You are on page 1of 34

‫جامعة الملك عبد العزيز‬

‫كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية‬


‫برنامج ماجستير الخدمة االجتماعية‬
‫النوعي‬

‫النظريات المفسرة للعالقة بين االنسان‬


‫والبيئة االجتماعية‬
‫متطلب لمادة السلوك اإلنساني والبيئة االجتماعية‬

‫الرقم الجامعي‪2101519 :‬‬ ‫الطالب‪ :‬احمد حسن العمري‪.‬‬


‫الرقم الجامعي‪2102593 :‬‬ ‫الطالب‪ :‬خالد سفر البقمي‪.‬‬
‫الرقم الجامعي‪2103157 :‬‬ ‫الطالب‪ :‬عبدالمجيد علي العقل‪.‬‬
‫الفهرس‬
‫‪3‬‬ ‫المفاهيم‬

‫‪4‬‬ ‫نظرية الكالسيكية‪ ..‬نظرية العزو‪ ..‬نظرية ميكافللي‬

‫‪4‬‬ ‫نظريات العالقات اإلنسانية‬

‫‪5‬‬ ‫النظرية الموقفية‬

‫‪6-10‬‬ ‫تفسير السلوك اإلنساني عن طريق المستوى االصغر‬

‫‪11-13‬‬ ‫تفسير السلوك اإلنساني عن طريق المستوى االوسط‬

‫‪14-17‬‬ ‫تفسير السلوك اإلنساني عن طريق المستوى االعم‬

‫‪19‬‬ ‫نظرية االنساق العامة‬


‫‪20‬‬ ‫المنظور االيكلوجي‬
‫‪21‬‬ ‫منظور النسق االيكلوجي‬
‫‪22-24‬‬ ‫نظرية الضبط االجتماعي‬
‫‪24-25‬‬ ‫نظرية التحليل النفسي‬
‫‪26-29‬‬ ‫نظرية العالج المعرفي‬
‫‪30-31‬‬ ‫النظرية النسائية‬
‫‪32-33‬‬ ‫النظرية البنائية االجتماعية‬
‫‪34‬‬ ‫المراجع‬
‫احمد حسن العمري‬

‫المفاهيم‪:‬‬

‫البيئة االجتماعية‬

‫يتعلق مفهوم البيئة االجتماعية بالظروف واألحوال والتفاعل اإلنساني الذي يرتبط‬
‫بحياة البشر ونجد أنه من أجل أن يستمر اإلنسان ويتواصل وجوده في الحياة فإن‬
‫عليه أن يخلق وينشغل في عالقات اجتماعية فعالة وإيجابية مع البيئة المحيطة به‪،‬‬
‫وتتضمن البيئة االجتماعية الجوانب المادية (‪ )Physical Environment‬من‬
‫شوارع ومباني واراضي زراعية ومناطق صناعية وأودية ومجاري مائية‪ ،‬والتي‬
‫قد وجدت بشكل طبيعي أو أنشأها وصنعها اإلنسان‪ ،‬وتتضمن البيئة االجتماعية ‪-‬‬
‫العمل أو الوظيفة التي يشغلها‪ -‬كمية النقود التي يحصل عليها كدخل ‪ -‬باإلضافة إلى‬
‫القوانين واألعراف التي يلتزم بها الفرد‪ ،‬وتتضمن البيئة االجتماعية أيضا األفراد‬
‫والجماعات والمؤسسات واألنظمة التي يتعامل معها الفرد بما تمثله من أسرة‬
‫وأصدقاء وجماعة عمل واإلدارة المدنية ومجلس الحي أو القرية أو المدينة كذلك‬
‫الحكومة التي يتبعها وتشكل السلطة التنفيذية‪ ،‬كذلك فإن البيئة االجتماعية تمثل‬
‫طبيعة التفاعل مع مؤسسات الخدمات التي يتعامل معها الفرد والتي تشمل‬
‫المستشفيات والهيئات الصحية وإدارة اإلسكان والتعمير ومكاتب الرعاية االجتماعية‬
‫واألنظمة والمؤسسات التعليمية من البيئة االجتماعية ‪Social Environment‬‬

‫مدارس ومعاهد وكليات ومراكز تدريب وما إلى ذلك‬

‫‪ CITATION[.‬حسي‪]p 39 \t \l 1025\21‬‬

‫‪3‬‬
‫احمد حسن العمري‬

‫مفهوم السلوك اإلنساني‬


‫يعتقد كل من ( (‪ Wodarski& Dziegielewski‬أن السلوك اإلنساني‬
‫مفهومه البسيط هو عبارة عن االنشطة والتفاعالت التي يقوم بها الفرد لتحقيق غايات معينة‬
‫فتكون بعض هذه الغايات مقصودة ومخططة وبعضها بسيط وغير شعوري‪ ،‬وبشكل عام فإن‬
‫سلوك الفرد يمكن لآلخرين مالحظته بواسطة الحواس الخمسة حيث‬
‫يمكننا علي سبيل المثال أن نسمع بكاء الطفل الرضيع ونشاهد حرکاته كتعبير عن حاجته للغذاء‬
‫الذي يتمثل في الرضاعة‪ ،‬وعلى الجانب اآلخر يمكننا أن نشاهد الطالب يداوم في الحضور إلى‬
‫المدرسة بشكل متكرر ويذاكر دروسه ويؤدي الواجبات بأسلوب معين‬

‫كل هذه المنظومة من السلوكيات تستهدف حصول الطالب‬


‫على شهادة دراسية معينة وتعلم خبرات محددة تساعده على الحصول على وظيفة ما وتحقيق‬
‫االستقاللية المادية‪ .‬في هذا النوع من السلوك نجد أنه يتسم بالتعقيد والتكرار واالستمرارية حيث‬
‫إن الغاية التي يسعى الفرد إلى تحقيقها تحتاج إلى المداومة والمتابعة لتحقيق غرض بعيد‪ .‬وكما‬
‫يوجد سلوك إيجابي يهدف إلى تحقيق أغراض مقبولة يوافق عليها المجتمع وتتبع لنظام معين‪،‬‬
‫نجد أن هناك سلوكا سلبيا يسعى أيضا إلى تحقيق أغراض معينة ولكن المجتمع ال يوافق عليها أو‬
‫على الطريقة والنهج المتبع في تحقيقها‪ ،‬فالطالب الذي يداوم على الدراسة من أجل الحصول على‬

‫شهادة دراسية تؤهله للحصول وظيفة سوف يصل إلى نتيجة إيجابية مقبولة يقرها المجتمع‪ ،‬أما‬
‫الفرد الذي يسعى‬
‫للحصول على المال ولكن عن طريق استخدام سلوكيات ال يوافق عليها المجتمع وال تقرها‬
‫قوانينه مثل السرقة أو الغش أو االحتيال فإنه قد يدرك عدم مشروعية هذه السلوكيات ولكنه ال‬
‫يرغب في بذل الجهد وقضاء أعوام طويلة في الدراسة من أجل إشباع احتياجاته‪.‬‬
‫إذن فالسلوك اإلنساني يعتبر کنشاط على لوظيفة ما ومن ثم الحصول على مرتب يساعده على‬
‫ولكنه يرتبط بقدرة الفرد وتفهمه لمعنى السلوك والنتائج المرتبطة به‪ ،‬حيث يختلف األفراد في‬
‫مدى تفهمهم لحقيقة السلوك ومدى وعيهم بموضوعية السلوك وقدرتهم‬

‫[‪ CITATION‬حسي‪]p 55 \t \l 1025\21‬‬

‫‪4‬‬
‫احمد حسن العمري‬

‫النظرية الكالسيكية‪Classical Theory :‬‬

‫تشير هذه النظرية إلى تفسيرات السلوك اإلنساني من حيث افترضت هذه النظرية وهي أن‬
‫األفراد يعتبرون كسالي وأنهم غير قادرين على التنظيم والتخطيط والعمل الذي يقومون به وأنهم‬
‫انفعاليين ولهذا فهم غير قادرين على أداء أدوارهم بصورة سليمة وفعالة وعليه يجب السيطرة‬
‫على هذه السلوكيات غير الرشيدة وتوجيهها‪.‬‬

‫نظرية ميكيافللي‪Machiavelli's Theory :‬‬

‫تعتمد هذه النظرية في تفسير السلوك اإلنساني على أن سلوك الناس محفوف بعدم الثقة والشك‬
‫وأن األسلوب المناسب للسيطرة على هذا السلوك هو القسوة والخداع حيث يؤمن أصحاب هذا‬
‫االتجاه بمبدأ (الغاية تبرر الوسيلة)‪.‬‬

‫نظرية العزو‪Attribution Theory :‬‬

‫العزو يعني كيف يفسر الناس سبب األحداث وأسباب سلوكيات الناس حيال المثيرات‬
‫والموضوعات التي يتعاملون معها‪ .‬بمعنى كيف يجيب الناس على أسئلة تبدأ بماذا؟ أي ماهية‬
‫اإلدراك االجتماعي لتلك السلوكيات‪.‬‬

‫نظرية العالقات اإلنسانية‪Human Relations :‬‬

‫ظهر اتجاه العالقات اإلنسانية كرده فعل للنقد الموجه للنماذج المختلفة والنظرية الكالسيكية‬
‫حيث تعتبر النقيض من النظرية الكالسيكية حيث ترى أن اإلنسان مخلوق اجتماعي يسعى إلى‬
‫عالقات أفضل مع اآلخرين وأن أفضل سمة إنسانية هي سمة التعاون عليه يمكن تفسير السلوك‬
‫اإلنساني والتنبؤ به والتحكم فيه من خالل نظرية العالقات اإلنسانية‬

‫ويمكن تلخيص أهم المبادئ التي تقوم عليها نظرية العالقات اإلنسانية في اآلتي‬

‫‪-١‬ال يتأثر اإلنسان في سلوكه باحتياجاته االجتماعية‪.‬‬

‫‪-٢‬يشعر اإلنسان بأهميته من خالل العالقات االجتماعية باآلخرين‪.‬‬

‫‪-٣‬أن عملية تقسيم العمل واالتجاه إلى الروتينية يعمل على تعقد هذا العمل والجوانب االجتماعية‬
‫مما يؤدي إلى الملل والسأم‬

‫‪-٤‬يتأثر اإلنسان بعالقاته االجتماعية في البيئة المحيطة به‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫احمد حسن العمري‬

‫النظرية الموقفية‪:‬‬

‫ظهرت هذه النظرية التي ترى أن السلوك اإلنساني يتأثر بالعديد من العناصر الموجودة في‬
‫الموقف الخاص بهذا السلوك حيث يرى أصحاب هذه النظرية أن هناك عدد من العناصر التي‬
‫لها تأثير في سلوك الفرد منها إدراكه‪ ،‬والمرحلة العمرية وجنسه‪ ،‬ومستوى التعليم‪ ،‬ومهاراته‬
‫وجمله احتياجاته ونمط شخصيته كما أن هناك عناصر في البيئة تؤثر في سلوك الفرد منها‬
‫العادات والتقاليد والظروف االقتصادية واالجتماعية والسياسية‪ .‬وعليه فإن سلوك اإلنسان ال‬
‫يمكن أن يكون حصيلة لعنصر واحد فقط بل هو محصلة لعدد من العناصر تتداخل مع بعضها‬
‫للتأثير على هذا السلوك وظهرت هذه النظرية منذ بداية السبعينيات وكان لنظرية النظم دور‬
‫فاعل في تطورها‪ ،‬تقر النظرية بأهمية المتغيرات البيئية والتكنولوجية واالجتماعية وأثرها على‬
‫طبيعة الوحدة التي يتعامل معها االخصائي واسلوب العمل المتبع في المؤسسة التي يعمل بها‬
‫مما يوجب تطبيق المفاهيم والمبادئ األساسية بشكل يتالئم مع الظروف التي تمر بها الوحدة‪،‬‬
‫هذا يعني أنه ليس هناك منهج واحد يصلح لكافة الوحدات أو حتى لنفس الوحدة في مراحل‬
‫تطورها المختلفة‪ ،‬وانما يجب أن تختار المنهج او االسلوب الذي يتالئم مع الموقف او الحالة‬
‫التي تمر بها هذه الوحدة‪.‬‬

‫تعريفها " هو مدخل يؤكد بأنه ال يوجد طريقة مثلى واحدة يمكن اتباعها في جميع المواقف "‬

‫وتحاول تفسير العالقات المتبادلة داخل الوحدة والبيئة المحيطة بها ككل للخروج بممارسات‬
‫مالئمة للموقف والظروف‪.‬‬

‫أسس نظرية الموقف‪:‬‬

‫‪-١‬اإلقرار ان هناك اختالف بين الناس واالوقات كافتراض اساسي‪.‬‬

‫‪-٢‬اليمكن التأكيد أن هناك اساليب ثابته ومثالية قابلة للتطبيق في كافة المواقف‪.‬‬

‫‪-٣‬ال يمكن قبول االساليب الثابتة والمتحيزة دون مراعاة للموقف والظروف والبيئة التي تواجهه‬
‫الوحدة‪.‬‬

‫‪-٤‬ال يمكن الخروج بوصفة جاهزة مفصلة ومقدمة من أي نظرية كطريقة مثلى لموقف‬
‫وظروف معينة‪.‬‬

‫‪-٥‬اإلقرار بأن الترابط بين الوحدة والبيئة ومتغيراتها أشياء أساسية تؤدي إلى تغيير األساليب‬
‫لمواجهة الموقف بناء على المتغيرات البيئية‪.‬‬
‫‪6‬‬
‫احمد حسن العمري‬

‫‪-٦‬ان النظر إلى اإلطار العام والكلي أساس لمعالجة األمور الجزئية وال يمكن لألخصائي أن‬
‫ينظر للعملية كأجزاء غير مترابطة فالتخطيط والتنظيم والتوجيه والرقابة أجزاء مترابطة يجب‬
‫النظر إليها من منظور كلي‪.‬‬

‫‪-٧‬النظر للمنظمة على أنها نظام مفتوح يتأثر بجميع القوى البيئية وقابل الستالم التغذية المرتدة‪.‬‬

‫مقومات نظرية الموقف‪:‬‬

‫نظرية الموقف ال تقبل بمبادئ النظام المغلق (ألنه يغفل المتغيرات البيئية مما يؤدي إلى تدهور‬
‫العميل والمشكلة التي تواجهه)‪.‬‬

‫النظرية تؤكد على أن هناك عالقة بين الموقف والنتيجة (فإذا حدث موقف ما ترتب عليه نتيجة)‬
‫وتحاول النظرية تحديد العالقة بين الموقف والنتيجة لتقديم افتراضات يتم تطبيقها حسب‬
‫الموقف‪.‬‬

‫تطوير قدرات األفراد واألخصائيين وذلك من خالل تزويدهم باألدوات المساعدة على تنمية‬
‫معارفهم ومهاراتهم اإلنسانية والفكرية والفنية‪ ،‬وتنمية وتطوير المالحظة والتحليل إليجاد‬
‫[‬ ‫المشاكل وتحليلها بمناظير مختلفة وليست بطريقة واحدة محددة‪.‬‬
‫‪ CITATION‬الم‪]p 18-22 \l 1025\16‬‬

‫تفسير السلوك اإلنساني عن طريق نظريات المستوى األصغر‪Micro Theories‬‬

‫‪ .1‬نظرية النشوء البيولوجي ‪Biological Evaluation‬‬

‫تفسر نظرية النشوء واالرتقاء كيف تطورت أنواع كثيرة من المخلوقات وأصبحت مختلفة‬
‫ومفردة لتعيش وتمر بمراحل أكثر تعقيدا وأكثر تطورا‪ ،‬وتفترض نظرية النشوء البيولوجي ل‬
‫‪ Charles Darwin‬أن القوانين الطبيعية التي تنطبق على النباتات والحيوانات تنطبق على‬
‫اإلنسان‪ ،‬وترجع أهمية هذه النظرية في دراسة السلوك اإلنساني إلى إشارتها إلى مدى التشابه‬
‫بين تطور اإلنسان البيولوجي والمخلوقات األخرى التي تمر بمراحل مشابهة من النمو‬
‫واالرتقاء‪ ،‬لذلك فهذه النظرية رغم المعارضة الشديدة الموجودة لبعض مفاهيمها تؤكد أن النمو‬

‫‪7‬‬
‫احمد حسن العمري‬

‫واالرتقاء يخضع الى القوى البيولوجية التي توجهه بصورة تدريجية وتدفعه لتبني سلوكيات‬
‫[‪ CITATION‬حسي‪]p 58 \t \l 1025\21‬‬ ‫معينة تساعده‬

‫‪ .2‬النظرية االجتماعية النفسية ‪Erickson's Psychosocial Theory‬‬

‫لقد تفرعت هذه النظرية من نظرية التحليل النفسي عندما درس «أريكسون» صاحب هذا‬
‫االتجاه مع ابنة فرويد «آنا»‪ ،‬ويرى «أريكسون» (‪ )1983‬ان نمو الشخصية هو محصلة‬
‫عمليات اجتماعية نفسية تجمع ما بين عوامل نفسية داخلية وعوامل اجتماعية خارجية‪ ،‬وأن‬
‫تغيرات النمو تحدث بشكل متواصل خالل حياة اإلنسان وتتأثر بثالث عوامل متفاعلة وأساسية‪:‬‬

‫‪ :‬العوامل الجسمية والبيولوجية بقوتها وضعفها‪.‬‬

‫‪ .‬الظروف الحياتية للفرد وتاريخ النمو بما يتضمنه من (تجارب األسرة المبكرة ودرجة النجاح‬
‫في حل مشكالت النمو في بداية حياة الفرد)‪.‬‬

‫‪ .‬المشكالت والتحديات االجتماعية والثقافية والتاريخية التي يمر بها اإلنسان خالل حياته (مثل‬
‫[‪ CITATION‬حسي‪p 60-61 \t \l\21‬‬ ‫االضطهاد العنصري ‪-‬والتغير التكنولوجي السريع والحروب)‪.‬‬
‫‪]1025‬‬

‫نقد النظرية‪:‬‬

‫وقد لعب فرويد دورا هاما في اكتشاف معرفة عالمية االنتشار‪ ،‬وهي أن الذين يعانون من‬
‫مشكالت انفعالية في حاجة إلى مساعدة نفسية سيكولوجية)‪ ،‬وعلى الرغم من أن مفاهيم فرويد‬
‫ونظرياته عن السلوك اإلنساني مازالت مألوفة لدى األخصائيين االجتماعيين‪،‬‬

‫ويستخدمونها في تقدير وتقويم السلوك اإلنساني وخاصة في التعامل مع المناطق الشعورية‬


‫وشبه الشعورية من الشخصية‪ ،‬إال أن عددا قليال من األخصائيين االجتماعيين هم فقط الذين‬
‫يستخدمون التحليل النفسي في اإلرشاد النفسي االجتماعي للعمالء لألسباب التالية‪:‬‬

‫أن معظم مفاهيمه من الصعوبة التحقق منها إجرائيًا أو إخضاعها لالختبار‪ ،‬لذا فإن‬ ‫‪‬‬
‫فروضه من الصعوبة إثبات صحتها‪ ،‬أو عدم إثبات صحتها‪ ،‬وعلى سبيل المثال‬
‫الصراع الالشعوري‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫احمد حسن العمري‬

‫أوضح البحث أن المرضى الذين يخضعون للتحليل النفسي يتحقق التحسن لديهم بنسبة‬ ‫‪‬‬
‫أقل من هؤالء الذين يعانون من نفس المشكالت‪ ،‬ولم يتلقوا أي نوع من العالج‪ ،‬وقد‬
‫يرجع ذلك إلى أن الذين يخضعون للتحليل النفسي ال يكون تركز انتباههم على معالجة‬
‫مشكالتهم الشخصية وتناولها بشكل أفضل‪.‬‬
‫أعطى فرويد انتباها قليال لنمو الشخصية في مرحلة ما بعد البلوغ‪ ،‬في حين أن علماء‬ ‫‪‬‬

‫اإلنسان‪ CITATION[.‬حبي‪16‬‬ ‫آخرون الحظوا نمو الشخصية وتغيراتها التي تطرأ عليها طوال حياة‬
‫\‪]p 139 \l 1025‬‬

‫نظرية الدور‪:‬‬

‫يعرف روبرت باركر في قاموسه للخدمة االجتماعية نظرية الدور بأنها‪:‬‬

‫مجموعة من المفاهيم تقوم على استقصاء األسباب الثقافية االجتماعية التي تتصل باألسلوب‬
‫الذي يتأثر به الناس وسلوكياتهم في تعدد مراكزهم االجتماعية‪ ،‬ومختلف التوقعات المصاحبة‬
‫ً‬
‫مركزا‬ ‫لتلك المركز ويشير الدور إلى السلوك المتوقع لشخص يشغل مكانة اجتماعية معينة أو‬
‫اجتماعيا معي ًنا في نسق اجتماعي‪ ،‬فكل فرد يشغل مراكز أو مكانات بداخل عدد أنساق المكانة‬
‫ونسق المكانة يمكن تصوره على أنه خريطة تحدد مواقع مختلف المكانات في عالقة كل منها‬
‫باألخرى وكيف ترتبط ببعضها‪ ،‬ومكانة الشخص تمثل بموقعه على تلك الخريطة‪ ،‬والمكانة‬
‫تصف الشخص فيما يتصل بمجموعة الحقوق وااللتزامات أي الواجبات التي تنظم معامالته مع‬
‫أشخاص في مكانات أخرى‪ ،‬وعلى سبيل المثال (مكانة األم) تتضمن حقوق معينة (االحترام‬
‫والطاعة) والتزامات أو واجبات معينة التنشئة الجسمية واالنفعالية‪ ،‬والمكانة تدور حول التفاعل‬
‫والتعامالت مع عديد من األفراد‪ ،‬واألخصائي االجتماعي في المؤسسة االجتماعية يتفاعل‬
‫ويتعامل مع العمالء والمشرفين‪ ،‬والمدراء‪ ،‬وزمالئه من األخصائيين االجتماعيين اآلخرين‪،‬‬
‫وأعضاء مجلس إدارة المؤسسة‪ ،‬ومع كل جماعة االجتماعيين اآلخرين‪ ،‬وأعضاء مجلس إدارة‬
‫المؤسسة‪ ،‬ومع كل جماعة فإن حقوق المكانة التي يشغلها الفرد والتزاماته أي واجباته تختلف‪.‬‬

‫إن مفاهيم الدور‪ ،‬وأداء الدور‪ ،‬وتوقعات الدور‪ ،‬وتعامالت أو صفات الدور‪ ،‬يمكن أن تستخدم‬
‫إلثراء األساس المعرفي لألخصائي االجتماعي المستخدم التقويم حجم المشكلة وأبعادها أو‬
‫الموقف‪ ،‬إن إخفاق أو قصور الدور أو صراع الدور سوف يفضي إلى‪:‬‬

‫‪9‬‬
‫احمد حسن العمري‬

‫فقدان أو غياب الموارد الضرورية لقدرة النسق على أداء الدور على أحسن وجه‬ ‫‪‬‬
‫عندما تدفع األنساق إلى أدوار جديدة بدون معرفة توقعات الدور‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫عندما يوجد صراع في توقع الدور من قبل األنساق المتفاعلة‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫عندما يوجد صراع لتوقعات الدور بداخل مجموعة أو عنقود األدوار المؤداة بواسطة‬ ‫‪‬‬
‫نسق واحد‪.‬‬
‫عندما يوجد غموض أو التباس من قبل األنساق األخرى‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫وتختلف األدوار االجتماعية فيما بينها تبعا للعديد من العوامل منها‪:‬‬

‫البيئة واالختيار‪ :‬فنجد أن بعض األدوار مفروضة على الفرد وبعضها اآلخر اختياريًا فالدور‬
‫الجنسي أو دور الطفل أو الرجل أدوار مفروضة بينما الدور المهني اختيار المهنة مهندس‬
‫طبيب متزوج رب أسرة فهي أدوار اختيارية‪.‬‬

‫ً‬
‫وقائدا‬ ‫الشمول‪ :‬حيث تختلف األدوار االجتماعية في شموها فالشاب قد يكون تابعا في موقف‬
‫في موقف آخر في نفس الجماعة وقد يكون الرجل مسيطرً ا في عمله ألنه المدير ولكن قد يختلف‬
‫سلوكه في المنزل‪.‬‬

‫تحديد السلوك‪ :‬تختلف األدوار تبعًا لتحديدها السلوك فاألدوار العسكرية محددة تحديدا جامداً‬
‫أما أدوار االبن في األسرة فهناك مجال واسع لالختيار‪.‬‬

‫[‪ CITATION‬حبي‪]p 155 \l 1025\16‬‬

‫االستمرار‪ :‬تختلف األدوار في استمرارها ورواجها فأدوار الرجل والمرأة أدوار دائمة في‬
‫المجتمع كذلك األدوار المهنية أما دور ممثل المنظمة أو المفوض في عمل ما فهو دور مؤقت‪.‬‬

‫األهمية والشهرة‪ :‬تختلف األدوار فيما بينها تبعا لدرجة أهميتها وشهرتها فدور األب أو األبن‬
‫أدوار هامة ولها شهرتها لكن دور الزميل يلقي تقدير أقل‪.‬‬

‫الصعوبة والسهولة‪ :‬تختلف األدوار من حيث سهولة أو صعوبة أدائها فدور المواطن العادي‬
‫دور أسهل نسبيا عن دور العالم أو الزعيم أو القائد‪.‬‬

‫الوضوح والتحديد في مقابل الغموض‪ :‬حيث نجد أن هناك بعض األدوار واضحة ومحددة‬
‫من حيث المهام ومن حيث توقعات اآلخرين لشاغل الدور مثل دور األم أو دور الرئيس في‬

‫‪10‬‬
‫احمد حسن العمري‬

‫الزوج‪[.‬‬ ‫العمل بينما هناك أدوار غامضة مثل دور زوجة األب أو الزوجة الثانية بالنسبة ألطفال‬
‫‪ CITATION‬حبي‪]p 156 \l 1025\16‬‬

‫وبالرغم من تعدد األدوار التي يقوم بها الفرد في حياته وفي المرحلة العمرية الواحدة إال أن‬
‫الفرد يتعلم األدوار من خالل مراحل نموه وتفاعله مع غيره في المجتمع‪ ،‬فالفرد قد يلعب دور‬
‫الزوج ودور األب ودور االبن ودور األخصائي االجتماعي وقد يكون طالب دراسات عليا‬
‫وعضوا في نادي أو حزب وكلها تتطلب منه أداء أدوار متعددة وعلى الفرد أن يجد الطريقة‬
‫التي تنظم بها أدواره لتجنب صراع األدوار ولتحقيق التكامل بين األدوار المختلفة‪.‬‬

‫ويتعلم الفرد أدواره االجتماعية عن طريق القواعد واألسس المعروفة في نظرية التعلم حيث‬
‫يتعلم الفرد الدور االجتماعي عن طريق التعلم المقصود والتعلم التلقائي غير المقصود عن‬
‫طريق عمليات التقمص والتوحد ويكتب الفرد أدواره االجتماعية من خالل تفاعله مع أعضاء‬
‫الجماعة والجماعات المختلفة التي ينتمي إليها وعن طريق عمليات التنشئة االجتماعية وتمتزج‬
‫األدوار االجتماعية المتعددة للفرد لتسهم في تكوين مفهومه لذاته وتعتبر عملية تعلم األدوار‬
‫عملية تعلم اجتماعي تؤدي إلى بقاء المجتمع واستقراره‪.‬‬

‫وقد استفادت الخدمة االجتماعية من نظرية الدور في صياغة مدخل للممارسة المهنية يبني على‬
‫معطيات هذه النظرية وخاصة وجهة النظر التي ترى أن ذات اإلنسان هي ذات اجتماعية فالفرد‬
‫كائن اجتماعي وليس كائنا عضويا أو نفسيا وهو الذي يضفي على هذه الذات وجودها بل هو‬
‫الذي يضفي على هذه الذات وجودها بل هو الذي يصفها قوية كانت أو ضعيفة‪ ،‬فالخجل‬
‫والغضب والخوف والجراءة ليست في ذاتها صفات نفسية خالصة تنبع في الذات ولكن الفرد في‬
‫تصوره لحكم األخرين عليه يترتب عليه مشاعر متصلة بقيم معينة تحكمها في النهاية دوره‬
‫االجتماعي ووظيفته ومكانته االجتماعية‪.‬‬

‫ويؤكد نموذج الدور على تعديل أدوار العمالء أو تصحيحها بناء على مفهوم نظرية الدور‬
‫للمشكلة باعتبارها فشل في أداء دور معين أو أن هناك إعاقة (كبيرة صغيرة) هذا الدور كما‬
‫تظهر المشكلة كذلك إذا وقع تعارض بين المتطلبات المختلفة ألدوار الفرد أو تعرض دوره‬
‫لمعوقات معينة نفس األمر ينطبق على أي نسق مثل نسق األسرة فقد تحدث المشكالت في‬
‫األسرة لعجزها عن أداء وظائفها االجتماعية‪ .‬وبذلك يصبح هدف األخصائي االجتماعي هو‬
‫مساعدة األنساق المختلفة على ممارسة أدوارها االجتماعية بفاعلية عن طريق مساعدة الفرد‬

‫‪11‬‬
‫احمد حسن العمري‬

‫على اكتساب مهارات أداء الدور أو تعديل توقعات اآلخرين أو مساعدته على اكتساب أدوار‬
‫جديدة واالستفادة من العالقات المهنية بين األخصائي االجتماعي وأنساق العمالء‪.‬‬

‫[‪ CITATION‬حبي‪]p 157 \l 1025\16‬‬

‫تفسير السلوك اإلنساني وفقا نظريات المستوى األوسط ‪Mezzo Level‬‬


‫[‪ CITATION‬حسي‪]p 76-78 \t \l 1025\21‬‬

‫تعنى هذه المجموعة من النظريات بتفهم كيفية نمو السلوك وتطوره من خالل التفاعالت التي‬
‫تحدث بين الفرد واألنساق المحيطة به بشكل مباشر ومستمر ومن النظريات‬

‫نظرية التبادل االجتماعي ‪Social Exchange Theory‬‬ ‫‪-1‬‬


‫تقوم نظرية التبادل االجتماعي على مسلمة أساسية تقول إن العالقات اإلنسانية تتم من‬
‫خالل سلوكيات تبادل المنفعة حيث إن الفرد يسعى بشكل شعوري إلى تحقيق غايات‬
‫معينة ولكن تحقيق هذه الغايات يتم في إطار تبادل المصالح بين الفرد واألفراد اآلخرين‬
‫فيتم االستفادة عن طريق تبادل المنفعة‪ .‬وارتباطا بهذا المفهوم نجد فكرة الحاجة حيث‬
‫أن اإلنسان في خالل سعيه إلشباع احتياجاته فإنه يعمل على تنمية وتدعيم مجموعة من‬
‫العالقات مع اآلخرين‪ ،‬هذا العالقات يجب أن تتسم باالتزان والثبات واالستمرارية‪،‬‬
‫ومن هنا كان تبادل المصالح واالرتباطات هو اإلطار التي يدور حوله ومن خالله كافة‬
‫(‬ ‫نماذج السلوك اإلنساني‪ .‬ويري أصحاب نظرية التبادل االجتماعي‬
‫‪ ) Homans, Johnson 1958, 1977‬أن األشياء على اختالف أنواعها ومقاديرها‬
‫لها قيمة هذه القيمة قد تكون مادية مثل البيت والسيارة والمالبس وقد تكون على شكل‬
‫خدمات يتم تبادلها بين األفراد وقد تكون األشياء على هيئة دعم وتأييد نفسي وعاطفي‬
‫بتبادل األفراد فيما بينهم‪ .‬ولكن عملية التبادل ال تأخذ المعنى المادي الدقيق فال يمكن‬
‫تقييمها على أساس مادي في معظم األحيان‪ ،‬حيث إن معاودة المريض والعمل على‬
‫رفع معنوياته أو مواساة الزوجة التي فقدت زوجها ال يمكن أن يتم تقديره بقيمة مادية‬
‫ولكن تكون له قيمة معنوية تؤثر في األفراد وتخفف من آالمهم أو تشجعهم على اكتساب‬
‫الثقة وتحقيق أهدافهم‬

‫‪12‬‬
‫احمد حسن العمري‬

‫‪ .2‬نظرية التفاعل الرمزي ‪Symbolic Interaction Theory‬‬


‫ترتكز هذه النظرية على بعض المفاهيم المنبثقة من النظرية السلوكية االجتماعية حيث‬
‫قام ‪ Mead ،1934‬في كتابه التاريخي بوضع األساس لتحليل السلوك اإلنساني‪.‬‬
‫وبشكل مبسط يرى أصحاب هذه النظرية ‪ Cooley, 1956‬أن الفرد يحصل عن طريق‬
‫عمليات االتصال التي تحدث بينه وبين الجماعات المحيطة به على صفاته الذاتية‬
‫والخاصة‪ ،‬ويتشكل السلوك من خالل التفاعل المستمر مع الجماعات األولية ‪Primary‬‬
‫‪Groups‬‬
‫مثل األسرة والجماعات األخرى خالل مشوار حياته‪ .‬وتعتمد هذه النظرية‬
‫على بعض المفاهيم األساسية مثل مفهوم الرمز ‪ Symbol‬والذي يعني أن األفراد‬
‫يتعاملون ويتصلون ببعضهم البعض من خالل مجموعة من الرموز المتفق عليها وأن‬
‫هذه الرموز ال تصف (الشيء) الكيان نفسه ولكنها تصف الخواص المتعلقة بالكيان‪،‬‬
‫ولذلك فإن هذه الرموز تصف األشياء المادية والنفسية والشعورية حيث ارتبط سلوك‬
‫األفراد بمجموعة من الرموز التي تعكس مجموعة من المعاني والمفاهيم والتصورات‬
‫التي يتم استخدامها لتحقيق عمليات االتصال وتبادل المنافع ومن ثم إشباع االحتياجات‪.‬‬
‫ويتم تعلم هذه الرموز والمعاني من خالل عمليات التهيئة االجتماعية‬
‫‪ Socialization‬والتي تحدث للفرد على مدار حياته من خالل مجموعة من العمليات‬
‫العقلية وعمليات التعلم الذاتي‪ .‬فعلى سبيل المثال نجد أن جهاز الحاسوب‬
‫‪ Computer‬قد اصبح جزءا أساسية من حياتنا حتى أن األجيال السابقة بدأت تدرك‬
‫معناه وأهميته سواء توفرت لها الفرصة الستخدامه أم ال ولكنها بدأت في التعود على‬
‫رمز الكمبيوتر كوسيلة من وسائل التهيئة االجتماعية التي حدثت لمجموعة من األفراد‬
‫خالل المراحل المتأخرة من العمر‬
‫وتقدم نظرية التفاعل الرمزي مجموعة من الفروض التي تساعد على تفسير السلوك‬
‫اإلنساني‪:‬‬
‫أ‪-‬يتمتع اإلنسان دون بقية المخلوقات بقدرات عقلية ونفسية وسلوكية متميزة ومتفردة‬
‫تجعله قادرا على التخاطب والتفاعل والمالحظة بدرجات متطورة تؤكد قدرته على‬
‫التواصل والتخاطب والتعبير والتفاهم واالنتماء الفعال مع بقية أفراد البشر‪ ،‬األمر الذي‬
‫يؤدي إلى نمو مجموعة من السلوكيات الهادفة إلى إشباع االحتياجات الذاتية وتفجير‬
‫قدرات اإلبداع واالبتكار واالختراع‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫احمد حسن العمري‬

‫ب‪-‬إن اإلنسان يسعى خالل مشوار حياته إلى تطوير ذاته وتأكيد هويته في إطار من‬
‫االعتراف والتدعيم المجتمعي‪.‬‬
‫ج‪-‬إن قدرة اإلنسان على التفكير والتخاطب تستند على استعداده الطبيعي للتعلم‪،‬‬
‫واالحتفاظ بالمعلومات واستخدامها بطريقة مركبة تقوم على التحليل واالستنباط‪ ،‬وتتم‬

‫هذه العمليات من خالل تهيئة الفرد لتعلم الرموز والمعاني المرتبطة بها‪ ،‬ولذلك فإن تنظيم‬
‫الرموز والمعاني بطريقة بنائية ومتقدمة يؤدي إلى تطور أساليب‬

‫األفراد بعضهم وبعض وبين الفرد والمجموعات التي ينتمي لها‪.‬‬


‫د‪-‬إن العالقة ما بين المالحظة والتفكير واإلحساس والتعبير هي عالقة ديناميكية تحدث‬
‫علي شكل دائري ومتبادل‪ ،‬لذلك فإن السلوك اإلنساني يعتبر كعمليات اجتماعية تبدأ‬
‫عندما يقوم الفرد (الذات) بنشاط أو تعبير معين‪ ،‬ولكن من خالل‬
‫الوعي بالذات واآلخرين يقوم هذا الفرد بالتحكم والتعديل في هذا السلوك حتى‬
‫يستطيع تنفيذه بشكل متكامل وفعال‪ ،‬وهذا يعني أن النشاط الذي يقوم به الفرد‬
‫(السلوك) يتم تعديله وتغييره وتنقيحه بشكل مستمر‪ ،‬ويتم أيضا من خالل متابعة‬
‫الفرد لردود أفعال اآلخرين الذين يالحظون هذا السلوك ويستجيبون له‪ ،‬حيث‬
‫إن مالحظاتهم وتفسيراتهم وانتقاداتهم أو استحسانهم لهذا السلوك والذي قد‬
‫يؤدي إلى تغييره أو تأكيده أو حتى إلغائه لتجنب ردود األفعال السلبية التي تتمثل‬
‫االتصال في اإلدانة أو االستهجان‪.‬‬

‫ه‪-‬إن سلوك األفراد لتحقيق غايات بعيدة ينطبق على جميع الوحدات والمنظمات‬
‫االجتماعية‪ ،‬فاألسرة تبذل كل الجهد في تربية أبنائها ورعايتهم ألن اآلباء يتخيلون‬
‫أبناءهم في صورة نجاحهم في الدراسة والحصول على مناصب هامة في المجتمع‪.‬‬
‫[‪ CITATION‬حسي‪]p 80 \t \l 1025\21‬‬

‫‪14‬‬
‫احمد حسن العمري‬

‫تفسير السلوك وفقا لنظريات المستوي األعم ‪Macro Level Theories‬‬

‫يتأثر السلوك اإلنساني أيضا بالظروف البيئية والمجتمعية والتجارب التي يمر بها‬
‫اإلنسان عبر حياته والمفاهيم التي يرثها من األجيال السابقة‪ .‬ولذلك كان من الضروري‬
‫أن نراجع مجموعة النظريات والمفاهيم التي تعمل على تفسير السلوك اإلنساني وربطه‬
‫باألحداث والخبرات التي يعيشها خالل تفاعله مع األنساق األعم في المجتمع‪ ،‬ونقصد‬
‫بهذه األنساق المؤسسات والمنظمات الموجودة في المجتمع‪ ،‬باإلضافة إلى التشكيالت‬
‫االجتماعية مثل المجتمع الكبير والذي يتمثل في اإلمارة أو المملكة أو الدولة التي ينتمي‬
‫لها الفرد والتي تصدر سياسات وتشريعات وقوانين تؤثر بشكل مباشر في سلوكيات‬
‫الفرد واتجاهاته وتفاعالته اليومية‪ .‬ويجب أن نشير هنا إلى تأثير الثقافة العامة التي‬
‫ينتمي لها الفرد والثقافة الخاصة التي ترتبط بمنطقة معينة أو والية أو‬
‫مجموعة قبائل أو عشائر أ وقرى أو منطقة سكنية‪ ،‬حيث تساهم هذه الثقافات في تشكيل‬
‫سلوك الفرد وتفاعالته اإلنسانية وكذلك رؤيته وتحليله لألحداث والمواقف التي يعيشها‬
‫[‪ CITATION‬حسي‪]p 81 \t \l 1025\21‬‬ ‫وتمر به بشكل يومي‪.‬‬

‫نظرية المنظمات‬
‫تعتبر نظرية المنظمات ميدان العديد من التخصصات العملية حيث شارك في تأسيس‬
‫هذه النظرية وتطويرها كل من االجتماعيين واالقتصاديين والسياسيين لذا نجد أن‬
‫المنظمة تدرس من وجهة نظر سلوكية ومن وجهة نظر سسيولوجية ومن وجهة نظر‬
‫إدارية وهكذا مما أدى إلى وجود العديد من االتجاهات والنظريات التي تدرس‬
‫المنظمات االجتماعية كما أننا نجد أيضا تعديالت أو نظريات جديدة كامتداد لالتجاهات‬
‫القديمة إال أننا يمكننا أن نميز بين النظريات واالتجاهات اآلتية‪.‬‬
‫حدد دافيد دينكرلي اتجاهين في دراسة المنظمات‬
‫(أ) االتجاه الكالسيكي‪ :‬ويشمل االتجاه المادي التي تمثلها دراسات كارل مارکس‬
‫واالتجاه البيروقراطي الراشد وتمثلها دراسات ماكس فيبر‪.‬‬
‫(ب) االتجاه الحديث‪ :‬والذي يشمل االتجاه البنائي الوظيفي وتمثلها دراسات‬
‫الكوت بارسونز واالتجاه النفسي االجتماعي وتمثلها مدرسة العالقات اإلنسانية أللتون‬
‫‪15‬‬
‫احمد حسن العمري‬

‫ملیر ودراسات صنع القرار هربرت سيموث وفيما يتعلق بأنواع وطرق تحليل‬
‫[‪ CITATION‬حبي‪]p 205 \l 1025\16‬‬ ‫المنظمات‪.‬‬

‫وليس هناك شك في أن هذه المنظمات تساهم بحد كبير في تشكيل سلوك األفراد‬
‫وتوجههم إلى الطريقة التي يجب أن يتعاملوا بها معها واألنظمة التي يجب أن يتبعوها‬
‫لتحقيق مصالحهم وحماية حقوقهم أثناء تعاملهم مع بعضهم البعض‪ .‬ولذلك نجد أن هذه‬
‫المنظمات تنقسم إلى‪:‬‬

‫منظمات تشريعية‪ :‬مثل المجالس التشريعية والبرلمانية والفدرالية والتي تعنى‬ ‫‪-1‬‬
‫بوضع الدساتير والقوانين التي توضح حقوق أفراد المجتمع وهيئاته وتبين الواجبات‬
‫والمسؤوليات المرتبطة بكافة أفراد المجتمع وجماعاته ومنظماته‬
‫‪.‬‬
‫منظمات قضائية‪ :‬والتي تقوم بوضع األحكام واللوائح والعقوبات وتقوم بتطبيق‬ ‫‪-2‬‬
‫القوانين عن طريق الهيئات القانونية والقضائية‪ ،‬فتقوم بالفصل في الخالفات‬
‫وتفسير القوانين ومحاسبة المخالفين للقوانين أو الذين يسببون الضرر لآلخرين عن‬
‫طريق عدم منحهم الحقوق التي تنص عليها التشريعات الموضوعة وكذلك محاسبة‬
‫الذين يخفقون في تنفيذ مسؤولياتهم والتزاماتهم تجاه أفراد المجتمع وهيئاته‬

‫منظمات تنفيذية‪ :‬وتستند هذه المنظمات على األحكام والتشريعات وتقوم بتنفيذ‬ ‫‪-3‬‬
‫المهام المنوطة بها من تنفيذ الخدمات والرعاية ألفراد المجتمع‪ ،‬فتستخدم الميزانيات‬
‫التي تخصص لها بواسطة التشريعات في تقديم برامج الرعاية والتنمية للمجتمع‬
‫[‪ CITATION‬حسي‪]p 82 \t \l 1025\21‬‬ ‫نظريات السلوك اإلنساني ‪.‬‬

‫‪16‬‬
‫احمد حسن العمري‬

‫ثانيا‪ :‬الخدمة االجتماعية والعمل مع منظمات الرعاية االجتماعية‪:‬‬


‫يشير التدخل المهني إلى عمليات وأنشطة الخدمة االجتماعية التي يقوم بها األخصائي‬
‫االجتماعي وتحتوي على جميع المعلومات وتحليلها والمهام التي يقوم بها بما يؤدي في‬
‫النهاية إلى التغيير الفعلي للعمالء‪ ،‬وفي مجال التدخل المهني لطريقة تنظيم المجتمع مع‬
‫الرعاية االجتماعية فإننا نقترح أن يتم التدخل المهني على مستويين المستوى األول هو‬
‫العمل مع مجتمع المنظمة والمستوى الثاني هو العمل بين منظمات الرعاية االجتماعية‪.‬‬
‫[‪ CITATION‬حبي‪]p 209 \l 1025\16‬‬

‫[‪ CITATION‬حبي‪]p 224 \l 1025\16‬‬ ‫نظرية الصراع‬


‫‪Conflict Theory‬‬
‫انبثقت هذه النظرية من آراء کارل مارکس ‪ Karl Marx‬الذي يرى أن أساس التراعات‬
‫والصراعات االجتماعية ينتج من الجوانب االجتماعية واالقتصادية والتي تؤثر في‬
‫البناء االجتماعي للمجتمع كما اعتمدت ايضا على آراء كل من ماكس فيبر‬
‫‪Max weber‬وجورج سميل ‪ George Smeel‬اللذان أشار إلى أن الصراع‬
‫االجتماعي يبني على افتراض أن النزاع أو الصراع هو المحدد االساسي للحياة‬
‫البشرية‪.‬‬
‫وتفترض هذه النظرية أن طبيعة التفاعالت االجتماعية بين األفراد والجماعات في‬
‫المجتمع من الطبيعي ان يتخللها النزاع والصراع وأنه ال يمكن توقع أي عالقات‬
‫اجتماعية دون نزوع نزاعات ألن النزاع أمر حتمي في الحياة االجتماعية لألفراد‬
‫واألسر والجماعات المجتمعية كما أن العنف والصراع الذي يظهر في المجتمع هو‬
‫ميراث للظلم اإلنساني على مر التاريخ ومعاناة األقليات والفئات المستضعفة في‬
‫المجتمع‪.‬‬
‫مفهوم الصراع‪:‬‬
‫بالنظر إلى نظرية التبادل التي يتوقع فيها كل طرف أن تكون عائد العملية التعاونية‬
‫عائدا مجزيا لكل طرف‪ ،‬فإنه إذا حدث أن أحد األطراف اكتسبت منافع أعلى من‬
‫الطرف األخرى وأن الطرف اآلخر نقص عنه هذه المنافع بنفس القدر فإن ذلك ينتج‬
‫عنه تفاعل يتسم بالنزاع والصراع‪.‬‬
‫والصراع هو عالقة بين طرفين أو أكثر يعتقد كل منهم أن أهدافه ومصالحه مع‬

‫‪17‬‬
‫احمد حسن العمري‬

‫اآلخرين متعارضة‪.‬‬
‫ويعرف الصراع بأنه عنف قد تمارسه بعض األطراف لعدم وجود فرص متساوية بين‬
‫أفراد المجتمع أو الستغالل فئة في المجتمع لفئة أخرى أو لعدم إتاحة الفرص للمشاركة‬
‫الصراع ويتضمن العنف‪.‬‬
‫أسباب الصراع‪:‬‬
‫يرجع أصحاب هذه النظرية أسباب الصراع إلى صراع البناء االجتماعي نفسه إذا‬
‫كانت طبيعة البناء االجتماعي تسمح لبعض الجماعات لالستفادة على جانب جماعات‬
‫أخرى تنتمي لنفس البناء االجتماعي فإن الصراع ينشأ في هذه الحالة ويكون مشتق من‬
‫البناء االجتماعي‪.‬‬
‫كما أن اختالف المصالح في الحياة االجتماعية قد تولد الصراع فإذا تعارضت مصالح‬
‫بعض الفئات في المجتمع مع مصالح فئات أخرى فقد يتولد الصراع في الحياة‬
‫االجتماعية‪.‬‬
‫فالصراع هو وليد عدم تغابن المصالح مما يؤدي إلى تعارض في اآلراء ووجهات‬
‫النظر‪.‬‬
‫[‪ CITATION‬حبي‪]p 225 \l 1025\16‬‬

‫‪18‬‬
‫خالد سفر البقمي‬

‫نظرية االنساق العامة‪:‬‬


‫اعتمدت نظرية األنساق العامة بصفة خاصة على األفكار التي صاغها تالكوت‬
‫بارسونز ‪ Barsons‬حول األنساق العامة والتي بدأ استخدامها في الخدمة‬
‫االجتماعية حيث ذهب جوردن هيرن ‪ Gordon Hearn‬بأن نظرية األنساق العامة‬
‫كأداة للبناء المعرفي تتالءم مع طبيعة الخدمة االجتماعية في تفسيرها للعالقة بين‬
‫األنساق البيئية‪( .‬حبيب‪2010 ،‬م‪ ،‬ص‪)314‬‬
‫والنسق ما هو إال مجموعة من العناصر المنظمة والمتداخلة التي يترتب بعضها‬
‫على البعض اآلخر لتحقيق الوظيفة الكلية‪ ،‬فالفرد واألسرة والفصل والكلية والجامعة‬
‫كلها تتكون من عناصر متعددة التي تعمل معا لتحقيق وظيفة معينة‪.‬‬
‫ومن أجل فهم كيف أن نظرية األنساق العامة تمدنا بإطار للتدخل يجب أن نفهم‬
‫بعض المفاهيم األساسية التي تضمنتها هذه النظرية وهذه المفاهيم هي(حبيب‪،‬‬
‫‪2010‬م‪ ،‬ص‪:)317-316‬‬
‫النسق‪ :‬عرف هارتمان و الريد (‪ )Hartman &Larid‬النسق بانه هو " ذلك الكل‬
‫والذي يتكون من أجزاء متداخلة فيما بينها ومعتمدة على بعضها البعض"‬
‫الحدود‪ :‬هي خطوط وهمية ال وجود لها وهي تستخدم لتحديد نسق ما وتعريفها يتم‬
‫حسب المحكات والمعايير المستخدمة من قبل االخصائي االجتماعي‪.‬‬
‫التغذية العكسية‪ :‬تحدث التغذية العكسية عن طريق عمليتي استيراد وتصدير الطاقة‬
‫والتي عن طريقها يتم تفاعل األنساق مع البيئة الخارجية‪ ،‬وتعتمد االنساق على‬
‫عملية التغذية العكسية لتقوم أدائها وتعديل مسارها‪.‬‬
‫فقدان الطاقة‪ :‬تصل األنساق مرحلة فقدان الطاقة إذا بدأت بتصدير طاقة أكثر من‬
‫تلك التي تستوردها فمرحلة فقدان الطاقة يقصد بها النقص في مخزون النسق من‬
‫الطاقة والناتج عن تصديره طاقة أكثر من تلك التي يستوردها‪.‬‬
‫تخزين الطاقة‪ :‬تخزين الطاقة هي الزيادة في مخزون النسق من الطاقة والناتج عن‬
‫ميل النسق لألخذ من البيئة الخارجية أكثر مما يقدم لها‪.‬‬
‫التوازن‪ :‬تسعي األنساق الحية سعيا حثيثا من خالل عمليتي استيراد وتصدير‬
‫الطاقة الى الوصول لمستوى التوازن بحيث ال تصدر وال تستورد طاقة أكثر مما‬
‫يجب‪.‬‬

‫‪19‬‬
‫خالد سفر البقمي‬

‫المنظور االيكولوجي‪:‬‬
‫ينظر المنظور األيكولوجي الى األنساق البيئية على المستوى األصغر (فردا وأسرة)‬
‫والمستوى المتوسط (جماعة صغيرة ‪ -‬أو كبيرة) والمستوى االكبر (المنظمة‬
‫والمجتمع ) على أنها وحدات وظيفية تتسم بوضوح الحدود والتنظيم الذاتي والتكيف‬
‫وهي تقوم بأداء عملها ويحدث بينها تفاعالت وتعامالت وهی توليفة أو مكون من‬
‫النظم البينية المتعددة التي يصعب عليها أال تعتمد بعضها على بعض‪( .‬حبيب‪،‬‬
‫‪2010‬م‪ ،‬ص‪)318‬‬
‫ولفهم المنظور األيكولوجي كعنصر أساسي دراسة العالقة بين البيئة واإلنسان‬
‫ينبغي أن نتعرف على ما نقصده بمفهوم النسق وعلم البيئة (حبيب‪2010 ،‬م‪ ،‬ص‬
‫‪:)318‬‬
‫النسق هو بناء يتميز بالتغيير المستمر ألجزائه وعملياته وهو في حالة تفاعل‬ ‫‪‬‬
‫مستمر‪.‬‬
‫األنساق االجتماعية تحاول أن تدافع عن وجودها من خالل عمليات التكيف‬ ‫‪‬‬
‫والحفاظ على الذات وهي ترتبط بعضها بالبعض ويعتمد بعضها على البعض‬
‫وبالمثل فإن األشخاص وبيئاتهم يشتركون معا ً في عمليات تكيفية مستمرة‬
‫ويجب النظر اليها بشكل كلي‪.‬‬
‫علم البيئة هو العلم المختص بالمالئمة التكيفية للكائنات الحية مع بيئاتهم وبين‬ ‫‪‬‬
‫الوسائل التي يمكن من خاللها تحقيق توازن وتبادل دينامي يتميز بالفاعلية‬
‫المستمرة‪.‬‬
‫ومن ذلك يتضح أن كل من النسق وعلم البينة جزءان يكمالن بعضهما البعض‬
‫في المنظور األيكولوجي وذلك عن طريق تصوير األشخاص كأنساق وتصوير‬
‫البيئات باألنساق كأنساق وعن طريق تصوير المالئمة والتفاعالت بين‬
‫األشخاص والبيئات‪( .‬حبيب‪2010 ،‬م‪ ،‬ص‪)319‬‬
‫والخالصة أن المنظور األيكولوجي يرى أن اإلنسان يمكن فهمه كنسق في بيئة‬
‫عن طريق التركيز على األساليب والتفاعالت والتعامالت التي قد تحدث بين‬
‫األجزاء المتنوعة وعند الحدود التي يتالقى فيها اإلنسان والبيئة‪( .‬حبيب‪2010 ،‬م‪،‬‬
‫ص‪)319‬‬
‫وهذا المنظور يوجه كل من األخصائي االجتماعي ونسق العميل نحو التبادالت‬
‫والتفاعالت المعقدة في الحاالت كما ينظر الى التفاعالت والتبادالت واالعتماد‬
‫المتبادل بين الكائن والنسق الفرعي والبيئة المحلية والنسق األكبر على أنها‬
‫جوانب هامة من أجل كل منهم منفصال وكيف قد يكون ألحد هذه العناصر على‬
‫اآلخر تأثيرا سلبيا أو إيجابيا‪( .‬حبيب‪2010 ،‬م‪ ،‬ص‪)320‬‬

‫‪20‬‬
‫خالد سفر البقمي‬

‫منظور النسق االيكولوجي‪:‬‬


‫يعتبر منظور النسق األيكولوجي جزء أساسي من األساس المعرفي للعالقة بين‬
‫البيئة واإلنسان مثل نظرية األنساق العامة فهو يقدم إطار مفيدا وهذا االتجاه‬
‫يستمد أفكاره األساسية من نظرية األنساق العامة ويستخدم مفاهيم مختارة من‬
‫المنظور األيكولوجي والتي تفيد في وصف التفاعل الذي يحدث بين اإلنسان‬
‫وسائر األنساق األخرى حيث يعمل الممارس العام مع نسق العمالء في إطار‬
‫بيئاتهم االجتماعية وهناك عالقة بين نظرية األنساق العامة ومنظور النسق‬
‫اإليكولوجي فهما متشابهان في بعض الجوانب وغير متشابهان في جوانب‬
‫أخرى‪( .‬حبيب‪2010 ،‬م‪ ،‬ص‪)320‬‬
‫ومن أوجه التشابه بين نظرية األنساق العامة ومنظور النسق األيكولوجي فكل‬
‫منهما يركز على مفهوم النسق وعلى التفاعل الدينامي عبير مستويات مختلفة‬
‫كما أن النظرة لإلنسان وبعض المصطلحات والمفاهيم في كل منها واحدة كما‬
‫أن كال من االتجاهين يمد األخصائيين االجتماعية بإطار لتفسير العالم من حولنا‬
‫وكل منهما يركز على التفاعل الخارجي بدال من التفاعل الداخلي ومن وجهة‬
‫نظر الخدمة االجتماعية فإن كل منهما يركز على مساعدة الناس على تحسين‬
‫تفاعالتهم مع األنساق األخرى‪( .‬حبيب‪2010 ،‬م‪ ،‬ص‪)321‬‬
‫كما أن هناك اختالفين رئيسيين بين نظرية األنساق ومنظور النسق األيكولوجي‬
‫األول هو أن منظور النسق األيكولوجي يركز على تفاعالت الحياة الدينامية‬
‫والتركيز على المشاعر اإليجابية (فالناس مثال لديهم تفاعالت وتبادالت مع‬
‫بعضهم البعض ومع بيئاتهم) ونظرية النسق من ناحية أخرى تتبنى منظور‬
‫واسع يمكن استخدامه ليشير الى العمليات الميكانيكية (مثل عمليات النمو في‬
‫النبات ) ويمكن أن يستخدم الوصف وظائف األسرة اإلنسانية‪( .‬حبيب‪2010 ،‬م‪،‬‬
‫ص‪)320‬‬
‫واالختالف الثاني بين نظرية األنساق ومنظور النسق األيكولوجي أن لدى كل‬
‫منها مفاهيم مختلفة فعلى سبيل المثال يركز مفهوم النسق األيكولوجي على‬
‫التحوالت والتفاعالت بين األنساق والبيئة كنقطة تماس يلتقي فيها كل من‬
‫اإلنسان والبيئة بينما نظرية النسق تركز على حدود كل نسق مع االنساق‬
‫الفرعية للوصول إلى حالة التوازن داخل النسق وبعض المنظرين يرون أن‬
‫منظور النسق األيكولوجي يفسر نظرية النسق وهو أكثر مناسبة للتطبيق في‬
‫الممارسة العامة للخدمة االجتماعية‪( .‬حبيب‪2010 ،‬م‪ ،‬ص‪)320‬‬

‫‪21‬‬
‫خالد سفر البقمي‬

‫كيف يستفيد االخصائي االجتماعي من هذه النظريات؟‬


‫يستفيد األخصائي االجتماعي من الحقائق والمفاهيم األساسية التي يعرضها كل‬
‫من نظرية النسق العام والنموذج البيئي في اإلجابة عن بعض األسئلة الهامة‬
‫واألساسية عند تعاملهم مع كل من العميل بمستوياته المختلفة والموقف اإلشكالي‬
‫بظروفه المتعددة‪.‬‬

‫نظرية الضبط االجتماعي‪:‬‬


‫بدأت دراسة نظرية "الضبط االجتماعي" بشكل منفصل ومحدد في أوائل القرن‬
‫العشرين‪ .‬وتطور وتغير مفهوم "الضبط االجتماعي" منذ تشكيل علم االجتماع‪ ،‬فقد‬
‫كان المصطلح يشير ببساطة إلى قدرة المجتمع على تنظيم نفسه‪ .‬ولكن في ثالثينيات‬
‫القرن العشرين‪ ،‬استخدم المصطلح بشكل أكثر حداثة بمعنى دفع الفرد إلى االمتثال‪.‬‬
‫(عوض‪2020 ،‬م‪ ،‬ص‪)100‬‬
‫وبالنسبة لتعريف مفهوم الضبط االجتماعي فقد تعددت مفاهيمه وتعريفاته في العديد‬
‫من البحوث ومن خالل الكثير من الباحثين بصفة خاصة في علم االجتماع ومن هذه‬
‫التعريفات‪ :‬يعرف الضبط االجتماعي بانه "العمليات والوسائل التي تلجأ إليها‬
‫الجماعة للتحكم في حاالت االنحراف عن المعايير االجتماعية‪ ،‬وان كل ما يعتبر‬
‫وسيلة من وسائل تنظيم السلوك يعتبر في الوقت نفسه أداة من أدوات الضبط‬
‫االجتماعي"‪( .‬عوض‪2020 ،‬م‪ ،‬ص‪)101‬‬
‫أما ماكيفر(‪1961‬م) فيعرف الضبط االجتماعي بأنه "وظيفة للحفاظ على البناء‬
‫االجتماعي‪ ،‬من خالل أشكال القوى ذات التأثير الفعال التي تعمل على تدعيم‬
‫التماسك االجتماعي‪ ،‬وضبط سلوك األفراد من خالل احترام معتقدات المجتمع‬
‫وعاداته وتقاليده وقيمه ومعاييره"‪( .‬عوض‪2020 ،‬م‪ ،‬ص‪)101‬‬

‫‪22‬‬
‫خالد سفر البقمي‬

‫تصنيفات الضبط االجتماعي من وجهات نظر مختلفة‬

‫الوسائل الرسمية للضبط االجتماعي‪ :‬وهي العقوبات الخارجية التي‬


‫تفرضها الحكومة أو المجتمع لمنع حدوث الفوضى أو االنحراف في‬
‫المجتمع‪ .‬وهناك بعض الباحثين النظريين‪ ،‬مثل إميل دوركايم‪ ،‬يشيرون‬
‫إلى هذا النوع من الضبط باسم "التنظيم"‪( .‬عوض‪2020 ،‬م‪ ،‬ص‪)101‬‬ ‫من حيث‬

‫الوسائل غير الرسمية للضبط االجتماعي‪ :‬وتتضمن المعايير االجتماعية‬ ‫رسميته‬


‫والقيم من خالل عملية تعرف باسم التنشئة االجتماعية‪ ،‬والتي تعرف‬
‫بأنها "العملية التي من خاللها يبدا الفرد في اكتساب إمكانات سلوكية‬
‫واسعة بشكل كبير‪ ،‬والعمل على تطوير السلوك الفعلي ليقتصر على ما‬
‫هو مقبول بالنسبة له ووفقا لمعايير الجماعة "‪( .‬عوض‪2020 ،‬م‪ ،‬ص‬
‫‪)102‬‬
‫الضبط الخارجي‪ :‬ويتمثل في القوانين والتشريعات التي تضعها‬
‫المجتمعات‪ ،‬وتتولى الجهات الرسمية للدولة مهمة تطبيق هذه القوانين‬
‫واللوائح ويتعرض من يخالفها للعقاب من المجتمع‪( .‬عوض‪2020 ،‬م‪،‬‬
‫ص‪)102‬‬ ‫من حيث‬
‫الضبط الداخلي‪ :‬وينبع من داخل اإلنسان كالقيم والعادات والتقاليد‬
‫والمعايير األخالقية االتجاهات‪ ،‬أي أن الضبط الداخلي يمكن أن يطلق‬ ‫موقعه‬
‫عليه الضمير الذي يوجد داخل الفرد‪ .‬ويحدث الضبط الداخلي عندما يقبل‬
‫األفراد معايير الجماعة على أنها تمثل جزءا من ضمائرهم االجتماعية‬
‫ويعدونها جزءا من هويتهم الذاتية‪ ،‬تغرسها عملية التنشئة األسرية في‬
‫بداية مرحلتها لتجعلها أحد أوجه ذات الفرد‪( .‬عوض‪2020 ،‬م‪ ،‬ص‪)103‬‬

‫الضبط االجتماعي اإليجابي‪ :‬وهو الذي يسعى إلى توفير دافعية إيجابية‬
‫للفرد لالمتثال الجوانب الضبط االجتماعي المختلفة‪ ،‬ويتمثل هذا النوع‬
‫من الضبط في المدح‪ ،‬واإلطراء‪ ،‬والرضا الجمعي‪ ،‬والتقدير المادي‪ ،‬مما‬
‫يشجع األفراد على االلتزام واالنصياع‪( .‬عوض‪2020 ،‬م‪ ،‬ص‪)103‬‬
‫من حيث‬
‫الضبط االجتماعي السلبي‪ :‬وهو الذي تتبنى فيه الجماعة عدد من‬
‫األساليب السلبية مثل التهديدات‪ ،‬والعقوبات الجزائية‪ ،‬والتي تجعل الفرد‬ ‫الهدف والنتائج‬
‫حريصا على عدم مخالفة النظم والقيم التي توافق عليها المجتمع ويلتزم‬
‫في سلوكه بما يتوافق معها‪( .‬عوض‪2020 ،‬م‪ ،‬ص‪)103‬‬

‫‪23‬‬
‫خالد سفر البقمي‬

‫عالقة نظرية الضبط االجتماعي بالسلوك اإلنساني‪:‬‬


‫يتضح مما سبق في اطار هذه النظرية أن أحد العوامل المرتبطة والمؤثرة في سلوك‬
‫األفراد في أي مجتمع من المجتمعات نظام الضبط االجتماعي الذي يوجد في هذا‬
‫المجتمع‪ ،‬وان هذا الضبط يتنوع ويتعدد ويبدأ من عند الشخص نفسه متمثال في‬
‫نواحي الضبط الداخلي أو الضمير‪ ،‬باإلضافة إلى جوانب الضبط الرسمية المتمثلة‬
‫في القوانين والتشريعات والنظم التي تتولى سنها المجتمعات والحكومات لتنظيم‬
‫معامالت وسلوكيات األفراد مع بعضهم البعض‪ ،‬إلى جانب أساليب الضبط غير‬
‫الرسمية التي تشمل الدين والعادات والتقاليد واألعراف والقيم السائدة والتي تعتبر‬
‫احد الضوابط الهامة خصوصا في المجتمعات التقليدية البسيطة‪ ،‬ويتم غرسها أثناء‬
‫عملية التنشئة االجتماعية كل هذه األنماط من الضبط تهدف في النهاية إلى الوصول‬
‫بسلوكيات األشخاص داخل المجتمع إلى سلوكيات إيجابية صحيحة‪ ،‬وحتى تضمن‬
‫ذلك حددت المجتمعات أيضا الكثير من العقوبات لمن يتعدى على هذه الضوابط أو‬
‫انحرف عنها بممارسة سلوكيات تتعارض مع ما تفرضه وتوجه اليه هذه الضوابط‪.‬‬
‫أي انه بصفة عامة على قدر قوة هذه الضوابط بأنواعها المختلفة والتزام األفراد بها‬
‫على قدر سواء سلوكياتهم التي يمارسونها داخل هذه المجتمعات‪ ،‬وعلى قدر ضعفها‬
‫على قدر االنحراف وعدم السواء الذي من الممكن أن ينتج عنها‪( .‬عوض‪2020 ،‬م‪،‬‬
‫ص‪)104‬‬

‫مدرسة التحليل النفسي‪:‬‬


‫مؤسس هذه المدرسة هو سيجموند فرويد الطبيب النمساوي الشهير الذي أهتم‬
‫بدراسة النواحي العقلية الشاذة والتعرف على اسبابها مركزا على دراسة الماضي‬
‫وتحليله ليفسر به الحاضر وقد صورت هذه المدرسة الشخصية كميدان صراع‬
‫للقوى وتشير هذه المدرسة إلى أن هناك دوافع أولية تحرك السلوك اإلنساني وال‬
‫يمكن تحليلها الى أبسط منها وأن هذه الدوافع عادة يشترك فيها أفراد النوع اإلنساني‬
‫جميعا ولها غاية تصبوا إلى تحقيقها‪( .‬حبيب‪2010 ،‬م‪ ،‬ص‪)31‬‬
‫ويرى فرويد أن دوافع اإلنسان ورغباته يمكن أن نعزوها جميعا الى غريزتين‬
‫عامتين يشترك فيهما أفراد النوع اإلنساني‪ .‬جميعا وهما غريزة الحياة وغريزة‬
‫الموت أو العدوان كما توصل الى أن هناك ناحية خفية من العقل البشرى تؤثر في‬
‫السلوك وقد عزا أسباب األمراض العقلية الى الكبت أساسا‪.‬‬
‫كما تؤكد هذه المدرسة على أن هناك جانبا خفيا في الشخصية اإلنسانية تؤثر على‬
‫حياة اإلنسان الظاهرة دون شعور منه أطلقت عليها مفهوم الالشعور‪.‬‬

‫‪24‬‬
‫خالد سفر البقمي‬

‫وقد اتجه فرويد إلى استخدام األساليب اإلكلينيكية في التحليل النفسي وقد توصل‬
‫فرويد من خالل هذه األساليب إلى أن سلوك اإلنسان ال يمكن أن يفسر دائما‬
‫بالشعور بل أن هناك قوة دافعة رئيسية في البشر ذات طبيعة ال شعورية وأن هناك‬
‫عدة عوامل مترابطة يمكن بها تفسير سلوك اإلنسان‪( .‬حبيب‪2010 ،‬م‪ ،‬ص‪)32‬‬
‫مظاهر النفس الثالثة‪( :‬حبيب‪2010 ،‬م‪ ،‬ص‪)32‬‬
‫من اهم ما اوضحته نظرية التحليل النفسي ان النفس البشرية لها ثالثة مظاهر‬
‫أساسية هي‪:‬‬
‫الهو (االنا الدنيا)‬
‫وتمثل الغريزة أو الهو جوهر الالشعور وتتميز بأنها غير ناضجة وبدائية وغير‬
‫مكبوحة وتتطلع دائما إلى الملذات وتظهر بشكل رئيسي في الشهوات الجنسية أو‬
‫العنف ولكنها تسعى الى الراحة والدفء والطعام ‪ ....‬الخ ‪ .‬أي أن هذا الجزء‬
‫يحتوى على كل الغرائز اإلنسانية البدائية التي يشترك فيها اإلنسان مع الحيوان‬
‫ويحكم نشاطها مبدأين أساسين هما مبدأ اللذة ومبدأ تجنب األلم حيث تسعى إلى‬
‫أقصى درجة إلشباع الغرائز من أجل الحصول على اللذة وفي نفس الوقت تحتمى‬
‫من البرد أو الحر أو تسعى الطعام تجنبا لأللم ‪ ،‬كما تنافس الغرائز فيما بينها‬
‫كغريزة الحياة وغريزة الموت ومع تطور الشخصية اإلنسانية ونضوجها يستطيع‬
‫الفرد أن يتحكم الى حد ما في غرائزه ولكنها تبقى دائما مصدرا هاما للتفكير‬
‫والسلوك من وجهة نظر فرويد ‪.‬‬

‫االنا األعلى‬
‫والمظهر الثاني هو األنا األعلى وهو بمثابة القيم والمعايير التي تساعد اإلنسان على‬
‫تمييز الصواب والخطأ وهي في معظمها ال شعورية وتتكون عن طريق استيعاب‬
‫الفرد للقيم األخالقية والثقافية للمجتمع وهي عنصر مكتسب من البينة عن طريق‬
‫التنشئة االجتماعية وتحتوي على النواهي والمحرمات ويطلق عليها البعض الضمير‬
‫اإلنساني ‪ ،‬وبالرغم من أن األنا األعلى تساعد اإلنسان عن طريق دفع األنا لمواجهة‬
‫دوافع الغريزة اال أنها في بعض الحاالت قد تتصارع مع األنا‪.‬‬
‫االنا‬
‫والمظهر الثالث هو األنا وهي تمثل الشعور أو الجزء الواعي من الشخصية ويمكن‬
‫أن تقول أنها تتمثل في العقل والمنطق الذي يرتبطا أساسا بالواقع الذي يعيش فيه‬
‫اإلنسان ويحاول أن يكيف سلوكه معه بالشكل المقبول الذي يمكن تصور حدوث‬
‫تعارض وصراع بين الهو واألنا بينما تسعى الغريزة الى تحقيق الملذات والتعة‬

‫‪25‬‬
‫خالد سفر البقمي‬

‫السريعة لإلنسان تتجه األنا إلى أنكار ذلك أو على األقل الى تأجيله الى الوقت‬
‫والمكان المناسب ‪.‬‬

‫ومن هنا يتضح أنه إذا سيطرت األنا على الهوا (الغريزة ) تماما فإن األنسان ال‬
‫يستطيع أن يكيف سلوكه في المجتمع وقد تكون له حياة سلبية شاذة أما إذا لم تسيطر‬
‫األنا على الهو فإن اإلنسان يكون عدوانيا يبحث عن ملذاته الشخصية مما يعرضه‬
‫للخطر‪ ،‬وكذلك فإنه إذا كانت األنا األعلى قوية ومسيطرة يصبح األنسان قلقا للغاية‬
‫وقد يدفعه ذلك الى التطرف‪.‬‬

‫وقد ركزت تلك المدرسة اهتمامها في تفسير السلوك اإلنساني على ما يلي ‪- :‬‬
‫(حبيب‪2010 ،‬م‪ ،‬ص‪)34‬‬
‫‪ -1‬دراسة الماضي وتحليله لتفسير الحاضر مع تأكيد األثر الكبير لمرحلة الطفولة‬
‫المبكرة خاصة عالقة الطفل بوالديه في تشكيل شخصيته عند الرشد وفي كشف‬
‫النواحي العقلية الشاذة والتعرف على أسبابها كما اعتمدت على وسيلة أساسية في‬
‫هذا المجال هي طريقة التداعي الحر الطليق‪.‬‬
‫‪ -۲‬أقرت هذه المدرسة في تفسيرها للسلوك مبدأ الحتمية النفسية بمعنى أنه ليس‬
‫هناك في دنيا النفس مجال للمصادفة فكل سلوك ظاهر أو باطن يصدر عن اإلنسان‬
‫مقيد بالحتم بظروف سابقة ودوافع معينة وأحداث محددة مثل هفوات أو فلتات‬
‫اللسان وزالت القلم والنسيان غير المتعمد وفقدان األشياء واخطاء الكتابة‬
‫والقراءة ‪ ....‬الخ‪.‬‬
‫‪ -3‬طبقت هذه المدرسة المنهج العلمي في تفسير األحالم‪.‬‬
‫‪ -4‬توسعت هذه المدرسة في شرح مفهوم الغريزة الجنسية وإعارته اهتماما بالغا في‬
‫تأثيرها على سلوك اإلنسان واعتبره أنها مصدر لكثير من اللذات واألنشطة‬
‫والدوافع واالنحراف والمراض العصبية والعقلية‪.‬‬

‫والخالصة أن أراء فرويد برغم دقتها وتقديمها ألطار فکري عام الفهم سلوك‬
‫اإلنسان والنفس البشرية فقد تعرضت للنقد بقدر ما تعرضت للمدح ومعظم النقد يقوم‬
‫أساسا على مبالغة فرويد في الدافع الجنسي كمفسر للسلوك اإلنساني‪ ،‬فضال عن‬
‫أساليب لتحليل النفس التي اتبعها فرويد تقوم على افتراضات غير قابلة‬

‫‪26‬‬
‫خالد سفر البقمي‬

‫للقياس( فالهو واألنا واالنا األعلى) أشياء غامضة في النفس البشرية يصعب عن‬
‫طريقها تفسير الشخصية اإلنسانية وسلوكها تفسيرا كامال ‪.‬‬

‫نظرية العالج المعرفي‪:‬‬


‫قبل نظرية العالج المعرفي ظهرت النظرية السلوكية الكالسيكية التي اتصفت‬
‫بالحتمية والبساطة في أصولها حيث اعتبرت أن السلوك هو رد فعل مشروط (مثل‬
‫استجابة الكلب لصوت الجرس الرتباطه بالتغذية)‪ .‬ومع ظهور النظرية المعرفية بدا‬
‫يتغير هذا التوجه‪ ،‬وركز المنظرون المعرفيون على بعد إضافي هو اإلدراك‬
‫‪ Cognition‬بدال من تصور المباشر بين المثير واالستجابة فقط‪( .‬عوض‪2020 ،‬م‪،‬‬
‫ص‪)110-109‬‬
‫وقد تم تطوير العالج المعرفي أيضا کرد فعل لنظرية التحليل النفسي‪ ،‬حيث انه يهتم‬
‫بعملية التفكير المنطقي والسلوك الذي يتأثر بالمكون المعرفي للفرد‪ .‬هذا باإلضافة‬
‫إلى اعتماد المنظرون المعرفيون على االختبارات التجريبية للتحقق من صحة‬
‫أفكارهم‪ .‬ويرى المنظرون المعرفيون أن السلوك يتأثر بإدراك الشخص‪ ،‬وب بيئته‬
‫أثناء عملية تعلمه‪( .‬عوض‪2020 ،‬م‪ ،‬ص‪)110‬‬
‫خصائص عامة للعالج المعرفي (عوض‪2020 ،‬م‪ ،‬ص‪:)114‬‬
‫رغم أن هناك الكثير من نماذج العالج أو التدخل القائمة على العالج المعرفي فإن‬
‫هذه النماذج لديها عدد من الخصائص العامة هي‪:‬‬
‫قصيرة المدی (االختصار)‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫تركز على المشكلة‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫تعرف المشكلة من جانب العميل‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫الشراكة‪.‬‬ ‫‪-4‬‬
‫الفعالية‪.‬‬ ‫‪-5‬‬
‫استراتيجية إعادة البناء المعرفي (عوض‪2020 ،‬م‪ ،‬ص‪:)115-114‬‬
‫تعتبر استراتيجية إعادة البناء المعرفي هي االستراتيجية األساسية التي يعتمد عليها‬
‫المعالج المعرفي في التعامل مع الموقف اإلشكالي للعميل وأفكاره المشوهة الخاطئة‪.‬‬
‫ويقوم المعالج المعرفي من خالل هذه االستراتيجية (بمساعدة العميل) على إعادة‬
‫تكوين أفكاره بالشكل الذي يجعل منها أفكارا منطقية سوية‪.‬‬

‫‪27‬‬
‫خالد سفر البقمي‬

‫وتمر هذه االستراتيجية بعدد من المراحل حتى يتم تحقيقها بشكل کامل‪ ،‬هذه‬
‫المراحل هي‪:‬‬
‫تقبل الفكرة‪ :‬بمعنى مساعدة العميل على تقبل فكرة أن أفعاله وسلوكياته تكون‬ ‫‪‬‬
‫بنا ًء على ما يفكر فيه‪.‬‬
‫األفكار الخاطئة‪ :‬بمعنى التعاون مع العميل في حصر وتحديد كل ما هو غير‬ ‫‪‬‬
‫سوى أو غير عقالني من أفكاره حتى يتم وضعها هدف للتغيير والتعديل‬
‫بالتعاون أيضا بينهما‪.‬‬
‫مصدر األفكار الخاطئة‪ :‬وتعني التعرف على المصادر التي قد ينتج عنها‬ ‫‪‬‬
‫التزام واعتقاد العميل في أفكار معينة غير سوية أو خاطئة‪.‬‬
‫اإلحالل واإلبدال‪ :‬وتعتمد هذه المرحلة على المراحل السابقة وبشكل أساسي‬ ‫‪‬‬
‫على المرحلة الثانية التي تم فيها تحديد األفكار الخاطئة‪ ،‬حيث يقوم المعالج‬
‫المعرفي بمساعدة العميل أن ينبذ هذه األفكار ويستبدلها بأخرى سوية‬
‫وإيجابية‪.‬‬
‫دعم العميل‪ :‬حيث يحاول المعالج المعرفي أن يدعم العميل على جهده‬ ‫‪‬‬
‫المبذول خالل المراحل السابقة وتحقيقه لنتائج إيجابية وهذا الدعم يكون له‬
‫أشكال مختلفة‪.‬‬
‫هذا وتعتمد استراتيجية إعادة البناء المعرفي على عدد من التكنيكات تساهم في‬
‫تحقيقها‪ ،‬ويمكن تحديد هذه التكنيكات في (عوض‪2020 ،‬م‪ ،‬ص‪:)116‬‬
‫المناقشة واإلقناع‪ :‬وذلك بمناقشة العميل في أفكاره غير السوية وإقناعه بتغييرها‬
‫واستبدالها بأخرى سوية‪.‬‬
‫التشجيع‪ :‬يستخدمه المعالج المعرفي بطرق مختلفة تدعم استمرار العميل في تعاونه‬
‫معه وتغيير أفكاره‪.‬‬
‫التوضيح‪ :‬من خالل قيام المعالج المعرفي بتوضيح الخطأ فيما يعتنقه العميل من‬
‫أفكار‪ ،‬واآلثار السلبية التي قد تنتج عنها‪.‬‬
‫التحليل‪ :‬يزيد التحليل هنا على التوضيح في الربط بين األفكار الخاطئة وما ينتج‬
‫عنها ويسبب الموقف اإلشكالي‪.‬‬
‫التقارير الذاتية‪ :‬وهي التي يسجل فيها العميل أفكاره وما ينتج عنها بشكل دوري‪،‬‬
‫ويقوم المعالج المعرفي بمناقشته في هذا التسجيل وهذه التقارير‪.‬‬
‫المواجهة‪ :‬ويستخدم المعالج المعرفي هذا التكنيك في مواقف محددة أثناء تعامله مع‬
‫مشكلة العميل أهمها حاالت التناقض بمعناها الشامل‪.‬‬
‫‪28‬‬
‫خالد سفر البقمي‬

‫الربط بين نظرية العالج المعرفي والسلوك اإلنساني‪:‬‬


‫لقد ساهم العالج المعرفي بدرجة كبيرة في تحديد الدور الذي يلعبه تفكيرنا في‬
‫صياغة مشاعرنا وسلوكياتنا‪ .‬حيث توضح هذه النظرية جانبا مهما هو كيف يسلك‬
‫االنسان والدور الهام الذي يمكن أن يلعبه التفكير في نمو وتطور اإلنسان‪.‬‬
‫ويشير فورليكيس ( ‪ Vourlekis ) 2009‬إلى أن اإللمام بالمفاهيم األساسية‬
‫النظرية المعرفية يمكن أن يساعد األخصائيين االجتماعيين "على التعامل مع العميل‬
‫حيث يكون العميل من خالل توجيه االنتباه إلى موقف العميل الواقعي الحالي‪.‬‬
‫وتوضح هذه النظرية أيضا أن المكون البيولوجي للسلوك اإلنساني يعتبر أمرا‬
‫مفروغا منه‪ .‬حيث يتم األخذ في االعتبار للجوانب العضوية كسبب للتفكير‬
‫المضطرب (مثل تلف الدماغ‪ ،‬أو اضطراب الوسواس القهري‪ ،‬أو االكتئاب)‪.‬‬
‫ويمكننا التأكيد انه في اطار النظرية المعرفية بأشكالها المختلفة والخطوات األساسية‬
‫التي تقوم عليها تعتبر األفكار والتوجهات التي يتبناها الشخص ويقتنع بها موجه‬
‫أساسي لقيامه بالسلوكيات المختلفة‪ ،‬حيث انه طبقا لهذه األفكار ونوعيتها يكون‬
‫السلوك الذي يصدر عن الشخص‪ ،‬فكلما كانت هذه األفكار إيجابية سوية تتفق مع‬
‫النظام العام للمجتمع‪ ،‬وقواعده وضوابطه كلما انعكس عنها سلوكيات سوية إيجابية‪،‬‬
‫وعلى الجانب اآلخر كلما كانت هذه األفكار سلبية مشوهة منحرفة عن الضوابط‬
‫المتعارف عليها في المجتمع كلما نتج عنها سلوكيات سلبية خاطئة‪( .‬عوض‪،‬‬
‫‪2020‬م‪ ،‬ص‪)117‬‬

‫‪29‬‬
‫عبدالمجيد علي محمد العقل‬

‫النظرية النسائية‬
‫هن اك العدي د من النظري ات ال تي س عت إلى رص د مظ اهر التفاوت ات المختلف ة بين‬
‫الجنسين الرجل والمرأة في المجتمعات البشرية‪ ،‬وبشكل خاص أوض اع الم رأة في‬
‫الغرب‪ .‬والالفت للنظر أن معظم هذه النظريات ظهرت في العالم الغربي منذ الثورة‬
‫الصناعية وحتى اآلن؛ وبمعنى آخر إن هذه النظري ات ارتبطت باألس اس بالس ياقات‬
‫الغربية ودرجة التطور الذي وصلته مجتمعاته ا‪ .‬وتتس م ه ذه النظري ات بش كل ع ام‬
‫بمحاولة تشخيص أوجه التفاوت التي تواجه المرأة وبش كل خ اص في مج ال العم ل‬
‫بالرغم من الفرص الهائل ة ال تي حص لت عليه ا في مختل ف المج االت بم ا في ذل ك‬
‫المجاالت التي لم يكن من المتصور أن تلتحق بها‪ .‬وما تهدف إليه هذه النظريات هو‬
‫التركيز على أوض اع الم رأة وجعله ا في الواجه ة من المش كالت االجتماعي ة ال تي‬
‫تواجهه ا المجتمع ات البش رية بحيث ال يتم التعام ل معه ا كقض ية فرعي ة ض من‬
‫النظريات االجتماعية األمر الذي يجعلها تكتسب االهتم ام ال ذي يلي ق بمكان ة الم رأة‬
‫في المجتمع‪( .‬عبدالعظيم‪2014 ,‬م‪ ,‬ص ‪.)639‬‬
‫ولكي يتم فهم النظري ة النس وية الب د من التمي يز بين ش روط الجنس‪ ،‬ون وع الجنس‬
‫ويستخدم الجنس لإلش ارة إلى االختالف ات البيولوجي ة بين اإلن اث وال ذكور في حين‬
‫يتم اس تخدام ن وع الجنس لإلش ارة إلى االختالف ات االجتماعي ة‪ ،‬مث ل األفك ار‬
‫والمعتقدات والمواقف حول النساء والرجال‪ .‬ون وع الجنس يب ني اجتماعي ا ويختل ف‬
‫ذلك من الثقافات وعبر الزمن‪ ،‬باإلضافة إلى ذلك‪ ،‬أدوار ك ل ن وع من الجنس ين هي‬
‫أدوار مرتبطة بالجنس الذي ينتمي له‪( .‬عبدالعظيم‪2014 ,‬م‪ ,‬ص ‪.)641‬‬
‫وتعمل النظري ة النس ائية إلى معالج ة قض ايا وأس اليب معين ة لفهم النس اء‪ ،‬ومن اهج‬
‫النظرية النسائية يمكن تطبيقها مع الرجال واألطف ال‪ ،‬وذل ك لش رح االختالف ات بين‬
‫الرجل والمرأة‪ ،‬وكيف تتطور ه ذه االختالف ات مراح ل العم ر‪ ،‬وممارس ة النظري ة‬
‫النس ائية تس عى لتط بيق المن اهج ال تي ص ممت لح ل ه ذه الخالف ات‪ .‬وته دف ه ذه‬
‫النظرية إلى زيادة الوعي حول اضطهاد المرأة‪ ،‬وهذا يوفر السبل ال تي يمكن للم رأة‬
‫من خاللها السيطرة على حياتها‪ .‬وتتطابق النظرية م ع البيئي ة ال تي تخت بر وتفحص‬
‫الترابط واالعتماد المتبادل بين الشخص والبيئة‪ ،‬لذلك المنهج يسعى إلى الت دخل م ع‬
‫الفرد أو مع البيئة مع أجل خلق التغيير‪ ،‬وزي ادة التمكين الشخص ي‪ ،‬وتعزي ز النم و‬
‫اإليجابي والتطوير‪.‬‬
‫وتعتبر النظرية النسائية مالئمة جداً للخدمة االجتماعية حيث أن غالبي ة األخص ائيين‬
‫االجتماعيين من النساء وفي الغالب يتصلون ب العمالء لتق ديم الخ دمات االجتماعي ة‪.‬‬
‫‪30‬‬
‫عبدالمجيد علي محمد العقل‬

‫وقد ظهر ما يس مى بالحرك ة النس ائية أو النظري ة النس ائية في الخدم ة االجتماعي ة‪.‬‬
‫وعلى الرغم من االختالف ات الموج ودة في أيديولوجي ة وعقائ د الخدم ة االجتماعي ة‬
‫النس ائية إال أن ه يوج د قواس م مش تركة بين األخص ائيين االجتم اعيين في النظري ة‬
‫النسائية تشمل التسلط األبوي‪ ,‬وتمكين المرأة ورفع وعي النساء والمجتمع ككل فيم ا‬
‫يتعلق بعدم المساواة بين الجنسين‪( .‬حبيب‪2010 ,‬م‪ ,‬ص‪)182‬‬
‫أصول النظرية النسائية‪:‬‬
‫ترجع أصول النظرية النسائية الحديثة إلى السبعينيات والثمانينيات وطورت على ي د‬
‫النس اء ال بيض من الطبق ة الوس طى والطبق ة األكاديمي ة‪ ,‬ومن ثم أخ ذت الحرك ة‬
‫النسائية مكان‪ ،‬ضمن التخصصات األكاديمية مث ل الخدم ة االجتماعي ة وعلم النفس‪،‬‬
‫وعلم االجتماع‪ ،‬والتي بدأت بمعالج ة العالق ات الغ ير متكافئ ة في المهن المس اعدة‪،‬‬
‫مثل الرجال كمعالج وخبير والمرأة كمس اعد‪ ،‬باإلض افة إلى ذل ك‪ ،‬الحرك ة النس ائية‬
‫كانت تخترق الميدان السياسي من خالل المنظم ات النس ائية‪ ،‬مث ل المنظم ة القومي ة‬
‫للمرأة (‪ )NOW‬في الواليات المتحدة التي كافحت من أجل حق وق الم رأة بالقض ايا‬
‫السياسية‪ ،‬مثل ممارسة التوظيف‪( .‬حبيب‪2010 ,‬م‪ ,‬ص‪)183‬‬
‫نقد النظرية‬
‫أنها مقصورة على فئة معينة مثل كثير من التخصصات ‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫يبدو أنها تصف عالما بديال يشبه عالمنا‪ ،‬ولكنه مشوه بصورة خيالية بطريق ة‬ ‫‪-‬‬
‫تجعل من الصعب تعطيل عدم تصديق المرء به (وهذا مهم)‪.‬‬
‫أنها تنطوي على صراعات مانوية ثنائية األبعاد بصورة مأس اوية بين الخ ير‬ ‫‪-‬‬
‫(النسوية التحررية المزعومة) والشر (البطريركي ة‪ ،‬وتحقي ق النس اء ذواتهم‪،‬‬
‫والعلم‪ ،‬والمواد اإلباحية‪ ،‬والصور اإلعالمية فيما يخص أي شيء‪ ،‬والرم وز‬
‫التعبيرية‪ ،‬وما إلى ذلك)‪.‬‬
‫أنها تشبه نظريات المؤامرة (ألنها تستغل العديد من األمور مثل البطريركية‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫والذكورية المهيمنة‪ ،‬وثقافة االغتصاب‪ ،‬واألنثوية المهيمنة)‪.‬‬
‫أنها ُتق َّدم بلهجة تقنية ظالمية (مثل إن ك ال تواف ق بس بب “ص دودك المع رفي‬ ‫‪-‬‬
‫ورغبتك في حفظ امتيازاتك”) وك ذا لغته ا المتخصص ة غ ير الفص يحة ال تي‬
‫تستبعد غير الخبراء‪.‬‬

‫‪31‬‬
‫عبدالمجيد علي محمد العقل‬

‫أنها برمتها ال تقرأ‪ ،‬ليس فقط من َقبل أي شخص خارج المجال‪ ،‬ب ل من قب ل‬ ‫‪-‬‬
‫معظم من هم داخ ل المج ال أيض ا (ف أكثر من ‪ %80‬من ورقاته ا ال تتلقى‬
‫اقتباسا واحدا)‪.‬‬

‫النظرية البنائية االجتماعية‬


‫في عام ‪1966‬م تم تطوير النظرية البنائية االجتماعية على يد الك اتبين ب يرجر ول و‬
‫كمان من خالل كتاباتهما عن واقع البناء‪ ،‬والواق ع يش ير إلى حال ة األش ياء كم ا هي‬
‫موج ودة في الواق ع‪ ،‬والواق ع به ذا المع نى يش ير إلى كيفي ة رؤي ة الن اس للع الم من‬
‫حولهم‪ ،‬وكيف يفهمون أنفسهم وما يرونه وما يش عرون ب ه ويفس ر ه ذه العملي ة من‬
‫خالل بيرجير ولو كمان ‪ -‬اللذان يقرران أن‪ :‬أن الرجل يق در حيوي ا ً وبيولوجي ة أن‬
‫يبني ويسكن مع اآلخرين‪( .‬حبيب‪2010 ,‬م‪ ,‬ص‪)262‬‬
‫وم ع كتاب ات بيرج ير ول و كم ان ح ول النظري ة‪ ،‬ازده رت البنائي ة االجتماعي ة‬
‫واص بحت توج د في التخصص ات المختلف ة مث ل علم النفس‪ ،‬علم المش ورة‪ ،‬وعلم‬
‫االجتماع‪ ،‬والفلسفة‪ ،‬وعلم اللغة‪ ,‬ويتم استخدام النظرية البنائية االجتماعية في الشرح‬
‫والتوضيح للمشكالت االجتماعية وبناء الحقيق ة‪ ،‬ولمعالج ة الف رد والعالج األس ري‪،‬‬
‫والمشاكل االجتماعية والبحثية‪.‬‬
‫ويمكن االش ارة إلى أن النظري ة البنائي ة االجتماعي ة ب نيت على البن اء االجتم اعي‪،‬‬
‫والتي وصفها جيرجن عام ‪ 2003‬بأنها "المعني ة بش كل رئيس ي م ع تفس ير وش رح‬
‫العمليات ال تي يقب ل الن اس وص فها‪ ،‬وش رحها‪ ،‬أو بم ا في ذل ك المجتم ع ال ذي في ه‬
‫يعيشون‪.‬‬
‫بناء على البناء االجتماعي تحاول النظري ة البنائي ة االجتماعي ة ش رح واق ع األف راد‬
‫وكيف بهذه الحقائق أن تتم مستندة في ذلك على الس ياق االجتم اعي‪ ،‬والتفاع ل م ع‬
‫غيرهم من األفراد و الع الم‪ ,‬وقب ل ش رح ومناقش ة البنائي ة االجتماعي ة‪ ،‬في البداي ة‬
‫ينبغي أن يقر بأنها مناهج مختلف ة أو مف اهيم توج د داخ ل البنائي ة االجتماعي ة‪ ،‬مث ل‬
‫البناء االجتماعي‪.‬‬
‫أصول البنائية االجتماعية‪:‬‬
‫يمكن االش ارة إلى أن اص ول البنائي ة االجتماعي ة ترج ع إلى التص ورات الفلس فية‬
‫واألفكار األساس ية لبعض ال الفالس فة امث ال جيام ا تيس تا فيك ور وإيمانوي ل ك انت‬
‫وفريدرش وعلماء النفس أمثال فيجوتسکی لیف وج ان بيجي ه وكيلي وب دأت الفك رة‬

‫‪32‬‬
‫عبدالمجيد علي محمد العقل‬

‫الس تخدامها في نظري ة المش كالت االجتماعي ة في الس تينيات والس بعينيات‪.‬‬
‫(العبدالكريم‪2011 ,‬م‪ ,‬ص‪)17‬‬
‫وق د تم تحدي د المب ادئ النظري ة األساس ية في النظري ات االجتماعي ة األخ رى ال تي‬
‫تبحث في الخبرات االجتماعية لألفراد‪ ،‬وكي ف يجعلونه ا ذات مغ ذي ومع نى‪ ،‬وهي‬
‫منهجية البحث ال تي تبحث في الطريق ة ال تي به ا الن اس يفهم ون الع الم ويتف اعلون‬
‫ويتصلون مع اآلخ رين وال تي تس اعدهم في خل ق النظ ام االجتم اعي‪( .‬العب دالكريم‪,‬‬
‫‪2011‬م‪ ,‬ص‪)18‬‬
‫النظرية األساسية التي اقترحها بيرجير ولو كم ان ت ذهب ب أن المش اكل االجتماعي ة‬
‫تبني أيضا اجتماعية‪ ،‬ولذلك تم استخدام هذه النظرية في نظرية المشاكل االجتماعي ة‬
‫في علم االجتم اع‪ .‬وأيض ا في علم النفس االجتم اعي واس تخدمت في عالج األف راد‬
‫والجماعات واألسر واألفك ار األص لية ال تي اقترحه ا بيرج ير ول و كم ان من ذ ذل ك‬
‫الحين صنفت وتف رعت أن ع دة نظري ات فرعي ة وفهم أوج ه الش به واالختالف بين‬
‫هذه النظريات المتكيفة الض رورية في تحدي د وتم يز النظري ة ال تي تتناس ب م ع قيم‬
‫الخدمة االجتماعية‪ .‬على سبيل المثال‪ ،‬تؤكد النظرية البنائي ة االجتماعي ة على ت أثير‬
‫استخدام اللغة في العالقات الشخصية‪( .‬حبيب‪2010 ,‬م‪ ,‬ص‪)263‬‬
‫نقد النظرية البنائية االجتماعية‬
‫تعاني النظرية البنائية االجتماعية من مش كلة المن اهج حيث تعت بر المن اهج الرك يزة‬
‫األساس ية في التربي ة والتعليم واألمم المتقدم ة فعن دما تتوق ف عن التط وير تص بح‬
‫متخلفة ‪ ،‬والبد من مسايرة التطورات العالمية واكتساب ما هو مفي د منه ا ‪ ،‬في حين‬
‫أن عالم المعرفة والعلوم ال يكتفي بالمناهج فقط وانما بعدة مصادر أخرى‪.‬‬
‫وفي جانب الخصائص فإن النظرية البنائي ة االجتماعي ة تنظ ر إلى المتعلم على أن ه‬
‫مسئول مسؤولية مطلقة عن تعلمه‪ ,‬وهذا يجعل المتعلم يفقد الكثير‪.‬‬
‫تس اهم البنائي ة في والدة أراء مختلف ة من اس تراتيجيات التعلم وال تي تنص على أن‬
‫أفكار المتعلمين سوف تتغير مع اتساع خبراتهم‪.‬‬

‫‪33‬‬
‫عبدالمجيد علي محمد العقل‬

‫المراجع‪:‬‬

‫المسيري‪ ،‬نوال واخرون (‪2020‬م)‪ ،‬السلوك اإلنساني في البيئة االجتماعية‪،‬‬ ‫‪-‬‬


‫الرياض‪ ،‬مكتبة الرشد‪ ،‬ط‪.2‬‬

‫العب دالكريم‪ ,‬راش د بن حس ين‪2011( ,‬م)‪ ,‬النظري ة البنائي ة االجتماعي ة‬ ‫‪-‬‬


‫وتطبيقاتها التدريسية في المنهج‪ ,‬الرياض‪ :‬جامعة الملك سعود‪.‬‬

‫حبيب‪ ،‬جمال شحاته (‪2010‬م)‪ ،‬السلوك اإلنساني والبيئة االجتماعية‪،‬‬ ‫‪-‬‬


‫القاهرة‪ ،‬المكتب الجامعي الحديث‪.‬‬

‫حبيب‪ ،‬جمال شحاته و حنا‪ ،‬مريم (‪2016‬م)‪ ،‬نظريات ونماذج التدخل‬ ‫‪-‬‬
‫المهني‪ ،‬القاهرة‪ ،‬المكتب الجامعي الحديث‪.‬‬

‫سليمان‪ ،‬حسين حسن(‪2005‬م)‪ ،‬السلوك اإلنساني والبيئة االجتماعية بين‬ ‫‪-‬‬


‫النظرية والتطبيق‪ ،‬عمان‪ ،‬دار مسيرة للنشر والتوزيع‪ ،‬ط‪.1‬‬

‫عبدالعظيم‪ ,‬ص الح س ليمان‪2014( ,‬م)‪ ,‬النظري ة النس وية ودراس ة التف اوت‬ ‫‪-‬‬
‫االجتماعي‪ ,‬مصر‪ :‬مجلة العلوم اإلنسانية واالجتماعية‪.‬‬

‫عوض‪ ،‬احمد محمد (‪2020‬م)‪ ،‬السلوك اإلنساني والبيئة االجتماعية مفاهيم‬ ‫‪-‬‬
‫نظريات مراحل نمو‪ ،‬جدة‪ ،‬خوارزم العلمية‪ ،‬ط‪.1‬‬

‫‪34‬‬

You might also like