You are on page 1of 59

‫أرقه التكاثر السكاني‬

‫مالتوس اقتصادي ّ‬
‫ولد توماس روبرت مالتوس يوم ‪ 14‬فبراير ‪ 1766‬و‬
‫هو اقتصادي وديمغرافي إنجليزي‪ ،‬بدأ حياته المهنية‬
‫قسيسا في كنيسة أنجليكانية ثم تحول إلى تدريس‬
‫التاريخ واالقتصاد السياسي والبحث في مجال علم‬
‫السكان (الديمغرافيا) ‪.‬‬
‫اشتهر مالتوس بنظريته المعروفة بـ"المالتوسية" نسبة‬
‫إليه والتي حاولت تفسير ظاهرة تنامي‬
‫الفقر ومشكالته في العالم بتزايد أعداد السكان ونموها‬
‫بمعدالت تفوق معدالت نمو المحاصيل الزراعية‪ ،‬مما‬
‫سيؤدي إلى اختالل التوازن‪.‬‬
‫صاغ مالتوس نظريته الشهيرة في كتاب نشره ألول مرة عام‬
‫‪ 1798‬بصفة مجهولة دون ذكر اسم الكاتب‪ ،‬ويحمل عنوان‬
‫"مقالة حول مبدأ السكان‪".‬‬
‫وتقول هذه النظرية إن وتيرة التكاثر الديمغرافي (السكاني)‬
‫هي أسرع من وتيرة ازدياد المحاصيل الزراعية وكميات الغذاء‬
‫المتوفرة لالستهالك‪ .‬وهذا من شأنه أن يؤدي في المحصلة‬
‫إلى اختالل التوازن بين عدد السكان من جهة وإنتاج الغذاء‬
‫الالزم إلطعامهم من جهة أخرى‪ ،‬مما ينذر بمشاكل اقتصادية‬
‫واجتماعية خطيرة من فقر وجوع‪ ،‬وبروز لظواهر مجتمعية‬
‫سيئة كالتشرد والتسول واحتراف النصب والسرقة‪.‬‬
‫ويرجع السبب في حصول هذه الفجوة بحسب مالتوس إلى أن‬
‫البشر يتكاثرون كل ‪ 25‬سنة وفقا لمتتالية هندسية (‪،4 ،2 ،1‬‬
‫أي أن أعداد السكان ستتضاعف بعد كل ربع قرن‬
‫وستستمر في الزيادة إلى ما ال نهاية ما لم يقف‬
‫عائق أمام هذا النمو (مجاعات‪ ،‬حروب‪ ،‬أوبئة‪،‬‬
‫كوارث طبيعية‪ ،‬تنظيم النسل‪)...‬‬
‫وبحسب مالتوس‪ ،‬فإن من مسؤولية الدولة أن‬
‫تلجم نفسها عن تقديم المساعدات االجتماعية‬
‫للفقراء ألن ذلك ال يعينهم حقيقة وإنما يحول بينهم‬
‫وبين إدراك كونهم السبب األول في "المأساة"‬
‫التي يعيشونها‪،‬‬
‫وفي المقابل ينمو إنتاج الموارد الغذائية وفقا لمتتالية حسابية‬
‫(‪ ...6 ،5 ،4 ،3 ،2 ،1‬إلخ)‪ ،‬فقط بسبب محدودية األراضي‬
‫الصالحة للزراعة وتناقص اإليرادات جراء كثافة االستغالل‪.‬‬
‫ويشير مالتوس أمام هذا الوضع إلى أن المجتمع إذا لم يتدارك‬
‫نفسه ويضع ألفراده (الفقراء منهم تحديدا) قيودا أخالقية‬
‫للتحكم في وتيرة تكاثر أعداد السكان بما يتوافق قدرته على‬
‫إنتاج الغذاء‪ ،‬فإن "قوانين الطبيعة" ستفعل فعلها فيه إلعادة‬
‫التوازن إليه وإرجاع األمور إلى نصابها‪ ،‬عبر تفشي األمراض‬
‫والمجاعات وكثرة الحروب اقتتاال على الموارد تحت سطوة‬
‫غريزة البقاء عند اإلنسان‪.‬‬
‫ومن بين القيود األخالقية التي يرى مالتوس أنها قد تعين على‬
‫الحد من الوالدات‪ ،‬االستعفاف قبل الزواج وتأخير سنه‬
‫باإلضافة إلى اقتراحه حلوال أخرى‪ .‬كما يرى أن من مسؤولية‬
‫كل أسرة أال يتجاوز نصيبها من األطفال القدر الذي ترى يقينا‬
‫أن باستطاعتها أن تعوله‪ .‬فيشجعهم ذلك على االستمرار في‬
‫التكاثر وتزداد حدة المشكلة بسبب المساعدات بدال من أن‬
‫تكون السبيل إلى حلحلتها‪.‬وتعد النظرية المالتوسية من أكثر‬
‫النظريات التي أسالت المداد وأثارت النقاشات خالل القرنين‬
‫الماضيين وال تزال‪ ،‬فبين مؤيد لها ومعارض وبين ناعت لها‬
‫بالواقعية ومتهم إياها بالتشاؤمية‪ ،‬تبقى فكرة مالتوس حول‬
‫التزايد السكاني مستأثرة باهتمام الدارسين‪ ،‬رغبة في تأكيدها‬
‫المــــحــــتــــــوى‬
‫مـــقــدمـــــة‪:‬‬
‫‪ . 1‬نظرية االنتقال الديمغرافي‪.‬‬
‫‪ .1.1‬حول نعت االنتقال بالنظرية‪.‬‬
‫‪ .2.1‬حول مصادر نظرية االنتقال‪.‬‬
‫‪ .3.1‬مرحلة االنتقال الديمغرافي‪.‬‬
‫‪ .4.1‬تصنيف أنماط االنتقال‪.‬‬
‫‪ .1.4.1‬الدول األوربية المتقدمة‬
‫‪ . 2.4.1‬الدول النامية‬
‫‪ . 3.4.1‬دول الهجرة‪.‬‬
‫‪ .2‬النموذج النظري العام‪.‬‬
‫‪.1.2‬النظام الديمغرافي القديم‬
‫‪ .2.2‬النظام الديمغرافي الحديث‪.‬‬
‫‪ .3.2‬المرحلة االنتقالية‪.‬‬
‫‪ .4.2‬قوانين االنتقال الديمغرافي‪.‬‬
‫‪ .1.4.2‬األسبقية العامة النخفاض الوفيات‪.‬‬
‫‪ .2.4.2‬ـأثير التعليم و تعليم المرأة خصوصا على تراجع الوفيات‪.‬‬
‫‪ .3.4.2‬تأخر متوسط سن الزواج األول‪.‬‬
‫‪ .4.4.2‬دور التنمية االقتصادية‪.‬‬
‫‪ .5.4.2‬عالقة التمدن بتراجع الخصوبة‪.‬‬
‫‪ .6.4.2‬عوامل مرتبطة بالخصوصية التاريخية‪.‬‬
‫‪ .3‬االنتقال الديمغرافي في العالم‪.‬‬
‫‪ .1.3‬االنتقال الديمغرافي في الدول المتقدمة‪.‬‬
‫‪ .1.1.3‬تراجع الوفيات‪.‬‬
‫‪ . 2.1.3‬انخفاض الوالدات‪.‬‬
‫‪ .3.1.3‬الدول التي أنهت انتقالها الديمغرافي‪.‬‬
‫‪.2.3‬االنتقال الديمغرافي في الدول النامية‬
‫‪.1.2.3‬تقهقر الوفيات‪.‬‬
‫‪.2.2.3‬تقلص الوالدات‪.‬‬
‫‪ .4‬التيارات النظرية الكبرى في تطور الوفيات‪.‬‬
‫‪ .1.4‬االنتقال الجائحي و الصحي‪.‬‬
‫‪ .2.4‬التيار التكنلوجي‪.‬‬
‫‪ .3.4‬التفسير االقتصادي‪.‬‬
‫‪ .4.4‬التيار الغذائي‪.‬‬
‫‪ .5.4‬المقاربة الثقافية و االجتماعية‪.‬‬
‫‪ .5‬النظريات المعاصرة في الخصوبة‪.‬‬
‫‪ .1.5‬النظريات الميكرو اقتصادية للخصوبة‪.‬‬
‫‪ .2.5‬نظرية تحديث الهياكل‪.‬‬
‫‪ .3.5‬نظرية تحديث العقليات‪.‬‬
‫‪ .4.5‬نظرية انسياب الثروات بين األجيال‪.‬‬
‫‪ .5.5‬التفسير المادي‪.‬‬
‫‪ .6.5‬المقاربة النسوية‪.‬‬
‫‪ .6‬نشأة و تطور االنتقال الديمغرافي في المغرب‬
‫‪. 1.6‬التطور الحديث للوفيات ‪.‬‬
‫‪ .1.1.6‬تراجع الوفيات العامة‪.‬‬
‫‪ .2.1.6‬انخفاض وفيات الرضع و األطفال‪.‬‬
‫‪ .3.1.6‬تطور أمل الحياة عند الوالدة‪.‬‬
‫‪.‬‬
‫‪. 2.6‬التطور الحديث للخصوبة‪.‬‬
‫‪ .3.6‬خصائص و مراحل االنتقال الديمغرافي في‬
‫المغرب‬
‫‪ .1.3.6‬النظام الديمغرافي التقليدي‪.‬‬
‫‪ .2.3.6‬المرحلة االنتقالية‬
‫‪ .1.2.3.6‬تراجع الوفيات‪.‬‬
‫‪ .2.2.3.6‬انطالق تراجع الوالدات‪.‬‬
‫‪ .3.3.6‬مرحلة ما بعد االنتقال الديمغرافي‪.‬‬
‫‪ .4.3.6‬خصائص النموذج المغربي‪.‬‬
‫‪. 5.3.6‬النموذج المغربي و النموذج النظري العام‬
‫‪ . 1‬نظرية االنتقال الديمغرافي‪.‬‬
‫‪ .1 .1‬حول نعت االنتقال بالنظرية‪.‬‬
‫هل ماسمي بنظرية االنتقال الديمغرافي حقا نظرية ؟‬
‫يطرح هذا التساؤل المشروع خاصة عند مالحظة‬
‫تنوع سيرورة االنتقال في أوربا و عدم تطابقهما مع‬
‫نشأة و تطور االنتقال الديمغرافي في الدول النامية‪.‬‬
‫كما يمكن ان نذهب أبعد من ذلك و نتساءل هل هناك‬
‫نظرية لالنتقال الديمغرافي او نظريات لالنتقال‬
‫الديمغرافي ؟‬
‫بل إن األمر قد يصل إلى التساؤل‬
‫حول مشروعية النظرية نفسها‪.‬‬
‫حيث أن النظرية في مجمل‬
‫مفهومها‪ ،‬تشير إلى تفسير تطور‬
‫الظاهرة ومعرفة عواملها الرئيسية‬
‫كان بعض الباحثين يرى أننا ال نتوفر لحد اآلن على‬
‫نظرية متكاملة في االنتقال الديمغرافي‪ ،‬ألن ما سمي لحد‬
‫اآلن نظرية االنتقال الديمغرافي ما هو إال وصف لسلسلة‬
‫من األحداث التاريخية المتماثلة( المتشابهة) للدول التي‬
‫شهدت ما عرف بالتنمية االقتصادية‪.‬‬
‫في مقابل هذا التشكيك البدائي حول النظرية‪،‬‬
‫يوجد شبه إجماع لعدد من الباحثين حول حقيقة و جود‬
‫نظرية االنتقال الديمغرافي‪.‬‬
‫‪inTabutin," Problèmes de transition " Wanted :atheory of démographie transition "Mercedes B. Conception‬‬
‫‪démographique " tome 1 ;1980.‬‬
‫في هذا اإلطار يعتبر بولونجي ( ‪ (boulanger‬أن‬
‫نظرية االنتقال الديمغرافي ما هي إال " نظرية تمثيلية‬
‫أو ظاهرياتية " ‪ .‬لكن هذا ال يعني أنها أضحت ثابتة‪ ،‬و‬
‫معممة و تنتمي إلى نظام علمي‪.‬‬
‫يرى الباحث فان دووول (‪ ( Van de Walle‬أنه "‬
‫توجد نظرية لالنتقال الديمغرافي‪،‬أسست على الواقع‪.‬‬
‫تحاول النظرية فرض منطق و ترتيب في الزمن‪ ،‬و إيجاد‬
‫األسباب االقتصادية و االجتماعية الستشراف مستقبل‬
‫دول العالم الثالث " ‪.‬‬
‫‪Tabutin.D " problèmes de transition démographique : schémas classiques, problèmes d'analyse, interactions, mouvement et structures" tome 1,‬‬
‫‪1980.‬‬
‫» ‪Etienne Van DE Walle « les enseignements de la transition démographique Européenne‬‬
‫‪Culture et développement, 7(3-4), 1975, pp. 575 - 585‬‬
‫غير أن المعنى األكثر استعماال‪ ،‬يفيد االنتقال‬
‫من حالة إلى أخرى في تطور تدريجي بل و‬
‫حتى تحول بطيء‪ .‬و هذا يعني وجود تحول‬
‫قائم في شكل ديناميكي للظواهر‪.‬‬
‫‪ .2.1 .‬حول مصادر نظرية االنتقال‪.‬‬
‫" تعني انتقال‪ transition ،‬فالمصدر الالتيني لكلمة "‬
‫االقتصادي و حيث تستعمل غالبا في الفيزياء‪ ،‬و المجال‬
‫السياسي و ميادين أخرى كثيرة‪.‬‬
‫أما في النصوص المؤسسة لنظرية االنتقال الديمغرافي‪،‬‬
‫فيمكن التمييز بين مظهرين مختلفين‪ :‬األول مجرد وصفي‬
‫و اآلخر تفسيري‪ .‬فلكل كاتب أو باحث مقاربته المفضلة‪.‬‬
‫‪Adolphe Landry," La révolution démographique" 1934 publication de l' I.N.E.D.‬‬

‫‪Notestein" Population :The long view " in “ Food for the world”, Edited by E. Schultz, University of Chicago Press 1945. Citépar Tabutin 1980,op cit‬‬ ‫‪.‬‬
‫بعضهم توقف عند‬
‫مجرد المالحظة‪،‬‬
‫و هو ما نجده عند طومسون ( ‪(1929-1946‬‬
‫‪ Tompson‬أو سوندرس (‪ (Sanders 1936‬و دافيس‬
‫أما اآلخرون‬ ‫( ‪(Davis 1945‬‬
‫كلوندري ‪ Landry 1934‬و نوتستان ( ‪1953-1945‬‬
‫‪ (Notestein‬و كول هوفر ‪Coale-Hoover‬‬
‫(‪ ، (1958‬فقد تجاوزوا مرحلة المالحظة و الوصف‪ ،‬و‬
‫اقترحوا نظريات تفسيرية متكاملة‪.‬‬
‫الديمغرافي‪.‬‬ ‫‪ .3.1‬مرحلة االنتقال‬
‫يعتبر االنتقال الديمغرافي تتابع منطقي لمراحل تاريخية‬
‫تقطعها كل الشعوب في طريقها لولوج مرحلة الحداثة‪.‬‬
‫فحسب أبرز منظريه‪ ،‬يعد االنتقال الديمغرافي مرحلة‬
‫مؤقتة مختلة التوازن‪ .‬بعد هذه الفترة يرسو توازن جديد‬
‫تستقر فيه تقلبات الخصوبة والوفيات‪.‬‬
‫فحسب التعريف المفصل أو المختصر‪ ،‬يفرق الباحثين‬
‫بين ثالثة أو خمسة مراحل متتابعة‪.‬‬
‫الحداثة وتعرف باللغة اإلنجليزية باسم‬
‫()‪ ،Modernity‬وهي الشيء الجديد‪ ،‬والذي‬
‫يعطي صورة معاكسة عن الشيء القديم‪ ،‬وتعرف‬
‫أيضا ً بأنها‪ :‬االنتقال من حالة قديمة إلى حالة‬
‫جديدة‪ ،‬تشمل وجود تغيير ما‪ ،‬أما عن دور الحداثة‬
‫في التاريخ‪ ،‬فيعد الفيلسوف هيغل أول شخص اهتم‬
‫التطورات الفكرية‬
‫ّ‬ ‫بمفهوم الحداثة‪ ،‬وربطها مع‬
‫التي ظهرت في أوروبا‪ ،‬والتي اتّسمت بظهور‬
‫تيارات أدبيّة وفنية لم تكن معروفة سابقا ً‬
‫بالنسبة للتعريف المبني على ثالثة مراحل‪ ،‬يمكن تقسيم االنتقال‬
‫الديمغرافي إلى الفترات التالية‪:‬‬
‫مرحلة ما قبل االنتقال‪ :‬تتميز هذه الفترة بارتفاع كبير للوالدات‬
‫و الوفيات معا‪.‬‬
‫مرحلة االنتقال أو اختالل التوازن‪ :‬و تنقسم إلى مرحلتين‪.‬‬
‫تتميز المرحلة األولى باالنخفاض المبكر و الهام للوفيات‬
‫العامة و وفيات األطفالب‪ ،‬دون أن يصاحب هذا التراجع‬
‫انخفاض في الوالدات‪.‬خاصة في البداية‪.‬‬
‫أما المرحلة الثانية فتنطلق مع بداية تراجع الوالدات‪.‬‬
‫مرحلة ما بعد االنتقال الديمغرافي‪.‬‬
‫وهي الفترة الحديثة المتميزة بانخفاض شديد في الوفيات و‬
‫الخصوبة‪.‬‬
‫يساعد الشكل رقم ‪ 1‬في معرفة مختلف مراحل‬
‫االنتقال الديمغرافي كما حددتها النظرية العامة‬
‫لالنتقال‪.‬‬
‫النظام الطبيعي‬
‫معدل الوالدات باأللف‬ ‫معدل الوفيات باأللف‬ ‫معدل التزايد الطبيعي‬
‫باأللف‬
‫‪55‬‬ ‫‪53‬‬ ‫‪2‬‬
‫‪54‬‬ ‫‪52‬‬ ‫‪2‬‬
‫‪54‬‬ ‫‪53‬‬ ‫‪1‬‬
‫‪53‬‬ ‫‪52‬‬ ‫‪1‬‬
‫‪56‬‬ ‫‪54‬‬ ‫‪2‬‬
‫‪55‬‬ ‫‪55‬‬ ‫‪0‬‬
‫‪54‬‬ ‫‪55‬‬ ‫‪-1‬‬
‫‪52‬‬ ‫‪53‬‬ ‫‪-1‬‬
‫المرحلة األولى لالنتقال الديمغرافي‬
‫معدل الوفيات باأللف‬ ‫معدل الوالدات باأللف‬ ‫معدل التزايد الطبيعي‬
‫باأللف‬

‫‪50‬‬ ‫‪55‬‬ ‫‪5‬‬


‫‪45‬‬ ‫‪54‬‬ ‫‪9‬‬
‫‪40‬‬ ‫‪54‬‬ ‫‪14‬‬
‫‪35‬‬ ‫‪53‬‬ ‫‪18‬‬
‫‪33‬‬ ‫‪56‬‬ ‫‪23‬‬
‫‪28‬‬ ‫‪55‬‬ ‫‪27‬‬
‫‪24‬‬ ‫‪54‬‬ ‫‪30‬‬
‫‪20‬‬ ‫‪52‬‬ ‫‪32‬‬
‫‪10‬‬ ‫‪55‬‬ ‫‪45‬‬
‫المرحلة الثانية من االنتقال الديمغرافي‬
‫معدل الوفيات باأللف‬ ‫معدل الوالدات باأللف‬ ‫معدل التزايد الطبيعي باأللف‬

‫‪15‬‬ ‫‪50‬‬ ‫‪35‬‬


‫‪57‬‬

‫‪14‬‬ ‫‪56‬‬ ‫‪45‬‬ ‫‪31‬‬


‫‪55‬‬
‫‪13‬‬ ‫‪54‬‬
‫‪40‬‬ ‫‪27‬‬
‫معدل الوالدات‬

‫‪12‬‬ ‫‪53‬‬

‫‪52‬‬
‫‪35‬‬ ‫‪18‬‬
‫معدل الوفيات‬

‫‪11‬‬ ‫‪51‬‬
‫‪33‬‬ ‫‪23‬‬
‫‪50‬‬

‫‪10‬‬ ‫‪28‬‬ ‫‪27‬‬


‫‪1‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪4‬‬ ‫‪5‬‬ ‫‪6‬‬ ‫‪7‬‬ ‫‪8‬‬ ‫‪9‬‬

‫‪9‬‬ ‫‪24‬‬ ‫‪30‬‬


‫‪8‬‬ ‫‪20‬‬ ‫‪32‬‬
‫‪7‬‬ ‫‪10‬‬ ‫‪45‬‬
‫فالحدود القصوى ‪T1‬و ‪ T4‬يمثالن بالتتابع زمن بداية‬
‫و نهاية مسار االنتقال الديمغرافي‪.‬‬
‫‪ :T1‬فترة بداية انخفاض الوفيات‪.‬‬
‫‪ : T2‬فترة بداية انخفاض الوالدات‪.‬‬
‫قبل ‪:T1‬يوجد توازن قبل انتقالي نتيجة ارتفاع‬
‫الوفيات و الوالدات‬
‫بعد‪:T4‬نالحظ توازن جديد‪ ،‬يدعى ما بعد انتقالي‪،‬‬
‫نتيجة انخفاض شديد هذه المرة في الوالدات و‬
‫الوفيات‪.‬‬
‫ما بين هاتين الفترتين من التوازن ( بين الوالدات‬
‫والوفيات( توجد مرحلة االختالل في التوازن و‬
‫المكونة من جزئين رئيسين مختلفين‪.‬‬
‫ابتداء من اللحظة‪ T1‬و حتى اللحظة ‪ :T2‬ينطلق‬
‫الجزء األول من هذه المرحلة المتميزة بانخفاض‬
‫معدل الوفيات‪ ( ،‬انحدار منحنى الوفيات حتى‬
‫النقطة(‪ ، M2‬و استمرار صمود الوالدات في‬
‫االرتفاع‪ ،‬يحدث تضخم في النمو السكاني‪ ،‬يجسده‬
‫في الشكل الثاني‪ (،‬الذي يمثل معدل النمو الطبيعي‬
‫للسكان( الجزء المتصاعد من المنحنى ابتداء من ‪T1‬‬
‫و حتى الحد األقصى‪.‬‬
‫في الجزء الثاني من هذه المرحلة‪ ،‬و بعد وصول منحنى‬
‫النمو الطبيعي إلى الحد األقصى‪ ،‬في اللحظة نفسها التي‬
‫تبدأ الوالدات في االنخفاض‪ .‬حيث تختلف حدة هذا‬
‫االنخفاض باختالف سرعة تراجع الوالدات و الوفيات‪.‬‬
‫نستنتج من هذا التحليل أنه خالل مرحلة االنتقال‪.‬‬
‫الديمغرافي‪ ،‬يعرف عدد الساكنة ارتفاعا‬
‫صاروخيا يحدد حجمه و ضخامته‬
‫العوامل التالية‬
‫•النمو السكاني و مستواه في البداية‪.‬‬

‫•الفارق الزمني بين فترتي انخفاض‬


‫الوفيات و الوالدات ( ‪T1‬و ‪ ( T2‬على‬
‫التوالي‪.‬‬

‫•سرعة انخفاض الوفيات و الوالدات‪.‬‬


‫‪ .4.1‬تصنيف أنماط االنتقال‪.‬‬
‫باالرتكاز على تقلبات المعدالت اإلجمالية للوالدات‬
‫و الوفيات في الزمن‪ ،‬نحاول إجمال مختلف األشكال‬
‫التي يمكن لالنتقال الديمغرافي في أي بلد أو جهة أن‬
‫يتمثلها‪.‬‬
‫هكذا نصف االنتقال الطويل‪ ،‬ذلك الذي ينشأ خالل‬
‫مدة زمنية طويلة من باقي طبيعي ( المعدل االجمالي‬
‫للوالدات – المعدل االجمالي للوفيات(‬
‫أكبر من نظيره خالل الفترة ما قبل االنتقال‪.‬‬
‫في غياب تأثير الهجرة على النمو السكاني‪.‬‬
‫أما إذا كان الباقي الطبيعي خالل االنتقال يتجاوز نظيره‬
‫ما قبل االنتقال خالل مدة قصيرة‪ ،‬فنتحدث هنا عن‬
‫االنتقال القصير‪.‬‬
‫غير أن االعتماد على مدة االنتقال كمؤشر رئيسي‬
‫للتفريق بين أشكال االنتقال المختلفة ال يبدو وجيها‬
‫العتبارات منطقية‪ .‬لذا أضاف الباحثون‪،‬‬
‫مؤشرشكل المنحنى التمثيلي لتطور الزيادة الطبيعية‬
‫لبلد ما خالل انتقاله الديمغرافي‪.‬‬
‫فنجد الدول النامية تتميز بانتقاالت " مرتفعة"‪ ،‬بينما‬
‫الدول المتقدمة عرفت انتقاالت " منخفضة"‪.‬‬
‫باإلضافة إلى المؤشرين السابقين‪ ،‬تمت إضافة مؤشر‬
‫ثالث يتعلق بفترة مرحلة النمو القصوى‪ .‬و يتعلق األمر‬
‫بالفترة التي تفصل بين بداية انخفاض الوفيات‪ ،‬و‬
‫اللحظة التي تتراجع فيها الوالدات‪.‬‬
‫فكلما ارتفعت هذه المدة و امتدت في الزمن‪ ،‬كلما ارتفع‬
‫معدل التزايد الطبيعي‪ ،‬أي معدل النمو الديمغرافي‪ .‬و هي‬
‫الفترة التي عرفت في األدبيات الديمغرافية بما سمي‬
‫حينها باالنفجار الديمغرافي‪.‬‬
‫تتنبأ أطروحة الكتاب بأن مجاعة هائلة ستحدث في السبعينيات‬
‫والثمانينيات ‪ ،‬خاصة بسبب نمو سكان العالم ‪ ،‬وتدعو إلى اتخاذ‬
‫إجراء سياسي فوري للحد من النمو السكاني‪.‬‬

‫بيع من الكتاب أكثر من مليوني نسخة وساهم في الوعي الجماعي‬


‫لقضايا السكان والبيئة في الستينات والسبعينات من القرن الماضي‪.‬‬

‫المثير للجدل ‪ ،‬ينتقد الكتاب بسبب لهجة ناقوس الخطر والتنبؤ غير‬
‫الدقيقة ‪ ،‬ولكن ‪ ،‬وفقا لبول و آن إرليخ ‪ ،‬فقد أوفت دورها عن طريق‬
‫رفع الوعي بالقضايا البيئية وإدخال حجم السكان في النقاش حول‬
‫موضوع مستقبل البشرية‪ .‬بعد نشر الكتاب ‪ ،‬أسس بول إيرليش ‪،‬‬
‫ريتشارد باورز وتشارلز ريمنجتون جمعية صفر نمو سكاني‪.‬‬
‫‪ .1.4.1‬الدول األوربية المتقدمة‪.‬‬
‫تتميز هذه الدول بخاصيتين رئيستين‪:‬‬
‫سقف لمعدالت النمو الطبيعي أصغر من‪ 2%‬في السنة‪،‬‬
‫انتقال ديمغرافي طويل األمد ( من ‪ 75‬إلى ‪ 200‬سنة ( ‪.‬‬
‫فإذا استثنينا الحاالت الشاذة في التطور الديمغرافي‬
‫األوربي‪ ،‬المتمثلة في فرنسا‪ ،‬فإن الدول األوربية يمكن‬
‫تقسيمها إلى ثالثة مجموعات متجانسة‪.‬‬
‫" ‪Chesnais J.C "la transition démographique dans le monde,étapes, formes et implications économiques‬‬
‫‪travaux et document de‬‬
‫‪l'INED cahier N°113, 1986.‬‬
‫النموذج الشمالي‪ :‬استغرق مدة زمنية طويلة جدا‬
‫في االنتقال الديمغرافي‪ ،‬حيث بلغ ما يقارب ‪150‬‬
‫سنة‪ .‬عرفت النمو األقصى ما بين ‪ 1870‬و‪،1880‬‬
‫نموذج السويد‪.‬‬
‫النموذج الغربي‪ :‬استغرق مدة زمنية طويلة في‬
‫االنتقال الديمغرافي‪ ،‬قاربت‪ 100‬سنة‪ ،‬و كان نموها‬
‫األقصى متأخرا سنة ‪ ،1900‬و ترأس هذا النموذج‬
‫ألمانيا‪.‬‬
‫النموذج الجنوبي‪ :‬كانت مدة االنتقال‬
‫فيه قصيرة‪ ،‬حيث مكث من ‪ 70‬إلى‬
‫‪ 90‬سنة‪ ،‬و عرف النمو األقصى بعد‬
‫سنة ‪ ،1900‬و تمثله إيطاليا‪.‬‬
‫معدل التزايد‬ ‫فترة النمو‬ ‫نهاية فترة‬ ‫بداية‬
‫االنتقال الطبيعي األقصى الطبيعي ‪. %‬‬ ‫‪T4‬‬ ‫‪T1‬‬ ‫نوع االنتقال الديمغرافي‬
‫‪T4-T1‬‬

‫‪ .I‬الدول األوربية و اليابان‬


‫‪1.6‬‬ ‫‪1965-1955‬‬ ‫‪150‬‬ ‫‪1965‬‬ ‫‪1815‬‬
‫النموذج الشمالي‪ :‬السويد‬

‫‪1.5‬‬ ‫‪1905-1896‬‬ ‫‪90‬‬ ‫‪1965‬‬ ‫‪1875‬‬


‫النموذج الغربي‪ :‬ألمانيا‬

‫‪1.2‬‬ ‫بعد سنة ‪1900‬‬ ‫‪70-90‬‬ ‫‪1965‬‬ ‫‪1875‬‬


‫النموذج الجنوبي‪ :‬إيطاليا‬

‫‪64‬‬ ‫‪1959‬‬ ‫‪1895‬‬


‫‪ .II‬دول الهجرة ذات الساكنة‬
‫األوربية‪ :‬الواليات المتحدة‬
‫األمريكية‬
‫معدل التزايد الطبيعي‬ ‫فترة النمو الطبيعي األقصى‬ ‫فترة االنتقال‬ ‫نهاية‬ ‫بداية‬
‫‪.%‬‬ ‫‪T4-T1‬‬ ‫‪T4‬‬ ‫‪T1‬‬ ‫نمط االنتقال الديمغرافي‬

‫‪1920‬‬ ‫المجموعة األولى‪:‬‬


‫‪2.2‬‬ ‫الدول ذات النمو الطبيعي األقصى أقل من ‪ 2.5 %‬في السنة‪.‬‬

‫االفتراض المنخفض إنتقال سريع‬

‫‪90‬‬ ‫‪2010‬‬ ‫االفتراض العالي إنتقال بطيء‬


‫‪1971-1961‬‬

‫‪120‬‬ ‫‪2040‬‬

‫‪1946‬‬ ‫المجموعة الثانية‪:‬‬


‫الدول ذات النمو الطبيعي األقصى المتراوح بين ‪ 2.5 %‬و‬
‫‪ 3%‬في السنة‪.‬‬

‫إنتقال سريع‬ ‫االفتراض المنخفض‬


‫‪1967-1958‬‬
‫‪65‬‬ ‫‪2010‬‬ ‫إنتقال بطيء‬ ‫االفتراض العالي‬

‫‪2.6‬‬ ‫‪80‬‬ ‫‪2025‬‬

‫‪1920‬‬ ‫المجموعة الثالثة‪:‬‬


‫‪3.4‬‬ ‫الدول ذات النمو الطبيعي األقصى أكثر من ‪ 3%‬في السنة‪.‬‬

‫إنتقال سريع‬ ‫االفتراض المنخفض‬

‫‪1974-1954‬‬ ‫‪80‬‬ ‫‪2000‬‬ ‫إنتقال بطيء‬ ‫االفتراض العالي‬

‫‪100‬‬ ‫‪2020‬‬
‫‪ . 3.4.1‬دول الهجرة‪.‬‬
‫تتميز الدول المستقبلة للهجرة بفائض طبيعي متناقص‬
‫عبر الزمن‪ .‬لذا فإن انتقاء الساكنة الشابة للهجرة‪ ،‬و‬
‫ظاهرة الشيخوخة الحتمية المترتبة عنها‪ ،‬تفضي إلى‬
‫صنف من االنتقال الديمغرافي ال يشبه شكل الجرس ( كما‬
‫هو الشأن بالنسبة للحالة األولى و الثانية( و إنا جزء‬
‫منحدر متناقص في المنحنى نعت من طرف الديمغرافي‬
‫شيني " بنصف انتقال ” ( انظر شكل أنماط االنتقال‬
‫المنحنى رقم ‪ . )4‬هذا الصنف من االنتقال الديمغرافي‬
‫عرفته كل من الواليات المتحدة األمريكية‪ ،‬و أوستراليا‪،‬‬
‫و زيالندة الجديدة و األوروغواي و األرجنتين‪.‬‬
‫‪ . 2‬النموذج النظري العام‪.‬‬
‫‪.1.2‬النظام الديمغرافي القديم‪.‬‬
‫غالبا ما نعني بالنظام الديمغرافي القديم‪ ،‬ذلك النظام الذي‬
‫كان سائدا في أوربا الغربية قبل التحوالت التاريخية خالل‬
‫القرنين السابع عشر و الثامن عشر‪ .‬و قد تميز هذا النظام‬
‫الديمغرافي‪ ،‬بارتفاع الوالدات و الوفيات‪ .‬و كان ارتفاع‬
‫الوالدات نوع من التعويض عن كثرة الوفيات‪ ،‬محدثا‬
‫بذلك شكال من أشكال التوازن الديمغرافي‪ ،‬أو على األقل‬
‫ال يسمح إال بزيادة طبيعية ضعيفة‪.‬‬
‫في البداية لم يكن بمقدور الباحثين (سواء المؤرخين منهم أو‬
‫الديمغرافيين) تمييز هذا النظام الديمغرافي أو معرفة مالمحه‪.‬‬
‫غير أن األبحاث الديمغرافية التاريخية األوربية استطاعت‬
‫تجاوز هذه العوائق‪ ،‬خاصة بعد االنجاز العظيم الذي قامت به‬
‫جامعة برنستون األمريكية حول ‪ 700‬وحدة جغرافية أوربية‬
‫في ستة دول‪ ،‬لمعرفة الماضي الديمغرافي األوربي و كشف‬
‫أسراره‪.‬‬
‫لم يكن االرتفاع الكبير في الوفيات خالل هذه الفترة التاريخية إال‬
‫انعكاس لعدم فعالية النظام الصحي‪ ،‬وضنك وسائل العيش‬
‫السائدة آن ذاك‪.‬و الغالب أن هناك سببين رئيسيين وراء هذا‬
‫الهالك الكبير للساكنة كل خمسة عشرة سنة أو عشرون سنة‪:‬‬
‫‪D. " problèmes de transition démographique : schémas classiques, problèmes d'analyse, interactions,‬‬

‫‪mouvement et structures" tome 1, 1980‬‬


‫‪.‬‬ ‫‪Tabutin‬‬
‫انتشار األوبئة القاتلة‪.‬‬
‫األزمات الغذائية الخطيرة‪.‬‬
‫و كان لهاذين العاملين دورا رهيبا للتقلبات التي كانت‬
‫تعرفها الوفيات من سنة ألخرى‪ ،‬حتى بداية التقدم العلمي‬
‫في الزراعة و التغذية خالل القرن الثامن عشر‪ .‬لقد كان‬
‫المنون يأخذ في بضعة أسابيع فائض الساكنة التي‬
‫تراكمت قبل عشرة سنوات‪ .‬غير أنه من بلد آلخر‪ ،‬يختلف‬
‫بال شك معدل الوفيات باختالف المحصول الزراعي‪ ،‬و‬
‫درجة القرب أو البعد من البلدان المستوطنة لبعض‬
‫األمراض‪.‬‬
‫من جهة أخرى‪ ،‬ظل في النصف األول من‬
‫القرن الثامن عشر‪ ،‬المعدل اإلجمالي للوالدات‬
‫ما بين ‪ 35‰‬و‪ 45‰‬في إنجلترا و ألمانيا‬
‫وفرنسا و السويد و إيطاليا‪ ،‬في الوقت الذي لم‬
‫يكن يتعدى فيه أمل الحياة عند الوالدة للجنسين‬
‫‪ 33‬سنة أو ‪35‬سنة‪.‬‬
‫‪Noix. D: "La transition démographique dans le monde" Paris, PUF, la géographie,‬‬
‫‪1983, 214p‬‬
‫في الوقت الذي كانت فيه وفيات األطفال مرتفعة‬
‫جدا‪ ،‬بحيث أن ربع األطفال لم يكونوا يستطيعون‬
‫تجاوز السنة األولى (انظر الجدول في )‪ ،‬فإن‬
‫‪PDF‬‬

‫الخصوبة كانت تتصاعد هي األخرى و تتقلب من‬


‫بلد آلخر‪ ،‬بل و من جهة ألخرى في نفس البلد‪.‬‬
‫كانت النتيجة‪ ،‬ضعف مستوى النمو الديمغرافي‪.‬‬
‫حيث ظلت معدالت الزيادة في السكان تتأرجح حول‬
‫‪ 0.3%‬سنويا بالنسبة إلنجلترا و ألمانيا و فرنسا و‬
‫السويد و إيطاليا‪ .‬و بالتالي كان النمو السكاني‬
‫ضعيفا في تلك الفترة‪.‬‬
‫‪ .2.2‬النظام الديمغرافي الحديث‪.‬‬
‫لقد أظهرت العشريات األخيرة‪ ،‬تقاربا شديدا في مستوى‬
‫الوفيات و الوالدات في جميع الدول األوربية‪ ،‬بغض‬
‫النظر عن نظامها االقتصادي و السياسي أو مرجعيتها‬
‫الدينية و الثقافية أو مستواها المعيشي‪.‬‬
‫لقد لوحظ هذا التجانس في مستوى المعدالت داخل كل‬
‫بلد أوربي‪ ،‬دون أي تأثير لمكان اإلقامة‪ ،‬أو مستوى‬
‫الدراسة أو الصنف المهني‪ .‬في الواقع يبدو أن هذا‬
‫النموذج الديمغرافي قد فرض و انتشر‪.‬‬
‫بالنسبة للوفيات‪ ،‬و في جميع دول أوربا الغربية‪ ،‬لم يعد‬
‫لالختالف أي أثر‪ ،‬و حتى التقلبات السنوية للوفيات لم‬
‫يصبح لها أهمية‪.‬‬
‫و يرجع السبب في جزء منه إلى انقراض األمراض‬
‫المعدية التي كانت تبيد الساكنة في النظام الديمغرافي‬
‫القديم‪.‬‬
‫ففي االتحاد األوربي قدر المعدل االجمالي للوفيات‬
‫‪ ،10.3‰‬سنة ‪ ،2015‬بينما كان معدل وفيات األطفال‬
‫‪ ،3.7 ‰‬و أمل الحياة عند الوالدة ‪ 78.1‬سنة ‪.2014‬‬
‫بالمقارنة مع النظام الديمغرافي القديم‪ ،‬فإن أمل الحياة عند‬
‫الوالدة تضاعف أكثر من مرتين‪ .‬بينما تناقصت و فيات‬
‫األطفال ألكثر من سبعة أضعاف مقارنة بالوضع في‬
‫أوربا خالل القرن الثامن عشر‪.‬‬
‫أما الخصوبة فقد أصبحت ضعيفة جدا‪ ،‬حيث سجل سنة‬
‫‪ 2015‬المعدل االجمالي للوالدات ‪ ،10 ‰‬بينما كان‬
‫المؤشر التركيبي للخصوبة سنة ‪ .1.58 ، 2016‬و هو ما‬
‫يمثل ثالث مرات ٌأقل‪ ،‬بالنسبة للنظام القديم‪ .‬كما ان‬
‫استعمال وسائل منع الحمل و اإلجهاض ساهم في تقليص‬
‫الوالدات لألسرة المعاصرة‪ ،‬و بالتالي إلى التحكم في‬
‫الخصوبة بطريقة فعالة‪.‬‬
‫هذه الوضعية أدت إلى اختالل في البنية العمرية‬
‫للساكنة‪ .‬حيث يتجلى مظاهرها الواضحة في‬
‫شيخوخة السكان‪ .‬حاليا و في كل الدول األوربية‪،‬‬
‫أصبح معدل النمو الديمغرافي ضعيف‪ ،‬إذ يتراوح ما‬
‫بين ‪ 1%‬و ‪،2%‬بل وصل إلى حدود الصفر في‬
‫بعض الدول األوربية‪.‬‬
‫أما الغريب فهو تسجيل المرحلة الراهنة لسابقة خطيرة في‬
‫التاريخ الديمغرافي األوربي‪ ،‬حيث لوحظ وصول ‪10‬‬
‫دول أوربية إلى نمو ديمغرافي سلبي‪ .‬و هو ما يعني أن‬
‫هذه الدول أصبحت ساكنتها تتناقص عبر الزمن‪ ،‬مما‬
‫سيعرضها لجملة من المضاعفات االقتصادية و‬
‫االجتماعية المدمرة‪.‬‬
‫يتعلق األمر بكل من روسيا (‪ ،)- 0.7%‬إستونيا (‪0.5%‬‬
‫‪ ،)-‬ليتوانيا (‪ ،)-0.5%‬ألمانيا( ‪ ،)-0.1%‬بالروسيا‬
‫(‪ ،)-0.2%‬بلغاريا (‪ ،)-0.3%‬هنغاريا (‪ ،)-0.2%‬تشيك‬
‫(‪ ،)-0.1 %‬أوكرانيا(‪ )0.3%‬و إيطاليا (‪.)-0.1%‬‬
‫‪ .3.2‬المرحلة االنتقالية‪.‬‬
‫حيثما انتقلنا بين األقطار األوربية‪ ،‬نالحظ أسبقية انخفاض‬
‫الوفيات على تراجع الوالدات خالل المرحلة االنتقالية‪.‬‬
‫فقبل نهاية القرن الثامن عشر بقليل‪ ،‬بدأت الوفيات في‬
‫التراجع في كل من فرنسا و انجلترا و الدول اإلسكندنافية‪.‬‬
‫أما في الدول األوربية المتوسطية و الوسطى‪ ،‬فقد شهدت‬
‫بعد ذلك انخفاض الوفيات‪ ،‬و إن بشكل سريع‪ ،‬بعد أفول‬
‫األوبئة و األزمات الغذائية‪.‬‬
‫أما الخصوبة فقد تأخر انخفاضها في مجمل الدول‬
‫األوربية‪ ،‬باستثناء فرنسا‪.‬‬
‫في الحقيقة‪ ،‬رغم التنوع الثقافي و العرقي و التباين‬
‫االقتصادي‪ ،‬فإن تراجع الخصوبة أصبح شبه معمم‪.‬‬
‫فحيثما انطلق تراجع الوالدات‪ ،‬أصبح سيرورة غير قابلة‬
‫للرجوع إلى الوراء‪ ،‬و حتى وصولها إلى الحد األدنى من‬
‫الخصوبة خالل ثالثينات القرن العشرين‪ .‬فإذا اعتبرنا أن‬
‫المرحلة االنتقالية بدأت مع التراجع المتتالي للوفيات‬
‫والوالدات على المستوى الوطني‬
‫حسب الباحثين الديمغرافيين أجبلو و دوشان فإن بداية االنتقال الديمغرافي يمكن تحديده عند انخفاض‬
‫المعدل االجمالي للوالدات تحت سقف ‪.30‰‬‬
‫وانتهت مع وصول العاملين السابقين إلى أدنى‬
‫مستوياتهما‪ ،‬فإن بداية االنتقال يمكن تحديده بين‬
‫‪ 1790-1780‬في كل من فرنسا و انجلترا و‬
‫السويد‪ ،‬بينما كانت نهاية المرحلة خالل سنة‬
‫‪.1930‬‬
‫كانت المرحلة االنتقالية في هذه الحالة طويلة‬
‫جدا‪ ،‬بالمقارنة مع باقي الدول األوربية التي‬
‫تأخرت فيها بداية المرحلة االنتقالية‪ ،‬التي لم تدم‬
‫مدتها أكثر من قرن‪.‬‬
‫‪ .4.2‬قوانين االنتقال الديمغرافي‪.‬‬
‫لقد أسفرت األعمال التي قامت بها جامعة برنستون‬
‫األمريكية حول التاريخ الديمغرافي األوربي على‬
‫كشف العديد من األسرار المعرفية التي ميزت‬
‫التطور الديمغرافي األوربي‪ .‬حيث قام الديمغرافي‬
‫الفرنسي شيني ببلورتها على شكل قوانين مستنبطة‬
‫من التجربة األم لالنتقال الديمغرافي في أوربا‬
‫الغربية‪.‬‬
‫‪ .1.4.2‬األسبقية العامة النخفاض الوفيات‪.‬‬
‫إن انخفاض الوفيات أدى إلى اختالل التوازن الديمغرافي‬
‫األولي‪ .‬بينما انخفاض الخصوبة يشترط مسبقا تراجع‬
‫الوفيات‪ .‬بمعنى أن تقليص الوالدات يتطلب شرطا‬
‫ضروريا ال يتحقق إال بانخفاض الوفيات أوال‪.‬‬
‫هاته المسلمة المشتركة بين كل الديمغرافيين‪ ،‬و جدت‬
‫تأكيدها عند أبرز المؤسسين للنظرية‪ ،‬نوتستان إذ يقول‬
‫سنة ‪ " ،1945‬إن سيرورة الحداثة في العالم األوربي‬
‫أدت إلى الرفع من مستوى المعيشة‪ ،‬و إلى تحكم أفضل‬
‫في األمراض‪ ،‬و تخفيف الوفيات‬
‫‪ .‬أما الخصوبة فكانت في البداية منعدمة التأثر بمسار‬
‫الحداثة‪ .‬إن أسباب أسبقية انخفاض الوفيات على الوالدات‬
‫واضحة‪ .‬ففي النظام السابق لالنتقال الديمغرافي أي ما‬
‫يسمى بالنظام الديمغرافي القديم‪ ،‬يعد ارتفاع الوفيات سببا‬
‫مباشرا الرتفاع الوالدات داخل المجتمعات التي تقاوم‬
‫االنقراض‪ .‬فكل المجتمعات كانت منظمة بإتقان‪ ،‬بحيث‬
‫تحصل على العدد الكافي من األطفال‪ .‬فعقائدها الدينية‪ ،‬و‬
‫تشريعاتها األخالقية‪ ،‬و القوانين والتعليم‪ ،‬و التقاليد‬
‫االجتماعية‪ ،‬و األعراف الزواجية و البنية العائلية‪ ،‬كل‬
‫هذه المؤسسات تصبو للحفاظ على خصوبة مرتفعة "‬
‫‪Cité par Chesnais, 1986, op, cit, et traduit par nous-même.‬‬

You might also like