You are on page 1of 10

‫بوزيدي إلياس‬

‫ خصوصية وخطوة أوىل للمتابعة‬:‫الضبط القضائي يف نطاق محاية البيئة‬


‫اجلزائية‬
1
‫ بوزيدي إلياس‬.‫د‬
‫امللخص‬
‫إن طبيعة تلوث البيئة تقتيض رضورة تخصيص بعض املوظفني ممن لديهم معرفة خاصة‬
‫بالكشف والتحري عن جرائم البيئة وإثباتها بطرق فنية كثريا ما يتعذر عىل الضبط القضايئ‬
‫ وألن البيئة تعد من القيم التي يسعى‬.‫العام الكشف عنها وإثباتها لنقص خربتهم الفنية‬
‫املرشع إىل حاميتها والحفاظ عليها فقد أسبغ عليها هذا األخري خصوصية يف الضبطية القضائية‬
.‫تتكيف معها يف جميع مراحلها‬
.‫ الجرمية‬،‫ التحري‬،‫ الضبط القضايئ‬،‫ البيئة‬:‫الكلامت املفتاحية‬
Résumé
La nature de la pollution écologique nécessite la désignation des
professionnels expérimentés qui peuvent explorer les crimes contre
l’environnement et fournir les preuves substantielles qui ne peuvent pas être
explorées par la police judiciaire. L’environnement est une valeur qui est
fortement défendue et protégée par le législateur qui vise toujours à améliorer
les conditions des enquêtes et les adapter aux mesures de la police judiciaire.
Mots clés : écologie, crimes, police judiciaire, enquête.
Abstract:
The nature of ecological pollution necessitates appointing well experienced
professionals to investigate crimes against the environment and provide
substantive tools and proofs that can not be revealed by judicial police because
they lack substantive experience. Therefore, the environment is regarded as
one of the most important values that is strongly defended by the legislator to
make it consistently comply with the requirements of judicial police.
Keywords:Ecology, crime, judicial police, investigation
:‫مقدمة‬
‫التغيات غري املرغوبة فيام يُحيط باإلنسان كلياً أو جزئياً كنتيجة‬
ّ ‫تكمن الجرمية البيئية يف‬
‫ُغي من املك ّونات الطبيعية‬
ّ ‫ألنشطة من خالل الح ّد من التأثريات املبارشة وغري املبارشة التي ت‬
‫ املركز الجامعي مبغنية‬،»‫ أستاذ محارض «ب‬1
110
‫الضبط القضائي في نطاق حماية البيئة‪ :‬خصوصية وخطوة أولى للمتابعة الجزائية‬

‫التغي‬
‫مم يُؤثر عىل اإلنسان ونوعية الحياة التي يعيشها‪ ،‬أو ّ‬ ‫والكيميائية والبيولوجية للبيئة ّ‬
‫الذي يحدث يف املميزات الطبيعية للعنارص املك ّونة للبيئة أين يعيش الكائن البرشي سواء‬
‫كان املاء‪ ،‬الهواء‪ ،‬والرتبة‪ ،‬والخسائر الناتجة عن سوء استعامل لهذه العنارص إذا أضفنا لها‬
‫مواد غري مناسبة‪.‬‬
‫تقوم الجرمية البيئية إن ارتكبها أحد األشخاص وتعدى عىل األحكام التي تضمن الحفاظ‬
‫عىل التوازن البيئي‪ ،‬كقيام شخص برصف املبيدات أو املواد امل ُشّ عة أو إغراقها يف البيئة املائية‪،‬‬
‫أو عدم التزام املؤسسات الصناعية أو الزراعية مبراعاة املقاييس واملستويات املسموح بها‬
‫رض بالبيئة‪.1‬‬
‫للمواد والغازات التي ت ّ‬
‫املاسة بالبيئة والذي تثبت‬‫إ ّن الغاية من التجريم ال تتحقق إالّ مبتابعة مرتكبي الجرائم ّ‬
‫األ ّدلة ارتكابهم لتلك الجرائم‪ ،‬ومن ث ّم تكون متابعتهم جزائياً بهدف تحقيق العدالة وصيانة‬
‫حق املجتمع يف الحفاظ عىل البيئة‪.‬‬ ‫ّ‬
‫إ ّن الضبط القضايئ يتعلق بوجه عام بشأن كافة الجرائم‪ ،‬إالّ أ ّن هذا املفهوم يختلف يف‬
‫مجال حامية البيئة‪ ،‬أل ّن جرائم البيئة تختلف عن الجرائم األخرى كجرائم الرسقة أو النصب‬
‫أو القتل‪ ،‬والتي يكون فيها االعتداء منصباً عىل األموال مثالً أو عىل األشخاص‪.‬‬
‫من هذا املنطلق‪ ،‬فاإلشكالية التي تُثار‪ :‬ما هي خصوصية الضبط القضايئ يف مجال حامية‬
‫البيئة؟‬
‫ولإلجابة عىل هذه اإلشكالية س ُنقسم بحثنا إىل مبحثني؛ إذ سنتعرض إىل خصوصية هيكلية‬
‫الضبط القضايئ يف مجال حامية البيئة (أوال)‪ ،‬وعىل خصوصية مهام الضبط القضايئ يف مجال‬
‫حامية البيئة (ثانيا)‪.‬‬
‫أوال‪ -.‬خصوصية هيكلية الضبط القضايئ يف مجال حامية البيئة‪.‬‬
‫رشع إىل حاميتها والحفاظ عليها‪ ،‬أسبغ‬ ‫عىل اعتبار أ ّن البيئة تع ّد من القيم التي يسعى امل ّ‬
‫رشع حامية قانونية‪ ،‬بتوضيح جزاءات رادعة‪ ،‬ولتفعيل ذلك الب ّد من إثبات وقوعها‬ ‫عليها امل ّ‬
‫وتحديد ُمالبستها مبعرفة الضبطية القضائية‪ ،‬وعىل هذا األساس يتوىل الضبط القضايئ هيئات‬
‫معينة ت ُعرف بهيئات الضبط القضايئ‪.‬‬
‫‪ -.I‬الضبط القضايئ والضبط اإلداري يف نطاق حامية البيئة‪.‬‬
‫تبدأ وظيفة الضبط القضايئ حيث تنتهي وظيفة الضبط اإلداري‪ ،‬فال تت ّدخل الضبطية‬
‫القضائية إالّ إذا وقع إخالل حقيقي بالنظام العام يسمى جرمية‪ ،‬حيث ميارس إجراءات‬
‫وسلطات ح ّددتها القوانني املختلفة بحدود متفاوتة‪.‬‬

‫‪ -1‬رشيفة تكوك‪ ،‬جرائم تلويث البيئة‪ ،‬مجلة القانون الدويل والتنمية‪ ،‬جامعة عبد الحميد بن باديس‪ ،‬مستغانم‪،‬‬
‫الجزائر‪ ،2013 ،‬العدد‪ ،1‬ص‪.295.‬‬
‫‪111‬‬
‫بوزيدي إلياس‬

‫كل نوع‪ ،‬وتتمثل يف‪:1‬‬


‫يوجد اختالفات بني كال املفهومني من حيث خصائص وسامت ّ‬
‫ ‪-‬غاية الضبط اإلداري هو العمل عىل منع وقوع الجرمية كمنع االضطراب يف املجال األمني‬ ‫‪1‬‬
‫ومكافحة التل ّوث وحامية عنارص البيئة يف املجال البيئي واملحافظة عىل النظام العام يف‬
‫املجتمع بعنارصه املتع ّددة‪ ،‬أي أ ّن هدفه وقايئ بحت‪ ،‬يف حني أ ّن الضبط القضايئ هدفه‬
‫قمعي بحت‪.‬‬
‫ ‪-‬إجراءات الضبط اإلداري تكون سابقة عىل وقوع الجرمية‪ ،‬أ ّما إجراءات الضبط القضايئ‬ ‫‪2‬‬
‫تكون الحقة عىل نوع الجرمية أو مبجرد الرشوع فيها‪ ،‬مبعنى آخر يتسم الضبط اإلداري‬
‫مم يلحق به‬ ‫بالطابع الوقايئ حيث يقترص دوره عىل منع اإلخالل بالنظام العام والوقاية ّ‬
‫من اضطراب‪ ،‬يف حني يتسم الضبط القضايئ بالطابع العالجي‪ ،‬حيث تتوىل سلطة الضبط‬
‫القضايئ مامرسة نشاط جزايئ قمعي موضوعه إثبات وقوع الجرمية وجمع أ ّدلتها وتسليم‬
‫الجاين للعدالة لتوقيع العقوبات املقابلة لِام ارتكبه من جرائم عليه‪.‬‬
‫ ‪-‬ميكن إلجراءات الضبط اإلداري أن تستمر حتى بعد البدء يف الجرمية أو ارتكابها وت ُصاحب‬ ‫‪3‬‬
‫إجراءات الضبط القضايئ إالّ أ ّن إجراءات هذا األخري ال ميكن أن تبدأ قبل وقوع الجرمية‬
‫وال تُصاحب إجراءات الضبط اإلداري‪.‬‬
‫ ‪-‬أعامل الضبط اإلداري تع ّد أعامالً إدارية من اختصاص القضاء اإلداري‪ ،‬أ ّما أعامل الضبط‬‫‪4‬‬
‫القضايئ فهي أعامل قضائية تخضع لرقابة القضاء العادي‪.‬‬
‫ ‪-‬ومن حيث مسؤولية الدولة عن إجراءاتها‪ ،‬فإ ّن الدولة تسأل عن القرارات واألوامر‬ ‫‪5‬‬
‫الضبطية الصادرة عن سلطات الضبط اإلداري والتعويض عنها إذا كان الخطأ جسيامً‪ ،‬يف‬
‫حني ال تسأل فالدولة عن األرضار الناشئة عن العمل القضايئ‪ ،‬وتحديدا ً األعامل املتصلة‬
‫بالنيابة العامة ذات الطابع القضايئ‪.‬‬
‫ ‪-‬وأخريا ً‪ ،‬يجدر التمييز بني استعامل القوة املادية املخ ّول بها عضو الضبط اإلداري وتوقيع‬
‫‪6‬‬
‫العقوبة الجنائية‪ ،‬أو بينهام وبني سلطة استخدام القوة املخ ّول بها ضابط الرشطة القضائية‬
‫لتنفيذ إجراء من إجراءات التحقيق كالقبض والتفتيش‪ ،‬فاألوىل ليست عقوبة وليست‬
‫إجراء لتحقيق غرض من إجراءات الدعوى الجنائية‪ ،‬بينام الثانية تفرتض ُمخالفة واضحة‬
‫للقاعدة التنظيمية العامة وخروجاً عليها بحيث تتطلب تدخالً من جانب القضاء‪.‬‬
‫إ ّن الضبط القضايئ هو مجموع اإلجراءات التي يتخذها ضباط الرشطة القضائية وأعوانهم‬
‫يف سبيل البحث عن الجرائم ومرتكبيها‪ ،‬وجمع االستدالالت التي تلزم التحقيق والدعوى‪.‬‬
‫ويبدأ نشاط الضبط القضايئ منذ لحظة وقوع الجرمية‪ ،‬وهو يهدف إىل معاونة النيابة‬

‫‪ -1‬عيل عدنان الفيل‪ ،‬مهام الضبط القضايئ الخاص يف الجرائم البيئية يف الترشيعات العربية (دراسة مقارنة)‪ ،‬املجلة‬
‫العربية للدراسات األمنية والتدريب‪ ،‬املجلد ‪ ،27‬العدد ‪ ،54‬ص‪.‬ص‪.269-268.‬‬
‫‪112‬‬
‫الضبط القضائي في نطاق حماية البيئة‪ :‬خصوصية وخطوة أولى للمتابعة الجزائية‬

‫العامة عىل الوفاء بدورها يف املجتمع وذلك بإمدادها باملعلومات والعنارص الالزمة ألداء هذا‬
‫الدور‪ ،‬فبنا ًء عىل ما يجمعه جهاز الضبط القضايئ من استدالالت ت ُبارش النيابة العامة سلطتها‬
‫يف االتهام‪ ،‬ولذلك يجب أن ترفع محارض جمع االستدالالت إىل النيابة العامة‪.1‬‬
‫إ ّن الجرائم املعنية بالضبط القضايئ يف مجال حامية البيئة هي ذات خصوصية‪ ،‬فجرائم‬
‫البيئة ال ترض شخصاً مح ّددا ً بذاته بل من املمكن أن يُضار منها مجموعة من األشخاص‪ ،‬أو‬
‫يُضار منها املجتمع بأرسه بِ ا يف ذلك الكائنات الحيّة األخرى‪.‬‬
‫معي‪ ،‬فهي ممكن أن تستمر‬ ‫كام أ ّن جرائم البيئة ال تتوقف عند زمان مح ّدد أو مكان ّ‬
‫وتستغرق وقتاً طويالً‪ ،‬وتتجاوز وتعرب العديد من الدول دون أن تفلح الجهود البرشية يف‬
‫وقفها أو السيطرة عليها‪ ،‬فضالً أ ّن الفاعل للجرمية من املمكن أن يكون شخصاً طبيعياً أو‬
‫التوصل إليهم ومعرفتهم عىل وجه التحديد‪.‬‬ ‫شخصاً معنوياً‪ ،‬قد يتعذر أحياناً ّ‬
‫خاصة‬
‫لذلك‪ ،‬فإ ّن الضبطية القضائية يف نطاق ترشيعات حامية البيئة تتم ّيز بطبيعة ّ‬
‫وأهمية بالغة تعتمد بشكل رئييس عىل املوظفون الذين يت ّم منحهم صفة الضبطية القضائية‪،‬‬
‫إذ يجب أن يكون هؤالء املوظفني عىل قدر كبري من التأهيل الفني وأن يتمتعوا بخربة علمية‬
‫وعملية فائقة يف املجال البيئي بِ ا ميكّنهم من أداء املهام املنوطة بهم عىل الوجه األمثل‪.2‬‬
‫‪ -.II‬هيئات الضبط القضايئ‪.‬‬
‫من خصوصيات الضبط القضايئ يف مجال حامية البيئة‪ ،‬أن تتوىل ذلك هيئات مع ّينة؛‬
‫كل الجرائم‬ ‫هيئات الضبط القضايئ ذوي االختصاص العام التي يتمتع أفرادها بصالحية معاينة ّ‬
‫التي يُعاقب عليها قانون العقوبات والقوانني املكملة له (فرع أ ّول)‪ ،‬وهيئات الضبط القضايئ‬
‫ذوي االختصاص الخاص والتي ينحرص دورها فقط يف معاينة الجرائم التي تدخل يف نطاق‬
‫اختصاصها القطاعـي (فرع ثان)‪.‬‬
‫آ‪ -.‬هيئات الضبط القضايئ ذوي االختصاص العام‪.‬‬
‫رشع الجزائري هيئات الضبط القضايئ ذات االختصاص العام إىل صنفني‪:‬‬ ‫وقد ص ّنف امل ّ‬
‫‪ -.1‬ضباط الرشطة القضائية‪:‬‬
‫رشع الجزائري‪ 3‬أصناف ضباط الرشطة القضائية عىل النحو اآليت‪:‬‬ ‫لقد ح ّدد امل ّ‬
‫ ‪-‬رؤساء املجالس الشعبية البلدية‪.‬‬
‫ ‪-‬ضباط الدرك الوطني‪.‬‬

‫‪ -1‬يحيى عبد الحميد‪ ،‬خصوصية الضبط القضايئ يف الجرائم البيئية‪ ،‬مجلة القانون الدويل والتنمية‪ ،‬جامعة عبد‬
‫الحميد بن باديس‪ ،‬مستغانم‪ ،‬الجزائر‪ ،2013 ،‬العدد‪ ،1‬ص‪.49.‬‬
‫‪ -2‬عيل عدنان الفيل‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.‬ص‪.272-271.‬‬
‫‪ -3‬املادة ‪ 15‬من األمر ‪ 155-66‬املعدل واملتمم‪ ،‬املؤرخ يف ‪ 05‬جوان ‪ ،1966‬املتضمن قانون اإلجراءات الجزائية‪ ،‬ج‪.‬ر‪،‬‬
‫عدد ‪.48‬‬
‫‪113‬‬
‫بوزيدي إلياس‬

‫ ‪-‬املوظفون التابعني لألسالك الخاصة للمراقبني‪ ،‬ومحافظي وضباط الرشطة لألمن‬


‫الوطني‪.‬‬
‫ ‪-‬ذوي ال ُرتب يف الدرك‪ ،‬ورجال الدرك الذين أمضوا يف سلك الدرك الوطني عىل األقل‬
‫ثالث سنوات والذين ت ّم تعيينهم مبوجب قرار مشرتك صادر عن وزير العدل ووزير‬
‫الدفاع الوطني‪ ،‬بعد مرافعة لجنة خاصة‪.‬‬
‫ ‪-‬املوظفون التابعني لألسالك الخاصة للمفتشني وحفاظ وأعوان الرشطة لألمن الوطني‬
‫الذين أمضوا ثالث سنوات عىل األقل بهذه الصفة والذين ت ّم تعيينهم مبوجب قرار‬
‫مشرتك صادر عن وزير العدل ووزير الداخلية والجامعات املحلية‪ ،‬بعد موافقة لجنة‬
‫خاصة‪.‬‬
‫ ‪-‬ضباط وضباط الصف التابعني للمصالح العسكرية لألمن الذين ت ّم تعيينهم ِخ ِصيصاً‬
‫مبوجب قرار مشرتك صادر عن وزير الدفاع الوطني ووزير العدل‪.‬‬
‫‪ -.2‬أعوان الضبط القضايئ‪:‬‬
‫رشع الجزائري إىل أعوان الضبط القضايئ من خالل املادة ‪ 19‬من قانون‬ ‫لقد أشار امل ّ‬
‫اإلجراءات الجزائية عىل أنّه يع ّد من أعوان الضبط القضايئ موظفو مصالح الرشطة وذوي‬
‫الرتب يف الدرك الوطني ورجال الدرك ومستخدمو مصالح األمن العسكري الذين ليست لهم‬
‫صفة ضابط رشطة قضائية‪.‬‬
‫ب‪ -.‬هيئات الضبط القضايئ ذوي االختصاص الخاص‪.‬‬
‫رشع الجزائري‪ 1‬عىل أنّه يُبارش املوظفون وأعوان اإلدارات العمومية بعض‬ ‫لقد أكّد امل ّ‬
‫خاصة وفق األوضاع ويف الحدود املبنية‬ ‫سلطات الضبط القضايئ التي تُناط بهم مبوجب قوانني ّ‬
‫يف تلك القوانني‪.‬‬
‫وعليه‪ ،‬فقد ُوجدت خصوصية يف الجرائم املتعلقة بالبيئة أ ّن هناك أشخاص أو بعض‬
‫األعوان ُمؤهلني ملعاينة املخالفات املتعلقة بها‪ ،‬حيث ُيارسون مهامهم جنب إىل جنب مع‬
‫تخصصه ملعاينة االنتهاكات الصارخة ألحكام قانون البيئة‪.‬‬
‫كل حسب مجال ّ‬ ‫الرشطة القضائية‪ٌ ،‬‬
‫وإىل جانب مفتيش البيئة املخ ّول لهم أساساً معاينة الجرائم البيئية مبوجب القانون ‪-03‬‬
‫‪ 10‬املتعلق بحامية البيئة يف إطار التنمية املستدامة الذين يُؤهلون ملعاينة مخالفات و ُجنح‬
‫املتعلقة بقانون البيئة‪.2‬‬
‫رشع‪ 3‬صفة الضبط القضايئ لرجال الغابات حيث أشار يف قانون الغابات‬ ‫كام منح امل ّ‬
‫إىل أنّه يتوىل الضبط الغايب ضباط وأعوان الرشطة القضائية واملتمثلون يف رؤساء األقسام‬

‫‪ -1‬املادة ‪ 27‬ق‪.‬إ‪.‬ج‪.‬ج‪.‬‬
‫‪ -2‬املادة ‪ 11‬من القانون ‪ ،10-03‬املؤرخ يف ‪ 19‬جويلية ‪ ،2003‬املتعلق بحامية البيئة يف إطار التنمية املستدامة‪ ،‬ج‪.‬ر‪ ،‬عدد ‪.43‬‬
‫‪ -3‬القانون ‪ ،12-84‬املؤرخ يف ‪ 23‬جوان ‪ ،1984‬املعدل واملتمم‪ ،‬املتعلق بالنظام العام للغابات‪ ،‬ج‪.‬ر‪ ،‬عدد ‪.26‬‬
‫‪114‬‬
‫الضبط القضائي في نطاق حماية البيئة‪ :‬خصوصية وخطوة أولى للمتابعة الجزائية‬

‫واملهندسون واألعوان الفن ّيون والتقنيون املختصون يف الغابات وحامية األرايض واستصالحها‬
‫بالبحث والتح ّري ومعاينة جنح ومخالفات قانون الغابات‪.‬‬
‫رشع‪ 1‬رشطة املناجم وامل ُشَ َكلَة من سلك مهنديس املناجم التابعني للوكالة‬ ‫كذلك أنشأ امل ّ‬
‫الوطنية للجيولوجيا واملراقبة املنجمية‪ ،‬حيث يسهر املهندسون املكلفون برشطة املناجم‬
‫يف املراقبة اإلدارية والتقنية املتعلقة مبامرسة النشاط املنجمي وكذا مراقبة احرتام القواعد‬
‫واملقاييس املتعلقة بالفن املنجمي لضامن اسرتجاع عقالين لالحتياطات املستغلة اقتصادياً‬
‫ولحامية املوارد املائية والطرق العمومية والبنيات السطحية‪.‬‬
‫بكل‬
‫ويتعي عىل املهندسني املكلفني برشطة املناجم املالم اإلدارة املكلّفة بحامية البيئة ّ‬ ‫ّ‬
‫عمل أو حدث من شأنه أن يُشكل مخالفة لقواعد حامية البيئة أو يلحق تأثريات ضارة بها‪.2‬‬
‫رشع‪ 3‬كذلك ملفتيش التعمري صفة الضبطية القضائية والقيام بالبحث عن‬ ‫كام منح امل ّ‬
‫املخالفات للترشيع والتنظيم يف ميدان التعمري ومعاينتها‪.‬‬
‫رشع‪ 4‬كذلك صفة الضبطية القضائية عىل رشطة املياه‪ ،‬وخ ّول لها البحث‬ ‫كام منح امل ّ‬
‫والتح ّري يف جرائم املياه‪ ،‬أل ّن هذا النوع من الجرائم يتطلب أن يكون القائم بها عىل قدر ٍ‬
‫كاف‬
‫من التأهيل الفني والخربة العلمية ليتمكّن من ضبط وإثبات هذه الجرائم‪.‬‬
‫ثانيا‪ -.‬خصوصية مهام الضبط القضايئ يف مجال حامية البيئة‪.‬‬
‫يتمتع ضباط الرشطة القضائية يف مجال حامية البيئة بخصوصية تنفرد بها عن املتابعة‬
‫التي يُبارشونها يف الجرائم األخرى‪.‬‬
‫‪ -.I‬قبول الشكاوى والتبليغات‪.‬‬
‫كل بيان يرفع للضبطية القضائية لإلخبار عن جرمية وقعت أو‬ ‫عىل اعتبار أ ّن البالغ هو ّ‬
‫عىل وشك الوقوع‪ ،‬وال يشرتط يف البالغ أن يكون بشكل معني أو بطريقة خاصة‪ ،‬فقد يكون‬
‫شفوياً أو كتابياً‪ .5‬وهذا املهام مستمد من املادتني ‪ 12‬و‪ 13‬من قانون اإلجراءات الجزائية‪ ،‬إالّ‬
‫أنّه يف مجال البيئة يظهر بخصوصية وذاتية لطبيعة الجرمية البيئية‪.‬‬
‫أي جرمية كانت اختيارياً‪ ،‬ونظرا ً للطبيعة‬ ‫لكل شخص التبليغ عن ّ‬ ‫عىل اعتبار أنّه ميكن ّ‬
‫الخاصة للجرائم البيئية فإ ّن التبليغ عنها عن طريق شكوى غري متصور من الناحية الواقعية‪،‬‬
‫‪ -1‬القانون ‪ 10-01‬املؤرخ يف ‪ 03‬جويلية ‪ ،2001‬املتعلق باملناجم‪ ،‬ج‪.‬ر‪ ،‬عدد ‪35‬؛ املرسوم التنفيذي ‪ ،150-04‬املؤرخ‬
‫يف ‪ 19‬ماي ‪ ،2004‬املتضمن القانون األسايس الخاص برشطة املناجم‪ ،‬ج‪.‬ر‪ ،‬عدد ‪.32‬‬
‫‪ -2‬املادة ‪ 08‬من املرسوم التنفيذي ‪ ،150-04‬السالف الذكر‪.‬‬
‫‪ -3‬املرسوم التنفيذي ‪ ،241-09‬املؤرخ يف ‪ 22‬جويلية ‪ ،2009‬املتضمن القانون األسايس الخاص باملوظفني املنتمني إىل‬
‫اإلدارة املكلفة بالسكن والعمران‪ ،‬ج‪.‬ر‪ ،‬عدد ‪.43‬‬
‫‪ -4‬القانون ‪ ،12-05‬املؤرخ يف ‪ 04‬أوت ‪ ،2005‬املتضمن قانون املياه‪ ،‬ج‪.‬ر‪ ،‬عدد ‪.60‬‬
‫‪ -5‬حسونة عبد الغني‪ ،‬الحامية القانونية للبيئة يف إطار التنمية املستدامة‪ ،‬أطروحة دكتوراه‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم‬
‫السياسية‪ ،‬جامعة محمد خيرض‪ ،‬بسكرة‪ -‬الجزائر‪ ،2013-2012 ،‬ص‪.111.‬‬
‫‪115‬‬
‫بوزيدي إلياس‬

‫إذ أنّه قد تقع هذه الجرمية وتسبب رضرا ً وال يعلم بها أحد‪ ،‬إالّ من ِقبل بعض املختصني‬
‫واملهتمني بشؤون البيئة وهذا بعد االستعانة باألجهزة واملعدات التي تساعد عىل الكشف‬
‫عنها‪.1‬‬
‫كذلك ومراعاة لخصوصية الجرمية البيئية‪ ،‬وإذا كان األصل أ ّن التبليغ إجباري فإنّه قد ألزم‬
‫كل ربان سفينة يحمل بضائع خطرية أو سامة أو مل ّوثة وتعرب بالقرب من‬ ‫رشع الجزائري ّ‬‫امل ّ‬
‫كل حادث مالحي يقع يف مركبة ومن‬ ‫املياه الخاضعة للقضاء الجزائري أو داخلها‪ ،‬أن يبلّغ عن ّ‬
‫شأنه أن يُه ّدد بتلويث أو إفساد الوسط البحري أو املياه أو السواحل الوطنية ‪.‬‬
‫‪2‬‬

‫‪ -.II‬الدخول إىل مواقع ارتكاب الجرائم البيئية واخذ الع ّينات‪.‬‬


‫إ ّن إجراءات البحث والتح ّري تبدأ من لحظة علم الضبطية القضائية بأمر الجرمية‪ ،‬والهدف‬
‫من هذه اإلجراءات البحث عن كافة الظروف واملالبسات التي ارتكبت فيها الجرمية‪ ،‬والتح ّري‬
‫الخاصة بالجرمية امل ُبلّغ بها واألدوات والوسائل املستخدمة يف ارتكابها‪،‬‬
‫ّ‬ ‫عن كافة املعلومات‬
‫وعليه ميكن للضبطية القضائية ملعاينة الجرائم البيئية الدخول إىل مواقع ارتكابها‪.‬‬
‫ألي شخص‬ ‫يحق لهم الدخول إىل األماكن العامة‪ ،‬وهي تلك األماكن التي يحق ّ‬ ‫وعليه‪ّ ،‬‬
‫الدخول فيها أو املرور بها دون أن يتوقف هذا الحق عىل إذن من الغري‪ ،‬ومن أمثلتها الشوارع‬
‫والحدائق واملزارع والطرق والشواطئ العامة‪ ،‬فيقع عىل عاتق الضبطية القضائية االنتقال إىل‬
‫األماكن العامة املختلفة ومطالعة مدى تطبيق الترشيعات البيئية يف تلك األماكن للتأكد من‬
‫أي انتهاكات للبيئة‪.‬‬
‫عدم وجود ّ‬
‫أي منطقة صناعية أخذ الع ّينات الالزمة‬ ‫وهكذا يحق للضبطية القضائية أثناء وجودها يف ّ‬
‫من الهواء الخارجي بهذه املنطقة‪ ،‬وإجراء القياسات املطلوبة لبيان مدى جودة الهواء بها‬
‫والتأكّد من عدم تجاوز النسب املسموح بها حسب املعايري املق ّررة‪ ،‬وال يع ّد دخول األماكن‬
‫العامة تفتيشاً‪ ،‬حيث أنّه ال يستهدف البحث عن أ ّدلة الجرمية‪ ،‬بل مجرد إجراء إداري‪.3‬‬
‫وهناك األماكن العامة بالتخصيص وهي التي يتق ّيد الدخول إليها ببعض القيود سواء ما‬
‫ّ‬
‫ويستدل عليها بواقعها ال باسمها‪ ،‬ومثالها‬ ‫تعلق منها بالوقت أو املكان الذي يصح الدخول فيه‬
‫املحالت التي تحمل أسامء تجارية عىل واجهتها تفيد بأنها تعمل كمعرض لبيع بعض املنتجات‬
‫ولك ّنها من الداخل تعمل يف مجال التصنيع باملخالفة لرشوط الرتخيص اإلداري الصادر لها‪.4‬‬
‫أي‬
‫وينتمي إىل هذه األماكن العامة بالتخصيص كافة األماكن أو املحالت التي تقوم مببارشة ّ‬

‫‪ -1‬حسونة عبد الغني‪ ،‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.111.‬‬


‫‪ -2‬املادة ‪ 57‬من القانون ‪.10-03‬‬
‫‪ -3‬عيل عدنان الفيل‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.280.‬‬
‫‪ -4‬فيصل بوخالفة‪ ،‬الجرمية البيئية وسبل مكافحتها يف الترشيع الجزائري‪ ،‬أطروحة دكتوراه‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم‬
‫السياسية‪ ،‬جامعة باتنة‪ ،1‬الجزائر‪ ،2017-2016 ،‬ص‪.167.‬‬
‫‪116‬‬
‫الضبط القضائي في نطاق حماية البيئة‪ :‬خصوصية وخطوة أولى للمتابعة الجزائية‬

‫نشاط سواء كان صناعي أو تجاري أو حريف أو مهني‪ ،‬وسواء كان تابع للقطاع العام أو الخاص‪.‬‬
‫ومن أمثلة ذلك ما جاء به املرسوم التنفيذي رقم ‪ 160-93‬املنظم للنفايات الصناعية‬
‫السائلة‪ ،1‬من إمكانية مفتش البيئة الدخول عىل التجهيزات الخاصة بالترصيف عند مامرسة‬
‫مهمة الرقابة بقصد التثبت من مخالفات قانون البيئة‪.‬‬
‫كام أن املشكلة التي تواجه الضبطية القضائية تتمثل يف مدى صحة دخولهم للمسكن‬
‫ظل الضامنات الدستورية واإلجرائية املنظمة‬‫الذي حدثت فيه الجرمية املاسة بالبيئة‪ ،‬وذلك يف ّ‬
‫ل ُحرمة املسكن‪ ،‬والتي من بينها وجوب استصدار إذن مكتوب من طرف وكيل الجمهورية ‪.‬‬
‫‪2‬‬

‫وتتطلب الطبيعة الفنية لقانون البيئة أن يكون الدليل عىل وجود التل ّوث الذي يلحق‬
‫البيئة له طبيعة فنية كذلك‪ ،‬فالتل ّوث له طبيعة وكيان مادي محسوس يقتيض الوقوف عليه‬
‫معي‪.‬‬
‫وجود دليل يعكس وجوده ونسبته إىل شخص ّ‬
‫وتعترب الع ّينات من أه ّم األ ّدلة الفن ّية إلثبات مدى توافر املساس بالبيئة‪ ،‬ويستوي أن‬
‫تكون مأخوذة من املواد املستخدمة أو الناتجة عن العمليات الصناعية أو غريها‪ ،‬وال أهمية‬
‫لطبيعة موضوع الع ّينة‪ ،‬إذ ميكن أن تكون سائلة أو غازية أو صلبة‪ ،‬حيث يت ّم تحليلها وفق‬
‫املقاييس املعمول بها يف مختلف املخابر املعتمدة‪.3‬‬
‫ويرتتب عىل ذلك‪ ،‬أ ّن الضبطية القضائية أن تثبت جرائم البيئة التي تتوصل إليها بكافة‬
‫فأي إجراء يقوم به الضابط باملخالفة‬
‫األ ّدلة والرباهني املتحصل عليها بشكل قانوين سليم‪ّ ،‬‬
‫للقانون ال يعتد به‪ ،‬ويرتتب عليه البطالن‪.4‬‬
‫‪ -.III‬تحرير محارض خاصة بجرائم البيئة‪.‬‬
‫يتوجب عىل ضباط الرشطة القضائية تحرير محارض بأعاملهم وأن يُبادروا دون متهل إىل‬
‫إخطار وكيل الجمهورية بالجنايات والجنح التي تصل إىل علمهم‪.‬‬
‫إ ّن املحارض املح ّررة تختلف من حيث ق ّوة اإلثبات‪ ،‬فبالنسبة ملحارض ضباط الرشطة‬
‫القضائية ذوي االختصاص العام لها قوة قانونية نسبية إذا استوفت الرشوط القانونية لصحتها‪،‬‬
‫حيث يأخذ بها القايض عىل سبيل االستئناس فقط‪ ،5‬فيام تكون لبعضها قوة إثباتية قاضية بِ ا‬
‫تتضمنه من معلومات ومعاينات وترصيحات ووقائع تلك املح ّررة من طرف ذوي االختصاص‬
‫الخاص بشأن الجرائم البيئية‪.‬‬

‫‪ -1‬املرسوم التنفيذي رقم ‪ ،160-93‬املؤرخ يف ‪ ،1993/07/10‬املتضمن تنظيم النفايات الصناعية السائلة‪ ،‬ج‪.‬ر‪ ،‬عدد ‪.46‬‬
‫‪ -2‬املادة ‪ 47‬من األمر ‪ 01-16‬املؤرخ يف ‪ ،2016/03/06‬املتضمن تعديل دستور ‪ ،1996‬ج‪.‬ر‪ ،‬رقم ‪14‬؛ املادة ‪ 44‬من‬
‫قانون اإلجراءات الجزائية‪.‬‬
‫‪ -3‬فيصل بوخالفة‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.169.‬‬
‫‪ -4‬عيل عدنان الفيل‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.282.‬‬
‫‪ -5‬املادة ‪ 215‬ق‪.‬إ‪.‬ج‪.‬‬
‫‪117‬‬
‫بوزيدي إلياس‬

‫رشع الجزائري إثبات املخالفات البيئية مبحارض يح ّررها ضباط الرشطة‬ ‫لقد أوجب امل ّ‬
‫القضائية ومفتشو البيئة يف نسختني وتُرسل إحداهام للوايل واألخرى إىل وكيل الجمهورية ‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫كام أوجب أن ت ُرسل املحارض تحت طائلة البطالن يف أجل ‪ 15‬يوماً من تاريخ تحريرها إىل‬
‫وكيل الجمهورية وكذلك إىل املعني باألمر‪.2‬‬
‫خاصة الضبطية القضائية ذوي االختصاص‬ ‫إ ّن تحرير املحارض يف مجال الجرائم البيئية ّ‬
‫الخاص يع ّد إجراء يف غاية األهمية‪ ،‬حيث يت ّم فيه إثبات كافة األدلة والقرائن ليتسنى لسلطة‬
‫وخاصة أ ّن‬
‫ّ‬ ‫التحقيق وهيئة الحكم اتخاذ القرار املالئم يف إقامة الدعوى الجزائية من عدمها‪،‬‬
‫خصوصية الجرائم البيئية تتطلب رضورة إثباتها يف محارض الضبط‪ ،‬ذلك أ ّن رجال الضبط‬
‫القضايئ ذوي االختصاص الخاص لديهم الدراية والكفاءة يف مجال البيئة بخالف سلطة‬
‫التحقيق والحكم‪.3‬‬
‫ما يُالحظ عىل املستوى العميل ندرة هذه املحارض ألسباب مفادها عدم تزويد رجال‬
‫الرشطة القضائية بالوسائل الفنية الالزمة وكذا غياب املعارف العلمية الخاصة التي متكّنهم‬
‫من معاينتها‪ ،‬أ ّما املوظفون املختصون‪ ،‬فعىل ال ّرغم من متتعهم باملواهب الخاصة فهم ال‬
‫يستسيغون اإلجراءات الجزائية من جهة‪ ،‬ومن جهة أخرى فإ ّن مهام البحث والتح ّري لهؤالء‬
‫األعوان منوطة بتلقيهم شكاوى وبالغات من طرف املترضرين أو عندما تكون آثار الجرمية‬
‫ظاهرة أو جسيمة‪ ،‬ألجل هذا فإ ّن تدخالتهم تكون ضئيلة أل ّن جرائم التل ّوث ميكن أن يتحقق‬
‫رضرها دون العلم بها‪.4‬‬
‫الخامتة‪:‬‬
‫إ ّن الضبطية القضائية يف مجال حامية البيئة رغم الخصوصية التي يتم ّيزون بها‪ ،‬إالّ أنّهم‬
‫قد تواجههم بعض الصعوبات التي تؤثر سلباً عىل مهامهم كعدم تعاون أصحاب املؤسسات‬
‫الحرفية والصناعية معهم‪ ،‬وكذا قلّة األجهزة ومعدات القياس الالزمة‪ ،‬كذلك نقص اإلطارات‬
‫الفنية‪.‬‬
‫إ ّن خصوصية الجرمية البيئية وتعقد أشكالها حتّمت أن يت ّم االعتامد يف ضبطها عىل‬
‫األساليب العلمية والوسائل التقنية‪ ،‬وأن يكلّف موظفون يتمتعون بخربة معتربة يف التخصصات‬
‫البيئية‪ ،‬ويحوزون تأهيالً معيناً‪.‬‬
‫رشع اعتمد عىل ضبطية قضائية ذات االختصاص الخاص‪ ،‬كام أنّه‬ ‫ونتج عن ذلك‪ ،‬أ ّن امل ّ‬
‫وسع من مهامها لتتكيّف مع خصوصية الجرمية البيئية‪.‬‬ ‫ّ‬

‫‪ -1‬املادة ‪ 101‬من القانون ‪.10-03‬‬


‫‪ -2‬املادة ‪ 112‬من القانون ‪.10-03‬‬
‫‪ -3‬حسونة عبد الغني‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.113.‬‬
‫‪ -4‬فيصل بوخالفة‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.172.‬‬
‫‪118‬‬
‫الضبط القضائي في نطاق حماية البيئة‪ :‬خصوصية وخطوة أولى للمتابعة الجزائية‬

‫قامئة املراجع ‪:‬‬


‫ ‪-‬فيصل بوخالفة‪ ،‬الجرمية البيئية وسبل مكافحتها يف الترشيع الجزائري‪ ،‬أطروحة‬
‫دكتوراه‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة باتنة‪ ،1‬الجزائر‪.2017-2016 ،‬‬
‫ ‪-‬حسونة عبد الغني‪ ،‬الحامية القانونية للبيئة يف إطار التنمية املستدامة‪ ،‬أطروحة‬
‫دكتوراه‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة محمد خيرض‪ ،‬بسكرة‪ -‬الجزائر‪-2012 ،‬‬
‫‪.2013‬‬
‫ ‪ -‬رشيفة تكوك‪ ،‬جرائم تلويث البيئة‪ ،‬مجلة القانون الدويل والتنمية‪ ،‬جامعة عبد‬
‫الحميد بن باديس‪ ،‬مستغانم‪ ،‬الجزائر‪ ،2013 ،‬العدد‪ ،1‬ص‪.295.‬‬
‫ ‪-‬عيل عدنان الفيل‪ ،‬مهام الضبط القضايئ الخاص يف الجرائم البيئية يف الترشيعات‬
‫العربية (دراسة مقارنة)‪ ،‬املجلة العربية للدراسات األمنية والتدريب‪ ،‬املجلد ‪ ،27‬العدد‬
‫‪ ،54‬ص‪.‬ص‪.269-268.‬‬
‫ ‪-‬يحيى عبد الحميد‪ ،‬خصوصية الضبط القضايئ يف الجرائم البيئية‪ ،‬مجلة القانون‬
‫الدويل والتنمية‪ ،‬جامعة عبد الحميد بن باديس‪ ،‬مستغانم‪ ،‬الجزائر‪ ،2013 ،‬العدد‪،1‬‬
‫ص‪.49.‬‬

‫‪119‬‬

You might also like