‫الدرس الثاني‪:‬‬

‫أسلوب القصر‬
‫* تعريف القصر عند البالغيين ‪ :‬تعريف شيء بشيء بطريق مخصوص‪ .‬الشيء األول هو‬
‫المقصور عليه والثاني ‪ :‬المقصور‬
‫* أنواع القصر باعتبار طرفيه‪:‬‬
‫للقصر طرفان‪ :‬المقصور والمقصور& عليه ‪.‬‬
‫وينقسم إلى قسمين‪:‬‬
‫‪ .1‬قصر الصفة على الموصوف‬
‫مثل‪ :‬ما قارئ إال زيد ‪.‬‬
‫‪ .2‬قصر الموصوف على الصفة‬
‫مثل ‪ :‬محمد فائ ٌز ‪.‬‬
‫أنواع القصر باعتبار غرض المتكلم وما يقصد إلى النوعين ‪:‬‬
‫القصر الحقيقي ‪ :‬ما كان غرض المتكلم منه أن يختصّ المقصور بالمقصور علي&&ه بحيث‬ ‫‪-‬‬
‫اليعتداه إلى غيره أصال ‪.‬‬
‫وهذا يعني أن المنفي عنه يكون عاما‪ ،‬فالمقصور مختصر بالمقصور عليه منفي عن كل م&&ا‬
‫عداه‪.‬‬
‫كقولك ‪ " :‬ماخاتم األنبياء إال ُم َحمدٌ‪".‬‬
‫فالمراد‪ :‬أن ختم النبوة مقصور على محمد ‪ -‬صلى هللا علي>>ه وس>>لم ‪ -‬ال يتع&&داه إلى غ&&يره‬
‫من الرسل‪.‬‬
‫*وينقسم القصر الحقيقي إلى القسمين‪:‬‬
‫القسم األ ّول‪ :‬القصر الحقيقي التحقيقي القسم الثاني‪ :‬القصر الحقيقي اإلدعائي ‪.‬‬

‫القسم األول‪ :‬القصر الحقيقي التحقيقي‪:‬‬

‫ماكان المنفي فيه عاما يتناول كل ما عدا المقصور عليه من حيث واقع الحال وحقيقة األمر‪.‬‬
‫مثل‪" :‬ال يح ّج إلى مكة إالّ المسلمون"‪ ،‬فالواقع يطابق هذا‪ ،‬ألن الحج إلى مكة مقص&&ور على‬
‫المسلمين‪ ،‬ومنفي عن كل من عداهم من أصحاب الملل األخرى‪.‬‬
 ‫القسم الثاني‪ :‬القصر الحقيقي االدّعائي ‪:‬‬
‫فه&&و أن يختصّ المقص&&ور بالمقص&&ور علي&&ه بحيث اليتع&&داه إلى غ&&يره‪ ،‬ادع&&اء ومبالغ&&ة‪،‬‬
‫فالمقصور يختصّ بالمقصور عليه وينفي عن ك ّل ماعداه مما هو بسبيل منه نفيا يق&&وم على‬
‫المبالغة والتجوز‪ ،‬واليقوم على المطابقة الحقيقية للواقع‪.‬‬
‫كما في قوله تعالى‪﴿ :‬إنما يخشى هللا من عباده العلماء‪( ﴾...‬من اآلية ‪ 28‬من سورة فاطر)‬
‫(وال يعني هذا أن غير العالم اليخشى هللا تعالى‪ ،‬بل قد يكون غير العالم أش ّد خشية هلل من‬
‫ّ‬
‫والحث على النظ&&ر‬ ‫العالم‪ ،‬ولكن سياق اآليات في التنويه بشأن العلم&&اء وتعظيم م&&نزلتهم‪،‬‬
‫والتأمل)‪.‬‬
‫*الن>>وع الث>>اني ‪ :‬القص>>ر اإلض>>افي ‪ :‬أن يختص المقصور بالمقص&&ور علي&&ه بالنس&&بة إلى‬
‫شيء معين أي باإلضافة إليه‪ ،‬بحيث اليتجاوزه إلى ذلك المعين‪...‬‬
‫عبد هللا ش&اعر ال ك&اتب‪ .‬قص&ر عب&د هللا على ص&فة الش&عر‪ ،‬حيث اليتجاوزه&ا إلى ص&فة‬
‫معينة محددة وهي كتابة‪ .‬وأيضا هذا الينافي أن يكون لعبد هللا صفات أخرى كالخطابة‪.‬‬
‫وينقسم هذا القصر اإلضافي باعتبار حال المخاطب‪ ،‬واعتقاده الذي وقف عليه المتكلم‬
‫إلى ثالثة أقسام‪:‬‬
‫‪ .1‬قصر القلب ‪:‬‬
‫هو‪ :‬تخصيص أمر بأمر مكان آخر‪( .‬يخاطب به من يعتقد العكس)‪.‬‬
‫كقولك‪" :‬جاءني زيد ال عمرو"‪ ،‬مخاطبا من يعتقد ّ‬
‫أن عمرا ه&&و ال&&ذي ج&&اءك دون زي & ٍد‪،‬‬
‫فأنت تعكس وتقلب ما يعتقده‪ ،‬ولذا سمي قصر قلب‪.‬‬
‫‪ .2‬قصر اإلفراد ‪:‬‬
‫هو تخصيص أمر بأمر دون آخر‪ ،‬ويخاطب به من يعتقد الشركة ‪.‬‬
‫كقولك‪ :‬محمد الجواد ال عل ّي‪ ،‬مخاطبا لمن اعتقد أنهما يشتركان في صفة الجود‪.‬‬
‫‪ .3‬قصر التعيين ‪:‬‬
‫هو تخصيص أمر دون أمر آخر‪ ،‬يخاطب به المتردد بين شيئين‪.‬‬
‫كقولك لمن يتردد شاكا في الناجح‪ " :‬أ عمرو أم بكر‪ ،‬إنما الناجح عمرو"‪.‬‬ ‫‪-‬‬
 ‫ك في أمر زيد أمقيم أم مسافر‪" :‬زيد مقيم ال مسافر"‪.‬‬‫‪ -‬كقولك لمن يش ّ‬
‫‪‬طرق القصر ‪:‬‬
‫‪ .1‬العطف بال ‪ ،‬وبل‪ ،‬ولكن‪.‬‬
‫مثل‪ - :‬زيد كريم ال عمرو‪.‬‬
‫‪ -‬ليس محمد راسبا بل ناجحا‪.‬‬
‫‪ -‬قال اإلمام علي – كرمه هللا وجهه ‪: -‬‬

‫س اليَتِ ْي ُم الـ ّ ِذي قـ َ ْد َماتَ َوالـ ِ ُدهُ * بـَل الـْيَتـِيـْ ُم يـَتِيـْ ُم ا ْل ِع ْل ِم َواأْل َ َد ِ‬
‫ب‬ ‫لـَيـْ َ‬

‫فقد قصر الشاعر اليتيم على صفة الحرم&&ان من العلم واألدب ونف&&اه عن فق&&دان الوال&&د قب&&ل‬
‫بلوغ مبلغ الرجال‪ ،‬فهو قصر موصوف على صفة قصرا إضافيا‪.‬وقي&&ل ه&&ذا من ن&&وع قص&&ر‬
‫أن اليتيم هو الذي ق&د م&&ات وال&&ده قب&&ل بل&&وغ س& ّ‬
‫&ن‬ ‫قلب‪ ،‬ألنه قلب ماهو راسخ في األذهان من ّ‬
‫الرج&&ال‪ ،‬وفي&&ه ّ‬
‫حث على ال&&تزود ب&&العلم والتحلي ب&&األخالق واآلداب الرفيع&&ة‪ ،‬وفاق&&دهما ه&&و‬
‫اليتيم‪.‬‬
‫(إذا وقعت "بل" بعد اإلثبات اليفيد القصر‪ ،‬مثل جاء زيد بل عم&رو ( ألن هن&ا نق&ل المجيء‬
‫إلى التابع "عم&&رو" وجعلت المتب&&وع "زي&&د" في حكم المس&&كون عن&&ه‪ ،‬فالجمل&&ة التفي&&د س&&وى‬
‫مجرد إثبات المجيء لعمرو‪ ،‬وعندئذ فال قصر‪ ،‬ألن القصر نفي وإثبات‪.‬‬

‫‪ -‬ما أكرمني خليل لكن محمد ‪.‬‬

‫( لكن تفيد القصر إذا سبقها نفي أو نهي وبعدها مف&رد كـ "ب&ل" تمام&ا‪ ،‬ويش&ترط بعض&هم‬
‫للقصر بلكن عدم االقتران بالواو‪ .‬و ُر ّد هذا الشرط بقوله تعالى ‪ ﴿ :‬ماكان محمد أبا أح&&د من‬
‫رجالكم ولكن رسول هللا وخاتم النبيين‪( ﴾...‬من اآلية ‪ 40‬من سورة األحزاب)‪.‬‬
‫فقد قصر النبي ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪ -‬على الرسالة والختم اليتجازوها إلى أب ّوة زي ٍد‪.‬‬

‫‪ .2‬النفي واالستثناء ‪:‬‬

‫مثل ‪:‬‬
‫‪ .1‬ما القارئ إاّل عبد هللا ( قصر الصفة على الموصوف)‪&.‬‬
‫‪ .2‬ما محمد إال رسول ‪ :‬قصر الموصوف على الصفة) ‪.‬‬
‫‪ .3‬إنما ‪:‬‬
 ‫ـفـحْ َشا ِء َوأَ ْن تـَقـُوْ ُلـوا عَـلَى هللاِ مَ ااَل‬ ‫ومثل&&ه قول&&ه تع&&الى‪ ...﴿ :‬إِنّ َـ َما يَأْ ُم ُر ُك ْم بِ ُّ‬
‫الس &وْ ِء َوالـْ َ‬
‫تَـعْـلَ ُموْ نَ ﴾ (من اآلية ‪ 169‬من سورة البقرة)‪.‬‬
‫‪ -‬حيث قصر ما يأمر به الشيطان على السوء والفحشاء والقول على هللا بال علم قصرا حقيقي&&ا‬
‫غير تحقيقي‪ ،‬ألنه يأمر بهذا وبغيره مما يكون سببا في هالك من اتـَّـبـَـ َعـه‪&.‬‬

‫‪ .4‬التقديم ‪ :‬وهو باب واسع من أبواب البالغة‪ ،‬وفيه كثير من المزايا واالسرار البالغية‪ ،‬وع ّد‬
‫إلى تقديم المسند إليه والمسند ومتعلقات الفعل‪ .‬والتقديم يفيد القصر‪.‬‬
‫‪ .1‬تقديم المسند إليه مثل ‪ - :‬محمد يكرم الضيف‪.‬‬
‫المسند إليه ‪ :‬محمد (مبتدأ)‬
‫&ر ُم)‪ّ ،‬‬
‫ألن يك&&رم‬ ‫المسند ‪ :‬خبر جملة فعلية‪( ،‬هنا وقع تكرار المسند إليه بعد الفعل (يُك& ِ‬
‫فعل وفاعله ضمير مستتر جوازا تقديره "هو" (محمد)‬
‫وفائدة تقديم المسند إليه ‪ :‬للقصر والتقوية وتأكيد الحكم‪.‬‬
‫‪ .2‬تقديم المسند‪ .‬مثل‪ :‬قوله تعالى‪﴿ :‬لكم دينكم ولي دي ٍن﴾ ( اآلية ‪ 6‬من سورة الكافرون)‪.‬‬
‫المسند ‪ :‬خبر مقد ّم (لكم) يفيد القصر ‪.‬‬
‫‪ .3‬ومن تقديم المتعلقات على الفع>>ل ‪ ﴿ :‬إياك نعب&&د وإي&&اك نس&&تعين ﴾ (اآلي&&ة ‪ 4‬من س&&ورة‬
‫الفاتحة)‪.‬‬
‫إياك نعبد ‪ :‬قصر للعبادة على هللا‪ ( .‬قصر الصفة على الموصوف) ‪.‬‬
‫‪ .5‬ضمير الفصل ‪ .‬ضمير الفصل هو‪:‬‬
‫قوله تعالى ‪ ﴿ :‬إِنّ هللا ُه َو الرزاق ذو القوة المتين ﴾ (اآلية ‪ 58‬من سورة الذاريات)‪.‬‬
‫حيث قصرت صفة الرزق على هللا تعالى قصرا حقيقيا‪.‬‬

‫*مواضع المقصور عليه والمقصور ‪:‬‬

‫‪ .1‬العطف بـ "ال" ‪ :‬المقصور عليه مع "ال" يكون مقابال لم&&ا بع&&دها‪ .‬اي بعب&&ارة أخ&&رى‪:‬‬
‫المقصور عليه هو المعطوف‪ .‬حاتم أستاذ ال طالب‪ .‬المقصور عليه‪ :‬أستاذ ‪.‬‬
‫‪.2‬العطف بـ "لكن" و"بل المقصور عليه هو المعطوف ‪.‬‬
‫مثال‪:‬‬
‫‪ -‬ما الفخر بالنسب لكن بالتقوى ‪ ،‬المقصور ‪ :‬الفخر ‪ ،‬و المقصور عليه ‪ :‬بالتقوى‬
‫‪ -‬ما قرأت كتابا بل مجلةً ‪ ،‬المقصور‪ :‬كتابا‪ ،‬والمقصور عليه ‪ :‬مجلةً‬
‫‪ .3‬النفي واالس&&تثناء ‪ :‬المقص&&ور ‪ :‬ه&&و م&&ا بع&&د النفي ‪ ،‬و المقص&&ور علي&&ه ‪ :‬ه&&و م&&ا بع&&د‬
‫االستثناء‪.‬‬
‫مثال ‪ :‬ما حاتم إال كريما ‪ :‬المقص&&ور‪ :‬ح&&اتم ‪ ،‬المقص&&ور علي&&ه ‪ :‬كريم&&ا أي قص&&رنا‬
‫حاتم على كرم‪.‬‬
‫‪ .4‬إنما ‪ :‬المقصور يأتي أوال ‪ ،‬و المقصور عليه مع ” إنما ” يؤخر وجوبا ‪.‬المثال ‪ :‬إنم&&ا‬
‫إبراهيم مهندس ‪ ،‬المقصور ‪ :‬إبراهيم ‪ ،‬و المقصور عليه ‪ :‬مهندس‪.‬‬
‫‪ .5‬التقديم ‪ :‬المقصور عليه مق ّدم والمقصور مؤ ّخر‪.‬‬
‫المثال‪:‬‬
‫‪ -‬إياك نعبد‪ ،‬المقصور عليه ‪ :‬إياك والمقصور‪ :‬نعبد‪.‬‬
‫‪ -‬إلى هللا أشكو‪ ،‬المقصور عليه ‪ :‬إلى هللا والمقصور‪ &:‬أشكو‪.‬‬
‫‪ -‬رج ٌل جاءني‪ ،‬المقصور& عليه ‪ :‬رجل والمقصور‪ :‬جاءني‪.‬‬
‫‪ .6‬ضمير الفصل‪ .‬المقصور عليه ‪ :‬مبتدأ والمقصور ‪ :‬خبر‪.‬‬
‫مثال ‪ :‬شوقي هو الشاعر ‪ ،‬المقصور ‪ :‬الشاعر ‪ ،‬و المقصور& عليه ‪ :‬شوقي ‪ ،‬قصرنا‬
‫الشاعرية على شوقي ‪.‬‬
‫________________‬

‫الدرس الثاني‬
‫يوم الجمعة‪ 19 ،‬مارس ‪2021‬‬
‫الفقيرة إلى هللا‪ :‬وردة فاخرة فخري‪.‬‬