You are on page 1of 20

‫سنة الدّراسيّة‪1027/1026:‬‬

‫ال ّ‬ ‫معهد العهد الجديد‪-‬تالة‬

‫الرابــــــــــعة آداب‬
‫المستوى‪ّ :‬‬ ‫األستاذ‪ :‬مح ّمد سعدي‬

‫خالصة ألهم مضامين المبحث األول ‪ :‬التوحيد و المجتمع‬

‫تقديم ‪:‬‬

‫‪,‬أما بعد‪:‬‬
‫السالم على أشرف المرسلين ّ‬
‫الصالة و ّ‬
‫الرحيم و ّ‬
‫الرحمان ّ‬
‫بسم الله ّ‬
‫الرابعة آداب ‪,‬الحظنا أنّه ق ّدم لنا‬
‫الموجه لتالميذ ّ‬
‫ّ‬ ‫األول من برنامج "التّفكير اإلسالمي" و‬
‫أثناء دراستنا لهذا المبحث ّ‬
‫األسس المناسبة و المالئمة لتحقيق إنسانيّة اإلستخالف أو باألحرى المنهج الواضح ال ّذي رسمته عقيدة التّوحيد لهذا‬
‫تصورا و حضورا في العالم‪.‬‬
‫المكرم (اإلنسان) اعتقادا و فكرا و ّ‬
‫ّ‬ ‫الكائن‬
‫أهم اإلضافات التّي ق ّدمتها عقيدة التّوحيد لهذا اإلنس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــان؟‬
‫فماهي ّ‬
‫ّ‬

‫هو اإلنسان الخلي ـ ــفة‪:‬‬


‫‪ّ - ‬‬
‫لتحمل و أداء أمانة اإلستخالف وليكون خليفة الله في األرض ‪.‬‬
‫هو إنسان اختاره اللّه ّ‬
‫‪ّ +‬‬
‫قال تعالى‪ {{ :‬وإذ قال ربّك للمالئكة إنّي جاعل في األرض خليفة ‪( }}..‬البقرة‪)03/‬‬
‫صرف في األرض‪.‬‬
‫وحمله مسؤوليّة التّ ّ‬
‫حرة ّ‬
‫ضله و منحه إرادة ّ‬
‫شرفه اللّه و ف ّ‬
‫مكرم ّ‬
‫هو مخلوق ّ‬
‫‪ّ +‬‬
‫ممن‬
‫ضلناهم على كثير ّ‬
‫البر والبحر و رزقناهم من الطيّبات و وف ّ‬
‫كرمنا بني آدم و حملناهم في ّ‬
‫‪-‬قال تعالى ‪ {{ :‬ولقد ّ‬
‫خلقنا تفضيال}} (اإلسراء‪)03/‬‬
‫هي تكليف و تشريف لإلنسان وتحرير له في آن ‪ ,‬وهذا مايؤّكد غائيّة الوجود اإلنساني وينفي فكرة العبثيّة‪.‬‬‫‪ +‬الخالفة ّ‬
‫ألمته و لمجتمعه‪...‬‬‫التطور و اإلزدهار ّ‬
‫مو بذاته وإنسانيّته ‪ .‬وأن يح ّقق ّ‬ ‫والس ّ‬
‫هو خليفة يسعى إلى اإللتزام بشرع الله ّ‬
‫‪ّ +‬‬
‫هو إنسان يفهم "الخالفة" فهما إيجابيّا باعتبارها كدحا و اجتهادا وسعيا نحو األفضل‪.‬‬
‫‪ّ +‬‬
‫‪-‬قال تعالى ‪ {{:‬ياأيّها اإلنسان إنّك كادح إلى ربّك كدحا فمالقيه}} (اإلنشقاق‪)6/‬‬
‫ِّ‬
‫مؤهالته وأن يعمل جاهدا على تغيير‬
‫مهمة االستخالف تح ّفز اإلنسان و تش ّكل دافعيّة لديه على أن يستثمر قدراته و ّ‬
‫‪ّ +‬‬
‫(الرعد‪.)11/‬‬
‫مابنفسه بعيدا عن التّواكل ‪,‬اقتداء بقوله تعالى ‪ {{:‬إ ّن الله اليغيّر ما بقوم حتّى يغيّروا مابأنفسهم }} ّ‬
‫أهمها ‪:‬‬
‫المؤهالت ّ‬
‫‪ +‬استح ّق اإلنسان هذه الوظيفة بفضل جملة من ّ‬
‫حرة‪*/‬قدرة فاعلة‪*/‬تكوين جسمي ومثالي مناسب‪*/‬تسخير األرض ومافيها من خيرات و ثروات ظاهرة‬
‫*عقل مميّز‪*/‬إرادة ّ‬
‫و باطنة كمجال مناسب للخالفة‪...‬‬
‫المهمة الوجوديّة التّي خلق اإلنسان ألدائها وتقوم أساسا على تعمير األرض وتحويل الوحي إلى‬
‫هي ّ‬ ‫***الخالفة كمفهوم ‪ّ :‬‬
‫نظام للعالم‪.‬‬
‫هو إنسان يتمتّع بحريّة اإلرادة ‪:‬‬
‫‪ّ ‬‬
‫تحرر اإلنسان تحريرا شامال‪:‬‬
‫‪ +‬عقيدة التّوحيد ّ‬
‫الصالح‪..‬‬
‫كل مايعوق اهتداءه للح ّق والخير و ّ‬
‫تحرر العقل من ّ‬
‫‪ّ -‬‬
‫موحد=أنا عبد لصنمي‪/‬لشهوتي‪/‬مذهبي‪)...‬‬
‫حر‪/‬أنا غير ّ‬
‫موحد=أنا ّ‬
‫تحرره من كلّ عبوديّة لغير اللّه (أنا ّ‬
‫‪ّ -‬‬
‫رب العباد‪.‬‬
‫فالمعبود بح ّق إالّ الله ‪ ,‬وجاء اإلسالم إلخراج النّاس من عبادة العباد إلى عبادة ّ‬
‫تضر‪)...‬‬
‫‪/‬المنجمين‪/‬عبادة حجارة التنفع و ال ّ‬
‫ّ‬ ‫(الشعوذة‪/‬العرافين‬
‫ّ‬ ‫كل خرافة أو وهم‬
‫يحرره من ّ‬
‫‪ّ -‬‬
‫خاصة وأ ّن المعرفة اإلنسانيّة رهان‬
‫ّن ألنّه اليعتبر أساسا تقوم عليه معارفنا ‪ّ ,‬‬
‫يحرر العقل اإلنساني من اتّباع الظ ّ‬
‫‪-‬التّوحيد ّ‬
‫الحجة‪/‬الدليل‪/‬التجربة‪.)...‬‬
‫اليتح ّقق إالّ من خالل اإلحتكام إلى جملة من اآلليّات مثل ‪(:‬البرهان‪/‬اإلعتماد على ّ‬
‫الظن اليغني من الح ّق شيئا إ ّن الله عليم بما يفعلون}} (يونس‪)06/‬‬
‫قال تعالى ‪ {{ :‬ومايتّبع أكثرهم إالّ ظنّا إ ّن ّ‬
‫للسائد من الموروثات و العادات الفاسدة و المنحرفة( تطير‪/‬شعوذة‪ /‬وأد البنات‪)....‬‬
‫يحرره من التّقليد األعمى ّ‬
‫‪ّ -‬‬
‫يحرر العقل اإلنساني من براثن الجهل ويدعوه الى التعلّم والبحث عن الحقيقة ‪ ,‬كمايدعوه إلى التّف ّكر و القراءة في‬
‫‪ّ -‬‬
‫كتاب الكون و مافيه من ال ّدالئل القاطعة على وحدانيّة اللّه ‪,‬فكانت ّأول آية من الوحي "اقرأ" باعتبارها كلمة فاصلة بين‬
‫الجهل و العلم ‪/‬بين الكفر و اإليمان‪...‬‬
‫العقل قبل اإلسالم‪ :‬عقل تسليمي ‪/‬العقل بعد اإلسالم‪ :‬عقل تأسيسي‪.‬‬
‫يحب ألخيه مايحبّه لنفسه"‪.‬‬
‫يحرره من األنانيّة و الفردانيّة ‪ :‬قال –صلّى الله عليه و سلّم‪ ":-‬اليؤمن أحدكم حتّى ّ‬
‫‪ّ -‬‬
‫تحررنا هذه العقيدة من العجز و الخمول و البطالة‪.‬‬
‫‪ّ -‬‬
‫شهوات ‪...‬قال تعالى ‪ {{ :‬أرأيت من اتّخذ إلهه هواه أفأنت تكون عليه وكيـ ـ ــال}}‬
‫تحررنا من عبوديّة الهوى و ال ّ‬
‫‪ّ -‬‬
‫(الفرقان‪.)30/‬‬
‫كل أصناف الهيمنة و اإلستعباد اإلقتصادي و الفكري و العسكري‪.‬‬
‫شعوب من ّ‬
‫‪ -‬تحرير للمجتمعات و ال ّ‬
‫تؤسسها عقيدة التّوحيد ب ‪ :‬العلميّة‪/‬الموضوعيّة و اإلحتكام إلى العقل و الواقع‪...‬‬
‫‪ -‬تتميّز المعرفة التّي ّ‬
‫تحرر روح المبادرة و البحث‪:‬‬
‫‪+‬عقيدة التّوحيد ّ‬
‫داللتهـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا‬ ‫اآلي ـ ـ ـ ـ ـ ــة‬
‫حصل من علم‪.‬‬
‫‪-‬عدم اإلكتفاء بما ّ‬ ‫{{ وماأوتيتم من العلم إالّ قليال}} (اإلسراء‪)58/‬‬
‫‪-‬الحرص على تطوير المعارف‬ ‫{{ وقل ربّـ ـ ــي زدن ـ ـ ــي علمـ ـ ـ ــا}} (طه‪)113/‬‬
‫‪-‬الحرص على اإلنخراط في سلك العلماء و العارفين‪...‬‬ ‫{{قل هل يستوي ال ّذين يعلمون و ال ّذين اليعلمــون}}‬
‫(الزمر‪)5/‬‬

‫المس بالثّوابت و األصول و‬


‫اإلسالم يضمن جميع الحريّات ( فكرية‪/‬عقدية‪/‬سياسيّة‪ )...‬بشرط عدم ّ‬
‫المق ّدسات‪.‬‬

‫واآليات واألحاديث النبوية التي تدعو إلي احترام الحرية اإلنسانية وتمنع التسلط باسم الدين كثيرة‬

‫نذكر على سبيل المثال ال الحصر هذه اآليات‪ :‬قال تعالى "‪" :‬قل كل يعمل على شاكلته فربكم أعلم بمن هو أهدى سبيال‬
‫"قال تعالى" ‪ :‬فذكر إنما أنت مذكر لست عليهم بمسيطر " قال تعالى" ‪ :‬الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه أولئك‬
‫الذين هداهم الله وأولئك هم أولوا األلباب"‬
‫هو إنسان واع بقيمة الحريّـ ــة و حدودهـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا‪:‬‬
‫‪ّ ‬‬
‫هو إنسان واع بقيمة الحريّة و أنّه التوجد حريّة إنسانيّة مطلقة ‪..‬‬
‫‪ّ -‬‬
‫هو إنسان متوازن في فهمه للحريّة إذ يوفّق بين ‪ :‬الحقوق‪/‬الواجبات ‪ ,‬المصلحة الفرديّة‪ /‬المصلحة الجماعيّة‪....‬‬ ‫‪ّ -‬‬
‫‪-‬يفهم هذه الحريّة على أنّها مسؤولة و مقيّدة فالظلم و ال استبداد و ال تسيّب و ال انحالل ‪ ,‬فهي حريّة مقيّدة بالقوانين‬
‫شرعيّة التّي تستهدف تحقيق الخير و النّظام و اجتناب الفوضى‪.‬‬ ‫و األحكام ال ّ‬
‫و ال يخفي على عاقل أن " الظلم مؤذن بخراب العمران " كما يقول ابن خلدون فأسباب العمران تتأسس على‬
‫دعامتي الحرية والعدل ومن هنا رأى زعماء اإلصالح الديني في القرن ‪ 11‬كالطهطاوي وخير الدين و الكواكبي أن التقدم‬
‫في العلوم والمعارف والصناعات وتحقيق النهضة ال يتم إال بدعامتين وهما الحرية والعدل ‪.‬‬
‫‪- ‬إنسان مؤمن بعقيدة القضاء و القدر وواع بطبيعة التّكليف و المسؤوليّة‪:‬‬
‫‪+‬التّكليف و عقيدة القـ ـ ــدر‪:‬‬
‫‪...‬هوإنسان فاعل بدليل‪ :‬تكليفه باألوامر و النّواهي ‪/‬الوعد و الوعيد‪/‬األمر بالعمل‪...‬‬
‫‪ّ -‬‬
‫كل الفرق الكالميّة تؤّكد على فاعليّة اإلنسان مع اختالف في المصطلحات المستخدمة من قبيل‬
‫‪ّ -‬‬
‫(إيجاد‪/‬كسب‪/‬خلق‪/‬احداث‪)...‬‬
‫‪+‬القدر و المسؤوليّة‪:‬‬
‫يتحمل تبعات اختياراته و أعماله و هو مسؤول عنها أمام اللّه بدليل قو له تعالى ‪{{ :‬لها ما كسبت و عليها ما‬
‫‪-‬اإلنسان ّ‬
‫اكتسبت}} (البقرة‪)656/‬‬
‫هناك تالزم بين بين ‪ :‬الحريّة‪/‬التّكليف‪ ,‬الحكمة‪/‬العدل ‪ ,‬الحريّة‪/‬المسؤوليّة‪...‬‬
‫حر و مسؤول ومكلّف محاسب حسب حكمة اللّه تعالى و عدله و رحمته‪.‬‬ ‫‪ -‬اإلنسان كائن ّ‬
‫‪+‬اإلختالف في القدر ‪:‬‬
‫*المعتزلة‪ :‬اإلنسان مختار ألفعاله ‪/‬خالق لها والله خالق لقدرة اإلنسان فقط و التي بها يخلق ‪/‬يختار فعله‪.‬‬
‫اللّه يعلم بهذه األفعال أزال‪.‬‬
‫تصور المعتزلة إالّ أنّهم ذهبوا إلى أ ّن اللّه اليعلم بأفعال العباد إالّ ساعة و قوعها واليعلم بها أزال‪.‬‬
‫*القدريّة‪ :‬نفس ّ‬
‫كل من المعتزلة و القدريّة تأكيد مسؤوليّة اإلنسان و عدل اللّه تعالى‪ .‬ألن أفعال فيها ماهو جور و ظلم‬ ‫***لقد كان هدف ّ‬
‫فاليجوز القول بأنه سبحانه قد خلقها ‪...‬‬
‫*الجبريّة‪/‬الجهميّة‪ :‬اإلنسان مجبر‪/‬مسيّر القدرة له ‪/‬غير مختار ألفعاله‪.‬‬
‫***هدفهم ‪ :‬التّأكيد على و حدانيّة اللّه في الخلق و التّسيير‪.‬‬
‫(خيرها‪/‬شرها)و اإلنسان كاسب لها باختياره‪.‬فاإلنسان حينما تتوق نفسه‬
‫ّ‬ ‫*األشاعرة‪/‬أهل السنّة‪ :‬اللّه خالق لألفعال كلّها‬
‫إلى القيام بفعل ما يخلق اللّه فيه قدرة حادثة تالزمه م ّدة قيامه بذلك الفعل‪...‬‬
‫***هدفهم‪ :‬محاولة الجمع بين الوحدانيّة و العدل‪.‬‬
‫‪+‬بين إرادة اللّه تعالى و إرادة اإلنسـ ـ ـ ــان‪:‬‬
‫‪-‬العبد يكسب بقدرته و إرادته ماهو وسيلة لسعادته أو لشقائه ويعتبر ذلك من مقتضيات التّكليف و المسؤوليّة ‪.‬‬
‫لكل شيء بما في ذلك إرادتنا و قدرتنا ‪ ,‬فهو ال ّذي أقدرنا (منحنا القدرة) على اإلختيار و‬
‫هو المحدث الخالق ّ‬
‫‪ -‬اللّه ّ‬
‫هي مرجع لجميع الكائنات والعون يكون منه و حده سبحانه و تعالى ‪...‬ويعتبر ذلك من مقتضيات‬
‫الفعل ‪ ,‬فقدرة الله ّ‬
‫الربوبيّـ ـ ـ ـ ــة‪.‬‬
‫ّ‬
‫‪ -‬الوجود صادر عن اللّه خلقا وإبداعا و إحداثا‪.‬‬
‫رب العالمين}}‬
‫‪ -‬للعبد قدرة على اإلختيار و الفعل وذلك في إطار المشيئة اإللهيّة‪{{...‬وماتشاؤون إالّ أن يشاء الله ّ‬
‫بصر بعواقب الفع ـ ــل‪.‬‬
‫الشر ‪,‬الح ّق‪/‬الباطل ‪ ,‬الحالل‪ /‬الحرام بعد التّ ّ‬
‫فلإلنسان حريّة اإلختيار بين الخير و ّ‬
‫حر اإلرادة ألنّه مكلّف و مسؤول عن أفعاله‪.‬‬
‫‪-‬اإلنسان ّ‬
‫‪+‬عالقة حكمة اللّه تعالى و عدله بحريّة اإلنسان و تكليفه‪:‬‬
‫حر أل ّن ذلك عبث ينافي حكمته و عدله‪.‬‬
‫‪-‬الله حكيم في أفعاله و أوامره‪..‬واليكلّف إنسانا غير ّ‬
‫كل ظلـ ـ ــم و ج ـ ـ ـ ـ ــور‪.‬‬
‫منزه عن ّ‬
‫‪-‬اللّه تعالى عدل ّ‬
‫أهم أسباب اإلختالف في القدر‪:‬‬
‫‪+‬من ّ‬
‫السمعيّة (من القرآن والسنّة)‪:‬‬
‫‪ ‬تعارض األدلّة ّ‬
‫‪ -‬توظيف الفرق الكالميّة ألدلّة النص الديني بما يناسب مقاالتها و تأويل مايخالف آراءهم مثل‪:‬‬
‫*الجبريّة‪ :‬تعتمد على قو له تعالى { والله خلقكم و ماتعملون} (الصافات‪)16/‬‬
‫تستدالن بقوله تعالى ‪{ :‬من شاء فلي ـ ــؤمن ومن شاء فليكفـ ـ ـ ــر} (الكهف‪)16/‬‬
‫ّ‬ ‫*القدريّة و المعتزلة‪:‬‬
‫*األشاعرة ‪ :‬يستدلّون على نظريّة الكسب بقوله تعالى ‪{ :‬لها ما كسبت و عليها ما اكتسبت } (البقرة‪)686/‬‬
‫‪ ‬تعارض األدلّة العقليّة ‪:‬‬
‫هو‬
‫*الجبريّة‪ :‬لوكان العبد فاعال و محدثا ألفعاله لكان خالقا لها‪ ,‬و هذا محال فال خالق إالّ الله لذلك كان منطلقهم ّ‬
‫شرك‬
‫ال ّدفاع عن عقيد ة التّوحيد وتنزيه الله عن ال ّ‬
‫شر و هو بثيب العبد أو يعاقبه على حسب األعمال التّي ق ّدمها ‪ ,‬و هذا‬
‫*القدريّة و المعتزلة‪ :‬الله تعالى اليصدر عنه ّ‬
‫شرها‬
‫هو الوحيد المسؤول والمحاسب عن أعماله اإلراديّة خيرها و ّ‬
‫مقتضى العدل اإللهي والحكمة اإللهيّة ‪ ,‬فاإلنسان ّ‬
‫وليس الله تعالى‬
‫وفي ذلك تنزيه لله تعالى عن الظلم و الجور‬
‫التوسط بين الجبريّة و القدريّة ‪ ,‬فنسبوا األفعال إلى الله تعالى من جهة الخلق و اإلحداث ‪,‬وإلى‬
‫*األشاعرة‪ :‬حاولوا ّ‬
‫اإلنسان من جهة الكسب وأثبتوا أ ّن لإلنسان تأثيرا في إيجاد أفعاله اإلراديّة‬
‫‪ ‬التّأويل ‪( :‬وهو صرف اللّفظ عن ظاهر معناه إلى معنى آخر محتمل بدليل)‪:‬‬
‫‪ -‬يعتبر التّأويل سببا مركزيّا الختالف المتكلّمين في مسألة "أفعال العباد" فاآلية واحدة و تأويالتها متع ّددة و مختلفة‪...‬‬
‫‪ ‬اإلختالف في فهم اآليات المتشابهة والتي تحتمل أوجها عديدة لل ّداللة‪.‬‬
‫هو إنسان يفهم مسألة الفدر فهما إيجابيّا واعيا ‪:‬‬
‫‪ّ ‬‬
‫شره‪.‬‬
‫‪-‬يؤمن بالقدر خيره و ّ‬
‫‪ -‬مقتنع بأ ّن مخيّر و مسيّر ‪ ,‬واليستقيم القول بالجبر المحض أو الحريّة المحضة ‪.‬‬
‫القوي‬
‫ّ‬ ‫يتذرع بالقضاء و القدر ّأما المؤمن‬
‫محمد اقبال ‪ ":‬المؤمن الضعيف ّ‬
‫‪ -‬اليعلّق أخطاءه و فشله على القدر‪.....‬يقول ّ‬
‫فهو قضاء اللّه و قدره"‪.‬‬
‫يتحمل مسؤوليّة أعماله في ال ّدنيا و اآلخرة‪.‬‬
‫‪ -‬يدرك أنّه ّ‬
‫هو الخالق ألعمالنا كلّها (اإلختياريّة و اإلضطراريّة)‪ ,‬والينبغي أن نفهم ذلك القسر و القهر و الجبر‪...‬فجميع‬
‫‪ -‬الله ّ‬
‫كل مافي الكون بمشيئة اللّه تعالى و قدره و تدبيره‪.‬‬
‫أفعالنا و ّ‬
‫تصوره الفلسفة اليونانيّة‪.‬‬
‫‪ -‬رفض فكرة النّزاع بين اإلرادة اإللهيّة و اإلرادة اإللهيّة كما ّ‬
‫‪ -‬يؤمن أ ّن له قدرة و إرادة وهي التي تؤثّر في إيجاد أفعاله‪.‬‬
‫القوة و‬
‫‪-‬اإليمان بالقضاء و القدر دافع وشاحن للطّاقة اإلنسانيّة التي تم ّكن اإلنسان من العمل و الفاعليّة و اإليجابيّة و ّ‬
‫ذلك على المستويين الفردي و اإلجتماعي‪ .‬ونجد هذا الفهم اإليجابي لدى تالمذة المصطفى‪-‬صلّى الله عليه و سلّم‪-‬‬
‫لما سمع أ ّن بها طاعونا (طاعون عمواس) فقال‬
‫شام ّ‬
‫السفر إلى ال ّ‬
‫مثل عمر بن الخطّاب‪-‬رضي الله عنه‪ -‬الذي تراجع عن ّ‬
‫أفر من قدر الله إلى‬
‫الجراح‪-‬رضي الله عنه‪ "-‬أفرارا من قدر الله ياعمر؟" فأجابه عمر "نعم ّ‬
‫حابي أبو عبيدة ابن ّ‬
‫الص ّ‬‫له ّ‬
‫قدر الله"‪.‬‬
‫بالرضا و الطّمأنينة و القناعة‪" .‬قل لن يصيبنا إالّ ما كتب اللّه لنا"‪.‬‬
‫‪ -‬يتسلّح اإلنسان لنوائب ال ّدهرو سائر المقادير ّ‬
‫السببيّة‪:‬‬
‫هو إنسان مـ ـ ــؤمن بقانون ّ‬
‫‪ّ ‬‬
‫‪-‬اإليمان بالسببيّة اليتناقض مع اإليمان بالقضاء و القدر فجميع المقادير مق ّدرة بأسباب‪.‬‬
‫‪-‬الكون يجري وفق نظام سببي ق ّدره اللّه تعالى ‪.‬‬
‫هي حلقة من حلقات األسباب التّي تنتهي إلى مسبّب‬
‫بالسببيّة الينفي حريّة اإلنسان أل ّن اإلرادة و اإلختيار ّ‬
‫‪-‬القول ّ‬
‫األسباب كلّها و هو اللّه تعالى‪.‬‬
‫‪-‬تتّسع دائرة الحريّة اإلنسانيّة كلّما زادت معرفتنا بسنن الله تعالى في الكون وكلّما ازداد وعينا باألسباب و المسبّبات ‪.‬‬
‫الموحد عبدا لألسباب ألنّه اليخضع إالّ لمسبّب األسباب و مس ّخر الكون و خالقه‪.‬‬
‫ّ‬ ‫‪ -‬اليكون‬
‫‪-‬اليمكن أن تكون حريّة اإلنسان مطلقة ألنّها محكومة بنظام األسباب و المسبّبات ‪.‬‬
‫السببيّة‪ ".‬ال تتحقق حريتي اال من خالل وعيي باألسباب‪"...‬‬
‫ظل ّ‬‫‪-‬الحريّة اإلنسانيّة نسبيّة و محدودة قي ّ‬
‫‪-‬األخذ بالتوّكل يعتبر خيارا حاسما في تحقيق الفاعليّة ال ّذاتيّة و الحضاريّة‪.‬‬
‫هو إنسان متوّكل على اللّه آخذ باألسباب‪:‬‬
‫‪ّ ‬‬
‫‪-‬المتوّكل ‪ :‬يعتمد على الله‪+‬يأخذ باألسباب =يعمل ‪/‬يسعى‪/‬يجتهد‪/‬يثابر‪...‬‬
‫أحب إلى الله من المؤمن الضّعيف و في كلّ خير احرص على ما‬‫قال صلّى اللّه عليه و سلّم‪ " :‬المؤمن القويّ خير و ّ‬
‫ينفعك واستعن بالله و التعجز ‪,‬و إن أصابك شيء فالتقل لو أنّي فعلت كذا لكان كذا ولكن قل ‪ :‬قدّر الله و ماشاء‬
‫فعل‪ ,‬فإ ّن "لو" تفتح باب الشّيطان"‪.‬‬
‫‪ -‬يدفع األسباب و المقادير بالمقادير (كدفع قدر ال ّداء بقدر ال ّدواء‪ /‬دفع قدر الفشل بقدر الجد و العمل و المثابرة‪)...‬‬
‫وبذلك قد أثبت الحكمة والعدل اإللهي‪.‬‬
‫هو واع باألسباب و النّواميس الكونيّة ‪.‬‬
‫‪ّ -‬‬
‫‪ -‬تحرير إرادة اإلنسان و تفعيلها مع اإلعتراف بنسبيّة حريّة اإلنسان إزاء القوانين اإللهيّة‪....‬يقول الفيلسوف األلماني‬
‫هيقل ‪ ":‬كلّما اكتشف اإلنسان قانونا خطا خطوة نحو الحريّة"‪.‬‬
‫بقوة و عزيمة‪ .‬قال تعالى ‪{{ :‬فإذا عزمت‬
‫الروحيّة المطلوبة لإلقدام على إنجاز أعماله ّ‬
‫شحنة ّ‬
‫‪-‬التوّكل يمنح المؤمن ال ّ‬
‫يحب المتوّكلين}}(آل عمران ‪.)181/‬‬ ‫فتوّكل على اللّه إ ّن الله ّ‬
‫األمة و ازدهارها وتحقيق نهضتها وفي مقاومة اإلتّكال و التّواكل باعتباره سببا‬
‫يساهم التوّكل في تق ّدم ّ‬
‫للتّخلّف و التّبعيّة‪.‬‬
‫‪ ‬اختالف األطروحات الفكرية في مسألة األسباب ‪:‬‬
‫‪ ‬السببية عند ابن رشد ‪:‬‬
‫‪-‬أرجع ابن رشدالفعل اإلنساني إلى عاملين أساسيين هما ‪:‬‬
‫* األسباب الداخلية ‪ :‬المتمثلة في اإلرادة اإلنسانية المتأثرة بالنّوازع و الميوالت النّفسيّة ‪....‬‬
‫الصدفة و‬
‫* األسباب الخارجية ‪ :‬وهي القوانين التي تنظم الوجود (ارادة الله) وتتميّز بال ّذقّة واإلتقان و الثبات و اإلطّراد و عدم ّ‬
‫العشوائيّة ‪..‬‬
‫يرى ابن رشد أن الفعل اإلنساني ال يتم إال بتكامل اإلرادة اإلنسانيّة مع األسباب على النحو التّالي ‪:‬‬
‫داخلية ‪ :‬داخل الذات (ميوالت ‪ /‬رغبات‪...‬‬ ‫*األسباب ‪:‬‬
‫الطبيعية‪/‬السنن و القوانين الكونية‪.‬‬ ‫خارجية ‪ :‬موضوعية (الحتميات‬
‫داخلي ‪ :‬االسباب الداخلية توجه اإلرادة‬ ‫*تأثير األسباب ‪:‬‬
‫اإلنسانية نحو اختيار الفعل‬
‫تكمل اإلرادة اإلنسانيّة في تحقيق الفعل‪.‬‬
‫خارجي ‪ :‬األسباب الخارجية ّ‬
‫نالحظ إذن أن األسياب ال ّداخلية تسبق اإلرادة و أن األسباب الخارجية تلحق اإلرادة ‪ ،‬و أنّها تتضافر جميعا لصدور الفعل ويمكن‬
‫فهم ذلك من خالل المعادلة التّالية ‪:‬‬
‫اإلرادة ‪+‬األسباب الخارجية = الفعل‬ ‫األسباب الداخلية‬

‫‪ ‬السببية عند الغزالي ‪:‬‬


‫يفسرها على النّحو التّالي‪:‬‬
‫يفسر الغزالي السببية بأنّها تعني ارتباط األسباب بالمسبّبات و الله هو مسبّب األسباب لذلك فإننا نجده ّ‬
‫ّ‬
‫المسببات الحادثة ‪ :‬هي‬ ‫الله مسبب األسباب‬ ‫األسباب الكلية ‪ :‬وهي‬
‫ما ينشأ عن نلك األسباب‬ ‫الثابتة و األصيلة والتي‬
‫من حوادث عادية يومية‬ ‫ال تزول و يتأسس عليها‬
‫يشهدها اإلنسان لحظة بعد‬ ‫نظام الكون كحركة‬
‫لحظة ‪.‬‬ ‫الفلك‪/‬الرياح ‪ /‬وضع‬
‫األرض و السماء‪.....‬‬

‫ينجر عن نزول المطر فيضانا‬


‫مثال ‪ :‬يمكن القول أنه في حياتنا اليوميّة نالحظ نزول المطر كسبب كلي ثابت يتأسس عليه نظام الكون ‪،‬وقد ّ‬
‫ينجم عنه وفاة نفس بشريّة غرقا فوفاة هذا الشخص تعتبر (مسببا حادثا‪/‬ظرفيّا‪.‬‬
‫األول و هو‬
‫‪ -‬يرى الغزالي أن الوجود منظّم على أساس األسباب و المسببات (الحكم و القضاء و القدر) وتعود جميعها إلى السبب ّ‬
‫الله‪.‬‬
‫الكون يسير وفق سنن وضعها الله و اقتران السبب و المسبب من باب العادة‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫الله هو القاضي و الحاكم و المق ّدر ويمكن تغيير العادة مثلما يحدث مع المعجزات كسلب خاصية اإلحراق من النّار مع ابراهيم‬ ‫‪-‬‬
‫عليه السالم ‪.‬‬
‫ال فاعل على الحقيقة إال الله‪.‬‬
‫لكن هذا اإلقتران غير متولّد من طبائع األشياء و إنّما‬
‫العالقة بين األسباب و المسببات حسب الغزالي هي عالقة اقتران ضروري و ّ‬ ‫‪-‬‬
‫عن مشيئة الله األزليّة ‪.‬‬
‫لكن الله يخلق صفة " اإلحراق" عند اإلصابة بها‪.‬‬
‫مثال ‪ :‬النّار ليست علّة اإلحراق و ّ‬ ‫‪-‬‬
‫القضاء حسب الغزالي ‪ :‬هووضع الله لألسباب الكلية الضرورية الثابتة ‪....‬مثال ‪ :‬نزول المطر‬ ‫‪‬‬
‫القدر عند الغزالي ‪ :‬هو توجيه األسباب بحيث تحدث كما قضى و حكم سبحانه و تعالى ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫‪ ‬السببية عند المصلحين ‪:‬‬
‫يرى بعض زعماء اإلصالح أمثال «محمد عبده » و «جمال الدين األفغاني «أن ‪:‬‬ ‫‪-‬‬
‫القضاء و القدر ال يعنيان الجبر ‪:‬‬
‫ال فرق في تصور اإلفرنج بين اعتقاد المسلمين في القدر و اعتقادهم بم\هب الجبر‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫التصور حال المسلمين اليوم (الجبر عطّل قواهم ‪/‬جلب لهم الركود و الضعف و التواكل‪)...‬‬
‫ّ‬ ‫ربطهم بهذا‬ ‫‪-‬‬
‫انحطاط المسلمين راجع إلى أسباب غير عقدية بل حضارية‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫أفعال اإلنسان مرتبطة بسلسلة من األسباب و ارادتع تعتبر حلقة من حلقات تلك األسباب و هي مرتبطة بإدراكه ووعيه‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫الزمان‪:‬‬
‫شر العالم برسالة كونيّة تتجاوز حدود المكان و ّ‬
‫‪ ‬إنسان يب ّ‬
‫‪+‬رسالة ذات منطلقات كونيّة‪:‬‬
‫شعوب (وحدة الخالق‪/‬وحدة األصل‪/‬وحدة المصير‪/‬وحدة المساواة‪)...‬‬
‫تقر باألسس المشتركة التي تجمع بين ال ّ‬
‫‪ّ -‬‬
‫‪-‬ترفض التمييز بين الناس على أساس (الجنس‪ /‬اللون‪ /‬العرق‪ /‬الحالة اإلجتماعيّة‪ )....‬أل ّن األفضليّة قائمة على أساس‬
‫الصالح و التّقوى‪.‬‬
‫ّ‬
‫شعوب الثّقافيّة و الفكريّة و اإلجتماعيّة‪.‬‬
‫‪-‬تعترف بخصوصيّة ال ّ‬
‫‪+‬رسالة تحمل مبادئاو أخالقا و قيما إنسانيّة عالميّة‪:‬‬
‫‪-‬الحريّة ال ّدينيّة‪ {{ :‬ال إكراه في ال ّدي ـ ــن}} (البقرة ‪)686‬‬
‫قوامين للّه شهداء بالقسط‬
‫‪-‬إقرار العدل في التّعامل مع اآلخر و اإلحسان إليه‪...‬قال تعالى‪ {{:‬يا أيّها ال ّذين آمنوا كونوا ّ‬
‫هو أقرب للتّقوى و اتّقوا الله إ ّن الله خبير بما تعملون}} (المائدة‪.)5/‬‬
‫و اليجرمنّكم شنآن قوم على أالّ تعدلوا اعدلوا ّ‬
‫‪-‬التّسامح مع غير المسلم‪/‬السماحة مع المسلم‬
‫‪-‬تحريم اإلعتداء على اآلخر المسالم ‪.....‬قال تعالى ‪ {{ :‬ال ينهاكم الله عن ال ّذين لم يقاتلوكم في ال ّدين ولم يخرجوكم‬
‫يحب المقسطين}} (الممتحنة‪.)5/‬‬
‫تبروهم و تقسطوا إليهم إ ّن الله ّ‬
‫من دياركم أن ّ‬
‫‪-‬شموليّة نظرة اإلسالم لإلنسان باعتباره (جسد‪+‬روح‪+‬عقل) وال يمكن انكار أحد تلك العناصر‪..‬‬
‫‪-‬المسلم يتفاعل مع اآلخر من منظور حوار الحضارات و ليس من منظور التّبعيّة و ال ّدونيّة‪...‬‬
‫‪,‬يعتز بدينه وبفكره و بثقافته واليمنعه ذلك من التّفتّح على الثّقافات و الحضارات األخرى‬
‫متمسك بهويّته ّ‬
‫‪-‬المسلم ّ‬
‫‪...‬يقول الفيلسوف غاندي‪" :‬أفتح نوافذي على جميع رياح العالم لكن دون أن تقتلعني من جذوري"‪.‬‬
‫المجرد مستهلك في ال ّدورة اإلقتصاديّة المحليّة و ال ّدوليّة ‪ ,‬بل يطمح‬
‫ّ‬ ‫‪-‬المسلم اليرضى أن يكون تابعا خاضعا لألقوى و‬
‫القوة و المناعة و اإلستقالل و اإلكتفاء‪.‬‬
‫إلى تحقيق ّ‬

‫دراسة تأليفية ألهم مضامين المبحث الثاني (تسخير الكون و مسؤولية اإلنسان)‬

‫‪* -‬الغيب و دوره في تفعيل مسيرة اإلنسان‪:‬‬


‫الغيب هو ذهاب الشيء عن الحس و غاب عن الحواس و التصديق بالغيب من مقتضيات االيمان و ينقسم الغيب إلى‬
‫غيب حقيقي و غيب إضافي ‪.‬‬
‫والتصديق بالله هو منطلق اإليمان ببقية الغيبيات فالله ال يمكن معاينته ألن ذاته غير قابلة للضبط أو التحديد أو التكميم و‬
‫هو ما يخرج الذات اإللهية من مجال القيس العلمي البشري ‪ .‬وبالرغم من أن الرسل يخبرون الناس بحقائق غيبية فإن هذه‬
‫الحقائق الغيبية هي من خصائص النبوة و ليست كسبا ‪ .‬فكل الرسل ينفون عن أنفسهم علم الغيب ‪ ،‬و علم الغيب ليس‬
‫تنجيما و ال دجال كما نراه في بعض البلدان اإلسالمية و قد اعتبر ابن خلدون ظاهرة التنجيم و ادعاء معرفة الغيب من‬
‫المنكرات الفاشية في المجتمعات اإلسالمية و التي تتعارض مع الشريعة اإلسالمية و التي يجب مقاومتها‪.‬‬
‫‪-‬والعقائد الغيبية في القرآن ال تعطل عقول المؤمنين بها و ال تلغيها فالعقل مدعو إلى النظر حتى في صفات الخالق عبر آثاره‬
‫في الكون فهناك عالقة تكاملية بين عالم الغيب و عالم الشهادة فالغيب المطلق مصدر معرفته الوحي أما عالم الشهادة‬
‫فيعتمد في معرفته على العقل والبحث ووسيلته الحواس والتجربة فالعقل ميزان صحيح في عالم الشهادة كما يقول ابن خلدون‬
‫أما عالم الغيب فخارج عن نطاق عمل العقل ألنه ال يدرك بالحواس‬
‫‪-‬قال تعالى‪ (:‬فإذاسويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين)‪61‬الحجر‬
‫وقال سبحانه أيضا ‪{ :‬ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي و ما أوتيتم من العلم إال قليال}‪58‬اإلسراء‬
‫العلم والنفخة من روح الله التي في اإلنسان يندرجان في البعد الغيبي في تكوين اإلنسان ‪.‬‬
‫‪-‬و من دالالت نزول اإلنسان إلى األرض تخصيصه بتحمل رسالة ثقيلة تتمثل في أمانة االستخالف التي ال يستطيع غير‬
‫اإلنسان أداءها و الوفاء بها لذا وجب على اإلنسان الجزاء و العقاب‪. .‬‬
‫لقد جمع اإلنسان قوتان هما الشهوة البدنية و العقل ليكون أهال لتعمير األرض و أهال لدخول الجنة ‪.‬‬
‫‪-‬إن للبعد الغيبي تأثير في اإلستقرار النفسي لإلنسان فالمؤمن ال يغلِّّب الجانب المادي على الجانب الروحي و ال العكس‬
‫كما يؤثر االيمان بالغيب في ضمير اإلنسان و سلوكه مما يجعله فاعال في عالمه رافضا للجمود و التواكل و الجبر‪.‬‬
‫*تحليل العالقات بين مختلف العناصر مع البحث في مقومات كل عالقة‬
‫*عالقة الغيب بالواقع ‪:‬‬
‫عالم الغيب ‪+‬عالم الشهادة =‪-‬عالقة تكامل و تالزم و ليست عالقة تناقض كما يرى البعض من الذين فصلوا تعسفا بين‬
‫عالم النور و عالم الفلك األعلى و عالم التراب األرضى السفلي فذهبوا إلى أن كل ما فوق القمر فهو صفاء و طهارة و كل ما‬
‫دون القمر فهو كدر و دنس ‪.‬‬
‫اإليمان بعالم الغيب ‪ :‬نفي للصدفة و العبثية ‪+‬له أثر على ضمير اإلنسان و سلوكه ‪+‬يجعل اإلنسان فاعال في واقعه ‪+‬‬
‫ييسرتواصل اإلنسان مع بني جنسه و تواصله مع الكون ‪.‬الغيب مصدر معرفة و هداية و إصالح ‪:‬لإلنسان ‪+‬للواقع‬
‫اإلنساني‬
‫*عالقة اإلنسان بالزمن و التراب و الغيب‪:‬‬
‫اعتمد اإلنسان الزمن إلثبات وجود خالق الكون بعد اكتشاف القوانين و السنن الكونية التي تدل على عظمة الخالق و‬
‫اتصافه بكل صفات الكمال ‪ .‬الوعي بالزمن يقدر اإلنسان على تجاوز العوائق و بالتالي حل مشكالت التراب يالعمل و‬
‫االستثمار و حسن أداء وظيفة االستخالف ‪ *.‬حسن تصرف المسلم في الزمن يُبرز حسن تمثله لخالفة الله تعالى في‬
‫األرض*تجدد الزمن فرصة للتدارك واإلصالح ومزيدالبذل والعطاء والتفاني لتحقيق األهداف واستشراف مستقبل زاهر‪.‬‬

‫*‪:‬عالقة القيم باإلبداع‪:‬‬


‫المعيار الرئيسي لإلبداع في المجال اإلنساني هو أن يكون النتاج ذا قيمة للمجتمع ‪ ،‬يجلب مصلحة و يدفع مضرة ‪ ،‬يجانب الفساد‪،‬يحافظ‬
‫على توازن الكون و ليكون اإلبداع كذلك نحن في حاجة إلى القيم والمبادئ اإلنسانية التي أكدت عليها الرساالت السماوية‬
‫يقول األديب البحريني أمين صالح ( ‪:‬اإلبداع رغبة دائمة وجوع متواصل ال يبلغ حد الشبع و إنهاك ال حد له ‪).‬يعتمد‬
‫االبتكارعلى مواهب الشخص المبتكر و معلوماته و خبراته السابقة أكثر من اعتماده على ما يقدمه الموقف الخارجي من‬
‫منبهات و ايحاءات فالمعيار الرئيسى ليقوم اإلبداع هو أن يكون النتاج فيه جديدا و أصيال و ذا قيمة للمجتمع في الوقت ذاته‬
‫‪ .‬إن مجاالت اإلبداع متنوعة و متعددة فقد تكون في الفكر و اآلداب و اللغة أو الصناعة أو الهندسيه ‪.‬‬
‫قال صلى الله عليه و سلم ‪ ( :‬إذا قامت الساعة و في يد أحدكم فسيلة فاستطاع أن يغرسها فليغرسها)‬

‫‪-‬إن الدور الحضاري لإلنسان المسلم يقوم على العمل و اإلبداع المتواصلين منذ لحظة الوعي األولى و حتى ساعة الحساب‬
‫‪.‬‬
‫‪-‬إن اإليمان الذي يقوم عليه بنيان الدين يجيء دائما بمثابة عامل حضاري يمتد أفقيا لكي يصب إرادة الجماعة المؤمنة على‬
‫معطيات الزمن و التراب و يوجهها في مسالكها الصحيحة و يجعلها تنسجم في عالقاتها و ارتباطها مع حركة الكون و الطبيعة‬
‫و نواميسها فيزيد عطاء و قوة و إيجابية و تناسقا ‪ ...‬كما ُّ‬
‫يمتد عموديا في أعماق اإلنسان ليبعث فيه اإلحساس الدائم‬
‫ِّ‬
‫يفجر طاقاته و يعبر عن‬
‫بالمسؤولية و يقظة الضمير و يدفعه إلى سباق زمني ال مثيل له الستغالل الفرصة التي أتيحت له كي ّ‬
‫قدراته التي منحه الله إيَّاها على طريق القيم التي يؤمن بها و األهداف التي يسعى لبلوغها فيما يعتبر جميعا في نظر اإلسالم‬
‫عبادة شاملة يتقرب بها اإلنسان إلى الله ‪ .‬يقابل اإلبداع التخريب و اإلفساد لذا ندد القرآن بكل عمل أو نشاط خاطئ من‬
‫شأنه أن يؤول إلى الفساد في األرض و إلى هدم و تدمير المكتسبات التي يصنعها العمل الصالح بالصبر و الدأب و المثابرة‬
‫و هو بذلك يسعى إلى حماية منجزات اإلنسان الحضارية و وقف كل ما من شأنه أن يعوق مسيرتها و نموها ومالحقة‬
‫أيَّةمحاولة إلنزال الدمار بها‪.‬‬

‫الحضاري ‪:‬‬ ‫الزمن و البناء‬


‫* ّ‬
‫عن ابن عباس رضي الله عنهما قال قال صلى الله عليه و سلم لرجل و هو يعظه " ‪:‬اغتنم خمسا قبل خمس شبابك قبل‬
‫هرمك و صحتك قبل سقمك وغناءك قبل فقرك وفراغك قبل شغلك وحياتك قبل موتك " رواه الحاكم ‪ -‬المستدرك على‬
‫الصحيحين‬
‫*الزمان هو من نعم الله التى ينبغي حسن استغاللها فالزمن قابل للقسمة و مجدد و ممتد و متراخى و في حركة مستمرة‬
‫يؤثر الزمان على اإلنسان وواقعه المعيش فعمر اإلنسان و نشاطه محدد بفترة زمنية عليه استثمارها و إال لن تتوفر له فرصة‬
‫للتدارك و الرجوع إلى الوراء في الزمن‪.‬‬
‫‪-‬إن الداللة اإلنسانية للزمان تعنى شيئا أكثر من مجرد األرقام " كما يقول ‪ -‬جون جرانت ‪-‬فالزمن مجال للتخطيط الدقيق و‬
‫ضبط األهداف و تحديد المدة إلنجازها وتحقيقها و اإلنسان مدعو لإلعتبار بالتجارب الماضية و الحاضرة التي وقعت في‬
‫فترات معينة من الزمن كما أن الزمان فصحة للتأمل و اآلكتشاف واالستثمار و البناء والتعمير فضياء النهار دافع للحركة و‬
‫طلب الرزق و تبادل المصالح و سكون الليل جعل ألخذ قسط من الراحة ولضمان تجدد النشاط اإلنساني‪.‬‬
‫‪ .‬لقد طرح مفكروا اإلسالم مجموعة من اإلشكاليات و األسئلة حول الزمن نذكر منها ‪:‬الرازي ‪:‬إلى أي مدى يمكن للعقل‬
‫الحكم على الدهر بالوجود أو العدم االيجي ‪:‬الزمن متجدد يقدر به متجدد فكل بحسب ما هو مقدر عنده يقدر غيره ‪ .‬كما‬
‫ذهب االيجي أن تفاوت الزمان في الحركات إنما هو بحسب تفاوت المعاوق(المصاعب) فالبديهة تشهد بأن الحركة مع‬
‫المعاوقة و إن كانت قليلة تكون أبطأ و أكثر زمانا من الحركة التي ال معاوقة معها أصال ‪.‬‬
‫ابن سينا ‪:‬الزمان ال يتصور إال مع الحركة‬
‫‪.‬قال تعالى ‪ ":‬يقلب الله الليل و النهار إن في ذلك لعبرة ألولى األبصار " النور‪ 11‬فالعبرة التي يستخلصها أولو األبصار‬
‫من تقلب الليل و النهار أن دوام الحال من المحال مما يبعث روح األمل في اإلنسان للتغلب على العوائق و كشف المجهول‬
‫‪ .‬و العبرة األخرى التي يستخلصها أولو األبصار من تقلب اليل و النهار هي فكرة التغيير و التجدد المستمرين ‪ .‬امتداد‬
‫الزمان فرصة لإلنسان إلنجاز ما لم يستطع إنجازه في زمن سابق فعدم وعي اإلنسان بالزمان يجعل هذا األخير يتحكم فيه و‬
‫عندما يعي اإلنسان بالزمان يصبح قادرا على تجاوز حتمياته فال أحد ينكر أهمية الزمن في حياة الكائنات الحية و غير الحية‬
‫عمر اإلنسان قصير لذا عليه حسن استثمار الزمن للعمل البناء و الفعل الحضاري و هو الغاية من خلق اإلنسان‬
‫الزمن يفني حياة اإلنسان و المؤمن مطالب بإفناء الزمن بالعمل الصالح للفوز بالخلود األبدي في اآلخرة ‪.‬فمن الناس من وعى‬
‫بقيمة الزمن و الهدف من خلقه فأحسن العمل ففاز في الدنيا و اآلخرة و من الناس من لم يع بقيمة الزمن و الغاية من وجوده‬
‫فكان مآله الخسران المبين في الدنيا و اآلخرة‪.‬‬
‫فحسن التعامل مع الزمن هو مسؤولية دينية و دنيوية فالزمن ال يرحم و إن لم يقطعه اإلنسان قطعه أي إن لم يغلب اإلنسان‬
‫على الزمن غلبه ‪ .‬ووقفت اإلنسان إما أن يعمر بمصلحة أو مفسدة أو ال يعمر بشيء ‪.‬‬
‫و قد يكون اإلنسان مغبونا في الفراغ بعدم استغالله في أنشطة قد ال يسمح الوقت و الزمن و مشاغل الحياة بالقيام بها في‬
‫فترة الحقة و يكون الغبن بالحصرة و الندم على عدم القيام بتلك األنشطة في زمن ذلك الفراغ المهدور الذي ال يمكن أن‬
‫يعود ‪ .‬ليس هناك تناقض بين حق اإلنسان في الراحة و اعتباره مغبونا في الفراغ فيمكن لإلنسان أن يقضي أوقات فراغه و‬
‫راحته في الترفيه عن نفسه و عن أفراد عائلته و ممارسة الرياضة و السياحة الثقافية و بذلك يقضى على الملل و الكآبة و كل‬
‫األمراض النفسية التي يسببها الفراغ‪.‬‬
‫إن وقت الفراغ فرصة لمطالعة كتاب أو مجلة في حافلة أو قطار و هو فرصة للتعارف و تبادل األفكار و هو أيضا فرصة‬
‫لقراءة التاريخ عبر زيارة اآلثار و المتاحف‪. ..‬فحسن تصرف المسلم في الزمن يبرز حسن تمثله لخالفة الله تعالى في‬
‫األرض‪.‬فحسب الراغب األصفهاني تتطلب القوة الشهوية من اإلنسان استغالل الزمن لتحصيل المكاسب و المنافع أما القوة‬
‫الغضبية تجعله في حاجة إلى الزمن للتدرب على ترويض النفس و حمايتها و القوى الفكرية تتطلب منه وقتا للمعرفة و‬
‫تحصيل العلوم ‪.‬‬
‫وفي جانب آخر يعتبرتجدد الزمان و استمراره دافع لإلنسان لمزيد التذكير والتعقل ليكون يومه أفضل من أمسه و غده أحسن‬
‫من يومه فتجدد الزمن فرصة للتدارك واإلصالح و مزيد البذل و العطاء والتفاني لتحقيق األهداف و استشراف مستقبل زاهر ‪.‬‬
‫فالتجدد سنة كونية مما يجعل المسلم يتصف بهذه القيمة للفعل الحضاري ولتغيير الواقع نحو األفضل ‪.‬‬
‫يقول مالك بن نبي " الزمن نهر قديم يعبر العالم منذ األزل " فمن أوجه الشبه بين النهر والزمن التجدد المستمروعدم الثبات و‬
‫التحول فالزمن يصير ثروة عند حسن استثماره و يصبح عدما عند إضاعتهو إهداره كلما نما الوعي بالزمن و قيمة العمل‬
‫المثمر فيه كلما ازداد اإلنسان و اإلنسانية رقيا و تقدما و عدم الوعي بالزمن و االستهتار به و سوء التصرف فيه يؤدي حتما‬
‫إلى التفكك و االنحطاط و اإلنهيار و الفناء و الشعوب التي تعرف اليوم االزدهار و التقدم مثل كوريا و البيان ‪ ،‬الصين و‬
‫غيرها من بلدان شرقي آسيا كل هذه الدول عرفت بتقديسها و باحترامها للوقت و العمل مما جعلها دول فاعلة في الحضارة‬
‫اإلنسانية‬

‫‪:.‬‬ ‫**اإلبداع و القيم‬


‫*تعريف اإلبداع‪:‬‬
‫في اللغة‪ :‬أبدعت الشيء‪ :‬اخترعته على غير مثال سبق‬
‫المبدع هو‪ :‬المنشئ أو المحدث الذي لم يسبقه أحد‪.‬‬
‫جاء في القرآن الكريم قوله تعالى ‪" :‬بديع السماوات واألرض" ‪ :‬أي خالقها على غير مثال سبق‪ .‬وذكر ابن األثير أن البدعة‬
‫بدعتان‪ ,‬بدعه هدى وبدعة ضاللة لقوله صلى الله عليه وسلم ‪ :‬من سن سنة حسنة كان له أجرها‪ .‬وقال صلى الله عليه و سلم‬
‫في بدعة الضاللة‪ :‬من سن سنة سيئة كان عليه وزرها‪ .‬وقول عمر رضي الله عنه‪ :‬نعمت البدعة هذه لما كانت من أفعال الخير‬
‫داخلة في حيز المدح سماها بدعة ومدحها ألن النبي صلى الله عليه وسلم لم يسنها لهم‪ ,‬فبهذا سماها بدعة‪ .‬وهذا يتوافق مع‬
‫قوله صلى الله عليه وسلم‪ ":‬كل محدثة بدعة"‪ .‬والقول فالن بدع في هذا األمر أي أول لم يسبقه أحد‪ ,‬والبدع المحدث‬
‫العجيب‪ ,‬وأبدعت الشيء اخترعته‪ ,‬ليس على مثال‪.‬‬

‫اإلسالم ‪:‬‬ ‫*اإلبداع من منظور‬


‫يقول رسول الله صلى الله عليه و سلم ( تخلقوا بأخالق الله )و قال اإلمام الغزالي "فإن كمال العبد وسعادته التخلق بأخالق‬
‫الله تعالى‪ ،‬والتحلي بمعاني صفاته‪ ،‬وأسمائه‪ ،‬بقدر ما يتصور في حقه )فالمسلم بحكم إيمانه مدعو إلى التخلق بأخالق الله‪،‬‬
‫ومطلوب منه أن يسعى قدر الطاقة كي يتحلى بمعاني أسماء الله الحسنى و من صفات الله التي على المسلم االتصاف بها‬
‫المبدع‪ ،‬جاء في الحديث الشريف" ‪:‬إن الله جميل يحب الجمال "فالمسلم مدعو إلى االتصال بالجمال عبر الفعل الهادف‬
‫المبتكر المتجدد ‪.‬‬
‫ِّ‬
‫بالتفكير البناء الذي ال يخرج عن التعاليم اإللهية ذلك أن اإلبداع في النظرة‬ ‫الحقيقي ُه َو الذي يسبق‬
‫َّ‬ ‫اإلبداع‬
‫َ‬ ‫‪َّ -‬‬
‫إن‬
‫اإلسالمية ال بد له أن يحقق هدفاا‪ ،‬ويسهم في حل مشكلة‪ ،‬وأن يدعم المنتج اإلبداعي القيم اإلنسانية التي أكدت عليها‬
‫إبداعا شيطانياا‪ ،‬أو قوة هائلة بال قلب وال عقل‪ ،‬وهو ما تعاني منه كثير من المجتمعات الحديثة التي‬
‫التعاليم اإللهية وإال صار ا‬
‫أفكارا جديدة ومنتجات عظيمة القوة‪ ،‬لكنها تس ّخر ضد كل قيمة سامية من قيم اإلنسانية‪.‬‬
‫تنتج ا‬
‫إن اإلبداع في التصور اإلسالمي ال بد أن يرتبط بعقائد المجتمع ومنظومة القيم لديه‪ ،‬فال يتضمن هذا اإلبداع ازدراء باألديان‪،‬‬
‫خروجا على القانون‪.‬لقد كان الدين في الحضارية اإلسالمية هو الطاقة التي أثمرت ضمن ثمراتها اإلبداع في كل ميادين‬
‫أو ا‬
‫العلوم والفنون واآلداب‪ ،‬شرعية وعقلية وتجريبية‪ ،‬كما كان الدين اإلسالمي هو الدافع للتفتح على الثقافات و الحضارات‬
‫األخرى المغايرة و المخالفة القديمة منها والحديثة وإحيائها وغربلتها وعرضها على معايير اإلسالم‪.‬‬
‫‪-‬إن اإلبداع في اإلسالم يأبى التقليد األعمى لآلخر و لو كان من اآلباء و األجداد بل هو ينطلق من رؤية إسالمية أصيلة‬
‫تستلهم مما ورد في القرآن الكريم و من السيرة النبوية على صاحبها أفضل الصالة و التسليم ‪.‬‬
‫قوم الواقع‬
‫‪-‬لقد راعت إبداعات المسلمين منظومة قيم متكاملة تستند إلى الوحي اإللهي الذي عالج جوهر اإلنسان و َّ‬
‫البشري اعتمادا على منظومة قيم كان الهدف منها تحقيق العدل و تجسيم الرحمة بين كل البشر‪ .‬لذلك كانت القيم التي دعا‬
‫إليها اإلسالم تشمل الحياة كلها و تتجاوز النفعية المادية الظرفية الضيقة و ينبني عليها الجزاء األخروي‪.‬‬
‫‪ ‬من القيم التي تفعل اإلبداع و العملية اإلبداعية في اإلسالم ‪:‬‬
‫‪ - 1‬القيم االعتقادية والتعبدية‪ :‬هذه القيم تساهم في ترسيخ مفهوم العبودية لله سبحانه و تعالى و هي ترسيخ لوظيفة‬
‫االستخالف التي خلق لها اإلنسان‪ .‬و ما يميز المنظور اإلسالمي للقيم على سائر المنظومات األخرى ترسيخه لمفهوم‬
‫العبودية واالستخالف في مرحلة أولى لقد قضي رسول الله صلى الله عليه وسلم ثالث عشرة سنة في ترسيخ قيم العقيدة في‬
‫نفوس أتباعه ألنها األساس الذي ستُبنى عليه باقي مكونات منظومة القيم الحضارية لألمة اإلسالمية لقد تميزت منظومة القيم‬
‫اإلسالمية بربط اإلنسان بربه المبدع المصور‬
‫‪ - 6‬القيم العلمية والمعرفية ‪ :‬و هذه القيم هي التي تنظم تصورات اإلنسان للكون والحياة والمصير‪ ،‬مما يجعل عمل و نشاط‬
‫المؤمن على بينة و هذه القيم العلمية و المعرفية هي مناط التكليف واالستخالف في األرض‪ ،‬فإذا انفصل اإلنسان عنها‬
‫ض وا ْختِّالَ ِّ‬ ‫أفسد في األرض وأهلك الحرث والنسل و خالف بذلك تعاليم ربه‪ .‬قال تعالى‪﴿ :‬إِّ َّن فِّي َخل ِّْق َّ ِّ‬
‫ف‬ ‫الس َم َاوات َواأل َْر ِّ َ‬
‫اب﴾(آل عمران‪)113‬‬ ‫ات ألُولِّي األَلْبَ ِّ‬
‫ار َآلي ٍ‬
‫َّه ِّ َ‬‫اللَّْي ِّل َوالنـ َ‬
‫القيم االجتماعية ‪:‬فمن القيم االجتماعية التي دعا إليها اإلسالم نذكر قيم االحترام والتوقير واألمر بالمعروف والنهي عن‬
‫المنكر والتناصح وحب الخير للناس‪ ،‬والتضحية من أجل الصالح العام‪ ،‬واإلحسان والتكافل والتآزر في السراء و الضراء ‪.‬إن‬
‫اإلبداع في اإلسالم بدأ من أول كلمة أنزلت من القرآن الكريم ‪،‬كلمة( إقرأ ) و هي شعار اإلسالم فبالعلم و المعرفة و بإعمال‬
‫العقل و باإلخالص في العمل لحسن أداء وظيفة االستخالف يبدع المؤمن في كل مجاالت الحياة رغبة في طاعة خالقه و أمال‬
‫في الفوز بالدارين‬
‫إن الحرية المطلقة في العملية اإلبداعية فساد مطلق‪ ،‬فاإلنسان حر في دائرة من القيم اإلنسانية التي ترشد اإلبداع حتى ال‬
‫المبدع المسلم خاضع‬
‫ينقلب إلى عامل تدمير و إفساد للحرث و النسل ‪ ،‬إن الحرية اإلبداعية تعني المسؤولية وااللتزام‪ .‬إن ُ‬
‫لحساب الضمير ولحساب المجتمع فى الدنيا‪ ،‬وخاضع لحساب الله تعالى فى الدنيا واآلخرة وحريته تكون فى إطار المنهج‬
‫اإللهى ‪.‬اإلبداع في اإلسالم يرتبط بالمسئولية النابعة من صميم اإلسالم‪ ،‬على عكس الفلسفات الغربية التى ال تلتزم بمنظومة‬
‫القيم‪ .‬إن الحرية الحقيقية هي الحرية التي تتبعها المسئولية النابعة من ضمير الفرد ‪.‬ومن قيم المجتمع على السواء‬
‫والمبدع المسلم خاضع لحساب الضمير ولحساب المجتمع فى الدنيا‪ ،‬وخاضع لحساب‬
‫اإلبداع يشمل كل مجاالت الحياة ُ‬
‫الله تعالى فى الدنيا واآلخرة وحريته تكون فى إطار المنهج اإللهى فاإلبداع في اإلسالم ال يكون عبثيا‪ ،‬بل إنه إبداع الضمير‬
‫الحى‪ ،‬والوجدان السليم‪ ،‬والخيال البناء إن المبدع المسلم ال يتعدى بإبداعاته الثوابت التي جاء بها النص التأسيسي من‬
‫قرآن و سنة ‪ .‬اإلبداع فى الغرب ال حدود له‪ ،‬والحرية للمبدع‪ -‬شاملة وكاملة هذا يعنى أن للمبدع حرية تجاوز الضوابط‬
‫والحدود والحرمات‪ ،‬بل وإهانة المقدسات‪ ،‬واالستهانة برموز الدين‪ ،‬وتجريد كل ذلك من األخالق الفاضلة‪ .‬إن حرية اإلبداع‬
‫كما يراها مفكري الغرب هي القدرة على اقتحام المحرمات الثالث ‪:‬الدين‪ ،‬والسياسة‪ ،‬والجنس‪ ،‬إن التصور الغربي المادي‬
‫لإلبداع قائم على مادية اإلنسان وحيوانيته وإنكار الروح فاإلبداع غاية‪ ،‬لقد ذهب بعض مفكري الغرب إلى حد القول بأن‬
‫شعارات الدين والسياسة تفسد اإلبداع إذ األديان حسب تعبيرهم قيود‪ ،‬واإلبداع حرية وانطالق إن الدين عماده األخالق‬
‫بينما اإلبداع في التعريف المادي ال يعبأ بالجانب األخالقي ‪ ،‬ألنه يهتم بكل ما هو جميل وال يفكر فيما إذا كان اإلبداع يعبر‬
‫عن فضيلة أو رذيلةإن اإلبداع في المفهوم اإلسالمي يرتبط بالمسؤولية فاإلبداع بمفهومه اإلسالمي يجعل المسلم قادرا على‬
‫االنسجام مع نفسه ومجتمعه ومع الكون ومع ربه سبحانه وتعالى ‪.‬و هكذا نخلص إلى أن المجتمعات التي تسودها رؤى مادية‬
‫مثل" ‪:‬الغاية تبررالوسيلة"‪ ،‬و"النفع مقدم على الفرد "تشهد اليوم تخبطا على مستوى القيم و نتيجة لذلك فإن اإلنتاج‬
‫اإلبداعي أصبح خاليا من كل روح إنسانية و من كل فطرة سليمة خلق الله سبحانه و تعالى عليها خلقه و أمرهم بالمحافظة‬
‫عليها و بعدم تبديلها او تغييرها ‪ .‬يعتقد البعض أن القيم إذا اقترنت باإلبداع‪ ،‬فهي تحد من بريقه‪ ،‬وتجعله ممالا أو منفرا ألنه‬
‫أصبح مقيدا هذا القول قد يصدق إذا كان ذهن اإلنسان المتلقي للقيم سيتلقى هذه القيم كقيد فإنها ستبقى كذلك –قيود ‪-‬‬
‫مهما بلغت أهمية هذه القيم ‪ ،‬وأما إذا تلقى ذهن اإلنسان القيم كأساس‪ ،‬وكمبدأ ورؤية كما هو الحال للمسلم الملتزم تجاه‬
‫خالقه و مجتمعه الذي يرى في القيم قيودا ضرورية لترشيد اإلبداع‬
‫و تحديد مقوماته فالقيم و القيود و الضوابط بها و بها فقط يتحقق النفع في العمل اإلبداعي و صدق رسول الله صلى الله‬
‫عليه و سلم حين قال ‪ ( :‬ال ضرر و ال ضرار ) ( اللهم انفعني بما علمتني و علمني ما ينفعني و زدني علما )‪.‬‬

‫تلخيص دروس المبحث الثالث ‪ :‬النص و التاريخ‬


‫الدرس ‪ : 1‬اإلعجاز التشريعي في القرآن‪:‬‬
‫الدرس‪ :2‬مصادر التشريع‬

‫‪-11‬مصادر التشريع اإلسالمي‪:‬‬


‫الدرس ‪ :3‬مناهج التشريع‬
‫ا‬
‫لدرس‪ : 4‬مقاصد التشريع‬

You might also like