك والمؤسسات المالية‬
‫المختلفة التي تقوم بدور الوساطة المالية في االقتصاد‪.‬‬
‫وإن كان النظام المالي يشمل األسواق المالية ومجموعة من المؤسسات المالية التي تسهل من‬
‫عملية االدخار‪ -‬االستثمار )‪ ،(Epargne-Investissement‬فهو ال يقتصر فقط على الوسطاء‬
‫الماليين كالسماسرة والبنوك وصناديق االستثمار وشركات التأمين‪ ،‬بل يتضمن أيضا اآلليات‬
‫القانونية الالزمة لنفاذ العقود والتعاقدات وحل المنازعات كقوانين اإلفالس‪ ،‬وكذلك القواعد‬
‫الحاكمة للمعامالت المالية وخفض عمليات الغش والتدليس كمتطلبات اإلفصاح‪ ،‬كما يشمل كذلك‬
‫‪1‬‬
‫على النظم المحاسبية والضريبية‪.‬‬
‫ومؤدى ما سبق أن أركان النظام المالي هي‪:2‬‬
‫‪ ‬األهداف التي تتمثل في تعبئة المدخرات وتوجيهها إلى االستثمارات بصورة كفؤة‪.‬‬
‫‪ ‬السماسرة والمؤسسات المالية الوسيطة التي تحقق هذه األهداف كالبنوك وصناديق‬
‫االستثمار وشركات التأمين‪.‬‬
‫‪ ‬األسواق المالية وهي اآللية التي يتم من خاللها تحقيق أهداف النظام المالي وتتمثل في‬
‫أسواق النقد وأسواق رأس المال واألوراق المالية‪.‬‬
‫‪ ‬األدوات التي يتم بموجبها نقل األموال من وحدات الفائض إلى وحدات العجز كاألسهم‬
‫والسندات وغيرها‪.‬‬
‫‪ ‬إطار قانوني يتضمن تشريع الشركات‪ ،‬وتشريع للنقد وأعمال البنوك‪ ،‬وتشريع للضرائب‪،‬‬
‫وتشريع للدين العام‪ ،‬وتشريع لسوق األوراق المالية والمؤسسات المالية وصناديق االدخار‬
‫واالستثمار والمعاشات وشركات التأمين‪.‬‬
‫‪ ‬إطار مؤسسي مساند لألسواق المالية خاصة‪ ،‬ويشمل على هيئة لتنظيم هذه األسواق‬
‫والرقابة عليها‪ ،‬وهيئة لمقاصة وتسوية المدفوعات لمساندة عمليات األسواق المالية وهيئة‬
‫للحفظ المركزي للمستندات‪ ،‬وهيئات ومؤسسات لمساندة المؤسسات الرئيسية في األسواق‬

‫‪1‬‬
‫‪M. Fanelli José and Rohinton Medhora, « Financial Reform in Developing Countries », IDRC, International‬‬
‫‪Development Research Centre Canada, 1998, P 328.‬‬
‫‪ 2‬عاطف وليم أندراوس‪ " ،‬السياسة املالية وأسواق األوراق املالية خالل فرتة التحول القتصاد السوق "‪ ،‬مؤسسة شباب اجلامعة‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬مصر‪،2005 ،‬‬
‫ص ‪.84‬‬
‫‪8‬‬
‫المالية خاصة في أسواق رأس المال مثل المكاتب القانونية ومؤسسات التدقيق والمراجعة‬
‫ومؤسسات التحليل المالي‪.‬‬
‫وفي األخير‪ ،‬يمكن القول أن النظام المالي له صفات االستقرار والقبول على نطاق واسع‪ ،‬فهو‬
‫يمثل مجموعة من األسواق المالية والمؤسسات المالية بما فيها البنوك المرتبطة ببعضها البعض‬
‫والتي تسهر على توفير وتقديم مجموعة من العمليات المالية بهدف تمويل المؤسسات االقتصادية‬
‫والمشاريع االستثمارية‪ ،‬حيث يتم من خالل هذه العمليات المالية تداول مختلف أنواع القروض‬
‫واألدوات المالية كاألصول المالية القابلة للتداول مثل الكمبياالت‪ ،‬األوراق التجارية‪ ،‬الشيكات‪،‬‬
‫صكوك الرهن وعمالت أجنبية متداولة‪ ،‬األسهم والسندات وغيرها من األصول المالية التي من‬
‫شأنها أن تسهل المعامالت والمبادالت المالية سواء الحاضرة أو اآلجلة منها‪ ،‬كل هذا يتم بصورة‬
‫منتظمة عن طريق مجموعة من التشريعات والقوانين التي تشرف على إصدارها الوزارة المالية‬
‫والسلطات النقدية والمالية كالبنك المركزي‪.‬‬
‫‪ 2-I‬وظائف النظام المالي في االقتصاد‪:‬‬
‫إن أساس النظام المالي كما أشرنا إليه في المفاهيم والتعاريف السابقة هو الربط بين‬
‫المدخرين والمستثمرين بهدف تمويل النشاطات االقتصادية والمشاريع االستثمارية‪ ،‬وعليه فإن‬
‫أهم الوظائف التي يمكن أن يؤديها أي نظام مالي يتميز بدرجة متقدمة من التطور يمكن تلخيص‬
‫أهمها في ما يلي‪:1‬‬
‫‪ 1-2-I‬جمع وتعبئة االدخار(الموارد المالية)‪:‬‬
‫يساهم النظام المالي في عملية جمع وتعبئة الموارد المالية المتوفرة لدى األعوان االقتصاديين‬
‫الذين لديهم رغبة في االدخار أو في استثمار أموالهم انطالقا من الهياكل المكونة للنظام المالي‪،‬‬
‫وتتوقف قدرة هذا النظام في تعبئة أكبر قدر ممكن من المدخرات المالية على قدرته في تنويع‬
‫المحافظ المالية (األصول المالية القابلة للتداول) المتاحة لهؤالء األعوان وجعلها أكثر تناسبا مع‬
‫تفضيال تهم فيما يخص العائد ودرجة المخاطرة والسيولة النسبية لهذه األصول‪ ،‬فهي تعد عوامل‬
‫أساسية يعتمد عليها األعوان االقتصاديون قبل اتخاذ أي قرار نهائي للقيام بعملية االدخار أو‬
‫استثمار األموال‪.‬‬
‫‪ 2-2-I‬توفير المعلومات بأقل تكلفة والتخصيص األمثل للموارد المالية المتاحة‪:‬‬
‫‪1‬‬
‫‪Anne Joseph, Marc Raffinot, Baptiste Venet, « Approfondissement Financier et Croissance: une Analyse Empiriques‬‬
‫‪en Afrique Sud-Saharienne », Université Paris IX, 2004, P 1.‬‬
‫‪9‬‬
‫أمام التطورات االقتصادية التي يشهدها العالم في الوقت الحالي وكثرة المعامالت المالية‪ ،‬أصبح‬
‫من الصعب على المدخرين أو الراغبين في استثمار أموالهم كسب كل القدرات والوسائل الممكنة‬
‫والوقت ال الزم لجمع ومعالجة المعلومات الكافية والدقيقة التي تخص المقترضين والمشاريع‬
‫االقتصادية والفرص االستثمارية المربحة المتاحة في االقتصاد‪ ،‬وذلك من أجل ضمان وتحقيق‬
‫أفضل تخصيص لألموال المتوفرة لديهم‪ ،‬بل وقد تكلفهم هذه العملية تكاليف مرتفعة للحصول‬
‫على أقل قدر ممكن من هذه المعلومات‪ .‬فالنظام المالي أصبح حاليا يمثل لهؤالء المدخرين أو‬
‫الراغبين في استثمار أموالهم وسيلة سهلة غير معقدة وغير مكلفة كثيرا من أجل الحصول على‬
‫المعلومات الكافية والالزمة عن كل المقترضين والفرص االستثمارية المتاحة‪ ،‬يوفرها لهم النظام‬
‫المالي من أجل اتخاذ القرار االستثماري الصحيح‪.‬‬
‫ويتم جمع وتقديم المعلومات في النظام المالي عن طريق المؤسسات المالية خاصة البنوك‬
‫التجارية وبنوك االستثمار‪ ،‬وكذلك عن طريق خدمات المعلومات االستثمارية التي تتكفل بجمع‬
‫وتقديم المعلومات التي تخص االستثمار في األسواق المالية خاصة في أسواق رأس المال‪.‬‬
‫‪ 3-2-I‬إدارة المخاطر المالية‪:‬‬
‫هي عملية يتم من خاللها تحديد مختلف الفرص االستثمارية المتاحة في االقتصاد التي يمكن أن‬
‫تحقق عوائد بدرجات متفاوتة حسب تفاوت درجة مخاطرة االستثمار فيها وكذا درجة سيولتها‬
‫النسبية‪ ،‬ليتم بعد ذلك توزيع الموارد المالية التي بحوزة أجهزة النظام المالي والجاهزة لعملية‬
‫التوزيع لتمويل هذه االستثمارات بشكل عادل وعقالني‪ ،‬وذلك بهدف التقليل من تكلفة مخاطر‬
‫االستثمار المتوقعة‪ ،‬وبالتالي ضمان األموال المستثمرة وتحقيق أكبر قدر ممكن من العوائد‬
‫المتوقعة عن هذه االستثمارات‪.‬‬
‫لذلك نجد مؤسسات الوساطة المالية خاصة البنوك التجارية أنها تقوم بعملية توزيع الودائع المتاحة‬
‫لإلقراض على مختلف المشروعات االقتصادية وفقا لمحددات االستثمار واعتبارات العائد‬
‫والمخاطرة والسيولة المرتبطة بها‪ ،‬األمر الذي يؤدي إلى تخفيض تكلفة المخاطر المجمعة مقارنة‬
‫‪1‬‬
‫بما قد تقتضي إليه مخاطر إخفاق مشروع واحد على مدخر واحد أو مستثمر واحد‪.‬‬
‫كما قد نجد وظائف أخرى يقوم بها النظام المالي كتقييم األصول المالية خاصة األسهم والسندات‪،‬‬
‫والسهر على نشر قيمتها االسمية والسوقية باستمرار لغرض تسهيل الربط بين العارضين‬

‫‪ 1‬شذا مجال خطيب‪ ،‬صعفق الركييب‪ " ،‬العوملة املالية ومستقبل األسواق العربية لرأس املال "‪ ،‬مؤسسة طابا للنشر والتوزيع‪ ،2002 ،‬ص ‪.53‬‬
‫‪10‬‬
‫والطالبين على هذه األصول في األسواق المالية والتحكم في مخاطر االستثمار المتوقعة‪ ،‬وذلك‬
‫في حدود قانون العرض والطلب‪.‬‬
‫‪ 4-2-I‬تحريك وتحويل االدخار‪:‬‬
‫بعد قيام النظام المالي بجمع وتعبئة الموارد المالية‪ ،‬يسعى بعد ذلك إلى تحريك وتحويل هذه‬
‫المدخرات لتمويل االحتياجات المالية للمقترضين واألنشطة االقتصادية ومختلف المشاريع‬
‫االستثمارية‪ ،‬وذلك من خالل توفير مختلف أنواع القروض ومختلف أشكال األدوات المالية‬
‫(األصول المالية القابلة للتداول)‪ ،‬وبتواريخ استحقاق مختلفة (قصيرة‪ ،‬متوسطة‪ ،‬وطويلة األجل)‬
‫تضمن سير مختلف المعامالت االقتصادية والتجارية‪ ،‬سواء الحاضرة أو اآلجلة منها‪.‬‬
‫‪ 5-2-I‬الرقابة على إدارة المشاريع االستثمارية وأنشطة المؤسسات االقتصادية‪:‬‬
‫تخضع المؤسسات االقتصادية والمشاريع االستثمارية التي تستفيد من عملية التمويل من خالل‬
‫األجهزة المكونة للنظام المالي إلى الرقابة في نفس الوقت من طرف هذه أجهزة‪ ،‬وذلك بغية تقييم‬
‫أداء ومردود هذه المؤسسات والمشاريع الممولة‪ ،‬والوقوف على صحة ممارسة النشاط‬
‫االقتصادي واالستثماري الذي تم االتفاق على تمويله مسبقا‪ ،‬حفاظا على أموال المدخرين‬
‫أصحاب الودائع وأموال المستثمرين‪.‬‬
‫‪ 3-I‬المتعاملين والمتدخلين في النظام المالي‪:‬‬
‫انطالقا من المفاهيم والتعاريف السابقة للنظام المالي والوظائف األساسية التي يقوم بها أثناء قيامه‬
‫بعملية التمويل في االقتصاد‪ ،‬يمكننا استنتاج فئات المتعاملين في هذا النظام وذلك على أساس أن‪:‬‬
‫‪ 1-3-I‬الموارد المالية تتحول من أصحاب الفائض إلى أصحاب العجز المالي‪:‬‬
‫إذا أخذنا بمفهوم أن النظام المالي يحول الموارد المالية من األعوان االقتصاديين أصحاب الفائض‬
‫المالي إلى أعوان االقتصاديين أصحاب العجز المالي عن طريق األسواق المالية ومختلف‬
‫المؤسسات المالية‪ ،‬فإنه يمكننا تحديد فئات المتعاملين في النظام المالي كما يلي‪:‬‬
‫‪ ‬فئة األعوان االقتصاديون أصحاب القدرات المالية )‪.(AECF‬‬
‫‪ ‬فئة األعوان االقتصاديون أصحاب العجز المالي )‪.(AEBF‬‬
‫‪ ‬فئة المؤسسات المالية والتنظيمات المالية‪.‬‬

‫‪‬‬
‫‪Agents Economiques à capacité de Financement.‬‬
‫‪‬‬
‫‪Agents Economiques à Besoin de Financement.‬‬
‫‪11‬‬
‫أ‪ -‬فئة األعوان االقتصاديون أصحاب القدرات المالية‪ :‬هذا النوع من األعوان يتميزون بقدراتهم‬
‫العالية على اكتساب موارد مالية أكبر مقارنة بما ينفقون خالل مدة زمنية معينة‪ .‬وقدرتهم على‬
‫اكتساب الموارد المالية قد تعود إلى شروط معينة كحصولهم باستمرار على عوائد في شكل فوائد‬
‫نظير إيداعاتهم المالية المتواجدة في البنوك التجارية مثال‪.‬‬
‫ب‪ -‬فئة األعوان االقتصاديون أصحاب العجز المالي‪ :‬هم األعوان الذين يملكون موارد مالية غير‬
‫كافية (مصادر ذاتية)‪ ،‬ويسعون دوما إلى البحث عن مصادر خارجية للتمويل إضافية لتغطية‬
‫حاجاتهم من األموال أو لتمويل مشاريعهم االستثمارية وأنشطتهم االقتصادية‪.‬‬
‫ج‪ -‬فئة المؤسسات المالية والتنظيمات المالية‪ :‬هي الفئة الهامة في عملية التمويل‪ ،‬حيث تلعب‬
‫دورا هاما وأساسيا في الربط بين الفئتين السابقتين‪ ،‬فهي تسعى إلى جمع الموارد المالية من الفئة‬
‫األولى أصحاب الفائض المالي‪ ،‬وتوزيع هذه الموارد على الفئة الثانية أي أصحاب العجز المالي‪،‬‬
‫ويتم هذا التوزيع للموارد المالية إما بطريقة مباشرة عن طريق األسواق المالية أو بطريقة غير‬
‫مباشرة عن طريق ما يعرف بالوسطاء الماليين‪ .‬هذه الفئة تهدف إلى توفير التمويل من خالل‬
‫الرفع من حجم الموارد المالية في االقتصاد‪.‬‬
‫‪ 2-3-I‬النظام المالي يتكون من العارضين للخدمات المالية والطالبين عليها‪:‬‬
‫إذا أخذنا بمفهوم أن النظام المالي يتكون من العارضين للخدمات المالية والطالبين عليها‪ ،‬أي من‬
‫مقدمو الخدمات المالية ومستخدميها‪ ،‬فإنه يمكننا تحديد فئات المتعاملين في النظام المالي كما يلي‪:‬‬
‫أ‪ -‬مقدمو الخدمات المالية‪ :‬يختلف مقدمو الخدمات المالية من دولة إلى أخرى وذلك حسب درجة‬
‫تطور الدولة ودرجة تطور التنظيمات المالية والمصرفية المتواجدة فيها‪ ،‬كذلك حسب قدرة‬
‫وكفاءة الدولة في السيطرة عليها أي حسب قدرتها على رقابة وتنظيم هذه التنظيمات‪.‬‬
‫وعموما نميز بين مقدمو الخدمات المالية في أغلب الدول وجود مجموعة من المؤسسات المالية‬
‫بما فيها البنوك والتي يتربع على رأسها البنك المركزي باعتباره السلطة النقدية والمسؤول الوحيد‬
‫عن تطبيق السياسات النقدية في الدولة‪ .‬كما نميز كذلك وجود أسواق مالية التي بدورها تشمل‬
‫على سوق نقدي يتم فيه تداول أصول مالية قصيرة األجل وسوق آخر منظم لألوراق المالية‬
‫(البورصة)‪ ،‬حيث يتم فيه تداول أصول مالية متوسطة وطويلة األجل‪ ،‬هذه األسواق تخضع إلى‬
‫تشريعات وقوانين تصدرها السلطات المالية والنقدية للدول والبنوك المركزية بهدف تنظيم هذه‬

‫‪12‬‬
‫األسواق والرقابة عليها‪ .‬كما نميز كذلك خاصة في الدول النامية وجود أسواق مالية غير رسمية‬
‫والتي تعرف باألسواق الموازية‪.‬‬
‫ب‪ -‬مستخدمو الخدمات المالية‪ :‬ويتكون مستخدمو الخدمات المالية عموما من قطاع العائالت‬
‫ومن المنشآت الصغيرة غير الخاضعة للتنظيمات الصناعية باإلضافة إلى األفراد‪ .‬وتتمثل‬
‫االحتياجات المالية لقطاع العائالت في خدمات المدفوعات‪ ،‬الحصول على قروض صغيرة‪،‬‬
‫وحاجاتها ألصول مالية سائلة تودع فيها مدخراتها‪ ،‬ويبحث هذا القطاع في معامالته مع القطاع‬
‫المالي على السيولة‪ ،‬األمان‪ ،‬وبساطة المعامالت‪ .‬كما يضم مستخدمو الخدمات المالية قطاع‬
‫األعمال الذي يشمل مختلف المؤسسات االقتصادية العامة والخاصة والتي تحتاج إلى التمويل‬
‫القصير‪ ،‬المتوسط والطويل األجل لتمويل استثماراتها وتوسعها الرأسمالي‪ ،‬باإلضافة إلى الحكومة‬
‫التي تتعامل مع القطاع المالي وتنظم وتضبط عملياته وتراقب النظام المصرفي خاصة‪ .‬وتستخدم‬
‫الحكومة النظام المالي كمصدر لتمويل نفقاتها الجارية والرأسمالية‪ ،‬وتمويل عجز الميزانية من‬
‫خالل بيع أوراق مالية للجمهور (سندات حكومية‪ ،‬أذونات الخزانة)‪ .‬وتختلف درجة تدخل‬
‫الحكومة في ضبط عمليات النظام المالي والمصرفي ودرجة اعتمادها على النظام المصرفي‬
‫لتمويل عجز ميزانيتها من دولة إلى أخرى‪ ،‬وذلك حسب طبيعة وأشكال سياسة الكبح المالي‬
‫المتبعة في كل دولة‪ ،‬وكذلك حسب درجة االنفتاح المالي للدول‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫‪ -II‬نظام التمويل داخل األنظمة المالية‬

‫يقصد بنظام التمويل الطرق التي يتم من خاللها انتقال األموال من الوحدات االقتصادية‬
‫التي تعرض األموال (أصحاب الفائض) إلى الوحدات االقتصادية التي تطلب األموال (أصحاب‬
‫العجز)‪ ،‬بمعنى آخر أساليب انتقال األموال من المدخرين (الدائنين) إلى المستثمرين (المدينين)‪.‬‬
‫في هذا الجزء الثاني سنتطرق إلى دراسة مختلف الطرق وأساليب التمويل داخل األنظمة المالية‪،‬‬
‫دراسة مقارنة بين التمويل المباشر والتمويل غير المباشر وعرض األهمية النسبية لألساليب‬
‫المختلفة من التمويل في دول العالم‪.‬‬
‫‪ 1-II‬طرق وأساليب التمويل داخل األنظمة المالية‪:‬‬
‫لو اعتمدنا على طبيعة التمويل كمعيار لتحديد طرق وأساليب التمويل داخل النظام المالي‪ ،‬فإننا‬
‫سوف نميز بين ثالثة أساليب للتمويل‪ ،‬والتي تتمثل فيما يلي‪:‬‬
‫‪ 1-1-II‬التمويل المباشر‪:‬‬
‫يعتمد هذا األسلوب في التمويل على تحويل الموارد المالية بين المقرض والمقترض بشكل مباشر‬
‫وبدون وجود مؤسسة مالية وسيطة‪ ،‬ويكون ذلك من خالل إصدار مستخدم األموال أصول مالية‬
‫أو أوراق مالية يتم شراؤها من قبل األعوان ذوي الفائض المالي كاألسهم والسندات‪ ،‬الصكوك‪،‬‬
‫أو المكاتبات يتعهد فيها المدينون بالدفع مستقبال في المدة المتفق عليها زائد فائدة تمثل عائد المبلغ‬
‫المقترض (فائدة الدين)‪ ،‬وتتم هذه اآللية عموما عبر السوق المالي وبالضبط في السوق األوراق‬
‫المالية‪ .1‬فمن خالل نظام التمويل المباشر (‪ )Financement Direct‬يتم التبادل أو انتقال األموال‬
‫من الدائنين إلى المدينين دون مساعدة وسيط ثالث بينهم‪ ،‬أي يتبادل الطرفان األموال باألوراق‬
‫المالية مباشرة‪ ،‬وبالتالي فإن ركيزة التمويل المباشر هي األسواق المالية والتي تمثل أهم ركن في‬
‫هيكل النظام المالي‪.‬‬
‫‪ 2-1-II‬التمويل الشبه مباشر‪:‬‬
‫في ظل هذه الطريقة (‪ )Financement Pseudo-Direct‬فإن المدخرين والمستثمرين يعتمدون على‬
‫تدخل وسيط ثالث‪ ،‬وعادة ما يكون سمسار‪ ،‬أو وكيل‪ ،‬أو بنوك الرهان واالستثمار‪ ،‬أو المؤسسات‬
‫المالية األخرى التي ال تقوم بدور الوساطة المالية‪.‬‬

‫صالح الدين حسني السيسي‪ " ،‬قضايا اقتصادية معاصرة "‪ ،‬دار غريب‪ ،2002 ،‬ص ‪.86‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪14‬‬
‫ومن مميزات هذه الطريقة هي أنها تخفض من تكلفة البحث عن التمويل بالنسبة للمستثمرين‬
‫وتكلفة البحث عن توظيف األموال بالنسبة للمدخرين‪ :‬فبوجود وسيط ثالث كالسمسار سيساعد في‬
‫عملية البحث ومن ثم يمد الطر فين بمعلومات عن السوق ويساعد في إتمام الصفقة‪ ،‬وهذه الطريقة‬
‫هي أشبه بالطريقة األولى في أن الدائنين يقبلون األوراق المالية من المدينين مقابل أموالهم‪ ،‬ولكن‬
‫دخول الطرف الثالث يخفض من تكلفة البحث عن التسويق بالنسبة للطرفين‪ ،‬كما يقوم بتقديم‬
‫معلومات عن حالة السوق والتي ربما قد تكلف الدائنين والمدينين وقتا طويال في الحصول عليها‬
‫‪1‬‬
‫دون الطرف الثالث‪ ،‬كما تساعد هذه المعلومات في سرعة التبادل‪.‬‬
‫فالسماسرة يختلف عن المضاربين في أنهم يجمعون بين البائعين والمشترين معا‪ ،‬ولكنهم ال يبيعون‬
‫وال يشترون بأنفسهم أوراقا مالية‪ ،‬مثل سماسرة العقارات‪ ،‬فببساطة سماسرة العقارات يساعدون‬
‫األفراد الذين يبيعون المنازل على أن يجدوا مشترين مقابل الحصول على عمولة نظير خدماتهم‬
‫(إنهم ال يشترون المنازل بأنفسهم إلعادة بيعها)‪ ،‬وبالعكس فالمضاربون يحصلون على ربح من‬
‫الفرق بين السعر الذي يشترون به وهو سعر العطاء (‪ )Bid Price‬والسعر الذي يبيعون به أي‬
‫السعر المطلوب (‪ ،)Asked Price‬وقد نجد الكثير من السماسرة والمضاربين في اتصال ببعضهم‬
‫‪2‬‬
‫البعض خاصة في السوق الثانوية لألوراق المالية‪.‬‬
‫وانطالقا من المفهوم السابق‪ ،‬يمكننا االستناد على نفس المبدأ للتفرقة ما بين المؤسسات المالية‬
‫الوسيطة والمؤسسات المالية األخرى التي ال تقوم بدور الوساطة المالية‪ ،‬فهذه األخيرة يقتصر‬
‫عملها عموما كعمل السمسار وباألساس في توفير التسهيالت الالزمة لتداول األوراق المالية‬
‫داخل السوق الثانوي‪ ،‬فهي تنفذ أوامر الشراء والبيع نيابة عن جمهور المستثمرين مقابل عمولة‬
‫معينة وأهم هذه المؤسسات بنوك االستثمار أو الرهان‪ .3‬أما المؤسسات المالية الوسيطة والتي‬
‫تشمل البنوك التجارية بدرجة كبيرة‪ ،‬فهي تسعى إلى جلب األموال من المدخرين (المقرضين) في‬
‫شكل ودائع (المدخرات) مقابل حصولهم على فائدة (عائد) تتحدد بسعر الفائدة‪ ،‬لتوظف بعد ذلك‬
‫هذه الودائع في شكل قروض تمنح للمستثمرين (المقترضين) لتمويل استثماراتهم خالل فترة‬
‫زمنية محددة مقابل تسديد فائدة لصالح هذه المؤسسات المالية الوسيطة‪ ،‬وتكون هذه الفائدة أعلى‬

‫‪ 1‬عبد الوهاب يوسف أمحد‪ " ،‬التمويل وإدارة املؤسسات املالية "‪ ،‬دار حامد للنشر والتوزيع‪ ،‬الطبعة األوىل‪ ،2008 ،‬ص ‪.132‬‬
‫‪ 2‬مائيري كوهني‪ ،‬ترمجة عبد احلكم أمحد اخلزامي‪ " ،‬النظم املالية والتمويلية‪ ،‬املبادئ والتطبيقات "‪ ،‬دار الفجر للنشر والتوزيع‪ ،2007 ،‬ص ‪ 55‬و‪.56‬‬
‫‪ 3‬السيد البدوي عبد احلافظ‪ " ،‬إدارة األسواق املالية‪ ،‬نظرة معاصرة "‪ ،‬دار الفكر العريب‪ ،1999 ،‬ص ‪.218‬‬
‫‪15‬‬
‫بقليل من الفائدة على الودائع‪ ،‬وبالتالي فالبنك التجاري يستفيد من الفرق بين الفائدة على القروض‬
‫والفائدة على الودائع‪ .‬إن طريقة التمويل الشبه مباشر ال تلبي مطالب كل الدائنين والمدينين‪،‬‬
‫وتتمثل هذه المطالب في ما يلي‪:1‬‬
‫وتتمثل مطالب الدائنين في ما يلي‪:‬‬
‫‪ ‬الحصول على أوراق مالية أولية من المدينين األكثر ضمانا في استرداد قيمتها‪.‬‬
‫‪ ‬إمكانية الحصول على أوراق مالية قصيرة األجل ومجزية العائد‪.‬‬
‫‪ ‬إمكانية الحصول على أوراق مالية قليلة القيمة بالنسبة لصغار المدخرين‪.‬‬
‫‪ ‬الدائنين يرغبون عموما في أوراق مالية ذات األسعار األكثر استقرارا‪ ،‬أي عدم تعرضهم‬
‫لخسائر مالية‪.‬‬
‫أما مطالب المدينين فهي تتمثل عموما في‪:‬‬
‫‪ ‬أوراق مالية طويلة األجل‪.‬‬
‫‪ ‬الحصول على القروض الكبيرة‪ ،‬أي بمعنى تسويق أوراقهم المالية‪.‬‬
‫‪ ‬قبول مخاطر عدم الدفع في حالة تعرضهم لألزمات المالية‪.‬‬
‫‪ 3-1-II‬التمويل غير المباشر‪:‬‬
‫يتمثل التمويل غير المباشر (‪ )Financement Indirect‬في تحويل األموال من المقرضين إلى‬
‫المقترضين من خالل الوسطاء الماليين‪ ،‬حيث تتدخل المؤسسات المالية والبنكية التي تقوم بدور‬
‫الوساطة المالية كهمزة وصل (كوسيط ثالث) بين الوحدات االقتصادية ذات الفائض المالي والتي‬
‫تفتقد إلى المشاريع االستثمارية المربحة‪ ،‬والوحدات االقتصادية ذات العجز المالي والتي لديها‬
‫فرص استثمارية‪.‬‬
‫وقد شهد النظام المالي خاصة في اقتصاديات المديونية (الدول النامية) حتى بداية الثمانينات هيمنة‬
‫نظام التمويل غير المباشر على األنشطة المالية والمصرفية التمويلية‪ ،‬والذي يتطلب وساطة مالية‬
‫وبنكية (‪ )Intermédiation Financière et Bancaire‬عن طريق المؤسسات المالية والبنكية‬
‫الوسيطة‪ ،‬هذا النظام المالي تغير وتطور تدريجيا في الدول النامية بعد ما أدرجت معظم هذه‬

‫‪ 1‬عبد الوهاب يوسف أمحد‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪ 132‬و‪.133‬‬


‫‪16‬‬
‫الدول مجموعة من اإلصالحات المالية التي تحفز على قيام وإنشاء اقتصاد األسواق المالية (نظام‬
‫التمويل المباشر)‪ .‬ومن ايجابيات نظام التمويل غير المباشر‪:1‬‬
‫‪ ‬يلبي كل مطالب الدائنين والمدينين التي ال يوفرها لهم التمويل الشبه مباشر‪.‬‬
‫‪ ‬البنوك التجارية تقبل األوراق المالية الصادرة من المدينين‪ ،‬كما تصدر أوراقا مالية ثانوية‬
‫للدائنين‪ .‬فالمؤسسات المالية الوسيطة تقوم بقبول الودائع والمدخرات من الدائنين ومن ثم‬
‫تصدر أوراقا ثانوية لهم أكثر ضمانا‪ ،‬وقبول األوراق المالية الصادرة من المدينين ذوي‬
‫العجز المالي‪.‬‬
‫هذه اإليجابيات في نظام التمويل غير المباشر تجعله أقل فائدة من الطرق األخرى لذوي الفوائض‬
‫المالية‪.‬‬
‫‪ 2-II‬المفاضلة بين التمويل المباشر وغير المباشر (دراسة مقارنة)‪:‬‬
‫من خالل ما سبق نستنتج أن النظام المالي يقدم حلين أساسين لمشكالت التمويل‪:‬‬
‫‪ ‬التمويل المباشر عن طريق األسواق المالية (أي اإلقراض األكثر سهولة)‪.‬‬
‫‪ ‬التمويل عن طريق الوسطاء الماليين كبديل لإلقراض األكثر سهولة أو التمويل المباشر‪.‬‬
‫فلو نقوم بطرح التساؤل التالي‪ :‬ماهي المزايا النسبية لكال الحلين؟ نقترح اإلجابات التالية‪:‬‬
‫من المعلوم أن التمويل غير المباشر والذي يعتمد على الوسطاء الماليين خاصة البنوك التجارية‬
‫يتميز بقلة المخاطر و ارتفاع السيولة النسبية‪ ،‬كما يعد أيضا بمتوسط عائد أقل (فرصة أقل‬
‫للكسب) وفي نفس الوقت يعني فرصة أقل للخسارة عكس التمويل المباشر تماما‪.‬‬
‫لإلقراض غير المباشر مزايا أيضا للمقترضين‪ ،‬تتمثل في تفوق البنك في جمع المعلومات وفي‬
‫المراقبة‪ ،‬حيث يسمح للمقترض بتفادي الكثير من تكاليف اإلصدار العام عن طريق تجزئة هذه‬
‫التكاليف‪ ،‬وبالرغم من أن اإلقراض غير المباشر عادة أرخص (غير مكلف) بالنسبة للقروض‬
‫الصغيرة أو القصيرة األجل إال إنه يعد فرصة سانحة للمقترضين الذين ال تتوافر لهم خيارات‬
‫كثيرة (فرص اختيارية للتمويل محدودة) نتيجة ألسباب معينة كافتقارهم للسمعة االئتمانية الحسنة‬
‫‪2‬‬
‫والتي تستبعدهم عن فكرة اإلقراض المباشر‪.‬‬

‫‪ 1‬عبد الوهاب يوسف أمحد‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.133‬‬


‫‪ 2‬مائيري كوهني‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.62‬‬
‫‪17‬‬
‫ويختلف التمويل المباشر وغير المباشر في مرونة كل منهما عند تناول مشكالت استرداد المبلغ‬
‫األصلي‪ ،‬فاألسباب التي قد تجعل المقترض يواجه صعوبة في تسديد القرض قد تكون دائمة أو‬
‫مؤقتة‪ ،‬ففي التمويل غير المباشر وإذا كانت الصعوبة في تسديد القرض من طرف المقترض‬
‫دائمة يصبح شهر اإلفالس يمثل المصلحة األفضل للمقرض (الوسطاء الماليين)‪ ،‬وإذا كانت مؤقتة‬
‫فقد يكون تصرف المقرض بإعطاء المقترض مزيدا من الوقت إلعادة دفع الدين (إعادة جدولة‬
‫القرض)‪.‬‬
‫أما مع التمويل المباشر فإعادة جدولة القرض صعبة‪ ،‬حيث أنه من الصعب على المقرضين أن‬
‫يوافقوا على شروط جديدة للقرض‪ ،‬فشروط العقد في اإلقراض المباشر تطبق بشدة بصرف‬
‫النظر إذا ما كان هذا في مصلحة المقرضين وبالتالي يكون الحل الوحيد هو القيام بإجراءات‬
‫إعالن اإلفالس الرسمية‪ ،‬بينما في حالة اإلقراض غير المباشر يكون البنك في وضع أفضل‬
‫لمعرفة إذا ما كانت مشكلة المقترض دائمة أو مؤقتة‪ ،‬وبصفته المقرض الوحيد الذي يستطيع‬
‫تغيير شروط القرض دون الرجوع إلى أخذ موافقة اآلخرين فهو يستطيع إعادة جدولة التسديدات‪،‬‬
‫فيتنازل عن وعود القرض أو حتى يتعاقد على قروض جديدة لمساعدة المقترض على تخطي‬
‫‪1‬‬
‫الصعوبات المؤقتة‪.‬‬
‫وعند كتابة عقد القرض (‪ )Loan Indenture or Trust Deal‬في اإلقراض المباشر بعد التفاوض‪،‬‬
‫يتم شراء األوراق المالية الجديدة من الجهة المصدرة لها عن طريق وكيل قروض أو وكيل‬
‫األوراق المالية ويعين وصيا لمراقبة التطابق في التنفيذ مع الشروط المتفق عليها (في و‪.‬م‪.‬أ‬
‫الوصي هو عادة بنك تجاري)‪ ،‬هذه العملية تسمى ضمان االكتتاب (‪ ،)Under Writer‬بعد ذلك‬
‫يتم بيع هذه األوراق المالية ثانية إلى الجمهور‪ .‬فعندما يكتب العقد ويتم تعيين الوصي‪ ،‬عادة‬
‫يشتري الوكيل ضمان االكتتاب لكل إصدارات المقترض ويعيد بيعه إلى الجمهور‪ ،‬ويتحمل‬
‫الوكيل مسؤولية قانونية لتزويد المشترين الجدد بالمعلومات الصحيحة حول األخطار التي‬
‫يتضمنها العقد‪ ،‬أما في اإلقراض غير المباشر فالتفاوض وكتابة عقد القرض ومراقبة التطابق في‬
‫التنفيذ يتكفل بها البنك فقط‪ ،‬ويتحمل البنك مسؤولية توفير كل المعلومات الخاصة به للمقرض‬
‫والمقترض ومسؤولية مراجعة بيانات المقترض حفاظا على سالمة أموال الجمهور المودعين‪.‬‬

‫‪ 1‬مائيري كوهني‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪ 63‬و‪.64‬‬


‫‪18‬‬
‫والجدول التالي يوضح أهم االختالفات األساسية بين اإلقراض المباشر واإلقراض غير المباشر‪:‬‬

‫الجدول رقم ‪ :1-II‬مقارنة بين اإلقراض المباشر واإلقراض غير المباشر‪.‬‬

‫إقراض غير المباشر‬ ‫إقراض مباشر‬


‫البنك‬ ‫سوق األوراق المالية‬ ‫أمثلة‬
‫المقرض يحتاج إلى معلومات‬ ‫معلومات تنشرها الشركات‬ ‫جمع وتقييم‬
‫فقط عن البنك‪ ،‬والبنك يراجع‬ ‫المقترضة‪ ،‬خدمات المعلومات‬ ‫المعلومات‬
‫بيانات المقترض‪.‬‬ ‫االستثمارية‬
‫)‪(Standard and Poor’s‬‬
‫والصحافة‪.‬‬
‫البنك‬ ‫الوكيل‬ ‫التفاوض وكتابة‬
‫عقد القرض‬
‫البنك‬ ‫الوصي‬ ‫مراقبة التطابق في‬
‫التنفيذ‬
‫التجميع التراكمي لإليداعات‬ ‫السوق الثانوية‬ ‫السيولة‬
‫إعادة تفاوض شخصي أو‬ ‫إجراءات إعالن اإلفالس‬ ‫التعامل مع عدم‬
‫إفالس‬ ‫الرسمية‬ ‫الوفاء بالوعود‬

‫املصدر‪ :‬مائيري كوهني‪ ،‬ترمجة عبد احلكم أمحد اخلزامي‪ " ،‬النظم املالية والتمويلية‪ ،‬املبادئ والتطبيقات "‪ ،‬دار الفجر للنشر والتوزيع‪،‬‬
‫‪ ،2007‬ص ‪.64‬‬

‫‪ 3-II‬األهمية النسبية لألساليب المختلفة من التمويل في دول العالم‪:‬‬


‫تختلف الدول اختالفا جوهريا في اعتمادها على اإلقراض المباشر واإلقراض المصرفي غير‬
‫المباشر (الوساطة المالية البنكية)‪ ،‬ولتوضيح ذلك نستعين بالشكل (‪ )1-II‬الذي يبين شرائح‬
‫مختلفة من الدول المتقدمة والنامية الناشئة لعام ‪ ،1985‬فنالحظ أن الدول المتقدمة اعتمدت نسبيا‬
‫أكثر على اإلقراض المباشر (كانت فرنسا استثناءا)‪ ،‬كما نالحظ أيضا أن اإلقراض المصرفي‬
‫كان أقل أهمية في الواليات المتحدة والسويد مقارنة عما كان عليه في معظم الدول األخرى‪.‬‬

‫‪19‬‬
‫الشكل رقم ‪ :1-II‬اإلقراض المباشر واإلقراض غير المباشر في بعض دول العالم‪.‬‬

‫الوحدة‪ :‬نسبة من اإلجمالي‬


‫‬ ‫‬ ‫‬ ‫‬ ‫‬ ‫‬ ‫‬ ‫‬
‫‪United States‬‬
‫‪Sweden‬‬
‫‪Britain‬‬
‫‪Malaysia‬‬
‫‪Australia‬‬
‫‪Japan‬‬
‫‪West Germany‬‬
‫‪Canada‬‬
‫‪Chile‬‬
‫‪India‬‬
‫‪Brazil‬‬
‫‪Nigeria‬‬
‫‪Thailand‬‬
‫‪France‬‬
‫‪Philippines‬‬
‫‪Pakistan‬‬
‫‪Argentina‬‬
‫‪South Corea‬‬
‫‪Venezuela‬‬
‫‪Portugal‬‬
‫‪Turkey‬‬

‫‪0%‬‬ ‫‪20%‬‬ ‫‪40%‬‬ ‫‪60%‬‬ ‫‪80%‬‬ ‫‪100%‬‬

‫‪Source: The World Bank: Quoted in the Economist, August 1989, P 18.‬‬

‫ومهما تعددت األجهزة التي تشرف على عمل القطاع المالي في أي دولة سواء اشتمل على‬
‫مؤسسات مالية وبنكية (النظام المصرفي) أو أسواق مالية (أسواق رأس المال وأسواق النقد) أو‬
‫االثنين معا‪ ،‬إال أن الهدف من هذا النظام يبقى نفسه والذي يتمثل في‪:‬‬
‫‪ ‬يضمن للمؤسسات التمويالت الالزمة لمواجهة مصاريفها الكلية من جهة‪ ،‬وتحسين‬
‫الظروف االقتصادية في الجانب اإلنتاجي من جهة أخرى‪.‬‬
‫‪ ‬توفير رؤوس األموال الالزمة إلنجاز االستثمارات والمشاريع االقتصادية‪ ،‬حيث يترتب‬
‫عليها توفير مناصب شغل جديدة تؤذي إلى القضاء على البطالة‪ ،‬تحقيق التنمية االقتصادية‬
‫للبالد وتحقيق األهداف المسطرة من طرف الدولة‪.‬‬
‫‪ ‬تحقيق التنمية االقتصادية الشاملة والرفاهية ألفراد المجتمع عن طريق تحسين الوضعية‬
‫المعيشية لهم (توفير السكن‪ ،‬العمل‪.)...‬‬

‫‪20‬‬
‫‪ -III‬الوساطة المالية والوساطة البنكية‬

‫شهد النظام المالي خاصة في اقتصاديات المديونية (الدول النامية) حتى بداية الثمانينات‬
‫هيمنة نظام التمويل غير المباشر على األنشطة المالية والمصرفية التمويلية‪ ،‬والذي يتطلب دورا‬
‫فعاال من جانب الوساطة المالية والبنكية عن طريق المؤسسات المالية والبنوك الوسيطة‪ ،‬هذا‬
‫النظام المالي تغير وتطور تدريجيا في الدول النامية بعد ما أدرجت معظم هذه الدول مجموعة من‬
‫اإلصالحات المالية التي تحفز على قيام وإنشاء اقتصاد األسواق المالية (نظام التمويل المباشر)‪.‬‬
‫وقد تمثل تطور النظام المالي في الدول النامية في تطور كل من أسواق رأس المال التي تشجع‬
‫المؤسسات االقتصادية على إصدار األوراق المالية كاألسهم والسندات من أجل الحصول على‬
‫التمويل‪ ،‬وعلى تطور أسواق النقد أين تقوم البنوك بفتح المجال أمام كل األعوان االقتصاديون‬
‫للتعامل في سوق نقدي مفتوح‪ ،‬وبالتالي فتطور النظام المالي يعتمد على إلغاء نظام التمويل غير‬
‫المباشر (‪ )Désintermédiation‬الذي أساسه الوساطة المالية واالعتماد على نظام مباشر في‬
‫التمويل‪ ،‬لكن هذا اإللغاء للوساطة المالية يترجم فقط إلى انخفاض هام في حجم القروض البنكية‬
‫التي تمول االقتصاد بشكل عام‪ .‬وأثبتت الدراسات التي قام بها مجموعة من االقتصاديون أن‬
‫تطور النظام المالي ال يعني اإللغاء التام لخدمات الوساطة المالية والبنكية‪ ،‬فحاليا وأمام توسع‬
‫أسواق رأس المال وأسواق النقد زادت الحاجة إلى الوساطة المالية والبنكية من أجل الحصول‬
‫على التمويل‪ ،‬كما تنوعت أشكال الوساطة المالية والبنكية نظرا لتنوع وتطور البنوك والمؤسسات‬
‫المالية وظهور وسطاء ماليون جدد‪ .‬سنحاول في هذا الجزء الثالث تسليط الضوء على الوساطة‬
‫المالية والوساطة البنكية وإبراز أنواع الوساطة المالية والبنكية‪.‬‬
‫‪ 1-III‬المنهج النظري للوساطة المالية والوساطة البنكية‪:‬‬
‫إلى غاية سنوات الخمسينات‪ ،‬لم تكن هناك نظرية تهتم بالبنوك والهيآت المخصصة لمنح‬
‫القروض على أنها وحدات تتدخل بطريقة فعالة في تحويل االدخار إلى استثمار وبالتالي في خلق‬
‫النقود‪ .‬وقد تم وضع نظرية الوساطة المالية في نهاية سنوات الخمسينات من خالل دراسات حول‬
‫اقتصاد األسواق المالية‪ ،‬قام بها مجموعة من االقتصاديون ‪ 1)1955( GOLD SMITH‬وكل من‬

‫‪1‬‬
‫‪Raymond W. Goldsmith (1955), « Capital Formation and Economic Growth », Universities-National Bureau,‬‬
‫‪Princeton University Press, ISBN: 0-87014-197-X, 1955.‬‬
‫‪21‬‬
‫‪ 1955( GURLEY and SHAW‬و‪ ،1)1956‬حيث أبرزوا آنذاك وألول مرة تصاعد أهمية و‬
‫دور الوساطة المالية في االقتصاد األمريكي‪.‬‬
‫كما قام بعد ذلك ‪ GOLD SMITH‬بدراسة بحث فيها عن األسباب التي كانت وراء تزايد تعقد‬
‫وعدم تطور األنظمة المالية في االقتصاديات النامية‪ ،‬حيث لم يجد في هذه الدراسة مبررا لتأكيد‬
‫تزايد أهمية الوساطة المالية في االقتصاديات النامية‪ .‬وقاما كل من ‪GURLEY and SHAW‬‬
‫(‪ 2)1960‬ألول مرة في كتابهما "النقود في نظرية المال" (‪)Money in a Theory of Finance‬‬
‫بتحليل و دراسة المؤسسات المالية من خالل وظيفتها األساسية المتمثلة في الوساطة المالية عند‬
‫قيامها بعملية تمويل األنشطة االقتصادية‪.‬‬
‫إن مفهوم الوساطة المالية في اآلونة األخيرة عرف تطورا وتقدما كبيرا بمرور الوقت وذلك من‬
‫خالل الدراسات النظرية والتطبيقية التي قام بها العديد من االقتصاديون‪ .‬وقد استعمل هؤالء‬
‫الباحثون نفس المصطلح األنجلوساكسوني "‪ "Anglo-Saxonne‬الذي طور من طرف ‪GURLEY‬‬
‫‪ and SHAW‬و الذي هو "‪ "Intermédiation‬للتعبير عن مفهوم الوساطة المالية والبنكية‪ ،‬فحسب‬
‫‪ "Intermédiation" GURLEY and SHAW‬تعني العملية التي يتم من خاللها تسوية الحاجات‬
‫المالية للوحدات االقتصادية عن طريق الفوائض المالية التي بحوزة الوحدات االقتصادية‬
‫األخرى‪ ،‬حيث يتدخل عون خاص يسمى الوسيط المالي يختص بجمع مدخرات المقرضين والتي‬
‫تكون في شكل إصدارات أولية غير مباشرة لألوراق المالية لتوزع في نهاية المطاف على‬
‫‪3‬‬
‫المقترضين لشراء هذه األوراق‪.‬‬
‫وانطالقا من فكرة تقسيم نظام التمويل إلى تمويل مباشر وآخر غير مباشر يعتمد على الوساطة‬
‫المالية‪ ،‬توصل ‪ GURLEY and SHAW‬إلى وضع نموذج نظري للوساطة المالية كان أقرب‬
‫للتعبير عن اإل طار المفهومي والوظيفي للوساطة المالية وعالقتها بتطور األسواق المالية‪ ،‬حيث‬
‫توصال كغيرهم من االقتصاديين إلى أن التطور الذي يشهده القطاع المالي في أغلب الدول يعود‬
‫إلى تحول نظام التمويل المباشر إلى نظام غير مباشر للتمويل الذي يعتمد على األنشطة البنكية‬

‫‪1‬‬
‫‪- J. G. Gurley and E. S. Shaw (1955), « Financial Aspects of Economic Development », The American Economic‬‬
‫‪Review; Vol. 45, No. 4 (Sep 1955), pp. 515-538.‬‬
‫‪- J. G. Gurley and E. S. Shaw (1956), « Financial intermediaries and the Saving-Investment Process », The Journal of‬‬
‫‪Finance, The Journal of The American Finance Association, Vol. 11 Issue 2, (May 1956), pp. 257-276.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪J. G. Gurley and E. S. Shaw (1960), « Money in a theory of finance », The Brookings Institution, WASHINGTON‬‬
‫‪DC, January 1960.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Lagoute Christine, « Le Paradoxe des Banques Britanniques », Revue d 'Economie Financière, N° 77, 2005.‬‬
‫‪22‬‬
‫التقليدية‪ ،‬كمنح القروض وخلق النقود وتسيير المدخرات المجمعة‪ ،‬وذلك بسبب تنوع وتطور‬
‫البنوك والمؤسسات المالية الوسيطة وظهور وسطاء ماليون جدد كوسطاء السوق النقدي ووسطاء‬
‫السوق المالي‪.‬‬
‫‪ 2-III‬مفهوم وتعريف الوساطة المالية والبنكية وأسباب ظهورها‪:‬‬
‫الوساطة المالية و الوساطة البنكية هي تلك العملية التي يتم من خاللها ربط الوحدات االقتصادية‬
‫ذات الفوائض المالية (المقرضون) بوحدات اقتصادية أخرى تحتاج إلى التمويل (المقترضون)‪،‬‬
‫وذلك بهدف تحقيق التوازن بين االدخار واالستثمار في االقتصاد‪.‬‬
‫‪ 1-2-III‬مفهوم وتعريف الوساطة المالية والوساطة البنكية‪:‬‬
‫تسعى الوساطة المالية إلى الربط بين االختيارات المختلفة لمحافظ األصول المالية المتوفرة لدى‬
‫األعوان االقتصاديون سواء المقرضون أو المقترضون‪ ،‬ويتم هذا عن طريق مجموعة من الهيآت‬
‫تسمى الوسطاء الماليون و التي تتكفل بجمع األموال من األعوان االقتصاديون أصحاب الفائض‬
‫في الموارد المالية لتحول إلى األعوان االقتصاديون أصحاب العجز المالي‪ .1‬وبالتالي الوساطة‬
‫المالية هي عبارة عن تدخل المؤسسات المالية الوسيطة كوسيط ثالث بين الدائنين والمدينين‪ ،‬حيث‬
‫تتم عملية التبادل ولكن بطريقة غير مباشرة‪.‬‬
‫ويعرف الكثير المؤسسات المالية الوسيطة على أنها وحدات مالية أو مصرفية تقوم بتجميع‬
‫الموارد االدخارية من األفراد والمشروعات لتضعها تحت تصرف هذه الوحدات التي هي بحاجة‬
‫لألموال لغرض التوظيف االستثماري‪ ،‬بمعنى ال يبرر وجود المؤسسات المالية الوسيطة إال في‬
‫حالة ما إذا كان هناك بعض الوحدات االقتصادية التي تكون لديها نفقات استهالكية ونفقات‬
‫استثمارية تكون أقل وأكثر بالنسبة لمدا خيلها‪.‬‬
‫فالوظيفة األساسية للمؤسسات المالية الوسيطة هي وضع فائض بعض الوحدات تحت تصرف‬
‫الوحدات التي تعاني م ن العجز المالي‪ ،‬وتؤدي الوساطة المالية وظيفتها من خالل شراء األصول‬
‫األولية من المقترضين النهائيين (المشروعات‪ ،‬األفراد‪ ،‬الدولة‪ ،‬األجانب المقيمين‪،‬‬ ‫المالية‬
‫المستثمرين‪ ،)...‬وإصدار أصول مالية غير مباشرة (أي ثانوية) مقابلة لها ليقتنيها المقرضون‬
‫النهائيون وخاصة ا ألفراد المدخرين‪ ،‬وبهذا فهي تقدم خدمات مفيدة وحيوية للوحدات االقتصادية‬

‫‪1‬‬
‫‪Y. Ullmo, « Intermédiation, Intermédiaire Financier et Marché », Revue d’Economie Politique, N°5, 1988, pp. 639-‬‬
‫‪654.‬‬
‫‪23‬‬
‫العديدة والمختلفة‪ ،‬وعلى ذلك فإن هذه المؤسسات المالية الوسيطة تحتفظ بصورة أساسية‬
‫باألصول المالية األولية وتخلق أصول مالية جديدة ذات أهمية كبيرة في االقتصاد‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫أما فيما يخص الوساطة البنكية فحسب النظرية الكالسيكية ل ‪)1960( GURLEY and SHAW‬‬
‫فإن البنك يعرف على أنه وسيط مالي نقدي‪ ،‬يتمثل نشاطه في التوسط بين األعوان االقتصاديون‬
‫أصحاب الفائض في الموارد المالية واألعوان االقتصاديون أصحاب العجز المالي‪ ،‬حيث يقوم‬
‫البنك بقبول ودائع نقدية سائلة (ودائع تحت الطلب وودائع ألجل) مقابل فائدة (دائنة) يدفعها‬
‫للمودعين‪ ،‬ثم يقوم بمنح القروض انطالقا من الودائع التي تحصل عليها وذلك مقابل حصوله على‬
‫فائدة (مدينة) يدفعها المقترضون و تكون أكبر من فائدة الودائع‪.‬‬
‫وحسب ‪ 2)1982( PARATAT‬الوساطة المالية البنكية هي مجموعة من المؤسسات البنكية التي‬
‫تقوم بجمع الموارد المالية التي بحوزة األفراد والمؤسسات والدولة في شكل مدخرات ثم توجه‬
‫هذه الموارد لتغطية الحاجات المالية ألفراد آخرون ومؤسسات أخرى والمشاريع االقتصادية‬
‫واالستثمارية في شكل قروض‪.‬‬
‫من جهة أخرى أكد ‪ )1983( DIAMAND and DYBING ،)1979( TOWSEND‬وآخرون‬
‫على أن خصوصية وأهمية البنوك تكمن في تمويل االقتصاد من خالل توفير السيولة الالزمة‬
‫للزبائن من أجل تمويل مشاريعهم االستثمارية‪ .3‬وبالتالي فإن البنوك تلعب دورا هاما في الوساطة‬
‫المالية النقدية من خالل قبول الودائع تحت الطلب والودائع ألجل‪ ،‬وتحويل هذه الودائع إلى‬
‫قروض والتزامات للمقترضين‪.‬‬
‫إن البنوك و خاصة البنوك التجارية لم تعد المؤسسات المالية الوحيدة القادرة على منح الوحدات‬
‫االقتصادية الراغبة في االقتراض القوة الشرائية الالزمة للحصول على السلع والخدمات‪ ،‬كما أنها‬
‫لم تعد المؤسسات المالية الوحيدة القادرة على تنظيم عملية االدخار‪ ،‬بل ظهرت مؤسسات أخرى‬
‫تستطيع أن تضاعف من حجم وسائل الدفع وتعدد األصول المالية المصدرة وتنوعها‪ ،‬وتتمتع كل‬
‫منها بخصائص ذاتية وكذلك بدرجات معينة من السيولة تبقيها قادرة على تجميع المدخرات‬
‫والقيام بعمليات االقتراض واإلقراض الطويل أو قصير األمد‪ ،‬وهي تعرف بالمؤسسات المالية‬
‫والنقدية الوسيطة‪ ،‬أو وسطاء السوق المالي ووسطاء السوق النقدي‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫‪John G. Gurley and E. S. Shaw (1960), « Money in a theory of finance », Op.cite.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪J.P. Paratat, « Monnaie, Institution Financière et Politique Monétaire », Economica, Paris, 1982.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪H. Schamiat Richard, Hackethal Andreas, M. Tymel, « Désintermédiation et Rôle des Banques en Europe, une‬‬
‫‪Comparaison Internationale », Revue d’Economie Financière, 1999.‬‬
‫‪24‬‬
‫‪ 2-2-III‬أسباب ظهور الوساطة المالية والوساطة البنكية‪:‬‬
‫يعود ظهور الوساطة المالية والبنكية إلى ظهور األصول المالية غير المباشرة وذلك لألسباب‬
‫التالية‪:‬‬
‫‪ ‬يتعلق السبب األول بالتخصص ومزايا اإلنتاج الكبير (تخفيض التكاليف)‪ ،‬حيث تتخصص‬
‫مؤسسات الوساطة المالية في جمع المدخرات وتمويل الوحدات االقتصادية على نطاق‬
‫كبير وواسع يمكنها من الحصول على الموارد المالية بأقل تكلفة ممكنة وتوزيعها بكفاءة‬
‫أكبر‪.‬‬
‫‪ ‬التكيف األفضل لألصول الثانوية المصدرة من طرف المؤسسات المالية الوسيطة لفائدة‬
‫الوحدات ذات الفائض ألجل توظيف أمثل والتي ال تحتويها األصول المالية األولية‪.‬‬
‫‪ ‬تسعى مؤسسات الوساطة المالية إلى إدارة الخطر والتقليل منه وذلك من خالل توزيع‬
‫المخاطر على عدد كبير من العمليات المالية‪ ،‬كما أنها تركز الخطر على مستوى إدارة‬
‫األصول والخصوم لذلك تعرف هذه المؤسسات بالمؤسسات المشاركة في المخاطر‬
‫(‪ ،)Mutualiste des Risques‬وبهذا يصبح الخطر معروف وممكن التحكم فيه من خالل‬
‫وحدة مالية تقوم بإدارة المخاطر لمختلف الوحدات‪ ،‬وبهذا فهي تفرق وتنوع المخاطر‬
‫بكفاءة أكبر وأحسن مما تقوم به وحدة اقتصادية واحدة أو فرد بمفرده‪.‬‬
‫‪ ‬عدم تناظر المعلومات (‪ )Asymétrie d’Information‬بين الوحدات التي لها فائض‬
‫والوحدات التي لها عجز‪ ،‬بمعنى أنه إذا توافرت المعلومات لكل الوحدات فال داعي لنشوء‬
‫الوساطة المالية‪ ،‬أما في حالة وجود الوساطة المالية فهذا يترجم إلى التناقض الموجود في‬
‫المعلومات أو عدم كمالية السوق (‪ )Imperfection de Marché‬ألن عدم وجود كافة‬
‫المعلومات ألجل اتخاذ القرارات المناسبة لكافة المتعاملين يؤدي إلى ظهور تكاليف‬
‫إضافية تسمى تكاليف المعامالت (‪ ،)Costs of Transactions‬ذلك ألن الوحدات التي لها‬
‫فائض ال تملك كل المعلومات الخاصة بالوحدات التي تحتاج إلى أموالها والعكس صحيح‪،‬‬
‫فكل منهم يبحث عن اآلخر حتى يتم التعاقد‪ .‬فمشكل عدم تناظر المعلومات قد يحدث‬
‫مخاطر محتملة كما أنه قد ال يوازن بين العرض والطلب على األموال‪.‬‬

‫‪25‬‬
‫‪ 3-III‬أنواع الوساطة المالية والوساطة البنكية‪:‬‬
‫حسب نظرية ‪ ،1)1960( GURLEY and SHAW‬يرى كل منهما أن الوساطة المالية النقدية أو‬
‫غير النقدية هي وساطة الميزانية (‪ )Intermédiation du Bilan‬التي تتطلب من جهة عناصر‬
‫الخصوم للوسيط المالي (رأس المال‪ ،‬موارد مالية من إيداعات‪ ،‬اكتتابات‪ ،‬عالوات وسندات)‪،‬‬
‫وتستثمر من جهة أخرى عناصر األصول لنفس الوسيط المالي (وساطة تؤثر على ميزانية‬
‫الوسيط المالي)‪ .‬ومع التطور الذي يشهده القطاع المالي ومختلف أجهزته حديثا‪ ،‬أصبح هناك‬
‫حديثا آخر عن الوساطة المالية أي وساطة أخرى أكثر تطورا ظهرت في بورصات القيم المنقولة‬
‫(أسواق رأس المال) وفي األسواق النقدية ومجال السمسرة والمتاجرة بالمال‪ ،‬والتي تتمثل في‬
‫وساطة السوق المالي (‪.)Intermédiation du Marché‬‬
‫فبصفة عامة الوساطة المالية والبنكية هي نشاط مالي يسهل على تحقيق التوازن بين حجم الطلب‬
‫والعرض على األموال في االقتصاد‪ ،‬وذلك من خالل نوعين أو شكلين من أشكال الوساطة‪:‬‬
‫‪ ‬وساطة السوق المالي (‪ )Intermédiation du Marché ou Passive‬يشرف عليها وسيط‬
‫مالي عادي أو سمسار لألوراق المالية‪ ،‬فهو وسيط عادي لنظام التمويل المباشر‬
‫(‪.)Fonction de Négociation‬‬
‫‪ ‬وساطة الميزانية (‪ )Intermédiation du Bilan ou Active‬والتي يشرف عليها وسيط‬
‫محوريا وفعاال في نظام التمويل غير المباشر ( ‪Fonction de‬‬ ‫غير عادي‪ ،‬يعتبر‬
‫‪.)Transformation‬‬
‫ومهما اختلفت أنواع المؤسسات المالية التي تقوم بدور الوساطة المالية بين المدخرين‬
‫والمقترضين‪ ،‬إال أنه هناك خمسة أنواع للتوسط المالي تقوم بها هذه المؤسسات وهي كما يلي‪:2‬‬
‫‪ ‬توسط مالي تجميعي‪ :‬حيث تقوم المؤسسات المالية الوسيطة بقبول الودائع والمدخرات‬
‫البسيطة من األفراد وتجميعها في شكل مبالغ كبيرة لعمل القروض الكبيرة للهيآت و‬
‫الشركات والحكومة‪.‬‬
‫‪ ‬توسط المخاطرة والفشل‪ :‬وهو عبارة عن رغبة المؤسسات المالية الوسيطة في تقديم‬
‫القروض إلى ذوي العجز المالي أي المقترضين األكثر خطرا في سداد هذه القروض‪ ،‬أي‬

‫‪1‬‬
‫‪John G. Gurley and E. S. Shaw (1960), « Money in a theory of finance », Op.cite.‬‬
‫عبد الوهاب يوسف أمحد‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪ 133‬و‪.134‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪26‬‬
‫أقل ضمانا في إعادة دفعها وفي نفس الوقت تصدر أوراقا مالية ثانوية لذوي الفوائض‬
‫المالية أكثر ضمانا وتسهيال لجذب ودائع المدخرين‪.‬‬
‫‪ ‬توسط طويل األجل‪ :‬يعني قبول المدخرات القصيرة األجل من المدخرين‪ ،‬وعمل القروض‬
‫الطويلة األجل للمدينين الذين يستثمرونها في مشاريع طويلة األجل‪.‬‬
‫‪ ‬توسط معلوماتي‪ :‬وهي عملية تقديم المعلومات من المؤسسات المالية الوسيطة إلى المدينين‬
‫والدائنين عن حالة السوق وفرص االستثمار للذين ليست لديهم وقت واإلمكانيات الالزمة‬
‫لمعرفة حالة السوق‪.‬‬
‫‪ ‬توسط ذو مخاطر عالية وعائد كبير‪ :‬ويعني استثمار المؤسسات الوسيطة في األصول‬
‫المتنوعة ذات المخاطر العالية والربح الكبير‪ ،‬وهذا التوسط من شأنه أن يحقق للمؤسسة‬
‫المالية الوسيطة فوائد كبيرة وتدفق نقدي يجعلها في حالة استقرار مادي‪ ،‬ومن ثم يؤمن‬
‫ودائع ومدخرات الدائنين‪.‬‬
‫ويوجد عدد كبير من المؤسسات المالية التي تقوم بدور الوساطة المالية‪ ،‬وهذا في حدود‬
‫خصائصها التنظيمية وطبيعة وظيفتها‪ ،‬وبالرغم من أنها تشترك في وظيفة هامة والتي تتمثل في‬
‫الوساطة المالية إال أنها تختلف فيما بينها‪ ،‬ولهذا يمكن إجماال تقسيم المؤسسات المالية إلى ثالثة‬
‫أنواع رئيسية‪:1‬‬
‫‪ 1-3-III‬مؤسسات الودائع‪:‬‬
‫هي تلك المؤسسات التي موردها الرئيسي ألصولها السائلة األموال من ودائع ومدخرات األفراد‬
‫واألسر وقطاع األعمال والحكومة‪ ،‬ومن هذه المجموعة البنوك التجارية وبنوك االدخار‪ .‬وتعتبر‬
‫البنوك خاصة البنوك التجارية المثال التقليدي لهذا النوع من الوسطاء‪ ،‬حيث يلجأ العمالء إلى‬
‫البنوك لفتح حسابات جارية أو اإليداع ألجل‪ ،‬أو الحصول على خدمات بنكية ومصرفية متنوعة‪،‬‬
‫‪2‬‬
‫نظرا لوجود عاملي األمان والسيولة في التعامل مع البنك‪.‬‬
‫‪ 2-3-III‬المؤسسات التعاقدية‪:‬‬
‫وهي تلك المؤسسات التي ت دخل في تعاقد مع زبائنها بغرض ترقية مدخراتهم‪ ،‬أو تقديم الحماية‬
‫المالية لهم في حالة تعرضهم للمخاطر المختلفة (مثل الحوادث‪ ،‬الخسائر المالية أو المادية بسبب‬

‫‪ 1‬عبد الوهاب يوسف أمحد‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.135‬‬


‫‪ 2‬عبد الغفار حنفي‪ " ،‬إدارة املصارف "‪ ،‬دار اجلامعة اجلديدة للنشر‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬مصر‪ ،2002 ،‬ص ‪.22‬‬
‫‪27‬‬
‫الكوارث)‪ ،‬وأهم هذه المؤسسات شركات التأمين‪ ،‬صناديق االدخار والمعاشات‪ ،‬وتختلف صناديق‬
‫المعاشات عن شركات الت أمين من حيث ملكيتها التي تؤول إلى مودعيها‪ ،‬فهي تعتبر مؤسسات‬
‫تشاركية‪ .‬هذه المؤسسات التعاقدية تقوم بتجميع مواردها المالية على فترات دورية وعلى أساس‬
‫تعاقدي مع عمالئها‪ ،‬كما أنها تقوم باستثمار هذه األموال في شكل أسهم وسندات داخل السوق‬
‫‪1‬‬
‫المالي‪ ،‬أو في شكل قروض عقارية‪.‬‬
‫‪ 3-3-III‬المؤسسات االستثمارية‪:‬‬
‫وهي تلك المؤسسات التي تقدم أوراقا مالية أولية استثمارية قصيرة وطويلة األجل من ذوي‬
‫العجز المالي إلى أصحاب الفائض المالي (الدائنين)‪ ،‬بغرض االحتفاظ بها والحصول على عائد‬
‫في تاريخ االستحقاق أو بيعها محققة لهم أرباحا في المستقبل‪ .‬كما تتيح مؤسسات االستثمار‬
‫للمدخرين الصغار النصح والمشورة واألداة الكفؤة وتنويع المخاطر‪ ،‬األمر الذي يشجعهم على‬
‫االدخار في مختلف أشكال األوراق المالية ومن أهم هذه المؤسسات بنوك االستثمار وشركات‬
‫التمويل‪ ،‬بيوت الخصم والقبول‪ ،‬المؤسسات المالية التي تقوم بدور الوساطة المالية في األسواق‬
‫المالية والبورصات‪.‬‬
‫‪ 4-III‬طبيعة العملية اإلنتاجية في المؤسسات المالية والبنكية الوسيطة‪:‬‬
‫المؤسسات المالية والبنكية الوسيطة كشركات أعمال محدودة تعمل من أجل تحقيق هدف معين‬
‫والذي هو تحقيق أكبر ما يمكن من ربح‪ .‬وفي هذا الخصوص تشبه شركات األعمال األخرى‬
‫التي تعمل في قطاع األعمال وتستخدم عناصر اإلنتاج من عمل‪ ،‬رأس المال‪ ،‬أرض‪ ،‬وتنظيم‬
‫اإلنتاج للسلع والخدمات التي تقدمها لزبائنها محققة أرباح‪ ،‬أيضا تستخدم المؤسسات المالية‬
‫والبنكية الوسيطة عناصر اإلنتاج إلنتاج الخدمات المالية التي تقدمها لزبائنها بغرض تحقيق أكبر‬
‫ربح ممكن‪ ،‬ولكن طبيعة العملية اإلنتاجية في المؤسسات المالية الوسيطة هي أكثر تعقيدا من تلك‬
‫العمليات اإلنتاجية في شركات األعمال التي تنتج السلع والخدمات‪ .2‬ومن أجل توضيح الخدمات‬
‫المالية المختلفة التي تنتجها المؤسسات المالية والبنكية الوسيطة قمنا باالستعانة على الشكل (‪-III‬‬
‫‪ )1‬الذي يعرض مراحل العملية اإلنتاجية للمؤسسات المالية الوسيطة‪.‬‬

‫عبد الغفار حنفي‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.22‬‬ ‫‪1‬‬

‫عبد الوهاب يوسف أمحد‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.136‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪28‬‬
‫الشكل رقم ‪ :1-III‬طبيعة العملية اإلنتاجية في المؤسسات المالية والبنكية الوسيطة‪.‬‬

‫المرحلة ‪1‬‬
‫خدمات مالية لجذب المدخرات في‬
‫مدخالت اإلنتاج‬ ‫شكل فوائد حسابات جارية لتسهيل‬
‫مرحلة تجميع‬ ‫عملية الدفع ‪ +‬خدمات التأمين ‪+‬‬
‫األصول بأقل‬ ‫خدمات المعاشات ‪ +‬تحويالت ‪+‬‬
‫العمل‬ ‫تكلفة‬ ‫اتصاالت ‪ +‬خدمات أخرى‪...‬‬
‫رأس المال‬
‫فوائض مالية‬
‫األرض‬
‫المرحلة ‪2‬‬
‫التنظيم‬ ‫خدمات مالية في المرحلة الثانية‬
‫استثمارات‬ ‫القروض‪،‬‬ ‫عمل‬
‫مرحلة استخدام‬
‫مختلفة‪ ،‬االستثمارات المالية‪ ،‬أي‬
‫األموال بأقصى ما‬
‫خدمات أخرى تمكنها من استخدام‬
‫يمكن‬
‫األموال بأقصى ما يمكن‪.‬‬

‫املصدر‪ :‬عبد الوهاب يوسف أمحد‪ " ،‬التمويل وإدارة املؤسسات املالية "‪ ،‬دار حامد للنشر والتوزيع‪ ،‬الطبعة األوىل‪ ،2008 ،‬ص ‪.137‬‬

‫فمن خالل الشكل (‪ )1-III‬يتضح أن المؤسسات المالية والبنكية الوسيطة تستخدم مدخالت اإلنتاج‬
‫من عمل‪ ،‬رأس المال‪ ،‬أرض وتنظيم لتجميع األموال (مرحلة تجميع الفوائض المالية)‪ ،‬وفي هذه‬
‫المرحلة فان الهدف األساسي للمؤسسات المالية والبنكية الوسيطة هو جذب اكبر قدر ممكن من‬
‫الفوائض المالية (المدخرين) وبأقل تكلفة ممكنة‪ ،‬وبعد االحتفاظ بجزء من هذه الفوائض المالية في‬
‫شكل احتياطي نقدي (سيولة) لمقابلة طلب زبائنها من السيولة وفي األجل القصير (خاصة طلبات‬
‫الودائع تحت الطلب)‪ ،‬يذهب باقي الفوائض للمرحلة الثانية (مرحلة استخدام األموال) لتستخدم‬
‫هذه األموال في النشاط الرئيسي للمؤسسات المالية والبنكية الوسيطة والذي يتمثل في منح‬
‫القروض واالستثمارات المختلفة المجدية والمربحة‪ ،‬وبالتالي يبقى الهدف األساسي من هذه‬
‫المرحلة هو استخدام األموال والفوائض المالية بأقصى ما يمكن للحصول على أكبر عائد منها‬

‫‪29‬‬
‫حتى تت مكن هذه المؤسسات من تغطية االدخار الذي تحصلت عليه في المرحلة األولى‪،‬‬
‫والحصول على أكبر ربح ممكن‪.‬‬
‫أصبحت الوساطة المالية والبنكية التي تربط بين االدخار واالستثمار تلعب دورا هاما في تمويل‬
‫االقتصاد‪ ،‬وقد تزايدت أهميتها ودورها في االقتصاد حديثا لما يشهده العالم من تطور كبير في‬
‫المجال المالي والمصرفي القائم على العولمة المالية السائدة حديثا‪ ،‬حيث أصبحت الوساطة المالية‬
‫والبنكية أداة فعالة تعتمد عليها مختلف الدول لتحقيق التنمية والتطور في جميع القطاعات‬
‫االقتصادية‪ .‬كما أن الدول النامية أصبحت حديثا تعرف أشكاال مختلفة وحديثة من الوساطة‬
‫المالية‪ ،‬وذلك بفضل اإلصالحات التي انتهجتها في السنوات األخيرة من أجل التحول من اقتصاد‬
‫المديونية إلى اقتصاد أسواق المال (اقتصاد السوق)‪ ،‬هذا االقتصاد الذي يعتمد بالدرجة األولى‬
‫على أسواق رأس المال وأسواق النقد في عملية تمويل االستثمارات والمشاريع االقتصادية‪.‬‬

‫‪30‬‬
‫‪ -IV‬الجهاز المصرفي ومكوناته‬

‫يمثل الجهاز المصرفي ضمن الهيكل المالي لالقتصاد مركزا حيويا في تعبئة المدخرات‬
‫وتمويل التنمية من خالل قدرته على تدفق األموال بين فئات االقتصاد الوطني‪ ،‬ولهذا يشير الكثير‬
‫من االقتصاديين أنه لوال الخدمات التي يقدمها الجهاز المصرفي في الدول المتقدمة لما استطاعت‬
‫هذه الدول أن تبلغ ما بلغته من تقدم اقتصادي‪ ،‬كما أكدت التطورات االقتصادية في الدول النامية‬
‫والتي تسعى جاهدة لتحقيق برامج تنموية ضخمة تفوق قدرة مواردها المالية‪ ،‬على أهمية دور‬
‫الجهاز المصرفي في تعبئة المدخرات المالية وتمويل التنمية االقتصادية والمحافظة على‬
‫االستقرار االقتصادي لهذه الدول‪ ،‬لذلك يعتبر الجهاز المصرفي القلب النابض لالقتصاد سواء في‬
‫الدول المتطورة أو السائرة في طريق النمو‪ ،‬وتبرز أهميته من خالل الوظائف المالية التي يقوم‬
‫بها قصد المساهمة في انجاز برامج القطاعات االقتصادية المختلفة للدول‪ .‬في هذا الجزء الرابع‬
‫سنتطرق بالتفصيل إلى دراسة الجهاز المصرفي ومكوناته (البنك المكزي‪ ،‬الخزينة العمومية‬
‫والبنوك والمؤسسات المالية)‪.‬‬
‫‪ 1-IV‬مفهوم وتعريف الجهاز المصرفي‪:‬‬
‫الجهاز المصرفي (‪ )Système Bancaire‬هو جزء من النظام المالي‪ ،‬يضم مجمل النشاطات التي‬
‫تمارس بها العمليات المصرفية‪ ،‬وخاصة تلك المتعلقة بمنح االئتمان‪ ،‬ويشمل الجهاز المصرفي‬
‫البنوك المنشآت المالية المتخصصة والخزينة العمومية والسلطات المسؤولة عن السياسة النقدية‬
‫‪1‬‬
‫أي البنك المركزي‪.‬‬
‫ومن النظم المصرفية نجد جهاز مصرفي رأسمالي وجهاز مصرفي اشتراكي‪ ،‬فاألول يتكون من‬
‫البنك المركزي ومجموعة من البنوك التجارية المتخصصة في االئتمان والمؤسسات المالية‬
‫المختلفة‪ ،‬أما الثاني فيكون فيه بنك الدولة (المركزي) هو البنك المركزي وبنك االئتمان في آن‬
‫واحد مع الخزينة العمومية‪ ،‬وباإلضافة إلى عدد من المصارف العمومية تتولى كل واحدة منها‬
‫مهام مصرفية معينة في االئتمان‪.‬‬
‫يتكون الجهاز المصرفي من مجموعة من البنوك والمؤسسات المالية العاملة في بلد ما‪ ،‬وفي‬
‫االقتصاديات الحديثة تشمل هذه البنوك والمؤسسات المالية على البنك المركزي والخزينة‬

‫‪ 1‬شاكر القز ويين‪ " ،‬حماضرات يف اقتصاد البنوك "‪ ،‬ديوان املطبوعات اجلامعية‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬اجلزائر‪ ،1992 ،‬ص ‪.36‬‬
‫‪31‬‬
‫العمومية‪ ،‬البنوك التجارية وبنوك ومؤسسات مالية أخرى تعمل في جهاز مصرفي واحد‪ ،‬والهدف‬
‫منها توفير التمويل لالقتصاد وتطبيق سياسة اقتصادية واحدة وكذا سياسة اإلصالح االقتصادي‬
‫‪1‬‬
‫تحت سلطة عالية تشرف على العمليات المصرفية والمتمثلة في البنك المركزي‪.‬‬
‫ويعرف الجهاز المصرفي على أنه جزءا من النظام المالي لالقتصاد‪ ،‬ويشمل الهيكل المصرفي‬
‫في مفهومه الواسع كل الوسطاء الماليين‪ ،‬حيث يتم من خالله تدفق األموال السائلة لمختلف فروع‬
‫النشاط االقتصادي‪ ،‬إال أنه قد جرت العادة على قصر الهيكل المصرفي فقط على البنوك بأنواعها‬
‫المختلفة‪ .2‬ويقصد بالجهاز المصرفي مجموعة من المؤسسات التي تتعامل باالئتمان‪ ،‬ومن تم‬
‫‪3‬‬
‫تكون وظيفة الجهاز المصرفي هي توفير االئتمان الالزم على الصعيدين الفردي والوطني‪.‬‬
‫ويتحدد الجهاز المصرفي بشكل هرم من المؤسسات المصرفية يتربع في قمتها البنك المركزي‪،‬‬
‫وتشكل أضالعه المصارف التجارية‪ ،‬مصارف االدخار والمصارف المتخصصة‪ ،‬وتشكل‬
‫محتويات هذا النظام صورة النظرية النقدية من جانبها السلوكي ممثلة في أهم أشخاصها وهي‬
‫البنك المركزي والبنوك التجارية‪ ،‬فهي المؤسسات القادرة على خلق النقود‪ ،‬أي أن هذه‬
‫المؤسس ات قياسا ومقارنة ببقية المؤسسات المالية هي وحدها القادرة على تحويل األصول‬
‫الحقيقية إلى أصول نقدية‪ ،‬أما المصارف االدخارية والمتخصصة فهي ال تستطيع أن تخلق النقود‬
‫القانونية‪ ،‬إذن هذه المؤسسات تكون الجهاز المصرفي الذي يسيطر على شؤون النقد واالئتمان‬
‫داخل االقتصاد‪ .4‬ونجد في الجهاز المصرفي طرف آخر هي الخزينة العمومية والتي تعتبر كأحد‬
‫الوسطاء الماليين في هذا الجهاز‪ ،‬حيث تهتم بتسيير الخزينة العامة للدولة (الحركات العامة‬
‫لألموال)‪ .‬إذن فالجهاز المصرفي يتمثل في مجموعة من البنوك والمؤسسات المالية التي تؤمن‬
‫التمويل لألنشط ة االقتصادية انطالقا من وظيفتها األساسية والمتمثلة في تجميع االدخار من‬
‫العائالت والمؤسسات االقتصادية والهيآت الحكومية ومنح قروض لمن هم بحاجة إلى التمويل‪،‬‬
‫باإلضافة إلى هذا فإنها تقوم بخلق قنوات جديدة لالدخار من خالل إصدار أوراق مالية ثانوية‬
‫جديدة كشهادات اإل يداع التي تصدرها البنوك التجارية‪ ،‬وهذا ما يوفر آلية فعالة لحشد االدخارات‬
‫وخلق قوة شرائية جديدة‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Gobin Gilles, « Les Opérations Bancaires et leurs Fondements Economiques », DUNOD Edition, Paris, 1980, P 4.‬‬
‫‪ 2‬عبد الغفار حنفي‪ " ،‬إدارة املصارف "‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.22‬‬
‫‪ 3‬شاكر القز ويين‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.25‬‬
‫‪ 4‬حممود محزة الزبيدي‪ " ،‬إدارة املصارف‪ ،‬إسرتاتيجية تعبئة املوارد وتقدمي االئتمان "‪ ،‬مؤسسة الوراق‪ ،‬الطبعة األوىل‪ ،‬عمان‪ ،2000 ،‬ص ‪.16‬‬
‫‪32‬‬
‫‪ 2-IV‬البنك المركزي‪:‬‬
‫يعتبر البنك المركزي (‪ )Central Bank‬من أهم البنوك والمؤسسات المالية‪ ،‬ويأتي على رأس‬
‫الجهاز المصرفي‪ ،‬ويعتبر الدعامة األساسية للهيكل النقدي والمالي في كل أقطار العالم‪ ،‬وتعتبر‬
‫نشاطاته في غاية األهمية‪ ،‬ووجوده ضروري لتنفيذ السياسة النقدية للدولة‪ ،‬وهو يتمتع بالسيادة‬
‫واالستقاللية التامة‪ .‬أما الخزينة العمومية أو العامة (‪ )Public Treasury‬فهي مؤسسة مالية عامة‬
‫تابعة للوزارة المالية‪ ،‬وتمثل طرف في الجهاز المصرفي كونها تقوم بدور مصرف الدولة‪.‬‬
‫‪ 1-2-IV‬نشأة البنوك المركزية‪:‬‬
‫كانت البنوك قديما تمارس نشاطها بدون أي قيد أو شرط‪ ،‬كما أن عملية إصدار النقود سمح بها‬
‫لجميع المصارف بدون استثناء‪ ،‬إال أن تداول هذه النقود بين الناس يتوقف على مدى ثقتهم في‬
‫البنك المصدر لها‪ ،‬لذلك مع مرور الوقت أفرزت هذه الممارسات نتائج سلبية‪ ،‬األمر الذي أدى‬
‫إلى التفكير في ضرورة أن يكون هناك بنك واحد يتولى مهمة اإلشراف وإصدار النقود على بقية‬
‫البنوك والمؤسسات المالية األخرى‪ ،‬ويتمتع بسلطات وصالحيات واسعة من أجل تنظيم سوق‬
‫االئتمان وهذا البنك هو ما يدعى بالبنك المركزي‪.‬‬
‫وتعتبر ظاهرة البنوك المركزية حديثة بالمقارنة مع نشأة البنوك التجارية‪ ،‬فقد تم تأسيس بنك‬
‫ريكس السويدي (‪ )RIKS Bank‬عام ‪ 1656‬والذي يعتبر من أقدم البنوك المركزية وأعيد تنظيمه‬
‫كبنك للدولة عام ‪ ،1668‬كذلك تم تأسيس بنك انجلترا عام ‪ ،1694‬إال أنه لم يمارس مهامه كبنك‬
‫مركزي يقوم بمهمة الصيرفة المركزية إال في عام ‪ ،1844‬وفي الواقع عرفت انجلترا الصيرفة‬
‫المركزية عن طريق الصدفة عندما وجدت البنوك التجارية من المالئم لها تسوية حسابات‬
‫الصكوك المسحوبة على بعضها عن طريق المقاصة (‪ )Clearing‬بواسطة بنك انجلترا‪ ،‬لهذا يمثل‬
‫‪1‬‬
‫تاريخ بنك انجلترا تاريخ تطور قواعد وأساليب الصيرفة المركزية‪.‬‬
‫والجدول (‪ )1-IV‬يوضح تواريخ إنشاء أقدم البنوك المركزية في العالم‪:‬‬

‫ضياء جميد‪ " ،‬اقتصاديات النقود والبنوك "‪ ،‬مؤسسة شباب اجلامعة‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬مصر‪ ،2005 ،‬ص ‪.241‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪33‬‬
‫الجدول رقم ‪ :1-IV‬تواريخ إنشاء أقدم البنوك المركزية في العالم‪.‬‬

‫سنة اإلنشاء‬ ‫البنك المركزي‬


‫‪1656‬‬ ‫بنك ريكس السويدي‬
‫‪1694‬‬ ‫بنك انجلترا‬
‫‪1800‬‬ ‫بنك فرنسا‬
‫‪1814‬‬ ‫بنك هولندا‬
‫‪1817‬‬ ‫بنك النرويج‬
‫‪1818‬‬ ‫بنك الدنمارك الوطني‬
‫‪1850‬‬ ‫البنك الوطني البلجيكي‬
‫‪1856‬‬ ‫بنك اسبانيا‬
‫‪1860‬‬ ‫البنك الحكومي الروسي‬
‫‪1876‬‬ ‫بنك رايخ األلماني‬
‫‪1878‬‬ ‫البنك الوطني النمساوي‬
‫‪1882‬‬ ‫بنك اليابان‬
‫‪1893‬‬ ‫بنك ايطاليا‬
‫‪1907‬‬ ‫البنك الوطني السويدي‬
‫‪1913‬‬ ‫البنك االحتياطي الفدرالي األمريكي‬
‫‪1934‬‬ ‫بنك كندا‬

‫املصدر‪ :‬ضياء جميد " اقتصاديات النقود والبنوك "‪ ،‬مؤسسة شباب اجلامعة‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬مصر‪ ،‬ص ‪.242‬‬

‫‪ 2-2-IV‬مفهوم وتعريف البنك المركزي‪:‬‬


‫يقوم البنك المركزي حاليا بأداء الكثير من األعمال والوظائف المختلفة مما يجعل من الصعب تقديم‬
‫تعريف دقيق وموجز له‪ ،‬ذلك ألن أي تعريف للبنك المركزي هو مشتق من وظائفه‪ ،‬كما اختلفت‬
‫التعاريف الخاصة به من وقت آلخر ومن دولة إلى أخرى بمرور الوقت نتيجة لتطور وظائف البنك‬
‫المركزي أكثر‪ ،‬فقد اختلف االقتصاديون في تعريفاتهم للبنك المركزي‪ ،‬وفي هذا الصدد يقول‪:1‬‬

‫ضياء جميد‪ " ،‬اقتصاديات النقود والبنوك "‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.244‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪34‬‬
‫‪" : VERA SMITH ‬الصيرفة المركزية هو نظام صيرفي يتولى فيه بنك واحد إما باحتكار‬
‫كامل أو جزئي إلصدار األوراق النقدية"‪.‬‬
‫‪" :SHAW ‬البنك المركزي هو ذلك البنك المسؤول عن تنظيم حركة االئتمان"‪.‬‬
‫‪" :HAWTRY ‬البنك المركزي هو الملجأ األخير لإلقراض"‪.‬‬
‫‪" :STATUTES ‬البنك المركزي هو بنك التسويات الدولية‪ ،‬وهو يتمتع بدوره في حق تنظيم‬
‫حجم العملة وحجم االئتمان في البلد"‪.‬‬
‫‪" :KHSCH and ELKIN ‬الوظيفة األساسية للبنك المركزي تتمثل مسؤوليته في تحقيق‬
‫استقرار النظام النقدي"‪.‬‬
‫ورغم تعدد التعاريف الخاصة بالبنك المركزي‪ ،‬فإنه يمكن تعريف البنك المركزي على أنه مؤسسة‬
‫نقدية قادرة على تحويل األصول الحقيقية إلى أصول نقدية‪ ،‬واألصول النقدية إلى أصول حقيقية‪،‬‬
‫وهو خالق ومدمر لذلك النوع من أدوات الدفع التي تمثل قمة السيولة (نقود قانونية)‪ .1‬بمعنى أن‬
‫البنك المركزي هو المصرف الذي يتربع على قمة الجهاز المصرفي ويستطيع تحويل األصول‬
‫الحقيقية إلى نقدية‪ ،‬واألصول النقدية إلى حقيقية‪ ،‬كما أنه يحتكر عملية إصدار النقد ويدير ويوجه‬
‫‪2‬‬
‫االئتمان وشؤون النقد في البالد‪.‬‬
‫كما يعتبر المؤسسة التي تشغل مكانا رئيسيا في سوق النقد‪ ،‬وعلى عكس الحال بالنسبة للبنك‬
‫التجاري‪ ،‬فالهدف الرئيسي لسياسة البنك المركزي حتى في البالد الرأسمالية ليس هو تحقيق أقصى‬
‫‪3‬‬
‫ربح ممكن بل خدمة الصالح االقتصادي العام‪.‬‬
‫إذن فالبنك المركزي هو مؤسسة نقدية حكومية تهيمن على النظام النقدي والمصرفي في البلد‪ ،‬ويقع‬
‫على عاتقه مسؤولية إصدار العملة ومراقبة النظام المصرفي‪ ،‬وتوجيه االئتمان لزيادة النمو‬
‫االقتصادي وللمحافظة على االستقرار النقدي عن طريق توفير الكميات النقدية المناسبة داخل‬
‫االقتصاد وربطها بحاجات النشاط االقتصادي‪ .4‬بمعنى يقع على عاتقه مسؤولية قيادة السياسة النقدية‬
‫واالئتمانية على النحو الذي يحقق أكبر منفعة للبلد‪.‬‬

‫‪ 1‬مصطفى رشدي شيحة‪ " ،‬الوجيز يف االقتصاد النقدي واملصريف والبورصات"‪ ،‬دار اجلامعة اجلديدة للنشر‪ ،1998 ،‬ص ‪.112‬‬
‫‪ 2‬مجيل الزيدانني‪ " ،‬أساسيات يف اجلهاز املايل‪ ،‬املنظور العلمي "‪ ،‬دار وائل للطباعة والنشر‪ ،‬الطبعة األوىل‪ ،‬عمان‪ ،1999 ،‬ص ‪ 75‬و‪.76‬‬
‫‪ 3‬صبحي تادرس قريصة‪ " ،‬النقود والبنوك "‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬لبنان‪ ،1984 ،‬ص ‪.142‬‬
‫‪ 4‬رضا صاحب أمحد‪ " ،‬إدارة املصارف‪ :‬مدخل حتليلي كمي معاصر "‪ ،‬دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪ ،2002 ،‬ص ‪.61‬‬
‫‪35‬‬
‫‪ 3-2-IV‬خصائص البنك المركزي‪:‬‬
‫يمكن تحديد أهم الخصائص التي يتميز بها البنك المركزي‪ ،‬وذلك كما يلي‪:‬‬
‫‪ ‬البنك المركزي ال يهدف من ممارسة نشاطه إلى تحقيق األرباح بل تحقيق المصلحة العامة‬
‫وتنظيم النشاط النقدي والمصرفي‪ ،‬فهو بذلك يختلف عن البنوك التجارية التي تهدف أساسا‬
‫إلى تحقيق أقصى ما يمكن من األرباح لصالحها أو لصالح أصحابها‪ ،‬لكن البنك المركزي قد‬
‫‪1‬‬
‫يحقق أرباحا نتيجة لقيامه بوظيفة كمقرض أخير للبنوك التجارية‪.‬‬
‫‪ ‬يطلق على البنك المركزي اسم بنك الدولة نظرا للعالقة الوثيقة بينه وبين الحكومة‪ ،‬فهو بنك‬
‫الدول ة ومستشارها في مسائل السياسة النقدية والنشاطات األخرى‪ ،‬أي أنه بنك مملوك للدولة‬
‫‪2‬‬
‫عكس البنوك التجارية التي يمكن أن تكون مملوكة للقطاع الخاص من أفراد وشركات‪.‬‬
‫‪ ‬له الحق في إصدار العملة الوطنية وتدميرها بمقتضى القانون‪ ،‬وهي الوظيفة األساسية للبنك‬
‫‪3‬‬
‫المركزي‪ ،‬وال تمنح إال له من بين كل البنوك والمؤسسات المالية‪.‬‬
‫‪ ‬البنك المركزي ال يتعامل مباشرة مع أفراد المجتمع‪ ،‬وإنما بشكل غير مباشر من خالل تعامله‬
‫مع البنوك التجارية والسوق النقدية والمالية‪ ،‬فالبنك المركزي ال يتقبل الودائع من األفراد‬
‫‪4‬‬
‫عكس البنوك التجارية التي تعتبر أهم وظيفة لها هي قبول الودائع ومنح القروض للجمهور‪.‬‬
‫‪ ‬البنك المركزي ال يقوم باألعمال العادية التي تقوم بها البنوك التجارية في النشاط االقتصادي‬
‫ألنه يمتلك اليد العليا إلدارة نشاطها ومن ثم إذا قام بأعمالها تصبح عملية المنافسة غير‬
‫عادلة‪ .5‬وبما أنه يحتل الصدارة وقمة النظام المصرفي بما له من سلطة عليا في الرقابة على‬
‫البنوك التجارية وغير التجارية والمؤسسات المالية‪ ،‬فانه لو يقوم بالعمليات العادية التي تقوم‬
‫بها البنوك والمؤسسات المالية األخرى‪ ،‬فإن هذا سيتعارض مع وظيفته الرقابية التي يمارسها‬
‫‪6‬‬
‫على هذه البنوك والمؤسسات المالية‪.‬‬

‫‪ 1‬عبد الوهاب يوسف أمحد‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪ 188‬و‪.189‬‬


‫‪ 2‬ضياء جميد‪ " ،‬اقتصاديات النقود والبنوك "‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.246‬‬
‫‪ 3‬عبد الوهاب يوسف أمحد‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.189‬‬
‫‪ 4‬ضياء جميد‪ " ،‬اقتصاديات النقود والبنوك "‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.247‬‬
‫‪ 5‬عبد الوهاب يوسف أمحد‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬نفس الصفحة‪.‬‬
‫‪ 6‬سلمان بودياب‪ " ،‬اقتصاديات النقود والبنوك "‪ ،‬املؤسسة اجلامعية للدراسات والنشر والتوزيع‪ ،‬الطبعة األوىل‪ ،‬بريوت‪ ،1996 ،‬ص ‪.93‬‬
‫‪36‬‬
‫‪ ‬البنك المركزي يتميز بالوحدة بحيث ال يمكن أن يكون هناك أطراف عديدة تقوم بوظيفة‬
‫إصدار النقود داخل االقتصاد مثال أو غيرها من الوظائف األخرى‪ ،‬ولكن هذا ال يتعارض مع‬
‫أن يكون للبنك المركزي عدة فروع في المناطق المختلفة للبالد من أجل تسهيل مهامه‬
‫وتحسين خدماته‪ .1‬و لكن بالرغم من أنه يوجد في كل بلد بنك مركزي واحد إال أنه هناك‬
‫استثناء واحد في الواليات المتحدة األمريكية‪ ،‬حيث يوجد بها ‪ 12‬مؤسسة مختلفة إلصدار‬
‫النقود‪ ،‬وهي خاضعة كلها لسلطة نقدية مركزية ممثلة بمجلس االحتياط الفدرالي الذي يحدد‬
‫‪2‬‬
‫السياسة النقدية للبلد والتي تلتزم بتنفيذها جميع بنوك اإلصدار‪.‬‬
‫‪ ‬البنك المركزي مستقل نسبيا في إدارته عن الحكومة ويقدم النصائح لها وينفرد لوحده في‬
‫تنفيذ السياسات النقدية في ظل اقتصاد رأسمالي مفتوح‪ ،‬فالبنك المركزي ليس كبقية مؤسسات‬
‫القطاع العام األخرى التي تكون تحت إشراف الحكومة أي الدولة والتي ليس لها درجة‬
‫‪3‬‬
‫استقاللية‪.‬‬
‫وفي السنوات األخيرة‪ ،‬كثر النقاش حول إشكالية استقاللية البنك المركزي نظرا للتغيرات‬
‫االقتصادية والمالية التي شهدها العالم وتحول أغلب الدول النامية نحو اقتصاد رأسمالي حر‪ ،‬فمعظم‬
‫االقتصاديون يعتبرون أن استقاللية البنوك المركزية في وضع السياسة النقدية أمر ضروري من‬
‫أجل سالمة النظام المالي والمصرفي بشكل خاص واالقتصاد بشكل عام‪.‬‬
‫‪ 4-2-IV‬وظائف البنك المركزي‪:‬‬
‫في إطار عمل البنك المركزي من أجل الرقابة على نشاط البنوك التجارية‪ ،‬وبهدف ضمان سالمة‬
‫سوق االئتمان فإنه يمارس مجموعة من الوظائف‪:‬‬
‫أ‪ -‬احتكار إصدار العملة الوطنية‪ :‬يعد البنك المركزي الجهة الوحيدة المخولة لها من قبل الحكومة‬
‫بحق إصدار العملة الوطنية المتداولة‪ ،‬وهذه المهمة أو الوظيفة تقتصر عليه دون غيره من‬
‫المؤسسات المالية والمصرفية األخرى‪ .4‬هذه الوظيفة من أول الوظائف التي ارتبطت بمبررات‬
‫إنشائه وذلك لألسباب التالية‪:5‬‬

‫‪ 1‬زينب عوض اهلل‪ ،‬أسامة حممد الفويل‪ "،‬أساسيات االقتصاد النقدي واملصريف "‪ ،‬منشورات احلليب احلقوقية‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‪ ،2003 ،‬ص ‪.139‬‬
‫‪ 2‬الدليمي عوض فاضل‪ " ،‬النقود والبنوك "‪ ،‬دار احلكمة للطباعة والنشر‪ ،‬العراق‪ ،1990 ،‬ص ‪.276‬‬
‫‪ 3‬عبد الوهاب يوسف أمحد‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬نفس الصفحة‪.‬‬
‫‪ 4‬القريشي حممد الشمري‪ ،‬ناظم حممد نوري‪ " ،‬مبادئ علم االقتصاد "‪ ،‬دار الكتب للطباعة والنشر‪ ،‬املوصل‪ ،‬العراق‪ ،1993 ،‬ص ‪.386‬‬
‫‪ 5‬عبد الوهاب يوسف أمحد‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬نفس الصفحة‪.‬‬
‫‪37‬‬
‫‪ ‬تاريخيا كانت البنوك التجارية تقوم باإلصدار النقدي‪ ،‬أي كل بنك يقوم بإصدار النقود حيث‬
‫كانت النقود مرتبطة بالذهب‪ ،‬ولكن فقدت إدارتها في إصدار النقود وأصبحت ال تفي‬
‫بالتزاماتها عندما يرغب األفراد في استبدالها بالذهب‪.‬‬
‫‪ ‬حق إصدار النقود يمنح للبنك المركزي القدرة على إدارة عرض النقد في االقتصاد‪.‬‬
‫‪ ‬إذا منح حق اإلصدار ألكثر من جهة واحدة‪ ،‬ربما سيكون هناك فائض من كمية النقود أكثر‬
‫من حاجة االقتصاد‪ ،‬وهذا له آثار سلبية على النشاط االقتصادي‪.‬‬
‫‪ ‬حق إصدار النقود يتيح للبنك المركزي الفرصة من أجل ممارسة تأثيره على النشاط‬
‫المصرفي و خاصة في مجال خلق نقود الودائع‪ ،‬كما أن حصر اإلصدار النقدي في جهة‬
‫واحدة يوفر درجة من الهيبة والنفوذ أعلى من حالة السماح ألكثر من جهة بعملية إصدار‬
‫‪1‬‬
‫النقود القانونية‪.‬‬
‫ب‪ -‬البنك المركزي بنك الحكومة ومستشارها المالي‪ :‬يتولى هذه الوظيفة بعد حصوله على امتياز‬
‫حق إصدار العملة الوطنية‪ ،‬وهذه الوظيفة تتمثل في مجموعة من الخدمات يقدمها البنك المركزي‬
‫للحكومة وهي كاآلتي‪:2‬‬
‫‪ ‬االحتفاظ بالودائع الحكومية‪.‬‬
‫‪ ‬إقراض الحكومة قروض قصيرة‪ ،‬متوسطة وطويلة األجل عند الحاجة لذلك‪ ،‬سواء في حالة‬
‫العجز المؤقت الذي يطرأ على الميزانية العامة أو في حاالت أخرى استثنائية‪.‬‬
‫‪ ‬وكيل الدولة في معامالتها المالية والمصرفية سواء داخل البالد أو خارجها‪.‬‬
‫‪ ‬تقديم المشورة للحكومة في شؤون النقد واالئتمان واقتراح ما يراه مناسبا من إجراءات‬
‫وسياسات تتطلبها الحالة االقتصادية في البالد‪.‬‬
‫‪ ‬إعداد وتنفيذ السياسة النقدية‪ ،‬وإحداث التنمية المتوازنة بين القطاعات االقتصادية المختلفة‪،‬‬
‫وذلك بالتوزيع العادل للتمويل بينها واإلشراف والرقابة على نشاط البنوك والمؤسسات المالية‬
‫‪3‬‬
‫العاملة في االقتصاد‪.‬‬
‫‪ ‬اإلشراف على مراقبة السياسة المالية والنقدية للدولة‪.‬‬

‫‪ 1‬حممد عزت غزالن‪ " ،‬اقتصاديات النقود واملصارف "‪ ،‬دار النهضة‪ ،‬بريوت‪ ،2002 ،‬ص ‪.170‬‬
‫‪ 2‬مجيل الزيدانني‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪ 81‬و‪.82‬‬
‫‪ 3‬عبد الوهاب يوسف أمحد‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.191‬‬
‫‪38‬‬
‫‪ ‬إدارة خزينة الدولة واالحتياطات من الذهب والعمالت الصعبة‪.‬‬
‫‪ ‬يتولى عملية إصدار القروض العامة نيابة عن الحكومة‪ ،‬حيث يقوم بعملية االكتتاب عوضا‬
‫‪1‬‬
‫عنها‪.‬‬
‫ج‪ -‬البنك المركزي بنك البنوك‪ :‬وتتمثل هذه الوظيفة في اآلتي‪:2‬‬
‫‪ ‬االحتفاظ باالحتياطات النقدية للبنوك التجارية وبعض المؤسسات المالية كشركات التأمين‪،‬‬
‫وذلك في حساباتها الجارية المتواجدة لدى البنك المركزي‪.‬‬
‫‪ ‬المقرض األخير للبنوك التجارية والمؤسسات المالية األخرى في حالة لجوئها إليه عند‬
‫الحاجة إلى السيولة لمواجهة طلبات المودعين‪ ،‬وخاصة الجمهور أصحاب الودائع الجارية‪،‬‬
‫وذلك من خالل تقديم قروض مباشرة إليها أو عن طريق إعادة خصم األوراق المالية المقدمة‬
‫له من طرفها‪.‬‬
‫‪ ‬تنظيم عمليات المقاصة والتسوية المالية بين البنوك التجارية‪.‬‬
‫‪ ‬اإلشراف والرقابة على أعمال البنوك التجارية وخاصة على االئتمان وتوجيهه على حسب‬
‫متطلبات الظروف االقتصادية‪.‬‬
‫د‪ -‬الرقابة على االئتمان من خالل تنفيذ السياسة النقدية (اإلدارة النقدية)‪ :‬إن وظيفة الرقابة على‬
‫االئتمان تتحقق من خالل استخدام البنك المركزي لمجموعة من األدوات والوسائل وهي في الوقت‬
‫ذاته أدوات السياسة النقدية‪ ،‬بغرض التأثير في حجم واتجاه االئتمان المقدم إلى القطاعات االقتصادية‬
‫المختلفة‪ ،‬على أساس أن هذا التأثير يترك أثره في عرض النقد (السيطرة على حجم الكتلة النقدية)‪،‬‬
‫‪3‬‬
‫وبالتالي التأثير على مستوى األسعار و النشاط االقتصادي بشكل عام‪.‬‬
‫وتنقسم الرقابة على االئتمان التي يشرف عليها للبنك المركزي إلى ثالثة مجاالت‪ ،‬وفقا لألساليب‬
‫التي يستخدمها البنك المركزي‪ ،‬وتبعا لطبيعة النظام االقتصادي المتبع‪ ،‬ودرجة تطور االقتصاد‪،‬‬
‫وهذه المجاالت هي كاآلتي‪:4‬‬
‫المجال‪ :1‬رقابة كمية على االئتمان‪ ،‬حيث يقوم الحجم الكمي لالئتمان على حجم االحتياطات النقدية‬
‫المتوافرة لدى المصارف (السيولة لدى البنوك التجارية) ونسبة االحتياطي النقدي القانوني تجاه‬

‫‪ 1‬مجيل الزيدانني‪ ،‬مرجع سبق ذكره املرجع‪ ،‬ص ‪.78‬‬


‫‪ 2‬عبد الوهاب يوسف أمحد‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.190‬‬
‫‪ 3‬هيثم صاحب عجام‪ ،‬على حممود سعود‪ " ،‬التمويل الدويل "‪ ،‬دار الكندي للنشر والتوزيع‪ ،‬األردن‪ ،2002 ،‬ص ‪ 65‬و‪.66‬‬
‫‪ 4‬القريشي حممد الشمري‪ ،‬ناظم حممد نوري‪ " ،‬النقود واملصارف "‪ ،‬دار الكتب للطباعة والنشر‪ ،‬جامعة املوصل‪ ،‬العراق‪ ،1989 ،‬ص ‪ 151‬إىل ‪.158‬‬
‫‪39‬‬
‫الودائع التي تحتفظ بها المصارف لدى البنك المركزي‪ ،‬ومن أهم وسائل البنك المركزي في مجال‬
‫الرقابة الكمية على االئتمان هي‪:‬‬
‫‪ ‬سياسة سعر الخصم (إعادة الخصم)‪.‬‬
‫‪ ‬سياسة وعمليات السوق المفتوحة‪.‬‬
‫‪ ‬سياسة االحتياطي النقدي القانوني (تعديل نسبة االحتياطي القانوني)‪.‬‬
‫المجال‪ :2‬رقابة نوعية على االئتمان‪ ،‬وهذه الرقابة تنصب على االتجاهات والمسارات التي توزع‬
‫فيها البنوك التجارية مواردها النقدية في شكل قروض واستثمارات مصرفية مختلفة (رقابة على‬
‫االئتمان بصرف النظر عن كميته أو حجمه)‪ ،‬ومن أهم وسائل البنك المركزي في مجال الرقابة‬
‫نوعية على االئتمان هي‪:‬‬
‫‪ ‬وضع سياسة تمييزية على أسعار الفائدة للقروض بهدف تنشيط قطاعات إنتاجية على حساب‬
‫قطاعات أخرى غير إنتاجية أو سلعية‪.‬‬
‫‪ ‬وضع شرط موافقته على القروض المقدمة من طرف البنوك التجارية لبعض القطاعات‪ ،‬أو‬
‫تعيين الحد األقصى لبعض أنواع هذه القروض (تحديد سقوف االئتمان)‪.‬‬
‫‪ ‬تحديد الحد األعلى ألسعار الفائدة على الودائع التي ال يمكن بموجبها البنوك التجارية تجاوزه‪.‬‬
‫المجال‪ :3‬الرقابة المباشرة على االئتمان‪ ،‬وهي إجراءات يقوم بها البنك المركزي بهدف التحكم في‬
‫االئتمان بصورة مباشرة‪ ،‬كفرض تأثيره األدبي في النظام المصرفي من خالل إصدار تعليمات‬
‫وتشريعات قانونية تمكنه من تنفيذ سياسته لتلتزم بها البنوك التجارية‪.‬‬
‫وفي ضوء ما تقدم يتضح أن البنك المركزي يعم د إلى إتباع أكثر من وسيلة سواء كانت كمية أم‬
‫نوعية‪ ،‬أو مباشرة بهدف تحقيق أغراض سياسته النقدية للتحكم في حجم اإلجمالي للنقود المتداولة‬
‫في االقتصاد‪ ،‬وتحديد مستوى اإلنفاق الذي تضعه الدولة في حساباتها لتحسين وتطوير الوضع‬
‫االقتصادي ومعالجة مشكالت البنوك التجارية والبنوك والمؤسسات المالية األخرى بدرجة أكبر‪،‬‬
‫‪1‬‬
‫للحد من احتماالت وقوع أزمات مالية ومصرفية في المستقبل‪.‬‬
‫‪ 3-IV‬الخزينة العمومية‪:‬‬
‫الخزينة العمومية أو العامة (‪ )Public Treasury‬فهي مؤسسة مالية عامة تابعة للوزارة المالية‪،‬‬
‫وتمثل طرف في الجهاز المصرفي كونها تقوم بدور مصرف الدولة‪ .‬مهمتها إدارة األموال العامة‬

‫‪ 1‬مدحت صادق‪ " ،‬النقود الدولية وعمليات الصرف األجنيب "‪ ،‬دار غريب للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مصر‪ ،1997،‬ص ‪.230‬‬
‫‪40‬‬
‫للدولة وقبض الضرائب‪ ،‬ودفع نفقات الميزانية للدولة‪ ،‬كما أنها تشرف على إدارة ديون الدولة‬
‫وتقوم بدور المصرف لها‪ ،‬وذلك للحصول ودائع المدخرين عن طريق حسابات مفتوحة في‬
‫مراكز الصكوك البريدية‪ ،‬وتصدر سندات قصيرة األجل ومتوسطة األجل للحصول على قروض‬
‫‪1‬‬
‫من المواطنين‪.‬‬
‫وتعتبر الخزينة العامة أحد األطراف المتدخلة في النظام المصرفي حتى تتمكن من تسيير األموال‬
‫العامة لصالح الشركات والمؤسسات العامة‪ ،‬حيث قد ترأس مجمل مؤسسات القرض وتعمل على‬
‫حسن تسيير مصالحهم ومهامهم (في حالة النظام االشتراكي)‪ ،‬تساهم في تسيير الجماعات العامة‬
‫في جميع القطاعات (الصناعية‪ ،‬المالية والتجارية)‪ ،‬قد تشترك في إدارة المؤسسات المالية‬
‫واالقتصادية العالمية مثل صندوق النقد الدولي والبنك العالمي‪ ،‬تسير تقنيات المالية العامة لصالح‬
‫الشركات والمؤسسات العامة‪ ،‬ال تلعب دور المقرض ومقترض وإنما تضع وسائل تدخل لتقليص‬
‫تكاليف الموارد المالية المقدمة للمؤسسات العامة‪ ،‬فهي بذلك تسهل على هذه المؤسسات الدخول‬
‫إلى السوق المالي‪ .‬قد تمنح سلفيات مالية من أجل البحث وبعض الصناعات األساسية للدولة‬
‫وتحرص على التوازنات الكبرى التي تكمن في الحاجيات والقدرات المالية مثل توازنات‬
‫الخزينة‪ ،‬توازن أسواق رؤوس األموال‪ ،‬التوازنات النقدية وتوازن سوق المبادالت‪.‬‬
‫‪ 4-IV‬البنوك والمؤسسات المالية‪:‬‬
‫تعتبر البنوك والمؤسسات المالية عناصر أساسية في عملية تنشيط االقتصاد وشرط ضروري‬
‫لتحقيق النمو االقتصادي‪ ،‬فهي تمثل أهم مصدر لالئتمان بالنسبة لكل الوحدات االقتصادية‪ ،‬حيث‬
‫تقدم تشكيلة متنوعة من الخدمات المالية كمنح القروض وتلقي الودائع‪ ،‬باإلضافة إلى ذلك فهي‬
‫تتولى إصدار األوراق المالية في السوق المالي نيابة عن المؤسسات االقتصادية‪ ،‬كما تقوم بتسيير‬
‫وإدارة المحافظ المالية لصالح الوحدات االقتصادية المختلفة وإنجاح المعامالت المالية‬
‫‪2‬‬
‫واالقتصادية المحلية والدولية من خالل توفير مجموعة من وسائل الدفع‪.‬‬
‫‪ 1-4-IV‬تعريف البنوك والمؤسسات المالية‪:‬‬
‫إن كلمة "البنك" اشتقت من المقاعد التي كان يجلس عليها الصرافون في أسواق البندقية‬
‫وأمستردام‪ ،‬حيث يعود األصل اللغوي لهذه الكلمة إلى الكلمة االيطالية بانكو (‪ )BANCA‬والتي‬

‫‪ 1‬أمحد هين‪ " ،‬العملة والنقود "‪ ،‬ديوان املطبوعات اجلامعية‪ ،‬الطبعة األوىل‪ ،1991 ،‬ص ‪.57‬‬
‫‪ 2‬حممد الصاحل احلناوي‪ ،‬عبد الفتاح عبد السالم‪ " ،‬املؤسسات املالية "‪ ،‬الدار اجلامعية اإلسكندرية‪ ،1998 ،‬ص ‪.198‬‬
‫‪41‬‬
‫تعني المصطبة التي كان يجلس عليها الصيارفة لتحويل العملة‪ ،‬ثم تطور المعنى بعد ذلك‪ ،‬حيث‬
‫أصبحت تعني هذه الكلمة المنضدة التي يتم عد وتبادل العمالت‪ ،‬وفي األخير أصبحت كلمة بنك‬
‫تعني المكان الذي توجد فيه تلك المنضدة والذي تجرى فيه المتاجرة بالنقود‪ ،‬وكان أول ظهور‬
‫‪1‬‬
‫للبنك سنة ‪ 1517‬بالبندقية‪ ،‬ثم بنك أمستردام عام ‪.1609‬‬
‫ويعرف البنك على أنه‪:‬‬
‫‪ ‬منشأة تنصب عملياتها الرئيسية على تجميع النقود الفائضة عن حاجة الجمهور أو منشآت‬
‫األعمال أو الدولة لغرض إقراضها آلخرين وفق أسس معينة‪ ،‬أو استثمارها في أوراق مالية‬
‫‪2‬‬
‫محددة‪.‬‬
‫‪ ‬هو وسيط مالي يقوم بتجميع فوائض األموال للمدخرين من مختلف األعوان واألفراد‬
‫ليقرضها المحتاجين إليها من المستثمرين في شكل قروض في أغلب الحاالت‪ ،‬ويأخذ نظير‬
‫هذه الوساطة الفرق بين معدل الفائدة الدائنة (التي يستحقها المودعون) ومعدل الفائدة المدينة‬
‫‪3‬‬
‫(التي يدفعها المقرضون)‪.‬‬
‫و من خالل هاذين التعريفين يظهر أن البنك كمؤسسة مالية تعمل على خلق النقود المصرفية من‬
‫خالل توزيع القروض انطالقا من الودائع التي تحصل عليها‪ ،‬وبذلك يكون البنك كوسيط نقدي بين‬
‫المدخرين والمستثمرين‪ .‬كما يقوم البنك بوضع عدة طرق مالية وتقنيات للتمويل المصرفي لحشد‬
‫االدخارات كإصدار األوراق المالية الثانوية‪ ،‬وبذلك يكون البنك كوسيط مالي‪.‬‬
‫وحد يثا تطور مفهوم البنك حيث لم يبقى كمؤسسة مالية تنتظر ودائع األفراد والمؤسسات لتمنح به‬
‫القروض‪ ،‬بل أصبح يبحث بنفسه عن الفائض المالي من خالل عرضه لخدمات ومنتوجات مالية‬
‫وبنكية حديثة (ابتكارات مالية وتقنيات جديدة) تتماشى مع التطورات االقتصادية والمالية (العولمة‬
‫االقتصادية والعولمة المالية) التي تعتمد على التكنولوجيا واالتصاالت الحديثة‪.‬‬
‫أما المؤسسات المالية هي عبارة عن شركات أعمال تعمل في سوق المال‪ ،‬وتمتلك أوراق مالية‬
‫كاألسهم والسندات والصكوك المالية ( أصول مالية أو التزامات ومستحقات لدى الغير كاألسهم‪،‬‬
‫السندات والقروض) بدال من األصول الثابتة (المعدات والمواد الخام والمباني‪ ،)...‬حيث تقوم هذه‬

‫‪ 1‬أمحد نبيل النمريي‪ " ،‬مبادئ يف العلوم املصرفية "‪ ،‬مؤسسة الوراق للنشر والتوزيع‪ ،‬الطبعة األوىل‪ ،‬عمان‪ ،1981 ،‬ص ‪8‬‬
‫‪ 2‬شاكر القزويين‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.25‬‬
‫‪ 3‬حممود محزة الزبيدي‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.16‬‬
‫‪42‬‬
‫المؤسسات بإقراض أو تسليف زبائنها سواء كانوا مستهلكين أو مستثمرين لشراء السلع والخدمات أو‬
‫شراء السندات المالية من سوق النقد أو سوق األوراق المالية‪ ،‬كما تقدم أنواع مختلفة من الخدمات‬
‫‪1‬‬
‫المالية في االقتصاد مثل خدمات التأمين‪ ،‬وحفظ الودائع وتحويل المبالغ وآلية الدفع‪.‬‬
‫‪ 2-4-IV‬أنواع البنوك والمؤسسات المالية‪:‬‬
‫هناك نوعان من البنوك والمؤسسات المالية‪:‬‬
‫‪ ‬بنوك ومؤسسات مالية وسيطة (تقوم بدور الوساطة المالية)‪.‬‬
‫‪ ‬بنوك ومؤسسات مالية غير مصرفية (ال تقوم بدور الوساطة المالية)‪.‬‬
‫أ‪ -‬بنوك ومؤسسات مالية وسيطة‪ :‬هي تلك البنوك والمؤسسات المالية التي تعمل على شراء أوراق‬
‫مالية تصدر من المدينين أصحاب العجز المالي‪ ،‬تسمى باألوراق المالية األولية ( ‪Primary‬‬
‫‪ ،) Securities‬وفي نفس الوقت تبيع أوراق مالية تصدر منها للدائنين أصحاب الفائض المالي والتي‬
‫تسمى باألوراق المالية الثانوية (‪ ،)Secondary Securities‬وخير مثال لهذه البنوك والمؤسسات‬
‫المالية‪ :‬البنوك التجارية التي تتلقى الودائع‪ ،‬بنوك ومؤسسات مالية أخرى التي ال تتلقى الودائع‬
‫كشركات التأمين وبنوك االدخار‪ ،‬صناديق المعاشات وغيرها‪.‬‬
‫‪ -‬البنوك التجارية )‪ :)Commercial Bank‬تعرف البنوك التجارية بأنها عبارة عن مؤسسات ائتمانية‬
‫غير متخصصة‪ ،‬تضطلع أساسا بتلقي ودائع األفراد القابلة للسحب لدى الطلب أو بعد أجل قصير‪،‬‬
‫والتعامل بصفة أساسية في االئتمان القصير األجل‪ .2‬كما تعرف بذلك النوع من البنوك الذي يستطيع‬
‫‪3‬‬
‫دون غيره من المؤسسات المالية األخرى‪ ،‬أن يخلق نقود الودائع (النقود المصرفية)‪.‬‬
‫وتسمى البنوك التجارية كذلك بنوك الودائع ألن الجزء األكبر من أموالها يتكون من ودائع الجمهور‬
‫المختلفة‪ ،‬وتقوم بتوظيف األموال لمدة قصيرة ال تتجاوز سنة كاالئتمان التجاري‪ ،‬ومن أهم آمالها‬
‫منح القروض وخصم األوراق المالية وفتح االعتمادات وإصدار خطابات الضمان وتسهيل عملية‬
‫الدفع باإلنابة وغيرها‪ .4‬وتتلخص أهم أعمال البنك التجاري في ما يلي‪:‬‬
‫‪ ‬تلقي أو قبول الودائع من مختلف الجهات (جمع المدخرات)‪.‬‬

‫‪ 1‬عبد الوهاب يوسف أمحد‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪ 128‬و‪.129‬‬


‫‪ 2‬أنور إمساعيل اهلوا ري‪ " ،‬اقتصاديات النقود والبنوك "‪ ،‬دار الطباعة‪ ،1993 ،‬ص ‪.120‬‬
‫‪ 3‬حممود يونس حممد‪ ،‬عبد النعيم حممد مبارك‪ " ،‬أساسيات علم االقتصاد "‪ ،‬الدار اجلامعية‪ ،1985 ،‬ص ‪.345‬‬
‫‪ 4‬عبد الوهاب يوسف أمحد‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.147‬‬
‫‪43‬‬
‫‪ ‬تقديم القروض مع مراعاة مبدأ التوافق بين السيولة للبنك وربحيته وأمن أموال الجمهور‬
‫المودعين‪.‬‬
‫‪ ‬التعامل باالعتمادات المستندية لتمويل وتسهيل التجارة الخارجية‪.‬‬
‫‪ ‬التعامل باألوراق المالية والتجارية في األسواق المالية‪ ،‬كما تقوم بخصم األوراق المالية‬
‫والتجارية (السوق النقدي)‪.‬‬
‫‪ ‬شراء وبيع العمالت األجنبية وذلك بأسعار محددة من قبل البنك المركزي أو حسب النظام‬
‫المعمول به في مجال سوق الصرف‪.‬‬
‫‪ ‬تحصيل الشيكات الواردة إليها من عمالئها ولحسابهم‪.‬‬
‫‪ ‬تأجير خزائن حديدية لألفراد مقابل عمولة محددة (‪.)la Location des Coffres‬‬
‫‪ ‬تقديم مختلف وسائل الدفع التي تسهل القيام بالصفقات االقتصادية ومختلف الخدمات المالية‬
‫‪1‬‬
‫المتعامل بها دوليا لتسهيل التجارة الدولية‪.‬‬
‫وما يميز البنوك التجارية عن باقي المؤسسات المالية الوسيطة األخرى‪ ،‬أن ودائعها والتي تشكل‬
‫التزامات عليها والتي تحول جزء منها إلى قروض‪ ،‬تمنحها القدرة على خلق نقود إضافية تساهم في‬
‫زيادة عرض الن قود‪ ،‬كما أنها تتمتع بقبول عام في التداول والوفاء في المعامالت وتسوية المدفوعات‬
‫‪2‬‬
‫المختلفة‪ ،‬هذه األخيرة جعلت البنوك التجارية ذات أهمية كبيرة و مؤثرة في النشاط االقتصادي‪.‬‬
‫‪ -‬مجموعة البنوك المتخصصة‪ :‬وهي بنوك متخصصة في تمويل نشاط اقتصادي معين ومن‬
‫أمثلتها‪:3‬‬
‫‪ ‬البنوك الصناعية (بنوك التنمية الصناعية)‪ :‬وهي متخصصة في تمويل القطاع الصناعي‪،‬‬
‫ومهمتها إرشاد المشروعات وتطويرها وذلك بمنحها القروض الالزمة‪.‬‬
‫‪ ‬البنوك الزراعية (بنوك التنمية الزراعية)‪ :‬هي بنوك متخصصة في دعم وتطوير القطاع‬
‫الزراعي‪ ،‬يمنح القروض والسلفات للمزارعين بضمان المحاصيل‪ ،‬والهدف من إنشائها‬
‫هو تنمية الزراعة بالوطن وحماية صغار المزارعين من استغالل الغير والممولين‬

‫‪ 1‬ضياء جميد‪ " ،‬اقتصاديات النقود والبنوك "‪ ،‬مؤسسة شباب اجلامعة‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬مصر‪ ،2005 ،‬ص ‪.254‬‬
‫‪ 2‬عبد الوهاب يوسف أمحد‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.151‬‬
‫‪ 3‬عبد الوهاب يوسف أمحد‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪ 147‬و‪.148‬‬
‫‪44‬‬
‫اآلخرون وذلك عن طريق حصولهم على قروض بفوائد بسيطة وشروط سهلة‪ ،‬كما‬
‫ترشدهم إلى الطرق األحسن الستغالل أراضيهم‪.‬‬
‫الشكل رقم ‪ :1-IV‬نشاطات البنوك التجارية‪.‬‬

‫خلق ودائع جديدة‬


‫الربحية‬

‫اعتمادات مستندية لتمويل التجارة الخارجية‬


‫(‪)CREDOC, REMDOC, TL‬‬

‫منح القروض‬
‫اعتمادات مقاولين (صفقات العمومية)‬
‫سلف بضمان مرتبات محولة على البنك‬

‫اعتمادات الخصم (‪)Escompte‬‬


‫اعتمادات بضمان أوراق مالية (شهادات‬
‫اإليداع)‬

‫أوجه النشاط األساسي للبنوك التجارية‬


‫االستثمارات(محفظة األوراق المالية)‬
‫اعتمادات بضمان البضائع‬
‫خدمة التنمية‬

‫اعتمادات شخصية وقروض عن طريق‬


‫اإلمضاء (‪)Crédit par Signature‬‬
‫سندات الشركات (المؤسسة) واألسهم‬
‫أذونات الخزانة‬
‫سندات القروض الحكومية‬

‫أرصدة البنوك التجارية األخرى‬


‫تأمينات مقابل خطابات ضمان‬
‫ودائع صندوق التوفير (‪)Epargne‬‬
‫قبول الودائع‬
‫السيولة‬

‫ودائع بإخطار سابق‬

‫ودائع ألجل (‪)Dépôts à Terme‬‬


‫ودائع تحت الطلب (‪)Dépôts à Vue‬‬

‫املصدر‪ :‬عبد الغفار حنفي‪ ،‬عبد السالم أبو قحف‪ " ،‬اإلدارة احلديثة يف البنوك التجارية "‪ ،‬الدار اجلامعية‪ ،1991 ،‬ص ‪.27‬‬

‫‪45‬‬
‫‪ ‬البنوك الشعبية‪ :‬هي بنوك تتولى إقراض المشتركين من رأس مالها بفوائد زهيدة ويطلق‬
‫عليها أحيانا البنوك التعاونية‪.‬‬
‫‪ ‬البنوك العقارية‪ :‬هي تقوم بمنح القروض آلجال طويلة مقابل رهن عقاري من مباني أو‬
‫أراضي‪ ،‬وتعمل دائما تحت إشراف ورقابة الدولة‪ ،‬فهي تعمل على تسهيل المأوى‬
‫للمواطنين وتهيئة السكن المالئم مما تساعد على استقرار األسر‪.‬‬
‫‪ ‬بنوك تمويل التجارة الخارجية‪ :‬هي بنوك تهتم بتمويل التجارة الخارجية والعمليات‬
‫‪1‬‬
‫الخاصة بها‪.‬‬
‫‪ -‬صناديق االستثمار والمعاشات‪ :‬تعرف على أنها عقد شركة بين إدارة الصندوق والمساهمين‬
‫فيه‪ ،‬يدفع بمقتضاها المساهمون مبالغ نقدية معينة إلى إدارة الصندوق في مقابل حصولهم على‬
‫وثائق تثبت مساهمتهم بالصندوق وحجم مساهمتهم‪ ،‬كما يتعهد الصندوق باستثمارها في بيع‬
‫وشراء األوراق المالية‪ ،‬ويشترك المساهمون في األرباح الناتجة من استثمارات الصندوق كل‬
‫‪2‬‬
‫بنسبة ما يملكه من حصة فيه‪.‬‬
‫‪ -‬بنوك االدخار‪ :‬تستقطب فئات من ذوي الدخل المحدود‪ ،‬وأغلب هذه المصارف ال تستهدف‬
‫الربح بصورة خاصة‪ ،‬وإنما استقطاب المدخرات وتشغيلها في استثمارات محدودة‪ ،‬وتلقى هذه‬
‫المصارف دعما من مختلف شرائح المجتمع ومن الحكومية‪.‬‬
‫‪ -‬البنوك اإلسالمية‪ :‬هي بنوك حديثة النشأة‪ ،‬تسعى إلى التخلي عن سعر الفائدة وإتباع قواعد‬
‫الشريعة اإلسالمية في التعامل بينها وبين عمالئها‪ ،‬ويمكن تلخيص الخصائص األساسية لهذا‬
‫النوع من البنوك فيما يلي‪:3‬‬
‫‪ ‬استبعاد التعامل بالفائدة‪.‬‬
‫‪ ‬توجه الجهد نحو التنمية عن طريق االستثمارات‪.‬‬
‫‪ ‬ربط التنمية االقتصادية بالتنمية االجتماعية‪.‬‬
‫‪ -‬منشآت التأمين ضد الحوادث (شركات التأمين)‪ :‬تختص هذه الشركات بالدرجة األساسية‬
‫بالتأمين ضد المخاطر المحتملة التي يمكن أن يتعرض لها المواطنون‪ ،‬البضائع والمنشآت على‬

‫‪ 1‬حممود يونس حممد‪ ،‬عبد النعيم حممد مبارك‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.351‬‬
‫‪ 2‬هندي منري‪ " ،‬األوراق واألسواق املالية "‪ ،‬منشأة املعارف اإلسكندرية‪ ،‬مصر‪ ،2000 ،‬ص ‪.199‬‬
‫‪ 3‬حممود يونس حممد‪ ،‬عبد النعيم حممد مبارك‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪ 357‬و‪.358‬‬
‫‪46‬‬
‫اختالف أنشطتها وفعاليتها‪ ،‬وذلك عن طريق استيفاء أقساط التأمين من المؤمن له‪ ،‬ومن ثم تغطية‬
‫الخسائر عند وقوعها فعال‪ ،‬كما تقوم بدور آخر يتمثل في جمع المدخرات من الوحدات االقتصادية‬
‫ذات الفائض المالي في شكل أقساط التأمين وتوجهها للوحدات االقتصادية ذات العجز المالي‪،‬‬
‫لذلك تتدخل السلطات النقدية (البنك المركزي) في عمل شركات التأمين حيث تجبرها مثل البنوك‬
‫التجارية على االحتفاظ بنسبة من االحتياطات النقدية لديها‪.‬‬
‫ب‪ -‬بنوك ومؤسسات مالية غير مصرفية (غير وسيطة)‪ :‬هذه المؤسسات المالية ال تعتبر وسيطة‬
‫مالية‪ ،‬وإنما دورها يقتصر على نقل األوراق المالية المصدرة من منظمات األعمال إلى‬
‫المستثمرين‪ .1‬وهي تنقسم إلى ثالثة أنواع‪:‬‬
‫‪ -‬بنوك االستثمار أو الرهان‪ :‬من الصعب وضع تعريف محدد لبنوك االستثمار وذلك بسبب تعدد‬
‫األنشطة التي تضطلع بها في الوقت الحاضر‪ ،‬ولكن الدور األساسي لهذه البنوك هو اإلسهام في‬
‫تمويل وإدارة االستثمارات لتحقيق التنمية‪ ،‬فهي تقوم بالتعرف على فرص االستثمار‪ ،‬وتقييم‬
‫المشروعات واختيارها وتأسيسها‪ ،‬وتقوم بتدبير الموارد المالية ذات اآلجال المناسبة متوسطة‬
‫وطويلة األجل‪ ،‬وتقوم بمتابعة المشروعات التي تقوم بتمويلها‪ .2‬والوظائف األساسية لبنوك‬
‫االستثمار هي‪:3‬‬
‫‪ ‬الوظيفة التنموية‪ :‬لها دور هام في تنمية االقتصاد الوطني عن طريق استقطاب المستثمرين‬
‫والمنظمين من خالل دراسة الجدوى الفنية واالقتصادية والمالية‪ ،‬ودراسة األوضاع‬
‫االقتصادية واالستثمارية والمالية والقوانين وتقدم االقتراحات‪ .‬فبنوك االستثمار تقدم يد‬
‫العون لمنظمات األعمال والجهات الحكومية عند إصدارها لألوراق المالية الجديدة في‬
‫السوق المالي‪ ،‬كما توفر التسهيالت الالزمة لتداول األوراق المالية داخل السوق الثانوي‪،‬‬
‫فهي تنفذ أوامر الشراء والبيع نيابة عن جمهور المستثمرين مقابل عمولة معينة‪.4‬‬
‫‪ ‬الوظيفة التمويلية‪ :‬تقدم التمويل للمشروعات مستندة على األسهم والسندات المقترحة‬
‫لالكتتاب العام الصادرة من قبل الشركات وبيوت االستثمار‪ ،‬وتعتبر صناديق المعاشات‬
‫وشركات التأمين أهم الممولين لهذه البنوك‪.‬‬

‫‪ 1‬عبد الغفار حنفي‪ ،‬رمسية قرياقص‪ " ،‬أسواق املال ومتويل املشروعات"‪ ،‬دار اجلامعة اإلسكندرية‪ ،2005 ،‬ص ‪.190‬‬
‫‪ 2‬حممود يونس حممد‪ ،‬عبد النعيم حممد مبارك‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪ 355‬و‪.356‬‬
‫‪ 3‬إبراهيم خمتار‪ " ،‬بنوك االستثمار "‪ ،‬مكتبة األجنلو املصرية‪ ،‬طبعة ثانية‪ ،1987 ،‬ص ‪ 32‬إىل ‪.34‬‬
‫‪ 4‬السيد البدوي عبد احلافظ‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.218‬‬
‫‪47‬‬
‫‪ ‬الوظيفة الرقابية‪ :‬والتي تتمثل في متابعة المشروعات‪.‬‬
‫هذه المجموعة من البنوك تعمل فقط على تحويل األوراق المالية من قبل المدينين إلى الدائنين أو‬
‫المدخرين دون أن تصدر أوراق مالية جديدة مثل ما تفعله المجموعة األولى من البنوك الوسيطة‪.‬‬
‫‪ -‬مضاربي أو سماسرة األوراق المالية (‪ )Securities Brokers‬ووكالء أو تجار األوراق المالية‬
‫(‪ :)Securities Dealers‬يعمل مضاربي أو سماسرة األوراق المالية كوسطاء بين البائع‬
‫والمشتري‪ ،‬وتنحصر مهمتهم في جمع البائع والمشتري إلكمال الصفقة المالية‪ ،‬ويأخذون‬
‫عموالت نظير الخدمات التي يقدموها للبائع والمشتري‪ ،‬وتتمثل في عملية البحث عن السوق (ال‬
‫يتعرض السماسرة إلى أية مخاطرة في عمليات البيع)‪ ،‬أما وكالء أو تجار األوراق المالية فليس‬
‫عليهم فقط جمع طرفي الصفقة المالية‪ ،‬بل لديهم رؤوس أموال تمكنهم من شراء أوراق مالية من‬
‫‪1‬‬
‫المدينين متوقعين بذلك إمكانية إعادة بيعها في المستقبل بأسعار مجزية محققة لهم أرباحا‪.‬‬

‫‪ 1‬عبد الوهاب يوسف أمحد‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪ 129‬و‪.130‬‬


‫‪48‬‬
‫‪ -V‬السياسة النقدية للبنك المركزي‬

‫سنحاول في هذا الجزء الخامس توضيح مفهوم السياسة النقدية التي يشرف عليها البنك‬
‫المركزي والتي تهدف إلى تنظيم الجهاز المصرفي والسوق المالي‪ ،‬وضبط عرض النقود‬
‫المتوفرة في المجتمع على النحو الذي يحقق استقرار األسعار والتحكم في التضخم‪ .‬فالسياسة‬
‫النقدية هي واحدة من السياسات االقتصادية التي تهدف إلى تحقيق أهداف االقتصاد النقدي والتي‬
‫تتمثل في كبح جماح التضخم وخفض معدالت البطالة‪ ،‬والحفاظ على معدل نمو اقتصادي مستمر‪،‬‬
‫وتحقيق التوازن الخارجي في ميزان المدفوعات‪ ،‬وتقوم السياسة النقدية بطريقتين‪:1‬‬
‫‪ ‬سياسة نقدية توسعية‪ :‬وتنفذ في حالة الركود حيث يقوم البنك المركزي عبر وسائله (أدوات‬
‫كيفية مباشرة وأدوات كمية غير مباشرة للسياسة النقدية) بزيادة عرض النقود المتداولة في‬
‫أيدي الجمهور‪ ،‬ومن ثم تؤذي إلى انتعاش الطلب الكلي والذي بدوره يقود إلى زيادة‬
‫اإلنتاج وانخفاض معدالت البطالة‪.‬‬
‫‪ ‬سياسة نقدية انكماشية‪ :‬وتنفذ في حالة التضخم أو فائض الطلب الكلي‪ ،‬وذلك بهدف التقليل‬
‫من عرض النقود المتداولة في أيدي الجمهور عبر الوسائل النقدية للبنك المركزي‪ ،‬ومن‬
‫ثم تؤذي إلى خفض ارتفاع األسعار والطلب الكلي‪.‬‬
‫فالسياسة النقدية حاليا تعد الوظيفة األساسية للبنك المركزي‪ ،‬الذي ينفرد وحده بالتشاور مع‬
‫الحكومة في وضع هذه السياسة بغرض تنظيم وضبط عرض النقود المتوفرة في المجتمع على‬
‫النحو الذي يحقق استقرار األسعار والتحكم في التضخم‪ ،‬فالبنك المركزي يلجأ إلى السياسة النقدية‬
‫كأداة لمعالجة االختالالت االقتصادية من أجل المحافظة على االستقرار والتوازن االقتصادي‬
‫العام‪.‬‬
‫‪ 1-V‬مفهوم‪ ،‬تعريف وأهداف السياسة النقدية‪:‬‬
‫تعددت مفاهيم السياسة النقدية بتعدد واختالف األفكار والنظريات االقتصادية عبر فترات زمنية‬
‫متتالية‪ ،‬وقد أعطيت للسياسة النقدية تعاريف مختلفة من طرف العديد من االقتصاديين‪:2‬‬

‫‪ 1‬عبد الوهاب يوسف أمحد‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.191‬‬


‫‪ 2‬عبد املنعم السيد علي‪ " ،‬دراسات يف النقود والنظرية النقدية "‪ ،‬مطبعة العلين‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬بغداد‪ ،1976 ،‬ص ‪ 371‬و‪.372‬‬
‫‪49‬‬
‫‪ ‬عرفها ‪ GEORGE PARIENTE‬على أنها مجموع من التدابير المتخذة من قبل السلطات‬
‫‪1‬‬
‫النقدية قصد إحداث أثر على االقتصاد‪ ،‬ومن أجل ضمان استقرار أسعار الصرف‪.‬‬
‫‪ ‬وقد أشار إليها ‪ EINZING‬على أنها سياسة تشمل على جميع القرارات واإلجراءات‬
‫النقدية بصرف النظر عما إذا كانت أهدافها نقدية أو غير نقدية‪ ،‬وكذلك جميع اإلجراءات‬
‫غير النقدية التي تهدف إلى التأثير في النظام النقدي‪.‬‬
‫‪ ‬أما االقتصادي ‪ G.L. BACH‬عرفها على أنها كل ما تقوم به الحكومة من عمل بصورة‬
‫فعالة في حجم وتركيب الموجودات السائلة التي يحتفظ بها القطاع المالي والمصرفي‬
‫سواء كانت عملة أو ودائع أو سندات حكومية‪.‬‬
‫‪ ‬كما يرى ‪ KENT‬أن السياسة النقدية تعني إدارة التوسع واالنكماش في حجم النقد لغرض‬
‫الحصول على أهداف معينة‪.‬‬
‫فالمقصود بالسياسة النقد ية تنظيم كمية النقد المتوفرة في المجتمع بغرض تحقيق أهداف السياسة‬
‫االقتصادية المتمثلة في تحقيق التنمية االقتصادية والقضاء على البطالة‪ ،‬وتحقيق التوازن في‬
‫ميزان المدفوعات والمحافظة على استقرار المستوى العام لألسعار‪ .2‬كما تعتبر ذلك التدخل‬
‫المباشر المعتمد من طرف السلطة النقدية بهدف التأثير على الفعاليات االقتصادية‪ ،‬عن طريق‬
‫تغيير عرض النقود وتوجيه االئتمان‪ ،‬وذلك باستخدام وسائل الرقابة على النشاط االئتماني للبنوك‬
‫التجارية‪ .3‬وبالتالي فالسياسة النقدية تعني قيام السلطات النقدية عن طريق مجموعة من‬
‫اإلجراءات والتدابير والقواعد واألحكام بالتأثير على الفعاليات االقتصادية‪ ،‬تستخدم من خاللها‬
‫أدواتها الكمية والنوعية‪ ،‬لتغيير عرض النقود بشكل يالئم احتياجات النشاط االقتصادي وتماشيا‬
‫مع األهداف التي تسعى إليها الدولة‪ .‬وتشمل السياسة النقدية على نوعين من القرارات‪ ،‬إحداها‬
‫تخص األهداف التي تسعى الدولة إلى تحقيقها وهو قرار سياسي يتخذ في غالب األحيان على‬
‫مستوى الحكومة‪ ،‬والثانية تتعلق بالوسائل التي تمكن تلك السياسة من تحقيق غاياتها والتوصل‬
‫‪4‬‬
‫إلى أهدافها‪.‬‬

‫‪ 1‬عبد اجمليد قدي‪ " ،‬املدخل إىل السياسات االقتصادية الكلية‪ ،‬دراسة حتليلية تقييمية "‪ ،‬ديوان املطبوعات اجلامعية‪ ،‬الطبعة الثالثة‪ ،‬اجلزائر‪ ،2006 ،‬ص‪.53‬‬
‫‪ 2‬ضياء جميد املوسوي‪ " ،‬االقتصاد النقدي "‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬اجلزائر‪ ،1993 ،‬ص ‪.173‬‬
‫‪ 3‬عبد اجمليد قدي‪ " ،‬املدخل إىل السياسات االقتصادية الكلية‪ ،‬دراسة حتليلية تقييمية "‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.53‬‬
‫‪ 4‬عبد املنعم السيد علي‪ " ،‬دراسات يف النقود والنظرية النقدية "‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.373‬‬
‫‪50‬‬
‫و تختلف أهداف السياسة النقدية بين الدول المتقدمة والدول النامية‪ ،‬وحسب درجة التقدم‬
‫االقتص ادي واالجتماعي‪ ،‬والنظم االقتصادية السائدة واحتياجات وأهداف المجتمعات‪ .‬ففي أغلب‬
‫الدول الصناعية المتقدمة هناك اتجاه متزايد نحو عدم التوسع في هذه األهداف واالقتصار على‬
‫هدف واحد للسياسة النقدية الذي يتمثل في استقرار األسعار‪ ،‬بمعنى أخر استهداف التضخم‪ ،‬أما‬
‫في الدول النامية فال يزال من وراء استخدام السياسة النقدية العديد من األهداف كتشجيع النمو‬
‫االقتصادي المصحوب بالعمالة‪ ،‬وتحقيق االستقرار النقدي بمحاربة التضخم‪ ،‬وضمان قابلية‬
‫الصرف‪ ،‬والمحافظة على قيمة العملة‪ ،‬وتطوير أسواقها المالية والنقدية‪ .‬بمعنى أنه مهما اختلفت‬
‫النظريات االقتصادية‪ ،‬فالسياسة النقدية أيضا تتغاير أهدافها ودورها من نظرية ألخرى‪ ،‬لكن تبقى‬
‫األهداف األساسية لهذه السياسة مشتركة في الدول المتقدمة‪ ،‬لكنها تختلف كثيرا عن أهدافها في‬
‫الدول النامية‪ ،‬حيث‪:1‬‬
‫‪ ‬في الدول المتقدمة تهدف السياسة النقدية إلى‪ :‬تحقيق حجم اإلنتاج في مستوى االستخدام‬
‫الشامل والمحافظة عليه‪ .‬العمل على استقرار األسعار وثباتها وتحقيق التوازن الخارجي‪،‬‬
‫أي استقرار سعر الصرف األجنبي للعملة الوطنية في مستوى االستخدام الشامل ( تحقيق‬
‫التوازن الداخلي والخارجي)‪.‬‬
‫‪ ‬في الدول النامية تهدف السياسة النقدية إلى‪ :‬تحقيق نمو اقتصادي حقيقي ومتوازن‪ .‬تطوير‬
‫المؤسسات النقدية والمالية والمصرفية على أسس عالمية وسليمة‪ .‬ضمان قابلية الصرف‪،‬‬
‫المحافظة على قيمة العملة ودعم السياسة االقتصادية للدولة‪.‬‬
‫وتبقى معدالت الفائدة من أهم وسائل تأثير السياسة النقدية‪ ،‬لذلك يعمل البنك المركزي على‬
‫مر اقبتها نظرا ألن مستواها وتطورها يؤثران مباشرة على تصرفات المتعاملين االقتصاديين من‬
‫حيث االستهالك واالدخار‪ ،‬كما تؤثر على اختيارات مالكي رؤوس األموال بين استثمارها‬
‫وتوظيفها في شكل مدخرات‪ ،‬لذلك ال تستطيع السلطات تحديد سقف معين لمعدل الفائدة ألن قوى‬
‫‪2‬‬
‫العرض والطلب على النقود هي التي تقرر ذلك‪.‬‬

‫‪ 1‬عبد املنعم السيد علي‪ " ،‬دراسات يف النقود والنظرية النقدية "‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.403‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Marc Mantoussé, « Economie Monétaire et financière », Edition Leila Moussouni, 2000, P 220 à 223.‬‬
‫‪51‬‬
‫‪ 2-V‬أدوات السياسة النقدية‪:‬‬
‫لتحقيق األهداف المسطرة للسياسة النقدية يستخدم البنك المركزي بصفته المسؤول عن تسيير‬
‫وتنظيم الكتلة النقدية‪ ،‬مجموعة من األدوات والوسائل بحسب الحاالت التي تواجه االقتصاد من‬
‫تضخم أو انكماش‪ ،‬ويختلف استخدام هذه األدوات من اقتصاد آلخر‪ ،‬ويختلف كذلك حسب نوع‬
‫األهداف المحددة والقطاعات المستهدفة‪ .‬وتشمل أدوات السياسة النقدية على نوعين من الوسائل‪:‬‬
‫مباشرة أو تلقائية‪ ،‬كيفية أو نوعية‪ ،‬وتستهدف أنواعا محددة من االئتمان الموجه لقطاعات معينة‬
‫أو ألغراض محددة‪ ،‬وأخرى غير مباشرة (كمية) تستهدف الحجم الكلي لالئتمان المتاح في البلد‬
‫دون المحاولة للتأثير على تخصيصه بين مختلف االستعماالت‪.‬‬
‫‪ 1-2-V‬األدوات المباشرة للسياسة النقدية‪:‬‬
‫تستهدف هذه األدوات التأثير في نوع االئتمان ووجهته وليس في مقاديره‪ ،‬أي دون النظر إلى‬
‫حجم وكمية االئتمان‪ ،‬ومن بين أهم أنواع أدوات السياسة النقدية المباشرة نجد‪:1‬‬
‫أ‪ -‬تسقيف االئتمان (‪ :)Plafond‬هو إجراء تنظيمي تقوم بموجبه السلطات النقدية بتحديد أسقف‬
‫أو حدود للقروض التي ال يمكن ألي بنك تجاوزها‪ ،‬وهذا التحديد ألسقف القروض يتم بكيفية‬
‫إدارية مباشرة وفق لنسب محددة يضعها البنك المركزي‪ ،‬واعتماد هذا األسلوب يهدف إلى الحد‬
‫من التوسع في القروض الممنوحة من طرف البنوك خاصة البنوك التجارية‪ ،‬وكل مخالف لهذا‬
‫السقف يتعرض لعقوبات صارمة وغرامات مالية من طرف السلطات النقدية‪.‬‬
‫ب‪ -‬توجيه القروض (‪ :)Encadrement du Crédits‬تقوم بموجبه السلطات النقدية بتحديد‬
‫مستويات معينة من القروض التي يجب توجيهها لقطاع معين أو نشاط معين‪ ،‬أو توفير تسهيالت‬
‫ائتمانية مباشرة لقطاعات ذات األولوية بالنسبة للدولة والتي تعتمد عليها من أجل تحقيق االزدهار‬
‫االقتصادي‪ ،‬كما تستعمل السلطات النقدية هذه األداة للحد من توجيه التمويل في شكل قروض‬
‫استهالكية بشكل عام‪.‬‬

‫‪ 1‬انظر إىل‪:‬‬
‫‪ -‬أسامة بشري الدباغ‪ ،‬أثيل عبد اجلبار اجلورمد‪ " ،‬املقدمة يف االقتصاد الكلي "‪ ،‬دار املناهج‪ ،‬عمان‪ ،‬األردن‪ ،2003 ،‬ص ‪ 331‬إىل ‪.341‬‬
‫‪ -‬عبد اجمليد قدي‪ " ،‬املدخل إىل السياسات االقتصادية الكلية‪ ،‬دراسة حتليلية تقييمية "‪ ،‬مرجع سبق ذكره ‪ ،‬ص ‪ 80‬إىل ‪.91‬‬
‫‪ -‬حممد دويدار‪ ،‬أسامة حممد الفويل‪ "،‬مبادئ االقتصاد النقدي "‪ ،‬دار اجلامعة اجلديدة‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬مصر‪ ،2003 ،‬ص ‪ 256‬إىل ‪.261‬‬

‫‪52‬‬
‫ج‪ -‬النسبة الدنيا للسيولة‪ :‬ويقتضي هذا األسلوب أن يقوم البنك المركزي بإجبار البنوك التجارية‬
‫لالحتفاظ بنسبة دنيا من السيولة‪ ،‬تتحدد عن طريق بعض األصول المنسوبة إلى بعض مكونات‬
‫الخصوم‪ ،‬وهذا حتى ال تفرط البنوك التجارية في منح القروض‪.‬‬
‫د‪ -‬تحديد حصص إعادة الخصم‪ :‬أي تحديد الحصص التي من خاللها يقوم البنك المركزي بإعادة‬
‫التمويل التي يسمح بها لكل بنك تجاري (إعادة خصم األوراق المالية واألوراق التجارية)‪.‬‬
‫ه‪ -‬الودائع المشروطة من أجل االستيراد‪ :‬ويقتضي هذا األسلوب على إرغام المستوردين بوضع‬
‫المبالغ الالزمة لتسديد ثمن الواردات في شكل ودائع لدى البنك المركزي لمدة محددة‪ ،‬وقد تؤذي‬
‫هذه العملية إلى ارتفاع تكاليف الواردات‪ ،‬ومن شأن ذلك تقليل حجم القروض الموجهة لتمويل‬
‫الواردات وبالتالي تقليل حجم القروض الموجهة لالقتصاد‪.‬‬
‫و‪ -‬الودائع الخاصة‪ :‬يطلب البنك المركزي من البنوك التجارية االحتفاظ بودائع لديه تسمى‬
‫بالودائع الخاصة‪ ،‬وهي تختلف تماما عن االحتياطي اإللزامي واإلجباري‪ ،‬كما أنها ليست قابلة‬
‫للسحب ما لم يخطرها البنك المركزي بذلك‪ ،‬وتستخدم هذه األداة للتأثير على حجم االئتمان في‬
‫‪1‬‬
‫حالة الركود أو الرواج االقتصادي‪.‬‬
‫ي‪ -‬تسقيف معدالت الفائدة على الودائع‪ :‬تتمثل هذه األداة في تحديد معدالت الفائدة على الودائع‬
‫عند مستويات منخفضة وتمييزية بهدف تشجيع االستثمار‪.‬‬
‫ن‪ -‬قيام البنك المركزي ببعض العمليات المصرفية‪ :‬تستخدم البنوك المركزية هذا األسلوب في‬
‫البلدان التي تكون فيها أدوات السياسة النقدية محدودة األثر‪ ،‬حيث تقوم البنوك المركزية بمنافسة‬
‫البنوك التجارية بأدائها لبعض األعمال المصرفية كتقديمها للقروض لبعض القطاعات األساسية‬
‫في االقتصاد‪.‬‬
‫م‪ -‬هامش الضمان المطلوب‪ :‬هو ذلك المقدار النقدي الذي يحصل عليه العمالء عن طريق‬
‫االقتراض من البنوك التجارية لتمويل مشترياتهم من األوراق المالية‪ ،‬فباستطاعة العمالء‬
‫الحصول على مقدار معين من النقود من البنوك التجارية لتمويل نسبة معينة من قيمة األوراق‬
‫المالية‪ ،‬والتسديد الباقي يكون من أموالهم الخاصة‪ ،‬وتلك النسبة تعرف باسم "هامش الضمان"‪.‬‬
‫فالبنك المركزي قد يأمر البنوك التجارية برفع هذا المقدار في حالة الركود (الكساد االقتصادي)‪،‬‬

‫‪ 1‬عبد الوهاب يوسف أمحد‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.193‬‬


‫‪53‬‬
‫كما قد يأمرها بخفضه في الحالة العكسية‪ ،‬أي عندما يعاني االقتصاد من حالة تضخم (انتعاش‬
‫االقتصاد)‪.‬‬
‫ز‪ -‬اإلقناع األدبي‪ :‬وهي وسيلة تستخدمها البنوك المركزية بطلبها بطرق ودية وغير رسمية من‬
‫البنوك التجارية لتنفيذ سياسة معينة (انكماشية أو توسعية) في مجال منح القروض‪ ،‬باإلضافة إلى‬
‫اإلرشادات والنصائح التي توجهها لمسؤولي البنوك التجارية‪ ،‬ويعتمد هذا األسلوب على طبيعة‬
‫العالقة بين البنوك التجارية والبنك المركزي‪.‬‬
‫في العشريتين األخيرتين من القرن العشرين تزايد التخلي عن اعتماد األدوات المباشرة في تطبيق‬
‫السياسة النقدية والرقابة على االئتمان من طرف البنوك المركزية لصالح األدوات غير المباشرة‪،‬‬
‫سواء في الدول المتقدمة أو النامية وذلك لألسباب التالية‪:1‬‬
‫‪ ‬األدوات المباشرة تعمل على خفض المنافسة المصرفية بين البنوك التجارية‪.‬‬
‫‪ ‬تضر هذه األدوات بالمؤسسات الصغيرة والمتوسطة أكثر من الشركات الكبرى‪،‬‬
‫كونها تحتاج إلى التمويل باستمرار من البنوك التجارية‪.‬‬
‫‪ ‬تعمل هذه األدوات على بروز مشاكل إدارية نتيجة التمييز بين القطاعات االقتصادية في‬
‫توجيه التمويل‪.‬‬
‫‪ ‬انعدام الضمانات الكفيلة بكون التسهيالت االئتمانية المقدمة لبعض القطاعات االقتصادية‬
‫التي يحددها البنك المركزي سوف تستخدم لألغراض المتفق عليها‪.‬‬
‫‪ ‬هذه األدوات تحد من قدرة البنوك التجارية في تعبئة المدخرات‪ ،‬كما تؤذي إلى عدم الكفاءة‬
‫في تخصيص الموارد المالية الموجهة لالستثمار نتيجة التمييز غير العقالني بين‬
‫القطاعات االقتصادية‪.‬‬
‫‪ ‬تؤثر هذه األدوات سلبيا على تطور النظام المالي والمصرفي‪ ،‬كما تؤذي إلى تراجع دور‬
‫الوساطة المالية حيث تنتقل األموال إلى القطاع المالي غير الرسمي والى الخارج‪.‬‬
‫‪ 2-2-V‬األدوات غير المباشرة للسياسة النقدية‪:‬‬
‫تستهدف األدوات غير المباشرة للسياسة النقدية إلى التأثير في حجم االئتمان المصرفي دون‬
‫االهتمام بأوجه االستخدام التي يوجه إليها هذا االئتمان‪ ،‬ويالحظ أن هذه األدوات تحدث أثرها عن‬

‫‪ 1‬عبد اجمليد قدي‪ " ،‬املدخل إىل السياسات االقتصادية الكلية‪ ،‬دراسة حتليلية تقييمية "‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.83‬‬
‫‪54‬‬
‫طريق التأثير على حجم األرصدة النقدية لدى البنوك التجارية‪ ،‬ومن تم على قدرتها في منح‬
‫االئتمان وخلق نقود للودائع‪ .‬ومن أهم هذه األدوات ما يلي‪:1‬‬
‫أ‪ -‬سياسة سعر الخصم (سياسة معدل إعادة الخصم)‪ :‬وهو سعر الفائدة الذي يتقاضاه البنك‬
‫المركزي من البنوك التجارية في حالة لجوء هذه البنوك لطلب االقتراض القصير األجل أو خصم‬
‫األوراق المالية في المدة القصيرة‪ .2‬ويعد بنك انجلترا أول من طور سعر الخصم كوسيلة للسيطرة‬
‫على االئتمان بداية من سنة ‪ ،1847‬إذ كان يسمى آنذاك باسم "سعر البنك"‪ .3‬فإذا أراد البنك‬
‫المركزي إحداث انكماش أو تخفيض في حجم االئتمان المصرفي فانه يقوم برفع سعر الخصم‪،‬‬
‫وبالتالي ترتف ع أسعار الفائدة على القروض‪ ،‬فينخفض الطلب الكلي عليها سواء كان بالنسبة‬
‫للبنوك التجارية أو األفراد‪ ،‬وعليه ينخفض حجم االئتمان المصرفي‪ ،‬والعكس صحيح‪ .‬وتعتبر‬
‫سياسة سعر الخصم التي يتبعها البنك المركزي بمثابة مؤشر عن الوضع االقتصادي السائد‬
‫(ركود أو رواج)‪ ،‬ومن ثم ت تبع البنوك التجارية اتجاها انكماشيا أو توسعيا في نشاطها االئتماني‬
‫واالستثماري‪.‬‬
‫ب‪ -‬سياسة السوق المفتوحة (‪ :)Open Markets‬ويقصد به قيام البنك المركزي ببيع وشراء‬
‫األوراق المالية في السوق المالي والنقدي (يتدخل كبائع ومشتري لهذه األوراق المالية)‪ ،‬كمحاولة‬
‫منه للت أثير على النشاط االقتصادي من خالل تأثيره بطريقة غير مباشرة على سيولة السوق‬
‫النقدي والمالي وبالتالي على سيولة األفراد والبنوك خاصة البنوك التجارية باعتبارها أهم طرف‬
‫في السوق النقدي ( التخفيض من حجم نشاط االئتماني واالستثماري للبنوك التجارية)‪ .‬وقد ظهرت‬
‫هذه األداة سنة ‪ 1930‬بعد اكتشاف محدودية أداة معدل إعادة الخصم‪ ،‬ويتم اآلن استخدامها على‬
‫نطاق واسع‪ .4‬ففي حالة الرواج أو االزدهار االقتصادي (تضخم)‪ ،‬يقوم البنك المركزي ببيع‬
‫األوراق المالية في السوق المالي والنقدي المتصاص جزء من األموال المتداولة‪ ،‬أي تخفيض‬
‫حجم األرصدة النقدية لدى البنوك واألفراد‪ ،‬ومن تم ينخفض عرض النقود والذي بدوره يؤدي‬
‫إلى انخفاض الطلب الكلي والتضخم‪ .‬أما في حالة الركود االقتصادي يقوم البنك المركزي بشراء‬
‫األوراق المالية لتوفير السيولة النقدية الالزمة في االقتصاد ككل وذلك بهدف زيادة عرض النقود‬

‫‪ 1‬عبد الوهاب يوسف أمحد‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪ 192‬و‪.193‬‬


‫‪ 2‬خبراز يعدل فريدة‪ " ،‬تقنيات وسياسات التسيري املصريف "‪ ،‬ديوان املطبوعات اجلامعية‪ ،‬اجلزائر‪ ،2000 ،‬ص ‪.163‬‬
‫‪ 3‬غازي حسني عناية‪ " ،‬التضخم املايل "‪ ،‬دار الشهاب‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬اجلزائر‪ ،1986 ،‬ص ‪.132‬‬
‫‪ 4‬عبد اجمليد قدي‪ " ،‬املدخل إىل السياسات االقتصادية الكلية‪ ،‬دراسة حتليلية تقييمية "‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.90‬‬
‫‪55‬‬
‫لدى البنوك واألفراد‪ ،‬ومن تم تزيد القوة الشرائية وتؤذي إلى انتعاش الطلب الكلي‪ ،‬وينتعش‬
‫االقتصاد من حالة الركود‪.‬‬
‫ويتوقف نجاح البنك المركزي في تحقيق أهدافه باستخدام هذه األداة على ما يلي‪:1‬‬
‫‪ ‬مدى تطور واتساع السوق المالي والسوق النقدي وحجم التعامالت المالية التي تتم فيهما‪.‬‬
‫‪ ‬مدى تطور وتنوع أدواته المالية (السندات الحكومية وأذون الخزينة)‪.‬‬
‫‪ ‬مدى إقبال المؤسسات االقتصادية والمالية واألفراد على اقتناء األوراق المالية الحكومية‪.‬‬
‫‪ ‬مدى الثقة في النظام المالي والمصرفي للدولة‪.‬‬
‫‪ ‬مدى تنظيم وتطور الجهاز المصرفي واألسواق المالية‪.‬‬
‫‪ ‬مدى قدرة البنك المركزي على تسويق أوراقه المالية (السندات) في األسواق المالية‬
‫والنقدية‪.‬‬
‫‪ ‬الطريقة التي يتصرف بها البنك المركزي في األرصدة النقدية المتراكمة لديه نتيجة بيعه‬
‫لألوراق المالية (السندات) في األسواق المالية والنقدية‪.‬‬
‫‪ ‬ضرورة تكرار العمليات السوق المفتوحة‪ ،‬وذلك لتحقيق االستمرارية في مفعول السياسة‬
‫النقدية االنكماشية‪.‬‬
‫‪ ‬اآلثار السلبية المترتبة على تدخل البنك المركزي في آلية السوق الحرة‪.‬‬
‫وتعتبر عمليات السوق المفتوحة ذات أثر محدود في الدول النامية‪ ،‬وخاصة تلك الدول التي لها‬
‫جهاز مالي ومصرفي صغير‪ ،‬تقل فيه كمية األوراق المالية المتداولة في أيدي الجمهور‪ ،‬وعملية‬
‫بيعها وشرائها ليست ذات أثر يذكر على كمية النقود‪.‬‬
‫ج‪ -‬سياسة االحتياطي النقدي القانوني أو اإلجباري (تعديل نسبة االحتياطي القانوني)‪ :‬هو‬
‫عبارة عن نسبة معينة من حجم ودائع البنوك التجارية وبعض المؤسسات المالية‪ ،‬يفرضها البنك‬
‫ا لمركزي الستقطاع هذه الودائع ويحتفظ بها بصفة دائمة في شكل حسابات جارية‪ .‬وتتأثر قدرة‬
‫المصارف في منحها لالئتمان بنسبة االحتياطي القانوني التي يقررها البنك المركزي‪ ،‬والتي‬

‫‪ 1‬انظر إىل‪:‬‬
‫‪ -‬عبد اجمليد قدي‪ " ،‬املدخل إىل السياسات االقتصادية الكلية‪ ،‬دراسة حتليلية تقييمية "‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.91‬‬
‫‪ -‬أسامة بشري الدباغ‪ ،‬أثيل عبد اجلبار اجلورمد‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪ 334‬و‪.335‬‬
‫‪56‬‬
‫تختلف باختالف الظروف االقتصادية السائدة (رواج أو ركود)‪ ،‬لكن يبقى الغرض من هذه‬
‫السياسة ما يلي‪:‬‬
‫‪ ‬حماية أموال الجمهور المودعة في البنوك التجارية والمؤسسات المالية‪.‬‬
‫‪ ‬التأثير على حجم االئتمان الذي تمنحه البنوك التجارية (خلق النقود في االقتصاد)‪ ،‬ففي‬
‫حالة الركود االقتصادي يعمل البنك المركزي على تخفيض نسبة االحتياطي القانوني‪،‬‬
‫ومن تم يزيد حجم االئتمان المصرفي الممنوح لعمالء البنوك التجارية‪ ،‬والعكس في حالة‬
‫الرواج أو االنتعاش االقتصادي‪.‬‬
‫وتستعمل هذه األداة بقوة في أغلب الدول النامية‪ ،‬أين يستحيل استعمال عمليات السوق المفتوحة‬
‫في ظل غياب األسواق المالية والنقدية‪ ،‬وبالتالي محدودية تأثير سياسة إعادة الخصم‪ .1‬وقد‬
‫تعرض أسلوب االحتياطي القانوني لعدة انتقادات‪:2‬‬
‫‪ ‬يتأثر حجم االئتمان في الواقع بالطرق االقتصادية والمالية‪ ،‬لدى فإن أي تغير في‬
‫االحتياطي القانوني ال يؤد ي بالضرورة إلى التغير في حجم االئتمان‪ ،‬بمعنى أن هذا‬
‫األسلوب يفتقر إلى الدقة في التأكد من مقدار التغير الضروري في معدل االحتياطي‬
‫القانوني‪.‬‬
‫‪ ‬قد يؤثر معدل االحتياطي القانوني على ربحية البنوك التجارية مما يؤدي إلى زيادة تكلفة‬
‫اإلقراض‪.‬‬
‫‪ ‬الطبيعة التمييزية لهذا األسلوب تعود إلى أن أثره يختلف باختالف البنوك‪ ،‬فالبنوك التي‬
‫تمتلك ودائع كبيرة تتأثر قليال بالمقارنة مع البنوك الصغيرة ذات الودائع المتواضعة‪.‬‬
‫‪ ‬قد يؤثر معدل االحتياطي القانوني على أسعار األوراق المالية خاصة السندات العمومية‪،‬‬
‫فرفع هذا المعدل يؤثر على قدرة البنوك على اإلقراض‪ ،‬مما يجعلها تسعى إلى تعويض‬
‫السيولة التي هي بحاجة إليها عن طريق بيع األوراق المالية فتنخفض أسعارها‪.‬‬
‫‪ ‬سياسة االحتياطي اإلجباري غير مرنة‪ ،‬نتيجة لعجزها عن مواجهة االنخفاض أو الزيادة‬
‫في احتياطات البنوك في أماكن مختلفة وفي نفس األوقات‪.‬‬

‫‪ 1‬حممد عبد العزيز عجمية‪ ،‬مدحت العقاد‪ " ،‬النقود والبنوك يف العالقات االقتصادية الدولية "‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬بريوت‪ ،2003 ،‬ص ‪.110‬‬
‫‪ 2‬عبد املنعم السيد علي‪ " ،‬اقتصاديات النقود واملصارف "‪ ،‬مطبعة العلين‪ ،‬بغداد‪ ،1980 ،‬ص ‪.498‬‬
‫‪57‬‬
‫ويقترح أغلب االقتصاديون أن تقترن هذه السياسة بسياسة السوق المفتوحة لمواجهة وتجنب هذه‬
‫النقائص السالفة الذكر‪ .‬والشكل (‪ )1.5‬يبين دور البنك المركزي في الرقابة على االئتمان والتحكم‬
‫فيه من حيث تنظيمه‪ ،‬االستثمار‪ ،‬اإلنتاج‪ ،‬التشغيل (العمالة)‪ ،‬األسعار واألجور والنمو االقتصادي‬
‫للدولة‪.‬‬
‫الشكل رقم ‪ :1-V‬تأثير السياسة النقدية على االقتصاد‪.‬‬
‫البنك المركزي‬

‫ينظم االئتمان ويراقبه (أدوات السياسة النقدية)‬

‫يؤثر على‬

‫القروض التي تمنحها المصارف‬ ‫الودائع‬


‫واستثمارات هذه المصارف‬
‫يؤثر على‬
‫يؤثر على‬

‫عرض النقد وإمكانية الحصول على‬ ‫السيولة العامة‬


‫القروض وأسعار الفائدة‬
‫يؤثر في‬

‫االستهالك واالدخار واالستثمار في القطاع‬


‫العام والخاص‬

‫اإلنتاج‪ ،‬العمالة واألسعار‬

‫يؤثر في‬

‫النمو االقتصادي‬

‫املصدر‪ :‬زياد رمضان‪ ،‬حمفوظ جودة‪ " ،‬االجتاهات املعاصرة يف إدارة البنوك "‪ ،‬دار وائل للنشر‪ ،‬الطبعة األوىل‪ ،‬عمان‪ ،‬األردن‪،2000 ،‬‬
‫ص ‪.189‬‬

‫‪58‬‬
‫‪ -VI‬استقاللية البنك المركزي في تنفيذ السياسة النقدية‬

‫في السنوات األخيرة‪ ،‬كثر النقاش حول إشكالية استقاللية البنك المركزي نظرا للتغيرات‬
‫االقتص ادية والمالية التي شهدها العالم‪ ،‬وتحول أغلب الدول النامية نحو اقتصاد رأسمالي حر‪،‬‬
‫فمعظم االقتصاديون يعتبرون أن استقاللية البنوك المركزية في وضع السياسة النقدية أمر‬
‫ضروري من أجل سالمة النظام المالي بشكل خاص واالقتصاد بشكل عام‪ .‬سنحاول في هذا‬
‫الجزء السادس توضي ح مفهوم استقاللية البنك المركزي وأثرها على المؤشرات االقتصادية‪،‬‬
‫مبرزين في ذلك االتجاهات الحديثة للبنوك المركزية‪.‬‬
‫‪ 1-VI‬مفهوم وتعريف استقاللية البنك المركزي‪:‬‬
‫تعني استقاللية البنك المركزي في مفهومها القانوني حجم السلطات الممنوحة للبنك المركزي في‬
‫صياغة السياسة النقدية وإدارتها‪ ،‬ومن ثم مدى إمكانية مساءلة البنك المركزي عن تحقيق واإلبقاء‬
‫على استقرار األسعار‪ .1‬وتعني كذلك منح البنك المركزي االستقاللية الكاملة في إدارة السياسة‬
‫النقدية‪ ،‬من خالل عزله عن أية ضغوط سياسية من قبل السلطات التنفيذية من جهة‪ ،‬ومن خالل‬
‫‪2‬‬
‫منحه حرية التصرف الكاملة في وضع وتنفيذ السياسة النقدية‪.‬‬
‫كذلك تعني استقاللية البنك المركزي انفراده في إدارة السياسة النقدية‪ ،‬دون استعماله كأداة لتمويل‬
‫العجز المتزايد في ميزانية الحكومة‪ .3‬واستقاللية البنك المركزي ال تعني استقالله عن الحكومة‬
‫بشكل تام وانفصاله الكامل عنها‪ ،‬فهو مؤسسة حكومية إال أن االستقاللية تعني حريته في اتخاذ‬
‫قراراته خاصة في ما يتعلق منها بالسياسة النقدية‪ ،‬باإلضافة إلى الحرية التي يتمتع بها‬
‫المسؤولون في البنك المركزي ودورها في اتخاذ قراراته‪.‬‬
‫وبسبب التطورات االقتصادية والمالية التي عرفتها بعض البلدان في عقد السبعينات والثمانينات‬
‫من القرن الماضي‪ ،‬بدأت تظهر أهمية استقاللية البنوك المركزية‪ ،‬ويبقى السبب الرئيسي للمناداة‬
‫بهذه االستقاللية هو عدم فعالية السياسة النقدية في محاربة التضخم في أغلب الدول‪ ،‬لذلك يبقى‬
‫الهدف من وراء منح هذه االستقاللية هو زيادة قدرة البنك المركزي على إدارة السياسة النقدية‬
‫بصفة أكثر فعالية في تحقيق والمحافظة على استقرار المستوى العام لألسعار‪.‬‬

‫‪ 1‬منصور زين‪ " ،‬استقاللية البنك املركزي‪ ،‬أثرها على السياسة النقدية "‪ ،‬امللتقى الوطين األول حول " املنظومة املصرفية والتحوالت االقتصادية‪ ،‬واقع وحتديات "‪،‬‬
‫يومي ‪ 14‬و‪15‬ديسمرب ‪ ،2004‬كلية العلوم اإلنسانية والعلوم االجتماعية‪ ،‬جامعة حسيبة بن بوعلي‪ ،‬الشلف‪ ،‬ص ‪.424‬‬
‫‪ 2‬زينب عوض اهلل وأسامة حممد الفويل‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.284‬‬
‫‪ 3‬عبد اجمليد قدي‪ " ،‬املدخل إىل السياسات االقتصادية الكلية‪ ،‬دراسة حتليلية تقييمية "‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.79‬‬
‫‪59‬‬
‫وهناك مجموعة من المعايير يمكن من خاللها تحديد درجة استقاللية البنوك المركزية‪ ،‬وهي‪:1‬‬
‫‪ ‬مدى سلطة وحرية البنك المركزي في وضع وتنفيذ السياسة النقدية‪ ،‬ومدى حدود تدخل‬
‫الحكومة في ذلك‪ ،‬والهيئة الفاصلة بين الطرفين في حال االختالف بشأن هذه السياسة‪.‬‬
‫‪ ‬مدى التزام البنك المركزي في تمويل وتغطية العجز في الميزانية الحكومية من خالل‬
‫شرائه ألدوات الدين الحكومية المباشرة‪.‬‬
‫‪ ‬مدى التزام البنك المركزي بمنح التسهيالت االئتمانية للحكومة ومؤسساتها‪.‬‬
‫‪ ‬مدى سلطة الحكومة في تعيين وعزل محافظي البنوك المركزية‪ ،‬وأعضاء مجالس إدارتها‬
‫ومؤسساتها‪ ،‬وكذلك طول مدة تعيين محافظي البنوك المركزية ومدى قابليتهم للتجديد‬
‫(الجهات المعينة بتعيين محافظي البنوك المركزية هي‪ :‬مجلس البنك المركزي‪ ،‬هيئة‬
‫مشتركة بين مجلس البنك المركزي والحكومة والبرلمان)‪.‬‬
‫‪ ‬سلطة الحكومة بشأن ميزانية البنك المركزي‪.‬‬
‫‪ ‬مدى تمثيل الحكومة في المجالس‪ ،‬وما إذا كان التمثيل للحضور واالستماع أم يمتد إلى‬
‫حق التصويت والمشاركة واالعتراض عن اتخاذ القرارات‪.‬‬
‫‪ ‬مدى أهمية هدف المحافظة على استقرار األسعار وقيمة العملة كهدف أساسي‪.‬‬
‫‪ ‬مدى مساءلة ومحاسبة البنك المركزي أمام الهيئات األخرى‪.‬‬
‫‪ 2-VI‬أثر استقاللية البنوك المركزية على المؤشرات االقتصادية‪:‬‬
‫بحثت العديد من الدراسات عن طبيعة العالقة بين استقاللية البنك المركزي والمؤشرات‬
‫االقتصادية كالتضخم وعجز الموازنة والناتج المحلي اإلجمالي‪ .‬وأكد خبراء اقتصاديون أن‬
‫استقاللية البنك المركزي يؤدي إلى استقرار األسعار وتخفيض معدالت التضخم‪ .‬وقد توصل كل‬
‫من ‪ PARKIN and BADE‬في دراستهما لطبيعة العالقة بين درجة االستقاللية للبنوك المركزية‬
‫ومعدالت التضخم لفترة ما بعد ‪ 1994‬ولعينة متكونة من ‪ 12‬دولة‪ ،‬إلى أن العالقة بين درجة‬

‫‪ 1‬انظر إىل‪:‬‬
‫‪ -‬زينب عوض اهلل‪ ،‬أسامة حممد الفويل‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪ 286‬و‪.287‬‬
‫‪ -‬عياش قويدر‪ ،‬إبراهيم عبد اهلل‪ " ،‬أثر استقاللية البنك املركزي على أداء سياسة نقدية حقيقية‪ ،‬بني النظرية والتطبيق "‪ ،‬ملتقى حول " املنظومة املصرفية اجلزائرية‬
‫والتحوالت االقتصادية‪ ،‬واقع وحتديات "‪ ،‬جامعة األغواط‪ ،‬ص ‪ 58‬و‪.59‬‬
‫‪ -‬أسامة حممد الفويل‪ " ،‬مبادئ النقود والبنوك "‪ ،‬دار اجلامعة اجلديدة‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،1999 ،‬ص ‪ 232‬إىل ‪.235‬‬

‫‪60‬‬
‫استقاللية البنوك المركزية ومعدالت التضخم هي عالقة وطيدة وعكسية‪ .‬وقد استخلصا أنه في كل‬
‫من ألمانيا وسويسرا اللتين يتمتع بنكاهما المركزيان بأعلى درجة من االستقاللية كانت معدالت‬
‫التضخم أصغر المعدالت‪ .‬كما أجريت العديد من الدراسات حول عالقة البنوك المركزية بعجز‬
‫الموازنة العامة والتي أظهرت أن هناك دور الستقاللية للبنوك المركزية في تخفيض عجز‬
‫الموازنة العامة للدول التي تتمتع باستقاللية بنوكها المركزية عن الضغوطات السياسية‪ .‬كما‬
‫توصلت بعض الدراسات األخرى هناك عالقة موجبة بين درجة استقاللية البنوك المركزية‬
‫ومعدل الناتج المحلي اإلجمالي‪ ،‬ففي دراسة قام بها كل من ‪DEDONG and SUMMERS‬‬
‫حول بين درجة استقاللية البنوك المركزية ومعدل الناتج المحلي اإلجمالي في الدول الصناعية‬
‫خالل فترة الممتدة ما بين ‪ 1955‬و‪ ،1990‬تم التوصل إلى أن درجة استقاللية البنك المركزي‬
‫كانت وراء ارتفاع نمو الناتج المحلي اإلجمالي لكل دولة بنسبة ‪ % 0.4‬سنويا‪.‬‬
‫‪ 3-VI‬االتجاهات الحديثة للبنوك المركزية‪:‬‬
‫تتمثل االتجاهات الحديثة للبنوك المركزية في ما يلي‪:1‬‬
‫‪ ‬االتجاه نحو اإلدارة النقدية غير المباشرة‪ :‬اتجهت البنوك المركزية في عدد كبير من‬
‫الدول المتقدمة إلى تعديل أهداف سياساتها النقدية‪ ،‬وتعديل األدوات التي تستخدمها لتنفيذ‬
‫تلك السياسات‪ ،‬ألنه اتضح أن هناك متغيرات نقدية تحتاج إلى استخدام سياسات نقدية غير‬
‫مباشرة تستهدف إلى السيطرة على معدالت التضخم خاصة سياسة السوق المفتوحة‪.‬‬
‫‪ ‬اتجهت البنوك المر كزية في عدد كبير من الدول إلى القيام بتطوير وتحرير األسواق‬
‫المالية وذلك بتوفير التشريعات الالزمة والسماح بإنشاء بنوك استثمار خاصة للترويج‬
‫واالكتتاب في اإلصدارات الجديدة‪ ،‬والسماح للبنوك المشاركة في ملكية وإدارة‬
‫المشروعات وإقامة مؤسسات تمويل مشتركة‪.‬‬
‫‪ ‬تنمية ال صيرفة االلكترونية والرقابة عليها‪ :‬تسعى البنوك المركزية إلى تنمية الوعي حول‬
‫أهمية الصيرفة االلكترونية وتنمية البنية التحتية والبيئة التشريعية الخاصة بها‪ ،‬وضرورة‬
‫تنمية وسائل رقابية جديدة‪ ،‬وذلك نظرا لتزايد حدة المنافسة في صناعة الخدمات المالية‬
‫االلكترونية وتزايد سرعة تنفيذ العمليات‪.‬‬

‫‪ 1‬أمحد شعبان حممد علي‪ " ،‬انعكاسات املتغريات املعا صرة على القطاع املصريف ودور البنوك املركزية‪ ،‬دراسة حتليلية تطبيقية خمتارة من البلدان العربية "‪ ،‬الدار‬
‫اجلامعية‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬الطبعة األوىل‪ ،2006 ،‬ص ‪ 160‬إىل ‪.188‬‬
‫‪61‬‬
‫‪ ‬الفصل بين وظائف رسم السياسة النقدية وتنفيذها‪ ،‬وبين وظائف الرقابة على الجهاز‬
‫المصرفي‪ :‬إن الوظائف المتعلقة بالرقابة على الجهاز المصرفي يمكن أن تكون من ضمن‬
‫مسؤولية البنك المركزي كما هو الوضع في استراليا ونيوزيلندا وفرنسا‪ ،‬أو يعهد بها إلى‬
‫سلطة أخرى (غالبا الوزارة المالية) كما هو الوضع في كندا والنمسا وسويسرا وبلجيكا‬
‫والدانمرك وألمانيا والمملكة المتحدة‪ ،‬أما في الواليات المتحدة األمريكية فيشترك في‬
‫المهمة كل من المجلس االحتياط الفدرالي ووزارة المالية والهيئة االتحادية للتأمين على‬
‫الودائع‪.‬‬
‫‪ ‬الفصل بين هدف الصيرفة المركزية وإدارة الدين العام‪ :‬وذلك كاستجابة لدعوة صندوق‬
‫النقد الدولي في أن وجود جهاز مستقل إلدارة الدين العام يساعد على كسب ثقة‬
‫المقرضين‪ ،‬وتخفيض تكلفة القروض الخارجية وتحسين شروطها وتوفير السيولة الالزمة‬
‫للدولة وتسهيل لجوئها إلى أسواق المال الدولية‪.‬‬
‫‪ ‬تطوير العمل اإلداري في محال إدارة احتياطات النقد األجنبي‪.‬‬
‫‪ ‬الحذر والحيطة المصرفية (‪ :)Prudentiel Supervision‬وذلك لمواجهة األزمات‪ ،‬فالبد من‬
‫أن يقترن التحرير المصرفي برقابة وإشراف البنك المركزي على الجهاز المصرفي‪،‬‬
‫وذلك بغرض التخفيف من مخاطر انهيار النظام المصرفي‪.‬‬
‫‪ ‬التعاون والتنسيق بين البنوك المركزية‪ :‬وذلك بسبب التطورات االقتصادية العالمية‬
‫المعاصرة والمعايير الدولية‪.‬‬

‫‪62‬‬
‫‪ -VII‬األسواق المالية‬

‫ينبغي في اقتصاد أي دولة إضافة أو خلق سوق للمال إلى جانب النظام المصرفي‪ ،‬فسوق‬
‫المال يعتبر وسيل ة أخرى لتمويل االقتصاد من دون تقليص أهمية التمويل عن طريق الجهاز‬
‫المصرفي الذي يجب أن يبقى فعاال‪ ،‬ذلك أن سوق المال يسمح بتعزيز النظام المالي من خالل‬
‫السماح لألعوان االقتصاديين الذين هم في حاجة إلى التمويل بطلب القروض المباشرة من‬
‫األعوان الذين لهم القدرة على التمويل‪ .‬وبهذا تكون األسواق المالية إلى جانب البنوك والمؤسسات‬
‫المالية (الجهاز المصرفي) في قلب دائرة التمويل االقتصادي والظواهر النقدية ومنه في قلب‬
‫التقدم االقتصادي‪ .1‬سنحاول في هذا الجزء السابع توضيح مفهوم وتعريف السوق المالي‪ ،‬مبرزين‬
‫تقسيمات وأهمية األسواق المالية‪.‬‬
‫‪ 1-VII‬مفهوم وتعريف السوق المالي‪:‬‬
‫يعمل سوق المال (‪ )Financial Market‬على حشد وتعبئة الموارد المالية‪ ،‬إذ أنها تمثل آلية يتم من‬
‫خاللها تحويل الموارد المالية من الوحدات االقتصادية التي يتوافر لديها فوائض مالية وتمثل‬
‫عرض األموال‪ ،‬إلى الوحدات االقتصادية التي تعاني من عجز في الموارد المالية وتعكس الطلب‬
‫على الموارد المالية‪ ،‬أي أن أسواق المال تحول الموارد المالية من الوحدات التي ال تمتلك القدرة‬
‫والرغبة على االستثمار إلى الوحدات التي تتوافر لديها الفرص االستثمارية وال تمتلك القدرة على‬
‫‪2‬‬
‫تمويلها‪.‬‬
‫وفي أدائها لتلك الوظيفة‪ ،‬فإن أسواق المال تعمل على تحقيق الكفاءة االقتصادية في استغالل‬
‫الموارد‪ ،‬من خالل تحويل الفوائض المالية من مجرد مدخرات متراكمة إلى استخدامات إنتاجية‪،‬‬
‫تؤدي إلى توسيع القاعدة اإلنتاجية ومن ثم زيادة العمالة وزيادة الدخل القومي‪ ،‬األمر الذي يؤدي‬
‫‪3‬‬
‫إلى ارتفاع مستويات الرفاهية االقتصادية‪.‬‬
‫وداخل أي سوق مالي نميز وجود سوقين‪ :‬سوق نقدية تخص المعامالت المالية القصيرة األجل‬
‫وسوق آخر يسمى سوق رأس المال تخص المعامالت المالية المتوسطة والطويلة األجل‪ ،‬ويعتبر‬
‫وجود هاذين السوقين ودرجة نموهما وتطورهما انعكاس لدرجة نمو وتطور النظام والوعي‬

‫‪ 1‬خبراز يعدل فريدة‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.20‬‬


‫‪2‬‬
‫‪S. Fréderic Miskin, « Financial Markets, Institutions and Money », Harper Collins Publisher, New York, 1995, P 23.‬‬
‫‪ 3‬عاطف وليم أندراوس‪ " ،‬السياسة املالية وأسواق األوراق املالية خالل فرتة التحول القتصاد السوق "‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.3‬‬
‫‪63‬‬
‫المالي واالستثماري‪ ،‬حيث تظهر أهمية السوقين من خالل وظائفهما االقتصادية التي لها ارتباط‬
‫كبير بكفاءة وأداء االقتصاد ككل‪ ،‬فالسوقين تعمالن على خلق نوع من التقارب بين مختلف‬
‫‪1‬‬
‫القطاعات التي تقوم باالستثمار الحقيقي وتكوين رأس المال والقطاعات التي تخلق االدخار‪.‬‬
‫فالسوق المالي هو السوق الذي يجمع بين بائعي األوراق المالية ومشتري تلك األوراق‪ ،‬أي‬
‫السوق الذي يتم فيه إصدار ومفاوضات المنتجات المالية الطويلة األجل والمنتجات القصيرة‬
‫األجل‪ ،‬لذلك يُصنف هذا السوق عموما على أساس نوع األدوات المالية المتداولة فيها إلى أسواق‬
‫قصيرة األجل (السوق النقدي) وأسواق طويلة األجل (سوق رأس المال أو بورصة القيم‬
‫المنقولة)‪ ،‬والسوق المالي ال يمكن وجوده أو تسييره بفعالية إال في ظل نظام اقتصاد السوق أو‬
‫اقتصاد مفتوح‪.‬‬
‫كما يعتبر السوق المالي همزة وصل بين مجموعتين من األعوان االقتصاديين‪ :‬مجموعة تملك‬
‫فوائض ادخارية وموارد مالية مؤهلة للتوظيف ومجموعة أخرى تعاني من عجز مالي في تمويل‬
‫مشاريعها االستثمارية‪ ،‬ويتم االتصال بين هاتين المجموعتين إما بطريقة غير مباشرة بواسطة‬
‫البنوك والمؤسسات المالية (وسطاء السوق النقدي) أو بطريقة مباشرة عن طريق سوق رأس‬
‫المال‪.‬‬
‫‪ 2-VII‬تقسيمات السوق المالي (مكونات السوق المالي)‪:‬‬
‫يقسم البعض سوق المال إلى ثالثة أسواق لكل منها خصائصه وسياساته وهي‪ :‬سوق النقد‬
‫(‪ ،)Money Market‬سوق رأس المال (‪ )Capital Market‬وسوق األوراق المالية ( ‪Securities‬‬
‫‪ ،)Market‬ويخضع هذا التقسيم إلى تحفظين أساسيين هما‪:2‬‬
‫‪ ‬أن بعض المؤسسات المالية يدخل نشاطها تحت سقف أكثر من نوع واحد من تلك‬
‫األسواق‪ ،‬األمر الذي يعني عدم االنفصال بين تلك األسواق نتيجة العتماد أحد األسواق‬
‫على مؤسسات السوق اآلخر‪.‬‬
‫‪ ‬أنه بالرغم من أن لكل سوق سياسته إال أنه يتم التنسيق بين هذه السياسات في اإلطار الذي‬
‫تستهدف السياسة االقتصادية تطبيقه‪.‬‬

‫‪ 1‬محزة حممود الزبيدي‪ " ،‬االستثمار يف األوراق املالية "‪ ،‬مؤسسة الوراق للنشر والتوزيع‪ ،‬الطبعة األوىل‪ ،‬عمان‪ ،‬األردن‪ ،2001 ،‬ص ‪.115‬‬
‫‪ 2‬السيد الطييب‪ " ،‬البورصات وتدعيم االقتصاد الوطين "‪ ،‬مؤسسة األهرام‪ ،‬القاهرة‪ ،1992 ،‬ص ‪ 42‬و‪.43‬‬
‫‪64‬‬
‫وثمة تقسيم آخر لسوق المال‪ ،‬حيث يقسمه البعض إلى قسمين فقط هما سوق النقد وسوق رأس‬
‫المال وينقسم األخير بدوره إلى سوقين‪:1‬‬
‫‪ ‬سوق رأس المال الذي تتم عملياته عن غير طريق األوراق المالية (سوق اإلقراض‬
‫المباشر ‪.)Non Securities Capital Market‬‬
‫‪ ‬سوق األوراق المالية‪.‬‬
‫فسوق القروض تمثل القروض كوسيلة مباشرة تتم عن طريق التفاوض المباشر حيث يتم من‬
‫خاللها انتقال األموال من المقرض إلى المقترض وفقا لشروط محددة في العقد المبرم بينهما‪،‬‬
‫بينما تمثل سوق األوراق المالية سوق مفتوحة غير شخصية حيث ال يكون كل من المقرض‬
‫والمقترض معروف كل منهما لآلخر‪ ،‬ويتم التعامل من خالل التجار والسماسرة‪ ،‬وعادة يتم‬
‫تمويل شراء السلع االستهالكية والسلع المعمرة باستخدام القروض‪ ،‬بينما تعتمد الشركات‬
‫والمؤسسات الكبيرة على كل من القروض وإصدار وبيع األوراق المالية لتمويل أنشطتها‬
‫اإلنتاجية‪ .2‬وبصفة عامة تتنوع تقسيمات السوق المالي حسب تنوع المعايير التي تصنف على‬
‫أساسها وذلك كما يلي‪:3‬‬
‫‪ ‬حسب معيار طبيعة األوراق المالية المتداولة فيها‪ ،‬فنجد أسواق أولية وأسواق ثانوية‪.‬‬
‫‪ ‬حسب معيار الحقوق وااللتزامات المترتبة‪ ،‬فنجد أسواق دين وأسواق ملكية‪.‬‬
‫‪ ‬حسب معيار أسلوب التمويل‪ ،‬فنجد أسواق القروض وأسواق األوراق المالية‪.‬‬
‫‪ ‬حسب معيار غرض التمويل‪ ،‬فنجد أسواق النقد وأسواق رأس المال‪.‬‬
‫وألجل إعطاء صورة أكثر دقة لتوضيح مكونات سوق المال قمنا باالستعانة على الشكل (‪-VII‬‬
‫‪ )1‬الذي يعرض مكونات السوق المالي بطريقة مبسطة ودقيقة وباالعتماد على معيار غرض‬
‫التمويل ومعيار أسلوب التمويل‪ .‬إذن عند الحديث عن أسواق المال ال بد من أن نميز بين أسواق‬
‫النقد وأسواق رأس المال‪ ،‬حيث يمكن جوهر االختالف بينهما أساسا في المدة أي أجل العمليات‪.‬‬

‫‪ 1‬عطية عبد احلليم صقر‪ " ،‬تطور سوق املال يف ظل التحديات املعاصرة اجلديدة "‪ ،‬دار النهظة العربية‪ ،1998 ،‬ص ‪ 11‬و‪.12‬‬
‫‪ 2‬عاطف وليم أندراوس‪ " ،‬السياسة املالية وأسواق األوراق املالية خالل فرتة التحول القتصاد السوق "‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪ 4‬و‪.5‬‬
‫‪ 3‬وليد الصايف‪ ،‬أنس البكري‪ " ،‬األسواق املالية والدولية "‪ ،‬دار البداية ودار املستقبل للنشر والتوزيع‪ ،‬الطبعة األوىل‪ ،2009 ،‬ص ‪.30‬‬
‫‪65‬‬
‫الشكل رقم ‪ :1-VII‬مكونات سوق المال‪.‬‬

‫األسواق المالية‬

‫أسواق النقد تداول‬ ‫أسواق رأس المال‬


‫االئتمان القصير‬ ‫تداول االئتمان‬
‫األجل‬ ‫المتوسط والطويل‬
‫(أقل من سنة)‬ ‫األجل‬
‫(أكثر من سنة)‬

‫سوق األوراق المالية‬ ‫القروض المباشرة‬

‫سندات‬ ‫أسهم‬ ‫الرهن العقاري‬ ‫قروض ألجل‬

‫املصدر‪ :‬من إعداد األستاذ وباالعتماد على حماضرات يف مقياس " األسواق املالية وتقنيات التغطية من املخاطر "‪ ،‬لألستاذ الدكتور طاويل‬
‫مصطفى واألستاذ غريب ناصر صالح الدين‪.2010/2009 ،‬‬
‫‪ 3-VII‬أهمية األسواق المالية‪:‬‬
‫لألسواق المالية أهمية كبيرة تتمثل في ما يلي‪:1‬‬
‫‪ ‬تلعب دورا أساسيا في تخطيط السياسة النقدية‪ ،‬حيث تسهل من مهام البنك المركزي في‬
‫تنظيم ومراقبة اإلصدارات النقدية‪ ،‬والتحكم في الكتلة النقدية من خالل التغيير في معدالت‬
‫الفائدة‪.‬‬
‫‪ ‬يساعد في توفير سيولة عالية لألصول المالية القصيرة األجل من خالل السوق النقدي‪.‬‬
‫‪ ‬يساعد في توفير مصادر مالية طويلة األجل عن طريق ما يعرف بعمليات سوق رأس‬
‫المال‪.‬‬
‫‪ ‬يساعد على تنمية االدخار وتوجيه المدخرات المالية إلى زيادة وتشجيع االستثمار‪.‬‬
‫‪ ‬يساهم في عدالة تحديد األسعار لألوراق المالية المتداولة األمر الذي يحفز نجاح‬
‫االستثمارات‪.‬‬

‫‪ 1‬وليد الصايف‪ ،‬أنس البكري‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.23‬‬


‫‪66‬‬
‫‪ -VIII‬السوق النقدي‬

‫يعتبر السوق النقدي أحد مكونات الر ئيسية لألسواق المالية‪ ،‬وهو مخصص لتداول أوراق‬
‫مالية استثمارية قصيرة األجل‪ ،‬وتعتبر البنوك المركزية والبنوك التجارية والمؤسسات المالية أهم‬
‫المتدخلين في نشاطه‪ .‬سنحاول في هذا الجزء الثامن توضيح مفهوم وتعريف السوق النقدي‪،‬‬
‫أهميته وخصائصه‪ ،‬المشاركون والمتدخلون فيه‪ ،‬مبرزين هيكل السوق النقدي وأهم أدواته‬
‫االستثمارية‪.‬‬
‫‪ 1-VIII‬مفهوم وتعريف السوق النقدي‪:‬‬
‫السوق النقدي بمعناه االقتصادي العام هو سوق المال القصير األجل‪ ،‬يتم تداول فيه أوراق‬
‫استثمارية قصيرة األجل مثل‪ :‬أذونات الخزينة‪ ،‬األوراق التجارية‪ ،‬شهادات اإليداع‪ ،‬القبوالت‬
‫المصرفية‪ ،‬العمالت األجنبية‪ ،...‬ويتراوح أجل هذه األدوات ما بين يوم وحتى عام‪ .1‬وتعتبر هذه‬
‫األدوات المالية المتداولة في هذا السوق‪ ،‬أدوات ذات نوعية جيدة من حيث انخفاض درجة‬
‫‪2‬‬
‫المخاطرة فيها وبساطة إجراءاتها‪ ،‬األمر الذي يخفض من تكلفة الصفقة فيها‪.‬‬
‫فاألوراق المالية (أدوات االستثمار) التي يتم تداولها في السوق النقدي تتميز بدرجة مرتفعة‬
‫للسيولة وانخفاض في درجة المخاطرة‪ ،‬لذلك تقل فيها معدالت العائد بالمقارنة مع األوراق المالية‬
‫المتوسطة والطويلة األجل التي يتم تداولها والتعامل بها في أسواق رأس المال‪ ،‬وأهم المؤسسات‬
‫المالية التي تعمل في السوق النقدي هي البنك المركزي‪ ،‬البنوك التجارية والمؤسسات المالية‬
‫والخزينة‪.‬‬
‫ومن خالل السوق النقدي يتم القيام بعمليات اإلقراض واالقتراض بين الجهات المختلفة وبين هذه‬
‫الجهات والبنوك المحلية‪ ،‬وبين البنوك المحلية ذاتها‪ ،‬وبين المؤسسات المالية المحلية األخرى‪،‬‬
‫وكذلك مع المؤسسات المالية والبنوك والجهات األجنبية‪ ،‬من خالل توفير الفائض النقدي لدى‬
‫بعضها إلى البعض اآلخر منها ولفترات قصيرة األجل تحتاج فيها الستخدام هذا الفائض النقدي‬
‫‪3‬‬
‫لتغطية احتياجاتها التمويلية‪ ،‬وألغراض مختلفة ومرتبطة بالفترات الزمنية القصيرة األجل‪.‬‬

‫‪ 1‬خبراز يعدل فريدة‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.120‬‬


‫‪ 2‬ماهر كنج شكري‪ ،‬مروان عوض‪ " ،‬املالية الدولية "‪ ،‬معهد الدراسات املصرفية‪ ،‬األردن‪ ،2004 ،‬ص ‪.65‬‬
‫‪ 3‬فليح حسن خلف‪ " ،‬األسواق املالية النقدية "‪ ،‬جدارا للكتاب العاملي‪ ،‬الطبعة األوىل‪ ،2006 ،‬ص ‪ 57‬و‪.58‬‬
‫‪67‬‬
‫كما يعرف السوق النقدي على أنه سوق القروض القصيرة األجل‪ ،‬وفي المصطلح‬
‫االنجلوسكسوني (‪ )Anglo-Saxon‬سمي بسوق النقود اليومية ألن آجال القروض فيه تتراوح‬
‫بين يوم و ‪ 7‬أيام حتى ‪ 3‬أشهر‪ ،‬فهو سوق التعامل ما بين البنوك الذي يضمن لها تحقيق التوازن‬
‫اليومي بين آجال العمليات الدائنة والمدينة للمؤسسات االئتمانية‪ ،‬فتقوم البنوك باستثمار فوائضها‬
‫لدى هذا السوق‪ ،‬كما تحصل منه على القروض الالزمة استنادا إلى وضعية احتياطاتها لدى البنك‬
‫المركزي‪ .‬وبصفة عامة فإن المؤس سات المالية تلجأ إلى هذا السوق لتوفير احتياط كاف من‬
‫السيولة النقدية في حسابها المفتوح بالبنك المركزي لمواجهة عملية السحب التي يقوم بها الزبائن‪.‬‬
‫وبالتالي نصل في األخير إلى القول أن األسواق النقدية هي عبارة عن أسواق االستثمار القصيرة‬
‫األجل التي ال يتجاوز أجل استحقاق األوراق المالية فيها عن سنة واحدة بهدف تمويل المشاريع‬
‫اإلنتاجية عن طريق مختلف القروض التي تقوم بتقديمها‪ ،‬كما أنها عبارة عن أسواق يتم فيها‬
‫عمليات اإلقراض واالقتراض في ما بين البنوك المحلية أو المحلية واألجنبية ألجل أقل من سنة‪،‬‬
‫‪1‬‬
‫وترتكز هذه األسواق على عامل أساسي هو سعر الفائدة الذي يتحدد بناءا على الطلب والعرض‪.‬‬
‫‪ 2-VIII‬أهمية وخصائص السوق النقدي‪:‬‬
‫للسوق النقدي أهمية كبيرة بالنسبة لالقتصاد القومي لألسباب التالية‪:2‬‬
‫‪ ‬توفير أدوات مالية يمكن من خاللها أن يعدل األفراد والمؤسسات مراكز سيولتهم‪ ،‬إذ تمثل‬
‫السيولة أهمية خاصة لكل من األفراد والمؤسسات على حد سواء‪ ،‬فاألفراد الذين لديهم‬
‫مدفوعات في المستقبل القريب يمكن من خالل السوق النقدي استثمار أموالهم في أدواته‬
‫المالية القصيرة األجل مقابل عائد‪ ،‬على أن يتم بيع تلك األدوات حينما يأتي أجل‬
‫مدفوعاتهم المستقبلية‪ .‬كما تقبل البنوك والمؤسسات المالية شراء أدوات السوق النقدي قبل‬
‫تاريخ استحقاقها مقابل عائد‪ ،‬ويسمح لها السوق النقدي بتوظيف أموالها وتمويل البنوك‬
‫والمؤسسات المالية المحتاجة للسيولة (‪ )Sous Liquide‬بالسوق ما بين البنوك‬
‫(‪ )Interbancaire‬وذلك لمواجهة سحوبات الودائع أو عقد قروض جديدة‪.‬‬
‫‪ ‬تتمكن السلطات النقدية وعلى رأسها البنك المركزي من تنفيذ معظم عملياتها في سوق النقد‬
‫(الرقابة على األموال‪ ،‬التحكم في أسعار الفائدة القصيرة األجل وبالتالي في أسعار الفائدة‬

‫‪ 1‬رمسية أمحد أبو موسى‪ " ،‬األسواق املالية والنقدية "‪ ،‬جامعة البلقاء التطبيقية‪ ،‬دار املعتز للنشر والتوزيع‪ ،‬الطبعة األوىل‪ ،2005 ،‬ص ‪.24‬‬
‫‪2‬‬
‫‪N. Henning Charles and Others, « Financial Markets and The Economy », New York: Prentice-Hall Inc. Engelwood‬‬
‫‪Cliffs, 1978, P 10 et 11.‬‬
‫‪68‬‬
‫الطويلة األجل‪ ،‬التحكم في احتياطات البنوك التجارية‪ ،‬سياسة السوق المفتوحة وسياسة‬
‫إعادة الخصم)‪ ،‬ومن خالل تلك العمليات يمكنها تحقيق العديد من األهداف االقتصادية‪.‬‬
‫من جهة أخرى‪ ،‬يمكن للسوق النقدي أن يوفر لصغار المدخرين والمستثمرين وهم الفئات األكثر‬
‫واألوسع عددا‪ ،‬الفرصة في استغالل مدخراتهم الصغيرة واستثمارها من خالل هذا السوق‪ ،‬لذلك‬
‫نجد األ سواق النقدية في الدول النامية خاصة تأخذ مجاال واسعا فيها‪ ،‬ذلك ألن معمم المدخرين‬
‫والمستثمرين في هذه الدول هم من صغار المدخرين والمستثمرين األوسع عددا‪.‬‬
‫كذلك بوجود سوق نقدي فعال تتوفر سيولة مرتفعة لألصول المالية القصيرة األجل‪ ،‬فهذا بدوره‬
‫يؤدي إلى انخفاض تكلف ة التمويل القصير األجل وبالتالي الزيادة في سرعة دوران األموال العاملة‬
‫للمشروعات االقتصادية على اختالف أنشطتها‪ ،‬فتكون محصلة ما سبق الزيادة في الطاقة‬
‫‪1‬‬
‫اإلنتاجية لهذه المشروعات مما يخلق انتعاشا وازدهارا اقتصاديا‪.‬‬
‫ومن مميزات أو خصائص هذا السوق ما يلي‪:‬‬
‫‪ ‬هو سوق ج ملة‪ ،‬كون المتعاملين فيه من ذوي الحجم الكبير ويتمتعون بخبرات ومهارات‬
‫مالية عالية‪ ،‬وهم خاصة البنك المركزي‪ ،‬البنوك التجارية والمؤسسات المالية والخزينة‪.‬‬
‫‪ ‬يتميز هذا السوق بمرونته العالية‪ ،‬حيث معظم الصفقات التي تتم فيه تحدث في السوق‬
‫الثانوي بإجراءات مبسطة جدا‪ ،‬تخفض تكاليف هذه الصفقات‪.‬‬
‫‪ ‬موضوع هذا السوق يتعلق بنوع خاص من األصول المالية‪ ،‬خاصيتها الرئيسية هي‬
‫سيولتها النسبية‪.‬‬
‫‪ ‬انخفاض درجة المخاطرة لسببين‪:2‬‬
‫‪ ‬تدني درجة المخاطرة النقدية‪ :‬أي تدني احتماالت انخفاض أسعار األوراق المالية‬
‫المتداولة في هذا السوق‪ ،‬ألن أجل استحقاق هذه األوراق قصير جدا وهي تتداول‬
‫بسرعة‪.‬‬
‫‪ ‬تدني درجة مخاطرة الدين (االئتمان)‪ :‬أي تدني احتماالت عجز المدين عن الوفاء‬
‫بديونه‪ ،‬ألن األوراق المالية المتداولة في السوق النقدي تكون صادرة عن‬

‫‪ 1‬رمسية أمحد أبو موسى‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.24‬‬


‫‪ 2‬نفس املرجع‪ ،‬ص ‪.25‬‬
‫‪69‬‬
‫مؤسسات ذات مراكز ائتمانية ومالية قوية كالبنك المركزي‪ ،‬البنوك التجارية‬
‫والخزينة‪.‬‬
‫‪ 4-VIII‬المشاركون في السوق النقدي (المتدخلون)‪:‬‬
‫يعتبر المشاركون في السوق النقدي المتدخلون في عمليات السوق النقدي وهم كما يلي‪:1‬‬
‫‪ 1-4-VIII‬األفراد‪ :‬تعتبر الحسابات الجارية لألفراد من أكبر األمثلة على تعامل األفراد داخل‬
‫السوق النقدي‪ ،‬كذلك الحسابات األخرى كحسابات تحت الطلب‪ ،‬والودائع اآلجلة وبعض أدوات‬
‫االستثمار القصيرة األجل داخل األسواق النقدية‪.‬‬
‫‪ 2-4-VIII‬البنك المركزي‪ :‬يبرز دور البنك المركزي في السوق النقدي من خالل إصداره للنقد‬
‫الالزم لهذا السوق‪ ،‬كذلك من خالل تدخله في هذا السوق بطريقة مباشرة أو غير مباشرة‪ ،‬أو عن‬
‫طريق ما يسمى بالسياسة النقدية (سياسة السوق المفتوحة‪ ،‬سياسة إعادة الخصم وسياسة‬
‫االحتياطي اإلجباري) للتحكم في كمية النقود المتداولة داخل المجتمعات من خالل تأثيره على‬
‫حجم االئتمان وأسعار الفوائد‪ ،‬فالبنك المركزي هو السلطة المركزية التي تتحكم بالسوق النقدي‬
‫وتنظم عمله‪.‬‬
‫وحتى يكون للبنك المركزي الدور المتوقع له في السوق النقدي من خالل سياساته النقدية عليه‬
‫القيام بما يلي‪:‬‬
‫‪ ‬عمليات وسياسات السوق المفتوحة التي تعني شراء وبيع أدوات السوق النقدي بشكل‬
‫خاص (سندات وأذونات حكومية)‪.‬‬
‫‪ ‬شراء وبيع العملة األجنبية مقابل العملة المحلية‪.‬‬
‫‪ ‬تغيير ألسعار الفائدة بطريقة مباشرة أو غير مباشرة من خالل سياسة سعر الخصم‪.‬‬
‫‪ ‬التغيير في نسب االحتياطي اإلجباري المفروض على البنوك التجارية‪.‬‬
‫‪ ‬إقرار وإصدار بعض القوانين التي تحدد وتحكم الموجودات والمطلوبات المسموح للبنوك‬
‫االحتفاظ بها والتعامل بها‪.‬‬
‫‪ 3-4-VIII‬الخزينة‪ :‬تتدخل الخزينة العمومية في السوق النقدي فتصدر سندات ألجل قصير‬
‫ومتوسط المدى للحصول على قروض من المواطنين تستعملها لتسيير ودفع نفقات الميزانية‬
‫للدولة‪.‬‬

‫‪ 1‬وليد الصايف‪ ،‬أنس البكري‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪ 42‬إىل ‪.44‬‬
‫‪70‬‬
‫‪ 4-4-VIII‬البنوك التجارية‪ :‬يبرز دورها كأحد المشاركين في األسواق النقدية من خالل النظر‬
‫والتركيز في الميزانية العامة للبنك التجاري‪ ،‬وباألخص التركيز على بنود األصول (الموجودات)‬
‫والخصوم (المطلوبات) للبنوك التجارية‪ ،‬ألن الجزء الرئيسي من مطلوبات هذه الميزانية هي‬
‫الودائع الجارية أو الودائع تحت الطلب‪ ،‬وبشكل أو بآخر تعتبر هذه النقود األداة الرئيسية لألسواق‬
‫النقدية ‪ ،‬وهذا ما يميز البنوك التجارية عن المؤسسات المالية األخرى كونها تساهم في عملية خلق‬
‫نقود الودائع‪ ،‬أما الجانب اآلخر من الميزانية (األصول) فيحتوي على القروض واألدوات‬
‫االستثمارية القصيرة األجل التي تتمتع بدرجة عالية من السيولة للبنك‪ ،‬وتعتبر هذه األدوات قابلة‬
‫للتسويق‪ .‬وأهم أدوار البنوك التجارية داخل األسواق النقدية هي‪:‬‬
‫‪ ‬المحافظة على درجة عالية من السيولة‪.‬‬
‫‪ ‬القدرة على الوفاء بالتزاماتها تجاه الغير‪.‬‬
‫‪ ‬الحصول عل أعلى مردود ممكن مع عدم التفريط في درجة السيولة المالئمة والمقدرة‬
‫على الوفاء بالسداد‪.‬‬
‫‪ 5-4-VIII‬المؤسسات والشركات المالية‪ :‬وهي تعمل داخل السوق النقدي ألنها تحاول الوصول‬
‫إلى أعلى درجة من السيولة وذلك لتأمين نفسها من تسديد التزاماتها مع مراعاة الحصول على‬
‫أعلى مردود ممكن لمجموع استثماراتها‪ ،‬أهمها شركات التأمين وبنوك االستثمار‪.‬‬
‫كما يعتبر البعض أن البنوك وصناديق التوفير توجد على هامش السوق النقدي‪ ،‬حيث تتلقى أموال‬
‫قصيرة األجل ولكن توظفها في استثمارات طويلة األجل‪ ،‬فمهمتها تجميع مدخرات األفراد‬
‫وتوظيفها في مشروعات معينة‪ ،‬حيث يقوم أصحاب الدخول الضئيلة بالتوفير لدى هذه‬
‫المؤسسات‪ ،‬فهي ال تدخر وإنما تؤجل بعض استهالكها إلى زمن الحق ومن هنا تكون ودائع‬
‫التوفير ودائع صغيرة القيمة وقصيرة األجل وقليلة التأثير بالتقلبات االقتصادية‪.‬‬
‫‪ 5-VIII‬هيكل السوق النقدي‪:‬‬
‫يختلف هيكل وتقسيم السوق النقدي من دولة إلى أخرى‪ ،‬وذلك حسب‪:1‬‬
‫‪ ‬درجة تطور الدولة‪.‬‬
‫‪ ‬درجة تطور السوق النقدي المتواجد فيها‪.‬‬

‫‪ 1‬جبار حمفوظ‪ " ،‬البورصة وموقعها يف أسواق العمليات املالية "‪ ،‬سلسلة التعريف بالبورصة‪ ،‬اجلزء األول‪ ،‬الطبعة األوىل‪ ،2002 ،‬ص ‪.66‬‬
‫‪71‬‬
‫‪ ‬قدرة وكفاءة الدولة في السيطرة على السوق النقدي المتواجد فيها‪ ،‬أي حسب قدرتها على‬
‫رقابة وتنظيم هذا السوق‪.‬‬
‫وعموما نميز بين سوقين في األسواق النقدية‪:‬‬
‫‪ 1-5-VIII‬السوق األولي (‪ :)Primary Market‬يتم من خالله الحصول على األموال‬
‫المراد توظيفها آلجال قصيرة وبأسعار فائدة تتحدد حسب مصدر هذه األموال‪ ،‬ومكانة المقترض‬
‫وسمعته المالية‪ ،‬أي أن السوق األولي محله اإلصدارات الجديدة التي تتمثل في البيع األول‬
‫ألدوات الدين (السوق الذي يتم فيه االكتتاب ألول مرة لألصول المالية)‪.‬‬
‫‪ 2-5-VIII‬السوق الثانوي (‪ :)Secondary Market‬يتم من خالله تداول اإلصدارات النقدية‬
‫القصيرة األجل وبأسعار تتحدد حسب قانون العرض والطلب‪ ،‬هذا يعني أن هذا السوق محله‬
‫إصدارات مستعملة‪ ،‬حيث يتم تداولها بين مشتريها األول في السوق األولي ومشترين آخرين‬
‫جدد‪ ،‬ونظرا ألهمية هذا السوق (الثانوي) يعتبر السوق النقدي السوق الثانوي للنقد‪ .‬وهناك‬
‫تقسيمين للسوق الثانوي‪:‬‬
‫أ‪ -‬التقسيم األمريكي‪ :‬هو أحسن تقسيم‪ ،‬يقسم السوق الثانوي إلى سوقين فرعيين وذلك نتيجة لنوع‬
‫العمليات التي يتم في كل منهما‪:‬‬
‫‪ ‬سوق الخصم‪ :‬حيث يتم فيه خصم أدوات االئتمان القصيرة األجل أهمها‪ :‬األوراق التجارية‬
‫العادية (الكمبياالت والسندات)‪ ،‬القبوالت المصرفية‪ ،‬أذونات الخزينة‪...‬‬
‫‪ ‬سوق القروض القصيرة األجل‪ :‬وتشمل جميع القروض التي تعقد آلجال قصيرة تتراوح ما‬
‫بين أسبوع إلى سنة كاملة‪ ،‬وتتمثل هذه القروض في قروض االستغالل سواء عن طريق‬
‫الصندوق أو عن طريق تعهد كتابي التي يكون قوامها األساسي من المشروعات واألفراد‬
‫من ناحية‪ ،‬والبنوك التجارية وبعض مؤسسات اإلقراض المتخصصة في منح القروض‬
‫القصيرة األجل من ناحية أخرى‪ .1‬كما نجد في سوق القروض القصيرة األجل سوق‬
‫القروض ما بين البنوك (‪ )Marché Interbancaire‬حيث يمكن للبنوك أن تمنح قروض‬
‫لبنوك أخرى تحت إشراف البنك المركزي‪ ،‬وذلك حسب طبيعة احتياطاتها اإللزامية‪.‬‬

‫‪ 1‬زينب عوض اهلل‪ ،‬أمسة حممد الفويل‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.92‬‬
‫‪72‬‬
‫ب‪ -‬التقسيم الفرنسي‪ :‬حسب هذا التقسيم يتكون السوق الثانوي من سوق في ما بين البنوك وسوق‬
‫القيم المدينة المتداولة‪:1‬‬
‫‪ ‬سوق في مابين البنوك‪ :‬كما يدل اسمه‪ ،‬فهو مختص أساسا في المعامالت التي تتم في‬
‫القطاع البنكي أو المصرفي‪ ،‬حيث يمكن للبنوك أن تمنح أو تحصل على قروض لبنوك‬
‫أخرى تحت إشراف البنك المركزي‪.‬‬
‫‪ ‬سوق القيم المدينة المتداولة‪ :‬ويتم فيه تداول شهادات اإليداع‪ ،‬أذونات الخزينة‪ ،‬سندات‬
‫المؤسسات المالية وسندات الخزينة العمومية المتداولة‪ ،‬أي أن سوق القيم المدينة هو سوق‬
‫مفتوح لكافة المتعاملين االقتصاديين طالما أنهم يوفرون الشروط والضمانات المطلوبة‪.‬‬
‫ورغم اختالف التقسيمات (التقسيم األمريكي والفرنسي)‪ ،‬إال أن الغرض من السوق النقدي هو‬
‫واحد والذي يتمثل في تأمين سيولة النظام المصرفي وضمان استمرارية النشاطات االقتصادية‬
‫وبالذات اإلنتاجية منها‪ ،‬وذلك عن طريق تداول القروض وأصول استثمارية وائتمانية قصيرة‬
‫األجل‪ ،‬كذلك الحفاظ على التوازن االقتصادي والمالي بالتأثير على كمية وسعر األموال من خالل‬
‫السياسات النقدية التي يشرف عليها البنك المركزي في هذا السوق‪.‬‬
‫‪ 6-VIII‬أدوات االستثمار في السوق النقدي‪:‬‬
‫في السوق النقدي وإلى ج انب القروض القصيرة األجل‪ ،‬يتم التعامل بأدوات االستثمار القصيرة‬
‫األجل (أو االئتمان أو الدين أو المديونية الدولية)‪ ،‬وتتمثل هذه األدوات في صكوك المديونية‬
‫م دون عليها ما يفيد بأن لحاملها الحق في استرداد مبلغ معين من المال سبق أن أقرضه لطرف‬
‫آخر‪ .‬والجدول (‪ )1-VIII‬التالي يوضح أهم األدوات االستثمارية المتداولة في السوق النقدي‪:‬‬

‫‪ 1‬جبار حمفوظ‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.67‬‬


‫‪73‬‬
‫الجدول رقم ‪ :1-VIII‬أدوات االستثمار في السوق النقدي‪.‬‬
‫أ‪ -‬أدوات االستثمار التقليدية المتداولة في السوق النقدي‪:‬‬
‫تصدرها الشركات ذات السمعة التجارية الحسنة وشركات التأمين وبعض‬
‫الشركات غير المصرفية والبنوك الكبيرة‪ ،‬تاريخ استحقاقها من ‪ 5‬أيام إلى‬ ‫األوراق التجارية‬
‫‪ 15‬يوم‪ ،‬تتضمن حقا شخصيا من األموال‪ ،‬تخصم في البنوك‪.‬‬
‫هي أوراق حكومية قصيرة األجل‪ ،‬تاريخ استحقاقها يتراوح مابين ‪ 3‬إلى ‪12‬‬
‫شهرا‪ ،‬تصدرها الخزينة العمومية وأحيانا البنك المركزي‪ ،‬تخصم في السوق‬ ‫أذونات الخزينة‬
‫الثانوي للنقد وهي قابلة إلعادة الخصم في البنك المركزي‪.‬‬
‫هي شهادات غير شخصية‪ ،‬تصدرها المصارف التجارية للمودعين مقابل‬ ‫شهادات اإليداع‬
‫فائدة سنوية تعطى لحاملها‪ ،‬يمكن التصرف فيها بالبيع أو التنازل عنها في‬ ‫المصرفية القابلة‬
‫السوق الثانوي للنقد‪.‬‬ ‫للتداول‬
‫القبوالت المصرفية تستخدم في ميدان تمويل التجارة الخارجية‪ ،‬يحررها المستورد‪ ،‬ويمكن‬
‫للمصدر استرداد قيمتها قبل تاريخ االستحقاق باللجوء إلى البنك المراسل‬ ‫(أو الكمبياالت)‬
‫وذلك ببيعه في السوق الثانوي على أساس الخصم‪.‬‬
‫تعبر عن المصارف التي لها تعامل دولي في الدوالر األمريكي أو في‬ ‫اليورودوالر (أو‬
‫الدوالر األوروبي أو العموالت األوربية‪ ،‬فهي السوق الثانوي الذي تتداول فيه صكوك تلك‬
‫قروض الدوالرات القروض‪.‬‬
‫األوربية)‬

‫ب‪ -‬أدوات االستثمار الحديثة والمتطورة المتداولة في السوق النقدي (مستجدات وأدوات المديونية‬
‫الدولية الحديثة)‪:‬‬
‫يعني أن للمصارف القدرة على إقراض فائضها من االحتياطي اإللزامي‬
‫الموجود لدى البنك المركزي إلى بنوك أخرى لها عجز في هذا االحتياطي‬ ‫قرض فائض‬
‫االحتياطي اإللزامي اإللزامي تحت إشراف البنك المركزي‪ ،‬وذلك مقابل فائدة تتحدد وفقا لقانون‬
‫العرض والطلب ومدة االستحقاق ال تتجاوز ليلة واحدة‪.‬‬
‫هي عملية ال تتجاوز يوما واحدا أو أيام قالئل‪ ،‬فأثناء الحاجة إلى السيولة‬
‫اتفاقية إعادة الشراء يمكن بيع الورقة المالية للمستثمر بصفة مؤقتة وفي نفس الوقت تبرم صفقة‬
‫إعادة الشراء لهذه الورقة بسعر أعلى بقليل من سعر البيع‪.‬‬
‫شهادة المديونية (أو هي أوراق مالية تصدرها الوزارة المالية وتتداول في السوق الثانوي للسوق‬
‫كمبياالت الخزينة) النقدي وسوق رأس المال‪ ،‬مدة استحقاقها تتراوح من سنة إلى ‪ 7‬سنوات‪.‬‬

‫املصدر‪ :‬من إعداد األستاذ وباالعتماد على‪ :‬وليد الصايف‪ ،‬أنس البكري‪ " ،‬األسواق املالية والدولية "‪ ،‬دار البداية ودار املستقبل للنشر‬
‫والتوزيع‪ ،‬الطبعة األوىل‪ ،2009 ،‬ص ‪ 103‬و‪ .104‬رمسية أمحد أبو موسى‪ " ،‬األسواق املالية والنقدية "‪ ،‬جامعة البلقاء التطبيقية‪ ،‬دار‬
‫املعتز للنشر والتوزيع‪ ،‬الطبعة األوىل‪ ،2005 ،‬ص ‪ .107 ،105 ،103 ،102‬منري هندي‪ " ،‬أدوات االستثمار يف أسواق رأس املال‪،‬‬
‫األوراق املالية وصناديق االستثمار "‪ ،‬األكادميية العربية للعلوم املالية واملصرفية‪ ،‬البحرين‪ ،1993 ،‬ص ‪.67 ،65 ،63‬‬

‫‪74‬‬
‫‪ -IX‬سوق رأس المال‬

‫إلى جانب السوق النقدي يوجد سوق آخر لتداول األوراق المالية المتوسطة والطويلة‬
‫األجل‪ ،‬يسمى سوق األوراق المالية‪ .‬من خالل هذا الجزء التاسع سنحاول توضيح مفهوم وتعريف‬
‫سوق رأس المال وإبراز التفرقة بينه وبين السوق النقدي ودور تنمية أسواق رأس المال في النمو‬
‫االقتصادي‪.‬‬
‫‪ 1-IX‬مفهوم وتعريف سوق رأس المال‪:‬‬
‫تمثل سوق رأس المال بصفة عامة مجال التعامل في األموال متوسطة وطويلة األجل‪ ،‬ويعمل في‬
‫هذه السوق بنوك االستثمار وشركات التأمين والبنوك المتخصصة وصناديق المعاش واالدخار‪،‬‬
‫وذلك حينما تقوم تلك الجهات بإقراض الغير بنفسها‪ .1‬فسوق رأس المال هي ممولة خاصة‬
‫بقروض الدولة وبإصدارات األوراق المالية الطويلة األجل وبقروض المؤسسات الهيآت التي‬
‫تقوم بإصدار السندات‪ ،‬مفاوضة هذه السندات وتبادل األسهم والذي يقوم عليه أساسا دور‬
‫‪2‬‬
‫البورصة (سوق األوراق المالية أو القيم المنقولة)‪.‬‬
‫وهناك من يعرف سوق رأس المال بأنه سوق الصفقات المالية الطويلة األجل‪ ،‬والتي تنفذ إما في‬
‫شكل صورة قروض مباشرة طويلة األجل‪ ،‬أو في شكل إصدارات مالية طويلة األجل (سوق‬
‫األوراق المالية)‪ .3‬وما يميز سوق رأس المال أنها أقل اتساعا من السوق النقدي لكنها أكثر‬
‫تنظيما‪ ،‬ومن أجل توضيح الفوارق التي تميز بين السوق النقدي وسوق رأس المال قمنا بوضع‬
‫الجدول (‪ )1-IX‬الذي يقارن بين السوق النقدي وسوق رأس المال ويوضح بدقة أهم الفوارق‬
‫بينهما‪.‬‬

‫‪ 1‬عاطف وليم أندراوس‪ " ،‬السياسة املالية وأسواق األوراق املالية خالل فرتة التحول القتصاد السوق "‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.4‬‬
‫‪ 2‬مجعون نوال‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.57‬‬
‫‪ 3‬حممد مطر‪ ،‬فايز تيم‪ " ،‬إدارة احملافظة االستثمارية "‪ ،‬دار وائل‪ ،‬عمان‪ ،2005 ،‬ص ‪.13‬‬
‫‪75‬‬
‫الجدول رقم ‪ :1-IX‬مقارنة بين السوق النقدي وسوق رأس المال‪.‬‬

‫سوق رأس المال‬ ‫السوق النقدي‬


‫االدخار‪ :‬يحرك األموال السائلة استثماري‪ :‬السوق الذي يحرك‬ ‫سوق‬
‫التي يرغب أصحبها في ادخارها‪ .‬األموال التي تسعي وراء االستثمار‪.‬‬
‫سوق الصفقات المالية الطويلة‬ ‫قصير األجل‪.‬‬ ‫المدة‬
‫األجل‪.‬‬
‫درجة المخاطرة أقل مخاطرة نسبيا وعائد منخفض أكثر مخاطرة نسبيا وعائد مرتفع‪.‬‬
‫ومضمون‪.‬‬ ‫والعائد‬
‫مرتفعة نسبيا‪.‬‬ ‫أسعار الفائدة منخفضة نسبيا‪.‬‬
‫الربحية‪.‬‬ ‫السيولة واألمان‪.‬‬ ‫األولوية في‬
‫السوق بالنسبة‬
‫للمستثمر‬
‫بطيئة نسبيا‪.‬‬ ‫سيولة األوراق سريعة نسبيا‪.‬‬
‫االستثمارية‬
‫رؤوس األموال الخاصة بكل‬ ‫الودائع عموما‪.‬‬ ‫يعتمد في‬
‫المؤسسات ذات السمعة المالية العالية‬ ‫عملياته لتقديم‬
‫وعلى القروض المصدرة في شكل‬ ‫االئتمان على‬
‫أسهم وسندات‪.‬‬
‫تمويل التجارة بغرض تسيير تمويل الصناعة والزراعة والعقارات‬ ‫الهدف من‬
‫وتزويد‬ ‫والتحسين)‬ ‫عملياتها‪ ،‬وتزويد المشروعات برأس (االكتساب‬ ‫التمويل‬
‫المشروعات برأس المال الالزم‬ ‫مالها العامل‪.‬‬
‫للتأسيس أو التنمية والتطوير‪.‬‬
‫أدوات االستثمار أذونات الخزينة‪ ،‬األوراق التجارية‪ ،‬األوراق المالية كاألسهم والسندات‬
‫(األسهم‬ ‫المختلطة‬ ‫المتداولة فيه قبوالت مصرفية‪ ،‬شهادات اإليداع‪ ،‬واألوراق‬
‫الممتازة)‪.‬‬ ‫العمالت األجنبية‪...‬‬
‫أماكن التداول بنوك تجارية والمؤسسات المالية البورصات (سوق منتظمة)‪ :‬حجم‬
‫وحجم التداول وحجم التداول أكثر اتساعا خاصة التداول أكثر اتساعا من السوق النقدي‬
‫خاصة في الدول المتقدمة‪ .‬األسواق‬ ‫في الدول النامية‪.‬‬
‫الموازية (سوق غير منتظمة)‪ :‬حجم‬
‫التداول أكثر اتساعا في الدول النامية‪.‬‬
‫أقل تنظيما خاصة في الدول أكثر تنظيما خاصة في الدول‬ ‫التنظيم‬
‫المتطورة والعكس صحيح بالنسبة المتطورة‪ ،‬حيث أن المتعاملين فيه من‬
‫المتخصصين لذلك يطلق عليه سوق‬ ‫للدول النامية‪.‬‬
‫الصفقات الكبيرة‪.‬‬

‫املصدر‪ :‬من إعداد األستاذ وباالعتماد على حماضرات يف مقياس " األسواق املالية وتقنيات التغطية من املخاطر "‪ ،‬لألستاذ الدكتور طاويل‬
‫مصطفى واألستاذ غريب ناصر صالح الدين‪.2010/2009 ،‬‬

‫‪76‬‬
‫‪ 2-IX‬تنمية أسواق رأس المال ودورها في النمو االقتصادي‪:‬‬
‫تتطلب عملية التنمية االقتصادية في أي دولة تجميعا لرؤوس األموال‪ ،‬حيث أنه من غير الممكن‬
‫أن تتحقق معدالت التنمية المنشودة في غيبة التكوينات الرأسمالية (‪،)Capital Formation‬‬
‫ونظرا لكون البنوك التجارية ال تستطيع بمفردها تمويل االستثمارات المتوسطة والطويلة األجل‬
‫لقلة األرصدة المالية المتاحة لديها‪ ،‬كما أن قيامها بتمويل االستثمارات بالعملة المحلية قد يترتب‬
‫عليه آثار تضخمية‪ ،‬تبرز هنا أهمية أسواق رأس المال وخاصة أسواق األوراق المالية في عملية‬
‫التنمية االقتصادية‪ ،‬كأحد اآلليات الهامة لتجميع المدخرات من األفراد والشركات والقطاع العام‪،‬‬
‫وتوجيهها لمسارها الصحيح‪ .‬وباإلضافة لذلك فإنها تقوم بتحويل رؤوس األموال من القطاعات‬
‫ذات الطاقة التمويلية الفائضة‪ ،‬إلى القطاعات ذات العجز المالي والتي تفتقر إلى السيولة الالزمة‬
‫‪1‬‬
‫لتمويل االستثمارات المتوسطة والطويلة األجل‪ ،‬والتي بدورها تخدم أهداف التنمية في أي دولة‪.‬‬
‫وفيما يخص العالقة بين تنمية أسواق رأس المال والنمو االقتصادي‪ ،‬ال يزال الجدل النظري دائرا‬
‫بين معارض ومؤيد‪ ،‬ولم يصل األدب االقتصادي إلى اتفاق تام حول دور تطور أسواق رأس‬
‫المال في تحقيق النمو االقتصادي‪ ،‬وينظر المشككون في هذه العالقة والناقدون إلى أن أسواق‬
‫رأس المال ما هي إال نوادي للقمار‪ ،‬وليس لها تأثير ايجابي على النمو االقتصادي‪ .‬وقد أكد‬
‫‪ )1988( MAYER‬على أن وجود سوق متسع لرأس المال قد ال يمثل بالضرورة مصدرا من‬
‫مصادر التمويل الرئيسية للمؤسسات االقتصادية والمشاريع االستثمارية‪ .2‬كما أشار‬
‫‪ )1985( STIGLITZ‬إلى أن سيولة أسواق رأس المال قد تمثل عامال محبطا لما قد يترتب‬
‫عليها من ضعف في الرقابة على إدارة الشركات نتيجة لتسهيلها ألي فرد التخلص من حصته في‬
‫الشركة‪ .3‬وقد رأى كل من ‪ ،)1994( DEVEROUX and SMITH‬أن الزيادة في توزيع‬
‫المخاطر عبر أسواق رأس المال يمكن أن تؤدي إلى تخفيض معدالت االدخار‪ ،‬وبالتالي تخفيض‬
‫معدالت النمو االقتصادي‪ .4‬ويرى آخرون أن التقلبات الشديدة في بعض األسواق والسيما تلك‬

‫‪ 1‬مسري عبد احلميد رضوان‪ " ،‬أسواق األوراق املالية ودورها يف متويل التنمية االقتصادية "‪ ،‬املعهد العايل للفكر اإلسالمي‪ ،1996 ،‬ص ‪.5‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Mayer Colin, « New Issues in Corporate Finance », European Economic Reviews, N° 32, 1988, P 167 à 188.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪E. Joseph Stiglitz, « Credit-Markets and the Control of Capital », Journal of Money, Credit and Banking, N° 17, May,‬‬
‫‪1985, P 133 à 152.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪B. Michael Devereux and W. Gregor Smith, « International Risk Sharing and Economic Growth », International‬‬
‫‪Economic Review, N° 35, August, 1994, P 535 à 550.‬‬
‫‪77‬‬
‫الناتجة عن تقلبات رؤوس األموال الساخنة (‪ )Hot Money‬قد تعيق االستثمارات وتضر‬
‫‪1‬‬
‫باالقتصاديات المحلية‪.‬‬
‫وبصفة عام ة يمكن ألسواق رأس المال أن يكون لها تأثير سلبي على النمو االقتصادي‪ ،‬وذلك‬
‫باالستناد على المبررات التالية‪:2‬‬
‫‪ ‬في الدول النامية وكذلك في العديد من الدول المتقدمة تمول حصة محدودة فقط من‬
‫استثمارات الشركات من خالل إصدار األسهم‪ ،‬بينما يمول الشطر األعظم من تلك‬
‫االست ثمارات من مصادر ذاتية كاألرباح المحتجزة أو من مصادر خارجية كالقروض‬
‫‪3‬‬
‫المصرفية‪.‬‬
‫‪ ‬تسهم أسواق األوراق المالية في تحقيق التقلبات االقتصادية‪ ،‬إذ أن تزايد تدفقات رؤوس‬
‫األموال األجنبية قد يؤدي إلى تغيرات سعرية مفرطة وعدم استقرار على مستوى‬
‫االقتصاد الكلي ويؤدي أيضا إلى تقلبات في أسعار الصرف‪ ،‬ومن شأن ما تقدم أن يؤدي‬
‫إلى آثار سلبية على النمو االقتصادي ومن ثم على مستويات الرفاهية االقتصادية‪.‬‬
‫‪ ‬إ ن أسواق األوراق المالية التي تتمتع بسيولة مفرطة تشجع قصر النظر لدى المستثمرين‪،‬‬
‫ذلك ألنها تجعل من السهل على المستثمرين غير الراضين أن يبيعوا أسهمهم بسرعة‪،‬‬
‫وبالتالي فهي قد تضعف التزامهم وتقلل الحوافز التي تجعلهم يمارسون الرقابة على‬
‫الشركات المساهمين فيها من خالل اإلشراف على مديرها ورصد أدائها‪ ،‬األمر الذي قد‬
‫يؤثر عكسيا على أداء تلك الشركات ومن ثم على النمو االقتصادي‪.‬‬
‫وعلى الجانب اآلخر‪ ،‬يوجد فريق آخر يمثله مجموعة من االقتصاديون مثل ‪ATJE and‬‬
‫‪ )1993( KING and LEVINE ،)1993( JOVANOVIC‬وغيرهم من يؤيدوا دور أسواق‬
‫رأس المال في دفع عجلة النمو االقتصادي‪ ،‬وذلك من خالل قنوات عدة أهمها‪:4‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Caprio Gerard and Stijn Claessens, « The Importance of Financial System for Development: Implications for Egypt »,‬‬
‫‪Egyptian Center for Economic Studies (ECES), Distinguished Paper Series, N° 6, 1997, P 9 et 10.‬‬
‫‪ 2‬عاطف وليم أندراوس‪ " ،‬السياسة املالية وأسواق األوراق املالية خالل فرتة التحول القتصاد السوق "‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.112‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Pamicos Demetriades, « Financial Markets and Economic Development », Presented at ECES Conference, Cairo 26-‬‬
‫‪27 February, 1997, P 17.‬‬
‫‪ 4‬عاطف وليم أندراوس‪ " ،‬أسواق األوراق املالية بني ضرورات التحول االقتصادي والتحرير املايل ومتطلبات تطويرها "‪ ،‬دار الفكر اجلامعي‪ ،‬الطبعة األوىل‪،‬‬
‫اإلسكندرية‪ ،‬مصر‪ ،2006 ،‬ص ‪ 235‬و‪.236‬‬
‫‪78‬‬
‫‪ ‬تمثل سوق األوراق المالية أداة هامة لحشد المدخرات وتخصيصها نحو االستثمارات‬
‫المنتجة‪ ،‬وتكتسب تلك الوظيفة أهمية خاصة في الدول النامية عند التحول القتصاد السوق‬
‫المدعم ببرامج الخصخصة وإعطاء دور أكبر للقطاع الخاص‪.‬‬
‫‪ ‬تؤثر أسواق األوراق المالية على النمو االقتصادي من خالل خلق السيولة‪ ،‬إذ أن العديد‬
‫من االستثمارات المربحة تحتاج إلى التزام طويل األجل بتوفير رأس المال‪ ،‬ولكن غالبا ما‬
‫يتجنب المستثمرون التخلي عن سيطرتهم لمدخراتهم لفترات طويلة‪ .‬وتجعل أسواق‬
‫األوراق المالية السائلة االستثمار أقل خطرا وأكثر جاذبية‪ ،‬ألنها تسمح للمدخرين‬
‫بالحصول على أصول مالية مع إمكانية بيعها بسهولة إذا احتاجوا إلى استرداد مدخراتهم‬
‫أو رغبوا في تغيير محافظهم لألوراق المالية‪ .‬وفي الوقت نفسه تتمتع الشركات بإمكانية‬
‫دائمة للحصول على رأس المال من خالل إصدار المزيد من األسهم‪.‬‬
‫‪ ‬تمكن أسواق األوراق المالية المستثمرين من تنويع الثروة بين مجموعة من األصول بشكل‬
‫أكثر سهولة بالمقارنة باألشكال األخرى ألسواق رأس المال‪ .‬ويؤدي التنويع إلى تخفيض‬
‫المخاطر التي يتحملها المستثمرين ومن ثم تخفيض عالوة الخطر المطلوبة‪ ،‬األمر الذي‬
‫يؤد ي إلى خفض تكلفة رأس المال بالنسبة للشركات‪ ،‬وتزيد منافع التنويع في ظل اندماج‬
‫األسواق المحلية لألوراق المالية‪ .‬وألن المشروعات مرتفعة العائد تميل ألن تكون نسبيا‬
‫خطرة‪ ،‬فان سوق األوراق المالية من خالل تسهيلها لتنويع الخطر‪ ،‬تحفز االستثمار في‬
‫المشروعات ذات العوائد المرتفعة من خالل توجيه المدخرات إليها‪ .‬ومع بقاء العوامل‬
‫األخرى على حالها‪ ،‬ويؤدي ما سبق إلى تعزيز النمو االقتصادي‪.‬‬
‫‪ ‬يمكن لسوق األوراق المالية (من خالل التغيرات المستمرة التي تنعكس على أسعار‬
‫األوراق المالية) أن تسهم في الرقابة على أداء مديري الشركات التي تتداول أوراقها‬
‫المالية في السوق‪ ،‬األمر الذي يؤدي إلى تحسين إدارة وتوجيه تلك الشركات‪ .‬وتتزايد‬
‫أهمية الدور الر قابي مع تزايد عدد الشركات المتداول أسهمها في السوق وتزايد‬
‫االستثمارات األجنبية حيث ترتقي أساليب وتقنيات الرقابة‪.‬‬
‫‪ ‬تعكس أسواق األوراق المالية الكفأة بشكل سريع التغيرات في القيم الحقيقية لألوراق‬
‫المالية‪ ،‬األمر الذي يتيح فرص االختيار من خالل توضيح السوق ألكثر االستثمارات‬
‫ربحية‪.‬‬

‫‪79‬‬
‫‪ -X‬سوق األوراق المالية‬

‫يرف سوق رأس المال على أنه سوق الصفقات المالية الطويلة األجل‪ ،‬والتي تنفذ إما في‬
‫شكل صورة قروض مباشرة طويلة األجل‪ ،‬أو في شكل إصدارات مالية طويلة األجل يتم تداولها‬
‫في سوق األوراق المالية‪ .‬من خالل هذا الجزء العاشر واألخير سنحاول توضيح مفهوم وتعريف‬
‫سوق األوراق المالية‪ ،‬تصنيف وتقسيمات سوق األوراق المالية وأدواته االستثمارية‪.‬‬
‫‪ 1-X‬مفهوم وتعريف سوق األوراق المالية‪:1‬‬
‫تمثل أسواق األوراق المالية اآللية التي يتم من خاللها تداول األصول المالية بيعا وشراءا‪ ،‬وتمكن‬
‫تلك اآللي ة من تحويل الموارد المالية بكفاءة من القطاعات ذات الفوائض المالية إلى القطاعات‬
‫ذات العجز المالي‪ ،‬ويعكس وجود أسواق األوراق المالية فوائد عدة‪ ،‬تعود على كل من مصدري‬
‫األوراق المالية (المقترضين) ومشتري األوراق المالية (المستثمرين)‪ ،‬ويمثل مصدروا األوراق‬
‫المالية المشروعات الخاصة والهيآت الحكومية جانب الطلب على األموال‪ ،‬وتمكنهم سوق‬
‫األوراق المالية من الحصول على احتياجاتهم المالية‪ ،‬ففي الدول الرأسمالية تعمل أسواق األوراق‬
‫المالية على توجيه المدخرات لالستثمار في الصناعات التي تتميز بارتفاع إنتاجية رأس المال‪،‬‬
‫كما تتمكن الحكومة من خالل أسواق األوراق المالية أيضا من تمويل خططها االنفاقية بدال من‬
‫اللجوء إلى األساليب التضخمية‪ .‬ويمثل المدخرون (مستثمرو األوراق المالية) جانب عرض‬
‫األموال‪ ،‬والذين يفكرون كثيرا قبل التخلي عن مدخراتهم لفترات‪ ،‬وهنا تبرز أهمية أسواق‬
‫األوراق المالية إ ذ أنها تجعل االستثمار في األصول المالية أكثر جاذبية وأقل مخاطرة‪ ،‬حيث‬
‫تسمح للمدخرين بالحصول على األصول المالية مقابل عائد وإعادة بيعها بسرعة عند الحاجة‬
‫السترداد األموال أو عند الرغبة في تدوير محافظ األوراق المالية الخاصة بهم‪ .‬وتتم عملية تبادل‬
‫األوراق المالي ة بإحدى الوسيلتين‪ :‬طريقة مباشرة حيث يقوم المقرضون بشراء األوراق المالية‬
‫التي تصدرها المشروعات والحكومة مباشرة‪ ،‬أو بطريقة غير مباشرة حيث يتدخل وسيط ثالث‬
‫مالي ليقوم بتسهيل عملية الشراء والبيع لألوراق المالية في ما بين المقترضين والمستثمرين‪.‬‬
‫‪ 2-X‬تصنيف وتقسيمات أسواق األوراق المالية‪:‬‬
‫هناك عدة معايير لتصنيف أسواق األوراق المالية‪:‬‬

‫‪ 1‬عاطف وليم أندراوس‪ " ،‬السياسة املالية وأسواق األوراق املالية خالل فرتة التحول القتصاد السوق "‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.6‬‬
‫‪80‬‬
‫‪ 1-2-X‬على أساس نوع األصل المالي‪:‬‬
‫على هذا األساس نجد سوق أدوات الدين )‪ )Debt Market‬وسوق أدوات الملكية ( ‪Equities‬‬
‫‪ ،)Market‬ويتم من خالل األولى تداول السندات التي تصدرها مؤسسات األعمال والحكومة‪ ،‬أما‬
‫من خالل الثانية فيتم تداول األسهم التي تصدرها الشركات ومؤسسات األعمال‪.‬‬
‫‪ 2-2-X‬على أساس أجل الورقة المالية المصدرة (‪:)Maturity of Security‬‬
‫حسب هذا المعيار نجد سوق األوراق المالية المتوسطة األجل‪ ،‬وسوق األوراق المالية الطويلة‬
‫األجل‪ ،‬أي على حسب آجال األوراق المالية المتداولة سواء كانت أسهم أو سندات‪.‬‬
‫‪ 3-2-X‬على أساس طبيعة اإلصدار‪:‬‬
‫على هذا األساس ينقسم سوق األوراق المالية إلى سوق أولية (‪ )Primary Market‬أي سوق‬
‫اإلصدارات‪ ،‬وسوق أُخرى ثانية تسمى السوق الثانوية (‪ )Secondary Market‬أي سوق‬
‫التداول‪ ،‬وتعرف كل واحدة منها كما يلي‪:‬‬
‫أ‪ -‬السوق األولية‪ :‬يتم فيها بيع اإلصدارات الجديدة من األسهم والسندات (ألول مرة)‪ ،‬حيث‬
‫تطرح الحكومة السندات وأذون الخزانة لتمويل اإلنفاق العام‪ ،‬بينما تطرح الشركات ومؤسسات‬
‫األعمال السندات واألسهم للحصول على التمويل حسب خططها االستثمارية‪ ،‬وتعرف هذه السوق‬
‫بسوق اإلصدارات الجديدة‪ .1‬والجدير بالذكر أنه يوجد نوعين من الطرح لألوراق المالية لالكتتاب‬
‫العام في السوق األولية هما الطرح للتداول العام (‪ )Public Placement‬والطرح للتداول‬
‫الخاص (‪ ،)Private Placement‬حيث يتم طرح األوراق المالية لبيعها للمستثمرين بصفة عامة‬
‫في السوق في حالة الطرح العام‪ ،‬بينما تطرح األوراق المالية لعدد محدود من المستثمرين في‬
‫ظل أسلوب الطرح الخاص‪ ،‬وغالبا ما يكون المالك الحاليين للشركة باإلضافة إلى عدد قليل من‬
‫‪2‬‬
‫المستثمرين المحتملين‪.‬‬
‫ولطرح اإلصدارات الجديدة من األسهم والسندات يتم استخدام ثالثة أساليب هي‪:3‬‬
‫‪ ‬أن تتولى مؤسسة مالية متخصصة عادة ما تسمى ببنك االستثمار أو المتعهد‬
‫(‪ )Underwriter‬عملية اإلصدار لحساب الشركة أو الجهة الحكومية‪ ،‬كما يقدم بنك‬

‫‪ 1‬عبد الغفار حنفي‪ " ،‬بورصة األوراق املالية‪ ،‬األسهم والسندات‪ ،‬وثائق االستثمار "‪ ،‬الدار اجلامعية اجلديدة‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،2003 ،‬ص ‪.39‬‬
‫‪ 2‬عاطف وليم أندراوس‪ " ،‬السياسة املالية وأسواق األوراق املالية خالل فرتة التحول القتصاد السوق "‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.7‬‬
‫‪ 3‬منري إبراهيم هندي‪ " ،‬األوراق املالية وأسواق رأس املال " ‪ ،‬منشأة املعارف‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،1997 ،‬ص ‪ 83‬إىل ‪.88‬‬
‫‪81‬‬
‫االستثمار النصيحة والمشورة للجهة المعنية فيما يتعلق بنوع الورقة المصدرة والتوقيت‬
‫المناسب لإلصدا ر‪ ،‬وحجم وسعر اإلصدار‪ ،‬وقد يتعهد بتصريف كل اإلصدار أو جزء‬
‫منه‪ ،‬وفي الدول التي تتميز بصغر حجم سوق األوراق المالية قد تتولى البنوك التجارية‬
‫مهمة الترويج لإلصدار‪.‬‬
‫‪ ‬أن تقوم جهة اإلصدار بنفسها باالتصال مباشرة بعدد من المستثمرين مثل المؤسسات‬
‫المالية الضخمة‪ ،‬لكي تبيع األسهم والسندات المصدرة‪.‬‬
‫‪ ‬أسلوب المزاد (‪ :)Auction Approach‬حيث يتم دعوة المستثمرين المحتملين لتقديم‬
‫عطاءات (‪ )Bids‬تتضمن الكميات المراد شرائها وسعر الشراء‪ ،‬ويتم قبول العطاءات‬
‫ذات السعر األعلى ثم السعر األقل‪ ،‬إلى أن يتم التصريف الكامل لإلصدار‪ ،‬ويستخدم هذا‬
‫األسلوب لتصريف إصدارات السندات الحكومية وأذون الخزانة‪.‬‬
‫وتعد السوق األولية هي الوسيلة التي تحصل من خاللها الوحدات االقتصادية على الموارد المالية‬
‫لتمويل استثماراتها‪ ،‬وتبعا لذلك فهي بمثابة سوق االستثمار الحقيقي لتلك الوحدات‪ ،‬وسوق‬
‫االستثمار المالي للوحدات ال مشترية لألوراق المالية‪ .‬فإذا قامت تلك الوحدات بإعادة بيع األوراق‬
‫المالية في السوق الثانوية فلن يوجد استثمار حقيقي بل يوجد استثمار مالي للمشتري الجديد‬
‫لألوراق المالية المباعة‪ ،‬وتبعا لذلك فليس كل استثمار مالي يتم لتمويل استثمار حقيقي‪ ،‬ألن‬
‫‪1‬‬
‫السوق الثانوية هي سوق االستثمار المالي وليس االستثمار الحقيقي‪.‬‬
‫ب‪ -‬السوق الثانوية‪ :‬هي تلك السوق التي يتم فيها إعادة بيع األوراق المالية التي سبق إصدارها‪،‬‬
‫وتبعا لذلك يحصل بائع الورقة المالية في السوق الثانوية على قيمتها وليست الشركة أو الجهة‬
‫المصدرة لها‪ ،‬وأهم ميزة لهذه السوق هي أنها توفر لألوراق المالية التي سبق إصدارها في‬
‫السوق األولية عنصر السيولة‪ ،‬األمر الذي يجعل السوق األولية تستمد فعاليتها من السوق‬
‫الثانوية‪ ،‬كما أن إمكانية تسييل األوراق المالية يجعلها أكثر قبوال وجاذبية حيث يكون من السهل‬
‫‪2‬‬
‫بيعها وتحويلها إلى نقود بسرعة وبدون خسائر‪.‬‬
‫وطالما أن السوق الثانوية لألوراق المالية مستمرة ودائمة‪ ،‬يتعين عليها القيام بالوظائف التالية‪:3‬‬

‫‪ 1‬أمحد أبو الفتوح الناقة‪ " ،‬نظرية النقود والبنوك واألسواق املالية "‪ ،‬قسم االقتصاد بكلية التجارة‪ ،‬جامعة اإلسكندرية‪ ،‬مصر‪ ،1994 ،‬ص ‪.22‬‬
‫‪ 2‬عبد الغفار حنفي‪ " ،‬بورصة األوراق املالية‪ ،‬األسهم والسندات‪ ،‬ووثائق االستثمار "‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.39‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Meir Kohn, « Financial institutions and Markets », McGraw hill, Inc, New york, 1994, P 453.‬‬
‫‪82‬‬
‫‪ ‬تحديد سعر عادل (‪ )Fair Price‬لألوراق المالية محل التداول فيما يسمى بعملية‬
‫استكشاف السعر (‪.)Price Discovery‬‬
‫‪ ‬إتمام المعامالت عند ذلك السعر بسرعة (توفير السيولة)‪.‬‬
‫‪ ‬المساعدة على إتمام المعامالت عند أدنى قدر ممكن من التكلفة‪.‬‬
‫ويتم خلق السوق الثانوية من خالل كل من السماسرة (‪ )Brokers‬أو التجار (‪ ،)Dealers‬ويعمل‬
‫السماسرة كوسطاء للتقريب بين المشترين والبائعين‪ ،‬بينما يتعامل التجار لحسابهم الخاص‬
‫ويحددون األسعار التي يكونوا عندها على استعداد إلتمام البيع والشراء‪ .1‬ويتم التداول في السوق‬
‫الثانوية باستخدام أحد األسلوبين‪:2‬‬
‫‪ ‬أسلوب التفاوض‪ :‬حيث كل وسيط يقوم بإعالن أسعار العرض أوالطلب وفي ضوءها يتم‬
‫التفاوض للوصول إلى سعر إتمام الصفقة‪.‬‬
‫‪ ‬أسلوب المزاد العلني‪ :‬يمكن من خالله الوصول إلى أفضل األسعار بالنسبة للبائع‬
‫والمشتري‪.‬‬
‫والشكل (‪ )1-X‬يوضح تصنيف سوق األوراق المالية على أساس نوع األصل المالي المتداول‬
‫وعلى أساس طبيعة اإلصدار‪.‬‬

‫‪ 1‬عاطف وليم أندراوس‪ " ،‬السياسة املالية وأسواق األوراق املالية خالل فرتة التحول القتصاد السوق "‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.9‬‬
‫‪ 2‬عاطف حسن النقلي‪ " ،‬اخلصخصة وسوق األوراق املالية يف مصر "‪ ،‬مؤسسة األهرام‪ ،‬القاهرة‪ ،1994 ،‬ص ‪.21‬‬
‫‪83‬‬
‫الشكل رقم ‪ :1-X‬تصنيف سوق األوراق المالية‪.‬‬

‫سوق األوراق المالية‬

‫على أساس‬ ‫على أساس نوع الورقة‬


‫اإلصدار‬ ‫المالية المتداولة‬

‫ال‬

‫أسواق ثانوية‬ ‫أسواق أولية‬ ‫سندات‬ ‫أسهم ممتازة‬ ‫أسهم عادية‬


‫يتم فيها تداول األوراق‬ ‫يتم طرح األوراق‬
‫المالية التي سبق تداولها في‬ ‫المالية ألول مرة‬
‫السوق األولية‬

‫منتظمة (بورصة‬ ‫بنوك االستثمار‬


‫األوراق المالية)‬
‫‪ -‬دور الوساطة مقابل عمولة للبيع أو‬
‫الشراء‪.‬‬
‫غير منتظمة‬ ‫‪ -‬يقوم بشراء األوراق لحسابه الخاص‬
‫(السوق الموازية)‬ ‫وبيعها واالستفادة من فرق االستثمار‪.‬‬
‫املصدر‪ :‬من إعداد األستاذ وباالعتماد على حماضرات يف مقياس " األسواق املالية وتقنيات التغطية من املخاطر "‪ ،‬لألستاذ الدكتور طاويل‬
‫مصطفى واألستاذ غريب ناصر صالح الدين‪.2010/2009 ،‬‬

‫وتنقسم السوق الثانوية إلى أسواق منظمة وأسواق غير منظمة‪ ،‬وتسمى األسواق المنظمة بورصة‬
‫األوراق المالية (‪ ،)Stock Exchange‬يلتقي فيها بائعو ومشتري األوراق المالية أو مندوبيهم‬
‫بمكان محدد أين تكون األوراق المالية المتداولة مسجلة ومستوفاة كل شروط التداول‪ .‬بينما تسمى‬
‫األسواق غير منظمة باألسواق الموازية (‪ ،)OTC: Over the Counter Market‬حيث يتم‬
‫التعامل فيها باألوراق غير المسجلة في السوق الرسمية (المنظمة)‪ ،‬وتمتاز هذه السوق بالسهولة‬
‫في التعامل فيها نظرا لتحررها من كل قيود وشروط التداول التي يفرضها السوق المنظم‬
‫والرسمي‪ ،‬وتحدث عملية التبادل في السوق الموازية من خالل مكاتب المتعاملين ومكاتب‬

‫‪84‬‬
‫سماسرة السوق المالي أي أن التعامل يتم خارج منصة السوق المنتظمة‪ .‬والشكل (‪ )2-X‬يوضح‬
‫الفرق بين األسواق المنظمة واألسواق غير منظمة لألوراق المالية‪.‬‬
‫الشكل رقم ‪ :2-X‬أنواع األسواق الثانوية لألوراق المالية‪.‬‬

‫أسواق ثانوية لألوراق المالية‬

‫أسواق مالية غير منتظمة‬ ‫أسواق مالية منظمة لها مكان‬


‫تجري في مكان خارج السوق‬ ‫مادي ملموس يتم فيه االلتقاء‬
‫المنظمة‪ ،‬ال يوجد لها مكان‬ ‫بين وكالء البائعين والمشترين‬
‫مادي ملموس يطلق عليها‬ ‫في إطار قانوني للتداول‪،‬‬
‫السوق الموازية‪ ،‬ويتم االلتقاء‬ ‫وتسمى بورصة األوراق‬
‫بين البائعين والمشترين خارج‬ ‫المالية‪.‬‬
‫اإلطار القانوني للتداول‪.‬‬

‫املصدر‪ :‬من إعداد األستاذ وباالعتماد على حماضرات يف مقياس " األسواق املالية وتقنيات التغطية من املخاطر "‪ ،‬لألستاذ الدكتور طاويل‬
‫مصطفى واألستاذ غريب ناصر صالح الدين‪.2010/2009 ،‬‬

‫أما الجدول (‪ )1-X‬فهو يوضح نظام وشروط التشغيل أو التداول في بورصة األوراق المالية‬
‫(السوق المنظمة)‪.‬‬
‫الجدول رقم ‪ :1-X‬نظام وشروط التشغيل في بورصة األوراق المالية‪.‬‬

‫السوق المنظمة (بورصة األوراق المالية)‬


‫‪ -‬الحد األدنى للربح‬ ‫الشروط‬
‫‪ -‬عدد األسهم المصدرة‬
‫‪ -‬حجم األصول‬
‫‪-‬عدد المساهمين‬
‫‪ -‬القيمة السوقية اإلجمالية لألسهم المتداولة‬
‫‪ -‬عدد األسهم المملوكة للجمهور‬
‫‪ -‬رسوم التسجيل‬ ‫الرسوم‬
‫‪ -‬الرسوم الدورية‬
‫‪ -‬المكان المخصص للتداول‬ ‫يتكون من‬
‫‪ -‬الوسطاء المرخص لهم بالتعامل‬
‫‪ -‬الهيئة المشرفة على السوق‬

‫‪85‬‬
‫أعضاء السوق ‪ -‬السماسرة بالعمولة‬
‫‪ -‬سماسرة الصالة‬ ‫المنظمة‬
‫‪ -‬تجار الطلبات الصغيرة‬
‫‪ -‬تجار الصالة‬
‫‪ -‬المتخصصون‬
‫طبيعة المتعاملون ‪ -‬مستثمرون‬
‫‪ -‬مضاربون‬ ‫في البورصة‬
‫‪ -‬متآمرون أو مغامرون‬
‫طريقة التداول تحديد سعر التداول عن طريق المفاوضة‪ ،‬المزايدة أو‬
‫طريق السعر االستكشافي‬

‫املصدر‪ :‬من إعداد األستاذ وباالعتماد على حماضرات يف مقياس " األسواق املالية وتقنيات التغطية من املخاطر "‪ ،‬لألستاذ الدكتور طاويل‬
‫مصطفى واألستاذ غريب ناصر صالح الدين‪.2010/2009 ،‬‬

‫وهناك نوعين من التداول في أسواق الثانوية لألوراق المالية‪:‬‬


‫‪ ‬تداوالت حاضرة لألوراق المالية‪ :‬حيث يتم انتقال األوراق المالية (األسهم والسندات) في‬
‫هذه األسواق فورا عند إتمام الصفقة (بعد دفع قيمة األوراق المالية مباشرة)‪ ،‬وتكون هذه‬
‫التداوالت إما في السوق المنظمة (البورصة) أو غير المنظمة‪.‬‬
‫‪ ‬تداوالت آجلة لألوراق المالية‪ :‬يطلق عليها أسواق العقود المستقبلية‪ ،‬وهي تتعامل أيضا في‬
‫األسهم والسند ات‪ ،‬لكن من خالل عقود يتم تنفيذها في تاريخ الحق‪ ،‬حيث يتم تحديد السعر‬
‫وكمية األوراق المالية موضوع الصفقة إال أن عملية التسليم تتم في وقت الحق‪ ،‬وذلك‬
‫‪1‬‬
‫لتجنب مخاطر تغير األسعار‪.‬‬
‫‪ 3-X‬أدوات االستثمار في سوق األوراق المالية‪:‬‬
‫إن مصادر التمويل الطويل األجل في سوق األوراق المالية تشمل على األسهم العادية والممتازة‬
‫والسندات‪ ،‬ويختلف كل نوع عن اآلخر وذلك كما يلي‪:‬‬
‫‪ 1-3-X‬األسهم (‪ :)Shares/Stocks‬السهم عبارة عن حصة في ملكية المنشأة أو حصة في‬
‫رأس مال المنشأة‪ ،‬يحق لصاحب السهم المشاركة في أرباح الشركة بعد تسديد المنشأة اللتزاماتها‬
‫اتجاه اآلخرين‪ ،‬واألسهم نوعان هما‪ :‬األسهم العادية واألسهم الممتازة (المفضلة) حيث‪:2‬‬

‫‪ 1‬عبد الغفار حنفي‪ ،‬رمسية قرياقص‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.7‬‬
‫‪ 2‬عبد الوهاب يوسف أمحد‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪ 81‬إىل ‪.86‬‬
‫‪86‬‬
‫أ‪ -‬األسهم العادية (‪ :)Common Shares/Stocks‬هي عبارة عن حصص متساوية القيمة‬
‫تمثل رأس مال المشروع أو المنشأة (حصة في الملكية)‪ ،‬يحق لحاملها الحصول على األرباح بعد‬
‫تسديد االلتزا مات تجاه اآلخرين‪ ،‬كما يحق له حضور اجتماعات الجمعية العامة للمنشأة‬
‫والتصويت‪ ،‬ك ذلك يحق له بيع األسهم العادية أو شراء المزيد منها‪ ،‬وحق المشاركة في أصول‬
‫المنشأة عند التصفية في حالة إفالس المنشأة‪ .‬ومن خصائص األسهم العادية‪:1‬‬
‫‪ ‬أنها أموال ملكية‪.‬‬
‫‪ ‬ال يوجد لها موعد استحقاق‪ ،‬بل تنتهي مع تصفية المنشأة‪.‬‬
‫‪ ‬يحصل حاملها على حقوقه ومنها األرباح‪ ،‬لكن يتحمل جميع المخاطر التي تتعرض لها‬
‫الشركة بمقدار مساهمته فيها‪.‬‬
‫ب‪ -‬األسهم الممتازة (‪ :)Preferred Shares/Stocks‬تجمع األسهم الممتازة بعض خصائص‬
‫األسهم العادية والسندات‪ ،‬فهي تشبه األسهم ا لعادية في كونها حصة في رأس مال الشركة في‬
‫حالة توزيع األرباح‪ ،‬حيث يحق لمالكها المطالبة بحقها‪ ،‬وتشبه السندات في أن لها أرباحا محددة‪،‬‬
‫وأيضا ال يحق لحامل األسهم الممتازة المشاركة في التصويت مثل أصحاب السندات إال إذا ورد‬
‫نص خالف ذلك‪ ،‬ولهم األولوية في حالة التصفية لكن ليس لهم حق المشاركة في األرباح‬
‫المحتجزة‪.‬‬
‫‪ 2-3-X‬السندات (‪ :)Bonds‬هو عبارة عن قرض طويل األجل يصدر في شكل وثيقة‪ ،‬تبيعها‬
‫المنشأة للجمهور بقيمة اسمية محددة‪ ،‬وبسعر فائدة ثابت ومحدد ويتم دفعه من طريق المنشأة كل‬
‫‪ 6‬أشهر أو كل سنة‪ ،‬كما تلتزم المنشأة بدفع قيمة السند كاملة عند تاريخ االستحقاق الذي يكون‬
‫عموما طويال نسبيا قد يبلغ من ‪ 10‬إلى ‪ 15‬سنة أو أكثر‪ ،‬ويختلف السند عن القروض بأن يباع‬
‫إلى فئات مختلفة سواء للجمهور العادي أو المؤسسات أيضا‪ ،‬ويمكن بيع السند إلى شخص آخر أو‬
‫مؤسسة أخرى قبل تاريخ استحقاقه‪ ،‬لكن بسعر أقل من قيمته عند االستحقاق‪ .‬ومن خصائص‬
‫السندات‪:2‬‬
‫‪ ‬تعتبر أموال اقتراض وليس ملكية‪.‬‬
‫‪ ‬يوجد لها موعد استحقاق‪.‬‬

‫‪ 1‬طارق احلاج‪ " ،‬مبادئ التمويل (‪ ،" )Principles of Finances‬دار الصفاء للنشر والتوزيع‪ ،‬الطبعة األوىل‪ ،‬عمان‪ ،‬األردن‪ ،2000 ،‬ص ‪.128‬‬
‫‪ 2‬نفس املرجع‪ ،‬ص ‪.118‬‬
‫‪87‬‬
‫‪ ‬الفوائد المترتبة عليها تنزل من الدخل قبل احتساب الضريبة‪.‬‬
‫والشكل (‪ )3-X‬يوضح أنواع أدوات االستثمار في سوق األوراق المالية والفوارق التي تميزها‬
‫عن بعضها البعض‪.‬‬
‫الشكل رقم ‪ :3-X‬أدوات االستثمار في سوق األوراق المالية‪.‬‬

‫األوراق المالية‬

‫أسواق األوراق المالية‬

‫السوق المنتظمة‬

‫سندات‬ ‫أسهم ممتازة‬ ‫أسهم عادية‬


‫تعاقد على اإلقراض‬ ‫تعطي تفضيل لحاملها‬ ‫تصدر بقيمة اسمية وليس‬
‫واالقتراض وتتضمن سداد‬ ‫على المساهمين العاديين‬ ‫لها أجل استحقاق إال إذا‬
‫المقترض لمبلغ معين‬ ‫من حيث توزيع األرباح‬ ‫تمت تصفية الشركة أو‬
‫(القيمة االسمية للسند) في‬ ‫والحصول على فائض‬ ‫تخفيض في رأس المال‬
‫تاريخ االستحقاق نظير‬ ‫األصول في حالة تصفية‬ ‫المخاطر‬
‫فائدة معينة تكون سنوية‪.‬‬ ‫الشركة‬ ‫العائد‬
‫المخاطر‬

‫املصدر‪ :‬من إعداد األستاذ وباالعتماد على حماضرات يف مقياس " األسواق املالية وتقنيات التغطية من املخاطر "‪ ،‬لألستاذ الدكتور طاويل‬
‫مصطفى واألستاذ غريب ناصر صالح الدين‪.2010/2009 ،‬‬

‫‪88‬‬
‫خاتمة عامة‪:‬‬

‫يعتبر النظام المالي بمختلف مكوناته أساس عملية التنمية االقتصادية‪ ،‬وتنبع أهمية هذا‬
‫النظام من وظيفته األساسية والتي تتمثل في جمع الموارد المالية من الوحدات االقتصادية ذات‬
‫الفائض المالي وتحويلها إلى الوحدات االقتصادية ذات العجز المالي‪ ،‬فهو بذلك يحقق التنمية‬
‫االقتصادية من خالل توفير التمويل لمختلف المؤسسات االقتصادية والمشاريع االستثمارية‪ ،‬كما‬
‫يضمن استمرارية حياة وعمل البنوك التجارية والمؤسسات المالية من خالل األرباح التي تحققها‬
‫من وراء مختلف العمليات المالية والمصرفية‪ ،‬وبالتالي فالنظام المالي يعبر عن حلقة تتفاعل فيها‬
‫مختلف النشاطات االقتصادية والمالية‪.‬‬
‫وبما أن عملية التنمية االقتصادية في أي دولة أصبحت تتطلب تجميعا لتراكم رأس المال‪ ،‬وأن‬
‫البنوك التجارية والمؤسسات المالية ال تستطيع بمفردها تمويل االستثمارات المتوسطة والطويلة‬
‫األجل لقلة األرصدة المالية المتاحة لها‪ ،‬ظهرت أهمية تنمية أسواق رأس المال وخاصة أسواق‬
‫األوراق المالية في عملية التنمية االقتصادية‪ ،‬كأحد اآلليات الهامة لتجميع المدخرات من األفراد‬
‫والشركات والقطاع العام‪ ،‬وتوجيهها لمسارها الصحيح بالشكل الذي يخدم أهداف التنمية في أي‬
‫دولة‪.‬‬
‫وقد تناولت هذه المطبوعة مجموعة من الدروس مفصلة ومبسطة بطريقة نظرية لتوضيح وظائف‬
‫النظام المالي في االقتصاد‪ ،‬نظام التمويل داخل النظام المالي‪ ،‬الوساطة المالية والبنكية ومختلف‬
‫المكونات األساسية للنظام المالي (الجهاز المصرفي‪ ،‬البنك المركزي وسياساته النقدية‪ ،‬األسواق‬
‫المالية بما فيها السوق النقدي وسوق رأس المال وأسواق األوراق المالية) وكذلك تناولت موضوع‬
‫تنمية أسواق رأس المال وعالقتها بالنمو االقتصادي‪ .‬وتعد هذه الدروس بمثابة محاولة متواضعة‬
‫حتى تكون عونا للطالب‪ ،‬من خالل الشرح البسيط والمفصل‪ ،‬واألشكال والجداول المدعمة لكل‬
‫موضوع من مواضيع هذه الدروس‪.‬‬

‫‪89‬‬
‫قائمة المراجع‪:‬‬
‫‪ -1‬قائمة المراجع باللغة العربية‪:‬‬
‫‪-‬إبراهيم خمتار‪ " ،‬بنوك االستثمار "‪ ،‬مكتبة األجنلو املصرية‪ ،‬طبعة ثانية‪.1987 ،‬‬
‫‪-‬أمحد أبو الفتوح الناقة‪ " ،‬نظرية النقود والبنوك واألسواق املالية "‪ ،‬قسم االقتصاد بكلية التجارة‪ ،‬جامعة اإلسكندرية‪ ،‬مصر‪.1994 ،‬‬
‫‪ -‬أمحد شعبان حممد علي‪ " ،‬انعكاسات املتغريات املعاصرة على القطاع املصريف ودور البنوك املركزية‪ ،‬دراسة حتليلية تطبيقية خمتارة من البلدان‬
‫العربية "‪ ،‬الدار اجلامعية‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬الطبعة األوىل‪.2006 ،‬‬
‫‪-‬أمحد نبيل النمريي‪ " ،‬مبادئ يف العلوم املصرفية "‪ ،‬مؤسسة الوراق للنشر والتوزيع‪ ،‬الطبعة األوىل‪ ،‬عمان‪.1981 ،‬‬
‫‪-‬أمحد هين‪ " ،‬العملة والنقود "‪ ،‬ديوان املطبوعات اجلامعية‪ ،‬الطبعة األوىل‪.1991 ،‬‬
‫‪-‬أسامة بشري الدباغ‪ ،‬أثيل عبد اجلبار اجلورمد‪ " ،‬املقدمة يف االقتصاد الكلي "‪ ،‬دار املناهج‪ ،‬عمان‪ ،‬األردن‪.2003 ،‬‬
‫‪-‬أسامة حممد الفويل‪ " ،‬مبادئ النقود والبنوك "‪ ،‬دار اجلامعة اجلديدة‪ ،‬اإلسكندرية‪.1999 ،‬‬
‫‪-‬الدليمي عوض فاضل‪ " ،‬النقود والبنوك "‪ ،‬دار احلكمة للطباعة والنشر‪ ،‬العراق‪.1990 ،‬‬
‫‪-‬السيد البدوي عبد احلافظ‪ " ،‬إدارة األسواق املالية‪ ،‬نظرة معاصرة "‪ ،‬دار الفكر العريب‪.1999 ،‬‬
‫‪-‬السيد الطييب‪ " ،‬البورصات وتدعيم االقتصاد الوطين "‪ ،‬مؤسسة األهرام‪ ،‬القاهرة‪.1992 ،‬‬
‫‪ -‬القريشي حممد الشمري‪ ،‬ناظم حممد نوري‪ " ،‬النقود واملصارف "‪ ،‬دار الكتب للطباعة والنشر‪ ،‬جامعة املوصل‪ ،‬العراق‪.1989 ،‬‬
‫‪ -‬القريشي حممد الشمري‪ ،‬ناظم حممد نوري‪ " ،‬مبادئ علم االقتصاد "‪ ،‬دار الكتب للطباعة والنشر‪ ،‬املوصل‪ ،‬العراق‪.1993 ،‬‬
‫‪-‬أنور إمساعيل اهلوا ري‪ " ،‬اقتصاديات النقود والبنوك "‪ ،‬دار الطباعة‪.1993 ،‬‬
‫‪-‬خبراز يعدل فريدة‪ " ،‬تقنيات وسياسات التسيري املصريف "‪ ،‬ديوان املطبوعات اجلامعية‪ ،‬اجلزائر‪.2000 ،‬‬
‫‪-‬جبار حمفوظ‪ " ،‬البورصة وموقعها يف أسواق العمليات املالية "‪ ،‬سلسلة التعريف بالبورصة‪ ،‬اجلزء األول‪ ،‬الطبعة األوىل‪.2002 ،‬‬
‫‪-‬مجيل الزيدانني‪ " ،‬أساسيات يف اجلهاز املايل‪ ،‬املنظور العلمي "‪ ،‬دار وائل للطباعة والنشر‪ ،‬الطبعة األوىل‪ ،‬عمان‪.1999 ،‬‬
‫‪ -‬محزة حممود الزبيدي‪ " ،‬االستثمار يف األوراق املالية "‪ ،‬مؤسسة الوراق للنشر والتوزيع‪ ،‬الطبعة األوىل‪ ،‬عمان‪ ،‬األردن‪.2001 ،‬‬
‫‪ -‬رمسية أمحد أبو موسى‪ " ،‬األسواق املالية والنقدية "‪ ،‬جامعة البلقاء التطبيقية‪ ،‬دار املعتز للنشر والتوزيع‪ ،‬الطبعة األوىل‪.2005 ،‬‬
‫‪-‬رضا صاحب أمحد‪ " ،‬إدارة املصارف‪ :‬مدخل حتليلي كمي معاصر "‪ ،‬دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪.2002 ،‬‬
‫‪-‬زياد رمضان‪ ،‬حمفوظ جودة‪ " ،‬االجتاهات املعاصرة يف إدارة البنوك "‪ ،‬دار وائل للنشر‪ ،‬الطبعة األوىل‪ ،‬عمان‪ ،‬األردن‪.2000 ،‬‬
‫‪-‬زينب عوض اهلل‪ ،‬أسامة حممد الفويل‪ "،‬أساسيات االقتصاد النقدي واملصريف "‪ ،‬منشورات احلليب احلقوقية‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‪.2003 ،‬‬
‫‪ -‬سلمان بودياب‪ " ،‬اقتصاديات النقود والبنوك "‪ ،‬املؤسسة اجلامعية للدراسات والنشر والتوزيع‪ ،‬الطبعة األوىل‪ ،‬بريوت‪.1996 ،‬‬
‫‪-‬مسري عبد احلميد رضوان‪ " ،‬أسواق األوراق املالية ودورها يف متويل التنمية االقتصادية "‪ ،‬املعهد العايل للفكر اإلسالمي‪.1996 ،‬‬
‫‪-‬شاكر القز ويين‪ " ،‬حماضرات يف اقتصاد البنوك "‪ ،‬ديوان املطبوعات اجلامعية‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬اجلزائر‪.1992 ،‬‬
‫‪-‬شذا مجال خطيب‪ ،‬صعفق الركييب‪ " ،‬العوملة املالية ومستقبل األسواق العربية لرأس املال "‪ ،‬مؤسسة طابا للنشر والتوزيع‪.2002 ،‬‬
‫‪-‬صبحي تادرس قريصة‪ " ،‬النقود والبنوك "‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬لبنان‪.1984 ،‬‬
‫‪-‬صالح الدين حسني السيسي‪ " ،‬قضايا اقتصادية معاصرة "‪ ،‬دار غريب‪.2002 ،‬‬
‫‪-‬ضياء جميد املوسوي‪ " ،‬االقتصاد النقدي "‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬اجلزائر‪.1993 ،‬‬
‫‪-‬ضياء جميد‪ " ،‬اقتصاديات النقود والبنوك "‪ ،‬مؤسسة شباب اجلامعة‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬مصر‪.2005 ،‬‬
‫‪-‬طارق احلاج‪ " ،‬مبادئ التمويل (‪ ،" )Principles of Finances‬دار الصفاء للنشر والتوزيع‪ ،‬الطبعة األوىل‪ ،‬عمان‪ ،‬األردن‪.2000 ،‬‬
‫‪-‬عاطف حسن النقلي‪ " ،‬اخلصخصة وسوق األوراق املالية يف مصر "‪ ،‬مؤسسة األهرام‪ ،‬القاهرة‪.1994 ،‬‬
‫‪90‬‬
‫‪-‬عاطف وليم أندراوس‪ " ،‬أسواق األوراق املالية بني ضرورات التحول االقتصادي والتحرير املايل ومتطلبات تطويرها "‪ ،‬دار الفكر اجلامعي‪،‬‬
‫الطبعة األوىل‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬مصر‪.2006 ،‬‬
‫‪-‬عاطف وليم أندراوس‪ " ،‬السياسة املالية وأسواق األوراق املالية خالل فرتة التحول القتصاد السوق "‪ ،‬مؤسسة شباب اجلامعة‪ ،‬اإلسكندرية‪،‬‬
‫مصر‪.2005 ،‬‬
‫‪-‬عبد الغفار حنفي‪ " ،‬إدارة املصارف "‪ ،‬دار اجلامعة اجلديدة للنشر‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬مصر‪.2002 ،‬‬
‫‪-‬عبد الغفار حنفي‪ " ،‬بورصة األوراق املالية‪ ،‬األسهم والسندات‪ ،‬وثائق االستثمار "‪ ،‬الدار اجلامعية اجلديدة‪ ،‬اإلسكندرية‪.2003 ،‬‬
‫‪-‬عبد الغفار حنفي‪ ،‬رمسية قرياقص‪ " ،‬أسواق املال ومتويل املشروعات"‪ ،‬دار اجلامعة اإلسكندرية‪.2005 ،‬‬
‫‪-‬عبد الغفار حنفي‪ ،‬عبد السالم أبو قحف‪ " ،‬اإلدارة احلديثة يف البنوك التجارية "‪ ،‬الدار اجلامعية‪.1991 ،‬‬
‫‪-‬عبد اجمليد قدي‪ " ،‬املدخل إىل السياسات االقتصادية الكلية "‪ ،‬ديوان املطبوعات اجلامعية‪ ،‬اجلزائر‪.2005 ،‬‬
‫‪-‬عبد اجمليد قدي‪ " ،‬املدخل إىل السياسات االقتصادية الكلية‪ ،‬دراسة حتليلية تقييمية "‪ ،‬ديوان املطبوعات اجلامعية‪ ،‬الطبعة الثالثة‪ ،‬اجلزائر‪،‬‬
‫‪.2006‬‬
‫‪-‬عبد املنعم السيد علي‪ " ،‬اقتصاديات النقود واملصارف "‪ ،‬مطبعة العلين‪ ،‬بغداد‪.1980 ،‬‬
‫‪ -‬عبد املنعم السيد علي‪ " ،‬دراسات يف النقود والنظرية النقدية "‪ ،‬مطبعة العلين‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬بغداد‪.1976 ،‬‬
‫‪-‬عبد الوهاب يوسف أمحد‪ " ،‬التمويل وإدارة املؤسسات املالية "‪ ،‬دار حامد للنشر والتوزيع‪ ،‬الطبعة األوىل‪.2008 ،‬‬
‫‪-‬عطية عبد احلليم صقر‪ " ،‬تطور سوق املال يف ظل التحديات املعاصرة اجلديدة "‪ ،‬دار النهظة العربية‪.1998 ،‬‬
‫‪ -‬عياش قويدر‪ ،‬إبراهيم عبد اهلل‪ " ،‬أثر استقاللية البنك املركزي على أداء سياسة نقدية حقيقية‪ ،‬بني النظرية والتطبيق "‪ ،‬ملتقى حول " املنظومة‬
‫املصرفية اجلزائرية والتحوالت االقتصادية‪ ،‬واقع وحتديات "‪ ،‬جامعة األغواط‪.‬‬
‫‪-‬غازي حسني عناية‪ " ،‬التضخم املايل "‪ ،‬دار الشهاب‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬اجلزائر‪.1986 ،‬‬
‫‪-‬فليح حسن خلف‪ " ،‬األسواق املالية النقدية "‪ ،‬جدارا للكتاب العاملي‪ ،‬الطبعة األوىل‪.2006 ،‬‬
‫‪-‬ماهر كنج شكري‪ ،‬مروان عوض‪ " ،‬املالية الدولية "‪ ،‬معهد الدراسات املصرفية‪ ،‬األردن‪.2004 ،‬‬
‫‪-‬مائيري كوهني‪ ،‬ترمجة عبد احلكم أمحد اخلزامي‪ " ،‬النظم املالية والتمويلية‪ ،‬املبادئ والتطبيقات "‪ ،‬دار الفجر للنشر والتوزيع‪.2007 ،‬‬
‫‪-‬حماضرات يف مقياس " األسواق املالية وتقنيات التغطية من املخاطر "‪ ،‬لألستاذ الدكتور طاويل مصطفى واألستاذ غريب ناصر صالح الدين‪،‬‬
‫‪.2010/2009‬‬
‫‪-‬حممد الصاحل احلناوي‪ ،‬عبد الفتاح عبد السالم‪ " ،‬املؤسسات املالية "‪ ،‬الدار اجلامعية اإلسكندرية‪.1998 ،‬‬
‫‪-‬حممد دويدار‪ ،‬أسامة حممد الفويل‪ "،‬مبادئ االقتصاد النقدي "‪ ،‬دار اجلامعة اجلديدة‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬مصر‪.2003 ،‬‬
‫‪-‬حممد عبد العزيز عجمية‪ ،‬مدحت العقاد‪ " ،‬النقود والبنوك يف العالقات االقتصادية الدولية "‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬بريوت‪.2003 ،‬‬
‫‪-‬حممد عزت غزالن‪ " ،‬اقتصاديات النقود واملصارف "‪ ،‬دار النهضة‪ ،‬بريوت‪.2002 ،‬‬
‫‪-‬حممد مطر‪ ،‬فايز تيم‪ " ،‬إدارة احملافظة االستثمارية "‪ ،‬دار وائل‪ ،‬عمان‪.2005 ،‬‬
‫‪-‬حممود محزة الزبيدي‪ " ،‬إدارة املصارف‪ ،‬إسرتاتيجية تعبئة املوارد وتقدمي االئتمان "‪ ،‬مؤسسة الوراق‪ ،‬الطبعة األوىل‪ ،‬عمان‪.2000 ،‬‬
‫‪-‬حممود يونس حممد‪ ،‬عبد النعيم حممد مبارك‪ " ،‬أساسيات علم االقتصاد "‪ ،‬الدار اجلامعية‪.1985 ،‬‬
‫‪-‬مدحت صادق‪ " ،‬النقود الدولية وعمليات الصرف األجنيب "‪ ،‬دار غريب للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مصر‪.1997،‬‬
‫‪-‬مصطفى رشدي شيحة‪ " ،‬الوجيز يف االقتصاد النقدي واملصريف والبورصات"‪ ،‬دار اجلامعة اجلديدة للنشر‪.1998 ،‬‬
‫‪ -‬منصور زين‪ " ،‬استقاللية البنك املركزي‪ ،‬أثرها على السياسة النقدية "‪ ،‬امللتقى الوطين األول حول " املنظومة املصرفية والتحوالت االقتصادية‪،‬‬
‫واقع وحتديات "‪ ،‬يومي ‪ 14‬و‪15‬ديسمرب ‪ ،2004‬كلية العلوم اإلنسانية والعلوم االجتماعية‪ ،‬جامعة حسيبة بن بوعلي‪ ،‬الشلف‪.‬‬

‫‪91‬‬
.1997 ،‫ اإلسكندرية‬،‫ منشأة املعارف‬، " ‫ " األوراق املالية وأسواق رأس املال‬،‫منري إبراهيم هندي‬-
،‫ األكادميية العربية للعلوم املالية واملصرفية‬،" ‫ األوراق املالية وصناديق االستثمار‬،‫ " أدوات االستثمار يف أسواق رأس املال‬، ‫ هندي منري‬-
.1993 ،‫البحرين‬
.2000 ،‫ مصر‬،‫ منشأة املعارف اإلسكندرية‬،" ‫ " األوراق واألسواق املالية‬،‫هندي منري‬-
.2002 ،‫ األردن‬،‫ دار الكندي للنشر والتوزيع‬،" ‫ " التمويل الدويل‬،‫ على حممود سعود‬،‫هيثم صاحب عجام‬-
.2009 ،‫ الطبعة األوىل‬،‫ دار البداية ودار املستقبل للنشر والتوزيع‬،" ‫ " األسواق املالية والدولية‬،‫ أنس البكري‬،‫ وليد الصايف‬-
:)‫ قائمة المراجع باللغات األجنبية (الفرنسية واالنجليزية‬-1
-Anne Joseph, Marc Raffinot, Baptiste Venet, « Approfondissement Financier et Croissance: une
Analyse Empiriques en Afrique Sud-Saharienne », Université Paris IX, 2004.
-B. Michael Devereux and W. Gregor Smith, « International Risk Sharing and Economic Growth »,
International Economic Review, N° 35, August, 1994.
-Caprio Gerard and Stijn Claessens, « The Importance of Financial System for Development:
Implications for Egypt », Egyptian Center for Economic Studies (ECES), Distinguished Paper Series,
N° 6, 1997.
-E. Joseph Stiglitz, « Credit-Markets and the Control of Capital », Journal of Money, Credit and
Banking, N° 17, May, 1985.
-Gobin Gilles, « Les Opérations Bancaires et leurs Fondements Economiques », DUNOD Edition,
Paris, 1980.
-H. Schamiat Richard, Hackethal Andreas, M. Tymel, « Désintermédiation et Rôle des Banques en
Europe, une Comparaison Internationale », Revue d’Economie Financière, 1999.
-J. G. Gurley and E. S. Shaw (1955), « Financial Aspects of Economic Development », The American
Economic Review; Vol. 45, No. 4 (Sep 1955).
-J. G. Gurley and E. S. Shaw (1956), « Financial intermediaries and the Saving-Investment Process »,
The Journal of Finance, The Journal of The American Finance Association, Vol. 11 Issue 2, (May
1956).
-J. G. Gurley and E. S. Shaw (1960), « Money in a theory of finance », The Brookings Institution,
WASHINGTON DC, January 1960.
-J.P. Paratat, « Monnaie, Institution Financière et Politique Monétaire », Economica, Paris, 1982.
-Lagoute Christine, « Le Paradoxe des Banques Britanniques », Revue d 'Economie Financière, N° 77,
2005.
-M. Fanelli José and Rohinton Medhora, « Financial Reform in Developing Countries », IDRC,
International Development Research Centre Canada, 1998.
-Marc Mantoussé, « Economie Monétaire et financière », Edition Leila Moussouni, 2000.
-Mayer Colin, « New Issues in Corporate Finance », European Economic Reviews, N° 32, 1988.
-Meir Kohn, « Financial institutions and Markets », McGraw hill, Inc, New york, 1994.
-N. Henning Charles and Others, « Financial Markets and The Economy », New York: Prentice-Hall
Inc. Engelwood Cliffs, 1978.
-Pamicos Demetriades, « Financial Markets and Economic Development », Presented at ECES
Conference, Cairo 26-27 February, 1997.
-Raymond W. Goldsmith (1955), « Capital Formation and Economic Growth », Universities-National
Bureau, Princeton University Press, ISBN: 0-87014-197-X, 1955.
-S. Fréderic Miskin, « Financial Markets, Institutions and Money », Harper Collins Publisher, New
York, 1995.
-The World Bank: Quoted in the Economist, August 1989.
-Y. Ullmo, « Intermédiation, Intermédiaire Financier et Marché », Revue d’Economie Politique, N°5,
1988.

92

You might also like