Professional Documents
Culture Documents
- - مدخل إلى علم الإنسان - (الأنثروبولوجيا) - عيسى الشماس .
- - مدخل إلى علم الإنسان - (الأنثروبولوجيا) - عيسى الشماس .
com/tanweerlibrary
https://attanweerlibrary.blogspot.com1
www.facebook.com/tanweerlibrary
-2-
https://attanweerlibrary.blogspot.com2
www.facebook.com/tanweerlibrary
-3-
https://attanweerlibrary.blogspot.com3
www.facebook.com/tanweerlibrary
الحقوق محفوظة
-4-
https://attanweerlibrary.blogspot.com4
www.facebook.com/tanweerlibrary
ّ
الشماس الدكتور عيىس
مــدخـل
-5-
https://attanweerlibrary.blogspot.com5
www.facebook.com/tanweerlibrary
-6-
https://attanweerlibrary.blogspot.com6
www.facebook.com/tanweerlibrary
-7-
https://attanweerlibrary.blogspot.com7
www.facebook.com/tanweerlibrary
تقــديـم
ر ّ
األخثة،
ر األنثوبولوجيا ،يف اآلونة الت تناولت
تعددت الدراسات واالتجاهات ي
ً
بوصفها علما حديث العهد ،عىل الرغم من مرور ما يقرب من القرن وربــع القرن عىل
نشأة هذا العلم.
ّ
لقد اتسعت مجاالت البحث والدراسة يف هذا العلم الجديد ،وتداخلت موضوعاته
مع موضوعات بعض العلوم األخرى ،وال ّ
سيما علوم األحياء واالجتماع والفلسفة .كما
ّ
تخصصاته ومجاالته ،وال ّ ّ ً ّ
سيما يف تعددت مناهجه النظرية والتطبيقية ،تبعا لتعدد
الت كان لها آثار واضحة يف حياة
الكبثة والمتسارعة ،ي
ر التغثات
ر األخثة حيث
ر المرحلة
ر
البش كأفراد و كمجتمعات .
وبما ّأن ر
األنثوبولوجيا ّ
تهتم بدراسة اإلنسان ،شأنها يف ذلك شأن العلوم اإلنسانية
ً ً
اإلنسان الذي توجد فيه ،حيث تعكسي فه ترتبط ارتباطا وثيقا بالمجتمع
األخرى ،ي
التحسي والتطوير .
ر بالتال مصالحه يف
ي بنيته األساسية والقيم السائدة فيه ،وتخدم
-8-
https://attanweerlibrary.blogspot.com8
www.facebook.com/tanweerlibrary
ّ ّ
بالتال إل تطوير المعرفة
ي وتطورها .وهذا ما أدى المجتمعات اإلنسانية وثقافاتها
ّ
وبولوجية ،واستقدالها فيما بعد عن دائرة الفلسفة االجتماعية . ر
األنث
ّ
حد ما – ف النصف الثان من القرن التاسع ر
عش أمام ي ي لقد انحشت الفلسفة – إل
يطان /إدوارد ّ
الث ي
العلم ،حيث تطورت العلوم االجتماعية واستطاع العالم ر ي التفكث
ر
ّ ّ
تايلور / E. Tylorأن يرى يف تنوع أساليب حياة الشعوب وتطورها ،ظاهرة جديرة
ّ ّ ً ّ ّ
وسم تايلور هذه المهمة. بالدراسة ،وأن علما جديدا يجب أن ينشأ ويقوم بهذه
الظاهرة بـ" الثقافة Cultureأو الحضارة . " Civilization
ّ
وتغثاته العلمية العشين ،بأحداثهر األنثوبولوجيا مجال القرن ر ومع دخول
ر
تغثات جوهرية يف موضوعها ومنهج دراستها، ّ عليها أت ر ط والسياسية، واالجتماعية
ر
ّ ّ
التطبيق باعتبارها ظاهرة علمية،
ي حيث تخلت عن المنهج النظري وأخذت بالمنهج
ّ
وبي منظومة العلوم االجتماعية واإلنسانيةالتأثث والتأثر بينها رر إضافة إل تحديد عداقة
ّ ر ّ
ر ي
وبولوج ،الذي يتطلب دراسة تمث المنهج األنث األخرى .حيث أصبحت النظرة الشاملة ر
كلية متكاملة ،تحيط بأبعاده أي موضوع – مهما كانت طبيعته وأهدافه -دراسة ّ
المختلفة ،وبتلك التفاعدات المتبادلة ربي أبعاد هذا الموضوع وجوانب الحياة األخرى
السائدة يف المجتمع .
ويأن هذا الكتاب ،ليلق الضوء عىل أبرز الجوانب ف علم ر
األنثوبولوجيا ،من حيث ي ي ي
ً ّ ّ ّ
أبعاده النظرية والتطبيقية .ولذلك ،قسم الكتاب إل ثداثة أبواب تضمن كل منها عددا
التال :
من الفصول ،عىل النحو ي
ّ
تحدثت عن :مفهوم ر ّ الباب ّ
األنثوبولوجيا وأهدافها، تضمن ثداثة فصول، األول –
ونشأتها وتاريخها ،وعداقتها بالعلوم األخرى .
-9-
https://attanweerlibrary.blogspot.com9
www.facebook.com/tanweerlibrary
- 01 -
https://attanweerlibrary.blogspot.com10
www.facebook.com/tanweerlibrary
الباب ّ
األول :
ر
األنثوبولوجيــا وأهدافها مفهوم
- 11 -
https://attanweerlibrary.blogspot.com11
www.facebook.com/tanweerlibrary
الفصل األول
مفهوم ر
األنثوبولوجيا وطبيعتها وأهدافها
ّ
مقــدمـة
ا
أول -مفهوم ر
األنثوبولوجيا
ثانيا -طبيعة ر
األنثوبولوجيا
ثالثا -أهداف ر
األنثوبولوجيا
- 02 -
https://attanweerlibrary.blogspot.com12
www.facebook.com/tanweerlibrary
ّ
مقدمــة :
ّ يجمع الباحثون ف علم " ر
األنثوبولوجيا " عىل أنه علم حديث العهد ،إذا ما قيس ي
ّ ّ
وغثها .إال أن البحث يف شؤون
ببعض العلوم األخرى كالفلسفة والطب والفلك ..ر
اإلنسان والمجتمعات اإلنسانية قديم قدم اإلنسان ،مذ وع ذاته وبدأ سسىع للتفاعل
اإليجان مع بيئته الطبيعية واالجتماعية .
ري
كل مجتمع إل طبقات بحسب عاداتها ومشاعرها ومصالحها. سدالة ،ومن ّثم تقسيم ّ
ً
وقد أسهمت الرحدات التجارية واالكتشافية ،وأيضا الحروب ،بدور هام يف حدوث
البشية ،حيث ّ
قربت فيما بينها وأتاحت االتصاالت المختلفة ربي الشعوب والمجتمعات ر
ّ معرفة ّ
كل منها باآلخر ،وال ّ
سيما ما يتعلق باللغة والتقاليد والقيم ..ولذلك ،فمن
معي لبداية ر
األنثوبولوجيا. ّ
الصعوبة بمكان ،تحديد تاري ــخ ر
أو اال-مفهوم ر
األنثوبولوجيا
ّ ر ّ
إنكلثية مشتقة من األصل
ر ه كلمة
إن لفظة أنثوبولوجيا ،Anthropologyي
المكون من مقطعي :ر
أنثوبوس ،Anthroposومعناه " اإلنسان " و لوجوس ّ اليونان
ر ي
ر
،Locosومعناه " علم " .وبذلك يصبح معت األنثوبولوجيا من حيث اللفظ " علم
اإلنسان " أي العلم الذي يدرس اإلنسان )Nicholson, 1968, P.1( .
ّ تعرف ر
ولذلكّ ،
األنثوبولوجيا ،بأنها العلم الذي يدرس اإلنسان من حيث هو كائن
ّ ّ
ج ،يعيش يف مجتمع تسوده نظم وأنساق اجتماعية يف ظل ثقافة معينة .. عضوي ي
- 13 -
https://attanweerlibrary.blogspot.com13
www.facebook.com/tanweerlibrary
البيوفثيائية ر
فاألنثوبولوجيا بوصفها دراسة لإلنسان يف أبعاده المختلفة،
ر
فه علم شامل يجمع ربي ميادين ومجاالت متباينة ومختلفة واالجتماعية والثقافية ،ي
ر ّ ر
بعضها عن بعض ،اختداف علم التشي ــح عن تاري ــخ تطور الجنس البشي والجماعات
ّ
سياسية واقتصادية وقرابية ودينية وقانونية، العرقية ،وعن دراسة النظم االجتماعية من
ّ
الت تشمل :الثاثاإلنسان يف مجاالت الثقافة المتنوعة ي
ي وما إليها ..وكذلك عن اإلبداع
والفت ،بل والعادات والتقاليد
ي األدن
ري الفكري وأنماط القيم وأنساق الفكر واإلبداع
تعط عناية
ي ومظاهر السلوك يف المجتمعات اإلنسانية المختلفة ،وإن كانت ال تزال
خاصة للمجتمعات التقليدية( .أبو زيد ،0224 ،ص )9
- 04 -
https://attanweerlibrary.blogspot.com14
www.facebook.com/tanweerlibrary
ر ّ
ه الدراسة
وهذا يتوافق مع تعريف /تايلور /الذي يرى أن األنثوبولوجيا " :ي
البيوثقافية المقارنة لإلنسان " إذ تحاول الكشف عن العداقة ربي المظاهر البيولوجية
الموروثة لإلنسان ،وما يتلقاه من تعليم وتنشئة اجتماعية .وبــهذا المعت ،تتناول
ّ ّ ر
الت تتعلق باإلنسان .
األنثوبولوجيا موضوعات مختلفة من العلوم والتخصصات ي
ً
ثانيا-طبيعة ر
األنثوبولوجيا
ر ا
األنثوبولوجيا ،عىل دراسة الشعوب وكياناتها فق إنكلثا مثال ،يطلق مصطلح
ي
االجتماعية ،مع ميل خاص للتأكيد عىل دراسة الشعوب البدائيةّ .أما يف أمريكا ،رفثى
حي العلماء ّأن ر
األنثوبولوجيا ،ه علم دراسة الثقافات ر
البشية البدائية والمعارصة ،يف ر ي
ّ
أن علماء فرنسا يعنون بهذا المصطلح ،دراسة اإلنسان من الناحية الطبيعية ،أي "
العضوية " (.كلوكهون) 027 ،4751 ،
ّ فعلم ر
األنثوبولوجيا يركز اهتمامه عىل كائن واحد ،هو اإلنسان ،ويحاول فهم أنواع
ّ ّ
حي تركز العلوم األخرى اهتمامها عىل أنواع
الت تؤثر فيه ..يف ر
الظاهرات المختلفة ي
- 15 -
https://attanweerlibrary.blogspot.com15
www.facebook.com/tanweerlibrary
ّ ً
واستنادا إل هذه المنطلقات ،فقد حددت الباحثة األمريكية /مارغريت ميد/
ّ ّ طبيعة علم ر
األنثوبولوجيا وأبعاده ،بقولها " :إننا نصنف الخصائص اإلنسانية للجنس
ومتغثة ،وذلك عن طريق نماذّ ر
البشي (البيولوجية والثقافية) كأنساق مثابطة
ر
ً ّ ّ
نهتم أيضا بوصف النظم االجتماعية والتكنولوجية متطورة .كما ومقاييس ومناهج
العقىل لإلنسان وابتكاراته ومعتقداته ووسائل
ي وتحليلها ،إضافة إل البحث يف اإلدراك
لتفسث نتائج دراساتنا والربطوبولوجيي – ر
اتصاالته .وبصفة عامة ،نسىع – نحن األنث
ر ر
ّ
التطور ،أو ضمن مفهوم الوحدة النفسية المشثكة ربي ّ فيما بينها يف إطار نظريات
البش( Mead, 1973, p.280) ".. ر
- 06 -
https://attanweerlibrary.blogspot.com16
www.facebook.com/tanweerlibrary
واالجتماع بوجه
ي الثقاف
ي اإلنسان ضمن اإلطار
ي وف الوقت ذاته ،يدرس السلوك ي
ّ ر عام .فدا ّ
الفثيولوجيا أو علم النفس ،وإنما
تهتم األنثوبولوجيا باإلنسان الفرد ،كما تفعل ر
تهتم باإلنسان الذي يعيش يف جماعات وأجناس ،وتدرس الناس يف أحداثهم وأفعالهم ّ
الحياتية .
ً
ثالثا -أهداف دراسة ر
األنثوبولوجيا
ّ ّ ر ً
االنثوبولوجيا وطبيعتها ،فنن دراستها تحقق مجموعة من استنادا إل مفهوم
األهداف ،يمكن حرصها يف األمور التالية :
ر ي
تكنولوج) معرف –
ي صناع –
ي اع-
بدان -زر ي
( ي
ّ التغث الذي يحدث لإلنسان ،وأسباب هذا ّ
ّ
التغث وعملياته بدقة
ر ر -2/2تحديد أصول
اإلنسان وربطه بالحارص من خدال المقارنة ،وإيجاد
ي علمية ..وذلك بالرجوع إل الثاث
التغيث المختلفة .
ر عنارص
- 17 -
https://attanweerlibrary.blogspot.com17
www.facebook.com/tanweerlibrary
ر ّ
الت تستأثر باهتمام
بت البش ،هو الخاصة البيولوجية ي
العرف ربي ي
ي ويبدو أن التباين
أكث من سائر الخواص البيولوجية األخرى عند اإلنسان .ويبذل العالم الحديث ،ر
ِ
ّ ّ
مثال .فكان من نتائج
ي عرف
ي المصنفون العرقيون محاوالت دائبة للتوصل إل تصنيف
انشغال علماء ر
األنثوبولوجيا الجسمية بمشكلة العرق ،أن اكتسب مفهوم النوع (العرق)
ّ البشي ذاته .فاألصناف العرقية ر
التفكث بالكائن ر ً
البشية ظلت ،وإل عهد ر رسوخا أعاق
ّ ً
التغث
ر تأثثات البيئة أو قوى
تعتث كيانات ثابتة نسبيا ،وقادرة عىل الصمود أمام ر
قريب ،ر
الفطرية.
سيما علم االجتماع( .فهيم ،4795 ،ص ) 25 عداها من العلوم األخرى ،وال ّ
- 08 -
https://attanweerlibrary.blogspot.com18
www.facebook.com/tanweerlibrary
األنثوبولوجيا ،بدراساته المختلفة ،قد استطاع أن ينجح يف إثبات وإذا كان علم ر
- 19 -
https://attanweerlibrary.blogspot.com19
www.facebook.com/tanweerlibrary
ّ
مقدمة ف ر
األنثوبولوجيا الثبوية ،المطابع التعاونية، ي -أبو هدال ،أحمد ()4991
األردنّ ،
عمان .
- 21 -
https://attanweerlibrary.blogspot.com20
www.facebook.com/tanweerlibrary
- 11 -
https://attanweerlibrary.blogspot.com21
www.facebook.com/tanweerlibrary
الفصل الثان
نشأة ر
األنثوبولوجيا وتاريخها
ا
أول -العرص القديم
اليونانيي القدماء)
ر -4عند اإلغريق (
-0عند الرومان
الصينيي القدماء
ر -2عند
- 22 -
https://attanweerlibrary.blogspot.com22
www.facebook.com/tanweerlibrary
ّ ّ
غث المرص ريي ،يطلق كهنة اآللهة
ومما يقوله يف عادات المرص ريي القدماء " :إنه يف ر
ويقض العرف عند سائر الشعوب ،بأن يحلق أقارب ي شعورهمّ ،أما يف مرص فيحلقونها.
المصاب رؤوسهم يف أثناء الحداد ،ولكن المرص ريي إذا نزلت بساحتهم محنة الموت،
ّ
فننهم يطلقون شعر الرأس واللحية " (خفاجة ،4755 ،ص )402
ّ ّ
وأما عن المقارنة ربي بعض العادات اإلغريقية والليبية ،فيقول " :يبدو أن ثوب أثينا
ّ ّ
غث أن لباس الليبيات جلدي ،وأن ودرعها وتماثيلها ،نقلها اإلغريق عن النساء الليبيات .ر
ه مصنوعة من سيور ثعابي ،بل ي
ر عذبات دروعهن المصنوعة من جلد الماعز ليست
ّ
الليبيي
ر الحاليتي سواء ..ومن
ر جلد الحيوان .وأما ما عدا ذلك ،فنن الثوب والدرع يف
ّ
تعلم اإلغريق كيف يقودون العربات ذات الخيول األربعة " (خشيم ،4759 ،ص ) 99
ً
الكثثون من علماء
ر واستنادا إل هذه اإلسهامات المبكرة والجادة ،يعتقد
ّ ر
هثودوتس يف وصف ثقافات الشعوب وحياتهم وبعض نظمهم األنثوبولوجيا ،أن منهج ر
اف) المتعارف عليه يف العرص
االجتماعية ،ينطوي عىل بعض أساسيات المنهج (األثنوجر ي
الحارص باسم (علم الشعوب) .
ّ
وكذلك نجد أن أرسطو ( 200 -219ق.م) كان من أوائل الذين وضعوا بعض
الحية ،وذلك من خدال مداحظاته ّ
وتأمداته يف الثكيبات ّ ّ
التطوري للكائنات أوليات الفكر
ً ّ
البيولوجية وتطورها يف الحيوان ..كما ينسب إليه أيضا ،توجيه الفكر نحو وصف نشأة
يعتث مساهمة مبدئية وهامة يف دراسة
الحكومات وتحليل أشكالها وأفضلها ،األمر الذي ر
النظم االجتماعية واإلنسانية( .فهيم ،4795 ،ص )15
ّ
اليونانيي يصل إل معلومة طريفة وذات صلة بالفكر
ر إن الدارس أعمال الفداسفة
ّ ر
الت سبقتهم ،حيثالكثث من الحضارات ي
ر اليونانيي أخذوا
ر وه :أن ر ي
وبولوج ،ي األنث
- 24 -
https://attanweerlibrary.blogspot.com24
www.facebook.com/tanweerlibrary
ّ
امثجت فلسفتهم بالحضارة المرصية القديمة ،وتمخض عنها ما يعرف باسم " الحضارة
الت سادت وازدهرت يف القرون الثداثة السابقة للميداد.
الهيليلنية " تلك الحضارة ي
ّ ّ
الفلسق الذي يناقض – إل حد ما – ما تتجه إليه
ي وعىل الرغم من هذا الطابع
الدراسات ر
األنثوبولوجية والسوسيولوجية (علم االجتماع)من دراسة ما هو قائم ،ال ما
ّ
اليونان،
ي الفلسق
ي يجب أن تكون عليه األحوال االجتماعية والثقافية ،فنن فضل الفكر
ً وال ّ
سيما عند كبار فداسفتهم ،ال يمكن التقليل من شأنه أبدا.
- 15 -
https://attanweerlibrary.blogspot.com25
www.facebook.com/tanweerlibrary
ّ
يتصور مسار ر ّ وقد رأى بعض ر
البشية وبولوجيي ،أن /لوكرتيوس /استطاع أن
ر األنث
يف عصور حجرية ّثم برونزيةّ ،ثم حديدية ..بينما رأى بعضهم اآلخر يف فكر لوكرتيوس،
تطابقا مع فكر لويس مورجان – )4994-4949( Morgan .Lأحد أعدام ر ً
األنثوبولوجيا
ّ ف القرن التاسع ر
عش .وذلك من حيث رؤية التقدم واالنتقال من مرحلة إل أخرى ،يف ي
ّ
إطار حدوث طفرات مادية ،وإن كان مردها يف النهاية إل عمليات وابتكارات عقلية .
ّ
وإذا استثنينا أشعار /لوكرتيوس /هذه وما احتوتها من أفكار تتعلق بطبيعة الكون
فننه من الصعوبة بمكان أن تنسب نشأة علم ر ّ ّ
األنثوبولوجيا إل وتطوره، ونشأة اإلنسان
اإلغريقيي .
ر ه الحال عند
الرومان القديم ،كما ي
ي الفكر
وعىل الرغم من ّأن الرومان اهتموا بالواقع ،من حيث ربط السداالت ر
البشية
ً ّ
االجتماع والحركة الحضارية ،فقد وجدوا يف أنفسهم امتيازا وأفضليةي بإمكانية التقدم
ّ
غثه بحكم القانون ،حت أن الرومان إذا أرادوا الرومان فوق ر
ي عىل الشعوب األخرى .فكان
ً
أن يرفعوا من قدر إنسان أو شأن سدالة ،أصدرت الدولة قرارا بمنح الجنسية الرومانية
ّ
ألي منهما (مؤنس )12 ،4799 ،ويبدو أن هذا االتجاه العنرصي ،وجد يف معظم
الشقية :اإلغريقية والرومانية والصينية . الحضارات القديمة ،وال ّ
سيما الحضارات ر
الصينيي القدماء:
ر -2عند
ّ سيما ر
خي ،وال ّ ّ
األنثوبولوجيون منهم ،أنه عىل الرغم من اهتمام يعتقد بعض المؤر ر
الصينيي القدماء بالحضارة الرومانية وتقديرها ،فلم يجدوا فيها ما ينافس حضارتهم.
ر
- 26 -
https://attanweerlibrary.blogspot.com26
www.facebook.com/tanweerlibrary
مكتفي
ر كان الصينيون القدماء سشعرون باألمن والهدوء داخل حدود بدادهم ،وكانوا
ً
ذاتيا من الناحية االقتصادية المعاشية ،حت أن تجارتهم الخارجية انحرصت فقط يف
تأثثات ثقافية عميقة .فلم يعبأ الصينيون يف
تبادل السلع والمنافع ،من دون أن يكون لها ر
يخل تاريخهم من بعض ُ القديم بالثقافات األخرى خار حدودهم ،ومع ذلك ،لم
ّ
والت كانت تتسم باالزدراء واالحتقار.
ي الثبرية،
الكتابات الوصفية لعادات الجماعات ر
)) Darnell , 1878 , p.15
ّ
الصينيي القدماء العنرصية ،إذ كانوا يعتقدون –
ر وهذا االتجاه نابع من نظرة
ألية حضارة أو فضيلة خار جنسهم ،بل كالرومان – ّأنهم أفضل الخلق ،وأنه ال وجود ّ
ّ
ّ ر ّ
ولك يؤكد ملوكهم هذا الواقع ،أقاموا "
شء ..ي
غثهم يف ي
كانوا يرون أنهم ال يحتاجون إل ر
ّ
الصي العظيم " حت ال تدنس أرضهم بأقدام اآلخرين(.مؤنس ،4799 ،ص )45ر سور
ً
ثانيا -ر
األنثبولوجيا يف العصور الوسط
ّ
تمتد من القرن الرابع إل القرن الرابع ر ّ
عش خي أن هذه العصور،
يجمع معظم المؤر ر
الميدادي .وقد اصطلح عىل تسميتها بالعصور الوسط كونها ارتبطت بتدهور الحضارة
- 17 -
https://attanweerlibrary.blogspot.com27
www.facebook.com/tanweerlibrary
ّ
األوربية وارتداد الفكر إل حقبة مظلمة من جهة ،وألنها من جهة وقعت ربي عهدين هما:
نهاية ازدهار الفلسفات األوربية القديمة (اليونانية والرومانية) وبداية عرص النهضة
األوربية (عرص التنوير) واالنطداق إل مجاالت جديدة من استكشاف العوالم األخرى،
وإحياء الثاث الفكري القديم ،وإبداعات يف الفنون واآلداب المختلفة ،يف الوقت الذي
ّ
كانت فيه الحضارة العربية اإلسدامية تزدهر ،وتتسع لتشمل مجاالت العلوم المختلفة .
والحياة اإلنسانية ،سواء يف منشئها أو يف مآلها .ولكن إل جانب ذلك ،كانت مراكز أخرى
ّ ّ
وجهت منطلقات المعرفة ،وحددت طبيعة الحضارة الغربية يف تلك العصور ،كبداط
ّ ا
المثقفي كرجال اإلدارة والسياسة
ر يضم يف العادة ،فئات من الملوك مثال ،الذي كان
والشعراء( .فهيم ،4795 ،ص )52
ّ ّ ّ
لقد ظهرت يف هذه المرحلة محاوالت عدة للكتابة عن بعض الشعوب ،إال أنها
ر ّ ً ّ
المباشة عىل أرض الواقع .مثال التخي يىل ،بعيدة عن المشاهدة اتسمت – غالبا -بالوصف
ذلك ،ما قام به األسقف /إسيدور / Isidoreالذي عاش ما ربي ( )525 -552حيث
- 28 -
https://attanweerlibrary.blogspot.com28
www.facebook.com/tanweerlibrary
ّ
أعد يف القرن السابع الميدادي موسوعة عن المعرفة ،وأشار فيها إل بعض تقاليد
ّ ّ
والتحث.
ر الشعوب المجاورة وعاداتهم ،ولكن بطريقة وصفية عفوية ،تتسم بالسطحية
- 19 -
https://attanweerlibrary.blogspot.com29
www.facebook.com/tanweerlibrary
ولذلك ،برز العرب يف وضع المعاجم الجغرافية ،كمعجم (البلدان) لياقوت الحموي.
الكبثة الت بلغت ذروتها ف القرن الثامن الهجري (الرابع ر
عش ر وكذلك إعداد الموسوعات
ي ي
ميدادي) مثل " مسالك األمصار " إلبن فضل هللا العمري ،و " نهاية األرب يف فنون
العرب " للنويري .
- 01 -
https://attanweerlibrary.blogspot.com30
www.facebook.com/tanweerlibrary
ّ ّ
وإنما يثكونه بيد ثقة من البيضان ،حت يأخذه مستحقه( .ابن بطوطة ،4759 ،ص
)590
والثبر، ّ
والخث يف أيام العرب والعجم ر
ر العث وديوان المبتدأ
أما كتاب ابن خلدون " ر
ّ
كبثة وواسعة بسبب مقدمتهاألكث " فقد نال شهرة ر
ر ومن عارصهم من ذوي السلطان
الرئيسة وعنوانها " :يف العمران وذكر ما يعرض فيه من العوارض الذاتية من الملك
والسلطان ،والكسب والمعاش والمصانع والعلوم ،وما لذلك من العلل واألسباب ".
ا ّ ّ
وتعتث هذه المقدمة عمال أصيال يف تسجيل الحياة االجتماعية لشعوب شمال أفريقيا،
ر
ّ
وال سيما العادات والتقاليد والعداقات االجتماعية ،إل جانب بعض المحاوالت النظرية
ّ ّ لتفسث ّ
كل ما رآه من أنظمة اجتماعية مختلفة .وقد شكلت موضوعات هذه المقدمة – ر
ر ً ً
فيما بعد – اهتماما رئيسيا يف الدراسات األنثوبولوجية.
ّ ومن ّ
والت لها صلة
ي الت تناولها ابن خلدون يف مقدمته،
ي أهم الموضوعات
ه تلك العداقة ربي البيئة الجغرافية والظواهر االجتماعية. ر
باهتمامات األنثوبولوجيا ،ي
ً
رد ابن خلدون – استنادا إل تلك الدعامة – اختداف ر ّ
البش يف ألوانهم وأمزجتهم فقد
ً ا ً َ ّ
اعتثها أيضا عامال هاما
الت ري افية
ر الجغ البيئة إل قية،والخل الجسمية وصفاتهم ة النفسي
يف تحديد المستوى الحضاري للمجتمعات اإلنسانية( .ابن خلدون ،4755 ،4 ،ص
ّ ً ّ
وتطورها وأحوالها، )074كما تناول ابن خلدون يف مقدمته أيضا ،مسألة قيام الدول
وبلور نظرية (دورة العمران) ربي البداوة والحضارة عىل أساس المماثلة ربي حياة
الح. ر
الجماعة البشية وحياة الكائن ي
ّ وقد سيطرت هذه الفكرة عىل أذهان علماء االجتماع ف ر
الشق والغرب – عىل حد ي
ّ ّ
اعتث ابن خلدون أن التطور هو سنة الحياة
ر سواء – يف العصور الوسط ..حيث
- 31 -
https://attanweerlibrary.blogspot.com31
www.facebook.com/tanweerlibrary
ّ
وتثة
يقول يف ذلك " :إن أحوال العالم واألمم وعوائدهم ونحلهم ،ال تدوم عىل ر
ّ ّ
مستقر ،وإنما هو اختداف عىل األيام واألزمنة وانتقال من حال إل حال. واحدة ومنها
وكما يكون ذلك يف األشخاص واألوقات واألمصار ،فكذلك يقع يف اآلفاق واألقطار
واألزمنة والدول( .المرجع السابق ،ص )050فعمر الدول عند ابن خلدون كعمر الكائن
ر
وتتداش إل البشي ،تبدأ بالوالدة وتنمو إل الشباب والنضج والكمالّ ،ثم ر
تكث وتهرم ر
الزوال .
- 02 -
https://attanweerlibrary.blogspot.com32
www.facebook.com/tanweerlibrary
بدراسة خصائص ثقافة أو حضارة بذاتها ،أو بمقارنتها مع ثقافة أخرى .ولكن عىل الرغم
معيّ
الت درست (أسلوب الحياة يف مجتمع ر من اعتبارها مصادر للمادة األثنوجرافية ي
ر ّ ّ
محددة) وال ّ
سيما العادات والقيم وأنماط الحياة ،فنن األنثوبولوجيا وخدال فثة زمنية
الت تبلورت ف أواخر القرن التاسع ر
عش كعلم جديد معثف به ،لم تكن ذات صلة تذكر ي ي
بغثها من الدراسات (اليونانية والرومانية) القديمة .
بهذه الدراسات ،وال ر
ً
ثالثا -ر
األنثوبولوجيا يف عرص النهضة األوروبية
عشالمؤرخون عىل ّأن عرص النهضة ف أوربا ،بدأ ف نهاية القرن الرابع ر
ّ ّ
يتفق
ي ي
الميدادي ،حيث رشع األوروبيون بعملية دراسة انتقائية للعلوم والمعارف اإلغريقية
والعربية ،مثافقة بحركة ريادية نشطة لداستكشافات الجغرافية .وتبع ذلك االنتقال من
التجريت ،يف دراسة الظواهر الطبيعية واالجتماعية،
ري العلم
ي الفلسق إل المنهج
ي المنهج
ر
والذي تبلور وتكامل يف القرن السابع عش .
- 33 -
https://attanweerlibrary.blogspot.com33
www.facebook.com/tanweerlibrary
ّ
بالكثث من المعلومات
ر مذكراته عن مشاهداته واحتكاكاته بسكان العالم الجديد،
ّ
والمعارف عن أساليب حياة تلك الشعوب وعاداتها وتقاليدها ،اتسمت بالموضوعية
ر
المباشة . نتيجة للمشاهدة
ّ ّ
األطلىس " :إن أهل تلك
ي ومما قاله يف وصف سكان جزر الكاريبيان يف المحيط
ّ َّ ً ّ
الجزركلهم عراة تماما ،الرجال منهم والنساء ،كما ولدتهم أمهاتهم .ومع ذلك ،فثمة بعض
ّ
عورتهن بورق الشجر ،أو قطعة من نسيج األلياف تصنع لهذا يغطي اللوان النساء
ر ي
الغرض .ليست لديهم أسلحة ومواد من الحديد أو الصلب وهم ال يصلحون الستخدامها
ّ
عىل ّأية حال .وال يرجع السبب يف ذلك إلىضعف أجسادهم ،وإنما إل كونهم خجلون
يثث اإلعجاب) Oswalt , 1972,p. 10)" ..
ومسالمون بشكل ر
وهكذا كان لرحدات كولومبس واكتشافه العالم الجديد (أمريكا) عام 4170أثرها
تغيث النظرة إل اإلنسان عامة ،واإلنسان
ر وف
الكبث يف إدخال أوروبا حقبة جديدة ،ي
ر
ّ ر ّ ّ
ر ي
وبولوج .وذلك ،ألن هذه االكتشافات بالتال يف الفكر األنث
ي األورون خاصة ،مما أثر
ري
بمثاتهم وأنماط حياتهم،
الجغرافية /االجتماعية وما تبعها من معرفة سكان هذه األرض ر
ً تنوع الجنس رأظهرت بوضوح ّ
كثثا من المسائل والدراسات حول قضايا
البشي ،وأثارت ر
البشية. ّ
والتطور عند الكائنات ر النشوء
- 04 -
https://attanweerlibrary.blogspot.com34
www.facebook.com/tanweerlibrary
ّ ّ
وه أن المفكرين اتفقوا ،عىل الرغم من تباين وجهات نظرهم ،عىل
العالم واإلنسان ،ي
اإلنسان إل
ي الت أعاقت فضول العقل
مناهضة فلسفة العصور الوسط الداهوتية ،ي
معرفة أصول األشياء ومصادرها ،وتكوين الطبيعة وقوانينها ،وصفات اإلنسان الجسدية
والعقلية واألخداقية( .فهيم ،4795 ،ص)95
ّ
اإلنسان
ي وظهر نتيجة لهذا الموقف الجديد اتجاه لدراسة اإلنسان ،عرف بالمذهب
ّ
الماض من أجل فهم الحارص ،حيث اتجهت دراسة الطبيعة ي العلم) اقتض دراسة
ي (
ّ
اإلنسانية وفهم ماهيتها وأبعادها وفق المراحل التاريخية /التطورية لإلنسان .
ّ
الت
م يف الدراسات التجريبية والرياضية ،ي
وقد تبلور هذا االتجاه (المذهب) العل ي
عش ،من أمثال :فرانسيس بيكون F.Becon ظهرت ف أعمال بعض علماء القرن السابع ر
ي
( )4505-4554ورينيه ديكارت )4552-4575(R.Decartesواسحق نيوتن I.
ّ
وغثهم .حيث أصبحت النظرة الجديدة لإلنسان عل أنه
،)4909-4510( Newtonر
التجريت ،ومعرفة
ري العلم والمنهج
ي ظاهرة طبيعية ،ويمكن دراسته من خدال البحث
ّ ّ
االجتماع .وهذا ما أسهم يف تشكيل
ي اإلنسان والتقدم
ي التطور مسثة
الت تحكم ر القواني ي
ر
ّ
االجتماع ،وأدى بصورة تدريجية إل بلورة البدايات النظرية
ي للفكر النظرية المنطلقات
ر
لألنثوبولوجيا ،خدال عرص التنوير .
- 35 -
https://attanweerlibrary.blogspot.com35
www.facebook.com/tanweerlibrary
ا ّ
فقد افثض آكوستا أن الهنود الحمر كانوا قد نزحوا أصال من آسيا إل أمريكا،
ّ ّ
الت كانت سائدة يف أوروبا حينذاك .وقدموبذلك فش اختداف حضاراتهم عن تلك ي
ً عث مراحل ّ ّ ً ً
معينة ،معتمدا يف آكوستا أيضا افثاضا آخر حول تطور الحضارة اإلنسانية ر
تصنيفه عىل أساس معرفة الشعوب القراءة والكتابة.
- 06 -
https://attanweerlibrary.blogspot.com36
www.facebook.com/tanweerlibrary
الثّية .فقد
البش) فطريون /طبيعيون ،مثل الفاكهة رّإن هؤالء الناس (أكلة لحوم ر
ّ ّ
بقوا عىل حالهم البسيطة ،كما شكلتهم الطبيعة بطريقتها الخاصة ،وتحكمت فيهم
الشهث " وسثتهم )Leach,1982,p.67) ".ومن هذه الرؤية ،الف كتابه ّ قوانينها
ر ر
ً ً
األورون عامة ،والفكر
ري الفكر مؤرج
ي لدى ا
كبثر اهتماما ،4597 عام الصادر " المقاالت
الفرنىس خاصة .
ي
الت ر
ويأن القرن الثامن عش ،ليحمل معه كتابات جان جاك روسو ،J.J. Rossowي ي
ر ّ ّ ّ
ج علم األنثوبولوجيا ،وذلك بالنظر لما تضمنته يف دراستها
كبثة لدى مؤر ي
احتلت أهمية ر
األثنوجرافية للشعوب المكتشفة (المجتمعات البدائية) مقارنة مع المجتمعات الغربية /
األوروبية .
ّ
بالتجرد والموضوعية ،حيث األنثوبولوجية عند ّ
روسو لقد ّ
تمثت وجهة النظر ر
ر
ّ
الفرنىس ،مقابل
ي تجىل ذلك يف نقد بعض القيم والجوانب الثقافية يف مجتمعه
ّ
وف هذا اإلطار ،يعد كتابه "
استحسان بعض الطرائق الحياتية يف المجتمعات األخرى .ي
العقد االجتماع" من البواكث األول للفكر ر
ر ي
وبولوج.األنث ر ي
- 37 -
https://attanweerlibrary.blogspot.com37
www.facebook.com/tanweerlibrary
ّ
القومية ّ
التفوق العنرصي والثعة ّأما يف ألمانيا ،فقد تبلور الفكر يف عرص التنوير ،عن
ً
واضحا ف كتابات ّ ّ ّ
كل من /جور هيجل (-4992 ي التعصبية ) .وظهر ذلك الشوفينية (
األلمان ،الشعب األمثل
ي )4924وجوهان فخته ( ،)4941-4950حيث جعدا الشعب
واألنق ربي شعوب العالم .
ّ
هثدر ( )4922-4911فجاءت لتعزز فكرة التمايز ربي السداالت ّأما كتابات جوهان ر
ّ ر
الجسم ،والتفاوت فيما بينها بمدى التأثر بمظاهر المدنية،
ي البشية من ناحية الثكيب
هثدر إل ّأن ّ ّ ّ
ثمة سداالت وف تمثلها لمقومات الحضارة .وعىل هذا األساس ،يذهب ر ي
ّ ر
قض عليها بالتأخر واالنحطاط (.الخشاب، ي للرف ،وسداالت أخرى
ي بشية خلقت
،4792ص.) 295
ّ
إن الفكر ر ّ ً
ر ي
وبولوج الذي ساد أوروبا يف األنث وتأسيسا عىل ما تقدم ،يمكن القول :
ّ ّ ّ
خي ،شكل المدامحوالباحثي والمؤر ر
ر عرص التنوير ،وتجىل يف كتابات العديد من الفداسفة
- 08 -
https://attanweerlibrary.blogspot.com38
www.facebook.com/tanweerlibrary
ر
العشين، النظرية األول لعلم ر
األنثوبولوجيا ،الذي بدأ سستقل بذاته مع بدايات القرن
الثان من القرن ذاته.
ي ويتبلور بمنطلقاته وأهدافه يف النصف
- 39 -
https://attanweerlibrary.blogspot.com39
www.facebook.com/tanweerlibrary
-ابن بطوطة ،أبو عبد هللا ( ،)4759رحلة ابن بطوطة ،دار الثاث ،ربثوت .
ّ
-ابن خلدون ،عبد الرحمن ( )4755مقدمة ابن خلدون ،تحقيق :ي
عىل عبد
واف ،القاهرة .
الواحد ي
قصة ر
األنثوبولوجيا -فصول يف تاري ــخ اإلنسان ،سلسلة -فهيم ،حسي (ّ )4795
ر
عالم المعرفة ( ،)479الكويت .
- 41 -
https://attanweerlibrary.blogspot.com40
www.facebook.com/tanweerlibrary
- 11 -
https://attanweerlibrary.blogspot.com41
www.facebook.com/tanweerlibrary
الفصل الثالث
عالقة ر
األنثوبولوجيا بالعلوم األخرى
ا
أول -عالقة ر
األنثوبولوجيا بعلم األحياء
ثانيا-عالقة ر
األنثوبولوجيا بعلم االجتماع
ثالثا-عالقة ر
األنثوبولوجيا بعلم الفلسفة
رابعا -عالقة ر
األنثوبولوجيا بعلم النفس
خامسا_عالقة ر
األنثوبولوجيا بعلم الجيولوجيا والجغرافيا
- 42 -
https://attanweerlibrary.blogspot.com42
www.facebook.com/tanweerlibrary
مقـ ّ
ـدمة
ّ
مستقل بذاته ،يدرس اإلنسان من ر
باألنثوبولوجيا كعلم عىل الرغم من االعثاف
ّ ّ
وتطوره وثقافته ،فما زال العلماء ،وال سيما علماء اإلنسان يختلفون حول حيث نشأته
ّ
تصنيف هذا العلم ربي العلوم المختلفة ..رفثى بعضهم أنه من العلوم االجتماعية،
ً ّ
كعلم النفس واالجتماع والتاري ــخ والسياسة .ويرى بعضهم أيضا أنه من العلوم التطبيقية،
ّ
كالرياضيات والطب والفلك .بينما يرى بعضهم اآلخر أنه من العلوم اإلنسانية ،كالفلسفة
والفنون والديانات ..
ّ
كلها دخلت عىل ّ
الثقاف لشعب ما ،إل جسد هذهي مر التاري ــخ لكن هذه العلوم
ّ ً ّ ً
الثقافة وأصبحت جزءا منها ،ومكونا من مكوناتها ،األمر الذي أدى يف النهاية إل اختداف
بكثث من ر الثقافات ربي المجتمعات ر
البشية .ومن هنا كان علم األنثوبولوجيا ،ذا صلة ر
العلوم أخرى.
- 13 -
https://attanweerlibrary.blogspot.com43
www.facebook.com/tanweerlibrary
ّ ّ
ويصدق هذا بوجه خاص عىل الظاهرات المتصلة بالحياة االجتماعية المنظمة.
األنثوبولوجيا استطاعوا استخدام بعض األساليب الت ّ
طورتها العلوم فمع ّأن علماء ر
ي
ّ ّ ّ ّ ّ
تطور مثل هذه األساليب .والواقع أن اضطروا إل انتظار االجتماعية ،فننهم قلما
ّ ً ّ
تطور العلوم االجتماعية ،ال ّ
تطور يقل شأنا عن إسهام هذه العلوم يف إسهامهم يف
ر
األنثوبولوجيا( .لينتون ،4759،ص )45
ا
أوال -عداقة ر
األنثوبولوجيا بعلم األحياء /البيولوجيا Biology
ً ّ
الحية من وحيد الخلية األبسط تركيبا ،وحت يتناول علم األحياء دراسة الكائنات
ّ ً
تعقيدا .ولذلك ّ ر
يعرف بأنه :العلم الذي يدرس اإلنسان كفرد قائم واألكث كثث الخدايا
ر
ّ
بذاته ،من حيث بنية أعضائه وتطورها .
ر
والتشي ــح سيما علم وظائف األعضاءويرتبط علم األحياء بالعلوم الطبيعية ،وال ّ
- 44 -
https://attanweerlibrary.blogspot.com44
www.facebook.com/tanweerlibrary
ا
ه الحال عند اإلنسان.
وتنتج أجياال جديدة ،قد تكون أرف من األجيال السابقة ،كما ي
ً ًّ ّ
حيا بخلية واحدة ،تكاثرت يف إطار كما تستند هذه النظرية إل أن اإلنسان بدأ كائنا
واالجتماع. والنفىس العقىل ّ
التطور بنيته العامة ،إل أن انته إل ما هو عليه اآلن من
ي ي ي
دلت عليه بقايا عظام الكائنات ّّ
الحية المكتشفة يف الحفريات األثرية . وهذا ما
ر
فاألنثوبولوجيا ،من الناحية النظرية ،شديدة القرب من البيولوجيا ؛ فكداهما يدرس
تخصصه.ّ وكل يف ّ
للتنوعّ ، مبت عىل نموذ نظريعملية إعادة إنتا الحياة ،وكداهما ّ
ي
ّ ّ ّ
لكن نتائج الحوار يف الدراسة الميدانية ،أدت كما يقول /كارلوس سافيدرا /إل أن
ً ّ ّ المبادىء الت ّ
والمنهجية ،تواليا التطور تتبع من الناحية المنطقية تأسست عليها نظرية ي
ّ ّ ً
التطور التغث ..فبنو اإلنسان من أصل واحد ،سواء أكان ر إل الثبات من سسث
أو نموذجا ،ر
ً ّ
امت ..ولكن هناك أيضا – يف بالتعبث الث ي
ر التطوري أو بثكيب الحمض النووي بالتعبث
ر
وتغثات مختلفة األشكال ،بنيوية وتركيبية بالمصطلح ّ ّ
الوقت نفسه – تشوهات
ر
ر
ر ي
وبولوج . األنث
- 15 -
https://attanweerlibrary.blogspot.com45
www.facebook.com/tanweerlibrary
ّ
-4إن عمليات الحياة المتتابعة بمعطياتها وظروفها ،تنتج كائنات مختلفة عن
ّ ّ ّ
تتنوع يف ه ذاتها من خدال التكاثر ،بل
أصولها ..أي أن أنواع هذه الكائنات ال تتكرر ي
أشكالها ومظاهرها .
- 46 -
https://attanweerlibrary.blogspot.com46
www.facebook.com/tanweerlibrary
ً
ثانيا -عداقة ر
األنثوبولوجيا بعلم االجتماع
ّ
يعد علم االجتماع من أحدث العلوم األساسية وأهم العلوم اإلنسانية .لذلكّ ،
يعرف
ّ ّ
ويتحرى أسباب الحوادث بأنه :العلم الذي يدرس الحياة االجتماعية بجميع مظاهرها،
االجتماعية وقواني ّ
تطورها( .الحرصي ،4795 ،ص )9 ر
ّ ّ
الت ظهرت يف أواخر القرن
ويعرف بصورة أوسع ،بأنه :أحد العلوم اإلنسانية الهامة ي
ّ
قواني وقواعد تفش الظواهر الت تحاول الوصول إل ر
ر التاسع عش ،وهو من العلوم ي
ّ ر
االجتماعية ،سواء كانت هذه الظواهر يف شكل جماعات بشية ،أو نظم ومؤسسات
تكيف الفرد والمجتمع للعيش اجتماعية أو إنسانية .وهو بالتال ،العلم الذي سساعد ف ّ
ي ي
ّ معا ،ضمن أهداف ّ ً
معينة سسعون إل تحقيقها ،من أجل التقدم واالستمرارية( .عيىس،
،4795ص )42
فعلم االجتماع إذن ،يدرس العداقات ربي األفراد وعمليات التفاعل فيما بينهم،
ّ وترصفاتهم كأعضاء ّ
ّ
مكو رني لهذه الجماعة .فهو يركز عىل سلوكات األفراد ضمن هذا
تأثث البيئة االجتماعية (االقتصادية والثقافية) يف تكوين
بالتال ر
ي المجتمع أو ذاك ،ويدرس
الجيوش والشماس،ر ( .اد
ر األف بير العداقات وتحديد ّ
الشخصية اإلنسانية،
ي
،0222/0220ص )57
ّ ّ
ه (سوسيو )Sociu
كلمتي ،األول ي
ر إن مصطلح /علم االجتماع /مشتق من
وتعت العلم أو
ي وتعت رفيق أو مجتمع .والثانية (لوغوس )Logosاليونانية، ي الداتينية،
ّ
فنن ّ ّ
ثمة االجتماع عندما يدرس الجماعة،
ي التفاعل يتناول االجتماع علم أن وبما البحث.
ر ً ا
االجتماع
ي كبثا ربي علم االجتماع واألنثوبولوجيا ،فكداهما يدرس البناء تداخال ر
- 17 -
https://attanweerlibrary.blogspot.com47
www.facebook.com/tanweerlibrary
ر
واألنثوبولوجيا ،بالنظر إل وهكذا نجد ّأن ّ
ثمة صلة من نوع ما ،ربي علم االجتماع
كال منهما يدرس اإلنسان .ويتجاوز الثابط بينهما المعلومات الت يهدف ّ ّ ًّ
كل منهما ي أن
ّ ّ ّ
تسم منهجية البحث من حيث طريقته وأسلوبه ،إل حد الحصول عليها ،إل
األنثوبولوجيا عنده ،بعلم االجتماع المقارن ،عىل الرغم أن ّأنها ّ
تهتم بالجانب الحضاري ر
عن اإلنسان ،بينما تقثب دراسة علم االجتماع من ر
األنثوبولوجيا االجتماعية .
ّ
فعلم االجتماع يركز يف دراساته عىل المشكدات االجتماعية يف المجتمع الواحد ،كما
يدرس الطبقات االجتماعية يف هذا المجتمع أو ذاك من المجتمعات الحديثة ،ويندر أن
يدرس المجتمعات البدائية أو المنقرضة .بينما ترّكز ر
األنثوبولوجيا (علم اإلنسان) يف
ّ ً
دراساتها ،عىل المجتمعات البدائية /األولية ،وأيضا المجتمعات المتحرصة /المعارصة.
ّ ّ
ولكن دراسة ر
األنثوبولوجيا للمجتمعات اإلنسانية ،تثكز يف الغالب عىل :التقاليد
الت يمارسها
والعادات والنظم ،والعداقات ربي الناس ،واألنماط السلوكية المختلفة ،ي
معينة( .أبو هدال ،4791 ،ص )4أي ّأن علم ر
األنثبولوجيا االجتماعية شعب ما أو ّأمة ّ
يدرس الحياة االجتماعية (المجتمع ّ
ككل ) ،وينظر إليها نظرة شاملة ،ويدرس البيئة
ّ ّ
متخصصة إل حد العامة ،والعائلة ونظم القرابة والدين ،بينما تكون دراسة علم االجتماع
محددة أو مشكدات ّ ّ
معينة ،أو مشكدات قائمة بعيد .حيث يقترص عىل دراسة ظواهر
لطق،
ي بذاتها ،كمشكدات :األشة والطداق والجريمة ،والبطالة واإلدمان واالنتحار (...
،4797ص)15
- 48 -
https://attanweerlibrary.blogspot.com48
www.facebook.com/tanweerlibrary
ً
ثالثا-عداقة ر
األنثوبولوجيا بعلم الفلسفة
ر ّ ّ
أكث دقة االشتقاف ،فقد اتخذت عند أرسطو معت
ي ولكن عىل الرغم من أصلها
ر ا ر ّ ّ
وشموال ،حيث ّ
عرفها بأنها " :علم المعت األكث شموال لكلمة علم " .ويشح ذلك بقوله :
ر
وبأكث " الفلسفة ه علم المبادىء واألسباب األول ،غايتها البحث عن الحقيقة ّ
برمتها، ي
ّ ً ً
أساليب الفكر نظاما وتماسكا " .أي أنها :علم الوجود بما هو موجود ،أو الفكر يف جوهر
ّ
وجوده .وال يمكن بلوغ هذه الغاية إال بإحكام دقيق للفكر ،أي بمنهج سستند إل مبادىء
الجيوش ،4799/4799،ص ) 2 ر العقل( .
ي
وبالنظر إل هذا المعت الواسع ،اختلف الفداسفة يف إعطاء معت دقيق للفلسفة.
ّ
بأنها :البحث عن طبائع األشياء وحقائق الموجوداتّ . فقد ّ
وعرفها عرفها الطبيعيون
ّ
بعض الفداسفة اآلخرين بأنها :مجموعة المعلومات يف عرص من العصور( .محمود،
،4759ص )005
- 19 -
https://attanweerlibrary.blogspot.com49
www.facebook.com/tanweerlibrary
تسم ،بالنظر لشمولية دراستها مجموعةوإذا كانت الفلسفة (أم العلوم) كما كانت ّ
ًّ فنن صلة ر ّ
األنثوبولوجيا بها وثيقة جدا ،وال والفثيائية،
ر من العلوم الرياضية واإلنسانية
ّ ّ ّ ّ
سيما فيما يتعلق بنظرة اإلنسان إل الكون والحياة ،يف زمان ما أو مكان محدد .وذلك ألن
ّ الزمان والمكان مرتبطان بعداقة جدلية ،ال يمكن إدراك ّ
مكوناتها إال من خدال دراسة
سان ،الذي سسىع إل البقاء واالستمرار.
الفعل اإلن ي
فدراسة أصل اإلنسان ونشأته وحياته وسعيه إل البقاء والخلود ،وما ينجم عن ذلك
كلها تقع ف ميدان الدراسات ر
األنثوبولوجية ،وال ّ ّ ّ تطور ّ
من ّ
سيما تلك ي مستمرين، وتغث
ر
العداقة األزلية بي طبيعة اإلنسان ،وواقعه وما يطمح إليه من آمال وأهدافّ ،
تؤمن ر
سثورة حياته .
ر
ً
ابعا -عداقة ر
األنثوبولوجيا بعلم النفس ر
البشي ،والطبيعة ر
يهتم بدراسة العقل ر ّ
بأنه :العلم الذي ّ ّ
البشية، يعرف علم النفس
ّ
والسلوك الناتج عنهما .أي أنه :مجموعة الحقائق الت ّ
يتم الحصول عليها من وجهة ي
ّ ّ
يعت :أنه العلم الذي يدرس سلوك
النظر النفسية( .فراير ،4759 ،ص )20وهذا ي
وتفسثه( .عيسوي ،4797 ،ص )9
ر اإلنسان بهدف فهمه
ّ
ومن هذا المنطلق ،يمكن القول :إن علم النفس ،هو العلم الذي يدرس اإلنسان
ّ
شخصيته المختلفة ،بغية الوصول إل حقائق حولها ،قد تكون ذات صفة من جوانب
عامة ومطلقة ،يمكن تعميمها .
ّ
الجسمية الموروثة ،وتحديد عداقاتها ّ
النفسية بالخصائص ولذلكّ ،
تهتم الدراسات
ّ ّ
بالعوامل السلوكية لدى الفرد ،وال سيما تلك العداقة ربي الصفات الجسمية العامة،
- 01 -
https://attanweerlibrary.blogspot.com50
www.facebook.com/tanweerlibrary
ّ
الشخصية . ّ
البيئية المحيطة بهذه ّ
الشخصية .مع األخذ يف الحسبان العوامل وسمات
ّ
البيئية يف هذه العداقة، ّ
بأهمية هذه العوامل ويميل النفسيون إل االعتقاد
ّ ّ ّ ّ
وتول المراكز القيادية ،ال بد وأنه
ي فالشخص القوي البنية ،والذي يميل إل السيطرة
ّ ّ
نفسية ،يف أثناء طفولته ونموه ،أسهمت يف إكسابه هذه خثات اجتماعية / ّ
تعرض إل ر
الجسمان) 094 ،4771 ،
ي السلوكات( .
ّ
بأنها العلم الذي يدرس اإلنسان ،من حيث ّ وإذا كانت ر
تطوره األنثوبولوجيا ،توصف
ّ
فنن علم النفس سشارك ر
األنثوبولوجيا يف دراسة سلوك اإلنسان. وسلوكاته وأنماط حياته،
ّ ّ
ولكن الخداف بينهما ،هو أن علم النفس يركز عىل سلوك اإلنسان /الفرد ،أماّ ّ
ّ ر
الجماع النابع
ي اإلنسان بشكل عام .كما تدرس السلوك
ي األنثوبولوجيا فثكز عىل السلوك
من تراث الجماعة( .نارص ،4795 ،ص )04
وعىل الرغم من ّأن علم النفس يقرص دراسته عىل الفرد ،بينما ترّكز ر
األنثوبولوجيا
ً اهتمامها عىل المجموعة من جهة ،وعىل ّ
كل فرد بصفته عضوا يف هذه المجموعة من
ّ جهة أخرىّ ،
العلمي .حيث اكتشف علماء النفس أن اإلنسان ال ر فثمة صلة وثيقة ربي
ّ ّ ّ
يعيش إال يف بيئة اجتماعية يؤثر فيها ويتأثر بها ..
- 51 -
https://attanweerlibrary.blogspot.com51
www.facebook.com/tanweerlibrary
مهمة عالم ر
األنثوبولوجيا ف محاوالته لكشف خفايا األمور ،تشبه ّ
مهمة عالم ّ
ولكن ّ
ي
ّ
الحالي ،تتألف النتائج
ر وف كدا
سث غور العقل الباطن .ي
الت يبذلها يف ر
النفس يف الجهود ي
الت تستند إليها هذه الحقائق ا يتوصل إليها الباحثون من سلسلة تأويداتّ ،
أم ّ الت
ي ي
ر ً
تفسث( .لينتون ،4751 ،ص ) 275
ر فكثثا ما تكون قابلة ألكث من
التأويدات ،ر
ّ ّ
تعد دراسة ر
األنثوبولوجيا دراسة لألنماط السلوكية اإلنسانية ،بينما تعد لذلك،
ّ ّ ّ
الدراسة النفسية دراسة للسلوك الخاص بالشخصية الفردية ،وأن كانت تتأثر بالعلوم
االجتماعية .
ً
خامسا -عداقة ر
األنثوبولوجيا بعلم الجيولوجيا والجغرافيا
ّ
الت عاش فيها ذلك اإلنسان الحفري ،إل
وهذا يمكننا من معرفة الفثة الزمنية ي
- 02 -
https://attanweerlibrary.blogspot.com52
www.facebook.com/tanweerlibrary
ّ
التعرف إل البقايا الحيوان اآلخر الذي كان يحيط به ،من خدال جانب معرفة العالم
ي
ّ
الت كانت تعارصه يف بيئة جغرافية واحدة .كما أننا
العظمية المستحاثية لألنواع الحيوانية ي
الت كانت سائدة عندما كان يعيش هذا اإلنسان أو ّ
نستطيع التعرف إل الظروف المناخية ي
البشي( .الجباوي ،4799 ،ص )40 ذاك ،ف تلك األزمنة السحيقة من تاريخنا ر
ي
ً وكما تستفيد ر
األنثوبولوجيا من الدراسات الجيولوجية ،تستفيد أيضا من المعطيات
ّ
النواج الطبيعية ،من تضاريس ومياه ،إل جانب
ي وف مقدمتها
العلمية /الجغرافية ،ي
الت تتفاوت من منطقة إل أخرى ،وذلك بحسب قربــها – أو بعدها-
الظروف المناخية ي
من خط االستواء ،أو من شواىطء البحار والمحيطات ،أو ارتفاعها وانخفاضها عن سطح
البحر.
ّ ّ
فهذه العوامل كلها تؤثر يف حياة اإلنسان بجوانبها المختلفة ،العضوية واالجتماعية
فنن األحوال المعيشية والبت االجتماعية عند المجتمعات ر ّ
البشية، والثقافية .ولذلك،
الت توجد فيها تلك المجتمعات. ليست متشابهة بسبب تباين الظروف الجغرافية ي
ّ
فسكان المناطق الجبلية المرتفعة يكونون يف مأمن من األخطار الخارجية ،بينما يتعرض
ً
وف
سكان السهول دوما إل غزوات واجتياحات من الشعوب أو القوى الخارجية .ي
ً المقابل ،يكون سكان المناطق الساحلية ر
ر ي
الخارج، أكث انفتاحا يف عداقاتهم مع العالم
ً
قياسا بأهل المناطق الداخلية حيث تكون العداقات األشية شبه منغلقة عىل ذاتها ،إل
جانب االلثام بالعصبية القبلية .وهذا ينعكس يف سلوكية السكان يف هذه المنطقة أو
تلك( .المرجع السابق ،ص )41
- 53 -
https://attanweerlibrary.blogspot.com53
www.facebook.com/tanweerlibrary
ً ّ
األحداث المثابطة .فهناك من يجد أن للمناخ أثرا يف ناتج الطاقة اإلنسانية ،وهناك من
ّ
يتمث به سكان المناطق الحارة ،أو يعتقد بوجود عداقة ربي الطقس والخمول الذي
ر
النشاط االندفاع الذي ّ
يمث سكان المناطق الباردة والعاصفة.ر ي
- 04 -
https://attanweerlibrary.blogspot.com54
www.facebook.com/tanweerlibrary
الجسمان ،عبد العال ( )4770علم النفس وتطبيقاته االجتماعية ،الدار العربية للعلوم،
ي -
ربثوت .
ر
الجيوش ،فاطمة ( )4799/4799فلسفة الثبية ،جامعة دمشق ،كلية الثبية. -
ي
ّ
والشماس عيىس ( )0222/0220الثبية العامة ( ،)4جامعة دمشق – ر
الجيوش ،فاطمة -
ي
ّ
كلية الثبية.
للمدايي ،ربثوت.
ر -الحرصي ،ساطع ( )4795أحاديث يف الثبية واالجتماع ،دار العلم
-عيسوي ،عبد الرحمن ( )4797علم النفس يف المجال الثبوي ،دار العلوم العربية،
ربثوت .
-فراير ،هثي ،ساركس ( )4759علم النفس العام ،ترجمة :ابراهيم منصور ،بغداد .
-لينتون ،رالف ( )4751دراسة اإلنسان ،ترجمة :عبد الملك الناشف ،المكتبة العرصية،
ربثوت .
- 55 -
https://attanweerlibrary.blogspot.com55
www.facebook.com/tanweerlibrary
- 06 -
https://attanweerlibrary.blogspot.com56
www.facebook.com/tanweerlibrary
الباب الثان
ر
األنثوبولوجيا وفروعها اتجاهات دراسة
الفصل ّ
األول -دراسة ر
األنثوبولوجيا واتجاهاتها المعارصة
ا
أوال-بداية دراسة ر
األنثوبولوجيا
ً
ثانيا-االتجاهات المعارصة ف دراسة ر
األنثوبولوجيا ي
ّ
الطبيعية الفصل الثان -ر
األنثوبولوجيا ي
ّ
النفسية الفصل الثالث -ر
األنثوبولوجيا
- 57 -
https://attanweerlibrary.blogspot.com57
www.facebook.com/tanweerlibrary
الفصل ّ
األول
دراسة ر
األنثوبولوجيا واتجاهاتها المعارصة
ا
أول -بداية دراسة ر
األنثوبولوجيا
-1االتجاه التاريخ
التجزيت
ي التاريح/
ي -4/4االتجاه
النفىس
ي التاريح/
ي -0/4االتجاه
- 08 -
https://attanweerlibrary.blogspot.com58
www.facebook.com/tanweerlibrary
ّ
مقــدمـة
ً لم تعرف ر
األنثوبولوجيا قبل النصف الثان من القرن ر
العشين ،تقسيمات وفروعا، ي
ّ إذ كانت ّ
تتم ألغراض خاصة بالباحث أو من يكلفه ،كدراسة حياة بعض المجتمعات أو
مكوناتها الثقافية .
ر
العشين ،حيث أخذت تتبلور ومع انطداقتها يف الستينات والسبعينات من القرن
ّ مبادئها وأهدافها ،كانت ّ
وبالتال وضع
ي ثمة محاوالت جادة لتوصيفها كعلم خاص،
تقسيمات لها وفروع من أجل تحقيق المنهجية التطبيقية من جهة ،والشمولية البحثية
ّ
التكاملية من جهة أخرى .فظهرت نتيجة ذلك تصنيفات متعددة ،استند بعضها إل
طبيعة الدراسة ومنطلقاتها ،بينما استند بعضها اآلخر إل أهدافها .
- 59 -
https://attanweerlibrary.blogspot.com59
www.facebook.com/tanweerlibrary
ا
أوال-البدايات األول لدراسة ر
األنثوبولوجيا :
ً ً العشين مراحل تكوين ر ر
األنثوبولوجيا وتطويرها ،لتصبح كيانا أكاديميا شهد القرن
ّ ّ
والباحثي .فعىل الرغم من أن الفكر
ر كثث من العلماء والفداسفة
ومهنة متخصصة عند ر
ّ ّ ً ر وبولوج قد ّ ر
العشين ،متأثرا إل حد بعيد، األوليي من القرن
ر ظل خدال العقدين ر ي األنث
ّ األخثة من القرن التاسع ر
عش ،فننه شعان ر الت سادت وتبلورت يف السنوات
بالنظريات ي
ّ ّ ّ ما ّ
وتحول إل منطلقات جديدة ،نتج عنها اتجاهات متعددة إزاء دراسة اإلنسان تغث
ر
ًّ ً
وحضارته ،سواء ما كان منها نظريا أو منهجيا (فهيم ،4795 ،ص )417
ّ
اإلنسان،
ي إال أن أحداث الحرب العالمية األول ونتائجها السلبية عىل المجتمع
ّ ّ ّ
بددت هذا التفاؤل ،وأحلت محله النظرة التشاؤمية .وهذا ما بدا يف نظرة الفداسفة إل
ّ ّ مشكدات اإلنسان ف هذا القرن (القرن ر
العشين ) ،إل حد اعتقاد بعضهم أن المستقبل ي
ّ
صعب ومظلم مع ظهور النازية يف ألمانيا ،والفاشية يف إيطاليا .وبلغ هذا االتجاه ذروته
الت شاعت يف فرنسا ،وعىل رأسها /جان بول سارتر/
فيما عرف بالحركة( الوجودية) ي
- 61 -
https://attanweerlibrary.blogspot.com60
www.facebook.com/tanweerlibrary
ّ ّ
التشاؤم ،اتجاه آخر اتصف بالتفاؤل ،كان من أبرز رواده يف
ي وبرز مقابل هذا االتجاه
ربي أمريكا الفيلسوف الثبوي /جون ديوي /الذي عاش ما
ً ّ
وتبت فيه موقفا الشهث " إعادة البناء يف الفلسفة "
ر ( .)4750-4957فقد أصدر كتابه
ً ً
الميتافثيقية .
ر رصيحا مناهضا للفلسفة
- 11 -
https://attanweerlibrary.blogspot.com61
www.facebook.com/tanweerlibrary
ً ّ
االتجاهات المعارصة ف دراسة ر
األنثوبولوجيا : ي ثانيا-
ّ
التاريح :
ي -4االتجاه
ّ
النفىس.
ي التاريح
ي التجزيت ،واالتجاه
ي التاريح /
ي قسمي :االتجاه
ر ويقسم إل
ّ ّ ً ّ
يىل عرضا موجزا لكل منهما .
وسنقدم فيما ي
- 62 -
https://attanweerlibrary.blogspot.com62
www.facebook.com/tanweerlibrary
خاص ّا ف ّ
كل منهما .فتطبيق االتجاه االنتشاري يف مجال ّ ً
االجتماعية ،وإن أخذ طابعا
ي
ّ ر
األنثوبولوجيا الثقافية ،يتعلق بجمع العنارص الثقافية ،بما يف ذلك من العنارص
التكنولوجية والفكرية ،بينما يقترص ف مجال ر
األنثوبولوجيا االجتماعية ،عىل العداقات ي
والت تشمل بعض العنارص الثقافية ،وال تشملها
والنظم االجتماعية السائدة يف المجتمع ،ي
ّ
كلها .
ً ّ
كثثا ما تستعار أو تنقل
ويقوم االتجاه هنا عىل مبدأ هام ،وهو أن النظم االجتماعية ر
ّ
من مكان إل مكان آخر .وبناء عىل ذلك ،فنن تشابه النظم االجتماعية والعادات ،يف
ّ
تلقان ،وإنما ناتج عن
ي المجتمع الواحد أو يف المجتمعات المختلفة ،ال ينشأ عىل نحو
ّ
والطبيعية واإلنسانية( .جابر ،4774 ،ص ) 95 التشابه يف اإلمكانات االجتماعية
تفسث
ر التاريح يف الباحثي باستخدام المنهج
ر ّ
استمر اهتمام وعىل الرغم من ذلك،
ي
ّ
ظاهرة التباين ربي الحضارات يف المجتمعات اإلنسانية .واعتمد هذا االتجاه عىل مبدأين
اثني .
ر
ّ ّ
الثقاف /
ي أولهما :أن االتصال ربي الشعوب المختلفة ،كان بفعل االحتكاك
ر
المباش. وغث ر
المباش ر الحضاري،
ّ ّ
المكونات (الخصائص) الحضارية أو كلها ،من وثانيهما :عملية انتشار بعض
مصادرها األصلية إل المجتمعات األخرى ،سواء بالرحدات التجارية أو بالكشوف أو
بالحروب واالستعمار .وهذان المبدآن متكامدان يف دراسة الظواهر الثقافية ،ويمكن من
تفسث التباين الحضاري ربي الشعوب .
ر خدالهما
- 13 -
https://attanweerlibrary.blogspot.com63
www.facebook.com/tanweerlibrary
ّ ً
التفسث
ر وانطداقا من هذا االتجاه ،ظهرت يف أوروبا نظريتان مختلفتان حول
االنتشاري لعنارص الثقافة.
وكان من ّ
رواد هذه النظرية ،عالم ر
التشي ــح /إليوت سميث /وتلميذه /وليم ربثي /
ّ
اللذان رأيا أن الحضارة اإلنسانية ،نشأت وازدهرت عىل ضفاف النيل يف مرص القديمة،
حوال خمسة آالف سنة قبل الميداد .
ي منذ
- 64 -
https://attanweerlibrary.blogspot.com64
www.facebook.com/tanweerlibrary
حياته عىل دراسة المخ يف المومياء المرصية .وقادته أبحاثه هذه إل اإلقامة يف مرص،
ّ
حيث أدهشته الحضارة المرصية القديمة .وأخذ ،كما فعل العديدون ،يداحظ أن الثقافة
ّ ّ
كثثة يبدو أن لها ما يوازيــها يف ثقافات بقاع أخرى من
تضم عنارص ر المرصية القديمة،
العالم ،وقلبت نظرياته الجريئة ،االعتبارات التقليدية عن الزمان والمكان .فلم يقترص
بأن العنارص المتشابهة ف حوض البحر األبيض المتوسط وأفريقيا ر ّ
والشق ي عىل القول
ّ
األدن والهند ،من أصل مرصي ،بل ذهب إل أن العنارص المماثلة يف ثقافات أندونيسيا
واألمريكتي ،تنبع من المصدر المرصي ذاته .
ر
ا
ّأما /وليم ربثي /فقد أعط يف كتابه (أبناء الشمس) رشحا كامال للنظرية "
الهيليوليتية " Heliolithicوهو االسم الذي أطلق عىل /المدرسة االنتشارية /عن
الثقاف الذي تزعم هذه ّ
المجمع سشث إل أحد عنارص تاريـ ــخ الثقافة .فعنوان الكتاب ،ر
ي
ّ ر ّ
المدرسة أن أصله يف مرص ،ومنها انتش ..وهو االعتقاد بأن الملك ابن الشمس ،والعنارص
الكثى للذهب والآللء
ه :التحنيط ،بناء األهرامات ،والقيمة ر ّ
األخرى يف هذا المجمع ي
(.هرسكوفيث ،4791 ،ص ) 042
ً ّ
وبثي /من أن بناء األهرامات أيضا من منشأ مرصي ،كما
اهي /سميث ر
وتنطلق بر ر
قيي بعظم ساق الملكه الحال يف أهرامات المكسيك .وكذلك األمر يف احتفاظ األفري ر ي
ّ
المتوف ،الستعماله يف الطقوس الدينية نتيجة النتشار عادة التحنيط عند المرص ريي.
الثقاف /الحضاري،
ي الت تعتمد األصل ه النظرية االنتشارية ي النظرية الثانية :ي
ّ
وف
ي ، والنمساويي
ر األلمان العلماء من فريق النظرية، هذه دعاة المتعدد المراكز .وكان من
طليعتهم /فريث جراينور /الذي عاش يف الفثة ما ربي )4721-4995و/وليم شميدت /
الذي عاش يف الفثة ما ربي (. )4757-4959
- 15 -
https://attanweerlibrary.blogspot.com65
www.facebook.com/tanweerlibrary
ّ
لقد رفض هذا الفريق فكرة المنشأ( المركز) الواحد للحضارة اإلنسانية ،ألن هذه
العلم .وافثضوا وجود مراكز أكث من قربــها إل األساس الفكرة رصب من الخيال ر
ي
حضارية أساسية وعديدة ،يف أماكن متفرقة يف العالم .ونشأ من التقاء هذه الحضارات،
بعضها مع بعض ،دوائر ثقافية تفاعلت ببعض عمليات االنصهار والتشكيدات المختلفة.
وكان /ويسلر ّ /أول من استعمل (الدائرة الثقافية) بهذا المعت ،يف بحثه عن
األمريكيي .وال يزال تعريفه لهذا المفهوم عىل الرغم من تعديله ،منذ ذلك
ر ثقافات الهنود
الوقت مفيدا يف هذا المجال .يقول /ويسلر " : /إذا أمكننا تجميع سكان العالم الجديد
ّ
األمريكيي ،فسنحصل عىل دوائر متعددة :دوائر طعام ،دوائر
ر األصليي ،أي الهنود
ر
وغثها .وإذا أخذنا يف الحسبان العنارص جميعها يف وقتمنسوجات ،ودوائر خزف ...ر
ّ واحدّ ،
وحولنا الوحدات االجتماعية أو القبلية ،يمكننا أن نجد جماعات محددة المعالم،
ً
وهذا ما يعطينا الدوائر الثقافية ،أو تصنيفا للجماعات وفق عنارص ثقافتهم ".
(هرسكوفيث ،4791 ،ص ) 401
ّ ّ وهذا ما ّ
يفش أوجه االختداف عن تلك الثقافات المركزية األساسية .إال أن أصحاب
ّ
هذا الرأي لم يقدموا الدالئل عىل أماكن وجود تلك المراكز ،أو عمليات تتبع حركات
ّ ّ ّ
منهجية سليمة (.فهيم، االتصال فيما بينها ،ودراسة النتائج المثتبة عىل ذلك ،بطريقة
،4795ص)452
ً لقد كانت وجهة نظر المدرسة (الثقافية التاريخية) األلمانية – النمساوية ،ر
أكث عمقا
ً
معايث الحكم عىل قيمة وقائع االقتباس المفثضة، ر وتنميقا ..وكانت عنايتها باختيار
ّ
وإرصاراها عىل الحيطة يف استخدام مصادر المعلومات ،ودقتها يف تحديد تعريفاتها،
ا ّ ً ّ
العلم الدقيق ،ولهذا القت قبوال
ي وغت وثائقها ،تتجاوب كلها تماما مع متطلبات البحث
- 66 -
https://attanweerlibrary.blogspot.com66
www.facebook.com/tanweerlibrary
ً
واسعا .
تقوم نظرية المدرسة (الثقافية – التاريخية) يف جوهرها ،وكما رشحها زعيمها /وليم
شميدت ،/عىل نظرة صوفية إل طبيعة الحياة وإل التجربة اإلنسانية .فقد نشأت هذه
ً ً
تعبثات ومصطلحات تختلف اختدافا جوهريا المدرسة ضمن إطار فكري ،واستخدمت ر
ّ
المفكرين ر
وبولوجيي ..ويظهر ذلك يف
ر األنث عن النظرة العقدانية ،وعن مفردات أغلب
والت تقسم إليها
مناقشة /شميدت /طرائق البحث يف دراسة الدوائر الثقافية المختلفة ،ي
ّ
هذه المدرسة ،أي الثقافات جميعها ،.وترى أنها انتخبت الثقافات الموجودة – اليوم –
يف العالم ،بواسطة انتشار عنارصها .
وف ّ
أما إسهام /فريث جرابنور /يف منهج المدرسة التاريخية – الثقافية بوجه خاص ،ي
ّ ر
لمعايث تقييم
ر الموضوع
ي األنثوبولوجيا ،بوجه عام ،فتمثل يف التحديد الدقيق علم
انتشار بعض العنارص الثقافية ،من شعب إل شعب آخر .
انتقان ،إذ
ي تأثث
االجتماع والثقافة السائدان عند جماعة (مجتمع ما) لهما ر
ي فالنظام
ّ
وف الوقت نفسه ،ال يمكن ي .القائم النسق مع ةالبت تنسجم ال نماذ قبول يحوالن دون
ّ
تجاهل أثر االقتباس عىل األنظمة االجتماعية ،حيث تتوقف فرص االقتباس عىل
ّ
الت احتك بها
الت تكون وليدة المصادفات .ومثال ذلك :أن تكون الثقافة ي االحتكاكات ي
- 17 -
https://attanweerlibrary.blogspot.com67
www.facebook.com/tanweerlibrary
ً َ ً
ه الثقافة اإلسبانية ،أمر يمكن اعتباره حدث اتفاقا وع َرضا .وكذلك
الهنود المكسيكيون ي
ّ
بالثقافتي
ر الحال بالنسبة لهنود الواليات المتحدة األمريكية ،الذين كان معظم احتكاكهم
ّ
والفرنسية( .لينتون ،4751 ،ص ) 251 اإلنجلثية
ر
ّ
الت
ه أساسية يف الدراسات ي معايث الكيف والكم ،ي
ر الت يدعونها
المعايث ي
ر إن هذه
ّ
ثقافت
ي الثقاف جميعها ،ومعناها بسيط جدا ؛ فعندما يبدو للعيان تماثل ربي
ي تتناول النقل
ّ ّ
مختلفتي ،فنن حكمنا حول احتمال اشتقاقهما من مصدر واحد ،يتوقف عىل ر جماعتي
ر
ّ
عدد العنارص المتماثلة ومدى تشابكها .فكلما ازداد عدد العنارص المتماثلة ،ازداد احتمال
وقوع االقتباس ..وينطبق األمر ذاته عىل مدى تداخل (تعقيد) عنرص من العنارص .ولذا
ً ً ا
التاريح ربي
ي يمكن استخدام القصص الشعبية ،مثال ،استخداما مفيدا يف دراسة االحتكاك
الشعوب البدائية( .هرسكو فيث ،ص )042
ّأما بخصوص فكرة المراكز الحضارية (الدوائر الثقافية) رفثى أصحاب المدرسة
ّ ا ّ ّ
اف محدد ّثم ثقاف – جغر ي
الممثة لثقافة ما ،وجدت أوال يف مركز ي ر األمريكية ،أن المدامح
ّ ّ
يعت أن أصحاب االتجاه االنتشاري يف أمريكا، انتقلت إل أماكن أخرى من العالم .وهذا ي
ّ
المستقل ،وأن بعض الناس التطور الحضاريّ األوربيي بعدم إمكانية رفضوا آراء
ر
ّ
غث مبتكرين أو قادرين عىل القيام بعملية االبتكار والتطور. بطبيعتهم ر
- 68 -
https://attanweerlibrary.blogspot.com68
www.facebook.com/tanweerlibrary
ّ ّ
الثقاف .ورأى أن أية ثقافة من
ي للتطور الفكرة القائلة بوجود طبيعة واحدة وثابتة
ّ ّ
معي .ولذلك ،يتوجب عىل الباحث ر تاريح
ي الثقافات ،ليست إال حصيلة نمو
ّ
المكونة ّ وبولوج أن ّ ر
لكل ثقافة عىل حدة، يوجه اهتمامه نحو دراسة تاري ــخ العنارص ر ي األنث
ّ ّ
لك
قبل الوصول إل تعميمات بشأن الثقافة اإلنسانية بكاملها .وقد أرص /بواز /عىل أنه ي
ّ ً تصبح ر
األنثبولوجيا علما ،فدا بد أن تعتمد يف تكوين نظرياتها عىل المشاهدات والحقائق
ّ
الحدسية . الملموسة ،وليس عىل التخمينات أو الفرضيات
ومن هذا المنطلق ،استخدم /بواز /مصطلح (المناطق الثقافية) لإلشارة إل
مجموعة من المناطق الجغرافية ذات النمط الثقاف الواحد ،برصف النظر ّ
عما تحتويه ي
هذه المناطق من جماعات أو شعوب .وقد ّ
طبق /بواز /هذا المفهوم عىل ثقافات
تميث -سبع مناطق ثقافية رئيسة،
قبائل الهنود الحمر يف أمريكا ،واستطاع تحديد – ر
يندر تحتها هذا العدد الهائل من قبائل الهنود الحمر ،والذي كان يزيد عن ( )52قبيلة،
يف الوقت الذي نزح األوروبيون الستعمار القارة األمريكية .
سشث مفهوم (المنطقة الثقافية) إل طرائق السلوك الشائعة ربي عدد منوبــهذا ر
تتمث باشثاكها ف عدد من مظاهر الثقافة ،نتيجة لدرجة ّ
معينة من المجتمعات الت ّ
ي ر ي
ّ
االتصال والتفاعل(.أبو زيد ،4792، ،ص ) 020
ّ
تصفحنا كتابات /بواز /وجدنا ّأن أفكاره ّ
تتمث عن أفكار /سميث وب رثي ر وإذا ما
في ،وذلك بتشديده عىل النقاط التالية : ّ
االنتشاريي المتطر ر
ر وغثهم من
وشميدت /ر
ّ ّ
-4إن الدراسة الوصفية لدانتشار ،مقدمة لدراسة عملية االنتشار دراسة تحليلية .
ّ
-0يجب أن تكون دراسة االنتشار دراسة استقرائية ،أي أنه يجب دراسة العنارص
- 19 -
https://attanweerlibrary.blogspot.com69
www.facebook.com/tanweerlibrary
ّ
-2يجب أن تتجه دراسة االنتشار من الخاص إل العام ،ورسم توزي ــع للعنارص يف
ّ ّ
مناطق محدودة ،قبل رسم خارطة توزعها يف القارة ،وترك الكدام عن توزعها يف العالم
ّ
كله.
ّ
-1إن منهج دراسة العملية الديناميكية ،واالنتشار ليس سوى وجه من وجوهها،
ّ ً ً
الثقاف.
ي التغث
ر يجب أن يكون منهجا سيكولوجيا ،وأن يعود إل الفرد بغية فهم حقائق
(هرسكوفيث ،4791 ،ص )045
ّ ً
واستنادا إل هذه المنطلقات ،يرى /بواز /أن مراعاة العوامل السيكولوجية
كبثة يف هذه الدراسات الثقافية .كما يجب ّ
أهمية ر الكامنة يف عملية االقتباس ،تكتسب
ّ ا
تحليل هذه الثقافات بصورة إفرادية أوال ،ومن ثم إجراء مقارنة تفصيلية فيما بينها،
ّ
البنان أو من حيث عنارصها .وال تكون النتائج مقبولة ،إال
ي سواء من حيث نظامها
ّ
بتحريات يف مناطق عديدة ـ تسمح بتعميم هذه النتائج .
وتحليىل
ي وصق
ي وهكذا جاء مفهوم (مصطلح) المنطقة الثقافية ،كتصنيف
- 01 -
https://attanweerlibrary.blogspot.com70
www.facebook.com/tanweerlibrary
للثقافات ،األمر الذي سسهل المقارنة ربي الثقافات ،ومن ّثم الوصول إل تعميمات بشأن
ّ
الثقافة اإلنسانية كلها (.أبو زيد ،4792 ،ص )022
ّ ّ
االتجاه االنتشاري بوجه عام ،أن بدأ ر
األنثوبولوجيون ينظرون إل أن ونتج عن هذا
والتطور والمدامح الرئيسة الت تمثّ
ّ ّ
ي ر للثقافات اإلنسانية كيانات مستقلة من حيث المنشأ
ّ ّ ّ
وتنوعها ،وطرح مفهوم النسبية بعضها من بعض .وهذا ما عزز فكرة تعدد الثقافات
ّ ر ّ ّ
وتطوره، الت أصبحت من أهم المفهومات األساسية يف الفكر األنث ر ي
بولوج الثقافية ي
كعلم خاص من العلوم اإلنسانية لـه منطلقاته وأهدافه ،توجب دراسته من خدالها .
ّ ّ
الثقاف بحسب فكرة الدوائر المتحدة المركز ،القت انتقادات
ي ولكن نظرية االنتشار
ّ ّ ّ
سابث /الذي ذكر ثداثة تحفظات عىل فكرة التوزع ر شديدة ،ومنها ما وجهه /إدوارد
ّ
المستمر :
ّ ّ
أولها :يمكن أن يكون االنتشار يف أحد االتجاهات ،أشع منه يف اتجاه آخر .
ً
تاريخياّ ،
تعرض لتعديدات يف المركز ،بحيث يخطء ثانيها :قد يكون الشكل األقدم
الحقيق ألصل الشكل.
ي الباحث يف تحديد المركز
ّ
التاريح ،ربي
ي التخىل عن محاوالت إعادة تركيب االحتكاك
ي يعت هذا
ولكن ،هل ي
ّ
الت ليس لها تاري ــخ؟ والجواب :ليس ثمة ما ّ
التاريح للمناطق ي
ي الشعوب البدائية والتطور
ر ّ ّ
شء يف ريثر هذه النتيجة .ويبدو أن هذا الجهد المبذول يف هذا المجال ،إذا ما أخذ كل ي
- 71 -
https://attanweerlibrary.blogspot.com71
www.facebook.com/tanweerlibrary
ّ
تاريخية. -4أن يكون باإلمكان اعتبار المنطقة المختارة للتحليل ،ذات وحدة
ّ
التطورات التاريخية ،وليس -0أن يكون الهدف من التحليل ،تقرير احتمال وقوع
تقرير الحقيقة المطلقة عنها (.هرسكوفيث ،4791ص ) 004
ّ
-0/1االتجاه التاريخ /النفس :
ّ ّ
التجزيت يتعدل ويأخذ مسارات جديدة ،حيث ظهرت فكرة ي التاريح /
ي بدأ االتجاه
ّ
التاريح يف دراسة الثقافات اإلنسانية ،وذلك بفضل من تأثروا بنتائج
ي توسيع المفهوم
- 02 -
https://attanweerlibrary.blogspot.com72
www.facebook.com/tanweerlibrary
سيما /سيغموند فرويد /الذي عاش ما ربي ( )4727-4950وتدامذته، علم النفس ،وال ّ
ّ
الذين رأوا أنه باإلمكان فهم الثقافة من خدال التاري ــخ ،مع االستعانة ببعض مفهومات
ّ
كبث يف االتجاه نحو الكشف عن
علم النفس وطرائقه التحليلية .وهذا ما كان لـه أثر ر
األنماط المختلفة للثقافات اإلنسانية.
ّ
تكق
فقد رأت /روث بيند كيت /ورفاقها أن دراسة التاري ــخ ،بوقائعه وأحداثه ،ال ي
ّ
لتفسث الظواهر االجتماعية والثقافية ،وذلك ألن الظاهرة الثقافية بحد ذاتها مسألة
ر
ّ
فه تجمع ربي التجربة الواقعية المكتسبة والتجربة ي معقدة ومتشابكة العنارص.
ّ ّ ّ
تضم مزيجا من النشاط السيكولوجية (النفسية ) ،وأن أية سمة من السمات الثقافية،
الثقاف والنفىس بالنسبة لبيئة ّ
معينة (.أبو زيد)009 ،4792 ، ي ي
ً ً ّ ّ
وعىل الرغم من ذلك ،فنن أية ثقافة ال تؤلف نظاما مغلقا أو قوالب جامدة ،يجب
ويتبي من حقيقة الثقافةّ أن تتطابق معها سلوكات أعضاء المجتمع جميعهم .
ر
ً ّ
السيكولوجية ،أن الثقافة – بهذه الصفة – ال تستطيع أن تفعل شيئا ،ألنها ليست سوى
ّ ً ً ّ
معي ومكان محدد)
مجموع سلوكات األشخاص الذين يؤلفون مجتمعا خاصا ( يف وقت ر
التفكث عند هؤالء األشخاص.
ر وأنماط عادات
ّ ّ
وهذا يدلل عىل مرونة الثقافة ،وإتاحتها فرصة االختيار ألفرادها ..بحيث أن القيم
ّ ّ
وتمثه من المجتمعات األخرى ،ليست كلها ثابتة بالمطلق ر يتمسك بها مجتمع ما الت
ي
- 73 -
https://attanweerlibrary.blogspot.com73
www.facebook.com/tanweerlibrary
نشته /بيند كيت /عام ،4720البداية ويعتث كتاب " أنماط الثقافة " الذي ر ر
ّ
النفىس يف دراسة الثقافات اإلنسانية .حيث أوضحتي التاريح /
ي الحقيقية لبلورة االتجاه
ّ
ه يف تشكيلها ي كما أي اإلجمالية، تها
ر صو في الثقافات إل النظرة ورة الدراسة أنه من الرص
ً ً ّ ّ ّ
يمثها
العام .وذلك ،ألن لكل ثقافة مركز خاص تتمحور حوله وتشكل نموذجا خاصا بها ،ر
عن الثقافات األخرى .
ومن هذا المنظور ،قامت /بيند كيت /بإجراء دراسة مقارنة ربي ثقافات بدائية
الثقاف العام ومظاهر متعددة ،وخلصت إل ّأن ّ
ثمة عداقات قائمة ربي النموذ
ّ
ي
الشخصية ،وهذا ما ينعكس لدى األفراد يف تلك المجتمعات (F reidle, 1977, .
)p.302
ر ّ
الشكىل) للنوع البشي
ي ر ي
المورفولوج ( ومن الممكن دراسة مظاهر التكيف
ّ
وف الوقت نفسه ،كان ال بد من تطوير أساليب بالمصطلحات المألوفة يف علم األحياء ،ي
ّ ّ ّ
والنفىس .ويعد مفهوم الثقافة من أهم
ي السلوك
ي التكيف فنية جديدة لوصف مظاهر
ّ ر المفهومات الت ّ
وأكثها فائدة وحيوية .ومع أن هذا المفهوم طورت يف هذا المجال، ي
ّ
اقترص ف السابق عىل النواج الوصفية ،فننه – عىل أضعف تقدير – ّ
زودنا بطريقة ي ي
ً ّ ّ ّ
بالتال أسسا للمقابلة ربي
ي النهان لعمليات التكيف ،فوضعي محددة للتعرف إل النتا
التكيف( .لينتون ،4759 ،ص ) 475 ّ النماذ المختلفة لطرق
- 04 -
https://attanweerlibrary.blogspot.com74
www.facebook.com/tanweerlibrary
ّ
واستمد منها ر
الكثث من المفاهيم النفسية ،لتحديد العداقات المتبادلة ربي
ر األنثوبولوجيون
الفرد وثقافته يف إطار المنظومة الثقافية /االجتماعية.
اليابانيي يف
ر المحاربي
ر وهذا ما ساعد يف بلورة السياسة األمريكية تجاه استسدام
ّ
سثفضون ر كانوا اليابانيي
ر أثناء الحرب العالمية الثانية .وأوضحت الدراسة أن الجنود
ّ ّ
تأثث مبادىء الطاعة
االستسدام بصورة مطلقة ،ويستمرون يف القتال حت الموت .إال أن ر
لإلمثاطور عىل هؤالء الجنود ،جعلهم سستجيبون لتعليماته ويخضعون ألوامره (.
ر والوالء
المرجع السابق ،ص)542
ّ ّ
ولكن يرى بعض العلماء _ وهو محق يف ذلك – أن االنشغال الزائد باألشكال
ّ ً ّ
الخارجية للثقافة ،قد أثر سلبيا يف المحاوالت الرامية إل تفهم داللتها السيكولوجية .ومن
ّ
ه سيكولوجية ..ونقصد بذلك ،أن وجود المعروف أن الحقيقة النهائية للثقافة ،ي
ّ ً ً
الثقافة يرتبط ارتباطا وثيقا بوجود أناس يديرون مؤسساتها .وهذه الحقيقة السيكولوجية
تفش السبب الذي من أجله تشعر الكائنات تفش االستقرار الثقاف ،أو باألحرىّ ، للثقافة ّ
ي
كبث عندما تعيش وفق نظام رتيب معروف . ر
البشية بارتياح ر
ّ
التغث الثقاف .فاألفراد ف ّ ً ّ
كل مجتمع يملكون ي ي ر تفش أيضا آلية وهذه الحقيقة
ّ ا
الثقاف العام ،وتسهم
ي قابليات وحوافز وميوال ،وقدرات تؤدي دورها ضمن إطار القالب
- 75 -
https://attanweerlibrary.blogspot.com75
www.facebook.com/tanweerlibrary
باستمرار يف مراجعة التقاليد القائمة ،وإدخال تحسينات عليها( .لينتون ،4759 ،ص
) 095
وكان من نتيجة ذلك ،ظهور مدرسة ثقافية نفسية (أمريكية) من روادها ( :كدايد
ّ
الشخصية وغثهم ّ
ممن اعتمدوا عىل مفهوم بناء كداكهون ،مرغريت ميد ،رالف لينتون) ر
ّ
الت يبدو أنها
سشث إل مجموعة الخصائص السيكولوجية والسلوكية ،ي األساش الذي ر
ي
ّ تتطابق مع ّ
الت تؤلف أية ثقافة( .أبو زيد،4797 ، ي والسمات والعنارص النظم كل
ّ ّ
الثقاف السائد يف إي مجتمع ،ال يمكن أن يزيد –
ي ص )029إذ إنه عىل الرغم من أن النمط
ّ ّ
أو يقلل – من وجود الفوارق الفردية يف نطاق الثقافة الواحدة ،إال أن تلك العداقة القائمة
تأثثات متبادلة بينهما ،ال يجوز ّ
والشخصية الفردية ،وما تحدث من ر ربي األنماط الثقافية
إهمالها ،بل يجب أخذها يف الحسبان أثناء دراسة الثقافات اإلنسانية (Freidle, 1977, .
)p.303
ّ
اني االجتماعية القائمة ،مثل ( :أنماط السلوك الثابتة، ر ي
السيكولوج للقو ر إن األساس
واألعراف والتقاليد ،والعادات والقيم) ،هو تكوين أطر استناد مشثكة ،ناتجة عن احتكاك
تكونت مثل هذه األطر االستنادية وتغلغلت يف أعماقاألفراد بعضهم ببعض ؛ وإذا ما ّ
ا ًّ
الت سيواجهها
الفرد ،أصبحت عامال هاما يف تحديد ردود فعله أو تعديلها ،يف األوضاع ي
ّ
غث اجتماعية ،وال سيما يف الحاالت ي
الت ال يكون فيما بعد ،سواء كانت اجتماعية أو ر
الحافز فيها ّ
جيد التنظيم ،أي يف حالة تجربة ليس لها سوابق يف السلوك الذي اعتاد عليه
الفرد( .هرسكوفيث ،4791 ،ص ) 59
- 06 -
https://attanweerlibrary.blogspot.com76
www.facebook.com/tanweerlibrary
ّ ّ
وغثته من األب يف
تفسث فرويد لعداقة االبن باألم ر
ر جزيرة (الثوبرياند ) .إال أنه عارض
وظيفي ًاّ ،
توصل من خداله ّ ً
تفسثا
ّ ّ
إطار ما أسماه فرويد بـ (عقدة أوديب ) ،وقدم بدال منها
ر
ّ ّ ّ
والت تشمل " :األم
إل أن تحريم العداقات الجنسية المكونة للعائلة الموحدة (النووية) ي
واألبناء واألخوة واألخوات " هو الذي يمنع ما قد ينشأ من رصاعات داخلية ،بسبب
ّ
الغثة أو التنافس ..وهذا ما يحفظ بالتا يل تماسك األشة ،ويمنع تفكك أوارصها وتهديم
ر
كيانها ،وما ينجم عنه من ضعف المجتمع العام ،وتهديد وحدته وتماسكه.
))Freidle, 1977, p. 303
لتخصص ف علم ر
األنثوبولوجياّ ، ّ ّ
مما ساعد يف إرساء ي بالتال إل ظهور ا
ي وهذا ما أدى
األساسية ر
لألنثوبولوجيا المعارصة . ّ المبادىء
ّ
الوظيق :
ي البنان /
ي -0االتجاه
- 77 -
https://attanweerlibrary.blogspot.com77
www.facebook.com/tanweerlibrary
اإلنسانية كظاهرة ،يجب البحث يف عنارصها والكشف عن العداقات القائمة فيما بينها،
وبي الظواهر األخرى( .فهيم ،4795 ،ص )451 ّ
ومن ثم العداقات القائمة فيما بينها ر
ّ
االتجاه البنان /الوظيق ف الدراسات ر
األنثوبولوجية ،إل ي ي ي يعود الفضل يف تبلور
مالينوفسك) و (راد كليف براون ) ،اللذين عاشا يف
ي يطانيي( ،برونسلو
ر الث
العالمي ر
ر أفكار
ّ ر أواخر القرن التاسع ر
العشين .ويدينان باتجاهاتهما عش والنصف األول من القرن
ّ
الت
النظرية ،إل أفكار عالم االجتماع /إميل دوركهايم /الذي ركز اهتمامه عىل الطريقة ي
تعمل بها المجتمعات اإلنسانية ووظائف نظمها االجتماعية ،وليس عىل تاري ــخ ّ
تطور هذه
المجتمعات والسمات العامة لثقافاتها.
الفرنسيي ،الذي سستخدم كلمة البنائيي ليق سثوس /الوحيد ربي ّ
ر ر ولعل /كلود ي
(بناء أو بنائية) رصاحة يف عناوين كتبه ومقاالته ،ابتداء من مقاله الذي كتبه عام ،4715
يعتث – بحق –" ميثاق " ر
وف األنثوبولوجيا ،والذي ر البنان " يف اللغويات ي
ي عن " التحليل
ً
الثعة البنائية ،وإل كتاب " األبنية األولية للقرابة " الذي كان سببا يف ذيوع اسمه
ر
األنثوبولوجيا الفرنسية عىل أهم وأفضل إنجاز يف الكثثون ّ يعتثه وشهرته ،والذي
ر ر
اإلطداق ..ومن ّثم إل كتابه " ر
األنثوبولوجيا البنائية".
- 08 -
https://attanweerlibrary.blogspot.com78
www.facebook.com/tanweerlibrary
ّ ّ
فاالتجاه البنان /الوظيقّ ،
التوصل إليه من اش ّتم
يعث يف جملته عن منهج در ي ر ي ي
ر
البشية خدال المقابلة (الموازنة) ربي الجماعات اإلنسانية (المجتمعات) والكائنات
ً ّ (األفراد ) .ولم يعد استخدامه مقصو ًرا عىل ر
وبولوجيي ،وإنما تناولـه أيضا علماء
ر األنث
مثتون ./كما
االجتماع بالفحص والتطبيق والتعديل ،عىل يد /تلكوت بارسونز ،وجورح ر
ً
أيضا بالعلوم الطبيعية ،وال ّ
سيما علوم الحياة والكيمياءLeach, 1982, . ارتبط
))p.184
ّ
وفسك /أن األفراد يمكنهم أن ينشئوا ألنفسهم ثقافة خاصة ،أو
ي فقد رأى /مالين
ّ ّ ً ً
معينا للحياة ،يضمن لهم إشباع حاجاتهم األساسية ،البيولوجية والنفسية أسلوبا
واالجتماعية .ولذلك ربط الثقافة – بجوانبها المختلفة ،المادية والروحية واالجتماعية،
باالحتياجات اإلنسانية .
ّ
وخق للعنارص الثقافية ،سساعد
ي فاالهتمام بالبنية ،Strutureكثابط منظم
وظائق
ي تفسثه وراء العداقات االجتماعية ،يوازيه يف اتجاه آخر اهتمامر النموذ يف
ّ
تعت فيه الوظيفة :تلبية حاجة من
ي والذي ، / مالينوفسك
ي / ده يحد الذي بالمعت
الوظيق هو ذلك الذي " :سسمح بتحديد العداقة ربي
ي الحاجات ،ويكون فيها التحليل
الثقاف والحاجة عند اإلنسان ،سواء كانت هذه الحاجة أولية أو فرعية /ثانوية "
ي العمل
- 79 -
https://attanweerlibrary.blogspot.com79
www.facebook.com/tanweerlibrary
ّ
الح ،بحيث ال يمكن فهم دور
وظيق متكامل ،يماثل الكائن ي
ي كىل
فالثقافة كيان ي
ّ ّ
وظيفة أي عضو فيه ،إال من خدال معرفة عداقته بأعضاء الجسم األخرى ،وإن دراسة
ّ
ر ي
األثنولوج من اكتشاف ماهية كل عنرص ورصورته، بالتال ،تمكن الباحث
ي هذه الوظيفة
يف هذا الكيان المتكامل .
ّ
البنان /
ي ّأما /براون /فقد قام من جهته ،بدور رئيس يف تدعيم أسس االتجاه
ّ ً ر ر
موجها العشين، األنثوبولوجية ،وذلك مع بداية القرن الوظيق ،يف الدراسات
ي
ر ي
بيولوج للثقافة كما فعل / التفسث ال
ر األثنولوجيا نحو الدراسات المثامنة ،وليس نحو
مالينوفسك . /
ي
ً ً
تفسثا اجتماعيا،
ر وتفسث الظواهر االجتماعية
ر اعتمد /براون يف دراسة المجتمع
ً ً
والت تقوم عىل دراسة
ي الت نادى بها /دوركهايم /
بنائيا ووظيفيا ،عىل فكرة الوظيفية ي
المجتمعات اإلنسانية ،من خدال المطابقة (المماثلة) ربي الحياة االجتماعية والحياة
- 81 -
https://attanweerlibrary.blogspot.com80
www.facebook.com/tanweerlibrary
ّ ً
الثقاف ربي المجتمعات – مهما كان ي بالتنوع واستنادا إل ذلك ،يصبح االعثاف
ً تطور علم ر
شكله -إحدى الخطوات الهامة ف ّ
األنثوبولوجيا ،انطداقا من النقاط التالية: ي
ّ
تعبث عن سلوك شعب ما ،وعن قواعد هذا الشعب .
-4إن الثقافة ر
ّ ً
يتحوالن وفق -2ليست العقيدة والسلوك يف أي مجتمع ،أبدا نتا الصدفة ،بل
قواعد راسخة.
- 11 -
https://attanweerlibrary.blogspot.com81
www.facebook.com/tanweerlibrary
ً
ساعا ّ ر ّ -5قد يظهر لدى الفئات االختصاصيةّ ،
مما أكث ات تنوع يف حقل اختصاصها
ّ
الكلية( .هرسكوفيث، يظهر لدى الفئات األخرى ،المساوية لها يف الحجم ،ربي الجماعة
،4791ص ) 051-052
ّ ّ
الثقاف
ي بأهمية مسألة التجانس وإزاء هذه األمور مجتمعة ،ال بد من االعثاف
والتنافر الثقاف ،ف الدراسات األثنولوجية ،وف أثناء مناقشة النظريات ر
األنثوبولوجية. ي ي ي
- 82 -
https://attanweerlibrary.blogspot.com82
www.facebook.com/tanweerlibrary
- 13 -
https://attanweerlibrary.blogspot.com83
www.facebook.com/tanweerlibrary
- 84 -
https://attanweerlibrary.blogspot.com84
www.facebook.com/tanweerlibrary
الفصل الثان
ّ
الطبيعية ) ر
األنثوبولوجيا العضوية (
Physical Anthropology
ا
أول -تعريف ر
األنثوبولوجيا العضوية
ثانيا -فروع ر
األنثوبولوجيا العضوية
- 15 -
https://attanweerlibrary.blogspot.com85
www.facebook.com/tanweerlibrary
ا
أوال -تعريف ر
األنثوبولوجيا العضوية (الطبيعية)
ّ ّ
تعرف بوجه عام ،بأنها العلم الذي يبحث يف شكل اإلنسان من حيث سماته
ّ
المورثات .كما يبحث يف السداالت اإلنسانية، الت تطرأ عليها بفعل العضوية ،والت ّ
غثات ير
ّ البشية وخصائصها ،بمعزل عن ثقافة ّ من حيث األنواع ر
يعت أن
ي وهذا .منها كل
ً ّ ر
األنثوبولوجيا العضوية ،تثكز حول دراسة اإلنسان /الفرد بوصفه نتاجا لعملية عضوية،
ّ
التجمعات ر
البشية /السكانية ،وتحليل خصائصها. ومن ّثم دراسة
ّ
وتهتم هذه الدراسة بمجاالت ثداثة ي
ه:
ّ
التغثات البيولوجية عند األحياء من تفسث) ّ -المجال الثان :
ر يهتم بوصف ( ر
ّ
ر ي
البيولوج اإلنسان .وتمتد هذه األبحاث لتشمل :العداقة الكامنة ربي الثكيب
ي الجنس
من جهة ،والثقافة والسلوك من جهة أخرى.
- 86 -
https://attanweerlibrary.blogspot.com86
www.facebook.com/tanweerlibrary
ّ
الطبيعية (العضوية) لإلشارة إل ذلك العلم الذي ويستخدم مصطلح ر
األنثبولوجيا
حيوان عىل سطح ّ
يهتم بدراسة الجانب العضوي (الحيوي) لإلنسان ،منذ نشأته كنوع
ي
مدايي سنة ّ
ونيف ،وحت الوقت الحارص الذي ر األرض ،وقبل فثة زمنية تزيد عىل ثداثة
نعيش فيه.
ر ّ
الفثيائية) هو االختدافاألساش يف األنثوبولوجيا العضوية ( ر
ي إن الموضوع
البيولوج الذي يطرأ عىل الكائن اإلنسان ف الزمان والمكان ..ر
والىسء الذي ينتج غالبية
ي ي ي ر ي
تأثثات بيئية لها صلة ّ
هذه االختدافات ،هو اتحاد المقومات الوراثية مع البيئة ..فثمة ر
الثودة ،الرطوبة ،أشعة الشمس ،االرتفاع، ر
مباشة بهذا الموضوع ،مثل ( :الحرارة ،ر
غثه من الرئيسات ،يضم
اإلنسان عن ر
ي كث عىل اختداف الكائنوالمرض .)..وهذا الث ر
ر ّ
وه :
تأثثات محددة تدخل يف سياق األنثوبولوجيا العضوية ،يخمسة ر
الت ّ
-4نشوء الكائن الشبيه باإلنسان ،كما تم الكشف عنه من خدال التقارير ي
نجمت عن البحث ف المستحاثات ( ر
األنثوبولوجيا القديمة ). ي
ر
ان لإلنسان .
-0الثكيب الور ي
ّ
وتطوره . ّ -2
نمو اإلنسان
ّ
التكيف -1المرونة (المطواعية) الموجودة يف بيولوجيا اإلنسان (قدرة الجسم عىل
الثودة ،درجة حرارة الشمس)..
مع ضغوطات ،مثل :الحرارة ،ر
ر ي
البيولوج وما يتبعه من عملية النشوء والسلوك والحياة االجتماعية -5الثكيب
- 17 -
https://attanweerlibrary.blogspot.com87
www.facebook.com/tanweerlibrary
ً
ثانيا -فروع ر
األنثوبولوجيا العضوية
-1فرع الحفريات ر
البشية ): ) Paleontology
ّ
وتطوره، البشي منذ نشأته ،ومن ّثم مراحله األولية
وهو العلم الذي يدرس الجنس ر
ّ من خدال ما ّ
تدل عليه الحفريات واآلثار المكتشفة .أي أنه يتناول بالبحث نوعنا ر
البشي
ّ ا واتجاهات ّ
تطوره ،وال ّ
األحافث( .لينتون،
ر الت تكشفها
بالنواج ي
ي سيما ما كان منها متصال
،4759ص )49
- 88 -
https://attanweerlibrary.blogspot.com88
www.facebook.com/tanweerlibrary
البشية أو األجسام ر
البشية ):)Somatology -0فرع األجناس ر
ّ
إن التصنيفات العرقية الت ّ
طورها علماء األجناس ر
البشية ،ال تزال ي ويمكن القول :
- 19 -
https://attanweerlibrary.blogspot.com89
www.facebook.com/tanweerlibrary
ّ وتعمد ر
األنثوبولوجيا العضوية من أجل أن تحقق أهدافها يف دراسة أصل اإلنسان
دراسة تاريخية وفق منهجية علمية ،إل االستعانة بعلم األحياء وعلم ر
التشي ــح ،إل درجة
يمكن معها أن يطلق عىل ر
األنثوبولوجيا العضوية اسم " علم األحياء اإلنسانية Human
ّ ّ ّ
الحية غثه من الكائنات
الت تتعلق باإلنسان وحده دون ر
" Biologyأي أنها الدراسة ي
األخرى.
- 01 -
https://attanweerlibrary.blogspot.com90
www.facebook.com/tanweerlibrary
ّ
الحية بمثات عضوية خاصة ،ال سشاركه فيها إي من الكائنات يتصف اإلنسان ر
ّ
األخرى ،وتتمثل هذه الصفات يف الجوانب التالية( Ardrey , 1961, p.86) :
اثني .
قدمي ر
ر والسث عىل
ر -انتصاب القامة
ّ
ومكوناته . -تركيب الرأس من حيث شكله
والساقي)
ر -تركيب الجسم ،من حيث شكله العام ومقاييس أطرافه (الذر ر
اعي
ومدى تناسبهما مع األعضاء األخرى يف الجسم .
-محدودية المساحات ي
الت ينبت فيها الشعر ،وتحديد أماكن وجودها.
-فثة الطفولة الطويلة ،مقابل قرصها عند الكائنات الرئيسة األخرى (الثدييات) .
ّ ّ
الجسمية العامة المشثكة ربي ر
البش ،إال أن ثمة فروقات وعىل الرغم من الصفات
ّ ّ ّ ّ
والت تؤثر إل حد ما ببنية الشخصية اإلنسانية ،وال سيما
يف تكوين بعضها وخصائصها ،ي
ّ
النفسية والسلوكية . النواج من
ي
األنثوبولوجيا الجسمية بمسألة العرق ،أن اكتسب وكان من نتائج انشغال علماء ر
الباحثي عن الكائن ر ً
البشي .فاألصناف ر تفكث
ر هذا المفهوم (النوع أو العرق) رسوخا أعاق
ًّ ّ العرقية ر
نسبيا ،وقادرة عىل الصمود تعتث كيانات ثابتة
البشية ظلت – إل عهد قريب _ ر
- 91 -
https://attanweerlibrary.blogspot.com91
www.facebook.com/tanweerlibrary
ّ
التغث الفطرية. تأثثات البيئة أو قوى
ر أمام ر
-1/3/1العرق األبيض (القوقازي) :يمتاز هذا العرق بصفات خاصة يف( :علو
ّ الفكي ،استقامة العينيّ ،ّ ّ
وتجعده، تمو الشعر ر ر األنف ودقته ،اعتدال الشفة وبروز
ر
وكثة شعر الجسم وكثافة اللحية)..
ويندر ضمن هذا العرق :العرق الهندي – عرق البحر األبيض المتوسط،
- 02 -
https://attanweerlibrary.blogspot.com92
www.facebook.com/tanweerlibrary
الثبر ،المرصيون،
األلت (وسط أوروبا ) ،العرق النوردي (اإليرانيون ،األفغان ،ر
العرق ر ي
واألثيوبيون ).
ّ
المتوسط والشفة الغليظة ،والفك -0/3/1العرق األسود (الزنخ) :يمتاز باألنف
القصث األشعث ،والرأس
ر كبث .وكذلك بالعيون المستقيمة والشعر
البارز بشكل ر
المستطيل.
ّ
ويمثل هذا العرق :زنو أمريكا ،زنو أفريقيا الوسط ،والحاميون النيليون يف
مرص .
ّ
ويمثل هذا العرق :المغول األصليون (األسكيمو ،اليابانيون ،الكوريون ،والصينيون)
وكذلك ،األتراك واألندونيسيون ،والهنود األمريكيون ،وسكان التيبت.
ّ
ه العوامل إن هذه االختدافات الشكلية الظاهرة ربي العروق (األنواع) الثداثة ،ي
للتميث ربي األفراد والمجتمعات. األساسية الت يعتمد عليها ف الدراسات ر
األنثوبولوجية،
ر ي ي
ّ ا ّ ّ
للتميث ربي عرق وآخر ،يتمثل يف القدرات ر إال أن بعض العلماء يضيفون عامال آخر
ّ الذكائية (نسبة الذكاء ) ،مع ّأن هذا العامل لم تثبت ّ
الزنح األسود،
ر ي صحته ،حيث أن
ّ عىل سبيل المثال ،ال ّ
األمريك األبيض ،يف حال وفرت لـه الظروف النمائية
ي يقل ذكاء عن
والثبوية المناسبة .
- 93 -
https://attanweerlibrary.blogspot.com93
www.facebook.com/tanweerlibrary
بالقدرات الفطرية لشعوب العالم ،ويؤثرون كتابة تاري ــخ الحضارة يف ضوء عوامل البيئة
ّ
والحظ وتسلسل األحداث المثابطة( .لينتون ،4759 ،ص )57
ّ ّ
الشخصية كبث يف تكوين
يعت أن البيئة االجتماعية والطبيعية لها دور ر
ي وهذا
اإلنسانية ،المنتجة والمبدعة ،وليست العوامل الوراثية (العرقية) فحسب .وهذا ما بدأت
تأخذ به الدراسات اإلنسانية المعارصة .
- 04 -
https://attanweerlibrary.blogspot.com94
www.facebook.com/tanweerlibrary
- 95 -
https://attanweerlibrary.blogspot.com95
www.facebook.com/tanweerlibrary
الفصل الثالث
ّ
النفسية ر
األنثوبولوجيا
Psychology Anthropology
ّ
الشخصية وطبيعتها -1مفهوم
ّ
والشخصية -3الثقافة
- 06 -
https://attanweerlibrary.blogspot.com96
www.facebook.com/tanweerlibrary
ّ
مقــدمة
ّ
الت تناولت مفهوم الثقافة ،ارتباطها
ومن هذا المنطلق ،أكدت معظم التعريفات ي
ّ
يعت أن الثقافة ظاهرة
أساش بالنتاجات /اإلبداعية والفكرية /لإلنسان .وهذا ي
ي بشكل
مدازمة لإلنسان ،باعتباره يمتلك اللغة ،واللغة وعاء الفكر ،والفكر ينتج عن تفاعل
ّ ّ
الحية. غثه من الكائناتالت يتمتع بها اإلنسان دون ر العمليات العقلية والنفسية ي
االجتماع ،وأخذ مفهومها الشخض / ّ
أحس بوجوده فالعنارص الثقافية وجدت معه مذ
ي ي
ّ ّ ّ ّ
ه عليه اآلن .
يتطور ويتسع ،وتتحدد معالمها مع تطور اإلنسان ،إل أن وصلت إل ما ي
ّ
ّ
والشخصية، فموضوع األ رنثوبولوجيا النفسية ،يتحدد إذن ،يف العداقة ربي الثقافة
ّ ّ ّ
الشخصية، متكاملي :اتجاه يأخذ أثر الثقافة يف
ر جاهي
ر تسث يف ات
الت ر هذه العداقة ي
ر ّ ّ
األنثوبولوجيا الشخصية يف الثقافة .ومن هنا ،فقد ساعد ظهور واتجاه يأخذ أثر
الت تحكم تشكيل ّ
النفسية ،علماء النفس يف الوصول إل فهم أفضل للمبادىء ي
األنثوبولوجيا لدراسة األنماط األساسسيبةالشخصية ،وأثار ف الوقت ذاته اهتمام علماء ر
ّ
ي
- 97 -
https://attanweerlibrary.blogspot.com97
www.facebook.com/tanweerlibrary
ّ
للشخصية يف المجتمعات المختلفة ،قديمها وحديثها.
ّ ا
الشخصية وطبيعتها أوال-مفهوم
ّ ّ ّ
الشخصية اإلنسانية والعوامل المؤثرة يف تكوينها ،مكانة هامة يف الدراسات احتلت
وكيفية ّ
تكيفها ّ ّ
الشخصية، مكونات هذهالتعرف إل ّ
ّ ّ
النفسية واالجتماعية ،وذلك بقصد
ّ
وتطورها. ّ
الشخصية وتفاعلها مع البيئة المحيطة ،وبما يتيح نمو
الشخصية ّ
ّ ّ ً
الحقيق لإلنسان ،فقد
ي االجتماع /
ي تعث عن الجوهر ر فانطداقا من أن
ّ ّ
عرفها رالف لينتون ،بأنها " :المجموعة المتكاملة من صفات الفرد العقلية والنفسية .أي
اإلجمال لقدرات الفرد العقلية وإحساسا ته ومعتقداته وعاداته ،واستجاباته
ي المجموع
ر
العاطفية المشوطة " (لينتون)529 ،4751 ،
ّ كما ّ
عرفها /فيكتور بارنوا /بأنها " :تنظيم ثابت لدرجة ما ،للقوى الداخلية للفرد.
بكل مركب من االتجاهات والقيم والنماذ الثابتة بعض ر ّ وترتبط تلك القوى ّ
الىسء،
ي
ّ ّ ّ
والت تفش – إل حد ما – ثبات السلوك الفردي " ( . ي الحىس،
ي والخاصة باإلدراك
)Barnouw, 1972, p 8
- 08 -
https://attanweerlibrary.blogspot.com98
www.facebook.com/tanweerlibrary
- 99 -
https://attanweerlibrary.blogspot.com99
www.facebook.com/tanweerlibrary
ّ ّ
شخصية الفرد مع الثان :أنه سشبه بعض الناس ،فهذا ما يداحظ يف تشابه سمات
ينتم إليها ،أو بعض األفراد الذين ينشأ – أو يتعامل – معهم.
ي الت
سمات أعضاء الجماعة ي
(المرصي ،4772 ،ص )54
ّ
وتتطور يف وحدة متكاملة ،من خدال تآزر ّ
فالشخصية تنمو -4النمو والتكامل :
ّ ّ
الشخصية وقدراتها ،وعملها بصورة مستمرة ومتفاعلة مع مواقف الحياة سمات هذه
الت ّ
المختلفة ،وال سيما تفاعل اإلنسان مع بيئته وأنماط التنشئة االجتماعية المتعددة ي
ّ
الشخصية بعنارصها الكاملة ،يف أثناء التعامل مع هذه وبالتال استجابة هذه ّ
يتعرض لها،
ي
ّ
المواقف المتنوعة.
ّ
وف البناء
وهذا الثبات الذي يتجىل يف ( :األعمال وأسلوب التعامل مع اآلخرين ،ي
والخثات)
ر والخارج للشخص ،بما يف ذلك الدوافع واالهتمامات واالتجاهات،ر ي الداخىل
ي
ّ ّ ً
المستقبىل لهذه الشخصية.
ي هو الذي سسمح – أحيانا – بالتنبؤ
https://attanweerlibrary.blogspot.com101
www.facebook.com/tanweerlibrary
ّ ّ
لعدم النظر إل الفرد كوحدة متكاملة ،فنن تعقد المشكدات االجتماعية /اإلنسانية،
ّ ّ ّ
الشخصية وتطور النظرة إل دور اإلنسان فيها ،أدى إل زيادة االهتمام بدراسة طبيعة
اإلنسانية ،الكتشافها وإيجاد أفضل الطرائق للتعامل معها وتوظيف قدراتها.
ً
ثانيا-مفهوم الثقافة وخصائصها
ا ًّ ّ
وتميث بعضها من بعض،
ر هاما يف تصنيف المجتمعات واألمم، تعد الثقافة عامال
وذلك بالنظر لما تحمله مضمونات الثقافة من خصائص ودالالت ذات أبعاد فردية
ً
واجتماعية ،وإنسانية أيضا.
ّ
تعددت تعريفات الثقافة ومفهوماتها ،وظهرت ر
عشات التعريفات ما ربي ولذلك،
( )4752-4994منها ما أخذ بالجوانب المعنوية /الفكرية ،أو بالجوانب الموضوعية /
ّ ً
اإلنسان
ي سثورة المجتمع
المادية ،أو بكليهما معا ،باعتبار الثقافة -يف إطارها العام -تمثل ر
ّ
والعلمية . وإبداعاته الفكرية
التنوع يف التعريفات ،حدا بـ /إدجار موران /أن يقول بعد مرور قرن عىل أولوهذا ّ
ّ تعريف ر
ر ي
وبولوج للثقافة " :كلمة الثقافة بداهة خاطئة ،كلمة تبدو وكأنها كلمة ثابتة، أنث
ّ ّ ّ ّ ّ
حازمة ،والحال أنها كلمة فخ ،خاوية ،منومة ،ملغمة ،خائنة ..الواقع أن مفهوم الثقافة
ّ ً ّ ً ً ليس ّ
اليوم " (.
ي التعبث
ر أقل غموضا وتشككا وتعددا ،يف علوم اإلنسان منه يف علوم
)Morin, 1969, p.5
ّ ّ
ه ذلك وعرفها عالم االجتماع الحديث /روبرت ربثستيد /بقوله " :إن الثقافة ي
ّ ّ ّ ّ
الكل المركب الذي يتألف من كل ما نفكر فيه ،أو نقوم بعمله أو نمتلكه ،كأعضاء يف
مجتمع " .
ّ
ادل )J. Spradleyأن ثقافة المجتمع،
سث ي
وضمن هذا المفهوم ،يرى /جيمس ر
ّ
تتكون من ّ
كل ما يجب عىل الفرد أن يعرفه أو يعتقده ،بحيث يعمل بطريقة يقبلها أعضاء
ّ ّ ّ ّ
تتكون من األشياء أو مادية فحسب ،أي أنها ال المجتمع ..إن الثقافة ليست ظاهرة
ّ ّ
فه
ه تنظيم لهذه األشياء يف شخصية اإلنسان .يالناس أو السلوك أو االنفعاالت ،وإنما ي
ما يوجد يف عقول الناس من أشكال لهذه األشياء) Spradley, 1972, p.p. 6-7) .
ّ ّ
وهذا يتفق إل حد بعيد مع التعريف الذي يفيد بأن مصطلح الثقافة Cultureيف
اإلنكلثية ،عىل معت الحضارة Civilizationكما يف اللغة األلمانية ،له وجهان:
ر اللغة
وجه ذان :هو ثقافة العقل ..ووجه موضوع :هو مجموعة العادات واألوضاع
ّ
الفنية واألدبية ،والطرق العلمية والتقنية ،وأنماط االجتماعية ،واآلثار الفكرية واألساليب
ّ
معي .فالثقافة ه طريق حياة الناسّ ،
وكل ي التفكث واإلحساس ،والقيم الذائعة يف مجتمع ر
ر
ً ً
ما يملكون ويتداولون ،اجتماعيا وبيولوجيا( .صليبا)299 ،4794 ،
ّ ّ
وربما يكون أحدث مفهوم للثقافة ،هو ما جاء يف التعريف الذي اتفق عليه يف إعدان
ّ ّ
مكسيكو ( 5آب ،) 4790والذي ينص عىل أن الثقافة – بمعناها الواسع – يمكن النظر
https://attanweerlibrary.blogspot.com103
www.facebook.com/tanweerlibrary
ً إليها عىل ّأنها " :جميع السمات الروحية والمادية والعاطفية ،الت ّ
تمث مجتمعا بعينه ،أو
ي ر
وه تشمل :الفنون واآلداب وطرائق الحياة ..كما تشمل الحقوق
فئة اجتماعية بعينها .ي
األساسية لإلنسان ،ونظم القيم والمعتقدات والتقاليد " .
ر ً
األنثبولوجيا الثقافية / الباحثي يف دراسة
ر كثث من
وتأسيسا عىل ذلك ،اعتمد ر
ه: ّ
النفسية واالجتماعية /عىل ثداثة مفهومات أساسية ،ي
ّ
التحثات الثقافية :وتشمل القيم والمعتقدات المشثكة ربي الناس . -
ّ
ّ
-العالقات االجتماعية :وتشمل العداقات الشخصية ي
الت تربط الناس بعضهم
مع بعض .
ّ ّ
ويعث عن ر يعت أن الثقافة تهدي اإلنسان إل القيم ،حيث يمارس االختيار وهذا ي
ّ
وبالتال يتعرف إل ذاته ويعيد النظر يف إنجازاته وسلوكاته. الت يرغبها،
ي نفسه بالطريقة ي
ً ً ّ ّ
وعىل الرغم من ذلك ،فنن أية ثقافة ال تؤلف نظاما مغلقا ،أو قوالب جامدة يجب أن
ّ
ويتبي من التأكيد عىل حقيقة الثقافة يتطابق معها سلوك أعضاء المجتمع جميعهم.
ر
ّ ر ّ
شء ،ألنها ليست سوى السيكولوجية ،أن الثقافة بهذه الصفة ،ال تستطيع أن تعمل أي ي
ً ّ
تفكث ،عند األشخاص الذين يؤلفون مجتمعا ر مجموع من سلوكات وأنماط وعادات
ّ ّ ً
معي( .هرسكوفيث ،4791ص )55خاصا ،يف وقت محدد ومكان ر
ً
االجتماع،
ي ر ي
البيولوج لإلنسان يف الثقافة معدوما عىل المستوى التأثث
ر وإذا كان
ّ
الثقاف عىل
ي العامل تأثث
ر فنن ، ) الشاذة ( الستثنائيةا الفردية الحاالت بعض باستثناء
تأثث فاعل ومحسوس ،ليس عىل مستوى الفرد فحسب ،بل عىل ر ي
البيولوج ،هو ر الوجود
ّ ّ
مستوى المجتمع بوجه عام .ولذلك ،فكما يتم اصطفاء النوع ،يتم اصطفاء الثقافة عىل
أساس ّ
تكيفها مع البيئة .وبمقدار ما تساعد الثقافة أعضاءها يف الحصول عىل ما
ّ ّ
وف تجنب ما هو خطر ،فننها تساعدهم عىل البقاء( .سكيث،4792 ، يحتاجونه ،ي
ص) 422
https://attanweerlibrary.blogspot.com105
www.facebook.com/tanweerlibrary
ّ ّ ّ ّ
االجتماع الذي
ي يأن منسجما مع اإلطار
وهذا يؤكد أن النموذ العام ألي ثقافة ،ي
أنتجها ،ويرسم بالتال السمات والمظاهر االجتماعية لدى األفراد الذين ر ّ
يتشبون هذه ي
الثقاف واستمراريته وتطويره.
ي الثقافة ،ويعملون ما بوسعهم للحفاظ عىل هذا النموذ
ّ ّ
فنن ّ ً
ثمة خصائص تتسم بها الثقافة ،بحسب مفهومها واستنادا إل هذه المعطيات،
ّ
وطبيعتها ،ومن أبرز خصائص هذه الثقافة أنها :
مسثة
وعث ر -0/0مكتسبة :يكتسب اإلنسان الثقافة من مجتمعه ،منذ والدته ر
ّ
يتمث بثقافة الشخصية .وبما ّأن ّ
ّ
إنسان ر
ي كل مجتمع الخثات
ر حياته ،وذلك من خدال
ّ ّ ّ
معينة ،محددة الزمان والمكان ،فنن اإلنسان يكتسب ثقافة المجتمع الذي يعيش فيه
ّ ّ
الفثيولوجية يف عملية االكتساب .أي أن عملية التنشئة
منذ الصغر ،وال تؤثر العوامل ر
الت تقوم بنقل ثقافة المجتمع إل الطفل .ومهما كانت
ه العملية ي االجتماعية الثقافية ،ي
فننه سستطيع أن يلتقط ثقافة أي مجتمع رّ
بشي ،إذا ما ينتم إليها الفرد،
ي الت
السدالة ي
عاش فيه فثة زمنية كافية .
ّ ّ ّ
تتم إال من خدال الجماعات (المجتمعات ) ،وذلك ألن هذه الثقافة دراسة الثقافة ال
ّ
تمثل عادات المجتمعات وقيمهم ،وليست عادات األفراد كأفراد .وإن كانت النظم
الثقافية تختلف ف مدى شموليتها االجتماعية .فهناك نظم ّ
تطبق عىل أفراد المجتمع ي
ّ ّ
سيما ف الثقافات المتمدنة ،ال ّ
كثثة ،وال ّ
تطبق إال عىل ي ر نظم هناك المقابل وف
جميعهم ،ي
ّ
معينة داخل المجتمع الواحد ،وال تطبق عىل الجماعات األخرى .وهذا ما يدخل جماعة ّ
https://attanweerlibrary.blogspot.com107
www.facebook.com/tanweerlibrary
ً ّ ً ّ
وإذا كانت الثقافة تشكل إرثا اجتماعيا ،فننها إذن قابلة لدانتقال من جيل الكبار إل
جيل الصغار بواسطة عملية التثقيف أو التنشئة الثقافية /االجتماعية ،أي العملية
تعت يف بعض جوانبها ( :نقل ثقافة الراشدين إل الذين لم يرشدوا بعد ) .كما
الت ي
الثبوية ي
يتم هذا االنتقال (االنتشار) إل جماعات إنسانية أخرى من خدال وسائل يمكن أن ّ
ّ
االتصال المختلفة .
ّ ّ
فالثقافة ال توجد إال بوجود المجتمع ،والمجتمع من جهته ال يقوم ويبق إال
ّ ّ
الت
وه ي
متمث لحياة الجماعة ونمط متكامل لحياة أفرادها ،ي ر بالثقافة ،ألن الثقافة طريق
ّ
تمد هذه الجماعة األدوات الدازمة الطراد الحياة فيها ،وإن كانت ّ
ثمة آثار يف ذلك لبعض
العوامل البيولوجية والجغرافية .
ّ ً
والشخصية ثالثا -الثقافة
ّ
وإذا كان /هرسكو فيث /ركز عىل االستمرارية التاريخية يف الثقافة ،من خدال عملية
ً ّ ّ
سابث /سشدد عىل العداقة ربي الثقافة والشخصية ،استنادا إل ر (المثاقفة ) ،فنن /
سابث " :هناك ر
الكبث يف األنثوبولوجيا البنيوية .يقول ر
التأثث رر األساس اللغوي الذي كان لـه
ّ ّ ّ ّ ّ
عداقة أساسية ربي الثقافة والشخصية .فدا شك يف أن أنماط الشخصية المختلفة ،تؤثر
ً ً
تفكث عمل المجموعة بكاملها ،وعملها ،هذا من جهة ،ومن جهة أخرى، ر تأثثا عميقا يفر
ّ ّ تث ّ
الشخصية االجتماع ،يف بعض األنماط المحددة من أنماط
ي السلوك أشكال بعض خ س
ّ ّ
نسبية " )Sapir, 1967), p.75 ،حت وإن لم يتداءم الفرد معها إال بصورة
وإذا كانت المفاهيم العلمية األول ،تصف سلوك اإلنسان وتربطه بعدد من الدوافع
https://attanweerlibrary.blogspot.com109
www.facebook.com/tanweerlibrary
ً ّ
تجث
كثثا ما ر
-4الناحية الجسمية :إن الثقافة السائدة لدى شعب من الشعوب ،ر
ّ ّ
جثية وإلزام ،وسيطرة مستمدة من العادات والقيم والتقاليد -عىلالفرد – بما لها من قوة ر
ً ً ّ
كبثا .فعىل سبيل المثال :كانت ترص بالناحية الجسمية رصرا ر أعمال وممارسات قد
الصي ،أن تثت أصابع الطفلة ر
األنت ،وتطوى ّ
المرفهة يف العادات لدى بعض الطبقات
ر
تمىس مشية خاصة.ر ّ
تحت القدم ،وتلبس حذاء سساعد يف إيقاف نمو قدمها ويجعلها
ي
ّ
التشوه الذي يحصل للقدم ،فقد كانت تلك المشية باإلضافة إل صغر فعىل الرغم من
القدم ،من أهم دالئل الجمال .
ّ
المتحرص ،بثقافة مجتمعه ،وال ّ ّ
سيما البدان ،أو يف المجتمع
ي يتأثر الفرد سواء يف المجتمع
االجتماع وتأييده أهم وظائف األشة ،مساندة الثكيبعن طريق األشة ،باعتبار ّأن من ّ
ي
.
ُ ُ
الناحيتي العقلية واالنفعالية ،باعتبارهما المواد
ر -1الناحية الخلقية :تستند إل
ّ ُ ُ
هالت تبت عليها الصفات الخلقية .ولذا فنن األخداق السائدة يف المجتمع ،ي الخام ي
ّ
نواج
ي الحصيلة الناتجة من تفاعل القوى العقلية واالنفعالية ،مع عوامل البيئة .أي أن ال
ً األخداقية ر
االجتماع والثقافة المهيمنة عىل
ي أكث قربا إل العوامل البيئية ،والوسط
ّ ً ّ
بالمعايث األخداقية
ر أخداف خاص ينساق فيه الفرد ،متأثرا ي فلكل ثقافة نسق الشخص.
ر
الخث والش ،والصواب والخطأ ،وما يجوز وما ال يجوز ،وإن كانت ر السائدة من ناحية
نسبية تختلف يف معانيها ودالالتها من مجتمع إل مجتمع آخر .ولذلك، ّ المعايث
ر هذه
ً ً
نست ..والسلوك الشاذ يف ثقافة ما ،قد يكون سلوكا عاديا
ري أمر ،المعايث
ر تلك عن فالجنوح
ّ ا
لمعايث وقيم ثقافة أخرى .فالشقة مثال :تعد من الجرائم يف المجتمعات ر بالنسبة
ّ ّ
كثث من الشعوب البدائية والقديمة ،حت أنها كانت الحديثة ،ولكنها كانت مباحة عند ر
ً
الساعان ،4792 ،ص )049-042
ي نوعا من أنواع البطولة( .
https://attanweerlibrary.blogspot.com111
www.facebook.com/tanweerlibrary
ّ
االجتماع السائد ،ويتجىل ذلك
ي فتأثث الثقافة قوي وفاعل يف الحفاظ عىل النسقر
ّ
عفيق ،4790 ،ص )414
ي فيما تقدمه إل إفراد المجتمع يف الجوانب التالية ( :
ّ
ينبىع أن يكون
ي الت
والتفكث والمشاعر ،ي
ر -4توفر الثقافة للفرد ،صور السلوك
ّ عليها ،وال ّ
سيما يف مراحله األول ،بحيث ينشأ عىل قيم وعادات تؤثر يف حياته ،بحسب
الت عاش فيها .
طبيعة ثقافته ي
ّ
تفسثات جاهزة عن الطبيعة والكون وأصل اإلنسان
ر -0توفر الثقافة لألفراد،
ودورة الحياة .
ّ
توفر الثقافة للفرد المعان والمعايث الت سستطيع أن ّ
يمث – يف ضوئها -ما هو
ر ي ر ي -2
صحيح من األمور ،وما هو خاىطء.
ً
وأخثا ،تكسب الثقافة الفرد ،االتجاهات السليمة لسلوكه العام ،يف إطار
ر -5
السلوك المعثف به من قبل الجماعة.
ّ ّ
إن ردود فعل الفرد تجاه النظام ،هو الذي يؤدي إل نموذ السلوك الذي ندعوه "
ّ ّ
الشخصية " .وتصنف النظم يف أنظمة أولية ونظم ثانوية .فالنظم األولية :تنشأ عن
ّ ر
الت يمكن أن يتحكم فيها الفرد( ،كالغذاء والعادات الجنسية ،وأنظمة التعليم
الشوط ي
https://attanweerlibrary.blogspot.com113
www.facebook.com/tanweerlibrary
ّ
المختلفة )ّ .أما النظم الثانوية :فتنشأ من إشباع الحاجات وانخفاض التوتر الناجم عن
النظم األولية .مثال ذلك :اعتقاد بعض الشعوب بآلهة ،تطمي القلق الناجم عن حاجة
ّ
إن ما ّ
يمث هذا الرأي عما سبقه ،هو صفتهر تأمي موارد غذائية دائمة.
هذه الشعوب إل ر
ّ ّ
الشخصية األساسية ينتج عن تحليل النظم االجتماعية ،وتحليل الديناميكية ،ألن بنيان
أثرها عىل األفراد يف ثقافة بعد أخرى( .هرسكوفيث ،4791 ،ص)54
ّ
ولذلك يداحظ أنه عندما تختلف الثقافة يتبعها اختداف يف أنماط السلوك .فننسان
ً
العرص الحجري القديم يختلف عن إنسان العرص الحجري الجديد ،ويختلف أيضا عن
الثونزي والعرص الحديدي .فاإلنسان الذي سستخدم األدوات البدائية
إنسان العرص ر
والحشات والطيور ،ويخاف منر كاألحجار والعظام والخشب ،ويأكل البذور والجذور
ّ ً
النار ،ال يتوافق ثقافيا مع اإلنسان الذي سستخدم الكهرباء أو يتحكم باآلالت عن بعد،
ّ
وغث ذلك .وحت يف ويأكل الطعام من المطبخ ويتفي يف صنع األنواع المختلفة منه ،ر
ّ
هذا العرص ،فاإلنسان الذي يعيش يف دولة متحرصة وتختلف ثقافته عن ثقافة اإلنسان
ً ّ فنن سلوك ّّ
الثان ،تبعا
ي األول – وال شك – يختلف عن سلوك الذي يعيش يف دولة نامية،
ّ
تزودت به شخصيته( .غالب ،4774 ،ص ) 422 للزاد الثقاف الذي ّ
ي
ّ
استغلها العلماء ر ّ ّ ّ ّ
األنثوبولوجيون األوائل الت
التخىل عن الفرضية التطورية ي
ي وقد أدى
ّ ،فيما بعد ،إل تسهيل الدمج بي األسلوبي :ر
ر ي
والسيكولوج ..،والواقع أن ر ي
وبولوج األنث ر ر
ّ ّ ّ
التطورية تداشت ،وحل محلها مفهوم الثقافات بوصفها وحدات وظيفية الفرضية (النظرية)
ّ
متكاملة ،كما ظهر االتجاه إل دراسة المجتمعات البدائية باعتبارها كيانات قائمة بذاتها ،وهذا
مالينوفسك /الرائد األول لهذه الحركة( .لينتون ،4759 ،ص )479
ي ما دعا إليه /
ّ
تضق عىل حياة الفرد قيمة ومعت ،وتكسب وجوده
ي وهكذا يمكن القول :إن الثقافة
ر ا
األنثوبولوجيا ،سستطيع دراسة لقد ناقش العلماء طويال فيما إذا كان عالم
النفىس .ولم ّ
الشخصية يف المجتمعات البدائية ،دون أن يخضع – هو نفسه -للتحليل
ي
ّ
يهتم بالدراسة النفىس الذي يدر حديث طويل ّ
عما إذا كان يجب عىل عالم التحليل
ي
ر ّ
الت
خثة مباشة بالمجتمعات ي المقارنة للثقافات ،أن يحصل عىل معلومات مستمدة من ر
ً
تختلف عن مجتمعه اختدافا اتاما ،يف الجزاء واألهداف وأنظمة الحوافز والضبط
االجتماع .
ي
ّ
النفىس ،الذين أبدو اهتمامهم بهذه المشكدات،
ي فالواقع أن القليل من علماء التحليل
ً
أجروا بأنفسهم أبحاثا ميدانية الختبار نظرياتهم ربي جماعات ،تقع خار نطاق الثقافات /
ّ ً
التقليديي ،الذين
ر األورو -أمريكية ./وهذا ينطبق أيضا– وإل حد ما -عىل علماء النفس
يتناولون بالبحث سيكولوجية الثقافة ،وعىل العلماء الذين سستخدمون طرائق ومفاهيم
المدرسة التحليلية (.هرسكوفيث ،4791 ،ص )59
https://attanweerlibrary.blogspot.com115
www.facebook.com/tanweerlibrary
ّ
التوصل إل تعميمات ّ ً ّ
هامة بشأن العداقة التعرف إليها ..،وإذا أمكننا أيضا أسباب يمكن
ّ
وبي اإلمكانات الفردية الخاصة يف مجاالت ّ بي ّ
األساش للشخصية ،ري تكون الثكيب ر
التكيف( .لينتون ،4759 ،ص )022 ّ
ا ّ
خط ّ ّ ّ ّ
تطوري يكاد يكون مماثال الشخصية ،سارت يف ومما يداحظ أن سيكولوجية
تأثث العلوم الطبيعية، ّ
لخط تطور األثنولوجيا .فقد وقع هذا الفرع يف بادىء األمر ،تحت ر
ّ
تفسث أوجه التشابه والفروق الفردية عىل أسس نفسية.
ر فحرص اهتمامه يف الفرد ،وحاول
ّ ّ ّ ّ
ومع أن علماء النفس شعان ما أدركوا أهمية البيئة يف تشكيل الشخصية ،فنن فائدتها
تفسث الفروق الفردية.
ر اقترصت – يف البداية -عىل استخدامها يف
ّ
لقد اعتمد الباحثون النفسيون – يف الواقع -عىل نتائج مداحظاتهم المحدودة ،كما لو أنها
بصحتها ،فافثضوا وجود غرائز عامة ّ ّ ّ
متنوعة لتعليل ما الحظوه من ظاهرات .. قضايا مسلم
ّ ّ
الشخصية تختلف باختداف المجتمعات والثقافات ،فكان ّ معايث
ر ّثم ر
تبي لهؤالء العلماء أن
ّ ّ
اضطرتهم إل اتخاذ خطوات جذرية إلعادة تنظيم مفهوماتهم. هذا االكتشاف بمثلة صدمة
(لينتون ،4759 ،ص )22
الت تستخدم طرائق اإلسقاط ه " طريقة اإلسقاط "Projectionي الطريقة الثالثة :ي
الحث ،وذلك لتحديد نطاق ّ
المختلفة يف التحليل ،وال سيما مجموعة /رورشاخ /من بقع ر
ّ ّ ّ ّ
وف هذه الطريقة يتمثل كل من الفرد والثقافة .وال شك يف
معي .ي
الشخصية يف مجتمع ر بنيان
ّ ّ ّ ّ ّ ّ
أن استخدام اختبار موحد ترجع إليه النتائج كلها ،يزود بأداة منهجية لمعرفة بيان شخصية
أفراد جماعة ما ،يف ضوء تثقيفهم عىل النظم االجتماعية والقيم يف ثقافتهم( .هرسكوفيث،
،4791ص )19-19
ّ
فالثقافة ال تؤثر يف أفراد المجتمع جميعهم ،بطريقة واحدة ،ولهذا يمكن أن يقسم
أساسيتي :
ر فئتي
تأثث الثقافة يف الفرد إل ر
ر
https://attanweerlibrary.blogspot.com117
www.facebook.com/tanweerlibrary
ّ
يكق ألن
متشابهي إل حد ي
ر وعىل الرغم من ذلك ،يصبح الجميع – بوجه اإلجمال –
ّ
يجد المرء – إذا ما طاف حول العالم – أن الناس يختلفون بعضهم عن بعض ،من
ً
مجتمع إل آخر ،تبعا الختداف الثقافات الواحدة عن األخرى .ولكن بينما سسىع األفراد
إل نيل الموافقة والحصول عىل الطمأنينة ،ويحاولون االمتثال ألنماط السلوك الت ّ
تقرها ي
ّ ّ ّ
الت ينشدونها وطرق الجماعة أو التفوق عىل أقرانهم ،فنن ثقافتهم تحدد لهم األهداف ي
Psychology of الوصول إليها .وهذا هو موضع اهتمام (سيكولوجية الثقافة
،Cultureأو السيكو أثنوغرافيا ،Psychoethnographyوهو دراسة الفرد من خدال
ّ
التثقيق الذي يؤدي إل تداؤمه مع قواعد السلوك القائمة يف مجتمعه عندما
ي السياق
ً
يصبح عضوا فيه( .هرسكو فيث ،4791 ،ص 27و )14وهنا يكمن جوهر إحدى
ّ
التثقيق يف
ي تأثث السياق
المشكدات األساسية يف دراسة الثقافة ،والمتمثلة يف معرفة ر
والنفىس. ّ
وتطورها العضوي والفكري المجتمع ،عىل نمو الشخصيات الفردية
ي
ّ ّ
نفسية ،تعيش يف عقول األفراد ،وال وبما أن الثقافة – يف جوهرها – ظاهرة اجتماعية
ّ ّ ّ ً
الشخصيات الفردية يف اإلبقاء عىل الثقافة تعبثا عن نفسها إال عن طريقهم ،فنن دورتجد ر
ّ ًّ ّ
الت تتمكن بها أية ثقافة من البقاء عىل قيد الحياة ،حت
يتضح بصورة جلية جدا ،يف الطريقة ي
التعبث عنها يف سلوك ر ي
خارج ظاهري ،وحت بعد زوال المجتمع الذي كان يحمل ر بعد انقطاع
هذه الثقافة يف األصل .ولذلك ،سستطيع عالم األثنولوجيا أن سستعيد العنارص األساسية
بق عىل قيد الحياة .كما سستطيع أن
لثقافة مجتمع منقرض ،من آخر رجل من هذا المجتمع ي
سستعيد المهارات الخاصة الت سبق أن ّ
تدرب عليها هذا الرجل( .لينتون ،4751 ،ص ) 291 ي
ّ ّ ّ ً
فهوتأسيسا عىل ما تقدم ،نجد أن ثمة عداقة وثيقة وتفاعلية ربي الثقافة وأبنائها ،ي
ّ ّ الت ّ
يترصفون بطريقة منسجمة توجههم يف جوانب حياتهم المختلفة ،لدرجة أنهم ي
ّ
وآلية ،يف معظم األحيان .واألفراد يف المقابل ،يؤثرون يف هذه الثقافة ويسهمون يف
ّ
والفنية والعلمية .ولذلك ،نرى تطويرها وإغنائها ،من خدال نتاجاتهم وإبداعاتهم الفكرية
ّ
للتعرف إل السمات ر
واألنثوبولوجية ،بدراسة الثقافة اهتمام علماء الثبية واالجتماع
بالتال إل ّ ّ
العامة للفرد أو الجماعة (المجتمع) يف إطار مكونات هذه الثقافة ،والتعرف
ي
والتميث فيما بينها .
ر وتفسثها
ر أنماط الحياة االجتماعية للناس،
النهضة،بثوت .
ر ّ
والشخصية ،دار ،سام حسن ( )4792الثقافة الساعان -
ي ي
https://attanweerlibrary.blogspot.com119
www.facebook.com/tanweerlibrary
اللبنان ،ربثوت.
ي الفلسق ،دار الكتاب
ي -صليبا ،جميل ( )4794المعجم
عفيق ،دمحم الهادي ( )4790يف أصول الثبية ،مكتبة األنجلو المرصية ،القاهرة .
ي -
ّ
الشخصية ،دار النهضة العربية ،القاهرة . -دمحم غنيمّ ،
سيد ( )4779سيكولوجية
ّ
-مجموعة من الكتاب ( )4779نظرية الثقافة ،ترجمة :ي
عىل الصاوي ،عالم المعرفة
( ،)002الكويت .
العال ،دمشق.
ي -ميداد ،محمود ( )4779علم نفس االجتماع ،وزارة التعليم
. األردن
) أسس ر4291(
، رباح النفاخ: ترجمة،األنثوبولوجيا الثقافية . ميلفيل، هرسكوفيث-
. دمشق،وزارة الثقافة
ّ
. دار المعارف بمرص،والشخصية ) الثقافة4795( عاطف،وصق -
ي
- 111 -
https://attanweerlibrary.blogspot.com121
www.facebook.com/tanweerlibrary
الفصل الرابع
ر
األنثوبولوجية الثقافية
Cultural Anthropology
ا
أول -مفهوم ر
األنثوبولوجيا الثقافية
ثانيا-نشأة ر
األنثوبولوجيا الثقافية ومراحل ّ
تطوراها
ثالثا-أقسام ر
األنثوبولوجيا الثقافية
-4علم اللغويات
-0علم اآلثار
ا
أوال-تعريف ر
األنثوبولوجيا الثقافية
ّ تعرف ر
ّ
األنثوبولوجيا الثقافية -بوجه عام -بأنها العلم الذي يدرس اإلنسان من
ً حيث هو عضو ف مجتمع لـه ثقافة ّ
معينة .وعىل هذا اإلنسان أن يمارس سلوكا يتوافق ي
ّ
مع سلوك األفراد يف المجتمع (الجماعة) المحيط به ،يتحىل بقيمه وعاداته ويدين
ّ
بنظامه ويتحدث بلغة قومه .
ر
فاألنثوبولوجيا الثقافية إذن ،تهدف إل فهم الظاهرة الثقافية وتحديد عنارصها.
الثقاف ،وتحديد الخصائص
ي الثقاف والتماز
ي التغيث
ر كما تهدف إل دراسة عمليات
ّ
معي . ّ ّ ّ
بالتال المراحل التطورية لثقافة معينة يف مجتمع ر
ي وتفش المتشابهة ربي الثقافات،
ّ ّ
يعت تحليل
وهذا يدخل – إل حد بعيد -فيما سسم (علم اجتماع الثقافة) والذي ي
طبيعة العداقة ربي الموجود من أنماط اإلنتا الفكري ،ومعطيات البنية االجتماعية ،وتحديد
ّ
ويتضمن هذا التعريف الطبق. وظائف هذا اإلنتا يف المجتمعات ذات الثكيب التنضيدي أو
ي
االعتبارات التالية ( :لبيب ،4799 ،ص)05 -01
https://attanweerlibrary.blogspot.com123
www.facebook.com/tanweerlibrary
ّ ّ
بالمعنيي :
ر الثقاف
ي يعت أن التجانس -4إن الحديث عن أنماط اإلنتا الفكري ،ي
ً ّ
ألن هذا التجانس ّ
يغط وجوداي غث عمليات علم االجتماع. ر ي
وبولوج ،هو رالفلسق واأل رنث
ي
ً ً
حقيقيا ألنماط مختلفة من الثقافة ،قد تتناقض مضمونا ووظيفة يف المجتمع الواحد.
ًّ فعىل الرغم من وجود بعض العوامل ( ر
موضوعيا يف األنثوبولوجية) المشثكة ،فدا توجد
ّ
الطبق "" ثقافة للجميع " ،حت وإن ادعت أو أرادت هذه ي المجتمعات ذات الثكيب
ّ
الثقافة لنفسها ،أن تكون كذلك .فهناك من وجهة نظر اجتماعية نمطية ثقافية (ربما يف
االجتماع
ي يفض تصنيفها وتحليلها ،إل إبراز التمايز
ي الجماهثية)
ر ذلك أنماط الثقافة
ه اجتماعية الذي ّ
يعت أن اجتماعية الثقافة يف نهاية األمر ،ي
تعث عنه بالرصورة .وهذا ير
الثقاف .
ي التباين يف الثقافة وعدم مساواة يف المجال
الفكري ّ
المهم من وجهة النظر التحليلية إثبات العداقة ربي اإلنتا -2ليس
والواقع االجتماع ،بقدر ما هو تحليل أشكال هذه العداقة ف مرحلة ّ
معينة لمجتمع ي ي
ّ ًّ ً ّ ّ
أساسيا يف المناقشات المتعلقة بالروابط الموجودة ربي معي .ويعد هذا التحليل مصدرا
ر
الدياليكتيك القائم
ي والت أفضت إل تأكيد فكرة التبادل
ي البنية التحتية والبنية الفوقية،
ّ ّ
بينهما .وتجدر اإلشارة هنا ،إل أن اجتماعية األدب والفن ،ساهمت مساهمة متطورة يف
تحليل أشكال العداقة ربي اإلنتا الفكري ،ومعطيات البنية االجتماعية .
ّ
إن دراسة الوسط الثقاف ،تكشف عن اآللية السيكولوجية الت ّ
توجه سلوك الفرد، ي ي
ّ
وترصف الثعة العدوانية يف مجاالت تنفيس مهذب .والمثال عىل ذلك يف بعض النظم
اآلشانت Ashantiيف ساحل
ي الت تمارسها قبائل
االجتماعية ،كما يف طقوس (اآلبو )Apoي
الذهب يف أفريقيا الغربية .
فق احتفاالت اآلبو ،ال سسمح فقط ،بل يجب ،أن سسمع أصحاب السلطة،
ي
الت ارتكبوها .ويعتقد رجال
السخرية واللوم واللعنات من رعاياهم بسبب المظالم ي
ّ ّ
الغاضبي.
ر لك ال تتعذب أرواح الحكام بسبب كبت استياء
اآلشانت أن يف هذا ضمانة ي
ي
قوته ،إل إضعاف سلطة الحكام ،بل وإلولوال ذلك ،ألفض تراكم االستياء وتعاظم ّ
ّ
قتلهم .وال تتطلب فعالية هذه اآللية (الفرويدية الجوهر) يف التنفيس عن الكبت أي
ّ ً
أكث عىل ما تقوم به من أشكال السلوك المنظمة يف نظم تلق ضوءا رفه يإيضاح .ي
اجتماعية ،من تصحيح الختدال التوازن يف نمو شخصيات األفراد الذين تشملهم.
(هرسكوفيث ،4791 ،ص ) 57
https://attanweerlibrary.blogspot.com125
www.facebook.com/tanweerlibrary
ر
األنثوبولوجيا الثقافية بالثاث والحياة داخل نطاق ّ
تهتم ومن هذا المنطلق
المجتمع ،ويمكن بوساطتها الخوض يف جوهر الثقافات المختلفة ،ومعرفة كيف تحيا
األمم ،من خدال اإلجابة عن التساؤالت التالية :
ّ
الت يتبعونها يف تربية أبنائهم ؟
ه الطرائق ي ه سبل العيش المتبع لديهم؟ ما ي ما ي
ه العلوم واآلداب ما عباداتهم؟ أداء ف طريقتهم ه ما أنفسهم؟ عن ون كيف ّ
يعث
ي ي ي ر
وغث
والفنون السائدة عندهم؟ وكيف ينقلون تراثهم إل أجيالهم الجديدة من بعدهم؟ ر
ذلك من العادات والقيم وأساليب التعامل فيما بينهم.
ً
ثانيا-نشأة ر
األنثوبولوجيا الثقافية ومراحل ّ
تطورها :
ويرجع ازدهار ر
األنثبولوجيا يف تلك الفثة ،إل نضج هذا العلم ووضوح مفاهيمه
ومناهجه .وترافق ذلك بازدهار المدرسة التاريخية يف أمريكا ،وظهور المدرسة االنتشارية
https://attanweerlibrary.blogspot.com127
www.facebook.com/tanweerlibrary
ف إنكلثا ،وال ّ
سيما بعد األخذ بمفهوم (المنطقة الثقافية) الذي طرحه /وسلر /كنطار ي
ّ
والتوصل إل العنارص المشثكة ربي الثقافات وتفسثها، لتحليل المعطيات الثقافية
ر
المتشابهة.
ّ
ومدتها ر
عش سنوات فقط ،وتقع ما ربي ( 4712 -4722م) .وعىل المرحلة الرابعة :
التوسعية ،حيث ّ
ّ ّ
تمثت باعثاف الجامعات ر الرغم من قرص مدتها ،فقد أطلق عليها الفثة
ألنثوبولوجيا الثقافية كعلم خاص ف إطار ر
األنثوبولوجية العامة، األمريكية واألوروبية با ر
ي
ّ
ومقررات دراسية يف أقسام علم االجتماع يف الجامعات. وخصصت لها فروع ّ
ّ
سابث /عالم االجتماع
ر الت تبناها /
وظهرت يف هذه الفثة النظرية (التكاملية) ي
اإلنسان،
ي األمريك ،واستطاع من خدالها تحديد مجموعة متناسقة من أنماط السلوك ي
ّ ّ
معي ،حيث أنوالت يمكن اعتمادها يف دراسة السلوك الفردي ،لدى أفراد مجتمع ر ي
ّ
جوهر الثقافة هو يف حقيقة األمر ،ليس إال تفاعل األفراد يف المجتمع بعضهم مع بعض،
وما ينجم عن هذا التفاعل من عداقات ومشاعر وطرائق حياتية مشثكة .
ّ
األساطث
ر وتتجىل االنطوائية القومية لدى الشعوب البدائية بأحسن أشكالها ،يف
والقصص الشعبية ،واألمثلة والعادات اللغوية ..فأسطورة أصل العروق ر
البشية لدى
ا ًّ
حيا عن االنطوائية القومية .تقول األسطورة : وك) تعطينا مثاال
الشث ي
هنود ( ر
ا ً " ّ
صور الخالق اإلنسان بأن صنع أوال فرنا وأوقد النار فيهّ ،ثم صنع من عجينة ثداثة
ّ تماثيل عىل شكل اإلنسان ،ووضعها ف الفرن وانتظر ّ
غث أن لهفةشيها (شواءها ) .ر ي
ّ الخالق إل رؤية نتيجة عمله الذي ّ
يتو تجربته يف الخلق ،كانت من الشدة بحيث أخر
ً ً
غث ناضج شاحبا باهت اللون ،ومن نسله كان التمثال األول مبكرا ،فكان – ولألسف -ر
ً ّ ً ّ ّ
جيدا ألن مدته يف الشواء كانت مضبوطة الثان ،فكان ناضجا
ي العرق األبيضّ .أما التمثال
وكافية ،فأعجبه شكله األسمر الجميل ،وكان هذا سلف الهنود .وانرصف الخالق إل ّ
تأمل
ّ ً
اشتم رائحة االحثاق .فتح باب صورته ،ناسيا أن سسحب التمثال الثالث من الفرن حت
ً
الفرن فجأة ،فوجد هذا التمثال متفحما أسود اللون ..فكان ذلك مدعاة لألسف ،ولكن
لم يعد باإلمكان حيلة ،وكان هذا أول رجل أسود ( ".هرسكوفيث ،4791 ،ص ) 90
https://attanweerlibrary.blogspot.com129
www.facebook.com/tanweerlibrary
ّ
يرص الكثث من الشعوب ..حيث
ر بهذه الصورة تبدو االنطوائية القومية لدى
التعبث عن صفات قومه الحميدة ..ولهذا يحكم أي إنسان عىل
ر اإلنسان /الفرد عىل
الت تربط هذا الشعب
االجتماع لدى أي شعب آخر ،من خدال العداقة ي
ي القيم/
ي النظام
والت قد تصل إل حدود الرفض المطلق أو
بشعبه ،وفق درجة الرغبة والقبول يف ذلك ،ي
ً
لمعايث عامة .
ر القبول المطلق ،وفقا
ً
ثالثا-أقسام ر
األنثوبولوجيا الثقافية :
ّ
عىل الرغم من تعدد العنارص الثقافية ،وتداخل مضموناتها وتفاعلها يف النسيج
األنثوبولوجيون عىل تقسيم رر ّ
األنثوبولوجيا اإلنسان ،فقد اتفق
ي العام لبنية المجتمع
ه ( :علم اآلثار – علم اللغويات – وعلم الثقافات ّ
الثقافية إل ثداثة أقسام أساسية ،ي
المقارن) وفيما يىل رشح ّ
لكل منها : ي
والحية ،وال ّ
سيما ّ هو العلم الذي يبحث يف تركيب اللغات اإلنسانية ،المنقرضة
ّ
المكتوبة منها يف السجالت التاريخية فحسب ،كالداتينية أو اليونانية القديمة ،واللغات
واإلنكلثية . .ويـ ّ
ـهتم دارسو اللغات ر ّ
الحية المستخدمة يف الوقت كالعربية والفرنسية
بالرموز اللغوية المستعملة ،إل جانب العداقة القائمة ربي لغة شعب ما ،والجوانب
ا
األخرى من ثقافته ،باعتبار اللغة وعاء ناقال للثقافة.
ّ ّ
إن اللغة من الصفات الت ّ
الحية غثه من الكائنات
اإلنسان عن ر
ي يتمث بها الكائن
ر ي
فه طريقة التخاطب والتفاهم ربي األفراد والشعوب ،بواسطة رموز صوتية األخرى ،ي
ّ ّ ّ
الثقاف
ي وأشكال كدامية متفق عليها ،ويمكن تعلمها ..عداوة عىل أنها وسيلة لنقل الثاث
/الحضاري ،حيث يمكن استخدام معظم اللغات يف كتابة هذا الثاث .
https://attanweerlibrary.blogspot.com131
www.facebook.com/tanweerlibrary
الذي يدرس االختداف الموجود يف لغة واحدة ،ليظهر كيف يعكس الكدام الفروقات
االجتماعية ( Kattak,1994, 10 ).
ر ّ
واألنثوبولوجيا من جهة ،وعلم اللغة المنهح الشديد ربي علم االجتماع
ر ي إن التشابه
ً ً
من جهة أخرى ،يفثض واجبا خاصا من التعاون فيما بينها ،حيث سستطيع علم اللغة أن
ّ
اهي المساعدة يف دراسة مسائل القرابة ،من خدال تقديم أصول الكلمات وما الث ريقدم ر
ينتج عنها من عداقات ف بعض ألفاظ القرابة الت لم تكن مدركة بصورة ر
مباشة ،من قبل ي ي
األنثوبولوجيا ،بهدف مقارنةاألنثبولوجيا أو عالم االجتماع ،وبذلك يلتق علماء ر عالم ر
ي
آملي يف ر
الت ينتجها هذان العلمان .ويقثب اللغويون من علماء األنثوبولوجيا ،ر الفروع ي
ّ ّ أكث واقعية ،وف المقابل ،يلتمس ر جعل دراساتهم ر
للغويي كلما توسموا
ر ا وبولوجيون األنث ي
ُ
فيهم القدرة عىل إخراجهم من االضطراب الذي ألقتهم فيه عىل ما يبدو ،ألفتهم الزائدة
مع الظاهرات المادية والتجريبية( .سثوس ،4799 ،ص 17و)70
ُّ َ ّ
ويعتثها أحد األركان األساسية يف
ر أهمية بالغة ِللغ ِة ليق سثوس /يعط /يي ولذلك،
ّ
ه الخاصية علم اإلنسان ،إن لم تكن حجر الزاوية يف ذلك العلم ،وعىل أساس أن اللغة ي
يعتثها الظاهرة الثقافية ّ الرئيسة الت ّ
الحية األخرى .ولذلك ،ر تمث اإلنسان عن الكائنات
ي ر
الدال الواحد ،قد تكون لـه مدلوالت مختلفة بالنسبة للشخص نفسه ،ي
وف أوقات أو
ظروف مختلفة( .أبو زيد ،0224 ،ص ) 95
ّ ّ
وعىل الرغم من أن علماء اللغة لم يتمكنوا من تحديد أسبقية لغة عىل أخرى ،فقد
ّ
توصلوا من خدال دراساتهم إل تصنيف اللغات المختلفة بحسب طبيعتها واستخدامها،
ه:
يف ثداثة أقسام ي
الت تستخدمها
وه اللغات الحديثة ي
-اللغات ذات القواعد (النحو والرصف) :ي
https://attanweerlibrary.blogspot.com133
www.facebook.com/tanweerlibrary
ّ
األمم المتحرصة ،لها قواعد نحوية ورصفية ،تضبط جملها وقوالبها اللغوية ،مثل :اللغة
العربية ،واللغات األوربية (،زرقانة ،4759 ،ص )419
ُ ّ ّ
ومهما يكن هذا التقسيم ،فنن اللغات المستعملة يف العالم ،جميعها ،شكلت من
ّ
تدل عىل هذه اللغة أو تلك ،وفق أصول وقواعد خاصة بها .ولهذا أصوات متناسقة
الوصق ،وعلم أصول فرعية ،من ّ
أهمها :علم اللغات ّ يقسم علم اللغويات إل أقسام
ي
اللغات .
ّ ّ
يهتم بتحليل اللغات يف زمن محدد ،ويدرس النظم -1/1علم اللغات الوصف :
الصوتية ،وقواعد اللغة والمفردات .ويعتمد عالم اللغات يف دراساته هنا عىل اللغة
ّ الكدامية ،ولذلك سستمع إل األفراد ،وال ّ
سيما إذا كانت الدراسة متعلقة بلغات لم تكتب.
فيقوم عالم اللغة بكتابة تلك اللغات عن طريق استخدام الرموز المتعارف عليها .
ّ
ومهما يكن األمر ،فنن عملية تحليل اللغات وتصنيفها ،كعملية تحليل األجناس
ّ ّ ّ ر
المهمة .فاللغات، لغثها من الدراساتالبشية وتصنيفها ،ال تشكل إال الخطوة األول ر
ّ ّ ّ
عىل اختداف أنواعها ،تمثل أداة ّ
قيمة يف يد العالم ..وال شك يف أنها ستساعده يف النهاية،
التوصل إل فهم أعمق لسيكولوجية األفراد والمجتمعات (.لينتون ،4759 ،ص )02 ّ عىل
ّ
الت تستخدم اللغة الكدامية،
وتثكز معظم تلك الدراسات يف المجتمعات البدائية ي
ّ
إنسان – مهما تخلفت ثقافته – من دون
ي ولم تعرف القراءة والكتابة .فدا يوجد مجتمع
لغة كدامية يتفاهم بها أبناؤه .
التاريح ّ
يختص بالجانب يهدف إل تحديد أصول اللغات اإلنسانية .ولذلك،
ي
الت يمكن متابعة تاريخها ،عن ّ
والمقارن ،حيث يدرس العداقات التاريخية ربي اللغات ي
ً ر
الت لم تثك أية
طريق وثائق مكتوبة .وتكون المشكلة أكث تعقيدا بالنسبة للغات القديمة ي
ثمة وسائل خاصة يمكن للباحث أن سستخدمها يف وثائق مكتوبة ّ
تدل عليها .ولكن ّ
ّ
ألنه عىل ّ ر
كل الثقاف ،وذلك
ي ر ي
وبولوجواألنث وهناك عداقات تعاونية ربي عالم اللغة،
ر
االجتماع ،أن يدرس لغة المجتمع الذي يجري بحثه
ي ر ي
وبولوج واألنث ر ي
األثنولوج من
عليه.
ّ
وبناء عىل ذلك ،تقدم علم اللغويات – يف العرص الحارص – وأصبح سستخدم مناهج
ّ
يتوصل إل علمية وآليات دقيقة ،يف دراسة لغات العالم ..واستطاع من خدال ذلك أن
ّ ّ قواني أساسية وعامة ،ال ُّ
وصق،
ي قواني العلوم الطبيعية( .
ر أهمية يف دقتها عن تقل ر
،4794ص )20-24
ّ
بميدان :
ي تثث (مورفولوجية) أية لغة ،أسئلة بعيدة المدى تتصل ومن المحتم أن ر
ّ ّ ّ
الفثياء والقيم ..فاللغة ليست مجرد أداة لداتصال أو الستثارة االنفعاالت فحسب ،وإنما
ر
ّ ّ ً
ه أشبه ما تكون بخط متصل األجزاء ،يمكن والخثة ي
ر الخثات.
ه أيضا وسيلة لتصنيف ر ي
تقسيمه بطرق مختلفة (.لينتون ،4759 ،ص )490
https://attanweerlibrary.blogspot.com135
www.facebook.com/tanweerlibrary
ّ ّ
والمخلفات ر
سستدل منها البشية وتحليلها ،بحيث يعت بشكل خاص بجمع اآلثار
الت لم تكن فيها كتابة ،وليس ر
التاريح لألجناس البشية ،يف تلك الفثة ي
ي عىل التسلسل
ثمة وثائق ّ
مدونة (مكتوبة) عنها . ّ
األول من هذه األبحاث ،هو الحصول عىل معلومات عن وعىل الرغم من ّأن الهدف ّ
القراء والدارسي ،ف ّ يتمثل ف مساعدة ّ ّ ّ ّ
تفهم ي ر ي النهان
ي الشعوب القديمة ،إال أن الهدف
ّ
وبالتال إدراك
ي العمليات المتصلة بنمو الثقافات أو (الحضارات) وازدهارها أو انهيارها،
ّ
التغثات . العوامل المسؤولة عن تلك
ر
ّ ر
حوال أربعة
ي األنثوبولوجيا ،أن الكتابة ظهرت منذ ومن المعروف لدى علماء
والباحثي،
ر الدارسي
ر آالف سنة قبل الميداد ،وما كتب من ذلك التاري ــخ معروف لدى
الكثث عن اإلنسان( .نارص ،4795 ،ص )50
ر ويمكن بواسطة هذه اآلثار المكتوبة معرفة
ّ
والت تمثل
ي الت خلفها اإلنسان القديم،
فعالم اآلثار يعتمد يف دراسته ،عىل البقايا ي
توصل علماء اآلثار إل أساليب دقيقة لحفر طبقات طبيعة ثقافاته وعنارصها .وقد ّ
ّ
يتوقع وجود بقايا حضارية فيها .كما ّ
توصلوا إل مناهج دقيقة لفحص تلك الت
األرض ي
ّ ّ
البقايا وتحديد مواقعها ،وتصنيفها من أجل التعرف إليها ،ومن ثم مقارنتها بعضها مع
الكثث من المعلومات
ر بعض .ويستطيع علماء اآلثار باستخدام تلك المناهج ،استخداص
بغثها. عن الثقافات القديمةّ ،
وتغثاتها ،وعداقة ّ
كل منها ر ر
ويستخدم علماء ر
األنثوبولوجيا بقايا المواد كمعطيات رئيسة الستخدام المعرفة
الت ّ
العلمية والنظرية ،حيث يقوم علماء اآلثار بتحليل النماذ الحضارية والتطورات ي
طرأت عليها ،فتكشف النفايات عن األوضاع الخاصة باالستهداك والنشاطات.
ا
الثية والحبوب المثلية /مثال :تمتلك خصائص مختلفة تسمح لعلماء فالحبوب ر
ً ّ ّ اآلثار أن ّ
يمثوا ربي النبات الذي تم جلبه ،وذلك الذي تمت العناية به محليا .كما يكشف ر
ّ ّ
الت تم ذبحها ،ويزود بمعلومات فحص عظام الحيوانات ،عن أعمار هذه الحيوانات ي
ّ ّ
تحدد فيما إذا كانت هذه األنواع ّ
برية أو مدجنة .ويقوم علماء اآلثار من أخرى مفيدة،
والتجارة واالستهداك اإلنتا خدال بحثهم يف هذه المعلومات ،بإعادة بناء نماذ
)Kattak, 1994,8).
ّ
ومع أن الهدف القريب الواضح لألبحاث (األرخلوجية ) ،هو استكمال معارفنا
فنن الهدف النهان هو مساعدتنا ف ّّ
تفهم العمليات ي ي ماض اإلنسان،
ي ومعلوماتنا عن
ّ
المتصلة ،بنمو الحضارات وازدهارها وانهيارها ،وإدراك العوامل المسؤولة عن هذه
ّ
الظاهرات التاريخية .وقد أصبحت نتائج الدراسات (األرخلوجية) المتصلة بعمليات
وبولوجيي جميعهم ،والذين يعنون بدراسة ظاهرات التطور ،مألوفة لدى العلماء ر
األنث ّ
ر
الثقاف( .لينتون ،4759 ،ص)01
ي التغيث
ر
https://attanweerlibrary.blogspot.com137
www.facebook.com/tanweerlibrary
ّ
ويمكن القول – بوجه عام -إن علماء اآلثار القديمة ،يحاولون اكتشاف ذلك الجزء
ّ من التاريـ ــخ الماض الذي ال ّ
تتعرض لـه السجالت المكتوبة .ويقبل عالم اآلثار القديمة ي
ّ
والمثثات
ر الدوافع من بمجموعة ن يقث عمله ألن بحماسة، اختصاصه عىل ميدان
المغرية ،كالرغبة يف إجراء أبحاث علمية شائقة ،واحتمال العثور عىل كنوز ثمينة (...
لينتون ،4759 ،ص ) 02
ً
إذا ،يدرس تاري ــخ اإلنسان وما رافقه من ّ
تغثات ثقافية ،يف محاولة لبناء
ر فعلم اآلثار
الت عاشتها المجتمعات القديمة ،مجتمعات ما قبل ّ
تصور كامل عن الحياة االجتماعية ي
ّ ّ
التاريـ ــخ .وإذا كان علم اآلثار يعتمد – إل حد ما عىل التاري ــخ – فننه يختلف عن علم
ّ ّ ّ
الت عاشها
التاريـ ــخ يف أنه ال يدرس المراحل الحضارية المؤرخة ،وإنما يدرس تلك الفثات ي
اإلنسان قبل اخثاع الكتابة وتدوين التاري ــخ.
ي المجتمع
ّ ً
فرعا من ر ّ
يختص بالبحث والدراسة عن األنثوبولوجيا، ولذلك ،تعد األثنولوجيا
نشأة السداالت ر
البشية ،واألصول األول لإلنسان .وترجع لفظة (أثنولوجيا) إل األصل
وتعت دراسة الشعوب .ولذلك تدرس األثنولوجيا ،خصائص
ي اليونان (أثنوس )Ethnos
ي
الشعوب اللغوية و الثقافية والسدالية( .اسماعيل ،4792 ،ص )152
ّ
الماض والحارص – عىل أنه
ي تفسث توزيـ ــع الشعوب – يف
ر وتعتمد األثنولوجيا يف
ر
الت ترجع إل كثة الحوادث ّ
نتيجة لتحرك هذه الشعوب واختداطها ،وانتشار الثقافات ي
ّ
فه تبحث، السني .ي
ر مدايي) من
الت بدأت مع ظهور اإلنسان منذ مليون ( ر المعقدة ،ي
ا
مسألة المصادر التاريخية للشعوب ،من أين أتت قبائل الهنود الحمر؟مثال ،وأي طريق
ّ
سلكت؟ ومت احتلت هذه الشعوب المناطق الموجودة فيها اآلن ،وكيف؟ ومن أية
ر ّ
هجهة تسللت إل أمريكا؟ وكيف انتشت فيها؟ ومت ظهرت أجناس الهنود الحمر؟ وما ي
المثات اللغوية والمدامح الثقافية الت ر
نشتها ثقافة الهنود الحمر ،قبل احتكاكها بالثقافة ر
ي
ّ ّ
وغث ذلك مما يفيد يف الدراسات الوصفية المقارنة للمجتمعات اإلنسانية األوروبية؟ ر
وثقافاتها( .رشوان ،4799 ،ص ) 94
ّ ّ
وف ضوء نظرياتولذلك ،تعرف األثنولوجيا بأنها :دراسة الثقافة عىل أسس مقارنة ي
ّ
وقواعد ثابتة ،بقصد استنباط تعميمات عن أصول الثقافات وتطورها ،وأوجه االختداف
https://attanweerlibrary.blogspot.com139
www.facebook.com/tanweerlibrary
ً ا
فيما بينها ،وتحليل انتشارها تحليال تاريخيا (،كلوكهون ،4751 ،ص )24
ّ
عمليت التحليل والمقارنة ،فتكون عملية
ي مثات األثنولوجيا ،أنها تعتمد ومن ر
ر
ثقافتي أو أكث. التحليل يف دراسة ثقافة واحدة ،بينما تكون عملية المقارنة يف دراسة
ر
ّ
التعرف إليها بالعيش ربي والت يمكن ّ
الحية (المعارصة) وتدرس األثنولوجيا الثقافات
ي
ّ
أهلها ،كما تدرس الثقافات المنقرضة (البائدة) بواسطة مخلفاتها األثرية المكتوبة
الثقاف من خدال البحث التغيث وتهتم إل جانب ذلك ،بدراسة ظاهرةّ ّ
المدونة. والوثائق
ي ر
وصق ،4799 ،ص ) 22 ّ
يف تاري ــخ الثقافات وتطورها (.
ي
ً ا وقد كان هذا الفرع من ر
األنثوبولوجيا الثقافية ،يلق اهتماما قليال قياسا للفروع
األنثوبولوجية األخرى ،حيث قام بعض علماء ر
األنثوبولوجيا ف القرن ر
العشين ،بدراسة ر
ي
ّ
الت تؤثر من خدالها المفاهيم االجتماعية المحدودة يف سلوك األشخاص الطرائق ي
ّ
الت ما زالت تحيا حياة بسيطة ،وال سيما
وأمزجتهم ،ومعرفة الحياة اإلنسانية للشعوب ي
ًّ
وكان علماء األثنولوجيا ،وإل عهد قريب جدا ،يقرصون أبحاثهم يف الظواهر
ّ ّ
مجرد ناقل يعتثون الفرد كما لو أنه
االجتماعية واإلنسانية للمجتمعات الثقافية .وكانوا ر
الت يمكن أن تستبدل الواحدة منها
للثقافة ،أو حلقة من سلسلة من الوحدات المتماثلة ي
ّ
المعايث الشخصية ،تختلف ّ
تبي لهؤالء العلماء أن
ر بأخرى .ولكن ،وبعد دراسات عديدة ،ر
باختداف األفراد والمجتمعات والثقافات( .نارص ،4795 ،ص )55
ّ
لتطور األبحاث األثنولوجية ،والعلماء يحاولون اكتشاف فمنذ البدايات األول
ّ
وتتقبل أو تنبذ معينةّ ،
تطور محاور اهتمام خاصة بها، األسباب الت تجعل مجتمعات ّ
ي
ّ
تجديدات مختلفة من النوع الذي يبدو أنه ال ينطوي عىل ّأية عوامل نفعية ،وكذلك
ّ ّ
المتنوعة تعكس – بصورة منتظمة – اتجاهات مختلفة يف الت تجعل الثقافات األسباب ي
ّ ّ ً ّ
تطورها .وساد االعتقاد حينا من الزمن أن هذه الظاهرات يمكن عزوها إل وقائع تاريخية
ّ
الجدل الذي ال سستند إل أي برهان
ي ه رصب من االفثاض
غث أن هذه النظرية ي
عارضة ،ر
أو دليل( .لينتون ،4759 ،ص )20
ّ ّ
الت تعمد
ويتفق معظم العلماء عىل أن مصطلح (أثنوجرافيا) يطلق عىل الدراسة ي
الت ّ
معي ،بينما يطلق مصطلح (أثنولوجيا) عىل الدراسات يإل وصف ثقافة ما يف مجتمع ر
قواني
ر ر ي
فاألثنولوج يهدف من تلك المقارنات الوصول إل تجمع ربي الوصف والمقارنة.
الثقاف وآثار االتصال ربي الثقافات المختلفة،
ي التغيث
ر عامة للعادات اإلنسانية ،ولظاهرة
ً
األثنولوج أيضا إل تصنيف الثقافات ضمن مجموعات أو أشكال ،عىل أساس ر ي كما يهدف
وصق ،4794 ،ص )05 ّ
معايث) معينة( .
مقاييس ( ر
ي
https://attanweerlibrary.blogspot.com141
www.facebook.com/tanweerlibrary
ّ
ه يف األساس ،مماثلة ألهداف ر ي
األثنولوج ،ي للعالم
ِ يعت أن األهداف النهائية
وهذا ي
ّ
وعالم االقتصاد ..فكل عالم من هؤالء ،يحاول أن يفهم كيف تعمل عالم االجتماع
ِ ِ
ّ
تتغث الثقافات؟ كما يحاول أن يتوصل إل ّ المجتمعات والثقافات؟ وكيف ولماذا
ر
ّ
التنبؤ قواني " بحسب المصطلح الدار للمفهوم ،لتساعده يف ر تعميمات ّ
معينة ،أو "
ّ ّ
سث األحداث ،بقصد التحكم به يف النهاية( .لينتون ،4759 ،ص ) 09 باتجاه ر
ّ
فنذا كان القول بأن األثنولوجيا تدرس الظواهر الثقافية دراسة رأسية ،أي دراسة
ّ
وتطورها الماض ،مع متابعة دراسة تلك الثقافات مقارنة زمانية تاريخية لثقافات
ي
ّ ّ
عث التاريـ ــخ ،فنن األثنوجرافيا تدرس الظواهر الثقافية دراسة أفقية محددة
ومقارنتها ر
المكان ،وهكذا تكون األثنولوجيا دراسة مقارنة يف الزمان ،بينما تكون األثنوجرافيا دراسة
مقارنة يف المكان( .اسماعيل ،4792 ،ص )05
ّ
لقد تبلورت األثنولوجيا بعد الحرب العالمية الثانية ،وشكلت ما يمكن اإلشارة إليه
األنثوبولوجيي يف ر
باألنثوبولوجيا المعارصة .وساعد عىل هذا االتجاه ودعمه ،ازدياد عدد
ر
ً
الغربيي .ولم تعد
ر الباحثي
ر البلدان النامية ،بعد إن كانت هذه المهنة وقفا عىل
ّ
المحلية ذات األثنولوجيا تقرص مجال دراستها عىل المجتمعات الصغ رثة الحجم ،أو
ّ
غث الغربية ،وإنما اتجهت لتوسيع مجالها بحيث تشمل الثقافات والمجتمعات
الثقافات ر
ّ
كلها ،وعىل اختداف حجمها وموقعها( .فهيم ،4795 ،ص )25
https://attanweerlibrary.blogspot.com143
www.facebook.com/tanweerlibrary
ّ
مقدمة ف ر
األنثوبولوجيا العامة ،ترجمة :دمحم ي -بيلز ،رالف ؛ هويجرا ،هاري ()4799
الجوهري وآخرون ،دار النهضة المرصية ،القاهرة .
-حمدان ،دمحم زياد ( )4797الثقافات االجتماعية المعارصة ،دار الثبية الحديثةّ ،
عمان .
قصة ر
األنثوبولوجيا – فصول يف تاري ــخ اإلنسان ،عالم المعرفة -فهيم ،حسي (ّ )4795
ر
( ،)479الكويت .
( )4791أسس ر
األنثوبولوجيا الثقافية ،ترجمة :رباح النفاخ، -هرسكوفيث ،ميلفيل.
وزارة الثقافة ،دمشق .
ّ
والشخصية ،دار المعارف بمرص. وصق ،عاطف ( )4799الثقافة -
ي
https://attanweerlibrary.blogspot.com145
www.facebook.com/tanweerlibrary
الفصل الخامس
ر
األنثوبولوجيا االجتماعية
Sociology Anthropology
ا
أول-تعريف ر
األنثوبولوجيا االجتماعية
ّ
وتطورها ثانيا -نشأة ر
األنثوبولوجيا االجتماعية
ثالثا-أهداف ر
األنثبولوجيا االجتماعية
االجتماع
ي التغيث
ر -2تحديد عمليات
ا
أوال -تعريف ر
األنثوبولوجيا االجتماعية
ّ ّ
المؤسسات واألنظمة االجتماعية ،أدوات نافعة لألغراض وهنا تعد تصنيفات
ّ
الوصفية ،كما أن التعميمات بالنسبة للعداقات المتداخلة والمتبادلة ربي النماذ
ّ
مشوشة والمؤسسات ،تساعد يف االهتداء إل نوع من النظام وسط أوضاع تبدو ّ
https://attanweerlibrary.blogspot.com147
www.facebook.com/tanweerlibrary
اجتماع،
ي ولكن ،هل يمكن أن نفصل عىل هذا الشكل ربي اإلنسان كحيوان
َ ّ ً ً
االجتماع يف الواقع سلوكا ثقافيا؟ ألم نر أن
ي واإلنسان كمخلوق ذي ثقافة؟ أليس السلوك
ُُ ّ ر
ه مثل اإلنسان أو ه اإلنسان نفسه أكث مما ي الكثى يف دراسة اإلنسان ،ي الحقيقة ر
بتكتدات ّّ
نسميها " مجتمعات "؟ الت نجمت عن ارتباطه
ي مادية ال األشياء حت نظمه ،أو
ّ
المنظمةّ ، ّ
زودتا اإلنسان بأدوات لنقل الثقافات ،مهما إن اللغة والحياة االجتماعية
غث إيجابية .وعملت الحياة االجتماعية
بلغت من التعقيد ،والمحافظة عىل تراثها بصورة ر
ً
اجتماع ،يفوق يف ثروته ما تحتا إليه
ي أيضا عىل جعل اإلنسان يف حاجة إل إرث
البشية ،بتدريب أجيال متداحقة من وتمت المحافظة عىل المجتمعات ر الحيواناتّ .
ر
األنثوبولوجيا االجتماعية إل تحديد العداقات وبناء عىل ذلك ،تهدف دراسة
الت تدرس من خدال آثارها
المتبادلة ربي هذه النظم ،سواء يف المجتمعات القديمة ي
الت تدرس من خدال المداحظة
المادية والفكرية ،أو يف المجتمعات الحديثة والمعارصة ،ي
ر
المباشة لمنجزاتها وتفاعداتها الخاصة والعامة.
ّ ً
ثانيا-نشأة ر
وتطورها األنثوبولوجيا االجتماعية
ّ
ومما ّ
التطبيق ،من البت
ي الطبيىع /
ي يدل عىل حداثة هذا العلم الذي يدرس الجانب
ً
االجتماعية ،ذلك االختداف الذي ما يزال قائما ربي علماء االجتماع حول هذه التسمية :
األنثوبولوجيا االجتماعية ) .ولكن عىل الرغم من حداثة هذا العلم ،فقد ّ
مر بمراحل ( ر
ً ّ ّ ّ
وتطوره واستكمال عنارصه إل حد بعيد ،بدءا من القرن الثامن متعددة أسهمت يف نشوئه
ر
عش وحت الوقت الحارص.
_4القرن الثامن ر
عش :
https://attanweerlibrary.blogspot.com149
www.facebook.com/tanweerlibrary
ّ
القيم ،عىل الرغم من العداقة بينهما .وأوضح أن المجتمع ذاته وماي االجتماع والنظام
ي
ًّ ّ ّ
وبالتال ال يمكن فهم
ي ،ا وظيفي ارتباطا ببعض بعضها يرتبط نظم من نيتكو به، يحيط
ّ ّ
القواني كلها،
ر القانون العام لدى أي شعب من الشعوب ،إال إذا درسنا العداقات ربي هذه
ّ
الطبيعية والحياة االقتصادية ،وعدد السكان قواني بالبيئة ّ
ومن ثم دراسة عداقة تلك ال ر
الت كانت سائدة (.الجباوي ،4790 ،ص)424
واألعراف والتقاليد السائدة أو ي
ّ ً
الفرنىس أيضا ،يعد أول من رأى رصورة إنشاء
ي ولكن /سان سيمون /عالم االجتماع
ّ ّ
واعتث أن مهمة علماء
ر وضىع للعداقات االجتماعية.
ي علم للمجتمع ،واقثح إنشاء علم
ّ ّ
االجتماع ال تقترص عىل دراسة المفاهيم والتصورات االجتماعية فحسب ،وإنما يجب أن
تشمل تحليل الوقائع والحقائق الت ّ
تعززها. ي
ّ ً
تماما إنشاء علم /ر
األنثوبولوجيا االجتماعية /وإنما وإذا كان /سيمون /لم يقصد
ّ ّ
قصد إيجاد علم خاص يدرس النظم االجتماعية وعداقاتها دراسة موضوعية ،فنن ذلك
ّ ّ
تحقق فعال بجهود تلميذه /أوغست كونت . /
ً ّ
البدان ،اعتمادا عىل
ي التمهيدية بوادر االهتمام بالمجتمع وظهرت يف هذه المرحلة
ُ
البدان
ي رحدات االستكشاف لآلثار والمتاحف والمصادر المختلفة .وقد نظر إل اإلنسان
-0القرن التاسع ر
عش :
فش /ماكلينان /مثدا :تحريم زوا المحارم يف بعض هذه المجتمعات فقد ّ
ً
األكسوجام ) ،استنادا إل ظواهر اجتماعية أو عقائد خاصة بتلك
ي البدائية (نظام الزوا
ّ ً
الت
ي المجتمعات ،رافضا إرجاعه إل أسباب بيولوجية أو نفسية .كما أن طريقة الزوا
https://attanweerlibrary.blogspot.com151
www.facebook.com/tanweerlibrary
ّ ّ
تتمثل يف عملية خطف العروس ،لم تستند إل نظريات نفسية أو فلسفية ،وإنما ترجع إل
لطق)90 ،4797 ،الست واالغتصاب ( .ي
الماض يف ممارسة ر ي
ي عادات مث ّسبة من
ّ
والتطورية. متداخلتي ،هما :النشوئية تمثت هذه المرحلة بظهور مدرست ري وقد ّ
ر ر
ّ
ويعود تداخلهما إل أن العالم ر
بتفسث
ر يقوم عندما االجتماع
ي العالم أو ، ر
وبولوج
ي األنث ِ
ّ ّ ّ
الماض إل الحارص ،ال بد أن يعمد إل تحديد ي من ،اجتماع
ي التطور يف أي نظام عملية
نشأة هذا النظام ،وذلك بالعودة إل المجتمعات البدائية لدراستها واستخداص صفاتها
ّ
تمثل التاري ــخ المبكر للجنس ر
البشي . وعداقاتها ،باعتبارها
ّ
مثال ذلك ( :نشأة األشة وتطورها) من حيث اإلباحية الجنسية ،وتعدد الزوجات
ا
وصوال إل وحدانية الزوجة .وكذلك االنتساب إل األم ومن ّثم إل األب .وهذه العودة إل
الشعوب البدائية ،ال تقترص عىل ر
األنثوبولوجيا فحسب ،بل تشمل سائر فروع المعرفة
الخاصة بالعلوم اإلنسانية .
ّ ّ
وف مقدمتهم /إدوارد تايلور /بنظرية /داروين ،يف وقد تأثر رواد هذه المدرسة ،ي
البشية ،وتستند هذه النظرية إل ّأن العنارص المر ّ
كبة يف ّ
الطبيعية للكائنات ر ّ
تطور الحياة
ّ ّ
الحضارة اإلنسانية ،تتطور باستمرار من األشياء البسيطة إل األشياء المعقدة ،وهذا ما
ينسحب عىل ّ
تطور النظم االجتماعية.
ّ ّ
المثقفي يف العالم ،بأنه الرجل
ر األقل يف أذهان عامة ويرتبط اسم /داروين /عىل
ّ ّ ّ
التطور متحديا فكرة الخلق ،وذهب يف ذلك إل حد القول بانحدار الذي نادى بنظرية
ً ر ّ ر
تعبث األستاذ /
البش من القردة العليا .ولكن الحقيقة أكث تعقيدا من ذلك ،حسب ر
كبث من ّ
كريستوفر بوكر ./فلم يكن داروين هو مؤسس تلك النظرية ،إذ سبقه إليها عدد ر
ّ ّ ّ
الطبيعيي الذين كانوا يرون أن صور الحياة المختلفة ،تطورت كلها عىل شكل ر العلماء
ّ ّ ً ًّ ً ّ
ومتمثا كل منها عن اآلخر .ر واحد بسيط ،أي أن هذه األشكال لم تخلق خلقا مستقال
بسبعي
ر انتشت هذه األفكار قبل ظهور كتاب داروين عن " أصل األنواع " وقد ر
ّ األقل .وكان ّ
ّ
كل ما فعله /داروين ،هو أنه قام بتجميع تلك األفكار واآلراء سنة عىل
ّ
والتعمق. كبث من محاولة الفهم قدر فيها منهجية، بطريقة وتحليلها لمتناثرة، وا ر
المبعثة
ر
ّ
األهم من ّ
ولكن ّ
التطور وترسيخها. ومن هنا ساعد كتاب " أصل األنواع " يف توطيد فكرة
ّ ّ ّ
الت حدث فيها التطور ،ووضع ذلك ،هو أن الكتاب يقدم نظرية متماسكة عن الطريقة ي
فش به استمرار بعض األنواع يف الشهث عن " االنتخاب الطبيىع " الذي ّ
ر يف ذلك مبدأه
ي
الكثى ورصاعها من اجل الحياة.
الحياة ،واختفاء بعضها اآلخر يف معركتها ر
ً
مفيدا ر ّ ّ ّ
وف وبولوجيي .ي
ر لألنث ر ي
بيولوج يف األصل ،إال أنه كان وعىل الرغم من أنه مبدأ
ّ ذلك يقول األستاذ /ألفريد كروبر /وهو من أكث علماء ر
األنثوبولوجيا المعارصين " :إن ر
ً
هناك نوعا من عدم التناسب ربي اإلسهام المحدود الذي أسهم به داروين يف العلم،
التأثث الهائل
ر كل ذلكوالذي ينحرص ف وضع مبدأ االنتخاب الطبيىع وتجسيده ،وبي ّ
ر ي ي
ّ
الكىل " .فقد دفع هذا المبدأ علماء القرن
ي العلم عىل ي ر
البيولوج المبدأ تأسيس الذي تركه
كثثة تتناول أصلعش ،إل البحث عن أصول األشياء .وظهرت بذلك كتابات ر التاسع ر
الت
اللغة وأصل الحضارة ،وأصل المجتمع والعائلة والدين ،وما إل ذلك بالطريقة نفسها ي
تناول بها داروين مشكلة أصل األنواع( .أبو زيد) 01-02 ،0224 ،
https://attanweerlibrary.blogspot.com153
www.facebook.com/tanweerlibrary
عش ،استكمل ر
األنثوبولوجيون وضع العنارص األخث من القرن التاسع ر وف الربــع
ر ي
ر ر ّ
األساسية لعلم األنثوبوجيا االجتماعية ،عندما قام بعضهم بتصنيف المجتمعات البشية
عىل أسس أبنيتها االجتماعية ،وليس عىل أسس ثقافاتها فحسب .وهذا ما ّأدى إل ّ
تمث
ر
بالتال، األنثوبولوجيا االجتماعية عن األنواع ر
األنثوبولوجية األخرى ،وأصبح موضوعها ر
ي
ّ
يختص بالعداقات االجتماعية وليس بالظواهر الثقافية .
ًّ ً
رئيسيا يف هذا العلم . وثانيهما:اعتماد الدراسة الميدانية منهجا
ّ
ومع أن /مورغان /و /بواز /سبقا /هادون /يف دراسة بعض قبائل الهنود الحمر،
-2القرن ر
العشون :
ّ
التخصص بدراسة البت وصلت ر
األنثوبولوجيا مع بداية القرن ر
العشين إل مرحلة
االجتماعية للمجتمعات ،وال ّ
سيما المجتمعات القديمة ،حيث ازدادت الدراسات
ّ
األنكلثي /رادكيف براون /عىل سكان خليج
ر الت قام بها
وف مقدمتها الدراسة ي
الميدانية ،ي
اعتثت المحاولة األول لفحص النظريات االجتماعية بالعودة إل مجتمع والت ر
البنغال ،ي
ّ
مالينوفسك /لسكان جزر (الثوبوبرياند) لمدة أربــع سنوات،
ي بدان .وكذلك دراسة /
ي
ّ واستخدم فيها لغة أهال هذه الجزر .فكان بذلك ّأول ر
ير
وبولوج يتمكن من فهم حياة أنث ي
تتبع عاداتهم وتقاليدهم ،وتحليل مدلوالتهاالناس وعداقاتهم االجتماعية ،من خدال ّ
االجتماعية .
https://attanweerlibrary.blogspot.com155
www.facebook.com/tanweerlibrary
ر
األنثوبولوجيون عىل جمع فخدال الربــع ّ
األول من هذا القرن ،عكف الباحثون
الت يحتاجون إليها من أجل إثبات ظاهرة االقتباس ربي الثقافات المختلفة. الوثائق ي
ّ ر ّ
التاريح ،من وجهة نظر تاريـ ــخ الطريقة األنثوبولوجية ،احتل مكان
ي ويداحظ أن العامل
الصدارة يف دراسة المجتمعات ،حت يف المحاوالت المبذولة إلثبات ظاهرة االنتشار
ّ
الباحثي ،كانوا
ر الثقاف ،الناجمة عن االحتكاك ربي الشعوب .ويعود ذلك إل أن هؤالء
ي
ّ ّ ّ ً
التاريخية يف فهم العوامل الثقافية الدينامية( .لينتون، أهمية البيانات جيدا يدركون
،4759ص ) 057
ّ وتابعت ر
الثان من القرن
ي األنثوبولوجيا االجتماعية دراساتها المتقدمة ،يف النصف
ّ ّ ر
وبالتال إل التقارب ربي
ي العشين ،مما أدى إل اتساع هذه الدراسات وازدهارها،
التجريت
ري األن رثوبولوجيا االجتماعية واألنثوبولوجيا الثقافية ..وتم اعتماد تطبيق المنهج
ّ ر
كل باحث ر بدال من المنهج المقارن ،حيث سستند ّ ا
ر ي
وبولوج – يف تطبيق المنهج أنث
ّ
بالتأكد من ّ ّ
صحة معي ،ويقوم بدوره
التجريت – إل نتائج دراسة باحث آخر لمجتمع ر
ري
ّ
هذه النتائج من خدال قيامه بدراسة مجتمعات أخرى .وبذلك ،تصبح الفرضيات المتفق
ً
مبادئا عامة ف نهاية األمر ،أو معارف متداولة ف مجال ر
األنثوبولوجيا االجتماعية .. ي ي عليها
عزز من علم ر ّ
األنثوبولوجيا يف العرص الحديث . وهذا ما
ُ
ثالثا -أهداف ر
األنثوبولوجيا االجتماعية
ّ
فاإلنسان وحده -من ربي المخلوقات – يتمتع بإمكانية تطوير سلوكه المكتسب
ّ ّ ّ ّ ّ
بالتنوع وبدرجة من التعقيد ومؤسساته االجتماعية ،تتصف ونقله بالتعلم ،وأن نظمه
ّ ّ
مما تتصف به األشكال االجتماعية ألي نوع آخر من أنواع الحيوان . أكث
ر
ّ
المنطق لما يجرى من أبحاث حول المجتمع ،هو دراسة
ي ولذلك نجد أن المنطلق
ومما سسهل المشكلة بعض معينة واعتبار ّ
كل منها وحدة متكاملةّ . أنظمة اجتماعية ّ
ّ ّ ر
متمثة عن المجتمعات ،إذ يمكننا ذلك من تجاهل المدى
ر الىسء ،اعتبار األنظمة كيانات
ي
كث عىل النماذ نفسهاالتعبث عن نماذ النظام ،ومن الث ر
ر الواسع لداختدافات الفردية يف
ّ ّ ّ ّ ّ
هوعداقاتها المتبادلة .بيد أن المشكلة تظل معقدة بما فيه الكفاية ،وأول مهمة للباحث ي
https://attanweerlibrary.blogspot.com157
www.facebook.com/tanweerlibrary
ّ
التحقق من النماذ وطبيعتها.
ً ّ
ولما كان اإلنسان قادرا عىل التفاهم مع أمثاله بواسطة أشكال اللغة الرمزية
ً
المبان االجتماعية
ي والمفاهيم ،فهو وحده الذي استطاع أن يوجد أنواعا ال تحض من
األساسية كبنيان األشة .وإذا نظرنا إل حياة الجماعة يف أي نوع من أنواع ما دون اإلنسان
المبان اإلنسانية، من الكائنات الحيوانية ،وجدنا ّأن مبانيها االجتماعية ر
أكث رتابة من
ي
ّ ّ ّ
وبالتال يمكن توقعها ألن كل جيل من أجيالها يتعلم السلوك المشثك ربي معارصيه ي
كل من سبقه( .هرسكوفيث ،4791 ،ص ) 20 جميعهم ،بينما يبت اإلنسان عىل تجارب ّ
ي
ً
ثداثي عاما يف الدراسة ،للوصول إل بعض
ر وقد أنفق العالم /رادكليف براون /
النماذ العامة لألبنية االجتماعية .وبفضل جهوده وجهود علماء آخرين ،أصبح هناك
العشثة -القبيلة -
ر االجتماع ،مثال( :
ي اتفاق شبه عام عىل بعض النماذ األساسية للبناء
الدولة – ّ
األمة –المجتمع) .
واستطاع هؤالء العلماء تحديد األشكال األشية الرئيسة ،يف المجتمعات اإلنسانية.
ّ ّ
الت يثتب عليها ذلك
القواني االجتماعية ،ي
ر ويعد ذلك خطوة هامة نحو الوصول إل
ً ّ
التنوع الملحوظ يف األبنية االجتماعية المختلفة ،وما أطلق عليه اصطداحا ( :الدراسات
المورفولوجية ).
كثثة عن هذا الموضوع ،حيث يطلق العالم /براون /عىلوقد عرضت أمثلة ر
ً ً
تميثا لها
الفثيولوجية) ر
ترم إل تحقيق ذلك الهدف اصطداحا ( :الدراسة ر
الت ي
الدراسة ي
عن الدراسات الخاصة بالهدف السابق (الدراسات المورفولوجية ).
https://attanweerlibrary.blogspot.com159
www.facebook.com/tanweerlibrary
ّ
اجتماع ،هو جزء من وحدة متناسقة متكاملة،
ي ولذلك ،يمكن القول :إن كل نظام
ّ ّ ًّ
فه
الت تتكون منها هذه الوحدة ،يأوسع جدا يف مداها من النظام نفسه ،أما العنارص ي
ّ
االجتماع ،إال إذا درس يف ضوء عداقته
ي متشابكة ومتداخلة .وال يمكن فهم النظام
ً ّ ّ
تظل تفرض باستمرار حدودا عىل تضم عنارص أخرى الت
الكبثة ،ي
ر بالوحدة المتناسقة
نموه وعمله( .لينتون ،4751 ،ص )219ّ
وبذلك يكون عىل الباحث – من وجهة النظر الوظيفية -أن يأخذ يف الحسبان
ا ً ً
االجتماع أو ذاك ،وهما:
ي أساسيي يلعبان دورا تبادليا وفاعال يف هذا النظام
ر عاملي
ر
ّ
الت ينشأ عليه هؤالءالنموذ الذي يعرفه األفراد ويؤثر يف سلوكاتهم من جهة ،والثقافة ي
ّ ّ
الكلية للمجتمع من جهة أخرى ،وذلك ألن األنظمة والت تعت بتلبية الحاجات
ي األفراد،
ّ ّ ّ
الكىل للثقافة .
االجتماعية ال يمكن أن تؤدي وظيفتها ،إال كجزء من المجموع ي
االجتماع :
ي التغيث
ر -2تحديد عمليات
ّ ّ
اهتمت بدراسة أثر وقد ال حظ /براون /أن الدراسات الخاصة بذلك الهدف،
االجتماع التغيث ّ
ولكن القبائىل يف أفريقيا وآسيا. الحروب االستعمارية عىل النظام
ي ر ي
ّ ّ
فه أعمق يف دراستها من عملية معقدة ،متعددة الجوانب ومختلفة العوامل .ولذلك ،ي
ّ
التطور ،تستلزم ظهور التغيث أو مختلفتي .فعملية حضارتي حيث الجمع ربي عنارص
ر ر ر
ً
أشكال جديدة من األنماط واألبنية االجتماعية ،كما تستلزم أيضا ،االنتقال من األشكال
ّ
وصق ،4775 ،ص )491 ي البسيطة إل األشكال المركبة( .
ّ
وتطور طرقها الخاصة يف تجمعات (مجتمعات) البشية تعيش ف ّ وبما ّأن الكائنات ر
ي
ً ً ّ
كبثا يف عمليات
الحياة بما يتداءم مع أوضاعها الخاصة والعامة ،فنن للثقافة هنا دورا ر
والسلوك .
ي االجتماع ،الفكري
ي التغيث
ر
https://attanweerlibrary.blogspot.com161
www.facebook.com/tanweerlibrary
العرن ،الكويت.
ري العرن ،15مجلـة
ري -أبو زيد ،حامد ( )0224الطريق إل المعرفة ،كتاب
-لينتون ،رالف ( )4751دراسة اإلنسان ،ترجمة :عبد الملك الناشف ،المكتبة العرصية،
ربثوت.
( )4791أسس ر
األنثوبولوجيا االجتماعية ،ترجمة :رباح -هرسكوفيث ،ميليفل.
النفاخ ،وزارة الثقافة ،دمشق .
ّ
والشخصية ،دار المعارف بمرص . وصق ،عاطف ( )4799الثقافة -
ي
- 113 -
https://attanweerlibrary.blogspot.com163
www.facebook.com/tanweerlibrary
الفصل السادس
المنهج ر
األنثوبولوج والدراسات الميدانية
ّ
مقــدمـة
ا
أول -ر
األنثوبولوجيا ّبي النظرية والتطبيق
ثانيا -الباحث ر
األنثوبولوج والميدان
ّ
مقــدمـة
https://attanweerlibrary.blogspot.com165
www.facebook.com/tanweerlibrary
ا
أوال -ر
األنثوبولوجيا ربي النظرية والتطبيق
ً ً إذا كان علم اإلنسان ( ر
األنثوبولوجيا) ليس علما ،وال سشبه أبدا أي علم من العلوم
ّ ّ
ينته ألنه لن يكون
ي الطبيعية (التطبيقية ) ،فنن النقاش يف طبيعة هذا العلم شعان ما
ّ ر ّ ّ
ع بالمنهجية العلمية.
وبالتال ال يحق لألنثبولوجيا أن تد ي
ي مجديا،
ّ
لكن الميدان هو مخث عالم ر
األنثبولوجيا الثقافية -كما يقول /هرسكوفيث ،/حيث ر
ً ر
لك يقوم بعمله إل موطن الشعب الذي اختاره موضوعا للدراسة، يذهب األنث ر ي
بولوج ي
فيستمع إل أحاديثهم ويزور بيوتهم ،ويحرص طقوسهم ويداحظ سلوكهم العادي ..
ويسألهم عن تقاليدهم ،ويتآلف مع طريقة حياتهم حت تصبح لديه فكرة شاملة عن
ر ً ً ّ
اف
ثقافتهم ،أو يحلل جانبا خاصا من جوانبها .فعالم األنثوبولوجيا ،يف عمله هذا ،أثنوغر ي
ّ
وجامع للمعلومات ،يحللها ويربطها بمعلومات أخرى ،عندما يرجع من الميدان.
تطبيق.
ي علم
ي وف ذلك جانب
(هرسكوفيث ،4791،ص )95ي
ً ّ ر
التطبيق إذن ،تشكل فرعا من فروع
ي الميدان /
ي فاألنثوبولوجيا يف جانبها
الفنية ر
األنثوبولوجيا، ّ العمىل للمعلومات واألساليب األثنولوجيا ،حيث يدرس التطبيق
ي
ّ ّ
والت يحتك بها اإلنسان المتحرص ،سواء
ي بسيطة، بدائية الت تعيش حياة
عىل الشعوب ي
ر ي
الخارج ( .كلوكهون ،4751 ،ص عن طريق الدراسة ،أو عن طريق االستعمار أو االحتدال
)252
ر ّ
األنثوبولوجية الميدانية ،نشطت بشكل واسع ولذلك ،يداحظ أن الدراسات
وازدهرت ،ف أعقاب الحرب العالمية الثانية حيث لجأت الدول المستعمرة ،وال ّ
سيما ِ ي
الت تستعمرها ،بغية
(أمريكا وبريطانيا وفرنسا) إل تشجيع هذه الدراسات عىل الشعوب ي
ّ
التوصل إل معارف دقيقة عن األنظمة السياسية واالجتماعية السائدة عند هذه
ّ
الشخصية والمعيشية ،بما يف ذلك من طقوس دينية والت تنعكس يف أحوالها
الشعوب ،ي
وعادات وتقاليد ،وأساليب تعاملية ربي أفراد المجتمع .
ّ ّ
المستعمرة إدارة الحكم يف مجتمعات الشعوب
ِ سسهل عىل الدول وهذا كله
خثاتها ،بذريعة تنميتها وتطويرها. َ
المستعمرة ،واستغدال مواردها االقتصادية ونهب ر
ّ ّ
المحىل ،يف المجتمعات البدائية
ي حل المشكدات الناتجة عن اإلدارة والحكم -4
والمحلية .
ر ّ
األنثوبولوجيا النجاح ألهدافه وبحوثه ودراساته ،فقد جرى ولك يحقق عالم
ي
الت تعيش خار التيار التقليد أن يقوم بأبحاثه الميدانية لدى الشعوب (البدائية) ي
ّ
الت تعرف الكتابة،
ي ةالمتحرص التاريح للثقافة األورو -أمريكية ،أو الثقافات األخرى
ي
ّ
وذلك بغية المقارنة وإيجاد أوجه التشابه واالختداف يف السياقات التاريخية التطورية
للثقافات اإلنسانية المختلفة.
ر ً
ثانيا -الباحث األنث ر ي
بولوج والميدان
ّ ر
الت يعمل يف ربوعها ،ألنه سستطيع أن يحصل
يدرس عالم األنثبولوجيا ،الشعوب ي
https://attanweerlibrary.blogspot.com167
www.facebook.com/tanweerlibrary
األخثة –أينما وجدت ،إل زيادة تقض المعلومات يف السنوات وقد ّأدت الحاجة إل ّ
ر ي
األنثوبولوجيا الميدانية ،يف دراسة الشعوب ،ليس البدائية فحسب،استخدام مناهج علم ر
ّ ّ
وف أماكن متعددة من العالم .
بل والشعوب المتعلمة أيضا ا ،ي
ّ ً ً ولذلك ،ينتهج الباحث ر
ر ي
وبولوج منهجا محددا يف بحثه ،ويستخدم مجموعةاألنث
من الوسائل واألدوات للحصول عىل بياناته ..ويتبع مجموعة من الخطوات قبل القيام
وف أثنائه ،كما يواجه بعض الصعوبات والمشكدات ،عليه أن يتعامل معها
بالبحث ي
ًّ ّ ر
ر ي
وبولوج األول ،منصبا عىل مداحظة ببدائل مناسبة .فقدكان اهتمام الباحث األنث
الت تحكم المجتمعات اإلنسانية ،أو الكشف عنها ،وواجهته
القواني الرئيسة العامة ي
ر
ّ ّ ا ّ
سيما أن نموذ الثقافة مجموعة من الصعوبات ،لكنه لم ييأس من إنجاز بحثه كامال ،وال
ا ً
اإلنسانية ليس بسيطا وليس سهال( .جابر ،4774 ،ص ) 49
ّ
الميدان ،ذلك االرتباط الوثيق ربي
ي العلم /
ي المثات األساسية للمنهج
إن من ر
ّ
الكمية يف بالتال عىل استخدام التقنيات المنهح ،والمنطوي النموذ النظري والنموذ
ي ر ي
ّ ر
األنثوبولوجية ،والذي سشبه – إل حد بعيد -ذلك االرتباط ربي النظرية الدراسات
الت ما زالت موضع نقاشات حادة .
والمنهج يف العلوم الجديدة ،ي
ّ ر ّ
األنثوبولوجية بميادينها المختلفة ،تتمثل يف ولكن األسس الهامة يف الدراسات
إقامة الباحث ف مكان دراسته ،يعاسش الجماعة كما ه ف الواقع ،ويحصل عىل ّ
كل ما ي ي ي
ّ
يريده من عداقات وقيم وعادات وأنماط حياة ،تحدد طبيعة هذا المجتمع وهويته
ّ ّ
فنن ّ
مالينوفسك -ال بد أن سستند إليها
ي ثمة مبادىء أساسية – كما يرى الثقافية .ولذلك،
ر
وه :
الميدان ،ي
ي ر ي
وبولوج يف بحثهاألنث
https://attanweerlibrary.blogspot.com169
www.facebook.com/tanweerlibrary
ّ
يتضمن يف بعض فروع دراسته ،المنهج المقارن ،كما يف وبما ّأن علم ر
األنثوبولوجيا،
ّ ّ ّ
يدل عىل نوع من فرع للمقارنة ،طالما أنه
ي (األثنولوجيا ) ،فنن التجريب هو شكل
ّ
التوصل إل مقارنات .وتسىع التجربة إل إنشاء اتصال منتظم ربي الت تهدف إل الطرائق ي
ّ
احتماالت عدة ،تكون مقارنة بعضها قبل التجربة ،وبعضها اآلخر بعد التجربة ..
ّ ّ ّ
الت تحاول الطريقة تنفيذها بإتقان ،إال فيما يتصلوباختصار ،تتم مقارنة المواقف ي
محددة عىل نطاق ّّ
ضيق . بمشكلة
ً ّ
وتأثثاتها النفسية
من نشأته ،فنن ذلك لم يعد كافيا لدراسة ثقافة ما بمظاهرها وأبعادها ر
ظل هذه الثقافة ،ما لم تقثن هذه الدراساتوالسلوكية ،ف الناس الذين يعيشون ف ّ
ي ي
ّ
المهمات األساسية للباحث الحية ..وهذه من ّ الوصفية بالشواهد الواقعية،
ّ ّ ر
علمية ودقيقة عن المجتمع الذي يدرسه . لك يقدم نتائج ر ي
وبولوج ،ياألنث
ً
أساسيا ر ً ّ ّ
ر ي
وبولوج الذي لألنث التمسك الشديد بالمنهجية ،رشطا وبناء عىل ذلك ،يعد
ر
ر ي
وبولوج األنث يريد النجاح يف أبحاثه الميدانية .وهناك رصورة أساسية يف البحث
ّ
قاطعا ّ ّ ّ ّ ّ
لكل أحكام القيمة. العلم الذي يتطلب طرحا
ي بالتجرد التحىل
ي وه
اف ) ،ي
(األثنوغر ي
إذ يجب عىل الباحث يف الثقافة اإلنسانية أن يداحظ تقاليد الشعب الذي يدرسها
الت ّ
الكيميان الذي يكرس نفسه ،لفهم العنارص ي
ي العالم
ِ ويصفها ،شأنه يف ذلك شأن
ّ
يحللها وفهم سلوك ّ
كل منها يف عداقته مع العنارص األخرى( .هرسكوفيث ،4791 ،ص
)99
https://attanweerlibrary.blogspot.com171
www.facebook.com/tanweerlibrary
ر ً
ثالثا -طرائق البحث األنث ر ي
بولوج الميدا ين وأدواته
ّ ر
الت يتبعها يف الت يواجهها الباحث األنث ر ي
بولوج ،تنشأ يف وصف الطرائق ي فالصعوبة ي
وبي العالم الذي يعمل يفالت يدرسها ،ر
الدراسة الميدانية ،عن االختداف ربي المواد ي
ً
الت
مختث .فلم تكن لدى الباحث يف الثقافة اإلنسانية –سابقا -سوى القليل من األدوات ي
ر
ّ ّ ّ ّ
تحسسه بالحاالت يصفها ،ولذلك فنن نجاحه يتوقف – وإل حد بعيد – عىل درجة
ّ اإلنسانية الت يجابهها ،ر
أكث ّ
مما يتوقف عىل مهارته يف استعمال أنابيب االختبار أو ي
الموازين ،أو الحاضنات( .هرسكوفيث ،4791 ،ص )99
كونتها ر
األنثوبولوجيا مع العلوم األخرى ،اإلنسانية والتطبيقية، ّ
ولكن العداقات الت ّ
ي
ً ّ ً ً
الت أصبحت تؤدي دورا يف أدخلت عنرصا حيويا عىل النظريات والتقنيات الميدانية ،ي
الت التساؤالت، ووضع المشكدات سيما من حيث فرض الدراسات ر
األنثوبولوجية ،وال ّ
ي
أثمرت بفاعلية ف المكتشفات ر
األنثوبولوجية. ي
ّ
حث النقاش والجدل. ر
الحي ،أصبحت أشكال العداقات والمشاركات المختلفة ،ربي ر ومنذ ذلك
ّ ر
وبولوجيي والناس الذين هم موضع الدراسة ،تشكل نقطة هامة لدى مراجع العلم
ر األنث
ر ّ ر
األنثوبولوجيا من تساؤالت،باعتبارها وسائل يثثه عالم ر ي
وبولوج ،وتتعلق بما ر األنث
ر
لتفسث تلك األلغاز األنثوبولوجية . وأدوات ال بد منها
ر
ّ
تتطلب ما هو ر
أكث من وجود الباحث ومراقبته فالدراسة الميدانية (الحقلية)
ّ ً ّ
التحري السلبية لما هم عليه الناس .وذلك ،ألن الباحث يحتا – غالبا -يف مداحظته ،إل
ّ
المرجىع (النظري) يمده بمجموعة من
ي أكث ما يظهر يف ّأول المداحظة ،واإلطار
عن ر
التساؤالت والموضوعات ،وعندما سشاهد واقعة ما ،يحاول أن يكتشف العداقة بينها
ّ
المرجىع كله( .غانم ورفيقاه ،4797 ،ص )009
ي وبي اإلطار
ر
ر ً
واستنادا إل المنطلقات السابقة ،فقد ّ
األنثوبولوجيا بعض الطرائق أقر علماء
ً
الميدان ،ومنها :طريقة
ي الت يمكن اعتبارها أيضا أدوات عمل فاعلة يف العمل
الميدانية ي
ر
المداحظة المباشة ،وطريقة االستمارة ،وطريقة المشاركة وطريقة الحالة الفرضية.
كل مفهوم نظري لـه بدائل إجرائية ،Proceduresing Alternative وإذا كان ّ
ّ ّ
مطبقة يف الدراسة العلم ،فنن الفكرة ذاتها نجدها
ي تستخدم للمداحظة واإلجراء
أكث من مقياس ،ر
وأكث من طريقة للمداحظة ،يف األنثوبولوجية ،حيث سستخدم الباحث ر
ر
https://attanweerlibrary.blogspot.com173
www.facebook.com/tanweerlibrary
ر
المباشة :Direct Observation -4طريقة المداحظة (المشاهدة)
ًّ
ملما بأهداف بحثه وبطبيعة المجموعة وتحتا هذه الطريقة ،إل أن يكون الباحث
ّ
الت يقوم
والوع ،بأبعاد الظاهرة ي
ي كبث من االهتمام
المدروسة .وأن يتمتع بقدر ر
ّ ّ ّ
وكيفية رصد هذه األبعاد بدقة وموضوعية ،حيث يتوقف عىل ذلك صدق بدراستها،
ّ
العلمية . المعلومات ،وفائدتها
ر
ر ي
وبولوج ،أي أن يقوم بأعمال تقوم بها األنث الت يتبعها الباحث
وه الطريقة يي
ّ ًا ّ ّ ً
بالتال إل أدق التفاصيل
ي الجماعة المدروسة ،وذلك تقربا منها وكسباً لودها ،والدخول
يف ممارسات أفراد هذه الجماعة ،الخاصة والعامة .كأن يمارس الباحث بعض الطقوس
ّ
اليوم للجماعة ،وال
ي الدينية أو االجتماعية ،أو يقوم ببعض األعمال ال يت تعد من النشاط
سيما األعمال اليدوية ،الفردية والجماعية (.كلوكهون ،4751 ،ص )09 ّ
ّ
الحية للمجتمع المدروس ،والمشاركة الفاعلة يف ومن خدال هذه المعاسشة
مناشطه ،يكتسب الباحث مهارة يف أداء هذه األعمال ،وقدرة عىل كتابة تجربته
ّ ّ
الشخصية فيها وممارسته لها .وهذا ما يؤدي يف النهاية إل تصوير واقع الشعب
ّ ّ
المدروس ،بتفصيدات تتسم بالشمولية والدقة.
كثث من
ه من أقدم الطرائق البحثية ،وما زالت مستخدمة عىل نطاق واسع يف ر
ي
https://attanweerlibrary.blogspot.com175
www.facebook.com/tanweerlibrary
ّ
فرضية : Hypothesis Case -1طريقة الحالة ال
تقوم هذه الطريقة عىل بناء افثاضات حول عنارص لظاهرة اجتماعية /ثقافية،
ّ ّ
سسىع البحث إل إثباتها والتحقق منها ،حيث ال تظهر جماعة ما هذه العنارص إال يف
حوادث أو حاالت ّ
معينة.
ً
وبناء عىل ذلك ،تسىع هذه الطريقة إل " فصل حاالت يف حياة الناس تبعا
ّ
والت
ألشخاص وعداقات وحوادث فرضية تتفق مع النماذ السائدة يف ثقافة الجماعة ،ي
سستخدمها الباحث إلدارة المناقشات وتوجيهها ،مع أفراد الجماعة الموضوعة تحت
غيت سحري مشؤوم ،مثلالدراسة ".ولذلك ،فعندما تكون الحوادث مصطبغة بمعت ر ي
ّ
تتضمن المسائل االقتصادية وقائع ،ال يريد الفرد أن يكشف عنها إذا الوالدة ،أو عندما
ً
تعت شخصا آخر ،يمكن أن تجري المناقشة بحرية إذا لم يكن الشخص
كانت تعنيه أو ي
ً
المعت موجودا .
ي
ّ ّ
يتحول الحديث – يف أغلب األحيان -عن حاالت وأشخاص إنه لمن المدهش أن
سيما يف حالة وصف الحوادث قيي ،وال ّ فرضيي ،إل مناقشة حاالت وأشخاص حقي ر ر
ّ
وتتبي قيم الثقافة وأهدافها ،يف آرائهم حول تقييم خث نفسه، مرت ف تجربة ُ الت ّ
ر الم ِر ي ي
الت يطرحها أحد أفراد الجماعة ( .هرسكوفيث، 4791 ،ص ) 421 ة، الفر ّ
ضي المعضدات َ
ي
ر ّ
وف الميدان الثقا يف منها خاصة ،يحتفظ
إن النظام يف ميدان األنثوبولوجيا عامة ،ي
بقيمته يف الدراسة طالما يقوم بوظيفته ،يف حياة أولئك الذين سستخدمونه بصورة
ُم َ
رضية ..وهذا يقود إل النقاط التالية ( :هرسكوفيث ،4791 ،ص)090
ّ
ينبىع أن يؤخذ
ي -4يعد التصنيف خطوة أول هامة يف دراسة المعلومات ،ولكن ال
ّ
غاية بحد ذاته.
https://attanweerlibrary.blogspot.com177
www.facebook.com/tanweerlibrary
التنوع عند تصنيف المعلومات ،بحيث ّ -0يجب أن يؤخذ يف الحسبان عامل
ّ ّ ّ
تتمتع التصنيفات بمرونة ال تتمتع بها التصنيفات المبنية عىل مفهوم (النموذ ) .
ً
الت يمكن الحصول – من خدالها -عىل
تعتث هذه النقاط ،الحدود ي
ر وأخثا،
ر -5
تصنيف مقبول للظواهر الثقافية.
( )4791أسس ر
األنثوبولوجيا الثقاقية ،ترجمة :رباح النفاخ، -هرسكوفيث ،ميلفيل.
وزارة الثقافة ،دمشق .
https://attanweerlibrary.blogspot.com179
www.facebook.com/tanweerlibrary
- 081 -
https://attanweerlibrary.blogspot.com180
www.facebook.com/tanweerlibrary
- 111 -
https://attanweerlibrary.blogspot.com181
www.facebook.com/tanweerlibrary
الباب الثالث
المنظور ر
األنثوبولوج
للنظم االجتماعية
ً
ثانيا -الوظيفة ف ر
األنثوبولوجيا االجتماعية ي
الفصل ّ
األول
ّ
مقــدمة
ا
أول -مفهوم البناء االجتماع وخواصه
ثانيا -الوظيفة ف ر
األنثوبولوجيا االجتماعية
https://attanweerlibrary.blogspot.com183
www.facebook.com/tanweerlibrary
ّ
مقــدمة
ر ً ّ
األنثوبولوجيا ،تدرس اإلنسان /الفرد وأعماله ضمن النوع أصبح واضحا أن
البشي ،وما طرأ عليه من تغيث أو ّ
تطور نحو األفضل ،سواء يف عضويته أو يف مظهره ر
ر
بتأثث الظروف الطبيعية واالجتماعية المحيطة به ..إضافة إل دراسة ر ر ي
الخارج ،وذلك
بشية (مجتمع ر ً
اإلنسان من طبيعته االجتماعية بصفته عضوا ف جماعة ر
بشي ) ،حيث ي
سم بعلمّ ما ظهور إل ّ
أدى ما وهذا .األخرى سشارك علم ر
األنثوبولوجيا العلوم اإلنسانية
ي
( ر
األنثوبولوجيا االجتماعية) .
ا
االجتماع وخواصه :
ي أوال-مفهوم البناء
ّ
ووافق /براون /عىل تعريف /بريتشارد ،/ولكنه أضاف إليه بعض العنارص،
كالعداقات الت تجمع بي شخصي أو ر
أكث ،مثال ( :نظام القرابة – العداقات الثنائية ر ر ي
التميث ربي األفراد عىل أساس الدور
ر كعداقة األب بابنه واألخ بأخته) وكذلك عمليات
االجتماع ،كأدوار النساء أو الرجال أو الزعماء .
ي
ّ ّ
تتكرر فيها األنماط الت
وقد ركز /براون /عىل العداقات االجتماعية العامة ي
ّ ّ
االجتماع .وربط ذلك كله بموضوع ثبات
ي يتكون منها البناء والت
ي االجتماعية باستمرار،
ّ
يتغث بدرجات متفاوتة .الديناميك الذي ر
ي االجتماع واستمراره ،من خدال االستقرار
ي البناء
يىل :
االجتماع ،كما ي
ي ّأما قاموس العلوم االجتماعية ،فيطرح ثداثة تعريفات للبناء
ّ
ويتكون من أجزاء التعريف الثان :يرتبط بخصائص الجماعات ونماذ الثقافات.
ا ً
يعتمد بعضها عىل بعضها اآلخر اعتمادا متبادال .
https://attanweerlibrary.blogspot.com185
www.facebook.com/tanweerlibrary
ّ
-النموذج الثقاف :أي أن كل نموذ من النماذ الثقافية ،يقسم إل العنارص
ّ
المكونة له ،كالثقافة المرتبطة بالعادات الشعبية ،أو النماذ الثقافية المرتبطة بالقيم
واألعراف وأساليب التعامل المختلفة( .األخرس ،4791،ص ) 27
ّ
التنوع الغريب يف الماض ،قد بهرهم
ي وإذا كان علماء األ رنثوبولوجيا يف الجيل
ّ ّ الثقافات الت ّ
التوصل إل تعميمات صحيحة تعرفوا إليها ،فخامرهم الشك يف إمكان ي
ّ ّ
بشأنها ،فدا بد من اإلقرار ،يف هذا المقام ،أنه يكاد يكون من المستحيل ،صوغ تعميمات
عن سلوك الجماعات ر
البشية ،أي عن الظاهرات االجتماعية والثقافية ،دون أن تكون
ّ
الت تشذ عن القاعدة العامة( .لينتون ،4759 ،ص هناك بعض االستثناءات الواضحة ي
) 29
ً
ثانيا-الوظيفة ف ر
األنثوبولوجيا االجتماعية : ي
ّ
يرى عالم االجتماع /إميل دوركهايم /أن فكرة تطبيق الوظيفة يف دراسة
المجتمعات اإلنسانية ،تقوم عىل المماثلة ربي الحياة االجتماعية والحياة العضوية ،حيث
ّ ّ
يتعذر أن نطرح أسئلة تتعلق بالطبيعة أو باألصل ،قبل تحديد هويات الظاهرات
الت تربط فيما بينها ،من أجل رشحها.
وتحليلها ،والكشف عن مدى كفاية العداقات ي
(سثوس ،4792 ،ص ) 04
ً
واستنادا إل هذه الفكرةّ ،
تفسث نشأة الوظيفية يف علم
ر ثمة اتجاهان يف
ر
األنثوبولوجيا االجتماعية :
الوظيفية نشأت ف ّ
ّ ّ ّ
األورون بعد الثورة
ري ظل التكالب ي االتجاه األول :يرى أن هذه
العشين ،عىل شعوب العالم وال ر الصناعية ،ف نهاية القرن التاسع ر
عش وبداية القرن ي
تأمي األسواق لترصيف منتجاته الصناعية اآلخذة يف النمو
سيما الضعيفة منها ،من أجل رّ
وتأمي مواد الخام األولية لتغذية صناعاته المختلفة من جهة أخرى .
ر من جهة،
ر ّ
األنثوبولوجيا يف األبحاث العلمية من أجل تهيئة فقد سخر االستعمار علم
https://attanweerlibrary.blogspot.com187
www.facebook.com/tanweerlibrary
والمنهح ،من
ر ي المفهوم
ي الطبيىع أن تنتج عن هذا التمايز ،مشكلة التحويل
ي وكان من
األساش ،يجعل من مفهوم الثقافة نفسه ،نقطة اختداف ربي
ي حقل إل آخر .هذا التمايز
ّ ً ً
االختصاصيي .فالثقافة ال تصبح مفهوما عمليا يف علم االجتماع ،إال بعد تجريدها من
ر
ير
وبولوج. االنسجامية الت أضفاها عليها االستعمال ر
األنث ي
ا
انتقاال من مفهوم ّ ّ
موسع وشامل للثقافة الثان ،إل أن هناك
ي ويشث التمايز (المعيار)
ر
تصنيق حسب ّ
(لواله لم تظهر نظريات بأكملها ،كالتطورية واالنتشارية) إل مفهوم
ي
االجتماع الموجودّ .أما النوع الثالث من التمايز ،فمصدره التباين
ي معطيات الثكيب
العلمي( .لبيب ،4799 ،ط ،2ص )49
ر المنهح ربي
ر ي
ّ ّ
ويتحقق استمرار هذا البناء ،من خدال الحياة االجتماعية ذاتها ،ألن أي نظام
تم إليه .فالنظام
االجتماع الذي ين ي
ي اجتماع يفقد طبيعته إذا ما نزع من النسق ي
ّ ّ
ينبىع دراسته
ي الذي الشامل االجتماع
ي النسق ضمن إال وجوده، ق يحق ال االجتماع
ي
ًّ
الت يقوم بها .
ي الوظائف تحديد أجل من ميدانيا) (
https://attanweerlibrary.blogspot.com189
www.facebook.com/tanweerlibrary
ر
األنثوبولوجية ،بواقع النظم ّ
تهتم المدرسة الوظيفية / وعىل هذا األساس،
ّ
االجتماعية وحارصها من دون العودة إل ماضيها ،وذلك لعدم وجود سجالت دقيقة
ً ّ ً ّ
تصورا واضحا عن أبنيتها . وتعط
ي تحدد تاري ــخ هذه النظم،
https://attanweerlibrary.blogspot.com191
www.facebook.com/tanweerlibrary
- 002 -
https://attanweerlibrary.blogspot.com192
www.facebook.com/tanweerlibrary
الفصل الثان
ر
األنثوبولوجيا ف المجتمع الحديث
ّ
مقــدمة
ّ ا
أول -نظرية االتصال الثقاف
ّ
التطورية الجديدة ثانيا -النظرية
ّ
الموجه )التغيثي ( -4االتجاه
ر
ّ
التثقيق
ي -0االتجاه
-4المدرسة البنائية
https://attanweerlibrary.blogspot.com193
www.facebook.com/tanweerlibrary
ّ
مقــدمة
ا
الثقاف (التثاقف والمثاقفة) :
ي أوال -نظرية االتصال
ّ
احتلت مسألة تعريف كلمة التثاقف (المثاقفة ) ،وتحديد نطاق العمل الذي تنطبق
ّ
االجتماع"
ي عليه ،مكان الصدارة منذ عام ،4725حيث قدمت لجنة " مجلس البحث
ّ ا ً
وينص التعريف تعريفا لها كجزء من مذكرة أعدتها لتكون دليال يف البحث عن التثاقف.
ّ ر ّ
والمستمر ،ربي المباش الت تنجم عن االحتكاكعىل أن " :التثاقف سشمل الظواهر ي
تغثات يفتجره هذه الظواهر من ّمختلفتي ف الثقافة ،مع ما ّ جماعتي من األفراد
ر ر ي ر
المجموعتي أو كلتيهما "( .هرسكوفيث ،4791 ،ص
ر نماذ الثقافة األصلية ،لدى إحدى
)004
ّ ّ
يعت أن التثاقف (المثاقفة) هو تأثر الثقافات بعضها ببعض ،نتيجة
وهذا التعريف ي
ّ ّ
االتصال ربي الشعوب والمجتمعات ،مهما كانت طبيعة هذا االتصال وأهدافه ،وإن كانت
ّ ّ
التغيث،
ر معي من عمليات
الثقاف ركزت بالدرجة األول ،عىل نوع ر
ي معظم دراسات االتصال
التغيث عىل الثقافة .
ر تغيث الحياة االجتماعية ،وانعكاس ذلك
االجتماع أو ر
ي التغيث
ر وهو
ّ
وثمة مفهوم آخر مرادف لكلمة (المثاقفة) وهو (المناقلة الثقافية
ّ )Transculturationالذي ظهر ّ
الكون /
ري للمرة األول يف عام .4712ويعلل الباحث
ّ ّ
أورتث / Ortizاستعمال هذا المفهوم بقوله " :إن يت أؤيد الرأي بأن كلمة المناقلة
ر
https://attanweerlibrary.blogspot.com195
www.facebook.com/tanweerlibrary
الثقافيةّ ،
تعث بشكل أفضل من مراحل سياق االنتقال المختلفة ،من ثقافة إل ثقافة
ر
ً ّ ّ
أخرى .ألن هذا السياق ال سشتمل فقط عىل اكتساب ثقافة أخرى ،بل يتضمن أيضا
بالرصورة ،فقدان مقدار ما من ثقافة سابقة ،أي االنثاع منها .وهو ما يمكن تعريفه (:
ّ
بالتال إل فكرة ظاهرة
ي الثقاف )Deculturationأضف إل ذلك ،أنه يقود ي بالتجريد
نشأة ثقافة جديدة ،وهو ما يمكن تسميته " التثقيف الجديد " (.هرسكوفيث ،ص)009
ّ ّ
تبت االتجاه
-1ف أمريكا :تعد الباحثة األمريكية /ماغريت ميد /الرائدة األول يف ي
اف .فقد أجرت /ميد /يف أوائل االجتماع /الثق ي
ي التغيث
ر التثاقق) يف دراسة
ي التواصىل (
ي
ّ ر
الثداثينات من القرن العشين دراسة عىل مجتمع من الهنود الحمر يف أمريكا ،ومدى تأثره
الت حصلت يف
بالمستعمرين البيض ،من خدال احتكاكه بهم ،والحظت االضطرابات ي
الحياة االجتماعية التقليدية عند الهنود الحمر نتيجة لذلك .فقد كان مجتمع الهنود
الحمر يف فثة الدراسة ،يعيش حالة من الرصاع الشديد ،ربي األخذ بالثقافة الجديدة
سيما ّأنه لم يكن قد ّ
تكيف بعد مع الوافدة ،وبن الثقافة القديمة الت اعتاد عليها ،وال ّ
ي
األوضاع الجديدة.
ً ّ
وف المقابل ،وجدت /ميد /أيضا ،أن المستعمرين البيض لم يهدفوا إل التبادل ي
ّ
الثقافتي ،وإنما أرادوا للهنود الحمر أن يندمجوا يف ثقافتهم بصورة كاملة.
ر بي
ر )التفاعل (
وعىل الرغم من موقف البيض هذا ،فلم سسمحوا للهنود الحمر أن سشاركوا يف أنشطتهم،
أو أن يتعاملوا وإياهم عىل قدم المساواة (Freidle, 1977, p.491) .
ً ر
األنثوبولوجيا يف أمريكا ،مقترصا عىل وبــهذا ،لم يعد تطبيق مكتشفات علم
ر
استخدام المفهومات واألساليب ووجهات النظر األنثوبولوجية ،يف معالجة المشكلة
ّ
الهندية فحسب ،بل امتدت طرائق دراسة القضايا العملية لتشمل مشكدات الجماعات
ّ ً ّ
والت أصبحت تمثل غالبية سكان أمريكا .
المتمدنة أيضا ،ي
ولذلك ،فمن الخطأ أن تسىع الثقافة الغربية (األمريكية أو األوروبية) إلطداق أحكام
ًّ ّ ً ّ
أساسيا للممارسات مثرا مسبقة عىل الثقافات األخرى ،وتتخذ من هذه األحكام ر
االستعمارية ،عىل أهل تلك الثقافات( .فهيم ،4795 ،ص )417
ّ
الفرنسيي مواقف مشابهة
ر الباحثي
ر وكذلك الحال يف فرنسا ،حيث اتخذ العديد من
https://attanweerlibrary.blogspot.com197
www.facebook.com/tanweerlibrary
ّ ً
التطورية الجديدة : ثانيا-النظرية
ر
العشين ،عدد من ظهر يف نهاية النصف األول وبداية النصف الثا ين من القرن
وبولوجيي الذين بدأوا يضعون نظرية خاصة لدراسة المجتمعات اإلنسانية ومراحل ر
األنث
ر
اإلنكلثي (جوردن الثقاف يف ذلك .وكان من أبرز هؤالء ،عالم اآلثار التغيث ّ
تطورها ،وموقع
ر ي ر
واألمثيكيان ( :جوليان ستيوارد) و ( رلث يل هوايت) الذي دعا إل عدم استخدام
ر تشايلد )،
ّ ّ
النظم األوروبية كأساس لقياس التطور ،ورصورة إيجاد محكات أخرى يمكن قياسها
وتقليل األحكام التقديرية بشأنها .
ّ ّ ّ ّ
المهم أال فقد أكد /هوايت /يف كتابه " علم الثقافة " المنشور عام ،4717أن من
ّ ّ ّ
التطورية عىل تحديد مراحل ّ
الثقاف ،وإنما ال بد من
ي معينة لتسلسل النمو تقترص النظرية
ّ ّ ّ
الت تحدد هذا التطور .ويمثل عامل " الطاقة " يف رأيه ،المحك إبراز العامل أو العوامل ي
ّ ّ ّ
االجتماع
ي ر ي
التكنولوج يف ثقافة ما ،يحدد كيانها الرئيس لتقدم الشعوب .أي أن المضمون
ّ
واتجاهاتها األيديولوجية( .فهيم ،4795 ،ص)022
ّ
التطوري ،إل ثداث مدارس تنادي ّ ّ
كل منها الثقاف
ي وقد انقسم هذا االتجاه
وصق ،4794 ،ص )155
ي بمجموعة من القضايا العامة ( :
ّ ّ
حي المدرسة األوىل :تأخذ بالمسلمة القائلة بأن التاري ــخ إنما يتجه يف تتابع وحيد ر
ّ استنادا إل مبدأ الوحدة السيكولوجية لبت ر ً ّ
تتطور البش .ومن هنا ي تتطور النظم والعقائد،
الثقافة ف العالم اإلنسان ،حيث تتشابه الظروف العقلية والتار ّ
يخية . ي ي
ّ
التطوري للنظم حي تعالج هذا التتابع
المدرسة الثانية :تأخذ بالمنهج المقارن ر
ّ ّ
المنهجية المنظمة ربي الشعوب والثقافات ،يف والمعتقدات اإلنسانية ،بعقد المقارنات
https://attanweerlibrary.blogspot.com199
www.facebook.com/tanweerlibrary
ً
سائر المراحل المبكرة ألطوار الثقافة ،بحثا عن المصادر األثنولوجية للسمات الثقافية.
ّ
المدرسة الثالثة :تأخذ بفكرة البقايا أو المخلفات والرواسب الثقافية ،عىل اعتبار
ّ ّ ّ ّ
المنطقية ،وأن المجتمع ه شواهد من الناحية أن هذه البقايا القائمة يف المجتمع ،إنما ي
ّ ً ً ً
تطورا ومراحل ر
أقل ّ
قد م ّر ف مراحل ّ
أكث تركيبا وتطورا. ي
ّ ّ
الطاع للبيئة) وأن أثر البيئة
ي التأثث القوي /
وتتلخص وجهة نظرهم هذه ،يف جملة ( ر
كثثة .ويستشهدون عىل ذلك ،بسكان األسكيمو ،وسكان كبث عىل الثقافة يف مجاالت رر
ّ ّ ّ ّ
األصليي ،وتأثر ثقافة كل من هذه الشعوب بالبيئة المحيطة .ولكن ثمة ر أوسثاليا
ً ّ ّ
كثثا من البيئات المتشابهة،
معارضون يف العرص الحديث لهذه النظرية ،ألنهم يرون أن ر
ّ
تضم ثقافات وحضارات مختلفة( .حمدان ،ص ) 424
ر ي
األثنولوج ونظرته الخاصة .
ّ ّ
استمرت حت وكان من نتيجة ذلك ،ظهور أربعة اتجاهات يف الدراسة األثنولوجية،
ّ
يوحدوا ر
األنثوبولوجيون بعدها أن ر
العشين ،استطاع نهاية السبعينات من القرن
ّ ّ
ويوجهوا دراساتهم االجتماعية /الثقافية ،من أجل ّ
تحرر اإلنسان وتقدمه . اهتماماتهم
ّ
يىل عرض موجز لهذه االتجاهات األربعة :
وفيما ي
ّ ّ
الموجه : التغيثي
ر -4االتجاه
التغيثات
ر كبثة لدراسة حركية
لقد أعطت الظروف السياسية الجديدة ،دفعة ر
الناجمة عن عمليات نقل التكنولوجية الحديثة إل الثقافات التقليدية يف المجتمعات
https://attanweerlibrary.blogspot.com201
www.facebook.com/tanweerlibrary
ّ ّ
الت كانت وراء نقل التكنولوجية إل المجتمعات التقليدية تحت
إال أن األهداف ي
الت قد ّ
الكثث من القضايا األخداقية ،وال سيما تلك األرصار ي
ر مصطلح " التنمية" ،أثارت
تصيب اإلنسان وبيئته ،وذلك بسبب عدم حاجة المجتمعات النامية إل هذه
التكنولوجية ،أو عدم مناسبة استخدامها يف تلك المجتمعات .وعىل الرغم من ذلك ،فقد
ّ
االتجاه أثر كبث وواضح ف ر
األنثوبولوجيا التطبيقية . ي ر كان لهذا
ّ
التطبيق :
ي -0االتجاه
التحررية ف الفكر ر
ّ ّ
ر ي
وبولوج ،يف الستينات والسبعينات األنث ي تنام االتجاهاتي أدى
ًّ من القرن ر
العشين ،إل تراجع توظيف األثنولوجيا لخدمة األهداف السياسية ،أيا كانت
تخصص جديد يعرف بـ " ر ّ ّ
األنثوبولوجيا طبيعة دراساتها وأنواعها .ونشأ بدال من ذلك
خثاتهم المعرفية /النظرية ر
التنموية " حيث يقوم الباحثون األنثوبولوجيون بتقديم ر
ّ ر
المشوعات االقتصادية واالجتماعية .أي أن نتائج والميدانية /التطبيقية ،يف خدمة
ّ الدراسات ر
األنثوبولوجية التطبيقية ،أصبحت توظف لخدمة الدول النامية يف عمليات
ّ
التغيث التنموي المخطط.
ر
األنثوبولوجية " عام ،4792 وانته ذلك إل إصدار بيان " وثيقة األخداقيات ر
ر ّ
المدروسي من جهة،
ر وبولوجيي باألفراد (الجماعات)
ر األنث حددت بموجبها عداقة
ّ
ومسؤولياتهم تجاه الدول يف المجتمعات المضيفة من جهة أخرى .وهذا كله يدخل يف
وبولوج ،وال ّ مسؤوليات الباحث ر
سيما األمانة المهنية واألخداقية ،وحماية األفراد ر ي األنث
ّ
الذين يتعامل معهم .وكان من نتيجة ذلك ،ظهور ثداثة اتجاهات فرعية بشأن إجراء
األنثوبولوجية واستخداماتها .الدراسات ر
ّ
االتجاه األول :ذو نزعة تقليدية ،يرى أن القيم العامة والسياسة ،ال عداقة لهما
ّ بالعلوم االجتماعية ،وما عىل الباحث ر
الت يحصل عليها ر ي
وبولوج إال تقديم الحقائق ي األنث
ّ
ه ومن دون االهتمام بنتائجها ،عىل اعتبار أن العلم منفصل عن القيم األخداقية .
كما ي
ً
غثفيتش /تعريفا الجتماعية المعرفة سشمل موضوع هذا ر وهنا يقثح /جور
ّ
االختصاص مع اعتبارات منهجية أساسية .وإذا اقترصنا عىل الحد األدن منه ،كانت
ا
الت يمكن
ه أوال دراسة الثابطات الوظيفية ي اجتماعية المعرفة (سوسيولوجيا المعرفة) ي
جانبي :
ر إيجادها ربي
أولها :أنواع المعرفة المختلفة ،ودرجة تبلور األشكال المختلفة داخل هذه األنواع
من المعرفة وأنظمتها المختلفة ،أي (تراتب هذه األنواع) .
https://attanweerlibrary.blogspot.com203
www.facebook.com/tanweerlibrary
-2مظاهر االقثاب واالبتعاد ربي أنواع المعرفة المختلفة ،وذلك بحسب ارتباطاتها
بأطر اجتماعية ّ
معينة .
ّ
االتجاه الثان :ركز عىل فكرة مبدأ النسبية الثقافية الذي يتناول يف جوهره ،مشكلة
ّ
طبيعية ودور القيم يف الثقافة .ويمثل معالجة علمية استقرائية لمشكلة فلسفية قديمة،
ً
وه
الباحثي ،ي
ر مستخدما معطيات حديثة عن شعوب عديدة ،لم تكن من قبل يف متناول
ّ
مستمدة من دراسة أنظمة القيم يف مجتمعات ذات تقاليد وعادات وأعراف مختلفة .
ّ ّ
ويعث عن مبدأ النسبية الثقافية باختصار :عىل أن األحكام فيها تبت عىل التجربة،ر
تأثث المفاهيم لدى
ثمة أمثلة توضح لنا ر كل فرد التجربة حسب ثقافته الخاصة .ف ّ ويفش ّ
ّ
الغرن من
ري الطبيىع ..فالهنود يف الجنوب
ي شعب ما ،عىل نظرة هذا الشعب إل العالم
ّ ّ
سثى أن لدى بعض المجتمعات أنظمة تجعله وإن من يقول بوجود قيم ثابتة ،ر
ّ ّ
التحقق من ّ
صحة نظريته .فهل ّ
ثمة قيم أخداقية ثابتة؟ أم أن القيم يؤمن برصورة إعادة
ّ ّ
األخداقية تكون ثابتة طالما اتفقت مع اتجاهات شعب ما ،يف فثة زمنية معينة من
ّ
الكثى يف
تاريخه؟ واإلجابة عن هكذا أسئلة ،تؤلف إحدى إسهامات علم األثروبولوجيا ر
مقوماته( .هرسكوفيث ،4791 ،ص)55-55 تحديد مكان اإلنسان ف العالم وتحليل ّ
ي
ّ ّ
وهذا يتطلب عدم التدخل يف شؤون اآلخرين ،ورصورة وضع قواعد أخداقية تضبط
وبولوجيي إال ّأن بعض ر
األنث
ّ ّ
تتوصل إليها الدراسات األثنولوجية. الت
ر استخدام النتائج ي
ً ً ّ
يرى أنه من الصعوبة أن يكون الباحث محايدا تماما تجاه ما يجري أمامه أو حوله .ولذلك
فنن مسؤولية الباحث رّ
ر ي
وبولوج ،توجب أن يطلع األفراد الذين يتعامل معهم عىل األنث ،
لتغيث واقعهم ،وبما يتناسب مع إمكاناتهم المادية
ر نتائج بحثه ،واختيار أفضل السبل
ر
والبشية من جهة ،وأوضاعهم الثقافية من جهة أخرى .
https://attanweerlibrary.blogspot.com205
www.facebook.com/tanweerlibrary
ّ ّ
الكثث من األحكام ،عىل طرائق
ر يتضمنه مثل هذا االستعمال يف ويؤثر المفهوم الذي
ّ ّ ّ
الت يكشف عنها التنقيب يف األرض ،أن التبدل الماض ي
ي وتدل آثار حياة الشعوب.
ّ ً ّ
وبالتال ،يمكن أن نستخلص أنه ما من
ي .العامة القاعدة هو – بطيئا كان المستمر – وإن
ج يعيش اليوم ،كما كان يعيش أجداده أو أجدادنا( .هرسكوفيث ،4791 ،ص)91 شعب ّ
ي
ً
ثالثا-النظرية الماركسية
ّ ّ
كىس ولكنها لم تجد
كثة األساسية للفكر المار ي
تعد النظرية (المادية التاريخية) الر ر
ّ
الغرن ،إال بعد انتصار الثورة االشثاكية يف روسيا عام ،4749حيث
ري طريقها إل الفكر
ليني) قائد هذه الثورة ،تثجم إل اللغات األوروبية الرئيسة.
فدادميث ر
ر بدأت أعمال (
ّ
وهذا ما أدى إل النهوض الثوري يف العديد من البلدان األوروبية ،ومن ّثم تأسيس
ر ًّ
واإليطال) من جهة ،وإيجاد الحلول
ي األلمان
ي الفاش (
ي األحزاب الشيوعية ،ردا عىل الفكر
الت خلقتها الرأسمالية – آنذاك – من جهة أخرى.
لألزمة االقتصادية العالمية ي
ّ
اإلنسان ،وفق
ي كفلسفة مؤثرة وفاعلة ،يف دراسة الظواهر الطبيعية واالجتماعية والفكر
وتفسثه .
ر فلسق يعتمد عىل الفكرة الثورية العلمية يف تحليل الواقع
ي منهج
وتنطلق الماركسية من طريقة الحصول عىل العيش ف ّ
كل مجتمع ،باعتبارها أساس ي
الت يدخل فيها
وبي العداقات ي
بنيته .وذلك من خدال إقامة الصلة ربي هذه الطريقة ،ر
ّ
الناس ضمن عملية اإلنتا .فالعداقات اإلنتاجية إذن ،تشكل األساس الرئيس والقاعدة
لكل مجتمع( .روزنتال ويودين ،4791 ،ص )122-124 الحقيقية ّ
ّ
فقد جاء يف الموسوعة الفلسفية (السوفيتية) أن الماركسية تنظر إل اإلنسان" :عىل
ّأنه موجود اجتماع .ويعتث من وجهة النظر البيولوجية ،أعىل مرحلة ف مراحل ّ
تطور ي ر ي
فنن اإلنسان ّّ الحيوانات عىل األرض .وبينما ّ
يكيف يكيف الحيوان نفسه مع الطبيعة،
ً
الطبيعة مع نفسه من خدال ما يقوم به من نشاط ر ي
إنتاج .واإلنسان أيضا ،ال يمكن أن
ّ
وبالتال فهو منصهر يف ظروف اجتماعية محددة ".
ي يعيش بمعزل عن الناس اآلخرين،
ً
وكامنا ف نفس ّ ّ ً ً ّ
كل فرد ،بل ي مجردا وهكذا يرى ماركس ،أن جوهر اإلنسان ليس شيئا
تطور الجنسّ الت يعيش يف إطارها .فهو نتا
هو يف حقيقته نتا العداقات االجتماعية ي
كله ،سستوعب (يمتلك) المعرفة الت حصل عليها الجنس ر ّ ر
عث تاريخهالبشي ر ي البشي
ّ ّ ّ ّ
الطويل .ولذلك ،تعد التشكيلة االجتماعية /االقتصادية ،مرحلة تاريخية معينة يف تطور
ّ
وأن أساسها هو أسلوب اإلنتا الذي ّ
تتمث به وحدها.ر المجتمع،
ّ
إن هذا المفهوم ف الفكر الماركىس ،يتيح ر
وبولوجيي أن يكشفوا عن الظواهر
ر لألنث ي ي
التميث ربي
ر العامة لألنظمة االجتماعية يف عدد من البلدان .كما يتيح يف الوقت ذاته،
كل تشكيلة مناالختدافات السائدة فيما بينها داخل نطاق التشكيلة ذاتها ،إذ تأخذ ّ
ً ً ً
التشكيدات االجتماعية واالقتصادية ،كيانا اجتماعيا خاصا لـه قوانينه من حيث النشوء
والتحول إل تشكيلة أخرى (.برمان ،4792 ،ص )024-022 ّ ّ
والتطور،
https://attanweerlibrary.blogspot.com207
www.facebook.com/tanweerlibrary
وجه ر
األنثوبولوجيون المعارصون اهتمامهم إل دراسة التباين القائم ربي نظرية لقد ّ
ماركس عن المادية التاريخية ،ونظرية المادية الثقافية الت وضعها ر
األمريك
ي ر ي
وبولوج األنث ي
ّ
المعارص /مارفيل هاريس ./فالماركسيون الحديثون يتفقون مع دعاة نظرية المادية
ّ
الثقافية ،عىل أن األوضاع المادية للحياة اإلنسانية ،لها األولوية يف الدراسات
أهميتها عىل النظم االجتماعية واألنساق الفكرية ّ ّ
وتتفوق يف ر
األنثوبولوجية،
والمعتقداتية .
ّ ّ ّ
الحديثي ،يركزون عىل االقتصاد كنسق متكامل من
ر كسيي
إال أن هؤالء المار ر
ّ
حي يركز الماديون الثقافيون عىل
العداقات االجتماعية والقيمية والتكنولوجية ،يف ر
ً األوضاع األيكولوجية ( ّ
ويعتثونها نسقا من العداقات البيولوجيةKessing, .
ر البيئية)
))1981, p.170
ّ
كالماديي
ر الثقافيي
ر الماديي
ر وعىل الرغم من ذلك ،يرى /هاريس /أن
ّ
الدياليكتيكيي ،من حيث الهدف الذي يمكن تحقيقه من خدال دراسة التحدياتر
ّ ّ ر ّ ّ
الت يتعرض لها الجنس البشي ،وال سيما متطلبات الغذاء والسكن وأدوات
(المحددات) ي
ّ
االستعماالت المختلفة .يضاف إل ذلك ر
تأثثات البيئة ،وما يتعلق بالقضايا البيولوجية /
الوراثية ،عىل التكاثر ر
البشي .
ً
أيضاّ ،أن عىل الماديي الثقافيي األخذ ّ ّ
بتنوع وجهات ر ر ولذلك يؤكد /هاريس /
النهان الذي يجمع فيما وبولوجيي ،رشيطة أن يكون الهدف السياسية عند ر
األنث ّ النظر
ي ر
بينهم هو " العمل عىل تطوير الثقافة اإلنسانية "))Harris, 1968, p.325
ّ ً
المعرفية رابعا-النظرية
ًّ
الت يقول فيها عالم االجتماع
كما جاءت النظرية المعرفية ردا عىل الماركسية ،ي
ّ
الكثث من االهتمامات ،ولكنها
ر الفرنىس المعارص /ميشيل فوكو : /أنها أثارت يف نفسه
ي
ّ ّ ّ ً ً
أخفقت يف إشباع هذه االهتمامات إخفاقا شنيعا .بل إنه ذهب إل حد القول " :إن
ّ ّ ّ
مجرد نوع من الماركسية كانت تجتذب إليها الشباب ،ولكنهم كانوا يدركون بشعة أنها
الت تدور حول إمكان وجود عالم آخر أفضل من هذا العالم الذي نعيش
أحدام المراهقة ،ي
فيه ".
ً ّ ً
تخصصا جديدا أضق عليه " تاري ــخ أنساق الفكر " يف إطار ولذلك ،ابتكر /فوكو/
الت
ما أطلق عليه مصطلح " إبستيمة " Epistemeوالمستمد من أصل الكلمة اليونانية ي
ّ
تشث إل العلم والمعرفة .ولذا يمكن ترجمتها بعبارة " إطار المعرفة " .ويحدد فوكو ثداثة
ر
معرف خاص : بإطار منها كل (انقطاعات) أساسية ّ
يتمث ّ
ي ر
https://attanweerlibrary.blogspot.com209
www.facebook.com/tanweerlibrary
ّ ّ
االنقطاع الثان :حدث بعد الثورة الفرنسية بقليل ،ويتمثل يف ظهور فكرة الثقدم
وتعتث هذه الفكرة بمثلة اإلطار والعلم ،عىل السواء. االجتماع المجالي : ّ
التطوري يف
ر ي ي ر
يمث العرص الحديث ويسيطر عليه سيطرة تكاد تكون تامة. المعرف الذي ّ
ر ي
ً ّأما القطع الثالث :هو ما يمكن أن يتبلور فيما ّ
يمر به العالم اآلن ،ويصبح قطعا يف
ّ ّ مجرى التاريـ ــخ .وعىل الرغم ّ
مما كتبه حول هذه النقطة ،فننه لم يقدم أي تحديد دقيق
تفسث مقنع عن الطريقة الت ّ ّ ّ
تتم بها ي ر واضح المعالم لذلك (القطع ) .كما أنه لم يقدم أي
ّ
هذه التوقعات واالنكسارات ،أو االنقطاعات وأسباب حدوثها.
اإلنسانية " .فالخريطة اإلدراكية ألي شعب من الشعوب ،تحتفظ بمدامح عامة
ّ
ومقومات أساسية وثابتة ،ولكنها – مع ذلك – ال تخلو من بعض االختدافات والتفاصيل
وف المرحلة الزمنية
الدقيقة من جيل إل آخر ،ال بل من فئة اجتماعية إل فئة أخرى ،ي
ّ
تصوراته الخاصة عن العالم والكون ،تختلف عن الواحدة .وهذا يعت ّأن ّ
لكل مجتمع، ي
غثه من المجتمعات األخرى (أبو زيد) 017 ،4799 ، ّ
تصور ر
ّ ّ
مؤسس المدرسة البنائية يف الدراسات الثقافية / ليق سثوس / يعد /كلود ي
ّ ر
األنثوبولوجية .فهو ّ
التميث ربي الصورة
ر يعرف النظرية البنائية (البنيوية) بأنها تقوم عىل
والمضمون ،بحيث تكمن أصالتها ف طريق ّ
تصورها لدارتباط بينهما .ولكن ما أخذ عىل / ي
ّ ّ ّ
سثوس /هو أنه أدرك المجتمع كقواعد ال كترصفات ..أي أنه يصطنع لنفسه معقولية
ّ ّ ّ ر
يبت هذه
كاملة عىل أساس يرد البش والزمر االجتماعية إل وظيفة محددة ،بدال من أن ي
ّ
الوظيفة عىل عدامات مشخصة ،يعتقدونها فيما بينهم( .أوزياس ،4792 ،ص ) 15
ّ
ويأخذ مفهوم البنية عند /سثوس /طابع النسق (النظام) ،حيث تتألف البنية من
ّ ا ّ
تحوال ما يف العنارص تحول يف أحدها أن يحدث مجموعة عنارص ،يمكن ألي
ّ ّ
العثة يف دراسة الظواهر (النظم) االجتماعية ،إنما
ر إن / وس األخرى.ولذلك يقول /سث
ّ
ه للوصول إل العداقات القائمة فيما بينها .والدافع إل ذلك ،هو أن حقيقة الظواهري
ً
االجتماعية ليست يف ظاهرها كما تبدو عيانا للمداحظ ،بل تكمن يف مستوى أعمق من
https://attanweerlibrary.blogspot.com211
www.facebook.com/tanweerlibrary
ر ّ
فنن ّ
واألنثبولوجية مهمة الباحث األساسية ،يف العلوم اإلنسانية عامة ومن هنا
ّ ً ّ ر ً ر ّ
خاصة ،تكمن يف التصدي للظواهر اإلنسانية األكث تعقيدا ،أو األكث تفككا وعدم اتساق.
بالتال إل
ي وذلك بقصد الكشف عن عوامل هذا التعقيد أو هذا االضطراب .والوصول
ّ
الت تحدد العداقات الكامنة يف الظواهر واألشياء .
البنية أو (البت) ي
ّ ً
يعتث (البنائية) منهجا وليست نظرية أو فلسفة خاصة ،فننه
وإذا كان /سثوس /ر
ّ
من جهة أخرى يحدد هدف األثنولوجيا بالكشف عن العمليات المعرفية (العقلية
ّ
تفسث حول تعدد
ر واإلدراكية) عند األفراد داخل المجتمعات اإلنسانية ،بغية الوصول إل
اإلنسان
ي الثقافات واختداف بعضها عن بعض .وهذه العمليات تنشأ وتتبلور داخل العقل
ّ ّ
وتكون ما أطلق عليه من خدال التعلم ،حيث يتعلمها الفرد منذ الصغر عن طريق اللغة،
ّ َّ
الت تشكل الثقافات عىل أساسها .ولذلك ،يمكن أن تتخذ هذه البناءات
(األبنية العقلية ،ي
الشكلية للثكيب اللغوي ،نماذ يقتدي بها الباحثون يف العلوم اإلنسانية واالجتماعية،
ّ ّ
كما يمكن أن تتحقق معها الدقة العلمية عند دراسة اإلنسان( .زكريا ،4792 ،ص )7
ّ ّ
اجتماع ،ال يمكن أن تفهم إال يف إطار عملية
ي إن العداقات االجتماعية يف أي نظام
ّ
االجتماع .وذلك عن طريق
ي التواصل والتبادل ربي األفراد الذين سشكلون هذا النظام
ّ
وتوجه سلوكاتهم وعداقاتهم تفكث هؤالء األفراد، الت تحكم
ر دراسة العمليات العقلية ي
ّ
الت تؤلف ثقافتهم .
ضمن البنية ي
ر ً
األنثوبولوجيون اللغويون المعارصون يهتمون وانطداقا من هذا المصطلح ،بدأ
ّ
بتطوير المدخل اللغوي يف دراسة الثقافة ،بحيث تؤدي دراساته عن أصل اللغة ومراحل
ّ ّ
تطورها ،إل مجاالت دراسية جديدة حول تطوير األسس االجتماعية واإلعدامية ،ي
الت
تقوم عليها الحياة اإلنسانية الحارصة والمستقبلية (Freidle,1977,p.280) .ولذلك
وبولوجيي يف أمريكا ،بإجراء دراسات لغوية بقصد تأكيد قام عدد من الباحثي ر
األنث
ر ر
ّ ً
لتصورات علمية دراسة الثقافة اإلنسانية ،وذلك من خدال وصف الثقافة وتحليلها وفقا
ّ
الت تتجىل يف سلوكاتهم اللغوية .
األفراد ومفاهيمهم ،ي
ّ ً
التحليىل ،أظهرت نتائج دراسات أثنوجرافية متعددة،
ي واستنادا إل هذا المنهج
ّ
والت يصنف األفراد بموجبها يف المجتمعات
ي والمعايث ربي الشعوب،
ر اختدافات األسس
ّ ّ
المختلفة مفاهيمهم واتجاهاتهم ،فيما يتعلق بتصنيف األشياء المختلفة ،كاأللوان أو
https://attanweerlibrary.blogspot.com213
www.facebook.com/tanweerlibrary
ّ ّ
يعت أن
ي مكونات البيئة المحيطة .وهذا وغثها من
الطعام أو الحيوان أو النبات ،ر
األثنوجرافيا الجديدة ،تسىع إل دراسة الثقافة من خدال وصفها وتحليلها ،كما يراها
أصحابها ،وليس كما يراها الباحث ر
الت ر ي
وبولوج ،وذلك باالعتماد عىل تحليل اللغة ي األنث
سستخدمها أفراد المجتمع.
ر
العشين، افيي الجدد منذ بداية السبعينات من القرن
لقد برز اهتمام األثنوجر ر
ر
بالدراسات الميدانية لجمع المعلومات عن اللغات والثقافات المرتبطة بها ،ونشت كتب
ّ ّ
كثثة حول ذلك .إال أن هذا االتجاه – عىل الرغم من أهميته يف دراسة الثقافة –واجه
ر
ّ ر ً
جثتز /الذي دعا
األمريكيي ذاتهم ،وال سيما /جيلفورد ر
ر وبولوجيي
ر نقدا من بعض األنث
ّ
يهتم الباحث بالمعت والرمز سسم اآلن بـ ( ر
األنثوبولوجيا الرمزية ) ،وطالب أن ّ إل ما
ا
المصاحبي للممارسات الثقافية ،بدال من االعتماد عىل ما يقوله األفراد عن ثقافتهم.
ر
ّ ً ّ ّ
ورأى أنه ليس من المهم مطلقا أن نسىع إل تأكيد تكامل العنارص الثقافية ،ألنها ليست
ّ
الت يتناقض بعضها مع بعض
إال مجموعة منفصلة من العواطف والمعتقدات والقواعد ،ي
كثثة (.فهيم ،4795 ،ص )021
يف أحيان ر
https://attanweerlibrary.blogspot.com215
www.facebook.com/tanweerlibrary
-ابراهيم ،زكريا ( )4795مشكلة البنية – أضواء عىل البنيوية ،مكتبة مرص ،القاهرة .
ّ
-أبو زيد ،أحمد ( )4799ماذا يحدث يف علوم اإلنسان والمجتمع ،مجلة عالم الفكر،
ّ
الكويت ،مجلد ،9العدد (. )4
ّ
العرن،
ري العرن ،15مجلة
ري -أبو زيد ،أحمد ( )0224الطريق إل المعرفة ،كتاب
الكويت .
ّ ّ
االجتماع – طبيعتها واستخداماتها ،دار التقدم،
ي التطور قواني
ر -برمان ،ر
غلث ()4792
موسكو .
قصة ر
األنثوبولوجيا -فصول يف تاري ــخ اإلنسان ،عالم المعرفة -فهيم ،حسي (ّ )4795
ر
( ،)479الكويت .
أسس ر،)4791(
، رباح النفاخ: ترجمة،األنثوبولوجيا الثقافية . مليفيل، هرسكوفيث-
. دمشق،وزارة الثقافة
- 117 -
https://attanweerlibrary.blogspot.com217
www.facebook.com/tanweerlibrary
الفصل الثـالث
نحـو ر
أنثوبولوجيا عربية
ّ
مقــدمـة
ا
أول -واقع ر
األنثوبولوجيا العربية
ّ
مقــدمـة
قد تكون اإلجابة عن هذا السؤال من الصعوبة بمكان ،حيث ال توجد معطيات
جاهزة وكاملة لهكذا إجابة ،عىل الرغم من وجود محاوالت ر
ألنثبولوجيا عربية ،سواء يف
ّ
تصور – إن أمكن الماض أو يف الحارص .وهذا ما سنحاول تبيانه والوصول من خداله إل
ي
– ر
ألنثوبولوجيا عربية معارصة .
ّ
وإذا ما عدنا إل الفثة الممتدة من منتصف القرن الثامن الميدادي إل نهاية القرن
ّ الحادي ر
عش الميدادي ،نجد أن العرب كانوا – عىل مدى أربعة قرون ونصف القرن "
وغثها ،بينما كانت اللغة ّ
والطب واالجتماع والفلسفة ر الشق " يف علوم الفلكعباقرة ر
https://attanweerlibrary.blogspot.com219
www.facebook.com/tanweerlibrary
ا
وال-واقع ر
األنثوبولوجيا العربية : أ
ّ
الشيال " : /انقلب األوروبيون إل ديارهم بعدما العرن /جمال الدين ّ
المؤرخ يقول
ري
منوا بالهزيمة يف الحروب الصليبية ،وقد بهرتهم أنوار الحضارة العربية /اإلسدامية،
ّ
فتفرغوا لها ...يقتبسون من آللئها وينقلون آثارها، وأخذوا مفاتيح تلك الحضارة،
ويدرسون توليفاتها .وقد ساعدتهم عوامل أخرى ،جغرافية وتاريخية واجتماعية
واقتصادية ،عىل أن سسثوا بالحضارة ف طورها الجديد ،عىل طريقة جديدة تعتمد ر
أكث ي ر
ّ ً
ثانياّ . ّ ا
فمهد هذا كله الحر ّأوال وعىل المداحظة والتجربة واالستقراء التفكث
ر ما تعتمد ،عىل
ر ّ
القرني ،التاسع عش
ر لهم السبيل إل كشوف علمية جديدة شكلت الطدائع لحضارة
ر
والعشين".
العرن عىل
ري بتأثث الثاث الحضاري
وعىل الرغم من اعثاف بعض مفكري أوروبا ر
ّ ّ
الحضارة الغربية الحديثة ،فقد ساد اتجاه ناكر ومتنكر لهذه الحقيقة التاريخية ،من
ّ
السىع نحو طمسها ،أو التقليل من شأنها .وقد دعم هذا االتجاه ،حركة االستعمار
ي خدال
ّ
والمسلمي عن االبتكار
ر واإلسدام ،مؤكدا عجز العرب
ي العرن
ري للعالمي :
ر األورون
ري
ً
واإلبداع ،واإلسهام يف ركب الحضارة اإلنسانية ،األمر الذي يجعل من " التغريب " أمرا
ً
وريا لمواكبة ّ
تطورات العرص الحديث. رص
بتنوعهّ اإلسدام، العرن / ولهذا ،فمن الرصوري العمل عىل فحص الثاث
ي ري
ر
سيما تلك األعمال ذات الصلة المباشة ّ
ومتعمقة ،وال ّ وغزارته،ودراسته دراسة متأنية
ّ ر
باألنثوبولوجيا ،من أمثال :مؤلفات أخوان الصفا ،وكتاب " الحيوان " للجاحظ ،وكتابا
ّ
وتحول األحياء بعضها من بعض، ت /أحمد ابن مسكويه /الخاصة بآرائه عن النشوء
كثث.
وغثها ر
ر
ّ ّ
تؤدي هذه الدراسات إل إعادة تاري ــخ ر
األقل، األنثوبولوجيا من جديد ،أو عىل فقد
ّ ّ ّ
والمنهجية ،بحيث ال ترد جميعها إل عرص النهضة (التنوير) يف المعرفية إعادة أصولها
الكثث من المفهومات
ر العرن،
ري أوروبا فحسب ،بل قد يوجد يف هذا الثاث الحضاري
ّ والنظريات عن الجنس ر
البشي والحضارة اإلنسانية ،وأوجه الحياة اليومية ومشكداتها،
وبولوجيي المعارصين( .فهيم ،4795 ،ص )057 مما ال يزال سشغل بال الباحثي ر
األنث ّ
ر ر
ّ
فنن علم اإلنسان ( ر
األنثوبولوجيا) رن،
وعىل الرغم من غت العلوم يف هذا الثاث الع ر ي
ّ َ
المؤسسات ه الحال يف ي كما العربية، لم يلق االهتمام يف الدوائر العلمية والبحثية
العلمية الغربية وباحثيها ،سواء يف البحوث الميدانية /التطبيقية ،أو يف الدراسات
األكاديمية ،كالدراسات الفلسفية والنفسية والثبوية..
https://attanweerlibrary.blogspot.com221
www.facebook.com/tanweerlibrary
الحي ،األستاذ /رادكليف وبولوجيي يف ذلك ّثم جاء بعدهم ف األربعينات ،عميد ر
األنث
ر ر ي
األنثوبولوجيا يف جامعة اإلسكندرية ،تحت اسم (علمر براون /الذي قام بتدريس
ً
الحي –
الجامىع – يف ذلك ر
ي االجتماع المقارن) أيضا ،وذلك لعدم احتواء برامج التدريس
عىل مادة ر
األنثبولوجيا (.فهيم ،4795 ،ص)052
ر
الغرن،
ري ر ي
وبولوج األنث ولذلك ،فنذا أردنا القيام بمحاولة تأري ــخ لعداقة الفكر
ّ ّ
العرن ،فنن إيفانز بريتشارد وإرنست غيلث ،سيتصدران ليسري بالمجتمع والثقافة يف العالم
العرن وبولوجيي الذين تعاملوا مع ثقافات ومجتمعات العالم فقط قائمة عدد من ر
األنث
ري ر
معا ًّ ً ّ ّ
تعث عن أحد أشكال تجليات هذه العداقة، ر االثني
ر واإلسدام ،وإنما أيضا ألن تجربة
ي
األورون عىل األقل.
ري يف جانبها
فقد حاول ّ
كل من بريتشارد و غيلث ،ومن واقع انتمائهما للثقافة األوربية المعارصة،
والثقاف ذي
ي االجتماع
ي أكاديميي ،فهم هذا الواقع
ر مثقفي قبل أن يكونا
ر أي باعتبارهما
واالجتماع.
ي الثقاف
ي الخاصية العربية اإلسدامية ،هذا الواقع الذي يقع يف مقابل الغرب
ّ
وكان الهاجس األهم الذي سشكل صلب اهتمام غيلث يف هذا الجانب – وما زال ،-ليس
ّ ّ
ه البحث يف العرن ،وإنما ي
ري الممثة للثقافة العربية والمجتمع
ر التفصيدات األثنوغرافية
االجتماع يف هذه البقعة من العالم.
ي الت يعمل وفقها النظام
والقواني المنطقية ،ي
ر اآلليات
(يتيم ،0224 ،ص )405
األهميةّ ،
ّ ً ر
يكونان من الثوابت الرئيسة جانبي عىل غاية من
ر واألنثوبولوجية ثانيا ،بتحليل
البارزة يف البت االجتماعية العربية ،أال وهما :اإلسدام والقبلية .فقد قادته محاولته
االستقرائية إل عمله الحقىل (الميدان) ر
العرن،
ري ر ي
وبولوج يف جبال األطلس يف الغرب األنث ي ي
الشعت /
ري العشثة ،البداوة /الحرص،
ر بقصد اختبار مفهوم " االنقسامية " مثال :األشة /
ّ
ه السنة البنيوية البارزة
وغثها من الثنائيات .وذلك باعتبار أن االنقسامية ي
الرسم ،ر
ي
للنظم القرابية والسياسية يف المجتمعات العربية القبلية .
ّ ّ
المحلية المساعدة ومثلما ذهب المعلم /إيفانز بريتشارد /إل البحث يف العوامل
ً ّ
يف إعادة التوازن يف االنقسامية القبلية ،أي فيما رآه المعلم من دور لإلسدام باعتباره نظاما
ّ ً
وف الحركة الصوفية االجتماع ألبناء برقة ( يف ليبيا) ي
ي تجسد يف التنظيم أيديولوجيا،
ً
حي السنوسية ،هكذا أيضا سىع /غيلث . /وهذا ما أوضحه يف كتابه " أولياء األطلس " ر
ً ّ ّ
تعتث
عث نظام الزوايا واألولياء ،أدوارا ر
اإلسدام ،يؤدي ر
ي التصوف حاول إيضاح كيف كان
البيت) نحو ر ي
اإليكولوج ( ي مفصلية يف إعادة التوازن إل بت اجتماعية ،يدفع بها نظامها
المتتال( .يتيم ،ص ) 405
ي االنقسام
ّ
التطور الحيوي عند اإلنسان ،بالنظر لتعارضها مع الفكر أولهما :عدم ّ
تقبل فكرة
ّ ّ
الديت وتفسثاته الت تؤكد أن اإلنسان مخلوق من عمل هللا ،وليس نتا حلقة ّ
تطورية ي ر ي
ّ ذات أصل حيوان .ولكن ّ
ثمة بعض المفكرين العرب من دعا إل التوفيق ربي الفكر رتي، ي
واألخذ منهما ما يفيد العلم.
ر ي
الجيولوج الدكتور /عبد هللا نصيف /يف كتاب " العلوم فبينما يقول الباحث
https://attanweerlibrary.blogspot.com223
www.facebook.com/tanweerlibrary
ا
فكما ارتبطت الجغرافيا مثال ،بمشاري ــع علمية كانت تهدف إل تحقيق كشوفات
ّ
جديدة تتعلق بتحديد طبيعة الكرة األرضية ،أي التخوم اليابسة منها وأقاليمها وبيئاتها
ر
األنثوبولوجيا والجغرافية ،وكذلك توزي ــع البحار والمحيطات ،وكذلك ارتبطت
واهتماماتها (البيولوجية والثقافية واالجتماعية) بمشاري ــع استكمال معارفها حول
الت بدأت يف ر
اإلنسان ،وبيئاته االجتماعية والثقافية ،أي بتلك المشاري ــع األنثوبولوجية ي
والت آن األوان الستكمالها خار أوروبا .وقد أتت ظروف االستعمار يف القرن ي الغرب،
اف ّ ر
التاسع عش ،لتمهد الطريق لتلك المشاري ــع العلمية ،وبذلك ارتبط تاري ــخ الفكر الجغر ي
ر
غث غربية( .يتيم،بالخثة االستعمارية ،وبأقاليم ومجتمعات وثقافات ر ر واألنث ر ي
بولوج
،0224ص)421
ّ
وكان أن أدت هذه العقلية االخثالية والروح المتحاملة ،إل سيادة ميل هائل نحو
ّ
المؤسسات والعداقات الناتجة عنها .وكان من أبرز تسييس المعارف والعلوم ،وكذلك
ر
ضحايا تلك العلوم :الجغرافيا واألنثوبولوجيا .وإذا كانت الجغرافيا قد سلمت بجلدها،
ا
مثال إل ّ
ترسخ هذا العلم يف األكاديميات العربية ،منذ األربعينات من القرن ألسباب تعود
المسلمي ،البارز يف هذا العلم منذ القدم ،األمر الذي جعل
ر ر
العشين ،وإل إسهام العرب
َ ر ّ ر
العرب المعارصين أكث ألفة معه ،فنن األنثوبولوجيا لم تحظ بهذا القبول ،حيث كان
ً ّ نصيب ر
بكثث – إن لم يكن معدوما -عند مجاراتهم
وبولوجيي العرب األوائل ،أقل ر
ر األنث
باألوروبيي.
ر
ر
البشية األنثبولوجية لتشمل المجتمعات ر وعىل الرغم من اتساع الدراسات
ّ ّ ّ
المختلفة ،سواء يف تكوينها أو يف درجة تطورها ،فما زالت ثمة رواسب تعوق اعتمادها
كعلم يبحث ف مشكدات المجتمع العرن وإيجاد الحلول المناسبة لها ،وال ّ
سيما القضايا ري ي
االجتماعية والثقافية واالقتصادية.
ً
ثانيا -نحو ر
أنثوبولوجيا عربية معارصة :
ّ ّ
إن توافر المناخات األساسية لحرية الفكر والجدل والمناقشة الموضوعية ،تعد من
ّ ر
األنثوبولوجية العربية ،وذلك ألن العرب الرصوريات الدازمة لدانطداق بالدراسات
ّ ّ
معمقة لثقافتهم ،كما أنهم يف الوقت ذاته ،يحتاجون إل دراسة يحتاجون إل دراسة
ثقافات الشعوب األخرى .
https://attanweerlibrary.blogspot.com225
www.facebook.com/tanweerlibrary
ّ
كثث من البلدان العربية نحو التحديث واالرتقاء،
الحال ،يف ر
ي وف إطار االتجاه
ي
ر ي
والتكنولوج ،دون إحداث أرصار بالقيم والتعاليم واالجتماع
ي بالمستوى االقتصادي
ً ً فنن رّ
كبثا يف إبراز
ر ا
ر دو وبولوجيالألنث األصيلة، والتقاليد االجتماع
ي الدينية ،وأسس الثاث
ّ
هذا الثاث ،ودراسة تلك التقاليد وإحياء الحضارة العربية .ويتضح كذلك ،الدور الفعال
األنثبولوجيون العرب ،ف مجال ر ّ
يؤديه ر
مشوعات التنمية ،وذلك من ي الذي يمكن أن
ر
خدال تحليل مفهومات األنثوبولوجيا الثقافية ودراستها دراسة (حقلية) ميدانية .
(فهيم ،4795 ،ص ) 059
ً
كزيا ف ر ً ّ ا
األنثوبولوجيا ي يحتل موقعا مر فنذا تفحصنا مفهوم القبيلة – مثال -نجده
كتاب ( رّ
الشق الكثثون من
ر الت يطرحها /إرنست غيلث ،/ويستخدمه اإلسدامية ي
األوسط) لإلشارة إل كينونات اجتماعية ذات ا
بت وأشكال عيش مختلفة.
ّ
فنن ّ لتصور ر
ّ ً
ثمة أسئلة مطروحة أمام أنثوبولوجيا عربية، وانطداقا من الرؤى
األنثوبولوجيي العرب ،ال ّبد من اإلجابة عنها وتطويرها ،من خدال ّ
تفهم النقاط التالية ر
ر
المثابطة ( :أسد ،0224 ،ص)417
ّ
الفاعلي ،عىل ترجمة
ر بالمثقفي
ر -4أن تعمل الروايات األ رنثوبولوجية المتعلقة
ّ ّ
في ،وتمثيلها عىل أنها استجابات لخطابات اآلخرين، الخطابات التاريخية لهؤالء المثق ر
ا
التاريح ألفعالهم .
ي بدال من محاولة التخطيط واالنثاع
ّ ّ
البنية -1إنه لمن الخطأ تمثيل نماذ اإلسدام ،عىل أنها مثابطة مع نماذ
االجتماع .
ي ضمت عىل البنية الفوقية (األيديولوجية) واألساس
ي عث قياس
االجتماعية ،ر
ً ً
العرن ،باعتباره موضوعا للمعرفة
ري وأخثا ،يجب أن يدرس اإلسدام يف المجتمع
ر -5
ّ ّ ر
األنثوبولوجية ،وأنه تراث متعدد األوجه ،يرتبط بثسيخ األخداق يف النفوس ،وبتداؤم
الناس أو معارضتهم ،وبإنتا معارف مناسبة.
https://attanweerlibrary.blogspot.com227
www.facebook.com/tanweerlibrary
ا
الفلسق
ي بالتفكث
ر – كما يقول توفيق الطويل – كانت أوثق اتصاال بحياتهم الدينية منها
الديت يف شت العصور اإلنسانية ،حت ليمكن
ي بالتفكث
ر التفسث
ر الخالص .فقد امث هذا
ّ
تنته –ال محالة -إل العجز عن فهم
ي القول بأن كل محاولة تهدف إل الفصل بينها،
كليهما( .فهيم ،4795 ،ص ) 90
ر ّ
الكثث من مظاهر الحياة
ر األنثوبولوجيا واسع سعة الحياة ،ويشمل إن مجال
ّ
الفكرية باتجاهاتها وتياراتها ومذاهبها العديدة ،وهو األمر الذي لم يفهمه الكث رثون من
ممن ضاقت آفاق أفكارهم بحيث انحرصت يف عدد من وبولوجيي ف العالم العرنّ ، ر
األنث
ري ر ي
الموضوعات التقليدية ،ال يكادون يخرجون عنها ،دون أن يجدوا يف أنفسهم الجرأة
ّ
المتنوعة والمتباينة ..وقد يكون ذلك راجع الكافية عىل ارتياد ميادين المعرفة المختلفة،
ّ
الثقاف ،وعدم إدراك مدى اتساع البحث ..ولكنه
ي العلم والتكوين
ي إل ضعف يف اإلعداد
ّ ّ
وف المقام األول ،إل قصور يف ملكة التخيل وإل الخوف من يرجع – بدا شك – ي
االنطداق والمبادرة( .أبو زيد ،0224 ،ص ) 9
ّ
أرضية جديدة منذ العرن ،فقد اكتسبت ومهما كان واقع ر
األنثوبولوجيا يف العالم
ري
ّ
العشين ،حيث حظيت بتفهم أفضل إلمكانيات استخدامها ،لما ر الستينات من القرن
ّ ّ ّ
العرن
ري العرن يف التقدم واالزدهار .وقد تجىل االهتمام
ري يحقق أهداف العالم
ّ
ومقررات دراسية يف الجامعات العربية ّ
كتخصصات ر
باألنثوبولوجيا ،من خدال اعتمادها
(جامعة القاهرة ،جامعة االسكندرية ،جامعة دمشق ،الجامعة اللبنانية ،جامعة البحرين
وغثها)
...ر
الباحثي العرب ،يف مناطق الت قام بها عدد من ّ
ر وثمة بعض الدراسات الميدانية ي
ّ
متعددة من الوطن العرن ،ر
ونشت هذه الدراسات يف الدوريات (المجدات) العلمية ري
ّ
الت تصدرها وزارة اإلعدام
العربية ،ومنها عىل سبيل المثال ( :مجلة عالم الفكر ،ي
ّ
الت تصدر عن مركز دراسات الوحدة العربية يف العرن ،ي
ري الكويتية ،ومجلة المستقبل
العرن يف ربثوت
ري الت تصدر عن مركز اإلنماء
العرن المعارص ،ي
ري ربثوت ،ومجلة الفكر
ّ َ
الت تصدر عن كليات اآلداب والعلوم اإلنسانية ،يف
وباريس ،إضافة إل المجالت ي
التحضثي الذي عقده
ر الجامعات العربية .إل الندوات واالجتماعات ،عىل غرار االجتماع
ثان )4795 / ر
الدول للعلوم األنثوبولوجية يف مرص( ،كانون ال ي
ي االتحاد
ً ا تبش – دون شك – بأن ر رّ ّ ّ
لألنثوبولوجيا العربية مستقبال زاهرا، التوجهات، إن هذه
ّ
التطبيقية، تعمق هويتها العربية ،سواء يف منطلقاتها النظرية ،أو يف أهدافهارشيطة أن ّ
تعززوأن تبتعد مادتها عن النقل من دون نقد أو تطوير .وإذا ما ّتم لها ذلك ،يمكن أن ت ّ
ّ
أصالتها العربية وإسهاماتها العالمية ،يف هذا الميدان .وهذا ما أكده /كارلتون كوون /منذ
أنثوبولوجيا العرب " حيث قال : عام ،4752ف مقالة لـه بعنوان " ر
ي
ر
بالمشوعات الت تقطن البداد العربية
" من األمور الحيوية ،أن تقوم الشعوب ي
الت ترفع مستويات المعيشة لسكان جميعهم ،ال
الخاصة بها ،وأن تجد الوسائل ي
https://attanweerlibrary.blogspot.com229
www.facebook.com/tanweerlibrary
ّ
لمصلحة هذه الشعوب فحسب ،ولكن لصالح العالم كله ...فعىل العرب أن يعنوا
ّ ّ باألنثوبولوجيا ويدرسوها ر
أكث ّ ر
الت تتلخص يف أنكي تلك الحقيقة ي مما درسوها ،مدر ر
شء من األشياء ،هو أنر
خث طريق يتبعه أي إنسان أو أي شعب ،إذا أراد أن يصنع أي ي ر
ا
يحزم أمره ويصنعه بنفسه " (نقال عن :فهيم ،4795 ،ص )057
ّ ً
تحفثا عىل إيجاد ر ّ ّ
أنثوبولوجيا عربية ،تتجه دراساتها نحو ر ال شك إن يف ذلك
ّ
العرن ،وتسهم يف تقدمه بما يتناسب مع معطيات العلوم اإلنسانيةري مشكدات المجتمع
ّ ً ر ّ ّ
المختلفة ،ألن الجهل بهذه العلوم ،وال سيما علم األنثوبولوجيا ،ما زال سائدا – إل حد
الجدية والموضوعية لطبيعة الثقافات األخرى وإسهاماته ّ ّ
ويعوق الدراسات ما –
ّ
حقيق لطبيعة المساهمة العربية يف الثقافة
ي بالتال إل فهم
ي الت تؤدي
اإلنسانية ،ي
اإلنسانية ،وحجم هذه المساهمة .
وف ذلك دعوة إل فتح النوافذ الثقافية العربية عىل الثقافات األخرى ،وال ّ
سيما ي
ّ
التعرف إل ثقافة العرص ودراستها واالقتداء الت يمكن االستفادة منها يف
تلك الثقافات ي
الشخصية العربية المتمايزة ،ومع ّ
مقومات الثقافة العربية ،بما ّ بها ،بما ينسجم مع جوهر
يف ذلك التيارات الفكرية واالتجاهات والمذاهب األدبية والفنية ،واالنتقاء منها واإلغضاء
ّ ّ
الثقاف .فالثقافات كلها – ومنها الثقافة العربية – تنمو وتزدهر وتتقدم،
ي عن أسطورة الغزو
ّ
والتأثث المتبادل ،واالستعارة واالستيعاب( .أبو زيد ،0224 ،ص)42
ر باالتصال واالحتكاك
تؤسس لـه الدراسات ر
األنثوبولوجية العربية المعارصة ،بحيث وهذا ما يجب أن ّ
تظهر بجداء تلك العداقة ربي الحضارة العربية والحضارة اإلنسانية ،ومن جوانبها
ً
بعيدا عن األحكام المسبقة ،واألخذ بالفكر ر
ر ي
وبولوج النقدي والمقارن، األنث المختلفة،
ر
وتطبيق ما يمكن تطبيقه من نظريات األنثوبولوجيا ،بما يتناسب مع طبيعة المجتمع
العرن ،وتركيبته التاريخية (الديمغرافية والثقافية ).
ري
ّ ر
-أسد ،طدال ( )0224فكرة أنثوبولوجيا اإلسدام ،تعريب :سامــر رشو ي
ان ،مجلة
االجتهاد ،عدد ،55السنة ،42ربثوت.
قصة ر
األنثوبولوجيا – فصول يف تاري ــخ اإلنسان ،عالم المعرفة -فهيم ،حسي (ّ )4795
ر
( ،) 479الكويت
ّ
-يتيم ،عبد هللا عبد الرحمن ( )0224من المحراث إل الكتاب ،مجلة االجتهاد ،عدد
،55السنة ،42ربثوت .
https://attanweerlibrary.blogspot.com231
www.facebook.com/tanweerlibrary
ّ
العلميـة المصطلحـات
A
Adaptation ّ
تكيـف
Alternative بديـل
Anatomy علم ر
التشي ــح
Anthropology علم دراسة اإلنسان
Applied Anthropology ر
األنثوبولوجيا التطبيقية
Archeology علم دراسة حضارات ما قبل التاري ــخ
Automatic Behavior اآلل
السلوك ي
B
Behavior سلوك
Behavioral Sciences ّ
علوم سلوكية
Biological Anthropology ر
األنثوبولوجيا البيولوجية
C
Case حالـة
Case Study دراسة الحالة
ّ ّ
Change تغث – تبدل ر
Civilization حضارة
Cognation معرفـة
- 202 -
https://attanweerlibrary.blogspot.com232
www.facebook.com/tanweerlibrary
Cog native ّ
معرف
ي
ّ
Communication تواصل – اتصال
Comparative مقارنـة
Comparative Study دراسة مقارنة
Condition تكييف
Construction بنــاء – بنية
Culture ثقـافة
Cultural Ecology البيئة الثقافية
Culture Anthropology ر
األنثوبولوجيا الثقافية
Cultural Degeneration الثقاف
ي االنتكاس
Cultural Materialism المادية الثقافية
D
Development ّ
تطور
Dialectic- al جدل – جدلية
Dialectical Materialism المادية الجدلية
Diffusions انتشار
Diffusions Theory النظرية االنتشارية
ّ
Directed اتجاه – توجيه
Directed Change ّ
التغيث الموجه
ر
E
Enculturation التثقيف
Ethnology الدراسة التحليلية المقارنة للثقافة
Ethnography ّ
الوصفية للثقافة الدراسة
- 133 -
https://attanweerlibrary.blogspot.com233
www.facebook.com/tanweerlibrary
ّ ّ
Evolution تطور – تقدم
F
Family أشة – عائلة
Fulfillment إنجـاز
Function وظيفـة
G
Generation جيل
Group مجمـوعة
H
History تـاري ــخ
Historical Theory النظرية التاريخية
Historical Particularism ض ّ
التخص التاريح االتجاه
ي ي
Historical Materialism ّ
التاريخية ّ
المادية
Human إنسـان
Humanity- Nature الطبيعة اإلنسانية
Humanity Development اإلنسان ّ
التطور
ي
I
Industrial ـاع
صن ي
Industrial Development صناع ّ
تطور
ي
Interactive تفاعـل
K
Kinship قـرابة
Kinship System نسق (نظام) القرابة
- 204 -
https://attanweerlibrary.blogspot.com234
www.facebook.com/tanweerlibrary
L
Linguistics علم اللغويات
M
Model نمـوذ
Monography دراسة األشكال
N
Nature طبيعـة
Naturalism طبيىع
ي
O
Over Development ّ
تطور مفرط
Origin أصـل
riginal أصىل
ي
P
Participation مشاركة
Para Primitivism بالبدان
ي شبيه
Personality ّ
شخصية
Physical Anthropology ّ
الجسمية ر
األنثوبولوجية
Principle عنصـر
Political سياسة
Political Systems ّ
سياسية أنساق
Pre-History ما قبل التاري ــخ
Primitive Societies المجتمعات البدائية
Q
- 135 -
https://attanweerlibrary.blogspot.com235
www.facebook.com/tanweerlibrary
- 206 -
https://attanweerlibrary.blogspot.com236
www.facebook.com/tanweerlibrary
المصـادر والمـراجع
ّأو ال -الع ّ
ـربية
-ابراهيم ،زكريا ( )4795مشكلة البنية – أضواء عىل البنيوية ،مكتبة مرص ،القاهرة.
-ابن بطوطة ،أبو عبد هللا ( )4759رحلة ابن بطوطة ،دار الثاث ،ربثوت.
ّ
-ابن خلدون ،عبد الرحمن ( )4755مقدمة ابن خلدون ،تحقيق :ي
عىل عبد الواحد
واف ،القاهرة .
ي
ّ
-أبو زيد ،أحمد ( )4799ماذا يحدث يف علوم اإلنسان والمجتمع ،مجلة عالم الفكر،
ّ
مجلد ،9عدد ( ،)4الكويت .
https://attanweerlibrary.blogspot.com237
www.facebook.com/tanweerlibrary
للمدايي،
ر -الحرصي ،ساطع ( )4795أحاديث يف الثبية وعلم االجتماع ،دار العلم
ربثوت.
-حمدان ،دمحم زياد ( )4797الثقافات االجتماعية المعارصة ،دار الثبية الحديثةّ ،
عمان.
ّ
-الخشاب ،أحمد ( )4792دراسات رأنثوبولوجية ،دار المعارف بمرص .
ّ
-خفاجة ،دمحم صقر ( )4755ر
هثودت يتحدث عن مرص ،دار العلم ،القاهرة .
-خشيم ،عىل فهم ( )4759نصوص ّ
ليبية ،دار مكتبة الفكر ،طرابلس – ليبيا. ي ي
-رياض ،دمحم ( )4791اإلنسان – دراسة يف النوع والحضارة ،دار النهضة العربية ،ربثوت
.
-زرقانة ،ابراهيم ( )4759ر
األنثوبولوجيا ،مكتبة النهضة المرصية ،القاهرة .
ّ
مجلة ّ ّ
كلية اآلداب ،عدد ( ،)4جامعة الفلسفية البنائية، -زكريا ،فؤاد ( )4792الجذور
الكويت .
ّ
والشخصية ،ط ،0دار النهضة ،ربثوت . الساعان ،سامية حسن ( )4792الثقافة -
ي
-سثوس ،كلود ليق ( )4792ر
األنثبولوجيا البنيوية) ترجمة :صالح مصطق ،وزارة ي
الثقافة ،دمشق .
-سليم ،شاكر ( )4794قاموس ر
األنثوبولوجيا ،جامعة الكويت .
اللبنان ،ربثوت.
ي الفلسق ،دار الكتاب
ي -صليبا ،جميل ( )4794المعجم
عفيق ،دمحم الهادي ( )4790يف أصول الثبية ،مكتبة األنجلو المرصية ،القاهرة .
ي -
-عيسوي ،عبد الرحمن ( )4797علم النفس يف المجال الثبوي ،دار العلوم العربية،
https://attanweerlibrary.blogspot.com239
www.facebook.com/tanweerlibrary
ربثوت.
الجامىع ّ
الشخصية ،المكتب الثقاف يف دراسة -الغامري ،دمحم حسن ( )4797المدخل
ي ي
الحديث ،االسكندرية .
-فراير – هثي -ساركس ( )4759علم النفس العام ،ترجمة :ابراهيم منصور ،بغداد .
-دمحم ،رياض ( )4791اإلنسان – دراسة يف النوع والحضارة ،دار النهضة العربية ،ربثوت.
وصق ،عاطف ( )4794األ رنثوبولوجيا الثقافية ،دار النهضة العربية ،ربثوت .
ي -
https://attanweerlibrary.blogspot.com241
www.facebook.com/tanweerlibrary
ّ
: األجنبية -ثانيا
- 242 -
https://attanweerlibrary.blogspot.com242
www.facebook.com/tanweerlibrary
- 113 -
https://attanweerlibrary.blogspot.com243
www.facebook.com/tanweerlibrary
المحتوى
تقــديـم 9 ....................................................................................................
الباب ّ
األول :مفهوم ر
األنثوبولوجيــا وأهدافها وعداقتها بالعلوم األخرى44 ....................
الفصل ّ
األول :دراسة ر
األنثوبولوجيا واتجاهاتها المعارصة 59 ...................................
ّ
الطبيعية ) 95 ........................................... الفصل الثان :ر
األنثوبولوجيا العضوية ( ي
ّ
النفسية 75 ......................................................... الفصل الثالث :ر
األنثوبولوجيا
ّ
العلميـة 020 ............................................................................. المصطلحـات
https://attanweerlibrary.blogspot.com245
www.facebook.com/tanweerlibrary
- 246 -
https://attanweerlibrary.blogspot.com246