You are on page 1of 248

www.facebook.

com/tanweerlibrary

https://attanweerlibrary.blogspot.com1
www.facebook.com/tanweerlibrary

‫مــدخـل إلـى عـلم اإلنسـان ( ر‬


) ‫األنثوبولوجيا‬

-2-
https://attanweerlibrary.blogspot.com2
www.facebook.com/tanweerlibrary

-3-

https://attanweerlibrary.blogspot.com3
www.facebook.com/tanweerlibrary

‫الحقوق محفوظة‬

‫التحاد الكتاب العرب‬

-4-
https://attanweerlibrary.blogspot.com4
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫ّ‬
‫الشماس‬ ‫الدكتور عيىس‬

‫مــدخـل‬

‫إلـى عـلم اإلنسـان‬


‫( ر‬
‫األنثوبولوجيا )‬
‫‪ -‬دراس ــة ‪-‬‬

‫‪-5-‬‬

‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com5‬‬
www.facebook.com/tanweerlibrary

‫من منشورات اتحاد الكتاب العرب‬


0220 - ‫دمشق‬

-6-
https://attanweerlibrary.blogspot.com6
www.facebook.com/tanweerlibrary

-7-

https://attanweerlibrary.blogspot.com7
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫تقــديـم‬

‫ر‬ ‫ّ‬
‫األخثة‪،‬‬
‫ر‬ ‫األنثوبولوجيا‪ ،‬يف اآلونة‬ ‫الت تناولت‬
‫تعددت الدراسات واالتجاهات ي‬
‫ً‬
‫بوصفها علما حديث العهد‪ ،‬عىل الرغم من مرور ما يقرب من القرن وربــع القرن عىل‬
‫نشأة هذا العلم‪.‬‬
‫ّ‬
‫لقد اتسعت مجاالت البحث والدراسة يف هذا العلم الجديد‪ ،‬وتداخلت موضوعاته‬
‫مع موضوعات بعض العلوم األخرى‪ ،‬وال ّ‬
‫سيما علوم األحياء واالجتماع والفلسفة‪ .‬كما‬
‫ّ‬
‫تخصصاته ومجاالته‪ ،‬وال ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫سيما يف‬ ‫تعددت مناهجه النظرية والتطبيقية‪ ،‬تبعا لتعدد‬
‫الت كان لها آثار واضحة يف حياة‬
‫الكبثة والمتسارعة‪ ،‬ي‬
‫ر‬ ‫التغثات‬
‫ر‬ ‫األخثة حيث‬
‫ر‬ ‫المرحلة‬
‫ر‬
‫البش كأفراد و كمجتمعات ‪.‬‬
‫وبما ّأن ر‬
‫األنثوبولوجيا ّ‬
‫تهتم بدراسة اإلنسان‪ ،‬شأنها يف ذلك شأن العلوم اإلنسانية‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫اإلنسان الذي توجد فيه‪ ،‬حيث تعكس‬‫ي‬ ‫فه ترتبط ارتباطا وثيقا بالمجتمع‬
‫األخرى‪ ،‬ي‬
‫التحسي والتطوير ‪.‬‬
‫ر‬ ‫بالتال مصالحه يف‬
‫ي‬ ‫بنيته األساسية والقيم السائدة فيه‪ ،‬وتخدم‬

‫وبولوجيي‬ ‫إال ّأن ر‬


‫األنث‬
‫ّ‬
‫األنثوبولوجيا إل العصور القديمة‪،‬‬
‫ّ‬
‫يرد بدايات تاري ــخ ر‬ ‫ّ‬
‫ثمة من‬
‫ر‬
‫سيما األوروبيون‪ ،‬يرون ّأن األصول النظرية األساسية لعلم ر‬
‫األنثوبولوجيا‪،‬‬ ‫الغربيي‪ ،‬وال ّ‬
‫ر‬
‫ظهرت ّإبان عرص التنوير ف أوروبا (عرص النهضة األوروبية )‪ ،‬حيث ّ‬
‫تمت كشوفات‬ ‫ي‬
‫جغرافية وثقافية ال سستهان بها‪ ،‬لبداد ومجتمعات مختلفة خار القارة األوربية ‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وقد قدمت هذه الكشوفات معلومات هامة عن الشعوب القاطنة يف تلك البداد‪ ،‬أدت‬
‫البش وطبيعة‬‫تغثات جذرية ف االتجاهات الفلسفية السائدة آنذاك‪ ،‬عن حياة ر‬ ‫إل ّ‬
‫ي‬ ‫ر‬

‫‪-8-‬‬
‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com8‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫ّ‬ ‫ّ‬
‫بالتال إل تطوير المعرفة‬
‫ي‬ ‫وتطورها‪ .‬وهذا ما أدى‬ ‫المجتمعات اإلنسانية وثقافاتها‬
‫ّ‬
‫وبولوجية‪ ،‬واستقدالها فيما بعد عن دائرة الفلسفة االجتماعية ‪.‬‬ ‫ر‬
‫األنث‬
‫ّ‬
‫حد ما – ف النصف الثان من القرن التاسع ر‬
‫عش أمام‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫لقد انحشت الفلسفة – إل‬
‫يطان ‪ /‬إدوارد‬ ‫ّ‬
‫الث ي‬
‫العلم‪ ،‬حيث تطورت العلوم االجتماعية واستطاع العالم ر‬ ‫ي‬ ‫التفكث‬
‫ر‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫تايلور‪ / E. Tylor‬أن يرى يف تنوع أساليب حياة الشعوب وتطورها‪ ،‬ظاهرة جديرة‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وسم تايلور هذه‬ ‫المهمة‪.‬‬ ‫بالدراسة‪ ،‬وأن علما جديدا يجب أن ينشأ ويقوم بهذه‬
‫الظاهرة بـ" الثقافة ‪ Culture‬أو الحضارة ‪. " Civilization‬‬
‫ّ‬
‫وتغثاته العلمية‬ ‫العشين‪ ،‬بأحداثه‬‫ر‬ ‫األنثوبولوجيا مجال القرن‬ ‫ر‬ ‫ومع دخول‬
‫ر‬
‫تغثات جوهرية يف موضوعها ومنهج دراستها‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫عليها‬ ‫أت‬ ‫ر‬ ‫ط‬ ‫والسياسية‪،‬‬ ‫واالجتماعية‬
‫ر‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫التطبيق باعتبارها ظاهرة علمية‪،‬‬
‫ي‬ ‫حيث تخلت عن المنهج النظري وأخذت بالمنهج‬
‫ّ‬
‫وبي منظومة العلوم االجتماعية واإلنسانية‬‫التأثث والتأثر بينها ر‬‫ر‬ ‫إضافة إل تحديد عداقة‬
‫ّ‬ ‫ر‬ ‫ّ‬
‫ر ي‬
‫وبولوج‪ ،‬الذي يتطلب دراسة‬ ‫تمث المنهج األنث‬ ‫األخرى‪ .‬حيث أصبحت النظرة الشاملة ر‬
‫كلية متكاملة‪ ،‬تحيط بأبعاده‬ ‫أي موضوع – مهما كانت طبيعته وأهدافه‪ -‬دراسة ّ‬

‫المختلفة‪ ،‬وبتلك التفاعدات المتبادلة ربي أبعاد هذا الموضوع وجوانب الحياة األخرى‬
‫السائدة يف المجتمع ‪.‬‬
‫ويأن هذا الكتاب‪ ،‬ليلق الضوء عىل أبرز الجوانب ف علم ر‬
‫األنثوبولوجيا‪ ،‬من حيث‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫أبعاده النظرية والتطبيقية‪ .‬ولذلك‪ ،‬قسم الكتاب إل ثداثة أبواب تضمن كل منها عددا‬
‫التال ‪:‬‬
‫من الفصول‪ ،‬عىل النحو ي‬
‫ّ‬
‫تحدثت عن ‪ :‬مفهوم ر‬ ‫ّ‬ ‫الباب ّ‬
‫األنثوبولوجيا وأهدافها‪،‬‬ ‫تضمن ثداثة فصول‪،‬‬ ‫األول –‬
‫ونشأتها وتاريخها‪ ،‬وعداقتها بالعلوم األخرى ‪.‬‬

‫‪-9-‬‬

‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com9‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫ر‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬


‫األنثوبولوجية‬ ‫تضمن ستة فصول‪ ،‬تحدثت عن ‪ :‬الدراسات‬ ‫الباب الثان‪-‬‬
‫ّ‬ ‫ر‬ ‫ّ‬
‫واتجاهاتها المعارصة‪ ،‬والفروع األنثوبولوجية (العضوية – النفسية‪ -‬الثقافية‪ -‬االجتماعية‬
‫)‪ ،‬والمنهج ر‬
‫ر ي‬
‫وبولوج والدراسات الميدانية ‪.‬‬‫األنث‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫االجتماع ووظائفه‪،‬‬
‫ي‬ ‫تضمن ثداثة فصول‪ ،‬تحدثت عن ‪ :‬البناء‬ ‫الباب الثالث‪-‬‬
‫ر‬ ‫ّ‬ ‫ر‬
‫واألنثوبولوجيا يف المجتمع الحديث‪ ،‬واالتجاه نحو أنثوبولوجية عربية‪.‬‬
‫ّ‬
‫واألمل يف أن يقدم هذا الكتاب‪ ،‬رؤية واضحة عن هذا العلم الحديث‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫( ر‬
‫المرجوة لطلبتنا‬ ‫األقل يف مجتمعنا وجامعاتنا‪ ،‬وبما يحقق الفائدة‬ ‫األنثوبولوجيا)‪ ،‬عىل‬
‫ّ‬
‫األعزاء‪.‬‬
‫ِّ‬
‫يف ‪ 0222 / 5 /02‬المؤلف‬

‫‪- 01 -‬‬
‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com10‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫الباب ّ‬
‫األول ‪:‬‬

‫ر‬
‫األنثوبولوجيــا وأهدافها‬ ‫مفهوم‬

‫وعالقتها بالعلوم األخرى‬

‫الفصل األول – مفهوم ر‬


‫األنثوبولوجيا وطبيعتها وأهدافها‬

‫الفصل الثان – نشأة ر‬


‫األنثوبولوجيا وتاريخها‬ ‫ي‬
‫الفصل الثالث‪-‬عداقة ر‬
‫األنثوبولوجيا بالعلوم األخرى‬

‫‪- 11 -‬‬

‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com11‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫الفصل األول‬

‫مفهوم ر‬
‫األنثوبولوجيا وطبيعتها وأهدافها‬

‫ّ‬
‫مقــدمـة‬

‫ا‬
‫أول‪ -‬مفهوم ر‬
‫األنثوبولوجيا‬

‫ثانيا‪ -‬طبيعة ر‬
‫األنثوبولوجيا‬

‫ثالثا‪ -‬أهداف ر‬
‫األنثوبولوجيا‬

‫‪- 02 -‬‬
‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com12‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫ّ‬
‫مقدمــة ‪:‬‬
‫ّ‬ ‫يجمع الباحثون ف علم " ر‬
‫األنثوبولوجيا " عىل أنه علم حديث العهد‪ ،‬إذا ما قيس‬ ‫ي‬
‫ّ ّ‬
‫وغثها‪ .‬إال أن البحث يف شؤون‬
‫ببعض العلوم األخرى كالفلسفة والطب والفلك ‪ ..‬ر‬
‫اإلنسان والمجتمعات اإلنسانية قديم قدم اإلنسان‪ ،‬مذ وع ذاته وبدأ سسىع للتفاعل‬
‫اإليجان مع بيئته الطبيعية واالجتماعية ‪.‬‬
‫ري‬

‫اإلنسان‪ ،‬عىل وضع‬


‫ي‬ ‫عث التاريـ ـخ‬
‫لقد در العلماء والفداسفة يف كل مكان وزمان ر‬
‫البشية‪ ،‬وما يدخل يف نسيجها وأبنيتها من دين أو‬ ‫نظريات عن طبيعة المجتمعات ر‬

‫كل مجتمع إل طبقات بحسب عاداتها ومشاعرها ومصالحها‪.‬‬ ‫سدالة‪ ،‬ومن ّثم تقسيم ّ‬
‫ً‬
‫وقد أسهمت الرحدات التجارية واالكتشافية‪ ،‬وأيضا الحروب‪ ،‬بدور هام يف حدوث‬
‫البشية‪ ،‬حيث ّ‬
‫قربت فيما بينها وأتاحت‬ ‫االتصاالت المختلفة ربي الشعوب والمجتمعات ر‬
‫ّ‬ ‫معرفة ّ‬
‫كل منها باآلخر‪ ،‬وال ّ‬
‫سيما ما يتعلق باللغة والتقاليد والقيم ‪ ..‬ولذلك‪ ،‬فمن‬
‫معي لبداية ر‬
‫األنثوبولوجيا‪.‬‬ ‫ّ‬
‫الصعوبة بمكان‪ ،‬تحديد تاري ــخ ر‬

‫أو اال‪-‬مفهوم ر‬
‫األنثوبولوجيا‬
‫ّ‬ ‫ر‬ ‫ّ‬
‫إنكلثية مشتقة من األصل‬
‫ر‬ ‫ه كلمة‬
‫إن لفظة أنثوبولوجيا ‪ ،Anthropology‬ي‬
‫المكون من مقطعي ‪ :‬ر‬
‫أنثوبوس ‪ ،Anthropos‬ومعناه " اإلنسان " و لوجوس‬ ‫ّ‬ ‫اليونان‬
‫ر‬ ‫ي‬
‫ر‬
‫‪ ،Locos‬ومعناه " علم "‪ .‬وبذلك يصبح معت األنثوبولوجيا من حيث اللفظ " علم‬
‫اإلنسان " أي العلم الذي يدرس اإلنسان ‪)Nicholson, 1968, P.1( .‬‬

‫ّ‬ ‫تعرف ر‬
‫ولذلك‪ّ ،‬‬
‫األنثوبولوجيا‪ ،‬بأنها العلم الذي يدرس اإلنسان من حيث هو كائن‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ج‪ ،‬يعيش يف مجتمع تسوده نظم وأنساق اجتماعية يف ظل ثقافة معينة ‪..‬‬ ‫عضوي ي‬

‫‪- 13 -‬‬

‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com13‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫ً‬ ‫ّ ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬


‫ويقوم بأعمال متعددة‪ ،‬ويسلك سلوكا محددا؛ وهو أيضا العلم الذي يدرس الحياة‬
‫ً‬
‫معتمدا عىل ّ‬ ‫البدائية‪ ،‬والحياة الحديثة المعارصة‪ ،‬ويحاول ّ‬
‫تطوره‬ ‫التنبؤ بمستقبل اإلنسان‬
‫ً‬ ‫عث التاري ــخ اإلنسان الطويل‪ . .‬ولذا يعتث علم دراسة اإلنسان ( ر‬
‫األنثوبولوجيا) علما‬ ‫ر‬ ‫ي‬ ‫ر‬
‫ّ ً‬
‫متطورا‪ ،‬يدرس اإلنسان وسلوكه وأعماله (أبو هدال‪ ،4791 ،‬ص ‪)7‬‬

‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ر‬


‫األنثوبولوجيا أيضا‪ ،‬بأنها علم (األناسة) العلم الذي يدرس اإلنسان‬ ‫وتعرف‬
‫ّ‬
‫الحيوان من جهة‪ ،‬ومن جهة أخرى أنه الوحيد من األنواع‬
‫ي‬ ‫ينتم إل العالم‬
‫ي‬ ‫كمخلوق‪،‬‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫يتمث عنها جميعا‪.‬‬‫ر‬ ‫الحيوانية كلها‪ ،‬الذي يصنع الثقافة ويبدعها‪ ،‬والمخلوق الذي‬
‫(الجباوي‪ ،4779 ،‬ص ‪)7‬‬

‫ً‬ ‫ّ‬ ‫تعرف ر‬


‫كما ّ‬
‫األنثوبولوجيا بصورة مخترصة وشاملة بأنها " علم دراسة اإلنسان طبيعيا‬
‫ر‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫واجتماعيا وحضاريا " (سليم‪ ،4794 ،‬ص ‪ )55‬أي أن األنثوبولوجيا ال تدرس اإلنسان‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫ككائن وحيد بذاته‪ ،‬أو منعزل عن أبناء جنسه‪ ،‬إنما تدرسه بوصفه كائنا اجتماعيا بطبعه‪،‬‬
‫معيني ‪.‬‬ ‫مثاته الخاصة يف مكان وزمان‬ ‫ّ‬
‫ر‬ ‫معي لـه ر‬ ‫يحيا يف مجتمع ر‬

‫البيوفثيائية‬ ‫ر‬
‫فاألنثوبولوجيا بوصفها دراسة لإلنسان يف أبعاده المختلفة‪،‬‬
‫ر‬
‫فه علم شامل يجمع ربي ميادين ومجاالت متباينة ومختلفة‬ ‫واالجتماعية والثقافية‪ ،‬ي‬
‫ر‬ ‫ّ‬ ‫ر‬
‫بعضها عن بعض‪ ،‬اختداف علم التشي ــح عن تاري ــخ تطور الجنس البشي والجماعات‬
‫ّ‬
‫سياسية واقتصادية وقرابية ودينية وقانونية‪،‬‬ ‫العرقية‪ ،‬وعن دراسة النظم االجتماعية من‬
‫ّ‬
‫الت تشمل ‪ :‬الثاث‬‫اإلنسان يف مجاالت الثقافة المتنوعة ي‬
‫ي‬ ‫وما إليها ‪ ..‬وكذلك عن اإلبداع‬
‫والفت‪ ،‬بل والعادات والتقاليد‬
‫ي‬ ‫األدن‬
‫ري‬ ‫الفكري وأنماط القيم وأنساق الفكر واإلبداع‬
‫تعط عناية‬
‫ي‬ ‫ومظاهر السلوك يف المجتمعات اإلنسانية المختلفة‪ ،‬وإن كانت ال تزال‬
‫خاصة للمجتمعات التقليدية‪( .‬أبو زيد‪ ،0224 ،‬ص ‪)9‬‬

‫‪- 04 -‬‬
‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com14‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫ر‬ ‫ّ‬
‫ه الدراسة‬
‫وهذا يتوافق مع تعريف ‪ /‬تايلور‪ /‬الذي يرى أن األنثوبولوجيا ‪ " :‬ي‬
‫البيوثقافية المقارنة لإلنسان " إذ تحاول الكشف عن العداقة ربي المظاهر البيولوجية‬
‫الموروثة لإلنسان‪ ،‬وما يتلقاه من تعليم وتنشئة اجتماعية‪ .‬وبــهذا المعت‪ ،‬تتناول‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ر‬
‫الت تتعلق باإلنسان ‪.‬‬
‫األنثوبولوجيا موضوعات مختلفة من العلوم والتخصصات ي‬
‫ً‬
‫ثانيا‪-‬طبيعة ر‬
‫األنثوبولوجيا‬

‫ّإن الشعوب الناطقة باللغة اإلنكلثية جميعها‪ ،‬تطلق عىل علم ر‬


‫األنثوبولوجيا‪ " :‬علم‬ ‫ر‬
‫غث الناطقة‬
‫اإلنسان وأعماله " بينما يطلق المصطلح ذاته يف البلدان األوروبية ر‬
‫باإلنكلثية‪ ،‬عىل " دراسة الخصائص الجسمية لإلنسان"‪ .‬ويصل هذا االختداف إل‬ ‫ر‬
‫الفثيقية‪ ،‬وينظر إل‬ ‫وبولوجيا‬ ‫األنثوبولوجيا ‪ ..‬فبينما يعت ف أوروبا‪ ،‬ر‬
‫األنث‬ ‫طبيعة علم ر‬
‫ر‬ ‫ي ي‬
‫ّ‬
‫األمريكيي سستخدمون مصطلح‬
‫ر‬ ‫منفصلي‪ ،‬فنن‬
‫ر‬ ‫كفرعي‬
‫ر‬ ‫علم اآلثار واللغويات‬
‫ي‬
‫الثيطانيون‬
‫والت يطلق عليها ر‬
‫(اإلثنولوجيا أو اإلثنوغرافيا) لوصف (اإلثنوجرافيا الثقافية) ي‬
‫( ر‬
‫األنثوبولوجيا االجتماعية) ‪.‬‬

‫ر‬ ‫ا‬
‫األنثوبولوجيا‪ ،‬عىل دراسة الشعوب وكياناتها‬ ‫فق إنكلثا مثال‪ ،‬يطلق مصطلح‬
‫ي‬
‫االجتماعية‪ ،‬مع ميل خاص للتأكيد عىل دراسة الشعوب البدائية‪ّ .‬أما يف أمريكا‪ ،‬رفثى‬
‫حي‬ ‫العلماء ّأن ر‬
‫األنثوبولوجيا‪ ،‬ه علم دراسة الثقافات ر‬
‫البشية البدائية والمعارصة‪ ،‬يف ر‬ ‫ي‬
‫ّ‬
‫أن علماء فرنسا يعنون بهذا المصطلح‪ ،‬دراسة اإلنسان من الناحية الطبيعية‪ ،‬أي "‬
‫العضوية " ‪ (.‬كلوكهون‪) 027 ،4751 ،‬‬

‫ّ‬ ‫فعلم ر‬
‫األنثوبولوجيا يركز اهتمامه عىل كائن واحد‪ ،‬هو اإلنسان‪ ،‬ويحاول فهم أنواع‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫حي تركز العلوم األخرى اهتمامها عىل أنواع‬
‫الت تؤثر فيه ‪ ..‬يف ر‬
‫الظاهرات المختلفة ي‬

‫‪- 15 -‬‬

‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com15‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫محددة من الظاهرات ّأن وجدت ف الطبيعة ‪.‬وكان علم ر‬


‫األنثوبولوجيا‪ ،‬وما زال‪ ،‬يحاول‬
‫ّ‬
‫ي‬
‫سسث عىل‬ ‫ّ‬
‫فهم كل ما يمكن فهمه أو معرفته عن طبيعة هذا المخلوق الغريب الذي ر‬
‫قدمي‪ ،‬وكذلك فهم سلوكه الذي يفوق طبيعته الجسمية غرابة ‪.‬‬
‫ر‬

‫األنثوبولوجيا‪ ،‬استطاعوا استخدام بعض األساليب الت ّ‬ ‫ر‬ ‫ّ‬


‫طورتها‬ ‫ي‬ ‫ومع أن علماء‬
‫ّ‬ ‫قلما اضطروا إل انتظار ّ‬‫ّ‬ ‫ّ‬
‫تطور مثل هذه األساليب ‪ ..‬والواقع أن‬ ‫العلوم االجتماعية‪ ،‬فننهم‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫تطور العلوم االجتماعية‪ ،‬ال ّ‬ ‫ّ‬
‫تطور‬ ‫يقل شأنا عن إسهام هذه العلوم يف‬ ‫إسهامهم يف‬
‫كبثين ‪ :‬يبحث‬ ‫ر‬ ‫ر‬
‫أساسيي ر‬
‫ر‬ ‫قسمي‬
‫ر‬ ‫األنثوبولوجيا‪ .‬ولذلك‪ ،‬ينقسم علم األنثوبولوجيا إل‬
‫الثان يف أعمال‬ ‫حي يبحث‬ ‫ر‬
‫ي‬ ‫األول يف اإلنسان‪ ،‬ويعرف باألنثوبولوجيا الطبيعية‪ ،‬يف ر‬
‫ر‬
‫باألنثوبولوجيا الثقافية ‪ /‬الحضارية ‪ (.‬لينتون‪ ،4759 ،‬ص ‪)45-45‬‬ ‫اإلنسان‪ ،‬ويعرف‬

‫ّ‬ ‫ً‬
‫واستنادا إل هذه المنطلقات‪ ،‬فقد حددت الباحثة األمريكية ‪/‬مارغريت ميد‪/‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫طبيعة علم ر‬
‫األنثوبولوجيا وأبعاده‪ ،‬بقولها ‪ " :‬إننا نصنف الخصائص اإلنسانية للجنس‬
‫ومتغثة‪ ،‬وذلك عن طريق نماذ‬‫ّ‬ ‫ر‬
‫البشي (البيولوجية والثقافية) كأنساق مثابطة‬
‫ر‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫نهتم أيضا بوصف النظم االجتماعية والتكنولوجية‬ ‫متطورة‪ .‬كما‬ ‫ومقاييس ومناهج‬
‫العقىل لإلنسان وابتكاراته ومعتقداته ووسائل‬
‫ي‬ ‫وتحليلها‪ ،‬إضافة إل البحث يف اإلدراك‬
‫لتفسث نتائج دراساتنا والربط‬‫وبولوجيي –‬ ‫ر‬
‫اتصاالته‪ .‬وبصفة عامة‪ ،‬نسىع – نحن األنث‬
‫ر‬ ‫ر‬
‫ّ‬
‫التطور‪ ،‬أو ضمن مفهوم الوحدة النفسية المشثكة ربي‬ ‫ّ‬ ‫فيما بينها يف إطار نظريات‬
‫البش‪( Mead, 1973, p.280) "..‬‬ ‫ر‬

‫ر‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬


‫ه العلم الذي يدرس اإلنسان‪ ،‬ويدرس‬
‫وتأسيسا عىل ما تقدم‪ ،‬فنن األنثوبولوجيا ي‬
‫ّ‬
‫الحية األخرى من جهة‪ ،‬وأوجه الشبه‬ ‫وبي الكائنات‬
‫أوجه الشبه وأوجه االختداف بينه ر‬
‫واالختداف ربي اإلنسان وأخيه اإلنسان من جهة أخرى‪.‬‬

‫‪- 06 -‬‬
‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com16‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫واالجتماع بوجه‬
‫ي‬ ‫الثقاف‬
‫ي‬ ‫اإلنسان ضمن اإلطار‬
‫ي‬ ‫وف الوقت ذاته‪ ،‬يدرس السلوك‬ ‫ي‬
‫ّ‬ ‫ر‬ ‫عام‪ .‬فدا ّ‬
‫الفثيولوجيا أو علم النفس‪ ،‬وإنما‬
‫تهتم األنثوبولوجيا باإلنسان الفرد‪ ،‬كما تفعل ر‬
‫تهتم باإلنسان الذي يعيش يف جماعات وأجناس‪ ،‬وتدرس الناس يف أحداثهم وأفعالهم‬ ‫ّ‬

‫الحياتية ‪.‬‬

‫ً‬
‫ثالثا‪ -‬أهداف دراسة ر‬
‫األنثوبولوجيا‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ر‬ ‫ً‬
‫االنثوبولوجيا وطبيعتها‪ ،‬فنن دراستها تحقق مجموعة من‬ ‫استنادا إل مفهوم‬
‫األهداف‪ ،‬يمكن حرصها يف األمور التالية ‪:‬‬

‫ً‬ ‫ً‬ ‫‪ -4/2‬وصف مظاهر الحياة ر‬


‫البشية والحضارية وصفا دقيقا‪ ،‬وذلك عن طريق‬
‫معاسشة الباحث المجموعة أو الجماعة المدروسة‪ ،‬وتسجيل ّ‬
‫كل ما يقوم به أفرادها من‬
‫ّ‬
‫اليومية ‪.‬‬ ‫سلوكات يف تعاملهم‪ ،‬يف الحياة‬

‫‪ -0/2‬تصنيف مظاهر الحياة ر‬


‫البشية والحضارية بعد دراستها دراسة واقعية‪ ،‬وذلك‬
‫ّ‬
‫التطوري الحضاري العام لإلنسان ‪:‬‬ ‫للوصول إل أنماط إنسانية عامة‪ ،‬يف سياق الثتيب‬

‫ر ي‬
‫تكنولوج)‬ ‫معرف –‬
‫ي‬ ‫صناع –‬
‫ي‬ ‫اع‪-‬‬
‫بدان‪ -‬زر ي‬
‫( ي‬
‫ّ‬ ‫التغث الذي يحدث لإلنسان‪ ،‬وأسباب هذا ّ‬
‫ّ‬
‫التغث وعملياته بدقة‬
‫ر‬ ‫ر‬ ‫‪ -2/2‬تحديد أصول‬
‫اإلنسان وربطه بالحارص من خدال المقارنة‪ ،‬وإيجاد‬
‫ي‬ ‫علمية ‪ ..‬وذلك بالرجوع إل الثاث‬
‫التغيث المختلفة ‪.‬‬
‫ر‬ ‫عنارص‬

‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫رّ‬


‫التغيث المحتمل‪ ،‬يف الظواهر اإلنسانية‬
‫ر‬ ‫والتوقعات التجاه‬ ‫المؤشات‬ ‫‪ -2/1‬استنتا‬
‫بالتال إلمكانية التنبؤ بمستقبل الجماعة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الت تتمم دراستها‪ ،‬وبالتصور‬
‫ي‬ ‫‪ /‬الحضارية ي‬

‫‪- 17 -‬‬

‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com17‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫الت أجريت عليها الدراسة‪( .‬لينتون‪ ،4751 ،‬ص‪)45‬‬ ‫ر‬


‫البشية ي‬

‫ر‬ ‫ّ‬
‫الت تستأثر باهتمام‬
‫بت البش‪ ،‬هو الخاصة البيولوجية ي‬
‫العرف ربي ي‬
‫ي‬ ‫ويبدو أن التباين‬
‫أكث من سائر الخواص البيولوجية األخرى عند اإلنسان‪ .‬ويبذل‬ ‫العالم الحديث‪ ،‬ر‬
‫ِ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫مثال‪ .‬فكان من نتائج‬
‫ي‬ ‫عرف‬
‫ي‬ ‫المصنفون العرقيون محاوالت دائبة للتوصل إل تصنيف‬
‫انشغال علماء ر‬
‫األنثوبولوجيا الجسمية بمشكلة العرق‪ ،‬أن اكتسب مفهوم النوع (العرق)‬
‫ّ‬ ‫البشي ذاته‪ .‬فاألصناف العرقية ر‬
‫التفكث بالكائن ر‬ ‫ً‬
‫البشية ظلت‪ ،‬وإل عهد‬ ‫ر‬ ‫رسوخا أعاق‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫التغث‬
‫ر‬ ‫تأثثات البيئة أو قوى‬
‫تعتث كيانات ثابتة نسبيا‪ ،‬وقادرة عىل الصمود أمام ر‬
‫قريب‪ ،‬ر‬
‫الفطرية‪.‬‬

‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬


‫التطرف يف تمجيد فكرة العرق‪ ،‬أدى إل فرض عدد محدود من‬ ‫ويداحظ أن‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫البش الذين يمتازون ّ‬
‫التصنيفات الصارمة عىل بت ر‬
‫بالتال إل ز‬
‫ي‬ ‫بتنوع ال حد له‪ ،‬وأدى‬ ‫ي‬
‫األفراد يف هذه التصنيفات‪ ،‬بصورة تطمس صفاتهم األصلية الخاصة‪( .‬لينتون‪،4759 ،‬‬
‫ص ‪)15‬‬

‫ّ‬ ‫ر‬ ‫ّ‬


‫األنثوبولوجيا بدراسة المجتمعات اإلنسانية كلها‪ ،‬وعىل المستويات‬ ‫إن اهتمام‬
‫ً‬
‫أساسيا ف فلسفة علم ر‬ ‫ً‬
‫األنثوبولوجيا وأهدافها‪ .‬ولكن عىل‬ ‫ي‬ ‫يعتث منطلقا‬
‫الحضارية كافة‪ ،‬ر‬
‫ر‬ ‫ّ‬
‫التوسع يف مجال الدراسات األنثوبولوجية‪ ،‬فما زالت االهتمامات التقليدية‬ ‫الرغم من‬
‫ّ‬
‫لألنثوبولوجيا‪ ،‬وال سيما وصف الثقافات وأسلوب حياة المجتمعات‪ ،‬ودراسة اللغات‬ ‫ر‬
‫األنثوبولوجيا ّ‬
‫عما‬ ‫واللهجات المحلية وآثار ما قبل التاريـ ــخ‪ّ ،‬تؤكد وال شك‪ّ ،‬‬
‫تفرد مجال ر‬

‫سيما علم االجتماع‪( .‬فهيم‪ ،4795 ،‬ص ‪) 25‬‬ ‫عداها من العلوم األخرى‪ ،‬وال ّ‬

‫األنثوبولوجية ف تحديد صفات الكائنات ر‬


‫البشية‪،‬‬ ‫أهمية الدراسات ر‬‫ّ‬ ‫ومن هنا كانت‬
‫ي‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫الت ال تستند‬
‫وإيجاد القواسم المشثكة فيما بينها‪ ،‬بعيدا عن التعصب واألحكام المسبقة ي‬

‫‪- 08 -‬‬
‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com18‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫إل أية أصول علمية‪.‬‬

‫األنثوبولوجيا‪ ،‬بدراساته المختلفة‪ ،‬قد استطاع أن ينجح يف إثبات‬ ‫وإذا كان علم ر‬

‫الثقاف‪ /‬الحضاري‪،‬‬ ‫الكثث من الظواهر الخاصة بنشأة اإلنسان وطبيعته‪ ،‬ومراحل ّ‬


‫تطوره‬
‫ي‬ ‫ر‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ر‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫فنن أهم ما أثبته هو‪ ،‬أن الشعوب البشية بأجناسها المتعددة‪ ،‬تتشابه إل حد التطابق يف‬
‫النواج العضوية والحيوية ‪.‬‬ ‫طبيعتها األساسية‪ ،‬وال ّ‬
‫سيما يف‬
‫ي‬

‫‪- 19 -‬‬

‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com19‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫مصادر الفصل ومراجعه‬

‫ّ‬
‫مقدمة ف ر‬
‫األنثوبولوجيا الثبوية‪ ،‬المطابع التعاونية‪،‬‬ ‫ي‬ ‫‪ -‬أبو هدال‪ ،‬أحمد (‪)4991‬‬
‫األردن‪ّ ،‬‬
‫عمان ‪.‬‬

‫‪ -‬سليم‪ ،‬شاكر (‪ )4794‬قاموس ر‬


‫األنثوبولوجيا‪ ،‬جامعة الكويت ‪.‬‬

‫‪ -‬الجباوي‪ ،‬عىل (‪ )4779/4775‬ر‬


‫األنثوبولوجيا – علم اإلناسة‪ ،‬جامعة دمشق ‪.‬‬ ‫ي‬
‫قصة ر‬
‫األنثوبولوجيا – فصول يف تاري ــخ علم اإلنسان‪،‬‬ ‫‪ -‬فهيم‪ ،‬حسي (‪ّ )4795‬‬
‫ر‬
‫عالم المعرفة (‪ ،)79‬شباط‪ ،‬الكويت ‪.‬‬

‫‪ -‬كداكهون‪ ،‬كدايد (‪ )4751‬اإلنسان يف المرآة‪ ،‬ترجمة ‪ :‬شاكر سليم‪ ،‬بغداد ‪.‬‬

‫‪ -‬لينتون‪ ،‬رالف (‪ )4751‬دراسة اإلنسان‪ ،‬ترجمة ‪ :‬عبد الملك الناشف‪ ،‬المكتبة‬


‫العرصية‪ ،‬ربثوت ‪.‬‬

‫‪ -‬لينتون‪ ،‬رالف (‪ )4759‬ر‬


‫األنثوبولوجيا وأزمة العالم الحديث‪ ،‬ترجمة ‪ :‬عبد‬
‫الملك الناشف‪ ،‬المكتبة العرصية‪ ،‬ربثوت ‪.‬‬

‫‪-‬‬ ‫‪Nicholson, C .(1968) Anthropology and Education , London.‬‬

‫‪-‬‬ ‫‪Mauduit, J. A (1960) Mannuel d, Athnographie, Payoy, Paris‬‬

‫‪- 21 -‬‬
‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com20‬‬
www.facebook.com/tanweerlibrary

- 11 -

https://attanweerlibrary.blogspot.com21
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫الفصل الثان‬

‫نشأة ر‬
‫األنثوبولوجيا وتاريخها‬

‫ا‬
‫أول‪ -‬العرص القديم‬

‫اليونانيي القدماء)‬
‫ر‬ ‫‪ -4‬عند اإلغريق (‬

‫‪ -0‬عند الرومان‬

‫الصينيي القدماء‬
‫ر‬ ‫‪-2‬عند‬

‫ثانيا‪ -‬العصور الوسىط‬

‫‪ -4‬العصور الوسط يف أوروبا‬

‫‪ -0‬العصور الوسط عند العرب‬

‫ثالثا‪ -‬عرص النهضة األوربية‬

‫‪- 22 -‬‬
‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com22‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫ّ‬ ‫ّ‬
‫غث المرص ريي‪ ،‬يطلق كهنة اآللهة‬
‫ومما يقوله يف عادات المرص ريي القدماء ‪ " :‬إنه يف ر‬
‫ويقض العرف عند سائر الشعوب‪ ،‬بأن يحلق أقارب‬ ‫ي‬ ‫شعورهم‪ّ ،‬أما يف مرص فيحلقونها‪.‬‬
‫المصاب رؤوسهم يف أثناء الحداد‪ ،‬ولكن المرص ريي إذا نزلت بساحتهم محنة الموت‪،‬‬
‫ّ‬
‫فننهم يطلقون شعر الرأس واللحية " (خفاجة‪ ،4755 ،‬ص ‪)402‬‬

‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وأما عن المقارنة ربي بعض العادات اإلغريقية والليبية‪ ،‬فيقول ‪ " :‬يبدو أن ثوب أثينا‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫غث أن لباس الليبيات جلدي‪ ،‬وأن‬ ‫ودرعها وتماثيلها‪ ،‬نقلها اإلغريق عن النساء الليبيات‪ .‬ر‬
‫ه مصنوعة من سيور‬ ‫ثعابي‪ ،‬بل ي‬
‫ر‬ ‫عذبات دروعهن المصنوعة من جلد الماعز ليست‬
‫ّ‬
‫الليبيي‬
‫ر‬ ‫الحاليتي سواء ‪ ..‬ومن‬
‫ر‬ ‫جلد الحيوان‪ .‬وأما ما عدا ذلك‪ ،‬فنن الثوب والدرع يف‬
‫ّ‬
‫تعلم اإلغريق كيف يقودون العربات ذات الخيول األربعة " (خشيم‪ ،4759 ،‬ص ‪) 99‬‬

‫ً‬
‫الكثثون من علماء‬
‫ر‬ ‫واستنادا إل هذه اإلسهامات المبكرة والجادة‪ ،‬يعتقد‬
‫ّ‬ ‫ر‬
‫هثودوتس يف وصف ثقافات الشعوب وحياتهم وبعض نظمهم‬ ‫األنثوبولوجيا‪ ،‬أن منهج ر‬
‫اف) المتعارف عليه يف العرص‬
‫االجتماعية‪ ،‬ينطوي عىل بعض أساسيات المنهج (األثنوجر ي‬
‫الحارص باسم (علم الشعوب) ‪.‬‬

‫ّ‬
‫وكذلك نجد أن أرسطو (‪ 200 -219‬ق‪.‬م) كان من أوائل الذين وضعوا بعض‬
‫الحية‪ ،‬وذلك من خدال مداحظاته ّ‬
‫وتأمداته يف الثكيبات‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫التطوري للكائنات‬ ‫أوليات الفكر‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫البيولوجية وتطورها يف الحيوان ‪ ..‬كما ينسب إليه أيضا‪ ،‬توجيه الفكر نحو وصف نشأة‬
‫يعتث مساهمة مبدئية وهامة يف دراسة‬
‫الحكومات وتحليل أشكالها وأفضلها‪ ،‬األمر الذي ر‬
‫النظم االجتماعية واإلنسانية‪( .‬فهيم‪ ،4795 ،‬ص ‪)15‬‬

‫ّ‬
‫اليونانيي يصل إل معلومة طريفة وذات صلة بالفكر‬
‫ر‬ ‫إن الدارس أعمال الفداسفة‬
‫ّ‬ ‫ر‬
‫الت سبقتهم‪ ،‬حيث‬‫الكثث من الحضارات ي‬
‫ر‬ ‫اليونانيي أخذوا‬
‫ر‬ ‫وه‪ :‬أن‬ ‫ر ي‬
‫وبولوج‪ ،‬ي‬ ‫األنث‬

‫‪- 24 -‬‬
‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com24‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫ّ‬
‫امثجت فلسفتهم بالحضارة المرصية القديمة‪ ،‬وتمخض عنها ما يعرف باسم " الحضارة‬
‫الت سادت وازدهرت يف القرون الثداثة السابقة للميداد‪.‬‬
‫الهيليلنية " تلك الحضارة ي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الفلسق الذي يناقض – إل حد ما – ما تتجه إليه‬
‫ي‬ ‫وعىل الرغم من هذا الطابع‬
‫الدراسات ر‬
‫األنثوبولوجية والسوسيولوجية (علم االجتماع)من دراسة ما هو قائم‪ ،‬ال ما‬
‫ّ‬
‫اليونان‪،‬‬
‫ي‬ ‫الفلسق‬
‫ي‬ ‫يجب أن تكون عليه األحوال االجتماعية والثقافية‪ ،‬فنن فضل الفكر‬
‫ً‬ ‫وال ّ‬
‫سيما عند كبار فداسفتهم‪ ،‬ال يمكن التقليل من شأنه أبدا‪.‬‬

‫‪ -0‬عند الرومان ‪:‬‬


‫ّ‬
‫حوال ستة قرون‪ ،‬تابع خدالها الرومان ما طرحه‬
‫ي‬ ‫اإلمثاطورية الرومانية‬
‫امتد عرص ر‬
‫وتفسث التباين‬
‫ر‬ ‫اليونانيون من مسائل وأفكار حول بناء المجتمعات اإلنسانية وطبيعتها‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫المجردة للحياة اإلنسانية‪،‬‬ ‫واالختداف فيما بينها‪ ..‬ولكنهم لم يأخذوا بالنماذ المثالية‪/‬‬
‫وجهوا دراساتهم نحو الواقع الملموس والمحسوس‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬ال يجد‬ ‫بل ّ‬

‫الرومان ما يمكن اعتباره كنسهامات أصيلة يف نشأة علم‬ ‫ر‬


‫األنثوبولوجيون يف الفكر‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫مستقل لدراسة الشعوب وثقافاتهم‪ ،‬أو تقاليد راسخة لمثل هذه الدراسات ‪.‬‬

‫الت احتوت عىل‬


‫ولكن‪ ،‬يمكن أن سستثت من ذلك‪ ،‬أشعار ‪ /‬كاروس لوكرتيوس ‪ /‬ي‬
‫ّ‬
‫بعض األفكار االجتماعية الهامة‪ .‬فقد تناول موضوعات عدة عرضها يف ستة أبواب‬
‫ّ‬
‫رئيسة‪ ،‬ضمنها أفكاره ونظرياته عن المادة وحركة األجرام السماوية وشكلها‪ ،‬وتكوين‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫التطور والتقدم‪ ،‬حيث تحدث عن‬ ‫فكرن ‪:‬‬
‫ي‬ ‫وخصص الباب السادس لعرض‬ ‫العالم ‪..‬‬
‫ونظام الملكية والحكومة‪ ،‬ونشأة اللغة‪ ،‬إضافة إل‬ ‫‪،‬‬ ‫االجتماع‬ ‫والعقد‬ ‫ل‬ ‫اإلنسان ّ‬
‫األو‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫مناقشة العادات والتقاليد والفنون واألزياء والموسيق ‪ (.‬فهيم‪ ،4795 ،‬ص‪)19‬‬

‫‪- 15 -‬‬

‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com25‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫ّ‬
‫يتصور مسار ر‬ ‫ّ‬ ‫وقد رأى بعض ر‬
‫البشية‬ ‫وبولوجيي‪ ،‬أن ‪/‬لوكرتيوس ‪ /‬استطاع أن‬
‫ر‬ ‫األنث‬
‫يف عصور حجرية ّثم برونزية‪ّ ،‬ثم حديدية ‪ ..‬بينما رأى بعضهم اآلخر يف فكر لوكرتيوس‪،‬‬
‫تطابقا مع فكر لويس مورجان –‪ )4994-4949( Morgan .L‬أحد أعدام ر‬ ‫ً‬
‫األنثوبولوجيا‬
‫ّ‬ ‫ف القرن التاسع ر‬
‫عش‪ .‬وذلك من حيث رؤية التقدم واالنتقال من مرحلة إل أخرى‪ ،‬يف‬ ‫ي‬
‫ّ‬
‫إطار حدوث طفرات مادية‪ ،‬وإن كان مردها يف النهاية إل عمليات وابتكارات عقلية ‪.‬‬

‫)‪( Darnell ,1978 ,p.15‬‬

‫ّ‬
‫وإذا استثنينا أشعار ‪ /‬لوكرتيوس ‪ /‬هذه وما احتوتها من أفكار تتعلق بطبيعة الكون‬
‫فننه من الصعوبة بمكان أن تنسب نشأة علم ر‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫األنثوبولوجيا إل‬ ‫وتطوره‪،‬‬ ‫ونشأة اإلنسان‬
‫اإلغريقيي ‪.‬‬
‫ر‬ ‫ه الحال عند‬
‫الرومان القديم‪ ،‬كما ي‬
‫ي‬ ‫الفكر‬

‫وعىل الرغم من ّأن الرومان اهتموا بالواقع‪ ،‬من حيث ربط السداالت ر‬
‫البشية‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫االجتماع والحركة الحضارية‪ ،‬فقد وجدوا يف أنفسهم امتيازا وأفضلية‬‫ي‬ ‫بإمكانية التقدم‬
‫ّ‬
‫غثه بحكم القانون‪ ،‬حت أن الرومان إذا أرادوا‬ ‫الرومان فوق ر‬
‫ي‬ ‫عىل الشعوب األخرى‪ .‬فكان‬
‫ً‬
‫أن يرفعوا من قدر إنسان أو شأن سدالة‪ ،‬أصدرت الدولة قرارا بمنح الجنسية الرومانية‬
‫ّ‬
‫ألي منهما (مؤنس‪ )12 ،4799 ،‬ويبدو أن هذا االتجاه العنرصي‪ ،‬وجد يف معظم‬
‫الشقية ‪ :‬اإلغريقية والرومانية والصينية ‪.‬‬ ‫الحضارات القديمة‪ ،‬وال ّ‬
‫سيما الحضارات ر‬

‫الصينيي القدماء‪:‬‬
‫ر‬ ‫‪-2‬عند‬
‫ّ‬ ‫سيما ر‬
‫خي‪ ،‬وال ّ‬ ‫ّ‬
‫األنثوبولوجيون منهم‪ ،‬أنه عىل الرغم من اهتمام‬ ‫يعتقد بعض المؤر ر‬
‫الصينيي القدماء بالحضارة الرومانية وتقديرها‪ ،‬فلم يجدوا فيها ما ينافس حضارتهم‪.‬‬
‫ر‬

‫‪- 26 -‬‬
‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com26‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫مكتفي‬
‫ر‬ ‫كان الصينيون القدماء سشعرون باألمن والهدوء داخل حدود بدادهم‪ ،‬وكانوا‬
‫ً‬
‫ذاتيا من الناحية االقتصادية المعاشية‪ ،‬حت أن تجارتهم الخارجية انحرصت فقط يف‬
‫تأثثات ثقافية عميقة‪ .‬فلم يعبأ الصينيون يف‬
‫تبادل السلع والمنافع‪ ،‬من دون أن يكون لها ر‬
‫يخل تاريخهم من بعض‬ ‫ُ‬ ‫القديم بالثقافات األخرى خار حدودهم‪ ،‬ومع ذلك‪ ،‬لم‬
‫ّ‬
‫والت كانت تتسم باالزدراء واالحتقار‪.‬‬
‫ي‬ ‫الثبرية‪،‬‬
‫الكتابات الوصفية لعادات الجماعات ر‬
‫)‪) Darnell , 1878 , p.15‬‬

‫ّ‬
‫الصينيي القدماء العنرصية‪ ،‬إذ كانوا يعتقدون –‬
‫ر‬ ‫وهذا االتجاه نابع من نظرة‬
‫ألية حضارة أو فضيلة خار جنسهم‪ ،‬بل‬ ‫كالرومان – ّأنهم أفضل الخلق‪ ،‬وأنه ال وجود ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬ ‫ر‬ ‫ّ‬
‫ولك يؤكد ملوكهم هذا الواقع‪ ،‬أقاموا "‬
‫شء ‪ ..‬ي‬
‫غثهم يف ي‬
‫كانوا يرون أنهم ال يحتاجون إل ر‬
‫ّ‬
‫الصي العظيم " حت ال تدنس أرضهم بأقدام اآلخرين‪(.‬مؤنس‪ ،4799 ،‬ص ‪)45‬‬‫ر‬ ‫سور‬

‫الصي القدماء‪ ،‬باألخداق وشؤون المجتمعات ر‬


‫البشية‪ ،‬من‬ ‫ر‬ ‫ّ‬
‫اهتم فداسفة‬ ‫ولذلك‪،‬‬
‫ّ‬
‫خدال االتجاهات الواقعية ‪ /‬العملية يف دراسة أمور الحياة اإلنسانية ومعالجتها‪ ،‬ألن‬
‫االجتماع‪ ،‬يف أي مجتمع‪ ،‬تسهم يف تقديم‬
‫ي‬ ‫الت ترتبط بالبناء‬
‫معرفة األنماط السلوكية ي‬
‫بالتال عن طرائق‬
‫ي‬ ‫الثقاف لهذا المجتمع‪ ،‬والذي يكشف‬
‫ي‬ ‫الدليل الواضح عىل الثاث‬
‫ّ‬
‫التعامل فيما بينهم من جهة‪ ،‬ويحدد أفضل الطرائق للتعامل معهم من جهة أخرى‪ .‬وهذا‬
‫الت تعت باإلنسان‪.‬‬ ‫ّ‬
‫الباحثي يف العلوم األخرى‪ ،‬وال سيما تلك ي‬
‫ر‬ ‫ما يفيد‬

‫ً‬
‫ثانيا‪ -‬ر‬
‫األنثبولوجيا يف العصور الوسط‬
‫ّ‬
‫تمتد من القرن الرابع إل القرن الرابع ر‬ ‫ّ‬
‫عش‬ ‫خي أن هذه العصور‪،‬‬
‫يجمع معظم المؤر ر‬
‫الميدادي‪ .‬وقد اصطلح عىل تسميتها بالعصور الوسط كونها ارتبطت بتدهور الحضارة‬

‫‪- 17 -‬‬

‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com27‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫ّ‬
‫األوربية وارتداد الفكر إل حقبة مظلمة من جهة‪ ،‬وألنها من جهة وقعت ربي عهدين هما‪:‬‬
‫نهاية ازدهار الفلسفات األوربية القديمة (اليونانية والرومانية) وبداية عرص النهضة‬
‫األوربية (عرص التنوير) واالنطداق إل مجاالت جديدة من استكشاف العوالم األخرى‪،‬‬
‫وإحياء الثاث الفكري القديم‪ ،‬وإبداعات يف الفنون واآلداب المختلفة‪ ،‬يف الوقت الذي‬
‫ّ‬
‫كانت فيه الحضارة العربية اإلسدامية تزدهر‪ ،‬وتتسع لتشمل مجاالت العلوم المختلفة ‪.‬‬

‫‪ -4‬العصور الوسط يف أوربا ‪:‬‬


‫ّ‬ ‫ّ‬
‫العقدان‪،‬‬
‫ي‬ ‫التفكث‬
‫ر‬ ‫المؤرخون أنه يف هذه العصور الوسط (المظلمة) تدهور‬ ‫يذكر‬
‫ّ‬
‫تفسثات للكون‬
‫ر‬ ‫وأدينت ّأية أفكار تخالف التعاليم المسيحية‪ ،‬أو ما تقدمه الكنيسة من‬
‫ّ‬

‫والحياة اإلنسانية‪ ،‬سواء يف منشئها أو يف مآلها‪ .‬ولكن إل جانب ذلك‪ ،‬كانت مراكز أخرى‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وجهت منطلقات المعرفة‪ ،‬وحددت طبيعة الحضارة الغربية يف تلك العصور‪ ،‬كبداط‬
‫ّ‬ ‫ا‬
‫المثقفي كرجال اإلدارة والسياسة‬
‫ر‬ ‫يضم يف العادة‪ ،‬فئات من‬ ‫الملوك مثال‪ ،‬الذي كان‬
‫والشعراء‪( .‬فهيم‪ ،4795 ،‬ص ‪)52‬‬

‫لتوسع يف دراسة القانون (جامعة بولونيا) ودراسة الفلسفة‬ ‫يضاف إل ذلك ا ّ‬


‫ّ‬
‫والداهوت (جامعة باريس) مما كانت لـه آثار واضحة يف الحياة األوربية العامة (السياسية‬
‫الت شهدتها أوروبا بعد هذه‬ ‫واالجتماعية والثقافية والدينية) ّ‬
‫بالتال للنهضة ي‬
‫ي‬ ‫ومهد‬
‫العصور ‪.‬‬

‫ّ ّ‬ ‫ّ‬
‫لقد ظهرت يف هذه المرحلة محاوالت عدة للكتابة عن بعض الشعوب‪ ،‬إال أنها‬
‫ر‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫المباشة عىل أرض الواقع‪ .‬مثال‬ ‫التخي يىل‪ ،‬بعيدة عن المشاهدة‬ ‫اتسمت – غالبا‪ -‬بالوصف‬
‫ذلك‪ ،‬ما قام به األسقف ‪ /‬إسيدور ‪ / Isidore‬الذي عاش ما ربي (‪ )525 -552‬حيث‬

‫‪- 28 -‬‬
‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com28‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫ّ‬
‫أعد يف القرن السابع الميدادي موسوعة عن المعرفة‪ ،‬وأشار فيها إل بعض تقاليد‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫والتحث‪.‬‬
‫ر‬ ‫الشعوب المجاورة وعاداتهم‪ ،‬ولكن بطريقة وصفية عفوية‪ ،‬تتسم بالسطحية‬

‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬


‫ومما ذكره‪ ،‬أن قرب الشعوب من أوربا أو بعدها عنها‪ ،‬يحدد درجة تقدمها‪ ،‬فكلما‬
‫ّ‬
‫كانت المسافة بعيدة‪ ،‬كان االنحطاط والتهور الحضاري مؤكدا لتلك الشعوب‪ .‬ووصف‬
‫َ‬ ‫ّ‬
‫الناس الذين يعيشون يف أماكن نائية‪ ،‬بأنهم من سداالت غريبة الخلق‪ ،‬حيث تبدو‬
‫وجوههم بدا أنوف ‪.‬‬

‫ظلت تلك المعلومات سائدة وشائعة حت القرن الثالث ر‬ ‫ّ‬


‫عش‪ ،‬حيث ظهرت‬ ‫وقد‬
‫ّ‬
‫والت حظيت‬ ‫ي‬ ‫الفرنىس ‪ /‬باتولو ماكوس ‪،/Batholo Macus‬‬ ‫ي‬ ‫موسوعة أخرى أعدها‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫كثثا عن سابقتها يف االعتماد عىل الخيال ‪(.‬‬
‫ر‬ ‫تختلف‬ ‫لم‬ ‫ها‬ ‫أن‬ ‫من‬ ‫الرغم‬ ‫كبثة‪ ،‬عىل‬
‫بشعبية ر‬
‫المرجع السابق‪ ،‬ص ‪)50‬‬

‫‪ -0‬العصور الوسط عند العرب ‪:‬‬


‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وتمتد من منتصف القرن السابع الميدادي‪ ،‬وحت نهاية القرن الرابع ر‬
‫عش تقريبا‪.‬‬
‫حيث بدأ اإلسدام يف االنتشار‪ ،‬وبدأت معه بوادر الحضارة العربية اإلسدامية آنذاك‬
‫ّ‬
‫تضمنت هذه الحضارة ‪ :‬اآلداب واألخداق والفلسفة والمنطق‪،‬‬ ‫بالتكوين واالزدهار‪ .‬وقد‬
‫تأثثات خاصة يف الحياة السياسية واالجتماعية والعداقات الدولية ‪.‬‬
‫كما كانت ذات ر‬
‫)‪)Darnell,1978, p.259‬‬

‫الت أحدثتها الفتوحات العربية اإلسدامية‪ ،‬االهتمام‬


‫وقد اقتضت األوضاع الجديدة ي‬
‫بدراسة أحوال الناس يف البداد المفتوحة وسبل إدارتها‪ ،‬حيث أصبح ذلك من رصورات‬
‫التنظيم والحكم ‪.‬‬

‫‪- 19 -‬‬

‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com29‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫ولذلك‪ ،‬برز العرب يف وضع المعاجم الجغرافية‪ ،‬كمعجم (البلدان) لياقوت الحموي‪.‬‬
‫الكبثة الت بلغت ذروتها ف القرن الثامن الهجري (الرابع ر‬
‫عش‬ ‫ر‬ ‫وكذلك إعداد الموسوعات‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫ميدادي) مثل " مسالك األمصار " إلبن فضل هللا العمري‪ ،‬و " نهاية األرب يف فنون‬
‫العرب " للنويري ‪.‬‬

‫اهتمام هذه الكتب الموسوعية بشؤون العمران ‪ ،‬فقد ّ‬


‫تمثت مادتها‬ ‫ّ‬ ‫وإل جانب‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫والخثة الشخصية‪ ،‬وهذا ما جعلها مادة خصبة من ناحية‬ ‫ر‬ ‫باالعتماد عىل المشاهدة‬
‫المنهج ر‬
‫ر ي‬
‫وبولوج يف دراسة الشعوب والثقافات اإلنسانية ‪.‬‬ ‫األنث‬

‫ون‪ /‬الذي عاش ما ربي (‪250‬‬ ‫ّ‬


‫البث ي‬
‫وهناك من تخصص يف وصف إقليم واحد مثل‪ /‬ر‬
‫ً‬
‫– ‪ 112‬هجرية) ووضع كتابا عن الهند بعنوان " تحرير ما للهند من مقولة مقبولة يف‬
‫العقل أو مرذولة " ‪.‬وصف فيه المجتمع الهندي بما فيه من نظم دينية واجتماعية‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫واهتم أيضا بمقارنة تلك النظم والسلوكيات الثقافية‪ ،‬بمثيداتها عند‬ ‫وأنماط ثقافية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ون يف هذا الكتاب‪ ،‬حقيقة أن الدين يؤدي الدور‬
‫البث ي‬
‫اليونان والعرب والفرس‪ .‬وأبرز ر‬
‫الرئيس يف تكبيل الحياة الهندية‪ ،‬وتوجيه سلوك األفراد والجماعات‪ ،‬وصياغة القيم‬
‫والمعتقدات ‪ (.‬فهيم‪ ،4795 ،‬ص‪)51‬‬

‫كما كانت لرحدات ابن بطوطة وكتاباته خصائص ذات طابع ر‬


‫ر ي‬
‫وبولوج‪ ،‬برزت يف‬‫أنث‬
‫اهتمامه بالناس ووصف حياتهم اليومية‪ ،‬وطابع شخصياتهم وأنماط سلوكاتهم وقيمهم‬
‫ّ‬ ‫وتقاليدهم‪ّ .‬‬
‫فمما كتبه يف استحسان أفعال أهل السودان ‪ " :‬فمن أفعالهم قلة الظلم‪،‬‬
‫ر‬ ‫ً‬
‫شء منه‪ .‬ومنها شمول األمن يف‬ ‫فهم أبعد الناس عنه وسلطانهم ال سسامح أحدا يف ي‬
‫ّ‬
‫بدادهم‪ ،‬فدا يخاف المسافر فيها وال المقيم من سارق وال غاضب‪ .‬ومنها عدم تعرضهم‬
‫القناطث المقنطرة‪.‬‬
‫ر‬ ‫لمال من يموت يف بدادهم من البيضان (البيض واألجانب) ولو كان‬

‫‪- 01 -‬‬
‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com30‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وإنما يثكونه بيد ثقة من البيضان‪ ،‬حت يأخذه مستحقه‪( .‬ابن بطوطة‪ ،4759 ،‬ص‬
‫‪)590‬‬

‫والثبر‪،‬‬ ‫ّ‬
‫والخث يف أيام العرب والعجم ر‬
‫ر‬ ‫العث وديوان المبتدأ‬
‫أما كتاب ابن خلدون " ر‬
‫ّ‬
‫كبثة وواسعة بسبب مقدمته‬‫األكث " فقد نال شهرة ر‬
‫ر‬ ‫ومن عارصهم من ذوي السلطان‬
‫الرئيسة وعنوانها ‪ " :‬يف العمران وذكر ما يعرض فيه من العوارض الذاتية من الملك‬
‫والسلطان‪ ،‬والكسب والمعاش والمصانع والعلوم‪ ،‬وما لذلك من العلل واألسباب "‪.‬‬
‫ا‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وتعتث هذه المقدمة عمال أصيال يف تسجيل الحياة االجتماعية لشعوب شمال أفريقيا‪،‬‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫وال سيما العادات والتقاليد والعداقات االجتماعية‪ ،‬إل جانب بعض المحاوالت النظرية‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫لتفسث ّ‬
‫كل ما رآه من أنظمة اجتماعية مختلفة‪ .‬وقد شكلت موضوعات هذه المقدمة –‬ ‫ر‬
‫ر‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫فيما بعد – اهتماما رئيسيا يف الدراسات األنثوبولوجية‪.‬‬

‫ّ‬ ‫ومن ّ‬
‫والت لها صلة‬
‫ي‬ ‫الت تناولها ابن خلدون يف مقدمته‪،‬‬
‫ي‬ ‫أهم الموضوعات‬
‫ه تلك العداقة ربي البيئة الجغرافية والظواهر االجتماعية‪.‬‬ ‫ر‬
‫باهتمامات األنثوبولوجيا‪ ،‬ي‬
‫ً‬
‫رد ابن خلدون – استنادا إل تلك الدعامة – اختداف ر‬ ‫ّ‬
‫البش يف ألوانهم وأمزجتهم‬ ‫فقد‬
‫ً‬ ‫ا‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫اعتثها أيضا عامال هاما‬
‫الت ر‬‫ي‬ ‫افية‬
‫ر‬ ‫الجغ‬ ‫البيئة‬ ‫إل‬ ‫قية‪،‬‬‫والخل‬ ‫الجسمية‬ ‫وصفاتهم‬ ‫ة‬ ‫النفسي‬
‫يف تحديد المستوى الحضاري للمجتمعات اإلنسانية‪( .‬ابن خلدون‪ ،4755 ،4 ،‬ص‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫وتطورها وأحوالها‪،‬‬ ‫‪ )074‬كما تناول ابن خلدون يف مقدمته أيضا‪ ،‬مسألة قيام الدول‬
‫وبلور نظرية (دورة العمران) ربي البداوة والحضارة عىل أساس المماثلة ربي حياة‬
‫الح‪.‬‬ ‫ر‬
‫الجماعة البشية وحياة الكائن ي‬
‫ّ‬ ‫وقد سيطرت هذه الفكرة عىل أذهان علماء االجتماع ف ر‬
‫الشق والغرب – عىل حد‬ ‫ي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫اعتث ابن خلدون أن التطور هو سنة الحياة‬
‫ر‬ ‫سواء – يف العصور الوسط ‪ ..‬حيث‬

‫‪- 31 -‬‬

‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com31‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫االجتماعية‪ ،‬وهو األساس الذي تستند إليه دراسة الظواهر االجتماعية‪.‬‬

‫ّ‬
‫وتثة‬
‫يقول يف ذلك ‪ " :‬إن أحوال العالم واألمم وعوائدهم ونحلهم‪ ،‬ال تدوم عىل ر‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫مستقر‪ ،‬وإنما هو اختداف عىل األيام واألزمنة وانتقال من حال إل حال‪.‬‬ ‫واحدة ومنها‬
‫وكما يكون ذلك يف األشخاص واألوقات واألمصار‪ ،‬فكذلك يقع يف اآلفاق واألقطار‬
‫واألزمنة والدول‪( .‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪ )050‬فعمر الدول عند ابن خلدون كعمر الكائن‬
‫ر‬
‫وتتداش إل‬ ‫البشي‪ ،‬تبدأ بالوالدة وتنمو إل الشباب والنضج والكمال‪ّ ،‬ثم ر‬
‫تكث وتهرم‬ ‫ر‬

‫الزوال ‪.‬‬

‫لقد أرش ابن خلدون األسس المنهجية لدراسة المجتمعات ر‬


‫البشية‪ ،‬ودورة‬
‫تمر بها‪ ،‬فكان بذلك‪ ،‬أسبق من علماء االجتماع يف أوروبا‪ .‬ولذلك‪ ،‬يرى‬ ‫الحضارات الت ّ‬
‫ي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الحقيق لعلم االجتماع‪ ،‬بينما‬
‫ي‬ ‫س‬ ‫المؤس‬ ‫يعتث‬
‫ر‬ ‫خلدون‬ ‫ابن‬ ‫أن‬ ‫‪،‬‬‫خي‬
‫ر‬ ‫والمؤر‬ ‫اب‬ ‫بعض الكت‬
‫ّ‬ ‫ر‬ ‫يرى بعضهم اآلخر‪ ،‬وال ّ‬
‫الثيطانيون‪ ،‬يف مقدمة ابن خلدون‬ ‫سيما علماء األنثوبولوجيا ر‬
‫ر‬ ‫ً‬
‫وف أمريكا‪ ،‬أشار ‪/‬جون‬ ‫بعضا من موضوعات األنثوبولوجيا االجتماعية ومناهجها ‪ .‬ي‬
‫ّ‬ ‫أيضا ف كتابه " تاريـ ــخ الفكر ر‬ ‫ً‬
‫وبولوج " إل أن ابن خلدون تناول‬ ‫ر ي‬ ‫األنث‬ ‫ي‬ ‫هونجيمان ‪/‬‬
‫مارفي هاريس ‪ /‬عـن " المادية الثقافية – ‪Cultural‬‬
‫ر‬ ‫بعض األفكار ذات الصلة بنظرية ‪/‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫اإلدريىس‪،‬‬
‫ي‬ ‫‪ " Materialism‬ونجد أن ‪ /‬هاريس ‪ /‬ذاته‪ ،‬يذكر أن ابن خلدون ومن قبله‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫الت سادت إبان القرن‬
‫قدما أفكارا ومواد ساعدت يف بلورة نظرية الحتمية الجغرافية‪ ،‬ي‬
‫الثامن ر‬
‫عش ‪( Anderson , 1984 , p.112(.‬‬

‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬


‫واستنادا إل ما تقدم يمكن القول ‪ :‬إن الفداسفة والمفكرين العرب أسهموا بفاعلية‬
‫الت يمكن أن تدخل‬
‫كثث من الظواهر االجتماعية ي‬‫– خدال العصور الوسط‪ -‬يف معالجة ر‬
‫الثقاف (الحضاري) ربي الشعوب‪ ،‬سواء‬ ‫ّ‬ ‫ف االهتمامات ر‬
‫األنثوبولوجية‪ ،‬وال ّ‬
‫سيما التنوع‬
‫ي‬ ‫ي‬

‫‪- 02 -‬‬
‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com32‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫بدراسة خصائص ثقافة أو حضارة بذاتها‪ ،‬أو بمقارنتها مع ثقافة أخرى‪ .‬ولكن عىل الرغم‬
‫معي‬‫ّ‬
‫الت درست (أسلوب الحياة يف مجتمع ر‬ ‫من اعتبارها مصادر للمادة األثنوجرافية ي‬
‫ر‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫محددة) وال ّ‬
‫سيما العادات والقيم وأنماط الحياة‪ ،‬فنن األنثوبولوجيا‬ ‫وخدال فثة زمنية‬
‫الت تبلورت ف أواخر القرن التاسع ر‬
‫عش كعلم جديد معثف به‪ ،‬لم تكن ذات صلة تذكر‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫بغثها من الدراسات (اليونانية والرومانية) القديمة ‪.‬‬
‫بهذه الدراسات‪ ،‬وال ر‬

‫ً‬
‫ثالثا‪ -‬ر‬
‫األنثوبولوجيا يف عرص النهضة األوروبية‬

‫عش‬‫المؤرخون عىل ّأن عرص النهضة ف أوربا‪ ،‬بدأ ف نهاية القرن الرابع ر‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫يتفق‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫الميدادي‪ ،‬حيث رشع األوروبيون بعملية دراسة انتقائية للعلوم والمعارف اإلغريقية‬
‫والعربية ‪ ،‬مثافقة بحركة ريادية نشطة لداستكشافات الجغرافية‪ .‬وتبع ذلك االنتقال من‬
‫التجريت‪ ،‬يف دراسة الظواهر الطبيعية واالجتماعية‪،‬‬
‫ري‬ ‫العلم‬
‫ي‬ ‫الفلسق إل المنهج‬
‫ي‬ ‫المنهج‬
‫ر‬
‫والذي تبلور وتكامل يف القرن السابع عش ‪.‬‬

‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬


‫سم (عرص التنوير)‬
‫التغثات مجتمعة أدت إل ترسيخ عرص النهضة أو ما ي‬ ‫ر‬ ‫إن هذه‬
‫عش‪ ،‬كعلم يدرس ّ‬
‫تطور‬ ‫االنثبولوجيا ف نهاية القرن التاسع ر‬ ‫وأسهمت بالتال ف بلورة ر‬
‫ي‬ ‫ي ي‬
‫اإلنسان‪ .‬األمر الذي استلزم توافر‬ ‫ـخ‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫ي‬
‫التار‬ ‫وعث‬ ‫العام‬ ‫إطارها‬ ‫ف‬ ‫ر‬
‫ي‬ ‫ر‬ ‫الحضارة البشية ي‬
‫الموضوعات الوصفية عن ثقافات الشعوب وحضاراتها‪ ،‬يف أوروبا وخارجها‪ ،‬من أجل‬
‫ّ‬
‫تطورية‬ ‫ّ‬
‫والتعرف إل أساليب حياة هذه الشعوب وترتيبها بحسب مراحل‬ ‫المقارنات‪،‬‬
‫ً‬
‫أساسا لنشأة علم ر‬ ‫ّ‬
‫األنثوبولوجيا‪.‬‬ ‫معينة‪ ،‬بحيث يضع ذلك‬

‫استكشافية مشهورة ّأثرت ف علم ر‬


‫األنثوبولوجيا‪ ،‬ما قام‬ ‫ّ‬ ‫أهم رحلة أو( رحدات)‬ ‫ّ‬
‫لعل ّ‬
‫ي‬
‫بها ‪ /‬كريستوف كولومبوس ‪/‬إل القارة األمريكيـة ما ربي (‪ )4520 -4170‬حيث زخرت‬

‫‪- 33 -‬‬

‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com33‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫ّ‬
‫بالكثث من المعلومات‬
‫ر‬ ‫مذكراته عن مشاهداته واحتكاكاته بسكان العالم الجديد‪،‬‬
‫ّ‬
‫والمعارف عن أساليب حياة تلك الشعوب وعاداتها وتقاليدها‪ ،‬اتسمت بالموضوعية‬
‫ر‬
‫المباشة ‪.‬‬ ‫نتيجة للمشاهدة‬

‫ّ‬ ‫ّ‬
‫األطلىس ‪ " :‬إن أهل تلك‬
‫ي‬ ‫ومما قاله يف وصف سكان جزر الكاريبيان يف المحيط‬
‫ّ‬ ‫َّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫الجزركلهم عراة تماما‪ ،‬الرجال منهم والنساء‪ ،‬كما ولدتهم أمهاتهم‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬فثمة بعض‬
‫ّ‬
‫عورتهن بورق الشجر‪ ،‬أو قطعة من نسيج األلياف تصنع لهذا‬ ‫يغطي‬ ‫اللوان‬ ‫النساء‬
‫ر‬ ‫ي‬
‫الغرض‪ .‬ليست لديهم أسلحة ومواد من الحديد أو الصلب وهم ال يصلحون الستخدامها‬
‫ّ‬
‫عىل ّأية حال‪ .‬وال يرجع السبب يف ذلك إلىضعف أجسادهم‪ ،‬وإنما إل كونهم خجلون‬
‫يثث اإلعجاب‪) Oswalt , 1972,p. 10)" ..‬‬
‫ومسالمون بشكل ر‬

‫ُ ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬


‫األصليي ‪ " :‬إنهم يتمتعون بحسن الخلق والخلق‪،‬‬
‫ر‬ ‫وكتب يف وصفه لسكان أمريكا‬
‫ّ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وقوة البنية الجسدية‪ .‬كما أنهم سشعرون بحرية الترصف فيما يمتلكون‪ ،‬إل حد أنهم ال‬
‫ّ‬ ‫ًّ‬ ‫ّ‬
‫يثددون يف إعطاء من يقصدهم أيا من ممتلكاتهم‪ ،‬عداوة عىل أنهم يتقاسمون ما عندهم‬
‫برض وشور ‪(Boorstin,1983, p.628) "..‬‬

‫وهكذا كان لرحدات كولومبس واكتشافه العالم الجديد (أمريكا) عام ‪4170‬أثرها‬
‫تغيث النظرة إل اإلنسان عامة‪ ،‬واإلنسان‬
‫ر‬ ‫وف‬
‫الكبث يف إدخال أوروبا حقبة جديدة‪ ،‬ي‬
‫ر‬
‫ّ‬ ‫ر‬ ‫ّ ّ‬
‫ر ي‬
‫وبولوج‪ .‬وذلك‪ ،‬ألن هذه االكتشافات‬ ‫بالتال يف الفكر األنث‬
‫ي‬ ‫األورون خاصة‪ ،‬مما أثر‬
‫ري‬
‫بمثاتهم وأنماط حياتهم‪،‬‬
‫الجغرافية ‪ /‬االجتماعية وما تبعها من معرفة سكان هذه األرض ر‬
‫ً‬ ‫تنوع الجنس ر‬‫أظهرت بوضوح ّ‬
‫كثثا من المسائل والدراسات حول قضايا‬
‫البشي‪ ،‬وأثارت ر‬
‫البشية‪.‬‬ ‫ّ‬
‫والتطور عند الكائنات ر‬ ‫النشوء‬

‫تأثث يف توليد نظريات جديدة عن‬ ‫لقد ّ‬


‫تمث عرص النهضة األوربية‪ ،‬بظاهرة كان لها ر‬
‫ر‬

‫‪- 04 -‬‬
‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com34‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وه أن المفكرين اتفقوا‪ ،‬عىل الرغم من تباين وجهات نظرهم‪ ،‬عىل‬
‫العالم واإلنسان‪ ،‬ي‬
‫اإلنسان إل‬
‫ي‬ ‫الت أعاقت فضول العقل‬
‫مناهضة فلسفة العصور الوسط الداهوتية‪ ،‬ي‬
‫معرفة أصول األشياء ومصادرها‪ ،‬وتكوين الطبيعة وقوانينها‪ ،‬وصفات اإلنسان الجسدية‬
‫والعقلية واألخداقية‪( .‬فهيم‪ ،4795 ،‬ص‪)95‬‬

‫ّ‬
‫اإلنسان‬
‫ي‬ ‫وظهر نتيجة لهذا الموقف الجديد اتجاه لدراسة اإلنسان‪ ،‬عرف بالمذهب‬
‫ّ‬
‫الماض من أجل فهم الحارص‪ ،‬حيث اتجهت دراسة الطبيعة‬ ‫ي‬ ‫العلم) اقتض دراسة‬
‫ي‬ ‫(‬
‫ّ‬
‫اإلنسانية وفهم ماهيتها وأبعادها وفق المراحل التاريخية‪ /‬التطورية لإلنسان ‪.‬‬

‫ّ‬
‫الت‬
‫م يف الدراسات التجريبية والرياضية‪ ،‬ي‬
‫وقد تبلور هذا االتجاه (المذهب) العل ي‬
‫عش‪ ،‬من أمثال‪ :‬فرانسيس بيكون ‪F.Becon‬‬ ‫ظهرت ف أعمال بعض علماء القرن السابع ر‬
‫ي‬
‫(‪ )4505-4554‬ورينيه ديكارت ‪ )4552-4575(R.Decartes‬واسحق نيوتن ‪I.‬‬
‫ّ‬
‫وغثهم‪ .‬حيث أصبحت النظرة الجديدة لإلنسان عل أنه‬
‫‪ ،)4909-4510( Newton‬ر‬
‫التجريت‪ ،‬ومعرفة‬
‫ري‬ ‫العلم والمنهج‬
‫ي‬ ‫ظاهرة طبيعية‪ ،‬ويمكن دراسته من خدال البحث‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫االجتماع ‪.‬وهذا ما أسهم يف تشكيل‬
‫ي‬ ‫اإلنسان والتقدم‬
‫ي‬ ‫التطور‬ ‫مسثة‬
‫الت تحكم ر‬ ‫القواني ي‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫االجتماع‪ ،‬وأدى بصورة تدريجية إل بلورة البدايات النظرية‬
‫ي‬ ‫للفكر‬ ‫النظرية‬ ‫المنطلقات‬
‫ر‬
‫لألنثوبولوجيا‪ ،‬خدال عرص التنوير ‪.‬‬

‫ّأما بالنسبة للدراسات األثنوجرافية (دراسة أسلوب الحياة والعادات والتقاليد)‬


‫والدراسات األثنولوجية (دراسة مقارنة ألساليب الحياة للوصول إل نظرية النظم‬
‫ّ‬ ‫ر‬
‫كثثة قام بها العديد‬
‫االجتماعية )‪ ،‬والدراسات األنثوبولوجية االجتماعية‪ ،‬فثمة أعمال ر‬
‫من العلماء ‪.‬‬

‫اإلسبان (جوزيه آكوستا ‪ )J. Acosta‬يف القرن السادس‬


‫ي‬ ‫وقد تكون محاولة الرحالة‬

‫‪- 35 -‬‬

‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com35‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫األصليي يف العالم الجديد ببعض األفكار‬


‫ر‬ ‫ّ‬
‫الشخصية عن السكان‬ ‫ر‬
‫عش‪ ،‬لربط مداحظاته‬
‫والتنظث بشأنها‪.‬‬
‫ر‬ ‫النظرية‪ ،‬المحاولة األول لتدوين المادة األثنوجرافية‬

‫ا‬ ‫ّ‬
‫فقد افثض آكوستا أن الهنود الحمر كانوا قد نزحوا أصال من آسيا إل أمريكا‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الت كانت سائدة يف أوروبا حينذاك‪ .‬وقدم‬‫وبذلك فش اختداف حضاراتهم عن تلك ي‬
‫ً‬ ‫عث مراحل ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫معينة‪ ،‬معتمدا يف‬ ‫آكوستا أيضا افثاضا آخر حول تطور الحضارة اإلنسانية ر‬
‫تصنيفه عىل أساس معرفة الشعوب القراءة والكتابة‪.‬‬

‫الصي يف المرتبة الثانية لمعرفتها‬


‫ر‬ ‫وقد وقفت أوروبا يف أعىل الثتيب‪ ،‬وأتت بعدها‬
‫ّ‬
‫الكتابة‪ ،‬بينما جاءت المكسيك يف مرتبة أدن من ذلك ‪ ..‬وصنفت المجتمعات األخرى‬
‫ّ‬ ‫بدرجات متباينة ف المواقع األدن من هذا الثتيب‪ّ )Darnell,1978,p.81) .‬‬
‫وربما شكل‬ ‫ي‬
‫ً‬
‫أساسا استند إليه ر‬
‫للتميث ربي المجتمعات ‪.‬‬
‫ر‬ ‫األنثوبولوجيون – فيما بعد‪-‬‬ ‫هذا التصنيف‬

‫اإلسبان يف الدراسة األثنوجرافية عن الشعوب البدائية‪،‬‬


‫ي‬ ‫وظهر إل جانب آكوستا ‪/‬‬
‫مونتان ‪ M.De. Montaigne‬الذي عاش ما ربي‬
‫ي‬ ‫الفرنىس‪ ،‬ميشيل دي‬
‫ي‬ ‫عالم االجتماع‬
‫األصليي يف أمريكا‬
‫ر‬ ‫(‪ )4570-4520‬وأجرى مقابدات مع مجموعات من السكان‬
‫المكتشفي إل أوربا‪ .‬وبعد إن جمع منهم المعلومات‬
‫ر‬ ‫المكتشفة‪ ،‬والذين أحرصهم بعض‬
‫ّ‬
‫لك يفهم‬
‫األصىل‪ ،‬خر بالمقولة التالية ‪ " :‬إنه ي‬
‫ي‬ ‫عن العادات والتقاليد السائدة يف موطنهم‬
‫ر‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً ّ ً‬
‫جيدا‪ ،‬ال بد من دراسة التنوع الحضاري للمجتمعات البشية واستقصاء‬ ‫العالم فهما‬
‫ّ‬
‫أسباب هذا التنوع " ويكون بذلك قد طرح فكرة (النسبية األخداقية)‪.‬‬

‫الشهث عن " أكلة لحوم ر‬


‫البش " وجاء فيه ‪:‬‬ ‫ر‬ ‫ّ‬
‫ومما قاله يف هذا اإلطار ما كتبه يف مقاله‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫" يبدو أن ليس لدينا أي معيار للحقيقة والصواب‪ ،‬إال يف إطار ما نجده سائدا من آراء‬
‫وعادات عىل األرض الت نعيش عليها (أوروبا)‪ ،‬حيث نعتقد بوجود أكمل الديانات‪ ،‬ر‬
‫وأكث‬ ‫ي‬

‫‪- 06 -‬‬
‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com36‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫الطرائق فاعلية يف الحصول عىل األشياء ‪.‬‬

‫الثّية‪ .‬فقد‬
‫البش) فطريون ‪ /‬طبيعيون‪ ،‬مثل الفاكهة ر‬‫ّإن هؤالء الناس (أكلة لحوم ر‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫بقوا عىل حالهم البسيطة‪ ،‬كما شكلتهم الطبيعة بطريقتها الخاصة‪ ،‬وتحكمت فيهم‬
‫الشهث "‬ ‫وسثتهم ‪ )Leach,1982,p.67) ".‬ومن هذه الرؤية‪ ،‬الف كتابه‬ ‫ّ‬ ‫قوانينها‬
‫ر‬ ‫ر‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫األورون عامة‪ ،‬والفكر‬
‫ري‬ ‫الفكر‬ ‫مؤرج‬
‫ي‬ ‫لدى‬ ‫ا‬
‫كبث‬‫ر‬ ‫اهتماما‬ ‫‪،‬‬‫‪4597‬‬ ‫عام‬ ‫الصادر‬ ‫"‬ ‫المقاالت‬
‫الفرنىس خاصة ‪.‬‬
‫ي‬

‫الت‬ ‫ر‬
‫ويأن القرن الثامن عش‪ ،‬ليحمل معه كتابات جان جاك روسو ‪ ،J.J. Rossow‬ي‬ ‫ي‬
‫ر‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ج علم األنثوبولوجيا‪ ،‬وذلك بالنظر لما تضمنته يف دراستها‬
‫كبثة لدى مؤر ي‬
‫احتلت أهمية ر‬
‫األثنوجرافية للشعوب المكتشفة (المجتمعات البدائية) مقارنة مع المجتمعات الغربية ‪/‬‬
‫األوروبية ‪.‬‬

‫ّ‬
‫بالتجرد والموضوعية‪ ،‬حيث‬ ‫األنثوبولوجية عند ّ‬
‫روسو‬ ‫لقد ّ‬
‫تمثت وجهة النظر ر‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫الفرنىس‪ ،‬مقابل‬
‫ي‬ ‫تجىل ذلك يف نقد بعض القيم والجوانب الثقافية يف مجتمعه‬
‫ّ‬
‫وف هذا اإلطار‪ ،‬يعد كتابه "‬
‫استحسان بعض الطرائق الحياتية يف المجتمعات األخرى‪ .‬ي‬
‫العقد االجتماع" من البواكث األول للفكر ر‬
‫ر ي‬
‫وبولوج‪.‬‬‫األنث‬ ‫ر‬ ‫ي‬

‫القواني)‬ ‫وكان إل جانب ّ‬


‫روسو‪ ،‬البارون دي مونتسكييه‪ ،‬الذي وضع كتاب (روح‬
‫ر‬
‫القواني والعادات والتقاليد والبيئة‪ .‬وسادت هذه‬
‫ر‬ ‫الوظيق ربي‬
‫ي‬ ‫وأوضح فيه فكرة الثابط‬
‫ّ‬ ‫ر‬
‫وبولوجي يف أوائل القرن العشين‪ ،‬وال سيما عند‬ ‫ر‬
‫الفكرة الثابطية يف أعمال األنث‬
‫ر‬
‫وتأثث‬ ‫السياسية‪،‬‬ ‫النظم‬ ‫اسة‬
‫ر‬ ‫بد‬ ‫مونتسكييه‬ ‫اهتمام‬ ‫انتقل‬ ‫اإلنجلث‪ ،‬حيث‬ ‫وبولوجيي‬ ‫ر‬
‫األنث‬
‫ر‬ ‫ر‬ ‫ر‬
‫ّ‬ ‫ر‬ ‫ّ‬
‫المناخ عىل نوعية الحضارة أو الثقافة – فيما بعد – إل الكتابات األنثوبولوجية‪ ،‬وشكل‬
‫ً‬
‫واسعا للدراسات ر‬ ‫ا‬
‫األنثوبولوجية )‪.)Darnell,1978, p.87‬‬ ‫مجاال‬

‫‪- 37 -‬‬

‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com37‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫ّ‬
‫القومية‬ ‫ّ‬
‫التفوق العنرصي والثعة‬ ‫ّأما يف ألمانيا‪ ،‬فقد تبلور الفكر يف عرص التنوير‪ ،‬عن‬
‫ً‬
‫واضحا ف كتابات ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫كل من ‪ /‬جور هيجل (‪-4992‬‬ ‫ي‬ ‫التعصبية )‪ .‬وظهر ذلك‬ ‫الشوفينية (‬
‫األلمان‪ ،‬الشعب األمثل‬
‫ي‬ ‫‪ )4924‬وجوهان فخته (‪ ،)4941-4950‬حيث جعدا الشعب‬
‫واألنق ربي شعوب العالم ‪.‬‬

‫ّ‬
‫هثدر (‪ )4922-4911‬فجاءت لتعزز فكرة التمايز ربي السداالت‬ ‫ّأما كتابات جوهان ر‬
‫ّ‬ ‫ر‬
‫الجسم‪ ،‬والتفاوت فيما بينها بمدى التأثر بمظاهر المدنية‪،‬‬
‫ي‬ ‫البشية من ناحية الثكيب‬
‫هثدر إل ّأن ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ثمة سداالت‬ ‫وف تمثلها لمقومات الحضارة‪ .‬وعىل هذا األساس‪ ،‬يذهب ر‬ ‫ي‬
‫ّ‬ ‫ر‬
‫قض عليها بالتأخر واالنحطاط ‪ (.‬الخشاب‪،‬‬ ‫ي‬ ‫للرف‪ ،‬وسداالت أخرى‬
‫ي‬ ‫بشية خلقت‬
‫‪ ،4792‬ص‪.) 295‬‬

‫كبثة يف‬ ‫ر‬


‫لكن هذا االتجاه العنرصي يف الدراسات األنثبولوجية‪ ،‬واجه انتقادات ر‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫بداية القرن ر‬
‫العشين ‪ ،‬حيث برزت فكرة أنه ال يجوز أن تتخذ اللغة كأساس أو دليل عىل‬
‫ّ‬
‫وأن العداقة ربي الجنس ر‬
‫البشي واللغة‪ ،‬ال يجوز أن تكون‬ ‫سدال واحد‪،‬‬
‫ي‬ ‫االنتماء إل أصل‬
‫ً‬
‫أساسا لتقسيم الشعوب اإلنسانية إل سداالت متمايزة‪ .‬وقد نقض ذلك ودحضه‪ ،‬فيما‬
‫بعد‪ ،‬الفكر ر‬
‫ر ي‬
‫وبولوج القائم عىل المشاهدة الواقعية‪ ،‬والدراسة الميدانية المقارنة‬‫األنث‬
‫لمجتمعات الشعوب األخرى ‪.‬‬

‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ر‬ ‫ّ‬


‫الت ظهرت اتجاهاتها وقضاياها‬ ‫وهنا يمكن القول ‪ :‬إن األنثوبولوجيا المتحررة ي‬
‫ّ‬
‫االنسانية‪ ،‬منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية‪ ،‬تجد – وال شك ‪ -‬يف الكتابات الفرنسية يف‬
‫ا‬ ‫ً‬
‫عرص التنوير‪ ،‬جذورا أو أصوال نظرية لمنطلقاتها الفكرية ‪ (.‬فهيم‪ ،4795 ،‬ص‪.)424‬‬

‫ّ‬
‫إن الفكر ر‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫ر ي‬
‫وبولوج الذي ساد أوروبا يف‬ ‫األنث‬ ‫وتأسيسا عىل ما تقدم‪ ،‬يمكن القول ‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫خي‪ ،‬شكل المدامح‬‫والباحثي والمؤر ر‬
‫ر‬ ‫عرص التنوير‪ ،‬وتجىل يف كتابات العديد من الفداسفة‬

‫‪- 08 -‬‬
‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com38‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫ر‬
‫العشين‪،‬‬ ‫النظرية األول لعلم ر‬
‫األنثوبولوجيا‪ ،‬الذي بدأ سستقل بذاته مع بدايات القرن‬
‫الثان من القرن ذاته‪.‬‬
‫ي‬ ‫ويتبلور بمنطلقاته وأهدافه يف النصف‬

‫‪- 39 -‬‬

‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com39‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫مصادر الفصل ومراجعه‬

‫‪ -‬ابن بطوطة‪ ،‬أبو عبد هللا (‪ ،)4759‬رحلة ابن بطوطة‪ ،‬دار الثاث‪ ،‬ربثوت ‪.‬‬

‫ّ‬
‫‪ -‬ابن خلدون‪ ،‬عبد الرحمن (‪ )4755‬مقدمة ابن خلدون‪ ،‬تحقيق ‪ :‬ي‬
‫عىل عبد‬
‫واف‪ ،‬القاهرة ‪.‬‬
‫الواحد ي‬

‫‪ -‬الخشاب‪ ،‬أحمد (‪ )4792‬دراسات رأنثوبولوجية‪ ،‬دار المعارف بمرص ‪.‬‬

‫‪ -‬خشيم‪ ،‬عىل فهم (‪ )4759‬نصوص ّ‬


‫ليبية‪ ،‬دار مكتبة الفكر‪ ،‬طرابلس‪ ،‬ليبيا ‪.‬‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫ّ‬
‫‪ -‬خفاجة‪ ،‬دمحم صقر (‪ )4755‬ر‬
‫هثودت يتحدث عن مرص‪ ،‬دار العلم‪ ،‬القاهرة ‪.‬‬

‫قصة ر‬
‫األنثوبولوجيا‪ -‬فصول يف تاري ــخ اإلنسان‪ ،‬سلسلة‬ ‫‪ -‬فهيم‪ ،‬حسي (‪ّ )4795‬‬
‫ر‬
‫عالم المعرفة (‪ ،)479‬الكويت ‪.‬‬

‫‪ -‬مؤنس‪ ،‬دمحم (‪ )4799‬الحضارة – دراسة يف أصول وعوامل قيامها وتدهورها‪،‬‬


‫الثان‪ ،‬الكويت ‪.‬‬
‫ي‬ ‫عالم المعرفة‪ ،‬عدد كانون‬

‫‪-Anderson, John (1984) Conjuring with Ibn Khaldon: from an‬‬


‫‪Anthropological point of view, Leiden .‬‬

‫‪-Boorstin, Daniel .J (1985) The Discoveries A History Of Man’s‬‬


‫‪Search to Know his World and Himself .Vintage Books edition .‬‬

‫‪-Darnell, Regna and editor (1978) Reading in the History of‬‬

‫‪- 41 -‬‬
‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com40‬‬
www.facebook.com/tanweerlibrary

Anthropology, University of Illinois .

- Leach, Edmund (1982) Social Anthropology , Fontana- Paper


backs .

-Mauduit, J. A (1960) Manuel d,Athngraphie , Payot , Paris

-Oswalt, Wendell (1972) Other People , Other Customs , Holt


Rinehart and Winston Inc .

- 11 -

https://attanweerlibrary.blogspot.com41
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫الفصل الثالث‬

‫عالقة ر‬
‫األنثوبولوجيا بالعلوم األخرى‬

‫ا‬
‫أول ‪-‬عالقة ر‬
‫األنثوبولوجيا بعلم األحياء‬

‫ثانيا‪-‬عالقة ر‬
‫األنثوبولوجيا بعلم االجتماع‬

‫ثالثا‪-‬عالقة ر‬
‫األنثوبولوجيا بعلم الفلسفة‬

‫رابعا‪ -‬عالقة ر‬
‫األنثوبولوجيا بعلم النفس‬

‫خامسا_عالقة ر‬
‫األنثوبولوجيا بعلم الجيولوجيا والجغرافيا‬

‫‪- 42 -‬‬
‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com42‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫مقـ ّ‬
‫ـدمة‬

‫ّ‬
‫مستقل بذاته‪ ،‬يدرس اإلنسان من‬ ‫ر‬
‫باألنثوبولوجيا كعلم‬ ‫عىل الرغم من االعثاف‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وتطوره وثقافته‪ ،‬فما زال العلماء‪ ،‬وال سيما علماء اإلنسان يختلفون حول‬ ‫حيث نشأته‬
‫ّ‬
‫تصنيف هذا العلم ربي العلوم المختلفة ‪ ..‬رفثى بعضهم أنه من العلوم االجتماعية‪،‬‬
‫ً ّ‬
‫كعلم النفس واالجتماع والتاري ــخ والسياسة‪ .‬ويرى بعضهم أيضا أنه من العلوم التطبيقية‪،‬‬
‫ّ‬
‫كالرياضيات والطب والفلك‪ .‬بينما يرى بعضهم اآلخر أنه من العلوم اإلنسانية‪ ،‬كالفلسفة‬
‫والفنون والديانات ‪..‬‬

‫ّ‬
‫كلها دخلت عىل ّ‬
‫الثقاف لشعب ما‪ ،‬إل جسد هذه‬‫ي‬ ‫مر التاري ــخ‬ ‫لكن هذه العلوم‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫الثقافة وأصبحت جزءا منها ‪ ،‬ومكونا من مكوناتها‪ ،‬األمر الذي أدى يف النهاية إل اختداف‬
‫بكثث من‬ ‫ر‬ ‫الثقافات ربي المجتمعات ر‬
‫البشية‪ .‬ومن هنا كان علم األنثوبولوجيا‪ ،‬ذا صلة ر‬
‫العلوم أخرى‪.‬‬

‫اضطر المرة تلو ّ‬


‫المرة‪ ،‬إل االنتظار ريثما تنجح العلوم الطبيعية‬ ‫ّ‬ ‫فعلم ر‬
‫األنثوبولوجيا‬
‫ّ‬ ‫معينة عن طريق التجارب الت تجرى عىل الحيوانات‪ّ .‬‬ ‫ف استجداء نقطة ّ‬
‫ومما ال شك فيه‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫ّ‬
‫الت‬
‫ه ي‬ ‫الت أجراها علماء الوراثة عىل الجرذان وذباب األشجار المثمرة‪ ،‬ي‬
‫أن نتائج األبحاث ي‬
‫البشية‪ ،‬ولجداء المشكدات المختلفة‬ ‫قواني الوراثة عند الكائنات ر‬ ‫مهدت الطريق لفهم‬‫ّ‬
‫ر‬

‫‪- 13 -‬‬

‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com43‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫ّ‬ ‫سسم (العروق أو األجناس ر‬‫ّ‬ ‫ّ‬


‫غث أننا من جهة أخرى‪ ،‬نستطيع‬ ‫البشية )‪ .‬ر‬ ‫المتصلة بما‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫كثثا يف فهم طبيعة‬ ‫الت اكتشفتها العلوم الطبيعية‪ ،‬ال تساعد ر‬
‫القول ‪ :‬إن الحقائق ي‬
‫ألن معظم الظاهرات السلوكية ر‬‫ّ‬
‫البشية ال تجد ما يماثلها مماثلة‬ ‫اإلنسان‪ ،‬وذلك‬
‫ي‬ ‫السلوك‬
‫الحيوان ‪.‬‬
‫ي‬ ‫وثيقة عىل الصعيد‬

‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ويصدق هذا بوجه خاص عىل الظاهرات المتصلة بالحياة االجتماعية المنظمة‪.‬‬
‫األنثوبولوجيا استطاعوا استخدام بعض األساليب الت ّ‬
‫طورتها العلوم‬ ‫فمع ّأن علماء ر‬
‫ي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫تطور مثل هذه األساليب‪ .‬والواقع أن‬ ‫اضطروا إل انتظار‬ ‫االجتماعية‪ ،‬فننهم قلما‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫تطور العلوم االجتماعية‪ ،‬ال ّ‬
‫تطور‬ ‫يقل شأنا عن إسهام هذه العلوم يف‬ ‫إسهامهم يف‬
‫ر‬
‫األنثوبولوجيا‪( .‬لينتون ‪ ،4759،‬ص ‪)45‬‬

‫وسنكتق بتبيان صلة ر‬


‫األنثوبولوجية بعلم األحياء‪ ،‬وعلم االجتماع وعلم الفلسفة‪،‬‬ ‫ي‬
‫ّ‬
‫وعلم النفس‪ ،‬وعلم الجيولوجيا والجغرافيا‪ ،‬ونثك صلتها بالعلوم األخرى ألنها سثد يف‬
‫الفصول الداحقة‪ ،‬من خدال عرض فروع ر‬
‫األنثوبولوجيا‪.‬‬

‫ا‬
‫أوال‪ -‬عداقة ر‬
‫األنثوبولوجيا بعلم األحياء ‪ /‬البيولوجيا ‪Biology‬‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫الحية من وحيد الخلية األبسط تركيبا‪ ،‬وحت‬ ‫يتناول علم األحياء دراسة الكائنات‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫تعقيدا ‪.‬ولذلك ّ‬ ‫ر‬
‫يعرف بأنه ‪ :‬العلم الذي يدرس اإلنسان كفرد قائم‬ ‫واألكث‬ ‫كثث الخدايا‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫بذاته‪ ،‬من حيث بنية أعضائه وتطورها ‪.‬‬

‫ر‬
‫والتشي ــح‬ ‫سيما علم وظائف األعضاء‬‫ويرتبط علم األحياء بالعلوم الطبيعية‪ ،‬وال ّ‬

‫الت تقول بأن أجسام أجناس‬ ‫ّ‬


‫الح‪ .‬وتدخل يف ذلك‪ ،‬نظرية التطور ي‬ ‫ي‬ ‫وحياة الكائن‬
‫ّ‬
‫تتغث باستمرار ما دامت هذه الكائنات تتكاثر‬ ‫ّ‬
‫الحية وأنواعها ووظائف أعضائها‪ ،‬ر‬ ‫الكائنات‬

‫‪- 44 -‬‬
‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com44‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫ا‬
‫ه الحال عند اإلنسان‪.‬‬
‫وتنتج أجياال جديدة ‪ ،‬قد تكون أرف من األجيال السابقة‪ ،‬كما ي‬
‫ً ًّ‬ ‫ّ‬
‫حيا بخلية واحدة‪ ،‬تكاثرت يف إطار‬ ‫كما تستند هذه النظرية إل أن اإلنسان بدأ كائنا‬
‫واالجتماع‪.‬‬ ‫والنفىس‬ ‫العقىل‬ ‫ّ‬
‫التطور‬ ‫بنيته العامة‪ ،‬إل أن انته إل ما هو عليه اآلن من‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫دلت عليه بقايا عظام الكائنات ّ‬‫ّ‬
‫الحية المكتشفة يف الحفريات األثرية ‪.‬‬ ‫وهذا ما‬

‫ر‬
‫فاألنثوبولوجيا‪ ،‬من الناحية النظرية‪ ،‬شديدة القرب من البيولوجيا ؛ فكداهما يدرس‬
‫تخصصه‪.‬‬‫ّ‬ ‫وكل يف‬ ‫ّ‬
‫للتنوع‪ّ ،‬‬ ‫مبت عىل نموذ نظري‬‫عملية إعادة إنتا الحياة‪ ،‬وكداهما ّ‬
‫ي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫لكن نتائج الحوار يف الدراسة الميدانية‪ ،‬أدت كما يقول ‪ /‬كارلوس سافيدرا‪ /‬إل أن‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫المبادىء الت ّ‬
‫والمنهجية‪ ،‬تواليا‬ ‫التطور تتبع من الناحية المنطقية‬ ‫تأسست عليها نظرية‬ ‫ي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫التطور‬ ‫التغث‪ ..‬فبنو اإلنسان من أصل واحد‪ ،‬سواء أكان‬ ‫ر‬ ‫إل‬ ‫الثبات‬ ‫من‬ ‫سسث‬
‫أو نموذجا‪ ،‬ر‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫امت ‪ ..‬ولكن هناك أيضا – يف‬ ‫بالتعبث الث ي‬
‫ر‬ ‫التطوري أو بثكيب الحمض النووي‬ ‫بالتعبث‬
‫ر‬
‫وتغثات مختلفة األشكال‪ ،‬بنيوية وتركيبية بالمصطلح‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الوقت نفسه – تشوهات‬
‫ر‬
‫ر‬
‫ر ي‬
‫وبولوج ‪.‬‬ ‫األنث‬

‫الجيت يف علم (البيولوجيا)‬ ‫ّ‬


‫التنوع‬ ‫العلمي‪ ،‬بدور حيوي ‪:‬‬ ‫ّ‬
‫التنوع يف‬ ‫ويحط تحليل‬
‫ي‬ ‫ر‬
‫ّ‬
‫تسميه البيولوجيا "‬ ‫أساش لما‬ ‫أمر‬ ‫ع‬ ‫ّ‬
‫فالتنو‬ ‫‪،‬‬ ‫)‬‫وبولوجيا‬ ‫ر‬
‫األنث‬ ‫(‬ ‫ف‬ ‫ّ‬
‫ي‬ ‫االجتماع ي‬
‫ي‬ ‫والتنوع‬
‫وه القدرة عىل مواصلة الحياة‪ ،‬وإخداف الذرية‪ .‬واألمر ذاته نجده‬
‫الفاعلية البيولوجية " ي‬
‫ف ر‬
‫األنثوبولوجيا فيما يطلق عليه ‪ :‬إشباع الحاجات األساسية‪.‬‬ ‫ي‬
‫ّ‬
‫يعد ‪ /‬دارون ‪ /‬رائد علم األحياء‪ ،‬الذي استند فيه إل نظرية (النشوء واالرتقاء ) يف‬
‫ّ‬ ‫ا‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫تفسثا منهجيا معقوال‪ ،‬يتلخص يف األمور التالية‪:‬‬
‫ر‬ ‫والت قدم لها‬
‫حياة اإلنسان‪ ،‬ي‬

‫‪- 15 -‬‬

‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com45‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫ّ‬
‫‪-4‬إن عمليات الحياة المتتابعة بمعطياتها وظروفها‪ ،‬تنتج كائنات مختلفة عن‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫تتنوع يف‬ ‫ه ذاتها من خدال التكاثر‪ ،‬بل‬
‫أصولها ‪ ..‬أي أن أنواع هذه الكائنات ال تتكرر ي‬
‫أشكالها ومظاهرها ‪.‬‬

‫الحية‪ ،‬تجعلها ر‬ ‫ّ‬


‫تتمتع بها بعض الكائنات ّ‬ ‫ّ‬
‫أكث قدرة عىل البقاء‬ ‫الت‬
‫‪ -0‬إن الخصائص ي‬
‫الت تحيط بها ‪.‬‬ ‫ّ‬
‫من بعضها اآلخر‪ ،‬حيث تستطيع التداؤم مع الظروف البيئية الخاصة ي‬
‫ًّ‬ ‫ر‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ورقيا‪ ،‬تمتلك عوامل التكاثر واالستمرار‬ ‫األكث قدرة‬ ‫الحية الجديدة‪،‬‬ ‫‪-2‬إن الكائنات‬
‫مما ه عند بعض الكائنات الضعيفة األخرى‪ ،‬الت ّ‬
‫تتعرض‬ ‫عىل قيد الحياة‪ ،‬لفثة أطول ّ‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫لدانقراض الشي ــع ‪.‬‬
‫ّ‬
‫‪-1‬إن بعض الخصائص البيولوجية( الصفات المهلكة) عند بعض أنواع الكائنات‬
‫ّ‬ ‫تؤدي إل موتها بصورة شيعة‪ّ ،‬‬
‫وربما ر‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫مباشة‪ ،‬إذا لم تكن هذه الخصائص تؤهلها‬ ‫الحية‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫البيئية‪ .‬وهذا ما يؤثر سلبا يف نسل هذه الكائنات من حيث البنية‬ ‫للتكيف مع الظروف‬
‫والمقاومة‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫وتطورها‪،‬‬ ‫الحية‬ ‫الت قدمها دارون يف أصل الكائنات‬‫واستنادا إل هذه المبادىء ي‬
‫ا‬
‫قواني الوراثة وما يتبعها من الجينات‬
‫ر‬ ‫الحال‪ ،‬اكتشف العلماء‬
‫ي‬ ‫وصوال إل وضع اإلنسان‬
‫الت تحمل صفات اإلنسان‪ ،‬وتنقلها من اآلباء إل األبناء‪ ،‬من خدال التلقيح‬
‫(الخدايا) ي‬
‫ّ‬ ‫ر‬ ‫ر‬
‫والتكاثر‪ .‬وهذا ما جعل علماء األنثوبولوجيا يعتقدون بأن الجنس البشي مر بمراحل‬
‫ّ‬
‫تطورية عديدة ‪،‬حت وصل إل اإلنسان (الحيوان الناطق والعاقل )‪.‬‬
‫ً‬
‫مفتوحا حول دور ر‬ ‫ّ‬
‫األنثوبولوجيا يف الدراسات‬ ‫ومهما يكن األمر‪ ،‬فنن النقاش ما زال‬
‫التاريح‪ ،‬ولكن بطبيعة‬ ‫التطور الذي يدخل يف اإلطار‬‫ّ‬ ‫بتطور اإلنسان هذا‬ ‫ّ‬ ‫الخاصة‬
‫ي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫تغثها ‪.‬‬‫بيولوجية‪ ،‬ال بد من دراسة مبادئها ومظاهر ر‬

‫‪- 46 -‬‬
‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com46‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫ً‬
‫ثانيا‪ -‬عداقة ر‬
‫األنثوبولوجيا بعلم االجتماع‬
‫ّ‬
‫يعد علم االجتماع من أحدث العلوم األساسية وأهم العلوم اإلنسانية‪ .‬لذلك‪ّ ،‬‬
‫يعرف‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ويتحرى أسباب الحوادث‬ ‫بأنه ‪ :‬العلم الذي يدرس الحياة االجتماعية بجميع مظاهرها‪،‬‬
‫االجتماعية وقواني ّ‬
‫تطورها‪( .‬الحرصي‪ ،4795 ،‬ص ‪)9‬‬ ‫ر‬

‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الت ظهرت يف أواخر القرن‬
‫ويعرف بصورة أوسع‪ ،‬بأنه ‪ :‬أحد العلوم اإلنسانية الهامة ي‬
‫ّ‬
‫قواني وقواعد تفش الظواهر‬ ‫الت تحاول الوصول إل‬ ‫ر‬
‫ر‬ ‫التاسع عش‪ ،‬وهو من العلوم ي‬
‫ّ‬ ‫ر‬
‫االجتماعية‪ ،‬سواء كانت هذه الظواهر يف شكل جماعات بشية‪ ،‬أو نظم ومؤسسات‬
‫تكيف الفرد والمجتمع للعيش‬ ‫اجتماعية أو إنسانية ‪.‬وهو بالتال‪ ،‬العلم الذي سساعد ف ّ‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫ّ‬ ‫معا‪ ،‬ضمن أهداف ّ‬ ‫ً‬
‫معينة سسعون إل تحقيقها‪ ،‬من أجل التقدم واالستمرارية‪( .‬عيىس‪،‬‬
‫‪ ،4795‬ص ‪)42‬‬

‫فعلم االجتماع إذن‪ ،‬يدرس العداقات ربي األفراد وعمليات التفاعل فيما بينهم‪،‬‬
‫ّ‬ ‫وترصفاتهم كأعضاء ّ‬
‫ّ‬
‫مكو رني لهذه الجماعة‪ .‬فهو يركز عىل سلوكات األفراد ضمن هذا‬
‫تأثث البيئة االجتماعية (االقتصادية والثقافية) يف تكوين‬
‫بالتال ر‬
‫ي‬ ‫المجتمع أو ذاك‪ ،‬ويدرس‬
‫الجيوش والشماس‪،‬‬‫ر‬ ‫(‬ ‫‪.‬‬‫اد‬
‫ر‬ ‫األف‬ ‫بي‬‫ر‬ ‫العداقات‬ ‫وتحديد‬ ‫ّ‬
‫الشخصية اإلنسانية‪،‬‬
‫ي‬
‫‪ ،0222/0220‬ص ‪)57‬‬

‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ه (سوسيو ‪)Sociu‬‬
‫كلمتي‪ ،‬األول ي‬
‫ر‬ ‫إن مصطلح ‪ /‬علم االجتماع ‪ /‬مشتق من‬
‫وتعت العلم أو‬
‫ي‬ ‫وتعت رفيق أو مجتمع‪ .‬والثانية (لوغوس ‪ )Logos‬اليونانية‪،‬‬ ‫ي‬ ‫الداتينية‪،‬‬
‫ّ‬
‫فنن ّ‬ ‫ّ‬
‫ثمة‬ ‫االجتماع عندما يدرس الجماعة‪،‬‬
‫ي‬ ‫التفاعل‬ ‫يتناول‬ ‫االجتماع‬ ‫علم‬ ‫أن‬ ‫وبما‬ ‫البحث‪.‬‬
‫ر‬ ‫ً‬ ‫ا‬
‫االجتماع‬
‫ي‬ ‫كبثا ربي علم االجتماع واألنثوبولوجيا‪ ،‬فكداهما يدرس البناء‬ ‫تداخال ر‬

‫‪- 17 -‬‬

‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com47‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫والوظائف االجتماعية ‪ ..‬وهذا ما دعا أحد العلماء إل القول ‪ّ :‬إن علم ر‬


‫األنثوبولوجيا‬
‫لطق‪ ،4797 ،‬ص ‪) 11‬‬
‫االجتماعية‪ ،‬هو فرع من فروع علم االجتماع المقارن‪ ( .‬ي‬

‫ر‬
‫واألنثوبولوجيا‪ ،‬بالنظر إل‬ ‫وهكذا نجد ّأن ّ‬
‫ثمة صلة من نوع ما‪ ،‬ربي علم االجتماع‬
‫كال منهما يدرس اإلنسان‪ .‬ويتجاوز الثابط بينهما المعلومات الت يهدف ّ‬ ‫ّ ًّ‬
‫كل منهما‬ ‫ي‬ ‫أن‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫تسم‬ ‫منهجية البحث من حيث طريقته وأسلوبه‪ ،‬إل حد‬ ‫الحصول عليها‪ ،‬إل‬
‫األنثوبولوجيا عنده‪ ،‬بعلم االجتماع المقارن‪ ،‬عىل الرغم أن ّأنها ّ‬
‫تهتم بالجانب الحضاري‬ ‫ر‬
‫عن اإلنسان ‪ ،‬بينما تقثب دراسة علم االجتماع من ر‬
‫األنثوبولوجيا االجتماعية ‪.‬‬

‫ّ‬
‫فعلم االجتماع يركز يف دراساته عىل المشكدات االجتماعية يف المجتمع الواحد‪ ،‬كما‬
‫يدرس الطبقات االجتماعية يف هذا المجتمع أو ذاك من المجتمعات الحديثة‪ ،‬ويندر أن‬
‫يدرس المجتمعات البدائية أو المنقرضة‪ .‬بينما ترّكز ر‬
‫األنثوبولوجيا (علم اإلنسان) يف‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫دراساتها‪ ،‬عىل المجتمعات البدائية ‪ /‬األولية‪ ،‬وأيضا المجتمعات المتحرصة ‪ /‬المعارصة‪.‬‬

‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ولكن دراسة ر‬
‫األنثوبولوجيا للمجتمعات اإلنسانية‪ ،‬تثكز يف الغالب عىل ‪ :‬التقاليد‬
‫الت يمارسها‬
‫والعادات والنظم‪ ،‬والعداقات ربي الناس‪ ،‬واألنماط السلوكية المختلفة‪ ،‬ي‬
‫معينة‪( .‬أبو هدال‪ ،4791 ،‬ص ‪ )4‬أي ّأن علم ر‬
‫األنثبولوجيا االجتماعية‬ ‫شعب ما أو ّأمة ّ‬
‫يدرس الحياة االجتماعية (المجتمع ّ‬
‫ككل )‪ ،‬وينظر إليها نظرة شاملة‪ ،‬ويدرس البيئة‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫متخصصة إل حد‬ ‫العامة‪ ،‬والعائلة ونظم القرابة والدين‪ ،‬بينما تكون دراسة علم االجتماع‬
‫محددة أو مشكدات ّ‬ ‫ّ‬
‫معينة‪ ،‬أو مشكدات قائمة‬ ‫بعيد‪ .‬حيث يقترص عىل دراسة ظواهر‬
‫لطق‪،‬‬
‫ي‬ ‫بذاتها‪ ،‬كمشكدات ‪ :‬األشة والطداق والجريمة‪ ،‬والبطالة واإلدمان واالنتحار ‪(...‬‬
‫‪ ،4797‬ص‪)15‬‬

‫ّ‬ ‫وإذا كان ّ‬


‫العلمي‪ ،‬فهو ال يتعدى فهم الظواهر االجتماعية‬
‫ر‬ ‫ثمة تباين أو اختداف ربي‬

‫‪- 48 -‬‬
‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com48‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫ّ‬ ‫وتفسثاتها‪ ،‬وفق أهداف ّ‬


‫كل منهما‪ .‬فبينما نجد أن الباحث يف علم االجتماع‪ ،‬يعتمد عىل‬ ‫ر‬
‫ّ‬
‫المتغثات االجتماعية‪ ،‬ويحاول التحقق منها من خدال‬
‫ر‬ ‫افثاضات نظرية لدراسة وضع‬
‫الت يجمعها بواسطة استبيان أو استمارة خاصة لذلك‪ ،‬نجد – يف المقابل –‬ ‫المعلومات ي‬
‫ً‬ ‫ّأن الباحث ر‬
‫وبولوج‪ ،‬يعتمد تشخيص الظاهرة استنادا إل فهم الواقع كما هو‪ ،‬ومن‬‫ير‬ ‫األنث‬
‫ر‬
‫المباشة ومشاركة األفراد يف حياتهم العادية ‪.‬‬ ‫خدال المداحظة‬

‫ً‬
‫ثالثا‪-‬عداقة ر‬
‫األنثوبولوجيا بعلم الفلسفة‬

‫مقطعي ‪( :‬فيلو ‪+ PHILO‬‬ ‫ّ‬


‫المكون من‬ ‫اليونان‬ ‫تعود كلمة (فلسفة) إل األصل‬
‫ر‬ ‫ي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وتعت ‪( :‬حب الحكمة) أو محبة‬ ‫سوفيا ‪ )SOPHY‬أي فيلوسوفيا ‪،PHILOSOPHY‬‬
‫ي‬
‫الحكمة ‪.‬‬

‫ر ّ‬ ‫ّ‬
‫أكث دقة‬ ‫االشتقاف‪ ،‬فقد اتخذت عند أرسطو معت‬
‫ي‬ ‫ولكن عىل الرغم من أصلها‬
‫ر‬ ‫ا‬ ‫ر‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وشموال‪ ،‬حيث ّ‬
‫عرفها بأنها‪ " :‬علم المعت األكث شموال لكلمة علم "‪ .‬ويشح ذلك بقوله ‪:‬‬
‫ر‬
‫وبأكث‬ ‫" الفلسفة ه علم المبادىء واألسباب األول‪ ،‬غايتها البحث عن الحقيقة ّ‬
‫برمتها‪،‬‬ ‫ي‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫أساليب الفكر نظاما وتماسكا "‪ .‬أي أنها ‪ :‬علم الوجود بما هو موجود‪ ،‬أو الفكر يف جوهر‬
‫ّ‬
‫وجوده‪ .‬وال يمكن بلوغ هذه الغاية إال بإحكام دقيق للفكر‪ ،‬أي بمنهج سستند إل مبادىء‬
‫الجيوش ‪ ،4799/4799،‬ص ‪) 2‬‬ ‫ر‬ ‫العقل‪( .‬‬
‫ي‬

‫وبالنظر إل هذا المعت الواسع‪ ،‬اختلف الفداسفة يف إعطاء معت دقيق للفلسفة‪.‬‬
‫ّ‬
‫بأنها ‪ :‬البحث عن طبائع األشياء وحقائق الموجودات‪ّ .‬‬ ‫فقد ّ‬
‫وعرفها‬ ‫عرفها الطبيعيون‬
‫ّ‬
‫بعض الفداسفة اآلخرين بأنها ‪ :‬مجموعة المعلومات يف عرص من العصور‪( .‬محمود‪،‬‬
‫‪ ،4759‬ص ‪)005‬‬

‫‪- 19 -‬‬

‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com49‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫تسم‪ ،‬بالنظر لشمولية دراستها مجموعة‬‫وإذا كانت الفلسفة (أم العلوم) كما كانت ّ‬
‫ًّ‬ ‫فنن صلة ر‬ ‫ّ‬
‫األنثوبولوجيا بها وثيقة جدا‪ ،‬وال‬ ‫والفثيائية‪،‬‬
‫ر‬ ‫من العلوم الرياضية واإلنسانية‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫سيما فيما يتعلق بنظرة اإلنسان إل الكون والحياة‪ ،‬يف زمان ما أو مكان محدد‪ .‬وذلك ألن‬
‫ّ‬ ‫الزمان والمكان مرتبطان بعداقة جدلية‪ ،‬ال يمكن إدراك ّ‬
‫مكوناتها إال من خدال دراسة‬
‫سان‪ ،‬الذي سسىع إل البقاء واالستمرار‪.‬‬
‫الفعل اإلن ي‬

‫فدراسة أصل اإلنسان ونشأته وحياته وسعيه إل البقاء والخلود‪ ،‬وما ينجم عن ذلك‬
‫كلها تقع ف ميدان الدراسات ر‬
‫األنثوبولوجية‪ ،‬وال ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫تطور ّ‬
‫من ّ‬
‫سيما تلك‬ ‫ي‬ ‫مستمرين‪،‬‬ ‫وتغث‬
‫ر‬
‫العداقة األزلية بي طبيعة اإلنسان‪ ،‬وواقعه وما يطمح إليه من آمال وأهداف‪ّ ،‬‬
‫تؤمن‬ ‫ر‬
‫سثورة حياته ‪.‬‬
‫ر‬

‫ً‬
‫ابعا‪ -‬عداقة ر‬
‫األنثوبولوجيا بعلم النفس‬ ‫ر‬

‫البشي‪ ،‬والطبيعة ر‬
‫يهتم بدراسة العقل ر‬ ‫ّ‬
‫بأنه ‪ :‬العلم الذي ّ‬ ‫ّ‬
‫البشية‪،‬‬ ‫يعرف علم النفس‬
‫ّ‬
‫والسلوك الناتج عنهما‪ .‬أي أنه ‪ :‬مجموعة الحقائق الت ّ‬
‫يتم الحصول عليها من وجهة‬ ‫ي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫يعت ‪ :‬أنه العلم الذي يدرس سلوك‬
‫النظر النفسية‪( .‬فراير‪ ،4759 ،‬ص ‪ )20‬وهذا ي‬
‫وتفسثه‪( .‬عيسوي‪ ،4797 ،‬ص ‪)9‬‬
‫ر‬ ‫اإلنسان بهدف فهمه‬

‫ّ‬
‫ومن هذا المنطلق‪ ،‬يمكن القول ‪ :‬إن علم النفس ‪ ،‬هو العلم الذي يدرس اإلنسان‬
‫ّ‬
‫شخصيته المختلفة‪ ،‬بغية الوصول إل حقائق حولها‪ ،‬قد تكون ذات صفة‬ ‫من جوانب‬
‫عامة ومطلقة‪ ،‬يمكن تعميمها ‪.‬‬

‫ّ‬
‫الجسمية الموروثة‪ ،‬وتحديد عداقاتها‬ ‫ّ‬
‫النفسية بالخصائص‬ ‫ولذلك‪ّ ،‬‬
‫تهتم الدراسات‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫بالعوامل السلوكية لدى الفرد‪ ،‬وال سيما تلك العداقة ربي الصفات الجسمية العامة‪،‬‬

‫‪- 01 -‬‬
‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com50‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫ّ‬
‫الشخصية ‪.‬‬ ‫ّ‬
‫البيئية المحيطة بهذه‬ ‫ّ‬
‫الشخصية‪ .‬مع األخذ يف الحسبان العوامل‬ ‫وسمات‬

‫ّ‬
‫البيئية يف هذه العداقة‪،‬‬ ‫ّ‬
‫بأهمية هذه العوامل‬ ‫ويميل النفسيون إل االعتقاد‬
‫ّ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وتول المراكز القيادية‪ ،‬ال بد وأنه‬
‫ي‬ ‫فالشخص القوي البنية‪ ،‬والذي يميل إل السيطرة‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫نفسية‪ ،‬يف أثناء طفولته ونموه‪ ،‬أسهمت يف إكسابه هذه‬ ‫خثات اجتماعية ‪/‬‬ ‫ّ‬
‫تعرض إل ر‬
‫الجسمان‪) 094 ،4771 ،‬‬
‫ي‬ ‫السلوكات‪( .‬‬

‫ّ‬
‫بأنها العلم الذي يدرس اإلنسان‪ ،‬من حيث ّ‬ ‫وإذا كانت ر‬
‫تطوره‬ ‫األنثوبولوجيا‪ ،‬توصف‬
‫ّ‬
‫فنن علم النفس سشارك ر‬
‫األنثوبولوجيا يف دراسة سلوك اإلنسان‪.‬‬ ‫وسلوكاته وأنماط حياته‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ولكن الخداف بينهما‪ ،‬هو أن علم النفس يركز عىل سلوك اإلنسان ‪ /‬الفرد‪ ،‬أماّ‬ ‫ّ‬
‫ّ‬ ‫ر‬
‫الجماع النابع‬
‫ي‬ ‫اإلنسان بشكل عام‪ .‬كما تدرس السلوك‬
‫ي‬ ‫األنثوبولوجيا فثكز عىل السلوك‬
‫من تراث الجماعة‪( .‬نارص‪ ،4795 ،‬ص ‪)04‬‬

‫وعىل الرغم من ّأن علم النفس يقرص دراسته عىل الفرد‪ ،‬بينما ترّكز ر‬
‫األنثوبولوجيا‬
‫ً‬ ‫اهتمامها عىل المجموعة من جهة‪ ،‬وعىل ّ‬
‫كل فرد بصفته عضوا يف هذه المجموعة من‬
‫ّ‬ ‫جهة أخرى‪ّ ،‬‬
‫العلمي‪ .‬حيث اكتشف علماء النفس أن اإلنسان ال‬ ‫ر‬ ‫فثمة صلة وثيقة ربي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫يعيش إال يف بيئة اجتماعية يؤثر فيها ويتأثر بها ‪..‬‬

‫االجتماع عىل المحاكاة والتقليد والميول‬ ‫وتنصب الدراسة يف علم النفس‬‫ّ‬


‫ي‬
‫ّ‬
‫التجمع‪ ،‬إضافة إل دراسة‬ ‫والغثية وغريزة‬
‫ر‬ ‫االجتماعية‪ ،‬كالمشاركة الوجدانية والتعاون‬
‫ر‬ ‫ّ‬
‫الت تعت‬‫االتجاهات‪ .‬فقد صدرت دراسات خاصة باألنثوبولوجيا السيكولوجية‪ ،‬ي‬
‫ّ‬ ‫بالظواهر السيكولوجية لبت ر‬
‫حي يعيشون يف طبقة أو جماعة‪ ،‬حيث أن الطبيعة‬ ‫البش ر‬ ‫ي‬
‫ّ‬
‫حتم يف تكوين النظم االجتماعية ‪/‬‬
‫ي‬ ‫عامل‬ ‫ها‬ ‫أن‬ ‫كما‬ ‫العام‪،‬‬ ‫النفس‬ ‫اإلنسانية من صميم علم‬
‫اإلنسانية‪( .‬رشوان‪ ،4799 ،‬ص ‪)95‬‬

‫‪- 51 -‬‬

‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com51‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫ر‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬


‫ر ي‬
‫وبولوج‪ ،‬ال تختلف عن تلك‬ ‫األنث‬ ‫الت تواجه الباحث‬
‫ولذلك نرى أن المهمة ي‬
‫ّ‬
‫المهمة الت تواجه عالم النفس‪ .‬فكداهما عليه أن سستخلص صفات ر‬
‫الىسء الذي هو‬‫ي‬ ‫ي‬
‫الخارج ف السلوك ‪ ..‬وإن كان عالم ر‬
‫األنثوبولوجيا يع ّوقه‬ ‫ر ي ي‬ ‫التعبث‬
‫ر‬ ‫موضوع دراسته‪ ،‬من‬
‫ّ‬
‫مستهل عمله‪ .‬فبينما سستطيع عالم النفس أن‬ ‫اضطراره إل إدخال خطوة إضافية يف‬
‫يبت‬ ‫ر‬ ‫ر‬
‫ينبىع عىل عالم األنثوبولوجيا أن ي‬
‫ي‬ ‫مباشة‪،‬‬ ‫يداحظ سلوك موضوع بحثه بصورة‬
‫الت يتناولها بالبحث‪.‬‬
‫استنتاجاته عىل األنماط المثالية للثقافة ي‬

‫مهمة عالم ر‬
‫األنثوبولوجيا ف محاوالته لكشف خفايا األمور‪ ،‬تشبه ّ‬
‫مهمة عالم‬ ‫ّ‬
‫ولكن ّ‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫الحالي‪ ،‬تتألف النتائج‬
‫ر‬ ‫وف كدا‬
‫سث غور العقل الباطن‪ .‬ي‬
‫الت يبذلها يف ر‬
‫النفس يف الجهود ي‬
‫الت تستند إليها هذه‬ ‫الحقائق‬ ‫ا‬ ‫يتوصل إليها الباحثون من سلسلة تأويدات‪ّ ،‬‬
‫أم‬ ‫ّ‬ ‫الت‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫ر‬ ‫ً‬
‫تفسث‪( .‬لينتون‪ ،4751 ،‬ص ‪) 275‬‬
‫ر‬ ‫فكثثا ما تكون قابلة ألكث من‬
‫التأويدات‪ ،‬ر‬

‫ّ‬ ‫ّ‬
‫تعد دراسة ر‬
‫األنثوبولوجيا دراسة لألنماط السلوكية اإلنسانية‪ ،‬بينما تعد‬ ‫لذلك‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الدراسة النفسية دراسة للسلوك الخاص بالشخصية الفردية‪ ،‬وأن كانت تتأثر بالعلوم‬
‫االجتماعية ‪.‬‬

‫ً‬
‫خامسا‪ -‬عداقة ر‬
‫األنثوبولوجيا بعلم الجيولوجيا والجغرافيا‬

‫الت عاش فيها‬


‫تساعد الدراسات الجيولوجية التاريخية يف تحديد الفثات الزمنية ي‬
‫ً‬ ‫كل نموذ من أنواع الجنس ر‬ ‫ّ‬
‫البشي‪ ،‬نظرا لوجود البقايا العظمية لألسداف‪ ،‬عىل شكل‬
‫ّ‬ ‫بقايا مستحاثة حفرية ربي ثنايا ر‬
‫القشة األرضية الرسوبية والمنضدة بعضها فوق بعض‪،‬‬
‫وفق خاصية النشوء والتقادم ّ‬
‫لكل منها‪ ،‬بحيث يكون أسفلها أقدمها وأعداها أحدثها ‪.‬‬

‫ّ‬
‫الت عاش فيها ذلك اإلنسان الحفري‪ ،‬إل‬
‫وهذا يمكننا من معرفة الفثة الزمنية ي‬

‫‪- 02 -‬‬
‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com52‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫ّ‬
‫التعرف إل البقايا‬ ‫الحيوان اآلخر الذي كان يحيط به‪ ،‬من خدال‬ ‫جانب معرفة العالم‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫الت كانت تعارصه يف بيئة جغرافية واحدة‪ .‬كما أننا‬
‫العظمية المستحاثية لألنواع الحيوانية ي‬
‫الت كانت سائدة عندما كان يعيش هذا اإلنسان أو‬ ‫ّ‬
‫نستطيع التعرف إل الظروف المناخية ي‬
‫البشي‪( .‬الجباوي‪ ،4799 ،‬ص ‪)40‬‬ ‫ذاك‪ ،‬ف تلك األزمنة السحيقة من تاريخنا ر‬
‫ي‬
‫ً‬ ‫وكما تستفيد ر‬
‫األنثوبولوجيا من الدراسات الجيولوجية‪ ،‬تستفيد أيضا من المعطيات‬
‫ّ‬
‫النواج الطبيعية‪ ،‬من تضاريس ومياه‪ ،‬إل جانب‬
‫ي‬ ‫وف مقدمتها‬
‫العلمية ‪ /‬الجغرافية‪ ،‬ي‬
‫الت تتفاوت من منطقة إل أخرى‪ ،‬وذلك بحسب قربــها – أو بعدها‪-‬‬
‫الظروف المناخية ي‬
‫من خط االستواء‪ ،‬أو من شواىطء البحار والمحيطات‪ ،‬أو ارتفاعها وانخفاضها عن سطح‬
‫البحر‪.‬‬

‫ّ‬ ‫ّ‬
‫فهذه العوامل كلها تؤثر يف حياة اإلنسان بجوانبها المختلفة‪ ،‬العضوية واالجتماعية‬
‫فنن األحوال المعيشية والبت االجتماعية عند المجتمعات ر‬ ‫ّ‬
‫البشية‪،‬‬ ‫والثقافية‪ .‬ولذلك‪،‬‬
‫الت توجد فيها تلك المجتمعات‪.‬‬ ‫ليست متشابهة بسبب تباين الظروف الجغرافية ي‬
‫ّ‬
‫فسكان المناطق الجبلية المرتفعة يكونون يف مأمن من األخطار الخارجية‪ ،‬بينما يتعرض‬
‫ً‬
‫وف‬
‫سكان السهول دوما إل غزوات واجتياحات من الشعوب أو القوى الخارجية‪ .‬ي‬
‫ً‬ ‫المقابل‪ ،‬يكون سكان المناطق الساحلية ر‬
‫ر ي‬
‫الخارج‪،‬‬ ‫أكث انفتاحا يف عداقاتهم مع العالم‬
‫ً‬
‫قياسا بأهل المناطق الداخلية حيث تكون العداقات األشية شبه منغلقة عىل ذاتها‪ ،‬إل‬
‫جانب االلثام بالعصبية القبلية‪ .‬وهذا ينعكس يف سلوكية السكان يف هذه المنطقة أو‬
‫تلك‪( .‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪)41‬‬

‫ولذلك‪ ،‬يميل علماء ر‬


‫األنثوبولوجيا إل إهمال ما ّ‬
‫سسم بالقدرات الفطرية للشعوب‬
‫اإلنسانية‪ ،‬ويؤثرون كتابة تاري ــخ الحضارة يف ضوء عوامل البيئة والحظ وتسلسل‬

‫‪- 53 -‬‬

‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com53‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫ً‬ ‫ّ‬
‫األحداث المثابطة‪ .‬فهناك من يجد أن للمناخ أثرا يف ناتج الطاقة اإلنسانية‪ ،‬وهناك من‬
‫ّ‬
‫يتمث به سكان المناطق الحارة‪ ،‬أو‬ ‫يعتقد بوجود عداقة ربي الطقس والخمول الذي‬
‫ر‬
‫النشاط االندفاع الذي ّ‬
‫يمث سكان المناطق الباردة والعاصفة‪.‬‬‫ر‬ ‫ي‬

‫وضمن هذه الرؤية‪ ،‬قام الدكتور (وليم بيثسن) ‪ W. Petersen‬يف أواسط‬


‫ر‬
‫العشين‪ ،‬بإجراء تحليل دقيق لدارتباط الوثيق ربي الطقس‬ ‫الستينات من القرن‬
‫ّ‬
‫التقدم الذي أحرزه المرض الذين كان ر‬
‫سشف‬ ‫والوظائف الفيسيولوجية‪ ،‬وبت دراسته عىل‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ ّ‬ ‫ّ‬
‫وتبي من نتائج أبحاثه‪ ،‬أن تقلبات حالة المرض تتبع نمطا مشابها‬ ‫ر‬ ‫عىل عداجهم‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫لثاوحات الضغط البارومثي‪ ،‬وبدا وكأن الظاهرة األول تتأثر بالثانية‪( .‬لينتون‪،4759 ،‬‬
‫ص‪) 54‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫للتكيف مع أنواع‬ ‫وإذا كان من الصحيح أن وظائف اإلنسان الفسيولوجية قابلة‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫نتصور أن بعض جوانب البيئة‪،‬‬ ‫البيئات المختلفة‪ ،‬فننه من السهل – يف المقابل – أن‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫وتأثثا من بعضها اآلخر‪ ،‬ف مراحل ّ‬ ‫ّ‬ ‫تكون ر‬
‫اإلنسان‪،‬‬
‫ي‬ ‫التطور‬ ‫معينة من تاري ــخ‬ ‫ي‬ ‫ر‬ ‫أهمية‬ ‫أكث‬
‫ّ‬
‫الحضاري واالجتماع والثقاف ‪ ...‬وهذا كله يدخل ف جوهر الدراسات ر‬
‫األنثوبولوجية‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫وأهدافها ‪.‬‬
‫ر‬
‫األنثوبولوجيا مع العلوم األخرى‪ ،‬وال ّ‬ ‫ُ ّ‬
‫سيما العلوم اإلنسانية‪،‬‬ ‫وهكذا‪ ،‬تشكل‬
‫الت تدور حول كائن موضوع الدراسة‪ ،‬وهو اإلنسان‪.‬‬
‫منظومة من المعارف والموضوعات ي‬
‫ويأن هذا التشابك (التكامل) ربي هذه العلوم بالنظر إل تلك األطر المعرفية والمناهج‬‫ي‬
‫ّ‬
‫الت‬
‫ي‬ ‫المختلفة‬ ‫المعرفية‬ ‫المجاالت‬ ‫بي‬
‫ر‬ ‫والمتكاملة‬ ‫المتبادلة‬ ‫العداقة‬ ‫م‬ ‫تنظ‬ ‫الت‬
‫ي‬ ‫التحليلية‪،‬‬
‫تسىع إليها هذه العلوم ‪.‬‬

‫‪- 04 -‬‬
‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com54‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫مصادر الفصل ومراجعه‬


‫ّ‬
‫مقدمة ف ر‬
‫األنثوبولوجيا الثبوية‪ ،‬المطابع التعاونية‪ّ ،‬‬
‫عمان ‪.‬‬ ‫ي‬ ‫‪ -‬أبو هدال‪ ،‬أحمد (‪)4791‬‬

‫الجسمان‪ ،‬عبد العال (‪ )4770‬علم النفس وتطبيقاته االجتماعية‪ ،‬الدار العربية للعلوم‪،‬‬
‫ي‬ ‫‪-‬‬
‫ربثوت ‪.‬‬

‫ر‬
‫الجيوش‪ ،‬فاطمة (‪ )4799/4799‬فلسفة الثبية‪ ،‬جامعة دمشق‪ ،‬كلية الثبية‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫ي‬

‫ّ‬
‫والشماس عيىس (‪ )0222/0220‬الثبية العامة (‪ ،)4‬جامعة دمشق –‬ ‫ر‬
‫الجيوش‪ ،‬فاطمة‬ ‫‪-‬‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫كلية الثبية‪.‬‬

‫للمدايي‪ ،‬ربثوت‪.‬‬
‫ر‬ ‫‪ -‬الحرصي‪ ،‬ساطع (‪ )4795‬أحاديث يف الثبية واالجتماع‪ ،‬دار العلم‬

‫‪ -‬رشوان‪ ،‬حسي عبد الحميد أحمد (‪ )4799‬ر‬


‫األنثوبولوجيا يف المجال النظري‪ ،‬ط‪،4‬‬ ‫ر‬
‫االسكندرية ‪.‬‬

‫‪ -‬عيىس‪ ،‬دمحم طلعت (‪ )4795‬مدخل إل علم االجتماع‪ ،‬دار المعارف‪ ،‬ربثوت‪.‬‬

‫‪ -‬عيسوي‪ ،‬عبد الرحمن (‪ )4797‬علم النفس يف المجال الثبوي‪ ،‬دار العلوم العربية‪،‬‬
‫ربثوت ‪.‬‬

‫‪ -‬فراير‪ ،‬هثي‪ ،‬ساركس (‪ )4759‬علم النفس العام‪ ،‬ترجمة ‪ :‬ابراهيم منصور‪ ،‬بغداد ‪.‬‬

‫‪ -‬لطق‪ ،‬عبد الحميد (‪ )4797‬ر‬


‫األنثوبولوجيا االجتماعية‪ ،‬دار المعارف‪ ،‬القاهرة‪.‬‬ ‫ي‬

‫‪ -‬لينتون‪ ،‬رالف (‪ )4751‬دراسة اإلنسان‪ ،‬ترجمة ‪ :‬عبد الملك الناشف‪ ،‬المكتبة العرصية‪،‬‬
‫ربثوت ‪.‬‬

‫‪- 55 -‬‬

‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com55‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫‪ -‬لينتون‪ ،‬رالف (‪ )4759‬ر‬


‫األنثوبولوجيا وأزمة العالم الحديث‪ ،‬ترجمة ‪ :‬عبد الملك الناشف‪،‬‬
‫المكتبة العرصية‪ ،‬ربثوت‪.‬‬

‫الفلسق يف اإلسدام‪ ،‬مكتبة األنجلو المرصية‪،‬‬


‫ي‬ ‫التفكث‬
‫ر‬ ‫‪ -‬محمود‪ ،‬عبد الحليم (‪)4759‬‬
‫القاهرة‪.‬‬

‫‪ -‬نارص‪ ،‬ابراهيم (‪ )4795‬ر‬


‫األنثوبولوجيا الثقافية (علم اإلنسان الثقاف) ّ‬
‫عمان‪.‬‬ ‫ي‬

‫‪- 06 -‬‬
‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com56‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫الباب الثان‬

‫ر‬
‫األنثوبولوجيا وفروعها‬ ‫اتجاهات دراسة‬
‫الفصل ّ‬
‫األول‪ -‬دراسة ر‬
‫األنثوبولوجيا واتجاهاتها المعارصة‬

‫ا‬
‫أوال‪-‬بداية دراسة ر‬
‫األنثوبولوجيا‬

‫ً‬
‫ثانيا‪-‬االتجاهات المعارصة ف دراسة ر‬
‫األنثوبولوجيا‬ ‫ي‬

‫ّ‬
‫الطبيعية‬ ‫الفصل الثان‪ -‬ر‬
‫األنثوبولوجيا‬ ‫ي‬
‫ّ‬
‫النفسية‬ ‫الفصل الثالث‪ -‬ر‬
‫األنثوبولوجيا‬

‫الفصل الرابع‪ -‬ر‬


‫األنثوبولوجيا الثقافية‬

‫الفصل الخامس‪ -‬ر‬


‫األنثوبولوجيا االجتماعية‬

‫ّ‬ ‫الفصل السادس‪ -‬المنهج ر‬


‫الميدانية‬ ‫ر ي‬
‫وبولوج والدراسات‬‫األنث‬

‫‪- 57 -‬‬

‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com57‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫الفصل ّ‬
‫األول‬

‫دراسة ر‬
‫األنثوبولوجيا واتجاهاتها المعارصة‬

‫ا‬
‫أول‪ -‬بداية دراسة ر‬
‫األنثوبولوجيا‬

‫ثانيا‪ -‬االتجاهات المعارصة لدراسة ر‬


‫األنثوبولوجيا‬

‫‪ -1‬االتجاه التاريخ‬

‫التجزيت‬
‫ي‬ ‫التاريح‪/‬‬
‫ي‬ ‫‪-4/4‬االتجاه‬

‫النفىس‬
‫ي‬ ‫التاريح‪/‬‬
‫ي‬ ‫‪-0/4‬االتجاه‬

‫‪ -0‬االتجاه البنان‪ /‬الوظيف‬

‫‪- 08 -‬‬
‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com58‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫ّ‬
‫مقــدمـة‬
‫ً‬ ‫لم تعرف ر‬
‫األنثوبولوجيا قبل النصف الثان من القرن ر‬
‫العشين‪ ،‬تقسيمات وفروعا‪،‬‬ ‫ي‬
‫ّ‬ ‫إذ كانت ّ‬
‫تتم ألغراض خاصة بالباحث أو من يكلفه‪ ،‬كدراسة حياة بعض المجتمعات أو‬
‫مكوناتها الثقافية ‪.‬‬

‫ر‬
‫العشين‪ ،‬حيث أخذت تتبلور‬ ‫ومع انطداقتها يف الستينات والسبعينات من القرن‬
‫ّ‬ ‫مبادئها وأهدافها‪ ،‬كانت ّ‬
‫وبالتال وضع‬
‫ي‬ ‫ثمة محاوالت جادة لتوصيفها كعلم خاص‪،‬‬
‫تقسيمات لها وفروع من أجل تحقيق المنهجية التطبيقية من جهة‪ ،‬والشمولية البحثية‬
‫ّ‬
‫التكاملية من جهة أخرى‪ .‬فظهرت نتيجة ذلك تصنيفات متعددة‪ ،‬استند بعضها إل‬
‫طبيعة الدراسة ومنطلقاتها‪ ،‬بينما استند بعضها اآلخر إل أهدافها ‪.‬‬

‫مقدمة ف ر‬ ‫ّ‬ ‫فقد ّ‬


‫األنثبولوجيا االجتماعية "‬ ‫ي‬ ‫قسمها ‪ /‬رالف بدنجتون‪ /‬يف كتابه "‬
‫أساسيي ‪( :‬األن رثبولوجيا العضوية أو الطبيعية‪،‬‬
‫ر‬ ‫قسمي‬
‫ر‬ ‫الصادر عام ‪، 4752‬إل‬
‫ر‬
‫واألنثوبولوجيا الثقافية )‪.‬‬

‫قسمها ف كتابه " ر‬


‫األنثوبولوجيا الثقافية " الصادر عام ‪ ،4790‬إل‬ ‫ّأما ‪ /‬بارنو ‪ /‬فقد ّ‬
‫ي‬
‫ر‬ ‫ر‬
‫ه ‪( :‬األنثوبولوجيا التطبيقية‪ ،‬األنثبولوجيا النفسية أو الثقافة‬ ‫ثداثة أقسام‪ ،‬ي‬
‫والشخصية‪ ،‬ر‬
‫األنثوبولوجيا االجتماعية )‪.‬‬

‫ً‬ ‫ر‬ ‫ر‬ ‫ّ‬


‫البحت وليست فرعا‬
‫ي‬ ‫ه أقرب إل المنهج‬ ‫اعتثنا أن االنثوبولوجيا التطبيقية‪ ،‬ي‬
‫وإذا ر‬
‫التصنيفي‬ ‫ّ‬
‫األنثوبولوجيا‪ ،‬ومن ثم قمنا بعملية توليف ربي األقسام األخرى يف‬ ‫من علم ر‬
‫ر‬
‫يضم أربعة فروع (أقسام) رئيسة‬ ‫ّ‬ ‫التال الذي‬ ‫السابقي‪ ،‬أمكننا الوصول إل التصنيف‬
‫ي‬ ‫ر‬
‫ر‬ ‫ّ‬
‫وه ‪( :‬األنثوبولوجيا العضوية ‪/‬‬
‫ي‬ ‫‪،‬‬‫‪/‬‬ ‫والمجتمع‬ ‫الفرد‬ ‫‪/‬‬ ‫باإلنسان‬ ‫قة‬ ‫المتعل‬ ‫نب‬ ‫الجوا‬ ‫تشمل‬

‫‪- 59 -‬‬

‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com59‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫األنثوبوبوجيا الثقافية‪ ،‬ر‬


‫األنثوبولوجيا االجتماعية )‪.‬‬ ‫النفسية‪ ،‬ر‬
‫ّ‬ ‫الطبيعية ‪ ،‬ر‬
‫األنثبولوجيا‬
‫وسنتعرف فيما يىل ّ‬
‫كل فرع من هذه الفروع ‪.‬‬ ‫ّ‬
‫ي‬

‫ا‬
‫أوال‪-‬البدايات األول لدراسة ر‬
‫األنثوبولوجيا ‪:‬‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫العشين مراحل تكوين ر‬ ‫ر‬
‫األنثوبولوجيا وتطويرها‪ ،‬لتصبح كيانا أكاديميا‬ ‫شهد القرن‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫والباحثي‪ .‬فعىل الرغم من أن الفكر‬
‫ر‬ ‫كثث من العلماء والفداسفة‬
‫ومهنة متخصصة عند ر‬
‫ّ‬ ‫ّ ً‬ ‫ر‬ ‫وبولوج قد ّ‬ ‫ر‬
‫العشين‪ ،‬متأثرا إل حد بعيد‪،‬‬ ‫األوليي من القرن‬
‫ر‬ ‫ظل خدال العقدين‬ ‫ر ي‬ ‫األنث‬
‫ّ‬ ‫األخثة من القرن التاسع ر‬
‫عش‪ ،‬فننه شعان‬ ‫ر‬ ‫الت سادت وتبلورت يف السنوات‬
‫بالنظريات ي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ما ّ‬
‫وتحول إل منطلقات جديدة‪ ،‬نتج عنها اتجاهات متعددة إزاء دراسة اإلنسان‬ ‫تغث‬
‫ر‬
‫ًّ‬ ‫ً‬
‫وحضارته‪ ،‬سواء ما كان منها نظريا أو منهجيا (فهيم‪ ،4795 ،‬ص ‪)417‬‬

‫ّ‬ ‫إن االتجاه العلم الذي نشط ف القرن التاسع ر‬ ‫ّ‬


‫عش‪ ،‬وتبلور يف مجاالت متعددة‪،‬‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫ّ‬
‫اإلنسان يف‬
‫ي‬ ‫الفلسق الذي كان يتحفظ عىل قدرة العقل‬
‫ي‬ ‫اإلنسان إل نبذ الفكر‬
‫ي‬ ‫دفع العقل‬
‫ّ‬
‫التوصل إل الحقيقة المطلقة‪ .‬وهذا ما نتج عنه قيم فكرية جديدة تدعو إل النظر إل‬
‫العقل والمنطق المحسوس‪ ،‬والواقع الملموس كأدوات للمعرفة‪ ،‬كما تدعو إل التفاؤل‬
‫بمستقبل اإلنسانية ‪.‬‬

‫ّ‬
‫اإلنسان‪،‬‬
‫ي‬ ‫إال أن أحداث الحرب العالمية األول ونتائجها السلبية عىل المجتمع‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫بددت هذا التفاؤل‪ ،‬وأحلت محله النظرة التشاؤمية‪ .‬وهذا ما بدا يف نظرة الفداسفة إل‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫مشكدات اإلنسان ف هذا القرن (القرن ر‬
‫العشين )‪ ،‬إل حد اعتقاد بعضهم أن المستقبل‬ ‫ي‬
‫ّ‬
‫صعب ومظلم مع ظهور النازية يف ألمانيا‪ ،‬والفاشية يف إيطاليا‪ .‬وبلغ هذا االتجاه ذروته‬
‫الت شاعت يف فرنسا‪ ،‬وعىل رأسها‪ /‬جان بول سارتر‪/‬‬
‫فيما عرف بالحركة( الوجودية) ي‬

‫‪- 61 -‬‬
‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com60‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫الذي عاش ما ربي (‪)4792 -4725‬‬

‫ّ‬ ‫ّ‬
‫التشاؤم‪ ،‬اتجاه آخر اتصف بالتفاؤل‪ ،‬كان من أبرز رواده يف‬
‫ي‬ ‫وبرز مقابل هذا االتجاه‬
‫ربي‬ ‫أمريكا الفيلسوف الثبوي ‪ /‬جون ديوي ‪ /‬الذي عاش ما‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫وتبت فيه موقفا‬ ‫الشهث " إعادة البناء يف الفلسفة "‬
‫ر‬ ‫(‪ .)4750-4957‬فقد أصدر كتابه‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫الميتافثيقية ‪.‬‬
‫ر‬ ‫رصيحا مناهضا للفلسفة‬

‫ودعا فيه إل رصورة االهتمام بالبحث عن القوى المعنوية الت ّ‬


‫تحرك مناشط‬ ‫ي‬
‫ّ‬
‫الت‬
‫ي‬ ‫ات‬
‫ر‬ ‫والقد‬ ‫اإلمكانات‬ ‫الكثث من‬
‫ر‬ ‫اإلنسان‪ ،‬العتقاد‪ /‬ديوي‪ /‬أن لدى هذا اإلنسان‬
‫يمكنه بواسطتها الخرو من أزمته الراهنة ‪ ..‬كما تساعده يف مشكداته الحياتية المثايدة‪،‬‬
‫دون اللجوء إل قوى خارجة عن نطاق الطبيعة ‪.‬‬

‫أيضا تأثثاته ف تشكيل الفكر ر‬ ‫ً‬


‫ر ي‬
‫وبولوج يف العقود األول من القرن‬ ‫األنث‬ ‫ي‬ ‫ر‬ ‫وكان للدين‬
‫ّ ّ‬ ‫العشين‪ ،‬وال ّ‬
‫ر‬
‫التأثث تضاءل أمام تعاظم التيارات‬
‫ر‬ ‫سيما عىل النظم االجتماعية‪ .‬إال أن ذلك‬
‫ّ‬
‫التحررية وما رافقها من إنجازات علمية هائلة‪ ،‬األمر الذي حدا بالكنيسة يف بداية النصف‬
‫العشين‪ ،‬إل ّ‬
‫تقبل فكرة الحوار وحرية المناقشة يف األمور الدينية‬ ‫ر‬ ‫الثان من القرن‬ ‫ي‬
‫ً‬
‫والدنيوية ‪ ..‬بعيدا عن األساليب القمعية التقليدية ‪(Burns,1973,p.892) .‬‬

‫ر‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬


‫وف الفكر‬
‫وهكذا‪ ،‬شكل هذا العلم دعامة أساسية يف ثقافة القرن العشين عامة‪ ،‬ي‬
‫ر‬
‫الت‬
‫االجتماع والقضايا اإلنسانية ي‬
‫ي‬ ‫األنث ر ي‬
‫بولوج خاصة‪ ،‬حيث كان وثيق الصلة بالفكر‬
‫أسهمت ف تحديد موضوعات الدراسات ر‬
‫األنثوبولوجية‪ ،‬ومناهجها وأهدافها ‪.‬‬ ‫ي‬

‫‪- 11 -‬‬

‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com61‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫ً ّ‬
‫االتجاهات المعارصة ف دراسة ر‬
‫األنثوبولوجيا ‪:‬‬ ‫ي‬ ‫ثانيا‪-‬‬

‫عش‪ ،‬انتقادات واسعة‬ ‫ّ‬


‫التطورية الت ظهرت ف القرن التاسع ر‬ ‫القت النظرية‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫والتخمي‪ ،‬وتعميم األحكام المطلقة عىل الثقافات‬ ‫ر‬ ‫باعتبارها استندت إل الحدس‬
‫اهي أو القرائن العملية ‪ /‬الواقعية‪.‬‬‫بالث‬ ‫ذلك‬ ‫ة‬ ‫اإلنسانية‪ ،‬من دون أن تثبت ّ‬
‫صح‬
‫ر ر‬

‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬


‫تدريجيا مع بداية القرن ر‬ ‫ّ‬
‫لتحل محلها أفكار نظرية‬ ‫العشين‪،‬‬ ‫تضمحل‬ ‫ولذلك‪ ،‬بدأت‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫جديدة لدراسة الثقافات اإلنسانية‪ ،‬من حيث نشوؤها ومكوناتها وتطورها‪ .‬فكان أن‬
‫ّ‬
‫رئيسية متفاعلة فيما بينها‪،‬‬ ‫ظهرت خدال الربــع الثان من القرن ر‬
‫العشين ثداثة اتجاهات‬ ‫ي‬
‫ّ‬
‫ركزت يف دراساتها عىل تناول العلوم االجتماعية‪ ،‬بأسسها ومنطلقاتها وأهدافها‪ .‬وهذا ما‬
‫أسهم بفاعلية ف إرساء دعائم علم ر‬
‫األنثبولوجيا المعارص ‪.‬‬ ‫ي‬

‫ّ‬
‫التاريح ‪:‬‬
‫ي‬ ‫‪-4‬االتجاه‬
‫ّ‬
‫النفىس‪.‬‬
‫ي‬ ‫التاريح‬
‫ي‬ ‫التجزيت ‪ ،‬واالتجاه‬
‫ي‬ ‫التاريح ‪/‬‬
‫ي‬ ‫قسمي ‪ :‬االتجاه‬
‫ر‬ ‫ويقسم إل‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫يىل عرضا موجزا لكل منهما ‪.‬‬
‫وسنقدم فيما ي‬

‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬


‫التطوري للحضارات اإلنسانية‪،‬‬ ‫‪ -1/1‬االتجاه التاريخ ‪ /‬التجزيئ ‪ :‬ذكرنا أن الفكر‬
‫سائدا ف النصف الثان من القرن التاسع ر‬ ‫ً‬
‫عش‪ ،‬حيث بدأت تتبلور الدراسات‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫أصبح‬
‫ّ‬ ‫ً ّ‬ ‫ر‬
‫األنثوبولوجية ‪.‬وظهر إل جانبه أيضا االتجاه االنتشاري الذي يعتمد عىل أن نشأة‬
‫ّ‬
‫كلها ترجع إل مصدر (مجتمع) واحد‪ ،‬ومنه ر‬
‫انتشت إل أماكن أخرى‬ ‫الحضارة اإلنسانية‬
‫يف العالم ‪.‬‬

‫ر‬ ‫ر‬ ‫ّ‬


‫االتجاه االنتشاري ف ّ‬
‫واألنثوبولوجيا‬ ‫األنثوبولوجيا الثقافية‬ ‫كل من‬ ‫ي‬ ‫ويوجد‬

‫‪- 62 -‬‬
‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com62‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫خاص ّا ف ّ‬
‫كل منهما‪ .‬فتطبيق االتجاه االنتشاري يف مجال‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫االجتماعية‪ ،‬وإن أخذ طابعا‬
‫ي‬
‫ّ‬ ‫ر‬
‫األنثوبولوجيا الثقافية‪ ،‬يتعلق بجمع العنارص الثقافية‪ ،‬بما يف ذلك من العنارص‬
‫التكنولوجية والفكرية‪ ،‬بينما يقترص ف مجال ر‬
‫األنثوبولوجيا االجتماعية‪ ،‬عىل العداقات‬ ‫ي‬
‫والت تشمل بعض العنارص الثقافية‪ ،‬وال تشملها‬
‫والنظم االجتماعية السائدة يف المجتمع‪ ،‬ي‬
‫ّ‬
‫كلها ‪.‬‬

‫ً‬ ‫ّ‬
‫كثثا ما تستعار أو تنقل‬
‫ويقوم االتجاه هنا عىل مبدأ هام‪ ،‬وهو أن النظم االجتماعية ر‬
‫ّ‬
‫من مكان إل مكان آخر‪ .‬وبناء عىل ذلك‪ ،‬فنن تشابه النظم االجتماعية والعادات‪ ،‬يف‬
‫ّ‬
‫تلقان‪ ،‬وإنما ناتج عن‬
‫ي‬ ‫المجتمع الواحد أو يف المجتمعات المختلفة‪ ،‬ال ينشأ عىل نحو‬
‫ّ‬
‫والطبيعية واإلنسانية‪( .‬جابر‪ ،4774 ،‬ص ‪) 95‬‬ ‫التشابه يف اإلمكانات االجتماعية‬

‫تفسث‬
‫ر‬ ‫التاريح يف‬ ‫الباحثي باستخدام المنهج‬
‫ر‬ ‫ّ‬
‫استمر اهتمام‬ ‫وعىل الرغم من ذلك‪،‬‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫ظاهرة التباين ربي الحضارات يف المجتمعات اإلنسانية‪ .‬واعتمد هذا االتجاه عىل مبدأين‬
‫اثني ‪.‬‬
‫ر‬

‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الثقاف ‪/‬‬
‫ي‬ ‫أولهما ‪ :‬أن االتصال ربي الشعوب المختلفة‪ ،‬كان بفعل االحتكاك‬
‫ر‬
‫المباش‪.‬‬ ‫وغث‬ ‫ر‬
‫المباش ر‬ ‫الحضاري‪،‬‬

‫ّ‬ ‫ّ‬
‫المكونات (الخصائص) الحضارية أو كلها‪ ،‬من‬ ‫وثانيهما ‪ :‬عملية انتشار بعض‬
‫مصادرها األصلية إل المجتمعات األخرى‪ ،‬سواء بالرحدات التجارية أو بالكشوف أو‬
‫بالحروب واالستعمار‪ .‬وهذان المبدآن متكامدان يف دراسة الظواهر الثقافية‪ ،‬ويمكن من‬
‫تفسث التباين الحضاري ربي الشعوب ‪.‬‬
‫ر‬ ‫خدالهما‬

‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬


‫األلمان ‪/‬فريدريك راتزال ‪/‬‬
‫ي‬ ‫وقد اعتمد هذا االتجاه منهجا تاريخيا –جغرافيا‪ ،‬قاده‬

‫‪- 13 -‬‬

‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com63‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬


‫أهمية االتصاالت والعداقات الثقافية ربي الشعوب المختلفة‪ ،‬ودورها يف‬ ‫الذي ركز عىل‬
‫نمو الحضارة الخاصة والعامة ‪.‬وتبعه ف ذلك تدامذته‪ ،‬وال ّ‬
‫سيما ‪ /‬هويثي ــخ شورتز‪/‬‬ ‫ي‬
‫ومالثيا) والعالم‬
‫ر‬ ‫الذي أبرز فكرة وجود عداقات حضارية ربي العالم القديم (إندونيسيا‬
‫الجديد (أمريكا) ‪.‬وكذلك ‪/‬ليوفرو بينيوس ‪ /‬صاحب نظرية (االنتشار الحضاري) ربي‬
‫إندونيسيا وأفريقيا‪.‬‬

‫ّ‬ ‫ً‬
‫التفسث‬
‫ر‬ ‫وانطداقا من هذا االتجاه‪ ،‬ظهرت يف أوروبا نظريتان مختلفتان حول‬
‫االنتشاري لعنارص الثقافة‪.‬‬

‫الت تعتمد األصل المركزي الواحد للثقافة ‪/‬‬


‫ه النظرية االنتشارية ي‬
‫النظرية األوىل ‪ :‬ي‬
‫ّ‬
‫الحضارة ‪ .‬سادت هذه النظرية يف إنكلثا‪ ،‬وأرجعت نشأة الحضارة اإلنسانية كلها إل‬
‫انتشت إل المجتمعات اإلنسانية األخرى ‪.‬‬‫مصدر واحد‪ ،‬ومنه ر‬

‫وكان من ّ‬
‫رواد هذه النظرية‪ ،‬عالم ر‬
‫التشي ــح ‪ /‬إليوت سميث ‪ /‬وتلميذه ‪ /‬وليم ربثي ‪/‬‬
‫ّ‬
‫اللذان رأيا أن الحضارة اإلنسانية‪ ،‬نشأت وازدهرت عىل ضفاف النيل يف مرص القديمة‪،‬‬
‫حوال خمسة آالف سنة قبل الميداد ‪.‬‬
‫ي‬ ‫منذ‬

‫وعندما توافرت الظروف المناسبة للتواصل ربي الجماعات ر‬


‫البشية‪ ،‬بدأت بعض‬
‫ّ‬
‫مظاهر تلك الحضارة المرصية القديمة تنتقل إل أرجاء متعددة من العالم‪ ،‬حيث عجزت‬
‫التقدم الثقاف واالبتكار الحضاري‪ ،‬فراحت ّ‬ ‫ّ‬
‫تعوض عن ذلك العجز‬ ‫ي‬ ‫شعوبــها عن‬
‫باالستثاد والتقليد‪( .‬رياض‪ ،4791 ،‬ص ‪)409‬‬
‫ر‬

‫كبثة عن جدارة‪ ،‬نتيجة أبحاثه عن المخ ودراساته‬


‫لقد نال ‪ /‬إليوت سميث ‪ /‬شهرة ر‬
‫انكب يف إحدى فثات‬‫ّ‬ ‫األنثوبولوجية القديمة )‪ ،)Paleo-anthropology‬حيث‬‫ر‬ ‫يف‬

‫‪- 64 -‬‬
‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com64‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫حياته عىل دراسة المخ يف المومياء المرصية‪ .‬وقادته أبحاثه هذه إل اإلقامة يف مرص‪،‬‬
‫ّ‬
‫حيث أدهشته الحضارة المرصية القديمة‪ .‬وأخذ‪ ،‬كما فعل العديدون‪ ،‬يداحظ أن الثقافة‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫كثثة يبدو أن لها ما يوازيــها يف ثقافات بقاع أخرى من‬
‫تضم عنارص ر‬ ‫المرصية القديمة‪،‬‬
‫العالم‪ ،‬وقلبت نظرياته الجريئة‪ ،‬االعتبارات التقليدية عن الزمان والمكان‪ .‬فلم يقترص‬
‫بأن العنارص المتشابهة ف حوض البحر األبيض المتوسط وأفريقيا ر‬ ‫ّ‬
‫والشق‬ ‫ي‬ ‫عىل القول‬
‫ّ‬
‫األدن والهند‪ ،‬من أصل مرصي‪ ،‬بل ذهب إل أن العنارص المماثلة يف ثقافات أندونيسيا‬
‫واألمريكتي‪ ،‬تنبع من المصدر المرصي ذاته ‪.‬‬
‫ر‬

‫ا‬
‫ّأما ‪ /‬وليم ربثي ‪ /‬فقد أعط يف كتابه (أبناء الشمس) رشحا كامال للنظرية "‬
‫الهيليوليتية ‪ " Heliolithic‬وهو االسم الذي أطلق عىل ‪ /‬المدرسة االنتشارية ‪ /‬عن‬
‫الثقاف الذي تزعم هذه‬ ‫ّ‬
‫المجمع‬ ‫سشث إل أحد عنارص‬ ‫تاريـ ــخ الثقافة‪ .‬فعنوان الكتاب‪ ،‬ر‬
‫ي‬
‫ّ‬ ‫ر‬ ‫ّ‬
‫المدرسة أن أصله يف مرص‪ ،‬ومنها انتش‪ ..‬وهو االعتقاد بأن الملك ابن الشمس‪ ،‬والعنارص‬
‫الكثى للذهب والآللء‬
‫ه ‪ :‬التحنيط‪ ،‬بناء األهرامات‪ ،‬والقيمة ر‬ ‫ّ‬
‫األخرى يف هذا المجمع ي‬
‫‪ (.‬هرسكوفيث‪ ،4791 ،‬ص ‪) 042‬‬

‫ً‬ ‫ّ‬
‫وبثي ‪ /‬من أن بناء األهرامات أيضا من منشأ مرصي‪ ،‬كما‬
‫اهي ‪ /‬سميث ر‬
‫وتنطلق بر ر‬
‫قيي بعظم ساق الملك‬‫ه الحال يف أهرامات المكسيك‪ .‬وكذلك األمر يف احتفاظ األفري ر‬ ‫ي‬
‫ّ‬
‫المتوف‪ ،‬الستعماله يف الطقوس الدينية نتيجة النتشار عادة التحنيط عند المرص ريي‪.‬‬

‫الثقاف ‪ /‬الحضاري‪،‬‬
‫ي‬ ‫الت تعتمد األصل‬ ‫ه النظرية االنتشارية ي‬ ‫النظرية الثانية ‪ :‬ي‬
‫ّ‬
‫وف‬
‫ي‬ ‫‪،‬‬ ‫والنمساويي‬
‫ر‬ ‫األلمان‬ ‫العلماء‬ ‫من‬ ‫فريق‬ ‫النظرية‪،‬‬ ‫هذه‬ ‫دعاة‬ ‫المتعدد المراكز‪ .‬وكان من‬
‫طليعتهم ‪ /‬فريث جراينور ‪ /‬الذي عاش يف الفثة ما ربي ‪ )4721-4995‬و‪/‬وليم شميدت ‪/‬‬
‫الذي عاش يف الفثة ما ربي (‪. )4757-4959‬‬

‫‪- 15 -‬‬

‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com65‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫ّ‬
‫لقد رفض هذا الفريق فكرة المنشأ( المركز) الواحد للحضارة اإلنسانية‪ ،‬ألن هذه‬
‫العلم‪ .‬وافثضوا وجود مراكز‬ ‫أكث من قربــها إل األساس‬ ‫الفكرة رصب من الخيال ر‬
‫ي‬
‫حضارية أساسية وعديدة ‪ ،‬يف أماكن متفرقة يف العالم‪ .‬ونشأ من التقاء هذه الحضارات‪،‬‬
‫بعضها مع بعض‪ ،‬دوائر ثقافية تفاعلت ببعض عمليات االنصهار والتشكيدات المختلفة‪.‬‬

‫وكان ‪ /‬ويسلر ‪ّ /‬أول من استعمل (الدائرة الثقافية) بهذا المعت‪ ،‬يف بحثه عن‬
‫األمريكيي‪ .‬وال يزال تعريفه لهذا المفهوم عىل الرغم من تعديله‪ ،‬منذ ذلك‬
‫ر‬ ‫ثقافات الهنود‬
‫الوقت مفيدا يف هذا المجال‪ .‬يقول ‪ /‬ويسلر ‪ " : /‬إذا أمكننا تجميع سكان العالم الجديد‬
‫ّ‬
‫األمريكيي‪ ،‬فسنحصل عىل دوائر متعددة ‪ :‬دوائر طعام‪ ،‬دوائر‬
‫ر‬ ‫األصليي‪ ،‬أي الهنود‬
‫ر‬
‫وغثها‪ .‬وإذا أخذنا يف الحسبان العنارص جميعها يف وقت‬‫منسوجات‪ ،‬ودوائر خزف ‪ ...‬ر‬
‫ّ‬ ‫واحد‪ّ ،‬‬
‫وحولنا الوحدات االجتماعية أو القبلية‪ ،‬يمكننا أن نجد جماعات محددة المعالم‪،‬‬
‫ً‬
‫وهذا ما يعطينا الدوائر الثقافية‪ ،‬أو تصنيفا للجماعات وفق عنارص ثقافتهم "‪.‬‬
‫(هرسكوفيث‪ ،4791 ،‬ص ‪) 401‬‬

‫ّ ّ‬ ‫وهذا ما ّ‬
‫يفش أوجه االختداف عن تلك الثقافات المركزية األساسية‪ .‬إال أن أصحاب‬
‫ّ‬
‫هذا الرأي لم يقدموا الدالئل عىل أماكن وجود تلك المراكز‪ ،‬أو عمليات تتبع حركات‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫منهجية سليمة ‪ (.‬فهيم‪،‬‬ ‫االتصال فيما بينها‪ ،‬ودراسة النتائج المثتبة عىل ذلك‪ ،‬بطريقة‬
‫‪ ،4795‬ص‪)452‬‬

‫ً‬ ‫لقد كانت وجهة نظر المدرسة (الثقافية التاريخية) األلمانية – النمساوية‪ ،‬ر‬
‫أكث عمقا‬
‫ً‬
‫معايث الحكم عىل قيمة وقائع االقتباس المفثضة‪،‬‬ ‫ر‬ ‫وتنميقا ‪ ..‬وكانت عنايتها باختيار‬
‫ّ‬
‫وإرصاراها عىل الحيطة يف استخدام مصادر المعلومات‪ ،‬ودقتها يف تحديد تعريفاتها‪،‬‬
‫ا‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫العلم الدقيق‪ ،‬ولهذا القت قبوال‬
‫ي‬ ‫وغت وثائقها‪ ،‬تتجاوب كلها تماما مع متطلبات البحث‬

‫‪- 66 -‬‬
‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com66‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫ً‬
‫واسعا ‪.‬‬

‫تقوم نظرية المدرسة (الثقافية – التاريخية) يف جوهرها‪ ،‬وكما رشحها زعيمها ‪ /‬وليم‬
‫شميدت ‪ ،/‬عىل نظرة صوفية إل طبيعة الحياة وإل التجربة اإلنسانية‪ .‬فقد نشأت هذه‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫تعبثات ومصطلحات تختلف اختدافا جوهريا‬ ‫المدرسة ضمن إطار فكري‪ ،‬واستخدمت ر‬
‫ّ‬
‫المفكرين ر‬
‫وبولوجيي ‪ ..‬ويظهر ذلك يف‬
‫ر‬ ‫األنث‬ ‫عن النظرة العقدانية‪ ،‬وعن مفردات أغلب‬
‫والت تقسم إليها‬
‫مناقشة ‪ /‬شميدت ‪/‬طرائق البحث يف دراسة الدوائر الثقافية المختلفة‪ ،‬ي‬
‫ّ‬
‫هذه المدرسة‪ ،‬أي الثقافات جميعها ‪ ،.‬وترى أنها انتخبت الثقافات الموجودة – اليوم –‬
‫يف العالم‪ ،‬بواسطة انتشار عنارصها ‪.‬‬

‫األنثوبولوجيون جميعهم‪ ،‬بالحاجة إل فهم‬‫ر‬ ‫ويعثف ‪ /‬شميدت ‪ ،/‬كما يعثف‬


‫ّ‬
‫(معت الحياة البدائية) بالنسبة لمن يعيشونها‪ .‬واألهم من ذلك‪ ،‬فهم معناها بالنسبة‬
‫ّ‬
‫ألولئك الذين عاشوها يف العصور الغابرة ‪ ...‬ويقول ‪ /‬شميدت ‪ /‬إننا نعرف ذلك باللجوء‬
‫التعاطق‪ ،‬الذي سستطيع اإلنسان بواسطته أن يضع نفسه يف‬
‫ي‬ ‫ر ي‬
‫السيكولوج‬ ‫إل المبدأ‬
‫ّ‬
‫الحالة النفسية للشخص الذي يرتبط معه بعداقة ما‪(.‬هرسكوفيث‪ ،4791 ،‬ص‪)042‬‬

‫وف‬ ‫ّ‬
‫أما إسهام ‪ /‬فريث جرابنور‪ /‬يف منهج المدرسة التاريخية – الثقافية بوجه خاص‪ ،‬ي‬
‫ّ‬ ‫ر‬
‫لمعايث تقييم‬
‫ر‬ ‫الموضوع‬
‫ي‬ ‫األنثوبولوجيا‪ ،‬بوجه عام‪ ،‬فتمثل يف التحديد الدقيق‬ ‫علم‬
‫انتشار بعض العنارص الثقافية‪ ،‬من شعب إل شعب آخر ‪.‬‬

‫انتقان‪ ،‬إذ‬
‫ي‬ ‫تأثث‬
‫االجتماع والثقافة السائدان عند جماعة (مجتمع ما) لهما ر‬
‫ي‬ ‫فالنظام‬
‫ّ‬
‫وف الوقت نفسه‪ ،‬ال يمكن‬ ‫ي‬ ‫‪.‬‬‫القائم‬ ‫النسق‬ ‫مع‬ ‫ة‬‫البت‬ ‫تنسجم‬ ‫ال‬ ‫نماذ‬ ‫قبول‬ ‫يحوالن دون‬
‫ّ‬
‫تجاهل أثر االقتباس عىل األنظمة االجتماعية‪ ،‬حيث تتوقف فرص االقتباس عىل‬
‫ّ‬
‫الت احتك بها‬
‫الت تكون وليدة المصادفات‪ .‬ومثال ذلك ‪ :‬أن تكون الثقافة ي‬ ‫االحتكاكات ي‬

‫‪- 17 -‬‬

‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com67‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫ً َ ً‬
‫ه الثقافة اإلسبانية‪ ،‬أمر يمكن اعتباره حدث اتفاقا وع َرضا‪ .‬وكذلك‬
‫الهنود المكسيكيون ي‬
‫ّ‬
‫بالثقافتي‬
‫ر‬ ‫الحال بالنسبة لهنود الواليات المتحدة األمريكية‪ ،‬الذين كان معظم احتكاكهم‬
‫ّ‬
‫والفرنسية‪( .‬لينتون‪ ،4751 ،‬ص ‪) 251‬‬ ‫اإلنجلثية‬
‫ر‬

‫ّ‬
‫الت‬
‫ه أساسية يف الدراسات ي‬ ‫معايث الكيف والكم‪ ،‬ي‬
‫ر‬ ‫الت يدعونها‬
‫المعايث ي‬
‫ر‬ ‫إن هذه‬
‫ّ‬
‫ثقافت‬
‫ي‬ ‫الثقاف جميعها‪ ،‬ومعناها بسيط جدا ؛ فعندما يبدو للعيان تماثل ربي‬
‫ي‬ ‫تتناول النقل‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫مختلفتي‪ ،‬فنن حكمنا حول احتمال اشتقاقهما من مصدر واحد‪ ،‬يتوقف عىل‬ ‫ر‬ ‫جماعتي‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫عدد العنارص المتماثلة ومدى تشابكها‪ .‬فكلما ازداد عدد العنارص المتماثلة‪ ،‬ازداد احتمال‬
‫وقوع االقتباس ‪ ..‬وينطبق األمر ذاته عىل مدى تداخل (تعقيد) عنرص من العنارص‪ .‬ولذا‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ا‬
‫التاريح ربي‬
‫ي‬ ‫يمكن استخدام القصص الشعبية‪ ،‬مثال‪ ،‬استخداما مفيدا يف دراسة االحتكاك‬
‫الشعوب البدائية‪( .‬هرسكو فيث‪ ،‬ص ‪)042‬‬

‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬


‫التفسث االنتشاري عىل أوروبا فحسب‪ ،‬وإنما امتد أيضا إل أمريكا حيث‬
‫ر‬ ‫ولم يقترص‬
‫ّ‬
‫التفسث التطوري للثقافة‪،‬‬ ‫ظهرت حركة مماثلة آلراء ‪ /‬سميث وشميدت ‪ /‬من حيث نقد‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫لتفسث‬
‫ر‬ ‫واالتقاق عىل فكرة انتشار العنارص الثقافية بطريق االستعارة والتقليد‪ ،‬كأساس‬
‫الثقاف ‪ /‬الحضاري ربي الشعوب ‪.‬‬
‫ي‬ ‫التباين‬

‫ّأما بخصوص فكرة المراكز الحضارية (الدوائر الثقافية) رفثى أصحاب المدرسة‬
‫ّ‬ ‫ا‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫اف محدد ّثم‬ ‫ثقاف – جغر ي‬
‫الممثة لثقافة ما‪ ،‬وجدت أوال يف مركز ي‬ ‫ر‬ ‫األمريكية‪ ،‬أن المدامح‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫يعت أن أصحاب االتجاه االنتشاري يف أمريكا‪،‬‬ ‫انتقلت إل أماكن أخرى من العالم‪ .‬وهذا ي‬
‫ّ‬
‫المستقل‪ ،‬وأن بعض الناس‬ ‫التطور الحضاري‬‫ّ‬ ‫األوربيي بعدم إمكانية‬ ‫رفضوا آراء‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫غث مبتكرين أو قادرين عىل القيام بعملية االبتكار والتطور‪.‬‬ ‫بطبيعتهم ر‬

‫ّ‬ ‫وكان األمريك ‪ /‬فرانز بواز ‪ /‬الرائد ّ‬


‫التجزيت‪ ،‬قد عارض‬
‫ي‬ ‫التاريح ‪/‬‬
‫ي‬ ‫األول لهذا االتجاه‬ ‫ي‬

‫‪- 68 -‬‬
‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com68‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الثقاف‪ .‬ورأى أن أية ثقافة من‬
‫ي‬ ‫للتطور‬ ‫الفكرة القائلة بوجود طبيعة واحدة وثابتة‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫معي‪ .‬ولذلك‪ ،‬يتوجب عىل الباحث‬ ‫ر‬ ‫تاريح‬
‫ي‬ ‫الثقافات‪ ،‬ليست إال حصيلة نمو‬
‫ّ‬
‫المكونة ّ‬ ‫وبولوج أن ّ‬ ‫ر‬
‫لكل ثقافة عىل حدة‪،‬‬ ‫يوجه اهتمامه نحو دراسة تاري ــخ العنارص‬ ‫ر ي‬ ‫األنث‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫لك‬
‫قبل الوصول إل تعميمات بشأن الثقافة اإلنسانية بكاملها‪ .‬وقد أرص‪ /‬بواز‪ /‬عىل أنه ي‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫تصبح ر‬
‫األنثبولوجيا علما‪ ،‬فدا بد أن تعتمد يف تكوين نظرياتها عىل المشاهدات والحقائق‬
‫ّ‬
‫الحدسية ‪.‬‬ ‫الملموسة‪ ،‬وليس عىل التخمينات أو الفرضيات‬

‫ومن هذا المنطلق‪ ،‬استخدم ‪ /‬بواز ‪ /‬مصطلح (المناطق الثقافية) لإلشارة إل‬
‫مجموعة من المناطق الجغرافية ذات النمط الثقاف الواحد‪ ،‬برصف النظر ّ‬
‫عما تحتويه‬ ‫ي‬
‫هذه المناطق من جماعات أو شعوب‪ .‬وقد ّ‬
‫طبق ‪ /‬بواز ‪ /‬هذا المفهوم عىل ثقافات‬
‫تميث‪ -‬سبع مناطق ثقافية رئيسة‪،‬‬
‫قبائل الهنود الحمر يف أمريكا‪ ،‬واستطاع تحديد – ر‬
‫يندر تحتها هذا العدد الهائل من قبائل الهنود الحمر‪ ،‬والذي كان يزيد عن (‪ )52‬قبيلة‪،‬‬
‫يف الوقت الذي نزح األوروبيون الستعمار القارة األمريكية ‪.‬‬

‫سشث مفهوم (المنطقة الثقافية) إل طرائق السلوك الشائعة ربي عدد من‬‫وبــهذا ر‬
‫تتمث باشثاكها ف عدد من مظاهر الثقافة‪ ،‬نتيجة لدرجة ّ‬
‫معينة من‬ ‫المجتمعات الت ّ‬
‫ي‬ ‫ر‬ ‫ي‬
‫ّ‬
‫االتصال والتفاعل‪(.‬أبو زيد‪ ،4792، ،‬ص ‪) 020‬‬

‫ّ‬
‫تصفحنا كتابات ‪ /‬بواز ‪ /‬وجدنا ّأن أفكاره ّ‬
‫تتمث عن أفكار‪ /‬سميث وب رثي‬ ‫ر‬ ‫وإذا ما‬
‫في‪ ،‬وذلك بتشديده عىل النقاط التالية ‪:‬‬ ‫ّ‬
‫االنتشاريي المتطر ر‬
‫ر‬ ‫وغثهم من‬
‫وشميدت ‪ /‬ر‬

‫ّ‬ ‫ّ‬
‫‪ -4‬إن الدراسة الوصفية لدانتشار‪ ،‬مقدمة لدراسة عملية االنتشار دراسة تحليلية ‪.‬‬

‫ّ‬
‫‪ -0‬يجب أن تكون دراسة االنتشار دراسة استقرائية‪ ،‬أي أنه يجب دراسة العنارص‬

‫‪- 19 -‬‬

‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com69‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬


‫الت يزعم أنها ناشئة عن االنتشار تبعا لعداقتها‬
‫الثقافية المثابطة (المجمعات الثقافية) ي‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫الداخلية‪ ،‬ر‬
‫أكث من كونها مجموعة من العنارص شكلها الباحث اعتباطيا ‪.‬‬

‫ّ‬
‫‪ -2‬يجب أن تتجه دراسة االنتشار من الخاص إل العام‪ ،‬ورسم توزي ــع للعنارص يف‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫مناطق محدودة‪ ،‬قبل رسم خارطة توزعها يف القارة‪ ،‬وترك الكدام عن توزعها يف العالم‬
‫ّ‬
‫كله‪.‬‬

‫ّ‬
‫‪ -1‬إن منهج دراسة العملية الديناميكية ‪،‬واالنتشار ليس سوى وجه من وجوهها‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫الثقاف‪.‬‬
‫ي‬ ‫التغث‬
‫ر‬ ‫يجب أن يكون منهجا سيكولوجيا‪ ،‬وأن يعود إل الفرد بغية فهم حقائق‬
‫(هرسكوفيث‪ ،4791 ،‬ص ‪)045‬‬

‫ّ‬ ‫ً‬
‫واستنادا إل هذه المنطلقات‪ ،‬يرى ‪ /‬بواز ‪ /‬أن مراعاة العوامل السيكولوجية‬
‫كبثة يف هذه الدراسات الثقافية‪ .‬كما يجب‬ ‫ّ‬
‫أهمية ر‬ ‫الكامنة يف عملية االقتباس‪ ،‬تكتسب‬
‫ّ‬ ‫ا‬
‫تحليل هذه الثقافات بصورة إفرادية أوال‪ ،‬ومن ثم إجراء مقارنة تفصيلية فيما بينها‪،‬‬
‫ّ‬
‫البنان أو من حيث عنارصها‪ .‬وال تكون النتائج مقبولة‪ ،‬إال‬
‫ي‬ ‫سواء من حيث نظامها‬
‫ّ‬
‫بتحريات يف مناطق عديدة ـ تسمح بتعميم هذه النتائج ‪.‬‬

‫ً‬ ‫فقد اكتشف ‪ /‬بواز ‪ّ /‬أن ّ‬


‫ثمة عددا من السمات الثقافية المشثكة ربي جماعات‬
‫الهنود الحمر‪ ،‬الت تعيش ف السهول الساحلية ألمريكا الشمالية ‪.‬فعىل الرغم من ّأن ّ‬
‫لكل‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫ّ ّ‬
‫منها استقداليتها الخاصة واسمها ولغتها وثقافتها‪ ،‬إال أن سكانها جميعهم يصطادون‬
‫ً‬
‫الت سستخدمونها أيضا‬‫الجاموس للغذاء‪ ،‬ويبنون المساكن عىل أعمدة يغطونها بالجلود ي‬
‫يف صنع المدابس‪.. .‬‬

‫وتحليىل‬
‫ي‬ ‫وصق‬
‫ي‬ ‫وهكذا جاء مفهوم (مصطلح) المنطقة الثقافية‪ ،‬كتصنيف‬

‫‪- 01 -‬‬
‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com70‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫للثقافات‪ ،‬األمر الذي سسهل المقارنة ربي الثقافات‪ ،‬ومن ّثم الوصول إل تعميمات بشأن‬
‫ّ‬
‫الثقافة اإلنسانية كلها ‪ (.‬أبو زيد‪ ،4792 ،‬ص ‪)022‬‬

‫ّ‬ ‫ّ‬
‫االتجاه االنتشاري بوجه عام‪ ،‬أن بدأ ر‬
‫األنثوبولوجيون ينظرون إل أن‬ ‫ونتج عن هذا‬
‫والتطور والمدامح الرئيسة الت تمثّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ي ر‬ ‫للثقافات اإلنسانية كيانات مستقلة من حيث المنشأ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وتنوعها‪ ،‬وطرح مفهوم النسبية‬ ‫بعضها من بعض‪ .‬وهذا ما عزز فكرة تعدد الثقافات‬
‫ّ‬ ‫ر‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وتطوره‪،‬‬ ‫الت أصبحت من أهم المفهومات األساسية يف الفكر األنث ر ي‬
‫بولوج‬ ‫الثقافية ي‬
‫كعلم خاص من العلوم اإلنسانية لـه منطلقاته وأهدافه‪ ،‬توجب دراسته من خدالها ‪.‬‬

‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الثقاف بحسب فكرة الدوائر المتحدة المركز‪ ،‬القت انتقادات‬
‫ي‬ ‫ولكن نظرية االنتشار‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫سابث‪ /‬الذي ذكر ثداثة تحفظات عىل فكرة التوزع‬ ‫ر‬ ‫شديدة‪ ،‬ومنها ما وجهه ‪ /‬إدوارد‬
‫ّ‬
‫المستمر ‪:‬‬

‫ّ‬ ‫ّ‬
‫أولها ‪ :‬يمكن أن يكون االنتشار يف أحد االتجاهات‪ ،‬أشع منه يف اتجاه آخر ‪.‬‬

‫ً‬
‫تاريخيا‪ّ ،‬‬
‫تعرض لتعديدات يف المركز‪ ،‬بحيث يخطء‬ ‫ثانيها‪ :‬قد يكون الشكل األقدم‬
‫الحقيق ألصل الشكل‪.‬‬
‫ي‬ ‫الباحث يف تحديد المركز‬

‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬


‫لتحركات السكان داخل منطقة التوزع‪ ،‬آثار تؤدي إل سوء تأويل‬ ‫وثالثها‪ :‬قد يكون‬
‫الثقاف " ‪.‬‬
‫ي‬ ‫نموذ " االنتشار‬

‫ّ‬
‫التاريح‪ ،‬ربي‬
‫ي‬ ‫التخىل عن محاوالت إعادة تركيب االحتكاك‬
‫ي‬ ‫يعت هذا‬
‫ولكن‪ ،‬هل ي‬
‫ّ‬
‫الت ليس لها تاري ــخ؟ والجواب ‪ :‬ليس ثمة ما‬ ‫ّ‬
‫التاريح للمناطق ي‬
‫ي‬ ‫الشعوب البدائية والتطور‬
‫ر‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫شء يف‬ ‫ريثر هذه النتيجة‪ .‬ويبدو أن هذا الجهد المبذول يف هذا المجال‪ ،‬إذا ما أخذ كل ي‬

‫‪- 71 -‬‬

‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com71‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫طي ‪:‬‬ ‫الحسبان‪ ،‬جدير باالهتمام والعناية‪ ،‬ر‬


‫بش ر‬

‫ّ‬
‫تاريخية‪.‬‬ ‫‪ -4‬أن يكون باإلمكان اعتبار المنطقة المختارة للتحليل‪ ،‬ذات وحدة‬

‫ّ‬
‫التطورات التاريخية‪ ،‬وليس‬ ‫‪ -0‬أن يكون الهدف من التحليل‪ ،‬تقرير احتمال وقوع‬
‫تقرير الحقيقة المطلقة عنها ‪ (.‬هرسكوفيث‪ ،4791‬ص ‪) 004‬‬

‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬


‫الثقاف‪ ،‬فننه يتعذر بالنسبة‬
‫ي‬ ‫ولكن‪ ،‬مهما تعددت األدلة عىل ظاهرة االنتشار‬
‫ّ‬
‫الت‬
‫التميث ربي العنارص الثقافية ي‬
‫ر‬ ‫وف معظم األحيان –‬
‫غث المتعلمة – ي‬
‫للمجتمعات ر‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الت نشأت من داخلها‪ .‬ويتضح من وجهة النظر‬ ‫وبي العنارص ي‬
‫تشبت إليها من الخار ‪ ،‬ر‬
‫الت‬ ‫ر‬ ‫ّ ّ‬
‫التجريبية‪ ،‬أن كل ثقافة بمفردها اقتبست عن الثقافات األخرى‪ ،‬أشياء أكث من ي‬
‫اخثعتها بذاتها‪ .‬والدليل عىل ذلك‪ ،‬االنتشار الواسع لعنارص ثقافية معقدة يف مجاالت‬
‫ّ‬
‫والمؤسسات االجتماعية‪( .‬لينتون‪،‬‬ ‫التكنولوجية والفنون الشعبية‪ ،‬والمعتقدات الدينية‬
‫‪ ،4759‬ص ‪)090‬‬

‫كل مجتمع‬ ‫تسث ف ّاتجاهي‪ ،‬حيث سستفيد ّ‬ ‫ّ‬


‫ر‬ ‫الثقاف ر ي‬
‫ي‬ ‫وهكذا نجد‪ ،‬أن عملية االنتشار‬
‫سيما ف المجتمعات الكب رثة‪ ،‬حيث ّ‬ ‫ّ‬
‫يحتك به ‪ ..‬وال ّ‬
‫تتم‬ ‫ي‬ ‫من ثقافة المجتمع اآلخر الذي‬
‫عملية االنتشار الثقاف من خدال اقتباس عنارص من ثقافات أخرى‪ ،‬وانتشار ّ‬
‫مقوماتها‬ ‫ي‬
‫الكبثة‪.‬‬
‫ر‬ ‫وأنماطها الرئيسة والفرعية‪ ،‬ربي فئات هذه المجموعة ر‬
‫البشية‬

‫ّ‬
‫‪ -0/1‬االتجاه التاريخ ‪ /‬النفس ‪:‬‬

‫ّ‬ ‫ّ‬
‫التجزيت يتعدل ويأخذ مسارات جديدة‪ ،‬حيث ظهرت فكرة‬ ‫ي‬ ‫التاريح ‪/‬‬
‫ي‬ ‫بدأ االتجاه‬
‫ّ‬
‫التاريح يف دراسة الثقافات اإلنسانية‪ ،‬وذلك بفضل من تأثروا بنتائج‬
‫ي‬ ‫توسيع المفهوم‬

‫‪- 02 -‬‬
‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com72‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫سيما ‪ /‬سيغموند فرويد ‪ /‬الذي عاش ما ربي (‪ )4727-4950‬وتدامذته‪،‬‬ ‫علم النفس‪ ،‬وال ّ‬
‫ّ‬
‫الذين رأوا أنه باإلمكان فهم الثقافة من خدال التاري ــخ‪ ،‬مع االستعانة ببعض مفهومات‬
‫ّ‬
‫كبث يف االتجاه نحو الكشف عن‬
‫علم النفس وطرائقه التحليلية‪ .‬وهذا ما كان لـه أثر ر‬
‫األنماط المختلفة للثقافات اإلنسانية‪.‬‬

‫ّ‬
‫تكق‬
‫فقد رأت ‪ /‬روث بيند كيت ‪ /‬ورفاقها أن دراسة التاري ــخ‪ ،‬بوقائعه وأحداثه‪ ،‬ال ي‬
‫ّ‬
‫لتفسث الظواهر االجتماعية والثقافية‪ ،‬وذلك ألن الظاهرة الثقافية بحد ذاتها مسألة‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫فه تجمع ربي التجربة الواقعية المكتسبة والتجربة‬ ‫ي‬ ‫معقدة ومتشابكة العنارص‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫تضم مزيجا من النشاط‬ ‫السيكولوجية (النفسية )‪ ،‬وأن أية سمة من السمات الثقافية‪،‬‬
‫الثقاف والنفىس بالنسبة لبيئة ّ‬
‫معينة ‪ (.‬أبو زيد‪)009 ،4792 ،‬‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وعىل الرغم من ذلك‪ ،‬فنن أية ثقافة ال تؤلف نظاما مغلقا أو قوالب جامدة‪ ،‬يجب‬
‫ويتبي من حقيقة الثقافة‬‫ّ‬ ‫أن تتطابق معها سلوكات أعضاء المجتمع جميعهم ‪.‬‬
‫ر‬
‫ً ّ‬
‫السيكولوجية‪ ،‬أن الثقافة – بهذه الصفة – ال تستطيع أن تفعل شيئا‪ ،‬ألنها ليست سوى‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫معي ومكان محدد)‬
‫مجموع سلوكات األشخاص الذين يؤلفون مجتمعا خاصا ( يف وقت ر‬
‫التفكث عند هؤالء األشخاص‪.‬‬
‫ر‬ ‫وأنماط عادات‬

‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬


‫ولكن‪ ،‬عىل الرغم من أن هؤالء األشخاص يلثمون – عن طريق التعلم واالعتياد‪-‬‬
‫ّ‬
‫الت ولدوا فيها ونشأوا‪ ،‬فننهم يختلفون يف ردود أفعالهم تجاه المواقف‬
‫بأنماط الجماعة ي‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫يتعرضون لها معا‪ .‬كما أنهم يختلفون أيضا يف مدى رغبة كل منهم يف‬ ‫الت‬
‫الحياتية ي‬
‫ّ‬
‫للتغيث‪( .‬هرسكو فيث ‪ ،4791‬ص‪)55‬‬
‫ر‬ ‫عرضة‬ ‫جميعها‬ ‫الثقافات‬ ‫إن‬ ‫التغيث‪ ،‬إذ‬
‫ر‬

‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وهذا يدلل عىل مرونة الثقافة‪ ،‬وإتاحتها فرصة االختيار ألفرادها ‪ ..‬بحيث أن القيم‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وتمثه من المجتمعات األخرى‪ ،‬ليست كلها ثابتة بالمطلق‬ ‫ر‬ ‫يتمسك بها مجتمع ما‬ ‫الت‬
‫ي‬

‫‪- 73 -‬‬

‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com73‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬


‫وإنما ّ‬
‫التغثات‬
‫ر‬ ‫تتغث بحسب‬
‫ر‬ ‫متغثة‪،‬‬
‫ر‬ ‫ثمة قيم‬ ‫وتنتقل إل حياة األجيال المتعاقبة‪،‬‬
‫االجتماعية والثقافية الت ّ‬
‫يمر بها المجتمع‪.‬‬ ‫ي‬

‫نشته‪ /‬بيند كيت ‪ /‬عام ‪ ،4720‬البداية‬ ‫ويعتث كتاب " أنماط الثقافة " الذي ر‬ ‫ر‬
‫ّ‬
‫النفىس يف دراسة الثقافات اإلنسانية‪ .‬حيث أوضحت‬‫ي‬ ‫التاريح ‪/‬‬
‫ي‬ ‫الحقيقية لبلورة االتجاه‬
‫ّ‬
‫ه يف تشكيلها‬ ‫ي‬ ‫كما‬ ‫أي‬ ‫اإلجمالية‪،‬‬ ‫تها‬
‫ر‬ ‫صو‬ ‫ف‬‫ي‬ ‫الثقافات‬ ‫إل‬ ‫النظرة‬ ‫ورة‬ ‫الدراسة أنه من الرص‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ ّ‬
‫يمثها‬
‫العام‪ .‬وذلك‪ ،‬ألن لكل ثقافة مركز خاص تتمحور حوله وتشكل نموذجا خاصا بها‪ ،‬ر‬
‫عن الثقافات األخرى ‪.‬‬

‫ومن هذا المنظور‪ ،‬قامت‪ /‬بيند كيت‪ /‬بإجراء دراسة مقارنة ربي ثقافات بدائية‬
‫الثقاف العام ومظاهر‬ ‫متعددة‪ ،‬وخلصت إل ّأن ّ‬
‫ثمة عداقات قائمة ربي النموذ‬
‫ّ‬
‫ي‬
‫الشخصية‪ ،‬وهذا ما ينعكس لدى األفراد يف تلك المجتمعات ‪(F reidle, 1977, .‬‬
‫)‪p.302‬‬
‫ر‬ ‫ّ‬
‫الشكىل) للنوع البشي‬
‫ي‬ ‫ر ي‬
‫المورفولوج (‬ ‫ومن الممكن دراسة مظاهر التكيف‬
‫ّ‬
‫وف الوقت نفسه‪ ،‬كان ال بد من تطوير أساليب‬ ‫بالمصطلحات المألوفة يف علم األحياء‪ ،‬ي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫والنفىس‪ .‬ويعد مفهوم الثقافة من أهم‬
‫ي‬ ‫السلوك‬
‫ي‬ ‫التكيف‬ ‫فنية جديدة لوصف مظاهر‬
‫ّ‬ ‫ر‬ ‫المفهومات الت ّ‬
‫وأكثها فائدة وحيوية‪ .‬ومع أن هذا المفهوم‬ ‫طورت يف هذا المجال‪،‬‬ ‫ي‬
‫ّ‬
‫اقترص ف السابق عىل النواج الوصفية‪ ،‬فننه – عىل أضعف تقدير – ّ‬
‫زودنا بطريقة‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫بالتال أسسا للمقابلة ربي‬
‫ي‬ ‫النهان لعمليات التكيف‪ ،‬فوضع‬‫ي‬ ‫محددة للتعرف إل النتا‬
‫التكيف‪( .‬لينتون‪ ،4759 ،‬ص ‪) 475‬‬ ‫ّ‬ ‫النماذ المختلفة لطرق‬

‫ّ ً‬ ‫ً‬ ‫ر‬ ‫ّ‬


‫متمثا يف الربــع‬‫النفىس يف الدراسات األنثبولوجية‪ ،‬ظهورا ر‬
‫ي‬ ‫يح‪/‬‬
‫لقد شهد االتجاه التار ي‬
‫ً‬ ‫الثان من القرن ر‬
‫الت أنشأها ‪ /‬فرويد ‪/‬‬ ‫النفىس ي‬
‫ي‬ ‫العشين‪ ،‬مثافقا مع انتشار مدرسة التحليل‬ ‫ي‬

‫‪- 04 -‬‬
‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com74‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫ّ‬
‫واستمد منها ر‬
‫الكثث من المفاهيم النفسية‪ ،‬لتحديد العداقات المتبادلة ربي‬
‫ر‬ ‫األنثوبولوجيون‬
‫الفرد وثقافته يف إطار المنظومة الثقافية ‪ /‬االجتماعية‪.‬‬

‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬


‫بالتميث‬
‫ر‬ ‫انصب اهتمام أصحاب هذا االتجاه‪ ،‬عىل دراسة الموضوعات المتعلقة‬ ‫وقد‬
‫ّ‬
‫المثات النفسية السائدة ربي األفراد والجماعات‪ .‬وتعد‬
‫االجتماع‪ ،‬باالستناد إل ر‬
‫ي‬ ‫الثقاف ‪/‬‬
‫ي‬
‫دراسة بيند كيت‪ ،‬بعنوان " الكريزنتيموم والسيف ‪The Chrsyanthemum and the‬‬
‫ّ‬ ‫‪ ،Sword‬عام ‪ " 4715‬من ّ‬
‫أهم الدراسات يف هذا االتجاه‪ ،‬حيث بحثت يف عداقة الثقافة‬
‫ّ‬
‫بالشخصية اليابانية ‪.‬‬

‫اليابانيي يف‬
‫ر‬ ‫المحاربي‬
‫ر‬ ‫وهذا ما ساعد يف بلورة السياسة األمريكية تجاه استسدام‬
‫ّ‬
‫سثفضون‬ ‫ر‬ ‫كانوا‬ ‫اليابانيي‬
‫ر‬ ‫أثناء الحرب العالمية الثانية‪ .‬وأوضحت الدراسة أن الجنود‬
‫ّ ّ‬
‫تأثث مبادىء الطاعة‬
‫االستسدام بصورة مطلقة‪ ،‬ويستمرون يف القتال حت الموت‪ .‬إال أن ر‬
‫لإلمثاطور عىل هؤالء الجنود‪ ،‬جعلهم سستجيبون لتعليماته ويخضعون ألوامره ‪(.‬‬
‫ر‬ ‫والوالء‬
‫المرجع السابق‪ ،‬ص‪)542‬‬

‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ولكن يرى بعض العلماء _ وهو محق يف ذلك – أن االنشغال الزائد باألشكال‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫الخارجية للثقافة‪ ،‬قد أثر سلبيا يف المحاوالت الرامية إل تفهم داللتها السيكولوجية‪ .‬ومن‬
‫ّ‬
‫ه سيكولوجية ‪ ..‬ونقصد بذلك‪ ،‬أن وجود‬ ‫المعروف أن الحقيقة النهائية للثقافة‪ ،‬ي‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫الثقافة يرتبط ارتباطا وثيقا بوجود أناس يديرون مؤسساتها‪ .‬وهذه الحقيقة السيكولوجية‬
‫تفش السبب الذي من أجله تشعر الكائنات‬ ‫تفش االستقرار الثقاف‪ ،‬أو باألحرى‪ّ ،‬‬ ‫للثقافة ّ‬
‫ي‬
‫كبث عندما تعيش وفق نظام رتيب معروف ‪.‬‬ ‫ر‬
‫البشية بارتياح ر‬

‫ّ‬
‫التغث الثقاف‪ .‬فاألفراد ف ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫كل مجتمع يملكون‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ر‬ ‫تفش أيضا آلية‬ ‫وهذه الحقيقة‬
‫ّ‬ ‫ا‬
‫الثقاف العام‪ ،‬وتسهم‬
‫ي‬ ‫قابليات وحوافز وميوال‪ ،‬وقدرات تؤدي دورها ضمن إطار القالب‬

‫‪- 75 -‬‬

‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com75‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫باستمرار يف مراجعة التقاليد القائمة‪ ،‬وإدخال تحسينات عليها‪( .‬لينتون‪ ،4759 ،‬ص‬
‫‪) 095‬‬

‫وكان من نتيجة ذلك‪ ،‬ظهور مدرسة ثقافية نفسية (أمريكية) من روادها ‪( :‬كدايد‬
‫ّ‬
‫الشخصية‬ ‫وغثهم ّ‬
‫ممن اعتمدوا عىل مفهوم بناء‬ ‫كداكهون‪ ،‬مرغريت ميد‪ ،‬رالف لينتون) ر‬
‫ّ‬
‫الت يبدو أنها‬
‫سشث إل مجموعة الخصائص السيكولوجية والسلوكية‪ ،‬ي‬ ‫األساش الذي ر‬
‫ي‬
‫ّ‬ ‫تتطابق مع ّ‬
‫الت تؤلف أية ثقافة‪( .‬أبو زيد‪،4797 ،‬‬ ‫ي‬ ‫والسمات‬ ‫والعنارص‬ ‫النظم‬ ‫كل‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الثقاف السائد يف إي مجتمع‪ ،‬ال يمكن أن يزيد –‬
‫ي‬ ‫ص‪ )029‬إذ إنه عىل الرغم من أن النمط‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫أو يقلل – من وجود الفوارق الفردية يف نطاق الثقافة الواحدة‪ ،‬إال أن تلك العداقة القائمة‬
‫تأثثات متبادلة بينهما‪ ،‬ال يجوز‬ ‫ّ‬
‫والشخصية الفردية‪ ،‬وما تحدث من ر‬ ‫ربي األنماط الثقافية‬
‫إهمالها‪ ،‬بل يجب أخذها يف الحسبان أثناء دراسة الثقافات اإلنسانية ‪(Freidle, 1977, .‬‬
‫)‪p.303‬‬

‫ّ‬
‫اني االجتماعية القائمة‪ ،‬مثل ‪( :‬أنماط السلوك الثابتة‪،‬‬ ‫ر ي‬
‫السيكولوج للقو ر‬ ‫إن األساس‬
‫واألعراف والتقاليد‪ ،‬والعادات والقيم)‪ ،‬هو تكوين أطر استناد مشثكة‪ ،‬ناتجة عن احتكاك‬
‫تكونت مثل هذه األطر االستنادية وتغلغلت يف أعماق‬‫األفراد بعضهم ببعض ؛ وإذا ما ّ‬
‫ا ًّ‬
‫الت سيواجهها‬
‫الفرد‪ ،‬أصبحت عامال هاما يف تحديد ردود فعله أو تعديلها‪ ،‬يف األوضاع ي‬
‫ّ‬
‫غث اجتماعية‪ ،‬وال سيما يف الحاالت ي‬
‫الت ال يكون‬ ‫فيما بعد‪ ،‬سواء كانت اجتماعية أو ر‬
‫الحافز فيها ّ‬
‫جيد التنظيم‪ ،‬أي يف حالة تجربة ليس لها سوابق يف السلوك الذي اعتاد عليه‬
‫الفرد‪( .‬هرسكوفيث‪ ،4791 ،‬ص ‪) 59‬‬

‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬


‫النفسية ‪/‬‬ ‫مالينوفسك ‪ /‬بنظرية فرويد وكتاباته‬
‫ي‬ ‫اهتم ‪/‬‬ ‫وضمن هذا االتجاه أيضا‪،‬‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الت جمعها ميدانيا من سكان‬ ‫ي‬ ‫الجنسية‪ ،‬من خدال المادة‬ ‫بالمحرمات‬ ‫وعداقة ذلك‬

‫‪- 06 -‬‬
‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com76‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫ّ ّ‬
‫وغثته من األب يف‬
‫تفسث فرويد لعداقة االبن باألم ر‬
‫ر‬ ‫جزيرة (الثوبرياند )‪ .‬إال أنه عارض‬
‫وظيفي ًا‪ّ ،‬‬
‫توصل من خداله‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫تفسثا‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫إطار ما أسماه فرويد بـ (عقدة أوديب )‪ ،‬وقدم بدال منها‬
‫ر‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫والت تشمل ‪ " :‬األم‬
‫إل أن تحريم العداقات الجنسية المكونة للعائلة الموحدة (النووية) ي‬
‫واألبناء واألخوة واألخوات " هو الذي يمنع ما قد ينشأ من رصاعات داخلية‪ ،‬بسبب‬
‫ّ‬
‫الغثة أو التنافس ‪ ..‬وهذا ما يحفظ بالتا يل تماسك األشة‪ ،‬ويمنع تفكك أوارصها وتهديم‬
‫ر‬
‫كيانها‪ ،‬وما ينجم عنه من ضعف المجتمع العام‪ ،‬وتهديد وحدته وتماسكه‪.‬‬
‫)‪)Freidle, 1977, p. 303‬‬

‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬


‫وخداصة القول‪ ،‬إن هذه االتجاهات بأفكارها وتطبيقاتها‪ ،‬مثلت مرحلة انتقالية ربي‬
‫والتفسثات النظرية‬ ‫الت كانت تعتمد عىل التخمينات‬ ‫ر‬
‫ر‬ ‫األنثوبولوجيا الكداسيكية ي‬
‫ر‬
‫العشين‬ ‫الثان من القرن‬ ‫الت بدأت مع النصف‬ ‫ر‬
‫ي‬ ‫وبي األنثوبولوجيا الحديثة ي‬
‫فحسب‪ ،‬ر‬
‫والت تعت بالجوانب االجتماعية الثقافية‬
‫معتمدة عىل الدراسات الميدانية ‪ /‬التحليلية‪ ،‬ي‬
‫المكونة للفكر ر‬
‫ّ‬
‫ر ي‬
‫وبولوج‪.‬‬ ‫األنث‬

‫لتخصص ف علم ر‬
‫األنثوبولوجيا‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫مما ساعد يف إرساء‬ ‫ي‬ ‫بالتال إل ظهور ا‬
‫ي‬ ‫وهذا ما أدى‬
‫األساسية ر‬
‫لألنثوبولوجيا المعارصة ‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫المبادىء‬

‫ّ‬
‫الوظيق ‪:‬‬
‫ي‬ ‫البنان ‪/‬‬
‫ي‬ ‫‪-0‬االتجاه‬

‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬


‫الثقاف‪ ،‬كرد فعل عنيف عىل‬
‫ي‬ ‫ترافق نشوء هذا االتجاه مع ظهور اتجاه االنتشار‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫التطورية‪ .‬وقد ّ‬
‫ّ‬
‫البنان‪ ،‬بأنه ليس تطوريا وليس تاريخيا‪ ،‬حيث ركز‬‫ي‬ ‫تمث االتجاه‬ ‫ر‬ ‫النظرية‬
‫والزمان ‪./‬‬ ‫المكان‬ ‫‪/‬‬ ‫الحال‬ ‫واقعها‬ ‫ف‬ ‫حدة‪،‬‬ ‫عىل‬ ‫عىل دراسة الثقافات اإلنسانية ّ‬
‫كل‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫التاريخية‪ ،‬ألنه اعتمد العلم يف دراسة الثقافات‬ ‫وهذا ما جعله يختلف عن الدراسات‬

‫‪- 77 -‬‬

‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com77‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫اإلنسانية كظاهرة‪ ،‬يجب البحث يف عنارصها والكشف عن العداقات القائمة فيما بينها‪،‬‬
‫وبي الظواهر األخرى‪( .‬فهيم‪ ،4795 ،‬ص ‪)451‬‬ ‫ّ‬
‫ومن ثم العداقات القائمة فيما بينها ر‬

‫ّ‬
‫االتجاه البنان ‪ /‬الوظيق ف الدراسات ر‬
‫األنثوبولوجية‪ ،‬إل‬ ‫ي ي‬ ‫ي‬ ‫يعود الفضل يف تبلور‬
‫مالينوفسك) و (راد كليف براون )‪ ،‬اللذين عاشا يف‬
‫ي‬ ‫يطانيي‪( ،‬برونسلو‬
‫ر‬ ‫الث‬
‫العالمي ر‬
‫ر‬ ‫أفكار‬
‫ّ‬ ‫ر‬ ‫أواخر القرن التاسع ر‬
‫العشين‪ .‬ويدينان باتجاهاتهما‬ ‫عش والنصف األول من القرن‬
‫ّ‬
‫الت‬
‫النظرية‪ ،‬إل أفكار عالم االجتماع ‪ /‬إميل دوركهايم ‪ /‬الذي ركز اهتمامه عىل الطريقة ي‬
‫تعمل بها المجتمعات اإلنسانية ووظائف نظمها االجتماعية‪ ،‬وليس عىل تاري ــخ ّ‬
‫تطور هذه‬
‫المجتمعات والسمات العامة لثقافاتها‪.‬‬

‫الفرنسيي‪ ،‬الذي سستخدم كلمة‬ ‫البنائيي‬ ‫ليق سثوس ‪ /‬الوحيد ربي‬ ‫ّ‬
‫ر‬ ‫ر‬ ‫ولعل ‪ /‬كلود ي‬
‫(بناء أو بنائية) رصاحة يف عناوين كتبه ومقاالته‪ ،‬ابتداء من مقاله الذي كتبه عام ‪،4715‬‬
‫يعتث – بحق –" ميثاق "‬ ‫ر‬
‫وف األنثوبولوجيا‪ ،‬والذي ر‬ ‫البنان " يف اللغويات ي‬
‫ي‬ ‫عن " التحليل‬
‫ً‬
‫الثعة البنائية‪ ،‬وإل كتاب " األبنية األولية للقرابة " الذي كان سببا يف ذيوع اسمه‬
‫ر‬
‫األنثوبولوجيا الفرنسية عىل‬ ‫أهم وأفضل إنجاز يف‬ ‫الكثثون ّ‬ ‫يعتثه‬ ‫وشهرته‪ ،‬والذي‬
‫ر‬ ‫ر‬
‫اإلطداق ‪ ..‬ومن ّثم إل كتابه " ر‬
‫األنثوبولوجيا البنائية"‪.‬‬

‫ّ‬ ‫وعىل الرغم من االنتقادات الت ّ‬


‫وجهت إليه‪ ،‬فدا يزال يؤمن بأن البنيوية (البنائية)‬ ‫ي‬
‫أكث المناهج قدرة عىل تحليل المعلومات وفهم األثنوجرافيا وتقريبها إل األذهان‪،‬‬ ‫ه ر‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫وإنها يف الوقت نفسه‪ ،‬أفضل وسيلة يمكن بها تجاوز المعلومات والوقائع العيانية‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫اإلنسان‪ .‬فقد أفلح يف أن يحقق‬
‫ي‬ ‫المشخصة‪ ،‬والوصول إل الخصائص العامة للعقل‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫غثه‪ ،‬مع أنه لم يقم بدراسات حقلية ربي الشعوب المتخلفة‬ ‫للبنائية ما لم يحققه ر‬
‫قصثة‬
‫ر‬ ‫يمض فثات‬
‫ي‬ ‫الثازيل والباكستان) كان‬
‫حي قام بدراساته يف ( ر‬
‫(البدائية )‪ ،‬وحت ر‬

‫‪- 08 -‬‬
‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com78‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫ومتباعدة بي الجماعات الت درسها‪ .‬وخر بالبنائية من مجال ر‬


‫األنثوبولوجيا‪ ،‬إل ميادين‬ ‫ي‬ ‫ر‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫الفكر المختلفة‪ ،‬الواسعة والرحيبة‪ .‬وجعل منها اتجاها فكريا ومنهجيا يهدف إل الكشف‬
‫عن العمليات العقلية العامة‪ ،‬وله تطبيقاته يف األدب والفلسفة واللغة والميثولوجيا‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫(األسطورة) والدين والفن‪ .‬وبلغ من ّ‬
‫قوة البنائية أن أصبحت يف البداية‪ ،‬تمثل تهديدا‬
‫ّ‬ ‫ر ً‬
‫الت تركز عىل الفرد والسلوك الفردي‪( .‬أبو زيد‪ ،0224 ،‬ص ‪) 92-90‬‬
‫مباشا للوجودية ي‬

‫ّ‬ ‫ّ‬
‫فاالتجاه البنان ‪ /‬الوظيق‪ّ ،‬‬
‫التوصل إليه من‬ ‫اش ّتم‬
‫يعث يف جملته عن منهج در ي‬ ‫ر‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫ر‬
‫البشية‬ ‫خدال المقابلة (الموازنة) ربي الجماعات اإلنسانية (المجتمعات) والكائنات‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫(األفراد )‪ .‬ولم يعد استخدامه مقصو ًرا عىل ر‬
‫وبولوجيي‪ ،‬وإنما تناولـه أيضا علماء‬
‫ر‬ ‫األنث‬
‫مثتون ‪ ./‬كما‬
‫االجتماع بالفحص والتطبيق والتعديل‪ ،‬عىل يد ‪ /‬تلكوت بارسونز‪ ،‬وجورح ر‬
‫ً‬
‫أيضا بالعلوم الطبيعية‪ ،‬وال ّ‬
‫سيما علوم الحياة والكيمياء‪Leach, 1982, .‬‬ ‫ارتبط‬
‫)‪)p.184‬‬

‫ّ‬
‫وفسك ‪ /‬أن األفراد يمكنهم أن ينشئوا ألنفسهم ثقافة خاصة‪ ،‬أو‬
‫ي‬ ‫فقد رأى ‪ /‬مالين‬
‫ّ‬ ‫ّ ً‬ ‫ً‬
‫معينا للحياة‪ ،‬يضمن لهم إشباع حاجاتهم األساسية‪ ،‬البيولوجية والنفسية‬ ‫أسلوبا‬
‫واالجتماعية‪ .‬ولذلك ربط الثقافة – بجوانبها المختلفة‪ ،‬المادية والروحية واالجتماعية‪،‬‬
‫باالحتياجات اإلنسانية ‪.‬‬

‫ّ‬
‫وخق للعنارص الثقافية‪ ،‬سساعد‬
‫ي‬ ‫فاالهتمام بالبنية ‪ ،Struture‬كثابط منظم‬
‫وظائق‬
‫ي‬ ‫تفسثه وراء العداقات االجتماعية‪ ،‬يوازيه يف اتجاه آخر اهتمام‬‫ر‬ ‫النموذ يف‬
‫ّ‬
‫تعت فيه الوظيفة ‪ :‬تلبية حاجة من‬
‫ي‬ ‫والذي‬ ‫‪،‬‬ ‫‪/‬‬ ‫مالينوفسك‬
‫ي‬ ‫‪/‬‬ ‫ده‬ ‫يحد‬ ‫الذي‬ ‫بالمعت‬
‫الوظيق هو ذلك الذي ‪ " :‬سسمح بتحديد العداقة ربي‬
‫ي‬ ‫الحاجات‪ ،‬ويكون فيها التحليل‬
‫الثقاف والحاجة عند اإلنسان‪ ،‬سواء كانت هذه الحاجة أولية أو فرعية ‪ /‬ثانوية "‬
‫ي‬ ‫العمل‬

‫‪- 79 -‬‬

‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com79‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫(لبيب‪ ،4799 ،‬ط‪ ،2‬ص‪) 40‬‬

‫ّ‬
‫الح‪ ،‬بحيث ال يمكن فهم دور‬
‫وظيق متكامل ‪ ،‬يماثل الكائن ي‬
‫ي‬ ‫كىل‬
‫فالثقافة كيان ي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وظيفة أي عضو فيه‪ ،‬إال من خدال معرفة عداقته بأعضاء الجسم األخرى‪ ،‬وإن دراسة‬
‫ّ‬
‫ر ي‬
‫األثنولوج من اكتشاف ماهية كل عنرص ورصورته‪،‬‬ ‫بالتال‪ ،‬تمكن الباحث‬
‫ي‬ ‫هذه الوظيفة‬
‫يف هذا الكيان المتكامل ‪.‬‬

‫ثقاف‪ ،‬عن طريق إعادة‬ ‫ّ‬


‫مالينوفسك ‪ /‬إل دراسة وظيفة كل عنرص ي‬
‫ي‬ ‫ولذلك‪ ،‬دعا ‪/‬‬
‫يقتض دراسة‬
‫ي‬ ‫وف إطار عداقته مع العنارص األخرى‪ .‬وهذا‬
‫تكوين تاري ــخ نشأته أو انتشاره‪ ،‬ي‬
‫ه يف وضعها الراهن‪ ،‬وليس كما كانت أو كيف‬ ‫ّ‬
‫الثقافات اإلنسانية كل عىل حدة‪ ،‬وكما ي‬
‫ّ‬
‫تغثت ‪.‬‬ ‫ر‬

‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬


‫منهجية تمكن‬ ‫مالينوفسك ‪ /‬قد قدم مفهوم( الوظيفة) كأداة‬
‫ي‬ ‫وبذلك يكون ‪/‬‬
‫ّ‬ ‫ر‬
‫ر ي‬
‫وبولوج من إجراء مداحظاته بطريقة مركزة ومتكاملة‪ ،‬يف أثناء وصفه‬‫األنث‬ ‫الباحث‬
‫للثقافة البدائية‪Freidle, 1977, p.304 )( .‬‬

‫ّ‬
‫البنان ‪/‬‬
‫ي‬ ‫ّأما ‪ /‬براون ‪ /‬فقد قام من جهته‪ ،‬بدور رئيس يف تدعيم أسس االتجاه‬
‫ّ ً‬ ‫ر‬ ‫ر‬
‫موجها‬ ‫العشين‪،‬‬ ‫األنثوبولوجية‪ ،‬وذلك مع بداية القرن‬ ‫الوظيق‪ ،‬يف الدراسات‬
‫ي‬
‫ر ي‬
‫بيولوج للثقافة كما فعل ‪/‬‬ ‫التفسث ال‬
‫ر‬ ‫األثنولوجيا نحو الدراسات المثامنة‪ ،‬وليس نحو‬
‫مالينوفسك ‪. /‬‬
‫ي‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫تفسثا اجتماعيا‪،‬‬
‫ر‬ ‫وتفسث الظواهر االجتماعية‬
‫ر‬ ‫اعتمد ‪ /‬براون يف دراسة المجتمع‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫والت تقوم عىل دراسة‬
‫ي‬ ‫الت نادى بها ‪ /‬دوركهايم ‪/‬‬
‫بنائيا ووظيفيا‪ ،‬عىل فكرة الوظيفية ي‬
‫المجتمعات اإلنسانية‪ ،‬من خدال المطابقة (المماثلة) ربي الحياة االجتماعية والحياة‬

‫‪- 81 -‬‬
‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com80‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫الجسم المتكامل عند اإلنسان‪ ،‬والبناء‬


‫ي‬ ‫ه الحال يف المشابهة ربي البناء‬
‫العضوية‪ ،‬كما ي‬
‫االجتماع المتكامل يف المجتمعات اإلنسانية ‪.‬‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫االجتماع) بأنه يندر تحت هذا المفهوم‪،‬‬
‫ي‬ ‫ويوضح ‪ /‬براون ‪ /‬طبيعة هذا (البناء‬
‫ّ‬
‫العداقات االجتماعية كلها‪ ،‬وال يت تقوم ربي شخص وآخر‪ .‬كما يدخل يف ذلك التمايز القائم‬
‫ّ‬
‫الت تنظم هذه األدوار‪.‬‬ ‫ربي األفراد والطبقات‪ ،‬بحسب أدوارهم االجتماعية‪ ،‬والعداقات ي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫سستمر تجدد بناء الكائن العضوي طوال حياته‪ ،‬فكذلك تتجدد الحياة االجتماعية‬ ‫وكما‬
‫االجتماع يف عداقاته وتماسكه ‪.‬‬
‫ي‬ ‫مع استمرارية البناء‬

‫ّ‬ ‫ً‬
‫الثقاف ربي المجتمعات – مهما كان‬ ‫ي‬ ‫بالتنوع‬ ‫واستنادا إل ذلك‪ ،‬يصبح االعثاف‬
‫ً‬ ‫تطور علم ر‬
‫شكله‪ -‬إحدى الخطوات الهامة ف ّ‬
‫األنثوبولوجيا‪ ،‬انطداقا من النقاط التالية‪:‬‬ ‫ي‬
‫ّ‬
‫تعبث عن سلوك شعب ما‪ ،‬وعن قواعد هذا الشعب ‪.‬‬
‫‪ -4‬إن الثقافة ر‬

‫الفرديي لدى أفراد جماعة ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬


‫معينة‬ ‫ر‬ ‫التنوعات يف العقيدة والسلوك‬ ‫‪ -0‬إن مجموع‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫معي‪ ،‬يحدد ثقافة تلك الجماعة ‪ ..‬وهذا صحيح بالنسبة للثقافات الفرعية يف‬
‫وف زمن ر‬ ‫ي‬
‫االجتماع‪.‬‬ ‫ّ‬
‫الصغثة‪ ،‬داخل الكل‬ ‫الوحدات‬
‫ي‬ ‫ر‬

‫ّ‬ ‫ً‬
‫يتحوالن وفق‬ ‫‪ -2‬ليست العقيدة والسلوك يف أي مجتمع‪ ،‬أبدا نتا الصدفة‪ ،‬بل‬
‫قواعد راسخة‪.‬‬

‫‪ -1‬يجب استنباط هذه القواعد بواسطة االستقراء من التوافق المداحظ يف العقائد‬


‫وه تشمل نماذ ثقافة تلك الجماعة ‪.‬‬
‫وأنماط السلوك لدى جماعة ما ‪ ..‬ي‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫كلما صغر حجم الجماعة‪ ،‬كانت نماذ عقائدها وسلوكاتها‪ ،‬ر‬
‫أكث تجانسا فيما إذا‬ ‫‪-5‬‬

‫‪- 11 -‬‬

‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com81‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫تساوت األمور األخرى‪.‬‬

‫ً‬
‫ساعا ّ‬ ‫ر ّ‬ ‫‪ -5‬قد يظهر لدى الفئات االختصاصية‪ّ ،‬‬
‫مما‬ ‫أكث ات‬ ‫تنوع يف حقل اختصاصها‬
‫ّ‬
‫الكلية‪( .‬هرسكوفيث‪،‬‬ ‫يظهر لدى الفئات األخرى‪ ،‬المساوية لها يف الحجم‪ ،‬ربي الجماعة‬
‫‪ ،4791‬ص ‪) 051-052‬‬

‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الثقاف‬
‫ي‬ ‫بأهمية مسألة التجانس‬ ‫وإزاء هذه األمور مجتمعة‪ ،‬ال بد من االعثاف‬
‫والتنافر الثقاف‪ ،‬ف الدراسات األثنولوجية‪ ،‬وف أثناء مناقشة النظريات ر‬
‫األنثوبولوجية‪.‬‬ ‫ي‬ ‫ي ي‬

‫لتأمي الحاجات البيولوجية‬


‫ر‬ ‫مالينوفسك ‪ /‬أخذ بفكرة النظم االجتماعية‬
‫ي‬ ‫وإذا كان ‪/‬‬
‫ّ‬
‫االجتماع‪ ،‬من حيث‬
‫ي‬ ‫والنفسية لألفراد‪ ،‬بينما اتجه ‪ /‬براون ‪ /‬نحو مسألة تماسك النظام‬
‫ً‬
‫معا فكرة تجزئة العنارص الثقافية ( ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫مكونات البناء‬ ‫مكوناته وعداقاته‪ ،‬فأنهما رفضا‬
‫ّ‬
‫وتطورها ‪..‬‬ ‫صغثة يقوم الباحث بدراسة منشئها أو انتشارها‬ ‫االجتماع) إل وحدات‬
‫ر‬ ‫ي‬
‫ّ‬
‫واعتمدا بدال من ذلك عىل الدراسات الميدانية‪ ،‬لوصف الثقافات بوضعها الراهن‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ا‬ ‫ّ‬
‫المهتم ري بدراسة الثقافات اإلنسانية يف النصف‬ ‫وقد وجد هذا االتجاه قبوال واسعا لدى‬
‫األوروبيي‪ ،‬الذين ر‬
‫انتشوا يف‬ ‫بولوجيي‬ ‫ر‬
‫األنث‬ ‫العشين‪ ،‬وال ّ‬
‫سيما ربي‬ ‫ر‬ ‫ّ‬
‫األول من القرن‬
‫ر‬ ‫ر‬
‫المستعمرات إلجراء دراسات ميدانية‪ ،‬وجمع المواد األولية الدازمة لوصف الثقافات يف‬
‫ه يف وضعها الراهن ‪.‬‬
‫الواقىع وكما ي‬
‫ي‬ ‫هذه المجتمعات‪ ،‬وتحليلها يف إطارها‬

‫‪- 82 -‬‬
‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com82‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫مصادر الفصل ومراجعه‪:‬‬

‫االجتماع – مدخل لدراسة المجتمع‪ ،4 ،‬الهيئة‬


‫ي‬ ‫‪ -‬أبو زيد‪ ،‬أحمد (‪ )4792‬البناء‬
‫المرصية العامة للكتاب‪ ،‬القاهرة ‪.‬‬
‫ّ‬
‫العرن‪،‬‬
‫ري‬ ‫العرن (‪ ،) 15‬منشورات مجلة‬
‫ري‬ ‫‪ -‬أبو زيد (‪ )0224‬الطريق إل المعرفة‪ ،‬كتاب‬
‫الكويت ‪.‬‬
‫ر‬
‫‪ -‬جابر‪ ،‬سامية (‪ )4774‬علم اإلنسان – مدخل إل األنثوبولوجيا االجتماعية والثقافية‪،‬‬
‫دار العلوم العربية‪ ،‬ربثوت ‪.‬‬
‫‪ -‬رياض‪ ،‬دمحم (‪ )4791‬اإلنسان – دراسة يف النوع والحضارة‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬ربثوت‬
‫‪.‬‬
‫‪ -‬فهيم‪ ،‬حسي (‪ )4795‬قصة ر‬
‫األنثوبولوجيا – فصول يف تاري ــخ اإلنسان‪ ،‬عالم المعرفة‬ ‫ر‬
‫(‪ ،) 479‬الكويت ‪.‬‬
‫‪ -‬لبيب‪ ،‬الطاهر (‪ )4799‬سوسيولوجيا الثقافة‪ ،‬دار الحوار‪ ،‬الداذقية ‪.‬‬
‫األنثوبولوجيا وأزمة العالم الحديث‪ ،‬ترجمة‪ :‬عبد الملك‬ ‫‪ -‬لينتون‪ ،‬رالف (‪ )4759‬ر‬

‫الناشف‪ ،‬المكتبة العرصية‪ ،‬ربثوت ‪.‬‬


‫(‪ )4791‬أسس ر‬
‫األنثوبولوجيا الثقافية‪ ،‬ترجمة ‪ :‬رباح النفاخ‪،‬‬ ‫‪ -‬هرسكوفيث‪ ،‬ميلفيل‪.‬‬
‫وزارة الثقافة‪ ،‬دمشق ‪.‬‬
‫‪-‬‬ ‫‪Burns , Edward (1973) Western Civizalition , New York .‬‬
‫‪-‬‬ ‫‪Freidl ,John (1977) Anthropology , HarperandRowPublishers, New‬‬
‫‪York .‬‬
‫‪-‬‬ ‫‪Leach , Edmund, (1982) Social Anthropology , Font and‬‬
‫‪-‬‬ ‫‪Paperbacks .‬‬

‫‪- 13 -‬‬

‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com83‬‬
www.facebook.com/tanweerlibrary

- 84 -
https://attanweerlibrary.blogspot.com84
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫الفصل الثان‬

‫ّ‬
‫الطبيعية )‬ ‫ر‬
‫األنثوبولوجيا العضوية (‬

‫‪Physical Anthropology‬‬

‫ا‬
‫أول‪ -‬تعريف ر‬
‫األنثوبولوجيا العضوية‬

‫ثانيا‪ -‬فروع ر‬
‫األنثوبولوجيا العضوية‬

‫ثالثا‪ -‬الصفات العضوية لإلنسان وعروقه‬

‫‪- 15 -‬‬

‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com85‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫ا‬
‫أوال‪ -‬تعريف ر‬
‫األنثوبولوجيا العضوية (الطبيعية)‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫تعرف بوجه عام‪ ،‬بأنها العلم الذي يبحث يف شكل اإلنسان من حيث سماته‬
‫ّ‬
‫المورثات‪ .‬كما يبحث يف السداالت اإلنسانية‪،‬‬ ‫الت تطرأ عليها بفعل‬ ‫العضوية‪ ،‬والت ّ‬
‫غثات ي‬‫ر‬
‫ّ‬ ‫البشية وخصائصها‪ ،‬بمعزل عن ثقافة ّ‬ ‫من حيث األنواع ر‬
‫يعت أن‬
‫ي‬ ‫وهذا‬ ‫‪.‬‬‫منها‬ ‫كل‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ر‬
‫األنثوبولوجيا العضوية‪ ،‬تثكز حول دراسة اإلنسان ‪ /‬الفرد بوصفه نتاجا لعملية عضوية‪،‬‬
‫ّ‬
‫التجمعات ر‬
‫البشية ‪ /‬السكانية‪ ،‬وتحليل خصائصها‪.‬‬ ‫ومن ّثم دراسة‬

‫ّ‬
‫وتهتم هذه الدراسة بمجاالت ثداثة ي‬
‫ه‪:‬‬

‫اإلنسان‪ ،‬ووصف‬ ‫ّ‬


‫التطوري للنوع‬ ‫‪ -‬المجال ّ‬
‫األول ‪ :‬ويشمل إعادة بناء التاري ــخ‬
‫ي‬
‫الت كان‬ ‫ّ‬
‫اإلنسان‪ ،‬عن السلسلة ي‬
‫ي‬ ‫الت كانت السبب يف انحراف النوع‬ ‫التغثات ي‬
‫ر‬ ‫تفسث)‬
‫( ر‬
‫سشثك بها مع صنف الحيوانات الرئيسة ‪.‬‬

‫ّ‬
‫التغثات البيولوجية عند األحياء من‬ ‫تفسث)‬ ‫ّ‬ ‫‪ -‬المجال الثان ‪:‬‬
‫ر‬ ‫يهتم بوصف ( ر‬
‫ّ‬
‫ر ي‬
‫البيولوج‬ ‫اإلنسان‪ .‬وتمتد هذه األبحاث لتشمل ‪ :‬العداقة الكامنة ربي الثكيب‬
‫ي‬ ‫الجنس‬
‫من جهة‪ ،‬والثقافة والسلوك من جهة أخرى‪.‬‬

‫تخصص هام ف علم ر‬


‫األنثوبولوجيا العضوية‪ ،‬ويبحث‬ ‫ّ‬ ‫‪ -‬المجال الثالث ‪ :‬وهو‬
‫ي‬
‫الجماع‪.‬‬ ‫ّ‬
‫يف الرئيسات ‪ :‬عداقاتها مع بيئاتها‪ ،‬تطورها‪ ،‬سلوكها‬
‫ي‬

‫التطوري لإلنسان‪ ،‬يعمل علماء ر‬


‫األنثوبولوجيا الطبيعية‬ ‫ّ‬ ‫ومن أجل إعادة بناء التاري ــخ‬
‫ر‬ ‫ً‬ ‫ر‬ ‫ً‬
‫أحيانا‪ -‬ما يعتثه غالبية ر‬
‫وبولوجيي العمل األكث سحرا يف األنثبولوجيا العضوية‪،‬‬
‫ر‬ ‫األنث‬ ‫ر‬ ‫–‬
‫ّ‬
‫اإلنسان‪ ،‬وبأسدافه من‬
‫ي‬ ‫الت تتعلق بالنوع‬
‫وهو البحث عن المستحاثات‪ ،‬وال سيما تلك ي‬

‫‪- 86 -‬‬
‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com86‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫الت وجدت من قبله‪)Daniel , 1990,8) .‬‬


‫الرئيسات ي‬

‫ّ‬
‫الطبيعية (العضوية) لإلشارة إل ذلك العلم الذي‬ ‫ويستخدم مصطلح ر‬
‫األنثبولوجيا‬
‫حيوان عىل سطح‬ ‫ّ‬
‫يهتم بدراسة الجانب العضوي (الحيوي) لإلنسان‪ ،‬منذ نشأته كنوع‬
‫ي‬
‫مدايي سنة ّ‬
‫ونيف‪ ،‬وحت الوقت الحارص الذي‬ ‫ر‬ ‫األرض‪ ،‬وقبل فثة زمنية تزيد عىل ثداثة‬
‫نعيش فيه‪.‬‬

‫ر‬ ‫ّ‬
‫الفثيائية) هو االختداف‬‫األساش يف األنثوبولوجيا العضوية ( ر‬
‫ي‬ ‫إن الموضوع‬
‫البيولوج الذي يطرأ عىل الكائن اإلنسان ف الزمان والمكان ‪ ..‬ر‬
‫والىسء الذي ينتج غالبية‬
‫ي‬ ‫ي ي‬ ‫ر ي‬
‫تأثثات بيئية لها صلة‬ ‫ّ‬
‫هذه االختدافات‪ ،‬هو اتحاد المقومات الوراثية مع البيئة ‪ ..‬فثمة ر‬
‫الثودة‪ ،‬الرطوبة‪ ،‬أشعة الشمس‪ ،‬االرتفاع‪،‬‬ ‫ر‬
‫مباشة بهذا الموضوع‪ ،‬مثل ‪( :‬الحرارة‪ ،‬ر‬
‫غثه من الرئيسات‪ ،‬يضم‬
‫اإلنسان عن ر‬
‫ي‬ ‫كث عىل اختداف الكائن‬‫والمرض ‪ .)..‬وهذا الث ر‬
‫ر‬ ‫ّ‬
‫وه ‪:‬‬
‫تأثثات محددة تدخل يف سياق األنثوبولوجيا العضوية‪ ،‬ي‬‫خمسة ر‬

‫الت‬ ‫ّ‬
‫‪ -4‬نشوء الكائن الشبيه باإلنسان‪ ،‬كما تم الكشف عنه من خدال التقارير ي‬
‫نجمت عن البحث ف المستحاثات ( ر‬
‫األنثوبولوجيا القديمة )‪.‬‬ ‫ي‬

‫ر‬
‫ان لإلنسان ‪.‬‬
‫‪ -0‬الثكيب الور ي‬

‫ّ‬
‫وتطوره ‪.‬‬ ‫‪ّ -2‬‬
‫نمو اإلنسان‬

‫ّ‬
‫التكيف‬ ‫‪ -1‬المرونة (المطواعية) الموجودة يف بيولوجيا اإلنسان (قدرة الجسم عىل‬
‫الثودة‪ ،‬درجة حرارة الشمس‪)..‬‬
‫مع ضغوطات‪ ،‬مثل ‪ :‬الحرارة‪ ،‬ر‬

‫ر ي‬
‫البيولوج وما يتبعه من عملية النشوء والسلوك والحياة االجتماعية‬ ‫‪ -5‬الثكيب‬

‫‪- 17 -‬‬

‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com87‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫للسعادين (القردة )‪ ،‬والحيوانات األخرى من فصيلة الرئيسات‪)Kottak, 1994,9) .‬‬

‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬


‫المؤسس األول‬ ‫يعتثون ‪ /‬يوهان بلومينياخ ‪/‬‬
‫وال بد من اإلشارة هنا‪ ،‬إل أن األلمان ر‬
‫ّ‬
‫البشية‪ ،‬كما أنه ّ‬ ‫الطبيعية‪ .‬فهو من ّ‬
‫الرواد ف دراسة الجماجم ر‬ ‫ّ‬ ‫ر‬
‫قسم الجنس‬ ‫ي‬ ‫لألنثوبولوجيا‬
‫األمريك‪،‬‬ ‫األثيون‪،‬‬ ‫المغول‪،‬‬ ‫ه ‪ :‬القوقازي‪،‬‬ ‫ر‬
‫ي‬ ‫ري‬ ‫ي‬ ‫البشي إل خمسة أقسام (سداالت )‪ ،‬ي‬
‫والمداوي‪( .‬سليم‪ ،4794 ،‬ص ‪)400‬‬

‫ولك نستطيع أن نفهم اإلنسان كنتا لعملية عضوية‪ ،‬يجب أن نفهم ّ‬


‫تطور أشكال‬ ‫ي‬
‫الحياة األخرى‪ ،‬بل وطبيعة الحياة ذاتها‪ ،‬وكذلك خصائص اإلنسان القديم واإلنسان‬
‫الحديث ‪ ..‬وقد استطاع هذا العلم – من هذه المنطلقات – أن يجيب عن العديد من‬
‫وتفكثه منذ القديم وحت العرص الحارص‪.‬‬
‫ر‬ ‫التساؤالت ‪ ،‬ي‬
‫الت كانت موضع اهتمام اإلنسان‬
‫( ّ‬
‫محمد‪ ،4791 ،‬ص ‪)40‬‬

‫ً‬
‫ثانيا‪ -‬فروع ر‬
‫األنثوبولوجيا العضوية‬

‫أساسيي‪ ،‬هما‪:‬‬ ‫فرعي‬ ‫تقسم ر‬


‫األنثوبولوجيا العضوية بحسب طبيعة الدراسة‪ ،‬إل‬
‫ر‬ ‫ر‬

‫‪ -1‬فرع الحفريات ر‬
‫البشية )‪: ) Paleontology‬‬

‫ّ‬
‫وتطوره‪،‬‬ ‫البشي منذ نشأته‪ ،‬ومن ّثم مراحله األولية‬
‫وهو العلم الذي يدرس الجنس ر‬
‫ّ‬ ‫من خدال ما ّ‬
‫تدل عليه الحفريات واآلثار المكتشفة‪ .‬أي أنه يتناول بالبحث نوعنا ر‬
‫البشي‬
‫ّ ا‬ ‫واتجاهات ّ‬
‫تطوره‪ ،‬وال ّ‬
‫األحافث‪( .‬لينتون‪،‬‬
‫ر‬ ‫الت تكشفها‬
‫بالنواج ي‬
‫ي‬ ‫سيما ما كان منها متصال‬
‫‪ ،4759‬ص ‪)49‬‬

‫ه محاولة استعادة (معرفة) ما نجهله عن اإلنسان‬ ‫ّ‬


‫ومهمة هذا النوع من الدراسة‪ ،‬ي‬

‫‪- 88 -‬‬
‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com88‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫الت تكشف عن بقاياه وآثاره وما خلفه وراءه من‬


‫البائد‪ ،‬وذلك من خدال الحفريات ي‬
‫الت دعت إل حدوث‬
‫أدوات‪ ،‬ومحاولة تحليل هذه المكتشفات من أجل معرفة األسباب ي‬
‫ّ‬
‫تغثات مرحلية يف شكل اإلنسان‪ ،‬الذي أصبح كما هو عليه اآلن‪.‬‬‫ر‬

‫ويحاول العلماء الذين يدرسون هذا الفرع‪ ،‬اإلجابة عن العديد من التساؤالت ي‬


‫الت‬
‫وكيفية ظهوره عىل األرض‪ ،‬ومن ّثم كيف اختلفت األجناس‬
‫ّ‬ ‫تدور حول موضوع اإلنسان‪،‬‬
‫ّ‬
‫وتطورت الحياة عىل وجه‬ ‫البشية‪ ،‬بفصائلها وسداالتها وأنواعها‪ .‬وكيف ر ّ‬
‫تغث اإلنسان‬ ‫ر‬

‫الحال ‪ /‬المعارص‪( .‬نارص‪ ،4795 ،‬ص‪)20‬‬


‫ي‬ ‫األرض إل أن وصلت إلىشكلها‬

‫ّ‬ ‫وقد برهن العديد من الحفريات الت ّ‬


‫تمت يف هذا المجال‪ ،‬عىل أن اإلنسان القديم‬ ‫ي‬
‫الذي كان يعيش عىل هذه األرض منذ ما يقرب من نصف مليون سنة ‪ ،‬كان يختلف عن‬
‫ً‬
‫حجما وأقوى بنية‪ ،‬إضافة إل بروز ّ‬
‫فكيه وغور عينيه‬ ‫أكث‬
‫الحال‪ ،‬حيث كان ر‬
‫ي‬ ‫اإلنسان‬
‫وعرض جبهته ‪..‬‬

‫البشية أو األجسام ر‬
‫البشية )‪:)Somatology‬‬ ‫‪ -0‬فرع األجناس ر‬

‫البدان (المنقرض) واإلنسان‬


‫ي‬ ‫وهو العلم الذي يدرس الصفات العضوية لإلنسان‬
‫الحال‪ ،‬من حيث المدامح األساسية والسمات العضوية العامة‪ .‬ولذا ّ‬
‫كرس علماء األجسام‬ ‫ي‬
‫البشية ورصد الفروقات بينها‪ ،‬ومحاولة معرفة‬ ‫ر‬ ‫معظم جهودهم لدراسة األصناف‬
‫ًّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫انصب – إل عهد قريب جدا‬ ‫األسباب المحتملة لهذه الفروقات ‪ ..‬ويداحظ أن اهتمامهم‬
‫– عىل تصنيف األجناس ر‬
‫البشية المختلفة عىل أساس العرق‪ ،‬وإيجاد العداقات المحتملة‬
‫ربي هذه األجناس ‪.‬‬

‫ّ‬
‫إن التصنيفات العرقية الت ّ‬
‫طورها علماء األجناس ر‬
‫البشية‪ ،‬ال تزال‬ ‫ي‬ ‫ويمكن القول ‪:‬‬

‫‪- 19 -‬‬

‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com89‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫وف‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬


‫تعتمد يف المقام األول‪ ،‬عىل خصائص سطحية بسيطة ‪ :‬كلون الجلد وشكل الشعر‪ .‬ي‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫الت‬
‫األخثة ‪ ،‬أخذ االهتمام يتحول إل فروق أقل وضوحا وأوثق ارتباطا بالمشكدات ي‬
‫ر‬ ‫اآلونة‬
‫وغثها‪ .‬ومع بداية الستينات‬
‫وبي األجهزة العضلية ر‬ ‫نواجهها‪ ،‬كالفروق ربي أنواع الدم ر‬
‫ً‬ ‫من القرن ر‬
‫العشين‪ ،‬سار علماء األجسام شوطا أبعد من ذلك‪ ،‬إذ بدأوا يدرسون الفوارق‬
‫الجنىس‪ ،‬ومدى المناعة ضد‬ ‫ّ‬
‫ربي الفئات المختلفة من حيث شعة النمو‪ ،‬وسن النضو‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫الكثث من اكتشافاتهم يف‬
‫ر‬ ‫األمراض‪ (. .‬لينتون‪ ،4759 ،‬ص ‪ )47-49‬ويمكن القول ‪ :‬إن‬
‫ر‬ ‫مباشة‪ ،‬وال ّ‬
‫سيما يف الدراسات األنثوبولوجية‪.‬‬ ‫هذه الميادين‪ ،‬قد يكون ذا قيمة علمية ر‬

‫ّ‬ ‫فنن فرع األجناس ر‬‫ّ‬


‫الت‬
‫التغثات البيولوجية ي‬
‫ر‬ ‫البشية‪ ،‬يدرس‬ ‫وعىل هذا األساس‪،‬‬
‫ان‪،‬‬ ‫تشيح وور ر‬
‫تحصل ربي مجموعات إنسانية ف مناطق جغرافية مختلفة‪ ،‬عىل أساس ر‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫وذلك من خدال المقارنة مع الهياكل العظمية لإلنسان القديم‪ ،‬والموجودة يف المقابر‬
‫كثثا‪ ،‬ف وضع التصنيفات ر‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫البشية عىل أسس‬ ‫المكتشفة حديثا‪ .‬وهذا ما ساعد العلماء ر ي‬
‫موضوعية وعلمية‪ ،‬يمكن االعتماد عليها يف دراسة أي من المجتمعات اإلنسانية ‪.‬‬

‫ّ‬ ‫وتعمد ر‬
‫األنثوبولوجيا العضوية من أجل أن تحقق أهدافها يف دراسة أصل اإلنسان‬
‫دراسة تاريخية وفق منهجية علمية‪ ،‬إل االستعانة بعلم األحياء وعلم ر‬
‫التشي ــح‪ ،‬إل درجة‬
‫يمكن معها أن يطلق عىل ر‬
‫األنثوبولوجيا العضوية اسم " علم األحياء اإلنسانية ‪Human‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الحية‬ ‫غثه من الكائنات‬
‫الت تتعلق باإلنسان وحده دون ر‬
‫‪ " Biology‬أي أنها الدراسة ي‬
‫األخرى‪.‬‬

‫ّ‬ ‫تقدم‪ ،‬يمكن القول ّإن ر‬


‫ّ‬ ‫ً‬
‫األنثوبولوجيا العضوية (الطبيعية) إنما تدرس‬ ‫واستنادا إل ما‬
‫ّ‬
‫سسم بالبناء العضوي‬ ‫يق لإلنسان‪ ،‬أو ما‬
‫الفث ي‬
‫تلك الخصائص والمدامح العامة للبناء ر‬
‫ّ‬
‫بيىع‪،‬‬
‫لإلنسان‪( .‬اسماعيل‪ ،4792 ،‬ص ‪ )10‬أي أنها تدرس التاري ــخ العضوي لإلنسان الط ي‬

‫‪- 01 -‬‬
‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com90‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫مع األخذ يف الحسبان خصائصه العضوية المختلفة‪ ،‬ومدامحه البنائية الحالية‬


‫البشي‪.‬‬ ‫ّ‬
‫التطورية االرتقائية للجنس ر‬ ‫يعط يف النهاية‪ ،‬المراحل‬ ‫والمنقرضة‪ ،‬وبما‬
‫ي‬
‫ً‬
‫ثالثا‪-‬الصفات العضوية لإلنسان وعروقه ‪:‬‬

‫ّ‬
‫الحية‬ ‫بمثات عضوية خاصة‪ ،‬ال سشاركه فيها إي من الكائنات‬ ‫يتصف اإلنسان ر‬
‫ّ‬
‫األخرى‪ ،‬وتتمثل هذه الصفات يف الجوانب التالية‪( Ardrey , 1961, p.86) :‬‬

‫اثني ‪.‬‬
‫قدمي ر‬
‫ر‬ ‫والسث عىل‬
‫ر‬ ‫‪ -‬انتصاب القامة‬

‫ّ‬
‫ومكوناته ‪.‬‬ ‫‪ -‬تركيب الرأس من حيث شكله‬

‫والساقي)‬
‫ر‬ ‫‪ -‬تركيب الجسم‪ ،‬من حيث شكله العام ومقاييس أطرافه (الذر ر‬
‫اعي‬
‫ومدى تناسبهما مع األعضاء األخرى يف الجسم ‪.‬‬

‫‪ -‬محدودية المساحات ي‬
‫الت ينبت فيها الشعر‪ ،‬وتحديد أماكن وجودها‪.‬‬

‫‪ -‬فثة الطفولة الطويلة‪ ،‬مقابل قرصها عند الكائنات الرئيسة األخرى (الثدييات) ‪.‬‬

‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الجسمية العامة المشثكة ربي ر‬
‫البش‪ ،‬إال أن ثمة فروقات‬ ‫وعىل الرغم من الصفات‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫والت تؤثر إل حد ما ببنية الشخصية اإلنسانية‪ ،‬وال سيما‬
‫يف تكوين بعضها وخصائصها‪ ،‬ي‬
‫ّ‬
‫النفسية والسلوكية ‪.‬‬ ‫النواج‬ ‫من‬
‫ي‬

‫األنثوبولوجيا الجسمية بمسألة العرق‪ ،‬أن اكتسب‬ ‫وكان من نتائج انشغال علماء ر‬
‫الباحثي عن الكائن ر‬ ‫ً‬
‫البشي‪ .‬فاألصناف‬ ‫ر‬ ‫تفكث‬
‫ر‬ ‫هذا المفهوم (النوع أو العرق) رسوخا أعاق‬
‫ًّ‬ ‫ّ‬ ‫العرقية ر‬
‫نسبيا‪ ،‬وقادرة عىل الصمود‬ ‫تعتث كيانات ثابتة‬
‫البشية ظلت – إل عهد قريب _ ر‬

‫‪- 91 -‬‬

‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com91‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫ّ‬
‫التغث الفطرية‪.‬‬ ‫تأثثات البيئة أو قوى‬
‫ر‬ ‫أمام ر‬

‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬


‫التطرف يف تمجيد فكرة (العرق) أدى إل فرض عدد محدود من‬ ‫ويداحظ أن‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫البش الذين يمتازون ّ‬
‫التصنيفات الصارمة عىل بت ر‬
‫بالتال إل ز‬
‫ي‬ ‫بتنوع ال حد له‪ ،‬وأدى‬ ‫ي‬
‫ّ‬
‫األفراد يف هذه التصنيفات‪ ،‬بصورة تطمس صفاتهم األصلية الخاصة‪ .‬ولو أن عملية‬
‫التصنيف لوحقت ضمن المجاالت المناسبة لها‪ ،‬ومن أجل األضواء الت تلقيها عىل ّ‬
‫تطور‬ ‫ي‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫اإلنسان‪ ،‬ولو أنها أيضا اقثنت بإدراك طبيعتها – شبه االعتباطية‪ -‬لكان من الممكن حرص‬
‫نتائجها ف استعماالت عملية ر‬
‫مشوعة ‪.‬‬ ‫ي‬
‫ّ‬
‫الحظ‪ -‬تحمل ف ّ‬ ‫ّ‬
‫طياتها نزعة تلقائية إل المبالغة ‪ ..‬وما‬ ‫ي‬ ‫ولكن هذه العملية – ولسوء‬
‫ّ‬ ‫ّ ّ‬
‫تقتض اعتبار الشواذ واألشكال المغايرة‪ ،‬كما لو أنها‬
‫ي‬ ‫ذلك إال ألن طبيعة التصنيف نفسها‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ه‬‫الت تستحق االستهجان‪ .‬ومهما يكن األمر‪ ،‬فنن هذه األشكال المغايرة‪ ،‬ي‬ ‫من الظاهرات ي‬
‫األخثة لعلم البيولوجيا‪( .‬لينتون‪،4759 ،‬‬ ‫ّ‬
‫الت اكتسبت داللة خاصة يف التطورات‬
‫ر‬ ‫نفسها ي‬
‫ص ‪) 15‬‬

‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬


‫واستنادا إل هذه االختدافات الشكلية وأيضا السلوكية‪ ،‬فقد جرى االتفاق ربي‬
‫وه‪( :‬أبو هدال‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ر‬
‫علماء اإلنسان عىل تقسيم البش إل ثداثة أجناس أو عروق رئيسية‪ ،‬ي‬
‫‪ ،4791‬ص ‪) 429‬‬

‫‪ -1/3/1‬العرق األبيض (القوقازي) ‪ :‬يمتاز هذا العرق بصفات خاصة يف‪( :‬علو‬
‫ّ‬ ‫الفكي‪ ،‬استقامة العيني‪ّ ،‬‬‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وتجعده‪،‬‬ ‫تمو الشعر‬ ‫ر‬ ‫ر‬ ‫األنف ودقته‪ ،‬اعتدال الشفة وبروز‬
‫ر‬
‫وكثة شعر الجسم وكثافة اللحية‪)..‬‬

‫ويندر ضمن هذا العرق ‪ :‬العرق الهندي – عرق البحر األبيض المتوسط‪،‬‬

‫‪- 02 -‬‬
‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com92‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫الثبر‪ ،‬المرصيون‪،‬‬
‫األلت (وسط أوروبا )‪ ،‬العرق النوردي (اإليرانيون‪ ،‬األفغان‪ ،‬ر‬
‫العرق ر ي‬
‫واألثيوبيون )‪.‬‬

‫ّ‬
‫المتوسط والشفة الغليظة‪ ،‬والفك‬ ‫‪ -0/3/1‬العرق األسود (الزنخ) ‪ :‬يمتاز باألنف‬
‫القصث األشعث‪ ،‬والرأس‬
‫ر‬ ‫كبث‪ .‬وكذلك بالعيون المستقيمة والشعر‬
‫البارز بشكل ر‬
‫المستطيل‪.‬‬

‫ّ‬
‫ويمثل هذا العرق ‪ :‬زنو أمريكا‪ ،‬زنو أفريقيا الوسط‪ ،‬والحاميون النيليون يف‬
‫مرص ‪.‬‬

‫‪ -3/3/1‬العرق األصفر (المنغوىل) ‪ :‬يمتاز هذا العرق ر‬


‫ببشة معتدلة الدكنة‪،‬‬
‫ّ‬
‫البت كما عند (الهنود الحمر)‪ ،‬واللون األصفر الفاتح كما عند‬
‫النحاش ي‬
‫ي‬ ‫ويثاوح ربي اللون‬
‫ّ‬
‫الشماليي )‪ .‬كما يمتاز هذا العرق باستقامة الشعر ونعومته ‪-‬إل حد ما ‪-‬عىل‬
‫ر‬ ‫صينيي‬
‫ر‬ ‫(ال‬
‫ّ‬
‫الرأس‪ ،‬وقلة كثافته عىل الجسم والذقن ‪.‬‬

‫ّ‬
‫ويمثل هذا العرق ‪ :‬المغول األصليون (األسكيمو‪ ،‬اليابانيون‪ ،‬الكوريون‪ ،‬والصينيون)‬
‫وكذلك‪ ،‬األتراك واألندونيسيون‪ ،‬والهنود األمريكيون‪ ،‬وسكان التيبت‪.‬‬

‫ّ‬
‫ه العوامل‬ ‫إن هذه االختدافات الشكلية الظاهرة ربي العروق (األنواع) الثداثة‪ ،‬ي‬
‫للتميث ربي األفراد والمجتمعات‪.‬‬ ‫األساسية الت يعتمد عليها ف الدراسات ر‬
‫األنثوبولوجية‪،‬‬
‫ر‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫ّ‬ ‫ا‬ ‫ّ ّ‬
‫للتميث ربي عرق وآخر‪ ،‬يتمثل يف القدرات‬ ‫ر‬ ‫إال أن بعض العلماء يضيفون عامال آخر‬
‫ّ‬ ‫الذكائية (نسبة الذكاء )‪ ،‬مع ّأن هذا العامل لم تثبت ّ‬
‫الزنح األسود‪،‬‬
‫ر ي‬ ‫صحته‪ ،‬حيث أن‬
‫ّ‬ ‫عىل سبيل المثال‪ ،‬ال ّ‬
‫األمريك األبيض‪ ،‬يف حال وفرت لـه الظروف النمائية‬
‫ي‬ ‫يقل ذكاء عن‬
‫والثبوية المناسبة ‪.‬‬

‫‪- 93 -‬‬

‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com93‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫ّ ّ‬ ‫ويميل معظم علماء ر‬


‫األنثوبولوجيا اليوم‪ ،‬إل نبذ حت الفكرة القائلة بأن تقدم أي‬
‫غث ر‬ ‫ا‬
‫مباش عىل قدرات هذا الشعب‬ ‫شعب من الشعوب يف مدار الحضارة‪ ،‬يقيم دليال ر‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الفطرية‪ .‬وقد تأثر هؤالء العلماء بالدور الذي يؤديه انتشار الثقافات يف تحقيق التقدم‪،‬‬
‫سسم‬ ‫ّ‬
‫التطور‪ .‬ولذلك تراهم يميلون إل إهمال ما ّ‬ ‫ضية " يف توجيه‬ ‫وبأثر " األحداث َ‬
‫الع َر ّ‬

‫بالقدرات الفطرية لشعوب العالم‪ ،‬ويؤثرون كتابة تاري ــخ الحضارة يف ضوء عوامل البيئة‬
‫ّ‬
‫والحظ وتسلسل األحداث المثابطة‪( .‬لينتون‪ ،4759 ،‬ص ‪)57‬‬

‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الشخصية‬ ‫كبث يف تكوين‬
‫يعت أن البيئة االجتماعية والطبيعية لها دور ر‬
‫ي‬ ‫وهذا‬
‫اإلنسانية‪ ،‬المنتجة والمبدعة‪ ،‬وليست العوامل الوراثية (العرقية) فحسب‪ .‬وهذا ما بدأت‬
‫تأخذ به الدراسات اإلنسانية المعارصة ‪.‬‬

‫‪- 04 -‬‬
‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com94‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫مصادر الفصل ومراجعه‬


‫ّ‬
‫مقدمة ف ر‬
‫األنثوبولوجيا الثبوية‪ ،‬المطابع التعاونية‪ّ ،‬‬
‫عمان‪.‬‬ ‫ي‬ ‫‪ -‬أبو هدال‪ ،‬أحمد (‪)4791‬‬

‫‪ -‬اسماعيل‪ ،‬قباري دمحم (‪ )4792‬ر‬


‫األنثوبولوجيا العامة‪ ،‬منشأة المعارف‪ ،‬اإلسكندرية ‪.‬‬

‫‪ -‬الجباوي‪ ،‬عىل (‪ )4779‬ر‬


‫األنثوبولوجيا – علم اإلناسة – جامعة دمشق ‪.‬‬

‫‪ -‬لينتون‪ ،‬رالف (‪ )4759‬ر‬


‫األنثوبولوجيا وأزمة العالم الحديث‪ ،‬ترجمة ‪ :‬عبد الملك‬
‫الناشف‪ ،‬المكتبة العرصية‪ ،‬ربثوت ‪.‬‬

‫‪ -‬دمحم‪ ،‬رياض (‪ )4791‬اإلنسان – دراسة يف النوع والحضارة‪ ،‬دار النهضة العربية‪،‬‬


‫القاهرة ‪.‬‬

‫‪ -‬نارص‪ ،‬ابراهيم (‪ )4795‬ر‬


‫األنثوبولوجيا الثقافية‪( ،‬علم اإلنسان الثقاف) ّ‬
‫‪،‬عمان ‪.‬‬ ‫ي‬

‫‪- 95 -‬‬

‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com95‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫الفصل الثالث‬

‫ّ‬
‫النفسية‬ ‫ر‬
‫األنثوبولوجيا‬

‫‪Psychology Anthropology‬‬

‫ّ‬
‫الشخصية وطبيعتها‬ ‫‪ -1‬مفهوم‬

‫‪ -0‬مفهوم الثقافة وخصائصها‬

‫ّ‬
‫والشخصية‬ ‫‪ -3‬الثقافة‬

‫‪- 06 -‬‬
‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com96‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫ّ‬
‫مقــدمة‬

‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ر‬ ‫ّ‬


‫والشخصية ) ‪Culture and‬‬ ‫النفسية أيضا (الثقافة‬ ‫األنثوبولوجيا‬ ‫تسم‬
‫ّ‬
‫والشخصية اإلنسانية‪ .‬فقد‬ ‫‪ .Personality‬وذلك بالنظر إل العداقة الوثيقة ربي الثقافة‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الت جمعت‪،‬‬ ‫أثبتت بعض الدراسات أن التطابق يف التقييمات المستقلة للمعلومات ي‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫كبثا ّ‬ ‫ًّ‬ ‫ّ‬
‫يدل عىل توقع حدوث‬ ‫الشخصية " بلغ حدا ر‬ ‫بقصد دراسة معادل " الثقافة –‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫تعاون مثمر‪ ،‬بي ر‬
‫النفىس يف أبحاث أخرى‪.‬ويدل أيضا‪ ،‬عىل أن‬
‫ي‬ ‫وبولوجيي والتحليل‬
‫ر‬ ‫األنث‬ ‫ر‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫من المستحسن أن يتدرب الباحث عىل فروع علمية عديدة حت يتمكن من إجراء‬
‫ّ‬
‫ثقاف"‪.‬‬
‫والت تتطلبها طريقة الثكيب " السيكو‪ -‬ي‬
‫المراحل المختلفة من البحث والتحليل‪ ،‬ي‬
‫(هرسكوفيث‪ ،4791 ،‬ص ‪)52‬‬

‫ّ‬
‫الت تناولت مفهوم الثقافة‪ ،‬ارتباطها‬
‫ومن هذا المنطلق‪ ،‬أكدت معظم التعريفات ي‬
‫ّ‬
‫يعت أن الثقافة ظاهرة‬
‫أساش بالنتاجات ‪ /‬اإلبداعية والفكرية ‪ /‬لإلنسان‪ .‬وهذا ي‬
‫ي‬ ‫بشكل‬
‫مدازمة لإلنسان‪ ،‬باعتباره يمتلك اللغة‪ ،‬واللغة وعاء الفكر‪ ،‬والفكر ينتج عن تفاعل‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الحية‪.‬‬ ‫غثه من الكائنات‬‫الت يتمتع بها اإلنسان دون ر‬ ‫العمليات العقلية والنفسية ي‬
‫االجتماع‪ ،‬وأخذ مفهومها‬ ‫الشخض ‪/‬‬ ‫ّ‬
‫أحس بوجوده‬ ‫فالعنارص الثقافية وجدت معه مذ‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ه عليه اآلن ‪.‬‬
‫يتطور ويتسع‪ ،‬وتتحدد معالمها مع تطور اإلنسان‪ ،‬إل أن وصلت إل ما ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫والشخصية‪،‬‬ ‫فموضوع األ رنثوبولوجيا النفسية‪ ،‬يتحدد إذن‪ ،‬يف العداقة ربي الثقافة‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الشخصية‪،‬‬ ‫متكاملي ‪ :‬اتجاه يأخذ أثر الثقافة يف‬
‫ر‬ ‫جاهي‬
‫ر‬ ‫تسث يف ات‬
‫الت ر‬ ‫هذه العداقة ي‬
‫ر‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫األنثوبولوجيا‬ ‫الشخصية يف الثقافة‪ .‬ومن هنا‪ ،‬فقد ساعد ظهور‬ ‫واتجاه يأخذ أثر‬
‫الت تحكم تشكيل‬ ‫ّ‬
‫النفسية‪ ،‬علماء النفس يف الوصول إل فهم أفضل للمبادىء ي‬
‫األنثوبولوجيا لدراسة األنماط األساسسيبة‬‫الشخصية‪ ،‬وأثار ف الوقت ذاته اهتمام علماء ر‬
‫ّ‬
‫ي‬

‫‪- 97 -‬‬

‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com97‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫ّ‬
‫للشخصية يف المجتمعات المختلفة‪ ،‬قديمها وحديثها‪.‬‬

‫ّ‬ ‫ا‬
‫الشخصية وطبيعتها‬ ‫أوال‪-‬مفهوم‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الشخصية اإلنسانية والعوامل المؤثرة يف تكوينها‪ ،‬مكانة هامة يف الدراسات‬ ‫احتلت‬
‫وكيفية ّ‬
‫تكيفها‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الشخصية‪،‬‬ ‫مكونات هذه‬‫التعرف إل ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫النفسية واالجتماعية‪ ،‬وذلك بقصد‬
‫ّ‬
‫وتطورها‪.‬‬ ‫ّ‬
‫الشخصية‬ ‫وتفاعلها مع البيئة المحيطة‪ ،‬وبما يتيح نمو‬

‫اجتماع من‬ ‫ّ‬


‫الشخصية وتكاملها كنتا‬ ‫وعىل الرغم من االتفاق عىل وحدة هذه‬
‫ي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وكمحرك لت ّ‬
‫رصفات الفرد ومواقفه الحياتية من جهة أخرى‪ ،‬فقد تعددت تعريفاتها‬ ‫جهة‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫تبعا للنظر إليها من جوانب متعددة‪.‬‬

‫الشخصية ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫الحقيق لإلنسان‪ ،‬فقد‬
‫ي‬ ‫االجتماع ‪/‬‬
‫ي‬ ‫تعث عن الجوهر‬ ‫ر‬ ‫فانطداقا من أن‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫عرفها رالف لينتون‪ ،‬بأنها ‪ " :‬المجموعة المتكاملة من صفات الفرد العقلية والنفسية‪ .‬أي‬
‫اإلجمال لقدرات الفرد العقلية وإحساسا ته ومعتقداته وعاداته‪ ،‬واستجاباته‬
‫ي‬ ‫المجموع‬
‫ر‬
‫العاطفية المشوطة " (لينتون‪)529 ،4751 ،‬‬

‫ّ‬ ‫كما ّ‬
‫عرفها ‪/‬فيكتور بارنوا ‪ /‬بأنها ‪ " :‬تنظيم ثابت لدرجة ما‪ ،‬للقوى الداخلية للفرد‪.‬‬
‫بكل مركب من االتجاهات والقيم والنماذ الثابتة بعض ر‬ ‫ّ‬ ‫وترتبط تلك القوى ّ‬
‫الىسء‪،‬‬
‫ي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫والت تفش – إل حد ما – ثبات السلوك الفردي " ‪( .‬‬ ‫ي‬ ‫الحىس‪،‬‬
‫ي‬ ‫والخاصة باإلدراك‬
‫)‪Barnouw, 1972, p 8‬‬

‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬


‫ه‬‫السابقي‪ ،‬يرى ‪ /‬أفلويد ليورت ‪ /‬أن الشخصية ‪ :‬ي‬ ‫ر‬ ‫التعريفي‬
‫ر‬ ‫واتفاقا مع‬
‫ّ‬
‫وكيفية توافقه مع المظاهر االجتماعية‬ ‫للمثثات االجتماعية‪،‬‬ ‫ّ‬
‫الممثة‬ ‫استجابات الفرد‬
‫ر‬ ‫ر‬

‫‪- 08 -‬‬
‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com98‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫المحيطة به‪( .‬دمحم غنيم‪ ،4779 ،‬ص ‪)11‬‬

‫االجتماع لإلنسان‪ ،‬والذي سشمل‬ ‫الشخصية عن الوصف‬ ‫ّ‬ ‫وهكذا‪ّ ،‬‬


‫يعث مفهوم‬
‫ي‬ ‫ر‬
‫ّ‬ ‫ر‬ ‫ّ‬
‫الت تتكون عند الكائن البشي من خدال التفاعل مع المؤثرات البيئية‪ ،‬والتعامل‬ ‫الصفات ي‬
‫االجتماع لإلنسان) ‪ .‬أي‬ ‫يعث عنه بـ (الجوهر‬ ‫ّ‬
‫ي‬ ‫مع أفراد المجتمع بصورة عامة‪ .‬وهذا ما ر‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّأنها مجموعة الخصائص (الصفات) الت ّ‬
‫غثه يف البنية‬
‫تمث فردا ‪ /‬إنسانا بذاته‪ ،‬من ر‬ ‫ر‬ ‫ي‬
‫وف الذكاء والطبع والسلوك العام ‪.‬‬
‫الجسدية العامة‪ ،‬ي‬

‫الفثيولوجية لدى اإلنسان‪ ،‬ترتبط باألفعال السلوكية المصاحبة‪،‬‬


‫ر‬ ‫فالعمليات‬
‫ّ‬
‫الت يكتسبها من المجتمع‪ .‬فالطعام كاستجابة‬
‫الخثة ي‬
‫ر‬ ‫وتتعدل هذه األفعال عن طريق‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫معي يتمثل يف طريقة تناول الطعام‪،‬‬
‫الفثيزلوجية الغذائية‪ ،‬يصاحبها سلوك ر‬
‫للحاجة ر‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫فه تتضمن كل أفعال الفرد ومناشطه الجسمانية والسيكولوجية‪،‬‬‫بصورها المتعددة‪ ..‬ي‬
‫ر‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫فه‬
‫شء يدخل يف محتوى السلوك‪ ،‬حت العمليات العقلية ي‬ ‫والتفكث‪ ،‬وكل ي‬
‫ر‬ ‫وأيضا التعلم‬
‫تندر تحت مفهوم هذا المصطلح‪.‬‬

‫أساسيتي ‪ :‬األوىل ‪ :‬العمليات المادية‪ ،‬والثانية ‪:‬‬ ‫بخاصتي‬ ‫ّ‬


‫وتتمث نتائج السلوك‬
‫ر‬ ‫ر‬ ‫ر‬
‫العمليات السيكولوجية‪ .‬ويندر تحت العمليات السيكولوجية‪ ،‬ما يعرف بأنساق القيم‬
‫ويشث تصنيف نتائج السلوك إل تفاعل الفرد مع البيئة‪ ،‬فالفرد عندما يواجه‬
‫ر‬ ‫والمعرفة‪.‬‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫نظاما جديدا‪ ،‬يحدث لديه رد فعل‪ ،‬ليس فقط يف موضوعيته‪ ،‬ولكن أيضا يف اتجاهاته‬
‫يؤيد بعض العلماء‬ ‫وقيمه ومعارفه الت اكتسبها من خثاته الماضية‪ ..‬ولذلك‪ّ ،‬‬
‫ر‬ ‫ي‬
‫تأثث العنارص السيكولوجية يف محتوى الصيغة الثقافية‪ ،‬يف دراستهم‬ ‫ر‬
‫وبولوجيي ر‬
‫ر‬ ‫األنث‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الت‬
‫ه نتا الصيغة الثقافية ي‬ ‫للثقافة والشخصية‪ ،‬وذلك العتقادهم بأن الشخصية ي‬
‫ً‬
‫تسود مجتمعا ما‪( .‬الغامري‪ ،4797 ،‬ص ‪)10‬‬

‫‪- 99 -‬‬

‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com99‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫شخصية ّ‬


‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ومتفردة بسماتها وخصائصها‪ ،‬ولكنه يف الوقت ذاته‬ ‫متمثة‬
‫ر‬ ‫كل فرد‬ ‫إن‬
‫الت تجعله وإياهم من جنس‬ ‫الكثث من المظاهر ي‬
‫ر‬ ‫سشثك مع اآلخرين من أبناء جنسه‪ ،‬يف‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الشخصية اإلنسانية بنوع من الثبات‪ ،‬يبدو يف مواقفها واتجاهاتها‬ ‫واحد‪ .‬ولذلك تتصف‬
‫ّ‬
‫للتغث‬ ‫ّ‬
‫الشخصية‬ ‫وف المقابل‪ ،‬تخضع هذه‬ ‫ّ‬
‫ر‬ ‫وأساليب تعاملها‪ ،‬وشعورها بهويتها‪ .‬ي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الت تنشأ فيها وتنمو من‬
‫والتطور‪ .‬وهذا ما تحدده مكونات الشخصية من جهة‪ ،‬والبيئة ي‬
‫جهة أخرى‪.‬‬

‫لكل فرد ّ‬ ‫ً‬


‫أحدا‪ ،‬فهذا يعت ّأن ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫مكوناته‬ ‫ي‬ ‫بشخصيته وال سشبه‬ ‫يتمث‬
‫ر‬ ‫فكون اإلنسان‬
‫الجسدية الخاصة‪ ،‬وله طريقته وأسلوبه يف الشعور واإلدراك والسلوك‪ ،‬بما يطبعه بطابع‬
‫ّ‬
‫ممث ال ّ‬
‫يتكرر عند أي شخص آخر بالصورة ذاتها‪.‬‬ ‫ر‬

‫ّأما كون اإلنسان سشبه الناس اآلخرين‪ّ ،‬‬


‫فثمة مظهران لذلك ‪:‬‬

‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬


‫ر ي‬
‫البيولوج‪،‬‬ ‫األول ‪ :‬أنه سشبه الناس كلهم من حيث السمات المشثكة يف اإلرث‬
‫ّ‬
‫فلكل فرد هنا‪،‬‬ ‫الت ينتمون إليها‪.‬‬
‫الت يعيشون فيها‪ ،‬والمجتمعات والثقافات ي‬ ‫والبيئة ي‬
‫ً‬ ‫ً ًّ‬
‫ر ي‬
‫البيولوج ذاته‪ ،‬بوصفه كائنا حيا اجتماعيا ‪.‬‬ ‫التكوين العضوي ‪/‬‬

‫ّ‬ ‫ّ‬
‫شخصية الفرد مع‬ ‫الثان ‪ :‬أنه سشبه بعض الناس‪ ،‬فهذا ما يداحظ يف تشابه سمات‬
‫ينتم إليها‪ ،‬أو بعض األفراد الذين ينشأ – أو يتعامل – معهم‪.‬‬
‫ي‬ ‫الت‬
‫سمات أعضاء الجماعة ي‬
‫(المرصي‪ ،4772 ،‬ص ‪)54‬‬

‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬


‫الشخصية اإلنسانية تتسم بالخصائص التالية‪:‬‬ ‫وبناء عىل ما تقدم‪ ،‬يمكن القول ‪ :‬إن‬
‫(ميداد‪)22 ،4779 ،‬‬

‫‪- 011 -‬‬


‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com100‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫ّ‬
‫وتتطور يف وحدة متكاملة‪ ،‬من خدال تآزر‬ ‫ّ‬
‫فالشخصية تنمو‬ ‫‪ -4‬النمو والتكامل ‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الشخصية وقدراتها‪ ،‬وعملها بصورة مستمرة ومتفاعلة مع مواقف الحياة‬ ‫سمات هذه‬
‫الت‬ ‫ّ‬
‫المختلفة‪ ،‬وال سيما تفاعل اإلنسان مع بيئته وأنماط التنشئة االجتماعية المتعددة ي‬
‫ّ‬
‫الشخصية بعنارصها الكاملة‪ ،‬يف أثناء التعامل مع هذه‬ ‫وبالتال استجابة هذه‬ ‫ّ‬
‫يتعرض لها‪،‬‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫المواقف المتنوعة‪.‬‬

‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬


‫وتعت شعور الفرد بأنه هو ذاته‪ ،‬وإن حدثت لـه‬
‫ي‬ ‫الشخصية (الذاتية) ‪:‬‬ ‫‪ -0‬الهوية‬
‫ّ‬ ‫ونفسية‪ ،‬عث مراحله النمائية‪ .‬فمن طبيعة اإلنسان أن ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫يتغث ويتبدل من‬
‫ر‬ ‫ر‬ ‫تغثات جسدية‬ ‫ر‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫يوم إل آخر‪ ،‬بحكم قانون التطور‪ ،‬والذي سشمل جوانب الشخصية كافة‪ ،‬من بداية‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫التغثات‬
‫ر‬ ‫ه ذاتها‪ ،‬عىل الرغم من‬
‫غث أن هويته األساسية تبق ي‬
‫الحياة وحت نهايتها‪ .‬ر‬
‫عامىل ‪( :‬العمر والثقافة) ‪.‬‬
‫ي‬ ‫الت تحدث بفعل‬
‫الجسدية أو الوجدانية‪ ،‬ي‬

‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬


‫مستمرة ما دام‬ ‫لشخصية اإلنسانية‪،‬‬ ‫والتغث ‪ :‬أي أن خاصية الثبات يف ا‬
‫ّ‬ ‫‪ -2‬الثبات‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫التغث والتطور‪،‬‬ ‫ّ‬
‫وف المقابل فهذه الشخصية تابعة لخاصية‬
‫ر‬ ‫الشخص عىل قيد الحياة‪ ،‬ي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫والت تتفاوت يف شدة فاعليتها إلحداث‬
‫الت تحدث بفعل المؤثرات المحيطة بالشخص‪ ،‬ي‬ ‫ي‬
‫ّ‬
‫التطورية‪.‬‬ ‫ّ‬
‫التغثات‬
‫ر‬

‫ّ‬
‫وف البناء‬
‫وهذا الثبات الذي يتجىل يف ‪( :‬األعمال وأسلوب التعامل مع اآلخرين‪ ،‬ي‬
‫والخثات)‬
‫ر‬ ‫والخارج للشخص‪ ،‬بما يف ذلك الدوافع واالهتمامات واالتجاهات‪،‬‬‫ر ي‬ ‫الداخىل‬
‫ي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫المستقبىل لهذه الشخصية‪.‬‬
‫ي‬ ‫هو الذي سسمح – أحيانا – بالتنبؤ‬

‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬


‫المستمر مع ما يحيط‬ ‫الشخصية تنمو وتتطور من خدال التفاعل‬ ‫والخداصة‪ ،‬أن‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫والتطور أيضا سمتان مدازمتان‬ ‫فالتغث‬
‫ر‬ ‫للشخصية‪،‬‬ ‫بها‪ .‬وكما أن الثبات سمة أساسية‬
‫ً‬ ‫ا‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الشخصية قليال يف المجتمعات القديمة‪ ،‬نظرا‬ ‫للشخصية‪ .‬وإذا كان االهتمام بدراسة‬

‫‪- 101 -‬‬

‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com101‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫ّ‬ ‫ّ‬
‫لعدم النظر إل الفرد كوحدة متكاملة‪ ،‬فنن تعقد المشكدات االجتماعية ‪ /‬اإلنسانية‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الشخصية‬ ‫وتطور النظرة إل دور اإلنسان فيها‪ ،‬أدى إل زيادة االهتمام بدراسة طبيعة‬
‫اإلنسانية‪ ،‬الكتشافها وإيجاد أفضل الطرائق للتعامل معها وتوظيف قدراتها‪.‬‬

‫ً‬
‫ثانيا‪-‬مفهوم الثقافة وخصائصها‬
‫ا ًّ‬ ‫ّ‬
‫وتميث بعضها من بعض‪،‬‬
‫ر‬ ‫هاما يف تصنيف المجتمعات واألمم‪،‬‬ ‫تعد الثقافة عامال‬
‫وذلك بالنظر لما تحمله مضمونات الثقافة من خصائص ودالالت ذات أبعاد فردية‬
‫ً‬
‫واجتماعية‪ ،‬وإنسانية أيضا‪.‬‬

‫ّ‬
‫تعددت تعريفات الثقافة ومفهوماتها‪ ،‬وظهرت ر‬
‫عشات التعريفات ما ربي‬ ‫ولذلك‪،‬‬
‫(‪ )4752-4994‬منها ما أخذ بالجوانب المعنوية ‪ /‬الفكرية‪ ،‬أو بالجوانب الموضوعية ‪/‬‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫اإلنسان‬
‫ي‬ ‫سثورة المجتمع‬
‫المادية‪ ،‬أو بكليهما معا‪ ،‬باعتبار الثقافة‪ -‬يف إطارها العام‪ -‬تمثل ر‬
‫ّ‬
‫والعلمية ‪.‬‬ ‫وإبداعاته الفكرية‬

‫التنوع يف التعريفات‪ ،‬حدا بـ ‪ /‬إدجار موران ‪ /‬أن يقول بعد مرور قرن عىل أول‬‫وهذا ّ‬
‫ّ‬ ‫تعريف ر‬
‫ر ي‬
‫وبولوج للثقافة ‪ " :‬كلمة الثقافة بداهة خاطئة‪ ،‬كلمة تبدو وكأنها كلمة ثابتة‪،‬‬ ‫أنث‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫حازمة‪ ،‬والحال أنها كلمة فخ‪ ،‬خاوية‪ ،‬منومة‪ ،‬ملغمة‪ ،‬خائنة‪ ..‬الواقع أن مفهوم الثقافة‬
‫ّ ً‬ ‫ّ ً‬ ‫ً‬ ‫ليس ّ‬
‫اليوم " ‪(.‬‬
‫ي‬ ‫التعبث‬
‫ر‬ ‫أقل غموضا وتشككا وتعددا‪ ،‬يف علوم اإلنسان منه يف علوم‬
‫‪)Morin, 1969, p.5‬‬

‫‪ -4‬مفهوم الثقافة ‪:‬‬

‫ً‬ ‫ر‬ ‫ّ‬


‫وأكثها شيوعا‪ ،‬ذلك التعريف الذي وضعه ‪ /‬ادوارد‬ ‫ولعل أقدم تعريف للثقافة‪،‬‬

‫‪- 012 -‬‬


‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com102‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬


‫الكل المركب الذي سشتمل عىل المعرفة‬ ‫ه ذلك‬
‫تايلور ‪ /‬والذي يفيد بأن الثقافة ‪ :‬ي‬
‫الت يكتسبها اإلنسان‬
‫وغثها من القدرات ي‬
‫والعقائد‪ ،‬والفن واألخداق والقانون‪ ،‬والعادات ر‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫بوصفه عضوا يف المجتمع‪( .‬مجموعة من الكتاب‪ ،4779 ،‬ص ‪)7‬‬

‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ه ذلك‬ ‫وعرفها عالم االجتماع الحديث ‪ /‬روبرت ربثستيد ‪ /‬بقوله ‪ " :‬إن الثقافة ي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الكل المركب الذي يتألف من كل ما نفكر فيه‪ ،‬أو نقوم بعمله أو نمتلكه‪ ،‬كأعضاء يف‬
‫مجتمع " ‪.‬‬

‫ّ‬
‫ادل ‪ )J. Spradley‬أن ثقافة المجتمع‪،‬‬
‫سث ي‬
‫وضمن هذا المفهوم‪ ،‬يرى ‪ /‬جيمس ر‬
‫ّ‬
‫تتكون من ّ‬
‫كل ما يجب عىل الفرد أن يعرفه أو يعتقده‪ ،‬بحيث يعمل بطريقة يقبلها أعضاء‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫تتكون من األشياء أو‬ ‫مادية فحسب‪ ،‬أي أنها ال‬ ‫المجتمع ‪ ..‬إن الثقافة ليست ظاهرة‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫فه‬
‫ه تنظيم لهذه األشياء يف شخصية اإلنسان‪ .‬ي‬‫الناس أو السلوك أو االنفعاالت‪ ،‬وإنما ي‬
‫ما يوجد يف عقول الناس من أشكال لهذه األشياء‪) Spradley, 1972, p.p. 6-7) .‬‬

‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وهذا يتفق إل حد بعيد مع التعريف الذي يفيد بأن مصطلح الثقافة ‪ Culture‬يف‬
‫اإلنكلثية‪ ،‬عىل معت الحضارة ‪ Civilization‬كما يف اللغة األلمانية ‪،‬له وجهان‪:‬‬
‫ر‬ ‫اللغة‬

‫وجه ذان ‪ :‬هو ثقافة العقل ‪ ..‬ووجه موضوع ‪ :‬هو مجموعة العادات واألوضاع‬
‫ّ‬
‫الفنية واألدبية‪ ،‬والطرق العلمية والتقنية‪ ،‬وأنماط‬ ‫االجتماعية‪ ،‬واآلثار الفكرية واألساليب‬
‫ّ‬
‫معي ‪.‬فالثقافة ه طريق حياة الناس‪ّ ،‬‬
‫وكل‬ ‫ي‬ ‫التفكث واإلحساس‪ ،‬والقيم الذائعة يف مجتمع ر‬
‫ر‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫ما يملكون ويتداولون‪ ،‬اجتماعيا وبيولوجيا‪( .‬صليبا‪)299 ،4794 ،‬‬

‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وربما يكون أحدث مفهوم للثقافة‪ ،‬هو ما جاء يف التعريف الذي اتفق عليه يف إعدان‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫مكسيكو (‪ 5‬آب ‪ ،) 4790‬والذي ينص عىل أن الثقافة – بمعناها الواسع – يمكن النظر‬

‫‪- 103 -‬‬

‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com103‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫ً‬ ‫إليها عىل ّأنها ‪ " :‬جميع السمات الروحية والمادية والعاطفية‪ ،‬الت ّ‬
‫تمث مجتمعا بعينه‪ ،‬أو‬
‫ي ر‬
‫وه تشمل ‪ :‬الفنون واآلداب وطرائق الحياة ‪ ..‬كما تشمل الحقوق‬
‫فئة اجتماعية بعينها‪ .‬ي‬
‫األساسية لإلنسان‪ ،‬ونظم القيم والمعتقدات والتقاليد " ‪.‬‬

‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ر‬


‫مجرد نوع خاص من‬ ‫ه إال‬
‫ويعتقد معظم علماء األنثوبولوجيا أن الحضارة ما ي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الثقافة‪ ،‬أو باألحرى‪ ،‬شكل معقد أو " ر ٍاق " من أشكال الثقافة‪ .‬ولذلك لم يعتمدوا قط‪،‬‬
‫ّ‬
‫تميث الذي وضعه علماء االجتماع ربي الثقافة والحضارة ‪ ..‬فمن المعروف أن بعض‬ ‫ال ر‬
‫ر‬
‫اإلجمال للوسائل البشية "‬ ‫يمثون ربي الحضارة بوصفها " المجموع‬ ‫ّ‬
‫ي‬ ‫علماء االجتماع ر‬
‫ر‬
‫اإلجمال للغايات البشية "‪( .‬لينتون‪ ،4759 ،‬ص ‪)412‬‬ ‫وبي الثقافة بوصفها " المجموع‬‫ر‬
‫ي‬

‫ر‬ ‫ً‬
‫األنثبولوجيا الثقافية ‪/‬‬ ‫الباحثي يف دراسة‬
‫ر‬ ‫كثث من‬
‫وتأسيسا عىل ذلك‪ ،‬اعتمد ر‬
‫ه‪:‬‬ ‫ّ‬
‫النفسية واالجتماعية ‪ /‬عىل ثداثة مفهومات أساسية‪ ،‬ي‬

‫ّ‬
‫التحثات الثقافية ‪ :‬وتشمل القيم والمعتقدات المشثكة ربي الناس ‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫ّ‬

‫ّ‬
‫‪ -‬العالقات االجتماعية ‪ :‬وتشمل العداقات الشخصية ي‬
‫الت تربط الناس بعضهم‬
‫مع بعض ‪.‬‬

‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬


‫التحثات الثقافية‬
‫ر‬ ‫الكىل المركب من‬
‫ي‬ ‫الت تعد الناتج‬
‫ي‬ ‫‪ -‬أنماط أساليب الحياة‬
‫ّ‬
‫والعداقات االجتماعية (مجموعة من الكتاب‪ ،4799 ،‬ص‪)42‬‬

‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ويعث عن‬ ‫ر‬ ‫يعت أن الثقافة تهدي اإلنسان إل القيم‪ ،‬حيث يمارس االختيار‬ ‫وهذا ي‬
‫ّ‬
‫وبالتال يتعرف إل ذاته ويعيد النظر يف إنجازاته وسلوكاته‪.‬‬ ‫الت يرغبها‪،‬‬
‫ي‬ ‫نفسه بالطريقة ي‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وعىل الرغم من ذلك‪ ،‬فنن أية ثقافة ال تؤلف نظاما مغلقا‪ ،‬أو قوالب جامدة يجب أن‬

‫‪- 014 -‬‬


‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com104‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫ّ‬
‫ويتبي من التأكيد عىل حقيقة الثقافة‬ ‫يتطابق معها سلوك أعضاء المجتمع جميعهم‪.‬‬
‫ر‬
‫ّ‬ ‫ر‬ ‫ّ‬
‫شء‪ ،‬ألنها ليست سوى‬ ‫السيكولوجية‪ ،‬أن الثقافة بهذه الصفة‪ ،‬ال تستطيع أن تعمل أي ي‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫تفكث‪ ،‬عند األشخاص الذين يؤلفون مجتمعا‬ ‫ر‬ ‫مجموع من سلوكات وأنماط وعادات‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫معي‪( .‬هرسكوفيث‪ ،4791‬ص ‪)55‬‬‫خاصا‪ ،‬يف وقت محدد ومكان ر‬

‫ّ ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬


‫مجردا‬ ‫وهكذا يمكن القول ‪ :‬إن الثقافة – يف إطارها العام – ليست إال مفهوما‬
‫ّ‬ ‫ر‬
‫قاف‪ ،‬وأن رصورة الثقافة لفهم األحداث‬ ‫سستخدم يف الدراسات األنثوبولوجية للتعميم الث ي‬
‫ّ‬
‫أهمية عن رصورة استخدام‬ ‫والتنبؤ بإمكانية وجودها أو وقوعها‪ ،‬ال ّ‬
‫تقل‬ ‫ّ‬ ‫ف العالم ر‬
‫البشي‪،‬‬ ‫ي‬
‫ّ‬
‫الطبيىع وإمكانية التنبؤ بها ‪.‬‬ ‫مبدأ( الجاذبية) لفهم أحداث العالم‬
‫ي‬

‫‪ -0‬خصائص الثقافة ‪:‬‬

‫ا‬ ‫ً‬ ‫ّ‬


‫تعد الحياة االجتماعية يف أي مجتمع‪ ،‬نسيجا متكامال من األفكار والنظم والسلوكات‬
‫ّ‬
‫الت ال يجوز الفصل فيما بينها‪ ،‬باعتبارها تشكل الثكيبة الثقافية يف المجتمع‪ ،‬وإل درجة‬
‫ي‬
‫تحدد مستوى ّ‬ ‫ّ‬
‫تطوره الحضاري‪.‬‬

‫ً‬
‫االجتماع‪،‬‬
‫ي‬ ‫ر ي‬
‫البيولوج لإلنسان يف الثقافة معدوما عىل المستوى‬ ‫التأثث‬
‫ر‬ ‫وإذا كان‬
‫ّ‬
‫الثقاف عىل‬
‫ي‬ ‫العامل‬ ‫تأثث‬
‫ر‬ ‫فنن‬ ‫‪،‬‬ ‫)‬ ‫الشاذة‬ ‫(‬ ‫الستثنائية‬‫ا‬ ‫الفردية‬ ‫الحاالت‬ ‫بعض‬ ‫باستثناء‬
‫تأثث فاعل ومحسوس‪ ،‬ليس عىل مستوى الفرد فحسب‪ ،‬بل عىل‬ ‫ر ي‬
‫البيولوج‪ ،‬هو ر‬ ‫الوجود‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫مستوى المجتمع بوجه عام‪ .‬ولذلك‪ ،‬فكما يتم اصطفاء النوع‪ ،‬يتم اصطفاء الثقافة عىل‬
‫أساس ّ‬
‫تكيفها مع البيئة‪ .‬وبمقدار ما تساعد الثقافة أعضاءها يف الحصول عىل ما‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وف تجنب ما هو خطر‪ ،‬فننها تساعدهم عىل البقاء‪( .‬سكيث‪،4792 ،‬‬ ‫يحتاجونه‪ ،‬ي‬
‫ص‪) 422‬‬

‫‪- 105 -‬‬

‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com105‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ ّ‬
‫االجتماع الذي‬
‫ي‬ ‫يأن منسجما مع اإلطار‬
‫وهذا يؤكد أن النموذ العام ألي ثقافة‪ ،‬ي‬
‫أنتجها‪ ،‬ويرسم بالتال السمات والمظاهر االجتماعية لدى األفراد الذين ر ّ‬
‫يتشبون هذه‬ ‫ي‬
‫الثقاف واستمراريته وتطويره‪.‬‬
‫ي‬ ‫الثقافة‪ ،‬ويعملون ما بوسعهم للحفاظ عىل هذا النموذ‬

‫ّ‬ ‫ّ‬
‫فنن ّ‬ ‫ً‬
‫ثمة خصائص تتسم بها الثقافة‪ ،‬بحسب مفهومها‬ ‫واستنادا إل هذه المعطيات‪،‬‬
‫ّ‬
‫وطبيعتها‪ ،‬ومن أبرز خصائص هذه الثقافة أنها ‪:‬‬

‫عصت خاص‪،‬‬ ‫ّ‬


‫المزود بجهاز‬ ‫‪ -1/ 0‬إنسانية ‪ :‬فاإلنسان هو الحيوان الوحيد‬
‫ري‬
‫وبقدرات عقلية فريدة تتيح لـه ابتكار أفكار جديدة‪ ،‬وأعمال جديدة‪ . .‬فاإلنسان – عىل‬
‫ّ‬
‫وتكيف معها باخثاع‬ ‫سبيل المثال – انتقل من المناطق الدافئة إل المناطق االستوائية‪،‬‬
‫ّ‬
‫أعمال جديدة‪ ،‬ومدابس ومساكن تخفف من الحرارة والرطوبة ‪ ..‬وانتقل من طور‬
‫الرع والزراعة‪ ،‬من دون أن تظهر‬ ‫ّ‬
‫(مرحلة) جمع القوت إل طور الصيد‪ ،‬ومن ثم إل طور ي‬
‫ّ‬
‫وإنما الذي ّ‬ ‫عنده ّأية ّ‬
‫تغث هو ثقافته‪ ،‬أي مجموع أفكاره وأعماله‬
‫ر‬ ‫تغثات عضوية تذكر‪،‬‬
‫ر‬
‫وسلوكاته ‪.‬‬

‫مسثة‬
‫وعث ر‬ ‫‪ -0/0‬مكتسبة ‪ :‬يكتسب اإلنسان الثقافة من مجتمعه‪ ،‬منذ والدته ر‬
‫ّ‬
‫يتمث بثقافة‬ ‫الشخصية‪ .‬وبما ّأن ّ‬
‫ّ‬
‫إنسان ر‬
‫ي‬ ‫كل مجتمع‬ ‫الخثات‬
‫ر‬ ‫حياته‪ ،‬وذلك من خدال‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫معينة‪ ،‬محددة الزمان والمكان‪ ،‬فنن اإلنسان يكتسب ثقافة المجتمع الذي يعيش فيه‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الفثيولوجية يف عملية االكتساب‪ .‬أي أن عملية التنشئة‬
‫منذ الصغر‪ ،‬وال تؤثر العوامل ر‬
‫الت تقوم بنقل ثقافة المجتمع إل الطفل‪ .‬ومهما كانت‬
‫ه العملية ي‬ ‫االجتماعية الثقافية‪ ،‬ي‬
‫فننه سستطيع أن يلتقط ثقافة أي مجتمع ر‬‫ّ‬
‫بشي‪ ،‬إذا ما‬ ‫ينتم إليها الفرد‪،‬‬
‫ي‬ ‫الت‬
‫السدالة ي‬
‫عاش فيه فثة زمنية كافية ‪.‬‬

‫ّ‬ ‫‪ -3/0‬اجتماعية ‪ :‬بما ّأن الثقافة ه نتا اجتماع أبدعته جماعة ّ‬


‫معينة‪ ،‬فنن‬ ‫ي‬ ‫ي‬

‫‪- 016 -‬‬


‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com106‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫ّ‬ ‫ّ ّ‬
‫تتم إال من خدال الجماعات (المجتمعات )‪ ،‬وذلك ألن هذه الثقافة‬ ‫دراسة الثقافة ال‬
‫ّ‬
‫تمثل عادات المجتمعات وقيمهم‪ ،‬وليست عادات األفراد كأفراد‪ .‬وإن كانت النظم‬
‫الثقافية تختلف ف مدى شموليتها االجتماعية‪ .‬فهناك نظم ّ‬
‫تطبق عىل أفراد المجتمع‬ ‫ي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫سيما ف الثقافات المتمدنة‪ ،‬ال ّ‬
‫كثثة‪ ،‬وال ّ‬
‫تطبق إال عىل‬ ‫ي‬ ‫ر‬ ‫نظم‬ ‫هناك‬ ‫المقابل‬ ‫وف‬
‫جميعهم‪ ،‬ي‬
‫ّ‬
‫معينة داخل المجتمع الواحد‪ ،‬وال تطبق عىل الجماعات األخرى‪ .‬وهذا ما يدخل‬ ‫جماعة ّ‬

‫وصق‪ ،4794 ،‬ص ‪)91-94‬‬


‫ي‬ ‫يف الثقافات الفرعية‪( .‬‬

‫معينة ثقافة خاصة‬ ‫بشية ّ‬ ‫تطورية ‪ /‬تكاملية ‪ :‬عىل الرغم من ّأن ّ‬


‫لكل جماعة ر‬ ‫‪ّ - 0 /0‬‬
‫متطورة مع ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ ّ‬
‫تطور المجتمع من حال إل‬ ‫ه‬
‫بها‪ ،‬إال أن هذه الثقافة ليست جامدة‪ ،‬بل ي‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫حال أفضل وأرف‪ .‬وال ّ‬
‫التطور يف جوهر الثقافة ومحتواها فحسب‪ ،‬وإنما أيضا يف‬ ‫يتم‬
‫ّ‬
‫المتطور‪.‬‬ ‫الممارسة والطريقة العملية لسلوكات اإلنسان الذي يعيش يف المجتمع‬
‫كل مرحلة ثقافية منعزلة عن األخرى‪ ،‬بل ّ‬
‫ثمة تكامل‬ ‫التطور ال يعت ّأن ّ‬
‫ّ‬ ‫وهذا‬
‫ّ‬
‫ثقاف يف ثقافة المجتمع الواحد‪ .‬وذلك ألن الثقافة بتكاملها‪ ،‬تشبع حاجات اإلنسان‬ ‫ي‬
‫ّ‬
‫وبي المسائل‬ ‫ر‬ ‫والفكر‪،‬‬ ‫بالروح‬ ‫صلة‬ ‫المت‬ ‫المسائل‬ ‫بي‬
‫ر‬ ‫تجمع‬ ‫وه‬‫ي‬ ‫والمعنوية‪،‬‬ ‫المادية‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫المتصلة بحاجات الجسد‪ .‬أي أنه تحقق التكامل ربي الحاجات البيولوجية والنفسية‬
‫واالجتماعية والفكرية والبيئية‪.‬‬
‫ّ‬
‫‪ -5/0‬استمرارية ‪ /‬انتقالية ‪ :‬بما أن الثقافة تنبع من وجود الجماعة ورضاهم عنها‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫معي‪ ،‬وال تنحرص يف مرحلة محددة ‪ ..‬لذا ال‬‫فه بذلك ليست ملكا لفرد ر‬ ‫وتمسكهم بها‪ ،‬ي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫جماع وتراث يرثه أفراد المجتمع جميعهم‪ .‬كما أنه‬
‫ي‬ ‫تموت الثقافة بموت الفرد‪ ،‬ألنها ملك‬
‫ّ‬
‫ال يمكن القضاء عىل ثقافة ما‪ ،‬إال بالقضاء عىل أفراد المجتمع الذي يتبعها‪ ،‬أو بتذويب‬
‫أكث أو أقوى‪ ،‬تفرض ثقافة جديدة‬
‫الت تمارس هذه الثقافة‪ ،‬بجماعة ر‬
‫تلك الجماعة ي‬
‫ّ‬
‫بالقوة‪( .‬نارص‪ ،4795 ،‬ص ‪)421 -422‬‬

‫‪- 107 -‬‬

‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com107‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫ً ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫وإذا كانت الثقافة تشكل إرثا اجتماعيا‪ ،‬فننها إذن قابلة لدانتقال من جيل الكبار إل‬
‫جيل الصغار بواسطة عملية التثقيف أو التنشئة الثقافية ‪ /‬االجتماعية‪ ،‬أي العملية‬
‫تعت يف بعض جوانبها ‪( :‬نقل ثقافة الراشدين إل الذين لم يرشدوا بعد )‪ .‬كما‬
‫الت ي‬
‫الثبوية ي‬
‫يتم هذا االنتقال (االنتشار) إل جماعات إنسانية أخرى من خدال وسائل‬ ‫يمكن أن ّ‬
‫ّ‬
‫االتصال المختلفة ‪.‬‬

‫ّ‬ ‫ّ‬
‫فالثقافة ال توجد إال بوجود المجتمع‪ ،‬والمجتمع من جهته ال يقوم ويبق إال‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الت‬
‫وه ي‬
‫متمث لحياة الجماعة ونمط متكامل لحياة أفرادها‪ ،‬ي‬ ‫ر‬ ‫بالثقافة‪ ،‬ألن الثقافة طريق‬
‫ّ‬
‫تمد هذه الجماعة األدوات الدازمة الطراد الحياة فيها‪ ،‬وإن كانت ّ‬
‫ثمة آثار يف ذلك لبعض‬
‫العوامل البيولوجية والجغرافية ‪.‬‬

‫ّ‬ ‫ً‬
‫والشخصية‬ ‫ثالثا‪ -‬الثقافة‬

‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬


‫الثقاف الذي‬
‫ي‬ ‫وتتطور‪ ،‬من جوانبها المختلفة‪ ،‬داخل اإلطار‬ ‫شخصية الفرد تنمو‬ ‫إن‬
‫الت‬
‫تنشأ فيه وتعيش‪ ،‬وتتفاعل معه حت تتكامل وتكتسب األنماط الفكرية والسلوكية ي‬
‫االجتماع العام ‪.‬‬ ‫كيف الفرد‪ ،‬وعداقاته بمحيطه‬ ‫ّ‬
‫تسهل ت ّ‬
‫ي‬

‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫وليس ّ‬


‫شخصية‪،‬‬ ‫األكث من محتوى أية‬
‫ر‬ ‫ثمة شك يف أن الثقافة مسؤولة عن الجزء‬
‫ّ‬
‫السطح للشخصيات‪ ،‬وذلك عن طريق تشديدها‬ ‫ّ‬
‫وكذلك عن جانب مهم من التنظيم‬
‫ي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫عىل اهتمامات أو أهداف ّ‬
‫معينة‪ .‬ويكمن ش مشكلة العداقة ربي الثقافة والشخصية يف‬
‫التال ‪ " :‬إل أي مدى يمكن اعتبار الثقافة مسؤولة عن التنظيم المركزي‬
‫ي‬ ‫السؤال‬
‫للتأثثات‬
‫ر‬ ‫يمكن‬ ‫هل‬ ‫‪:‬‬ ‫أخرى‬ ‫وبعبارة‬ ‫السيكولوجية؟‬ ‫األنماط‬ ‫عن‬ ‫أي‬ ‫ات؟‬ ‫ّ‬
‫للشخصي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الشخصية وتعدلها؟ " (لينتون‪ ،4751 ،‬ص ‪)527‬‬ ‫الثقافية أن تنفذ إل لباب‬

‫‪- 018 -‬‬


‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com108‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬


‫ه عملية تربوية‬
‫إن الجواب عىل هذا التساؤل‪ ،‬يكمن يف أن عملية تكوين الشخصية ي‬
‫الت يحصل عليها من البيئة‬
‫خثات الفرد ي‬ ‫ر‬ ‫‪ /‬تعلمية – تثقيفية‪ ،‬حيث يجري فيها اندما‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫المحيطة ‪،‬مع صفاته التكوينية‪ ،‬لتشكل معا وحدة وظيفية متكاملة تكيفت عنارصها‪،‬‬
‫ّ ً‬
‫فا متبادال ا‪ ،‬وإن كانت ر‬
‫أكث فاعلية يف مراحل النمو األول من حياة‬ ‫بعضها مع بعض تكي‬
‫الفرد ‪.‬‬

‫ويمكن أن نطلق اسم التثقيف أو المثاقفة ‪ ،Enculturation‬عىل جوانب تجربة‬


‫ّ‬
‫ويوصل بها إل إتقان معرفة‬ ‫غثه من المخلوقات‪،‬‬ ‫التعليم الت ّ‬
‫يتمث بها اإلنسان عن ر‬
‫ر‬ ‫ي‬
‫ر‬
‫ثقافته‪ .‬والتثقيف يف جوهره‪ ،‬سياق تشيط شعوري أو ال شعوري‪ ،‬يجري ضمن الحدود‬
‫تعينها مجموعة من العادات‪ .‬وال ينجم عن هذه العملية التداؤم مع الحياة‬ ‫الت ّ‬
‫ي‬
‫ً‬
‫االجتماعية القائمة فحسب‪ ،‬بل ينجم أيضا الرض‪ ،‬وهو نفسه جزء من التجربة‬
‫التعبث الفردي وليس عن الثابط مع اآلخرين يف الجماعة‪.‬‬
‫ر‬ ‫االجتماعية‪ ،‬ينجم عن‬
‫(هرسكوفيث‪ ،4791 ،‬ص ‪) 21‬‬

‫ّ‬
‫وإذا كان ‪ /‬هرسكو فيث‪ /‬ركز عىل االستمرارية التاريخية يف الثقافة‪ ،‬من خدال عملية‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫سابث ‪ /‬سشدد عىل العداقة ربي الثقافة والشخصية‪ ،‬استنادا إل‬ ‫ر‬ ‫(المثاقفة )‪ ،‬فنن ‪/‬‬
‫سابث‪ " :‬هناك‬ ‫ر‬
‫الكبث يف األنثوبولوجيا البنيوية‪ .‬يقول ر‬
‫التأثث ر‬‫ر‬ ‫األساس اللغوي الذي كان لـه‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫عداقة أساسية ربي الثقافة والشخصية‪ .‬فدا شك يف أن أنماط الشخصية المختلفة‪ ،‬تؤثر‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫تفكث عمل المجموعة بكاملها‪ ،‬وعملها‪ ،‬هذا من جهة‪ ،‬ومن جهة أخرى‪،‬‬ ‫ر‬ ‫تأثثا عميقا يف‬‫ر‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫تث ّ‬
‫الشخصية‬ ‫االجتماع‪ ،‬يف بعض األنماط المحددة من أنماط‬
‫ي‬ ‫السلوك‬ ‫أشكال‬ ‫بعض‬ ‫خ‬ ‫س‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫نسبية " ‪)Sapir, 1967), p.75‬‬ ‫‪،‬حت وإن لم يتداءم الفرد معها إال بصورة‬

‫وإذا كانت المفاهيم العلمية األول‪ ،‬تصف سلوك اإلنسان وتربطه بعدد من الدوافع‬

‫‪- 109 -‬‬

‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com109‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬


‫أهمية العوامل النفسية واالجتماعية والقيم‬ ‫والسمات العامة‪ ،‬فنن العلم الحديث يؤكد‬
‫الت تظهر يف هذا السلوك ‪.‬‬
‫السائدة يف المجتمع‪ ،‬ي‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫تكون رافدا أساسيا من روافد هذه‬ ‫بالشخصية‪ ،‬حيث‬ ‫فالثقافة إذن ترتبط‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الشخصية وتحدد سماتها‪ .‬ولذلك‪ ،‬فنن دراسة الثقافة والشخصية‪ ،‬تمثل نقطة التقاء ربي‬
‫ً ّ ً‬ ‫علم النفس وعلم اإلنسان ( ر‬
‫جيدا‪ ،‬من‬ ‫األنثبولوجيا )‪ .‬فدا يمكن فهم أي شخص فهما‬
‫ّ‬
‫لت نشأ عليها‪ .‬كما ال يمكن فهم أي ثقافة إال بمعرفة‬
‫دون األخذ يف االعتبارات الثقافية ا ي‬
‫ّ‬
‫بالتال يف سلوكاتهم الملحوظة‪ ،‬حيث‬
‫ي‬ ‫األفراد الذين ينتمون إليها ويشاركون فيها‪ ،‬وتتجىل‬
‫النواج التالية ‪:‬‬
‫ي‬ ‫تأثثات الثقافة عىل الفرد يف‬
‫تبدو ر‬

‫ً‬ ‫ّ‬
‫تجث‬
‫كثثا ما ر‬
‫‪ -4‬الناحية الجسمية ‪ :‬إن الثقافة السائدة لدى شعب من الشعوب‪ ،‬ر‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫جثية وإلزام‪ ،‬وسيطرة مستمدة من العادات والقيم والتقاليد‪ -‬عىل‬‫الفرد – بما لها من قوة ر‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫كبثا‪ .‬فعىل سبيل المثال ‪ :‬كانت‬ ‫ترص بالناحية الجسمية رصرا ر‬ ‫أعمال وممارسات قد‬
‫الصي‪ ،‬أن تثت أصابع الطفلة ر‬
‫األنت‪ ،‬وتطوى‬ ‫ّ‬
‫المرفهة يف‬ ‫العادات لدى بعض الطبقات‬
‫ر‬
‫تمىس مشية خاصة‪.‬‬‫ر‬ ‫ّ‬
‫تحت القدم‪ ،‬وتلبس حذاء سساعد يف إيقاف نمو قدمها ويجعلها‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫التشوه الذي يحصل للقدم‪ ،‬فقد كانت تلك المشية باإلضافة إل صغر‬ ‫فعىل الرغم من‬
‫القدم‪ ،‬من أهم دالئل الجمال ‪.‬‬

‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬


‫تأثثا‬
‫‪ -0‬الناحية العقلية ‪ :‬ال شك يف أن الثقافة بأبعادها المادية والمعنوية‪ ،‬تؤثر ر‬
‫للشخصية‪ ،‬وال ّ‬
‫ّ‬ ‫ا‬
‫المعرف ‪ /‬الفكري‪ .‬فالفرد‬
‫ي‬ ‫سيما من الجانب‬ ‫فاعال يف الناحية العقلية‬
‫الذي يعيش يف جماعة (مجتمع) تسود ثقافتها العقائد الدينية أو األفكار السحرية‪ ،‬تنشأ‬
‫ّ‬
‫غث‬
‫الصيت‪ ،‬ر‬
‫ي‬ ‫الت تسود يف المجتمع الهندي أو‬ ‫عقليته وأفكاره متأثرة بذلك‪ .‬فالمعتقدات ي‬
‫ّ‬
‫الطبيىع أن‬
‫ي‬ ‫وبالتال فننه من‬
‫ي‬ ‫العرن‪،‬‬
‫ري‬ ‫األمريك أو‬
‫ي‬ ‫الت تسود يف المجتمع‬
‫تلك المعتقدات ي‬

‫‪- 001 -‬‬


‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com110‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫ّ‬
‫المتحرص‪ ،‬بثقافة مجتمعه‪ ،‬وال ّ‬ ‫ّ‬
‫سيما‬ ‫البدان‪ ،‬أو يف المجتمع‬
‫ي‬ ‫يتأثر الفرد سواء يف المجتمع‬
‫االجتماع وتأييده‬ ‫أهم وظائف األشة‪ ،‬مساندة الثكيب‬‫عن طريق األشة‪ ،‬باعتبار ّأن من ّ‬
‫ي‬
‫‪.‬‬

‫االنفعال‪ ،‬ما لدى الشخص من‬ ‫ّ‬


‫يتضمن الجانب‬ ‫‪ -2‬الناحية االنفعالية ‪:‬‬
‫ي‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫والت يزود بها منذ تكوينه وطفولته‪.‬‬ ‫ي‬ ‫‪،‬‬‫نسبيا‬ ‫الثابتة‬ ‫الغريزية‬ ‫االستعدادات والدوافع‬
‫ً‬ ‫ا‬ ‫ّ‬
‫بالنواج‬
‫ي‬ ‫الكيميان والغددي والدموي‪ ،‬وتتصل اتصاال وثيقا‬ ‫ي‬ ‫وتعتمد عىل التكوين‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ر‬ ‫ّ‬
‫كبثا يف تربية‬ ‫الفثيولوجية والعصبية‪ .‬وتؤكد الدراسات األنثوبولوجية‪ ،‬أن للثقافة دورا ر‬‫ر‬
‫ً‬
‫فكثثا ما نجد‬ ‫ر‬ ‫مزا الشخص وتهذيب انفعاالته‪ ،‬وإن لم يكن لها الدور الحاسم يف ذلك‪.‬‬
‫البيولوج‪ ،‬عوامل (استعدادات) تثث لديه الغضب‪ّ ،‬‬ ‫ً‬
‫لكن‬ ‫ر‬ ‫ر ي‬ ‫شخصا قد ورث يف تكوينه‬
‫ّ‬
‫التنشئة االجتماعية ‪ /‬الثقافية‪ ،‬ونبذ المجتمع لتلك الصفة‪ ،‬يجعله يعدل من سلوكه‪.‬‬

‫ُ ُ‬
‫الناحيتي العقلية واالنفعالية‪ ،‬باعتبارهما المواد‬
‫ر‬ ‫‪ -1‬الناحية الخلقية ‪ :‬تستند إل‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ه‬‫الت تبت عليها الصفات الخلقية‪ .‬ولذا فنن األخداق السائدة يف المجتمع‪ ،‬ي‬ ‫الخام ي‬
‫ّ‬
‫نواج‬
‫ي‬ ‫الحصيلة الناتجة من تفاعل القوى العقلية واالنفعالية‪ ،‬مع عوامل البيئة‪ .‬أي أن ال‬
‫ً‬ ‫األخداقية ر‬
‫االجتماع والثقافة المهيمنة عىل‬
‫ي‬ ‫أكث قربا إل العوامل البيئية‪ ،‬والوسط‬
‫ّ ً‬ ‫ّ‬
‫بالمعايث األخداقية‬
‫ر‬ ‫أخداف خاص ينساق فيه الفرد‪ ،‬متأثرا‬ ‫ي‬ ‫فلكل ثقافة نسق‬ ‫الشخص‪.‬‬
‫ر‬
‫الخث والش‪ ،‬والصواب والخطأ‪ ،‬وما يجوز وما ال يجوز‪ ،‬وإن كانت‬ ‫ر‬ ‫السائدة من ناحية‬
‫نسبية تختلف يف معانيها ودالالتها من مجتمع إل مجتمع آخر‪ .‬ولذلك‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫المعايث‬
‫ر‬ ‫هذه‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫نست ‪ ..‬والسلوك الشاذ يف ثقافة ما‪ ،‬قد يكون سلوكا عاديا‬
‫ري‬ ‫أمر‬ ‫‪،‬‬‫المعايث‬
‫ر‬ ‫تلك‬ ‫عن‬ ‫فالجنوح‬
‫ّ‬ ‫ا‬
‫لمعايث وقيم ثقافة أخرى‪ .‬فالشقة مثال ‪ :‬تعد من الجرائم يف المجتمعات‬ ‫ر‬ ‫بالنسبة‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫كثث من الشعوب البدائية والقديمة‪ ،‬حت أنها كانت‬ ‫الحديثة‪ ،‬ولكنها كانت مباحة عند ر‬
‫ً‬
‫الساعان‪ ،4792 ،‬ص ‪)049-042‬‬
‫ي‬ ‫نوعا من أنواع البطولة‪( .‬‬

‫‪- 111 -‬‬

‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com111‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫ّ‬ ‫األنثوبولوجيون النفسيون عىل حدوث ّ‬ ‫ر‬ ‫ّ‬


‫الشخصية العامة‬ ‫تغثات يف‬ ‫ر‬ ‫ويتفق‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫متنوعة‬ ‫لتأثث عوامل‬
‫التغثات تختلف تبعا ر‬ ‫ر‬ ‫عث الزمان‪ ،‬ولكن معدالت تلك‬ ‫للمجتمع ر‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫تغث شخصية‬ ‫الثقاف ‪ ..‬ويتجه الرأي العام إل التعميم‪ ،‬بأن ر‬
‫ي‬ ‫التغيث‬
‫ر‬ ‫ومتشابكة‪ ،‬ومن أهمها‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫عث األجيال‪.‬‬‫ر‬ ‫ضح‬ ‫يت‬ ‫ما‬ ‫وهذا‬ ‫‪،‬‬ ‫الثقاف‬
‫ي‬ ‫التعيث‬
‫ر‬ ‫ل‬ ‫معد‬ ‫من‬ ‫أبطأ‬ ‫سسث بمعدل‬
‫المجتمع ر‬

‫الت رتثز‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬


‫فاختداف شخصيات األبناء عن شخصيات اآلباء‪ ،‬من الظواهر النفسية ي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الثقاف‪ .‬ولذلك ترى ‪/‬‬
‫ي‬ ‫التغث‬
‫ر‬ ‫تمث بوضوح عملية‬ ‫والت ر‬
‫بوضوح يف المجتمعات المتمدنة‪ ،‬ي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫مارغريت ميد ‪ /‬عالمة االجتماع األمريكية‪ ،‬أن كل عضو (فرد) يف كل جيل سسهم – من‬
‫وبالتال سسهم أعضاء‬
‫ي‬ ‫الطفولة وحت الشيخوخة – يف إعادة رشح األشكال الثقافية‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الت تصطدم‬ ‫التغثات الثقافية ي‬
‫ر‬ ‫الثقاف‪ .‬ولكن يجب مداحظة أن‬
‫ي‬ ‫التغث‬
‫ر‬ ‫عملية‬ ‫المجتمع يف‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫التأثث‬
‫ر‬ ‫بالشخصية العامة للمجتمع‪ ،‬يكون مآلها الفشل يف أغلب األحيان‪ .‬وهكذا‪ ،‬فنن‬
‫تغث يف أحدهما أو يف بعضهما‬ ‫والشخصية‪ ،‬وذلك بالنظر لحدوث ّ‬
‫ّ‬ ‫متبادل ربي الثقافة‬
‫ر‬
‫ً‬
‫وصق‪ ،4795 ،‬ص ‪) 425‬‬ ‫ي‬ ‫معا‪( .‬‬

‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫وإذا كان ّ‬


‫الشخصية والثقافة‪ ،‬فنن ذلك يعود إل الفرق يف األسس‬ ‫ثمة فرق ما ربي‬
‫العصت‪ ،‬ودورة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الت تقوم عليها كل منهما‪ .‬فالشخصية تعتمد عىل دماغ الفرد وجهازه‬
‫ري‬ ‫ي‬
‫ّ‬
‫اإلنسان‪ّ .‬أما الثقافة‪ ،‬فتستند إل‬
‫ي‬ ‫الجسم‬ ‫حياة‬ ‫دورة‬ ‫مظاهر‬ ‫من‬ ‫مظهر‬ ‫إال‬ ‫ه‬‫ي‬ ‫ما‬ ‫حياتها‬
‫ّ‬
‫مجموع أدمغة األفراد الذين يؤلفون المجتمع ‪..‬‬

‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬


‫تتطور هذه األدمغة ّ‬
‫وتستقر ّثم تموت‪ ،‬تتقدم دوما أدمغة جديدة‬
‫ّ‬ ‫كل بمفرده‬ ‫وبينما‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الت طمستها قوى‬‫ي‬ ‫والثقافات‬ ‫المجتمعات‬ ‫من‬ ‫ة‬‫كثث‬‫ر‬ ‫حاالت‬ ‫توجد‬ ‫ه‬‫أن‬ ‫ومع‬ ‫‪.‬‬‫ها‬ ‫لتحل محل‬
‫ّ‬ ‫ّ ّ‬
‫خارجة عنها‪ ،‬إال أنه من الصعب أن نتصور أن المجتمع أو ثقافته‪ ،‬يمكن أن يموت بسبب‬
‫الشيخوخة‪( .‬لينتون‪ ،4751 ،‬ص ‪) 299‬‬

‫‪- 002 -‬‬


‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com112‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫ّ‬
‫االجتماع السائد‪ ،‬ويتجىل ذلك‬
‫ي‬ ‫فتأثث الثقافة قوي وفاعل يف الحفاظ عىل النسق‬‫ر‬
‫ّ‬
‫عفيق‪ ،4790 ،‬ص ‪)414‬‬
‫ي‬ ‫فيما تقدمه إل إفراد المجتمع يف الجوانب التالية ‪( :‬‬

‫ّ‬
‫ينبىع أن يكون‬
‫ي‬ ‫الت‬
‫والتفكث والمشاعر‪ ،‬ي‬
‫ر‬ ‫‪ -4‬توفر الثقافة للفرد‪ ،‬صور السلوك‬
‫ّ‬ ‫عليها‪ ،‬وال ّ‬
‫سيما يف مراحله األول‪ ،‬بحيث ينشأ عىل قيم وعادات تؤثر يف حياته‪ ،‬بحسب‬
‫الت عاش فيها ‪.‬‬
‫طبيعة ثقافته ي‬
‫ّ‬
‫تفسثات جاهزة عن الطبيعة والكون وأصل اإلنسان‬
‫ر‬ ‫‪ -0‬توفر الثقافة لألفراد‪،‬‬
‫ودورة الحياة ‪.‬‬

‫ّ‬
‫توفر الثقافة للفرد المعان والمعايث الت سستطيع أن ّ‬
‫يمث – يف ضوئها‪ -‬ما هو‬
‫ر‬ ‫ي‬ ‫ر‬ ‫ي‬ ‫‪-2‬‬
‫صحيح من األمور‪ ،‬وما هو خاىطء‪.‬‬

‫الضمث – فيما بعد‪-‬‬


‫ر‬ ‫الضمث ّ‬
‫الح عند األفراد‪ ،‬بحيث يصبح هذا‬ ‫ر‬ ‫‪ّ -1‬‬
‫تنم الثقافة‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫الرقيب القوي عىل سلوكاتهم ومواقفهم ‪.‬‬

‫ً‬ ‫‪ّ -5‬‬


‫تنم الثقافة المشثكة يف الفرد‪ ،‬شعورا باالنتماء والوالء‪ ،‬فثبطه باآلخرين يف‬
‫ي‬
‫وتمثهم من الجماعات األخرى ‪.‬‬‫جماعته بشعور واحد‪ّ ،‬‬
‫ر‬

‫ً‬
‫وأخثا‪ ،‬تكسب الثقافة الفرد‪ ،‬االتجاهات السليمة لسلوكه العام‪ ،‬يف إطار‬
‫ر‬ ‫‪-5‬‬
‫السلوك المعثف به من قبل الجماعة‪.‬‬

‫ّ‬ ‫ّ‬
‫إن ردود فعل الفرد تجاه النظام‪ ،‬هو الذي يؤدي إل نموذ السلوك الذي ندعوه "‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الشخصية "‪ .‬وتصنف النظم يف أنظمة أولية ونظم ثانوية‪ .‬فالنظم األولية ‪ :‬تنشأ عن‬
‫ّ‬ ‫ر‬
‫الت يمكن أن يتحكم فيها الفرد‪( ،‬كالغذاء والعادات الجنسية‪ ،‬وأنظمة التعليم‬
‫الشوط ي‬

‫‪- 113 -‬‬

‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com113‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫ّ‬
‫المختلفة )‪ّ .‬أما النظم الثانوية ‪ :‬فتنشأ من إشباع الحاجات وانخفاض التوتر الناجم عن‬
‫النظم األولية‪ .‬مثال ذلك ‪ :‬اعتقاد بعض الشعوب بآلهة‪ ،‬تطمي القلق الناجم عن حاجة‬
‫ّ‬
‫إن ما ّ‬
‫يمث هذا الرأي عما سبقه‪ ،‬هو صفته‬‫ر‬ ‫تأمي موارد غذائية دائمة‪.‬‬
‫هذه الشعوب إل ر‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الشخصية األساسية ينتج عن تحليل النظم االجتماعية‪ ،‬وتحليل‬ ‫الديناميكية‪ ،‬ألن بنيان‬
‫أثرها عىل األفراد يف ثقافة بعد أخرى‪( .‬هرسكوفيث‪ ،4791 ،‬ص‪)54‬‬

‫ّ‬
‫ولذلك يداحظ أنه عندما تختلف الثقافة يتبعها اختداف يف أنماط السلوك‪ .‬فننسان‬
‫ً‬
‫العرص الحجري القديم يختلف عن إنسان العرص الحجري الجديد‪ ،‬ويختلف أيضا عن‬
‫الثونزي والعرص الحديدي‪ .‬فاإلنسان الذي سستخدم األدوات البدائية‬
‫إنسان العرص ر‬
‫والحشات والطيور‪ ،‬ويخاف من‬‫ر‬ ‫كاألحجار والعظام والخشب‪ ،‬ويأكل البذور والجذور‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫النار‪ ،‬ال يتوافق ثقافيا مع اإلنسان الذي سستخدم الكهرباء أو يتحكم باآلالت عن بعد‪،‬‬
‫ّ‬
‫وغث ذلك‪ .‬وحت يف‬ ‫ويأكل الطعام من المطبخ ويتفي يف صنع األنواع المختلفة منه‪ ،‬ر‬
‫ّ‬
‫هذا العرص‪ ،‬فاإلنسان الذي يعيش يف دولة متحرصة وتختلف ثقافته عن ثقافة اإلنسان‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫فنن سلوك ّ‬‫ّ‬
‫الثان‪ ،‬تبعا‬
‫ي‬ ‫األول – وال شك – يختلف عن سلوك‬ ‫الذي يعيش يف دولة نامية‪،‬‬
‫ّ‬
‫تزودت به شخصيته‪( .‬غالب‪ ،4774 ،‬ص ‪) 422‬‬ ‫للزاد الثقاف الذي ّ‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫استغلها العلماء ر‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫األنثوبولوجيون األوائل‬ ‫الت‬
‫التخىل عن الفرضية التطورية ي‬
‫ي‬ ‫وقد أدى‬
‫ّ‬ ‫‪،‬فيما بعد‪ ،‬إل تسهيل الدمج بي األسلوبي ‪ :‬ر‬
‫ر ي‬
‫والسيكولوج‪ ..،‬والواقع أن‬ ‫ر ي‬
‫وبولوج‬ ‫األنث‬ ‫ر‬ ‫ر‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫التطورية تداشت‪ ،‬وحل محلها مفهوم الثقافات بوصفها وحدات وظيفية‬ ‫الفرضية (النظرية)‬
‫ّ‬
‫متكاملة‪ ،‬كما ظهر االتجاه إل دراسة المجتمعات البدائية باعتبارها كيانات قائمة بذاتها‪ ،‬وهذا‬
‫مالينوفسك ‪ /‬الرائد األول لهذه الحركة‪( .‬لينتون‪ ،4759 ،‬ص ‪)479‬‬
‫ي‬ ‫ما دعا إليه ‪/‬‬

‫ّ‬
‫تضق عىل حياة الفرد قيمة ومعت‪ ،‬وتكسب وجوده‬
‫ي‬ ‫وهكذا يمكن القول ‪ :‬إن الثقافة‬

‫‪- 004 -‬‬


‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com114‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫تمد األفراد بالقيم واآلمال واألهداف الت ّ‬‫ّ‬ ‫ً‬


‫توحد مشاعرهم‬ ‫ي‬ ‫بالتال‬
‫ي‬ ‫وه‬
‫غرضا لـه أهميته‪ .‬ي‬
‫ّ‬
‫يعت – بأي حال من‬
‫غث أن تشكيل الثقافة للفرد عىل هذا النحو‪ ،‬ال ي‬ ‫وأساليب حياتهم‪ .‬ر‬
‫ّ‬
‫األحوال – إلغاء فرديته‪ ،‬إذ بواسطة الثقافة تنمو إمكانياته وتتحرر قواه‪ ،‬ويكتسب قدراته‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫الواع‪( .‬حسن‪ ،4799 ،‬ص‬ ‫ي‬ ‫والتميث‬
‫ر‬ ‫بالتال قادرا عىل االختيار الصحيح‬
‫ي‬ ‫المتعددة‪ ،‬ويصبح‬
‫ّ‬
‫‪ )7‬هذا مع األخذ يف الحسبان الفروق الفردية ربي األشخاص‪ ،‬من حيث تأثرهم بالثقافة أو‬
‫تأثثهم فيها ‪.‬‬
‫ر‬

‫ر‬ ‫ا‬
‫األنثوبولوجيا‪ ،‬سستطيع دراسة‬ ‫لقد ناقش العلماء طويال فيما إذا كان عالم‬
‫النفىس‪ .‬ولم‬ ‫ّ‬
‫الشخصية يف المجتمعات البدائية‪ ،‬دون أن يخضع – هو نفسه‪ -‬للتحليل‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫يهتم بالدراسة‬ ‫النفىس الذي‬ ‫يدر حديث طويل ّ‬
‫عما إذا كان يجب عىل عالم التحليل‬
‫ي‬
‫ر‬ ‫ّ‬
‫الت‬
‫خثة مباشة بالمجتمعات ي‬ ‫المقارنة للثقافات‪ ،‬أن يحصل عىل معلومات مستمدة من ر‬
‫ً‬
‫تختلف عن مجتمعه اختدافا اتاما‪ ،‬يف الجزاء واألهداف وأنظمة الحوافز والضبط‬
‫االجتماع ‪.‬‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫النفىس‪ ،‬الذين أبدو اهتمامهم بهذه المشكدات‪،‬‬
‫ي‬ ‫فالواقع أن القليل من علماء التحليل‬
‫ً‬
‫أجروا بأنفسهم أبحاثا ميدانية الختبار نظرياتهم ربي جماعات‪ ،‬تقع خار نطاق الثقافات ‪/‬‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫التقليديي‪ ،‬الذين‬
‫ر‬ ‫األورو‪ -‬أمريكية ‪ ./‬وهذا ينطبق أيضا– وإل حد ما‪ -‬عىل علماء النفس‬
‫يتناولون بالبحث سيكولوجية الثقافة‪ ،‬وعىل العلماء الذين سستخدمون طرائق ومفاهيم‬
‫المدرسة التحليلية ‪ (.‬هرسكوفيث‪ ،4791 ،‬ص ‪)59‬‬

‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬


‫الشخصية األساسية تختلف باختداف‬ ‫مجرد اإلقرار بأن تركيبات‬ ‫غث أن‬‫ر‬
‫ّ ً‬
‫ما ر‬ ‫ّ‬
‫ير‬
‫السيكولوج ‪.‬وال يكتسب هذا‬ ‫الثقاف‬
‫ي‬ ‫النمط‬ ‫مفهوم‬ ‫من‬ ‫أكث‬ ‫تقد‬ ‫ق‬ ‫يحق‬ ‫ال‬ ‫المجتمعات‪،‬‬
‫ّ‬ ‫تقض طريق ّ‬ ‫ّ ّ‬
‫إال إذا أمكننا ّ‬ ‫ّ‬
‫الشخصية األساسية‪ ،‬وإرجاعها إل‬ ‫تكون‬ ‫ي‬ ‫أهمية علمية‬ ‫اإلقرار‬

‫‪- 115 -‬‬

‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com115‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫ّ‬
‫التوصل إل تعميمات ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫هامة بشأن العداقة‬ ‫التعرف إليها ‪ ..،‬وإذا أمكننا أيضا‬ ‫أسباب يمكن‬
‫ّ‬
‫وبي اإلمكانات الفردية الخاصة يف مجاالت‬ ‫ّ‬ ‫بي ّ‬
‫األساش للشخصية‪ ،‬ر‬‫ي‬ ‫تكون الثكيب‬ ‫ر‬
‫التكيف‪( .‬لينتون‪ ،4759 ،‬ص ‪)022‬‬ ‫ّ‬

‫ا‬ ‫ّ‬
‫خط ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫تطوري يكاد يكون مماثال‬ ‫الشخصية‪ ،‬سارت يف‬ ‫ومما يداحظ أن سيكولوجية‬
‫تأثث العلوم الطبيعية‪،‬‬ ‫ّ‬
‫لخط تطور األثنولوجيا‪ .‬فقد وقع هذا الفرع يف بادىء األمر‪ ،‬تحت ر‬
‫ّ‬
‫تفسث أوجه التشابه والفروق الفردية عىل أسس نفسية‪.‬‬
‫ر‬ ‫فحرص اهتمامه يف الفرد‪ ،‬وحاول‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ومع أن علماء النفس شعان ما أدركوا أهمية البيئة يف تشكيل الشخصية‪ ،‬فنن فائدتها‬
‫تفسث الفروق الفردية‪.‬‬
‫ر‬ ‫اقترصت – يف البداية‪ -‬عىل استخدامها يف‬

‫ّ‬
‫لقد اعتمد الباحثون النفسيون – يف الواقع‪ -‬عىل نتائج مداحظاتهم المحدودة‪ ،‬كما لو أنها‬
‫بصحتها‪ ،‬فافثضوا وجود غرائز عامة ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫متنوعة لتعليل ما الحظوه من ظاهرات ‪..‬‬ ‫قضايا مسلم‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الشخصية تختلف باختداف المجتمعات والثقافات‪ ،‬فكان‬ ‫ّ‬ ‫معايث‬
‫ر‬ ‫ّثم ر‬
‫تبي لهؤالء العلماء أن‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫اضطرتهم إل اتخاذ خطوات جذرية إلعادة تنظيم مفهوماتهم‪.‬‬ ‫هذا االكتشاف بمثلة صدمة‬
‫(لينتون‪ ،4759 ،‬ص ‪)22‬‬

‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬


‫الشخصية ليست يف واقع الحال‪ ،‬إال نتاجا للعوامل‬ ‫ولذلك‪ ،‬فننه عىل الرغم من أن‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫تبت‬
‫الثقافية يف المقام األول‪ ،‬فنن الفرد يثع – من خدال تجربته الثقافية – إل ي‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ولكن نجاح ذلك ال يتحقق بالكامل أبدا‪،‬‬ ‫الت ترغب فيها جماعته‪.‬‬
‫الشخصية النموذجية ي‬
‫أكث مرونة من غثهم‪ ،‬وبعضهم اآلخر يقاوم عملية التثقيف ر‬ ‫ألن بعض األشخاص ر‬ ‫ّ‬
‫أكث‬ ‫ر‬
‫غثه ‪.‬‬
‫من ر‬

‫الثقاف‪.‬‬ ‫وبي وسطه‬ ‫وهنا يمكن أن ّ‬


‫ي‬ ‫نمث ربي ثداث طرائق يف بحث التفاعل ربي الفرد ر‬
‫ر‬

‫‪- 006 -‬‬


‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com116‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫الت تسىع إل تحديد األنماط‬


‫ه طريقة "األشكال الثقافية "‪ ،‬ي‬
‫الطريقة األوىل ‪ :‬ي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫والت تحبذ نمو بعض نماذ الشخصية ‪.‬‬‫السائدة يف الثقافات‪ ،‬ي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الت تؤكد ردود فعل الفرد‬
‫ه طريقة " الشخصية النموذجية " ي‬
‫الطريقة الثانية ‪ :‬ي‬
‫وه طريقة أثنولوجية يف أساسها‪ ،‬ألن المرجع فيها‬‫الثقاف الذي ولد فيه‪ .‬ي‬
‫ي‬ ‫تجاه الوسط‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫الت ينمو بداخلها بنيان‬
‫ي‬ ‫األطر‬ ‫ل‬‫تشك‬ ‫الت‬
‫ي‬ ‫الثقافية‪،‬‬ ‫واألنماط‬ ‫االجتماعية‪،‬‬ ‫النظم‬ ‫دائما هو‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫فه تركز اهتمامها عىل الفرد‪ ،‬معتمدة عىل تطبيق‬ ‫الشخصية السائد لدى الجماعة‪ .‬ي‬
‫ّ‬
‫النفىس عىل الدراسة المقارنة لمشكدات أوسع‪ ،‬تتمثل يف مشكدات التداؤم‬ ‫ي‬ ‫التحليل‬
‫االجتماع‪.‬‬
‫ي‬

‫الت تستخدم طرائق اإلسقاط‬ ‫ه " طريقة اإلسقاط ‪ "Projection‬ي‬ ‫الطريقة الثالثة ‪ :‬ي‬
‫الحث‪ ،‬وذلك لتحديد نطاق‬ ‫ّ‬
‫المختلفة يف التحليل‪ ،‬وال سيما مجموعة ‪ /‬رورشاخ ‪ /‬من بقع ر‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وف هذه الطريقة يتمثل كل من الفرد والثقافة‪ .‬وال شك يف‬
‫معي‪ .‬ي‬
‫الشخصية يف مجتمع ر‬ ‫بنيان‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫أن استخدام اختبار موحد ترجع إليه النتائج كلها‪ ،‬يزود بأداة منهجية لمعرفة بيان شخصية‬
‫أفراد جماعة ما‪ ،‬يف ضوء تثقيفهم عىل النظم االجتماعية والقيم يف ثقافتهم‪( .‬هرسكوفيث‪،‬‬
‫‪ ،4791‬ص ‪)19-19‬‬

‫ّ‬
‫فالثقافة ال تؤثر يف أفراد المجتمع جميعهم‪ ،‬بطريقة واحدة‪ ،‬ولهذا يمكن أن يقسم‬
‫أساسيتي ‪:‬‬
‫ر‬ ‫فئتي‬
‫تأثث الثقافة يف الفرد إل ر‬
‫ر‬

‫الت تحدثها الثقافة يف الشخصيات‬


‫التأثثات ي‬
‫ر‬ ‫وه‬
‫التأثثات العامة ‪ :‬ي‬
‫ّ‬ ‫أولهما –‬
‫ينتم إل هذه الثقافة ‪.‬‬ ‫الذي‬ ‫المجتمع‬ ‫أعضاء‬ ‫جميع‬ ‫ّ‬
‫المتطورة‪ ،‬من‬
‫ي‬

‫الت تحدثها الثقافة يف أشخاص‪،‬‬


‫التأثثات ي‬
‫ر‬ ‫وه‬
‫التأثثات الخاصة ‪ :‬ي‬
‫وثانيهما‪ّ -‬‬

‫‪- 117 -‬‬

‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com117‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫ينتمون إل جماعات أو قطاعات‪ ،‬أو فئات ّ‬


‫معينة من األفراد‪ ،‬يعثف المجتمع بوجودها‪.‬‬
‫(نارص‪ ،4795 ،‬ص ‪)97‬‬

‫ّ‬
‫يكق ألن‬
‫متشابهي إل حد ي‬
‫ر‬ ‫وعىل الرغم من ذلك‪ ،‬يصبح الجميع – بوجه اإلجمال –‬
‫ّ‬
‫يجد المرء – إذا ما طاف حول العالم – أن الناس يختلفون بعضهم عن بعض‪ ،‬من‬
‫ً‬
‫مجتمع إل آخر‪ ،‬تبعا الختداف الثقافات الواحدة عن األخرى‪ .‬ولكن بينما سسىع األفراد‬
‫إل نيل الموافقة والحصول عىل الطمأنينة‪ ،‬ويحاولون االمتثال ألنماط السلوك الت ّ‬
‫تقرها‬ ‫ي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الت ينشدونها وطرق‬ ‫الجماعة أو التفوق عىل أقرانهم‪ ،‬فنن ثقافتهم تحدد لهم األهداف ي‬
‫‪Psychology of‬‬ ‫الوصول إليها‪ .‬وهذا هو موضع اهتمام (سيكولوجية الثقافة‬
‫‪ ،Culture‬أو السيكو أثنوغرافيا ‪ ،Psychoethnography‬وهو دراسة الفرد من خدال‬
‫ّ‬
‫التثقيق الذي يؤدي إل تداؤمه مع قواعد السلوك القائمة يف مجتمعه عندما‬
‫ي‬ ‫السياق‬
‫ً‬
‫يصبح عضوا فيه‪( .‬هرسكو فيث‪ ،4791 ،‬ص ‪27‬و‪ )14‬وهنا يكمن جوهر إحدى‬
‫ّ‬
‫التثقيق يف‬
‫ي‬ ‫تأثث السياق‬
‫المشكدات األساسية يف دراسة الثقافة‪ ،‬والمتمثلة يف معرفة ر‬
‫والنفىس‪.‬‬ ‫ّ‬
‫وتطورها العضوي والفكري‬ ‫المجتمع‪ ،‬عىل نمو الشخصيات الفردية‬
‫ي‬

‫ّ‬ ‫ّ‬
‫نفسية‪ ،‬تعيش يف عقول األفراد‪ ،‬وال‬ ‫وبما أن الثقافة – يف جوهرها – ظاهرة اجتماعية‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫الشخصيات الفردية يف اإلبقاء عىل الثقافة‬ ‫تعبثا عن نفسها إال عن طريقهم‪ ،‬فنن دور‬‫تجد ر‬
‫ّ‬ ‫ًّ‬ ‫ّ‬
‫الت تتمكن بها أية ثقافة من البقاء عىل قيد الحياة‪ ،‬حت‬
‫يتضح بصورة جلية جدا‪ ،‬يف الطريقة ي‬
‫التعبث عنها يف سلوك ر ي‬
‫خارج ظاهري‪ ،‬وحت بعد زوال المجتمع الذي كان يحمل‬ ‫ر‬ ‫بعد انقطاع‬
‫هذه الثقافة يف األصل‪ .‬ولذلك‪ ،‬سستطيع عالم األثنولوجيا أن سستعيد العنارص األساسية‬
‫بق عىل قيد الحياة‪ .‬كما سستطيع أن‬
‫لثقافة مجتمع منقرض‪ ،‬من آخر رجل من هذا المجتمع ي‬
‫سستعيد المهارات الخاصة الت سبق أن ّ‬
‫تدرب عليها هذا الرجل‪( .‬لينتون‪ ،4751 ،‬ص ‪) 291‬‬ ‫ي‬

‫‪- 008 -‬‬


‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com118‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫ّ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫فه‬‫وتأسيسا عىل ما تقدم‪ ،‬نجد أن ثمة عداقة وثيقة وتفاعلية ربي الثقافة وأبنائها‪ ،‬ي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الت ّ‬
‫يترصفون بطريقة منسجمة‬ ‫توجههم يف جوانب حياتهم المختلفة‪ ،‬لدرجة أنهم‬ ‫ي‬
‫ّ‬
‫وآلية‪ ،‬يف معظم األحيان‪ .‬واألفراد يف المقابل‪ ،‬يؤثرون يف هذه الثقافة ويسهمون يف‬
‫ّ‬
‫والفنية والعلمية‪ .‬ولذلك‪ ،‬نرى‬ ‫تطويرها وإغنائها‪ ،‬من خدال نتاجاتهم وإبداعاتهم الفكرية‬
‫ّ‬
‫للتعرف إل السمات‬ ‫ر‬
‫واألنثوبولوجية‪ ،‬بدراسة الثقافة‬ ‫اهتمام علماء الثبية واالجتماع‬
‫بالتال إل‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫العامة للفرد أو الجماعة (المجتمع) يف إطار مكونات هذه الثقافة‪ ،‬والتعرف‬
‫ي‬
‫والتميث فيما بينها ‪.‬‬
‫ر‬ ‫وتفسثها‬
‫ر‬ ‫أنماط الحياة االجتماعية للناس‪،‬‬

‫مصادر الفصل ومراجعه‬

‫النهضة‪،‬بثوت ‪.‬‬
‫ر‬ ‫ّ‬
‫والشخصية‪ ،‬دار‬ ‫‪،‬سام حسن (‪ )4792‬الثقافة‬ ‫الساعان‬ ‫‪-‬‬
‫ي‬ ‫ي‬

‫اإلنسان‪ ،‬ترجمة ‪ :‬عبد القادر يوسف‪،‬‬


‫ي‬ ‫‪ -‬سكيث‪ ،‬ب‪ .‬ف (‪ )4792‬تكنولوجيا السلوك‬
‫عالم المعرفة (‪ )20‬الكويت ‪.‬‬

‫‪- 119 -‬‬

‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com119‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫اللبنان‪ ،‬ربثوت‪.‬‬
‫ي‬ ‫الفلسق‪ ،‬دار الكتاب‬
‫ي‬ ‫‪ -‬صليبا‪ ،‬جميل (‪ )4794‬المعجم‬

‫عفيق‪ ،‬دمحم الهادي (‪ )4790‬يف أصول الثبية‪ ،‬مكتبة األنجلو المرصية‪ ،‬القاهرة ‪.‬‬
‫ي‬ ‫‪-‬‬

‫‪ -‬غالب‪ ،‬مصطق (‪ )4774‬السلوك‪ ،‬دار الهدال‪ ،‬ربثوت ‪.‬‬

‫الجامىع‬ ‫‪ -‬الغامري‪ ،‬دمحم حسن (‪ )4797‬المدخل الثقاف ف دراسة الشخ ّ‬


‫صية‪ ،‬المكتب‬
‫ي‬ ‫ي ي‬
‫الحديث‪ ،‬االسكندرية ‪.‬‬

‫‪ -‬كلوكهون‪ ،‬كدايد (‪ )4751‬اإلنسان يف المرآة‪ ،‬ترجمة ‪ :‬شاكر سليم‪ ،‬بغداد‬

‫‪ -‬لينتون‪ ،‬رالف (‪ )4751‬دراسة اإلنسان‪ ،‬ترجمة ‪ :‬عبد الملك الناشف‪ ،‬المكتبة‬


‫العرصية‪ ،‬ربثوت ‪.‬‬

‫‪ -‬لينتون‪ ،‬رالف (‪ )4759‬ر‬


‫األنثوبولوجيا وأزمة العالم الحديث‪ ،‬ترجمة ‪ :‬عبد الملك‬
‫الناشف‪ ،‬المكتبة العرصية‪ ،‬ربثوت ‪.‬‬

‫ّ‬
‫الشخصية‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة ‪.‬‬ ‫‪ -‬دمحم غنيم‪ّ ،‬‬
‫سيد (‪ )4779‬سيكولوجية‬

‫ّ‬
‫‪ -‬مجموعة من الكتاب (‪ )4779‬نظرية الثقافة‪ ،‬ترجمة ‪ :‬ي‬
‫عىل الصاوي‪ ،‬عالم المعرفة‬
‫(‪ ،)002‬الكويت ‪.‬‬

‫ر‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬


‫والنش‪،‬‬ ‫المؤسسة الجامعية للدراسات‬ ‫الشخصية‪،‬‬ ‫‪ -‬المرصي‪ ،‬ي‬
‫عىل (‪ )4772‬نظرية‬
‫ربثوت‪.‬‬

‫العال‪ ،‬دمشق‪.‬‬
‫ي‬ ‫‪ -‬ميداد‪ ،‬محمود (‪ )4779‬علم نفس االجتماع‪ ،‬وزارة التعليم‬

‫‪ -‬نارص‪ ،‬ابراهيم (‪ )4795‬ر‬


‫األنثوبولوجيا الثقافية – علم اإلنسان الثقاف‪ّ ،‬‬
‫عمان –‬ ‫ي‬

‫‪- 021 -‬‬


‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com120‬‬
www.facebook.com/tanweerlibrary

. ‫األردن‬

‫) أسس ر‬4291(
،‫ رباح النفاخ‬: ‫ ترجمة‬،‫األنثوبولوجيا الثقافية‬ .‫ ميلفيل‬،‫ هرسكوفيث‬-
. ‫ دمشق‬،‫وزارة الثقافة‬

ّ
. ‫ دار المعارف بمرص‬،‫والشخصية‬ ‫) الثقافة‬4795( ‫ عاطف‬،‫وصق‬ -
‫ي‬

- Barnuow , V. (1972) Cultural Anthropology, Homewood Illiois ,


Irwen Inc .

- Morin , Edgar (1969) De La Culture - Analyse a La politique


Culturelle, Communication, No: 14 , Paris .

- Spradley, James (1973) Culture and Cognation, Chandle Publishing


Company, san Francisco .

- Sapir, Edward (1967) Anthropologies , Minuit, Col, Points, Paris .

- 111 -

https://attanweerlibrary.blogspot.com121
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫الفصل الرابع‬

‫ر‬
‫األنثوبولوجية الثقافية‬

‫‪Cultural Anthropology‬‬

‫ا‬
‫أول‪ -‬مفهوم ر‬
‫األنثوبولوجيا الثقافية‬

‫ثانيا‪-‬نشأة ر‬
‫األنثوبولوجيا الثقافية ومراحل ّ‬
‫تطوراها‬

‫ثالثا‪-‬أقسام ر‬
‫األنثوبولوجيا الثقافية‬

‫‪ -4‬علم اللغويات‬

‫‪ -0‬علم اآلثار‬

‫‪ -2‬علم الثقافات المقارن‬

‫‪- 022 -‬‬


‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com122‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫ا‬
‫أوال‪-‬تعريف ر‬
‫األنثوبولوجيا الثقافية‬
‫ّ‬ ‫تعرف ر‬
‫ّ‬
‫األنثوبولوجيا الثقافية ‪-‬بوجه عام ‪ -‬بأنها العلم الذي يدرس اإلنسان من‬
‫ً‬ ‫حيث هو عضو ف مجتمع لـه ثقافة ّ‬
‫معينة‪ .‬وعىل هذا اإلنسان أن يمارس سلوكا يتوافق‬ ‫ي‬
‫ّ‬
‫مع سلوك األفراد يف المجتمع (الجماعة) المحيط به‪ ،‬يتحىل بقيمه وعاداته ويدين‬
‫ّ‬
‫بنظامه ويتحدث بلغة قومه ‪.‬‬

‫ّ‬ ‫ر‬ ‫ّ‬


‫يهتم بدراسة الثقافة‬ ‫ه ذلك العلم الذي‬
‫ولذلك‪ ،‬فنن األنثوبولوجيا الثقافية ‪ :‬ي‬
‫وه تدرس‬
‫اإلنسانية‪ ،‬ويعت بدراسة أساليب حياة اإلنسان وسلوكاته النابعة من ثقافته‪ .‬ي‬
‫الشعوب القديمة‪ ،‬كما تدرس الشعوب المعارصة‪( .‬بيلز وهويجر‪ ،4795 ،‬ص ‪)04‬‬

‫ر‬
‫فاألنثوبولوجيا الثقافية إذن‪ ،‬تهدف إل فهم الظاهرة الثقافية وتحديد عنارصها‪.‬‬
‫الثقاف‪ ،‬وتحديد الخصائص‬
‫ي‬ ‫الثقاف والتماز‬
‫ي‬ ‫التغيث‬
‫ر‬ ‫كما تهدف إل دراسة عمليات‬
‫ّ‬
‫معي ‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫بالتال المراحل التطورية لثقافة معينة يف مجتمع ر‬
‫ي‬ ‫وتفش‬ ‫المتشابهة ربي الثقافات‪،‬‬

‫الت أجروها‬ ‫ر‬


‫ولهذا استطاع علماء األنثوبولوجيا الثقافية أن ينجحوا يف دراساتهم ي‬
‫عىل حياة اإلنسان‪ ،‬سواء ما اعتمد منها عىل الثاث المكتوب لإلنسان القديم وتحليل‬
‫ّ‬
‫االجتماع المعاش ‪.‬‬
‫ي‬ ‫آثارها‪ ،‬أو ما كان منها يتعلق باإلنسان المعارص ضمن إطاره‬

‫ّ‬ ‫ّ‬
‫يعت تحليل‬
‫وهذا يدخل – إل حد بعيد‪ -‬فيما سسم (علم اجتماع الثقافة) والذي ي‬
‫طبيعة العداقة ربي الموجود من أنماط اإلنتا الفكري‪ ،‬ومعطيات البنية االجتماعية‪ ،‬وتحديد‬
‫ّ‬
‫ويتضمن هذا التعريف‬ ‫الطبق‪.‬‬ ‫وظائف هذا اإلنتا يف المجتمعات ذات الثكيب التنضيدي أو‬
‫ي‬
‫االعتبارات التالية ‪( :‬لبيب‪ ،4799 ،‬ص‪)05 -01‬‬

‫‪- 113 -‬‬

‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com123‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫ّ‬ ‫ّ‬
‫بالمعنيي ‪:‬‬
‫ر‬ ‫الثقاف‬
‫ي‬ ‫يعت أن التجانس‬ ‫‪ -4‬إن الحديث عن أنماط اإلنتا الفكري‪ ،‬ي‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫ألن هذا التجانس ّ‬
‫يغط وجودا‬‫ي‬ ‫غث عمليات علم االجتماع‪.‬‬ ‫ر ي‬
‫وبولوج‪ ،‬هو ر‬‫الفلسق واأل رنث‬
‫ي‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫حقيقيا ألنماط مختلفة من الثقافة‪ ،‬قد تتناقض مضمونا ووظيفة يف المجتمع الواحد‪.‬‬
‫ًّ‬ ‫فعىل الرغم من وجود بعض العوامل ( ر‬
‫موضوعيا يف‬ ‫األنثوبولوجية) المشثكة‪ ،‬فدا توجد‬
‫ّ‬
‫الطبق "" ثقافة للجميع "‪ ،‬حت وإن ادعت أو أرادت هذه‬ ‫ي‬ ‫المجتمعات ذات الثكيب‬
‫ّ‬
‫الثقافة لنفسها‪ ،‬أن تكون كذلك‪ .‬فهناك من وجهة نظر اجتماعية نمطية ثقافية (ربما يف‬
‫االجتماع‬
‫ي‬ ‫يفض تصنيفها وتحليلها‪ ،‬إل إبراز التمايز‬
‫ي‬ ‫الجماهثية)‬
‫ر‬ ‫ذلك أنماط الثقافة‬
‫ه اجتماعية‬ ‫الذي ّ‬
‫يعت أن اجتماعية الثقافة يف نهاية األمر‪ ،‬ي‬
‫تعث عنه بالرصورة‪ .‬وهذا ي‬‫ر‬
‫الثقاف ‪.‬‬
‫ي‬ ‫التباين يف الثقافة وعدم مساواة يف المجال‬

‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬


‫‪ -0‬إن الحديث عن المجتمعات المنضدة (الطبقية) ليس حرصا بقدر ما هو تأكيد‬
‫تعبث عن مرحلة ّ‬ ‫ّ‬
‫معينة من التمايز ربي األصناف االجتماعية‬ ‫عىل أن اإلنتا الفكري هو ر‬
‫االقتصادية‪ .‬وأن استعمال مفهوم الثكيب التنضيدي ‪ ،Stratification‬عىل الرغم من‬
‫االجتماع مجتمعات تاريخية قبل رأسمالية‪ ،‬قد يكون‬
‫ي‬ ‫غموضه‪ ،‬يقحم يف حقل التحليل‬
‫الت تخر‬ ‫ّ‬
‫الطبق محل نقاش‪ .‬وعىل هذا األساس‪ ،‬تكون المجتمعات الوحيدة ي‬‫ي‬ ‫مضمونها‬
‫والت لم تصل‬ ‫ّ‬
‫الت تسم عادة بالمجتمعات (البدائية )‪ ،‬ي‬‫ه تلك ي‬ ‫االجتماع‪ ،‬ي‬
‫ي‬ ‫من الحقل‬
‫ّ‬
‫معي ‪.‬‬
‫فيها أنماط اإلنتا الفكري إل درجة كافية من التمايز تسمح لها بتصنيف ر‬

‫الفكري‬ ‫ّ‬
‫المهم من وجهة النظر التحليلية إثبات العداقة ربي اإلنتا‬ ‫‪ -2‬ليس‬
‫والواقع االجتماع‪ ،‬بقدر ما هو تحليل أشكال هذه العداقة ف مرحلة ّ‬
‫معينة لمجتمع‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫ّ‬ ‫ًّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫أساسيا يف المناقشات المتعلقة بالروابط الموجودة ربي‬ ‫معي‪ .‬ويعد هذا التحليل مصدرا‬
‫ر‬
‫الدياليكتيك القائم‬
‫ي‬ ‫والت أفضت إل تأكيد فكرة التبادل‬
‫ي‬ ‫البنية التحتية والبنية الفوقية‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫بينهما‪ .‬وتجدر اإلشارة هنا‪ ،‬إل أن اجتماعية األدب والفن‪ ،‬ساهمت مساهمة متطورة يف‬

‫‪- 024 -‬‬


‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com124‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫تحليل أشكال العداقة ربي اإلنتا الفكري‪ ،‬ومعطيات البنية االجتماعية ‪.‬‬

‫ا‬ ‫ّ‬ ‫‪ -1‬إن تحديد الكيفية الت ّ‬


‫كالقص أو المشح مثال‪ ،‬معطيات‬ ‫يحول بها إنتا فكري‪،‬‬ ‫ي‬
‫الواقع‪ ،‬ال يكق‪ ،‬بل ال ّبد من إبراز الوظيفة االجتماعية ‪ /‬السياسية لهذا اإلنتا ‪ ،‬وال ّ‬
‫سيما‬ ‫ي‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫في يؤدون أدوارا قد يعونها أو ال يعونها لصالح‬ ‫المنتجي ينتمون إل فئات من المثق ر‬
‫ر‬ ‫أن‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫ه‬‫أصناف أو طبقات اجتماعية معينة‪ .‬وهذه الوظيفة ليست مظهرا ثانويا أو تكميليا‪ ،‬بل ي‬
‫ٌ‬
‫تفسث أي حدث فكري من دونها‪.‬‬ ‫ر‬ ‫بعد من أبعاد العداقة ربي الثقافة والمجتمع‪ ،‬وال يمكن‬
‫ًّ‬
‫حال لما ّ‬
‫سسم " استقدالية " القيم الفكرية والجمالية‪ ،‬وذلك‬ ‫وه يف الوقت ذاته‪ ،‬توجد‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫من خدال اكتشاف وظيفة استمرارية هذه القيم‪ ،‬أو بعثها يف ظروف تاريخية محددة‪.‬‬

‫ّ‬
‫إن دراسة الوسط الثقاف‪ ،‬تكشف عن اآللية السيكولوجية الت ّ‬
‫توجه سلوك الفرد‪،‬‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫ّ‬
‫وترصف الثعة العدوانية يف مجاالت تنفيس مهذب‪ .‬والمثال عىل ذلك يف بعض النظم‬
‫اآلشانت ‪ Ashanti‬يف ساحل‬
‫ي‬ ‫الت تمارسها قبائل‬
‫االجتماعية‪ ،‬كما يف طقوس (اآلبو‪ )Apo‬ي‬
‫الذهب يف أفريقيا الغربية ‪.‬‬

‫فق احتفاالت اآلبو‪ ،‬ال سسمح فقط‪ ،‬بل يجب‪ ،‬أن سسمع أصحاب السلطة‪،‬‬
‫ي‬
‫الت ارتكبوها‪ .‬ويعتقد رجال‬
‫السخرية واللوم واللعنات من رعاياهم بسبب المظالم ي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الغاضبي‪.‬‬
‫ر‬ ‫لك ال تتعذب أرواح الحكام بسبب كبت استياء‬
‫اآلشانت أن يف هذا ضمانة ي‬
‫ي‬
‫قوته‪ ،‬إل إضعاف سلطة الحكام‪ ،‬بل وإل‬‫ولوال ذلك‪ ،‬ألفض تراكم االستياء وتعاظم ّ‬
‫ّ‬
‫قتلهم‪ .‬وال تتطلب فعالية هذه اآللية (الفرويدية الجوهر) يف التنفيس عن الكبت أي‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫أكث عىل ما تقوم به من أشكال السلوك المنظمة يف نظم‬ ‫تلق ضوءا ر‬‫فه ي‬‫إيضاح‪ .‬ي‬
‫اجتماعية‪ ،‬من تصحيح الختدال التوازن يف نمو شخصيات األفراد الذين تشملهم‪.‬‬
‫(هرسكوفيث‪ ،4791 ،‬ص ‪) 57‬‬

‫‪- 115 -‬‬

‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com125‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫ر‬
‫األنثوبولوجيا الثقافية بالثاث والحياة داخل نطاق‬ ‫ّ‬
‫تهتم‬ ‫ومن هذا المنطلق‬
‫المجتمع‪ ،‬ويمكن بوساطتها الخوض يف جوهر الثقافات المختلفة‪ ،‬ومعرفة كيف تحيا‬
‫األمم‪ ،‬من خدال اإلجابة عن التساؤالت التالية ‪:‬‬

‫ّ‬
‫الت يتبعونها يف تربية أبنائهم ؟‬
‫ه الطرائق ي‬ ‫ه سبل العيش المتبع لديهم؟ ما ي‬ ‫ما ي‬
‫ه العلوم واآلداب‬ ‫ما‬ ‫عباداتهم؟‬ ‫أداء‬ ‫ف‬ ‫طريقتهم‬ ‫ه‬ ‫ما‬ ‫أنفسهم؟‬ ‫عن‬ ‫ون‬ ‫كيف ّ‬
‫يعث‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ر‬
‫وغث‬
‫والفنون السائدة عندهم؟ وكيف ينقلون تراثهم إل أجيالهم الجديدة من بعدهم؟ ر‬
‫ذلك من العادات والقيم وأساليب التعامل فيما بينهم‪.‬‬

‫ً‬
‫ثانيا‪-‬نشأة ر‬
‫األنثوبولوجيا الثقافية ومراحل ّ‬
‫تطورها ‪:‬‬

‫ّ‬ ‫ر‬ ‫ّ‬ ‫لم تظهر ر‬


‫األنثوبولوجيا العامة‪ ،‬إال يف‬ ‫مستقل عن‬ ‫األنثوبولوجيا الثقافية كفرع‬
‫النصف الثان من القرن التاسع ر‬
‫عش ‪.‬‬ ‫ي‬
‫ّ‬
‫يعد من ّ‬ ‫ّ‬
‫رواد‬ ‫اإلنكلثي ‪ /‬إدوارد تايلور ‪ /‬الذي‬
‫ر‬ ‫وربما يعود الفضل يف ذلك إل العالم‬
‫ّ‬ ‫ر‬
‫األنثوبولوجيا‪ ،‬والذي قدم أول تعريف شامل للثقافة عام ‪ 4994‬يف كتابه " الثقافة‬
‫ّ‬ ‫ر‬ ‫البدائية " ‪.‬وقد ّ‬
‫الحي حت‬ ‫ر‬ ‫األنثوبولوجيا الثقافية بمراحل متعددة‪ ،‬منذ ذلك‬ ‫مرت‬
‫ه عليه يف العرص الحارص‪( Barnouw, 1972, p.7 ) .‬‬
‫وصلت إل ما ي‬
‫ّ‬
‫وتمتد من ظهور هذه ر‬
‫األنثوبولوجيا وحت نهاية القرن التاسع‬ ‫مرحلة البدية ‪:‬‬
‫ّ‬
‫عش‪ .‬وكانت عبارة عن محاوالت لرسم صورة عامة لتطور الثقافة منذ القدم‪ ،‬والبحث‬ ‫ر‬
‫ً‬
‫سان‪.‬‬
‫أيضا عن نشأة المجتمع اإلن ي‬

‫األمريك ‪ /‬بواز ‪/‬‬


‫ي‬ ‫اإلنكلثي ‪ /‬تايلور ‪ ،/‬العالم‬
‫ر‬ ‫وظهر يف هذه الفثة إل جانب العالم‬

‫‪- 026 -‬‬


‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com126‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫جانبي ؛ أولهما ‪:‬‬


‫ر‬ ‫التاريح يف دراسة الثقافات اإلنسانية‪ ،‬وذلك من‬
‫ي‬ ‫الذي أخذ باالتجاه‬
‫صغثة‪ ،‬كالقبائل والعشائر‪ ،‬ومراحل‬
‫ر‬ ‫إجراء دراسات تفصيلية لثقافات مجموعات‬
‫ّ‬
‫تطورها‪.‬‬

‫الثقاف‪ ،‬عند مجموعة من القبائل‪ ،‬بغية‬ ‫ّ‬


‫التطور‬ ‫وثانيهما ‪ :‬أجراء مقارنة ربي تاريـ ــخ‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫قواني عامة أو مبادىء‪ ،‬تحكم نمو الثقافات اإلنسانية وتطورها‪ .‬وهذا ما‬ ‫الوصول إل‬
‫ر‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ر‬ ‫ّ‬
‫أهمية لألنثوبولوجيا باعتبارها علما لـه منهجيته الخاصة ‪.‬‬ ‫يعط‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫المرحلة الثانية ‪ :‬وتقع ما ربي (‪ 4745 -4722‬م)‪ ،‬وتعد المرحلة التكوينية‪ ،‬حيث‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫صغثة محددة لمعرفة تاري ــخ‬
‫ر‬ ‫تركزت الجهود يف األبحاث والدراسات‪ ،‬عىل مجتمعات‬
‫وبالتال تحديد عنارص هذه الثقافة قبل أن تنقرض ‪.‬‬ ‫ثقافتها ومراحل ّ‬
‫تطورها‪،‬‬
‫ي‬
‫ً‬
‫واستنادا إل ذلك‪ ،‬جرت دراسات عديدة عىل ثقافة الهنود الحمر يف أمريكا‪،‬‬
‫األمريك ‪ /‬وسلر ‪ /‬إل أسلوب يمكن بوساطته من دراسة أي إقليم أو‬ ‫ّ‬
‫وتوصل الباحث‬
‫ي‬
‫منطقة يف العالم تعيش فيها مجتمعات ذات ثقافات متشابهة‪ ،‬أو ما أصطلح عىل تسميته‬
‫ّ‬ ‫بـ (المنطقة الثقافية )‪ .‬وقد ّ‬
‫شبه ‪ /‬وسلر ‪ /‬المنطقة الثقافية بدائرة‪ ،‬تثكز معظم العنارص‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وتقل هذه العنارص كلما ابتعدت عن المركز‪.‬‬ ‫الثقافية يف مركزها‪،‬‬

‫وتعد فثة االزدهار‪ ،‬حيث ّ‬‫ّ‬


‫تمثت‬‫ر‬ ‫المرحلة الثالثة ‪ :‬وتقع ما ربي (‪ 4722 -4745‬م)‬
‫ر‬
‫الت تدخل يف صلب علم األنثبولوجيا الثقافية‪،‬‬ ‫ر‬
‫بكثة البحوث والمناقشات يف القضايا ي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الت تركزت يف أمريكا ‪.‬‬
‫وال سيما تلك الدراسات ي‬

‫ويرجع ازدهار ر‬
‫األنثبولوجيا يف تلك الفثة‪ ،‬إل نضج هذا العلم ووضوح مفاهيمه‬
‫ومناهجه‪ .‬وترافق ذلك بازدهار المدرسة التاريخية يف أمريكا‪ ،‬وظهور المدرسة االنتشارية‬

‫‪- 117 -‬‬

‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com127‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫ف إنكلثا‪ ،‬وال ّ‬
‫سيما بعد األخذ بمفهوم (المنطقة الثقافية) الذي طرحه ‪ /‬وسلر ‪ /‬كنطار‬ ‫ي‬
‫ّ‬
‫والتوصل إل العنارص المشثكة ربي الثقافات‬ ‫وتفسثها‪،‬‬ ‫لتحليل المعطيات الثقافية‬
‫ر‬
‫المتشابهة‪.‬‬

‫ّ‬
‫ومدتها ر‬
‫عش سنوات فقط‪ ،‬وتقع ما ربي (‪ 4712 -4722‬م)‪ .‬وعىل‬ ‫المرحلة الرابعة ‪:‬‬
‫التوسعية‪ ،‬حيث ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫تمثت باعثاف الجامعات‬ ‫ر‬ ‫الرغم من قرص مدتها‪ ،‬فقد أطلق عليها الفثة‬
‫ألنثوبولوجيا الثقافية كعلم خاص ف إطار ر‬
‫األنثوبولوجية العامة‪،‬‬ ‫األمريكية واألوروبية با ر‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫ومقررات دراسية يف أقسام علم االجتماع يف الجامعات‪.‬‬ ‫وخصصت لها فروع‬ ‫ّ‬

‫ّ‬
‫سابث ‪ /‬عالم االجتماع‬
‫ر‬ ‫الت تبناها ‪/‬‬
‫وظهرت يف هذه الفثة النظرية (التكاملية) ي‬
‫اإلنسان‪،‬‬
‫ي‬ ‫األمريك‪ ،‬واستطاع من خدالها تحديد مجموعة متناسقة من أنماط السلوك‬ ‫ي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫معي‪ ،‬حيث أن‬‫والت يمكن اعتمادها يف دراسة السلوك الفردي‪ ،‬لدى أفراد مجتمع ر‬ ‫ي‬
‫ّ‬
‫جوهر الثقافة هو يف حقيقة األمر‪ ،‬ليس إال تفاعل األفراد يف المجتمع بعضهم مع بعض‪،‬‬
‫وما ينجم عن هذا التفاعل من عداقات ومشاعر وطرائق حياتية مشثكة ‪.‬‬

‫ر‬ ‫ّ‬ ‫تأثرت ر‬ ‫ّ‬


‫باألنثوبولوجيا االجتماعية‪،‬‬ ‫األنثوبولوجيا يف هذه الفثة‪ -‬إل حد بعيد‪-‬‬ ‫وقد‬
‫كل من ‪/‬‬‫سيما ف مفاهيمها ومناهجها‪ ،‬وذلك بفضل األبحاث الت قام بها ّ‬ ‫وال ّ‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫ر‬
‫مالينوفسك وبراون ‪ /‬يف مجاالت األنثبولوجيا االجتماعية ‪.‬‬
‫ي‬

‫الت بدأت منذ عام ‪ ،4712‬وما زالت حت‬


‫وه الفثة المعارصة ي‬
‫المرحلة الخامسة ‪ :‬ي‬
‫ر‬ ‫ّ‬
‫الوقت الحارص‪ .‬وتمتاز هذه المرحلة بتوسع نطاق الدراسات األنثوبولوجية‪ ،‬خار‬
‫أوروبا وأمريكا‪ ،‬وانتشار ر‬
‫األنثوبولوجيا الثقافية يف العديد من جامعات الدول النامية‪ ،‬يف‬
‫أفريقيا وآسيا وأمريكا الداتينينية‪.‬‬

‫‪- 028 -‬‬


‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com128‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫ّ‬ ‫وترافق ذلك مع ظهور ّاتجاهات جديدة ف الدراسات ر‬


‫األنثبولوجية‪ ،‬كان االتجاه‬ ‫ي‬
‫االتجاهات الحديثة ف ر‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫األنثوبولوجيا الثقافية‪ ،‬والذي يهدف إل‬ ‫ي‬ ‫القوم يف مقدمة هذه‬
‫ي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫القومية‪ .‬وقد أخذت بهذا االتجاه الباحثة األمريكية ‪/‬‬ ‫تحديد الخصائص الرئيسة للثقافة‬
‫الت قامت بدراسة الثقافة اليابانية خدال الحرب العالمية الثانية ‪.‬‬
‫روث بيندكيت ‪ /‬ي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫تعت‪ :‬أن‬
‫والت ي‬‫ي‬ ‫القوم يف تقييم الثقافة ‪ " :‬االنطوائية القومية "‬
‫ي‬ ‫ويسم االتجاه‬
‫ّ‬
‫ه النتيجة‬
‫االنسان يفضل طريقة قومه يف الحياة‪ ،‬عىل طرائق األقوام األخرى جميعها‪ .‬تلك ي‬
‫ّ‬
‫والت يتفق بها شعور معظم األفراد نحو ثقافتهم الخاصة‪،‬‬
‫المنطقية لعملية التثقيف األول‪ ،‬ي‬
‫سواء أفصحوا عن هذا الشعور أو لم يفصحوا ‪.‬‬

‫ّ‬
‫األساطث‬
‫ر‬ ‫وتتجىل االنطوائية القومية لدى الشعوب البدائية بأحسن أشكالها ‪ ،‬يف‬
‫والقصص الشعبية‪ ،‬واألمثلة والعادات اللغوية ‪ ..‬فأسطورة أصل العروق ر‬
‫البشية لدى‬
‫ا ًّ‬
‫حيا عن االنطوائية القومية‪ .‬تقول األسطورة ‪:‬‬ ‫وك) تعطينا مثاال‬
‫الشث ي‬
‫هنود ( ر‬

‫ا ً‬ ‫" ّ‬
‫صور الخالق اإلنسان بأن صنع أوال فرنا وأوقد النار فيه‪ّ ،‬ثم صنع من عجينة ثداثة‬
‫ّ‬ ‫تماثيل عىل شكل اإلنسان‪ ،‬ووضعها ف الفرن وانتظر ّ‬
‫غث أن لهفة‬‫شيها (شواءها )‪ .‬ر‬ ‫ي‬
‫ّ‬ ‫الخالق إل رؤية نتيجة عمله الذي ّ‬
‫يتو تجربته يف الخلق‪ ،‬كانت من الشدة بحيث أخر‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫غث ناضج شاحبا باهت اللون‪ ،‬ومن نسله كان‬ ‫التمثال األول مبكرا‪ ،‬فكان – ولألسف‪ -‬ر‬
‫ً ّ ً ّ ّ‬
‫جيدا ألن مدته يف الشواء كانت مضبوطة‬ ‫الثان‪ ،‬فكان ناضجا‬
‫ي‬ ‫العرق األبيض‪ّ .‬أما التمثال‬
‫وكافية‪ ،‬فأعجبه شكله األسمر الجميل‪ ،‬وكان هذا سلف الهنود‪ .‬وانرصف الخالق إل ّ‬
‫تأمل‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫اشتم رائحة االحثاق‪ .‬فتح باب‬ ‫صورته‪ ،‬ناسيا أن سسحب التمثال الثالث من الفرن حت‬
‫ً‬
‫الفرن فجأة‪ ،‬فوجد هذا التمثال متفحما أسود اللون ‪ ..‬فكان ذلك مدعاة لألسف‪ ،‬ولكن‬
‫لم يعد باإلمكان حيلة‪ ،‬وكان هذا أول رجل أسود ‪( ".‬هرسكوفيث‪ ،4791 ،‬ص ‪) 90‬‬

‫‪- 119 -‬‬

‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com129‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫ّ‬
‫يرص‬ ‫الكثث من الشعوب ‪ ..‬حيث‬
‫ر‬ ‫بهذه الصورة تبدو االنطوائية القومية لدى‬
‫التعبث عن صفات قومه الحميدة ‪ ..‬ولهذا يحكم أي إنسان عىل‬
‫ر‬ ‫اإلنسان ‪ /‬الفرد عىل‬
‫الت تربط هذا الشعب‬
‫االجتماع لدى أي شعب آخر‪ ،‬من خدال العداقة ي‬
‫ي‬ ‫القيم‪/‬‬
‫ي‬ ‫النظام‬
‫والت قد تصل إل حدود الرفض المطلق أو‬
‫بشعبه‪ ،‬وفق درجة الرغبة والقبول يف ذلك‪ ،‬ي‬
‫ً‬
‫لمعايث عامة ‪.‬‬
‫ر‬ ‫القبول المطلق‪ ،‬وفقا‬

‫أيضا ف ر‬‫ً‬ ‫وكانت من ّ‬


‫األنثوبولوجيا الثقافية‪ ،‬تلك الدراسات‬ ‫ي‬ ‫أهم االتجاهات الحديثة‬
‫ّ‬
‫الت عنيت بالمجتمعات المتمدنة‪ ،‬وما أطلق عليها " دراسة الحالة "‪ .‬كدراسة أوضاع‬ ‫ي‬
‫ّ‬
‫قرية أو عدد من القرى المتجاورة‪ ،‬أو يف منطقة معينة‪ ،‬أو دراسة ثقافة خاصة بمجموعة‬
‫تتعلق بخصائص ر‬ ‫ّ‬ ‫أو بفئة من ر‬
‫األنثوبولوجيا الثقافية‬ ‫البش‪ .‬إضافة إل دراسات أكاديمية‬
‫وغثها ّ‬
‫مما سسهم يف إجراء الدراسات‬ ‫ومبادئها‪ ،‬ومناهج البحث فيها وطرائقها وأساليبها ‪ ..‬ر‬
‫ّ‬
‫عىل أسس موضوعية وعلمية تحقق األهداف المرجوة منها‪.‬‬

‫ً‬
‫ثالثا‪-‬أقسام ر‬
‫األنثوبولوجيا الثقافية ‪:‬‬
‫ّ‬
‫عىل الرغم من تعدد العنارص الثقافية‪ ،‬وتداخل مضموناتها وتفاعلها يف النسيج‬
‫األنثوبولوجيون عىل تقسيم ر‬‫ر‬ ‫ّ‬
‫األنثوبولوجيا‬ ‫اإلنسان‪ ،‬فقد اتفق‬
‫ي‬ ‫العام لبنية المجتمع‬
‫ه ‪( :‬علم اآلثار – علم اللغويات – وعلم الثقافات‬ ‫ّ‬
‫الثقافية إل ثداثة أقسام أساسية‪ ،‬ي‬
‫المقارن) وفيما يىل رشح ّ‬
‫لكل منها ‪:‬‬ ‫ي‬

‫‪-4‬علم اللغويات ‪:‬‬

‫والحية‪ ،‬وال ّ‬
‫سيما‬ ‫ّ‬ ‫هو العلم الذي يبحث يف تركيب اللغات اإلنسانية‪ ،‬المنقرضة‬
‫ّ‬
‫المكتوبة منها يف السجالت التاريخية فحسب‪ ،‬كالداتينية أو اليونانية القديمة‪ ،‬واللغات‬

‫‪- 001 -‬‬


‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com130‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫واإلنكلثية‪ . .‬ويـ ّ‬
‫ـهتم دارسو اللغات‬ ‫ر‬ ‫ّ‬
‫الحية المستخدمة يف الوقت كالعربية والفرنسية‬
‫بالرموز اللغوية المستعملة‪ ،‬إل جانب العداقة القائمة ربي لغة شعب ما‪ ،‬والجوانب‬
‫ا‬
‫األخرى من ثقافته‪ ،‬باعتبار اللغة وعاء ناقال للثقافة‪.‬‬

‫ّ‬ ‫ّ‬
‫إن اللغة من الصفات الت ّ‬
‫الحية‬ ‫غثه من الكائنات‬
‫اإلنسان عن ر‬
‫ي‬ ‫يتمث بها الكائن‬
‫ر‬ ‫ي‬
‫فه طريقة التخاطب والتفاهم ربي األفراد والشعوب‪ ،‬بواسطة رموز صوتية‬ ‫األخرى‪ ،‬ي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الثقاف‬
‫ي‬ ‫وأشكال كدامية متفق عليها‪ ،‬ويمكن تعلمها ‪ ..‬عداوة عىل أنها وسيلة لنقل الثاث‬
‫‪ /‬الحضاري‪ ،‬حيث يمكن استخدام معظم اللغات يف كتابة هذا الثاث ‪.‬‬

‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬


‫ينتم إليها ؛ فهو ليس‬
‫ي‬ ‫الت‬
‫يحتل علم اللغة مكانا ممتازا يف مجمل العلوم االجتماعية ي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫علما اجتماعيا كالعلوم األخرى‪ ،‬بل العلم الذي قدم إنجازات عظيمة‪ ،‬وتوصل إل صياغة‬
‫وضىع ومعرفة الوقائع الخاصة‪ .‬ولذلك‪ ،‬ارتبط علماء النفس واالجتماع‬
‫ي‬ ‫منهج‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫واألثنوغرافيا بالحرص عىل تعلم الطريق المؤدية إل المعرفة الوضعية للوقائع‬
‫االجتماعية‪ ،‬من علم اللغة الحديث ‪.‬‬

‫والثقاف‪ ،‬يف المكان والزمان‪.‬‬ ‫االجتماع‬ ‫ر‬


‫األنثوبولوجيا‪ ،‬اللغة يف سياقها‬ ‫يدرس علماء‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ويقوم بعضهم باستنتاجات تتعلق بالمقومات العامة للغة وربطها بالتماثدات الموجودة‬
‫ان‪ .‬ويقوم آخرون بإعادة بناء اللغات القديمة من خدال مقارنتها‬
‫يف الدماغ اإلنس ي‬
‫ّ‬
‫بالمتحدرات عنها يف الوقت الحارص‪ ،‬ويحصلون من ذلك عىل اكتشافات تاريخية عن‬
‫اللغة‪.‬‬

‫وما يزال عدد من علماء ر‬


‫األنثوبولوجيا اللغوية‪ ،‬يدرسون اختدافات اللغة ليكتشفوا‬
‫االدراكات والنماذ الفكرية المختلفة‪ ،‬يف عدد وافر من الحضارات‪ .‬ويدخل يف ذلك‪،‬‬
‫االجتماع)‬
‫ي‬ ‫االجتماع‪ ،‬وهو ما يدع (علم اللغة‬
‫ي‬ ‫دراسة االختدافات اللغوية يف سياقها‬

‫‪- 131 -‬‬

‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com131‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫الذي يدرس االختداف الموجود يف لغة واحدة‪ ،‬ليظهر كيف يعكس الكدام الفروقات‬
‫االجتماعية ‪( Kattak,1994, 10 ).‬‬

‫ر‬ ‫ّ‬
‫واألنثوبولوجيا من جهة‪ ،‬وعلم اللغة‬ ‫المنهح الشديد ربي علم االجتماع‬
‫ر ي‬ ‫إن التشابه‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫من جهة أخرى‪ ،‬يفثض واجبا خاصا من التعاون فيما بينها‪ ،‬حيث سستطيع علم اللغة أن‬
‫ّ‬
‫اهي المساعدة يف دراسة مسائل القرابة‪ ،‬من خدال تقديم أصول الكلمات وما‬ ‫الث ر‬‫يقدم ر‬
‫ينتج عنها من عداقات ف بعض ألفاظ القرابة الت لم تكن مدركة بصورة ر‬
‫مباشة‪ ،‬من قبل‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫األنثوبولوجيا‪ ،‬بهدف مقارنة‬‫األنثبولوجيا أو عالم االجتماع‪ ،‬وبذلك يلتق علماء ر‬ ‫عالم ر‬
‫ي‬
‫آملي يف‬ ‫ر‬
‫الت ينتجها هذان العلمان‪ .‬ويقثب اللغويون من علماء األنثوبولوجيا‪ ،‬ر‬ ‫الفروع ي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫أكث واقعية‪ ،‬وف المقابل‪ ،‬يلتمس ر‬ ‫جعل دراساتهم ر‬
‫للغويي كلما توسموا‬
‫ر‬ ‫ا‬ ‫وبولوجيون‬ ‫األنث‬ ‫ي‬
‫ُ‬
‫فيهم القدرة عىل إخراجهم من االضطراب الذي ألقتهم فيه عىل ما يبدو‪ ،‬ألفتهم الزائدة‬
‫مع الظاهرات المادية والتجريبية‪( .‬سثوس‪ ،4799 ،‬ص ‪ 17‬و‪)70‬‬

‫أكث فروع ر‬ ‫ً‬


‫حاليا من ر‬ ‫ّ‬
‫األنثوبولوجيا الثقافية‪،‬‬ ‫ولذلك‪ ،‬يداحظ أن فرع اللغويات هو‬
‫ا‬ ‫ا‬
‫كبث‬
‫استقداال وانعزاال عن الفروع األخرى ‪.‬فدراسة اللغات يمكن أن تجري دون اهتمام ر‬
‫اإلنسان‪ ،‬وهذا هو الواقع يف حاالت ر‬
‫كثثة ‪.‬ومما‬ ‫ي‬ ‫بعداقاتها مع الجوانب األخرى يف النشاط‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ال شك فيه‪ ،‬أن اللغات – بما فيها من تراكيب معقدة وغريبة‪ ،‬وما تنطوي عليه من تنوع‬
‫غنية ال يمكن‬ ‫سيما عند الشعوب البدائية‪ّ ،‬‬
‫تزود الباحث بمادة دراسية ّ‬ ‫هائل‪ ،‬وال ّ‬

‫حرصها‪ ( .‬لينتون‪ ،4759 ،‬ص ‪)02‬‬

‫ُّ َ‬ ‫ّ‬
‫ويعتثها أحد األركان األساسية يف‬
‫ر‬ ‫أهمية بالغة ِللغ ِة‬ ‫ليق سثوس ‪/‬‬‫يعط ‪ /‬ي‬‫ي‬ ‫ولذلك‪،‬‬
‫ّ‬
‫ه الخاصية‬ ‫علم اإلنسان‪ ،‬إن لم تكن حجر الزاوية يف ذلك العلم‪ ،‬وعىل أساس أن اللغة ي‬
‫يعتثها الظاهرة الثقافية‬ ‫ّ‬ ‫الرئيسة الت ّ‬
‫الحية األخرى‪ .‬ولذلك‪ ،‬ر‬ ‫تمث اإلنسان عن الكائنات‬
‫ي ر‬

‫‪- 002 -‬‬


‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com132‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫ّ‬ ‫األساسية الت يمكن عن طريقها‪ ،‬فهم ّ‬


‫كل صور الحياة االجتماعية‪ .‬وهذا ما يؤكده يف‬ ‫ي‬
‫العرن باسم (اآلفاق الحزينة)‬
‫ري‬ ‫كتابه (المناطق المدارية الحزينة) والذي يعرف يف العالم‬
‫وهو نوع من السثة الذاتية ف قالب ر‬
‫حي نقول اإلنسان ‪..‬‬‫وبولوج‪ ،‬حيث يقول ‪ " :‬ر‬‫ر ي‬ ‫أنث‬ ‫ي‬ ‫ر‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وحي نقول اللغة ‪ ...‬فنننا نقصد المجتمع ‪"..‬‬
‫نعت اللغة‪ .‬ر‬
‫فنننا ي‬

‫وهذا ما دفعه إل استخدام مناهج اللغويات الحديثة وأساليبها‪ ،‬يف تحليله‬


‫ّ‬
‫األهمية‬ ‫يعط الكلمة (الدال) من‬ ‫غث لغوية‪ .‬كما جعله‬ ‫ّ‬
‫ي‬ ‫للمعلومات الثقافية‪ ،‬وكل مادة ر‬
‫ّ‬ ‫مما يعط للمعت (المدلول )‪ ،‬وال ّ‬ ‫ر‬
‫أكث ّ‬
‫سيما أن الدال الواحد (الكلمة الواحدة) قد يكون‬ ‫ي‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫مختلفي‪ ،‬وذلك تبعا الختداف تجاربــهما‪ .‬بل أن‬
‫ر‬ ‫لشخصي‬
‫ر‬ ‫لـه مدلوالن مختلفان بالنسبة‬

‫الدال الواحد‪ ،‬قد تكون لـه مدلوالت مختلفة بالنسبة للشخص نفسه‪ ،‬ي‬
‫وف أوقات أو‬
‫ظروف مختلفة‪( .‬أبو زيد‪ ،0224 ،‬ص ‪) 95‬‬

‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وعىل الرغم من أن علماء اللغة لم يتمكنوا من تحديد أسبقية لغة عىل أخرى‪ ،‬فقد‬
‫ّ‬
‫توصلوا من خدال دراساتهم إل تصنيف اللغات المختلفة بحسب طبيعتها واستخدامها‪،‬‬
‫ه‪:‬‬
‫يف ثداثة أقسام ي‬

‫الت تتخاطب بها فئات منعزلة عن الفئات األخرى‪،‬‬ ‫وه اللغات ي‬


‫‪-‬اللغات المنعزلة ‪ :‬ي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وه لغة ال تكتب وليس لها تاري ــخ ‪.‬‬
‫وال تفهمها إال تلك الفئات المتحدثة بها‪ .‬ي‬
‫ّ‬
‫كبثة‪ ،‬ولكنها ملتصقة‬
‫الت تتخاطب بها شعوب ر‬ ‫وه اللغات ي‬‫‪-‬اللغات الملتصقة ‪ :‬ي‬
‫ّ‬
‫وه لغات معروفة‪ ،‬ولكن ليس لها قواعد‪ ،‬وإنما تعتمد عىل المقاطع‬ ‫بهم وبثاثهم‪ .‬ي‬
‫ّ‬
‫الصينية ‪.‬‬ ‫والكلمات‪ ،‬مثل ‪ :‬اللغة‬

‫الت تستخدمها‬
‫وه اللغات الحديثة ي‬
‫‪-‬اللغات ذات القواعد (النحو والرصف) ‪ :‬ي‬

‫‪- 133 -‬‬

‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com133‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫ّ‬
‫األمم المتحرصة‪ ،‬لها قواعد نحوية ورصفية‪ ،‬تضبط جملها وقوالبها اللغوية‪ ،‬مثل ‪ :‬اللغة‬
‫العربية‪ ،‬واللغات األوربية ‪ (،‬زرقانة‪ ،4759 ،‬ص ‪)419‬‬

‫ُ ّ‬ ‫ّ‬
‫ومهما يكن هذا التقسيم‪ ،‬فنن اللغات المستعملة يف العالم‪ ،‬جميعها‪ ،‬شكلت من‬
‫ّ‬
‫تدل عىل هذه اللغة أو تلك‪ ،‬وفق أصول وقواعد خاصة بها‪ .‬ولهذا‬ ‫أصوات متناسقة‬
‫الوصق‪ ،‬وعلم أصول‬ ‫فرعية‪ ،‬من ّ‬
‫أهمها ‪ :‬علم اللغات‬ ‫ّ‬ ‫يقسم علم اللغويات إل أقسام‬
‫ي‬
‫اللغات ‪.‬‬

‫ّ‬ ‫ّ‬
‫يهتم بتحليل اللغات يف زمن محدد‪ ،‬ويدرس النظم‬ ‫‪ -1/1‬علم اللغات الوصف ‪:‬‬
‫الصوتية‪ ،‬وقواعد اللغة والمفردات‪ .‬ويعتمد عالم اللغات يف دراساته هنا عىل اللغة‬
‫ّ‬ ‫الكدامية‪ ،‬ولذلك سستمع إل األفراد‪ ،‬وال ّ‬
‫سيما إذا كانت الدراسة متعلقة بلغات لم تكتب‪.‬‬
‫فيقوم عالم اللغة بكتابة تلك اللغات عن طريق استخدام الرموز المتعارف عليها ‪.‬‬

‫ّ‬
‫ومهما يكن األمر‪ ،‬فنن عملية تحليل اللغات وتصنيفها‪ ،‬كعملية تحليل األجناس‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ر‬
‫المهمة ‪.‬فاللغات‪،‬‬ ‫لغثها من الدراسات‬‫البشية وتصنيفها‪ ،‬ال تشكل إال الخطوة األول ر‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫عىل اختداف أنواعها‪ ،‬تمثل أداة ّ‬
‫قيمة يف يد العالم ‪ ..‬وال شك يف أنها ستساعده يف النهاية‪،‬‬
‫التوصل إل فهم أعمق لسيكولوجية األفراد والمجتمعات‪ (.‬لينتون‪ ،4759 ،‬ص ‪)02‬‬ ‫ّ‬ ‫عىل‬

‫ّ‬
‫الت تستخدم اللغة الكدامية‪،‬‬
‫وتثكز معظم تلك الدراسات يف المجتمعات البدائية ي‬
‫ّ‬
‫إنسان – مهما تخلفت ثقافته – من دون‬
‫ي‬ ‫ولم تعرف القراءة والكتابة‪ .‬فدا يوجد مجتمع‬
‫لغة كدامية يتفاهم بها أبناؤه ‪.‬‬

‫‪- 004 -‬‬


‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com134‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫‪-0/4‬علم أصول اللغات ‪:‬‬

‫التاريح‬ ‫ّ‬
‫يختص بالجانب‬ ‫يهدف إل تحديد أصول اللغات اإلنسانية‪ .‬ولذلك‪،‬‬
‫ي‬
‫الت يمكن متابعة تاريخها‪ ،‬عن‬ ‫ّ‬
‫والمقارن‪ ،‬حيث يدرس العداقات التاريخية ربي اللغات ي‬
‫ً‬ ‫ر‬
‫الت لم تثك أية‬
‫طريق وثائق مكتوبة‪ .‬وتكون المشكلة أكث تعقيدا بالنسبة للغات القديمة ي‬
‫ثمة وسائل خاصة يمكن للباحث أن سستخدمها يف‬ ‫وثائق مكتوبة ّ‬
‫تدل عليها‪ .‬ولكن ّ‬

‫دراسة تاري ــخ تلك اللغات‪.‬‬

‫ّ‬
‫ألنه عىل ّ‬ ‫ر‬
‫كل‬ ‫الثقاف‪ ،‬وذلك‬
‫ي‬ ‫ر ي‬
‫وبولوج‬‫واألنث‬ ‫وهناك عداقات تعاونية ربي عالم اللغة‪،‬‬
‫ر‬
‫االجتماع‪ ،‬أن يدرس لغة المجتمع الذي يجري بحثه‬
‫ي‬ ‫ر ي‬
‫وبولوج‬ ‫واألنث‬ ‫ر ي‬
‫األثنولوج‬ ‫من‬
‫عليه‪.‬‬

‫ّ‬
‫وبناء عىل ذلك‪ ،‬تقدم علم اللغويات – يف العرص الحارص – وأصبح سستخدم مناهج‬
‫ّ‬
‫يتوصل إل‬ ‫علمية وآليات دقيقة‪ ،‬يف دراسة لغات العالم ‪ ..‬واستطاع من خدال ذلك أن‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫قواني أساسية وعامة‪ ،‬ال ُّ‬
‫وصق‪،‬‬
‫ي‬ ‫قواني العلوم الطبيعية‪( .‬‬
‫ر‬ ‫أهمية يف دقتها عن‬ ‫تقل‬ ‫ر‬
‫‪ ،4794‬ص ‪)20-24‬‬

‫ّ‬
‫بميدان ‪:‬‬
‫ي‬ ‫تثث (مورفولوجية) أية لغة‪ ،‬أسئلة بعيدة المدى تتصل‬ ‫ومن المحتم أن ر‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الفثياء والقيم ‪ ..‬فاللغة ليست مجرد أداة لداتصال أو الستثارة االنفعاالت فحسب‪ ،‬وإنما‬
‫ر‬
‫ّ ّ‬ ‫ً‬
‫ه أشبه ما تكون بخط متصل األجزاء‪ ،‬يمكن‬ ‫والخثة ي‬
‫ر‬ ‫الخثات‪.‬‬
‫ه أيضا وسيلة لتصنيف ر‬ ‫ي‬
‫تقسيمه بطرق مختلفة ‪ (.‬لينتون‪ ،4759 ،‬ص ‪)490‬‬

‫ولذلك‪ ،‬فنن الدراسات اللغوية المقارنة‪ ،‬توضح ّأن الكائن ر‬


‫البشي عىل الرغم من‬
‫الت سستخدمها‪.‬‬
‫للمعان ي‬
‫ي‬ ‫غث واعية‬
‫استخدامه لغة واحدة‪ ،‬فهو يقوم بعملية انتقائية ر‬

‫‪- 135 -‬‬

‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com135‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬


‫ر ي‬
‫الخارج ‪.‬‬ ‫المتنوعة يف محيطه‬ ‫للمنبهات‬ ‫وذلك ألنه ال سستطيع االستجابة الدقيقة‬

‫‪ -0‬علم اآلثار القديمة (الحفريات ‪:)Archeology‬‬

‫ّ‬ ‫ّ‬
‫والمخلفات ر‬
‫سستدل منها‬ ‫البشية وتحليلها‪ ،‬بحيث‬ ‫يعت بشكل خاص بجمع اآلثار‬
‫الت لم تكن فيها كتابة‪ ،‬وليس‬ ‫ر‬
‫التاريح لألجناس البشية‪ ،‬يف تلك الفثة ي‬
‫ي‬ ‫عىل التسلسل‬
‫ثمة وثائق ّ‬
‫مدونة (مكتوبة) عنها ‪.‬‬ ‫ّ‬

‫ويبحث هذا الفرع من علم ر‬


‫األنثوبولوجيا الثقافية‪ ،‬يف األصول األول للثقافات‬
‫ً‬ ‫ولعل علم اآلثار القديمة ر‬
‫ّ‬ ‫اإلنسانية‪ ،‬وال ّ‬
‫أكث شيوعا ربي فروع‬ ‫سيما الثقافات المنقرضة‪.‬‬
‫أكث من مكتشفات‬ ‫وربما كانت مكتشفاته مألوفة لدى الشخص العادي ر‬ ‫األنثوبولوجيا‪ّ ،‬‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫الفروع األخرى‪ .‬ومثال ذلك‪ ،‬أن اسم (توت عنخ آمون) أحد ملوك قدماء المرص ريي‪ ،‬يكاد‬
‫ً‬
‫يكون معروفا لدى األوساط الشعبية العامة‪( .‬لينتون‪ ،4759 ،‬ص ‪) 00‬‬

‫األول من هذه األبحاث‪ ،‬هو الحصول عىل معلومات عن‬ ‫وعىل الرغم من ّأن الهدف ّ‬
‫القراء والدارسي‪ ،‬ف ّ‬ ‫يتمثل ف مساعدة ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ ّ‬
‫تفهم‬ ‫ي‬ ‫ر‬ ‫ي‬ ‫النهان‬
‫ي‬ ‫الشعوب القديمة‪ ،‬إال أن الهدف‬
‫ّ‬
‫وبالتال إدراك‬
‫ي‬ ‫العمليات المتصلة بنمو الثقافات أو (الحضارات) وازدهارها أو انهيارها‪،‬‬
‫ّ‬
‫التغثات ‪.‬‬ ‫العوامل المسؤولة عن تلك‬
‫ر‬

‫ّ‬ ‫ر‬
‫حوال أربعة‬
‫ي‬ ‫األنثوبولوجيا‪ ،‬أن الكتابة ظهرت منذ‬ ‫ومن المعروف لدى علماء‬
‫والباحثي‪،‬‬
‫ر‬ ‫الدارسي‬
‫ر‬ ‫آالف سنة قبل الميداد‪ ،‬وما كتب من ذلك التاري ــخ معروف لدى‬
‫الكثث عن اإلنسان‪( .‬نارص‪ ،4795 ،‬ص ‪)50‬‬
‫ر‬ ‫ويمكن بواسطة هذه اآلثار المكتوبة معرفة‬

‫ّ‬
‫والت تمثل‬
‫ي‬ ‫الت خلفها اإلنسان القديم‪،‬‬
‫فعالم اآلثار يعتمد يف دراسته‪ ،‬عىل البقايا ي‬

‫‪- 006 -‬‬


‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com136‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫توصل علماء اآلثار إل أساليب دقيقة لحفر طبقات‬ ‫طبيعة ثقافاته وعنارصها‪ .‬وقد ّ‬
‫ّ‬
‫يتوقع وجود بقايا حضارية فيها‪ .‬كما ّ‬
‫توصلوا إل مناهج دقيقة لفحص تلك‬ ‫الت‬
‫األرض ي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫البقايا وتحديد مواقعها‪ ،‬وتصنيفها من أجل التعرف إليها‪ ،‬ومن ثم مقارنتها بعضها مع‬
‫الكثث من المعلومات‬
‫ر‬ ‫بعض‪ .‬ويستطيع علماء اآلثار باستخدام تلك المناهج‪ ،‬استخداص‬
‫بغثها‪.‬‬ ‫عن الثقافات القديمة‪ّ ،‬‬
‫وتغثاتها‪ ،‬وعداقة ّ‬
‫كل منها ر‬ ‫ر‬

‫ويستخدم علماء ر‬
‫األنثوبولوجيا بقايا المواد كمعطيات رئيسة الستخدام المعرفة‬
‫الت‬ ‫ّ‬
‫العلمية والنظرية‪ ،‬حيث يقوم علماء اآلثار بتحليل النماذ الحضارية والتطورات ي‬
‫طرأت عليها‪ ،‬فتكشف النفايات عن األوضاع الخاصة باالستهداك والنشاطات‪.‬‬

‫ا‬
‫الثية والحبوب المثلية ‪ /‬مثال ‪ :‬تمتلك خصائص مختلفة تسمح لعلماء‬ ‫فالحبوب ر‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫اآلثار أن ّ‬
‫يمثوا ربي النبات الذي تم جلبه‪ ،‬وذلك الذي تمت العناية به محليا‪ .‬كما يكشف‬ ‫ر‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الت تم ذبحها‪ ،‬ويزود بمعلومات‬ ‫فحص عظام الحيوانات‪ ،‬عن أعمار هذه الحيوانات ي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫تحدد فيما إذا كانت هذه األنواع ّ‬
‫برية أو مدجنة‪ .‬ويقوم علماء اآلثار من‬ ‫أخرى مفيدة‪،‬‬
‫والتجارة واالستهداك‬ ‫اإلنتا‬ ‫خدال بحثهم يف هذه المعلومات‪ ،‬بإعادة بناء نماذ‬
‫‪)Kattak, 1994,8).‬‬

‫ّ‬
‫ومع أن الهدف القريب الواضح لألبحاث (األرخلوجية )‪ ،‬هو استكمال معارفنا‬
‫فنن الهدف النهان هو مساعدتنا ف ّ‬‫ّ‬
‫تفهم العمليات‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ماض اإلنسان‪،‬‬
‫ي‬ ‫ومعلوماتنا عن‬
‫ّ‬
‫المتصلة‪ ،‬بنمو الحضارات وازدهارها وانهيارها‪ ،‬وإدراك العوامل المسؤولة عن هذه‬
‫ّ‬
‫الظاهرات التاريخية‪ .‬وقد أصبحت نتائج الدراسات (األرخلوجية) المتصلة بعمليات‬
‫وبولوجيي جميعهم‪ ،‬والذين يعنون بدراسة ظاهرات‬ ‫التطور‪ ،‬مألوفة لدى العلماء ر‬
‫األنث‬ ‫ّ‬
‫ر‬
‫الثقاف‪( .‬لينتون‪ ،4759 ،‬ص‪)01‬‬
‫ي‬ ‫التغيث‬
‫ر‬

‫‪- 137 -‬‬

‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com137‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫األنثبولوجيون – إل االستفادة من أبحاث علماء‬ ‫ر‬ ‫ولذلك‪ ،‬يلجأ علماء اآلثار –‬


‫ّ‬
‫الت يكتشفونها‪ ،‬وتاري ــخ وجودها‪ .‬كما‬
‫الجيولوجيا والمناخ‪ ،‬للتحقق من (هوية) البقايا ي‬
‫األنثوبولوجيا الطبيعية‪ ،‬وذلك ر‬‫ر‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫لكثة‬ ‫صي يف‬ ‫يتعاون علماء اآلثار أيضا‪ ،‬مع المتخص ر‬
‫ُ‬
‫وجود( اللق) اإلنسانية يف الحفريات‪ ،‬مع البقايا الثقافية‪ .‬وقد نجح علماء اآلثار‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫المشع) كوسيلة لتحديد عمر " البقايا " بدقة‪.‬‬ ‫المحدثون‪ ،‬يف استخدام (الكربون‬
‫وصق‪ ،4794 ،‬ص ‪)24‬‬
‫ي‬ ‫(‬

‫ّ‬
‫ويمكن القول – بوجه عام ‪ -‬إن علماء اآلثار القديمة‪ ،‬يحاولون اكتشاف ذلك الجزء‬
‫ّ‬ ‫من التاريـ ــخ الماض الذي ال ّ‬
‫تتعرض لـه السجالت المكتوبة‪ .‬ويقبل عالم اآلثار القديمة‬ ‫ي‬
‫ّ‬
‫والمثثات‬
‫ر‬ ‫الدوافع‬ ‫من‬ ‫بمجموعة‬ ‫ن‬ ‫يقث‬ ‫عمله‬ ‫ألن‬ ‫بحماسة‪،‬‬ ‫اختصاصه‬ ‫عىل ميدان‬
‫المغرية‪ ،‬كالرغبة يف إجراء أبحاث علمية شائقة‪ ،‬واحتمال العثور عىل كنوز ثمينة ‪(...‬‬
‫لينتون‪ ،4759 ،‬ص ‪) 02‬‬

‫ً‬
‫إذا‪ ،‬يدرس تاري ــخ اإلنسان وما رافقه من ّ‬
‫تغثات ثقافية‪ ،‬يف محاولة لبناء‬
‫ر‬ ‫فعلم اآلثار‬
‫الت عاشتها المجتمعات القديمة‪ ،‬مجتمعات ما قبل‬ ‫ّ‬
‫تصور كامل عن الحياة االجتماعية ي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫التاريـ ــخ‪ .‬وإذا كان علم اآلثار يعتمد – إل حد ما عىل التاري ــخ – فننه يختلف عن علم‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الت عاشها‬
‫التاريـ ــخ يف أنه ال يدرس المراحل الحضارية المؤرخة‪ ،‬وإنما يدرس تلك الفثات ي‬
‫اإلنسان قبل اخثاع الكتابة وتدوين التاري ــخ‪.‬‬
‫ي‬ ‫المجتمع‬

‫‪-3‬علم الثقافات المقارن (األثنولوجيا ‪: )Ethnology‬‬

‫تعتث األثنولوجيا من أقرب العلوم إل طبيعة ر‬


‫األنثوبولوجيا‪ ،‬بالنظر إل التداخل‬ ‫ر‬
‫ومثاتها‬
‫الكبث فيما بينهما من حيث دراسة الشعوب وتصنيفها عىل أساس خصائصها‪ ،‬ر‬
‫ر‬
‫السدالية والثقافية واالقتصادية‪ ،‬بما يف ذلك من عادات ومعتقدات‪ ،‬وأنواع المساكن‬

‫‪- 008 -‬‬


‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com138‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫والمدابس‪ ،‬والمثل السائدة لدى هذه الشعوب‪.‬‬

‫ّ‬ ‫ً‬
‫فرعا من ر‬ ‫ّ‬
‫يختص بالبحث والدراسة عن‬ ‫األنثوبولوجيا‪،‬‬ ‫ولذلك‪ ،‬تعد األثنولوجيا‬
‫نشأة السداالت ر‬
‫البشية‪ ،‬واألصول األول لإلنسان‪ .‬وترجع لفظة (أثنولوجيا) إل األصل‬
‫وتعت دراسة الشعوب‪ .‬ولذلك تدرس األثنولوجيا‪ ،‬خصائص‬
‫ي‬ ‫اليونان (أثنوس ‪)Ethnos‬‬
‫ي‬
‫الشعوب اللغوية و الثقافية والسدالية‪( .‬اسماعيل‪ ،4792 ،‬ص ‪)152‬‬

‫ّ‬
‫الماض والحارص – عىل أنه‬
‫ي‬ ‫تفسث توزيـ ــع الشعوب – يف‬
‫ر‬ ‫وتعتمد األثنولوجيا يف‬
‫ر‬
‫الت ترجع إل كثة الحوادث‬ ‫ّ‬
‫نتيجة لتحرك هذه الشعوب واختداطها‪ ،‬وانتشار الثقافات ي‬
‫ّ‬
‫فه تبحث‪،‬‬ ‫السني‪ .‬ي‬
‫ر‬ ‫مدايي) من‬
‫الت بدأت مع ظهور اإلنسان منذ مليون ( ر‬ ‫المعقدة‪ ،‬ي‬
‫ا‬
‫مسألة المصادر التاريخية للشعوب‪ ،‬من أين أتت قبائل الهنود الحمر؟مثال‪ ،‬وأي طريق‬
‫ّ‬
‫سلكت؟ ومت احتلت هذه الشعوب المناطق الموجودة فيها اآلن‪ ،‬وكيف؟ ومن أية‬
‫ر‬ ‫ّ‬
‫ه‬‫جهة تسللت إل أمريكا؟ وكيف انتشت فيها؟ ومت ظهرت أجناس الهنود الحمر؟ وما ي‬
‫المثات اللغوية والمدامح الثقافية الت ر‬
‫نشتها ثقافة الهنود الحمر‪ ،‬قبل احتكاكها بالثقافة‬ ‫ر‬
‫ي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وغث ذلك مما يفيد يف الدراسات الوصفية المقارنة للمجتمعات اإلنسانية‬ ‫األوروبية؟ ر‬
‫وثقافاتها‪( .‬رشوان‪ ،4799 ،‬ص ‪) 94‬‬

‫وتدخل يف ذلك دراسة أصول الثقافات والمناطق الثقافية‪ ،‬وهجرة الثقافات‬


‫وانتشارها والخصائص النوعية ّ‬
‫لكل منها‪ ،‬دراسة حياة المجتمعات يف صورها المختلفة‪.‬‬
‫ّ‬
‫أي أنه العلم الذي يبحث يف السداالت القديمة وأصولها وأنماط حياتها‪ ،‬كما يبحث يف‬
‫ّ‬
‫الحياة الحديثة يف المجتمعات الحارصة‪ ،‬وتأثرها بتلك األصول القديمة‪.‬‬

‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وف ضوء نظريات‬‫ولذلك‪ ،‬تعرف األثنولوجيا بأنها ‪ :‬دراسة الثقافة عىل أسس مقارنة ي‬
‫ّ‬
‫وقواعد ثابتة‪ ،‬بقصد استنباط تعميمات عن أصول الثقافات وتطورها‪ ،‬وأوجه االختداف‬

‫‪- 139 -‬‬

‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com139‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫ً‬ ‫ا‬
‫فيما بينها‪ ،‬وتحليل انتشارها تحليال تاريخيا ‪ (،‬كلوكهون‪ ،4751 ،‬ص ‪)24‬‬

‫القواني المقارنة‪ ،‬وال ّ‬


‫سيما‬ ‫ر‬ ‫ّ‬
‫وتهتم النظرية األثنولوجية بدراسة الثقافة‪ ،‬عن طريق‬
‫يهتم علماء القانون المقارن بدراسة بعض‬‫ّ‬ ‫قواني الشعوب البدائية‪ ،‬حيث‬ ‫مقارنة‬
‫ر‬
‫األموم‪ ،‬سلطة األب‪ ،‬الحياة‬
‫ي‬ ‫العادات والنظم والقيم والتقاليد‪ ،‬مثل ‪ :‬النسب األبوي أو‬
‫الجنىس‪ ،‬وطرائق الزوا المختلفة‪( .‬حمدان‪ ،4797 ،‬ص ‪)422‬‬
‫ي‬ ‫اإلباحية‪ ،‬االختداط‬

‫الت ال تزال موجودة يف عرصنا‬


‫ويبحث علم األثنولوجيا يف طرائق حياة المجتمعات ي‬
‫الت يعود تاري ــخ انقراضها إل عهد قريب‪ ،‬وتتوافر لدينا عنه‬ ‫الحارص‪ ،‬أو المجتمعات ي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الت يطلق عليها‬
‫وه ي‬ ‫سجالت تكاد تكون كاملة‪ .‬فلكل مجتمع طريقته الخاصة يف الحياة‪ ،‬ي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ر‬
‫الت‬
‫العلماء األنثوبولوجيون مصطلح " الثقافة "‪ .‬ويعد مفهوم الثقافة من أهم األدوات ي‬
‫ر ي‬
‫األثنولوج‪( .‬لينتون‪ ،4759 ،‬ص ‪)05‬‬ ‫يتعامل معها الباحث‬

‫ّ‬
‫عمليت التحليل والمقارنة ‪ ،‬فتكون عملية‬
‫ي‬ ‫مثات األثنولوجيا‪ ،‬أنها تعتمد‬ ‫ومن ر‬
‫ر‬
‫ثقافتي أو أكث‪.‬‬ ‫التحليل يف دراسة ثقافة واحدة‪ ،‬بينما تكون عملية المقارنة يف دراسة‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫التعرف إليها بالعيش ربي‬ ‫والت يمكن‬ ‫ّ‬
‫الحية (المعارصة)‬ ‫وتدرس األثنولوجيا الثقافات‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫أهلها‪ ،‬كما تدرس الثقافات المنقرضة (البائدة) بواسطة مخلفاتها األثرية المكتوبة‬
‫الثقاف من خدال البحث‬ ‫التغيث‬ ‫وتهتم إل جانب ذلك‪ ،‬بدراسة ظاهرة‬‫ّ‬ ‫ّ‬
‫المدونة‪.‬‬ ‫والوثائق‬
‫ي‬ ‫ر‬
‫وصق‪ ،4799 ،‬ص ‪) 22‬‬ ‫ّ‬
‫يف تاري ــخ الثقافات وتطورها ‪(.‬‬
‫ي‬
‫ً‬ ‫ا‬ ‫وقد كان هذا الفرع من ر‬
‫األنثوبولوجيا الثقافية‪ ،‬يلق اهتماما قليال قياسا للفروع‬
‫األنثوبولوجية األخرى‪ ،‬حيث قام بعض علماء ر‬
‫األنثوبولوجيا ف القرن ر‬
‫العشين‪ ،‬بدراسة‬ ‫ر‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫الت تؤثر من خدالها المفاهيم االجتماعية المحدودة يف سلوك األشخاص‬ ‫الطرائق ي‬
‫ّ‬
‫الت ما زالت تحيا حياة بسيطة‪ ،‬وال سيما‬
‫وأمزجتهم‪ ،‬ومعرفة الحياة اإلنسانية للشعوب ي‬

‫‪- 041 -‬‬


‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com140‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫وف بعض المناطق يف‬


‫الت تعيش يف ‪ :‬أسثاليا وأمريكا الجنوبية وأفريقيا‪ ،‬ي‬
‫تلك الشعوب ي‬
‫آسيا ‪.‬‬

‫ًّ‬
‫وكان علماء األثنولوجيا‪ ،‬وإل عهد قريب جدا‪ ،‬يقرصون أبحاثهم يف الظواهر‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫مجرد ناقل‬ ‫يعتثون الفرد كما لو أنه‬
‫االجتماعية واإلنسانية للمجتمعات الثقافية‪ .‬وكانوا ر‬
‫الت يمكن أن تستبدل الواحدة منها‬
‫للثقافة‪ ،‬أو حلقة من سلسلة من الوحدات المتماثلة ي‬
‫ّ‬
‫المعايث الشخصية‪ ،‬تختلف‬ ‫ّ‬
‫تبي لهؤالء العلماء أن‬
‫ر‬ ‫بأخرى‪ .‬ولكن‪ ،‬وبعد دراسات عديدة‪ ،‬ر‬
‫باختداف األفراد والمجتمعات والثقافات‪( .‬نارص‪ ،4795 ،‬ص ‪)55‬‬

‫ّ‬
‫لتطور األبحاث األثنولوجية‪ ،‬والعلماء يحاولون اكتشاف‬ ‫فمنذ البدايات األول‬
‫ّ‬
‫وتتقبل أو تنبذ‬ ‫معينة‪ّ ،‬‬
‫تطور محاور اهتمام خاصة بها‪،‬‬ ‫األسباب الت تجعل مجتمعات ّ‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫تجديدات مختلفة من النوع الذي يبدو أنه ال ينطوي عىل ّأية عوامل نفعية‪ ،‬وكذلك‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫المتنوعة تعكس – بصورة منتظمة – اتجاهات مختلفة يف‬ ‫الت تجعل الثقافات‬ ‫األسباب ي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫تطورها‪ .‬وساد االعتقاد حينا من الزمن أن هذه الظاهرات يمكن عزوها إل وقائع تاريخية‬
‫ّ‬
‫الجدل الذي ال سستند إل أي برهان‬
‫ي‬ ‫ه رصب من االفثاض‬
‫غث أن هذه النظرية ي‬
‫عارضة‪ ،‬ر‬
‫أو دليل‪( .‬لينتون‪ ،4759 ،‬ص ‪)20‬‬

‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الت تعمد‬
‫ويتفق معظم العلماء عىل أن مصطلح (أثنوجرافيا) يطلق عىل الدراسة ي‬
‫الت‬ ‫ّ‬
‫معي‪ ،‬بينما يطلق مصطلح (أثنولوجيا) عىل الدراسات ي‬‫إل وصف ثقافة ما يف مجتمع ر‬
‫قواني‬
‫ر‬ ‫ر ي‬
‫فاألثنولوج يهدف من تلك المقارنات الوصول إل‬ ‫تجمع ربي الوصف والمقارنة‪.‬‬
‫الثقاف وآثار االتصال ربي الثقافات المختلفة‪،‬‬
‫ي‬ ‫التغيث‬
‫ر‬ ‫عامة للعادات اإلنسانية‪ ،‬ولظاهرة‬
‫ً‬
‫األثنولوج أيضا إل تصنيف الثقافات ضمن مجموعات أو أشكال‪ ،‬عىل أساس‬ ‫ر ي‬ ‫كما يهدف‬
‫وصق‪ ،4794 ،‬ص ‪)05‬‬ ‫ّ‬
‫معايث) معينة‪( .‬‬
‫مقاييس ( ر‬
‫ي‬

‫‪- 111 -‬‬

‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com141‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫ّ‬
‫ه يف األساس‪ ،‬مماثلة ألهداف‬ ‫ر ي‬
‫األثنولوج‪ ،‬ي‬ ‫للعالم‬
‫ِ‬ ‫يعت أن األهداف النهائية‬
‫وهذا ي‬
‫ّ‬
‫وعالم االقتصاد ‪ ..‬فكل عالم من هؤالء‪ ،‬يحاول أن يفهم كيف تعمل‬ ‫عالم االجتماع‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ّ‬
‫تتغث الثقافات؟ كما يحاول أن يتوصل إل‬ ‫ّ‬ ‫المجتمعات والثقافات؟ وكيف ولماذا‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫التنبؤ‬ ‫قواني " بحسب المصطلح الدار للمفهوم‪ ،‬لتساعده يف‬ ‫ر‬ ‫تعميمات ّ‬
‫معينة‪ ،‬أو "‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫سث األحداث‪ ،‬بقصد التحكم به يف النهاية‪( .‬لينتون‪ ،4759 ،‬ص ‪) 09‬‬ ‫باتجاه ر‬

‫ّ‬
‫فنذا كان القول بأن األثنولوجيا تدرس الظواهر الثقافية دراسة رأسية‪ ،‬أي دراسة‬
‫ّ‬
‫وتطورها‬ ‫الماض‪ ،‬مع متابعة دراسة تلك الثقافات‬ ‫مقارنة زمانية تاريخية لثقافات‬
‫ي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫عث التاريـ ــخ‪ ،‬فنن األثنوجرافيا تدرس الظواهر الثقافية دراسة أفقية محددة‬
‫ومقارنتها ر‬
‫المكان‪ ،‬وهكذا تكون األثنولوجيا دراسة مقارنة يف الزمان‪ ،‬بينما تكون األثنوجرافيا دراسة‬
‫مقارنة يف المكان‪( .‬اسماعيل‪ ،4792 ،‬ص ‪)05‬‬

‫وكان من نتائج االحتكاك بي علم االجتماع وعلم األثنولوجيا‪ ،‬أن ّ‬


‫تزود علم االجتماع‬ ‫ر‬
‫ّ‬
‫االجتماع‪ ،‬الذي يعت بدراسة‬
‫ي‬ ‫بأساليب جديدة ثبت أنها ذات قيمة خاصة للباحث‬
‫وسع مجال علم‬ ‫المجتمعات الحديثة الصغثة‪ .‬أضف إل ذلك‪ّ ،‬أن االحتكاك بي العلمي ّ‬
‫ر‬ ‫ر‬ ‫ر‬
‫ّ‬
‫وأدى بالتال إل ّ‬
‫تغث بعض صيغه النظرية‪( .‬لينتون‪ ،4759 ،‬ص ‪) 20‬‬ ‫ر‬ ‫ي‬ ‫االجتماع‪،‬‬

‫ّ‬
‫لقد تبلورت األثنولوجيا بعد الحرب العالمية الثانية ‪ ،‬وشكلت ما يمكن اإلشارة إليه‬
‫األنثوبولوجيي يف‬ ‫ر‬
‫باألنثوبولوجيا المعارصة‪ .‬وساعد عىل هذا االتجاه ودعمه‪ ،‬ازدياد عدد‬
‫ر‬
‫ً‬
‫الغربيي‪ .‬ولم تعد‬
‫ر‬ ‫الباحثي‬
‫ر‬ ‫البلدان النامية‪ ،‬بعد إن كانت هذه المهنة وقفا عىل‬
‫ّ‬
‫المحلية ذات‬ ‫األثنولوجيا تقرص مجال دراستها عىل المجتمعات الصغ رثة الحجم‪ ،‬أو‬
‫ّ‬
‫غث الغربية‪ ،‬وإنما اتجهت لتوسيع مجالها بحيث تشمل الثقافات والمجتمعات‬
‫الثقافات ر‬
‫ّ‬
‫كلها‪ ،‬وعىل اختداف حجمها وموقعها‪( .‬فهيم‪ ،4795 ،‬ص ‪)25‬‬

‫‪- 042 -‬‬


‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com142‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫ّ‬ ‫غث ّأن هذا ّ‬


‫التنوع الذي اتصفت به األثنولوجيا ف القرن ر‬
‫العشين‪ ،‬أدى إل حدوث‬ ‫ي‬ ‫ر‬
‫األكاديم‪ ،‬عداوة عىل‬
‫ي‬ ‫الكثث من االستقرار‬
‫ر‬ ‫بعض التضارب يف الدراسات‪ ،‬وهذا ما أفقدها‬
‫أكث من ّ‬
‫توصلها إل نظريات علمية‪ ،‬األمر الذي أثار العديد‬ ‫المنهجية ر‬
‫ّ‬ ‫بالنواج‬ ‫ّ‬
‫تمسكها‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫وعلميتها‪ ،‬وصلتها بقضايا اإلنسان‬ ‫ّ‬
‫كيفية دراسة الثقافات اإلنسانية‬ ‫من التساؤالت حول‬
‫المعارص‬

‫‪- 113 -‬‬

‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com143‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫مصـادر الفصل ومراجعـه‬


‫ّ‬
‫العرن‪ ،‬الكويت ‪.‬‬
‫ري‬ ‫العرن ‪ ،15‬مجلـة‬
‫ري‬ ‫‪ -‬أبو زيد‪ ،‬حامد (‪ )0224‬الطريق إل المعرفة‪ ،‬كتاب‬

‫‪ -‬اسماعيل‪ ،‬قباري دمحم (‪ )4792‬ر‬


‫األنثوبولوجيا العامة‪ ،‬منشأة المعارف باالسكندرية ‪.‬‬

‫ّ‬
‫مقدمة ف ر‬
‫األنثوبولوجيا العامة‪ ،‬ترجمة ‪ :‬دمحم‬ ‫ي‬ ‫‪ -‬بيلز‪ ،‬رالف ؛ هويجرا‪ ،‬هاري (‪)4799‬‬
‫الجوهري وآخرون‪ ،‬دار النهضة المرصية‪ ،‬القاهرة ‪.‬‬

‫‪ -‬حمدان‪ ،‬دمحم زياد (‪ )4797‬الثقافات االجتماعية المعارصة‪ ،‬دار الثبية الحديثة‪ّ ،‬‬
‫عمان ‪.‬‬

‫‪ -‬رشوان‪ ،‬حسي عبد الحميد (‪ )4799‬ر‬


‫األنثوبولوجيا يف المجال النظري‪ ،‬االسكندرية ‪.‬‬ ‫ر‬

‫‪ -‬زرقانة‪ ،‬ابراهيم (‪ )4759‬ر‬


‫األنثوبولوجيا‪ ،‬مكتبة النهضة المرصية‪ ،‬القاهرة ‪.‬‬

‫‪ -‬سثوس‪ ،‬كلود ليق (‪ )4799‬ر‬


‫األنثوبولوجيا البنيوية‪ ،‬ترجمة ‪ :‬مصطق صالح‪ ،‬وزارة‬ ‫ي‬
‫الثقافة‪ ،‬دمشق ‪.‬‬

‫قصة ر‬
‫األنثوبولوجيا – فصول يف تاري ــخ اإلنسان‪ ،‬عالم المعرفة‬ ‫‪ -‬فهيم‪ ،‬حسي (‪ّ )4795‬‬
‫ر‬
‫(‪ ،)479‬الكويت ‪.‬‬

‫‪ -‬كلوكهون‪ ،‬كدايد (‪ )4751‬اإلنسان يف المرآة‪ ،‬ترجمة ‪ :‬شاكر سليم‪ ،‬بغداد ‪.‬‬

‫‪ -‬لبيب‪ ،‬الطاهر (‪ )4799‬سوسيولوجية الثقافة‪ ،‬دار الحوار‪ ،‬الداذقية ‪.‬‬

‫‪ -‬لينتون‪ ،‬رالف (‪ )4759‬ر‬


‫األنثوبولوجيا وأزمة العالم الحديث‪ ،‬ترجمة ‪ :‬عبد الملك‬
‫الناشف‪ ،‬المكتبة العرصية‪ ،‬ربثوت ‪.‬‬

‫‪- 044 -‬‬


‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com144‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫‪ -‬نارص‪ ،‬ابراهيم (‪ )4795‬ر‬


‫األنثوبولوجيا الثقافية – علم اإلنسان الثقاف ‪ّ ،-‬‬
‫عمان‪.‬‬ ‫ي‬

‫(‪ )4791‬أسس ر‬
‫األنثوبولوجيا الثقافية‪ ،‬ترجمة ‪ :‬رباح النفاخ‪،‬‬ ‫‪ -‬هرسكوفيث‪ ،‬ميلفيل‪.‬‬
‫وزارة الثقافة‪ ،‬دمشق ‪.‬‬

‫‪ -‬وصق‪ ،‬عاطف (‪ )4794‬ر‬


‫األنثوبولوجيا الثقافية‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬ربثوت‪.‬‬ ‫ي‬

‫ّ‬
‫والشخصية‪ ،‬دار المعارف بمرص‪.‬‬ ‫وصق‪ ،‬عاطف (‪ )4799‬الثقافة‬ ‫‪-‬‬
‫ي‬

‫‪- Barnouw , V .(1972) Cultural Anthropology , Home wood Illinois,‬‬


‫‪Irwen Inc .‬‬

‫‪- 115 -‬‬

‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com145‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫الفصل الخامس‬

‫ر‬
‫األنثوبولوجيا االجتماعية‬

‫‪Sociology Anthropology‬‬

‫ا‬
‫أول‪-‬تعريف ر‬
‫األنثوبولوجيا االجتماعية‬

‫ّ‬
‫وتطورها‬ ‫ثانيا‪ -‬نشأة ر‬
‫األنثوبولوجيا االجتماعية‬

‫ثالثا‪-‬أهداف ر‬
‫األنثبولوجيا االجتماعية‬

‫‪-4‬تحديد نماذ لألبنية االجتماعية‬

‫‪-0‬تحديد مظاهر التداخل والثابط ربي النظم االجتماعية‬

‫االجتماع‬
‫ي‬ ‫التغيث‬
‫ر‬ ‫‪-2‬تحديد عمليات‬

‫‪- 046 -‬‬


‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com146‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫ا‬
‫أوال‪ -‬تعريف ر‬
‫األنثوبولوجيا االجتماعية‬

‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫تعرف ر‬


‫ّ‬
‫االجتماع الذي يتخذ يف‬
‫ي‬ ‫األنثوبولوجيا االجتماعية بأنها ‪ :‬دراسة السلوك‬
‫السياش‪ ،‬واإلجراءات‬
‫ي‬ ‫العادة شكل نظم اجتماعية كالعائلة‪ ،‬ونسق القرابة‪ ،‬والتنظيم‬
‫وغثها‪ .‬كما تدرس العداقة ربي هذه النظم سواء يف‬
‫القانونية‪ ،‬والعبادات الدينية‪ ،‬ر‬
‫الت يوجد لدينا عنها معلومات‬
‫المجتمعات المعارصة أو يف المجتمعات التاريخية‪ ،‬ي‬
‫مناسبة من هذا النوع‪ ،‬يمكن معها القيام بمثل هذه الدراسات‪( .‬بريتشارد‪،4795 ،‬‬
‫ص‪)42‬‬

‫ولذلك‪ ،‬فمن الرصوري ف دراسة اإلنسان وأعماله‪ ،‬أن ّ‬


‫نمث ربي عبارة " ثقافة "‬
‫ر‬ ‫ي‬
‫ه طريقة حياة شعب ما‪،‬‬ ‫وعبارة " مجتمع " المرافقة لها‪ .‬فالثقافة – كما يف تعريفاتها – ي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ّأما المجتمع فهو تكتل منظم لعدد من األفراد‪ ،‬يتفاعلون فيما بينهم ويتبعون طريقة‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ه ثقافتهم ‪.‬‬
‫حياة معينة ‪ ..‬وبعبارة أبسط ‪ :‬المجتمع مؤلف من أناس‪ ،‬وطريقة سلوكهم ي‬

‫ّ‬ ‫ّ‬
‫المؤسسات واألنظمة االجتماعية‪ ،‬أدوات نافعة لألغراض‬ ‫وهنا تعد تصنيفات‬
‫ّ‬
‫الوصفية‪ ،‬كما أن التعميمات بالنسبة للعداقات المتداخلة والمتبادلة ربي النماذ‬
‫ّ‬
‫مشوشة‬ ‫والمؤسسات‪ ،‬تساعد يف االهتداء إل نوع من النظام وسط أوضاع تبدو‬ ‫ّ‬

‫وف الوقت ذاته‪ ،‬يعتمد هذا‬ ‫الحقيق للعمليات االجتماعية‪ .‬ي‬


‫ي‬ ‫وف زيادة الفهم‬
‫وغامضة‪ ،‬ي‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫االجتماع جزءا منه‪ .‬ويضم هذا‬
‫ي‬ ‫الكىل الذي يؤلف النظام‬
‫ي‬ ‫الفهم عىل دراسة النسق‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ه ‪ :‬شخصيات األفراد الذين يؤلفون المجتمع‪ ،‬والبيئة‬ ‫متمثة‪ ،‬ي‬
‫ر‬ ‫النسق ثداثة عنارص‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وأخثا المجموعة‬
‫ر‬ ‫معها‪،‬‬ ‫وثقافته‬ ‫حياته‬ ‫ف‬‫يكي‬ ‫أن‬ ‫المجتمع‬ ‫عىل‬ ‫يتعي‬
‫ر‬ ‫الت‬
‫الطبيعية ي‬
‫الت تضمن استمرار بقاء المجتمع عن طريق‬ ‫ّ‬
‫الكاملة من الوسائل الفنية الدازمة للمعيشة‪ ،‬ي‬
‫نقلها من جيل إل جيل‪( .‬لينتون‪ ،4751 ،‬ص ‪) 259‬‬

‫‪- 117 -‬‬

‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com147‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫اجتماع‪،‬‬
‫ي‬ ‫ولكن‪ ،‬هل يمكن أن نفصل عىل هذا الشكل ربي اإلنسان كحيوان‬
‫َ ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫االجتماع يف الواقع سلوكا ثقافيا؟ ألم نر أن‬
‫ي‬ ‫واإلنسان كمخلوق ذي ثقافة؟ أليس السلوك‬
‫ُُ‬ ‫ّ‬ ‫ر‬
‫ه مثل اإلنسان أو‬ ‫ه اإلنسان نفسه أكث مما ي‬ ‫الكثى يف دراسة اإلنسان ‪ ،‬ي‬ ‫الحقيقة ر‬
‫بتكتدات ّ‬‫ّ‬
‫نسميها " مجتمعات "؟‬ ‫الت نجمت عن ارتباطه‬
‫ي‬ ‫مادية‬ ‫ال‬ ‫األشياء‬ ‫حت‬ ‫نظمه‪ ،‬أو‬

‫ّ‬ ‫فالنظام االجتماع إذن‪ ،‬هو التعبث التقت ر‬


‫يدل عىل المظهر‬ ‫ر ي‬
‫وبولوج الذي‬ ‫األنث‬ ‫ي‬ ‫ر‬ ‫ي‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫الت تؤلف إطارا ألنواع السلوك‬ ‫ي‬ ‫النظم‬ ‫سشمل‬ ‫وهو‬ ‫اإلنسانية‪،‬‬ ‫الجماعة‬ ‫األساش يف حياة‬
‫ي‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫جميعها‪ ،‬سواء كان فرديا أو اجتماعيا‪( .‬هرسكوفيث‪ ،4791 ،‬ص ‪)04-02‬‬

‫ّ‬
‫المنظمة‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬
‫زودتا اإلنسان بأدوات لنقل الثقافات‪ ،‬مهما‬ ‫إن اللغة والحياة االجتماعية‬
‫غث إيجابية‪ .‬وعملت الحياة االجتماعية‬
‫بلغت من التعقيد‪ ،‬والمحافظة عىل تراثها بصورة ر‬
‫ً‬
‫اجتماع‪ ،‬يفوق يف ثروته ما تحتا إليه‬
‫ي‬ ‫أيضا عىل جعل اإلنسان يف حاجة إل إرث‬
‫البشية‪ ،‬بتدريب أجيال متداحقة من‬ ‫وتمت المحافظة عىل المجتمعات ر‬ ‫الحيوانات‪ّ .‬‬

‫ه نفسها‪ ،‬حصيلة الثقافة‪( .‬لينتون‪ ،4751 ،‬ص ‪)447‬‬


‫األفراد ‪ ..‬ولذا كانت المجتمعات‪ ،‬ي‬

‫ر‬
‫األنثوبولوجيا االجتماعية إل تحديد العداقات‬ ‫وبناء عىل ذلك‪ ،‬تهدف دراسة‬
‫الت تدرس من خدال آثارها‬
‫المتبادلة ربي هذه النظم‪ ،‬سواء يف المجتمعات القديمة ي‬
‫الت تدرس من خدال المداحظة‬
‫المادية والفكرية‪ ،‬أو يف المجتمعات الحديثة والمعارصة‪ ،‬ي‬
‫ر‬
‫المباشة لمنجزاتها وتفاعداتها الخاصة والعامة‪.‬‬

‫ّ‬ ‫ً‬
‫ثانيا‪-‬نشأة ر‬
‫وتطورها‬ ‫األنثوبولوجيا االجتماعية‬

‫ر‬ ‫ر‬ ‫ّ‬


‫واألنثوبولوجيا االجتماعية خاصة‪ ،‬بدراسة‬ ‫األنثوبولوجيا عامة‪،‬‬ ‫يعد اهتمام‬
‫ًّ‬ ‫ً‬
‫أساسيا من فلسفة علم‬ ‫المجتمعات اإلنسانية‪ ،‬وعىل المستويات الحضارية كافة‪ ،‬منطلقا‬

‫‪- 048 -‬‬


‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com148‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫سيما دراسة أساليب حياة المجتمعات المحلية‪ ،‬إل جانب‬ ‫ر‬


‫األنثوبولوجيا وأهدافها‪ ،‬وال ّ‬
‫دراسات ما قبل التاريـ ــخ‪ ،‬ودراسات اللغات واللهجات المحلية ‪ ..‬وهذا ما ّ‬
‫يمث‬
‫ر‬
‫ر‬
‫األنثوبولوجيا من العلوم اإلنسانية ‪ /‬االجتماعية األخرى‪ ،‬وال ّ‬
‫سيما علم االجتماع ‪.‬‬

‫بأنه علم حديث العهد‪ ،‬ال بل من ر‬ ‫ّ‬ ‫ويوصف علم ر‬


‫أكث‬ ‫األنثوبولوجيا االجتماعية‬
‫ّ‬
‫للمرة‬ ‫ر‬
‫العلوم االجتماعية حداثة‪ .‬فقد استخدم مصطلح (االنثوبولوجيا االجتماعية)‬
‫كرمت جامعة ليفربول يف بريطانيا السيد ‪ /‬جيمس فريزر‪/‬‬ ‫األول ف عام ‪ /4792/‬عندما ّ‬
‫ي‬
‫ومنحته لقب األستاذ‪.‬‬

‫ّ‬
‫ومما ّ‬
‫التطبيق‪ ،‬من البت‬
‫ي‬ ‫الطبيىع ‪/‬‬
‫ي‬ ‫يدل عىل حداثة هذا العلم الذي يدرس الجانب‬
‫ً‬
‫االجتماعية‪ ،‬ذلك االختداف الذي ما يزال قائما ربي علماء االجتماع حول هذه التسمية ‪:‬‬
‫األنثوبولوجيا االجتماعية )‪ .‬ولكن عىل الرغم من حداثة هذا العلم‪ ،‬فقد ّ‬
‫مر بمراحل‬ ‫( ر‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وتطوره واستكمال عنارصه إل حد بعيد‪ ،‬بدءا من القرن الثامن‬ ‫متعددة أسهمت يف نشوئه‬
‫ر‬
‫عش وحت الوقت الحارص‪.‬‬

‫‪ _4‬القرن الثامن ر‬
‫عش ‪:‬‬

‫تعد الدراسات الت أجريت ف القرن الثامن ر‬ ‫ّ‬


‫عش حول األبنية االجتماعية‪ ،‬وأنساق‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫مهدت لظهور ر‬
‫األنثوبولوجيا االجتماعية‪.‬‬ ‫أهم الدراسات الت ّ‬ ‫القيم السائدة فيها‪ ،‬من ّ‬
‫ي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫القواني " الذي ألفه ‪ /‬مونتسيكو ‪ /‬عالم االجتماع‬
‫ر‬ ‫وكان يف مقدمتها كتاب " روح‬
‫ّ‬ ‫ر‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫يتكون من مجموع نظم‬ ‫البشي وما يحيط به‪،‬‬ ‫الفرنىس‪ ،‬والذي أكد فيه أن المجتمع‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫القواني عند أي شعب من الشعوب‪ ،‬إال إذا درست‬ ‫ر‬ ‫فهم‬ ‫يمكن‬ ‫ال‬ ‫بحيث‬ ‫ابطة‪،‬‬
‫مث‬
‫الت تحكم هذا النظام أو ذاك‪ ،‬بما فيها البيئة والحياة االقتصادية‪ ،‬والسكان‬
‫العداقات ي‬
‫الفرش ‪/‬مونتسيكو‪ /‬ربي البناء‬ ‫مث الفيلسوف‬ ‫ّ‬
‫ي‬ ‫والمعتقدات واألخداق السائدة‪ ،‬حيث ر‬

‫‪- 119 -‬‬

‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com149‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫ّ‬
‫القيم‪ ،‬عىل الرغم من العداقة بينهما‪ .‬وأوضح أن المجتمع ذاته وما‬‫ي‬ ‫االجتماع والنظام‬
‫ي‬
‫ًّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وبالتال ال يمكن فهم‬
‫ي‬ ‫‪،‬‬‫ا‬ ‫وظيفي‬ ‫ارتباطا‬ ‫ببعض‬ ‫بعضها‬ ‫يرتبط‬ ‫نظم‬ ‫من‬ ‫ن‬‫يتكو‬ ‫به‪،‬‬ ‫يحيط‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫القواني كلها‪،‬‬
‫ر‬ ‫القانون العام لدى أي شعب من الشعوب‪ ،‬إال إذا درسنا العداقات ربي هذه‬
‫ّ‬
‫الطبيعية والحياة االقتصادية‪ ،‬وعدد السكان‬ ‫قواني بالبيئة‬ ‫ّ‬
‫ومن ثم دراسة عداقة تلك ال ر‬
‫الت كانت سائدة ‪ (.‬الجباوي‪ ،4790 ،‬ص‪)424‬‬
‫واألعراف والتقاليد السائدة أو ي‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫الفرنىس أيضا‪ ،‬يعد أول من رأى رصورة إنشاء‬
‫ي‬ ‫ولكن ‪ /‬سان سيمون ‪ /‬عالم االجتماع‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫واعتث أن مهمة علماء‬
‫ر‬ ‫وضىع للعداقات االجتماعية‪.‬‬
‫ي‬ ‫علم للمجتمع‪ ،‬واقثح إنشاء علم‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫االجتماع ال تقترص عىل دراسة المفاهيم والتصورات االجتماعية فحسب‪ ،‬وإنما يجب أن‬
‫تشمل تحليل الوقائع والحقائق الت ّ‬
‫تعززها‪.‬‬ ‫ي‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫تماما إنشاء علم ‪ /‬ر‬
‫األنثوبولوجيا االجتماعية‪ /‬وإنما‬ ‫وإذا كان‪ /‬سيمون ‪ /‬لم يقصد‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫قصد إيجاد علم خاص يدرس النظم االجتماعية وعداقاتها دراسة موضوعية‪ ،‬فنن ذلك‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫تحقق فعال بجهود تلميذه ‪ /‬أوغست كونت ‪. /‬‬

‫هذا ف فرنسا ‪ّ ..‬أما ف إنكلثا‪ ،‬فقد ظهرت دراسات تمهيدية لعلم ر‬


‫األنثوبولوجيا‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫االجتماعية‪ ،‬وال ّ‬
‫سيما أبحاث ‪ /‬دافيد هيوم وآدم سميث‪ /‬حيث نظر إل كل مجتمع‬
‫ّ‬
‫ينشأ من الطبيعة ر‬ ‫ّ‬
‫البشية‪ ،‬وليس عن طريق التعاقد‪ .‬ولذلك‬ ‫طبيىع‬
‫ي‬ ‫إنسان عىل أنه نسق‬
‫ي‬
‫واعتث المجتمع (أي‬
‫ر‬ ‫الطبيىع‪.‬‬ ‫انتشت مفاهيم جديدة‪ ،‬مثل ‪ :‬األخداق الطبيعية والدين‬ ‫ر‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫ان‪ ،‬عند‬
‫التجريت واالستقر ي‬
‫ري‬ ‫إنسان) ظاهرة طبيعية‪ ،‬ال بد من استخدام المنهج‬‫ي‬ ‫مجتمع‬
‫ّ‬
‫دراسته بدال من المناهج العقلية ‪ /‬الفلسفية ‪.‬‬

‫ً‬ ‫ّ‬
‫البدان‪ ،‬اعتمادا عىل‬
‫ي‬ ‫التمهيدية بوادر االهتمام بالمجتمع‬ ‫وظهرت يف هذه المرحلة‬
‫ُ‬
‫البدان‬
‫ي‬ ‫رحدات االستكشاف لآلثار والمتاحف والمصادر المختلفة‪ .‬وقد نظر إل اإلنسان‬

‫‪- 001 -‬‬


‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com150‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫وهمح ف سلوكاته ‪ ..‬يتناقض ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬


‫كلية مع إنسان المجتمع‬ ‫ر ي ي‬ ‫متوحش يف مجتمعه‪،‬‬ ‫عىل أنه‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وخث مثال عىل ذلك‪ ،‬ما كتبه ‪ /‬جون لوك ‪ /‬عن الهنود الحمر يف‬ ‫المتمدن والمتقدم‪ .‬ر‬
‫ً‬
‫وغث دقيقة‪ ،‬عن هذه الشعوب البدائية ‪.‬‬
‫أمريكا‪ ،‬حيث أصدر أحكاما عامة ر‬

‫عش وفداسفته‪ ،‬مهما تكن آراؤهم‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬


‫إن علماء القرن الثامن ر‬
‫مهدوا بشكل‬ ‫والخداصة‪،‬‬
‫األنثوبولوجيا االجتماعية‪ ،‬وذلك نتيجة الهتمامهم بالنظم‬‫أساش لظهور علم دراسة ر‬
‫ي‬
‫ً‬
‫االجتماعية من جهة‪ ،‬واعتبارهم المجتمعات اإلنسانية أنساقا طبيعية‪ ،‬يف إطار (الطبيعة‬
‫ّ‬ ‫ر‬
‫البشية) من جهة أخرى يجب أن تدرس من خدال المناهج التجريبية‪ ،‬عىل الرغم من أن‬
‫المعنيي كانت بعيدة عن طبيعة هذه المناهج‪ ،‬وكانت تعتمد عىل‬
‫ر‬ ‫دراسات هؤالء‬
‫الشكىل )‪.‬‬
‫ي‬ ‫التحليل الصوري (‬

‫‪ -0‬القرن التاسع ر‬
‫عش ‪:‬‬

‫عش‪ ،‬فثة نشوء ر‬ ‫ّ‬


‫يعد النصف الثان من القرن التاسع ر‬
‫األنثوبولوجيا كعلم معثف‬ ‫ي‬
‫الت بحثت يف هذا العلم‬ ‫به ‪ ..‬وقد أسهم يف ذلك صدور العديد من الدراسات والكتب ي‬
‫ّ‬
‫مؤلفات ّ‬ ‫ّ‬
‫وحددت معالمه األساسية‪ ،‬وال ّ‬
‫كل من (تايلور وماكلينان) يف إنكلثا‪ ،‬و‬ ‫سيما‬
‫اهتم هؤالء بجمع المعلومات عن الشعوب البدائية‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫بافوفي) يف سويشا‪ ،‬حيث‬
‫ر‬ ‫(‬
‫ّ‬
‫وف حدود األبنية‬
‫وأبرزوها بصورة منهجية منظمة‪ ،‬من خدال دراسة النظم االجتماعية‪ ،‬ي‬
‫االجتماعية لهذه المجتمعات‪ ،‬وليس يف حدود الفلسفة وعلم النفس‪ .‬فوضعوا بذلك‬
‫أسس علم ر‬
‫األنثوبولوجيا االجتماعية‪.‬‬

‫فش ‪ /‬ماكلينان ‪ /‬مثدا ‪ :‬تحريم زوا المحارم يف بعض هذه المجتمعات‬ ‫فقد ّ‬
‫ً‬
‫األكسوجام )‪ ،‬استنادا إل ظواهر اجتماعية أو عقائد خاصة بتلك‬
‫ي‬ ‫البدائية (نظام الزوا‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫الت‬
‫ي‬ ‫المجتمعات‪ ،‬رافضا إرجاعه إل أسباب بيولوجية أو نفسية‪ .‬كما أن طريقة الزوا‬

‫‪- 151 -‬‬

‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com151‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫ّ‬ ‫ّ‬
‫تتمثل يف عملية خطف العروس‪ ،‬لم تستند إل نظريات نفسية أو فلسفية‪ ،‬وإنما ترجع إل‬
‫لطق‪)90 ،4797 ،‬‬‫الست واالغتصاب‪ ( .‬ي‬
‫الماض يف ممارسة ر ي‬
‫ي‬ ‫عادات مث ّسبة من‬

‫عش‪ ،‬سستخدمون‬ ‫ر‬


‫األنثوبولوجيا االجتماعية ف القرن التاسع ر‬ ‫ولم يكن رواد‬
‫ي‬
‫والمستكشفي ورجال اإلدارة ‪..‬‬
‫ر‬ ‫الدراسات الميدانية‪ ،‬بل اعتمدوا عىل أقوال الرحالة‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ولذلك‪ ،‬تعد هذه المرحلة فثة نشوء هذا العلم‪ ،‬وليست فثة كماله ونضجه‪ ،‬ألن‬
‫ّ‬
‫الدراسات الميدانية ‪ /‬التطبيقية تعد من الركائز األساسية لتكامل هذا العلم‪ ،‬بطبيعته‬
‫ّ‬
‫ومنهجيته ‪.‬‬

‫ّ‬
‫والتطورية‪.‬‬ ‫متداخلتي‪ ،‬هما ‪ :‬النشوئية‬ ‫تمثت هذه المرحلة بظهور مدرست ري‬ ‫وقد ّ‬
‫ر‬ ‫ر‬
‫ّ‬
‫ويعود تداخلهما إل أن العالم ر‬
‫بتفسث‬
‫ر‬ ‫يقوم‬ ‫عندما‬ ‫االجتماع‬
‫ي‬ ‫العالم‬ ‫أو‬ ‫‪،‬‬ ‫ر‬
‫وبولوج‬
‫ي‬ ‫األنث‬ ‫ِ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الماض إل الحارص‪ ،‬ال بد أن يعمد إل تحديد‬ ‫ي‬ ‫من‬ ‫‪،‬‬‫اجتماع‬
‫ي‬ ‫التطور يف أي نظام‬ ‫عملية‬
‫نشأة هذا النظام‪ ،‬وذلك بالعودة إل المجتمعات البدائية لدراستها واستخداص صفاتها‬
‫ّ‬
‫تمثل التاري ــخ المبكر للجنس ر‬
‫البشي ‪.‬‬ ‫وعداقاتها‪ ،‬باعتبارها‬

‫ّ‬
‫مثال ذلك ‪( :‬نشأة األشة وتطورها) من حيث اإلباحية الجنسية‪ ،‬وتعدد الزوجات‬
‫ا‬
‫وصوال إل وحدانية الزوجة‪ .‬وكذلك االنتساب إل األم ومن ّثم إل األب‪ .‬وهذه العودة إل‬
‫الشعوب البدائية‪ ،‬ال تقترص عىل ر‬
‫األنثوبولوجيا فحسب‪ ،‬بل تشمل سائر فروع المعرفة‬
‫الخاصة بالعلوم اإلنسانية ‪.‬‬

‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وف مقدمتهم ‪ /‬إدوارد تايلور‪ /‬بنظرية ‪ /‬داروين‪ ،‬يف‬ ‫وقد تأثر رواد هذه المدرسة‪ ،‬ي‬
‫البشية‪ ،‬وتستند هذه النظرية إل ّأن العنارص المر ّ‬
‫كبة يف‬ ‫ّ‬
‫الطبيعية للكائنات ر‬ ‫ّ‬
‫تطور الحياة‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الحضارة اإلنسانية‪ ،‬تتطور باستمرار من األشياء البسيطة إل األشياء المعقدة‪ ،‬وهذا ما‬
‫ينسحب عىل ّ‬
‫تطور النظم االجتماعية‪.‬‬

‫‪- 002 -‬‬


‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com152‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫ّ‬ ‫ّ‬
‫المثقفي يف العالم‪ ،‬بأنه الرجل‬
‫ر‬ ‫األقل يف أذهان عامة‬ ‫ويرتبط اسم ‪ /‬داروين ‪ /‬عىل‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫التطور متحديا فكرة الخلق‪ ،‬وذهب يف ذلك إل حد القول بانحدار‬ ‫الذي نادى بنظرية‬
‫ً‬ ‫ر‬ ‫ّ‬ ‫ر‬
‫تعبث األستاذ ‪/‬‬
‫البش من القردة العليا‪ .‬ولكن الحقيقة أكث تعقيدا من ذلك‪ ،‬حسب ر‬
‫كبث من‬ ‫ّ‬
‫كريستوفر بوكر ‪ ./‬فلم يكن داروين هو مؤسس تلك النظرية‪ ،‬إذ سبقه إليها عدد ر‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الطبيعيي الذين كانوا يرون أن صور الحياة المختلفة‪ ،‬تطورت كلها عىل شكل‬ ‫ر‬ ‫العلماء‬
‫ّ‬ ‫ّ ً‬ ‫ًّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫ومتمثا كل منها عن اآلخر ‪.‬‬‫ر‬ ‫واحد بسيط‪ ،‬أي أن هذه األشكال لم تخلق خلقا مستقال‬

‫بسبعي‬
‫ر‬ ‫انتشت هذه األفكار قبل ظهور كتاب داروين عن " أصل األنواع "‬ ‫وقد ر‬
‫ّ‬ ‫األقل‪ .‬وكان ّ‬
‫ّ‬
‫كل ما فعله ‪ /‬داروين‪ ،‬هو أنه قام بتجميع تلك األفكار واآلراء‬ ‫سنة عىل‬
‫ّ‬
‫والتعمق‪.‬‬ ‫كبث من محاولة الفهم‬ ‫قدر‬ ‫فيها‬ ‫منهجية‪،‬‬ ‫بطريقة‬ ‫وتحليلها‬ ‫لمتناثرة‪،‬‬ ‫وا‬ ‫ر‬
‫المبعثة‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫األهم من‬ ‫ّ‬
‫ولكن‬ ‫ّ‬
‫التطور وترسيخها‪.‬‬ ‫ومن هنا ساعد كتاب " أصل األنواع " يف توطيد فكرة‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الت حدث فيها التطور‪ ،‬ووضع‬ ‫ذلك‪ ،‬هو أن الكتاب يقدم نظرية متماسكة عن الطريقة ي‬
‫فش به استمرار بعض األنواع يف‬ ‫الشهث عن " االنتخاب الطبيىع " الذي ّ‬
‫ر‬ ‫يف ذلك مبدأه‬
‫ي‬
‫الكثى ورصاعها من اجل الحياة‪.‬‬
‫الحياة ‪ ،‬واختفاء بعضها اآلخر يف معركتها ر‬

‫ً‬
‫مفيدا ر‬ ‫ّ ّ‬ ‫ّ‬
‫وف‬ ‫وبولوجيي‪ .‬ي‬
‫ر‬ ‫لألنث‬ ‫ر ي‬
‫بيولوج يف األصل‪ ،‬إال أنه كان‬ ‫وعىل الرغم من أنه مبدأ‬
‫ّ‬ ‫ذلك يقول األستاذ ‪ /‬ألفريد كروبر‪ /‬وهو من أكث علماء ر‬
‫األنثوبولوجيا المعارصين ‪ " :‬إن‬ ‫ر‬
‫ً‬
‫هناك نوعا من عدم التناسب ربي اإلسهام المحدود الذي أسهم به داروين يف العلم‪،‬‬
‫التأثث الهائل‬
‫ر‬ ‫كل ذلك‬‫والذي ينحرص ف وضع مبدأ االنتخاب الطبيىع وتجسيده‪ ،‬وبي ّ‬
‫ر‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫ّ‬
‫الكىل "‪ .‬فقد دفع هذا المبدأ علماء القرن‬
‫ي‬ ‫العلم‬ ‫عىل‬ ‫ي‬ ‫ر‬
‫البيولوج‬ ‫المبدأ‬ ‫تأسيس‬ ‫الذي تركه‬
‫كثثة تتناول أصل‬‫عش‪ ،‬إل البحث عن أصول األشياء‪ .‬وظهرت بذلك كتابات ر‬ ‫التاسع ر‬

‫الت‬
‫اللغة وأصل الحضارة‪ ،‬وأصل المجتمع والعائلة والدين‪ ،‬وما إل ذلك بالطريقة نفسها ي‬
‫تناول بها داروين مشكلة أصل األنواع‪( .‬أبو زيد‪) 01-02 ،0224 ،‬‬

‫‪- 153 -‬‬

‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com153‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫التطوريون‪ ،‬عىل موضوعات ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬


‫معينة ‪ :‬كالدين والعائلة‪ ،‬والنسب‪،‬‬ ‫ولذلك ركز العلماء‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫التطور‬ ‫واعتثوا أن الحضارات البدائية المعارصة‪ ،‬تمثل شواهد دالة عىل مراحل‬ ‫ر‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الت مرت بها الحضارة الحالية المتقدمة ‪.‬‬ ‫االجتماع ي‬
‫ي‬

‫جد ًا‪ ،‬وال ّ‬


‫سيما‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫التطور يف العصور القديمة‬ ‫ولكن ّ‬
‫ثمة صعوبات قابلتهم‪ ،‬يف دراسة‬
‫التخمي واالفثاض من أجل‬
‫ر‬ ‫عصور ما قبل التاري ــخ‪ ،‬فعمدوا إل دراسة علم اآلثار أو‬
‫إثبات نظريتهم‪)Nicholson , 1968, p.7( .‬‬

‫عش‪ ،‬استكمل ر‬
‫األنثوبولوجيون وضع العنارص‬ ‫األخث من القرن التاسع ر‬ ‫وف الربــع‬
‫ر‬ ‫ي‬
‫ر‬ ‫ر‬ ‫ّ‬
‫األساسية لعلم األنثوبوجيا االجتماعية‪ ،‬عندما قام بعضهم بتصنيف المجتمعات البشية‬
‫عىل أسس أبنيتها االجتماعية‪ ،‬وليس عىل أسس ثقافاتها فحسب‪ .‬وهذا ما ّأدى إل ّ‬
‫تمث‬
‫ر‬
‫بالتال‪،‬‬ ‫األنثوبولوجيا االجتماعية عن األنواع ر‬
‫األنثوبولوجية األخرى‪ ،‬وأصبح موضوعها‬ ‫ر‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫يختص بالعداقات االجتماعية وليس بالظواهر الثقافية ‪.‬‬

‫ر‬ ‫ّ‬ ‫ً‬


‫األنثوبولوجيا إل الدراسات الميدانية‪.‬‬ ‫واستنادا إل ذلك‪ ،‬امتد منهج دراسة‬
‫االنكثي ‪ /‬هادون ‪/‬عىل منطقة مضائق (تورليس)‬
‫ر‬ ‫الت قام بها العالم‬
‫واعتثت الدراسة ي‬
‫ر‬
‫رسخت‬ ‫األنثوبولوجيا االجتماعية‪ ،‬حيث ّ‬
‫تحول أساسية ف تاري ــخ ر‬ ‫مع بعثة علمية‪ ،‬نقطة ّ‬
‫ي‬
‫أساسيي ‪:‬‬
‫ر‬ ‫أمرين‬

‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫أولهما ‪:‬النظر إل ر‬


‫تخصص كامل‪.‬‬ ‫األنثوبولوجيا االجتماعية‪ ،‬عىل أنها علم يحتا إل‬

‫ًّ‬ ‫ً‬
‫رئيسيا يف هذا العلم ‪.‬‬ ‫وثانيهما‪:‬اعتماد الدراسة الميدانية منهجا‬

‫ّ‬
‫ومع أن ‪/‬مورغان‪ /‬و ‪/‬بواز‪ /‬سبقا ‪/‬هادون‪ /‬يف دراسة بعض قبائل الهنود الحمر‪،‬‬

‫‪- 004 -‬‬


‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com154‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫يحدد أساسيات منهج ر‬ ‫ّ‬


‫األنثوبولوجيا‬ ‫وبعض قبائل األسكيمو‪ ،‬فقد استطاع ‪ /‬هادون ‪ /‬أن‬
‫ّ‬
‫االجتماعية‪ ،‬ويجذب بعض العلماء إل ميدان هذا العلم الجديد‪ ،‬بعدما تخلوا عن‬
‫ر‬
‫العشين‪،‬‬ ‫أئمة ر‬
‫األنثوبولوجيا االجتماعية يف القرن‬ ‫اختصاصاتهم األصلية وأصبحوا من ّ‬
‫ّ ً‬
‫من أمثال ‪ :‬العالم ‪ /‬ريفر‪ /‬الذي كان متخصصا يف علم النفس‪ ،‬والعالم ‪ /‬سليجمان ‪/‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ ً‬
‫تخصصه‬ ‫متخصصا يف علم األمراض‪ .‬بل أن ‪ /‬هادون ‪ /‬نفسه‪ ،‬تخىل عن‬ ‫الذي كان‬
‫لطق‪،4797 ،‬‬ ‫ر‬ ‫ّ‬
‫األصىل يف (الحيوانات البحرية) وتحول إل األنثوبولوجيا االجتماعية ‪(.‬‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫ص ‪)75‬‬

‫عش نشأة ر‬ ‫ّ‬


‫مثل القرن التاسع ر‬
‫األنثبولوجيا االجتماعية‪ ،‬وإن كانت صورتها‬ ‫وهكذا‪،‬‬
‫قصثة‪ ،‬حيث‬
‫ر‬ ‫الكثث من جهود العلماء ولفثة من الوقت ليست‬
‫ر‬ ‫غث ناضجة وتحتا إل‬
‫ر‬
‫بدأت عنارص صورتها تستكمل وتزدهر يف نهاية هذا القرن والنصف األول من القرن‬
‫ر‬
‫العشين‪.‬‬

‫‪ -2‬القرن ر‬
‫العشون ‪:‬‬

‫ّ‬
‫التخصص بدراسة البت‬ ‫وصلت ر‬
‫األنثوبولوجيا مع بداية القرن ر‬
‫العشين إل مرحلة‬
‫االجتماعية للمجتمعات‪ ،‬وال ّ‬
‫سيما المجتمعات القديمة‪ ،‬حيث ازدادت الدراسات‬
‫ّ‬
‫األنكلثي ‪ /‬رادكيف براون ‪ /‬عىل سكان خليج‬
‫ر‬ ‫الت قام بها‬
‫وف مقدمتها الدراسة ي‬
‫الميدانية‪ ،‬ي‬
‫اعتثت المحاولة األول لفحص النظريات االجتماعية بالعودة إل مجتمع‬ ‫والت ر‬
‫البنغال‪ ،‬ي‬
‫ّ‬
‫مالينوفسك ‪ /‬لسكان جزر (الثوبوبرياند) لمدة أربــع سنوات‪،‬‬
‫ي‬ ‫بدان‪ .‬وكذلك دراسة ‪/‬‬
‫ي‬
‫ّ‬ ‫واستخدم فيها لغة أهال هذه الجزر‪ .‬فكان بذلك ّأول ر‬
‫ير‬
‫وبولوج يتمكن من فهم حياة‬ ‫أنث‬ ‫ي‬
‫تتبع عاداتهم وتقاليدهم‪ ،‬وتحليل مدلوالتها‬‫الناس وعداقاتهم االجتماعية‪ ،‬من خدال ّ‬

‫االجتماعية ‪.‬‬

‫‪- 155 -‬‬

‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com155‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫ر‬
‫األنثوبولوجيون عىل جمع‬ ‫فخدال الربــع ّ‬
‫األول من هذا القرن‪ ،‬عكف الباحثون‬
‫الت يحتاجون إليها من أجل إثبات ظاهرة االقتباس ربي الثقافات المختلفة‪.‬‬ ‫الوثائق ي‬
‫ّ‬ ‫ر‬ ‫ّ‬
‫التاريح‪ ،‬من وجهة نظر تاريـ ــخ الطريقة األنثوبولوجية‪ ،‬احتل مكان‬
‫ي‬ ‫ويداحظ أن العامل‬
‫الصدارة يف دراسة المجتمعات‪ ،‬حت يف المحاوالت المبذولة إلثبات ظاهرة االنتشار‬
‫ّ‬
‫الباحثي‪ ،‬كانوا‬
‫ر‬ ‫الثقاف‪ ،‬الناجمة عن االحتكاك ربي الشعوب‪ .‬ويعود ذلك إل أن هؤالء‬
‫ي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ ً‬
‫التاريخية يف فهم العوامل الثقافية الدينامية‪( .‬لينتون‪،‬‬ ‫أهمية البيانات‬ ‫جيدا‬ ‫يدركون‬
‫‪ ،4759‬ص ‪) 057‬‬

‫العشين‪ ،‬فقد أصبحت ر‬


‫لألنثوبولوجيا االجتماعية فروع‬ ‫ّأما ف الربــع الثان من القرن ر‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫ر‬ ‫ّ‬ ‫مستقلة ّ‬‫ّ‬
‫وانتش‬ ‫الثيطانية ‪..‬‬
‫ر‬ ‫الجامعات‬ ‫ف‬
‫ي‬ ‫ما‬ ‫سي‬ ‫وال‬ ‫األوروبية‪،‬‬ ‫الجامعات‬ ‫ف‬
‫ي‬ ‫س‬ ‫تدر‬
‫مالينوفسك ‪ /‬الذي بدأ منذ عام‬
‫ي‬ ‫لتأثث علم ‪/‬‬
‫ر‬ ‫تطبيق منهج الدراسة الميدانية نتيجة‬
‫وبولوجيي عىل القيام بالدراسات الميدانية ‪.‬‬ ‫‪ ،4701‬بتدريب ر‬
‫األنث‬
‫ر‬

‫وف عام ‪ ،4729‬أعاد ‪ /‬براون ‪ /‬تنظيم معهد ر‬


‫األنثوبولوجيا يف جامعة أكسفورد‪،‬‬ ‫ي‬
‫الخثة يف‬ ‫مالينوسك وبراون ‪ /‬وتدامذتهما من ذوي‬ ‫وطور مناهجه‪ .‬وبفضل جهود ‪/‬‬‫ّ‬
‫ر‬ ‫ي‬
‫ّ‬ ‫ر‬
‫صغثة يف‬
‫ر‬ ‫الدراسات األنثوبولوجية الميدانية‪ ،‬أجريت دراسات متعددة عىل مجتمعات‬
‫األفريق يف‬
‫ي‬ ‫الدول‬
‫ي‬ ‫أفريقيا (دراسة نظم القرابة والطقوس والسياسة )‪ ،‬وأحدث المعهد‬
‫ّ‬
‫متخصصة ف علم ر‬ ‫ّ‬
‫األنثوبولوجيا االجتماعية ‪.‬‬ ‫ي‬ ‫جامعة أكسفورد‪ ،‬تصدر عنه مجلة‬

‫ّ‬ ‫وتابعت ر‬
‫الثان من القرن‬
‫ي‬ ‫األنثوبولوجيا االجتماعية دراساتها المتقدمة‪ ،‬يف النصف‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ر‬
‫وبالتال إل التقارب ربي‬
‫ي‬ ‫العشين‪ ،‬مما أدى إل اتساع هذه الدراسات وازدهارها‪،‬‬
‫التجريت‬
‫ري‬ ‫األن رثوبولوجيا االجتماعية واألنثوبولوجيا الثقافية ‪ ..‬وتم اعتماد تطبيق المنهج‬
‫ّ‬ ‫ر‬
‫كل باحث ر‬ ‫بدال من المنهج المقارن‪ ،‬حيث سستند ّ‬ ‫ا‬
‫ر ي‬
‫وبولوج – يف تطبيق المنهج‬ ‫أنث‬

‫‪- 006 -‬‬


‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com156‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫ّ‬
‫بالتأكد من ّ‬ ‫ّ‬
‫صحة‬ ‫معي‪ ،‬ويقوم بدوره‬
‫التجريت – إل نتائج دراسة باحث آخر لمجتمع ر‬
‫ري‬
‫ّ‬
‫هذه النتائج من خدال قيامه بدراسة مجتمعات أخرى‪ .‬وبذلك‪ ،‬تصبح الفرضيات المتفق‬
‫ً‬
‫مبادئا عامة ف نهاية األمر‪ ،‬أو معارف متداولة ف مجال ر‬
‫األنثوبولوجيا االجتماعية ‪..‬‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫عليها‬
‫عزز من علم ر‬ ‫ّ‬
‫األنثوبولوجيا يف العرص الحديث ‪.‬‬ ‫وهذا ما‬

‫ُ‬
‫ثالثا‪ -‬أهداف ر‬
‫األنثوبولوجيا االجتماعية‬

‫تحديد نماذ عالية لألبنية االجتماعية ‪:‬‬

‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬


‫التوصل إل نوع من التصنيفات والنماذ لألبنية االجتماعية‪ ،‬يعد أمرا صعبا‬ ‫إن‬
‫ّ‬
‫بالنظر إل عدم اتفاق العلماء عىل هذه النماذ من جهة‪ ،‬ولعدم وجود مصطلحات‬
‫عالمية لمفاهيم ر‬
‫األنثوبولوجيا االجتماعية من جهة أخرى‪ .‬هذا باإلضافة إل المشكلة‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الت تتمثل يف عدم وجود الدراسات الميدانية الشاملة للمجتمعات اإلنسانية‬
‫األساسية‪ ،‬ي‬
‫الكثث من العلماء الوصول إل ذلك الهدف ‪.‬‬
‫ر‬ ‫جميعها‪ ،‬عىل الرغم من محاوالت‬

‫ّ‬
‫فاإلنسان وحده ‪-‬من ربي المخلوقات – يتمتع بإمكانية تطوير سلوكه المكتسب‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫بالتنوع وبدرجة من التعقيد‬ ‫ومؤسساته االجتماعية‪ ،‬تتصف‬ ‫ونقله بالتعلم‪ ،‬وأن نظمه‬
‫ّ ّ‬
‫مما تتصف به األشكال االجتماعية ألي نوع آخر من أنواع الحيوان ‪.‬‬ ‫أكث‬
‫ر‬

‫ّ‬
‫المنطق لما يجرى من أبحاث حول المجتمع‪ ،‬هو دراسة‬
‫ي‬ ‫ولذلك نجد أن المنطلق‬
‫ومما سسهل المشكلة بعض‬ ‫معينة واعتبار ّ‬
‫كل منها وحدة متكاملة‪ّ .‬‬ ‫أنظمة اجتماعية ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ر‬
‫متمثة عن المجتمعات‪ ،‬إذ يمكننا ذلك من تجاهل المدى‬
‫ر‬ ‫الىسء‪ ،‬اعتبار األنظمة كيانات‬
‫ي‬
‫كث عىل النماذ نفسها‬‫التعبث عن نماذ النظام‪ ،‬ومن الث ر‬
‫ر‬ ‫الواسع لداختدافات الفردية يف‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ ّ‬ ‫ّ‬
‫ه‬‫وعداقاتها المتبادلة ‪.‬بيد أن المشكلة تظل معقدة بما فيه الكفاية‪ ،‬وأول مهمة للباحث ي‬

‫‪- 157 -‬‬

‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com157‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫ّ‬
‫التحقق من النماذ وطبيعتها‪.‬‬

‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬


‫يتكون من عنارص يجمعها‬ ‫االجتماع كله‪،‬‬
‫ي‬ ‫الت يرسمها باحث النظام‬ ‫إن الصورة ي‬
‫ّ‬
‫تتجمع‬ ‫الت‬
‫واحدة واحدة‪ ،‬أي من النماذ الداخلة يف تركيب النظام‪ ،‬ومن المداحظات ي‬
‫ّ‬ ‫لديه عن ّ‬
‫تكيفها وعداقاتها المتبادلة‪ ،‬كما تتكشف لـه يف أثناء ممارسة الناس الفعلية لها‪.‬‬
‫وال سستطيع العضو العادي يف أي مجتمع‪ ،‬أن سساعد الباحث يف هذا العمل‪ ،‬إذ ما من‬
‫ً ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الت تنظم التفاعدات االجتماعية‪ ،‬تشكل نظاما إال يف حالة‬ ‫ي‬ ‫أحد يدرك أن النماذ‬
‫الصي وبداد‬
‫ر‬ ‫الت بلغت درجة عالية من التعقيد والث ّمت‪ ،‬كالمجتمعات يف‬
‫المجتمعات ي‬
‫اإلغريق يف العصور القديمة‪ ،‬وأوروبا الحديثة‪( .‬لينتون‪ ،4751 ،‬ص ‪)215-215‬‬

‫ً‬ ‫ّ‬
‫ولما كان اإلنسان قادرا عىل التفاهم مع أمثاله بواسطة أشكال اللغة الرمزية‬
‫ً‬
‫المبان االجتماعية‬
‫ي‬ ‫والمفاهيم‪ ،‬فهو وحده الذي استطاع أن يوجد أنواعا ال تحض من‬
‫األساسية كبنيان األشة‪ .‬وإذا نظرنا إل حياة الجماعة يف أي نوع من أنواع ما دون اإلنسان‬
‫المبان اإلنسانية‪،‬‬ ‫من الكائنات الحيوانية‪ ،‬وجدنا ّأن مبانيها االجتماعية ر‬
‫أكث رتابة من‬
‫ي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وبالتال يمكن توقعها ألن كل جيل من أجيالها يتعلم السلوك المشثك ربي معارصيه‬ ‫ي‬
‫كل من سبقه‪( .‬هرسكوفيث‪ ،4791 ،‬ص ‪) 20‬‬ ‫جميعهم‪ ،‬بينما يبت اإلنسان عىل تجارب ّ‬
‫ي‬
‫ً‬
‫ثداثي عاما يف الدراسة‪ ،‬للوصول إل بعض‬
‫ر‬ ‫وقد أنفق العالم ‪ /‬رادكليف براون ‪/‬‬
‫النماذ العامة لألبنية االجتماعية‪ .‬وبفضل جهوده وجهود علماء آخرين‪ ،‬أصبح هناك‬
‫العشثة ‪ -‬القبيلة ‪-‬‬
‫ر‬ ‫االجتماع‪ ،‬مثال‪( :‬‬
‫ي‬ ‫اتفاق شبه عام عىل بعض النماذ األساسية للبناء‬
‫الدولة – ّ‬
‫األمة –المجتمع) ‪.‬‬

‫واستطاع هؤالء العلماء تحديد األشكال األشية الرئيسة‪ ،‬يف المجتمعات اإلنسانية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الت يثتب عليها ذلك‬
‫القواني االجتماعية‪ ،‬ي‬
‫ر‬ ‫ويعد ذلك خطوة هامة نحو الوصول إل‬

‫‪- 008 -‬‬


‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com158‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫ً‬ ‫ّ‬
‫التنوع الملحوظ يف األبنية االجتماعية المختلفة‪ ،‬وما أطلق عليه اصطداحا ‪( :‬الدراسات‬
‫المورفولوجية )‪.‬‬

‫‪-0‬تحديد مظاهر التداخل والثابط ربي النظم االجتماعية ‪:‬‬

‫ر‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬


‫األنثوبولوجية‪ ،‬يف‬ ‫الكىل ‪ /‬المتكامل يف الدراسات‬ ‫ي‬ ‫أهمية استخدام المنهج‬ ‫تبدو‬
‫ّ‬
‫الت‬
‫ي‬ ‫االجتماعية‪،‬‬ ‫النظم‬ ‫بي‬
‫ر‬ ‫المتبادل‬ ‫التأثث‬
‫ر‬ ‫تحديد‬ ‫ف‬‫ي‬ ‫ل‬ ‫يتمث‬ ‫الذي‬ ‫الهدف‬ ‫ذلك‬ ‫تحقيق‬
‫ّ‬
‫االجتماع الواحد‪ .‬ويــهتم العلماء اليوم‪ ،‬بهذا الهدف‪ ،‬إذ ال يوافقون‬ ‫تدخل يف نطاق البناء‬
‫ي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ر‬
‫الوصق فحسب‪ ،‬وإنما ال بد من‬ ‫ي‬ ‫عىل اقتصار الدراسة األنثوبولوجية عىل الجانب‬
‫التأثث‬
‫ر‬ ‫التحليل للكشف عن الوظائف االجتماعية للنظم االجتماعية‪ ،‬عن طريق تحديد‬
‫المتبادل فيما بينها‪.‬‬

‫كثثة عن هذا الموضوع‪ ،‬حيث يطلق العالم ‪ /‬براون ‪ /‬عىل‬‫وقد عرضت أمثلة ر‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫تميثا لها‬
‫الفثيولوجية) ر‬
‫ترم إل تحقيق ذلك الهدف اصطداحا ‪( :‬الدراسة ر‬
‫الت ي‬
‫الدراسة ي‬
‫عن الدراسات الخاصة بالهدف السابق (الدراسات المورفولوجية )‪.‬‬

‫إن مشكلة حقيقة األنظمة االجتماعية‪ ،‬ه مشكلة فلسفية ر‬ ‫ّ‬


‫أكث منها مشكلة عملية‪.‬‬ ‫ي‬
‫ّ ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ ّ‬ ‫ّ‬
‫تكيفا‬ ‫تتكيف بعضها مع بعض‬ ‫الت‬
‫والمهم يف األمر هو أن مركب النماذ االجتماعية ي‬
‫ّ‬ ‫ا‬
‫االجتماع – يتطور ويعمل بارتباط‬
‫ي‬ ‫متبادال _ وهو ما اصطلح عىل تسميته بالنظام‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫مستمر مع سائر عنارص الثقافة‪ ،‬وأن النماذ يجب أن تتكيف مع هذا النسق تماما كما‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫تتكيف بعضها مع بعض‪ّ .‬أما المجموع الكىل للثقافة‪ ،‬فيجب أن ّ‬ ‫ّ‬
‫يتكيف بدوره أيضا‪ ،‬مع‬ ‫ي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ومتنوعة للسيطرة عىل‬ ‫كثثة‬
‫البيئة الطبيعية للمجتمع‪ ،‬ألن اإلنسان قد يطور وسائل ر‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫يتحرر من أثرها ‪.‬‬ ‫البيئة واستغدالها‪ ،‬ولكنه ال سستطيع أبدا أن‬

‫‪- 159 -‬‬

‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com159‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫ّ‬
‫اجتماع‪ ،‬هو جزء من وحدة متناسقة متكاملة‪،‬‬
‫ي‬ ‫ولذلك‪ ،‬يمكن القول ‪ :‬إن كل نظام‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ًّ‬
‫فه‬
‫الت تتكون منها هذه الوحدة‪ ،‬ي‬‫أوسع جدا يف مداها من النظام نفسه‪ ،‬أما العنارص ي‬
‫ّ‬
‫االجتماع‪ ،‬إال إذا درس يف ضوء عداقته‬
‫ي‬ ‫متشابكة ومتداخلة‪ .‬وال يمكن فهم النظام‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫تظل تفرض باستمرار حدودا عىل‬ ‫تضم عنارص أخرى‬ ‫الت‬
‫الكبثة‪ ،‬ي‬
‫ر‬ ‫بالوحدة المتناسقة‬
‫نموه وعمله‪( .‬لينتون‪ ،4751 ،‬ص ‪)219‬‬‫ّ‬

‫وبذلك يكون عىل الباحث – من وجهة النظر الوظيفية ‪-‬أن يأخذ يف الحسبان‬
‫ا‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫االجتماع أو ذاك‪ ،‬وهما‪:‬‬
‫ي‬ ‫أساسيي يلعبان دورا تبادليا وفاعال يف هذا النظام‬
‫ر‬ ‫عاملي‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫الت ينشأ عليه هؤالء‬‫النموذ الذي يعرفه األفراد ويؤثر يف سلوكاتهم من جهة‪ ،‬والثقافة ي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الكلية للمجتمع من جهة أخرى‪ ،‬وذلك ألن األنظمة‬ ‫والت تعت بتلبية الحاجات‬
‫ي‬ ‫األفراد‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الكىل للثقافة ‪.‬‬
‫االجتماعية ال يمكن أن تؤدي وظيفتها‪ ،‬إال كجزء من المجموع ي‬

‫االجتماع ‪:‬‬
‫ي‬ ‫التغيث‬
‫ر‬ ‫‪-2‬تحديد عمليات‬

‫االجتماع‬ ‫التغيث‬ ‫األنثوبولوجية االجتماعية‪ ،‬إل تحديد خصائص‬‫تهدف الدراسات ر‬


‫ي‬ ‫ر‬
‫ّ‬
‫التغيث أو‬
‫ر‬ ‫والت تحدث يف األبنية االجتماعية‪ ،‬سواء ذات المعدل الشيـ ــع يف‬
‫ي‬ ‫وعملياته‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫البطء ‪.‬‬
‫ي‬ ‫ل‬ ‫المعد‬ ‫أو‬ ‫ط‬ ‫المتوس‬ ‫المعدل‬

‫ّ‬ ‫ّ‬
‫اهتمت بدراسة أثر‬ ‫وقد ال حظ ‪ /‬براون ‪ /‬أن الدراسات الخاصة بذلك الهدف‪،‬‬
‫االجتماع‬ ‫التغيث‬ ‫ّ‬
‫ولكن‬ ‫القبائىل يف أفريقيا وآسيا‪.‬‬ ‫الحروب االستعمارية عىل النظام‬
‫ي‬ ‫ر‬ ‫ي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫فه أعمق يف دراستها من‬ ‫عملية معقدة‪ ،‬متعددة الجوانب ومختلفة العوامل‪ .‬ولذلك‪ ،‬ي‬
‫ّ‬
‫التطور‪ ،‬تستلزم ظهور‬ ‫التغيث أو‬ ‫مختلفتي‪ .‬فعملية‬ ‫حضارتي‬ ‫حيث الجمع ربي عنارص‬
‫ر‬ ‫ر‬ ‫ر‬
‫ً‬
‫أشكال جديدة من األنماط واألبنية االجتماعية‪ ،‬كما تستلزم أيضا‪ ،‬االنتقال من األشكال‬
‫ّ‬
‫وصق‪ ،4775 ،‬ص ‪)491‬‬ ‫ي‬ ‫البسيطة إل األشكال المركبة‪( .‬‬

‫‪- 061 -‬‬


‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com160‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫فلكل مجتمع طريقته الخاصة ف الحياة‪ ،‬والت يطلق عليها العلماء ر‬


‫األنثوبولوجيون‬ ‫ّ‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫الت يتعامل معها الباحث‬ ‫ّ‬
‫ويعتث مفهوم الثقافة من أهم األدوات ي‬
‫ر‬ ‫مصطلح " الثقافة "‪.‬‬
‫ر‬
‫ه الحال يف األبحاث العلمية األخرى‪ ،‬تنحرص الخطوة األول يف‬ ‫ر ي‬
‫وبولوج‪ .‬وكما ي‬ ‫األنث‬
‫ّ‬
‫ر ي‬
‫األثنولوج‪ ،‬القيام‬ ‫جمع الحقائق عن األنماط الثقافية المختلفة‪ ،‬ويتطلب هذا من العالم‬
‫بأبحاث ميدانية يف أماكن نائية‪ ،‬وإل العمل يف أنوع مختلفة من المجتمعات‪( .‬لينتون‪،‬‬
‫‪ ،4795‬ص ‪) 05‬‬

‫ّ‬
‫وتطور طرقها الخاصة يف‬ ‫تجمعات (مجتمعات)‬ ‫البشية تعيش ف ّ‬ ‫وبما ّأن الكائنات ر‬
‫ي‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫كبثا يف عمليات‬
‫الحياة بما يتداءم مع أوضاعها الخاصة والعامة‪ ،‬فنن للثقافة هنا دورا ر‬
‫والسلوك ‪.‬‬
‫ي‬ ‫االجتماع‪ ،‬الفكري‬
‫ي‬ ‫التغيث‬
‫ر‬

‫ّ‬ ‫يتعي عىل الدراسات ر‬ ‫ّ‬


‫االجتماع‪،‬‬
‫ي‬ ‫التغيث‬
‫ر‬ ‫األنثوبولوجية أن تحدد عمليات‬ ‫ومن هنا ر‬
‫كيفية ّ‬
‫تطور‬ ‫ّ‬ ‫بطريقة الكشف عن األنماط واألبنية االجتماعية الجديدة‪ ،‬وكذلك تحديد‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الظواهر االجتماعية البسيطة‪ ،‬إل ظواهر اجتماعية مركبة‪ ..‬وهذا يتطلب الدراسات‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫والمعمقة‪.‬‬ ‫الميدانية المركزة‪،‬‬

‫‪- 111 -‬‬

‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com161‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫مصادر الفصل ومراجعه‬

‫العرن‪ ،‬الكويت‪.‬‬
‫ري‬ ‫العرن ‪ ،15‬مجلـة‬
‫ري‬ ‫‪ -‬أبو زيد‪ ،‬حامد (‪ )0224‬الطريق إل المعرفة‪ ،‬كتاب‬

‫‪ -‬بريتشارد‪ ،‬إدوارد (‪ )4795‬ر‬


‫األنثبولوجيا االجتماعية‪ ،‬ط ‪ ،5‬ترجمة ‪ :‬أحمد أبو زيد‪،‬‬
‫الهيئة المرصية العامة للكتاب‪ ،‬االسكندرية ‪.‬‬

‫‪ -‬الجباوي‪ ،‬عىل (‪ )4779/ 4775‬ر‬


‫األنثوبولوجيا – علم اإلناسة‪ ،‬جامعة دمشق ‪.‬‬ ‫ي‬

‫‪ -‬لطق‪ ،‬عبد الحميد‪ )4797( ،‬ر‬


‫األنثوبولوجيا االجتماعية‪ ،‬دار المعارف بمرص‪ ،‬القاهرة‪.‬‬ ‫ي‬

‫‪ -‬لينتون‪ ،‬رالف (‪ )4751‬دراسة اإلنسان‪ ،‬ترجمة ‪ :‬عبد الملك الناشف‪ ،‬المكتبة العرصية‪،‬‬
‫ربثوت‪.‬‬

‫‪ -‬لينتون‪ ،‬رالف (‪ )4759‬ر‬


‫األنثوبولوجيا وأزمة العالم الحديث‪ ،‬ترجمة ‪ :‬عبد الملك‬
‫الناشف‪ ،‬المكتبة العرصية‪ ،‬ربثوت‪.‬‬

‫(‪ )4791‬أسس ر‬
‫األنثوبولوجيا االجتماعية‪ ،‬ترجمة ‪ :‬رباح‬ ‫‪ -‬هرسكوفيث‪ ،‬ميليفل‪.‬‬
‫النفاخ‪ ،‬وزارة الثقافة‪ ،‬دمشق ‪.‬‬

‫ّ‬
‫والشخصية‪ ،‬دار المعارف بمرص ‪.‬‬ ‫وصق‪ ،‬عاطف (‪ )4799‬الثقافة‬ ‫‪-‬‬
‫ي‬

‫‪- Nigholson , C (1968) Anthropology Development and Personality , 2‬‬


‫‪nd Ed , New York, Harper .‬‬

‫‪- 062 -‬‬


‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com162‬‬
www.facebook.com/tanweerlibrary

- 113 -

https://attanweerlibrary.blogspot.com163
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫الفصل السادس‬

‫المنهج ر‬
‫األنثوبولوج والدراسات الميدانية‬

‫ّ‬
‫مقــدمـة‬

‫ا‬
‫أول‪ -‬ر‬
‫األنثوبولوجيا ّبي النظرية والتطبيق‬

‫ثانيا‪ -‬الباحث ر‬
‫األنثوبولوج والميدان‬

‫ثالثا‪ -‬طرائق البحث ر‬


‫األنثوبولوج الميدان وأدواته‬

‫‪- 064 -‬‬


‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com164‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫ّ‬
‫مقــدمـة‬

‫يعد علم اإلنسان ( ر‬ ‫ّ‬


‫األنثوبولوجيا)‬ ‫التال ‪ :‬هل‬
‫ي‬ ‫قد يكون من المفيد أن نبدأ بالسؤال‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫علما؟ واإلجابة عن هذا السؤال تبدو إيجابية يف ظاهرها‪ ،‬وسلبية يف ضمنيتها‪ .‬فثمة‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ممثلون للعلوم (الحقيقية) يرون أن هناك ثغرة (عائقا) تحول دون عضوية علم اإلنسان‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫المسم بـ(العلوم اإلنسانية )‪.‬‬ ‫يف زمرة العلوم‪ ،‬وتتمثل يف تخلفه عن ذلك العالم المهيب‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫إن الواجب الذي يقع عىل عاتق العلوم جميعها‪ ،‬يتمثل يف دراسة الثوابت‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ومكوناتها‬ ‫الت تبث الحياة يف مجاالتها ؛ فعلم األحياء‪ ،‬يدرس أشكال الحياة‬ ‫والمتغثات ي‬‫ر‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الدامتغثات‪ ،‬وثمة تنافس يف هذا المجال بينه‬
‫ر‬ ‫يف العالم‪ .‬وعلم االجتماع‪ ،‬يركز عىل دراسة‬
‫وبي علم األعراق‪.‬‬
‫ر‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫بأن علم اإلنسان‪ ،‬لـه ّ‬ ‫ّ‬
‫مهمة محددة عليه إنجازها‪ ،‬وأن‬ ‫وعندما نبدأ بالفكرة القائلة‬
‫ً ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫للتثير عمليا‪ ،‬وأنه ليس يف مستطاع أي مجال من العلوم‬ ‫المهمة حيوية‪ ،‬وأنها قابلة ر‬ ‫هذه‬
‫ّ ً ّ‬
‫األخرى االضطداع بها‪ ،‬حت وإن كان ذلك مؤقتا‪ .‬وأن هذا القطاع أو ذاك من علم األحياء‪،‬‬
‫فنن ذلك ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫يغث بشكل جذري‬ ‫ر‬ ‫يعلن اكتشافه لطريقة تمكنه من فعل كذا وكذا – يوما ما ‪-‬‬
‫األسلوب الذي نرى به المشكلة ‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ومن هذا المنطلق ّ‬
‫تميث الثعة العلمية لعلم اإلنسان‪ ،‬فيما يتصل بالعداقة ربي‬
‫يتم ر‬
‫الت يكتسبها يف طريقه ألداء مهامه‪.‬‬
‫وبي الوسائل ي‬
‫الت يضعها علم اإلنسان ذاته‪ ،‬ر‬
‫الغاية ي‬
‫ّ‬
‫ولك نقثب من جوهر المشكلة‪ ،‬ال بد من مقارنة الثعة العلمية المفثضة عند (علم‬
‫ي‬
‫اإلنسان) بحقيقة علمية معلومة‪ ،‬وذلك بغية تحديد أوجه التوافق واالختداف‪ ،‬أو‬
‫علم )‪ .‬وهذا ما‬
‫الت تمنع علم اإلنسان من أن يتوافق مع نموذ ( ي‬
‫باألحرى أوجه النقص ي‬
‫سنحاول مناقشته يف هذا الفصل‪.‬‬

‫‪- 115 -‬‬

‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com165‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫ا‬
‫أوال‪ -‬ر‬
‫األنثوبولوجيا ربي النظرية والتطبيق‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫إذا كان علم اإلنسان ( ر‬
‫األنثوبولوجيا) ليس علما‪ ،‬وال سشبه أبدا أي علم من العلوم‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ينته ألنه لن يكون‬
‫ي‬ ‫الطبيعية (التطبيقية )‪ ،‬فنن النقاش يف طبيعة هذا العلم شعان ما‬
‫ّ‬ ‫ر‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ع بالمنهجية العلمية‪.‬‬
‫وبالتال ال يحق لألنثبولوجيا أن تد ي‬
‫ي‬ ‫مجديا‪،‬‬

‫ّ‬
‫لكن الميدان هو مخث عالم ر‬
‫األنثبولوجيا الثقافية ‪ -‬كما يقول ‪ /‬هرسكوفيث‪ ،/‬حيث‬ ‫ر‬
‫ً‬ ‫ر‬
‫لك يقوم بعمله إل موطن الشعب الذي اختاره موضوعا للدراسة‪،‬‬ ‫يذهب األنث ر ي‬
‫بولوج ي‬
‫فيستمع إل أحاديثهم ويزور بيوتهم‪ ،‬ويحرص طقوسهم ويداحظ سلوكهم العادي ‪..‬‬
‫ويسألهم عن تقاليدهم‪ ،‬ويتآلف مع طريقة حياتهم حت تصبح لديه فكرة شاملة عن‬
‫ر‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫اف‬
‫ثقافتهم‪ ،‬أو يحلل جانبا خاصا من جوانبها‪ .‬فعالم األنثوبولوجيا‪ ،‬يف عمله هذا‪ ،‬أثنوغر ي‬
‫ّ‬
‫وجامع للمعلومات‪ ،‬يحللها ويربطها بمعلومات أخرى‪ ،‬عندما يرجع من الميدان‪.‬‬
‫تطبيق‪.‬‬
‫ي‬ ‫علم‬
‫ي‬ ‫وف ذلك جانب‬
‫(هرسكوفيث ‪ ،4791،‬ص ‪ )95‬ي‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ر‬
‫التطبيق إذن‪ ،‬تشكل فرعا من فروع‬
‫ي‬ ‫الميدان ‪/‬‬
‫ي‬ ‫فاألنثوبولوجيا يف جانبها‬
‫الفنية ر‬
‫األنثوبولوجيا‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫العمىل للمعلومات واألساليب‬ ‫األثنولوجيا‪ ،‬حيث يدرس التطبيق‬
‫ي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫والت يحتك بها اإلنسان المتحرص‪ ،‬سواء‬
‫ي‬ ‫بسيطة‪،‬‬ ‫بدائية‬ ‫الت تعيش حياة‬
‫عىل الشعوب ي‬
‫ر ي‬
‫الخارج ‪( .‬كلوكهون‪ ،4751 ،‬ص‬ ‫عن طريق الدراسة‪ ،‬أو عن طريق االستعمار أو االحتدال‬
‫‪)252‬‬

‫ر‬ ‫ّ‬
‫األنثوبولوجية الميدانية‪ ،‬نشطت بشكل واسع‬ ‫ولذلك‪ ،‬يداحظ أن الدراسات‬
‫وازدهرت‪ ،‬ف أعقاب الحرب العالمية الثانية حيث لجأت الدول المستعمرة‪ ،‬وال ّ‬
‫سيما‬ ‫ِ‬ ‫ي‬
‫الت تستعمرها‪ ،‬بغية‬
‫(أمريكا وبريطانيا وفرنسا) إل تشجيع هذه الدراسات عىل الشعوب ي‬

‫‪- 066 -‬‬


‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com166‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫ّ‬
‫التوصل إل معارف دقيقة عن األنظمة السياسية واالجتماعية السائدة عند هذه‬
‫ّ‬
‫الشخصية والمعيشية‪ ،‬بما يف ذلك من طقوس دينية‬ ‫والت تنعكس يف أحوالها‬
‫الشعوب‪ ،‬ي‬
‫وعادات وتقاليد‪ ،‬وأساليب تعاملية ربي أفراد المجتمع ‪.‬‬

‫ّ‬ ‫ّ‬
‫المستعمرة إدارة الحكم يف مجتمعات الشعوب‬
‫ِ‬ ‫سسهل عىل الدول‬ ‫وهذا كله‬
‫خثاتها‪ ،‬بذريعة تنميتها وتطويرها‪.‬‬ ‫َ‬
‫المستعمرة‪ ،‬واستغدال مواردها االقتصادية ونهب ر‬

‫ً‬ ‫وهكذا‪ ،‬برزت ر‬


‫األنثوبولوجيا الميدانية ‪ /‬التطبيقية‪ ،‬علما سساعد يف تحقيق أمرين‬
‫أساسيي‪ ،‬يف المجتمعات المدروسة ‪:‬‬
‫ر‬

‫ّ‬ ‫ّ‬
‫المحىل‪ ،‬يف المجتمعات البدائية‬
‫ي‬ ‫حل المشكدات الناتجة عن اإلدارة والحكم‬ ‫‪-4‬‬
‫والمحلية ‪.‬‬

‫التغيث الحضاري الشي ــع يف هذه المجتمعات‪ ،‬والمساعدة يف‬


‫ر‬ ‫‪ -0‬معالجة مشكدات‬
‫ّ‬
‫التكيف المناسب‪( .‬نارص‪ ،4795 ،‬ص ‪) 90‬‬

‫ر‬ ‫ّ‬
‫األنثوبولوجيا النجاح ألهدافه وبحوثه ودراساته‪ ،‬فقد جرى‬ ‫ولك يحقق عالم‬
‫ي‬
‫الت تعيش خار التيار‬ ‫التقليد أن يقوم بأبحاثه الميدانية لدى الشعوب (البدائية) ي‬
‫ّ‬
‫الت تعرف الكتابة‪،‬‬
‫ي‬ ‫ة‬‫المتحرص‬ ‫التاريح للثقافة األورو‪ -‬أمريكية‪ ،‬أو الثقافات األخرى‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫وذلك بغية المقارنة وإيجاد أوجه التشابه واالختداف يف السياقات التاريخية التطورية‬
‫للثقافات اإلنسانية المختلفة‪.‬‬

‫ر‬ ‫ً‬
‫ثانيا‪ -‬الباحث األنث ر ي‬
‫بولوج والميدان‬
‫ّ‬ ‫ر‬
‫الت يعمل يف ربوعها‪ ،‬ألنه سستطيع أن يحصل‬
‫يدرس عالم األنثبولوجيا‪ ،‬الشعوب ي‬

‫‪- 117 -‬‬

‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com167‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫تلق الضوء عىل المشكدات الرئيسة‪ ،‬يف طبيعة الثقافة وعملها‪،‬‬


‫الت ي‬
‫منها عىل المعلومات ي‬
‫االجتماع‪ .‬وبــهذا النوع من التقاط المعلومات‪ ،‬نتمكن من دراسة‬
‫ي‬ ‫وف سلوك اإلنسان‬
‫ي‬
‫بعض المشكدات العامة‪ ،‬مثل ‪ :‬أثر المناخ أو العرق أو االستعدادات السيكولوجية‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫المؤثرة يف ثقافة اإلنسان‪ ،‬وتنوع أشكالها وسياق تاريخها‪.‬‬ ‫غثها من العوامل‬
‫الفطرية‪ ،‬أو ر‬
‫(هرسكوفيث‪ ،4791 ،‬ص‪)95‬‬

‫أال يغفل الباحث ر‬ ‫ّ‬


‫تعتث بالنسبة لـه‬
‫الت ر‬ ‫ر ي‬
‫وبولوج أحداث التاري ــخ ي‬ ‫األنث‬ ‫يعت‪،‬‬
‫وهذا ي‬
‫ًّ‬ ‫ً‬
‫الحتم‬
‫ي‬ ‫الت يمكنه اإلفادة منها يف محاولته الكشف عن‬ ‫مصدرا مهما للتجارب ي‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫الداشعوري للظواهر‪ .‬ونظرا لعدم إمكان التنبؤ يف التاري ــخ‪ ،‬فننه يصبح من الرصوري‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫بسجل دقيق ومضبوط لألحداث التاريخية‪ ،‬وإل حد بعيد‪ .‬وإذا كان ‪/‬سثوس‬ ‫االحتفاظ‬
‫الشهثة ‪ " :‬إن ر‬
‫البش هم‬ ‫‪ /‬سشث ف كتابه " ر‬
‫األنثوبولوجيا البنائية " إل عبارة ‪ /‬ماركس ‪/‬‬
‫ر‬ ‫ر ي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الت رتثز‬
‫الذين يصنعون تاريخهم‪ ،‬ولكنهم ال يدركون هذه الحقيقة "‪ ،‬فنن هذه العبارة ي‬
‫ً‬
‫أيضا ر‬
‫األنثوبولوجيا‪( .‬أبو زيد‪ ،0224 ،‬ص ‪) 91‬‬ ‫التاريـ ــخ‪ ،‬رتثز‬

‫األخثة –أينما وجدت‪ ،‬إل زيادة‬ ‫تقض المعلومات يف السنوات‬ ‫وقد ّأدت الحاجة إل ّ‬
‫ر‬ ‫ي‬
‫األنثوبولوجيا الميدانية‪ ،‬يف دراسة الشعوب‪ ،‬ليس البدائية فحسب‪،‬‬‫استخدام مناهج علم ر‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وف أماكن متعددة من العالم ‪.‬‬
‫بل والشعوب المتعلمة أيضا ا‪ ،‬ي‬
‫ّ ً‬ ‫ً‬ ‫ولذلك‪ ،‬ينتهج الباحث ر‬
‫ر ي‬
‫وبولوج منهجا محددا يف بحثه‪ ،‬ويستخدم مجموعة‬‫األنث‬
‫من الوسائل واألدوات للحصول عىل بياناته ‪ ..‬ويتبع مجموعة من الخطوات قبل القيام‬
‫وف أثنائه‪ ،‬كما يواجه بعض الصعوبات والمشكدات‪ ،‬عليه أن يتعامل معها‬
‫بالبحث ي‬
‫ًّ‬ ‫ّ‬ ‫ر‬
‫ر ي‬
‫وبولوج األول‪ ،‬منصبا عىل مداحظة‬ ‫ببدائل مناسبة‪ .‬فقدكان اهتمام الباحث األنث‬
‫الت تحكم المجتمعات اإلنسانية‪ ،‬أو الكشف عنها‪ ،‬وواجهته‬
‫القواني الرئيسة العامة ي‬
‫ر‬

‫‪- 068 -‬‬


‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com168‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫ّ ّ‬ ‫ا‬ ‫ّ‬
‫سيما أن نموذ الثقافة‬ ‫مجموعة من الصعوبات‪ ،‬لكنه لم ييأس من إنجاز بحثه كامال‪ ،‬وال‬
‫ا‬ ‫ً‬
‫اإلنسانية ليس بسيطا وليس سهال‪( .‬جابر‪ ،4774 ،‬ص ‪) 49‬‬

‫ّ‬
‫الميدان‪ ،‬ذلك االرتباط الوثيق ربي‬
‫ي‬ ‫العلم ‪/‬‬
‫ي‬ ‫المثات األساسية للمنهج‬
‫إن من ر‬
‫ّ‬
‫الكمية يف‬ ‫بالتال عىل استخدام التقنيات‬ ‫المنهح‪ ،‬والمنطوي‬ ‫النموذ النظري والنموذ‬
‫ي‬ ‫ر ي‬
‫ّ‬ ‫ر‬
‫األنثوبولوجية‪ ،‬والذي سشبه – إل حد بعيد‪ -‬ذلك االرتباط ربي النظرية‬ ‫الدراسات‬
‫الت ما زالت موضع نقاشات حادة ‪.‬‬
‫والمنهج يف العلوم الجديدة‪ ،‬ي‬
‫ّ‬ ‫ر‬ ‫ّ‬
‫األنثوبولوجية بميادينها المختلفة‪ ،‬تتمثل يف‬ ‫ولكن األسس الهامة يف الدراسات‬
‫إقامة الباحث ف مكان دراسته‪ ،‬يعاسش الجماعة كما ه ف الواقع‪ ،‬ويحصل عىل ّ‬
‫كل ما‬ ‫ي ي‬ ‫ي‬
‫ّ‬
‫يريده من عداقات وقيم وعادات وأنماط حياة‪ ،‬تحدد طبيعة هذا المجتمع وهويته‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫فنن ّ‬
‫مالينوفسك‪ -‬ال بد أن سستند إليها‬
‫ي‬ ‫ثمة مبادىء أساسية – كما يرى‬ ‫الثقافية‪ .‬ولذلك‪،‬‬
‫ر‬
‫وه ‪:‬‬
‫الميدان‪ ،‬ي‬
‫ي‬ ‫ر ي‬
‫وبولوج يف بحثه‬‫األنث‬

‫ر‬ ‫ً ًّ‬ ‫ًّ‬


‫األنثوبولوجية‪ ،‬وأن‬ ‫تاما بالمعلومات‬ ‫ملما إلماما‬ ‫الميدان‬
‫ي‬ ‫‪ -4‬أن يكون الباحث‬
‫علم واضح لموضوع بحثه ‪.‬‬
‫ي‬ ‫يكون لديه هدف‬

‫‪ -0‬أن يعيش الباحث ( ر‬


‫الميدان‪ ،‬يف المجتمع الذي يدرسه‪ ،‬ويقطع‬
‫ي‬ ‫ر ي‬
‫وبولوج)‬‫األنث‬
‫ّ‬
‫الت يدرسها ‪.‬‬ ‫ر ي‬
‫الخارج بصورة تامة‪ ،‬ويحرص اهتمامه بالجماعة ي‬ ‫اتصاله بالعالم‬

‫ّ‬ ‫ً‬ ‫‪ -2‬أن ّ‬


‫وتفسثها‪ ..‬أي أن‬
‫ر‬ ‫يطبق عددا من األساليب‪ ،‬يف جمع المعلومات وتبويبها‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الميدان‪ ،‬ألن بعض الطرائق‬
‫ي‬ ‫عليه أن سستخدم طرائق عدة مختلفة من طرائق البحث‬
‫ّ‬ ‫الت يمكن أن تصلح لدراسة ظاهرة ر‬
‫أنثوبولوجية محددة‪ ،‬قد ال يصلح تطبيقها يف دراسة‬ ‫ي‬
‫ظاهرة أخرى‪( .‬نارص‪ ،4795 ،‬ص ‪)92‬‬

‫‪- 119 -‬‬

‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com169‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫ّ‬ ‫ر‬ ‫ّ‬


‫بولوج عامل واحد فحسب‪ ،‬يف الحالة الميدانية‪ ،‬فنن الطريقة‬‫ولكن بما أن األنث ر ي‬
‫ً‬
‫الت‬
‫الت يحسن استخدامها‪ ،‬إذ يجب إن يأخذ الجماعة ي‬ ‫ه الطريقة ي‬ ‫المثىل ليست دائما‪ ،‬ي‬
‫ّ‬
‫الت قد تهيمن عىل‬
‫ه ي‬ ‫يدرسها يف الحسبان‪ ،‬ألن تصوراتها وأحكامها المسبقة ومخاوفها‪ ،‬ي‬
‫الميدان‪ .‬وهذا الموقف العام الذي ال يلق االهتمام الكاف من الباحث ر‬
‫ر ي‬
‫وبولوج‪ ،‬هو‬ ‫األنث‬ ‫ي‬
‫اإلنسان الذي تجب دراسته بعناية فائقة ‪.‬‬
‫ي‬ ‫من صميم العنرص‬

‫وإذا كان االعتقاد السائد لسنوات عديدة ف مجال البحث ر‬


‫الميدان‪،‬‬
‫ي‬ ‫ر ي‬
‫وبولوج‬‫األنث‬ ‫ي‬
‫ّ‬
‫هو أن األشخاص الراشدين هم وحدهم القادرون عىل إعطاء الباحث صور حقيقية عن‬
‫ّ‬
‫يصح اليوم‪ ،‬ألن الثقافة ه ما تصنعه الثقافة‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وتنوع‬ ‫ي‬ ‫الثقافة ‪ ، ..‬فنن هذا االعتقاد ال‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫السلوك المقبول لدى الجماعة‪ ،‬سسمح بأن يتخذ الرجال سلوكا مغايرا لسلوك النساء‪ .‬وأن‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫يتخذ سلوك األحداث سلوكا مغايرا لسلوك الراشدين ‪ ..‬ولذلك‪ ،‬فنن أفضل طريقة يتبعها‬
‫ّ‬ ‫ر‬
‫ه أن يتحدث إل الرجال والنساء‪،‬‬ ‫وبولوج يف البحث عن الثقافة‪ ،‬ي‬ ‫ر ي‬ ‫األنث‬ ‫العالم‬
‫ر‬
‫وف أكث ما يمكن من األوضاع‪.‬‬ ‫أكث عدد من األفراد‪ ،‬ي‬
‫واألحداث والراشدين‪ ،‬ومداحظة ر‬
‫(هرسكوفيث‪ ،4791 ،‬ص ‪)77‬‬

‫ّ‬
‫يتضمن يف بعض فروع دراسته‪ ،‬المنهج المقارن‪ ،‬كما يف‬ ‫وبما ّأن علم ر‬
‫األنثوبولوجيا‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫يدل عىل نوع من‬ ‫فرع للمقارنة ‪ ،‬طالما أنه‬
‫ي‬ ‫(األثنولوجيا )‪ ،‬فنن التجريب هو شكل‬
‫ّ‬
‫التوصل إل مقارنات‪ .‬وتسىع التجربة إل إنشاء اتصال منتظم ربي‬ ‫الت تهدف إل‬ ‫الطرائق ي‬
‫ّ‬
‫احتماالت عدة‪ ،‬تكون مقارنة بعضها قبل التجربة‪ ،‬وبعضها اآلخر بعد التجربة ‪..‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الت تحاول الطريقة تنفيذها بإتقان‪ ،‬إال فيما يتصل‬‫وباختصار‪ ،‬تتم مقارنة المواقف ي‬
‫محددة عىل نطاق ّ‬‫ّ‬
‫ضيق ‪.‬‬ ‫بمشكلة‬

‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫وإذا كان علم اإلنسان ( ر‬


‫كبثا يف بضعة عقود‬
‫الوصق‪ ،‬قد حقق تقدما ر‬
‫ي‬ ‫األنثوبولوجيا)‬

‫‪- 001 -‬‬


‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com170‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫ً‬ ‫ّ‬
‫وتأثثاتها النفسية‬
‫من نشأته‪ ،‬فنن ذلك لم يعد كافيا لدراسة ثقافة ما بمظاهرها وأبعادها ر‬
‫ظل هذه الثقافة‪ ،‬ما لم تقثن هذه الدراسات‬‫والسلوكية‪ ،‬ف الناس الذين يعيشون ف ّ‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫ّ‬
‫المهمات األساسية للباحث‬ ‫الحية ‪ ..‬وهذه من‬ ‫ّ‬ ‫الوصفية بالشواهد الواقعية‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ر‬
‫علمية ودقيقة عن المجتمع الذي يدرسه ‪.‬‬ ‫لك يقدم نتائج‬ ‫ر ي‬
‫وبولوج‪ ،‬ي‬‫األنث‬

‫ً‬
‫أساسيا ر‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ر ي‬
‫وبولوج الذي‬ ‫لألنث‬ ‫التمسك الشديد بالمنهجية‪ ،‬رشطا‬ ‫وبناء عىل ذلك‪ ،‬يعد‬
‫ر‬
‫ر ي‬
‫وبولوج‬ ‫األنث‬ ‫يريد النجاح يف أبحاثه الميدانية‪ .‬وهناك رصورة أساسية يف البحث‬
‫ّ‬
‫قاطعا ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫لكل أحكام القيمة‪.‬‬ ‫العلم الذي يتطلب طرحا‬
‫ي‬ ‫بالتجرد‬ ‫التحىل‬
‫ي‬ ‫وه‬
‫اف )‪ ،‬ي‬
‫(األثنوغر ي‬
‫إذ يجب عىل الباحث يف الثقافة اإلنسانية أن يداحظ تقاليد الشعب الذي يدرسها‬
‫الت‬ ‫ّ‬
‫الكيميان الذي يكرس نفسه‪ ،‬لفهم العنارص ي‬
‫ي‬ ‫العالم‬
‫ِ‬ ‫ويصفها‪ ،‬شأنه يف ذلك شأن‬
‫ّ‬
‫يحللها وفهم سلوك ّ‬
‫كل منها يف عداقته مع العنارص األخرى‪( .‬هرسكوفيث‪ ،4791 ،‬ص‬
‫‪)99‬‬

‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ر‬


‫بالتجرد تجاه‬ ‫ر ي‬
‫وبولوج‪ ،‬بوصفه عالما‪ ،‬أن يتحىل‬‫األنث‬ ‫وباختصار‪ ،‬يجب عىل‬
‫ّ‬
‫العلم عن الحقيقة ‪ ..‬ويجب يف هذا المجال‬‫ي‬ ‫معطياته‪ .‬وهذا ما يتصف به الباحث‬
‫ر‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وبالتال‬
‫ي‬ ‫شء آخر‪،‬‬‫البحث أن يتأكد الباحث ‪ :‬أن البحث عن الحقيقة يجب أن سسبق أي ي‬
‫ّ‬ ‫األنثوبولوجية‪ ،‬يجب أن ّ‬ ‫ّ‬
‫فنن اإلسهام ف الدراسات ر‬
‫لحل المشكدات األساسية يف‬ ‫يوجه‬ ‫ي‬
‫المجتمعات المدروسة ‪.‬‬

‫ّ‬ ‫ر‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬


‫وبولوج‪ ،‬أن يعد نفسه لطرائق الدراسة‬‫ر ي‬ ‫األنث‬ ‫وهذا كله يتطلب من الباحث‬
‫ّ‬
‫الميدانية‪ ،‬ال يت تؤهله للخوض يف هذا العلم الذي لم يعد باإلمكان تجاهله‪ ،‬يف الدراسات‬
‫االجتماعية ‪ /‬الثقافية‪ .‬وإن كانت الدراسات النظرية حول طرائق البحث ر‬
‫ر ي‬
‫وبولوج‬ ‫األنث‬
‫ً‬
‫الميدان‪ ،‬ما زالت قليلة قياسا باالهتمام بالمشكدات التقنية للمنهج‪.‬‬
‫ي‬

‫‪- 171 -‬‬

‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com171‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫ر‬ ‫ً‬
‫ثالثا‪ -‬طرائق البحث األنث ر ي‬
‫بولوج الميدا ين وأدواته‬

‫ر‬ ‫أهم إسهامات ر‬‫إن ّ‬ ‫ّ‬


‫واألنثوبولوجيا الثقافية بوجه خاص‪،‬‬ ‫األنثوبولوجيا بوجه عام‪،‬‬
‫ّ‬
‫البحت ‪ ..‬وبما أن أحد ر‬
‫ر‬ ‫ّ‬
‫العلم‪ ،‬هو‬
‫ي‬ ‫الشوط األساسية يف منهج البحث‬ ‫ي‬ ‫يتمثل يف منهجها‬
‫الت حصل بوساطتها عىل مجموعة من المعلومات‪،‬‬ ‫العالم بوضوح‪ ،‬الوسائل ي‬
‫أن يعرض ِ‬
‫ر‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫المهم أن يتداف أسباب نقص هذه الوسائل يف الدراسات األنثوبولوجية‪.‬‬ ‫فنن من‬

‫ّ‬ ‫ر‬
‫الت يتبعها يف‬ ‫الت يواجهها الباحث األنث ر ي‬
‫بولوج‪ ،‬تنشأ يف وصف الطرائق ي‬ ‫فالصعوبة ي‬
‫وبي العالم الذي يعمل يف‬‫الت يدرسها‪ ،‬ر‬
‫الدراسة الميدانية‪ ،‬عن االختداف ربي المواد ي‬
‫ً‬
‫الت‬
‫مختث‪ .‬فلم تكن لدى الباحث يف الثقافة اإلنسانية –سابقا‪ -‬سوى القليل من األدوات ي‬
‫ر‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫تحسسه بالحاالت‬ ‫يصفها‪ ،‬ولذلك فنن نجاحه يتوقف – وإل حد بعيد – عىل درجة‬
‫ّ‬ ‫اإلنسانية الت يجابهها‪ ،‬ر‬
‫أكث ّ‬
‫مما يتوقف عىل مهارته يف استعمال أنابيب االختبار أو‬ ‫ي‬
‫الموازين‪ ،‬أو الحاضنات‪( .‬هرسكوفيث‪ ،4791 ،‬ص ‪)99‬‬

‫كونتها ر‬
‫األنثوبولوجيا مع العلوم األخرى‪ ،‬اإلنسانية والتطبيقية‪،‬‬ ‫ّ‬
‫ولكن العداقات الت ّ‬
‫ي‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫الت أصبحت تؤدي دورا يف‬ ‫أدخلت عنرصا حيويا عىل النظريات والتقنيات الميدانية‪ ،‬ي‬
‫الت‬ ‫التساؤالت‪،‬‬ ‫ووضع‬ ‫المشكدات‬ ‫سيما من حيث فرض‬ ‫الدراسات ر‬
‫األنثوبولوجية‪ ،‬وال ّ‬
‫ي‬
‫أثمرت بفاعلية ف المكتشفات ر‬
‫األنثوبولوجية‪.‬‬ ‫ي‬

‫سث حياة بعض رواده‬ ‫ر‬


‫األنثوبولوجيا‪ ،‬وال ّ‬
‫سيما ر‬ ‫وعندما ينظر المرء إل تاري ــخ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫خي ومصن يق هذا الفرع من العلوم‪ ،‬يذكرون بصفة عامة‬ ‫المرموقي‪ ،‬يجد أن المؤر ر‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫الفثات الزمنية المتعلقة بمجال العمل‪ ،‬ومكانه ‪ ...‬ولكن حدثت يف فثة الستينات من‬
‫الميدان " ودخلت‬ ‫وبولوجيي يف الحقل‬ ‫العشين‪ ،‬أن أثثت فجأة مسألة " ر‬
‫األنث‬ ‫ر‬ ‫القرن‬
‫ي‬ ‫ر‬ ‫ر‬

‫‪- 002 -‬‬


‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com172‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫ّ‬
‫حث النقاش والجدل‪.‬‬ ‫ر‬

‫الحي‪ ،‬أصبحت أشكال العداقات والمشاركات المختلفة‪ ،‬ربي‬ ‫ر‬ ‫ومنذ ذلك‬
‫ّ‬ ‫ر‬
‫وبولوجيي والناس الذين هم موضع الدراسة‪ ،‬تشكل نقطة هامة لدى مراجع العلم‬
‫ر‬ ‫األنث‬
‫ر‬ ‫ّ‬ ‫ر‬
‫األنثوبولوجيا من تساؤالت‪،‬باعتبارها وسائل‬ ‫يثثه عالم‬ ‫ر ي‬
‫وبولوج‪ ،‬وتتعلق بما ر‬ ‫األنث‬
‫ر‬
‫لتفسث تلك األلغاز األنثوبولوجية ‪.‬‬ ‫وأدوات ال بد منها‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫تتطلب ما هو ر‬
‫أكث من وجود الباحث ومراقبته‬ ‫فالدراسة الميدانية (الحقلية)‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫التحري‬ ‫السلبية لما هم عليه الناس‪ .‬وذلك‪ ،‬ألن الباحث يحتا – غالبا‪ -‬يف مداحظته‪ ،‬إل‬
‫ّ‬
‫المرجىع (النظري) يمده بمجموعة من‬
‫ي‬ ‫أكث ما يظهر يف ّأول المداحظة‪ ،‬واإلطار‬
‫عن ر‬

‫التساؤالت والموضوعات‪ ،‬وعندما سشاهد واقعة ما‪ ،‬يحاول أن يكتشف العداقة بينها‬
‫ّ‬
‫المرجىع كله‪( .‬غانم ورفيقاه‪ ،4797 ،‬ص ‪)009‬‬
‫ي‬ ‫وبي اإلطار‬
‫ر‬

‫ر‬ ‫ً‬
‫واستنادا إل المنطلقات السابقة‪ ،‬فقد ّ‬
‫األنثوبولوجيا بعض الطرائق‬ ‫أقر علماء‬
‫ً‬
‫الميدان‪ ،‬ومنها ‪ :‬طريقة‬
‫ي‬ ‫الت يمكن اعتبارها أيضا أدوات عمل فاعلة يف العمل‬
‫الميدانية ي‬
‫ر‬
‫المداحظة المباشة‪ ،‬وطريقة االستمارة‪ ،‬وطريقة المشاركة وطريقة الحالة الفرضية‪.‬‬

‫كل مفهوم نظري لـه بدائل إجرائية ‪،Proceduresing Alternative‬‬ ‫وإذا كان ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫مطبقة يف الدراسة‬ ‫العلم‪ ،‬فنن الفكرة ذاتها نجدها‬
‫ي‬ ‫تستخدم للمداحظة واإلجراء‬
‫أكث من مقياس‪ ،‬ر‬
‫وأكث من طريقة للمداحظة‪ ،‬يف‬ ‫األنثوبولوجية‪ ،‬حيث سستخدم الباحث ر‬
‫ر‬

‫دراسة النظم الثقافية ‪ /‬االجتماعية‪)Pretti, 1970, p 89 ) .‬‬

‫وهكذا‪ ،‬تختلف وسائل ّ‬


‫كل طريقة وفائدتها عن األخرى‪ ،‬باختداف الوضع الذي يجد‬
‫الت يدرسها‪ ،‬أو اختداف المشكلة الخاصة‬
‫الباحث نفسه فيه‪ ،‬وباختداف نمط الثقافة ي‬
‫الت يدرسها‪.‬‬
‫ي‬

‫‪- 173 -‬‬

‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com173‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫ر‬
‫المباشة ‪:Direct Observation‬‬ ‫‪ -4‬طريقة المداحظة (المشاهدة)‬

‫الت سستخدمها الباحث المقيم‪ ،‬يف دراسة الشعوب البدائية‪.‬‬


‫ه أحد األساليب ي‬
‫ي‬
‫ويقوم هذا األسلوب عىل مراقبة أو معاينة أفراد الشعب الذي تجري عليه الدراسة‪ ،‬يف‬
‫الت يقيمها أبناء‬ ‫ّ‬
‫أثناء تأدية أعمالهم اليومية المعتادة‪ .‬وكذلك حضور المناسبات العامة ي‬
‫هذا الشعب‪ ،‬كالحفدات واالجتماعات (الدينية أو الشعبية) وحلقات الرقص‪ ،‬ومراسم‬
‫ّ‬
‫والترصفات‪ ،‬وتسجيل ما يجدر تسجيله من‬ ‫وغثها ‪ ..‬ورصد الحركات‬
‫دفن المون‪ ،‬ر‬
‫الت يبديها األفراد يف هذه المناسبات‪.‬‬
‫التعبثات ي‬
‫ر‬ ‫حوارات وأغان وتراتيل‪ ،‬وما إل ذلك من‬
‫(كلوكهون‪ ،4751 ،‬ص ‪) 09‬‬

‫وبولوج أن يقيم فثة ال ّ‬ ‫وهذا يقتض من الباحث ر‬


‫تقل عن (‪ )9-9‬أشهر‪ ،‬يف‬ ‫ر ي‬ ‫األنث‬ ‫ي‬
‫ّ‬ ‫المجتمع المدروس‪ ،‬و ّ‬
‫تفهم ما يدور فيه‪ .‬فالباحث المحثف ال بد وأن يغرق نفسه يف‬
‫ّ ّ‬ ‫ّ‬
‫يتم إال باإلقامة الطويلة لشهور عديدة يف المجتمع‬ ‫حياة الناس‪ ،‬وذلك ألن البحث ال‬
‫ّ‬
‫األهال‪ ،‬حت وإن كان السلوك‬
‫ي‬ ‫المحىل‪ .‬كما يجب أن يحسن الباحث لغة التخاطب بلغة‬
‫ي‬
‫تعت مداحظة دقائق الحياة‬ ‫ي‬ ‫لفط‪ .‬واإلقامة يف مجتمع البحث‪،‬‬
‫ي‬ ‫غث‬
‫الذي سشاهده ر‬
‫تتكرر ّ‬
‫مرات‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫اليومية كما تجري ربي الناس ‪ ..‬وهكذا يرى الباحث عنارص الحياة اليومية‬
‫ّ‬
‫ومرات أمامه‪ ،‬وتصبح من األمور العادية بالنسبة له‪( .‬غانم ورفيقاه‪ ،4797 ،‬ص ‪) 009‬‬

‫ًّ‬
‫ملما بأهداف بحثه وبطبيعة المجموعة‬ ‫وتحتا هذه الطريقة‪ ،‬إل أن يكون الباحث‬
‫ّ‬
‫الت يقوم‬
‫والوع‪ ،‬بأبعاد الظاهرة ي‬
‫ي‬ ‫كبث من االهتمام‬
‫المدروسة‪ .‬وأن يتمتع بقدر ر‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وكيفية رصد هذه األبعاد بدقة وموضوعية‪ ،‬حيث يتوقف عىل ذلك صدق‬ ‫بدراستها‪،‬‬
‫ّ‬
‫العلمية ‪.‬‬ ‫المعلومات‪ ،‬وفائدتها‬

‫‪- 004 -‬‬


‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com174‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫‪ -0‬طريقة المشاركة ‪: Participation‬‬

‫ر‬
‫ر ي‬
‫وبولوج‪ ،‬أي أن يقوم بأعمال تقوم بها‬ ‫األنث‬ ‫الت يتبعها الباحث‬
‫وه الطريقة ي‬‫ي‬
‫ّ‬ ‫ًا ّ‬ ‫ّ ً‬
‫بالتال إل أدق التفاصيل‬
‫ي‬ ‫الجماعة المدروسة‪ ،‬وذلك تقربا منها وكسباً لودها‪ ،‬والدخول‬
‫يف ممارسات أفراد هذه الجماعة‪ ،‬الخاصة والعامة‪ .‬كأن يمارس الباحث بعض الطقوس‬
‫ّ‬
‫اليوم للجماعة‪ ،‬وال‬
‫ي‬ ‫الدينية أو االجتماعية‪ ،‬أو يقوم ببعض األعمال ال يت تعد من النشاط‬
‫سيما األعمال اليدوية‪ ،‬الفردية والجماعية ‪ (.‬كلوكهون‪ ،4751 ،‬ص ‪)09‬‬ ‫ّ‬

‫والمعلومات الت تأن من المداحظة بالمشاركة‪ّ ،‬‬


‫مهمة بالنسبة للوسائل األخرى‪،‬‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫ّ‬ ‫حيث ّأن المعلومات ّ‬
‫األولية الناتجة عن المداحظة بالمشاركة‪ ،‬تمد الباحث باستبصارات‬
‫ّ‬
‫البحثية‬ ‫وغثها من الوسائل‬
‫الزمة لتصميم االستمارات واالختبارات السيكولوجية‪ ،‬ر‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫مهمة الختيار المعلومات الحقلية‬ ‫المتخصصة‪ .‬كما أن المداحظة بالمشاركة‬ ‫األخرى‬
‫الحقىل‪،‬‬
‫ي‬ ‫الزمت للبحث‬
‫ي‬ ‫الت جمعت بالوسائل األخرى‪ .‬فالجدول‬
‫الدازمة لتقييم الشواهد ي‬
‫ّ‬
‫يتضمن التداخل ربي المداحظة بالمشاركة‪ ،‬واألساليب األخرى لجمع المادة‪( .‬غانم‬
‫ورفيقاه‪ ،4797 ،‬ص‪)009‬‬

‫ّ‬
‫الحية للمجتمع المدروس‪ ،‬والمشاركة الفاعلة يف‬ ‫ومن خدال هذه المعاسشة‬
‫مناشطه‪ ،‬يكتسب الباحث مهارة يف أداء هذه األعمال‪ ،‬وقدرة عىل كتابة تجربته‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الشخصية فيها وممارسته لها‪ .‬وهذا ما يؤدي يف النهاية إل تصوير واقع الشعب‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫المدروس‪ ،‬بتفصيدات تتسم بالشمولية والدقة‪.‬‬

‫‪-2‬طريقة االستمارة (االستبانة ‪: )Questionnaire‬‬

‫كثث من‬
‫ه من أقدم الطرائق البحثية‪ ،‬وما زالت مستخدمة عىل نطاق واسع يف ر‬
‫ي‬

‫‪- 175 -‬‬

‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com175‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫الدراسات المسحية ‪ /‬الميدانية‪ .‬وقد أخذت هذا االسم من عنوان ر‬


‫نشة أصدرتها لجنة‬
‫الثيطانية) عام ‪ ،4995‬ثمّ‬ ‫ّ‬ ‫من المعهد ر‬
‫الملك‪ ،‬التابع لرابطة( تقدم العلم ر‬
‫ي‬ ‫ر ي‬
‫وبولوج‬‫األنث‬
‫جرت عليها خمس تنقيحات‪ ،‬إل أن ظهرت الطبعة السادسة منها عام ‪. 4754‬‬

‫وغث المادية‪ ،‬عىل‬


‫تغط جوانب الثقافة المادية‪ ،‬ر‬
‫ي‬ ‫قامت فكرة إعداد استمارة شاملة‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الباحثي بأن ثقافات الشعوب البدائية جميعها‪ ،‬مهددة بالزوال‪ ،‬ولذلك‪ ،‬يجب‬ ‫ر‬ ‫ادعاء‬
‫ّ‬
‫أكث قدر ممكن من المعلومات‪ ،‬طالما هذه الشعوب موجودة‪ .‬وتؤدي‬ ‫الحصول عىل ر‬
‫ر‬ ‫ّ‬
‫الكثث من‬
‫ر‬ ‫ر ي‬
‫وبولوج‪ ،‬إل جمع‬ ‫غث مؤهل للبحث األنث‬‫هذه الطريقة إذا استعملها مداحظ ر‬
‫كيفية ارتباط هذه الوقائع كلّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫تعط القليل من المعلومات‪ ،‬سواء عن‬‫ي‬ ‫الوقائع‪ ،‬ولكنها‬
‫ّ‬ ‫منها ف ّ‬
‫اإلنسان يف الحياة اليومية لدى شعب من‬
‫ي‬ ‫الكل الذي يؤلف الثقافة‪ ،‬أو العنرص‬ ‫ي‬
‫الشعوب ‪.‬‬

‫ّ‬ ‫ولكنها – ف المقابل – تساعد ر‬


‫الت‬ ‫ر ي‬
‫وبولوج المختص‪ ،‬يف التحقق من النقاط ي‬ ‫األنث‬ ‫ي‬
‫ّ‬ ‫يكون قد أهملها‪ .‬وهذا ما دعا ر‬
‫ناشي الطبعة السادسة إل وصفها بأنها " مذكرة يدوية‬
‫لألنثوبولوج المختص الذي يقوم ببحث ميدان"‪( .‬هرسكوفيث‪ ،4791،‬ص ‪) 420‬‬ ‫ر‬

‫فق الدراسات‬‫وهذه الطريقة شبيهة بطرائق البحث يف العلوم االجتماعية‪ .‬ي‬


‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ر‬
‫األنثوبولوجية عىل المجتمعات المتقدمة‪ ،‬يوزع الباحث االستمارة (االستبانة) عىل‬
‫ّ‬ ‫ًّ‬
‫غث أن أسلوب التنفيذ‬‫المدروسي‪ ،‬ويثك كال منهم يجيب عن األسئلة بطريقته‪ .‬ر‬
‫ر‬ ‫األفراد‬
‫الت ال تعرف الكتابة‪ ،‬حيث‬
‫والتطبيق يختلف يف دراسة الشعوب البسيطة (البدائية) ي‬
‫ّ‬
‫ويدون الجواب الذي سسمعه‪ ،‬وكذا الحال يف الحوارات‬ ‫يقوم الباحث بطرح السؤال‬
‫والمناقشات ‪.‬‬

‫‪- 006 -‬‬


‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com176‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫ّ‬
‫فرضية ‪: Hypothesis Case‬‬‫‪ -1‬طريقة الحالة ال‬

‫تقوم هذه الطريقة عىل بناء افثاضات حول عنارص لظاهرة اجتماعية‪ /‬ثقافية‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫سسىع البحث إل إثباتها والتحقق منها‪ ،‬حيث ال تظهر جماعة ما هذه العنارص إال يف‬
‫حوادث أو حاالت ّ‬
‫معينة‪.‬‬
‫ً‬
‫وبناء عىل ذلك‪ ،‬تسىع هذه الطريقة إل " فصل حاالت يف حياة الناس تبعا‬
‫ّ‬
‫والت‬
‫ألشخاص وعداقات وحوادث فرضية تتفق مع النماذ السائدة يف ثقافة الجماعة‪ ،‬ي‬
‫سستخدمها الباحث إلدارة المناقشات وتوجيهها‪ ،‬مع أفراد الجماعة الموضوعة تحت‬
‫غيت سحري مشؤوم‪ ،‬مثل‬‫الدراسة ‪ ".‬ولذلك‪ ،‬فعندما تكون الحوادث مصطبغة بمعت ر ي‬
‫ّ‬
‫تتضمن المسائل االقتصادية وقائع‪ ،‬ال يريد الفرد أن يكشف عنها إذا‬ ‫الوالدة‪ ،‬أو عندما‬
‫ً‬
‫تعت شخصا آخر‪ ،‬يمكن أن تجري المناقشة بحرية إذا لم يكن الشخص‬
‫كانت تعنيه أو ي‬
‫ً‬
‫المعت موجودا ‪.‬‬
‫ي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫يتحول الحديث – يف أغلب األحيان ‪ -‬عن حاالت وأشخاص‬ ‫إنه لمن المدهش أن‬
‫سيما يف حالة وصف الحوادث‬ ‫قيي‪ ،‬وال ّ‬ ‫فرضيي‪ ،‬إل مناقشة حاالت وأشخاص حقي ر‬ ‫ر‬
‫ّ‬
‫وتتبي قيم الثقافة وأهدافها‪ ،‬يف آرائهم حول تقييم‬ ‫خث نفسه‪،‬‬ ‫مرت ف تجربة ُ‬ ‫الت ّ‬
‫ر‬ ‫الم ِر‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫الت يطرحها أحد أفراد الجماعة ‪( .‬هرسكوفيث‪، 4791 ،‬ص ‪) 421‬‬ ‫ة‪،‬‬ ‫الفر ّ‬
‫ضي‬ ‫المعضدات َ‬
‫ي‬
‫ر‬ ‫ّ‬
‫وف الميدان الثقا يف منها خاصة‪ ،‬يحتفظ‬
‫إن النظام يف ميدان األنثوبولوجيا عامة‪ ،‬ي‬
‫بقيمته يف الدراسة طالما يقوم بوظيفته‪ ،‬يف حياة أولئك الذين سستخدمونه بصورة‬
‫ُم َ‬
‫رضية ‪ ..‬وهذا يقود إل النقاط التالية ‪( :‬هرسكوفيث‪ ،4791 ،‬ص‪)090‬‬
‫ّ‬
‫ينبىع أن يؤخذ‬
‫ي‬ ‫‪ -4‬يعد التصنيف خطوة أول هامة يف دراسة المعلومات‪ ،‬ولكن ال‬
‫ّ‬
‫غاية بحد ذاته‪.‬‬

‫‪- 177 -‬‬

‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com177‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫التنوع عند تصنيف المعلومات‪ ،‬بحيث‬ ‫ّ‬ ‫‪ -0‬يجب أن يؤخذ يف الحسبان عامل‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫تتمتع التصنيفات بمرونة ال تتمتع بها التصنيفات المبنية عىل مفهوم (النموذ ) ‪.‬‬

‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬


‫‪ -2‬إن تشكيل (اخثاع) مجموعة زمر لظاهرة معقدة‪ ،‬مبنية عىل معيار وحيد‪ ،‬يعد‬
‫ّ‬
‫الت تنشأ عنه ‪.‬‬
‫مبالغة يف تبسيط المعلومات‪ ،‬تؤدي إل تشويه قيمة األصناف ي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫‪ -1‬إن بناء التصنيف عىل أحكام قيمة‪ ،‬إنما هو استخدام معيار ال يصمد أمام‬
‫العلم‪ ،‬الذي يأخذ الوقائع جميعها يف الحسبان ‪.‬‬
‫ي‬ ‫اختبار التحليل‬

‫ً‬
‫الت يمكن الحصول – من خدالها‪ -‬عىل‬
‫تعتث هذه النقاط‪ ،‬الحدود ي‬
‫ر‬ ‫وأخثا‪،‬‬
‫ر‬ ‫‪-5‬‬
‫تصنيف مقبول للظواهر الثقافية‪.‬‬

‫منهح والبحث الميدان من ّ‬ ‫ر‬ ‫ّ‬


‫أهم مقومات‬ ‫ي‬ ‫ر ي‬ ‫األنثوبولوجيا‪ ،‬علم‬ ‫والخداصة‪ ،‬إن‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫الت عليه أن سستخدمها‪ ،‬واضعا نصب‬ ‫نجاحه‪ .‬وهذا يتطلب من الباحث معرفة الطريقة ي‬
‫ر‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫البحت‬
‫ي‬ ‫ه يف األساس مشكلة إنسانية‪ .‬كما أن الواجب‬ ‫الت يدرسها‪ ،‬ي‬
‫عينيه أن المشكلة ي‬
‫ّ‬
‫يقتض أن يتمتع الباحث‪ ،‬بدرجة عالية من الحساسية تجاه قيم الناس الذين يتعامل‬‫ي‬
‫الت تحكم سلوكاتهم وأساليب التعامل معهم‪ ،‬وهذا ما يتيح لـه‬ ‫القواني ي‬
‫ر‬ ‫معهم‪ ،‬ومعرفة‬
‫بالتال الحصول عىل ما يريده من معلومات ‪.‬‬ ‫ل‬ ‫ّ‬
‫وتسه‬ ‫معهم‪،‬‬ ‫ة‬ ‫بناء عداقة ّ‬
‫ودي‬
‫ي‬

‫‪- 008 -‬‬


‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com178‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫مصادر الفصل ومراجعه‬


‫ّ‬
‫العرن‪ ،‬الكويت‪.‬‬
‫ري‬ ‫العرن ‪ ،15‬مجلـة‬
‫ري‬ ‫‪ -‬أبو زيد‪ ،‬حامد (‪ )0224‬الطريق إل المعرفة‪ ،‬كتاب‬

‫الغت ورفيقاه (‪ )4797‬المدخل إل علم اإلنسان ‪ ،‬المكتب‬


‫ي‬ ‫‪ -‬غانم‪ ،‬عبد هللا عبد‬
‫الجامىع الحديث‪ ،‬االسكندرية ‪.‬‬
‫ي‬

‫‪ -‬كلوكهون‪ ،‬كدايد (‪ )4751‬اإلنسان يف المرآة‪ ،‬ترجمة ‪ :‬سليم شاكر‪ ،‬بغداد ‪.‬‬

‫‪ -‬نارص‪ ،‬ابراهيم (‪ )4795‬ر‬


‫األنثوبولوجيا الثقافية – علم اإلنسان الثقاف‪ّ ،‬‬
‫عمان ‪.‬‬ ‫ي‬

‫(‪ )4791‬أسس ر‬
‫األنثوبولوجيا الثقاقية‪ ،‬ترجمة ‪ :‬رباح النفاخ‪،‬‬ ‫‪ -‬هرسكوفيث‪ ،‬ميلفيل‪.‬‬
‫وزارة الثقافة‪ ،‬دمشق ‪.‬‬

‫‪- Pretti , Pelto (1970) Anthropology Research , London .‬‬

‫‪- 179 -‬‬

‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com179‬‬
www.facebook.com/tanweerlibrary

- 081 -
https://attanweerlibrary.blogspot.com180
www.facebook.com/tanweerlibrary

- 111 -

https://attanweerlibrary.blogspot.com181
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫الباب الثالث‬
‫المنظور ر‬
‫األنثوبولوج‬

‫للنظم االجتماعية‬

‫االجتماع ووظيفته‬ ‫الفصل ّ‬


‫األول‪ -‬البناء‬
‫ي‬
‫ا‬
‫االجتماع وخواصه‬
‫ي‬ ‫أوال‪ -‬مفهوم البناء‬

‫ً‬
‫ثانيا‪ -‬الوظيفة ف ر‬
‫األنثوبولوجيا االجتماعية‬ ‫ي‬

‫الفصل الثان‪ -‬ر‬


‫األنثوبولوجيا يف المجتمع الحديث‬ ‫ي‬

‫الفصل الثالث‪ -‬نحو رأنثوبولوجيا عربية‬

‫‪- 082 -‬‬


‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com182‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫الفصل ّ‬
‫األول‬

‫البناء االجتماع ووظيفته‬

‫ّ‬
‫مقــدمة‬

‫ا‬
‫أول‪ -‬مفهوم البناء االجتماع وخواصه‬

‫ثانيا‪ -‬الوظيفة ف ر‬
‫األنثوبولوجيا االجتماعية‬

‫‪- 113 -‬‬

‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com183‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫ّ‬
‫مقــدمة‬

‫ر‬ ‫ً ّ‬
‫األنثوبولوجيا‪ ،‬تدرس اإلنسان ‪ /‬الفرد وأعماله ضمن النوع‬ ‫أصبح واضحا أن‬
‫البشي‪ ،‬وما طرأ عليه من تغيث أو ّ‬
‫تطور نحو األفضل‪ ،‬سواء يف عضويته أو يف مظهره‬ ‫ر‬
‫ر‬
‫بتأثث الظروف الطبيعية واالجتماعية المحيطة به‪ ..‬إضافة إل دراسة‬ ‫ر‬ ‫ر ي‬
‫الخارج‪ ،‬وذلك‬
‫بشية (مجتمع ر‬ ‫ً‬
‫اإلنسان من طبيعته االجتماعية بصفته عضوا ف جماعة ر‬
‫بشي )‪ ،‬حيث‬ ‫ي‬
‫سم بعلم‬‫ّ‬ ‫ما‬ ‫ظهور‬ ‫إل‬ ‫ّ‬
‫أدى‬ ‫ما‬ ‫وهذا‬ ‫‪.‬‬‫األخرى‬ ‫سشارك علم ر‬
‫األنثوبولوجيا العلوم اإلنسانية‬
‫ي‬
‫( ر‬
‫األنثوبولوجيا االجتماعية) ‪.‬‬

‫الت‬ ‫أي ّأن ر‬


‫الصغثة وشبه البدائية ي‬
‫ر‬ ‫األنثوبولوجيا االجتماعية‪ ،‬تدرس المجتمعات‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫األمية‬ ‫تشكل نسيجا اجتماعيا بسيطا ومحدودا‪ ،‬بفنونها واقتصادها‪ ،‬وحيث تسود‬
‫ا‬ ‫ّ‬
‫تطورها‪ ،‬وصوال إل دراسة المجتمعات الحديثة‬ ‫واألعمال اليدوية األولية‪ ،‬وتتابع‬
‫ّ‬
‫والثقاف واالقتصادي ‪.‬‬
‫ي‬ ‫االجتماع‬
‫ي‬ ‫والمعقدة يف نسيجها‬

‫ا‬
‫االجتماع وخواصه ‪:‬‬
‫ي‬ ‫أوال‪-‬مفهوم البناء‬

‫إيجان‬ ‫يتم التفاعل فيما بينها بشكل‬ ‫ّ‬


‫يتكون البناء االجتماع من عنارص متشابكة‪ّ ،‬‬
‫ري‬ ‫ي‬
‫الت تعمل عىل تنظيم الحياة‬
‫االجتماع باألسس ي‬
‫ي‬ ‫وتكامىل )‪ .‬ولذلك يرتبط البناء‬
‫ي‬ ‫تبادل‬
‫ي‬ ‫(‬
‫االجتماعية والبيولوجية ‪.‬‬

‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬


‫يتمث بدرجة‬ ‫اجتماع ر‬
‫ي‬ ‫االجتماع بأنه ‪ " :‬نسق‬
‫ي‬ ‫يعرف ‪ /‬إيفانز بريتشارد ‪ /‬البناء‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫معينة من الثبات واالستقرار ‪ ..‬ويتألف من جماعات وزمر‪ ،‬مثل ‪ :‬العشائر والقبائل‬
‫كل منها بتنظيم عداقات األفراد الذين ينتمون إليها"‪.‬‬‫واألمم‪ ،‬تقوم ّ‬

‫‪- 084 -‬‬


‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com184‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫ّ‬
‫ووافق ‪ /‬براون ‪ /‬عىل تعريف ‪ /‬بريتشارد ‪ ،/‬ولكنه أضاف إليه بعض العنارص‪،‬‬
‫كالعداقات الت تجمع بي شخصي أو ر‬
‫أكث‪ ،‬مثال ‪( :‬نظام القرابة – العداقات الثنائية‬ ‫ر‬ ‫ر‬ ‫ي‬
‫التميث ربي األفراد عىل أساس الدور‬
‫ر‬ ‫كعداقة األب بابنه واألخ بأخته) وكذلك عمليات‬
‫االجتماع‪ ،‬كأدوار النساء أو الرجال أو الزعماء ‪.‬‬
‫ي‬

‫ّ‬ ‫ّ‬
‫تتكرر فيها األنماط‬ ‫الت‬
‫وقد ركز ‪ /‬براون ‪ /‬عىل العداقات االجتماعية العامة ي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫االجتماع‪ .‬وربط ذلك كله بموضوع ثبات‬
‫ي‬ ‫يتكون منها البناء‬ ‫والت‬
‫ي‬ ‫االجتماعية باستمرار‪،‬‬
‫ّ‬
‫يتغث بدرجات متفاوتة ‪.‬‬‫الديناميك الذي ر‬
‫ي‬ ‫االجتماع واستمراره‪ ،‬من خدال االستقرار‬
‫ي‬ ‫البناء‬

‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬


‫تتجسد فيها تلك العداقات االجتماعية‪،‬‬ ‫ويؤكد ‪ /‬براون ‪ : /‬أن الحاالت الفردية ي‬
‫الت‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫المتكرر لعدد من‬ ‫االجتماع‪ ،‬إنما هو السلوك‬
‫ي‬ ‫ه موضوع الدراسة العملية للبناء‬
‫ليست ي‬
‫ّ‬ ‫ّ ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫االجتماع من هذه‬
‫ي‬ ‫وبالتال يتكون البناء‬
‫ي‬ ‫األفراد‪ ،‬والذي يمثل نمطا اجتماعيا معينا‪،‬‬
‫لطق‪ ،4797 ،‬ص‪) 99‬‬
‫األنماط مجتمعة‪ ( .‬ي‬

‫يىل ‪:‬‬
‫االجتماع‪ ،‬كما ي‬
‫ي‬ ‫ّأما قاموس العلوم االجتماعية‪ ،‬فيطرح ثداثة تعريفات للبناء‬

‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬


‫الداخىل‬
‫ي‬ ‫المستقر للتنظيم‬ ‫االجتماع بأنه النموذ‬
‫ي‬ ‫التعريف األول ‪ :‬يحدد البناء‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫يتضمن مجموعة العداقات الموجودة ربي أفراد الجماعة‪ ،‬بعضهم مع‬ ‫لجماعة ما‪ .‬أي أنه‬
‫بعض من جهة‪ ،‬والعداقات الموجودة ربي الجماعة وجماعة أخرى من جهة ثانية ‪.‬‬

‫ّ‬
‫ويتكون من أجزاء‬ ‫التعريف الثان ‪ :‬يرتبط بخصائص الجماعات ونماذ الثقافات‪.‬‬
‫ا‬ ‫ً‬
‫يعتمد بعضها عىل بعضها اآلخر اعتمادا متبادال ‪.‬‬

‫االجتماع‪ ،‬حيث يقسم إل ‪:‬‬ ‫نوعي من البناء‬ ‫التعريف الثالث ‪ّ :‬‬


‫يمث ربي‬
‫ي‬ ‫ر‬ ‫ر‬

‫‪- 115 -‬‬

‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com185‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫صغثة‪ ،‬ومنها إل وحدات‬ ‫ر‬ ‫زمثات‬


‫الت تنقسم بدورها إل ر‬
‫‪ -‬الزمر االجتماعية ‪ :‬ي‬
‫ّ‬
‫يتمث كل منهم عن‬ ‫ّ‬
‫الزمثات (الوحدات) إل أفراد أو أعضاء‪ ،‬ر‬
‫ر‬ ‫أصغر منها‪ .‬وتقسم تلك‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫معي يحتله ربي األفراد‬
‫اجتماع ر‬
‫ي‬ ‫اآلخر بوظائف اجتماعية يعمل عىل تحقيقها‪ .‬وبوضع‬
‫اآلخرين ‪.‬‬

‫ّ‬
‫‪ -‬النموذج الثقاف ‪ :‬أي أن كل نموذ من النماذ الثقافية‪ ،‬يقسم إل العنارص‬
‫ّ‬
‫المكونة له‪ ،‬كالثقافة المرتبطة بالعادات الشعبية‪ ،‬أو النماذ الثقافية المرتبطة بالقيم‬
‫واألعراف وأساليب التعامل المختلفة‪( .‬األخرس ‪ ،4791،‬ص ‪) 27‬‬

‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬


‫االجتماع يتسم بالخصائص التالية ‪:‬‬
‫ي‬ ‫واستنادا إل ما تقدم‪ ،‬يمكن القول ‪ :‬إن البناء‬

‫االجتماع من أنماط العداقات االجتماعية‪ ،‬ولذلك‪ ،‬ال يمكن‬ ‫ّ‬


‫يتكون البناء‬ ‫‪-4/4‬‬
‫ي‬
‫ّ‬ ‫ر‬
‫مباش‪ ،‬إال من خدال الصورة المحسوسة للعداقات االجتماعية ربي‬ ‫مداحظته بشكل‬
‫ّ‬
‫معي ‪.‬‬
‫األفراد أو الجماعات‪ ،‬يف مجتمع ر‬

‫ّ‬ ‫‪-0/ 4‬البناء االجتماع‪ّ ،‬‬


‫كل متكامل أو نسيج متشابك األجزاء ‪ .‬وتعد دراسة أجزاء‬ ‫ي‬
‫ر‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫تمثها من‬
‫والت ر‬
‫ي‬ ‫االجتماع كلها‪ ،‬من أهم خصائص األنثوبولوجيا االجتماعية‪،‬‬
‫ي‬ ‫البناء‬
‫الت‬ ‫ة‪،‬‬ ‫ر‬
‫المباش‬ ‫وغث‬
‫ر‬ ‫ة‬ ‫ر‬
‫المباش‬ ‫العداقات‬ ‫عن‬ ‫بالكشف‬ ‫وذلك‬ ‫‪.‬‬‫األخرى‬ ‫االجتماعية‬ ‫العلوم‬
‫ي‬
‫الجتماع ‪.‬‬
‫ي‬ ‫توجد ربي أي عنرص وأجزاء البناء ا‬

‫نسبي ًا‪ ،‬إذ ّإن من ّ‬


‫أهم رشوطه‪ ،‬الحفاظ عىل‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫مستقر وثابت‬ ‫االجتماع‬ ‫‪-2/4‬البناء‬
‫ي‬
‫تماسكه واستمراريته فثات طويلة من الزمن‪ .‬ولكن هذا االستمرار ال يقصد به الجمود‪،‬‬
‫الح‪.‬‬ ‫ّ‬
‫ه الحال يف استمرار البناء العضوي للجسم ي‬ ‫المتغث كما ي‬
‫ر‬ ‫بل االستمرار‬

‫‪- 086 -‬‬


‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com186‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫ّ‬
‫التنوع الغريب يف‬ ‫الماض‪ ،‬قد بهرهم‬
‫ي‬ ‫وإذا كان علماء األ رنثوبولوجيا يف الجيل‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الثقافات الت ّ‬
‫التوصل إل تعميمات صحيحة‬ ‫تعرفوا إليها‪ ،‬فخامرهم الشك يف إمكان‬ ‫ي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫بشأنها‪ ،‬فدا بد من اإلقرار‪ ،‬يف هذا المقام‪ ،‬أنه يكاد يكون من المستحيل‪ ،‬صوغ تعميمات‬
‫عن سلوك الجماعات ر‬
‫البشية‪ ،‬أي عن الظاهرات االجتماعية والثقافية‪ ،‬دون أن تكون‬
‫ّ‬
‫الت تشذ عن القاعدة العامة‪( .‬لينتون‪ ،4759 ،‬ص‬ ‫هناك بعض االستثناءات الواضحة ي‬
‫‪) 29‬‬

‫ً‬
‫ثانيا‪-‬الوظيفة ف ر‬
‫األنثوبولوجيا االجتماعية ‪:‬‬ ‫ي‬
‫ّ‬
‫يرى عالم االجتماع ‪ /‬إميل دوركهايم ‪ /‬أن فكرة تطبيق الوظيفة يف دراسة‬
‫المجتمعات اإلنسانية‪ ،‬تقوم عىل المماثلة ربي الحياة االجتماعية والحياة العضوية‪ ،‬حيث‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫يتعذر أن نطرح أسئلة تتعلق بالطبيعة أو باألصل‪ ،‬قبل تحديد هويات الظاهرات‬
‫الت تربط فيما بينها‪ ،‬من أجل رشحها‪.‬‬
‫وتحليلها‪ ،‬والكشف عن مدى كفاية العداقات ي‬
‫(سثوس‪ ،4792 ،‬ص ‪) 04‬‬

‫ً‬
‫واستنادا إل هذه الفكرة‪ّ ،‬‬
‫تفسث نشأة الوظيفية يف علم‬
‫ر‬ ‫ثمة اتجاهان يف‬
‫ر‬
‫األنثوبولوجيا االجتماعية ‪:‬‬

‫الوظيفية نشأت ف ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫األورون بعد الثورة‬
‫ري‬ ‫ظل التكالب‬ ‫ي‬ ‫االتجاه األول ‪ :‬يرى أن هذه‬
‫العشين‪ ،‬عىل شعوب العالم وال‬ ‫ر‬ ‫الصناعية‪ ،‬ف نهاية القرن التاسع ر‬
‫عش وبداية القرن‬ ‫ي‬
‫تأمي األسواق لترصيف منتجاته الصناعية اآلخذة يف النمو‬
‫سيما الضعيفة منها‪ ،‬من أجل ر‬‫ّ‬

‫وتأمي مواد الخام األولية لتغذية صناعاته المختلفة من جهة أخرى ‪.‬‬
‫ر‬ ‫من جهة‪،‬‬

‫ر‬ ‫ّ‬
‫األنثوبولوجيا يف األبحاث العلمية من أجل تهيئة‬ ‫فقد سخر االستعمار علم‬

‫‪- 117 -‬‬

‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com187‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫ر‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬


‫والبشية‬ ‫وبأقل الخسائر المادية‬ ‫الفعليي ألهدافه ‪،‬‬
‫ر‬ ‫المناخات المدائمة للمنفذين‬
‫ّ‬
‫المؤسسات االجتماعية القائمة يف المجتمع الذي يراد‬ ‫الممكنة‪ .‬وذلك عن طريق دراسة‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الت تحتلها هذه المؤسسات االجتماعية يف نفسية‬‫استعماره واستغداله‪ ،‬ومعرفة المكانة ي‬
‫القوة والضعف عند الشعب المراد‬ ‫أفراد ذلك المجتمع‪ ،‬وبالتال الوقوف عىل نقاط ّ‬
‫ي‬
‫إخضاعه ‪.‬‬

‫ّأما االتجاه الثان ‪ :‬فثى ّأن نشوء الوظيفية ف علم ر‬


‫األنثوبولوجيا االجتماعية‪ ،‬كانت‬ ‫ي‬ ‫ر‬
‫ر‬ ‫ّ‬
‫كثثة‪،‬‬
‫والت ال تخلو من عيوب ر‬
‫الت امتاز بها القرن التاسع عش ي‬
‫ردة فعل تجاه الدراسات ي‬
‫ّ‬
‫تتمثل يف ‪:‬‬

‫ينيي أو‬ ‫ر‬


‫المبشين الد ر‬ ‫‪ -4‬االعتماد عىل جمع المعلومات عن مجتمع ما‪ ،‬عن طريق‬
‫ً‬
‫هواة الرحدات‪ ،‬وأحيانا تجمع البيانات عن طريق األصدقاء الذين يوجدون يف المناطق‬
‫المستعمرة أو المراد استعمارها‪.‬‬

‫األنثوبولوجية لظاهرة اجتماعية ّ‬


‫معينة‪ ،‬كالمعتقدات الروحية‬ ‫‪ -0‬تحليل الدراسات ر‬
‫ّ‬ ‫ا‬
‫المتبادلي مع المظاهر االجتماعية األخرى‪،‬‬
‫ر‬ ‫التأثث والتأثر‬
‫ر‬ ‫مثال‪ ،‬من دون ربطها بوشائج‬
‫لطق‪ ،4797 ،‬ص ‪)95‬‬
‫وغثها‪ (.‬ي‬
‫كنظام القرابة أو العادات والتقاليد ‪ ..‬ر‬

‫وعىل الرغم من هذا التقارب الملحوظ بي علم ر‬


‫األنثوبولوجيا واجتماعية الثقافة‬ ‫ر‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫(سوسيولوجية الثقافة )‪ّ ،‬‬
‫معايث ثداثة‪ ،‬يتحدد معياره األول يف‬
‫ر‬ ‫فثمة تمايز فيما بينهما ذو‬
‫ً‬ ‫اهتمت ر‬‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫األنثوبولوجيا عمليا‪،‬‬ ‫حي‬‫فق ر‬‫الت اهتمت بها كل منهما‪ .‬ي‬ ‫طبيعة المجتمعات ي‬
‫ّ‬
‫بالمجتمعات الموصوفة بالبدائية‪ ،‬مع أن ّ‬
‫ثمة مشاري ــع نظرية وبعض المحاوالت الفرعية‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫اهتم علم اجتماع الثقافة‪ ،‬بالظواهر االجتماعية‬ ‫المتعلقة بالمجتمعات الحديثة‪ ،‬فقد‬
‫الطبق‪.‬‬
‫ي‬ ‫ذات الثكيب‬

‫‪- 088 -‬‬


‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com188‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫والمنهح‪ ،‬من‬
‫ر ي‬ ‫المفهوم‬
‫ي‬ ‫الطبيىع أن تنتج عن هذا التمايز‪ ،‬مشكلة التحويل‬
‫ي‬ ‫وكان من‬
‫األساش‪ ،‬يجعل من مفهوم الثقافة نفسه‪ ،‬نقطة اختداف ربي‬
‫ي‬ ‫حقل إل آخر ‪.‬هذا التمايز‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫االختصاصيي‪ .‬فالثقافة ال تصبح مفهوما عمليا يف علم االجتماع‪ ،‬إال بعد تجريدها من‬
‫ر‬
‫ير‬
‫وبولوج‪.‬‬ ‫االنسجامية الت أضفاها عليها االستعمال ر‬
‫األنث‬ ‫ي‬
‫ا‬
‫انتقاال من مفهوم ّ‬ ‫ّ‬
‫موسع وشامل للثقافة‬ ‫الثان‪ ،‬إل أن هناك‬
‫ي‬ ‫ويشث التمايز (المعيار)‬
‫ر‬
‫تصنيق حسب‬ ‫ّ‬
‫(لواله لم تظهر نظريات بأكملها‪ ،‬كالتطورية واالنتشارية) إل مفهوم‬
‫ي‬
‫االجتماع الموجود‪ّ .‬أما النوع الثالث من التمايز‪ ،‬فمصدره التباين‬
‫ي‬ ‫معطيات الثكيب‬
‫العلمي‪( .‬لبيب‪ ،4799 ،‬ط‪ ،2‬ص ‪)49‬‬
‫ر‬ ‫المنهح ربي‬
‫ر ي‬

‫االجتماعية‪ ،‬تستند إل‬ ‫ويرى ‪ /‬براون ‪ّ /‬أن فكرة الوظيفة الت ّ‬


‫تطبق عىل النظم‬
‫ٍ‬ ‫ي‬
‫التماثل (المماثلة) ربي الحياة االجتماعية والحياة البيولوجية ‪ ..‬وبذلك تكون وظيفة أي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫االجتماع المؤلف من‬
‫ي‬ ‫ه ذلك الدور الذي يؤديه هذا النظام يف البناء‬ ‫اجتماع‪ ،‬ي‬
‫ي‬ ‫نظام‬
‫مرتبطي بعضهم مع بعض‪ ،‬يف وحدة متماسكة من العداقات االجتماعية‪.‬‬
‫ر‬ ‫أفراد‬

‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬


‫مهمة محددة‪ ،‬تؤديها ضمن إطار البنية‬ ‫وهذا يعت ّأن ّ‬
‫لكل ظاهرة اجتماعية‬ ‫ي‬
‫االجتماعية ألي مجتمع ما‪ ،‬وشكل متناسق ومتكامل مع الظواهر األخرى يف هذا‬
‫ّ‬
‫الوظيق ألية‬
‫ي‬ ‫المجتمع‪ .‬ومن دون اإلطار الشامل للبنية االجتماعية‪ ،‬ال يتحقق الوجود‬
‫ظاهرة اجتماعية ‪ (.‬الجباوي‪ ،4790 ،‬ص ‪)421‬‬

‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ويتحقق استمرار هذا البناء‪ ،‬من خدال الحياة االجتماعية ذاتها‪ ،‬ألن أي نظام‬
‫تم إليه‪ .‬فالنظام‬
‫االجتماع الذي ين ي‬
‫ي‬ ‫اجتماع يفقد طبيعته إذا ما نزع من النسق‬ ‫ي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ينبىع دراسته‬
‫ي‬ ‫الذي‬ ‫الشامل‬ ‫االجتماع‬
‫ي‬ ‫النسق‬ ‫ضمن‬ ‫إال‬ ‫وجوده‪،‬‬ ‫ق‬ ‫يحق‬ ‫ال‬ ‫االجتماع‬
‫ي‬
‫ًّ‬
‫الت يقوم بها ‪.‬‬
‫ي‬ ‫الوظائف‬ ‫تحديد‬ ‫أجل‬ ‫من‬ ‫ميدانيا)‬ ‫(‬

‫‪- 119 -‬‬

‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com189‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫ر‬
‫األنثوبولوجية‪ ،‬بواقع النظم‬ ‫ّ‬
‫تهتم المدرسة الوظيفية ‪/‬‬ ‫وعىل هذا األساس‪،‬‬
‫ّ‬
‫االجتماعية وحارصها من دون العودة إل ماضيها‪ ،‬وذلك لعدم وجود سجالت دقيقة‬
‫ً‬ ‫ّ ً‬ ‫ّ‬
‫تصورا واضحا عن أبنيتها ‪.‬‬ ‫وتعط‬
‫ي‬ ‫تحدد تاري ــخ هذه النظم‪،‬‬

‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ر‬ ‫ّ ّ‬


‫وبولوجيي خالفوا هذا االتجاه‪ ،‬ورأوا أن دراسة تاري ــخ النظم‬
‫ر‬ ‫األنث‬ ‫إال أن بعض‬
‫ّ‬
‫االجتماعية‪ ،‬تساعد يف فهم طبيعة أي مجتمع قديم وعنارص حضارته‪ .‬ويتفق أنصار‬
‫األنثوبولوجيا االجتماعية ال تستهدف الوصول‬ ‫المدرسة الوظيفية ‪ /‬االجتماعية‪ ،‬عىل ّأن ر‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫قواني العلوم الطبيعية‪ ،‬ألن ذلك من الصعوبة بمكان‪ ،‬وإنما يمكن‬
‫ر‬ ‫قواني عامة مثل‬
‫ر‬ ‫إل‬
‫ّ‬
‫الوصول إل نوع من التصنيفات أو النماذ واألنماط العامة ‪ ..‬ولذلك‪ ،‬تصنف‬
‫ّ‬ ‫ر‬
‫األنثوبولوجيا االجتماعية كفرع من العلوم االجتماعية ‪ /‬اإلنسانية‪ ،‬ألن تعميماتها لم‬
‫ّ‬
‫ه الحال يف العلوم الطبيعية ‪.‬‬
‫تصل بعد إل مستوى الدقة كما ي‬

‫فنن لهذا العلم أهميته ف دراسة تكوين المجتمعات ر‬ ‫ّ‬


‫البشية‬ ‫ي‬ ‫ومهما يكن األمر‪،‬‬
‫ّ‬
‫الت تربط اإلنسان‪،‬‬
‫وطبيعتها‪ ،‬كما أن لهذا العلم دوره يف تحديد العداقات االجتماعية ي‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫الت ينتظم فيها ويتفاعل معها ‪.‬‬
‫باعتباره حيوانا اجتماعيا بطبعه‪ ،‬بأفراد الجماعة ي‬

‫‪- 001 -‬‬


‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com190‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫مصادر الفصل ومراجعه‬


‫‪ -‬األخرس‪ ،‬صفوح (‪ )4791‬ر‬
‫األنثوبولوجيا االجتماعية‪ ،‬دمشق ‪.‬‬

‫‪ -‬الجباوي‪ ،‬عىل (‪ )4790‬ر‬


‫األنثوبولوجيا االجتماعية‪ ،‬جامعة دمشق ‪.‬‬ ‫ي‬

‫‪ -‬سثوس‪ ،‬كلود ليق (‪ )4792‬ر‬


‫األنثوبولوجيا البنيوية‪ ،‬ترجمة ‪ :‬صالح مصطق‪ ،‬دمشق‪.‬‬ ‫ي‬

‫‪ -‬لبيب‪ ،‬الطاهر (‪ )4799‬سوسيولوجيا الثقافة‪ ،‬دار الحوار‪ ،‬الداذقية ‪.‬‬

‫‪ -‬لطق‪ ،‬عبد الحميد (‪ )4797‬ر‬


‫األنثوبولوجيا االجتماعية‪ ،‬دار المعارف بمرص‪.‬‬ ‫ي‬

‫‪ -‬لينتون‪ ،‬رالف (‪ )4759‬ر‬


‫األنثوبولوجيا وأزمة العالم الحديث‪ ،‬ترجمة ‪ :‬عبد الملك‬
‫الناشف‪ ،‬المكتبة العرصية‪ ،‬ربثوت ‪.‬‬

‫‪- 191 -‬‬

‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com191‬‬
www.facebook.com/tanweerlibrary

- 002 -
https://attanweerlibrary.blogspot.com192
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫الفصل الثان‬

‫ر‬
‫األنثوبولوجيا ف المجتمع الحديث‬
‫ّ‬
‫مقــدمة‬
‫ّ‬ ‫ا‬
‫أول‪ -‬نظرية االتصال الثقاف‬

‫ّ‬
‫التطورية الجديدة‬ ‫ثانيا‪ -‬النظرية‬
‫ّ‬
‫الموجه )‬‫التغيثي (‬ ‫‪-4‬االتجاه‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫التثقيق‬
‫ي‬ ‫‪-0‬االتجاه‬

‫ثالثا‪ -‬النظرية الماركسية‬

‫رابعا‪ -‬النظرية المعرفية‬

‫‪-4‬المدرسة البنائية‬

‫‪-0‬المدرسة األثنولوجية الجديدة‬

‫‪- 193 -‬‬

‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com193‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫ّ‬
‫مقــدمة‬

‫وبولوج مع بداية النصف الثان من القرن ر‬ ‫انتقل الفكر ر‬


‫العشين‪ ،‬يف الدراسات‬ ‫ي‬ ‫ر ي‬ ‫األنث‬
‫ّ‬
‫والتطورية‪ ،‬إل البحوث الميدانية‪ ،‬حيث‬ ‫الثقافية ‪ /‬االجتماعية‪ ،‬من البحوث التاريخية‬
‫ه يف واقعها الراهن أثناء فثة الدراسة‪.‬‬ ‫ّ‬
‫تتم دراسة الثقافة كما ي‬
‫ّ‬
‫موضوعي للبحث كانا ‪ :‬موضوع العائلة وموضع الدين‪،‬‬
‫ر‬ ‫يقول ‪ /‬بريتشارد ‪ /‬إن أحب‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫وعلماء القرن التاسع ر‬
‫الموضوعي‪ ،‬وقد وصلوا‬
‫ر‬ ‫عش‪ ،‬لم يملوا أبدا من الكتابة يف هذين‬
‫محل نقاش بينهم لفثة طويلة‪ .‬ولكن عىل الرغم من اختداف هؤالء‬‫ّ‬ ‫فيهما إل نتائج كانت‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫العلماء اختدافا شديدا‪ ،‬عىل ما يمكن استخداصه من وقائع وبينات كانت تحت أيديهم‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وصق‪،4794 ،‬‬
‫ي‬ ‫التطور‪( .‬‬ ‫وه إثبات‬
‫الت يرمون إليها‪ ،‬ي‬
‫فقد كانوا يتفقون عىل األهداف ي‬
‫ص ‪) 07‬‬

‫فقد كانت المشكدات الت درسها علماء ر‬


‫األنثوبولوجيا‪ ،‬حت وقت قريب‪ ،‬بعيدة عن‬ ‫ي‬
‫مجاالت الحياة اليومية‪ ،‬وكان من الصعب التوفيق بي المشكدات النظرية حول ّ‬
‫تطور‬ ‫ر‬
‫الت‬
‫وبي مشكدات الرصاع والتداؤم ي‬
‫الثقاف أو وصف الطرائق الثقافية‪ ،‬ر‬
‫ي‬ ‫الثقافة أو االنتشار‬
‫كانت تجذب االنتباه‪ ،‬سواء داخل الثقافات اآلخذة بالنمو‪ ،‬أو يف مناطق االحتكاك ربي‬
‫الثقافات ‪.‬‬

‫غث مصابة بالعدوى) وما ينجم‬ ‫ر‬


‫فرغبة علماء األنثوبولوجيا يف دراسة أنماط حياة ‪ (،‬ر‬
‫تضق عىل أعمالهم صفة تختلف عن صفة‬
‫ي‬ ‫الثقاف‪ ،‬كانت‬
‫ي‬ ‫التغيث‬
‫ر‬ ‫عنها من نسيان مظاهر‬
‫ّ‬
‫الطبيعية ‪ (.‬هرسكوفيث‪ ،4791 ،‬ص‬ ‫المخثية يف العلوم الصحيحة والعلوم‬
‫ر‬ ‫األبحاث‬
‫‪)225‬‬

‫‪- 004 -‬‬


‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com194‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫يتعلق بما ّ‬ ‫ّ‬ ‫ر‬


‫سسم ب (الدراسة‬ ‫األنثوبولوجيا إل موضوع جديد‬ ‫ولذلك انتقلت‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫لمكونات الثقافة وعنارصها األساسية والعداقات المتبادلة فيما بينها )‪ .‬وبرزت‬ ‫المثامنة‬
‫ّ‬
‫الثقاف‪،‬‬
‫ي‬ ‫نتيجة ذلك النظريتان التاليتان يف دراسة الثقافة اإلنسانية‪ :‬نظرية االتصال‬
‫ّ‬
‫التطورية الجديدة ‪.‬‬ ‫والنظرية‬

‫ا‬
‫الثقاف (التثاقف والمثاقفة) ‪:‬‬
‫ي‬ ‫أوال‪ -‬نظرية االتصال‬
‫ّ‬
‫احتلت مسألة تعريف كلمة التثاقف (المثاقفة )‪ ،‬وتحديد نطاق العمل الذي تنطبق‬
‫ّ‬
‫االجتماع"‬
‫ي‬ ‫عليه‪ ،‬مكان الصدارة منذ عام ‪ ،4725‬حيث قدمت لجنة " مجلس البحث‬
‫ّ‬ ‫ا‬ ‫ً‬
‫وينص التعريف‬ ‫تعريفا لها كجزء من مذكرة أعدتها لتكون دليال يف البحث عن التثاقف‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ر‬ ‫ّ‬
‫والمستمر‪ ،‬ربي‬ ‫المباش‬ ‫الت تنجم عن االحتكاك‬‫عىل أن ‪ " :‬التثاقف سشمل الظواهر ي‬
‫تغثات يف‬‫تجره هذه الظواهر من ّ‬‫مختلفتي ف الثقافة‪ ،‬مع ما ّ‬ ‫جماعتي من األفراد‬
‫ر‬ ‫ر ي‬ ‫ر‬
‫المجموعتي أو كلتيهما "‪( .‬هرسكوفيث‪ ،4791 ،‬ص‬
‫ر‬ ‫نماذ الثقافة األصلية‪ ،‬لدى إحدى‬
‫‪)004‬‬

‫ّ‬ ‫ّ‬
‫يعت أن التثاقف (المثاقفة) هو تأثر الثقافات بعضها ببعض‪ ،‬نتيجة‬
‫وهذا التعريف ي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫االتصال ربي الشعوب والمجتمعات‪ ،‬مهما كانت طبيعة هذا االتصال وأهدافه‪ ،‬وإن كانت‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫التغيث‪،‬‬
‫ر‬ ‫معي من عمليات‬
‫الثقاف ركزت بالدرجة األول‪ ،‬عىل نوع ر‬
‫ي‬ ‫معظم دراسات االتصال‬
‫التغيث عىل الثقافة ‪.‬‬
‫ر‬ ‫تغيث الحياة االجتماعية‪ ،‬وانعكاس ذلك‬
‫االجتماع أو ر‬
‫ي‬ ‫التغيث‬
‫ر‬ ‫وهو‬

‫ّ‬
‫وثمة مفهوم آخر مرادف لكلمة (المثاقفة) وهو (المناقلة الثقافية‬
‫ّ‬ ‫‪ )Transculturation‬الذي ظهر ّ‬
‫الكون ‪/‬‬
‫ري‬ ‫للمرة األول يف عام ‪ .4712‬ويعلل الباحث‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫أورتث ‪ / Ortiz‬استعمال هذا المفهوم بقوله ‪ " :‬إن يت أؤيد الرأي بأن كلمة المناقلة‬
‫ر‬

‫‪- 195 -‬‬

‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com195‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫الثقافية‪ّ ،‬‬
‫تعث بشكل أفضل من مراحل سياق االنتقال المختلفة‪ ،‬من ثقافة إل ثقافة‬
‫ر‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫أخرى‪ .‬ألن هذا السياق ال سشتمل فقط عىل اكتساب ثقافة أخرى‪ ،‬بل يتضمن أيضا‬
‫بالرصورة‪ ،‬فقدان مقدار ما من ثقافة سابقة‪ ،‬أي االنثاع منها‪ .‬وهو ما يمكن تعريفه ‪(:‬‬
‫ّ‬
‫بالتال إل فكرة ظاهرة‬
‫ي‬ ‫الثقاف ‪ )Deculturation‬أضف إل ذلك‪ ،‬أنه يقود‬ ‫ي‬ ‫بالتجريد‬
‫نشأة ثقافة جديدة‪ ،‬وهو ما يمكن تسميته " التثقيف الجديد " ‪ (.‬هرسكوفيث‪ ،‬ص‪)009‬‬

‫وأيا كان المفهوم (المثاقفة أو االنتقال الثقاف )‪ ،‬فقد ّ‬


‫مهد لدراسة ر‬
‫األنثوبولوجيا‬ ‫ّ‬
‫ي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الباحثي يف أمريكا وأوروبا‪ ،‬أسهموا إل حد بعيد يف وضع أسس‬
‫ر‬ ‫وفق هذا االتجاه عدد من‬
‫ر‬
‫األنثوبولوجيا الحديثة ‪.‬‬

‫ّ‬ ‫ّ‬
‫تبت االتجاه‬
‫‪ -1‬ف أمريكا ‪ :‬تعد الباحثة األمريكية ‪ /‬ماغريت ميد ‪ /‬الرائدة األول يف ي‬
‫اف‪ .‬فقد أجرت ‪ /‬ميد‪ /‬يف أوائل‬ ‫االجتماع ‪ /‬الثق ي‬
‫ي‬ ‫التغيث‬
‫ر‬ ‫التثاقق) يف دراسة‬
‫ي‬ ‫التواصىل (‬
‫ي‬
‫ّ‬ ‫ر‬
‫الثداثينات من القرن العشين دراسة عىل مجتمع من الهنود الحمر يف أمريكا‪ ،‬ومدى تأثره‬
‫الت حصلت يف‬
‫بالمستعمرين البيض‪ ،‬من خدال احتكاكه بهم‪ ،‬والحظت االضطرابات ي‬
‫الحياة االجتماعية التقليدية عند الهنود الحمر نتيجة لذلك‪ .‬فقد كان مجتمع الهنود‬
‫الحمر يف فثة الدراسة‪ ،‬يعيش حالة من الرصاع الشديد‪ ،‬ربي األخذ بالثقافة الجديدة‬
‫سيما ّأنه لم يكن قد ّ‬
‫تكيف بعد مع‬ ‫الوافدة‪ ،‬وبن الثقافة القديمة الت اعتاد عليها‪ ،‬وال ّ‬
‫ي‬
‫األوضاع الجديدة‪.‬‬

‫ً ّ‬
‫وف المقابل‪ ،‬وجدت ‪ /‬ميد ‪ /‬أيضا‪ ،‬أن المستعمرين البيض لم يهدفوا إل التبادل‬ ‫ي‬
‫ّ‬
‫الثقافتي‪ ،‬وإنما أرادوا للهنود الحمر أن يندمجوا يف ثقافتهم بصورة كاملة‪.‬‬
‫ر‬ ‫بي‬
‫ر‬ ‫)‬‫التفاعل‬ ‫(‬
‫وعىل الرغم من موقف البيض هذا‪ ،‬فلم سسمحوا للهنود الحمر أن سشاركوا يف أنشطتهم‪،‬‬
‫أو أن يتعاملوا وإياهم عىل قدم المساواة ‪(Freidle, 1977, p.491) .‬‬

‫‪- 006 -‬‬


‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com196‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫المقررة الت استطاع علماء ر‬


‫األنثوبولوجيا بوساطتها‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫وقد ّتم اللجوء إل الطرق‬
‫ي‬
‫النفاذ إل العنارص الثقافية الكامنة تحت األشكال الثقافية‪ ،‬لك ّ‬
‫تزودهم بأساس لتقريب‬ ‫ي‬
‫الت ستضع إدارة شؤون الهنود يف أيدي الهنود أنفسهم‪ .‬وعهد للمكتب الخاص‬ ‫السياسة ي‬
‫في الذين قاموا بتغطية الدراسات االقتصادية‬ ‫المحث‬ ‫وبولوجيا‬ ‫بالهنود‪ ،‬إل علماء ر‬
‫األنث‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫يهتم بها الحاكم بالدرجة األول‪ ،‬وميادين الدين والفن والقيم‪ ،‬وبنيان‬ ‫الت‬
‫والسياسية‪ ،‬ي‬
‫االجتماع األخرى‪( .‬هرسكوفيث‪ ،4791 ،‬ص‬ ‫ّ‬
‫الشخصية ونظم الثبية‪ ،‬وأنماط الضبط‬
‫ي‬
‫‪)229‬‬

‫ً‬ ‫ر‬
‫األنثوبولوجيا يف أمريكا‪ ،‬مقترصا عىل‬ ‫وبــهذا‪ ،‬لم يعد تطبيق مكتشفات علم‬
‫ر‬
‫استخدام المفهومات واألساليب ووجهات النظر األنثوبولوجية‪ ،‬يف معالجة المشكلة‬
‫ّ‬
‫الهندية فحسب‪ ،‬بل امتدت طرائق دراسة القضايا العملية لتشمل مشكدات الجماعات‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫والت أصبحت تمثل غالبية سكان أمريكا ‪.‬‬
‫المتمدنة أيضا‪ ،‬ي‬

‫‪-0‬ف أوروبا ‪ :‬فق إنكلثا‪ ،‬رّكز معظم الباحثي ّ‬


‫جل اهتماماتهم عىل دراسة عمليات‬ ‫ر‬ ‫ي‬
‫وف هذا‬
‫ثقاف‪ .‬ي‬
‫تغيث ي‬
‫الثقاف (التثاقف) عند الشعوب األفريقية‪ ،‬وما أحدثه من ر‬
‫ي‬ ‫التواصل‬
‫اإلطار‪ ،‬دعمت دراسات ‪ /‬هرسكو فيث‪ /‬فكرة النسبية الثقافية‪ ،‬حيث تساءل ‪ :‬كيف‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫الت ال تعرف الكتابة؟‬
‫يمكن أن نطلق أحكاما تقييمية عىل الثقافة البدائية‪ ،‬تلك الثقافة ي‬
‫ّ‬
‫وأن كل فرد ينتم إل هذه الثقافة‪ّ ،‬‬
‫يفش الحياة اإلنسانية يف حدود ثقافته الخاصة؟‬ ‫ي‬

‫ولذلك‪ ،‬فمن الخطأ أن تسىع الثقافة الغربية (األمريكية أو األوروبية) إلطداق أحكام‬
‫ًّ‬ ‫ّ ً‬ ‫ّ‬
‫أساسيا للممارسات‬ ‫مثرا‬ ‫مسبقة عىل الثقافات األخرى‪ ،‬وتتخذ من هذه األحكام ر‬
‫االستعمارية‪ ،‬عىل أهل تلك الثقافات‪( .‬فهيم‪ ،4795 ،‬ص ‪)417‬‬

‫ّ‬
‫الفرنسيي مواقف مشابهة‬
‫ر‬ ‫الباحثي‬
‫ر‬ ‫وكذلك الحال يف فرنسا‪ ،‬حيث اتخذ العديد من‬

‫‪- 197 -‬‬

‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com197‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫لموقف ‪ /‬هرسكوفث ‪ /‬ف دعم ّ‬


‫تبت مفهوم النسبية الثقافية ومناهضة الثعة‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫ّ‬
‫الت تنظر إل التثاقف عىل أنه عملية تقوم عىل أساس من السيطرة‪،‬‬
‫االستعمارية‪ ،‬ي‬
‫الغرن عىل الشعوب األخرى ‪.‬‬
‫ري‬ ‫بالتال الفوارق التثاقفية واالستعداء‬
‫ي‬ ‫ورفضوا‬

‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬


‫جثار لكلرك ‪ : /‬إن االستعمار قد أتاح‬ ‫التحرري‪ ،‬كتب ‪ /‬ر‬ ‫الفرنىس‬
‫ي‬ ‫وف هذا االتجاه‬ ‫ي‬
‫ّ‬ ‫ر‬
‫للباحثي من قبل‪ ،‬وبذلك أسهم التقدم‬‫ر‬ ‫لألنثوبولوجيا رشوط عمل وتسهيدات لم تتح‬
‫ّ‬ ‫الحاصل ف العلوم اإلنسانية ف ر‬
‫نش فكرة تجدد العلوم اإلنسانية الفرنسية‪ .‬فاإلنسانية لم‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫الت ال‬ ‫ّ‬ ‫تعد ّ‬
‫ممثة بتبعيتها للزمان‪ ،‬بل ّ‬
‫المكان عىل مر الزمن‪ ،‬وبتعدد المدنيات ي‬
‫ي‬ ‫بتنوعها‬ ‫ر‬
‫ّ‬
‫يحق لواحدة منها أن تكون الوحيدة أو الفريدة‪ .‬ولذلك‪ ،‬يجب أن نتناول حالة الثقافة‬
‫ّ‬
‫طبيعية لنتائج علم‬ ‫ّ‬
‫تعتث نفسها باألساس‪ ،‬محصلة‬ ‫الت‬
‫ر‬ ‫النسبية‪ ،‬تلك المدرسة ي‬
‫األنثوبولوجيا ‪ (.‬فهيم‪ ،4795 ،‬ص ‪)459‬‬ ‫ر‬

‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬


‫وإذا كان مفهوم النسبية الثقافية عكس اتجاها أيديولوجيا خاصا‪ ،‬وارتبط بمرحلة‬
‫تغثت بعد الحرب العالمية الثانية‪ ،‬حيث‬ ‫معينة‪ ،‬فنن الظروف الت رافقته‪ّ ،‬‬
‫تاريخية ّ‬
‫ر‬ ‫ي‬
‫مصثها بنفسها‪ ،‬ولم‬
‫ر‬ ‫ّ‬
‫وتقرر‬ ‫َ‬
‫المستعمرة تنال استقدالها‬ ‫بدأت الشعوب يف المجتمعات‬
‫وبولوجيي للدفاع عنها وإثبات وجودها يف إطار النسبية‬ ‫ر‬
‫األنث‬ ‫تعد بحاجة إل دفاع‬
‫ر‬
‫الثقافية‪.‬‬

‫ولذلك‪ ،‬كان من الرصوري إيجاد فكر ر‬


‫وبولوج جديد ينسجم مع هذه‬ ‫ر ي‬ ‫انث‬
‫ّ‬
‫المستجدات االجتماعية والسياسية والثقافية‪ .‬فكان أن تخىل عدد من ر‬ ‫ّ‬
‫وبولوجيي‬
‫ر‬ ‫األنث‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫واتجهوا ّ‬
‫التطورية‪ ،‬تحت اسم (النظرية‬ ‫مرة أخرى إل إحياء الفكرة‬ ‫عن النسبية الثقافية‪،‬‬
‫ّ‬
‫التطورية الجديدة) ‪.‬‬

‫‪- 008 -‬‬


‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com198‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫ّ‬ ‫ً‬
‫التطورية الجديدة ‪:‬‬ ‫ثانيا‪-‬النظرية‬

‫ر‬
‫العشين‪ ،‬عدد من‬ ‫ظهر يف نهاية النصف األول وبداية النصف الثا ين من القرن‬
‫وبولوجيي الذين بدأوا يضعون نظرية خاصة لدراسة المجتمعات اإلنسانية ومراحل‬ ‫ر‬
‫األنث‬
‫ر‬
‫اإلنكلثي (جوردن‬ ‫الثقاف يف ذلك‪ .‬وكان من أبرز هؤالء‪ ،‬عالم اآلثار‬ ‫التغيث‬ ‫ّ‬
‫تطورها‪ ،‬وموقع‬
‫ر‬ ‫ي‬ ‫ر‬
‫واألمثيكيان ‪( :‬جوليان ستيوارد) و ( رلث يل هوايت) الذي دعا إل عدم استخدام‬
‫ر‬ ‫تشايلد )‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫النظم األوروبية كأساس لقياس التطور‪ ،‬ورصورة إيجاد محكات أخرى يمكن قياسها‬
‫وتقليل األحكام التقديرية بشأنها ‪.‬‬

‫ّ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫المهم أال‬ ‫فقد أكد ‪ /‬هوايت ‪ /‬يف كتابه " علم الثقافة " المنشور عام ‪ ،4717‬أن من‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫التطورية عىل تحديد مراحل ّ‬
‫الثقاف‪ ،‬وإنما ال بد من‬
‫ي‬ ‫معينة لتسلسل النمو‬ ‫تقترص النظرية‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الت تحدد هذا التطور‪ .‬ويمثل عامل " الطاقة " يف رأيه‪ ،‬المحك‬ ‫إبراز العامل أو العوامل ي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫االجتماع‬
‫ي‬ ‫ر ي‬
‫التكنولوج يف ثقافة ما‪ ،‬يحدد كيانها‬ ‫الرئيس لتقدم الشعوب‪ .‬أي أن المضمون‬
‫ّ‬
‫واتجاهاتها األيديولوجية‪( .‬فهيم‪ ،4795 ،‬ص‪)022‬‬

‫ّ‬
‫التطوري‪ ،‬إل ثداث مدارس تنادي ّ‬ ‫ّ‬
‫كل منها‬ ‫الثقاف‬
‫ي‬ ‫وقد انقسم هذا االتجاه‬
‫وصق‪ ،4794 ،‬ص ‪)155‬‬
‫ي‬ ‫بمجموعة من القضايا العامة ‪( :‬‬

‫ّ‬ ‫ّ‬
‫حي‬ ‫المدرسة األوىل ‪ :‬تأخذ بالمسلمة القائلة بأن التاري ــخ إنما يتجه يف تتابع وحيد ر‬
‫ّ‬ ‫استنادا إل مبدأ الوحدة السيكولوجية لبت ر‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫تتطور‬ ‫البش‪ .‬ومن هنا‬ ‫ي‬ ‫تتطور النظم والعقائد‪،‬‬
‫الثقافة ف العالم اإلنسان‪ ،‬حيث تتشابه الظروف العقلية والتار ّ‬
‫يخية ‪.‬‬ ‫ي‬ ‫ي‬

‫ّ‬
‫التطوري للنظم‬ ‫حي تعالج هذا التتابع‬
‫المدرسة الثانية ‪ :‬تأخذ بالمنهج المقارن ر‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫المنهجية المنظمة ربي الشعوب والثقافات‪ ،‬يف‬ ‫والمعتقدات اإلنسانية‪ ،‬بعقد المقارنات‬

‫‪- 199 -‬‬

‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com199‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫ً‬
‫سائر المراحل المبكرة ألطوار الثقافة‪ ،‬بحثا عن المصادر األثنولوجية للسمات الثقافية‪.‬‬

‫ّ‬
‫المدرسة الثالثة ‪ :‬تأخذ بفكرة البقايا أو المخلفات والرواسب الثقافية‪ ،‬عىل اعتبار‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫المنطقية‪ ،‬وأن المجتمع‬ ‫ه شواهد من الناحية‬ ‫أن هذه البقايا القائمة يف المجتمع‪ ،‬إنما ي‬
‫ّ ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫تطورا ومراحل ر‬
‫أقل ّ‬
‫قد م ّر ف مراحل ّ‬
‫أكث تركيبا وتطورا‪.‬‬ ‫ي‬

‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫وقد ّ‬


‫ر ي‬
‫أثنولوج جديد يبحث يف‬ ‫تخصص‬ ‫التطورية الجديدة‪ ،‬إل نشوء‬ ‫مهدت أفكار‬
‫العداقات المتبادلة ربي البيئة الطبيعية والثقافة‪ ،‬وعرف فيما بعد باسم األيكولوجيا‬
‫الت يعود تاريخها إل ‪/‬‬
‫والت تستند إل النظرية البيئية ي‬
‫الثقافية (‪ .(Cultural Ecology-‬ي‬
‫اليونان‪ ،‬ومن ّثم إل ‪ /‬مونتسيكو ‪ /‬الذي وضع أسس هذه النظرية‬ ‫ي‬ ‫هيبوقراط ‪/‬‬
‫ّ‬ ‫(المدرسة) والت يتبعها بعض علماء ر‬
‫األنثوبولوجيا يف العرص الحديث‪ .‬وتتلخص آراء‬ ‫ي‬
‫ناخية‪ ،‬قد ّ‬
‫سيما الظروف الم ّ‬ ‫الطبيعية للمنطقة‪ ،‬وال ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫كونت‬ ‫هذه المدرسة‪ ،‬بأن العوامل‬
‫وعينت طراز حياتهم‪ .‬وقضت عىل ّ‬ ‫الخارج لألفراد‪ّ ،‬‬
‫كل فرد ال يملك الصفات‬ ‫ر ي‬ ‫المظهر‬
‫ّ‬
‫الت تتفق وتلك البيئة (حمدان ‪ ،4797،‬ص ‪) 424‬‬ ‫ي‬

‫تفسث التباين ربي ثقافات الشعوب المختلفة‪،‬‬


‫ر‬ ‫ويعتمد األيكولوجيون الثقافيون يف‬
‫تأثث الثقافة مع ما يحدث يف‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫كيفية ر‬ ‫يهتمون بالكشف عن‬ ‫البيت كما‬
‫ي‬ ‫التنوع‬ ‫عىل ظاهرة‬
‫االجتماع‪(Freidle, 1977, .‬‬ ‫ّ‬
‫تغثات جذرية‪ ،‬عىل تكيف الفرد وتفاعله‬ ‫البيئة من ر‬
‫ي‬
‫)‪p307‬‬

‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الطاع للبيئة) وأن أثر البيئة‬
‫ي‬ ‫التأثث القوي ‪/‬‬
‫وتتلخص وجهة نظرهم هذه‪ ،‬يف جملة ( ر‬
‫كثثة‪ .‬ويستشهدون عىل ذلك‪ ،‬بسكان األسكيمو‪ ،‬وسكان‬ ‫كبث عىل الثقافة يف مجاالت ر‬‫ر‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫األصليي‪ ،‬وتأثر ثقافة كل من هذه الشعوب بالبيئة المحيطة‪ .‬ولكن ثمة‬ ‫ر‬ ‫أوسثاليا‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫كثثا من البيئات المتشابهة‪،‬‬
‫معارضون يف العرص الحديث لهذه النظرية‪ ،‬ألنهم يرون أن ر‬

‫‪- 211 -‬‬


‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com200‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫ّ‬
‫تضم ثقافات وحضارات مختلفة‪( .‬حمدان‪ ،‬ص ‪) 424‬‬

‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫وهكذا بدأت ر‬


‫األنثوبولوجيا تأخذ مسارا جديدا لتأكيد النسبية الثقافية واالتجاه‬
‫الموضوع يف الدراسات األثنولوجية‪ ،‬حيث بذلت محاوالت جادة للنظر إل‬
‫ي‬ ‫العلم ‪/‬‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫الثقافة من خدال مفهومات أفراد المجتمع وتصوراتهم‪ ،‬وليس من منطلق الباحث‬

‫ر ي‬
‫األثنولوج ونظرته الخاصة ‪.‬‬

‫ّ‬ ‫ّ‬
‫استمرت حت‬ ‫وكان من نتيجة ذلك‪ ،‬ظهور أربعة اتجاهات يف الدراسة األثنولوجية‪،‬‬
‫ّ‬
‫يوحدوا‬ ‫ر‬
‫األنثوبولوجيون بعدها أن‬ ‫ر‬
‫العشين‪ ،‬استطاع‬ ‫نهاية السبعينات من القرن‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ويوجهوا دراساتهم االجتماعية ‪ /‬الثقافية‪ ،‬من أجل ّ‬
‫تحرر اإلنسان وتقدمه ‪.‬‬ ‫اهتماماتهم‬

‫ّ‬
‫يىل عرض موجز لهذه االتجاهات األربعة ‪:‬‬
‫وفيما ي‬

‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الموجه ‪:‬‬ ‫التغيثي‬
‫ر‬ ‫‪ -4‬االتجاه‬

‫المستعمرة عىل استقدالها‪ّ ،‬‬


‫قل‬ ‫َ‬ ‫بعد ر‬
‫تداش االستعمار وحصول معظم المجتمعات‬
‫ي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫اهتمام ر‬
‫التغثات‬
‫ر‬ ‫وبولوجيي بدراسة عملية المثاقفة‪ ،‬واتجهوا إل دراسة طبيعة‬
‫ر‬ ‫األنث‬
‫االقتصادية واالجتماعية الناجمة عن استخدام التكنولوجية الغربية الحديثة إل‬
‫ّ‬
‫وشجعتهم عىل ذلك‪،‬‬ ‫الت خضعت لداستعمار‪ ،‬بقصد تنميتها وتطويرها‪.‬‬ ‫المجتمعات ي‬
‫ّ‬
‫تغثات‬‫الحكومات الغربية المنتجة لهذه التكنولوجية‪ ،‬والهادفة من ورائها إل تحقيق ر‬
‫أيديولوجية ّ‬
‫معينة ‪ /‬سياسية وثقافية واجتماعية ‪./‬‬

‫التغيثات‬
‫ر‬ ‫كبثة لدراسة حركية‬
‫لقد أعطت الظروف السياسية الجديدة ‪ ،‬دفعة ر‬
‫الناجمة عن عمليات نقل التكنولوجية الحديثة إل الثقافات التقليدية يف المجتمعات‬

‫‪- 101 -‬‬

‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com201‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫قدم العالم ر‬ ‫ّ ّ‬ ‫ّ‬


‫األمريك ‪ /‬جور فوسث‪ /‬يف كتابه " الثقافات‬
‫ي‬ ‫ر ي‬
‫وبولوج‬‫األنث‬ ‫المتخلفة‪ .‬وقد‬
‫ا‬
‫الت تساعد يف قبول‬ ‫ر ي‬
‫التكنولوج – عام ‪ "4752‬تحليال للعوامل ي‬ ‫والتغيث‬
‫ر‬ ‫التقليدية‬
‫ّ‬
‫الت تحبطه‪ ،‬وركز يف مناقشة هذه العوامل عىل المضمونات‬ ‫التغي رث‪ ،‬والعوامل ي‬
‫ّ‬
‫والنفسية ‪ (.‬فهيم‪ ،4795 ،‬ص ‪)029‬‬ ‫االقتصادية والثقافية‬

‫ّ ّ‬
‫الت كانت وراء نقل التكنولوجية إل المجتمعات التقليدية تحت‬
‫إال أن األهداف ي‬
‫الت قد‬ ‫ّ‬
‫الكثث من القضايا األخداقية‪ ،‬وال سيما تلك األرصار ي‬
‫ر‬ ‫مصطلح " التنمية"‪ ،‬أثارت‬
‫تصيب اإلنسان وبيئته‪ ،‬وذلك بسبب عدم حاجة المجتمعات النامية إل هذه‬
‫التكنولوجية‪ ،‬أو عدم مناسبة استخدامها يف تلك المجتمعات‪ .‬وعىل الرغم من ذلك‪ ،‬فقد‬
‫ّ‬
‫االتجاه أثر كبث وواضح ف ر‬
‫األنثوبولوجيا التطبيقية ‪.‬‬ ‫ي‬ ‫ر‬ ‫كان لهذا‬

‫ّ‬
‫التطبيق ‪:‬‬
‫ي‬ ‫‪ -0‬االتجاه‬

‫التحررية ف الفكر ر‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ر ي‬
‫وبولوج‪ ،‬يف الستينات والسبعينات‬ ‫األنث‬ ‫ي‬ ‫تنام االتجاهات‬‫ي‬ ‫أدى‬
‫ًّ‬ ‫من القرن ر‬
‫العشين‪ ،‬إل تراجع توظيف األثنولوجيا لخدمة األهداف السياسية‪ ،‬أيا كانت‬
‫تخصص جديد يعرف بـ " ر‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫األنثوبولوجيا‬ ‫طبيعة دراساتها وأنواعها‪ .‬ونشأ بدال من ذلك‬
‫خثاتهم المعرفية ‪ /‬النظرية‬ ‫ر‬
‫التنموية " حيث يقوم الباحثون األنثوبولوجيون بتقديم ر‬
‫ّ‬ ‫ر‬
‫المشوعات االقتصادية واالجتماعية‪ .‬أي أن نتائج‬ ‫والميدانية ‪ /‬التطبيقية‪ ،‬يف خدمة‬
‫ّ‬ ‫الدراسات ر‬
‫األنثوبولوجية التطبيقية‪ ،‬أصبحت توظف لخدمة الدول النامية يف عمليات‬
‫ّ‬
‫التغيث التنموي المخطط‪.‬‬
‫ر‬

‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬


‫واستنادا إل ذلك‪ ،‬أصبحت مسألة استخدام المعرفة ر‬
‫األنثبولوجية (إيجابا أو سلبا)‬
‫ّ‬
‫والمسؤولي عىل حد سواء‪ .‬وهذا ما دفع‬
‫ر‬ ‫الباحثي‬
‫ر‬ ‫الت أثارت اهتمام‬
‫من القضايا الهامة ي‬
‫األنثبولوجية األمريكية إل تشكيل لجنة يف عام ‪ ،4759‬لبحث المسؤوليات‬ ‫الجمعية ر‬

‫‪- 212 -‬‬


‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com202‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫الت‬ ‫ر‬ ‫ّ‬


‫الت يجب أن يتحملها الباحثون األنثوبولوجيون‪ ،‬تجاه المجتمعات ي‬ ‫األخداقية ي‬
‫ر‬
‫الت تستخدم نتائج البحوث األنثوبولوجية‬ ‫ّ‬
‫يقومون بدراستها‪ ،‬وال سيما تلك المصلحة ي‬
‫من أجلها‪.‬‬

‫األنثوبولوجية " عام ‪،4792‬‬ ‫وانته ذلك إل إصدار بيان " وثيقة األخداقيات ر‬
‫ر‬ ‫ّ‬
‫المدروسي من جهة‪،‬‬
‫ر‬ ‫وبولوجيي باألفراد (الجماعات)‬
‫ر‬ ‫األنث‬ ‫حددت بموجبها عداقة‬
‫ّ‬
‫ومسؤولياتهم تجاه الدول يف المجتمعات المضيفة من جهة أخرى ‪.‬وهذا كله يدخل يف‬
‫وبولوج‪ ،‬وال ّ‬ ‫مسؤوليات الباحث ر‬
‫سيما األمانة المهنية واألخداقية‪ ،‬وحماية األفراد‬ ‫ر ي‬ ‫األنث‬
‫ّ‬
‫الذين يتعامل معهم‪ .‬وكان من نتيجة ذلك‪ ،‬ظهور ثداثة اتجاهات فرعية بشأن إجراء‬
‫األنثوبولوجية واستخداماتها ‪.‬‬‫الدراسات ر‬

‫ّ‬
‫االتجاه األول ‪ :‬ذو نزعة تقليدية‪ ،‬يرى أن القيم العامة والسياسة‪ ،‬ال عداقة لهما‬
‫ّ‬ ‫بالعلوم االجتماعية‪ ،‬وما عىل الباحث ر‬
‫الت يحصل عليها‬ ‫ر ي‬
‫وبولوج إال تقديم الحقائق ي‬ ‫األنث‬
‫ّ‬
‫ه ومن دون االهتمام بنتائجها‪ ،‬عىل اعتبار أن العلم منفصل عن القيم األخداقية ‪.‬‬
‫كما ي‬
‫ً‬
‫غثفيتش‪ /‬تعريفا الجتماعية المعرفة سشمل موضوع هذا‬ ‫ر‬ ‫وهنا يقثح ‪ /‬جور‬
‫ّ‬
‫االختصاص مع اعتبارات منهجية أساسية‪ .‬وإذا اقترصنا عىل الحد األدن منه‪ ،‬كانت‬
‫ا‬
‫الت يمكن‬
‫ه أوال دراسة الثابطات الوظيفية ي‬ ‫اجتماعية المعرفة (سوسيولوجيا المعرفة) ي‬
‫جانبي ‪:‬‬
‫ر‬ ‫إيجادها ربي‬

‫أولها ‪ :‬أنواع المعرفة المختلفة‪ ،‬ودرجة تبلور األشكال المختلفة داخل هذه األنواع‬
‫من المعرفة وأنظمتها المختلفة‪ ،‬أي (تراتب هذه األنواع) ‪.‬‬

‫وثانيهما ‪ :‬األطر االجتماعية‪ ،‬بما فيها المجتمعات الشاملة‪ ،‬والطبقات االجتماعية‪،‬‬

‫‪- 103 -‬‬

‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com203‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫التعبثات المجتمعية المختلفة (العنارص الميكرو اجتماعية )‪.‬‬


‫ر‬ ‫والمجموعات الخاصة‪ ،‬و‬

‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ ّ‬ ‫وهذا ر‬


‫يتم إال بدراسة مدققة لجوانب أخرى‪ ،‬تتلخص يف ‪:‬‬ ‫المشوع ال‬

‫‪ -4‬العداقة ربي تراتب أنواع المعرفة‪ ،‬وتراتب المستحدثات األخرى للحضارة‪.‬‬

‫للتعبث والتواصل‪ ،‬ر‬ ‫ّ‬


‫ونش المعرفة ‪.‬‬ ‫ر‬ ‫‪ -0‬دور المعرفة وممثليها‪ ،‬واألنماط المختلفة‬

‫‪ -2‬مظاهر االقثاب واالبتعاد ربي أنواع المعرفة المختلفة‪ ،‬وذلك بحسب ارتباطاتها‬
‫بأطر اجتماعية ّ‬
‫معينة ‪.‬‬

‫‪ -1‬الحاالت الخاصة من التباعد ربي األطر االجتماعية والمعرفة ‪ (.‬لبيب‪،4799 ،‬‬


‫ط‪ ،2‬ص‪)00-04‬‬

‫أساسيتي ؛ تصنيف أنواع المعرفة‬


‫ر‬ ‫محاولتي‬
‫ر‬ ‫غثفيتش ‪ /‬هذا‬ ‫ّ‬
‫ويتضمن عمل ‪ /‬ر‬
‫وأشكالها من جهة‪ ،‬وتحديد العداقة ربي المعرفة واألطر االجتماعية من جهة أخرى‪.‬‬

‫ّ‬
‫االتجاه الثان ‪ :‬ركز عىل فكرة مبدأ النسبية الثقافية الذي يتناول يف جوهره‪ ،‬مشكلة‬
‫ّ‬
‫طبيعية ودور القيم يف الثقافة‪ .‬ويمثل معالجة علمية استقرائية لمشكلة فلسفية قديمة‪،‬‬
‫ً‬
‫وه‬
‫الباحثي‪ ،‬ي‬
‫ر‬ ‫مستخدما معطيات حديثة عن شعوب عديدة‪ ،‬لم تكن من قبل يف متناول‬
‫ّ‬
‫مستمدة من دراسة أنظمة القيم يف مجتمعات ذات تقاليد وعادات وأعراف مختلفة ‪.‬‬

‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ويعث عن مبدأ النسبية الثقافية باختصار ‪ :‬عىل أن األحكام فيها تبت عىل التجربة‪،‬‬‫ر‬
‫تأثث المفاهيم لدى‬
‫ثمة أمثلة توضح لنا ر‬ ‫كل فرد التجربة حسب ثقافته الخاصة‪ .‬ف ّ‬ ‫ويفش ّ‬
‫ّ‬

‫الغرن من‬
‫ري‬ ‫الطبيىع ‪ ..‬فالهنود يف الجنوب‬
‫ي‬ ‫شعب ما‪ ،‬عىل نظرة هذا الشعب إل العالم‬

‫‪- 214 -‬‬


‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com204‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫ا‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬


‫الواليات المتحدة األمريكية‪ ،‬يقولون بوجود ستة اتجاهات رئيسية بدال من أربعة‪ ،‬فهم‬
‫ً‬ ‫ر‬
‫والشق والغرب‪ ،‬وذلك انطداقا من‬ ‫يضيفون (األعىل واألسفل) إل الشمال والجنوب‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫وجهة النظر القائلة بأن الكون ذو ثداثة أبعاد‪ .‬وهم يف ذلك واقعيون تماما‪.‬‬

‫ّ‬ ‫ّ‬
‫سثى أن لدى بعض المجتمعات أنظمة تجعله‬ ‫وإن من يقول بوجود قيم ثابتة‪ ،‬ر‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫التحقق من ّ‬
‫صحة نظريته‪ .‬فهل ّ‬
‫ثمة قيم أخداقية ثابتة؟ أم أن القيم‬ ‫يؤمن برصورة إعادة‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫األخداقية تكون ثابتة طالما اتفقت مع اتجاهات شعب ما‪ ،‬يف فثة زمنية معينة من‬
‫ّ‬
‫الكثى يف‬
‫تاريخه؟ واإلجابة عن هكذا أسئلة‪ ،‬تؤلف إحدى إسهامات علم األثروبولوجيا ر‬
‫مقوماته‪( .‬هرسكوفيث‪ ،4791 ،‬ص‪)55-55‬‬ ‫تحديد مكان اإلنسان ف العالم وتحليل ّ‬
‫ي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وهذا يتطلب عدم التدخل يف شؤون اآلخرين‪ ،‬ورصورة وضع قواعد أخداقية تضبط‬
‫وبولوجيي‬ ‫إال ّأن بعض ر‬
‫األنث‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫تتوصل إليها الدراسات األثنولوجية‪.‬‬ ‫الت‬
‫ر‬ ‫استخدام النتائج ي‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫يرى أنه من الصعوبة أن يكون الباحث محايدا تماما تجاه ما يجري أمامه أو حوله‪ .‬ولذلك‬
‫فنن مسؤولية الباحث ر‬‫ّ‬
‫ر ي‬
‫وبولوج‪ ،‬توجب أن يطلع األفراد الذين يتعامل معهم عىل‬ ‫األنث‬ ‫‪،‬‬
‫لتغيث واقعهم‪ ،‬وبما يتناسب مع إمكاناتهم المادية‬
‫ر‬ ‫نتائج بحثه‪ ،‬واختيار أفضل السبل‬
‫ر‬
‫والبشية من جهة‪ ،‬وأوضاعهم الثقافية من جهة أخرى ‪.‬‬

‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ر‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬


‫ر ي‬
‫وبولوج‪ ،‬أن يتخذ موقفا‬ ‫األنث‬ ‫يتوجب عىل الباحث‬ ‫االتجاه الثالث ‪ :‬يرى أنه‬
‫ر‬ ‫ّ‬ ‫ّ ً‬ ‫ً‬
‫كاتلي‬
‫الثيطانية ( ر‬
‫أيديولوجيا محددا قبل القيام بالدراسة‪ .‬وقد أكدت األنثوبولوجية ر‬
‫ّ‬
‫جوف) رائدة هذا االتجاه‪ ،‬يف كتابها " ثورة العالم وعلم اإلنسان " الصادر عام ‪ ،4759‬أن‬
‫ّ‬ ‫عىل ر‬
‫وبولوجيي أن يحددوا موقفهم تجاه أمرين ‪ّ :‬إما خدمة االستعمار أو مناهضته‪.‬‬
‫ر‬ ‫األنث‬
‫تبت أيديولوجية غربية واضحة المبادىء واألهداف‪ ،‬وال ّ‬
‫سيما تجاه‬ ‫ّ‬
‫وذلك من خدال ي‬
‫مصالح المجتمعات النامية ‪.‬‬

‫‪- 105 -‬‬

‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com205‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫وإذا كانت الثقافات ّ‬


‫العبارتي‬
‫ر‬ ‫هاتي‬
‫بعبارن ‪( :‬متمدن و بدان )‪ ،‬فنن ر‬ ‫ي‬ ‫تقيم أحيانا‪،‬‬
‫ّ‬
‫بسيطتان بساطة خادعة‪ ،‬إذ دلت المحاوالت لتحديد الفرق بينهما‪ ،‬عىل وجود صعوبات‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫المتضادتي‪ ،‬هام بالنسبة‬
‫ر‬ ‫العبارتي‬
‫ر‬ ‫هاتي‬‫ر‬ ‫التميث ربي‬
‫ر‬ ‫غث أن‬‫غث متوقعة‪ .‬ر‬ ‫ر‬
‫الت‬ ‫الشعوب‬ ‫لوصف‬ ‫عادة‪،‬‬ ‫تستخدم‬ ‫)‬‫بدان‬ ‫(‬ ‫فكلمة‬ ‫‪.‬‬ ‫خاص‬ ‫بشكل‬ ‫‪،‬‬ ‫وبولوجيي‬ ‫ر‬
‫لألنث‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ر‬
‫غالبا‪ -‬علم ر‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الت منحت‬ ‫ي‬ ‫الشعوب‬ ‫وه‬
‫ي‬ ‫وبولوجيا‪،‬‬ ‫األنث‬ ‫–‬ ‫بها‬ ‫يهتم‬ ‫أن‬ ‫عىل‬ ‫جرى التقليد‬
‫ر‬
‫دراستها عالم األنثوبولوجيا معظم المعطيات األولية الدازمة له‪.‬‬

‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الكثث من األحكام‪ ،‬عىل طرائق‬
‫ر‬ ‫يتضمنه مثل هذا االستعمال يف‬ ‫ويؤثر المفهوم الذي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الت يكشف عنها التنقيب يف األرض‪ ،‬أن التبدل‬ ‫الماض ي‬
‫ي‬ ‫وتدل آثار‬ ‫حياة الشعوب‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫وبالتال‪ ،‬يمكن أن نستخلص أنه ما من‬
‫ي‬ ‫‪.‬‬‫العامة‬ ‫القاعدة‬ ‫هو‬ ‫–‬ ‫بطيئا‬ ‫كان‬ ‫المستمر – وإن‬
‫ج يعيش اليوم‪ ،‬كما كان يعيش أجداده أو أجدادنا‪( .‬هرسكوفيث‪ ،4791 ،‬ص‪)91‬‬ ‫شعب ّ‬
‫ي‬
‫ً‬
‫ثالثا‪-‬النظرية الماركسية‬

‫ّ‬ ‫ّ‬
‫كىس ولكنها لم تجد‬
‫كثة األساسية للفكر المار ي‬
‫تعد النظرية (المادية التاريخية) الر ر‬
‫ّ‬
‫الغرن‪ ،‬إال بعد انتصار الثورة االشثاكية يف روسيا عام ‪ ،4749‬حيث‬
‫ري‬ ‫طريقها إل الفكر‬
‫ليني) قائد هذه الثورة‪ ،‬تثجم إل اللغات األوروبية الرئيسة‪.‬‬
‫فدادميث ر‬
‫ر‬ ‫بدأت أعمال (‬

‫ّ‬
‫وهذا ما أدى إل النهوض الثوري يف العديد من البلدان األوروبية‪ ،‬ومن ّثم تأسيس‬
‫ر‬ ‫ًّ‬
‫واإليطال) من جهة‪ ،‬وإيجاد الحلول‬
‫ي‬ ‫األلمان‬
‫ي‬ ‫الفاش (‬
‫ي‬ ‫األحزاب الشيوعية‪ ،‬ردا عىل الفكر‬
‫الت خلقتها الرأسمالية – آنذاك – من جهة أخرى‪.‬‬
‫لألزمة االقتصادية العالمية ي‬

‫فقد أصبحت المادية الجدلية المنهج األساس ف العلوم اإلنسانية‪ ،‬وال ّ‬


‫سيما يف‬ ‫ي‬
‫التاريح‬ ‫المادية‬ ‫قيمة‬ ‫أظهر‬ ‫ما‬ ‫وهذا‬ ‫تفسث جوهر المجتمع اإلنسان ومبادىء ّ‬
‫تطوره‪.‬‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ر‬

‫‪- 216 -‬‬


‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com206‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫ّ‬
‫اإلنسان‪ ،‬وفق‬
‫ي‬ ‫كفلسفة مؤثرة وفاعلة‪ ،‬يف دراسة الظواهر الطبيعية واالجتماعية والفكر‬
‫وتفسثه ‪.‬‬
‫ر‬ ‫فلسق يعتمد عىل الفكرة الثورية العلمية يف تحليل الواقع‬
‫ي‬ ‫منهج‬
‫وتنطلق الماركسية من طريقة الحصول عىل العيش ف ّ‬
‫كل مجتمع‪ ،‬باعتبارها أساس‬ ‫ي‬
‫الت يدخل فيها‬
‫وبي العداقات ي‬
‫بنيته‪ .‬وذلك من خدال إقامة الصلة ربي هذه الطريقة‪ ،‬ر‬
‫ّ‬
‫الناس ضمن عملية اإلنتا ‪ .‬فالعداقات اإلنتاجية إذن‪ ،‬تشكل األساس الرئيس والقاعدة‬
‫لكل مجتمع‪( .‬روزنتال ويودين‪ ،4791 ،‬ص ‪)122-124‬‬ ‫الحقيقية ّ‬

‫ّ‬
‫فقد جاء يف الموسوعة الفلسفية (السوفيتية) أن الماركسية تنظر إل اإلنسان‪" :‬عىل‬
‫ّأنه موجود اجتماع‪ .‬ويعتث من وجهة النظر البيولوجية‪ ،‬أعىل مرحلة ف مراحل ّ‬
‫تطور‬ ‫ي‬ ‫ر‬ ‫ي‬
‫فنن اإلنسان ّ‬‫ّ‬ ‫الحيوانات عىل األرض‪ .‬وبينما ّ‬
‫يكيف‬ ‫يكيف الحيوان نفسه مع الطبيعة‪،‬‬
‫ً‬
‫الطبيعة مع نفسه من خدال ما يقوم به من نشاط ر ي‬
‫إنتاج‪ .‬واإلنسان أيضا‪ ،‬ال يمكن أن‬
‫ّ‬
‫وبالتال فهو منصهر يف ظروف اجتماعية محددة "‪.‬‬
‫ي‬ ‫يعيش بمعزل عن الناس اآلخرين‪،‬‬
‫ً‬
‫وكامنا ف نفس ّ‬ ‫ّ ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫كل فرد‪ ،‬بل‬ ‫ي‬ ‫مجردا‬ ‫وهكذا يرى ماركس‪ ،‬أن جوهر اإلنسان ليس شيئا‬
‫تطور الجنس‬‫ّ‬ ‫الت يعيش يف إطارها‪ .‬فهو نتا‬
‫هو يف حقيقته نتا العداقات االجتماعية ي‬
‫كله‪ ،‬سستوعب (يمتلك) المعرفة الت حصل عليها الجنس ر‬ ‫ّ‬ ‫ر‬
‫عث تاريخه‬‫البشي ر‬ ‫ي‬ ‫البشي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الطويل‪ .‬ولذلك‪ ،‬تعد التشكيلة االجتماعية ‪ /‬االقتصادية‪ ،‬مرحلة تاريخية معينة يف تطور‬
‫ّ‬
‫وأن أساسها هو أسلوب اإلنتا الذي ّ‬
‫تتمث به وحدها‪.‬‬‫ر‬ ‫المجتمع‪،‬‬
‫ّ‬
‫إن هذا المفهوم ف الفكر الماركىس‪ ،‬يتيح ر‬
‫وبولوجيي أن يكشفوا عن الظواهر‬
‫ر‬ ‫لألنث‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫التميث ربي‬
‫ر‬ ‫العامة لألنظمة االجتماعية يف عدد من البلدان ‪ .‬كما يتيح يف الوقت ذاته‪،‬‬
‫كل تشكيلة من‬‫االختدافات السائدة فيما بينها داخل نطاق التشكيلة ذاتها‪ ،‬إذ تأخذ ّ‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫التشكيدات االجتماعية واالقتصادية‪ ،‬كيانا اجتماعيا خاصا لـه قوانينه من حيث النشوء‬
‫والتحول إل تشكيلة أخرى ‪ (.‬برمان‪ ،4792 ،‬ص ‪)024-022‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫والتطور‪،‬‬

‫‪- 107 -‬‬

‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com207‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫وجه ر‬
‫األنثوبولوجيون المعارصون اهتمامهم إل دراسة التباين القائم ربي نظرية‬ ‫لقد ّ‬
‫ماركس عن المادية التاريخية‪ ،‬ونظرية المادية الثقافية الت وضعها ر‬
‫األمريك‬
‫ي‬ ‫ر ي‬
‫وبولوج‬ ‫األنث‬ ‫ي‬
‫ّ‬
‫المعارص ‪ /‬مارفيل هاريس ‪ ./‬فالماركسيون الحديثون يتفقون مع دعاة نظرية المادية‬
‫ّ‬
‫الثقافية‪ ،‬عىل أن األوضاع المادية للحياة اإلنسانية‪ ،‬لها األولوية يف الدراسات‬
‫أهميتها عىل النظم االجتماعية واألنساق الفكرية‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وتتفوق يف‬ ‫ر‬
‫األنثوبولوجية‪،‬‬
‫والمعتقداتية ‪.‬‬

‫ّ‬ ‫ّ ّ‬
‫الحديثي‪ ،‬يركزون عىل االقتصاد كنسق متكامل من‬
‫ر‬ ‫كسيي‬
‫إال أن هؤالء المار ر‬
‫ّ‬
‫حي يركز الماديون الثقافيون عىل‬
‫العداقات االجتماعية والقيمية والتكنولوجية‪ ،‬يف ر‬
‫ً‬ ‫األوضاع األيكولوجية ( ّ‬
‫ويعتثونها نسقا من العداقات البيولوجية‪Kessing, .‬‬
‫ر‬ ‫البيئية)‬
‫)‪)1981, p.170‬‬

‫ّ‬
‫كالماديي‬
‫ر‬ ‫الثقافيي‬
‫ر‬ ‫الماديي‬
‫ر‬ ‫وعىل الرغم من ذلك‪ ،‬يرى ‪ /‬هاريس ‪ /‬أن‬
‫ّ‬
‫الدياليكتيكيي‪ ،‬من حيث الهدف الذي يمكن تحقيقه من خدال دراسة التحديات‬‫ر‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ر‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الت يتعرض لها الجنس البشي‪ ،‬وال سيما متطلبات الغذاء والسكن وأدوات‬
‫(المحددات) ي‬
‫ّ‬
‫االستعماالت المختلفة‪ .‬يضاف إل ذلك ر‬
‫تأثثات البيئة‪ ،‬وما يتعلق بالقضايا البيولوجية ‪/‬‬
‫الوراثية‪ ،‬عىل التكاثر ر‬
‫البشي ‪.‬‬

‫ً‬
‫أيضا‪ّ ،‬أن عىل الماديي الثقافيي األخذ ّ‬ ‫ّ‬
‫بتنوع وجهات‬ ‫ر‬ ‫ر‬ ‫ولذلك يؤكد ‪ /‬هاريس ‪/‬‬
‫النهان الذي يجمع فيما‬ ‫وبولوجيي‪ ،‬رشيطة أن يكون الهدف‬ ‫السياسية عند ر‬
‫األنث‬ ‫ّ‬ ‫النظر‬
‫ي‬ ‫ر‬
‫بينهم هو " العمل عىل تطوير الثقافة اإلنسانية ")‪)Harris, 1968, p.325‬‬

‫‪- 218 -‬‬


‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com208‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫ّ‬ ‫ً‬
‫المعرفية‬ ‫رابعا‪-‬النظرية‬

‫الوظيق‪ ،‬بسبب اعتماده عىل‬ ‫البنان ‪/‬‬ ‫ّإن االنتقادات الت ّ‬


‫وجهت إل االتجاه‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫سلوكات األفراد الظاهرة وما يقوم بينهم من عداقات عىل أرض الواقع‪ ،‬وإغفاله الجانب‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫تبت نظرية جديدة يف الدراسة‬
‫الديناميك) يف دراسة الثقافة اإلنسانية‪ ،‬أدت إل ي‬
‫ي‬ ‫الحرك (‬
‫ي‬
‫الت أعقبت الحرب العالمية‬
‫التغيثات االجتماعية والثقافية والسياسية ي‬
‫ر‬ ‫تتناسب مع‬
‫والت تبحث يف‬
‫الثانية‪ .‬ومن هنا برزت فكرة النظرية المعرفية يف دراسة الثقافة اإلنسانية‪ ،‬ي‬
‫التفكث‬
‫ر‬ ‫الت تكمن وراء هذا‬
‫تفكث الناس وأساليب إدراكهم لألشياء‪ ،‬والمبادىء ي‬
‫ر‬ ‫طرائق‬
‫ّ‬
‫الت يصلون بوساطتها إل كل منهما ‪ ..‬فهم أصحاب المجتمع‪،‬‬ ‫ّ‬
‫واإلدراك‪ ،‬ومن ثم الوسائل ي‬
‫ومن العدل أن ّ‬
‫نتعرف إل آرائهم فيها ‪.‬‬

‫ًّ‬
‫الت يقول فيها عالم االجتماع‬
‫كما جاءت النظرية المعرفية ردا عىل الماركسية‪ ،‬ي‬
‫ّ‬
‫الكثث من االهتمامات‪ ،‬ولكنها‬
‫ر‬ ‫الفرنىس المعارص ‪ /‬ميشيل فوكو ‪ : /‬أنها أثارت يف نفسه‬
‫ي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫أخفقت يف إشباع هذه االهتمامات إخفاقا شنيعا‪ .‬بل إنه ذهب إل حد القول ‪ " :‬إن‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫مجرد نوع من‬ ‫الماركسية كانت تجتذب إليها الشباب‪ ،‬ولكنهم كانوا يدركون بشعة أنها‬
‫الت تدور حول إمكان وجود عالم آخر أفضل من هذا العالم الذي نعيش‬
‫أحدام المراهقة‪ ،‬ي‬
‫فيه ‪".‬‬

‫ً‬ ‫ّ ً‬
‫تخصصا جديدا أضق عليه " تاري ــخ أنساق الفكر " يف إطار‬ ‫ولذلك‪ ،‬ابتكر ‪ /‬فوكو‪/‬‬
‫الت‬
‫ما أطلق عليه مصطلح " إبستيمة ‪ " Episteme‬والمستمد من أصل الكلمة اليونانية ي‬
‫ّ‬
‫تشث إل العلم والمعرفة‪ .‬ولذا يمكن ترجمتها بعبارة " إطار المعرفة "‪ .‬ويحدد فوكو ثداثة‬
‫ر‬
‫معرف خاص ‪:‬‬ ‫بإطار‬ ‫منها‬ ‫كل‬ ‫(انقطاعات) أساسية ّ‬
‫يتمث ّ‬
‫ي‬ ‫ر‬

‫‪- 109 -‬‬

‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com209‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫ّ‬ ‫األول ‪ :‬حدث ف أواسط القرن السابع ر‬ ‫االنقطاع ّ‬


‫عش وأدى إل القضاء عىل االتجاه‬ ‫ي‬
‫ً‬
‫الذي كان سائدا من قبل‪ ،‬نحو إبراز و (توكيد) أوجه الشبه ربي األشياء المختلفة‪ ،‬أو ربي‬
‫ّ‬
‫(مخلوقات هللا كلها) حسب ما يقول ‪ /‬أوتو فريدريش ‪ / Otto Friedrich‬وظهور الميل‬
‫الذي ساعد (عرص العقل) نحو إبراز و توكيد أوجه التفاوت واالختداف والتفاضل ربي‬
‫عش بوجه خاص‪.‬‬ ‫تفكث القرن الثامن ر‬
‫األشياء‪ .‬وهو ميل سيطر عىل ر‬

‫ّ‬ ‫ّ‬
‫االنقطاع الثان ‪ :‬حدث بعد الثورة الفرنسية بقليل‪ ،‬ويتمثل يف ظهور فكرة الثقدم‬
‫وتعتث هذه الفكرة بمثلة اإلطار‬ ‫والعلم‪ ،‬عىل السواء‪.‬‬ ‫االجتماع‬ ‫المجالي ‪:‬‬ ‫ّ‬
‫التطوري يف‬
‫ر‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ر‬
‫يمث العرص الحديث ويسيطر عليه سيطرة تكاد تكون تامة‪.‬‬ ‫المعرف الذي ّ‬
‫ر‬ ‫ي‬
‫ً‬ ‫ّأما القطع الثالث ‪ :‬هو ما يمكن أن يتبلور فيما ّ‬
‫يمر به العالم اآلن‪ ،‬ويصبح قطعا يف‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫مجرى التاريـ ــخ‪ .‬وعىل الرغم ّ‬
‫مما كتبه حول هذه النقطة‪ ،‬فننه لم يقدم أي تحديد دقيق‬
‫تفسث مقنع عن الطريقة الت ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫تتم بها‬ ‫ي‬ ‫ر‬ ‫واضح المعالم لذلك (القطع )‪ .‬كما أنه لم يقدم أي‬
‫ّ‬
‫هذه التوقعات واالنكسارات‪ ،‬أو االنقطاعات وأسباب حدوثها‪.‬‬

‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ولكن‪ ،‬إذا كانت المعرفة ّ‬


‫قوة‪ ،‬كما يقول ‪ /‬فوكو ‪ /‬فننه انته من ذلك إل االعتقاد بأن‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ ًّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫تتضمن إحداهما األخرى بالرصورة‪ ،‬وأن كال منهما تتطلب األخرى وتؤدي‬ ‫القوة والمعرفة‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الت تكلم عنها‪ ،‬قد أفلح يف تكوين‬
‫إليها‪ .‬وعىل هذا األساس‪ ،‬فنذا كان كل عرص من العصور ي‬
‫ّ‬
‫ومقومات الحياة‬ ‫يعث عن ذلك العرص‬ ‫صور وأشكال معرفية جديدة وتطويرها وإبرازها‪ ،‬بما ّ‬
‫ر‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫يعت يف نهاية األمر أن كل عرص من هذه العصور‪،‬‬
‫فيه‪ ،‬ويمكن عن طريقها التعرف إليه‪ ،‬فهذا ي‬
‫القوة ‪ (.‬أبو زيد‪،0224 ،‬ص‪)71‬‬ ‫ّإنما كان يمارس ف حقيقة األمر‪ ،‬أشكاال جديدة من ّ‬
‫ا‬
‫ي‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫المعرف مفهوما جديدا للثقافة وطبيعتها الفكرية الثقافية‪،‬‬
‫ي‬ ‫وقد أعط هذا االتجاه‬
‫ّ‬
‫باعتبارها تشكل (خريطة معرفية إدراكية) كما قال ‪ /‬جيمس داونز ‪ /‬يف كتابه " الطبيعة‬

‫‪- 201 -‬‬


‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com210‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫اإلنسانية "‪ .‬فالخريطة اإلدراكية ألي شعب من الشعوب‪ ،‬تحتفظ بمدامح عامة‬
‫ّ‬
‫ومقومات أساسية وثابتة‪ ،‬ولكنها – مع ذلك – ال تخلو من بعض االختدافات والتفاصيل‬
‫وف المرحلة الزمنية‬
‫الدقيقة من جيل إل آخر‪ ،‬ال بل من فئة اجتماعية إل فئة أخرى‪ ،‬ي‬
‫ّ‬
‫تصوراته الخاصة عن العالم والكون‪ ،‬تختلف عن‬ ‫الواحدة‪ .‬وهذا يعت ّأن ّ‬
‫لكل مجتمع‪،‬‬ ‫ي‬
‫غثه من المجتمعات األخرى (أبو زيد‪) 017 ،4799 ،‬‬ ‫ّ‬
‫تصور ر‬

‫تبلورت النظرية المعرفية ف الدراسات ر‬


‫األنثوبولوجية ‪ /‬الثقافية‪ ،‬يف الستينات من‬ ‫ي‬
‫سيتي ‪ :‬المدرسة البنائية يف فرنسا‪ ،‬والمدرسة‬
‫مدرستي رئي ر‬
‫ر‬ ‫ر‬
‫العشين‪ ،‬ومن خدال‬ ‫القرن‬
‫األثنوجرافية الجديدة يف أمريكا ‪.‬‬

‫‪ -1‬المدرسة البنائية ‪:‬‬

‫ّ‬ ‫ّ‬
‫مؤسس المدرسة البنائية يف الدراسات الثقافية ‪/‬‬ ‫ليق سثوس ‪/‬‬ ‫يعد ‪ /‬كلود ي‬
‫ّ‬ ‫ر‬
‫األنثوبولوجية‪ .‬فهو ّ‬
‫التميث ربي الصورة‬
‫ر‬ ‫يعرف النظرية البنائية (البنيوية) بأنها تقوم عىل‬
‫والمضمون‪ ،‬بحيث تكمن أصالتها ف طريق ّ‬
‫تصورها لدارتباط بينهما‪ .‬ولكن ما أخذ عىل ‪/‬‬ ‫ي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫سثوس ‪ /‬هو أنه أدرك المجتمع كقواعد ال كترصفات ‪ ..‬أي أنه يصطنع لنفسه معقولية‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ ر‬
‫يبت هذه‬
‫كاملة عىل أساس يرد البش والزمر االجتماعية إل وظيفة محددة‪ ،‬بدال من أن ي‬
‫ّ‬
‫الوظيفة عىل عدامات مشخصة‪ ،‬يعتقدونها فيما بينهم‪( .‬أوزياس‪ ،4792 ،‬ص ‪) 15‬‬

‫ّ‬
‫ويأخذ مفهوم البنية عند‪ /‬سثوس ‪ /‬طابع النسق (النظام)‪ ،‬حيث تتألف البنية من‬
‫ّ ا‬ ‫ّ‬
‫تحوال ما يف العنارص‬ ‫تحول يف أحدها أن يحدث‬ ‫مجموعة عنارص‪ ،‬يمكن ألي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫العثة يف دراسة الظواهر (النظم) االجتماعية‪ ،‬إنما‬
‫ر‬ ‫إن‬ ‫‪/‬‬ ‫وس‬ ‫األخرى‪.‬ولذلك يقول ‪ /‬سث‬
‫ّ‬
‫ه للوصول إل العداقات القائمة فيما بينها‪ .‬والدافع إل ذلك‪ ،‬هو أن حقيقة الظواهر‬‫ي‬
‫ً‬
‫االجتماعية ليست يف ظاهرها كما تبدو عيانا للمداحظ‪ ،‬بل تكمن يف مستوى أعمق من‬

‫‪- 111 -‬‬

‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com211‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫بكثث‪ ،‬أال وهو مستوى داللتها‪( .‬ابراهيم‪ ،4795 ،‬ص ‪)25‬‬


‫ذلك ر‬

‫ر‬ ‫ّ‬
‫فنن ّ‬
‫واألنثبولوجية‬ ‫مهمة الباحث األساسية‪ ،‬يف العلوم اإلنسانية عامة‬ ‫ومن هنا‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ر‬ ‫ً‬ ‫ر‬ ‫ّ‬
‫خاصة‪ ،‬تكمن يف التصدي للظواهر اإلنسانية األكث تعقيدا‪ ،‬أو األكث تفككا وعدم اتساق‪.‬‬
‫بالتال إل‬
‫ي‬ ‫وذلك بقصد الكشف عن عوامل هذا التعقيد أو هذا االضطراب‪ .‬والوصول‬
‫ّ‬
‫الت تحدد العداقات الكامنة يف الظواهر واألشياء ‪.‬‬
‫البنية أو (البت) ي‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫يعتث (البنائية) منهجا وليست نظرية أو فلسفة خاصة‪ ،‬فننه‬
‫وإذا كان ‪ /‬سثوس ‪ /‬ر‬
‫ّ‬
‫من جهة أخرى يحدد هدف األثنولوجيا بالكشف عن العمليات المعرفية (العقلية‬
‫ّ‬
‫تفسث حول تعدد‬
‫ر‬ ‫واإلدراكية) عند األفراد داخل المجتمعات اإلنسانية‪ ،‬بغية الوصول إل‬
‫اإلنسان‬
‫ي‬ ‫الثقافات واختداف بعضها عن بعض‪ .‬وهذه العمليات تنشأ وتتبلور داخل العقل‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وتكون ما أطلق عليه‬ ‫من خدال التعلم‪ ،‬حيث يتعلمها الفرد منذ الصغر عن طريق اللغة‪،‬‬
‫ّ‬ ‫َّ‬
‫الت تشكل الثقافات عىل أساسها‪ .‬ولذلك‪ ،‬يمكن أن تتخذ هذه البناءات‬
‫(األبنية العقلية‪ ،‬ي‬
‫الشكلية للثكيب اللغوي‪ ،‬نماذ يقتدي بها الباحثون يف العلوم اإلنسانية واالجتماعية‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫كما يمكن أن تتحقق معها الدقة العلمية عند دراسة اإلنسان‪( .‬زكريا‪ ،4792 ،‬ص ‪)7‬‬

‫منهح ‪ ،‬ربي الدراسات اللغوية‬


‫ر ي‬ ‫لقد سىع ‪ /‬سثوس ‪ /‬إل أن يربط بشكل‬
‫كبثة وعميقة يف الفكر‬
‫ر‬ ‫واالجتماعية واألثنولوجية‪ ،‬وكان لهذه المحاولة أصداء‬
‫ر‬
‫وف الدراسات األدبية‬ ‫ر ي‬
‫وبولوج التقليدي الخاص بالعلوم االجتماعية المختلفة‪ ،‬بل ي‬‫األنث‬
‫واإلنسانية بوجه عام ‪ (.‬حجازي‪ ،4790 ،‬ص ‪)492‬‬

‫ّ‬ ‫ّ‬
‫اجتماع‪ ،‬ال يمكن أن تفهم إال يف إطار عملية‬
‫ي‬ ‫إن العداقات االجتماعية يف أي نظام‬
‫ّ‬
‫االجتماع‪ .‬وذلك عن طريق‬
‫ي‬ ‫التواصل والتبادل ربي األفراد الذين سشكلون هذا النظام‬
‫ّ‬
‫وتوجه سلوكاتهم وعداقاتهم‬ ‫تفكث هؤالء األفراد‪،‬‬ ‫الت تحكم‬
‫ر‬ ‫دراسة العمليات العقلية ي‬

‫‪- 202 -‬‬


‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com212‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫ّ‬
‫الت تؤلف ثقافتهم ‪.‬‬
‫ضمن البنية ي‬

‫‪-0‬المدرسة األثنوجرافية الجديدة ‪:‬‬

‫ظهرت هذه المدرسة ف أمريكا مع بدايات الستينات من القرن ر‬


‫العشين‪ ،‬مثافقة مع‬ ‫ي‬
‫المدرسة البنائية سابقة الذكر‪ .‬وتستند هذه النظرية إل نتائج علم اللغة‪ ،‬والعداقة‬
‫تبت منهج‬‫ّ‬
‫العلمي يف ي‬
‫ر‬ ‫بالتال من هذين‬
‫ي‬ ‫المتبادلة ربي علم اللغة واألثنولوجيا‪ ،‬واالستفادة‬
‫متكامل للبحث يف العلوم االجتماعية ‪.‬‬

‫حي اقثح‬‫مريكيي بالصلة ربي اللغة والثقافة‪ ،‬منذ عام ‪ 4751‬ر‬


‫ر‬ ‫وقد برز اهتمام األ‬
‫ر‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫‪/‬ديل هايمز‪ /‬مصطلحا جديدا لتلك الصلة‪ ،‬يتمثل يف (األنثوبولوجيا اللغوية) والذي‬
‫ّ‬
‫االجتماع ‪( .‬حجازي‪ ،4790 ،‬ص ‪.)451‬‬
‫ي‬ ‫يعتمد عىل دراسة اللغة يف إطارها‬

‫ر‬ ‫ً‬
‫األنثوبولوجيون اللغويون المعارصون يهتمون‬ ‫وانطداقا من هذا المصطلح‪ ،‬بدأ‬
‫ّ‬
‫بتطوير المدخل اللغوي يف دراسة الثقافة‪ ،‬بحيث تؤدي دراساته عن أصل اللغة ومراحل‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫تطورها‪ ،‬إل مجاالت دراسية جديدة حول تطوير األسس االجتماعية واإلعدامية‪ ،‬ي‬
‫الت‬
‫تقوم عليها الحياة اإلنسانية الحارصة والمستقبلية ‪ (Freidle,1977,p.280) .‬ولذلك‬
‫وبولوجيي يف أمريكا‪ ،‬بإجراء دراسات لغوية بقصد تأكيد‬ ‫قام عدد من الباحثي ر‬
‫األنث‬
‫ر‬ ‫ر‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫لتصورات‬ ‫علمية دراسة الثقافة اإلنسانية‪ ،‬وذلك من خدال وصف الثقافة وتحليلها وفقا‬
‫ّ‬
‫الت تتجىل يف سلوكاتهم اللغوية ‪.‬‬
‫األفراد ومفاهيمهم‪ ،‬ي‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫التحليىل‪ ،‬أظهرت نتائج دراسات أثنوجرافية متعددة‪،‬‬
‫ي‬ ‫واستنادا إل هذا المنهج‬
‫ّ‬
‫والت يصنف األفراد بموجبها يف المجتمعات‬
‫ي‬ ‫والمعايث ربي الشعوب‪،‬‬
‫ر‬ ‫اختدافات األسس‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫المختلفة مفاهيمهم واتجاهاتهم‪ ،‬فيما يتعلق بتصنيف األشياء المختلفة‪ ،‬كاأللوان أو‬

‫‪- 113 -‬‬

‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com213‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫ّ‬ ‫ّ‬
‫يعت أن‬
‫ي‬ ‫مكونات البيئة المحيطة‪ .‬وهذا‬ ‫وغثها من‬
‫الطعام أو الحيوان أو النبات‪ ،‬ر‬
‫األثنوجرافيا الجديدة‪ ،‬تسىع إل دراسة الثقافة من خدال وصفها وتحليلها‪ ،‬كما يراها‬
‫أصحابها‪ ،‬وليس كما يراها الباحث ر‬
‫الت‬ ‫ر ي‬
‫وبولوج‪ ،‬وذلك باالعتماد عىل تحليل اللغة ي‬ ‫األنث‬
‫سستخدمها أفراد المجتمع‪.‬‬

‫ر‬
‫العشين‪،‬‬ ‫افيي الجدد منذ بداية السبعينات من القرن‬
‫لقد برز اهتمام األثنوجر ر‬
‫ر‬
‫بالدراسات الميدانية لجمع المعلومات عن اللغات والثقافات المرتبطة بها‪ ،‬ونشت كتب‬
‫ّ ّ‬
‫كثثة حول ذلك‪ .‬إال أن هذا االتجاه – عىل الرغم من أهميته يف دراسة الثقافة –واجه‬
‫ر‬
‫ّ‬ ‫ر‬ ‫ً‬
‫جثتز‪ /‬الذي دعا‬
‫األمريكيي ذاتهم‪ ،‬وال سيما ‪ /‬جيلفورد ر‬
‫ر‬ ‫وبولوجيي‬
‫ر‬ ‫نقدا من بعض األنث‬
‫ّ‬
‫يهتم الباحث بالمعت والرمز‬ ‫سسم اآلن بـ ( ر‬
‫األنثوبولوجيا الرمزية )‪ ،‬وطالب أن‬ ‫ّ‬ ‫إل ما‬
‫ا‬
‫المصاحبي للممارسات الثقافية‪ ،‬بدال من االعتماد عىل ما يقوله األفراد عن ثقافتهم‪.‬‬
‫ر‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ورأى أنه ليس من المهم مطلقا أن نسىع إل تأكيد تكامل العنارص الثقافية‪ ،‬ألنها ليست‬
‫ّ‬
‫الت يتناقض بعضها مع بعض‬
‫إال مجموعة منفصلة من العواطف والمعتقدات والقواعد‪ ،‬ي‬
‫كثثة ‪ (.‬فهيم‪ ،4795 ،‬ص ‪)021‬‬
‫يف أحيان ر‬

‫ّ‬ ‫تقدم‪ ،‬نجد ّأن فروع الدراسات ر‬ ‫ّ‬ ‫ً‬


‫األنثبولوجية المعارصة‪ ،‬تعددت‬ ‫وتأسيسا عىل ما‬
‫ّ ّ‬ ‫ّ‬
‫مظلة علم ر‬ ‫ّ‬
‫شتغلي يف هذا‬
‫ر‬ ‫األنثوبولوجية العامة ‪ ،.‬مما أدى إل زيادة الم‬ ‫وتنوعت تحت‬
‫ّ‬
‫وف أوروبا وأمريكا خاصة‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬فنن‬ ‫واألكادميي‪ ،‬يف العالم عامة‪ ،‬ي‬
‫ر‬ ‫الباحثي‬
‫ر‬ ‫الميدان‪ ،‬من‬
‫ر‬
‫تعان من التشتت وعدم إثبات هويتها وشعيتها كعلم من العلوم‬ ‫ر‬
‫األنثوبولوجيا ما زالت‬
‫ي‬
‫المحدثي إلنقاذه ورسم‬ ‫وبولوجيي‬ ‫ر‬
‫وثمة محاوالت جادة من األنث‬ ‫اإلنسانية ‪ /‬االجتماعية‪ّ ،‬‬
‫ر‬ ‫ر‬
‫ّ‬
‫ومتغثاته الشيعة‬ ‫معالم مستقبلية له‪ ،‬تكون واضحة وثابتة تتناسب مع معطيات العرص‪،‬‬
‫ر‬
‫والمتداحقة‪.‬‬

‫‪- 204 -‬‬


‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com214‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫ً‬ ‫ً‬ ‫ر‬


‫العالم وتأكيد‬
‫ي‬ ‫لألنثوبولوجيا المعارصة دورا هاما يف تعزيز السدام‬ ‫يعط‬
‫ي‬ ‫وهذا ما‬
‫ر‬ ‫ّ‬
‫الت يتبناها األنثوبولوجيون يف مناهضة‬ ‫إنسانية اإلنسان‪ ،‬وذلك من خدال المواقف ي‬
‫ّ‬
‫والتميث‪ ،‬واستعمار الشعوب األخرى والسيطرة عىل مقدراتها‪ .‬وتعزيز دور‬ ‫ر‬ ‫التفرقة‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الدراسات ر‬
‫وف مقدمتها‬
‫ي‬ ‫اإلنسانية‪،‬‬ ‫القضايا‬ ‫خدمة‬ ‫ف‬‫ي‬ ‫ال‬‫والفع‬ ‫اإليجان‬
‫ري‬ ‫وبولوجية‪،‬‬‫األنث‬
‫الت تسىع إل‬ ‫البلدان‬ ‫ف‬ ‫ما‬ ‫التحرر بأشكاله المختلفة‪ ،‬والبناء والتنمية الشاملة‪ ،‬وال ّ‬
‫سي‬ ‫ّ‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫ذلك‪.‬‬

‫‪- 115 -‬‬

‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com215‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫مصادر الفصل ومراجعه ‪:‬‬

‫‪ -‬ابراهيم‪ ،‬زكريا (‪ )4795‬مشكلة البنية – أضواء عىل البنيوية‪ ،‬مكتبة مرص‪ ،‬القاهرة ‪.‬‬

‫ّ‬
‫‪ -‬أبو زيد‪ ،‬أحمد (‪ )4799‬ماذا يحدث يف علوم اإلنسان والمجتمع‪ ،‬مجلة عالم الفكر‪،‬‬
‫ّ‬
‫الكويت‪ ،‬مجلد ‪ ،9‬العدد (‪. )4‬‬

‫ّ‬
‫العرن‪،‬‬
‫ري‬ ‫العرن ‪ ،15‬مجلة‬
‫ري‬ ‫‪ -‬أبو زيد‪ ،‬أحمد (‪ )0224‬الطريق إل المعرفة‪ ،‬كتاب‬
‫الكويت ‪.‬‬

‫ّ‬ ‫ّ‬
‫االجتماع – طبيعتها واستخداماتها‪ ،‬دار التقدم‪،‬‬
‫ي‬ ‫التطور‬ ‫قواني‬
‫ر‬ ‫‪ -‬برمان‪ ،‬ر‬
‫غلث (‪)4792‬‬
‫موسكو ‪.‬‬

‫فهم (‪ )4790‬أصول البنيوية يف علم اللغة والدراسات‬ ‫ي‬ ‫‪ -‬حجازي‪ ،‬محمود‬


‫ّ‬ ‫ر‬
‫األنثوبولوجية‪ ،‬مجلة عالم الفكر‪ ،‬عدد حزيران (يونيو)‪ ،‬الكويت‪.‬‬

‫‪ -‬حمدان‪ ،‬زياد (‪ )4797‬الثقافات االجتماعية المعارصة‪ ،‬دار الثبية الحديثة‪ّ ،‬‬


‫عمان ‪.‬‬

‫سمث كرم‪ ،‬دار الطليعة‪،‬‬


‫ر‬ ‫ّ‬
‫الفلسفية‪ ،‬ترجمة ‪:‬‬ ‫‪ -‬رونتال و يودين (‪ )4791‬الموسوعة‬
‫ربثوت ‪.‬‬

‫كلية اآلداب‪ ،‬العدد ّ‬ ‫ّ‬


‫مجلة ّ‬
‫األول‪ ،‬جامعة‬ ‫‪ -‬زكريا‪ ،‬فؤاد (‪ )4792‬الجذور الفلسفية البنائية‪،‬‬
‫الكويت ‪.‬‬

‫قصة ر‬
‫األنثوبولوجيا‪ -‬فصول يف تاري ــخ اإلنسان‪ ،‬عالم المعرفة‬ ‫‪ -‬فهيم‪ ،‬حسي (‪ّ )4795‬‬
‫ر‬
‫(‪ ،)479‬الكويت ‪.‬‬

‫‪- 206 -‬‬


‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com216‬‬
www.facebook.com/tanweerlibrary

. ‫ الداذقية‬،‫ دار الحوار‬،‫) سوسيولوجية الثقافة‬4799( ‫ الطاهر‬،‫ لبيب‬-

‫ أسس ر‬،)4791(
،‫ رباح النفاخ‬: ‫ ترجمة‬،‫األنثوبولوجيا الثقافية‬ .‫ مليفيل‬،‫ هرسكوفيث‬-
. ‫ دمشق‬،‫وزارة الثقافة‬

- Freidle , John (1977) Anthropology , Harper and Row Publishers ,


New York .

- Harris, Marvin (1968) A History of Theories of Culture, Thomas


Crowell Company , New York .

- Kessing ,Roger (1981) Culture Anthropology : A Contemporary


perspective , Holt Rinehart and Winston , 2 th Edition

- 117 -

https://attanweerlibrary.blogspot.com217
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫الفصل الثـالث‬

‫نحـو ر‬
‫أنثوبولوجيا عربية‬

‫ّ‬
‫مقــدمـة‬

‫ا‬
‫أول‪ -‬واقع ر‬
‫األنثوبولوجيا العربية‬

‫ثانيا‪ -‬نحو رأنثوبولوجيا عربية معارصة‬

‫‪- 208 -‬‬


‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com218‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫ّ‬
‫مقــدمـة‬

‫وتطورها‪ ،‬وفروعها ومجاالت‬‫ّ‬ ‫ر‬


‫األنثوبولوجيا‬ ‫بعد هذا العرض المسهب لنشأة‬
‫ر‬ ‫ّ‬
‫العرن من الدراسات األنثوبولوجية‪،‬‬
‫ري‬ ‫دراستها‪ ،‬أال يحق لنا أن نتساءل ‪ :‬أين هو المجتمع‬
‫أنثوبولوجيا عربية خاصة بطبيعة ّ‬
‫األمة‬ ‫ثمة ر‬ ‫بل أين ر‬
‫األنثبولوجيا العربية ذاتها‪ ،‬إذا كان ّ‬

‫العربية وثقافتها التاريخية ‪ /‬الحضارية؟‬

‫قد تكون اإلجابة عن هذا السؤال من الصعوبة بمكان‪ ،‬حيث ال توجد معطيات‬
‫جاهزة وكاملة لهكذا إجابة‪ ،‬عىل الرغم من وجود محاوالت ر‬
‫ألنثبولوجيا عربية‪ ،‬سواء يف‬
‫ّ‬
‫تصور – إن أمكن‬ ‫الماض أو يف الحارص‪ .‬وهذا ما سنحاول تبيانه والوصول من خداله إل‬
‫ي‬
‫– ر‬
‫ألنثوبولوجيا عربية معارصة ‪.‬‬

‫ّ‬ ‫ر‬ ‫ّ‬


‫والتطور‪ ،‬فهذا ال‬ ‫غرن المنشأ‬
‫إن كون األنثوبولوجيا كعلم لـه خصوصيته وطرائقه‪ ،‬ر ي‬
‫ّ‬
‫األوروبيي) يف دراسة الثقافات‬
‫ر‬ ‫يعت تجاهل أو إنكار‪ ،‬أن العرب كانوا أسبق من الغرب (‬
‫ي‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫المنهجية للبحث والدراسة يف‬ ‫وف وضع المبادىء واألسس‬ ‫األخرى‪ ،‬وصفا ومقارنة‪ ،‬ي‬
‫ّ‬
‫والطبيعية‪.‬‬ ‫العلوم االجتماعية‬

‫ّ‬
‫وإذا ما عدنا إل الفثة الممتدة من منتصف القرن الثامن الميدادي إل نهاية القرن‬
‫ّ‬ ‫الحادي ر‬
‫عش الميدادي‪ ،‬نجد أن العرب كانوا – عىل مدى أربعة قرون ونصف القرن "‬
‫وغثها‪ ،‬بينما كانت اللغة‬ ‫ّ‬
‫والطب واالجتماع والفلسفة ر‬ ‫الشق " يف علوم الفلك‬‫عباقرة ر‬

‫ه اللغة األساسية يف العلوم اإلنسانية ‪.‬‬


‫العربية‪ ،‬ي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ولكن هذه العلوم كلها ذهبت إل الغرب بعد سقوط الدولة العربية (العباسية)‬
‫والت أسهمت يف إضعافه‬
‫ي‬ ‫العرن‪،‬‬
‫ري‬ ‫وتتال الغزوات االحتدالية واالستعمارية عىل الوطن‬
‫ي‬

‫‪- 119 -‬‬

‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com219‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬


‫ويطورها‪ ،‬منذ فجر‬ ‫اجتماعيا وثقافيا وعلميا‪ ،‬بينما راح الغرب سستفيد من علوم العرب‬
‫نهضته وحت يومنا هذا‪.‬‬

‫ا‬
‫وال‪-‬واقع ر‬
‫األنثوبولوجيا العربية ‪:‬‬ ‫أ‬

‫ّ‬
‫الشيال ‪ " : /‬انقلب األوروبيون إل ديارهم بعدما‬ ‫العرن ‪ /‬جمال الدين‬ ‫ّ‬
‫المؤرخ‬ ‫يقول‬
‫ري‬
‫منوا بالهزيمة يف الحروب الصليبية‪ ،‬وقد بهرتهم أنوار الحضارة العربية ‪ /‬اإلسدامية‪،‬‬
‫ّ‬
‫فتفرغوا لها ‪ ...‬يقتبسون من آللئها وينقلون آثارها‪،‬‬ ‫وأخذوا مفاتيح تلك الحضارة‪،‬‬
‫ويدرسون توليفاتها‪ .‬وقد ساعدتهم عوامل أخرى ‪،‬جغرافية وتاريخية واجتماعية‬
‫واقتصادية‪ ،‬عىل أن سسثوا بالحضارة ف طورها الجديد‪ ،‬عىل طريقة جديدة تعتمد ر‬
‫أكث‬ ‫ي‬ ‫ر‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫ثانيا‪ّ .‬‬ ‫ّ ا‬
‫فمهد هذا كله‬ ‫الحر ّأوال وعىل المداحظة والتجربة واالستقراء‬ ‫التفكث‬
‫ر‬ ‫ما تعتمد‪ ،‬عىل‬
‫ر‬ ‫ّ‬
‫القرني‪ ،‬التاسع عش‬
‫ر‬ ‫لهم السبيل إل كشوف علمية جديدة شكلت الطدائع لحضارة‬
‫ر‬
‫والعشين‪".‬‬

‫حي كان ر‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬


‫الشق – بما فيه‬ ‫الشيال ‪ : /‬كان األوروبيون يفعلون هذا كله‪ ،‬يف ر‬ ‫ويتابع ‪/‬‬
‫ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫العالم العرن‪ -‬قد اتخذ لنفسه‪ ،‬أو اتخذ لـه القدر‪ ،‬أسلوبا آخر من الحياة‪ ،‬يختلف كلّ‬
‫ري‬
‫االختداف عن هذا األسلوب الذي اصطنعته أوروبا لنفسها‪ ،‬أو اصطنعه القدر لها‪".‬‬
‫( ّ‬
‫الشيال‪ ،4759 ،‬ص ‪)5‬‬

‫العرن عىل‬
‫ري‬ ‫بتأثث الثاث الحضاري‬
‫وعىل الرغم من اعثاف بعض مفكري أوروبا ر‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الحضارة الغربية الحديثة‪ ،‬فقد ساد اتجاه ناكر ومتنكر لهذه الحقيقة التاريخية‪ ،‬من‬
‫ّ‬
‫السىع نحو طمسها‪ ،‬أو التقليل من شأنها‪ .‬وقد دعم هذا االتجاه‪ ،‬حركة االستعمار‬
‫ي‬ ‫خدال‬
‫ّ‬
‫والمسلمي عن االبتكار‬
‫ر‬ ‫واإلسدام‪ ،‬مؤكدا عجز العرب‬
‫ي‬ ‫العرن‬
‫ري‬ ‫للعالمي ‪:‬‬
‫ر‬ ‫األورون‬
‫ري‬

‫‪- 221 -‬‬


‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com220‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫ً‬
‫واإلبداع‪ ،‬واإلسهام يف ركب الحضارة اإلنسانية‪ ،‬األمر الذي يجعل من " التغريب " أمرا‬
‫ً‬
‫وريا لمواكبة ّ‬
‫تطورات العرص الحديث‪.‬‬ ‫رص‬

‫بتنوعه‬‫ّ‬ ‫اإلسدام‪،‬‬ ‫العرن ‪/‬‬ ‫ولهذا‪ ،‬فمن الرصوري العمل عىل فحص الثاث‬
‫ي‬ ‫ري‬
‫ر‬
‫سيما تلك األعمال ذات الصلة المباشة‬ ‫ّ‬
‫ومتعمقة‪ ،‬وال ّ‬ ‫وغزارته‪،‬ودراسته دراسة متأنية‬
‫ّ‬ ‫ر‬
‫باألنثوبولوجيا‪ ،‬من أمثال ‪ :‬مؤلفات أخوان الصفا‪ ،‬وكتاب " الحيوان " للجاحظ‪ ،‬وكتابا‬
‫ّ‬
‫وتحول األحياء بعضها من بعض‪،‬‬ ‫ت ‪ /‬أحمد ابن مسكويه‪ /‬الخاصة بآرائه عن النشوء‬
‫كثث‪.‬‬
‫وغثها ر‬
‫ر‬

‫ّ‬ ‫ّ‬
‫تؤدي هذه الدراسات إل إعادة تاري ــخ ر‬
‫األقل‪،‬‬ ‫األنثوبولوجيا من جديد‪ ،‬أو عىل‬ ‫فقد‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫والمنهجية‪ ،‬بحيث ال ترد جميعها إل عرص النهضة (التنوير) يف‬ ‫المعرفية‬ ‫إعادة أصولها‬
‫الكثث من المفهومات‬
‫ر‬ ‫العرن‪،‬‬
‫ري‬ ‫أوروبا فحسب‪ ،‬بل قد يوجد يف هذا الثاث الحضاري‬
‫ّ‬ ‫والنظريات عن الجنس ر‬
‫البشي والحضارة اإلنسانية‪ ،‬وأوجه الحياة اليومية ومشكداتها‪،‬‬
‫وبولوجيي المعارصين‪( .‬فهيم‪ ،4795 ،‬ص ‪)057‬‬ ‫مما ال يزال سشغل بال الباحثي ر‬
‫األنث‬ ‫ّ‬
‫ر‬ ‫ر‬

‫ّ‬
‫فنن علم اإلنسان ( ر‬
‫األنثوبولوجيا)‬ ‫رن‪،‬‬
‫وعىل الرغم من غت العلوم يف هذا الثاث الع ر ي‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫المؤسسات‬ ‫ه الحال يف‬ ‫ي‬ ‫كما‬ ‫العربية‪،‬‬ ‫لم يلق االهتمام يف الدوائر العلمية والبحثية‬
‫العلمية الغربية وباحثيها‪ ،‬سواء يف البحوث الميدانية ‪ /‬التطبيقية‪ ،‬أو يف الدراسات‬
‫األكاديمية‪ ،‬كالدراسات الفلسفية والنفسية والثبوية‪..‬‬

‫وثمة بعض الباحثي (األكاديميي) العرب سشثون إل ّأن ر‬


‫األنثوبولوجيا‪ ،‬دخلت إل‬ ‫ّ‬
‫ر‬ ‫ر‬ ‫ر‬
‫العشين تحت اسم " علم االجتماع المقارن"‬ ‫ر‬ ‫العرن‪ ،‬يف الثداثينات من القرن‬ ‫العالم‬
‫ري‬
‫يطانيي‪ ،‬مثل ‪( :‬إيفانز بريتشارد –‬
‫الث‬ ‫ر‬
‫ر‬ ‫كبث من علماء األنثوبولوجيا ر‬
‫وذلك عىل أيدي عدد ر‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وبريستاف) ممن تولوا التدريس يف الجامعة المرصية (جامعة القاهرة اآلن )‪.‬‬
‫ي‬ ‫هو كارت –‬

‫‪- 111 -‬‬

‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com221‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫الحي‪ ،‬األستاذ ‪ /‬رادكليف‬ ‫وبولوجيي يف ذلك‬ ‫ّثم جاء بعدهم ف األربعينات‪ ،‬عميد ر‬
‫األنث‬
‫ر‬ ‫ر‬ ‫ي‬
‫األنثوبولوجيا يف جامعة اإلسكندرية‪ ،‬تحت اسم (علم‬‫ر‬ ‫براون ‪ /‬الذي قام بتدريس‬
‫ً‬
‫الحي –‬
‫الجامىع – يف ذلك ر‬
‫ي‬ ‫االجتماع المقارن) أيضا‪ ،‬وذلك لعدم احتواء برامج التدريس‬
‫عىل مادة ر‬
‫األنثبولوجيا ‪ (.‬فهيم‪ ،4795 ،‬ص‪)052‬‬

‫ّ‬ ‫ا‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬


‫الت ّتم تشييدها مثال‪ ،‬عن الثقافة والمجتمع‬
‫إن التوقف قليال عند التصويرات ي‬
‫وبولوج‪ ،‬وال ّ‬ ‫ر‬
‫سيما تلك التصويرات الناتجة عن عداقة‬ ‫ر ي‬ ‫األنث‬ ‫العرن يف الفكر‬
‫ري‬
‫ر‬
‫األنثوبولوجيا بالمجتمعات العربية‪ ،‬لهو أمر عىل غاية من األهمية‪.‬‬

‫ر‬
‫الغرن‪،‬‬
‫ري‬ ‫ر ي‬
‫وبولوج‬ ‫األنث‬ ‫ولذلك‪ ،‬فنذا أردنا القيام بمحاولة تأري ــخ لعداقة الفكر‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫العرن‪ ،‬فنن إيفانز بريتشارد وإرنست غيلث‪ ،‬سيتصدران ليس‬‫ري‬ ‫بالمجتمع والثقافة يف العالم‬
‫العرن‬ ‫وبولوجيي الذين تعاملوا مع ثقافات ومجتمعات العالم‬ ‫فقط قائمة عدد من ر‬
‫األنث‬
‫ري‬ ‫ر‬
‫معا ّ‬‫ً‬ ‫ً ّ‬ ‫ّ‬
‫تعث عن أحد أشكال تجليات هذه العداقة‪،‬‬ ‫ر‬ ‫االثني‬
‫ر‬ ‫واإلسدام‪ ،‬وإنما أيضا ألن تجربة‬
‫ي‬
‫األورون عىل األقل‪.‬‬
‫ري‬ ‫يف جانبها‬

‫فقد حاول ّ‬
‫كل من بريتشارد و غيلث‪ ،‬ومن واقع انتمائهما للثقافة األوربية المعارصة‪،‬‬
‫والثقاف ذي‬
‫ي‬ ‫االجتماع‬
‫ي‬ ‫أكاديميي‪ ،‬فهم هذا الواقع‬
‫ر‬ ‫مثقفي قبل أن يكونا‬
‫ر‬ ‫أي باعتبارهما‬
‫واالجتماع‪.‬‬
‫ي‬ ‫الثقاف‬
‫ي‬ ‫الخاصية العربية اإلسدامية‪ ،‬هذا الواقع الذي يقع يف مقابل الغرب‬
‫ّ‬
‫وكان الهاجس األهم الذي سشكل صلب اهتمام غيلث يف هذا الجانب – وما زال ‪ ،-‬ليس‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ه البحث يف‬ ‫العرن‪ ،‬وإنما ي‬
‫ري‬ ‫الممثة للثقافة العربية والمجتمع‬
‫ر‬ ‫التفصيدات األثنوغرافية‬
‫االجتماع يف هذه البقعة من العالم‪.‬‬
‫ي‬ ‫الت يعمل وفقها النظام‬
‫والقواني المنطقية‪ ،‬ي‬
‫ر‬ ‫اآلليات‬
‫(يتيم‪ ،0224 ،‬ص ‪)405‬‬

‫ا‬ ‫لقد قام ‪ /‬إرنست غيلث ‪ /‬ر‬


‫وعث دراساته اإلثنولوجية أوال‬ ‫ر ي‬
‫وبولوج والفيلسوف‪ ،‬ر‬‫األنث‬

‫‪- 222 -‬‬


‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com222‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫األهمية‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ر‬
‫يكونان من الثوابت الرئيسة‬ ‫جانبي عىل غاية من‬
‫ر‬ ‫واألنثوبولوجية ثانيا ‪ ،‬بتحليل‬
‫البارزة يف البت االجتماعية العربية ‪ ،‬أال وهما‪ :‬اإلسدام والقبلية‪ .‬فقد قادته محاولته‬
‫االستقرائية إل عمله الحقىل (الميدان) ر‬
‫العرن‪،‬‬
‫ري‬ ‫ر ي‬
‫وبولوج يف جبال األطلس يف الغرب‬ ‫األنث‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫الشعت ‪/‬‬
‫ري‬ ‫العشثة‪ ،‬البداوة ‪ /‬الحرص‪،‬‬
‫ر‬ ‫بقصد اختبار مفهوم " االنقسامية " مثال ‪:‬األشة ‪/‬‬
‫ّ‬
‫ه السنة البنيوية البارزة‬
‫وغثها من الثنائيات‪ .‬وذلك باعتبار أن االنقسامية ي‬
‫الرسم ‪ ،‬ر‬
‫ي‬
‫للنظم القرابية والسياسية يف المجتمعات العربية القبلية ‪.‬‬

‫ّ‬ ‫ّ‬
‫المحلية المساعدة‬ ‫ومثلما ذهب المعلم ‪ /‬إيفانز بريتشارد ‪ /‬إل البحث يف العوامل‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫يف إعادة التوازن يف االنقسامية القبلية‪ ،‬أي فيما رآه المعلم من دور لإلسدام باعتباره نظاما‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫وف الحركة الصوفية‬ ‫االجتماع ألبناء برقة ( يف ليبيا) ي‬
‫ي‬ ‫تجسد يف التنظيم‬ ‫أيديولوجيا‪،‬‬
‫ً‬
‫حي‬ ‫السنوسية‪ ،‬هكذا أيضا سىع ‪ /‬غيلث ‪ . /‬وهذا ما أوضحه يف كتابه " أولياء األطلس " ر‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫تعتث‬
‫عث نظام الزوايا واألولياء‪ ،‬أدوارا ر‬
‫اإلسدام‪ ،‬يؤدي ر‬
‫ي‬ ‫التصوف‬ ‫حاول إيضاح كيف كان‬
‫البيت) نحو‬ ‫ر ي‬
‫اإليكولوج ( ي‬ ‫مفصلية يف إعادة التوازن إل بت اجتماعية‪ ،‬يدفع بها نظامها‬
‫المتتال‪( .‬يتيم‪ ،‬ص ‪) 405‬‬
‫ي‬ ‫االنقسام‬

‫الباحثي العرب عدم الثحيب‬


‫ر‬ ‫هذا من جهة‪ّ ،‬أما من الجهة األخرى‪ ،‬فقد عزا معظم‬
‫أساسيي ‪:‬‬ ‫سببي‬ ‫العرن‪ ،‬إل‬ ‫ر‬
‫باألنثوبولوجيا وانتشارها يف العالم‬
‫ر‬ ‫ر‬ ‫ري‬

‫ّ‬
‫التطور الحيوي عند اإلنسان‪ ،‬بالنظر لتعارضها مع الفكر‬ ‫أولهما ‪ :‬عدم ّ‬
‫تقبل فكرة‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الديت وتفسثاته الت تؤكد أن اإلنسان مخلوق من عمل هللا‪ ،‬وليس نتا حلقة ّ‬
‫تطورية‬ ‫ي‬ ‫ر‬ ‫ي‬
‫ّ‬ ‫ذات أصل حيوان ‪.‬ولكن ّ‬
‫ثمة بعض المفكرين العرب من دعا إل التوفيق ربي الفكر رتي‪،‬‬ ‫ي‬
‫واألخذ منهما ما يفيد العلم‪.‬‬

‫ر ي‬
‫الجيولوج الدكتور ‪ /‬عبد هللا نصيف ‪ /‬يف كتاب " العلوم‬ ‫فبينما يقول الباحث‬

‫‪- 113 -‬‬

‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com223‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫ً‬ ‫والطبيعية " ‪ :‬ليس ّ‬


‫ّ‬
‫ثمة تعارض – مطلقا‪ -‬ربي اإليمان ومعرفة اإلنسان عن‬ ‫االجتماعية‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫زك نجيب محمود ‪ /‬يقول‬ ‫للخث ‪ ..‬نجد أن المفكر ‪ /‬ي‬
‫ر‬ ‫الكون‪ ،‬واستخدامه هذه المعرفة‬
‫ّ‬
‫الت تجعلنا نتصور‬ ‫المعان ي‬
‫ي‬ ‫يف كتابه " هذا العرص وثقافته "‪ :‬ليست الشطارة يف تخري ــج‬
‫ّ‬
‫وإنما المهارة ّ‬ ‫ّ‬
‫ه‬‫ي‬ ‫ارة‪،‬‬‫المه‬ ‫كل‬ ‫يحء به العلم يف عرصنا ‪..‬‬
‫أن ما جاء به الدين‪ ،‬هو نفسه ما ر ي‬
‫يحرك اإلرادة إل‬‫ف أن تبرصن بالطريق الذي أعرف منه كيف آخذ من الدين حاف ًزا‪ّ ،‬‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫ّ‬
‫لنفىس ولإلنسانية جمعاء ‪(.‬محمود‪ ،4792 ،‬ص ‪) 010‬‬ ‫ي‬ ‫مه‬ ‫أقد‬ ‫جديد‬ ‫علم‬ ‫)‬‫صنع‬ ‫(‬

‫وثانيهما ‪ :‬ارتباط نشأة ر‬


‫األنثبولوجيا وبداياتها التاريخية باالستعمار‪ ،‬حيث كانت‬
‫ّ‬ ‫الدراسات ّ‬
‫تتم عىل المجتمعات البدائية والمتخلفة‪ ،‬بهدف معرفة بنيتها الثكيبية‬
‫يعان‬ ‫العرن‬ ‫ّ‬
‫مما سسهل استعمارها‪ ،‬يف الوقت الذي كان فيه المجتمع‬‫وطبيعتها الثقافية‪ّ ،‬‬
‫ي‬ ‫ري‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫من االحتدال واالستعمار‪ ،‬ويسىع للتحرر والتقدم ‪.‬‬

‫ا‬
‫فكما ارتبطت الجغرافيا مثال‪ ،‬بمشاري ــع علمية كانت تهدف إل تحقيق كشوفات‬
‫ّ‬
‫جديدة تتعلق بتحديد طبيعة الكرة األرضية‪ ،‬أي التخوم اليابسة منها وأقاليمها وبيئاتها‬
‫ر‬
‫األنثوبولوجيا‬ ‫والجغرافية‪ ،‬وكذلك توزي ــع البحار والمحيطات‪ ،‬وكذلك ارتبطت‬
‫واهتماماتها (البيولوجية والثقافية واالجتماعية) بمشاري ــع استكمال معارفها حول‬
‫الت بدأت يف‬ ‫ر‬
‫اإلنسان‪ ،‬وبيئاته االجتماعية والثقافية‪ ،‬أي بتلك المشاري ــع األنثوبولوجية ي‬
‫والت آن األوان الستكمالها خار أوروبا‪ .‬وقد أتت ظروف االستعمار يف القرن‬ ‫ي‬ ‫الغرب‪،‬‬
‫اف‬ ‫ّ‬ ‫ر‬
‫التاسع عش‪ ،‬لتمهد الطريق لتلك المشاري ــع العلمية‪ ،‬وبذلك ارتبط تاري ــخ الفكر الجغر ي‬
‫ر‬
‫غث غربية‪( .‬يتيم‪،‬‬‫بالخثة االستعمارية‪ ،‬وبأقاليم ومجتمعات وثقافات ر‬ ‫ر‬ ‫واألنث ر ي‬
‫بولوج‬
‫‪ ،0224‬ص‪)421‬‬

‫ّ‬
‫وكان أن أدت هذه العقلية االخثالية والروح المتحاملة‪ ،‬إل سيادة ميل هائل نحو‬

‫‪- 224 -‬‬


‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com224‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫ّ‬
‫المؤسسات والعداقات الناتجة عنها‪ .‬وكان من أبرز‬ ‫تسييس المعارف والعلوم‪ ،‬وكذلك‬
‫ر‬
‫ضحايا تلك العلوم ‪ :‬الجغرافيا واألنثوبولوجيا‪ .‬وإذا كانت الجغرافيا قد سلمت بجلدها‪،‬‬
‫ا‬
‫مثال إل ّ‬
‫ترسخ هذا العلم يف األكاديميات العربية‪ ،‬منذ األربعينات من القرن‬ ‫ألسباب تعود‬
‫المسلمي‪ ،‬البارز يف هذا العلم منذ القدم‪ ،‬األمر الذي جعل‬
‫ر‬ ‫ر‬
‫العشين‪ ،‬وإل إسهام العرب‬
‫َ‬ ‫ر‬ ‫ّ‬ ‫ر‬
‫العرب المعارصين أكث ألفة معه‪ ،‬فنن األنثوبولوجيا لم تحظ بهذا القبول‪ ،‬حيث كان‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫نصيب ر‬
‫بكثث – إن لم يكن معدوما‪ -‬عند مجاراتهم‬
‫وبولوجيي العرب األوائل‪ ،‬أقل ر‬
‫ر‬ ‫األنث‬
‫باألوروبيي‪.‬‬
‫ر‬

‫غرن‪ ،‬بالمجتمعات العربية أو اإلسدامية‬


‫أورون أو ر ي‬
‫ري‬ ‫التعاىط مع أي اهتمام‬
‫ي‬ ‫وهكذا ّتم‬
‫ّ‬
‫وثقافاتها‪ ،‬عىل أنه يقع يف دائرة األطماع االستعمارية أو التآمر عىل العرب واإلسدام‪.‬‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫غرن (يبدي شيئا من االهتمام بهذه الموضوعات) موضع شبهة وريبة‬ ‫وأصبح كل إنسان ر ي‬
‫العرن‪( .‬يتيم‪ ،‬ص ‪)425‬‬
‫ري‬ ‫يف العالم‬

‫ر‬
‫البشية‬ ‫األنثبولوجية لتشمل المجتمعات‬ ‫ر‬ ‫وعىل الرغم من اتساع الدراسات‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫المختلفة‪ ،‬سواء يف تكوينها أو يف درجة تطورها‪ ،‬فما زالت ثمة رواسب تعوق اعتمادها‬
‫كعلم يبحث ف مشكدات المجتمع العرن وإيجاد الحلول المناسبة لها‪ ،‬وال ّ‬
‫سيما القضايا‬ ‫ري‬ ‫ي‬
‫االجتماعية والثقافية واالقتصادية‪.‬‬

‫ً‬
‫ثانيا‪ -‬نحو ر‬
‫أنثوبولوجيا عربية معارصة ‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫إن توافر المناخات األساسية لحرية الفكر والجدل والمناقشة الموضوعية‪ ،‬تعد من‬
‫ّ‬ ‫ر‬
‫األنثوبولوجية العربية‪ ،‬وذلك ألن العرب‬ ‫الرصوريات الدازمة لدانطداق بالدراسات‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫معمقة لثقافتهم‪ ،‬كما أنهم يف الوقت ذاته‪ ،‬يحتاجون إل دراسة‬ ‫يحتاجون إل دراسة‬
‫ثقافات الشعوب األخرى ‪.‬‬

‫‪- 115 -‬‬

‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com225‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬


‫يعد من ّ‬
‫أهم المداخل واإلسهامات ال يت قدمتها‬ ‫فمفهوم الثقافة – بحد ذاته – ّربما‬
‫ّ‬ ‫ر‬
‫تعبث كدايد‬
‫ر‬ ‫اإلنسانيي‪ .‬فمن خدال الثقافة – وعىل حد‬
‫ر‬ ‫األنثوبولوجيا للفكر والعمل‬
‫كلوكهون‪ -‬تضع ر‬
‫األنثوبولوجيا أمام اإلنسان‪ ،‬مرآة تمنحه صورة أوضح لنفسه وأقرانه‪،‬‬
‫ّ‬
‫وتسهم يف نشأة المجتمع وطبيعة وظائفه ومنظماته‪ .‬كما توضح دوافعنا وسلوكاتنا‪،‬‬
‫ً‬ ‫ا‬
‫فضال عن دوافع اآلخرين وسلوكاتهم ‪ ..‬ويزداد تأثث ر‬
‫األنثوبولوجيا وضوحا يف ميادين‬ ‫ر‬
‫الفلسفة واآلداب والسياسة ‪.‬‬

‫ّ‬
‫كثث من البلدان العربية نحو التحديث واالرتقاء‪،‬‬
‫الحال‪ ،‬يف ر‬
‫ي‬ ‫وف إطار االتجاه‬
‫ي‬
‫ر ي‬
‫والتكنولوج‪ ،‬دون إحداث أرصار بالقيم والتعاليم‬ ‫واالجتماع‬
‫ي‬ ‫بالمستوى االقتصادي‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫فنن ر‬‫ّ‬
‫كبثا يف إبراز‬
‫ر‬ ‫ا‬
‫ر‬ ‫دو‬ ‫وبولوجيا‬‫لألنث‬ ‫األصيلة‪،‬‬ ‫والتقاليد‬ ‫االجتماع‬
‫ي‬ ‫الدينية‪ ،‬وأسس الثاث‬
‫ّ‬
‫هذا الثاث‪ ،‬ودراسة تلك التقاليد وإحياء الحضارة العربية‪ .‬ويتضح كذلك‪ ،‬الدور الفعال‬
‫األنثبولوجيون العرب‪ ،‬ف مجال ر‬ ‫ّ‬
‫يؤديه ر‬
‫مشوعات التنمية‪ ،‬وذلك من‬ ‫ي‬ ‫الذي يمكن أن‬
‫ر‬
‫خدال تحليل مفهومات األنثوبولوجيا الثقافية ودراستها دراسة (حقلية) ميدانية ‪.‬‬
‫(فهيم‪ ،4795 ،‬ص ‪) 059‬‬

‫ً‬
‫كزيا ف ر‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ا‬
‫األنثوبولوجيا‬ ‫ي‬ ‫يحتل موقعا مر‬ ‫فنذا تفحصنا مفهوم القبيلة – مثال‪ -‬نجده‬
‫كتاب ( ر‬‫ّ‬
‫الشق‬ ‫الكثثون من‬
‫ر‬ ‫الت يطرحها ‪ /‬إرنست غيلث ‪ ،/‬ويستخدمه‬ ‫اإلسدامية ي‬
‫األوسط) لإلشارة إل كينونات اجتماعية ذات ا‬
‫بت وأشكال عيش مختلفة‪.‬‬

‫ّ‬
‫فنن ّ‬ ‫لتصور ر‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫ثمة أسئلة مطروحة أمام‬ ‫أنثوبولوجيا عربية‪،‬‬ ‫وانطداقا من الرؤى‬
‫األنثوبولوجيي العرب‪ ،‬ال ّبد من اإلجابة عنها وتطويرها‪ ،‬من خدال ّ‬
‫تفهم النقاط التالية‬ ‫ر‬
‫ر‬
‫المثابطة ‪( :‬أسد‪ ،0224 ،‬ص‪)417‬‬

‫ّ‬
‫الفاعلي‪ ،‬عىل ترجمة‬
‫ر‬ ‫بالمثقفي‬
‫ر‬ ‫‪ -4‬أن تعمل الروايات األ رنثوبولوجية المتعلقة‬

‫‪- 226 -‬‬


‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com226‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫ّ‬ ‫ّ‬
‫في‪ ،‬وتمثيلها عىل أنها استجابات لخطابات اآلخرين‪،‬‬ ‫الخطابات التاريخية لهؤالء المثق ر‬
‫ا‬
‫التاريح ألفعالهم ‪.‬‬
‫ي‬ ‫بدال من محاولة التخطيط واالنثاع‬

‫النموذجيي‪،‬‬ ‫الفاعلي‬ ‫أال ترّكز التحليدات ر‬


‫األنثوبولوجية للبنية االجتماعية عىل‬
‫ّ‬
‫‪-0‬‬
‫ر‬ ‫ر‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫المتغثة للعداقات والظروف المجتمعية‪ ،‬وال سيما ما يدع‬ ‫ّ‬ ‫بل عىل النماذ‬
‫ر‬
‫(باالقتصاديات السياسية )‪.‬‬

‫اإلسدام‪،‬‬ ‫‪ّ -2‬إن تحليل االقتصاديات السياسية ( ر‬


‫الشق أوسطية) وتمثيل الواقع‬
‫ي‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫هما نوعان من الممارسة المتعددة األوجه‪ ،‬وهما مختلفان جوهريا‪ ،‬وال يمكن استبدال‬
‫أحدهما باآلخر‪ ،‬عىل الرغم من إمكانية تجسيدهما بصورة معقولة يف البحث نفسه‪ ،‬إذا ما‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫أخذا – بدقة – عىل أنهما خطابان‪.‬‬

‫ّ‬ ‫ّ‬
‫البنية‬ ‫‪ -1‬إنه لمن الخطأ تمثيل نماذ اإلسدام‪ ،‬عىل أنها مثابطة مع نماذ‬
‫االجتماع ‪.‬‬
‫ي‬ ‫ضمت عىل البنية الفوقية (األيديولوجية) واألساس‬
‫ي‬ ‫عث قياس‬
‫االجتماعية‪ ،‬ر‬

‫ً‬ ‫ً‬
‫العرن‪ ،‬باعتباره موضوعا للمعرفة‬
‫ري‬ ‫وأخثا‪ ،‬يجب أن يدرس اإلسدام يف المجتمع‬
‫ر‬ ‫‪-5‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ر‬
‫األنثوبولوجية‪ ،‬وأنه تراث متعدد األوجه‪ ،‬يرتبط بثسيخ األخداق يف النفوس‪ ،‬وبتداؤم‬
‫الناس أو معارضتهم‪ ،‬وبإنتا معارف مناسبة‪.‬‬

‫ّ‬ ‫ر‬ ‫ّ‬


‫وبولوجيي العرب إذن‪ ،‬يف الوقت الحارص‪ ،‬أال تقترص‬
‫ر‬ ‫األنث‬ ‫إن من ربي مهام‬
‫العرن عىل الغرب بصدد بعض المفاهيم النظرية فحسب‪ ،‬أو‬ ‫ري‬ ‫جهودهم عىل إبراز النسق‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫جمع المادة األثنوجرافية‪ ،‬وإنما ال بد أن تتضمن دراساتهم أيضا‪ ،‬الفحص الدقيق لألعمال‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫والت يكونون قد‬
‫ي‬ ‫المنهجية المشثكة ربي الكتاب‪،‬‬ ‫الثاثية بهدف الكشف عن الجوانب‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫أساسا لها‪ .‬وذلك ألن الحياة العقلية عند ر‬ ‫ّ‬
‫قيي‬
‫الش ر‬ ‫استمدوا من معارفهم وتربيتهم الدينية‬

‫‪- 117 -‬‬

‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com227‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫ا‬
‫الفلسق‬
‫ي‬ ‫بالتفكث‬
‫ر‬ ‫– كما يقول توفيق الطويل – كانت أوثق اتصاال بحياتهم الدينية منها‬
‫الديت يف شت العصور اإلنسانية‪ ،‬حت ليمكن‬
‫ي‬ ‫بالتفكث‬
‫ر‬ ‫التفسث‬
‫ر‬ ‫الخالص ‪ .‬فقد امث هذا‬
‫ّ‬
‫تنته –ال محالة‪ -‬إل العجز عن فهم‬
‫ي‬ ‫القول بأن كل محاولة تهدف إل الفصل بينها‪،‬‬
‫كليهما‪( .‬فهيم‪ ،4795 ،‬ص ‪) 90‬‬

‫ر‬ ‫ّ‬
‫الكثث من مظاهر الحياة‬
‫ر‬ ‫األنثوبولوجيا واسع سعة الحياة‪ ،‬ويشمل‬ ‫إن مجال‬
‫ّ‬
‫الفكرية باتجاهاتها وتياراتها ومذاهبها العديدة‪ ،‬وهو األمر الذي لم يفهمه الكث رثون من‬
‫ممن ضاقت آفاق أفكارهم بحيث انحرصت يف عدد من‬ ‫وبولوجيي ف العالم العرن‪ّ ،‬‬ ‫ر‬
‫األنث‬
‫ري‬ ‫ر ي‬
‫الموضوعات التقليدية‪ ،‬ال يكادون يخرجون عنها‪ ،‬دون أن يجدوا يف أنفسهم الجرأة‬
‫ّ‬
‫المتنوعة والمتباينة ‪ ..‬وقد يكون ذلك راجع‬ ‫الكافية عىل ارتياد ميادين المعرفة المختلفة‪،‬‬
‫ّ‬
‫الثقاف‪ ،‬وعدم إدراك مدى اتساع البحث ‪ ..‬ولكنه‬
‫ي‬ ‫العلم والتكوين‬
‫ي‬ ‫إل ضعف يف اإلعداد‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وف المقام األول‪ ،‬إل قصور يف ملكة التخيل وإل الخوف من‬ ‫يرجع – بدا شك – ي‬
‫االنطداق والمبادرة‪( .‬أبو زيد‪ ،0224 ،‬ص ‪) 9‬‬

‫ّ‬
‫أرضية جديدة منذ‬ ‫العرن‪ ،‬فقد اكتسبت‬ ‫ومهما كان واقع ر‬
‫األنثوبولوجيا يف العالم‬
‫ري‬
‫ّ‬
‫العشين‪ ،‬حيث حظيت بتفهم أفضل إلمكانيات استخدامها‪ ،‬لما‬ ‫ر‬ ‫الستينات من القرن‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫العرن‬
‫ري‬ ‫العرن يف التقدم واالزدهار‪ .‬وقد تجىل االهتمام‬
‫ري‬ ‫يحقق أهداف العالم‬
‫ّ‬
‫ومقررات دراسية يف الجامعات العربية‬ ‫ّ‬
‫كتخصصات‬ ‫ر‬
‫باألنثوبولوجيا‪ ،‬من خدال اعتمادها‬
‫(جامعة القاهرة‪ ،‬جامعة االسكندرية‪ ،‬جامعة دمشق‪ ،‬الجامعة اللبنانية ‪،‬جامعة البحرين‬
‫وغثها)‬
‫‪ ...‬ر‬

‫أيضا ف قيام الكثث من الباحثي ر‬‫ً‬ ‫ّ‬


‫وبولوجيي العرب‪ ،‬بتأليف الكتب‬
‫ر‬ ‫األنث‬ ‫ر‬ ‫ر‬ ‫ي‬ ‫وتتجىل‬
‫ر‬
‫حول اإلنسان وأصوله وحضارته‪ ،‬مفاهيم األنثوبولوجيا وتطبيقاتها يف الدراسات الثقافية‬

‫‪- 228 -‬‬


‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com228‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫واالجتماعية‪ ،‬منها عىل سبيل المثال ‪ :‬كتاب ( ر‬


‫األنثوبولوجيا) تأليف ابراهيم زرقانة‪ ،‬عام‬
‫‪ .4759‬وكتاب (اإلنسان – دراسة يف النوع والحضارة) تأليف دمحم رياض‪ ،‬عام ‪.4791‬‬
‫حسي مؤنس عام‬
‫ر‬ ‫وكتاب (الحضارة‪ -‬دراسة يف أصولها وقيامها‪ ،‬وعوامل تدهورها) تأليف‬
‫االجتماع – مدخل لدراسة المجتمع) تأليف أحمد أبو زيد‪ ،‬عام‬
‫ي‬ ‫‪ .4799‬وكتاب (البناء‬
‫األنثوبولوجيا االجتماعية) تأليف صفوح األخرس‪ ،‬عام ‪ .4791‬وكتاب‬‫‪ .4792‬وكتاب ( ر‬

‫وغثها ‪.‬‬ ‫ر‬


‫عىل الجباوي‪ ،‬عام ‪ .4779‬ر‬
‫(األنثوبولوجيا‪ -‬علم اإلناسة) تأليف ي‬

‫الباحثي العرب‪ ،‬يف مناطق‬ ‫الت قام بها عدد من‬ ‫ّ‬
‫ر‬ ‫وثمة بعض الدراسات الميدانية ي‬
‫ّ‬
‫متعددة من الوطن العرن‪ ،‬ر‬
‫ونشت هذه الدراسات يف الدوريات (المجدات) العلمية‬ ‫ري‬
‫ّ‬
‫الت تصدرها وزارة اإلعدام‬
‫العربية‪ ،‬ومنها عىل سبيل المثال ‪( :‬مجلة عالم الفكر‪ ،‬ي‬
‫ّ‬
‫الت تصدر عن مركز دراسات الوحدة العربية يف‬ ‫العرن‪ ،‬ي‬
‫ري‬ ‫الكويتية‪ ،‬ومجلة المستقبل‬
‫العرن يف ربثوت‬
‫ري‬ ‫الت تصدر عن مركز اإلنماء‬
‫العرن المعارص‪ ،‬ي‬
‫ري‬ ‫ربثوت‪ ،‬ومجلة الفكر‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫الت تصدر عن كليات اآلداب والعلوم اإلنسانية‪ ،‬يف‬
‫وباريس‪ ،‬إضافة إل المجالت ي‬
‫التحضثي الذي عقده‬
‫ر‬ ‫الجامعات العربية‪ .‬إل الندوات واالجتماعات‪ ،‬عىل غرار االجتماع‬
‫ثان ‪)4795 /‬‬ ‫ر‬
‫الدول للعلوم األنثوبولوجية يف مرص‪( ،‬كانون ال ي‬
‫ي‬ ‫االتحاد‬
‫ً‬ ‫ا‬ ‫تبش – دون شك – بأن ر‬ ‫رّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫لألنثوبولوجيا العربية مستقبال زاهرا‪،‬‬ ‫التوجهات‪،‬‬ ‫إن هذه‬
‫ّ‬
‫التطبيقية‪،‬‬ ‫تعمق هويتها العربية‪ ،‬سواء يف منطلقاتها النظرية‪ ،‬أو يف أهدافها‬‫رشيطة أن ّ‬

‫تعزز‬‫وأن تبتعد مادتها عن النقل من دون نقد أو تطوير‪ .‬وإذا ما ّتم لها ذلك‪ ،‬يمكن أن ت ّ‬
‫ّ‬
‫أصالتها العربية وإسهاماتها العالمية‪ ،‬يف هذا الميدان‪ .‬وهذا ما أكده ‪ /‬كارلتون كوون ‪ /‬منذ‬
‫أنثوبولوجيا العرب " حيث قال ‪:‬‬ ‫عام ‪ ،4752‬ف مقالة لـه بعنوان " ر‬
‫ي‬
‫ر‬
‫بالمشوعات‬ ‫الت تقطن البداد العربية‬
‫" من األمور الحيوية‪ ،‬أن تقوم الشعوب ي‬
‫الت ترفع مستويات المعيشة لسكان جميعهم‪ ،‬ال‬
‫الخاصة بها‪ ،‬وأن تجد الوسائل ي‬

‫‪- 119 -‬‬

‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com229‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫ّ‬
‫لمصلحة هذه الشعوب فحسب‪ ،‬ولكن لصالح العالم كله ‪ ...‬فعىل العرب أن يعنوا‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫باألنثوبولوجيا ويدرسوها ر‬
‫أكث ّ‬ ‫ر‬
‫الت تتلخص يف أن‬‫كي تلك الحقيقة ي‬ ‫مما درسوها‪ ،‬مدر ر‬
‫شء من األشياء‪ ،‬هو أن‬‫ر‬
‫خث طريق يتبعه أي إنسان أو أي شعب‪ ،‬إذا أراد أن يصنع أي ي‬ ‫ر‬
‫ا‬
‫يحزم أمره ويصنعه بنفسه " (نقال عن ‪ :‬فهيم‪ ،4795 ،‬ص ‪)057‬‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫تحفثا عىل إيجاد ر‬ ‫ّ ّ‬
‫أنثوبولوجيا عربية‪ ،‬تتجه دراساتها نحو‬ ‫ر‬ ‫ال شك إن يف ذلك‬
‫ّ‬
‫العرن‪ ،‬وتسهم يف تقدمه بما يتناسب مع معطيات العلوم اإلنسانية‬‫ري‬ ‫مشكدات المجتمع‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ر‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫المختلفة‪ ،‬ألن الجهل بهذه العلوم‪ ،‬وال سيما علم األنثوبولوجيا‪ ،‬ما زال سائدا – إل حد‬
‫الجدية والموضوعية لطبيعة الثقافات األخرى وإسهاماته‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ويعوق الدراسات‬ ‫ما –‬
‫ّ‬
‫حقيق لطبيعة المساهمة العربية يف الثقافة‬
‫ي‬ ‫بالتال إل فهم‬
‫ي‬ ‫الت تؤدي‬
‫اإلنسانية‪ ،‬ي‬
‫اإلنسانية‪ ،‬وحجم هذه المساهمة ‪.‬‬
‫وف ذلك دعوة إل فتح النوافذ الثقافية العربية عىل الثقافات األخرى‪ ،‬وال ّ‬
‫سيما‬ ‫ي‬
‫ّ‬
‫التعرف إل ثقافة العرص ودراستها واالقتداء‬ ‫الت يمكن االستفادة منها يف‬
‫تلك الثقافات ي‬
‫الشخصية العربية المتمايزة‪ ،‬ومع ّ‬
‫مقومات الثقافة العربية‪ ،‬بما‬ ‫ّ‬ ‫بها‪ ،‬بما ينسجم مع جوهر‬
‫يف ذلك التيارات الفكرية واالتجاهات والمذاهب األدبية والفنية‪ ،‬واالنتقاء منها واإلغضاء‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الثقاف‪ .‬فالثقافات كلها – ومنها الثقافة العربية – تنمو وتزدهر وتتقدم‪،‬‬
‫ي‬ ‫عن أسطورة الغزو‬
‫ّ‬
‫والتأثث المتبادل‪ ،‬واالستعارة واالستيعاب‪( .‬أبو زيد‪ ،0224 ،‬ص‪)42‬‬
‫ر‬ ‫باالتصال واالحتكاك‬
‫تؤسس لـه الدراسات ر‬
‫األنثوبولوجية العربية المعارصة‪ ،‬بحيث‬ ‫وهذا ما يجب أن ّ‬

‫تظهر بجداء تلك العداقة ربي الحضارة العربية والحضارة اإلنسانية‪ ،‬ومن جوانبها‬
‫ً‬
‫بعيدا عن األحكام المسبقة‪ ،‬واألخذ بالفكر ر‬
‫ر ي‬
‫وبولوج النقدي والمقارن‪،‬‬ ‫األنث‬ ‫المختلفة‪،‬‬
‫ر‬
‫وتطبيق ما يمكن تطبيقه من نظريات األنثوبولوجيا‪ ،‬بما يتناسب مع طبيعة المجتمع‬
‫العرن‪ ،‬وتركيبته التاريخية (الديمغرافية والثقافية )‪.‬‬
‫ري‬

‫‪- 201 -‬‬


‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com230‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫مصادر الفصل ومراجعه ‪:‬‬


‫ّ‬
‫العرن‪ ،‬الكويت ‪.‬‬
‫ري‬ ‫العرن ‪ ،15‬مجلـة‬
‫ري‬ ‫‪ -‬أبو زيد‪ ،‬أحمد (‪ )0224‬الطريق إل المعرفة‪ ،‬كتاب‬

‫ّ‬ ‫ر‬
‫‪ -‬أسد‪ ،‬طدال (‪ )0224‬فكرة أنثوبولوجيا اإلسدام‪ ،‬تعريب ‪ :‬سامــر رشو ي‬
‫ان‪ ،‬مجلة‬
‫االجتهاد‪ ،‬عدد ‪ ،55‬السنة ‪ ،42‬ربثوت‪.‬‬

‫‪ -‬الشيال‪ ،‬جمال الدين (‪ )4759‬رفاعة الطهطاوي‪ ،‬دار المعرف بمرص ‪.‬‬

‫قصة ر‬
‫األنثوبولوجيا – فصول يف تاري ــخ اإلنسان‪ ،‬عالم المعرفة‬ ‫‪ -‬فهيم‪ ،‬حسي (‪ّ )4795‬‬
‫ر‬
‫(‪ ،) 479‬الكويت‬

‫الفلسق يف اإلسدام‪ ،‬مكتبة األنجلو المرصية‪،‬‬


‫ي‬ ‫التفكث‬
‫ر‬ ‫‪ -‬محمود‪ ،‬عبد الحليم (‪)4759‬‬
‫القاهرة ‪.‬‬

‫ّ‬
‫‪ -‬يتيم‪ ،‬عبد هللا عبد الرحمن (‪ )0224‬من المحراث إل الكتاب‪ ،‬مجلة االجتهاد‪ ،‬عدد‬
‫‪ ،55‬السنة ‪ ،42‬ربثوت ‪.‬‬

‫‪- 131 -‬‬

‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com231‬‬
www.facebook.com/tanweerlibrary

ّ
‫العلميـة‬ ‫المصطلحـات‬

A
Adaptation ّ
‫تكيـف‬
Alternative ‫بديـل‬
Anatomy ‫علم ر‬
‫التشي ــح‬
Anthropology ‫علم دراسة اإلنسان‬
Applied Anthropology ‫ر‬
‫األنثوبولوجيا التطبيقية‬
Archeology ‫علم دراسة حضارات ما قبل التاري ــخ‬
Automatic Behavior ‫اآلل‬
‫السلوك ي‬
B
Behavior ‫سلوك‬
Behavioral Sciences ّ
‫علوم سلوكية‬
Biological Anthropology ‫ر‬
‫األنثوبولوجيا البيولوجية‬
C
Case ‫حالـة‬
Case Study ‫دراسة الحالة‬
ّ ّ
Change ‫تغث – تبدل‬ ‫ر‬
Civilization ‫حضارة‬
Cognation ‫معرفـة‬

- 202 -
https://attanweerlibrary.blogspot.com232
www.facebook.com/tanweerlibrary

Cog native ّ
‫معرف‬
‫ي‬
ّ
Communication ‫تواصل – اتصال‬
Comparative ‫مقارنـة‬
Comparative Study ‫دراسة مقارنة‬
Condition ‫تكييف‬
Construction ‫بنــاء – بنية‬
Culture ‫ثقـافة‬
Cultural Ecology ‫البيئة الثقافية‬
Culture Anthropology ‫ر‬
‫األنثوبولوجيا الثقافية‬
Cultural Degeneration ‫الثقاف‬
‫ي‬ ‫االنتكاس‬
Cultural Materialism ‫المادية الثقافية‬
D
Development ّ
‫تطور‬
Dialectic- al ‫جدل – جدلية‬
Dialectical Materialism ‫المادية الجدلية‬
Diffusions ‫انتشار‬
Diffusions Theory ‫النظرية االنتشارية‬
ّ
Directed ‫اتجاه – توجيه‬
Directed Change ّ
‫التغيث الموجه‬
‫ر‬
E
Enculturation ‫التثقيف‬
Ethnology ‫الدراسة التحليلية المقارنة للثقافة‬
Ethnography ّ
‫الوصفية للثقافة‬ ‫الدراسة‬

- 133 -

https://attanweerlibrary.blogspot.com233
www.facebook.com/tanweerlibrary

ّ ّ
Evolution ‫تطور – تقدم‬
F
Family ‫أشة – عائلة‬
Fulfillment ‫إنجـاز‬
Function ‫وظيفـة‬
G
Generation ‫جيل‬
Group ‫مجمـوعة‬
H
History ‫تـاري ــخ‬
Historical Theory ‫النظرية التاريخية‬
Historical Particularism ‫ض‬ ّ
‫التخص‬ ‫التاريح‬ ‫االتجاه‬
‫ي‬ ‫ي‬
Historical Materialism ّ
‫التاريخية‬ ّ
‫المادية‬
Human ‫إنسـان‬
Humanity- Nature ‫الطبيعة اإلنسانية‬
Humanity Development ‫اإلنسان‬ ّ
‫التطور‬
‫ي‬
I
Industrial ‫ـاع‬
‫صن ي‬
Industrial Development ‫صناع‬ ّ
‫تطور‬
‫ي‬
Interactive ‫تفاعـل‬
K
Kinship ‫قـرابة‬
Kinship System ‫نسق (نظام) القرابة‬

- 204 -
https://attanweerlibrary.blogspot.com234
www.facebook.com/tanweerlibrary

L
Linguistics ‫علم اللغويات‬
M
Model ‫نمـوذ‬
Monography ‫دراسة األشكال‬
N
Nature ‫طبيعـة‬
Naturalism ‫طبيىع‬
‫ي‬
O
Over Development ّ
‫تطور مفرط‬
Origin ‫أصـل‬
riginal ‫أصىل‬
‫ي‬
P
Participation ‫مشاركة‬
Para Primitivism ‫بالبدان‬
‫ي‬ ‫شبيه‬
Personality ّ
‫شخصية‬
Physical Anthropology ّ
‫الجسمية‬ ‫ر‬
‫األنثوبولوجية‬
Principle ‫عنصـر‬
Political ‫سياسة‬
Political Systems ّ
‫سياسية‬ ‫أنساق‬
Pre-History ‫ما قبل التاري ــخ‬
Primitive Societies ‫المجتمعات البدائية‬
Q

- 135 -

https://attanweerlibrary.blogspot.com235
www.facebook.com/tanweerlibrary

Questionnaire )‫استبيان (استمارة‬


S
Science ‫علـم‬
Social Anthropology ‫ر‬
‫األنثوبولوجيا االجتماعية‬
Sociobiology ‫البيولوجيا االجتماعية‬
Social Science ‫علوم اجتماعية‬
Social Systems ‫أنساق اجتماعية‬
Sociology ‫علم االجتماع‬
Social Role ‫االجتماع‬
‫ي‬ ‫الدور‬
Social Morphology ‫األشكال االجتماعية‬
Specialties ‫خصوصيات‬
Stratification ) ‫تصنيف (تنضيد‬
FunctionalStructural ‫الوظيق‬
‫ي‬ ‫البنان‬
‫ي‬ ‫االتجاه‬
System ‫نسق – نظام‬
T
Theory ّ
‫نظرية‬
Theoretical ‫نظري‬
Tribe ‫قبيـلة‬
U
Urbanization ‫العمران الحرصي‬
Universal ‫عموم‬
‫ي‬ – ‫عام‬

- 206 -
https://attanweerlibrary.blogspot.com236
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫المصـادر والمـراجع‬
‫ّأو ال‪ -‬الع ّ‬
‫ـربية‬

‫‪ -‬ابراهيم‪ ،‬زكريا (‪ )4795‬مشكلة البنية – أضواء عىل البنيوية‪ ،‬مكتبة مرص‪ ،‬القاهرة‪.‬‬

‫‪ -‬ابن بطوطة‪ ،‬أبو عبد هللا (‪ )4759‬رحلة ابن بطوطة‪ ،‬دار الثاث‪ ،‬ربثوت‪.‬‬
‫ّ‬
‫‪ -‬ابن خلدون‪ ،‬عبد الرحمن (‪ )4755‬مقدمة ابن خلدون‪ ،‬تحقيق ‪ :‬ي‬
‫عىل عبد الواحد‬
‫واف‪ ،‬القاهرة ‪.‬‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫‪ -‬أبو زيد‪ ،‬أحمد (‪ )4799‬ماذا يحدث يف علوم اإلنسان والمجتمع‪ ،‬مجلة عالم الفكر‪،‬‬
‫ّ‬
‫مجلد ‪ ،9‬عدد (‪ ،)4‬الكويت ‪.‬‬

‫االجتماع – مدخل لدراسة المجتمع ( ‪ – 4‬المفهومات) الهيئة‬


‫ي‬ ‫‪ )4792( -‬البناء‬
‫المرصية العامة للكتاب‪ ،‬القاهرة ‪.‬‬
‫ّ‬
‫العرن‪ ،‬الكويت ‪.‬‬
‫ري‬ ‫العرن ‪ ،15‬منشورات مجلة‬
‫ري‬ ‫‪ )0224( -‬الطريق إل المعرفة‪ ،‬كتاب‬
‫ّ‬
‫مقدمة ف ر‬
‫األنثوبولوجيا الثبوية ‪،‬المطابع التعاونية‪ّ ،‬‬
‫عمان ‪.‬‬ ‫ي‬ ‫‪ -‬أبو هدال‪ ،‬أحمد (‪)4791‬‬
‫‪ -‬األخرس‪ ،‬صفوح (‪ )4791‬ر‬
‫األنثوبولوجيا االجتماعية‪ ،‬دمشق ‪.‬‬
‫ّ‬
‫رشوان‪ ،‬مجلة‬
‫ي‬ ‫‪ -‬أسد‪ ،‬طدال (‪ )0224‬فكرة رأنثوبولوجيا اإلسدام‪ ،‬تعريب ‪ :‬سامر‬
‫االجتهاد‪ ،‬عدد ‪ ،55‬السنة ‪ ،42‬ربثوت ‪.‬‬
‫‪ -‬اسماعيل‪ ،‬قباري (‪ )4792‬ر‬
‫األنثوبولوجيا العامة‪ ،‬منشأة المعارف باإلسكندرية ‪.‬‬

‫‪ -‬أوزياس‪ ،‬جان ماري (‪ )4792‬البنيوية‪ ،‬ترجمة ‪ :‬مخائيل مخول‪ ،‬دمشق ‪.‬‬


‫ّ‬
‫مقدمة ف ر‬
‫األنثوبولوجيا العامة‪ ،‬ترجمة ‪ :‬دمحم‬ ‫ي‬ ‫‪ -‬بيلز‪ ،‬رالف و هويجرا‪ ،‬هاري (‪)4799‬‬
‫الجوهري وآخرون‪ ،‬دار النهضة‪ ،‬القاهرة ‪.‬‬

‫‪- 137 -‬‬

‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com237‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫‪ -‬بريتشارد‪ ،‬إدوارد (‪ )4795‬ر‬


‫األنثوبولوجيا االجتماعية ط‪ ،5‬ترجمة ‪ :‬أحمد أبو زيد‪،‬‬
‫الهيئة المرصية العامة للكتاب‪ ،‬االسكندرية ‪.‬‬
‫‪ -‬جابر‪ ،‬سامية (‪ )4774‬علم اإلنسان – مدخل إل ر‬
‫األنثوبولوجيا االجتماعية والثقافية‪،‬‬
‫دار العلوم العربية‪ ،‬ربثوت ‪.‬‬
‫‪ -‬الجباوي‪ ،‬عىل (‪ )4790‬ر‬
‫األنثوبولوجيا االجتماعية‪ ،‬جامعة دمشق ‪.‬‬ ‫ي‬
‫‪ -‬ـ ـ ـ (‪ )4779‬ر‬
‫األنثوبولوجيا – علم اإلناسة‪ ،‬جامعة دمشق ‪.‬‬

‫الجسمان‪ ،‬عبد العال (‪ )4771‬علم النفس وتطبيقاته االجتماعية‪ ،‬الدار العربية‬


‫ي‬ ‫‪-‬‬
‫للعلوم‪ ،‬ربثوت ‪.‬‬
‫الجيوش‪ ،‬فاطمة (‪ )4799/4799‬فلسفة الثبية‪ ،‬جامعة دمشق – ّ‬
‫كلية الثبية ‪.‬‬ ‫ر‬ ‫‪-‬‬
‫ي‬
‫ر‬
‫الجيوش‪ ،‬فاطمة و الشماس‪ ،‬عيىس (‪ )0222/0220‬الثبية العامة (‪ )4‬جامعة‬ ‫‪-‬‬
‫ي‬
‫دمشق‪ -‬كلية الثبية‪.‬‬
‫السيد‪ ،‬و حسي‪ ،‬علية (‪ )4795‬مجاالت ر‬
‫األنثوبولوجيا‪ ،‬دار القلم‪ ،‬الكويت ‪.‬‬ ‫‪ -‬حامد‪ّ ،‬‬
‫ر‬

‫فهم (‪ )4790‬أصول البنيوية يف علم اللغة والدراسات‬ ‫ي‬ ‫‪ -‬حجازي‪ ،‬محمود‬


‫ّ‬
‫وبولوجية‪ ،‬عالم الفكر‪ ،‬عدد يونيو‪ ،‬الكويت ‪.‬‬ ‫ر‬
‫األنث‬

‫للمدايي‪،‬‬
‫ر‬ ‫‪ -‬الحرصي‪ ،‬ساطع (‪ )4795‬أحاديث يف الثبية وعلم االجتماع‪ ،‬دار العلم‬
‫ربثوت‪.‬‬
‫‪ -‬حمدان‪ ،‬دمحم زياد (‪ )4797‬الثقافات االجتماعية المعارصة‪ ،‬دار الثبية الحديثة‪ّ ،‬‬
‫عمان‪.‬‬
‫ّ‬
‫‪ -‬الخشاب‪ ،‬أحمد (‪ )4792‬دراسات رأنثوبولوجية‪ ،‬دار المعارف بمرص ‪.‬‬
‫ّ‬
‫‪ -‬خفاجة‪ ،‬دمحم صقر (‪ )4755‬ر‬
‫هثودت يتحدث عن مرص‪ ،‬دار العلم‪ ،‬القاهرة ‪.‬‬
‫‪ -‬خشيم‪ ،‬عىل فهم (‪ )4759‬نصوص ّ‬
‫ليبية‪ ،‬دار مكتبة الفكر‪ ،‬طرابلس – ليبيا‪.‬‬ ‫ي‬ ‫ي‬

‫‪- 208 -‬‬


‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com238‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫‪ -‬رشوان‪ ،‬حسي عبد الحميد (‪ )4799‬ر‬


‫األنثوبولوجيا يف المجال النظري‪ ،‬ط‪،4‬‬ ‫ر‬
‫االسكندرية ‪.‬‬

‫سمث كرم‪ ،‬دار الطليعة‪،‬‬


‫ر‬ ‫ّ‬
‫الفلسفية‪ ،‬ترجمة ‪:‬‬ ‫‪ -‬رونتال و يودين (‪ )4791‬الموسوعة‬
‫ربثوت‪.‬‬

‫‪ -‬رياض‪ ،‬دمحم (‪ )4791‬اإلنسان – دراسة يف النوع والحضارة‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬ربثوت‬
‫‪.‬‬
‫‪ -‬زرقانة‪ ،‬ابراهيم (‪ )4759‬ر‬
‫األنثوبولوجيا‪ ،‬مكتبة النهضة المرصية‪ ،‬القاهرة ‪.‬‬
‫ّ‬
‫مجلة ّ‬ ‫ّ‬
‫كلية اآلداب‪ ،‬عدد (‪ ،)4‬جامعة‬ ‫الفلسفية البنائية‪،‬‬ ‫‪ -‬زكريا‪ ،‬فؤاد (‪ )4792‬الجذور‬
‫الكويت ‪.‬‬
‫ّ‬
‫والشخصية‪ ،‬ط‪ ،0‬دار النهضة‪ ،‬ربثوت ‪.‬‬ ‫الساعان‪ ،‬سامية حسن (‪ )4792‬الثقافة‬ ‫‪-‬‬
‫ي‬
‫‪ -‬سثوس‪ ،‬كلود ليق (‪ )4792‬ر‬
‫األنثبولوجيا البنيوية) ترجمة ‪ :‬صالح مصطق ‪،‬وزارة‬ ‫ي‬
‫الثقافة‪ ،‬دمشق ‪.‬‬
‫‪ -‬سليم‪ ،‬شاكر (‪ )4794‬قاموس ر‬
‫األنثوبولوجيا ‪ ،‬جامعة الكويت ‪.‬‬

‫اإلنسان‪ ،‬ترجمة ‪ :‬عبد القادر يوسف‪ ،‬عالم‬


‫ي‬ ‫‪ -‬سكث‪ ،‬ب‪ .‬ف (‪ )4792‬تكنولوجيا السلوك‬
‫المعرفة (‪ )20‬الكويت ‪.‬‬

‫‪ -‬الشيال‪ ،‬جمال الدين (‪ )4759‬رفاعة الطهطاوي‪ ،‬دار المعارف بمرص ‪.‬‬

‫اللبنان‪ ،‬ربثوت‪.‬‬
‫ي‬ ‫الفلسق‪ ،‬دار الكتاب‬
‫ي‬ ‫‪ -‬صليبا‪ ،‬جميل (‪ )4794‬المعجم‬

‫عفيق‪ ،‬دمحم الهادي (‪ )4790‬يف أصول الثبية‪ ،‬مكتبة األنجلو المرصية‪ ،‬القاهرة ‪.‬‬
‫ي‬ ‫‪-‬‬

‫‪ -‬عيىس‪ ،‬دمحم طلعت (‪ )4795‬مدخل إل علم االجتماع‪ ،‬دار المعارف‪ ،‬ربثوت‪.‬‬

‫‪ -‬عيسوي‪ ،‬عبد الرحمن (‪ )4797‬علم النفس يف المجال الثبوي‪ ،‬دار العلوم العربية‪،‬‬

‫‪- 139 -‬‬

‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com239‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫ربثوت‪.‬‬

‫‪ -‬غالب‪ ،‬مصطق (‪ )4774‬السلوك‪ ،‬دار الهدال‪ ،‬ربثوت ‪.‬‬

‫الجامىع‬ ‫ّ‬
‫الشخصية‪ ،‬المكتب‬ ‫الثقاف يف دراسة‬ ‫‪ -‬الغامري‪ ،‬دمحم حسن (‪ )4797‬المدخل‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫الحديث‪ ،‬االسكندرية ‪.‬‬

‫الغت و الغامدي‪ ،‬صالح (‪ )4797‬المدخل إل علم اإلنسان‪ ،‬المكتب‬


‫ي‬ ‫‪ -‬غانم‪ ،‬عبد‬
‫الجامىع الحديث‪ ،‬االسكندرية ‪.‬‬
‫ي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫االجتماع – طبيعتها واستخدامها‪ ،‬دار التقدم‪،‬‬
‫ي‬ ‫التطور‬ ‫قواني‬
‫ر‬ ‫‪ -‬غيلث‪ ،‬ربثمان (‪)4792‬‬
‫موسكو‪.‬‬

‫‪ -‬فراير – هثي‪ -‬ساركس (‪ )4759‬علم النفس العام‪ ،‬ترجمة ‪ :‬ابراهيم منصور‪ ،‬بغداد ‪.‬‬

‫الفق‪ ،‬حسن (‪ )4799‬الثقافة والثبية‪ ،‬دار المعارف بمرص ‪.‬‬


‫ي‬ ‫‪-‬‬
‫قصة ر‬
‫األنثوبولوجيا – فصول يف تاري ــخ اإلنسان‪ ،‬عالم المعرفة‬ ‫‪ -‬فهيم‪ ،‬حسي (‪ّ ) 4795‬‬
‫ر‬
‫(‪ )479‬الكويت ‪.‬‬

‫‪ -‬كداكهون‪ ،‬كدايد (‪ )4751‬اإلنسان يف المرآة‪ ،‬ترجمة ‪ :‬شاكر سليم‪ ،‬بغداد ‪.‬‬

‫‪ -‬لبيب‪ ،‬الطاهر (‪ )4799‬سوسيولوجية الثقافة‪ ،‬دار الحوار‪ ،‬الداذقية ‪.‬‬


‫‪ -‬لطق‪ ،‬عبد الحميد (‪ )4797‬ر‬
‫األنثوبولوجيا االجتماعية‪ ،‬دار المعارف بمرص ‪.‬‬ ‫ي‬
‫‪ -‬لينتون‪ ،‬رالف (‪ )4751‬دراسة اإلنسان‪ ،‬ترجمة ‪ :‬عبد الملك الناشف‪ ،‬المكتبة العرصية‪،‬‬
‫ربثوت ‪.‬‬
‫ر‬
‫األنثوبولوجيا وأزمة العالم الحديث‪ ،‬ترجمة ‪ :‬عبد الملك‬ ‫‪ -‬ـ ـ ـ (‪)4759‬‬
‫الناشف‪ ،‬المكتبة العرصية‪ ،‬ربثوت ‪.‬‬
‫ّ‬
‫الشخصية‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬ربثوت ‪.‬‬ ‫‪ -‬دمحم غنيم‪ّ ،‬‬
‫سيد (‪ )4779‬سوسيولوجية‬

‫‪- 241 -‬‬


‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com240‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫‪ -‬دمحم‪ ،‬رياض (‪ )4791‬اإلنسان – دراسة يف النوع والحضارة‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬ربثوت‪.‬‬

‫الفلسق يف اإلسدام‪ ،‬مكتبة األنجلو المرصية‪،‬‬


‫ي‬ ‫التفكث‬
‫ر‬ ‫‪ -‬محمود‪ ،‬عبد الحليم (‪)4759‬‬
‫القاهرة ‪.‬‬
‫ّ‬
‫‪ -‬مجموعة من الكتاب (‪ )4779‬نظرية الثقافة‪ ،‬ترجمة ‪ :‬ي‬
‫عىل الصاوي‪ ،‬عالم المعرفة‬
‫(‪ )002‬الكويت ‪.‬‬
‫ر‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫والنش‪،‬‬ ‫المؤسسة الجامعية للدراسات‬ ‫الشخصية‪،‬‬ ‫‪ -‬المرصي‪ ،‬ي‬
‫عىل (‪ )4772‬نظرية‬
‫ربثوت‪..‬‬

‫‪ -‬مؤنس‪ ،‬دمحم (‪ )4799‬الحضارة – دراسة يف أصول وعوامل قيامها وتدهورها‪ ،‬عالم‬


‫المعرفة (ك‪ )0‬الكويت ‪.‬‬
‫‪ -‬نارص‪ ،‬ابراهيم (‪ )4795‬ر‬
‫األنثوبولوجيا الثقافية – علم اإلنسان الثقاف‪ّ ،‬‬
‫عمان ‪.‬‬ ‫ي‬
‫‪ -‬هرسكوفيث‪ ،‬مليفيل‪ )4791( .‬أسس ر‬
‫األنثوبولوجيا الثقافية‪ ،‬وزارة الثقافة‪ ،‬دمشق ‪.‬‬

‫وصق‪ ،‬عاطف (‪ )4794‬األ رنثوبولوجيا الثقافية‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬ربثوت ‪.‬‬
‫ي‬ ‫‪-‬‬

‫‪ -‬ـ ـ ـ (‪ )4799‬الثقافة والشخصية‪ ،‬دار المعارف بمرص ‪.‬‬


‫‪ -‬ـ ـ ـ (‪ )4794‬ر‬
‫األنثوبولوجيا االجتماعية‪ ،‬ط‪ ،2‬دار النهضة العربية‪ ،‬ربثوت‪.‬‬
‫ّ‬
‫‪ -‬يتيم‪ ،‬عبد هللا عبد الرحمن (‪ )4224‬من المحراث إل الكتاب‪ ،‬مجلة االجتهاد‪ ،‬عدد‬
‫(‪ )55‬السنة ‪ ،42‬دار االجتهاد‪ ،‬ربثوت‪.‬‬

‫‪- 111 -‬‬

‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com241‬‬
www.facebook.com/tanweerlibrary

ّ
: ‫األجنبية‬ -‫ثانيا‬

- Anderson, John (1984) Conjuring with Ibn Khaldun , From an


Anthropological Point View , Leiden .

- Barnouw, V (1972) Cultural Anthropology , Home wood Illinois.


Irwen Inc .

- Boorstin , Danial , J (1985) The discovers , A History of Mans


Search to know his world and himself, Vintage Books edition .

- Burns, Edward (1973) Western Civilization , new York

- Daniel, G, Bates and Plug, Fred (1990) Cultural Anthropology,


McGrow, Hill Book company , New York..

- Darnell, Regna (1978) Reading in the History of Anthropology ,


University of Illinois .

- Freidle , John & Pfeiffer , John (1977) Anthropology , Harper &


Row Publishers , New York .

- Harris, Marvin (1968) A History of Theories of Culture , Thomas


Crowell Company , New York

- Kottak, Phillip (1994) Anthropology: the Exploration of Human


Diverty , Mc Grow. Hill INC, New York..

- Kessing , Roger (1981) Cultural Anthropology : A Contemporary


Perspective .Holt Rine hart & Winston , 2 th edition

- 242 -
https://attanweerlibrary.blogspot.com242
www.facebook.com/tanweerlibrary

- Leach, Edmund (1982( Social Anthropology , Fontana Paperbacks


.

- Mead, Margaret (1973) Changing Styles of Anthropological Work .


Annual Review of Anthropology , Palo Alto.

- Mauduit , J.A (1960) Manuel D’ Ethnographie. Payot, Paris .

- Morin, Edgar (1969) De La Culture Analyse A La Politique


Culturelle , Communication, no: 14, Paris .

- Nicholson , C (1968) Anthropology and Education , Columbus, Ohio


.

- Oswalt, Wendell (1972) Other Peoples – Other Customs , Holt Rine


hart and Winston Inc .

- Pretti, Olto (1070) Anthropology Research , London.

- Rossi , Ino – ed (1980) People in Culture , A Survey of Culture


Anthropology , Prager Special Studies .

- Sapir, Edward (1967) Anthropologie , Minvit- Col – Points, Paris .

- Spradley ,P, James (1972) Culture and Cognition, Chandle


Publishing Company , San Francisco .

- 113 -

https://attanweerlibrary.blogspot.com243
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫المحتوى‬

‫تقــديـم ‪9 ....................................................................................................‬‬

‫الباب ّ‬
‫األول‪ :‬مفهوم ر‬
‫األنثوبولوجيــا وأهدافها وعداقتها بالعلوم األخرى‪44 ....................‬‬

‫الفصل األول‪ :‬مفهوم ر‬


‫األنثوبولوجيا وطبيعتها وأهدافها‪40 ......................................‬‬

‫الفصل الثان ‪ :‬نشأة ر‬


‫األنثوبولوجيا وتاريخها ‪00 ....................................................‬‬ ‫ي‬

‫الفصل الثالث ‪ :‬عداقة ر‬


‫األنثوبولوجيا بالعلوم األخرى ‪10 .........................................‬‬

‫الباب الثان ‪ :‬اتجاهات دراسة ر‬


‫األنثوبولوجيا وفروعها ‪59 .......................................‬‬ ‫ي‬

‫الفصل ّ‬
‫األول ‪ :‬دراسة ر‬
‫األنثوبولوجيا واتجاهاتها المعارصة ‪59 ...................................‬‬

‫ّ‬
‫الطبيعية ) ‪95 ...........................................‬‬ ‫الفصل الثان ‪ :‬ر‬
‫األنثوبولوجيا العضوية (‬ ‫ي‬

‫ّ‬
‫النفسية ‪75 .........................................................‬‬ ‫الفصل الثالث ‪ :‬ر‬
‫األنثوبولوجيا‬

‫الفصل الرابع ‪ :‬ر‬


‫األنثوبولوجيا الثقافية ‪400 .........................................................‬‬

‫الفصل الخامس ‪ :‬ر‬


‫األنثوبولوجيا االجتماعية ‪419 ..................................................‬‬

‫الفصل السادس ‪ :‬المنهج ر‬


‫ر ي‬
‫وبولوج والدراسات الميدانية ‪451 .............................‬‬‫األنث‬

‫الباب الثالث ‪ :‬المنظور ر‬


‫ر ي‬
‫وبولوج للنظم االجتماعية‪490 .................................‬‬‫األنث‬

‫االجتماع ووظيفته ‪492 ......................................................‬‬ ‫الفصل ّ‬


‫األول ‪ :‬البناء‬
‫ي‬

‫‪- 244 -‬‬


‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com244‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

‫الفصل الثان ‪ :‬ر‬


‫األنثوبولوجيا يف المجتمع الحديث ‪472 ..........................................‬‬ ‫ي‬

‫الفصل الثـالث ‪ :‬نحـو ر‬


‫أنثوبولوجيا عربية ‪049 ......................................................‬‬

‫ّ‬
‫العلميـة ‪020 .............................................................................‬‬ ‫المصطلحـات‬

‫المصـادر والمـراجع ‪029 .................................................................................‬‬

‫المحتوى ‪011 ............................................................................................‬‬

‫‪- 115 -‬‬

‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com245‬‬
www.facebook.com/tanweerlibrary

- 246 -
https://attanweerlibrary.blogspot.com246

You might also like